Professional Documents
Culture Documents
-1اسم املرسل
139
اسم املؤلف :أد.علي أمحد عمران
عنوان املقال :البنية السردية يف رواية" دعاء الكروان" لطه حسني
متهيد
شغل عميد األدب العريب طه حسني( )1973-1889الدنيا بفكرهِ،
لفاته ،فقد كان وما يزال العالمة املضيئة يف اتريخ األدب العريب احلديث،أدبه ،ومؤ ِ
و ِ
وقد حظي أدبه بدراسات كثرية ،و ٍ
اهتمام كب ٍري من قبل املختصني يف اللّغة والفكر،
وغريهم.
ومبدعا يف اجملال القصصي .وشغلتً ائدا لإلستنارة العربية،
فقد كان طه حسني ر ً
السرد ،والسينما ،لكوهنا تناقش قضيةرواية" دعاء الكروان" مكانةً مرموقةً يف عامليّ :
جمتمعية غاية يف األمهية ،وهي تعليم املرأة ،وإعطاؤها كامل حقوقها ،ورفع الظلم
سردية ٍ
متينة ،ال ٍ الذي حلقها ،وتوافرت فيها عناصر القص الفنية ،وُكتبت ٍ
بلغة ّ
وأبسلوب أنيق شائق ،مزج الفخامة ابلوضوح ،كما أ ّنٍ غموض فيها ،وال إعوجاج،
فيها من ِّ
الشعر روحه ،واسرتساالته الغنائية ،ونربته الذاتية اليت ضمنت هلا هذه املنزلة
العالية .ووقع االختيار على رواية" دعاء الكروان" من بني مجيع قصصه وروايته
أحدا منلرصد البنية السردية فيها؛ ألننا مل جند بعد البحث والتدقيق والفحص أ ّن ً
الباحثني قد تناوهلا ببحث ق ّدم فيه البنية السردية ،وعناصرها الفنية.
140
اسم املؤلف :أد.علي أمحد عمران
عنوان املقال :البنية السردية يف رواية" دعاء الكروان" لطه حسني
غىن ابلبىن،
أرضا خصبةً للتحليل والتأويل ،وفيها ً ولقد وجدان " دعاء الكروان" ً
والعناصر القصصية السردية ،فموضوع الرواية هو" اخلطيئة ،والثأر ،والتعليم،
تصور كفاح الطبقة الفقرية الكادحة يف حماولةاحلب" ،فهي روايةٌ عاطفيةٌ إبمتياز ّ
و ّ
للتغلب على تعاستها من أجل حياة كرمية.
يسند إليها فعل
الرواية على تبين طه حسني شخصية رئيسة هي" آمنة" ُ تقوم هذه ّ
القص ،وسرد الرواية بكاملها من أوهلا إىل أخرها ،وتستحوذ على اهتمام الكاتب ّ
فيوظف بقية الشخوص الثانوية الظهارها.
اعتمدت عليها هي طبعة دار املعارف الثامنة والعشرون ،صدرت ُ والطبعة اليت
عام 2008م ،وتقع الرواية يف 160صفحة من القطع املتوسط ،وظهرت رواية"
اعتمدت يف هذا البحث على املنهجُ دعاء الكرون" هذه عام1941م ،وقد
التطبيقي البنيوي التحليلي يف كشف البنية السردية ،وإبراز العناصر القصصية اليت
تبني حقيقة العمل ،وتربز مجالياته وعناصره الفنيته.
ّ
مفهوما البنية ،والسرد:
ملا كان هذا البحث يتناول البنية السردية يف رواية" دعاء الكروان" ،فإنّه صار
ّ
لز ًاما علينا أ ّن حندد املقصود مبصطلحي العنوان ،ومها :البنية ،والسرد.
أوال -البنية(structure (:
ً
أ -لغة:
ورد يف لسان العرب البن منظور " :يقال بِْنـيَةٌ ،وهي مثل ِر ْش َوةٍ وِر ًشا كأ َّ
َن البِْنيةَ
مقصورا ،ش ّدد
ً اهليئة اليت بُِين عليها مثل املِ ْشيَة و ِّ
الرْك ِبة .وبَىن فال ٌن بيتًا بناءً وبََّىن، َ
ط .اجلوهري :والبُىن ،ابلضم مقصور، مبعىن :والبُـْنيا ُن :احلائ ُدارا وبَىن ً
للكثرة .وابْـتَىن ً
وجًزى ،وفالن مثل البِىن .يقال بـْنـيةٌ وبىن وبِْنـيةٌ وبِىن ،بكسر الباء مقصور ،مثل ِجز ٍية ِ
ْ ُ َ ًُ َ ً َ
ِ ِ ِ
صحيح البِْنية أَي الفطْرة .وأَبنَـْي ُ
1
الرجل :أَعطيتُه بناءً أَو ما يـَْبـتَين به داره" .و" َ ت
1 -ابن منظور ،لسان العرب ،دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع ،بريوت ،ط،3اجمللد الرابع
مادة (ب ن ي). عشر،ص ،94
141
اسم املؤلف :أد.علي أمحد عمران
عنوان املقال :البنية السردية يف رواية" دعاء الكروان" لطه حسني
-1املنجد يف اللغة واألعالم ،دار املشرق ،بريوت ،ط2008 43م ،حرف( السني) ،مادة(س
ر د)،ص.330
2 -صالح فضل ،نظرية البنائية يف النقد األديب ،مؤسسة خمتار للنشر والتوزيع ،القاهرة ،د.ط،
ص.175
3 -أبو احلسن أمحد بن زكراي :معجم املقاييس يف اللّغة ،تح شهاب الدين ،أبو عمروا .بريوت،
دار الفكر للطباعة والنشر ،د.ط ،دت ،ص.515
4 -سورة سبأ/ايآية.10
5 -القاموس اجلديد للطالب :معجم عريب مدرسي ألفائي ،أتليف علي بن هادية وآخرون،
املؤسسة الوطنية للكتاب ،ط1991، 7.م،ص.1411 ّ تقدمي حممود املسعدي،
6 -السيد إمام :السرد اجلديد وإشكالية املفهوم ،مدخل إىل نظرية احلكي ابلسر ،مؤُتر أدابء
مصر ،الدورة الثالثة والعشرون ،مصر ،حمافظة مطروح ،2008 ،ص.35
143
اسم املؤلف :أد.علي أمحد عمران
عنوان املقال :البنية السردية يف رواية" دعاء الكروان" لطه حسني
فالسرد هو ":نقل احلادثة من صورهتا الواقعية إىل صورة لغوية" ،1أو هو ":الفعل
3 2
عرف "جريار السردي املنتج" ،وهو ":الطريقة اليت حتكى هبا القصة" ،وقد ّ
جنيت" السرد أبنّه ":العملية اليت يقوم السارد أو احلاكي(أو الراوي) ،وينتج عنها
النّص القصصي املشتمل على اللفظ( أي اخلطاب) القصصي واحلكاية( أي
4
حممد القاضي السرد أبنّه ":النشاط الذي يضطلع وعرف ّامللفوظ) القصصي" ّ ،
به الراوي وهو يروي حكاية ويصوغ اخلطاب الناقل هلا ،وهو مساه "جوانت" نفس
5
معتربا يف ذاته"
فعل السرد ً
تعىن ":ابستنباط القواعد الداخلية لألجناس األدبية ،واستخراج النظم اليت حتكمها
6
وتوجه أبنيتها ،وحتدد خصائصها ومساهتا"
ّ
فغرضنا يف هذا البحث تبيان البىن السردية ،ومعرفة ماهيتها ،وذلك أل ّن حتليل
أي عنصر ال ميكن أن يتم مبعزل عن بقية العناصر ايآخرى ،وأ ّن حتليل النّص ّ
القصصي ذاته ال ميكن أن يتبلور دون نظرة مشولية لنص "دعاء الكروان " برمته،
وتضافر أبنية السرد هو الذي يشكل فنية القصة .وميكن الكشف عن البنية
السردية عند طه حسني يف " دعاء الكروان" من خالل تناول األبنية السردية ايآتية:
بنية الشخصية ،بنية الزمن ،وبنية املكان.
أوال :بنية الشخصية:
ً
-1عز الدين إمساعيل ،األدب وفنونه ،دار الفكر العريب ،القاهرة ،ط ،1976 ،6ص.187
2 -سعيد يقطني ،حتليل اخلطاب الروائي ":الزمن ،السرد ،التبئري" املركز الثقايف العريب ،بريوت
ط ،1،،1989ص.41
3 -محيد حلمداين ،بنية النص السردي ،املركز الثقايف العريب ،بريوت ،ط ،1991 ،1ص.45
4 -مسري املرزوق وآخرون ،مدخل إىل نظرية القصة ،دار الشؤون الثقافية ،بغداد،1986 ،
ص.74-73
5
حممد القاضي وآخرون :معجم السردايت ،دار الفارايب ،لبنان ،ط ،2010 ،1ص.243 ّ -
6
العريب ،املؤسسة العربيّة للدراسات والنشر ،بريوت ،ط،1
-عبدهللا إبراهيم ،موسوعة السرد ّ
،2008ص.8
144
اسم املؤلف :أد.علي أمحد عمران
عنوان املقال :البنية السردية يف رواية" دعاء الكروان" لطه حسني
كل مشارك يف أحداث احلكاية الشخصية عند النقاد تعرف ب" أهنا ّ
سلبًّا أو اجيابيًاّ ،أما من يشارك يف احلديث فال ينتمي إىل الشخصيات بل يكون
ككل عناصر احلكاية ،فهي تتكون من جزءًا من الوصف ،وهي عنصر مصنوع ّ
ويصور أفعاهلا ،وينقل أفكارها وأقواهلا" .1وهناك من
جمموع الكالم الذي يصفها ّ
يعرفها أبهنا" القناة اليت ِّ
يعرب من خالهلا الروائي إىل الواقع املعيش" .2وملا هلا من"
أمهية كربى يف عامل القصة ،وغالبًا ما تع ّد من عناصر القصة املهمة".3
فالشخصية يف الرواية ّإما أن تكون شخصية رئيسة أو اثنوية .وتنقسم الشخصية
يف "دعاء الكروان" وف ًقا لطريقة عرضها إىل ثالثة أقسام ختتلف حسب دورها ،وهي
ّإما شخصية رئيسة أو فرعية.
أوال -الشخصيات الرئيسة:
ً
تع ّد الشخصية الرئيسة إحدى" األدوات األساسية يف عملية القص"4؛
وذلك ملا هلا من عظيم األثر يف بناء النّص الروائي ،وأمهية جوهرية يف عامله ،فهو
أحد العناصر البالغة األمهية يف بلورة التجربة السردية ،وتشكيل بنائها.
-1شخصية آمنة :
الرواية فتاةٌ ريفيةٌ تنتمي ألحد القبائل البدوية يف قرية" بين وركان"
هي بطلة هذه ّ
املصرية ،وهي البنت الصغرى لزهرة ،وأخت هنادي ضحية هذه القصة ،وتعمل
خادمة يف منزل مهندس الري يف إحدى مدن األقاليم الصغرية الواقعة على أطراف
1 -حسن حبراوي ،بنية الشكل الروائي ،املركز الثقايف العريب ،الدار البيضاء بريوت ،ط،1
1990م ،ص.207
2 -أسيا جريوي ،سيميائية الشخصية احلكائية يف رواية الذئب األسود ،حنا مينا ،جملة اخلرب،
حممد خيضر ،2010 ،ص.248 العدد ،6بسكرة ،اجلزائر ،منشورات جامعة ّ
3
- Lynn Altenbernd and Leslie L.Lewis. A Hand Book for the
study of Fiction، the Macmillan Company، New York، Collier-
Macmillan Limited، London، 1966، P.56.
4
- Scholes Robert and Kellogg Robert . The Nature of
Narrative ، Oxford University Press. 1968،p.104.
145
اسم املؤلف :أد.علي أمحد عمران
عنوان املقال :البنية السردية يف رواية" دعاء الكروان" لطه حسني
مدينة القاهرة .ولئن كانت "آمنة" تنتمي ظاهرًّاي لتلك الفئة العاملة البسيطة ،فإ ّن
طه حسني أراد هلا أن ُتتلك شخصيةً قويةً أهلتها للتكفل مبهمة الراوي الواعي
ممتعا مشوقًا وحمكم البناء ،وقد روت املأساة ،وحتدثت سردا ً
الذي سرد الرواية ً
بلسأهنا ،فكانت الصوت السارد ألحداث الرواية ،صوت العقل الذي وقف أمام
بروح قوية .فهي" الشخصية اليت تقوم بدور الراوي للمواقف واألحداث اليت الظلم ٍ
1
األم "زهرة"،
أبين أان ّ
دورا" " هنالك أحسست من نفسي قوة ،وشعرت ّ تلعب فيها ً
وكأهنا هي الفتاة "آمنة" ،فاختذت صوهتا وهلجتها ،وألقيت عليها من غري تكلف
هذه األسئلة :ماذا تريدين؟ ماذا تصنعني ،وأين تذهبني بنا؟".2
آمنة" تلك املثقفة الواعية اليت تعلمت كيف تكون املرأة احلصون اليت
تعرف كيف حتافظ على نفسها وعلى من حوهلا ،إ ّن الصوت الطاغي على الرواية
هو صوت" أمنة" " ،آمنة" بني احلب والثأر سوف تنتقم ألختها الكربى" هنادي"
غرر هبا ،ولعب بعقلها؛ ولكن ليس ابلسم القتّال وال من ذلك املهندس الذي ّ
ابملوت -كما هو معروف يف عامل الثأر ،وإّّنا بشيء أكثر فت ًكا من املوت ،أهنا
ابحلب ،هذه املشاعر
ّ ستنتقم ابلكأس الذي سقاه املهندس ألختها بنفس الكأس،
اليت قتلت "هنادي" سوف تكون هي القاتل هلذا املهندس املعتدي على شرف
احلب مع
شراك ّ أختها" هنادي" ،بيد أ ّن "آمنة" يف هناية املطاف وقعت يف ّ
كل شيء ،ويرضى أبقل شيء ،بل هو احلب الذي يطمع يف ّ املهندس " .وإّّنا هو ّ
احلب ما
احدا حيويه مع من حيب ويهوى .هو ّ كل السعادة ما وثق أب ّن بيتًا و ً
سعيد ّ
يف ذلك شك ،لكن الشك املؤمل املضين إّّنا يتصل هبذا القلب الذي يضطرب بني
مبغضا من قبل؟ أراغب هو يف االنتقام
حنيب أان ،فما خطبه؟ أمبغض هو كما كان ً
1 -جريالد برنس ،قاموس السردايت ،ترمجة السيد إمام ،مرييت للنشر واملعلومات ،القاهرة،
ط ،2003 ،1ص.31
2 -طه حسني ،دعاء الكروان ،دار املعارف ،القاهرة ،ط2008 ،28م،ص.32
146
اسم املؤلف :أد.علي أمحد عمران
عنوان املقال :البنية السردية يف رواية" دعاء الكروان" لطه حسني
كما كان راغبًا من قبل؟ أحافظ هو لعهد هذه األخت اليت صرعت يف ذلك
الفضاء".1
إذن فشخصية "آمنة" بطلة هذه الرواية كانت هي احملور الرئيس لألحداث،
وهي الراوي العليم ،والسارد احلصيف ملظلومية املرأة .ومن الشخصيات الرئيسة يف
هذه الرواية شخصية طائر الكروان.
-2شخصية طائر الكروان:
إ ّن صوت طائر "الكروان" -الشخصية املصاحبة للبطلة "آمنة" من بداية
مهما يف حتريك أحداث الرواية ،وإ ّن "طائر دورا ًالقصة إىل هنايتها -قد لعب ً
الكروان" ما هو إال صوت روح أختها" هنادي" املصروعة الذي يستفزها ألخذ
الثأر ،وهو مبثابة املعادل املوضوعي لشخصية شقيقتها ،فقد كانت البطلة "آمنة"
جن عليها الليل -بعد مصرع أختها على يد خاهلا"انصر" -أيتيها نداء هذا كلما َّ
أحب
الطائر ليذكرها ابملأساة وأخذ الثأر " لبيك لبيك أيّها الطائر العزيز! ما ّ
صوتك إىل نفسي إذا جثم الليل ،وهدأ الكون ،وانمت احلياة ،وانطلقت األرواح يف
هذا السكون املظلم ،آمنة ال ختاف ،صامتة ال تسمع! إ ّن صوتك إذن ألشبه
لروح من هذه األرواح ليذ ّكِرين روح هذه األخت اليت صوات ٍ
األشياء أبن يكون ً
شهدت مصرعها معي يف تلك الليلة املهيبة الرهيبة " ،2ومتّ عقد العهد بني البطلة
"أمنة" و طائر "الكروان" لتذكر هذه املأساة كلما انتصف الليل " ،منذ ذلك الوقت
متّ العهد بينك ،وبيين أيّها الطائر العزيز على أن نذكر هذه املأساة كلما انتصف
الليل حّت نثأر هلذه الفتاة اليت غودرت يف هذا الفضاء ،مث نذكر هذه املأساة كلما
انتصف الليل بعد أن نظفر ابلثأر ،ليكون يف ذكران إايها وفاءٌ هلذه النفس اليت
ورد األمر
ورضا عن االنتقام ،وقد أمل ابيآمث اجملرم ّ
أزهقت ،وهلذا الدم الذي سفكً ،
إىل نصابه ،وأراح هذه النفس اليت مازالت تطلب الري حّت تظفر ابلثأر من الذين
اعتدوا عليها.1".
تقص مأساة أختها" هنادي" على مث استأذنت "آمنة" من "الكروان" أن ّ
النّاس لعلهم جيدوا فيها عظة تعصم النفوس الزكية من القتل " لبيك لبيك أيّها
الطائر العزيز! إان لنلتقي كلما انتصف الليل منذ أعوام وأعوام فندير بينا هذا
أقص أطرافًا منه على النّاس لعلهم أن جيدوا فيه عظة تعصم احلديث ،أفتدعين ّ
النفوس الزكية من أن تزهق ،والدماء الربيئة من أن تراق؟!.2
وقد استطاع"طائر الكروان" أن يرد البطلة"آمنة" إىل اليقظة اخلالصة اليت
تشعر بنفسها ،وتفكر يف نفسها ،وتذكر ما مضى على علم به ،وتستقبل ما سيأيت
جيدا ،وتعرف منيف روية وبصرية واستعداد ،وأهنا لتذكر مصرع أختها" هنادي" ً
أبدا "
دفعها للموت ،ومن أذاقها املوت ،وإ ّن مصريها لن يكون مثل مصري أختها ً
وهذا صوتك أيها الطائر العزيز يدنو مين شيئًا فشيئًا فيملؤين أمنًا ودعةً وهدوءًا،
معا .إنّه يردين إىل اليقظة اخلالصة اليت تشعر بنفسها وتفكر يف نفسها وتذكر وحزًان ً
ما مضى على علم به وتقدير له ،وتستقبل ما سيأيت يف روية وبصرية واستعداد
وإين
لالحتمال...نعم! إ ّن صوتك ليمأل أذين ،وإنّه ليمأل قليب ،وإنّه ليغمر نفسيّ ،
وإين ألذكر أخيت ومصرعها ،وإين ألعرف من دفعها إىل املوت، أفهم عنه ما يريدّ ،
كما أعرف من أذاقها املوت .وإىن ألعلم حق العلم أين ساعية إذا كان الغد إىل
بيت هذا املهندس فمقيمة فيه حيث كانت أخيت ،فناهضة مبا كانت تنهض به
أخيت من العمل ،فمنتهية بعد إىل شيء آخر غري الذي انتهت إليه أخيت يف ذلك
3
الفضاء العريض."..
وإ ّن صوت هذا الطائر "الكروان" مل يفارق البطلة "آمنة" طوال مأساهتا،
وبناءً عليه مسيت هذه الرواية ب" دعاءالكروان"" :ولكن صوتك أيّها الطائر العزيز
اعا من هذا الصمت العميق ،فأثب وجلة مذعورة ،ويثب هو يبلغين فينتزعين انتز ً
وجال مذعورا ،مث ال نلبث أن يثوب إلينا األمن ويرد إلينا اهلدوء ،فأما أان فتنحذر
عل خدي دمعتان حاراتن .و ّأما هو فيقول وقد اعتمد بيديه على املائدة ،دعاء
صرعت هنادي يف ذلك الفضاء ِ
يرجع صوته هذا الرتجيع حني ُ الكروان! أترينه كان ّ
1
شاهدا على أحداث القصة، العريض!!" ..وكما يقول عمر قتيبة" ليبقى الكروان ً
ولقد لعب الكروان دورا يف حتريك األحداث وتنويعها ،وابلتايل يبقى يف ذلك صوت
2
نغما شجيا ينذر ويفزع كما حييي اجلراح "الكروان ً
-3شخصية هنادي:
هنادي هي تلك الفتاة اجلميلة اليت قتلتها سذاجتها وجهلها بعد أن أغواها
شاب مدينٌّ متعلم ،وقد أومهها
مهندس الري اليت كانت تعمل يف بيته خادمةً ،وهو ٌ
بصدق مشاعره ،وأوقعها يف اخلطيئة ،وقد شكلت شخصيتها املنعطف األكرب املهم
يف جمرى الرواية ويف مظلومية املرأة ،هنادي هي األخت الكربى يآمنة ،فقد دفع
مجاهلا وجهلها ابملهندس إىل اإلغواء هبا ،وتقول :آمنة عن أختها هنادي كنت أرى
تشب مسرعةً ،ويستدير أخيت تشب بسرعة ويستدير جسمها " وكنت أرى أخيت ّ
جسمها إستدارة حسنةً ،وتظهر عليها آاثر النعمة ،وآايت من مجال ،ولكنها ظلت
كما أقبلت من ريفها املبتدى ،ريفية بدوية ،ال تقرأ وال تكتب كما كنت أقرأ
وأكتب ،وال حتسن من أمور الرتف شيئًا كما كنت أحسن منها أشياء".3
فقد عاشت "هنادي " مع مهندس الري يف بيته طوال سنة كاملة إىل أن أوقعها
الكتاب
ُ يف اخلطيئة مث تلقى حدفها على يد خاهلا" انصر" " لقد ُتت اجلرمية وبلغ
ذلك املهندس الشاب الذي صرعت فيه .لقد منحها احلياة ،ولقد قضى عليها
1
ابملوت".
ولقد دار هدف االنتقام واألخذ ابلثأر حول هذه الشخصية اليت تسببت يف
قتل " هنادي" ،ومسمت "خدجية" بنت املأمور ،صديقة " آمنة" ،مث أوقعت" آمنة"
يف حبّه ،وهي حتاول االنتقام ألختها" هنادي" ،فلقد انتقمت منه أبشد أنواع
االنتقام ،أماتته مواتت" ..اي للهول! -ماذا أرى؟ وماذا أمسع؟ وماذا أجد؟ هذا
ماثال بني يدي يتلطف ،ويرتفق مث يستعطف ،ويستجدي مث هذا هو جاثيًا سيدي ً
جمهشا
إيل ابلصالة ،مث هذا هو ابكيًا يف صمت ،مث هذا هو ً بني يدي كأنّه يتق ّدم ّ
ابلبكاء ،2"..وعلّمته اإلخالص " وإذا أان قد أخلصت له لنفسي ،وإذا هو قد
عليهن يف حياته
ّ أخلص يل ولنفسه" ،3فقد علّمته ما مل تستطع الفتيات اليت تعرف
احلب كيف يكون " َأولست أخرج من هذه الدار وقد أمجعني تعليمه ،لقد علّمته ّ
جرعته مرارة اهلزمية ،وعلمته أ ّن من فتيات الريف الساذجات الغافالت من يستطعن
الثبات ألمثاله واالمتناع على أصحاب الذكاء واجلمال والرتف واجلاه والثراء؟!". 4
احلب ".وقدولقد تغريت سرية هذا املهندس يف هناية املطاف ،فقد أصيب بدأ ّ
احلب عناء وبالء وجيد من آالمه حمب يلقى من ّ أيضا؛ فهو ٌّتغريت سرية سيدي ً
أيضا فأصبح يتمىن يف غري إحلاح، مثل ما أجد .ولكن كربايءه قد ُردت إليه هو ً
أحس يف حبّه شيئًا من حياء فآثر القصد واالعتدال، وأيمل يف غري إحلاف ،كأّّنا ّ
أحس اإلخفاق املتصل فآثر احلرمان يف شيء من العزة على ذلك االحلاح وكأّّنا ّ
الذي مل يكن يعقبه إال هزمية وخذالن". 5
-5األم زهرة:
شخصية األم "زهرة" اليت تعرضت للظلم والقهر االجتماعي ،فقد كانت
الضحية املذنبة ألخطاء زوجها املاجن الذي مل يكن صاحب حشمة ووقار وسرية
حسنة ،فقد كان زير نساء ،وكانت له يف القرية والقرى اجملاورة خطوب ختيف .وكان
زوجها يغيب عنها اليوم الكامل والليلة الكاملة " .وكانت ُّأمنا أشقى النّاس هبذه
حرقتها الغرية حني كان زوجها يغيب اخلطوب ،تتأذى هبا يف ذات نفسها -فكم ّ
عنها اليوم الكامل أو الليلة الكاملة ،وتشفق منها على زوجها املاجن".1
حتب زوجها على ما كان منه من جمون ،وفجور" فقد كانت فقد كانت "زهرة" ّ
كل مكان حتبّه على جمونه وفجوره ،وكانت تعلم أنّه يهيئ لنفسه عدوات خطرة يف ّ
إبحلاحه يف اجملون والفجور ،وختاف منها على حياة ابنتيها ،ومستقبلهما ،وآماهلما
يف العيش اهلنئ".2
وهذه األم زهرة مذنبة؛ ألهنا استكانت هلذا الظلم بل واستسلمة له "إ ّن
صوتك مل يوقظين وحدي؛ إّّنا أيقظ أمنا فها هي هذه تفيق ،وها هي هذه تسأل
أخاها :أوفعلتها اي انصر؟! وهاهي هذه تغرق يف بكائها السخيف بكاء األنثى
املستسلمة ال ُتلك حوال وال طوال إال سفح الدموع .ويلك أيتها البائسة! إنّك
لتستطيعني أن تسفحي دمعك إىل آخر الدهر فلن تغسلي قطرة من هذا الدم
األم ايآُثة! إنّك لن تستطيعي أن تردي نفسك إىل الرباءة الزكي .ويلك أيتها ّ
واألمن".3
خصوصا
ً األم زهرة أن ال خترب أخاها"انصر" مبوضوع " هنادي"
فقد كان إبمكان ّ
بعيدا عنها ،وحتفظ ابنتها من
أهنا وابنتيها قد طردوا من القرية ،ومها ايآن يف املدينة ً
هذه اجلرمية البشعة ،وبسبب تصرفها هذا تغري جمرى األحداث إىل األسوء " .نعم!
دم
إ ّن صوتك أيها الطائر العزيز قد أيقظين وأيقظ هذه األم اجملرمة اليت سفكت ّ
ابنتها بيد أخيها ،وأيقظ هذا اجملرم فنبهه إىل أ ّن جرمية جيب أن ختفى ،وإىل أ ّن آاثر
إُثه جيب أن تزول .ولكنه مل يوقظ هنادي وما كان ينبغي له أن يوقظها أل ّن صوتك
يقو ومهما يلح فلن يستطيع أن ينفذ من أستار املوت".1 مهما َ
-6شخصية األب :
إ ّن بداية املأساة اليت وقعت على" هنادي" ،وأمها ،وأختها كانت بفعل
هذه الشخصية املاجنة شخصية األب الذي مل يكتف ابلتخلي عن مسئولياته ُتاه
عائلته بل وأحلق العار هبم؛ ألنّه مل يكن صاحب سرية حسنة" .ولكن أابان مل يكن
حيب الدعابة واجملون،
صاحب حشمة ،ووقار ،وسرية حسنة ،وإّّنا كان زير نساء ّ
فال يتحرج ممّا يتحرج منه الرجل املستقيم ،وكانت له يف القرية ،ويف القرى اجملاورة
خطوب كانت ختيف منه وختيف عليه".2
ورمبا تعايشت العائلة مع هذا األب الفاجر املاجن ومع هذا الوضع ،بيد
قبحا وأعظم فضاعة وهو مصرع هذا األب، أ ّن هذه العائلة قد آصاهبا ما هو أشد ً
وتركه لثالث نساء للعار وسط جمتمع ظامل ال يعرف للمرأة حرمة ،وتطرد العائلة
بعيد من األرض ليس معلوم " .وأهنا لفي ما هي فيه من مكان ٍبكاملها ،وتنفى إىل ٍ
صرع ،مث يستبني األمر ٍ ٍ
غرية و إشفاق وفزع ذات ليلة ،إذ جاءها النبأ أب ّن زوجها قد ُ
قليال فإذا الرجل قد ذهب ضحية لشهوة من شهواته ايآُثة ،فليس له أثر قليال ً
ً
يطالب به ،وليس من سبيل إىل استعداء السلطان على قاتليه ،وإّّنا هو العار قد أمل
هبذه املرأة وابنتيها التعيستني ،وإذا األسرة كلها تضيق هبؤالء النّساء ،تكره مكاهنن
منها ،وتنفينهن عن األرض".3
فيها ،وكان أجارها عشرة قروش تدفع كلما بدا اهلالل " .جلأت إىل شيخ البلدة أو
يوما ،مث ابتغى هلا والبنتيها حجرة ضيقة حقرية قذرة قد إىل شيخ العزبة فأواها ً
أقيمت من الطني ،فأسكنها فيها على أن تدفع أجرها عشرة قروش كلما بدا
1
وفر لألم "زهرة" وابنتيها العمل يف املدينة " .قال
اهلالل" .وشيخ العزبة هو الذي ّ
هلا شيخ العزبة ما أكثر العمل هنا! فألتمسي حياتك ،وحياة ابنتيك يف بيوت
املرتفني الذين ال يعملون يف الزرع واحلرث ،وإّّنا يعملون يف خدمة احلكومة ،منهم
من خيدم يف معامل السكر ،ومنهم من خيدم يف املراكز ،ومنهم من خيدم يف احملكمة
األهلية أو الشرعية ،ومنهم مهندس الري.2" ..
-2شخصية خدجية:
هي إحدى أهم الشخصيات الفرعية املباشرة الفاعلة يف هذه الرواية ،وقد كان
كبريا جدًّا إ ْذ أهنا صارت صديقتها ،وختلفت "آمنة" معأتثريها على البطلة آمنة" ً
" خدجية" إىل الكتّاب فتعلمت كما تتعلم خدجية ،وتتلقى درس املعلم فتستفيد كما
تستفيد خدجية ،وحتاول أن تقلد خدجية يف لغتها احللوة الرقيقة واليت تسميها "آمنة"
لغة مصر.
" وما هي إال أن تزول بيننا الكلفة ونصبح رفيقتني صديقتني .وسيدة البيت تنكر
ذلك ّأول األمر ،ولكنها تذعن له بعد حني؛ وإذا أان أختلف مع الصبية إىل
الكتّاب فأتعلم كما تتعلم ،وأتلقى مع الصبية درس املعلم فأستفيد كما تستفيد...،
لوال أهنا كانت تتكلم لغة حلوة عذبة رقيقة هي لغة مصر ،وكنت أتكلم لغة فجة
خشنة غليظة هي لغة الريف من " بين وركان" ،وكنت أقلّد يف نفسي لغة خدجية
فأحسنها وأجيدها".3
وقد كانت خدجية ذات شخصية مرحة ،حلوة النفس ،مشرقة الوجه،
مبتسمة الثغر ،وديعة النفس ،وقد اشركت بطلة الرواية" آمنة" يف لعبها ،واختصتها
أبحاديثها ،وأسرارها.
دائما
"ولكن خدجية كانت حلوة النفس راضية اخللق مشرقة الوجه ً
دائما ،وديعة النفس ،رقيقة احلاشية ،فلم يطل ما كان بينها وبيين مبتسمة الثغر ً
من البعد ،وإّّنا أشركتين يف لعبها ،واختصتين أبحاديثها ،وآثرتين أبسرارها ،ومل تبخل
علي حّت ببعض ما كانت ُتنحها أمها من احللوى ،أو من النقد لتشرتي به ّ
1
احللوى" .
-3شخصية زنوبة :
هي واحدة من الشخصيات الفرعية املباشرة يف الرواية ،وهي إمرأة عظيمة
اخلطر ،وامسها شائع ذائع على مجيع األلسنة ،أهنا زنوبة الراقصة التاجرة " .فكانت
عرفت من أمرها فيما ما كنت أجهل ،وتبينت أن امسها كان ُ إمرأة عظيمة اخلطر
ذائعا على مجيع األلسنة ،ويف مجيع األحناء ال يف املدينة وحدها بل يف كثري مما
شائعا ً
ً
حييط هبا من القرى والعزب والضياع .كان أمسها "زنوبة" وكان هلا اتريخ حافل
ابخلطوب واألحداث كان شباهبا مغامرة كلّه فتنة لنفسها ولكثري من النّاس .كانت
ُتيد الرقص وتفنت به شباب املدينة ،وتفنت هؤالء الشباب الذين كانوا يفدون على
املدينة يف فصل الشتاء ليشتغلوا يف معمل السكر".2
وقد كانت زنوبة عينًا من عيون الشرطة .. ".فكانت عينًا من عيون الشرطة
ماال،
تنفذ إىل كثري جدًّا ممّا ال تنفذ إليه عيون الرجال ،وكانت تفيد من ذلك ً
وتكسب من ذلك هيبة ،فكان النّاس خيافوهنا ،ويتلطفون هلا ،وكانت الشرطة
تستعني هبا استعانة خاصة خصبة حني يصرع صريع ابلليل ،ويبحث املأمور وأعوانه
عن القاتل فال يظفرون به ،هنالك كانت تنقل إليهم ما تسمع من األحاديث يف
بعض أندية الشباب ويف داخل كثري من البيوت.1"..
ولقد كان أعظم نفع" زنوبة" للشرطة حني هتاجم األوبئة املدينة وما حوهلا من
القرى" وكانت أنفع ما تكون للشرطة ،وأقدر ما تكون على إعانتها حني يهاجم
الطاعون أو الكولريا أو أي وابء من هذه األوبئة أهل املدينة وما حوهلا من القرى،
وحني تريد احلكومة أن تكتشف املرضى ،وتعزهلم يف تلك اخليام اليت كان يكرهها
النّا أشد الكره ويفرون منها أكثر ممّا يفرون من املوت" .2و"زنوبة" هذه الشخصية
هي اليت أوصلت البطلة"آمنة" إىل هدفها ،وهو العمل يف بيت املهندس ،مث أ ّن
مبتسما راضيًا حيدق
ً علي
مبتسما راضيًا ".وأقبل سيدي اجلديد ّ
ً املهندس أقبل عليها
النظر يف وجهي حتدي ًقا طويال ،مث يفصل النظر إىل جسمي كله تفصيال ،كأنّه
متاعا يريد أ ّن يشرتيه. 3"...
ميتحن ً
الشخصيات الفرعية غري املباشرة:
-1زوجة املأمور " أم خدجية"
تع ّد هذه الشخصية من إحدى الشخصيات اليت ساعدة البطلة"آمنة" يف
خلق عظيم ،وتتمتعكث ٍري من األمور ،وهي زوجة املأمور ،و ّأم "خدجية" امرأة ذات ٍ
ُتاما ،وعاشت يف نعي ٍم مل تبخل
حبنان كبري حّت أهنا احتضنت "آمنة" كأهنا إبنتها ً
به حّت على خدمها.وملا عادت "آمنة" إىل بيت املأمور بعد إن كانت هربت منه
علي فتتلطف يل وترفق يباستقبلتها خري استقبال" وسيديت وصديقيت قد أقبلت ّ
علي بعض ما أجد ،وإن كانت ال تعرف شيئًا ممّا أجد".4
وهتون ّ ّ
وإين ألحاول أن أفهم فال استطيع .والري لك اي ابنيت أن آذاك وسيحبّكّ ،
تستشريي سادتنا من اجلن أو سادتنا من األولياء.1"..
فاألول:
كامالّ ،فهما ً
ولقد فهمت " هنادي" و"آمنة" كالم العرافة "نفيسة" ً
اخلال" انصر" ،والثاين" :املهندس".
-3شخصية البستاين:
تعرفت بطلةهو الشخص املوّكل ابالعتناء ابحلديقة ،وحراسة املنزل ،وقد ّ
الرواية" آمنة" عليه بغية التعرف على املهندس املتسبب يف قتل أختها" هنادي"
لإلنتقام منه ،فتقوم ابالتصال ابلبستاين ملعرفة أحوال املهندس الشاب ،وتتمكن
"آمنة" من التعرف على البستاين وعرفت منه ما عرفت على املهندس ،وعرفت أن
خادمته اليت خلفت أختها"هنادي" امسها" سكينة".
" مث مل تتصل األايم بيين ،وبني هذا البستاين حّت كان الظاهر من أمر
اضحا معروفًا :أعرف من عاداته وأطواره ومن ذهابه هذا املهندس الشاب عندي و ً
2
وإايبه ومن جده وهزله ما ميكن ملثلي أن يعرفه حني يتصل خبدمه واملقربني إليه".
-4شخصية سكينة:
هذه الشخصية امسها "سكينة" ؛ كانت خليفة الضحية" هنادي" فقد
كانت ختدم يف بيت" املهندس" ،وهي بنت مجيلة؛ ولكنها قلية العقل " ..واهتدى
قليل من الوقت إىل هذه الفتاة اجلميلة الوادعة ذات الوجه املشرق ،واجلسمبعد ٍ
البض ،والعقل الضيق القصري ،اهتدى إىل "سكينة" هذه اليت أقامت عنده خليفةً ّ
3
ألخيت" .
وتقوم بطلة الرواية "آمنة" ابلتعرف على" سكينة" ،وتصبح صديقتها،
وبغضا
علما" أكثرً ،بكل ما يدور ابلدار بينها وبني املهندس ،فتزداد "آمنة" ً
فتخربها ّ
أكثر هلذا املهندس ،فلقد ساعدت هذا الشخصية الفرعية غري املباشرة"آمنة" يف
تفعيل األحداث أكثر فأكثر ..وسرعان ما اتصل احلديث بينها وانتهى إىل الدخائل
واألسرار.
" فما أسرع ما اتصل احلديث! وما أسرع ما انتهينا به إىل الدخائل واألسرار! وما
أسرع ما أحسست يف نفسي عداوًة آُثة تشتد كل ٍ
يوم وتنمو حّت ُتأل قليب ،وُتلك ّ ّ
كل أمري وتكاد خترجين عن طوري وتدفعين إىل ما ال خري فيه.1".
علي ّ
ّ
اثنيا :بنية الزمن:
والزما له لكي ينجز ،ففي ضوئه كل حكيً ، عنصرا أساسيًّا يف ّ
ميثل الزمن ً
القص سواء اختذت شكل التعاقب أو التداخل ،حبكم أنّه يشكل بنية تنتظم مادة ّ
حتول عن موضوع للرواية، فضال عن كونه قد ّ
قائمة الذات ضمن العمل الروائيً ،
الزمن
وحّت إىل شخصية رئيسة فيها .ويؤكد أحد النقاد هذا املعىن بقوله أ ّنّ ":
أصبح منذ أعمال بروست وكافكا هو الشخصية الرئيسة يف الرواية املعاصرة بفضل
استعمال العودة إىل املاضي ،وقطع التسلسل الزمين ،وابقي التقنيات الزمنية اليت
كانت هلا مكانة مرموقة يف تكوين السرد وبناء معماره" .2وإ ّن العالقة بني بنية
الزمن ،وبنية الشخصية قوية ومرتاصة إ ْذ " يقيم فعل السرد عالقات مرتاصة مع
القصة من انحية الزمن والشخص .من الناحية الزمنية ،نتساءل حول الرابط
التسلسلي الذي يُقام بني فعل السرد واألحداث املنقولة" .3كما "أ ّن البنيويّني
جمرد جي َّسد يف الرواية بواسطة سرد األحداث ،وتراههم مؤمنون أب ّن الزمن شيء َّ
يعاجلون الزمن الروائي يف أثناء حديثهم عن السرد" 1وقد ع ّد أحد النقاد الزمن
شخصية رئيسة يف الرواية فقال إنّه ":الشخصية الرئيسية يف الرواية املعاصرة".2
السردي يف هذه الرواية يف نقطتني :األوىل :اإليقاع وسوف أتناول بنية الزمن ّ
الزمين ودالالته ،والثانية :املفارقة الزمنية ودالالهتا.
أوال -اإليقاع الزمين ودالالته:
ً
اإليقاع الزمين مرتبط ابلتقنيات األربع اليت حددها " جريار جينيت" ،وسوف
3
تباعا على النحو ايآيت ":اخلالصة واإلسرتا حة والقطع أو احلذف واملشهد"
نتناوهلا ً
وهذه التقنيات األربع حتقق الزمن احلكائي و السردي يف القصة واحلكاية.
-1تقنية اخلالصة:
هي تقنية تساعد على تسريع السرد ،واختصاره يف بضع سطور أو
كلمات أو فقرات أو بضع صفات دون تفاصيل أعمال أو أقوال ،فاخلالصة تعتمد
يف احلكي " على سرد أحداث ووقائع يفرتض أهنا جرت يف سنوات أو أشهر أو
ساعات و اختزهلا يف صفحات أو أسطر أو كلمات للتفاصيل".4
وتقنية اخلالصة يف رواية "دعاء الكروان" موجودة بكثرة ،وهي تركز يف كثري
منها على مشهد أو حلظات من حياة البطلة "آمنة" وأمها "زهرة" و وأختها
"هنادي" ومن مشاهد اخلالصة يف بداية الرواية هذا املشهد " واخلطوب تنتقل هبن
من قرية إىل قرية ومن ضيعة إىل ضيعة يلقني بعض اللني هنا ويلقني بعض الش ّدة
-1مسري روحي الفيصل ،بناء الرواية :دراسة بنيوية شكلية ،دائرة الثقافة واإلعالم ،الشارقة،ط،1
،2012ص.155
-2مها حسن القصراوي ،الزمن يف الرواية العربية ،دار فارس للنشر والتوزيع ،األردن،
ط ،2004،1ص.36
-3محيد حلميداين ،بنية النص السردي ،املركز الثقايف العريب ،بريوت ،ط ،1991،1ص.76
-4ا طه حسني ،دعاء الكروان ،ص .140
161
اسم املؤلف :أد.علي أمحد عمران
عنوان املقال :البنية السردية يف رواية" دعاء الكروان" لطه حسني
هناك ،و التستقر هبن األرض يف أي حال حّت ينتهني إىل هذه املدينة الواسعة
ذات األطراف البعيدة ،والسكان الكثريين" .1
شهرا
هذا املشهد يصور لنا رحلة األم "زهرة" وابنتيها تلك الرحلة الطويلة اليت دامت ً
أايما يف بضعة أسطر.
أو ً
-2تقنية اإلسرتا حة :
"أما االسرتا حة فتكون يف مسار السرد الروائي توقفات معينة حيدثها الراوي ّ
بسبب جلوئه إىل الوصف ،فالوصف يقتضي عادة إنقطاع السريورة الزمنية ويعطل
حركتها" .2وجند هذه االسرتا حة يف عدة أماكن يف الرواية فهذه "آمنة" تصف
الشاب مهندس الري" ذلك الشاب الرشيق األنيق ذو الوجه الوسيم ،ذلك الشاب
وحيدا يف دار واسعة ،حتيط هبا حديقة مجيلة نضرة ،وال يعيش معه
الذي كان يعيش ً
فيها إال خادم ريفي ،حيرس الدار ،ويعىن ابحلديقة" ، 3فهنا جند أن السرد توقف
ليستأنف الوصف بطريقة مجيلة ،و هو غري مرتبط ابلزمن ،فهذه االسرتاحة اليت ال
عمل روائي أن خيلو منها؛ وذلك ألهنا تزيد السرد هبجة من جهة ،ومن ألي ٍميكن ّ
جهة أخرى تعطيه أف ًقا أوسع للولوج إىل ذهن املتلقي.
-3تقنية القطع أو احلذف:
مهما يف اقتصاد السرد ،وتسريع وتريته،
دورا ً
يلعب القطع أو احلذف ً
وهي تقنية تقوم بنفس وظيفة تقنية "اخلالصة" اليت تقتضي اسقاط مدة زمنية طويلة
أو قصرية من زمن الرواية "فهي تقنية زمنية تقضي ابسقاط فرتة طويلة أو قصرية من
زمن القصة ،وعدم التطرق ملا جرى فيها من وقائع وأحداث" ،4فالقطع أو
احلذف يستلزم التخلي على زمن داخل الرواية سنة أو أشهر أو حّت أايم دون
التطرق هلا أو إىل ذكرها فتقنية القطع أو احلذف" هي إغفال مرحلة زمنية وعدم
ذكرها ( )...فهو تكييف زمين مهمته إمتصاص فرتة زمنية ليست على قدر من
األمهية" ،1وجند القطع أو احلدف يف الرواية يف عدة أماكن ،وهذا احلدف داخل
السرد يف بداايت الرواية ،وتسبب يف التسريع ابلسرد " واخلطوب تنتقل هبن من قرية
إىل قرية من ضيعة إىل ضيعة ،يلقني بعض اللني هنا ويلقني بعض الشدة هناك
( )....وهناك يف طرف من أطراف هذه املدينة إستقرت هذه املرأة مع الصبيتني
يوما()....قال ذلك شيخ القرية وجلأت إىل شيخ البلدة أو إىل شيخ القرية فآواها ً
بيوات ووعدها ابملعونة وأنقضت أايم قليلة ()...
أشخاصا ووصف هلا ً ً مث مسى هلا
كل واحدة يف بيت تعمل فيه ولكن هذه األايم مل تتصل وما أسرع ما أستقرت ّ
ابلنهار وتنام فيه ابلليل مث يلتقني أخر األسبوع فيقضني ليلة سعيدة راضية يف
حجرهتن تلك القذرة احلقرية".2
لقد إستطاع طه حسني أن يلخص لنا تلك املعاانة اليت تكبدهتا أألم
أايما يف البحث عن العمل واإلستقرار يف بضع سطور، "زهرة" وابنتاها ،واليت دامت ً
ولنا أ ّن نستنتج أ ّن أحداث الرواية ما هي إال ملخصات وإال فكيف ميكن حصر
قصة أو حكاية دامت سنني يف جمموعة من األوارق.
-4تقنية املشهد:
يقصد به املقطع احلواري الذي أييت يف تضاعيف السرد فاملشهد هو:
"املقطع احلواري الذي أييت يف كثري من الرواايت يف تضاعيف السرد ،إن املشاهد
ُتثل بشكل عام اللحظة اليت يكاد يتطابق فيها زمن السرد وزمن القصة من حيث
.-1ميساء سليمان اإلبراهيم :البنية السردية يف كتاب االمتاع واملِؤانسة ،منشورا ت اهليئة العامة
السورية للكتاب ،دمشق سورية ،دط،2011 ،ص.223
2 -طه حسني ،دعاء الكروان ،ص .16
163
اسم املؤلف :أد.علي أمحد عمران
عنوان املقال :البنية السردية يف رواية" دعاء الكروان" لطه حسني
مدة اإلستغراق" ، 1وميكن مالحظة هذا املشهد يف بداية الرواية بني "أمنة"
أين سألقاه قائمة ابمسة حني أقبل إيل يف ظلمة الليل
و"املهندس" " مل يكن يق ّدر ّ
يسعى كأنّه احليةأو كأنّه اللص .ولكنه مل يكاد يبلغ ابب الغرفة ،ويتنب شخصي
ماثال يف وسطها وعلى وجهه إبتسامة شاحبة كأهنا ابتسامة األشباح ،حّت أخذه
شيء من الذعر ،فرتاجع خطوات مث قال يف صوت أبيض جعل أيخذ لونه
قليال :ماذا؟ أال تزالني ساهرة إىل ايآن؟ أتعلمني أين أنت من الليل ؟
قليال ً
الطبيعي ً
قلت :لقد جاوزت ثلثيه ما كان ينبغي يل أن أانم قبل أن ينام سيدي ،فما يدريين !
لعله حيتاج إىل شيء )... (.فإن سيدك أيمرك أبن تتبعيه".2
فتقنية املشهد هنا ُتثلت يف املقطع احلواري داخل الرواية الذي انعدم السرد فيه،
وحتول احلكي إىل حوار بني البطلة"آمنة" و" املهندس".
اثنيا :املفارقة الزمنية ودالالهتا الفنية:
اسرتجاعا ألحداث ماضية أو تكون
ً تعرف املفارقة أبهنا" إما أن تكون
استباقًا ألحداث الحقة" ،3إذن أساس املفارقة الزمنية هو اإلسرتجاع ألحداث
ماضية واإلستباق ألحداث الحقة" .فاالسرتجاع يربط احلاضر ابملاضي من خالل
االستدراك واإلحلاق" 4وسنقف على تقنية االسرتجاع ً
أوال مث نعرج على تقنية
االستباق اثنيًّا.
-1تقنية اإلسرتجاع:
إ ّن تقنية االسرتجاع واحدةٌ من أهم تقنيات املفارقة السردية ،فهي تقوم
على اإلتيان مبشهد من املاضي وسرده يف احلاضر داخل الرواية أو هو ":سرد
حدث ما يف نقطة ما يف الرواية بعد أن يتم سرد األحداث الالحقة على ذلك
احلدث".1
جسد الكاتب هذه التقنية يف روايته أفضل ُتسيد فقد بدأ بسرد لقد َّ
قصته ،وذكر مأساة البطلة" آمنة" بعدما ذكر اللحظة اليت انتهى إليها مصريها يف
أواخر الرواية ،حيث إننا جند أ ّن أحداث الرواية كلّها إسرتجاع من الصفحة األوىل
إىل غاية الصفحة مئة وستون فيبدأ االسرتجاع من عبارة" فإذا اجتمعت يف نفسي
صور هذا النعيم كله أحسست راحة وأمنًا وثقة( )....ال ألبث أن أجد هذا احلزن
الالذع العميق حني أذكر هذه املأساة اليت كنت أحتدث هبا منذ حني إىل هذا الطائر
إيل هذا الطائر العزيز .إ ّن يف أحداث العزيز ،واليت كان يتحدث هبا منذ حني ّ
وعربا وإين ألحتدث ايآن إىل نفسي حديثًا ماكان ميكن وال
احلياة وخطوهبا لعظات ً
ينتظر أن تتحدث به إىل نفسها تلك الفتاة اليت كان النّاس يسموهنا آمنة ،واليت
تسمى ايآن سعاد ألنّه اسم مجيل يالئم املؤلوف من حسن االختيار و التظرف يف
األمساء ".2
األول لبداية االسرتجاع لقصة " آمنة" ومأساهتا، هذه العبارات هي املفتتح ّ
ويستمر احلكي إىل غاية الصفحة مئة وستون إذ جند أ ّن بداية الرواية موجود فيها"
مل يكن يق ّدر أين سألقاه قائمة ابمسة حني أقبل إيل يف ظلمة الليل يسعى كأنّه حية
أو كأنّه اللص ".3
-1أمحد محد النعيمي ،إيقاع الزمن يف الرواية العربية املعاصرة ،املؤسسة العربية للدراسات
والنشر ،عمان،ط،2004 ،1ص.33
2 -طه حسني ،دعاء الكروان ،ص.13
3 -املصدر نفسه ،ص.9
165
اسم املؤلف :أد.علي أمحد عمران
عنوان املقال :البنية السردية يف رواية" دعاء الكروان" لطه حسني
هكذا وظف الكاتب تقنية اإلسرتجاع اليت هي أهم تقنيات املفارقة السردية
عمال حمكم.
بطريقة جعلت الرواية ً
-2تقنية االستباق:
االستباق هو واح ٌد من تقنيات املفارقة السردية املهمة يف الرواية إذ يقوم
1
كل
االستباق على ذكر املشهد ايآيت " هو االنتقال إىل الزمن املستقبل" " ،ويعين ّ
حركة سردية تقوم على رواية حدث الحق أو ذكره مق ّد ًما " .2ظهرت تقنية
االستباق يف رواية "دعاء الكروان" مرات عدة ،كون القصة حتكي معاانة وتتنبأ
أكثر ،فنجد ذلك عندما تنبأت العرافة "نفيسة" للبنتني "هنادي "و"آمنة"
ابملستقبل ،وأن يف حياة "هنادي" شخصني أحد أحبّها وسيأذيها ،واألخر أذاها
وسيحبّها ،مث إ ّن "هنادي" تعرف هذين الرجلني فتتكلم هبما يآمنة قالت ":إ ّن
إين أراك بني اثنني :أحدمها حيبك وسيؤذيك ،وايآخر آذاك أمرك اي ابنيت لعجيبّ ،
وسيحبك". 3
تظهر تقنية اإلستباق يف مقاطع أخرى من الرواية فهاهي البطلة"آمنة" تتحدث
عن بقائها يف بيت املأمور مؤقتًا ،وإن حياهتا موصولة حبياة هذا الشباب املهندس"
ومنذ ذلك الوقت أخذت أستيقن أبن حيايت موصولة حبياة هذا الشباب ،وأب ّن
مقامي يف بيت املامور موقوت ،وأبن إنتقايل منه إىل بيت هذا الشاب حمتوم إن مل
غدا" ،4هنا جند استباقًا يف احلوار الذي دار بني البطلة "آمنة"، يتم اليوم فسيتم ً
ّ
-1أمحد محد النعيمي ،إيقاع الزمن يف الرواية العربية املعاصرة ،املؤسسة العربية للدراسات
والنشر ،عمان ،ط،1
،2004ص.33
2 -نضال صاحل ،النزوع األسطوري يف الرواية العربية املعاصرة ،احتاد الكتاب العرب،
سوراي،ال.ط ،2001 ،ص.196
3 -طه حسني ،دعاء الكروان ،ص.45-44
-4املصدر نفسه ،ص.95
166
اسم املؤلف :أد.علي أمحد عمران
عنوان املقال :البنية السردية يف رواية" دعاء الكروان" لطه حسني
ونفسها( املنلوج الداخلي) ،وهي تتحدث عن بقائها املؤقت يف بيت املأمور ،وأ ّن
حياهتا ارتبطت حبياة هذا الشاب املهندس.
هكذا وظف طه حسني يف بنائه السرد لرواية" دعاء الكروان" خمتلف التقنيات
عمال حمكمالسردية من إيقاعات زمنية ،ومفارقات سردية بطريقة جعلت الرواية ً
البناء.
اثلثًا :بنية املكان :
عنصرا حكائيًا
مكوان حمورًاي بل ً
للمكان أمهية كبرية يف بنية السرد ،فهو يشكل ً
قائما بذاته " إ ّن املكان الروائي يع ّد مبثابة اخللفية الضرورية اليت يصعب ختيل وقوع
ً
األحداث بدونه ،ويرتبط إدراك املكان ابجلانب احلسي ،وقد يسقط األديب اإلدراك
النفسي على األشياء احملسوسة لتوضيحها والتعبري عنها".1
فاملكان يعد العنصر األساس يف تشكيل بنية الشخصيات؛ والكشف عنها من خالل عالقيت
الزمانفإنهإطاره
ولذلكفيه،ا أل ّن
ينجز ً
شديد الذيرتباطًا املكان
ابملكان ا إطارهتبطهوالزمان املختلفة
كذلك ير ِبنواعه
املكان .و الزمانوبني
إن بينهما
فيه"التأثر
التأثري و
ينجزعنه".2
المناص
الذي
إذن املكان هو العمود الفقري الذي يربط أجزاء الرواية من أوهلا إىل أخرها ،فهو
دورا أساسيًا يف بناء اخلطابجدا ،ويلعب ً ينهض مبقومات وخصائص مهمة ًّ
الروائي .ولدراسة بنية املكان السردي يف رواية" دعاء الكروان" البد من الوقوف
على أنواع األمكنة فيها.
أنواع املكان:
املكان هو اجملال اليت تنطلق منه األحداث ،وتتحرك فيه الشخصيات،
وترتبط ارتياطًا وثي ًقا بعنصر املكان؛ ولكن بدرجات متفاوته " إ ّن سطوة املكان
167
اسم املؤلف :أد.علي أمحد عمران
عنوان املقال :البنية السردية يف رواية" دعاء الكروان" لطه حسني
تتع ّدى يف الواقع ما يبدو على السطح من أتثرياهتا وفعاليّاهتا املباشرة إىل أعماق
التكوين النفسي للشخصيات" ،1إذ يصبح هلذه األمكنة قيمة شعورية تعكس وجهة
نظر الشخصيات ،وحتدد سلوكها وأبعادها الداخلية واخلارجية .فيكون للمكان
وظيفة رمزية .
ولقد وجدان الغالب يف هذه الرواية " دعاء الكروان" أمكنة املدينة ،ولعل
طه حسني أراد هلذه األمكنة أن حتقق هدف الرواية الكبري :وهو تعليم املرأة الريفية
القادمة من القرية وتثقيفها ،ورفع الظلم عنها ،واالبتعاد عن الثأر الذي توارثته
األجيال ،وإ ّن طبيعة أمكنة ااملدينة تتيح حتقيق مثل هذا اهلدف الكبري؛ لذلك
سوف نقسم األمكنة يف رواية "دعاء الكروان"إىل قسمني :أمكنة املدينة ،وأمكنة
االقرية.
-1أمكنة املدينة يف الرواية:
إ ّن املدينة ذلك احليز املكاين الذي ال حتده احلدود األربعة الضيقة ،فهو
ميتاز أبفقه الرحب غالبًا ،ويقرتن مبعاين احلرية والسعادة إذ يرمي إىل جمموعة من
االنفتاحات الفكرية والنفسية واالجتماعية .وجند يف رواية" دعاء الكروان" ذلك
الفضاء الواسع الذي انتهت إليه " زهرة" وبنتاها بعد خروجهما من قرية " بين
وركان" ،ومرورهم بطريق من الشرق إىل الغرب ،هذه املدينة الواسعة اليت استقبلت
زهرة وابنتيها ،فقد كانت البداية مع القطار الذي أفزعهم " حّت ينتهني إىل هذه
املدينة الواسعة ذات األطراف البعيدة ،والسكان الكثريين ،واليت تشقها الطرق
احلديدية نصفني ،وميضي فيها هذا الشيء املروع املخيف الغريب الذي يبعث يف
وصفريا عاليًا حني ًفا ،والذي يسمونه القطار".2
ً ضخما،
وصوات ً
وانراً ،
شررا ً اجلو ً
-1صربي حافظ ،مالك احلزين :احلداثة والتجسيد املكاين للرؤية الروائية ،فصول،
مج،4عدد، 1984،4،ص.174
2 -طه حسني ،دعاء الكروان ،ص .16
168
اسم املؤلف :أد.علي أمحد عمران
عنوان املقال :البنية السردية يف رواية" دعاء الكروان" لطه حسني
مث تستقر العائلة يف هذه املدينة ،وتبدأ البطلة"آمنة" بسرد قصة " دعاء
كز ا ألحداث كثرية ،وفيها بيت "خدجية" صديقة الكروان " ،فاملدينة كانت مر ً
"آمنة" ،وقد علّمت "آمنة" أال تكون فتاة جاهلة كما هو احلال مع أختها "
هنادي" اليت "ضلت كما أقبلت من ريفها املتب ِّدي ،ريفية بدوية ،ال تقرأ وال تكتب
كما كنت أقرأ وأكتب ،وال حتسن من أمور الرتف شيئًا كما كنت أحسن منها
1
أشياء"
ويف هذه املدينة بيت املأمور الذي وجدت "آمنة" فيه األمن ،والتعليم،
كل هذا السعي ،فيها ألتمس األمن ،وبني واحلياة الوادعة" فاملدينة إذن غاييت من ّ
أهلها ألتمس احلياة الوادعة! وبيت املأمور هو غاييت من املدينة إليه أجلأ ،وإىل من
فيه أفزع ،ومبن فيه أستعني ،يف ظله أريد أن أعيش ،وعند أهله أريد أن أودع قليب،
وعند خدجية من أهله خاصة أريد أن ألتمس الراحة هلذه النفس املعذبة ،والشفاء
هلذا القلب املريض" .2ويف املدينة بيت املهندس الذي أرادت "آمنة" أن تثأر
ألختها" هنادي" منه فجرعته مرارة اهلزمية ،وتوجد يف املدينة "زنوبة" صاحبة التاريخ
شائعا
احلافل ابخلطوب واألحداث تلك التاجرة املرابية اللعوب اليت كان امسها " ً
ذائعا على مجيع األلسنة ،ويف مجيع األحناء ال يف املدينة وحدها بل يف كثري مما حييطً
3
هبا من القرى والعزب والضياع" ،فاملدينة أبماكنها الكثرية كانت األرض اليت
جلأت إليها البطلة "آمنة" بعدما خرجت من هذا الريف املصري املتب ِّدي من " بين
وركان" الذي مل تعرف فيه شيئًا سوى القسوة ،واخلشونة ،والبدائية.
نظرا أل ّهنما يعطيان
وقد إرأتينا أن حنصر أمكنة املدينة يف مكاننني اثنني؛ ً
صورة واضحة لرمزية املكان ،وكيفية توظيف طه حسني له يف الرواية ،ومها :بيت
املهندس ،وبيت املأمور.
-بيت املهندس:
هو بداية األحداث حبيث حيضر بقوة يف بداية الرواية وهنايتها ،فقد كانت
آمنة ختطط للولوج يف هذا املكان الذي ستمارس فيه انتقامها مث تنتقل منه إىل غري
ابحلب ،وقد
ّ رجعة؛ لكن األمر تغري يف هناية املطاف فقد انتصرت على املهندس
وقعت هي فيه فال تستطيع أن تفارقه ،وال أن خترج من بيته " ال يستطيع أن خيرجين
من داره ،ولو قد أراد ذلك لكرهت أن أخرج من هذا الدار ،وال أستطيع أن أفارقه
جهرة ال خفية ،ولو قد فعلت لطلبين حيث أكون من األرض". 1
إن هذا البيت كان هدف "آمنة" منذ البداية ،ومنذ رجوعها و إستقرارها يف بيتَّ
املأمور حيث أهنا وبعدما خرجت من دار املأمور بعد احلديث الذي تلقته أم خدجية
بشأن املهندس وما ميتأل به من مكر وخديعة ونفاق ،فآمنة كانت تطمح إىل أن
حتل حمل سكينة وأبي ُثن فتقول يف ذلك ":ال ب ّد إذن من بعض الشر ،وال ب ّد من
أن أمكر حّت أقضي عن هذه الدار ،ومن أن أكيد حّت تقصى سكينة من بيت
املهندس الشاب" .2إذن فبيت املهندس الشاب هو املكان الذي كان هدفًا يآمنة،
احلب فتغرية سريته"
فقد جرعت "آمنة" البطلة "املهندس" مرارة اهلزمية ،وعلمته معىن ّ
احلب عناء وبالء ،وجيد من
حمب يلقى من ّ أيضا؛ فهو ّ
وقد تغريت سرية سيدي ً
3
آالمه مثل ما أجد".
-بيت املأمور:
وصديقتها
ابلنشاط اجلميلبهاملمتلئ
كانتاملنزلغرفتها
كيفذلك آمنة و
" ،هو دائما،
ووصفتهالبطلة"ً
"آمنة"إىل قلب
عرفته وأحبّها
كما األمكنة
واحلبأمجل
من
الوحيدة بداخله "خدجية" فلها غرفةٌ به ،تلك الغرفة اليت مل تعط خلادم بعدها ،فقد
واحلنان
تركتها شهور فلما عادت إليها وجدهتا كما هي ،وهلا صديقة وحيدة بداخله هي"
طالعا ،فقد قدر يل أن أخدم يف بيت
خدجية" " كنت أحسن الثالثة حظًا وأمينهن ً
مأمور املركز ،وكانت خدميت غريبة ّأول األمر ثقيلة على نفسي ،ولكين مل ألبث أن
ومتاعا ،كلفت أن أصحب صبية من بنات املأمور كانت أحببتها ووجدت فيها لذة ً
تقاربين يف السن ولعلها كانت أكرب مين قليال".1
أحب شيء للبطلة "آمنة"؛ ولكنها رأت أ ّن مقامها به مؤقت، كان بيت املأمور ّ
أمر حمتوم " ومنذ ذلك الوقت أخذت أستيقن أب ّن أ ّن االنتقال إىل بيت املهندس ٌ
حيايت موصولة حبياة هذا الشاب ،وأبن مقامي يف بيت املأمور موقوت ،وأب ّن
غدا".2انتقايل منه إىل بيت الشاب حمتوم إن مل يتم اليوم فسيتم ً
هذان املكاانن أهم أمكنة املدينة اليت حوهتا رواية" دعاء الكروان" مع
وجود بعض األمكنة األخرى؛ ولكنها ليست ابألمهية البالغة ،ومن أمهها بيت
التاجر ،و منزل زنوبة ،ومنزل العائلة ابملدينة" احلجرة الضيفة احلقرية " ،و يف أمكنة
املدينة وجدت "آمنة" البطلة حريتها ،من ذلك الضيق واجلهل الذي كانت تعيشه
يف تلك القرية املسمات" بين وركان" ملا حصلت عليه يف املدينة من عل ٍم وثقافة،
حر ال حتكمه حدود ضيقة. وحب ،ومن اتساع ،و انشراح ،ومتنفس ّ وأمنّ ،
-2أمكنة القرية يف الرواية:
نظرا أل ّهنما يعطيان
لقد إرأتينا أن حنصر أمكنة القرية يف مكانني اثنني؛ ً
صورة واضحة لرمزية املكان ،وكيفية توظيف الكاتب له يف الرواية ،ومها :بين
وركان ،بيت العمدة.
_ بين وركان:
أوىل أماكنة القرية اليت عرفتها الرواية تسمى "بين وركان " ،وهي منطقة
ريفية تصفها آمنة بقوهلا" كانت زهرة أم هاتني الفتاتني تعيش مع زوجها األعرايب
وابنتيها يف قرية من هذه القرى ،قد إختذت امسها يف أكرب الظن من بطن من بطون
األعرا ب أو قبيلة من قبائلهم ،فقد كانت تسمى " بين وركان " وكان أهل القرية
ومن حوهلا ُمييلون األلف قليال ( ) ...وال يذكر إال أضحك النّاس وأجرى على
ثقيال ،حمفظًا لنفس البدوي الذي مل يتعود دعابة القرويني، كثريا ً
احا ً
ألسنتهم مز ً
وأهل احلضر".1
فقد نشأت البطلة"آمنة" يف هذه القرية ،وعرفت أابها عدمي املسئولية
الذي ذهب ضحية لشهوة من شهواته األُثة ،فقد صورت "آمنة" أمها ساعة صرع
أبيها" وأهنا لفي ما هي فيه من غرية وإشفاق وفزع ذات ليلة ،إذا جاءها النبأ أب ّن
زوجها قد صرع .مث يستبني األمر قليال قليال ،فإذا الرجل قد ذهب ضحية لشهوة
من شهواته ايآُثة( ،)...وإذا األسرة كلها تضيق هبؤالء النساء ،تكره مكاهنن منها،
وتنفيهن عن األرض ،وتزودهن بقليل من املال وكثري من الرمحة".2
ويف هذه القرية عرفت "آمنة" خاهلا "انصر" عدمي الرمحة ،الرجل الغليظ
كثريا ما
انصرا ،وذكرت أين ً الذي أذهب حبياة أختها" هنادي" " نعم عرفت خايل ً
كنت أتقيه إذا لقيته ،وال أستجيب لدعائه إذا دعاين إال كارهة ،وال أطمئن إىل ما
كان يظهر يل من مودة وعطف وحنان ،وال أقبل إال راغمة" ،3فقرية " بين وركان"
تلك القرية املطمئنة اليت كانت ُتمع العائلة قبل أن تتفرق" وإّّنا كنت أحاول أن
تنفذ عيين من هذه املسافة البعيدة واألمد املنفسح إىل هذه القرية املطمئنة اليت
أخرجت منها إخرا ًجا ،لعلي أرى داران ،ولعلي أرى هذا الفناء املنبسط أمامها،
4
والذي كنت ألعب فيه مع أترايب من الغلمان والصبيان"
-بيت عمدة القرية :
واح ٌد من األمكنة املهمة اليت مرت هبا األم زهرة وبنتيها" مل أكن أحس
خبشونة هذا الوطاء ،وغلظ هذه األرض ،حّت ذكرت أننا ننام عند مضيفنا العمدة
على سطح من سطوح الدار ،ال يسرتان سقف وإّّنا تظللنا السماء ،وتكاد تغمران
ظلمة الليل.1"..
وقد حدث يف هذا املكان الكثري من األمور :أوهلا هو معرفة "آمنة"
سبب هروب أمهما هبما من املدينة ،ووقوع أختها "هنادي" يف اخلطأ مع املهندس "
لست أدري أأحدثك بذلك أم أكتمك إايه ،إين ألعتدي على سنك إذا حتدثت
إليك ،وإين ألعرضك مبثل ما أان فيه إن كتمتك احلديث".2
واثين تلك األمور اليت حصلت يف بيت العمدة هو لقاء النسوة "نفيسة"
و"زنوبة ّأما األوىل فالعرافة اليت أدلت لبنتني حبديث الغيب ،أما الثانية فزنوبة
أوال يف بيت التاجر، التاجرة املرابية اليت أعانت آمنة فيما بعد على إجياد عمل ً
والثاين واألهم بيت املهندس الذي كانت آمنة تطالبه مث إ ّن بيت العمدة مل خيلو من
األحداث ،فقد كان لقاء العائلة ابخلال "انصر" الشيطان كما شبهته "آمنة" الذي
قدم من القرية إلصطحاب "زهرة" وبنتيها إىل "بين وركان" " تقول يل :أُنظري
أُنظري هذه وهللا ،إبل "بين وركان" فأنظر فأرى أعرابيًّا كأنّه شيطان ،وقد أانخ قريبًا
من الدار مجلني عظيمني ،وأخذ حيط عن أحدمها بعض األثقال" .3فمنزل العمدة
كان من أهم احملطات اليت مرت هبا آمنة برفقة أمها"زهرة" وأختها" هنادي" فلقد
حافال ابألحداث.كان ً
اخلامتة:
هذا البحث حماولة للكشف عن البنية السردية لرواية" دعاء الكروان"،
توصلت إىل نتائج مهمة فيها ،وهي على النحو
ُ ومعرفة اخلصائص الفنية هلا ،وقد
ايآيت:
يبني
-1استطاع الكاتب من خالل البنية السردية يف رواية " دعاء الكروان ،أن ّ
األول ضعيفةً مقهورةً مسلوبة اإلرادة واحلقوق ،واتضح ذلك صورة املرأة يف احلالنيّ :
ابحلب منتصرة به على الثأر والدم،
ّ مع " زهرة" و"هنادي" ،والثاين :قويةً ،سامية
مذلة الرجل فهو يعاين الضعف أمامها ،وظهر ذلك جليًا مع البطلة" آمنة".
واستطاع عن طريق ذلك أن يوصل رؤيته حول ما تتعرض له املرأة من اضطهاد،
وظلم ،والطريق إىل خالصها من ذلك.
-2اهتم طه حسني أبمساء شخصياته ،وأوصافها ،ومل يقف عند حدود الوصف
اخلارجي للشخصية ،وإّّنا تو ّغل يف أعماق النفس البشرية ،واستطاع الغور فيها إىل
أن كشف تفاعلها مع الواقع الذي تعيشه.
كبريا يف حتريك األحداث ،وتنويعها دورا ً -3لقد لعبت شخصية "طائر الكروان" ً
يف طول الرواية وعرضها فلم يفارق البطلة " آمنة" طوال مأساهتا ،فكان الرمز املؤثر
احلب) ،وهو
الذي تدور حوله جممل قضااي الرواية ( اخلطيئة ،والثأر ،والتعليم ،و ّ
كل حدث ،ويف خاُتته ،وما " الالزمة اللحنية اليت ترتدد مناجاة "آمنة" له يف صدر ّ
رمز لروح "هنادي" اليت حتوم حول أختها ،وتطالب ابألخذ دعاء الكروان" إال ٌ
وقت من خالل دعاء الكروان .لثأرها ،وتعلن عن حضورها يف كل ٍ
ّ
السردي انظالقًا من الرؤية من اخللف؛ إذا جند الراوي أسس الكاتب منظوره ّّ -4
ٍ
الروائي ما كان منها ،وما سيكون ،فهو عاملٌ بكل شيء عن شخصيات عامله ّ عليما ّ ً
ابألحداث ،ويتعايش معها ،ويعلم ماذا جيري عليها.
نص" دعاء الكروان" يتمثل يف تقدميه ،وعرضه البنية الزمنية، -5إ ّن مجاليات ّ
حافل ابألحداث ،والزمن ٌ واليت جندها بنية معقدة ومتداخلة؛ أل ّن زمن القصة
الزمن
اخلارجي املليء ابملتناقضات والقسوة اليت تصل للقتل العمد ينعكس على ّ
يفسر اإلرتدادات املتعددة ،واالسرتجاعات الكثرية الداخلي للرواية ،ولعل هذا ما ّ
مع توظيف زمنية خمتلفة تضفي على الرواية مجالية خاصة.
174
اسم املؤلف :أد.علي أمحد عمران
عنوان املقال :البنية السردية يف رواية" دعاء الكروان" لطه حسني
.9مسري املرزوق وآخرون ،مدخل إىل نظرية القصة ،دار الشؤون الثقافية ،بغداد،
1986م.
.10السيد إمام ،السرد اجلديد وإشكالية املفهوم :مدخل إىل نظرية احلكي ابلسر،
مؤُتر أدابء مصر ،الدورة الثالثة والعشرون ،مصر ،حمافظة مطروح2008 ،م.
.11الشريف جبيلة ،مكوانت اخلطاب السردي ،مفاهيم نظرية ،عامل الكتب
احلديث ،أربد ،ط2014 ،1م.
.12صربي حافظ ،مالك احلزين :احلداثة والتجسيد املكاين للرؤية الروائية ،فصول،
مج،4عدد1984،4م.
.13صالح فضل ،نظرية البنائية يف النقد األديب ،مؤسسة خمتار للنشر والتوزيع،
القاهرة ،د .ط.
.14عبد العزيز محودة ،املرااي احملدبة من البنيوية إىل التّفكيكية ،اجمللس الوطين
للثقافة والفنون وايآداب ،الكويت ،د ط1978 ،م.
العريب ،ط ،1املؤسسة العربيّة للدراسات
ّ .15عبدهللا إبراهيم ،موسوعة السرد
والنشر ،بريوت.2008 ،
.16عبد املالك مراتض ،يف نظرية الروائية ،اجمللس الوطين للثقافة والفنون،
الكويت ،ط 1998 ،8م.
.17عز الدين املناصرة ،علم الشعرايت ،دار جمدالوي ،عمان ،ط2006 ،1م.
.18علي بن هادية وآخرون ،القاموس اجلديد للطالب :معجم عريب مدرسي
املؤسسة الوطنية للكتاب،ط1991، 7م. ّ ألفائي،
عواد عبدهللا ،بالغة الزمن السردي :مقاربة يف رابعيات اخلسوف .19علي ّ
إلبراهيم الكوين ،دار ُتوز ،دمشق2018 ،م
.20عمر قتيبة ،األدب العريب احلديث ،خوارزم العلمية ،جدة ،ط2004،1م.
حممد بو غرة ،حتليل النص السري :تقنيات ومفاهيم ،دار العربية للعلوم،ط،1 ّ . 21
2006م.
177
اسم املؤلف :أد.علي أمحد عمران
عنوان املقال :البنية السردية يف رواية" دعاء الكروان" لطه حسني
السردايت ،دار الفارايب ،لبنان ،ط،1 حممد القاضي وآخرون :معجم ّ ّ .22
2010م.
.23املنجد يف اللّغة واألعالم ،دار املشرق ،بريوت ،ط2008 ،43م.
.24مها حسن القصراوي ،الزمن يف الرواية العربية ،دار فارس للنشر والتوزيع،
األردن ،ط2004 ،1م.
.25ميساء سليمان اإلبراهيم ،البنية السردية يف كتاب االمتاع واملِؤانسة ،منشورا ت
اهليئة العامة السورية للكتاب ،دمشق ،د.ط2011 ،م.
القص بني النظرية والتطبيق ،مكتبة غريب الفجالة ،القاهرة،
.26نبيلة إبراهيم ،فن ّ
د.ت.
.27نضال صاحل ،النزوع األسطوري يف الرواية العربية املعاصرة ،إحتاد الكتاب
العرب ،دمشق ،د.ط.
.28ميىن العيد ،يف معرفة النص ،منشورات دار األفاق اجلديدة ،بريوت ،ط:،1
1983م.
املراجع املرتَجة:
-29جريالد برنس ،قاموس السردايت ،ترمجة السيد إمام ،مرييت للنشر
واملعلومات ،القاهرة ،ط2003 ،1م.
-30رافائيل ميشلي وآخرون ،السرد مدخل إىل مناهج األدب الفرنسي احلديث،
ترمجة بشار سامي يشوع ،الرافدين ،بريوت ،ط2020، 1م.
-31هانز مريهوف ،الزمن يف األدب ،ترمجة :سعد رزوق ،مؤسسة سجل العرب،
القاهرة1972،م.
املراجع األجنبية:
32-Charles Earl Rickart ، Structuralism and structures :
A Mathematical Perspective ، World Scientific،
London، England ، 1995 ، p12 .
178
علي أمحد عمران. أد:اسم املؤلف
البنية السردية يف رواية" دعاء الكروان" لطه حسني:عنوان املقال
179