Professional Documents
Culture Documents
لجنة المناقشة
أ/د أحمد التجاني سي الكبير (جامعة ورقلة ) .......................................رئيسا
أ/د كلثوم مدقن (جامعة ورقلة ).......................................................مناقشا
أ/د أحمد حاجي (جامعة ورقلة ).............................................مشرفا ومقررا.
حورية بن خدة
مقدمة
مدخل تمهيدي
مقدمة
مقدمة :
الحمد هلل رب العالمين وصل الَلهم وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه
أجمعين ،صالة وسالم دائمين إلى يوم الدين ،أما بعد:
ا ن النقد العربي القديم قد شهد عدة إسهامات لنقاد تركوا بصماتهم من خالل مؤلفاتهم،
فمنهم من أفرد مؤلفا خاصا في النقد ،ومنهم من خصص جزءا من مؤلفه لمعالجة بعض
القضايا النقدية.
ولعل تجربة النقاد القدامى أبرزت مدى موسوعية نقدهم فامتزج النقد بالبالغة وعلوم اللغة
وغير ذلك.
ف األصمعي و ابن سالم الجمحي من ابرز هؤالء النقاد الذين تجلت عندهم شروط الناقد
الحاذق الملم بعلوم األدب والبالغة فكانت هذه الدراسة موسومة بـ " :الفحولة بين األصمعي
وابن سالم الجمحي" من خالل كتابيهما (فحولة الشعراء لألصمعي ) و (طبقات فحول
الشعراء البن سالم الجمحي).
فهذان العالمان الناقدان لهما الفضل والسبق في التطرق لمثل هذه القضية التي شكلت
في مجملها العصر ا لذهبي ،فعرف به عصر األدب والنقد آنذاك ثورة تصنيفية وطبقية كبيرة،
تعمل على تمييز الشعروالشعراء وانزالهم منازلهم .
ولعظم هذا العمل والقدر الكبير من الفائدة المحصلة من البحث فيه ،تكونت لدي فكرة
التطرق لمثل هذه القضايا وذلك للحفاظ على التراث النقدي والشعري ،واإلسهام في ترقية
البحث العلمي واألكاديمي وتراكم المعرفة العلمية والنقدية ،إضافة إلى ذلك فإن البحث عن
فكرة الفحولة من شأنه أن يفتح لنا نافذة لإلطالع على النقد األدبي منذ بدايته األولى ،حيث
يعد األصمعي وابن سالم بوابته.
أ
مقدمة
فهذان الناقدان يعود لهما الفضل في كونهما من النقاد االوائل الذين نظروا لهذه الفكرة،
فهذه األسباب وغيرها هي التي دفعتني إلى اختيار مثل هذه المواضيع.
فدراسة هذه القضية النقدية بينهما من وجهت نظري هي دراسة تحتاج إلى الوقوف على
المقاييس األدبية والمعايير النقدية للحكم والتقدير للنصوص األدبية القديمة والمحدثة ،وذلك
يفيد األدب في معرفة جذوره الفنية وأصوله الحقيقية وعناصره الخيالية والشعورية واألسلوبية،
ومنه سعى البحث إلى تسليط الضوء على مفهوم الفحولة ومن هذا المنطلق كانت اإلشكالية
الرئيسية كاآلتي :
كما تحيلني هذه اإلشكالية بدورها إلى عدة تساؤالت فرعية تحاول الدراسة أن تجيب عنها،
حتى تجمع الرؤى المتباينة ومنها :
ب
مقدمة
وفي هذا اإلطار اقتضت طبيعة الدراسة االستعانة بالمنهج المقارن و بمجموعة من
اآلليات تمثلت في :الوصف والتحليل واالستقراء.
وذلك من خالل التعرض لفكرة الفحولة والتطرق ألهم المعايير التي وضعها الناقدان
حول الشعر والشعراء.
وقد اشتمل البحث على مقدمة و تمهيد وفصلين ثم موازنة تليها الخاتمة.
التمهيد :إرتأيت أن أتحدث فيه عن مفهوم الشعرومدى أهميته ،وذلك لمدى العالقة -
الوطيدة التي تجمع الشعر بفكرة الفحولة.
-الفصل األول :تحت عنوان :مفهوم الفحولة عند األصمعي في كتابه "فحولة الشعراء"
*المبحث األول :فحولة الشعراء عند األصمعي.
-1قراءة في عنوان كتاب "فحولة الشعراء" تطرقت اليه حتى أعطي حق
المصطلحات التي استعملها الناقد ،فحللتها لغة واصطالحا سعيا في الربط بينهما،
والكيفية التي اختار بها هذه المصطلحات.
-2الفحولة عند األصمعي :وهي الرؤية والتصور الذي أعطاه لهاته الفكرة،
والتي كانت نابعة من البيئة البدوية العربية التي نشأ فيها.
المبحث الثاني :معايير الفحولة عند األصمعي.
حيث ركزت في هاته الدراسة على أهم المعايير التي اتخذها األصمعي في تصنيفه
للشعراء.
المبحث الثالث :تصنيف الشعراء عند األصمعي.
حيث تعرضت فيه الى عدد كبير من الشعراء الذين ذكرهم في كتابه ،محاولة تصنيفهم
الى فئتين فحول وغير فحول حسب رأي األصمعي ،كما ألحقت الفصل بجدول
توضيحي يبرز بعض الشعراء الذين أخرجهم من دائرة الفحول ولم يفصل في أمرهم .
-الفصل الثاني :مفهوم الفحولة عند ابن سالم الجمحي في كتابه" طبقات فحول الشعراء".
ج
مقدمة
تضمن ثالث مباحث مثل مااحتواه الفصل األول لتتزن خطة العمل.
المبحث االول :نظرة ابن سالم الى الفحولة.
فتناولت فيه نظرة ابن سالم في موضوع الفحولة وكيف أنه وسع من فكرة األصمعي
وأعاد صياغتها وفق أسس منهجية دقيقة.
المبحث الثاني :معايير الفحولة عند ابن سالم.
وذلك باستخالص األساس الذي اعتمده ابن سالم في تصنيفه الطبقي وأهم المعايير
المتخذة في ذلك.
المبحث الثالث :طبقات الفحول من الشعراء عند ابن سالم.
عرضت فيه مجمل الطبقات التي رتب فيها الجمحي شعراءه الفحول من كال العصرين
الجاهلي واالسالمي .
وكنتيجة بين الفصلين قارنت بين أوجه التشابه واالختالف في شكل جدول مع التعليق
عليهما.
وأهدف من خالل هذا العمل إلى الكشف عن فكرة الفحولة عند الناقدين وتوضيح ماجاء
به االثنان حول هاته القضية.
ويبدو أن األصمعي ( فحولة الشعراء) يسعى إلى استخالص مجموعة من الخصائص
التي يتطلبها في الشاعر ،حتى يظفر بلقب الفحل.
أما ابن سالم (طبقات فحول الشعراء) فكانت له رؤية أخرى تمثلت في أن جعل الشعراء
على طبقات متتالية ،إذ يرى أن كل الشعراء المترجم لهم هم فحول اال أن فحولتهم
تتفاوت.
وقد اعتمدت دراسة البحث على مصدرين هما :فحولة الشعراء لألصمعي وطبقات فحول
الشعراء البن سالم الجمحي.
الى جانب االستعانة بعدة مراجع ومعاجم ولعل أهمها:
( تاريخ النقد األدبي عند العرب) الحسان عباس.
د
مقدمة
حورية بن خدة
ه
تمهيد
مفهوم الشعر تمهيد
اكتسب الشعر مكانة مرموقة عند العرب ،فهو فنهم األول وديوانهم وفخرهم العظيم،
فالعرب أهل فصاحة وبيان وذوق ،والشعر بمثابة المتنفس الذي يعبرون من خالله عن
خلجات أنفسهم وآمالها وآالمها ،فهو مرآة عاكسة للنفس وما تكبته من عواطف ومشاعر
وأحاسيس وانفعاالت وقد أكد الرسول (صلى هللا عليه وسلم) على أهمية الشعر بقوله " :ال
تدع العرب الشعر حتى تدع اإلبل الحنين " ،1فهذا خير دليل وأصدقه على قوة العالقة التي
تجمع العرب بالشعر ،فهذا األخير من أكثر الفنون هيمنة وانتشا ار في العصور األولى.
فهو السجل المحكم والمرجع األساس الذي يستند عليه المؤرخون والدارسون في أبحاثهم
ودراساتهم ،لذلك حاول العديد من األدباء والنقاد من خالل دراساتهم النقدية ضبط مفهوم
للشعر ،إال أن جميع محاوالتهم باءت بالفشل كون الشعر مركب صعب ،فهو لغة
العواطف والمشاعر واألحاسيس واالنفعاالت المعقدة التي يستحيل تفكيك تركيبتها ،فهو لغة
راقية وسامية تبعث في النفس متعة ونقاءا ،وتحلق بها في عالم خيالي مجنون يلقي الدفء
فيها والسكون ،هذا العالم الغامض الذي يخبئ الكثير من األسرار ،فقد حاولت رصد أهم
آراء اللغويين والنقاد ونظرتهم حول الشعر ولعل أبرزها ما يلي :
والقافية"2 يعرفه ابن منظور قائال " :والشعر منظوم القول غلبه عليه لشرفه بالوزن
وقال حماد الجوهري في الصحاح " :والشعر واحد األشعار ،والشاعر جمعه شعراء ،على
غير قياس ،وقال األخفش :الشاعر مثل البن و تامر ،أي صاحب شعر ،وسمي شاع ار
العمدة في محاسن الشعر وآدابه ونقده ،ابن رشيق ،تح :محمد محي الدين عبد الحميد ،دار الرشاد الحديثة ،الدار البيضاء ج 1ص301
2لسان العرب ،ابن منظور دار صادر ،بيروت مج 4ص ( 410مادة شعر)
2
مفهوم الشعر تمهيد
لفطنته ،وما كان شاع ار ولقد شعر بالضم ،وهو يشعر .والمتشاعر :الذي يتعاطى قول
الشعر"1
والشعر ":عند أهل العربية هو الكالم الموزون المقفى الذي قصد إليه وزنه وثقفيته قصدا
"2 أوليا ،والمتكلم بهذا الكالم يسمى شاع ار
في المعجم الوسيط ":الشعر :كالم موزون مقفى قصدا ،وفي اصطالح المنطقيين :
قول مؤلف من أمور تخيلية ،يقصد به الترغيب أو التنفير ،كقولهم :الخمر ياقوتة سيالة
3 والعسل قيئ النخل"
وكذلك " الشعور اإلدراك بال دليل ،واإلحساس ،وعند علماء النفس :يطلق على العلم
بما في النفس أو بما في البيئة ،وعلى ما يشتمل عليه من ادراكات ووجدانيات ونزعات ولذا
"4 قالوا العقل ثالثة مظاهر هي :اإلدراك ،والوجدان والنزوع
ومن خالل هذه التعريفات التي قدمتها الكتب اللغوية عن مفهوم الشعر نلحظ أن هناك
اتفاق في نظرة اللغويين إلى الشعر كل وفق تصوره ووجهة نظره وتجربته ،للوصول إلى
تحديد المالمح األساسية للشعر واألمر الذي يثير االنتباه هو ذلك التأكيد على صفة (النظم)
وتخصيصها بالشعر.
ص1.699 الصحاح تاج اللغة وصحاح العربية ،اسماعيل بن حماد الجوهري ،تح :أحمد عبد الغفور عطار ،دار الماليين بيروت ط 4ج2
موسوعة كشاف اصالحات الفنون والعلوم ،محمد علي التهانوي ،ج 1مكتبة لبنان ناشرون ط 1996 1ص2.1030
المعجم الوسيط ،مجمع اللغة العربية ،مكتبة الشروق الدولية ،القاهرة ط2004 4م ص 3 .484
المرجع نفسه ص 4.485
3
مفهوم الشعر تمهيد
يعد الشعر من أقدم الفنون األدبية التي عرفها اإلنسان وحاول أن يعبر من خالله عن
حاجاته وانفعاالته و أحاسيسه نحو كل ما يحيط به ،فهو الفن األول الذي بواسطته يعبر
الشاعر عن رؤيته للعالم الذي يعيش فيه من خالل طبيعة حياته وعالقاته مع اآلخرين وفق
ما ألفه من عادات وتقاليد ،فيصب جل انشغاالته في قالب لغوي خاص ومميز له تأثير
"1 نفسي وفعال في المتلقي فهو " ديوان علمهم ومنتهى حكمهم ،به يأخذون واليه يصيرون
فالشعر هو الصورة التعبيرية األدبية األولى التي استخدمها اإلنسان ليعبر عن مكنونات
نفسه وخباياها ،فهو ضرورة نفسية بيولوجية للتنفيس عن انفعاالته ،وهذا ما شغل اهتمام
النقاد على مر العصور بالبحث والتحفير عن ماهية الشعر ،فالشعر "يصعب ضبطه ضمن
أي تعريف مشروط ومحدود بشكل نهائي" 2ويبدو ما قدمه هؤالء ما هو إال نتيجة لوجهة
نظر وتعبير لكل منهم.
وقد أكد الجاحظ على أهمية األلفاظ في اإلبداع ،وبها يقع التفاوت إضافة إلى الوزن
بقوله "والمعاني مطروحة في الطريق يعرفها العجمي والعربي والبدوي والقروي ،وانما الشأن
في إقامة الوزن وتخير اللفظ وسهولة المخرج وكثرة الماء وفي صحة الطبع وجودة السبك
3 فإنما الشعر صناعة وضرب من النسج وجنس من التصوير"
1.24طبقات فحول الشعراء ،بن سالم الجمحي ،تح :محمود محمد شاكر مصر 1394هـ 1974 -م م 1ص
2.18 الشعر المنثور والتحديث الشعري ،حورية الخمليشي ،منشورات اختالف الجزائر ط 2010 ،1ص
الحيوان ،الجاحظ ،تح :عبد السالم هارون ط 2مكتبة الجاحظ مصر 1965ج 3ص 3 . 132 – 131
4
مفهوم الشعر تمهيد
تخطى الجاحظ حدود التعريف لوجد نفسه في مجال المقارنة بين فنبين ،الشعر والرسم
"1 ......ولكن كل ما أراده الجاحظ من هذا القول تأكيد نظريته في الشكل
كما يعرفه الناشئ األكبر بقوله ":الشعر قيد الكالم وعقال األدب وسور البالغة ومحل
البراعة ومجال الجنان ومسرح البيان وذريعة المتسول ووسيلة المترسل وذمام الغريب وحرمة
2 األديب وعصمة الهارب وعذر الراهب وفرحة المتمثل وحاكم اإلعراب وشاهد الصواب "
فالناشئ هنا يشير إلى طبيعة الشعر أنه مقيد بالنظم ،فالنظم هو الخصوصية التي تفرقه
لذا فهو يحتاج إلى شاعر يتميز بالبالغة والبراعة الفائقة.
وقد عرفه ابن طباطبا بقوله " :الشعر كالم منظوم بائن عن المنثور الذي يستعمله الناس
في مخاطباتهم بما خص به من النظم الذي إن عدل عن جهته مجته األسماع وفسد على
الذوق ونظمه محدود معلوم فمن صح طبعه وذوقه لم يحتج إلى االستعانة على نظم الشعر
بالعروض التي هي ميزانه ،ومن اضطرب عليه الذوق ،لم يستعن من تصحيحه وتقويمه
3 بمعرفة العروض والحذق به ،حتى تعتبر معرفته المستفادة كالطبع الذي ال تكلف معه "
و هنا يحاول ابن طباطبا تحديد مفهومه الذي يختلف عن النثر تماما ،والذي يستخدمه
الناس في مخاطباتهم اليومية والذي ميزته الوزن ،فهو عنصر هام في الشعر ،فإن تخلف
عنه نفرت منه األسماع وفسد الذوق ،ونظمه معلوم أي يعرفه العرب ،وصحة الطبع أي
صحة الموهبة (القريحة) ال تحتاج إلى تعلم العروض فكثير من الشعراء ال يعرفون أسماء
بحور الشعر لكن الذي يتضح لديه الموهبة وباقي األدوات ويكون لديه بعض الخلل في
فيجود شعره و يخلصه من الخطأ ويتداركه بتعلم النحو أو
ميزان الشعر يمكن أن يتعلمه ٌ
العروض أو األوزان.
1.86
ينظر :تاريخ النقد العربي عند العرب ،احسان عباس دار الشروق ،ط 1عمان األردن 2001ص
البصائر ( )2ص 219نقال عن تاريخ النقد العربي عند العرب احسان عباس ص 2.52
عيار الشعر ،محمد ابن أحمد ابن طباطبا العلوي ،تح :عباس عبد الستار ،دار الكتب العلمية بيروت لبنان 1426هـ 2002 -م ط 2ص 3.9
5
مفهوم الشعر تمهيد
وفي تعريف قدامة بن جعفر للشعر ":أنه قول موزون ومقفى يدل على معنى ،فقولنا :
"قول" دال على أصل الكالم الذي هو بمنزلة الجنس للشعر وقولنا "موزون" يفصله مما ليس
بموزون إذ كان من القول موزون وغير موزون وقولنا"مقفى" فصل بين ما له من الكالم
الموزون قواف وبين ما ال قوافي له وال مقاطع ،وقولنا "يدل على معنى"يفصل ما جرى من
القول على قافية ووزن مع داللة على معنى مما جرى على ذلك غير داللة على معنى ،فإنه
"1 لو أراد مريد أن يعمل من ذلك شيئا على هذه الجهة ألمكنه ما تعذر عليه
نجده متأث ار بالمنطق اليوناني ،حيث أهمل في تعريفه للشعر الجانب الوجداني االنفعالي
العاطفي ،والجانب الخيالي الذي تقوم عليه عملية اإلبداع " فالشعر عند العرب هو بوح
مقفى"2 وجداني ،وتدفق للمعاني ،وليس كما ذهب إليه قدامه بأنه:كالم موزون
إجماال يمكن القول بان الشعر مركب صعب ،وكل ما قدمناه من آراء ما هي إال
محاوالت لبعض األدباء والنقاد لسبر أغوار مفهوم الشعر كل حسب نظرته وتوجهه الفكري .
1.64 نقد الشعر ،قدامى بن جعفر ،تح :محمد عبد المنعم خفاجي ،دار الكتب العلمية ،بيروت لبنان( .د.ت) ص
2.15 ينظر :مفهوم الشعر في ضوء نظريات النقد العربي ،عبد الرؤوف ابو السعد ،دار المعارف ط 1ص
6
مفهوم الشعر تمهيد
لطالما كان الشعر فنا عريقا وديوانا للعرب في كل عصورهم حيث ظل وما يزال هذا
الكنز الثمين يصور لهذه األمة واقعها وحلمها ،قوتها و ضعفها ،فرحها و ألمها ،انتصاراتها
وانكساراتها ،خصوصيتها و إنسانيتها " فالشعر سجل يحفظ لألمة أحداثها و أيامها " 1وهو
"2 "ديوان علمهم و منتهى حكمهم به يأخذون واليه يصيرون
فهو السجل النفيس والجدار الحصين الذي يحفظ لها تراثها و تاريخها وآدابها من
االندثار مع مرور الزمن ،فهو يسجل مختلف األحداث المحيطة بها ،وذلك لقدرته سبر
أغوار اللحظة الحضارية ،فالشعر هو الفن الوحيد الذي أحسن العرب اإلبداع فيه ،فهم "أهل
فصاحة كل كالمهم شعر ،ال نجد الكالم المنثور في كالمهم إ اال يسيرا ،ولو كثر ،فإنه ينقل
عنهم ،بل المنقول عنهم هو الشعر" 3فمكانة الشعر عند العرب عظيمة" فقد قال عمر بن
"4 أصح منه الخطاب رضي هللا عنه عن الشعر أنه كان علم قوم لم يكن لهم علم
ُ
" فللشعر عند الشعراء منزلة رفيعة " 5فمن خالله يتنفس الشعراء ويجدون غايتهم في
التعبير عن أفكارهم وعن خلجات أنفسهم فتجود قريحتهم بأعذب األشعار و األلحان ،فهو
الفضاء الذي يسبح فيه الشاعر حيث أن هذا األخير هو صوت قومه ورائدهم األول ،ينطق
بلسانهم ،ويتحدث بلغتهم ويعيش قضاياهم ويمجد أيامهم وفرسانهم "فالقبيلة العربية سابقا
كانت إذا نبغ فيها شاع ار أتتها القبائل األخرى مهنئة ...فتقام الوالئم و تجتمع النساء
ويتباشر الرجال و الولدان ،ألنه حماية ألغراضهم وذب عن أحسابهم وتخليد لمآثرهم" 6وهذا
ما كان يفعله لبيد بن ربيعة تجاه قومه ،فأثنى عليه ابن سالم الجمحي قائال " كان في
1.41
قضايا النقد األدبي في القرن الثالث الهجري محمد شريدة الينابيع عمان ط 2005 1ص
طبقات فحول الشعراء ،ابن سالم الجمحي ص 2.24
المثل السائر ،ابن األثير ،تح :محي الدين عبد الحميد .المكتبة العصرية ،بيروت 1995ص 3.99
ينظر :طبقات فحول الشعراء ص 4.24
مصطلحات النقد العربي لدى الشعراء الجاهليين واإلسالميين ،الشاهد بو شيخي ،عالم الكتب الحديث للنشر والتوزيع.عمان ط 2009 1ص5 152
ينظر :العمدة ،ابن رشيق ص 6.37
7
مفهوم الشعر تمهيد
"ولبيد هنا إذا كان يفخر بنفسه فهو يفخر بقومه ،و إذا كان يفخر بقومه فإانما يفخر
بنفسه ...فقد كانت تعقد المناظرات و الندوات في دور الملوك ليستعرض الشعراء فيها كل
ما لدى قومه من بطوالت و انتصارات فكان كل وفد يدافع عن نفسه أمام عدوه بالكلمة ال
بالسيف ،فالمقارعة هنا بالحجة و البينة ال بالرماح والنبال".2
فهذه المنزلة العظيمة التي يكتسبها الشاعر بين قبيلته تظهر لنا أهمية الشعر "الذي
فهو ديوان العلم و منتهى الحكمة ،يأخذون به العرب"3 هو عمود الفخر وبيت الذكر لماثر
ويوثقون فيه ،لما فيه من وقع وتأثير في نفوس القبائل األخرى لترقى منزلة الشاعر من لسان
القبيلة إلى حكيمها ،فيرضون بما يرضى ويحكمون بما يحكم.
8
الفصل األول :
حتى نبحث عن مفهوم الفحولة عند األصمعي ،البد من أن نتوقف عند هذا العنوان
ونعطي حق المصطلحات التي استعملها دون غيرها ،كي نستنبط هدفه في تأليف كتابه هذا
أوال :كلمة فحولة لغة " :الفاء والحاء والالم أصل صحيح يدل على ذكارة وقوة من ذلك
الفحل من كل شيء ،وهو الذكر الباسل ،يقال :أفحلته فحال اذا أعطيته فحال يضرب في
1 إبله وفحلت إبلي ،اذا أرسلت فيها فحلها "
وعند ابن منظور نجد أن " :الفحل معروف الذكر من كل حيوان وجمعه أفحل وفحول
وفحولة و فحال و فحالة مثل الجمالة قال الشاعر :فحالة تطرد عن أشوالها.
قال سيبويه :ألحقوا الهاء فيها لتأنيث الجمع ورجل فحيل :فحل وانه لبين الفحولة والفحالة
يما :اختار لها ،وافتحل لدوابه فحال كذلك ،الجوهري :فحلت
والفحلة ،وفحل ابله فحالا كر ا
إبلي اذا أرسلت فيها فحال.
قال أبو محمد الفقعسي :نفحلها البيض القليالت الطبع من كل عراض اذا هز اهتزع.
أي نعرقبها بالسيوف ،وهو مثل االزهري والفحلة افتحال االنسان فحال لدوابه وأشد :نحن
2 افتحلنا فحلنا لم نأثله "
وفي القاموس المحيط نجد أن " الفحل :الذكر من كل حيوان ،ج فحول وأفحل وفحال
3 وفحالة وفحولة ،ورجل فحيل :فحل "
1معجم مقاييس اللغة ،ابن فارس أحمد .تح :عبد السالم هارون .المجلد . 4دار الجليل ص478
2لسان العرب .ابن منظور ص615
3القاموس المحيط .الفيروز أبادي .قدمه وعلق عليه :أبوالفا نصر الجوريني دار الكتب العلمية محمد علي بيضون .بيروت لبنان 1971ص
1054
10
مفهوم الفحولة عند األصمعي في كتابه " فحولة الشعراء" الفصل األول
وقال الفراهيدي عن الفحل " :الفحول والفحولة :جمع الفحل والفحلة افتحال االنسان فحال
1 لدوابه قال :نحن افتحلنا جهدنا لم نأثله ...وفحل فحيل :كريم المنتجب "
فنالحظ من خالل هاته المفاهيم المتقاربة لهذا المصطلح أنها قد ارتبطت بالذكورة والقوة
والشجاعة والتميز وال عالقة لها من قريب أو بعيد بالشعر .فهي كلمة مفعمة بالذكورة كانت
تستخدم أصال لوصف الحيوانات الذكور التي تستخدم للتكثير.
"2 أما مصطلح الشعراء لغة " فالشاعر :قائل الشعر (ج) شعراء ،وشعر شاعر :جيد
" والشاعر من شعر يشعر شعرا ....وانما سمي شاع ار النه يشعر من معاني القول ،
واصابة الوصف بما ال يشعر به غيره ،واذا كان انما يستحق اسم الشاعر بما ذكرنا ،فكل
3 من كان خارجا عن هذا الوصف فليس بشاعر وان اتى بكالم موزون مقفى "
فالشاعر هو ذلك الشخص الذي يمكنه نظم أبيات أو قصائد شعرية وفق لغة ما ،فقديما
كان الشاعر بالنسبة للقبائل العربية بمثابة األداة التي تتباهى بها القبيلة أمام القبائل األخرى
والرد عليهم بقوالب شعرية محكمة النسج والصياغة " ناتجة من عقول ناضجة رشيدة وأفكار
وقعا في نفوس األعداء .
ثاقبة سديدة وعواطف جياشة نبيلة " 4فاللغة الشعرية القوية أشد ا
ثانيا :اصطالحا :ف :فحولة الشعراء هم " :اللذين غلبوا بالهجاء من هاجاهم مثل جرير
والفرزدق وأشب اههما ،وكذلك كل من عارض شاع ار فغلب عليه مثل علقمة بن
عبدة ،وكان يسمى فحال النه عارض امرؤ القيس في قصيدته التي يقول في
أولها :
كتاب العين .الخليل بن أحمد الفراهيدي تح :عبد الحميد هنداوي .مج 3دار الكتب العلمية ،منشورات علي بيضون بيروت لبنان ص304 1
المعجم الوسيط .مجمع اللغة العربية ،جمهورية مصر العربية ط 2ص484 2
نقد النثر .قدامة بن جعفر تح:طه حسين بك وعبد الحميد العبادي مصر 1939ص 90 3
عيون الشعر العربي القديم .على الجندي .دار الغريب للطباعة والنشر القاهرة ج 1ص3 4
11
مفهوم الفحولة عند األصمعي في كتابه " فحولة الشعراء" الفصل األول
1 وكل واحد منهما يعارض صاحبه في نعت فرسه ففضل علقمة عليه ولقب الفحل "
و"الفحولة صفة عزيزة تعني التفرد الذي يتطلب غلبة صفة الشعر على كل صفات أخرى
في المرء ،فرجل مثل حاتم قد يقول قصائد ولكنه يعد في األجواد وال يسمى فحال ألن الشعر
ال يغلب عليه وكذلك أشباه زيد الخيل وعنترة بن شداد فإنهم فرسان يقولون شع ار وحسب ،وأن
2 غلبة صفة الشعر تستدعي عددا معينا من القصائد التي تكفل لصاحبها التفرد "
فاألصمعي قد وضع مقياسا واحدا في نجاح الشاعر وهو الفحولة ،فهو مقياس فني عالي
يعبر عن قدرة الشاعر العالية في قول الشعر وتفرده وتميزه عن غيره من الشعراء ،فالشاعر
الفحل هو الشاعر المجيد العظيم الذي يبتكر ماال سابق له .
يعد موضوع الفحولة من أبرز المواضيع التي لها عالقة بالشعر والشعراء فهي مقياس
فني عالي الجودة ابتكره األصمعي لقياس درجة الشعراء الفحول من غير الفحول ورغم
األسبقية في تناول موضوع الفحولة إال أننا " ال نجد تفسي ار واضحا لمعنى فحولة الشاعر ،
فقد سأل أبو حاتم أستاذه األصمعي عن معنى"الفحل" فقال :من كان له مزية على غيره
فنالحظ أن األصمعي قد ربط صورة الشاعر المتفرد والمتميز 3 كمزية الفحل على الحقاق "
على غيره من الشعراء بصورة الجمل الفحل القوي الذي يقود سير اإلبل "فاألصمعي قد وقف
عند الجمل في تصور الشاعرية " 4فالشاعر الفحل في نظر األصمعي هو الذي تجتمع فيه
قوة الشاعرية ونبل العبارة ،وغلبة األقران والتميز على غيره من الشعراء ،فهو ذو خصوبة
فكرية ،يتعاطى األلفاظ الجزلة القوية ويتمتع بقدرة رهيبة على توليد المعاني المبتكرة والسبك
المتقن ،فاألصمعي يرى أن الشاعر " ال يصير في قريض الشعر فحال حتى يروي أشعار
العرب ويسمع األخبار ويعرف المعاني وتدور في مسامعه األلفاظ ،وأول ذلك أن يعلم
12
مفهوم الفحولة عند األصمعي في كتابه " فحولة الشعراء" الفصل األول
العروض ليكون ميزانا له عن قوله والنحو ليصلح به لسانه وليقيم اعرابه ،والنسب وأيام الناس
ليستعين بذلك على معرفة المناقب والمثالب وذكرها بمدح أو ذم " 1فهذه جملة من الشروط
التي أسسها األصمعي للظفر بلقب الشاعر الفحل ،فهذا األخير هو الحامل للواء الشعر
الماسك لزمامه القائد للشعراء كامرئ القيس حين قال فيه األصمعي " ما أرى في الدنيا ألحد
مثل قول امرئ القيس :
قال أبو حاتم فلما رآني اكتب كالمه فكر ثم قال " :بل أولهم في الجودة امرؤ القيس ،له
3 الحظوة والسبق وكلهم أخذوا من قوله واتبعوا مذهبه "
وهذا القول يأكد لنا اعجاب األصمعي الشديد بامرئ القيس ،لما يحويه هذا األخير من
جودة في القول والصياغة حتى فضله على غيره من الشعراء ،فاألصمعي وضع مقياسا
لفحولة الشعراء انطالقا من المزية الكبرى والصفة العظمى التي يتميز بها الشاعر الفحل
على غيره من الشعراء فهو ذلك الشاعر العظيم في نظره " حيث قال رؤبة (:الفحول هم
4 الرواة) ودون الفحل الخنديد الشاعر المفلق ،ودون ذلك الشاعر فقط والرابع الشعرور "
فالمقصود من الرواة هم الشعراء الذين يروون شعر غيرهم فيكثر تصرفهم في الشعر
ويقوون على القول ،وتأسيسا على القول ،فالفحولة ال تأتي إال برواية الشعر وتقفي آثار
الفحول بسلك طريقهم ومنهجهم وحفظ أشعارهم وروايتها.
ار من هذا الطرح أن امرؤ القيس يعد ممن يتقدم على الشعراء لما له
والذي نستشفه اعتب اا
من أفضال في تهذيب الشعر والسبق في التطرق إلى مختلف األغراض والخروج بالشعر
من دائرة العادي إلى الرقة والعذوبة والجودة الفنية .
فمثله كمثل النجم سهيل*1الذي يتقدم على سائر النجوم علوا ورفعة فهو بمثابة القائد لباقي
النجوم ،كذلك امرؤ القيس هو إمام الشعراء وقدوتهم في طرق مواضيع مختلفة في الشعر
وأغراضا متعددة في القصيدة كما انه أول من سلك االستعارات والتمثيالت الجيدة في الشعر.
ومن هذا االستنتاج يتبين لنا أن األصمعي أراد أن يحدد الفحولة في القدوة واإلمامة التي
يحتلها الشعراء أصحاب الفضل والسبق إلى طرق مواضيع الشعر وتهذيبها ،ومن ثمة جعلها
منهاج ا ومنصة يرتقيها من يلحق بهم من الشعراء ،فكان امرؤ القيس وأمثاله حاملي لواء
ا
الشعر وسائرون به نحو المجد.
*هو نجم عمالق أبيض اللون ،اعتمد عليه علماء الفلك في العصور الوسطى على تحديد القبلة
14
مفهوم الفحولة عند األصمعي في كتابه " فحولة الشعراء" الفصل األول
حين نضج الشعر واكتملت صورته الفنية ،فتن به العرب فتراؤوه وتذوقوه وتغنوا به،
ونظروا فيه تلك النظرة التي تلتئم مع حياتهم وطبيعتهم ،وبعدهم عن أساليب الحضارة،
فأعلنوا استحسانهم لما استجادوا ،واستهجانهم لما استقبحوا في عبارات موجزة وأحكام سريعة
وبالرغم من جمال الصورة الشعرية وقوة ألفاظها إال أن النقاد القدامى وفي مقدمتهم األصمعي
رأوا ضرورة وجود معايير فنية ومقاييس تمكنهم من نقد األشعار والحكم عليها جودة أو رداءة
وتصنيف الشعراء ،ووضعهم في المراتب التي يستحقونها ،ويتجسد ذلك من خالل جملة
من المعايير التي اعتمدها األصمعي في تصنيفه للشعراء :
يرى األصمعي أن فحولة الشاعر تكمن في كثرة انتاجه ،فكلما كان الشاعر مقواال مكث ار
لقول الشعر ،كانت له األولوية واألسبقية على غيره من الشعراء ويرتقي إلى مصاف الفحول
فاألصمعي يرى أن البد لشاعر أن يقول عدد من القصائد التي تؤهله لبلوغ الدرجة العليا ،
وال تكفيه في ذلك األبيات القليلة أو النتف اليسيرة ،وال يحدد األصمعي عدد معينا للقصائد
التي ينبغي آن ينظمها الشاعر حتى يعد فحال ،بل يتخذ من القصائد الجيدة نموذجا متعاقب
يطالب من خالله شاعر أن ينسج على منواله "يقول أبو حاتم السجسستاني"
1 قال :ولو قال مثل قصيدته خمس قصائد كان فحال "
15
مفهوم الفحولة عند األصمعي في كتابه " فحولة الشعراء" الفصل األول
فالحويدرة من الشعراء الجاهليين والبارزين وهو في نظر األصمعي مقل والعينة التي أتى
بها ذات مرتبة عالية اتخذها األصمعي مقياسا له في الفحولة فقط لو نسج على منواله خمسا
آخر.
وقال في شأن المهلهل " :قلت مهلهل ؟ قال :ليس بفحل ،ولو كان قال مثل قوله :
فاألصمعي هنا يحكم على المهلهل بعدم الفحولة لكونه من الشعراء المقلين ولم يذكر
النصاب الذي يرفع من شأنه في المصدر المعتمد عليه.
كما أن هناك قضية أخرى تحمل قيمة خلقية تتمحور حول الكذب أوردها المرزباني في قوله:
2 " وزعمت العرب أنه كان يدعي في شعره تتكثر في قوله أكثر من فعله "
مع اإلشارة في قضية االنتحال ذلك الزيف والتلفيف الذي أفسد تلك اللثة التي لحقها من
جملة ما قالته العرب .
يروي أفعاله في بني عمومته البكريين الذين حربهم زهاء أربعين سنة ،وكان المهلهل
يقول شع ار يخلد ويمجد في تلك األيام والدارات ،وقول المرزبان هنا كذب وتلفيف ،وزيادات
المهلهل في تلك الحوادث ،وتكفي هذه القضية الصفة الذميمة معيا ار يؤخذ من خالله
األصمعي فحولته ،وبالتالي فنصاب المهلهل خمس قصائد مع تحديد األنموذج .
"3 " وقال :لو قال ثعلبة بن صغير المازني مثل قصيدته خمسا كان فحال
1نفسه ص 41
2الموشح في مآخذ العلماء على الشعراء ،أبي عبد هللا بن عمران بن موسى المرزباني تح :محمد حسين شمس الدين دار الكتب العلمية ،بيروت
لبنان ط 1995 1م ص 95 -94
3سؤاالت ابي حاتم لألصمعي ص 42
16
مفهوم الفحولة عند األصمعي في كتابه " فحولة الشعراء" الفصل األول
باكر1 ذي حاجة متروح أو هل عند عمرة من بتات المسافر
ونصاب ثعلبة بن صغير المازني خمس قصائد مع تحديد األنموذج أيضا .
2 وقال :قلت :فمعقر البارقي حليف بني نمير ؟ قال :لو اتم خمسا أو ستا لكان فحال "
ونصاب معقر البارقي خمس او ست قصائد دون تحديد لألنموذج ثم قال :قالت :فأوس بن
غفاء الهجيمي ؟
قال :لو كان قال عشرين قصيدة كان لحق بالفحول " ، 3فاألصمعي يرى أوسا من الشعراء
المقلين إلى حد كبير ،واال فلما يحدد نصابه بعشرين قصيدة ؟ دون غيره من أصحابه ،
والست قصائد دون تحديد لألنموذج .
فاألصمعي هنا لم يحدد النصاب الذي يريده ليرتقي سالمة إلى مصاف الشعراء الفحول
ونظره إلى نصاب القصائد التي يعتمد األصمعي في تحديد فحولة كل شاعر تجده متوقفا
عند الخمس قصائد كأ دنى تقدير وأما الحد األعلى فهو غير محدد ،أي عند الحويدرة
ومهلهل ،وثعلبة بن صغير المازني النصاب هو خمس قصائد مع تحديد لألنموذج وأوس
بن غلفاء الهجيمي فنصابه عشرون قصيدة دون تحديد لألنموذج أيضا وأما سالمة بن
جندل لو كان زاد شيئا كان فحال فال قصائد تحديد نصابه وال أنموذج فما سبب هذه
التحديدات التي وضعها األصمعي ؟ .
نالحظ من خالل تحديد األصمعي للنصاب ،واألنموذج جاء متذبذبا بين الشعراء ،ووراء
هذا األمر خلفية دفعته إلى تحديد النصاب العتبار فحولة شاعر على آخر ،وربما يكون
السبب في الشهرة والمكانة القبلية التي يحتلها الشاعر ،أي أن الشاعر صاحب المكانة
1المفضليات ،المفضل الضبي ـ تح :أحمد محمد شاكر وعبد السالم هارون ،دار المعارف مصر ط1979 6م ص 128
2سؤاالت أبي حاتم لألصمعي ص 46
3المرجع نفسه ص 51
4المرجع نفسه ص 53
17
مفهوم الفحولة عند األصمعي في كتابه " فحولة الشعراء" الفصل األول
الرفيعة في قبيلته كالمهلهل مثال :إضافة إلى جودة أنموذج شعري واحد تشفع له ،ويكثر
عليه األصمعي في قضية الكم على خالف باقي الشعراء هذا الذي يمكن أن نرجحه في
قضية الكم الشعري ،ومن هنا فمعيار الكم الشعري هو معيار صالح يعكس تفوق شاعر
على أخر في كثير من األحيان ،اذ ال يمكن أن يتساوى شاعران مثال ،ألن ألولهما
األبيات ال قليلة ،ولثانيهما القصائد الكثيرة على أنه ينبغي أن ينتبها على أن مثل هذا المعيار
ال يمكن األخذ به على اطالقه دائما بل البد من أن يكون مرتبطا بمعيار آخر هو الجودة
الشعرية في معظم األحيان ،ويمكن عده عامال مرجحا اذا تساوى شاعران في جودتهما
وتفوق أحدهم على اآلخر.
يتخذ األصمعي هذا المعيار مضما ار يقيس من خالله فحولة الشعراء وله قيمة كبيرة ،
فالشاعر المجيد له أفضال عديدة على باقي الشعراء النه بمثابة المحور األساس والمرجح
الذي ينهل منه الشعراء ،فالشاعر المجيد هو فاتح الطريق لباقي الشعراء في الكثير من
الموضوعات ومثل هذه المكانة أوالها األصمعي المرئ القيس وذلك في قوله " أولهم كلهم
1 في الجودة أمرؤ القيس ،له الحظوة والسبق ،وكلهم أخذوا من قوله ،واتبعوا مذهبه "
فلم يخف األصمعي قوة اعجابه بأمرئ القيس لما يحويه من جودة حتى أواله هذه األهمية
واألولوية .
طر أشعر؟
قال أبو حاتم :وسأله رجل :أي الناس اا
قال :النابغة
18
مفهوم الفحولة عند األصمعي في كتابه " فحولة الشعراء" الفصل األول
1 قال :ال ،وال أدركت العلماء بالشعر يفضلون عليه أحدا
فالسبب األول الذي جعل األصمعي يفضل النابغة أكيد هو جودة الشعر التي اتخذها
لقياس شاعريته على شاعر آخر ومن ثم فحولته مما تميزه عنهم .فنالحظ على األصمعي
وهو يتعرض للشعراء غير الفحول أنه ينظر إليهم بعين بصير خبير بالشعر ،ليمكن ذلك
من التميز بدقة جودة الشعر ورداءته ويحكم من خالله على فحولته وعدم فحولة الشعراء ،
أي ف الشاعر الجيد للشعر فحل تارة باجتماع خصائص غير فحل ينقص بعض الخصائص
تارة ،ونجد األصمعي يمثل االنعدام لفحولة لبيد بن ربيعة بـ :
"2 ثم قال لي مرة أخرى :كان رجال صالحا ،كأنه ينفي عنه جودة الشعر
فلبيد في رأي األصمعي ليس من الشعراء الفحول ،والسبب هو نفي عنه جودة الشعر
كما اعتقد أبو حاتم ،وقد حدث األصمعي ذات مرة قال " :سمعت أبا عمرو بن العالء
يقول :ما أحد أحب إلي شع ار من لبيد بن ربيعة لذكره هللا عز وجل وإلسالمه ولذكره الدين
فالمعيار هنا هو الجودة الشعرية والذي اعتمده األصمعي 3 والخير ولكن شعره رحى يزر "
كركيزة أساسية في تقييم شعر لبيد وانزاله المرتبة التي يستحقها كما قال في شأن المهلهل
4 اذا أنت انقضت فال تحوري أليتنا بذي جشم أنيري
فعلى الرغم من أن المهلهل ليس من الشعراء الفحول إال أن بعض شعره يتميز بجودة
أخاذه ،ولو قال شع ار بذلك المستوى لكان أفحل الشعراء.
وهنا دأب األصمعي في تمييز الشعراء الفحول وغير الفحول ،عبر معايير متمايزة
حسب ما وجد عند الشاعر من جودة وحسن النظم ،ففي موضع آخر تراه يقرر أن كعب بن
سعد الغنوي " ليس من الفحول إال في المرثية فإنه ليس في الدنيا مثلها " ومرثيته هي
البائية التي رثى فيها أخاه إذ يقول في مطلعها :
2 وكل امرئ بعد الشباب يشيب تقول إبنة العبسي قد شبت بعدنا
فهذا دليل على اعجاب األصمعي بجودة هذه القصيدة ،وبالتالي فمكانة كعب بن سعد
الغنوي عنده مرموقة ،فقد أوالها درجة الفحول كما أن هذا دليل آخر ان الفحولة عند
األصمعي ،غير مقصورة على شعر الشاعر جميعا بل يمكن لها أن تقتصر على قصيدة
واحدة فقط ويكون الشاعر فحال من خاللها .
حيث قال " :ليس أحد يقوم للشماخ في الزائية والجيمية إال ’أن أبا ذؤيب أجاد في جيميته
حدا ال يقوم له احد قال :هي التي قال فيها :
3 أمه يرك من جدام لبيح كأن تقال المرن بين تضارع
وبالتالي معيار جودة الشعر ،من أحكم وأقدر المعايير التي تحدد مقدرة الشاعر الفنية
ومدى حسن نسجه وبراعة نظمه وتبين مدى مكانته بين الشعراء ،وفحولته.
20
مفهوم الفحولة عند األصمعي في كتابه " فحولة الشعراء" الفصل األول
إن من أهم المعايير النقدية التي اشتد حولها الجدل والخصام ،معيار " الزمن " الذي
أفرز العديد من القضايا النقدية الخطيرة التي دارت حولها العديد من المعارك النقدية ،حيث
يعد هذا المعيار األساس واألوحد في تحديد مراتب الشعراء فهو العامل الوحيد الذي يحدد
مكانة الش اعر على مر العصور ،فله قيمة كبيرة عند كبار اللغويين أمثال ابو عمرو بن
العالء واألصمعي وغيرهم حيث انصب اهتمام هؤالء النقاد على صيانة اللغة العربية
األصيلة من العبث ،أو بعبارة أخرى إجالل الشعر القديم والرفع من شأنه حيث يرون فيه
الحجة الدامغة والروح العربية الخالصة ،فاألصمعي وضع هذا المعيار للرفع من شأن
الشعراء الجاهليين الذين يراهم عماد الشعر العربي القديم أمثال :بشار بن برد الذي قال فيه
1 ّ:وهللا لوال أن أيامه تأخرت لفضلته على كثير منهم "
وكذلك سؤال أبي حاتم ألستاذه األصمعي حين سأله " :قلت :فجرير والفرزدق واألخطل ؟
2 قال :هؤالء لو كانوا في الجاهلية كان لهم شأن وال أقول فيهم شيئا ألنهم إسالميون "
وهنا يتبين لنا رفعة ومكانة الشاعر الجاهلي عند األصمعي فهو يرى أن إدراك الشاعر
للعصر الجاهلي يعد من أهم العوامل التي تجعل من الشاعر فحال ،فالفحول من الشعراء
هم من الجاهليين فقط" 3كما أننا نلمس من قوله في أمر جرير والفرزدق واألخطل مكانة
للشاعر اإلسالمي إال انه يتحرج في إصدار أحكام فيهم .
" قال أبو حاتم :وكنت أسمعه يفضل جري ار على الفرزدق كثي ار ،فقلت له يوم دخل عليه
عصام بن الفيض ،إني أريد أن أسألك عن شيء ،ولو أن عصاما يعلمه من قبلك لم
أسألك ثم قلت :سمعتك تفضل جري ار على الفرزدق غير مرة ،فما تقول فيهما
األصمعي اللغوي صورة عراقية في القرن الثاني الهجري عبد الحميد الشلقاني دار المعارف ص44 1
سؤاالت أبي حاتم ص 43 2
ينظر :في النقد األدبي القديم عند العرب ،حسين الجداونة ،دار اليازوني للنشر ،عمان األردن ص 111 3
21
مفهوم الفحولة عند األصمعي في كتابه " فحولة الشعراء" الفصل األول
1 " من قال لك أن في الدنيا أحدا قال مثلها قبله وال بعده فال تصدقه "
فالمالحظ هنا أن األصمعي يميل إلى الشعر اإلسالمي أو الشعراء غير الجاهليين لما
في شعرهم من حالوة وروعة وجمال في صياغة األلفاظ وسهولة في المعاني ورقة في
األسلوب ،إال أن ذلك ال يمنعه من تمييز الشاعر الفحل وغير الفحل ،فهو يعتبر الشاعر
الجاهلي حجة وله مكانة سامية بين الشعراء وذلك بسبب الفارق الزمني فهو ال يكترث لجودة
شعر الشاعر غير الجاهلي وال لمكانته إال إذا أدرك الجاهلية ،فاألصمعي له صرامة شديدة
في الفصل بين الشعراء ،فهو لغوي بالدرجة األولى .
لقد اعتمد األصمعي في تصنيفه للشعراء على مجموعة من المعايير النقدية التي ساعدته
في اختيار الشعراء الفحول وجعلهم في مرتبة الفحول من الشعراء لما في شعرهم من جودة
وسبك واتقان ،على غيرهم من الشعراء الغير فحول في نظر األصمعي لرداءة شعرهم أو
عدم أسبقيتهم ،فاألصمعي ينطلق في ترتيبه للشعراء من خالل أنموذج متعال ،شكل مكانة
رفيعة في مضمار الشعر كأمرئ القيس لما تميز به عن غيره في السبق والتفرد لطرقه
مواضيع عديدة تميز بها عن غيره من الشعراء ،فالشاعر الفحل في نظر األصمعي هو
الذي له األسبقية الزمنية والجودة الفنية والرصيد الشعري ذلك هو الفحل في نظره وغير ذلك
ليس بفحل .
وهذا ما سنتطرق إليه في هذا المبحث ،حيث سنورد مجموعة كبيرة من الشعراء
الجاهليين واإلسالميين وتصنيفهم إلى فئتين فحول وغير فحول .
22
مفهوم الفحولة عند األصمعي في كتابه " فحولة الشعراء" الفصل األول
لقد أولى األصمعي أهمية كبيرة للشعراء الفحول باعتبارهم أصحاب القرار والركيزة
األساسية في العملية اإلبداعية ،فالشاعر الفحل هو صاحب الحجة الكبيرة الذي ال يتقدمه
شاعر آخر مثل "أمرئ القيس" الذي قال فيه " :ما أرى في الدنيا ألحد مثل قول أمرئ
القيس :
فهذا دليل واضح على مكانة أمرئ القيس عند األصمعي ،فهو من الشعراء الفحول
2 الذين لهم " الحظوة والسبق وكلهم أخذوا من قوله واتبعوا مذهبه "
فامرئ القيس هو الشاعر العظيم الذي يبتكر ما ال سابق اليه وهو الحامل للواء الشعر .
طر أشعر قال النابغة قال تقدم عليه أحدا ،قال :ال ،
" قال أبو حاتم وسأله رجل أي الناس ا ا
وال أدركت العلماء بالشعر يفضلون عليه أحدا " 3
فالنابغة الذبياني من الشعراء الفحول في نظر األصمعي الذين حظوا بمرتبة رفيعة ومكانة
مرموقة بين الشعراء .
" كان طفيل الغنوي يسمى في الجاهلية محب ار لحسن شعره ...وكان معاوية بن أبي سفيان
4 يقول :دعوا لي طفيال ،فإن شعره أشبه بشعر األولين من زهير ،وهو فحل "
قال :ولم يكن النابغة وأوس وزهير يحسنون صفة الخيل ،ولكن طفيل الخيل غاية في
5 النعت وهو فحل "
23
مفهوم الفحولة عند األصمعي في كتابه " فحولة الشعراء" الفصل األول
فنالحظ من خالل ذلك أن لطفيل مكانة لحسن شعره ولتفرده في وصف الخيل على غيره
امثال النابغة وزهير.
قال :فحل
قال :فحل
قلت :فالمرقشان ؟
24
مفهوم الفحولة عند األصمعي في كتابه " فحولة الشعراء" الفصل األول
قال :فحل
قلت :فالشماخ ؟
قال :فحل
قال :فحل
قال :فحل
25
مفهوم الفحولة عند األصمعي في كتابه " فحولة الشعراء" الفصل األول
1 من علو ال كذب فيها وال سخر " إني أتتني لسان ال أسر بها
إذن ربما هؤالء هم أبرز الشعراء الفحول في نظر األصمعي ،فنالحظ أن هذا األخير
قد نظر إلى الشعراء الفحول نظرة رجل خبير بالشعر وخباياه ،فلم يكن تصنيفه للشع ارء إلى
فحول مجرد رأي أو نظرة سطحية بل جاء ذلك بعد غوصه في أعماق مفردات ومصطلحات
اللغة العربية فاألصمعي " له زاد غني من غريب اللغة ونوادر القوم
هذا ما جعل منه ناقدا لغويا بالدرجة األولى ،يتناول الشعر والشعراء ويستنبط 2 وقصائدهم "
منه الجيد من الرديء والفحل من غير الفحل .
26
مفهوم الفحولة عند األصمعي في كتابه " فحولة الشعراء" الفصل األول
قلت :فالحويدرة ؟
2 قال :لو قال مثل قصيدته خمس قصائد كان فحال
فالحويدرة في نظر األصمعي ال يعد من الفحول والسبب يعود إلى قلة قصائده فلو قال
مثل قصيدته -أي العينية -خمس قصائد كما حددها األصمعي لعده من الفحول.
قلت :فمهلهل ؟
قلت :فالراعي؟
27
مفهوم الفحولة عند األصمعي في كتابه " فحولة الشعراء" الفصل األول
يبدو أن هؤالء تقريبا هم الشعراء الغير فحول في نظر األصمعي بالرغم من علو
مكانتهم ورفعة شأنهم بين أفراد قبائلهم فاألصمعي هنا قد حكم على هؤالء الشعراء بعدم
الفحولة دون ذكر األسباب التي دفعته الى ذلك فقد اكتفى بالرد المباشر على ابي حاتم دون
التطرق الى التفاصيل حول كل شاعر فحكمه هنا يعود بالضرورة الى نقص او عيب في كل
شاعر قلة شعره أو رداءته ...فهو لم يحكم عليه اعتباطا بأنه ليس بفحل بل حكمه كان
وفق معايير فنية محكمة اتخذها لقياس فحولة كل شاعر وسار عليها بالتحليل والتدقيق
واالستقصاء ومن ثم إصدار الحكم المناسب .
ومن هذا تبين الجهد الكبير الذي بذله األصمعي في استقصاء الشعراء الفحول من غير
الفحول فلوال هذه الجهود الجبارة التي قام بها هؤالء اللغويين وعلى رأسهم األصمعي لضاع
قسم كبير من الشعر والشعراء ولما استطعنا ان نتطلع على هذا القدر الهائل من التراث
العربي األصيل.
إال أننا نأخذ على األصمعي إهماله لكثير من الشعراء الذين بقي أمرهم مبهما بالرغم
من براعتهم وشهرتهم في ميدان األدب والشعر أمثال :جرير و الفرزدق واألخطل الذين ذاع
صيتهم بين القبائل العربية في العصر األموي بسبب براعتهم في كثير من الفنون من مدح
وهجاء...حتى وصلت شهرتهم األفاق وعدوا من أشهر شعراء العرب آنذاك فاكتفى األصمعي
28
مفهوم الفحولة عند األصمعي في كتابه " فحولة الشعراء" الفصل األول
بقوله " :لو كانوا في الجاهلية كان لهم شأن وال أقول فيهم شيئا ألنهم إسالميون " .1فنالحظ
من خالل قوله إعجابه الشديد بهؤالء الشعراء إال أن اعتناقهم لإلسالم يمنعه من الفصل في
أمرهم.
29
الفحولة عند األصمعي في كتابه " فحولة الشعراء الفصل األول
30
الفحولة عند األصمعي في كتابه " فحولة الشعراء الفصل األول
من خالل الجدول نستنبط جملة من األقسام التي أدرج فيها األصمعي نف ار من الشعراء
الذين لم ينسبهم إلى الفحول وال غير الفحول إذ اكتفى بإطالق ألقاب أقل من الفحل كالشاعر
الكريم والشاعر الصالح ، 1والفرسان والحجة وغير الحجة إلى غير ذلك من األلقاب التي
ميز بها األصمعي بعض الشعراء ،فهؤالء في نظر أدونيس '' ال يغلب عليهم هاجس الشعر
2 فهم اذن ليسوا فحوال واألحرى أن يسموا صلحاء وكرماء وفرسانا ''
فالشاعر الكريم هو الذي يكون أقل من الشاعر الفحل كغزوة بن الورد الذي كان
وكذلك حاتم الطائي حيث اكتفى األصمعي بقوله '' إنما يعد بكرم 3 شاع ار كريما وليس بفحل
فهو ينفي عنه صفة الفحولة ،فشهرته بالجود والكرم ال بالشعر ،فهو 4 ولم يقل أنه فحل ''
من أشهر العرب بالكرم والشهامة ويعد مضرب المثل في الجود والكرم ،إال أن األصمعي
يشترط غلبة صفة الشعر على الشاعر فإن انتشرت له صفة أخرى فال يعده من الفحول .
وكذلك األمر بالنسبة للفرسان أمثال :خفاف بن ندبة ،عنترة ،الزبرقان ودريد بن
بسبب درجته العظيمة في 5 الصمة الذي أطلق عليه األصمعي لقب من فحول الفرسان
الفروسية والتي ال تقف عند معنى الشجاعة والمخاطرة فحسب وانما تتجاوز ذلك الجانب
فهذا المزيج المتكامل من الفروسية 6 الحسي إلى جانب معنوي يشمل القيم الخلقية الرفيعة
والشجاعة والقيم الخلقية جع لت من دريد شاعر الفرسان '' إال أن الفحولة ال تلتبس بروح
فغلبة صفة الفروسية عند هؤالء الشعراء هو ما أخرجهم من 7 الفروسية لدى األصمعي ''
دائرة الفحول.
-ينظر :معجم مصطلحات النقد العربي القديم ،أحمد مطلوب ،مكتبة لبنان ناشرون ط 2001 1ص309 1
-الثابت والمتحول بحث في االتباع واالبداع عند العرب ،دار الفكر ،بيروت لبنان 1986ط 5ج 2ص41 2
31
الفحولة عند األصمعي في كتابه " فحولة الشعراء الفصل األول
ونفس الشيء عند الصالحين ،فالشاعر الصالح في نظر األصمعي هو الذي يكون
من الشاعر الفحل أمثال أبو دواد ولبيد بن ربيعة حيث أنزلهم األصمعي منزلة أقل
الصالحون وكأنه ينفي عنهم جودة الشعر فنجده يقول عن شعر لبيد '' كأنه طليسان طبري ،
فغالبا ما يؤدي اإلفراط في الصنعة واإلكثار 1 يعني انه جيد الصنعة وليست له حالوة ''
منها إلى فقدان الشعر لحالوته
وجودته ،فكلما حرص الشاعر على مراعاة التناسب بين مكونات قصيدته حقق بذلك الجودة
الشعرية التي يشترطها األصمعي في شعر الشاعر للوصول إلى مصاف الفحول .
أما هؤالء الشعراء أمثال :عبد هللا بن الحسحاس وأبو دالمة وابن هرمة فقد صنفهم
األصمعي إلى فئة الفصحاء من الشعراء لما في شعرهم من فصاحة ودقة في األسلوب
وبعدهم عن كل غث وسمين ،فهذا بن هرمة الشاعر المخضرم الذي تجاوزت شهرته
المحيط العربي حيث حظي باهتمام جمهور الرواة والنحاة وعلى رأسهم األصمعي الذي قال
فبالرغم من شهرة هذا األخير ومكانته المرموقة بين 2 فيه '' :ختم الشعر بابن هرمة '' ....
شعراء عصره إال أن األصمعي قد حكم عليه بعدم الفحولة واكتفى بقوله أنه '' :آخر الحجج
وبالنسبة لقسم الشعراء الحجة فنجد زياد األعجم وعمر بن 3 ....وهو فصيح ال يلحن ''
أبي ربيعة وذو الرمة وغيرهم الذين كان يعتبرهم األصمعي حجة ال فحوال ،حيث يقول أن :
4 هؤالء مولودون وشعرهم حجة ''
فمن خالل هذا القول يبرهن األصمعي عن خروج هذه الفئة من دائرة الفحول واعتبارهم
من المولدين '' وهم الشعراء الذين نشأوا في ظل الدولة العباسية وتمتاز أشعارهم بما ذكر ابن
طباطبا في قوله " :وستعثر في أشعار المولدين بعجائب استفادوا ولطفوا في تناول أصولها
منهم ولبسوها على من بعدهم وتكثروا بإبداعها فسلمت لهم عند أدائها للطبع سحرهم فيها
32
الفحولة عند األصمعي في كتابه " فحولة الشعراء الفصل األول
وقد كان األصمعي '' يعتبر ذو الرمة حجة ألنه كان موغال في 1 وزخرفتهم لمعانيها ''
2 تبديه''
أما هؤالء الشعراء والمتمثلون في القحيف العامري والكميت بن يزيد والطرماح فنرى
أن األصمعي قد أبدى رأيه في شعرهم وحكم عليهم بعدم الحجية في اللغة إنطالقا من عدم
مخالطته م العرب وعدم إغراقهم في البداوة والتشبع بفصاحة أهلها حيث قال '' :الكميت بن
4 زيد ليس بحجة ألنه مولد وكذلك الطرماح ''
يرفض األصمعي هنا حجية هؤالء الشعراء وعدم االستشهاد بهم في اللغة باعتبارهم
مولدين.
وأخي ار سوف نورد الشعراء الذين شبههم بالفحول أمثال كعب بن جعيل واألسود من
يعفر النهشلي ،جرادة بن عميلة العنزي حيث قال في هذا األخير أن '' له أشعار تشبه
5 أشعار الفحول وهي قصار''
فنرى أن األصمعي قد أبقى أمر هؤالء الشعراء معلقا فال صنفوا إلى فحول وال إلى غير
فحول وفضل عدم الفصل في أمرهم واكتفى بتشبيههم بالفحول.
33
الفصل الثاني :
مفهوم الفحولة عند ابن سالم الجمحي في كتابه '' طبقات فحول الشعراء"
إن المتأمل في تراثنا النقدي عبر تاريخه الطويل ،يدرك حتما حقيقة هامة وهي أسبقية
األصمعي في التطرق لقضية الفحولة والتي القت صدى كبي ار بين النقاد فهو المؤسس األول
لهذه الفكرة ،إال أننا نجد ناقدا آخر قد أخذها ووسع لها وأعاد صياغتها ،وهو ابن سالم
الجمحي حيث غاص في أعماق هذه الفكرة ودرسها دراسة نقدية تكشف عن روح عالم متأثر
بطريقة عصره في االستيعاب والشرح والتحليل ،فقد أولى ابن سالم عناية فائقة بالشعر
والشعراء من خالل مصنفه طبقات فحول الشعراء الذي لقي رواجا واسعا باعتباره طليعة كتب
النقد في األدب العربي ،حيث يهدف من ورائه إلى تخليص الشعر العربي من الشوائب
العالقة به وانتقاء فحول الشعراء وتمييز مراتبهم ،فالجمحي قد رتب كتابه على شكل طبقات
وكل طبقة تمثل درجة من درجات الفحولة والتميز ،فالطبقة األولى هي الفحولة األعلى ثم
دونها الطبقة الثانية ثم األقل في الطبقة الثالثة وهكذا حتى آخر طبقة ....وهذا هو مفهوم
الفحولة عنده ،كما أن الملف ت للنظر هنا هو تفاوت الفحولة عند الجمحي وهو عكس ما
ألفناه عند األصمعي فهذا األول يعد الفحولة مقياسا فنيا يعبر عن الجودة والمقدرة في قول
الشعر وصناعته '' فهي األساس األول الذي اتخذه في قسمته للشعراء على هذا التمييز
1 والتدريج ''
لذلك اعتبر ابن سالم جميع الشعراء الذين ترجم لهم في كتابه ،هم من الشعراء الذين
حققوا درجة الفحولة ،حيث قال '' :فاقتصرنا من الفحول المشهورين '' 2وبذلك فهو يرى أن
3 الشاعر الفحل ''هو الشاعر الكبير الذي يتفنن في شعره ويجود فيه ويحسن القول ''
فكل شاعر حقق الجودة الفنية وسار على قواعد موضوعية سليمة عده من الفحول ،إال أن
الفحول عند ابن سالم على طبقات متتالية وكل طبقة تحمل أربعة شعراء مجيدين مشهورين
-ينظر :تاريخ النقد األدبي عند العرب ،إحسان عباس ص68 1
35
مفهوم الفحولة عند إبن سالم الجمحي في كتابه طبقات فحول الشعراء الفصل الثاني :
واذا بحثنا عن مفهوم الطبقة ،فهي في اعتقادنا مفهوم يدل على المرتبة والمكانة أو النقد
على أساس تصنيف سامي وترتيبي وفق حدود ذاتية أو ذوقية أو ربما وفق حدود ذاتية
وقواعد موضوعية متعارف عليها عند العامة والخاصة.
وقد اهتدى ابن سالم في كتابه إلى تقسيم الشعراء على الشكل التالي :
-3طب قة أصحاب المراثي :وتضم ثالث شعراء والشاعرة الخنساء وهي المرأة الوحيدة التي
أوردها ابن سالم في طبقاته
-مقومات عمود الشعر األسلوبية في النظرية والتطبيق ،رحمان غار كان ،منشورات اتحاد الكتاب العرب ،دمشق 2004ص 60 1
36
مفهوم الفحولة عند إبن سالم الجمحي في كتابه طبقات فحول الشعراء الفصل الثاني :
ب – شعراء مكة
ولم يكن هذا التقسيم في المخطط األولي للجمحي بل كان في مخططه أن يشتمل كتابه
على ثمانين شاع ار ،عشر طبقات تمثل شعراء الجاهلية ومثلها لشعراء اإلسالم ،ولكن
األمر اضطرب بين يديه فكانت هناك طبقات أخرى فرضها الواقع عليه حينما يجد شاعرات
وشعراء اختصوا بالرثاء فقط ،ال يوضعون قبال اآلخرين أو شعراء يمثلون مذهبا دينيا واحد
أو ديانة واحدة فيجعل طبقة لشعراء اليهود وأخرى لشعراء الرثاء وثالثة لشعراء المدن والبوادي
الحجازية وهذا كله خارج عن صياغ مخططه ،واألمر الذي ينبه عليه ابن سالم هو أن ذكره
لشاعر قبل أقرانه في الطبقة الواحدة ال يعني أنه األعلى مكانة بل إن هذا األمر ال يخضع
ألي معيار نقدي ،ألنه البد أن يبدأ بذكر أحدهم '' وليس تبدئتنا أحدهم في الكتاب نحكم له
والبد من مبتدأ '' 1ومع ذلك فإننا نجد ابن سالم في كثير من األحيان ،يوازن بين شعراء
الطبقة الواحدة أو بين شاعر وآخر داخل الطبقة ،فيورد رأي العلماء فيهم ويختار من شعرهم
ما يؤكد هذا الرأي ،ثم يفسر بعض الكلمات العربية التي قد ترد في الشعر – وهذا قليل –
أو يورد آراء علماء اللغة العربية فيها وفي حاالت قليلة يبين رأيه ،وشواهد ذلك في طبقاته
كثيرة من ذلك – مثال – ما نراه في المفاضلة بين شعراء الطبقة األولى من الجاهليين
وهم :امرؤ القيس والنابغة الذبياني وزهير بن أبي سلمى واألعشى ،حيث يورد العديد من
37
مفهوم الفحولة عند إبن سالم الجمحي في كتابه طبقات فحول الشعراء الفصل الثاني :
آراء العلماء واختالفهم في المفاضلة بين شعراء هذه الطبقة من ذلك قوله '' :أخبرني يونس
بن حبيب :أن علماء البصرة كانوا يقدمون ام أر القيس بن حجر ،وأهل الكوفة كانوا يقدمون
وفي تبرير تفضيل امرئ 1 األعشى ،وان أهل الحجاز والبادية كانوا يقدمون زهي ار والنابغة ''
القيس على شعراء طبقته قوله '' :فاحتج المرئ القيس من يقدمه قال :ما قال ما لم يقولوا
،ولكنه سبق العرب إلى أشياء ابتدعها واستحسنتها العرب ،و اتبعته فيها الشعراء :استيقاف
صحبه والتبكاء في الديار ،ورقة النسيب ‘ وقرب المأخذ ،وشبه النساء بالظباء والبيض ،
وشبه الخيل بالعقبان والعصي ،وقيد األوابد وأجاد في التشبيه وفصل بين النسيب وبين
2 المعنى ''
فابن سالم يرى أن ام أر القيس '' كان أحسن أهل طبقته تشبيها وأحسن اإلسالميين تشبيها ذو
3 الرمة ''
38
مفهوم الفحولة عند إبن سالم الجمحي في كتابه طبقات فحول الشعراء الفصل الثاني :
اتخذ النقاد العرب المعايير النقدية كوسيلة أساسية يعتمدونها في الحكم على الشع ارء
وشعرهم بوصفه ديوان العرب وسجل احداثهم ووقائعهم ومثلما تنوعت األوزان والتراكيب
واإلشعارات تنوعت المعايير النقدية لدى النقاد العرب ولعل أبرز هؤالء نجد ابن سالم
الجمحي وذلك من خالل كتابه طبقات فحول الشعراء الذي اعتمد في ترتيبه الشعراء إلى
طبقات على مجموعة من المعايير التي حددها لقياس فحولتهم ومدى أسبقية كل شاعر عن
اآلخر أو كل طبقة عن األخرى ،حيث تنبع هذه المعايير النقدية من حيث اطارها العام من
معيارين أساسين هما الفحولة والتشابه .
وأما الفحولة فهي األساس األول الذي اعتمده في ترتيبه للشعراء حيث يرى أن كل
الشعراء الذين ذكرهم في كتابه هم فحول إال أن الفحولة عندهم تتفاوت ،وبالنسبة للمعيار
الثاني فهو التشابه أي تقارب أصحاب كل طبقة في أشعارهم ،أما بالنسبة ألبرز المعايير
التي أقام على أساسها اختيار الشعراء والمفاضلة بينهم فهي كاآلتي :
مما ال شك فيه أن الجودة هو معيار يركن اليه ويعتد به في النقد باعتباره من أهم
المعايير التي يستند عليها النقاد في كشفهم عن مستوى شعر كل شاعر ،فالجودة هي أداة
النقاد األولى في بيا ن جمال العمل األدبي ،وهي وسيلة لتصور تجربة النقاد وايصالها إلى
المتلقي التي تصورها األلفاظ في أدق تصوير ،حيث نرى أن ابن سالم يعتمد في ترتيبه
الطبقي للشعراء على '' كثرة شعر الشاعر وجودته ،فكلما كان الشاعر مكث ار ومجيدا ارتفع
1 إلى أعلى الرتب والطبقات ''
-في النقد األدبي القديم عند العرب ،حسين الجداونة ،مؤسسة حمادة للدراسات الجامعية والنشر والتوزيع ،دار اليازوني عمان االردن ط1 1
2013ص 131
39
مفهوم الفحولة عند إبن سالم الجمحي في كتابه طبقات فحول الشعراء الفصل الثاني :
فهو يجمع بين كثرة والجودة ويعتبرها كالعملة النقدية الواحدة ذات الوجهين ويستحيل الفصل
ويرى أن على الشاعر 1 بينهما '' فابن سالم يفضل الشاعر المكثر على الشاعر المقل ''
المكثر أن يقرن شعره الكثير بالجودة ليلحق بالفحول ويصنف بأعلى المراتب وكل شاعر
نفيت عنه هذه الصفة اخر عن مصاف الفحول األوائل أمثال :طرفة بن العبد وعبيد بن
األبرص وعلقمة بن عبدة وعدي بن زيد الذين أخرهم الجمحي إلى الطبقة الرابعة إذ
يقول '' :أربعة رهط فحول شعراء ،موضعهم مع األوائل وانما أخل بهم قلة شعرهم بأيدي
2 الرواة ''
فهو يقدم الشعراء المكثرين المجيدين على المقلين ،ويرى بأن قلة شعرهم أدت دو ار
كبي ار في تأخير طبقتهم بالرغم من شهرتهم وموضعهم مع األوائل ،ويفصل في شأنهم فيقول
'' :فأما طرفة فأشعر الناس واحدة وهي قوله :
وقفت بها أبكي وأبكي إلى الغد لخولة أطالل ببرقة تهمد
فيتبين لناأن ابن سالم كان يعتني كثي ار بكثرة الشعر وقلة شعر طرفة هو ما أخره
باللحاق بفحول الطبقات األولى
األمر نفسه عند عبيد بن األبرص الذي قال فيه '' :قديم ،عظيم الذكر ،عظيم الشهرة
وشعره مضطرب ذاهب ،ال أعرف له إال قوله :
-مفهوم الطبقات في النقد األدبي عند العرب ،جهاد شاهر المجالي ،دار يافا العلمية للنشر ،والتوزيع ،عمان االردن 2009ط 1ص 200 1
40
مفهوم الفحولة عند إبن سالم الجمحي في كتابه طبقات فحول الشعراء الفصل الثاني :
وكذلك علقمة بن عبدة الملقب بعلقمة الفحل الذي له ثالث رائع جياد ،ال يفوقهم شعر :
والثانية :
والثالثة :
أم حبلها إذ نأتك اليوم مصروم هل ما علمت وما استودعت مكتوم
يتضح مما سبق أن ابن سالم يولي اهتماما بالغا بهذا المقياس ويعتبره المعيار
األنسب في تقديم الشعراء وتأخيرهم كما يرى أن '' الجمع بين الكثرة وطول القصائد وجودتها
3 هو السبيل للحاق بمصاف الفحول األوائل ''
تتضح مكانة هذا المعيار بصورة جلية في مواضع عديدة من طبقات كتابه لكونه
المعيار األنسب الذي يتحقق به التفاضل بين الشعراء ،فالشاعر المفضل على غيره عند
الموازنة ،هو الذي تنقل شعره بين أكبر عدد من أغراض الشعر ،وتمتع باإلجادة فيها جميعا
،فالمبرز فيها جميعا يفوق غيره ممن اقتصر على غرض واحد ،وتفارقه الجودة إذا خرج
-ينظر :في النقد األدبي القديم عند العرب ،حسين الجداونة ص 131 3
41
مفهوم الفحولة عند إبن سالم الجمحي في كتابه طبقات فحول الشعراء الفصل الثاني :
إلى أي غرض آخر فقد روي عن جرير أنه كان يفضل نفسه على الفرزدق واألخطل بقدرته
على القول في جميع أغراض الشعر ،بينما يجيد كل واحد منهما في غرض أو اثنين وذلك
عندما سأله أحد خلفاء بني أمية بقوله ..... '' :فما تقول في األخطل ؟ قال :ما أخرج ابن
النصرانية ما في صدره من الشعر حتى مات ،قال :فما تقول في الفرزدق ؟ قال :في يده
وهللا يا أمير المؤمنين نب عة من الشعر قد قبض عليها ،قال :فما أراك أبقيت لنفسك شيئا ،
قال :بلى يا أمير المؤمنين إني لمدينة الشعر التي منها يخرج واليها يعود نسبت فأطربت
وهجوت فأرديت ،ومدحت فسنيت ،وأرملت فأغزرت ورجزت فأبحرت ،فأنا قلت ضروب
فهو يرى أن سبب تقدمه يكمن في تصرفه 1 الشعر كلها ،وكل واحد منهم قال نوعا منها ''
في فنون الشعر كلها دون أن يتأبى عليه واحد منها مع اإلجادة في ذلك كله ،وعلى رأس
تلك الفنون المدح والهجاء والنسيب بينما يتأخر غيره وان كان جيد الشعر ألنه بقي على
غرض واحد يدور فيه ال يتجاوز إلى غيره فهما كانت إجادته في ذلك الغرض يبقى متأخ ار
عن ذلك الذي تعددت فنون شعره
ومن أبرز الشعراء الذين أثنى عليهم ابن سالم وأجاد في قدرتهم على التصرف في
مختلف األغراض نجد األعشى الذي صنفه في الطبقة األولى من الشعراء الجاهليين '' وقال
األعشى :هو أكثرهم عروضا ،وأذهبهم في فنون الشعر ،وأكثرهم طويلة جيدة ،وأكثرهم مدحا
2 وهجاءا وفخ ار ووصفا كل ذلك عنده ''
ووضع كثير عزة في الطبقة الثانية من فحول شعراء اإلسالم ،وجميل بن معمر في الطبقة
السادسة ،مع أن جميال مقدم في التشبيب على كثي ار وعلى أصحاب النسيب جميعا ،قال
ابن سالم '' وكان لكثير في التشبيب نصيب وافر ،وجميل مقدم عليه وعلى أصحاب
-االغاني البي الفرج األصبهاني على بن الحسين ،مؤسسة جمال للطباعة والنشر ،بيروت لبنان (مصور عن طبعة دارالكتب) ج8ص53 1
42
مفهوم الفحولة عند إبن سالم الجمحي في كتابه طبقات فحول الشعراء الفصل الثاني :
النسيب جميعا في النسيب ،وله في فنون الشعر ما ليس لجميل ،وكان جميل صادق
1 الصبابة وكان كثير يتقول ولم يكن عاشقا وكان رواية جميل ''
ونجد أن الفرزدق كذلك يؤكد على أن االقتصار على فن واحد من فنون الشعر –
مهما كانت اإلجادة فيه – مما يقصر بصاحبه عن أصحاب األغراض المتعددة وذلك عندما
سأل ذو الرمة عن سبب عدم عده من الفحول رغم شاعريته الفذة في الوصف ،فأجاب
فهو يرى أن ذو الرمة قد ترك 2 الفرزدق '' :بكاؤك في الدمن ،ووصفك لألبعار والعطن ''
أهم غرضين شعريين كانا يستثيران جمهور المتلقين أنذاك وهما الهجاء والمدح .
'' فابن سالم في تأكيده لهذا المطلب في الشاعر ينفي فكرة التخصص في الشعر التي لم
تكن مقبولة في موازين النقد آنذاك ،غير أننا ال نجد من يطالب بهذا بعد ابن سالم ،مما
يدل أن فكرة التخصص بدأت تالقي قبوال واستحسانا لما لها من أثر في رسوخ قدم الشاعر
3 في الغرض الذي ينصرف إليه ويبدع فيه ''....
ومن خالل هذا يتضح أن ابن سالم قد اتخذ قدرة الشاعر على القول في مختلف
األغراض مقياسا في طبقاته .
-الشعر والشعراء ،ابن قتيبة تح :أحمد محمد شاكر ،دار المعارف مصر ط1958 2م ص524 2
-مفهوم الطبقات في النقد األدبي عند العرب ،جهاد المجالي ص 211-210 3
43
مفهوم الفحولة عند إبن سالم الجمحي في كتابه طبقات فحول الشعراء الفصل الثاني :
يعد معيار الجزالة أبرز صفة غالبة على أدب العرب قديما ،لما له أثر بالغ في
عبقرية الشاعر وتفرده على غيره فالشاعر الذي يتميز شعره بمتانة وجزالة عد من أصحاب
النبوغ والعبقرية وقد كانت '' العرب ومن تبعها من السلف تجري على عادة في تفخيم اللفظ
وجمال المنطق لم تألف غيره وال أنسها سواه ،وكان الشعر أحد أقسام منطقها ومن حقه أن
يختص بفضل تهذيب ،ويفرد بزيادة عناية ،فإذا اجتمعت تلك العادة والطبيعة وانضاف
1 إليها التعمل والصنعة خرج كما تراه فخما جزال قويا متينا ''
وهكذا أصبحت الجزالة في الشعر صفة تغلب على شعر الشعراء وتتخذ معيا ار تقاس
به جودة شعرهم وهذا ما اعتمده ابن سالم ،حين وضع النابغة في الطبقة األولى وقال أنه ''
2 أحسنهم ديباجة شعر وأكثرهم رونق كالم ،وأجزلهم بيتا ،كأن شعره ليس فيه تكلف ''
ونجده كذلك يفضل شعر الحطيئة وذلك بوضعه في الطبقة الثانية من تصنيفه
فابن سالم هنا يلتفت إلى 3 للشعراء الجاهليين وقوله أنه "" متين الشعر ،شرود القافية ''
قوة شعر الحطيئة ويثني على جزالته ويعد هذه السمة ميزة لشعره .
وفي مفاضلته بين بيت شعر لجرير وآخر لألخطل :نجده يقول '' :قال لي معاوية بن أبي
عمرو بن العال :أي البيتين عندك أجود ؟ قول جرير :
وأعظم الناس أحالما إذا قدروا شمس العداوة حتى يستقاد لهم
-الوساطة بين المتنبي وخصومه ،القاضي عبد العزيز الجرجاني ،دار احياء الكتب العربية القاهرة 1979ص 17 1
44
مفهوم الفحولة عند إبن سالم الجمحي في كتابه طبقات فحول الشعراء الفصل الثاني :
1 فقلت :بيت جرير أحلى وأسير ،وبيت األخطل أجزل وأرزن ''
2 وأما نحت الفرزدق من الصخر ،وغرف جرير من البحر ،فهو رأي األخطل فيهما
ويقصد به جزالة شعر الفرزدق ومتانته ،مع سالسة شعر جرير وسيرورته ،وابن سالم
وأن 3 يقول لنا '' الفرزدق أشعر عامة (أي عند عامة العلماء) وجرير أشعر خاصة ''
الفرزدق أكثرهم بيتا مقلدا ،والبيت المقلد هو المستغنى بنفسه المشهور الذي يضرب به
المثل '' '' 4وكان يداخل الكالم وكان ذلك يعجب أصحاب النحو '' 5بينما كان جرير يحسن
6 ضروبا من الشعر ال يحسنها الفرزدق
وهكذا نالحظ مدى أهمية معيار الجزالة عند ابن سالم وانحيازه إلى قوة ومتانة الشعر.
45
مفهوم الفحولة عند ابن سالم الجمحي في كتابه طبقات فحول الشعراء الفصل الثاني :
يعد ابن سالم الجمحي من أوائل العلماء النقاد الذين تناولوا أخبار الشعراء وطبقاتهم
الشعرية تناوال علميا على أسس منهجية دقيقة ،فبعد أن فرغ من الحديث عن قضية وضع
الشعر الجاهلي وبعض القضايا التي تتعلق بهذه القضية األم ،كقضية الذوق األدبي ونشأة
علوم العربية وأولية الشعر ،وتنقل الشعر بين القبائل وذلك في مقدمة كتابه (طبقات فحول
الشعراء) إذ انتقل إلى دراسة سير الشعراء وأخبارهم من خالل تقسيمهم إلى طبقات .
بدأ ابن سالم في عرض منهجه الذي اتبعه في ترتيب طبقات الشعراء بقوله '' :
ففصلنا الشعراء من أهل الجاهلية واإلسالم والمخضرمين الذين كانوا في الجاهلية وادركوا
اإلسالم ،فنزلناهم منازلهم ،واحتججنا لكل شاعر بما وجدنا له من حجة وما قال فيه
1 العلماء
لقد قام ابن سالم بتقسيم شعراءه إلى عشر طبقات في الجاهلية وأخرى في اإلسالم
واضعا في كل طبقة أربعة شعراء متكافئين معتدلين '' :فاقتصرنا من الفحول المشهورين
على أربعين شاع ار ،فألفنا من تشابه شعره منهم إلى نظرائه فوجدناهم عشر طبقات ،أربعة
2 رهط في كل طبقة متكافئين معتدلين ''
إن ابن سالم قد أشار في أكثر من موضع في كتابه ،أنه اقتصر على الفحول من
الشعراء في الجاهلية أو في اإلسالم ،ومما يؤكد ذلك أن المتأمل لهذا الكتاب يدرك أن ابن
سالم لم يستقص في تراجمه كل شعراء الجاهلية وال كل شعراء اإلسالم ،بل الفحول منهم .
كما أن وضع بعض هؤالء الشعراء بهذه الصفة ،أي الفحولة ،يعني أنه وصلوا إلى درجة
يضاف 3 عالية من الصياغة الفنية والطراز العالي في السبك والطاقة الكبيرة في الشاعرية
إلى ذلك اتساع دائرة ثقافتهم الشعرية وغ ازرة مروياتهم ،وقد اشتمل مصنفه على 114شاع ار
فحال جاء توزيعهم على طبقات متتالية '' وقد نبه ابن سالم على أن تقديمه اسم واحد منهم
على صاحبه ،ليس حكما له بالتقدم على من يليه في طبقته ،فهم جميعا سواء ....بل
1 ألنه ال بد من مبتدأ ''
كما أن ابن سالم لم يكتف بالموازنة بين الطبقات بل نالحظ عليه في الكثير من
األحيان يوازن بين شعراء الطبقة الواحدة ،أو بين شاعر وآخر داخل الطبقة ،فيورد رأي
العلماء فيهم ويختار من شعرهم ما يؤكد هذا الرأي ،ثم يفسر بعض الكلمات العربية التي قد
ترد في الشعر – وهذا قليل – أو يورد آراء علماء اللغة العربية فيها ،وفي حاالت قليلة يبين
رأيه وشواهد ذلك في طبقاته كثيرة ،من ذلك –مثال -ما نلمسه في المفاضلة بين شعراء
الطبقة األ ولى من الجاهليين والتي تضم ( امرؤ القيس والنابغة الذبياني وزهير بن أبي سلمى
،األعشى ) حيث يورد آراء العديد من العلماء واختالفهم في المفاضلة بين شعراء هذه
الطبقة من ذلك قوله '' :أخبرني يونس بن حبيب :أن علماء البصرة كانوا يقدمون األعشى
2 وأن أهل الحجاز والبادية كانوا يقدمون زهي ار والنابغة ''
وفي تبرير تفضيل امرئ القيس على شعراء طبقته قوله '' :فاحتج المرئ القيس من يقدمه
قال :ما قال ما لم يقولوا ،ولكنه سبق العرب إلى أشياء ابتدعها ،واستحسنتها العرب ،
3 واتبعته فيها الشعراء ''
أما ابن سالم فيرى أن امرؤ القيس '' :كان أحسن أهل طبقته تشبيها وأحسن
4 اإلسالميين تشبيها ذو الرمة ''
47
مفهوم الفحولة عند ابن سالم الجمحي في كتابه طبقات فحول الشعراء الفصل الثاني :
ثم يورد آراء من احتج من العلماء للنابغة فيقول '' :كان أحسنهم ديباجة شعر وأكثرهم رونق
1 كالم وأجزلهم بيتا ،كأن شعره كالم ليس تكلف ''
فالنابغة امتاز شعره بحسن الديباجة وكثرة الماء والرونق ،فقد كان بصي ار بمواقع
األلفاظ والمعاني مما جعل الكثير من النقاد وحتى الشعراء يفضلونه على سائر الشع ارء ،فقد
أجاد بحق في فني المديح واالعتذار حتى عده القدماء أشهر الناس اذا رهب .
فالعلماء فضلوا النابغة التصاف شعره بالجزالة ،وبعده عن التكلف المقيت بحيث نجد في
أبيات شعره لوحات فنية رائعة ،وهذا العتماده على األلفاظ الموحية القوية التي جعلت من
شعره يحظى بإعجاب الكثير من النقاد .
فها هو أمير المؤمنين عمر بن الخطاب يواكب أذواق الكوفة مبديا إعجابه هو اآلخر بجودة
شعر النابغة وجزالته ،فقد روي عنه أنه قال '' :أي شعرائكم يقول :
فالخليفة عمر أعجب ببيت النابغة هذا لجزالته ،ولما فيه من الحكمة البالغة بحيث
جعله أفضل شعراء غطفان ،بل أفضل شعراء العرب كافة .
كما حظي زهير بن أبي سلمى بمكانة راقية في الشعر العربي ،اذ وضعه ابن سالم ضمن
كما 3 شعراء الطبقة األولى الجاهلية ،وهذا لتميز شعره واتصافه بالجمال والقوة والحصافة
48
مفهوم الفحولة عند ابن سالم الجمحي في كتابه طبقات فحول الشعراء الفصل الثاني :
ذكر ابن سالم '' :وقال أهل النظر :كان زهير أحصفهم شعراء وأبعدهم من سخف
1 وأجمعهم لكثير من المعنى في قليل من المنطق ''
ومما يدل على اتصاف شعر زهير بالحصافة والجودة الفنية ،أن شبه امرأة في الشعر بثالث
أوصاف في بيت واحد وهذا في قوله :
فقد استطاع أن يجمع في بيت واحد ثالث أوصاف وهذا إن دل على شيء فإنما يدل
على تمكنه من اإليجاز وجمعه لكثير من المعاني في قليل من المنطق ،فالمتأمل في شعر
زهير يدرك بال عناء جودة شعره وحسن سبكه وقوة معانيه وذلك الذي قدمه على غيره من
الشعراء.
كما امتاز زهير بالمبالغة في المدح واإلجادة فيه ،األمر الذي دفع بعض النقاد يشيدون هذا
العمل الجليل ،مفضلين إياه على سائر الشعراء فيقول ابن سالم ..... '' :وأشدهم مبالغة
3 في المدح ،وأكثرهم أمثاالا في شعره ''
'' وعن عكرمة بن جرير قال :قلت ألبي :يا أبه من أشعر أهل الجاهلية ؟ قال :زهير
4 شاعرها ''
فزهير عد أشهر شعراء العرب وحكيمهم في الجاهلية ،لقوة شعره وصدقه ،حتى
أجمع النقاد بأنه لم يمدح أحدا إال بما فيه ،وذلك لصدقه وكثرت الحكمة في شعره حتى
أعجب به الخليفة عمر بن الخطاب رضي هللا عنه.
-ديوان زهير بن أبي سلمى ،تح :عمر فاروق الطباع ،دار األرقم ،بيروت لبنان د ت ص 10 2
49
مفهوم الفحولة عند ابن سالم الجمحي في كتابه طبقات فحول الشعراء الفصل الثاني :
أما بالنسبة آلخر شاعر من الطبقة األولى فنجد األعشى أو صناجة العرب كما
،فقد شهد أصحابه '' :أنه أكثرهم عروضا 1 يطلق عليه وذلك بسبب طبعه وجلبة شعره
وأذهبهم في فنون الشعر ،وأكثرهم طويلة جيدة وأكثرهم مدحا وهجاء وفخ ار ووصفا ،كل ذلك
''2 عنده
فهو من الشعراء الجاهليين الفحول ،وتصنيف الجمحي له في الطبقة األولى –رغم تأخره في
الترتيب – يعود بالضرورة إلى شهرته وغ ازرة شعره .
إذن يمكن القول أن ابن سالم وضع هؤالء الشعراء األربعة في طبقة واحدة ( الطبقة
األولى الجاهلية ) وهذا للتشابه الفني الحاصل بينهم ،فهم متكافئون في بلوغ كل منهم درجة
عالية في اإلجادة الفنية في ناحية ما من نواحي هذه اإلجادة بحيث يصبح كل واحد منهم
منفردا بمزايا فنية ال يشاركه فيها شاعر آخر من شعراء طبقته ،فامرؤ القيس امتاز باستنباط
األفكار واألساليب وتلطيف المعاني وجودة تشبيهاته ،فيما انفرد النابغة بحسن الديباجة
وكثرة الماء والرونق أما زهير فقد تميز بحصافته وكثرة أمثاله مع القدرة على المدح لتختم
الطبقة باألعشى ،الذي انفرد بموسيقاه المتعددة وقدرته على التصرف في مختلف اغراض
الشعر .
وفي الطبقة الثانية الجاهلية نصطدم بابن سالم وهو يضع كالا من :الحطيئة وكعب
بن زهير ضمن الشعراء الجاهليين ،رغم أن كليهما شهد اإلسالم واعتنقه ،كما أن لكل
3 منهما شعر كثير في اإلسالم وخاصة الحطيئة
كما نجده يبدأ الطبقة الثانية بـ :أوس من حجر موردا أنه المقدم عليهم ،في حين
كما 4 نجده يذكر قبل ذلك '' ليس تبدئتنا أحدهم في الكتاب نحكم له وال بد من مبتدأ '' ....
-ينظر :بدابات في النقد االدبي ،هاشم صالح مناع ،دا الفكر العربي ،بيروت ط 1994 1ص 48 1
-مناهج التأليف عند العلماء العرب ،مصطفى الشكعة ،دار العلم للماليين ،بيروت لبنان 1993م ط 7ص 27 3
50
مفهوم الفحولة عند ابن سالم الجمحي في كتابه طبقات فحول الشعراء الفصل الثاني :
أنه يصرح في موضوع آخر أن أوس نظير شعراء الطبقة األولى الجاهلية ،إال أن اقتصاره
على العدد أربعة هو الذي أخره إلى الطبقة الثانية وأوس نظير األربعة المتقدمين إال أنا
1 اقتصرنا في الطبقات على أربعة رهط
فابن سالم غير مطمئن بوضع '' أوس '' في الطبقة الثانية فيتلمس عزاء الضطرابه ،
2 وذلك حين يقول '' :كان أوس فحل مضر ،حتى نشأ النابغة وزهير فأخماله ''
من هنا يتضح أن حصر الطبقة في العدد أربعة قد أوقع ابن سالم في بعض المزالق
،كما هو الحال بالنسبة ألوس بن حجر الذي استحق اعتالء الطبقة األولى ،إال أن
اقتصار ابن سالم على العدد أربعة هو الذي أخره إلى الطبقة الثانية .
أما بالنسبة للطبقة الثالثة فهي تضم كل من :نابغة بن جعدة وأبو ذؤيب الهذلي
والشماخ بن ضرار ولبيد بن ربيعة .
والطبقة الرابعة تضم :طرفة بن العبد ،عبيد بن األبرص وعلقمة بن عبدة وعدي بن زيد
الطبقة الخامسة :خداش بن زهير واألسود بن يعفر ،أبو يزيد المخبل ،تميم بن أبي مقبل
الطبقة السادسة :تضم كل من عمر بن كلثوم ،الحارث بن حلزة وعنترة بن شداد وسويد بن
أبي كاهل
الطبقة السابعة :سالمة بن جندل ،حصين بن الحمام المري و المتلمس جرير بن عبد
المسيح والمسيب بن علس
والطبقة الثامنة :عمرو بن قميئة بن سعد والنمر بن تولب ،أوس بن غلفاء الهجيمي،
وعوف بن عطية بن الخرع .
51
مفهوم الفحولة عند ابن سالم الجمحي في كتابه طبقات فحول الشعراء الفصل الثاني :
وآخر طبقة من طبقات الشعراء الجاهليين وهي العاشرة تضم كل من :أمية بن حرثان،
وحريث بن محفظ ،والكميت بن معروف وعمر بن شأس
وما نالحظه من خالل هذه الطبقات التي أوردها ابن سالم الجمحي في ترجمته
للشعراء أنه لم يستقص كل شعراء الجاهلية وانما اكتفى بترجمة الفحول منهم.
واذا تجاوزنا شعراء العصر الجاهلي إلى طبقة أصحاب المراثي التي تضم هي
األخرى أربعة شعراء وهو :متمم بن نويرة ،الخنساء ،أعشى باهلة وكعب بن سعد الغنوي
فإ ننا نجد أن ابن سالم قد رأى في هؤالء الشعراء األربعة اتفاقهم في صدق العاطفة ،فقد 1
أجادوا البكاء ووجدوا في الحزن سلوى لهم ،فكانوا بالتالي شعراء مرهفي الحس .
إضافة لطبقة (أصحاب المراثي)نجد طبقة شعراء القرى العربية والتي تضم خمسة مدن وهي
المدينة وتضم خمسة شعراء وهم :حسان بن ثابت وكعب بن مالك وعبد هللا بن رواحة وقيس
بن الخطيم وأبو قيس بن األسلت .
ومكة تضم تسعة شعراء :عبد هللا بن الزبعرى ،أبو طالب بن عبد المطلب ،الزبير
بن عبد المطلب ،أبو سفيان بن الحارث ،مسافر بن أبي عمرو بن أمية ،ضرار بن
الخطاب الفهري ،أبوعزة الجمحي ،وعبد هللا بن حذافة السهمي ،وهبيرة بن أبي وهب بن
عامر .
والطائف و تضم خمسة شعراء وهم :أبو الصلت بن أبي ربيعة وأمية بن أبي الصلت
،أبو محجن عمرو بن حبيب ،غيالن بن سلمة ،كنانة بن عبد ياليل
وشعراء البحرين وتحمل ثالثة شعراء :عائد بن محصن المثقب ،شأس بن نهار بن
أسود و المفضل بن معشر.
52
مفهوم الفحولة عند ابن سالم الجمحي في كتابه طبقات فحول الشعراء الفصل الثاني :
أما شعراء اليهود فيتمثلون في :السموأل بن عادياء ،الربيع بن أبي الحقيق وكعب
بن األشرف ،شريح بن عمران ،سعية بن العريض ،أبو قيس بن رفاعة ،أبو الذيال ،
درهم بن يزيد .
فالمالحظ على ابن سالم في دراسته لشعراء القرى العربية أنه لم يأخذ بالتقسيم
الرباعي عند دراسته لشعراء كل قرية على حدة ،مكتفيا بالحصر المكاني ،مما احدث
تفاوتاا في عدد شعراء كل قرية ،فعدد شعراء المدينة وفقا لهذا اإلحصاء خمسة في حين
وصل عدد ش عراء مكة إلى تسعة ووصل شعراء الطائف إلى خمسة أما عدد شعراء البحرين
فلم يزد على ثالث شعراء .
فابن سالم لم يفرد شعراء هذه المدن بقسم خاص عبثا ،وانما لكونه الحظ أثر البيئة
في نتاجهم الفني الشعري ،هذا األثر ميزته الرقة والسهولة والعذوبة والليونة مما جعلهم
يتميزون عن سواهم من الشعراء .
إن اهتمام ابن سالم الجمحي وغيره من العلماء اللغويين لم يتوقف عند الشعراء
الجاهليين فحسب ،بل تجاوز اهتمامهم إلى شعراء عصرهم ،وذلك بدراسة نتاجهم الشعري
واستنتاج الخصائص الفنية لكل شاعر ومذهبه الفني ،محاولين تصنيفهم في درجات وهذا
ما فعله ابن سالم الجمحي ،من خالل اختياره لهؤالء الشعراء وهم ( جرير والفرزدق
واألخطل والراعي ) ففضلهم ابن سالم على غيرهم من الشعراء ،فنالوا عناية كبرى من قبل
اللغويين النقاد ،لدرجة أن قادهم ذلك إلى االختالف حول أشعرهم ،وقد أكد هذا االختالف
،يونس بن حبيب بقوله '' :ما شهدت مشهدا قط ذكر فيه جرير والفرزدق وأجمع أهل
1 المجلس على أحدهما ،وكان يونس يقدم الفرزدق وكان المفضل يقدمه تقدمة شديدة ''
53
مفهوم الفحولة عند ابن سالم الجمحي في كتابه طبقات فحول الشعراء الفصل الثاني :
كما روى أبو عبيدة حجج من قدم جري ار فقال '' :يحتج من قدم جري ار بأنه كان أكثرهم فنون
1 عفيفا ''
شعر وأسهلهم ألفاظ ،وأقلهم تكلفا وأرقهم نسيبا وكان دينيا ا
إن اهتداء ابن سالم إلى الطبقة األولى من شعراء اإلسالم ال يعود لجودة أشعارهم أو
تنوع أغراضهم الشعرية فحسب ،بل أيضا لمنازلهم وأقدارهم ،وهذا ما تجسده فعال لديهم،
''حيث
نالوا إعجاب الجميع فاعترفوا لهم بالتقدم وهذا لباعهم الطويل في الشعر وخصوبة خيالهم لذا
2 أحس النقاد بفطرتهم وأنهم طبقة ال يدانيهم غيرهم ''
ولقد أضاف ابن سالم الراعي لشعراء الطبقة األولى بالرغم من أنه أولى به الطبقة الثانية أو
3 غيرها '' ،ولكن قاعدة أربعة رهط هي التي جعلت الراعي يزاحم الثالث الفحول ''
كما هناك سبب آخر جعله يتقاسم معهم هذه الطبقة وهو اشتراكه معهم في فن الهجاء
بذيا
فيقول'' :والراعي عبيد بن حصين كان من رجال العرب ووجوه قومه ...وكان ذلك ا
4 هجاء لعشريته ''
واذا انتقلنا الى الطبقة الثانية من الشعراء اإلسالميين ،فنجد أن ابن سالم قد وضع
كل من :خداش بن بشر وعمر بن القطامي وعبد الرحمان الخزاعي وذو الرمة ،وان دل ذلك
على شيء فإنما يدل على تفوقهم على غيرهم من الشعراء من ناحية تعدد األغراض ومستوى
الشاعرية عندهم ،فهذا ابن سالم يثني على شعر عمر القطامي فيقول '' :بأنه رقيق
5 الحواشي ،حلو الشعر ''
-تاريخ النقد االدبي عند العرب حق نهاية القرن الثالث ،مصطفى الصاوي د ط ،دار المعرفة الجامعية 2000ص 79 2
-ابن سالم وطبقات الشعراء ،منير سلطان ،منشاة المعارف ،اإلسكندرية مصر 1977ط 1ص241 3
54
مفهوم الفحولة عند ابن سالم الجمحي في كتابه طبقات فحول الشعراء الفصل الثاني :
بينما نالحظ تأخر ذو الرمة في التصنيف الطبقي إلى المرتبة األخيرة من الطبقة الثانية ،فذو
الرمة الذي بقي يتغنى بالصحراء ال يعد من الفحول ألن هؤالء لهم موضوعات غير تلك
التي يجيدها ذو الرمة فحين سأل ذو الرمة الفرزدق عن سبب عدم كونه من الفحول ،أجاب
1 يمنعك عن ذلك صفة الصحاري وأبعار اإلبل
إ ن ذو الرمة هنا يتمنى مكانة الفحول من الشعراء ،يتمنى مكانة جرير والفرزدق
واألخطل ،ولكنه عاجز عن المدح والهجاء وعاجز أن يخرج من بيئة البادية واالهتمام
بوصفها وتصويرها ،ولقد برع في ذلك كثي ار ولكن الفحولة ال تعطى إال لمن يحسن ضروبا
من الشعر متعددة وعلى رأسها المدح والهجاء ،ولذلك وردت رواية أخرى هي أن الفرزدق
فابن سالم أقام 2 قال له '' :لتجافيك عن المدح والهجاء واقتصارك على الرسوم والديار ''
كتابه على جم لة من المعايير التي يتطلبها في الشاعر الفحل وكثرة األغراض في مقدمة
هاته المعايير.
الطبقة الثالثة :وتضم كل من كعب بن جعيل ،عمرو بن أحمر الباهلي ،سحيم بن وثيل،
أوس بن مغراء .
الطبقة الرابعة :نهشل بن حري ،حميد بن ثور الهاللي ،األشهب بن رميلة ،عمر التميمي
الطبقة الخامسة :أبو زيد الطائي ،العجير بن عبد هللا بن عبيدة ،عبد هللا بن همام السلولي،
نفيع بن لقيط األسدي.
الطبقة السادسة :عبد هللا بن قيس الرقيات ،األحوص ،جميل بن معمر ،نصيب مولى .
55
مفهوم الفحولة عند ابن سالم الجمحي في كتابه طبقات فحول الشعراء الفصل الثاني :
الطبقة السابعة :المتوكل الليثي (أبا جهمة) ،يزيد بن ربيعة الحميري ،زياد األعجم ،
عدي بن الرقاع.
الطبقة الثامنة :عقيل بن علقمة المري ،بشامة بن الغدير المري ،شبيب بن زيد ،قراد بن
حنش.
الطبقة التاسعة :األغلب العجلي ،أبو النجم ،عبد هللا بن رؤبة ،رؤبة بن العجاج.
الطبقة العاشرة :مزاحم بن الحارث العقيلي ،يزيد بن المنتشر ،أبو داود الرواسي ،القحيف
بن سليم العقيلي .
إذن كانت هذه هي شريحة الفحول من الشعراء اإلسالميين الذين ترجم لهم ابن سالم
الجمحي في الجزء الثاني من كتابه (طبقات فحول الشعراء ).
إذ رتب ابن سالم شع ارءه االسالميين في طبقات متتالية وفقا ألهميتهم مع التطرق
إلى الحديث عن ن سب كل منهم والتعليل على تفضيل شاعر على آخر ،فالنسب في نظر
ابن سالم جانب من جوانب التأثير على نفسية الشاعر ،فكما يؤثر الزمن والبيئة في
شاعريته قوة وضعفا ،يؤثر وجود األفراد العاديين أو الممتازين في شاعريته أيضا .
56
موازنة
موازنة
أوجه التشابه واإلختالف بين األصمعي وابن سالم الجمحي في كتابيهما موازنة :
أوجه التشابه
ابن سالم الجمحي ( 231ه) األصمعي ( 215ه)
-الفحل هو الشاعر الكبير الذي يتفنن في -الفحل هو من تميز على غيره وتسلح
بمجموعة من اآلليات التي تحقق له الفحولة .شعره ويجود فيه.
-الفحولة التفنن في القول والتنوع في -الفحولة في جودة السبك وبراعة المعنى
األغراض والوفرة الجيدة . ووفرة الشعر.
-دراسة لعدد كبير من الشعراء الفحول -اإلشارة لنفر كبير من الشعراء الجاهليين
الجاهليين واإلسالميين . واإلسالميين .
-االعتناء بالشعر والشعراء القدامى. -االلتفات إلى الشعر القديم واالهتمام به .
-تجاهل أكبر فحول عصره أمثال (أبوتمام -تجاهل بعض الشعراء الكبار أمثال
،البحتري ) ( بشار بن برد ،أبي نواس).
-الشعر ذكوريا يشتمل على الشدة والخشونة -الشعر يرتبط بالجزالة والمتانة.
في ألفاظه. -الشعر إذا دخل في باب الخير الن .
-الشعر اللين سمة تدل على االنتحال.
في هذا الجدول تقارب في آراء الناقدين الذين اجتهدا في تقصي شعر نفر كبير من
الشعراء الجاهليين واإلسالميين ،رغم الخطورة التي واجهتهما في جمعهما للشعر ،والتي
تكمن في ظاهرة االنتحال ،إال أنهما قر ار التصدي لمثل هذه الظاهرة والتأكد من نسبة
األشعار إلى أصحابها ،باالعتماد على مجموعة من المقاييس المحددة في رأي كل منهما .
58
أوجه التشابه واإلختالف بين األصمعي وابن سالم الجمحي في كتابيهما موازنة :
أوجه االختالف
ابن سالم الجمحي ( 231ه) األصمعي ( 215ه)
-الفحولة درجات متفاوتة . -الفحولة ثابتة ،فالشاعر إما فحل أو قد
-الشعراء طبقات متتالية . أخفق .
-التوسع في التحليل والتعليق للشعراء -الشعراء فئتين فحول وغير فحول .
الفحول . -إجابات قصيرة مقتضية حول الشعراء.
-ضخامة الكتاب والذي تجاوز بجزأيه -صغر حجم الكتاب والذي ال يتجاوز
السبع مئة صفحة. الخمسين صفحة .
-ترجم لشريحة كبيرة من الشعراء -التحرج من إطالق حكم على الشعراء
اإلسالميين. اإلسالميين .
اهتم األصمعي بعدد كبير من الشعراء ،كونه ناقدا وعالما بأسرار وخبايا اللغة العربية
فقد ألم بضبط ألفاظها وتدوين شعر الجاهليين واإلسالميين ،وذلك بتقصي وتتبع مراحله
عبر العصور من أجل استجالء خصائص البيئات التي ظهر فيها بكون الزمن والبيئة من
أبرز العوامل التي تؤثر في هذا المنتج الثقافي ولهذا نجده اهتم بمجموعة من المعايير
الواجب توفرها في الشاعر ليحقق درجة الفحولة .
أما ابن سالم فقد سار على نهج األصمعي في تقصيه لمجموعة كبيرة من الشعراء
الجاهليين واإل سالميين ،حيث اعتمد في مخططه على فكرة الطبقات ،حيث قسم الشعراء
إلى طبقات متتالية ،وذلك بعرض أصحاب الطبقة األربعة ،مشي ار إلى أن األول منهم ليس
زعيمهم وال أفضلهم ولكنها الضرورة ،فهو ينظر إلى الشعراء ،نظرة رجل ناقد ملم بزاد غني
59
أوجه التشابه واإلختالف بين األصمعي وابن سالم الجمحي في كتابيهما موازنة :
من غريب اللغة وقصائد القوم ومجموعة كبيرة من السير واألخبار التي ترجمها في كتابه
بالتحليل والتعليق .
وما نلخص إليه هو أن جهد الناقدين حول هاته القضية كانت التفاتة قيمة على
مستوى النقد األدبي ،حيث أضاف كل منهما إلى هاته الفكرة شيئا من ثقافتهما وذوقهما
ودراستهما للشعر والشعراء ،ولهذا فإن األصمعي وابن سالم على الرغم من انفراد كل ناقد
برؤيته الخاصة حول هذه الفكرة ،إال أن الهدف كان واحدا وهو تصنيف الشعراء الفحول
واالهتمام بالشعر ونسبته إلى أصحابه فكان عملهما عملية نقدية متكاملة تتأسس على رؤية
ثاقبة ومتخصصة.
60
خاتمة
خاتمة
خاتمة
خاتمة :
وفي األخير وكمحصلة للدراسة التي قمنا بها ،الموضوعة تحت عنوان" الفحولة بين
األصمعي وابن سالم الجمحي" من خالل مدونتيهما " فحولة الشعراء" و" طبقات فحول
الشعراء" فقد توصلنا إلى:
أن مفهوم الفحولة عند األصمعي قد ارتبط بصورة الجمل الفحل القوي الذي يتقدم
سير اإلبل ،فهو يربط صورة الشاعر المتميز بصورة الفحل الذي له مزية على غيره.
فالشاعر الفحل في نظره هو من تغلب صفة الشعر لديه على جميع الخصال األخرى وأن
يكون له الكثير من القصائد الجياد المحسنات ويمتلك القدرة على القول في أغلب األغراض
الشعرية ،وان يكون راوية للشعر القديم ،عارفا بمذاهب الشعراء القدامى ،مستلهما للسنن
العربية وتقاليدها.
فالفحولة عند األصمعي هي مقياس في نجاح الشاعر ومقدرته العالية في قرض الشعر.
والعمل الذي أقدم عليه األصمعي من خالل الكتاب المنسوب اليه يعد بداية غير دقيقة وغير
مبررة والتمثل شخصية األصمعي الذي له المقدرة على النقد القائم على تذوق طعوم الشعر
ونزعات أصحابه.
ومع ذلك تبقى بداية تمثل القاعدة األساسية التي استند اليها الكثير من النقاد ،ولعل أبرزهم
ابن سالم الجمحي الذي استحدث نظام الطبقة ،فصنف من خاللها الشعراء الى طبقات
حسب العامل الزمني وبحسب األغراض الشعرية ،متخذا الفحولة مقياسا فنيا يعبر عن
الجودة والمقدرة في قول الشعر.
فالفكرة التي انطلق منها ابن سالم الجمحي في ترتيبه للشعراء ،التعد فكرة ناجحة في
إعطاء الشعراء حقوقهم في اإلنصاف فلو ترك األمر بال طبقات وبال أربعة شعراء النفسح
أمامه مجال القول وال درك ما فاته من الحديث عن شاعر أو التنويه بشاعر .
62
خاتمة
فالنموذج الفني والشكل العام الذي اتخذه هو الذي ضيق عليه وأوقعه في العديد من
االضطرابات التي كان في غنى عنها.
إال أن العمل الذي أقدم عليه ،يعد عمال في حاجة إلى مؤسسة نقدية كاملة ،فأن أدرس
الشعر العربي قبل اإلسالمي كامال واصطفي منهم الفحول ،هذا نقد كبير جدا ،نقد تطبيقي
تأملي يحتاج إلى مقاييس والى دقة ووقت ،ثم أن أجمع شعراء اإلسالم وأنتقي منهم فحوال،
فهذا عمل كبير قد التتمكنه مؤسسة نقدية كاملة ،فهو بداية ناضجة إلى أبعد الحدود.
واجماال يمكن القول أن كال الناقدين أعطى عصارة فكره ،ووقته وجهده في سبيل دراسة
الشعر والشعراء وذلك من خالل استحداثهما لمجموعة من األفكار أنارت طريق المتذوقين
للشعر.
63
المصادر والمراجع
المصادر و المراجع
المصادر:
-1فحولة الشعراء :عبد الملك بن قريب األصمعي ،تح :ش.توري ،قدم لها صالح الدين
المنجد ،دار الكتاب الجديد ط1400 2ه 1982-م
-2طبقات فحول الشعراء :محمد ابن سالم الجمحي ،تح :محمود محمد شاكر ،الناشر
دار المدني بجدة (د-ط ) (د-ت) ج1
المراجع:
.1العمدة في محاسن الشعر وأدابه ونقده :ابو الحسن ابن رشيق المسيلي القيرواني تح
محمد محي الدين عبد الحميد ،دار الرشاد الحديثة ،الدار البيضاء ج1
.2عيار الشعر :ابن طباطبا العلوي ،تح..عباس عبد الستار ،دار الكتاب العلمية بيروت-
لبنان،ط 1426ه2002-م
.3نقد الشعر :قدامة بن جعفر ،تح ..محمد عبد المنعم خفاجي ،دار الكتب العلمية ،
بيروت -لبنان (د-ت)
.4نقد النثر :قدامة بن جعفر،تح ..طه حسين بك و عبد الحميد العبادي ،مصر 1939م
.5سؤاالت ابي حاتم الجسستاني لألصمعي ورده عليه فحولة الشعراء ،تح :محمد عودة
سالمة ابوجرى،مكتبة الثقافة الدينية مصر د ط 1994م
.6البيان والتبيين :الجاحظ ،تح..عبد السالم هارون ،مكتبة الغانجي القاهرة ط 6ج2
1998م.
.7الشعر والشعراء :ابن قتيبة ،تح :أحمد محمد شاكر ،دار المعارف مصر ط1958 2م.
.8الوساطة بين المتنبي وخصومه :القاضي عبد العزيز الجرجاني ،دار احياء الكتب
العربية ،القاهرة 1979م.
65
المصادر و المراجع
.9الحيوان :الجاحظ ،تح :عبد السالم هارون ،مكتبة الجاحظ .ط ،2ج 3مصر 1965م.
.10المثل السائر في أدب الكاتب والشاعر :ضياء الدين ابن األثير ،تح :محي الدين عبد
الحميد ،المكتبة العصرية ،بيروت 1959م.
.11مفهوم الشعر في ضوء نظريات النقد العربي :عبد الرؤوف أبو السعد ،دار المعارف،
ط. 1
.12تاريخ النقد األدبي عند العرب :احسان عباس ،دار الشروق ،عمان األردن ،ط،1
.2001
.13قضايا النقد األدبي في القرن الثالث الهجري :محمد شريدة ،دار الينابيع ،عمان-
األردن ،ط.2005 ،1
.14األغاني :ألبي الفرج األصفهاني علي بن الحسين ،مؤسسة جمال للطباعة والنشر،
بيروت -لبنان (مصور عند طبعة دار الكتب).ج.8
.15مفهوم الطبقات في النقد األدبي عند العرب :جهاد شاهر المجالي ،دار يافا العلمية
للنشر والتوزيع ،عمان -األردن ،ط.2009 ،1
.16تاريخ النقد األدبي عند العرب حتى نهاية القرن الثالث :مصطفى الصاوي ،دار
المعرفة الجامعية ،دط.2000
.17الشعر المنثور والتحديث الشعري :حورية الخمليشي ،منشورات االختالف ،
الجزائرط2010 1
.18قضايا النقد األدبي بين القديم والحديث :محمد زكي العشماوي ،دار المعرفة
الجامعية ،االسكندرية ،مصر1999 ،م.
.19عيون الشعر العربي القديم :علي الجندي ،دار الغريب للطباعة والنشر ،ج-1
القاهرة -مصر.
.20دراسات في الشعر الجاهلي :يوسف خليف ،دار الغريب للطباعة والنشرط 1القاهرة،
مصر.
66
المصادر و المراجع
.21طبقات الشعراء في النقد األدبي عند العرب :جهاد المجالي ،دار الجيل ،بيروت-
لبنان ،ط1992 1م.
.22في النقد األدبي القديم عند العرب :حسين الجداونة ،مؤسسة حمادة للدرسات الجامعية
والنشر والتوزيع ،دار اليازوني ،عمان -األردن ط.2013 1
.23مقومات عمود الشعر (األسلوبية ف النظرية والتطبيق) :رحمن غركان ،منشورات
اتحاد الكتاب العرب ،دمشق.2004،
.24الثابت والمتحول ،بحث في االتباع واالبداع عند العرب :أدونيس ،دار الفكر ،ط،5
.1986
.25األصمعيات ( مختارات أبي سعيد عبد الملك بن قريب األصمعي) حققه :أحمد محمد
شاكر -عبد السالم محمد هارون ،دار المعارف ،ط ،5مصر.
.26مصطلحات النقد العربي لدى الشعراء الجاهليين واالسالميين :الشاهد بوشيخي ،عالم
الكتب الحديث للنشر والتوزيع ،عمان ط.2009 1
.27الموشح في مآخذ العلماء على الشعراء :أبي عبد هللا بن عمران بن موسى المرزباني،
تح :محمد حسين شمس الدين ،دار الكتب العلمية ،بيروت -لبنان ط1995 1م.
.28المفضليات :المفضل الضبي ،تح :أحمد محمد شاكر وعبد السالم هارون ،دار
المعارف ،مصر1979 ،م.
.29االقتراح في علم أصول النحو :جالل الدين السيوطي ،علق عليه :محمد سليمان
ياقوت ،دار المعرفة الجامعية2006 ،م
.30ديوان زهير بن أبي سلمى ،تح :عمر فاروق الطباع ،دار األرقم ،بيروت -لبنان
(د-ت).
.31بدايات في النقد األدبي:هاشم صالح مناع ،دار الفكر العربي ،بيروت ،ط،1
1994م.
.32مناهج التأليف عند العلماء العرب :مصطفى الشكعة ،بيروت لبنان ،ط1993 ،7م.
67
المصادر و المراجع
.33ابن سالم وطبقات الشعراء :منير سلطان ،منشأة المعارف االسكندرية ،مصر ط1
1977م.
.34األصمعي اللغوي صورة عراقية في القرن الثاني الهجري،عبد الحميد الشلقاني دار
المعارف.
المعاجم والقواميس:
.1لسان العرب :ابن منظور ،حققه عبد هللا الكبير واآلخرون ،دار صادر ،بيروت -لبنان.
.2معجم مقاييس اللغة :ابن فارس أحمد ،تح :عبد السالم هارون ،مج ،4دار الجيل.
.3كتاب العين :الخليل بن أحمد الفراهيدي ،تح :عبد الحميد الهنداوي ،مج 3دار الكتب
العلمية ،منشورات علي بيضون ،بيروت-لبنان.
.4القاموس المحيط :الفيروز أبادي ،قدمه وعلق عليه :أبو الوفا نصر الجوريني ،دار الكتب
العلمية ،محمد علي بيضون ،بيروت ،لبنان 1971م.
.5المعجم الوسيط :مجمع اللغة العربية ،جمهورية مصر العربية .ط2
.6معجم مصطلحات النقد العربي القديم :أحمد مطلوب ،مكتبة لبنان ناشرون ط2001 1م.
.7الصحاح في تاج اللغة وصحاح العربية :اسماعيل بن حماد الجوهري ،تح :أحمد عبد
الغفور عطار ،دار الماليين ،بيروت ط 4ج.2
.8موسوعة كشاف اصطالحات الفنون والعلوم :محمد علي التهانوي ،ج 1مكتبة لبنان
ناشرون ط1996 1م.
الرسائل الجامعية:
.1مفهوم الفحولة وموضوعاتها في الشعرية العربية القديمة :وليد عثماني ،مذكرة لنيل شهادة
الماجستير ،تخصص شعرية عربية ،جامعة الحاج لخضر ،باتنة 2009-2008 ،م.
68
الفهرس
الفهرس
اإلهداءI ............................................................................
الشكر والعرفانII ................................................................
مقدمة ............................................................................أ/ه
تمهيد :مفهوم الشعر2 ............................................................
الفصل األول:مفهوم الفحولة عند األصمعي 9 ................................
المبحث األول :فحولة الشعراء عند األصمعي10 ......................
المبحث الثاني :معايير الفحولة عند األصمعي 15 ......................
المبحث الثالث:تصنيف الشعراء عند األصمعي 22 ....................
الفصل الثاني :مفهوم الفحولة عند ابن سالم الجمحي 34 .................
المبحث االول :نظرة ابن سالم الى الفحولة 35 .........................
المبحث الثاني :معايير الفحولة عند ابن سالم 39 .......................
المبحث الثالث :طبقات الشعراء الفحول عند ابن سالم 46 ...........
موازنة 57 ...........................................................................
خاتمة 61 ............................................................................
المصادر والمراجع 64 ............................................................
الفهرس 70 .................................................................
70
ملخص الدراسة
:ملخص
فهي من،تهدف هذه الدراسة إلى مناولة قضية نقدية في النقد العربي القديم وهي قضية الفحولة
.القضايا التي طرقها النقاد القدامى
: وذلك من خالل كتابيهما،ويعد األصمعي وابن سالم الجمحي من أبرز المنظرين لمصطلح الفحولة
.فحولة الشعراء وطبقات فحول الشعراء
إذ جمعا فيهما عددا كبي ار من الشعراء الجاهلين واالسالميين فصنفهم إلى فئتين فحول وغير فحول
.باالستناد على مجموعة من المعايير المطلوبة في رأيه لبلوغ مرتبة الفحول
فهذان المصدران النقديان يعدان من أوائل الكتب النقدية،بينما قام ابن سالم بترتيبهم إلى طبقات متفاوتة
.في تاريخ األدب العربي
: الكلمات المفتاحية
Abstract:
The present study is aiming at sheding light on na critical issue in the old Arabic
critics field “the originality“ as deemed one of the most tackled issues.
Both Alasmaai and Ibn sallam Aldjomahi one of the prominent theorists of the
term through book : “The original poets and their classes”.
The book contains a lot of the pre-Islamic poets as well as the Islamic period
ones he classified the intro two categories original poets and not original
according to some authentic normas of originality.
These two sources are deened to be the first references ever in critics field in
Arab history.
Keywords: