You are on page 1of 61

‫المملكة العربية السعودية‬

‫جامعة أم القرى‬
‫قسم اللغة والنحو والصرف‬
‫بسم هللا الرحمن الرحيم‬

‫أصول النحو وتاريخه‬


‫‪417‬‬
‫أستاذة المقرر د‪.‬ريم خلف الجعيد‬

‫وصف المقرر ‪:‬‬


‫أوال ‪ -‬البيانات األساسية للمقرر‪:‬‬
‫عدد الساعات ‪2‬‬ ‫‪531417‬‬ ‫رمز المقرر‬

‫‪1‬‬
‫أستاذة المادة ‪ :‬ريم خلف الجعيد‬

‫البريد الشبكي ‪Reka24@hotmail.com :‬‬


‫ثانيا ‪ -‬وصف المقرر‪:‬‬
‫يتناول المقرر نشأة سبب وضع النحو العربي ونشأته وأطواره ‪ ,‬ومدارسه المختلفة‬
‫وخصائص كل مدرسة ‪ ,‬والتعريف بأشهر النحاة وآرائهم النحوية ‪ .‬والوقوف على‬
‫األصول النحوية التي قام عليها النحو العربي مما يساعد على فهم القواعد المختلفة ‪,‬‬
‫ومناقشة المذاهب النحوية وفهم اختالف النحاة ‪.‬‬
‫ويشمل ذلك موضوعات في تاريخ وأصول النحو للقراءة والدراسة ‪:‬‬
‫نشأة النحو ‪.‬‬ ‫‪-1‬‬
‫المدارس النحوية ‪ ,‬مع تراجم ألشهر النحاة ‪:‬‬ ‫‪-2‬‬
‫المدرسة البصرية ( علمائها )‬ ‫أ‌‪-‬‬
‫المدرسة الكوفية ( علمائها )‬ ‫ب‌‪-‬‬
‫المدرسة البغدادية ( علمائها )‬ ‫ج‌‪-‬‬
‫المدرسة المصرية ( علمائها )‬ ‫د‌‪-‬‬
‫هـ ‪ -‬المدرسة الشامية ( علمائها )‬
‫المدرسة األندلسية ( علمائها )‬ ‫و‌‪-‬‬
‫التعريف بأشهر كتب النحو ‪.‬‬ ‫‪-3‬‬
‫دراسة ما ال يقل عن مسألتين من مسائل الخالف‪.‬‬ ‫‪-4‬‬
‫أصول النحو‪( :‬السماع – القياس )‬ ‫‪-5‬‬

‫ثالثا ‪ -‬أهداف المقرر‪:‬‬


‫من المتوقع في نهاية هذا المقرر‪:‬‬
‫أن تعرف الطالبة سبب وضع النحو ‪ ,‬وزمانه ومكانه ‪.‬‬ ‫‪-1‬‬

‫‪2‬‬
‫أن تعي أن النحو عربي محض ومن هو واضعه ‪.‬‬ ‫‪-2‬‬
‫أن تدرك الطالبة المراحل واألطوار التي مّر بها النحو العربي ‪.‬‬ ‫‪-3‬‬
‫أن تتعرف على المدارس النحوية المختلفة وخصائص كل ‪.‬‬ ‫‪-4‬‬
‫أن تتعرف على أشهر النحاة ‪ ,‬وآرائهم النحوية ‪.‬‬ ‫‪-5‬‬
‫أن تعرف أهم وأشهر كتب النحو في مراحل زمنية مختلفة ‪.‬‬ ‫‪-6‬‬
‫‪ -7‬أن تتعرف على بعض المسائل الخالفية والحجج والبراهين التي تساق لتأييد‬
‫أو رد اآلراء المختلفة ‪.‬‬
‫‪ -8‬أن تكتسب الطالبة مهارة المناقشة والترجيح في المسائل الخالفية بين‬
‫النحاة ؛ من خالل دراسة بعض مسائل الخالف ‪.‬‬
‫‪ -9‬أن تقف على األصول النحوية التي قام عليها النحو العربي التي تساعدها‬
‫على فهم القاعدة النحوية ‪.‬‬
‫رابعا ‪ -‬مصادر المقرر‪:‬‬
‫نشأة النحو وتاريخ أشهر النحاة للشيخ محمد الطنطاوي ‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫طبقات النحويين واللغويين ألبي بكر الزبيدي ‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫اإلنصاف في مسائل الخالف ألبي البركات ابن األنباري ‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫في أصول النحو لسعيد األفغاني ‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫االقتراح في أصول النحو للسيوطي ‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫األصول لتمام حسان ‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫كتاب (الخصائص ) البن جني ‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫تمهيد‬

‫‪3‬‬
‫نشأت اللغة العربية في أحضان جزيرة العرب خالصة ألبنائها مذ ولدت نقية سليمة‪,‬‬
‫ولبثت كذلك أحقابا مديدة ‪ ,‬كان العرب فيها يغدون ويروحون داخل بالدهم على ما‬
‫هم عليه من شظف العيش‪ ،‬غير متطلعين إلى نعيم الحياة وزخارفها فيما حولهم من‬
‫بالد فارس والروم وغيرها‪ ،‬وإن دفعتهم الحاجة إليها حينا‪ ،‬وتبادل المنافع حينا آخر‪.‬‬
‫على أنه كان في أسواقهم الكثيرة التي تقام بينهم طوال العام غناء أي غناء في‬
‫عيشتهم البدوية القانعة‪ ،‬ومن أشهرها عكاظ ‪ ,‬و مجنة ‪ ,‬و ذو المجاز ‪ ,‬ولقد كان‬
‫في هذه األسواق فوق ما تضمه من مرافق الحياة ومتطلبات المعيشة منتديات‬
‫لألدب ‪ ،‬يعقدون فيها المجامع ذات الشأن يتبارى فيها الخطباء‪ ،‬و الشعراء من القبائل‬
‫المختلفة ‪ ،‬يعرضون فيها مفاخراتهم و منافراتهم و معاظماتهم وكل ما يعن لهم في‬
‫جيد الخطب وبديع الشعر ؛ كُّل ذلك عاد على اللغة بتثبيت دعمائها وإحكام‬
‫رسوخها ‪ ,‬وجودة صقلها‪ .‬وبقيت كذلك متماسكة البنيان غير مشوبة بلوثة اإلعجام‪،‬‬
‫إلى أن سطع نور اإلسالم على ما حول الجزيرة العربية بالفتوحات اإلسالمية ‪,‬‬
‫ودخل الناس في دين هللا أفواجا‪ ,‬ثم تتابعت الفتوحات في عهد الخلفاء الراشدين ‪,‬‬
‫وعهد الدولة األموية ؛ فكان من الطبعي هبوط العرب ومعهم عشائرهم وعمائرهم‬
‫إلى هذه األمصار التي افتتحوها ‪ ،‬ووفود أهل األمصار المفتوحة إلى جزيرة العرب‬
‫وبحكم الفتح قد كثر تملكهم للموالي في البالد المفتوحة عنوة ؛ فاختلط العرب‬
‫بغيرهم اختالطا مستمرا في البيوت واألسواق‪ ،‬والمناسك والمساجد‪ ،‬وتصاهروا‬
‫واندمجوا في بعضهم حتى تكون منهم شعب واحد ‪ ,‬واقتضى كل أولئك أن يستمع‬
‫بعضهم من بعض ‪ ,‬وأن يتفاهموا في كل ما يتصل بهم ؛ ولغة التخاطب الوحيدة‬
‫بينهم في كل ما يحيط بهم هي العربية ؛ فكان لزاما على غير العربي أن تكون لغته‬
‫العربية ؛ مهما عالج في ذلك وعانى‪ ،‬كما كان لزاما على العربي أن يترفق بغير‬
‫العربي ‪ ,‬ويتريث معه في التخاطب‪ ،‬ضرورة التعاون بين الطرفين فكل منهما يسمع‬
‫من اآلخر‪ ،‬والسمع سبيل الملكات اللسانية فما اللغة إال وليدة المحاكاة وما يصل إلى‬
‫السمع‪.‬‬
‫وبطول هذا االمتزاج تسرب الضعف إلى لغة العربي وسليقته‪ ،‬وتولد من هذا كله‬
‫أن اللغة العربية تسرب إليها اللحن‪ ،‬فكانت غيرة العرب على دينهم وعربيتهم‬
‫دافعا لوضع النحو ‪.‬‬
‫قال بن خلدون ‪ " :‬فلما جاء اإلسالم وفارقوا الحجاز لطلب الملك الذي كان في أيدي‬
‫األمم والدول‪ ،‬وخالطوا العجم‪ ،‬تغيرت تلك الملكة بما ألقي إليها السمع من المخالفات‬
‫التي للمتعربين‪ ،‬والسمع أبو الملكات اللسانية‪ ،‬ففسدت بما ألقي إليها مما يغايرها ؛‬
‫لجنوحها إليه باعتياد السمع‪ ،‬وخشي أهل العلوم منهم أن تفسد تلك الملكة رأسا ‪,‬‬
‫ويطول العهد بها ؛ فينغلق القرآن والحديث على المفهوم‪ ،‬فاستنبطوا من مجاري‬
‫‪4‬‬
‫كالمهم قوانين لتلك الملكة مطردة شبه الكليات والقواعد يقيسون عليها سائر أنواع‬
‫الكالم ‪ ,‬ويلحقون األشباه باألشباه مثل ‪ " :‬أن الفاعل مرفوع والمفعول منصوب‬
‫والمبتدأ مرفوع "‪ ،‬ثم رأوا تغير الداللة بتغير حركات هذه الكلمات فاصطلحوا على‬
‫تسميته إعرابا ‪ ,‬وتسمية الموجب لذلك التغير عامال‪ ،‬وأمثال ذلك‪ ،‬وصارت كلها‬
‫اصطالحات خاصة بهم ؛ فقيدوها بالكتاب وجعلوها صناعة لهم مخصوصة‪،‬‬
‫اصطلحوا على تسميتها بعلم النحو"‬

‫أوال – نشأة النحو ‪:‬‬


‫معنى النحو ‪:‬‬
‫النحو في اللغة ‪ :‬القصد واالتجاه ‪ ,‬وهو مصدر ( نحا ينحو ) إذا قصد ‪ ,‬ويقال‪:‬‬
‫نحا له ‪ ,‬وأنحى له ‪.‬‬
‫وفي االصطالح ‪ :‬هو انتحاء سمت كالم العرب في تصريفه من إعراب أوغيره‬
‫وإنما سمي العلم بكيفية كالم العرب في إعرابه وبنائه ( نحوا ) ألن الغرض به أن‬
‫يتحرى اإلنسان في كالمه إعرابا وبناء طريقة العرب في ذلك‪.‬‬
‫أما تعريفه عند علماء اصطالحات الفنون ‪ ,‬فهو ‪:‬‬
‫" علم مستنبط بالقياس واالستقراء من كالم العرب "‬
‫أسباب وضع علم النحو ‪:‬‬
‫يمكن أن يعود وضع النحو العربي إلى بواعث مختلفة ‪ ,‬منها الديني ومنها غير‬
‫الديني ‪:‬‬
‫أ –الباعث الديني‪:‬‬
‫و يرجع إلى الحرص الشديد على أداء نصوص الذكر الحكيم أداًء فصيحا سليما‬
‫إلى أبعد حدود السالمة والفصاحة ‪.‬خاصة بعد أن أخذ اللحن يشيع على‬
‫األلسنة ‪,‬وكان قد أخذ في الظهور منذ حياة الرسول صلى هللا عليه وسلم ؛ فقد روى‬
‫بعض الرواة أنه ‪ ‬سمع رجًال يلحن في كالمه ؛ فقال ‪ " :‬أرشدوا أخاكم فإنه قد‬
‫ضّل "‪.‬‬
‫ورووا أيًض ا ‪:‬أّن أحد والة عمر ‪ ‬كتب إليه كتاًبا لحن فيه ؛ فكتب إليه عمر ‪:‬‬
‫" أن قّن ع كاتبك سوًط ا "‪.‬‬

‫‪5‬‬
‫غير أّن اللحن في صدر اإلسالم كان نادًر ا ‪ ,‬ولكن ازداد شيوعه على األلسنة بتقدم‬
‫الزمن ‪ ,‬خاصة بعد تعّر ب شعوب األقطار المفتوحة ‪ ,‬التي كانت تحتفظ ألسنتها‬
‫بكثير من عاداتها اللغوية‪.‬‬
‫ب‪-‬الباعث الثاني باعث قومي عربي ‪:‬‬
‫يرجع إلى أن العرب يعتزون بلغتهم اعتزاًز ا شديًد ا ‪ ,‬وهو اعتزاز جعلهم يخشون‬
‫عليها من الفساد ‪ ,‬حين امتزجوا باألعاجم ؛ مما جعلهم يحرصون على رسم‬
‫أوضاعها خوًف ا من الفناء و الذوبان في اللغات األجنبية‪.‬‬
‫جـ‪ -‬إلى جانب ذلك كانت هناك بواعث اجتماعية ‪:‬‬
‫ترجع إلى أن الشعوب المستعربة أحست الحاجة الشديدة لمن يرسم لها أوضاع‬
‫العربية في إعرابها وتصريفها ؛ حتى تتمثلها تمثًال مستقيًم ا ‪ ,‬وتتقن النطق‬
‫بأساليبها نطًق ا سليًم ا ‪.‬‬
‫د‪ -‬كما البد أن نعقل رقي العقل العربي ونمو طاقاته الذهنية نموا أعّد ه للنهوض‬
‫برصد الظواهر اللغوية ‪ ,‬وتسجيل الرسوم النحوية تسجيًال تطرد فيه القواعد‬
‫وتنتظم األلفاظ انتظاًم ا يهيئ لنشوء علم النحو ‪ ,‬ووضع قوانينه الجامعة المشتقة من‬
‫االستقصاء الدقيق للعبارات والتراكيب الفصيحة ‪ ,‬ومن المعرفة بخواصها‬
‫اإلعرابية‪.‬‬
‫متى وأين كان وضعه ؟‬
‫وضع علم النحو كان في الصدر األول لإلسالم ؛ ألن علم النحو ككل قانون تتطلبه‬
‫الحوادث ‪ ,‬و تقتضيه الحاجات ‪ ,‬ولم يكن قبل اإلسالم ثمة سبب يحمل العرب على‬
‫النظر إليه ؛ فإنهم في جاهليتهم غنيون عن تعرفه ؛ ألنهم كانوا ينطقون عن سليقة‬
‫جبلوا عليها ‪ ,‬بخالفهم بعد اإلسالم ؛ إذ اختلطوا بالفرس والروم ‪ ,‬وغيرهم ؛ فحّل‬
‫بلغتهم اللحن والفساد حتى هرعوا إلى وضع النحو‪.‬‬
‫وأول ما ُو ضع ‪ -‬كما سنعرف الحقا ‪ -‬في العراق وتحديًد ا في البصرة ؛ ألن العرب‬
‫النازحين إليها كانوا من العرب الفصحاء الخلص ‪ ,‬ولوقوعها على طرف البادية مما‬
‫سّهل لعلمائها االتصال باألعراب الفصحاء ‪ ,‬ثم لوجود سوق المربد قريبا منها ‪ ,‬كما‬
‫كانت ملتقى األقوام من كل جنس ‪ ,‬إلى جانب تفّر غ علماؤها لدرس كالم العرب ‪,‬‬
‫واستنباط أصوله وقوانينه ‪ ,‬وكان القدماء يعرفون ذلك معرفة دقيقة ‪ ,‬فنصوا عليه‬
‫بعبارات مختلفة ‪ ,‬من ذلك قول ابن سالم ‪ " :‬وكان ألهل البصرة في العربية‬
‫قدمة ‪,‬وبالنحو ولغات العرب والغريب عناية " ويصرح ابن النديم في هذا المجال‬
‫‪6‬‬
‫تصريًح ا أكثر وضوًح ا ‪ ,‬إذ يقول في حديثه عن نحاة الكوفة والبصرة ‪ ":‬إنما قَّد منا‬
‫البصريين أوال ألن علم العربية عنهم ُأخذ "‪.‬‬
‫وضعه عربي محّض ‪:‬‬
‫حاول بعض المستشرقين أن يصلوا بين نشوء اللحن في البصرة والنحو السرياني‬
‫واليوناني والهندي‪ ,‬وزعم بعض منهم أن وضعه ونشوؤه كان عربًيا خالصا‬
‫لمواجهة الفساد اللغوي الناشئ واللحن الواقع ‪ ,‬أّما ما حدث فيه من تنظيم وتقسيم‬
‫وتعريف وتعليل فكان منقوال عن اليونان ‪.‬‬
‫والصواب أن علم النحو علم عربي خالص‪,‬وال يمكن إثبات نقله عن أمة من األمم‬
‫إثباتا علميا ؛ خاصة أن النحو العربي يدور على نظرية العامل وهي ال توجد في‬
‫أي نحو أجنبي ‪ .‬وكل ما يمكن أن يقال إنه ربما عرف نحاة البصرة األولون أّن‬
‫لبعض اللغات ألجنبية نحًو ا‪ ,‬فحاولوا أن يضعوا نحًو ا للعربية ‪ ,‬راجعين في ذلك إلى‬
‫ملكاتهم العقلية التي كانت قد رقيت رقًيا بعيًد ا بتأثير ما وقفوا عليه من الثقافات‬
‫األجنبية ‪ ,‬خاصة الفلسفة اليونانية وما يتصل بها من المنطق ‪ ,‬وجعلها مستعدة ألن‬
‫تستنبط قواعد النحو وعلله وأقيسته‪.‬‬
‫واضع علم النحو‪:‬‬
‫لما كانت العلوم في األمم ال تظهر فجأة ‪ ,‬بل تأخذ الظهور رويًد ا رويًد ا حتى تستوي‬
‫على سوقها ‪,‬كان ذلك مدعاة ألن تغُمض نشأة بعض العلوم ‪ ,‬وأن يختلط على الناس‬
‫واضعوها المبّك رون‪.‬‬
‫وهذا نفسه ما حدث فيمن نسبت إليهم الخطوات األولى في وضع علم النحو‬
‫العربي‪,‬حيث اضطربت الروايات في نسبة وضع علم النحو لإلمام علي‪‬كما يرى‬
‫األنباري و القفطي ‪.‬أو ألبي األسود الدؤلي كما ذهب ابن ساّل م وابن قتيبة‬
‫والزّج اجي وأبو الطيب اللغوي وغيرهم‪.‬‬
‫أو كما أبعد بعضهم في نسبته لنصر بن عاصم ‪,‬أو عبد الرحمن بن هرمز‪,‬وهو‬
‫الشك اختيار بعيد عن الواقع‪.‬‬
‫* وأما نسبته لعلي بن أبي طالب فاعتماًد ا على رواية أبي األسود الدؤلي ؛إذ‬
‫قال‪":‬دخلت على أمير المؤمنين علي بن أبي طالب –عليه السالم‪ -‬فوجدت في يده‬
‫رقعة ؛ فقلت‪ :‬ما هذه يا أمير المؤمنين ؟فقال‪ :‬إني تأملت كالم العرب فوجدته قد فسد‬
‫بمخالطة هذه الحمراء –يعني األعاجم‪-‬فأردت أن أضع شيئا يرجعون إليه ويعتمدون‬
‫عليه‪,‬ثم ألقي إلّي الرقعة وفيها مكتوب ‪ :‬الكالم كله اسم وفعل وحرف فاالسم ما أنبأ‬
‫‪7‬‬
‫عن المسمى‪,‬والفعل ما أنبئ به ‪ ,‬والحرف ما أفاد معنى ‪.‬وقال لي ‪ :‬انُح هذا النحو ‪,‬‬
‫وأضف إليه ما وقع إليك ‪,‬واعلم يا أبا األسود أن األسماء‬
‫ثالثة‪:‬ظاهر ‪,‬ومضمر‪,‬واسم ال ظاهر وال مضمر ‪ ,‬وإنما يتفاضل الناس يا أبا‬
‫األسود فيما ليس بظاهر وال مضمر " وتمضي الرواية فتذكر أن أبا األسود جمع‬
‫لعلي ‪‬أشياء وعرضها عليه ‪,‬كان فيها حروف النصب ‪:‬إّن ‪,‬و أّن ‪,‬و‬
‫ليت ‪,‬ولعل ‪,‬وكأّن ‪,‬ولم يذكر أبو األسود‪ ( :‬لكَّن ) ؛ فقال له علي ‪:‬لَم تركتها ؟‬
‫فقال‪:‬لم أحسبها منها؛ فقال‪ :‬بل هي منها‪,‬فزدها فيها"‪.‬‬
‫* أّما من ينسبون وضع علم النحو إلى أبي األسود الدؤلي نفسه ؛فيضطربون في‬
‫السبب الذي حمله على وضعه ‪ :‬فمن قائل إنه سمع قارًئ ا يقرأ اآلية الكريمة‪ ":‬أن‬
‫هللا برٌئ من المشركين ورسوِله"‪ -‬بكسر الم رسوله ‪ -‬فقال ‪ :‬ما ظننت أمر الناس‬
‫يصل إلى هذا ‪ ,‬واستأذن زياًد ا بن أبيه ‪ -‬والي البصرة ‪ -‬في أن يضع للناس رسم‬
‫العربية‪.‬‬
‫وقيل ‪ :‬بل وفد على زياد ‪,‬فقال له ‪ :‬إني أرى العرب قد خالطت األعاجم ‪ ,‬وتغيرت‬
‫ألسنتهم ‪ ,‬أفتأذُن لي أن أضع للعرب كالًما يعرفون به كالمهم؟‬
‫وقيل‪ :‬أنه رسمها – أي العربية ‪ -‬حين سمع ابنته تقول ‪ :‬ما أحسُن السماء! وهي ال‬
‫تريد االستفهام بل التعجب ؛ فقال لها قولي ‪ :‬ما أحسَن السماَء !‬
‫ويذكر بعض الرواة ‪ :‬أنه وضع أبواب التعجب والفاعل والمفعول به وغير ذلك من‬
‫األبواب ‪ ,‬ويقول آخرون أنه وضع أبواب التعجب واالستفهام والعطف والنعت و‬
‫( إَّن ) وأخواتها‪.‬‬
‫وقد يكون ذلك كما قال الدكتور‪ /‬شوقي ضيف في كتابه المدارس النحوية ‪ ":‬من‬
‫صنع الشيعة ‪ ,‬وكأنهم رأوا أن يضيفوا النحو إلى شيعي قديم ‪ ,‬فارتفع به بعضهم إلى‬
‫علي بن أبي طالب ‪,‬ووقف به آخرون عند أبي األسود "‪.‬‬

‫فواقع الحال ودالئل العقل تنفي أن يكون واضعه علًيا بن أبي طالب أو أبا األسود‬
‫لألسباب التالية‪:‬‬
‫أوال ‪ -‬ألن المسألة لم تقف عند سطور أو بعض أبواب نحوية تذكر مجملة ‪,‬بل‬
‫اتسعت لتصبح مقدمة أو رسالة صّن فها علي بن أبي طالب ‪ ,‬وكأّن ه لم يكن مشغوال‬
‫حين ذهب إلى الكوفة بإعداد الجيوش لحرب معاوية ‪,‬وال كان مشغوال بحرب‬
‫الخوارج ؛ وإنما كان مشغوال بالنحو‪.‬‬
‫‪8‬‬
‫ثانيا ‪ -‬ألن طبائع األشياء تنفي أن يكون قد وضع ذلك ؛ألن الرواية السابقة تحمل‬
‫في تضاعيفها ما يقطع بانتحالها ؛ لما يجري فيها من تفريعات وتقسيمات منطقية ال‬
‫تعقل أن تصدر عن علي ‪ ‬أو عن أحد معاصريه‪.‬‬
‫ثالثا ‪ -‬ألّن الوضع والعبث من الرواة كان متزايدا في تلك الفترة ‪ ,‬وربما ظّن‬
‫بعض الرواة أّن أبا األسود الدؤلي الذي وضع نقط وحركات أواخر الكلمات في‬
‫القرآن الكريم هو واضع علم النحو أيًض ا ‪ ,‬فقد روي أنه اتخذ له كاتبا فطنا من بني‬
‫عبد القيس ‪ ,‬وقال له ‪ :‬إذا رأيتني قد فتحت شفتّي بالحرف ؛ فأنقط نقطة فوقه على‬
‫أعاله ‪ ,‬وإن ضممت شفتّي فأنقط نقطة بين يدي الحرف ‪ ,‬وإن كسرت شفتّي فاجعل‬
‫النقطة من تحت الحرف ‪ ,‬فإن أتبعت ذلك شيًئ ا من ذلك ُغ َّن ًة (تنوينا ) فاجعل النقطة‬
‫نقطتين " وأتم أبو األسود المصحف حتى آخره ‪,‬وكان هذا الصنيع الخطر سببا في‬
‫أن يختلط األمر على الرواة ‪.‬‬
‫فهذه األسباب كلها تنفي نسبة علم النحو لعلي ‪ ‬أو ألبي األسود ؛ إال أننا البد أن‬
‫ننتبه إلى أن ما توّص ل إليه أبو األسود من نقط اإلعراب ‪ ,‬ثم توّص ل إليه تالمذته‬
‫وعلى رأسهم نصر بن عاصم من نقط اإلعجام تمييزا لحروف القرآن المعجمة من‬
‫الحروف المهملة ‪ ,‬كان باعثا للبصرة للتساؤل عن أسباب هذا اإلعراب ‪ ,‬وتفسير‬
‫ظواهره‪.‬كما كان طبيعيا أن يطلقوا على عالمات النقط الخاصة باإلعراب أسماء‬
‫تقرن بها‪,‬وقد اشتقوها من كلماته لكاتبه "فتحت شفتي وضممتهما‬
‫وكسرتهما"فسموه نقط الفتحة والضمة والكسرة‪.‬‬
‫كما أنهم الحظوا اختالفا في إعراب األسماء حسب مواضعها من الكالم ‪,‬فهي إذا‬
‫ابتدأ بها المتكلم لزمها الرفع ‪ ,‬إال إذا تقدمتها إّن و أخواتها ‪,‬وإذا تلت فعال كانت إما‬
‫مرفوعة أو منصوبة ‪ ,‬وال يبعد أن يكونوا الحظوا اختالًف ا في كلمات اللغة وأن منها‬
‫ما يقبل الحركات الثالث بتغير حالته ‪,‬وهو األسماء المعربة ‪,‬ومنها ما يلزم حركة‬
‫واحدة وهو األسماء المبنية ‪.‬‬
‫فاألصل في كل علم أن تبدأ فيه نظرات متناثرة هنا وهناك ثم يتاح له من يصوغ‬
‫هذه النظرات صياغة علمية ‪,‬‬
‫وأول نحوي بصري نجده عنده طالئع ذلك هو عبد هللا بن أبي إسحاق الحضرمي‬
‫وليس من تالميذ أبي األسود ‪,‬ولكنه من القّر اء‪.‬‬
‫ومعروف أنه لكي ُيصاغ علم صياغة دقيقة البد له من اطراد قواعده ‪ ,‬وأن تقوم‬
‫على االستقراء الدقيق ‪ ,‬وأن يكفل لها التعليل‪,‬وأن يصبح لكل قاعدة أصاًل مضبوًط ا‬

‫‪9‬‬
‫ُتقاس عليه الجزيئات قياًسا دقيًق ا ‪ ,‬وكل ذلك نهض به ابن أبي إسحاق وتالميذه‬
‫البصريون‪.‬‬
‫سبب تسميته بالنحو ‪:‬‬
‫روت كتب األدب والتراجم على سبيل التعيين أّن هذا العلم كان يسمى بالعربية في‬
‫عصر أبي األسود ‪ ,‬قال ابن سالم في الطبقات ‪ " :‬وكان أول من استّن العربية ‪,‬‬
‫وفتح بابها ‪ ,‬وأنهج سبيلها ‪ ,‬ووضع قياسها ‪ ,‬أبو األسود الدؤلي"‪.‬‬
‫فالتسمية بالنحو بعد عصره ‪,‬إال أنها لم تتجاوز الطبقة الثانية فقد اشتهرت عنها‬
‫مؤلفات اتسمت بأنها نحوية ‪,‬وُصِّر ح فيهاها باسم النحو‪.‬‬
‫أّما سبب تسميته بالنحو فترجع إلى الرواية التي أسلفنا ذكرها من أّن أبا األسود‬
‫عندما عرض على اإلمام علي ‪ ‬ما وضعه ‪ ,‬وأقّر ه بقوله ‪ " :‬ما أحسن هذا النحو‬
‫الذي نحوت " ؛ فآثر العلماء تسمية هذا العلم باسم النحو ؛ استبقاًء لكلمة اإلمام التي‬
‫ُيراد بها أحد معاني النحو اللغوية‪.‬‬
‫نشأة النحو وأطواره ‪:‬‬
‫مَّر النحو العربي منذ نشوئه بمراحل أو أطوار متعددة باإلمكان تحديدها على النحو‬
‫التالي ‪:‬‬
‫أواًل ‪ -‬طور الوضع والتكوين ‪:‬‬
‫وهذا الطور الذي استأثرت به البصرة صاحبة الفضل في وضعه وتعهده في‬
‫نشأتهوالكوفة منصرفة عنه بما شغلها من رواية األشعار واألخبار والنوادر زهاء‬
‫قرن من الزمان ‪.‬‬
‫فكان أول من نسب إلى هذا الطور أين أبي إسحاق الحضرمي ‪,‬الذي يقول فيه أبو‬
‫الطيب ‪ ":‬وكان يقال عبد هللا أعلم أهل البصرة ‪ ,‬وأعقلهم ؛ ففرع النحو وقاسه "‬
‫وهو الذي أرسيت قواعد النحو على يده ‪ ,‬وفي هذا الطور نشأت حركة النقاش ‪.‬‬
‫وتتبع النصوص ‪,‬واستخراج الضوابط ‪.‬‬
‫واستطاع نحاة هذا الطور التصنيف فدونت فيه بعض كتب مفيدة على يد تالمذة‬
‫الحضرمي ‪ :‬فألف عيسى بن عمر الثقفي كتابيه في النحو ‪:‬الجامع واإلكمال ‪,‬ومثله‬
‫أبو عمرو بن العالء صاحب التصانيف الكثيرة ‪,‬ورجال هذه الطبقة أظلتهم الدولة‬
‫العباسية جميعا عدا الحضرمي الذي مات سنة ‪117‬هـ ‪,‬ولم ينته هذا الطور حتى‬
‫وّف ق العلماء إلى وضع طائفة كبيرة من أصول النحو ‪ ,‬فتكونت لديهم فكرة التعليل‬
‫‪10‬‬
‫التي كان أول متجه لها ابن أبي إسحاق ‪,‬كما أنه أول من نشط للقياس ‪ ,‬وكانت كتبهم‬
‫مزدوجا من النحو والصرف واللغة واألدب ألن هذه الفروع كانت متداخلة‪.‬‬
‫ثانيا ‪ -‬طور النشوء والنمو ‪:‬‬
‫ويبدأ من عهد الخليل بن أحمد البصري ‪ ,‬والرؤاسي الكوفي ‪ ,‬إلى أول عصر‬
‫المازني وابن السكيت ‪ ,‬ويعُّد هذا التطور بداية االشتراك بين البلدين ( البصرة‬
‫والكوفة ) في النهوض بالنحو‪ ,‬فقد تالقت فيه الطبقة الثالثة البصرية برئاسة الخليل‬
‫واألولى الكوفية برئاسة الرؤاسي ‪ ,‬وكذا بعدهما طبقتان من كل من البلدين ‪ ,‬ويقصد‬
‫بالنحو في هذا الطور معناه العام الذي يشمل مباحث الصرف ‪ ,‬أّم ا مباحث اللغة‬
‫واألدب واألخبار فقد تقلصت في كتب النحو ‪.‬‬
‫ومنذ بداية هذا الطور أخذ العلماء في كتب النحو اتجاًها جديًد ا ‪,‬إذ نشطوا في‬
‫االستقراء للمأثور عن العرب وإكمال الفكر واستخراج القواعد ‪ ,‬وكان مبعث ذلك‬
‫النشاط هو التنافس البلدي بين البصرة والكوفة ‪ ,‬فالخليل بعد أن جاب بوادي‬
‫البصرة والكوفة وتهامة يعود إلى البصرة ويستجمع كل ما سمع ‪ ,‬ويفرغ للبحث‬
‫حتى جمع أصول النحو وفرع تفاريعه ‪ ,‬وساق الشواهد وعلل األحكام ‪ ,‬إال أنه‬
‫اكتفى عن تدوينه بطلبته ‪,‬أّما يونس البصري فقصر جهده على التلقي عنه ‪ ,‬وكانت‬
‫له حلقات دراسة يعرفها الجميع ‪ ,‬أّما الرؤاسي الكوفي فقد عاد إلى الكوفة بعد أن‬
‫تلقى النحو عن البصريين ‪ ,‬والتقى بعمه معاذ بن مسلم الهّر اء الذي انشغل بالعمل‬
‫في األبنية والتمارين ؛ فغلبت عليه الناحية الصرفية التي التفت إليها الكوفيون‬
‫وسبقوا بها البصريين ‪ ,‬فكان أول مؤلف تداولوه بينهم كتاب "الفيصل" للرؤاسي ‪,‬‬
‫وفي هذا الطور تكّو ن على يد الخليل ومن معه ‪ ,‬و الرؤاسي ومن معه في كل بلد‬
‫من البلدين مدرسة خاصة لها علم وتتابعت الطبقات في كل مدرسة ‪ ,‬فظهر في‬
‫البصرة سيبويه الذي أبدع كتابه في النحو‪ ,‬وأخرج الكسائي مؤلفات استفاد منها‬
‫الناس ‪ ,‬ثم جاء األخفش ويقابله الفراء عند الكوفيين ؛ وقد صّن ف كتبا طواال في‬
‫النحو ‪ ,‬وظهرت في هذا الطور أيًض ا المناظرات بين أعالم البلدين ‪ ,‬وكان لها‬
‫أثرها الفّعال في إشعال نار االجتهاد بينهما‪.‬‬
‫ولم ينقض هذا الطور حتى قطع النحو فيه شوًط ا كبيًر ا شارف فيه النهاية ‪,‬‬
‫وكثرت فيه المؤلفات ‪ ,‬نحو ‪ :‬كتاب سيبويه ‪,‬وكتاب الرؤاسي ( التصغير ) ‪,‬وكتاب‬
‫الكسائي (المصادر ) ‪ ,‬وكتاب الفّر اء ( َفَع َل وَأْف َع ل )‬
‫ثالثا ‪ -‬طور النضوج والكمال ‪:‬‬

‫‪11‬‬
‫يبدأ من عهد المازني البصري‪ ,‬وابن السكيت الكوفي ‪ ,‬إلى آخر عصر المبرد‬
‫البصري ‪ ,‬وثعلب الكوفي‪.‬‬
‫وعمل نحاة هذه الفترة على إكمال ما فات السابقين ‪ ,‬وشرح مجمل كالمهم ‪,‬‬
‫وتهذيب تعريفاتهم ‪ ,‬وخلّـصوا النحو من الصرف ‪ ,‬وأول من سلك هذا السبيل‬
‫المازني الذي أّلف في الصرف وحده ‪.‬‬
‫ولم ينته هذا الطور حتى فاضت الدراسات النحوية في البصرة والكوفة وبغداد ‪,‬‬
‫وكانت نهاية هذا الطور في أخريات القرن الثالث ‪ ,‬بعد أن توافد الفريقان على بغداد‬
‫لتبدأ الحزبية في االضمحالل نتيجة توحيد الوطن‪.‬‬
‫رابعا ‪ -‬طور الترجيح ( بغدادي ) ‪:‬‬
‫كان التمهيد لهذا الطور على أيدي الخالطين‪ ,‬وأساسه المفاضلة بين المذهب‬
‫البصري والكوفي ‪ ,‬وإيثار المختار منهما ‪.‬‬
‫وقد استمر هذا المذهب البغدادي مدة طويلة من الزمن ‪ ,‬إال أن اضطراب األحوال‬
‫في بغداد دعا أهل العلم إلى أن يتقدموا في البالد شرًقا وغرًبا ؛ مع ضعف الخالفة‬
‫وتقسم أقطارها بين دول متعددة ؛ فتوزع العلماء في مختلف هذه األقاليم ‪ :‬الشام‬
‫ومصر والمغرب واألندلس ‪ ,‬وقام علماء هذه الدول الحديثة باالشتغال كٌل في قطره‬
‫وأخذ المذهب البغدادي يتالشى رويًد ا‪.‬‬

‫‪12‬‬
‫ثانيا ‪ -‬المدارس النحوية ‪:‬‬
‫المدرسة البصرية ‪:‬‬
‫( بدايتها ‪-‬طبقاتها ‪ ,‬ودور كل طبقة ‪ -‬أسسها‪ -‬النحاة فيها)‬
‫أوال ‪ -‬بداياتها ‪:‬‬

‫‪13‬‬
‫( متى بدأت ؟كيف بدأت ؟من كان له الفضل في نشوئها ؟ نشوء علم النحو ‪-‬‬
‫السبب وراء وضع علماء البصرة النحو ‪ -‬الدليل على أن البصرة كانت معقل نشأة‬
‫النحو ‪ -‬طبقات العلماء بعد أبي اسود )‬
‫متى بدأت المدرسة البصرية ؟‬
‫بدأت المدرسة البصرية منذ نشوء النحو ؛ فقد كانت البصرة صاحبة الفضل في‬
‫وضعه وتعهده وفي نشأته أيضا ‪ ,‬بينما كانت الكوفة متصرفه عنه بما شغلها من‬
‫أمور علم الفقه ووضع أصوله ومقاييسه ‪.‬‬
‫وقد كان القدماء يعرفون ذلك معرفة دقيقة فنصوا عليه بعبارات مختلفة ‪ ,‬من ذلك‬
‫قول ابن سالم ‪ " :‬وكان ال أهل البصرة في العربية قدمة وبالنحو ولغات العرب‬
‫والغريب عناية " وقول ابن النديم ‪ " :‬إنما قدمنا البصريين أوال ألن علم العربية‬
‫عنهم أخذ "‬
‫كيف بدأت ومن كان له الفضل في نشوء علم النحو ؟‬
‫كانت النواة األولى لهذا العلم ما وضع على يد أبي األسود الدؤلي من نقط اإلعراب‬
‫الذي كان باعثا للتساؤل عن أسباب هذا اإلعراب ‪ ,‬وتفسير ظواهره ؛ مما هيأ‬
‫لبعض أنظار نحويه بسيطة ؛ حيث الحظوا اختالفا في إعراب األسماء حسب‬
‫مواضعها من الكالم ؛ مما أدى إلى استنباط كثير من اإلحكام ‪.‬‬
‫تنقسم بدايات المدرسة البصرية إلى طبقتين ‪:‬‬
‫الطبقة األولى ‪:‬‬
‫وهي الطبقة التي أخذت عن أبي األسود الدؤلي ( ت ‪69‬هـ ) ‪ ,‬واستمرت في تميز‬
‫ما تلقته عنه ‪ ,‬ووفقت إلى استنباط كثير من األحكام ‪ ,‬وقامت بنشرها وإذاعتها بين‬
‫الناس ‪ ,‬من هذه الطبقة ‪:‬‬

‫عنبسة بن معدان الفيل‬ ‫‪.1‬‬


‫نصر بن عاصم الليثي ‪.‬‬ ‫‪.2‬‬
‫عبد الرحمن بن هرمز ‪.‬‬ ‫‪.3‬‬
‫يحيى بن يعمر العدواني ‪.‬‬ ‫‪.4‬‬

‫‪14‬‬
‫ولكن لم يؤثر عنهم اال بعض نتف في مواطن متفرقة من الفن لم تبلغ حد الكتب‬
‫المنظمة ؛ إذ كان جل اعتمادهم على محفوظ صدورهم و رواياتهم ‪.‬‬
‫الطبقة الثانية ‪:‬‬
‫كانت أكثر عددا من سابقتها ؛ وقد ازدادت المباحث لديها ‪ ,‬وأضافت كثيرا من‬
‫القواعد ‪ ,‬ونشأت حركة النقاش بينها ؛ فجّد ت في تتبع النصوص واستخراج‬
‫الضوابط ‪ ,‬وقد دونت في هذه الطبقة بعض الكتب المفيدة ‪ ,‬وكان فيها ما ألفه عبد‬
‫هللا بن أبي إسحاق الحضرمي وهو الذي قال عنه أبو الطيب ‪ " :‬وكان يقال عبد هللا‬
‫أعلم أهل البصرة وأعقلهم فرغ علم النحو وقاسه "‬
‫فقد تبلور عند ابن أبي إسحاق قانوني ( القياس والتعليل ) ‪ ,‬و أخرج مسائل كثيرة‬
‫عليهما ‪ ,‬وافقه عليها عيسى بن عمر ‪ ,‬وخالفه بعض معاصريهما ؛ ما نفع ميدان‬
‫القول في هذا العلم ‪ ,‬وأِنَس الناس به ‪ ,‬وتداولوه في كتبهم‪ ,‬وقد كانت مزيجا من‬
‫النحو والصرف واللغة واألدب ؛ الن هذه الفروع كانت متداخلة ‪ ,‬آخذ بعضها‬
‫بُحُج ِز بعض ‪.‬‬

‫طبقات البصريين ‪:‬‬


‫الطبقة األولى ‪:‬‬
‫نصر بن عاصم الليثي ( ت ‪89‬هـ )‪..‬‬ ‫‪.1‬‬
‫عنبسة بن معدان الفيل المهري ( ال ُيعرف تاريخ وفاته )‪..‬‬ ‫‪.2‬‬
‫عبد الرحمن بن هرمز أبو داود األعرج ( ت ‪ 117‬هـ )‪.‬‬ ‫‪.3‬‬
‫أبو سليمان يحيى بن يعمر العدواني ( ت ‪129‬هـ )‪.‬‬ ‫‪.4‬‬
‫فهذه الطبقة أخذت عن أبي األسود ‪ ,‬واستمرت في تثمير ما تلقته عنه ‪,‬‬
‫واستنبطت كثيرا من أحكامه ‪ ,‬وقامت بقسط في نشره وإذاعته بين الناس‪ ,‬ولم‬
‫يدرك أحد من رجال هذه الطبقة الدولة العباسية ‪ ,‬وما تكّو ن من نحو في هذه الطبقة‬
‫كان شبه الرواية للمسموع ‪ ,‬فلم تنبت بينهم فكرة القياس‪.‬‬
‫كذالك لم تقَو حركة التأليف بينهم ؛ فلم يؤثر عنهم اال بعض نتف في مواطن متفرقة‬
‫من الفن لم تبلغ حد الكتب المنظمة ‪ ,‬فقد كان جل اعتمادهم على حفظهم في‬
‫صدورهم ورواياتهم ‪ ,‬وزعم بعض المؤرخين أن أستاذ هذه الطبقة ( أبا األسود‬

‫‪15‬‬
‫الدؤلي ) قد وضع مختصرا على ما تقدم بيانه ‪ .‬وهؤالء األربعة مما الشك فيه ما‬
‫منهم إال عزي إليه وضع النحو في بعض الروايات ‪.‬‬
‫ومما الشك فيه أن إعجام المصحف بالنقط لدفع التصحيف كان من نصر بن‬
‫عاصم ويحيى بن يعمر بأمر الحجاج في عهد عبدالملك بن مروان ‪ ,‬بعد إعجامه‬
‫بالشكل لدفع التحريف من ِقبل أستاذهما أبي األسود في خالفة معاوية ‪.‬‬
‫الطبقة الـثـانيــة ‪:‬‬
‫• كانت أكثر عددا من سابقتها فقد كانت أوفر حظا منها ؛ إذ وطَّـأت لها سبيله‬
‫فازدادت المباحث لديها ‪ ,‬و نشأت حركة النقاش بينها ؛ فـجدت في تتبع النصوص‬
‫واستخراج الضوابط ما هيأ لها وقتها ‪,‬و استطاعت التصنيف فدونت فيه بعض كتب‬
‫مفيدة ‪ .‬و كان من هذه الطبقة‬
‫* عبد هللا بن أبي إسحاق الحضرمي( ت ‪117‬هـ ) الذي يقول فيه أبو الطيب ‪" :‬‬
‫وكان يقال عبد هللا أعلم أهل البصرة و أعقلهم ففرع النحو وقاسه " ‪.‬‬
‫* عيسى بن عمر الثقفي ( ت ‪ )149‬صاحب الكتابيين في النحو ‪ ( :‬الجامع –‬
‫اإلكمال ) ‪.‬‬
‫* أبو عمرو بن العالء ( ت ‪154‬هـ ) صاحب التصانيف الكثيرة ‪ ,‬أخذ النحو عن‬
‫نصر بن عاصم وغيره ‪ ,‬اشتهر بالقراءات القرآنية ‪,‬وأيام العرب ولهجات القبائل ‪,‬‬
‫لم يخلف أثرا مكتوبا ‪.‬‬
‫ورجال هذه الطبقة جميعا أظلتهم الدولة العباسية خال عبد هللا بن أبي إسحاق‬

‫الطبقة الـثـالـثـة ‪:‬‬


‫* األخفش األكبر ‪:‬‬

‫‪16‬‬
‫أبو الخطاب عبد الحميد بن عبد المجيد ( ت ‪177‬هـ ) أول األخافش الثالثة‬
‫‪1‬‬
‫المشهورين‬
‫أخذ عن ابي عمرو بن العالء وطبقته ‪ ,‬لقي االعراب وأخذ عنهم ‪ ,‬أخذ عنه سيبويه‬
‫* الخليل بن أحمد ‪ ( 2‬ت ‪175‬هـ )‪:‬‬
‫تلقى عن أبي عمرو بن العالء وعيسى بن عمر الثقفي وغيرهما ‪ ,‬ساح في بوادي‬
‫الجزيرة العربية ‪ ,‬وشافه األعراب في الحجاز ونجد وتهامة ‪,‬اعتكف في داره دائبا‬
‫على العلم ليله ونهاره ‪,‬نبغ في العربية نبوغا لم يصل إليه أحد ‪ ,‬وقد بلغ الغاية في‬
‫تصحيح القياس ‪,‬واستخراج مسائل النحو ‪.‬‬
‫* يونــــس بن حبيب ‪:‬‬
‫أبو عبد الرحمن يونس بن حبيب الضبي ( ت ‪182‬هـ )‬
‫أخذ عن أبي عمرو بن العالء وغيره ‪ ,‬واجه العرب فسمع منهم ؛ حتى غدا مرجع‬
‫األدباء والنحويين في المشكالت ‪ ,‬وكانت له حلقة دراسة في الجامع بالبصرة يؤمها‬
‫العلماء واألدباء األعراب ‪ ,‬له مذاهب خاصة في النحو منتشرة في كتبه ‪.‬‬
‫الطبقة الرابعة ‪:‬‬
‫* سيـبويــــــه ‪ ( 3‬ت ‪188‬هـ )‪:‬‬
‫أخذ عن الخليل وأخذ عن يونس وعيسى وغيرهم ‪ ,‬برع في النحو حتى بَّز أترابه‬
‫فيه ؛ فاحتفى به علماء البصرة التي صار إمامها من غير مدافع ‪ .‬أخرج للناس كتابه‬
‫الذي أكسبه فخار األبد ؛ فانه شاهد صدق على علِّو كْع ِبه في هذا الفن ‪ .‬كان في‬
‫كتابه جماعا آلراء السابقين ‪ ,‬وظهرت له شخصية قوية في ابتداع بعض القواعد‬
‫وفي ترتيب الكتاب حاويا عناصر الفن كلها ‪ ,‬وتبويبه‪ ,‬واضعا كل شيء وما يتصل‬
‫به معه ‪ ,‬مع ُح سن التعليل للقواعد ‪ ,‬وجودة الترجيح عند االختالف واستخراج‬
‫الفروع من القياس الذي امتأل به الكتاب ‪ ,‬حرص على االعتزاز بالشواهد الوثيقة‬
‫لدعم األحكام التي قررها ‪ ,‬عني باالستشهاد بالقران الكريم وينثر العرب والشعر ‪,‬‬
‫ولم يجنح الى االستدالل بالحديث الشريف شأن أسالفه ومعاصريه وذلك ‪.‬‬
‫* اليـــزيــدي ‪:‬‬
‫‪ - 1‬األخافش الثالثة المشهورون هذا ‪ ,‬واألخفش األوسط سعيد بن مسعدة تلميذ سيبويه ( وسيأتي ذكره ) واألخفش األصغر أبو‬
‫الحسن علي بن سليمان من تالمذة المبرد وثعلب ‪ ,‬واشتهر من العلماء باسم األخفش ثمانية غير هؤالء ( ينظر نشأة النحو للطنطاوي‬
‫ص ‪)67‬‬
‫‪ - 2‬أفرد الخليل بترجمة خاصة تأتي الحقا ‪.‬‬
‫‪ - 3‬أفرد بترجمة خاصة ‪.‬‬

‫‪17‬‬
‫أبو محمد يحي بن المبارك ( ت ‪202‬هـ ) تلقى عن أبي عمرو بن العالء ‪ ,‬وابن‬
‫أبي إسحاق والخليل ‪ ,‬ويونس وغيرهم ‪ ,‬له مؤلفات في متنوع العلوم منها‬
‫(المختصر في النحو ) كان اليزيدي يدِّر س في مساجد بغداد كما يدِّر س الكسائي ؛‬
‫فتولدت بينهما المنافسة ‪ ,‬فحدثت المناظرات بينهما‪ ,‬وكان اليزيدي مظفرا في أغلبها‬
‫الطبقة الخامسة ‪:‬‬
‫* األخفش األوسط ‪:‬‬
‫أبو الحسن سعيد بن مسعدة ( ت ‪215‬هـ ) وهو أوسط األخافش الثالثة المشهورين ‪,‬‬
‫وهو أشهرهم ذكرا في النحو ‪.‬‬
‫تلقى مع سيبويه عن جل شيوخه سوى الخليل ‪ ,‬ثم أخذ عنه بعد ذلك مع كبر سنه‬
‫عنه فكان أنحى تالميذه ‪ ,‬كان ضنينا بكتاب سيبويه لنفاسته ‪ ,‬حتى ظُـن به ادعاؤه‬
‫لنفسه ؛ ألن سيبويه لم يقرأه على أحد ‪ ,‬وال قرأه عليه أحد ما عداه ‪.‬‬
‫* قــــــطرب ‪:‬‬
‫أبو علي محمد بن المستنير ( ت ‪206‬هـ )‬
‫تلقى عن عيسى ابن عمر وسيبويه وغيرهما ‪ ,‬إال أن اتصاله بسيبويه أكثر ‪ ,‬له‬
‫تصانيف كثيره منها في النحو كتاب ( العلل )‬
‫الطبقة الـسادسـة ‪:‬‬

‫* الـــَج ْر مي ‪:‬‬
‫أبو ُع َم ر صالح بن إسحق الجرمي ( ت ‪225‬هـ )‬
‫نشأ في البصرة وتعلم من شيوخها النحو واللغة ‪ ,‬وسمع من يونس واألخفش‬
‫األوسط ‪ ,‬ولم يلق سيبويه ‪ .‬زامله في عصره وتلقيه أبو عثمان المازني ‪ ,‬وإليهما‬
‫انتهت الرياسة النحوية ‪ ,‬ولهما الفضل في إظهار ( الكتاب ) على يد شيخهما‬
‫األخفش ‪ .‬مصنفاته كثيرة منها في النحو مختصره المشهور وكتاب ( فرخ كتاب‬
‫سيبويه )‪.‬‬
‫* التَّـَو زُّي ‪:‬‬
‫أبو محمد عبد هللا بن محمد ( ت ‪238‬هـ )‬

‫‪18‬‬
‫*‪ -‬اخذ عن الجرمي كتاب سيبويه واشتهر باللغة واألدب ؛ فكان أعلم بالشعر من‬
‫المازني والرياشي ‪.‬‬
‫* المازني ‪:‬‬
‫أبو عثمان بكر بن محمد ( ت ‪249‬هـ )‬
‫أخذ عن أبي عبيدة ‪ ,‬وأبي زيد واألخفش وغيرهم مع مشاركة رفيقه أبو عمر‬
‫الجرمي ‪ ,‬تغلب على االخفش مع تلقيه عنه ‪ ,‬أبى التصنيف في النحو بعد سيبويه ‪.‬‬
‫ألَّـف كتابا في علل النحو ‪ ,‬وكتاب ( التصريف ) وله كتب أخرى في غير النحو ‪.‬‬
‫* أبو حاتم السجستاني ‪:‬‬
‫سهل بن محمد ( ت ‪ 250‬هـ )‬
‫أخذ عن أبي زيد و األصمعي و أبي عبيدة ‪ ,4‬انتفع الناس بدراسته إال انه لم يكن‬
‫حاذقا في النحو ‪ ,‬له مصنفات مختلفة منها ‪ ( :‬إعراب القران) وكتاب (اإلدغام )‬
‫الريـاشي ‪:‬‬ ‫*‬
‫أبو الفضل العباس بن الفرج ( ت ‪275‬هـ )‬
‫أخذ النحو عن المازني ‪ ,‬وسمع منه كتاب سيبويه ‪ ,‬و أخذ اللغة عن األصمعي ‪ ,‬ثم‬
‫صار من كبا ر النحاة واللغويين ‪ ,‬له تصانيف ليس منها كتاب نحو ‪.‬‬
‫الطبقة الـسابعة ‪:‬‬
‫* المبرد ‪:‬‬
‫أبو العباس محمد بن يزيد ( ت ‪)285‬‬
‫أخذ عن الجرمي والمازني وأبي حاتم ‪ ,‬وغيرهم ‪ ,‬إال أن أغلب تلقِّـيه عن المازني ‪.‬‬
‫خلَّـف مصنفات في علوم متنوعة ؛ برهنت على أدبه الجم ‪ ,‬وعلمه الغزير ‪,‬منها ‪:‬‬
‫في النحو ( المقتضب ) و ( شرح شواهد سيبويه والرد عليه ) وله في تاريخ النحاة‬
‫( طبقات النحويين البصريين وأخبارهم )‬
‫أهم القواعد أو األسس التي سارت عليها المدرسة البصرية ‪:‬‬

‫‪ - 4‬هؤالء الثالثة من أبرز علماء العربية في القرن الثاني ومطلع الثالث ‪ ,‬لهم مؤلفات عديدة معظمها في اللغة توفي أبو زيد سنة‬
‫‪115‬هـ ‪ ,‬وأبو عبيدة سنة ‪ 209‬هـ ‪ ,‬واألصمعي سنة ‪ 210‬هـ وقيل سنة ‪215‬هـ‬

‫‪19‬‬
‫السماع عن القبائل العربية الخالصة الفصاحة التي تسكن البادية التي سلمت‬ ‫‪‬‬
‫ألسنتها من الخلل والفساد مثل ‪ ( :‬قيس ‪ .‬أسد ‪.‬تميم ‪. ).‬‬
‫الرواة البد أن يشهد لهم بالثقة فال يأخذون إال ممن ُيشهد له بالحفظ والثبات‬ ‫‪‬‬
‫وأن يكون عربيا خالصا ‪.‬‬
‫سعت هذه المدرسة إلى أن تكون القواعد مطردة اطرادا واسعا ‪ ,‬فكانت‬ ‫‪‬‬
‫تطرح الروايات الشاذة وال تتخذها أساسا لوضع قانون نحوي ‪.‬‬
‫يقيسون على الكثير ‪ ,‬ويستنبطون منه القاعدة وما خالفه يخرجونه إلى باب‬ ‫‪‬‬
‫الضرورة الشعرية ‪,‬أو يضيفونه إلى باب الشاذ أو النادر ‪ ,‬أو يعمدون إلى‬
‫التأويل ‪.‬‬
‫وقد غلبوا القياس على المسموع ؛ مؤولين الشواهد التي تخالف قياسهم ‪ ,‬كما‬ ‫‪‬‬
‫قالوا بما سموه مطردا في السماع شاذا فـي القياس ‪.‬‬
‫وتفصيل ذلك أن البصريين تحروا ما نقلوه عن العرب‪ ,‬ثم استقرأوا أحواله ؛‬
‫فوضعوا قواعدهم على األعم األغلب من هذه األحوال ‪ ,‬فإن وجدوا نصوصا قليلة‬
‫ال تشملها قواعدهم اتبعوا إحدى طريقتين ‪:‬‬
‫‪ -1‬إما أن يتأولوها حتى تنطبق عليها القاعدة ‪.‬‬
‫‪ -2‬و إما أن يحكموا عليها بالشذوذ ‪,‬أو أن تحفظ وال يقاس عليها ‪.‬‬

‫ترجمة ألشهر نحاة البصرة ‪ ( :‬الخليل و سيبويه )‬


‫( النشأة ‪ ,‬التكوين العلمي ‪ ,‬األساتذة ‪ ,‬المؤلفات ‪ ,‬التالمذة )‬
‫الخليل بن أحمد الفراهيدي ‪:‬‬

‫‪20‬‬
‫نشأته ‪:‬‬
‫أبوعبد الرحمن ‪ ,‬الخليل بن أحمد بن عبد الرحمن بن تميم بن األزد بن يحمد من‬
‫اليمن ‪ ,‬عربي من أزد عمان ‪ ,‬نشأة وتربى في البصرة ولد سنة (‪100‬هـ) توفي‬
‫سنة(‪175‬هـ)‬
‫تكوينه العلمي ‪:‬‬
‫شب على حب العلم ؛ فتردد على حلقات الفقهاء وعلماء اللغة والنحو ؛ وخاصَا‬
‫حلقات أستاذيه ( عيسى بن عمرو ‪ ,‬أبي عمرو بن العالء)‪ ,‬ثم ساح في بوادي‬
‫جزيرة العرب ‪,‬وشافه العرب الخلّـص ‪ ,‬وأخذ عنهم ‪ ,‬ثم عاد إلى البصرة معتكفا في‬
‫داره دائبا على العلم والتأليف ؛ فنبغ في العربية نبوغا لم ُيسبق إليه ‪ ,‬وبلغ الغاية في‬
‫تصحيح القياس ‪ ,‬واستخراج مسائل النحو‪.‬‬
‫وهو واضع فن الموسيقى العربية ‪ ,‬وألف كتابا كان هو األصل الذي اعتمد عليه‬
‫إسحاق الموصلي في تأليف كتابه ‪ ,‬وواضع علم العروض والقافية ‪ ,‬وأول من أّلف‬
‫معجما عاما في العربية ‪ ,‬وله مأثرة وضع عالمات الشكل العربي المستعملة اآلن ‪.‬‬
‫* أهم مؤلفاته ‪:‬‬
‫( معجم العين ‪ ,‬المجمل في النحو ‪ ,‬علم العروض ‪ ,‬كتاب معاني الحروف ‪ ,‬النقط‬
‫والتشكيل ‪ ,‬كتاب الشواهد )‬
‫* كتاب المجمل في النحو *‬
‫يعد هذا الكتاب من أقدم ما حفظه التاريخ من التراث النحوي عند العرب في مصنف‬
‫كامل تخطى عوامل الفناء ؛ ليتصدر المرتبة األولى قبل كتاب سيبويه ‪ ,‬وقد صنفه‬
‫سيد علماء العربية ‪ ,‬وشيخ رجال البصرة ومؤسس مذهبهم ‪ ,‬وُم َو ِّج ـه خطاهم في‬
‫مسيرة تاريخ النحو ‪ ,‬فالنحو العربي نشأت أصوله في العقد الرابع من القرن األول‬
‫على يد ( عبد هللا بن ابي اسحاق الحضرمي ) عندما تلقاها الخليل بعقليته المنهجية‬
‫الفذة وأساليبه العلمية المنسقة ‪ .‬وصنف مواردها تحت مجموعات من الجمل تضم‬
‫األشباه والنظائر ‪ ,‬وزودها بالتنظير والتفسير والتمثيل واالحتجاج والتعليل ‪ ,‬ثم‬
‫ألحق بها بعض خلفائه زيادات متممة ومؤيدة ‪.‬‬
‫* تالمذته ‪:‬‬

‫‪21‬‬
‫أنجب تالمذته سيبويه ( ت ‪188‬هـ ‪ ,‬وتلقى عنه أيضا اليزيدي ( ت ‪202‬هـ ) ‪,‬‬
‫واألصمعي ( ت ‪215‬هـ ) ‪ ,‬والنضر بن شميل ( ت ‪ 204‬هـ ) ‪ ,‬وعلّي الجهضمي‬
‫( ت ‪ 250‬هـ ) ‪ ,‬وأخذ عنه الكسائي رأس المدرسة الكوفية ( ت ‪)189‬‬
‫سيبويه‬
‫أبو ِبْش ر عمرو بن عثمان بن قنبر مولى بني الحارث بن كعب ‪ ,‬فارسي األصل ولد‬
‫في حدود عام (‪ 140‬هـ ‪756/‬م ) في مدينة البيضاء في بالد فارس ‪ ,‬نشأ‬
‫بالبصرة ‪ ,‬والتحق بحلقات العلم هناك ‪.‬‬
‫شيوخه ‪:‬‬
‫أولهم عبقري العربية الخليل وهو أكثرهم تأثيرا فيه ‪ .‬فقد روى عنه سيبويه ‪522‬‬
‫مرة في كتابه ‪ ,‬و األخفش األكبر ‪ ,‬واألخفش األوسط ( الذي أخذ النحو عن سيبويه‬
‫فيما بعد ) ويونس بن حبيب ‪ ,‬وعيسى ابن عمر ‪ ,‬و أبو زيد األنصاري ‪.‬‬
‫ومات سيبويه وجل شيوخه على قيد الحياة سنة (‪188‬هـ) وقيل سنة ‪180‬هـ ‪ ,‬ولم‬
‫يتجاوز عمره أربعين عاما ‪.‬‬
‫* مؤلفاته‬
‫‪5‬‬
‫( الكتاب )‬
‫جمع سيبويه في كتابه ما تفرق من أقوال من تقدمه من العلماء كأبي الخطاب‬
‫االخفش والخليل ويونس وأبي زيد وعيسى بن عمرو بن العالء وغيرهم‬
‫و كان كتاب سجال آلراء الخليل في النحو ؛ لذا كثيرا ما يقول بها إذا اختلفت أقوال‬
‫العلماء ؛ فانه يوازن بينها ثم يحكم بالترجيح‬
‫و ضم إلى أقوال هؤالء العلماء ما استخرجه بنفسه من القواعد اعتمادا على سماعه‬
‫من العرب الخلص ؛ فكان كتابه جماع الفن شامال كل ما يحتاج إليه طالبه مع‬
‫الترتيب والتبويب ‪ ,‬وقد ظهرت شخصية سيبويه في كتابه في وضع القواعد ؛ وفي‬
‫ترتيب الكتاب ‪ ,‬حرص في كتابه على االعتزاز بالشواهد الوثيقة لدعم األحكام التي‬
‫قررها ‪ ,‬وقد جاء الكتاب أبوابا في أربعة أجزاء بدأه المؤلف بباب علم الكلم من‬
‫العربية ‪ ,‬واختتمه بباب في الجر‪ ,‬وقد عني بالشواهد لتثبيت األحكام ‪ ,‬من القرآن‬
‫الكريم وفصيح كالم العرب شعرا ونثرا ‪ ,‬فقد اشتمل الكتاب على ما يزيد على‬
‫ثالثمائة آية و آلف وخمسين بيت من الشعر ‪ ,‬وقدر من األمثال وأقوال العرب ‪.‬‬
‫‪5‬‬
‫‪ -‬كتاب سيبويه أو ( قرآن النحو ) كما سّماه العلماء بعد ذلك ‪.‬‬

‫‪22‬‬
‫مكانة كتاب سيبويه ‪:‬‬
‫عظم شأن الكتاب في البصرة حتى صار علما بالغلبة ؛ فال ينصرف الذهن إذا ذكر‬
‫اسم ( الكتاب ) في الدراسات النحوية إال إلى كتاب سيبويه ‪ ,‬واستأثر الكتاب بجهود‬
‫العلماء بعد سيبويه بين شرح له أو شرح لشواهده ‪ ,‬أو تعليق عليه ‪ ,‬ولمكانة كتاب‬
‫سيبويه بين البصريين كان المازني يقول ‪ " :‬من أراد أن يصنف كتابا واسعا في‬
‫النحو بعد سيبويه فليستحيي "‬
‫تالمذته ‪:‬‬
‫األخفش األوسط ( ت ‪215‬هـ ) ‪ ,‬و قطرب ( ت ‪206‬هـ ) ‪ ,‬وأخذ الكتاب عن‬
‫األخفش كل من المازني( ت‪249‬هـ ) و الجرمي ( ت ‪225‬هـ )‪ ,‬وأخذه التوزي‬
‫( ت ‪238‬هـ ) عن الجرمي ‪.‬‬

‫المدرسة الكوفية‪:‬‬
‫(بدايتها ‪ ,‬طبقاتها ‪ -‬ودور كل طبقة – أسسها ‪ ,‬نحاتها )‬
‫* نشأة النحو الكوفي ‪:‬‬

‫‪23‬‬
‫شادت البصرة صرح النحو ورفعت أركانه في حين كانت الكوفة منشغلة بقراءات‬
‫الذكر الحكيم ‪ ,‬ورواية الشعر واألخبار ؛ فقد نشأت في الكوفة دراسة لعلوم العربية‬
‫وإن تأخر ظهورها قرنا من الزمان ‪.‬‬
‫والمدرسة الكوفية فرع لمدرسة البصرة في النحو إال أن الكوفيين قصدوا إلى أن‬
‫يكونوا مستقلين ‪ ,‬ويحُّد من هذا القصد أنهم كانوا تالميذ للبصريين وإلى جانب‬
‫عكوفهم جميعا على كتاب سيبويه ينهلون منه ‪ ,‬وإن حاولوا جاهدين أن يميزوا‬
‫نحوهم بمصطلحات تغاير مصطلحات البصريين ‪ ,‬والنفوذ إلى أراء خاصة بهم في‬
‫بعض العوامل والمعموالت ‪.‬‬
‫وكان نحاة الكوفة يهتمون اهتماما واسعا برواية الشعر وكان االهتمام هذا نتيجة‬
‫لوجود القبائل العربية في الكوفة ‪ ,‬والتي تمثل الطبقة األولى فيها فاهتموا برواية‬
‫الشعر وتدوينه للتغني بمفاخر اآلباء واألجداد ‪ ,‬وعنوا عناية واسعة بروية األشعار‬
‫القديمة ‪,‬وتصنيف دواوين الشعر ‪ ,‬وان لم يعنوا بالتحري فيما جمعوا من أشعار‬
‫حتى ليقول أبو الطيب اللغوي‪ " :‬الشعر بالكوفة ’ أكثر وأجمع منه بالبصرة ؛ ولكن‬
‫أكثره مصنوع ومنسوب إلى من لم يقله ‪ ,‬وذلك بيَّـن في دواوينهم " فساهموا بذلك‬
‫في الحفاظ على قدر كبير من التراث الضخم من أشعار العرب ؛ إذ أصبح هذا عمدة‬
‫الدرس النحوي واللغوي ‪.‬‬
‫* أسس المذهب الكوفي ‪:‬‬
‫‪ -1‬توسعهم في السماع ‪ ,‬وقياسهم على كل مسموع يصل اليهم ‪.‬‬
‫‪ -2‬عدم تثبتهم في الرواية ومعظم شواهدهم كانت منقولة عن حماد الرواية وهو‬
‫معروف باالنتحال ‪..‬‬
‫‪- 3‬عدم التشدد في السماع عن القبائل العربية ‪ ,‬إذ نقلو عن األعراب الموجودين في‬
‫الكوفة ‪ ,‬والمتاخمين ألهل الحواضر في حين أن مدرسة البصرة كانت ترفض ذلك‬
‫‪ -4‬القياس على الشاهد الواحد حتى لو خالف االصل المعروف والمتفق عليه ‪.‬‬
‫‪ -5‬االستشهاد بشطر بيت ال يعرف شطره اآلخر وقد ال يعرف قائله‪.‬‬
‫* مصادر النحو الكوفي ‪:‬‬
‫‪ -1‬النحو البصري ‪:‬‬

‫‪24‬‬
‫كان أئمة الكوفيين قد وفقوا على النحو البصري مشافهة أو مناقلة ‪ ,‬وكان لهم منها‬
‫نقطة انطالق اعتمدوا عليها في نهجهم ‪ ,‬ومما يدل على ذلك ‪:‬‬
‫ما ذكره أبو زيد عن الكسائي ‪ ,‬قال " قدم علينا الكسائي في البصرة فلقى عيسى‬
‫والخليل وأخذ منهم نحوًا كثيرًا ‪ ,‬ثم سار إلى بغداد فلقي إعراب الحليمات فأخذ عنهم‬
‫الفساد من الخطأ وللحن ‪ .‬فأنهى بذلك ما كان أخذه بالبصرة كله "‬
‫‪ -2‬لغات األعراب ‪:‬‬
‫حيث ذكر الرواة عن الكسائي أنه خرج إلى نجد وتهامة والحجاز ‪ ,‬ورجع وقد أفنى‬
‫خمس عشر قنية حبر في الكتاب عن العرب سوى ما حفظ ‪.‬‬
‫‪ -3‬الشعر العربي ‪:‬‬
‫كان الشعر العربي جاهليه وإسالميه مصدرًا من مصادر الدراسة الكوفية ‪ ,‬ومحتجًا‬
‫للكوفيين ‪ ,‬وأساسا بنوا كثيرا من أصولهم عليه ‪,‬وقد كان للكوفيين بوجه خاص‬
‫عناية فائقة بالشواهد والنوادر ‪.‬‬
‫‪-4‬القراءات القرآنية ‪:‬‬
‫للنحو عند الكوفيين صلة بالقراءات القرآنية وما يتصل بها ‪ ,‬ويرجع ذلك ألسباب‬
‫منها‪:‬‬
‫‪ -1‬أن الكوفة كانت مهبط الصحابة رضوان هللا عليهم ‪ ,‬فقد نزل بها عدد كبير من‬
‫الصحابة‪ ,‬وقد كان أشهرهم عربا ال ُيتَّـهمون في فصاحتهم‪.‬‬
‫‪ -2‬أن الذين العلماء أسسوا النحو الكوفي كانت لهم اهتمامات بالقران قراءة وتفسيرا‬
‫فأستاذ الكوفة الكسائي إمام من ائمة القراءة المتواترة ‪ ,‬كما إن الفَّر اء كانت له‬
‫عناية خاصة بالقران الكريم ‪.‬‬
‫‪ - 3‬طول اشتغال الكوفيين بالقران الكريم وانقطاعهم له ‪ ,‬على حين كان البصريون‬
‫مشغولين بوضع أسس القواعد النحوية ‪ ,‬فقد ظفرت الكوفة بثالثة من القراء السبعة‬
‫هم عاصم بن أبي النجود ‪ ,‬حمزة بن حبيب الزيات ‪,‬على بن حمزة ألكسائي ؛ ولم‬
‫تظفر كل من مكة المكرمة والمدينة المنورة والبصرة والشام إال بقارئ واحد ‪.‬‬

‫طبقات مدرسة الكوفة ‪:‬‬


‫الطبقة األولى ‪:‬‬

‫‪25‬‬
‫* الرؤاسي ‪:‬‬
‫أبو جعفر محمد بن الحسن لقب بالرؤاسي لكبر رأسه ‪ ,‬ألف كتاب ( الفيصل ) في‬
‫النحو ‪ ,‬توفي في الكوفة في عهد الرشيد ‪.‬‬
‫* معاذ الهَّر اء ‪:‬‬
‫أبو مسلم ‪ ,‬لُـقِّـب بالهراء لبيعه الثياب الهروية كان له اهتمام باألبنية حتى عّد ه‬
‫المؤرخون واضع علم الصرف ( ت ‪187‬هـ )‬
‫الطبقة الثانية ‪:‬‬
‫* الكسائي ‪:‬‬
‫أبو الحسن علي بن حمزة الكسائي مولى بني أسد ‪ ,‬فارسي األصل ‪,‬أخذ عن معاذ‬
‫الهراء ‪ ,‬وعن عيسى بن عمر والخليل ‪ -‬من أهل البصرة – له مصنفات كثيرة‬
‫ضاع معظمها ‪ ,‬منها في النحو مختصر ‪ ,‬مات في رْن ُبَو ية سنة ‪189‬هـ‬
‫الطبقة الثالثة ‪:‬‬
‫* األحمر‪:‬‬
‫أبو الحسن علي بن الحسن المعروف باألحمر ( ت ‪194‬هـ )‬
‫* الفراء ‪:‬‬
‫أبو زكريا يحي بن زياد لقب بالفراء ألنة كان يفري الكالم (ت ‪207‬هـ )‬
‫* اللحياني ‪:‬‬
‫أبو الحسن علي بن المبارك من بني لحيان (ت ‪202‬هـ )‬
‫الطبقة الرابعة ‪:‬‬
‫* ابن سعدان ‪:‬‬
‫أبو جعفر الضرير محمد بن سعدان ( ت‪231‬هـ)‬

‫* الطوال ‪:‬‬
‫أبو عبد هللا محمد بن أحمد قدم بغداد (ت ‪243‬هـ )‬
‫‪26‬‬
‫* ابن قادم ‪:‬‬
‫أبو جعفر محمد بن عبد هللا بن قادم توفي ببغداد سنة ‪251‬هـ‬
‫الطبقة الخامسة ‪:‬‬
‫* ثعلب ‪:‬‬
‫أبو العباس احمد بن يحيى المعروف بثعلب ‪ ,‬توفي ببغداد سنة ‪291‬هـ من صدمة‬
‫دابة له في الطريق لم يسمع وقع حوافرها ورائه لصممه ‪.‬‬
‫ترجمة ألشهر نحاة الكوفة ‪ ( :‬الكسائي والفراء )‬
‫( النشأة‪ ,‬التكوين العلمي ‪ ,‬األساتذة‪ ,‬المؤلفات ‪ ,‬التالمذة )‬
‫الكسائي ‪:‬‬
‫( الطبقة الثانية الكوفية )‬
‫أبو الحسن علي بن حمزة بن عبد هللا الكسائي ‪ ,‬مولى بني أسد ‪ ,‬من أصل فارسي‬
‫اختلف في تسميته الكسائى ؛ فروي أنه سئل عن ذلك فقال ‪ :‬ألني أحرمت في كساء‬
‫وقيل ‪ :‬ألنه كان يلبس كساء أسود ثمينا ‪.‬‬
‫نشأته ‪:‬‬
‫ولد بالكوفة سنة ‪119‬هـ ‪ ,‬ونشأ فيها ‪ ,‬وأكب منذ نشأته على حلقات القّر اء ‪,‬ولزم‬
‫حلقة حمزه بن حبيب الزيات ‪ ,‬تعلم النحو على كبر؛ ذلك ألنه حادث قوما من‬
‫الهّباريين لحنوه فأِنَف من التخطئة ‪ ,‬وقام من فوره وطفق يتعلم النحو ‪.‬‬
‫أخذ عن معاذ الهراء ‪ ,‬و توّج ه تلقاء البصرة فتلقى من علومها وعلمائها فتلقّـى عن‬
‫عيسى بن عمر ‪ ,‬وطالت مجالسته للخليل وأعجب به ‪ ,‬وقال الكسائي له ‪ :‬من أين‬
‫أخذت علمك هذا ؟ فقال ‪ :‬من بوادي نجد و تهامة فخرج ‪ ,‬هو وأنفذ خمس عشرة‬
‫قنينة حبر في الكتابة عن العرب ‪ ,‬سوى ما حفظه ‪,‬ثم عاد إلى الكوفة ينشر علمه ‪,‬‬
‫وكانت الكوفة متعطشة إلى نحو مضارٍع لنحو البصرة ‪ ,‬وفي الكسائي نشاط في‬
‫الدراسة والتصنيف ؛ فتقوى المذهب الكوفي ‪ ,‬وبدأ يناهض البصري على يد‬
‫الكسائي الذي دوى ذكره حتى وصل مسمع أمير المؤمنين المهدي في بغداد‬
‫فاستقدمه لحادثة خاصة ‪ ,‬ورأى فيه عالما فاستبقاه في بغداد وضمه إلى حاشية ابنه‬
‫الرشيد ؛ فاحتضنه الرشيد بعد الخالفة ليؤدب ولديه األمين والمأمون ‪ ,‬وصار من‬
‫الجلساء المؤنسين ومن هنا ساد المذهب الكوفي وتكاثر اتباعه وعز علماءه ‪.‬‬

‫‪27‬‬
‫شيوخه‬
‫أخذ الكسائي عن أبي جعفر الرؤاسي ‪ ,‬ومعاذ الهراء ‪ ,‬وعيسى بن عمر الثقفي ‪,‬‬
‫وأبي عمر بن العالء ‪,‬ويونس بن حبيب وطالت صحبته للخليل بن أحمد ‪.‬‬
‫علمه ومكانته‬
‫يعد الكسائي المؤسس الحقيقي لمدرسة الكوفة ‪ ,‬وإليه يرجع الفضل األكبر في‬
‫تحديد منهجها ‪ ,‬ووضع مصطلحاتها ‪,‬وقد سما به علمه واجتهاده إلى االتصال‬
‫بالخلفاء ‪ ,‬وقد كانت للكسائي مكانة أدبيه رفيعة كان مصدرها علم القراءات‬
‫القرآنية الذي اتجه إليه في بدء حياته الدراسية ‪ ,‬وقد اختار لنفسه قراءة خاصة هي‬
‫إحدى القراءات السبع المتواترة ‪ ,‬إلى جانب علو كعبه في اللغة ‪.‬‬
‫مؤلفاته‬
‫كتاب ‘‘ معاني القران ‘‘ و‘‘ مختصر النحو ‘‘ و ‘‘ القراءات ‘‘ و‘‘ما تلحن فيه العوام‬
‫‘‘ وغيرها ‪.‬‬
‫آثـاره‬
‫‪ .1‬تأسيسه للمدرسة الكوفية ‪ ,‬فهو يعد أمامها وهو الذي وضع رسومها ووطأ‬
‫منهجها‪.‬‬
‫‪ .2‬التوسع في القياس فلم يقف عند المستعمل الشائع على األلسن ‪ ,‬وال عند أعرب‬
‫البدو ؛ بل مده ليشمل ما ينطق به العرب المتحضرون ‪.‬‬
‫‪. 3‬إعادة النظر في التأصيل العام لقواعد النحو بأن يفسح فيها للقراءات الشاذة وبذلك‬
‫خرج إلى صورة جديدة في النحو ‪.‬‬
‫تالميذه‬
‫تالمذته كثيرون منهم الفراء ( ت ‪207‬هـ ) وهشام الضرير (ت ‪209‬هـ ) وعلي‬
‫المبارك ( ت ‪249‬هـ ) وعلي بن سعيد اللحياني ( ت ‪220‬هـ ) وابو عبيد القاسم بن‬
‫سالم ( ت ‪224‬هـ )وغيرهم ‪.‬‬
‫وفاته‬
‫مات هو ومحمد الحسن صاحب المذهب الحنفي في يوم واحد سنه ‪189‬هـ ؛ فقال‬
‫الرشيد ‪ " :‬اليوم دفنت الفقه والنحو برْن ُبَو ية "‬

‫‪28‬‬
‫الفراء‬
‫( الطبقة الثالثة الكوفية )‬
‫هو أبو زكريا يحيى بن زياد بن عبد هللا ‪ ,‬الملقب بالفراء ‪.‬‬
‫نشأته‬
‫ولد بالكوفة عام ‪144‬هـ ‪ ,‬من أصل فارسي ‪ ,‬كان مولى لبني أسد لقب بالفّر اء ؛‬
‫ألنه كان يفري الكالم ‪ ,‬أي يقطعه ويفصل القول فيه ‪ ,‬وعكف منذ نشأته على حلقات‬
‫الدراسة التي كانت تعقد بالكوفة ؛ تبّح ر في علوم متنوعة ؛ فكان فذا في معرفة أيام‬
‫العرب وأشعارها وأخبارها ‪ ,‬و الفلسفة والنجوم ‪ ,‬وتقصي أطراف علم النحو ؛‬
‫حتى قيل فيه ‪ :‬أمير المؤمنين في النحو ‪ .‬ذهب إلى بغداد ‪ ,‬ورغب في االتصال‬
‫بالمأمون ؛حتى وصله به ثمامة بن أشرش ؛ فحاطه الخليفة بعنايته ‪ ,‬ورغب إليه أن‬
‫يؤدب ابنيه ‪,‬كما اقترح عليه أن يؤلف كتابا يجمع فيه أصول النحو ‪ ,‬وهّيأ له دارا‬
‫خاصة فيها وسائل النعيم ‪ ,‬ومازال الفراء وجيها عند أمير المؤمنين مغبوط‬
‫المنزلة ‪,‬يؤلف ويفيض من علمه ‪.‬‬
‫شيوخه‬
‫اخذ عن الكسائي ‪ ,‬وأبي جعفر الرؤاسي ‪ ,‬ويونس بن حبيب ‪ ,‬وغيرهم ‪.‬‬
‫آثاره‬
‫‪ -1‬وضعه النهائي للنحو الكوفي ؛ فكان يحاول أن يضع تفسيرا جديدا لبعض‬
‫الكلمات و األدوات ‪ ,‬وأن يضع في النحو مصطلحات جديدة ‪ ,‬أسهمت في تكوين‬
‫مدرسة كوفية مميزة‪.‬‬
‫‪ -2‬بسط السماع والقياس وتوسيعهما ‪ ,‬حتى في القراءات ؛ فقد كان يتوسع في‬
‫الرواية عن األعراب المتحضرين ‪ ,‬وقد يمد القياس إلى أحكام لم ترد في القران ‪,‬‬
‫وال على ألسنة العرب غير ملتفت الى السماع ‪.‬‬

‫مؤلفاته‬
‫كتاب ‘‘ معاني القران ‘‘ و‘‘ الحدود ‘‘ و‘‘ المذكر والمؤنث ‘‘ و‘‘ النوادر ‘‘ وغيرها‬
‫تالميذه‬

‫‪29‬‬
‫نبع على يد الفراء كثير من تالميذه منهم سلمه بن عاصم (ت ‪273‬هـ)وأبو عبد هللا‬
‫الطوال(ت ‪243‬هـ) ويعقوب بن السكيت (ت ‪244‬هـ) وثعلب( ت ‪291‬هـ )‬
‫وغيرهم‪.‬‬
‫وفاته‬
‫توفي سنة ‪207‬هـ وهو في طريقه إلى مكة ‪ ,‬وقد بلغ من العمر ‪ 63‬عاما‪.‬‬

‫* االختالف بين المدرستين البصرية والكوفية *‬


‫‪ .1‬أهم وجوه االختالف بين المدرستين االتساع في رواية األشعار‪ ,‬وعبارات‬
‫اللغة ؛ ففي حين كانت المدرسة البصرية تشدد تشددا جعل أئمتها ال يثبتون في‬
‫كتبهم النحوية إال ما سمعوه ممن اعتقدوا أنهم عرب فصحاء سلمت فصاحتهم من‬
‫التأثر باللغات الدخيلة قيس وتميم وأسد وقريش وبعض كنانة وبعض الطائيين ‪ ,‬كان‬
‫الكوفيون يتسعون في الرواية ؛ فيأخذون عمن سكن حواضر العراق من العرب‬
‫ممن كان البصريون يتحرجون في األخذ عنهم ‪.‬‬
‫‪ .2‬كذلك اختلفوا في مسألة القياس ‪ ,‬وضبط القواعد النحوية ؛ فقد اشترط‬
‫البصريون في الشواهد التي يكون منها القياس أن تكون جارية على ألسنة‬
‫العرب ‪ ,‬وأن تكون كثيرة االستعمال بحيث تمثل اللغة الفصحى خير تمثيل ‪ ,‬أما‬
‫الكوفيون فقد اعتدوا بأقوال المتحضرين من العرب وأشعارهم ‪ ,‬كما اعتدوا‬
‫باألشعار و األقوال الشاذة التي سمعوها على ألسنة الفصحاء والتي نعتها‬
‫البصريون بالخطأ والشذوذ حتى قيل ‪ " :‬لو سمع الكوفيون بيتا واحدا فيه جواز‬
‫شيء مخالف لألصول جعلوه أصال و بوبوا عليه بخالف البصريين " ‪.‬‬

‫نتائج الخالف بين المدرستين ‪:‬‬


‫ترتب على الخالف بين المدرستين اختالف البلدان التي انتشر فيها النحو في‬
‫فروع كثيرة جدا ‪ ,‬وذهب كل منها ينصر مذهبه بأدلة نقلية وعقلية ‪ ,‬وفق منهجه ‪,‬‬
‫واحتدم الخالف في ذلك طويال ‪ ,‬وقد ألف في بعض هذه المسائل مؤلفات ‪ ,‬وألفت‬
‫أخرى جمعت قدرا منها ‪ ,‬من هذه المؤلفات ‪ " :‬اإلنصاف في مسائل الخالف بين‬
‫النحويين البصريين والكوفيين "ألبي البركات كمال الدين األنباري (ت ‪577‬هـ) ‪" ,‬‬
‫التبيين في مسائل الخالف بين البصريين والكوفيين"ألبي البقاء العكبري ( ت‬
‫‪616‬هـ )‪ ,‬و" اإلسعاف في مسائل الخالف " البن إياز البغدادي ( ت‪681‬هـ)‬
‫سرد لبعض مسائل الخالف بين الكوفيين والبصريين‪:‬‬

‫‪30‬‬
‫حسب ما ذكره الكمال أبو البركات األنباري في كتاب ( اإلنصاف في مسائل‬
‫الخالف ) وأبو البقاء العكبري في كتاب (التبيين في مسائل الخالف بين البصريين‬
‫والكوفيين) ‪:‬‬
‫‪ -1‬االسم مشتق من السمو عند البصريين‪ .‬وقال الكوفيون من الوسم‪.‬‬
‫‪ -2‬األسماء الستة معربة من مكان واحد‪ .‬وقال الكوفيون من مكانين ‪.‬‬
‫‪ -3‬الفعل مشتق من المصدر‪ .‬وقالوا المصدر مشتق من الفعل ‪.‬‬
‫‪ -4‬األلف والواو والياء في التثنية والجمع حروف إعراب‪ .‬وقالوا إنها إعراب‪.‬‬
‫‪ -5‬االسم الذي فيه تاء التأنيث كطلحة ال يجمع بالواو والنون‪ .‬وقالوا يجوز‪.‬‬
‫‪ -6‬فعل األمر مبني‪ .‬وقالوا معرب‪.‬‬
‫‪ -7‬المبتدأ مرتفع باالبتداء والخبر بالمبتدأ‪ .‬وقالوا المبتدأ يرفع الخبر والخبر يرفع‬
‫المبتدأ‪.‬‬
‫‪ -8‬الظرف ال يرفع االسم إذا تقدم عليه‪ .‬وقالوا يرفعه‪.‬‬
‫‪ -9‬الخبر إذا كان اسما محضا ال يتضمن ضميرا‪ .‬وقالوا يتضمن‪.‬‬
‫‪ -10‬إذا جرى اسم الفاعل على غير من هو له وجب إبراز ضميره‪ .‬وقالوا ال يجب‪.‬‬
‫‪ -11‬يجوز تقديم الخبر على المبتدأ‪ .‬وقالوا ال يجوز‪.‬‬
‫‪ -12‬االسم بعد لوال يرتفع باالبتداء‪ .‬وقالوا بها أو بفعل محذوف قوالن لهم‪.‬‬
‫‪ -13‬إذا لم يعتمد الظرف وحرف الجر على شيء قبله لم يعمل في االسم الذي بعده‪،‬‬
‫وقالوا يعمل‪.‬‬
‫‪ - 14‬العامل في المفعول الفعل وحده‪ ،‬وقالوا الفعل والفاعل معا‪ .‬أو الفاعل فقط‪ .‬أو‬
‫المعني‪ ،‬أقوال لهم‪.‬‬
‫‪ -15‬المنصوب في باب االشتغال بفعل مقدر‪ ،‬وقالوا بالظاهر‪.‬‬
‫‪ -16‬األولى في باب التنازع إعمال الثاني‪ ،‬وقالوا األول‪.‬‬
‫‪ -17‬ال يقام مقام الفاعل الظرف والمجرور مع وجود المفعول الصريح‪ ،‬وقالوا‬
‫يقام‪.‬‬

‫‪31‬‬
‫‪ -18‬نعم وبئس فعالن ماضيان‪ ،‬وقالوا اسمان‪.‬‬
‫‪ -19‬أفعل في التعجب فعل ماض‪ ،‬وقالوا اسم‪.‬‬
‫‪ -20‬ال يبنى فعل التعجب من األلوان‪ ،‬وقالوا يبني من السواد والبياض فقط‪.‬‬

‫من االختالف بين البصريين والكوفيين في المصطلحات النحوية ‪:‬‬

‫‪32‬‬
‫المدرسة البغدادية ‪:‬‬

‫‪33‬‬
‫( نشأتها ‪ ,‬مالمحها ‪ ,‬علماؤها ( بغداديون غلبت عليهم النزعة البصرية ‪,‬بغداديون‬
‫غلبت عليهم النزعة الكوفية ‪ ,‬بغداديون جمعوا بين المذهبين ) بعض القواعد‬
‫الترجيحية ‪ ,‬آراؤهم االجتهادية ‪ ,‬اضمحالل المذهب البغدادي)‪.‬‬
‫نشأة المدرسة البغدادية ‪:‬‬
‫نشأْت المدرسة البغدادية بعد منتصف القرن الثالث الهجري ‪.‬‬
‫وكنا قد عرفنا سابقا أن الطور الثالث من أطوار النحو العربي ( طور النضج‬
‫والكمال) قد على يد نحاة المدرستين بعد أن توطدت أقدامهم في بغداد ‪ ,‬وكانت‬
‫مناظراتهم تتم على مرأى من العلماء الذين تنوعت اختياراتهم بين تأييد المذهب‬
‫البصري ‪ ,‬أو المذهب الكوفي ‪ ,‬وبين مزج بين المذهبين ‪,‬ثم عرض العلماء‬
‫المذهبين على بساط البحث والنقد ؛ مما مهد لقيام المذهب البغدادي ‪.‬‬
‫وقد اتبع نحاة بغداد في القرن الرابع الهجري نهجا جديدا في دراستهم النحوية‬
‫يقوم على االنتخاب بين آراء المدرستين البصرية والكوفية ‪ ,‬وكان من أهم ما هيأ‬
‫لهذا االتجاه الجديد ‪ :‬أن أوائل هؤالء النحاة تتلمذوا للمبرد وثعلب ‪ ,‬وبهذا نشأ جيل‬
‫من النحاة يحمل آراء مدرستيهما ‪.‬‬
‫مالمح هذه المدرسة ‪:‬‬
‫غلبة النزعة الكوفية عليها في بادئ االمر ‪.‬‬ ‫‪-1‬‬
‫الخلط بين آراء المدرستين ‪:‬مع نزعة مذهبيه بصرية تمثلت في الزجاجي‬ ‫‪-2‬‬
‫وخلقه أبو علي الفارسي ‪ ,‬وتلميذه ابن جني ‪,‬وكانا أشد منه تأثرا بآراء‬
‫المدرسة البصرية حتى أن هذا المذهب غلب على البغداديين من بعدهم‬
‫الميل إلى الترجيح بين اآلراء الفريقين واختيار الصائب ‪.‬‬ ‫‪-3‬‬
‫وضع بعض اآلراء االجتهادية ‪.‬‬ ‫‪-4‬‬

‫نحاة مدرسة بغداد ‪:‬‬


‫‪34‬‬
‫أ‪ -‬بغداديون غلبت عليهم النزعة البصرية ‪:‬‬
‫(الزجاج وتلميذه الزجاجي ‪ ,‬أبو علي الفارسي وتلميذه ابن جني ‪ ,‬ابن السراج )‬
‫* الزجاج ‪:‬‬
‫أبو إسحاق إبراهيم السري ‪ ,‬لقب بالزجاج أنه كان يخرط الزجاج ‪ ,‬نشأ ببغداد وتلقى‬
‫عن ثعلب (كوفي) ثم المبرد(بصري) ( ت ‪310‬هـ ) أهم مؤلفاته ‪( :‬المختصر في‬
‫النحو ) ‪ ( ,‬شرح أبيات سيبويه ) ‪.‬‬
‫الزجاجي ‪:‬‬ ‫*‬
‫أبو القاسم عبد الرحمن بن إسحق من اهل نهاوند ‪ ,‬لزم الزجاج البصري وقرأ عليه‬
‫النحو ومنه لقب بالزجاجي ‪ ( ,‬ت ‪337‬هـ ) أهم مؤلفاته ‪ :‬كتاب ( الجمل ) وكتاب‬
‫( األمالي )‬
‫* أبو علي الفارسي ‪:‬‬
‫أبو علي الحسن بن أحمد الفارسي ‪ ,‬أخذ النحو عن البصريين من البغداديين األوائل‬
‫و منهم الزجاج و ابن السراج ‪ ,‬وابن الخياط ‪ ,‬وأكّب على حلقة أبي بكر األنباري‬
‫تلميذ ثعلب من الكوفيين ‪ ( .‬ت ‪377‬هـ ) أهم تالميذه (ابن جني ) من مصنفاته‬
‫( الحجة في القراءات السبعة )‪ ( ,‬اإليضاح ) و ( التكملة ) في النحو ‪.‬‬
‫* ابن جني ‪:‬‬
‫أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي ‪ ,‬تتلمذ على يد أبي علي الفارسي والزمه ‪,‬‬
‫وعلى أحمد الموصلي ‪ ,‬وبعض تالميذ المبرد مثل ‪ :‬محمد ابن أبي سلمه ‪ ,‬وابن‬
‫مقسم تلميذ ثعلب ( ت ‪392‬هـ ) من تالميذه علي بن عمرو القزويني ‪.‬‬
‫و مصنفاته عديدة أهمها ‪( :‬الخصائص ) ‪ ( ,‬المحتسب ) ‪ ( ,‬سر صناعة اإلعراب )‬
‫* ابن السراج ‪:‬‬
‫أبو بكر بن السري سمع من المبرد وقرأ عليه كتاب سيبويه ‪ ( ,‬ت ‪316‬هـ ) من‬
‫مؤلفاته ‪ ( :‬كتاب األصول ) و ( شرح كتاب سيبويه )‬

‫‪35‬‬
‫ب‪ -‬بغداديون غلبت عليهم النزعة الكوفية ‪:‬‬
‫( ابن األنباري )‬
‫* ابن االنباري ‪:‬‬
‫أبو بكر محمد بن القاسم األنباري ‪ ,‬كان اعلم الناس ‪ ,‬وأفضلهم في نحو الكوفيين‬
‫أقام مع أبوه في بغداد وأخذ عنه ‪ ,‬وعن ثعلب وغيرهما ‪ ( .‬ت ‪327‬هـ ) أهم‬
‫مصنفاته ( غريب الحديث ) و ( األضداد) و ( الكافي ) و ( الواضح ) في النحو ‪.‬‬
‫ج‪ -‬بغداديون جمعوا بين المذهبين ‪:‬‬
‫(ابن كيسان ‪ ,‬األخفش الصغير )‬
‫* ابن كيسان ‪:‬‬
‫أبو الحسن محمد بن احمد بن إبراهيم بن كيسان النحوي من أوائل أئمة المدرسة‬
‫البغدادية ‪ ,‬أخذ عن المبرد وثعلب ‪ ( .‬ت ‪299‬هـ ) ومن أهم مصنفاته ‪ ( :‬المهذب‬
‫في النحو ) و ( المختار في علل النحو )‬
‫* األخفش الصغير ‪:‬‬
‫أبوالحسن علي بن سليمان بن الفضل األخفش األصغر ثالث الثالثة المشهورين ‪,‬‬
‫أخذ عن المبرد وثعلب واليزيدي ( ت ‪315‬هـ ) أهم كتبه ( شرح كتاب سيبويه ) و‬
‫( التثنية والجمع )‪..‬‬
‫من القواعد الترجيحية للمدرسة البغدادية ‪:‬‬
‫* جعل اسم المصدر يعمل على فعله ( على مذهب الكوفيين)‪.‬‬
‫* جواز نداء المعّر ف بال في االختيار دون التوصل إليه بأي أو اسم اإلشارة ‪.‬‬
‫* جعل المصدر المنون يعمل فعله ( على مذهب البصريين )‪.‬‬
‫من آراءهم االجتهادية ‪:‬‬
‫جواز تعريف الحال مطلقا ‪.‬‬ ‫‪-1‬‬
‫جواز عدم الفصل بين أن المخففة والفعل المتصرف ‪.‬‬ ‫‪-2‬‬
‫جواز إتباع محل المعطوف عليه مع عدم أصالته ‪.‬‬ ‫‪-3‬‬

‫‪36‬‬
‫اضمحالل المذهب البغدادي ‪:‬‬
‫بعد استيالء بني بويه على بغداد تفرق شأن الخالفة العباسية ‪ ,‬وتمزق شمل‬
‫العلماء ومنهم النحاة فأخذوا في الترحل الى الشام ومصر واالندلس ‪.‬‬

‫ترجمة ألشهر نحاة المدرسة البغدادية ‪:‬‬


‫( أبو علي الفارسي – ابن جني )‬
‫أبو علي الفارسي‬
‫أبو علي الفارسي المشهور في العالم اسمه المعروف تصنيفه ورسمه واحد زمانه‬
‫في علم العربية كان كثير من تالمذته يقول ‪ :‬هو فوق المبرد ‪.‬‬
‫هو أبو علي الحسن بن احمد بن عبد الغفار بن محمد بن سليمان بن أبان الفارسي‬
‫أمه سدوسية من سدوس شيبان ‪ .‬ولد بفَس ا من أرض فارس سنة ‪288‬هـ ‪,‬وتوفي‬
‫ببغداد سنة‪377‬هـ في أيام الطائع هلل ‪.‬‬
‫أخذ النحو عن جماعة كأبي إسحاق الزجاج وأبي بكر بن السراج ‪ ,‬وأبي بكر‬
‫مبرمان ( ت ‪345‬هـ ) وأبي بكر ابن الخياط (ت ‪320‬هـ ) وطوف كثيرا في بالد‬
‫الشام ومضى إلى طرابلس ؛ فأقام بحلب مدة ‪,‬وخدم سيف الدولة ابن حمدان ‪ ,‬ثم‬
‫انتقل الى بالد فارس ولقي من عضد الدولة بن بويه كل التقدير ‪.‬‬
‫كان أبو علي الفارسي بحق حامل راية اإلعراب ولواء الصرف بال منازع ؛ إذ لم‬
‫يقتصر أثر علمه على معاصريه ؛ بل تعداهم إلى كثير من العلماء الذين تتلمذوا‬
‫على كتبه ‪ ,‬وأخذوا عنه آراءه ؛ فأبن هشام يتتبع أقوال أبي علي ‪ ,‬ويذكرها في‬
‫كتبه كذالك عبد القادر البغدادي ‪ ,‬فقد نقل عن الفارسي نصوصا كاملة في كتبه ‪.‬‬
‫وقد توالت كتب النحو التي ألفت بعد عصر أبي علي ذاكرة اسمه وآرائه ؛الن النحاة‬
‫استفادوا من علمه ‪ ,‬وهذا ما فعله ابن يعيش وابن مالك وابن هشام والسيوطي وابن‬
‫سيدة ‪ ,‬وآخرون ‪ .‬وكان نشاط أبي علي في إجراء اإلعراب ووجوه التخريجات مددا‬
‫سخيا لكل المعربين الذين جاءوا بعده ؛ فقد قيل عن تأثر ابن الشجري بالفارسي ‪:‬‬
‫‘‘ انه موصول النسب النحوي بأبي علي " إذ نجد أن قدرا كبيرا من اآلراء التي‬
‫ساقها ابن الشجري غير معزوة انما ترجع الى مصنفات أبي علي ‪.‬‬

‫‪37‬‬
‫مؤلفاته ‪:‬‬
‫بلغت ‪ 30‬مصنفا منها ‪:‬‬
‫‪( -‬الحجة في القراءات السبع ) يحتج فيه لكل قراءة من اللغة والشعر وماجاء من‬
‫آراء البصريين والكوفيين ‪ ,‬مع نزعة بصرية قوية ‪.‬‬
‫‪ ( -‬التذكرة في النحو ) وهو كبير في مجلدات ولخصه أبو الفتح عثمان بن جني ‪.‬‬
‫‪ ( -‬االيضاح النحوي ) ألفه بأمر عضد الدولة بن بويه ‪ ,‬ولذالك يعرف باإليضاح‬
‫العضدي ‪ .‬وقد عني جمع من النحاة بشرحه ؛ فشرحه عبد القاهر الجرجاني‬
‫بشرحين مطول ومختصر ‪ ,‬وشرحه ابن الحاجب وابن األنباري و أبو البقاء‬
‫العكبري ‪ ,‬وعلي ابن عيسى الربعي وغيرهم ‪.‬‬
‫‪( -‬مختصر عوامل اإلعراب ) وهي مائة عامل و( المسائل الحلبية )و ( المسائل‬
‫البغدادية ) و( المسائل العسكرية ) ‪ ........‬وله تعليقة على كتاب سيبويه ‪.‬‬
‫ابن جني‬
‫هو أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي ‪ ,‬من أحذق أهل األدب ‪ ,‬و أعلمهم بالنحو‬
‫والتصريف ‪ ,‬وصنف في ذلك كتبا أبهر بها على المتقدمين ‪ ,‬وأعجز المتأخرين ‪.‬‬
‫ولم يكن في شيء من علومه أكمل منه في التصريف ‪ ,‬ولم يتكلم أحد في التصريف‬
‫أدق كالما منه‪.‬‬
‫ولد بالموصل سنة ‪322‬هـ ‪ ,‬وفيها أخذ النحو على يد أحمد الموصلي ‪ ,‬واألخفش ‪.‬‬
‫لزم أبا علي الفارسي أربعين سنه ‪ ,‬وقرأ عليه األدب والنحو والصرف ‪ .‬وارتحل‬
‫معه الى بغداد والشام ومن تالمذته الثمانيني و عبدالسالم البصري ‪ ,‬وأبو الحسن‬
‫السمسمي ‪ .‬توفي ببغداد سنة ‪392‬هـ ‪.‬‬
‫وكان ابن جني بغداديا ينتخب من المدرستين البصرية والكوفية ما يراه أولى‬
‫باالتباع ‪ ,‬مع االجتهاد في وضع بعض القواعد النحوية أسوة بأستاذة أبا علي ‪.‬‬
‫والبن جني من التصانيف ما يربو عن الخمسين مصنف في اللغة والنحو والصرف‬
‫يمثل ذلك كتابه الشهير (الخصائص) وله مؤلفات في األدب أكثرها في شرح أشعار‬
‫المتنبي ‪ ,‬و (المحتسب في إيضاح وجوه الشواذ من القراءات )‪ ,‬باإلضافة إلى ( سر‬
‫الصناعة ) و( شرح المقصور والممدود) و( مختصر التصنيف) و (تفسير أرجوزة‬
‫أبي نواس ) و( اللمع ) و ( المذكر والمؤنث ) و( المنصف في التصريف )‬
‫وغيرها‪.‬‬
‫‪38‬‬
‫النحو في مصر والشام ‪:‬‬
‫متى نشأ النحو في مصر والشام ؟‬
‫وصل النحو متأخرا إلى بالد الشام ومصر ‪ ,‬وتأخرت مشاركة نحاة القطرين في هذا‬
‫العلم عن فترة نشؤه ونموه في العراق ‪ ,‬وسبب ذلك أن العراق كان دائم االتصال‬
‫ببالد الحجاز المقدسة فسمع أهل العراق من الصحابة التابعين أحكام الدين ثم امتد‬
‫نظرهم إلى أمر اللغة والمحافظة على سالمتها إضافة إلى ما في العراق من حضارة‬
‫علميه سهلت عليهم تنظيم هذا العلم واستكمال بناءه ؛ أما الشام ومصر فكانا في أشد‬
‫الحاجة إلى تعلم الدين وعلومه ؛ فغلب العرب التابعين فيهما داعي الدين فساهم‬
‫القطران أوال في العلوم الشرعية والقراءات والحديث والفقه ‪ ,‬ثم جاء االهتمام‬
‫الحقا بعلوم العربية والنحو ‪.‬‬
‫ما األسباب التي أدت إلي تأسيس علم النحو في مصر و الشام ‪:‬‬
‫‪ -1‬ورود بعض علماء العراق إلى الشام ومصر ؛ فذهب إلى الشام منهم ‪:‬‬
‫الزجاجي ‪ ,‬أبو علي الفارسي ‪ ,‬ابن جني ‪ ,‬وذهب منهم إلى مصر عدد أيضا مثل ‪:‬‬
‫التبريزي ‪.‬‬
‫‪ -2‬رحالت عدد من علماء مصر والشام إلى العراق ؛ لتلقي العلم ‪.‬‬
‫‪ -3‬كان للدولة الحمدانية في الشام دورا بارزا في دعم العلماء ‪ ,‬واالهتمام بعلوم‬
‫العربية ‪ ,‬كون أصولهم عربية ‪ ,‬ثم جاء من بعدهم الفاطميون الذين كانت عنايتهم‬
‫أوفر مما قبلهم ؛ فاهتموا بالدواوين ثم جاء بعدهم األيوبين واستمرت عنايتهم بالنحو‬
‫وعلوم اللغة ‪.‬‬
‫طبيعة النحو في مصر والشام ‪:‬‬
‫‪ - 1‬كان النحو في بالد مصر والشام مشابه للنحو البغدادي في قوامه في المزج بين‬
‫أراء البصريين والكوفيين ‪.‬‬
‫‪ -2‬كان لكتاب سيبويه أثر بارزا في نمو النحو البلدين إذا انكب النحاة عليه فهما‬
‫وشرحا وتدريسا ‪.‬‬
‫‪ -3‬اتسم النحو في مصر والشام باتساع حركة التأليف‪ ,‬وتمثلت تلك الحركة في‬
‫شرح كتب القدماء والرد على بعض أرائهم ‪.‬‬

‫‪39‬‬
‫النشاط النحوي في مصر ‪:‬‬
‫كان طبيعيا أن تنشط دراسات النحو في مصر مبكرة مع العناية بضبط القران‬
‫الكريم وقراءاته ‪ ,‬ما دفع الى نشؤ طبقه من المؤدبين كانوا يعلمون الشباب في‬
‫الفسطاط ‪ ,‬واإلسكندرية مبادئ العربية حتى يحسنوا تالوة الذكر الحكيم ‪ ,‬ومن‬
‫أقدمهم عبد الرحمن بن هرمز تلميذ أبي األسود الدؤلي ‪ ,‬و أول نحوي حمل بمصر‬
‫راية النحو بمعناه الدقيق ‪ :‬وّالد بن محمد التميمي البصري األصل الناشئ‬
‫بالفسطاط ( ت ‪263‬هـ ) وقد رحل إلى العراق‪ ,‬فلقي الخليل بن أحمد وأخذ عنه ‪,‬‬
‫والزمه وسمع منه الكثير‪.‬‬
‫وتلت هذه الطبقة طبقه ثانية لمع فيها اسم أحمد بن جعفر ( ت ‪289‬هـ ) الذي‬
‫رحل موطنه دينور إلى البصرة في طلب النحو ‪ ,‬فأخذ عن المازني وحمل عنه‬
‫كتاب سيبويه ‪ ,‬وكان يعاصره محمد بن والد بن محمد التميمي على دراسة العربية‬
‫وبدأ بأخذ كل ما عند الدينوري ‪ ,‬ومعاصريه من النحاة المصريين أمثال محمود بن‬
‫حسان ‪.‬‬
‫ونزل في سنه ‪287‬هـ بمصر نحوي بصري من تالميذ المبرد هو علي بن سليمان‬
‫االخفش الصغير وظل بها حتى سنة ‪300‬هـ يعلم النحو واللغة ‪ ,‬وله تصانيف‬
‫مختلفة فيه ‪ ,‬من أهمها شرحه على كتاب سيبويه ‪ ,‬وكان يتعصب للمبرد و‬
‫البصريين في تصانيفه ‪.‬‬
‫وما نكاد نمضي في القرن الرابع الهجري لعصر الدولة اإلخشيدية حتى ظهر طائفة‬
‫من النحاة النابهين ‪ ,‬في مقدمتهم ‪:‬‬
‫كراع النمل ( ت ‪316‬هـ) رحل إلى بغداد وأخذ عن النحويين البصريين والكوفيين ‪,‬‬
‫وكان يمزج في مصنفاته بين أرائهما ‪,‬وكان إلى أراء البصريين أميل ‪ .‬صنف في‬
‫اللغة كتبا مختلفة ‪ ,‬من أهمها ( المنجد )‪ ,‬ويقال إنه لقب بكراع النمل لقصره ‪.‬‬
‫وأنبه منه وأشهر أبو العباس أحمد بن محمد بن والد ( ت ‪332‬هـ ) ورث العناية‬
‫بالنحو واإلنكباب على درسه عن أبيه وجده ‪ ,‬وإليه صارت نسخة أبيه من كتاب‬
‫سيبويه التي أخذها عن المبرد ‪ ,‬وكان يعجب بذكائه وبصره بمسائل النحو وقدرته‬
‫على استنباط ‪ ,‬وعاد إلى موطنه ‪ ,‬وأخذ يفيد الطالب ويصنف في اللغة إلى أن توفي‬
‫وأخذ عن المنذر بن سعيد قاضي قضاة األندلس معجم العين المنسوب للخليل ‪.‬‬

‫‪40‬‬
‫ومن مصنفاته المطبوعة كتاب (المقصور والممدود )على حروف المعجم وهو‬
‫كتاب نفيس في بابه ‪ ,‬وله كتاب (االنتصار لسيبويه من المبرد ) وله أراء نحوية‬
‫مختلفة‪.‬‬

‫ومن علماء المدرسة المصرية ‪:‬‬


‫* ابن الحاجب ‪:‬‬
‫أبو عمر جمال الدين بن عمر بن أبي بكر الكردي األصل ‪ ,‬كان أبوه حاجبا لألمير‬
‫عز الدين الصالحي (ت ‪646‬هـ )‬
‫نشأ بالقاهرة ‪ ,‬وأكَّب على الدراسة والتحصيل ؛ حتى أصبح علما في الفقه على‬
‫مالك ‪ ,‬وفي األصول والنحو‪ ,‬وقد رحل إلى دمشق ‪ ,‬وأقبل الطالب يفيدون من علمه‬
‫الغزير ‪ ,‬ثم عاد إلى القاهرة ودرس النحو بالمدرسة الفاضلية‪.‬‬
‫كان دقيق النظر‪ ,‬فخاض في تعليالت كثيرة مستنبطا منها ماال يكاد يظفر به عند‬
‫أحد ‪ ,‬ومن ذلك ‪ :‬تعليله بناء االسم بشبه للحرف من وجه واحد ‪ ,‬ومنعه االسم من‬
‫الصرف بشبهه للفعل من وجهين ‪.‬‬
‫و له أراء أتفق فيها مع بعض النحاة ‪ ,‬وأخرى خالف فيها جمهرتهم ومن هذه‬
‫اآلراء ‪:‬‬
‫‪ -1‬أن اإلعراب لفظي ال معنوي ‪.‬‬
‫‪ -2‬أن األسماء قبل تركيبها في صيغ وعبارات مبنية‬
‫له مصنفات كثيرة ‪ ,‬ومن أهمها ‪ (:‬الكافية ) في النحو ‪ ,‬طبع مرارا بشرح الرضي‬
‫االستراباذي وغيره ‪(,‬الشافية ) في فن التصريف ‪ ,‬وشرحه مطبوع‪.‬‬
‫* ابن هشام‬
‫جمال الدين عبدا هلل بن يوسف بن احمد بن عبدا هلل بن هشام األنصاري المصري‬
‫ولد بالقاهرة سنة‪708‬هـ ‪ ,‬وبها توفى سنة ‪761‬هـ ‪,‬وله مصنفات كثيرة منها ‪:‬‬
‫كتاب ( مغنى اللبيب عن كتب األعاريب ) و (أوضح المسالك ألفية ابن مالك )‬
‫( قطر الندى وبل الصدأ ) و ( اإلعراب عن قواعد اإلعراب )‬
‫ومنهجه هو منهج المدرسة البغدادية ‪.‬‬

‫‪41‬‬
‫* ابن بابشاذ‬
‫أبو الحسن طاهر بن احمد المصري (ت ‪469‬هـ ) أصله من الديلم ‪ ,‬وفد العراق‬
‫تاجرا ولكنه انصرف إلى طلب العلم ‪,‬فأخذ عن نحاة بغداد وعلمائها ‪ ,‬ثم اتجه إلى‬
‫مصر وتصدر للتدريس في جامع عمرو بن العاص ‪ ,‬وله تصانيف في النحو منها‪:‬‬
‫( المقدمة في النحو وشرحها ) و( شرح الجمل للزجاجي )و ( شرح األصول البن‬
‫السراج)‬
‫* ابن بري‬
‫أبو محمد عبد هللا بن بري المصري ( ت ‪582‬هـ ) ‪ ,‬هو اكبر نحاة مصر مصري‬
‫المولد والمنشأ مقدسي األصل ‪ ,‬كان قيما بالنحو و باللغة وشواهدها ‪,‬له مصنفات‬
‫كثيرة ‪ ,‬منها ( حواش على درة الغواص في أوهام الخواص للحريري ) و ( حواش‬
‫على معجم الصحاح )‬
‫الحوفي‬ ‫*‬
‫أبو الحسن علي بن إبراهيم ‪ ,‬سمع من علماء مصر ‪ ,‬و بعض علماء المغرب‬
‫صنف في إعراب القران‪ ,‬وصنف أيضا في تفسير القران وعلومه ‪ ,‬وصنف‬
‫مصنفا استوفى فيه العلل واألصول في النحو سّماه ( الموضح )‬
‫نحاة متأخرون‬
‫كان للدراسات النحوية في مصر نشاط واسع ‪ ,‬أخذ يتكاثر بمرور الوقت ‪ ,‬وصنعوا‬
‫الشروح والحواشي على مصنفات ابن هشام وابن مالك ‪,‬منهم ‪:‬‬
‫* ابن عقيل‬
‫أبو عبد الرحمن بهاء الدين عبد هللا بن عبد الرحمن ( ت ‪769‬هـ ) ‪ ,‬وكان يعنى‬
‫بالقراءات والتفسير واألصول والفقه ‪ ,‬شرح ألفية ابن مالك ‪ ,‬وله شرح على‬
‫التسهيل البن مالك أيضا ‪.‬‬
‫* ابن الصائغ‬
‫شمس الدين محمد بن عبد الرحمن ( ت ‪776‬هـ ) الزم أبا حيان النحوي ‪ ,‬وله‬
‫مصنفات مختلفة ‪ :‬منها ( التذكرة ) في عدة مجلدات ‪ ,‬وشرح على ألفية ابن مالك‬

‫‪42‬‬
‫* خالد األزهري‬
‫زين الدين خالد بن عبد الرحمن ‪ ,‬أخذ العلم عن علماء مصر ‪ ( ,‬ت ‪905‬هـ ) له‬
‫عدة مصنفات نافعة ‪ :‬من مصنفاته النحوية ( المقدمة األزهرية ) في علم الغريب‬
‫وشرح عليها وشرح على كتاب ابن هشام (اإلعراب عن قواعد اإلعراب ) وشرح‬
‫األلفية ‪ ,‬وأهم شروحه (شروح التصريح على التوضيح) البن مالك ‪.‬‬
‫* السيوطي‬
‫أبو الفضل جالل الدين عبد الرحمن بن أبي بكر ‪ ,‬وهو من أغزر العلماء‬
‫المصرين في عصره تأليفا في جميع الميادين ‪ :‬في التفسير والحديث والفقه‬
‫والتاريخ والتراجم واللغة والنحو ‪ ( .‬ت‪911‬هـ ) ومن أنفس كتبه اللغوية ‪ :‬كتاب‬
‫(المزهر في علوم اللغة ) وله في النحو مصنفات مختلفة منها ‪ :‬كتاب ( االقتراح في‬
‫أصول النحو ) ‪ ,‬ومن مصنفاته في أصول لنحو وقواعده كتاب (األشباه والنظائر)‬
‫وكتاب ( جمع الجوامع ‪ ,‬وشرحه همع الهوامع ) في النحو ‪ ,‬و( بغية الوعاة في‬
‫طبقات اللغويين والنحاة )‬

‫نشأة النحو في بالد الشام‬


‫لم تكن الشام مهدا وثيرا للنحو كما كانت بالد المشرق ‪ ,‬وقد ذهب علماء الشام إلى‬
‫العراق وسمعوا من علمائه ثم نشروه في الشام ‪ ,‬كما ورد بعض علماء العراق‬
‫الشام وأقاموا فيها ‪ ,‬مثل ‪ :‬الزجاجي والفارسي وابن خالويه وابن جني ‪ .‬وقد كان‬
‫لتشجيع الدولة الحمدانية في الشام وتمجيدهم العروبة وعلماءها الداعي القوي في‬
‫تحبيب العلماء اإلقامة في الشام ‪.‬‬
‫ولما جاءت الدولة الفاطمية التي كانت العناية بالعلماء أوفر وبخاصة في الدواوين‬
‫حيث كانت تعين مراقب عليها ممن عرف بالنحو وعلوم العربية وممن تولى هذا‬
‫المنصب ابن بري وابن بابشاذ‪.‬‬
‫وجاءت الدولة األيوبية وهي وإن كانت كرديه األصل إال أنها كانت تجل العلماء‬
‫وتحبوهم ‪ ,‬وقد ورد في ترجمه الكندي أن األمير (فروخشاه) أحسن وفادته في‬
‫دمشق ‪ ,‬واستوزره وبوأ له مقاما رغيبا فيها حتى قضى نحبه ‪ ,‬وأن الملك عيسى‬
‫األيوبي تلقى عنه كتاب سيبويه وشرحه ‪ ,‬وإيضاح الفارسي ‪ ,‬وبلغ حبه للعربية‬
‫وإجالله ذويها أنه قد شرط لمن يحفظ المفصل للزمخشري مائه دينار‪.‬‬
‫لهذا ظهر بالشام في هذا العهد بعض علماء النحو الذين اخذوا عن أسالفهم فكانوا‬
‫كمن سبقهم يقفون مذاهب العراقيين ‪ ,‬وليس بخاٍف أن المشتغلين بالنحو في الشام‬
‫‪43‬‬
‫كانوا قليلي العدد لكثره الشغب فيها من عدوان الصليبين والتتر حينا بعد آخر حتى‬
‫آل األمر إلى المماليك‪.‬‬

‫نحاة الشام‬
‫* ابن يعيش‬
‫هو أبو البقاء موفق الدين يعيش بن علي بن يعيش نشأ بحلب ‪ ,‬ثم ارتحل إلى بغداد‬
‫ولم يطل المكوث فيها ‪,‬ثم عاد إلى حلب ‪ ,‬ثم رحل إلى دمشق ‪ ,‬ثم قفل ابن يعيش‬
‫بعد هذا التطواف إلى بلده حلب ‪ ,‬وأستقر فيها لإلفادة ‪ ( .‬ت‪643‬هـ ) من مؤلفاته‬
‫شرح على المفصل للزمخشري في غاية الجودة ‪.‬‬
‫* ابن معط‬
‫زين الدين أبو الحسين يحيى بن عبد المعطى الزواوي ولد بالمغرب ‪ ,‬رحل إلى‬
‫دمشق واستوطنها‪ ,‬ثم أرغبه الملك الكامل األيوبي في القدوم إلى مصر من مؤلفاته‬
‫(األلفية) في النحو التي سبق بها ألفية ابن مالك توفي بالقاهرة عام ‪628‬هـ‬
‫* ابن الحاجب‬
‫أبو عمر عثمان جمال الدين بن عمر الكردي األصل المشهور بابن الحاجب ولد ابن‬
‫الحاجب بإسنا ثم تعهده أبوه بالقاهرة ثم انتقل الى دمشق أشتهر بالتصانيف‬
‫المختصرة المنقحة في جملة من العلوم فمنها في النحو (اإليضاح) و(األمالي) و‬
‫(الكافيه) وشرحها توفي باإلسكندرية سنه ‪646‬هـ‬
‫* السخاوي‬
‫أبو الحسن علم الدين علي بن محمد ولد في سخا في مصر‪ ,‬ثم انتقل إلى دمشق‬
‫وسمع من الكندي وغيره ‪ ( ,‬ت ‪643‬هـ )ومن تصانيفه النحوية ( شرح أحاجي‬
‫الزمخشري ) وشرحان للمفصل وله ألغاز في النحو ‪.‬‬
‫* ابن الناظم‬
‫بدر الدين محمد بن محمد بن مالك ‪ ,‬ولد بدمشق وأخذ عن أبيه ‪ ,‬ثم أقام في بعلبك‬
‫من مؤلفاته النحوية شرحه على ألفيه والده ومات بدمشق سنه ‪ 686‬هـ‬

‫‪44‬‬
‫المدرسة األندلسية‬
‫يعد ُب عد بالد األندلس عن العراق ( مهد علم النحو ) سببا في تأخر ظهور النحو‬
‫فيها ‪ ,‬ولما توطد حكم المسلمين في هذه البالد ؛ اهتم والة وحكام األندلس بالعلم ‪,‬‬
‫وقربوا العلماء ‪ ,‬فكانت هناك رحالت لعلماء األندلس إلى المشرق ‪ ,‬وتوافد كثير من‬
‫علماء المشرق إلى األندلس ‪ ,‬كأبي علي القالي ؛ فظهر في األندلس علماء ضارعوا‬
‫علماء المشرق ‪ ,‬وانتشرت دراسة النحو في سائر المدن ‪.‬‬
‫نشأة النحو في األندلس ‪:‬‬
‫نشأت طبقة كبيرة من المؤدبين الذين كانوا يعلمون الشباب في قرطبة وغيرها من‬
‫الحواضر األندلسية مبادئ العربية ‪ ,‬عن طريق مدارسة النصوص واألشعار يدفعهم‬
‫إلى ذلك حفاظهم على القران الكريم ‪ ,‬وسالمة لغته وتالوته ؛ وبذلك كان أكثرهم‬
‫من قراء الذكر الحكيم ‪ ,‬وكان كثير منهم يرحلون إلى المشرق ؛ فيتلقون هذه‬
‫القراءات ويعودون إلى مواطنهم ؛ فيرسمونها للناس بجميع شارتها ‪,‬كما يرسمون‬
‫لهم العربية بمقوماتها اللغوية ‪ ,‬كما قام عدد من علماء األندلس برحالت إلى بالد‬
‫المشرق لالقتباس من علمائه ‪ ,‬ثم رجعوا إلى بالدهم ‪ ,‬إضافة إلى نزوح بعض‬
‫علماء المشرق إلى بالد المغرب ‪ ,‬نتيجة وجود مغريات مادية وأدبية مثل أبي علي‬
‫القالي‪.‬‬
‫سمات المدرسة األندلسية ‪:‬‬
‫‪ - 1‬تأخرت األندلس في عنايتها بالنحو البصري ‪ ,‬ألن علماءها كانوا يتدارسون‬
‫النحو على المذهب الكوفي اقتداء بمعلمهم األول النحوي جودي بن عثمان (‬
‫‪198‬هـ)‬
‫‪ -2‬كان لكتاب سيبويه عندهم مكانة عظيمة ‪ ,‬وكان حفظه عندهم عالمة النبوغ في‬
‫العربية ؛ فتكاثرت نسخه ‪ ,‬وألفوا حوله الشروح والتعليقات ‪.‬‬
‫‪ -3‬ثم ظهرت عندهم مالمح الميل إلى البغداديين خاصة أبي علي الفارسي وابن‬
‫جني ‪ ,‬بعد أن كانوا على المذهبين البصري والكوفي ‪.‬‬
‫‪ -4‬أصبح لألندلسيين شخصيتهم في النحو ودراساتهم ؛ فقد تعمقوا في مصنفاتهم‬
‫على مر العصور وتعمقوا في اتجاهاته ‪.‬‬

‫‪45‬‬
‫نحاة األندلس ‪:‬‬
‫* ابن الِس ْي د البطليوسي ‪:‬‬
‫أبو محمد عبد هللا بن محمد بن السيد البطليوسي النحوي (ت ‪ 521‬هـ ) كان يقرئ‬
‫الطالب النحو في قرطبة ‪ ,‬ثم في بلنسية ‪ ,‬وعني بكتاب ( الجمل ) للزجاجي فكتب‬
‫كتابا في اصطالح الخلل الواقع فيه بسبب ايجازه الشديد ‪ ,‬وآخر في شرح أبياته ‪,‬‬
‫وقد صنف في النحو كتابا سماه ( المسائل و األجوبة )‬
‫ابن الباذش‬ ‫*‬
‫أبو الحسين علي بن احمد بن خلف األنصاري الغرناطي (ت ‪528‬هـ ) كان ذا‬
‫معرفة واسعة بعلم العربية ‪ ,‬وصنف شروحا على كتب مختلفة للبصريين‬
‫والبغداديين ‪ ,‬مثل ‪ :‬كتاب سيبويه وكتاب المقتضب للمبرد وأصول ابن السراج‬
‫وجمل الزجاجي ‪ ,‬واإليضاح للفارسي ‪.‬‬
‫* السهيلي‬
‫هو أبو القاسم عبد الرحمن بن عبد هللا الضرير ‪ ,‬صاحب كتاب الروض االنف في‬
‫شرح السيرة النبويه (ت ‪581‬هـ ) وهو تلميذ ابن الطراوة ‪ ,‬وابن طاهر ‪ ,‬وكان‬
‫بارعا في العربية والتفسير وعلم الكالم ‪ ,‬ومن كتبه المتصلة بالدراسات النحوية‬
‫كتابه ( نتائج الفكر ) واشتهر بأنه صاحب استنباط دقيقة‪.‬‬
‫* ابن خروف‬
‫أبو الحسن علي بن يوسف بن علي الحضرمي (ت ‪609‬هـ ) كان إماما في العربية‬
‫أخذ النحو عن ابن طاهر ‪ ,‬واشتهر بمناظراته في العربية مع السهيلي و بشرحه‬
‫لكتاب سيبويه ‪ ,‬وكتاب (الجمل ) للزجاجي ‪ ,‬وله اختيارات كثيرة وخاصة من‬
‫مذهب البصريين‪.‬‬
‫الشلوبيني‬ ‫*‬
‫أبو علي عمر بن محمد (ت ‪645‬هـ ) تلميذ السهيلي ‪ ,‬والجزولي ‪ ,‬وإليه انتهت‬
‫رياسة النحاة في األندلس ‪ ,‬وبرع في تالميذه جلة من النحاة ‪,‬وله تعليق على كتاب‬
‫سيبويه ‪,‬وشرحان على ( الجزولية ) ‪ ,‬ومصنف في النحو سماه ( التوطئة )‬

‫‪46‬‬
‫من أعالم نحاة األندلس ‪:‬‬
‫* ترجمة ابن مالك‬
‫أبو عبد هللا جمال الدين محمد بن عبد هللا بن مالك الطائي ‪ ,‬سمع من الشلوبين في‬
‫األندلس ومن السخاوي بدمشق ‪ ,‬ومن ابن يعيش في حلب ‪ ,‬وتصدر إلقراء العربية‬
‫في حلب ثم في دمشق ( ت ‪672‬هـ )‪.‬‬
‫علمه ‪:‬‬
‫كان أمة في االطالع على كتب النحاة وآرائهم ‪ ,‬و في اللغة وأشعار العرب التي‬
‫يستشهد بها في النحو ‪ ,‬وكذلك في القراءات ورواية الحديث النبوي ؛ وجعله ذلك‬
‫يكثر من االستشهاد بالقرآن في مصنفاته ‪ ,‬فإن لم يكن فيه الشاهد عدل الى الحديث‬
‫فإن لم يجد فيه ما يريده من الشواهد ‪ ,‬عدل إلى أشعار العرب ‪ ,‬و يعد أول من‬
‫استكثر من رواية الحديث في النحو‪.‬‬
‫اختياراته ‪:‬‬
‫البن مالك اختيارات كثيرة من مذاهب البصريين والكوفيين والبغداديين ‪,‬وسابقيه‬
‫من األندلسيين ‪ ,‬غير أراء اجتهادية ينفرد بها ‪ ,‬فما اختاره ‪:‬‬
‫‪ -1‬من مذاهب البصريين ‪:‬‬
‫‪ -‬ما ذهب إليه سيبويه من أن ( نون الرفع مع المضارع المجموع هي المحذوفة في‬
‫مثل‪ ( :‬تأمروني )‬
‫‪ -‬مذهب المبرد في أنه ( يجوز دخول الم االبتداء على معمول الخبر المقدم عليه إذا‬
‫كان ظرفا أو جارا أو مجرورا مثل ‪( :‬إن محمدا لبك واثق ) ‪.‬‬
‫‪ -‬أكثر من اختيار آراء األخفش ‪.‬‬
‫‪ -2‬في كثير من المسائل التي ينفرد به الكوفيين نراه يختار رأيهم ‪.‬‬
‫‪ -3‬اختار آراء البغداديين في كثير من المسائل ‪.‬‬
‫‪ -4‬كان أحيانا يأخذ برأي أسالفه من األندلسيين ‪.‬‬

‫‪47‬‬
‫آراؤه ‪:‬‬
‫البن مالك وراء هذه االختيارات من مذاهب النحاة السابقين آراء كثيرة منها‪:‬‬
‫‪ -1‬أن عالمات اإلعراب جزء من ماهية الكلمات المعربة ‪ ,‬بينما كان يرى الجمهور‬
‫أنها زائدة عليها‪.‬‬
‫‪ -2‬جواز تثنية اسم الجمع والجمع المكسر‪.‬‬
‫‪ -3‬جواز حذف عائد الموصول قياسا على حذفه في الخبر ‪.‬‬
‫مذهبة ‪:‬‬
‫كان يذكر الشاذ وال يقيس عليه كما يصنع الكوفيون ‪ ,‬وأيضا ال يْع َم د إلى تأويله كما‬
‫يصنع البصريون كثيرا ‪ ,‬وكان رائده دائما السماع ؛ فهو ال يدلي بحكم دون سماع‬
‫يسنده ‪,‬وكان عقله دقيقا ‪ ,‬ولم يستغله في تمثل آراء السالفين من النحاة ‪ ,‬واستنباط‬
‫اآلراء الجديدة فحسب ؛ بل استغله أيضا في تحرير مباحث النحو ومصطلحاته‬
‫وتذليل مشاكله ومصاعبة‪.‬‬
‫مؤلفاته ‪:‬‬
‫( الكافية الشافية ) استوعب فيها كل ما سمعه وَش َر َح ها ‪( ,‬األلفية ) وهي ملخص‬
‫الكافية ‪ ,‬طبقت شهرتها األفاق ‪ ,‬وترجمت إلى لغات ‪,‬وعليها شروح كثيرة من هذه‬
‫الشروح ‪ ( :‬شرح الناظم وشرح المرادي وشرح ابن عقيل) و ( تسهيل الفوائد‬
‫وتكميل المقاصد )‪.‬‬
‫ابن مضاء القرطبي‬
‫أبوالعباس أحمد بن عبد الرحمن اللخمي القرطبي ‪ ,‬نشأ بقرطبة في بيت حسب محبا‬
‫للعلم ‪ ,‬أخذ عن ابن الرماك في إشبيلية كتاب سيبويه تفهما وسمع عليه ‪ ,‬وعلى غيره‬
‫من الكتب النحوية واللغوية واألدبية ما ال يحصى ‪ ,‬امتد فهمه إلى سائر العلوم من‬
‫األصول والهندسة وغيرها ‪ ,‬كان وحيد عصره وتولى رياسة القضاء في عهد أمير‬
‫المؤمنين يوسف بن عبد المؤمن من دولة الموحدين ( ت ‪592‬هـ )‬
‫كتبه ‪:‬‬
‫كتاب (الُم ْش ِر ق في النحو) و كتاب (الرد على النحاة ) رد في هذا الكتاب على نحاة‬
‫المشرق وفند بعض قواعدهم ‪ ( :‬اعتبار العامل ‪ ,‬توجيه العلل ‪ ,‬اعتبار القياس ‪,‬‬
‫التعويل على التمارين الفرضية ‪ .‬كتاب ( تنزيه القران عما ال يليق بالبيان ) ‪.‬‬

‫‪48‬‬
‫ثالثا ‪ -‬تعريف بأشهر كتب النحو ‪:‬‬
‫‪( -‬الكتاب ) لسيبويه‬
‫أول كتاب منهجي متكامل ينسق ويدِّو ن قواعد اللغة العربية ‪ ,‬سمي بـ ( الكتاب )‬
‫ألن مؤلفه تركه دون عنوان‪ ،‬على حين كان العلماء في دهره ومن قبل دهره‬
‫يضعون لكل كتاب اسمًا‪ ،‬وقد يكون أعجل عن تسميته ؛ ألنه توفي شابًا ‪.‬‬
‫أثنى علماء اللغة على هذا الكتاب ثناء عاطرًا‪ ،‬فقال عنه الجاحظ ‪ " :‬لم يكتب الناس‬
‫في النحو كتابًا مثله "‪ ,‬وقال عنه السيرافي ‪ " :‬وكان كتاب سيبويه لشهرته وفضله‬
‫عَلمًا عند النحويين‪ ،‬فكان يقال بالبصرة ‪ :‬قرأ فالن الكتاب‪ ،‬فيعلم أنه كتاب سيبويه "‬
‫وقال الجرمي ‪ " :‬أنا منذ ثالثين سنة أفتي الناس في الفقه من كتاب سيبويه "‬
‫وقال ‪ " :‬من أراد أن يعمل كتاًبا في النحو بعد كتاب سيبويه فليستحي " ‪ .‬وكان‬
‫المبّر د يقول لمن أراد أن يقرأ عليه كتاب سيبويه ‪" :‬هل ركبت البحر "‬
‫طبع الكتاب بتحقيق عبدالسالم هارون ‪ ،‬في خمسة مجلدات ‪.‬‬
‫والقارئ للكتاب يدرك مدى دقته ـ رحمه هللا ـ في كل كلمة يثبتها في كتابه ‪ ،‬فكل‬
‫كلمة لها أهميتها الخاصة‪ ،‬وأثرها الواضح في فهم القاعدة‪ ،‬بل إن ضبط كل كلمة‬
‫من الكلمات له دوره المهم في فهم كالمه ـ رحمه هللا ـ ‪.‬‬
‫إلى جانب االستيعاب الشامل لقواعد العربية بأوضح عبارة وأخصر لفظ ‪ ،‬وأدق‬
‫تعليل ‪ ,‬مما يستلزم التركيز الجيد أثناء القراءة ‪.‬‬
‫وقد جمعت فيه مباحث النحو والصرف‪ ،‬وُج عل لكل مبحث مكان من الكتاب ‪ ,‬فمن‬
‫موضوعات النحو ‪ :‬الكلمة‪ ،‬والنكرة والمعرفة‪ ،‬واألفعال الالزمة والمتعدية‪ ،‬وأسماء‬
‫األفعال‪ ،‬إلى جانب الفاعل والمبتدأ والخبر‪ ،‬والمنصوبات كالمصادر المنصوبة‪،‬‬
‫والحال والمفعول فيه وإّن وأخواتها‪ ،‬والنداء واالستثناء‪ ،‬والممنوع من الصرف‬
‫‪.‬وغيرها‬
‫و من موضوعات الصرف‪ :‬النسب والتصغير‪ ،‬ونونا التوكيد‪ ،‬وجمع التكسير‪،‬‬
‫وأوزان المصدر‪ ،‬وصيغ األفعال‪ ،‬ومعاني الزوائد‪ ،‬واسم اآللة‪ ،‬واسم المكان‪،‬‬
‫‪.‬والتعجب‪ ،‬واإلمالة والوقف‪ ،‬ومخارج األصوات واإلعالل واإلدغام‬
‫وقد كثرت في الكتاب الشواهد من القرآن‪ ،‬والقراءات القرآنية واألشعار‪ ،‬وقليل من‬
‫الحديث‪ ،‬وتناثرت فيه األمثال وأقوال العرب النثرية بجانب األمثلة المنشأة لتمثيل‬
‫‪ .‬القواعد‬

‫‪49‬‬
‫‪ -‬األلفية في النحو البن مالك ‪:‬‬
‫أشهر مؤلفات ابن مالك على اإلطالق ‪ ,‬حتى كادت تطغى بشهرتها على سائر‬
‫مؤلفاته ‪ ،‬وقد كتب هللا لها القبول واالنتشار‪ ،‬وهي منظومة شعرية من بحر الرجز‪،‬‬
‫تقع في نحو ألف بيت ‪ ،‬وتتناول قواعد النحو والصرف ومسائلهما من خالل النظم‬
‫بقصد تقريبهما‪ ،‬وتذليل مباحثهما‪ ،‬وتسهيل حفظ مسائلهما ‪.‬‬
‫ولقد لقيت ألفية ابن مالك عناية كبيرة من العلماء‪ ،‬فقام بعضهم بشرحها وإعراب‬
‫أبياتها‪ ،‬أو وضع حواٍش وتعليقات عليها‪ ،‬وقد زاد عدد شَّر اح األلفية على‬
‫األربعين‪ ،‬منهم ابن هشام وابن عقيل واألشموني وغيرهم ‪.‬‬
‫‪ -‬مغني اللبيب البن هشام األنصاري‬
‫هــو مصنف في النحو يعد من أبرز إسهامات االمام ابن هشام األنصاري المصري‬
‫عالم النحو الكبيـر (ت ‪ 761‬هـ ) ‪ ،‬وهو مصنف فريد من نوعه ثري في مادته ال‬
‫نظير له ‪ ،‬وقد سلك فيه نهجا مميزا حيث ذكر األدوات والحروف مصنفة علي‬
‫حروف المعجم ‪ ,‬وجمع شاردها وفصل قواعدها ‪ ،‬ثم عّر ج علي االحكام العامة‬
‫للجمل واشباهها ‪ ،‬وما يتَب ع ذلك من تقسيمات و تفريعات وتبيين للقواعد الكلية‬
‫للنحو ‪ ,‬واألخطاء التي يقع فيها المعربون ‪ ،‬وهو إلي جانب هذا كلــه غزير في‬
‫شواهده القرآنية والشعــرية ‪ ،‬كما ضّم نه ابن هشام آراء الكثيرين من النحاة‬
‫واألعالم السابقين عليه في كل مسألة‪.‬‬
‫‪ -‬همع الهوامع للسيوطي‬
‫ألف جالل الدين ( ت ‪911‬هـ ) السيوطي كتابا مختصرا في النحو سّماه (جمع‬
‫الجوامع ) ثم شرحه شرحا مستفيضا في كتاب سماه (همع الهوامع ) حيث توسع فيه‬
‫وشرح ألفاظه ووضح معانيه وزاد في إيضاح المسائل النحوية ‪ ,‬وأتى لها بالشواهد‬
‫العربية من القرآن الكريم واألشعار العربية وأقوال العرب ‪ .‬وبين فيه آراء النحويين‬
‫ومدارسهم النحوية في المسائل المختلفة‪ ,‬حتى يمكن أن يعد أوسع كتاب جمع مسائل‬
‫النحو واألقوال المختلفة فيها ‪ ,‬طبع في سبعة مجلدات بتحقيق د عبد العال سالم‬
‫مكرم ‪.‬‬
‫‪ -‬خزانة األدب ولب لباب لسان العرب ‪ ،‬لعبد القادر البغدادي‬
‫موسوعة مشهورة في النحو ألفها عبد القادر البغدادي ( ت ‪1093‬هـ ) جمع فيها‬
‫شواهد ( الكافية ) البن الحاجب ‪ ،‬وقام بشرحها جامعا علوم األدب واللغة و‬
‫متعلقاتها ‪ ،‬وقد اتخذ البغدادي من ذكر الشاهد سبيًال إلى ضبط روايته وشرحه‬
‫‪50‬‬
‫والترجمة لصاحبه وذكر بعض أخباره المشهورة ‪ ,‬وكان ال يكتفي بذكر الشاهد بل‬
‫يضم البيت إلى ما سبقه وما تاله من أبيات يتوقف عليها معناه ‪ ،‬أو يذكر القصيدة‬
‫كلها التي ورد فيها الشاهد إذا كانت من القصائد النادرة‪ ،‬مع شرح غريبها وسبب‬
‫قولها ومنشئها‪ ،‬وبهذا حفظ في كتابه كثيرًا من آثار العربية‪.‬‬

‫وقد رّت ب الشواهد على أبواب النحو التي وردت بها في شرح الكافية ‪ ,‬وقام‬
‫بشرحها وجمع اآلراء المختلفة للنحاة المتقدمين ‪ ،‬والمتأخرين حول الشاهد الذي‬
‫يعرضه ‪.‬‬
‫ويعتبر هذا الكتاب مرجعا من مراجع العربية ‪ ,‬وال غنى للنحوي عنه ‪ ،‬وهو‬
‫مطبوع بتحقيق األستاذ عبد السالم هارون ‪.‬‬

‫‪51‬‬
‫خامسا ‪ -‬أصول النحو ‪:‬‬
‫لفظ ( أصول النحو) مركب إضافي ‪ ,‬مكون من ‪:‬‬
‫أصول ‪ :‬جمع أصل وهو‪ :‬ما ُيبنى عليه غيره‪.‬‬
‫النحو و هو‪ :‬علم بأصوٍل ُيعرف بها أحوال أواخر الكلم العربّية إعرابًا وبناًء وما‬
‫يتبع ذلك‪.‬‬
‫وهذا التركيب إّما أن يكون َع َلًما على ِع ْلٍم بعينه ‪ ،‬فال ُيْن َظ ُر إليه باعتبار التركيب‪َ ،‬أْو‬
‫ال‪ ،‬الثاني له فيه ثالثة معاٍن تجرى بها استعماالته في كالم النحاة ‪ ،‬وهى‪:‬‬
‫‪ -1‬أصول النحو بمعنى مبادئ علم النحو‪ ،‬أو القواعد األساسية في كل باب‪ ،‬التي‬
‫تبنى عليها المسائل والتفريعات ‪.‬‬
‫‪ -2‬أصول النحو بمعنى القواعد الكلية والضوابط العاَّمة التي يسير عليها الفكر‬
‫النحوي وتدخل كل طائفة منها في عدة أبواب‪.‬‬
‫‪ -3‬أصول النحو بمعنى أدلة النحو من سماع وقياس ‪ ,‬وغيرهما دون أن يراد به علم‬
‫له نسق ُم َع َّين ‪.‬‬
‫وأّم ا أصول النحو علًم ا على ِع ْلٍم مخصوص فأنسب تعريف له في التراث تعريف‬
‫السيوطي ( ت ‪911‬هـ) في كتابه (االقتراح ) " أصوُل الَّن حِو عْلٌم ُيْبَح ُث فيِه عن‬
‫أِد َّلِة الَّن حِو اإلجمالَّي ة ِمْن حيُث هي أدّلُته ‪ ،‬و كيفّي ِة االستدالِل بها‪ ،‬وحاِل الُمْس َت ِد ِّل"‬
‫ويتضح من هذا التعريف أن موضوع هذا العلم هو‪:‬‬
‫‪ -1‬أدلة النحو اإلجمالية من حيث هي أدلته‪.‬‬
‫‪ -2‬كيفية االستدالل بها‪.‬‬
‫‪ -3‬حال المستدل‪.‬‬
‫‪ -1‬أدلة النحو ‪:‬‬
‫ذكر السيوطي أَّن الغالب منها أربعة هي ‪ :‬السماع ‪ ،‬والقياس ‪ ،‬واالستصحاب‪،‬‬
‫واإلجماع ‪ ،‬جامًع ا بذلك بين قولي ابن جنى واألنباري ‪( ،‬ذكر ابن جنى ‪:‬السماع‬
‫والقياس واإلجماع ‪ ،‬وذكر األنبارُّي ‪ :‬السماع والقياس واالستصحاب )‬
‫ووصفه األدلة بأنها إجمالية فيعنى به النظر في الدليل مجمال غير ُم َفَّصل ؛ فُيْن َظ ُر‬
‫ـ مثال ـ هل القرآن وقراءاته حجة في النحو ؟ وال ُيْن َظ ُر في آياته آيًة آيًة هل هي‬
‫حجة في هذه المسألة ‪ ,‬أو تلك ؟‬
‫و هذا َقْي ٌد يخرج علم النحو من الحِّد ؛ ألنه ُيْب َح ُث فيه عن األدلة التفصيلية ال‬
‫اإلجمالية‪.‬‬

‫‪52‬‬
‫‪ -2‬كيفية االستدالل بها ‪:‬‬
‫أي النظر في هذه الكيفية في حال اجتماع األدلة أو أجزاِئها عند تعارضها ونحوه ‪,‬‬
‫كتقديم السماع على القياس‪ ،‬واللغة الحجازية على التميمية إال لمانع ‪ ،‬وأقوى‬
‫األقبحين على أشدهما قبًح ا ‪ ،‬إلى غير ذلك ‪.‬‬
‫كما يحتمل النظر في كيفية االستدالل بكل دليل على حدة ‪ ,‬دون تصور التعارض‬
‫كالنظر في كيفية االستدالل بالمنقول ‪ ،‬هل يكون باالستقراء أو بالمسموع الفرد؟‬
‫وهل يستدل به إلثبات التركيب والصيغة أو لبيان عدم التأويل فيهما أخًذ ا بالظاهر؟‬
‫ونحو ذلك ‪.‬‬
‫‪ -3‬وحال الـُمْس َت ِد ِّل ‪ :‬يتناول حاَل النحوّي المستنبط للمسائل من األدلة المذكورة ‪:‬‬
‫أي صفاته وشروطه ‪ ،‬وما يتبع ذلك ‪.‬‬

‫نشأة علم أصول النحو ‪:‬‬


‫علم أصول النحو علم من علوم العربية ‪ ,‬تأخر ظهوره عن علم النحو ‪ ,‬فقد تضمنت‬
‫كتب النحاة المتقدمين ومصّن فاتهم ومقاالتهم وردود بعضهم على بعض ‪ ,‬قواعد‬
‫كانت مبثوثة منثورة ‪ ،‬غير مجموعة في كتاب وال محصورة ‪ ،‬ولم يظهر كتاب‬
‫خاّص بأصول الّن حو حّت ى ‪:‬‬
‫‪ -‬جاء ابن ِجِّن ي (ت‪392‬هـ ) فكانت أّو ل محاولة لجمع " أصول الّن حو " ‪ ،‬فجاء‬
‫كتابه ( الخصائص ) زاخرا بالقواعد األصولّي ة ‪ ,‬كالعّلة والقياس‬
‫والّس ماع ‪,‬وتركب الّلغات‪ ،‬وغير ذلك‪.‬‬

‫‪ -‬وفي القرن الّس ادس قام ابن األنباري (ت ‪577‬هـ ) بوضع أّو ل كتاب مفرٍد خاّص‬
‫بعلم أصول الّن حو حيث رسم حدوده ‪ ،‬وبّي ن مسائله ‪ ،‬أسماه ( ُلمع األدّلة في علم‬
‫أصول الّن حو ) كما أّلف كتابا آخر باسم ( اإلعراب في جدل اإلعراب ) تناول فيه‬
‫موضوعات أصولّية كثيرة‪.‬‬
‫‪ -‬ثّم جاء الّس يوطّي (ت ‪911‬هـ ) فأّلف كتابه " االقتراح في أصول الّن حو وجدِله "‬
‫واهتم العلماء بهذا الكتاب فشرحه غير واحد منه ‪:‬‬
‫‪ -‬ابن عّالن (ت ‪1075‬هـ ) شرح كتاب الّسيوطّي في كتاب سّماه ( داعي الفالح‬
‫لُمخّبآت االقتراح )‪ ،‬وهو شرح ممزوج بالمتن‪.‬‬

‫‪53‬‬
‫‪ -‬محّمد بن الطّيب الفاسي (ت ‪1170‬هـ ) شرح كتاب الّسيوطّي وسّماه ( فيض نشر‬
‫االنشراح من روض طّي االقتراح )‪ ،‬وهو حواٍش على االقتراح‪ ،‬وهو كتاب نافع‬
‫جّد ا‪.‬‬

‫أدلة النحو ‪:‬‬


‫( السماع – القياس )‬
‫أوال – السماع ‪:‬‬
‫ما ثبت في كالم من يوثق بفصاحته ‪ ,‬نظما أو نثرا عن مسلم أو كافر ‪.‬‬
‫وهو أربعة أنواع ‪:‬‬
‫األول ‪ :‬القرآن الكريم ‪ :‬وهو كالم هللا تعالي المنزل علي نبيه ‪.‬‬
‫الثاني ‪ :‬هو كالم نبيه ‪. ‬‬
‫الثالث ‪ :‬هو كالم العرب قبل مبعث النبي صلي هللا عليه وسلم ‪.‬‬
‫الرابع ‪ :‬هو كالم العرب في زمن النبي وبعده إلي زمن فساد األلسنة ‪.‬‬
‫االحتجاج بالقرآن الكريم ‪:‬‬
‫يصح االحتجاج بكل ما قرئ به من متواتر أو آحاد وإن خالفا القياس أو شاذ ‪,‬‬
‫وإن خالف القياس علي الراجح ‪ ,‬وال يجوز الطعن في المتواتر واآلحاد من اآلي‬
‫الثابتة بطريق صحيح أبدًا ‪.‬‬
‫االحتجاج بالحديث النبوي‪:‬‬
‫أجمع أهل األصول علي جواز االستدالل بما ثبت من كالمه لفظًا ‪ ,‬واختلفوا فيما‬
‫ثبت بالمعني علي قولين ‪:‬‬
‫األول ‪ :‬عدم جواز االحتجاج به وعليه الجمهور من المتقدمين كأبي عمرو‬
‫وعيسي بن عمر والخليل وسيبويه من البصريين ‪ .‬وقال الخليل في الجمل (‬
‫‪ " : ) 33‬وبينا كل معني في بابه باحتجاج من القرءان وشواهد الشعر فمن عرف‬
‫هذه الوجوه بعد نظره لما صنفناه في مختصر النحو استغني "‬
‫وقال ابن الضائع في شرح الجمل ‪ " :‬تجويز الرواية بالمعني هو السبب عندي في‬
‫ترك سيبويه وغيره االستشهاد علي اللغة بالحديث "‪.‬‬

‫‪54‬‬
‫وكذا الكسائي والفراء وعلي األحمر وهشام الضرير من الكوفيين كما نقل أبو حيان‬
‫في شرح التسهيل ‪,‬عدم استشهاد متقدمي النحاة بالحديث الشريف ‪ ,‬وعزا ذلك‬
‫ألمرين ‪:‬‬
‫‪ -1‬أن الرواية بالمعني عند المحثين جائزة ‪ ,‬ودليله تعدد األلفاظ في حكاية حدث‬
‫واحد ‪ ,‬وأن منهم األعجمي والمولد وغير المتمكن ‪.‬‬
‫‪ -2‬أنه وقع اللحن في الحديث بل وألفت كتب في إصالحه ‪.‬‬
‫الثاني ‪ :‬جواز ذلك وعليه ابن مالك والبلقيني والسيرافي والصفار وابن هشام‬
‫وابن عصفور وابن خروف وغيرهم ‪.‬‬
‫رأي مجمع اللغة العربية ‪:‬‬
‫أنه ال يحتج في العربية بحديث ال يوجد في الكتب المدونة في الصدر األول ‪,‬‬
‫كالكتب الستة فما قبلها ويحتج بما في هذه الكتب علي سبعة أضرب ‪:‬‬
‫‪6‬‬
‫األول ‪ :‬األحاديث المتواترة‬
‫الثاني ‪ :‬األحاديث التي تستعمل ألفاظها في العبادات ‪. 7‬‬
‫الثالث ‪ :‬كتب النبي ‪‬‬
‫الرابع ‪ :‬جوامع الكلم من قوله ‪‬‬
‫الخامس ‪:‬األحاديث المبينة أنه كان ‪ ‬يخاطب كل قوم بلغتهم ‪.8‬‬
‫السادس ‪ :‬األحاديث المتعددة الطرق والمروية بلفظ واحد ‪.‬‬
‫السابع ‪ :‬األحاديث التي عرف من حال رواتها أنهم ال يجيزون الرواية بالمعني‬
‫كالقاسم بن محمد وابن سيرين ‪.‬‬

‫‪ - 6‬المتواترة لفظًا ال معني وهي التي نقلت بلفظ واحد من طريق جماعة يستحيل في العادة تواطؤهم علي الكذب في كل طبقة ‪.‬‬
‫‪ - 7‬كأحاديث االستفتاح والتشهد ‪ ,‬ودعاء القنوت ‪.‬‬
‫‪ - 8‬كحديث أهل اليمن ‪ ":‬ليس من امبر امصيام في امسفر "أي ليس من البر الصيام في السفر مع إبدال الالم ميمًا في " أل " ‪.‬‬

‫‪55‬‬
‫االحتجاج بكالم العرب ‪:‬‬
‫ما يحتج به من كالم العرب‪:‬‬
‫يحتج من كالم العرب بما ثبت عن الفصحاء الموثوق بعربيتهم ‪ ,‬اعتمادا على ما‬
‫رواه الثقات عنهم باألسانيد المعتبرة شعرا ونثرا ‪.‬‬
‫وقد وضع العلماء قواعد وأصوال ُيضَب ط ويوَز ن بها االحتجاج بكالم العرب‪ ،‬وهي‬
‫على ما يلي ‪:‬‬
‫‪ -1‬ال يحتّج بشعر الموّلدين ‪:‬‬
‫حيث قّسم العلماُء الّشعراَء إلى طبقات ‪:‬‬
‫‪ -‬الجاهلّيون‪ :‬كامرئ القيس‪ ،‬والّن ابغة‪ ،‬وزهير‪ ،‬وغيرهم‪.‬‬
‫‪ -‬المخضرمون‪ :‬وهم من عاشوا في العصر الجاهلّي واإلسالمّي ‪ ،‬كلبيد‪ ،‬وحّسان‪،‬‬
‫والخنساء رضي هللا عنهم‪.‬‬
‫‪ -‬المتقّد مون‪ :‬ويقال لهم اإلسالمّيون ‪ -‬وإن لم يكونوا مسلمين وهم الذين نشأوا في‬
‫اإلسالم ‪ ،‬كجرير‪ ،‬والفرزدق‪ ،‬واألخطل‪.‬‬
‫‪ -‬الموّلدون‪ :‬وهم َم ْن بعدهم كبّش ار بن برد‪.‬‬
‫‪ -‬المحَد ثون‪ :‬وهم من بعدهم كأبي تّمام‪ ،‬والبحترّي ‪ ،‬والمتنّبي‪.‬‬
‫‪ -‬المتأّخ رون‪ :‬وهم من بعد أولئك‪.‬‬
‫فجرى العلماء على جعل منتصف المائة الّث انية من الهجرة حّد ا لّلذين يصح‬
‫االستشهاد بشعرهم من الحضرّيين ؛ فكان إبراهيم بن َه رمة (ت ‪ 150‬هـ) آخر من‬
‫يصّح االستشهاد بشعره ‪ -‬وهو قرشّي ‪ -‬وبّش ار بن برد (ت ‪167‬هـ) كان أّو ل‬
‫الّش عراء الُموّلدين اّلذين ال ُيحتّج بشعرهم على متن الّلغة وقواعدها‪.‬‬
‫( تنبيه مهّم )‪ :‬أّن أهل البادية استمر العلماء يدّو نون لغاتهم حّت ى فسدت سالئقهم‬
‫في القرن الّر ابع الهجرّي ‪.‬‬
‫‪ -2‬ال ُيحتّج بكالم العرب المخالطين للعجم ولو كانوا في العصر الجاهلّي ‪:‬‬
‫ليس كّل من كان في العصر الجاهلّي واإلسالمّي ُيحتّج بكالمه ‪ ،‬فقد جعل العلماء‬
‫حّد ا مكانّيا إضافة إلى الحّد الّز مانّي ‪ ،‬فقالوا‪ :‬ال يحتّج إّال بكالم الُفصحاء الموثوق‬

‫‪56‬‬
‫بعربّيتهم اّلذين لم تفُسد سليقتهم‪ ،‬وضبطوا ذلك بأّال يؤخذ إّال بكالم القبائل اّلتي‬
‫سكنت قلب جزيرة العرب‪ ،‬ورّد وا كالم القبائل اّلتي على الّسواحل أو بجوار‬
‫األعاجم ‪ ,‬فقالوا ‪:‬‬
‫‪ -‬يؤخذ عن قريش وهم أجود العرب‪ ،‬وتميم‪ ،‬وقيس‪ ،‬وأسد‪ ،‬فعليهم اعتمد العرب في‬
‫فهم الغريب واإلعراب والّت صريف‪.‬‬
‫‪ -‬ثّم هذيل‪ ،‬وبعض كنانة‪ ،‬وبعض الّط ائّيين‪ ،‬ولم يؤخذ عن غيرهم من سائر قبائلهم‪.‬‬
‫وبالجملة فإّن ه لم ُيؤخذ عن حضرّي ‪ ،‬وال عن سّك ان البراري المجاورين لألمم‬
‫األخرى‪:‬‬
‫‪ -‬فلم يؤخذ من لخم‪ ،‬وجذام‪ ،‬فإّن هم كانوا مجاورين ألهل مصر والقبط ‪ ,‬ولم يؤخذ‬
‫عن قضاعة‪ ،‬وال من غّسان‪ ،‬وال من إياد‪ ،‬فإّن هم كانوا مجاورين ألهل الّش ام ‪،‬‬
‫وأكثرهم نصارى يقرؤون في صالتهم بغير العربّية ‪ ,‬وال من تغلب‪ ،‬ونمر‪ ،‬فإّن هم‬
‫كانوا بالجزيرة مجاورين لليونان ‪ ,‬وال من بكر‪ ،‬ألّن هم كانوا مجاورين للّن بط والفرس‬
‫وال من عبد القيس‪ ،‬ألّن هم كانوا من سّك ان البحرين مخالطين للهند والفرس‪ ،‬وكذلك‬
‫أزد عمان ‪ ,‬وال من أهل اليمن أصال‪ ،‬لمخالطتهم للهند والحبشة ‪ ,‬وال من بني حنيفة‬
‫وسّك ان اليمامة‪ ،‬وال من ثقيف وسّك ان الّط ائف‪ ،‬لمخالطتهم تّج ار األمم األخرى‪.‬‬
‫ومع ذلك كّله قّر ر العلماء وجوب التثّب ت في نقل أشعارهم وكالمهم‪ ،‬فال يقبل إّال ما‬
‫رواه الّث قات عنهم باألسانيد الّص حيحة ؛ ومرّد األمر كّله إلى الوثوق بسالمة‬
‫الّلسان وعدم تطّر ق الفساد إليه‪ ،‬وهذا هو الّض ابط الّز مانّي والمكانّي ‪.‬‬
‫‪ -3‬ال ُيحتّج بكالم ال سند له ‪:‬‬
‫فال بّد من معرفة رواة البيت اّلذي ُيستشهد به إلثبات قاعدة نحوّية أو صرفّية‪ ،‬فإّن‬
‫هناك كثيرا من األبيات ثبت وضُعها‪ ،‬وأخرى ثبت تحريفها ‪.‬‬
‫‪ -4‬ال ُيحتّج بكالم مجهول القائل ‪:‬‬
‫قال عبد القادر البغدادّي في ( خزانة األدب )‪ " :‬وُعِلم مّما ذكرنا ‪ -‬من تبيين‬
‫الّط بقات اّلتي يصّح االحتجاج بكالمها ‪ -‬أّن ه ال يجوز االحتجاج بشعر أو نثر ال‬
‫يعرف قائله‪ ،‬صّر ح بذلك ابن األنباري في كتاب ( اإلنصاف في مسائل الخالف )‬
‫وعّلة ذلك مخافة أن يكون ذلك الكالم مصنوعًا‪ ،‬أو لموّلد‪ ،‬أو لمن ال يوثق بكالمه "‪.‬‬

‫‪57‬‬
‫ثانيا – القياس ‪:‬‬
‫الّت عريف بالقياس ‪ " :‬هو حمل غير المنقول على المنقول إذا كان في معناه لعلة "‪.‬‬
‫والقياس هو معظم أدّلة الّن حو والقواعد الكّلية‪ ،‬والّت عويل عليه في أغلب المسائل‬
‫الّن حوّية ‪ ،‬قال ابن األنبارّي رحمه هللا في ( لمع األدّلة ) ‪:‬‬
‫" اعلم أّن إنكار القياس في الّن حو ال يتحّقق‪ ،‬ألّن الّن حو كّله قياس ‪ ،‬ولهذا قيل في‬
‫حّد ه ‪ :‬الّن حو علم بالمقاييس المستنبطة من استقراء كالم العرب‪ ،‬فمن أنكر القياس فقد‬
‫‪9‬‬
‫أنكر الّن حو "‬
‫ومن أمثلة ذلك ‪:‬‬
‫‪( -‬كان وأخواتها)‪ُ ،‬جِمعت في باب واحد ألجل اّت فاقها في العمل ‪ ،‬وكثير من األحكام‬
‫ثبتت لكان أو لبعض أخواتها‪ ،‬ال لجميعها ‪ ،‬ومع ذلك ُتَع َط ى تلك األحكام للجميع ‪ ،‬ما‬
‫لم يأت الّسماع بخالف ذلك‪.‬‬
‫‪ -‬المصادر غير الّث الثّية‪ :‬نظر العلماء إليها فجعلوا لها أوزانا ال تخرج عنها‪ ،‬إّال إذا‬
‫جاء الّسماع فُيعمل به‪.‬‬
‫فالّن حو والّص رف ليسا مثل الّلغة‪ ،‬فالّلغة مبناها على الّس ماع والّن قل‪ ،‬ال دخل‬
‫للقياس والعقل فيها ‪.‬‬
‫أركان القياس ‪:‬‬
‫أركان القياس أربعة ‪:‬‬
‫‪ -1‬أصل ‪ ,‬وهو المقيس عليه ‪.‬‬
‫‪ -2‬فرع ‪ ,‬وهو المقيس ‪.‬‬
‫‪ -3‬حكم ‪.‬‬
‫‪ -4‬علة جامعة ‪.‬‬
‫مثال ذلك رفع النائب عن الفاعل ‪ :‬رفع قياسا على الفاعل ألنه مثله ‪ :‬اسم أسند إليه‬
‫الفعل مقدما عليه ‪.‬‬

‫‪ - 9‬ص ‪100-95‬‬

‫‪58‬‬
‫فاألصل الفاعل ‪ ,‬والفرع النائب عن الفاعل ‪ ,‬والحكم الرفع ‪ ,‬والعلة ألنه مثله ‪ :‬اسم‬
‫أسند إليه الفعل مقدما عليه ‪.‬‬
‫شروط القياس ‪:‬‬
‫للقياس شروط ال بّد من توّفرها ‪ ,‬وأهّم هذه الشروط ‪:‬‬
‫الشرط األول ‪ :‬انعدام النّص أو اإلجماع ‪ ,‬فمثال ‪ :‬ال يجوز إدخال (ال) على (كّل) و‬
‫(بعض) و(غير) بنّية المضاف إليه ‪ ،‬ألّن العرب لم تفعله مع كثرة الّد اعي إليه‪.‬‬
‫الشرط الثاني ‪ :‬أّال يكون المقيس عليه شاّذ ا ‪ ,‬لذلك ُأِثر عن أهل العلم قولهم‪ :‬ما‬
‫خالف القياس ( أي‪ :‬القواعد العاّمة )‪ ،‬فعليه ال ُيقاس‪.‬‬
‫فليس كّل ما ُسِمع عن العرب ُيقاس عليه‪ ،‬لذلك كان ال بّد من عقد فصل مهّم في‬
‫بيان ذلك ‪:‬‬
‫( فصل ) في أقسام المسموع‪.‬‬
‫ينقسم المسموع عن العرب إلى أقسام‪:‬‬
‫‪ -1‬مّط رد في القياس واالستعمال معًا ‪ ،‬وهذا هو الغاية في الفصاحة‪ ،‬وهو الغالب‬
‫ثبوته عن العرب ‪ .‬وهو الكالم اّلذي ال يخرج عن القواعد العامة المبنية على األعم‬
‫واألشمل ‪ ,‬واّلذي كثر استعماله في العربية ‪ ,‬نحو‪ :‬خرج زيد‪ ،‬وقام عمرو‪.‬‬
‫‪ -2‬مّط رد في القياس‪ ،‬شاّذ في االستعمال ‪ ,‬وهو الكالم اّلذي ال يخرج عن القواعد‬
‫العاّمة المبنية على األعّم واألشمل ‪ ,‬ولكن ندر استعماله ‪ ,‬نحو‪ ( :‬وذر ) و( َو َد َع )‬
‫ماضي ( يذر ويدع )‪.‬‬
‫‪ -3‬مّط رد في االستعمال شاّذ في القياس ‪ ,‬وهو الكالم اّلذي خرج عن القواعد‬
‫العاّمة المبنية على األعّم واألشمل‪ .‬وكثر استعماله‪ ,‬من ذلك‪ ( :‬استحوذ )‪،‬‬
‫( واستنوق الجمل ) فالقاعدة العاّمة تقضي بأْن ُتبدل الواو ألفا؛ ألّن ها ساكنة مفتوح ما‬
‫قبلها‪ ،‬ونظيرها‪ :‬استقام واستنار وغير ذلك‪.‬‬
‫وهذا الّنوع ُيحفظ‪ ،‬وال يقاس عليه‪ُ :‬يحفظ ويستعمل ألّن ه الّث ابت‪ ،‬وال يقاس عليه‬
‫لمخالفته القواعد العاّمة‪.‬‬
‫‪ -4‬شاّذ في القياس واالستعمال معًا ‪ ,‬وهو الكالم الخارج عن القواعد العاّمة المبنية‬
‫على األعّم واألشمل ‪ ,‬ولم تستعمله العرب‪ .‬وهذا الّن وع مجمع على رفضه ‪ ,‬ومن‬
‫األمثلة ذلك قولهم‪ :‬ثوب َم ْص ُو ون‪ ،‬وفرس مْق ُو ود‪،‬‬

‫‪59‬‬
‫الّش رط الّث الث‪ :‬االّت حاد في العّلة ‪,‬‬
‫ومبحث العلل من أبدع وأحسن مباحث الّن حو العربّي ‪ ،‬وعلل الّن حاة قد أشار إليها‬
‫سيبويه في ( الكتاب )‪ 10‬بقوله ‪ " :‬وليس شيء مّما ُيضطّر ون إليه إّال وهم ُيحاولون‬
‫به وجها "‪.‬‬
‫وُتْع َر ُف العّلة بأمور‪:‬‬
‫‪ -1‬اإلجماع ‪ :‬وهو أن يجمع أهل العربية على أّن عّلة هذا الحكم كذا ‪ ،‬مثال ذلك ‪:‬‬
‫إجماعهم على أّن عّلة تقدير الحركات على المقصور هو التعّذ ر‪ ،‬وفي المنقوص هو‬
‫االستثقال ‪ ،‬وعلى أّن عّلة إعراب األسماء احتياجها إلى ظهور المعنى ‪.‬‬
‫‪ -2‬النص ‪ :‬وهو أن ينَّص العربي على العلة ‪ ,‬قال أبو عمرو‪ :‬سمعت رجال من‬
‫اليمن يقول‪ :‬فالن لغوٌب – أي‪ :‬عيّي شديد العّي – جاءته كتابي فاحتقرها‪ ،‬فقلت له‪:‬‬
‫أتقول جاءته كتابي ؟ فقال‪ :‬نعم‪ ،‬أليس بصحيفة ؟‬
‫يقصد أّن المذّك ر قد يؤّن ث إذا أّو ل بمؤّن ث‪ ،‬كما أّن المؤّن ث قد يذّك ر إذا أّو ل بمذّك ر‪،‬‬
‫كقوله تعالى‪َ{:‬فَم ْن َج اَء ُه َم ْو ِع َظ ٌة } أي‪ :‬الوعظ‪.‬‬
‫‪ -3‬اإليماء‪ :‬وهو اإلشارة إلى العّلة بخفاء‪ ،‬وهو أكثر العلل‪.‬‬
‫‪ -4‬المناسبة‪ :‬و هو أن يحمل الفرع على األصل بالعلة التي عّلق عليها الحكم في‬
‫األصل ‪ ,‬كجعل أحكام الفاعل للّن ائب عن الفاعل‪.‬‬
‫خالصة ذلك ‪ :‬أّن ه إذا انعدم الّد ليل على حكم كلمة معّينة‪ ،‬ولم يكن األصل المقيس‬
‫عليه شاّذ ا‪ ،‬واّت حد األصل مع الفرع في العّلة‪ ،‬صّح القياس‪.‬‬
‫أقسام القياس ‪:‬‬
‫القياس في العربية أربعة أقسام ‪:‬‬
‫‪ -1‬حمل فرع على أصل ‪ ,‬من ذلك إعالل الجمع وتصحيحه حمال على المفرد ‪ ,‬نحو‬
‫‪ :‬قيمة وقيم ‪ ,‬وديمة وِدَي م ( أصل الياء الواو في كل )‬
‫‪ -2‬حمل أصل على فرع ‪ ,‬من ذلك إعالل المصدر إلعالل فعله ( قمت ‪ ,‬قياما ‪ ,‬أقام‬
‫إقامة )‬
‫‪ -3‬حمل نظير على نظير ‪ ,‬من ذلك توكيد المضارع بالنون بعد ( ال ) النافية حمال‬
‫لها في اللفظ على ( ال ) الناهية ‪.‬‬
‫‪32 /1 - 10‬‬

‫‪60‬‬
‫‪ -4‬حمل ضد على ضد ‪ ,‬من ذلك النصب بـ ( لم ) حمال على الجزم بـ ( لن ) ألن‬
‫األولى لنفي الماضي ‪ ,‬والثانية لنفي المستقبل ‪.‬‬

‫والحمد هلل رب العالمين‬

‫‪61‬‬

You might also like