You are on page 1of 10

‫البنى السردية يف حكايات من كتاب‬

‫(األغاني)‬
‫(ليلى العامرية وجمنونها أمنوذجًا)‬

‫د‪ .‬عزيزة عزالدين اليف‬

‫كلية الرتبية للبنات جامعة االنبار‬


‫‪ ‬البنى السردية يف حكايات من كتاب (األغاني) (ليلى العامرية وجمنونها أمنوذجًا) ‪‬‬
‫املقدمة‬
‫ضخما من الحكايات التي عني األصفهاني‬
‫ً‬ ‫عددا‬
‫هاما؛ كونه يجمع – بين دفتيه‪ً -‬‬
‫مصدر أدبيًّا ًّ‬
‫ًا‬ ‫يعد كتاب األغاني ألبي الفرج األصفهاني‬
‫جامعا لكثير من األشعار‪ ،‬والمواقف‬
‫ً‬ ‫عاما في تأليفها‪ ،‬وهو زمن ليس بالقليل‪ ،‬فجاء مؤلفه‬
‫بجمعها‪ ،‬وحسبه أن قضى – من عمره‪ -‬خمسين ً‬
‫الطريفة ‪ ،‬التي ربما قد انفرد األصفهاني بذكر الكثير منها‪.‬وقد كان مجلس األصفهاني من الخلفاء‪ ،‬وقربه من بالطهم‪ ،‬مما حفزه على تأليف‬
‫ذلك َّ‬
‫المؤلف الهام‪ ،‬الذي َّ‬
‫عده النقاد من أهم مصادر األدب العربي‪ ،‬رغم تحفظ عدد ليس بالقليل على الكتاب‪ .‬وال يقلل – من قيمة الكتاب‪ -‬ما‬
‫اتهمه –به‪ -‬البعض من التحيز للعباسيين‪ ،‬وتجاهل الكثير من الشعراء األمويين‪ ،‬باإلضافة إلى االنطباع الذي يخرج به القارئ عن الكتاب‪،‬‬
‫وهو اإلفراط في ذكر أخبار الجواري والغلمان‪ ،‬وحياة الترف واللهو‪ ،‬مع تجاهل الجاد النافع‪ ،‬إال إذا كان طريًفا‪ ،‬وهي اتهامات بالغت ًا‬
‫كثير في‬
‫كثير من الروايات‪ ،‬التي اتفقت حولها كثير من‬
‫تهوين قيمة ذلك المؤلف الضخم؛ ألنه وإن كان قد ُوضع بهدف المسامرة‪ ،‬إال أنه قد ذكر ًا‬
‫هائال من األحداث‪ ،‬فمرد‬
‫قدر ً‬‫المصادر‪ ،‬وأيدتها المراجع السابقة والالحقة‪ ،‬بما يضع الكتاب في الموضع الالئق به‪.‬ولئن حوى ذلك الكتاب ًا‬
‫ذلك إلى غ ازرة الشخصيات واألحداث التي تناولها األصفهاني‪ ،‬والتي اتبع فيها تقنية سردية خاصة‪ ،‬برع في إضفاء جاذبية خاصة عليها‪ ،‬فجاء‬
‫متنوعا في التقنيات‪.‬وبناء على ما سبق‪ ،‬فقد اقتضى بحثنا هذا أن نتناول مقومات البنية السردية في حكايات كتاب‬
‫ً‬ ‫مميز في األسلوب‪،‬‬
‫السرد ًا‬
‫األغاني‪ ،‬من خالل تناول ما ذكره األصفهاني من قصة ليلى العامرية ومجنونها‪ ،‬وجاء ذلك بحسب المنهج البحثي وخطة البحث‪.‬‬
‫أهمية املوضوع وأسباب اختياره‪:‬‬
‫يظهر أهمية الموضوع في النقاط التالية‪:‬‬
‫اهتمام الباحثين بكتاب األغاني ألبي الفرج األصفهاني‪ ،‬وما يجمعه بين دفتيه من علوم األدب‪.‬‬ ‫‪)1‬‬
‫الحاجة إلظهار الشخصيات واألحداث التي تناولها األصفهاني في قصة ليلى العامرية‪.‬‬ ‫‪)2‬‬
‫تكامل مقومات البنية السردية في حكايات كتاب األغاني‪.‬‬ ‫‪)3‬‬
‫منهج البحث‪:‬‬
‫مستخدما أحد آلياته‪ ،‬وهو التحليل‪ ،‬حيث يتم من خالله تحليل الشخصيات والفضاء في القصة‬
‫ً‬ ‫اتبعت في بحثي هذا المنهج الوصفي‬
‫موضع البحث‪.‬‬
‫خطة البحث‪:‬‬
‫اشتملت خطة البحث على مقدمة‪ ،‬ومبحثين‪ ،‬وخاتمة‪ ،‬وفهارس‪.‬المقدمة‪ :‬واشتملت على أهمية الموضوع وأسباب اختياره‪ ،‬ومنهج البحث‪،‬‬
‫وخطة البحث‪ .‬المبحث األول‪ :‬الشخصيات واألحداث في حكاية ليلى العامرية ومجنونها‪ ،‬وفيه مطلبان‪ :‬المطلب األول‪ :‬مالمح الشخصيات‬
‫في الحكاية‪ .‬المطلب الثاني‪ :‬بنية الحدث في الحكاية‪ .‬المبحث الثاني‪ :‬الفضاء في حكاية ليلى العامرية ومجنونها‪ ،‬وفيه مطلبان‪:‬المطلب‬
‫األول‪ :‬بنية الزمان في الحكاية‪.‬المطلب الثاني‪ :‬البنية المكانية في الحكاية‪.‬الخاتمة‪ :‬وفيها أهم النتائج التي توصلت إليها‪.‬الفهارس‪ :‬واشتملت‬
‫على‪:‬فهرس المصادر والمراجع‪ .‬فهرس المحتويات‪.‬‬
‫املبحث األول الشخصيات واألحداث يف حكاية ليلى العامرية وجمنونها‬
‫توطئة‪:‬‬
‫ملهما لدارسي التراث العربي‪ ،‬رغم اختالف المصادر والرواة في وجودهما‬ ‫مصدر ً‬
‫ًا‬ ‫تظل حكايات (قيس بن الملوح)‪ ،‬ومعشوقته (ليلى)‬
‫التاريخي‪ ،‬من منكر لوجودهما على اإلطالق‪ ،‬والمقر له‪ ،‬مع اختالف الروايات واتفاقها‪ ،‬فيما ُينسب لهما حكايات‪ ،‬وما ذكرته المراجع من شعر‬
‫على لسان قيس بن الملوح‪ ،‬وما أصابه من استطارة عقله‪ ،‬واضطراب وجدانه؛ جرَّاء مفارقته محبوبته (ليلى العامرية)‪.‬ولقد حرص (أبو الفرج‬
‫األصفهاني) على إيراد كل ما يتعلق بهما من أقوال‪ ،‬وما ُينسب إليهما من أشعار‪ ،‬فيكون كتابه (األغاني) – بذلك‪ -‬من أهم المصادر التي‬
‫ذكرت تفصيالت تلك الحكاية‪.‬ولقد ُعنينا – في بحثنا هذا‪ -‬بدراسة البنية السردية في كتاب (األغاني)‪ ،‬متخذين من حكاية (ليلى العامرية‬
‫مثاال للتطبيق‪ ،‬وذلك على النحو التالي ذكره‪ ،‬بأمر هللا تعالى‪.‬‬
‫ومجنونها) ً‬

‫‪‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫‪‬‬


‫‪ ‬البنى السردية يف حكايات من كتاب (األغاني) (ليلى العامرية وجمنونها أمنوذجًا) ‪‬‬
‫املطلب األول مالمح الشخصيات يف احلكاية‬
‫األحداث في السرد القصصي‪ ،‬أو هو َّ‬
‫الدور الذي يؤديه‬ ‫ُ‬ ‫الخيالي‪ ،‬الذي تدور حوله‬
‫َّ‬ ‫اقعي أو‬
‫نعني بالشخصية في السرد القصصي‪ :‬الفرد الو َّ‬
‫كاتب النص‪ -‬في بعض التجارب القصصية في حالة ُك ُمون(‪ ،)2‬والشخصيَّة القصصيَّة على قسمين‪:‬‬ ‫يظل َّ‬
‫الشخصي َة ‪ُ -‬‬ ‫المؤدي(‪.)1‬ويمكن أن ُّ‬
‫ٍ‬
‫بسهولة‪ ،‬فهي ال تحتاج لذكر‪.‬‬ ‫النص القصصي‪ ،‬كما َّأننا نعرفها‬
‫ال َّ‬ ‫َّ‬
‫أ‪ -‬المسطحة (الكاريكاتيرية)‪ :‬التي ال تتغيَّر سماتها طو َ‬
‫تتركب منٍ من السمات‪ ،‬غير المنسجمة‪ ،‬فهي ليست على حالة واحدة (‪.)3‬‬ ‫ب‪ -‬المستديرة‪ :‬وهي التي َّ‬
‫أن الحدث و َّ‬
‫الشخصيَّة متالزمان‪ ،‬فال حدث من دون شخصيَّة‪ ،‬ولهذا يقول رشاد رشدي في كتابه‪ :‬فن القصة القصيرة‪ :‬أنه من‬ ‫ما يجب ذكره َّ‬
‫ألن الحدث هو الشخصيَّة وهي تعمل‪ ،‬أو هو الفاعل وهو يفعل‪ ،‬فلو َّ‬
‫أن الكاتب اقتصر على‬ ‫الخطأ الفصل بين الشخصية وبين الحدث؛ َّ‬
‫متكامال له وحدة‪ ،‬ووحدة الحدث ال‬
‫ً‬ ‫تصوير الفعل دون الفاعل‪ ،‬لكانت قصتُه أقرب إلى الخبر المجرَّد من القصة‪َّ ،‬‬
‫ألن القصة إنما تُصور حدثًا‬
‫تتحقق إال بتصوير الشخصية وهي تعمل‪ ،‬أي عندما يجيب الكاتب على أسئلة أربعة‪ ،‬وهي‪ :‬كيف‪ ،‬وأين‪ ،‬ومتى‪ ،‬ولم وقع الحدث(‪.)4‬‬
‫وقد اهتم االصفهاني بذكر مالمح الشخصيات في حكايات (ليلى العامرية ومجنونها)‪ ،‬وانصب االهتمام على ذكر التفصيالت (المالمح‬
‫النفسية)‪ :‬ومن ذلك ما أورده األصفهاني عن (ليلى)‪ :‬فأرادت أن تعلم هل لها عنده مثل ما له عندها‪ ،‬فجعلت تعرض عن حديثها ساعة بعد‬
‫طويال‪ ،‬ثم قالت له‪ :‬انصرف‪ ،‬ثم نظرت إلى وجه المجنون‬
‫ً‬ ‫ار‬
‫ساعة‪ ،‬وتحدث غيره‪ .‬فبينما هي تحدثه‪ ،‬إذ أقبل فتى من الحي‪ ،‬فدعته وسارَّته سرًا‬
‫وشق – عليه‪ -‬فعلها(‪.)5‬وقد بدت (ليلى) – في الفقرة السابقة‪ -‬صورة لألنثى التي ال تعدم الحيلة في اجتذاب الرجل‪،‬‬
‫َّ‬ ‫قد تغير‪ ،‬وانتقع لونه‪،‬‬
‫وقدرتها الفطرية على فهم لغة العاطفة‪ ،‬بما أتاها هللا من فطرة وتمرس في هذا المجال‪.‬وقد برز ذلك ‪ -‬في الفقرة‪ -‬في فهمها لما يكنه (قيس)‬
‫لها‪ ،‬فاستطاعت التعرف على حقيقة مشاعره نحوها؛ بإطالة الحدث مع الفتى الذي يعيش معها في الحي‪ ،‬وأجاد اللفظ في الداللة على توجه‬
‫(طويال)‪ ،‬مما عكس شدة رغبتها في اكتناه ما يعتمل في نفي (قيس)‪ ،‬مع جملة‬
‫ً‬ ‫الشخصية‪ ،‬من التأكيد بالمفعول المطلق (سرًارا) مع نعته ب ـ ـ ـ‬
‫الحال (قد تغير‪-‬انتقع وجهه)‪ ،‬وهو ما يبين تأثر (قيس) بما حدث‪ ،‬فبدا محبًّا قد تمكن الجب من قلبه‪ ،‬فلم يطق – غيرة‪ -‬أن يرى حبيبته‬
‫شخصا آخر‪.‬وأجاد المبدع في رسم المالمح النفسية لولي (ليلى)‪ ،‬الذي رفض تزويجها لقيس‪ ،‬فأورد – على لسان االب‪ -‬ما نصه‪:‬‬‫ً‬ ‫تحادث‬
‫أبدا‪ ،‬وقال‪ :‬أفضح نفسي وعشيرتي‪ ،‬وأسم ابنتي بميسم الفضيحة؟ فانصرفوا عنه(‪.)6‬‬
‫فأبى وحلف بطالق أمها‪ ،‬إنه ال يزوجه إياها ً‬
‫بدا ولي (ليلى) الرجل المتحجر قلبه‪ ،‬الذي ال يبالي بمشاعر اآلخرين‪ ،‬كما أظهر المبدع حرص العرب على تقاليدهم‪ ،‬من رفض زواج‬
‫(أبدا)‪ ،‬والذي يؤكد على عدم التراجع‬
‫ابنتهم بمن شبَّب بها في شعره‪ ،‬وقد ظهر ذلك في ألفاظه‪ ،‬من قسمه بطالق أمها‪ ،‬مع استخدام الظرف ً‬
‫عن ق ارره في المستقبل‪َّ ،‬‬
‫فمثل ولي (ليلى) صورة الرجل العربي المحافظ على تقاليد قومه‪ ،‬ولو كلفه ذلك الكثير من التضحيات؛ ألن مخالفة‬
‫ما توارثه عن قومه –من تقاليد‪ -‬يمثل (فضيحة) ال يرضاها لنفسه أو عشيرته‪ ،‬وفي ذلك داللة على تعيير العرب لمن يخالف نهجهم الذي‬
‫نشؤوا عليه‪.‬وقد أجمعت المصادر على رفض عشيرة (ليلى) جميع الوساطات لتزويجها من (قيس)‪ ،‬ومن ذلك ما كان من "(نوفل بن مساحق)‪،‬‬
‫ثوبا‪ ،‬فقال له قائل‪ :‬وهل تدرى من هذا أصلحك هللا؟ قال‪ :‬ال‪ ،‬قال‪ :‬هذا‬
‫آ(قيسا) عريان يلعب بالتراب‪ ،‬فكساه ً‬
‫مجمعا المجامع‪ ،‬فر ً‬
‫ً‬ ‫الذي نزل‬
‫المجنون (قيس بن الملوح) ‪ ،‬ما يلبس الثياب وال يريدها‪ ،‬فدعا به فكلمه‪ ،‬فجعل يجيبه عن غير ما يكلمه به‪ ،‬فقالوا له‪ :‬إن أردت أن يكلمك‬
‫كالما صحيحا فاذكر له ليلى وسله عن حبه لها‪ ،‬ففعل فأقبل عليه المجنون يحدثه بحديثها وينشده شعره فيها‪ ،‬فقال له نوفل‪ُّ :‬‬
‫الحب صيَّرك إلى‬
‫أتحب أن أزوجكها؟قال‪ :‬نعم وهل إلى ذلك من سبيل! قال‪ :‬انطلق معى حتى أقدم بك‬
‫ُّ‬ ‫ما أرى؟ قال‪ :‬نعم‪ ،‬وسينتهى بى إلى َّ‬
‫أشد مما ترى‪ ،‬قال‬
‫فاعال؟ قال‪ :‬نعم‪ ،‬قال‪:‬‬
‫عليها فأخطبها لك وأرغب لك فى المهر‪ ،‬قال‪ :‬أفتراك ً‬
‫على أن أفعل بك ذلك‪ ،‬فارتحل معه‪ ،‬ودعا له بثياب فلبسها المجنون‪ ،‬وراح معه كأصح أصحابه‪ ،‬يحدثه وينشده‪،‬‬ ‫انظر ما تقول! قال‪َّ :‬‬
‫فبلغ ذلك قومها فتلقوه بالسالح‪ ،‬وقالوا له‪ :‬وهللا يا بن مساحق‪ ،‬ال يدخل المجنون منزلنا أبدا أو نموت‪ ،‬وقد هدر السلطان دمه‪ ،‬فأقبل بهم وأدبر‪،‬‬
‫فأبوا‪ ،‬فلما رأى ذلك قال للمجنون‪ :‬انصرف‪ ،‬قال المجنون‪ :‬وهللا ما وفيت بالعهد‪ ،‬قال‪ :‬انصرافك أيسر علي من سفك الدماء‪ ،‬فانصرف"(‪.)7‬وتدل‬
‫الفقرة السابقة على مدى تعنت عشيرة (ليلى) تجاه (قيس)‪ ،‬والذي برع أبو الفرج األصفهاني في رسم مالمحه النفسية‪.‬‬
‫كما أجاد المبدع في رسم مالمح شخصيات أفراد أسرة (قيس)‪ ،‬والمقربين منهم من العائلة واألصدقاء‪ ،‬وقد تواطؤوا –فيما بينهم‪ -‬على‬
‫التخفيف عن الشاعر المتيم ما استطاعوا‪ ،‬ومن ذلك حرصهم على إسعاده ولو باألخبار الكاذبة عن (نجد)‪ ،‬حيث مسكن (ليلى) الجديد‪ ،‬مع‬
‫مخاطبا أحد الغرباء الزائرين‪ ،‬ما نصه‪ :‬فإن شئت األجر‪ ،‬دنوت منه‪ ،‬فأخبرتَه أنك‬
‫ً‬ ‫غما عنها‪ ،‬فيورد على لسان أحدهم‪،‬‬ ‫زوجها الذي تزوجته ر ً‬
‫ٍ‬
‫تنفسة ظننت أن كبده قد انصدعت‪ ،‬ثم‬ ‫أقبلت من (نجد)‪ ،‬فدنوت منه‪ ،‬وأقبلوا عليه‪ ،‬فقالوا له‪ :‬يا أبا المهدي‪ ،‬هذا الفتى أقبل من نجد‪ ،‬فتنفس‬

‫‪‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫‪‬‬


‫‪ ‬البنى السردية يف حكايات من كتاب (األغاني) (ليلى العامرية وجمنونها أمنوذجًا) ‪‬‬
‫جعل يسألني عن و ٍاد و ٍاد وموض ٍع موض ٍع‪ ،‬وأنا أخبره وهو يبكي أحر ٍ‬
‫بكاء وأوجعه للقلب(‪.)8‬وقد أبرزت الفقرة شدة رحمة القوم لـ ـ (قيس)‪ ،‬رحمة‬
‫حل به‪ ،‬حتى إنهم يحاولون إقناع الغرباء بخداع (قيس)‪ ،‬مما يعكس شدة رأفتهم‪ ،‬وتيقنهم من أنه ال شفاء لقيس مما َّ‬
‫حل‬ ‫من يحاول إنقاذه مما َّ‬
‫به‪ .‬وقد كان األصفهاني موفًقا في رسم صورة (قيس) بعد أن ندم على تشبيبه بحبيبته‪ ،‬فأصبح يكني عنها ب ـ ـ (أم مالك)‪ ،‬وهو استدراك لما سبق‬
‫ولكن بعد فوات أوانه‪ ،‬يقول قيس(‪:)9‬‬
‫َضي ُق‬ ‫علَ َّ‬
‫يت ِ‬ ‫ِبما َر ُح َبتْ َي ْو ًما َ‬
‫تَكَا ُد ِبال ُد هللاِ َيا أ ُ َّم َمالِك‬

‫وتذكر المصادر أنه "لما شبَّب المجنون بليلى‪ ،‬وشهر بحبها‪ ،‬اجتمع إليه أهلها‪ ،‬فمنعوه من محادثتها‪ ،‬وزيارتها‪َّ ،‬‬
‫وتهددوه‪ ،‬وأوعدوه بالقتل‪،‬‬
‫فكان يأتي امرأة‪ ،‬فتعرف له خبرها‪ ،‬فنهوا تلك المرأة عن ذلك‪ ،‬فكان يأتي غفالت الحي في الليل"(‪.)10‬وكما تمكن األصفهاني من رسم صورة‬
‫(ليلى)‪ ،‬حيث اندفاع الفتيات وحمقهن‪ ،‬واتباع الحيل األنثوية الماكرة للتأكد من حب الحبيب‪ ،‬استطاع المؤلف رسم صورة (ليلى) العاقلة‪ ،‬بعد‬
‫أن تزوجت‪ ،‬وتأكدت من أن حبها قاتل حبيبها‪ ،‬حيث أورد على لسانها ما نصه‪ :‬لما اختلط عقل (قيس بن الملوح)‪ ،‬وترك الطعام والشراب‪،‬‬
‫قيسا قد ذهب حبك بعقله‪ ،‬وترك الطعام والشراب‪ ،‬فلو جئته وقتًا‪ ،‬لرجوت أن يثوب إليه بعض عقله‪،‬‬
‫مضت أمه إلى (ليلى)‪ ،‬فقالت لها‪ :‬إن ً‬
‫ليال‪ ،‬فقالت له‪ :‬يا قيس‪ ،‬إن أمك تزعم أنك جننت من أجلي‪،‬‬
‫ليال‪ ،‬فأتَ ْت ُه ً‬
‫نهار فال؛ ألنني ال آمن قومي على نفسي‪ ،‬ولكن ً‬
‫فقالت ليلى‪ :‬أما ًا‬
‫وتركت المطعم والمشرب‪ ،‬فاتق هللا‪ ،‬وأبق على نفسك(‪.)11‬كما تمكن األصفهاني– على ضوء ما ورد في الفقرة السابقة‪ -‬أن يرسم مالمح (ليلى)‬
‫بعد زواجها‪ ،‬حيث بدت عاقلة حكيمة‪ ،‬قد امتثلت ألمر هللا‪ ،‬واستطاعت تفهم الموقف‪ ،‬وأن ال أمل في التالقي بين الحبيبين‪ ،‬بعد ضياع الفرصة‬
‫بزواجها‪.‬وقد أظهرت الفقرة ذلك التوجه العقالني‪ ،‬في قولها‪( :‬اتق هللا)‪ ،‬الذي يبين استسالمها لقضاء هللا‪ ،‬محاولتها تكذيب ما وصلها عما وصل‬
‫إليه (قيس)‪ ،‬في قولها (إن أمك تزعم)‪ ،‬مع رجائها الخير ل ـ ـ (قيس)؛ بطلبها – منه‪ -‬اإلبقاء على نفسه‪ ،‬فظهرت شخصيتها – في ذلك الموقف‪-‬‬
‫تعقال لألمور‪.‬‬
‫نضجا‪ ،‬وأشد ً‬
‫ً‬ ‫أكثر‬
‫املطلب الثاني بنية احلدث يف احلكاية‬
‫مكتوبا‪،‬‬
‫ً‬ ‫موطئا للسماع‪ ،‬أكثر منه بناء دراميًّا‬
‫ً‬ ‫تأثر (األصفهاني) بالهدف من كتابه‪ ،‬وهو مسامرة الملوك والخلفاء‪ ،‬فجاء رسمه لألحداث‬
‫ومن ذلك ما رواه –عن قيس‪ -‬من أنه أقبل –ذات يوم‪ -‬على ناقة كريمة له‪ ،‬وعليه حلتان من حلل الملوك‪ ،‬فمر بامرأة من قومه يقال لها‪:‬‬
‫كريمة‪ ،‬وعندها جماعة نسوٍة يتحدثن فيهن ليلى‪ ،‬فأعجبهن جماله وكماله‪ ،‬فدعونه إلى النرول والحديث‪ ،‬فنرل وجعل يحدثهن‪ ،‬وأمر ً‬
‫عبدا له‪،‬‬
‫كان معه‪ ،‬فعقر لهن ناقته‪ ،‬وظل يحدثهن بقية يومه(‪.)12‬اهتم المبدع – في الفقرة السابقة‪ -‬بوصف البطل على حساب الحدث المسرود‪ ،‬فرسم‬
‫موطئا للحدث الدرامي‪ ،‬فدار الحدث‬
‫ً‬ ‫صورة للفارس الوسيم‪ ،‬الذي تتهافت عليه الفتيات‪ ،‬وقد أعجبهن جماله‪ ،‬فجاء الفعل مهيًئا للسماع أكثر منه‬
‫– في الفقرة‪ -‬ما بين اإلعجاب بجمال البطل‪ ،‬والمبالغة في كرمه؛ بذبحه ناقته للمعجبات‪ ،‬ولعل المبدع قد أراد أن يبين أنه قد كان بمقدور‬
‫(قيس) االستغناء عن حب (ليلى)؛ إذ يتوافر له الغنى والجمال والحسب‪ ،‬وهو ما تؤيده المصادر‪ ،‬من حيث نشأته المترفة‪ ،‬وطفولته الالهية‪،‬‬
‫وقد ُسئل " كيف كان سبب عشقك لليلى؟ قال‪ :‬بينا أنا في عنفوان عزتي وريعان صباي أسحب ذيل اللعب وأرمي الكواعب من كثب‪ ،‬أصبو‬
‫إليهن فيفترقن‪ ،‬وأه أز بهن فال ينتصفن‪ ،‬إذا اعتقلتني حبائل فتاة من عذرة فذهلني حبها‪ ،‬وتيمني عشقها‪ ،‬وإذا جذبة جذبتني"(‪ ،)13‬مما يدل على‬
‫تصاعدا بالتفريق بين الحبيبين‪ ،‬على النحو الذي أوردناه آنًفا‪ ،‬وقد بلغ ذروته عند التقاء (قيس)‬
‫ً‬ ‫استغنائه‪ ،‬وتمتعه بطفولة منعمة‪.‬ازداد الحدث‬
‫زوج (ليلى)‪ ،‬وسؤاله له عما إذا كان قد قبَّلها أو ضمها إليه‪ ،‬إذ يقول‬
‫اها‬
‫الص ْبح أ َْو َقَّبْل َت َف َ‬
‫ض َم ْم َت إَل ْي َك َلْيَلى ُق َبْي َل ُّ‬
‫ب َرب َك َه ْل َ‬
‫اها‬ ‫رون َلْيَلى َرف َ‬
‫يف األ ْق ُح َو َانة في َن َد َ‬ ‫َو َه ْل َرَّف ْت َعَل ْي َك ُق ُ‬
‫مغشيا عليه‪ ،‬وسقط الجمر‬ ‫حلفتَني‪ -‬فنعم‪ ،‬قال‪ :‬فقبض المجنون بكلتا يديه قبضتين من الجمر‪ ،‬فما فارقهما حتى سقط‬ ‫فقال‪ :‬اللهم ‪ -‬إذ َّ‬
‫ً‬
‫متعجبا منه فمضى(‪.)14‬وقد دلت الفقرة السابقة على استيالء مشاعر‬
‫ً‬ ‫مغموما‪ ،‬بفعله‬
‫ً‬ ‫مع لحم راحتيه‪ ،‬وعض على شفته فقطعها‪ ،‬فقام زوج ليلى‬
‫معبر عن ذلك‪ ،‬مثل‪ :‬ضممت – رَّفت عليك قرون ليلى َ‬
‫(شعرها)‪،‬‬ ‫الصدمة على (قيس)‪ ،‬وكأن زوج (ليلى) قد أخطأ بزواجه منها‪ ،‬وقد جاء اللفظ ًا‬
‫خما ال يخلو من مبالغة‪ ،‬وقد أفسح األصفهاني الطريق أمام‬
‫مع قبض (قيس) على الجمر بيديه حتى تساقط اللحم‪ ،‬فاكتسب الحدث الدرامي ز ً‬
‫اغتم لتصرف (قيس)‪ ،‬وانصرف لشأنه‪.‬وقد برع المبدع في ذكر التفصيالت التي تساعد‬ ‫البطل‪ ،‬مع صدور فعل مختلف آخر من الزوج‪ ،‬الذي َّ‬
‫طرَقنا ذات ٍ‬
‫ليلة أضياف ولم‬ ‫على بناء الحدث‪ ،‬مع عرضها بصورة تجتذب – إليه‪ -‬السامعين‪ ،‬ومن ذلك ما أورده على لسان (قيس)‪ ،‬إذ قال‪َ َ :‬‬

‫‪‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫‪‬‬


‫‪ ‬البنى السردية يف حكايات من كتاب (األغاني) (ليلى العامرية وجمنونها أمنوذجًا) ‪‬‬
‫أدما‪ ،‬فأتيته فوقفت على خبائه فصحت به‪ ،‬فقال‪ :‬ما تشاء؟ فقلت‪:‬‬
‫يكن عندنا لهم أدم‪ ،‬فبعثني أبي منزل أبي ليلى وقال لي‪ :‬اطلب – لنا‪ -‬منه ً‬
‫أدما‪ ،‬فقال‪ :‬يا ليلى‪ ،‬أخرجي إليك ذلك النحي‪ ،‬فاملئي له إناءه من السمن‪ ،‬فأخرجته‬
‫ط َرَق َنا ضيفان‪ ،‬وال أدم عندنا لهم‪ ،‬فأرسلني أبي نطلب منك ً‬
‫َ‬
‫جميعا‪ ،‬وهو يسيل‪ ،‬استنقعت‬
‫ً‬ ‫ومعي قعب‪ ،‬فجعلت تصب السمن فيه ونتحدث‪ ،‬فألهانا الحديث وهي تصب السمن وقد امتأل القعب‪ ،‬وال نعلم‬
‫ٍ‬
‫عطبة‪ ،‬فأعطتنيها‪ ،‬ووقفنا نتحدث‪ ،‬فلما احترقت‬ ‫نار في‬ ‫نارا‪ ،‬وأنا متلفع ٍ‬
‫ببرد لي‪ ،‬فأخرجت لي ًا‬ ‫أرجلنا في السمن‪ ،‬قال‪ :‬فأتيتهم ليل ًة ثاني ًة أطلب ً‬
‫العطبة خرقت من بردي خرق ًة وجعلت النار فيها‪ ،‬فكلما احترقت خرقت أخرى وأذكيت بها النار حتى لم يبق علي من البرد إال ما وارى عورتي‪،‬‬
‫ألم بها (قيس)‪ ،‬مذ كان صبيًّا هو وليلى‪ ،‬ومن‬
‫وما أعقل ما أصنع(‪ .)15‬وقد أورد المبدع– في الفقرة السابقة‪ -‬حدثًا يعتمد على الذكريات التي َّ‬
‫طازجا‪ ،‬راعى – فيه‪ -‬من يرويه ذكر أدق التفصيالت‪ ،‬فكثرت حروف النسق في الفقرة‪ ،‬مما يعكس تلذذ السارد بالحدث‬
‫ً‬ ‫ثم‪ ،‬جاء الحدث‬
‫المسرود‪ ،‬وهو امر حرص المبدع على إيراده‪ ،‬فأسهم – بذلك‪ -‬في تغذية الحدث الرئيس‪ ،‬وهو فراق الحبيبين على الرغم منهما‪.‬وتتقابل‬
‫الشخصيات الكثيفة (المستديرة) مع الشخصيات المسطحة‪ ،‬والشخصية الكثيفة مؤهلة ألن تفاجئنا بطريقة مقنعة‪ ،‬وإن لم تفاجئنا‪ ،‬فإنها‬
‫نموذجا للشخصية الكثيفة‪ ،‬أو المستديرة‪ ،‬ال سيما وأنها شخصية متقلبة األطوار‪ ،‬فهي تحب (قيس)‪ ،‬وتتزوج من‬ ‫ً‬ ‫مسطحة(‪ .)16‬وتمثل (ليلى)‬
‫غيره‪ ،‬وتتسم بالجموح الشديد فترة الشباب‪ ،‬بينما نراها في ثوب العقل والرزانة بعد الزواج‪ ،‬كما ذكرنا آنًفا من زيارتها لحبيبها (قيس)‪ ،‬بعد زواجها‪،‬‬
‫امحت المالمح النفسية للشخصية‪ ،‬فبدت‬ ‫ومطالبتها إياه بالتصبر في مواجهة ما حل بحبهما من محنة‪.‬ويبدو زوج (ليلى) شخصية مسطحة‪ ،‬فقد َّ‬
‫تقليدية باهتة‪ ،‬وظهر الزوج في الثياب التقليدية‪ ،‬من االعتراف لقيس‪ ،‬إذ استحلفه‪ ،‬بأنه قد عاشر (ليلى) معاشرة األزواج‪ ،‬ولم يفجؤنا إال بعطفه‬
‫على (قيس)‪ ،‬وكان عطًفا منقوًال بالرواية‪ ،‬فلم يصدر عنه فعل يذكر‪ ،‬يدل على عطفه عمليًّا على الحال التي وصل إليها (قيس)‪ ،‬ولم يكف‬
‫تعاطفه النظري في إحداث نقلة بالشخصية‪ ،‬فجاءت شخصيته مسطحة من الناحية الروائية‪.‬‬
‫املبحث الثاني الفضاءيف حكاية ليلى العامرية وجمنونها‬
‫املطلب األول بنية الزمان يف احلكاية‬
‫اهتمت الدراسات النقدية الحديثة‪ ،‬بعنصري الزمن والمكان في الجنس القصصي‪ ،‬فظهرت ‪ -‬حول هذين العنصرين‪ٌ -‬‬
‫كثير من الدراسات‬
‫متشابكا في النص القصصي‪ ،‬ولهما تأثير قوي في تحديد السياق‪ ،‬وكشف‬
‫ً‬ ‫واألبحاث‪َّ ،‬‬
‫وتعددت المفاهيم والمصطلحات؛ ألنهما يشكالن ثنائيًّا‬
‫طلحا‬ ‫أغوار النص‪ ،‬والقدرة على التفريق بين األجناس األدبية‪َّ ،‬‬
‫ولشدة العالقة ما بين الزمان والمكان في النص القصصي؛ تبنى بعض النقاد مص ً‬
‫الزمن هنا ليس َّ‬
‫الزمن‬ ‫خيالي؟ َّ‬
‫ٌّ‬ ‫حقيقي أم‬
‫ٌّ‬ ‫زمن‬
‫الزمكانيَّة ‪.‬فماذا نعني بالزمن القصصي؟ وهل هو ٌ‬
‫(‪)17‬‬ ‫جديدا‪ ،‬يجمع ما بين العنصرين‪ ،‬وهو َّ‬
‫ً‬
‫ويعنى بقياس المدة الزمنية التي تُغطيها المواقف واألحداث الممثلة ‪.‬‬
‫(‪)18‬‬
‫وهمي‪ُ ،‬‬ ‫زمن‬
‫بالساعة‪ ،‬بل هو ٌ‬
‫المعروف‪ ،‬والذي ُيقاس َّ‬
‫َ‬
‫ٌ‬
‫َّ‬ ‫َّ‬
‫ويفرق الناقد الفرنسي (جيرار جنيت)‪ ،‬بين شكلين من الزمن في السرد القصصي‪ ،‬هما‪ :‬زمن القصة (الترتيب الز ُّ‬
‫مني لتتابع األحداث في‬
‫الزمني الكاذب لتنظيمها في الحكاية)(‪.)19‬فالزمن الروائي –كما يتفق جل الدارسين‪ -‬هو عبارة عن مقولة‬
‫ُّ‬ ‫القصة)‪ ،‬وزمن الحكاية (الترتيب‬
‫َّ‬
‫تحولت إلى إشكالية شغلت الفالسفة والعلماء في مختلف المجاالت‪ ،‬وقد اختلفت حولها اآلراء‪ ،‬فالبعض أنكر وجود الزمن‪ ،‬والبعض قال بأنه‬
‫نن األحياء واألشياء‪ ،‬فتتأثر بمضيه الوهمي‪ ،‬غير المرئي‪ ،‬غير المحسوس ‪ ...‬إنما‬ ‫يزم ُ‬
‫محير‪ ،‬ويقول «عبد المالك مرتاض»‪« :‬مظهر وهمي‪ْ ،‬‬
‫نتوهم‪ ،‬أو نتحقق أننا نراه»(‪.)20‬وكان للمدرسة الشكلية الروسية الدور الهام في دراسة الزمن دراسة أدبية؛ فروادها من األوائل الذين أدرجوا‬
‫مبحث الزمن في نظرية األدب‪ ،‬وهم في ذلك مرتكزين على العالقات التي تربط بين أجزاء األحداث وبعضها البعض‪ ،‬ألن عرض هذه األجزاء‬
‫في الخطاب األدبي يتم بطريقتين‪:‬‬
‫منطقيا‪ ،‬وهذا ما أطلق عليه دارسوا األدب وعرف لديهم باسم «المتن»‪.‬‬
‫ً‬ ‫‪ -1‬إما أن يخضع السرد لمبدأ السببية‪ ،‬فتأتي الوقائع متتابعة‬
‫‪ -2‬وإما أن تأتي هذه األحداث والوقائع خاضعة لهذا التتابع؛ فهي متتابعة دون أي منطق داخلي‪ ،‬ودون أي اهتمام باعتبارات زمنية‪ ،‬وهو‬
‫ما نعتوه بتسمية «المبنى»(‪.)21‬‬
‫ونظر لهذه األهمية فإنه «من المعتذر أن‬
‫ًا‬ ‫وبذلك تتضح لنا األهمية الكبيرة والخاصة لعنصر الزمن في البناء السردي داخل العمل الروائي؛‬
‫زمن ٍ‬
‫خال من السرد‪ ،‬فال يمكن أن نلغي السرد‪ ،‬فالزمن هو الذي يوجد في‬ ‫اضا أن نفكر في ٍ‬ ‫نعثر على سرد خالي من الزمن‪ ،‬وإذ جاز لنا افتر ً‬
‫السرد‪ ،‬وليس السرد هو الذي يوجد في الزمن»(‪.)22‬‬
‫فأصل أي بناء سردي هو «أن ينهض امتداده على الطولية المألوفة‪ ،‬بحيث ينطلق من الماضي إلى الحاضر‪ ،‬ثم من الحاضر إلى‬
‫أيضا تقلب األحداث وتشويش‬
‫المستقبل» ‪ ،‬كما أن الزمن ليس كتلة ثابتة ال تتغير؛ بل هو دائم التغيير والتحول «غير أن الزمن يشمل ً‬
‫(‪)23‬‬

‫‪‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫‪‬‬


‫‪ ‬البنى السردية يف حكايات من كتاب (األغاني) (ليلى العامرية وجمنونها أمنوذجًا) ‪‬‬
‫وعلى غرار هذا نخلص إلى نتيجة مفادها أن «لكل رواية نمطها الزمني‬ ‫(‪)24‬‬
‫بنائها‪ ،‬وذلك بتقديم ما يجب أن يؤخر‪ ،‬وتأخير ما يجب أن يقدم»‬
‫مهما في البناء‬
‫عنصر ً‬
‫ًا‬ ‫الخاص‪ ،‬باعتبار الزمن محور البنية الروائية‪ ،‬وجوهر تشكلها»(‪ ،)25‬ولهذا ال يمكن االستغناء عن عنصر الزمن كونه‬
‫التغلغل إلى داخل النص األدبي‪ ،‬كما أنه فتح‬
‫َ‬ ‫كبير في فهم دالالت النص‪ ،‬فقد استطاع النقاد المعاصرون من خالله‬
‫أثر ًا‬ ‫الروائي‪ .‬و َّ‬
‫ألن للزمن ًا‬
‫نصا حيًّا يقبل التأويل والقراءة‪ ،‬ويحقق المتعة األدبية‪ ،‬ومن ثم‪ ،‬التحليق في سماء اإلبداع والمعاصرة‪،‬‬
‫الباب أمامهم لجعل النص القصصي ًّ‬
‫إنساني‪.‬ولقد بدت التقنية الزمنية واضحة‪ ،‬في حكاية (ليلى العامرية ومجنونها)‪ ،‬إذ تعددت مواضع تقنيات الزمن السردية‪،‬‬
‫ٌّ‬ ‫زمن‬ ‫َّ‬
‫فالزمن – هنا‪ٌ -‬‬
‫ومن ثم‪ ،‬فقد تنوعت دالالتها بشكل الفت للنظر‪ .‬ومن ذلك ميل المؤلف لالختصار‪ ،‬إذ يقول‪ :‬كان المجنون يهوى ليلى بنت مهدي بن سعد‬
‫بن مهدي بن سعد بن مهدي ‪ ...‬وتكنى أم مالك‪ ،‬وهما – حينئذ‪ -‬صبيان‪ ،‬فعلق كل واحد منهما صاحبه‪ ،‬فلم يزاال – كذلك‪ -‬حتى كب ار فحجبت‬
‫عنه(‪.)26‬فاختصر (األصفهاني) في الفقرة ما بسطه في مواضع أخرى‪ ،‬وبرزت تقنية االختصار والحذف في قوله‪( :‬فلم يزاال – كذلك‪ -‬حتى‬
‫كب ار فحجبت عنه)‪ ،‬ولعل السبب في ذلك كثرة روايات العامرية ومجنونها‪ ،‬مما جعل البسط في مواضع يقابل بالحذف في مواضع أخرى‪.‬والمالحظ‬
‫– في الفقرة السابقة‪ -‬تركيز الراوي على الحدث الرئيس‪ ،‬من نشأة الحبيبين في صغرهما‪ ،‬واحتجاب البنت في سن الصبا‪ ،‬وفي ذلك إشارة إلى‬
‫البيئة العربية القديمة‪ ،‬حيث التقاليد المحافظة‪ ،‬وارتباط األليفين بعاطفة‪ ،‬كما شاع في كثير من الروايات في ذلك العصر‪.‬وقد استخدم المؤلف‬
‫أدواته؛ لتبدو الفجوات الزمنية المحذوفة طبيعية‪ ،‬تسير في إطارها السليم‪ ،‬ومن ذلك االعتراض في (كذلك)‪ ،‬حيث دل على مرور فترة من الزمن‬
‫على ذات الوتيرة‪ ،‬مع مجيء (حتى) التي تفيد الغاية والهدف دالة على الحاجز الزمني الذي تبدأ – عنده‪ -‬الدوال الزمنية في التغير‪ ،‬وهو ما‬
‫أضفى على الحذف اتساًقا‪ ،‬مع الترتيب بالفاء‪ ،‬في (فحجبت)‪ ،‬والتي دلت على الترتيب والتعقيب‪ ،‬وقد دعمها المؤلف بالبناء للمجهول‪ ،‬حيث‬
‫أحيانا‪ -‬لالرتداد‪ ،‬أو الرجوع –‬
‫ً‬ ‫حذف الفاعل‪ ،‬فأسهم ذلك في فاعلية الحذف واالختصار‪.‬وقد َّنوع المؤلف في تقنياته الزمنية السردية‪ ،‬فمال –‬
‫متعرضا لهن‪ ،‬فألفى (ليلى)‬
‫ً‬ ‫بالزمن‪ -‬للوراء‪ ،‬حيث أورد – بخصوص‪( -‬قيس) أنه لما أصبح‪ ،‬لبس ُحَّلته‪ ،‬وركب ناقة – له‪ -‬أخرى‪ ،‬ومضى‬
‫قاعدة بفناء بيتها‪ ،‬وقد حبها بقلبه وهويته(‪.)27‬ويتمثل االرتداد الزمني في قوله‪( :‬وقد حبها – بقلبه‪ -‬وهويته)‪ ،‬حيث أعلم المؤلف القارئ بما قد‬
‫مشاركا في‬
‫ً‬ ‫كان وقر في قلبيهما من قبل‪ ،‬والحالة الشعورية المتبادلة من قبل وقت السرد‪ ،‬وقد أجاد المؤلف في ذلك‪ ،‬حيث جعل من القارئ‬
‫الحدث‪ ،‬وأتى بما سبق على وقت السرد لضمان ذلك‪ ،‬فنشأت خلفية مسبقة – لدى السامع‪ -‬تسهم في توجيهه الحدث المروي التوجيه الصحيح‪،‬‬
‫وفهم األفعال المتبادلة بين الطرفين على النحو المقصود‪.‬أجاد المؤلف في استخدام أدواته‪ ،‬ومنها التوكيد ب ـ ـ (قد)؛ لبيان صدق الشعور‪ ،‬ومبادلة‬
‫الطرفين‪ ،‬كالهما لآل خر‪ ،‬عاطفة صادقة‪ ،‬مع واو العطف التي تفيد التشريك‪ ،‬في (حبها بقلبه وهويته)‪ ،‬حيث أفاد التنويع بين المعطوف‬
‫كل باآلخر‪.‬وقد استخدم المؤلف تقنية المشهد في أغلب ما ذكره عن‬
‫والمعطوف عليه التدرج الذي سبق مرحلة االقتناع الكامل من الطرفين‪ٌّ ،‬‬
‫ليلى العامرية ومجنونها؛ للحفاظ على استحضار القارئ لزمن الحدث المروي‪ ،‬وقد قال‪ :‬لما شهر أمر المجنون وليلى‪ ،‬وتناشد الناس أشعاره‬
‫عشر من اإلبل وراعيها‪ ،‬فقال أهلها‪ :‬نحن مخيروها‬
‫فيها‪ ،‬خطبها‪ ،‬وبذل لها خمسين ناقة حمراء‪ ،‬وخطبها ورد بن محمد العقيلي‪ ،‬وبذل لها ًا‬
‫وردا لنمثَل َّن بك(‪ .)28‬فقد استخدم المؤلف – في الفقرة السابقة‪ -‬تقنية‬
‫بينكما‪ ،‬فمن اختارت تزوجته‪ ،‬ودخلوا إليها فقالوا‪ :‬وهللا لئن لم تختاري ً‬
‫المشهد‪ ،‬التي تعتمد على الحوار‪ ،‬وكأن الحدث قد وقع لتوه‪ ،‬وقد بدا ذلك في تهديد أهل (ليلى) لها‪ ،‬حال عدم موافقتها على الزواج ب ـ ـ ـ (ورد)‪،‬‬
‫وقد وظف المؤلف أدواته اللغوية في تفعيل تقنية المشهد‪ ،‬ومن ذلك القسم (وهللا) مع التدعيم بالالم في (لئن)‪ ،‬وهو ما نقل للسامع الشعور‬
‫(لنمثلن)‪ ،‬وهو ما أوضح للقارئ شدة العزم‪ ،‬وبلوغ‬
‫َّ‬ ‫َّ‬
‫المؤكد بالنون‪ ،‬في‬ ‫المطلوب‪ ،‬من تحجر موقف األهل وتعنته‪ ،‬مع بلوغ الغاية في الفعل‬
‫رفض الفتاة – لقيس‪ -‬منتهاه‪ ،‬وهو ما حرص المؤلف على إب ارزه للسامعين‪.‬واستخدم المؤلف تقنية االستباق الزمني ببراعة‪ ،‬وذلك عندما ذكر‬
‫صحيحا‪ ،‬فاذكر له (ليلى)(‪.)29‬وقد وضح تأثير تقنية االستباق في الجملة‬
‫ً‬ ‫– بخصوص قيس‪ -‬أنه قد قال له قومه‪ :‬إن أردت أن يجيبك جو ًابا‬
‫الواردة بالفقرة‪ ،‬حيث تعكس علم المتكلم المسبق بالحال التي وصل إليها (قيس)‪ ،‬وهو ما ألقى بظالله على المساحة الزمنية الممتدة بعد زمن‬
‫َّ‬
‫المعذب‪ ،‬وهو عين ما أراده المؤلف؛ باستخدامه تلك التقنية‪.‬وقد استطاع المؤلف توظيف أدواته‬ ‫عالما بما وصل إليه الحبيب‬
‫التكلم‪ ،‬فبدا المتكلم ً‬
‫(إن)‪ ،‬والتي تفيد الشك‪ ،‬حيث كان (قيس بن الملوح) في حالة من‬‫اللغوية بب ارعة واقتدار‪ ،‬وال يقلل من تيقن المتكلم استخدام المؤلف أداة الشرط ْ‬
‫حاالت الذهول‪ ،‬وليس من المأمول أن يفيق بمجرد السؤال‪ ،‬وقد يفيق وال يجيب؛ النشغاله َّ‬
‫بتمثل صورة الحبيبة المفارقة‪ ،‬فكان من األنسب‬
‫استخدام (إن) في موضعها‪ ،‬فلم يحدد المتكلم زمن التجاوب من ناحية (قيس)‪ ،‬وإن أكده بعدة مؤكدات‪ ،‬مثل‪ :‬المفعول المطلق (جو ًابا) مع‬
‫أيضا‪ -‬دقة المتكلم في الترتيب بين‬
‫تأكيدا – منه‪ -‬على شدة التيقن من التجاوب‪ ،‬رغم عدم تحديده لزمنه‪ .‬ومن ذلك ‪ً -‬‬
‫توصيفه بـ ـ ـ ـ (الصحيح)؛ ً‬
‫فعلي‪ :‬الشرط وجوابه باستخدام (الفاء)‪ ،‬التي تفيد الترتيب الزمني بين الحدثين‪ ،‬وتوقع المتكلم الترتيب بينهما على ذلك النحو‪.‬وبعد أن استعرض‬

‫‪‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫‪‬‬


‫‪ ‬البنى السردية يف حكايات من كتاب (األغاني) (ليلى العامرية وجمنونها أمنوذجًا) ‪‬‬
‫حل ب ـ ـ ـ (قيس)؛ جرَّاء رحيل (ليلى)‪ ،‬إذ أورد على‬
‫المؤلف الروايات التي ُرويت بحق الحبيبين‪ ،‬عاد إلى تقنية االختصار والحذف‪ ،‬في تناوله لما َّ‬
‫إجماال‪ ،‬من‬
‫ً‬ ‫ركز المؤلف على ما حل بقيس‬ ‫لسان (قيس)‪ :‬أخرجوني لعلني أتنسم صبا (نجد)‪ ،‬فيخرجونه فيتوجهون به نحو (نجد)(‪.)30‬فقد َّ‬
‫متجاوز عن تفصيالتها‪ ،‬حيث استبد الهيام بالشاعر المتألم‪ ،‬مع تجاوب القوم له‪،‬‬
‫ًا‬ ‫الهيام بالحبيبة الغائبة‪ ،‬والتركيز على األحداث الرئيسة‪،‬‬
‫سبيال‪.‬‬
‫ورثائهم لحاله‪ ،‬وإتيانه بما أمرهم‪ ،‬ما استطاعوا إلى ذلك ً‬
‫املطلب الثاني البنية املكانية يف احلكاية‬
‫إذا كان الزمان هو آلية السرد‪ ،‬فإن المكان الروائي هو آلية الوصف(‪ ،)31‬وقد أسهم المكان في تفاعل السامع مع األحداث‪ ،‬بما لإلحداث‬
‫المعول الرئيس الذي يعول عليه المبدع‪ ،‬وقد غلب على الروايات الواردة‪ ،‬بحق (ليلى العامرية ومجنونها)‪،‬‬
‫َّ‬ ‫المكاني من ارتباط بالذكريات‪ ،‬وهي‬
‫األماكن المفتوحة‪ ،‬حيث تناسب العاشق الهائم على وجهه‪ ،‬ومع غلبة تلك الحالة على روايات المجنون العاشق‪ ،‬برزت تقنية المكان‪ ،‬كأحد‬
‫البنى التي تستند إليها البنية السردية الكبرى للنص‪ .‬ومن ذلك ما رواه المبدع على لسان أحد الباحثين عن وجود حقيقة وجود الحبيبين‪ ،‬حيث‬
‫كبيرا‪ ،‬وحوله إخوة‬
‫شيخا ً‬
‫فدللت عليه وعلى محلته‪ ،‬فلقيت أباه ً‬‫أورد على لسانه ما نصه‪ :‬خرجت إلى أرض (بني عامر)؛ أللقى المجنون‪ُ ،‬‬
‫أي األحياء قصد‪ ،‬وهو ما يدل على شدة‬
‫جاال(‪.)32‬حيث ورد المكان المفتوح‪ ،‬وهو (أرض بني عامر)‪ ،‬فلم يحدد المبدع َّ‬
‫للمجنون‪ ،‬مع أبيهم ر ً‬
‫لت عليه)‪ ،‬حيث أفادت‬
‫(فدل َ‬
‫السعي‪ ،‬والعزم على إيجاد المبحوث عنه‪.‬وقد دعم المبدع تقنية المكان بأدواته اللغوية الطيعة‪ ،‬ومن ذلك (الفاء) في ُ‬
‫الترتيب والتعقيب‪ ،‬مع بناء الفعل للمجهول؛ لتعدد الفاعلين‪ ،‬مما يعكس ذيوع القصة وانتشارها‪ ،‬ولم يعدم المبدع وسيلة الستحضار النتيجة التي‬
‫(شيخا)‪ ،‬مما يضاعف من التظاهر النفسي – لدى السامع‪ -‬عن ق َدم القصة‪،‬‬
‫ً‬ ‫توصل إليها الباحث عن المجنون‪ ،‬فأتبع الفعل (لقيت أباه) بالحال‬
‫جميعا‪ ،‬وشدة معرفتهم بها‪.‬ومن األماكن المفتوحة التي أوردها المبدع‪ ،‬ما جاء على لسان األمير‪ ،‬الذي‬
‫ً‬ ‫ومن ثم‪ ،‬انتشارها على لسان الناس‬
‫قرر اصطحاب الشاعر‪ ،‬في رحلة ل ـ ـ (ليلى)‪ ،‬فأورد ‪ -‬على لسانه‪ -‬ما نصه‪ :‬أكون معك في هذا الجمع الذي تجمعه ً‬
‫غدا‪ ،‬فأرى في أصحابك‪،‬‬
‫البعد المكاني الذي يحتاجه‪ ،‬حيث يبدو األمير وكأنه يستعرض‬
‫وأتجمل في عشيرتك‪ ،‬وأفخر بقربك ‪.‬وقد استطاع المبدع إعطاء السامع ُ‬
‫(‪)33‬‬

‫الجمع الغفير الذي سيصحبه هو والشاعر‪ ،‬وهو ما يعكس اتساع المكان‪ ،‬وخروج المتكلم إلى مكان مفتوح؛ ليبدي مساندته للشاعر أمام‬
‫المصاحبين للركب‪.‬وقد أبرز المبدع اتس اع المكان؛ باستخدامه (الجمع)‪ ،‬وهو ما يدل على كثرة العدد‪ ،‬مع ورود لفظ (عشيرتك)‪ ،‬الذي يفيد‬
‫الكثرة‪ ،‬مما ُيحتاج – معه‪ -‬إلى مكان كبير الستيعاب الواقفين‪.‬وهناك ما يبرر ورود األماكن المفتوحة التي أوردها المبدع‪ ،‬وهو ما ذكرناه آنًفا‪،‬‬
‫من هيام الشاعر بالمحبوبة المفارق ة‪ ،‬وهو ما أورده‪ ،‬حيث قال‪ :‬فعاد إلى حاله األولى‪ ،‬قال‪ :‬فلم تزل تلك حاله‪ ،‬إال أنه غير مستوحش‪ ،‬إنما‬
‫ثوبا إال خرقه‪ ،‬ويهذي ويخطط في األرض(‪.)34‬وقد برز – في الفقرة السابقة‪ -‬ما يدل على احتياج‬
‫منفردا عارًيا‪ ،‬ال يلبس ً‬
‫ً‬ ‫يكون في جنبات الحي‬
‫المبدع للمكان المفتوح‪ ،‬فالشاعر العاشق يسير عارًيا إال مما يستر عورته‪ ،‬ولم يكن –على جسده‪ -‬سوى الثوب البالي المرقع‪ ،‬بما يضاعف‬
‫من حالته التي تسترعي النظر‪ ،‬وتستجلب الشفقة من السامعين‪.‬وقد تضافرت األدوات اللغوية المساعدة مع عنصر المكان‪ ،‬فقد امتألت الفقرة‬
‫باألفعال المضارعة‪ ،‬التي تستحضر الصورة حية في سمع السامع‪ ،‬مثل‪( :‬يهذي – يخطط‪ -‬يلبس)‪ ،‬بما يحافظ على ح اررة الحدث المقرون‬
‫منفردا – عارًيا)‪ ،‬فاستطاع المبدع إشعار‬
‫ً‬ ‫بالمكان‪ ،‬مع شيوع اسم الفاعل في الفقرة‪ ،‬بما له من قدرة على إفادة االستمرار‪ ،‬مثل‪( :‬مستوحش –‬
‫القارئ بالحضور‪ ،‬وحافظ على طزاجة الحدث المروي‪ ،‬بما يغذيه ويرفده من مكان‪.‬وقد عدم القوم حيلهم في إثناء الشاعر عن موقفه‪ ،‬واستشفائه‬
‫من مرضه‪ ،‬فبرز المكان المفتوح مرة أخرى‪ ،‬مع اتشاحه بالوشاح المقدس هذه المرة؛ وذلك بأن نصح القوم والد (قيس) بالتوجه إلى (مكة)‪،‬‬
‫حيث أورد المبدع ما نصه‪ :‬فقال له قومه‪ :‬احجج إلى (مكة)‪ ،‬وادع هللا – عز وجل‪ -‬ومره أن يتعلق بأستار الكعبة ‪ ...‬فلما بلغوا (منى)‪،‬‬
‫صائحا يصيح‪ :‬يا ليلى‪ ،‬فصرخ صرخة ظنوا أن نفسه قد تلفت‪ ،‬وسقط مغشيًّا عليه(‪ ،)35‬وذكرت مصادر أنه لم يزل كذلك حتى أصبح‪،‬‬ ‫ً‬ ‫سمعوا‬
‫وقال له أبوه‪ :‬تعلق بأستار الكعبة‪ ،‬واسأل هللا عز وجل أن يعافيك من حب ليلى‪ ،‬فتعلق باألستار وقال‪ :‬اللهم زدني لليلى حبا وبها كلفا‪ ،‬وال‬
‫تنسني ذكرها أبدا‪ ،‬فهام حينئذ واختلط ولم يضبط‪ ،‬فكان يهيم في البرية مع الوحش(‪.)36‬‬
‫وقد برز المكان المفتوح في الفقرة السابقة‪ ،‬فظل الشاعر على حاله رغم قداسة المكان‪ ،‬فانشغل بمن أذهبت عقله‪ ،‬مع ورود مكان آخر‪،‬‬
‫وهو (منى)‪ ،‬وقد أراد المبدع إبراز شدة اللوثة التي أصابت الحبيب العاشق‪ ،‬فصارت المناسك وقداسة المكان بعيدة عن إدراكه‪ ،‬مستعصية‬
‫عليه‪ ،‬فاستطاع المبدع– بذلك‪ -‬توظيف المكان بالشكل الذي يخدم الحدث‪.‬وقد بالغ المبدع في وصف ما أصاب (قيس) من لوثة‪ ،‬وفقدانه‬
‫لصوابه‪ ،‬فقال على لسان أبيه‪ :‬ثم قال له أبوه‪ :‬تعلق بأستار الكعبة‪ ،‬واسأل هللا أن يعافيك من حب (ليلى)‪ ،‬فتعلق بأستار الكعبة‪ ،‬وقال‪ :‬اللهم‬
‫زدني لليلى حبًّا(‪.)37‬وتشير الفقرة السابقة إلى استحكام حب (ليلى) في قلب من يحبها‪ ،‬وبدا وكأنه مجنون ال يحب – لعقله‪ -‬اإلفاقة من جنونها‪،‬‬

‫‪‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫‪‬‬


‫‪ ‬البنى السردية يف حكايات من كتاب (األغاني) (ليلى العامرية وجمنونها أمنوذجًا) ‪‬‬
‫فلم يؤثر – فيه‪ -‬تعلقه بأستار الكعبة؛ ليشفيه مما – به‪ -‬من جنون‪.‬وقد تعددت األماكن المفتوحة في حكاية المجنون وحبيبته‪ ،‬ومن ذلك أن‬
‫أهل المجنون خرجوا به معهم إلى (وادي القرى) قبل توحشه؛ ليمتاروا؛ خوًفا عليه من أن يضيع أو يهلك‪ ،‬فمروا في طريقهم بجبلي (نعمان)‪،‬‬
‫فقال له بعض فتيان الحي‪ :‬هذان جبال (نعمان)‪ ،‬وقد كانت ليلى تنزل بهما‪ ،‬قال‪ :‬فأي الرياح يأتي من ناحيتهما؟ قالوا‪ :‬الصبا‪ ،‬قال‪ :‬فوهللا ال‬
‫هبت الصبا(‪.)38‬وقد ظهرت‬
‫أريم هذا الموضع حتى تهب الصبا‪ ،‬فأقام ومضوا فامتاروا ألنفسهم‪ ،‬ثم أتوا عليه‪ ،‬فأقاموا معه ثالثة أيام حتى َّ‬
‫دل على شدة تنسمه‬ ‫األماكن المفتوحة‪ ،‬في (وادي القرى – جبال النعمان)‪ ،‬ووصل األمر إلى انتظار الشاعر حتى تهب رياح َّ‬
‫(الصبا)‪ ،‬مما َّ‬
‫ألخبار (ليلى)‪ ،‬وكل ما يذكره بها‪ ،‬فأصبح على حال ال تستدعي سوى الرثاء‪.‬وقد ارتبط المكان – في الفقرة السابقة‪ -‬بشدة إشفاق القوم على‬
‫شاعرهم الملتاث‪ ،‬ودل مكوثهم – معه‪ -‬ثالثة أيام على إدراكهم أنهم بصدد مريض قد آيسوا من شفائه‪ ،‬فعمل المكان على إبراز تلك المفارقة‪،‬‬
‫بين شاعر يرى ما ال يراه قومه‪ ،‬ومن تعجب القوم وذهولهم لما وصل إليه شاعرهم من حال‪ ،‬وهو ما أجاد المبدع في التدليل عليه؛ عن طريق‬
‫التقنية المكانة في سرده لألحداث‪.‬ولم ينس المبدع أن يستخدم تقنية المكان‪ ،‬في سرده لألحداث‪ ،‬لمكان هو األشهر في تلك الحكاية‪ ،‬وهو جبل‬
‫َّ‬
‫(التوباد) الشهير‪ ،‬الذي ارتبط بالبناء السردي للحكاية على نحو مؤثر‪ ،‬يقول المبدع‪ :‬كان المجنون وليلى وهما صبيان يرعيان ً‬
‫غنما ألهلها‪،‬‬
‫عند ٍ‬
‫جبل في بالدهما‪ ،‬يقال له (التَّْوباد)‪ ،‬فلما ذهب عقله وتوحش‪ ،‬كان يجيء إلى ذلك الجبل فيقيم به‪ ،‬فإذا تذكر أيام كان يطيف هو وليلى‬
‫بلدا ال يعرفه‪ ،‬فيقول للناس الذين يلقاهم‪:‬‬
‫شديدا واستوحش‪ ،‬فهام على وجهه حتى يأتي نواحي الشام‪ ،‬فإذا ثاب إليه عقله‪ ،‬رأى ً‬
‫به‪ ،‬جزع جزًعا ً‬
‫بأبي أنتم‪ ،‬أين التوباد من أرض بني عامر؟ فيقال له‪ :‬وأين أنت من أرض بني عامر! أنت بالشام عليك بنجم كذا فأمه‪ ،‬فيمضي على وجهه‬
‫وقوما ال يعرفهم‪ ،‬فيسألهم عن (التوباد) وأرض (بني عامر)‪ ،‬فيقولون‪ :‬وأين أنت‬ ‫نحو ذلك النجم حتى يقع بأرض اليمن‪ ،‬فيرى ً‬
‫بالدا ينكرها‪ً ،‬‬
‫من أرض بني عامر! عليك بنجم كذا وكذا‪ ،‬فال يزال كذلك حتى يقع على (التوباد)(‪.)39‬وقد أظهرت الفقرة السابقة كون جبل (التوباد) قد خرج‬
‫مثل الرمز واإلشارة في تلك الحكاية‪ ،‬فكان عالمة على ذكريات اللقاء‪ ،‬ومهد النشأة األول‪ ،‬ودليل‬‫جبال في حكاية المجنون‪ ،‬حيث َّ‬
‫عن كونه ً‬
‫الحب الباقي رغم تفرق األحباب‪.‬لقد أدى الجبل دور المؤشر‪ ،‬وكأنه مكان مقدس تُشد إليه الرحال‪ ،‬وقد أوردنا ما كان من ذهابه – مع أبيه‪-‬‬
‫إلى (الكعبة)‪ ،‬فلم يكن تفاعله مع المكان كتفاعله مع جبل (التوباد)‪ ،‬الذي بدا وكأنه كعبته التي يقصدها‪.‬‬
‫اخلامتة‬
‫وفي النهاية‪ ،‬ننتهي إلى أن ما ورد في كتاب (األغاني) لألصفهاني‪ ،‬بشأن (ليلى العامرية ومجنونها) قد توافر له المقومات السردية‬
‫الروائية الكاملة‪ ،‬وإن لم يكن على النمط الذي أقرته النظريات األدبية الحديثة‪ ،‬وجاءت أحداثه متصلة بال انقطاع‪ ،‬مع بروز عنصر التشويق‪،‬‬
‫النابع من القصة نفسها‪ ،‬وقد أثرت الشخصيات الجانب الحكائي فيها‪ ،‬فتنوعت سلوكياتها‪ ،‬وتعددت مالمحها‪ ،‬ولهث القارئ وراء متابعتها‪،‬‬
‫خاصة عند تدخل طرف من األطراف؛ لتحقيق حلم (قيس) غي االقتران بحبيبته (ليلى)‪ ،‬ثم تكسر الحلم على صخرة عناد األب واألهل‪.‬‬
‫طاغيا على الرواية‪ ،‬وقد ناسب ما حل بـ ـ ـ (قيس)‪ ،‬على حساب األماكن المغلقة التي بدت قليلة‪ ،‬وساعدت تقنية‬
‫ً‬ ‫وجاء المكان المفتوح‬
‫متكامال‪ ،‬يرصد قصة من أشهر ما عرفت حكايات‬ ‫ً‬ ‫الزمن في اإلسراع بوتيرة األحداث في مواضع‪ ،‬وتبطيئها في مواضع أخرى‪ ،‬فجاء العمل‬
‫العشاق‪ ،‬وأكثر ما تعارتها التشكيكات واالتهامات‪ ،‬بكونها أسطورة من األساطير‪َّ ،‬‬
‫تخطت حواجز الحقيقة‪ ،‬إلى أبعد ما يكون من آفاق الخيال‪.‬‬
‫أهم النتائج اليت توصلت إليها‪:‬‬
‫‪ -1‬الوقوف على أصالة كتاب األغاني في الحكايات الروائية‪.‬‬
‫‪ -2‬أن «ليلى» الشخصية المحورية في الحكاية‪ ،‬وقد أظهر لها األصفهاني الجوانب النفسية الخاصة بالشخصية المحورية‪.‬‬
‫‪ -3‬سرد األصفهاني شخصيات أفراد أسرة قيس والمقربين منهم من العائلة واألصدقاء‪.‬‬
‫‪ -4‬أن الهدف من ذكر الحكاية مسامرة الملوك والخلفاء‪.‬‬
‫‪ -5‬تكامل الحكاية بذكر المكان‪ ،‬والتفصيالت التي تساعد على تشكيل بنية الحدث‪ ،‬وت َّنوع التقنيات الزمنية السردية‪.‬‬
‫فهرس املصادر واملراجع‬
‫‪ -1‬إبراهيم‪ ،‬صالح‪ ،‬الفضاء ولغة السرد في روايات عبد الرحمن منيف‪ ،‬المركز الثقافي العربي‪ ،‬ط‪2003 ،1‬م‪.‬‬
‫‪ -2‬األصفهاني‪ ،‬علي بن الحسين بن محمد بن أحمد بن الهيثم المرواني األموي القرشي‪ ،‬أبو الفرج (المتوفى‪356 :‬هـ) كتاب األغاني‪،‬‬
‫تحقيق‪ :‬سمير جابر‪ ،‬الناشر‪ :‬دار الفكر ‪ -‬بيروت‪ /‬الطبعة‪ :‬الثانية‪.‬‬
‫‪ -3‬باختين‪ ،‬ميخائيل‪ ،‬أشكال الزمان والمكان في الرواية‪ ،‬ت‪ :‬يوسف حالق‪ ،‬منشورات و ازرة الثقافة السورية‪ ،‬دمشق‪1990 ،‬م‪.‬‬

‫‪‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫‪‬‬


‫‪ ‬البنى السردية يف حكايات من كتاب (األغاني) (ليلى العامرية وجمنونها أمنوذجًا) ‪‬‬
‫‪ -4‬بحراوي‪ ،‬حسن‪ ،‬بنية الشكل الروائي‪ ،‬الناشر‪ :‬المركز الثقافي العربي‪ ،‬الطبعة‪ :‬األولى‪1990 ،‬م‪.‬‬
‫‪ -5‬برجسون‪ ،‬هنري‪ ،‬الضحك‪ ،‬ترجمة‪ :‬سامي الدروبي وعبد هللا عبد الدائم‪ ،‬دار العلم للماليين‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط ‪1983‬م‪.‬‬
‫‪ -6‬برنس‪ ،‬جيرالد‪ ،‬قاموس السرديات‪ ،‬ت‪ :‬السيد إمام‪ ،‬ميريت للنشر والمعلومات‪ ،‬القاهرة‪ ،‬ط‪2003 ،1‬م‪.‬‬
‫‪ -7‬التنوخي‪ ،‬المحسن بن علي بن محمد بن أبي الفهم داود البصري‪ ،‬أبو علي‪ ،‬نشوار المحاضرة وأخبار المذاكرة‪1391 ،‬هـ‪.‬‬
‫‪ -8‬تودروف‪ ،‬تزفيتان‪ ،‬فاهيم سردية‪ ،‬ترجمة‪ :‬عبد الرحمن مزيان‪ ،‬منشورات االختالف‪ ،‬ط‪2005 ،1‬م‪.‬‬
‫‪ -9‬جينيت‪ ،‬جيرار‪ ،‬خطاب الحكاية‪ ،‬ت‪ :‬محمد معتصم وعبد الجليل األزدي وعمر حلي‪ ،‬المجلس األعلى للثقافة‪ ،‬ط‪1997 ،2‬م‪.‬‬
‫‪ -10‬ابن حمدون‪ ،‬محمد بن الحسن بن محمد بن علي‪ ،‬أبو المعالي‪ ،‬بهاء الدين البغدادي‪ ،‬التذكرة الحمدونية‪ ،‬دار صادر‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪،1‬‬
‫‪ -11‬الدينوري‪ ،‬ابن قتيبة‪ ،‬أبو محمد عبد هللا بن مسلم‪ ،‬الشعر والشعراء‪ ،‬دار الحديث‪ ،‬القاهرة‪1423 ،‬هـ‪.‬‬
‫‪ -12‬رشدي‪ ،‬رشاد‪ ،‬فن القصة القصيرة‪ ،‬مكتبة األنجلو المصرية‪ ،‬ط‪1964 ،2‬م‪.‬‬
‫‪ -13‬صالح‪ ،‬عالية محمود‪ :‬البناء السردي في روايات إلياس خوري‪ ،‬دار األزمنة‪ ،‬عمان‪ ،‬ط‪2005 ،1 :‬م‪.‬‬
‫‪ -14‬م‪ .‬فوستر‪ ،‬أركان القصة‪ ،‬ت‪ :‬كمال عياد جاد‪ ،‬دار الكرنك‪ ،‬القاهرة‪1960 ،‬م‪.‬‬
‫‪ -15‬مرتاض‪ ،‬عبد المالك‪ :‬في نظرية الرواية‪ ،‬الناشر‪ :‬عالم المعرفة‪ ،‬سنة النشر‪.1998 :‬‬
‫‪ -16‬النيسابوري‪ ،‬أبو القاسم الحسن بن محمد بن حبيب‪ ،‬عقالء المجانين‪ ،‬تحقيق‪ :‬أبو هاجر محمد السعيد بن بسيوني زغلول‪ ،‬دار الكتب‬
‫العلمية‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،‬ط‪1405 ،1‬هـ ‪1985 -‬م‪.‬‬
‫‪ -17‬وهبة‪ ،‬مجدي – المهندس‪ ،‬كمال‪ ،‬معجم المصطلحات األدبية في اللغة واألدب‪ ،‬الناشر‪ :‬مكتبة لبنان‪.‬‬
‫هوامش البحث‬

‫(‪ )1‬وهبة‪ ،‬مجدي – المهندس‪ ،‬كمال‪ ،‬معجم المصطلحات األدبية في اللغة واألدب‪ ،‬الناشر‪ :‬مكتبة لبنان (ص‪.)208‬‬
‫(‪ )2‬برجسون‪ ،‬هنري‪ ،‬الضحك‪ ،‬ترجمة‪ :‬سامي الدروبي وعبد هللا عبد الدائم‪ ،‬دار العلم للماليين‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط ‪1983‬م‪( ،‬ص‪.)130-129‬‬
‫(‪ )3‬م‪ .‬فوستر‪ ،‬أركان القصة‪ ،‬ت‪ :‬كمال عياد جاد‪ ،‬دار الكرنك‪ ،‬القاهرة‪1960 ،‬م‪( ،‬ص‪.)86-83‬‬
‫(‪ )4‬رشدي‪ ،‬رشاد‪ ،‬فن القصة القصيرة‪ ،‬مكتبة األنجلو المصرية‪ ،‬ط‪1964 ،2‬م‪( ،‬ص‪.)30‬‬
‫(‪ )5‬األصفهاني‪ ،‬علي بن الحسين بن محمد بن أحمد بن الهيثم المرواني األموي القرشي‪ ،‬أبو الفرج (المتوفى‪356 :‬هـ) األغاني‪ ،‬تحقيق‪:‬‬
‫سمير جابر‪ ،‬الناشر‪ :‬دار الفكر ‪ -‬بيروت‪ /‬الطبعة‪ :‬الثانية (ص‪.)221‬‬
‫(‪ )6‬األصفهاني‪ ،‬األغاني‪( ،‬ص‪.)225‬‬
‫(‪ )7‬الدينوري‪ ،‬ابن قتيبة‪ ،‬أبو محمد عبد هللا بن مسلم‪ ،‬الشعر والشعراء‪ ،‬دار الحديث‪ ،‬القاهرة‪1423 ،‬هـ‪.)551/2( ،‬‬
‫(‪ )8‬األصفهاني‪ ،‬األغاني‪( ،‬ص‪.)226‬‬
‫(‪ )9‬األصفهاني‪ ،‬األغاني‪( ،‬ص‪.)230‬‬
‫(‪ )10‬التنوخي‪ ،‬المحسن بن علي بن محمد بن أبي الفهم داود البصري‪ ،‬أبو علي‪ ،‬نشوار المحاضرة وأخبار المذاكرة‪1391 ،‬هـ‪.)108/5( ،‬‬
‫(‪ )11‬األصفهاني‪ ،‬األغاني‪( ،‬ص‪.)232‬‬
‫(‪ )12‬األصفهاني‪ ،‬األغاني‪( ،‬ص‪.)221‬‬
‫(‪ )13‬النيسابوري‪ ،‬أبو القاسم الحسن بن محمد بن حبيب‪ ،‬عقالء المجانين‪ ،‬تحقيق‪ :‬أبو هاجر محمد السعيد بن بسيوني زغلول‪ ،‬دار الكتب‬
‫العلمية‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،‬ط‪1405 ،1‬هـ ‪1985 -‬م‪( ،‬ص‪.)47‬‬
‫(‪ )14‬األصفهاني‪ ،‬األغاني‪( ،‬ص‪.)227‬‬
‫(‪ )15‬األصفهاني‪ ،‬األغاني‪( ،‬ص‪.)230‬‬
‫(‪ )16‬تودروف‪ ،‬تزفيتان‪ ،‬فاهيم سردية‪ ،‬ترجمة‪ :‬عبد الرحمن مزيان‪ ،‬منشورات االختالف‪ ،‬ط‪2005 ،1‬م‪( ،‬ص‪.)76‬‬
‫(‪ )17‬ينظر‪ :‬باختين‪ ،‬ميخائيل‪ ،‬أشكال الزمان والمكان في الرواية‪ ،‬ت‪ :‬يوسف حالق‪ ،‬منشورات و ازرة الثقافة السورية‪ ،‬دمشق‪1990 ،‬م‪،‬‬
‫(ص ‪.)6‬‬

‫‪‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫‪‬‬


‫‪ ‬البنى السردية يف حكايات من كتاب (األغاني) (ليلى العامرية وجمنونها أمنوذجًا) ‪‬‬
‫(‪ )18‬ينظر‪ :‬برنس‪ ،‬جيرالد‪ ،‬قاموس السرديات‪ ،‬ت‪ :‬السيد إمام‪ ،‬ميريت للنشر والمعلومات‪ ،‬القاهرة‪ ،‬ط‪2003 ،1‬م‪( ،‬ص‪.)62‬‬
‫(‪ )19‬ينظر‪ :‬جينيت‪ ،‬جيرار‪ ،‬خطاب الحكاية‪ ،‬ت‪ :‬محمد معتصم وعبد الجليل األزدي وعمر حلي‪ ،‬المجلس األعلى للثقافة‪ ،‬ط‪1997 ،2‬م‪،‬‬
‫(ص‪.)46‬‬
‫(‪ )20‬مرتاض‪ ،‬عبد المالك‪ :‬في نظرية الرواية‪ ،‬الناشر‪ :‬عالم المعرفة‪ ،‬سنة النشر‪( ،1998 :‬ص‪.)173 ،172 :‬‬
‫(‪ )21‬ينظر‪ :‬بحراوي‪ ،‬حسن‪ ،‬بنية الشكل الروائي‪ ،‬الناشر‪ :‬المركز الثقافي العربي‪ ،‬الطبعة‪ :‬األولى‪1990 ،‬م (ص‪.)108 :‬‬
‫(‪ )22‬ينظر‪ :‬المرجع السابق‪( ،‬ص‪.)117 :‬‬
‫(‪ )23‬ينظر‪ :‬مرتاض‪ ،‬عبد المالك‪ :‬في نظرية الرواية‪ ،‬الناشر‪ :‬عالم المعرفة‪ ،‬سنة النشر‪( ،1998 :‬ص‪.)109 :‬‬
‫(‪ )24‬ينظر‪ :‬بحراوي‪ ،‬بنية الشكل الروائي‪( ،‬ص‪.)192 :‬‬
‫(‪ )25‬ينظر‪ :‬صالح‪ ،‬عالية محمود‪ :‬البناء السردي في روايات إلياس خوري‪ ،‬دار األزمنة‪ ،‬عمان‪ ،‬ط‪2005 ،1 :‬م‪( ،‬ص‪.)18 :‬‬
‫(‪ )26‬األصفهاني‪ ،‬األغاني‪( ،‬ص‪.)220‬‬
‫(‪ )27‬األصفهاني‪ ،‬األغاني‪( ،‬ص‪.)221‬‬
‫(‪ )28‬األصفهاني‪ ،‬األغاني‪( ،‬ص‪.)222‬‬
‫(‪ )29‬األصفهاني‪ ،‬األغاني‪( ،‬ص‪.)223‬‬
‫(‪ )30‬األصفهاني‪ ،‬األغاني‪( ،‬ص‪.)226‬‬
‫(‪ )31‬إبراهيم‪ ،‬صالح‪ ،‬الفضاء ولغة السرد في روايات عبد الرحمن منيف‪ ،‬المركز الثقافي العربي‪ ،‬ط‪2003 ،1‬م‪( ،‬ص‪.)8‬‬
‫(‪ )32‬األصفهاني‪ ،‬األغاني‪( ،‬ص‪.)222‬‬
‫(‪ )33‬األصفهاني‪ ،‬األغاني‪( ،‬ص‪.)222‬‬
‫(‪ )34‬األصفهاني‪ ،‬األغاني‪( ،‬ص‪.)223‬‬
‫(‪ )35‬األصفهاني‪ ،‬األغاني‪( ،‬ص‪.)225‬‬
‫(‪ )36‬ابن حمدون‪ ،‬محمد بن الحسن بن محمد بن علي‪ ،‬أبو المعالي‪ ،‬بهاء الدين البغدادي‪ ،‬التذكرة الحمدونية‪ ،‬دار صادر‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪،1‬‬
‫‪1417‬ه‪.)184/6( ،‬‬
‫(‪ )37‬األصفهاني‪ ،‬األغاني‪( ،‬ص‪.)226‬‬
‫(‪ )38‬األصفهاني‪ ،‬األغاني‪( ،‬ص‪.)227‬‬
‫(‪ )39‬األصفهاني‪ ،‬األغاني‪( ،‬ص‪.)240‬‬

‫‪‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫‪‬‬

You might also like