Professional Documents
Culture Documents
مذكرة معدة لنيل شهادة الماستر في األدب العربي .تخصص :تعليمية اللغات
مما ال شك فيه أن العرب قديما كانت في قمة الفصاحة والبالغة ،و ذلك نظ ار إلى المكانة
المرموقة التي حظي بها الشعر عندهم ،فالشاعر كان فخر كل قبيلة من قبائل العرب باعتباره الحامي
لعرضها وشرفها ،ويبدو هذا جليا في ما وصلنا من قصائد وأشعار نقلت إلينا التراث العربي وبينت لنا
أسلوب العرب في حياتهم وحروبهم وفخرهم وهجائهم .وقد تطور الشعر بعد مجيء اإلسالم وازدهر في
العصر األموي ،فظهر ما يسمى بشعر النقائض؛ وهي قصائد هجائية جرت بين الشعراء -والتي
يمكننا تسميتها معارك لسانية -وكان من أبرز الشعراء الذين ظهروا في هذا العصر شاعر فذ بليغ
أطبق شعره اآلفاق ،فلم يستطع أغلب الشعراء الوقوف ضده ،وهذا الشاعر هو المعروف بالفرزدق،
والذي حمل لواء الشعر ونافس فيه جري ار واألخطل.
وقد تداول الناس شعر الفرزدق في مختلف األماكن والعصور ،خاصة النقائض منها ،والتي
أظهر فيها براعته في فخره وهجائه وحسن استعماله للغة ،حتى اعتبره الكثير من األدباء ممن ساهموا
في الحفاظ على اللغة العربية ،ولواله لضاع الكثير من الكالم العربي.
وبناء على الفكرة التي يحتويها هذا التمهيد فقد اخترنا موضوع بحثنا ،وهو دراسة شعر الفرزدق
من خالل إحدى قصائده التي ناقض بها جري ار ،وهي قصيدة "أنا ابن العاصمين" والتي تعتبر من بين
أطول قصائد الفرزدق ،فهذا البحث تحت عنوان:
" البنية اللغوية في شعر الفرزدق قصيدة "أنا ابن العاصمين" أنموذجا.
وفي إطار هذا البحث نطرح اإلشكالية التالية :كيف أثر شعر الفرزدق في تطور اللغة وازدهارها؟
وهل كان الفرزدق متقيدا في تراكيب جمل قصائده بالقواعد اللغوية عند النحاة؟
وتندرج تحت هذه اإلشكالية مجموعة من التساؤالت التي تشغل قارئ قصائد الفرزدق بشكل عام،
وقصيدته هذه (أنا ابن العاصمين) خصوصا ،وأهم هذه التساؤالت:
أ
-ما هو أثر األصوات التي وظفها الشاعر في القصيدة؟ وهل كان لها عالقة بالمعنى؟
-هل أدت الصيغ الصرفية في القصيدة األغراض التي من أجلها أنشأ الشاعر قصيدته؟
-ماهي أوجه البالغة والبيان في القصيدة؟
-كيف جسدت البنى اللغوية دالالت الشاعر في القصيدة؟
وفي دراستنا لهذا البحث وضعنا نصب أعيننا عدة أهداف رجاء تحقيقها منها:
-دراسة قصيدة "أنا ابن العاصمين" للفرزدق عبر مختلف مستويات التحليل اللساني.
-معرفة أثر الفرزدق في اللغة وكيف استطاع هذا الشاعر أن يجعل قصائده في غاية الفصاحة
والبيان.
وهذا البحث كما ال يخفى على الكثيرين ليس األول في مجاله ،فهناك عدة دراسات سبقته في هذا
المجال ،وقد استعنا بها في هذه الدراسة نذكر منها:
-رسالة دكتوراه مطبوعة بعنوان "اللغة في شعر الفرزدق" للدكتور حلمي عبد الهادي وقد كانت
هذه الرسالة سندا لنا في الكثير من الموضوعات.
-كتاب "نقائض جرير والفرزدق" ألبي عبدة ابن المثنى(ت209هـ) وهو كتاب قديم شرح فيه
مؤلفه النقائض من بينها قصيدة "أنا ابن العاصمين".
-كتاب "الفرزدق" للدكتور شاكر الفحام درس فيه حياة الفرزدق وشعره.
فكل هذه الدراسات جاءت في هذا الموضوع الذي نحن بصدد دراسته ،أما ما أضفناه لها من
جديد فهو تحليننا لقصيدة "أنا ابن العاصمين" باألخص تحليال لسانيا ،وفق المنهج اللغوي الحديث،
على مختلف مستويات اللغة ،إضافة إلى ربطنا داللة كل بنية من البنى اللغوية بالمعنى المراد منها.
وقد استعنا في إجرائنا لهذا البحث بالمنهج األسلوبي بآلية اإلحصاء وكان اعتمادنا عليه بشكل
كبير في كل فصول هذا البحث.
ب
أما عن الخطة المتبعة في هذا البحث ،فهي قائمة على مقدمة ،بعدها أربعة فصول مرتبطة
كلها بالبنية اللغوية ،وهي كاآلتي:
الفصل األول :البنية الصوتية في قصيدة الفرزدق :درسنا في هذا الفصل الموسيقى الداخلية والخارجية
القصيدة.
الفصل الثاني :البنية الصرفية في قصيدة الفرزدق :درسنا فيه أبنية األفعال والمصادر والمشتقات
وعالقتها بالمعاني.
الفصل الثالث :البنية التركيبية في قصيدة الفرزدق :درسنا فيه التراكيب المستعملة في القصيدة ،وما
جرى فيها من تغيير وكذا عالقتها بالمعاني.
الفصل الرابع :البنية الداللية في قصيدة الفرزدق :درسنا في هذا الفصل األساليب البالغية التي
استعملها الشاعر وعالقة ألفاظ القصيدة بالمعاني المرتبطة بها.
ثم خاتمة هذا البحث ،والتي اشتملت على نتائج شاملة لما في الموضوعات المدروسة.
وكان اعتمادنا في هذا البحث على عدة مصادر ومراجع( ،إضافة لما ذكرناه في الدراسات السابقة)
نذكر أهمها:
" -ديوان الفرزدق" جمعه وضبطه علي فاعور.
" -الشعر العربي أوزانه وقوافيه وضروراته" لعبد القادر بن القاضي.
" -تصريف األفعال والمصادر والمشتقات" لصالح سليم الفاخري.
" -مدخل إلى البالغة العربية" ليوسف أبو مسلم العدوس.
وف ـ ــي خت ـ ــام ه ـ ــذه المقدم ـ ــة ال يتس ـ ــنى لن ـ ــا إال تق ـ ــديم كام ـ ــل الش ـ ــكر ألس ـ ــتاذتنا الفاض ـ ــلة الض ـ ــاوية
بري ـ ــك الت ـ ــي أشـ ـ ـرفت عل ـ ــى متابع ـ ــة ه ـ ــذا البح ـ ــث ونرج ـ ــو م ـ ــن ال تع ـ ــالى أن يجزيه ـ ــا أحس ـ ــن الجـ ـ ـزاء
عل ــى م ــا قدمت ــه لن ــا م ــن نص ــائح إلتم ــام ه ــذا البح ــث ونس ــأله تع ــالى أن يجع ــل ه ــذا العم ــل ف ــي ميـ ـزان
حسـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــناتها وصـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــلى ال علـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـى نبيننـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا محمـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــد وعل ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــى لـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــه وصـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــحبه أجمع ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــين.
ج
أوال :البنية اللغوية
1
أوال /البنية اللغوية:
تعددت التعاريف اللغوية عند العلماء القدامى لمصطلح البنية ،فقد وردت في القرن الكريم
وكالم العرب بمعان مختلفة ما بين حقيقة ومجاز ،فقد عرف ابن فارس (تـ395هـ) البنية في اللغة
بمعناها الحقيقي بقوله« :الباء والنون والياء أصل واحد ،وهو بناء الشيء بضم بعضه إلى بعض،
تقول بنيت البناء أبنية» ،1فالبنية على تعريف ابن فارس بمعنى البنيان ،وقد وردت بهذا المعنى في
قوله تعالى﴿ :من فوقها غرف مبنية﴾ الزمر ،20: ،وقوله تعالى﴿ :قالوا ابنوا له بنيانا﴾ الصافات،
،97:وقال صاحب القاموس« :البنى نقيض الهدم...والبناء المبني...والبنية بالضم والكسر؛ ما
بنيته» 2ويزيد أبو البقاء الكفوي تعريفا أشمل عن سابقيه للبنية حيث يقول« :هو وضع شيء على
شيء على صفة يراد بها الثبوت« ،3فالبنية في كل هذه التعريفات تحمل معناها الحقيقي وهو البناء
الذي يعني إنشاء حائط.
أما في االستعمال المجازي فقد وردت لها عدة تعريفات عند أصحاب المعاجم ،منها ما ذكره
صاحب لسان العرب في شرحه لمادة "بنى" حيث يقول« :بنى :بنى في الشرف ،وعلى هذا يتأول قول
الحطيئة:
4
وان عاهدوا أوفوا وان عقدوا شدوا» أولئك قوم إن بنوا أحسنوا البنى
وتأتي البنية « مجا از في معان كثيرة تدور حول التأسيس والتنمية ،يقال بنى مجده وبنى الرجال ،قال
الشاعر:
5
شتان بين قرى وبين رجال» الرجال وغيره يبني القرى
يبني ِّ
1
-مقاييس اللغة ،ابن فارس(ت ـ395هـ) ،تح :عبد السالم هارون ،دار الفكر للطباعة والتوزيع ،د/ط ،د/ت ،الجزء
األول ،ص.302
2
-القاموس المحيط ،مجد الدين محمد بن يعقوب الفيروزابادي (ت ـ817هـ) ،تح :أنس الشامي وزكرياء جابر أحمد،
دار الحديث ،القاهرة ،طبعة مرتبة ترتيب ألفبائي1429( ،ه2008-م) ،ص.165
3
-الكليات معجم في المصطلحات والفروق اللغوية ،أبو البقاء أيوب بن موسى الحسيني الكفوي (ت ـ1094هـ) ،تح:
عدنان درويش ومحمد المصري ،مؤسسة الرسالة ،ط ،2د/ت ،ص.241
4
-لسان العرب ،جمال الدين أبو الفضل محمد بن مكرم بن علي ابن منظور (تـ11هـ) ،تح :محمد أحمد حسب ال
وعبد ال هاشم ومحمد الشاذلي ،دار المعارف ،د/ط ،د/ت ،ص.362
والبيت في ديوان الحطيئة ،جرول بن أوس بن مالك( ،ت 60هـ) ،تح :حمدو طماس ،دار المعارف ،بيروت ،لبنان،
ط1426( ،2هـ2005-م) ،ص.40
5
-المعجم الوسيط ،مجمع اللغة العربية بالقاهرة ،مكتبة الشروق الدولية ،ط1425( ،4هـ2004 ،م) ،ص.72
2
فقوله يبني الرجال هي بالضرورة تحمل المعنى المجازي ،أي ينمي الرجال ويؤسسهم ،وأما يبني القرى
فهي على معناها الحقيقي الذي تقدم ذكره ،وتأتي البنية بمعنى االعتماد ،تقول« :بنى على كالمه؛
احتذاه واعتمد عليه».1
أما من الناحية االصطالحية فقد درس العلماء البنية من ناحية الكلمة ،فهي عندهم تعرف
على أنها« :الصيغة والمادة التي تتألف منها الكلمة؛ أي حروفها وحركاتها وسكونها ،مع اعتبار
الحروف الزائدة واألصلية كل في موضعه» .2فكلمة "ضرب" مثال ال يتم بناؤها ويتضح معناها مالم
تجتمع حروفها الثالثة؛ وهي :الضاد والراء والباء ،وكذا أن يلزم كل حرف منها ما يقبله من حركة أو
سكون.
ويتوافق التعريفان اللغوي واالصطالحي في المعنى ،حيث نرى أن اللغويين قاسوا بنية الكلمة
على البناء المعروف ،فوجدوا أن كال منهما يتكون من عدة أجزاء مترابطة ال يمكن تجزئتها ،فإن
حصل وانفصل عنصر منها فإنه يؤدي إلى فساد البنية ،ومن ثم إلى فساد المعنى.
تحول مصطلح البنية في العصر الحديث تحوال جذريا ليدخل تحت علم قائم بذاته ،وهو علم
اللسانيات الذي بدأ بدراسته للبنيوية باعتبارها منهجا يقوم على «أساس نظري مؤداه أن البنية تتألف
من عناصر ومكونات جزئية ،وأي تغير يط أر على أي واحد من هذه المكونات البد أن يؤثر في سائر
المكونات والعناصر األخرى» ،3فاللسانيات ال تدرس البنية باعتبارها عنص ار واحدا ،بل تدرسها
باعتبارها الرابط الذي يربط مجموعة من العناصر بعضها ببعض ،فقد كانت بداية الدراسة البنيوية مع
ظهور العالم الكبير Ferdinande Dissocierمؤسس اللسانيات ،فقامت الدراسة اللغوية بعده على
دراسة البنية وتحليلها دراسة صوتية وصرفية ونحوية وداللية.
تعرف البنيوية بأنها « :مذهب يعتبر اللغة مجموعا مركبا لعناصر مترابطة ،بحيث ال يمكن
تحديد أو تعريف أي عنصر بمفرده بل بعالقته مع العناصر األخرى التي تؤلف هذا المجموع»،4
1
-المرجع السابق ،ص.72
2
-موسوعة علوم اللغة العربية ،إيميل بديع يعقوب ،دار الكتب العلمية ،بيروت لبنان ،ط2006 ،1م ،الجزء الرابع،
ص.199
3
-اللسانيات المجال الوظيفة والمنهج ،سمير شريف استيتة ،عالم المكتب الحديث ،ط1429( ،2هـ20808 -م)،
ص.166
4
-موسوعة علوم اللغة العربية ،إيميل بديع يعقوب،ج ،4ص.199
3
فالبنية من خالل هذا التعريف هي النظام الذي يجمع هذه العناصر المرتبطة ،فهي« :عبارة عن نظام
له قوانينه التي يحكم بها أجزاءه ،إذ أن كل تحول في البنية يؤدي إلى تحول في الداللة» .1ومن هذا
فإن البنية تتألف من ميزات ثالث وهي( :الكلية 'الشمول' ،التحول ،الضبط الذاتي).
-1الكلية (الشمول) :Universalitéوهو أن تتألف البنية من عناصر خاضعة للقوانين المميزة
للنسق.
-2التحول ) :(Convertibleوهو أن تخضع البنية للعديد من التحوالت الداخلية «كتحويل
االسم إلى الوصفية ،نحو كلمة 'أسد' التي هي اسم تصبح صفة في بعض التراكيب نحو رجل
أسد أي قوي».2
-3الضبط الذاتي ( :)Self-organisationويكون بمحافظة البنية على وحدتها من خالل
تنظيم ذاتها بذاتها.3
تتأتى دراسة البنية اللغوية ضمن تسلسل عناصر لغوية ،الذي انتهجته اللسانيات الحديثة ،وهو
ما يسمى بمستويات التحليل اللساني ،وهو الذي يبدأ بالدراسة الصوتية ،ثم البنية الصرفية ،ثم بعد ذلك
التركيب النحوي ،وأخي ار الداللة اللغوية والتي تهتم بالمعنى.
-1البنية الصوتية :تقوم على دراسة الصوت باعتباره «ظاهرة فيزيائية عامة الوجود في الطبيعة؛
فالصوت اللغوي يتمثل في األصوات التي تخرج من الجهاز الصوتي البشري ،والتي يدركها
السامع بصماغه (أذنه)» ،4فالدراسة الصوتية تقوم على دراسة األصوات من حيث مخارجها
وصفاتها ومقاطعها.
-2البنية الصرفية :تقوم الدراسة الصرفية للغة «بتناول البنية التي تمثلها الصيغ والمقاطع
والعناصر الصوتية التي تؤدي معاني صرفية أو نحوية» ،5وذلك بدراسة أبنية األفعال وأبنية
المصادر وأبنية المشتقات ،وبيان المعنى الذي تؤديه كال منها.
1
-البنية اللغوية ،بزة عبد الرحمن ،مصباح عبد الرحمن ،مجلة كلية األداب ،جامعة مصراتة ،العدد ،14ديسمبر
،2019ص.63
2
-معجم المصطلحات اللسانية ،مبارك مبارك ،دار الفكر ،بيروت ،لبنان ،ط1995 ،1م ،ص.65
3
-ينظر :البنية اللغوية عند فيردينان دي سوسير ،بزة عد الرحمن ،مصباح عبد الرحمن ،ص.63
4
-مبادئ في اللسانيات ،خولة طالب ابراهيم ،دار القصبة للنشر ،الجزائر ،ط2006 ،2م ،ص.43
5
-مبادئ في اللسانيات ،أحمد محمد قدور ،دار الفكر دمشق ،ط1429( ،3هـ 2008 -م) ،ص.185
4
-3البنية النحوية :تقوم الدراسة النحوية للغة بالنظر إلى تركيب الكلمات في الجمل اإلسنادية،
وتبيين ذلك التركيب ومعانيه وتحديد قوانينه ،1فيدرس الجمل من حيث كونها خبرية أو
إنشائية ،والظواهر التي تعتري تركيبها من تقديم أو تأخير أو حذف أو غير ذلك.
-4البنية الداللية« :يهدف البحث في الداللة اللغوية إلى الكشف عن حقيقة المعنى في اللغات
اإلنسانية ،والى معرفة القوانين اللغوية التي تساعد على معرفة العالقات التي تربط بين أجزاء
المعنى الواحد وما ينطوي تحته من مضامين والعالقات التي تصل معنى بآخر».2
عند حديثنا عن الفرزدق فإننا نتحدث عن شاعر من أعظم الشعراء الذين راج شعرهم في كل
البقاع إلى يومنا هذا ،فهو أحد الشعراء المخضرمين الذين عاصروا الخالفة الراشدة والخالفة األموية،
ودنوا من الخلفاء األمويين ومدحوهم بغية التقرب منهم والنيل من عطاياهم ،حتى أطلق عليه األدباء
هو وصاحبيه جرير واألخطل "الثالوث األموي" ،3وهذا ما ينبئنا على عظم هؤالء الشعراء وقدر
مكانتهم ،فمع أن الشعر كان رائجا في ذلك العصر ،بل ال تكاد تجد فيه من ال يحسن قول الشعر ،إال
أن شعر هؤالء تميز بسمات لم توجد في شعر غيرهم ،باإلضافة إلى ما كان يحصل بين هؤالء من
نقائض وأهجية لم يسمع بمثلها حتى في العصر الجاهلي.
1
-ينظر :اللسانيات والمصطلح ،أحمد قدور ،مجلة مجمع اللغة العربية ،دمشق ،المجلد ،81الجزء ،4ص.4
2
-اللسانيات المجال والوظيفة والمنهج ،سمير شريف استيتة ،ص.257
3
-ينظر :الفرزدق حياته وشعره ،محمد رضا مروة ،دار الكتب العلمية ،بيروت ،لبنان ،ط1411( ،1هـ 1990 -م)،
ص.3
4
-األغاني ،أبو الفرج األصفهاني ،تح :إحسان عباس ،دار صادر ،بيروت ،ط1429( ،3هـ 2008 -م) ،ج،21
ص.193
5
-ينظر :الفرزدق ،شاكر الفحام ،دار الفكر ،ط1397( ،1هـ 1977 -م) ،ص.116
6
-سير أعالم النبالء ،شمس الدين محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي (ت748هـ) ،تح :شعيب األرنؤوط ومأمون
الصاغرجي ،مؤسسة الرسالة ،ط1405(،3هـ 1985 -م) ،ج ،4ص.540
5
ولد الفرزدق في خالفة عمر بن الخطاب «بالبصرة سنة (20هـ641 -م) ،ونشأ فيها وتحول
إلى البادية فتطبع بطبائعها من قوة شكيمته وغلظة وجفاء ،وتعال على المجد يعضد في ذلك شرف
وأصل وكرم محتد» ،1فظهر في ذلك في طبعه من جفاء وغلظة في القول ،وحب المفاخرة والمباهاة،
فقد كان كثير االفتخار بنفسه وبآبائه ،فالمطلع على شعره قلما يجد قصيدة من قصائده إال ويذكر فيها
مآثر بائه ،ومن ذلك قوله مخاطبا جري ار بعد أن عدد له مآثر بائه:
2
إذا جمعتنا يا جرير المجامع أولئك بائي فجئني بمثلهم
فأبوه غالب بن صعصعة كان من جلة القوم وسراتهم ،ومع أنه كان أعور إال أنه قد ساد قومه ،وكان
أكرمهم في الفاقة ،وله مناقب مشهودة ومحامد مأثورة ،حتى قيل أنه كان عند المجاعة ينحر ما ال
يحصى من اإلبل ،عجز غيره عن نحر أمثالها ،3وقد أ كثر الفرزدق من مدحه ،وفيه يقول:
4
قرى مئة ضيفا ولم يتكلم أال هل علمتم ميِّتا قبل غالب
وأما جده صعصعة بن ناجية فكان «عظيم القدر في الجاهلية واشترى ثالثين موؤودة ،إلى أن جاء ال
باإلسالم ،منهن بنت لقيس بن عاصم المنقري ،ثم أتى النبي صلى ال عليه وسلم فأسلم» ،5فقال
الفرزدق في ذلك:
6
ت وأحيا الوئيد فلم يوأد ومنا الذي منع الوائدا
هذا وقد مشى الفرزدق في الناس مشية الخيالء ،فكان ال يرى نفسه أقل من أحد ،ويفتخر
بذلك متمسكا بمآثر بائه وأجداده ،وهو مع ذلك ال يأنف أن يطلق لسانه على من عال عليه أو هجاه،
فيستعمل في هجائه ما فحش من األلفاظ وما تمجه األسماع ،ليسقط من قدر خصمه ومروءته.
ب -شعره:
كان الفرزدق مفنا في شعره ،تعلم الشعر منذ صباه ،ومما روي أن أباه غالبا أتى إلى اإلمام
علي كرم ال وجهه وهو صغير ،فقال له :إن ابني هذا يقول الشعر ،فاسمع منه ،فقال" :علم ابنك
1
-ديوان الفرزدق ،همام ابن غالب ،جمعه وضبطه علي فاعور ،دار الكتب العلمية ،بيروت لبنان ،ط1407( ،1هـ
1987 -م) ،ص.5
2
-المصدر نفسه ،ص.360
3
-ينظر :وفيات األعيان وأنباء أبناء الزمان ،أبو العباس شمس الدين ،أحمد بن محمد بن أبي بكر ابن
خلكان(ت681هـ) ،تح :إحسان عباس ،دار صادر بيروت ،د/ط ،ج ،1ص.86
4
-ديوان الفرزدق ،ص.529
5
-الشعر والشعراء ،ابن قتيبة ،تح :أحمد محمد شاكر ،دار المعارف ،د/ط ،ج ،1ص.471
6
-ديوان الفرزدق ،ص.155
6
القرن فهو أصلح له" .1وأكثر ما في ديوان الفرزدق من الشعر كان في الهجاء والمدح والفخر ،ومن
هنا فقد عده ابن سالم الجمحي في الطبقة األولى من الشعراء اإلسالميين ،وشبه شعره بشعر زهير بن
سلمى ،2وأهم ما يلفت النظر في شعره هي النقائض التي حصلت بينه وبين جرير.
كما نجد أن الفرزدق كان يفضل قول القصائد القصار على غيرها من الطوال ،فسأله يوما
أحدهم :مال بال قصارك أكثر من طوالك؟ فقال" :ألني رأيتها أثبت في الصدور وفي المحافل أجول".3
والمالحظ في شعر الفرزدق يرى دقة بالغته وجزالة أسلوبه ،واعتماده األلفاظ الخشنة في هجاء
خصومه ،فكل هذه السمات جعلت شعره ينال الصدارة ،حتى أنه من الشعراء من فضل شعره على
شعر جرير ،ومن ذلك ما روى لنا أبو الفرج األصفهاني عن خلد بن أم مكتوم قال« :قيل للمفضل
الضبي :الفرزدق أشعر أم جرير؟ قال الفرزدق ،قال قلت ولم؟ قال ألنه قال بيتا هجا فيه قبيلتين
ومدح فيه قبيلتين وأحسن في ذلك فقال:
كما ل يربوع هجوا ل دارم عجبت لعجل إذ تهاجي عبيدها
فقيل له :قد قال جرير:
وأبا البعيث لشر ما إستار إن الفرزدق والبعيث وأمه
فقال :وأي شيء أهون من أن يقول إنسان :فالن وفالن وفالن والناس كلهم بنو الفاعلة».4
ج -وفاته:
توفي الفرزدق بالبصرة «سنة عشر ومائة قبل جرير بأربعين يوما وقيل بثمانين يوما» ،5وذكر
في سبب وفاته أنه «أصابته الدبيلة فقدم به البصرة وأتي بطبيب فسقاه قا ار أبيض فجعل يقول:
أتعجلون لي القار في الدنيا» ،6وقيل له في مرضه الذي مات فيه اذكر ال ،فسكت طويال ثم قال:
إذا ما األمر جل عن العتاب أروني من يقوم لكم مقامي
7
بأيـ ـدي ـكم علـ ـي مـ ـن ال ـتـ ـ ـ ـ ـراب إلى من تفزعون إذا حثوتم
8
فقالت له موالة له :نفزع إلى ال ،فقال :أخرجوا هذه من الوصية ،وكان قد أوصى لها بمئة درهم.
1
-ينظر :الفرزدق حياته وشعره ،محمد رضا مروة ،ص.23
2
-ينظر :طبقات الشعراء ،محمد بن سالم الجمحي (ت231هـ) ،تح :طه أحمد ابراهيم ،دار الكتب العلمية ،بيروت
لبنان ،د/ط1422( ،هـ 2001 -م) ،ص.45
3
-ينظر :الفرزدق حياته وشعره ،محمد رضا مروة ،ص.33
4
-األغاني ،أبو الفرج األصفهاني (ت356هـ) ،ج ،21ص.199
5
-وفيات األعيان وأنباء أبناء الزمان ،ابن حلكان (ت681هـ) ،ج ،6ص.97
6
-الشعر والشعراء ،ابن قتيبة ،ص.475
7
-ديوان الفرزدق ،ص.88
8
-ينظر :الشعر والشعراء ،ابن قتيبة ،ص.476
7
ج -النقائض في شعر الفرزدق:
إن أهم ما ميز شعر الفرزدق تلك النقائض التي حصلت بينه وبين جرير بن عطية؛ وهي
عبارة عن مجموعة من المنازعات الشعرية والخصومات الهجائية ،التي حصلت بين الشاعرين الكبيرين
اللذين عاشا في العصر األموي ،وكان للشعر في هذه المرحلة أثر كبير ،فالناس كانوا يترقبون ما
يدور بين الشاعرين من تبادل للقصائد ليحفظوها ويتناقلوها بين قبائلهم.1
وقد «لج الهجاء بين جرير والفرزدق نحو من أربعين سنة لم يغلب أحد منهما صاحبه ،ولم
يتهاج شاعران في الجاهلية وال في اإلسالم بمثل ما تهاجيا به» ،2وهذا ما جعل كل واحد منهما مقترنا
بصاحبه معروفا به ،يذكر كلما ذكر ،ومن طريف ما ذكر أنه اجتمع كال من الشاعرين الفرزدق وجرير
عند الخليفة يزيد بن عبد الملك ،فأقبل يزيد على جرير فقال :مالك وللفرزدق؟ قال :إنه يظلمني ويبغي
علي ،فقال الفرزدق :وجدت بائي يظلمون باءه فسرت فيه بسيرتهم.3
ومن أبرز القصائد الطوال التي هجا الفرزدق بها جري ار هي قصيدة "أنا ابن العاصمين" والتي
تعتبر من أروع قصائده ،قالها الفرزدق مناقضا لقصيدة جرير التي هجا بها الراعي النميري ،والتي
مطلعها:
4
وقولي إن أصبت لقد أصابا أقلي اللوم عاذل والعتابا
وسبب تهاجيهما بهاتين القصيدتين :هو أن عبيدا بن حصين الراعي– وكان من أشعر الناس-
كان يفضل الفرزدق على جرير ،وكان جرير يزجره أن يقع بينه وبين الفرزدق ،ثم أن جندال بن عبيد
الراعي هجا جري ار فقال ألبيه – وهو يلومه على وقوفه مع جرير -مالك يراك الناس واقفا على كلب
من كليب كأنك تخشى منه ش ار أو ترجو منه خي ار! ،5فحمى لها جرير و حلف ليهجون الراعي بما لم
يهج به أحدا قبله ،ثم أقبل إلى منزله فلم يزل به حتى ورد عليه قوله:
فال كعبا بلغت وال كالبا فغض الطرف إنك من نمير
1
-ينظر :نقائض جرير والفرزدق ،أبو عبيدة معمر بن المثنى التيمي البصري (ت209هـ) ،تح :خليل عمران
المنصور ،دار الكتب العلمية ،بيروت لبنان ،ط1419( ،1ه1998 -م) ،ج ،1ص.3
2
-الفرزدق حياته وشعره ،محمد رضا مروة ،ص.45
3
-ينظر :األغاني ،أبو الفرج األصفهاني،ج ،1ص.200
4
-ديوان جرير ،،جرير بن عطية الخطفي ،جمعة كرم البستاني ،دار بيروت للصباغة والنشر ،د/ط1406( ،هـ -
1986م) ،ص.58
5
-ينظر :األغاني ،أبو الفرج األصفهاني،ج ،24ص.113
6
-ينظر :نقائض جرير والفرزدق ،أبو عبيدة بن المثنى (ت209هـ) ،ج ،1ص.309
8
وهجا جرير الراعي النميري بقصيدته المشهورة (أقلي اللوم) في قرابة اثنا عشر بيتا بعد المئة،
على وزن الوافر بروي واحد هو الباء« ،وكان جرير يسميها 'الدماغة' ويسميها 'الدهقانة' ،وكان يسمي
هذه القافية المنصورة ،وذلك ألنه قال قصائد على قافيتها ،كلهن أجاد فيها» ،1ثم إن الفرزدق لما سمعه
يهجو الراعي أنشأ يناقضه بقصيدته "أنا ابن العاصمين" على وزنها وقافيتها في سبعين بيتا ،وقد أبرع
فيها مفتتحا إياها بمفاخر بائه ،ووصفهم بالعاصمين ،وهجا فيها جري ار وقومه أيما هجاء.
1
-المصدر السابق ،ج ،1ص.309
9
توطئة.
المبحث األول :الموسيقى الخارجية للقصيدة.
أوال :دراسة وزن القصيدة.
ثانيا :الزحافات والعلل في القصيدة.
ثالثا :دراسة القافية.
المبحث الثاني :الموسيقى الداخلية للقصيدة.
أوال :الصوت والحرف.
ثانيا :تصنيف األصوات اللغوية.
ثالثا :مخارج األصوات.
10
توطئة:
تعرف البنية الصوتية في الشعر على أنها دراسة لغة الشاعر على المستوى الصوتي من
اللسان ،فهي قائمة على دراسة األصوات التي تنتجها األلفاظ ،وعالقتها بعاطفة الشاعر وطبعه،
فالصوت من خالل نبرته وايقاعه يعطي داللة واضحة على نفسية الشاعر ومزاجه ،ولذا فإن اإليقاع
الصوتي في الشعر العربي يختلف من شاعر إلى خر ،حسب المحيط الذي نشأ فيه الشاعر ،وقوانين
العصر الذي يخضع لها ،فألفاظ الشاعر الذي يعيش في البوادي والتي تحوي على الغلظة والجفاء
تختلف في إيقاعها ونبرتها عن ألفاظ الشاعر الذي يعيش في الحضر ،والتي تحوي الليونة والرقة.
بدأت الدراسة الصوتية عند العرب قبل أكثر من ألف ومائتي سنة ،عندما قام علماء اللغة
أنذاك بتقعيد العربية ووضع وصف دقيق لقواعدها النحوية والصرفية ،ومخارج أصواتها وصفاتها،
وطرق إخراجها ،وذلك نظ ار الهتمامهم الشديد بالقرن الكريم ،ومحاولتهم الحفاظ على لغته ،فكان من
أوائل من برز في هذا المجال هو الخليل بن أحمد الفراهيدي (ت170هـ) ،في كتابه "العين" ،ثم تبعه
في ذلك سيبويه (ت180ه) في كتابه المسمى ب "الكتاب" ،1وقد كان للخليل بن أحمد الفضل الكبير
في إثراء الدرس الصوتي في اللغة العربية ،وظهر ذلك من خالل معجمه العين ،الذي اعتمد فيه على
منهج صوتي ،قائم على تقسيم مواد المعجم حسب مخارج حروفها ،وأكثر من ذلك فقد برع الخليل في
النغم الموسيقي ،فكان ذا أذن موسيقية ،متذوقا للحروف ولإليقاع الصوتي للقصائد واألشعار« ،وهو
الذي استنبط علم العروض وأخرجه إلى الوجود ،وحصر أقسامه في خمس دوائر ،يستخرج منها خمسة
عشر بح ار ،ثم زاد األخفش بح ار خر وسماه الخبب» ،2ليجمع بعد ذلك الشعر العربي كله في ستة
عشر بح ار ،فعلم العروض خاص بدراسة الشعر العربي ،وقد كان اهتمام العرب القدامى بالشعر أكثر
من النثر ،فالشعر يشمل وزنا وقافية ،فهو ضرب من الغناء الذي تلتذ له اآلذان ،وهو سريع الحفظ
وكثير االنتشار في المحافل ،خالفا للنثر الذي قلما يحفظ إال بمعناه ،باإلضافة إلى هذا فإن «للشعر
نواح عدة للجمال ،أسرعها إلى نفوسنا ما فيه من جرس األلفاظ وانسجام في توالي المقاطع».3
وفي دراستنا لقصيدة الفرزدق على المستوى الصوتي فإننا نقسم الد ارسة إلى قسمين؛ األول:
دراسة الموسيقى الخارجية للقصيدة ،ونعني بها دراسة وزن القصيدة وقافيتها ،والثاني :دراسة الموسيقى
الداخلية للقصيدة ،ونعني بها دراسة أصوات الحروف التي اعتمدها الشاعر وأثرها في المعنى.
1
-ينظر :الصوتيات العربية ،منصور بن محمد الغامدي ،مكتبة التوبة بالرياض ،ط1421( ،1ه2001 -م)،
ص.7
2
-وفيات األعيان ،ابن خلكان ،ج ،2ص.244
3
-موسيقى الشعر ،إبراهيم أنيس ،مكتبة األنجلو المصرية ،ط1952 ،2م ،ص.6
11
المبحث األول :الموسيقى الخارجية للقصيدة.
الشعر العربي هو «قول موزون مقفى يدل على معنى» ،1فهو يخالف النثر في اشتماله على
وزن وقافية ،فالعرب قديما وضعوا شعرهم في قواعد منضبطة وموازين محددة ،فقصائدهم «تعتمد من
جهة نظمها على أصلين هما :وحدة الوزن ووحدة القافية ،فأبيات القصيدة أيا كان عددها يجب أن
تكون كلها واحدة في وزنها وقافيتها ،أي من جهة عدد المقاطع والتفعيالت؛ فإذا كانت تفاعيل البيت
األول ثالثة أو أربعة التزمت هذه التفاعيل بعددها في جميع القصيدة» ،2هذا كله مما يدرسه علم
العروض الذي اعتبره العلماء ضابطا للشعر العربي ،فما وافقه سمي شع ار ومال لم يوافقه فليس
بشعر.3
والناظر في شعر الفرزدق -الذي عاش ولم يظهر من علم العروض شيء -يجد أن موسيقى
شعره كلها هي «موسيقى الخليل بن أحمد الفراهيدي ،فلم يخرج فيما نطمه عن األوزان الشعرية
التقليدية» ،4بل الباحث في ديوانه يجد أن أغلب أشعاره تدور بين أربعة بحور ،وهي الطويل والكامل
والبسيط والوافر.
الوزن أو وزن البيت كما هو معروف عند العروضيين؛ هو »سلسة السواكن والمتحركات
المستنتجة منه مجزأة إلى مستويات مختلفة من المكونات (الشطران ،التفاعيل ،األسباب ،واألوتاد) »،5
فوزن كل بيت يخضع للبحر الذي تنتمي له القصيدة ،والفرزدق أنشأ قصيدته "أنا ابن العاصمين" على
بحر الوافر وهو واحد من البحور الشعرية التي اكتشفها الخليل؛ ووزنه« :مفاعلتن مفاعلتن فعولن
مرتين...سمي هذا الشطر واف ار ألن أجزائه موفرة له وفور أجزاء الكامل ،غير أنه حذف من حروفه فلم
يكمل» ،6ولم يرد البحر الوافر في الشعر العربي إال على نمطين :األول أن يكون مجزوءا وذلك بأن
تحذف إحدى تفعيالته من كل شطر ،فيصير مجموع تفعيالت البيت أربعا على هذا الشكل:
مفاعلتن مفاعلتن مفاعلتن مفاعلتن
1
-نقد الشعر ،أبو الفرج قدامة بن جعفر ،مطبعة الجوانب ،قسنطينة ،ط130 ،1ه ،ص.3
2
-علم العروض والقافية ،عبد العزيز عتيق ،دار اآلفاق العربية القاهرة ،ط1420( ،1ه2000-م) ،ص.18
3
-ينظر :كتاب العروض ،أبو الفتح عثمان بن حنى (تـ 392هـ) ،تح :أحمد فوزي الهيب ،دار القلم للنشر والتوزيع
بالكويت ،ط1409( ،2ه1989 -م) ،ص.59
4
-اللغة في شعر الفرزدق ،حلمي محمد عبد الهادي ،مكتبة الرائد العلمية باألردن ،ط2002 ،1م ،ص.262
5
-أوزان الشعر ،مصطفى حركات ،الدار الثقافية للنشر بالقاهرة ،ط1998-1418( ،1م) ،ص.7
6
-لسان العرب ،بن منظور ،ص.4852
12
والنمط الثاني :أن يكون وافيا مقطوفا وذلك بأن يأتي بتفعيالته وافية كاملة ،مع تحول التفعيلة األخيرة
"مفاعلتن" من كل شطر إلى "فعولن" ،وهو ما يسمى بالقطف ،فيكون شكل البيت كالتالي:
مفاعـل ـتـ ـن مفاع ـل ـت ـن فعول ـن مفاعـل ـتـ ـن مفاع ـل ـت ـن فعول ـن
والقطف هو من علل النقص التي تلزم البحر الوافر التام التفعيالت ،وهو عبارة عن اجتماع كال من
زحاف العصب – وهو إسكان الحرف الخامس من التفعيلة .فتصبح مفاعلتن على شكل مفاعيلن -مع
علة الحذف -وهي حذف سبب خفيف من خر التفعيلة فتصبح مفاعلتن على شكل مفاعل، -
فباجتماع كل منهما في مفاعلتن تصبح التفعيلة على وزن فعولن ،1وعلى هذا جاءت قصيدة "أنا ابن
العاصمين" ،فلو قطعنا البيت األول منها لتحصلنا على هذا الوزن وذلك كاآلتي:
إذا ما أعظم الحدثان نابا أنا ابن العاصمين بني تميم
ن نابا إذا ما أع ظم لـحدثا تـميمن أنبن لعا صمين بني
0/0// 0///0// 0/0/0// 0/0// 0///0// 0/0/0//
فعولن مفاعلتن مفاعيلن فعولن مفاعلتن مفاعيلن
والبحر الوافر يعتبر من البحور كثيرة االستعمال ،فقد اعتمد عليه الفرزدق في خمس وستين
قصيدة من قصائد الديوان ،جاءت كلها على شكلها التام ،ولم يرد أي منها مجزوءا ،مع تنوع أغراضها
ما بين مدح أو هجاء أو فخر أو غير ذلك ،غير أنه يبدو أنه كان للهجاء الحظ األوفر منه.
وعند نظرنا في ديوان الفرزدق نالحظ أن جل اعتماده في إنشاء القصائد كان على وزن البحر
الطويل ،سواء في المدح أو الهجاء أو الفخر ،وقد بلغ عدد أبياته حسب إحصائيات الدكتور حلمي
عبد الهادي نسبة %68.8مما نظمه في هذا البحر ،في حين كان عدد القصائد التي نظمها على
البحر الوافر بنسبة ،2%9.3وبعد أن أحصينا عدد القصائد التي نظمها في هذا البحر تبين لنا أنه
نظم خمسا وستين قصيدة من بين ست قصائد بعد الست مئة من مجموع قصائد الديوان ،وهو عدد ال
بأس به إذا قورن بالكامل والبسيط ،بينما يكون ضئيال إذا قورن بالطويل ،وسبق أن ذكرنا في المدخل
أن الفرزدق ألف قصيدته "أنا ابن العاصمين" على بحر الوافر ،مناقضا بها قصيدة جرير "أقلي اللوم
عاذل والعتابا" ،التي هجى بها الراعي النميري ،وبهذا يمكننا الجزم أن الفرزدق لم يختر هذا البحر
اعتباطا ،بل تابع فيه جري ار في مناقضته ،كما هي عادة الشعراء نذاك ،بل حتى في العصر الجاهلي
على توحيد الوزن والقافية عند مناقضة قصيدة أخرى ،أو الرد على شاعر خر.
1
-ينظر :الشعر العربي أوزانه وقوافيه وضروراته ،عبد القادر محمد بن القاضي ،منشورات ،ANEPد/ط ،د/ت ،
ص.126
2
-ينظر :اللغة في شعر الفرزدق ،حلمي محمد عبد الهادي ،ص.262
13
ثانيا :الزحافات والعلل في القصيدة
الزحافات والعلل هي نوع من التغيرات التي تشمل التفعيالت ،التي تتكون منها أبيات القصيدة،
فهي تؤثر في التفعيالت ال في البحر ،و«الزحاف كما عرفه العروضيون" :تغير يحدث في حشو البيت
غالبا ...ودخوله في بيت من القصيدة ال يستلزم دخوله في بقية أبياتها» ،1ومن ثم فالزحاف يمكن أن
يدخل على أي تفعيلة في حشو البيت وليس الزما لها وال لغيرها ،فالشاعر يمكنه استعمال الزحاف في
بيت ويتخلى عنه في بيت خر من نفس القصيدة ،وهذا خالفا للعلة التي تعرف بأنها« :تغير بزيادة أو
نقصان يدخل على األسباب واألوتاد في العروض والضرب ويلتزم في جميع أبيات القصيدة» ،2ومن
هذا فإن العلة ال تدخل على التفعيالت التي في الحشو ،وال يجوز اإلتيان بها في غير العروض –وهو
خر تفعيلة في صدر البيت -والضرب-هو خر تفعيلة في عجز البيت -ثم بعد ذلك فإن الشاعر إذا
أتى بالعلة وجب عليه تكرارها في كل أبيات القصيدة.
وأنواع الزحافات والعلل كثيرة مشتهرة في كتب العروض ،وما يهمنا هنا مدى استعمال الفرزدق
للزحافات والعلل في قصيدته "أنا ابن العاصمين" .فنقول أن الفرزدق في قصيدته هاته والتي بلغت
تسعة وستين بيتا لم يستعمل فيها من الزحاف سوى نوعا واحدا ،وهو المسمى عند العروضيين
"العصب"؛ وهو« :إسكان الحرف الخامس المتحرك ،وال يدخل إال على مفاعلتن» ،3فتصبح:
مفاعيلن مفاعلتن
0/0/0// 0///0//
وقد استعمل الفرزدق هذا الزحاف في القصيدة بكثرة ،حيث أننا لم نجد سوى ثمانية أبيات من
بين تسع وستين بيتا خالية من هذا الزحاف ،وقد تنوع تك ارر زحاف العصب في أبيات القصيدة،
فنجده تارة يزاحف تفعيلة واحدة في البيت كقوله:
4
يقودون المسومة العرابا سما برجال تغلب من بعيد
مفاعيلن مفاعلتن فعولن مفاعلتن مفاعلتن فعولن
وتارة يزاحف تفعيلتين في البيت الواحد ،وأكثر أبيات القصيدة على هذا الشكل ،وذلك كقوله:
5
بموج كاد يجتفل السحابا أتت من فوقه الغمرات منه
مفاعيلن مفاعلتن فعولن مفاعيلن مفاعلتن فعولن
1
-علم العروض والقافية ،عبد العزيز عتيق ،ص.140
2
-كتاب العروض ،ابن جني ،ص.175
3
-ينظر :الشعر العربي أوزانه وقوافيه وضروراته ،عبد القادر محمد بن القاضي ،ص.59
4
-ديوان الفرزدق ،ص.95
5
-المصدر نفسه ،ص.94
14
وتارة يزاحف ثالث تفعيالت من نفس البيت كحد أقصى ،وليس ذلك سوى في خمسة أبيات نذكر منها
قوله:
1
لغرتم حين ألقين الثِّيابا فلو كانت رماحكم طواال
مفاعيلن مفاعيلن فعولن مفاعيلن مفاعلتن فعولن
أما األبيات الثمان التي لم يرد فيها زحاف العصب ،وجاءت تفعيالتها سليمة في الحشو ،فنذكر منها:
2
بعينك ما استطعت لهم خطابا أوالك وغير أ ِّمك لو تراهم
3
وال جبلي الذي فرع الهضابا ولست بنائل قمر الثريا وقوله:
4
لك ِّل مناضل غرضا مصابا وقوله :وانك قد تركت بني كليب
فهذه األبيات الثالثة وغيرها مما لم نذكره (خمسة أبيات) جاءت تفعيالتها سليمة ،على هذا الوزن:
مفاعلتن مفاعلتن فعولن مفاعلتن مفاعلتن فعولن
أما بالنسبة للعلل فقد استعمل الفرزدق في القصيدة علة القطف؛ وهي كما ذكرنا من قبل عبارة عن
فعولن )، اجتماع العصب والحذف؛ فهي من علل النقص وال تدخل إال على مفاعلتن (مفاعلتن
وهذه العلة الزمة للبحر الوافر إذا جاءت تفعيالته تامة ،5وقد اتبع الفرزدق هذا في كل أبيات القصيدة،
فلو الحظنا التفعيلة األخيرة من كل شطر في البيت األول:
إذا ما أعظم الحدثان نابا أنا ابن العاصمين بني تميم
مفاعيلن مفاعلتن فعولن مفاعيلن مفاعلتن فعولن
فنجد أن جميع التفعيالت األخيرة في القصيدة على نفس الوزن "فعولن".
1
-ديوان الفرزدق ،ص.96
2
-المصدر نفسه ،ص.92
3
-المصدر نفسه،ص.92
4
-المصدر نفسه ،ص.95
5
-ينظر :الشعر العربي أوزانه وقوافيه وضروراته ،عبد القادر بن محمد ،ص.66
6
-كتاب القوافي ،أبو يعلى عبد الباقي عبد ال ،بن المحسن ،تح :عواني عبد الرؤوف ،مكتبة الخانجي بمصر،
ط1978 ،2م ،ص.59
15
بيت في قصيدة الشعر الملتزم يتحكم في بقية القصيدة ،من حيث الوزن والعروض ومن حيث
القافية» ،1وقد حدد الخليل هذه المقاطع الصوتية على «أنها الساكنان األخيران من البيت وما بينهما،
مع حركة ما قبل الساكن األول منهما» ،2وعلى هذا يمكن أن نرمز إلى هذه المقاطع الصوتية (القافية)
بهذا الشكل ( )0...0/على أن ما بين الساكنين من ال حرف إلى أربعة أحرف على األكثر ،ومن هذا
فإن القافية على خمسة أضرب:
األول :ويسمى المتكاوس وهو أن يكون ما بين الساكنين أربعة أحرف متحركة (.)0////0/
الثاني :وهو المتراكب وهو أن يجتمع بين الساكنين ثالثة أحرف متحركة (.)0///0/
الثالث :وهو المتدارك بأن يجتمع بين الساكنين حرفان متحركان (.)0//0/
الرابع :وهو المتواتر بأن يكون بين الساكنين حرف واحد متحرك (.)0/0/
الخامس :المترادف بأن ال يكون بين الساكنين حرف ( )00/وسمي بذلك ألنه ترادف فيه ساكنان.3
وزاد علماء القوافي للقافية تقسمين خرين باعتبار حركة الروي ،فإن كان الروي متحركا كانت
القافية مطلقة ،وان كان الروي ساكنا كانت القافية مقيدة.4
وعند دراستنا للقافية في قصيدة "أنا ابن العاصمين" فأول ما نالحظه أن الفرزدق قد استعمل
نفس القافية في جميع أبيات القصيدة ،فهو بذلك لم يخرج عن النظام التقليدي الذي اتبعته العرب في
شعرهم ،فالقافية في البيت األول:
إذا ما أعظم الحدثان نابا أنا ابن العاصمين بني تميم
0/0//0///0//0/0/0// 0/0//0///0//0/0/0//
مفاعيلن مفاعلتن فعولن مفاعيلن مفاعلتن فعولن
فالقافية في هذا البيت هي "عولن" ،وهي حركة النون وحركة األلف التي بعدها وحركة الباء ثم حركة
األلف التي بعد الباء ()0/0/؛ فهذه هي المقاطع الصوتية ،وهي مكررة في كل بيت من أبيات
أغر ترى لقبته حجابا نما في كل أصيد دارمي القصيدة:
سرادقها المقاول والقبابا ملوك يبتنون توارثوها
5
خشوعا خاضعين له الرقابا من المستأذنين ترى معدا
1
-علم العروض والقافية ،عبد العزيز عتيق ،ص110
2
-القافية واألصوات اللغوية ،محمد عوني عبد الرؤوف ،مكتبة الخانجي بمصر ،د/ط ،د/ت ،ص.3
3
-ينظر :كتاب القوافي ،أبو يعلى عبد الباقي ،ص.68
4
-ينظر :الشعر العربي أوزانه وقوفيه وضرو ارته ،عبد القادر محمد بن القاضي ،ص.95
5
-ديوان الفرزدق ،ص.91
16
وكما نالحظ فإن قصيدة الفرزدق هذه من القصائد ذات القوافي المطلقة؛ وهو ما كان رويها
متحركا وهو هنا الباء ،فنالحظ في القوافي التالية (حجابا ،القبابا ،الرقابا) أن للباء حركة مشبعة يمكن
تطويلها ،والملفت للنظر أن أشعار ديوان الفرزدق كلها قوافي مطلقة ،فلم نجد من بين قصائده أي
قصيدة ساكنة الروي ،وهذا ما يدلنا على أن الفرزدق كان يفضل القوافي المطلقة على المقيدة في
إنشاء قصائده.
وقد ذكرنا سابقا أن القافية في كل القصائد تنقسم إلى خمسة أضرب من حيث النظر إلى
األحرف التي بين الساكنين ،وهذه القصيدة جاءت على الضرب الرابع؛ وهو المتواتر ،وذلك بأن ال
يكون بين الساكنين غير حرف واحد ( )0/0وهذا هو الميزان الذي جاءت عليه هذه القصيدة.
وقد حدد العلماء للقافية حروفا ورد منها في هذه القصيدة ثالثة أحرف وهي:
-1الروي :وهو الحرف الذي تبنى عليه القصيدة وتسمى به ،فيقال في القصيدة المية إذا كان رويها
هو حرف الالم ،مثل المية العرب ،وهمزية إذا كان رويها هو حرف الهمز ،وجاء روي هذه القصيدة
حرف الباء فهي بائية.
-2الوصل :وهو حرف ساكن ينشأ عن إشباع حركة الروي ،ومنه فالوصل ال يكون إال في القصائد
المطلقة مثل هذه القصيدة "أنا ابن العاصمين" فالوصل فيها هو األلف الناتجة عن إشباع حركة الباء
(الروي).
1
-3الردف :وهو حركة المد الذي قبل الروي وهو هنا األلف.
ويمكن أن نرمز ألحرف القافية في هذه القصيدة( :نابا) األلف األولى :الردف - .الباء :الروي- .
األلف األخيرة :الوصل.
أما بالنسبة للعيوب التي تتعرض لها القافية فقد أفاض العلماء فيها كثي ار بما ال يتسع المجال
لذكرها ،غير أن قافية الفرزدق في هذه القصيدة خلت من جميع العيوب المذكورة.
التصريع في القافية:
يعتبر التصريع من جماليات الشعر العربي ،فهو ما يزيد الشعر رونقا وبهاء ،وان كان
التصريع مما ال يلزم الشاعر استعماله ،غير أنه مما يدل على تمكن الشاعر وكفاءته.
ويكون التصريع في أول بيت من القصيدة وذلك بـ «أن يغير صيغة العروض فيجعلها مثل صيغة
الضرب» ،2ومن هذا فالتصريع ال يقع إال في الشعر ،ويقابله في النثر ما يسمى بالسجع.
1
-ينظر :الشعر العربي أوزانه وقوفيه وضروراته ،عبد القادر محمد بن القاضي ،ص.96
2
-كتاب القوافي ،أبو يعلى عبد الباقي عبد ال ،ص.76
17
وقد وقع التصريع في كثير من القصائد الشعرية ،سواء في العصر الجاهلي أو اإلسالمي،
ومن ذلك المعلقات العشر ،التي تعتبر من أهم ما وصل إلينا من ذلك العصر ،فقد جاءت كلها
مصرعة فلو الحظا مطلع قصيدة امرئ القيس:
1
بسقط اللِّوى بين الدخول فحومل قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل
فقد شابه العروض الضرب حتى في روي القافية (الالم) ،ورغم ذلك فقد وجد كثير من األشعار العربية
خالية من التصريع ،وترك التصريع ليس عيبا في الشعر وال دليال على عدم كفاءة الشاعر ،ودليل ذلك
كثير من الشعراء األقحاح قد استعملوه في قصائدهم ،وخير مثال على ذلك الشنفرى في
ا أننا نجد
قصيدته المشهورة "المية العرب":
2
فإِّني إلى قوم سواكم ألميل أقيموا بني أمي مطيكم
فهذه القصيدة وان كانت خالية من التصريع إال أنه لم يجاريها من غير المعلقات شيء ،وقد حظيت
بعناية خاصة من قبل األدباء ،حتى نسبوها لجنس العرب .أما عن العصر اإلسالمي فكثيرة هي
القصائد التي تخلو من التصريع ،وأبرز مثال على ذلك القصيدة التي بين أيدينا "أنا ابن العاصمين"،
فالفرزدق جرد هذه القصيدة من التصريع وعمل فيها ما عمله الشنفرى في الميته ،والعجيب في األمر
أنه وافقه فيها حتى في عدد األبيات ،فجاء عدد أبيات كل منهما 69بيتا ،واذا نظرنا إلى مطلع
3
إذا ما أعظم الحدثان نابا أنا ابن العاصمين بني تميم قصيدة الفرزدق:
فعروض هذا البيت (تميم) ال يشابه ضربه (نابا) ،بل إن كل أبيت القصيدة ليس فيها بيت مصرع،
ورغم أن الفرزدق أنشأ هذه القصيدة مناقضا بها قصيدة جرير ،وكانت المناقضة مقتضية الموافقة في
ير جاء بقصيدته مصرعة
ير في هذا المجال حيث أن جر ا
الشكل ،غير أن الفرزدق قد خالف جر ا
فمطلعها:
4
وقولي إذا أصبت لقد أصابا أقلي اللوم عاذل والعتابا
وأما الفرزدق فلم يأت بها كذلك ،والجدير بالذكر أن الفرزدق قلما استعمل التصريع في قصائده ،فلم
يكن يعير التصريع أي اهتمام ،فالقصائد المصرعة في ديوانه لم تبلغ سوى (23قصيدة) من بين
(606قصيدة) ،أي بنسبة ( )%3.79وهي نسبة قليلة جدا ،فالفرزدق بهذا خالف جري ار الذي كان
يعتمد في كثير من أشعاره على التصريع.
1
-ديوان امرئ القيس ،ضبطه عبد الرحمن المصطاوي ،دار المعرفة بيروت ،ط1425( ،2ه2004-م) ،ص .21
2
-ديوان الشنفرى ،عمرو بن مالك (ت70 :ق ه)،ضبطه ايميل بديع يعقوب ،دار الكتاب العربي ،ط1417( ،2ه-
1996م) ،ص.57
3
-ديوان الفرزدق ،ص.91
4
-ديوان جرير ،ص.58
18
المبحث الثاني :الموسيقى الداخلية للقصيدة
ونعني بالموسيقى الداخلية النبرة التي تؤديها أصغر بنية في القصيدة ،فكل بيت من أبيات
القصيدة عبارة عن مجموعة من الكلمات ،وكل كلمة تتألف من عدد من األحرف ،فأصغر وحدة في
القصيدة ككل هي الحرف ،واالختالف بين الحروف يكون باختالف الصوت الذي يخرج منه ،فالنبرة
هي التي تحدد نوع الحرف وتعطي للحرف نبرة القوة والضعف إلى غير ذلك.
أوال :الصوت والحرف
يرى العلماء أن بين الصوت والحرف عالقة مترابطة إذ أن واحدا منهما سبب في ظهور
اآلخر ،فنجد على سبيل المثال ابن جني (تـ392ه) يرى بأن الصوت هو «عرض يخرج مع النفس
مستطيال متصال ،حتى يعرض له في الحلق والفم والشفتين مقاطع تثنيه عن امتداده واستطالته،
فيسمى المقطع أينما عرض له حرفا ،وتختلف أجراس الحروف حسب اختالف مقاطعها» ،1فالصوت
عند ابن جني هو عرض يخرج من الفم ،وقد وضح ابن سينا ماهية هذا العرض عندما تحدث عن
أسباب حدوث األصوات فقال« :أظن أن الصوت سببه القريب تموج الهواء دفعه بسرعة وبقوة من أي
سبب كان» ،2فهذا العرض عند ابن جني هو الهواء الخارج من الرئتين مع النفس فيصطدم بعدها
بمقاطع عدة ينتج عنها ما يسمى بالحرف.
ونجد ابن جني في تعريفه يصرح أن سبب حدوث الحرف هو الصوت ،بل هو يعتبر أن
الحرف غاية ما يصل إليه الصوت ،ويتجلى ذلك في تعريفه للحرف حيث يقول« :وأما الحرف فالقول
فيه وفيما كان من لفظه أن "ح ر ف" أينما وقعت في الكالم يراد بها حد الشيء وحدته ...و هنا
سميت حروف المعجم حروفا ،وذلك أن الحرف حد منقطع الصوت وغايته وطرفه» 3فالحرف يعتبر
أث ار من ثار الصوت فهو ناتج عنه فال يمكن توليد أي حرف دون إصدار الصوت الذي يتالءم معه.
وأما االختالف بين األحرف فسببه اختالف هيئة الصوت الذي ينتج عن كل حرف ،وهذا ما
وضحه ابن سينا بقوله« :والحروف هيئة للصوت عارضة له ،يتميز بها عن صوت خر مثله في
الحدة والثقل تميز في المسموع» ،4فكل حرف يخضع للصوت في إنتاجه إلى ميزان خاص به وهو ما
1
-سر صناعة اإلعراب ،أبو الفتح عثمان ابن جني (ت ـ392ه) ،تح :حسن هنداوي ،دار القلم بدمشق ،د/ط،
د/ت ،ص.6
2
-أسباب حدوث الحروف ،أبو الحسن بن عبد ال بن سينا (تـ 428ه) ،تح :محمد حسان الطيان ويحي مير علم،
مطبوعات مجمع اللغة العربية ،بدمشق ،د/ط ،د/ت ،ص.56
3
-سر صناعة اإلعراب ،ابن جني ،ص13و.14
4
-أسباب حدوث الحروف ،ابن سينا ،ص.60
19
عبر عنه ابن سينا بالحدة والثقل فتجعل كل حرف يختلف عن غيره ،ولذا فإن «الحروف تختلف
باختالف مقاطع الصوت ،حتى شبه بعضها الحلق والفم بالناي ألن الصوت يخرج منه مستطيال
ساذجا فإن وضعت األنامل على خروقه ووقعت المزاوجة بينهما اسمع لكل حرف منها صوت ال
يشبهه صاحبه فكذلك إذا وقع الصوت في الحلق والفم باالعتماد على جهات مختلفة سمعت األصوات
المختلفة التي هي حروف».1
1
-سر الفصاحة ،أبو محمد عبد ال بن محمد بن سعيد بن سينان الخفاجي الحلبي (تـ 466ه) ،دار الكتب العلمية،
ط1402( ،1ه1982-م) ،ص.26
2
-علم اللغة مقدمة للقارئ العربي ،محمود السعران ،دار النهضة العربية للصباغة والنشر ،بيروت ،د/ط،د/ت،
ص.148
3
-موسوعة علوم اللغة ،ايميل بديع يعقوب ،ج ،6ص.159
20
وبتطبيق هذا التعريف على أحرف اللغة العربية نجد أن األحرف الصامتة ثمانية وعشرون
حرفا وهي :الهمز والباء والتاء والثاء والجيم والحاء والخاء والدال والذال والراء والزاي والسين والشين
والصاد والضاد والطاء والظاء والعين والغين والفاء والقاف والكاف والالم والميم والنون والهاء وأخي ار
الواو والياء إذا لم تكونا حرف مد ولين.
عند نظرنا لقصيدة أنا ابن العاصمين فإن أول ما نالحظه هو أن هناك تباين كبير في
استعماله لألحرف الصامتة واألحرف الصائتة ،وبعد أن أحصينا هذه األصوات توصلنا إلى النتائج
التالية:
عدد األحرف الصامتة في القصيدة:
الصاد السني الشني الباء التاء الثاء اجليم احلاء اخلاء الدال الذال الراء الزاي اهلمز
18 22 53 16 147 32 68 25 52 31 33 133 208 114
امليم النون أو اهلاء الواو غري الياء غري الضاد الطاء الظاء العني الغني الفاء القاف الكاف الالم
املدية املدية التنوين
103 104 89 253 148 247 66 52 39 30 56 06 21 15
مجموع هاته األحرف 2181 :حرف.
أما المحدثون فيعتبرون «الصوت المهموس هو الذي ال يهتز معه الوتران الصوتيان ،وال يسمع لهما
رنين حين النطق به ،وليس معنى هذا أن ليس للنفس معه ذبذبات مطلقا ،واال لم تدركه األذن ولكن
1
-أساس البالغة :أبو القاسم جار ال محمود بن عمر بن أحمد الزمخشري (تـ 538ه) ،تح :محمد بن باسل عيون
السود ،دار الكتب العلمية ،بيروت ،لبنان ،ط1419( ،1ه1998-م) ،ج ،1ص.159
2
-النجوم الطوالع على الدرر اللوامع ،إبراهيم المارغيني ،دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع ،بيروت ،د/ط،
(1415ه1995-م) ،ص.167
3
-األصوات اللغوية ،إبراهيم أنيس ،مكتبة نهضة مصر ،د/ط ،د/ت ،ص.21
4
-ينظر :المصطلح الصوتي في الدراسات العربية ،عبد العزيز الصبغ ،دار الفكر ،دمشق ،ط1427( ،2ه-
2007م) ،ص.77
5
-أساس البالغة ،الزمخشري ،ص.380
6
-النجوم الطوالع على الدرر اللوامع ،إبراهيم المارغيني ،ص.167
22
المراد بهمس الصوت هو سكون الوترين الصوتيين معه» ،1واألصوات المهموسة هي التاء والثاء
والحاء والخاء والسين والشين والضاد والفاء والكاف والهاء على الخالف المتقدم في القاف والطاء.
ذكرنا فيما سبق أن عدد األصوات المجهورة يبلغ خمسة عشر حرفا ،وأما األصوات المهموسة
فهي –باعتبار أن الطاء والقاف مهموسين -اثنا عشر حرفا ،وقد وردت جميع هذه األصوات في
قصيدة "أنا ابن العاصمين" بنسب مختلفة وقد جمعنا هذه األصوات في اإلحصائيات التالية:
-األصوات المجهورة:
مجموع ء ب ج د ذ ر ز ض ظ ع غ ل م ن و ي األصوات
األصوات
عددالتكرار 1578 103 104 253 148 247 30 56 6 15 16 147 32 68 31 208 114
-األصوات المهموسة:
ك ه جمموعاألصوات س ش ص ط ف ق خ ت ث ح األصوات
603 عددالتكرار 89 66 52 39 21 18 22 53 25 52 33 133
1
-األصوات اللغوية ،إبراهيم أنيس ،ص.22
23
والشدة ،فكان اإلكثار منها سببا في متانة النظم ،وأما حرف الهمز فيبدو أن الفرزدق اعتمد عليه في
مقام االفتخار بنفسه أوال ،ثم بآبائه ثانيا فلو الحظنا مطلع قصيدته:
إذا ما أعظم الحدثان نابا أنا ابن العاصمين بني تميم
فأول حرف ابتدئ به في القصيدة هو نفسه أول حرف ابتدئ فيه في األحرف العربية سواء
الهجائية أم األبجدية أم األلفبائية ،وال أظن أن هذا كان من الفرزدق على سبيل المصادفة ،باإلضافة
إلى ذلك فقد أتي بهذا الحرف "الهمز" في بنية أقوى ضمير من الضمائر العربية وهو ضمير المتكلم
"أنا" ،وهذا ما هو إال مزيد افتخار من الفرزدق ،وكأنه يعتبر نفسه أوال في أول فال يرى أن أحدا يسبقه،
فالفرزدق «معجب بأصله وقومه ،بهم يتفاخر وبهم يعلو فوق الناس ..فهذه لوحة من فخره ،وصورة
يفخر فيها الفرزدق بأنه ابن الذين يعصمون الناس ويمنعونهم» ،1ولو الحظنا في عجز البيت فإنه
جعل أول حرف منه هو الهمز ،لكنه أتى بها مكسورة تعريضا بها لما بعدها ،فهو يعتبر أعظم الحدثان
وهي خطوب الدهر في مقام الكسر ،إذا ما تعرضت له ،فهو يرى أنها ال شيء أمامه وأمام مفاخر
بائه وأجداده.
عرف علماء اللغة المخرج بأنه «النقطة التي يتم عندها االعتراض في مجرى الهواء والذي
يصدر الصوت فيها» ، 2وقد تعددت أسماء مخارج الحروف بين القدماء والمحدثين ،وان كان كال
منهما يتفق في طريقة إخراجها ،والكثير منهم يرى أن لكل حرف مخرجا خاصا به ،واال لتشابهت
األحرف ،ولكن إنما أعطي الحرفان وأكثر مخرجا واحدا لشدة اقترابهما من بعضهما ،وتنقسم هذه
الحروف إلى سبع مجموعات 3وهي:
-1المجموعة الجوفية« :والمراد بالجوف الخالء أي الفراغ الداخل في الحلق والفم» 4واألحرف الجوفية
هي األلف اللينة ،والواو الناشئة عن ضمة والياء الناشئة عن كسرة.
-2المجموعة الحلقية :والحروف التي تخرج منها هي الهمز والهاء والعين والغين والحاء والخاء وهي
المسماة عند أهل اللغة بحروف الحلق ،و «أصوات الحلق ما عدا الهمز كما يصفها القدماء
والمحدثون أصوات رخوة أي يسمع لها نوع من الحفيف عند النطق بها».5
1
-الفرزدق حياته وشعره ،محمد رضا مروة ،ص.51
2
-المصطلح الصوتي في الدراسات العربية ،عبد العزيز الصيغ ،ص.50
3
-ينظر :أسرار الحروف ،أحمد زراقة ،دار الحصاد للنشر والتوزيع ،دمشق ،ط1993 ،1م ،ص.80
4
-النجوم الطوالع على الدرر اللوامع ،إبراهيم المارغيني ،ص.157
5
-األصوات اللغوية ،إبراهيم أنيس ،ص.75
24
-3المجموعة اللهوية :وفيها حرفان وهم القاف والكاف «ويسمى الحرفان لهويين ألنهما يخرجان من
خر اللسان عند اللهاة ،وهي اللحمة المشرفة على الحلق».1
-4المجموعة الشجرية :وهي «الجيم والشين والياء التي هي غير حرف مد ،وسميت كذلك نسبة إلى
شجر الفم ،وهي المنطقة الواقعة بين وسط اللسان وما يقابله من الحنك األعلى ،وأدخل بعض النحاة
"الضاد" في هذه األحرف بينما أهملها بعضهم اآلخر».2
-5المجموعة اللثوية :واللثة هي «لحم على أصول األسنان» 3سميت هذه المجموعة بهذا االسم ألن
جميع حروفها يخرج من مقدمة األسنان واللثة ،4وتشتمل هذه المجموعة على ثالثة أنواع من الحروف
وهي:
-الحروف الذلقية :وهي النون والالم والراء وتسمى بالذلقية ألنها من ذلق اللسان وهو طرفه.5
-الحروف النطعية :هي كال من التاء والدال والطاء «وتسمى الثالثة نطعية ألنها من نطع غار
الحنك األعلى وهو سقفه».6
-الحروف األسلية :وتشمل كال من الصاد والسين والزاي « ،وتسمى الثالثة أسلية ألنها من أسلة
اللسان وهي مستدقه».7
فالحروف الذلقية والنطعية تخرجان جميعا بتالصق مقدمة اللسان مع اللثة ،والحروف األسلية تخرج
بتقاربهما.
-6المجموعة األسنانية :وهي تشمل حرف الذال والظاء والثاء ،وسميت بهذا االسم ألنها تخرج من
طرف اللسان مع مقدمة األسنان وهي الثنايا العليا ،وبعضهم سمى هذه الحروف لثوية لقرب خروجها
من اللثة ال لخروجها منها.8
-7المجموعة الشفوية :وتشمل الحروف التي تخرج من الشفة ،وهي الفاء والواو والباء والميم.9
1
-الدرر البهية ،أسامة بن علد الوهاب ،مكتبة اإليمان للطباعة والنشر والتوزيع ،ط1425( ،2ه2005-م)،
ص.21
2
-المعجم المفصل في علم الصرف ،راجي األسمر ،دار الكتب العلمية ،بيروت لبنان ،ط1413( ،1ه1993-م)،
ص.266
3
-لسان العرب ،البن منظور ،العمود ،3ص.3996
4
-ينظر :أسرار الحروف ،أحمد زراقة ،ص.82
5
-ينظر :الدرر البهية ،أسامة بن عبد الوهاب ،ص.22
6
-المصدر نفسه ،ص.23
7
-المصدر نفسه ،ص.23
8
-ينظر :النجوم الطوالع على الدرر اللوامع ،إبراهيم المارغيني ،ص.164
9
-ينظر :المعجم المفصل في علم الصرف ،راجي األسمر ،ص.266
25
دراسة مخارج حروف القصيدة:
بعد إحصائنا لمخارج حروف قصيدة "انا ابن العاصمين" تحصلنا على النتائج التالية:
-المجموعة الجوفية :عدد األحرف : 377النسبة .%14.73
-المجموعة الحلقية :عدد األحرف : 366النسبة .%14.30
-المجموعة اللهوية :عدد األحرف : 118النسبة .%4.61
-المجموعة الشجرية :عدد األحرف : 171النسبة .%6.68
-المجموعة اللثوية - :األحرف الذلقية 647 :حرف :النسبة .%25.29
-األحرف النطعية 222 :حرف :النسبة .%8.67
-األحرف األسلية 87 :حرف :النسبة .%3.40
-المجموعة األسنانية :عدد األحرف : 71النسبة .%2.27
-المجموعة الشفوية :عدد األحرف : 499النسبة .%19.5
نالحظ من خالل هذه اإلحصائيات أن مجموعة األصوات اللثوية والتي بلغت ()%37.37
هي أكبر النسب الواردة في القصيدة ،ثم تليها المجموعة الشفوية ( ،)٪19,5ثم المجموعة الجوفية
( ،)٪14,33ولعل سبب ارتفاع األصوات اللثوية كثرة استعمالها في اللسان العربي ،والحروف الذلقية
التي هي ضمن هذه المجموعة جاءت بنسبة ( ،)%25.29وهي نسبة كبيرة جدا لو قارناها
بالمجموعات األخرى ،فضال عن األحرف التي تشترك معها في نفس المجوعة ،ولعل هذا ما ساهم في
جذالة أسلوب الفرزدق وحسن تعبيره ،فالحروف الذلقية هي أصوات خفيفة على اللسان ،يسهل إخراجها
«فالذالقة من معانيها لغة الفصاحة والخفة في الكالم» ،1ولذا كان من المناسب استعمال الفرزدق لهذه
األحرف بل واإلكثار منها ،فال يجد المتكلم بل والسامع ثقال في الصوت يفر منه ،ونالحظ في هذه
األحرف – أي الذلقية -أن الفرزدق أكثر فيها من استعمال حرفين هما الالم بنسبة ،%9.65والنون
بنسبة ،%9.89وهي نسبة كبيرة جدا لو قورنت بنسب الحروف جميعا ،ولعل السبب في هذا راجع
إلى ما في الميم والون من غنة« ،والغنة لغة صوت له رنين في الخيشوم ،واصطالحا :صوت أغن ال
عمل للسان فيه ،وقيل شبيه بصوت الغزال إذا ضاع ولدها» ،2وهذا ما يفسر سبب إكثار الفرزدق من
النون والميم ،وكانت النون أكثر ألن الغنة فيها أكمل ،فالغنة تضع للفظ عذوبة وحالوة ،ال تمل األذن
من سماعها ،ومنه أخذ الغناء الذي هو الطرب ،ألن األذن ال تمل سماع المغني ،أو يمكنا القول
حينئذ أن سماعه يغني عن سماع غيره.
1
-النجوم الطوالع على الدرر اللوامع ،إبراهيم المارغيني ،ص.70
2
-الدرر البهية ،أسامه بن عبد الوهاب ،ص.24
26
ونالحظ كذلك أن الفرزدق أكثر من استعمال مجموعتين وهما المجموعة الحلقية بنسبة
،%14.3والمجموعة الشفوية ،%19.6ولعل هذا إشارة منه إلى عظم قدره ورفعته على الناس ،فإن
أول حرف يصدر من الحلق هو الهمز ،فجاء بها مبتدئا قصيدته ،بل أكثر من استعمالها حتى بلغت
%5.62بالنسبة لبقية األحرف ،وفي المقابل نجد أن خر األصوات خروجا من الجهاز الصوتي هي
األحرف الشفوية ،وقد أكثر منها الفرزدق كذلك خاصة حرف الباء ،الذي جعله رويا للقصيدة و خر
حرف فيها فاستعمله بنسبة .%8.13وهذا نراه من الفرزدق تلميحا ،فجعل الهمز الذي هو أول
األصوات ،والصوت الوحيد الموصوف بالشدة بين حروف الحلق األول في قصيدته ،وجعل الباء الذي
هو خر األصوات خروجا اآلخر في قصيدته ،ليدل على أن كالمه هو األول فلم يأت أحد بما هو
أفصح منه ،وهو اآلخر فلن يأتي أحد بمثله ،وهذا ما يدلنا على براعة استخدام الفرزدق أللفاظه،
فيجعل كل لفظ مشي ار إلى غايته ،وما هذا إال مزيد كبرياء وعظمة كما هو معروف عن شخصيته.
ومن بين مجموعة األصوات اللثوية نجد األحرف األسلية بنسبة %3.4تشمل الصاد والزاي
والسين ،وهذه األحرف رغم ضعف نسبتها إال أننا نجد وبوضوح أثرها في االتساق الصوتي ،فهذه
األحرف تختص بإنتاجها للصفير الذي هو «صوت يشبه صوت الطائر» ،1وهذا الصوت هو ما
يجذب انتباه المتلقي ويفرغ ذهنه من غير هذا الكالم الذي يسمعه ،باإلضافة إلى ذلك فهو يعطي
األلفاظ رونقا وجماال ،ونجد أن الفرزدق استعمل هذه األصوات بإحكام ،فقلما نجد بيتا من أبيات
القصيدة خاليا من حرف منها ،بل إننا حينما نالحظ صدر البيت األول الذي نعتبره محو ار للقصيدة
وهو قوله " :أنا ابن العاصمين بني تميم " ،فإننا نالحظ أنه قد وضع حرف الصاد الذي يحمل صفة
الصفير كالغرة في وسط هذا الشطر ،فالصاد رغم ما زادته للبيت من قوة وشدة لكونها حرفا مجهو ار
مطبقا أعطت للبيت حالوة وعذوبة تلفت انتباه السامع.
بقى لنا بعد هذا كله ثالث مجموعات وردت بنسب ضعيفة وهي المجموعة اللهوية ،%4.61
والمجموعة الشجرية ،%6.68 ،والمجموعة األسنانية .%2.77فأما المجموعة اللهوية فلعل السبب في
ضعف نسبتها؛ قلة حروفها فهي ال تحتوي سوى على حرفين قريبين من بعضهما وهما القاف بنسبة
،%2.55والكاف بنسبة ،%2.58وأما الحروف األسنانية فنسبتها من أضعف النسب ،ولعل ذلك
يعود أيضا لقلة حروفها ،وكذا قلة استعمالها في اللسان العربي خاصة حرف الظاء منها فهو لم يتكرر
في هذه القصيدة سوى ست مرات وبنسبة بلغت لم تتجاوز %0.23من بقية األحرف كأدنى حد.
1
-المصدر السابق ،ص.32
27
توطئة.
المبحث األول :أبنية األفعال في القصيدة.
أوال :أبنية األفعال في اللغة.
ثانيا :دالالت أبنية األفعال في القصيدة.
المبحث الثاني :أبنية المصادر والمشتقات في القصيدة.
أوال :أبنية المصادر.
ثانيا :أبنية المشتقات.
28
توطئة:
تقوم البنية الصرفية على دراسة بنية الكلمة ووزنها من حيث مصدرها واشتقاقها ،فالتصريف
كما عرفه القدماء هو «علم يتعلق ببنية الكلمة وما لحروفها من أصالة وزيادة ،أو إعالل أو شبه
ذلك» ،1فعلم الصرف يختص بالكلمة وتغيراتها ،والغرض منه دراسة «التغيير الذي يتناول صيغة
الكلمة وبنيتها ،إلظهار ما في حروفها من أصالة وزيادة وحذف أو صحة أو إعالل أو غير ذلك من
التغيير الذي ال يتصل باختالف المعاني» ،2فالقدماء يرون أن الدراسة الصرفية ال ترتبط بالمعنى،
ويعتبرون أن التغييرات التي تؤدي إلى تغير المعنى ،من قبيل علم النحو مثل االشتقاق والجمع
والتكسير« ،غير أن المحدثين يرون أن كل دراسة تتصل بالكلمة أو أحد أجزائها وتؤدي إلى خدمة
العبارة والجملة أو –بعبارة بعضهم -تؤدي إلى قول اختالف المعاني النحوية كل دراسة من هذا القبيل
هي صرف» 3تتعلق بالدراسة الصرفية ،فالمحدثون يرتبون الدراسات اللغوية على هذا الشكل:
الدراسة الصوتية :وتقوم على دراسة الصوت باعتباره العنصر األول الذي تتكون منه -1
اللغة.
الدراسة الصرفية :تقون على دراسة الكلمة. -2
4
الدراسة النحوية :تقوم على دراسة الجملة. -3
فعلم الصرف «ميدانه الكلمة بشرط أن تكون فعال متصرفا أو اسما متمكنا» 5أي معربا؛ فهو ال
يدرس األفعال الجامدة مثل "عسى" وال األسماء المبنية مثل الضمائر كـ "أنا و نحن" وال أسماء
االستفهام واألسماء المبهمة ،وكذا جميع الحروف ألنها مبنية فكل ما جاء في هذا القبيل ال عالقة له
بعلم الصرف ال يدرس إال ما كان فعال متصرفا مثل "قال وجاء" أو اسما معربا كـ "العلم" و "محمد"
إلى غير ذلك.
ودراستنا للبنية الصرفية في قصيدة "أنا ابن العاصمين" تقوم على مبحثين وهما:
األول :أبينة األفعال في القصيدة.
والثاني :أبنية المصادر والمشتقات في القصيدة.
1
-دليل السالك إلى ألفية ابن مالك ،عبد ال بن صالح الفوزان ،دار المسلم للنشر والتوزيع ،د/ط،د/ت ،الجزء،1
ص.273
2
-النحو الوافي ،عباس حسن دار المعارف بمصر ،ط،3د/ت ،الجزء ،4ص.747
3
-التطبيق الصرفي ،عبده الراجحي ،دار النهضة العربية ،بيروت ،د/ط ،د/ت ،ص.07
4
-ينظر :المرجع نفسه ،ص.7
5
-تصريف األفعال والمصادر والمشتقات ،صالح سليم الفاخري ،مطبعة عصمي للنشر والتوزيع ،القاهرة ،د/ط،
1996م ،ص.33
29
المبحث األول :أبنية األفعال في القصيدة
األبنية في علم الصرف تعرف على أنها «جمع بناء ويقصد به الوزن فال فرق بأن يقال :أبنية
الفعل أو وزن الفعل» ،1والفعل عند اللغويين يعتبر أحد أقسام الكالم الثالث إلى جانب قاسميه االسم
والحرف؛ حيث يعرف الفعل على أنه« :الكلمة التي تدل على حدث وزمن مقترن به نحو كتب يكتب
اكتب» 2فقيد بالكلمة ليخرج غيرها مما هو ليس بكالم عربي كاإلشارة ،وداللته على الحدث قيد يخرج
لنا الحرف ،فإنه ال يدل على حدث بل هو دال على معنى في غيره ،واقترانه بالزمن قيد يميزه عن
االسم ،فاالسم حتى لو دلنا على حدث فإنه ال يدل على زمن معين نحو "ذاهب مكتوب" ،إلى غير
ذلك ،ومثال الكلمة التي توفرت فيها شروط الفعل "جاء يقوم ادرس"...
وللفعل تقسيمات عديدة باعتبارات مختلفة ،وما سنركز عليه في هذا البحث هو تقسيم الفعل
باعتبارين اثنين هما :باعتبار الزمن و باعتبار التجريد والزيادة.
ينقسم الفعل باعتبار الزمن إلى ثالثة أقسام :وهي الماضي والمضارع واألمر 3ولم يرد منها في
قصيدة "أنا ابن العاصمين" سوى الماضي والمضارع ،وأما األمر فلم يرد في القصيدة أي بناء له ،وبعد
إحصائنا لألفعال الماضية والمضارعة وجدنا أن بها ما يقارب 128فعال على مختلف األوزان ،وقد
بلغت نسبة األفعال الماضية بينها ما يقارب 84فعال في اثنا عشر وزنا ،وهي كاآلتي:
-1فعل :بفتح العين نحو :ناب ورد ضرب دنى -2 .فعل :بكسر العين نحو :كره حسب -3 .فعل:
فعل :مثل "قبِّح" -7
بضم العين نحو :خبث -4 .فاعل :مثل :شاغب ساور -5فعل :مثل" مد" ِّ -6
أفعل :مثل :أرهب -8 .تفاعل :مثل :توارث -9 .انفعل :مثل :انجاب -10 .افتعل :مثل :اغترف.
-11استفعل :مثل :استطاع -12 .تف َّعل :مثل :تفرغ.
وأما نسبة األفعال المضارعة فقد ورد منها في القصيدة ما يقارب 48فعال في خمسة عشر
وزنا ،وهي كاآلتي:
-4يفعل :يرد. -3تفتعل :تغتصب. -2تفعل :تركب. -1يفعل :يقود يأتي.
1
-تصريف األفعال والمصادر والمشتقات ،صالح سليم الفاخري ،ص.121
2
-المعجم المفصل ،راجي األسمر ،ص.307
3
-ينظر :دليل السالك إلى ألفية ابن مالك ،عبد ال بن صالح الفوزان ،الجزء ،1ص.33
30
-9يفتعل :يجتفل تفعل :تكلِّم -7 .تفعل :تعدل -8 .يفعل :يرفت
ِّ -6 يفتعل :يلتهب يلتهم.
يحتفر -10.يفتل :يختر -11يفعل :يمسك -12 .يفلن :يبتن.
-15تفعل :تنظر. -14تفعل :تدعى. -13يفتعل :يبتدر.
إن م ما نالحظه في هذه اإلحصائيات أن الفرزدق عموما لم يكثر من ذكر األفعال فهو لم
يستعمل سوى ما يقارب 128فعال ،أي ما يعادل خمس نسبة األسماء الموجودة في القصيدة وهذا
يمكن أن نفسره بأن الفرزدق يرى أن األسماء أقوى وأشرف من األفعال وذلك ألن االسم يحمل صفة
التوكيد التي يفتقدها الفعل فلو الحظنا مطلع قصيدته:
1
إذا ما أعظم الحدثان نابا أنا ابن العاصمين بني تميم
فلم يأت في المطلع سوى بفعل واحد ،وهو في خر البيت وابتدأه بأقوى األسماء وهو الضمير،
وباإلضافة إلى قلة استعماله لألفعال فهو في هذه األفعال ركز على الفعل الماضي ،فاستعمله بنسبة
%65.62في جانب الفعل المضارع الذي استعمله بنسبة ،%37.5ولعل تركيزه على الماضي كان
للقطع والجزم ،فا لماضي ال يرتاب وال يشك في حصوله فنالحظ قوله (إذا ما أعظم الحدثان نابا) ففعل
ناب في خر البيت زاد للمعنى القطع به والجزم بحصوله ،ففهم منه أن خطوب الدهر قد وقعت
وحصلت العصمة به وبآبائه تحقيقا التقديرا.
ير الذي
واضافة إلى ذلك نالحظ أن الفرزدق أهمل بناء األمر في القصيدة كلها ،وهو بهذا يخالف جر ا
أعطى لبناء األمر كامل األهمية في قصيدته "أقلي اللوم" فاستعمل منه بنائين في مطلع القصيدة فقال:
2
وقولي إذا أصبت لقد أصابا أقلي اللوم عاذل والعتابا
ولعل السبب في ذلك يعود إلى شخصية الفرزدق وانفراده في أسلوبه ،إضافة إلى ما ذكرناه من قبل من
تفضيله استعمال أبنية األسماء لثبوتها وقوتها.
1
-ديوان الفرزدق ،ص.91
2
-ديوان جرير ،ص.58
3
-أبنية األفعال ،نجاة عبد العظيم الكوني ،دار الثقافة للنشر والتوزي ،د/ط،د/ت ،ص.11
4
-تصريف األفعال والمصادر والمشتقات ،صالح سليم الفاخري ،ص.116
31
أبنية الفعل الثالثي المجرد: -1
يأتي الفعل الماضي الثالثي المجرد عبى ثالثة أوزان 1وهي:
فعل :بفتح العين وهو أكثر األبنية استعماال مثل :ذهب رأى حذف.
فعل :بكسر العين وهو أقل من األول في االستعمال مثل :فهم علم فرح.
فعل :بضم العين وهو األقل استعماال في اللغة مثل :شرف خبث
وردت األفعال في قصيدة أنا ابن العاصمين على عدة أوزان من هاته األبنية حتى بلغت 48
فعال ،كما أنها جاءت بدالالت متعددة نذكر منها:
1
-ينظر :شرح البسط والتعريف في علم التصريف ،محمد صالح موسى حسين ،مؤسسة الرسالة ،ط1430( ،1ه-
2009م) ،ص.19
2
-إيجاز التعريف في علم التصريف ،محمد بن المالك الطائي األندلسي النحوي (تـ 672ه) ،تح :محمد عثمان
مكتبة الثقافة الدينية ،ط1430( ،1ه2009-م) ،ص.13
-3تصريف األفعال والمصادر والمشتقات ،صالح سليم الفاخري ،ص.116
4
-المرجع نفسه ،ص.116
32
-1السير والحركة :1ومثال ذلك فعل "دنى" في قوله( :دنون وزادهن له اقتراب) ،و "أتى" في قوله:
(أتت من فوقه الغمرات منه) و ورد من قوله( :الذي ورد الكالب).
-2اإليذاء :2ومن ذلك "ضرب" في قوله (هم ضربوا الضانع) ،و "قطع" في قوله( :وقد قطعوا بهن
لوى جذابا).
-3الرؤية :3وذلك في "رأى" من قوله(:أغر ترى لقبته حجابا) و" نظر" من قوله( :وأنتم تنظرون إلى
المطايا).
-4االمتناع :4ومن ذلك "أبى" في قوله( :وتأبى دارم لي أن أعابا) وقوله( :أبى لعدائه إال اغتصابا)
-5االستقرار" :5حل" في قوله( :حل له الشراب) و"بات" في قوله( :ال يبتن على إرابا)
-6االستعالء والعلِّية :6ومن ذلك "قاد" في قوله( :يقود الخيل) و"فزع" في قوله( :فرع الهضابا) وسما
في قوله( :سما برجال تغلب) و"مأل" في قوله( :مأل الجنابا).
-7اإلعطاء :7ومن ذلك "مد" في قوله( :مدت أعنتنا) و "رد" في قوله( :يردون الحلوم).
-8الرمي :8ومن ذلك "قذف" في قوله( :قذفت له شهابا).
-9الطلب :9ومن ذلك "دعا" في قوله( :غداة تدعى يساء الحي) و "طلب" في قوله( :أتطلب يا حمار
بني كليب).
-10االصالح :10ومن ذلك "عدل" في قوله( :وتعدل دارما بني كليب) و (يعدل بالمفقئة السحابا) و
"طاب" في قوله( :أثرت وطابت).
فعل" :بكسر العين" وقد جاء هذا البناء بقلة مقارنة بالبناء السابق "فعل" حيث لم يرد منه في هذه
القصيدة سوى تسعة أفعال ،بعدة دالالت وهي:
1
-ينظر :عون المعين بشرح الالمية مع زيادات بحرق وابن زين ،أحمد بن محمد األمين بن أحمد المختار الجنكي،
دار الفكر العربي ،بيروت ،ط2001 ،1م ،ص.21
2
-ينظر المصدر نفسه ،ص.21
3
-ينظر المصدر نفسه ،ص.21
4
-ينظر :الحقول الداللية الصرفية لألفعال العربية ،سليمان فياض ،دار المريخ للنشر ،الرياض ،د/ط1410( ،ه-
1990م) ،ص.15
5
-ينظر :عون المعين بشرح الالمية مع زيادات بحرق وابن زين ،أحمد المختار الجنكي ،ص.21
6
-ينظر المصدر نفسه ،ص.21
7
-ينظر المصدر نفسه ،ص.21
8
-ينظر المصدر نفسه ،ص.21
9
-ينظر المصدر نفسه ،ص.21
10
-ينظر :الحقول الداللية الصرفية لألفعال العربية ،سليمان الفياض ،ص.21
33
« -1الداللة على اتصاف الفواعل بصفة شعورية أو انفعالية» :1ومن ذلك "كره" في قوله( :كرهوا
النصابا).
-2الداللة على اتصاف الفواعل بصفة جسمية من األعراض :2ومن ذلك "يئس" في قوله( :يئسن من
اللحاق) أي تعبن.
-3الداللة على االمتالء :3ومن ذلك "علم" في قوله( :علموا نصابا) و ورث في قوله :ولم ترث
الفوارس من عبيد.
-4الداللة على اتصاف الفواعل بصفات متعلقة بالمكان ،4ومن ذلك "ركب" في قوله (تركب من
وجاها).
-5الداللة على اتصاف الفواعل بصفات خاصة بالحواس :5ومن ذلك "سمع" في قوله( :وتسمع من
أسافلها ضغابا).
فعل :وهذا البناء يقل وروده في اللغة العربية ،ولم يرد منه في قصيدة (أنا ابن العاصمين) سوى فعل
واحد وهو خبث في قوله:
6
أبى اآلبي بها إال سبابا كليب دمنة خبثت وقلت
والمعنى صار الخبث سجية وطبيعة فيها ،فيأتي على هذا البناء «جميع األفعال التي جاءت عليه
الزمة ،تدل على الطبائع والسجايا ،مثل حسن يحسن و كبر ويكبر عظم يعظم».7
الفعل الثالثي المزيد فيه :وهذا القسم ذكرنا من قبل أنه يشتمل على اثنا عشر وزنا ،ولم يرد منه
في هذه القصيدة إال ثمانية أوزان بدالالت مختلفة وهي :
أ -أفعل :بزيادة الهمز ،وقد ورد في القصيدة 14فعال على هذا الوزن؛ ويأتي هذا البناء ألغراض
مختلفة نذكر منها.
-1التعدية :ومعناها «نقل الفعل من اللزوم إلى التعدية ...وقد تنقله من التعدية إلى مفعول واحد إلى
مفعولين» ،8وقد ورد هذا البناء بهذه الداللة في ثالثة أفعال وهي "أرهب" في قوله (أرهبن زجرا)،
1
-ينظر :المرجع السابق ،ص.32
-2ينظر :المرجع نفسه ،ص.25
3
-ينظر :تصريف األفعال والمصادر والمشتقات ،صالح سليم الفاخري ،ص.125
4
-ينظر :الحقول الداللية الصرفية لألفعال العربية ،سليمان الفياض ،ص.33
5
-ينظر المرجع نفسه ،ص.35
6
-ديوان الفرزدق ،ص.95
7
-تصريف األفعال والمصادر والمشتقات ،صالح سليم الفاخري ،ص.125
8
-المرجع نفسه ،ص.129
34
فأصلها "رهبن" أي "خفن" فدخلت عليها الهمز للتعدية ثم بني الفعل للمجهول ،و 'أورث' في قوله
(وأورثك المالئم) فأصلها "ورث" من الورث ،و "أرضع" في قوله (بثدي اللؤم أرضع للمخازي) فأصلها
"رضع" من الرضاعة.
-2الدخول في الزمان والمكان :1وذلك في فعل "أناخ" في قوله (وكان إذا أناخ بدار قوم) أي نزل
بمكان سكنهم.
«-3الصيرورة :وهو أن يصير الفاعل إلى حال غير الحال التي كان عليها»2؛ ومن ذلك "أثرى" في
قوله (فما أثرى أبوك) أي لم يصر ثريا.
-4التعريض :ومعناه «تعريض الفاعل مفعوله ألصل معنى الفعل الثالثي» 3ومن ذلك فعل "أجزر" في
قوله (وأجزره الثعالب والذئابا).
-5اإلغناء عن الثالثي :ومعناه «الداللة على عدم ورود الثالثي مجرد له بمعناه «4كما في "ألقى" فال
ثالثي له ومنه قول الفرزدق (حين ألقين الثياب).
-6المماثلة مع وزن فعل :ومعناه «الداللة على أن المعنى واحد بين الفعل وأصله الثالثي من ضرب
فعل وكذلك اللزوم والتعدي بينهما» 5ومن األفعال التي جاءت على هذه الداللة "أناب" في قوله (به
حومات خر قد أناب) أناب بمعنى رجع ،و'أطاب' في قوله (وما أطاب) أي "طاب" ،و 'أمسك' في
قوله (ويمسك في ذراها)" ،أضر" في قوله (لم أضره).
ب -ف َّعل :بتضعيف العين ،ورد عليه ثالثة أفعال في القصيدة ،كل منها جاءت ألغراض مختلفة وهي:
-1التكثير :ومعناه «الداللة على حدوث حدث الفعل الثالثي مرات كثيرة» 6وذلك في فعل "قسم" في
قوله (فقسمهن إذ بلغ اإلياب).
-2اإلغناء عن الثالثي :بمعنى أن التضعيف يكون من عدم ورود ثالثي في معناه 7وذلك في فعل
"كلم" في قوله (فكيف تكلِّم الظربى عليها).
« -3نسبة المفعول إلى صفة من الصفات» 8وذلك في فعل "قبح" فنسب المفعول إلى صفة التقبيح
في قوله (فقِّبح شر حينما قديما).
1
-المرجع السابق ،ص.129
2
-المرجع نفسه ،ص.129
3
-الحقول الداللية الصرفية لألفعال العربية ،سليمان فياض ،ص.62
4
-المرجع نفسه ،ص.64
5
-المرجع نفسه ،ص.64
6
-الحقول الداللية الصرفية لألفعال العربية ،سليمان فياض ،ص.69
7
-المرجع نفسه ،ص.71
8
-تصريف األفعال والمصادر والمشتقات ،صالح سليم الفاخري ،ص.131
35
ج -فاعل :بزيادة ألف بين الفاء والعين وهذا البناء لم يرد منه في القصيدة سوى أربعة أفعال وكلها
جاءت بداللة واحدة وهي المشاركة ومعناها «اشتراك الفاعل والمفعول به في الحدث» 1وهذه األفعال
هي" :ساور" في قوله (ولو لقمان ساورها لهاب)" ،شاغب" في قوله (وان شاغبتهم وجدوا شغابا)،
"ناطح" في قوله (يناطحن األواخر مردفات)" ،جاذب" في قوله (تجاذبهم أعنتنا جذابا).
د -تفاعل :وهذا البناء من المزيد فيه بحرفين وهما التاء واأللف وقد ورد منه في هذه القصيدة فعالن
بداللتين مختلفتين وهما:
« -الداللة على التدرج أي حدوث الفعل شيئا فشيئا» :2وذلك في فعل "تقاصر" في قوله( :تقاصرت
الجبال له ورطمت) والمعنى أن الموج يلتهم الجبال ويدعها تقصر بالتدرج.
« -المشاركة بين اثنين فأكثر : «3وذلك في فعل "توارث" في قوله( :ملوك يبتنون توارثوها).
ه -تف َّعل :بزيادة التاء مع تضعيف العين ،ويأتي هذا البناء في داللة الفعل «للحدوث المتقطع[،أي]
للداللة على أن حدث الفعل قد حدث أو يحدث أو يطلب حدوثه مرة بعد مرة متقطعا في مواالة»،4
وقد ورد هذا البناء في فعل واحد في القصيدة وهو "تفرع" في قوله (تفرع من ذرى عوف بن كعب)
فالتفرع حدث يحصل في مرات متقطعة.
و -انفعل :بزيادة الهمزة والنون ولم يأت على هذا البناء في القصيدة سوى فعل واحد وهو "انجاب"،
جاء داال على المطاوعة 5في قوله( :إذا انجابت دجنته انجيابا).
ز -افتعل :بزيادة الهمز والتاء ،وجاء على هذا البناء ما يقارب اثنا عشر فعال من أفعال القصيدة
بدالالت مختلفة نذكر منها:
-1المطاوعة :6ومن ذلك "اجتفل" من قوله( :كاد يجتفا السحابا).
-2المشاركة :7ومن ذلك فعل "ارتدف" في قوله( :نساء الحي ترتدف الركابا).
-3المماثلة :ومعناها «الداللة على مماثلة المزيد لمجرده الثالثي» 8وذلك مثل "اغترف" في قوله:
(وأصغره إذا اغترفوا ذنابا).
1
-المرجع السابق ،ص.131
2
-التطبيق الصرفي ،عبده الراجحي ،ص.38
3
-المرجع نفسه ،ص.38
-4الحقول الداللية الصرفية لألفعال العربية ،سليمان فياض ،ص88
5
-تصريف األفعال والمصادر والمشتقات ،صالح سليم الفاخري ،ص.134
6
-المرجع نفسه ،ص.134
7
-المرجع نفسه ،ص.134
8
-الحقول الداللية الصرفية لألفعال العربية ،سليمان فياض ،ص.83
36
-4االختيار :ومعناه «الداللة على انتقاء الفاعل مفعوله واختياره» 1وذلك في "اختار" وذلك في قوله:
2
نـمي ار يختر الحسب اللبابا ومن يختر هوازن ثم يختر
-5التصرف باجتهاد :وذلك «بالداللة على التصرف االختياري من الفاعل باجتهاد ومبالغة فيه»،3
وذلك في مثل "ابتدر" في قوله( :تبتدر الشعابا).
-6االتخاذ :4وذلك في "ابتنى" من قوله( :ملوك يبتنون توارثوها) أي أخذوا بناء وكذا احتفر من قوله:
(يحتفر الترابا) أي يتخذ حفرة ،وكذا انتسب من قوله( :تنتسب انتسابا) أي تتخذ نسبا.
« -7المبالغة في معنى الفعل» :5وذلك من "التهب" في قوله (يلتهب التهابا) ،وكذا "اغتصب" من
قوله( :وتغتصب الركابا) ،وكذا "التهم" من قوله( :يلتهم الذيابا) ،وكذا "احتوى" من قوله( :فلم يبرح بها
حتى احتواهم).
ح -استفعل :وهذا البناء من المزيد فيه بثالثة أحرف وهي الهمز والسين والتاء ،وقد ورد على هذا
البناء ثالثة أفعال من أفعال القصيدة بعدة دالالت وهي:
-1الصيرورة والتحول :ومعناه الداللة على أن الفعل قد انتقل حقيقة أو مجا از من حالة إلى حالة
أخرى يدل عليها الفاعل ،6وذلك في فعل "استراح" في قوله( :رجوا من حرها أن يستريحوا) أي ينتهوا
من العذاب ويتحولون للراحة.
-2االغناء عن الثالثي :ومعناه «الداللة على عدم ورود ثالثي مجرد له بمعناه» 7وذلك في فعل
"استطاع" من قوله (ما استطعت لهم خطابا).
-3يأتي بمعنى أفعل :8وذلك في فعل "استبـاح" من قوله (هم ضربوا الضائع واستباحوا).
ف هذه األبنية السبعة هي األبنية الواردة من الثالثي المزيد فيه في القصيدة ،أما بقية األبنية
وهي( :تفعل وافعل وافعوعل وافعول وافعال) باإلضافة إلى بناء الفعل الرباعي المجرد (فعلل) والزيد
فيه "افعنلل وافعلل" فجميع هذه األبنية لم ترد في القصيدة.
1
-المرجع السابق ،ص.83
-2ديوان الفرزدق ،ص.95
3
-الحقول الداللية الصرفية لألفعال العربية ،سليمان فياض ،ص.82
4
-التطبيق الصرفي ،عبده الراجحي ،ص.38
5
-المرجع نفسه ،ص.38
6
-ينظر :الحقول الداللية الصرفية لألفعال العربية ،سليمان فياض ،ص.94
7
-المرجع نفسه ،ص.98
8
-التطبيق الصرفي ،عبده الراجحي ،ص.41
37
المبحث الثاني :أبنية المصادر والمشتقات.
ونعني بالمصدر األسماء التي تعمل عمل األفعال ،وقد عرف علماء اللغة المصدر بأنه:
«اسم دال باألصالة على معنى قائم بالفاعل ،أو صادر عنه حقيقة أو مجا از أو واقع على مفعول»،1
ومثال ذلك' :حمد يحمد حمدا' فقولنا :الحمد ل تعني حمدت ال .وقد وقع خالف كبير بين نحاة
البصرة والكوفة في أصالة المصدر أو الفعل؛ حاصله أن البصريين يرون أن المصدر يعتبر أصال
للفع ل مشتقا منه ،ولعل هذا هو السبب في تسمية المصدر بهذا االسم أي الذي يصدر منه الفعل،2...
وأنواع المصادر التي سندرسها هنا نوعان هما:
1
-عون المعين بشرح الالمية ،أحمد محمد األمين الجنكي ،ص.89
2
-ينظر :اإلنصاف في مسائل الخالف ،أبو البركات ابن األنباري (تـ988ه) ،تح :جوا مبروك محمد مبروك ،مكتبة
الخانجي بالقاهرة ،ط،1د/ت ،ص.192
3
-النحو الوافي ،عباس حسن ،ج ،3ص.181
4
-تصريف األفعال والمصادر والمشتقات ،صالح سليم الفاخري ،ص.175
5
-المرجع نفسه ،ص.175
38
-2فعل :بضم الفاء وسكون العين« :جاءت عليه مصادر أغلب األفعال الالزمة من باب فعل الدالة
على سجايا وطبائع ونحوها مثل جبن وقبح ...وقد جاء عليها من باب فعل الالزم مثل يبس سخط
والمتعدي مثل شرب و ود كما جاء عليها من باب فعل الالزم مثل كفر جوع مكث ..والمتعدي شكر و
شغل» ،1وجاء على هذا البناء من القصيدة ثالثة مصادر مصاغة من باب فعل المفتوح العين وفعل
مضموم العين ،وهم" :ملك" من ملك في قول الفرزدق( :وتاج المـلك يلتهب التهابا) ،و"جنح" من جنح
في قوله( :إذا جاشت ذراه بجنح ليل) ،ولؤم من لؤم في قوله( :ف ارء اللؤم أربابا غضابا) ،وقوله( :من
مخازي اللؤم بابا).
-3فعال ن :بفتح الفاء والعين ويأتي على هذا البناء «أغلب األفعال الدالة على تقلب واضطراب مثل
غلى غليان ،وفار فوران» 2ولم يأت على هذا البناء سوى مصدر واحد في القصيدة وهو "حدثان" في
قول الفرزدق( :إذا ما أعظم الحدثان نابا).
-4فعول :بضم الفاء والعين تصاغ عليه «أغلب األفعال الدالة على معالجة ...مثل قدم قدوما،
صعد صعودا» ،3ولم يأت في القصيدة على هذا البناء سوى مصدر واحد وهو "خشوع" في قول
الفرزدق(:خشوعا خاضعين لها الرقابا).
-5فعالة :بفتح الفاء والعين ويصاغ من هذا البناء كل فعل ثالثي الزم مضموم العين 4أي من باب
فعل نحو ظرف ظرافة ،ولم يأت على هذا البناء في القصيدة سوى مصدر واحد وهو "غرابة" من غرب
يغرب غرابة ،وتجمع على غرائب ،قال الفرزدق( :غرائبهن تنتسب انتسابا).
-6فعال :وهذا البناء يصاغ عليه «أغلب األفعال الدالة على صوت» 5مثل صرخ صراخ ،نبح نباح،
ويأتي سماعا في أبنية غيرها مثل زحم زحام ،ركم ركام ،وقد جاء هذا البناء في مصدرين من القصيدة
األول قياسي ،وهو كلمة "عباب" من عب أي «كثرة الماء من والسيل وارتفاع الموج واصطخابه»،6
وهذا ما يجعله صدر صوتا مخوفا قال الفرزدق( :إذا بحري رأيت له عبابا).
والثاني سماعي وهو "لباب" من لب كل شيء وهو خالصه وخياره ،7قال الفرزدق (يختر الحسب
اللبابا) أي الحسب الخالص الذي ال يشوبه شيء.
1
-ينظر :المرجع السابق ،ص.177
2
-التطبيق الصرفي ،عبده الراجحي ،ص.67
3
-المرجع نفسه ،ص.67
4
-ينظر :المرجع نفسه ،ص.68
5
-التطبيق الصرفي ،عبده الراجحي ،ص.67
6
-المعجم الوسيط ،مجمع اللغة العربية ،بالقاهرة ،ص.579
7
-ينظر :لسان العرب ،ص.3979
39
-مصادر الفعل الثالثي المزيد:
جاء في قصيدة "أنا ابن العاصمين" من المصادر ما يقارب 20مصد ار من مصادر الفعل
الثالثي المزيد ،كلها على ثالث أبنية وهي:
-1فعال :وهذ البناء يصاغ من الفعل الثالثي المزيد فيه بحرف واحد ،يأتي مصد ار على هذا الوزن ما
جاء من األفعال على بناء "فاعل" مثل دافع دفاع ،فهو يأتي للداللة على المشاركة نحو حاور حوار،1
وقد صيغت عليه أكثر من عشرة مصادر في قصيدة "أنا ابن العاصمين" نذكر منها" :هجاء" قال
الفرزدق( :فإنك من هجاء بني نمير)" ،غضاب" من غاضب يقول( :عليها الناس كلهم غضابا)،
"سباب" من ساب يقول( :أبى اآلبي بها إال سبابا) .سغاب من ساغب يقول الفرزدق( :تشل بهن
أعراء صغابا) ،نساب من ناسب يقول (أعنتنا إلى الحسب النسابا) إلى غير ذلك.
-2افتعال :وهو مصاغ من الثالثي المزيد فيه بحرفين ويصاغ قياسا بكسر الحرف الثالث منه ومد ما
قبل خره فهو مصاغ من وزن افتعل مثل استلم استالم وقد جاءت أربعة مصادر من القصيدة بهذا
البناء وهي" :التهاب" من التهب يقول الفرزدق( :وتاج الملك يلتهب التهابا)" ،اقترب" يقول( :وزادهن له
اقترابا)" ،اضطراب" وأصل التاء طاء تاء قلبت طاء لمجاورتها حرف االستعالء من اضطرب أي
اضترب يقول( :إذا بحري له اضطرابا)" ،انتساب" من انتسب يقول( :تنتسب انتسابا)" ،اغتصاب" من
اغتصب يقول الفرزدق( :أبى لعداته إال اغتصابا).
-3انفعال :وهو كسابقه مصاغ من الثالثي المزيد فيه بحرفين بكسر ثالثه وزيادة ألف قبل خره ،ولم
يوجد من هذا البناء في القصيدة سوى مصدر واحد وهو "انجياب" من انجاب (انفعل) ،يدل على
المطاوعة ،يقول الفرزدق( :إذا انجابت دجنته له انجيابا).
وهذا المصدر شبيه بالمصدر األصلي من حيث الداللة على الفعل و الحدث ،ويختلف عنه
في هيئته وصياغته ،فالمصدر الميمي يعتمد في صياغته على السماع كالمصدر األصلي ،ويزيد عليه
في أنه يشتمل على ميم زائدة في أوله ،2فتقول مثال الفعل (نظر) المصدر األصلي (نظر) المصدر
3
الميمي (منظر) ،ويصاغ المصدر الميمي «من الثالثي على وزن مفعل بفتح العين ومفعل بكسرها»
قول جمع مجمع ،ضرب مضرب.
1
-تصريف األفعال والمصادر والمشتقات ،سليم الفاخري ،ص.179
2
-ينظر :المرجع نفسه ،ص.180
3
-المرجع نفسه ،ص.181
40
ويصاغ «من غير الثالثي على وزن الفعل المضارع مع إبدال حرف المضارعة ميما مضمومة وفتح
ما قبل اآلخر» ،1تقول مثال دحرج يتدحرج متدحرج ،استخرج يستخرج مستخرج ،قاتل يقاتل مقاتل.
أما عن المصادر الميمية في قصيدة "أنا ابن العاصمين" فلم يستعمل الفرزدق فيها غير بناء
واحد على هذا المصدر وهو كلمة "مهابة" في قول الفرزدق:
2
وتاج المـلك يلتهب التهابا أريت مهابة وأسود غاب
ف "مهابة" أصلها من هاب يهاب هيبة ،فمصدره الميمي أصله على وزن "مفعل" ألنه ثالثي أجوف،
فأصل الكلمة مهيب إال أن العرب استثقلوا الفتحة على الياء بعد السكون فنقلوا الفتحة إلى الهاء ثم
قلبوا الياء ألفا فصارت مهابة من الهيبة والتعظيم.
قسم علماء اللغة األسماء باعتبار جمودها وتصرفها إلى قسمين جامدة ومشتقة ،واالشتقاق هو
إنشاء صيغة من صيغة أخرى تتفق معها في المعنى ومادتها األصلية ،فتدل الصيغة المشتقة على
المعنى األصلي للكلمة األولى مع زيادة مفيدة للمعنى« ،3واألسماء المشتقة من الفعل عشرة أنواع
وهي :اسم الفاعل ،واسم المفعول ،والصفة المشبهة ،ومبالغة اسم الفاعل ،واسم التفضيل ،واسم الزمان،
واسم المكان ،والمصدر الميمي ،ومصدر الفعل فوق الثالثي المجرد ،واسم اآللة».4
وسنركز في دراستنا على المشتقات الواردة في القصيدة ونطوي على األخرى لكثرة جوالنها في كتب
الصرف ،فنقول أنه قد ورد في قصيدة "أنا ابن العاصمين" ثمانية عشر اسما عبر ستة أنواع من
المشتقات وهي:
:1اسم الفاعل:
يعرف اسم الفاعل على أنه «صفة تؤخذ من الفعل المعلوم لتدل على معنى وقع من
الموصوف بها أو قام به على وجه الحدوث ال الثبوت» ،5ويكون اشتقاقه من الفعل المتصرف المبني
للمعلوم فال يشتق من الفعل الجامد كـ" :عسى وليس" ،وال من الفعل المبني للمجهول كـ" :ضرب
1
-التطبيق الصرفي ،عبده الراجحي ،ص.71
2
-ديوان الفرزدق ،ص.92
3
-ينظر :تصريف األفعال والمصادر والمشتقات ،صالح سليم الفاخري ،ص.192
4
-إيجاز التعريف في علم التصريف ،محمد بن مالك ،ص.21
5
-جامع الدروس العربية ،مصطفى غالييني ،المكتبة العصرية بيروت ،ط1414( ،28هـ1993-م) ،الجزء،1
ص.178
41
وقتل" ،وال يشتق كذلك من األفعال الدالة على السجايا الثابتة أو صفات دائمة ،1مثل "كرم وعظم" وكل
ما جاء من باب "فعل" المضموم العين ،بل قياسه أن يشتق منه الصفة المشبهة السم الفاعل مثل
"كريم وعظيم".
ويشتق اسم الفاعل «من الثالثي المجرد على وزن فاعل» 2كـ "ذهب ذاهب و علم عالم" ،واذا
كانت عين الفعل معتلة قلبت همز نحو "قال قائل ،نام نائم"« ،ويكون وزن اسم الفاعل من الفعل
المزيد فيه على الثالثي ومن الرباعي مجردا ومزيدا فيه على وزن مضارعه المعلوم بإبدال حرف
المضارعة ميما مضمومة وكسر ما قبل خره» 3مثل "تعلم متعلِّم ،استخرج مستخرج ،دحرج متدحرج".
1
-ينظر :تصريف األفعال والمصادر والمشتقات ،صالح سليم الفاخري ،ص.196
2
-جامع الدروس العربية ،مصطفى الغالييني ،الجزء ،1ص.178
3
-المرجع نفسه ،ص.179
42
:2اسم المفعول:
يعرف اسم المفعول على أنه «اسم مشتق يدل على معنى مجرد وغير دائم ،وعلى الذي وقع
عليه هذا المعنى» ،1ومثال ذلك كلمة "مفتوح" من قولنا( :الباب مفتوح) فهذه الكلمة "اسم مفعول"،
وذلك لداللتها على معنيين وهما :المعنى المجرد (الفتح) مع عدم اقتضاء ثبوته ودوامه ،والمعنى الثاني
الذات التي وقع عليها هذا المعنى وهي "الباب".
اشتقاقه :يشتق اسم المفعول «من الثالثي المجرد على وزن مفعول مثل "مكتوب" من كتب ومضروب
من ضرب» ،2وأما من غير الثالثي فإنه «يشتق على وزن المضارع ،مع إبدال حرف المضارعة ميما
مضمومة وفتح ما قبل خره» 3تقول مثال في تضارب يتضارب متضارب ،استخرج يستخرج مستخرج،
انقاد ينقاد منقاد ،تعلم يتعلم متعلم.
1
-النحو الوافي ،عباس حسن ،ج ،3ص.271
2
-تصريف األفعال والمصادر والمشتقات ،صالح سليم الفاخري ،ص.215
3
-التطبيق الصرفي ،عبده الراجحي ص.83
4
-تصريف األفعال والمصادر والمشتقات ،صالح سليم الفاخري ،ص.201
43
وصيغة المبالغة «أوزانها كلها سماعية فيحفظ ما رود منها وال يقاس عليه» ،1وال تشتق إال من الفعل
الثالثي ولم يرد في قصيدة "أنا ابن العاصمين" من صيغ المبالغة سوى صيغة واحدة وهي" :ملوك"
وذلك في قول الفرزدق:
2
سرادقها الـمقاول والقبابا ملوك يبتنون توارثوها
ف "ملوك" جمع "ملك" من ملك يملك مالك إذا امتلك شيئا ،وملك إذا كثرت أمالكه.
:4الصفة المشبهة:
وهي «اسم يصاغ من الفعل الالزم للداللة على معنى اسم الفاعل ،ومن ثم سموه الصفة
المشبهة؛ أي التي تشبه اسم الفاعل في المعنى » ،3فالصفة المشبهة تزيد في المعنى داللة الفعل على
الثبوت ،مثل "زيد كريم" فصفة "كريم" تدل على المعنى المجرد وهو فعل الكرم وعلى الذات الموصوفة
بهذا المعنى "زيد" وعلى دوام هذا المعنى في هذا الذات فال ينقطع عنها.4
1
-جامع الدروس العربية ،مصطفى الغالييني ،الجزء ،1ص.193
2
-ديوان الفرزدق ،ص91
3
-التطبيق الصرفي ،عبده الراجحي ،ص79
4
-ينظر :النحو الوافي ،عباس حسن ،ص.282
5
-ينظر :تصريف األفعال والمصادر والمشتقات ،صالح سليم الفاخري ،ص.209
6
-ينظر :المرجع نفسه ،ص.212
44
"الكاتب" كانت صفة مشبهة ،وهنا لدينا "فارس" فهي "صفة مشبهة" لعدم ارتباطها بمفعول من "فرس"
(باب فعل) يقول الفرزدق( :ولم ترث الفوارس من عبيد) ،ويقول أيضا ( ولم ترث الفوارس من نمير).
" -خبيثة" :عل وزن "فعيلة" من "خبث" (باب فعل المضموم) يخبث إذا صار خبيثا يقول الفرزدق:
(حظائرها الـخبيثة والرزايا).
فكل هذه الصيغ الواردة في القصيدة من باب "فعل" مضموم العين والصفة المشبهة يكثر في اللغة
صوغها من هذا الباب.
:5اسم التفضيل:
اسم التفضيل هو «صفة تؤخذ من الفعل لتدل على أن شيئين اشتركا في صفة وزاد أحدهما
على اآلخر فيها» 1بمعنى المفاضلة بينهما ومنه سمي اسم التفضيل بهذا االسم أي ألن أحدهما يكون
أفضل من اآلخر.
و«يصاغ اسم التفضيل من الفعل على وزن 'أفعل' للمذكر و 'فعلى' للمؤنث» 2فنقول مثال "زيد أكبر
الناس" و"هند كبرى الناس" ،وقد ورد في قصيدة أنا ابن العاصمين سبعة أسماء على وزن اسم
التفضيل ،وهي:
" -أعظم" من عظم (باب فعل) يعظم قال الفرزدق (إذا ما أعظم الحدثان نابا).
" -األكثرون" جمع أكثر من كثر (باب فعل) يقول الفرزدق (ونحن األكثرون حصا وغابا).
" -أصغره" من صغر يصغر (باب فعل) يقول الفرزدق (وأصغره إذا اغترفوا ذنابا).
" -أحق" من حق يحق (باب فعل) يقول الفرزدق ( أروا أنا أحق بآل سعد).
" -أذل" من ذل يذل (باب فعل) يقول الفرزدق (وهل شيء يكون أذل بيننا).
" -األواخر" جمع خر من خر (باب فعل) يقول الفرزدق (يناطحن األواخر مردفات).
فهذه الصيغ الست هي صيغ اسم التفضيل الواردة في قصيدة أنا ابن العاصمين.
1
-جامع الدروس العربية ،مصطفى الغالييني ،الجزء ،1ص.193
2
-تصريف األفعال والمصادر والمشتقات ،صالح سليم الفاخري ،ص.223
3
-المصدر نفسه ،ص.229
45
ولم ترد صيغ الزمان والمكان في القصيدة سوى في موضوع واحد وهو كلمة "مسقط" على وزن "مفعل"
وذلك في قوله:
ومسقط قرنها من حيث غابا.1 بلغن الشمس حيث تكون شرقا
فـ "مسقط" اسم مكان بمعنى مكان سقوط قرنها أي مغيبها.
فهذه هي المشتقات التي وردت في قصيدة "أنا ابن العاصمين" وهي( :اسم الفاعل -اسم المفعول-
الصفة المشبهة -صيغة المبالغة -اسم التفضيل-اسم الزمان واسم المكان )-وبقي اسم اآللة لم يرد
ذكره في القصيدة.
1
-ديوان الفرزدق ،ص.96
46
توطئة.
المبحث األول :أشكال الجمل في القصيدة.
أوال :الجمل اإلسمية.
ثانيا :الجمل الفعلية.
المبحث الثاني :الظواهر التركيبة في القصيدة.
أوال :التقديم والتأخير.
ثانيا :الحذف.
47
توطئة.
التركيب من ركب الشيء أي وضع بعضه على بعض ،والتركيب في هذا المقام المقصود به
تركيب الكلمات وجمعها حتى تصبح جملة لها فائدة من الكالم ،فالبنية التركيبية تتعلق بدراستنا للجملة
وتركيبها ،والمعنى الذي أدته في سياق هذا التركيب.
وقد بدأ علماء اللغة العربية دراسة الجملة قديما تحت إطار ما يعرف بعلم النحو ،حيث عرفوا
الجملة على أنها «عبارة عن مركب من كلمتين أسندت إلى األخرى ،سواء أفاد كقولك زيد قائم أو لم
يفد كقولك (إن يكرمني )..فإنه جملة ال تفيد إال بعد مجيء جوابه ،فتكون الجملة أعم من الكالم
مطلقا» ،1وذلك ألن الكالم تشترط فيه اإلفادة ،فالكالم أخص من الجملة إذ كل كالم فهو جملة وال
عكس.
والجملة في اللغة العربية قسمان إسمية وفعلية ،وزاد بعضهم إليها الجملة الشرطية بينما
اعتبرها خرون كابن هشام (تـ761ه) من قبيل الجملة الفعلية ،2وكال من هاتين الجملتين أو الثالث –
على قول البعض -تكون تحت نسق خاص ومنضبط ،كأن تحتوي الجملة اإلسمية على مبتدأ وخبر،
والفعلية على فعل وفاعل مثال ،إال أن هذا النسق قد يتغير لعوامل بالغية كالتقديم والتأخير ،بل قد
يعتري الجملة في بناء عناصرها الحذف ،وقد جمع بعض الدراسين هذه التحوالت تحت اسم الظواهر
التركيبية.
وقد تنوعت تراكيب الجملة في قصيدة أنا ابن العاصمين ،فجاء بأشكال متعددة من التراكيب،
وتصرف فيها الفرزدق تصرفا عجيبا ،خاصة فيما يتعلق بالتقديم والتأخير ،ونحن في هذا الفصل
سندرس هذه القصيدة انطالقا من مبحثين اثنين هما:
1
-التعريفات ،علي محمد الشريف الجرجاني (تـ816هـ) ،مكتبة لبنان ،د/ط1985 ،م ،ص82
2
-ينظر :مغني اللبيب عن كتب األعاريب ،جمال الدين ابن هشام(ت 761هـ) ،تح :مازن مبارك ومحمد علي حمد
ال ،دار الفكر ،بدمشق ،ط1384( ،1ه1964 -م) ،ص.421
48
المبحث األول :أشكال الجملة في القصيدة:
ذكرنا في التوطئة أن الجملة قسمان جملة إسمية وجملة فعلية ،وقد ورد كال من هذين
القسمين في قصيدة "أنا ابن العاصمين" ،وفي هذ المبحث سندرس أشكال الجمل في هذين القسمين
باعتبار أن الجملة الشرطية داخلة تحت إلطار الجملة الفعلية.
1
-ينظر :النحو العصري ،سليمان فياض ،مركز األهرام للترجمة والنشر ،د/ط ،د/ت ،ص.92
2
-المرجع نفسه ،ص.92
3
-ينظر :التطبيق النحوي ،عبده الراجحي ،دار المعرفة الجامعية ،ط1420( ،2ه2000 -م) ،ص 85و .95
4
-البالغة العربية أسسها وعلومها وفنونها ،عبد الرحمن بن حبنكة الميداني ،دار القلم ،ط1416( ،1ه1996-م)،
ج ،1ص.187
5
-ينظر :جواهر البالغة ،أحمد الهاشمي ،المكتبة العصرية صدا بيروت ،د/ط ،د/ت ،ص.66
49
الجملة الفعلية باعتبارها قطعية الثبوت ،والفرزدق أكثر في قصيدته من استعمال المؤكدات سواء في
معرض االفتخار بنفسه أو هجاء جرير ،وكانت اسمية الجملة من أقوى المؤكدات ولهذا السبب ابتدأ
الفرزدق مطلع قصيدته بها ،حيث قال في أعلى مقام االفتخار (أنا ابن العاصمين بني تميم) فأعطى
بذلك للجملة اإلسمية اعتبا ار خاصا ،وجاء بها في القصيدة على عدة أنماط نذكرها فيما يلي:
فنالحظ من خالل هذين المثالين أن الخبر جاء مفردا ،ليس بجملة وال شبه جملة وقد جاء على هذا
النمط بضع جمل أخرى نستغني عن ذكرها بما سبق.
1
-ديوان الفرزدق ،ص91
2
-النحو العصري ،سليمان فياض ،ص.196
3
-ينظر :االشتقاق ،أبو بكر محمد بن الحسين بن دريد (تـ231ه) ،تح :عبد السالم هارون ،دار الحبل ،بيروت،
ط1411( ،1ه1941-م) ،ص.234
50
ومن أمثلة هذا النمط قوله( :لنا قمر السماء) و 'لنا' شبه جملة جار ومجرور ،و 'قمر' مبتدأ
مؤخر وجوبا ألنه نكرة و 'السماء' مضاف إليه.
ومن ذلك قوله (له ظالل) فـ"له" خبر وهو شبه جملة جار ومجرور ،و'ظالل' مبتدأ مؤخر،
ويشبه هذا قوله (لنا عدد) فأصل الجملة "عدد لنا" فأخر المبتدأ في كال الجملتين وجوبا ألنه جاء نكرة.
وقد أكثر الفرزدق من استعمال هذا النمط من الجمل ،فيأتي بالخبر كله جملة فعلية تحتوي على
ضمير يعود على المبتدأ ،وهذا شرط عند النحاة في كل الجمل اإلسمية التي خبرها عبارة عن جملة
سواء إسمية أو فعلية فـ «البد أن يكون مشتملة على رابط يربطها بالمبتدأ واال صارت جملة أجنبية ال
يصح اإلخبار بها» ،1ومن أمثلة ما ورد في القصيدة على هذا النمط قوله:
( -أعظم الحدثان نابا) فالمبتدأ هو 'أعظم الحدثان' وأما الخبر فهو 'ناب' أي (ناب هو) فالخبر جاء
جملة فعلية فاعلها ضمير مستتر عائد على المبتدأ.
( -ذباب طار في لهوات ليث) فـ 'ذباب' مبتدأ وأما الخبر فهو 'طار في لهوات ليث' وهو عبارة عن
جملة فعلية فاعلها ضمير مستتر عائد على المبتدأ.
( -بحري رأيت له اضطرابا) والمبتدأ 'بحري' والخبر هو 'رأيت له اضطرابا' .ونالحظ هنا أن الضمير
العائد على المبتدأ ليس الفاعل كما في المثالين السابقين بل هو الضمير المتصل بالم الجر 'له'
والتقدير (رأيت لبحري اضطرابا).
( -و خر قد قذفت له شهابا) فالمبتدأ هو ' خر' وأما الخبر 'قذفت له شهابا' وهذه الجملة كسابقتها
والضمير العائد هو المتصل بالالم 'له' والتقدير (و خر قذفت آلخر شهابا).
وهكذا فإن بقية الجمل التي تحت هذا النمط –والبالغ عددها 16جملة -هي على نسق هذه الجمل
المذكورة فنستغني عن ذكرها لذلك.
وبقي نمط رابع لم يرد ذكره في قصيدة أنا ابن العاصمين وهو إذا ما إذا كان الخبر جملة إسمية [
مبتدأ +خبر (جملة إسمية)] ،ويشترط فيه ما اشترط في النمط السابق من وجود رابط يربط الخبر
بالمبتدأ ومثال ذلك قولهم (زيد أبوه قائم) ،الرابط هنا هو الهاء المضافة إلى 'أب' وتقدير الكالم (زيد
أبو زيد قائم).
1
-التطبيق النحوي ،عبده الراجحي ،ص.99
51
ثانيا :الجملة الفعلية:
يعرف النحاة الجملة الفعلية على أنها «الجملة التي تبدأ بفعل ولها ركنان أساسيان البد من
وجودهما فيها لكي تكون كالما مفيدا واذا حذف أحد الركنين يقدر» ،1وهذان الركنان هما:
األول :المسند وهو الفعل ويعرف على أنه «الكلمة التي تدل على حدث وزمن مقترن به» 2وذلك نحو
(ذهب ،يكتب ،قم) ،فالكلمات الثالثة كلها أفعال لداللتها على شيئين وهما الحدث (الذهاب والكتابة
والقيام) وداللتها على الزمن المرتبط به ،فـ(ذهب) تدل على قيام الحدث في الزمان الماضي ،و(يكتب)
قيامه في الزمن الحاضر و (قم) طلب قيام الحدث في الزمن المستقبل.
والركن الثاني :المسند إليه وهو في الجملة الفعلية إما الفاعل أو نائبه ،فالفاعل هو« :المسند إليه بعد
فعل تام معلوم أو شبهه» ،3نقول مثال (جاء محمد ،قام عمرو) ،فكال من محمد وعمرو فاعل لذكرهما
بعد الفعل وقيامهما به ويشترط في الفاعل هنا أن يكون بعد فعل مبني للمعلوم أما إذا كان الفعل مبنيا
للمجهول حذف الفاعل وجوبا وعوض عنه بنائبه (نائب الفاعل) ،ويأتي أيضا مسندا إليه إذا ما بني
الفعل للمجهول ،4مثل (كتب الدرس) إذا لم يذكر كاتبه أو (ضرب زيد) إذا لم يعلم ضاربه.
إذا فأصل تركيب الجملة الفعلية أن يكون على هذا الشكل [فعل +فاعل أو نائب فاعل ] ويكون
هذا التركيب تاما إذا ما كان الفعل الزما في الفاعل أو متعديا لمفعول واحد في نائب الفاعل ،أما إن
كان متعديا لمفعول واحد في الفاعل أو مفعولين في نائب الفاعل فإن هذا التركيب يحتاج ليكون مفيدا
إلى مكمل وهو المفعول به والذي يعرف عند النحاة بأنه «االسم المنصوب الذي يقع عليه الفعل»،5
تقول مثال (كتب زيد الدرس)( ،وجد صاحب الحق منتص ار)؛ فكال من 'الدرس و منتصرا' مفعول به
لوقوع الفعل عليه.
المالحظ في قصيدة أنا ابن العاصمين يجد أن الفرزدق قد أكثر من استخدام الجمل الفعلية
وأكثر من ذكر األفعال ومشتقاتها كما هو ظاهر في الفصل السابق (البنية الصرفية) وقد بلغ عدد هذه
1
-النحو العصري ،سليمان فياض ،ص.108
2
-المعجم المفصل ،في علم الصرف ،راجي األسمر ،ص.307
3
-جامع الدروس العربية ،مصطفى الغالييني ،ج ،2ص.233
4
-ينظر :المصدر نفسه ،ج ،2ص.246
5
-التحفة السنية بشرح المقدمة اآلجرومية ،محمد محي الدين عبد الحميد ،مكتبة السنة القاهرة ،د/ط1409( ،ه-
1989م) ،ص.99
52
الجمل الفعلية فيما أحصيناه ما يزيد عن 60جملة من جمل القصيدة أي ضعف عدد الجمل اإلسمية
وزيادة على هذا فإننا نالحظ أنه حتى في استخدامه للجمل اإلسمية كثي ار ما يجعل خبرها جملة فعلية،
ولعل هذا كله يبرز لنا شخصية الفرزدق وأنه إنسان يتصف بالحركة والكثير من االنفعالية فعكست
هذه الصفات منه في قصائده فنجده في أغراض هذه القصيدة يكثر من الحركة فهو في افتخاره يعود
إلى مآثر بائه وأفعالهم فيستخدم األفعال التي تدل على عظمتهم مثل (نما في كل ،صيد ،يبتنون،
تورثوها ،يردون الحلوم )... ،وفي هجائه لجرير فإنه يعتمد األفعال البذيئة ومالزمته لها (قبح شر،
طاح ابن المراغة ،فأغلق من ورائها بني كليبا) ،أو ينكر عليه –ألنه يراه خسيء ودنيء -أفعال
األسياد واألكابر والكرام فنرى قوله:
الرغابا
بعانتك اللهاميم ِّ أتطلب يا حمار بني كليب
1
وتعدل بالـمفقِّئة ِّ
السبابا وتعدل دارما ببني كليب
وفي مدحه فإنه يجعل لممدوحه خير األفعال (عامر ثرت وطابت ،يختر الحسب اللبابا.)...
وللجمل الفعلية أنماط عديدة نذكر هنا ما ورد منها في هذه القصيدة فنقول:
1
-ديوان الفرزدق ،ص.92
2
-ينظر :جامع الدروس العربية ،مصطفى الغالييني ،ج ،2من ص 247إلى ص.250
53
ولم يرد شيء من هذه األربعة نائبا للفاعل سوى ما أصله مفعوال به ،ومنها قول الفرزدق (قبِّح
شر ،مد بني كليب ،وبيني غاية ،أرهبن زجرا ،تدعى نساء الحي) ولم يرد غير هذه الجمل األربع على
هذا النمط في القصيدة ،فأصلها أن تكون على نمط [فعل +فاعل +مفعول به] مثل (قبح شرا )..فلما
حذف الفاعل عوض منه بالمفعول به.
وهذا النمط شبيه بالنمط الثاني غير أنه هنا يكون أصل الفاعل والمفعول به جملة إسمية وفي
هذه الحال يكون الفعل من نواسخ المبتدأ والخبر الذي يرفع األول وينصب الثاني ككان وأخواتها وأفعال
المقاربة ومن أمثلة هذا النمط في قصيدة أنا ابن العاصمين قول الفرزدق:
1
لغرتم حين ألقين الثِّيابا فلو كانت رماحكم طواال
فأصل الجملة (رماحكم طوال) فلما دخلت عليها "كان" نسخت الجملة فرفعت المبتدأ فصار اسمها
ونصبت الخبر فصار خبرها .وهكذا بقية الجمل كقوله( :فإن تك عامر ،ثرت وطابت ،فلم يبرح حتى
احتواهم ،كاد يجتفل السحابا.)..
ويكون هذا النمط إذا ما دخل على الجملة اإلسمية ناسخ ينصب طرفيها معا ،وهذا الناسخ هو
ظن وأخواتها وأفعال القلوب ،وقد ورد بعضا منها في القصيدة ومنها قول الفرزدق:
2
وتاج الـملك يلتهب التهابا أريت مهابة وأسود غاب
فقد حوى هذا البيت ثالث جمل على هذا النمط وهي( :رأيت مهابة) و (رأيت أسود غاب) فتقدير
الكالم "رأيتهم مهابة" و"رأيتهم أسود غاب" والجملة الثالثة( :رأيت تاج الملك يلتهب التهابا).
فأصل هذه الجمل بعد إرجاع الضمير إلى أصله ( بائي مهابة ،بائي أسود غاب ،تاج الملك يلتهب
التهابا) ،فلما دخلت عليها "رأى" وهي من أخوات ظن نصبت المبتدأ والخبر وأسندت لفاعل وهو تاء
الضمير.
ومن هذا النمط قوله( :ترى لقبته حجابا ،ترى معد خشوعا ،حسبت عليه حرات والبا ،ترى أمواجه
كجبال لبنى).
1
-ديوان الفرزدق ،ص.96
2
-المصدر نفسه ،ص.92
54
المبحث الثاني :الظواهر التركيبية
ونعني بها مجموعة التغيرات التي تط أر على التركيب األصلي للجملة ،سواء كانت إسمية أو
فعلية ونذكر من هذه التغي ارت التقديم والتأخير والحذف.
يعتبر التقديم والتأخير «أحد األساليب البالغية وهو داللة على التمكن من الفصاحة وحسن
التصرف في الكالم ووضعه في الموضع الذي يقتضيه المعنى» ،1وذلك أن الكالم العربي يتكون في
أصل تركيبه من جمل يتركب كال منها من مسند ومسند إليه« ،فاألصل في الجملة الفعلية تقديم
المسند (المحكوم به) وهو الفعل ،..وتأخير المسند إليه (المحكوم عليه) وهو الفاعل ،..واألصل في
الجملة اإلسمية تقديم المسند إليه (المحكوم عليه) وهو المبتدأ وما يتصل به ،وتأخير المسند (المحكوم
به) وهو الخبر» ،2ولكن قد يتغير النسق التركيبي في كل من الجملتين ألسباب عديدة ،تقوم على
أساس إبراز المعاني الخفية التي من أجلها أنشئ هذا الكالم ،وكما أن التقديم والتأخير يزيد من
فصاحة الكالم وحسن صياغته فهو أيضا قد يؤدي إلى حصول تعقيد في المعنى وخلل في فهم تركيب
ألفاظه ،وذلك إذا جرى التقديم والتأخير على غير ما تعهده العرب في كالمها ،أو ما يسميه البالغيون
مخالفة القياس اللغوي ،والفرزدق رغم ما وصل إليه شعره من فصاحة وبالغة منقطعة النظير ،إال أن
شعره لم يخل من هذه المخالفة وحصول التعقيد ،فبالغ إلى حد كبير في بعض كالمه في تغيير تراكب
الجمل على ما سنشير إليه الحقا وما يهمنا هنا اآلن هو اإلشارة إلى صور التقديم والتأخير في قصيدة
"أنا ابن العاصمين" ،فنقول أن من أبرز صور التقديم والتأخير في القصيدة:
1
-مدخل إلى البالغة العربية ،يوسف أبو مسلم العدوس ،،دار المسيرة للنشر والتوزيع والطباعة ،عمان ،ط،3
(2013م – 1434هـ) ص.97
2
-البالغة العربية ،عبد الرحمن بن حبنكة الميداني ،ج،1ص.350
55
زيد وسفيان الذي ورد الكالم) ،أي 'ومنهم سفيان' فهاتان جملتان تقدم فيهما الخبر وهو شبه جملة
"منهم" على المبتدأ "عدس" و "سفيان" والغرض من تقديم الخبر هنا هو تخصيص الخبر بالمبتدأ،
فالفرزدق في هاته األبيات يخاطب جري ار ويفاخره بآبائه وقومه ،والمخاطب –وهو جرير -في مقام
المنكر للخاطب في هذا الكالم ،فقدم الفرزدق في هذه الجملة الخبر على المبتدأ إلزالة الوهم من ذهن
جرير واق ارره بما يسمعه ،1فصار تركيب الجملتين بعد تقديم الخبر يوهم أن عدس بن زيد وسفيان هما
فقط من الرجال الذين تهابهم العرب.
ومن الجمل التي تقدم فيها الخبر على المبتدأ لغرض التخصيص هو قوله( :لنا قمر السماء)
وقوله( :أن لنا الحناظل والربابا) ،فهاتان الجملتان على نهج ما سبق من إرادة التخصيص ،فصار
المعنى كأن قمر السماء ليس إال لقوم الفرزدق وليست الحناظل والرباب إال لهم ،وهذا من الفرزدق
غاية في االفتخار .ومن صور تقدم الخبر على المبتدأ في القصيدة قوله( :له ظالل -لنا عدد من
األثرين) فالغرض من تقديم الخبر في هاتين الجملتين هو التنبيه على خبريتهما ،2وذلك أن المبتدأ في
كل منهما نكرة )'ظالل ،عدد'( والمعروف عند أهل اللغة أن المبتدأ ال يكون نكرة إال بشروط منها تقدم
الخبر الذي هو جملة عليه ،3يقول ابن مالك في هذا:
4
مالم تفد كعند زيد نـمره وال يجوز االبتدا بالنكره
فأصل الجملتين هو (ظالل له ،عدد لنا) ،فلما نكر المبتدأ وجب تقديم الخبر عليه.
والفاعل كما أشار علماء العربية ال يكون إال بعد فعله ،فإذا تقدم عنه خرج من الفاعلية إلى
االبتداء ،5فتتحول الجملة بتقدمه من فعلية إلى إسمية ،لذا فإن كثي ار الجمل االسمية التي خبرها جملة
1
-ينظر :معاني النحو ،فاضل صالح السامرائي ،شركة العاتك لصناعة الكتب ،القاهرة ،د/ط ،د/ت ،ج،1
ص.137
2
-ينظر :مدخل إلى البالغة العربية ،يوسف أبو مسلم العدوس ،ص.98
3
-ينظر :جامع الدروس العربية ،مصطفى الغالييني ،ج ،2ص.267
4
-ألفية ابن مالك ،أبو عبد ال محمد بن مالك األندلسي ،تح :عبد اللطيف محمد الخطيب ،دار العروبة للنشر
والتوزيع ،الكويت ،ط1427( ،1ه2006-م) ،ص.8
5
-ينظر :اإلعراب الميسر ،محمد علي أبو العباس ،دار الطالئع بالقاهرة ،د/ط ،د/ت ،ص.63
56
فعلية أصلها جملة فعلية تقدم فاعلها على فعلها ،ومن هنا نحدد بعض الجمل في القصيدة التي تدخل
تحت نمط الجمل االسمية التي خبرها جملة فعلية ،والمذكورة نفا تدخل في هذا المجال من تقديم
المسند إليه على المسند.
ويأتي تقديم الفاعل على فعله ألسباب بالغية عديدة نذكر منها:
-تقوية الحكم الذي دلت عليه الجملة وتوكيده :1وذلك ألن الجملة الفعلية بتقدم فاعلها على فعلها
تصير إسمية ،وهي أكثر توكيدا لداللتها على الدوام واالستمرار بخالف الجملة الفعلية ،2ومن الجمل
التي تحمل هذا المعنى في القصيدة قول الفرزدق( :إذا ما أعظم الحدثان نابا) ،ف ـ (أعظم الحدثان)
فاعل ق ِّدم على فعله 'ناب' ،فأعطى هذا التقديم للمعنى قوة وتوكيدا ،فصار يوهم أن أعظم الحدثان
دائمة النزول وهو يعصم قومه منها.
ومنها أيضا قوله( :وضمرة والمجبر كان منهم) ،فأصل الكالم (كان ضمرة والمجبر منهم) لكنه قدم
اسم كان على الفعل لزيادة التوكيد وتقوية الحكم.
-ومن األسباب البالغية لتقديم المسند إليه االختصاص؛ أي تخصيص الفاعل بفعله فلم يفعله غيره،3
ويتجلى ذلك في قول الفرزدق:
4
أبا الصهباء محتف ار لهابا وخالي بالنقا ترك ابن ليلى
فأصل الكالم (ترك خالي )..فتقدم المسند إليه ليبين اختصاصه بالفعل أي أن خال الفرزدق هو الوحيد
الذي ترك ابن ليلى محتفرا ،بمعنى أن هذا الفعل قام به وحده ،ومنها كذلك قوله( :هم ضربوا الصنائع)
فقدم المسند إليه ليبين أن الفاعل مختص بهذا الفعل.
-ومن األسباب البالغية كذلك لتقديم المسند إليه على المسند إرادة التفخيم والتعظيم وعكسه وهو إرادة
اإلهانة والتحقير ،5فكال من الغرضين البالغيين قد يكونان سببا في تقديم المسند إليه على المسند،
وكالهما ورد في قصيدة "أنا ابن العاصمين" ،فأما إرادة التفخيم والتعظيم فيتجلى ذلك في قول الفرزدق:
(وخير فوارس علموا نصابا) ،فأصل الكالم (علم خير فوارس نصابا) ،لكنه قدم الفاعل على فعله
للتفخيم من أمره .ومثال إرادة اإلهانة والتحقير يتجلى في هذه الجمل:
1
-البالغة العربية ،عبد الرحمن بن حبنكة الميداني ،ج ،1ص.364
2
-ينظر :اإلعراب الميسر ،محمد علي أبو العباس ،ص.73
3
-ينظر :البالغة العربية ،عبد الرحمن بن حبنكة الميداني ،ج ،1ص.364
4
-ديوان الفرزدق ،ص.97
5
-ينظر :البالغة العربية ،عبد الرحمن بن حبنكة الميداني ،ج ،1ص.366
57
"ذباب طار في لهوات ليث -الليث يلتهم الذبابا -كليب دمنة خبثت وقلت -خواق حياضهن يسيل
سيال" ،فنالحظ في هذه الجمل الثالث أن الفرزدق في جميع هذه التراكيب قدم الفاعل على فعله ،ال
لشيء إال بغية احتقاره لخصمه ،فوصفه تارة بالذباب الذي يلتهمه الليث ،وتارة يصفه بالخبث ،وتارة
يصور لنا نساء قومه والحيض ينزل منهن دون شعورهن.
1
-ينظر :الفرزدق ،شاكر الفحام ،ص.445
2
-اللغة في شعر الفرزدق ،حلمي محمد عبد الهادي ،ص.305
3
-ديوان الفرزدق ،ص.91
4
-شرح ديوان الفرزدق ،ايليا الحاوي،ج 1ص.166
5
-مدخل إلى البالغة العربية ،يوسف أبو مسلم العدوس ،ص.46
58
وقد مثل البالغيون في هذا الباب بأشعار الفرزدق ،وأجلها قوله في بيت له يمدح فيه إبراهيم
المخزومي خال الخليفة هشام بن عبد الملك:
1
أمه ح ٌّي أبوه يقاربه
أبو ِّ وما مثله في الناس إال مـملكا
أمه أبوه)
فهذا البيت مختل النظام ،فأصل كالمه هو (وما مثله في الناس ح ٌّي يقاربه إال مـملكا أبو ِّ
فأبهم المعنى بسبب التقديم والتأخير ،مما أدى إلى تعقيد في اللفظ ،والمعنى المراد أن ليس مثل
إبراهيم أحد يشبهه في الفضائل إال ابن أخته وهو الخليفة.2
ثانيا /الحذف:
الحذف في الكالم يعتبر من األساليب البالغية التي اعتمدها العرب في كالمهم ،فهو شعار
الفصاحة عندهم ويكفي لبيان ما للحذف من فضل في الفصاحة ما وصفه به إمام أهل البالغة عبد
القاهر الجرجاني ،حيث أشار بأن الحذف «باب دقيق المسلك ،لطيف المأخذ ،عجيب األمر ،شبيه
بالسحر ،فإنك ترى به ترى الذكر أفصح من الذكر وأتم ما يكون بيانا إذا لم تبن» 3فالحذف كما يراه
عبد القاهر الجرجاني هو باب من أبواب البيان ،ولكن من شرط حذف ما يراد الداللة على معناه أن
يمكن إدراكه بقرائن الحال ،ومن عالمة الحذف البليغ هو أنه إذا ظهر المحذوف زال ما في الكالم من
بهجة وجمال.4
والفرزدق كغيره من شعراء عصره اعتمد أسلوب الحذف في أشعاره ،ومن ذلك ما ظهر في
"قصيدته أنا ابن العاصمين" ،فمن صور الحذف في القصيدة:
-1حذف المبتدأ :وذلك إذا ظهرت الداللة عليه من خالل الخبر ،ومن ذلك قول الفرزدق (ملوك
يبتنون )..أي هم ملوك ،وقوله( :بنو شمس النهار) أي هم بنو شمس النهار ،والغرض من هذا الحذف
تقسيم المدح ،فال يستثنى من المدح أحد .5وقوله( :ذباب طار في لهوات ليث) فحذف المبتدأ ،وتقدير
كالمه (بنو كليب ذباب طار في لهوات ليث) ،والغرض من حذف المبتدأ ظهوره بداللة القرائن عليه
من خالل ذكره من قبل.6
-1البالغة العربية ،عبد الرحمن بن حبنكه الميداني ،ج ،1ص .124وهذا البيت موجود في أكثر كتب البالغيين
منسوب إلى الفرزدق وقد بحثنا مرات عديدة في ديوان الفرزدق الذي بين أيدينا ولم نجده!
2
-ينظر :مدخل إلى البالغة العربية ،يوسف أبو مسلم العدوس ،ص.46
3
-دالئل اإلعجاز ،عبد القاهر الجرجاني(ت ـ 471هـ) ،تح :محمود محمد شاكر ،مكتبة الخانجي ،بالقاهرة ،د/ط ،د/ت
،ص.146
4
-ينظر :البالغة العربية ،عبد الرحمن بن حبنكة الميداني ،ج ،1ص.330
5
-ينظر :المصدر نفسه ،ج ،1ص.330
6
-ينظر :جواهر البالغة ،أحمد الهاشمي ،ص.103
59
-2حذف الخبر :وقد ورد حذف الخبر في القصيدة في قول الفرزدق( :وسفيان الذي ورد الكالبا)،
والتقدير (وسفيان منهم) ،وانما حذف الخبر ألنه ذكره فيما قبل.
-3حذف الفاعل :وقد يحذف الفاعل إذا وجد في السياق ما يدل عليه ،وهذا الحذف هو مما يكثر في
أشعار العرب ،ونخص بذلك القصيدة التي بين أيدينا .فمن الجمل التي حذف فيها الفاعل قوله( :نما
في كل أصيد دارمي -يقود الخيل -تركب من وجاها )-والغرض من حذف الفاعل في هذه الجمل
تقدم ذكره.
-4حذف الحرف :والحروف كما قسمها علماء العربية نوعان :حروف المعاني وهي حروف التي
تؤدي معنى في الجملة ،وحروف مبان وهي الحروف التي تتركب منها الكلمة ،1وكال النوعين قد يقع
فيهما الحذف عند العرب ،إال أن الحذف قد يكثر في حروف المعاني ،ومن هذا الحذف في القصيدة
قول الفرزدق:
2
طوالع ال تطيق لـها جوابا وغر قد نسقت مشهرات
فحذف من التركيب "رب" التي تجر ما بعدها فأصل الكالم (ورب غر) فـ«من خصائص رب أنها قد
تحذف ويبقى عملها وال يكون ذلك في غيرها إال ناد ار» ،3ومثاله في كالم العرب قول امرئ القيس:
علي بأنواع الـهموم ليبتلي.4 وليل كموج البحر أرخى سدوله
فتقدير الكالم (ورب ليل).
وأما الحذف في حروف المباني فيقع في كالم العرب من جهة االختصار أو الضرورة
الشعرية ،ومن ذلك قول الفرزدق( :لنا عدد من األثرين ثابا) ،أي من األكثرين فحذف الكاف للضرورة
استقامة للوزن.5
1
-ينظر :جامع الدروس العربية ،مصطفى الغالييني ،ج ،3ص.253
2
-ديوان الفرزدق ،ص.96
3
-الجنى الداني في حروف المعاني ،الحسن بن القاسم المرادي (تـ749ه) ،تح :فخر الدين قباوة ومحمد نديم
فاضل ،دار الكتب العلمية ،بيروت ،ط1413( ،1ه1992-م) ،ص.454
4
-ديوان امرئ القيس ،عبد الرحمن المصطاوي ،دار المعرفة ،بيروت ،ط1425( ،2ه2004-م) ،ص.48
5
-ينظر :شرح ديوان الفرزدق ،ايليا الحاوي ،ج ،1ص.164
60
توطئة.
المبحث األول :الصورة الشعرية في القصيدة.
أوال :مفهوم الصورة الشعرية.
ثانيا :أهمية الصورة الشعرية.
ثالثا :أشكال الصورة الشعرية في القصيدة.
المبحث الثاني :الحقول الداللية لأللفاظ في القصيدة.
أوال :حقل األلفاظ الدالة على الفخر.
ثانيا :حقل األلفاظ الدالة على الهجاء.
ثالثا :حقل األلفاظ الدالة على المدح.
61
توطئة:
يعرف علم الداللة بأنه «علم يدرس اللغة من حيث أنها كلمات تدل على معاني ،كما أنه يدرس
العالقة بين الرمز اللغوي ومعناه ،ويدرس كذلك تطور معاني الكلمات تاريخيا ويدرس أيضا المعاني
والمجاز اللغوي والعالقات بين الكلمات في اللغة الواحدة» ،1فعلم الداللة هو علم المعنى يقوم على
دراسة األلفاظ والمعاني التي تؤديها في سياق الكالم ،فالكلمات قد يتفق مبناها ولكن معناها قد يختلف
من تركيب آلخر ،فقولنا مثال (ضرب زيد عم ار) و (ضرب زيد في الطريق) فكلمة ضرب اتفق مبناها
في كال الجملتين ،لكن معناها في األول غي معناها في الثاني .ومن هنا فقد حرص العلماء على
دراسة دالالت األلفاظ وموقعها في الكالم« ،ولعل أحدث المحاوالت في دراسة الداللة أن يعمد الدارس
إلى مجموعة من األلفاظ التي تنتمي إلى مجال واحد ،ثم يتوفر على دراستها ،ليتبين منها تلك التي
نمت دالالتها والتي التي انكمشت فيها تلك الداللة ،أو اختفت بعد مرور األيام» ،2وهو ما يسميه
الدارسون اليوم بالحقل الداللي للكلمة.
والشعر العربي القديم سواء الجاهلي منه أو ما كان بعد ظهور اإلسالم كان في غاية الفصاحة،
ووصل إلى الذروة في البالغة والجمال ،وخير دليل على ذلك ما وصلنا منه من قصائد شعرية يعجز
اللسان اليوم عن اإلتيان بنظير لها ،وكان السر في ذلك مقدرة هؤالء الشعراء على التصرف في
الكالم ،وحسن اختيار األلفاظ التي تنبئ عن أغراضهم ،وكذلك حسن إبداعهم في استخدام الصورة
الفنية والبالغية من تشبيه واستعارة وكناية ،ودققوا في األلفاظ وما تؤديها من دالالت.
والفرزدق كما هو معروف كان من أبلغ الشعراء وأفصحهم ،والباحث في شعره «يدرك خصب
معانيه وغ ازرتها ،فقارئ أشاعره يحس وكأن المعاني التي تتضمنها مطروحة أمامه» ،3ونحن في هذا
الفصل في دراستنا للبنية الداللية لقصيدة الفرزدق 'أنا ابن العاصمين' سنركز على أمرين هما:
1
-معجم المصطلحات األلسنية ،مبارك مبارك ،ص.258
2
-داللة األلفاظ ،إبراهيم أنيس ،مكتبة أنجلو المصرية ،ط1984 ،5م ،ص.8
3
-اللغة في شعر الفرزدق ،حلمي محمد عبد الهادي ص .232
62
المبحث األول :الصورة الشعرية في القصيدة
1
-لسان العرب ،ابن منظور ،ص.2523
2
-موسوعة علوم اللغة العربية ،ايميل بديع يعقوب ،الجزء ،6ص.159
3
-أصول النقد األدبي ،أحمد شايب ،مكتبة النهضة المصري ،ط1994 ،10م ،ص.249
4
-الحيوان ،أبو عثمان عمرو بن بحر الجاحظ ،تح :عبد السالم هارون ،مطبعة مصطفى البابي الحلبي وأوالده
بمصر ،ط1384( ،2هـ 1965 -م) ،ج ،3ص.131
5
-الصورة الشعرية في النقد العربي الحديث ،بشرى موسى صالح ،المركز الثقافي العربي ،بيروت ،ط1994 ،1م،
ص.21
63
هذا واضحا حين اعتبر الجاحظ البيتين الذين استجادهما أبو عمرو الشيباني خارج نطاق الشعر بل
اعتبر أن الذي قالهما ال يقول الشعر أبدا وال أحدا من أقاربه وهذان البيتان هما:
الرجال
فإنما الموت سؤال ِّ ال تحسبن الموت موت البلى
1
أفظع من ذاك لذ ِّل السؤال كالهما موت ولكن ذا
فهذان البيتان مع عمق معناهما إال أنهما يخلوان من جميع أنواع الصور الشعرية ،إلى جانب
بساطتهما وخلوهما من الخيال والتشبيه واالستعارة والكناية ،فال يحويان سوى المعنى والجرس
الموسيقي ،ونجد في هذا الجانب الناقد الكبير عبد القاهر الجرجاني يجعل الشعر كله ما كان
بالتصوير ودقة األلفاظ فيقول« :ومعلوم أن سبيل الكالم سبيل التصوير والصياغة وأن سبيل الشيء
الذي يقع التصوير والصوغ فيه» 2فهو يرى أن الشعر العربي يتميز من جانب ألفاظه وحسن تنسيقها
وتصويرها بأبلغ الصور.
للصورة الشعرية أهمية بالغة في الشعر فهي تعتبر أحد طرق التعبير ووجه من أوجه الداللة،
وتعطي للمعنى خصوصية وتأثي ار فهي ال تغير المعنى في حد ذاته لكنها تغيره من طريقة عرضه
وكيفية تقديمه وتزيد المعنى حسنا وزينة ،ولهذا السبب فقد أجمع علماء اللغة على أهمية المجاز
وأجمعوا على أنه يفيد ماال تفيده الحقيقة ولوال ذلك لكانت الحقيقة أولى منه واعتبر بعضهم أن
االستعارة أحد أعمدة الكالم ،3فالشعر الذي يخلو من االستعارة يكون جافا ال يؤثر في أذن السامع فال
يكون فيه من البالغة شيء وقال الشريف المرتضى في ذلك« :إن الكالم متى خال من االستعارة
وجرى كله على الحقيقة كان بعيدا عن الفصاحة بريئا من البالغة» ،4فالشعر هو ما كان منسوجا من
الخيال واستعملت فيه األلفاظ على غير االستعمال الذي تألفه العوام واال لما كان هناك فرق بين
الشعر الفصيح وكالم العامة الذي يتسم بالبساطة ،واعتبر بعض الدارسين أن «الشعر خرق للنظام
المألوف للغة واعادة كتابتها ضمن منهجية متميزة تحقق مردودا نفسيا بوتائر عالية عند الملتقى...
لذلك يكون التعبير بالصورة الشعرية نوعا من االرتقاء باللغة في مدارج الخيال لالستحواذ على
1
-ينظر :الحيوان ،الجاحظ ،الجزء ،3ص.131
2
-دالئل اإلعجاز ،أبو بكر عبد القاهر الجرجاني ،ص.254
3
-ينظر :الصورة الفنية في التراث النقدي والبالغي عند العرب ،جبر عصفور ،المركز الثقافي العربي ،بيروت،
ط1992 ،3م ،ص 323و .324
4
-المرجع نفسه ،ص.324
64
انفعاالت الملتقى» .1وتكمن أهمية الصورة الشعرية في كونها تحل محل مجموعة من العبارات الحرفية
التي تتساوى معها في الداللة لكن خصوصية الصورة الشعرية تتجلى في كونها ال تقود إلى الغرض
المطلوب مباشرة وانما تنحرف به عن هذا الغرض وتحاوره وتداوره فتبرز له جانبا من المعاني وتخفي
له جانبا خر حتى يثار شوقه وفضوله فيبقى متأمال في الصورة الشعرية واستنباطها فينكشف له حينئذ
المعنى الخفي منها فتلقي في هذه العملية نوعا من الدهشة السارة والمفاجئة الممتعة وقد عبر الفخر
الرازي عن هذا بـ ـ الدغدغة النفسانية.2
تعتمد الصورة الشعرية على الخيال المتوقد في ذهن الشاعر فهي «مرتبطة بالمعاني اللغوية
لأللفاظ وبجرسها الموسيقي ومعانيها المجازية وحسن تأليفها» 3وتشمل الصورة الشعرية في ألفاظها كال
من التشبيه والمجاز والكناية ،وقصيدة الفرزدق 'أنا ابن العاصمين' من القصائد التي حوت جميع
أشكال البيان وبلغت أعلى ذروة الفصاحة وقد وردت فيها الصور الشعرية بمختلف أشكالها ونحن في
هذا المبحث سندرس هذه القصيدة من خالل ثالثة أشكال من أشكال الصورة الشعرية وهي التشبيه
والمجاز والكناية.
أ -التشبيه:
يعرف التشبيه على أنه «إلحاق أمر بأمر خر في صفة أو أكثر بأداة من أدوات التشبيه
ملفوظة أو ملحوظة» ،4ويكون التشبيه هنا في ماال يقبله العقل حقيقة فهو صورة من الصور الخيالية
التي يدخلها المتكلم لعالم الواقع فلو قلت مثال (زيد أسد) فالعقل ال يبقل مشابهة زيد لألسد في جوهره
وانما المشابهة هنا في صفات األسد وهي القوة والشجاعة لذلك فالتشبيه يزيد في البيان من قوة
المشابهة في المعنى مع البالغة واإليجاز فإن (زيد أسد) أبلغ وأفصح وأكثر إيجا از من (زيد قوي
وشجاع).5
1
-الصورة الشعرية عند خليل حاوي ،هدية جمعة البيطار ،دار الكتب الوطنية ،أبو ظبي ،ط2010 ،1م ،ص.20
2
-ينظر :الصورة الفنية ،جابر عصفور ،ص.326
3
-أصول النقد األدبي ،أحمد الشايب ،ص.244
4
-مدخل إلى البالغة العربية ،يوسف مسلم أبو العدوس ،ص.144
5
-ينظر :الجامع الكبير في صناعة المنظوم من الكالم المنثور ،ضياء الدين ابن األثير الجزري ،تح مصطفى جواد
وجميل سعيد د/ط (1956م1375/ه) ص.91
65
وقد ورد التشبيه في قصيدة "أنا ابن العاصمين" في مواطن عديدة وبأغراض كثيرة مختلفة إال أنه يبدو
أن الفرزدق ركز في تشبيهه على غرضين أساسيين هما محور قصيدته وهما :االفتخار بآبائه وأجداده
والثاني :هجاء جرير وقومه.
أما عن االفتخار فيتجلى بوضوح في أوائل القصيدة فمن ذالك:
قوله" :يردون الحلوم إلى جبال" البيت .9وهذ من التشبيه البليغ وهو ما حذفت فيه األداة ووجه
الشبه ،1فشبه الفرزدق حلم بائه بالجبال ووجه الشبه هو العلو والرفعة ،والمعنى أن بائه يتصفون
بالحلم بمنزلة عالية وقدر رفيع ثم يعطف على هذا فيقول" :وان شاغبتهم وجدوا شعابا" أي إذا جاء من
يريد إثارتهم فإنهم يثيرون.
وقوله" :بنو شمس النهار" البيت ،.12وهو كذلك تشبيه بليغ فشبه باءه وأجداده بالشمس في النهار
والجامع هو اإلضاءة وشدة الحر ويقصد بذلك أنهم كضوء الشمس بين غيرهم ،وأنهم أشداء البأس في
المعرك والحروب.
وقوله" :ملوك يبتنون" البيت3؛ وهو من التشبيه البليغ فشبه باءه بالملوك على األسرة ووجه الشبه هو
رفعتهم وعلو مكانتهم وأن لهم السلطان والعز وغيرهم كالخدم لهم.
فنرى من هذه الصور أن الفرزدق يغالي في مدح بائه وأجداده فاستعمل خياله وجعلهم كالجبال
وكالشمس وكالملوك فأضاف بذلك إلى قصيدته نوعا من السحر والبيان حتى يخيل إلى قارئها أنهم
كذلك.
وتعيير له به
ا ومن وجه خر فقد استعمل الفرزدق التشبيه في هجائه لخصمه جرير وقومه تنكيال له
ومن ذلك قوله فيه :
كأم حلس) البيت21؛ شبه جري ار بأم حلس وهي كنية عن األتان وهذا من التشبيه المرسل
(وكان ِّ
المجمل وهو ما ذكرت فيه األداة وحذف منه وجه الشبه 2وهو "البالدة" ،فبالغ الفرزدق في هذه الصورة
من جعله جري ار شبيها باألتان وهي أنثى الحمار مشي ار بذلك إلى بالدته وغبائه حتى أنه من لم يكن
يعرف جري ار لظنه على هذا القدر من التسفل.
وقوله" :كليب دمنة خبثت وقلت" البيت45؛ عير في هذا البيت الفرزدق جد جرير وهو كليب فشبه
كليبا ِّ
بالدمنة وهي البعرة تقول دمنت الشاة المكان إذا بعرت فيه وبالت ،3وفي هذا غاية التنكيل بجرير
فشبه الفرزدق جد جرير -كليب بن يربوع -وهو الجد الخامس لجرير ببعرة خبيثة الرائحة يشمئز منها
كل من يراها وهذا من التشبيه البليغ.
1
-ينظر :مدخل إلى البالغة العربية ،يوف مسلم أبو العدوس ،ص.145
2
-ينظر :المرجع نفسه ،ص.145
3
-ينظر :لسان العرب ،ابن منظور ،ص.1427
66
ومن التشبيه كذلك قول الفرزدق:
كأهل النار إذ وجدوا العذابا فإنك من هجاء بني نمير
1
وقد كان الصديد لـهم شرابا رجوا من حِّرها أن يستريحوا
هذان البيتان هما محور القصيدة ولبها ،بل إن ما تقدمهما من األبيات ما هو إال توطئة لهما ،وذلك
ألن أصل إنشاء الفرزدق لهذه القصيدة هو رده على هجاء جرير للراعي النميري ،فرد عليه هجاءه
بهذه الصورة البالغية الرائعة ،فشبه جري ار وهجاءه الذي هجا به الراعي بأهل النار يوم القيامة ،فهم
يحاولون النجاة من عذابها ويبحثون عما يبردون به حرها ،ال يجدون أمامهم سقاء غير الصديد وال ثم ار
غير الزقوم ،وهذا التشبيه مرسل مفصل وهو ما ذكرت فيه األداة مع وجه الشبه ،2ولم يستعل الفرزدق
هذا النوع من التشبيه في غير هذ الموضع وهذا لزيادة انتباه السامع فهذا هو لب الكالم .ومن هنا نعلم
أن الفرزدق قد استعان بصورة التشبيه في توضيح أغراضه في القصيدة سواء في االفتخار أن الهجاء
وهذا ديدنه في جميع أغلب قصائده.
ب -المجاز:
يعرف البالغيون المجاز على أنه كل لفظ «أريد به غير المعنى الموضوع له في أصل اللغة
اتساعا وقيل هو ما نقل عن موضوعه األصلي إلى غيره بسبب مشابهة بين محل الحقيقة ومحله في
أمر مشهور» 3وينقسم المجاز إلى قسمين بحسب العالقة بين المعنى الحقيقي والمعنى المجازي فإن
كانت العالقة بينها المشابهة فهو استعارة وان كان غير ذلك فهو مجاز مرسل ،4وسيأتي بيان ذلك:
-1المجاز المرسل:
وهو «لفظة استعملت في غير معناها األصلي لعالقة غير المشابهة مع قرينة مانعة من إرادة
المعنى األصلي» 5وللمجاز المرسل عالقات كثيرة يطول بنا ذكرها ،وقد استعمل الفرزدق المجاز
المرسل في قصيدته بكثرة بعالقات مختلفة نذكر بعضها في هذا المقام وهي قوله:
6
الرقابا
خشوعا خاضعين له ِّ من المستأذنين ترى معدا
ففي البيت مجازان أولهما قوله( :ترى معدا) فمعد هو معد بن عدنان ويقصده به جميع قبائل العرب
وهذا ليس على حقيقته وانما مراده األفراد الذين يسكنون في قبائل العرب فالعالقة هنا بين المعنى
1
-ديوان الفرزدق ،ص.94
2
-ينظر :مدخل إلى اللغة العربية ،يوسف مسلم أبو العدوس ص.145
3
-الجامع الكبير في صناعة المنظوم من الكالم النثور ،ابن األثير ص.28
4
-ينظر :جواهر البالغة ،أحمد الهاشمي ،ص.251
5
-مدخل إلى البلغة العربية ،يوسف مسلم أبو العدوس ،ص.174
6
-ديوان الفرزدق ،ص.91
67
الحقيقي والمجازي عالقة محلية «وهي تسمية الشيء باسم محله» 1وقد أكثر الفرزدق من استعمال
المجاز بهذه العالقة فمنها قوله( :وتأبى دارم لي أن أعابا) فذكر دارما أي قبيلته ومراده أفراد قبيلته
فالعالقة هنا محلية وأتى الفرزدق بهذه الصورة للتفخيم من شأنه وعزته في قبيلته وأن قومه ذو أنفة ال
يرضون أن يذل فرد منهم .ومنها قوله( :فإن تك عامر أثرت وطابت) البيت .38فعامر بن صعصعة
من أجداد بني نمير ومراده قبيلة بني نمير فاستعمل اللفظ على غير حقيقته فهي عالقة محلية
والفرزدق في هذه الصورة يفاخر بني نمير وأنهم أثروا وسعدوا خالفا لبني كليب الذين كان لهم الخزي.
وأما المجاز الثاني الذي في البيت فهو (خاضعين له الرقابا) أي يحنون رقابهم له وهذا مجاز فحقيقة
االنحناء يكون للرأس وللرقبة معا فأسند االنحناء إلى جزء واحد وهو الرقبة فالعالقة هنا عالقة جزئية
ويقصد بها «تسمية الشيء باسم أجزائه بحيث يستعملون اللفظ الدال على جزء الشيء ويريدون كله»،2
وقد أتى الفرزدق بهذه الصورة في معرض التصغير من شأن العرب أمامه وأمام قومه.
ومن المجاز المرسل قوله" :فلم يبرح بها حتى احتواهم" البيت ،.54أي احتوى بعضهم فأشار إلى
الكل وأراد به البعض فالعالقة هنا عالقة كلية وهي «تسمية الشيء باسم كله بحيث يستعمل اللفظ
الدال على الكل ويراد جزء منه» ،3وهذ المجاز ورد في القصيدة أكثر من مرة منها قوله( :سما برجال
تغلب من بعيد) البيت ،51فأشار إلى رجال تغلب أي جميعهم وليس ذلك على حقيقته وانما سما
ببعضهم فأشار إلى الكل للداللة على كثرتهم فالعالقة يبن المعنى الحقيقي والمعنى المجازي عالقة
كلية.
ومن صور المجاز المرسل في القصيدة قوله:
4
مخازي ال يبتن على إرابا لقد ترك الـهذيل لكم قديما
فالهذيل هو هذيل بن هبيرة التغلبي أغار على قوم جرير بني يربوع قديما ،5فذكر الفرزدق أن الهذيل
ترك لهم في أراضيهم الخزي وليس ذلك على حقيقته وانما ترك لهم سبب الخزي وهو القتل والتنكيل
فالعالقة المجازية هنا عالقة مسببية ويقصد بها «تسمية الشيء باسم نتيجته أو ما يتسبب عنه
فيستعملون اللفظ الدال على المسبب أي النتيجة ويريدون السبب» 6وجاء الفرزدق بهذه الصورة للتعيير
ببني يربوع في أيامهم مع بني تغلب.
1
-مدخل إلى البالغة العربية ،يوسف مسلم أبو العدوس ،ص.178
2
-المرجع نفسه ،ص .177
3
-المرجع نفسه ،ص.175
4
-ديوان الفرزدق ،ص.95
5
-ينظر :شرح ديون الفرزدق ،ايليا الحاوي ،دار الكتب اللبناني ،ط1983 ،1م ،ج ،1ص.172
6
-مدخل إلى البالغة العربية ،يوسف مسلم أبو العدوس ،ص.175
68
-2االستعارة:
وهي أحد أنواع المجاز وتختلف عن المجاز المرسل في كونها «تشبيه حذف أحد طرفيه أو
انتقال كلمة من بيئة لغوية إلى بيئة لغوية أخرى وعالقتها المشابهة دائما» ،1وتنقسم االستعارة إلى
ضربين استعارة مكنية وهي ما حذف منها المشبه به وذكر فيها المشبه ،واستعارة تصريحية وهي
عكس ذلك بأن يحذف المشبه ويذكر فيها المشبه به ،2وتعتبر االستعارة من الصور البيانية التي تزيد
المعنى بالغة ووضوحا وقد استعملها الفرزدق في أكثر من موضع سنذكر بعضها وهي:
قوله في أول بيت (إذا ما أعظم الحدثان نابا) أي نزل فهذه استعارة مكنية ألن المعروف أن الحدثان
وهي خطوب الدهر ال تنزل إنما ينزل هو ما كان جرما كالمطر فشبه الفرزدق خطوب الدهر بالمطر
وحذف المشبه به وأبقى على شيء من لوازمه وهو النوب أي النزول على سبيل االستعارة المكنية،
ولعلنا نالحظ بالغة أسلوب الفرزدق في هذا البيت فجعلنا نتصور نزول الحدثان كاألمطار الغزيرة
التي ال توقف لها ،و باؤه مع ذلك يعصمون بني تميم عن الخضوع لها.
ومنها قوله( :رأيت مهابة وأسود غاب) فمهابة كناية وسيأتي لنا الحديث عليها وقوله أسود غاب يشبه
باءه بأسود الغاب بجامع القوة والشجاعة فحذف المشبه وهو باؤه وأبقى على شيء من لوازمه وهو
الرؤية على سبيل االستعارة التصريحية وهو بهذه الصورة التخيلية يزيد من تعظيم بائه واالفتخار بهم
فتجاوز بهم من التشبيه إلى تصويرهم بصورة المشبه به فجعلهم أسودا ال كاألسود .ومن االستعارة
كذلك قوله:
3
كذاك الليث يلتهم الذبابا ذباب طار في لـهوات ليث
ففي هذا البيت استعارتان هما :األولى تشبيهيه قوم جرير بالذباب الذي يلتهمه الليث فحذف المشبه و
هو قوم جرير وأبقى على شيء من لوازمه يدل عليه ما سبق من هجائه جرير على سبيل االستعارة
التصريحية ،والثانية تشبيهه قومه بالليث الذي يلتهم الذباب فحذف المشبه وهم قومه وأبقى على شيء
من لوازمه على سبيل االستعارة التصريحية ،وفي هذا البيت أعطى الفرزدق صورة بالغية رائعة تجمع
بين الفخر والهجاء وهي الليث الضخم الذي يلتهم الذباب المتناثر دون أية مشقة ودون أن يجد الذباب
له أي مهرب فكان جري ار وقومه هم ذلك الذباب الصغير والفرزدق وقوه هم ذلك الليث الضخم.
ومن االستعارة كذلك قوله:
4
و خر قد قذفت له شهابا فكم من خائف لي لم أضره
1
-المرجع السابق ،ص.186
2
-ينظر :مدخل إلى البالغة العربية ،يوسف مسلم أبو العدوس ،ص186و .188
3
-ديوان الفرزدق ،ص.93
4
-المصدر نفسه ،ص.96
69
فقوله ( :قذفت له شهابا) استعارة تصريحية شبه فيها الفرزدق شعره بالشهاب فحذف المشبه وهو
الشعر وأبقى على شيء من لوازمه ،وفي هذه الصورة يمدح الفرزدق قصيدته هذه "أنا ابن العاصمين"
ويجعلها كالشهاب الذي ما اقترب منه شيء إال احترق واختص بهذا االحتراق جريرا ،وأنها كالدامغة
لما يقوله جري ار من الهجاء.
وقد جاء من صور االستعارة والمجاز المرسل غير ما ذكرته اآلن ما يطول بنا المقام إن
بسطنا فيه القول وسنكتفي من هذه الصور فيما ذكرنا فنالحظ أن الفرزدق كان مبدعا مفنا بلغ في
التصور الشعري أعلى درجاته وهذا دليل براعته وقدرته.
ج -الكناية:
والكناية كما عرفها البالغيون هي كل « لفظ أطلق وأريد به الزم معناه مع قرينه ال تمنع من
إرادة المعنى األصلي نحو "زيد طويل النجاد" تريد بهذا التركيب أنه شجاع عظيم» 1وجاءت صور
الكناية في قصيدة "أنا ابن العاصمين" في مواضع كثيرة جدا حتى انه ال يخلو بيتان أو ثالثة من أن
ترد فيهما كناية واحدة على األقل وسنذكر بعضها وما يثير انتباه القارئ منها وهي :قوله في أول بيت
(أنا ابن العاصمين بني تميم) فكنى عن بائه وأجداده بصفة العاصمين ،ويصنف البالغيون هذه
الكناية من جانب الكناية عن الموصوف وهي التي تكون بأن «تذكر الصفة ويستر الموصوف مع أنه
المقصود والصفة هي الالزم من الموصوف ومنها تنتقل إليه» 2مثل "جاء الكريم" تقصد به زيدا و"رأيت
الخبيث" أي عم ار ،ومنها ما جاءنا في هذا البيت فقد ذكر الصفة التي يتمتع به باؤه وهي العصمة من
خطوب الدهر واستغنى بها عن ذكرهم فنسب الفرزدق نفسه إلى العصمة كأنها هي التي ولدته وهذا
من أبلغ االفتخار في هذه القصيدة.
ومن الكناية قوله:
3
أغر ترى لقبته حجابا نما في كل أصيد دارمي
ففي هذا البيت ثالث كنايات :أولها (كل أصيد) وهذه كناية عن موصوف ،فاألصيد صفة للذي ال
يستطيع االلتفات ورائه يقال ملك أصيد أي ال يلتفت و ارءه فليس جبانا وكذلك تعني الذي يرفع رأسه
كب ار ،4فكنى الفرزدق بهذه الصفة عن بائه في معرض االفتخار.
1
-جواهر البالغة ،أحد الهاشمي ،ص.287
2
-مدخل إلى البالغة العربية ،يوسف مسلم أبو العدوس ،ص.214
3
-ديوان الفرزدق ،ص.91
4
-ينظر :لسان العرب ،ابن منظور ،ص.2534
70
1
الثانية( :أغر) وهي كذلك كناية عن موصوف والغرة في اللسان ،أصلها البياض في جبهة الفرس
فجعل أباءه غرة بني تميم فهم متميزون عنهم بأنه حماة له عصمة ألمرهم.
أما الثالثة (ترى لقبته حجابا) فهذه كناية عن صفة «وهي التي يطلب بها نفس الصفة والمراد بالصفة
هنا الصفة المعنوية كالكرم والشجاعة ..وفي هذا النوع من الكناية يذكر الموصوف وتستر الصفة مع
أنها هي المقصودة» ،2وهنا كنى بالقبة التي لها من الرفعة والعظمة والسؤدد الذي يتصف به باؤه فهم
يتخذون القباب هي الخيم العالية لها حجاب فال يدخل لها إال من يرضون رؤيته.
فنرى في هذا البيت كيف أن الصور البالغية الثالثة استعان بها الفرزدق في بناء سلم من االفتخار
بآبائه وهو قد نما ونشأ في من لهم الرفعة والسؤدد.
فقوله "ضمرة" اسم علم وهو ضمرة بن ضمرة بن ضمرة بن جابر من بني دارم ،والمجبر كناية عن
موصوف وهو سلمى بن جندل من بني دارم ،سمي بالمجبر ألنه جبر قومه عندما أصابتهم سنة.
وذو القوس كنى به عن موصوف ،وهو حاجب بن ز اررة من بني دارم كني بذي القوس ألنه كان قد
رهن قوسه كسرى عن العرب فوفى له بما ضمن له.4
فقوله( :الظربى عليها فراء اللوم) كناية عن موصوف وهو جرير وقومه فكناهم بالظربى التي تحمل
على ظهرها فراء اللؤم وهي حيوان بحجم الهر كريه الرائحة.6
و(أربابا غضابا) كناية عن موصوف وهم باء الفرزدق فهم أسياد عظام وقوم جرير ظربان منتنة
الرائحة فكيف يتخاطبون؟
1
-ينظر المصدر السابق ،ص.3234
2
-مدخل إلى البالغة العربية ،يوسف مسلم أبو العدوس ،ص.212
3
-ديوان الفرزدق،ص.92
4
-ينظر :نقائض جرير والفرزدق ،أبو عبيدة بن المثنى ،الجزء األول ،ص.331
5
-ديوان الفرزدق ،ص.92
6
-ينظر :شرح ديوان الفرزدق ،إيليا الحاوي،ج ،1ص.168
71
ومن صور الكناية قوله:
1
الرغابا
بعانتك اللهاميم ِّ أتطلب يا حمار بني كليب
فقوله( :يا حمار) كناية عن موصوف وهو جرير ،وهذا فيه غاية التحقير واإلهانة إذ لم يشبه الفرزدق
جري ار بالحمار بل اعتبره عين الحمار .وقوله( :أربابا غضابا) كناية عن موصوف وهم باء الفرزدق
وأجداده واللهاميم الرغاب هم األسياد العظام.
هذا البيت كله كناية عن صفة ،وصف بها الفرزدق كليب ،وهم قوم جرير ،وهي الضعف والمذلة
وخوف مواجهة أبسط الناس ،حتى أنهم ليحسبون أن كل الناس يبغضونهم.
من خالل هذه الصور التي تعرضنا لها في هذا المبحث ،نجد أن الفرزدق قد اعتمد في بناء
قصيدته أنا "ابن العاصمين" على مختلف الصور الشعرية التي منشؤها الخيال ،فنراه في مدحه
وافتخاره ينسب نفسه إلى العصمة ويعتبر باءه وأجداده أسود الغاب ،بل وهم جميعا جاؤوا من الشمس
في شدة حرها ،وفي مقابل هذا فهو يهجو جري ار وقومه ،فيتخيلهم ظربانا وتارة حميرا ،فكل هذه الصور
مع أنها منشأها الخيال المحض إال أنها ساهمت بشكل كبير في بيان الغرض البالغي من هذه
القصيدة فجاءت قصيدته من أبلغ القصائد التي قالتها العرب.
1
-ديوان الفرزدق ،ص.92
2
-المصدر نفسه ،ص.95
72
المبحث الثاني :الحقول الداللية لأللفاظ.
علم الداللة هو علم يهتم بالمعاني فهو يدرس الكلمات وما تؤديه من معنى داخل السياق و
هو باإلضافة إلى ذلك يدرس الكلمات و عالقة بعضها ببعض و ما منها يعطي نفس الداللة و االتفاق
في المعنى و هو ما يصطلح عليه الدارسون بالحقول الداللية للكلمات ،ونظرية الحقول الداللية نظرية
حديثة ظهرت في العشرينيات أو الثالثينيات من القرن 20على أيدي علماء سويسريين وألمان ،1حيث
تقوم هذه النظرية على أساس تنظيم «مجموعة من الكلمات التي ترتبط دالالتها ضمن مفهوم محدد
من ذلك مثال حقل الكلمات التي تدل على الحيوانات األليفة أو المتوحشة و حقل الكلمات التي تدل
على السكن أو التي تدل على االلوان أو القرابة أو أي قطاع من المادة اللغوية يعبر عن مجال معين
من الخبرة و االختصاص» 2و مثال ذلك الكلمات التالية (بيت ،أسد ،نبات ،نمر ،حائط ،زهرة،
نرجس ،سقف ،تمساح ،ذئب ،ورقة ،باب) فهذه الكلمات يمكننا أن نصنفها عبر ثالث حقول و هي:
الحقل الدال على الحيوانات المتوحشة (أسد ،نمر ،تمساح ،ذئب) ،الحقل الدال على النبات (نبات،
زهرة ،نرجس ،ورقة) ،الحقل الدال على السكن (بيت ،حائط ،سقف ،باب) و من هذا فكل كلمة لها
داللة تنتمي إلى حقل معين و تشترك الكلمات التي ضمن الحقل الواحد في الداللة األصلية لهذا الحقل
فكلمتي "أسد" و "نمر" مع اختالفهما حسا و معنا إال أنهما يشتركان في كونهما حيوانا متوحشا ،لذا فقد
اعتبر بعض الدارسين أن نظرية الحقول الداللية «و طرق التحليل العلمي التي تقدمها في مجال
الدراسات الداللية تقدم للمعجمي وغيره من المهتمين بدراسة الداللة مساعدات كبيرة سواء في بناء
المعجم أو في الدراسات الداللية بشكل عام» 3و تعتمد نظرية الحقول الداللية في تصنيفها للكلمات
على مجموعة من المبادئ و هي - :كل كلمة يجب أن تنتمي الى حقل معين.
-ال يمكن لكلمة تكون عضوا في أكثر من حقل.
-ال يصح إغفال السياق التي ترد منه الكلمة.
4
-استحالة دراسة المفردات مستقلة عن التركيب النحوي.
و في دراستنا للحقول الداللية في قصيدة "أنا ابن العاصمين" نجد أن الفرزدق ركز في قصيدته على
ثالثة محاور و هي الفخر و الهجاء و المدح ،فجاء في كل محور من هذه المحاور بألفاظ يعبر بها
عنه ،ولذا فقد قسمت الحقول الداللية في هذه القصيدة إلى ثالثة أقسام:
1
-ينظر :علم الداللة ،أحمد مختار عمر ،،مكتبة لسان العرب ،ط1998 ،5م ،ص.82
2
-مبادئ في اللسانيات ،أحمد محمد قدور ،ص.362
3
-الكلمة دراسة لغوية معجمية ،حلمي خليل ،دار المعرفة الجامعية ،ط1998 ،2م ،ص.154
4
-ينظر :علم الداللة ،أحمد مختار عمر ،ص.82
73
-حقل االلفاظ الدالة على الفخر.
-حقل االلفاظ الدالة على الهجاء.
-حقل االلفاظ الدالة على المدح.
1
-الفخر في الشعر العربي ،سراج الدين محمد ،دار الراتب الجامعية بيروت ،د/ط ،د/ت ,ص.5
2
-ديوان الفرزدق ،ص.91
74
بعينيك مااستطعت لهم خطابا أولئك وعير أ ِّمك لو تراهـم
وتـ ـاج الملـ ـك يلت ـهـ ـب الت ـهـ ـاب ـا أري ـت مه ـاب ـة وأسـود غ ـاب
1
إذا انجاب ـت دج ـنـ ـتـ ـه انجـ ـيـ ـابـ ـا بنو شمس النهار وك ِّل بدر
إلى غير ذلك في ما يقارب خمسة عشر بيتا في مطلع القصيدة ،و العجيب في األمر أن الفرزدق في
جميع هذه األبيات التي افتتح بها القصيدة لم يذكر نفسه بمفخرة سوى االنتساب إلى هؤالء العظماء و
كونه ابنا لهم كأنه يعتبر السيدة و الفخر هي االنتساب لهم فقط.
ومن أساليب الفخر التي اعتمدها الفرزدق في هذه القصيدة هي افتخاره بشعره و بكالمه و أنه
ليس له نظير يعدله و ال أحد يستطيع أن يصمد أمامه و جعله كالبحر المصطخب الذي إذا ركبه
أمهر الرجال يغلبه فقال:
إذا بحري أريت له اضطرابا أتعدل حومتي ببني كليـب
2
ول ـو لقمـ ـان س ـاوره ـا ل ـهـ ـابـ ـا تروم لتركب الصعداء منه
إذا بح ـري أري ـت ل ـه عب ـاب ـا و يقول أيضا :بأيـ ـة زنمتي ـك تن ـال قوم ـي
وطود الخيف إذ مأل الجنابا ترى أمواجه كجبال لبنى
3
حس ـب ـت علي ـه حـ ـرات والب ـا إذا جاشت ذراه بجنح ليل
ففي هذه األبيات الثالث يشير الفرزدق إلى أن شعره كالبحر الذي يرتفع عند اصطخابه فيصير
كالجبال في العلو ،حتى أن الذي يراه في الليلة المقمرة يحسبه يحمل على أمواجه الحصى و الحجارة
لشدة قوته .4واختتم الفرزدق قصيدته "أنا ابن العاصمين" باالفتخار بها فجعلها كالدامعة لما يقوله جري ار
فصورها لنا كالشهاب الذي ترجم به الشياطين و مقصده بذلك جري ار ،و جعلها في نظمها كالغرة في
وجه الفرس بل كشمس النهار إلى ما تفتأ أن تطلع إال وتضيء الكون كله بفصاحتها ،فانظر إلى
و خ ـر قـ ـد ق ـذف ـ ـت ل ـه شه ـابـ ـا فك ـم من خائـ ـف لي لم أضـ ـره قوله:
طوالـ ـع ال تطيـ ـق له ـا جوابـ ـا وغـ ـر قـ ـ ـد ن ـس ـقـ ـ ـت مش ـه ـ ـ ـرات
5
ومسقط قرنها من حيث غابا بلغن الشمس حيث تكون شرقا
1
-المصدر السابق ،ص.92
2
-المصدر نفسه ،ص.93
3
-المصدر نفسه ،ص.94
4
-ينظر :شرح ديوان الفرزدق ،،إيليا الحاوي،ج 1ص.170
5
-ديوان الفرزدق ،ص.96
75
ثانيا :حقل األلفاظ الدالة على الهجاء:
الهجاء هو «فن من فنون الشعر الغنائي يعبر به الشاعر عن عاطفة الغضب أو االحتقار أو
االستهزاء ،و يمكن أن نسميه فن الشتم و السب فهو نقيض المدح ،ففي القصيدة الهجائية نجد نقائض
الفضائل التي يتغنى بها المدح فالغدر ضد الوفاء و البخل ضد الجود و الكذب ضد الصدق و الجبن
ضد الشجاعة و الجهل ضد العلم ،و أبلغ أنواع الهجاء ما يمس المزايا النفسية كأن يصف الشاعر
خصمه بالجبن و البخل و الكذب» ،1وللهجاء ثالثة أنواع:
.1هجاء فردي :يهجوا فيه الشاعر شخصا بذاته.
.2هجاء جماعي :يهجو فيه الشاعر جماعة معينة.
.3هجاء خلقي :يتناول فيه الشاعر العيوب األخالقية للمهجو كالبخل و الكذب.
.4هجاء خلقي :يتناول فيه الشاعر العيوب الخلقية كالعور والبشم.2
و الفرزدق معروف في شعره بكثرة الهجاء و قوته حتى أن الناس كانوا يتجنبونه خوفا من لسانه ،و قد
جعل الفرزدق في قصيدته "أنا ابن العاصمين" للهجاء حظا كبي ار إال انه ال يوازي حظ الفخر منها ،و
سلط الفرزدق هجاءه هنا على شخص واحد و مجتمع واحد من خالل ذلك الشخص أال و هو جرير و
قومه بنو كليب ،و لعل السبب في هذا واضح جلي وهو رده بهذه القصيدة هجاء جرير للراعي إضافة
الى الخصومة المستمرة بين الشاعرين كما تقدم.
أما بالنسبة لأللفاظ التي تنتمي إلى حقل الهجاء المذكورة في القصيدة فسنذكرها بعضها و هي:
"الظربى ،فراء اللؤم ،لست بنائل قمر الثريا ،حمار بني كليب ،عانتك ،السبابا ،قبح شر ،اعترفوا ذنابا،
لم ترث الفوارس ،طاح ابن المراغة ،أسلمهم ،كان كأم حلس ،أقرت بعد نزوتها ،كرهوا النصابا ،ذباب
طار ،يلتهم الذباب ،العصرات ،اغتصاب هاب ،زنمتيك ،أهل النار ،وجدوا العذاب ،الصديد لهم
شارب ،ما أثرى أبوك ،كليب دمنة خبيث ،مخازي اللؤم ،خواق حياضهن يسيل ،ألقين الثيابا ،أجزره
الثعالب".
فهذه األلفاظ الهجائية اعتمدها الفرزدق في القصيدة كلها بهدف التنقيص من قدر خصمه
جرير ،و المالحظ في هذه األلفاظ الهجائية يرى قبحها و بذائتها في اللسان فهو الحتقاره جرير تجده
يصفه في أبشع الصور و من ذلك قوله:
بعانتك اللهاميم الرغابا أتطلب يا حمار بني كليب
3
وتعدل بالمفقئة السبابا وتعدل دارما ببني كليب
1
-الهجاء في الشعر العربي ،سراج الدين محمد ،دار الراتب الجامعي ،بيروت ،د/ط ،د/ت ،ص.6
2
-ينظر :المصدر نفسه ،ص.7
3
-ديوان الفرزدق ،ص.92
76
1
أقرت بعد نزوتها فغابا وأسلمهم وكان كأ ِّم حلس و قوله:
كذاك الليث يلتهم الذبابا ذباب طار في لهوات ليث و قوله:
2
أبى لعداته إال اغتصابا هزبر يرفت القصرات رفتا
ففي كل هذه األبيات نجد الفرزدق يصور لنا جري ار في أبخس صورة و أكثرها احتقا ار ،فتارة
يجعله حما ار و قومه مجموعة من الحمير الوحشية يرجون الوصول إلى درجة اللهاميم الرغاب و هم
السادة العظماء ،3و تارة يجعله كاألتان التي تسكن في شهوتها ،وتارة يجعله كالذباب الذي يقف في
ير بهذه الصور بل جعل
وجه الليث ،فما كان لليث إال أن يلتهمه ،و لم يكتف الفرزدق أن صور جر ا
قومه بني كليب أذل و أحقر بني يربوع و ذلك في قوله:
4
والشبثا ورثت وال كالبا ولم ترث الفوارس من عبيد
و عبيد وشبث و كالب قبائل من بني يربوع فهم إن كانوا فوارس فإن كليبا لم تأخذ من
الفروسية شيئا ،5و ما هذا إال مزيد تحقير لهم.
و من صور الهجاء في القصيدة تعيير جرير بأيام قومه مع بني ثعلب حين هزمهم الهذيل و
استولى على ديارهم و أموالهم يقول الفرزدق:
6
م ـخـازي ال يـبـتـن عـلى إ اربـا لقـد تـرك الهـذيـل لكـم قـديما
7
وحــل له الت ـراب بهــا وطـابـا فـلم يـبـرح بهـا حـتـى احتواهم و قال:
ثم هجا نساء بني كليب أبشع هجاء ،فوصفهن في ذلك اليوم عندما تخلى عنهن أزواجهن،
ومن شدة إسراعهن في المشي كان دم الحيض ينزل منهن بكثرة ،حتى أن ال أري يحسبه خضاب
يخضبن به أنفسهن فقال:
ب ـعــولتـ ـهـ ـ ـن ت ـ ـب ـ ـتـ ـ ـدر الش ــع ــابـ ـا نـ ـس ــاء ك ــن ي ــوم إراب خــلت
8
عـلى األعـقـاب تـحـسـبه خـضـابا خ ـواق ح ـيــاضهـن يـسـيـل سـيـال
و هذا الهجاء من أبشع الهجاء و أفظعه ،و لعل سامعه يدرك جفاوة الفرزدق في كالمه و أن
هجاءه تجد فيه من األلفاظ ماال تجده عند غيره.
1
-المصدر السابق ،ص.93
2
-المصدر نفسه ،ص.93
3
-ينظر :شرح ديوان الفرزدق ،ايليا الحاوي،ج ،1ص.169
4
-ديوان الفرزدق ،ص.92
5
-ينظر :نقائض جرير والفرزدق ،أبو عبيدة ابن المثنى ،ص.334
6
-ديوان الفرزدق ،ص.95
7
-المصدر نفسه ،ص.96
8
-المصدر نفسه ،ص.96
77
ثالثا :حقل األلفاظ الدالة على المدح:
يعرف المدح على أنه حسن الثناء ،و هو أكثر الفنون األدبية شيوعا نظم فيه معظم الشعراء
القصائد الكثيرة ،خاصة في العصر الجاهلي و عصر الدولة األموية ،و يدور المديح حول معان
مستمدة من بيئة العرب الصحراوية و مجتمعهم الذي يعتمد على الفروسية ،و الشعراء كانوا يمدحون
بالجود و العزة و الشجاعة واإلباء والفتك والجوار وصفاء النسب و المدح كان يهتم في المقام األول
بالقيم اإلنسانية للمحافظة عليها و ترسيخها في النفوس.1
وقد كان للفرزدق في قصائد ديوانه حظ كبير من المدح ،فمدح األمراء و الخلفاء و تقرب
منهم ونال من عطاياهم و مدح غيرهم كاإلمام زبن العابدين و غيره.
وفي قصيدة "أنا ابن العاصمين" جاء الفرزدق بأسلوب المدح و اختص به عبيد الراعي و قومه بني
نمير ،و ذلك لرد هجاء جرير له في قصيدته (أقلي اللوم) إال أن الفرزدق لم يكثر في هذه القصيدة من
المدح كما أكثر من الفخر و الهجاء ،فكل ما جاء في هذه القصيدة من المديح ال يتجاوز ثمانية
أبيات ،وهذا عدد قليل إذا قورن بعدد أبيات القصيدة والتي بلغت 69بيت ،ومن األلفاظ التي تنتمي
إلى الحقل الداللي للمدح في هذه القصيدة نذكر( :أثرت ،طابت الفوارس من نمير ،يختر الحسب
اللباب ،يمسك ،بالنواصي ،خير فوارس ،ضربو الصنائع) ،و قد مدح الفرزدق بني نمير فوصفهم
بالثراء و الفروسية و قارنهم بجرير الذي لم ينل من حظهم شيئا فقال:
ف ـمـا أثـرى أبـوك ومـا أطـابـا فــإن تـك عـامـ ار أثـرت وطـابـت
2
وال ك ـع ـبـا ورثـت وال كـالبـا ولم تــرث الف ـوارس مـن نـمـيـر
ويصفهم تارة بأن لهم الحسب اللباب و أنهم خير من هوازن ،وأنهم ناصية العرب و خير فوارسها
نـمـيـ ار يـخـتـر الحسب اللبابا ومــن يـخـتـر هـوازن ثـم يـخـتـر فيقول:
3
وخ ـيــر فـوارس عـلمـوا نـصـابـا ويـمـسـك مـن ذ ارهـا بـالنـواصـي
ثم يمدح الفرزدق نمي ار بذكر أيامهم التي أبلوا فيها بالء حسنا ،و هو يوم فيف الريح قاتلت فيه بنو
نمير قتاال شديدا لمدة ثالثة أيام ضد قبائل 'مذحج' فانتصروا عليهم ،4وفي ذلك يقول الفرزدق:
5
بــمــذحــج يـوم ذي كـلع ضـ اربـا هـم ضـربوا الصنائع واستباحوا
هذا وغيره مما مدح به الفرزدق بني نمير وأظهر فضلهم على العرب.
1
-ينظر :المديح في الشعر العربي ،سراج الدين محمد دار الراتب الجامعية ،بيروت ،د/ط ،د/ت ،ص.6
2
-ديوان الفرزدق ،ص.94
3
-المصدر نفسه ،ص95
4
-ينظر :نقائض جرير والفرزدق ،أبو عبيدة بن المثنى ،ص.337
5
-ديوان الفرزدق ،ص.95
78
وفي ختام هذا البحث وبعد دراستنا للبنية اللغوية في قصيدة أنا ابن العاصمين التي أنشأها الفرزدق
نستخلص مما سبق مجموعة من النتائج التي تشمل ما ذكرناه سالفا فنقول:
-تقوم البنية اللغوية على دراسة النص اللغوي عبر مستويات التحليل اللساني ،الذي يبدأ بالدراسة
الصوتية للغة من خالل أصواتها ،ثم الدراسة الصرفية بدراسة أبنية الكلمات ،ثم الدراسة التركيبية
أو النحوية وماله عالقة بتراكيب الجمل ،ثم الدراسة الداللية وارتباطها بالمعنى.
-كان لشعر الفرزدق أثر كبير في ازدهار اللغة ،وخاصة ما برز بينه وبين جرير في النقائض والتي
هي أشعار يهجو فيها أحدهم اآلخر ،وكان من أبرز قصائد الفرزدق في هذا المجال قصيدة "أنا
ابن العاصمين" التي أنشأها كرد على هجاء جرير للراعي النميري ،وهاته القصيدة تعتبر أطول
القصائد المعدودة التي ألفها الفرزدق ،لكونه كان يفضل قول القصائد القصار على الطوال لسهولة
حفظها وانتشارها في المجالس.
-اعتمد الفرزدق في بناء قصيدته "أنا ابن العاصمين" على بحر الوافر بقافية موحدة وهي الباء تابعا
في ذاك جري ار غير أنه لم يأت بأول البيت مصرعا وهذا نهجه في أغلب قصائده وهذا ليس عيبا
وال دليال على عدم كفاءته إذ قد وجد نظير له من الشعراء الكبار في العصر الجاهلي وعلى رأسهم
الشنفرى صاحب المية العرب التي بالغ األدباء في تمجيدها ،كما أن الفرزدق اعتمد في قصيدته
األصوات المجهورة بنسبة عالية وعلى رأسها الهمز الذي جعله مبتدأ قصيدته وهذا منه دالله على
القوة واالفتخار.
-استعمل الفرزدق في قصيدته مختلف األوزان الصرفية بمختلف مصادرها ومشتقاتها مما يدلنا على
توسع الفرزدق في اللغة وقد أكثر في كلمات القصيدة من استعمال أبنية األسماء فكانت فيما
يقارب خمسة أضعاف أبنية األفعال الموجودة ،وجاء أكثر األسماء فيها من مصادر األفعال أو
مشتقاتها ،ولعل سبب هذا ما تحمله األسماء من صفات تفتقدها األفعال كالتوكيد والثبوت ،ويظهر
هذا جليا في البيت أول حيث ابتدأه بضمير المتكلم (أنا) ،مما أضفى على البيت بل على القصيدة
كلها شيئا من القوة والصالبة التي يتمتع بها الفرزدق.
79
-اعتمد الفرزدق في بناء تراكيب القصيدة على نسبة كبيرة من الجمل الفعلية والتي بلغت نسبتها
ضعف نسبة الجمل اإلسمية مما أضفى على قصيدته عنصر الحركة وتجلى ذلك في استعماله
السرد التاريخي في حديثه عن مآثر بائه وأجداده كما أن البالغيين قد أخذوا عليه في تراكيبه
استعماله التعقيد اللفظي في بعض التراكيب وذلك بخروجه فيها على النهج المألوف الذي عهدته
العرب حتى ضرب المثل ببعض أشعاره في هذا التعقيد.
-تكمن بالغة هذه القصيدة في ما ظهر فيها من صورة شعرية سواء التشبيه والمجاز والكناية
خاصة وأن الفرزدق أبدع في هذا المجال إبداعا فائقا جعل قصيدته في غاية البالغة حتى تمكن
بها من معارضة جرير في قصيدته إضافة إلى ذلك دقة استعماله لأللفاظ في كل أغراض القصيدة
فيأتي في فخره بألفاظ في أعلى درجات الفخر وفي هجائه بأقوى ألفاظ الهجاء وفي مدحه بأفضل
ألفاظ المدح وهذا مما يدلنا على كفاءته وحسن شعره.
80
قصيدة "أنا ابن العاصمين" للفرزدق
أَ ََاااااااااااا ال َ اااااااااااا َد َ م
ان َنا َبااااااااااااا إذا َمااااااااااااا ث َ مماااااااي .1أ َناااااااا ابااااااان ال َعاصم اااااااممينَ َبنااااااا
َ َر َد المال َباااااااااااااااا َ سااااااااااااااا ثف َيان الاااااااااااااااذ بااااااان َز ثياااااااد َاااااااد ه ممااااااا ثن
.5شاااااااي َ
َن َ اصم اااااااااااااا َي َ ا َ َ ثا َ صاااااااااااااا الر َما َبااااااااااااااا الخ ثياااااا َ َ ثر َماااااا ماااااان َ ا ااااااا
َ .6ي اااااا د َ
َ َ ااااااااااااااااَ َبأ م
دار َ لاااااااااااااااا أنث أ ََا َبااااااااااااااااا َ َ .7فاااااار َذ أاااااا ذ َر ََاااااا ث م با م
ااااان َم ثعاااااا
َ إنث شاااااااااااااا َغ ثب َ ث َ َ اااااااااااااد ا شم ااااااااااااااا َبا َ .9ياااااااااارد نَ ال لاااااااااا َ إلااااااااااأ م َبااااااااااا
َ َ اااااااااااا َ الم ثلاااااااااااتم َي ثل َ م ااااااااااا ال م َ ا َباااااااااااا َ .11رأ ثيااااااااا َ َم ا َبااااااااا َ أسااااااااا َد َغاااااااااا
َ ن َ ااااااااان احم ااااااااار نَ َ صاااااااااأ َ َغا َباااااااااا .14لَ َنااااااا َق َماااااار الساااااا َم م
ار ََلااااااأ ال َريااااااا
سااااااااااا م ال َن َ
ساااااااااااا َبا أَمن َناااااااااااا إلاااااااااااأ ال َ َ َ .21اااااا َن ابااااان ال َم َرا َغااااا م اااااينَ َماااااد ث
ااااااااار ثي من َ ا َبااااااااااا
لَ َنااااااااااا ََاااااااااا َد َد مماااااااااانَ اح َ ا َ .24أن لَ َنااااااااا َبناااااااا ََ ثماااااااار ََلَاااااااا ثي م ث
َد َناااااااااااا ث نَ َ َزا َد اااااااااااان لَاااااااااااا ا ثق َمرا َبااااااااااااا .27مماااااااانَ الال اااااااا إذا أ ثر م اااااااا ثبنَ َز ث اااااااارا
َ لَاااااااااااا ث ل ث َمااااااااااااان َ
سااااااااااااا َ َر َا لَ َ ا َبااااااااااااا صاااااااا َعدا َر مم ثناااااااا
لم َ ثر َماااااااا َ ال ا َ .29اااااااار
ماااااااااااا َد َي َ فمااااااااااا السااااااااااا ا َبا مب َمااااااااااا ث .31أ َ اااااا ث مماااااانث َأ ث قماااااا م ال َا َما َ
ااااارا مم ثناااااا
َخاااااااااار َقاااااااااادث أ َنا َبااااااااااا بماااااااااا م َ ث َمااااااااااا ااااااار م ال م َبااااااااا لَاااااااا َ َ ماااااااا ث
صا َ َ .31ا َ
82
ااااااارا َبا
شا َ َقاااااااادث مااااااااانَ الصااااااااديد لَ اااااااا ث َ َ .37ر َ اااااا ث ا ماااااان َ ر ااااااا أنث َي ثساااااا َ مري ا
الخبي َ اااااااااااااا َ َ َ
الز َرا َبااااااااااااااا َ َا َر َااااااااااااااا َ َ .41لَ ممااااااانث َقااااااادث َ مر ث ااااااا َ َبنااااااا ملَ ثيااااااا
َلمماااااااااا ا نم َ
صااااااااااا َبا ااااااااار َأاااااااااا َ م
ار َ َخيا م َ .42ي ثمسم ااااااا ثت ممااااااانث ذ َرا اااااااا بالن َ اصااااااا
أ َباااااااااااااأ ا بااااااااااااا مب َ اااااااااااااا إال سم ااااااااااااا َبا َبا .45ملَ ثياااااااااا َ مد ثم َناااااااااا َ َخب َ اااااااااا ث َ َقلاااااااااا ث
َ اااااااااااااااااااذمب ث أَمن َ َ ااااااااااااااااااا ماااااااااااااااااا َذا َبا َ َق ثياااااااااااد َ .52ن َزا ما
ااااااااااب َباااااااااااينَ اااااااااااال
َ
َ أ ثيااااااااااد َقاااااااااادث َ مر ث اااااااااانَ مب َ ااااااااااا مال َبااااااااااا َ .58ماااااااااااااااا َددث نَ إلَاااااااااااااااا ثي م مب اااااااااااااااا مد
اااااااادا َبا َ َقاااااااادث َق َ عاااااااا ا ب م اااااااانّ لاااااااا َ .63ي ثمساااااانَ مماااااانَ اللّ َ ا م
ااااااق مب اااااان مماااااانم
َغا
ااااااااااااااارا ب ن َ ثن َ سم اااااااااااااااا ا ثن م َ
سااااااااااااااااا َبا َ .67مب ممااااااااااااا َ نميااااااااااااا َ مبمااااااااااااا َ ثاااااااااااااار
84
مــــــكــــــــــــتــــــــــبـــــــــــــــة الـــــــــــــــــبـــــــــــــحــــــــــــــث
المصادر والمراجع
.1القرن الكريم
.2أبنية األفعال ،نجاة عبد العظيم الكوني ،دار الثقافة للنشر والتوزي ،د/ط ،د/ت.
.3أسباب حدوث الحروف ،أبو الحسن بن عبد ال بن سينا (تـ 428ه) ،تح :محمد حسان الطيان
ويحي مير علم ،مطبوعات مجمع اللغة العربية ،بدمشق ،د/ط ،د/ت.
.4أسرار الحروف ،أحمد زراقة ،دار الحصاد للنشر والتوزيع ،دمشق ،ط1993 ،1م.
.5االشتقاق ،أبو بكر محمد بن الحسين بن دريد (تـ231ه) ،تح :عبد السالم هارون ،دار الحبل،
بيروت ،ط1411( ،1ه1941-م).
.6األصوات اللغوية ،إبراهيم أنيس ،مكتبة نهضة مصر ،د/ط ،د/ت.
.7أصول النقد األدبي ،أحمد شايب ،مكتبة النهضة المصري ،ط.1994 ،10
.8اإلعراب الميسر ،محمد علي أبو العباس ،دار الطالئع بالقاهرة ،د/ط ،د/ت.
.9األغاني ،أبو الفرج األصفهاني ،تح :إحسان عباس ،دار صادر ،بيروت ،ط1429( ،3هـ -
2008م).
.10ألفية ابن مالك ،أبو عبد ال محمد بن مالك األندلسي ،تح :عبد اللطيف محمد الخطيب ،دار
العروبة للنشر والتوزيع ،الكويت ،ط1427( ،1ه2006-م).
.11اإلنصاف في مسائل الخالف ،أبو البركات ابن األنباري (تـ988ه) ،تح :جوا مبروك محمد
مبروك ،مكتبة الخانجي بالقاهرة ،ط،1د/ت.
.12أوزان الشعر مصطفى حركات ،الدار الثقافية للنشر بالقاهرة ،ط1998-1418( ،1م).
.13إيجاز التعريف في علم التصريف ،محمد بن المالك الطائي األندلسي النحوي (تـ 672ه) ،تح:
محمد عثمان مكتبة الثقافة الدينية ،ط1430( ،1ه2009-م).
.14البالغة العربية أسسها وعلومها وفنونها ،عبد الرحمن بن حبنكة الميداني ،دار القلم ،ط،1
(1416ه1996-م).
.15التحفة السنية بشرح المقدمة اآلجرومية ،محمد محي الدين عبد الحميد ،مكتبة السنة القاهرة ،د/ط،
(1409ه1989 -م).
.16تصريف األفعال والمصادر والمشتقات ،صالح سليم الفاخري ،مطبعة عصمي للنشر والتوزيع،
القاهرة ،د/ط1996 ،م.
.17التطبيق الصرفي ،عبده الراجحي ،دار النهضة العربية ،بيروت ،د/ط ،د/ت.
85
.18التعريفات ،علي محمد الشريف الجرجاني (تـ816هـ) ،مكتبة لبنان ،د/ط1985 ،م.
.19التطبيق النحوي ،عبده الراجحي ،دار المعرفة الجامعية ،ط1420( ،2ه2000 -م).
.20جامع الدروس العربية ،مصطفى غالييني ،المكتبة العصرية بيروت ،ط1414( ،28هـ1993-م).
.21الجامع الكبير في صناعة المنظوم من الكالم المنثور ،ضياء الدين ابن األثير الجزري ،تح
مصطفى جواد وجميل سعيد د/ط (1956م1375/ه).
.22الجنى الداني في حروف المعاني ،الحسن بن القاسم المرادي (تـ749ه) ،تح :فخر الدين قباوة
ومحمد نديم فاضل ،دار الكتب العلمية ،بيروت ،ط1413( ،1ه1992-م).
.23جواهر البالغة ،أحمد الهاشمي ،المكتبة العصرية صدا بيروت ،د/ط ،د/ت.
.24الحقول الداللية الصرفية لألفعال العربية ،سليمان فياض ،دار المريخ للنشر ،الرياض ،د/ط،
(1410ه1990-م).
.25الحيوان ،أبو عثمان عمرو بن بحر الجاحظ ،تح :عبد السالم هارون ،مطبعة مصطفى البابي
الحلبي وأوالده بمصر ،ط1384( ،2هـ 1965 -م).
.26الدرة البهية ،أسامة بن علد الوهاب ،مكتبة اإليمان للطباعة والنشر والتوزيع ،ط1425( ،2ه-
2005م).
.27دالئل اإلعجاز ،أبو بكر عبد القاهر الجرجاني(ت ـ 471هـ) ،تح :محمود محمد شاكر ،مكتبة
الخانجي ،بالقاهرة ،د/ط ،د/ت.
.28داللة األلفاظ ،إبراهيم أنيس ،مكتبة أنجلو المصرية ،ط1984 ،5م.
.29دليل السالك إلى ألفية ابن مالك ،عبد ال بن صالح الفوزان ،دار المسلم للنشر والتوزيع ،د/ط،
د/ت.
.30سر صناعة اإلعراب ،أبو الفتح عثمان ابن جني (ت ـ392ه) ،تح :حسن هنداوي ،دار القلم
بدمشق ،د/ط ،د/ت.
.31سر الفصاحة ،أبو محمد عبد ال بن محمد بن سعيد بن سينان الخفاجي الحلبي (تـ 466ه) ،دار
الكتب العلمية ،ط1402( ،1ه1982-م).
.32سير أعالم النبالء ،شمس الدين محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي (ت748هـ) ،تح :شعيب
األرنؤوط ومأمون الصاغرجي ،مؤسسة الرسالة ،ط1405(،3هـ 1985 -م).
.33شرح البسط والتعريف في علم التصريف ،محمد صالح موسى حسين ،مؤسسة الرسالة ،ط،1
(1430ه2009-م).
.34شرح ديون الفرزدق ،ايليا الحاوي ،دار الكتب اللبناني ،ط1983 ،1م.
86
.35الشعر العربي أوزانه وقوافيه وضروراته ،عبد القادر محمد بن القاضي ،منشورات ANEPد/ط،
د/ت.
.36الشعر والشعراء ،ابن قتيبة ،تح :أحمد محمد شاكر ،دار المعارف ،د/ط ،د/ت.
.37الصوتيات العربية ،منصور بن محمد الغامدي ،مكتبة التوبة بالرياض ،ط1421( ،1ه-
2001م).
.38الصورة الشعرية عند خليل حاوي ،هدية جمعة البيطار ،دار الكتب الوطنية ،أبو ظبي ،ط،1
2010م.
.39الصورة الشعرية في النقد العربي الحديث ،بشرى موسى صالح ،المركز الثقافي العربي ،بيروت،
ط1994 ،1م.
.40الصورة الفنية في التراث النقدي والبالغي عند العرب ،جبر عصفور ،المركز الثقافي العربي،
بيروت ،ط1992 ،3م.
.41طبقات الشعراء ،محمد بن سالم الجمحي (ت231هـ) ،تح :طه أحمد ابراهيم ،دار الكتب العلمية،
بيروت لبنان ،د/ط1422( ،هـ 2001 -م)،
.42علم الداللة ،أحمد مختار عمر ،،مكتبة لسان العرب ،ط1998 ،5م.
.43علم العروض والقافية ،عبد العزيز عتيق ،دار اآلفاق العربية القاهرة ،ط1420( ،1ه2000-م).
.44علم اللغة مقدمة للقارئ العربي ،محمود السعران ،دار النهضة العربية للصباغة والنشر ،بيروت،
د/ط ،د/ت.
.45عون المعين بشرح الالمية مع زيادات بحرق وابن زين ،أحمد بن محمد األمين بن أحمد المختار
الجنكي ،دار الفكر العربي ،بيروت ،ط2001 ،1م.
.46الفخر في الشعر العربي ،سراج الدين محمد ،دار الراتب الجامعية بيروت ،د/ط ،د/ت.
.47الفرزدق ،شاكر الفحام ،دار الفكر ،ط1397( ،1هـ 1977 -م).
.48الفرزدق حياته وشعره ،محمد رضا مروة ،دار الكتب العلمية ،بيروت ،لبنان ،ط1411( ،1هـ -
1990م).
.49القافية واألصوات اللغوية ،محمد عوني عبد الرؤوف ،مكتبة الخانجي بمصر ،د/ط ،د/ت.
.50كتاب العروض ،أبو الفتح عثمان بن حنى (تـ 392هـ) ،تح :أحمد فوزي الهيب ،دار القلم للنشر
والتوزيع بالكويت ،ط1409( ،2ه1989 -م).
.51كتاب القوافي ،أبو يعلى عبد الباقي عبد ال ،بن المحسن ،تح :عواني عبد الرؤوف ،مكتبة
الخانجي بمصر ،ط1978 ،2م.
.52الكلمة دراسة لغوية معجمية ،حلمي خليل ،دار المعرفة الجامعية ،ط1998 ،2م.
87
.53اللغة في شعر الفرزدق ،حلمي محمد عبد الهادي ،مكتبة الرائد العلمية باألردن ،ط2002 ،1م.
.54اللسانيات؛ المجال الوظيفة والمنهج ،سمير شريف استيتة ،عالم المكتب الحديث ،ط،2
(1429هـ20808 -م).
.55مبادئ في اللسانيات ،أحمد محمد قدور ،دار الفكر دمشق ،ط1429( ،3هـ 2008 -م).
.56مبادئ في اللسانيات ،خولة طالب ابراهيم ،دار القصبة للنشر ،الجزائر ،ط2006 ،2م.
.57مدخل إلى البالغة العربية ،يوسف مسلم أبو العدوس ،دار المسيرة للنشر والتوزيع والطباعة،
عمان ،ط2013( ،3م – 1434هـ).
.58المديح في الشعر العربي ،سراج الدين محمد دار الراتب الجامعية ،بيروت ،د/ط ،د/ت.
.59المصطلح الصوتي في الدراسات العربية ،عبد العزيز الصبغ ،دار الفكر ،دمشق ،ط،2
(1427ه2007-م).
.60معاني النحو ،فاضل صالح السامرائي ،شركة العاتك لصناعة الكتب ،القاهرة ،د/ط ،د/ت.
.61مغني اللبيب عن كتب األعاريب ،جمال الدين ابن هشام(ت 761هـ) ،تح :مازن مبارك ومحمد
علي حمد ال ،دار الفكر ،بدمشق ،ط1384( ،1ه1964 -م).
.62موسوعة علوم اللغة العربية ،إيميل بديع يعقوب ،دار الكتب العلمية ،بيروت لبنان ،ط،1
2006م.
.63موسيقى الشعر ،إبراهيم أنيس ،مكتبة األنجلو المصرية ،ط1952 ،2م.
.64النجوم الطوالع على الدرر اللوامع ،إبراهيم المارغيني ،دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع،
بيروت ،د/ط1415( ،ه1995-م).
.65النحو العصري ،سليمان فياض ،مركز األهرام للترجمة والنشر ،د/ط ،د/ت.
.66النحو الوافي ،عباس حسن دار المعارف بمصر ،ط،3د/ت.
.67نقائض جرير والفرزدق ،أبو عبيدة معمر بن المثنى التيمي البصري (ت209هـ) ،تح :خليل
عمران المنصور ،دار الكتب العلمية ،بيروت لبنان ،ط1419( ،1ه1998 -م).
.68نقد الشعر ،أبو الفرج قدامة بن جعفر ،مطبعة الجوانب ،قسنطينة ،ط130 ،1ه.
.69الهجاء في الشعر العربي ،سراج الدين محمد ،دار الراتب الجامعي ،بيروت ،د/ط ،د/ت.
.70وفيات األعيان وأنباء أبناء الزمان ،أبو العباس شمس الدين ،أحمد بن محمد بن أبي بكر ابن
خلكان(ت681هـ) ،تح :إحسان عباس ،دار صادر بيروت ،د/ط ،د/ت.
الدواوين
.1ديوان جرير ،جرير بن عطية الخطفي -جمعة كرم البستاني ،دار بيروت للصباغة والنشر ،د/ط،
(1401هـ 1976 -م).
88
.2ديوان الحطيئة ،جرول بن أوس بن مالك( ،تـ 60هـ) ،تح :حمدو طماس ،دار المعارف ،بيروت،
لبنان ،ط1426( ،2هـ2005-م).
.3ديوان الشنفرى ،عمرو بن مالك (ت70 :ق ه)،ضبطه ايميل بديع يعقوب ،دار الكتاب العربي،
ط1417( ،2ه1996-م).
.4ديوان الفرزدق ،همام بن غالب ،جمعه وضبطه علي فاعور ،دار الكتب العلمية ،بيروت لبنان،
ط1407( ،1هـ 1987 -م).
.5ديوان امرئ القيس ،ضبطه عبد الرحمن المصطاوي ،دار المعرفة بيروت ،ط1425( ،2ه-
2004م).
المعاجم
.1أساس البالغة :أبو القاسم جار ال محمود بن عمر بن أحمد الزمخشري (تـ 538ه) ،تح :محمد
بن باسل عيون السود ،دار الكتب العلمية ،بيروت ،لبنان ،ط1419( ،1ه1998-م).
.2القاموس المحيط ،مجد الدين محمد بن يعقوب الفيروزابادي (ت ـ81هـ) ،تح :أنس المثامي وزكرياء
جابر أحمد ،دار الحديث ،القاهرة ،طبعة مرتبة ترتيب ألفبائي،د /ط1429( ،ه2008-م).
.3الكليات معجم في المصطلحات والفروق اللغوية ،أبو البقاء أيوب بن موسى الحسيني الكفوي
(تـ1094هـ) ،تح :عدنان درويش ومحمد المصري ،مؤسسة الرسالة ،ط ،2د/ت.
.4لسان العرب ،جمال الدين أبو الفضل محمد بن مكرم بن علي ابن منظور (ت ـ11هـ) ،تح :محمد
أحمد حسب ال وعبد ال هاشم ومحمد الشاذلي ،دار المعارف ،د/ط ،د/ت.
.5معجم المصطلحات اللسانية ،مبارك مبارك ،دار الفكر ،بيروت ،لبنان ،ط1995 ،1م.
.6المعجم المفصل في علم الصرف ،راجي األسمر ،دار الكتب العلمية ،بيروت لبنان ،ط،1
(1413ه1993-م).
.7المعجم الوسيط ،مجمع اللغة العربية بالقاهرة ،مكتبة الشروق الدولية ،ط1425( ،4هـ2004 ،م)،
.8مقاييس اللغة ،ابن فارس(ت ـ395هـ) ،تح :عبد السالم هارون ،دار الفكر للطباعة والتوزيع ،د/ط،
د/ت.
المجالت
.1البنية اللغوية ،بزة عبد الرحمن ،مصباح عبد الرحمن ،مجلة كلية األداب ،جامعة مصراتة،
العدد ،14ديسمبر .2019
.2اللسانيات والمصطلح ،أحمد قدور ،مجلة مجمع اللغة العربية ،دمشق ،المجلد81
89
فهرس الموضوعات
الصفحة العنوان
أ مقدمة
1 مدخل
6 ب – شعره
7 ج – وفاته
11 توطئة
90
19 المبحث الثاني :الموسيقى الداخلية للقصيدة
29 توطئة
91
41 ثانيا :أبنية المشتقات
48 توطئة
92
61 الفصل الرابع :البنية الداللية في قصيدة الفرزدق
62 توطئة
79 خاتمة
93