You are on page 1of 99

‫الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية‬

‫وزارة التعليم العالي والبحث العلمي‬


‫جامعة أحمد درايعية أدرار‬

‫قسم‪ :‬اللغة واألدب العربي‬ ‫كلية‪ :‬اآلداب واللغات‬

‫البنية اللغوية في شعر الفرزدق‬


‫قصيدة "أنا ابن العاصمين" أنموذجا‬

‫مذكرة معدة لنيل شهادة الماستر في األدب العربي‪ .‬تخصص‪ :‬تعليمية اللغات‬

‫إشراف الدكتورة‪:‬‬ ‫إعداد الطالبين‪:‬‬


‫‪ -‬الضاوية بريك‬ ‫‪ -‬عبد الحميد مكرودي‬
‫‪ -‬عبد الفتاح مبروكي‬

‫السنة الجامعية‪1443 :‬ه‪1444 -‬ه ‪2022 /‬م‪2023 -‬م‬


‫بسم اهلل الرحمن الرحيم‪ ،‬الحمد هلل رب العالمين‪ ،‬وصلى اهلل على سيدنا محمد وعلى آله‬
‫وصحبه أجمعين وبعد‪.‬‬

‫مما ال شك فيه أن العرب قديما كانت في قمة الفصاحة والبالغة‪ ،‬و ذلك نظ ار إلى المكانة‬
‫المرموقة التي حظي بها الشعر عندهم‪ ،‬فالشاعر كان فخر كل قبيلة من قبائل العرب باعتباره الحامي‬
‫لعرضها وشرفها‪ ،‬ويبدو هذا جليا في ما وصلنا من قصائد وأشعار نقلت إلينا التراث العربي وبينت لنا‬
‫أسلوب العرب في حياتهم وحروبهم وفخرهم وهجائهم‪ .‬وقد تطور الشعر بعد مجيء اإلسالم وازدهر في‬
‫العصر األموي‪ ،‬فظهر ما يسمى بشعر النقائض؛ وهي قصائد هجائية جرت بين الشعراء ‪ -‬والتي‬
‫يمكننا تسميتها معارك لسانية ‪ -‬وكان من أبرز الشعراء الذين ظهروا في هذا العصر شاعر فذ بليغ‬
‫أطبق شعره اآلفاق‪ ،‬فلم يستطع أغلب الشعراء الوقوف ضده‪ ،‬وهذا الشاعر هو المعروف بالفرزدق‪،‬‬
‫والذي حمل لواء الشعر ونافس فيه جري ار واألخطل‪.‬‬
‫وقد تداول الناس شعر الفرزدق في مختلف األماكن والعصور‪ ،‬خاصة النقائض منها‪ ،‬والتي‬
‫أظهر فيها براعته في فخره وهجائه وحسن استعماله للغة‪ ،‬حتى اعتبره الكثير من األدباء ممن ساهموا‬
‫في الحفاظ على اللغة العربية‪ ،‬ولواله لضاع الكثير من الكالم العربي‪.‬‬

‫وبناء على الفكرة التي يحتويها هذا التمهيد فقد اخترنا موضوع بحثنا‪ ،‬وهو دراسة شعر الفرزدق‬
‫من خالل إحدى قصائده التي ناقض بها جري ار‪ ،‬وهي قصيدة "أنا ابن العاصمين" والتي تعتبر من بين‬
‫أطول قصائد الفرزدق‪ ،‬فهذا البحث تحت عنوان‪:‬‬

‫" البنية اللغوية في شعر الفرزدق قصيدة "أنا ابن العاصمين" أنموذجا‪.‬‬

‫وفي إطار هذا البحث نطرح اإلشكالية التالية‪ :‬كيف أثر شعر الفرزدق في تطور اللغة وازدهارها؟‬
‫وهل كان الفرزدق متقيدا في تراكيب جمل قصائده بالقواعد اللغوية عند النحاة؟‬
‫وتندرج تحت هذه اإلشكالية مجموعة من التساؤالت التي تشغل قارئ قصائد الفرزدق بشكل عام‪،‬‬
‫وقصيدته هذه (أنا ابن العاصمين) خصوصا‪ ،‬وأهم هذه التساؤالت‪:‬‬

‫‌أ‬
‫‪ -‬ما هو أثر األصوات التي وظفها الشاعر في القصيدة؟ وهل كان لها عالقة بالمعنى؟‬
‫‪ -‬هل أدت الصيغ الصرفية في القصيدة األغراض التي من أجلها أنشأ الشاعر قصيدته؟‬
‫‪ -‬ماهي أوجه البالغة والبيان في القصيدة؟‬
‫‪ -‬كيف جسدت البنى اللغوية دالالت الشاعر في القصيدة؟‬

‫أما عن سبب اختيارنا لهذا البحث فيعود لعدة أسباب منها‪:‬‬


‫‪ -‬رغبة خاصة في معرفة شخصية الفرزدق عن قرب‪ ،‬لكونه أثار جدال بين األدباء واختلفوا في‬
‫أفضليته على جرير‪.‬‬
‫‪ -‬االطالع على األسلوب الشعري في العصر األموي‪ ،‬وما حوته النقائض من أغراض مختلفة‪.‬‬
‫‪ -‬كون قصيدة "أنا ابن العاصمين" واحدة من أطول القصائد في الديوان‪ ،‬إضافة لتعدد أغراضها‪،‬‬
‫وكذا ما حمله مطلعها من قوة أثارت انتباهنا ورغبتنا في دراستها‪.‬‬

‫وفي دراستنا لهذا البحث وضعنا نصب أعيننا عدة أهداف رجاء تحقيقها منها‪:‬‬
‫‪ -‬دراسة قصيدة "أنا ابن العاصمين" للفرزدق عبر مختلف مستويات التحليل اللساني‪.‬‬
‫‪ -‬معرفة أثر الفرزدق في اللغة وكيف استطاع هذا الشاعر أن يجعل قصائده في غاية الفصاحة‬
‫والبيان‪.‬‬

‫وهذا البحث كما ال يخفى على الكثيرين ليس األول في مجاله‪ ،‬فهناك عدة دراسات سبقته في هذا‬
‫المجال‪ ،‬وقد استعنا بها في هذه الدراسة نذكر منها‪:‬‬
‫‪ -‬رسالة دكتوراه مطبوعة بعنوان "اللغة في شعر الفرزدق" للدكتور حلمي عبد الهادي وقد كانت‬
‫هذه الرسالة سندا لنا في الكثير من الموضوعات‪.‬‬
‫‪ -‬كتاب "نقائض جرير والفرزدق" ألبي عبدة ابن المثنى(ت‪209‬هـ) وهو كتاب قديم شرح فيه‬
‫مؤلفه النقائض من بينها قصيدة "أنا ابن العاصمين"‪.‬‬
‫‪ -‬كتاب "الفرزدق" للدكتور شاكر الفحام درس فيه حياة الفرزدق وشعره‪.‬‬

‫فكل هذه الدراسات جاءت في هذا الموضوع الذي نحن بصدد دراسته‪ ،‬أما ما أضفناه لها من‬
‫جديد فهو تحليننا لقصيدة "أنا ابن العاصمين" باألخص تحليال لسانيا‪ ،‬وفق المنهج اللغوي الحديث‪،‬‬
‫على مختلف مستويات اللغة‪ ،‬إضافة إلى ربطنا داللة كل بنية من البنى اللغوية بالمعنى المراد منها‪.‬‬

‫وقد استعنا في إجرائنا لهذا البحث بالمنهج األسلوبي بآلية اإلحصاء وكان اعتمادنا عليه بشكل‬
‫كبير في كل فصول هذا البحث‪.‬‬

‫‌ب‬
‫أما عن الخطة المتبعة في هذا البحث‪ ،‬فهي قائمة على مقدمة‪ ،‬بعدها أربعة فصول مرتبطة‬
‫كلها بالبنية اللغوية‪ ،‬وهي كاآلتي‪:‬‬
‫الفصل األول‪ :‬البنية الصوتية في قصيدة الفرزدق‪ :‬درسنا في هذا الفصل الموسيقى الداخلية والخارجية‬
‫القصيدة‪.‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬البنية الصرفية في قصيدة الفرزدق‪ :‬درسنا فيه أبنية األفعال والمصادر والمشتقات‬
‫وعالقتها بالمعاني‪.‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬البنية التركيبية في قصيدة الفرزدق‪ :‬درسنا فيه التراكيب المستعملة في القصيدة‪ ،‬وما‬
‫جرى فيها من تغيير وكذا عالقتها بالمعاني‪.‬‬
‫الفصل الرابع‪ :‬البنية الداللية في قصيدة الفرزدق‪ :‬درسنا في هذا الفصل األساليب البالغية التي‬
‫استعملها الشاعر وعالقة ألفاظ القصيدة بالمعاني المرتبطة بها‪.‬‬
‫ثم خاتمة هذا البحث‪ ،‬والتي اشتملت على نتائج شاملة لما في الموضوعات المدروسة‪.‬‬

‫وكان اعتمادنا في هذا البحث على عدة مصادر ومراجع‪( ،‬إضافة لما ذكرناه في الدراسات السابقة)‬
‫نذكر أهمها‪:‬‬
‫‪" -‬ديوان الفرزدق" جمعه وضبطه علي فاعور‪.‬‬
‫‪" -‬الشعر العربي أوزانه وقوافيه وضروراته" لعبد القادر بن القاضي‪.‬‬
‫‪" -‬تصريف األفعال والمصادر والمشتقات" لصالح سليم الفاخري‪.‬‬
‫‪" -‬مدخل إلى البالغة العربية" ليوسف أبو مسلم العدوس‪.‬‬

‫وقد واجهتنا في إعداد هذا البحث عدة صعوبات؛ نذكر منها‪:‬‬


‫‪ -‬بعض الصعوبات في التعامل مع المادة العلمية نظ ار لتشابك الموضوع‪.‬‬
‫‪ -‬وجود صعوبة في دراسة بعض المواضيع خاصة إذا وجد فيها اختالف بين الدارسين‪.‬‬

‫وف ـ ــي خت ـ ــام ه ـ ــذه المقدم ـ ــة ال يتس ـ ــنى لن ـ ــا إال تق ـ ــديم كام ـ ــل الش ـ ــكر ألس ـ ــتاذتنا الفاض ـ ــلة الض ـ ــاوية‬
‫بري ـ ــك الت ـ ــي أشـ ـ ـرفت عل ـ ــى متابع ـ ــة ه ـ ــذا البح ـ ــث ونرج ـ ــو م ـ ــن ال تع ـ ــالى أن يجزيه ـ ــا أحس ـ ــن الجـ ـ ـزاء‬
‫عل ــى م ــا قدمت ــه لن ــا م ــن نص ــائح إلتم ــام ه ــذا البح ــث ونس ــأله تع ــالى أن يجع ــل ه ــذا العم ــل ف ــي ميـ ـزان‬
‫حسـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــناتها وصـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــلى ال علـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـى نبيننـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا محمـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــد وعل ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــى لـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــه وصـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــحبه أجمع ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــين‪.‬‬

‫‌ج‬
‫‪ ‬أوال‪ :‬البنية اللغوية‬

‫‪ ‬ثانيا‪ :‬الفرزدق حياته وشعره‬

‫‪1‬‬
‫أوال ‪ /‬البنية اللغوية‪:‬‬

‫أ‪ -‬البنية (المعنى اللغوي واالصطالحي)‪:‬‬

‫تعددت التعاريف اللغوية عند العلماء القدامى لمصطلح البنية‪ ،‬فقد وردت في القرن الكريم‬
‫وكالم العرب بمعان مختلفة ما بين حقيقة ومجاز‪ ،‬فقد عرف ابن فارس (تـ‪395‬هـ) البنية في اللغة‬
‫بمعناها الحقيقي بقوله‪« :‬الباء والنون والياء أصل واحد‪ ،‬وهو بناء الشيء بضم بعضه إلى بعض‪،‬‬
‫تقول بنيت البناء أبنية»‪ ،1‬فالبنية على تعريف ابن فارس بمعنى البنيان‪ ،‬وقد وردت بهذا المعنى في‬
‫قوله تعالى‪﴿ :‬من فوقها غرف مبنية﴾ الزمر‪ ،20: ،‬وقوله تعالى‪﴿ :‬قالوا ابنوا له بنيانا﴾ الصافات‪،‬‬
‫‪ ،97:‬وقال صاحب القاموس‪« :‬البنى نقيض الهدم‪...‬والبناء المبني‪...‬والبنية بالضم والكسر؛ ما‬
‫بنيته»‪ 2‬ويزيد أبو البقاء الكفوي تعريفا أشمل عن سابقيه للبنية حيث يقول‪« :‬هو وضع شيء على‬
‫شيء على صفة يراد بها الثبوت«‪ ،3‬فالبنية في كل هذه التعريفات تحمل معناها الحقيقي وهو البناء‬
‫الذي يعني إنشاء حائط‪.‬‬
‫أما في االستعمال المجازي فقد وردت لها عدة تعريفات عند أصحاب المعاجم‪ ،‬منها ما ذكره‬
‫صاحب لسان العرب في شرحه لمادة "بنى" حيث يقول‪« :‬بنى‪ :‬بنى في الشرف‪ ،‬وعلى هذا يتأول قول‬
‫الحطيئة‪:‬‬
‫‪4‬‬
‫وان عاهدوا أوفوا وان عقدوا شدوا»‬ ‫أولئك قوم إن بنوا أحسنوا البنى‬

‫وتأتي البنية « مجا از في معان كثيرة تدور حول التأسيس والتنمية‪ ،‬يقال بنى مجده وبنى الرجال‪ ،‬قال‬
‫الشاعر‪:‬‬
‫‪5‬‬
‫شتان بين قرى وبين رجال»‬ ‫الرجال وغيره يبني القرى‬
‫يبني ِّ‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬مقاييس اللغة‪ ،‬ابن فارس(ت ـ‪395‬هـ)‪ ،‬تح‪ :‬عبد السالم هارون‪ ،‬دار الفكر للطباعة والتوزيع‪ ،‬د‪/‬ط‪ ،‬د‪/‬ت‪ ،‬الجزء‬
‫األول‪ ،‬ص‪.302‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬القاموس المحيط‪ ،‬مجد الدين محمد بن يعقوب الفيروزابادي (ت ـ‪817‬هـ)‪ ،‬تح‪ :‬أنس الشامي وزكرياء جابر أحمد‪،‬‬
‫دار الحديث‪ ،‬القاهرة‪ ،‬طبعة مرتبة ترتيب ألفبائي‪1429( ،‬ه‪2008-‬م)‪ ،‬ص‪.165‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬الكليات معجم في المصطلحات والفروق اللغوية‪ ،‬أبو البقاء أيوب بن موسى الحسيني الكفوي (ت ـ‪1094‬هـ)‪ ،‬تح‪:‬‬
‫عدنان درويش ومحمد المصري‪ ،‬مؤسسة الرسالة‪ ،‬ط‪ ،2‬د‪/‬ت‪ ،‬ص‪.241‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬لسان العرب‪ ،‬جمال الدين أبو الفضل محمد بن مكرم بن علي ابن منظور (تـ‪11‬هـ)‪ ،‬تح‪ :‬محمد أحمد حسب ال‬
‫وعبد ال هاشم ومحمد الشاذلي‪ ،‬دار المعارف‪ ،‬د‪/‬ط‪ ،‬د‪/‬ت‪ ،‬ص‪.362‬‬
‫والبيت في ديوان الحطيئة‪ ،‬جرول بن أوس بن مالك‪( ،‬ت ‪60‬هـ)‪ ،‬تح‪ :‬حمدو طماس‪ ،‬دار المعارف‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪،‬‬
‫ط‪1426( ،2‬هـ‪2005-‬م)‪ ،‬ص‪.40‬‬
‫‪5‬‬
‫‪ -‬المعجم الوسيط‪ ،‬مجمع اللغة العربية بالقاهرة‪ ،‬مكتبة الشروق الدولية‪ ،‬ط‪1425( ،4‬هـ‪2004 ،‬م)‪ ،‬ص‪.72‬‬
‫‪2‬‬
‫فقوله يبني الرجال هي بالضرورة تحمل المعنى المجازي‪ ،‬أي ينمي الرجال ويؤسسهم‪ ،‬وأما يبني القرى‬
‫فهي على معناها الحقيقي الذي تقدم ذكره‪ ،‬وتأتي البنية بمعنى االعتماد‪ ،‬تقول‪« :‬بنى على كالمه؛‬
‫احتذاه واعتمد عليه»‪.1‬‬

‫أما من الناحية االصطالحية فقد درس العلماء البنية من ناحية الكلمة‪ ،‬فهي عندهم تعرف‬
‫على أنها‪« :‬الصيغة والمادة التي تتألف منها الكلمة؛ أي حروفها وحركاتها وسكونها‪ ،‬مع اعتبار‬
‫الحروف الزائدة واألصلية كل في موضعه»‪ .2‬فكلمة "ضرب" مثال ال يتم بناؤها ويتضح معناها مالم‬
‫تجتمع حروفها الثالثة؛ وهي‪ :‬الضاد والراء والباء‪ ،‬وكذا أن يلزم كل حرف منها ما يقبله من حركة أو‬
‫سكون‪.‬‬

‫ويتوافق التعريفان اللغوي واالصطالحي في المعنى‪ ،‬حيث نرى أن اللغويين قاسوا بنية الكلمة‬
‫على البناء المعروف‪ ،‬فوجدوا أن كال منهما يتكون من عدة أجزاء مترابطة ال يمكن تجزئتها‪ ،‬فإن‬
‫حصل وانفصل عنصر منها فإنه يؤدي إلى فساد البنية‪ ،‬ومن ثم إلى فساد المعنى‪.‬‬

‫ب‪ -‬البنية اللغوية في علم اللسانيات‪:‬‬

‫تحول مصطلح البنية في العصر الحديث تحوال جذريا ليدخل تحت علم قائم بذاته‪ ،‬وهو علم‬
‫اللسانيات الذي بدأ بدراسته للبنيوية باعتبارها منهجا يقوم على «أساس نظري مؤداه أن البنية تتألف‬
‫من عناصر ومكونات جزئية‪ ،‬وأي تغير يط أر على أي واحد من هذه المكونات البد أن يؤثر في سائر‬
‫المكونات والعناصر األخرى»‪ ،3‬فاللسانيات ال تدرس البنية باعتبارها عنص ار واحدا‪ ،‬بل تدرسها‬
‫باعتبارها الرابط الذي يربط مجموعة من العناصر بعضها ببعض‪ ،‬فقد كانت بداية الدراسة البنيوية مع‬
‫ظهور العالم الكبير ‪ Ferdinande Dissocier‬مؤسس اللسانيات‪ ،‬فقامت الدراسة اللغوية بعده على‬
‫دراسة البنية وتحليلها دراسة صوتية وصرفية ونحوية وداللية‪.‬‬

‫تعرف البنيوية بأنها‪ « :‬مذهب يعتبر اللغة مجموعا مركبا لعناصر مترابطة‪ ،‬بحيث ال يمكن‬
‫تحديد أو تعريف أي عنصر بمفرده بل بعالقته مع العناصر األخرى التي تؤلف هذا المجموع»‪،4‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.72‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬موسوعة علوم اللغة العربية‪ ،‬إيميل بديع يعقوب‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بيروت لبنان‪ ،‬ط‪2006 ،1‬م‪ ،‬الجزء الرابع‪،‬‬
‫ص‪.199‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬اللسانيات المجال الوظيفة والمنهج‪ ،‬سمير شريف استيتة‪ ،‬عالم المكتب الحديث‪ ،‬ط‪1429( ،2‬هـ‪20808 -‬م)‪،‬‬
‫ص‪.166‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬موسوعة علوم اللغة العربية‪ ،‬إيميل بديع يعقوب‪،‬ج‪ ،4‬ص‪.199‬‬
‫‪3‬‬
‫فالبنية من خالل هذا التعريف هي النظام الذي يجمع هذه العناصر المرتبطة‪ ،‬فهي‪« :‬عبارة عن نظام‬
‫له قوانينه التي يحكم بها أجزاءه‪ ،‬إذ أن كل تحول في البنية يؤدي إلى تحول في الداللة»‪ .1‬ومن هذا‬
‫فإن البنية تتألف من ميزات ثالث وهي‪( :‬الكلية 'الشمول'‪ ،‬التحول‪ ،‬الضبط الذاتي)‪.‬‬
‫‪ -1‬الكلية (الشمول) ‪ :Universalité‬وهو أن تتألف البنية من عناصر خاضعة للقوانين المميزة‬
‫للنسق‪.‬‬
‫‪ -2‬التحول )‪ :(Convertible‬وهو أن تخضع البنية للعديد من التحوالت الداخلية «كتحويل‬
‫االسم إلى الوصفية‪ ،‬نحو كلمة 'أسد' التي هي اسم تصبح صفة في بعض التراكيب نحو رجل‬
‫أسد أي قوي»‪.2‬‬
‫‪ -3‬الضبط الذاتي (‪ :)Self-organisation‬ويكون بمحافظة البنية على وحدتها من خالل‬
‫تنظيم ذاتها بذاتها‪.3‬‬

‫ج‪ -‬مستويات البنية اللغوية‪:‬‬

‫تتأتى دراسة البنية اللغوية ضمن تسلسل عناصر لغوية‪ ،‬الذي انتهجته اللسانيات الحديثة‪ ،‬وهو‬
‫ما يسمى بمستويات التحليل اللساني‪ ،‬وهو الذي يبدأ بالدراسة الصوتية‪ ،‬ثم البنية الصرفية‪ ،‬ثم بعد ذلك‬
‫التركيب النحوي‪ ،‬وأخي ار الداللة اللغوية والتي تهتم بالمعنى‪.‬‬

‫‪ -1‬البنية الصوتية‪ :‬تقوم على دراسة الصوت باعتباره «ظاهرة فيزيائية عامة الوجود في الطبيعة؛‬
‫فالصوت اللغوي يتمثل في األصوات التي تخرج من الجهاز الصوتي البشري‪ ،‬والتي يدركها‬
‫السامع بصماغه (أذنه)»‪ ،4‬فالدراسة الصوتية تقوم على دراسة األصوات من حيث مخارجها‬
‫وصفاتها ومقاطعها‪.‬‬
‫‪ -2‬البنية الصرفية‪ :‬تقوم الدراسة الصرفية للغة «بتناول البنية التي تمثلها الصيغ والمقاطع‬
‫والعناصر الصوتية التي تؤدي معاني صرفية أو نحوية»‪ ،5‬وذلك بدراسة أبنية األفعال وأبنية‬
‫المصادر وأبنية المشتقات‪ ،‬وبيان المعنى الذي تؤديه كال منها‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬البنية اللغوية‪ ،‬بزة عبد الرحمن‪ ،‬مصباح عبد الرحمن‪ ،‬مجلة كلية األداب‪ ،‬جامعة مصراتة‪ ،‬العدد ‪ ،14‬ديسمبر‬
‫‪ ،2019‬ص‪.63‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬معجم المصطلحات اللسانية‪ ،‬مبارك مبارك‪ ،‬دار الفكر‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،‬ط‪1995 ،1‬م‪ ،‬ص‪.65‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬ينظر‪ :‬البنية اللغوية عند فيردينان دي سوسير‪ ،‬بزة عد الرحمن‪ ،‬مصباح عبد الرحمن‪ ،‬ص‪.63‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬مبادئ في اللسانيات‪ ،‬خولة طالب ابراهيم‪ ،‬دار القصبة للنشر‪ ،‬الجزائر‪ ،‬ط‪2006 ،2‬م‪ ،‬ص‪.43‬‬
‫‪5‬‬
‫‪ -‬مبادئ في اللسانيات‪ ،‬أحمد محمد قدور‪ ،‬دار الفكر دمشق‪ ،‬ط‪1429( ،3‬هـ ‪2008 -‬م)‪ ،‬ص‪.185‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -3‬البنية النحوية‪ :‬تقوم الدراسة النحوية للغة بالنظر إلى تركيب الكلمات في الجمل اإلسنادية‪،‬‬
‫وتبيين ذلك التركيب ومعانيه وتحديد قوانينه‪ ،1‬فيدرس الجمل من حيث كونها خبرية أو‬
‫إنشائية‪ ،‬والظواهر التي تعتري تركيبها من تقديم أو تأخير أو حذف أو غير ذلك‪.‬‬
‫‪ -4‬البنية الداللية‪« :‬يهدف البحث في الداللة اللغوية إلى الكشف عن حقيقة المعنى في اللغات‬
‫اإلنسانية‪ ،‬والى معرفة القوانين اللغوية التي تساعد على معرفة العالقات التي تربط بين أجزاء‬
‫المعنى الواحد وما ينطوي تحته من مضامين والعالقات التي تصل معنى بآخر»‪.2‬‬

‫ثانيا‪ :‬الفرزدق (حياته وشعره)‬

‫عند حديثنا عن الفرزدق فإننا نتحدث عن شاعر من أعظم الشعراء الذين راج شعرهم في كل‬
‫البقاع إلى يومنا هذا‪ ،‬فهو أحد الشعراء المخضرمين الذين عاصروا الخالفة الراشدة والخالفة األموية‪،‬‬
‫ودنوا من الخلفاء األمويين ومدحوهم بغية التقرب منهم والنيل من عطاياهم‪ ،‬حتى أطلق عليه األدباء‬
‫هو وصاحبيه جرير واألخطل "الثالوث األموي"‪ ،3‬وهذا ما ينبئنا على عظم هؤالء الشعراء وقدر‬
‫مكانتهم‪ ،‬فمع أن الشعر كان رائجا في ذلك العصر‪ ،‬بل ال تكاد تجد فيه من ال يحسن قول الشعر‪ ،‬إال‬
‫أن شعر هؤالء تميز بسمات لم توجد في شعر غيرهم‪ ،‬باإلضافة إلى ما كان يحصل بين هؤالء من‬
‫نقائض وأهجية لم يسمع بمثلها حتى في العصر الجاهلي‪.‬‬

‫أ‪ -‬اسمه ونسبه‪:‬‬


‫هو «همام بن غالب بن صعصعة‪ ،‬بن ناحية بن عقال بن محمد‪ ،‬بن سفيان بن مشاجع بن‬
‫دارم‪ ،‬بن مالك بن حنظلة بن زيد بن تميم»‪ ،4‬كنيته أبو فارس‪ ،‬لقِّب بالفرزدق‪ ،‬وأطال الرواة في سبب‬
‫تلقبه بهذا اللقب‪ ،‬فقيل لقب به ألنه كان قصي ار غليظا‪ ،‬فشبه بالفرزدق؛ وهو الرغيف الضخم‪ ،5‬وقال‬
‫الذهبي‪« :‬كان وجهه كالفرزدق وهي الطلمة الكبيرة»‪.6‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬ينظر‪ :‬اللسانيات والمصطلح‪ ،‬أحمد قدور‪ ،‬مجلة مجمع اللغة العربية‪ ،‬دمشق‪ ،‬المجلد‪ ،81‬الجزء‪ ،4‬ص‪.4‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬اللسانيات المجال والوظيفة والمنهج‪ ،‬سمير شريف استيتة‪ ،‬ص‪.257‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬ينظر‪ :‬الفرزدق حياته وشعره‪ ،‬محمد رضا مروة‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،‬ط‪1411( ،1‬هـ ‪1990 -‬م)‪،‬‬
‫ص‪.3‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬األغاني‪ ،‬أبو الفرج األصفهاني‪ ،‬تح‪ :‬إحسان عباس‪ ،‬دار صادر‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪1429( ،3‬هـ ‪2008 -‬م)‪ ،‬ج‪،21‬‬
‫ص‪.193‬‬
‫‪5‬‬
‫‪ -‬ينظر‪ :‬الفرزدق‪ ،‬شاكر الفحام‪ ،‬دار الفكر‪ ،‬ط‪1397( ،1‬هـ ‪1977 -‬م)‪ ،‬ص‪.116‬‬
‫‪6‬‬
‫‪ -‬سير أعالم النبالء‪ ،‬شمس الدين محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي (ت‪748‬هـ)‪ ،‬تح‪ :‬شعيب األرنؤوط ومأمون‬
‫الصاغرجي‪ ،‬مؤسسة الرسالة‪ ،‬ط‪1405(،3‬هـ ‪1985 -‬م)‪ ،‬ج‪ ،4‬ص‪.540‬‬
‫‪5‬‬
‫ولد الفرزدق في خالفة عمر بن الخطاب «بالبصرة سنة (‪20‬هـ‪641 -‬م)‪ ،‬ونشأ فيها وتحول‬
‫إلى البادية فتطبع بطبائعها من قوة شكيمته وغلظة وجفاء‪ ،‬وتعال على المجد يعضد في ذلك شرف‬
‫وأصل وكرم محتد»‪ ،1‬فظهر في ذلك في طبعه من جفاء وغلظة في القول‪ ،‬وحب المفاخرة والمباهاة‪،‬‬
‫فقد كان كثير االفتخار بنفسه وبآبائه‪ ،‬فالمطلع على شعره قلما يجد قصيدة من قصائده إال ويذكر فيها‬
‫مآثر بائه‪ ،‬ومن ذلك قوله مخاطبا جري ار بعد أن عدد له مآثر بائه‪:‬‬
‫‪2‬‬
‫إذا جمعتنا يا جرير المجامع‬ ‫أولئك بائي فجئني بمثلهم‬
‫فأبوه غالب بن صعصعة كان من جلة القوم وسراتهم‪ ،‬ومع أنه كان أعور إال أنه قد ساد قومه‪ ،‬وكان‬
‫أكرمهم في الفاقة‪ ،‬وله مناقب مشهودة ومحامد مأثورة‪ ،‬حتى قيل أنه كان عند المجاعة ينحر ما ال‬
‫يحصى من اإلبل‪ ،‬عجز غيره عن نحر أمثالها‪ ،3‬وقد أ كثر الفرزدق من مدحه‪ ،‬وفيه يقول‪:‬‬
‫‪4‬‬
‫قرى مئة ضيفا ولم يتكلم‬ ‫أال هل علمتم ميِّتا قبل غالب‬

‫وأما جده صعصعة بن ناجية فكان «عظيم القدر في الجاهلية واشترى ثالثين موؤودة‪ ،‬إلى أن جاء ال‬
‫باإلسالم‪ ،‬منهن بنت لقيس بن عاصم المنقري‪ ،‬ثم أتى النبي صلى ال عليه وسلم فأسلم»‪ ،5‬فقال‬
‫الفرزدق في ذلك‪:‬‬
‫‪6‬‬
‫ت وأحيا الوئيد فلم يوأد‬ ‫ومنا الذي منع الوائدا‬

‫هذا وقد مشى الفرزدق في الناس مشية الخيالء‪ ،‬فكان ال يرى نفسه أقل من أحد‪ ،‬ويفتخر‬
‫بذلك متمسكا بمآثر بائه وأجداده‪ ،‬وهو مع ذلك ال يأنف أن يطلق لسانه على من عال عليه أو هجاه‪،‬‬
‫فيستعمل في هجائه ما فحش من األلفاظ وما تمجه األسماع‪ ،‬ليسقط من قدر خصمه ومروءته‪.‬‬

‫ب‪ -‬شعره‪:‬‬
‫كان الفرزدق مفنا في شعره‪ ،‬تعلم الشعر منذ صباه‪ ،‬ومما روي أن أباه غالبا أتى إلى اإلمام‬
‫علي كرم ال وجهه وهو صغير‪ ،‬فقال له‪ :‬إن ابني هذا يقول الشعر‪ ،‬فاسمع منه‪ ،‬فقال‪" :‬علم ابنك‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬ديوان الفرزدق‪ ،‬همام ابن غالب‪ ،‬جمعه وضبطه علي فاعور‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بيروت لبنان‪ ،‬ط‪1407( ،1‬هـ‬
‫‪1987 -‬م)‪ ،‬ص‪.5‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬المصدر نفسه‪ ،‬ص‪.360‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬ينظر‪ :‬وفيات األعيان وأنباء أبناء الزمان‪ ،‬أبو العباس شمس الدين‪ ،‬أحمد بن محمد بن أبي بكر ابن‬
‫خلكان(ت‪681‬هـ)‪ ،‬تح‪ :‬إحسان عباس‪ ،‬دار صادر بيروت‪ ،‬د‪/‬ط‪ ،‬ج‪ ،1‬ص‪.86‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬ديوان الفرزدق‪ ،‬ص‪.529‬‬
‫‪5‬‬
‫‪ -‬الشعر والشعراء‪ ،‬ابن قتيبة‪ ،‬تح‪ :‬أحمد محمد شاكر‪ ،‬دار المعارف‪ ،‬د‪/‬ط‪ ،‬ج‪ ،1‬ص‪.471‬‬
‫‪6‬‬
‫‪ -‬ديوان الفرزدق‪ ،‬ص‪.155‬‬
‫‪6‬‬
‫القرن فهو أصلح له"‪ .1‬وأكثر ما في ديوان الفرزدق من الشعر كان في الهجاء والمدح والفخر‪ ،‬ومن‬
‫هنا فقد عده ابن سالم الجمحي في الطبقة األولى من الشعراء اإلسالميين‪ ،‬وشبه شعره بشعر زهير بن‬
‫سلمى‪ ،2‬وأهم ما يلفت النظر في شعره هي النقائض التي حصلت بينه وبين جرير‪.‬‬
‫كما نجد أن الفرزدق كان يفضل قول القصائد القصار على غيرها من الطوال‪ ،‬فسأله يوما‬
‫أحدهم‪ :‬مال بال قصارك أكثر من طوالك؟ فقال‪" :‬ألني رأيتها أثبت في الصدور وفي المحافل أجول"‪.3‬‬
‫والمالحظ في شعر الفرزدق يرى دقة بالغته وجزالة أسلوبه‪ ،‬واعتماده األلفاظ الخشنة في هجاء‬
‫خصومه‪ ،‬فكل هذه السمات جعلت شعره ينال الصدارة‪ ،‬حتى أنه من الشعراء من فضل شعره على‬
‫شعر جرير‪ ،‬ومن ذلك ما روى لنا أبو الفرج األصفهاني عن خلد بن أم مكتوم قال‪« :‬قيل للمفضل‬
‫الضبي ‪ :‬الفرزدق أشعر أم جرير؟ قال الفرزدق‪ ،‬قال قلت ولم؟ قال ألنه قال بيتا هجا فيه قبيلتين‬
‫ومدح فيه قبيلتين وأحسن في ذلك فقال‪:‬‬
‫كما ل يربوع هجوا ل دارم‬ ‫عجبت لعجل إذ تهاجي عبيدها‬
‫فقيل له‪ :‬قد قال جرير‪:‬‬
‫وأبا البعيث لشر ما إستار‬ ‫إن الفرزدق والبعيث وأمه‬
‫فقال‪ :‬وأي شيء أهون من أن يقول إنسان‪ :‬فالن وفالن وفالن والناس كلهم بنو الفاعلة»‪.4‬‬
‫ج‪ -‬وفاته‪:‬‬
‫توفي الفرزدق بالبصرة «سنة عشر ومائة قبل جرير بأربعين يوما وقيل بثمانين يوما»‪ ،5‬وذكر‬
‫في سبب وفاته أنه «أصابته الدبيلة فقدم به البصرة وأتي بطبيب فسقاه قا ار أبيض فجعل يقول‪:‬‬
‫أتعجلون لي القار في الدنيا»‪ ،6‬وقيل له في مرضه الذي مات فيه اذكر ال‪ ،‬فسكت طويال ثم قال‪:‬‬
‫إذا ما األمر جل عن العتاب‬ ‫أروني من يقوم لكم مقامي‬
‫‪7‬‬
‫بأيـ ـدي ـكم علـ ـي مـ ـن ال ـتـ ـ ـ ـ ـراب‬ ‫إلى من تفزعون إذا حثوتم‬
‫‪8‬‬
‫فقالت له موالة له‪ :‬نفزع إلى ال‪ ،‬فقال‪ :‬أخرجوا هذه من الوصية‪ ،‬وكان قد أوصى لها بمئة درهم‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬ينظر‪ :‬الفرزدق حياته وشعره‪ ،‬محمد رضا مروة‪ ،‬ص‪.23‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬ينظر‪ :‬طبقات الشعراء‪ ،‬محمد بن سالم الجمحي (ت‪231‬هـ)‪ ،‬تح‪ :‬طه أحمد ابراهيم‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بيروت‬
‫لبنان‪ ،‬د‪/‬ط‪1422( ،‬هـ ‪2001 -‬م)‪ ،‬ص‪.45‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬ينظر‪ :‬الفرزدق حياته وشعره‪ ،‬محمد رضا مروة‪ ،‬ص‪.33‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬األغاني‪ ،‬أبو الفرج األصفهاني (ت‪356‬هـ)‪ ،‬ج‪ ،21‬ص‪.199‬‬
‫‪5‬‬
‫‪ -‬وفيات األعيان وأنباء أبناء الزمان‪ ،‬ابن حلكان (ت‪681‬هـ)‪ ،‬ج‪ ،6‬ص‪.97‬‬
‫‪6‬‬
‫‪ -‬الشعر والشعراء‪ ،‬ابن قتيبة ‪ ،‬ص‪.475‬‬
‫‪7‬‬
‫‪ -‬ديوان الفرزدق‪ ،‬ص‪.88‬‬
‫‪8‬‬
‫‪ -‬ينظر‪ :‬الشعر والشعراء‪ ،‬ابن قتيبة‪ ،‬ص‪.476‬‬
‫‪7‬‬
‫ج‪ -‬النقائض في شعر الفرزدق‪:‬‬
‫إن أهم ما ميز شعر الفرزدق تلك النقائض التي حصلت بينه وبين جرير بن عطية؛ وهي‬
‫عبارة عن مجموعة من المنازعات الشعرية والخصومات الهجائية‪ ،‬التي حصلت بين الشاعرين الكبيرين‬
‫اللذين عاشا في العصر األموي‪ ،‬وكان للشعر في هذه المرحلة أثر كبير‪ ،‬فالناس كانوا يترقبون ما‬
‫يدور بين الشاعرين من تبادل للقصائد ليحفظوها ويتناقلوها بين قبائلهم‪.1‬‬
‫وقد «لج الهجاء بين جرير والفرزدق نحو من أربعين سنة لم يغلب أحد منهما صاحبه‪ ،‬ولم‬
‫يتهاج شاعران في الجاهلية وال في اإلسالم بمثل ما تهاجيا به»‪ ،2‬وهذا ما جعل كل واحد منهما مقترنا‬
‫بصاحبه معروفا به‪ ،‬يذكر كلما ذكر‪ ،‬ومن طريف ما ذكر أنه اجتمع كال من الشاعرين الفرزدق وجرير‬
‫عند الخليفة يزيد بن عبد الملك‪ ،‬فأقبل يزيد على جرير فقال‪ :‬مالك وللفرزدق؟ قال‪ :‬إنه يظلمني ويبغي‬
‫علي‪ ،‬فقال الفرزدق‪ :‬وجدت بائي يظلمون باءه فسرت فيه بسيرتهم‪.3‬‬
‫ومن أبرز القصائد الطوال التي هجا الفرزدق بها جري ار هي قصيدة "أنا ابن العاصمين" والتي‬
‫تعتبر من أروع قصائده‪ ،‬قالها الفرزدق مناقضا لقصيدة جرير التي هجا بها الراعي النميري‪ ،‬والتي‬
‫مطلعها‪:‬‬
‫‪4‬‬
‫وقولي إن أصبت لقد أصابا‬ ‫أقلي اللوم عاذل والعتابا‬

‫وسبب تهاجيهما بهاتين القصيدتين‪ :‬هو أن عبيدا بن حصين الراعي– وكان من أشعر الناس‪-‬‬
‫كان يفضل الفرزدق على جرير‪ ،‬وكان جرير يزجره أن يقع بينه وبين الفرزدق‪ ،‬ثم أن جندال بن عبيد‬
‫الراعي هجا جري ار فقال ألبيه – وهو يلومه على وقوفه مع جرير‪ -‬مالك يراك الناس واقفا على كلب‬
‫من كليب كأنك تخشى منه ش ار أو ترجو منه خي ار!‪ ،5‬فحمى لها جرير و حلف ليهجون الراعي بما لم‬
‫يهج به أحدا قبله‪ ،‬ثم أقبل إلى منزله فلم يزل به حتى ورد عليه قوله‪:‬‬
‫فال كعبا بلغت وال كالبا‬ ‫فغض الطرف إنك من نمير‬

‫فقال لغالمه‪" :‬أطفئ سراجك ونم فقد نلت منه"‪.6‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬ينظر‪ :‬نقائض جرير والفرزدق‪ ،‬أبو عبيدة معمر بن المثنى التيمي البصري (ت‪209‬هـ)‪ ،‬تح‪ :‬خليل عمران‬
‫المنصور‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بيروت لبنان‪ ،‬ط‪1419( ،1‬ه‪1998 -‬م)‪ ،‬ج‪ ،1‬ص‪.3‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬الفرزدق حياته وشعره‪ ،‬محمد رضا مروة‪ ،‬ص‪.45‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬ينظر‪ :‬األغاني‪ ،‬أبو الفرج األصفهاني‪،‬ج‪ ،1‬ص‪.200‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬ديوان جرير‪ ،،‬جرير بن عطية الخطفي‪ ،‬جمعة كرم البستاني‪ ،‬دار بيروت للصباغة والنشر‪ ،‬د‪/‬ط‪1406( ،‬هـ ‪-‬‬
‫‪1986‬م)‪ ،‬ص‪.58‬‬
‫‪5‬‬
‫‪ -‬ينظر‪ :‬األغاني‪ ،‬أبو الفرج األصفهاني‪،‬ج‪ ،24‬ص‪.113‬‬
‫‪6‬‬
‫‪ -‬ينظر‪ :‬نقائض جرير والفرزدق‪ ،‬أبو عبيدة بن المثنى (ت‪209‬هـ)‪ ،‬ج‪ ،1‬ص‪.309‬‬
‫‪8‬‬
‫وهجا جرير الراعي النميري بقصيدته المشهورة (أقلي اللوم) في قرابة اثنا عشر بيتا بعد المئة‪،‬‬
‫على وزن الوافر بروي واحد هو الباء‪« ،‬وكان جرير يسميها 'الدماغة' ويسميها 'الدهقانة'‪ ،‬وكان يسمي‬
‫هذه القافية المنصورة‪ ،‬وذلك ألنه قال قصائد على قافيتها‪ ،‬كلهن أجاد فيها»‪ ،1‬ثم إن الفرزدق لما سمعه‬
‫يهجو الراعي أنشأ يناقضه بقصيدته "أنا ابن العاصمين" على وزنها وقافيتها في سبعين بيتا‪ ،‬وقد أبرع‬
‫فيها مفتتحا إياها بمفاخر بائه‪ ،‬ووصفهم بالعاصمين‪ ،‬وهجا فيها جري ار وقومه أيما هجاء‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬المصدر السابق‪ ،‬ج‪ ،1‬ص‪.309‬‬
‫‪9‬‬
‫‪‬توطئة‪.‬‬
‫‪‬المبحث األول‪ :‬الموسيقى الخارجية للقصيدة‪.‬‬
‫أوال‪ :‬دراسة وزن القصيدة‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬الزحافات والعلل في القصيدة‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬دراسة القافية‪.‬‬
‫‪‬المبحث الثاني‪ :‬الموسيقى الداخلية للقصيدة‪.‬‬
‫أوال‪ :‬الصوت والحرف‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬تصنيف األصوات اللغوية‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬مخارج األصوات‪.‬‬

‫‪10‬‬
‫توطئة‪:‬‬

‫تعرف البنية الصوتية في الشعر على أنها دراسة لغة الشاعر على المستوى الصوتي من‬
‫اللسان‪ ،‬فهي قائمة على دراسة األصوات التي تنتجها األلفاظ‪ ،‬وعالقتها بعاطفة الشاعر وطبعه‪،‬‬
‫فالصوت من خالل نبرته وايقاعه يعطي داللة واضحة على نفسية الشاعر ومزاجه‪ ،‬ولذا فإن اإليقاع‬
‫الصوتي في الشعر العربي يختلف من شاعر إلى خر‪ ،‬حسب المحيط الذي نشأ فيه الشاعر‪ ،‬وقوانين‬
‫العصر الذي يخضع لها‪ ،‬فألفاظ الشاعر الذي يعيش في البوادي والتي تحوي على الغلظة والجفاء‬
‫تختلف في إيقاعها ونبرتها عن ألفاظ الشاعر الذي يعيش في الحضر‪ ،‬والتي تحوي الليونة والرقة‪.‬‬

‫بدأت الدراسة الصوتية عند العرب قبل أكثر من ألف ومائتي سنة‪ ،‬عندما قام علماء اللغة‬
‫أنذاك بتقعيد العربية ووضع وصف دقيق لقواعدها النحوية والصرفية‪ ،‬ومخارج أصواتها وصفاتها‪،‬‬
‫وطرق إخراجها‪ ،‬وذلك نظ ار الهتمامهم الشديد بالقرن الكريم‪ ،‬ومحاولتهم الحفاظ على لغته‪ ،‬فكان من‬
‫أوائل من برز في هذا المجال هو الخليل بن أحمد الفراهيدي (ت‪170‬هـ)‪ ،‬في كتابه "العين"‪ ،‬ثم تبعه‬
‫في ذلك سيبويه (ت‪180‬ه) في كتابه المسمى ب "الكتاب"‪ ،1‬وقد كان للخليل بن أحمد الفضل الكبير‬
‫في إثراء الدرس الصوتي في اللغة العربية‪ ،‬وظهر ذلك من خالل معجمه العين‪ ،‬الذي اعتمد فيه على‬
‫منهج صوتي‪ ،‬قائم على تقسيم مواد المعجم حسب مخارج حروفها‪ ،‬وأكثر من ذلك فقد برع الخليل في‬
‫النغم الموسيقي‪ ،‬فكان ذا أذن موسيقية‪ ،‬متذوقا للحروف ولإليقاع الصوتي للقصائد واألشعار‪« ،‬وهو‬
‫الذي استنبط علم العروض وأخرجه إلى الوجود‪ ،‬وحصر أقسامه في خمس دوائر‪ ،‬يستخرج منها خمسة‬
‫عشر بح ار‪ ،‬ثم زاد األخفش بح ار خر وسماه الخبب»‪ ،2‬ليجمع بعد ذلك الشعر العربي كله في ستة‬
‫عشر بح ار‪ ،‬فعلم العروض خاص بدراسة الشعر العربي‪ ،‬وقد كان اهتمام العرب القدامى بالشعر أكثر‬
‫من النثر‪ ،‬فالشعر يشمل وزنا وقافية‪ ،‬فهو ضرب من الغناء الذي تلتذ له اآلذان‪ ،‬وهو سريع الحفظ‬
‫وكثير االنتشار في المحافل‪ ،‬خالفا للنثر الذي قلما يحفظ إال بمعناه‪ ،‬باإلضافة إلى هذا فإن «للشعر‬
‫نواح عدة للجمال‪ ،‬أسرعها إلى نفوسنا ما فيه من جرس األلفاظ وانسجام في توالي المقاطع»‪.3‬‬

‫وفي دراستنا لقصيدة الفرزدق على المستوى الصوتي فإننا نقسم الد ارسة إلى قسمين؛ األول‪:‬‬
‫دراسة الموسيقى الخارجية للقصيدة‪ ،‬ونعني بها دراسة وزن القصيدة وقافيتها‪ ،‬والثاني‪ :‬دراسة الموسيقى‬
‫الداخلية للقصيدة‪ ،‬ونعني بها دراسة أصوات الحروف التي اعتمدها الشاعر وأثرها في المعنى‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬ينظر‪ :‬الصوتيات العربية‪ ،‬منصور بن محمد الغامدي‪ ،‬مكتبة التوبة بالرياض‪ ،‬ط‪1421( ،1‬ه‪2001 -‬م)‪،‬‬
‫ص‪.7‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬وفيات األعيان‪ ،‬ابن خلكان‪ ،‬ج‪ ،2‬ص‪.244‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬موسيقى الشعر‪ ،‬إبراهيم أنيس‪ ،‬مكتبة األنجلو المصرية‪ ،‬ط‪1952 ،2‬م‪ ،‬ص‪.6‬‬
‫‪11‬‬
‫المبحث األول‪ :‬الموسيقى الخارجية للقصيدة‪.‬‬

‫الشعر العربي هو «قول موزون مقفى يدل على معنى»‪ ،1‬فهو يخالف النثر في اشتماله على‬
‫وزن وقافية‪ ،‬فالعرب قديما وضعوا شعرهم في قواعد منضبطة وموازين محددة‪ ،‬فقصائدهم «تعتمد من‬
‫جهة نظمها على أصلين هما‪ :‬وحدة الوزن ووحدة القافية‪ ،‬فأبيات القصيدة أيا كان عددها يجب أن‬
‫تكون كلها واحدة في وزنها وقافيتها‪ ،‬أي من جهة عدد المقاطع والتفعيالت؛ فإذا كانت تفاعيل البيت‬
‫األول ثالثة أو أربعة التزمت هذه التفاعيل بعددها في جميع القصيدة»‪ ،2‬هذا كله مما يدرسه علم‬
‫العروض الذي اعتبره العلماء ضابطا للشعر العربي‪ ،‬فما وافقه سمي شع ار ومال لم يوافقه فليس‬
‫بشعر‪.3‬‬

‫والناظر في شعر الفرزدق ‪-‬الذي عاش ولم يظهر من علم العروض شيء‪ -‬يجد أن موسيقى‬
‫شعره كلها هي «موسيقى الخليل بن أحمد الفراهيدي‪ ،‬فلم يخرج فيما نطمه عن األوزان الشعرية‬
‫التقليدية»‪ ،4‬بل الباحث في ديوانه يجد أن أغلب أشعاره تدور بين أربعة بحور‪ ،‬وهي الطويل والكامل‬
‫والبسيط والوافر‪.‬‬

‫أوال‪ :‬دراسة وزن القصيدة‪.‬‬

‫الوزن أو وزن البيت كما هو معروف عند العروضيين؛ هو »سلسة السواكن والمتحركات‬
‫المستنتجة منه مجزأة إلى مستويات مختلفة من المكونات (الشطران‪ ،‬التفاعيل‪ ،‬األسباب‪ ،‬واألوتاد) »‪،5‬‬
‫فوزن كل بيت يخضع للبحر الذي تنتمي له القصيدة‪ ،‬والفرزدق أنشأ قصيدته "أنا ابن العاصمين" على‬
‫بحر الوافر وهو واحد من البحور الشعرية التي اكتشفها الخليل؛ ووزنه‪« :‬مفاعلتن مفاعلتن فعولن‬
‫مرتين‪...‬سمي هذا الشطر واف ار ألن أجزائه موفرة له وفور أجزاء الكامل‪ ،‬غير أنه حذف من حروفه فلم‬
‫يكمل»‪ ،6‬ولم يرد البحر الوافر في الشعر العربي إال على نمطين‪ :‬األول أن يكون مجزوءا وذلك بأن‬
‫تحذف إحدى تفعيالته من كل شطر‪ ،‬فيصير مجموع تفعيالت البيت أربعا على هذا الشكل‪:‬‬
‫مفاعلتن مفاعلتن‬ ‫مفاعلتن مفاعلتن‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬نقد الشعر‪ ،‬أبو الفرج قدامة بن جعفر‪ ،‬مطبعة الجوانب‪ ،‬قسنطينة‪ ،‬ط‪130 ،1‬ه‪ ،‬ص‪.3‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬علم العروض والقافية‪ ،‬عبد العزيز عتيق‪ ،‬دار اآلفاق العربية القاهرة‪ ،‬ط‪1420( ،1‬ه‪2000-‬م)‪ ،‬ص‪.18‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬ينظر‪ :‬كتاب العروض‪ ،‬أبو الفتح عثمان بن حنى (تـ ‪392‬هـ)‪ ،‬تح‪ :‬أحمد فوزي الهيب‪ ،‬دار القلم للنشر والتوزيع‬
‫بالكويت‪ ،‬ط‪1409( ،2‬ه‪1989 -‬م)‪ ،‬ص‪.59‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬اللغة في شعر الفرزدق‪ ،‬حلمي محمد عبد الهادي‪ ،‬مكتبة الرائد العلمية باألردن‪ ،‬ط‪2002 ،1‬م‪ ،‬ص‪.262‬‬
‫‪5‬‬
‫‪ -‬أوزان الشعر‪ ،‬مصطفى حركات‪ ،‬الدار الثقافية للنشر بالقاهرة‪ ،‬ط‪1998-1418( ،1‬م)‪ ،‬ص‪.7‬‬
‫‪6‬‬
‫‪ -‬لسان العرب‪ ،‬بن منظور‪ ،‬ص‪.4852‬‬
‫‪12‬‬
‫والنمط الثاني‪ :‬أن يكون وافيا مقطوفا وذلك بأن يأتي بتفعيالته وافية كاملة‪ ،‬مع تحول التفعيلة األخيرة‬
‫"مفاعلتن" من كل شطر إلى "فعولن"‪ ،‬وهو ما يسمى بالقطف‪ ،‬فيكون شكل البيت كالتالي‪:‬‬
‫مفاعـل ـتـ ـن مفاع ـل ـت ـن فعول ـن‬ ‫مفاعـل ـتـ ـن مفاع ـل ـت ـن فعول ـن‬
‫والقطف هو من علل النقص التي تلزم البحر الوافر التام التفعيالت‪ ،‬وهو عبارة عن اجتماع كال من‬
‫زحاف العصب – وهو إسكان الحرف الخامس من التفعيلة‪ .‬فتصبح مفاعلتن على شكل مفاعيلن ‪-‬مع‬
‫علة الحذف ‪-‬وهي حذف سبب خفيف من خر التفعيلة فتصبح مفاعلتن على شكل مفاعل‪، -‬‬
‫فباجتماع كل منهما في مفاعلتن تصبح التفعيلة على وزن فعولن‪ ،1‬وعلى هذا جاءت قصيدة "أنا ابن‬
‫العاصمين"‪ ،‬فلو قطعنا البيت األول منها لتحصلنا على هذا الوزن وذلك كاآلتي‪:‬‬
‫إذا ما أعظم الحدثان نابا‬ ‫أنا ابن العاصمين بني تميم‬
‫ن نابا‬ ‫إذا ما أع ظم لـحدثا‬ ‫تـميمن‬ ‫أنبن لعا صمين بني‬
‫‪0/0//‬‬ ‫‪0///0// 0/0/0//‬‬ ‫‪0/0//‬‬ ‫‪0///0// 0/0/0//‬‬
‫فعولن‬ ‫مفاعلتن‬ ‫مفاعيلن‬ ‫فعولن‬ ‫مفاعلتن‬ ‫مفاعيلن‬

‫والبحر الوافر يعتبر من البحور كثيرة االستعمال‪ ،‬فقد اعتمد عليه الفرزدق في خمس وستين‬
‫قصيدة من قصائد الديوان‪ ،‬جاءت كلها على شكلها التام‪ ،‬ولم يرد أي منها مجزوءا‪ ،‬مع تنوع أغراضها‬
‫ما بين مدح أو هجاء أو فخر أو غير ذلك‪ ،‬غير أنه يبدو أنه كان للهجاء الحظ األوفر منه‪.‬‬

‫وعند نظرنا في ديوان الفرزدق نالحظ أن جل اعتماده في إنشاء القصائد كان على وزن البحر‬
‫الطويل‪ ،‬سواء في المدح أو الهجاء أو الفخر‪ ،‬وقد بلغ عدد أبياته حسب إحصائيات الدكتور حلمي‬
‫عبد الهادي نسبة ‪ %68.8‬مما نظمه في هذا البحر‪ ،‬في حين كان عدد القصائد التي نظمها على‬
‫البحر الوافر بنسبة ‪ ،2%9.3‬وبعد أن أحصينا عدد القصائد التي نظمها في هذا البحر تبين لنا أنه‬
‫نظم خمسا وستين قصيدة من بين ست قصائد بعد الست مئة من مجموع قصائد الديوان‪ ،‬وهو عدد ال‬
‫بأس به إذا قورن بالكامل والبسيط‪ ،‬بينما يكون ضئيال إذا قورن بالطويل‪ ،‬وسبق أن ذكرنا في المدخل‬
‫أن الفرزدق ألف قصيدته "أنا ابن العاصمين" على بحر الوافر‪ ،‬مناقضا بها قصيدة جرير "أقلي اللوم‬
‫عاذل والعتابا"‪ ،‬التي هجى بها الراعي النميري‪ ،‬وبهذا يمكننا الجزم أن الفرزدق لم يختر هذا البحر‬
‫اعتباطا‪ ،‬بل تابع فيه جري ار في مناقضته‪ ،‬كما هي عادة الشعراء نذاك‪ ،‬بل حتى في العصر الجاهلي‬
‫على توحيد الوزن والقافية عند مناقضة قصيدة أخرى‪ ،‬أو الرد على شاعر خر‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬ينظر‪ :‬الشعر العربي أوزانه وقوافيه وضروراته‪ ،‬عبد القادر محمد بن القاضي‪ ،‬منشورات‪ ،ANEP‬د‪/‬ط ‪ ،‬د‪/‬ت ‪،‬‬
‫ص‪.126‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬ينظر‪ :‬اللغة في شعر الفرزدق‪ ،‬حلمي محمد عبد الهادي‪ ،‬ص‪.262‬‬
‫‪13‬‬
‫ثانيا‪ :‬الزحافات والعلل في القصيدة‬
‫الزحافات والعلل هي نوع من التغيرات التي تشمل التفعيالت‪ ،‬التي تتكون منها أبيات القصيدة‪،‬‬
‫فهي تؤثر في التفعيالت ال في البحر‪ ،‬و«الزحاف كما عرفه العروضيون‪" :‬تغير يحدث في حشو البيت‬
‫غالبا‪ ...‬ودخوله في بيت من القصيدة ال يستلزم دخوله في بقية أبياتها»‪ ،1‬ومن ثم فالزحاف يمكن أن‬
‫يدخل على أي تفعيلة في حشو البيت وليس الزما لها وال لغيرها‪ ،‬فالشاعر يمكنه استعمال الزحاف في‬
‫بيت ويتخلى عنه في بيت خر من نفس القصيدة‪ ،‬وهذا خالفا للعلة التي تعرف بأنها‪« :‬تغير بزيادة أو‬
‫نقصان يدخل على األسباب واألوتاد في العروض والضرب ويلتزم في جميع أبيات القصيدة»‪ ،2‬ومن‬
‫هذا فإن العلة ال تدخل على التفعيالت التي في الحشو‪ ،‬وال يجوز اإلتيان بها في غير العروض –وهو‬
‫خر تفعيلة في صدر البيت ‪-‬والضرب‪-‬هو خر تفعيلة في عجز البيت‪ -‬ثم بعد ذلك فإن الشاعر إذا‬
‫أتى بالعلة وجب عليه تكرارها في كل أبيات القصيدة‪.‬‬

‫وأنواع الزحافات والعلل كثيرة مشتهرة في كتب العروض‪ ،‬وما يهمنا هنا مدى استعمال الفرزدق‬
‫للزحافات والعلل في قصيدته "أنا ابن العاصمين"‪ .‬فنقول أن الفرزدق في قصيدته هاته والتي بلغت‬
‫تسعة وستين بيتا لم يستعمل فيها من الزحاف سوى نوعا واحدا‪ ،‬وهو المسمى عند العروضيين‬
‫"العصب"؛ وهو‪« :‬إسكان الحرف الخامس المتحرك‪ ،‬وال يدخل إال على مفاعلتن»‪ ،3‬فتصبح‪:‬‬
‫مفاعيلن‬ ‫مفاعلتن‬
‫‪0/0/0//‬‬ ‫‪0///0//‬‬
‫وقد استعمل الفرزدق هذا الزحاف في القصيدة بكثرة‪ ،‬حيث أننا لم نجد سوى ثمانية أبيات من‬
‫بين تسع وستين بيتا خالية من هذا الزحاف ‪ ،‬وقد تنوع تك ارر زحاف العصب في أبيات القصيدة‪،‬‬
‫فنجده تارة يزاحف تفعيلة واحدة في البيت كقوله‪:‬‬
‫‪4‬‬
‫يقودون المسومة العرابا‬ ‫سما برجال تغلب من بعيد‬
‫مفاعيلن مفاعلتن فعولن‬ ‫مفاعلتن مفاعلتن فعولن‬
‫وتارة يزاحف تفعيلتين في البيت الواحد‪ ،‬وأكثر أبيات القصيدة على هذا الشكل‪ ،‬وذلك كقوله‪:‬‬
‫‪5‬‬
‫بموج كاد يجتفل السحابا‬ ‫أتت من فوقه الغمرات منه‬
‫مفاعيلن مفاعلتن فعولن‬ ‫مفاعيلن مفاعلتن فعولن‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬علم العروض والقافية‪ ،‬عبد العزيز عتيق‪ ،‬ص‪.140‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬كتاب العروض‪ ،‬ابن جني‪ ،‬ص‪.175‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬ينظر‪ :‬الشعر العربي أوزانه وقوافيه وضروراته‪ ،‬عبد القادر محمد بن القاضي‪ ،‬ص‪.59‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬ديوان الفرزدق‪ ،‬ص‪.95‬‬
‫‪5‬‬
‫‪ -‬المصدر نفسه‪ ،‬ص‪.94‬‬
‫‪14‬‬
‫وتارة يزاحف ثالث تفعيالت من نفس البيت كحد أقصى‪ ،‬وليس ذلك سوى في خمسة أبيات نذكر منها‬
‫قوله‪:‬‬
‫‪1‬‬
‫لغرتم حين ألقين الثِّيابا‬ ‫فلو كانت رماحكم طواال‬
‫مفاعيلن مفاعيلن فعولن‬ ‫مفاعيلن مفاعلتن فعولن‬

‫أما األبيات الثمان التي لم يرد فيها زحاف العصب‪ ،‬وجاءت تفعيالتها سليمة في الحشو‪ ،‬فنذكر منها‪:‬‬
‫‪2‬‬
‫بعينك ما استطعت لهم خطابا‬ ‫أوالك وغير أ ِّمك لو تراهم‬
‫‪3‬‬
‫وال جبلي الذي فرع الهضابا‬ ‫ولست بنائل قمر الثريا‬ ‫وقوله‪:‬‬
‫‪4‬‬
‫لك ِّل مناضل غرضا مصابا‬ ‫وقوله‪ :‬وانك قد تركت بني كليب‬
‫فهذه األبيات الثالثة وغيرها مما لم نذكره (خمسة أبيات) جاءت تفعيالتها سليمة‪ ،‬على هذا الوزن‪:‬‬
‫مفاعلتن مفاعلتن فعولن‬ ‫مفاعلتن مفاعلتن فعولن‬
‫أما بالنسبة للعلل فقد استعمل الفرزدق في القصيدة علة القطف؛ وهي كما ذكرنا من قبل عبارة عن‬
‫فعولن )‪،‬‬ ‫اجتماع العصب والحذف؛ فهي من علل النقص وال تدخل إال على مفاعلتن (مفاعلتن‬
‫وهذه العلة الزمة للبحر الوافر إذا جاءت تفعيالته تامة‪ ،5‬وقد اتبع الفرزدق هذا في كل أبيات القصيدة‪،‬‬
‫فلو الحظنا التفعيلة األخيرة من كل شطر في البيت األول‪:‬‬
‫إذا ما أعظم الحدثان نابا‬ ‫أنا ابن العاصمين بني تميم‬
‫مفاعيلن مفاعلتن فعولن‬ ‫مفاعيلن مفاعلتن فعولن‬
‫فنجد أن جميع التفعيالت األخيرة في القصيدة على نفس الوزن "فعولن"‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬دراسة القافية‬


‫والقافية تعتبر أهم شيء يميز القصيدة العربية الملتزمة عن غيرها من القصائد‪ ،‬سواء في‬
‫الشعر الحر أم غيره‪ ،‬و«سميت القافية قافية لكونها في خر البيت‪ ،‬مأخوذة من قولك‪ :‬قفوت فالنا إذا‬
‫تتبعته‪ ،‬وقفا الرجل أثر الرجل إذا قصه‪ ،‬وقافية الرأس مؤخره»‪ ،6‬وتعرف القافية بأنها‪« :‬المقاطع‬
‫الصوتية التي تكون في أواخر أبيات القصيدة‪ ،‬أي المقاطع التي يلزم تكرار نوعها في كل بيت‪ ،‬فأول‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬ديوان الفرزدق ‪ ،‬ص‪.96‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬المصدر نفسه‪ ،‬ص‪.92‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬المصدر نفسه‪،‬ص‪.92‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬المصدر نفسه‪ ،‬ص‪.95‬‬
‫‪5‬‬
‫‪ -‬ينظر‪ :‬الشعر العربي أوزانه وقوافيه وضروراته‪ ،‬عبد القادر بن محمد‪ ،‬ص‪.66‬‬
‫‪6‬‬
‫‪ -‬كتاب القوافي‪ ،‬أبو يعلى عبد الباقي عبد ال‪ ،‬بن المحسن‪ ،‬تح‪ :‬عواني عبد الرؤوف‪ ،‬مكتبة الخانجي بمصر‪،‬‬
‫ط‪1978 ،2‬م‪ ،‬ص‪.59‬‬
‫‪15‬‬
‫بيت في قصيدة الشعر الملتزم يتحكم في بقية القصيدة‪ ،‬من حيث الوزن والعروض ومن حيث‬
‫القافية»‪ ،1‬وقد حدد الخليل هذه المقاطع الصوتية على «أنها الساكنان األخيران من البيت وما بينهما‪،‬‬
‫مع حركة ما قبل الساكن األول منهما»‪ ،2‬وعلى هذا يمكن أن نرمز إلى هذه المقاطع الصوتية (القافية)‬
‫بهذا الشكل (‪ )0...0/‬على أن ما بين الساكنين من ال حرف إلى أربعة أحرف على األكثر‪ ،‬ومن هذا‬
‫فإن القافية على خمسة أضرب‪:‬‬
‫األول‪ :‬ويسمى المتكاوس وهو أن يكون ما بين الساكنين أربعة أحرف متحركة (‪.)0////0/‬‬
‫الثاني‪ :‬وهو المتراكب وهو أن يجتمع بين الساكنين ثالثة أحرف متحركة (‪.)0///0/‬‬
‫الثالث‪ :‬وهو المتدارك بأن يجتمع بين الساكنين حرفان متحركان (‪.)0//0/‬‬
‫الرابع‪ :‬وهو المتواتر بأن يكون بين الساكنين حرف واحد متحرك (‪.)0/0/‬‬
‫الخامس‪ :‬المترادف بأن ال يكون بين الساكنين حرف (‪ )00/‬وسمي بذلك ألنه ترادف فيه ساكنان‪.3‬‬

‫وزاد علماء القوافي للقافية تقسمين خرين باعتبار حركة الروي‪ ،‬فإن كان الروي متحركا كانت‬
‫القافية مطلقة‪ ،‬وان كان الروي ساكنا كانت القافية مقيدة‪.4‬‬

‫وعند دراستنا للقافية في قصيدة "أنا ابن العاصمين" فأول ما نالحظه أن الفرزدق قد استعمل‬
‫نفس القافية في جميع أبيات القصيدة‪ ،‬فهو بذلك لم يخرج عن النظام التقليدي الذي اتبعته العرب في‬
‫شعرهم‪ ،‬فالقافية في البيت األول‪:‬‬
‫إذا ما أعظم الحدثان نابا‬ ‫أنا ابن العاصمين بني تميم‬
‫‪0/0//0///0//0/0/0//‬‬ ‫‪0/0//0///0//0/0/0//‬‬
‫مفاعيلن مفاعلتن فعولن‬ ‫مفاعيلن مفاعلتن فعولن‬
‫فالقافية في هذا البيت هي "عولن"‪ ،‬وهي حركة النون وحركة األلف التي بعدها وحركة الباء ثم حركة‬
‫األلف التي بعد الباء (‪)0/0/‬؛ فهذه هي المقاطع الصوتية‪ ،‬وهي مكررة في كل بيت من أبيات‬
‫أغر ترى لقبته حجابا‬ ‫نما في كل أصيد دارمي‬ ‫القصيدة‪:‬‬
‫سرادقها المقاول والقبابا‬ ‫ملوك يبتنون توارثوها‬
‫‪5‬‬
‫خشوعا خاضعين له الرقابا‬ ‫من المستأذنين ترى معدا‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬علم العروض والقافية ‪ ،‬عبد العزيز عتيق‪ ،‬ص‪110‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬القافية واألصوات اللغوية‪ ،‬محمد عوني عبد الرؤوف‪ ،‬مكتبة الخانجي بمصر‪ ،‬د‪/‬ط‪ ،‬د‪/‬ت ‪ ،‬ص‪.3‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬ينظر‪ :‬كتاب القوافي‪ ،‬أبو يعلى عبد الباقي‪ ،‬ص‪.68‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬ينظر‪ :‬الشعر العربي أوزانه وقوفيه وضرو ارته‪ ،‬عبد القادر محمد بن القاضي‪ ،‬ص‪.95‬‬
‫‪5‬‬
‫‪ -‬ديوان الفرزدق‪ ،‬ص‪.91‬‬
‫‪16‬‬
‫وكما نالحظ فإن قصيدة الفرزدق هذه من القصائد ذات القوافي المطلقة؛ وهو ما كان رويها‬
‫متحركا وهو هنا الباء‪ ،‬فنالحظ في القوافي التالية (حجابا‪ ،‬القبابا‪ ،‬الرقابا) أن للباء حركة مشبعة يمكن‬
‫تطويلها‪ ،‬والملفت للنظر أن أشعار ديوان الفرزدق كلها قوافي مطلقة‪ ،‬فلم نجد من بين قصائده أي‬
‫قصيدة ساكنة الروي‪ ،‬وهذا ما يدلنا على أن الفرزدق كان يفضل القوافي المطلقة على المقيدة في‬
‫إنشاء قصائده‪.‬‬

‫وقد ذكرنا سابقا أن القافية في كل القصائد تنقسم إلى خمسة أضرب من حيث النظر إلى‬
‫األحرف التي بين الساكنين‪ ،‬وهذه القصيدة جاءت على الضرب الرابع؛ وهو المتواتر‪ ،‬وذلك بأن ال‬
‫يكون بين الساكنين غير حرف واحد (‪ )0/0‬وهذا هو الميزان الذي جاءت عليه هذه القصيدة‪.‬‬

‫وقد حدد العلماء للقافية حروفا ورد منها في هذه القصيدة ثالثة أحرف وهي‪:‬‬
‫‪ -1‬الروي‪ :‬وهو الحرف الذي تبنى عليه القصيدة وتسمى به‪ ،‬فيقال في القصيدة المية إذا كان رويها‬
‫هو حرف الالم‪ ،‬مثل المية العرب‪ ،‬وهمزية إذا كان رويها هو حرف الهمز‪ ،‬وجاء روي هذه القصيدة‬
‫حرف الباء فهي بائية‪.‬‬
‫‪ -2‬الوصل‪ :‬وهو حرف ساكن ينشأ عن إشباع حركة الروي‪ ،‬ومنه فالوصل ال يكون إال في القصائد‬
‫المطلقة مثل هذه القصيدة "أنا ابن العاصمين" فالوصل فيها هو األلف الناتجة عن إشباع حركة الباء‬
‫(الروي)‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫‪ -3‬الردف‪ :‬وهو حركة المد الذي قبل الروي وهو هنا األلف‪.‬‬
‫ويمكن أن نرمز ألحرف القافية في هذه القصيدة‪( :‬نابا) األلف األولى‪ :‬الردف‪ - .‬الباء‪ :‬الروي‪- .‬‬
‫األلف األخيرة‪ :‬الوصل‪.‬‬
‫أما بالنسبة للعيوب التي تتعرض لها القافية فقد أفاض العلماء فيها كثي ار بما ال يتسع المجال‬
‫لذكرها‪ ،‬غير أن قافية الفرزدق في هذه القصيدة خلت من جميع العيوب المذكورة‪.‬‬

‫التصريع في القافية‪:‬‬
‫يعتبر التصريع من جماليات الشعر العربي‪ ،‬فهو ما يزيد الشعر رونقا وبهاء‪ ،‬وان كان‬
‫التصريع مما ال يلزم الشاعر استعماله‪ ،‬غير أنه مما يدل على تمكن الشاعر وكفاءته‪.‬‬
‫ويكون التصريع في أول بيت من القصيدة وذلك بـ «أن يغير صيغة العروض فيجعلها مثل صيغة‬
‫الضرب»‪ ،2‬ومن هذا فالتصريع ال يقع إال في الشعر‪ ،‬ويقابله في النثر ما يسمى بالسجع‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬ينظر‪ :‬الشعر العربي أوزانه وقوفيه وضروراته‪ ،‬عبد القادر محمد بن القاضي‪ ،‬ص‪.96‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬كتاب القوافي‪ ،‬أبو يعلى عبد الباقي عبد ال ‪ ،‬ص‪.76‬‬
‫‪17‬‬
‫وقد وقع التصريع في كثير من القصائد الشعرية‪ ،‬سواء في العصر الجاهلي أو اإلسالمي‪،‬‬
‫ومن ذلك المعلقات العشر‪ ،‬التي تعتبر من أهم ما وصل إلينا من ذلك العصر‪ ،‬فقد جاءت كلها‬
‫مصرعة فلو الحظا مطلع قصيدة امرئ القيس‪:‬‬
‫‪1‬‬
‫بسقط اللِّوى بين الدخول فحومل‬ ‫قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل‬
‫فقد شابه العروض الضرب حتى في روي القافية (الالم)‪ ،‬ورغم ذلك فقد وجد كثير من األشعار العربية‬
‫خالية من التصريع‪ ،‬وترك التصريع ليس عيبا في الشعر وال دليال على عدم كفاءة الشاعر‪ ،‬ودليل ذلك‬
‫كثير من الشعراء األقحاح قد استعملوه في قصائدهم‪ ،‬وخير مثال على ذلك الشنفرى في‬
‫ا‬ ‫أننا نجد‬
‫قصيدته المشهورة "المية العرب"‪:‬‬
‫‪2‬‬
‫فإِّني إلى قوم سواكم ألميل‬ ‫أقيموا بني أمي مطيكم‬
‫فهذه القصيدة وان كانت خالية من التصريع إال أنه لم يجاريها من غير المعلقات شيء‪ ،‬وقد حظيت‬
‫بعناية خاصة من قبل األدباء‪ ،‬حتى نسبوها لجنس العرب‪ .‬أما عن العصر اإلسالمي فكثيرة هي‬
‫القصائد التي تخلو من التصريع‪ ،‬وأبرز مثال على ذلك القصيدة التي بين أيدينا "أنا ابن العاصمين"‪،‬‬
‫فالفرزدق جرد هذه القصيدة من التصريع وعمل فيها ما عمله الشنفرى في الميته‪ ،‬والعجيب في األمر‬
‫أنه وافقه فيها حتى في عدد األبيات‪ ،‬فجاء عدد أبيات كل منهما ‪ 69‬بيتا‪ ،‬واذا نظرنا إلى مطلع‬
‫‪3‬‬
‫إذا ما أعظم الحدثان نابا‬ ‫أنا ابن العاصمين بني تميم‬ ‫قصيدة الفرزدق‪:‬‬
‫فعروض هذا البيت (تميم) ال يشابه ضربه (نابا)‪ ،‬بل إن كل أبيت القصيدة ليس فيها بيت مصرع‪،‬‬
‫ورغم أن الفرزدق أنشأ هذه القصيدة مناقضا بها قصيدة جرير‪ ،‬وكانت المناقضة مقتضية الموافقة في‬
‫ير جاء بقصيدته مصرعة‬
‫ير في هذا المجال حيث أن جر ا‬
‫الشكل‪ ،‬غير أن الفرزدق قد خالف جر ا‬
‫فمطلعها‪:‬‬
‫‪4‬‬
‫وقولي إذا أصبت لقد أصابا‬ ‫أقلي اللوم عاذل والعتابا‬
‫وأما الفرزدق فلم يأت بها كذلك‪ ،‬والجدير بالذكر أن الفرزدق قلما استعمل التصريع في قصائده‪ ،‬فلم‬
‫يكن يعير التصريع أي اهتمام‪ ،‬فالقصائد المصرعة في ديوانه لم تبلغ سوى (‪23‬قصيدة) من بين‬
‫(‪606‬قصيدة)‪ ،‬أي بنسبة (‪ )%3.79‬وهي نسبة قليلة جدا‪ ،‬فالفرزدق بهذا خالف جري ار الذي كان‬
‫يعتمد في كثير من أشعاره على التصريع‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬ديوان امرئ القيس‪ ،‬ضبطه عبد الرحمن المصطاوي‪ ،‬دار المعرفة بيروت‪ ،‬ط‪1425( ،2‬ه‪2004-‬م)‪ ،‬ص ‪.21‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬ديوان الشنفرى‪ ،‬عمرو بن مالك (ت‪70 :‬ق ه)‪،‬ضبطه ايميل بديع يعقوب‪ ،‬دار الكتاب العربي‪ ،‬ط‪1417( ،2‬ه‪-‬‬
‫‪1996‬م)‪ ،‬ص‪.57‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬ديوان الفرزدق‪ ،‬ص‪.91‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬ديوان جرير‪ ،‬ص‪.58‬‬
‫‪18‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬الموسيقى الداخلية للقصيدة‬

‫ونعني بالموسيقى الداخلية النبرة التي تؤديها أصغر بنية في القصيدة‪ ،‬فكل بيت من أبيات‬
‫القصيدة عبارة عن مجموعة من الكلمات‪ ،‬وكل كلمة تتألف من عدد من األحرف‪ ،‬فأصغر وحدة في‬
‫القصيدة ككل هي الحرف‪ ،‬واالختالف بين الحروف يكون باختالف الصوت الذي يخرج منه‪ ،‬فالنبرة‬
‫هي التي تحدد نوع الحرف وتعطي للحرف نبرة القوة والضعف إلى غير ذلك‪.‬‬
‫أوال‪ :‬الصوت والحرف‬
‫يرى العلماء أن بين الصوت والحرف عالقة مترابطة إذ أن واحدا منهما سبب في ظهور‬
‫اآلخر‪ ،‬فنجد على سبيل المثال ابن جني (تـ‪392‬ه) يرى بأن الصوت هو «عرض يخرج مع النفس‬
‫مستطيال متصال‪ ،‬حتى يعرض له في الحلق والفم والشفتين مقاطع تثنيه عن امتداده واستطالته‪،‬‬
‫فيسمى المقطع أينما عرض له حرفا‪ ،‬وتختلف أجراس الحروف حسب اختالف مقاطعها»‪ ،1‬فالصوت‬
‫عند ابن جني هو عرض يخرج من الفم‪ ،‬وقد وضح ابن سينا ماهية هذا العرض عندما تحدث عن‬
‫أسباب حدوث األصوات فقال‪« :‬أظن أن الصوت سببه القريب تموج الهواء دفعه بسرعة وبقوة من أي‬
‫سبب كان»‪ ،2‬فهذا العرض عند ابن جني هو الهواء الخارج من الرئتين مع النفس فيصطدم بعدها‬
‫بمقاطع عدة ينتج عنها ما يسمى بالحرف‪.‬‬
‫ونجد ابن جني في تعريفه يصرح أن سبب حدوث الحرف هو الصوت‪ ،‬بل هو يعتبر أن‬
‫الحرف غاية ما يصل إليه الصوت‪ ،‬ويتجلى ذلك في تعريفه للحرف حيث يقول‪« :‬وأما الحرف فالقول‬
‫فيه وفيما كان من لفظه أن "ح ر ف" أينما وقعت في الكالم يراد بها حد الشيء وحدته‪ ...‬و هنا‬
‫سميت حروف المعجم حروفا‪ ،‬وذلك أن الحرف حد منقطع الصوت وغايته وطرفه»‪ 3‬فالحرف يعتبر‬
‫أث ار من ثار الصوت فهو ناتج عنه فال يمكن توليد أي حرف دون إصدار الصوت الذي يتالءم معه‪.‬‬

‫وأما االختالف بين األحرف فسببه اختالف هيئة الصوت الذي ينتج عن كل حرف‪ ،‬وهذا ما‬
‫وضحه ابن سينا بقوله‪« :‬والحروف هيئة للصوت عارضة له‪ ،‬يتميز بها عن صوت خر مثله في‬
‫الحدة والثقل تميز في المسموع»‪ ،4‬فكل حرف يخضع للصوت في إنتاجه إلى ميزان خاص به وهو ما‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬سر صناعة اإلعراب‪ ،‬أبو الفتح عثمان ابن جني (ت ـ‪392‬ه)‪ ،‬تح‪ :‬حسن هنداوي‪ ،‬دار القلم بدمشق‪ ،‬د‪/‬ط‪،‬‬
‫د‪/‬ت‪ ،‬ص‪.6‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬أسباب حدوث الحروف‪ ،‬أبو الحسن بن عبد ال بن سينا (تـ ‪428‬ه)‪ ،‬تح‪ :‬محمد حسان الطيان ويحي مير علم‪،‬‬
‫مطبوعات مجمع اللغة العربية‪ ،‬بدمشق‪ ،‬د‪/‬ط‪ ،‬د‪/‬ت‪ ،‬ص‪.56‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬سر صناعة اإلعراب‪ ،‬ابن جني‪ ،‬ص‪13‬و‪.14‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬أسباب حدوث الحروف‪ ،‬ابن سينا‪ ،‬ص‪.60‬‬
‫‪19‬‬
‫عبر عنه ابن سينا بالحدة والثقل فتجعل كل حرف يختلف عن غيره‪ ،‬ولذا فإن «الحروف تختلف‬
‫باختالف مقاطع الصوت‪ ،‬حتى شبه بعضها الحلق والفم بالناي ألن الصوت يخرج منه مستطيال‬
‫ساذجا فإن وضعت األنامل على خروقه ووقعت المزاوجة بينهما اسمع لكل حرف منها صوت ال‬
‫يشبهه صاحبه فكذلك إذا وقع الصوت في الحلق والفم باالعتماد على جهات مختلفة سمعت األصوات‬
‫المختلفة التي هي حروف»‪.1‬‬

‫ثانيا‪ :‬تصنيف األصوات اللغوية‪.‬‬


‫صنف العلماء الحروف واألصوات باعتبار هيئتها إلى عدة أصناف‪ ،‬وسندرس في هذا المجال‬
‫تقسيمان من تقسيمات األصوات عند أهل اللغة بين القدماء والمحدثين‪ ،‬وهما الصوائت ومقابلها‬
‫الصوامت والجهر ومقابله الهمس‪.‬‬
‫أ) الصوائت والصوامت‪:‬‬
‫قسم المحدثون األصوات إلى الصوائت والصوامت‪ ،‬وذلك نظ ار إلى اختالف هيئة خروجها‪،‬‬
‫فالصوت الذي يصيره الهواء المستمر يختلف عن الصوت الذي يعترضه في الفم والحلق عارض‬
‫يمنعه االستطالة واالستمرار‪.‬‬
‫وقد عرف المحدثون الصوت الصائت بأنه «الصوت المجهور الذي يحدث في تكوينه أن‬
‫يندفع الهواء في مجرى مستمر خالل الحلق والفم وخالل األنف معهما أحيانا‪ ،‬دون أن يكون ثمة عائق‬
‫يعترض مجرى الهواء اعتراضا تاما أو تضييق لمجرى الهواء من شأنه أن يحدث احتكاكا مسموعا»‪،2‬‬
‫وبتطبيق هذا التعريف على أحرف اللغة العربية‪ ،‬نجد أن األحرف الصائتة هي ثالثة‪ :‬وهي المسماة‬
‫بالحركات؛ الفتحة والضمة والكسرة‪ ،‬يتولد عنها بعد الطول واإلشباع األلف في مثل "جاء" والواو في‬
‫مثل "يدعو" والياء في مثل "قيل"‪.‬‬
‫واألصوات الصامتة هي األصوات «التي يقوم عائق في جهاز النطق عند النطق بها‪ ،‬فيتخطى الهواء‬
‫الخارج من الرئتين هذا العائق»‪ ،3‬وهذا العائق قد يعترض الهواء اعتراضا تاما كما في حرف الذال‬
‫والباء‪ ،‬أو اعتراضا جزئيا في الفم كما في الصاد والحاء‪ ،‬أو اعتراضا تاما في الفم بحيث يخرج جزء‬
‫من الصوت من األنف (الغنة) كما في النون والميم‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬سر الفصاحة‪ ،‬أبو محمد عبد ال بن محمد بن سعيد بن سينان الخفاجي الحلبي (تـ ‪466‬ه)‪ ،‬دار الكتب العلمية‪،‬‬
‫ط‪1402( ،1‬ه‪1982-‬م)‪ ،‬ص‪.26‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬علم اللغة مقدمة للقارئ العربي‪ ،‬محمود السعران‪ ،‬دار النهضة العربية للصباغة والنشر‪ ،‬بيروت‪ ،‬د‪/‬ط‪،‬د‪/‬ت‪،‬‬
‫ص‪.148‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬موسوعة علوم اللغة‪ ،‬ايميل بديع يعقوب‪ ،‬ج‪ ،6‬ص‪.159‬‬
‫‪20‬‬
‫وبتطبيق هذا التعريف على أحرف اللغة العربية نجد أن األحرف الصامتة ثمانية وعشرون‬
‫حرفا وهي‪ :‬الهمز والباء والتاء والثاء والجيم والحاء والخاء والدال والذال والراء والزاي والسين والشين‬
‫والصاد والضاد والطاء والظاء والعين والغين والفاء والقاف والكاف والالم والميم والنون والهاء وأخي ار‬
‫الواو والياء إذا لم تكونا حرف مد ولين‪.‬‬

‫دراسة الصوائت والصوامت في القصيدة‪:‬‬

‫عند نظرنا لقصيدة أنا ابن العاصمين فإن أول ما نالحظه هو أن هناك تباين كبير في‬
‫استعماله لألحرف الصامتة واألحرف الصائتة‪ ،‬وبعد أن أحصينا هذه األصوات توصلنا إلى النتائج‬
‫التالية‪:‬‬
‫عدد األحرف الصامتة في القصيدة‪:‬‬

‫الصاد ‌‬ ‫السني ‌ الشني ‌‬ ‫الباء‌ ‌ التاء ‌ الثاء ‌ اجليم ‌ احلاء ‌ اخلاء ‌ الدال ‌ الذال‌ ‌ الراء ‌ الزاي ‌‬ ‫اهلمز ‌‬
‫‌‪‌ 18‬‬ ‫‌‪‌ 22 ‌ 53‬‬ ‫‪‌ ‌16 ‌ 147‬‬ ‫‌‪‌ 32‬‬ ‫‪‌ 68‌ ‌ 25‌ ‌ 52 ‌ 31 ‌ 33 ‌ 133 ‌ 208 ‌ 114‬‬
‫امليم ‌ النون ‌أو‌ اهلاء ‌ الواو ‌غري‌ الياء ‌غري‌‬ ‫الضاد ‌ الطاء‌ ‌ الظاء ‌ العني ‌ الغني ‌ الفاء ‌ القاف ‌ الكاف ‌ الالم ‌‬
‫املدية ‌‬ ‫املدية ‌‬ ‫التنوين ‌‬
‫‪‌ 103‬‬ ‫‪‌ 104 ‌ 89 ‌ 253 ‌ 148 ‌ 247‬‬ ‫‪‌ 66‬‬ ‫‪‌ 52 ‌ 39 ‌ 30 ‌ 56 ‌ 06 ‌ 21‬‬ ‫‪‌ 15‬‬
‫مجموع هاته األحرف‪ 2181 :‬حرف‪.‬‬

‫أما عد األحرف الصائتة فهو‪:‬‬

‫المجموع‬ ‫الياء المدية‬ ‫الواو المدية‬ ‫األلف‬


‫‪377‬‬ ‫‪53‬‬ ‫‪31‬‬ ‫‪293‬‬
‫نالحظ من خالل الجدولين ضخامة األصوات الصامتة مقارنة لها باألصوات الصائتة‪ ،‬حيث‬
‫بلغت عدد األصوات الصامتة نسبة ‪ ،%85.26‬أما عدد األصوات الصائتة فقد بلغت ‪،%14.73‬‬
‫ويمكننا تعليل سبب هذا الفرق الكبير بينهما في أسلوب الفرزدق في كالمه‪ ،‬فقد تقدم لنا في المدخل أن‬
‫الفرزدق كان شخصا جافا‪ ،‬يستحلي ما يستقبح من األلفاظ‪ ،‬باإلضافة إلى ذلك قوة شعره‪ ،‬حتى أن‬
‫الناس كانوا يداهنونه خوفا من لسانه‪ ،‬واألصوات الصامتة أصوات دلت على القوة‪ ،‬لذا فقد استعملها‬
‫ير‪.‬‬
‫الفرزدق في قصيدته بكثرة‪ ،‬ليقرع بها خصمه جر ا‬

‫ب) الجهر والهمس‪:‬‬


‫قسم علماء اللغة القدامى األصوات إلى مجهورة ومهموسة‪ ،‬وقد أقرهم المحدثون عليها‪ ،‬سوى‬
‫ما جرى بينهم من اختالف طفيف في بعض األصوات‪ ،‬ويجدر بنا قبل دراسة األصوات المجهورة‬
‫‪21‬‬
‫والمهموسة أن نعرف أوال معنى الجهر والهمس؛ فالجهر في اللغة من «جهر الشيء إذا ظهر‪ ،‬وجهر‬
‫بكذا‪ :‬أعلنه‪ .‬وقد جهر بكالمه وقراءته رفع بهما صوته»‪ ،1‬فهو يحمل معنى اإلعالن واإلظهار‪.‬‬
‫وفي االصطالح‪ :‬فقد تعددت التعريفات اللغوية بين القدامى والمحدثين لمصطلح الجهر‪،‬‬
‫فالقدامى عرفوه بأنه‪« :‬قوة التصويت بالحرف لقوة االعتماد عليه في مخرجه‪ ،‬حتى منع أن يجري‬
‫النفس الكثير معه فكان‪ ،‬فيه جهر أي إعالن واظهار فسمي مجهو ار»‪ .2‬وأما المحدثون فكان تعريف‬
‫الجهر مختلفا عندهم «فالصوت المجهور هو الذي يهتز معه الوتران الصوتيان»‪ 3‬ولعل سبب اختالف‬
‫التعري فين بين القدامى والمحدثين هو ما وصل إليه العصر الحديث من تطور علمي‪ ،‬فاكتشف علماء‬
‫التشريح وجود األوتار الصوتية التي تساهم في عملية التصويت‪ ،‬ومع هذا االختالف فقد اتفق القدامى‬
‫والمحدثون في خمسة عشر صوتا‪ ،‬واعتبروها من األصوات الجهرية وهي‪:‬‬
‫"الهمز والباء والجيم والدال والراء والزاي والضاد والظاء والعين والغين والالم والميم والنون والواو‬
‫والياء"‪ ،‬ولم يختلفوا سوى في صوتين اثنين هما الطاء والقاف‪ ،‬فاعتبرها القدامى من األصوات‬
‫المجهورة‪ ،‬بينما المحدثون جعلوها ضمن األصوات المهموسة‪.4‬‬
‫وأما الهمس‪ ،‬فهو من «همس الكالم أخفاه همسا‪ ،‬وكالم مهموس‪ ،‬وحروف مهموسة غير مجهورة‪[ ،‬فال‬
‫تسمع إال همسا] »‪ 5‬فالهمس هو اإلخفاء ضد اإلظهار‪.‬‬
‫وفي اصطالح اللغويين فالتعريف اختلف فيه بين القدامى والمحدثين بناء على الخالف في تعريفهم‬
‫للجهر‪ ،‬فالقدامى عرفوا الهمس بأنه‪« :‬ضعف التصويت بالحرف لضعف االعتماد عليه في مخرجه‪،‬‬
‫حتى جرى النفس معه فكان فيه همس أي خفاء فسمي مهموسا»‪.6‬‬

‫أما المحدثون فيعتبرون «الصوت المهموس هو الذي ال يهتز معه الوتران الصوتيان‪ ،‬وال يسمع لهما‬
‫رنين حين النطق به‪ ،‬وليس معنى هذا أن ليس للنفس معه ذبذبات مطلقا‪ ،‬واال لم تدركه األذن ولكن‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬أساس البالغة‪ :‬أبو القاسم جار ال محمود بن عمر بن أحمد الزمخشري (تـ ‪538‬ه)‪ ،‬تح‪ :‬محمد بن باسل عيون‬
‫السود‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،‬ط‪1419( ،1‬ه‪1998-‬م)‪ ،‬ج‪ ،1‬ص‪.159‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬النجوم الطوالع على الدرر اللوامع‪ ،‬إبراهيم المارغيني‪ ،‬دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع‪ ،‬بيروت‪ ،‬د‪/‬ط‪،‬‬
‫(‪1415‬ه‪1995-‬م)‪ ،‬ص‪.167‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬األصوات اللغوية‪ ،‬إبراهيم أنيس‪ ،‬مكتبة نهضة مصر‪ ،‬د‪/‬ط‪ ،‬د‪/‬ت‪ ،‬ص‪.21‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬ينظر‪ :‬المصطلح الصوتي في الدراسات العربية‪ ،‬عبد العزيز الصبغ‪ ،‬دار الفكر‪ ،‬دمشق‪ ،‬ط‪1427( ،2‬ه‪-‬‬
‫‪2007‬م)‪ ،‬ص‪.77‬‬
‫‪5‬‬
‫‪ -‬أساس البالغة‪ ،‬الزمخشري‪ ،‬ص‪.380‬‬
‫‪6‬‬
‫‪ -‬النجوم الطوالع على الدرر اللوامع‪ ،‬إبراهيم المارغيني‪ ،‬ص‪.167‬‬
‫‪22‬‬
‫المراد بهمس الصوت هو سكون الوترين الصوتيين معه»‪ ،1‬واألصوات المهموسة هي التاء والثاء‬
‫والحاء والخاء والسين والشين والضاد والفاء والكاف والهاء على الخالف المتقدم في القاف والطاء‪.‬‬

‫األصوات المجهورة والمهموسة في القصيدة‪:‬‬

‫ذكرنا فيما سبق أن عدد األصوات المجهورة يبلغ خمسة عشر حرفا‪ ،‬وأما األصوات المهموسة‬
‫فهي –باعتبار أن الطاء والقاف مهموسين‪ -‬اثنا عشر حرفا‪ ،‬وقد وردت جميع هذه األصوات في‬
‫قصيدة "أنا ابن العاصمين" بنسب مختلفة وقد جمعنا هذه األصوات في اإلحصائيات التالية‪:‬‬

‫‪ -‬األصوات المجهورة‪:‬‬
‫مجموع‬ ‫ء ‌ ب ‌ ج ‌ د ‌ ذ ‌ ر ‌ ز ‌ ض ‌ ظ ‌ ع ‌ غ ‌ ل ‌ م ‌ ن ‌ و ‌ ي ‌‬ ‫األصوات ‌‬
‫األصوات ‌‬
‫عدد‌التكرار ‌ ‪‌ 1578 ‌ 103 ‌ 104 ‌ 253 ‌ 148 ‌ 247 ‌ 30 ‌ 56 ‌ 6 ‌ 15 ‌ 16 ‌ 147 ‌ 32 ‌ 68 ‌ 31 ‌ 208 ‌ 114‬‬

‫‪ -‬األصوات المهموسة‪:‬‬

‫ك ‌ ه ‌ جمموع‌األصوات ‌‬ ‫س ‌ ش ‌ ص ‌ ط ‌ ف ‌ ق ‌‬ ‫خ ‌‬ ‫ت ‌ ث ‌ ح ‌‬ ‫األصوات ‌‬
‫‪‌ 603‬‬ ‫عدد‌التكرار ‌ ‪‌ 89 ‌ 66 ‌ 52 ‌ 39 ‌ 21 ‌ 18 ‌ 22 ‌ 53 ‌ 25 ‌ 52 ‌ 33 ‌ 133‬‬

‫‪ -‬نسبة األصوات المجهورة والمهموسة‪:‬‬

‫اجملموع ‌‬ ‫األصوات‌املهموسة ‌‬ ‫األصوات‌اجملهورة ‌‬ ‫األصوات ‌‬


‫‪‌2181‬صوت ‌‬ ‫‪‌603‬مرة ‌‬ ‫‪‌1578‬مرة ‌‬ ‫عدد‌التكرار ‌‬
‫‪‌ %100‬‬ ‫‪‌ %27.64‬‬ ‫‪‌ %72.35‬‬ ‫النسبة ‌‬
‫إن أول شيء يمكننا مالحظته في هذه اإلحصائيات هو كثرة األصوات المجهورة التي اعتمدها الشاعر‬
‫في قصيدته‪ ،‬والتي جاءت بنسبة ‪ ،%72.35‬فهي بمقدار ثالثة أضعاف األصوات المهموسة‪ ،‬والتي‬
‫بلغت نسبة ‪ ،%27.64‬ولعل سبب هذا التباين ال يختلف عن سبب شيوع األصوات الصامتة‪ ،‬والذي‬
‫يرجع إلى أسلوب الفرزدق وشخصيته وقوته‪ ،‬فقد أكثر الفرزدق منهما في قصيدته فبلغت نسبة حرف‬
‫الهمز ‪ ،%9.12‬في حين بلغ حرف الباء نسبة ‪ ،%13.18‬وأما حرف الباء فكونها روي القصيدة كان‬
‫سببا العتماد الفرزدق عليها‪ ،‬خاصة وأن الباء قد جمعت فيها صفتين من صفات القوة؛ وهي الجهر‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬األصوات اللغوية ‪ ،‬إبراهيم أنيس‪ ،‬ص‪.22‬‬
‫‪23‬‬
‫والشدة‪ ،‬فكان اإلكثار منها سببا في متانة النظم‪ ،‬وأما حرف الهمز فيبدو أن الفرزدق اعتمد عليه في‬
‫مقام االفتخار بنفسه أوال‪ ،‬ثم بآبائه ثانيا فلو الحظنا مطلع قصيدته‪:‬‬
‫إذا ما أعظم الحدثان نابا‬ ‫أنا ابن العاصمين بني تميم‬
‫فأول حرف ابتدئ به في القصيدة هو نفسه أول حرف ابتدئ فيه في األحرف العربية سواء‬
‫الهجائية أم األبجدية أم األلفبائية‪ ،‬وال أظن أن هذا كان من الفرزدق على سبيل المصادفة‪ ،‬باإلضافة‬
‫إلى ذلك فقد أتي بهذا الحرف "الهمز" في بنية أقوى ضمير من الضمائر العربية وهو ضمير المتكلم‬
‫"أنا"‪ ،‬وهذا ما هو إال مزيد افتخار من الفرزدق‪ ،‬وكأنه يعتبر نفسه أوال في أول فال يرى أن أحدا يسبقه‪،‬‬
‫فالفرزدق «معجب بأصله وقومه‪ ،‬بهم يتفاخر وبهم يعلو فوق الناس‪ ..‬فهذه لوحة من فخره‪ ،‬وصورة‬
‫يفخر فيها الفرزدق بأنه ابن الذين يعصمون الناس ويمنعونهم»‪ ،1‬ولو الحظنا في عجز البيت فإنه‬
‫جعل أول حرف منه هو الهمز‪ ،‬لكنه أتى بها مكسورة تعريضا بها لما بعدها‪ ،‬فهو يعتبر أعظم الحدثان‬
‫وهي خطوب الدهر في مقام الكسر‪ ،‬إذا ما تعرضت له‪ ،‬فهو يرى أنها ال شيء أمامه وأمام مفاخر‬
‫بائه وأجداده‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬مخارج األصوات‪.‬‬

‫عرف علماء اللغة المخرج بأنه «النقطة التي يتم عندها االعتراض في مجرى الهواء والذي‬
‫يصدر الصوت فيها»‪ ، 2‬وقد تعددت أسماء مخارج الحروف بين القدماء والمحدثين‪ ،‬وان كان كال‬
‫منهما يتفق في طريقة إخراجها‪ ،‬والكثير منهم يرى أن لكل حرف مخرجا خاصا به‪ ،‬واال لتشابهت‬
‫األحرف‪ ،‬ولكن إنما أعطي الحرفان وأكثر مخرجا واحدا لشدة اقترابهما من بعضهما ‪ ،‬وتنقسم هذه‬
‫الحروف إلى سبع مجموعات‪ 3‬وهي‪:‬‬
‫‪ -1‬المجموعة الجوفية‪« :‬والمراد بالجوف الخالء أي الفراغ الداخل في الحلق والفم»‪ 4‬واألحرف الجوفية‬
‫هي األلف اللينة‪ ،‬والواو الناشئة عن ضمة والياء الناشئة عن كسرة‪.‬‬
‫‪ -2‬المجموعة الحلقية‪ :‬والحروف التي تخرج منها هي الهمز والهاء والعين والغين والحاء والخاء وهي‬
‫المسماة عند أهل اللغة بحروف الحلق‪ ،‬و «أصوات الحلق ما عدا الهمز كما يصفها القدماء‬
‫والمحدثون أصوات رخوة أي يسمع لها نوع من الحفيف عند النطق بها»‪.5‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬الفرزدق حياته وشعره‪ ،‬محمد رضا مروة‪ ،‬ص‪.51‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬المصطلح الصوتي في الدراسات العربية‪ ،‬عبد العزيز الصيغ‪ ،‬ص‪.50‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬ينظر‪ :‬أسرار الحروف‪ ،‬أحمد زراقة‪ ،‬دار الحصاد للنشر والتوزيع‪ ،‬دمشق‪ ،‬ط‪1993 ،1‬م‪ ،‬ص‪.80‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬النجوم الطوالع على الدرر اللوامع‪ ،‬إبراهيم المارغيني‪ ،‬ص‪.157‬‬
‫‪5‬‬
‫‪ -‬األصوات اللغوية‪ ،‬إبراهيم أنيس‪ ،‬ص‪.75‬‬
‫‪24‬‬
‫‪ -3‬المجموعة اللهوية‪ :‬وفيها حرفان وهم القاف والكاف «ويسمى الحرفان لهويين ألنهما يخرجان من‬
‫خر اللسان عند اللهاة‪ ،‬وهي اللحمة المشرفة على الحلق»‪.1‬‬
‫‪ -4‬المجموعة الشجرية‪ :‬وهي «الجيم والشين والياء التي هي غير حرف مد‪ ،‬وسميت كذلك نسبة إلى‬
‫شجر الفم‪ ،‬وهي المنطقة الواقعة بين وسط اللسان وما يقابله من الحنك األعلى‪ ،‬وأدخل بعض النحاة‬
‫"الضاد" في هذه األحرف بينما أهملها بعضهم اآلخر»‪.2‬‬
‫‪ -5‬المجموعة اللثوية‪ :‬واللثة هي «لحم على أصول األسنان»‪ 3‬سميت هذه المجموعة بهذا االسم ألن‬
‫جميع حروفها يخرج من مقدمة األسنان واللثة‪ ،4‬وتشتمل هذه المجموعة على ثالثة أنواع من الحروف‬
‫وهي‪:‬‬
‫‪ -‬الحروف الذلقية‪ :‬وهي النون والالم والراء وتسمى بالذلقية ألنها من ذلق اللسان وهو طرفه‪.5‬‬
‫‪ -‬الحروف النطعية‪ :‬هي كال من التاء والدال والطاء «وتسمى الثالثة نطعية ألنها من نطع غار‬
‫الحنك األعلى وهو سقفه»‪.6‬‬
‫‪ -‬الحروف األسلية‪ :‬وتشمل كال من الصاد والسين والزاي‪ « ،‬وتسمى الثالثة أسلية ألنها من أسلة‬
‫اللسان وهي مستدقه»‪.7‬‬
‫فالحروف الذلقية والنطعية تخرجان جميعا بتالصق مقدمة اللسان مع اللثة‪ ،‬والحروف األسلية تخرج‬
‫بتقاربهما‪.‬‬
‫‪ -6‬المجموعة األسنانية‪ :‬وهي تشمل حرف الذال والظاء والثاء‪ ،‬وسميت بهذا االسم ألنها تخرج من‬
‫طرف اللسان مع مقدمة األسنان وهي الثنايا العليا‪ ،‬وبعضهم سمى هذه الحروف لثوية لقرب خروجها‬
‫من اللثة ال لخروجها منها‪.8‬‬
‫‪ -7‬المجموعة الشفوية‪ :‬وتشمل الحروف التي تخرج من الشفة‪ ،‬وهي الفاء والواو والباء والميم‪.9‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬الدرر البهية‪ ،‬أسامة بن علد الوهاب‪ ،‬مكتبة اإليمان للطباعة والنشر والتوزيع‪ ،‬ط‪1425( ،2‬ه‪2005-‬م)‪،‬‬
‫ص‪.21‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬المعجم المفصل في علم الصرف‪ ،‬راجي األسمر‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بيروت لبنان‪ ،‬ط‪1413( ،1‬ه‪1993-‬م)‪،‬‬
‫ص‪.266‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬لسان العرب‪ ،‬البن منظور‪ ،‬العمود‪ ،3‬ص‪.3996‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬ينظر‪ :‬أسرار الحروف‪ ،‬أحمد زراقة‪ ،‬ص‪.82‬‬
‫‪5‬‬
‫‪ -‬ينظر‪ :‬الدرر البهية‪ ،‬أسامة بن عبد الوهاب‪ ،‬ص‪.22‬‬
‫‪6‬‬
‫‪ -‬المصدر نفسه‪ ،‬ص‪.23‬‬
‫‪7‬‬
‫‪ -‬المصدر نفسه‪ ،‬ص‪.23‬‬
‫‪8‬‬
‫‪ -‬ينظر‪ :‬النجوم الطوالع على الدرر اللوامع‪ ،‬إبراهيم المارغيني‪ ،‬ص‪.164‬‬
‫‪9‬‬
‫‪ -‬ينظر‪ :‬المعجم المفصل في علم الصرف‪ ،‬راجي األسمر‪ ،‬ص‪.266‬‬
‫‪25‬‬
‫دراسة مخارج حروف القصيدة‪:‬‬
‫بعد إحصائنا لمخارج حروف قصيدة "انا ابن العاصمين" تحصلنا على النتائج التالية‪:‬‬
‫‪-‬المجموعة الجوفية ‪ :‬عدد األحرف ‪ : 377‬النسبة ‪.%14.73‬‬
‫‪-‬المجموعة الحلقية ‪ :‬عدد األحرف ‪ : 366‬النسبة ‪.%14.30‬‬
‫‪-‬المجموعة اللهوية ‪ :‬عدد األحرف ‪ : 118‬النسبة ‪.%4.61‬‬
‫‪-‬المجموعة الشجرية ‪ :‬عدد األحرف ‪ : 171‬النسبة ‪.%6.68‬‬
‫‪-‬المجموعة اللثوية ‪ - :‬األحرف الذلقية ‪ 647 :‬حرف ‪ :‬النسبة ‪.%25.29‬‬
‫‪ -‬األحرف النطعية ‪222 :‬حرف ‪ :‬النسبة ‪.%8.67‬‬
‫‪ -‬األحرف األسلية ‪ 87 :‬حرف ‪ :‬النسبة ‪.%3.40‬‬
‫‪-‬المجموعة األسنانية ‪ :‬عدد األحرف ‪ : 71‬النسبة ‪.%2.27‬‬
‫‪-‬المجموعة الشفوية ‪ :‬عدد األحرف ‪ : 499‬النسبة ‪.%19.5‬‬
‫نالحظ من خالل هذه اإلحصائيات أن مجموعة األصوات اللثوية والتي بلغت (‪)%37.37‬‬
‫هي أكبر النسب الواردة في القصيدة‪ ،‬ثم تليها المجموعة الشفوية (‪ ،)٪19,5‬ثم المجموعة الجوفية‬
‫(‪ ،)٪14,33‬ولعل سبب ارتفاع األصوات اللثوية كثرة استعمالها في اللسان العربي‪ ،‬والحروف الذلقية‬
‫التي هي ضمن هذه المجموعة جاءت بنسبة (‪ ،)%25.29‬وهي نسبة كبيرة جدا لو قارناها‬
‫بالمجموعات األخرى‪ ،‬فضال عن األحرف التي تشترك معها في نفس المجوعة‪ ،‬ولعل هذا ما ساهم في‬
‫جذالة أسلوب الفرزدق وحسن تعبيره‪ ،‬فالحروف الذلقية هي أصوات خفيفة على اللسان‪ ،‬يسهل إخراجها‬
‫«فالذالقة من معانيها لغة الفصاحة والخفة في الكالم»‪ ،1‬ولذا كان من المناسب استعمال الفرزدق لهذه‬
‫األحرف بل واإلكثار منها‪ ،‬فال يجد المتكلم بل والسامع ثقال في الصوت يفر منه‪ ،‬ونالحظ في هذه‬
‫األحرف – أي الذلقية ‪ -‬أن الفرزدق أكثر فيها من استعمال حرفين هما الالم بنسبة ‪ ،%9.65‬والنون‬
‫بنسبة ‪ ،%9.89‬وهي نسبة كبيرة جدا لو قورنت بنسب الحروف جميعا‪ ،‬ولعل السبب في هذا راجع‬
‫إلى ما في الميم والون من غنة‪« ،‬والغنة لغة صوت له رنين في الخيشوم‪ ،‬واصطالحا‪ :‬صوت أغن ال‬
‫عمل للسان فيه‪ ،‬وقيل شبيه بصوت الغزال إذا ضاع ولدها»‪ ،2‬وهذا ما يفسر سبب إكثار الفرزدق من‬
‫النون والميم‪ ،‬وكانت النون أكثر ألن الغنة فيها أكمل‪ ،‬فالغنة تضع للفظ عذوبة وحالوة‪ ،‬ال تمل األذن‬
‫من سماعها‪ ،‬ومنه أخذ الغناء الذي هو الطرب‪ ،‬ألن األذن ال تمل سماع المغني‪ ،‬أو يمكنا القول‬
‫حينئذ أن سماعه يغني عن سماع غيره‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬النجوم الطوالع على الدرر اللوامع‪ ،‬إبراهيم المارغيني‪ ،‬ص‪.70‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬الدرر البهية‪ ،‬أسامه بن عبد الوهاب‪ ،‬ص‪.24‬‬
‫‪26‬‬
‫ونالحظ كذلك أن الفرزدق أكثر من استعمال مجموعتين وهما المجموعة الحلقية بنسبة‬
‫‪ ،%14.3‬والمجموعة الشفوية ‪ ،%19.6‬ولعل هذا إشارة منه إلى عظم قدره ورفعته على الناس‪ ،‬فإن‬
‫أول حرف يصدر من الحلق هو الهمز‪ ،‬فجاء بها مبتدئا قصيدته‪ ،‬بل أكثر من استعمالها حتى بلغت‬
‫‪ %5.62‬بالنسبة لبقية األحرف‪ ،‬وفي المقابل نجد أن خر األصوات خروجا من الجهاز الصوتي هي‬
‫األحرف الشفوية‪ ،‬وقد أكثر منها الفرزدق كذلك خاصة حرف الباء‪ ،‬الذي جعله رويا للقصيدة و خر‬
‫حرف فيها فاستعمله بنسبة ‪ .%8.13‬وهذا نراه من الفرزدق تلميحا‪ ،‬فجعل الهمز الذي هو أول‬
‫األصوات‪ ،‬والصوت الوحيد الموصوف بالشدة بين حروف الحلق األول في قصيدته‪ ،‬وجعل الباء الذي‬
‫هو خر األصوات خروجا اآلخر في قصيدته‪ ،‬ليدل على أن كالمه هو األول فلم يأت أحد بما هو‬
‫أفصح منه‪ ،‬وهو اآلخر فلن يأتي أحد بمثله‪ ،‬وهذا ما يدلنا على براعة استخدام الفرزدق أللفاظه‪،‬‬
‫فيجعل كل لفظ مشي ار إلى غايته‪ ،‬وما هذا إال مزيد كبرياء وعظمة كما هو معروف عن شخصيته‪.‬‬
‫ومن بين مجموعة األصوات اللثوية نجد األحرف األسلية بنسبة ‪ %3.4‬تشمل الصاد والزاي‬
‫والسين‪ ،‬وهذه األحرف رغم ضعف نسبتها إال أننا نجد وبوضوح أثرها في االتساق الصوتي‪ ،‬فهذه‬
‫األحرف تختص بإنتاجها للصفير الذي هو «صوت يشبه صوت الطائر»‪ ،1‬وهذا الصوت هو ما‬
‫يجذب انتباه المتلقي ويفرغ ذهنه من غير هذا الكالم الذي يسمعه‪ ،‬باإلضافة إلى ذلك فهو يعطي‬
‫األلفاظ رونقا وجماال‪ ،‬ونجد أن الفرزدق استعمل هذه األصوات بإحكام‪ ،‬فقلما نجد بيتا من أبيات‬
‫القصيدة خاليا من حرف منها‪ ،‬بل إننا حينما نالحظ صدر البيت األول الذي نعتبره محو ار للقصيدة‬
‫وهو قوله‪ " :‬أنا ابن العاصمين بني تميم " ‪ ،‬فإننا نالحظ أنه قد وضع حرف الصاد الذي يحمل صفة‬
‫الصفير كالغرة في وسط هذا الشطر‪ ،‬فالصاد رغم ما زادته للبيت من قوة وشدة لكونها حرفا مجهو ار‬
‫مطبقا أعطت للبيت حالوة وعذوبة تلفت انتباه السامع‪.‬‬

‫بقى لنا بعد هذا كله ثالث مجموعات وردت بنسب ضعيفة وهي المجموعة اللهوية ‪،%4.61‬‬
‫والمجموعة الشجرية‪ ،%6.68 ،‬والمجموعة األسنانية‪ .%2.77‬فأما المجموعة اللهوية فلعل السبب في‬
‫ضعف نسبتها؛ قلة حروفها فهي ال تحتوي سوى على حرفين قريبين من بعضهما وهما القاف بنسبة‬
‫‪ ،%2.55‬والكاف بنسبة ‪ ،%2.58‬وأما الحروف األسنانية فنسبتها من أضعف النسب‪ ،‬ولعل ذلك‬
‫يعود أيضا لقلة حروفها‪ ،‬وكذا قلة استعمالها في اللسان العربي خاصة حرف الظاء منها فهو لم يتكرر‬
‫في هذه القصيدة سوى ست مرات وبنسبة بلغت لم تتجاوز ‪ %0.23‬من بقية األحرف كأدنى حد‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬المصدر السابق‪ ،‬ص‪.32‬‬
‫‪27‬‬
‫‪ ‬توطئة‪.‬‬
‫‪ ‬المبحث األول‪ :‬أبنية األفعال في القصيدة‪.‬‬
‫أوال‪ :‬أبنية األفعال في اللغة‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬دالالت أبنية األفعال في القصيدة‪.‬‬
‫‪ ‬المبحث الثاني‪ :‬أبنية المصادر والمشتقات في القصيدة‪.‬‬
‫أوال‪ :‬أبنية المصادر‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬أبنية المشتقات‪.‬‬

‫‪28‬‬
‫توطئة‪:‬‬

‫تقوم البنية الصرفية على دراسة بنية الكلمة ووزنها من حيث مصدرها واشتقاقها‪ ،‬فالتصريف‬
‫كما عرفه القدماء هو «علم يتعلق ببنية الكلمة وما لحروفها من أصالة وزيادة‪ ،‬أو إعالل أو شبه‬
‫ذلك»‪ ،1‬فعلم الصرف يختص بالكلمة وتغيراتها‪ ،‬والغرض منه دراسة «التغيير الذي يتناول صيغة‬
‫الكلمة وبنيتها‪ ،‬إلظهار ما في حروفها من أصالة وزيادة وحذف أو صحة أو إعالل أو غير ذلك من‬
‫التغيير الذي ال يتصل باختالف المعاني»‪ ،2‬فالقدماء يرون أن الدراسة الصرفية ال ترتبط بالمعنى‪،‬‬
‫ويعتبرون أن التغييرات التي تؤدي إلى تغير المعنى‪ ،‬من قبيل علم النحو مثل االشتقاق والجمع‬
‫والتكسير‪« ،‬غير أن المحدثين يرون أن كل دراسة تتصل بالكلمة أو أحد أجزائها وتؤدي إلى خدمة‬
‫العبارة والجملة أو –بعبارة بعضهم‪ -‬تؤدي إلى قول اختالف المعاني النحوية كل دراسة من هذا القبيل‬
‫هي صرف»‪ 3‬تتعلق بالدراسة الصرفية‪ ،‬فالمحدثون يرتبون الدراسات اللغوية على هذا الشكل‪:‬‬
‫الدراسة الصوتية‪ :‬وتقوم على دراسة الصوت باعتباره العنصر األول الذي تتكون منه‬ ‫‪-1‬‬
‫اللغة‪.‬‬
‫الدراسة الصرفية‪ :‬تقون على دراسة الكلمة‪.‬‬ ‫‪-2‬‬
‫‪4‬‬
‫الدراسة النحوية ‪ :‬تقوم على دراسة الجملة‪.‬‬ ‫‪-3‬‬

‫فعلم الصرف «ميدانه الكلمة بشرط أن تكون فعال متصرفا أو اسما متمكنا»‪ 5‬أي معربا؛ فهو ال‬
‫يدرس األفعال الجامدة مثل "عسى" وال األسماء المبنية مثل الضمائر كـ "أنا و نحن" وال أسماء‬
‫االستفهام واألسماء المبهمة‪ ،‬وكذا جميع الحروف ألنها مبنية فكل ما جاء في هذا القبيل ال عالقة له‬
‫بعلم الصرف ال يدرس إال ما كان فعال متصرفا مثل "قال وجاء" أو اسما معربا كـ "العلم" و "محمد"‬
‫إلى غير ذلك‪.‬‬
‫ودراستنا للبنية الصرفية في قصيدة "أنا ابن العاصمين" تقوم على مبحثين وهما‪:‬‬
‫األول‪ :‬أبينة األفعال في القصيدة‪.‬‬
‫والثاني‪ :‬أبنية المصادر والمشتقات في القصيدة‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬دليل السالك إلى ألفية ابن مالك ‪ ،‬عبد ال بن صالح الفوزان‪ ،‬دار المسلم للنشر والتوزيع‪ ،‬د‪/‬ط‪،‬د‪/‬ت‪ ،‬الجزء‪،1‬‬
‫ص‪.273‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬النحو الوافي‪ ،‬عباس حسن دار المعارف بمصر‪ ،‬ط‪،3‬د‪/‬ت‪ ،‬الجزء‪ ،4‬ص‪.747‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬التطبيق الصرفي‪ ،‬عبده الراجحي‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬بيروت‪ ،‬د‪/‬ط ‪،‬د‪/‬ت‪ ،‬ص‪.07‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬ينظر‪ :‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.7‬‬
‫‪5‬‬
‫‪ -‬تصريف األفعال والمصادر والمشتقات‪ ،‬صالح سليم الفاخري‪ ،‬مطبعة عصمي للنشر والتوزيع‪ ،‬القاهرة‪ ،‬د‪/‬ط‪،‬‬
‫‪1996‬م‪ ،‬ص‪.33‬‬
‫‪29‬‬
‫المبحث األول‪ :‬أبنية األفعال في القصيدة‬

‫أوال‪ :‬أبنية األفعال في اللغة‪:‬‬

‫األبنية في علم الصرف تعرف على أنها «جمع بناء ويقصد به الوزن فال فرق بأن يقال‪ :‬أبنية‬
‫الفعل أو وزن الفعل»‪ ،1‬والفعل عند اللغويين يعتبر أحد أقسام الكالم الثالث إلى جانب قاسميه االسم‬
‫والحرف؛ حيث يعرف الفعل على أنه‪« :‬الكلمة التي تدل على حدث وزمن مقترن به نحو كتب يكتب‬
‫اكتب»‪ 2‬فقيد بالكلمة ليخرج غيرها مما هو ليس بكالم عربي كاإلشارة‪ ،‬وداللته على الحدث قيد يخرج‬
‫لنا الحرف‪ ،‬فإنه ال يدل على حدث بل هو دال على معنى في غيره‪ ،‬واقترانه بالزمن قيد يميزه عن‬
‫االسم‪ ،‬فاالسم حتى لو دلنا على حدث فإنه ال يدل على زمن معين نحو "ذاهب مكتوب"‪ ،‬إلى غير‬
‫ذلك‪ ،‬ومثال الكلمة التي توفرت فيها شروط الفعل "جاء يقوم ادرس‪"...‬‬
‫وللفعل تقسيمات عديدة باعتبارات مختلفة‪ ،‬وما سنركز عليه في هذا البحث هو تقسيم الفعل‬
‫باعتبارين اثنين هما‪ :‬باعتبار الزمن و باعتبار التجريد والزيادة‪.‬‬

‫أ)‪ :‬أقسام الفعل باعتبار زمن وقوعه‪:‬‬

‫ينقسم الفعل باعتبار الزمن إلى ثالثة أقسام‪ :‬وهي الماضي والمضارع واألمر‪ 3‬ولم يرد منها في‬
‫قصيدة "أنا ابن العاصمين" سوى الماضي والمضارع‪ ،‬وأما األمر فلم يرد في القصيدة أي بناء له‪ ،‬وبعد‬
‫إحصائنا لألفعال الماضية والمضارعة وجدنا أن بها ما يقارب ‪ 128‬فعال على مختلف األوزان‪ ،‬وقد‬
‫بلغت نسبة األفعال الماضية بينها ما يقارب ‪ 84‬فعال في اثنا عشر وزنا‪ ،‬وهي كاآلتي‪:‬‬
‫‪ -1‬فعل‪ :‬بفتح العين نحو‪ :‬ناب ورد ضرب دنى‪ -2 .‬فعل‪ :‬بكسر العين نحو‪ :‬كره حسب‪ -3 .‬فعل‪:‬‬
‫فعل‪ :‬مثل "قبِّح" ‪-7‬‬
‫بضم العين نحو‪ :‬خبث‪ -4 .‬فاعل‪ :‬مثل‪ :‬شاغب ساور ‪ -5‬فعل‪ :‬مثل" مد" ‪ِّ -6‬‬
‫أفعل‪ :‬مثل‪ :‬أرهب‪ -8 .‬تفاعل‪ :‬مثل‪ :‬توارث‪ -9 .‬انفعل‪ :‬مثل‪ :‬انجاب‪ -10 .‬افتعل‪ :‬مثل‪ :‬اغترف‪.‬‬
‫‪ -11‬استفعل‪ :‬مثل‪ :‬استطاع‪ -12 .‬تف َّعل‪ :‬مثل‪ :‬تفرغ‪.‬‬

‫وأما نسبة األفعال المضارعة فقد ورد منها في القصيدة ما يقارب ‪ 48‬فعال في خمسة عشر‬
‫وزنا‪ ،‬وهي كاآلتي‪:‬‬
‫‪ -4‬يفعل‪ :‬يرد‪.‬‬ ‫‪ -3‬تفتعل‪ :‬تغتصب‪.‬‬ ‫‪ -2‬تفعل‪ :‬تركب‪.‬‬ ‫‪-1‬يفعل‪ :‬يقود يأتي‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬تصريف األفعال والمصادر والمشتقات‪ ،‬صالح سليم الفاخري‪ ،‬ص‪.121‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬المعجم المفصل‪ ،‬راجي األسمر‪ ،‬ص‪.307‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬ينظر‪ :‬دليل السالك إلى ألفية ابن مالك‪ ،‬عبد ال بن صالح الفوزان‪ ،‬الجزء‪ ،1‬ص‪.33‬‬
‫‪30‬‬
‫‪ -9‬يفتعل‪ :‬يجتفل‬ ‫تفعل‪ :‬تكلِّم‪ -7 .‬تفعل‪ :‬تعدل‪ -8 .‬يفعل‪ :‬يرفت‬
‫‪ِّ -6‬‬ ‫يفتعل‪ :‬يلتهب يلتهم‪.‬‬
‫يحتفر‪ -10.‬يفتل‪ :‬يختر ‪ -11‬يفعل‪ :‬يمسك‪ -12 .‬يفلن‪ :‬يبتن‪.‬‬
‫‪ -15‬تفعل‪ :‬تنظر‪.‬‬ ‫‪ -14‬تفعل‪ :‬تدعى‪.‬‬ ‫‪ -13‬يفتعل‪ :‬يبتدر‪.‬‬
‫إن م ما نالحظه في هذه اإلحصائيات أن الفرزدق عموما لم يكثر من ذكر األفعال فهو لم‬
‫يستعمل سوى ما يقارب ‪ 128‬فعال‪ ،‬أي ما يعادل خمس نسبة األسماء الموجودة في القصيدة وهذا‬
‫يمكن أن نفسره بأن الفرزدق يرى أن األسماء أقوى وأشرف من األفعال وذلك ألن االسم يحمل صفة‬
‫التوكيد التي يفتقدها الفعل فلو الحظنا مطلع قصيدته‪:‬‬
‫‪1‬‬
‫إذا ما أعظم الحدثان نابا‬ ‫أنا ابن العاصمين بني تميم‬
‫فلم يأت في المطلع سوى بفعل واحد‪ ،‬وهو في خر البيت وابتدأه بأقوى األسماء وهو الضمير‪،‬‬
‫وباإلضافة إلى قلة استعماله لألفعال فهو في هذه األفعال ركز على الفعل الماضي‪ ،‬فاستعمله بنسبة‬
‫‪ %65.62‬في جانب الفعل المضارع الذي استعمله بنسبة ‪ ،%37.5‬ولعل تركيزه على الماضي كان‬
‫للقطع والجزم‪ ،‬فا لماضي ال يرتاب وال يشك في حصوله فنالحظ قوله (إذا ما أعظم الحدثان نابا) ففعل‬
‫ناب في خر البيت زاد للمعنى القطع به والجزم بحصوله‪ ،‬ففهم منه أن خطوب الدهر قد وقعت‬
‫وحصلت العصمة به وبآبائه تحقيقا التقديرا‪.‬‬
‫ير الذي‬
‫واضافة إلى ذلك نالحظ أن الفرزدق أهمل بناء األمر في القصيدة كلها‪ ،‬وهو بهذا يخالف جر ا‬
‫أعطى لبناء األمر كامل األهمية في قصيدته "أقلي اللوم" فاستعمل منه بنائين في مطلع القصيدة فقال‪:‬‬
‫‪2‬‬
‫وقولي إذا أصبت لقد أصابا‬ ‫أقلي اللوم عاذل والعتابا‬
‫ولعل السبب في ذلك يعود إلى شخصية الفرزدق وانفراده في أسلوبه‪ ،‬إضافة إلى ما ذكرناه من قبل من‬
‫تفضيله استعمال أبنية األسماء لثبوتها وقوتها‪.‬‬

‫ب) أقسام الفعل باعتبار الجريد والزيادة‪:‬‬


‫تنقسم األفعال في اللغة إلى قسمين‪ :‬فعل ثالثي مثل "ضرب وكتب" وفعل رباعي "دحرج و‬
‫زلزل" وكال من الفعل الثالثي والرباعي يأتي مجردا ومزيدا؛ فالمجرد هو «ما كانت جميع حروفه‬
‫أصلية ال يسقط حرف منها في تصاريف الكلمة لغير علة»‪ 3‬وأما المزيد فيه فهو ما زيد فيه حرف أو‬
‫حرفان أو ثالثة على الحروف األصلية»‪ ،4‬ومن هذا فإن أبنية األفعال الثالثية والرباعية تنقسم إلى‬
‫قسمين‪ :‬أبنية مجردة وأبنية مزيدة فيها‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬ديوان الفرزدق‪ ،‬ص‪.91‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬ديوان جرير‪ ،‬ص‪.58‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬أبنية األفعال‪ ،‬نجاة عبد العظيم الكوني‪ ،‬دار الثقافة للنشر والتوزي‪ ،‬د‪/‬ط‪،‬د‪/‬ت‪ ،‬ص‪.11‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬تصريف األفعال والمصادر والمشتقات‪ ،‬صالح سليم الفاخري‪ ،‬ص‪.116‬‬
‫‪31‬‬
‫أبنية الفعل الثالثي المجرد‪:‬‬ ‫‪-1‬‬
‫يأتي الفعل الماضي الثالثي المجرد عبى ثالثة أوزان‪ 1‬وهي‪:‬‬
‫فعل‪ :‬بفتح العين وهو أكثر األبنية استعماال مثل‪ :‬ذهب رأى حذف‪.‬‬
‫فعل‪ :‬بكسر العين وهو أقل من األول في االستعمال مثل‪ :‬فهم علم فرح‪.‬‬
‫فعل‪ :‬بضم العين وهو األقل استعماال في اللغة مثل‪ :‬شرف خبث‬

‫أبنية الفعل الثالثي المزيد فيه‪:‬‬ ‫‪-2‬‬


‫وقد عد الصرفيون لهذا الفعل اثنا عشر وزنا وهي على ثالثة أقسام‪:2‬‬
‫فاعل‪ :‬سابق‪.‬‬ ‫فعل‪ :‬فرح‪.‬‬ ‫‪-‬مزيد فيه بحرف واحد‪ :‬وهي‪ :‬أفعل‪ :‬أكرم‪.‬‬
‫تفاعل‪ :‬تصالح‪.‬‬ ‫افتعل‪ :‬اجتمع‪ .‬تفعل‪ :‬تعلم‪.‬‬ ‫‪-‬مزيد فيه بحرفين‪ :‬وهي‪ :‬انفعل‪ :‬انحصر‪.‬‬
‫اخشوشن‪.‬‬ ‫افعوعل‪:‬‬ ‫استفعل‪ :‬استخرج‪.‬‬ ‫‪-‬مزيد فيه بثالثة أحرف وهي‪ :‬افعل‪ :‬احمر‪.‬‬
‫افعول‪ :‬اعلوط‪ .‬افعال‪ :‬ادهام‪.‬‬
‫أبنية الفعل الرباعي المجرد‪ :‬وليس له من األوزان إال وزنا واحدا‪3‬؛ وهو‪ :‬فعلل بإسكان العين‬ ‫‪-3‬‬
‫وفتح الالم األولى نحو‪ :‬تدحرج‪.‬‬
‫أبنية الفعل الرباعي المزيد فيه‪ :‬ويأتي الفعل الرباعي مزيدا فيه بحرف واحد وهو تفعلل‪ :‬مثل‬ ‫‪-4‬‬
‫‪4‬‬
‫تدحرج‪ ،‬ويأتي مزيدا بحرفين على األكثر وله وزنان وهما‪ :‬افعتلل مثل‪ :‬احرنجم‪ ،‬وافعلل مثل‪ :‬اقشعر‬

‫ثانيا‪ :‬دالالت أبنية األفعال في قصيدة الفرزدق‪:‬‬

‫وردت األفعال في قصيدة أنا ابن العاصمين على عدة أوزان من هاته األبنية حتى بلغت ‪48‬‬
‫فعال‪ ،‬كما أنها جاءت بدالالت متعددة نذكر منها‪:‬‬

‫‪ ‬الفعل الثالثي المجرد‪:‬‬


‫فعل‪" :‬بفتح العين" يعتبر هذا الوزن من أكثر األوزان التي وردت عليها أفعال القصيدة وهو مع ذلك‬
‫يحمل معان متعددة منها‪:‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬ينظر‪ :‬شرح البسط والتعريف في علم التصريف‪ ،‬محمد صالح موسى حسين‪ ،‬مؤسسة الرسالة‪ ،‬ط‪1430( ،1‬ه‪-‬‬
‫‪2009‬م)‪ ،‬ص‪.19‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬إيجاز التعريف في علم التصريف‪ ،‬محمد بن المالك الطائي األندلسي النحوي (تـ ‪672‬ه)‪ ،‬تح‪ :‬محمد عثمان‬
‫مكتبة الثقافة الدينية‪ ،‬ط‪1430( ،1‬ه‪2009-‬م)‪ ،‬ص‪.13‬‬
‫‪ -3‬تصريف األفعال والمصادر والمشتقات‪ ،‬صالح سليم الفاخري‪ ،‬ص‪.116‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.116‬‬
‫‪32‬‬
‫‪ -1‬السير والحركة‪ :1‬ومثال ذلك فعل "دنى" في قوله‪( :‬دنون وزادهن له اقتراب)‪ ،‬و "أتى" في قوله‪:‬‬
‫(أتت من فوقه الغمرات منه) و ورد من قوله‪( :‬الذي ورد الكالب)‪.‬‬
‫‪ -2‬اإليذاء‪ :2‬ومن ذلك "ضرب" في قوله (هم ضربوا الضانع)‪ ،‬و "قطع" في قوله‪( :‬وقد قطعوا بهن‬
‫لوى جذابا)‪.‬‬
‫‪ -3‬الرؤية‪ :3‬وذلك في "رأى" من قوله‪(:‬أغر ترى لقبته حجابا) و" نظر" من قوله‪( :‬وأنتم تنظرون إلى‬
‫المطايا)‪.‬‬
‫‪ -4‬االمتناع‪ :4‬ومن ذلك "أبى" في قوله‪( :‬وتأبى دارم لي أن أعابا) وقوله‪( :‬أبى لعدائه إال اغتصابا)‬
‫‪ -5‬االستقرار‪" :5‬حل" في قوله‪( :‬حل له الشراب) و"بات" في قوله‪( :‬ال يبتن على إرابا)‬
‫‪ -6‬االستعالء والعلِّية‪ :6‬ومن ذلك "قاد" في قوله‪( :‬يقود الخيل) و"فزع" في قوله‪( :‬فرع الهضابا) وسما‬
‫في قوله‪( :‬سما برجال تغلب) و"مأل" في قوله‪( :‬مأل الجنابا)‪.‬‬
‫‪ -7‬اإلعطاء‪ :7‬ومن ذلك "مد" في قوله‪( :‬مدت أعنتنا) و "رد" في قوله‪( :‬يردون الحلوم)‪.‬‬
‫‪ -8‬الرمي‪ :8‬ومن ذلك "قذف" في قوله‪( :‬قذفت له شهابا)‪.‬‬
‫‪ -9‬الطلب‪ :9‬ومن ذلك "دعا" في قوله‪( :‬غداة تدعى يساء الحي) و "طلب" في قوله‪( :‬أتطلب يا حمار‬
‫بني كليب)‪.‬‬
‫‪ -10‬االصالح‪ :10‬ومن ذلك "عدل" في قوله‪( :‬وتعدل دارما بني كليب) و (يعدل بالمفقئة السحابا) و‬
‫"طاب" في قوله‪( :‬أثرت وطابت)‪.‬‬

‫فعل‪" :‬بكسر العين" وقد جاء هذا البناء بقلة مقارنة بالبناء السابق "فعل" حيث لم يرد منه في هذه‬
‫القصيدة سوى تسعة أفعال‪ ،‬بعدة دالالت وهي‪:‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬ينظر‪ :‬عون المعين بشرح الالمية مع زيادات بحرق وابن زين‪ ،‬أحمد بن محمد األمين بن أحمد المختار الجنكي‪،‬‬
‫دار الفكر العربي‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪2001 ،1‬م‪ ،‬ص‪.21‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬ينظر المصدر نفسه‪ ،‬ص‪.21‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬ينظر المصدر نفسه‪ ،‬ص‪.21‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬ينظر‪ :‬الحقول الداللية الصرفية لألفعال العربية‪ ،‬سليمان فياض‪ ،‬دار المريخ للنشر‪ ،‬الرياض‪ ،‬د‪/‬ط‪1410( ،‬ه‪-‬‬
‫‪1990‬م)‪ ،‬ص‪.15‬‬
‫‪5‬‬
‫‪ -‬ينظر‪ :‬عون المعين بشرح الالمية مع زيادات بحرق وابن زين‪ ،‬أحمد المختار الجنكي‪ ،‬ص‪.21‬‬
‫‪6‬‬
‫‪ -‬ينظر المصدر نفسه‪ ،‬ص‪.21‬‬
‫‪7‬‬
‫‪ -‬ينظر المصدر نفسه‪ ،‬ص‪.21‬‬
‫‪8‬‬
‫‪ -‬ينظر المصدر نفسه‪ ،‬ص‪.21‬‬
‫‪9‬‬
‫‪ -‬ينظر المصدر نفسه‪ ،‬ص‪.21‬‬
‫‪10‬‬
‫‪ -‬ينظر‪ :‬الحقول الداللية الصرفية لألفعال العربية‪ ،‬سليمان الفياض‪ ،‬ص‪.21‬‬
‫‪33‬‬
‫‪« -1‬الداللة على اتصاف الفواعل بصفة شعورية أو انفعالية»‪ :1‬ومن ذلك "كره" في قوله‪( :‬كرهوا‬
‫النصابا)‪.‬‬
‫‪ -2‬الداللة على اتصاف الفواعل بصفة جسمية من األعراض‪ :2‬ومن ذلك "يئس" في قوله‪( :‬يئسن من‬
‫اللحاق) أي تعبن‪.‬‬
‫‪ -3‬الداللة على االمتالء‪ :3‬ومن ذلك "علم" في قوله‪( :‬علموا نصابا) و ورث في قوله‪ :‬ولم ترث‬
‫الفوارس من عبيد‪.‬‬
‫‪ -4‬الداللة على اتصاف الفواعل بصفات متعلقة بالمكان‪ ،4‬ومن ذلك "ركب" في قوله (تركب من‬
‫وجاها)‪.‬‬
‫‪ -5‬الداللة على اتصاف الفواعل بصفات خاصة بالحواس‪ :5‬ومن ذلك "سمع" في قوله‪( :‬وتسمع من‬
‫أسافلها ضغابا)‪.‬‬
‫فعل‪ :‬وهذا البناء يقل وروده في اللغة العربية‪ ،‬ولم يرد منه في قصيدة (أنا ابن العاصمين) سوى فعل‬
‫واحد وهو خبث في قوله‪:‬‬
‫‪6‬‬
‫أبى اآلبي بها إال سبابا‬ ‫كليب دمنة خبثت وقلت‬
‫والمعنى صار الخبث سجية وطبيعة فيها‪ ،‬فيأتي على هذا البناء «جميع األفعال التي جاءت عليه‬
‫الزمة‪ ،‬تدل على الطبائع والسجايا‪ ،‬مثل حسن يحسن و كبر ويكبر عظم يعظم»‪.7‬‬

‫‪ ‬الفعل الثالثي المزيد فيه‪ :‬وهذا القسم ذكرنا من قبل أنه يشتمل على اثنا عشر وزنا‪ ،‬ولم يرد منه‬
‫في هذه القصيدة إال ثمانية أوزان بدالالت مختلفة وهي ‪:‬‬
‫أ‪ -‬أفعل‪ :‬بزيادة الهمز‪ ،‬وقد ورد في القصيدة ‪ 14‬فعال على هذا الوزن؛ ويأتي هذا البناء ألغراض‬
‫مختلفة نذكر منها‪.‬‬
‫‪ -1‬التعدية‪ :‬ومعناها «نقل الفعل من اللزوم إلى التعدية‪ ...‬وقد تنقله من التعدية إلى مفعول واحد إلى‬
‫مفعولين»‪ ،8‬وقد ورد هذا البناء بهذه الداللة في ثالثة أفعال وهي "أرهب" في قوله (أرهبن زجرا)‪،‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬ينظر‪ :‬المرجع السابق ‪ ،‬ص‪.32‬‬
‫‪ -2‬ينظر‪ :‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.25‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬ينظر‪ :‬تصريف األفعال والمصادر والمشتقات‪ ،‬صالح سليم الفاخري‪ ،‬ص‪.125‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬ينظر‪ :‬الحقول الداللية الصرفية لألفعال العربية‪ ،‬سليمان الفياض‪ ،‬ص‪.33‬‬
‫‪5‬‬
‫‪ -‬ينظر المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.35‬‬
‫‪6‬‬
‫‪ -‬ديوان الفرزدق‪ ،‬ص‪.95‬‬
‫‪7‬‬
‫‪ -‬تصريف األفعال والمصادر والمشتقات‪ ،‬صالح سليم الفاخري‪ ،‬ص‪.125‬‬
‫‪8‬‬
‫‪ -‬المرجع نفسه ‪ ،‬ص‪.129‬‬
‫‪34‬‬
‫فأصلها "رهبن" أي "خفن" فدخلت عليها الهمز للتعدية ثم بني الفعل للمجهول‪ ،‬و 'أورث' في قوله‬
‫(وأورثك المالئم) فأصلها "ورث" من الورث‪ ،‬و "أرضع" في قوله (بثدي اللؤم أرضع للمخازي) فأصلها‬
‫"رضع" من الرضاعة‪.‬‬
‫‪-2‬الدخول في الزمان والمكان‪ :1‬وذلك في فعل "أناخ" في قوله (وكان إذا أناخ بدار قوم) أي نزل‬
‫بمكان سكنهم‪.‬‬
‫‪«-3‬الصيرورة‪ :‬وهو أن يصير الفاعل إلى حال غير الحال التي كان عليها»‪2‬؛ ومن ذلك "أثرى" في‬
‫قوله (فما أثرى أبوك) أي لم يصر ثريا‪.‬‬
‫‪-4‬التعريض‪ :‬ومعناه «تعريض الفاعل مفعوله ألصل معنى الفعل الثالثي»‪ 3‬ومن ذلك فعل "أجزر" في‬
‫قوله (وأجزره الثعالب والذئابا)‪.‬‬
‫‪-5‬اإلغناء عن الثالثي‪ :‬ومعناه «الداللة على عدم ورود الثالثي مجرد له بمعناه‪ «4‬كما في "ألقى" فال‬
‫ثالثي له ومنه قول الفرزدق (حين ألقين الثياب)‪.‬‬
‫‪-6‬المماثلة مع وزن فعل‪ :‬ومعناه «الداللة على أن المعنى واحد بين الفعل وأصله الثالثي من ضرب‬
‫فعل وكذلك اللزوم والتعدي بينهما»‪ 5‬ومن األفعال التي جاءت على هذه الداللة "أناب" في قوله (به‬
‫حومات خر قد أناب) أناب بمعنى رجع‪ ،‬و'أطاب' في قوله (وما أطاب) أي "طاب"‪ ،‬و 'أمسك' في‬
‫قوله (ويمسك في ذراها)‪" ،‬أضر" في قوله (لم أضره)‪.‬‬
‫ب‪ -‬ف َّعل‪ :‬بتضعيف العين‪ ،‬ورد عليه ثالثة أفعال في القصيدة‪ ،‬كل منها جاءت ألغراض مختلفة وهي‪:‬‬
‫‪ -1‬التكثير‪ :‬ومعناه «الداللة على حدوث حدث الفعل الثالثي مرات كثيرة»‪ 6‬وذلك في فعل "قسم" في‬
‫قوله (فقسمهن إذ بلغ اإلياب)‪.‬‬
‫‪ -2‬اإلغناء عن الثالثي‪ :‬بمعنى أن التضعيف يكون من عدم ورود ثالثي في معناه‪ 7‬وذلك في فعل‬
‫"كلم" في قوله (فكيف تكلِّم الظربى عليها)‪.‬‬
‫‪« -3‬نسبة المفعول إلى صفة من الصفات»‪ 8‬وذلك في فعل "قبح" فنسب المفعول إلى صفة التقبيح‬
‫في قوله (فقِّبح شر حينما قديما)‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬المرجع السابق ‪ ،‬ص‪.129‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.129‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬الحقول الداللية الصرفية لألفعال العربية‪ ،‬سليمان فياض‪ ،‬ص‪.62‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.64‬‬
‫‪5‬‬
‫‪ -‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.64‬‬
‫‪6‬‬
‫‪ -‬الحقول الداللية الصرفية لألفعال العربية‪ ،‬سليمان فياض‪ ،‬ص‪.69‬‬
‫‪7‬‬
‫‪ -‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.71‬‬
‫‪8‬‬
‫‪ -‬تصريف األفعال والمصادر والمشتقات‪ ،‬صالح سليم الفاخري‪ ،‬ص‪.131‬‬
‫‪35‬‬
‫ج‪ -‬فاعل ‪ :‬بزيادة ألف بين الفاء والعين وهذا البناء لم يرد منه في القصيدة سوى أربعة أفعال وكلها‬
‫جاءت بداللة واحدة وهي المشاركة ومعناها «اشتراك الفاعل والمفعول به في الحدث»‪ 1‬وهذه األفعال‬
‫هي‪" :‬ساور" في قوله (ولو لقمان ساورها لهاب)‪" ،‬شاغب" في قوله (وان شاغبتهم وجدوا شغابا)‪،‬‬
‫"ناطح" في قوله (يناطحن األواخر مردفات)‪" ،‬جاذب" في قوله (تجاذبهم أعنتنا جذابا)‪.‬‬
‫د‪ -‬تفاعل‪ :‬وهذا البناء من المزيد فيه بحرفين وهما التاء واأللف وقد ورد منه في هذه القصيدة فعالن‬
‫بداللتين مختلفتين وهما‪:‬‬
‫‪« -‬الداللة على التدرج أي حدوث الفعل شيئا فشيئا»‪ :2‬وذلك في فعل "تقاصر" في قوله‪( :‬تقاصرت‬
‫الجبال له ورطمت) والمعنى أن الموج يلتهم الجبال ويدعها تقصر بالتدرج‪.‬‬
‫‪« -‬المشاركة بين اثنين فأكثر‪ : «3‬وذلك في فعل "توارث" في قوله‪( :‬ملوك يبتنون توارثوها)‪.‬‬
‫ه‪ -‬تف َّعل‪ :‬بزيادة التاء مع تضعيف العين‪ ،‬ويأتي هذا البناء في داللة الفعل «للحدوث المتقطع‪[،‬أي]‬
‫للداللة على أن حدث الفعل قد حدث أو يحدث أو يطلب حدوثه مرة بعد مرة متقطعا في مواالة»‪،4‬‬
‫وقد ورد هذا البناء في فعل واحد في القصيدة وهو "تفرع" في قوله (تفرع من ذرى عوف بن كعب)‬
‫فالتفرع حدث يحصل في مرات متقطعة‪.‬‬
‫و‪ -‬انفعل‪ :‬بزيادة الهمزة والنون ولم يأت على هذا البناء في القصيدة سوى فعل واحد وهو "انجاب"‪،‬‬
‫جاء داال على المطاوعة‪ 5‬في قوله‪( :‬إذا انجابت دجنته انجيابا)‪.‬‬
‫ز‪ -‬افتعل‪ :‬بزيادة الهمز والتاء‪ ،‬وجاء على هذا البناء ما يقارب اثنا عشر فعال من أفعال القصيدة‬
‫بدالالت مختلفة نذكر منها‪:‬‬
‫‪ -1‬المطاوعة‪ :6‬ومن ذلك "اجتفل" من قوله‪( :‬كاد يجتفا السحابا)‪.‬‬
‫‪ -2‬المشاركة‪ :7‬ومن ذلك فعل "ارتدف" في قوله‪( :‬نساء الحي ترتدف الركابا)‪.‬‬
‫‪ -3‬المماثلة‪ :‬ومعناها «الداللة على مماثلة المزيد لمجرده الثالثي»‪ 8‬وذلك مثل "اغترف" في قوله‪:‬‬
‫(وأصغره إذا اغترفوا ذنابا)‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.131‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬التطبيق الصرفي‪ ،‬عبده الراجحي‪ ،‬ص‪.38‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.38‬‬
‫‪ -4‬الحقول الداللية الصرفية لألفعال العربية‪ ،‬سليمان فياض‪ ،‬ص‪88‬‬
‫‪5‬‬
‫‪ -‬تصريف األفعال والمصادر والمشتقات‪ ،‬صالح سليم الفاخري‪ ،‬ص‪.134‬‬
‫‪6‬‬
‫‪ -‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.134‬‬
‫‪7‬‬
‫‪ -‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.134‬‬
‫‪8‬‬
‫‪ -‬الحقول الداللية الصرفية لألفعال العربية‪ ،‬سليمان فياض‪ ،‬ص‪.83‬‬
‫‪36‬‬
‫‪ -4‬االختيار‪ :‬ومعناه «الداللة على انتقاء الفاعل مفعوله واختياره»‪ 1‬وذلك في "اختار" وذلك في قوله‪:‬‬
‫‪2‬‬
‫نـمي ار يختر الحسب اللبابا‬ ‫ومن يختر هوازن ثم يختر‬
‫‪-5‬التصرف باجتهاد‪ :‬وذلك «بالداللة على التصرف االختياري من الفاعل باجتهاد ومبالغة فيه»‪،3‬‬
‫وذلك في مثل "ابتدر" في قوله‪( :‬تبتدر الشعابا)‪.‬‬
‫‪ -6‬االتخاذ‪ :4‬وذلك في "ابتنى" من قوله‪( :‬ملوك يبتنون توارثوها) أي أخذوا بناء وكذا احتفر من قوله‪:‬‬
‫(يحتفر الترابا) أي يتخذ حفرة‪ ،‬وكذا انتسب من قوله‪( :‬تنتسب انتسابا) أي تتخذ نسبا‪.‬‬
‫‪« -7‬المبالغة في معنى الفعل»‪ :5‬وذلك من "التهب" في قوله (يلتهب التهابا)‪ ،‬وكذا "اغتصب" من‬
‫قوله‪( :‬وتغتصب الركابا)‪ ،‬وكذا "التهم" من قوله‪( :‬يلتهم الذيابا)‪ ،‬وكذا "احتوى" من قوله‪( :‬فلم يبرح بها‬
‫حتى احتواهم)‪.‬‬
‫ح‪ -‬استفعل‪ :‬وهذا البناء من المزيد فيه بثالثة أحرف وهي الهمز والسين والتاء‪ ،‬وقد ورد على هذا‬
‫البناء ثالثة أفعال من أفعال القصيدة بعدة دالالت وهي‪:‬‬
‫‪ -1‬الصيرورة والتحول‪ :‬ومعناه الداللة على أن الفعل قد انتقل حقيقة أو مجا از من حالة إلى حالة‬
‫أخرى يدل عليها الفاعل‪ ،6‬وذلك في فعل "استراح" في قوله‪( :‬رجوا من حرها أن يستريحوا) أي ينتهوا‬
‫من العذاب ويتحولون للراحة‪.‬‬
‫‪ -2‬االغناء عن الثالثي‪ :‬ومعناه «الداللة على عدم ورود ثالثي مجرد له بمعناه»‪ 7‬وذلك في فعل‬
‫"استطاع" من قوله (ما استطعت لهم خطابا)‪.‬‬
‫‪ -3‬يأتي بمعنى أفعل‪ :8‬وذلك في فعل "استبـاح" من قوله (هم ضربوا الضائع واستباحوا)‪.‬‬

‫ف هذه األبنية السبعة هي األبنية الواردة من الثالثي المزيد فيه في القصيدة‪ ،‬أما بقية األبنية‬
‫وهي‪( :‬تفعل وافعل وافعوعل وافعول وافعال) باإلضافة إلى بناء الفعل الرباعي المجرد (فعلل) والزيد‬
‫فيه "افعنلل وافعلل" فجميع هذه األبنية لم ترد في القصيدة‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.83‬‬
‫‪ -2‬ديوان الفرزدق‪ ،‬ص‪.95‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬الحقول الداللية الصرفية لألفعال العربية‪ ،‬سليمان فياض ‪ ،‬ص‪.82‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬التطبيق الصرفي‪ ،‬عبده الراجحي‪ ،‬ص‪.38‬‬
‫‪5‬‬
‫‪ -‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.38‬‬
‫‪6‬‬
‫‪ -‬ينظر‪ :‬الحقول الداللية الصرفية لألفعال العربية‪ ،‬سليمان فياض‪ ،‬ص‪.94‬‬
‫‪7‬‬
‫‪ -‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.98‬‬
‫‪8‬‬
‫‪ -‬التطبيق الصرفي‪ ،‬عبده الراجحي‪ ،‬ص‪.41‬‬
‫‪37‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬أبنية المصادر والمشتقات‪.‬‬

‫أوال‪ :‬أبنية المصادر‪:‬‬

‫ونعني بالمصدر األسماء التي تعمل عمل األفعال‪ ،‬وقد عرف علماء اللغة المصدر بأنه‪:‬‬
‫«اسم دال باألصالة على معنى قائم بالفاعل‪ ،‬أو صادر عنه حقيقة أو مجا از أو واقع على مفعول»‪،1‬‬
‫ومثال ذلك‪' :‬حمد يحمد حمدا' فقولنا‪ :‬الحمد ل تعني حمدت ال‪ .‬وقد وقع خالف كبير بين نحاة‬
‫البصرة والكوفة في أصالة المصدر أو الفعل؛ حاصله أن البصريين يرون أن المصدر يعتبر أصال‬
‫للفع ل مشتقا منه‪ ،‬ولعل هذا هو السبب في تسمية المصدر بهذا االسم أي الذي يصدر منه الفعل‪،2...‬‬
‫وأنواع المصادر التي سندرسها هنا نوعان هما‪:‬‬

‫النوع األول‪ :‬المصدر األصلي‬


‫ويقصد به المصدر الذي يدل على معنى مجرد وليس مبدوءا بميم زائدة وال مختوما بياء‬
‫مشددة زائدة بعدة تاء مربوطة‪ ،3‬ويعتبر هذا النوع من المصادر من أكثر المصادر في اللغة‪ ،‬وينقسم‬
‫حسب بناء فعله إلى قسمين ثالثي ورباعي‪ .‬وقد ورد في قصيدة أنا ابن العاصمين التي أنشأها‬
‫الفرزدق عدة مصادر أصلية‪ ،‬مع تنوع دالالتها وصلت نسبتها إلى ما يقرب ‪ 33‬مصد ار من مختلف‬
‫األبنية‪ ،‬وهي‪:‬‬

‫‪ -‬مصادر الفعل الثالثي المجرد‪:‬‬


‫ورد في قصيدة "أنا ابن العاصمين" اثنا عشر مصد ار من مصادر الفعل الثالثي المجرد على‬
‫خمسة أبنية من أبنيته وهي‪:‬‬
‫‪ -1‬فعل‪ :‬بفتح الفاء وسكون العين وهذا البناء يعتبر «من أكثر صيغ المصدر شيوعا في الكالم حتى‬
‫‪4‬‬
‫عدها بعض التصرفيين قياسية‪ ،‬قال الفراء‪" :‬إذا جاءك فعل بما لم يسمع مصده فاجعله فعال للمجاز"»‬
‫أي لجريان اللسان عليها وهذا المصدر يأتي على بنائه «أغلب األفعال المتعدية التي ال تدل على‬
‫حرفة أو صناعة»‪ 5‬ولم يأت على هذا البناء سوى مصدر واحد في القصيدة وهو "زجر" في قول‬
‫الفرزدق‪" :‬من الالئي إذا أرهبن زجرا"‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬عون المعين بشرح الالمية‪ ،‬أحمد محمد األمين الجنكي‪ ،‬ص‪.89‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬ينظر‪ :‬اإلنصاف في مسائل الخالف‪ ،‬أبو البركات ابن األنباري (تـ‪988‬ه)‪ ،‬تح‪ :‬جوا مبروك محمد مبروك‪ ،‬مكتبة‬
‫الخانجي بالقاهرة‪ ،‬ط‪،1‬د‪/‬ت‪ ،‬ص‪.192‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬النحو الوافي‪ ،‬عباس حسن‪ ،‬ج‪ ،3‬ص‪.181‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬تصريف األفعال والمصادر والمشتقات‪ ،‬صالح سليم الفاخري ‪ ،‬ص‪.175‬‬
‫‪5‬‬
‫‪ -‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.175‬‬
‫‪38‬‬
‫‪ -2‬فعل‪ :‬بضم الفاء وسكون العين‪« :‬جاءت عليه مصادر أغلب األفعال الالزمة من باب فعل الدالة‬
‫على سجايا وطبائع ونحوها مثل جبن وقبح‪ ...‬وقد جاء عليها من باب فعل الالزم مثل يبس سخط‬
‫والمتعدي مثل شرب و ود كما جاء عليها من باب فعل الالزم مثل كفر جوع مكث‪ ..‬والمتعدي شكر و‬
‫شغل»‪ ،1‬وجاء على هذا البناء من القصيدة ثالثة مصادر مصاغة من باب فعل المفتوح العين وفعل‬
‫مضموم العين‪ ،‬وهم‪" :‬ملك" من ملك في قول الفرزدق‪( :‬وتاج المـلك يلتهب التهابا)‪ ،‬و"جنح" من جنح‬
‫في قوله‪( :‬إذا جاشت ذراه بجنح ليل)‪ ،‬ولؤم من لؤم في قوله‪( :‬ف ارء اللؤم أربابا غضابا)‪ ،‬وقوله‪( :‬من‬
‫مخازي اللؤم بابا)‪.‬‬
‫‪ -3‬فعال ن‪ :‬بفتح الفاء والعين ويأتي على هذا البناء «أغلب األفعال الدالة على تقلب واضطراب مثل‬
‫غلى غليان ‪ ،‬وفار فوران»‪ 2‬ولم يأت على هذا البناء سوى مصدر واحد في القصيدة وهو "حدثان" في‬
‫قول الفرزدق‪( :‬إذا ما أعظم الحدثان نابا)‪.‬‬
‫‪ -4‬فعول‪ :‬بضم الفاء والعين تصاغ عليه «أغلب األفعال الدالة على معالجة ‪ ...‬مثل قدم قدوما‪،‬‬
‫صعد صعودا»‪ ،3‬ولم يأت في القصيدة على هذا البناء سوى مصدر واحد وهو "خشوع" في قول‬
‫الفرزدق‪(:‬خشوعا خاضعين لها الرقابا)‪.‬‬
‫‪ -5‬فعالة‪ :‬بفتح الفاء والعين ويصاغ من هذا البناء كل فعل ثالثي الزم مضموم العين‪ 4‬أي من باب‬
‫فعل نحو ظرف ظرافة‪ ،‬ولم يأت على هذا البناء في القصيدة سوى مصدر واحد وهو "غرابة" من غرب‬
‫يغرب غرابة‪ ،‬وتجمع على غرائب‪ ،‬قال الفرزدق‪( :‬غرائبهن تنتسب انتسابا)‪.‬‬
‫‪ -6‬فعال‪ :‬وهذا البناء يصاغ عليه «أغلب األفعال الدالة على صوت»‪ 5‬مثل صرخ صراخ‪ ،‬نبح نباح‪،‬‬
‫ويأتي سماعا في أبنية غيرها مثل زحم زحام‪ ،‬ركم ركام‪ ،‬وقد جاء هذا البناء في مصدرين من القصيدة‬
‫األول قياسي‪ ،‬وهو كلمة "عباب" من عب أي «كثرة الماء من والسيل وارتفاع الموج واصطخابه»‪،6‬‬
‫وهذا ما يجعله صدر صوتا مخوفا قال الفرزدق‪( :‬إذا بحري رأيت له عبابا)‪.‬‬
‫والثاني سماعي وهو "لباب" من لب كل شيء وهو خالصه وخياره‪ ،7‬قال الفرزدق (يختر الحسب‬
‫اللبابا) أي الحسب الخالص الذي ال يشوبه شيء‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬ينظر‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.177‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬التطبيق الصرفي‪ ،‬عبده الراجحي‪ ،‬ص‪.67‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.67‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬ينظر‪ :‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.68‬‬
‫‪5‬‬
‫‪ -‬التطبيق الصرفي‪ ،‬عبده الراجحي‪ ،‬ص‪.67‬‬
‫‪6‬‬
‫‪ -‬المعجم الوسيط‪ ،‬مجمع اللغة العربية‪ ،‬بالقاهرة‪ ،‬ص‪.579‬‬
‫‪7‬‬
‫‪ -‬ينظر‪ :‬لسان العرب‪ ،‬ص‪.3979‬‬
‫‪39‬‬
‫‪ -‬مصادر الفعل الثالثي المزيد‪:‬‬
‫جاء في قصيدة "أنا ابن العاصمين" من المصادر ما يقارب ‪ 20‬مصد ار من مصادر الفعل‬
‫الثالثي المزيد‪ ،‬كلها على ثالث أبنية وهي‪:‬‬

‫‪ -1‬فعال‪ :‬وهذ البناء يصاغ من الفعل الثالثي المزيد فيه بحرف واحد‪ ،‬يأتي مصد ار على هذا الوزن ما‬
‫جاء من األفعال على بناء "فاعل" مثل دافع دفاع‪ ،‬فهو يأتي للداللة على المشاركة نحو حاور حوار‪،1‬‬
‫وقد صيغت عليه أكثر من عشرة مصادر في قصيدة "أنا ابن العاصمين" نذكر منها‪" :‬هجاء" قال‬
‫الفرزدق‪( :‬فإنك من هجاء بني نمير)‪" ،‬غضاب" من غاضب يقول‪( :‬عليها الناس كلهم غضابا)‪،‬‬
‫"سباب" من ساب يقول‪( :‬أبى اآلبي بها إال سبابا)‪ .‬سغاب من ساغب يقول الفرزدق‪( :‬تشل بهن‬
‫أعراء صغابا)‪ ،‬نساب من ناسب يقول (أعنتنا إلى الحسب النسابا) إلى غير ذلك‪.‬‬
‫‪ -2‬افتعال‪ :‬وهو مصاغ من الثالثي المزيد فيه بحرفين ويصاغ قياسا بكسر الحرف الثالث منه ومد ما‬
‫قبل خره فهو مصاغ من وزن افتعل مثل استلم استالم وقد جاءت أربعة مصادر من القصيدة بهذا‬
‫البناء وهي‪" :‬التهاب" من التهب يقول الفرزدق‪( :‬وتاج الملك يلتهب التهابا)‪" ،‬اقترب" يقول‪( :‬وزادهن له‬
‫اقترابا)‪" ،‬اضطراب" وأصل التاء طاء تاء قلبت طاء لمجاورتها حرف االستعالء من اضطرب أي‬
‫اضترب يقول‪( :‬إذا بحري له اضطرابا)‪" ،‬انتساب" من انتسب يقول‪( :‬تنتسب انتسابا)‪" ،‬اغتصاب" من‬
‫اغتصب يقول الفرزدق‪( :‬أبى لعداته إال اغتصابا)‪.‬‬
‫‪ -3‬انفعال‪ :‬وهو كسابقه مصاغ من الثالثي المزيد فيه بحرفين بكسر ثالثه وزيادة ألف قبل خره‪ ،‬ولم‬
‫يوجد من هذا البناء في القصيدة سوى مصدر واحد وهو "انجياب" من انجاب (انفعل)‪ ،‬يدل على‬
‫المطاوعة‪ ،‬يقول الفرزدق‪( :‬إذا انجابت دجنته له انجيابا)‪.‬‬

‫النوع الثاني‪ :‬المصدر الميمي‪:‬‬

‫وهذا المصدر شبيه بالمصدر األصلي من حيث الداللة على الفعل و الحدث‪ ،‬ويختلف عنه‬
‫في هيئته وصياغته‪ ،‬فالمصدر الميمي يعتمد في صياغته على السماع كالمصدر األصلي‪ ،‬ويزيد عليه‬
‫في أنه يشتمل على ميم زائدة في أوله‪ ،2‬فتقول مثال الفعل (نظر) المصدر األصلي (نظر) المصدر‬
‫‪3‬‬
‫الميمي (منظر)‪ ،‬ويصاغ المصدر الميمي «من الثالثي على وزن مفعل بفتح العين ومفعل بكسرها»‬
‫قول جمع مجمع‪ ،‬ضرب مضرب‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬تصريف األفعال والمصادر والمشتقات‪ ،‬سليم الفاخري‪ ،‬ص‪.179‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬ينظر‪ :‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.180‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.181‬‬
‫‪40‬‬
‫ويصاغ «من غير الثالثي على وزن الفعل المضارع مع إبدال حرف المضارعة ميما مضمومة وفتح‬
‫ما قبل اآلخر»‪ ،1‬تقول مثال دحرج يتدحرج متدحرج‪ ،‬استخرج يستخرج مستخرج‪ ،‬قاتل يقاتل مقاتل‪.‬‬

‫أما عن المصادر الميمية في قصيدة "أنا ابن العاصمين" فلم يستعمل الفرزدق فيها غير بناء‬
‫واحد على هذا المصدر وهو كلمة "مهابة" في قول الفرزدق‪:‬‬
‫‪2‬‬
‫وتاج المـلك يلتهب التهابا‬ ‫أريت مهابة وأسود غاب‬
‫ف "مهابة" أصلها من هاب يهاب هيبة‪ ،‬فمصدره الميمي أصله على وزن "مفعل" ألنه ثالثي أجوف‪،‬‬
‫فأصل الكلمة مهيب إال أن العرب استثقلوا الفتحة على الياء بعد السكون فنقلوا الفتحة إلى الهاء ثم‬
‫قلبوا الياء ألفا فصارت مهابة من الهيبة والتعظيم‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬أبنية المشتقات‬

‫قسم علماء اللغة األسماء باعتبار جمودها وتصرفها إلى قسمين جامدة ومشتقة‪ ،‬واالشتقاق هو‬
‫إنشاء صيغة من صيغة أخرى تتفق معها في المعنى ومادتها األصلية‪ ،‬فتدل الصيغة المشتقة على‬
‫المعنى األصلي للكلمة األولى مع زيادة مفيدة للمعنى‪« ،3‬واألسماء المشتقة من الفعل عشرة أنواع‬
‫وهي‪ :‬اسم الفاعل‪ ،‬واسم المفعول‪ ،‬والصفة المشبهة‪ ،‬ومبالغة اسم الفاعل‪ ،‬واسم التفضيل‪ ،‬واسم الزمان‪،‬‬
‫واسم المكان‪ ،‬والمصدر الميمي‪ ،‬ومصدر الفعل فوق الثالثي المجرد‪ ،‬واسم اآللة»‪.4‬‬

‫وسنركز في دراستنا على المشتقات الواردة في القصيدة ونطوي على األخرى لكثرة جوالنها في كتب‬
‫الصرف‪ ،‬فنقول أنه قد ورد في قصيدة "أنا ابن العاصمين" ثمانية عشر اسما عبر ستة أنواع من‬
‫المشتقات وهي‪:‬‬

‫‪ :1‬اسم الفاعل‪:‬‬
‫يعرف اسم الفاعل على أنه «صفة تؤخذ من الفعل المعلوم لتدل على معنى وقع من‬
‫الموصوف بها أو قام به على وجه الحدوث ال الثبوت»‪ ،5‬ويكون اشتقاقه من الفعل المتصرف المبني‬
‫للمعلوم فال يشتق من الفعل الجامد كـ‪" :‬عسى وليس"‪ ،‬وال من الفعل المبني للمجهول كـ‪" :‬ضرب‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬التطبيق الصرفي‪ ،‬عبده الراجحي ‪ ،‬ص‪.71‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬ديوان الفرزدق‪ ،‬ص‪.92‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬ينظر‪ :‬تصريف األفعال والمصادر والمشتقات‪ ،‬صالح سليم الفاخري‪ ،‬ص‪.192‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬إيجاز التعريف في علم التصريف‪ ،‬محمد بن مالك‪ ،‬ص‪.21‬‬
‫‪5‬‬
‫‪ -‬جامع الدروس العربية‪ ،‬مصطفى غالييني‪ ،‬المكتبة العصرية بيروت‪ ،‬ط‪1414( ،28‬هـ‪1993-‬م)‪ ،‬الجزء‪،1‬‬
‫ص‪.178‬‬
‫‪41‬‬
‫وقتل"‪ ،‬وال يشتق كذلك من األفعال الدالة على السجايا الثابتة أو صفات دائمة‪ ،1‬مثل "كرم وعظم" وكل‬
‫ما جاء من باب "فعل" المضموم العين‪ ،‬بل قياسه أن يشتق منه الصفة المشبهة السم الفاعل مثل‬
‫"كريم وعظيم"‪.‬‬

‫ويشتق اسم الفاعل «من الثالثي المجرد على وزن فاعل»‪ 2‬كـ "ذهب ذاهب و علم عالم"‪ ،‬واذا‬
‫كانت عين الفعل معتلة قلبت همز نحو "قال قائل‪ ،‬نام نائم"‪« ،‬ويكون وزن اسم الفاعل من الفعل‬
‫المزيد فيه على الثالثي ومن الرباعي مجردا ومزيدا فيه على وزن مضارعه المعلوم بإبدال حرف‬
‫المضارعة ميما مضمومة وكسر ما قبل خره»‪ 3‬مثل "تعلم متعلِّم‪ ،‬استخرج مستخرج‪ ،‬دحرج متدحرج"‪.‬‬

‫صيغ اسم الفاعل الواردة في قصيدة أنا ابن العاصمين‪:‬‬


‫ورد من ذلك احدى عشر اسما من مختلف الصيغ‪ ،‬خمس صيغ منها من الثالثي المجرد وهي‪:‬‬
‫‪" -‬العاصمين" جمع عاصم من عصم يعصم‪ ،‬يقول الفرزدق‪( :‬أنا ابن العاصمين بني تميم)‪.‬‬
‫‪" -‬خاضعين" جمع خاضع من خضع يخضع‪ ،‬يقول‪( :‬خشوعا خاضعين له الرقابا)‪.‬‬
‫‪" -‬نائل" من نال ينال ثم قلبت األلف هم از في اسم الفاعل‪ ،‬يقول‪( :‬ولست بنائل قمر الثريا)‪.‬‬
‫‪" -‬خائف" من خاف يخاف‪ ،‬يقول الفرزدق‪( :‬فكم من خائف لي لم أضره)‪.‬‬
‫‪" -‬الالحقون" جمع الحق من لحق يلحق‪ ،‬يقول الفرزدق‪( :‬لبئس الالحقون غداة تدعى)‪.‬‬
‫‪" -‬اآلبي" من أبى يأبى‪ ،‬يقول الفرزدق‪( :‬أبى اآلبي بها إال سبابا)‪.‬‬

‫وأما من غير الثالثي المجرد فنجد‪:‬‬


‫‪" -‬محيط" من أحاط يحيط‪ ،‬يقول الفرزدق‪( :‬محيطا بالجبال له طالل)‪.‬‬
‫‪" -‬مناضل" من ناضل يناضل‪ ،‬يقول الفرزدق‪( :‬لكل مناضل غرضا مصابا)‪.‬‬
‫‪" -‬محتف ار" من احتفر يحتفر‪ ،‬يقول الفرزدق‪( :‬أبا الهصباء محتف ار لهابا)‪.‬‬
‫‪" -‬المستأذنين" جمع مستأذن من استأذن يستأذن‪ ،‬يقول الفرزدق‪( :‬من المستأذنين ترى معدا)‪.‬‬
‫المسومة العرابا)‪.‬‬
‫ِّ‬ ‫مسوم من سوم يسوم أي جعل عليه عالمة‪ ،‬يقول‪( :‬يقودون‬
‫‪" -‬المسومة" جمع ِّ‬
‫فهذه هي أبنية الفاعلين الموجودة في القصيدة منها ما هو من باب "فعل" المفتوح مثل "خضع‬
‫ونال وخاف وعصم" وما هو من باب "فعل" المكسور مثل "لـحق" هذا في المجرد‪ ،‬وأما المزيد فيه ففيه‬
‫ما جاء على باب "فاعل" مثل "ناضل" وباب أفعل مثل "أحاط" وباب "افتعل" وهو "احتفر" وباب‬
‫"مستفعل" مثل "مستأذن"‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬ينظر‪ :‬تصريف األفعال والمصادر والمشتقات‪ ،‬صالح سليم الفاخري ‪ ،‬ص‪.196‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬جامع الدروس العربية‪ ،‬مصطفى الغالييني‪ ،‬الجزء‪ ،1‬ص‪.178‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.179‬‬
‫‪42‬‬
‫‪ :2‬اسم المفعول‪:‬‬
‫يعرف اسم المفعول على أنه «اسم مشتق يدل على معنى مجرد وغير دائم‪ ،‬وعلى الذي وقع‬
‫عليه هذا المعنى»‪ ،1‬ومثال ذلك كلمة "مفتوح" من قولنا‪( :‬الباب مفتوح) فهذه الكلمة "اسم مفعول"‪،‬‬
‫وذلك لداللتها على معنيين وهما‪ :‬المعنى المجرد (الفتح) مع عدم اقتضاء ثبوته ودوامه‪ ،‬والمعنى الثاني‬
‫الذات التي وقع عليها هذا المعنى وهي "الباب"‪.‬‬

‫اشتقاقه‪ :‬يشتق اسم المفعول «من الثالثي المجرد على وزن مفعول مثل "مكتوب" من كتب ومضروب‬
‫من ضرب»‪ ،2‬وأما من غير الثالثي فإنه «يشتق على وزن المضارع‪ ،‬مع إبدال حرف المضارعة ميما‬
‫مضمومة وفتح ما قبل خره»‪ 3‬تقول مثال في تضارب يتضارب متضارب‪ ،‬استخرج يستخرج مستخرج‪،‬‬
‫انقاد ينقاد منقاد‪ ،‬تعلم يتعلم متعلم‪.‬‬

‫صيغ اسم المفعول الواردة في قصيدة أنا ابن العاصمين‪:‬‬


‫ولم يرد منها سوى ثالث أسماء من مختلف األبنية وهي‪:‬‬
‫‪" -‬مردفات"‪ :‬جمع "مردف" أصلها من "ردف" من باب "فعل"‪ ،‬يردف مردف يقول الفرزدق (يناطحن‬
‫األواخر مردفات)‪.‬‬
‫‪" -‬مشهرات"‪ :‬جمع "مشهرة" أصلها "شهر" من باب "فعل" المضعف العين يشهِّر مشهر‪ ،‬يقول‬
‫الفرزدق‪ ( :‬وغر قد نسقت مشهرات)‪.‬‬
‫‪" -‬مصابا"‪ :‬أصلها "أصاب" من باب "أفعل" يصيب مصاب يقول الفرزدق‪(:‬لكل مناضل غرضا‬
‫مصابا)‪.‬‬

‫‪ :3‬صيغة مبالغة اسم الفاعل‪:‬‬


‫تعني صيغة المبالغة « التكثير وعلى هذا فمبالغة اسم الفاعل تعني تكثيره‪ ،‬فإذا كان اسم‬
‫الفاعل يصاغ للداللة على من وقع منه صياغة تحتمل القلة والكثرة‪ ،‬فصيغة المبالغة ال تحتمل إال‬
‫معنى الكثرة»‪.4‬‬
‫فإذا قلت مثاال‪" :‬زيد كاتب" فإنك تدل على اتصاف زيد بالكتابة في الحال أو في األمس أو في الغد‪،‬‬
‫أما إن قلت "زيد كتاب الدرس" فإنك تدل على دوام كتابته له في كل زمن‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬النحو الوافي‪ ،‬عباس حسن‪ ،‬ج‪ ،3‬ص‪.271‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬تصريف األفعال والمصادر والمشتقات‪ ،‬صالح سليم الفاخري‪ ،‬ص‪.215‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬التطبيق الصرفي‪ ،‬عبده الراجحي ص‪.83‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬تصريف األفعال والمصادر والمشتقات‪ ،‬صالح سليم الفاخري ‪ ،‬ص‪.201‬‬
‫‪43‬‬
‫وصيغة المبالغة «أوزانها كلها سماعية فيحفظ ما رود منها وال يقاس عليه»‪ ،1‬وال تشتق إال من الفعل‬
‫الثالثي ولم يرد في قصيدة "أنا ابن العاصمين" من صيغ المبالغة سوى صيغة واحدة وهي‪" :‬ملوك"‬
‫وذلك في قول الفرزدق‪:‬‬
‫‪2‬‬
‫سرادقها الـمقاول والقبابا‬ ‫ملوك يبتنون توارثوها‬
‫ف "ملوك" جمع "ملك" من ملك يملك مالك إذا امتلك شيئا‪ ،‬وملك إذا كثرت أمالكه‪.‬‬

‫‪ :4‬الصفة المشبهة‪:‬‬
‫وهي «اسم يصاغ من الفعل الالزم للداللة على معنى اسم الفاعل‪ ،‬ومن ثم سموه الصفة‬
‫المشبهة؛ أي التي تشبه اسم الفاعل في المعنى »‪ ،3‬فالصفة المشبهة تزيد في المعنى داللة الفعل على‬
‫الثبوت‪ ،‬مثل "زيد كريم" فصفة "كريم" تدل على المعنى المجرد وهو فعل الكرم وعلى الذات الموصوفة‬
‫بهذا المعنى "زيد" وعلى دوام هذا المعنى في هذا الذات فال ينقطع عنها‪.4‬‬

‫صيغ الصفة المشبهة الواردة في قصيدة ابن العاصمين‪:‬‬


‫وقد ورد في القصيدة من الصيغ المشبهة أربعة أسماء على مختلف أوزانها وهم‪:‬‬
‫‪" -‬خشوعا"‪ :‬على وزن فعول من باب "فعل"‪" ،‬خشع يخشع"‪ ،‬يقول الفرزدق‪( :‬خشوعا خاضعين لها‬
‫الرقابا)‪.‬‬
‫‪" -‬قديم"‪ :‬على وزن فعيل وهذه الصيغة «من أهم الصيغ وأكثرها استعماال وأكثر ما يصاغ عليها يدل‬
‫غالبا على صفة ثابتة فطرية أو خلقية في صاحبها‪ ،‬مثل "كريم حليم‪ "..‬ويصاغ أغلب الوارد منها من‬
‫"فعل" بضم العين وفعل بكسرها على الترتيب وقد تصاغ من "فعل" الالزم بفتح العين على قلة»‪،5‬‬
‫فكلمة "قديم" من قدم يقدم (باب فعل) والقدم من الصفات الثابتة ضد الحدوث ومنه قول الفرزدق‪:‬‬
‫(فقبِّح شر حيينا قديما)‪.‬‬
‫‪" -‬الفوارس"‪ :‬جمع فارس على وزن "فاعل" وهذه الصيغة من الصفة المشبهة شبيهة بصيغة اسم‬
‫الفاعل‪« ،‬ويفرق بينهما باالرتباط بالمفعول من عدمه‪ ،‬فإن ارتبطت بالمفعول كانت اسم فاعل»‪ 6‬ومثال‬
‫ذلك "كاتب" فإن قلت "محمد كاتب الدرس" كانت اسم الفاعل الرتباطها بالمفعول وهو الدرس ولو قلت‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬جامع الدروس العربية‪ ،‬مصطفى الغالييني‪ ،‬الجزء‪ ،1‬ص‪.193‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬ديوان الفرزدق‪ ،‬ص‪91‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬التطبيق الصرفي‪ ،‬عبده الراجحي‪ ،‬ص‪79‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬ينظر‪ :‬النحو الوافي‪ ،‬عباس حسن‪ ،‬ص‪.282‬‬
‫‪5‬‬
‫‪ -‬ينظر‪ :‬تصريف األفعال والمصادر والمشتقات‪ ،‬صالح سليم الفاخري ‪ ،‬ص‪.209‬‬
‫‪6‬‬
‫‪ -‬ينظر‪ :‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.212‬‬
‫‪44‬‬
‫"الكاتب" كانت صفة مشبهة‪ ،‬وهنا لدينا "فارس" فهي "صفة مشبهة" لعدم ارتباطها بمفعول من "فرس"‬
‫(باب فعل) يقول الفرزدق‪( :‬ولم ترث الفوارس من عبيد)‪ ،‬ويقول أيضا ( ولم ترث الفوارس من نمير)‪.‬‬
‫‪" -‬خبيثة"‪ :‬عل وزن "فعيلة" من "خبث" (باب فعل المضموم) يخبث إذا صار خبيثا يقول الفرزدق‪:‬‬
‫(حظائرها الـخبيثة والرزايا)‪.‬‬

‫فكل هذه الصيغ الواردة في القصيدة من باب "فعل" مضموم العين والصفة المشبهة يكثر في اللغة‬
‫صوغها من هذا الباب‪.‬‬

‫‪ :5‬اسم التفضيل‪:‬‬
‫اسم التفضيل هو «صفة تؤخذ من الفعل لتدل على أن شيئين اشتركا في صفة وزاد أحدهما‬
‫على اآلخر فيها»‪ 1‬بمعنى المفاضلة بينهما ومنه سمي اسم التفضيل بهذا االسم أي ألن أحدهما يكون‬
‫أفضل من اآلخر‪.‬‬

‫و«يصاغ اسم التفضيل من الفعل على وزن 'أفعل' للمذكر و 'فعلى' للمؤنث»‪ 2‬فنقول مثال "زيد أكبر‬
‫الناس" و"هند كبرى الناس"‪ ،‬وقد ورد في قصيدة أنا ابن العاصمين سبعة أسماء على وزن اسم‬
‫التفضيل‪ ،‬وهي‪:‬‬
‫‪" -‬أعظم" من عظم (باب فعل) يعظم قال الفرزدق (إذا ما أعظم الحدثان نابا)‪.‬‬
‫‪" -‬األكثرون" جمع أكثر من كثر (باب فعل) يقول الفرزدق (ونحن األكثرون حصا وغابا)‪.‬‬
‫‪" -‬أصغره" من صغر يصغر (باب فعل) يقول الفرزدق (وأصغره إذا اغترفوا ذنابا)‪.‬‬
‫‪" -‬أحق" من حق يحق (باب فعل) يقول الفرزدق ( أروا أنا أحق بآل سعد)‪.‬‬
‫‪" -‬أذل" من ذل يذل (باب فعل) يقول الفرزدق (وهل شيء يكون أذل بيننا)‪.‬‬
‫‪" -‬األواخر" جمع خر من خر (باب فعل) يقول الفرزدق (يناطحن األواخر مردفات)‪.‬‬
‫فهذه الصيغ الست هي صيغ اسم التفضيل الواردة في قصيدة أنا ابن العاصمين‪.‬‬

‫‪ :6‬اسم الزمان واسم المكان‪:‬‬


‫وهما «اسمان مشتقان يصاغان بطريقة واحدة للداللة على زمان وقوع الحدث‪ ،..‬أو الداللة على‬
‫مكان وقوعه»‪ ،3‬فمثال األول "مطلع الفجر" فمطلع اسم زمان دل على زمن وقوع الفعل وهو الطلوع‬
‫ومثال الثاني "مكتب" اسم مكان دل على مكان وقوع الحدث وهو الكتابة‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬جامع الدروس العربية‪ ،‬مصطفى الغالييني‪ ،‬الجزء‪ ،1‬ص‪.193‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬تصريف األفعال والمصادر والمشتقات‪ ،‬صالح سليم الفاخري‪ ،‬ص‪.223‬‬
‫‪3‬‬
‫‪-‬المصدر نفسه‪ ،‬ص‪.229‬‬
‫‪45‬‬
‫ولم ترد صيغ الزمان والمكان في القصيدة سوى في موضوع واحد وهو كلمة "مسقط" على وزن "مفعل"‬
‫وذلك في قوله‪:‬‬
‫ومسقط قرنها من حيث غابا‪.1‬‬ ‫بلغن الشمس حيث تكون شرقا‬
‫فـ "مسقط" اسم مكان بمعنى مكان سقوط قرنها أي مغيبها‪.‬‬

‫فهذه هي المشتقات التي وردت في قصيدة "أنا ابن العاصمين" وهي‪( :‬اسم الفاعل‪ -‬اسم المفعول‪-‬‬
‫الصفة المشبهة‪ -‬صيغة المبالغة‪ -‬اسم التفضيل‪-‬اسم الزمان واسم المكان‪ )-‬وبقي اسم اآللة لم يرد‬
‫ذكره في القصيدة‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬ديوان الفرزدق‪ ،‬ص‪.96‬‬
‫‪46‬‬
‫‪ ‬توطئة‪.‬‬
‫‪ ‬المبحث األول‪ :‬أشكال الجمل في القصيدة‪.‬‬
‫أوال‪ :‬الجمل اإلسمية‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬الجمل الفعلية‪.‬‬
‫‪ ‬المبحث الثاني‪ :‬الظواهر التركيبة في القصيدة‪.‬‬
‫أوال‪ :‬التقديم والتأخير‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬الحذف‪.‬‬

‫‪47‬‬
‫توطئة‪.‬‬

‫التركيب من ركب الشيء أي وضع بعضه على بعض‪ ،‬والتركيب في هذا المقام المقصود به‬
‫تركيب الكلمات وجمعها حتى تصبح جملة لها فائدة من الكالم‪ ،‬فالبنية التركيبية تتعلق بدراستنا للجملة‬
‫وتركيبها‪ ،‬والمعنى الذي أدته في سياق هذا التركيب‪.‬‬

‫وقد بدأ علماء اللغة العربية دراسة الجملة قديما تحت إطار ما يعرف بعلم النحو‪ ،‬حيث عرفوا‬
‫الجملة على أنها «عبارة عن مركب من كلمتين أسندت إلى األخرى‪ ،‬سواء أفاد كقولك زيد قائم أو لم‬
‫يفد كقولك (إن يكرمني‪ )..‬فإنه جملة ال تفيد إال بعد مجيء جوابه‪ ،‬فتكون الجملة أعم من الكالم‬
‫مطلقا»‪ ،1‬وذلك ألن الكالم تشترط فيه اإلفادة‪ ،‬فالكالم أخص من الجملة إذ كل كالم فهو جملة وال‬
‫عكس‪.‬‬

‫والجملة في اللغة العربية قسمان إسمية وفعلية‪ ،‬وزاد بعضهم إليها الجملة الشرطية بينما‬
‫اعتبرها خرون كابن هشام (تـ‪761‬ه) من قبيل الجملة الفعلية‪ ،2‬وكال من هاتين الجملتين أو الثالث –‬
‫على قول البعض‪ -‬تكون تحت نسق خاص ومنضبط‪ ،‬كأن تحتوي الجملة اإلسمية على مبتدأ وخبر‪،‬‬
‫والفعلية على فعل وفاعل مثال‪ ،‬إال أن هذا النسق قد يتغير لعوامل بالغية كالتقديم والتأخير‪ ،‬بل قد‬
‫يعتري الجملة في بناء عناصرها الحذف‪ ،‬وقد جمع بعض الدراسين هذه التحوالت تحت اسم الظواهر‬
‫التركيبية‪.‬‬

‫وقد تنوعت تراكيب الجملة في قصيدة أنا ابن العاصمين‪ ،‬فجاء بأشكال متعددة من التراكيب‪،‬‬
‫وتصرف فيها الفرزدق تصرفا عجيبا‪ ،‬خاصة فيما يتعلق بالتقديم والتأخير‪ ،‬ونحن في هذا الفصل‬
‫سندرس هذه القصيدة انطالقا من مبحثين اثنين هما‪:‬‬

‫أوال ‪ :‬أشكال الجملة في القصيدة‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬الظواهر التركيبية في القصيدة‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬التعريفات‪ ،‬علي محمد الشريف الجرجاني (تـ‪816‬هـ)‪ ،‬مكتبة لبنان‪ ،‬د‪/‬ط‪1985 ،‬م‪ ،‬ص‪82‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬ينظر‪ :‬مغني اللبيب عن كتب األعاريب‪ ،‬جمال الدين ابن هشام(ت ‪761‬هـ)‪ ،‬تح‪ :‬مازن مبارك ومحمد علي حمد‬
‫ال‪ ،‬دار الفكر‪ ،‬بدمشق‪ ،‬ط‪1384( ،1‬ه‪1964 -‬م)‪ ،‬ص‪.421‬‬
‫‪48‬‬
‫المبحث األول‪ :‬أشكال الجملة في القصيدة‪:‬‬

‫ذكرنا في التوطئة أن الجملة قسمان جملة إسمية وجملة فعلية‪ ،‬وقد ورد كال من هذين‬
‫القسمين في قصيدة "أنا ابن العاصمين"‪ ،‬وفي هذ المبحث سندرس أشكال الجمل في هذين القسمين‬
‫باعتبار أن الجملة الشرطية داخلة تحت إلطار الجملة الفعلية‪.‬‬

‫أوال‪ :‬الجملة اإلسمية‪:‬‬


‫يعرف النحاة الجملة اإلسمية على أنها الجلمة التي تبتدأ باسم مرفوع‪ ،‬ولها ركنان أساسيان‬
‫البد من وجودهما فيها وهما‪ :‬المبتدأ (المسند إليه) والخبر (المسند)‪ ،1‬ولذا فقد سماها البعض بالجملة‬
‫االبتدائية الستلزامها لعنصري المبتدأ والخبر‪ ،‬فـ ـ «المبتدأ هو اسم مرفوع متحدث عنه وقع غالبا في‬
‫أول الجملة وقد يتأخر فيها‪ ،‬والخبر هو اسم مرفوع متحدث به يقع غالبا بعد المبتدأ وقد يتقدم عنه وبه‬
‫يتم معنى الجملة»‪ ،2‬ومن أمثلة ذلك قولنا "العلم نور" ف(العلم) مبتدأ ألنه نال الصدارة في الجملة ولم‬
‫يسبقه عامل‪ ،‬و (نور) خبر للعلم ألن بها تمت فائدة الكالم‪.‬‬
‫ومن هنا فالجملة اإلسمية أو االبتدائية يعتمد تركيبها على عنصرين أساسين وهما المبتدأ‬
‫والخبر‪ ،‬وقد يدخل عليها بعض الحروف التي ال تغير من اسمية الجملة شيئا‪ ،‬منها األحرف المشبهة‬
‫بالفعل (أن إن ليت‪ ،)..‬ويأتي المبتدأ مفردا أي كلمة واحدة أو يحمل معناها‪ ،‬فهو ال يكون جملة‪ ،‬وأما‬
‫الخبر فقد يأتي مفردا مثل المبتدأ نحو "زيد مجتهد" ويأتي جملة‪ ،‬إسمية كانت مثل (زيد خلقه كريم) أو‬
‫فعلية نحو (محمد نجح في االمتحان)‪ ،‬وقد يأتي كذلك شبه جملة أي ظرفا نحو (الكتاب عندي)‪ ،‬وجا ار‬
‫ومجرو ار نحو (زيد في الدار)‪.3‬‬

‫أنماط الجملة اإلسمية في القصيدة‪:‬‬


‫اعتمد الفرزدق في بناء قصيدته على عدد ال بأس به من الجمل االسمية بلغ فيما أحصيناه‬
‫أكثر من ‪ 30‬جملة من مختلف األنماط‪ ،‬ولعل السبب في ذلك «كون الجملة اإلسمية تحمل تأكيدا ال‬
‫تحمله الجملة الفعلية»‪ ،4‬فالجملة اإلسمية تفيد بأصل وضعها ثبوت شيء لشيء دون تغير وال تجدد‬
‫خالفا للجملة الفعلية التي تفيد معنى التجدد واالستمرار‪ ،5‬ومن هنا كانت الجملة اإلسمية كد من‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬ينظر‪ :‬النحو العصري‪ ،‬سليمان فياض‪ ،‬مركز األهرام للترجمة والنشر‪ ،‬د‪/‬ط‪ ،‬د‪/‬ت‪ ،‬ص‪.92‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.92‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬ينظر‪ :‬التطبيق النحوي‪ ،‬عبده الراجحي‪ ،‬دار المعرفة الجامعية‪ ،‬ط‪1420( ،2‬ه‪2000 -‬م)‪ ،‬ص‪ 85‬و ‪.95‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬البالغة العربية أسسها وعلومها وفنونها‪ ،‬عبد الرحمن بن حبنكة الميداني‪ ،‬دار القلم‪ ،‬ط‪1416( ،1‬ه‪1996-‬م)‪،‬‬
‫ج‪ ،1‬ص‪.187‬‬
‫‪5‬‬
‫‪ -‬ينظر‪ :‬جواهر البالغة‪ ،‬أحمد الهاشمي‪ ،‬المكتبة العصرية صدا بيروت‪ ،‬د‪/‬ط‪ ،‬د‪/‬ت‪ ،‬ص‪.66‬‬
‫‪49‬‬
‫الجملة الفعلية باعتبارها قطعية الثبوت‪ ،‬والفرزدق أكثر في قصيدته من استعمال المؤكدات سواء في‬
‫معرض االفتخار بنفسه أو هجاء جرير‪ ،‬وكانت اسمية الجملة من أقوى المؤكدات ولهذا السبب ابتدأ‬
‫الفرزدق مطلع قصيدته بها‪ ،‬حيث قال في أعلى مقام االفتخار (أنا ابن العاصمين بني تميم) فأعطى‬
‫بذلك للجملة اإلسمية اعتبا ار خاصا‪ ،‬وجاء بها في القصيدة على عدة أنماط نذكرها فيما يلي‪:‬‬

‫‪ -‬النمط األول‪[ :‬مبتدأ ‪ +‬خبر (اسم مفرد)]‬


‫وقد تكرر هذا النمط في القصيدة ست مرات ويبدو أن لهذا النمط فضل السبق على غيره إذ‬
‫ابتدأ به في مطلع القصيدة حيث يقول الفرزدق‪:‬‬
‫‪1‬‬
‫إذا ما أعظم الحدثان نابا‬ ‫أنا ابن العاصمين بني تميم‬
‫فـ 'أنا' هي المبتدأ والمسند إليه الذي أسند له الخبر‪ ،‬وهذا المبتدأ هو ضمير المتكلم الذي يعتبر عند‬
‫النحاة من أقوى األسماء معرفة‪ .‬و 'ابن' هي الخبر والمسند إلى المبتدأ وبها تمت فائدة الكالم وأما‬
‫"تميم" فمضافة إلى "ابن"‪.‬‬
‫ومما جاء على هذا النمط قوله هاجيا‪( :‬كليب دمنة خبثت وقلت) ف"كليب" مبتدأ‪ ،‬وهم قوم‬
‫جرير‪ ،‬و "دمنة" خبر‪ ،‬والدمنة هي بعرة الشاة‪ ،‬وسيأتي الكالم على معنى هذا البيت في البنية الداللية‪.‬‬
‫وما يهمنا هنا أن الفرزدق أسند دمنة إلى كليب‪ ،‬فتم بذلك فائدة الكالم‪ ،‬وأما (خبثت وقلت) فهما حاالن‬
‫من دمنة أي فضلة‪.‬‬

‫فنالحظ من خالل هذين المثالين أن الخبر جاء مفردا‪ ،‬ليس بجملة وال شبه جملة وقد جاء على هذا‬
‫النمط بضع جمل أخرى نستغني عن ذكرها بما سبق‪.‬‬

‫‪ -‬النمط الثاني‪[ :‬مبتدأ ‪ +‬خبر (شبه جملة)]‬


‫و«شبه الجملة مصطلح نحوي يراد به كالًّ من الجار والمجرور والظرف المتصرف (المعرب)‬
‫المضاف»‪ ،2‬لم ترد شبه الجملة في القصيدة حال كونها خب ار سوى جا ار ومجرو ار‪ ،‬فلم تأتي ظرفا ومن‬
‫أمثلتها ما يلي‪:‬‬
‫قوله‪( :‬منهم عدس بن زيد)‪ ،‬فـ (منهم) شبه جملة متكونة من 'من' الجارة وضمير الغائب 'هم' فـ 'منهم'‬
‫خبر مقدم وهو مسند إلى "عدس" وهو اسم علم لعدس ابن زيد بن عبد ال بن دارم جد الفرزدق‪،3‬‬
‫فعدس مبتدأ مؤخر وهو مسند إليه أما (ابن زيد) فصفة له‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬ديوان الفرزدق‪ ،‬ص‪91‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬النحو العصري‪ ،‬سليمان فياض‪ ،‬ص‪.196‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬ينظر‪ :‬االشتقاق‪ ،‬أبو بكر محمد بن الحسين بن دريد (تـ‪231‬ه)‪ ،‬تح‪ :‬عبد السالم هارون‪ ،‬دار الحبل‪ ،‬بيروت‪،‬‬
‫ط‪1411( ،1‬ه‪1941-‬م)‪ ،‬ص‪.234‬‬
‫‪50‬‬
‫ومن أمثلة هذا النمط قوله‪( :‬لنا قمر السماء) و 'لنا' شبه جملة جار ومجرور‪ ،‬و 'قمر' مبتدأ‬
‫مؤخر وجوبا ألنه نكرة و 'السماء' مضاف إليه‪.‬‬
‫ومن ذلك قوله (له ظالل) فـ"له" خبر وهو شبه جملة جار ومجرور‪ ،‬و'ظالل' مبتدأ مؤخر‪،‬‬
‫ويشبه هذا قوله (لنا عدد) فأصل الجملة "عدد لنا" فأخر المبتدأ في كال الجملتين وجوبا ألنه جاء نكرة‪.‬‬

‫‪ -‬النمط الثالث‪[ :‬مبتدأ ‪ +‬خبر (جملة فعلية)]‬

‫وقد أكثر الفرزدق من استعمال هذا النمط من الجمل‪ ،‬فيأتي بالخبر كله جملة فعلية تحتوي على‬
‫ضمير يعود على المبتدأ‪ ،‬وهذا شرط عند النحاة في كل الجمل اإلسمية التي خبرها عبارة عن جملة‬
‫سواء إسمية أو فعلية فـ «البد أن يكون مشتملة على رابط يربطها بالمبتدأ واال صارت جملة أجنبية ال‬
‫يصح اإلخبار بها»‪ ،1‬ومن أمثلة ما ورد في القصيدة على هذا النمط قوله‪:‬‬
‫‪( -‬أعظم الحدثان نابا) فالمبتدأ هو 'أعظم الحدثان' وأما الخبر فهو 'ناب' أي (ناب هو) فالخبر جاء‬
‫جملة فعلية فاعلها ضمير مستتر عائد على المبتدأ‪.‬‬
‫‪( -‬ذباب طار في لهوات ليث) فـ 'ذباب' مبتدأ وأما الخبر فهو 'طار في لهوات ليث' وهو عبارة عن‬
‫جملة فعلية فاعلها ضمير مستتر عائد على المبتدأ‪.‬‬
‫‪( -‬بحري رأيت له اضطرابا) والمبتدأ 'بحري' والخبر هو 'رأيت له اضطرابا'‪ .‬ونالحظ هنا أن الضمير‬
‫العائد على المبتدأ ليس الفاعل كما في المثالين السابقين بل هو الضمير المتصل بالم الجر 'له'‬
‫والتقدير (رأيت لبحري اضطرابا)‪.‬‬
‫‪( -‬و خر قد قذفت له شهابا) فالمبتدأ هو ' خر' وأما الخبر 'قذفت له شهابا' وهذه الجملة كسابقتها‬
‫والضمير العائد هو المتصل بالالم 'له' والتقدير (و خر قذفت آلخر شهابا)‪.‬‬
‫وهكذا فإن بقية الجمل التي تحت هذا النمط –والبالغ عددها ‪16‬جملة‪ -‬هي على نسق هذه الجمل‬
‫المذكورة فنستغني عن ذكرها لذلك‪.‬‬

‫وبقي نمط رابع لم يرد ذكره في قصيدة أنا ابن العاصمين وهو إذا ما إذا كان الخبر جملة إسمية [‬
‫مبتدأ ‪ +‬خبر (جملة إسمية)]‪ ،‬ويشترط فيه ما اشترط في النمط السابق من وجود رابط يربط الخبر‬
‫بالمبتدأ ومثال ذلك قولهم (زيد أبوه قائم)‪ ،‬الرابط هنا هو الهاء المضافة إلى 'أب' وتقدير الكالم (زيد‬
‫أبو زيد قائم)‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬التطبيق النحوي‪ ،‬عبده الراجحي‪ ،‬ص‪.99‬‬
‫‪51‬‬
‫ثانيا‪ :‬الجملة الفعلية‪:‬‬

‫يعرف النحاة الجملة الفعلية على أنها «الجملة التي تبدأ بفعل ولها ركنان أساسيان البد من‬
‫وجودهما فيها لكي تكون كالما مفيدا واذا حذف أحد الركنين يقدر»‪ ،1‬وهذان الركنان هما‪:‬‬

‫األول‪ :‬المسند وهو الفعل ويعرف على أنه «الكلمة التي تدل على حدث وزمن مقترن به»‪ 2‬وذلك نحو‬
‫(ذهب‪ ،‬يكتب‪ ،‬قم)‪ ،‬فالكلمات الثالثة كلها أفعال لداللتها على شيئين وهما الحدث (الذهاب والكتابة‬
‫والقيام) وداللتها على الزمن المرتبط به‪ ،‬فـ(ذهب) تدل على قيام الحدث في الزمان الماضي‪ ،‬و(يكتب)‬
‫قيامه في الزمن الحاضر و (قم) طلب قيام الحدث في الزمن المستقبل‪.‬‬

‫والركن الثاني‪ :‬المسند إليه وهو في الجملة الفعلية إما الفاعل أو نائبه‪ ،‬فالفاعل هو‪« :‬المسند إليه بعد‬
‫فعل تام معلوم أو شبهه»‪ ،3‬نقول مثال (جاء محمد‪ ،‬قام عمرو)‪ ،‬فكال من محمد وعمرو فاعل لذكرهما‬
‫بعد الفعل وقيامهما به ويشترط في الفاعل هنا أن يكون بعد فعل مبني للمعلوم أما إذا كان الفعل مبنيا‬
‫للمجهول حذف الفاعل وجوبا وعوض عنه بنائبه (نائب الفاعل)‪ ،‬ويأتي أيضا مسندا إليه إذا ما بني‬
‫الفعل للمجهول‪ ،4‬مثل (كتب الدرس) إذا لم يذكر كاتبه أو (ضرب زيد) إذا لم يعلم ضاربه‪.‬‬

‫إذا فأصل تركيب الجملة الفعلية أن يكون على هذا الشكل [فعل ‪ +‬فاعل أو نائب فاعل ] ويكون‬
‫هذا التركيب تاما إذا ما كان الفعل الزما في الفاعل أو متعديا لمفعول واحد في نائب الفاعل‪ ،‬أما إن‬
‫كان متعديا لمفعول واحد في الفاعل أو مفعولين في نائب الفاعل فإن هذا التركيب يحتاج ليكون مفيدا‬
‫إلى مكمل وهو المفعول به والذي يعرف عند النحاة بأنه «االسم المنصوب الذي يقع عليه الفعل»‪،5‬‬
‫تقول مثال (كتب زيد الدرس)‪( ،‬وجد صاحب الحق منتص ار)؛ فكال من 'الدرس و منتصرا' مفعول به‬
‫لوقوع الفعل عليه‪.‬‬

‫أنماط الجملة الفعلية في القصيدة‪:‬‬

‫المالحظ في قصيدة أنا ابن العاصمين يجد أن الفرزدق قد أكثر من استخدام الجمل الفعلية‬
‫وأكثر من ذكر األفعال ومشتقاتها كما هو ظاهر في الفصل السابق (البنية الصرفية) وقد بلغ عدد هذه‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬النحو العصري‪ ،‬سليمان فياض‪ ،‬ص‪.108‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬المعجم المفصل‪ ،‬في علم الصرف‪ ،‬راجي األسمر‪ ،‬ص‪.307‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬جامع الدروس العربية‪ ،‬مصطفى الغالييني‪ ،‬ج‪ ،2‬ص‪.233‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬ينظر‪ :‬المصدر نفسه‪ ،‬ج‪ ،2‬ص‪.246‬‬
‫‪5‬‬
‫‪ -‬التحفة السنية بشرح المقدمة اآلجرومية‪ ،‬محمد محي الدين عبد الحميد‪ ،‬مكتبة السنة القاهرة‪ ،‬د‪/‬ط‪1409( ،‬ه‪-‬‬
‫‪1989‬م)‪ ،‬ص‪.99‬‬
‫‪52‬‬
‫الجمل الفعلية فيما أحصيناه ما يزيد عن ‪ 60‬جملة من جمل القصيدة أي ضعف عدد الجمل اإلسمية‬
‫وزيادة على هذا فإننا نالحظ أنه حتى في استخدامه للجمل اإلسمية كثي ار ما يجعل خبرها جملة فعلية‪،‬‬
‫ولعل هذا كله يبرز لنا شخصية الفرزدق وأنه إنسان يتصف بالحركة والكثير من االنفعالية فعكست‬
‫هذه الصفات منه في قصائده فنجده في أغراض هذه القصيدة يكثر من الحركة فهو في افتخاره يعود‬
‫إلى مآثر بائه وأفعالهم فيستخدم األفعال التي تدل على عظمتهم مثل (نما في كل‪ ،‬صيد‪ ،‬يبتنون‪،‬‬
‫تورثوها‪ ،‬يردون الحلوم‪ )... ،‬وفي هجائه لجرير فإنه يعتمد األفعال البذيئة ومالزمته لها (قبح شر‪،‬‬
‫طاح ابن المراغة‪ ،‬فأغلق من ورائها بني كليبا)‪ ،‬أو ينكر عليه –ألنه يراه خسيء ودنيء‪ -‬أفعال‬
‫األسياد واألكابر والكرام فنرى قوله‪:‬‬
‫الرغابا‬
‫بعانتك اللهاميم ِّ‬ ‫أتطلب يا حمار بني كليب‬
‫‪1‬‬
‫وتعدل بالـمفقِّئة ِّ‬
‫السبابا‬ ‫وتعدل دارما ببني كليب‬
‫وفي مدحه فإنه يجعل لممدوحه خير األفعال (عامر ثرت وطابت‪ ،‬يختر الحسب اللبابا‪.)...‬‬
‫وللجمل الفعلية أنماط عديدة نذكر هنا ما ورد منها في هذه القصيدة فنقول‪:‬‬

‫النمط األول‪[ :‬فعل ‪ +‬فاعل]‬


‫ويكون هذا النمط في الجمل الفعلية ذات الفعل الالزم وتستغني عن المفعول به وقد ورد جملة‬
‫منها في القصيدة كقوله‪( :‬تقاصرت الجبال‪ ،‬طاح ابن المراغة‪ ،‬بئس الالحقون)‪.‬‬

‫النمط الثاني‪[ :‬فعل ‪ +‬فاعل ‪ +‬مفعول به]‬


‫ويكون هذا النمط في الجمل الفعلية ذات الفعل المتعدي أي التي يحتاج فعلها إلى مفعول به‬
‫لتمام المعنى‪ ،‬وقد جاء على هذا التركيب أكثر الجمل الفعلية في القصيدة منها‪( :‬ترى لقبته حجابا‪،‬‬
‫يقود الحيل‪ ،‬تغتصب الركابا‪ ،‬يردون الحلوم إلى جبال‪ ،‬لم ترث الفوارس من عبيد‪ ،‬يمسك من ذراها‬
‫بالنواصي‪ ،‬قسمهن إذا بلغ اإليابا‪ ،‬تبتدر الشعابا‪.)..،‬‬

‫النمط الثالث‪[ :‬فعل ‪ +‬نائب فاعل]‬


‫وقد ذكرنا من قبل أن نائب الفاعل يذكر إذا بني الفعل للمجهول (حذف الفاعل) فينوب عن‬
‫الفاعل حينئذ واحد من أربعة أشياء إما المفعول به وهو األكثر نحو (ضرب زيد) والجار والمجرور‬
‫نحو قوله تعالى‪﴿ :‬ولما سقط في أيديهم﴾ األعراف‪ .149 : ،‬أو الظرف نحو (مشي يوم كامل) و‬
‫المصدر نحو (احتفل احتفال عظيم)‪.2‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬ديوان الفرزدق‪ ،‬ص‪.92‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬ينظر‪ :‬جامع الدروس العربية ‪ ،‬مصطفى الغالييني‪ ،‬ج‪ ،2‬من ص‪ 247‬إلى ص‪.250‬‬
‫‪53‬‬
‫ولم يرد شيء من هذه األربعة نائبا للفاعل سوى ما أصله مفعوال به‪ ،‬ومنها قول الفرزدق (قبِّح‬
‫شر‪ ،‬مد بني كليب‪ ،‬وبيني غاية‪ ،‬أرهبن زجرا‪ ،‬تدعى نساء الحي) ولم يرد غير هذه الجمل األربع على‬
‫هذا النمط في القصيدة‪ ،‬فأصلها أن تكون على نمط [فعل ‪ +‬فاعل ‪ +‬مفعول به] مثل (قبح شرا‪ )..‬فلما‬
‫حذف الفاعل عوض منه بالمفعول به‪.‬‬

‫النمط الرابع‪[ :‬فعل ‪ +‬جملة إسمية]‬

‫وهذا النمط شبيه بالنمط الثاني غير أنه هنا يكون أصل الفاعل والمفعول به جملة إسمية وفي‬
‫هذه الحال يكون الفعل من نواسخ المبتدأ والخبر الذي يرفع األول وينصب الثاني ككان وأخواتها وأفعال‬
‫المقاربة ومن أمثلة هذا النمط في قصيدة أنا ابن العاصمين قول الفرزدق‪:‬‬
‫‪1‬‬
‫لغرتم حين ألقين الثِّيابا‬ ‫فلو كانت رماحكم طواال‬

‫فأصل الجملة (رماحكم طوال) فلما دخلت عليها "كان" نسخت الجملة فرفعت المبتدأ فصار اسمها‬
‫ونصبت الخبر فصار خبرها‪ .‬وهكذا بقية الجمل كقوله‪( :‬فإن تك عامر‪ ،‬ثرت وطابت‪ ،‬فلم يبرح حتى‬
‫احتواهم‪ ،‬كاد يجتفل السحابا‪.)..‬‬

‫النمط الخامس‪[ :‬فعل ‪ +‬فاعل ‪ +‬جملة إسمية]‬

‫ويكون هذا النمط إذا ما دخل على الجملة اإلسمية ناسخ ينصب طرفيها معا‪ ،‬وهذا الناسخ هو‬
‫ظن وأخواتها وأفعال القلوب‪ ،‬وقد ورد بعضا منها في القصيدة ومنها قول الفرزدق‪:‬‬
‫‪2‬‬
‫وتاج الـملك يلتهب التهابا‬ ‫أريت مهابة وأسود غاب‬

‫فقد حوى هذا البيت ثالث جمل على هذا النمط وهي‪( :‬رأيت مهابة) و (رأيت أسود غاب) فتقدير‬
‫الكالم "رأيتهم مهابة" و"رأيتهم أسود غاب" والجملة الثالثة‪( :‬رأيت تاج الملك يلتهب التهابا)‪.‬‬
‫فأصل هذه الجمل بعد إرجاع الضمير إلى أصله ( بائي مهابة‪ ،‬بائي أسود غاب‪ ،‬تاج الملك يلتهب‬
‫التهابا)‪ ،‬فلما دخلت عليها "رأى" وهي من أخوات ظن نصبت المبتدأ والخبر وأسندت لفاعل وهو تاء‬
‫الضمير‪.‬‬
‫ومن هذا النمط قوله‪( :‬ترى لقبته حجابا‪ ،‬ترى معد خشوعا‪ ،‬حسبت عليه حرات والبا‪ ،‬ترى أمواجه‬
‫كجبال لبنى)‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬ديوان الفرزدق‪ ،‬ص‪.96‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬المصدر نفسه‪ ،‬ص‪.92‬‬
‫‪54‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬الظواهر التركيبية‬

‫ونعني بها مجموعة التغيرات التي تط أر على التركيب األصلي للجملة‪ ،‬سواء كانت إسمية أو‬
‫فعلية ونذكر من هذه التغي ارت التقديم والتأخير والحذف‪.‬‬

‫أوال‪ /‬التقديم والتأخير‪:‬‬

‫يعتبر التقديم والتأخير «أحد األساليب البالغية وهو داللة على التمكن من الفصاحة وحسن‬
‫التصرف في الكالم ووضعه في الموضع الذي يقتضيه المعنى»‪ ،1‬وذلك أن الكالم العربي يتكون في‬
‫أصل تركيبه من جمل يتركب كال منها من مسند ومسند إليه‪« ،‬فاألصل في الجملة الفعلية تقديم‬
‫المسند (المحكوم به) وهو الفعل‪ ،..‬وتأخير المسند إليه (المحكوم عليه) وهو الفاعل‪ ،..‬واألصل في‬
‫الجملة اإلسمية تقديم المسند إليه (المحكوم عليه) وهو المبتدأ وما يتصل به‪ ،‬وتأخير المسند (المحكوم‬
‫به) وهو الخبر»‪ ،2‬ولكن قد يتغير النسق التركيبي في كل من الجملتين ألسباب عديدة‪ ،‬تقوم على‬
‫أساس إبراز المعاني الخفية التي من أجلها أنشئ هذا الكالم‪ ،‬وكما أن التقديم والتأخير يزيد من‬
‫فصاحة الكالم وحسن صياغته فهو أيضا قد يؤدي إلى حصول تعقيد في المعنى وخلل في فهم تركيب‬
‫ألفاظه‪ ،‬وذلك إذا جرى التقديم والتأخير على غير ما تعهده العرب في كالمها‪ ،‬أو ما يسميه البالغيون‬
‫مخالفة القياس اللغوي‪ ،‬والفرزدق رغم ما وصل إليه شعره من فصاحة وبالغة منقطعة النظير‪ ،‬إال أن‬
‫شعره لم يخل من هذه المخالفة وحصول التعقيد‪ ،‬فبالغ إلى حد كبير في بعض كالمه في تغيير تراكب‬
‫الجمل على ما سنشير إليه الحقا وما يهمنا هنا اآلن هو اإلشارة إلى صور التقديم والتأخير في قصيدة‬
‫"أنا ابن العاصمين"‪ ،‬فنقول أن من أبرز صور التقديم والتأخير في القصيدة‪:‬‬

‫‪ -1‬تقديم المسند على المسند إليه‪:‬‬


‫وقد ذكرنا فيما سبق أن رتبة المسند والمسند إليه تختلف في كال من الجملتين اإلسمية‬
‫والفعلية‪ ،‬فحق المسند في الجملة الفعلية التقدم‪ ،‬بينما يتأخر في الجملة اإلسمية‪ ،‬والمسند إليه على‬
‫عكسه‪ ،‬ومن هذا فتقدم المسند في الجملة الفعلية ال يعتبر تغيي ار لتركيب الجملة‪ ،‬فال يدخل فيما نحن‬
‫بصدده ‪ ،‬إذن فالمقصود من تقديم المسند على المسند إليه هو ما كان في الجملة اإلسمية‪ ،‬أو ما‬
‫يعرف بتقدم الخبر على المبتدأ‪ ،‬فأصل الجملة اإلسمية أن تتركب من مبتدإ بعده خبر‪ ،‬لكن قد يتقدم‬
‫الخبر لعدة أغراض منها ما ورد في قصيدة "أنا ابن العاصمين" من قول الفرزدق‪( :‬منهم عدس بن‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬مدخل إلى البالغة العربية‪ ،‬يوسف أبو مسلم العدوس‪ ،،‬دار المسيرة للنشر والتوزيع والطباعة‪ ،‬عمان‪ ،‬ط‪،3‬‬
‫(‪2013‬م – ‪1434‬هـ) ص‪.97‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬البالغة العربية‪ ،‬عبد الرحمن بن حبنكة الميداني‪ ،‬ج‪،1‬ص‪.350‬‬
‫‪55‬‬
‫زيد وسفيان الذي ورد الكالم)‪ ،‬أي 'ومنهم سفيان' فهاتان جملتان تقدم فيهما الخبر وهو شبه جملة‬
‫"منهم" على المبتدأ "عدس" و "سفيان" والغرض من تقديم الخبر هنا هو تخصيص الخبر بالمبتدأ‪،‬‬
‫فالفرزدق في هاته األبيات يخاطب جري ار ويفاخره بآبائه وقومه‪ ،‬والمخاطب –وهو جرير‪ -‬في مقام‬
‫المنكر للخاطب في هذا الكالم‪ ،‬فقدم الفرزدق في هذه الجملة الخبر على المبتدأ إلزالة الوهم من ذهن‬
‫جرير واق ارره بما يسمعه‪ ،1‬فصار تركيب الجملتين بعد تقديم الخبر يوهم أن عدس بن زيد وسفيان هما‬
‫فقط من الرجال الذين تهابهم العرب‪.‬‬

‫ومن الجمل التي تقدم فيها الخبر على المبتدأ لغرض التخصيص هو قوله‪( :‬لنا قمر السماء)‬
‫وقوله‪( :‬أن لنا الحناظل والربابا)‪ ،‬فهاتان الجملتان على نهج ما سبق من إرادة التخصيص‪ ،‬فصار‬
‫المعنى كأن قمر السماء ليس إال لقوم الفرزدق وليست الحناظل والرباب إال لهم‪ ،‬وهذا من الفرزدق‬
‫غاية في االفتخار‪ .‬ومن صور تقدم الخبر على المبتدأ في القصيدة قوله‪( :‬له ظالل‪ -‬لنا عدد من‬
‫األثرين) فالغرض من تقديم الخبر في هاتين الجملتين هو التنبيه على خبريتهما‪ ،2‬وذلك أن المبتدأ في‬
‫كل منهما نكرة )'ظالل‪ ،‬عدد'( والمعروف عند أهل اللغة أن المبتدأ ال يكون نكرة إال بشروط منها تقدم‬
‫الخبر الذي هو جملة عليه‪ ،3‬يقول ابن مالك في هذا‪:‬‬
‫‪4‬‬
‫مالم تفد كعند زيد نـمره‬ ‫وال يجوز االبتدا بالنكره‬
‫فأصل الجملتين هو (ظالل له‪ ،‬عدد لنا)‪ ،‬فلما نكر المبتدأ وجب تقديم الخبر عليه‪.‬‬

‫‪ -2‬تقديم المسند إليه على المسند‪:‬‬


‫يكون تغير تركيب الجملة بتقديم المسند إليه مختص بالجملة الفعلية إذ المسند إليه في الجملة‬
‫اإلسمية –كما ذكرنا سابقا‪ -‬أصله التقديم‪ ،‬أما في الجملة الفعلية فيتأخر‪ ،‬والمراد بالمسند إليه هنا‬
‫الفاعل‪ ،‬والمسند الفعل‪.‬‬

‫والفاعل كما أشار علماء العربية ال يكون إال بعد فعله‪ ،‬فإذا تقدم عنه خرج من الفاعلية إلى‬
‫االبتداء‪ ،5‬فتتحول الجملة بتقدمه من فعلية إلى إسمية‪ ،‬لذا فإن كثي ار الجمل االسمية التي خبرها جملة‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬ينظر‪ :‬معاني النحو‪ ،‬فاضل صالح السامرائي‪ ،‬شركة العاتك لصناعة الكتب‪ ،‬القاهرة‪ ،‬د‪/‬ط‪ ،‬د‪/‬ت‪ ،‬ج‪،1‬‬
‫ص‪.137‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬ينظر‪ :‬مدخل إلى البالغة العربية‪ ،‬يوسف أبو مسلم العدوس‪ ،‬ص‪.98‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬ينظر‪ :‬جامع الدروس العربية‪ ،‬مصطفى الغالييني‪ ،‬ج‪ ،2‬ص‪.267‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬ألفية ابن مالك‪ ،‬أبو عبد ال محمد بن مالك األندلسي‪ ،‬تح‪ :‬عبد اللطيف محمد الخطيب‪ ،‬دار العروبة للنشر‬
‫والتوزيع‪ ،‬الكويت‪ ،‬ط‪1427( ،1‬ه‪2006-‬م)‪ ،‬ص‪.8‬‬
‫‪5‬‬
‫‪ -‬ينظر‪ :‬اإلعراب الميسر‪ ،‬محمد علي أبو العباس‪ ،‬دار الطالئع بالقاهرة‪ ،‬د‪/‬ط‪ ،‬د‪/‬ت‪ ،‬ص‪.63‬‬
‫‪56‬‬
‫فعلية أصلها جملة فعلية تقدم فاعلها على فعلها‪ ،‬ومن هنا نحدد بعض الجمل في القصيدة التي تدخل‬
‫تحت نمط الجمل االسمية التي خبرها جملة فعلية‪ ،‬والمذكورة نفا تدخل في هذا المجال من تقديم‬
‫المسند إليه على المسند‪.‬‬

‫ويأتي تقديم الفاعل على فعله ألسباب بالغية عديدة نذكر منها‪:‬‬
‫‪ -‬تقوية الحكم الذي دلت عليه الجملة وتوكيده‪ :1‬وذلك ألن الجملة الفعلية بتقدم فاعلها على فعلها‬
‫تصير إسمية‪ ،‬وهي أكثر توكيدا لداللتها على الدوام واالستمرار بخالف الجملة الفعلية‪ ،2‬ومن الجمل‬
‫التي تحمل هذا المعنى في القصيدة قول الفرزدق‪( :‬إذا ما أعظم الحدثان نابا)‪ ،‬ف ـ (أعظم الحدثان)‬
‫فاعل ق ِّدم على فعله 'ناب'‪ ،‬فأعطى هذا التقديم للمعنى قوة وتوكيدا‪ ،‬فصار يوهم أن أعظم الحدثان‬
‫دائمة النزول وهو يعصم قومه منها‪.‬‬

‫ومنها أيضا قوله‪( :‬وضمرة والمجبر كان منهم)‪ ،‬فأصل الكالم (كان ضمرة والمجبر منهم) لكنه قدم‬
‫اسم كان على الفعل لزيادة التوكيد وتقوية الحكم‪.‬‬

‫‪ -‬ومن األسباب البالغية لتقديم المسند إليه االختصاص؛ أي تخصيص الفاعل بفعله فلم يفعله غيره‪،3‬‬
‫ويتجلى ذلك في قول الفرزدق‪:‬‬
‫‪4‬‬
‫أبا الصهباء محتف ار لهابا‬ ‫وخالي بالنقا ترك ابن ليلى‬
‫فأصل الكالم (ترك خالي‪ )..‬فتقدم المسند إليه ليبين اختصاصه بالفعل أي أن خال الفرزدق هو الوحيد‬
‫الذي ترك ابن ليلى محتفرا‪ ،‬بمعنى أن هذا الفعل قام به وحده‪ ،‬ومنها كذلك قوله‪( :‬هم ضربوا الصنائع)‬
‫فقدم المسند إليه ليبين أن الفاعل مختص بهذا الفعل‪.‬‬

‫‪ -‬ومن األسباب البالغية كذلك لتقديم المسند إليه على المسند إرادة التفخيم والتعظيم وعكسه وهو إرادة‬
‫اإلهانة والتحقير‪ ،5‬فكال من الغرضين البالغيين قد يكونان سببا في تقديم المسند إليه على المسند‪،‬‬
‫وكالهما ورد في قصيدة "أنا ابن العاصمين"‪ ،‬فأما إرادة التفخيم والتعظيم فيتجلى ذلك في قول الفرزدق‪:‬‬
‫(وخير فوارس علموا نصابا)‪ ،‬فأصل الكالم (علم خير فوارس نصابا)‪ ،‬لكنه قدم الفاعل على فعله‬
‫للتفخيم من أمره‪ .‬ومثال إرادة اإلهانة والتحقير يتجلى في هذه الجمل‪:‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬البالغة العربية‪ ،‬عبد الرحمن بن حبنكة الميداني‪ ،‬ج‪ ،1‬ص‪.364‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬ينظر‪ :‬اإلعراب الميسر‪ ،‬محمد علي أبو العباس‪ ،‬ص‪.73‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬ينظر‪ :‬البالغة العربية‪ ،‬عبد الرحمن بن حبنكة الميداني‪ ،‬ج‪ ،1‬ص‪.364‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬ديوان الفرزدق‪ ،‬ص‪.97‬‬
‫‪5‬‬
‫‪ -‬ينظر‪ :‬البالغة العربية‪ ،‬عبد الرحمن بن حبنكة الميداني‪ ،‬ج‪ ،1‬ص‪.366‬‬
‫‪57‬‬
‫"ذباب طار في لهوات ليث‪ -‬الليث يلتهم الذبابا‪ -‬كليب دمنة خبثت وقلت ‪ -‬خواق حياضهن يسيل‬
‫سيال"‪ ،‬فنالحظ في هذه الجمل الثالث أن الفرزدق في جميع هذه التراكيب قدم الفاعل على فعله‪ ،‬ال‬
‫لشيء إال بغية احتقاره لخصمه‪ ،‬فوصفه تارة بالذباب الذي يلتهمه الليث‪ ،‬وتارة يصفه بالخبث‪ ،‬وتارة‬
‫يصور لنا نساء قومه والحيض ينزل منهن دون شعورهن‪.‬‬

‫‪ —3‬مخالفة القياس في التقديم والتأخير‪:‬‬


‫والمخالفة في القياس هي من العيوب التي تخل بالكالم وتخرجه من باب الفصاحة‪ ،‬وهي كذلك‬
‫مما برز في شعر الفرزدق وميزه عن باقي شعراء عصره‪ ،‬والملفت للنظر إكثاره منها في الكثير من‬
‫قصائده‪ ،‬حتى أطبق النحاة والبالغيون على وصف شعره من هذه الجهة بالتعقيد ومداخلة الكالم‬
‫بعضه ببعض‪ ،1‬وهذا التعقيد لدى الفرزدق يبرز في «ما نجده من مخالفته لنظام الجملة‪ ،‬حيث ال يتبع‬
‫في ترتيب ألفاظه ذلك النسق المتعارف عليه‪ ،‬فكثي ار ما يقدم أو يؤخر بشكل الفت للنظر‪ ،‬كما نجد‬
‫لديه المداخلة بين الجمل كما هو الحال في األلفاظ‪ ،‬فقبل أن يكتمل معنى جملة معينة يدخل أخرى»‪،2‬‬
‫فالفرزدق كان يتعمد التعقيد في كالمه ولعل السبب في ذلك تفرده في أسلوبه وكسره لجدار قواعد‬
‫النحاة والبالغيين‪ ،‬ومما يبرز لنا هذه المخالفة والقياس في التقديم والتأخير في قصيدة "أنا ابن‬
‫العاصمين" هو قوله‪:‬‬
‫‪3‬‬
‫سرادقها المقاول والقبابا‬ ‫ملوك يبتنون توارثوها‬
‫فهذا البيت متعثر ال يكاد قارئه أن يفهمه للوهلة األولى وأصله قوله‪:‬‬
‫‪4‬‬
‫"ملوك يبتنون السرادق والقباب وقد توارثوها"‬
‫فقدم الجملة المستأنفة (وقد توارثوها) قبل تمام المعنى في الجملة األولى‪ ،‬وهذا التقديم لم تعهد العرب‬
‫حصوله‪ ،‬وهو ما أدى لخلط في فهم المعنى‪ ،‬فقصد الفرزدق في هذا البيت أن يشير إلى أن باءه‬
‫ملوك يبتنون السرادق والقباب ‪-‬وهي الخيم العالية‪ ، -‬كناية عن الرفعة ثم يورثوها ألبنائهم‪ .‬وهذا الفعل‬
‫من الفرزدق يعرف عند البالغيين بالتعقيد اللفظي؛ وهو «أن يكون الكالم غير ظاهر الداللة على‬
‫المعنى المراد لخلل واقع في نظمه‪ ،‬بحيث ال يكون ترتيب األلفاظ على وفق ترتيب المعاني بسبب‬
‫تقديم أو تأخير أو حذف‪ ..‬مما ينشئ عنه صعوبة في فهم المعنى المراد»‪.5‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬ينظر‪ :‬الفرزدق‪ ،‬شاكر الفحام‪ ،‬ص‪.445‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬اللغة في شعر الفرزدق‪ ،‬حلمي محمد عبد الهادي‪ ،‬ص‪.305‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬ديوان الفرزدق‪ ،‬ص‪.91‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬شرح ديوان الفرزدق‪ ،‬ايليا الحاوي‪،‬ج‪ 1‬ص‪.166‬‬
‫‪5‬‬
‫‪ -‬مدخل إلى البالغة العربية‪ ،‬يوسف أبو مسلم العدوس‪ ،‬ص‪.46‬‬
‫‪58‬‬
‫وقد مثل البالغيون في هذا الباب بأشعار الفرزدق‪ ،‬وأجلها قوله في بيت له يمدح فيه إبراهيم‬
‫المخزومي خال الخليفة هشام بن عبد الملك‪:‬‬
‫‪1‬‬
‫أمه ح ٌّي أبوه يقاربه‬
‫أبو ِّ‬ ‫وما مثله في الناس إال مـملكا‬
‫أمه أبوه)‬
‫فهذا البيت مختل النظام‪ ،‬فأصل كالمه هو (وما مثله في الناس ح ٌّي يقاربه إال مـملكا أبو ِّ‬
‫فأبهم المعنى بسبب التقديم والتأخير‪ ،‬مما أدى إلى تعقيد في اللفظ‪ ،‬والمعنى المراد أن ليس مثل‬
‫إبراهيم أحد يشبهه في الفضائل إال ابن أخته وهو الخليفة‪.2‬‬

‫ثانيا‪ /‬الحذف‪:‬‬

‫الحذف في الكالم يعتبر من األساليب البالغية التي اعتمدها العرب في كالمهم‪ ،‬فهو شعار‬
‫الفصاحة عندهم ويكفي لبيان ما للحذف من فضل في الفصاحة ما وصفه به إمام أهل البالغة عبد‬
‫القاهر الجرجاني‪ ،‬حيث أشار بأن الحذف «باب دقيق المسلك‪ ،‬لطيف المأخذ‪ ،‬عجيب األمر‪ ،‬شبيه‬
‫بالسحر‪ ،‬فإنك ترى به ترى الذكر أفصح من الذكر وأتم ما يكون بيانا إذا لم تبن»‪ 3‬فالحذف كما يراه‬
‫عبد القاهر الجرجاني هو باب من أبواب البيان‪ ،‬ولكن من شرط حذف ما يراد الداللة على معناه أن‬
‫يمكن إدراكه بقرائن الحال‪ ،‬ومن عالمة الحذف البليغ هو أنه إذا ظهر المحذوف زال ما في الكالم من‬
‫بهجة وجمال‪.4‬‬
‫والفرزدق كغيره من شعراء عصره اعتمد أسلوب الحذف في أشعاره‪ ،‬ومن ذلك ما ظهر في‬
‫"قصيدته أنا ابن العاصمين"‪ ،‬فمن صور الحذف في القصيدة‪:‬‬
‫‪ -1‬حذف المبتدأ‪ :‬وذلك إذا ظهرت الداللة عليه من خالل الخبر‪ ،‬ومن ذلك قول الفرزدق (ملوك‬
‫يبتنون‪ )..‬أي هم ملوك‪ ،‬وقوله‪( :‬بنو شمس النهار) أي هم بنو شمس النهار‪ ،‬والغرض من هذا الحذف‬
‫تقسيم المدح‪ ،‬فال يستثنى من المدح أحد‪ .5‬وقوله‪( :‬ذباب طار في لهوات ليث) فحذف المبتدأ‪ ،‬وتقدير‬
‫كالمه (بنو كليب ذباب طار في لهوات ليث)‪ ،‬والغرض من حذف المبتدأ ظهوره بداللة القرائن عليه‬
‫من خالل ذكره من قبل‪.6‬‬

‫‪‌-‌1‬البالغة العربية ‪ ،‬عبد الرحمن بن حبنكه الميداني‪ ،‬ج‪ ،1‬ص‪ .124‬وهذا البيت موجود في أكثر كتب البالغيين‬
‫منسوب إلى الفرزدق وقد بحثنا مرات عديدة في ديوان الفرزدق الذي بين أيدينا ولم نجده!‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬ينظر‪ :‬مدخل إلى البالغة العربية‪ ،‬يوسف أبو مسلم العدوس ‪ ،‬ص‪.46‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬دالئل اإلعجاز‪ ،‬عبد القاهر الجرجاني(ت ـ ‪471‬هـ)‪ ،‬تح‪ :‬محمود محمد شاكر‪ ،‬مكتبة الخانجي‪ ،‬بالقاهرة‪ ،‬د‪/‬ط‪ ،‬د‪/‬ت‬
‫‪،‬ص‪.146‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬ينظر‪ :‬البالغة العربية‪ ،‬عبد الرحمن بن حبنكة الميداني‪ ،‬ج‪ ،1‬ص‪.330‬‬
‫‪5‬‬
‫‪ -‬ينظر‪ :‬المصدر نفسه‪ ،‬ج‪ ،1‬ص‪.330‬‬
‫‪6‬‬
‫‪ -‬ينظر‪ :‬جواهر البالغة‪ ،‬أحمد الهاشمي‪ ،‬ص‪.103‬‬
‫‪59‬‬
‫‪ -2‬حذف الخبر‪ :‬وقد ورد حذف الخبر في القصيدة في قول الفرزدق‪( :‬وسفيان الذي ورد الكالبا)‪،‬‬
‫والتقدير (وسفيان منهم)‪ ،‬وانما حذف الخبر ألنه ذكره فيما قبل‪.‬‬
‫‪ -3‬حذف الفاعل‪ :‬وقد يحذف الفاعل إذا وجد في السياق ما يدل عليه‪ ،‬وهذا الحذف هو مما يكثر في‬
‫أشعار العرب‪ ،‬ونخص بذلك القصيدة التي بين أيدينا‪ .‬فمن الجمل التي حذف فيها الفاعل قوله‪( :‬نما‬
‫في كل أصيد دارمي‪ -‬يقود الخيل‪ -‬تركب من وجاها‪ )-‬والغرض من حذف الفاعل في هذه الجمل‬
‫تقدم ذكره‪.‬‬
‫‪ -4‬حذف الحرف‪ :‬والحروف كما قسمها علماء العربية نوعان‪ :‬حروف المعاني وهي حروف التي‬
‫تؤدي معنى في الجملة‪ ،‬وحروف مبان وهي الحروف التي تتركب منها الكلمة‪ ،1‬وكال النوعين قد يقع‬
‫فيهما الحذف عند العرب‪ ،‬إال أن الحذف قد يكثر في حروف المعاني‪ ،‬ومن هذا الحذف في القصيدة‬
‫قول الفرزدق‪:‬‬
‫‪2‬‬
‫طوالع ال تطيق لـها جوابا‬ ‫وغر قد نسقت مشهرات‬
‫فحذف من التركيب "رب" التي تجر ما بعدها فأصل الكالم (ورب غر) فـ«من خصائص رب أنها قد‬
‫تحذف ويبقى عملها وال يكون ذلك في غيرها إال ناد ار»‪ ،3‬ومثاله في كالم العرب قول امرئ القيس‪:‬‬
‫علي بأنواع الـهموم ليبتلي‪.4‬‬ ‫وليل كموج البحر أرخى سدوله‬
‫فتقدير الكالم (ورب ليل)‪.‬‬

‫وأما الحذف في حروف المباني فيقع في كالم العرب من جهة االختصار أو الضرورة‬
‫الشعرية‪ ،‬ومن ذلك قول الفرزدق‪( :‬لنا عدد من األثرين ثابا)‪ ،‬أي من األكثرين فحذف الكاف للضرورة‬
‫استقامة للوزن‪.5‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬ينظر‪ :‬جامع الدروس العربية‪ ،‬مصطفى الغالييني‪ ،‬ج‪ ،3‬ص‪.253‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬ديوان الفرزدق‪ ،‬ص‪.96‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬الجنى الداني في حروف المعاني‪ ،‬الحسن بن القاسم المرادي (تـ‪749‬ه)‪ ،‬تح‪ :‬فخر الدين قباوة ومحمد نديم‬
‫فاضل‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪1413( ،1‬ه‪1992-‬م)‪ ،‬ص‪.454‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬ديوان امرئ القيس‪ ،‬عبد الرحمن المصطاوي‪ ،‬دار المعرفة‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪1425( ،2‬ه‪2004-‬م)‪ ،‬ص‪.48‬‬
‫‪5‬‬
‫‪ -‬ينظر‪ :‬شرح ديوان الفرزدق‪ ،‬ايليا الحاوي‪ ،‬ج‪ ،1‬ص‪.164‬‬
‫‪60‬‬
‫توطئة‪.‬‬
‫‪‬‬
‫‪ ‬المبحث األول‪ :‬الصورة الشعرية في القصيدة‪.‬‬
‫أوال‪ :‬مفهوم الصورة الشعرية‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬أهمية الصورة الشعرية‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬أشكال الصورة الشعرية في القصيدة‪.‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬الحقول الداللية لأللفاظ في القصيدة‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫أوال‪ :‬حقل األلفاظ الدالة على الفخر‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬حقل األلفاظ الدالة على الهجاء‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬حقل األلفاظ الدالة على المدح‪.‬‬

‫‪61‬‬
‫توطئة‪:‬‬

‫يعرف علم الداللة بأنه «علم يدرس اللغة من حيث أنها كلمات تدل على معاني‪ ،‬كما أنه يدرس‬
‫العالقة بين الرمز اللغوي ومعناه‪ ،‬ويدرس كذلك تطور معاني الكلمات تاريخيا ويدرس أيضا المعاني‬
‫والمجاز اللغوي والعالقات بين الكلمات في اللغة الواحدة»‪ ،1‬فعلم الداللة هو علم المعنى يقوم على‬
‫دراسة األلفاظ والمعاني التي تؤديها في سياق الكالم‪ ،‬فالكلمات قد يتفق مبناها ولكن معناها قد يختلف‬
‫من تركيب آلخر‪ ،‬فقولنا مثال (ضرب زيد عم ار) و (ضرب زيد في الطريق) فكلمة ضرب اتفق مبناها‬
‫في كال الجملتين‪ ،‬لكن معناها في األول غي معناها في الثاني‪ .‬ومن هنا فقد حرص العلماء على‬
‫دراسة دالالت األلفاظ وموقعها في الكالم‪« ،‬ولعل أحدث المحاوالت في دراسة الداللة أن يعمد الدارس‬
‫إلى مجموعة من األلفاظ التي تنتمي إلى مجال واحد‪ ،‬ثم يتوفر على دراستها‪ ،‬ليتبين منها تلك التي‬
‫نمت دالالتها والتي التي انكمشت فيها تلك الداللة‪ ،‬أو اختفت بعد مرور األيام»‪ ،2‬وهو ما يسميه‬
‫الدارسون اليوم بالحقل الداللي للكلمة‪.‬‬

‫والشعر العربي القديم سواء الجاهلي منه أو ما كان بعد ظهور اإلسالم كان في غاية الفصاحة‪،‬‬
‫ووصل إلى الذروة في البالغة والجمال‪ ،‬وخير دليل على ذلك ما وصلنا منه من قصائد شعرية يعجز‬
‫اللسان اليوم عن اإلتيان بنظير لها‪ ،‬وكان السر في ذلك مقدرة هؤالء الشعراء على التصرف في‬
‫الكالم‪ ،‬وحسن اختيار األلفاظ التي تنبئ عن أغراضهم‪ ،‬وكذلك حسن إبداعهم في استخدام الصورة‬
‫الفنية والبالغية من تشبيه واستعارة وكناية‪ ،‬ودققوا في األلفاظ وما تؤديها من دالالت‪.‬‬

‫والفرزدق كما هو معروف كان من أبلغ الشعراء وأفصحهم‪ ،‬والباحث في شعره «يدرك خصب‬
‫معانيه وغ ازرتها‪ ،‬فقارئ أشاعره يحس وكأن المعاني التي تتضمنها مطروحة أمامه»‪ ،3‬ونحن في هذا‬
‫الفصل في دراستنا للبنية الداللية لقصيدة الفرزدق 'أنا ابن العاصمين' سنركز على أمرين هما‪:‬‬

‫‪ -‬الصورة الشعرية في القصيدة‪.‬‬


‫‪ -‬الحقول الداللية أللفاظ القصيدة‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬معجم المصطلحات األلسنية‪ ،‬مبارك مبارك‪ ،‬ص‪.258‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬داللة األلفاظ‪ ،‬إبراهيم أنيس‪ ،‬مكتبة أنجلو المصرية‪ ،‬ط‪1984 ،5‬م‪ ،‬ص‪.8‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬اللغة في شعر الفرزدق‪ ،‬حلمي محمد عبد الهادي ص ‪.232‬‬
‫‪62‬‬
‫المبحث األول‪ :‬الصورة الشعرية في القصيدة‬

‫أوال‪ :‬مفهوم الصورة الشعرية‬


‫الصورة في المعاجم اللغوية تعرف على أنها «الشكل‪ ...‬والجمع صور و صور و صور‪ ،‬وقد‬
‫صوره فتصور‪ ،...‬وتصورت الشيء توهمت صورته فتصور لي‪ ،...‬قال ابن األثير‪ :‬الصورة ترد في‬
‫كالم العرب على ظاهرها وعلى معنى حقيقة الشي وهيئته وعلى معنى صفته‪ ،‬يقال‪ :‬صورة الفعل كذا‬
‫وكذا أي هيئته‪ ،‬وصورة األمر كذا وكذا أي صفته‪ ،1»...‬أما في علم الداللة فقد توسع مصطلح‬
‫الصورة ليدخل تحت علم البالغة والمعاني‪ ،‬فأصبحت تتعلق بمعاني األلفاظ ووضع اللفظ بموضع يثار‬
‫فيه ذهن المستمع‪ ،‬فالصورة الشعرية هي «الصورة األدبية التي يعتمد في إخراجها على صياغات علم‬
‫البيان كالتشبيه والمجاز واالستعارة والكناية وسواها من الوسائط البيانية المأثورة‪ ،‬التي يستطاع فيها‬
‫أداء المعنى الواحد بأساليب عدة وطرائق مختلفة بحسب مقتضى الحال وذوق الكاتب»‪ .2‬وقد كان‬
‫للصورة الشعرية قديما األثر الكبير في ازدهار اللغة‪ ،‬وكان أكثر ما يميز الشعر أنذاك سعة الخيال‬
‫والدقة في استعمال المجاز‪ ،‬فكان الشاعر المفن هو الذي يحسن التالعب باأللفاظ حسب أغراضه‪،‬‬
‫بحيث يجعل لشعره قابلية في المجتمع‪ ،‬ووضعه الشعر في صورة أدبية تشد انتباه السامع وتجعله‬
‫منفعال معه‪ ،‬وترجع الصورة الشعرية إلى أصلين هامين هما‪« :‬الخيال والعبارة الموسيقية‪ ،‬أما الخيال‬
‫فمن عناصره التشبيه واالستعارة والكتابة والطباق وحسن التعليل‪ ،‬وأما العبارة فمن خواصها جزالة‬
‫الكلمة وحسن جرسها وسالمتها من العيوب البالغية والنحوية‪ ،‬وكذلك نظم الكالم وحسن تأليفه مطابقا‬
‫للمعاني»‪ ،3‬إذن فالتصوير الشعري ودقة استعمال األلفاظ هما ميزان الشعر وبهما يعرف جيده من‬
‫ركيكه‪ ،‬ولعل هذا ما أشار له الجاحظ حينما وصف الشعر وجعله منحص ار في األلفاظ فقال‪« :‬وانما‬
‫الشأن في إقامة الوزن وتخير اللفظ وسهولة المخرج وكثرة الماء وفي صحة الطبع وجودة السبك‪ ،‬فإنما‬
‫الشعر صناعة وضرب من النسيج وجنس التصوير»‪ 4‬فالجاحظ يرى بأن الشعر ما كان مشتمال على‬
‫التصوير‪ ،‬وكانت ألفاظه مع دقتها خارجة عن التكلف‪« ،‬ويبدو أنه يقصد بالتصوير صياغة األلفاظ‬
‫صياغة حاذقة تهدف إلى تقديم المعنى تقديما حسيا وتشكيله على نحو صوري أو تصويري»‪ 5‬ويظهر‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬لسان العرب‪ ،‬ابن منظور‪ ،‬ص‪.2523‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬موسوعة علوم اللغة العربية‪ ،‬ايميل بديع يعقوب‪ ،‬الجزء‪ ،6‬ص‪.159‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬أصول النقد األدبي ‪ ،‬أحمد شايب ‪ ،‬مكتبة النهضة المصري‪ ،‬ط‪1994 ،10‬م‪ ،‬ص‪.249‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬الحيوان‪ ،‬أبو عثمان عمرو بن بحر الجاحظ‪ ،‬تح‪ :‬عبد السالم هارون‪ ،‬مطبعة مصطفى البابي الحلبي وأوالده‬
‫بمصر‪ ،‬ط‪1384( ،2‬هـ ‪1965 -‬م)‪ ،‬ج‪ ،3‬ص‪.131‬‬
‫‪5‬‬
‫‪ -‬الصورة الشعرية في النقد العربي الحديث‪ ،‬بشرى موسى صالح‪ ،‬المركز الثقافي العربي‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪1994 ،1‬م‪،‬‬
‫ص‪.21‬‬
‫‪63‬‬
‫هذا واضحا حين اعتبر الجاحظ البيتين الذين استجادهما أبو عمرو الشيباني خارج نطاق الشعر بل‬
‫اعتبر أن الذي قالهما ال يقول الشعر أبدا وال أحدا من أقاربه وهذان البيتان هما‪:‬‬
‫الرجال‬
‫فإنما الموت سؤال ِّ‬ ‫ال تحسبن الموت موت البلى‬
‫‪1‬‬
‫أفظع من ذاك لذ ِّل السؤال‬ ‫كالهما موت ولكن ذا‬

‫فهذان البيتان مع عمق معناهما إال أنهما يخلوان من جميع أنواع الصور الشعرية‪ ،‬إلى جانب‬
‫بساطتهما وخلوهما من الخيال والتشبيه واالستعارة والكناية‪ ،‬فال يحويان سوى المعنى والجرس‬
‫الموسيقي‪ ،‬ونجد في هذا الجانب الناقد الكبير عبد القاهر الجرجاني يجعل الشعر كله ما كان‬
‫بالتصوير ودقة األلفاظ فيقول‪« :‬ومعلوم أن سبيل الكالم سبيل التصوير والصياغة وأن سبيل الشيء‬
‫الذي يقع التصوير والصوغ فيه»‪ 2‬فهو يرى أن الشعر العربي يتميز من جانب ألفاظه وحسن تنسيقها‬
‫وتصويرها بأبلغ الصور‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬أهمية الصورة الشعرية‪:‬‬

‫للصورة الشعرية أهمية بالغة في الشعر فهي تعتبر أحد طرق التعبير ووجه من أوجه الداللة‪،‬‬
‫وتعطي للمعنى خصوصية وتأثي ار فهي ال تغير المعنى في حد ذاته لكنها تغيره من طريقة عرضه‬
‫وكيفية تقديمه وتزيد المعنى حسنا وزينة‪ ،‬ولهذا السبب فقد أجمع علماء اللغة على أهمية المجاز‬
‫وأجمعوا على أنه يفيد ماال تفيده الحقيقة ولوال ذلك لكانت الحقيقة أولى منه واعتبر بعضهم أن‬
‫االستعارة أحد أعمدة الكالم‪ ،3‬فالشعر الذي يخلو من االستعارة يكون جافا ال يؤثر في أذن السامع فال‬
‫يكون فيه من البالغة شيء وقال الشريف المرتضى في ذلك‪« :‬إن الكالم متى خال من االستعارة‬
‫وجرى كله على الحقيقة كان بعيدا عن الفصاحة بريئا من البالغة»‪ ،4‬فالشعر هو ما كان منسوجا من‬
‫الخيال واستعملت فيه األلفاظ على غير االستعمال الذي تألفه العوام واال لما كان هناك فرق بين‬
‫الشعر الفصيح وكالم العامة الذي يتسم بالبساطة‪ ،‬واعتبر بعض الدارسين أن «الشعر خرق للنظام‬
‫المألوف للغة واعادة كتابتها ضمن منهجية متميزة تحقق مردودا نفسيا بوتائر عالية عند الملتقى‪...‬‬
‫لذلك يكون التعبير بالصورة الشعرية نوعا من االرتقاء باللغة في مدارج الخيال لالستحواذ على‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬ينظر‪ :‬الحيوان‪ ،‬الجاحظ‪ ،‬الجزء‪ ،3‬ص‪.131‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬دالئل اإلعجاز‪ ،‬أبو بكر عبد القاهر الجرجاني ‪ ،‬ص‪.254‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬ينظر‪ :‬الصورة الفنية في التراث النقدي والبالغي عند العرب‪ ،‬جبر عصفور‪ ،‬المركز الثقافي العربي‪ ،‬بيروت‪،‬‬
‫ط‪1992 ،3‬م‪ ،‬ص‪ 323‬و ‪.324‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.324‬‬
‫‪64‬‬
‫انفعاالت الملتقى»‪ .1‬وتكمن أهمية الصورة الشعرية في كونها تحل محل مجموعة من العبارات الحرفية‬
‫التي تتساوى معها في الداللة لكن خصوصية الصورة الشعرية تتجلى في كونها ال تقود إلى الغرض‬
‫المطلوب مباشرة وانما تنحرف به عن هذا الغرض وتحاوره وتداوره فتبرز له جانبا من المعاني وتخفي‬
‫له جانبا خر حتى يثار شوقه وفضوله فيبقى متأمال في الصورة الشعرية واستنباطها فينكشف له حينئذ‬
‫المعنى الخفي منها فتلقي في هذه العملية نوعا من الدهشة السارة والمفاجئة الممتعة وقد عبر الفخر‬
‫الرازي عن هذا بـ ـ الدغدغة النفسانية‪.2‬‬

‫ثالثا‪ :‬أشكال الصور الشعرية في القصيدة‪:‬‬

‫تعتمد الصورة الشعرية على الخيال المتوقد في ذهن الشاعر فهي «مرتبطة بالمعاني اللغوية‬
‫لأللفاظ وبجرسها الموسيقي ومعانيها المجازية وحسن تأليفها»‪ 3‬وتشمل الصورة الشعرية في ألفاظها كال‬
‫من التشبيه والمجاز والكناية‪ ،‬وقصيدة الفرزدق 'أنا ابن العاصمين' من القصائد التي حوت جميع‬
‫أشكال البيان وبلغت أعلى ذروة الفصاحة وقد وردت فيها الصور الشعرية بمختلف أشكالها ونحن في‬
‫هذا المبحث سندرس هذه القصيدة من خالل ثالثة أشكال من أشكال الصورة الشعرية وهي التشبيه‬
‫والمجاز والكناية‪.‬‬

‫أ‪ -‬التشبيه‪:‬‬
‫يعرف التشبيه على أنه «إلحاق أمر بأمر خر في صفة أو أكثر بأداة من أدوات التشبيه‬
‫ملفوظة أو ملحوظة»‪ ،4‬ويكون التشبيه هنا في ماال يقبله العقل حقيقة فهو صورة من الصور الخيالية‬
‫التي يدخلها المتكلم لعالم الواقع فلو قلت مثال (زيد أسد) فالعقل ال يبقل مشابهة زيد لألسد في جوهره‬
‫وانما المشابهة هنا في صفات األسد وهي القوة والشجاعة لذلك فالتشبيه يزيد في البيان من قوة‬
‫المشابهة في المعنى مع البالغة واإليجاز فإن (زيد أسد) أبلغ وأفصح وأكثر إيجا از من (زيد قوي‬
‫وشجاع)‪.5‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬الصورة الشعرية عند خليل حاوي‪ ،‬هدية جمعة البيطار‪ ،‬دار الكتب الوطنية‪ ،‬أبو ظبي‪ ،‬ط‪2010 ،1‬م‪ ،‬ص‪.20‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬ينظر‪ :‬الصورة الفنية‪ ،‬جابر عصفور‪ ،‬ص‪.326‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬أصول النقد األدبي‪ ،‬أحمد الشايب‪ ،‬ص‪.244‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬مدخل إلى البالغة العربية‪ ،‬يوسف مسلم أبو العدوس‪ ،‬ص‪.144‬‬
‫‪5‬‬
‫‪ -‬ينظر‪ :‬الجامع الكبير في صناعة المنظوم من الكالم المنثور‪ ،‬ضياء الدين ابن األثير الجزري‪ ،‬تح مصطفى جواد‬
‫وجميل سعيد د‪/‬ط (‪1956‬م‪1375/‬ه) ص‪.91‬‬
‫‪65‬‬
‫وقد ورد التشبيه في قصيدة "أنا ابن العاصمين" في مواطن عديدة وبأغراض كثيرة مختلفة إال أنه يبدو‬
‫أن الفرزدق ركز في تشبيهه على غرضين أساسيين هما محور قصيدته وهما‪ :‬االفتخار بآبائه وأجداده‬
‫والثاني‪ :‬هجاء جرير وقومه‪.‬‬
‫أما عن االفتخار فيتجلى بوضوح في أوائل القصيدة فمن ذالك‪:‬‬
‫قوله‪" :‬يردون الحلوم إلى جبال" البيت‪ .9‬وهذ من التشبيه البليغ وهو ما حذفت فيه األداة ووجه‬
‫الشبه‪ ،1‬فشبه الفرزدق حلم بائه بالجبال ووجه الشبه هو العلو والرفعة‪ ،‬والمعنى أن بائه يتصفون‬
‫بالحلم بمنزلة عالية وقدر رفيع ثم يعطف على هذا فيقول‪" :‬وان شاغبتهم وجدوا شعابا" أي إذا جاء من‬
‫يريد إثارتهم فإنهم يثيرون‪.‬‬
‫وقوله‪" :‬بنو شمس النهار" البيت‪ ،.12‬وهو كذلك تشبيه بليغ فشبه باءه وأجداده بالشمس في النهار‬
‫والجامع هو اإلضاءة وشدة الحر ويقصد بذلك أنهم كضوء الشمس بين غيرهم‪ ،‬وأنهم أشداء البأس في‬
‫المعرك والحروب‪.‬‬
‫وقوله‪" :‬ملوك يبتنون" البيت‪3‬؛ وهو من التشبيه البليغ فشبه باءه بالملوك على األسرة ووجه الشبه هو‬
‫رفعتهم وعلو مكانتهم وأن لهم السلطان والعز وغيرهم كالخدم لهم‪.‬‬
‫فنرى من هذه الصور أن الفرزدق يغالي في مدح بائه وأجداده فاستعمل خياله وجعلهم كالجبال‬
‫وكالشمس وكالملوك فأضاف بذلك إلى قصيدته نوعا من السحر والبيان حتى يخيل إلى قارئها أنهم‬
‫كذلك‪.‬‬
‫وتعيير له به‬
‫ا‬ ‫ومن وجه خر فقد استعمل الفرزدق التشبيه في هجائه لخصمه جرير وقومه تنكيال له‬
‫ومن ذلك قوله فيه ‪:‬‬
‫كأم حلس) البيت‪21‬؛ شبه جري ار بأم حلس وهي كنية عن األتان وهذا من التشبيه المرسل‬
‫(وكان ِّ‬
‫المجمل وهو ما ذكرت فيه األداة وحذف منه وجه الشبه‪ 2‬وهو "البالدة"‪ ،‬فبالغ الفرزدق في هذه الصورة‬
‫من جعله جري ار شبيها باألتان وهي أنثى الحمار مشي ار بذلك إلى بالدته وغبائه حتى أنه من لم يكن‬
‫يعرف جري ار لظنه على هذا القدر من التسفل‪.‬‬
‫وقوله‪" :‬كليب دمنة خبثت وقلت" البيت‪45‬؛ عير في هذا البيت الفرزدق جد جرير وهو كليب فشبه‬
‫كليبا ِّ‬
‫بالدمنة وهي البعرة تقول دمنت الشاة المكان إذا بعرت فيه وبالت‪ ،3‬وفي هذا غاية التنكيل بجرير‬
‫فشبه الفرزدق جد جرير ‪ -‬كليب بن يربوع‪ -‬وهو الجد الخامس لجرير ببعرة خبيثة الرائحة يشمئز منها‬
‫كل من يراها وهذا من التشبيه البليغ‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬ينظر‪ :‬مدخل إلى البالغة العربية‪ ،‬يوف مسلم أبو العدوس‪ ،‬ص‪.145‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬ينظر‪ :‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.145‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬ينظر‪ :‬لسان العرب‪ ،‬ابن منظور‪ ،‬ص‪.1427‬‬
‫‪66‬‬
‫ومن التشبيه كذلك قول الفرزدق‪:‬‬
‫كأهل النار إذ وجدوا العذابا‬ ‫فإنك من هجاء بني نمير‬
‫‪1‬‬
‫وقد كان الصديد لـهم شرابا‬ ‫رجوا من حِّرها أن يستريحوا‬
‫هذان البيتان هما محور القصيدة ولبها‪ ،‬بل إن ما تقدمهما من األبيات ما هو إال توطئة لهما‪ ،‬وذلك‬
‫ألن أصل إنشاء الفرزدق لهذه القصيدة هو رده على هجاء جرير للراعي النميري‪ ،‬فرد عليه هجاءه‬
‫بهذه الصورة البالغية الرائعة‪ ،‬فشبه جري ار وهجاءه الذي هجا به الراعي بأهل النار يوم القيامة‪ ،‬فهم‬
‫يحاولون النجاة من عذابها ويبحثون عما يبردون به حرها‪ ،‬ال يجدون أمامهم سقاء غير الصديد وال ثم ار‬
‫غير الزقوم‪ ،‬وهذا التشبيه مرسل مفصل وهو ما ذكرت فيه األداة مع وجه الشبه‪ ،2‬ولم يستعل الفرزدق‬
‫هذا النوع من التشبيه في غير هذ الموضع وهذا لزيادة انتباه السامع فهذا هو لب الكالم‪ .‬ومن هنا نعلم‬
‫أن الفرزدق قد استعان بصورة التشبيه في توضيح أغراضه في القصيدة سواء في االفتخار أن الهجاء‬
‫وهذا ديدنه في جميع أغلب قصائده‪.‬‬

‫ب‪ -‬المجاز‪:‬‬
‫يعرف البالغيون المجاز على أنه كل لفظ «أريد به غير المعنى الموضوع له في أصل اللغة‬
‫اتساعا وقيل هو ما نقل عن موضوعه األصلي إلى غيره بسبب مشابهة بين محل الحقيقة ومحله في‬
‫أمر مشهور»‪ 3‬وينقسم المجاز إلى قسمين بحسب العالقة بين المعنى الحقيقي والمعنى المجازي فإن‬
‫كانت العالقة بينها المشابهة فهو استعارة وان كان غير ذلك فهو مجاز مرسل‪ ،4‬وسيأتي بيان ذلك‪:‬‬
‫‪ -1‬المجاز المرسل‪:‬‬
‫وهو «لفظة استعملت في غير معناها األصلي لعالقة غير المشابهة مع قرينة مانعة من إرادة‬
‫المعنى األصلي»‪ 5‬وللمجاز المرسل عالقات كثيرة يطول بنا ذكرها‪ ،‬وقد استعمل الفرزدق المجاز‬
‫المرسل في قصيدته بكثرة بعالقات مختلفة نذكر بعضها في هذا المقام وهي قوله‪:‬‬
‫‪6‬‬
‫الرقابا‬
‫خشوعا خاضعين له ِّ‬ ‫من المستأذنين ترى معدا‬
‫ففي البيت مجازان أولهما قوله‪( :‬ترى معدا) فمعد هو معد بن عدنان ويقصده به جميع قبائل العرب‬
‫وهذا ليس على حقيقته وانما مراده األفراد الذين يسكنون في قبائل العرب فالعالقة هنا بين المعنى‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬ديوان الفرزدق‪ ،‬ص‪.94‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬ينظر‪ :‬مدخل إلى اللغة العربية‪ ،‬يوسف مسلم أبو العدوس ص‪.145‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬الجامع الكبير في صناعة المنظوم من الكالم النثور‪ ،‬ابن األثير ص‪.28‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬ينظر‪ :‬جواهر البالغة‪ ،‬أحمد الهاشمي‪ ،‬ص‪.251‬‬
‫‪5‬‬
‫‪ -‬مدخل إلى البلغة العربية‪ ،‬يوسف مسلم أبو العدوس‪ ،‬ص‪.174‬‬
‫‪6‬‬
‫‪ -‬ديوان الفرزدق‪ ،‬ص‪.91‬‬
‫‪67‬‬
‫الحقيقي والمجازي عالقة محلية «وهي تسمية الشيء باسم محله»‪ 1‬وقد أكثر الفرزدق من استعمال‬
‫المجاز بهذه العالقة فمنها قوله‪( :‬وتأبى دارم لي أن أعابا) فذكر دارما أي قبيلته ومراده أفراد قبيلته‬
‫فالعالقة هنا محلية وأتى الفرزدق بهذه الصورة للتفخيم من شأنه وعزته في قبيلته وأن قومه ذو أنفة ال‬
‫يرضون أن يذل فرد منهم‪ .‬ومنها قوله‪( :‬فإن تك عامر أثرت وطابت) البيت‪ .38‬فعامر بن صعصعة‬
‫من أجداد بني نمير ومراده قبيلة بني نمير فاستعمل اللفظ على غير حقيقته فهي عالقة محلية‬
‫والفرزدق في هذه الصورة يفاخر بني نمير وأنهم أثروا وسعدوا خالفا لبني كليب الذين كان لهم الخزي‪.‬‬
‫وأما المجاز الثاني الذي في البيت فهو (خاضعين له الرقابا) أي يحنون رقابهم له وهذا مجاز فحقيقة‬
‫االنحناء يكون للرأس وللرقبة معا فأسند االنحناء إلى جزء واحد وهو الرقبة فالعالقة هنا عالقة جزئية‬
‫ويقصد بها «تسمية الشيء باسم أجزائه بحيث يستعملون اللفظ الدال على جزء الشيء ويريدون كله»‪،2‬‬
‫وقد أتى الفرزدق بهذه الصورة في معرض التصغير من شأن العرب أمامه وأمام قومه‪.‬‬
‫ومن المجاز المرسل قوله‪" :‬فلم يبرح بها حتى احتواهم" البيت ‪ ،.54‬أي احتوى بعضهم فأشار إلى‬
‫الكل وأراد به البعض فالعالقة هنا عالقة كلية وهي «تسمية الشيء باسم كله بحيث يستعمل اللفظ‬
‫الدال على الكل ويراد جزء منه»‪ ،3‬وهذ المجاز ورد في القصيدة أكثر من مرة منها قوله‪( :‬سما برجال‬
‫تغلب من بعيد) البيت‪ ،51‬فأشار إلى رجال تغلب أي جميعهم وليس ذلك على حقيقته وانما سما‬
‫ببعضهم فأشار إلى الكل للداللة على كثرتهم فالعالقة يبن المعنى الحقيقي والمعنى المجازي عالقة‬
‫كلية‪.‬‬
‫ومن صور المجاز المرسل في القصيدة قوله‪:‬‬
‫‪4‬‬
‫مخازي ال يبتن على إرابا‬ ‫لقد ترك الـهذيل لكم قديما‬
‫فالهذيل هو هذيل بن هبيرة التغلبي أغار على قوم جرير بني يربوع قديما‪ ،5‬فذكر الفرزدق أن الهذيل‬
‫ترك لهم في أراضيهم الخزي وليس ذلك على حقيقته وانما ترك لهم سبب الخزي وهو القتل والتنكيل‬
‫فالعالقة المجازية هنا عالقة مسببية ويقصد بها «تسمية الشيء باسم نتيجته أو ما يتسبب عنه‬
‫فيستعملون اللفظ الدال على المسبب أي النتيجة ويريدون السبب»‪ 6‬وجاء الفرزدق بهذه الصورة للتعيير‬
‫ببني يربوع في أيامهم مع بني تغلب‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬مدخل إلى البالغة العربية‪ ،‬يوسف مسلم أبو العدوس‪ ،‬ص‪.178‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.177‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.175‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬ديوان الفرزدق‪ ،‬ص‪.95‬‬
‫‪5‬‬
‫‪ -‬ينظر‪ :‬شرح ديون الفرزدق‪ ،‬ايليا الحاوي‪ ،‬دار الكتب اللبناني‪ ،‬ط‪1983 ،1‬م‪ ،‬ج‪ ،1‬ص‪.172‬‬
‫‪6‬‬
‫‪ -‬مدخل إلى البالغة العربية‪ ،‬يوسف مسلم أبو العدوس‪ ،‬ص‪.175‬‬
‫‪68‬‬
‫‪ -2‬االستعارة‪:‬‬
‫وهي أحد أنواع المجاز وتختلف عن المجاز المرسل في كونها «تشبيه حذف أحد طرفيه أو‬
‫انتقال كلمة من بيئة لغوية إلى بيئة لغوية أخرى وعالقتها المشابهة دائما»‪ ،1‬وتنقسم االستعارة إلى‬
‫ضربين استعارة مكنية وهي ما حذف منها المشبه به وذكر فيها المشبه‪ ،‬واستعارة تصريحية وهي‬
‫عكس ذلك بأن يحذف المشبه ويذكر فيها المشبه به‪ ،2‬وتعتبر االستعارة من الصور البيانية التي تزيد‬
‫المعنى بالغة ووضوحا وقد استعملها الفرزدق في أكثر من موضع سنذكر بعضها وهي‪:‬‬
‫قوله في أول بيت (إذا ما أعظم الحدثان نابا) أي نزل فهذه استعارة مكنية ألن المعروف أن الحدثان‬
‫وهي خطوب الدهر ال تنزل إنما ينزل هو ما كان جرما كالمطر فشبه الفرزدق خطوب الدهر بالمطر‬
‫وحذف المشبه به وأبقى على شيء من لوازمه وهو النوب أي النزول على سبيل االستعارة المكنية‪،‬‬
‫ولعلنا نالحظ بالغة أسلوب الفرزدق في هذا البيت فجعلنا نتصور نزول الحدثان كاألمطار الغزيرة‬
‫التي ال توقف لها‪ ،‬و باؤه مع ذلك يعصمون بني تميم عن الخضوع لها‪.‬‬
‫ومنها قوله‪( :‬رأيت مهابة وأسود غاب) فمهابة كناية وسيأتي لنا الحديث عليها وقوله أسود غاب يشبه‬
‫باءه بأسود الغاب بجامع القوة والشجاعة فحذف المشبه وهو باؤه وأبقى على شيء من لوازمه وهو‬
‫الرؤية على سبيل االستعارة التصريحية وهو بهذه الصورة التخيلية يزيد من تعظيم بائه واالفتخار بهم‬
‫فتجاوز بهم من التشبيه إلى تصويرهم بصورة المشبه به فجعلهم أسودا ال كاألسود‪ .‬ومن االستعارة‬
‫كذلك قوله‪:‬‬
‫‪3‬‬
‫كذاك الليث يلتهم الذبابا‬ ‫ذباب طار في لـهوات ليث‬
‫ففي هذا البيت استعارتان هما‪ :‬األولى تشبيهيه قوم جرير بالذباب الذي يلتهمه الليث فحذف المشبه و‬
‫هو قوم جرير وأبقى على شيء من لوازمه يدل عليه ما سبق من هجائه جرير على سبيل االستعارة‬
‫التصريحية‪ ،‬والثانية تشبيهه قومه بالليث الذي يلتهم الذباب فحذف المشبه وهم قومه وأبقى على شيء‬
‫من لوازمه على سبيل االستعارة التصريحية‪ ،‬وفي هذا البيت أعطى الفرزدق صورة بالغية رائعة تجمع‬
‫بين الفخر والهجاء وهي الليث الضخم الذي يلتهم الذباب المتناثر دون أية مشقة ودون أن يجد الذباب‬
‫له أي مهرب فكان جري ار وقومه هم ذلك الذباب الصغير والفرزدق وقوه هم ذلك الليث الضخم‪.‬‬
‫ومن االستعارة كذلك قوله‪:‬‬
‫‪4‬‬
‫و خر قد قذفت له شهابا‬ ‫فكم من خائف لي لم أضره‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.186‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬ينظر‪ :‬مدخل إلى البالغة العربية‪ ،‬يوسف مسلم أبو العدوس ‪ ،‬ص‪186‬و ‪.188‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬ديوان الفرزدق‪ ،‬ص‪.93‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬المصدر نفسه‪ ،‬ص‪.96‬‬
‫‪69‬‬
‫فقوله ‪( :‬قذفت له شهابا) استعارة تصريحية شبه فيها الفرزدق شعره بالشهاب فحذف المشبه وهو‬
‫الشعر وأبقى على شيء من لوازمه‪ ،‬وفي هذه الصورة يمدح الفرزدق قصيدته هذه "أنا ابن العاصمين"‬
‫ويجعلها كالشهاب الذي ما اقترب منه شيء إال احترق واختص بهذا االحتراق جريرا‪ ،‬وأنها كالدامغة‬
‫لما يقوله جري ار من الهجاء‪.‬‬

‫وقد جاء من صور االستعارة والمجاز المرسل غير ما ذكرته اآلن ما يطول بنا المقام إن‬
‫بسطنا فيه القول وسنكتفي من هذه الصور فيما ذكرنا فنالحظ أن الفرزدق كان مبدعا مفنا بلغ في‬
‫التصور الشعري أعلى درجاته وهذا دليل براعته وقدرته‪.‬‬

‫ج‪ -‬الكناية‪:‬‬

‫والكناية كما عرفها البالغيون هي كل « لفظ أطلق وأريد به الزم معناه مع قرينه ال تمنع من‬
‫إرادة المعنى األصلي نحو "زيد طويل النجاد" تريد بهذا التركيب أنه شجاع عظيم»‪ 1‬وجاءت صور‬
‫الكناية في قصيدة "أنا ابن العاصمين" في مواضع كثيرة جدا حتى انه ال يخلو بيتان أو ثالثة من أن‬
‫ترد فيهما كناية واحدة على األقل وسنذكر بعضها وما يثير انتباه القارئ منها وهي‪ :‬قوله في أول بيت‬
‫(أنا ابن العاصمين بني تميم) فكنى عن بائه وأجداده بصفة العاصمين‪ ،‬ويصنف البالغيون هذه‬
‫الكناية من جانب الكناية عن الموصوف وهي التي تكون بأن «تذكر الصفة ويستر الموصوف مع أنه‬
‫المقصود والصفة هي الالزم من الموصوف ومنها تنتقل إليه»‪ 2‬مثل "جاء الكريم" تقصد به زيدا و"رأيت‬
‫الخبيث" أي عم ار‪ ،‬ومنها ما جاءنا في هذا البيت فقد ذكر الصفة التي يتمتع به باؤه وهي العصمة من‬
‫خطوب الدهر واستغنى بها عن ذكرهم فنسب الفرزدق نفسه إلى العصمة كأنها هي التي ولدته وهذا‬
‫من أبلغ االفتخار في هذه القصيدة‪.‬‬
‫ومن الكناية قوله‪:‬‬
‫‪3‬‬
‫أغر ترى لقبته حجابا‬ ‫نما في كل أصيد دارمي‬
‫ففي هذا البيت ثالث كنايات‪ :‬أولها (كل أصيد) وهذه كناية عن موصوف‪ ،‬فاألصيد صفة للذي ال‬
‫يستطيع االلتفات ورائه يقال ملك أصيد أي ال يلتفت و ارءه فليس جبانا وكذلك تعني الذي يرفع رأسه‬
‫كب ار‪ ،4‬فكنى الفرزدق بهذه الصفة عن بائه في معرض االفتخار‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬جواهر البالغة‪ ،‬أحد الهاشمي‪ ،‬ص‪.287‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬مدخل إلى البالغة العربية‪ ،‬يوسف مسلم أبو العدوس‪ ،‬ص‪.214‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬ديوان الفرزدق‪ ،‬ص‪.91‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬ينظر‪ :‬لسان العرب‪ ،‬ابن منظور‪ ،‬ص‪.2534‬‬
‫‪70‬‬
‫‪1‬‬
‫الثانية‪( :‬أغر) وهي كذلك كناية عن موصوف والغرة في اللسان‪ ،‬أصلها البياض في جبهة الفرس‬
‫فجعل أباءه غرة بني تميم فهم متميزون عنهم بأنه حماة له عصمة ألمرهم‪.‬‬
‫أما الثالثة (ترى لقبته حجابا) فهذه كناية عن صفة «وهي التي يطلب بها نفس الصفة والمراد بالصفة‬
‫هنا الصفة المعنوية كالكرم والشجاعة‪ ..‬وفي هذا النوع من الكناية يذكر الموصوف وتستر الصفة مع‬
‫أنها هي المقصودة»‪ ،2‬وهنا كنى بالقبة التي لها من الرفعة والعظمة والسؤدد الذي يتصف به باؤه فهم‬
‫يتخذون القباب هي الخيم العالية لها حجاب فال يدخل لها إال من يرضون رؤيته‪.‬‬

‫فنرى في هذا البيت كيف أن الصور البالغية الثالثة استعان بها الفرزدق في بناء سلم من االفتخار‬
‫بآبائه وهو قد نما ونشأ في من لهم الرفعة والسؤدد‪.‬‬

‫ومن صور الكناية في القصيدة قوله‪:‬‬

‫وذو القوس الذي ركز الحرابا‪.3‬‬ ‫وضمرة والـمجِّبر كان منهم‬

‫فقوله "ضمرة" اسم علم وهو ضمرة بن ضمرة بن ضمرة بن جابر من بني دارم‪ ،‬والمجبر كناية عن‬
‫موصوف وهو سلمى بن جندل من بني دارم‪ ،‬سمي بالمجبر ألنه جبر قومه عندما أصابتهم سنة‪.‬‬
‫وذو القوس كنى به عن موصوف‪ ،‬وهو حاجب بن ز اررة من بني دارم كني بذي القوس ألنه كان قد‬
‫رهن قوسه كسرى عن العرب فوفى له بما ضمن له‪.4‬‬

‫ومن صور الكناية كذلك قوله‪:‬‬


‫‪5‬‬
‫فراء اللؤم أربابا غضابا‬ ‫فكيف تكلِّم الظربى عليها‬

‫فقوله‪( :‬الظربى عليها فراء اللوم) كناية عن موصوف وهو جرير وقومه فكناهم بالظربى التي تحمل‬
‫على ظهرها فراء اللؤم وهي حيوان بحجم الهر كريه الرائحة‪.6‬‬
‫و(أربابا غضابا) كناية عن موصوف وهم باء الفرزدق فهم أسياد عظام وقوم جرير ظربان منتنة‬
‫الرائحة فكيف يتخاطبون؟‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬ينظر المصدر السابق‪ ،‬ص‪.3234‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬مدخل إلى البالغة العربية‪ ،‬يوسف مسلم أبو العدوس‪ ،‬ص‪.212‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬ديوان الفرزدق‪،‬ص‪.92‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬ينظر‪ :‬نقائض جرير والفرزدق‪ ،‬أبو عبيدة بن المثنى‪ ،‬الجزء األول‪ ،‬ص‪.331‬‬
‫‪5‬‬
‫‪ -‬ديوان الفرزدق‪ ،‬ص‪.92‬‬
‫‪6‬‬
‫‪ -‬ينظر‪ :‬شرح ديوان الفرزدق‪ ،‬إيليا الحاوي‪،‬ج‪ ،1‬ص‪.168‬‬
‫‪71‬‬
‫ومن صور الكناية قوله‪:‬‬
‫‪1‬‬
‫الرغابا‬
‫بعانتك اللهاميم ِّ‬ ‫أتطلب يا حمار بني كليب‬

‫فقوله‪( :‬يا حمار) كناية عن موصوف وهو جرير‪ ،‬وهذا فيه غاية التحقير واإلهانة إذ لم يشبه الفرزدق‬
‫جري ار بالحمار بل اعتبره عين الحمار‪ .‬وقوله‪( :‬أربابا غضابا) كناية عن موصوف وهم باء الفرزدق‬
‫وأجداده واللهاميم الرغاب هم األسياد العظام‪.‬‬

‫ومن صور الكناية كذلك قوله‪:‬‬


‫‪2‬‬
‫عليها الناس كلهم غضابا‬ ‫وتحسب من مالئمها كليب‬

‫هذا البيت كله كناية عن صفة‪ ،‬وصف بها الفرزدق كليب‪ ،‬وهم قوم جرير‪ ،‬وهي الضعف والمذلة‬
‫وخوف مواجهة أبسط الناس‪ ،‬حتى أنهم ليحسبون أن كل الناس يبغضونهم‪.‬‬

‫من خالل هذه الصور التي تعرضنا لها في هذا المبحث‪ ،‬نجد أن الفرزدق قد اعتمد في بناء‬
‫قصيدته أنا "ابن العاصمين" على مختلف الصور الشعرية التي منشؤها الخيال‪ ،‬فنراه في مدحه‬
‫وافتخاره ينسب نفسه إلى العصمة ويعتبر باءه وأجداده أسود الغاب‪ ،‬بل وهم جميعا جاؤوا من الشمس‬
‫في شدة حرها‪ ،‬وفي مقابل هذا فهو يهجو جري ار وقومه‪ ،‬فيتخيلهم ظربانا وتارة حميرا‪ ،‬فكل هذه الصور‬
‫مع أنها منشأها الخيال المحض إال أنها ساهمت بشكل كبير في بيان الغرض البالغي من هذه‬
‫القصيدة فجاءت قصيدته من أبلغ القصائد التي قالتها العرب‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬ديوان الفرزدق‪ ،‬ص‪.92‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬المصدر نفسه‪ ،‬ص‪.95‬‬
‫‪72‬‬
‫المبحث الثاني ‪ :‬الحقول الداللية لأللفاظ‪.‬‬

‫علم الداللة هو علم يهتم بالمعاني فهو يدرس الكلمات وما تؤديه من معنى داخل السياق و‬
‫هو باإلضافة إلى ذلك يدرس الكلمات و عالقة بعضها ببعض و ما منها يعطي نفس الداللة و االتفاق‬
‫في المعنى و هو ما يصطلح عليه الدارسون بالحقول الداللية للكلمات‪ ،‬ونظرية الحقول الداللية نظرية‬
‫حديثة ظهرت في العشرينيات أو الثالثينيات من القرن ‪ 20‬على أيدي علماء سويسريين وألمان‪ ،1‬حيث‬
‫تقوم هذه النظرية على أساس تنظيم «مجموعة من الكلمات التي ترتبط دالالتها ضمن مفهوم محدد‬
‫من ذلك مثال حقل الكلمات التي تدل على الحيوانات األليفة أو المتوحشة و حقل الكلمات التي تدل‬
‫على السكن أو التي تدل على االلوان أو القرابة أو أي قطاع من المادة اللغوية يعبر عن مجال معين‬
‫من الخبرة و االختصاص»‪ 2‬و مثال ذلك الكلمات التالية (بيت‪ ،‬أسد‪ ،‬نبات‪ ،‬نمر‪ ،‬حائط‪ ،‬زهرة‪،‬‬
‫نرجس‪ ،‬سقف‪ ،‬تمساح‪ ،‬ذئب‪ ،‬ورقة‪ ،‬باب) فهذه الكلمات يمكننا أن نصنفها عبر ثالث حقول و هي‪:‬‬
‫الحقل الدال على الحيوانات المتوحشة (أسد‪ ،‬نمر‪ ،‬تمساح‪ ،‬ذئب)‪ ،‬الحقل الدال على النبات (نبات‪،‬‬
‫زهرة‪ ،‬نرجس‪ ،‬ورقة)‪ ،‬الحقل الدال على السكن (بيت‪ ،‬حائط‪ ،‬سقف‪ ،‬باب) و من هذا فكل كلمة لها‬
‫داللة تنتمي إلى حقل معين و تشترك الكلمات التي ضمن الحقل الواحد في الداللة األصلية لهذا الحقل‬
‫فكلمتي "أسد" و "نمر" مع اختالفهما حسا و معنا إال أنهما يشتركان في كونهما حيوانا متوحشا‪ ،‬لذا فقد‬
‫اعتبر بعض الدارسين أن نظرية الحقول الداللية «و طرق التحليل العلمي التي تقدمها في مجال‬
‫الدراسات الداللية تقدم للمعجمي وغيره من المهتمين بدراسة الداللة مساعدات كبيرة سواء في بناء‬
‫المعجم أو في الدراسات الداللية بشكل عام»‪ 3‬و تعتمد نظرية الحقول الداللية في تصنيفها للكلمات‬
‫على مجموعة من المبادئ و هي ‪ - :‬كل كلمة يجب أن تنتمي الى حقل معين‪.‬‬
‫‪ -‬ال يمكن لكلمة تكون عضوا في أكثر من حقل‪.‬‬
‫‪ -‬ال يصح إغفال السياق التي ترد منه الكلمة‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬استحالة دراسة المفردات مستقلة عن التركيب النحوي‪.‬‬

‫و في دراستنا للحقول الداللية في قصيدة "أنا ابن العاصمين" نجد أن الفرزدق ركز في قصيدته على‬
‫ثالثة محاور و هي الفخر و الهجاء و المدح‪ ،‬فجاء في كل محور من هذه المحاور بألفاظ يعبر بها‬
‫عنه‪ ،‬ولذا فقد قسمت الحقول الداللية في هذه القصيدة إلى ثالثة أقسام‪:‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬ينظر‪ :‬علم الداللة‪ ،‬أحمد مختار عمر‪ ،،‬مكتبة لسان العرب‪ ،‬ط‪1998 ،5‬م‪ ،‬ص‪.82‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬مبادئ في اللسانيات‪ ،‬أحمد محمد قدور‪ ،‬ص‪.362‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬الكلمة دراسة لغوية معجمية‪ ،‬حلمي خليل‪ ،‬دار المعرفة الجامعية‪ ،‬ط‪1998 ،2‬م‪ ،‬ص‪.154‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬ينظر‪ :‬علم الداللة‪ ،‬أحمد مختار عمر‪ ،‬ص‪.82‬‬
‫‪73‬‬
‫‪ -‬حقل االلفاظ الدالة على الفخر‪.‬‬
‫‪ -‬حقل االلفاظ الدالة على الهجاء‪.‬‬
‫‪ -‬حقل االلفاظ الدالة على المدح‪.‬‬

‫أوال‪ :‬حقل االلفاظ الدالة على الفخر‪:‬‬


‫يعتبر الفخر «فن من فنون الشعر الغنائي يتغنى فيه الشاعر بنفسه أو بقومه انطالقا من حب‬
‫الذات كنزعة إنسانية طبيعية‪ ،‬و لم يكن الفخر هدفا في حد ذاته لكنه كان وسيلة لرسم صورة في‬
‫النفس ليخافها األعداء فتجعلهم يترددون طويال قبل التعرض للشاعر أو لقبيلته‪ ،‬إذن الفخر كان له‬
‫أكثر من معنى و أكثر من دور‪ ،‬فباإلضافة إلى التصاقه الشديد بالذات االنسانية يعتبر حدودا تمنع‬
‫األعداء من التقدم»‪ ،1‬و قد كان للفخر في ديوان الفرزدق الحظ األوفر من القصائد أما في هذه‬
‫القصيدة (انا ابن العاصمين) فقد أفاض الفرزدق في الفخر بشكل كبير فابتدأ قصيدته باالفتخار بآبائه‬
‫و بنسبه و اختتم قصيدته باالفتخار بقصيدته هذه‪ ،‬و ذكر أيام بني تميم التي أبلوا فيها بالء حسنا ثم‬
‫مزج فخره في هجاء جرير و قومه بني كليب تعيي ار لهم به‪ ،‬و سنذكر بعض األلفاظ الدالة على الفخر‬
‫في هذه القصيدة على سبيل اإلجمال ال الحصر‪:‬‬
‫("ابن العاصمين‪. ،‬نما في كل أصيد‪ ،‬لقبته حجابا‪ ،‬ملوك‪ ،‬خاضعين له‪ ،‬يقود الخيل‪ ،‬المجبر‪ ،‬ذو‬
‫القوس‪ ،‬وجدوا شغابا‪ ،‬رأيت مهابة‪ ،‬أسود غاب‪ ،‬تاج الملك‪ ،‬بنو شمس النهار‪ ،‬نحن األكثرون‪،‬‬
‫اللهاميم‪ ،‬الرغاب‪ ،‬لنا الحناظل و الرباب‪ ،‬المفقئة ‪،‬الفوارس‪ ،‬إلى الحسب النسابا‪ ،‬أنا أحق‪ ،‬الليث‪،‬‬
‫بحري أريت له اضطرابا‪ ،‬موج‪ ،‬يحتفل السحابا‪ ،‬بحري أريت له عبابا‪ ،‬غر نسقت مشهرات‪ ،‬طوالع‪،‬‬
‫بلغن الشمس")‪.‬‬
‫فهذه األلفاظ هي الصور الفخرية التي بنى بها الفرزدق قصيدته‪ ،‬و يبدو من هذا أن الفرزدق في هذه‬
‫القصيدة كان جل همه أن يعظم نفسه اتكاء على مآثر بائه و أجداده‪ ،‬وهو ما أفاض فيه الفرزدق‬
‫كثي ار خاصة في مطلع قصيدته و ذلك في قوله‪:‬‬
‫إذا ما أع ـظ ـ ـم الح ـ ـدث ـ ـان نـ ـاب ـا‬ ‫أنا ابن العاصمين بني تميم‬
‫أغـ ـر ت ـ ـرى لـ ـقـ ـبـ ـتـ ـ ـه حـ ـج ـ ـ ـابـ ـا‬ ‫نم ـا ف ـي ك ـ ِّل أصي ـد دارمـ ـي‬
‫سـ ـ ـرادقـ ـها المـ ـق ـ ـاول وال ـقـ ـ ـب ـ ـ ـاب ـا‬ ‫م ـلـ ـوك ي ـب ـت ـن ـون ت ـوارثـ ـوهـ ـ ـا‬
‫‪2‬‬
‫خشوع ـا خاضعي ـن له ـا الرق ـاب ـا‬ ‫مـن المستأذني ـن ت ـرى مع ـدا‬
‫وان ش ـاغب ـت ـهم وج ـدوا شـ ـغ ـاب ـ ـا‬ ‫يـ ـردون الحل ـ ـوم إل ـى جبـ ـ ـال‬ ‫و منها‪:‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬الفخر في الشعر العربي‪ ،‬سراج الدين محمد‪ ،‬دار الراتب الجامعية بيروت ‪،‬د‪/‬ط‪ ،‬د‪/‬ت‪ ,‬ص‪.5‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬ديوان الفرزدق‪ ،‬ص‪.91‬‬
‫‪74‬‬
‫بعينيك مااستطعت لهم خطابا‬ ‫أولئك وعير أ ِّمك لو تراهـم‬
‫وتـ ـاج الملـ ـك يلت ـهـ ـب الت ـهـ ـاب ـا‬ ‫أري ـت مه ـاب ـة وأسـود غ ـاب‬
‫‪1‬‬
‫إذا انجاب ـت دج ـنـ ـتـ ـه انجـ ـيـ ـابـ ـا‬ ‫بنو شمس النهار وك ِّل بدر‬
‫إلى غير ذلك في ما يقارب خمسة عشر بيتا في مطلع القصيدة‪ ،‬و العجيب في األمر أن الفرزدق في‬
‫جميع هذه األبيات التي افتتح بها القصيدة لم يذكر نفسه بمفخرة سوى االنتساب إلى هؤالء العظماء و‬
‫كونه ابنا لهم كأنه يعتبر السيدة و الفخر هي االنتساب لهم فقط‪.‬‬

‫ومن أساليب الفخر التي اعتمدها الفرزدق في هذه القصيدة هي افتخاره بشعره و بكالمه و أنه‬
‫ليس له نظير يعدله و ال أحد يستطيع أن يصمد أمامه و جعله كالبحر المصطخب الذي إذا ركبه‬
‫أمهر الرجال يغلبه فقال‪:‬‬
‫إذا بحري أريت له اضطرابا‬ ‫أتعدل حومتي ببني كليـب‬
‫‪2‬‬
‫ول ـو لقمـ ـان س ـاوره ـا ل ـهـ ـابـ ـا‬ ‫تروم لتركب الصعداء منه‬
‫إذا بح ـري أري ـت ل ـه عب ـاب ـا‬ ‫و يقول أيضا‪ :‬بأيـ ـة زنمتي ـك تن ـال قوم ـي‬
‫وطود الخيف إذ مأل الجنابا‬ ‫ترى أمواجه كجبال لبنى‬
‫‪3‬‬
‫حس ـب ـت علي ـه حـ ـرات والب ـا‬ ‫إذا جاشت ذراه بجنح ليل‬
‫ففي هذه األبيات الثالث يشير الفرزدق إلى أن شعره كالبحر الذي يرتفع عند اصطخابه فيصير‬
‫كالجبال في العلو‪ ،‬حتى أن الذي يراه في الليلة المقمرة يحسبه يحمل على أمواجه الحصى و الحجارة‬
‫لشدة قوته‪ .4‬واختتم الفرزدق قصيدته "أنا ابن العاصمين" باالفتخار بها فجعلها كالدامعة لما يقوله جري ار‬
‫فصورها لنا كالشهاب الذي ترجم به الشياطين و مقصده بذلك جري ار‪ ،‬و جعلها في نظمها كالغرة في‬
‫وجه الفرس بل كشمس النهار إلى ما تفتأ أن تطلع إال وتضيء الكون كله بفصاحتها‪ ،‬فانظر إلى‬
‫و خ ـر قـ ـد ق ـذف ـ ـت ل ـه شه ـابـ ـا‬ ‫فك ـم من خائـ ـف لي لم أضـ ـره‬ ‫قوله‪:‬‬
‫طوالـ ـع ال تطيـ ـق له ـا جوابـ ـا‬ ‫وغـ ـر قـ ـ ـد ن ـس ـقـ ـ ـت مش ـه ـ ـ ـرات‬
‫‪5‬‬
‫ومسقط قرنها من حيث غابا‬ ‫بلغن الشمس حيث تكون شرقا‬

‫فهذه كلها من صور الفخر اعتمدها الفرزدق للتعظيم من نفسه وقومه‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬المصدر السابق‪ ،‬ص‪.92‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬المصدر نفسه‪ ،‬ص‪.93‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬المصدر نفسه‪ ،‬ص‪.94‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬ينظر‪ :‬شرح ديوان الفرزدق‪ ،،‬إيليا الحاوي‪،‬ج‪ 1‬ص‪.170‬‬
‫‪5‬‬
‫‪ -‬ديوان الفرزدق‪ ،‬ص‪.96‬‬
‫‪75‬‬
‫ثانيا‪ :‬حقل األلفاظ الدالة على الهجاء‪:‬‬
‫الهجاء هو «فن من فنون الشعر الغنائي يعبر به الشاعر عن عاطفة الغضب أو االحتقار أو‬
‫االستهزاء‪ ،‬و يمكن أن نسميه فن الشتم و السب فهو نقيض المدح‪ ،‬ففي القصيدة الهجائية نجد نقائض‬
‫الفضائل التي يتغنى بها المدح فالغدر ضد الوفاء و البخل ضد الجود و الكذب ضد الصدق و الجبن‬
‫ضد الشجاعة و الجهل ضد العلم‪ ،‬و أبلغ أنواع الهجاء ما يمس المزايا النفسية كأن يصف الشاعر‬
‫خصمه بالجبن و البخل و الكذب»‪ ،1‬وللهجاء ثالثة أنواع‪:‬‬
‫‪ .1‬هجاء فردي‪ :‬يهجوا فيه الشاعر شخصا بذاته‪.‬‬
‫‪ .2‬هجاء جماعي‪ :‬يهجو فيه الشاعر جماعة معينة‪.‬‬
‫‪ .3‬هجاء خلقي‪ :‬يتناول فيه الشاعر العيوب األخالقية للمهجو كالبخل و الكذب‪.‬‬
‫‪ .4‬هجاء خلقي‪ :‬يتناول فيه الشاعر العيوب الخلقية كالعور والبشم‪.2‬‬
‫و الفرزدق معروف في شعره بكثرة الهجاء و قوته حتى أن الناس كانوا يتجنبونه خوفا من لسانه‪ ،‬و قد‬
‫جعل الفرزدق في قصيدته "أنا ابن العاصمين" للهجاء حظا كبي ار إال انه ال يوازي حظ الفخر منها‪ ،‬و‬
‫سلط الفرزدق هجاءه هنا على شخص واحد و مجتمع واحد من خالل ذلك الشخص أال و هو جرير و‬
‫قومه بنو كليب‪ ،‬و لعل السبب في هذا واضح جلي وهو رده بهذه القصيدة هجاء جرير للراعي إضافة‬
‫الى الخصومة المستمرة بين الشاعرين كما تقدم‪.‬‬
‫أما بالنسبة لأللفاظ التي تنتمي إلى حقل الهجاء المذكورة في القصيدة فسنذكرها بعضها و هي‪:‬‬
‫"الظربى‪ ،‬فراء اللؤم‪ ،‬لست بنائل قمر الثريا‪ ،‬حمار بني كليب‪ ،‬عانتك‪ ،‬السبابا‪ ،‬قبح شر‪ ،‬اعترفوا ذنابا‪،‬‬
‫لم ترث الفوارس‪ ،‬طاح ابن المراغة‪ ،‬أسلمهم‪ ،‬كان كأم حلس‪ ،‬أقرت بعد نزوتها‪ ،‬كرهوا النصابا‪ ،‬ذباب‬
‫طار‪ ،‬يلتهم الذباب‪ ،‬العصرات‪ ،‬اغتصاب هاب‪ ،‬زنمتيك‪ ،‬أهل النار‪ ،‬وجدوا العذاب‪ ،‬الصديد لهم‬
‫شارب‪ ،‬ما أثرى أبوك‪ ،‬كليب دمنة خبيث‪ ،‬مخازي اللؤم‪ ،‬خواق حياضهن يسيل‪ ،‬ألقين الثيابا‪ ،‬أجزره‬
‫الثعالب"‪.‬‬
‫فهذه األلفاظ الهجائية اعتمدها الفرزدق في القصيدة كلها بهدف التنقيص من قدر خصمه‬
‫جرير‪ ،‬و المالحظ في هذه األلفاظ الهجائية يرى قبحها و بذائتها في اللسان فهو الحتقاره جرير تجده‬
‫يصفه في أبشع الصور و من ذلك قوله‪:‬‬
‫بعانتك اللهاميم الرغابا‬ ‫أتطلب يا حمار بني كليب‬
‫‪3‬‬
‫وتعدل بالمفقئة السبابا‬ ‫وتعدل دارما ببني كليب‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬الهجاء في الشعر العربي‪ ،‬سراج الدين محمد‪ ،‬دار الراتب الجامعي‪ ،‬بيروت‪ ،‬د‪/‬ط‪ ،‬د‪/‬ت‪ ،‬ص‪.6‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬ينظر‪ :‬المصدر نفسه‪ ،‬ص‪.7‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬ديوان الفرزدق‪ ،‬ص‪.92‬‬
‫‪76‬‬
‫‪1‬‬
‫أقرت بعد نزوتها فغابا‬ ‫وأسلمهم وكان كأ ِّم حلس‬ ‫و قوله‪:‬‬
‫كذاك الليث يلتهم الذبابا‬ ‫ذباب طار في لهوات ليث‬ ‫و قوله‪:‬‬
‫‪2‬‬
‫أبى لعداته إال اغتصابا‬ ‫هزبر يرفت القصرات رفتا‬
‫ففي كل هذه األبيات نجد الفرزدق يصور لنا جري ار في أبخس صورة و أكثرها احتقا ار‪ ،‬فتارة‬
‫يجعله حما ار و قومه مجموعة من الحمير الوحشية يرجون الوصول إلى درجة اللهاميم الرغاب و هم‬
‫السادة العظماء‪ ،3‬و تارة يجعله كاألتان التي تسكن في شهوتها‪ ،‬وتارة يجعله كالذباب الذي يقف في‬
‫ير بهذه الصور بل جعل‬
‫وجه الليث‪ ،‬فما كان لليث إال أن يلتهمه‪ ،‬و لم يكتف الفرزدق أن صور جر ا‬
‫قومه بني كليب أذل و أحقر بني يربوع و ذلك في قوله‪:‬‬
‫‪4‬‬
‫والشبثا ورثت وال كالبا‬ ‫ولم ترث الفوارس من عبيد‬
‫و عبيد وشبث و كالب قبائل من بني يربوع فهم إن كانوا فوارس فإن كليبا لم تأخذ من‬
‫الفروسية شيئا‪ ،5‬و ما هذا إال مزيد تحقير لهم‪.‬‬
‫و من صور الهجاء في القصيدة تعيير جرير بأيام قومه مع بني ثعلب حين هزمهم الهذيل و‬
‫استولى على ديارهم و أموالهم يقول الفرزدق‪:‬‬
‫‪6‬‬
‫م ـخـازي ال يـبـتـن عـلى إ اربـا‬ ‫لقـد تـرك الهـذيـل لكـم قـديما‬
‫‪7‬‬
‫وحــل له الت ـراب بهــا وطـابـا‬ ‫فـلم يـبـرح بهـا حـتـى احتواهم‬ ‫و قال‪:‬‬
‫ثم هجا نساء بني كليب أبشع هجاء‪ ،‬فوصفهن في ذلك اليوم عندما تخلى عنهن أزواجهن‪،‬‬
‫ومن شدة إسراعهن في المشي كان دم الحيض ينزل منهن بكثرة‪ ،‬حتى أن ال أري يحسبه خضاب‬
‫يخضبن به أنفسهن فقال‪:‬‬
‫ب ـعــولتـ ـهـ ـ ـن ت ـ ـب ـ ـتـ ـ ـدر الش ــع ــابـ ـا‬ ‫نـ ـس ــاء ك ــن ي ــوم إراب خــلت‬
‫‪8‬‬
‫عـلى األعـقـاب تـحـسـبه خـضـابا‬ ‫خ ـواق ح ـيــاضهـن يـسـيـل سـيـال‬
‫و هذا الهجاء من أبشع الهجاء و أفظعه‪ ،‬و لعل سامعه يدرك جفاوة الفرزدق في كالمه و أن‬
‫هجاءه تجد فيه من األلفاظ ماال تجده عند غيره‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬المصدر السابق‪ ،‬ص‪.93‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬المصدر نفسه‪ ،‬ص‪.93‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬ينظر‪ :‬شرح ديوان الفرزدق‪ ،‬ايليا الحاوي‪،‬ج‪ ،1‬ص‪.169‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬ديوان الفرزدق‪ ،‬ص‪.92‬‬
‫‪5‬‬
‫‪ -‬ينظر‪ :‬نقائض جرير والفرزدق‪ ،‬أبو عبيدة ابن المثنى‪ ،‬ص‪.334‬‬
‫‪6‬‬
‫‪ -‬ديوان الفرزدق‪ ،‬ص‪.95‬‬
‫‪7‬‬
‫‪ -‬المصدر نفسه‪ ،‬ص‪.96‬‬
‫‪8‬‬
‫‪ -‬المصدر نفسه‪ ،‬ص‪.96‬‬
‫‪77‬‬
‫ثالثا‪ :‬حقل األلفاظ الدالة على المدح‪:‬‬
‫يعرف المدح على أنه حسن الثناء‪ ،‬و هو أكثر الفنون األدبية شيوعا نظم فيه معظم الشعراء‬
‫القصائد الكثيرة‪ ،‬خاصة في العصر الجاهلي و عصر الدولة األموية‪ ،‬و يدور المديح حول معان‬
‫مستمدة من بيئة العرب الصحراوية و مجتمعهم الذي يعتمد على الفروسية‪ ،‬و الشعراء كانوا يمدحون‬
‫بالجود و العزة و الشجاعة واإلباء والفتك والجوار وصفاء النسب و المدح كان يهتم في المقام األول‬
‫بالقيم اإلنسانية للمحافظة عليها و ترسيخها في النفوس‪.1‬‬
‫وقد كان للفرزدق في قصائد ديوانه حظ كبير من المدح‪ ،‬فمدح األمراء و الخلفاء و تقرب‬
‫منهم ونال من عطاياهم و مدح غيرهم كاإلمام زبن العابدين و غيره‪.‬‬
‫وفي قصيدة "أنا ابن العاصمين" جاء الفرزدق بأسلوب المدح و اختص به عبيد الراعي و قومه بني‬
‫نمير‪ ،‬و ذلك لرد هجاء جرير له في قصيدته (أقلي اللوم) إال أن الفرزدق لم يكثر في هذه القصيدة من‬
‫المدح كما أكثر من الفخر و الهجاء‪ ،‬فكل ما جاء في هذه القصيدة من المديح ال يتجاوز ثمانية‬
‫أبيات‪ ،‬وهذا عدد قليل إذا قورن بعدد أبيات القصيدة والتي بلغت ‪ 69‬بيت‪ ،‬ومن األلفاظ التي تنتمي‬
‫إلى الحقل الداللي للمدح في هذه القصيدة نذكر‪( :‬أثرت‪ ،‬طابت الفوارس من نمير‪ ،‬يختر الحسب‬
‫اللباب‪ ،‬يمسك‪ ،‬بالنواصي‪ ،‬خير فوارس‪ ،‬ضربو الصنائع)‪ ،‬و قد مدح الفرزدق بني نمير فوصفهم‬
‫بالثراء و الفروسية و قارنهم بجرير الذي لم ينل من حظهم شيئا فقال‪:‬‬
‫ف ـمـا أثـرى أبـوك ومـا أطـابـا‬ ‫فــإن تـك عـامـ ار أثـرت وطـابـت‬
‫‪2‬‬
‫وال ك ـع ـبـا ورثـت وال كـالبـا‬ ‫ولم تــرث الف ـوارس مـن نـمـيـر‬
‫ويصفهم تارة بأن لهم الحسب اللباب و أنهم خير من هوازن‪ ،‬وأنهم ناصية العرب و خير فوارسها‬
‫نـمـيـ ار يـخـتـر الحسب اللبابا‬ ‫ومــن يـخـتـر هـوازن ثـم يـخـتـر‬ ‫فيقول‪:‬‬
‫‪3‬‬
‫وخ ـيــر فـوارس عـلمـوا نـصـابـا‬ ‫ويـمـسـك مـن ذ ارهـا بـالنـواصـي‬
‫ثم يمدح الفرزدق نمي ار بذكر أيامهم التي أبلوا فيها بالء حسنا‪ ،‬و هو يوم فيف الريح قاتلت فيه بنو‬
‫نمير قتاال شديدا لمدة ثالثة أيام ضد قبائل 'مذحج' فانتصروا عليهم‪ ،4‬وفي ذلك يقول الفرزدق‪:‬‬
‫‪5‬‬
‫بــمــذحــج يـوم ذي كـلع ضـ اربـا‬ ‫هـم ضـربوا الصنائع واستباحوا‬
‫هذا وغيره مما مدح به الفرزدق بني نمير وأظهر فضلهم على العرب‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬ينظر‪ :‬المديح في الشعر العربي‪ ،‬سراج الدين محمد دار الراتب الجامعية‪ ،‬بيروت‪ ،‬د‪/‬ط‪ ،‬د‪/‬ت‪ ،‬ص‪.6‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬ديوان الفرزدق‪ ،‬ص‪.94‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬المصدر نفسه‪ ،‬ص‪95‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬ينظر‪ :‬نقائض جرير والفرزدق‪ ،‬أبو عبيدة بن المثنى‪ ،‬ص‪.337‬‬
‫‪5‬‬
‫‪ -‬ديوان الفرزدق‪ ،‬ص‪.95‬‬
‫‪78‬‬
‫وفي ختام هذا البحث وبعد دراستنا للبنية اللغوية في قصيدة أنا ابن العاصمين التي أنشأها الفرزدق‬
‫نستخلص مما سبق مجموعة من النتائج التي تشمل ما ذكرناه سالفا فنقول‪:‬‬

‫‪ -‬تقوم البنية اللغوية على دراسة النص اللغوي عبر مستويات التحليل اللساني‪ ،‬الذي يبدأ بالدراسة‬
‫الصوتية للغة من خالل أصواتها‪ ،‬ثم الدراسة الصرفية بدراسة أبنية الكلمات‪ ،‬ثم الدراسة التركيبية‬
‫أو النحوية وماله عالقة بتراكيب الجمل‪ ،‬ثم الدراسة الداللية وارتباطها بالمعنى‪.‬‬

‫‪ -‬كان لشعر الفرزدق أثر كبير في ازدهار اللغة‪ ،‬وخاصة ما برز بينه وبين جرير في النقائض والتي‬
‫هي أشعار يهجو فيها أحدهم اآلخر‪ ،‬وكان من أبرز قصائد الفرزدق في هذا المجال قصيدة "أنا‬
‫ابن العاصمين" التي أنشأها كرد على هجاء جرير للراعي النميري‪ ،‬وهاته القصيدة تعتبر أطول‬
‫القصائد المعدودة التي ألفها الفرزدق‪ ،‬لكونه كان يفضل قول القصائد القصار على الطوال لسهولة‬
‫حفظها وانتشارها في المجالس‪.‬‬

‫‪ -‬اعتمد الفرزدق في بناء قصيدته "أنا ابن العاصمين" على بحر الوافر بقافية موحدة وهي الباء تابعا‬
‫في ذاك جري ار غير أنه لم يأت بأول البيت مصرعا وهذا نهجه في أغلب قصائده وهذا ليس عيبا‬
‫وال دليال على عدم كفاءته إذ قد وجد نظير له من الشعراء الكبار في العصر الجاهلي وعلى رأسهم‬
‫الشنفرى صاحب المية العرب التي بالغ األدباء في تمجيدها‪ ،‬كما أن الفرزدق اعتمد في قصيدته‬
‫األصوات المجهورة بنسبة عالية وعلى رأسها الهمز الذي جعله مبتدأ قصيدته وهذا منه دالله على‬
‫القوة واالفتخار‪.‬‬

‫‪ -‬استعمل الفرزدق في قصيدته مختلف األوزان الصرفية بمختلف مصادرها ومشتقاتها مما يدلنا على‬
‫توسع الفرزدق في اللغة وقد أكثر في كلمات القصيدة من استعمال أبنية األسماء فكانت فيما‬
‫يقارب خمسة أضعاف أبنية األفعال الموجودة‪ ،‬وجاء أكثر األسماء فيها من مصادر األفعال أو‬
‫مشتقاتها‪ ،‬ولعل سبب هذا ما تحمله األسماء من صفات تفتقدها األفعال كالتوكيد والثبوت‪ ،‬ويظهر‬
‫هذا جليا في البيت أول حيث ابتدأه بضمير المتكلم (أنا)‪ ،‬مما أضفى على البيت بل على القصيدة‬
‫كلها شيئا من القوة والصالبة التي يتمتع بها الفرزدق‪.‬‬

‫‪79‬‬
‫‪ -‬اعتمد الفرزدق في بناء تراكيب القصيدة على نسبة كبيرة من الجمل الفعلية والتي بلغت نسبتها‬
‫ضعف نسبة الجمل اإلسمية مما أضفى على قصيدته عنصر الحركة وتجلى ذلك في استعماله‬
‫السرد التاريخي في حديثه عن مآثر بائه وأجداده كما أن البالغيين قد أخذوا عليه في تراكيبه‬
‫استعماله التعقيد اللفظي في بعض التراكيب وذلك بخروجه فيها على النهج المألوف الذي عهدته‬
‫العرب حتى ضرب المثل ببعض أشعاره في هذا التعقيد‪.‬‬

‫‪ -‬تكمن بالغة هذه القصيدة في ما ظهر فيها من صورة شعرية سواء التشبيه والمجاز والكناية‬
‫خاصة وأن الفرزدق أبدع في هذا المجال إبداعا فائقا جعل قصيدته في غاية البالغة حتى تمكن‬
‫بها من معارضة جرير في قصيدته إضافة إلى ذلك دقة استعماله لأللفاظ في كل أغراض القصيدة‬
‫فيأتي في فخره بألفاظ في أعلى درجات الفخر وفي هجائه بأقوى ألفاظ الهجاء وفي مدحه بأفضل‬
‫ألفاظ المدح وهذا مما يدلنا على كفاءته وحسن شعره‪.‬‬

‫‪80‬‬
‫قصيدة "أنا ابن العاصمين" للفرزدق‬
‫أَ ََاااااااااااا ال َ اااااااااااا َد َ م‬
‫ان َنا َبااااااااااااا‬ ‫إذا َمااااااااااااا ث‬ ‫َ مماااااااي‬ ‫‪.1‬أ َناااااااا ابااااااان ال َعاصم اااااااممينَ َبنااااااا‬

‫ااااااااااااار لم ب مااااااااااااا م م َ ا َباااااااااااااا‬


‫َ‬ ‫ااااااااااااار َ‬
‫ّ‬ ‫أ َغ‬ ‫دار ممااااااااا‬
‫أصااااااااا َي َد م‬
‫ث‬ ‫‪َ .2‬ن َمااااااااا أااااااااا مااااااااا‬

‫َ ال م َبا َباااااااااااااااا‬ ‫اااااااااااااارا مد َق َ ا ال َم َاااااااااااااااا م‬


‫َ‬ ‫سا‬ ‫َ اااااااااااااااا‬ ‫‪.3‬ملااااااااااااااا َت َي ثب َ نااااااااااااااا نَ َ َ َ‬
‫ار‬

‫خشاااااااااا َا َخاهم ااااااااااعمينَ لَاااااااااا الر َقا َبااااااااااا‬ ‫ااااااااار َم َعااااااااادا‬


‫َ‬ ‫‪.4‬ممااااااااانَ الم ثسااااااااا َ َ َذنمينَ َ‬

‫َ َر َد المال َباااااااااااااااا‬ ‫َ سااااااااااااااا ثف َيان الاااااااااااااااذ‬ ‫بااااااان َز ثياااااااد‬ ‫َاااااااد‬ ‫ه ممااااااا ثن‬
‫‪.5‬شاااااااي َ‬

‫َن َ اصم اااااااااااااا َي َ ا َ َ ثا َ صاااااااااااااا الر َما َبااااااااااااااا‬ ‫الخ ثياااااا َ َ ثر َماااااا ماااااان َ ا ااااااا‬
‫‪َ .6‬ي اااااا د َ‬

‫َ َ ااااااااااااااااَ َبأ م‬
‫دار َ لاااااااااااااااا أنث أ ََا َبااااااااااااااااا‬ ‫‪َ َ .7‬فاااااار َذ أاااااا ذ َر ََاااااا ث م با م‬
‫ااااان َم ثعاااااا‬

‫َ ذ ال َاااااااا ث م الااااااااذ َر َما َ‬


‫اااااااز ال َمرا َبااااااااا‬ ‫هاااااااا ثم َرة َ الم َ َباااااااار َمااااااااانَ مماااااااا ثن ث‬
‫‪َ َ .8‬‬

‫َ إنث شاااااااااااااا َغ ثب َ ث َ َ اااااااااااااد ا شم ااااااااااااااا َبا‬ ‫‪َ .9‬ياااااااااارد نَ ال لاااااااااا َ إلااااااااااأ م َبااااااااااا‬

‫ب َع ثينمااااااا َت ماااااااا اسااااااا َ ع َ ل ااااااا ث خ ا َباااااااا‬ ‫ااااااار أماااااااا َت لَاااااااا ث َ ا َ‬


‫ااااااارا ث‬ ‫‪.11‬أ ال َت َ ثيا م‬

‫َ َ اااااااااااا َ الم ثلاااااااااااتم َي ثل َ م ااااااااااا ال م َ ا َباااااااااااا‬ ‫‪َ .11‬رأ ثيااااااااا َ َم ا َبااااااااا َ أسااااااااا َد َغاااااااااا‬

‫إذا ا ثن ا َبااااااااااااااا ث د ن ااااااااااااااا ا ثن ميا َباااااااااااااااا‬ ‫ااااااار َ ماااااا َباااااادث ر‬


‫م‬ ‫‪َ .12‬بناااااا َ‬
‫شاااااا ثم م الن‬

‫هااااااااااااا َبا‬ ‫ااااااااااارار اللااااااااااااا م ث‬


‫أر َبابااااااااااااا مغ َ‬ ‫َ‬ ‫أما‬ ‫‪َ .13‬أ َم ثيااااااااا َ َملااااااااا ال َّ ثر َباااااااااأ ََلي اااااااااا‬

‫َ ن َ ااااااااان احم ااااااااار نَ َ صاااااااااأ َ َغا َباااااااااا‬ ‫‪.14‬لَ َنااااااا َق َماااااار الساااااا َم م‬
‫ار ََلااااااأ ال َريااااااا‬

‫هاااااااااا َبا‬ ‫َ ال َ َبلااااااااا الاااااااااذ َأا َ‬


‫اااااااار َذ ال م َ‬ ‫‪ َ .15‬لَ ثساااااااااا َ مب َنا ماااااااااا َقما َ‬
‫ااااااااار ال َريااااااااااا‬

‫الر َغا َبااااااااااااااااا‬


‫َب ا َن ماااااااااااااااا َت الل اااااااااااااااااممي َ َ‬ ‫‪.16‬أ َ ث لااااااا َياااااااا م َما َ‬
‫ااااااار َبنااااااا ملَ ثيااااااا‬

‫َ َ ثعااااااااااااااااا مد بالم َف َ َ ااااااااااااااااا م ال َ‬


‫سااااااااااااااااا َبا َبا‬ ‫دارمااااااااااا بم َبناااااااااا ملَ ثياااااااااا‬
‫م‬ ‫‪ َ َ .17‬ثعاااااااااا مد‬

‫أصاااااااااااااا َارُ إذا اغ َ َرأاااااااااااااا ا مذ َنا َبااااااااااااااا‬


‫َ ث‬ ‫اااااااااار َ ي ثي َناااااااااااا َقااااااااااادميما‬
‫ا‬ ‫‪َ .18‬أ ث اااااااااااب َّ َ‬
‫شا‬
‫‪81‬‬
‫شاااااااااااااا َب ا َ مر ث اااااااااااااا َ َ ال شم اااااااااااااا َ ا َبا‬
‫َ ال َ‬ ‫س ال َفاااااا َ م‬
‫ار َ مماااااانث َ َب ثيااااااد‬ ‫‪ َ .19‬لاااااا ث َ ا م‬
‫ااااار م‬

‫سااااااااااا م ال َن َ‬
‫ساااااااااااا َبا‬ ‫أَمن َناااااااااااا إلاااااااااااأ ال َ َ‬ ‫‪ َ .21‬اااااا َن ابااااان ال َم َرا َغااااا م اااااينَ َماااااد ث‬

‫أ َقاااااااااااار ث َب ثعاااااااااااا َد َن ثز َ م ااااااااااااا َأ َاا َبااااااااااااا‬ ‫م ثلااااااااا‬ ‫أسااااااااا َل َم ث َ ماااااااااانَ َماااااااااَ‬


‫‪ َ .21‬ث‬

‫َ َب ثيناااااااااا َغاياااااااااا َ َم مر اااااااااا ا ال َن َ‬


‫صااااااااااا َبا‬ ‫‪ َ .22‬لَمااااااااا مااااااااد َبااااااااينَ َبناااااااا ملَ ثياااااااا‬

‫َ أن لَ َناااااااااااااااا ال َ ناَم ااااااااااااااا َ َ‬


‫الر َبا َباااااااااااااااا‬ ‫ااااااااااعد‬
‫سا ث‬ ‫ا‬
‫ااااااااااق بمااااااااااا م َ‬
‫‪َ .23‬رأ ث ا أناااااااااااا أ َ ا‬

‫ااااااااار ثي من َ ا َبااااااااااا‬
‫لَ َنااااااااااا ََاااااااااا َد َد مماااااااااانَ اح َ ا َ‬ ‫‪ .24‬أن لَ َنااااااااا َبناااااااا ََ ثماااااااار ََلَاااااااا ثي م ث‬

‫اااااااااااس َي ثلاااااااااااا َ م الااااااااااااذ َبا َبا‬


‫َ‬ ‫َماااااااااااا َذا َت اللّ ثيا‬ ‫ااااااار أااااااا لَ َ ااااااا ا م لَ ثياااااااس‬
‫‪.25‬ذباااااااا َ ا َ‬

‫أ َباااااااااااااااااأ لمعدا مااااااااااااااااا م إال ث‬


‫اغ م َ‬
‫صاااااااااااااااااا َبا‬ ‫ااااااارا م َر ثأ ااااااااا‬
‫صا َ‬ ‫‪َ .26‬مز ثباااااااا َر َي ثرأماااااااا ال َ َ‬

‫َد َناااااااااااا ث نَ َ َزا َد اااااااااااان لَاااااااااااا ا ثق َمرا َبااااااااااااا‬ ‫‪ .27‬مماااااااانَ الال اااااااا إذا أ ثر م اااااااا ثبنَ َز ث اااااااارا‬

‫اهااااااااا م َرا َبا‬


‫ث‬ ‫ااااااااار َرأ ثيااااااااا َ لَااااااااا‬
‫م‬ ‫إذا َب‬ ‫مب َبنااااااااا ملَ ثيااااااااا‬ ‫َ ااااااااا ث َم‬ ‫‪.28‬أ َ ثعااااااااا مد‬

‫َ لَاااااااااااا ث ل ث َمااااااااااااان َ‬
‫سااااااااااااا َ َر َا لَ َ ا َبااااااااااااا‬ ‫صاااااااا َعدا َر مم ثناااااااا‬
‫لم َ ثر َماااااااا َ ال ا‬ ‫‪ َ .29‬اااااااار‬

‫ماااااااااااا َد َي َ فمااااااااااا السااااااااااا ا َبا‬ ‫مب َمااااااااااا ث‬ ‫‪.31‬أ َ اااااا ث مماااااانث َأ ث قماااااا م ال َا َما َ‬
‫ااااارا مم ثناااااا‬

‫َخاااااااااار َقاااااااااادث أ َنا َبااااااااااا‬ ‫بماااااااااا م َ ث َمااااااااااا‬ ‫ااااااار م ال م َبااااااااا لَاااااااا َ َ ماااااااا ث‬
‫صا َ‬ ‫‪ َ .31‬ا َ‬

‫ااااااااااار َرأ ثياااااااااااا َ لَاااااااااااا َ َبا َبااااااااااااا‬


‫م‬ ‫إذا َب ث ا‬ ‫‪ .32‬مبَياااااااااا م َز ثن َم َ ثياااااااااا َت َ َنااااااااااا َقاااااااااا ث م‬

‫الخ ثياااااااااا م ثإذ َماااااااااا ال َ َنا َبااااااااااا‬


‫َ اااااااااا ث مد َ‬ ‫اااااااار أ ثم َ ا َ ااااااااا َم م َباااااااااا م ل ثبناااااااااأ‬
‫‪ َ .33‬ا َ‬

‫َ ال َبااااااااااااا‬ ‫َ سم ااااااااااا ثب َ ََلَ ثياااااااااااا م َ اااااااااااارا‬ ‫شااااااااااا ث د َراُ مب ااااااااااا ثن مّ لَ ثيااااااااااا‬


‫‪.34‬إذا َ ا َ‬

‫ااااااااار َقااااااااادث َبلااااااااا َ ال َ َبا َباااااااااا‬


‫ااااااااب ال َ ثر َبا م‬
‫َما َ‬ ‫‪.35‬م مي ااااااااااا بال م َبااااااااااا م لَاااااااااا َم ااااااااااال َ‬

‫اااااااااار ثإذ َ َ ااااااااااد ا ال َعاااااااااا َذا َبا‬


‫م‬ ‫َمَ اااااااااا م النا‬ ‫‪َ .36‬أإنااااااا َت ممااااااانث م َ ا م‬
‫ااااااار َبنااااااا ن َميااااااار‬

‫‪82‬‬
‫ااااااارا َبا‬
‫شا َ‬ ‫َقاااااااادث مااااااااانَ الصااااااااديد لَ اااااااا ث َ‬ ‫‪َ .37‬ر َ اااااا ث ا ماااااان َ ر ااااااا أنث َي ثساااااا َ مري ا‬

‫اااااااار أبااااااااا َت َ َماااااااااا أ َ ا َباااااااااا‬


‫َأماااااااااا أ ث ا َ‬ ‫‪َ .38‬أااااااإنث َ اااااات َااااااامر أ ث ا َ‬
‫ااااار ث َ ا َباااااا ث‬

‫َ ال َم ثعبااااااااااااااااا َ مر ث اااااااااااااااا َ َ ال ممال َبااااااااااااااااا‬ ‫س ال َفاااااا َ م‬


‫ار َ مماااااانث ن َمياااااار‬ ‫‪ َ .39‬لاااااا ث َ ا م‬
‫ااااار م‬

‫الخبي َ اااااااااااااا َ َ َ‬
‫الز َرا َبااااااااااااااا‬ ‫َ َا َر َااااااااااااااا َ‬ ‫‪ َ .41‬لَ ممااااااانث َقااااااادث َ مر ث ااااااا َ َبنااااااا ملَ ثيااااااا‬

‫سااااااااااا َ الال َبا َباااااااااااا‬


‫اااااااااار ال َ َ‬
‫م‬ ‫ن َميااااااااااارا َي ثخ َ ا‬ ‫ازنَ اااااا َي ثخ َ ث‬
‫اااااار‬ ‫‪َ َ .41‬ماااااانث َيخ َ ا ث‬
‫ااااار َاااااا َ م‬

‫َلمماااااااااا ا نم َ‬
‫صااااااااااا َبا‬ ‫ااااااااار َأاااااااااا َ م‬
‫ار‬ ‫َ َخيا م‬ ‫‪ َ .42‬ي ثمسم ااااااا ثت ممااااااانث ذ َرا اااااااا بالن َ اصااااااا‬

‫ب َماااااااااا مذ َذ َياااااااااا ث َ ذ َملَااااااااااب هم ا َ‬


‫ااااااااارا َبا‬ ‫اسااااا َ با ا‬
‫اااارب ا الصااااا َنا َ ب َ ث‬
‫ها َ‬ ‫‪ .43‬ااااا َ‬

‫لممااااااااااا مناهم ااااااااااا َغ َرهاااااااااااا م َ‬


‫صاااااااااااا َبا‬ ‫‪ َ .44‬إنااااااا َت َقااااااادث َ َر ثمااااااا َ َبنااااااا ملَ ثيااااااا‬

‫أ َباااااااااااااأ ا بااااااااااااا مب َ اااااااااااااا إال سم ااااااااااااا َبا َبا‬ ‫‪.45‬ملَ ثياااااااااا َ مد ثم َناااااااااا َ َخب َ اااااااااا ث َ َقلاااااااااا ث‬

‫ََلَ ثي اااااااااااا الناااااااااااا َ ملّ ااااااااااا مغ َ‬


‫هاااااااااااا َبا‬ ‫‪ َ َ .46‬ث سم اااااااا مماااااااانث َمال م مم َ ااااااااا ملَ ثياااااااا َ‬

‫ََ م ياااااااا مماااااااانث َمخا م‬


‫ااااااااز اللاااااااا م َبا َبااااااااا‬ ‫ار َبناااااااا ملَ ثياااااااا‬ ‫‪َ .47‬أا ث‬
‫اااااااَغلَ َق مماااااااانث َ َر م‬

‫َ أ ث َر َ ااااااااااا َت ال َمال مااااااااااا َ ماااااااااااينَ َ‬


‫شاااااااااااا َبا‬ ‫خااااااااز‬
‫م‬ ‫‪ .48‬مب َ ااااااادث م اللااااااا م أ ثرهم َ‬
‫اااااااب لل َم‬

‫ممااااااااااانَ ال َي ثربااااااااااا مذ َي ث َ فمااااااااااار ال َرا َباااااااااااا‬ ‫شااااااااا ث َر َيمااااااااا ن أ َذ ّ َب ثي اااااااااا‬


‫‪ َ َ .49‬ااااااااا ث َ‬

‫اااااااااااز َ ال َي مبااااااااااا ث نَ ََلاااااااااااأ َ‬


‫إرا َباااااااااااا‬ ‫م‬ ‫َمخا‬ ‫اااااار َت ال ااااااا َذ ثي لَمااااااا ث َقاااااااديما‬
‫‪.51‬لَ َااااااادث ا َ‬

‫سااااااااااااااا ّ َم َ الع َمرا َباااااااااااااااا‬


‫َي ااااااااااااااا د نَ الم َ‬ ‫بر َ اااااااا م َ ثالمااااااا َ ممااااااانث َبعياااااااد‬
‫سااااااا َما م‬
‫‪َ .51‬‬

‫َ اااااااااااااااااااذمب ث أَمن َ َ ااااااااااااااااااا ماااااااااااااااااا َذا َبا‬ ‫َ َق ثياااااااااااد‬ ‫‪َ .52‬ن َزا ما‬
‫ااااااااااب َباااااااااااينَ اااااااااااال‬
‫َ‬

‫َ سااااااااااااانَ أ ث َر َ َ ااااااااااااا َخ َرا َبااااااااااااا‬ ‫أباااااااااااا‬ ‫دار َقاااااااااا ث‬


‫‪َ َ .53‬مااااااااااانَ إذا أ َنااااااااااا َه باااااااااا م‬

‫اااااااارا ب َ اااااااااا َ َ ا َباااااااااا‬


‫َ َ ااااااااا لَااااااااا ال ا َ‬ ‫‪َ .54‬ألَاااااا ث َي ثبا َ‬
‫ااااار ثن مب َ ااااااا َ ااااااأ ا َ اااااا َ ا ث‬

‫َأ َسااااااااااااااااا َم ن ثإذ َبلَاااااااااااااااااا َ ا َيا َبااااااااااااااااااا‬ ‫اااان َبمااااار‬ ‫َ‬


‫شااااا َ با م‬ ‫‪ََ .55‬ااااا َ ان َ أااااا بنااااا‬
‫‪83‬‬
‫َبعااااااااااااااااا لَ َ ن َ ثب َ ااااااااااااااااادمر ال َ‬
‫شااااااااااااااااا َعا َبا‬ ‫إرا َ َخلااااااااا ث‬ ‫‪.56‬نم َ‬
‫ساااااااااا َر مااااااااان َيااااااااا ث َ َ‬

‫هاااااااااا َبا‬ ‫َلاااااااااأ احَ اااااااااا م َ ث سم اااااااااب م‬


‫خ َ‬ ‫‪.57‬خااااااا َ اق مياهم ااااااا م ن َيسم اااااااي َ‬
‫سااااااا ثيال‬

‫َ أ ثيااااااااااد َقاااااااااادث َ مر ث اااااااااانَ مب َ ااااااااااا مال َبااااااااااا‬ ‫‪َ .58‬ماااااااااااااااا َددث نَ إلَاااااااااااااااا ثي م مب اااااااااااااااا مد‬

‫َ َ ثساااااااااا َمب مماااااااااانث أ َ‬


‫ساااااااااااأملم َ ا هم اااااااااااا َبا‬ ‫ااااااااااار م ثر َد َأااااااااااااا‬
‫َ‬ ‫خا‬‫‪.59‬ي َنااااااااااااا م ث نَ اح َ ا م‬

‫الر َما َباااااااااااا‬ ‫َ ثر َ ااااااااااا مد‬ ‫نم َ‬


‫ساااااااااااار ال َ ااااااااااا‬ ‫‪.61‬لَبمااااااا ث َ الال م ااااااا نَ َغااااااادا َة اااااااد ََأ‬

‫اااااااااااارار سم ااااااااااااا َاا َبا‬


‫َ‬ ‫َ شم ااااااااااااا ا مب م ااااااااااااان ث‬
‫أَا‬ ‫‪ َ .61‬أ ثناااااااا ث َ ثنَاااااااار نَ إلااااااااأ ال َم َ ا َيااااااااا‬

‫مااااااااااااينَ أ ثل َاااااااااااا ثينَ ال َيا َبااااااااااااا‬ ‫لَا‬


‫ماااااااااااار‬
‫ث‬ ‫م اااااااااا اال‬ ‫‪َ .62‬ألَااااااااا ث ما َناااااااااا ث مر َماااااااااا م‬

‫اااااااادا َبا‬ ‫َ َقاااااااادث َق َ عاااااااا ا ب م اااااااانّ لاااااااا‬ ‫‪َ .63‬ي ثمساااااانَ مماااااانَ اللّ َ ا م‬
‫ااااااق مب اااااان مماااااانم‬

‫ااااااااار َقاااااااااادث َقاااااااااا َذ ثأ لَاااااااااا شم اااااااااا َ ا َبا‬


‫َ َخا َ‬ ‫لااااا لااااا ث أهم ا ث‬
‫اااارُ‬ ‫‪َ .64‬أ َمااااا ث ممااااانث َخاااااا م‬

‫ااااااااااب ال م ياااااااااااق ل َ اااااااااااا َ َ ا َباااااااااااا‬


‫َ‬ ‫َ َ الما‬ ‫سااااااااا ث م َ‬
‫شااااااااا ّ َرا‬ ‫‪ َ .65‬غااااااااار َقااااااااادث َن َ‬

‫َ َم ثسااااااا َ َق ثرنم اااااااا مااااااان َ ياااااااس َغا َباااااااا‬ ‫شاااارقا‬


‫ث‬ ‫‪َ .66‬بلَ ثااااانَ الشاااام َ يااااس ماااا ن‬

‫َغا‬
‫ااااااااااااااارا ب ن َ ثن َ سم اااااااااااااااا ا ثن م َ‬
‫سااااااااااااااااا َبا‬ ‫َ‬ ‫‪ .67‬مب ممااااااااااااا َ نميااااااااااااا َ مبمااااااااااااا َ ثاااااااااااااار‬

‫بار م ث َ فمااااااااااازا لم َ ا َباااااااااااا‬


‫صااااااااااا ث م‬
‫أ َباااااااااااا ال ّ‬ ‫‪ َ .68‬خااااااال مبال ّن َااااااا َ َ‬
‫اااااار َت اباااااانَ لَ ثيلااااااأ‬

‫ااااااااااااااازرُ ال َعالماااااااااااااااا َ َ الااااااااااااااااذ َ ا َبا‬


‫َ‬ ‫َ أ ثا‬ ‫َ ممااااااااي‬ ‫‪َ .69‬م َفاااااااااُ ال ّ ثباااااااا َ َ ثباااااااا َ َبناااااااا‬

‫‪84‬‬
‫مــــــكــــــــــــتــــــــــبـــــــــــــــة الـــــــــــــــــبـــــــــــــحــــــــــــــث‬
‫المصادر والمراجع‬

‫‪ .1‬القرن الكريم‬
‫‪.2‬أبنية األفعال‪ ،‬نجاة عبد العظيم الكوني‪ ،‬دار الثقافة للنشر والتوزي‪ ،‬د‪/‬ط‪ ،‬د‪/‬ت‪.‬‬
‫‪.3‬أسباب حدوث الحروف‪ ،‬أبو الحسن بن عبد ال بن سينا (تـ ‪428‬ه)‪ ،‬تح‪ :‬محمد حسان الطيان‬
‫ويحي مير علم‪ ،‬مطبوعات مجمع اللغة العربية‪ ،‬بدمشق‪ ،‬د‪/‬ط‪ ،‬د‪/‬ت‪.‬‬
‫‪.4‬أسرار الحروف‪ ،‬أحمد زراقة‪ ،‬دار الحصاد للنشر والتوزيع‪ ،‬دمشق‪ ،‬ط‪1993 ،1‬م‪.‬‬
‫‪.5‬االشتقاق‪ ،‬أبو بكر محمد بن الحسين بن دريد (تـ‪231‬ه)‪ ،‬تح‪ :‬عبد السالم هارون‪ ،‬دار الحبل‪،‬‬
‫بيروت‪ ،‬ط‪1411( ،1‬ه‪1941-‬م)‪.‬‬
‫‪.6‬األصوات اللغوية‪ ،‬إبراهيم أنيس‪ ،‬مكتبة نهضة مصر‪ ،‬د‪/‬ط‪ ،‬د‪/‬ت‪.‬‬
‫‪.7‬أصول النقد األدبي ‪ ،‬أحمد شايب ‪ ،‬مكتبة النهضة المصري‪ ،‬ط‪.1994 ،10‬‬
‫‪.8‬اإلعراب الميسر‪ ،‬محمد علي أبو العباس‪ ،‬دار الطالئع بالقاهرة‪ ،‬د‪/‬ط‪ ،‬د‪/‬ت‪.‬‬
‫‪.9‬األغاني‪ ،‬أبو الفرج األصفهاني‪ ،‬تح‪ :‬إحسان عباس‪ ،‬دار صادر‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪1429( ،3‬هـ ‪-‬‬
‫‪2008‬م)‪.‬‬
‫‪ .10‬ألفية ابن مالك‪ ،‬أبو عبد ال محمد بن مالك األندلسي‪ ،‬تح‪ :‬عبد اللطيف محمد الخطيب‪ ،‬دار‬
‫العروبة للنشر والتوزيع‪ ،‬الكويت‪ ،‬ط‪1427( ،1‬ه‪2006-‬م)‪.‬‬
‫‪.11‬اإلنصاف في مسائل الخالف‪ ،‬أبو البركات ابن األنباري (تـ‪988‬ه)‪ ،‬تح‪ :‬جوا مبروك محمد‬
‫مبروك‪ ،‬مكتبة الخانجي بالقاهرة‪ ،‬ط‪،1‬د‪/‬ت‪.‬‬
‫‪.12‬أوزان الشعر مصطفى حركات‪ ،‬الدار الثقافية للنشر بالقاهرة‪ ،‬ط‪1998-1418( ،1‬م)‪.‬‬
‫‪.13‬إيجاز التعريف في علم التصريف‪ ،‬محمد بن المالك الطائي األندلسي النحوي (تـ ‪672‬ه)‪ ،‬تح‪:‬‬
‫محمد عثمان مكتبة الثقافة الدينية‪ ،‬ط‪1430( ،1‬ه‪2009-‬م)‪.‬‬
‫‪.14‬البالغة العربية أسسها وعلومها وفنونها‪ ،‬عبد الرحمن بن حبنكة الميداني‪ ،‬دار القلم‪ ،‬ط‪،1‬‬
‫(‪1416‬ه‪1996-‬م)‪.‬‬
‫‪.15‬التحفة السنية بشرح المقدمة اآلجرومية‪ ،‬محمد محي الدين عبد الحميد‪ ،‬مكتبة السنة القاهرة‪ ،‬د‪/‬ط‪،‬‬
‫(‪1409‬ه‪1989 -‬م)‪.‬‬
‫‪.16‬تصريف األفعال والمصادر والمشتقات‪ ،‬صالح سليم الفاخري‪ ،‬مطبعة عصمي للنشر والتوزيع‪،‬‬
‫القاهرة‪ ،‬د‪/‬ط‪1996 ،‬م‪.‬‬
‫‪.17‬التطبيق الصرفي‪ ،‬عبده الراجحي‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬بيروت‪ ،‬د‪/‬ط ‪،‬د‪/‬ت‪.‬‬
‫‪85‬‬
‫‪.18‬التعريفات‪ ،‬علي محمد الشريف الجرجاني (تـ‪816‬هـ)‪ ،‬مكتبة لبنان‪ ،‬د‪/‬ط‪1985 ،‬م‪.‬‬
‫‪.19‬التطبيق النحوي‪ ،‬عبده الراجحي‪ ،‬دار المعرفة الجامعية‪ ،‬ط‪1420( ،2‬ه‪2000 -‬م)‪.‬‬
‫‪.20‬جامع الدروس العربية‪ ،‬مصطفى غالييني‪ ،‬المكتبة العصرية بيروت‪ ،‬ط‪1414( ،28‬هـ‪1993-‬م)‪.‬‬
‫‪ .21‬الجامع الكبير في صناعة المنظوم من الكالم المنثور‪ ،‬ضياء الدين ابن األثير الجزري‪ ،‬تح‬
‫مصطفى جواد وجميل سعيد د‪/‬ط (‪1956‬م‪1375/‬ه)‪.‬‬
‫‪.22‬الجنى الداني في حروف المعاني‪ ،‬الحسن بن القاسم المرادي (تـ‪749‬ه)‪ ،‬تح‪ :‬فخر الدين قباوة‬
‫ومحمد نديم فاضل‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪1413( ،1‬ه‪1992-‬م)‪.‬‬
‫‪.23‬جواهر البالغة‪ ،‬أحمد الهاشمي‪ ،‬المكتبة العصرية صدا بيروت‪ ،‬د‪/‬ط‪ ،‬د‪/‬ت‪.‬‬
‫‪.24‬الحقول الداللية الصرفية لألفعال العربية‪ ،‬سليمان فياض‪ ،‬دار المريخ للنشر‪ ،‬الرياض‪ ،‬د‪/‬ط‪،‬‬
‫(‪1410‬ه‪1990-‬م)‪.‬‬
‫‪.25‬الحيوان‪ ،‬أبو عثمان عمرو بن بحر الجاحظ‪ ،‬تح‪ :‬عبد السالم هارون‪ ،‬مطبعة مصطفى البابي‬
‫الحلبي وأوالده بمصر‪ ،‬ط‪1384( ،2‬هـ ‪1965 -‬م)‪.‬‬
‫‪.26‬الدرة البهية‪ ،‬أسامة بن علد الوهاب‪ ،‬مكتبة اإليمان للطباعة والنشر والتوزيع‪ ،‬ط‪1425( ،2‬ه‪-‬‬
‫‪2005‬م)‪.‬‬
‫‪.27‬دالئل اإلعجاز‪ ،‬أبو بكر عبد القاهر الجرجاني(ت ـ ‪471‬هـ)‪ ،‬تح‪ :‬محمود محمد شاكر‪ ،‬مكتبة‬
‫الخانجي‪ ،‬بالقاهرة‪ ،‬د‪/‬ط‪ ،‬د‪/‬ت‪.‬‬
‫‪.28‬داللة األلفاظ‪ ،‬إبراهيم أنيس‪ ،‬مكتبة أنجلو المصرية‪ ،‬ط‪1984 ،5‬م‪.‬‬
‫‪.29‬دليل السالك إلى ألفية ابن مالك ‪ ،‬عبد ال بن صالح الفوزان‪ ،‬دار المسلم للنشر والتوزيع‪ ،‬د‪/‬ط‪،‬‬
‫د‪/‬ت‪.‬‬
‫‪.30‬سر صناعة اإلعراب‪ ،‬أبو الفتح عثمان ابن جني (ت ـ‪392‬ه)‪ ،‬تح‪ :‬حسن هنداوي‪ ،‬دار القلم‬
‫بدمشق‪ ،‬د‪/‬ط‪ ،‬د‪/‬ت‪.‬‬
‫‪ .31‬سر الفصاحة‪ ،‬أبو محمد عبد ال بن محمد بن سعيد بن سينان الخفاجي الحلبي (تـ ‪466‬ه)‪ ،‬دار‬
‫الكتب العلمية‪ ،‬ط‪1402( ،1‬ه‪1982-‬م)‪.‬‬
‫‪.32‬سير أعالم النبالء‪ ،‬شمس الدين محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي (ت‪748‬هـ)‪ ،‬تح‪ :‬شعيب‬
‫األرنؤوط ومأمون الصاغرجي‪ ،‬مؤسسة الرسالة‪ ،‬ط‪1405(،3‬هـ ‪1985 -‬م)‪.‬‬
‫‪.33‬شرح البسط والتعريف في علم التصريف‪ ،‬محمد صالح موسى حسين‪ ،‬مؤسسة الرسالة‪ ،‬ط‪،1‬‬
‫(‪1430‬ه‪2009-‬م)‪.‬‬
‫‪.34‬شرح ديون الفرزدق‪ ،‬ايليا الحاوي‪ ،‬دار الكتب اللبناني‪ ،‬ط‪1983 ،1‬م‪.‬‬

‫‪86‬‬
‫‪.35‬الشعر العربي أوزانه وقوافيه وضروراته‪ ،‬عبد القادر محمد بن القاضي‪ ،‬منشورات‪ ANEP‬د‪/‬ط‪،‬‬
‫د‪/‬ت‪.‬‬
‫‪.36‬الشعر والشعراء‪ ،‬ابن قتيبة‪ ،‬تح‪ :‬أحمد محمد شاكر‪ ،‬دار المعارف‪ ،‬د‪/‬ط‪ ،‬د‪/‬ت‪.‬‬
‫‪.37‬الصوتيات العربية‪ ،‬منصور بن محمد الغامدي‪ ،‬مكتبة التوبة بالرياض‪ ،‬ط‪1421( ،1‬ه‪-‬‬
‫‪2001‬م)‪.‬‬
‫‪.38‬الصورة الشعرية عند خليل حاوي‪ ،‬هدية جمعة البيطار‪ ،‬دار الكتب الوطنية‪ ،‬أبو ظبي‪ ،‬ط‪،1‬‬
‫‪2010‬م‪.‬‬
‫‪.39‬الصورة الشعرية في النقد العربي الحديث‪ ،‬بشرى موسى صالح‪ ،‬المركز الثقافي العربي‪ ،‬بيروت‪،‬‬
‫ط‪1994 ،1‬م‪.‬‬
‫‪ .40‬الصورة الفنية في التراث النقدي والبالغي عند العرب‪ ،‬جبر عصفور‪ ،‬المركز الثقافي العربي‪،‬‬
‫بيروت‪ ،‬ط‪1992 ،3‬م‪.‬‬
‫‪.41‬طبقات الشعراء‪ ،‬محمد بن سالم الجمحي (ت‪231‬هـ)‪ ،‬تح‪ :‬طه أحمد ابراهيم‪ ،‬دار الكتب العلمية‪،‬‬
‫بيروت لبنان‪ ،‬د‪/‬ط‪1422( ،‬هـ ‪2001 -‬م)‪،‬‬
‫‪.42‬علم الداللة‪ ،‬أحمد مختار عمر‪ ،،‬مكتبة لسان العرب‪ ،‬ط‪1998 ،5‬م‪.‬‬
‫‪.43‬علم العروض والقافية‪ ،‬عبد العزيز عتيق‪ ،‬دار اآلفاق العربية القاهرة‪ ،‬ط‪1420( ،1‬ه‪2000-‬م)‪.‬‬
‫‪.44‬علم اللغة مقدمة للقارئ العربي‪ ،‬محمود السعران‪ ،‬دار النهضة العربية للصباغة والنشر‪ ،‬بيروت‪،‬‬
‫د‪/‬ط‪ ،‬د‪/‬ت‪.‬‬
‫‪ .45‬عون المعين بشرح الالمية مع زيادات بحرق وابن زين‪ ،‬أحمد بن محمد األمين بن أحمد المختار‬
‫الجنكي‪ ،‬دار الفكر العربي‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪2001 ،1‬م‪.‬‬
‫‪.46‬الفخر في الشعر العربي‪ ،‬سراج الدين محمد‪ ،‬دار الراتب الجامعية بيروت ‪،‬د‪/‬ط‪ ،‬د‪/‬ت‪.‬‬
‫‪.47‬الفرزدق‪ ،‬شاكر الفحام‪ ،‬دار الفكر‪ ،‬ط‪1397( ،1‬هـ ‪1977 -‬م)‪.‬‬
‫‪.48‬الفرزدق حياته وشعره‪ ،‬محمد رضا مروة‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،‬ط‪1411( ،1‬هـ ‪-‬‬
‫‪1990‬م)‪.‬‬
‫‪.49‬القافية واألصوات اللغوية‪ ،‬محمد عوني عبد الرؤوف‪ ،‬مكتبة الخانجي بمصر‪ ،‬د‪/‬ط‪ ،‬د‪/‬ت‪.‬‬
‫‪.50‬كتاب العروض‪ ،‬أبو الفتح عثمان بن حنى (تـ ‪392‬هـ)‪ ،‬تح‪ :‬أحمد فوزي الهيب‪ ،‬دار القلم للنشر‬
‫والتوزيع بالكويت‪ ،‬ط‪1409( ،2‬ه‪1989 -‬م)‪.‬‬
‫‪ .51‬كتاب القوافي‪ ،‬أبو يعلى عبد الباقي عبد ال‪ ،‬بن المحسن‪ ،‬تح‪ :‬عواني عبد الرؤوف‪ ،‬مكتبة‬
‫الخانجي بمصر‪ ،‬ط‪1978 ،2‬م‪.‬‬
‫‪.52‬الكلمة دراسة لغوية معجمية‪ ،‬حلمي خليل‪ ،‬دار المعرفة الجامعية‪ ،‬ط‪1998 ،2‬م‪.‬‬

‫‪87‬‬
‫‪.53‬اللغة في شعر الفرزدق‪ ،‬حلمي محمد عبد الهادي‪ ،‬مكتبة الرائد العلمية باألردن‪ ،‬ط‪2002 ،1‬م‪.‬‬
‫‪.54‬اللسانيات؛ المجال الوظيفة والمنهج‪ ،‬سمير شريف استيتة‪ ،‬عالم المكتب الحديث‪ ،‬ط‪،2‬‬
‫(‪1429‬هـ‪20808 -‬م)‪.‬‬
‫‪.55‬مبادئ في اللسانيات‪ ،‬أحمد محمد قدور‪ ،‬دار الفكر دمشق‪ ،‬ط‪1429( ،3‬هـ ‪2008 -‬م)‪.‬‬
‫‪.56‬مبادئ في اللسانيات‪ ،‬خولة طالب ابراهيم‪ ،‬دار القصبة للنشر‪ ،‬الجزائر‪ ،‬ط‪2006 ،2‬م‪.‬‬
‫‪.57‬مدخل إلى البالغة العربية‪ ،‬يوسف مسلم أبو العدوس‪ ،‬دار المسيرة للنشر والتوزيع والطباعة‪،‬‬
‫عمان‪ ،‬ط‪2013( ،3‬م – ‪1434‬هـ)‪.‬‬
‫‪.58‬المديح في الشعر العربي‪ ،‬سراج الدين محمد دار الراتب الجامعية‪ ،‬بيروت‪ ،‬د‪/‬ط‪ ،‬د‪/‬ت‪.‬‬
‫‪.59‬المصطلح الصوتي في الدراسات العربية‪ ،‬عبد العزيز الصبغ‪ ،‬دار الفكر‪ ،‬دمشق‪ ،‬ط‪،2‬‬
‫(‪1427‬ه‪2007-‬م)‪.‬‬
‫‪.60‬معاني النحو‪ ،‬فاضل صالح السامرائي‪ ،‬شركة العاتك لصناعة الكتب‪ ،‬القاهرة‪ ،‬د‪/‬ط‪ ،‬د‪/‬ت‪.‬‬
‫‪.61‬مغني اللبيب عن كتب األعاريب‪ ،‬جمال الدين ابن هشام(ت ‪761‬هـ)‪ ،‬تح‪ :‬مازن مبارك ومحمد‬
‫علي حمد ال‪ ،‬دار الفكر‪ ،‬بدمشق‪ ،‬ط‪1384( ،1‬ه‪1964 -‬م)‪.‬‬
‫‪ .62‬موسوعة علوم اللغة العربية‪ ،‬إيميل بديع يعقوب‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بيروت لبنان‪ ،‬ط‪،1‬‬
‫‪2006‬م‪.‬‬
‫‪.63‬موسيقى الشعر‪ ،‬إبراهيم أنيس‪ ،‬مكتبة األنجلو المصرية‪ ،‬ط‪1952 ،2‬م‪.‬‬
‫‪.64‬النجوم الطوالع على الدرر اللوامع‪ ،‬إبراهيم المارغيني‪ ،‬دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع‪،‬‬
‫بيروت‪ ،‬د‪/‬ط‪1415( ،‬ه‪1995-‬م)‪.‬‬
‫‪.65‬النحو العصري‪ ،‬سليمان فياض‪ ،‬مركز األهرام للترجمة والنشر‪ ،‬د‪/‬ط‪ ،‬د‪/‬ت‪.‬‬
‫‪.66‬النحو الوافي‪ ،‬عباس حسن دار المعارف بمصر‪ ،‬ط‪،3‬د‪/‬ت‪.‬‬
‫‪.67‬نقائض جرير والفرزدق‪ ،‬أبو عبيدة معمر بن المثنى التيمي البصري (ت‪209‬هـ)‪ ،‬تح‪ :‬خليل‬
‫عمران المنصور‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بيروت لبنان‪ ،‬ط‪1419( ،1‬ه‪1998 -‬م)‪.‬‬
‫‪.68‬نقد الشعر‪ ،‬أبو الفرج قدامة بن جعفر‪ ،‬مطبعة الجوانب‪ ،‬قسنطينة‪ ،‬ط‪130 ،1‬ه‪.‬‬
‫‪.69‬الهجاء في الشعر العربي‪ ،‬سراج الدين محمد‪ ،‬دار الراتب الجامعي‪ ،‬بيروت‪ ،‬د‪/‬ط‪ ،‬د‪/‬ت‪.‬‬
‫‪.70‬وفيات األعيان وأنباء أبناء الزمان‪ ،‬أبو العباس شمس الدين‪ ،‬أحمد بن محمد بن أبي بكر ابن‬
‫خلكان(ت‪681‬هـ)‪ ،‬تح‪ :‬إحسان عباس‪ ،‬دار صادر بيروت‪ ،‬د‪/‬ط‪ ،‬د‪/‬ت‪.‬‬
‫الدواوين‬
‫‪ .1‬ديوان جرير‪ ،‬جرير بن عطية الخطفي‪ -‬جمعة كرم البستاني‪ ،‬دار بيروت للصباغة والنشر‪ ،‬د‪/‬ط‪،‬‬
‫(‪1401‬هـ ‪1976 -‬م)‪.‬‬

‫‪88‬‬
‫‪ .2‬ديوان الحطيئة‪ ،‬جرول بن أوس بن مالك‪( ،‬تـ ‪60‬هـ)‪ ،‬تح‪ :‬حمدو طماس‪ ،‬دار المعارف‪ ،‬بيروت‪،‬‬
‫لبنان‪ ،‬ط‪1426( ،2‬هـ‪2005-‬م)‪.‬‬
‫‪ .3‬ديوان الشنفرى‪ ،‬عمرو بن مالك (ت‪70 :‬ق ه)‪،‬ضبطه ايميل بديع يعقوب‪ ،‬دار الكتاب العربي‪،‬‬
‫ط‪1417( ،2‬ه‪1996-‬م)‪.‬‬
‫‪ .4‬ديوان الفرزدق‪ ،‬همام بن غالب‪ ،‬جمعه وضبطه علي فاعور‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بيروت لبنان‪،‬‬
‫ط‪1407( ،1‬هـ ‪1987 -‬م)‪.‬‬
‫‪ .5‬ديوان امرئ القيس‪ ،‬ضبطه عبد الرحمن المصطاوي‪ ،‬دار المعرفة بيروت‪ ،‬ط‪1425( ،2‬ه‪-‬‬
‫‪2004‬م)‪.‬‬
‫المعاجم‬
‫‪ .1‬أساس البالغة‪ :‬أبو القاسم جار ال محمود بن عمر بن أحمد الزمخشري (تـ ‪538‬ه)‪ ،‬تح‪ :‬محمد‬
‫بن باسل عيون السود‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،‬ط‪1419( ،1‬ه‪1998-‬م)‪.‬‬
‫‪ .2‬القاموس المحيط‪ ،‬مجد الدين محمد بن يعقوب الفيروزابادي (ت ـ‪81‬هـ)‪ ،‬تح‪ :‬أنس المثامي وزكرياء‬
‫جابر أحمد‪ ،‬دار الحديث‪ ،‬القاهرة‪ ،‬طبعة مرتبة ترتيب ألفبائي‪،‬د‪ /‬ط‪1429( ،‬ه‪2008-‬م)‪.‬‬
‫‪ .3‬الكليات معجم في المصطلحات والفروق اللغوية‪ ،‬أبو البقاء أيوب بن موسى الحسيني الكفوي‬
‫(تـ‪1094‬هـ)‪ ،‬تح‪ :‬عدنان درويش ومحمد المصري‪ ،‬مؤسسة الرسالة‪ ،‬ط‪ ،2‬د‪/‬ت‪.‬‬
‫‪ .4‬لسان العرب‪ ،‬جمال الدين أبو الفضل محمد بن مكرم بن علي ابن منظور (ت ـ‪11‬هـ)‪ ،‬تح‪ :‬محمد‬
‫أحمد حسب ال وعبد ال هاشم ومحمد الشاذلي‪ ،‬دار المعارف‪ ،‬د‪/‬ط‪ ،‬د‪/‬ت‪.‬‬
‫‪ .5‬معجم المصطلحات اللسانية‪ ،‬مبارك مبارك‪ ،‬دار الفكر‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،‬ط‪1995 ،1‬م‪.‬‬
‫‪ .6‬المعجم المفصل في علم الصرف‪ ،‬راجي األسمر‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بيروت لبنان‪ ،‬ط‪،1‬‬
‫(‪1413‬ه‪1993-‬م)‪.‬‬
‫‪ .7‬المعجم الوسيط‪ ،‬مجمع اللغة العربية بالقاهرة‪ ،‬مكتبة الشروق الدولية‪ ،‬ط‪1425( ،4‬هـ‪2004 ،‬م)‪،‬‬
‫‪ .8‬مقاييس اللغة‪ ،‬ابن فارس(ت ـ‪395‬هـ)‪ ،‬تح‪ :‬عبد السالم هارون‪ ،‬دار الفكر للطباعة والتوزيع‪ ،‬د‪/‬ط‪،‬‬
‫د‪/‬ت‪.‬‬
‫المجالت‬

‫‪ .1‬البنية اللغوية‪ ،‬بزة عبد الرحمن‪ ،‬مصباح عبد الرحمن‪ ،‬مجلة كلية األداب‪ ،‬جامعة مصراتة‪،‬‬
‫العدد ‪ ،14‬ديسمبر ‪.2019‬‬
‫‪ .2‬اللسانيات والمصطلح‪ ،‬أحمد قدور‪ ،‬مجلة مجمع اللغة العربية‪ ،‬دمشق‪ ،‬المجلد‪81‬‬

‫‪89‬‬
‫فهرس الموضوعات‬
‫الصفحة‬ ‫العنوان‬

‫أ‬ ‫مقدمة‬

‫‪1‬‬ ‫مدخل‬

‫‪2‬‬ ‫أوال‪ :‬البنية اللغوية‬

‫‪2‬‬ ‫أ – البنية (المعنى اللغوي واإلصطالحي)‬

‫‪3‬‬ ‫ب‪ -‬البنية اللغوية في علم اللسانيات‬

‫‪4‬‬ ‫ج – مستويات البنية اللغوية‬

‫‪5‬‬ ‫ثانيا‪ :‬الفرزدق حياته وشعره‬

‫‪5‬‬ ‫أ – اسمه ونسبه‬

‫‪6‬‬ ‫ب – شعره‬

‫‪7‬‬ ‫ج – وفاته‬

‫‪8‬‬ ‫د – النقائض في شعر الفرزدق‬

‫‪10‬‬ ‫الفصل األول‪ :‬البنية الصوتية في قصيدة الفرزدق‬

‫‪11‬‬ ‫توطئة‬

‫‪12‬‬ ‫المبحث األول‪ :‬الموسيقى الخارجية للقصيدة‬

‫‪12‬‬ ‫أوال‪ :‬دراسة وزن القصيدة‬

‫‪14‬‬ ‫ثانيا‪ :‬الزحافات والعلل في القصيدة‬

‫‪15‬‬ ‫ثالثا‪ :‬دراسة القافية‬

‫‪17‬‬ ‫التصريع في القافية‬

‫‪90‬‬
‫‪19‬‬ ‫المبحث الثاني‪ :‬الموسيقى الداخلية للقصيدة‬

‫‪19‬‬ ‫أوال‪ :‬الصوت والحرف‬

‫‪20‬‬ ‫ثانيا‪ :‬تصنيف األصوات اللغوية‬

‫‪20‬‬ ‫أ) الصوائت والصوامت‬

‫‪21‬‬ ‫دراسة الصوائت والصوامت في القصيدة‬

‫‪21‬‬ ‫ب) الجهر والهمس‬

‫‪23‬‬ ‫األصوات المجهورة والمهموسة في القصيدة‬

‫‪24‬‬ ‫ثالثا‪ :‬مخارج األصوات‬

‫‪26‬‬ ‫دراسة مخارج أصوات القصيدة‬

‫‪28‬‬ ‫الفصل الثاني‪ :‬البنية الصرفية في قصيدة الفرزدق‬

‫‪29‬‬ ‫توطئة‬

‫‪30‬‬ ‫المبحث األول‪ :‬أبنية األفعال في القصيدة‬

‫‪30‬‬ ‫أوال‪ :‬أبنية األفعال في اللغة‬

‫‪30‬‬ ‫أ) أقسام الفعل باعتبار زمن وقوعه‬

‫‪31‬‬ ‫ب) أقسام الفعل باعتبار التجريد والزيادة‬

‫‪32‬‬ ‫ثانيا‪ :‬دالالت أبنية األفعال في القصيدة‬

‫‪38‬‬ ‫المبحث الثاني‪ :‬أبنية المصادر والمشتقات في القصيدة‬

‫‪38‬‬ ‫أوال‪ :‬أبنية المصادر‬

‫‪38‬‬ ‫النوع األول‪ :‬المصدر األصلي‬

‫‪40‬‬ ‫النوع الثاني‪ :‬المصدر الميمي‬

‫‪91‬‬
‫‪41‬‬ ‫ثانيا‪ :‬أبنية المشتقات‬

‫‪41‬‬ ‫‪ -1‬اسم الفاعل‬

‫‪43‬‬ ‫‪ -2‬اسم المفعول‬

‫‪43‬‬ ‫‪ -3‬صيغة مبالغة اسم الفاعل‬

‫‪44‬‬ ‫‪ -4‬الصفة المشبهة‬

‫‪45‬‬ ‫‪ -5‬اسم التفضيل‬

‫‪45‬‬ ‫‪ -6‬اسم الزمان واسم المكان‬

‫‪47‬‬ ‫الفصل الثالث‪ :‬البنية التركيبية في قصيدة الفرزدق‬

‫‪48‬‬ ‫توطئة‬

‫‪49‬‬ ‫المبحث األول‪ :‬أشكال الجمل في القصيدة‬

‫‪49‬‬ ‫أوال‪ :‬الجملة اإلسمية‬

‫‪49‬‬ ‫أنماط الجملة االسمية في القصيدة‬

‫‪52‬‬ ‫ثانيا‪ :‬الجمل الفعلية‬

‫‪52‬‬ ‫أنماط الجملة الفعلية في القصيدة‬

‫‪55‬‬ ‫المبحث الثاني‪ :‬الظواهر التركيبة‬

‫‪55‬‬ ‫أوال‪ :‬التقديم والتأخير‬

‫‪55‬‬ ‫‪ -1‬تقديم المسند على المسند إليه‬

‫‪56‬‬ ‫‪ -2‬تقديم المسند إليه على المسند‬

‫‪58‬‬ ‫‪ -3‬مخالفة القياس في التقديم والتأخير‬

‫‪59‬‬ ‫ثانيا‪ :‬الحذف‬

‫‪92‬‬
‫‪61‬‬ ‫الفصل الرابع‪ :‬البنية الداللية في قصيدة الفرزدق‬

‫‪62‬‬ ‫توطئة‬

‫‪63‬‬ ‫المبحث األول‪ :‬الصورة الشعرية في القصيدة‬

‫‪63‬‬ ‫أوال‪ :‬مفهوم الصورة الشعرية‬

‫‪64‬‬ ‫ثانيا‪ :‬أهمية الصورة الشعرية‬

‫‪65‬‬ ‫ثالثا‪ :‬أشكال الصورة الشعرية في القصيدة‬

‫‪65‬‬ ‫أ‪ -‬التشبيه‬

‫‪67‬‬ ‫ب‪ -‬المجاز‬

‫‪70‬‬ ‫ج‪ -‬الكناية‬

‫‪73‬‬ ‫المبحث الثاني‪ :‬الحقول الداللية لأللفاظ في القصيدة‬

‫‪74‬‬ ‫أوال‪ :‬حقل األلفاظ الدالة على الفخر‬

‫‪76‬‬ ‫ثانيا‪ :‬حقل األلفاظ الدالة على الهجاء‬

‫‪78‬‬ ‫ثالثا‪ :‬حقل األلفاظ الدالة على المدح‬

‫‪79‬‬ ‫خاتمة‬

‫‪81‬‬ ‫قصيدة أنا ابن العاصمين للفرزدق‬

‫‪85‬‬ ‫مكتبة البحث‬

‫‪90‬‬ ‫فهرس الموضوعات‬

‫‪93‬‬

You might also like