You are on page 1of 81

‫الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية‬

‫جامعة قاصدي مرباح ‪ -‬ورقلة –‬


‫كلية األداب واللغات‬
‫قسم‪ :‬اللغة واألدب العربي‬

‫الفحولة بين األصمعي و ابن سالم الجمحي‬

‫مذكرة من متطلبات شهادة الماستر في اللغة واألدب العربي‬


‫تخصص‪:‬النقد األدبي ومصطلحاته‬

‫تحت إشراف‪:‬‬ ‫إعداد الطالبة‪:‬‬


‫أ‪ .‬د‪ :‬أحمد حاجي‬ ‫حورية بن خدة‬

‫لجنة المناقشة‬
‫أ‪/‬د أحمد التجاني سي الكبير (جامعة ورقلة ) ‪.......................................‬رئيسا‬
‫أ‪/‬د كلثوم مدقن (جامعة ورقلة )‪.......................................................‬مناقشا‬
‫أ‪/‬د أحمد حاجي (جامعة ورقلة )‪.............................................‬مشرفا ومقررا‪.‬‬

‫الموسم الجامعي ‪2017/2016‬‬


‫اهداء‬
‫إلى منارة العلم واإلمام المصطفى سيد الخلق إلى‬
‫رسولنا الكريم سيدنا محمد (صلى هللا عليه وسلم )‪.‬‬
‫إلى من علمني النجاح والصبر وافتقده في مواجهة‬
‫الصعاب‪ ،‬ولم تمهله الدنيا ألرتوي من حنانه إلى روح والدي‬
‫الحبيب (محمود) اسكنه هللا فسيح جنانه وجمعنا به في دار‬
‫كرامته‪.‬‬
‫إلى من تتسابق الكلمات لتخرج معبرة عن مكنون ذاتها‬
‫إلى التي تمتهن الحب وتغزل األمل في قلبي عصفورا يرفرف‬
‫فوق ناصية األحالم‪ ،‬إليك يا والدتي (عائشة) يا سيدة القلب‬
‫والحياة‪ ،‬أهديك رسالتي لتهديني الرضا والدعاء‪.‬‬
‫إلى أخواتي العزيزات‪ :‬وردة ‪،‬رشيدة ‪،‬منى ‪،‬لطيفة‪.‬‬
‫إلى إخواني وسندي في الحياة ‪ :‬توفيق ‪،‬عبد العزيز‪،‬‬
‫هواري‪ ،‬فواز‪ ،‬مراد‪ ،‬مصطفى‪ ،‬وليد‪ .....‬وطبعا من كان نعم العون‬
‫لي في رسالتي "سامي"‪.‬‬
‫إلى زوجاتهم الغاليات‪ :‬هدى‪ ،‬ناهد‪ ،‬كريمة‪ ،‬سعاد‪ ،‬عقيلة‬
‫خديجة‪.‬‬
‫إلى عصافير البراءة وضحكات األمل الذين يملؤون البيت‬
‫سعادة وفرح‪ :‬فتحي‪ ،‬قصي‪ ،‬ميسون‪ ،‬عبد الحي‪ ،‬ضياء الدين‪،‬‬
‫والتوأم (رضا وفارس)‪،‬خالد‪ ،‬آدم‪ ،‬محمد‪ ،‬أنس‪ ،‬طارق محمود‪،‬‬
‫والقمرتين (سيرين ولجين) وأبي الصغير ‪ ...‬محمود‪.‬‬
‫إلى صدى الضحكات والصفاء والحب ‪...‬إلى أحلى الذكريات‬
‫صديقاتي‪ :‬سيرين‪،‬سمية‪ ،‬راقية‪ ،‬هوارية‪ ،‬جهاد‪.....‬‬
‫إلى طلبة قسم النقد األدبي‪ :‬سمية‪ ،‬آمنة‪ ،‬آسيا‪........‬‬
‫رسمهم‬ ‫عن‬ ‫وعجز‬ ‫قلبي‬ ‫إلى الذين ذكرهم‬
‫قلمي‪......‬أهدي ثمرة جهدي ‪.‬‬
‫حورية بن خدة‬
‫شكر وعرفان‬

‫أتقدم أوال بالشكر هلل سبحانه وتعالى على توفيقه ونعمته‬

‫في إتمام هذا العمل المتواضع‬

‫وشكر خاص لوالدتي العزيزة على ما قدمته لي وبارك هللا لي‬

‫فيها ورزقني برها‬

‫كما أتقدم بالشكر والعرفان إلى من كان دليلي ومرشدي في هذا‬

‫العمل أستاذي والمشرف على رسالتي الدكتور احمد‬

‫حاجي على توجيهاته وتصويباته وتسهيله لكثير من‬

‫العقبات سهل هللا طريقه إلى الجنة‬

‫وشكر كبير الى أساتذة قسم اللغة واألدب العربي‪.‬‬

‫حورية بن خدة‬
‫مقدمة‬
‫مدخل تمهيدي‬
‫مقدمة‬

‫مقدمة ‪:‬‬

‫الحمد هلل رب العالمين وصل الَلهم وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه‬
‫أجمعين‪ ،‬صالة وسالم دائمين إلى يوم الدين‪ ،‬أما بعد‪:‬‬

‫ا ن النقد العربي القديم قد شهد عدة إسهامات لنقاد تركوا بصماتهم من خالل مؤلفاتهم‪،‬‬
‫فمنهم من أفرد مؤلفا خاصا في النقد‪ ،‬ومنهم من خصص جزءا من مؤلفه لمعالجة بعض‬
‫القضايا النقدية‪.‬‬

‫ولعل تجربة النقاد القدامى أبرزت مدى موسوعية نقدهم فامتزج النقد بالبالغة وعلوم اللغة‬
‫وغير ذلك‪.‬‬

‫ف األصمعي و ابن سالم الجمحي من ابرز هؤالء النقاد الذين تجلت عندهم شروط الناقد‬
‫الحاذق الملم بعلوم األدب والبالغة فكانت هذه الدراسة موسومة بـ ‪" :‬الفحولة بين األصمعي‬
‫وابن سالم الجمحي" من خالل كتابيهما (فحولة الشعراء لألصمعي ) و (طبقات فحول‬
‫الشعراء البن سالم الجمحي)‪.‬‬

‫فهذان العالمان الناقدان لهما الفضل والسبق في التطرق لمثل هذه القضية التي شكلت‬
‫في مجملها العصر ا لذهبي‪ ،‬فعرف به عصر األدب والنقد آنذاك ثورة تصنيفية وطبقية كبيرة‪،‬‬
‫تعمل على تمييز الشعروالشعراء وانزالهم منازلهم ‪.‬‬

‫ولعظم هذا العمل والقدر الكبير من الفائدة المحصلة من البحث فيه‪ ،‬تكونت لدي فكرة‬
‫التطرق لمثل هذه القضايا وذلك للحفاظ على التراث النقدي والشعري‪ ،‬واإلسهام في ترقية‬
‫البحث العلمي واألكاديمي وتراكم المعرفة العلمية والنقدية‪ ،‬إضافة إلى ذلك فإن البحث عن‬
‫فكرة الفحولة من شأنه أن يفتح لنا نافذة لإلطالع على النقد األدبي منذ بدايته األولى‪ ،‬حيث‬
‫يعد األصمعي وابن سالم بوابته‪.‬‬

‫أ‬
‫مقدمة‬

‫فهذان الناقدان يعود لهما الفضل في كونهما من النقاد االوائل الذين نظروا لهذه الفكرة‪،‬‬
‫فهذه األسباب وغيرها هي التي دفعتني إلى اختيار مثل هذه المواضيع‪.‬‬

‫فدراسة هذه القضية النقدية بينهما من وجهت نظري هي دراسة تحتاج إلى الوقوف على‬
‫المقاييس األدبية والمعايير النقدية للحكم والتقدير للنصوص األدبية القديمة والمحدثة‪ ،‬وذلك‬
‫يفيد األدب في معرفة جذوره الفنية وأصوله الحقيقية وعناصره الخيالية والشعورية واألسلوبية‪،‬‬
‫ومنه سعى البحث إلى تسليط الضوء على مفهوم الفحولة ومن هذا المنطلق كانت اإلشكالية‬
‫الرئيسية كاآلتي ‪:‬‬

‫‪ -‬ما مفهوم الفحولة عند األصمعي وابن سالم الجمحي ؟‬

‫كما تحيلني هذه اإلشكالية بدورها إلى عدة تساؤالت فرعية تحاول الدراسة أن تجيب عنها‪،‬‬
‫حتى تجمع الرؤى المتباينة ومنها ‪:‬‬

‫ظر األصمعي للفحولة ؟ وما هي شروطها ومعاييرها عنده؟‬


‫‪ -‬كيف ًن ً‬
‫‪ -‬كيف كانت رؤية ابن سالم إلى الفحولة؟‬
‫‪ -‬ما رأي االثنين حول مصطلح الفحولة ؟‬
‫‪ -‬ما تأثير األصمعي على نظرية ابن سالم؟‬
‫‪ -‬ما أوجه االتفاق واالختالف بينهما؟‬

‫ومن أهم الدراسات التي تناولت هذا الموضوع نجد ‪:‬‬

‫‪ -‬دراسة لـ ‪ :‬وليد عثماني بعنوان (مفهوم الفحولة وموضوعاتها في الشعرية العربية‬


‫القديمة) رسالة مقدمة لنيل شهادة الماجستير‪.‬‬
‫‪ -‬دراسة لـ ‪ :‬جها د المجالي بعنوان (طبقات الشعراء في النقد األدبي عند العرب حتى‬
‫نهاية القرن الثالث الهجري)‪.‬‬

‫ب‬
‫مقدمة‬

‫وفي هذا اإلطار اقتضت طبيعة الدراسة االستعانة بالمنهج المقارن و بمجموعة من‬
‫اآلليات تمثلت في ‪ :‬الوصف والتحليل واالستقراء‪.‬‬

‫وذلك من خالل التعرض لفكرة الفحولة والتطرق ألهم المعايير التي وضعها الناقدان‬
‫حول الشعر والشعراء‪.‬‬

‫وقد اشتمل البحث على مقدمة و تمهيد وفصلين ثم موازنة تليها الخاتمة‪.‬‬

‫التمهيد ‪ :‬إرتأيت أن أتحدث فيه عن مفهوم الشعرومدى أهميته‪ ،‬وذلك لمدى العالقة‬ ‫‪-‬‬
‫الوطيدة التي تجمع الشعر بفكرة الفحولة‪.‬‬
‫‪ -‬الفصل األول‪ :‬تحت عنوان‪ :‬مفهوم الفحولة عند األصمعي في كتابه "فحولة الشعراء"‬
‫*المبحث األول‪ :‬فحولة الشعراء عند األصمعي‪.‬‬
‫‪ -1‬قراءة في عنوان كتاب "فحولة الشعراء" تطرقت اليه حتى أعطي حق‬
‫المصطلحات التي استعملها الناقد‪ ،‬فحللتها لغة واصطالحا سعيا في الربط بينهما‪،‬‬
‫والكيفية التي اختار بها هذه المصطلحات‪.‬‬
‫‪ -2‬الفحولة عند األصمعي‪ :‬وهي الرؤية والتصور الذي أعطاه لهاته الفكرة‪،‬‬
‫والتي كانت نابعة من البيئة البدوية العربية التي نشأ فيها‪.‬‬
‫‪ ‬المبحث الثاني‪ :‬معايير الفحولة عند األصمعي‪.‬‬
‫حيث ركزت في هاته الدراسة على أهم المعايير التي اتخذها األصمعي في تصنيفه‬
‫للشعراء‪.‬‬
‫‪ ‬المبحث الثالث‪ :‬تصنيف الشعراء عند األصمعي‪.‬‬
‫حيث تعرضت فيه الى عدد كبير من الشعراء الذين ذكرهم في كتابه‪ ،‬محاولة تصنيفهم‬
‫الى فئتين فحول وغير فحول حسب رأي األصمعي‪ ،‬كما ألحقت الفصل بجدول‬
‫توضيحي يبرز بعض الشعراء الذين أخرجهم من دائرة الفحول ولم يفصل في أمرهم ‪.‬‬
‫‪ -‬الفصل الثاني‪ :‬مفهوم الفحولة عند ابن سالم الجمحي في كتابه" طبقات فحول الشعراء"‪.‬‬
‫ج‬
‫مقدمة‬

‫تضمن ثالث مباحث مثل مااحتواه الفصل األول لتتزن خطة العمل‪.‬‬
‫‪ ‬المبحث االول‪ :‬نظرة ابن سالم الى الفحولة‪.‬‬
‫فتناولت فيه نظرة ابن سالم في موضوع الفحولة وكيف أنه وسع من فكرة األصمعي‬
‫وأعاد صياغتها وفق أسس منهجية دقيقة‪.‬‬
‫‪ ‬المبحث الثاني‪ :‬معايير الفحولة عند ابن سالم‪.‬‬
‫وذلك باستخالص األساس الذي اعتمده ابن سالم في تصنيفه الطبقي وأهم المعايير‬
‫المتخذة في ذلك‪.‬‬
‫‪ ‬المبحث الثالث‪ :‬طبقات الفحول من الشعراء عند ابن سالم‪.‬‬
‫عرضت فيه مجمل الطبقات التي رتب فيها الجمحي شعراءه الفحول من كال العصرين‬
‫الجاهلي واالسالمي ‪.‬‬
‫وكنتيجة بين الفصلين قارنت بين أوجه التشابه واالختالف في شكل جدول مع التعليق‬
‫عليهما‪.‬‬
‫وأهدف من خالل هذا العمل إلى الكشف عن فكرة الفحولة عند الناقدين وتوضيح ماجاء‬
‫به االثنان حول هاته القضية‪.‬‬
‫ويبدو أن األصمعي ( فحولة الشعراء) يسعى إلى استخالص مجموعة من الخصائص‬
‫التي يتطلبها في الشاعر‪ ،‬حتى يظفر بلقب الفحل‪.‬‬
‫أما ابن سالم (طبقات فحول الشعراء) فكانت له رؤية أخرى تمثلت في أن جعل الشعراء‬
‫على طبقات متتالية‪ ،‬إذ يرى أن كل الشعراء المترجم لهم هم فحول اال أن فحولتهم‬
‫تتفاوت‪.‬‬
‫وقد اعتمدت دراسة البحث على مصدرين هما‪ :‬فحولة الشعراء لألصمعي وطبقات فحول‬
‫الشعراء البن سالم الجمحي‪.‬‬
‫الى جانب االستعانة بعدة مراجع ومعاجم ولعل أهمها‪:‬‬
‫( تاريخ النقد األدبي عند العرب) الحسان عباس‪.‬‬
‫د‬
‫مقدمة‬

‫(الشعر والشعراء) البن قتيبة‪.‬‬


‫( في النقد األدبي القديم) لحسين الجداونة‪.‬‬
‫( معجم مصطلحات النقد العربي القديم) ألحمد مطلوب‪.‬‬
‫( لسان العرب) البن منظور وغيرهم‪.‬‬
‫ورغم اختياري الذاتي لهذا البحث ورغبة مني‪ ،‬إال أنه المفر من الوقوع في بعض‬
‫الصعوبات التي زادت من إصراري في متابعة المسير ومنها‪:‬‬
‫‪ -‬كثرة المادة العلمية التي جمعتها والتي أسقطتني في حيرة من أمري في اختيار التعقيب‬
‫األنسب‪.‬‬
‫‪ -‬المؤلفات النقدية الجمة التي تناولت نقد الشعر والشعراء‪.‬‬
‫ولعلي بهذا الجهد المتواضع أكون قد ساهمت في إحياء النقد القديم ورجاالته‪ ،‬فإن أصبت‬
‫فذلك توفيق من هللا‪ ،‬وان أخطأت فمن نفسي ويكفي شرف المحاولة وانارة الطريق إلى‬
‫من يأتي بعدي‪.‬‬
‫ويبقى حق الشكر والثناء ألهل الفضل ابتداء باألستاذ الدكتور‪ :‬أحمد حاجي الذي شرفني‬
‫بتأطيره‪ ،‬وتوجيهه ونصحه ‪ ،‬والشكر موصول موفور الى اللجنة المناقشة التي‬
‫تجشمت عناء قراءة هذا العمل‬

‫حورية بن خدة‬

‫ورقلة في ‪ 9 :‬ماي ‪2017‬‬

‫ه‬
‫تمهيد‬
‫مفهوم الشعر‬ ‫تمهيد‬

‫المبحث األول‪ :‬مفهوم الشعر‬

‫اكتسب الشعر مكانة مرموقة عند العرب‪ ،‬فهو فنهم األول وديوانهم وفخرهم العظيم‪،‬‬
‫فالعرب أهل فصاحة وبيان وذوق‪ ،‬والشعر بمثابة المتنفس الذي يعبرون من خالله عن‬
‫خلجات أنفسهم وآمالها وآالمها ‪ ،‬فهو مرآة عاكسة للنفس وما تكبته من عواطف ومشاعر‬
‫وأحاسيس وانفعاالت وقد أكد الرسول (صلى هللا عليه وسلم) على أهمية الشعر بقوله ‪" :‬ال‬
‫تدع العرب الشعر حتى تدع اإلبل الحنين "‪ ،1‬فهذا خير دليل وأصدقه على قوة العالقة التي‬
‫تجمع العرب بالشعر‪ ،‬فهذا األخير من أكثر الفنون هيمنة وانتشا ار في العصور األولى‪.‬‬

‫فهو السجل المحكم والمرجع األساس الذي يستند عليه المؤرخون والدارسون في أبحاثهم‬
‫ودراساتهم ‪ ،‬لذلك حاول العديد من األدباء والنقاد من خالل دراساتهم النقدية ضبط مفهوم‬
‫للشعر ‪ ،‬إال أن جميع محاوالتهم باءت بالفشل كون الشعر مركب صعب ‪ ،‬فهو لغة‬
‫العواطف والمشاعر واألحاسيس واالنفعاالت المعقدة التي يستحيل تفكيك تركيبتها ‪ ،‬فهو لغة‬
‫راقية وسامية تبعث في النفس متعة ونقاءا ‪ ،‬وتحلق بها في عالم خيالي مجنون يلقي الدفء‬
‫فيها والسكون ‪ ،‬هذا العالم الغامض الذي يخبئ الكثير من األسرار ‪ ،‬فقد حاولت رصد أهم‬
‫آراء اللغويين والنقاد ونظرتهم حول الشعر ولعل أبرزها ما يلي ‪:‬‬

‫الشعر عند أهل اللغة ‪:‬‬

‫والقافية"‪2‬‬ ‫يعرفه ابن منظور قائال ‪" :‬والشعر منظوم القول غلبه عليه لشرفه بالوزن‬

‫وقال حماد الجوهري في الصحاح ‪" :‬والشعر واحد األشعار ‪ ،‬والشاعر جمعه شعراء ‪ ،‬على‬
‫غير قياس ‪ ،‬وقال األخفش ‪ :‬الشاعر مثل البن و تامر ‪ ،‬أي صاحب شعر ‪ ،‬وسمي شاع ار‬

‫العمدة في محاسن الشعر وآدابه ونقده ‪ ،‬ابن رشيق ‪ ،‬تح ‪ :‬محمد محي الدين عبد الحميد ‪ ،‬دار الرشاد الحديثة ‪ ،‬الدار البيضاء ج‪ 1‬ص‪301‬‬
‫‪ 2‬لسان العرب ‪،‬ابن منظور دار صادر ‪،‬بيروت مج ‪ 4‬ص ‪( 410‬مادة شعر)‬

‫‪2‬‬
‫مفهوم الشعر‬ ‫تمهيد‬

‫لفطنته ‪ ،‬وما كان شاع ار ولقد شعر بالضم ‪ ،‬وهو يشعر ‪ .‬والمتشاعر ‪ :‬الذي يتعاطى قول‬
‫الشعر"‪1‬‬

‫والشعر ‪ ":‬عند أهل العربية هو الكالم الموزون المقفى الذي قصد إليه وزنه وثقفيته قصدا‬
‫"‪2‬‬ ‫أوليا ‪ ،‬والمتكلم بهذا الكالم يسمى شاع ار‬

‫في المعجم الوسيط ‪ ":‬الشعر‪ :‬كالم موزون مقفى قصدا ‪ ،‬وفي اصطالح المنطقيين ‪:‬‬
‫قول مؤلف من أمور تخيلية ‪ ،‬يقصد به الترغيب أو التنفير ‪ ،‬كقولهم ‪ :‬الخمر ياقوتة سيالة‬
‫‪3‬‬ ‫والعسل قيئ النخل"‬

‫وكذلك " الشعور اإلدراك بال دليل ‪ ،‬واإلحساس ‪ ،‬وعند علماء النفس ‪ :‬يطلق على العلم‬
‫بما في النفس أو بما في البيئة ‪ ،‬وعلى ما يشتمل عليه من ادراكات ووجدانيات ونزعات ولذا‬
‫"‪4‬‬ ‫قالوا العقل ثالثة مظاهر هي ‪ :‬اإلدراك ‪ ،‬والوجدان والنزوع‬

‫ومن خالل هذه التعريفات التي قدمتها الكتب اللغوية عن مفهوم الشعر نلحظ أن هناك‬
‫اتفاق في نظرة اللغويين إلى الشعر كل وفق تصوره ووجهة نظره وتجربته ‪ ،‬للوصول إلى‬
‫تحديد المالمح األساسية للشعر واألمر الذي يثير االنتباه هو ذلك التأكيد على صفة (النظم)‬
‫وتخصيصها بالشعر‪.‬‬

‫ص‪1.699‬‬ ‫الصحاح تاج اللغة وصحاح العربية‪ ،‬اسماعيل بن حماد الجوهري‪ ،‬تح ‪ :‬أحمد عبد الغفور عطار‪ ،‬دار الماليين بيروت ط‪ 4‬ج‪2‬‬
‫موسوعة كشاف اصالحات الفنون والعلوم‪ ،‬محمد علي التهانوي‪ ،‬ج‪ 1‬مكتبة لبنان ناشرون ط‪ 1996 1‬ص‪2.1030‬‬
‫المعجم الوسيط‪ ،‬مجمع اللغة العربية‪ ،‬مكتبة الشروق الدولية‪ ،‬القاهرة ط‪2004 4‬م ص ‪3 .484‬‬
‫المرجع نفسه ص ‪4.485‬‬

‫‪3‬‬
‫مفهوم الشعر‬ ‫تمهيد‬

‫الشعر عند النقاد القدامى‪:‬‬

‫يعد الشعر من أقدم الفنون األدبية التي عرفها اإلنسان وحاول أن يعبر من خالله عن‬
‫حاجاته وانفعاالته و أحاسيسه نحو كل ما يحيط به ‪،‬فهو الفن األول الذي بواسطته يعبر‬
‫الشاعر عن رؤيته للعالم الذي يعيش فيه من خالل طبيعة حياته وعالقاته مع اآلخرين وفق‬
‫ما ألفه من عادات وتقاليد ‪ ،‬فيصب جل انشغاالته في قالب لغوي خاص ومميز له تأثير‬
‫"‪1‬‬ ‫نفسي وفعال في المتلقي فهو " ديوان علمهم ومنتهى حكمهم ‪ ،‬به يأخذون واليه يصيرون‬

‫فالشعر هو الصورة التعبيرية األدبية األولى التي استخدمها اإلنسان ليعبر عن مكنونات‬
‫نفسه وخباياها ‪ ،‬فهو ضرورة نفسية بيولوجية للتنفيس عن انفعاالته ‪ ،‬وهذا ما شغل اهتمام‬
‫النقاد على مر العصور بالبحث والتحفير عن ماهية الشعر‪ ،‬فالشعر "يصعب ضبطه ضمن‬
‫أي تعريف مشروط ومحدود بشكل نهائي"‪ 2‬ويبدو ما قدمه هؤالء ما هو إال نتيجة لوجهة‬
‫نظر وتعبير لكل منهم‪.‬‬

‫وقد أكد الجاحظ على أهمية األلفاظ في اإلبداع ‪ ،‬وبها يقع التفاوت إضافة إلى الوزن‬
‫بقوله "والمعاني مطروحة في الطريق يعرفها العجمي والعربي والبدوي والقروي ‪ ،‬وانما الشأن‬
‫في إقامة الوزن وتخير اللفظ وسهولة المخرج وكثرة الماء وفي صحة الطبع وجودة السبك‬
‫‪3‬‬ ‫فإنما الشعر صناعة وضرب من النسج وجنس من التصوير"‬

‫فالقصد من وراء مقولته أن المعاني مطروحة في الطريق أي هي صورة ذهنية فطرية‬


‫ولكن ال يدرك كنهها وجوهرها بمعنى خلق الصورة الشعرية وتوظيفها ‪ ،‬ولكن بادراك الوزن‬
‫واللفظ تتضح الرؤية (الصورة) وفي الشق الثاني من التعريف هناك مقارنة بين الشعر‬
‫والرسم وهي مقولة لهوراس يؤكدها إحسان عباس الذي يعلق على هذا التعريف بقوله ‪":‬فلو‬

‫‪1.24‬‬‫طبقات فحول الشعراء‪ ،‬بن سالم الجمحي‪ ،‬تح‪ :‬محمود محمد شاكر مصر ‪ 1394‬هـ ‪ 1974 -‬م م ‪ 1‬ص‬
‫‪2.18‬‬ ‫الشعر المنثور والتحديث الشعري‪ ،‬حورية الخمليشي‪ ،‬منشورات اختالف الجزائر ط ‪ 2010 ،1‬ص‬
‫الحيوان ‪ ،‬الجاحظ‪ ،‬تح ‪ :‬عبد السالم هارون ط ‪ 2‬مكتبة الجاحظ مصر ‪ 1965‬ج ‪ 3‬ص ‪3 . 132 – 131‬‬

‫‪4‬‬
‫مفهوم الشعر‬ ‫تمهيد‬

‫تخطى الجاحظ حدود التعريف لوجد نفسه في مجال المقارنة بين فنبين ‪ ،‬الشعر والرسم‬
‫"‪1‬‬ ‫‪ ......‬ولكن كل ما أراده الجاحظ من هذا القول تأكيد نظريته في الشكل‬

‫كما يعرفه الناشئ األكبر بقوله ‪ ":‬الشعر قيد الكالم وعقال األدب وسور البالغة ومحل‬
‫البراعة ومجال الجنان ومسرح البيان وذريعة المتسول ووسيلة المترسل وذمام الغريب وحرمة‬
‫‪2‬‬ ‫األديب وعصمة الهارب وعذر الراهب وفرحة المتمثل وحاكم اإلعراب وشاهد الصواب "‬

‫فالناشئ هنا يشير إلى طبيعة الشعر أنه مقيد بالنظم‪ ،‬فالنظم هو الخصوصية التي تفرقه‬
‫لذا فهو يحتاج إلى شاعر يتميز بالبالغة والبراعة الفائقة‪.‬‬

‫وقد عرفه ابن طباطبا بقوله ‪ " :‬الشعر كالم منظوم بائن عن المنثور الذي يستعمله الناس‬
‫في مخاطباتهم بما خص به من النظم الذي إن عدل عن جهته مجته األسماع وفسد على‬
‫الذوق ونظمه محدود معلوم فمن صح طبعه وذوقه لم يحتج إلى االستعانة على نظم الشعر‬
‫بالعروض التي هي ميزانه ‪ ،‬ومن اضطرب عليه الذوق ‪ ،‬لم يستعن من تصحيحه وتقويمه‬
‫‪3‬‬ ‫بمعرفة العروض والحذق به ‪ ،‬حتى تعتبر معرفته المستفادة كالطبع الذي ال تكلف معه "‬

‫و هنا يحاول ابن طباطبا تحديد مفهومه الذي يختلف عن النثر تماما ‪ ،‬والذي يستخدمه‬
‫الناس في مخاطباتهم اليومية والذي ميزته الوزن ‪ ،‬فهو عنصر هام في الشعر ‪ ،‬فإن تخلف‬
‫عنه نفرت منه األسماع وفسد الذوق ‪ ،‬ونظمه معلوم أي يعرفه العرب ‪،‬وصحة الطبع أي‬
‫صحة الموهبة (القريحة) ال تحتاج إلى تعلم العروض فكثير من الشعراء ال يعرفون أسماء‬
‫بحور الشعر لكن الذي يتضح لديه الموهبة وباقي األدوات ويكون لديه بعض الخلل في‬
‫فيجود شعره و يخلصه من الخطأ ويتداركه بتعلم النحو أو‬
‫ميزان الشعر يمكن أن يتعلمه ٌ‬
‫العروض أو األوزان‪.‬‬

‫‪1.86‬‬
‫ينظر‪ :‬تاريخ النقد العربي عند العرب‪ ،‬احسان عباس دار الشروق‪ ،‬ط ‪ 1‬عمان األردن ‪ 2001‬ص‬
‫البصائر (‪ )2‬ص ‪ 219‬نقال عن تاريخ النقد العربي عند العرب احسان عباس ص ‪2.52‬‬
‫عيار الشعر‪ ،‬محمد ابن أحمد ابن طباطبا العلوي‪ ،‬تح ‪ :‬عباس عبد الستار‪ ،‬دار الكتب العلمية بيروت لبنان ‪ 1426‬هـ ‪ 2002 -‬م ط‪ 2‬ص ‪3.9‬‬

‫‪5‬‬
‫مفهوم الشعر‬ ‫تمهيد‬

‫وفي تعريف قدامة بن جعفر للشعر ‪ ":‬أنه قول موزون ومقفى يدل على معنى ‪،‬فقولنا ‪:‬‬
‫"قول" دال على أصل الكالم الذي هو بمنزلة الجنس للشعر وقولنا "موزون" يفصله مما ليس‬
‫بموزون إذ كان من القول موزون وغير موزون وقولنا"مقفى" فصل بين ما له من الكالم‬
‫الموزون قواف وبين ما ال قوافي له وال مقاطع ‪،‬وقولنا "يدل على معنى"يفصل ما جرى من‬
‫القول على قافية ووزن مع داللة على معنى مما جرى على ذلك غير داللة على معنى ‪،‬فإنه‬
‫"‪1‬‬ ‫لو أراد مريد أن يعمل من ذلك شيئا على هذه الجهة ألمكنه ما تعذر عليه‬

‫نجده متأث ار بالمنطق اليوناني ‪،‬حيث أهمل في تعريفه للشعر الجانب الوجداني االنفعالي‬
‫العاطفي ‪،‬والجانب الخيالي الذي تقوم عليه عملية اإلبداع " فالشعر عند العرب هو بوح‬
‫مقفى"‪2‬‬ ‫وجداني ‪ ،‬وتدفق للمعاني ‪ ،‬وليس كما ذهب إليه قدامه بأنه‪:‬كالم موزون‬

‫إجماال يمكن القول بان الشعر مركب صعب ‪ ،‬وكل ما قدمناه من آراء ما هي إال‬
‫محاوالت لبعض األدباء والنقاد لسبر أغوار مفهوم الشعر كل حسب نظرته وتوجهه الفكري ‪.‬‬

‫‪1.64‬‬ ‫نقد الشعر‪ ،‬قدامى بن جعفر‪ ،‬تح ‪ :‬محمد عبد المنعم خفاجي‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بيروت لبنان‪( .‬د‪.‬ت) ص‬
‫‪2.15‬‬ ‫ينظر ‪ :‬مفهوم الشعر في ضوء نظريات النقد العربي‪ ،‬عبد الرؤوف ابو السعد‪ ،‬دار المعارف ط ‪ 1‬ص‬
‫‪6‬‬
‫مفهوم الشعر‬ ‫تمهيد‬

‫المبحث الثاني ‪ :‬أهمية الشعر‬

‫لطالما كان الشعر فنا عريقا وديوانا للعرب في كل عصورهم حيث ظل وما يزال هذا‬
‫الكنز الثمين يصور لهذه األمة واقعها وحلمها‪ ،‬قوتها و ضعفها‪ ،‬فرحها و ألمها‪ ،‬انتصاراتها‬
‫وانكساراتها‪ ،‬خصوصيتها و إنسانيتها " فالشعر سجل يحفظ لألمة أحداثها و أيامها "‪ 1‬وهو‬
‫"‪2‬‬ ‫"ديوان علمهم و منتهى حكمهم به يأخذون واليه يصيرون‬

‫فهو السجل النفيس والجدار الحصين الذي يحفظ لها تراثها و تاريخها وآدابها من‬
‫االندثار مع مرور الزمن ‪ ،‬فهو يسجل مختلف األحداث المحيطة بها‪ ،‬وذلك لقدرته سبر‬
‫أغوار اللحظة الحضارية ‪ ،‬فالشعر هو الفن الوحيد الذي أحسن العرب اإلبداع فيه‪ ،‬فهم "أهل‬
‫فصاحة كل كالمهم شعر‪ ،‬ال نجد الكالم المنثور في كالمهم إ اال يسيرا‪ ،‬ولو كثر‪ ،‬فإنه ينقل‬
‫عنهم‪ ،‬بل المنقول عنهم هو الشعر"‪ 3‬فمكانة الشعر عند العرب عظيمة" فقد قال عمر بن‬
‫"‪4‬‬ ‫أصح منه‬ ‫الخطاب رضي هللا عنه عن الشعر أنه كان علم قوم لم يكن لهم علم‬
‫ُ‬

‫" فللشعر عند الشعراء منزلة رفيعة "‪ 5‬فمن خالله يتنفس الشعراء ويجدون غايتهم في‬
‫التعبير عن أفكارهم وعن خلجات أنفسهم فتجود قريحتهم بأعذب األشعار و األلحان‪ ،‬فهو‬
‫الفضاء الذي يسبح فيه الشاعر حيث أن هذا األخير هو صوت قومه ورائدهم األول ‪،‬ينطق‬
‫بلسانهم‪ ،‬ويتحدث بلغتهم ويعيش قضاياهم ويمجد أيامهم وفرسانهم "فالقبيلة العربية سابقا‬
‫كانت إذا نبغ فيها شاع ار أتتها القبائل األخرى مهنئة ‪ ...‬فتقام الوالئم و تجتمع النساء‬
‫ويتباشر الرجال و الولدان‪ ،‬ألنه حماية ألغراضهم وذب عن أحسابهم وتخليد لمآثرهم"‪ 6‬وهذا‬
‫ما كان يفعله لبيد بن ربيعة تجاه قومه ‪ ،‬فأثنى عليه ابن سالم الجمحي قائال " كان في‬

‫‪1.41‬‬
‫قضايا النقد األدبي في القرن الثالث الهجري محمد شريدة الينابيع عمان ط ‪ 2005 1‬ص‬
‫طبقات فحول الشعراء‪ ،‬ابن سالم الجمحي ص ‪2.24‬‬
‫المثل السائر‪ ،‬ابن األثير‪ ،‬تح‪ :‬محي الدين عبد الحميد‪ .‬المكتبة العصرية‪ ،‬بيروت ‪ 1995‬ص ‪3.99‬‬
‫ينظر‪ :‬طبقات فحول الشعراء ص ‪4.24‬‬
‫مصطلحات النقد العربي لدى الشعراء الجاهليين واإلسالميين‪ ،‬الشاهد بو شيخي‪ ،‬عالم الكتب الحديث للنشر والتوزيع‪.‬عمان ط‪ 2009 1‬ص‪5 152‬‬
‫ينظر ‪ :‬العمدة‪ ،‬ابن رشيق ص ‪6.37‬‬

‫‪7‬‬
‫مفهوم الشعر‬ ‫تمهيد‬

‫فمهمة‬ ‫فرسانهم"‪1‬‬ ‫يعد أيامهم و وقائعهم و‬


‫الجاهلية خير شاعر لقومه ‪ :‬يمدحهم و يرثيهم و ا‬
‫الشاعر هنا هي االهتمام بقومه حيث يعيش قضاياهم و يدافع عنها و يعتز بها"‪.‬‬

‫"ولبيد هنا إذا كان يفخر بنفسه فهو يفخر بقومه‪ ،‬و إذا كان يفخر بقومه فإانما يفخر‬
‫بنفسه ‪ ...‬فقد كانت تعقد المناظرات و الندوات في دور الملوك ليستعرض الشعراء فيها كل‬
‫ما لدى قومه من بطوالت و انتصارات فكان كل وفد يدافع عن نفسه أمام عدوه بالكلمة ال‬
‫بالسيف‪ ،‬فالمقارعة هنا بالحجة و البينة ال بالرماح والنبال"‪.2‬‬

‫فهذه المنزلة العظيمة التي يكتسبها الشاعر بين قبيلته تظهر لنا أهمية الشعر "الذي‬
‫فهو ديوان العلم و منتهى الحكمة‪ ،‬يأخذون به‬ ‫العرب"‪3‬‬ ‫هو عمود الفخر وبيت الذكر لماثر‬
‫ويوثقون فيه‪ ،‬لما فيه من وقع وتأثير في نفوس القبائل األخرى لترقى منزلة الشاعر من لسان‬
‫القبيلة إلى حكيمها‪ ،‬فيرضون بما يرضى ويحكمون بما يحكم‪.‬‬

‫طبقات فحول الشعراء‪ .‬ابن سالم ص ‪1.24‬‬


‫‪2.137‬‬‫قضايا النقد األدبي بين القديم والحديث‪ .‬محمد زكي العشماوي‪ ،‬دار المعرفة الجامعية ‪ 1999‬ص‬
‫األغاني ‪ 37 / 12‬نقال عن مصطلحات النقد العربي لدى الشعراء الجاهليين واإلسالميين ص ‪3.153‬‬

‫‪8‬‬
‫الفصل األول ‪:‬‬

‫مفهوم الفحولة عند األصمعي في كتابه ''فحولة الشعراء ''‬

‫المبحث األول ‪ :‬فحولة الشعراء عند األصمعي‬

‫المبحث الثاني ‪ :‬معايير الفحولة عند األصمعي‬

‫المبحث الثالث ‪ :‬تصنيف الشعراء عند األصمعي‬


‫مفهوم الفحولة عند األصمعي في كتابه " فحولة الشعراء"‬ ‫الفصل األول‬

‫المبحث األول ‪ :‬فحولة الشعراء عند األصمعي‬

‫أ‪ -‬قراءة في عنوان كتاب " فحولة الشعراء "‬

‫حتى نبحث عن مفهوم الفحولة عند األصمعي ‪ ،‬البد من أن نتوقف عند هذا العنوان‬
‫ونعطي حق المصطلحات التي استعملها دون غيرها ‪ ،‬كي نستنبط هدفه في تأليف كتابه هذا‬

‫أوال‪ :‬كلمة فحولة لغة ‪" :‬الفاء والحاء والالم أصل صحيح يدل على ذكارة وقوة من ذلك‬
‫الفحل من كل شيء ‪ ،‬وهو الذكر الباسل ‪ ،‬يقال ‪ :‬أفحلته فحال اذا أعطيته فحال يضرب في‬
‫‪1‬‬ ‫إبله وفحلت إبلي ‪ ،‬اذا أرسلت فيها فحلها "‬

‫وعند ابن منظور نجد أن ‪" :‬الفحل معروف الذكر من كل حيوان وجمعه أفحل وفحول‬
‫وفحولة و فحال و فحالة مثل الجمالة قال الشاعر ‪ :‬فحالة تطرد عن أشوالها‪.‬‬

‫قال سيبويه ‪ :‬ألحقوا الهاء فيها لتأنيث الجمع ورجل فحيل ‪ :‬فحل وانه لبين الفحولة والفحالة‬
‫يما ‪ :‬اختار لها ‪ ،‬وافتحل لدوابه فحال كذلك ‪ ،‬الجوهري ‪ :‬فحلت‬
‫والفحلة ‪ ،‬وفحل ابله فحالا كر ا‬
‫إبلي اذا أرسلت فيها فحال‪.‬‬

‫قال أبو محمد الفقعسي ‪ :‬نفحلها البيض القليالت الطبع من كل عراض اذا هز اهتزع‪.‬‬

‫أي نعرقبها بالسيوف ‪ ،‬وهو مثل االزهري والفحلة افتحال االنسان فحال لدوابه وأشد ‪ :‬نحن‬
‫‪2‬‬ ‫افتحلنا فحلنا لم نأثله "‬

‫وفي القاموس المحيط نجد أن " الفحل ‪ :‬الذكر من كل حيوان ‪ ،‬ج فحول وأفحل وفحال‬
‫‪3‬‬ ‫وفحالة وفحولة ‪ ،‬ورجل فحيل ‪ :‬فحل "‬

‫‪ 1‬معجم مقاييس اللغة ‪ ،‬ابن فارس أحمد ‪.‬تح ‪ :‬عبد السالم هارون ‪ .‬المجلد ‪. 4‬دار الجليل ص‪478‬‬
‫‪ 2‬لسان العرب‪ .‬ابن منظور ص‪615‬‬
‫‪ 3‬القاموس المحيط‪ .‬الفيروز أبادي‪ .‬قدمه وعلق عليه‪ :‬أبوالفا نصر الجوريني دار الكتب العلمية محمد علي بيضون‪ .‬بيروت لبنان ‪ 1971‬ص‬
‫‪1054‬‬
‫‪10‬‬
‫مفهوم الفحولة عند األصمعي في كتابه " فحولة الشعراء"‬ ‫الفصل األول‬

‫وقال الفراهيدي عن الفحل ‪ " :‬الفحول والفحولة ‪ :‬جمع الفحل والفحلة افتحال االنسان فحال‬
‫‪1‬‬ ‫لدوابه قال ‪ :‬نحن افتحلنا جهدنا لم نأثله ‪ ...‬وفحل فحيل ‪ :‬كريم المنتجب "‬

‫فنالحظ من خالل هاته المفاهيم المتقاربة لهذا المصطلح أنها قد ارتبطت بالذكورة والقوة‬
‫والشجاعة والتميز وال عالقة لها من قريب أو بعيد بالشعر ‪ .‬فهي كلمة مفعمة بالذكورة كانت‬
‫تستخدم أصال لوصف الحيوانات الذكور التي تستخدم للتكثير‪.‬‬

‫"‪2‬‬ ‫أما مصطلح الشعراء لغة " فالشاعر ‪ :‬قائل الشعر (ج) شعراء ‪ ،‬وشعر شاعر ‪ :‬جيد‬

‫" والشاعر من شعر يشعر شعرا‪ ....‬وانما سمي شاع ار النه يشعر من معاني القول ‪،‬‬
‫واصابة الوصف بما ال يشعر به غيره ‪ ،‬واذا كان انما يستحق اسم الشاعر بما ذكرنا ‪ ،‬فكل‬
‫‪3‬‬ ‫من كان خارجا عن هذا الوصف فليس بشاعر وان اتى بكالم موزون مقفى "‬

‫فالشاعر هو ذلك الشخص الذي يمكنه نظم أبيات أو قصائد شعرية وفق لغة ما ‪ ،‬فقديما‬
‫كان الشاعر بالنسبة للقبائل العربية بمثابة األداة التي تتباهى بها القبيلة أمام القبائل األخرى‬
‫والرد عليهم بقوالب شعرية محكمة النسج والصياغة " ناتجة من عقول ناضجة رشيدة وأفكار‬
‫وقعا في نفوس األعداء ‪.‬‬
‫ثاقبة سديدة وعواطف جياشة نبيلة " ‪ 4‬فاللغة الشعرية القوية أشد ا‬

‫ثانيا ‪ :‬اصطالحا ‪:‬ف‪ :‬فحولة الشعراء هم ‪ " :‬اللذين غلبوا بالهجاء من هاجاهم مثل جرير‬
‫والفرزدق وأشب اههما ‪ ،‬وكذلك كل من عارض شاع ار فغلب عليه مثل علقمة بن‬
‫عبدة ‪ ،‬وكان يسمى فحال النه عارض امرؤ القيس في قصيدته التي يقول في‬
‫أولها ‪:‬‬

‫ذهبت من الهجران في غير مذهب‬ ‫مر بي على أم جندب‬


‫خليلي ا‬

‫كتاب العين ‪ .‬الخليل بن أحمد الفراهيدي تح ‪ :‬عبد الحميد هنداوي ‪.‬مج ‪ 3‬دار الكتب العلمية ‪ ،‬منشورات علي بيضون بيروت لبنان ص‪304‬‬ ‫‪1‬‬
‫المعجم الوسيط‪ .‬مجمع اللغة العربية ‪ ،‬جمهورية مصر العربية ط‪ 2‬ص‪484‬‬ ‫‪2‬‬
‫نقد النثر ‪ .‬قدامة بن جعفر تح‪:‬طه حسين بك وعبد الحميد العبادي مصر ‪ 1939‬ص ‪90‬‬ ‫‪3‬‬
‫عيون الشعر العربي القديم ‪ .‬على الجندي ‪ .‬دار الغريب للطباعة والنشر القاهرة ج‪ 1‬ص‪3‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪11‬‬
‫مفهوم الفحولة عند األصمعي في كتابه " فحولة الشعراء"‬ ‫الفصل األول‬

‫‪1‬‬ ‫وكل واحد منهما يعارض صاحبه في نعت فرسه ففضل علقمة عليه ولقب الفحل "‬

‫و"الفحولة صفة عزيزة تعني التفرد الذي يتطلب غلبة صفة الشعر على كل صفات أخرى‬
‫في المرء ‪ ،‬فرجل مثل حاتم قد يقول قصائد ولكنه يعد في األجواد وال يسمى فحال ألن الشعر‬
‫ال يغلب عليه وكذلك أشباه زيد الخيل وعنترة بن شداد فإنهم فرسان يقولون شع ار وحسب‪ ،‬وأن‬
‫‪2‬‬ ‫غلبة صفة الشعر تستدعي عددا معينا من القصائد التي تكفل لصاحبها التفرد "‬
‫فاألصمعي قد وضع مقياسا واحدا في نجاح الشاعر وهو الفحولة ‪ ،‬فهو مقياس فني عالي‬
‫يعبر عن قدرة الشاعر العالية في قول الشعر وتفرده وتميزه عن غيره من الشعراء ‪ ،‬فالشاعر‬
‫الفحل هو الشاعر المجيد العظيم الذي يبتكر ماال سابق له ‪.‬‬

‫ب ــ الفحولة عند األصمعي‬

‫يعد موضوع الفحولة من أبرز المواضيع التي لها عالقة بالشعر والشعراء فهي مقياس‬
‫فني عالي الجودة ابتكره األصمعي لقياس درجة الشعراء الفحول من غير الفحول ورغم‬
‫األسبقية في تناول موضوع الفحولة إال أننا " ال نجد تفسي ار واضحا لمعنى فحولة الشاعر ‪،‬‬
‫فقد سأل أبو حاتم أستاذه األصمعي عن معنى"الفحل" فقال ‪ :‬من كان له مزية على غيره‬
‫فنالحظ أن األصمعي قد ربط صورة الشاعر المتفرد والمتميز‬ ‫‪3‬‬ ‫كمزية الفحل على الحقاق "‬
‫على غيره من الشعراء بصورة الجمل الفحل القوي الذي يقود سير اإلبل "فاألصمعي قد وقف‬
‫عند الجمل في تصور الشاعرية "‪ 4‬فالشاعر الفحل في نظر األصمعي هو الذي تجتمع فيه‬
‫قوة الشاعرية ونبل العبارة ‪ ،‬وغلبة األقران والتميز على غيره من الشعراء ‪ ،‬فهو ذو خصوبة‬
‫فكرية‪ ،‬يتعاطى األلفاظ الجزلة القوية ويتمتع بقدرة رهيبة على توليد المعاني المبتكرة والسبك‬
‫المتقن‪ ،‬فاألصمعي يرى أن الشاعر " ال يصير في قريض الشعر فحال حتى يروي أشعار‬
‫العرب ويسمع األخبار ويعرف المعاني وتدور في مسامعه األلفاظ ‪ ،‬وأول ذلك أن يعلم‬

‫لسان العرب ‪ ،‬ابن منظور ص ‪617‬‬ ‫‪1‬‬


‫تاريخ النقد األدبي عند العرب ‪ .‬احسان عباس ص‪41‬‬ ‫‪2‬‬
‫فحولة الشعراء األصمعي تح ‪ :‬ش توري قدم لها ‪ :‬صالح الدين المنجد ‪ ،‬دار الكتاب الجديد ‪ ،‬بيروت لبنان ص‪5‬‬ ‫‪3‬‬
‫تاريخ النقد األدبي ‪ ،‬احسان عباس ص ‪85‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪12‬‬
‫مفهوم الفحولة عند األصمعي في كتابه " فحولة الشعراء"‬ ‫الفصل األول‬

‫العروض ليكون ميزانا له عن قوله والنحو ليصلح به لسانه وليقيم اعرابه‪ ،‬والنسب وأيام الناس‬
‫ليستعين بذلك على معرفة المناقب والمثالب وذكرها بمدح أو ذم "‪ 1‬فهذه جملة من الشروط‬
‫التي أسسها األصمعي للظفر بلقب الشاعر الفحل ‪ ،‬فهذا األخير هو الحامل للواء الشعر‬
‫الماسك لزمامه القائد للشعراء كامرئ القيس حين قال فيه األصمعي " ما أرى في الدنيا ألحد‬
‫مثل قول امرئ القيس ‪:‬‬

‫‪2‬‬ ‫باألشقين ما كان العقاب‬ ‫وقاهم جدهم ببني أبيهم‬

‫قال أبو حاتم فلما رآني اكتب كالمه فكر ثم قال ‪ " :‬بل أولهم في الجودة امرؤ القيس‪ ،‬له‬
‫‪3‬‬ ‫الحظوة والسبق وكلهم أخذوا من قوله واتبعوا مذهبه "‬

‫وهذا القول يأكد لنا اعجاب األصمعي الشديد بامرئ القيس‪ ،‬لما يحويه هذا األخير من‬
‫جودة في القول والصياغة حتى فضله على غيره من الشعراء ‪ ،‬فاألصمعي وضع مقياسا‬
‫لفحولة الشعراء انطالقا من المزية الكبرى والصفة العظمى التي يتميز بها الشاعر الفحل‬
‫على غيره من الشعراء فهو ذلك الشاعر العظيم في نظره " حيث قال رؤبة ‪(:‬الفحول هم‬
‫‪4‬‬ ‫الرواة) ودون الفحل الخنديد الشاعر المفلق ‪ ،‬ودون ذلك الشاعر فقط والرابع الشعرور "‬

‫فالمقصود من الرواة هم الشعراء الذين يروون شعر غيرهم فيكثر تصرفهم في الشعر‬
‫ويقوون على القول ‪ ،‬وتأسيسا على القول ‪ ،‬فالفحولة ال تأتي إال برواية الشعر وتقفي آثار‬
‫الفحول بسلك طريقهم ومنهجهم وحفظ أشعارهم وروايتها‪.‬‬

‫ار من هذا الطرح أن امرؤ القيس يعد ممن يتقدم على الشعراء لما له‬
‫والذي نستشفه اعتب اا‬
‫من أفضال في تهذيب الشعر والسبق في التطرق إلى مختلف األغراض والخروج بالشعر‬
‫من دائرة العادي إلى الرقة والعذوبة والجودة الفنية ‪.‬‬

‫‪ 1‬العمدة في محاسن الشعر وآدابه ونقده ‪ ،‬ابن رشيق ص‪329‬‬


‫‪ 2‬ديوان امرئ القيس ‪ 104‬نقال عن ‪ -‬سؤاالت ابن حاتم السجستاني لألصمعي ورده عليه فحولة الشعراء تح‪ :‬محمد عودة سالمة أبو جرى ‪،‬‬
‫مكتبة الثقافة الدينية ‪ ،‬مصر ط ‪ 1994‬ص‪30‬‬
‫‪ 3‬المصدر نفسه ص ‪30‬‬
‫‪ 4‬البيان والتبيين ‪ ،‬الجاحظ تح ‪ :‬عبد السالم هارون ‪ ،‬مكتبة الخانجي ‪ ،‬القاهرة ط‪ 1998 6‬ج ‪ 2‬ص ‪9‬‬
‫‪13‬‬
‫مفهوم الفحولة عند األصمعي في كتابه " فحولة الشعراء"‬ ‫الفصل األول‬

‫فمثله كمثل النجم سهيل*‪1‬الذي يتقدم على سائر النجوم علوا ورفعة فهو بمثابة القائد لباقي‬
‫النجوم ‪ ،‬كذلك امرؤ القيس هو إمام الشعراء وقدوتهم في طرق مواضيع مختلفة في الشعر‬
‫وأغراضا متعددة في القصيدة كما انه أول من سلك االستعارات والتمثيالت الجيدة في الشعر‪.‬‬
‫ومن هذا االستنتاج يتبين لنا أن األصمعي أراد أن يحدد الفحولة في القدوة واإلمامة التي‬
‫يحتلها الشعراء أصحاب الفضل والسبق إلى طرق مواضيع الشعر وتهذيبها ‪ ،‬ومن ثمة جعلها‬
‫منهاج ا ومنصة يرتقيها من يلحق بهم من الشعراء‪ ،‬فكان امرؤ القيس وأمثاله حاملي لواء‬
‫ا‬
‫الشعر وسائرون به نحو المجد‪.‬‬

‫*هو نجم عمالق أبيض اللون ‪ ،‬اعتمد عليه علماء الفلك في العصور الوسطى على تحديد القبلة‬
‫‪14‬‬
‫مفهوم الفحولة عند األصمعي في كتابه " فحولة الشعراء"‬ ‫الفصل األول‬

‫المبحث الثاني ‪ :‬معايير الفحولة عند األصمعي‬

‫حين نضج الشعر واكتملت صورته الفنية ‪ ،‬فتن به العرب فتراؤوه وتذوقوه وتغنوا به‪،‬‬
‫ونظروا فيه تلك النظرة التي تلتئم مع حياتهم وطبيعتهم ‪ ،‬وبعدهم عن أساليب الحضارة‪،‬‬
‫فأعلنوا استحسانهم لما استجادوا ‪ ،‬واستهجانهم لما استقبحوا في عبارات موجزة وأحكام سريعة‬
‫وبالرغم من جمال الصورة الشعرية وقوة ألفاظها إال أن النقاد القدامى وفي مقدمتهم األصمعي‬
‫رأوا ضرورة وجود معايير فنية ومقاييس تمكنهم من نقد األشعار والحكم عليها جودة أو رداءة‬
‫وتصنيف الشعراء ‪ ،‬ووضعهم في المراتب التي يستحقونها ‪ ،‬ويتجسد ذلك من خالل جملة‬
‫من المعايير التي اعتمدها األصمعي في تصنيفه للشعراء ‪:‬‬

‫أوال ‪ :‬معيار الكثرة ‪ /‬الكم الشعري‬

‫يرى األصمعي أن فحولة الشاعر تكمن في كثرة انتاجه ‪ ،‬فكلما كان الشاعر مقواال مكث ار‬
‫لقول الشعر ‪ ،‬كانت له األولوية واألسبقية على غيره من الشعراء ويرتقي إلى مصاف الفحول‬
‫فاألصمعي يرى أن البد لشاعر أن يقول عدد من القصائد التي تؤهله لبلوغ الدرجة العليا ‪،‬‬
‫وال تكفيه في ذلك األبيات القليلة أو النتف اليسيرة ‪ ،‬وال يحدد األصمعي عدد معينا للقصائد‬
‫التي ينبغي آن ينظمها الشاعر حتى يعد فحال ‪ ،‬بل يتخذ من القصائد الجيدة نموذجا متعاقب‬
‫يطالب من خالله شاعر أن ينسج على منواله "يقول أبو حاتم السجسستاني"‬

‫" قلت فالحويدرة "‬

‫‪1‬‬ ‫قال ‪ :‬ولو قال مثل قصيدته خمس قصائد كان فحال "‬

‫وأما قصيدته التي قصدها في العينية ومطلعها‬

‫‪2‬‬ ‫وغدت غدو مفارق لم يرجع‬ ‫بكرت سمية غدوة فتمتع‬

‫فحولة الشعراء‪ ،‬األصمعي ص ‪12‬‬ ‫‪1‬‬


‫سؤاالت أبي حاتم لألصمعي ص ‪40‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪15‬‬
‫مفهوم الفحولة عند األصمعي في كتابه " فحولة الشعراء"‬ ‫الفصل األول‬

‫فالحويدرة من الشعراء الجاهليين والبارزين وهو في نظر األصمعي مقل والعينة التي أتى‬
‫بها ذات مرتبة عالية اتخذها األصمعي مقياسا له في الفحولة فقط لو نسج على منواله خمسا‬
‫آخر‪.‬‬

‫وقال في شأن المهلهل ‪ " :‬قلت مهلهل ؟ قال ‪ :‬ليس بفحل ‪ ،‬ولو كان قال مثل قوله ‪:‬‬

‫اذا أنت انقضيت فال تحوري‬ ‫أليتنا بذي جشم أنيري‬

‫‪1.‬‬ ‫كان أفحلهم ‪ ،‬قال ‪ :‬وأكثر شعره محمول عليه‬

‫فاألصمعي هنا يحكم على المهلهل بعدم الفحولة لكونه من الشعراء المقلين ولم يذكر‬
‫النصاب الذي يرفع من شأنه في المصدر المعتمد عليه‪.‬‬

‫كما أن هناك قضية أخرى تحمل قيمة خلقية تتمحور حول الكذب أوردها المرزباني في قوله‪:‬‬
‫‪2‬‬ ‫" وزعمت العرب أنه كان يدعي في شعره تتكثر في قوله أكثر من فعله "‬

‫مع اإلشارة في قضية االنتحال ذلك الزيف والتلفيف الذي أفسد تلك اللثة التي لحقها من‬
‫جملة ما قالته العرب ‪.‬‬

‫يروي أفعاله في بني عمومته البكريين الذين حربهم زهاء أربعين سنة ‪ ،‬وكان المهلهل‬
‫يقول شع ار يخلد ويمجد في تلك األيام والدارات‪ ،‬وقول المرزبان هنا كذب وتلفيف‪ ،‬وزيادات‬
‫المهلهل في تلك الحوادث ‪ ،‬وتكفي هذه القضية الصفة الذميمة معيا ار يؤخذ من خالله‬
‫األصمعي فحولته ‪ ،‬وبالتالي فنصاب المهلهل خمس قصائد مع تحديد األنموذج ‪.‬‬

‫"‪3‬‬ ‫" وقال ‪ :‬لو قال ثعلبة بن صغير المازني مثل قصيدته خمسا كان فحال‬

‫ويعني بقصيدته الرائية التي يقول في مطلعها ‪:‬‬

‫‪ 1‬نفسه ص ‪41‬‬
‫‪ 2‬الموشح في مآخذ العلماء على الشعراء‪ ،‬أبي عبد هللا بن عمران بن موسى المرزباني تح‪ :‬محمد حسين شمس الدين دار الكتب العلمية ‪ ،‬بيروت‬
‫لبنان ط‪ 1995 1‬م ص ‪95 -94‬‬
‫‪ 3‬سؤاالت ابي حاتم لألصمعي ص ‪42‬‬
‫‪16‬‬
‫مفهوم الفحولة عند األصمعي في كتابه " فحولة الشعراء"‬ ‫الفصل األول‬

‫باكر‪1‬‬ ‫ذي حاجة متروح أو‬ ‫هل عند عمرة من بتات المسافر‬

‫ونصاب ثعلبة بن صغير المازني خمس قصائد مع تحديد األنموذج أيضا ‪.‬‬

‫‪2‬‬ ‫وقال ‪ :‬قلت ‪ :‬فمعقر البارقي حليف بني نمير ؟ قال ‪ :‬لو اتم خمسا أو ستا لكان فحال "‬

‫ونصاب معقر البارقي خمس او ست قصائد دون تحديد لألنموذج ثم قال ‪ :‬قالت ‪ :‬فأوس بن‬
‫غفاء الهجيمي ؟‬

‫قال ‪ :‬لو كان قال عشرين قصيدة كان لحق بالفحول " ‪ ، 3‬فاألصمعي يرى أوسا من الشعراء‬
‫المقلين إلى حد كبير ‪ ،‬واال فلما يحدد نصابه بعشرين قصيدة ؟ دون غيره من أصحابه ‪،‬‬
‫والست قصائد دون تحديد لألنموذج ‪.‬‬

‫‪4‬‬ ‫شيئا كان فحال "‬


‫أما سالمة بن جندل ‪ ":‬لو كان زاد ا‬

‫فاألصمعي هنا لم يحدد النصاب الذي يريده ليرتقي سالمة إلى مصاف الشعراء الفحول‬
‫ونظره إلى نصاب القصائد التي يعتمد األصمعي في تحديد فحولة كل شاعر تجده متوقفا‬
‫عند الخمس قصائد كأ دنى تقدير وأما الحد األعلى فهو غير محدد ‪ ،‬أي عند الحويدرة‬
‫ومهلهل ‪ ،‬وثعلبة بن صغير المازني النصاب هو خمس قصائد مع تحديد لألنموذج وأوس‬
‫بن غلفاء الهجيمي فنصابه عشرون قصيدة دون تحديد لألنموذج أيضا وأما سالمة بن‬
‫جندل لو كان زاد شيئا كان فحال فال قصائد تحديد نصابه وال أنموذج فما سبب هذه‬
‫التحديدات التي وضعها األصمعي ؟ ‪.‬‬

‫نالحظ من خالل تحديد األصمعي للنصاب‪ ،‬واألنموذج جاء متذبذبا بين الشعراء ‪ ،‬ووراء‬
‫هذا األمر خلفية دفعته إلى تحديد النصاب العتبار فحولة شاعر على آخر ‪ ،‬وربما يكون‬
‫السبب في الشهرة والمكانة القبلية التي يحتلها الشاعر ‪ ،‬أي أن الشاعر صاحب المكانة‬

‫‪ 1‬المفضليات ‪ ،‬المفضل الضبي ـ تح ‪ :‬أحمد محمد شاكر وعبد السالم هارون ‪ ،‬دار المعارف مصر ط‪1979 6‬م ص ‪128‬‬
‫‪ 2‬سؤاالت أبي حاتم لألصمعي ص ‪46‬‬
‫‪ 3‬المرجع نفسه ص ‪51‬‬
‫‪ 4‬المرجع نفسه ص ‪53‬‬
‫‪17‬‬
‫مفهوم الفحولة عند األصمعي في كتابه " فحولة الشعراء"‬ ‫الفصل األول‬

‫الرفيعة في قبيلته كالمهلهل مثال ‪ :‬إضافة إلى جودة أنموذج شعري واحد تشفع له ‪ ،‬ويكثر‬
‫عليه األصمعي في قضية الكم على خالف باقي الشعراء هذا الذي يمكن أن نرجحه في‬
‫قضية الكم الشعري ‪ ،‬ومن هنا فمعيار الكم الشعري هو معيار صالح يعكس تفوق شاعر‬
‫على أخر في كثير من األحيان ‪ ،‬اذ ال يمكن أن يتساوى شاعران مثال ‪ ،‬ألن ألولهما‬
‫األبيات ال قليلة ‪ ،‬ولثانيهما القصائد الكثيرة على أنه ينبغي أن ينتبها على أن مثل هذا المعيار‬
‫ال يمكن األخذ به على اطالقه دائما بل البد من أن يكون مرتبطا بمعيار آخر هو الجودة‬
‫الشعرية في معظم األحيان ‪ ،‬ويمكن عده عامال مرجحا اذا تساوى شاعران في جودتهما‬
‫وتفوق أحدهم على اآلخر‪.‬‬

‫ثانيا ‪ :‬معيار الجودة‬

‫يتخذ األصمعي هذا المعيار مضما ار يقيس من خالله فحولة الشعراء وله قيمة كبيرة ‪،‬‬
‫فالشاعر المجيد له أفضال عديدة على باقي الشعراء النه بمثابة المحور األساس والمرجح‬
‫الذي ينهل منه الشعراء ‪ ،‬فالشاعر المجيد هو فاتح الطريق لباقي الشعراء في الكثير من‬
‫الموضوعات ومثل هذه المكانة أوالها األصمعي المرئ القيس وذلك في قوله " أولهم كلهم‬
‫‪1‬‬ ‫في الجودة أمرؤ القيس ‪ ،‬له الحظوة والسبق ‪ ،‬وكلهم أخذوا من قوله ‪ ،‬واتبعوا مذهبه "‬

‫فلم يخف األصمعي قوة اعجابه بأمرئ القيس لما يحويه من جودة حتى أواله هذه األهمية‬
‫واألولوية ‪.‬‬

‫طر أشعر؟‬
‫قال أبو حاتم ‪ :‬وسأله رجل ‪ :‬أي الناس اا‬

‫قال ‪ :‬النابغة‬

‫قال ‪ :‬تقدم عليه أحدا ؟‬

‫المرجع السابق ص‪30‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪18‬‬
‫مفهوم الفحولة عند األصمعي في كتابه " فحولة الشعراء"‬ ‫الفصل األول‬

‫‪1‬‬ ‫قال ‪ :‬ال ‪ ،‬وال أدركت العلماء بالشعر يفضلون عليه أحدا‬

‫فالسبب األول الذي جعل األصمعي يفضل النابغة أكيد هو جودة الشعر التي اتخذها‬
‫لقياس شاعريته على شاعر آخر ومن ثم فحولته مما تميزه عنهم ‪ .‬فنالحظ على األصمعي‬
‫وهو يتعرض للشعراء غير الفحول أنه ينظر إليهم بعين بصير خبير بالشعر ‪ ،‬ليمكن ذلك‬
‫من التميز بدقة جودة الشعر ورداءته ويحكم من خالله على فحولته وعدم فحولة الشعراء ‪،‬‬
‫أي ف الشاعر الجيد للشعر فحل تارة باجتماع خصائص غير فحل ينقص بعض الخصائص‬
‫تارة ‪ ،‬ونجد األصمعي يمثل االنعدام لفحولة لبيد بن ربيعة بـ ‪:‬‬

‫" قلت ‪ :‬فلبيد بن ربيعة‬

‫قال ‪ :‬هو ليس بفحل‬

‫"‪2‬‬ ‫ثم قال لي مرة أخرى ‪ :‬كان رجال صالحا ‪ ،‬كأنه ينفي عنه جودة الشعر‬

‫فلبيد في رأي األصمعي ليس من الشعراء الفحول ‪ ،‬والسبب هو نفي عنه جودة الشعر‬
‫كما اعتقد أبو حاتم ‪ ،‬وقد حدث األصمعي ذات مرة قال ‪ " :‬سمعت أبا عمرو بن العالء‬
‫يقول ‪ :‬ما أحد أحب إلي شع ار من لبيد بن ربيعة لذكره هللا عز وجل وإلسالمه ولذكره الدين‬
‫فالمعيار هنا هو الجودة الشعرية والذي اعتمده األصمعي‬ ‫‪3‬‬ ‫والخير ولكن شعره رحى يزر "‬
‫كركيزة أساسية في تقييم شعر لبيد وانزاله المرتبة التي يستحقها كما قال في شأن المهلهل‬

‫ولو كان قال مثل قوله ‪:‬‬

‫‪4‬‬ ‫اذا أنت انقضت فال تحوري‬ ‫أليتنا بذي جشم أنيري‬

‫‪1‬‬ ‫كان أفحلهم‪.‬‬

‫‪ 1‬المرجع السابق ص ‪31-30‬‬


‫‪ 2‬نفسه ص ‪50‬‬
‫‪ 3‬الموشح ‪ ،‬للمزرباني ص‪89‬‬
‫‪ 4‬األصمعيات (مختارات أبي سعيد عبد الملك بن قريب األصمعي) حققه ‪ ،‬أحمد محمد شاكر ‪،‬عبد السالم محمد هارون ‪ ،‬دار المعارف ‪ ،‬مصر‬
‫ط‪ 5‬ص‪173‬‬
‫‪19‬‬
‫مفهوم الفحولة عند األصمعي في كتابه " فحولة الشعراء"‬ ‫الفصل األول‬

‫فعلى الرغم من أن المهلهل ليس من الشعراء الفحول إال أن بعض شعره يتميز بجودة‬
‫أخاذه‪ ،‬ولو قال شع ار بذلك المستوى لكان أفحل الشعراء‪.‬‬

‫وهنا دأب األصمعي في تمييز الشعراء الفحول وغير الفحول ‪ ،‬عبر معايير متمايزة‬
‫حسب ما وجد عند الشاعر من جودة وحسن النظم ‪ ،‬ففي موضع آخر تراه يقرر أن كعب بن‬
‫سعد الغنوي " ليس من الفحول إال في المرثية فإنه ليس في الدنيا مثلها " ومرثيته هي‬
‫البائية التي رثى فيها أخاه إذ يقول في مطلعها ‪:‬‬

‫‪2‬‬ ‫وكل امرئ بعد الشباب يشيب‬ ‫تقول إبنة العبسي قد شبت بعدنا‬

‫فهذا دليل على اعجاب األصمعي بجودة هذه القصيدة ‪ ،‬وبالتالي فمكانة كعب بن سعد‬
‫الغنوي عنده مرموقة ‪ ،‬فقد أوالها درجة الفحول كما أن هذا دليل آخر ان الفحولة عند‬
‫األصمعي ‪ ،‬غير مقصورة على شعر الشاعر جميعا بل يمكن لها أن تقتصر على قصيدة‬
‫واحدة فقط ويكون الشاعر فحال من خاللها ‪.‬‬

‫حيث قال ‪ " :‬ليس أحد يقوم للشماخ في الزائية والجيمية إال ’أن أبا ذؤيب أجاد في جيميته‬
‫حدا ال يقوم له احد قال ‪ :‬هي التي قال فيها ‪:‬‬

‫‪3‬‬ ‫أمه يرك من جدام لبيح‬ ‫كأن تقال المرن بين تضارع‬

‫وبالتالي معيار جودة الشعر ‪ ،‬من أحكم وأقدر المعايير التي تحدد مقدرة الشاعر الفنية‬
‫ومدى حسن نسجه وبراعة نظمه وتبين مدى مكانته بين الشعراء ‪ ،‬وفحولته‪.‬‬

‫سؤاالت أبي حاتم لألصمعي ص‪41‬‬ ‫‪1‬‬


‫المرجع السابق ص ‪48‬‬ ‫‪2‬‬
‫نفسه ص ‪68‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪20‬‬
‫مفهوم الفحولة عند األصمعي في كتابه " فحولة الشعراء"‬ ‫الفصل األول‬

‫ثالثا ‪ :‬معيار الزمن‬

‫إن من أهم المعايير النقدية التي اشتد حولها الجدل والخصام ‪ ،‬معيار " الزمن " الذي‬
‫أفرز العديد من القضايا النقدية الخطيرة التي دارت حولها العديد من المعارك النقدية ‪ ،‬حيث‬
‫يعد هذا المعيار األساس واألوحد في تحديد مراتب الشعراء فهو العامل الوحيد الذي يحدد‬
‫مكانة الش اعر على مر العصور ‪ ،‬فله قيمة كبيرة عند كبار اللغويين أمثال ابو عمرو بن‬
‫العالء واألصمعي وغيرهم حيث انصب اهتمام هؤالء النقاد على صيانة اللغة العربية‬
‫األصيلة من العبث‪ ،‬أو بعبارة أخرى إجالل الشعر القديم والرفع من شأنه حيث يرون فيه‬
‫الحجة الدامغة والروح العربية الخالصة ‪ ،‬فاألصمعي وضع هذا المعيار للرفع من شأن‬
‫الشعراء الجاهليين الذين يراهم عماد الشعر العربي القديم أمثال ‪ :‬بشار بن برد الذي قال فيه‬
‫‪1‬‬ ‫‪ ّ:‬وهللا لوال أن أيامه تأخرت لفضلته على كثير منهم "‬

‫وكذلك سؤال أبي حاتم ألستاذه األصمعي حين سأله ‪ " :‬قلت ‪ :‬فجرير والفرزدق واألخطل ؟‬
‫‪2‬‬ ‫قال ‪ :‬هؤالء لو كانوا في الجاهلية كان لهم شأن وال أقول فيهم شيئا ألنهم إسالميون "‬

‫وهنا يتبين لنا رفعة ومكانة الشاعر الجاهلي عند األصمعي فهو يرى أن إدراك الشاعر‬
‫للعصر الجاهلي يعد من أهم العوامل التي تجعل من الشاعر فحال ‪ ،‬فالفحول من الشعراء‬
‫هم من الجاهليين فقط"‪ 3‬كما أننا نلمس من قوله في أمر جرير والفرزدق واألخطل مكانة‬
‫للشاعر اإلسالمي إال انه يتحرج في إصدار أحكام فيهم ‪.‬‬

‫" قال أبو حاتم ‪ :‬وكنت أسمعه يفضل جري ار على الفرزدق كثي ار ‪ ،‬فقلت له يوم دخل عليه‬
‫عصام بن الفيض ‪ ،‬إني أريد أن أسألك عن شيء ‪ ،‬ولو أن عصاما يعلمه من قبلك لم‬
‫أسألك ثم قلت ‪ :‬سمعتك تفضل جري ار على الفرزدق غير مرة ‪ ،‬فما تقول فيهما‬

‫وفي األخطل ؟ فأطرق ساعة ثم أنشد من قصيدته ‪:‬‬

‫األصمعي اللغوي صورة عراقية في القرن الثاني الهجري عبد الحميد الشلقاني دار المعارف ص‪44‬‬ ‫‪1‬‬
‫سؤاالت أبي حاتم ص ‪43‬‬ ‫‪2‬‬
‫ينظر‪ :‬في النقد األدبي القديم عند العرب ‪ ،‬حسين الجداونة ‪ ،‬دار اليازوني للنشر ‪ ،‬عمان األردن ص ‪111‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪21‬‬
‫مفهوم الفحولة عند األصمعي في كتابه " فحولة الشعراء"‬ ‫الفصل األول‬

‫بساهمة الخدين طاوية القرب‬ ‫لعمري لقد أسريت ال ليل عاجز‬

‫فأنشد أبياتا زهاء العشرة ‪ ،‬ثم قال ‪:‬‬

‫‪1‬‬ ‫" من قال لك أن في الدنيا أحدا قال مثلها قبله وال بعده فال تصدقه "‬

‫فالمالحظ هنا أن األصمعي يميل إلى الشعر اإلسالمي أو الشعراء غير الجاهليين لما‬
‫في شعرهم من حالوة وروعة وجمال في صياغة األلفاظ وسهولة في المعاني ورقة في‬
‫األسلوب ‪ ،‬إال أن ذلك ال يمنعه من تمييز الشاعر الفحل وغير الفحل ‪ ،‬فهو يعتبر الشاعر‬
‫الجاهلي حجة وله مكانة سامية بين الشعراء وذلك بسبب الفارق الزمني فهو ال يكترث لجودة‬
‫شعر الشاعر غير الجاهلي وال لمكانته إال إذا أدرك الجاهلية ‪ ،‬فاألصمعي له صرامة شديدة‬
‫في الفصل بين الشعراء ‪ ،‬فهو لغوي بالدرجة األولى ‪.‬‬

‫المبحث الثالث‪ :‬تصنيف الشعراء عند األصمعي‬

‫لقد اعتمد األصمعي في تصنيفه للشعراء على مجموعة من المعايير النقدية التي ساعدته‬
‫في اختيار الشعراء الفحول وجعلهم في مرتبة الفحول من الشعراء لما في شعرهم من جودة‬
‫وسبك واتقان ‪،‬على غيرهم من الشعراء الغير فحول في نظر األصمعي لرداءة شعرهم أو‬
‫عدم أسبقيتهم ‪ ،‬فاألصمعي ينطلق في ترتيبه للشعراء من خالل أنموذج متعال ‪ ،‬شكل مكانة‬
‫رفيعة في مضمار الشعر كأمرئ القيس لما تميز به عن غيره في السبق والتفرد لطرقه‬
‫مواضيع عديدة تميز بها عن غيره من الشعراء ‪ ،‬فالشاعر الفحل في نظر األصمعي هو‬
‫الذي له األسبقية الزمنية والجودة الفنية والرصيد الشعري ذلك هو الفحل في نظره وغير ذلك‬
‫ليس بفحل ‪.‬‬

‫وهذا ما سنتطرق إليه في هذا المبحث ‪ ،‬حيث سنورد مجموعة كبيرة من الشعراء‬
‫الجاهليين واإلسالميين وتصنيفهم إلى فئتين فحول وغير فحول ‪.‬‬

‫سؤاالت ابي حاتم لالصمعي ص ‪44 – 43‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪22‬‬
‫مفهوم الفحولة عند األصمعي في كتابه " فحولة الشعراء"‬ ‫الفصل األول‬

‫‪ -1‬الشعراء الفحول ‪:‬‬

‫لقد أولى األصمعي أهمية كبيرة للشعراء الفحول باعتبارهم أصحاب القرار والركيزة‬
‫األساسية في العملية اإلبداعية ‪ ،‬فالشاعر الفحل هو صاحب الحجة الكبيرة الذي ال يتقدمه‬
‫شاعر آخر مثل "أمرئ القيس" الذي قال فيه ‪ " :‬ما أرى في الدنيا ألحد مثل قول أمرئ‬
‫القيس ‪:‬‬

‫‪1‬‬ ‫وباألشقين ما كان العقاب‬ ‫وقاهم جدهم ببني أبيهم‬

‫فهذا دليل واضح على مكانة أمرئ القيس عند األصمعي ‪ ،‬فهو من الشعراء الفحول‬
‫‪2‬‬ ‫الذين لهم " الحظوة والسبق وكلهم أخذوا من قوله واتبعوا مذهبه "‬

‫فامرئ القيس هو الشاعر العظيم الذي يبتكر ما ال سابق اليه وهو الحامل للواء الشعر ‪.‬‬

‫طر أشعر قال النابغة قال تقدم عليه أحدا ‪ ،‬قال ‪ :‬ال ‪،‬‬
‫" قال أبو حاتم وسأله رجل أي الناس ا ا‬
‫وال أدركت العلماء بالشعر يفضلون عليه أحدا " ‪3‬‬

‫فالنابغة الذبياني من الشعراء الفحول في نظر األصمعي الذين حظوا بمرتبة رفيعة ومكانة‬
‫مرموقة بين الشعراء ‪.‬‬

‫" كان طفيل الغنوي يسمى في الجاهلية محب ار لحسن شعره ‪ ...‬وكان معاوية بن أبي سفيان‬
‫‪4‬‬ ‫يقول ‪ :‬دعوا لي طفيال ‪ ،‬فإن شعره أشبه بشعر األولين من زهير ‪ ،‬وهو فحل "‬

‫قال ‪ :‬ولم يكن النابغة وأوس وزهير يحسنون صفة الخيل ‪ ،‬ولكن طفيل الخيل غاية في‬
‫‪5‬‬ ‫النعت وهو فحل "‬

‫فحول الشعراء األصمعي ص ‪9‬‬ ‫‪1‬‬


‫المصدرنفسه الصفحة نفسها‪.‬‬ ‫‪2‬‬
‫المصدرنفسه‪.‬‬ ‫‪3‬‬
‫سؤاالت أبي حاتم ص ‪33‬‬ ‫‪4‬‬
‫نفسه ص‪34‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪23‬‬
‫مفهوم الفحولة عند األصمعي في كتابه " فحولة الشعراء"‬ ‫الفصل األول‬

‫فنالحظ من خالل ذلك أن لطفيل مكانة لحسن شعره ولتفرده في وصف الخيل على غيره‬
‫امثال النابغة وزهير‪.‬‬

‫‪1‬‬ ‫"قال ‪ :‬والنابغة الجعدي فحل "‬

‫" قلت ‪ :‬فعلقمة بن عبدة ؟‬

‫"‪2‬‬ ‫قال فحل‬

‫" قلت ‪ :‬فالحارث بن حلزة ؟‬

‫‪3‬‬ ‫قال ‪ :‬فحل "‬

‫" قلت ‪ :‬فالمشيب بن علس ؟‬

‫‪4‬‬ ‫قال ‪ :‬فحل "‬

‫" قلت ‪ :‬فحسان بن ثابت ؟‬

‫قال ‪ :‬فحل‬

‫قلت ‪ :‬فقيس بن الخطيم ؟‬

‫قال ‪ :‬فحل‬

‫قلت ‪ :‬فالمرقشان ؟‬

‫‪5‬‬ ‫قال ‪ :‬فحالن "‬

‫" قلت ‪ :‬فإبن قميئة ؟‬

‫المرجع نفسه ص ‪34‬‬ ‫‪1‬‬


‫المرجع نفسه ص ‪36‬‬ ‫‪2‬‬
‫المرجع نفسه ص ‪37 -36‬‬ ‫‪3‬‬
‫المرجع نفسه ص ‪37‬‬ ‫‪4‬‬
‫المرجع نفسه ص ‪38‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪24‬‬
‫مفهوم الفحولة عند األصمعي في كتابه " فحولة الشعراء"‬ ‫الفصل األول‬

‫قال‪ :‬فحل‬

‫قال ‪ :‬هو قميئة بن سعد بن مالك وكنيته أبو يزيد‬

‫قلت ‪ :‬فالشماخ ؟‬

‫‪1‬‬ ‫قال ‪ :‬فحل"‬

‫‪2‬‬ ‫قال ‪ :‬وأرى مالك بن حريم الهمداني من الفحول "‬

‫قلت ‪ :‬فأبو ذؤيب الهذلي ؟‬

‫قال ‪ :‬فحل‬

‫قلت ‪ :‬فساعدة بن جؤبة ؟‬

‫قال ‪ :‬فحل‬

‫قلت ‪ :‬فأبو خ ارش الهذلي ؟‬

‫قال ‪ :‬فحل‬

‫قلت ‪ :‬فأعشى همدان ؟‬

‫‪3‬‬ ‫قال ‪ :‬هو من الفحول ‪ ،‬وهو اسالمي كثير الشعر‬

‫وسألته عن خداش بن زهير العامري ؟‬

‫‪4‬‬ ‫قال ‪ :‬هو فحل "‬

‫قال ‪ :‬والمتلمس رأس فحول ربيعة‬

‫نفسه ص ‪39‬‬ ‫‪1‬‬


‫نفسه ص ‪42‬‬ ‫‪2‬‬
‫نفسه ص ‪48‬‬ ‫‪3‬‬
‫نفسه ص ‪51‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪25‬‬
‫مفهوم الفحولة عند األصمعي في كتابه " فحولة الشعراء"‬ ‫الفصل األول‬

‫قلت ‪ :‬فأعشى باهلة ؟ أمن الفحول هو ؟‬


‫قال ‪ :‬نعم وله مرثية ليس في الدنيا مثلها وهي ‪:‬‬

‫‪1‬‬ ‫من علو ال كذب فيها وال سخر "‬ ‫إني أتتني لسان ال أسر بها‬

‫إذن ربما هؤالء هم أبرز الشعراء الفحول في نظر األصمعي ‪ ،‬فنالحظ أن هذا األخير‬
‫قد نظر إلى الشعراء الفحول نظرة رجل خبير بالشعر وخباياه ‪ ،‬فلم يكن تصنيفه للشع ارء إلى‬
‫فحول مجرد رأي أو نظرة سطحية بل جاء ذلك بعد غوصه في أعماق مفردات ومصطلحات‬
‫اللغة العربية فاألصمعي " له زاد غني من غريب اللغة ونوادر القوم‬
‫هذا ما جعل منه ناقدا لغويا بالدرجة األولى ‪ ،‬يتناول الشعر والشعراء ويستنبط‬ ‫‪2‬‬ ‫وقصائدهم "‬
‫منه الجيد من الرديء والفحل من غير الفحل ‪.‬‬

‫‪ -2‬الشعراء غير الفحول ‪:‬‬


‫سنتعرض في هذا المقام إلى مجموعة من الشعراء غير الفحول الذين أخرجهم‬
‫األصمعي من دائرة الفحول واعتبرهم من الشعراء الذين ال حجة لهم واقتصرها في كلمة هي‬
‫"ليس بفحل" ‪.‬‬
‫" قلت ‪ :‬فاألعشى – أعشى بن قيس بن ثعلبة ؟‬
‫‪3‬‬ ‫قال ‪ :‬ليس بفحل "‬
‫قلت‪ :‬فعمرو بن كلثوم ؟‬
‫قال‪ :‬ليس بفحل‬

‫قلت ‪ :‬فأبو زبيد ؟‬

‫‪1‬‬ ‫قال ‪ :‬ليس بفحل‬

‫نفسه ص ‪54‬‬ ‫‪1‬‬


‫األصمعيات األصمعي ص ‪7‬‬ ‫‪2‬‬
‫سؤاالت أبي حاتم ص ‪36‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪26‬‬
‫مفهوم الفحولة عند األصمعي في كتابه " فحولة الشعراء"‬ ‫الفصل األول‬

‫قلت ‪ :‬فغزوة بن الورد ؟‬

‫قال ‪ :‬شاعر كريم ‪ ،‬و ليس بفحل‬

‫قلت ‪ :‬فالحويدرة ؟‬

‫‪2‬‬ ‫قال ‪ :‬لو قال مثل قصيدته خمس قصائد كان فحال‬
‫فالحويدرة في نظر األصمعي ال يعد من الفحول والسبب يعود إلى قلة قصائده فلو قال‬
‫مثل قصيدته‪ -‬أي العينية‪ -‬خمس قصائد كما حددها األصمعي لعده من الفحول‪.‬‬

‫قلت ‪ :‬فمهلهل ؟‬

‫‪3‬‬ ‫قال ‪ :‬ليس بفحل‬

‫قلت‪ :‬فالراعي؟‬

‫قال‪ :‬ليس بفحل‬

‫قلت‪ :‬فابن مقبل ؟‬

‫قال‪ :‬ليس بفحل‬

‫قلت‪ :‬فابن أحمر الباهلي؟‬

‫بفحل‪4‬‬ ‫قال‪ :‬ليس‬

‫قال‪ :‬أبو حاتم‪ :‬وسألته عن األغلب أفحل هو من الرجاز‬

‫‪5‬‬ ‫فقال‪ :‬ليس بفحل‬

‫قلت‪ :‬أرأيت عمر بن شأس األسدي؟ ماقلت فيه ؟‬

‫المرجع السابق ص ‪37‬‬ ‫‪1‬‬


‫المرجع نفسه ص ‪40‬‬ ‫‪2‬‬
‫المرجع نفسه ص ‪41‬‬ ‫‪3‬‬
‫المرجع نفسه ص ‪42‬‬ ‫‪4‬‬
‫المرجع نفسه ص ‪44‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪27‬‬
‫مفهوم الفحولة عند األصمعي في كتابه " فحولة الشعراء"‬ ‫الفصل األول‬

‫‪1‬‬ ‫قال‪ :‬ليس بفحل هو دون هؤالء‬

‫قلت‪ :‬فلبيد بن ربيعة ؟‬

‫بفحل‪2‬‬ ‫قال‪ :‬هو ليس‬

‫قلت‪ :‬فكعب بن زهير بن ابي سلمة ؟‬

‫‪3‬‬ ‫قال‪ :‬ليس فحل‬

‫يبدو أن هؤالء تقريبا هم الشعراء الغير فحول في نظر األصمعي بالرغم من علو‬
‫مكانتهم ورفعة شأنهم بين أفراد قبائلهم فاألصمعي هنا قد حكم على هؤالء الشعراء بعدم‬
‫الفحولة دون ذكر األسباب التي دفعته الى ذلك فقد اكتفى بالرد المباشر على ابي حاتم دون‬
‫التطرق الى التفاصيل حول كل شاعر فحكمه هنا يعود بالضرورة الى نقص او عيب في كل‬
‫شاعر قلة شعره أو رداءته ‪ ...‬فهو لم يحكم عليه اعتباطا بأنه ليس بفحل بل حكمه كان‬
‫وفق معايير فنية محكمة اتخذها لقياس فحولة كل شاعر وسار عليها بالتحليل والتدقيق‬
‫واالستقصاء ومن ثم إصدار الحكم المناسب ‪.‬‬

‫ومن هذا تبين الجهد الكبير الذي بذله األصمعي في استقصاء الشعراء الفحول من غير‬
‫الفحول فلوال هذه الجهود الجبارة التي قام بها هؤالء اللغويين وعلى رأسهم األصمعي لضاع‬
‫قسم كبير من الشعر والشعراء ولما استطعنا ان نتطلع على هذا القدر الهائل من التراث‬
‫العربي األصيل‪.‬‬

‫إال أننا نأخذ على األصمعي إهماله لكثير من الشعراء الذين بقي أمرهم مبهما بالرغم‬
‫من براعتهم وشهرتهم في ميدان األدب والشعر أمثال‪ :‬جرير و الفرزدق واألخطل الذين ذاع‬
‫صيتهم بين القبائل العربية في العصر األموي بسبب براعتهم في كثير من الفنون من مدح‬
‫وهجاء‪...‬حتى وصلت شهرتهم األفاق وعدوا من أشهر شعراء العرب آنذاك فاكتفى األصمعي‬

‫المرجع السابق ص ‪49‬‬ ‫‪1‬‬


‫المرجع نفسه ص ‪50‬‬ ‫‪2‬‬
‫المرجع نفسه ص ‪51‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪28‬‬
‫مفهوم الفحولة عند األصمعي في كتابه " فحولة الشعراء"‬ ‫الفصل األول‬

‫بقوله‪ " :‬لو كانوا في الجاهلية كان لهم شأن وال أقول فيهم شيئا ألنهم إسالميون "‪ .1‬فنالحظ‬
‫من خالل قوله إعجابه الشديد بهؤالء الشعراء إال أن اعتناقهم لإلسالم يمنعه من الفصل في‬
‫أمرهم‪.‬‬

‫فحولة الشعراء‪ ،‬األصمعي ص ‪.12‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪29‬‬
‫الفحولة عند األصمعي في كتابه " فحولة الشعراء‬ ‫الفصل األول‬

‫غير الحجة شبه الفحل‬ ‫الحجة‬ ‫الصالحون‬ ‫الكرام‬ ‫الفصحاء‬ ‫الفرسان‬


‫كعب‬ ‫زياد ‪ -‬القحيف ‪-‬‬ ‫‪-‬‬ ‫دواد‬
‫غزوة ‪ -‬أبو َ‬ ‫‪ -‬خفاف ‪ -‬عبد هللا ‪-‬‬
‫بن جعيل‬ ‫العامري‬ ‫‪ -‬لبيد بن األعجم‬ ‫بن الورد‬ ‫بن‬ ‫بن ندبة‬
‫عمر ‪ -‬الكميت ‪ -‬األسود‬ ‫‪-‬‬ ‫حاتم ربيعة‬ ‫‪-‬‬ ‫الحسحاس‬ ‫‪ -‬عنترة‬
‫يعفر‬ ‫بن‬ ‫أبي بن زيد‬ ‫بن‬ ‫‪ -‬أبو دالمة الطائي‬ ‫‪-‬الزبرقان‬
‫‪ -‬الطرماح النهشلي‬ ‫ربيعة‬ ‫‪ -‬أبو العطا‬ ‫بن بدر‬
‫جرادة‬ ‫‪-‬‬ ‫‪ -‬فضالة‬ ‫‪ -‬عباس السندي‬
‫بن عميلة‬ ‫بن شريك‬ ‫بن مرداس ‪ -‬ابن هرمة‬
‫العنزي‬ ‫‪ -‬عبد هللا‬ ‫‪-‬بشر بن ‪ -‬ابن أذينة‬
‫بن الزبير‬ ‫طفيل‬ ‫‪-‬‬ ‫أبي حازم‬
‫ابن‬ ‫‪-‬‬ ‫عميرة الكناني‬ ‫‪-‬‬
‫الرقيات‬ ‫بن طارق‬
‫ذو‬ ‫‪-‬‬ ‫زيد‬ ‫‪-‬‬
‫الرمة‬
‫َ‬ ‫الخيل‬
‫الطائي‬
‫‪ -‬دريد بن‬
‫صدمة‬

‫‪ -‬جدول توضيحي يبرز أقسام الشعراء حسب تصنيف األصمعي –‬

‫‪30‬‬
‫الفحولة عند األصمعي في كتابه " فحولة الشعراء‬ ‫الفصل األول‬

‫من خالل الجدول نستنبط جملة من األقسام التي أدرج فيها األصمعي نف ار من الشعراء‬
‫الذين لم ينسبهم إلى الفحول وال غير الفحول إذ اكتفى بإطالق ألقاب أقل من الفحل كالشاعر‬
‫الكريم والشاعر الصالح‪ ، 1‬والفرسان والحجة وغير الحجة إلى غير ذلك من األلقاب التي‬
‫ميز بها األصمعي بعض الشعراء ‪ ،‬فهؤالء في نظر أدونيس '' ال يغلب عليهم هاجس الشعر‬
‫‪2‬‬ ‫فهم اذن ليسوا فحوال واألحرى أن يسموا صلحاء وكرماء وفرسانا ''‬

‫فالشاعر الكريم هو الذي يكون أقل من الشاعر الفحل كغزوة بن الورد الذي كان‬
‫وكذلك حاتم الطائي حيث اكتفى األصمعي بقوله '' إنما يعد بكرم‬ ‫‪3‬‬ ‫شاع ار كريما وليس بفحل‬
‫فهو ينفي عنه صفة الفحولة ‪ ،‬فشهرته بالجود والكرم ال بالشعر ‪ ،‬فهو‬ ‫‪4‬‬ ‫ولم يقل أنه فحل ''‬
‫من أشهر العرب بالكرم والشهامة ويعد مضرب المثل في الجود والكرم ‪ ،‬إال أن األصمعي‬
‫يشترط غلبة صفة الشعر على الشاعر فإن انتشرت له صفة أخرى فال يعده من الفحول ‪.‬‬

‫وكذلك األمر بالنسبة للفرسان أمثال ‪ :‬خفاف بن ندبة ‪ ،‬عنترة ‪ ،‬الزبرقان ودريد بن‬
‫بسبب درجته العظيمة في‬ ‫‪5‬‬ ‫الصمة الذي أطلق عليه األصمعي لقب من فحول الفرسان‬
‫الفروسية والتي ال تقف عند معنى الشجاعة والمخاطرة فحسب وانما تتجاوز ذلك الجانب‬
‫فهذا المزيج المتكامل من الفروسية‬ ‫‪6‬‬ ‫الحسي إلى جانب معنوي يشمل القيم الخلقية الرفيعة‬
‫والشجاعة والقيم الخلقية جع لت من دريد شاعر الفرسان '' إال أن الفحولة ال تلتبس بروح‬
‫فغلبة صفة الفروسية عند هؤالء الشعراء هو ما أخرجهم من‬ ‫‪7‬‬ ‫الفروسية لدى األصمعي ''‬
‫دائرة الفحول‪.‬‬

‫‪ -‬ينظر ‪ :‬معجم مصطلحات النقد العربي القديم ‪ ،‬أحمد مطلوب ‪ ،‬مكتبة لبنان ناشرون ط‪ 2001 1‬ص‪309‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ -‬الثابت والمتحول بحث في االتباع واالبداع عند العرب ‪ ،‬دار الفكر ‪ ،‬بيروت لبنان ‪ 1986‬ط‪ 5‬ج‪ 2‬ص‪41‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪ -‬سؤاالت أبي حاتم ‪ ،‬ص‪40‬‬ ‫‪3‬‬


‫‪ -‬فحولة الشعراء ‪ ،‬األصمعي ص ‪14‬‬ ‫‪4‬‬
‫‪ -‬المصدر نفسه ص ‪15‬‬ ‫‪5‬‬
‫‪ -‬دراسات في الشعر الجاهلي يوسف خليف ‪ ،‬دار غريب للطباعة والنشر ‪ ،‬القاهرة ط‪ 1‬ص ‪164-163‬‬ ‫‪6‬‬
‫‪ -‬تاريخ النقد األدبي عند إحسان عباس ص ‪41‬‬ ‫‪7‬‬

‫‪31‬‬
‫الفحولة عند األصمعي في كتابه " فحولة الشعراء‬ ‫الفصل األول‬

‫ونفس الشيء عند الصالحين ‪ ،‬فالشاعر الصالح في نظر األصمعي هو الذي يكون‬
‫من الشاعر الفحل أمثال أبو دواد ولبيد بن ربيعة حيث أنزلهم األصمعي منزلة‬ ‫أقل‬
‫الصالحون وكأنه ينفي عنهم جودة الشعر فنجده يقول عن شعر لبيد '' كأنه طليسان طبري ‪،‬‬
‫فغالبا ما يؤدي اإلفراط في الصنعة واإلكثار‬ ‫‪1‬‬ ‫يعني انه جيد الصنعة وليست له حالوة ''‬
‫منها إلى فقدان الشعر لحالوته‬

‫وجودته ‪ ،‬فكلما حرص الشاعر على مراعاة التناسب بين مكونات قصيدته حقق بذلك الجودة‬
‫الشعرية التي يشترطها األصمعي في شعر الشاعر للوصول إلى مصاف الفحول ‪.‬‬

‫أما هؤالء الشعراء أمثال ‪ :‬عبد هللا بن الحسحاس وأبو دالمة وابن هرمة فقد صنفهم‬
‫األصمعي إلى فئة الفصحاء من الشعراء لما في شعرهم من فصاحة ودقة في األسلوب‬
‫وبعدهم عن كل غث وسمين ‪ ،‬فهذا بن هرمة الشاعر المخضرم الذي تجاوزت شهرته‬
‫المحيط العربي حيث حظي باهتمام جمهور الرواة والنحاة وعلى رأسهم األصمعي الذي قال‬
‫فبالرغم من شهرة هذا األخير ومكانته المرموقة بين‬ ‫‪2‬‬ ‫فيه ‪ '' :‬ختم الشعر بابن هرمة ‪'' ....‬‬
‫شعراء عصره إال أن األصمعي قد حكم عليه بعدم الفحولة واكتفى بقوله أنه ‪ '' :‬آخر الحجج‬
‫وبالنسبة لقسم الشعراء الحجة فنجد زياد األعجم وعمر بن‬ ‫‪3‬‬ ‫‪ ....‬وهو فصيح ال يلحن ''‬
‫أبي ربيعة وذو الرمة وغيرهم الذين كان يعتبرهم األصمعي حجة ال فحوال ‪ ،‬حيث يقول أن ‪:‬‬
‫‪4‬‬ ‫هؤالء مولودون وشعرهم حجة ''‬

‫فمن خالل هذا القول يبرهن األصمعي عن خروج هذه الفئة من دائرة الفحول واعتبارهم‬
‫من المولدين '' وهم الشعراء الذين نشأوا في ظل الدولة العباسية وتمتاز أشعارهم بما ذكر ابن‬
‫طباطبا في قوله ‪" :‬وستعثر في أشعار المولدين بعجائب استفادوا ولطفوا في تناول أصولها‬
‫منهم ولبسوها على من بعدهم وتكثروا بإبداعها فسلمت لهم عند أدائها للطبع سحرهم فيها‬

‫‪ -‬سؤاالت أبي حاتم ص ‪50‬‬ ‫‪1‬‬


‫‪ -‬اإلقتراح في علم أصول النحو ‪ ،‬جالل الدين السبيوطي ‪ ،‬علق عليه ‪ :‬محمد سليمان ياقوت ‪ ،‬دار المعرفة الجامعية ‪ ، 2006 ،‬ص ‪143‬‬ ‫‪2‬‬
‫‪ -‬المرجع نفسه ص ‪148‬‬ ‫‪3‬‬
‫‪ -‬سؤاالت إبن حاتم ص ‪57‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪32‬‬
‫الفحولة عند األصمعي في كتابه " فحولة الشعراء‬ ‫الفصل األول‬

‫وقد كان األصمعي '' يعتبر ذو الرمة حجة ألنه كان موغال في‬ ‫‪1‬‬ ‫وزخرفتهم لمعانيها ''‬
‫‪2‬‬ ‫تبديه''‬

‫‪3‬‬ ‫إذ يقول '' ذو الرمة حجة النه بدوي ''‬

‫فنالحظ هنا أن عامل البداوة هو ما جعل من ذي الرمة حجة ‪.‬‬

‫أما هؤالء الشعراء والمتمثلون في القحيف العامري والكميت بن يزيد والطرماح فنرى‬
‫أن األصمعي قد أبدى رأيه في شعرهم وحكم عليهم بعدم الحجية في اللغة إنطالقا من عدم‬
‫مخالطته م العرب وعدم إغراقهم في البداوة والتشبع بفصاحة أهلها حيث قال ‪ '' :‬الكميت بن‬
‫‪4‬‬ ‫زيد ليس بحجة ألنه مولد وكذلك الطرماح ''‬

‫يرفض األصمعي هنا حجية هؤالء الشعراء وعدم االستشهاد بهم في اللغة باعتبارهم‬
‫مولدين‪.‬‬

‫وأخي ار سوف نورد الشعراء الذين شبههم بالفحول أمثال كعب بن جعيل واألسود من‬
‫يعفر النهشلي ‪ ،‬جرادة بن عميلة العنزي حيث قال في هذا األخير أن '' له أشعار تشبه‬
‫‪5‬‬ ‫أشعار الفحول وهي قصار''‬

‫فنرى أن األصمعي قد أبقى أمر هؤالء الشعراء معلقا فال صنفوا إلى فحول وال إلى غير‬
‫فحول وفضل عدم الفصل في أمرهم واكتفى بتشبيههم بالفحول‪.‬‬

‫‪ -‬عيار الشعر ‪ ،‬ابن طباطبا ص ‪12‬‬ ‫‪1‬‬


‫‪ -‬طبقات الشعراء في النقد األدبي عند العرب ‪ ،‬جهاد المجالي ‪ ،‬دار الجيل ‪ ،‬بيروت لبنان ط‪ 1992 1‬ص ‪125‬‬ ‫‪2‬‬
‫‪ -‬سؤاالت أبي حاتم ص ‪69‬‬ ‫‪3‬‬
‫‪ -‬نفسه الصفحة نفسها‬ ‫‪4‬‬
‫‪ -‬نفسه ص ‪50‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪33‬‬
‫الفصل الثاني ‪:‬‬

‫مفهوم الفحولة عند ابن سالم الجمحي في كتابه '' طبقات فحول الشعراء"‬

‫المبحث األول ‪ :‬نظرة ابن سالم إلى الفحولة‬

‫المبحث الثاني ‪ :‬معايير الفحولة عند ابن سالم‬

‫المبحث الثالث ‪ :‬طبقات الشعراء الفحول عند ابن سالم‬


‫مفهوم الفحولة عند إبن سالم الجمحي في كتابه طبقات فحول الشعراء‬ ‫الفصل الثاني ‪:‬‬

‫المبحث األول ‪ :‬نظرة ابن سالم إلى الفحولة‬

‫إن المتأمل في تراثنا النقدي عبر تاريخه الطويل ‪ ،‬يدرك حتما حقيقة هامة وهي أسبقية‬
‫األصمعي في التطرق لقضية الفحولة والتي القت صدى كبي ار بين النقاد فهو المؤسس األول‬
‫لهذه الفكرة ‪ ،‬إال أننا نجد ناقدا آخر قد أخذها ووسع لها وأعاد صياغتها ‪ ،‬وهو ابن سالم‬
‫الجمحي حيث غاص في أعماق هذه الفكرة ودرسها دراسة نقدية تكشف عن روح عالم متأثر‬
‫بطريقة عصره في االستيعاب والشرح والتحليل ‪ ،‬فقد أولى ابن سالم عناية فائقة بالشعر‬
‫والشعراء من خالل مصنفه طبقات فحول الشعراء الذي لقي رواجا واسعا باعتباره طليعة كتب‬
‫النقد في األدب العربي ‪ ،‬حيث يهدف من ورائه إلى تخليص الشعر العربي من الشوائب‬
‫العالقة به وانتقاء فحول الشعراء وتمييز مراتبهم ‪ ،‬فالجمحي قد رتب كتابه على شكل طبقات‬
‫وكل طبقة تمثل درجة من درجات الفحولة والتميز ‪ ،‬فالطبقة األولى هي الفحولة األعلى ثم‬
‫دونها الطبقة الثانية ثم األقل في الطبقة الثالثة وهكذا حتى آخر طبقة ‪ ....‬وهذا هو مفهوم‬
‫الفحولة عنده ‪ ،‬كما أن الملف ت للنظر هنا هو تفاوت الفحولة عند الجمحي وهو عكس ما‬
‫ألفناه عند األصمعي فهذا األول يعد الفحولة مقياسا فنيا يعبر عن الجودة والمقدرة في قول‬
‫الشعر وصناعته '' فهي األساس األول الذي اتخذه في قسمته للشعراء على هذا التمييز‬
‫‪1‬‬ ‫والتدريج ''‬

‫لذلك اعتبر ابن سالم جميع الشعراء الذين ترجم لهم في كتابه ‪ ،‬هم من الشعراء الذين‬
‫حققوا درجة الفحولة ‪ ،‬حيث قال ‪ '' :‬فاقتصرنا من الفحول المشهورين '' ‪ 2‬وبذلك فهو يرى أن‬
‫‪3‬‬ ‫الشاعر الفحل ''هو الشاعر الكبير الذي يتفنن في شعره ويجود فيه ويحسن القول ''‬

‫فكل شاعر حقق الجودة الفنية وسار على قواعد موضوعية سليمة عده من الفحول‪ ،‬إال أن‬
‫الفحول عند ابن سالم على طبقات متتالية وكل طبقة تحمل أربعة شعراء مجيدين مشهورين‬

‫‪ -‬ينظر‪ :‬تاريخ النقد األدبي عند العرب ‪ ،‬إحسان عباس ص‪68‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ -‬طبقات فحول الشعراء ‪ ،‬ابن سالم الجمحي ص ‪21‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪ -‬معجم مصطلحات النقد العربي القديم ‪ ،‬أحمد مطلوب ص ‪309‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪35‬‬
‫مفهوم الفحولة عند إبن سالم الجمحي في كتابه طبقات فحول الشعراء‬ ‫الفصل الثاني ‪:‬‬

‫واذا بحثنا عن مفهوم الطبقة‪ ،‬فهي في اعتقادنا مفهوم يدل على المرتبة والمكانة أو النقد‬
‫على أساس تصنيف سامي وترتيبي وفق حدود ذاتية أو ذوقية أو ربما وفق حدود ذاتية‬
‫وقواعد موضوعية متعارف عليها عند العامة والخاصة‪.‬‬

‫فهذا المفهوم – أي الطبقات – هو أساس تصنيفي للموازنة والمقابلة والمقارنة ويرتبط‬


‫بقاعدتين أساسيتين هما ‪ :‬جودة العمل الفني والسير على نهج معين ‪ ،‬أو إتباع قواعد طريقة‬
‫محد دة في العمل الفني ‪ ،‬وهذا ما اعتمده ابن سالم في كتابه طبقات فحول الشعراء في‬
‫تصنيفه للشعراء ووضعهم في موازين تحدد مكانة أحدهم على اآلخرين '' فابن سالم لم يقسم‬
‫الشعراء إلى فحول وغير فحول كاألصمعي ‪ ،‬إنما نظر في الطبقة األرقى عادا اياها معيا ار‬
‫ألنه جعل الشعراء في طبقات ناظ ار إليهم بمالحظة تقارب مستويات األداء الشعري ذلك‬
‫التقارب الذي يضعهم في ( طبقة ) تم تفاوت مستويات األداء الشعري ذلك التفاوت الذي‬
‫ويبرر‬ ‫‪1‬‬ ‫يوزعهم على طبقات وهو في هذا وسع األفق النقدي الذي حدده األصمعي قبله ''‬
‫سعيه بقوله ‪ '' :‬ففصلنا الشعراء من أهل الجاهلية واإلسالم ‪ ،‬والمخضرمين ‪ ،‬الذين كانوا في‬
‫الجاهلية وأدركوا اإلسالم ‪ ،‬فنزلناهم منازلهم واحتججنا لكل شاعر بما وجدنا له من حجة وما‬
‫قال فيه العلماء ‪ .....‬فاقتصرنا من الفحول المشهورين على أربعين شاع ار ‪ ،‬فألفنا من تشابه‬
‫''‪2‬‬ ‫شعره منهم إلى نظرائه ‪ ،‬فوجدناهم عشرة طبقات أربعة رهط كل طبقة ‪ ،‬متكافئين معتدلين‬

‫وقد اهتدى ابن سالم في كتابه إلى تقسيم الشعراء على الشكل التالي ‪:‬‬

‫‪ -1‬طبقات الشعراء الجاهليين ‪ :‬وهي عشرة في كل طبقة أربعة شعراء‬

‫‪ -2‬طبقات الشعراء اإلسالميين ‪ :‬وهي عشرة في كل طبقة أربعة شعراء‬

‫‪ -3‬طب قة أصحاب المراثي ‪ :‬وتضم ثالث شعراء والشاعرة الخنساء وهي المرأة الوحيدة التي‬
‫أوردها ابن سالم في طبقاته‬

‫‪ -‬مقومات عمود الشعر األسلوبية في النظرية والتطبيق ‪ ،‬رحمان غار كان ‪ ،‬منشورات اتحاد الكتاب العرب ‪ ،‬دمشق ‪ 2004‬ص ‪60‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ -‬طبقات فحول الشعراء ‪ ،‬ابن سالم الجمحي ص ‪24‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪36‬‬
‫مفهوم الفحولة عند إبن سالم الجمحي في كتابه طبقات فحول الشعراء‬ ‫الفصل الثاني ‪:‬‬

‫‪ -4‬طبقات شعراء القرى العربية ‪ :‬وقسموا على النحو التالي ‪:‬‬

‫أ‪ -‬شعراء المدينة‬

‫ب – شعراء مكة‬

‫ج‪ -‬شعراء الطائف‬

‫د‪ -‬شعراء البحرين‬

‫ه‪ -‬طبقة شعراء اليهود‬

‫ولم يكن هذا التقسيم في المخطط األولي للجمحي بل كان في مخططه أن يشتمل كتابه‬
‫على ثمانين شاع ار ‪ ،‬عشر طبقات تمثل شعراء الجاهلية ومثلها لشعراء اإلسالم ‪ ،‬ولكن‬
‫األمر اضطرب بين يديه فكانت هناك طبقات أخرى فرضها الواقع عليه حينما يجد شاعرات‬
‫وشعراء اختصوا بالرثاء فقط ‪ ،‬ال يوضعون قبال اآلخرين أو شعراء يمثلون مذهبا دينيا واحد‬
‫أو ديانة واحدة فيجعل طبقة لشعراء اليهود وأخرى لشعراء الرثاء وثالثة لشعراء المدن والبوادي‬
‫الحجازية وهذا كله خارج عن صياغ مخططه ‪ ،‬واألمر الذي ينبه عليه ابن سالم هو أن ذكره‬
‫لشاعر قبل أقرانه في الطبقة الواحدة ال يعني أنه األعلى مكانة بل إن هذا األمر ال يخضع‬
‫ألي معيار نقدي ‪ ،‬ألنه البد أن يبدأ بذكر أحدهم '' وليس تبدئتنا أحدهم في الكتاب نحكم له‬
‫والبد من مبتدأ '' ‪ 1‬ومع ذلك فإننا نجد ابن سالم في كثير من األحيان ‪ ،‬يوازن بين شعراء‬
‫الطبقة الواحدة أو بين شاعر وآخر داخل الطبقة ‪ ،‬فيورد رأي العلماء فيهم ويختار من شعرهم‬
‫ما يؤكد هذا الرأي ‪ ،‬ثم يفسر بعض الكلمات العربية التي قد ترد في الشعر – وهذا قليل –‬
‫أو يورد آراء علماء اللغة العربية فيها وفي حاالت قليلة يبين رأيه ‪ ،‬وشواهد ذلك في طبقاته‬
‫كثيرة من ذلك – مثال – ما نراه في المفاضلة بين شعراء الطبقة األولى من الجاهليين‬
‫وهم ‪ :‬امرؤ القيس والنابغة الذبياني وزهير بن أبي سلمى واألعشى ‪ ،‬حيث يورد العديد من‬

‫‪ -‬المصدر نفسه ص ‪50‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪37‬‬
‫مفهوم الفحولة عند إبن سالم الجمحي في كتابه طبقات فحول الشعراء‬ ‫الفصل الثاني ‪:‬‬

‫آراء العلماء واختالفهم في المفاضلة بين شعراء هذه الطبقة من ذلك قوله ‪ '' :‬أخبرني يونس‬
‫بن حبيب ‪ :‬أن علماء البصرة كانوا يقدمون ام أر القيس بن حجر ‪ ،‬وأهل الكوفة كانوا يقدمون‬
‫وفي تبرير تفضيل امرئ‬ ‫‪1‬‬ ‫األعشى ‪ ،‬وان أهل الحجاز والبادية كانوا يقدمون زهي ار والنابغة ''‬
‫القيس على شعراء طبقته قوله ‪ '' :‬فاحتج المرئ القيس من يقدمه قال ‪ :‬ما قال ما لم يقولوا‬
‫‪ ،‬ولكنه سبق العرب إلى أشياء ابتدعها واستحسنتها العرب ‪،‬و اتبعته فيها الشعراء ‪ :‬استيقاف‬
‫صحبه والتبكاء في الديار ‪ ،‬ورقة النسيب ‘ وقرب المأخذ ‪ ،‬وشبه النساء بالظباء والبيض ‪،‬‬
‫وشبه الخيل بالعقبان والعصي ‪ ،‬وقيد األوابد وأجاد في التشبيه وفصل بين النسيب وبين‬
‫‪2‬‬ ‫المعنى ''‬

‫فابن سالم يرى أن ام أر القيس '' كان أحسن أهل طبقته تشبيها وأحسن اإلسالميين تشبيها ذو‬
‫‪3‬‬ ‫الرمة ''‬

‫‪ -‬المصدرنفسه ص ‪52‬‬ ‫‪1‬‬


‫‪ -‬نفسه ص ‪55‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪ -‬نفسه ‪ ،‬الصفة نفسها‬ ‫‪3‬‬

‫‪38‬‬
‫مفهوم الفحولة عند إبن سالم الجمحي في كتابه طبقات فحول الشعراء‬ ‫الفصل الثاني ‪:‬‬

‫المبحث الثاني ‪ :‬معايير الفحولة عند ابن سالم الجمحي‬

‫اتخذ النقاد العرب المعايير النقدية كوسيلة أساسية يعتمدونها في الحكم على الشع ارء‬
‫وشعرهم بوصفه ديوان العرب وسجل احداثهم ووقائعهم ومثلما تنوعت األوزان والتراكيب‬
‫واإلشعارات تنوعت المعايير النقدية لدى النقاد العرب ولعل أبرز هؤالء نجد ابن سالم‬
‫الجمحي وذلك من خالل كتابه طبقات فحول الشعراء الذي اعتمد في ترتيبه الشعراء إلى‬
‫طبقات على مجموعة من المعايير التي حددها لقياس فحولتهم ومدى أسبقية كل شاعر عن‬
‫اآلخر أو كل طبقة عن األخرى ‪ ،‬حيث تنبع هذه المعايير النقدية من حيث اطارها العام من‬
‫معيارين أساسين هما الفحولة والتشابه ‪.‬‬

‫وأما الفحولة فهي األساس األول الذي اعتمده في ترتيبه للشعراء حيث يرى أن كل‬
‫الشعراء الذين ذكرهم في كتابه هم فحول إال أن الفحولة عندهم تتفاوت ‪ ،‬وبالنسبة للمعيار‬
‫الثاني فهو التشابه أي تقارب أصحاب كل طبقة في أشعارهم ‪ ،‬أما بالنسبة ألبرز المعايير‬
‫التي أقام على أساسها اختيار الشعراء والمفاضلة بينهم فهي كاآلتي ‪:‬‬

‫أوال ‪ :‬معيار الكم والجودة ‪:‬‬

‫مما ال شك فيه أن الجودة هو معيار يركن اليه ويعتد به في النقد باعتباره من أهم‬
‫المعايير التي يستند عليها النقاد في كشفهم عن مستوى شعر كل شاعر ‪ ،‬فالجودة هي أداة‬
‫النقاد األولى في بيا ن جمال العمل األدبي ‪ ،‬وهي وسيلة لتصور تجربة النقاد وايصالها إلى‬
‫المتلقي التي تصورها األلفاظ في أدق تصوير ‪ ،‬حيث نرى أن ابن سالم يعتمد في ترتيبه‬
‫الطبقي للشعراء على '' كثرة شعر الشاعر وجودته ‪ ،‬فكلما كان الشاعر مكث ار ومجيدا ارتفع‬
‫‪1‬‬ ‫إلى أعلى الرتب والطبقات ''‬

‫‪ -‬في النقد األدبي القديم عند العرب ‪ ،‬حسين الجداونة ‪ ،‬مؤسسة حمادة للدراسات الجامعية والنشر والتوزيع ‪ ،‬دار اليازوني عمان االردن ط‪1‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ 2013‬ص ‪131‬‬
‫‪39‬‬
‫مفهوم الفحولة عند إبن سالم الجمحي في كتابه طبقات فحول الشعراء‬ ‫الفصل الثاني ‪:‬‬

‫فهو يجمع بين كثرة والجودة ويعتبرها كالعملة النقدية الواحدة ذات الوجهين ويستحيل الفصل‬
‫ويرى أن على الشاعر‬ ‫‪1‬‬ ‫بينهما '' فابن سالم يفضل الشاعر المكثر على الشاعر المقل ''‬
‫المكثر أن يقرن شعره الكثير بالجودة ليلحق بالفحول ويصنف بأعلى المراتب وكل شاعر‬
‫نفيت عنه هذه الصفة اخر عن مصاف الفحول األوائل أمثال ‪ :‬طرفة بن العبد وعبيد بن‬
‫األبرص وعلقمة بن عبدة وعدي بن زيد الذين أخرهم الجمحي إلى الطبقة الرابعة إذ‬

‫يقول ‪ '' :‬أربعة رهط فحول شعراء ‪ ،‬موضعهم مع األوائل وانما أخل بهم قلة شعرهم بأيدي‬
‫‪2‬‬ ‫الرواة ''‬

‫فهو يقدم الشعراء المكثرين المجيدين على المقلين ‪ ،‬ويرى بأن قلة شعرهم أدت دو ار‬
‫كبي ار في تأخير طبقتهم بالرغم من شهرتهم وموضعهم مع األوائل ‪ ،‬ويفصل في شأنهم فيقول‬
‫‪ '' :‬فأما طرفة فأشعر الناس واحدة وهي قوله ‪:‬‬

‫وقفت بها أبكي وأبكي إلى الغد‬ ‫لخولة أطالل ببرقة تهمد‬

‫وتليها أخرى مثلها وهي ‪:‬‬

‫ومن الحب جنون مستقر‬ ‫أصحوت اليوم أم شاقتك هر‬

‫‪3‬‬ ‫من بعد له قصائد حسان جياد''‬

‫فيتبين لناأن ابن سالم كان يعتني كثي ار بكثرة الشعر وقلة شعر طرفة هو ما أخره‬
‫باللحاق بفحول الطبقات األولى‬

‫األمر نفسه عند عبيد بن األبرص الذي قال فيه ‪ '' :‬قديم ‪ ،‬عظيم الذكر ‪ ،‬عظيم الشهرة‬
‫وشعره مضطرب ذاهب ‪ ،‬ال أعرف له إال قوله ‪:‬‬

‫‪ -‬مفهوم الطبقات في النقد األدبي عند العرب ‪ ،‬جهاد شاهر المجالي ‪ ،‬دار يافا العلمية للنشر ‪ ،‬والتوزيع ‪ ،‬عمان االردن ‪ 2009‬ط‪ 1‬ص ‪200‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ -‬طبقات فحول الشعراء ‪ ،‬ابن سالم الجمحي ص ‪137‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪ -‬المصدر نفسه ص ‪138‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪40‬‬
‫مفهوم الفحولة عند إبن سالم الجمحي في كتابه طبقات فحول الشعراء‬ ‫الفصل الثاني ‪:‬‬

‫فالقطبيات فالذنوب‬ ‫أقفر من أهله ملحوب‬

‫‪1‬‬ ‫وال أدري ما بعد ذلك ''‬

‫وكذلك علقمة بن عبدة الملقب بعلقمة الفحل الذي له ثالث رائع جياد ‪ ،‬ال يفوقهم شعر ‪:‬‬

‫ولم يك حقا كل هذا التجنب‬ ‫ذهبت من الهجران في كل مذهب‬

‫والثانية ‪:‬‬

‫بعيد الشباب عصر حان مشيب‬ ‫طحا بك قلب في الحسان طروب‬

‫والثالثة ‪:‬‬

‫أم حبلها إذ نأتك اليوم مصروم‬ ‫هل ما علمت وما استودعت مكتوم‬

‫‪2‬‬ ‫وال شيء بعدهن يذكر ''‬

‫يتضح مما سبق أن ابن سالم يولي اهتماما بالغا بهذا المقياس ويعتبره المعيار‬
‫األنسب في تقديم الشعراء وتأخيرهم كما يرى أن '' الجمع بين الكثرة وطول القصائد وجودتها‬
‫‪3‬‬ ‫هو السبيل للحاق بمصاف الفحول األوائل ''‬

‫ثانيا ‪ :‬معيار تعدد األغراض‬

‫تتضح مكانة هذا المعيار بصورة جلية في مواضع عديدة من طبقات كتابه لكونه‬
‫المعيار األنسب الذي يتحقق به التفاضل بين الشعراء ‪ ،‬فالشاعر المفضل على غيره عند‬
‫الموازنة ‪،‬هو الذي تنقل شعره بين أكبر عدد من أغراض الشعر ‪ ،‬وتمتع باإلجادة فيها جميعا‬
‫‪ ،‬فالمبرز فيها جميعا يفوق غيره ممن اقتصر على غرض واحد ‪ ،‬وتفارقه الجودة إذا خرج‬

‫‪ -‬المصدر نفسه ص ‪139-138‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ -‬نفسه ص ‪139‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪ -‬ينظر‪ :‬في النقد األدبي القديم عند العرب ‪ ،‬حسين الجداونة ص ‪131‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪41‬‬
‫مفهوم الفحولة عند إبن سالم الجمحي في كتابه طبقات فحول الشعراء‬ ‫الفصل الثاني ‪:‬‬

‫إلى أي غرض آخر فقد روي عن جرير أنه كان يفضل نفسه على الفرزدق واألخطل بقدرته‬
‫على القول في جميع أغراض الشعر ‪ ،‬بينما يجيد كل واحد منهما في غرض أو اثنين وذلك‬
‫عندما سأله أحد خلفاء بني أمية بقوله ‪ ..... '' :‬فما تقول في األخطل ؟ قال ‪ :‬ما أخرج ابن‬
‫النصرانية ما في صدره من الشعر حتى مات ‪ ،‬قال ‪ :‬فما تقول في الفرزدق ؟ قال ‪ :‬في يده‬
‫وهللا يا أمير المؤمنين نب عة من الشعر قد قبض عليها ‪ ،‬قال ‪ :‬فما أراك أبقيت لنفسك شيئا ‪،‬‬
‫قال ‪ :‬بلى يا أمير المؤمنين إني لمدينة الشعر التي منها يخرج واليها يعود نسبت فأطربت‬
‫وهجوت فأرديت ‪ ،‬ومدحت فسنيت ‪ ،‬وأرملت فأغزرت ورجزت فأبحرت ‪ ،‬فأنا قلت ضروب‬
‫فهو يرى أن سبب تقدمه يكمن في تصرفه‬ ‫‪1‬‬ ‫الشعر كلها ‪ ،‬وكل واحد منهم قال نوعا منها ''‬
‫في فنون الشعر كلها دون أن يتأبى عليه واحد منها مع اإلجادة في ذلك كله ‪ ،‬وعلى رأس‬
‫تلك الفنون المدح والهجاء والنسيب بينما يتأخر غيره وان كان جيد الشعر ألنه بقي على‬
‫غرض واحد يدور فيه ال يتجاوز إلى غيره فهما كانت إجادته في ذلك الغرض يبقى متأخ ار‬
‫عن ذلك الذي تعددت فنون شعره‬

‫ومن أبرز الشعراء الذين أثنى عليهم ابن سالم وأجاد في قدرتهم على التصرف في‬
‫مختلف األغراض نجد األعشى الذي صنفه في الطبقة األولى من الشعراء الجاهليين '' وقال‬

‫األعشى‪ :‬هو أكثرهم عروضا‪ ،‬وأذهبهم في فنون الشعر‪ ،‬وأكثرهم طويلة جيدة‪ ،‬وأكثرهم مدحا‬
‫‪2‬‬ ‫وهجاءا وفخ ار ووصفا كل ذلك عنده ''‬

‫ووضع كثير عزة في الطبقة الثانية من فحول شعراء اإلسالم ‪ ،‬وجميل بن معمر في الطبقة‬
‫السادسة ‪ ،‬مع أن جميال مقدم في التشبيب على كثي ار وعلى أصحاب النسيب جميعا ‪ ،‬قال‬
‫ابن سالم '' وكان لكثير في التشبيب نصيب وافر ‪ ،‬وجميل مقدم عليه وعلى أصحاب‬

‫‪ -‬االغاني البي الفرج األصبهاني على بن الحسين ‪ ،‬مؤسسة جمال للطباعة والنشر ‪ ،‬بيروت لبنان (مصور عن طبعة دارالكتب) ج‪8‬ص‪53‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ -‬طبقات فحول الشعراء ‪ ،‬ابن سالم الجمحي ص ‪65‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪42‬‬
‫مفهوم الفحولة عند إبن سالم الجمحي في كتابه طبقات فحول الشعراء‬ ‫الفصل الثاني ‪:‬‬

‫النسيب جميعا في النسيب ‪ ،‬وله في فنون الشعر ما ليس لجميل ‪ ،‬وكان جميل صادق‬
‫‪1‬‬ ‫الصبابة وكان كثير يتقول ولم يكن عاشقا وكان رواية جميل ''‬

‫ونجد أن الفرزدق كذلك يؤكد على أن االقتصار على فن واحد من فنون الشعر –‬
‫مهما كانت اإلجادة فيه – مما يقصر بصاحبه عن أصحاب األغراض المتعددة وذلك عندما‬
‫سأل ذو الرمة عن سبب عدم عده من الفحول رغم شاعريته الفذة في الوصف ‪ ،‬فأجاب‬
‫فهو يرى أن ذو الرمة قد ترك‬ ‫‪2‬‬ ‫الفرزدق ‪ '' :‬بكاؤك في الدمن ‪ ،‬ووصفك لألبعار والعطن ''‬
‫أهم غرضين شعريين كانا يستثيران جمهور المتلقين أنذاك وهما الهجاء والمدح ‪.‬‬

‫'' فابن سالم في تأكيده لهذا المطلب في الشاعر ينفي فكرة التخصص في الشعر التي لم‬
‫تكن مقبولة في موازين النقد آنذاك ‪ ،‬غير أننا ال نجد من يطالب بهذا بعد ابن سالم ‪ ،‬مما‬
‫يدل أن فكرة التخصص بدأت تالقي قبوال واستحسانا لما لها من أثر في رسوخ قدم الشاعر‬
‫‪3‬‬ ‫في الغرض الذي ينصرف إليه ويبدع فيه ‪''....‬‬

‫ومن خالل هذا يتضح أن ابن سالم قد اتخذ قدرة الشاعر على القول في مختلف‬
‫األغراض مقياسا في طبقاته ‪.‬‬

‫‪ -‬المصدر نفسه ج ‪ 2‬ص ‪554‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ -‬الشعر والشعراء ‪ ،‬ابن قتيبة تح ‪ :‬أحمد محمد شاكر ‪ ،‬دار المعارف مصر ط‪1958 2‬م ص‪524‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪ -‬مفهوم الطبقات في النقد األدبي عند العرب ‪ ،‬جهاد المجالي ص ‪211-210‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪43‬‬
‫مفهوم الفحولة عند إبن سالم الجمحي في كتابه طبقات فحول الشعراء‬ ‫الفصل الثاني ‪:‬‬

‫ثالثا ‪ :‬معيار الجزالة‬

‫يعد معيار الجزالة أبرز صفة غالبة على أدب العرب قديما ‪ ،‬لما له أثر بالغ في‬
‫عبقرية الشاعر وتفرده على غيره فالشاعر الذي يتميز شعره بمتانة وجزالة عد من أصحاب‬
‫النبوغ والعبقرية وقد كانت '' العرب ومن تبعها من السلف تجري على عادة في تفخيم اللفظ‬
‫وجمال المنطق لم تألف غيره وال أنسها سواه ‪ ،‬وكان الشعر أحد أقسام منطقها ومن حقه أن‬
‫يختص بفضل تهذيب ‪ ،‬ويفرد بزيادة عناية ‪ ،‬فإذا اجتمعت تلك العادة والطبيعة وانضاف‬
‫‪1‬‬ ‫إليها التعمل والصنعة خرج كما تراه فخما جزال قويا متينا ''‬

‫وهكذا أصبحت الجزالة في الشعر صفة تغلب على شعر الشعراء وتتخذ معيا ار تقاس‬
‫به جودة شعرهم وهذا ما اعتمده ابن سالم ‪ ،‬حين وضع النابغة في الطبقة األولى وقال أنه ''‬
‫‪2‬‬ ‫أحسنهم ديباجة شعر وأكثرهم رونق كالم ‪ ،‬وأجزلهم بيتا ‪ ،‬كأن شعره ليس فيه تكلف ''‬

‫ونجده كذلك يفضل شعر الحطيئة وذلك بوضعه في الطبقة الثانية من تصنيفه‬
‫فابن سالم هنا يلتفت إلى‬ ‫‪3‬‬ ‫للشعراء الجاهليين وقوله أنه "" متين الشعر ‪ ،‬شرود القافية ''‬
‫قوة شعر الحطيئة ويثني على جزالته ويعد هذه السمة ميزة لشعره ‪.‬‬

‫وفي مفاضلته بين بيت شعر لجرير وآخر لألخطل ‪ :‬نجده يقول ‪ '' :‬قال لي معاوية بن أبي‬
‫عمرو بن العال ‪ :‬أي البيتين عندك أجود ؟ قول جرير ‪:‬‬

‫وأندى العالمين بطون راح‬ ‫ألستم خير من ركب المطايا‬

‫أم قول األخطل ‪:‬‬

‫وأعظم الناس أحالما إذا قدروا‬ ‫شمس العداوة حتى يستقاد لهم‬

‫‪ -‬الوساطة بين المتنبي وخصومه ‪ ،‬القاضي عبد العزيز الجرجاني ‪ ،‬دار احياء الكتب العربية القاهرة ‪ 1979‬ص ‪17‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ -‬طبقات فحول الشعراء ‪ ،‬ابن سالم الجمحي ص ‪56‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪ -‬المصدر نفسه ص ‪104‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪44‬‬
‫مفهوم الفحولة عند إبن سالم الجمحي في كتابه طبقات فحول الشعراء‬ ‫الفصل الثاني ‪:‬‬

‫‪1‬‬ ‫فقلت ‪ :‬بيت جرير أحلى وأسير ‪ ،‬وبيت األخطل أجزل وأرزن ''‬

‫‪2‬‬ ‫وأما نحت الفرزدق من الصخر ‪ ،‬وغرف جرير من البحر ‪ ،‬فهو رأي األخطل فيهما‬
‫ويقصد به جزالة شعر الفرزدق ومتانته ‪ ،‬مع سالسة شعر جرير وسيرورته ‪ ،‬وابن سالم‬
‫وأن‬ ‫‪3‬‬ ‫يقول لنا '' الفرزدق أشعر عامة (أي عند عامة العلماء) وجرير أشعر خاصة ''‬
‫الفرزدق أكثرهم بيتا مقلدا ‪ ،‬والبيت المقلد هو المستغنى بنفسه المشهور الذي يضرب به‬
‫المثل '' ‪ '' 4‬وكان يداخل الكالم وكان ذلك يعجب أصحاب النحو '' ‪ 5‬بينما كان جرير يحسن‬
‫‪6‬‬ ‫ضروبا من الشعر ال يحسنها الفرزدق‬

‫وهكذا نالحظ مدى أهمية معيار الجزالة عند ابن سالم وانحيازه إلى قوة ومتانة الشعر‪.‬‬

‫‪ -‬المصدر نفسه ص ‪49‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ -‬المصدر نفسه ص ‪451‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪ -‬المصدر نفسه ص ‪499‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪ -‬المصدر نفسه ص ‪360‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪ -‬المصدر نفسه ص ‪364‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪ -‬المصدر نفسه ص ‪374‬‬ ‫‪6‬‬

‫‪45‬‬
‫مفهوم الفحولة عند ابن سالم الجمحي في كتابه طبقات فحول الشعراء‬ ‫الفصل الثاني ‪:‬‬

‫المبحث الثالث ‪ :‬طبقات الشعراء عند ابن سالم‬

‫يعد ابن سالم الجمحي من أوائل العلماء النقاد الذين تناولوا أخبار الشعراء وطبقاتهم‬
‫الشعرية تناوال علميا على أسس منهجية دقيقة ‪ ،‬فبعد أن فرغ من الحديث عن قضية وضع‬
‫الشعر الجاهلي وبعض القضايا التي تتعلق بهذه القضية األم ‪ ،‬كقضية الذوق األدبي ونشأة‬
‫علوم العربية وأولية الشعر ‪ ،‬وتنقل الشعر بين القبائل وذلك في مقدمة كتابه (طبقات فحول‬
‫الشعراء) إذ انتقل إلى دراسة سير الشعراء وأخبارهم من خالل تقسيمهم إلى طبقات ‪.‬‬

‫بدأ ابن سالم في عرض منهجه الذي اتبعه في ترتيب طبقات الشعراء بقوله ‪'' :‬‬
‫ففصلنا الشعراء من أهل الجاهلية واإلسالم والمخضرمين الذين كانوا في الجاهلية وادركوا‬
‫اإلسالم ‪ ،‬فنزلناهم منازلهم ‪ ،‬واحتججنا لكل شاعر بما وجدنا له من حجة وما قال فيه‬
‫‪1‬‬ ‫العلماء‬

‫لقد قام ابن سالم بتقسيم شعراءه إلى عشر طبقات في الجاهلية وأخرى في اإلسالم‬
‫واضعا في كل طبقة أربعة شعراء متكافئين معتدلين ‪ '' :‬فاقتصرنا من الفحول المشهورين‬
‫على أربعين شاع ار ‪ ،‬فألفنا من تشابه شعره منهم إلى نظرائه فوجدناهم عشر طبقات ‪ ،‬أربعة‬
‫‪2‬‬ ‫رهط في كل طبقة متكافئين معتدلين ''‬

‫إن ابن سالم قد أشار في أكثر من موضع في كتابه ‪ ،‬أنه اقتصر على الفحول من‬
‫الشعراء في الجاهلية أو في اإلسالم ‪ ،‬ومما يؤكد ذلك أن المتأمل لهذا الكتاب يدرك أن ابن‬
‫سالم لم يستقص في تراجمه كل شعراء الجاهلية وال كل شعراء اإلسالم ‪ ،‬بل الفحول منهم ‪.‬‬

‫كما أن وضع بعض هؤالء الشعراء بهذه الصفة ‪ ،‬أي الفحولة ‪ ،‬يعني أنه وصلوا إلى درجة‬
‫يضاف‬ ‫‪3‬‬ ‫عالية من الصياغة الفنية والطراز العالي في السبك والطاقة الكبيرة في الشاعرية‬

‫‪ - 1‬طبقات فحول الشعراء ‪ ،‬ابن سالم الجمحي ص ‪24-23‬‬


‫‪ - 2‬المصدر نفسه ص ‪68‬‬
‫‪ - 3‬ينظر تاريخ النقد األدبي ‪ ،‬احسان عباسي ص‪41‬‬
‫‪46‬‬
‫مفهوم الفحولة عند ابن سالم الجمحي في كتابه طبقات فحول الشعراء‬ ‫الفصل الثاني ‪:‬‬

‫إلى ذلك اتساع دائرة ثقافتهم الشعرية وغ ازرة مروياتهم ‪ ،‬وقد اشتمل مصنفه على ‪ 114‬شاع ار‬
‫فحال جاء توزيعهم على طبقات متتالية '' وقد نبه ابن سالم على أن تقديمه اسم واحد منهم‬
‫على صاحبه ‪ ،‬ليس حكما له بالتقدم على من يليه في طبقته ‪ ،‬فهم جميعا سواء ‪ ....‬بل‬
‫‪1‬‬ ‫ألنه ال بد من مبتدأ ''‬

‫كما أن ابن سالم لم يكتف بالموازنة بين الطبقات بل نالحظ عليه في الكثير من‬
‫األحيان يوازن بين شعراء الطبقة الواحدة ‪ ،‬أو بين شاعر وآخر داخل الطبقة ‪ ،‬فيورد رأي‬
‫العلماء فيهم ويختار من شعرهم ما يؤكد هذا الرأي ‪ ،‬ثم يفسر بعض الكلمات العربية التي قد‬
‫ترد في الشعر – وهذا قليل – أو يورد آراء علماء اللغة العربية فيها ‪ ،‬وفي حاالت قليلة يبين‬
‫رأيه وشواهد ذلك في طبقاته كثيرة ‪ ،‬من ذلك –مثال‪ -‬ما نلمسه في المفاضلة بين شعراء‬
‫الطبقة األ ولى من الجاهليين والتي تضم ( امرؤ القيس والنابغة الذبياني وزهير بن أبي سلمى‬
‫‪ ،‬األعشى ) حيث يورد آراء العديد من العلماء واختالفهم في المفاضلة بين شعراء هذه‬
‫الطبقة من ذلك قوله ‪ '' :‬أخبرني يونس بن حبيب ‪ :‬أن علماء البصرة كانوا يقدمون األعشى‬
‫‪2‬‬ ‫وأن أهل الحجاز والبادية كانوا يقدمون زهي ار والنابغة ''‬

‫وفي تبرير تفضيل امرئ القيس على شعراء طبقته قوله ‪ '' :‬فاحتج المرئ القيس من يقدمه‬
‫قال ‪ :‬ما قال ما لم يقولوا ‪ ،‬ولكنه سبق العرب إلى أشياء ابتدعها ‪ ،‬واستحسنتها العرب ‪،‬‬
‫‪3‬‬ ‫واتبعته فيها الشعراء ''‬

‫أما ابن سالم فيرى أن امرؤ القيس ‪ '' :‬كان أحسن أهل طبقته تشبيها وأحسن‬
‫‪4‬‬ ‫اإلسالميين تشبيها ذو الرمة ''‬

‫‪ -‬طبقات فحول الشعراء ‪ ،‬الجمحي ص ‪25‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ -‬المصدر نفسه ص ‪52‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪ -‬نفسه ص ‪55‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪ -‬المصدر نفسه ص ‪55‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪47‬‬
‫مفهوم الفحولة عند ابن سالم الجمحي في كتابه طبقات فحول الشعراء‬ ‫الفصل الثاني ‪:‬‬

‫ثم يورد آراء من احتج من العلماء للنابغة فيقول ‪ '' :‬كان أحسنهم ديباجة شعر وأكثرهم رونق‬
‫‪1‬‬ ‫كالم وأجزلهم بيتا ‪ ،‬كأن شعره كالم ليس تكلف ''‬

‫فالنابغة امتاز شعره بحسن الديباجة وكثرة الماء والرونق ‪ ،‬فقد كان بصي ار بمواقع‬
‫األلفاظ والمعاني مما جعل الكثير من النقاد وحتى الشعراء يفضلونه على سائر الشع ارء ‪ ،‬فقد‬
‫أجاد بحق في فني المديح واالعتذار حتى عده القدماء أشهر الناس اذا رهب ‪.‬‬

‫فالعلماء فضلوا النابغة التصاف شعره بالجزالة ‪ ،‬وبعده عن التكلف المقيت بحيث نجد في‬
‫أبيات شعره لوحات فنية رائعة ‪ ،‬وهذا العتماده على األلفاظ الموحية القوية التي جعلت من‬
‫شعره يحظى بإعجاب الكثير من النقاد ‪.‬‬

‫فها هو أمير المؤمنين عمر بن الخطاب يواكب أذواق الكوفة مبديا إعجابه هو اآلخر بجودة‬
‫شعر النابغة وجزالته ‪ ،‬فقد روي عنه أنه قال ‪ '' :‬أي شعرائكم يقول ‪:‬‬

‫إلى شعت ‪ ،‬أي الرجال المهذب ؟‬ ‫فلست بمستبق أخا ال تلمه‬

‫‪2‬‬ ‫قالوا ‪ :‬النابغة ‪ ،‬قال هو أشعرهم ''‬

‫فالخليفة عمر أعجب ببيت النابغة هذا لجزالته ‪ ،‬ولما فيه من الحكمة البالغة بحيث‬
‫جعله أفضل شعراء غطفان ‪ ،‬بل أفضل شعراء العرب كافة ‪.‬‬

‫كما حظي زهير بن أبي سلمى بمكانة راقية في الشعر العربي ‪ ،‬اذ وضعه ابن سالم ضمن‬
‫كما‬ ‫‪3‬‬ ‫شعراء الطبقة األولى الجاهلية ‪ ،‬وهذا لتميز شعره واتصافه بالجمال والقوة والحصافة‬

‫‪ -‬نفسه ص ‪56‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ -‬المصدر نفسه الصفحة نفسها‬ ‫‪2‬‬

‫‪ -‬الحصافة‪ :‬تعني جودة الرأي واحكامه وسداده‬ ‫‪3‬‬

‫‪48‬‬
‫مفهوم الفحولة عند ابن سالم الجمحي في كتابه طبقات فحول الشعراء‬ ‫الفصل الثاني ‪:‬‬

‫ذكر ابن سالم ‪ '' :‬وقال أهل النظر ‪ :‬كان زهير أحصفهم شعراء وأبعدهم من سخف‬
‫‪1‬‬ ‫وأجمعهم لكثير من المعنى في قليل من المنطق ''‬

‫ومما يدل على اتصاف شعر زهير بالحصافة والجودة الفنية ‪ ،‬أن شبه امرأة في الشعر بثالث‬
‫أوصاف في بيت واحد وهذا في قوله ‪:‬‬

‫الظباء‪2‬‬ ‫وشاكهت فيها‬ ‫تنازعت المها شبها ودر البحور‬

‫فقد استطاع أن يجمع في بيت واحد ثالث أوصاف وهذا إن دل على شيء فإنما يدل‬
‫على تمكنه من اإليجاز وجمعه لكثير من المعاني في قليل من المنطق ‪ ،‬فالمتأمل في شعر‬
‫زهير يدرك بال عناء جودة شعره وحسن سبكه وقوة معانيه وذلك الذي قدمه على غيره من‬
‫الشعراء‪.‬‬

‫كما امتاز زهير بالمبالغة في المدح واإلجادة فيه ‪ ،‬األمر الذي دفع بعض النقاد يشيدون هذا‬
‫العمل الجليل ‪ ،‬مفضلين إياه على سائر الشعراء فيقول ابن سالم ‪ ..... '' :‬وأشدهم مبالغة‬
‫‪3‬‬ ‫في المدح ‪ ،‬وأكثرهم أمثاالا في شعره ''‬

‫'' وعن عكرمة بن جرير قال ‪ :‬قلت ألبي ‪ :‬يا أبه من أشعر أهل الجاهلية ؟ قال ‪ :‬زهير‬
‫‪4‬‬ ‫شاعرها ''‬

‫فزهير عد أشهر شعراء العرب وحكيمهم في الجاهلية ‪ ،‬لقوة شعره وصدقه ‪ ،‬حتى‬
‫أجمع النقاد بأنه لم يمدح أحدا إال بما فيه ‪ ،‬وذلك لصدقه وكثرت الحكمة في شعره حتى‬
‫أعجب به الخليفة عمر بن الخطاب رضي هللا عنه‪.‬‬

‫‪ -‬طبقات فحول الشعراء ‪ ،‬الجمحي ص ‪64‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ -‬ديوان زهير بن أبي سلمى ‪ ،‬تح ‪ :‬عمر فاروق الطباع ‪ ،‬دار األرقم ‪ ،‬بيروت لبنان د ت ص ‪10‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪ -‬طبقات فحول الشعراء ‪ ،‬الجمحي ص ‪64‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪ -‬ينظر المصدر نفسه ص ‪65-64‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪49‬‬
‫مفهوم الفحولة عند ابن سالم الجمحي في كتابه طبقات فحول الشعراء‬ ‫الفصل الثاني ‪:‬‬

‫أما بالنسبة آلخر شاعر من الطبقة األولى فنجد األعشى أو صناجة العرب كما‬
‫‪ ،‬فقد شهد أصحابه ‪ '' :‬أنه أكثرهم عروضا‬ ‫‪1‬‬ ‫يطلق عليه وذلك بسبب طبعه وجلبة شعره‬
‫وأذهبهم في فنون الشعر ‪ ،‬وأكثرهم طويلة جيدة وأكثرهم مدحا وهجاء وفخ ار ووصفا ‪ ،‬كل ذلك‬
‫''‪2‬‬ ‫عنده‬

‫فهو من الشعراء الجاهليين الفحول ‪ ،‬وتصنيف الجمحي له في الطبقة األولى –رغم تأخره في‬
‫الترتيب – يعود بالضرورة إلى شهرته وغ ازرة شعره ‪.‬‬

‫إذن يمكن القول أن ابن سالم وضع هؤالء الشعراء األربعة في طبقة واحدة ( الطبقة‬
‫األولى الجاهلية ) وهذا للتشابه الفني الحاصل بينهم ‪ ،‬فهم متكافئون في بلوغ كل منهم درجة‬
‫عالية في اإلجادة الفنية في ناحية ما من نواحي هذه اإلجادة بحيث يصبح كل واحد منهم‬
‫منفردا بمزايا فنية ال يشاركه فيها شاعر آخر من شعراء طبقته ‪ ،‬فامرؤ القيس امتاز باستنباط‬
‫األفكار واألساليب وتلطيف المعاني وجودة تشبيهاته ‪ ،‬فيما انفرد النابغة بحسن الديباجة‬
‫وكثرة الماء والرونق أما زهير فقد تميز بحصافته وكثرة أمثاله مع القدرة على المدح لتختم‬
‫الطبقة باألعشى ‪ ،‬الذي انفرد بموسيقاه المتعددة وقدرته على التصرف في مختلف اغراض‬
‫الشعر ‪.‬‬

‫وفي الطبقة الثانية الجاهلية نصطدم بابن سالم وهو يضع كالا من ‪ :‬الحطيئة وكعب‬
‫بن زهير ضمن الشعراء الجاهليين ‪ ،‬رغم أن كليهما شهد اإلسالم واعتنقه ‪ ،‬كما أن لكل‬
‫‪3‬‬ ‫منهما شعر كثير في اإلسالم وخاصة الحطيئة‬

‫كما نجده يبدأ الطبقة الثانية بـ‪ :‬أوس من حجر موردا أنه المقدم عليهم ‪ ،‬في حين‬
‫كما‬ ‫‪4‬‬ ‫نجده يذكر قبل ذلك '' ليس تبدئتنا أحدهم في الكتاب نحكم له وال بد من مبتدأ ‪'' ....‬‬

‫‪ -‬ينظر ‪ :‬بدابات في النقد االدبي ‪ ،‬هاشم صالح مناع ‪ ،‬دا الفكر العربي ‪ ،‬بيروت ط‪ 1994 1‬ص ‪48‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ -‬طبقات فحول الشعراء ‪ ،‬ابن سالم ص ‪65‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪ -‬مناهج التأليف عند العلماء العرب ‪ ،‬مصطفى الشكعة ‪ ،‬دار العلم للماليين ‪ ،‬بيروت لبنان ‪1993‬م ط ‪ 7‬ص ‪27‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪ -‬طبقات فحول الشعراء‪ ،‬ابن سالم ص ‪50‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪50‬‬
‫مفهوم الفحولة عند ابن سالم الجمحي في كتابه طبقات فحول الشعراء‬ ‫الفصل الثاني ‪:‬‬

‫أنه يصرح في موضوع آخر أن أوس نظير شعراء الطبقة األولى الجاهلية ‪ ،‬إال أن اقتصاره‬
‫على العدد أربعة هو الذي أخره إلى الطبقة الثانية وأوس نظير األربعة المتقدمين إال أنا‬
‫‪1‬‬ ‫اقتصرنا في الطبقات على أربعة رهط‬

‫فابن سالم غير مطمئن بوضع '' أوس '' في الطبقة الثانية فيتلمس عزاء الضطرابه ‪،‬‬
‫‪2‬‬ ‫وذلك حين يقول ‪ '' :‬كان أوس فحل مضر‪ ،‬حتى نشأ النابغة وزهير فأخماله ''‬

‫من هنا يتضح أن حصر الطبقة في العدد أربعة قد أوقع ابن سالم في بعض المزالق‬
‫‪ ،‬كما هو الحال بالنسبة ألوس بن حجر الذي استحق اعتالء الطبقة األولى ‪ ،‬إال أن‬
‫اقتصار ابن سالم على العدد أربعة هو الذي أخره إلى الطبقة الثانية ‪.‬‬

‫أما بالنسبة للطبقة الثالثة فهي تضم كل من ‪ :‬نابغة بن جعدة وأبو ذؤيب الهذلي‬
‫والشماخ بن ضرار ولبيد بن ربيعة ‪.‬‬

‫والطبقة الرابعة تضم ‪ :‬طرفة بن العبد ‪ ،‬عبيد بن األبرص وعلقمة بن عبدة وعدي بن زيد‬

‫الطبقة الخامسة ‪ :‬خداش بن زهير واألسود بن يعفر ‪ ،‬أبو يزيد المخبل ‪ ،‬تميم بن أبي مقبل‬

‫الطبقة السادسة ‪ :‬تضم كل من عمر بن كلثوم ‪ ،‬الحارث بن حلزة وعنترة بن شداد وسويد بن‬
‫أبي كاهل‬

‫الطبقة السابعة ‪ :‬سالمة بن جندل ‪ ،‬حصين بن الحمام المري و المتلمس جرير بن عبد‬
‫المسيح والمسيب بن علس‬

‫والطبقة الثامنة ‪ :‬عمرو بن قميئة بن سعد والنمر بن تولب ‪ ،‬أوس بن غلفاء الهجيمي‪،‬‬
‫وعوف بن عطية بن الخرع ‪.‬‬

‫‪ -‬المصدر نفسه ص ‪97‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ -‬المصدر السابق الصفحة نفسها‬ ‫‪2‬‬

‫‪51‬‬
‫مفهوم الفحولة عند ابن سالم الجمحي في كتابه طبقات فحول الشعراء‬ ‫الفصل الثاني ‪:‬‬

‫الطبقة التاسعة ‪ :‬ضابي بن الحارث ‪ ،‬سويد بن كراع ‪ ،‬الحويدرة ‪ ،‬عبد بن الحسحاس‬

‫وآخر طبقة من طبقات الشعراء الجاهليين وهي العاشرة تضم كل من ‪ :‬أمية بن حرثان‪،‬‬
‫وحريث بن محفظ ‪ ،‬والكميت بن معروف وعمر بن شأس‬

‫وما نالحظه من خالل هذه الطبقات التي أوردها ابن سالم الجمحي في ترجمته‬
‫للشعراء أنه لم يستقص كل شعراء الجاهلية وانما اكتفى بترجمة الفحول منهم‪.‬‬

‫واذا تجاوزنا شعراء العصر الجاهلي إلى طبقة أصحاب المراثي التي تضم هي‬
‫األخرى أربعة شعراء وهو ‪ :‬متمم بن نويرة ‪ ،‬الخنساء ‪ ،‬أعشى باهلة وكعب بن سعد الغنوي‬
‫فإ ننا نجد أن ابن سالم قد رأى في هؤالء الشعراء األربعة اتفاقهم في صدق العاطفة ‪ ،‬فقد‬ ‫‪1‬‬

‫أجادوا البكاء ووجدوا في الحزن سلوى لهم ‪ ،‬فكانوا بالتالي شعراء مرهفي الحس ‪.‬‬

‫إضافة لطبقة (أصحاب المراثي)نجد طبقة شعراء القرى العربية والتي تضم خمسة مدن وهي‬
‫المدينة وتضم خمسة شعراء وهم‪ :‬حسان بن ثابت وكعب بن مالك وعبد هللا بن رواحة وقيس‬
‫بن الخطيم وأبو قيس بن األسلت ‪.‬‬

‫ومكة تضم تسعة شعراء ‪ :‬عبد هللا بن الزبعرى ‪ ،‬أبو طالب بن عبد المطلب ‪ ،‬الزبير‬
‫بن عبد المطلب ‪ ،‬أبو سفيان بن الحارث ‪ ،‬مسافر بن أبي عمرو بن أمية ‪ ،‬ضرار بن‬
‫الخطاب الفهري ‪ ،‬أبوعزة الجمحي ‪ ،‬وعبد هللا بن حذافة السهمي ‪ ،‬وهبيرة بن أبي وهب بن‬
‫عامر ‪.‬‬

‫والطائف و تضم خمسة شعراء وهم ‪ :‬أبو الصلت بن أبي ربيعة وأمية بن أبي الصلت‬
‫‪ ،‬أبو محجن عمرو بن حبيب ‪ ،‬غيالن بن سلمة ‪ ،‬كنانة بن عبد ياليل‬

‫وشعراء البحرين وتحمل ثالثة شعراء ‪ :‬عائد بن محصن المثقب ‪ ،‬شأس بن نهار بن‬
‫أسود و المفضل بن معشر‪.‬‬

‫‪ -‬المصدر نفسه ص ‪204-203‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪52‬‬
‫مفهوم الفحولة عند ابن سالم الجمحي في كتابه طبقات فحول الشعراء‬ ‫الفصل الثاني ‪:‬‬

‫أما شعراء اليهود فيتمثلون في ‪ :‬السموأل بن عادياء ‪ ،‬الربيع بن أبي الحقيق وكعب‬
‫بن األشرف ‪ ،‬شريح بن عمران ‪ ،‬سعية بن العريض ‪ ،‬أبو قيس بن رفاعة ‪ ،‬أبو الذيال ‪،‬‬
‫درهم بن يزيد ‪.‬‬

‫فالمالحظ على ابن سالم في دراسته لشعراء القرى العربية أنه لم يأخذ بالتقسيم‬
‫الرباعي عند دراسته لشعراء كل قرية على حدة ‪ ،‬مكتفيا بالحصر المكاني ‪ ،‬مما احدث‬
‫تفاوتاا في عدد شعراء كل قرية ‪ ،‬فعدد شعراء المدينة وفقا لهذا اإلحصاء خمسة في حين‬
‫وصل عدد ش عراء مكة إلى تسعة ووصل شعراء الطائف إلى خمسة أما عدد شعراء البحرين‬
‫فلم يزد على ثالث شعراء ‪.‬‬

‫فابن سالم لم يفرد شعراء هذه المدن بقسم خاص عبثا ‪ ،‬وانما لكونه الحظ أثر البيئة‬
‫في نتاجهم الفني الشعري ‪ ،‬هذا األثر ميزته الرقة والسهولة والعذوبة والليونة مما جعلهم‬
‫يتميزون عن سواهم من الشعراء ‪.‬‬

‫إن اهتمام ابن سالم الجمحي وغيره من العلماء اللغويين لم يتوقف عند الشعراء‬
‫الجاهليين فحسب ‪ ،‬بل تجاوز اهتمامهم إلى شعراء عصرهم ‪ ،‬وذلك بدراسة نتاجهم الشعري‬
‫واستنتاج الخصائص الفنية لكل شاعر ومذهبه الفني ‪ ،‬محاولين تصنيفهم في درجات وهذا‬
‫ما فعله ابن سالم الجمحي ‪ ،‬من خالل اختياره لهؤالء الشعراء وهم ( جرير والفرزدق‬
‫واألخطل والراعي ) ففضلهم ابن سالم على غيرهم من الشعراء ‪ ،‬فنالوا عناية كبرى من قبل‬
‫اللغويين النقاد ‪ ،‬لدرجة أن قادهم ذلك إلى االختالف حول أشعرهم ‪ ،‬وقد أكد هذا االختالف‬
‫‪ ،‬يونس بن حبيب بقوله ‪ '' :‬ما شهدت مشهدا قط ذكر فيه جرير والفرزدق وأجمع أهل‬
‫‪1‬‬ ‫المجلس على أحدهما ‪ ،‬وكان يونس يقدم الفرزدق وكان المفضل يقدمه تقدمة شديدة ''‬

‫‪ -‬طبقات فحول الشعراء ج‪ 2‬ص ‪75‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪53‬‬
‫مفهوم الفحولة عند ابن سالم الجمحي في كتابه طبقات فحول الشعراء‬ ‫الفصل الثاني ‪:‬‬

‫كما روى أبو عبيدة حجج من قدم جري ار فقال ‪ '' :‬يحتج من قدم جري ار بأنه كان أكثرهم فنون‬
‫‪1‬‬ ‫عفيفا ''‬
‫شعر وأسهلهم ألفاظ ‪ ،‬وأقلهم تكلفا وأرقهم نسيبا وكان دينيا ا‬

‫إن اهتداء ابن سالم إلى الطبقة األولى من شعراء اإلسالم ال يعود لجودة أشعارهم أو‬
‫تنوع أغراضهم الشعرية فحسب‪ ،‬بل أيضا لمنازلهم وأقدارهم‪ ،‬وهذا ما تجسده فعال لديهم‪،‬‬
‫''حيث‬

‫نالوا إعجاب الجميع فاعترفوا لهم بالتقدم وهذا لباعهم الطويل في الشعر وخصوبة خيالهم لذا‬
‫‪2‬‬ ‫أحس النقاد بفطرتهم وأنهم طبقة ال يدانيهم غيرهم ''‬

‫ولقد أضاف ابن سالم الراعي لشعراء الطبقة األولى بالرغم من أنه أولى به الطبقة الثانية أو‬
‫‪3‬‬ ‫غيرها ‪ '' ،‬ولكن قاعدة أربعة رهط هي التي جعلت الراعي يزاحم الثالث الفحول ''‬

‫كما هناك سبب آخر جعله يتقاسم معهم هذه الطبقة وهو اشتراكه معهم في فن الهجاء‬
‫بذيا‬
‫فيقول‪'' :‬والراعي عبيد بن حصين كان من رجال العرب ووجوه قومه ‪ ...‬وكان ذلك ا‬
‫‪4‬‬ ‫هجاء لعشريته ''‬

‫واذا انتقلنا الى الطبقة الثانية من الشعراء اإلسالميين ‪ ،‬فنجد أن ابن سالم قد وضع‬
‫كل من ‪ :‬خداش بن بشر وعمر بن القطامي وعبد الرحمان الخزاعي وذو الرمة ‪ ،‬وان دل ذلك‬
‫على شيء فإنما يدل على تفوقهم على غيرهم من الشعراء من ناحية تعدد األغراض ومستوى‬
‫الشاعرية عندهم ‪ ،‬فهذا ابن سالم يثني على شعر عمر القطامي فيقول ‪ '' :‬بأنه رقيق‬
‫‪5‬‬ ‫الحواشي ‪ ،‬حلو الشعر ''‬

‫‪ -‬األغاني ‪ ،‬أبو الفرج اال صفهاني ص ‪180‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ -‬تاريخ النقد االدبي عند العرب حق نهاية القرن الثالث ‪ ،‬مصطفى الصاوي د ط ‪ ،‬دار المعرفة الجامعية ‪ 2000‬ص ‪79‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪ -‬ابن سالم وطبقات الشعراء ‪ ،‬منير سلطان ‪ ،‬منشاة المعارف ‪ ،‬اإلسكندرية مصر ‪ 1977‬ط‪ 1‬ص‪241‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪ -‬طبقات فحول الشعراء ‪ ،‬ابن سالم ج ‪ 2‬ص ‪502‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪ -‬المصدر نفسه ص ‪535‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪54‬‬
‫مفهوم الفحولة عند ابن سالم الجمحي في كتابه طبقات فحول الشعراء‬ ‫الفصل الثاني ‪:‬‬

‫بينما نالحظ تأخر ذو الرمة في التصنيف الطبقي إلى المرتبة األخيرة من الطبقة الثانية‪ ،‬فذو‬
‫الرمة الذي بقي يتغنى بالصحراء ال يعد من الفحول ألن هؤالء لهم موضوعات غير تلك‬
‫التي يجيدها ذو الرمة فحين سأل ذو الرمة الفرزدق عن سبب عدم كونه من الفحول ‪ ،‬أجاب‬
‫‪1‬‬ ‫يمنعك عن ذلك صفة الصحاري وأبعار اإلبل‬

‫إ ن ذو الرمة هنا يتمنى مكانة الفحول من الشعراء ‪ ،‬يتمنى مكانة جرير والفرزدق‬
‫واألخطل‪ ،‬ولكنه عاجز عن المدح والهجاء وعاجز أن يخرج من بيئة البادية واالهتمام‬
‫بوصفها وتصويرها ‪ ،‬ولقد برع في ذلك كثي ار ولكن الفحولة ال تعطى إال لمن يحسن ضروبا‬
‫من الشعر متعددة وعلى رأسها المدح والهجاء ‪ ،‬ولذلك وردت رواية أخرى هي أن الفرزدق‬
‫فابن سالم أقام‬ ‫‪2‬‬ ‫قال له‪ '' :‬لتجافيك عن المدح والهجاء واقتصارك على الرسوم والديار ''‬
‫كتابه على جم لة من المعايير التي يتطلبها في الشاعر الفحل وكثرة األغراض في مقدمة‬
‫هاته المعايير‪.‬‬

‫أما بالنسبة للطبقات اإلسالمية األخرى فهي كالتالي ‪:‬‬

‫الطبقة الثالثة ‪ :‬وتضم كل من كعب بن جعيل ‪ ،‬عمرو بن أحمر الباهلي ‪ ،‬سحيم بن وثيل‪،‬‬
‫أوس بن مغراء ‪.‬‬

‫الطبقة الرابعة ‪ :‬نهشل بن حري ‪ ،‬حميد بن ثور الهاللي ‪ ،‬األشهب بن رميلة ‪ ،‬عمر التميمي‬

‫الطبقة الخامسة‪ :‬أبو زيد الطائي‪ ،‬العجير بن عبد هللا بن عبيدة‪ ،‬عبد هللا بن همام السلولي‪،‬‬
‫نفيع بن لقيط األسدي‪.‬‬

‫الطبقة السادسة ‪ :‬عبد هللا بن قيس الرقيات‪ ،‬األحوص‪ ،‬جميل بن معمر‪ ،‬نصيب مولى ‪.‬‬

‫‪ -‬المصدر نفسه ص ‪552‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ -‬الموشح في مآخذ العلماء على الشعراء المرزباني ص ‪274‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪55‬‬
‫مفهوم الفحولة عند ابن سالم الجمحي في كتابه طبقات فحول الشعراء‬ ‫الفصل الثاني ‪:‬‬

‫الطبقة السابعة ‪ :‬المتوكل الليثي (أبا جهمة) ‪ ،‬يزيد بن ربيعة الحميري ‪ ،‬زياد األعجم ‪،‬‬
‫عدي بن الرقاع‪.‬‬

‫الطبقة الثامنة ‪ :‬عقيل بن علقمة المري ‪ ،‬بشامة بن الغدير المري ‪ ،‬شبيب بن زيد ‪ ،‬قراد بن‬
‫حنش‪.‬‬

‫الطبقة التاسعة ‪ :‬األغلب العجلي ‪ ،‬أبو النجم ‪ ،‬عبد هللا بن رؤبة ‪ ،‬رؤبة بن العجاج‪.‬‬

‫الطبقة العاشرة ‪ :‬مزاحم بن الحارث العقيلي ‪ ،‬يزيد بن المنتشر ‪ ،‬أبو داود الرواسي ‪ ،‬القحيف‬
‫بن سليم العقيلي ‪.‬‬

‫إذن كانت هذه هي شريحة الفحول من الشعراء اإلسالميين الذين ترجم لهم ابن سالم‬
‫الجمحي في الجزء الثاني من كتابه (طبقات فحول الشعراء )‪.‬‬

‫إذ رتب ابن سالم شع ارءه االسالميين في طبقات متتالية وفقا ألهميتهم مع التطرق‬
‫إلى الحديث عن ن سب كل منهم والتعليل على تفضيل شاعر على آخر ‪ ،‬فالنسب في نظر‬
‫ابن سالم جانب من جوانب التأثير على نفسية الشاعر ‪ ،‬فكما يؤثر الزمن والبيئة في‬
‫شاعريته قوة وضعفا ‪ ،‬يؤثر وجود األفراد العاديين أو الممتازين في شاعريته أيضا ‪.‬‬

‫‪56‬‬
‫موازنة‬
‫موازنة‬
‫أوجه التشابه واإلختالف بين األصمعي وابن سالم الجمحي في كتابيهما‬ ‫موازنة ‪:‬‬

‫أوجه التشابه‬
‫ابن سالم الجمحي (‪ 231‬ه)‬ ‫األصمعي (‪ 215‬ه)‬
‫‪ -‬الفحل هو الشاعر الكبير الذي يتفنن في‬ ‫‪ -‬الفحل هو من تميز على غيره وتسلح‬
‫بمجموعة من اآلليات التي تحقق له الفحولة‪ .‬شعره ويجود فيه‪.‬‬
‫‪ -‬الفحولة التفنن في القول والتنوع في‬ ‫‪ -‬الفحولة في جودة السبك وبراعة المعنى‬
‫األغراض والوفرة الجيدة ‪.‬‬ ‫ووفرة الشعر‪.‬‬
‫‪ -‬دراسة لعدد كبير من الشعراء الفحول‬ ‫‪ -‬اإلشارة لنفر كبير من الشعراء الجاهليين‬
‫الجاهليين واإلسالميين ‪.‬‬ ‫واإلسالميين ‪.‬‬
‫‪ -‬االعتناء بالشعر والشعراء القدامى‪.‬‬ ‫‪ -‬االلتفات إلى الشعر القديم واالهتمام به ‪.‬‬
‫‪ -‬تجاهل أكبر فحول عصره أمثال (أبوتمام‬ ‫‪ -‬تجاهل بعض الشعراء الكبار أمثال‬
‫‪ ،‬البحتري )‬ ‫( بشار بن برد ‪ ،‬أبي نواس)‪.‬‬
‫‪ -‬الشعر ذكوريا يشتمل على الشدة والخشونة‬ ‫‪-‬الشعر يرتبط بالجزالة والمتانة‪.‬‬
‫في ألفاظه‪.‬‬ ‫‪ -‬الشعر إذا دخل في باب الخير الن ‪.‬‬
‫‪ -‬الشعر اللين سمة تدل على االنتحال‪.‬‬

‫في هذا الجدول تقارب في آراء الناقدين الذين اجتهدا في تقصي شعر نفر كبير من‬
‫الشعراء الجاهليين واإلسالميين ‪ ،‬رغم الخطورة التي واجهتهما في جمعهما للشعر ‪ ،‬والتي‬
‫تكمن في ظاهرة االنتحال ‪ ،‬إال أنهما قر ار التصدي لمثل هذه الظاهرة والتأكد من نسبة‬
‫األشعار إلى أصحابها ‪ ،‬باالعتماد على مجموعة من المقاييس المحددة في رأي كل منهما ‪.‬‬

‫‪58‬‬
‫أوجه التشابه واإلختالف بين األصمعي وابن سالم الجمحي في كتابيهما‬ ‫موازنة ‪:‬‬

‫أوجه االختالف‬
‫ابن سالم الجمحي (‪ 231‬ه)‬ ‫األصمعي (‪ 215‬ه)‬
‫‪-‬الفحولة درجات متفاوتة ‪.‬‬ ‫‪ -‬الفحولة ثابتة ‪ ،‬فالشاعر إما فحل أو قد‬
‫‪ -‬الشعراء طبقات متتالية ‪.‬‬ ‫أخفق ‪.‬‬
‫‪ -‬التوسع في التحليل والتعليق للشعراء‬ ‫‪ -‬الشعراء فئتين فحول وغير فحول ‪.‬‬
‫الفحول ‪.‬‬ ‫‪ -‬إجابات قصيرة مقتضية حول الشعراء‪.‬‬
‫‪ -‬ضخامة الكتاب والذي تجاوز بجزأيه‬ ‫‪ -‬صغر حجم الكتاب والذي ال يتجاوز‬
‫السبع مئة صفحة‪.‬‬ ‫الخمسين صفحة ‪.‬‬
‫‪ -‬ترجم لشريحة كبيرة من الشعراء‬ ‫‪ -‬التحرج من إطالق حكم على الشعراء‬
‫اإلسالميين‪.‬‬ ‫اإلسالميين ‪.‬‬

‫اهتم األصمعي بعدد كبير من الشعراء ‪ ،‬كونه ناقدا وعالما بأسرار وخبايا اللغة العربية‬
‫فقد ألم بضبط ألفاظها وتدوين شعر الجاهليين واإلسالميين ‪ ،‬وذلك بتقصي وتتبع مراحله‬
‫عبر العصور من أجل استجالء خصائص البيئات التي ظهر فيها بكون الزمن والبيئة من‬
‫أبرز العوامل التي تؤثر في هذا المنتج الثقافي ولهذا نجده اهتم بمجموعة من المعايير‬
‫الواجب توفرها في الشاعر ليحقق درجة الفحولة ‪.‬‬

‫أما ابن سالم فقد سار على نهج األصمعي في تقصيه لمجموعة كبيرة من الشعراء‬
‫الجاهليين واإل سالميين ‪ ،‬حيث اعتمد في مخططه على فكرة الطبقات ‪ ،‬حيث قسم الشعراء‬
‫إلى طبقات متتالية ‪ ،‬وذلك بعرض أصحاب الطبقة األربعة ‪ ،‬مشي ار إلى أن األول منهم ليس‬
‫زعيمهم وال أفضلهم ولكنها الضرورة ‪ ،‬فهو ينظر إلى الشعراء ‪ ،‬نظرة رجل ناقد ملم بزاد غني‬

‫‪59‬‬
‫أوجه التشابه واإلختالف بين األصمعي وابن سالم الجمحي في كتابيهما‬ ‫موازنة ‪:‬‬

‫من غريب اللغة وقصائد القوم ومجموعة كبيرة من السير واألخبار التي ترجمها في كتابه‬
‫بالتحليل والتعليق ‪.‬‬

‫وما نلخص إليه هو أن جهد الناقدين حول هاته القضية كانت التفاتة قيمة على‬
‫مستوى النقد األدبي ‪ ،‬حيث أضاف كل منهما إلى هاته الفكرة شيئا من ثقافتهما وذوقهما‬
‫ودراستهما للشعر والشعراء ‪ ،‬ولهذا فإن األصمعي وابن سالم على الرغم من انفراد كل ناقد‬
‫برؤيته الخاصة حول هذه الفكرة ‪ ،‬إال أن الهدف كان واحدا وهو تصنيف الشعراء الفحول‬
‫واالهتمام بالشعر ونسبته إلى أصحابه فكان عملهما عملية نقدية متكاملة تتأسس على رؤية‬
‫ثاقبة ومتخصصة‪.‬‬

‫‪60‬‬
‫خاتمة‬
‫خاتمة‬
‫خاتمة‬

‫خاتمة ‪:‬‬
‫وفي األخير وكمحصلة للدراسة التي قمنا بها‪ ،‬الموضوعة تحت عنوان" الفحولة بين‬
‫األصمعي وابن سالم الجمحي" من خالل مدونتيهما " فحولة الشعراء" و" طبقات فحول‬
‫الشعراء" فقد توصلنا إلى‪:‬‬

‫أن مفهوم الفحولة عند األصمعي قد ارتبط بصورة الجمل الفحل القوي الذي يتقدم‬
‫سير اإلبل‪ ،‬فهو يربط صورة الشاعر المتميز بصورة الفحل الذي له مزية على غيره‪.‬‬

‫فالشاعر الفحل في نظره هو من تغلب صفة الشعر لديه على جميع الخصال األخرى وأن‬
‫يكون له الكثير من القصائد الجياد المحسنات ويمتلك القدرة على القول في أغلب األغراض‬
‫الشعرية‪ ،‬وان يكون راوية للشعر القديم‪ ،‬عارفا بمذاهب الشعراء القدامى‪ ،‬مستلهما للسنن‬
‫العربية وتقاليدها‪.‬‬

‫فالفحولة عند األصمعي هي مقياس في نجاح الشاعر ومقدرته العالية في قرض الشعر‪.‬‬

‫والعمل الذي أقدم عليه األصمعي من خالل الكتاب المنسوب اليه يعد بداية غير دقيقة وغير‬
‫مبررة والتمثل شخصية األصمعي الذي له المقدرة على النقد القائم على تذوق طعوم الشعر‬
‫ونزعات أصحابه‪.‬‬

‫ومع ذلك تبقى بداية تمثل القاعدة األساسية التي استند اليها الكثير من النقاد ‪،‬ولعل أبرزهم‬
‫ابن سالم الجمحي الذي استحدث نظام الطبقة‪ ،‬فصنف من خاللها الشعراء الى طبقات‬
‫حسب العامل الزمني وبحسب األغراض الشعرية‪ ،‬متخذا الفحولة مقياسا فنيا يعبر عن‬
‫الجودة والمقدرة في قول الشعر‪.‬‬

‫فالفكرة التي انطلق منها ابن سالم الجمحي في ترتيبه للشعراء‪ ،‬التعد فكرة ناجحة في‬
‫إعطاء الشعراء حقوقهم في اإلنصاف فلو ترك األمر بال طبقات وبال أربعة شعراء النفسح‬
‫أمامه مجال القول وال درك ما فاته من الحديث عن شاعر أو التنويه بشاعر ‪.‬‬

‫‪62‬‬
‫خاتمة‬

‫فالنموذج الفني والشكل العام الذي اتخذه هو الذي ضيق عليه وأوقعه في العديد من‬
‫االضطرابات التي كان في غنى عنها‪.‬‬

‫إال أن العمل الذي أقدم عليه‪ ،‬يعد عمال في حاجة إلى مؤسسة نقدية كاملة‪ ،‬فأن أدرس‬
‫الشعر العربي قبل اإلسالمي كامال واصطفي منهم الفحول‪ ،‬هذا نقد كبير جدا‪ ،‬نقد تطبيقي‬
‫تأملي يحتاج إلى مقاييس والى دقة ووقت‪ ،‬ثم أن أجمع شعراء اإلسالم وأنتقي منهم فحوال‪،‬‬
‫فهذا عمل كبير قد التتمكنه مؤسسة نقدية كاملة‪ ،‬فهو بداية ناضجة إلى أبعد الحدود‪.‬‬

‫واجماال يمكن القول أن كال الناقدين أعطى عصارة فكره‪ ،‬ووقته وجهده في سبيل دراسة‬
‫الشعر والشعراء وذلك من خالل استحداثهما لمجموعة من األفكار أنارت طريق المتذوقين‬
‫للشعر‪.‬‬

‫‪63‬‬
‫المصادر والمراجع‬
‫المصادر و المراجع‬

‫القرآن الكريم برواية ورش‪.‬‬

‫المصادر‪:‬‬

‫‪ -1‬فحولة الشعراء‪ :‬عبد الملك بن قريب األصمعي ‪ ،‬تح‪ :‬ش‪.‬توري‪ ،‬قدم لها صالح الدين‬
‫المنجد‪ ،‬دار الكتاب الجديد ط‪1400 2‬ه ‪1982-‬م‬

‫‪ -2‬طبقات فحول الشعراء ‪ :‬محمد ابن سالم الجمحي ‪ ،‬تح ‪:‬محمود محمد شاكر ‪ ،‬الناشر‬
‫دار المدني بجدة (د‪-‬ط ) (د‪-‬ت) ج‪1‬‬

‫المراجع‪:‬‬

‫‪ .1‬العمدة في محاسن الشعر وأدابه ونقده ‪ :‬ابو الحسن ابن رشيق المسيلي القيرواني تح‬
‫محمد محي الدين عبد الحميد‪ ،‬دار الرشاد الحديثة‪ ،‬الدار البيضاء ج‪1‬‬
‫‪ .2‬عيار الشعر‪ :‬ابن طباطبا العلوي‪ ،‬تح‪..‬عباس عبد الستار‪ ،‬دار الكتاب العلمية بيروت‪-‬‬
‫لبنان‪،‬ط ‪1426‬ه‪2002-‬م‬
‫‪ .3‬نقد الشعر‪ :‬قدامة بن جعفر‪ ،‬تح ‪ ..‬محمد عبد المنعم خفاجي ‪ ،‬دار الكتب العلمية ‪،‬‬
‫بيروت ‪ -‬لبنان (د‪-‬ت)‬
‫‪ .4‬نقد النثر ‪:‬قدامة بن جعفر‪،‬تح ‪..‬طه حسين بك و عبد الحميد العبادي‪ ،‬مصر ‪1939‬م‬
‫‪ .5‬سؤاالت ابي حاتم الجسستاني لألصمعي ورده عليه فحولة الشعراء‪ ،‬تح‪ :‬محمد عودة‬
‫سالمة ابوجرى‪،‬مكتبة الثقافة الدينية مصر د ط ‪1994‬م‬
‫‪ .6‬البيان والتبيين ‪ :‬الجاحظ‪ ،‬تح‪..‬عبد السالم هارون‪ ،‬مكتبة الغانجي القاهرة ط‪ 6‬ج‪2‬‬
‫‪ 1998‬م‪.‬‬
‫‪ .7‬الشعر والشعراء‪ :‬ابن قتيبة‪ ،‬تح‪ :‬أحمد محمد شاكر‪ ،‬دار المعارف مصر ط‪1958 2‬م‪.‬‬
‫‪ .8‬الوساطة بين المتنبي وخصومه‪ :‬القاضي عبد العزيز الجرجاني‪ ،‬دار احياء الكتب‬
‫العربية‪ ،‬القاهرة ‪1979‬م‪.‬‬

‫‪65‬‬
‫المصادر و المراجع‬

‫‪ .9‬الحيوان‪ :‬الجاحظ ‪ ،‬تح‪ :‬عبد السالم هارون‪ ،‬مكتبة الجاحظ‪ .‬ط‪ ،2‬ج‪ 3‬مصر ‪1965‬م‪.‬‬
‫‪ .10‬المثل السائر في أدب الكاتب والشاعر‪ :‬ضياء الدين ابن األثير‪ ،‬تح‪ :‬محي الدين عبد‬
‫الحميد‪ ،‬المكتبة العصرية‪ ،‬بيروت ‪1959‬م‪.‬‬
‫‪ .11‬مفهوم الشعر في ضوء نظريات النقد العربي‪ :‬عبد الرؤوف أبو السعد‪ ،‬دار المعارف‪،‬‬
‫ط‪. 1‬‬
‫‪ .12‬تاريخ النقد األدبي عند العرب‪ :‬احسان عباس‪ ،‬دار الشروق‪ ،‬عمان األردن‪ ،‬ط‪،1‬‬
‫‪.2001‬‬
‫‪ .13‬قضايا النقد األدبي في القرن الثالث الهجري‪ :‬محمد شريدة‪ ،‬دار الينابيع‪ ،‬عمان‪-‬‬
‫األردن‪ ،‬ط‪.2005 ،1‬‬
‫‪ .14‬األغاني‪ :‬ألبي الفرج األصفهاني علي بن الحسين‪ ،‬مؤسسة جمال للطباعة والنشر‪،‬‬
‫بيروت‪ -‬لبنان (مصور عند طبعة دار الكتب)‪.‬ج‪.8‬‬
‫‪ .15‬مفهوم الطبقات في النقد األدبي عند العرب‪ :‬جهاد شاهر المجالي‪ ،‬دار يافا العلمية‬
‫للنشر والتوزيع‪ ،‬عمان‪ -‬األردن‪ ،‬ط‪.2009 ،1‬‬
‫‪ .16‬تاريخ النقد األدبي عند العرب حتى نهاية القرن الثالث‪ :‬مصطفى الصاوي‪ ،‬دار‬
‫المعرفة الجامعية‪ ،‬دط‪.2000‬‬
‫‪ .17‬الشعر المنثور والتحديث الشعري‪ :‬حورية الخمليشي‪ ،‬منشورات االختالف ‪،‬‬
‫الجزائرط‪2010 1‬‬
‫‪ .18‬قضايا النقد األدبي بين القديم والحديث‪ :‬محمد زكي العشماوي‪ ،‬دار المعرفة‬
‫الجامعية‪ ،‬االسكندرية‪ ،‬مصر‪1999 ،‬م‪.‬‬
‫‪ .19‬عيون الشعر العربي القديم‪ :‬علي الجندي‪ ،‬دار الغريب للطباعة والنشر‪ ،‬ج‪-1‬‬
‫القاهرة‪ -‬مصر‪.‬‬
‫‪ .20‬دراسات في الشعر الجاهلي‪ :‬يوسف خليف‪ ،‬دار الغريب للطباعة والنشرط‪ 1‬القاهرة‪،‬‬
‫مصر‪.‬‬
‫‪66‬‬
‫المصادر و المراجع‬

‫‪ .21‬طبقات الشعراء في النقد األدبي عند العرب‪ :‬جهاد المجالي‪ ،‬دار الجيل‪ ،‬بيروت‪-‬‬
‫لبنان‪ ،‬ط‪1992 1‬م‪.‬‬
‫‪ .22‬في النقد األدبي القديم عند العرب‪ :‬حسين الجداونة‪ ،‬مؤسسة حمادة للدرسات الجامعية‬
‫والنشر والتوزيع‪ ،‬دار اليازوني‪ ،‬عمان‪ -‬األردن ط‪.2013 1‬‬
‫‪ .23‬مقومات عمود الشعر (األسلوبية ف النظرية والتطبيق)‪ :‬رحمن غركان‪ ،‬منشورات‬
‫اتحاد الكتاب العرب‪ ،‬دمشق‪.2004،‬‬
‫‪ .24‬الثابت والمتحول‪ ،‬بحث في االتباع واالبداع عند العرب‪ :‬أدونيس‪ ،‬دار الفكر‪ ،‬ط‪،5‬‬
‫‪.1986‬‬
‫‪ .25‬األصمعيات ( مختارات أبي سعيد عبد الملك بن قريب األصمعي) حققه‪ :‬أحمد محمد‬
‫شاكر‪ -‬عبد السالم محمد هارون‪ ،‬دار المعارف‪ ،‬ط‪ ،5‬مصر‪.‬‬
‫‪ .26‬مصطلحات النقد العربي لدى الشعراء الجاهليين واالسالميين‪ :‬الشاهد بوشيخي‪ ،‬عالم‬
‫الكتب الحديث للنشر والتوزيع‪ ،‬عمان ط‪.2009 1‬‬
‫‪ .27‬الموشح في مآخذ العلماء على الشعراء‪ :‬أبي عبد هللا بن عمران بن موسى المرزباني‪،‬‬
‫تح‪ :‬محمد حسين شمس الدين‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بيروت‪ -‬لبنان ط‪1995 1‬م‪.‬‬
‫‪ .28‬المفضليات‪ :‬المفضل الضبي‪ ،‬تح‪ :‬أحمد محمد شاكر وعبد السالم هارون‪ ،‬دار‬
‫المعارف‪ ،‬مصر‪1979 ،‬م‪.‬‬
‫‪ .29‬االقتراح في علم أصول النحو‪ :‬جالل الدين السيوطي‪ ،‬علق عليه‪ :‬محمد سليمان‬
‫ياقوت‪ ،‬دار المعرفة الجامعية‪2006 ،‬م‬
‫‪ .30‬ديوان زهير بن أبي سلمى ‪ ،‬تح‪ :‬عمر فاروق الطباع‪ ،‬دار األرقم ‪ ،‬بيروت‪ -‬لبنان‬
‫(د‪-‬ت)‪.‬‬
‫‪ .31‬بدايات في النقد األدبي‪:‬هاشم صالح مناع‪ ،‬دار الفكر العربي ‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪،1‬‬
‫‪1994‬م‪.‬‬
‫‪ .32‬مناهج التأليف عند العلماء العرب‪ :‬مصطفى الشكعة‪ ،‬بيروت لبنان‪ ،‬ط‪1993 ،7‬م‪.‬‬
‫‪67‬‬
‫المصادر و المراجع‬

‫‪ .33‬ابن سالم وطبقات الشعراء‪ :‬منير سلطان‪ ،‬منشأة المعارف االسكندرية‪ ،‬مصر ط‪1‬‬
‫‪1977‬م‪.‬‬
‫‪ .34‬األصمعي اللغوي صورة عراقية في القرن الثاني الهجري‪،‬عبد الحميد الشلقاني دار‬
‫المعارف‪.‬‬

‫المعاجم والقواميس‪:‬‬

‫‪ .1‬لسان العرب‪ :‬ابن منظور‪ ،‬حققه عبد هللا الكبير واآلخرون‪ ،‬دار صادر‪ ،‬بيروت‪ -‬لبنان‪.‬‬
‫‪ .2‬معجم مقاييس اللغة‪ :‬ابن فارس أحمد‪ ،‬تح‪ :‬عبد السالم هارون‪ ،‬مج ‪ ،4‬دار الجيل‪.‬‬
‫‪ .3‬كتاب العين ‪ :‬الخليل بن أحمد الفراهيدي‪ ،‬تح‪ :‬عبد الحميد الهنداوي‪ ،‬مج ‪ 3‬دار الكتب‬
‫العلمية‪ ،‬منشورات علي بيضون‪ ،‬بيروت‪-‬لبنان‪.‬‬
‫‪ .4‬القاموس المحيط‪ :‬الفيروز أبادي‪ ،‬قدمه وعلق عليه‪ :‬أبو الوفا نصر الجوريني‪ ،‬دار الكتب‬
‫العلمية‪ ،‬محمد علي بيضون‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان ‪1971‬م‪.‬‬
‫‪ .5‬المعجم الوسيط‪ :‬مجمع اللغة العربية‪ ،‬جمهورية مصر العربية ‪.‬ط‪2‬‬
‫‪ .6‬معجم مصطلحات النقد العربي القديم‪ :‬أحمد مطلوب‪ ،‬مكتبة لبنان ناشرون ط‪2001 1‬م‪.‬‬
‫‪ .7‬الصحاح في تاج اللغة وصحاح العربية‪ :‬اسماعيل بن حماد الجوهري‪ ،‬تح‪ :‬أحمد عبد‬
‫الغفور عطار‪ ،‬دار الماليين ‪ ،‬بيروت ط‪ 4‬ج‪.2‬‬
‫‪ .8‬موسوعة كشاف اصطالحات الفنون والعلوم‪ :‬محمد علي التهانوي‪ ،‬ج‪ 1‬مكتبة لبنان‬
‫ناشرون ط‪1996 1‬م‪.‬‬

‫الرسائل الجامعية‪:‬‬
‫‪ .1‬مفهوم الفحولة وموضوعاتها في الشعرية العربية القديمة‪ :‬وليد عثماني‪ ،‬مذكرة لنيل شهادة‬
‫الماجستير‪ ،‬تخصص شعرية عربية ‪ ،‬جامعة الحاج لخضر‪ ،‬باتنة ‪2009-2008 ،‬م‪.‬‬

‫‪68‬‬
‫الفهرس‬
‫الفهرس‬
‫اإلهداء‪I ............................................................................‬‬
‫الشكر والعرفان‪II ................................................................‬‬
‫مقدمة‪ ............................................................................‬أ‪/‬ه‬
‫تمهيد ‪ :‬مفهوم الشعر‪2 ............................................................‬‬
‫الفصل األول‪:‬مفهوم الفحولة عند األصمعي ‪9 ................................‬‬
‫المبحث األول‪ :‬فحولة الشعراء عند األصمعي‪10 ......................‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬معايير الفحولة عند األصمعي ‪15 ......................‬‬
‫المبحث الثالث‪:‬تصنيف الشعراء عند األصمعي ‪22 ....................‬‬
‫الفصل الثاني ‪ :‬مفهوم الفحولة عند ابن سالم الجمحي ‪34 .................‬‬
‫المبحث االول ‪:‬نظرة ابن سالم الى الفحولة ‪35 .........................‬‬
‫المبحث الثاني ‪:‬معايير الفحولة عند ابن سالم ‪39 .......................‬‬
‫المبحث الثالث ‪ :‬طبقات الشعراء الفحول عند ابن سالم ‪46 ...........‬‬
‫موازنة ‪57 ...........................................................................‬‬
‫خاتمة ‪61 ............................................................................‬‬
‫المصادر والمراجع ‪64 ............................................................‬‬
‫الفهرس ‪70 .................................................................‬‬

‫‪70‬‬
‫ملخص الدراسة‬

:‫ملخص‬

‫ فهي من‬،‫تهدف هذه الدراسة إلى مناولة قضية نقدية في النقد العربي القديم وهي قضية الفحولة‬
.‫القضايا التي طرقها النقاد القدامى‬

:‫ وذلك من خالل كتابيهما‬،‫ويعد األصمعي وابن سالم الجمحي من أبرز المنظرين لمصطلح الفحولة‬
.‫فحولة الشعراء وطبقات فحول الشعراء‬

‫إذ جمعا فيهما عددا كبي ار من الشعراء الجاهلين واالسالميين فصنفهم إلى فئتين فحول وغير فحول‬
.‫باالستناد على مجموعة من المعايير المطلوبة في رأيه لبلوغ مرتبة الفحول‬

‫ فهذان المصدران النقديان يعدان من أوائل الكتب النقدية‬،‫بينما قام ابن سالم بترتيبهم إلى طبقات متفاوتة‬
.‫في تاريخ األدب العربي‬

: ‫الكلمات المفتاحية‬

.‫ ابن سالم الجمحي‬،‫ األصمعي‬،‫ شعر‬،‫ فحولة‬،‫ نقد‬-

Abstract:

The present study is aiming at sheding light on na critical issue in the old Arabic
critics field “the originality“ as deemed one of the most tackled issues.

Both Alasmaai and Ibn sallam Aldjomahi one of the prominent theorists of the
term through book : “The original poets and their classes”.

The book contains a lot of the pre-Islamic poets as well as the Islamic period
ones he classified the intro two categories original poets and not original
according to some authentic normas of originality.

Ibn Sallam, in the other hand did classify the differently.

These two sources are deened to be the first references ever in critics field in
Arab history.

Keywords:

- Critics, originality, poetry, alasmai, ibn sallam aldjomahi.

You might also like