You are on page 1of 95

‫ال ِوقَايَةُ ِم ْن أ َ ْغالَ ِط‬

‫الكـِفَايَ ِة !!‬
‫من ُم َؤلفا ِ‬
‫ت‬
‫الكبير‬
‫ِ‬ ‫ق‬
‫حق ِ‬‫هير ال ُم ِ‬
‫العَالم ِة اللغوي ِ الش ِ‬
‫للا‬
‫بن عب ِد ِ‬ ‫بن محم ِد ِ‬ ‫رؤوف ِ‬
‫ِ‬ ‫السيِ ِد‬
‫ين ال ُحسيني ِ‬
‫الد ِ‬
‫جما ِل ِ‬

‫اإلهدا ُء‬
‫هـديتـي إلخـوتي الكـرام ( وقـاية األغالط ) واألوهام ‪.‬‬
‫وردهـا بـذاءةٌ قـبيـحة !!‬ ‫فيهـا لكم نصيحـةٌ صريحـة‬
‫انظر ( إلى القول ) ودع من‬ ‫فخذ بقول المرتضى خير الورى‬
‫حررا‬
‫من ( عبد نخاس ) بال مجادلة !‬ ‫فالعبد بـ(التقليد) أدنى منـزلة‬

‫‪1‬‬
‫سالحنا ( البرهان ) نعم‬ ‫قلت لخصمي ( والسالح ) حاضر‬
‫الناصر !‬
‫والشرع والعقل ( لذي الضمير)!‬ ‫( فالكـاتم ) الحجـة للشـرير‬
‫ال ُمؤ َِلف‬

‫بسم ٱلل ٱلرحمن ٱلرحيم‬


‫‪3‬‬
‫ُمقدمةُ الكتا ِ‬
‫ب‬
‫الحمد لل رب العالمين ‪ ،‬والصالة والسالم على نبينا محمد وآله‬
‫األئمة المعصومين ‪.‬‬
‫وبعد ‪ :‬لما كنـا في مرحلة التحصيل كان ( من باب الجري على‬
‫المتعارف ) السير وفق منهج الحوزة في النجف ( حسب الكتب المقررة‬
‫للدرس في عصرنا ) ‪.‬‬
‫ومن بين تلك الكتب كتاب « كفاية األصول » للشيـخ مال محمد‬
‫كاظم اآلخوند الخراساني الهروي ‪ ،‬من علماء القرن ـ ‪ 14‬هـ ـ في‬
‫النجف ‪ .‬وهذا الكتاب قسمان ‪ :‬األول سماه ( مباحث األلفاظ ) ‪ ،‬والثاني‬
‫‪ ( :‬األصول العملية ) ‪.‬‬
‫وبعد التأمل ؛ رأيت « القسمين » خارجين عن المسمى ؛ خروج‬
‫الليل عن النهار ‪ .‬فعزمت على رد تلك المباحث ردًّا مختصرا ؛ بحجج‬
‫ال مجال إلنكارها إال لدى من أمات التقليد عقله ؛ وأعمت العصبية‬

‫‪2‬‬
‫بصيرته ‪ ،‬ومثل ـ هذا ـ يشمله قوله تعالى ‪ ( :‬إن هم إال كاألنعام بل هم‬
‫أضل سبيال )(‪. )1‬‬
‫وقد كـثر رد القول في كتب الفقه لفقهائنا األبرار ردا لينا ـ وخشنا‬
‫أحيانا ـ ك ٌّل غير مناف ( لآلداب ) ‪ .‬فلن يبلغ منـزلة « سليمان ـ ع ـ »‬
‫‪ .‬ولن أكون ـ أنا ـ أقل من « الهدهد » !! ‪.‬‬
‫لذا عزمت على هدم ما بنى من « قواعد » ‪ ،‬وبيان منافاتها « للشرع‬
‫؛ ولسانه المبين » ‪.‬‬
‫ألمـور ‪:‬‬
‫( أ ) امتثاال لنبينا ـ صلى للا عليه وآله ـ القائل ‪ (( :‬إذا ظهرت‬
‫البدع في أمتي فعلى العالم أن يظهـر علمه فإن لم يفعل فعليـه لعنـة‬
‫للا )) ‪ .‬أنظر ـ الكافي ‪ :‬ج‪ : 1‬باب البدع والمقاييس ـ ‪.‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬سورة الفرقان ‪ :‬اآلية ‪. 44‬‬
‫‪4‬‬ ‫الوقاية من أغالط الكفاية ‪ :‬المقدمة‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫وال شـك في ( بدعية ) القسمين من الكفاية ؛ ومنافاتهما اللغة‬
‫والشـرع‬
‫ـ كما ستعـرف ذلك إن شاء للا تعالى ـ ‪ .‬فاسأل ربك أال تغرق « ببحـر‬
‫دعايتهم » ! ‪.‬‬
‫كتاب ـ معج ٌم للغتهم ـ سماه مؤلفه « لغة نامه » ؛‬
‫ٌ‬ ‫( ب ) ‪ :‬للفرس‬
‫وهو بعدة مجلدات ـ ط ـ ؛ والمؤلف ( ده خدا ) ‪ .‬قال في مقدمته لكتابه ‪:‬‬
‫( محم ٌد ـ ص ـ ليس بعربي ؛ ألنه ابن إسماعيل بن إبراهيم ـ وهذان ليسا‬
‫وحش ‪ ،‬والرجل‬
‫ٌ‬ ‫ٌ‬
‫حيوان‬ ‫عربيين ـ ) ‪ .‬وقال في كتابه مقاالت ال يقول مثلها‬
‫من عظماء قومه ‪ ،‬ال يقول عن صاحب الكفاية ؛ إال بكيفية العمل فقط )‬
‫‪ .‬وقال ‪ ( :‬الخليل بن أحمد الفراهيدي البصري العماني ليس بعربي ؛ ألن‬
‫كلمة « فرهود » أصلها غير عربي ‪.‬‬
‫فلو اطلع العاقل على خلطهم ( في مؤلفاتهم ) على اختالف «‬
‫أهدافها » لرأى أمورا غريبة ‪ ،‬ودواهي عجيبة ‪.‬‬
‫( ج ) ‪ :‬قد تقع «الكفاية» بيد من يعدها ( مصدرا ) ينسبه «‬
‫لإلمامية »!؛ وهي ال تتفق مع الشرع ؛ وال مع لغتـه ‪ .‬بل كل ما فيها‬
‫يمثـل رأي مؤلفها ـ وحزبه فقط ـ !‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫( د ) ‪ :‬وربما فكـر المغـرور ـ بالدعـاية ـ ؛ فعاد إلى رشده ؛ وميـز‬
‫بين « المخلوط ؛ والخالص » ؛ فأكون شريكا له في الثواب وسببا‬
‫لنجاته من العقاب ‪.‬‬
‫وهنا مسائل ‪:‬‬
‫هو الواض ُع ؟‬
‫ظهر عل َم األصو ِل ؛ و َمن َ‬
‫َ‬ ‫( المسألة األولى) متى‬
‫‪.‬‬
‫المعروف ـ عند أرباب العلم ـ تسمية « مجموعة قواعد ـ ما ـ »‬
‫علما بشرط ـ اتحاد هدف تلك القواعد ـ ‪ ،‬وال يضر تعدد فروعها‪.‬‬
‫و ( علم األصول ) ال وحدة في هدف قواعده ـ اللفظية ‪ ،‬والعملية‬
‫ـ ‪ .‬فاللفظـية يتضمنها علم اللغـة وغيره من علوم اللغـة ‪ .‬والعمليـة‬
‫مصدرها‬
‫‪5‬‬ ‫الوقاية من أغالط الكفاية ‪ :‬المقدمة‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫معروف ‪ .‬ويفسر السـنة سيرة‬ ‫ٌ‬ ‫ـ الكتاب والسنة ـ ‪ ،‬وتفسير الكتاب‬
‫المعصومين وعمل شيعتهم في عصرهم ـ ع ـ ‪.‬‬
‫ضطرب ‪ ،‬ووحدتهٌ ( مفقودةٌ ) ‪ .‬إذ ـ مما ال شك‬‫ٌ‬ ‫فهدف األصول م‬
‫فيه ـ حصول « التباين الكلي» بين آراء ( أرسطو ) في بحثه أللفاظ‬
‫لغته ( اإلغريقية ) في ( علم المنطق ) الذي هو إرثه ؛ ومنه أخذ‬
‫األصوليون أكثر ( مباحث ألفاظ علمهم ) ‪ ،‬والبقية القليلة من مباحث‬
‫ألفاظهم مأخوذة ( من علم التصـوف ) « والمنطق والتصوف » بعيدان‬
‫ـ كل البعد ـ عن ( لغة العرب ؛ وهي لغة الشرع ) فافهم ودقق نظرك ؛‬
‫( فلغة البلبالن الرطناء ال شبه لها بلغة العرب ) فافهم ! ‪.‬‬
‫وأما ـ واضعه ـ ؛ فقد اختلفت الكلمة في تعيينه ؛ لكن مما ال شك‬
‫فيه أن العامة هم المؤسسون المخترعون ـ له ـ ‪.‬‬
‫ولكن من هو منهم السابق لوضعه ؟ ( الشافعي ‪ ،‬أم أبو حنيفة ‪،‬‬
‫مذكور في محله !‪ .‬فإذا لم يتعين (‬
‫ٌ‬ ‫ف‬‫أم غيرهما من حزبهما ؟ ) خال ٌ‬
‫الواضع ) ـ بالضبط ـ ال يمكن تحديد زمن ظهوره ‪.‬‬
‫مستغرب ـ ادعاء‬
‫ٌ‬ ‫ومن الحادث الغريب في زماننا ـ وكل ما فيه‬
‫بعض األصوليين نسبة علم األصول إلى أمير المؤمنين ‪ ،‬ثم قفز ـ‬
‫بتردده ـ إلى الباقر أو الصادق ! ‪ .‬لكنه تغابى أن قواعدهم ـ ع ـ ضد‬
‫قواعده ‪ .‬فأصول األئمة ضد ( أصول العامة ) ‪.‬‬

‫‪4‬‬
‫علم األصو ِل ‪.‬‬
‫مصادر ِ‬
‫ُ‬ ‫(المسألةُ الثانيةُ) ‪:‬‬
‫نسبه ( مخترعوه ) إلى الفقه ؛ والفقه منه برا ٌء ‪ .‬إذ مصادره ال‬
‫تتجاوز ( علم منطق اإلغريق ؛ ثم علم التصوف ؛ خالطهما آراء‬
‫األشاعرة والمعتزلة ) ؛ فهو مجموعة « إلحاد ‪ ،‬وزندقة ‪ ،‬وتشكيك » !‬
‫‪.‬‬
‫‪6‬‬ ‫الوقاية من أغالط الكفاية ‪ :‬المقدمة‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫وأضيف إليه أخيرا ؛ آرا ٌء ماسونيةٌ ووجوديةٌ ؛ وآرا ٌء ـ فلسفيةٌ أوربيةٌ‬
‫ـ مع فلسفة يونانية قديمة ‪ ،‬وحكمة يونانية قديمة !‪ .‬يعرف ـ ذلك ـ‬
‫منه كل باحث حر مجرد عن العصبية والتقليد األعمى‪ .‬مثـال ـ من‬
‫هذيان مخترعيـه ـ ‪ ( :‬بحث الضـد ‪ ،‬بحث مقدمـة الواجب ‪ ،‬مقدمة‬
‫الحرام ‪ ،‬المشتق ‪ ،‬تخصيص العام ‪ ...‬إلخ ) !! ‪.‬‬
‫فأية لغة تقر ـ هذا الهذيان ـ ‪ .‬كفى خذالنا ـ لهذا الخليط ـ أن عباقرته‬
‫تالميذ «الخاجا نصير» ـ فكرا ومتابعة ـ وكفاهم خذالنا جميعا ما قالوه‬
‫ـ في تعظيم خاجاهم ـ ‪ ( :‬لوال تلميذه العـالمة لما فهمنا كالمه )!‪ .‬ولقد‬
‫قـرأت ( تجريده ـ وشرحه ـ ) ؛ فوجدته مكررا ؛ ناقال مقاالت « ابن‬
‫سينا » وغيره ( من ملحد [ و] مشكك ) ‪.‬‬
‫عد ـ بهذا البحث ـ تجده من مخترعات اليونانيين ؛ وضعه أرسطو‬
‫للغته اإلغريقية ‪ ،‬ونقله لهم كل ملحد ‪ ،‬وزنديق ‪ ،‬ومشكك !‪.‬‬
‫فهل للغة اإلغريق صلةٌ بلغة القرآن العربي والشريعة المحمدية (‬
‫ط متعم ٌد ؛ الهدف منه ( التشويه ) ‪ .‬فلماذا لم‬ ‫السمحاء ) ؟!‪ .‬فهو خـل ٌ‬
‫يستدلوا بكالم بلغاء العرب ؛ وهم يبحثـون ألفاظهم ؟! ؛ فهل الباقـالني‬
‫ـ مثال ـ من ( بلغاء العرب) ؟! ‪.‬‬
‫والخالصةُ ‪:‬‬
‫مباحث األلفاظ من علم المنطق اليوناني ـ في الغالب ـ ‪ ،‬ثم من فلسفة‬
‫اليونان ‪ ،‬وغيرها ‪ .‬وكل أصولي يضيف ما استطاع إضافته وجده من‬
‫علوم عقلية إلحادية ال يبالي ـ بالتباين الكلي ـ بين المنقول منه‬
‫والمنقول إليه ‪ .‬فهم ـ حسب زعمهم ـ يبحثون ألفاظ الشرع ؛ وهي‬
‫ظ عربيةٌ !!‪.‬‬
‫ألفا ٌ‬
‫ومن تأمل بحث « الحقيقة الشرعية » انكشف له « إلحاد مقرر تلك‬
‫القواعد »‬
‫‪7‬‬ ‫الوقاية من أغالط الكفاية ‪ :‬المقدمة‬

‫‪5‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫واألصول العملية أدهى وأمر ؛ ففيها فسرت آياتٌ قرآنيةٌ تفسيرا‬
‫«عاميا » ؛ ووضعت في غير موضعها ‪.‬‬
‫( المسألةُ الثالثةُ ) ‪ :‬هل عل ُم األصو ِل «فقهي » أم « سياسي » ؟!!‪.‬‬
‫أثبت التأريخ عداء بني العباس ـ لألئمة من آل محمد ـ ع ـ‬
‫‪.‬فالعباسيون لم يكتفوا بقتلهم األئمة ؛ والتنكيل بشيعتهم ‪ .‬بل وضعوا‬
‫فكرا في مقابل « مذهب المعصومين » ؛ وأسسوا مدارس « فقهية ‪،‬‬
‫عقلية ؛ وحتى أدبية ولغوية » ! ‪ .‬فقربوا كل عدو آلل محمد ( كأبي‬
‫حنيفة األصفهاني وشبهه ) ‪ .‬وحاربوا كل محب أئمتهم(‪ ( )1‬عليهم‬
‫شيعي !‪.‬‬
‫ٌّ‬ ‫السالم ) كقتلهم ابن السكيت الشيعي اللغوي ؛ ألنه‬
‫حتى تعددت المذاهب تحت ستار ( حرية االجتهاد ) ! ‪ .‬فصارت (‬
‫أربعة ) في مقابل ( واحد )!‪ .‬وكل مذهب يحاول التغلب على من سبقه‬
‫؛ بإظهار األعلمية والتحقيق ‪ .‬فولد ( علم األصول ) مولدا سياسيا ؛‬
‫غلف باسم ( الفقه ) في زمن هو أوائل الدولة العباسية وبتشجيع منها‬
‫؛ فصار الباحـث في ـ هذا العلم ـ هو العالم ؛ وغير الباحث فيه قليل‬
‫العلم ‪.‬فدخل تحت عنوان ( الصراع الفكري بين المذاهب )! ‪ .‬فكتب فيه‬
‫بعض علماء الشيعة ـ للرد به على معتقد صحة قواعده ؛ ال للعمـل به‬
‫ـ !‪ .‬وتصديقا (‪ )2‬لهـذيان أصحابه كـ ( العـدة ) و ( الذريعة ) ـ مثال ـ‬
‫‪ .‬وأما من صدق به ـ كابن الجنيد ـ فقد نبذت كتبه ؛ وجرح أيما تجريح‬
‫! ؛ بل كفر ولم يتبعه أح ٌد ! ‪.‬‬
‫(المسألةُ الرابعةُ ) ‪ :‬متى دخلت قواع ُد األصو ِل في الفق ِه الجعفري ِ ؟‬
‫توقيفي ؛ فهو‬
‫ٌّ‬ ‫دي‬ ‫مما ال شك فيه أن فقه اإلمامية فقهٌ س ٌّ‬
‫معي تعب ٌّ‬
‫متون أخبار ـ ليس غير ـ ( كالكافي ‪ ،‬ومن ال يحضره الفقيه ‪،‬‬
‫والنهاية ‪ ،‬والمقنعة ‪ ...‬إلخ ) ‪.‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬لعلها ‪ (( :‬كل محب ألئمته )) ‪.‬‬
‫(‪ )2‬لعلها ‪ (( :‬أو تصديقا )) ‪.‬‬
‫‪8‬‬ ‫الوقاية من أغالط الكفاية ‪ :‬المقدمة‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪)1‬‬
‫والعالمة الحلي ؛ هو أول من أدخل تلك القواعد في استنباط‬
‫الفقه بإغراء من أستاذه ( الخاجا ) (‪ . ! )2‬وال أثر قبله لألصول في‬
‫فقه اإلمامية !‪.‬‬
‫والخاجا أحدث وابتدع ما يلي ذكره ـ على نحو اإليجاز ـ ‪:‬‬

‫‪6‬‬
‫( أ ) نقل العقائد اإلمامية من سمعية ـ منقولة ـ تعبدية صرفة إلى‬
‫فلسفية عقلية ـ قابلة لألخذ والرد ـ ؛ بحجة التحقيق العلمي ؛ وهو يعلم‬
‫أن ( القواعد العقلية لم يتفق عليها اثنان ‪ .‬بل العالم العقلي ينقض‬
‫أحكامه ـ بين فترة وأخرى ـ !‪ .‬في حين ثبت ـ [ في ](‪ )3‬عهد األئمة (ع)‬
‫بالتواتر ـ ؛ النهي عن االعتماد على غير المسموع منهم (ع) ؛ ألن غير‬
‫المسموع يهدي إلى الضالل والتشكيك ؛ فقارن بين « توحيد الصدوق‬
‫» ـ مثال ـ ؛ وما كتبه الخاجا ‪.‬‬
‫( ب ) هو أول (‪ )4‬من قسم « األخبار ـ حسب منهج العامة ـ »‬
‫(‪)5‬‬

‫‪ .‬وكانت قبل مدرسته الفكـرية اثنتين (‪ )6‬فقـط للعمل به ؛ لتوقـف ـ ال‬


‫ردا وال عمال ـ ‪.‬‬
‫( ج ) هو ومدرسته الفكرية ؛ ساروا على نهج « فـقه العامة » ؛‬
‫المستنبط من ( قواعدهم ) ؛ متجاهال نهج آل محمد وشيعتهم في‬
‫عصرهم ـ بحجة التحقيق العلمي واالجتهاد ـ حتى صارت الحجة ـ في‬
‫عصرنا ـ ( تطور الزمن ) ! ‪ .‬ـــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬يعد خاله المحقق الحلي أول من ألف في األصول على طريقة العامة مشيا على طريقتهم‬
‫وتبويبهم ؛ وأول من أدخل تعريف االجتهاد العامي المنشأ واألصل ؛ بعد أن استبعد القياس ؛‬
‫وذلك في كتابه معارج األصول ؛ فقد جاء فيه ‪ (( :‬فإذا استثني القياس كنا من أهل االجتهاد في‬
‫تحصيل األحكام بالطرق النظرية التي ليس أحدها االجتهاد )) ؛ نعم ظهرت القواعد األصولية‬
‫في عملية االستنباط أكثر جالء في كتب العالمة ‪.‬‬
‫(‪ )2‬هو الخواجه نصير الدين محمد بن محمد بن الحسنِ الطوسي صاحب التجريد وغيره‬
‫المتوفى ‪672‬هـ ‪.‬‬
‫(‪ )3‬ما بين [ ] أثبتناه استظهارا ‪.‬‬
‫(‪ )4‬وقيل أول من قسم األخبار حسب منهج العامة هو السـيد أحمد بن طاووس المتوفى‬
‫سنة ‪673‬هـ ‪.‬‬
‫(‪ )5‬إلى أربعة أقسام ‪ :‬صحيح ‪ ،‬وموثق ‪ ،‬وحسن ‪ ،‬وضعيف ‪.‬‬
‫(‪ )6‬لعلها ( اثنين فقط ) ؛ فيكون المراد قسمين ( صحيح وضعيف ) ‪.‬‬
‫‪9‬‬ ‫الوقاية من أغالط الكفاية ‪ :‬المقدمة‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫بل صارت تلك القواعـد ( العامية ) هي الممثـل الوحيد للمذهب‬
‫الجعفري ـ السمعي التعبدي ـ ؛ و هو عدوها وهي عدوته ‪.‬‬
‫والخالصةُ ‪:‬‬
‫سياسي في الفقـه الجعفري ؛ ظـهر على يد‬
‫ٌّ‬ ‫س‬‫علم األصول د ٌّ‬
‫علمـاء البالط العباسي ـ أوال ـ ‪ ،‬ودخل مذهب الشيعة على يد الوزير‬
‫المغولي الخاجا وحزبه ؛ وما زال الدين غطاء ـ للهدف السياسي ـ ‪.‬‬

‫‪7‬‬
‫( المسألةُ الخامسةُ ) ‪ :‬الكفايةُ أجل كتاب عن َد األصوليين ـ في عصرنا ـ ؛‬
‫لــذا رأيـتُ « َردهُ» ‪ .‬و إخــرا َج مباحثِ ِه ( اللفــظيـ ِة ) عن اللـغــة ؛ ومباحثِـه‬
‫ب!‪.‬‬‫( العملي ِة ) عن المذه ِ‬
‫وقد سألني سائ ٌل ؛ عن علم األصول ـ عامة ـ ؛ وعن كفايـة األصول‬
‫ـ خاصة ـ فأجبت السائل بهذا الكتاب الموجز ـ جدا ـ ؛ فالحر تكفيه‬
‫اإلشارة ‪ ،‬و أعمى ( البصيرة ) ال يبصر ( المنارة ) !‪.‬‬
‫أغالط الكفاي ِة ـ ) ‪ ،‬وإن خشن كالمي‬
‫ِ‬ ‫وقد سميت كتابي ( الوقاية ـ من‬
‫ـ حينا ـ ؛ فكالمهم أشد خشونة ؛ والبادئ أظلم ‪.‬‬
‫( المسألة السادسة) ‪ :‬أكاذيب و حقائق ‪:‬‬
‫(‪)1‬‬
‫قال محمد رضا مظفـ ٌر في مقدمته لكتاب ( جامع السعادة‬
‫الصوفـي ـ للنراقي ـ ) ‪ « :‬كان األخباريون يحملون الكتب األصولية‬
‫بمناديل حذرا من أن تتنجس أيديهم » !‪.‬‬
‫أقول ‪ :‬سبقه غيره من حزبه إلى هذه المقالة ـ الكاذبة ـ لكنني أعجب‬
‫لمحمد رضا ـ فهو يدعي األدب ؛ ويدعي أنه مفك ٌر ‪ ، ... ،‬و‪ ،...‬إلخ ـ أال‬
‫يعلم‬
‫ـــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬اسمه في المطبوع ‪ (( :‬جامع السعادات )) ؛ وبهذا وسمه ابنه في رسالة له في ترجمة‬
‫والده وفي مستند الشيعة ؛ والطهراني في الذريعة وغيرهما ‪.‬‬
‫‪10‬‬ ‫الوقاية من أغالط الكفاية ‪ :‬المقدمة‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫طاهر بال خالف ) ؟!‪ .‬أال يعلم أنه ليس كل محرم‬ ‫ٌ‬ ‫جاف على جاف‬‫ٌّ‬ ‫(‬
‫نجس ! ‪ .‬وكتب ( الضالل ) محرمةٌ باتفاق ( علماء المذهب ) ؛ لكنها‬ ‫ٌ‬
‫طاهرةٌ ـ باتفاقهم أيضا ـ ‪ .‬فلماذا يحمل األخبـاريون كتب هذا العـلم‬
‫بمناديل ـ وهي جافةٌ ـ عادة ـ ؟! ؛ أيجهلون قاعدة الجفاف ؟! ؛ أم‬
‫يتجاهلها مظفـ ٌر ـ لغـرض « التشهير» فقط ـ ؟!‪ .‬ثم كيف استطاعوا‬
‫رد األصول ؛ وهم يحملون كتبـه ( بمناديل ) ؟! ؛ أليس هذا من العسر‬
‫والحرج ـ « المنفيين » في الدين ـ ؟!‪ .‬ثم ما المراد بـ ( كتب الضالل )‬
‫ـ المحرمة باتفاق الكلمة ـ ؟‪ .‬المشهور في تعريفها أنها ‪ « :‬ما خالفت‬
‫مخالف للغة ـ باتفاق علماء اللغة وأهلها كافة ـ‬
‫ٌ‬ ‫المذهب » ‪ .‬واألصول‬
‫مخالف للمذهب ـ حسب سيرة أئمة المذهب وأتباعه كافة قبل عصر‬ ‫ٌ‬ ‫‪،‬و‬
‫غوي ‪ ،‬وسفسطةٌ‬ ‫« الوزير المغولي » ـ ؛ فهو تضلي ٌل دين ٌّي ‪ ،‬وإفسا ٌد ل ٌّ‬
‫باسم العلم !؛ أال تكون كتبه «كتب ضالل »؟! ـ كما ستعرف إن شاء‬
‫للا تعالى ـ ‪.‬‬

‫‪8‬‬
‫قال أمير المؤمنين (ع) ‪ (( :‬أنظر إلى ما قال ‪ ،‬و ال تنظر إلى من‬
‫قال )) (‪. )1‬‬
‫المسألةُ السابعةُ ‪َ :‬من َ‬
‫هو ال ُمهت َم بالمذه ِ‬
‫ب؟‬
‫وغيرك بالدنيا يغـتر‬ ‫أنت المهتم بحفظ الدين‬
‫تتبع كتب ( األخباريين ) تجدها مشحونة بفضائل آل محمد ـ صلى‬
‫للا عليه وآله ـ ومعاجزهم ؛ وهكذا كتب فقههم ؛ فهي متون أخبار ـ‬
‫صرفة ـ أو مضمون أخبار ؛ ال تحيد عن آل محمد ـ صلى للا عليه‬
‫وآله ـ ‪ ،‬لكن العكس تجده في كتب أتباع مدرسة األصول ـ االجتهادية‬
‫ـ ؛ فهي للتفنيد والرد والهدم فقط ؛ بحجة ( التحقيق العلمي ) ! ؛ وإن‬
‫أدى ( تحقيقهم) إلى سب كبار ـــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬السرائر ‪ :‬ج‪ : 1‬ص‪ ، 139‬غرر الحكم ‪ :‬ج‪ : 1‬ص‪. 394‬‬
‫‪11‬‬ ‫الوقاية من أغالط الكفاية ‪ :‬المقدمة‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫علماء المذهب ؛ وتفسيق كبار محدثي اإلمامية ‪ .‬فالكافي ـ لمن لقبه‬
‫اإلماميـة " ثقة اإلسالم " ـ ( ‪ 8‬مجلدات )آل أمره ـ عندهم ـ إلى ‪3‬‬
‫مجلدات أو أقل ‪ ،‬وكتب الصدوق مسكوتٌ عنها ؛ وهكذا ؛ حتى تجاسر‬
‫من تجاسر منهم فنسب حاملي آثار آل محمد ـ صلى للا عليه وآله ـ‬
‫ومقتفي منهجهم إلى ( جمود الذهن )! ؛ تقليدا للملعون الغزالي ـ خذله‬
‫للا في الدارين ـ ؛ فهو الذي وصف اإلمامية بـ ( أهل التعليم ) ‪ .‬أجل‬
‫؛ ما من مفخرة لألصوليين إال وهو تلميذٌ لألخباريين ـ غالبا ـ وال‬
‫عكس ‪ .‬ثم إن األخباري ال حاجة به إلى كتب األصوليين ‪ ،‬وال عكس‬
‫إال باإلقـرار بالردة ـ علنا ـ عن مذهب آل محمـد ـ صلى للا عليه وآله‬
‫ـ‪.‬‬
‫المسألةُ الثامنةُ ‪ :‬العدوى الفكريةُ أشد خطرا ً من العدوى الجسمي ِة ‪.‬‬
‫ولعل ـ هذا ـ هو سبب تحريم ( كتب الضالل ‪ ،‬ونجاسة الكافر ‪،‬‬
‫وتحريم الجدل ـ وعده من مميتـات القلب ـ ‪ ،‬كذلك التشكيـك ـ تحت‬
‫عنوان التحقيق ـ ) ‪ .‬فربما ثبتت الشبهة وتعذر فهم جوابها المزيل‬
‫لها‪ .‬وبهذا زلت قدم كثير من العلماء ؛ فكيف بالجاهل قليل الخـبرة ؟‬
‫‪ .‬وقد صح الحديث النبوي القائل ‪ ( :‬دعوا الناس على غفالتهم )(‪. )1‬‬
‫فتنبيه الناس ـ للشبهات ـ‬
‫ـــــــــــــــــــ‬

‫‪9‬‬
‫(‪ )1‬قلت ‪ :‬لم نقف عليه في كتب الحديث الشيعية المتقدمة وال في المجاميع المتأخرة ؛ نعم‬
‫رواه ابن أبي جمهور في غوالي الآللئ مرسال عن النبي ـ صلى للا عليه وآله ـ ‪ (( :‬ذروا‬
‫الناس في غفالتهم يعيش بعضهم مع بعض )) ؛ وغالب الظن أنه من مرويات العامة ؛ فهذا‬
‫الكتاب مزي ٌج من روايات الفريقين ‪ .‬نعم روي في مسند زيد بن علي الذي جمعه عبد العزيز بن‬
‫إسحاق بن الهيثم البغدادي الزيدي بإسناد ـ رواته جلهم زيدية ـ إلى زيد بن علي عن أبيه عن‬
‫جده عن علي ـ عليهم السالم ـ عن رسول للا ـ صلى للا عليه وآله ـ وأيضا رواه الشيخ‬
‫الطوسي في األمالي بإسناد ينتهي إلى سفيان بن عيينة عن أبي الزبير عن جابر عن رسول‬
‫حاضر لباد ؛ دعوا الناس يرزق بعضهم بعضا )) ‪،‬‬‫ٌ‬ ‫للا ـ صلى للا عليه وآله ـ ‪ (( :‬ال يبيع‬
‫عامي ؛ وقد تكاثرت الروايات به من طرق العامة كما في صحيحي‬ ‫ٌّ‬ ‫وال يخفى أن سند الطوسي‬
‫مسلم وابن حبان وسنن الترمذي وابن ماجة والنسائي ومسند أحمد وغيرهم بأسانيد تنتهي‬
‫إلى أبي الزبير عن جـابر =‬
‫‪12‬‬ ‫الوقاية من أغالط الكفاية ‪ :‬المقدمة‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫دون الحاجة إلى إثارتها ؛ هد ٌم للحق ؛ ونصرةٌ للباطل ‪.‬‬
‫فالصواب ‪ :‬هو ترسيخ قواعد الحق حسب الوارد عن آل محمد ـ‬
‫صلى للا عليه وآله ـ ‪ .‬ثم من بعد التأكد من ثبوته في النفوس المطمئنة‬
‫؛ ال بأس من‬
‫تهيئة فئة لتعلم الجدل ـ حسب سيرة المعصومين ال الفالسفة ـ ؛ للرد‬
‫على كل ملحد ‪.‬‬
‫أيأنف ( آية للا ) عن نهج األئمة ؛ ويرتضي نهج الفالسفة ( من كل‬
‫ملحد ‪ ،‬ومشكك ‪ ،‬وزنديق ) ؟! ‪.‬‬
‫المسألةُ التاسعةُ ‪ :‬لماذا ال يتب ُع الن ُ‬
‫اس الحق ؛ بل يحبونَ الباط َل ؟‬
‫خفي ؛ ولكن الذي نعرفه ـ في الظاهر ـ ‪:‬‬‫ٌّ‬ ‫إنه س ٌّر‬
‫حزب « في عالم الذر» ؛ فإذا دعي من سجل‬ ‫ٌ‬ ‫( أ ) للحق جن ٌد ‪ ،‬وللباطل‬
‫اسمه من أهل الحق التباع الحق ؛ أسرع إلى قبوله ‪ ،‬ومن سجل اسمه‬
‫من حزب الباطل ثم دعي إلى قبول الحق سدت أذناه ؛ حتى ولو كان‬
‫الداعي ـ للحق ـ نبيا مرسال ؛ لماذا ؟! ‪ ،‬العلم عند للا تعالى فقط ‪ .‬لذا‬
‫ترى من كفر بالل ـ تعالى ـ وبرسله وبكتبه أضعاف المؤمنين ؛ أجب ٌر‬
‫ج‬‫ف خبيثةٌ وطيبةٌ ‪ .‬وهذا خار ٌ‬‫ويض ؟! ؛ ال هذا وال ذاك ؛ بل نط ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫أم تف‬
‫عن بحث ( الجبر والتفويض ) ‪.‬‬
‫ِإذن ‪ :‬لما كانت االستجابة لنداء الحق سرا خفيا وعدمها كذلك ؛‬
‫وجبت الدعوة إلى الحق ؛ إللقاء الحجة على مدعي عدم العلم ؛ وإللقاء‬
‫مستجيب أم تعامى‬
‫ٌ‬ ‫العهدة عمن طلب منه الدعوة إلى الحق استجاب‬
‫منك ٌر ‪.‬‬

‫‪10‬‬
‫ـــــــــــــــــــ‬
‫ٌ‬
‫= وذكروا النص كما ذكره الطوسي ‪ ،‬وقد ذكر له زيادة هي (( دعوا الناس في غفالتهم يرزق‬
‫بعضهم من بعض )) ونسبها ابن شهبة إلى مسلم كما في مغنى المحتاج للشربيني وحواشي‬
‫الشرواني واعترضه ابن حجر المكي في التحفة وغيره بأن ( في غفالتهم ) ليست في مسلم ؛‬
‫بل زيادةٌ من أحد شراحه ‪ .‬فما وقع من المصنف ـ غفر للا له ـ من أنه صح عن النبي ـ صلى‬
‫للا عليه وآله ـ غفلة ؛ وال أخاله يريد صح عند العامة ‪.‬‬
‫‪13‬‬ ‫الوقاية من أغالط الكفاية ‪ :‬المقدمة‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ين ؟‬
‫الد ِ‬
‫ت ِ‬‫المسألةُ العاشرةُ ‪ :‬ح ْك ُم من ِك ِر ضرورية من ضروريا ِ‬
‫( أ ) ما هي الضرورية ؟ المشهـور في تعريفها‪ ( :‬ما اتفق أتباع‬
‫المذهب على وجوبها أو تحريمها ) ‪ ،‬أو ( ما صرح الكتاب والسـنة‬
‫بهما ) ‪.‬‬
‫( ب ) حكم منكر الضرورية عن عمد وإصرار ؛ هو الكفر والحكم‬
‫بردته ؛ فتبين منه زوجته بدون طالق ‪ ،‬وتقسم أمواله على ورثته ـ‬
‫حي ـ ‪ ،‬ويحرم من إرث مورثه المسلم ‪ ...‬إلخ ‪.‬‬ ‫وهو ٌّ‬
‫( ج ) معاجز النبي ـ صلى للا عليه وآله ـ واألئمة ـ عليهم السالم ـ‬
‫كافة ؛ ـ خصوصا التي ذكرها القرآن الكريم للنبي ( صلى للا عليه وآله‬
‫) ـ كإسرائه بجسمه الشريف ‪ ،‬وصالته في البيت المعمور ـ إماما لألنبياء‬
‫والمالئكة ـ بعد أن أذن جبرائيل للصالة ‪ ،‬وانشقاق القمر ـ بأمره إياه‬
‫ـ ‪ ،‬وحضور جماعة من الجن عنده وإيمانهم به ـ صلى للا عليه وآله‬
‫ـ ‪ ،‬وحضـور أمير المؤمنين ـ من المدينة إلى المدائن ـ كلمح البصر ‪،‬‬
‫وأمثالها ؛ لكل معصوم من ( ‪ 14‬معصوما ) ؛ فمن شك أو أنكر ـ هذا‬
‫وأمثاله لهم ـ ؛ فهو منك ٌر للضروريات ؛ يحكم بكفره ‪.‬‬
‫فاقرأ ( تفسير الميزان ) ؛ وأمثاله ؛ تجد رد كل ضرورية ؛ فافهم‬
‫!‪.‬‬
‫(‪)1‬‬
‫قال الفيض الكاشاني ـ في آخـر كتابه « األصول األصيلة » ـ‬
‫قال الخاجا نصير ‪ ( :‬السؤال عن كيفية اإلسراء ( بدعةٌ ) ؛ فكيفيته‬
‫مجهولةٌ ) (‪ . )2‬ـــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬ذكره الفيض في األصول األصيلة ‪ :‬ص‪ ( 182‬سازمان چاپ دانشگاه ‪ ،‬إيران ‪1390 ،‬‬
‫) والرسالة مطبوعةٌ مع نقد المحصل ( دار األضواء ‪ ،‬بيروت ‪ ،‬ط‪1405 ،2‬هـ )؛ وهي في‬
‫صفحتي ‪ 471‬و‪ )2( . 472‬نقله المصنف معنى ؛ ونصه ‪ (( :‬قال العالمة المحقق حجة الفرقة‬
‫الناجية نصير الملة والدين محمد بن محمد بن الحسن الطوسي ـ طاب ثراه ـ في رسالة كتبها‬
‫لبعض إخوانه ‪ " :‬اعلم ـ أيدك للا ـ أيها األخ الصالح ( " العزيز " في األصل ) أن أقل ما يحب‬
‫اعتقـاده على المكلف ‪ )) ...‬وساق كـالمه إلى أن قال ‪ (( :‬واإلسراء ( وفي المطبوع "‬
‫ب ‪ ،‬والسؤال عنه مع االستغناء عنه =‬ ‫ق ‪ ،‬واإليمان به واج ٌ‬ ‫واالستواء " ) ح ٌّ‬

‫‪11‬‬
‫‪14‬‬ ‫الوقاية من أغالط الكفاية ‪ :‬المقدمة‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫إذن ‪ ،‬ما هو ( البراق ) الوارد ذكره في خطبة زين العابدين‬
‫وتواتره ؟! ‪ ،‬وما هي « قبة الصخرة ـ في القدس ـ »؟! ‪ .‬أليس هذا ـ‬
‫إنكارا للضروريات عند المسلمين كافة ـ »؟!!‬
‫وسار تالميذ مدرسته الفكرية على هذا ؛ كما قال « لينين » ‪( :‬‬
‫اكذب اكذب حتى يصدقك الناس ) ؛ فأين هو ـ اآلن ـ ؟!‬
‫و أخيرا ؛ ستجد ردا كافيا ؛ إن لم تخدعك « األلقاب » ‪ .‬والحمد لل‬
‫تعالى ‪.‬‬
‫رؤوف بن محمد بن عبد للا جمال الدين الحسيني العلوي المحدث ‪.‬‬
‫‪ 16‬شعبان المعظم ‪ 1414‬هـ‬

‫بسم للا الرحمن الرحيم‬


‫هديةٌ ـ من مؤلفه ـ إلى األخ في للا غالم رضا فرزند غالم حسين‬
‫پور فرج مازندراني ـ بابلي ـ راجيا منه الدعاء ‪.‬‬
‫‪ 1408 / 12 / 24‬هـ‬
‫ـــــــــــــــــــ‬
‫= بدعةٌ ! ‪ ،‬والكيفية فيه مجهولة ! )) ؛ وعلى ما في المطبوع من أنه ( االستواء ) ؛ ولعله‬
‫ٌ‬
‫األظهر ؛ فال يتم ما أورده المصنف عليه ؛ الختالف القضية ‪ ،‬نعم يرد عليه أن هذا الكالم‬
‫اقتبسه من مالك بن أنس أحد زعماء المذاهب األربعة المبتدعة ؛ فكيف لمثل هذا المحقق أن‬
‫يترك الروايات المتكاثرة في تفسيرها مع اعتقاده بأنهم عدل الكتاب وترجمانه واعتقاده‬
‫بعصمتهم ؛ ويقلدِ رجال منحرفا عن خطهم ـ بل صاحب مذهب مبتدع في مقابلتهم ـ واألخذ‬
‫بمقالته ؟! ؛ فقد نقل السمرقندي في تفسيره ‪:‬ج‪ 1‬ص‪ 537‬عن مالك قوله ـ عندما سأله رج ٌل‬
‫عن قوله تعالى ‪ ( :‬الرحمـن على العـرش استوى ) ـ ‪ (( :‬االستواء غير مجهول والكيفية‬
‫واجب ؛ والسؤال عنه بدعةٌ ؛ وال أراك إال ضاال! )) ؛ وفي تفسير‬‫ٌ‬ ‫غير معقولة ‪ ،‬واإليمان به‬
‫السمعاني ‪:‬ج‪ : 3‬ص‪ (( : 320‬والكيف غير معقول ‪ ،‬واالستواء مجهول ‪ )) ...‬إلخ ‪ ،‬وفي‬
‫حاشية السندي على النسائي عنه ‪ (( :‬االستواء معلو ٌم ‪ ،‬والكيف غير معلوم ‪ )) ...‬إلخ ‪ .‬وفي‬
‫طبقات الشعراني كما نقل في المدونة الكبرى ‪ :‬ج‪ : 6‬ص‪ 465‬عنه ‪ (( :‬الكيف منه غير‬
‫واجب ؛ والسؤال عنه بدعةٌ ؛ وأظنك صاحب‬ ‫ٌ‬ ‫معقول ‪ ،‬واالستواء غير مجهول واإليمان به‬
‫بدعة ؛ ثم أمر به فأخرج ! )) ‪.‬‬

‫‪12‬‬
‫الوقـايـَةُ‬
‫ِم ْن أَغـْ ِ‬
‫الط الكـَفا َي ِة‬
‫رد‪ -‬ما في كفاي ِة األصو ِل‪-‬‬
‫َ‬
‫ومباحث عملية‬ ‫ث ألفاظ‬
‫من مباح ِ‬
‫وبحث في تاريخِ « األصو ِل»‬
‫تعارض مسائ ِل ِه م َع‬
‫ِ‬ ‫وبيا ُن‬
‫ين »‬‫والد ِ‬
‫« اللغ ِة ِ‬

‫ث األ َ ِ‬
‫لفاظ »‬ ‫باح ِ‬
‫س ُم األول ‪ :‬في َم ِ‬
‫«ال ِق ْ‬
‫ومعهُ‬
‫ث األصو ِل العملي ِة »‬
‫« القسم الثاني ـ في َمباح ِ‬

‫‪17‬‬ ‫األلفاظ‬
‫ِ‬ ‫ُ‬
‫مباحث‬ ‫أغالط الكفاي ِة ‪ :‬القس ُم األو ُل ‪:‬‬
‫ِ‬ ‫الوقايةُ من‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫مقدمة‬
‫تفضيـله للعـقـال‬ ‫الحـمـد لل عـلى‬
‫للمـصطـفى وآلـه‬ ‫ثـم سـالم الوالـه‬
‫خـالـصةٌ زكـيـة‬ ‫وتـلكـم هـديـة‬
‫كي يطلب الهدايـه‬ ‫سميتـها ‪ ( :‬الوقاية )‬
‫ال يرجـون غـيره‬ ‫عبـ ٌد يخـاف ربـه‬
‫كي يعـلم المصـير‬ ‫يكتبـها ( الحقـير )‬
‫والطاهرين الشـرفا‬ ‫ممـتثال للمصطـفى‬
‫( من ضل عنا في سقر)‬ ‫إذ صح عنهم ( األثر )‬
‫إن استقمت في الفكر‬ ‫فاقرأ ( خليطا ) بحذر‬
‫( بوضعها ) ألنتـقم‬ ‫واعـلم بأني لم أقم‬
‫لم ينتـهـوا لحـد‬ ‫( فإنهـم ) في الـرد‬

‫‪13‬‬
‫ما حسبـوه يوصل‬ ‫بل إنهم قـد حلـلوا‬
‫والبغـية المحـبوبه‬ ‫( للغـاية ) المطـلوبة‬
‫في الرد بل توسعوا‬ ‫وإنهم قـد شـرعوا‬
‫يغفر له ( في رأيهم )‬ ‫فمن يسر ( في دربهم )‬
‫لفئِـة بل مشـترك‬ ‫وما الحالل ( يمتلك )‬
‫وسـامع ( أفكاري )‬ ‫فليعـذرني القـاري‬
‫في ردنـا ونسـبوا‬ ‫فأنظر إلى ( ما كتبوا )‬
‫وجانبـوا الصوابـا‬ ‫فقد نسـوا ( آآلدابا )‬
‫يظهر خبث ما افتري‬ ‫و ل م ن ج د م ن م ن كـر‬
‫ودع سبيل البخـل‬ ‫فاسـمح لنا بالقـول‬
‫‪18‬‬ ‫أغالط الكفاي ِة ‪ :‬ال ُمقدمةُ‬
‫ِ‬ ‫الوقايةُ من‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ال بسالح أو بمال فاعدلوا‬ ‫فالحـق بالدليل يقبـل‬
‫وغـافـال كســوال‬ ‫وخـادعـوا الجهـوال‬
‫وللا هـاد وبه التسديد‬ ‫ولنشرع اآلن بما نريد‬

‫****************‬

‫‪14‬‬
‫‪19‬‬ ‫األلفاظ‬
‫ِ‬ ‫ُ‬
‫مباحث‬ ‫أغالط الكفاي ِة ‪ :‬القسم األو ُل ‪:‬‬
‫ِ‬ ‫الوقايةُ من‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪)1‬‬
‫قولُهُ ‪ (( :‬األمر األول ‪ :‬إن موضوع كل علم ؛ وهو الذي يبحث‬
‫فيه عن عوارضه الذاتية ـ أي بال واسطة في العروض ـ ؛ هو نفس‬
‫موضوعات مسائله عينا ‪ ،‬وما يتحد معها خارجا ـ وإن كان يغايرها‬
‫مفهوما ؛ تغاير الكلي ومصاديقه ؛ والطبيعي وأفراده ـ ‪.‬‬
‫والمسائل ‪ :‬عبارةٌ عن جملة من قضايا مشتـتة ؛ جمعها اشتراكها‬
‫ـ في الداخل ـ في الغرض الذي ألجله دون هذا العلم ـ )) ‪.‬‬
‫ع )) ‪ (:‬بمعنى هدف العلم وغايته ) مصطل ٌح «‬ ‫أقو ُل ‪ (( :‬موضو ٌ‬
‫أجنبي يونان ٌّي » ‪.‬‬
‫ٌّ‬
‫(( كل علم )) ‪ :‬بعد سبر أبواب « األصول » كافة ؛ يظهر أنه‬
‫مستعار من « ثمانية علوم » بعضها يضاد بعض في هدفه ؛ فـ «‬ ‫ٌ‬
‫ٌ (*)‬ ‫ٌ‬
‫‪.‬‬ ‫الوحدة » مفقودة ‪ ،‬والترابط معدو ٌم ! ‪ ،‬ومسائله غير مشتركة‬
‫ط في ( النسبة ) ؛ حيث يجب حذف « ياء فعيلة »‬ ‫و (( الطبيعي )) غل ٌ‬
‫؛ فيقال ‪ :‬في ( حنيفة ) ‪ ( :‬حنف ٌّي )‪ .‬و( بجيلة ) ‪ ( :‬بجل ٌّي ) ‪ ،‬و (‬
‫طبعي » ‪.‬‬
‫ٌّ‬ ‫طبيعة ) «‬
‫ووي )‬
‫ط آخر ؛ فـ ( ذاتٌ ) ينسب إليها ( ذ ٌّ‬ ‫قوله ‪ (( :‬ذاتية )) غل ٌ‬
‫باالتفاق! ‪.‬‬
‫(‪)3‬‬
‫قولُهُ ‪ (( :‬األمر الثاني ‪ :‬الوضع ‪ :‬هو [ نحو ](‪ )2‬اختصاص اللفظ‬
‫بالمعنى ‪ .‬وارتباط خاص بينهما [ ناش ](‪ )4‬من تخصيصه به تارة ؛‬
‫ومن كثرة استعماله فيه ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(*) (( مِمِنِوافقـناِـِمنهمِـِأبوِالحسنِِاألصفهانِيِـِكماِأخبرناِبهِثقــةِ )) [ منه ـ قدس سره ـ‬
‫]‪.‬‬
‫ـــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬كفاية األصول ‪ :‬ص‪ ( 7‬مؤسسة أهل البيت ـ عليهم السالم ـ ‪ ،‬قم المقدسة ‪ ،‬ط‪، 1‬‬
‫‪1409‬هـ ) ‪.‬‬
‫وفيه قال ‪ (( :‬أما المقدمة ؛ ففي بيان أمور منها ‪ :‬األول ‪. )) ...‬‬
‫(‪ )4( ، )2‬ما بين [ ] كذا في الكفاية المطبوع ‪ :‬ص‪. 9‬‬
‫(‪ )3‬في الكفاية ‪ (( :‬للفظ ))‬
‫‪20‬‬ ‫األلفاظ‬
‫ِ‬ ‫ُ‬
‫مباحث‬ ‫أغالط الكفاي ِة ‪ :‬القسم األو ُل ‪:‬‬
‫ِ‬ ‫الوقايةُ من‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫‪15‬‬
‫أخـرى ‪ .‬وبهذا المعـنى صح تقسيمه إلى ‪ ( :‬التعييني ) ‪ ،‬و ( التعيني‬
‫) ؛ كما ال يخفى )) ‪.‬‬
‫أقو ُل ‪ :‬لم يتعرض ـ المصنف ـ لذكر « الواضع » من هو ؟ ؛ وال‬
‫لكيفية الوضع ؟ ؛ والمقام يقتضي بيان ذلك ـ ولو تلميحا ـ !‪.‬‬
‫فالواضع ـ عند الموحدين ـ ‪ :‬هو ( للا تعالى ) ‪ ،‬وعند الملحدين ‪(( :‬‬
‫الحاجة أم االختراع )) !‪ .‬فهي ( أي اللغة ) ـ أية لغة كانت ـ « توقيفيةٌ‬
‫» عند المؤمن ؛ « بشريةٌ » عند الملحد! ‪.‬‬
‫ومن الغريب « هذا التقسيم » ؛ الذي ال دليل عليه من لغة العرب‬
‫؛ فهذه كتب اللغة ـ بين أيدينا ـ لم نعثر فيها على غير « الحقيقة‬
‫والمجاز » فقط ! ‪ .‬و« الحقيقة » واحدةٌ ـ ال تتجزأ ـ !‪ .‬و« المجاز »‬
‫واح ٌد ـ في أصله ـ كذلك !‪.‬‬
‫قولُهُ ‪ (( :‬ثم إن الملحوظ حال الوضع ؛ إما يكون معنى عاما ؛ فيوضع‬
‫اللفظ له تارة ؛ وألفراده ومصاديقه أخرى )) إلى قو ِل ِه ‪ (( :‬فيكون األقسام‬
‫ثالثة )) (‪. )1‬‬
‫أقو ُل ‪ :‬يتضح من كالمه ـ هذا ومما تقدم ـ أن واضع اللغة ـ أية لغة‬
‫كانت ـ إنسا ٌن ؛ فوضعه (‪ )2‬بصفات النقص ـ كالتصور وشبهه ـ !‪.‬‬
‫لكن سورة ( الروم ) و ( الرحمن ) ـ وغيرهما ـ ؛ دلي ٌل واض ٌح‬
‫على وضع لغة البشر من قبله ـ جلت قـدرته ـ أو إلهامه ـ لم يشـاركه‬
‫شريكٌ ـ ‪ [ ( :‬و ] ٱختالف ألسنتكم [ وألوانكم إن في ‪ . ))3(]...‬فكيف‬
‫اتبع المصنف « من جعل القرآن وراء ظهره » ؛ فصور ( الواضع) بما‬
‫صوره به المجسمون المشبهون ؟! ـــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬كفاية األصول ‪ :‬ص‪. 9‬‬
‫(‪ )2‬ولعلها ‪ (( :‬فوصفه )) ‪.‬‬
‫(‪ )3‬ما بين [ ] صوبناه كما جاء في المصحف ؛ وهي اآلية ‪ 22‬من سورة الروم ؛ كتبت‬
‫في األصل مضطربة هكذا ‪ ( :‬إن في اختالف ألسنتكم ) ‪.‬‬
‫‪21‬‬ ‫األلفاظ‬
‫ِ‬ ‫ُ‬
‫مباحث‬ ‫أغالط الكفاي ِة ‪ :‬القسم األو ُل ‪:‬‬
‫ِ‬ ‫الوقايةُ من‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫وعده ـ أقسـام الوضع ـ ثـالثة ؛ ال دليل عليه من مصـادر اللغة !‬
‫؛ « وال حجة بقول غير أهل اللغة » في أمر لغوي محض ! ‪.‬‬
‫إذ « العام » على عمومه ال يتجزأ‪ .‬فإذا أريد به ( الماهية ) أو (‬
‫األفراد ) ‪ ،‬أو ( الجنس ) ال يختلف بصفة العموم وحقيقته ‪ .‬أما «‬
‫فأمر ثابتٌ ـ لغة ـ‬
‫ٌ‬ ‫الموضوع والموضوع له » على وجه الخصوص ؛‬

‫‪16‬‬
‫‪ ،‬لكن ال كما يدعيه « المصنف » ؛ فإن المفهوم من كالمه « تعدد‬
‫الواضع » ! ؛ وهذا يصح على رأي « المجسمة والملحدين » ! ‪.‬‬
‫فإن قيل ‪ :‬ما معنى ( المرتجل ) ـ في األعالم ـ الذي اتفق النحاة‬
‫على إثباته ؟!‬
‫قيل ‪ :‬هو ما لم يالحظ « أصل اشتقاقه » حين االستعمال ؛ إذ ال‬
‫يوجد لفظةٌ ذات معنى ال أصل لها ؛ فهي موضوعةٌ ؛ وإال كانت مهملة‬
‫ٌ‬
‫اثنان » ـ ال ثالثة ـ ! ‪ .‬إذ اختالف صفات المسمى ال تدل‬ ‫؛ « فاألقسام‬
‫على اختالف حقيقته ـ خصوصا في مسألة ( كالعموم أو الخصوص‬
‫)‪.‬‬
‫تنبيه ‪ :‬ال شك في ثبوت ( الوضع الخاص ) ـ كاألعالم وغيرها ـ ‪.‬‬
‫أما ( الموضوع له الخاص ) ؛ فليس معروفا في اللغة ‪ .‬نعم ‪:‬‬
‫خاص ـ ‪ .‬ولو كان ( الموضوع له ) ـ‬ ‫ٌّ‬ ‫المستعمل فيه حين االستعمال ـ‬
‫خاصـا ـ ؛ لكان زيد ابن علي ـ مثال ـ ( حقيقة ) ‪ ،‬وما عداه ( مجازا )‬
‫! ؛ و ليس األمر كذلك ! ‪ .‬وبهذا يظهر عدم ثبوت ( الموضوع له )‬
‫الخاص ! ؛ بل المستعمل فيه ليس غير ‪ .‬إذ ال علم ـ لنا ـ بـ « الموضوع‬
‫له ـ الخـاص ـ األول » منذ بداية العربية ! ؛ فكل ما وقع في كالمنا أو‬
‫كالم غيرنا [ من ] (‪ )1‬كلمة « موضوع له خاص » ؛ إنما المقصود‬
‫هذا ليس غير ‪.‬‬
‫ـــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬ما بين [ ] أثبتناه استظهارا ‪.‬‬
‫‪22‬‬ ‫األلفاظ‬
‫ِ‬ ‫ُ‬
‫مباحث‬ ‫أغالط الكفاي ِة ‪ :‬القسم األو ُل ‪:‬‬
‫ِ‬ ‫الوقايةُ من‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫( فصل قصير )‬
‫الواضع ـ للغات البشر كافة ـ هو للا تعالى فقط ؛ بتوسط « ‪124‬‬
‫ألف نبي » ـ ابتداء بآدم وانتهاء بالخاتِم " صلى للا عليه وآله "‬
‫ـ ( وعـددهم ـ عليهم السالم ـ أكثر من هذا يقينا ) ‪.‬‬
‫الواضـع « أللفـاظ العبادات والمعـامالت كافـة » هو للا تعالى ؛ ألنه‬
‫هو ( المشرع ) الذي فرضها وأبان أحكامها ؛ لكل نبي حسبما تقتضيه‬
‫حكمته تعالى ‪.‬‬
‫فقول « األصوليين » ‪ ( :‬المعنى اللغوي « للصالة » ‪ :‬هو الدعاء )‬
‫محض !‪ .‬وإنما معناها الشرعي القديم ـ أي قبل اإلسالم ـ وهو‬ ‫ٌ‬ ‫غل ٌ‬
‫ط‬
‫حقيقة الصالة المفروضة على بعض األنبياء ـ آنذاك ـ ؛ كما حكى للا‬

‫‪17‬‬
‫تعالى عن نبيه زكريا ‪ ( :‬وهو قائ ٌم يصلي في المحراب )(‪ : )1‬أي‬
‫يدعو(‪ . )2‬إذ معظم العرب « وثن ٌّي » بعي ٌد عن الصالة والدعاء ؛ وكل‬
‫معروف في أديان األنبياء قبل اإلسالم ‪.‬‬ ‫ٌ‬ ‫ما هو‬
‫نعم ؛ استعملوا ـ هذا اللفظ ـ لما يشبهه ؛ والوضع عا ٌّم ‪،‬‬
‫والموضوع له ـ أيضا ـ مطلقا ‪ .‬بدليل جعلهم التنكير ـ أصال ـ ‪ .‬نعم ؛‬
‫يتخصص في االستعمال نحو‪ « :‬زيد وعمرو » بدليل قبول األعالم «‬
‫الشخصية والنوعية » للتنكير ؛ فلو كان تعـريفها ـ بسبب الوضع ـ ؛‬
‫لما جـاز « تنكيرها» ‪ .‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬سورة آل عمران ‪ :‬اآلية ‪ . 39‬وتخصيص صالة زكريا بالدعاء فقط يفتقر إلى مستند ممن‬
‫هم ترجمان القرآن ؛ كيف وقد روى العياشي في تفسيره عن حسين بن أحمد عن أبيه عن أبي‬
‫عبد للا ـ عليه السالم ـ قال ‪ (( :‬سمعته يقول ‪ :‬إن طاعة للا خدمته في األرض ؛ فليس شي ٌء‬
‫من خدمته تعدل الصالة ؛ فمن ثم نادت المالئكة زكريا هو قائ ٌم يصلي في المحراب )) ؛ ومثله‬
‫رواه الصدوق في فقيهه ‪.‬‬
‫(‪ )2‬ال إشكال في أن الدعاء يراد به المعنى الشرعي للصالة ـ في الشرائع السابقة ؛ بل في‬
‫اإلسالم أيضا كما في صالة الجنازة ـ ؛ أما حصر الصالة الشرعية في الشرائع السابقة ؛ بالدعاء‬
‫فقط ـ كما نراه اليوم في كنائس اليهود والنصارى في طقوسهم الدينية ـ ترده اآلية (‪ ) 43‬من‬
‫سورة مريم قال تعالى ‪ ( :‬يا مريم اقنتي لربك واسجد واركعي مع الراكعين ) ‪ ،‬وكذلك اآلية‬
‫(‪ )125‬من سورة البقرة قال تعالى ‪ ( :‬وعهدنا إلى إبراهيم وإسماعيل أن طهرا بيتي للطآئفين‬
‫والعاكفين والركع السجود ) ؛ وكذلك الرواية السابقة ‪ ،‬وللا أعلم ‪.‬‬
‫‪23‬‬ ‫األلفاظ‬
‫ِ‬ ‫ُ‬
‫مباحث‬ ‫أغالط الكفاي ِة ‪ :‬القسم األو ُل ‪:‬‬
‫ِ‬ ‫الوقايةُ من‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫اص » بالصـفة ال بالذات ‪ ( ،‬والضمائر أعرف‬ ‫فالموضوع له « خـ ٌّ‬
‫المعارف ) ـ مبهمةٌ ـ ‪ .‬وكذا ( أسماء اإلشارة والموصول ) ؛ فلو كانت‬
‫معرفة بسبب الوضع ؛ لما وصفت « باإلبهام » ! ‪ .‬وبدليل آخر هو‬
‫شخصي لكل مفرد‬ ‫ٌّ‬ ‫أنها ( حقيقـةٌ ) حيثما « استعملت » ؛ فـ ( زي ٌد ) عل ٌم‬
‫مذكر إنسان ـ مثال ـ ؛ وإال لكان ( مجازا ) ؛ إذ ال ندري ألي ( زيد )‬
‫وضع هذا االسم ! ‪ ،‬وحيث قد تأثرنا ـ سابقا ـ بدراستنا المغلوطة ؛‬
‫ذهبنا في ( المعجب ) وغيره إلى خالف هذا ـ غلطا سببه « المخالطة‬
‫» ـ ‪ ،‬وللا الهادي والعاصم ‪.‬‬
‫قولُهُ ‪ (( :‬والتحقيق ـ حسبما يؤدي إليه النظر الدقيق ـ أن حال‬
‫المستعمل فيه ‪ .‬والموضوع له فيها حالهما في األسماء )) إلى قو ِل ِه ‪:‬‬
‫(( فاالختالف بين االسم والحرف في الوضع يكون موجبا ؛ لعدم جواز‬
‫استعمال أحدهما في موضع اآلخر ؛ وإن اتفقا فيما له الوضع )) (‪. )1‬‬
‫أقول ‪ :‬هذه مشكلةٌ ـ أثارها من أثارها ـ ! ؛ « شنشنةٌ أعرفها من‬
‫أخزم »!‪ .‬إذ لو الحظ المثقف كتاب « سيبويه » ‪ ،‬ثم « المقتضب »‬

‫‪18‬‬
‫للمبرد ؛ وهما من أقدم مراجع علوم اللغة العربية وبعدهما ‪ « :‬شرح‬
‫المفصل » البن يعيش األندلسي ‪ ،‬ومؤلفات ابن هشام األنصاري‬
‫والزمخشري وغيرهم ؛ لما وجد هذا الخبط الغريب في مسألة الوضع‬
‫عامة ووضع الحـروف خاصة ‪ .‬فلو تعارض تقرير الطبيب « الباطني‬
‫» مع تقرير الطبيب « الجراح » في قضية « جراحية » ؛ قدم « العقالء‬
‫» ـ باإلجماع ـ قول الجراح !‪ .‬وهكذا علماء اللغة وعلماء األصول ـ‬
‫سيما من تأخر من األصوليين ـ ؛ فإن فقده ( الفصاحة الفطرية ) يحتم‬
‫عليه اكتسابها ؛ وهو « بالنقل » فقط ـ خصوصا في مثل عصرنا ـ ‪.‬‬
‫فلو سألنا أنصار المصنف ـ وهم أكثريةٌ ـ عن دليل لغوي لتأييد مقالة‬
‫الرجل ؛ لكان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬كفاية األصول ‪ :‬ص‪. 12 ، 11‬‬
‫‪24‬‬ ‫األلفاظ‬
‫ِ‬ ‫ُ‬
‫مباحث‬ ‫أغالط الكفاي ِة ‪ :‬القسم األو ُل ‪:‬‬
‫ِ‬ ‫الوقايةُ من‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫الصمت هو الجواب !‪.‬‬
‫وحل هذه المشكلة هكذا ‪ :‬إن « الحـروف » في لغة العرب‬
‫موضوعةٌ لمعان ثابتة محدودة ‪ .‬كما أن ألفاظها ذات هيئة ثابتة ؛ لذا‬
‫كانت أصل الجوامد وأصل المبنيات ! ‪ .‬فهي للربط بين اسمين ‪ ،‬أو اسم‬
‫وفعل ‪ ،‬أو جملتين ‪ ،‬أو لنقل معنى ‪ ،‬ونحوه !‪.‬‬
‫فوضعها « عا ٌّم » ‪ ،‬والموضوع له « عا ٌّم »! ؛ فاالبتداء في ( من‬
‫) ـ مثال ـ عا ٌّم ‪ ،‬وما يبتدأ به أو منه بها عا ٌّم ـ أيضا ـ ‪ .‬إذ إننا نجهل‬
‫االبتداء األول الذي استعمله بها الواضع ‪ ،‬وتعدد االستعمال إلى حد‬
‫يتعذر حصره إن (‪ )1‬قلتم بتعدد وضعه قلتم بالمحال ‪ ،‬أو نفيتم «‬
‫الموضوع له الخاص » كما تزعمون !‪ .‬ومهما حاولتم تصحيح مدعاكم‬
‫عارضتكم نصوص اللغة واتفاق اللغويين والوجدان !‪ .‬وإن نفي‬
‫المصنف حلول االسم محل الحرف بصورة مطلقة ؛ يدل على قلة‬
‫اطالعه بأساليب العرب في كالمهم ؛ مكتفيا بآراء المنطقيين‬
‫والفالسفة !‪.‬‬
‫أجل ؛ لقد أجمع حملة العلوم اللغوية على كثرة ( التضمين ) في‬
‫األسماء واألفعال ـ وقيل في بعض الحروف أيضا ـ ؛ وهو أن تتحمل‬
‫الكلمة معنى غير معناها األصلي ـ على جهة الحقيقة ـ ‪ .‬وبسببه بنيت‬
‫بعض األسماء لتضمنها معنى هو للحرف ( كمتى ‪ ،‬وهنا ‪ ،‬وكثير‬

‫‪19‬‬
‫غيرهما ) ؛ فكيف يصح نفي حلول اسم محل حرف مطلقا ـ كما ذكر ـ‬
‫؟!‪.‬‬
‫قولُهُ ‪ (( :‬الثالث ‪ :‬صحة استعمال اللفظ فيما يناسب ما وضع له‬
‫؛ هل هو بالوضع أو بالطبع ؟ وجهان ؛ بل قوالن ؛ أظهـرهما أنه‬
‫بالطبع )) إلى قو ِل ِه ‪ (( :‬كما تأتي اإلشارة إليه (‪. )) )2‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬ولعلها ‪ (( :‬وإن قلتم )) ‪.‬‬
‫(‪ )2‬في كفاية األصول ‪ :‬ص‪ (( : 13‬كما يأتي اإلشارة إلى تفصيله )) ‪.‬‬
‫‪25‬‬ ‫األلفاظ‬
‫ِ‬ ‫ُ‬
‫مباحث‬ ‫أغالط الكفاي ِة ‪ :‬القسم األو ُل ‪:‬‬
‫ِ‬ ‫الوقايةُ من‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫أقو ُل ‪ :‬إن أراد بـ « الطبع » حصول المناسبة والقرينة للمعنى‬
‫الموضوع له ـ األول ـ مع ثبوت « نظيره » في استعمال الفصحاء ؛‬
‫فهذا « هو المجاز » ؛ وإال فهو « المولد » ـ الدخيل ـ !‪ .‬أجل ؛ لو تتبع‬
‫« الباحث » سيرة « الصحابة والتابعين » ـ جميعا ـ ؛ لما وجد أنهم قد‬
‫اخترعوا «كلمة ما » ؛ فاصطلحوا عليها في أمور الدين أو الدنيا ! ‪.‬‬
‫وحبذا لو دلنا أنصار المصنف على كلمة واحدة ـ بالطبع كما ذكره‬
‫المصنف ـ موضوعة من قبل الصحابة أو التابعين ؛ فكيف يجوز «‬
‫تحكيم الطبع في أمور اللغة »؟! ؛ وکيف يستقيم بناء قواعد علم هذه‬
‫مقررات علمائه ؟ !‪.‬‬
‫قولُهُ ‪ (( :‬الرابع ‪ :‬ال شبهة في صحة إطالق اللفظ وإرادة نوعه‬
‫‪ ))...‬إلخ (‪ (( . )1‬والخامس ‪ :‬ال ريب في كون األلفاظ موضوعة بإزاء‬
‫معانيها من حيث هي ؛ ال من حيث هي مرادةٌ لالفظها ‪ )2( )) ...‬إلخ ‪.‬‬
‫أقو ُل ‪ :‬إن فيها سفسطةٌ نعرض عنها ـ خصوصا قوله ‪ (( :‬ال من‬
‫حيث هي مرادةٌ لالفظها )) ـ مع علمه وعلم غيره أن المعاني العامة‬
‫ال فائدة عملية منها إال بالقصد ‪ ،‬ومنه يحصل التعيين وتتم الفائدة من‬
‫وضع الكلمة ‪ .‬إذ « الضرب » بمعناه الحدثي المصدري ـ العام ـ مبه ٌم‬
‫ال فائدة لسامعه منه ؛ إال بالقصد والتعيين ‪.‬‬
‫قولُهُ ‪ (( :‬السادس ‪ :‬ال وجه لتوهم وضع المركبات غير وضع‬
‫(‪)3‬‬
‫المفردات ضرورة عدم الحاجة إليه بعد وضعها ـ بموادها ـ ‪)) ...‬‬
‫إلخ ‪.‬‬
‫أقو ُل ‪ :‬لعل المصنـف تجاهل « علم البيـان » ؛ فإن معظم مسائله‬
‫يتعلق بـ( التركيب ) ال بـ ( المفرد ) ـ وإن لوحظ أيضا ـ !‪ .‬كما نجد كتب‬

‫‪20‬‬
‫النحو وغيرها ؛ مملوءة بقولهم ‪ « :‬هذا مما ال نظير له في كالم العرب‬
‫» ؛ وهم ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )3( ، )2( ، )1‬كفاية األصول ‪ :‬ص‪. 18 ، 16 ، 14‬‬
‫‪26‬‬ ‫األلفاظ‬
‫ِ‬ ‫ُ‬
‫مباحث‬ ‫أغالط الكفاي ِة ‪ :‬القسم األو ُل ‪:‬‬
‫ِ‬ ‫الوقايةُ من‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫يعنون بيت شعر أو عبارة نثر !‪.‬‬
‫منفي في علوم اللغة كافة ‪ .‬نعم ؛‬
‫ٌّ‬ ‫فنفي وضع المركبات ـ بال قيد ـ‬
‫كل مركب « بتسلسل المركبات الالمتناهي » ! ؛ هذا غير موضوع ‪،‬‬
‫إنما الموضوع ـ مركباتٌ محدودةٌ ـ ؛ احتفظت بها كتب ( األدب ‪ ،‬واللغة‬
‫‪ ،‬والبالغة ‪ )...‬إلخ ‪.‬‬
‫وال يكون « التركيب » ـ أي تركيب ـ عربيا بليغا ؛ حتى يكون‬
‫موافقا لتلك المركبات ( المنقولة ) والقواعد الثابتة ( المقررة ) !‪.‬‬
‫فنفي وضع المركبات ـ حسب إطالق المصنف ـ ؛ مردو ٌد بعلم البيان‬
‫وغيره وإجماع أهل اللغة ؛ « وصاحب الدار أدرى بالذي فيها » ‪.‬‬
‫قولُهُ ‪ (( :‬السابع ‪ :‬ال يخفى أن تبادر ـ المعنى ـ من اللفظ [ وانسباقه‬
‫إلى الذهن ـ وبال قرينة ] (‪ )1‬عالمة كونه حقيقة فيه ‪ )) ...‬إلخ ‪.‬‬
‫أقو ُل ‪ « :‬التبادر » حجةٌ يستدل بها األصوليون ـ في أغلب مواضع‬
‫جدلهم ـ !‪ .‬فالبد لنا من بيان صحة « االحتجاج » به أو عدم الصحة‬
‫!‪.‬‬
‫إن المثقف الباحث يعلم علما يقينا أن اللغة « الفصحى » ضاعت‬
‫؛ بسبب اختالطها بغيرها منذ تأسيس « الدولة العباسية » بعد سقوط‬
‫« الدولة األموية » ـ خصوصا في المدن الكبرى ( كمكة المكرمة ‪،‬‬
‫والمدينة المنورة ‪ ،‬ودمشق ‪ ،‬وبغداد ‪ ،‬والكوفة ‪ ،‬والبصرة ) ـ‪.‬لكثرة‬
‫المسلمين ( غير العرب ) في تلك المدن ؛ لسبب سياسي أو اقتصادي‬
‫ـ وربما ديني أيضا ! ـ ‪ .‬كما كثر « تزوج العرب بغير العربيات » ؛‬
‫فأصبحت ـ منذ ذلك التأريخ ـ الفصحى بضاعة يتجر بها‬
‫« األصمعي » وأمثاله عند الخلفاء العباسيين !‪ .‬حيث يضرب تجار‬
‫اللغة وآدابها آباط الشجر ووعورة الصحـراء ؛ ليقفـوا على معـنى «‬
‫كلمة لغـوية » ـــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬ما بين [ ] أثبتناه عن كفاية األصول ‪ :‬ص‪. 18‬‬
‫‪27‬‬ ‫األلفاظ‬
‫ِ‬ ‫ُ‬
‫مباحث‬ ‫أغالط الكفاي ِة ‪ :‬القسم األو ُل ‪:‬‬
‫ِ‬ ‫الوقايةُ من‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫‪21‬‬
‫أو تفسير « بيت من الشعر» ! ؛ فيبيعون بضاعتهم في البـالط العباسي‬
‫أو في « المربد » وغيره من أسواق األدب ـ للدعاية ! ـ ‪ .‬وتلك حالة‬
‫الفصحى منذ أكثر من ألف عام ـ بالنسبة لزمن المصنف !‪ .‬فهل «‬
‫ظ محدودةٌ جدا ـ وبالنسبة له ـ تكاد تكون‬‫للتبادر» ـ من مجال ـ إال ألفا ٌ‬
‫« النسبة صفرا أو تحت الصفر »؟!‪ .‬فما هو المسوغ اللغوي لجعل‬
‫التبادر حجة ؟!‪ .‬إذ ـ المقصود به ـ ‪ :‬التبادر إلى أذهانهم هم أنفسهم ـ‬
‫حتما ـ ! ؛ ألنهم لم يدركوا أهل اللغـة ـ األصليين ـ ‪ .‬ولم يختلطوا بهم‬
‫ليعرفوا ما يتبادر إلى ذهنهم من تلك الكلمة أو ذلك التركيب ! ‪.‬‬
‫فاالحتجاج بالتبادر ـ حسب اإلطالق األصولي ـ مغالطةٌ ؛ يردها التأريخ‬
‫والوجدان ؛ ويرتضيها ال ٌمغفلون ـ عباد الشخصيات ـ !‪.‬‬
‫وأخيرا ؛ لو صح االستدالل بـ « التبادر» على اإلطالق ـ خصوصا‬
‫لمن تأخر عن زمن الفصحى ـ ؛ لصح الجمع بين « النقيضين » ؛ إذ‬
‫قد ملئت الكتب «األصولية » باالحتجاج به على« متناقضين » ؛ فتش‬
‫ي » ال « كسب ٌّى » ! ؛ فال يحتج به إال‬‫تجد !‪ .‬علما بأن التبادر « فطر ٌّ‬
‫أهل اللغة األصليون فقط ‪ .‬وعلماء األصول كلهم قد أخذوا اللغة بالتعلم‬
‫ال بالفطرة !‪ .‬ومن أخذه بالفطرة ؛ فبلغة المولدين ال الفصحى األصيلة‬
‫!‪ .‬فأين موقع التبادر ؟! ؛ بل حتى «الفطري ـ المنقول ـ » ال يمكن‬
‫االحتجاج به ـ غالبا ـ ؛ الختالف النقل أو اختالف « لهجة الفصحاء »‬
‫أنفسهم ! ( كرفع المستثنى أو نصبه ـ مثال ـ في « لهجة الحجازيين »‬
‫في قولهم‪ « :‬ما الطيب إال المسكِ » ؛ ونصبه في « لهجة التميميين »‬
‫؛ فافهم الخلط ـ عند األصوليين ـ !‪.‬‬
‫وأما التبادر « العرفي الخاص» عند األصوليين ؛ فال يستدل به‬
‫أيضا! ؛ ألن مسائل هذا « الخليط » متناقضةٌ بعضها يضرب بعضا!‪.‬‬
‫وخالف علمائه ـ فيها ـ أشهـر من أن يذكر ؛ فأين التبادر «العرفي»؟!‬
‫‪ .‬ولئن ثبت ـ عندهم ـ على‬
‫‪28‬‬ ‫األلفاظ‬
‫ِ‬ ‫ُ‬
‫مباحث‬ ‫أغالط الكفاي ِة ‪ :‬القسم األو ُل ‪:‬‬
‫ِ‬ ‫الوقايةُ من‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫سبيل الفرض ؛ فما صلته بلغة العرب ـ مع علمنا بتعدد لهجاتها ـ ؟!‪.‬‬
‫( تنبيه )‬
‫ال يقال ‪ :‬إن ما ذكرته من نفي « التبادر» لغير أهل اللغة األصليين‬
‫يجعل اللغة كـ « الخزانة المقفلة » !‪.‬‬

‫‪22‬‬
‫ألننا نقول ‪ :‬التبادر الفطري ‪ ،‬ال يحتاج إلى نظر ‪ ،‬والتبادر الكسبي‬
‫يحتاج ‪ ،‬وكثيرا « يخطئ النظر» ؛ فعلم العالم بالشيء صناعةٌ نافعةٌ‬
‫يعتمد عليها ؛ لكنها دون مستوى التبادر ؛ فافهم !‪.‬‬
‫قولُهُ ‪ (( :‬الثامن ‪ :‬أنه للفظ أحوا ٌل خمسةٌ ؛ وهي ‪ :‬التجوز ‪،‬‬
‫واالشتراك ‪ ،‬والتخصيص ‪ ،‬والنقل ‪ ،‬واإلضمار ‪ .‬ال يكاد يصار إلى‬
‫أحدها فيما إذا دار األمر بينه وبين المعنى الحقيقي ؛ إال بقرنية صارفة‬
‫عنه إليه ‪ )1())...‬إلخ ‪.‬‬
‫أقو ُل ‪ :‬إن كلمة ( أحوال ) مجملةٌ تحتمل وجوها ‪ ،‬والظاهر أنه‬
‫يقصد الوضع ‪ ،‬وعلى كل حال عطفه ( الخمسة ) على ( الحقيقة )‬
‫صراحةٌ بنفي الحقيقة عن الخمسة كافـة !‪ .‬فإن صح في ( التجـوز )‬
‫و ( النقـل ) ؛ لن يصح في ( االشتراك ) و ( التخصيص ) و ( اإلضمار‬
‫) ؛ ألنها من باب الحقيقة ال المجاز في المراد منها ـ حسب اعتراف‬
‫األصوليين أنفسهم ـ ؛ فكيف جعلها قسما مقابال للحقيقة ؟!‪ .‬إذ ال‬
‫يقول المصنف ـ وال غيره ـ ‪ :‬إن ( عينا ) حقيقةٌ في الباصرة فقط ؛‬
‫جاز في بقية معانيها ‪ ،‬كما ال يقولون ‪ :‬إن ( الهاء ) م ٌ‬
‫جاز في الداللة‬ ‫م ٌ‬
‫جاز في الداللة على الخطاب ‪ ...‬إلخ ؛‬ ‫على الغيبة ‪ ،‬و ( الكاف ) م ٌ‬
‫فكيف إذن زجها مع التجوز ؟! ‪.‬‬
‫قوله ‪ (( :‬التاسع ‪ :‬أنه قد اختلفوا في ثبوت الحقيقة الشرعية‬
‫وعدمه على أقوال ‪ )2( ))...‬إلخ ‪.‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )2( ، )1‬كفاية األصول ‪ :‬ص‪. 21 ، 20‬‬
‫‪29‬‬ ‫األلفاظ‬
‫ِ‬ ‫ُ‬
‫مباحث‬ ‫أغالط الكفاي ِة ‪ :‬القسم األو ُل ‪:‬‬
‫ِ‬ ‫الوقايةُ من‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫أقو ُل ‪ :‬إن هذا البحث من األدلة الصـريحة على تناقض ( علم‬
‫األصول ) ـ حتى عند األصوليين ـ ؛ إذ ال تكاد توجد مسألةٌ واحدةٌ ـ‬
‫من مسائله ـ خاليةٌ عن أخذ ورد ـ إال النادر جدا ـ !‪.‬‬
‫« والحقيقة الشرعية » مما تضاربت به كلماتهم كما قال ؛ فلو‬
‫صحت لجاز لقريش وغيرهم أن يقولوا ‪ :‬جئت بما ليس في لغتنا ؛‬
‫فليس لك أن تقول ‪ ( :‬فأتوا [ بسورة ] (‪ )1‬من مثله ) ‪ ،‬ولما جاز‬
‫وصف القرآن بـ ( العربية ) !‪ .‬فالمناسبة موجودةٌ ‪ ،‬ومنكرها منك ٌر‬
‫للواضحات ‪ ،‬والقرينة « الفعـلية » عمل الرسول ـ صلى للا عليه وآله‬

‫‪23‬‬
‫ـ ؛ فهذان ركنا المجـاز قد تحققا ‪ ،‬ودعـوى « التعيين» ـ بالمعنى «‬
‫الجديد » ـ عاريةٌ عن الدليل ؛ إال المغالطة فقط !‪.‬‬
‫وأغرب من الحقيقة الشرعية ( الحقيقة العرفية ) ! ؛ كأن اللغة‬
‫موقوف يدخله كل من يحتاج إلى الدخول إليه ! ‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫خا ٌن‬
‫( توضيح )‬
‫الحج لغة ‪ :‬القصد ‪.‬‬
‫والحج الشرعي ‪ :‬قص ٌد معي ٌن بعمل الرسول ـ صلى للا عليه وآلهِ‬
‫ـ ‪ .‬فالمناسبة ( القصد ) ‪ .‬والقرينة عمله ـ صلى للا عليه وآلهِ ـ ‪ .‬ال‬
‫قريش ـ لغرابته ‪ ..‬على لغتهم ـ !‪.‬‬ ‫ٌ‬ ‫وضع جديدا ‪ .‬وإال ألنكره‬
‫( الحقيقةُ )‬
‫بعد أن ثبت أن واضع «أصول اللغات البشرية » هو للا تعالى ‪،‬‬
‫واأللفاظ الشرعية ـ كافة في جميع األديان ـ منه تعالى أيضا ؛ فالصالة‬
‫( دعا ٌء ) حقيقةٌ شرعيةٌ ‪ ،‬ومصداقها ـ في اإلسالم ـ صالة األموات ؛‬
‫تكبير فقط ‪ .‬وبعض أنواع الصالة اليومية ( حال الخـوف‬ ‫فإنها دعا ٌء و ٌ‬
‫الشـديد ) ‪ ،‬وذات األفعـال ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬ما بين [ ] أثبتناه كما في اآلية ‪ 23‬من سورة البقرة ؛ وكتبت في األصل ( بآية ) ؛ ولعله‬
‫حصل اشتبا ٌه ‪.‬‬
‫‪30‬‬ ‫األلفاظ‬
‫ِ‬ ‫ُ‬
‫مباحث‬ ‫أغالط الكفاي ِة ‪ :‬القسم األو ُل ‪:‬‬
‫ِ‬ ‫الوقايةُ من‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫المخصوصة حقيقةٌ ـ مثل سابقتها ـ ؛ ألن المشرع واح ٌد ؛ فهو يسمي‬
‫ما يشاء بما يشاء ‪ ،‬والعبادات االضطرارية ـ كافة ـ حقيقةٌ تسميتها ـ‬
‫ٌ‬
‫مجاز ‪ .‬فما كان في األديان السابقة‬ ‫مع زوال مقوماتها كال أو بعضا ـ ال‬
‫؛ فقد عرف العرب تلك األلفاظ ؛ وإن لم يعتقد بعضهم بصحتها ؛ فهي‬
‫جاريةٌ على ألسنتهم على كل حال ؛ فال صحة لقول األصوليين ‪ :‬إن‬
‫جاز ؛ ألنهم ال يستطيعون نفي اسم الصالة‬ ‫الصالة ـ بمعنى الدعاء ـ م ٌ‬
‫عن صالة الميت وغيرها ـ من اختياري أو اضطراري ـ ؛ والكل حقيقةٌ‬
‫ال م ٌ‬
‫جاز ؛ مع التغاير الشديد ! ‪.‬‬
‫( تنبيه ٌِ )‬
‫قد يفهم بعض التناقض في كالمنا ؛ فنقول ‪ :‬إن رد كالم الخصم‬
‫بما ينفيه كاف في البحث ‪ .‬أما رأينا الشخصي في المسألة ؛ فهو ما‬
‫كثير في الكتب !‪.‬‬
‫تقدم قريبا ‪ ،‬وسابقه لإلقناع ليس غير ‪ ،‬و مثل هذا ٌ‬
‫( تنبيه ٌِ )‬

‫‪24‬‬
‫بحكم قواعدهم ـ وهي حجةٌ عندهم وعليهم ـ ؛ ومنها القول بـ «‬
‫الحقيقة الشرعية » ‪ ،‬وعدم قائل بـ « مجاز شرعي » ـ حتى اآلن ـ نقول‬
‫‪( :‬الرسول ) ( النبي ) ‪ ( ،‬المعصوم ) ‪ ( ،‬أمير المؤمنين ) ‪ ( ،‬اإلمام‬
‫خاص ‪ ،‬ومنها عا ٌّم ـ الثني عشر ليس غير ـ ؛‬
‫ٌّ‬ ‫ظ شرعيةٌ ؛ منها‬‫) ألفا ٌ‬
‫فالقائل بالحقيقة الشرعية وثبوتها عنده حجةٌ عليه ؛ ليس له تجاوز‬
‫هذه الحقيقة ‪ ،‬واستعمال ( ألقاب دينية خاصة ) ما سبقه أح ٌد من علماء‬
‫اإلمامية ـ حتى عهد قريب ـ ؛ فافهم ! ‪ .‬فإن صحت الحقيقة الشرعية‬
‫التعينية ـ كما يدعون ـ جعلت دليال مع عشرات األدلة ؛ على أن واضع‬
‫اللغات ـ هو للا تعالى ـ ال اإلنسان ؛ حيث لم تكن ألفاظ الشريعة القرآنية‬
‫من النبي ـ كما هو صري ٌح في كثـير من اآليات ـ !‪ .‬لكن المـراد يتنافي‬
‫معها ـ أعني البالغ ـ ؛ إذ ال يتم « إنذار أم القرى ومن‬
‫‪31‬‬ ‫األلفاظ‬
‫ِ‬ ‫ُ‬
‫مباحث‬ ‫أغالط الكفاي ِة ‪ :‬القسم األو ُل ‪:‬‬
‫ِ‬ ‫الوقايةُ من‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ٌ‬ ‫ٌ‬
‫حولها » بغير لغتهم ‪ ،‬ومعلو ٌم من لغتهم أنها حقيقة ومجاز ؛ فسلوك‬ ‫(‪)1‬‬

‫مخالف للغرض‬
‫ٌ‬ ‫أحد المعنيين كاف في ( اإلنذار ) ‪ ،‬وتأسيس ( ثالث ) ؛‬
‫المذكور ‪.‬‬
‫أما ما ذكره ـ من الخالف ـ في إرادة ( الصحيح أو األعم ) ـ من‬
‫فاسد وصحيح من هذه األلفاظ ـ ؛ فتصوراتٌ خياليةٌ صرفةٌ ؛ إذ من‬
‫المعلوم ـ لغةِ وشرعا ـ أن ( الصحيح ) هو المراد ‪ ،‬ولئن سمي (‬
‫الفاسد ) بتسمية ( الصحيح ) مجـازا ـ بعالقة ما كان حسب المأمور‬
‫به ـ فذلك من أوسع أبواب اللغة ؛ فال حاجة إلى تخيالت « الباقالني‬
‫» وأمثاله ! ‪.‬‬
‫قولُهُ ‪ (( :‬العاشر ‪ :‬أنه وقع الخالف في أن ألفاظ العبادات أسام‬
‫لخصوص الصحيحة أو لألعم منها ‪ )2( )) ...‬إلخ ‪.‬‬
‫أقولِ ‪ :‬إن نشر « المعتقدات الباطلة واآلراء اإللحادية » ؛ تختلف‬
‫طرقه باختالف ملكة ناشرها ( العلمية والبيانيـة ) ؛ فمن ذلك ‪:‬‬
‫الظهور بمظهر « الرد ‪.‬وتأييد الضد »! ـ ؛ لكن الهـدف ( الخفي‬
‫) قد تحقق ؛ إذ قد تم نشره وتعريف ( القراء ) به ؛ بطريقة « الرد‬
‫وإظهار الخالف » !‪.‬‬
‫ومنه ‪ « :‬تعظيم منـزلة أعداء الحق » ؛ وتعريف القراء بهم ! ـ بعد‬
‫أن كانت معرفتهم مقصورة على « فئة ضالة معينة » ـ ؛ وذلك بسبب‬

‫‪25‬‬
‫كثرة النقل عنهم والرد عليهم !‪ .‬فلو كان الغـرض « نقض الباطل‬
‫واالنتصار للحـق » حقيقة ـ غير مبطنة ـ ! ؛ لردوا الباطل ـ بعينـه ـ‬
‫دون ذكر اسم صاحبه نحو‪ «:‬إن قيل ‪:‬كذا ؛ فرده كذا » ؛ بشرط عدم‬
‫نشر للباطل أيضا !‪.‬‬‫اإلكثار منه ؛ ألن ذلك ٌ‬
‫فإن قيل ‪ « :‬الساكت عن الحق شيطا ٌن أخرس » قيل ‪« :‬كل شيء‬
‫تجاوز ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬اقتبسه المصنف من قوله تعالى ‪ ( :‬ولتنذر أم القرى ومن حولها ) ‪ ،‬وهو مقط ٌع من اآلية‬
‫‪ 92‬من سورة األنعام ‪ ،‬وكذا اآلية ‪ 7‬من سورة الشورى إال أن فيها ‪ ( :‬لتنذر ‪ ) ...‬دون الواو‬
‫‪.‬‬
‫(‪ )2‬كفاية األصول ‪ :‬ص‪. 23‬‬
‫‪32‬‬ ‫األلفاظ‬
‫ِ‬ ‫ُ‬
‫مباحث‬ ‫أغالط الكفاي ِة ‪ :‬القسم األو ُل ‪:‬‬
‫ِ‬ ‫الوقايةُ من‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫حده أنقلب إلى ضده » ‪.‬‬
‫فـ ( قال الباقالني‪ ...‬والجبائي ‪ ...‬والكعبي ‪ ) ...‬إلخ ـ مثال ـ في‬
‫عشرات الكتب األصولية ـ الشيعية ـ ؛ أدى إلى نشر «مبادئ العامة »‬
‫في أفكار « أبناء الخاصة » بسبب ذلك اإلكثار والخلط! ؛ حتى لقد شاع‬
‫ق»!؛‬ ‫ـ عند أبناء هذا الجيل ـ أن الفخر الرازي ـ مثال ـ « عال ٌم محق ٌ‬
‫والصدوق ـ مثال ـ « محد ٌ‬
‫ث جام ٌع » ! ‪.‬‬
‫وبعد ‪ :‬إن التناقضات ـ في هذه المسألة ـ وكل مسألة مسألة ـ من‬
‫هذا العلم السياسي ـ دلي ٌل صري ٌح على منافاة « قواعده » كافة للقرآن‬
‫الكريم ! ‪.‬‬
‫فالنهي الصريح المكرر فيه عما يؤدي إلى الخالف ـ وهوِ من أسباب‬
‫الفشل ـ قد تجاوز حد العشرات !‪ .‬و قد سميناه « سياسيـا » ؛ ألن‬
‫وضعه ونشره واستعماله وتشجيع علمائه وطالبيه ؛ قد صدر عن «‬
‫البالط العباسي» ـ عدو آل محمد ـ ؛ فالوالد يوصي الولد من خلفاء‬
‫الجور به وبمن يسلك نهجه !‪.‬‬
‫الذين هم عن صالتهم ساهون‬ ‫ل للمصلين =‬‫قال تعالى ‪ ( :‬فوي ٌ‬
‫) (‪ . )1‬إن هذه اآلية الشريفة ـ وعشرات غيرها ـ صريحة‬
‫(‪)2‬‬
‫=‬
‫الداللة على نفي الصالة المقصودة للشارع عن كل صالة باطلة ؛‬
‫وغيرها ـ من العبادات ـ كذلك ‪ .‬ولغته وقصده شي ٌء واح ٌد ؛ وإال لكان‬
‫أحدهما عبثا !‪ .‬أما تسمية غير المراد باسم المراد ؛ فكتسمية العرب‬
‫المسافرين « قافلة » عكس الحقيقة ـ تفأوال ـ ‪ ،‬وفي الشرعيات بناء‬

‫‪26‬‬
‫على ما كان أو يكون مجازا ‪ .‬وقولنا في المراد من أسماء المعامالت‬
‫؛ هو قولنا في المراد من أسماء العبادات ‪.‬‬
‫قولُهُ ‪ (( :‬الحادي عشر ‪ :‬الحق وقوع االشتراك للنقل والتبادر ؛‬
‫وعدم صحة ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬اآليتان ‪ 4‬و‪ 5‬من سورة الماعون ‪ ،‬وكتبت ( ويل ) في األصل ؛ والصواب ( فوي ٌل ) كما‬
‫أثبتناه ‪.‬‬
‫(‪ )2‬حق العبارة أن تكون (( إن هاتان اآليتان الشريفتان )) ألنهما آيتان ال آيةٌ واحدةٌ ‪.‬‬
‫‪33‬‬ ‫األلفاظ‬
‫ِ‬ ‫ُ‬
‫مباحث‬ ‫أغالط الكفاي ِة ‪ :‬القسم األو ُل ‪:‬‬
‫ِ‬ ‫الوقايةُ من‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫السلب بالنسبة إلى معنيين أو أكثر للفظ واحد ‪ )1( )) ...‬إلخ ‪.‬‬
‫أقو ُل ‪ :‬لو قرأ الباحث المتتبع كتاب « قوانين األصول » ـ للميرزا‬
‫القمي ـ وغيره من الكتب األصولية الموسعة ؛ لوقف على تأويالت‬
‫غريبة وأدلة أغرب في مسألة ( المشترك ) وغيرها من مسائل « هذا‬
‫الخليط الغريب » ! ؛ إال أن مصادر اللغة تنفي الكثير مما أثبته‬
‫األصوليون ؛ فالمشترك في اللغة أشهر من أن يحتاج إلى دليل ! ؛‬
‫ولوضوحه ال يحتاج كذلك إلى تأويل ! ‪ .‬وما ذكره ـ المصنف هنا ـ يليق‬
‫بعلم المنطق والحكمة والفلسفة ‪ ...‬إلخ ؛ وال يليق بـ ( لغة العرب )‬
‫المبنية على االختصار والبيان والخفة ال على التعقيد والتقعر ! ؛ فما‬
‫كتب كثيرةٌ‬
‫ذكره إلى « لغة الصوفية والفالسفة » أقرب !‪ .‬ولقد ألفت ٌ‬
‫على شكل « معجم لغوي » جمع فيها مؤلفوها المشترك !‪.‬‬
‫ار ـ ؛‬
‫وأما استدالله بـ ( التبادر ) الذي لم يبق من أهل لغته ـ دي ٌ‬
‫فليس في موقعه ؛ كذلك صحة السلب ؛ فالنقل كاف ؛ وهو وحده‬
‫الواسطة ـ بيننا وبين « أصحاب اللغة األصليين » ـ ‪.‬‬
‫قولُهُ ‪ (( :‬الثاني عشر ‪ :‬أنه [ قد ] (‪ )2‬اختلفوا في جواز استعمال‬
‫اللفظ في أكثر من معنى على سبيل االنفراد واالستقالل ـ بأن يراد منه‬
‫كل واحد كما إذا لم يستعمل إال فيه ـ على أقوال )) ‪.‬‬
‫أقولِ ‪ :‬هذه األوصاف التي ذكرها تنطبق على « المشترك » الذي‬
‫سبق ذكره ؛ إال أنه أطلق الكالم آنفا ؛ وخصه ـ هنا ـ في االستعمال في‬
‫فرض غير واقع في لغة العرب ‪ ،‬و « الحكم العقلي‬ ‫ٌ‬ ‫آن واحد ‪ .‬لكن هذا‬
‫» ال دخل له في ـــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬كفاية األصول ‪ :‬ص‪. 35‬‬
‫(‪ )2‬ما بين [ ] أثبتناه عن كفاية األصول ‪ :‬ص‪36‬‬

‫‪27‬‬
‫‪34‬‬ ‫األلفاظ‬
‫ِ‬ ‫ُ‬
‫مباحث‬ ‫أغالط الكفاي ِة ‪ :‬القسم األو ُل ‪:‬‬
‫ِ‬ ‫الوقايةُ من‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫المسائل اللغوية ‪ ،‬وكان األليق بالمؤلف أن يتتبع كالم العرب ؛ لنفي‬
‫أو إثبات تلك التصورات الوهمية ! ‪.‬‬
‫والحق أن مثل هذا االستعمال ال وجود له في لغة العرب ؛ بل (‬
‫القرينة ) هي « المشخصة للمعنى المشترك » حتما ‪.‬‬
‫قولُهُ ‪ (( :‬الثالث عشر ‪ [ :‬إنه ] (‪ )1‬اختلفوا في أن ـ المشتق ـ حقيقةٌ‬
‫في خصوص ما تلبس بالمبدأ ـ في الحال ـ أو فيما يعمه وما انقضى‬
‫عنه على أقوال ؛ بعد االتفاق على كونه مجازا فيما تلبس به في‬
‫االستقبال ‪ )) ...‬إلخ ‪.‬‬
‫أقو ُل ‪ :‬البد من تمهيد ـ لهذا الموضوع ـ قبل الدخول فيه ‪.‬‬
‫ال يستطيع « أصولي » ـ سن ٌّي أو متشي ٌع ـ أن يذكر « علم األصـول‬
‫» ـ بقسميه ( اللفظي والعملي ) ـ قبل الدور العباسي الثاني!‪ .‬وبهذا‬
‫التأريخ ـ باتفاق ال خالف فيه ـ أصبحت اللغـة الفصحى «كسبيـة » !‬
‫‪ ،‬وقبـله « فطرية »! ؛ خصوصا في المدن الكبرى ( كبغداد ‪ ،‬والبصرة‬
‫‪ ،‬والكوفة ‪ ،‬ومكة ‪ ،‬والمدينة ‪ ،‬وبالد الشام ‪ ،‬ومصر ) حيث ملئت‬
‫بالمسلمين الجدد الذين وفدوا للتعلم وغيره من األسباب إلى تلك المدن‬
‫كافة ‪.‬‬
‫وبهذا السبب ضاعت اللغة الفصحى ـ الختالطها بغيرها ! ـ ؛ فسلب‬
‫االحتجاج بشعراء تلك الفترة وما بعدها إلى زماننا ‪ ،‬مع العلم ‪ :‬أن «‬
‫واضع علم األصول » نفسه ـ وهو الشافعي ‪ ،‬أو أبو حنيفة ‪ ،‬أو‬
‫غيرهما على خالف في ذلك ـ هو من األعاجم ـ نسبا أو اختالطا ودرسا‬
‫ـ!‪.‬‬
‫فإذا عـرفت ذلك ؛ سـلهم ما هي ( الحقيقـة ) ؟ ؛ وما هو المجـاز‬
‫؟ ـــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬ما بين [ ] أثبتناه عن كفاية األصول ‪ :‬ص‪. 38‬‬
‫‪35‬‬ ‫األلفاظ‬
‫ِ‬ ‫ُ‬
‫مباحث‬ ‫أغالط الكفاي ِة ‪ :‬القسم األو ُل ‪:‬‬
‫ِ‬ ‫الوقايةُ من‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫تجبك «كتبهم » ‪ ( :‬الحقيقة ) ‪ « :‬استعمال اللفظ فيما وضع له »‬
‫‪ .‬وحينئذ نقول ‪ :‬إن الفترة الزمنية بين واضع « اللغة » وواضع «‬

‫‪28‬‬
‫بشر »! ـ ‪ ،‬كما أن بينه وبين‬ ‫األصول » تعد باآلالف ـ إن قلنا « إنه ٌ‬
‫أهلها الفصحاء تعد بالمئات !‪.‬‬
‫وقد ثبت ـ بالنقل الصحيح ـ أن ( أفعاال ) ال وصف لها‪ .‬و ( أوصافا‬
‫ئ ) ‪ ،‬ولم يرد لـ ( ذرأ ) (‬‫) ال فعل لها ؛ فقد قالوا‪ ( :‬برأ ) فهو ( بار ٌ‬
‫متقارب ؛ مما يدل على « توقيفية اللغة‬
‫ٌ‬ ‫ئ ) ؛ ومعناهما واح ٌد أو‬ ‫ذار ٌ‬
‫» !‪.‬‬
‫و ( المجاز ) ‪ « :‬استعمال اللفظ في غير ما هو له ؛ لمناسبة‬
‫وقرينة »‪.‬‬
‫فهل ( تلبس ) ـ مثال ـ ‪ ،‬وكلمة ( مشتق ) ـ بالمعنى األصولي ـ‬
‫مجازي ـ ؟!‬
‫ٌّ‬ ‫حقيقي أو‬
‫ٌّ‬ ‫لهما ذك ٌر ـ‬
‫إن ( تلبس ) ـ بمعنى اتصف ـ ؛ و ( مشتق ) األصولي منفيان‬
‫في اللغة ؛ فكيف قسمتموه ( حقيقة ) و ( مجازا) ؟! ‪.‬‬
‫مع أن ( اسم الفاعل ) ـ وهو في مقدمة ( المشتقات ) في اللغة ـ‬
‫حقيقة في الحال ؛ حقيقة في االستقبال أيضا ‪ .‬ومثله أمثلة ( المبالغة‬
‫) ؛ فهي ‪ « :‬اسم فاعل بصيغة مختلفة عنه بسبب المبالغة » ؛ ومعناهما‬
‫واح ٌد إال في المبالغة والتكثير ‪.‬‬
‫واألغلب في « مفعول » كذلك ؛ فكيف جعلتم حقيقة اللغة مجازا ؛‬
‫ومجازها حقيقة ؟! ؛ وكيف وضعتم فيها ما ليس منها ؟! ‪..‬إذ ال يوجد‬
‫فيها واح ٌد من مئة من « مصطلحات » علمكم ؟!‬
‫( تنبيه )‬
‫( المجاز ) ‪ « :‬استعمال اللفظ في غير ما وضع له ـ لمناسبة وقرينة‬
‫ـ » ‪ ،‬ولكن ال مطلقا ؛ بل البد من وجود ( نظير ) له في كالم الفصحاء‬
‫؛ وإال كان التعبير غلطا ـ وإن صحت المناسبة ووجـدت القرنية ـ ‪،‬‬
‫ف ؛ ألن صلته بقولهم ‪ ( :‬حصدنا‬ ‫ط صـر ٌ‬ ‫مثال ‪ ( :‬حصدت العلم ) غل ٌ‬
‫رؤوس القـوم ) من باب‬
‫‪36‬‬ ‫األلفاظ‬
‫ِ‬ ‫ُ‬
‫مباحث‬ ‫أغالط الكفاي ِة ‪ :‬القسم األو ُل ‪:‬‬
‫ِ‬ ‫الوقايةُ من‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫« االستعارة » مفقودةٌ غير منصوصة ‪.‬‬
‫توقيفي » ‪ ،‬ومن تتبع ( األول ) ‪ ،‬و ( الثاني )‪ ...‬إلى‬
‫ٌّ‬ ‫فالمجاز «‬
‫آخر بحـث « المشتق » يجد المصنف قد أعرض عن اللغة ـ مطلقا ـ‬
‫معتمدا على مال صدرا الشيرازي ‪ ،‬والخاجا نصير الطوسي ‪ ،‬وبعض‬

‫‪29‬‬
‫الصوفيـة (*) وكثير من العامة ؛ حتى كأن العربية لغة الفالسفة‬
‫والصوفية وتخيالت العامة !‪.‬‬
‫قولُهُ ‪ (( :‬المقصد األول في األوامر ؛ وفيه فصو ٌل ‪:‬‬
‫األول ‪ :‬فيما يتعلق بمادة األمر من الجهات ؛ وهي عديدةٌ ‪:‬‬
‫األولى ‪ :‬أنه [ قد ](‪ )1‬ذكر ـ للفظ األمر ـ معاني متعددة ‪:‬‬
‫منها ‪ :‬الطلب ؛ کما يقال ‪ (:‬أمره بکذا ) ‪.‬‬
‫ومنها ‪ :‬الشأن ؛ كما يقال ‪ ( :‬شغله أمر كذا ) ‪.‬‬
‫ومنها ‪ :‬الفعل ؛ كما في قوله تعالى ‪ ( :‬وما أمر فرعون برشيد )‬
‫(‪)2‬‬
‫‪.‬‬
‫ومنها ‪ :‬الفعل العجيب ‪ )) ...‬إلخ ‪.‬‬
‫أقو ُل ‪ :‬كان األجدر ـ بالمصنف ـ أن يختار ما يناسب ( غرضه )‬
‫جازي ـ منها ـ‬
‫ٌّ‬ ‫حقيقي وم‬
‫ٌّ‬ ‫من هذه المعاني ‪ ،‬أو أن يشير إلى ما هو‬
‫دون خلط ‪ ،‬أو أن يذكر ما يفرق به ـ ولو لبعض المعاني ـ ! ‪.‬‬
‫ور ) ‪ ،‬وبمعـنى الطـلب (‬
‫فـ ( األمر ) ـ بمعـنى الشـأن ـ جمعه ( أمـ ٌ‬
‫أوامر ) ‪ ...‬إلخ ‪ ،‬وأما تردده ـ في اشتراط االستعالء في األمر ( بمعنى‬
‫الطلب اإللزامي ) ـ مناف للغة ‪.‬‬
‫=======================================‬
‫مغاير للغة وحقيقتها ـ ال نريد ذکره ـ )) [ منه رحمه‬
‫ٌ‬ ‫(*) (( ولهم في ( أصل االشتقاق ) کال ٌم‬
‫للا ] ‪.‬‬
‫ــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬ما بين [ ] أثبتناه عن كفاية األصول ‪ :‬ص‪. 61‬‬
‫(‪ )2‬سورة هود ‪ :‬اآلية ‪. 97‬‬
‫‪37‬‬ ‫األلفاظ‬
‫ِ‬ ‫ُ‬
‫أغالط الكفاي ِة ‪ :‬القسم األو ُل ‪ :‬مباحث‬
‫ِ‬ ‫الوقايةُ من‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫( تنبيه )‬
‫ليس « الطلب » أمرا ـ باتفاق أهل اللِِغة ـ ؛ بل من معانيه ـ‬
‫األمر ـ ‪ ،‬كما أن الطلب يشمل األمر والنهي معا ؛ لذا ال ينصرف إلى‬
‫أحدهما إال بقرينة ‪ .‬ومن تتبع «كتب اللغة » عرف الفرق بين األمر‬
‫والطلب ـ اللذين خلطهما المصنف ـ !‪.‬‬
‫قولُهُ ‪ (( :‬وأما بحسب االصطالح ؛ فقد نقل االتفاق على أنه حقيقةٌ‬
‫ٌ‬
‫مجاز في غيره ‪ .‬وال يخفى أنه عليه ال يمكن‬ ‫في القول المخصوص‬

‫‪30‬‬
‫االشتقاق منه ؛ فإن معناه ـ حينئذ ـ ال يكون معنى حديثا ‪ )1( )) ...‬إلخ‬
‫‪.‬‬
‫أقو ُل ‪ :‬سبق ـ بقليل ـ قوله ‪ (( :‬هذا بحسب العرف واللغة )) (‪ )2‬؛‬
‫أمور ‪:‬‬
‫ٌ‬ ‫ويفهم من كالمه ـ هذا ـ‬
‫األمر األو ُل ‪ :‬إن المصطلحات العرفية تقابل المعاني اللغوية ؛ وذلك‬
‫ُ‬
‫منفي بالعرف واللغة معا ‪ ،‬وال يمكن حمل « العرف » في كالمه على‬ ‫ٌّ‬
‫العرف اللغوي ؛ لعدم صحة التجزئة ‪.‬‬
‫األمر الثانِي ‪ :‬إن المصطلح األصولي غير المصطلح اللغوي ؛‬ ‫و ُ‬
‫وحينئذ يقع األصوليون في « بئر التناقضات » ـ التي يتعذر عليهم‬
‫الخروج منها ـ ‪.‬‬
‫( أ ) إن اعتراف المصنف ـ وهو من أعالم علماء األصول ـ‬
‫باصطالحين ( لغوي وأصولي ) ؛ يلزمه ـ بالقول القطعي المؤكد ـ أن‬
‫( مباحث األلفاظ األصولية ) مباحث مستقلةٌ ؛ قد تتفق وقد ال تتفق مع‬
‫قوانين اللغة ‪ ،‬وحينئذ تسلب صحة إضافة ( األصول ) إلى الفقه ؛ ألن‬
‫لغته ( عربيةٌ ) ‪.‬‬
‫( ب ) لقد اخترع « محي الدين ابن العـربي » لغة للصوفيـة‬
‫سمـاها ــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )2( ، )1‬كفاية األصول ‪ :‬ص‪62‬‬
‫‪38‬‬ ‫األلفاظ‬
‫ِ‬ ‫ُ‬
‫أغالط الكفاي ِة ‪ :‬القسم األو ُل ‪ :‬مباحث‬
‫ِ‬ ‫الوقايةُ من‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫( البلبالن ) ! ‪ ،‬واخترع ( واضع األصول ) لغة سمى مباحثها ‪( :‬‬
‫مباحث األلفاظ ) ‪ .‬فـ ( أل ) « عهديةٌ ذهنيةٌ خاصة » تنصرف ـ عندهم‬
‫ـ إلى تلك القواعد واأللفاظ التي اخترعها ( واضع األصول ) ؛ وطورها‬
‫السائرون على نهجه ال إلى « لغة الفقه » ( وهي لغة القرآن العربي‬
‫) !‪.‬‬
‫ٌ‬
‫وشهادة المصنف ـ هنا ـ كافية في صحة ما ذهبنا إليه !‪ .‬فالباحث‬
‫حر في اختيار نهج ( البلبالن وأخيه » أو نهج ( القرآن وما تفرع منه‬
‫ٌّ‬
‫) !‪.‬‬
‫( ج ) قول األصوليين بالعـرف ـ مطلقا ـ وحكم العقالء ـ مطلقا ـ‬
‫في « المسائل اللغوية » دلي ٌل صري ٌح على وجـود ( لغة أصوليـة‬

‫‪31‬‬
‫خاصة ) ؛ كلغة ( الصوفية ) ؛ وإال « فالعربية »« توقيفيةٌ » ال «‬
‫عرفيةٌ عامةٌ » وال « عقليةٌ» !‪ .‬فافهم !‪.‬‬
‫( د ) ومما يدل على وجود « لغة أصولية خاصة » نفيه صحة‬
‫االشتقاق من « األمر»! ـ على الصورة التي أشار إليها ـ ؛ علما بأن‬
‫قياسي ؛ والبد للقياسي من أن يؤيد بالسـماع‬
‫ٌّ‬ ‫ماعي و‬
‫ٌّ‬ ‫« االشتقاق » س‬
‫أصولي » ال صلة‬
‫ٌّ‬ ‫قياسي «‬
‫ٌّ‬ ‫؛ وإال بطل !‪ .‬لكـن ما تعرض له المصنف‬
‫له « باللغة »!‪.‬‬
‫قولُهُ ‪ (( :‬الجهة الثالثة ‪ :‬ال يبعد كون لفظ األمر حقيقة في‬
‫الوجوب ؛ النسباقه منه عند إطالقه ‪ )1( )) ...‬إلخ ‪.‬‬
‫أقولِ ‪ :‬إن مسألة « داللة األمر على الوجوب أو على االستحباب‬
‫أو على القدر المشـترك ـ بينهما ـ ‪ .‬أو ‪ ...‬أو ‪ ...‬إلخ » ؛ دلي ٌل صـري ٌح‬
‫على « منافاة » قواعد هذا « الخليط » ألوامر القرآن !‪ .‬فهذه المسألة‬
‫في ( مباحث األلفاظ ) من أهم المسائل ‪ ،‬وفيها من الخالف ـ عندهم ـ‬
‫نظير ــــــــــــــــــــ‬
‫ٌ‬ ‫ما ال يوجد له‬
‫(‪ )1‬كفاية األصول ‪ :‬ص‪62‬‬
‫‪39‬‬ ‫األلفاظ‬
‫ِ‬ ‫ُ‬
‫مباحث‬ ‫أغالط الكفاي ِة ‪ :‬القسم األو ُل ‪:‬‬
‫ِ‬ ‫الوقايةُ من‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫عند العقالء !؛ أفأمرهم للا ـ باالختالف ـ فأطاعوه؟! ؛ أم تتبعوا ـ اللغة‬
‫ـ فقالوا طبقا لتتبعهم ؟! أم خلطوا «آراء اليونانيين وغيرهم » في‬
‫الشرع ولغته ؛ ليضلوا به عباد للا ؟! ‪.‬‬
‫فقف من « خليطهم » على حذر! ؛ مكتفيا بما في هذه المسألة من‬
‫اختالف قد تجاوز حد المعقول !‪.‬‬
‫توقيفي » ؛ فما ظنك بما‬
‫ٌّ‬ ‫ماعي‬
‫ٌّ‬ ‫لغوي س‬
‫ٌّ‬ ‫علما بأن أصل مسألتهم «‬
‫ليس بتوقيفي ـ إن وجد ـ !‬
‫« والحقيقة اللغوية » ‪ « :‬إفعل » ـ وما قام مقامها ـ لإللزام والحتم‬
‫كثير (‬
‫؛ وهو الوجوب ومخالفها عاص مذمو ٌم ‪ ،‬ومجاز هذه الصيغة ٌ‬
‫منه االستحباب ‪ ،‬والدعاء ‪ ،‬والتهديد ‪ ) ...‬إلخ ‪ .‬وكل هذه المجازات‬
‫بقرينة « اتحاد الطلب واإلرادة » ‪.‬‬
‫(‪)1‬‬
‫قولُهُ ‪ (( :‬الجهة الرابعة ‪ :‬الظاهر أن الطلب الذي [ يكون ] هو‬
‫معنى األمر ليس هو الطلب الحقيقي الذي يكون طلبا بالحمل الشائعِ‬
‫الصناعي ؛ بل الطلب اإلنشائي الذي ال يكون بهذا الحمل طلبا مطلقا ؛‬

‫‪32‬‬
‫بل طلبا إنشائيا سواء أنشئ بصيغة " إفعل " ‪ ،‬أو بمادة الطلب ‪ ،‬أو‬
‫بمادة األمر ‪ ،‬أو بغيرهما ‪ ))...‬إلخ ‪.‬‬
‫أقولِ ‪ :‬ال يشك من تتبع كتب اللغة أن بين الطلب واإلرادة فرقا‬
‫واتحادا ؛ كالفرق بين الجنس ونوعه ‪.‬‬
‫فمن أوجه الفرق ‪ :‬االختالف في اللفظ ـ ال على جهة الترادف ؛‬
‫فالطلب من ( طلب ) واألمر من ( أمر ) ‪.‬‬
‫ومنها ‪ :‬اختالفهـا في المعنـى ؛ فالطـلب ال يدل على اإللزام والحتم‬
‫؛ وال ينصرف منه هذا إال بقرينة ‪ .‬واألمر‪ :‬إلزا ٌم وحت ٌم ؛‪.‬وال يتخلف‬
‫عن هذا إال ــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬ما بين أثبتناه عن كفاية األصول ‪ :‬ص‪62‬‬
‫‪40‬‬ ‫األلفاظ‬
‫ِ‬ ‫ُ‬
‫مباحث‬ ‫أغالط الكفاي ِة ‪ :‬القسم األو ُل ‪:‬‬
‫ِ‬ ‫الوقايةُ من‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫إنشائي ؛ وليس بأمر ـ كاالستفهام مثال‬
‫ٌّ‬ ‫بقرينة ‪ ،‬ومن الطلب ‪ :‬ما هو‬
‫طلب ؛ وليس بإنشائي لفظا ؛ بل معنى فقط ـ كما في (‬ ‫ٌ‬ ‫ـ ‪ ،‬ومن األمر‬
‫ليفعل ) ـ ‪.‬‬
‫فأين االتحاد بينهما دون قرينة ـ حسب مصطلح أهل اللغة ال‬
‫مصطلح األشاعرة أو المعتزلة ـ !‪.‬‬
‫فلسفي ! ؛ فما هذا الخـبط‬
‫ٌّ‬ ‫كالمي وال‬
‫ٌّ‬ ‫ي ال‬
‫فموضوعكم ـ هنا ـ لغو ٌّ‬
‫والخلط ؟!‬
‫(‪)1‬‬
‫قولُهُ ‪ (( :‬واعلم ‪ :‬أن الحق ـ كما عليه أهله وفاقا للمعتزلة‬
‫وخالفا لألشاعرة ـ هو اتحاد الطلب واإلرادة ـ بمعنى أن لفظيهما‬
‫موضوعان بإزاء مفهوم واحد ‪ ،‬وما بإزاء أحدهما في الخارج يكون‬
‫بإزاء اآلخر ـ ‪ ))...‬إلخ ‪.‬‬
‫أقو ُل ‪ :‬لقد أكثر « األصوليون » في كثير من مواضيع «‬
‫أصولهم » من القول « وفاقا للمعتزلة »!‪ .‬و« خالفا لألشاعرة » !؛‬
‫حتى عـد بعض المغفلين ـ أو المتغافلين ـ المعتزلة من الشيعة أو العكس‬
‫‪ « ،‬والتشيع الحق » بري ٌء منهم !‪.‬‬
‫ثم نقـول ـ هنا ـ ما قلناه ـ آنفـا ـ ‪ :‬إن الحجـة في ( مباحث األلفاظ ) (‬
‫النص اللغوي ) فقط !‪.‬‬
‫( تنبيه )‬
‫يبدو أن المصنف يرى االتحاد خارجا بينهما بصورة مطلقة ‪ ،‬أو‬
‫لغوي » غير إنشائي ( لفظا أو‬
‫ٌّ‬ ‫طلب «‬
‫ٌ‬ ‫اإلنشائي منهما ‪ ،‬وال يوجد‬

‫‪33‬‬
‫مرفوض إال في مواضع معينة أو‬
‫ٌ‬ ‫معنى ) ! ‪ ،‬كما أن االتحاد ـ بينهما ـ‬
‫قرينة دالة !‪.‬‬
‫كثير في كالمه‬
‫لغوي ـ ومثله ٌ‬
‫ٌّ‬ ‫ٌ‬ ‫(‪)2‬‬
‫قولُهُ ‪ (( :‬قاطبة )) ـ باإلضافة ـ غلط‬
‫؛ ــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬في كفاية األصول المطبوع ‪ :‬ص‪ (( : 64‬فاعلم )) ‪.‬‬
‫(‪ )2‬لم ترد هذه اللفظة إال في موضع واحد في المطبوع عند كالمه عن ( التمسك بالعام في‬
‫غير الشك بالتخصيص ) ‪ :‬ص‪ 223‬جاء بها للتمثيل في مقطع من زيارة عاشوراء ( لعن للا‬
‫بني أمية قاطبة ) أما في هذا الفصل ـ األول ـ فلم ترد ؛ فربما سقطت من المطبوع ؛ وليته‬
‫أتى بالعبارة كاملة ‪.‬‬
‫‪41‬‬ ‫األلفاظ‬
‫ِ‬ ‫ُ‬
‫أغالط الكفاي ِة ‪ :‬القسم األو ُل ‪ :‬مباحث‬
‫ِ‬ ‫الوقايةُ من‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫فـ ( قاطبة ) ‪ ،‬و ( كافة ) ( وشتى ) ؛ مما ثبت عدم جواز إضافته‬
‫مطلقا ‪ .‬كـ ( هذا ) وغيره من أسماء اإلشارة !‪.‬‬
‫قولُهُ ‪ (( :‬الفصل الثاني ‪ :‬فيما يتعلق بصيغة األمر ‪ ،‬وفيه مباحث ‪:‬‬
‫األول ‪ :‬أنه ربما يذكر للصيغة معان قد تستعمل(‪ )1‬فيها ؛ وقد عد‬
‫منها ‪ :‬الترجي ‪ ،‬والتمني ‪ ،‬والتهديد ‪ ،‬واإلنذار ‪ ،‬واإلهانة ‪ ،‬واالحتقار‬
‫‪ ،‬والتعجيز ‪ ،‬والتسخير ‪ ...‬إلى غير ذلك ‪ .‬وهذا ـ كما ترى ـ ضرورة أن‬
‫الصيغة ما استعملت في واحد منها ؛ بل لم تستعمل إال في إنشاء الطلب‬
‫‪ .‬إال أن الداعي إلى ذلك كما يكون تارة هو البعث والتحريك نحو‬
‫المطلوب الواقعي ؛ يكون أخرى أحد هذه األمور ـ كما ال يخفى ـ ‪)) ...‬‬
‫إلخ ‪.‬‬
‫أقو ُل ‪ :‬إن « التفريق» بين الصيغة اإلنشائية الطلبية وبين «‬
‫الداعي» تحك ٌم!‪ .‬فالصيغة ( إفعل ) وما يقوم مقامها ال تختلف ؛ إنما‬
‫االستعمال بالقرينة والمناسبة ـ وهما ركنا المجاز ـ هو المتغير ؛ وهذا‬
‫تأثير ـ كما زعم‬
‫ٌ‬ ‫موقوف على « النص اللغوي » ؛ وليس ـ للداعي ـ‬ ‫ٌ‬
‫المصنف ـ ! ‪.‬‬
‫(‪)3‬‬
‫ظ ‪ [ :‬ال يخفى ] إن ما ذكرناه في صيغة األمر‬ ‫(‪)2‬‬ ‫قوله ‪ (( :‬إيقا ٌ‬
‫؛ جار في سائر الصيغ اإلنشائية )) ‪.‬‬
‫ظ مجر ٌد ـ مبهمةٌ‬‫أقو ُل ‪ :‬إن الصيغ ـ المشار إليها هنا بما هي لف ٌ‬
‫أثر ؛ إنما اللفظ وداعيه ( مشتركٌ‬ ‫‪ ،‬وبما هي مقصودةٌ ليس ـ للداعي ـ ٌ‬
‫جاز ) ‪ ،‬واألول والثاني ال دليل عليهما ‪،‬‬ ‫ف ) أو ( م ٌ‬ ‫) أو ( متراد ٌ‬
‫ع باط ٌل ‪.‬‬
‫منصوص ثابتٌ ؛ فالداعي ـ بال نص لغوي ـ ممنو ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫والثالث‬
‫فقول القائل ‪ ( :‬يا جبل اغفر لي ) ــــــــــــــــــــ‬

‫‪34‬‬
‫(‪ )1‬في كفاية األصول المطبوع ‪ :‬ص‪ (( : 69‬قد استعملت )) ‪.‬‬
‫(‪ )2‬ما بين [ ] أثبتناه عن الكفاية المطبوع ‪ :‬ص‪. 69‬‬
‫(‪ )3‬في الكفاية المطبوع ‪ (( :‬ما ذكروه )) ‪.‬‬
‫‪42‬‬ ‫األلفاظ‬
‫ِ‬ ‫ُ‬
‫مباحث‬ ‫أغالط الكفاي ِة ‪ :‬القسم األو ُل ‪:‬‬
‫ِ‬ ‫الوقايةُ من‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫مرفوض لغة ؛ وإن تحقًّق ( الداعي ) ـ عند المتكلم ـ ؛ لعدم استعمال‬ ‫ٌ‬
‫مثله عند أهل اللغة !‪.‬‬
‫قوله ‪ (( :‬المبحث الثاني ‪ :‬في أن الصيغة حقيقةٌ في الوجوب ‪ ،‬أو‬
‫في الندب ‪ ،‬أو فيهما ‪ ،‬أو في المشترك بينهما وجوهٌ ـ بل أقوا ٌل ـ ال‬
‫يبعد تبادر الوجوب عند استعماله بال قرينة ‪ )1( )) ...‬إلخ ‪.‬‬
‫أقو ُل ‪ :‬ما رأيت علما تضاربت اآلراء في مسائله كافة ـ بحيث ال‬
‫تكاد مسألةٌ تخلو من خالف ـ مثل ما هو في « أصول فقههم »!‪.‬‬
‫وصيغة « األمر » فيها ـ عندهم ـ ما يزيد على الحد الذي ذكره‬
‫المصنف بالضعف ‪ .‬لكن النصوص ( الشرعية واللغوية معا ) متفقةٌ‬
‫على أن ( األمر ) للوجوب ؛ كما أن ( النهي ) للحرمة ‪ ،‬والمناسبة‬
‫والقرينة واضحتان فيما خالف هذا من معانيهما المجازية ؛ فقوله‬
‫تعالى ‪ ( :‬أمرنا مترفيها ففسقوا فيها ) (‪ )2‬م ٌ‬
‫جاز ـ حتما ـ ؛ ألن للا ـ‬
‫تعالى ـ ال يأمر بالفسق !‪.‬‬
‫ولو صدقنا المصنف ـ فيما سبق من كالمه قريبا من ـ أن ( ا لداعي‬
‫) هو سبب تغيير ( صيغة األمر ) من الحقيقة إلى المجاز ؛ لكان ذلك‬
‫كفرا ! ؛ حيث ال تتوقف «إرادته التكوينية » على ( الداعي ) مطلقا‬
‫!‪.‬‬
‫قولُهُ ‪ (( :‬المبحث الثالث ‪ :‬هل الجمل الخبرية التي تستعمل في‬
‫مقام الطلب أو البعث ـ مثل ‪ " :‬يغتسل " ‪ ،‬و" يتوضأ " ‪ ،‬و " يعيد‬
‫" ـ ؛ ظاهرةٌ في الوجوب أو ال ؟ ‪ ))...‬إلخ (‪.)3‬‬
‫أقو ُل ‪ :‬إن المصنف اختار داللتها على الوجوب « استظهارا » ؛‬
‫وهو ليس ــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )3( ، )1‬كفاية األصول ص‪. 70‬‬
‫(‪ )2‬سورة اإلسراء ‪ :‬اآلية ‪. 16‬‬
‫‪43‬‬ ‫األلفاظ‬
‫ِ‬ ‫ُ‬
‫مباحث‬ ‫أغالط الكفاي ِة ‪ :‬القسم األو ُل ‪:‬‬
‫ِ‬ ‫الوقايةُ من‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫‪35‬‬
‫بجزم ـ في عرفهم ـ ؛ بل هو أقرب إلى التردد ؛ فيكون ـ رأيه ـ مردودا‬
‫بالنصوص الشرعية واللغوية واالستعمال ‪ .‬كما أن تعليله علي ٌل ؛ حيث‬
‫حمل استعمالها على باب ( الكناية ) ؛ بدليل ما استشهد به من أمثلتها‬
‫؛ لكنه غفل ـ أو تغافل ـ عن باب ( التنـزيل ) ؛ و هو واس ٌع في لغة‬
‫العرب ‪.‬‬
‫ثم إعادة مسألة « الداعي» ـ التي هي من المخترعات المولدة وال‬
‫صلة لها في بحثه هذا وال ما سبقه ـ [بـ]قوله ‪ :‬إن الداعي هو سبب‬
‫المعاني في ( إفعل ) ـ وما ألحق بها ـ ؛ مردو ٌد بقوله تعالى ‪ ( :‬ما منعك‬
‫األمر على « الداعي » ؛ لتخلفت‬‫ٌ‬ ‫أال تسجد إذ أمرتك ) (‪ )1‬؛ فلو توقف‬
‫إرادته ـ تعالى ـ ؛ ألن « الداعي » هو السبب ؛ وال يكون السـبب حتى‬
‫تتحقق إرادته ؛ وهذا منفـ ٌّي عند أهل ( التوحيد ) و ( اللغة ) !‪.‬‬
‫قولُهُ ‪ (( :‬المبحث الرابع ‪ [ :‬أنه ] (‪ )2‬إذا سلم أن الصيغة ال تكون‬
‫حقيقة في الوجوب ؛ هل ال تكون " ظاهرة " فيه أيضا [ أو تكون ]‬
‫(‪ )3‬؟ )) ‪.‬‬
‫موقوف على‬
‫ٌ‬ ‫أقو ُل ‪ :‬إن «الظهور » معناه ظهور المراد ؛ وهو‬
‫« الوضع » وهو الحقيقة فالظهور والحقيقة بينهما من تالزم ال ينفك‬
‫إال بجهل الوضع ‪ ،‬وحينئذ يجب البحث عنه من مصادره ‪ ،‬وليس «‬
‫للبراءة وغيرها» مجا ٌل في حكم لغوي توقيفي ! ‪ .‬فجعل الظهور شيئا‬
‫والحقيقة شيئا آخر خياالتٌ تدل عـلى البون الشاسع بين المصطلح‬
‫اللغوي واألصولي ـ المولد ـ ! ‪.‬‬
‫قولُهُ ‪ (( :‬المبحث الخامس ‪ :‬إن إطالق الصيغة هل يقتضي كون‬
‫الوجوب توصليـا ؟ ـ فيجزي إتيانه مطلقا ولو بدون قصد القربة ـ أو‬
‫ال ؟ ؛ فالبد ــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬سورة األعراف ‪ :‬اآلية ‪. 12‬‬
‫(‪ )3( ، )2‬ما بين [ ] أثبتناه عن الكفاية المطبوع ‪ :‬ص‪. 72‬‬
‫‪44‬‬ ‫األلفاظ‬
‫ِ‬ ‫ُ‬
‫مباحث‬ ‫أغالط الكفاي ِة ‪ :‬القسم األو ُل ‪:‬‬
‫ِ‬ ‫الوقايةُ من‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫))‬ ‫من الرجوع فيما شك في " تعبديته " و" توصليته " إلى األصل ؟‬
‫(‪. )1‬‬
‫أقو ُل ‪ :‬ليست هذه المسألة من « مباحث األلفاظ » ؛ بل مسائل‬
‫الشرع موقوفةٌ على فهم أدلته الخاصـة في المسألة ؛ إذ ال تعرف اللغة‬

‫‪36‬‬
‫« التوصلي» ؛ و« التعبدي » ؛ بل تعرف « وجوبا » ـ وهو الحقيقة‬
‫ـ ؛ والمعاني المجازيـة ـ التي مر بعضها ـ ؛ فهذه المسألة دالةٌ على‬
‫متناقض مع مئات األدلة !‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫أن ( األصول ) خلي ٌ‬
‫ط‬
‫(‪)2‬‬
‫))‬ ‫قوله ‪ (( :‬المبحث السادس ‪...‬‬
‫كالسابق ـ ديني تعبدي محض ـ ال صلة له باللغة ؛ فخذ خليطا من‬
‫«أصولهم» ما شئت عدوا !‪.‬‬
‫(‪)3‬‬
‫))‬ ‫قولُهُ ‪ (( :‬المبحث السابع ‪...‬‬
‫كسابقيه أيضا ‪.‬‬
‫(‪)4‬‬
‫قولُهُ ‪ (( :‬المبحث الثامن ‪. )) ...‬‬
‫محض‬
‫ٌ‬ ‫دي‬
‫ج عن قوانين اللغة واستعمال الفصحاء ؛ فهو تعب ٌّ‬ ‫خار ٌ‬
‫موقوف على الدليل الشرعي ؛ فاللغة تفهم من ( إفعل ) ‪ :‬وجوب‬ ‫ٌ‬
‫اإلتيان بالمأمور به ‪ ،‬وتكفي المرة حتما ؛ فإذا كان مراد اآلمر أكثر‬
‫منها نصب قرينة تدل على مراده ؛ هذا ما في لغة العرب ‪ .‬وأما ما نقله‬
‫عن السكاكي ففلسفةٌ خياليةٌ ـ إن صحت ـ‬
‫فعنده فقط ! ؛ ضرورة أن سياق آية ( وسارعوا إلى مغفرة من ربكم‬
‫) (‪ ، )5‬ــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬كفاية األصول ‪ :‬ص‪. 72‬‬
‫(‪ )2‬فيه ‪ :‬ص‪ 76‬قال ‪ (( :‬قضية إطالق الصيغة كون الوجوب نفسيا تعينيا عينيا ‪ ))...‬إلخ ‪.‬‬
‫(‪ )3‬فيه ‪ :‬ص‪ 76‬قال ‪ (( :‬إنه اختلف القائلون بظهور صيغة األمر في الوجوب وضعا أو‬
‫إطالقا فيما إذا وقع عقيب الحظر أو في مقام توهمه على أقوال ‪ )) ...‬إلخ ‪.‬‬
‫(‪ )4‬فيه ‪ :‬ص‪ 77‬قال ‪ (( :‬الحق أن صيغة األمر مطلقا ال داللة لها على المرة وال التكرار‬
‫‪ )) ...‬إلخ ‪.‬‬
‫(‪ )5‬سورة آل عمران ‪ :‬اآلية ‪. 133‬‬
‫‪45‬‬ ‫األلفاظ‬
‫ِ‬ ‫ُ‬
‫أغالط الكفاي ِة ‪ :‬القسم األو ُل ‪ :‬مباحث‬
‫ِ‬ ‫الوقايةُ من‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪)1‬‬
‫‪.‬‬ ‫وكذا آية ‪ ( :‬فاستبقوا الخيرات )‬
‫قولُهُ ‪ (( :‬المبحث التاسع ‪ :‬الحق أنه ال داللة للصيغة ال على الفور ؛‬
‫وال على التراخي ‪ .‬نعم قضية إطالقها جواز التراخي ‪ ،‬والدليل عليه‬
‫تبادر طلب إيجاد الطبيعة منها بال داللة على تقييدها ـ بأحدهما(‪ )2‬ـ ؛‬
‫فالبد في التقييد من داللة أخرى ؛ كما ادعي داللة غير واحد من اآليات‬
‫على الفورية ‪ .‬وفيه من ٌع )) ‪.‬‬
‫أقو ُل ‪ :‬إن الصيغة بحسب وضعها اللغوي تدل على ( الفور ) ؛‬
‫أمر نسب ٌّى يحدده العرف ؛ بدليل جواز اللوم ـ وربما العقاب ـ‬
‫وهو ٌ‬

‫‪37‬‬
‫للمأمور بسبب التأخير ‪ .‬ومن قال ‪ " :‬إن الصيغة مشتركةٌ بين الفور‬
‫والتراخي في أصل وضعها اللغوي " ـ مستدال بكثرة استعمالها فيهما‬
‫في لغة العرب ؛ والشواهد كثيرةٌ ـ ؛ فليس بمخطئِ ‪ ،‬لكن حقيقة هذه‬
‫المسألة تعود إلى قرائن الحال ؛ و منها ‪ :‬نوعية المأمور به ‪ ،‬وحالة‬
‫المأمور ‪ .‬ثم إن كان اآلمر هو الشارع ؛ والمأمور به حكما شرعيـا ؛‬
‫فلن يفتقر إلى كل هذه االحتماالت العليلة ؛ بل البحث عن القرينة كاف‬
‫‪ ،‬وفي حالة فقدها ؛ فاألمران ‪.‬‬
‫وعلى كل حال فالمسألة من ( مسائل الشرع ) ؛ ال من ( مباحث‬
‫األلفاظ ) ‪.‬‬
‫ط كان الالزم أن ينزه قلمه عنه ‪،‬‬ ‫وقوله ‪ « :‬أحد اآليات » غل ٌ‬
‫)‬‫‪3‬‬ ‫(‬

‫غريب جدا ؛ فذلك من عمل ( العامة )‬‫ٌ‬ ‫واستدالله بآيات « متشابهة »‬


‫‪.‬‬
‫غريب جدا !‪ .‬فقد قالوا ‪ « :‬الكلي‬
‫ٌ‬ ‫وقوله بداللتها على إيجاد الطبيعة ؛‬
‫الطبيعي‬
‫ال يتحقق في الخارج إال بأفراده فقط » ؛ وهي المرة في التكاليف‬
‫المعنوية وغيرها ؛‬
‫فكيف زعم تعلق « األمر» بما ال يتحقق في الخارج ـ حسب منطقهم‬
‫ــــــــــــــــــــ‬ ‫ـ ؟! ‪.‬‬
‫(‪ )1‬سورة البقرة ‪ :‬اآلية ‪. 148‬‬
‫(‪ )2‬في الكفاية المطبوع ‪ :‬ص‪ (( : 80‬بأحدها )) ‪.‬‬
‫(‪ )3‬الوارد ـ كما ذكره سابقا ـ ‪ (( :‬غير واحد من اآليات )) ‪.‬‬
‫‪46‬‬ ‫األلفاظ‬
‫ِ‬ ‫ُ‬
‫مباحث‬ ‫أغالط الكفاي ِة ‪ :‬القسم األو ُل ‪:‬‬
‫ِ‬ ‫الوقايةُ من‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫قولُهُ ‪ (( :‬الفصل الثالث ‪ :‬اإلتيان بالمأمور به على وجهه يقتضي‬
‫اإلجزاء في الجملة بال شبهة )) (‪. )1‬‬
‫كثير جدا في أصولهم ؛ مجهولة‬‫ٌ‬ ‫أقو ُل ‪ :‬إن هذه العبارة وأمثالها‬
‫القائل ؛ إذ لو كان معلوما لنسبها المصنف إليه ( تصريحا أو تلميحا )‬
‫!‪ .‬ولوال إشغال األفكار ؛ لما ذكرت تلك المجهوالت !‪.‬‬
‫وما ذكره المصنف في تأويلها ـ من حيث « الوجـه » و «‬
‫ث باط ٌل ( لغة وشرعا وعقال ) ‪ .‬فأهل‬‫االقتضـاء » و « اإلجزاء » ـ عب ٌ‬
‫اللغة يرون الخادم قائما بما أمره به سيده إذا جاء بالمأمور به كما‬
‫طلب منه ‪ ،‬والشرع صـري ٌح ‪ ( :‬ال يكلف للا نفسا إال وسعها ) (‪، )2‬‬

‫‪38‬‬
‫والعقل يرفض إجهاد الفكر بأمر مجهول وحكم غير معلوم مصدره ؛‬
‫كهـذه العبارة التي أجهد المصنف بها نفسه ؛ وأشغل غـيره ‪.‬‬
‫قولُهُ ‪ (( :‬األول ‪ :‬إن اإلتيان بالمأمور به باألمر الواقـعي ـ بل‬
‫(‪)3‬‬
‫األمر االضطراري أو الظاهري أيضا ـ يجزي عن التعبد به ‪))...‬‬
‫(( الموضع الثاني ‪ :‬وفيه مقامان ‪ :‬األول ‪ :‬في أن اإلتيان بالمأمور‬
‫به باألمر االضطراري ؛ هل يجزي عن اإلتيان بالمأمور به باألمر‬
‫الواقعي ثانيا بعد رفع االضطرار ‪ )4( ))...‬إلخ ‪.‬‬
‫أقو ُل ‪ :‬قسمية هذه المباحث ـ مباحث األلفاظ ـ واإلدعاء أنها مما‬
‫تتحمله لغة العرب جريمةٌ أدبيةٌ وخيانةٌ تأريخيةٌ ؛ فالواجب على كل‬
‫مثقف الوقوف في وجه « لغة الصوفية والفالسفة » أن تدخل لغة‬
‫العرب ذات اللسان المبين! ؛ ــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )4( ، )1‬كفاية األصول ‪ :‬ص‪. 84 ، 81‬‬
‫(‪ )2‬سورة البقرة ‪ :‬اآلية ‪. 286‬‬
‫(‪ )3‬في الكفاية المطبوع ‪ :‬ص‪ (( : 83‬بل باألمر )) ‪ ،‬وفي نسخة ‪ (( :‬أو باألمر )) ‪.‬‬
‫‪47‬‬ ‫األلفاظ‬
‫ِ‬ ‫ُ‬
‫مباحث‬ ‫أغالط الكفاي ِة ‪ :‬القسم األو ُل ‪:‬‬
‫ِ‬ ‫الوقايةُ من‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫كما أن قوله " « باألمر الواقعي» في زمن الغيبة الكبرى ؛ ال يوافقه‬
‫عليه واح ٌد من ألف من علماء اإلمامية ـ إال من شذ ـ !‪.‬‬
‫قولُهُ ‪ (( :‬فص ٌل ‪ :‬في مقدمة الواجب ‪:‬‬
‫[ و ](‪ )1‬قبل الخوض في المقصود ينبغي رسم األمور ‪:‬‬
‫(‪)2‬‬

‫األول ‪ :‬الظاهر أن المهم المبحوث عنه ـ في هذه المسألة ـ البحث‬


‫عن المالزمة بين وجوب الشيء ووجوب مقدمته ؛ فتكون مسألة‬
‫أصولية ال عن نفس وجوبها ـ كما هو المتوهم من بعض العناوين ـ‬
‫كي تكون فرعية ؛ وذلك لوضوح أن البحـث ـ كذلك ـ ال يناسب‬
‫اهر ـ أيضا ـ أن المسألة عقليةٌ ‪)) ...‬‬
‫األصولي )) إلى قـو ِل ِه ‪ (( :‬ثم الظ ٌ‬
‫إلخ ‪.‬‬
‫أقو ُل ‪ :‬البد من تمهيد نشير إليه ‪:‬‬
‫أ ـ إن بحث « مقدمة الواجب » في علم األصول ؛ لمن فضائح هذا‬
‫العلم والعار الذي لحق العاملين بقواعده ـ في ماضيهم وحاضرهم ـ‬
‫!‪.‬مما اضطر « بعض مثقفيهم » إلى إسدال الستار على ما في هذه‬
‫المسألة وغيرها من اختالف وتناقض وعرضها على المغفلين ـ في‬
‫عصرنا ـ ؛ كأنها من المسلمات لئال يطلع من ال خبرة له ؛ ويتنبه‬

‫‪39‬‬
‫الغافل ؛ فيتذكر « نهي القرآن الكريم » سلوك سبيل تؤدي إلى الخالف‬
‫‪ ،‬من ذلك قوله تعالى ‪ ( :‬منيبين إليه وٱتقوه وأقيموا ٱلصالة وال تكونوا‬
‫من المشركين = من الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا كل حزب بما‬
‫لديهم فرحون )(‪ )3‬؛ فعمل لتحسينه ‪ « :‬ما تعمله الماشطة التي تدلس‬
‫العروس»! ؛ آمنا من « النقد »‪.‬؛ لخلو الساحة العلمية ورغبة الناس‬
‫في الدنيا ! ‪.‬‬
‫ــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬ما بين [ ] أثبتناه عن الكفاية المطبوع ‪ :‬ص‪. 89‬‬
‫(‪ )2‬في الكفاية المطبوع ‪ (( :‬أمور )) ‪.‬‬
‫(‪ )3‬سورة الروم ‪ :‬اآليتان ‪. 32 ، 31‬‬
‫‪48‬‬ ‫األلفاظ‬
‫ِ‬ ‫ُ‬
‫مباحث‬ ‫أغالط الكفاي ِة ‪ :‬القسم األو ُل ‪:‬‬
‫ِ‬ ‫الوقايةُ من‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫( ب ) ما هو المراد من « الواجب » المبحوث عن « مقدمته »‬
‫هنا ؟‬
‫إن كان شرعيا ؛ فالمرجع « النبي وآله » ـ ع ـ ؛ فالواجب البحث‬
‫عما أمروا ـ ع ـ به أتباعهم ‪ .‬وإن كان مكتسبا من اللغة ؛ فالواجب البحث‬
‫عنه في كتب اللغة ‪ .‬وإن كان عقليا ـ كما صرح به المصنف ـ ؛ فالمسألة‬
‫ـ حينئذ ـ من مسائل العلوم العقلية ؛ فما وجه زجها في أصول منسوبة‬
‫« للفقه » ؛ أيكون الفقه مستنبطا بـ « العقول » ؟!‬
‫( ج ) هل تم تعيين حكم مقدمات الواجبات الدينية من قبل النبي‬
‫واألئمة ـ ع ـ أم ال ؟ ‪.‬‬
‫(( الصالة عمود الدين )) ؛ وقد تم تعيين الوضوء ‪ ،‬الغسل ‪ ،‬التيمم ‪،‬‬
‫اللباس ‪ ،‬المكان ‪ ،‬الوقت ‪ ،‬القبلة ‪ ...‬إلخ ‪ ،‬ولم تبق مسألةٌ واحدةٌ من‬
‫مقدماتها مشكوكٌ فيها ؛ فهي بحاجة إلى مثل هذا البحث !‪.‬‬
‫( الزكاة ) ؛ وقد تم بيان ما تجب فيه ‪ ،‬والنصاب ‪ ،‬والمستحق ‪،‬‬
‫ومن تجب عليه ‪ ...‬إلخ ‪.‬‬
‫( الصوم ) ؛ وقد تم تعيين شروط التكليف به ‪ ،‬ووقت وجوبه ‪،‬‬
‫ورؤية الهالل ‪ ،‬واختالف األفق ‪ ...‬إلخ‪.‬‬
‫واجب‬
‫ٌ‬ ‫وال أطيل « الحديث » ؛ بل أختصره بهذا السؤال ‪ :‬هل يوجد‬
‫( في أصول الدين أو في فروعه ـ مهما كان الفرع ـ ) ؛ لم تستوف‬
‫الشريعة شروطه وأحكامه ؛ سواء ما يتعلق منها بنفس الواجب أم‬
‫بمقدماته أم بالمكلف به ‪ ...‬إلخ ؛ حتى تحتاج « استعارة » هذه المباحث‬

‫‪40‬‬
‫من األشاعرة تارة ؛ ومن المعتزلة أخرى ؟! ؛ بل ومن غيرهم ـ وهم‬
‫كثير ـ ؟!‪.‬‬
‫ٌ‬
‫اللهم إال أن يكون سبب سلوك هذه السبيل ؛ هو الغيرة وتقليد من بنى‬
‫مذهبه على «عقله » !‪.‬‬
‫‪49‬‬ ‫األلفاظ‬
‫ِ‬ ‫ُ‬
‫مباحث‬ ‫أغالط الكفاي ِة ‪ :‬القسم األو ُل ‪:‬‬
‫ِ‬ ‫الوقايةُ من‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫أما اإلمامية ؛ فهم أتباع (‪ )12‬إماما معصوما ‪ ،‬وقد أغناهم للا تعالى‬
‫بهم (ع) عن سلوك سبيل أهل العقول و اآلراء!!‪.‬‬
‫وبع ُد ‪ :‬فأقسام «الواجب» ـ التي ذكرها المصنف ـ ليست مما‬
‫تعرفها اللغة ‪ .‬ولما كان هذا القسم ـ من كتابه ـ معدا لبحث األلفاظ فقط‬
‫؛ كان الالزم يقضي ببيان وجه استعمال الواجب ( الواقعي ‪،‬‬
‫واالضطراري ‪ ،‬والظاهري ‪ ،‬وغيرها ) أمن الحقيقة أم من المجاز ؟‬
‫؛ لكنه أهمل ذلك !‪.‬‬
‫وهو من المجاز ‪ ،‬واشتراكها في الوجوب هو المناسبة ‪ ،‬والقرينة‬
‫التصريح بالمراد من قبل الشارع ‪ ،‬ووجـوب المالزمة أو نفس‬
‫المقدمة أمـ ٌر ال صـلة له باللفظ ؛ بل إن صح ؛ فبسبب أمر خارج ؛ فهذا‬
‫ال صلة له بـ ( بحث اللفظ ) !‪.‬‬
‫علما بأن المفهوم وجوب الواجب وحده إال « الوجودية » ؛ كما لو‬
‫أمر السيد عبده بإحراق شيء ؛ فإن على العبد ـ أوال ـ إحضار النار‬
‫للقيام بما كلف به أما « غيرها» ؛ فموقوفةٌ على النص ؛ فإذا وجبت‬
‫( عقال أو نصا ) حصلت المالزمة ( بالعقل أو بالنص ) ؛ فالفصل بين‬
‫محض ؛ ال يدل‬
‫ٌ‬ ‫وجوب المقدمة وحصول المالزمة حين الوجوب تحك ٌم‬
‫عليه عق ٌل و ال لغةٌ ‪.‬‬
‫قولُهُ ‪ (( :‬األمر الثاني ‪ :‬إنه ربما تقسم المقدمة إلى تقسيمات منها‬
‫‪ :‬تقسيمها إلى داخلية " وهي األجزاء المأخوذة في الماهية المأمور‬
‫بها" ‪ .‬والخارجية " وهي األمور الخارجة عن ماهيته ‪. )1( )) ...‬‬
‫أقولِ ‪ :‬إذا كان كل جزء ـ جزء ـ مقدمةٌ داخليةٌ للواجب ؛ وأن‬
‫الواجب هو المجموع الكلي ؛ فيلزم التكليف بما ال يطاق ‪ ،‬والعسر‬
‫والحرج من جهة ‪ ،‬ومن جهة أخرى يطلق على « من شرع بالقراءة‬
‫» بعد النـية والتكبير ــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬كفاية األصول ‪ :‬ص‪. 89‬‬

‫‪41‬‬
‫‪50‬‬ ‫األلفاظ‬
‫ِ‬ ‫ُ‬
‫مباحث‬ ‫أغالط الكفاي ِة ‪ :‬القسم األو ُل ‪:‬‬
‫ِ‬ ‫الوقايةُ من‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫أنه قائ ٌم يصلي ؛ فكيف سميت المقدمة الداخلية باسم الواجب الكلي ؟‬
‫مشهور في اللغة‬
‫ٌ‬ ‫! ‪ ،‬وتسمية المكلف ـ مصليا ـ بمجرد الشروع‬
‫الشرعية ـ بالكتاب والسـنة وكتب الفقه كافة !‪.‬‬
‫ثم كيف جاز ـ على هذا ـ صدق نية الصالة على « التكبيرة » ـ فما‬
‫بعدها إلى التسليم ـ ؟!‪ .‬والحالة ـ على هذا ـ أن ينوي « المقدمة الداخلية‬
‫»! ؛ مقدمة بعد مقدمة ؛ مع تكرار النـية ؛ وذلك من « البدع المتخيلة‬
‫» فقط ؛ غير واقعة كما نعلم! ‪.‬‬
‫(‪)1‬‬
‫وأما الخارجية فإنما توقف الواجب عليها [ ال يكون ] إال بأمر «‬
‫خاص » ؛ وإال لما وجبت ( كالوضوء مثال ) ؛ فإنه وجب بـ « النص »؛‬
‫ال كـ «مقدمة »!‪ .‬لذا عد عبادة مستقلة ؛ وترتبت عليه شروط العبادة‬
‫كافة ‪ ،‬ومنها ـ مثال ـ بطالنه بالرياء ‪ ،‬ووجوب القربة ‪ ...‬إلخ ‪ ،‬هذا‬
‫بالنسبة « للمقدمة الشرعية » ؛ وأما غيرها ؛ فسيأتي الكالم عنها ‪.‬‬
‫قولُهُ ‪ (( :‬ومنها ‪ :‬تقسيمها إلى ‪ :‬العقلية ‪ ،‬والشرعية ‪ ،‬والعادية ‪.‬‬
‫فالعقلية ‪ :‬ما استحيل ـ واقعا ـ وجود ذي المقدمة بدونه ‪ .‬والشرعية ـ‬
‫على ما قيل ـ ‪ :‬ما استحيل وجوده ـ بدونه ـ شرعا ؛ ولكنه ال يخفى‬
‫رجوع الشرعية إلى العقلية ؛ ضرورة أنه ال يكاد يكون مستحيال ذلك‬
‫شرعا إال إذا أخذ فيه شرطا وقيدا ‪ ،‬واستحالة المشروط والمقيد بدون‬
‫شرطه وقيده يكون عقليا ‪ )2( )) ...‬إلخ ‪.‬‬
‫أقو ُل ‪ :‬إعادته المقدمة الشرعية إلى العقلية ؛ والربط بينهما مطلقا‬
‫؛ ناب ٌع من قولهم ‪ " :‬كل ما حكم به الشرع حكم به العقل " وبالعكس‬
‫ف في صحتها ـ عند‬ ‫‪ ،‬وتلك مقالةٌ مرفوضة ـ بالكتاب والسـنة ـ مختل ٌ‬
‫القائلين بها ــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬ما بين [ ] أثبتناه استظهارا ؛ ليستقيم السياق ‪.‬‬
‫(‪ )2‬كفاية األصول ‪ :‬ص‪. 91‬‬
‫‪51‬‬ ‫األلفاظ‬
‫ِ‬ ‫ُ‬
‫مباحث‬ ‫‪:‬‬ ‫ل‬
‫ُ‬ ‫األو‬ ‫القسم‬ ‫أغالط الكفاي ِة ‪:‬‬
‫ِ‬ ‫الوقايةُ من‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫وبأمثالها ـ ! ‪.‬‬
‫ثم حصـره « المقدمة الشرعية » بالقيدية والشرطية فقط ؛ تحك ٌم‬
‫محض ؛ « فالتعبديات » فوق ما نتصور ـ نحن ـ بعقولنا القاصرة ! ‪.‬‬
‫ٌ‬

‫‪42‬‬
‫فالشارع قد يأمر بأمر نتصوره نحن مقدمة لغيره ؛ لكنه في الواقع‬
‫مجهو ٌل سره ـ عندنا ـ !!؛ لذا ال نستطيع الحكم عليه بشرطية وقيدية‬
‫؛ وإال لو لم يكن الوضوء للصالة « تعبديا محضا » ؛ لما سقط بعد‬
‫غسل الجنابة دون غيره من األغسال !‪.‬‬
‫فإن قيل ‪ :‬سقوطه بعده بسبب « النص الخاص » ‪.‬‬
‫قلنا ‪ :‬هو دلي ٌل لنا إذ يفهم منه « التعبدية » ـ ال الشرطية والقيدية‬
‫»! ‪ ،‬والمقدمة « العادية » زجها في الشرعيات مضحكةٌ يعرفها من‬
‫له أدنى ذكاء ! ‪.‬‬
‫قولُهُ ‪ (( :‬األمر الثالث ‪ :‬في تقسيمات الواجب ‪:‬‬
‫(‪)1‬‬
‫منها ‪ :‬تقسيمه إلى المطلق والمشروط ‪ )) ...‬إلخ ‪.‬‬
‫أقو ُل ‪ :‬ثبت ـ شرعا ولغة ـ داللة األمر ـ بصيغه المختلفة لفظا ـ‬
‫على الوجوب المطلق ‪ ،‬وما خرج ـ عن هذا المعنى ـ فقد خرج عن‬
‫المصطلح المعهود ـ شرعا ولغة ـ !‪ .‬وحينئذ يدخل في باب « المجاز‬
‫موقوف على « القرنية الصارفة » ‪.‬‬ ‫ٌ‬ ‫» ؛ وهو‬
‫تذنيب ‪ :‬ال يخفى أن إطالق الواجب على الواجب‬ ‫ٌ‬ ‫قولُهُ ‪(( :‬‬
‫المشروط بلحاظ حال حصول الشرط ـ على الحقيقة ـ مطلقا‪ .‬أما بلحاظ‬
‫مجاز على المختار ؛ حيث ال‬‫ٌ‬ ‫حال قبل حصوله ‪ )) ...‬إلى قوله ‪ (( :‬و‬
‫تلبس بالوجوب عليه قبله ‪ )2( )) ...‬إلخ ‪.‬‬
‫أقو ُل ‪ :‬الوجوب في لغة العرب ـ وهي لغة الشرع ـ الحتم ‪،‬‬
‫واستحقاق ــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )2( ، )1‬كفاية األصول ‪ :‬ص‪. 100 ، 94‬‬
‫‪52‬‬ ‫األلفاظ‬
‫ِ‬ ‫ُ‬
‫مباحث‬ ‫أغالط الكفاي ِة ‪ :‬القسم األو ُل ‪:‬‬
‫ِ‬ ‫الوقايةُ من‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ج عن حقيقة الوجوب ؛‬ ‫فأمر خار ٌ‬
‫ٌ‬ ‫العقاب عند مخالفته ‪ .‬أما الشرط‬
‫فإن ثبت الشرط كان وجوبا آخر دل عليه لفظ الشرط بأداته الخاصة ‪.‬‬
‫أما مع التركيب ـ بمعنى استفادة وجوب الشرط أو وجوب الواجب‬
‫فمجاز مطلقا ـ قبل حصول‬‫ٌ‬ ‫المشروط من نفس الصيغة الجديدة ـ ؛‬
‫ع فيه (‬‫مرفوض ( لغة ) ؛ متناز ٌ‬
‫ٌ‬ ‫الشرط وبعده ـ ؛ فمختار المصنف‬
‫فقها ) !‪.‬‬
‫وعلى كل حال ينبغي نقل مثل هذه المسائل إلى األصول العملية !؛ إذ‬
‫ال صلة لها بـ « مباحث األلفاظ » !‪.‬‬

‫‪43‬‬
‫واجب‬
‫ٌ‬ ‫قال العالمة ابن فارس ‪ « :‬الشرط على ضربين ‪ :‬شر ٌ‬
‫ط‬
‫مذكور إال أنه غير معزوم عليه وال محتوم »‬
‫ٌ‬ ‫إعماله ‪ ،‬والشرط اآلخر‬
‫(*) ‪.‬‬
‫قولُهُ ‪ (( :‬ومنها ‪ :‬تقسيمه إلى النفسي ‪ ،‬والغيري ‪ )1( )) ...‬إلخ ‪.‬‬
‫أقو ُل ‪ :‬بعد عرض ـ هذه المواضيع‪ .‬وأمثالها ـ على القرآن الكريم‬
‫القائل ‪ ( :‬ومن لم يحكم بما أنزل للا فأولئك هم الكافرون )(‪ )2‬؛ يظهر‬
‫التناقض التام بين هذه التقسيمات الفلسفية والتعاليم القرآنية «التعبدية‬
‫التوقيفية » ‪.‬كما أن اللغة لم تحدد للواجب معنى سوى الحتم والفرض‬
‫‪ .‬أما صفاته األخرى ـ كالنفسي والغيري مثال ـ ؛ فموقوفةٌ على نص‬
‫أو قرينة ؛ فتكون « المسألة » من باب المجاز أو من باب « أمر جديد‬
‫ووضع جديد » من قبيل التفصيل بعد اإلجمال ‪ ،‬أو من قبيل « النسخ‬
‫» إلى غير ذلك مما يطرأ على األوامر والنواهي وغيرها ‪.‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫( * ) الصاحبي (‪ (( . )59‬فکون الشرط حقيقة ومجازا‪ .‬ومجازه أکثر من حقيقته ؛ أشهر‬
‫من أن يحتاج إلى دليل ؛ فإطالق توقف المشروط على تحقق الشرط مناف للغة العرب‬
‫)) ‪ ( .‬المؤلف ) ‪.‬‬
‫ــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬كفاية األصول ‪ :‬ص‪. 108‬‬
‫(‪ )2‬سورة المائدة ‪ :‬اآلية ‪. 44‬‬
‫‪53‬‬ ‫األلفاظ‬
‫ِ‬ ‫ُ‬
‫أغالط الكفاي ِة ‪ :‬القسم األو ُل ‪ :‬مباحث‬
‫ِ‬ ‫الوقايةُ من‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫فذكر هذه التقاسيم ـ دون ذكر أمثلتها والنصوص الشرعية واللغوية‬
‫المؤيدة لها ـ تحك ٌم يليق باألشاعرة والمعتزلة ال باإلمامية المتمسكين‬
‫بأربعة عشر معصوما ‪.‬‬
‫قولُهُ ‪ (( :‬تذنيبان ‪ :‬األول ‪ :‬ال ريب في استحقاق الثواب على امتثال‬
‫األمر النفسي وموافقته ؛ واستحقاق العقاب على عصيانه ومخالفته ـ‬
‫عقال ـ ‪ ،‬وأما استحقاقها (‪ )1‬على امتثال الغيري ومخالفته ؛ ففيه إشكا ٌل‬
‫؛ وإن كان التحقيق عدم االستحقاق ‪ )) ...‬إلخ ‪.‬‬
‫ف‬‫أقو ُل ‪ :‬ال صحة لما ذكره المصنف ـ شرعا ـ ؛ ألن الثواب لط ٌ‬
‫من للا تعالى ال بعمل العبد ؛ كما أن العقاب متروكٌ لحكمته تعالى ؛‬
‫مستور عن العقول ! ؛‬
‫ٌ‬ ‫فإن شاء عفا؛ وإن شاء عاقب ‪ ،‬واألمر غيب ٌّي‬

‫‪44‬‬
‫مخالف للثابت في الشريعة‬
‫ٌ‬ ‫ق لحكم الفالسفة ؛‬
‫فقول المصنف مطاب ٌ‬
‫واللغة !‪.‬‬
‫وعلى كل حال هذه المسائل ليست من ( مباحث األلفـاظ ) ال‬
‫تصريحا وال تأويال !‪.‬‬
‫( ختام في ِه تنبيه )‬
‫إن بقية مسائل « مقدمة الواجب » ـ التي أعرضنا عن ذكرها ـ ك ٌّل‬
‫ع ألعداء‬ ‫قياس ‪ ،‬واستحسا ٌن ‪ ،‬واجتها ٌد في مقابل النص ‪ ،‬وبد ٌ‬
‫ٌ‬ ‫منها ‪:‬‬
‫ٌ‬ ‫ٌ‬
‫مذهب آل محمد ـ عليهم السالم ـ ‪ ،‬وفلسفة يونانية ‪ ( .‬والعاقبة للمتقين‬
‫) (‪.! )2‬‬
‫قولُهُ ‪ (( :‬فص ٌل ‪ :‬األمر بالشيء هل يقتضي النهي عن ضده أو ال‬
‫؟‬
‫فيه أقوا ٌل ‪ :‬وتحقيق الحال يستدعي رسم أمور ‪:‬‬
‫األول ‪ :‬االقتضاء ـ في العنوان ـ أعم من أن يكون بنحو العينية أو‬
‫الجزئية‬
‫ــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬في كفاية األصول ‪ :‬ص‪ 110‬؛ وفيه ‪ (( :‬استحقاقهما )) ‪.‬‬
‫(‪ )2‬سورة األعراف ‪ :‬اآلية ‪ 128‬وسورة القصصِ ‪ :‬اآلية ‪. 83‬‬
‫‪54‬‬ ‫األلفاظ‬
‫ِ‬ ‫ُ‬
‫مباحث‬ ‫أغالط الكفاي ِة ‪ :‬القسم األو ُل ‪:‬‬
‫ِ‬ ‫الوقايةُ من‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫أو اللزوم من جهة التالزم بين طلب أحد الضدين وطلب ترك اآلخر ‪...‬‬
‫))‬
‫(‪ )1‬إلخ ‪.‬‬
‫أقو ُل ‪ :‬لتنظر أيها الحر إلى ما يفتتح به المصنف األبواب والفصول‬
‫والمسائل كافة من اإلشارة إلى الخالف المستمر ؛ وإلى عمل الماشطة‬
‫العلمية المعاصرة ؛ حيث عرضوا مسائل هذا الخليط كأنها ‪ ( :‬قولوا‬
‫‪ :‬ال إله إال األصول المضطربة تفلحوا ! ) ‪.‬‬
‫وإنني أطوي كشحا عن البحث في هذا الباب بكامله ؛ إذ ال صلة‬
‫له بلغة العرب ومباحث ألفاظها ؛ وليقل « عباد الشخصيات » عجز‬
‫عن الرد وهرب عن « الساحة العلمية » ‪ :‬ألنني لما قرأت « الموضوع‬
‫مستعار ـ حرفيا ـ من « سوفسطائية اإلغريق ولغة‬
‫ٌ‬ ‫» بان لي أنـه‬
‫الصوفية » ؛ فتركه لعاشقيه أفضل من إضاعة الوقت فيه والرد عليه‬
‫( لغة وشرعا ) !‪.‬‬

‫‪45‬‬
‫قولُهُ ‪ (( :‬فص ٌل ‪ :‬ال يجوز أمر اآلمر مع علمه بانتفاء شرطه ـ خالفا‬
‫لما نسب إلى أكثر مخالفينا ـ ضرورة أنه ال يكاد يكون الشيء مع عدم‬
‫علته كما هو المفروض ـ ها هنا ـ فإن الشرط [ من أجزائها ؛ وانحالل‬
‫المركب بانحالل بعض أجـزائه مما ال يخفى ‪ ،‬وكون الجواز في العنوان‬
‫بمعنى اإلمكان الذاتي بعي ٌد ] (‪ )2‬محل الخالف بين األعالم ‪ )) ...‬إلخ ‪.‬‬
‫أقو ُل ‪ :‬قال العالم المحقق الحكيم المدقق الشيخ حسين بن شهاب‬
‫الدين الكركي العاملي ـ المتوفى ‪ 1076‬هـ ـ ما نصه ‪ (( :‬فاعلم أن أكثر‬
‫المسائل األصولية إنما يتجه العمل بها عند العامة دون الخاصة ؛ ألن‬
‫بعضها مبن ٌّي على عدم القول بوجود المعصوم ؛ الذي يجب الرجوع‬
‫إليه في أمور الدين بعد وفاة النبي ـ ص ـ ‪ )) ...‬إلخ ‪ « .‬هداية األبرار‬
‫‪ :‬ص ‪.» 304‬‬
‫ــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬في كفاية األصول ‪ :‬ص‪. 129‬‬
‫(‪ )2‬ما بين [ ] أثبتناه عن المطبوع ‪ :‬ص‪ 137‬؛ والظاهر سقوطه سهوا ‪.‬‬
‫‪55‬‬ ‫األلفاظ‬
‫ِ‬ ‫ُ‬
‫مباحث‬ ‫أغالط الكفاي ِة ‪ :‬القسم األو ُل ‪:‬‬
‫ِ‬ ‫الوقايةُ من‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫وبع ُد ‪ :‬ليس لما ذكره المصنف ـ مجا ٌل في اللغة ليكون من باب «‬
‫مباحث األلفاظ » ؛ ألن غير عالم الغيوب ال يعلم بما صير إليه أمره ‪،‬‬
‫وليس له مجا ٌل ـ شرعا ـ كما قال ؛ ألن اإلمامية تعتقد بـ « تكليف‬
‫الكفار في الفروع واألصول معا » ؛ مع علمه تعالى « بجحودهم »!‪.‬‬
‫وقد كلف الباري نبيه وبلغ النبي ـ صلى للا عليه وآله ـ بإقامة علي ـ‬
‫عليه السالم ـ مقامه بعد مـوته ( يوم الغدير ) تكليفا ؛ من أطاع دخل‬
‫اإليمان ‪ ،‬ومن عصى دخل الكفر ال تكليفا ( صوريا امتحانيا ) كما قال‬
‫المصنف ؛ فهذا من باب ما أشار إليه شيخنا الكركي ـ كما قدمنا بعض‬
‫كالمه أخيرا ـ ؛ فكيف يصح ـ لغة ـ تحميل اللغة هذه المصطلحات‬
‫الغريبة ؛ وتحميل المذهب بما هو هد ٌم ألسسه ؟! ‪.‬‬
‫قولُهُ ‪ (( :‬فص ٌل ‪ :‬الحق أن األوامر والنواهي تكون متعلقة بالطبائع‬
‫دون األفراد ‪ ،‬و ال يخفى أن المراد أن متعلق الطلب في األوامر هو‬
‫صرف اإليجاد ؛ كما أن متعلقه في النواهي هو محض الترك ؛‬
‫ومتعلقهما هو نفس الطبيعة المحدودة بحدود ‪ ،‬والمقيدة بقيود تكون‬
‫بها موافقة للغرض والمقصود من دون تعلق غرض بإحدى‬
‫الخصوصيات الالزمـة للوجودات ؛ بحيث لو كان االنفكاك عـنها ـ‬

‫‪46‬‬
‫بأسرها ـ ممكنا ؛ لما كان ذلك مما يضر بالمقصود أصال ‪ )1( )) ...‬إلخ‬
‫‪.‬‬
‫متناقض» !؛‬
‫ٌ‬ ‫أقو ُل ‪ :‬طالما كنا نردد القول ‪ « :‬إن األصول خـليط ٌ‬
‫فخذ ـ هذه المسألة منه ـ دليال على تناقـض أحكامه ؛ فقد تقدم الكالم‬
‫بوجوب « المقدمة » ـ خصوصا « الوجودية » منها ـ ؛ فما هو مدى‬
‫االنسجام مع هذا الكالم ؟! ؛ وباإلضافة إلى « التناقض» خـروج‬
‫المسألة عما هو المعروف ـ في لغة العرب والمصطلح الفقهي معا ـ‬
‫خطاب ؛ بل بفـرد ما ـ ال بعينه‬ ‫ٌ‬ ‫!‪ ،‬إذ الطبيعة «كل ٌّي طبع ٌّي» ال يتعلق به‬
‫ـ من أفراده ؛ فكيف خرج المصنف عن ــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬في كفاية األصول ‪ :‬ص‪. 138‬‬
‫‪56‬‬ ‫األلفاظ‬
‫ِ‬ ‫ُ‬
‫مباحث‬ ‫‪:‬‬ ‫ل‬
‫ُ‬ ‫األو‬ ‫أغالط الكفاي ِة ‪ :‬القسم‬
‫ِ‬ ‫الوقايةُ من‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫« حكم المنطق واللغة » ؟! ‪.‬‬
‫قولُهُ ‪ (( :‬فص ٌل ‪ :‬إذا نسخ الوجوب ؛ فال داللة لدليل الناسخ وال‬
‫المنسوخ على بقاء الجواز ـ بالمعنى األعم وبالمعنى األخص ـ كما ال‬
‫داللة لهما على ثبوت غيره من األحكام ‪ )1( )) ...‬إلخ ‪.‬‬
‫أقولِ ‪ « :‬أليس فيكم رج ٌل رشي ٌد » (‪ )2‬؛ فيسأل نفسه أو يسأل (‬
‫مدرسه ) ما صلة هذه الخياالت بلغة العرب ؟! ؛ ال سيما النسخ (‬
‫شرعي جاء به القرآن ؛ وله أحكامه المعروفة ) ؛ فكيف‬ ‫ٌّ‬ ‫مصطل ٌح‬
‫يصرف العمر بما ال صلة له بشرع وال لغة ؟ ! ‪.‬‬
‫نعم ؛ ثمرته ( التمويه ) و ( التشبه ) ـ بالعلم والعلماء ـ ‪.‬‬
‫إن لم تكونوا من الكرام تشبهوا إن التشبـه بالكرام جـميل !‬
‫‪.‬‬
‫قولُهُ ‪ (( :‬فص ٌل ‪ :‬إذا تعلق األمر بأحد الشيئين أو األشياء ؛ ففي‬
‫وجوب كل واحد على التخيير ـ بمعنى عدم جواز تركه إال إلى بدل ‪،‬‬
‫أو وجوب الواحد ال بعينه ‪ ،‬أو وجوب كل منهما مع السقوط بفعل‬
‫أحدهما ‪ ،‬أو وجوب المعين عند للا ـ أقوا ٌل ‪.‬‬
‫والتحقيق أن يقال ‪ :‬إنه إن كان األمر بأحد الشيئين بمالك أنه‬
‫ض واح ٌد يقوم به كل واحـد منهما ؛ بحيث إذا أتى بأحدهما‬ ‫هناك غر ٌ‬
‫(‪)3‬‬
‫حصل به تمام الفرض ‪ )) ...‬إلخ ‪.‬‬

‫‪47‬‬
‫أقو ُل ‪ « :‬الواجب التخييري » في لغة العرب والشرع أشهر من‬
‫الشمس في رابعة النهار ‪ ،‬و « التبادر» من أقوى الحجج ـ عند‬
‫المصنف وأمثاله ـ ‪ ،‬ــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )3( ، )1‬في كفاية األصول ‪ :‬ص‪. 140‬‬
‫(‪ )2‬المصنف لعله أخذ هذا على جهة االقتباس من اآلية بالمعنى وليس بالنص الحرفي فإن‬
‫اآلية هكذا ( أليس منكم رج ٌل رشي ٌد ) ‪ ،‬وهي اآلية ‪ 78‬من سورة هود‬
‫‪57‬‬ ‫األلفاظ‬
‫ِ‬ ‫ُ‬
‫مباحث‬ ‫أغالط الكفاي ِة ‪ :‬القسم األو ُل ‪:‬‬
‫ِ‬ ‫الوقايةُ من‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫وإن معنى « التخيير » ـ كما يتبادر منه عند سماعه ـ ‪ :‬أن المكلف قد‬
‫فرض عليه « واح ٌد » فقط ‪ ،‬وقد ترك تعيين ذلك « الواحد » إلى‬
‫اختيار المكلف نفسه ؛ فبأيهما أتى فقد امتثل الواجب ؛ وسقط اآلخر ‪.‬‬
‫هذا ما يفهم من «التخيير » ( لغة و شرعا ) ؛ فال معنى « للقدر‬
‫الجامع » كما تخيله المصنف ! ‪ ،‬و ال معنى لقوله ‪ (( :‬وكان التخيير‬
‫بينهما ـ بحسب الواقع ـ عقليا ال شرعيا )) (‪ )1‬؛ فعتق الرقبة ‪ ،‬أو صيام‬
‫شرعي !‪.‬‬
‫ٌّ‬ ‫عقلي ال‬
‫ٌّ‬ ‫شهرين متتابعين ‪ ،‬أو إطعام ستين مسكينا ـ مثال ـ‬
‫فنقو ُل ‪ :‬ما دخل العقـل في « أصل التشـريع والتكوين »؟! ؛ وهل‬
‫على ما ذكره دلي ٌل من لغة العرب ؛ وهو يبحث ألفاظها ال ألفاظ «‬
‫البلبالن » لغة الصوفية الملحدة ؟!‪.‬‬
‫قولُهُ ‪ (( :‬فص ٌل ‪ :‬في وجوب (‪ )2‬الواجب الكفائي ‪.‬‬
‫والتحقيق أنه سن ٌخ من الوجوب ‪ )) ...‬إلى قو ِل ِه ‪ (( :‬كما هو قضية‬
‫توارد العلل المتعددة على معلول واحد )) إلخ (‪. )3‬‬
‫أقو ُل ‪ :‬لعل دفاع محاربي القبيلة عن سرحها ومرعاها ‪ ،‬وغير‬
‫ذلك هو من باب العمل الجماعي غير المشروط باستغراق األفراد ـ‬
‫تنفيذا ـ ؛ و إن كان مستغرقا في أصل الوجوب ‪ ،‬وقول المصنف بـ (‬
‫توارد العلل على معلول واحد ) ؛ مردو ٌد ؛ حيث ال علة وال معلول هنا ؛‬
‫بل تشري ٌع بالنسبة للشرعيات ‪ ،‬والشرعيات ال تعلل ـ حقيقة ـ ‪ .‬وغير‬
‫الشرعيات ـ من العرفيات ـ ال علة و ال معلول فيها أيضا !‪.‬‬
‫ــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬في كفاية األصول ‪ :‬ص‪. 141‬‬
‫(‪ )2‬في متن المطبوع ‪ :‬ص‪ 143‬لم ترد لفظة ( وجوب ) ‪ ،‬وفي الهامش عن نسخة ‪(( :‬‬
‫الوجوب )) ‪.‬‬
‫(‪ )3‬لفظة (( إلخ ) الظاهر أنها زائدة ؛ ألن ما ذكره قبلها نهاية هذا الفصل ‪.‬‬
‫‪58‬‬ ‫األلفاظ‬
‫ِ‬ ‫ُ‬
‫مباحث‬ ‫أغالط الكفاي ِة ‪ :‬القسم األو ُل ‪:‬‬
‫ِ‬ ‫الوقايةُ من‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫‪48‬‬
‫إنما هي « لغةٌ صوفيةٌ » تخيلها المصنف !‪.‬‬
‫قولُهُ ‪ (( :‬فص ٌل ‪ :‬ال يخفى أنه وإن كان الزمان مما البد منه عقال في‬
‫الواجب ؛ إال أنه تارة مما له دخ ٌل فيه شرعا ؛ فيكون موقتا ‪ ،‬وأخرى‬
‫ال دخل له فيه أصال فهو غير موقت ‪.‬‬
‫ق‬
‫والموقت ‪ :‬إما أن يكون الزمان المأخوذ فيه بقدره ؛ فـ ( مضي ٌ‬
‫) ‪ ،‬وإما أن يكون أوسع منه ؛ فـ ( موس ٌع ) ‪ )1( )) ...‬إلخ‪.‬‬
‫أقو ُل ‪ :‬قالوا ‪« :‬كل ما حكم به العقل حكم به الشرع ؛ وبالعكس »‬
‫حتى شاعت هذه البدعة على ألسنة العوام وأشباههم ! ‪ ،‬لكنهم ـ بين‬
‫حين وآخر ـ يذكرون مسائل « حكم بثبوتها العقل ونفاها الشرع أو‬
‫بالعكس » ؛ منها هذه المسألة ؛ فقد أقر المصنف بحكم العقل في‬
‫ثبوتها ولم يحكم الشرع بثبوتها! ‪ ،‬وقضية الواجب ( المضيق‬
‫والموسع ) ؛ مما له دخ ٌل في اللفظ ـ لغة ـ لكن المصنف لم يذكر داللة‬
‫اللفظ لغةِ ؛ أي معنى هو ( الحقيقي ) ‪ ،‬وأي معنى هو ( المجازي )‬
‫‪ ،‬وما هو األصل في مقام ( الشك ) ‪ ،‬متناسيا أن « بحثه » هنا في‬
‫األلفاظ ! ؛ جريا على تفسير الصوفية ( الشرعي أو اللغوي أو العقلي‬
‫) ! ؛ فهم في جانب والمقصود في جانب آخر !‪.‬‬
‫لكننا نقول ‪ :‬إن داللة األمر على ( المضيق ) و ( الموسع ) حقيقةٌ‬
‫في كل منهما من باب االشتراك ؛ فالبد من قرينة ( حالية ‪ ،‬أو مقالية‬
‫‪ ،‬أو عقلية ) لتعيين المراد ‪ ،‬ومن ذهب إلى داللة األمر على الفـور ؛‬
‫فيتحتم عليه القول بـ ( بالمضيق ) عند الشك بينه وبين ( الموسع ) ‪.‬‬
‫كما أن المصنف زج حكم العقل ـ هنا ـ متناسيا أنه ذكر عدم داللة‬
‫الفعل على ( الزمان ) عقال ! ؛ وهذا دلي ٌل لنا على تناقض « األصول‬
‫» !‪.‬‬
‫ــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬في كفاية األصول ‪ :‬ص‪. 141‬‬
‫‪59‬‬ ‫األلفاظ‬
‫ِ‬ ‫ُ‬
‫مباحث‬ ‫أغالط الكفاي ِة ‪ :‬القسم األو ُل ‪:‬‬
‫ِ‬ ‫الوقايةُ من‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫أمر به لو كان الغرض حصوله‬ ‫قولُهُ ‪ (( :‬فص ٌل ‪ :‬األمر باألمر بشيء ٌ‬
‫غرض في توسيط الغير به إال بتليغ أمره به ‪ ،‬كما‬
‫ٌ‬ ‫‪ ،‬ولو لم يكن له‬
‫(‪)1‬‬
‫هو المتعارف في أمر الرسل باألمر والنهي ‪ )) ...‬إلخ ‪.‬‬
‫أقولِ ‪ :‬إن الرسل المعصومين تثبت رسالتهم بالمعجزة ‪،‬‬
‫معروف من شروط «الراوي والرواية » ‪ ،‬والشق‬
‫ٌ‬ ‫وغيرهم بما هو‬

‫‪49‬‬
‫الثاني من كالم المصنف محض خيال صوفي ؛ ال صلة له في لغة وال‬
‫شرع !‪.‬‬
‫أمر بشيء بعد األمر به قبل امتثاله ‪...‬‬
‫قولُهُ ‪ (( :‬فص ٌل ‪ :‬إذا ورد ٌ‬
‫)) (‪. )2‬‬
‫أقو ُل ‪ :‬عجبا لصرف العمر بهذه «التخيالت» المرفوضة لغة‬
‫وشرعا ؛ بل وعقال ـ غالبا ـ !‪.‬‬
‫أمر بعد أمر قبل امتثاله أو بعد امتثاله إنما هو تأكي ٌد لألمر‬
‫فإذا جاء ٌ‬
‫األول ما لم تكن في الثاني« بعض الخصوصيـات » ؛ فيكون الثاني‬
‫جـديدا ‪ .‬هذا ما يفهمه أهل اللغة وبلغتهم « نزل الدين »‪.‬‬
‫قولُهُ ‪ (( :‬المقصد الثاني ‪ :‬في النواهي ‪ :‬فص ٌل ‪ :‬الظاهر أن النهي‬
‫بمادته وصيغته في الداللة على الطلب مثل األمر بمادته وصيغته ؛ غير‬
‫أن متعلق الطلب في أحدهما الوجود ‪ ،‬وفي اآلخر العدم ‪ ))...‬إلى قو ِل ِه ‪:‬‬
‫(( نعم يختص النهي بخالف ؛ وهو أن متعلق الطلب فيه ؛ هل هو الکف‬
‫أو مجرد الترك وأن ال يفعل ؟ ؛ والظاهر هو الثاني ‪ )3( ))...‬إلخ ‪.‬‬
‫أقو ُل ‪ « :‬الترك » ‪ :‬مفارقة الشيء ‪ ،‬وقد يكون اختيارا ‪ ،‬أو‬
‫اضطرارا ‪ .‬و« النهي » ‪ :‬كراهة الناهي للمنهي عنه ‪ ،‬وفعل المنهي‬
‫سبب الستحقاق ــــــــــــــــــــ‬
‫ٌ‬ ‫عنه‬
‫(‪ )1‬في المطبوع ‪ :‬ص‪ (( : 144‬أو النهي )) ‪.‬‬
‫(‪ )3( ، )2‬كفاية األصول ‪ :‬ص‪ ، 145‬ص‪149‬‬
‫‪60‬‬ ‫األلفاظ‬
‫ِ‬ ‫ُ‬
‫مباحث‬ ‫أغالط الكفاي ِة ‪ :‬القسم األو ُل ‪:‬‬
‫ِ‬ ‫الوقايةُ من‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫العقاب مع قدرة الناهي ‪.‬‬
‫محض ‪ .‬ومنه المنهيات‬
‫ٌ‬ ‫هذا هو المعنى اللغوي للنهي ؛ فهو تحري ٌم‬
‫الشرعية ‪.‬‬
‫وقول المصنف ـ هنا ـ وفي األمر أيضا « بمادته وصيغته» مع تكرار‬
‫كالمه ؛ ر ٌّد صري ٌح لقواعد لغـة العـرب ! ؛ فـ « الصيغة المجردة »‬
‫ظ ‪ ،‬واأللفاظِ قوالب المعاني ؛ ففصل المادة ( أي المعنى ) عن‬ ‫لف ٌ‬
‫الصيغة ( أي اللفظ ) ؛ تحكـ ٌم ال دليل عليه ـ من اللغة ـ !‪.‬‬
‫ولئن قال النحويون ـ في باب المصادر مثال ـ ‪ :‬إن « فعاال» يدل‬
‫على مرض ‪ ،‬و « تفعاال » على االنتقال ؛ فإنما يعنون وضع هذه‬
‫الصيغ لهذه المعاني ال أن يكون المعنى شيئا والصيغة شي ٌء آخر!‪.‬‬

‫‪50‬‬
‫فكالم المصنف وغيره من «األصوليين » خال عن الدليل اللغوي ؛ بل‬
‫قال علماء العربية ‪ « :‬ضرب فع ٌل ماض» دون قصد لضرب وضارب‬
‫معينين ( جملةٌ اسميةٌ ) ؛ فهذا ر ٌّد على ما زعمه المصنف ـ وغيره ‪،‬‬
‫وحمل « النهي » حقيقة على االستمرار ـ حسب استمرار المنهي عنه‬
‫ـ ؛ وخالفه م ٌ‬
‫جاز ‪.‬‬
‫وإذا قلنا باالستمرار ؛ فالزمه التكرار ‪ ،‬هذا ما عليه اللغة ؛ وجاء‬
‫به شعر العرب ؛ وهو الديوان الذي حفظ لغتهم ‪.‬‬
‫قولُهُ ‪ (( :‬فص ٌل ‪ :‬اختلفوا في جواز اجتماع األمر والنهي في ( واحد‬
‫) وامتناعه [ على أقوال ] (‪ )1‬؛ ثالثها جوازه عقال وامتناعه عرفا !‪.‬‬
‫وقبل الخوض ـ في المقصود ـ يقدم أمو ٌر ‪ :‬األول ‪ :‬المراد (‪ )2‬بـ (‬
‫الواحد ) مطلق ما كان ذا وجهين مندرجا تحت عنوانين ‪ )) ...‬إلخ ‪.‬‬
‫عقلي» ؛ فما‬
‫ٌّ‬ ‫أقو ُل ‪ :‬بعد أن صرح المصنف أن هذه المسألة « تخي ٌل‬
‫هو المبرر ــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬ما بين [ ] أثبتناه من المطبوع ‪ :‬ص‪.150‬‬
‫(‪ )2‬في األصل كتبت ‪ (( :‬ما المراد )) ؛ ولفظة (( ما )) االستفهامية زائدةٌ خطأ ؛ ولم ترد‬
‫في المطبوع ‪.‬‬
‫‪61‬‬ ‫األلفاظ‬
‫ِ‬ ‫ُ‬
‫أغالط الكفاي ِة ‪ :‬القسم األو ُل ‪ :‬مباحث‬
‫ِ‬ ‫الوقايةُ من‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫لزجها في « مباحث األلفاظ »؟! ؛ أليس هذا من تفاسير الصوفية ـ‬
‫خذلهم للا تعالى ـ ؟!‬
‫نصيب من الصحة ـ مهما فسروا به «‬ ‫ٌ‬ ‫ولو كان لتلك الخياالت‬
‫االجتماعِ» ـ لحصل االختالف في األوامر والنواهي اإللهية ! ‪.‬‬
‫ثم نقول ـ أيضا ـ ‪ :‬ما هو المبرر إلدخال « العرفيات » هنا ؟! ‪ ،‬ثم‬
‫ما يدري المصنف وأمثاله أن « العرفيات المعاصرة » هي «العرفيات‬
‫» قبل أكثر من ألف عام ؟!‪.‬‬
‫فعالم « التحكم » في « اللغويات » و« الشرعيـات » و « العرفيات‬
‫» ـ التي مضى أهلها قبل ما يزيد على ألف عام ـ ‪ ،‬و « العقليات » ال‬
‫لدليل ثابت سوى الخياالت ؟ !‪.‬‬
‫وقد كان ردنا كما ترى ؛ ألن الباب ليس من اللغة ؛ فنبحثه لغويا ‪،‬‬
‫وال من الشرع ؛ إذ ال نظير له فيه ـ مطلقا ـ !‪.‬‬
‫وزجه « الصالة » ـ هنا ـ مهانةٌ للشرع والصالة ! ؛ فالصالة ـ‬
‫كعملة ورقية أو غيرهاـ تختلف ؛ فكلمة « عملة » هل تدل على «‬
‫وحدة » عرفا أم عقال ؟! ‪.‬‬

‫‪51‬‬
‫اللهم جنبنا « مزالق التصوف الخبيثة » !‪.‬‬
‫(‪)2‬‬
‫قولُهُ ‪ (( :‬وينبغي التـنبيه على أمور ‪ :‬األول ‪ ، )1( ....‬الثاني ‪....‬‬
‫‪ ،‬الثالث ‪ )) )3( ...‬إلخ ‪.‬‬
‫أقو ُل ‪ :‬بعد التأمل ـ فيما ذكره فيها ـ يتضح أنها آرا ٌء لألشاعرة‬
‫والمعتزلة‬
‫ــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬التنبيه األول ‪ :‬في مناط االضطرار الرافع للحرمة ذكر في المطبوع ‪ :‬ص‪ 167‬إلى‬
‫‪:‬ص‪. 174‬‬
‫(‪ )2‬التنبيه الثاني ‪ :‬صغروية الدليلين لكبرى التعارض أو التزاحم في المطبوع ‪ :‬ص‪174‬‬
‫إلى ص‪. 179‬‬
‫(‪ )3‬التنبيه الثالث ‪ :‬إلحاق تعدد اإلضافات بتعدد العنوانات في المطبوع ‪ :‬ص‪. 180 ، 179‬‬
‫‪62‬‬ ‫األلفاظ‬
‫ِ‬ ‫ُ‬
‫مباحث‬ ‫أغالط الكفاي ِة ‪ :‬القسم األو ُل ‪:‬‬
‫ِ‬ ‫الوقايةُ من‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫والصوفية وغيرهم من أهل الضالل ؛ ال صلة لها في لغة عربية وال‬
‫دين ‪ ،‬وإنما أجهد المصنف نفسه فيها ؛ وفرضها على ( من قلده ) ؛‬
‫ألن شيخه ( العالمة ) قد دونها في كتبه ‪ ،‬وكل ما دونه وجب إتباعه‬
‫!‪.‬‬
‫قولُهُ ‪ (( :‬فص ٌل ‪ :‬في أن النهي عن الشيء هل يقتضي فساده أم‬
‫(‪)3‬‬
‫ال؟!‪ )1( ))...‬إلى المقامين ( مقام العبادات ‪ )2( ...‬ومقام المعامالت ‪...‬‬
‫) إلخ ‪.‬‬
‫أقو ُل ‪ :‬بعد الرجوع إلى ما ذكره المصنف ـ سابقا ـ في المراد من «‬
‫النهي » يظهر تناقض ما ذكره هنا مع ما ذكره هناك ؛ وكل األصول‬
‫هكذا!‪ .‬فالحق اللغوي والشرعي أن النهي معناه تحريم المنهي عنه ‪،‬‬
‫وهذا معناه بطالن فعله واستحقاق العقاب على تعمد فعله‪.‬؛ ال فرق‬
‫بين ( عبادة ) أو ( معاملة ) ؛ فلو باع خمرا ‪ ،‬أو صلى في مغصوب ـ‬
‫متعمدا عالما ـ استحق العقاب على كليهما ‪ .‬والشريعة السمحاء ال‬
‫تتجاوز اللغة ‪ ،‬واللغة ال تزيد على هذا ؛ فما زاد فضلة ! ‪.‬‬
‫قولهُ ‪ (( :‬المقصد الثالث ‪ :‬في المفاهيم ‪ :‬مقدمةٌ ‪ :‬وهي أن المفهوم‬
‫ـ كما يظهر من موارد إطالقه ـ هو عبارةٌ عن حكم ( إنشائي أو إخباري‬
‫) تستتبعه خصوصية المعنى الذي أريد من اللفظ بتلك الخصوصية ‪))...‬‬
‫(‪ )4‬إلى قو ِل ِه ‪ (( :‬وقد انقدح من ذلك أن النـزاع في ثبوت المفهوم وعدمه‬
‫ـ في الحقيقة ـ إنما يكون في أن القضية ( الشرطية ‪ ،‬أو الوصفية ‪ ،‬أو‬

‫‪52‬‬
‫غيرهما ) هل تدل بالوضع أو بالقرينة العامة على تلك الخصوصية‬
‫المستتبعة لتلك القضية األخرى أم ال ؟ )) (‪. )5‬‬
‫ــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬كفاية األصول ‪ :‬ص‪ 180‬ـ ‪. 186‬‬
‫(‪ )2‬نصه في الكفاية ‪ :‬ص‪ (( : 186‬والبد ـ في تحقيقه على نحو يظهر الحال في األقوال ـ‬
‫من بسط المقال في مقامين ‪ :‬األول ‪ :‬في العبادات ‪ )) ...‬إلخ‬
‫(‪ )3‬في الكفاية ‪ :‬ص‪ 188 ،187‬نصه ‪ (( :‬المقام الثاني في المعامالت ‪ )) ...‬إلخ ‪.‬‬
‫(‪ )5( ، )4‬كفاية األصول ‪ :‬ص‪. 194 ، 193‬‬
‫‪63‬‬ ‫األلفاظ‬
‫ِ‬ ‫ُ‬
‫مباحث‬ ‫أغالط الكفاي ِة ‪ :‬القسم األو ُل ‪:‬‬
‫ِ‬ ‫الوقايةُ من‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫أقو ُل ‪ :‬مِقدِمةِ فيها مسائ ُل ‪:‬‬
‫المسألةُ األولى ‪ :‬لم يذكر المصنف بابا وال مسألة ـ ومنه هذا الباب‬
‫ـ ؛ إال وصرح أو أشار إلى نزاع وخالف فيه ! ‪ ،‬لكننا حينما نقرأ هذا‬
‫الباب نفسه في « أصول المظفر » ـ مثال ـ نجده كأنه من بدهيات اللغة‬
‫وضروريات الدين ! ‪ ،‬وال يخلو إما أن يكون « اآلخوند » قد صور (‬
‫المتفق عليه ) مختلفا فيه ! ؛ لغرض تهويل األمر ؛ وذلك خالف (‬
‫أمانة البحث ) ‪ ،‬أو يكون « المظفر » قد صـور ( رأيه الخاص ) رأيا‬
‫لعموم اإلمامية كأنه ( الناطق الرسمي ) باسمهم جميعا ! ‪ ،‬وفيه ما‬
‫فيه ‪.‬‬
‫المسألةُ الثانيةُ ‪ :‬ال لوم على ( األخباريين ) حينما أعرضوا عن‬
‫صرف العمر في مثل هذه ( المتناقضات ) ؛ لما فيها من ( ركون إلى‬
‫الذين كفروا ) ؛ وورود النهي عن آل محمد ـ ع ـ عما يؤدي إلى‬
‫الخالف والفتنة ! ‪ .‬فإن لم تثبت مثل هذه المفاهيم ـ لغة وال شرعا ـ ؛‬
‫فعالم صرف العمر فيها ؛ وإهمال آثار آل محمد ـ ع ـ من أجلها ؟! ‪.‬‬
‫ي ؟ ؛ أين مصدره‬ ‫المسألةُ الثالثةُ ‪ :‬هل للمفاهيم ـ جميعا ـ دلي ٌل لغو ٌّ‬
‫شرعي ؟ ؛ فأين هو من الكتاب والسـنـة ؟! ‪.‬‬ ‫ٌّ‬ ‫من كتب اللغة ؟! ‪ ،‬أو‬
‫المسألةُ الرابعةُ ‪ :‬ذكر المصنف في ( باب األمر ) وفي ( باب النهي‬
‫) أن خالفهما معصيةٌ ؛ فأقول ‪ :‬إن مثاله ‪ ( :‬إن جاءك زي ٌد فأكرمه ) ‪،‬‬
‫لو أكرمه المأمور ـ قبل المجيء مثال أو بعده ـ ؛ أكان يعد عاصيا ؟!‬
‫‪ ،‬فما وجب فعله ال يجوز تركه ‪ ،‬وما وجب تركه ال يجوز فعله ؛ فهل‬
‫يرى المصنف إكرام زيد ـ قبل أو بعد المجيء ـ حراما أم مباحا ؟!‪( .‬‬
‫التبادر ) يقضي بإباحته ‪ ،‬وتحريمه ـ مسألةٌ شرعيةٌ ـ تتوقف على دليل‬

‫‪53‬‬
‫شرعي ال ذوقي ؟!‪ .‬فالعقل يحكم ويجزم بأن المراد إكرام زيد ‪ ،‬نعم‬
‫يتأكد حين مجيئه إلى المأمور ‪.‬‬
‫‪64‬‬ ‫األلفاظ‬
‫ِ‬ ‫ُ‬
‫مباحث‬ ‫أغالط الكفاي ِة ‪ :‬القسم األو ُل ‪:‬‬
‫ِ‬ ‫الوقايةُ من‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫وبع ُد ‪ :‬فقد ذكر شيخنا المقدس محمد بن الحسن الحر العاملي ـ قدس‬
‫سره ـ في كتابه ( الفوائد الطوسية ) عددا جما من اآليات الشريفة‬
‫المتضمنة للشرط ؛ لكن فيه ـ ما سنوضحه ـ ‪:‬‬
‫(‪)1‬‬
‫(( (‪ ( )1‬ولئن جئتهم بآية ليقولن الذين كفروا إن أنتم إال مبطلون )‬
‫؛ مع أنهم كانوا يقولون ذلك ويعتقدونه قبل مجيء اآلية !!‪.‬‬
‫(‪ ( )2‬قل إن كنتم تحبون ٱلل فاتبعوني يحببكم ٱلل )(‪ )2‬؛ مع أن اتباعه‬
‫واجب على من يحب للا وعلى غيره ؛ والفريقان مأموران به ‪.‬‬ ‫ٌ‬
‫(‪ ( )3‬ولو أنما في األرض من شجرة أقال ٌم والبحر يمده من بعده سبعة‬
‫أبحر ما نفدت كلمات ٱلل ) (‪ )3‬؛ مع أنها ال تنفد مع وجود الشرط وعدمه‬
‫‪.‬‬
‫(‪)4‬‬
‫(‪ ( )4‬وإذا تتلى عليه آياتنا ولى مستكبرا ) ؛ مع أن المذكور لم‬
‫يزل موليا مستكبرا قبل التالوة )) ‪.‬‬
‫(‪)5‬‬
‫وبعد عد اآليات ـ وهي " ‪ "125‬آية ـ ؛ بل أكثر ؛ قال ‪ (( :‬ولو‬
‫أردنا إيراد األمثلة من الحديث الشريف وكالم الفصحاء والبلغاء نظما‬
‫ونثرا ؛ لطال الكالم وضاق المقام )) ( * ) ‪ ( .‬اهـ ) ‪.‬‬
‫هذا حال أقوى المفاهيم ؛ فما الظن باألضعف ؟!‬

‫====================================‬
‫( * ) انظر الفائدة ‪ : )63( :‬ص‪ : 279‬ط‪/‬قم ؛ ففيها تفصي ٌل كاف وبيانٌ واف ‪.‬‬
‫ــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬سورة الروم ‪ :‬اآلية ‪. 58‬‬
‫(‪ )2‬سورة آل عمران ‪ :‬اآلية ‪. 31‬‬
‫(‪ )4( )3‬سورة لقمان ‪ :‬اآليتان ‪. 9 ، 27‬‬
‫(‪ )5‬نعم هي ‪ 130‬آية ـ إن لم يزغ بصرنا عن إحداها ـ ‪.‬‬
‫‪65‬‬ ‫األلفاظ‬
‫ِ‬ ‫ُ‬
‫مباحث‬ ‫أغالط الكفاي ِة ‪ :‬القسم األو ُل ‪:‬‬
‫ِ‬ ‫الوقايةُ من‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫( تنبيه )‬
‫حيث قد ثبت ‪ « :‬بدهيـا » أن مجاز لغة العرب ( في النظم والنثر‬
‫أضعاف مضاعفةٌ بالنسبة للحقيقة ؛ لذا فإن اللفظ يحمل على الحقيقة‬
‫ٌ‬ ‫)‬

‫‪54‬‬
‫بعد النظر إلى سابقه والحقه للتأكد من عدم القرينة الصارفة ؛‬
‫خصوصا في مواضيع قد كثر فيها الخروج عن الحقيقة ؛ ومنها (‬
‫المفاهيم ) هذا إن ثبتت إرادة الشرط بمجرد اللفظ ؛ ولم تثبت بدون‬
‫قرينـة أو دليل خارجي ـ حسب علمنا القاصر ـ وللا أعلم ‪.‬‬
‫قولُهُ ‪ (( :‬فص ٌل ‪ :‬الجملة الشرطية هل تدل على االنتفاء عند االنتفاء‬
‫خالف بين األعالم‬
‫ٌ‬ ‫كما تدل على الثبوت عند الثبوت بال كالم أم ال ؟ ؛ فيه‬
‫‪.‬‬
‫ال شبهة في استعمالها وإرادة االنتفـاء عند االنتفـاء في غير مقام‬
‫؛ إنما اإلشكال والخالف في أنه بالوضع أو بقرينة عامة ‪ )1( )) ...‬إلخ‬
‫‪.‬‬
‫أقو ُل ‪ :‬سبق ذكر بعض اآليات من مجموع ( ‪125‬آية ) ! ‪.‬‬
‫ال يراد من الشرط االنتفاء عند االنتفاء ؛ وال اإلثبات عند اإلثبات‬
‫؛ كما هو ظاهر تلك اآليات ـ السابقة ـ كافة ‪.‬‬
‫وأما قوله ـ في عنوان الفصل ـ ‪ « :‬الجملة الشرطية » مع علمه‬
‫أن جمل الشرط من الجمل الناقصة المعنى ؛ ولن يتم معنـاها إال‬
‫بالجواب ؛ ويقـال له ( الجزاء ) أيضا ‪ ،‬وبسبب هذا النقص سميت (‬
‫جملةٌ ) ‪ ،‬ولم تسم (كالما ) ؛ لعدم الفائدة التي يحسن السكوت عليها‬
‫!‪.‬‬
‫عارض »‬
‫ٌ‬ ‫فإن قيل ‪ :‬نقصها «‬
‫قيل ‪ :‬كل ما الزم شي ٌء شيئا أثر فيه !؛ ففي ( عنوانه ) شبهةٌ‬
‫وإشكا ٌل ؛ ألنه سلك ما خالف القواعـد العربية ‪ ،‬وأما زعمه العلة‬
‫والمعلول في ( باب ــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬كفاية األصول ‪ :‬ص‪. 194‬‬
‫‪66‬‬ ‫األلفاظ‬
‫ِ‬ ‫ُ‬
‫مباحث‬ ‫أغالط الكفاي ِة ‪ :‬القسم األو ُل ‪:‬‬
‫ِ‬ ‫الوقايةُ من‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫كثير من األحكام‬
‫الشرط ) ؛ فوه ٌم صري ٌح ؛ ألن العلية لو ثبتت ؛ لبطل ٌ‬
‫كثير من القواعد العقلية واللغوية أيضا !‪.‬‬
‫الشرعية الضرورية ؛ بل و ٌ‬
‫ولئن ثبتت العلية في واحد من ألف بسبب دليل خارجي أو قرينة ؛ فال‬
‫يعني هذا أن كل قضية شرطية علةٌ ومعلو ٌل ! ‪.‬‬
‫( تنبيه )‬
‫غريب جدا ؛ حيث‬
‫ٌ‬ ‫إنشائي )‬
‫ٌّ‬ ‫قول المصنف ‪ ( :‬إن من الشرط ما هو‬
‫لو كان اإلنشاء صالحا للجواب أو الجزاء ؛ لما افتقر إلى ( الفاء‬

‫‪55‬‬
‫الرابطة ) !‪ .‬علما بأنهم أدخلوها على ( الجمل االسمية واإلنشائية )‬
‫؛ حينما تكون جوابا ؛ لبعدها عن ( الشرطية ) ؛ ألن أصل الشرط‬
‫إخبار مبه ٌم ؛ كما هو واض ٌح من لفظه ‪ .‬على أن مقالته تحتاج إلى دليل‬
‫ٌ‬
‫من اللغة ؛ وأنى له به ! ‪.‬‬
‫(‪)1‬‬
‫))‬ ‫قولُهُ ‪ (( :‬فص ٌل ‪ :‬الظاهر أنه ال مفهوم للوصف ‪...‬‬
‫(‪)2‬‬
‫))‬ ‫قولُهُ ‪ (( :‬فص ٌل ‪ :‬هل الغاية في القضية ‪...‬‬
‫قولُهُ ‪ (( :‬فص ٌل ‪ :‬ال شبهة في داللة االستثناء ‪ )3( )) ...‬إلخ ‪.‬‬
‫أقو ُل ‪ :‬من قرأ ـ بعين اإلنصاف ـ هذه الفصول وجدها خارجة عن‬
‫قواعد اللغة ؛ متجاهلة للشريعة ونظامها ‪ ،‬لكننا قد استفدنا منها شيئا‬
‫هو االعتراف الضمني ـ من المصنف ـ بتقدم أبي حنيفة في هذا‬
‫المضمار ‪ ،‬ولم ينقل مثله عن إمام من أئمتنا ـ ع ـ «عليه » تصريحا‬
‫وال تلميحا؛ مما يدل على بعد هذا الهجين عن مذهبهم ـ ع ـ ! ‪.‬‬
‫قولُهُ ‪ (( :‬المقصد الرابع ‪ :‬في العام والخاص ‪ :‬فص ٌل ‪ :‬قد عرف‬
‫العام بتعاريف وقع من األعالم فيها النقض بعدم اإلطراد تارة‬
‫واالنعكاس أخرى ‪. )4( ))...‬‬
‫ــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )4( ، )3( ، )2( ، )1‬كفاية األصول ‪ :‬ص‪. 215 ، 209 ، 208 ، 206‬‬
‫‪67‬‬ ‫األلفاظ‬
‫ِ‬ ‫ُ‬
‫مباحث‬ ‫أغالط الكفاي ِة ‪ :‬القسم األو ُل ‪:‬‬
‫ِ‬ ‫الوقايةُ من‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫أقو ُل ‪ :‬من تأمل كالم المصنف ظهر تضارب اآلراء ؛ مع أن‬
‫المسألة ـ هنا ـ لغويةٌ محضةٌ ‪ .‬فكان الواجب ذكر ما عرفه به أهل‬
‫اللغة ال الصوفية !‪.‬‬
‫وقوله بعدم تعلق األحكام بالعام بما هو عا ٌّم ؛ بل بمصاديقه وأفراده‬
‫نفي لوجوده ؛ ألننا قرأنا في « أل » االستغراقية أن منها‬ ‫؛ في الحقيقة ٌ‬
‫ما يتعلق بالماهية أو مجموع األفراد أو فرد ال بعينه ‪ .‬فحصره ( التعلق‬
‫) باألفراد والمصاديق فقط ؛ مناف للغة العرب ـ وهي لغة الشرع ـ ‪.‬‬
‫على أنني سمعت ـ اآلن ـ من ينفي « لغة العرب لغة للشرع » ؛ ويقول‬
‫‪ « :‬العربي» ـ وصف القرآن ـ معناه الفصيح فقط ؛ وهذا غير اللغة‬
‫المعهودة !‪.‬‬
‫فقلتُ ‪ :‬واآليات التي منها قوله تعالى ‪ ( :‬ولتنذر أم القرى ومن‬
‫حولها ) (‪ )1‬أي مكة ؟! ؛ فهل كانوا غير عرب ؟! ؛ أم كان يصحب معه‬

‫‪56‬‬
‫( مترجما) ؟!‪ .‬وقوله تعالى ‪ ( :‬وما أرسلنا من رسول إال بلسان قومه‬
‫) (‪ ، )2‬وغير ذلك ؛ فلتخرس ( الشعوبية الجديدة ) !‪.‬‬
‫قولُهُ ‪ (( :‬فص ٌل ‪ :‬ال شبهة في أن للعموم صيغةٌ تخصه ـ لغة وشرعا‬
‫ـ كالخصوص ‪. )3( ))...‬‬
‫أقو ُل ‪ :‬البد من سؤال نتقدم به إلى من خضعوا لقبول ـ هذا الخليط‬
‫ـ وصدقوا بأنه « عل ٌم » ؛ هل اللغة ولغة الشرع شيئان أم شي ٌء واح ٌد‬
‫؟‬
‫كثير من كالم‬
‫فإن قلتم بالفرق بينهما ـ كما يدل عليه هنا وفي غيره ٌ‬
‫المصنف ـ إذ «ال يعطف الشيء على نفسه »! ؛ بل البد من تغاير (‬
‫حقيقة أو حكما ) ؛ لكن عشرات اآليات ترد قول المصنف ومن ماثله‬
‫ـ منها ‪« :‬آيات ــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬سورة األنعام اآلية ‪ 92 :‬؛ ومثلها اآلية ‪ 7‬من سورة الشورى إال أن فيها ( لتنذر ) دون‬
‫الواو ‪.‬‬
‫(‪ )2‬سورة إبراهيم ‪ :‬اآلية ‪. 5‬‬
‫(‪ )3‬كفاية األصول ‪ :‬ص‪. 216‬‬
‫‪68‬‬ ‫األلفاظ‬
‫ِ‬ ‫ُ‬
‫أغالط الكفاي ِة ‪ :‬القسم األو ُل ‪ :‬مباحث‬
‫ِ‬ ‫الوقايةُ من‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪)1‬‬
‫التحدي» ؛ فلو كانت لغة القرآن وهو الدستور األول لشريعة‬
‫اإلسالم وشرعه غير لغة من خاطبهم بالتحدي ؛ لبطل الخطاب ؛ وحق‬
‫لهم االعتذار بأنك ‪ ( :‬ال تكلمنا بلغتنا ) ـ واألحاديث (‪ )2‬المتواترة عند‬
‫المسلمين كافة !‪.‬‬
‫وإن قلتم ‪ :‬بـ « اتحادهما» فهو الحق ؛ لكن لماذا تتظاهرون‬
‫بالفصل ؟! ؛ أللتشكيك ؟! ؛ أم لبعث «الشعوبية » من جديد ؟! ؛ أم‬
‫أينما وقعت فت ٌح ؟! ‪.‬‬
‫ثم نقول ـ أخيرا ـ ‪ :‬هل يقدر أحدكم أن يأتي بصيغة للعموم في «‬
‫لغة الشرع » فقط ؟! ؛ أو في «اللغة فقط » ال في الشرع ؟!‪.‬‬
‫فإن عجزتم فأعيدوا النظر في « خليطكم » ؛ وكفى قولكم‪ « :‬أصو ٌل‬
‫قديمةٌ ٌِ وأصو ٌل جديدةٌ »! ؛ ألنكم تضيفونها إلى « فقه محمد ـ ص ـ‬
‫وشرعه » ‪.‬‬
‫فاعلموا أنكم في القرن الخامس عشر على النبوة ؛ و « ال نبي بعده‬
‫ـ صلى للا عليه وآله ـ » ‪ ،‬وال إمام بعد الـ (‪ )12‬ـ ع ـ !‪ .‬و « الفقيه‬
‫أمين ناق ٌل ‪ ،‬ودجا ٌل مشعوذٌ ! ‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫» اثنان ‪:‬‬

‫‪57‬‬
‫قولُهُ ‪ (( :‬فص ٌل ‪ :‬ال شبهة في أن العام المخصص ـ بالمتصل أو‬
‫المنفصل ـ حجةٌ فيما بقي ‪. )3( )) ...‬‬
‫صور‬
‫ٌ‬ ‫أقو ُل ‪ :‬إن هذا « المبحث » على طوله ـ وما تفرع عنه ـ ؛ فيه‬
‫جليةٌ « ألهل الخبرة واإلنصاف » ‪:‬‬
‫( أ) إن المصنف جعل « قواعد اللغة » تحت قدمه ‪ ،‬و « الكتاب‬
‫والسنة » ــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬كآية ‪ 23‬من البقرة ( فأتوا بسورة من مثله ) ‪ ،‬وكآية ‪ 13‬من هود ( فأتوا بعشر سور‬
‫مثله ) ‪ ،‬وكآية ‪ 88‬من اإلسراء ( قل لو اجتمعت اإلنس والجن على أن يأتون بمثل هذا القرآن ال‬
‫يأتون بمثله‪.) ...‬‬
‫(‪ )2‬معطوفةٌ على (( عشرات اآليات )) ؛ والتقدير ‪ " :‬لكن عشرات اآليات واألحاديث‬
‫المتواترة عند المسلمين كافة ترد قول المصنف ومن ماثله " وللا أعلم ‪.‬‬
‫(‪ )3‬كفاية األصول ‪ :‬ص‪. 216‬‬
‫‪69‬‬ ‫األلفاظ‬
‫ِ‬ ‫ُ‬
‫مباحث‬ ‫‪:‬‬ ‫ل‬
‫ُ‬ ‫األو‬ ‫القسم‬ ‫أغالط الكفاي ِة ‪:‬‬
‫ِ‬ ‫الوقايةُ من‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫وراء ظهره ‪ ،‬ومن هذا « منهجه » ال ينبغي إطالة الكالم في رده ‪.‬‬
‫(ب) فلسفة الصوفيـة والمعتزلة واألشاعرة والقاسطين والمارقين‬
‫أمر جل ٌّي ـ في كالمه ـ لمن وقف على آراء من أشرنا إليهم ! ‪.‬‬
‫؛ ٌ‬
‫(ج ) وفي كالمه تمويهاتٌ كثيرةٌ منها ‪ « :‬األصحاب » كأن اإلمامية‬
‫خالف لهم ؛ وهم مخالفـون له‬
‫ٌ‬ ‫كافة معه !‪ ،‬و «أهل الخالف » كأنه م‬
‫؛ بينما كل ما عنده ؛ فهو منهم ليس غير!‪.‬‬
‫قولُهُ ‪ (( :‬المقصد الخامس ‪ :‬في المطلق والمقيد والمجمل والمبين‬
‫(‪)1‬‬
‫ل ‪ :‬عرف ( المطلق ) بأنه ‪ :‬ما دل على شايع في جنسه ‪)) ...‬‬ ‫‪ :‬فص ٌ‬
‫(‪)2‬‬
‫ثم ذكر منه ‪ (( :‬اسم الجنس ؛ كإنسان ‪ ،‬ورجـل ‪ ، )) ... ،‬و (( علم‬
‫الجنس ؛ كأسامة ‪ ، )3( )) ...‬و (( المفرد المعرف ـ بالالم ـ ‪ )4( )) ...‬إلخ‬
‫‪.‬‬
‫أقو ُل ‪ :‬من خـواص هذا المصنف أنه ما نقل قاعدة أو تعريفا ؛‬
‫منسوبين صريحا ؛ بل كل ما عنده ( تلميحاتٌ ) !‪.‬‬
‫فالتعريف ( للعام ) ال ( للمطلق ) ! ؛ والفرق بينهما ـ لغة ـ معلو ٌم‬
‫غريب ( لغة وعقال ) ‪« ،‬‬
‫ٌ‬ ‫؛ لكنه ( خلطهما ) ! ‪ ،‬وما ذكره في « أل »‬
‫والمجمل والمبين » نصيبهما نصيب سابقهما ! ‪.‬‬
‫وإلى ـ هنا ـ تنتهي « مباحث هزيلةٌ » ـ نسبوها إلى ألفاظ العرب‬
‫؛ وهي منها برا ٌء ـ ؛ وتتلوها مباحث نسبوها إلى فقه المذهب الجعفري‬

‫‪58‬‬
‫‪ ،‬مع ما لـ « جعفر ـ ع ـ » و « مدرسته » مع « أصحاب تلك المقاالت‬
‫» من صراع فكري ؛ فهو « أشهر من الشمس في رابعة النهار »!‪.‬‬
‫وسنوضح ذلك في القسم الثاني من كتابنا ـ هذا ـ إن شاء للا تعالى‬
‫‪.‬‬
‫ــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )4( ، )3( ، )2( ، )1‬كفاية األصول ‪ :‬ص‪ 243‬ـ ‪249‬‬
‫‪70‬‬ ‫األلفاظ‬
‫ِ‬ ‫ُ‬
‫مباحث‬ ‫أغالط الكفاي ِة ‪ :‬القسم األو ُل ‪:‬‬
‫ِ‬ ‫الوقايةُ من‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫وتم «القسم األول » من كتاب «الوقاية من أغالط الكفاية »‬
‫بتأريخ عصر الجمعة « ‪/8‬ج‪ 1405 /2‬هـ » على يد مؤلفه ‪ :‬رؤوف‬
‫بن محمد ـ أبي محمد جمال الدين ـ ‪ .‬العلوي الحسيني ؛ المحدث ؛‬
‫ويتلوه « القسم الثاني » إن شاء للا تعالى ‪.‬‬

‫‪59‬‬
‫ين ‪:‬‬
‫الد ِ‬
‫رؤوف جما ُل ِ‬
‫ُ‬

‫« الـ ِوقَـايَـــةُ‬
‫ِمـ َن‬
‫أَ ْغالَ ِط ( الكـِفَايَ ِة ) »‬
‫س ُم الثانِي ‪ :‬األصو ُل العمليةُ »‬
‫« ال ِق ْ‬
‫وفي ِه ‪:‬‬
‫السياس ِة العبـاسيـ ِة وال َمغُوليـ ِة‬
‫ب عن ِ‬ ‫إزاحةُ النِقا ِ‬
‫للقضاء « على الفرق ِة اإلماميـة» !‪.‬‬ ‫ِ‬

‫‪73‬‬ ‫أغالط الكفاي ِة ‪ :‬القس ُم الثاني ‪ :‬األصو ُل العمليةُ‬


‫ِ‬ ‫الوقايةُ من‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫بِسِمِِللاِِالرِحِمِنِِالرِحيمِ ِ‬
‫الحمد لل ‪ ،‬والصالة على نبينا وآله ؛ وبعد ‪:‬‬
‫هذه كلماتٌ ذكرها جامع كتاب « كفاية األصول » ؛ حيث هو موجز‬
‫درس « الشيخ مال محمد كاظم اآلخوند الهروي الخراساني » ؛ يبدو ـ‬
‫منها ـ احتقار الدين ‪ ،‬وتجاهل مشاعر المتدينين !‪.‬‬
‫قا َل ‪ (( :‬وبعد ‪ :‬فالعلم على اختالف فنـونه وتشتت غصونه ؛ قد‬
‫انتهت إلى علم األصول مدارجه ؛ لرشاقة مسائله ! ‪ ،‬وتناهت إليه‬
‫معارجه ؛ لوثاقة دالئله ! ؛ فهو الغاية القصوى والمقصد األسنى !‪.‬‬
‫ولواله لما قام للفقه عمو ٌد ! ؛ وال أخضر له عو ٌد ! ؛ بل كان ( كشجـرة‬

‫‪60‬‬
‫اجتثت من فوق األرض ما لها من قرارِ ) (*) ؛ وال يجتنى منها الثمار‬
‫؛ فلذا أجرى فيه كل منطيق لسانه وأظهر فيه برهانه ‪ )1( )) ...‬إلخ ‪.‬‬
‫أقو ُل ـ مخاطبا « من عبد للا تعالى » فقط ـ ‪ :‬في هذا الكالم أسرا ٌر‬
‫خفيةٌ وعقائد « مغلفةٌ »!؛ فإليك أيها الحر هذه المسائل لحل هذه‬
‫الرموز ‪:‬‬
‫المسألةُ األولى ‪ :‬هل تعبر هذه الكلمات عن ( عقائد األصوليين )‬
‫كافة ؟!‬
‫الجوابِ ‪ « :‬نعم » ؛ ألن اآلخوند « أستاذ أساتذة من بعده » ! ؛‬
‫ولعدم االعتراض عليها شفويا ـ في الدرس ـ ؛ وال تحريريا ـ في‬
‫شروح الكفاية ـ فيما أعلم !‪.‬‬
‫ـــــــــــــــــــ‬
‫(*) نص اآلية ‪ ( :‬ومثل كلمة خبيثة كشجرة خبيثة اجتثت من فوق ٱألرض ما لها‬
‫من قـرار ) [ سورة إبراهيم ‪ :‬اآلية ‪. ] 26‬‬
‫ـــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬كفاية األصول ‪ :‬ج‪ :1‬ص‪ 2‬المطبوع بذيله حقائق األصول ( تعليقةٌ عليه للسـيد محسن‬
‫الحكيم ) ط الغدير ‪ ،‬نشر " بصيرتي " قم المقدسة ‪ ،‬ط‪ 1408 ، 5‬هـ ‪.‬‬
‫‪74‬‬ ‫أغالط الكفاي ِة ‪ :‬القس ُم الثاني ‪ :‬األصو ُل العمليةُ‬
‫ِ‬ ‫الوقايةُ من‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫إذن يعتقد «األصوليون» أن الدين قام باألصول ؛ ولواله لكان كشجرة‬
‫خبيثة !‪.‬‬
‫ط مشتركٌ توحي « الماركسية » إلى أتباعها‬ ‫المسألةُ الثانيةُ ‪ :‬تخطي ٌ‬
‫أفكار برجوازيةٌ‬
‫ٌ‬ ‫بوجوب الكذب وأساليب الخداع كافة ! ؛ وأن قبحه «‬
‫لي ؛ لتعاليـم ( المعلم العمـالي األول‬ ‫» قديمةٌ !‪ .‬وهذه الجمل تطبي ٌ‬
‫ق عم ٌّ‬
‫) ! ‪ .‬وإال كيف صـار « المستعار » أساسا « للمستعار منه »؟!‪ .‬بمعنى‬
‫أن قواعد هذا الخليط مستلةٌ مما أشـرنا إليه ـ في أول القسم األول من‬
‫كتابنا هذا ـ ؛ أليس هذا من باب ‪ « :‬اكذب اكذب ؛ حتى يصدقك الناس‬
‫» ؟! ‪.‬‬
‫وهل في قوله ـ مثال ـ ‪ (( :‬لوثاقة دالئله )) ذرةٌ من الصدق ؟!‪.‬‬
‫اقرأ ما شئت من كتاب « قوانين األصول » للميرزا القمي ؛ لتقـف‬
‫على « القيل والقال » وتناقضات االستدالل ! ؛ بأدلة ـ إن صحت ـ فال‬
‫تفيد إال الظن فقط ‪ ..‬فأين ( الوثاقة ) ؟!‪.‬‬
‫وقوله ـ مثال أيضا ـ ‪ (( :‬ولواله ‪ ...‬كشجرة خبيثة )) ؛ أتكون اإلمامية‬
‫(‪)2‬‬
‫مدة « خمس مئة سنة تقريبا » ( أي منذ ‪ 329‬هـ(‪ )1‬إلى ‪ 800‬هـ‬

‫‪61‬‬
‫) ؛ تجني فقهها من شجرة خبيثة ؟! ؛ ألنهم لم يعرفوه ـ آنذاك ـ مطلقا‬
‫!‪.‬‬
‫وليست ( العدة ) و ( الذريعة ) ؛ للعمل ؛ بل للرد ؛ ثم إن‬
‫«صاحبيهما » فردان من عدد كبير من علماء عصرهم من اإلمامية ؛‬
‫ممن لم يعرفه ؛ بل يمقته ويكفر أصحابه! ؛ كما جرى « البن الجنيد‬
‫» ؛ حيث نبذه علماء عصره ؛ فما ــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬وهي سنة انتهاء الغيبة الصغرى وبداية الغيبة الكبرى ‪.‬‬
‫(‪ )2‬ال أعلم لم اختار المصنف هذا التأريخ ؟! ؛ فإنه قد ذكر سابقا أن أول أدخل فواعد علم‬
‫األصول في الفقه هو العالمة الحلي ؛ وهو قد توفي سنة ‪726‬هـ ؛ وعلى هذا فالمدة أربع مئة‬
‫سنة تقريبا ( بين سنة الغيبة الكبرى وسنة وفاته ) وتحديدا ( ‪ 397‬سنة ) ؛ والشك أنها أقل‬
‫ق لوفاته بال ريب ؛ فمثال كتاب ( مبادئ‬ ‫من ‪ 397‬سنة أيضا ؛ ألن تأليفه لكتبه األصـولية ساب ٌ‬
‫األصول ) له نسخةٌ بخط تلميذه اآلوي فرغ من نسخها سنة ‪ 702‬هـ ‪.‬‬
‫‪75‬‬ ‫أغالط الكفاي ِة ‪ :‬القس ُم الثاني ‪ :‬األصو ُل العمليةُ‬
‫ِ‬ ‫الوقايةُ من‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫هذه « الماركسية المغلفة » ؟!‪.‬‬
‫المسألةُ الثالثةُ ‪ « :‬قواعد األصول » ضد القرآن !‪.‬‬
‫قد يبدو ـ ألول وهلة ـ خشـونةٌ في هذا العنوان ؛ لكنها مـرارة‬
‫الحق ( الحق م ٌّر وكريهٌ مطعمه !) ؛ قال تعالى ‪ ( :‬وأكثرهم للحق‬
‫كارهون ) (‪. )1‬‬
‫ولبيانُ ـ ما ذكرناه ـ نقول ‪:‬‬
‫إن اآليات القرآنية الشريفة التي تنهى عن اتباع الظن وذمه ؛‬
‫ولعـن وذم ( سالكي نهجه ) كثيرةٌ جدا ـ ربما تجاوزت‪ 50‬آية محكمة‬
‫ـ ؛ قد حملها األصوليون على ( أصول الدين ) ـ دون ( فروعـه ) ؛‬
‫وهذا الحمل مردو ٌد ـ حسب ( قواعدهم ) ـ ؛ حيث قالوا ببقاء ( العام )‬
‫على عمومه حتى يثبت ( المخصص ) ؛ و ( المطلق ) على إطالقه‬
‫حتى يثبت ( المقيد ) ‪ ،‬و( مخصص ) و ( مقيد ) هذه اآليات غير ثابت‬
‫ف فيه ـ حتى عندهم ـ !‪.‬‬ ‫؛ بل مختل ٌ‬
‫وقالوا ـ هم أيضا ـ ‪ « :‬إذا قام االحتمال بطل االستدالل » ؛ ومع التنـزل‬
‫اس‬
‫نقول ‪ :‬إن ( قواعد األصول ) طرق استنباط ‪ ،‬وطريق االستنباط أس ٌ‬
‫لمعرفة الدليلِ المقبول ‪ ،‬ودليل الفروع من ( أصول الدين ) ـ كما‬
‫قالوا هم أيضا ـ ؛ فما فروا منه وقعوا فيه !‪.‬‬
‫ق لبيان‬
‫فثبت أن ( قواعد األصول ) كافة ـ اللفظية والعملية ـ طر ٌ‬
‫األدلة فهي مشمولةٌ بـ (‪ 50‬آية ) دالة على بطالنها !‪.‬‬

‫‪62‬‬
‫وأما ما يدعون ثبوته عن أهل العصمة ( ع ) من تلك القواعد ـ‬
‫إن صحت تلك الدعوة ـ ؛ فالدليل قولهم (ع) ال قول غير معصوم ! ‪.‬‬
‫المسألةُ الرابعةُ ‪ :‬من كتب في األصول ـ من اإلمامية ـ ؛ ال يعـرف ـ‬
‫بالضبط ـ متى ومن بدأ الكتابة في هذا ( الخليط ) ؟ ! ؛ لكن الشيء‬
‫المؤكد ـــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬سورة ( المؤمنون ) ‪ :‬اآلية ‪. 70‬‬
‫‪76‬‬ ‫أغالط الكفاي ِة ‪ :‬القس ُم الثاني ‪ :‬األصو ُل العمليةُ‬
‫ِ‬ ‫الوقايةُ من‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫هو أن الكاتب فيه ـ من اإلمامية ـ إما ليرد به على ( العامة )‬
‫المتمسكين به ؛ أو لتأثره ـ بهم ـ بسبب المخالطة والدرس ؛ حتى‬
‫صدقهم في ( باطلهم ) !‪ .‬تتبع ترجمة ( من كتب فيه ) تجد أحد‬
‫الوصفين موجودا فيه ؛ إال المتأخرين فهم ( مقلدون ) ال يجرأون على‬
‫فضحه ورده ! ‪.‬‬
‫ج من أصول األئمة ـ عليهم السالم جميعا‬ ‫المسألةُ الخامسةُ ‪ :‬نموذ ٌ‬
‫ـ ‪ :‬لمن أراد « أصول الحق وقواعد الصدق ودليل النجاة » ؛ فعليه بـ‬
‫( الفوائد الطوسية ) للحـر العاملي ـ قـدس سـره ـ صاحب ( وسائل‬
‫الشيعة ) ‪ ،‬و ( األصول األصيلة ) للفيض الكاشاني ـ ره ـ ‪ ،‬و( هداية‬
‫األبرار إلى طريق األئمة األطهار ـ ع ـ ) للشيخ حسين بن شهاب الدين‬
‫الكركي العاملي ‪ ،‬وكتب أخرى ؛ ما فيها من آراء « الصوفية‬
‫والمعتزلة واألشاعرة ‪ ،‬وغيرهم من فرق الضالل » أث ٌر وال عي ٌن ؛ بل‬
‫عن المعصومين ـ ع ـ فقط ‪.‬‬
‫قولُهُ ‪ (( :‬المقصد السادس ‪ :‬في بيان األمارات المعتبرة شرعا أو‬
‫(‪)1‬‬
‫عقال ‪))...‬‬

‫أقو ُل ‪ « :‬مقدمة » فيها بعض « الفروق اللغوية » المناسبة للمقام‬


‫‪.‬‬
‫قال أبو هالل العسكري في كتابه « الفروق اللغوية » ‪ (( :‬الفرق بين‬
‫الداللة واألمارة ؛ أن الداللة [ عند شيوخنا ] (‪ : )2‬ما يؤدي النظر فيه‬
‫إلى العلم ‪ )3( ...‬واألمارة ـ في الحقيقة ـ ‪ :‬ما يختار عنده الظن ‪، )) ...‬‬
‫(( والفرق بين األمارة ـــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬كفاية األصول ‪ :‬ص‪. 257‬‬
‫(‪ )2‬ما بين [ ] أثبتناه عن الفروق اللغوية ‪ :‬ص‪ : 233‬رقم ‪ : 909‬حرف الدال ‪ ( .‬مؤسسة‬
‫النشر اإلسالمي ‪ ،‬قم المقدسة ‪ ،‬ط‪1412 ،1‬هـ ) ‪.‬‬

‫‪63‬‬
‫(‪ )3‬المصنف اختصره ؛ ففي الفروق ‪ (( :‬واألمارة ما يؤدي النظر فيه إلى غلبة الظن ؛ لنحو‬
‫ما يطلب به من جهة القبلة ؛ ويغرف به جزاء الصيد وقيم المتلفات ‪ ،‬والظن في الحقيقة ليس‬
‫يجب عن النظر في األمارة لوجوب النظر عن العلم في الداللة ؛ وإنما يختار ذلك عنده ؛‬
‫فاألمارة في الحقيقة ‪ )) ...‬إلخ ‪.‬‬
‫‪77‬‬ ‫ُ‬ ‫أغالط الكفاي ِة ‪ :‬القس ُم الثاني ‪ :‬األصو ُل العملية‬
‫ِ‬ ‫الوقايةُ من‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪)1‬‬
‫والعالمة ؛ أن األمارة ‪ :‬هي العالمة الظاهرة ‪. ))...‬‬
‫فمراد المصنف في عنوانِه بيان القواعد الظنية ـ المعتبرة‬
‫شرعا أو عقال ـ ‪.‬‬
‫وللرد عليه وجوهٌ كثيرةٌ ـ ال يسعنا تفضيلها جميعا ـ ونكتفي باآلتي‬
‫بيانه ‪:‬‬
‫أوال ‪ :‬هل األمارات الظنية التي وردت الرخصة فيها ـ من قبل األئمة‬
‫(ع) ـ مما يجوز القياس عليه ( كترخيصهم ـ ع ـ في االجتهاد بتعيين‬
‫جهة القبلة عند الحيرة والشك وضيق الوقت أو الخوف ) ‪.‬‬
‫فإن قيل ‪ ( :‬نعم ) فتح ( باب القياس ) على مصراعيه ؛ وحكم‬
‫القياس معلو ٌم في ( مذهب أهل البيت ) ؛ فليسوا منه وليس منهم ‪ .‬وإن‬
‫( نفيتم ) ؛ فهو الحق ‪.‬‬
‫ص بها ـ ؟ أم تقولون على‬‫ثم هل توجد أماراتٌ ظنيةٌ عقليةٌ ـ مرخ ٌ‬
‫أئمتكم ما لم يقولوا ؟! ؛ ( قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين ) (‪. )2‬‬
‫القطع )‬ ‫( ُحجيةُ‬
‫ِ‬
‫قـولُهُ ‪ (( :‬وكيف كان فبيان أحكـام القطع وأقسامه يستدعي رسـم‬
‫أمور ‪ )3( )) ...‬إلخ ‪.‬‬
‫أقو ُل ‪ :‬إن بيان ( هذه المغالطات ) يستدعي أمورا ‪:‬‬
‫ما معنى القطع ـ عقال ولغة وشرعا ـ ؟‬
‫( القطع العقلي ) من باب « المشكك » ؛ فهو مسألةٌ ( نسبيةٌ ) منذ‬
‫القديم ؛ إال البدهيات ‪ ،‬وتكاد تكون محدودة ( كالواحد نصف االثنين‬
‫مثال ) ‪.‬‬
‫ٌ‬
‫أما ما ترتب له ( أقيسة ‪ ،‬وأشكا ٌل ‪ ،‬وقضايا ‪ ) ...‬إلخ ؛ فالصراع‬
‫فيه بين العقالء على قدم وساق ‪ .‬وتناقض العقائد واآلراء ؛ دليل‬
‫صدق ما نقول ‪.‬‬
‫ـــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬الفروق اللغوية ‪ :‬ص‪ : 70‬حرف األلف ‪ :‬رقم ( ‪. ) 281‬‬
‫(‪ )2‬سورة البقرة ‪ :‬اآلية ‪. 111‬‬

‫‪64‬‬
‫(‪ )3‬كفاية األصول ‪ :‬ص‪. 258‬‬

‫‪78‬‬ ‫أغالط الكفاي ِة ‪ :‬القس ُم الثاني ‪ :‬األصو ُل العمليةُ‬


‫ِ‬ ‫الوقايةُ من‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫فإذا لم يثبت ( القطع العقلي ) ؛ ولم يسلم به جميع العقالء ؛كيف جاز‬
‫إثبات (حجيته ) قبل ثبوته هو نفسه ؟!‪.‬‬
‫وأما القطع العقلي الجزئي الحاصل للمكلف ؛ فقد يصح في بعض (‬
‫العرفيات ) لكنه ال يصح في ( الشرعيات ) بدون دليل ثابت شرعي ‪.‬‬
‫ولو صح عمل القاطع بقطعه مطلقا ؛ لما افتقر ( العامي ) إلى ( تقليد‬
‫) ‪ ،‬و ( المجتهد ) إلى ( بذل الجهد ) ! ‪ .‬باإلضافة إلى تعارض ـ هذا‬
‫القطع ـ مع النٌّصوص المتواترة ‪.‬‬
‫و( القطع ) لغة ‪ :‬من معانيه ( الجزم ) ‪ ،‬و ( القطع الشرعي ) ‪:‬‬
‫ثبوت المحكوم به عمن ال يعتريه ما يعتري غيره ( من نسيان ‪،‬‬
‫وخطأ ‪ ،‬وسهو ‪ ،‬وغلط ) ؛ وهو ( المعصوم ) ‪ .‬أما حكم غير‬
‫المعصوم إذا لم يستند إليه ؛ فال يمكن القطع به ‪.‬‬
‫قولُهُ ‪ (( :‬األمر األول ‪ :‬ال شبهة في وجوب العمل على وفق‬
‫القطع عقال ولزوم الحركة على طبقه جزما !‪ )1( )) ...‬إلخ ‪.‬‬
‫ع صحي ٌح مستقي ٌم بشرط استقالل العقل في الحكم‬ ‫أقو ُل ‪ :‬إنه فر ٌ‬
‫؛ وعدم اعتراف « بمدبر » يفسخ العزائم وينقض الهمم ‪ .‬قيل ألمير‬
‫المؤمنين ـ ع ـ ‪ (( :‬بم عرفت ربك يا علي ؟ قال ‪ :‬بنقض العزائم ؛‬
‫وفسخ الهمم )) (‪ ، )2‬ويؤيد هذا الحديث قوله تعالى ‪ ( :‬وما تشاءون إال‬
‫أن يشآء ٱلل رب ٱلعالمين ) ؛ والمشيئة مقدمةٌ للقطع ؛ فتصديق (‬
‫تكذيب ( للكتاب والسـنة ) وتناسي (‪ )12‬إماما!‪.‬‬‫ٌ‬ ‫خياالت الصوفية ) ؛‬
‫قولُهُ ‪ (( :‬األمر الثاني ‪ :‬قد عرفت أنه ال شبهة في أن القطع يوجب‬
‫استحقاق العقوبة على المخالفة والمثوبة على الموافقة ! ‪ )3( ))...‬إلخ‬
‫‪.‬‬
‫ـــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )2( ، )1‬كفاية األصول ‪ :‬ص‪. 259 ، 258‬‬
‫(‪ )3‬سورة التكوير ‪ :‬اآلية ‪. 29‬‬
‫‪79‬‬ ‫أغالط الكفاي ِة ‪ :‬القس ُم الثاني ‪ :‬األصو ُل العمليةُ‬
‫ِ‬ ‫الوقايةُ من‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫أقو ُل ‪ :‬بعد عرض « هذا األمر» على ما اعتقده اإلمامية من أن‬
‫الثواب فض ٌل من للا تعالى ؛ وليس العمل المقبول الصحيح ـ بما هو‬

‫‪65‬‬
‫امتثا ٌل للواجب ـ هو سبب « المثوبة » ؛ فمن اعتقد أن دخوله الجنة‬
‫هو بسبب عمله الحسن فقط فقد حبط عمله !‪ .‬ولكن الصوفية ـ ومن‬
‫قلدها ال تؤمن بـ ( اإلحباط) !‪ .‬وهذا الذي ذكره المص نف ص ري ٌح‬
‫بصحة مقالة الصوفية من « نفي اإلحباط » ؛‬
‫فالمثوبة بالعمل الحسن فقط ‪ ،‬والعقوبة بالعمل القبيح !‪.‬‬
‫قولُهُ ‪ (( :‬األمر الثالث (‪ ... )1‬األمر السابع (‪ )) ... )2‬إلخ ‪.‬‬
‫تفصيلي ‪ ،‬وقط ٌع‬
‫ٌّ‬ ‫عقلي ‪ ،‬وقط ٌع‬
‫ٌّ‬ ‫فردي ‪ ،‬وقط ٌع‬
‫ٌّ‬ ‫أقو ُل ‪ :‬قط ٌع م ٌ‬
‫نجز‬
‫مالي ‪ ،‬وأقسا ٌم أخرى ؛ لكننا لو بحثنا « الكتاب والسنة » ؛ لما‬ ‫إج ٌّ‬
‫وجدنا أثرا لما ذكره المصنف ؛ بلى ذلك عند « مال صدرا والخاجا‬
‫والرئيس ‪ » ...‬إلخ ؛ وه ٌم بين صوفي معروف أو إسماعيلي منحرف ؛‬
‫فمن آراء هؤالء توضع « أصول الفقه » !‪.‬‬
‫قولُهُ ـ في حجية الظن ـ ‪ [ (( :‬بيان ](‪ )3‬ما قيل باعتباره من األمارات‬
‫أو(‪ )4‬صح أن يقال ـ وقبل الخوض في ذلك ـ ينبغي تقديم أمور‪ :‬أحدها‬
‫‪ )) ...‬إلخ ‪.‬‬
‫أقو ُل ‪ « :‬مبحث األمارات غير العلمية ـ ومنها الظن ـ دلي ٌل على‬
‫تأثر القوم ـ الذين بايعوا عليا وبنيه (ع) ـ بآراء العامة الذين‬
‫رفضوهم!‪.‬إذ األمارة ـ المعمول بها ـ ال تخلو إما أن تكون مؤيدة بالنص‬
‫عن المعصومين (ع) ؛ فينبغي ـــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )2( ، )1‬كفاية األصول ‪ :‬ص‪ 263‬فيه ‪ (( :‬األمر الثالث ‪ :‬أنه قد عرفت أن القطع بالتكليف‬
‫أخطأ أو أصاب يوجب عقال استحقاق المدح والثواب أو الذم والعقاب ‪ )) ....‬ثم ذكر األمر الرابع‬
‫‪ ،‬ثم الخامس ‪ ،‬ثم السادس إلى أن قال ‪ :‬ص‪ (( : 272‬األمر السابع ‪ :‬إنه قد عرفت كون القطع‬
‫التفصيلي بالتكليف الفعلي علة تامة لتنجزه ‪. )) ...‬‬
‫(‪ )3‬ما بين [ ] أثبتناه عن الكفاية المطبوع ‪ :‬ص‪. 275‬‬
‫(‪ )4‬هذا هو الصواب كما في المطبوع ؛ وكتبت في األصل (( لو )) ‪.‬‬
‫‪80‬‬ ‫أغالط الكفاي ِة ‪ :‬القس ُم الثاني ‪ :‬األصو ُل العمليةُ‬
‫ِ‬ ‫الوقايةُ من‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫تقديمه ـ مع اإلشارة عما نقل عنه ( من راو أو كتاب ) ـ ؛ أو عارية‬
‫عن النص ؛ فيكون المجتهد إماما ـ لنفسه ولمن قلده ـ ‪ ،‬والثاني هو‬
‫الثابت في منهجهم ‪.‬‬
‫قولُهُ ‪ (( :‬فص ٌل ‪ :‬ال شبهة في لزوم إتباع ظاهر كالم الشارع في‬
‫تعين مراده في الجملة ‪. )1( )) ...‬‬

‫‪66‬‬
‫أقو ُل ‪ :‬لو قرأ الباحث الحر ما كتبه العلماء « األخباريون » في‬
‫مسألة العمل بـ « ظواهر القرآن » ؛ لعلم أن المصنف ـ ومن على طريقته‬
‫ـ قد اختصر أدلة خصمه اختصارا ـ مخال ـ ؛ مخالفا ألمانة البحث‬
‫العلمي ‪ .‬على العكس من العلماء األخباريين ؛ فإنهم ينقلون حجة‬
‫خصمهم كاملة ـ مع ما يتصوره من نقض وجوابه ـ ثم يشرعون‬
‫بالجواب والنقض ؛ فانظر ـ مثال ـ كتاب « الفوائد الطوسية » للعالم‬
‫األخباري المعروف الحر العاملي ـ قدس سره ـ ولم يذكر المصنف عن‬
‫( رؤساء مذهبنا االثني عشر ـ ع ـ ) ما هو صري ٌح في دعواه ! ‪.‬‬
‫كما أن المشاهد المعمول به عند أعداء آل محمد هو الموافق لمدعى‬
‫المصنف! ‪ ،‬واالستدالل بظاهر القرآن على جواز العمل بظاهره دو ٌر‬
‫ظاه ٌر ؛ وحجةٌ ظنيةٌ على مسألة هي من « األصول » التي منع‬
‫األصوليون أنفسهم من العمـل في « الظن (‪ » )2‬في مثلها!‪.‬‬
‫وأخيرا ‪ :‬لو صح جواز العمل بظاهره ؛ لثبت صحة كل مذهب «‬
‫فاسد » ؛ فإنهم جميعا يستدلون به بما يوافق ظاهره موافقة صريحة‬
‫مقبولة ذوقـا ! ‪.‬‬
‫(‪)3‬‬
‫))‬ ‫قولُهُ ‪ (( :‬فص ٌل ‪ ...‬في حجية كالم اللغويين ‪...‬‬
‫ـــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬كفاية األصول ‪ :‬ص‪. 281‬‬
‫(‪ )2‬ولعلها ‪ (( :‬بالظن )) ‪.‬‬
‫(‪ )3‬في الكفاية المطبوع ‪ (( :‬فص ٌل ‪ :‬قد عرفت حجيـة ظهور الكالم في تعيين المرام ‪)) ...‬‬
‫وساق الكالم إلى أن قال ‪ (( :‬نعم نسب إلى المشهور حجية قول اللغوي بالخصوص في‬
‫تعيين األوضاع ‪. )) ...‬‬
‫‪81‬‬ ‫أغالط الكفاي ِة ‪ :‬القس ُم الثاني ‪ :‬األصو ُل العمليةُ‬
‫ِ‬ ‫الوقايةُ من‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ق باألوضاع ؛ بل ال يكون‬ ‫(( وال يكاد يحصل من قول اللغوي وثو ٌ‬
‫اللغوي من أهل خبرة ذلك ؛ بل إنما هو من أهل خبرة موارد االستعمال‬
‫؛ بداهة أن همه ضبط موارده ال تعيين أيا منها ـ كان اللفظ فيه حقيقة‬
‫أو مجازا ـ ؛ وإال لوضعوا لذلك عالمة ‪ )1( )) ...‬إلخ ‪.‬‬
‫أقو ُل ‪ :‬لو رجع « الباحث الحر » إلى هذا المبحث ـ بتمامه ـ لبان‬
‫له ‪:‬‬
‫(أ) ضرب اللغة « عرض الجدار » ؛ وحملها على سائر اللغات‬
‫األعجمية ‪.‬‬

‫‪67‬‬
‫(ب) وقد ظهر أن المصنف في نهاية المطاف ال يرى اللغوي سوى‬
‫«شاهد» حسب شروط الشهادة ؛ لبيان االستعمال ال بيان الوضع ‪.‬‬
‫(ج) ومن هذا البحث بدا ضعف اطالعه على آثار أهل اللغة‬
‫المفصلة ؛ ألنه لم يعرف منها سوى « القاموس المحيط » ـ مثال ليس‬
‫شيرازي !‪ .‬ولم يطلع على ‪:‬‬
‫ٌّ‬ ‫غير ـ ؛ ألن مؤلفه فيروزآبادي‬
‫‪ 1‬ـ « مجاز القرآن » ألبي عبيد ‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ « أساس البالغة » للزمخشري ‪.‬‬
‫‪ 3‬ـ «الفروق اللغوية » ألبي هالل العسكري ‪.‬‬
‫‪ 4‬ـ « شمس العلوم ودواء كالم العرب من الكلوم » لنشوان‬
‫الحميري ‪.‬‬
‫‪ 5‬ـ « المعرب » للجواليقي ‪ .‬مثال ال حصرا ‪.‬‬
‫فمنها‪ :‬ما فصل الحقيقة عن المجاز‪.‬‬
‫ومنها‪ :‬ما فصل المترادف ‪.‬‬
‫ومنها ‪ :‬ما فصل المعرب عن األصيل‬
‫فكيف حكم المصنف على اآلثار اللًّغوية دون خبرة تامة ؟! ؛ ليس‬
‫إال لسلب الثقة باللغة ـ نفسها ـ ‪ ،‬وترك بابها مفتوحا « لمن ال يحسن‬
‫النطق بها » ! ‪.‬‬
‫ـــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬كفاية األصول ‪ :‬ص‪. 281‬‬
‫‪82‬‬ ‫أغالط الكفاي ِة ‪ :‬القس ُم الثاني ‪ :‬األصو ُل العمليةُ‬
‫ِ‬ ‫الوقايةُ من‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫تنبيهان »‬
‫ِ‬ ‫«‬
‫األو ُل ‪ :‬إن علماء اللغة ـ األوائل أكثرهم من رجال الشيعة ‪،‬‬
‫وبعضهم له شرف الصحبة والرواية عن بعض المعصومين ـ ع ـ ؛‬
‫كالدؤلي ـ مثال ـ ‪.‬‬
‫وقد سمى رسول للا ـ صلى للا عليه وآله ـ وأمير المؤمنين ـ ع ـ‬
‫مذاكرة أشعار العرب وأيامها وأنسابها ( علما ) ‪ .‬وقال أمير المؤمنين‬
‫(‪)1‬‬
‫ـ ع ـ ‪ (( :‬وإنما تتفاضل العلماء بمعرفة ما ليس بظاهر وال مضمر ))‬
‫‪ ،‬وليس العلماء ( شهودا ) في مجال تخصصهم ؛ بل ( رواة ) من‬
‫جهة ؛ وأصحاب ( رأي مقبول ) ـ إن تعزز بالدليل المقبول ـ من جهة‬
‫أخرى ‪.‬‬

‫‪68‬‬
‫الثانِي ‪ :‬نفي المصنف عالمة فارقة بين « الحقيقة والمجاز » ؛‬
‫دلي ٌل على انخفاض درجة معلوماته اللغوية ؛ إذ ال يعلم أن االستعمال‬
‫محصور بهما فقط ؛ فبيان واحد كاف لبيان الثاني ‪ ،‬وقد‬ ‫ٌ‬ ‫ـ كما قال ـ‬
‫تكفل «علم البيان » ببيان العالقة بين « المسند والمسنـد إليه » ؛ فإن‬
‫ٌ‬
‫مجاز ‪ ،‬وإن‬ ‫كـانت « مجازية » وقرينتها ـ حينئذ ـ واضحة ؛ فالكالم‬
‫كانت « حقيقية » ؛ فالكالم حقيقةٌ ؛ فليس الكلمة وال الكالم محصورين‬
‫بحقيقة ومجاز دائمين بل مختلفين ـ تبعا للحاجة ـ ؛ لذا بحث اللغويون‬
‫( العالقة ) فقط دون ( المفردات ) ؛ ألنها تتغير‪.‬‬
‫والتفريق بين « الوضع » و «االستعمال » في فصيح الكالم خل ٌ‬
‫ط‬
‫ط ؛ إذ ال يتكلم الفصيح إال بما وضع له اللفظ أو ما ناسب ما وضع‬ ‫وخب ٌ‬
‫له اللفظ ؛ فافهم ـ هداك للا ـ قلة إحاطة القوم بلغة الشرع ‪.‬‬

‫ـــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬أورده الحر في الفصول المهمة ‪ :‬ج‪ : 1‬ص‪ : 684‬باب‪ : 75‬ح‪ 1079 /11‬مسندا عن‬
‫أبي األسود الدؤلي عن أمير المؤمنين ـ عليه السالم ـ‬
‫‪83‬‬ ‫ُ‬ ‫أغالط الكفاي ِة ‪ :‬القس ُم الثاني ‪ :‬األصو ُل العملية‬
‫ِ‬ ‫الوقايةُ من‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪)1‬‬
‫قوله ‪ (( :‬فص ٌل ‪ :‬حجية اإلجماع ‪ :‬اإلجماع المنقول بخبر الواحد‬ ‫ُ ُ‬
‫حجةٌ عند كثير ممن قال باعتبار الخبر بالخصوص من جهة أنه من‬
‫أفراده من دون أن يكون عليه دلي ٌل بالخصوص ‪ )) ...‬إلخ ‪.‬‬
‫بحث كثرت فيه المغالطات والتناقضات الغريبة التي‬ ‫ٌ‬ ‫أقو ُل ‪ :‬هذ‬
‫يرفضها الشرع والعقل ـ معا ـ ؛ ولبيان حقيقة النـزاع نقدم مسائل ‪:‬‬
‫ق للشرع والعقل ؟‬ ‫المسألةُ األولى ‪ :‬هل اإلجماع المدعى به مواف ٌ‬
‫اإلجماع « المحصل » واإلجماع «المنقول» وك ٌّل منهما تخي ٌل‬
‫محض ! ‪.‬‬
‫ٌ‬
‫أما األول فقد نفوه ـ هم أنفسهم ـ ؛ خصوصا في زمن الغيبة الكبرى‬
‫‪.‬‬
‫مرفوض « شرعا » ؛ ألن اإلمامية رووا عن الثاني عشر‬ ‫ٌ‬ ‫والثاني ‪:‬‬
‫(‪)2‬‬
‫اب مفتر‬‫ـ ع ـ ‪ (( :‬من ادعى الرؤية قبل الصيحة والسفياني ؛ فهو كذ ٌ‬
‫متواتر ‪ .‬ثم إنهم جعلوه فردا من أفراد ( الخبر الواحد ) ؛ فعالم‬
‫ٌ‬ ‫)) ؛ وهذا‬
‫ال يطبقون عليه مصطلحهـم الذي استحدثه ( العالمة ) لعمـوم األخبار‬
‫ـ خصوصا في مقام ( التعارض )؟!‬

‫‪69‬‬
‫(‪)3‬‬
‫مرفوض ـ عقال ـ ؛ ألن دخول اإلمام محتم ٌل غير مؤكد‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫و[ هو ]‬
‫وقد قالوا ‪ « :‬إذا قام االحتمال بطل االستدالل » !‪.‬‬
‫ثم إن العقل ال يحكم بقبول كالم ( مجهو ٌل قائله ) ؛ بل يقرر ( حجية‬
‫القول ) بعد ثبوت ( أهلية القائل ) ‪.‬‬
‫ـــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬عبارة (( حجية اإلجماع )) لم ترد في الكفاية المطبوع ‪ :‬ص‪. 288‬‬
‫(‪ )2‬ما بين [ ] لم يرد في األصل ؛ وأثبتناه استظهارا ‪.‬‬
‫(‪ )3‬نص التوقيع الصادر عن الناحية المقدسة ـ عجل للا فرجه ـ إلى السفير أبي الحسن‬
‫محمد بن علي السمري ـ كما في الغيبة للطوسي ‪ :‬ص‪ :395‬رقم‪ ( 365‬مؤسسة المعارف ‪ ،‬قم‬
‫المقدسة ‪،‬ط‪1411 ، 1‬هـ واالحتجاج ‪ :‬ج‪ : 2‬ص‪ ( 297‬دار النعمان ‪ ،‬النجف األشرف ‪،‬‬
‫اب مفتر‬
‫‪1396‬هـ ) ـ ‪ (( :‬أال فمن ادعى المشاهدة قبل خروج السفياني والصحية ؛ فهو كذ ٌ‬
‫؛ وال حول وال قوة إال بالل العظيم )) ‪.‬‬
‫‪84‬‬ ‫ُ‬ ‫أغالط الكفاي ِة ‪ :‬القس ُم الثاني ‪ :‬األصو ُل العملية‬
‫ِ‬ ‫الوقايةُ من‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫المسألةُ الثانيةُ ‪ :‬اإلجماع والقطع ‪.‬‬
‫زعم المصنف ‪ :‬حصول القطع لحاكي اإلجماع؛ مما جعل ( القطع‬
‫) عرضة ( للشك ) ؛ بدليل تعارض اإلجماعات وتناقض حكمها ؛‬
‫فيكون القطع حاصال مع ( النقيضـين ) وهذا محا ٌل ‪ .‬على أن للا تعالى‬
‫حكى عن إبليس ـ لع ـ ‪ ( :‬ألقعدن لهم ‪ )1() ...‬و ( ألغوينهم أجمعين =‬
‫‪ .‬إال عبادك منهم المخلصين )(‪ )2‬فمن المحتمل كون « مجهول النسب‬
‫المدعى به » شيطانا ال إماما ! ‪.‬‬
‫المسألةُ الثالثةُ ‪ :‬كيف يكون فرد الكلي قسيما له ؟!‬
‫لقد حكموا أن اإلجماع « المنقول » من أفراد « خبر الواحد » ؛‬
‫فكيف جعلوه قسيما ونظيرا للكتاب والسنة معا في مقام تقسيم « مصادر‬
‫التشريع» ؛ بما في السنة من أنواع األخبار التي ال يصلح خبر الواحد‬
‫ـ مطلقا ـ لمعارضتها ومقابلتها ؟! ‪.‬‬
‫وأخيرا اقرأ البحث في « الكفاية » يتضح لك تهافته في نفسه ؛‬
‫وتعارضه مع مقررات سابقه والحقه ؛ لكن القوم ال يرون تناقضهم‬
‫قبيحا!‪ .‬أجل لقد قيلِ ‪ « :‬نحن نكذب لمحمد ـ صلى للا عليه وآله ـ ال‬
‫(‪)3‬‬
‫عليه » ! ‪ ،‬وقد قال أمير المؤمنين ـ ع ـ ‪ (( :‬من نم عندك نم عليك ))‬
‫‪ ،‬والشريعة ما جاءت بكذب ال لها ـــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬سورة األعراف ‪ :‬اآلية ‪ 16‬؛ واآلية تامة ‪ ( :‬قال فبما أغويتني ألقعدن لهم صراطك‬
‫المستقيم ) ‪.‬‬
‫(‪ )2‬سورة الحجر ‪ :‬اآليتان ‪. 40 ، 39‬‬

‫‪70‬‬
‫(‪ )3‬قلت ‪ :‬نقل الحلبي من العامة في السيرة الحلبية هذا النص وعزاه للشافعي ‪ ،‬وكذلك‬
‫الشعراني في العهود المحمدية والذهبي في سير أعالم النبالء لكن النص هكذا (( من نم لك‬
‫نم عليك )) ‪ ،‬وابن أبي الحديد في شرح النهج قال (( وكان يقال ‪ )) ...‬وذكر النص ولم ينسبه‬
‫ألمير المؤمنين ـ عليه السالم ـ ‪ ،‬ولم نقف عليه في مصادرنا الحديثية ‪ ،‬نعم ذكره الشهيد الثاني‬
‫في رسائله ونسبه لإلمام الحسن ـ عليه السالم ـ وعنه نقل المجلسي في البحار ‪ :‬ج‪: 72‬‬
‫ص‪ : 27‬باب‪ 67‬؛ وعلى كل حال لم ينسبه أح ٌد من هؤالء إلى علي ـ عليه السالم ـ وللا أعلم‬
‫‪.‬‬
‫‪85‬‬ ‫ُ‬ ‫أغالط الكفاي ِة ‪ :‬القس ُم الثاني ‪ :‬األصو ُل العملية‬
‫ِ‬ ‫ُ‬
‫الوقاية من‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪)1‬‬
‫اب ينطق بالحق ) ! ‪.‬‬ ‫وال عليها ( كت ٌ‬
‫قـولُهُ ـ [ في ] (‪ )2‬حجيـة الخبر الواحـد ـ ‪ (( :‬فص ٌل ‪ :‬المشهـور بين‬
‫األصحاب حجية خبر الواحد في الجملة بالخصوص ‪ ،‬وال يخفى أن هذه‬
‫المسألة من أهم المسائل األصولية ‪ ،‬وقد عرفت في أول الكتاب أن‬
‫المالك ـ في األصولية ـ صحة وقوع نتيجة المسألة في طريق االستنباط‬
‫‪ ،‬ولو لم يكن البحث فيها عن األدلة األربعة ‪ )3( )) ...‬إلخ ‪.‬‬
‫أقولِ ‪ :‬إن مسألة « حجية الخبر الواحد » من الشواهد الصريحة‬
‫على أن « المذهب األصولي » قائ ٌم على « المتناقضات »‪ .‬لكنها‬
‫مزخرفةٌ ؛ وإال كيف يكون خبر الواحد ـ مع خلوه عن القرينة ـ حجة‬
‫( عندهم ) ؟! ‪ ،‬مع أنهم أسقطوا أكثر أحاديث « الكـتب األربعة »‬
‫وغـيرها من كتب علم الحديث ـ المعروفة هي وأصحابـها عند عموم‬
‫الشيعة ـ عن درجة االعتبار بحجة خفاء « القرينة » ‪.‬‬
‫وبعد ؛ ففي كالم المصنف داللةٌ صريحةٌ على أن لديهم من األدلة‬
‫الشرعية ما ليس من « األربعة »!‪.‬‬
‫وأخيرا‪ :‬استدل بآيات ـ قد تكون متشابهةٌ ؛ أو مجملةٌ ‪ ،‬أو مطلقةٌ‬
‫‪ ...‬إلى آخر االحتماالت ـ وأخبار آحاد ( ضعيفة السند ‪ ،‬أو مجهولة ‪،‬‬
‫أو عامية ‪ ،‬أو تقية (‪ ) )4‬ـ ؛ إلثبات اآلحاد ؛ فهو دو ٌر ومغالطةٌ ! ‪ .‬مع أن‬
‫نقض لقوانين زعيمهم « العالمة‬ ‫ٌ‬ ‫صحة حجيةِ خبر الواحد ـ مطلقا ـ ؛‬
‫(‪)5‬‬
‫الحلي » التي استوردها لهم من [ العامة ] !؛ فتم بموجبه تقسيم‬
‫األخبار؛ فهم ملزمون بنفي أحدهما !‪.‬‬
‫ـــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬سورة ( المؤمنون ) ‪ :‬اآلية ‪. 62‬‬
‫(‪ )5( ، )2‬ما بين [ ] أثبتناه استظهارا ‪.‬‬
‫(‪ )3‬كفاية األصول ‪ :‬ص‪. 293‬‬
‫(‪ )4‬لعلها ‪ (( :‬أو صدرت تقية )) ‪ ،‬وللا أعلم ‪.‬‬
‫‪86‬‬ ‫أغالط الكفاي ِة ‪ :‬القس ُم الثاني ‪ :‬األصو ُل العمليةُ‬
‫ِ‬ ‫الوقايةُ من‬

‫‪71‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫قولُهُ ‪ (( :‬فص ٌل ‪ :‬في الوجوه التي أقاموها على حجية الظن ؛ وهي‬
‫أربعةٌ ‪ :‬األول ‪ :‬إن في مخالفة المجتهد لما ظنه من الحكم ( الوجوبي‬
‫أو التحريمي ) مظنة للضرر ‪ ،‬ودفع الضرر المظنون الز ٌم‪ )1( )) ...‬إلخ‬
‫‪.‬‬
‫أقو ُل ‪ :‬إن لدى اإلمامية أبوابا هي من أصول عقائدهم الثابتة التي‬
‫ال يعارضها سواها ـ أعني باب التسليم إليهم ( صلوات للا عليهم ) ‪،‬‬
‫وباب الرد إليهم (ع) ‪ ،‬وباب االحتياط ـ ‪ .‬وهذه األبواب إن لم تعارض‬
‫ما ذكـره المصنف ـ من دفع مظنة الضرر ـ معارضة أكيدة صريحة ؛‬
‫فال أقل من ظـن التعارض بينها ؛ وحينئذ ـ كما يقولون هم أنفسهم ـ ‪:‬‬
‫«[ إذا ] (‪ )2‬تعارضا تساقطا » ‪.‬‬
‫( تنبيه وتوضيح )‬
‫قلنا ـ أكثر من مرة ـ ‪ :‬إن دليل المسألة الفرعية ـ مهما كانت ـ‬
‫يعد من « أصول الدين » فرعيا كمسألته ؛ فنقول ‪ :‬الصالة ‪ ،‬والزكاة‬
‫‪ ،‬والصوم ‪ ،‬وحج البيت ‪ ،‬واألمر بالمعروف والنهي عن المنكر ‪ ،‬وبر‬
‫الوالدين وطاعتهما ‪ ...‬إلخ ؛ كل هذا يعد من « فروع الدين » ـ باتفاق‬
‫فعلي » ال بما هو « عقيدةٌ » ؛ فاالعتقاد‬
‫ٌّ‬ ‫محقق ـ ‪ ،‬لكن بما هو « عم ٌل‬
‫ـ بوجوب ـ شي ٌء ‪ ،‬وتأديتها ـ على الوجه الشرعي ـ شي ٌء ثان ؛ لذا‬
‫يعزر تاركها ويقتل منكر وجوبها ؛ ألن كل الفروع تعود إلى « أصل‬
‫» هو التصديق بما جاء به محم ٌد ـ صلى للا عليه وآله ـ من عند الحق‬
‫ض لما حكموا به ـ هم أنفسهم‬ ‫ض و مناق ٌ‬ ‫تعالى ‪ .‬فعملهم بالظن معار ٌ‬
‫ـ ؛ إذ حصروا « اآليات » ـ وهي بالعشرات ـ و« الروايات» ـ وهي‬
‫بالمئات بل ربما باأللوف ـ الدالة على تحريم الظن في األحكام الشرعية‬
‫بـ « أصول الدين »! ؛ فكيف عملوا به فيها ؟! ـ فتدبر ـ !‪.‬‬
‫ـــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬كفاية األصول ‪ :‬ص‪. 308‬‬
‫(‪ ] [ )2‬أثبتناه استظهارا ‪.‬‬
‫‪87‬‬ ‫أغالط الكفاي ِة ‪ :‬القس ُم الثاني ‪ :‬األصو ُل العمليةُ‬
‫ِ‬ ‫الوقايةُ من‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪)1‬‬
‫قوله ‪ (( :‬المقصد السابع ‪ :‬في األصول العملية ‪...‬‬
‫))‬ ‫ُ ُ‬
‫(( فص ٌل ‪ :‬لو شك في وجوب شيء أو حرمته ولم تنهض عليه‬
‫إلى ‪(( :‬‬
‫(‪)3‬‬
‫ترك األول وفعل الثاني‪))...‬‬
‫(‪)2‬‬
‫حجةٌ ؛ جاز شرعا [ وعقال ]‬
‫و[ قد ] (‪ )4‬استدل على ذلك باألدلة األربعة ‪ .‬أما الكتاب [ فبآيات‬

‫‪72‬‬
‫))‬‫أظهرها قوله تعالى ] (‪ ( )5‬وما كنا معذبين حتى نبعث رسوال ) (‪... )6‬‬
‫(‪ (( )7‬وأما السنة [ فبروايات ](‪ )8‬منها حديث الرفع(‪ )9‬حيث عد ( ما ال‬
‫يعلمون ) من التسعة المرفوعة فيه ‪ )10())...‬إلخ ‪.‬‬
‫أقو ُل ‪ :‬أصالة البراءة أو نفي المرجع المعصوم !! ‪.‬‬
‫قسم األصوليون «أصالة البـراءة » أقساما منها ‪ « :‬البراءة‬
‫لعاثر‬
‫ٌ‬ ‫لحائر وقلمي‬
‫ٌ‬ ‫العقلية » ‪ ،‬و« البراءة الشرعية »! ؛ وإن فكري‬
‫؛ فبماذا الرد على هذه المغالطات ؛ وبروز العالم بلهجة الجاهل ‪،‬‬
‫والمؤمن بطريقة فاقد اإليمان !‪.‬‬
‫أجل ؛ إن الذي ذكره من « الكتاب والسنة ـ كما ذكره هو نفسه ـ‬
‫يشير إلى أن ( العلم ) أساس ( التكليف ) ؛ فإذا لم يحصل ارتفع (‬
‫نقض لحجية الظن مطلقا ـ حسب إقراره ـ إذ ال‬ ‫ٌ‬ ‫التكليف ) ‪ ،‬وفيه‬
‫يجتمع ( عل ٌم وظ ٌّن ) ‪ .‬وفيه ـ أيضا ـ إن المصنف وجماعته من‬
‫المتعبدين بـ ( حجية المفاهيم كافة ) ‪ ،‬وقد تحقق ببعث الرسل العلم‬
‫الشرعي بموارد التكليف كافة ‪ ،‬وما سكت الشارع عنه ـ تخفيفا‬
‫ورحمة ال نسيانا وغفلة ـ ؛ وجب سكـوتنا عنه ؛ ووجب علينا‬
‫ـــــــــــــــــ‬
‫(‪ )10( ، )7( ، )3( ، )1‬كفاية األصول ‪ :‬ص‪. 339 ، 338‬‬
‫(‪ ] [ )8( ، )5( ، )4( ، )2‬أثبتناه عن الكفاية المطبوع ‪.‬‬
‫(‪)6‬سورة اإلسراء ‪ :‬اآلية ‪. 15‬‬
‫(‪ )9‬روى الصدوق في التوحيد ‪ :‬باب‪ 55‬المشيئة واإلرادة ‪ :‬ح‪ : 24‬ص‪ ( 353‬منشورات‬
‫جماعةِ المدرسين بقم المقدسة ) بسند صحيح عن حريز بن عبد للا عن أبي عبد للا ـ عليه‬
‫السالم ـ قال ‪ (( :‬قال رسول للا ـ صلى للا عليه وآله ـ ‪ :‬رفع عن أمتي تسعةٌ ‪ :‬الخطأ ‪ ،‬والنسيان‬
‫‪ ،‬وما أكرهوا عليه ‪ ،‬وما ال يطيقون ‪ ،‬وما ال يعلمون ‪ ،‬وما اضطروا إليه ‪ ،‬و الحسد ‪ ،‬والطيرة ‪،‬‬
‫والتفكر في الوسوسة في الخلق ما لم ينطق بشفة )) ‪.‬‬
‫‪88‬‬ ‫ُ‬ ‫أغالط الكفاي ِة ‪ :‬القس ُم الثاني ‪ :‬األصو ُل العملية‬
‫ِ‬ ‫الوقايةُ من‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪)1‬‬
‫عدم البحث عن سبب تركه !‪.‬‬
‫وتعليق نفي التعذيب على عدم العلم ؛ ال يدل على «أصالة البراءة‬
‫» ؛ لتعارضه مع قوله تعالى ‪ ( :‬فاسألوا أهل الذكر إن كنتم ال تعلمون‬
‫) (‪ ، )2‬وقوله تعالى ‪ ( :‬وال تقف ما ليس لك به عل ٌم )(‪ ، )3‬وقوله تعالى‬
‫‪ ( :‬قل أرأيتم مآ أنزل ٱلل لكم من رزق فجعلتم منه حراما وحالال قل‬
‫آلل أذن لكم أم على للا تفترون ) (‪ )4‬؛ فإنه صري ٌح بوجوب التوقف !‪.‬‬
‫ونفي حصول العلم الكافي نف ٌي للكتاب والسنة ؛ أو نسبة التقصير‬
‫للمبلغ !‪.‬‬

‫‪73‬‬
‫نعم توجد بعض « المبهمات » ؛ كما وجد «المتشابه » في القرآن‬
‫امتحانا منه ـ تعالى ـ لنا ـ ؛ ليرى من رد ( المبهم والمشكوك ) إلى‬
‫أهل العصمـة ـ ع ـ ؛ ممن تقحم فيه ـ برأيه ـ ! ؛ واتبع قواعد ( أبي‬
‫حنيفة والشافعي والمعتزلة واألشاعرة والصوفية ‪ ،‬وغيرهم من ملحد‬
‫ومنحرف ) ! ؛ فكل ما خفي وجه الحكم فيه ؛ فهو من باب « االختبار‬
‫» ؛ ليرى من سلك باب « الرد والتسليم » للمعصومين ـ ع ـ ؛ ممن‬
‫جعلهم وراء ظهره ؛ فكان إماما لنفسه ولمن صدقه بتلك المسائل ‪،‬‬
‫وللا الهادي إلى سواء الصواب !‪.‬‬
‫وهذا البحث ـ بنفسه ـ يتطلب «كتابا » ؛ لكن الحر تكفيه اإلشارة‬
‫! ؛ ــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬قال تعالى في سورة المائدة ‪ :‬اآليتان ‪ ( : 102 ، 101‬يآ أيها ٱلذين آمنوا ال تسألوا‬
‫عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم وإن تسألوا عنها حين ينزل ٱلقرآن تبد لكم عفا ٱلل عنها وٱلل‬
‫) ‪ ،‬وروى‬ ‫قد سألها قو ٌم من قبلكم ثم أصبحوا بها كافرين =‬ ‫غفو ٌر حلي ٌم =‬
‫الصدوق في الفقيه ‪ :‬باب نوادر الحدود ‪:‬ح‪ :5149‬ج‪ :4‬ص‪ ( 75‬منشورات جماعة‬
‫المدرسين ‪ ،‬قم المقدسة ‪ ،‬ط‪1404 ، 2‬هـ ) ‪ (( :‬وخطب أمير المؤمنين ( عليه السالم )‬
‫الناس ؛ فقال ‪ " :‬إن للا ـ تبارك وتعالى ـ حد حدودا ؛ فال تعتدوها ‪ ،‬وفرض فرائض فال‬
‫تنقصوها وسكت عن أشياء ؛ لم يسكت عنها نسيانا لها فال تكلفوها ؛ رحمة من للا لكم‬
‫فاقبلوها " )) ‪.‬‬
‫(‪ )2‬سورة النحل ‪ :‬اآلية ‪ 43‬وسورة األنبياء ‪ :‬اآلية ‪. 7‬‬
‫(‪ )3‬سورة اإلسراء ‪ :‬اآلية ‪. 36‬‬
‫(‪ )4‬سورة يونس ‪ :‬اآلية ‪. 59‬‬
‫‪89‬‬ ‫ُ‬ ‫أغالط الكفاي ِة ‪ :‬القس ُم الثاني ‪ :‬األصو ُل العملية‬
‫ِ‬ ‫الوقايةُ من‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪)1‬‬
‫( والعاقبة للمتقين ) ‪ ،‬وقد قلنا ألئمتنا ـ ع ـ ‪ (( :‬وأمري لكم تاب ٌع‬
‫))(‪ .! )2‬فمن لم تكن عنده رخصةٌ منهم ـ ع ـ فيما يحكم به ؛ فقد خرج‬
‫عن طاعتهم ـ ع ـ ! ؛ وحمل اآليـة والحديث على وجوب ( العلم ) ال‬
‫على ( البراءة ) أولى ! ‪.‬‬
‫قولُهُ ‪ (( :‬فص ٌل ‪ :‬في حجية االستصحاب (‪ : )3‬وال يخفي أن عباراتهم‬
‫في تعريفه ؛ وإن كانت شتى إال أنها تشير إلى مفهوم واحد ومعنى‬
‫فارد ؛ وهو الحكم ببقاء حكم [ أو موضوع ذي حكم ] (‪ )4‬شك في بقائه‬
‫‪ )) ...‬إلخ ‪.‬‬
‫أقو ُل ‪ :‬إن بحث االستصحاب ـ كسابقه ـ من أهم المسائل‬
‫األصولية ! ‪ ،‬وكثرة الخالف في كل ما يتعلق به ـ حتى تعريفه أو حده‬
‫أو رسمه ـ ؛ دلي ٌل على عدم صالحيته ـ للدنيا والدين معا ـ ؛ ألن القرآن‬

‫‪74‬‬
‫كثيرا ما نهى عن إتباع ما يؤدي إلى الخالف واالختالف ـ عموما‬
‫وخصوصا ـ في أمور الدين ‪.‬‬
‫وبعد ‪ :‬فقد زعموا في « أصولهم » ـ غالبا ـ أن من بين «‬
‫المخصصات » السؤال ؛ فلو سئل المعصوم ـ ع ـ عما يتعلق بالوضوء‬
‫ـ مثال ـ ؛ فال يجوز تعميم جوابه ـ ع ـ إلى الزكاة ـ مثال ـ ؛ ولو كان‬
‫فيه ما يناسب ؛ فقد تناسى المصنف ما حكم به ـ هناك ـ ! ‪.‬‬
‫ــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬سورة األعراف ‪ :‬اآلية ‪ ، 128‬وسورة القصص ‪ :‬اآلية ‪. 83‬‬
‫(‪ )2‬مقط ٌع ورد في زيارة أمير المؤمنينِ ـ عليه السالم ـ رواه ابن قولويه في كامل الزيارات‬
‫‪ :‬باب‪ : 11‬ح‪ : 2 / 94‬ص‪ ( 95‬مؤسسة نشر الفقاهة ‪ ،‬ط‪1417 ، 1‬هـ ) عن محمد بن‬
‫الحسن بن الوليد في كتابه ( الجامع ) عن أبي الحسن ـ عليه السالم ـ إال أن فيه ‪ (( :‬وأمري‬
‫لكم متب ٌع )) ؛ وكذلك ورد ضمن زيارة الحسين ـ عليه السالم ـ التي رواها ابن قولويه أيضا‬
‫في كامل الزيارات ‪ :‬باب‪ : 79‬رقم ‪ 17 /633‬بإسناده عن أبي بصير عن بعض أصحابه عن‬
‫أبي عبد للا ـ عليه السالم ـ ‪.‬‬
‫(‪ )3‬في الكفاية المطبوع ‪ :‬ص‪ (( : 384‬في االستصحاب وفي حجيته ـ إثباتا ونفيا ـ أقوا ٌل‬
‫لألصحاب )) ‪.‬‬
‫(‪ )4‬ما بين [ ] أثبتناه عن الكفاية المطبوع ‪.‬‬
‫‪90‬‬ ‫أغالط الكفاي ِة ‪ :‬القس ُم الثاني ‪ :‬األصو ُل العمليةُ‬
‫ِ‬ ‫الوقايةُ من‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫وما ذكره ـ من صحيحة زرارة ـ تخصص الوضوء ؛ فتسرية حكمها‬
‫المخصص بالسؤال إن لم يكن من باب ( القياس ) ؛ فمن باب (‬
‫االستحسان ) ‪ ،‬ولئن أجازهما ـ هو وحزبه ـ فعالم النـزاع القائم بين‬
‫اإلمامية منذ عصر أئمتـهم ـ ع ـ األول إلى نهاية الغيبـة الصغرى‬
‫وبداية الكـبرى إلى دولة « خدا بنده بن أرغون » ـ الصديق الحميم‬
‫للعالمة ؛ والممول المادي لنفقات مدرسته الفكرية ! ـ حيث حدث هذا‬
‫وأمثاله !‪.‬‬
‫وأخيرا ؛ ما صح بالدليل الشرعي من بعض أنواع ـ هذا ـ يقتصر‬
‫عليه ؛ ويكون العمل بالمثبت ال بالثابت ؛ فافهم إن كنت متبعا آلل‬
‫محمد ـ ع ـ !‪.‬‬
‫قولُهُ ‪ (( :‬المقصد الثامن ‪ :‬في تعارض األدلة واألمارات ‪ :‬فص ٌل ‪:‬‬
‫التعارض هو تنافي الدليلين ـ أو األدلة ـ بحسب الداللة ومقام اإلثبات‬
‫على وجه التناقض أو التضاد ـ حقيقة أو عرضاـ بأن علم بكذب‬
‫أحدهما إجماال ؛ مع عدم امتناع اجتماعهما أصال ؛ وعليه فال تعارض‬
‫بينهما بمجرد تنافي مدلولهما‪ )1( )) ...‬إلخ ‪.‬‬

‫‪75‬‬
‫أقو ُل ‪ :‬نحن حينما نقول بـ ( اتحاد الفكر ) في تلك القواعد بين‬
‫أعداء آل محمد (ع) ـ ومن تظاهر بمواالتهم ـ ال ندعي جزافا ؛ فلو‬
‫فكرت في هذا التعريف وسبرت هذا البحث ؛ ثم تتبعت « التعارض »‬
‫عند اإلمامية ـ الوارد في األسئلة عن حكمه وجواب أهل العصمة (ع)‬
‫عنه ؛ لظهر لك أن التعارض عند األصوليين هو ما عند العامة ال ما‬
‫عند اإلمامية ! ؛ فانظر كالم المصنف ومقبولة عمر بن حنظلة ـ مثال ـ‬
‫ق بينه وبين ما عند اإلمامية ؛‬
‫؛ لترى « الفرق » و «االتحاد » ؛ ففر ٌ‬
‫واتحا ٌد بينه وبين ما عند العامة ؛ أجل ‪ :‬إنه يقول ‪ (( :‬بكذب أحدهما‬
‫إجماال )) ! ؛ والمقبولة وغيرها تقول بـ ( وثاقتهما)! ؛ فكيف الجمع ؟!‪.‬‬
‫ــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬كفاية األصول ‪ :‬ص‪. 437‬‬
‫‪91‬‬ ‫أغالط الكفاي ِة ‪ :‬القس ُم الثاني ‪ :‬األصو ُل العمليةُ‬
‫ِ‬ ‫الوقايةُ من‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫فإن قيل ‪ :‬إن المصنف ال يرى ( ما احتمل كذبه إجماال ) ؛ مما‬
‫يجري فيه التعارض ‪.‬‬
‫قيل ‪ :‬إن مجرد ذكره ـ هنا ـ كاف في صدق خروج هذا التعارض عن‬
‫الذي بحثه أئمتنا ـ ع ـ ردا على أسئلة شيعتهم ‪ ،‬وما ذكره المصنف من‬
‫وجوه التعارض األخرى ـ الخارجة حتما عما ورد عن آل محمد (ع) ـ‬
‫دلي ٌل صري ٌح على تعادل وترجيح وتعارض ـ كيفي خيالي ـ بعيد عن‬
‫نهجهم (ع) ؛ فتأمل ! ‪.‬‬
‫قولُهُ ‪ (( :‬وأما الخاتمة ؛ فهي فيما يتعلق باالجتهاد والتقليد ‪:‬‬
‫فص ٌل‪ ( :‬االجتهاد ) لغة ‪ :‬تحمل المشقة ‪ .‬واصطالحا ـ كما عن‬
‫الحاجبي والعالمة (*) ـ ‪ " :‬استفراغ الوسع في تحصيل الظن بالحكم‬
‫الشرعي "! )) (‪ )1‬إلى ‪ (( :‬ومنه انقدح أنه ال وجه لتأبي األخباري عن‬
‫االجتهاد بهذا المعني ؛ فإنه ال محيص عنه ‪ )2( )) ...‬إلخ ‪.‬‬
‫أقو ُل ‪ :‬تمهيد ‪ :‬ذكرنا في مقدمة ( هذا الكتاب ) أن السياسة العباسية‬
‫؛ لم ترض بالعنف وحده للقضاء على الفكر الشيعي اإلمامي ؛ بل‬
‫جندت عمالءها ـ وهم كثيرون ـ لمقابلة الفكر بالفكر ـ أيضا ـ ؛ فحدثت‬
‫( المذاهب ) وشجعتها دولتهم ! ‪.‬‬
‫أما « المغول » فإنهم « ملحدون » ؛ لكنهم حينما حكموا مساحات‬
‫كبيرة‬
‫=============================‬

‫‪76‬‬
‫(*) (( الحاجبي ‪ :‬هو ابن الحاجب ـ من کبار علماء العامة ـ ‪ ( ،‬والعالمة) هو ‪ :‬العالمة‬
‫الحلي ‪ ،‬أول من أدخل تلك القواعد العامية على فقه الشيعة ـ عمليا ونظريا ـ ! ؛ طلبا‬
‫لمرضاة ( البالط المغولي) ! ؛ فانظر اتحادهما في( تعريفه) ! ‪ ،‬وال عبرة بالتحسينات‬
‫فإنها من عمل ( الماشطة ) بعد المؤسس ؛ فتأمل ! )) ‪ ( .‬المؤلف ) ‪.‬‬
‫ــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )2( ، )1‬كفاية األصول ‪ :‬ص‪.464 ، 463‬‬
‫‪92‬‬ ‫أغالط الكفاي ِة ‪ :‬القس ُم الثاني ‪ :‬األصو ُل العمليةُ‬
‫ِ‬ ‫الوقايةُ من‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫يقطنها المسلمون كان لزاما عليهم التظاهر باإلسالم ؛ فتظاهر به‬
‫بعضهم ؛ لكنهم اصطدموا بـ( المذاهب المختلفة ) ؛ فرأوا فيها خطرا‬
‫يهدد حكمهم ؛ فسعوا لـ ( توحيد ) تلك المذاهب تحت فكر ( األكثرية‬
‫) ‪ .‬و ( العامة ) هم األكثر عددا ؛ فتنازل ممثل ( اإلمامية ) ـ آنذاك ـ‬
‫لرغبة ( البالط المغولي ) ! ؛ وجلس مع خصمه مجلس الصديق !‪.‬‬
‫لكن ـ مع األسف ـ كان هذا التنـازل ( قوال وعمال وعقيدة ) !‪.‬‬
‫ب مسائ َل ‪:‬‬ ‫وبعد ‪ :‬فإن بيانَ ـ هذا المبح ِ‬
‫ث ـ يتطل ُ‬
‫المسألةُ األولى‪ :‬هل في مذهب اإلمامية ( اجتها ٌد ) ؟‪.‬‬
‫فعل ( جهد ) حمل عليه ( االجتهاد ) وإن لم يكن مصدرا له ‪ ،‬وفعل‬
‫( فقه ) مصدره ( فقها ) و ( فقاهة ) ؛ فانظر اختالفهما ـ لفظا ـ ! ؛‬
‫وال دليـل على ( الترادف ) ؛ فالبد من اختالفهما ـ معنى ـ عمال بالقاعدة‬
‫‪ « :‬اختالف اللفظ دليل اختالف المعنى ؛ إال بدليل يدل على الترادف أو‬
‫االشتراك » ‪ .‬وقد ورد في القرآن ( الفقه ) فقط ؛ وورد في السنة (‬
‫الفقه ) فقط ؛ فمن أين جاء ( االجتهاد ) لفظا أو لفظا ومعنى ؟ !‪.‬‬
‫ثم إن قول المصنف ‪ « :‬االصطالح » ماذا يعني به ؟ ؛ ومن هو‬
‫المصطلح ؟ أهم أئمتنا (ع) ومصدر تشريعنا ؟ ؛ أم تالميذهم المقربون‬
‫عندهم ؟! ؛ ( قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين )(‪ )1‬؟ ؛ وهذا ميراث‬
‫ظاهر ؛ فأتوا منه بكلمة ( اجتهاد ) واحدة فقط‬
‫ٌ‬ ‫آل محمد ـ ع ـ عندنا‬
‫بالمعنى الذي تعبرون بها عنه ؟! ‪.‬‬
‫إذن ‪ :‬ورد عنهم (ع) ـ فيمن يرجع إليه ـ ( الراوي) و ( الفقيه )‬
‫فقط! ‪ .‬أما ( الراوي ) ؛ فسميتموه ( أخباريا ) ‪ ،‬و ( الفقيه ) سميتموه‬
‫( مجتهدا ) ! ؛ ــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬سورة البقرة ‪ :‬اآلية ‪ ، 111‬وسورة النمل ‪ :‬اآلية ‪. 64‬‬
‫‪93‬‬ ‫أغالط الكفاي ِة ‪ :‬القس ُم الثاني ‪ :‬األصو ُل العمليةُ‬
‫ِ‬ ‫الوقايةُ من‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫‪77‬‬
‫فمسختم مصطلح المعصومين ـ ع ـ ؛ وأحييتم مصطلح خصمهم !‪.‬‬
‫المسألةُ الثانيةُ ‪ :‬هل أمرنا أئمتنا ـ ع ـ باتباع العامة أم بمخالفتهم‬
‫؟‬
‫فإن قلتم ‪ :‬بموافقتهم ردتكم آثار أهل الذكر ‪ ،‬وإن قلتم بمخالفتهم‬
‫ق لهم!‪.‬‬‫فهو الحق ؛ لكن عمل الرئيس المؤسس مطاب ٌ‬
‫ورد المصنف قول ( األخباريين ) ـ بما تمحله من تفسير الجتهاده ـ‬
‫مردو ٌد من وجوه ‪:‬‬
‫(أ) معظم نقضهم لكالم العالمة ؛ ألنه المؤسس !‪.‬‬
‫(ب) يرد المصنف على ما تقدم بعد أن عجز المعاصرون عن الرد‬
‫في حينه !‪.‬‬
‫(ج) يرد األخباريون كالم خصمهم بكالم أهل العصمة ـ ع ـ فقط ؛‬
‫ويردهم المصنف بمزخرفات ( الصوفية ) !‪.‬‬
‫المسألةُ الثالثةُ ‪ :‬االجتهاد المطلق ؛ عرفوه بتعاريف كثيرة ؛ منها ‪« :‬‬
‫الملكة »‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫ٌ‬
‫أقول ‪ :‬هل تحصل «ملكة عامة » ؟‬
‫فإن قيل ‪ :‬نعم ؛ رد بصريح الكتاب وعمومه وبالسنة وعمومها‬
‫وظواهرها ‪ ،‬وكل ذلك حجةٌ ـ عندهم ـ ؛ كقوله تعالى‪ ( :‬ومآ أوتيتم من‬
‫العلم إال قليال )(‪ ، )1‬وقوله ‪ ( :‬وال تقف ما ليس لك به عل ٌم ) (‪ )2‬؛ حيث‬
‫علم منه «عدم الملكة » ‪ ،‬وقوله ـ عليه السالم ـ ‪ (( :‬نصف العلم ال‬
‫أعلم )) (‪ ، )3‬وقوله (ع) ‪ (( :‬نحن العلماء وشيعتنا المتعلمون )) (‪. )4‬‬
‫ــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )2( ، )1‬سورة اإلسراء ‪ :‬اآليتان ‪ 85‬و‪. 36‬‬
‫(‪ )3‬رواه مرسال عن علي ـ عليه السالم ـ بهذا اللفظ ‪ (( :‬قول ال أعلم نصف العلم )) الواسطي‬
‫في عيون الحكم والمواعظ ‪ :‬ص‪ : 372‬فصل‪ : 2‬باللفظ المطلق ( ط‪ ، 1‬دار الحديث ) ‪.‬‬
‫(‪ )4‬روي هذا اللفظ في بصائر الدرجات ‪ :‬باب‪ : 5‬ص‪ ( 28‬منشورات األعلمي ‪ ،‬بيروت ‪،‬‬
‫ط‪ ) 1404 ، 1‬في خمسِ روايات إحداها رويت في الكافي ‪ :‬ج‪:1‬ص‪ : 34‬باب أصناف‬
‫العلماء ‪ :‬ح‪ 4‬أيضا عن جميل عنه ـ عليه السالم ـ عن الصادق ـ عليه السالم ـ والثانية رويت‬
‫أيضا في الخصال ‪ :‬ص‪ : 123‬ح‪ 115‬باإلسناد عن أبي خديجة عنه ـ عليه السالم ـ‬
‫‪94‬‬ ‫أغالط الكفاي ِة ‪ :‬القس ُم الثاني ‪ :‬األصو ُل العمليةُ‬
‫ِ‬ ‫الوقايةُ من‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ومما يدل على عدمها ـ عقال ـ اختالف الرأي لواحد في مسألة‬
‫واحدة !‪.‬‬

‫‪78‬‬
‫فـ « المطلق » مهما فسر ال يتحقق بدليل الكتاب والسنة والعقل ؛‬
‫نفي عند كثيرين ـ منهم ـ ؛ فهو‬
‫القائم على نفيه ‪ ،‬و « المتجزي » م ٌّ‬
‫غير مجز ـ عندهم ـ عمال ؛ وإن أثبته بعضهم نظريا ! ‪.‬‬
‫المسألةُ الرابعةُ ‪ :‬س ِل التأري َخ ! ‪:‬‬
‫إن للفقه الشيعي اإلمامي تأريخا واضحا ؛ فسله متى حدث (‬
‫االجتهاد ) ؟! ‪.‬‬
‫ال يعرف في ( فقهنا) أيام األئمة االثني عشر (ع ) سوى المنقول‬
‫عنهم (ع ) بتواتر رواة الفرقة ‪.‬‬
‫وبعد نهاية الغيبة الصغرى أناب الثاني عشر ـ ع ـ عنه الرواة‬
‫عنهم والفقهاء العارفين بحکمهم ! ‪ .‬وهذه صراحة تدل على نفي (‬
‫االجتهاد ) إلى (‪ 800‬هـ(‪ )1‬وما بعدها ) ؛ حيث ظهرت بوادر استعماله‬
‫‪ ،‬ولو فتشت «المقنعة » في الفقه للمفيد و«النهاية » في الفقه‬
‫للطوسي ؛ لوجدتهما ( فقها ) من أخبار محذوفـة السنـد أو مشـارا إليه‬
‫ـ أحـيانا ـ ؛ فال صلة لفقهـهم بفقـه الـ (‪ 800‬هـ ) وما بعدها! ؛ ممن‬
‫سلك مسلك نهج العالمة وجماعته ! (*) ‪.‬‬
‫=================================‬
‫(*) " راجع كتاب ( الفوائد الطوسية ) لشيخنا صاحب ( وسائل الشيعة ) في‬
‫موضوعي االجتهاد والتقليد ؛ ففيه التفصيل الكافي ‪ ،‬وقد صنف جدنا الشهيد الثالث‬
‫المعروف بـ ( الميرزا األخباري ) محمد بن عبد النبي بن عبد الصانع کتابا سماه (‬
‫منية المرتاد في ذکر نفاة االجتهاد ) [ المؤلف ] ‪.‬‬
‫ــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬هذا ال يستقيم حتى على ما ذهب إليه المصنف من أن العالمة هو أول من أدخل االجتهاد فإن‬
‫العالمة متوفى سنة ‪726‬هـ ؛ واألحرى أن يقال (( إلى القرن الثامن وما بعده )) ؛ فإن‬
‫إدخال االجتهاد ـ على هـذا الرأي ـ كان في بدايات القرن الثامن الهجري أو أواخر القرن‬
‫السابع ؛ وأما على اعتبار أن المحقق هـو‬
‫أول من أدخل تعريف االجتهاد ـ كما ال يخفى على من راجع معارجه ؛ هو قد توفي سنة‬
‫‪676‬هـ ـ ؛ فإن بداياته في منتصف القرن السابع تقريبا ‪ ،‬وللا أعلم ‪.‬‬
‫‪95‬‬ ‫أغالط الكفاي ِة ‪ :‬القس ُم الثاني ‪ :‬األصو ُل العمليةُ‬
‫ِ‬ ‫الوقايةُ من‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫قولُهُ ‪ (( :‬فص ٌل ‪ :‬في التقليد (*) ‪ :‬وهو أخذ قول الغير ورأيه للعمل‬
‫به في الفرعيات أو لاللتزام به في االعتقاديات تعبدا بال مطالبة دليل‬
‫على رأيه!‪ ))...‬إلخ (‪. )1‬‬
‫أقو ُل ‪ :‬إن لبيان هذه المسألة ـ بل المشكلة ـ صورا ‪:‬‬

‫‪79‬‬
‫الصـــورةُ األولـى ‪ :‬ما هي كيفية « عمل عوام الشيعة » خالل‪330‬‬
‫سنةِ تقريبا‬
‫( وهي فترة وجود األئمة ـ ع ـ وسفراء الثاني عشر ـ ع ـ ره ) ؟ ؛ ومن‬
‫(‪)3‬‬
‫‪ 330‬إلى النصف األول من القرن الثامن(‪ ( )2‬أي حوالي ‪ 900‬سنة‬
‫تقريبا) ؟‬
‫الجوابِ‪ :‬إن أئمتنا ( ع) سكنوا ( المدينة المنورة ) ‪ ( ،‬الكوفة ) ‪،‬‬
‫( بغداد ) ‪ ( ،‬سـر من رأى ) ‪ ( ،‬طـوس ) ‪ ،‬وشيعتهم منتشرون في (‬
‫الحجاز ‪ ،‬اليمـن ‪ ،‬العراق ‪ ) ...‬إلخ ‪ ،‬ولم تكن لهم ـ ع ـ « رسائل عمليةٌ‬
‫ار » ينقلها‬
‫معروف ـ في عصرنا ـ ؛ بل « أخب ٌ‬
‫ٌ‬ ‫تحريريةٌ » ؛ كما هو‬
‫عنهم (ع) إلى شيعتهم « الرواة » هذا عمل شيعتهم ـ في عصرهم ـ ؛‬
‫كما عليه « األخباريون » !‪.‬‬
‫وقد أمر األئمة شيعتهم على هذا العمل ‪ ،‬وبعد موت السفير الرابع‬
‫علي بن محمد السمري ‪ 329‬هـ كتبت كتب فقه اإلمامية كأخبار ـ ال‬
‫غير ـ بحذف سندها ـ غالبا ـ أو مع السند أو بعضه ـ كما عليه‬
‫األخباريون أيضا ـ إلى زمن العالمة وما بعده! ؛ حيث تم التقارب مع‬
‫المخالفين ( فقها ‪ ،‬وأصوال ‪ ،‬وكالما ؛ بل وبعض أصول االعتقادات )‬
‫! ؛ حيث اعتقد بعضهم بعدم وجود =========================‬
‫نائب » ال« مرجع » قـولـه ‪ « :‬لغـ ٌو » إذا لم يتصـل‬
‫ٌ‬ ‫(*) قلت‪ :‬ففقيهٌ «‬
‫بـذوي العصمة فيما « ترکـوا » فهو« راو » ـ غير مفت ـ مستقـل!‬
‫( المؤلف )‬
‫ــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬كفاية األصول ‪ :‬ص‪. 472‬‬
‫(‪ )2‬هذا تجاوزا وإال فاألدق ـ إن أراد إلى وفاة العالمة الحلي ‪ 726‬هـ ـ " إلى الربع األول من‬
‫القرن الثامن " ‪.‬‬
‫(‪ )3‬بل الصواب حوالي ‪ 400‬سنة تقريبا ‪.‬‬
‫‪96‬‬ ‫ُ‬ ‫أغالط الكفاي ِة ‪ :‬القس ُم الثاني ‪ :‬األصو ُل العملية‬
‫ِ‬ ‫الوقايةُ من‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫الجنة والنار فعال ‪ ،‬وروحانية المعاد ‪ ،‬وإنكار البرزخ ‪ ،‬وإنكار الرجعة‬
‫‪ ،‬واستحقاق الثواب والجنة بمجرد العمل ال بلطف للا تعالى ‪ ،‬وغير‬
‫هذا من أنواع الزيغ الناشئِ عن ممارسة كتب ( العامة ) وكثرة‬
‫البحث فيها ‪.‬‬
‫أما األخباريون فطريقتهم هي البعيدة ـ والحمد لل ـ كل البعد عن‬
‫طرق العامة والصوفية والمذاهب الفاسدة األخرى!‪.‬‬

‫‪80‬‬
‫الصورةُ الثانيةُ ‪ :‬حقيقةُ التقلي ِد ‪:‬‬
‫إن أخذ األحكام الشرعية ( أصولها وفروعها ) ـ كما نص عليه‬
‫القرآن الكريم والسنة المطهرة والعقل السليم ـ من الباري تعالى ؛ فهو‬
‫مشرع األحكام وحده ال شريك له ( وال يشرك في حكمه أحدا ) (‪، )1‬‬
‫وتبليغها بتوسط الوحي إلى النبي المعصوم ؛ فهو مبلغها ومفسرها‬
‫فقط ! ‪ ،‬وال رأي له ـ في كبيرها وصغيرها ـ ؛ ثم من بعده «‪ 12‬إمـاما‬
‫معصوما » كرسـول للا ال رأي لهم ـ فيها مطلقا ـ ‪ ،‬قال بعضهم ـ ع ـ‬
‫‪ (( :‬إذا حدثتكم بشيء فسلوني أين هو من كتاب للا )) (‪ ، )2‬وقال بعضهم‬
‫ـ ع ـ ‪ (( :‬لست من رأيت في شيء ؛ إنما أقول ‪ " :‬حدثني أبي ‪ ،‬عن‬
‫أبيه ‪ ،‬عن رسول للا )) (‪. )3‬‬
‫ثم إن األدلة الشرعية الواردة عنهم ـ ع ـ قيدت العامل بفقههم «‬
‫نقلي فقط ؛ فالحاكم‬
‫ٌّ‬ ‫ي‬‫بالحكم بحكمهم »! ‪ ،‬وقد علم ‪ :‬أن حكمهم تعبد ٌّ‬
‫بحكمهم يجب أن يتقيد بما تقيدوا هم ـ ع ـ به ؛ وإال كان ( النائب ) أفضل‬
‫من ( المنوب عنه ) أو مخالفا له !‪.‬‬
‫ــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬سورة الكهف ‪ :‬اآلية ‪. 26‬‬
‫(‪ )2‬رواه البرقي في المحاسن ‪ :‬باب ‪ : 37‬ج‪ : 1‬ص‪ : 269‬ح‪ ( 358‬دار الكتب اإلسالمية ‪،‬‬
‫طهران ) والكليني في الكافي ‪ :‬ج‪ : 1‬ص‪ : 60‬باب الرد إلى الكتاب والسنة ‪ :‬ح‪ 5‬باإلسناد عن‬
‫أبي الجارود عن أبي جعفر ـ عليه السالم ـ ونصه ‪ (( :‬إذا حدثتكم بشيء فاسألوني عنه من‬
‫كتاب للا )) ‪.‬‬
‫(‪ )3‬لم نقف عليه في شيء من المصادر ‪.‬‬
‫‪97‬‬ ‫ُ‬ ‫أغالط الكفاي ِة ‪ :‬القس ُم الثاني ‪ :‬األصو ُل العملية‬
‫ِ‬ ‫الوقايةُ من‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫إذن نصوص الكتاب والسنة والعقل وإجماع الفرقة الناجية ؛ تحكم‬
‫بعصمة ( المبلغ ) ؛ ليسلم من الخطأ ؛ فالرجوع « الحقيقي » إلى‬
‫المعصوم فقط ‪ ،‬أما غيره فـ « وسائط » ليس غير ‪ .‬فإن ثبت تمسك‬
‫«الواسطة » ـ أعني الفقيه ـ بكالم أهل الذكر ؛ صح العمل بفتواه (‬
‫ميتا أو حيـا ) ؛ ال بما هي فتواه ؛ بل بما هي بيا ٌن للنص الوارد عنهم‬
‫ـ ع ـ ‪ ،‬وحينئذ ال فرق بين حي وميت ؛ ألن النقل والتفسير مصدرهما‬
‫ال يتأثر بموت ‪ .‬أما العامل برأيه ـ ولو بمسألة واحدة فقط ـ فغير مقبول‬
‫منه سواء كان حيـا أم ميتا ؛ ألننا قلنا إن التبليغ شـرطه « العصمة »‬
‫؛ فكل شيء ال يستند للمعصوم باط ٌل ‪.‬‬

‫‪81‬‬
‫أما قول المصنف وأمثاله بقبول كالم غير المعصوم بال دليل فـ (‬
‫بدعةٌ ) ؛ ألن المعصوم نفسه قد يطالب بـ « الدليل » ؛ فكيف ال يطالب‬
‫غير المعصوم به ؟! ‪.‬‬
‫نعم دليله ( إجمال ٌّي » هو علم من يرجع إليه بأنه ينقل له كالم أئمته‬
‫ـ ع ـ ؛ وإال لعدل عنه !‪.‬‬
‫الصورةُ الثالثةُ ‪ :‬أعبوديةٌ لغير للا تعالى ؟!! ؛ ( قل إنمآ أنا بش ٌر‬
‫مثلكم يوحى إلي ) (‪ ( ، )1‬وما ينطق عن ٱلهـوى ) (‪ ( ، )2‬ولو تقول‬
‫ثم لقطعنا منه‬ ‫ألخذنا منه باليمين =‬ ‫علينا بعض األقاويل =‬
‫) (‪ ( )3‬وال تقف ما ليس لك به عل ٌم ) ‪ ( ،‬ومن لم يحكم‬
‫(‪)4‬‬
‫الوتين =‬
‫بما أنزل للا فأولئك هم ٱلكافرون ‪ ... ( )5()...‬هم ٱلظالمون ‪...( )6( ) ...‬‬
‫‪ ،‬واآليات كثيرة ٌ ‪ ،‬ــــــــــــــــــ‬
‫(‪)7‬‬
‫هم ٱلفاسقون )‬
‫(‪ )1‬سورة الكهف ‪ :‬اآلية ‪. 110‬‬
‫(‪ )2‬سورة النجم ‪ :‬اآلية ‪. 3‬‬
‫(‪ )3‬سورة الحاقة ‪ :‬اآليات ‪46 ، 45 ، 44‬‬
‫(‪ )4‬سورة اإلسراء ‪ :‬اآلية ‪. 36‬‬
‫(‪ )7( ، )6( ، )5‬سورة المائدة ‪ :‬اآليات ‪. 47 ، 45 ، 44‬‬
‫‪98‬‬ ‫أغالط الكفاي ِة ‪ :‬القس ُم الثاني ‪ :‬األصو ُل العمليةُ‬
‫ِ‬ ‫الوقايةُ من‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫والروايات أكثر ‪.‬‬
‫والذي يبدو أن القوم تجاهلوا هذا كله ؛ فنصبوا أنفسهم بما ليس‬
‫للمعصومين ـ ع ـ ؛ فملكوا رقاب المسلمين ؛ وعملوا بآرائهم ـ التي‬
‫خطؤها أضعاف صوابها ـ دون دليل من «كتاب وال سنة وال عقل » ؛‬
‫سوى جهل أتباعهم ! ‪.‬‬
‫وتَم تأليف القسم الثاني من كتاب ( الوقاية من أغالط الكفاية ) ـ‬
‫مراعين االختصار ؛ مهملين الساقط عن االعتبار ـ في صبيحة االثنين‬
‫الثامن عشر من جمادى الثانية سنة خمس وأربع مئة وألف الهجرية‬
‫على يد مؤلفه الفقير إلى رحمة ربه الغني رؤوف جمال الدين ـ أبي‬
‫محمد ـ ابن محمد بن عبد للا بن علي ابن الشهيد الثالث محمد بن عبد‬
‫النبي بن عبد الصانع بن عبد النبي « األخباري » العلوي الحسيني ‪.‬‬
‫وللا تعالى نسأله الهداية لنا وإلخواننا في اإليمان ‪ ،‬وصلى للا على‬
‫محمد وآله المعصومين الطاهرين ‪.‬‬

‫‪82‬‬
‫نقل عن «النسخة األولى » ـ وصحح ما فيها من خطأ ـ على يد‬
‫المؤلف ـ أيضا ـ في ( ميبد ) من توابع ( يزد ) صبيحة العشرين من‬
‫جماد األول سنة ست وأربع مئة بعد األلف الهجرية ؛ والحمد لل تعالى‬
‫‪.‬‬

‫ف‬
‫تنبيهات من المصنِ ِ‬
‫‪99‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ويتلوهُ تنبيهات ـ هي منه أيضا ـ ‪.‬‬
‫األو ُل ‪ :‬من المستغرب جدا خلو أدلة مباحث األلفاظ عن أهم دليل قامت‬
‫عليه قواعد علوم اللغة كافة ؛ ذلك هو دليل ( التتبع واالستقراء ) ! ؛ بل‬
‫يظهر من كالم بعضهم عدم اعتباره ! ‪ ،‬وقد عده أمير المؤمنـين (ع)‬
‫الدليل الوحيد حينما أمر أبا األسود الدؤلي بوضع « قواعد النحو » ؛‬
‫حيث قال (ع) ‪ (( :‬تتبعه وزد فيه ما وقع لك )) (‪ )1‬؛ كما وجدنا األئمة‬
‫(ع) يستدلون على إثبات أو نفي معنى ـ يتعلق بكالم العرب ـ بشعرهم‬
‫المعروف ـ عندهم‪.‬ـ يضاف إلى هذا إجماع علماء العربية على اعتماده‬
‫ورد ما خالفه ‪ ،‬كما يحكم العقل برد حكم في لغة لم يحط الحاكم بلغة‬
‫أهلها ؛ لكن األصوليين استعاضوا عنه بدليل فلسفي يوناني!‪.‬‬
‫الثانِي ‪ :‬أول من تعرض ألغالط كتاب ( كفاية األصول ) هو العالم‬
‫المحقق الشيخ محمد بن الشيخ مهدي الخالصي الكاظمي في كتاب له‬
‫سماه « الوقاية من أغالط الكفاية » ‪ ،‬وقد فقد ـ هذا الكتاب ـ حسبما‬
‫أخبرنا به ولده الكبير فضيلة الشيخ مهدي في طهران سنة ( ‪1405‬‬
‫هـ ) ‪.‬‬
‫الث ‪ :‬زعم المصنف ـ وأمثاله ـ بطالن تقليد الميت ‪ ،‬ومن رجع‬
‫الث ُ‬
‫إلى فقه اإلمامية وعلم حديثهم وجد أن هذه المسألة معارضةٌ لعملهم‬

‫‪83‬‬
‫خالل فترة وجود األئمة ( ‪ 350‬سنة تقريبا(‪ ، ) )2‬ومنذ بداية الغيبة‬
‫الكبرى سنة (‪ 329‬هـ ) إلى منتصف القرن الثامن تقريبا ؛ حيث كان‬
‫العمل على خالف زعم المصنف وأمثاله ‪ .‬ــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬نقله الحر العاملي في الفصول المهمة ‪ :‬ج‪ : 1‬ص‪ : 684‬باب‪ : 75‬ح‪ 1079/11‬عن‬
‫عبد الرحمن السيوطي في كتاب ( النظائر واألشباه في النحو ) بإسناده إلى أبي األسود عن علي‬
‫ـ عليه السالم ـ ‪.‬‬
‫(‪ )2‬األوفق ‪ 250‬سنة وهي الفترة من وفاة النبي األكرم ـ صلى للا عليه وآله ـ سنة ‪11‬هـ إلى‬
‫وفاة اإلمام العسكري سنة ‪260‬هـ ؛ فبعد وفاته وقعت الغيبة الصغرى ولم يكن اإلمام حاضرا بين‬
‫شيعته كما في الغيبة الكبرى ‪.‬‬
‫ف‬‫تنبيهات من المصنِ ِ‬
‫‪100‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪)1‬‬
‫إذ لو صـح قوله لكانت اإلماميـة خالل ( ‪ 9‬قرون تقريبا ) على‬
‫ضالل ؛ إذ ال يعترفون بـ ( الفقيه ) سوى ( ناقل ) فقط عن المعصومين‬
‫(ع ) فهو ( واسطةٌ ) ليس غير ‪ ،‬و ( النقل ) ال يموت بموت ( الناقل‬
‫) ؛ فلقد مات الرسول ـ صلى للا عليه وآله ـ ولم تمت ( الرسالة ) ؛‬
‫ومات األئمـة ـ ع ـ ولم تمـت ( اإلمامة ) ! ‪ .‬فكيف يموت ( الفقـه )‬
‫ع مستق ٌّل » !‪.‬‬‫بموت ( الفقيه ) ؟! ؛ إال أن يقولوا إنه « مشر ٌ‬
‫(‪)2‬‬
‫فتش تأريخ فقه الشيعة وحديثهم خالل تسع مئة سنة تقريبا‬
‫تجد عكس ما ذهب إليه المصنف ـ وأمثاله ـ ! ؛ واختر ما شئت ! ‪،‬كما‬
‫أن « القياس المحرم واالستحسان العامي المبتدع » ظاهران فيما‬
‫استدلوا به ؛ لوال جهل الجاهل وعناد المعاند !‪.‬‬
‫الراب ُع ‪ :‬ينبغي أن يعلم الباحث أن األصوليين يقلد آخرهم أولهم ‪،‬‬
‫ٌ‬
‫ميدان‬ ‫وأخيرا فهم تالميذ ( العالمة ) وكتبه ‪ ،‬و( أصول الفقه )‬
‫يظهرون به ( اجتهادهم) ؛ لذا تجد اختالف التلميذ مع أستاذه ‪،‬‬
‫والمتأخر مع المتقدم منهم ؛ ألمور ‪:‬‬
‫منها ‪ :‬إظهار هذا الخليط بمظهر المرونة وقابلية التجدد !‪.‬‬
‫ومنها ‪ :‬إظهار علمية « مجتهدهم » ! ‪.‬‬
‫ومنها ‪ :‬نفي « التبعية والتقليد »!‪.‬‬
‫والحقيقة ـ بعد الرجوع إلى رسائلهم « العملية الفقهية » يظهر أن‬
‫ـ ــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )2( ، )1‬بل إلى منتصف القرن الثامن ‪ 8‬قرون تقريبا و‪ 7‬قرون ونصف تحديدا ‪ ،‬نعم أول‬
‫من تطرق إلى هذه المسألة ـ بحسب وقفنا عليه ظاهرا ال واقعا ـ هو المحقق الكركي الشيخ‬
‫علي بن عبد العال ـ صاحب الخراجيات وجامع المقاصد وغيرهما ـ ؛ وهو متوفى منتصف‬

‫‪84‬‬
‫القرن العاشر ( ‪940‬هـ على المشهور وقيل ‪ 937‬أو ‪ 938‬أو ‪ ) 945‬حيث له رسالةٌ في‬
‫المنع من تقليد الميت ذكرت في مقدمة جامع المقاصد وذكرها الطهراني في الذريعة ؛ وتاله‬
‫الشهيد الثاني المتوفى سنة ‪ 965‬أو ‪966‬هـ ؛ فإن له رسالةٌ أيضا في المنع من تقليده‬
‫ف‬
‫تنبيهات من المصنِ ِ‬
‫‪101‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫مخالف ألصولهم (‪ )100%‬؛‬
‫ٌ‬ ‫سفسطي للدعاية ؛‬
‫ٌّ‬ ‫أصولهم مجا ٌل‬
‫فتش تجد !‪.‬‬
‫وتم المراد ؛ وله الحمد ‪.‬‬
‫ع َْود على بَدْء !‬
‫فكر في قوله تعالى وقول مأثور ‪ ( :‬قل إنمآ أنا بش ٌر مثلكم يوحى‬
‫إلي ) (‪ ، )1‬و ( أنؤمن لبشرين(‪ )2‬مثلنا) ‪ ،‬و (( يا مدبري ؛ ولست أدري‬
‫))(‪ )3‬؛ يتضح لك أن البشر ـ بما هو ٌ‬
‫بشر ـ ال قابلية له على إدارة أمور‬
‫( دينه ودنياه ) ؛ وهذا من أظهر األسباب التي تفرض بعثة األنبياء‬
‫والرسل ؛ فالقائل عن وحي فقط ‪ ،‬أو معيـ ٌن من للا تعالى ؛ لينوب‬
‫عمن أنزل عليه ( الوحي ) أو ( ناق ٌل ) عنهما أو عن أحدهما ؛ وإال‬
‫فقد قال عن عقله « البشري » ؛ الذي صرحت اآليات بعجزه والسنة‬
‫والعقل ‪ ،‬واحتراق المركبة الفضائية األمريكية ـ قبل أيام بمن فيها‬
‫وكانوا (‪ )7‬نفر ـ ؛ دلي ٌل على نقص عقل اإلنسان وعلمه ؛ وجهله بـ‬
‫«عاقبة األمور » ؛ فمن نطق ال عن ( وحي ) وال عن صلة بـ ( ذي‬
‫وحى ) ؛ فهو « الشيطان المغوي » ! ؛ فتأمل ( تعريف التقليد ) !‪.‬‬
‫‪ / 22‬ج ‪ 1406 / 1‬هـ ( المؤلف‬
‫)‬

‫ــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬سورة الكهف ‪ :‬اآلية ‪. 110‬‬
‫(‪ )2‬هذا هو الصواب كما في المصحف اآلية ‪ 47‬من سورة ( المؤمنون ) ؛ وكتبت خطأ (‬
‫لبشر ) ‪.‬‬
‫(‪ )3‬لم نقف عليها في مصادرنا الحديثية ؛ فلعلها أحد األقوال الشائعة المأخوذة معنى من‬
‫اآليات والروايات ‪.‬‬

‫‪85‬‬
‫ف‬
‫تنبيهات من المصنِ ِ‬
‫‪103‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫تنبيهِِواجبِِ! ِ‬
‫قال للا ـ تعالى ـ في كتـابه العزيز ـ مخاطبا خليله إبراهيـم (ع) ـ ‪:‬‬
‫( وطهر بيتي [ للطآئفين والقآئمين ] (‪ )1‬والركع السجود ) ‪ ( ،‬وأذن في‬
‫ٱلناس للحج يأتوك ‪ ، )2( ) ...‬وقال تعالى ‪ ( :‬يا مريم ‪ )...‬إلى ( وٱسجدي‬
‫واركعي مع الراكعين )(‪ ، )3‬وعن لسان إبراهيم (ع) أيضا ‪ ( :‬ليقيموا‬
‫ٱلصالة ‪ ، )4()...‬وعن لسان محمد ( صلى للا عليه وآله ) ـ مخاطبا‬
‫قومه ـ ‪ ( :‬ملة أبيكم إبراهيم هو سماكم ٱلمسلمين ) (‪ )5‬؛ وبهذا وغيره‬
‫يظهر أن ألفاظ العبادات حقيقةٌ شرعيةٌ عامةٌ يكثر من األنبياء السابقين‬
‫؛ ومنهم نبينا (‪ )6‬ـ صلى للا عليه وآله ـ ( بمعنى ذات األفعال الخاصـة‬
‫والدعاء فقط ) ؛ ألن المشـرع واح ٌد ـ تعالى ـ فقول األصوليين ـ بحصر‬
‫تلك الحقيقة بفقهنا ـ ؛ تحك ٌم يرده القرآن ؛ فافهم تعارض تلك اآلراء‬
‫مع صريح الكتاب والسنة والتأريخ ‪.‬‬

‫ؤلف ) ‪.‬‬
‫( ال ُم ِ‬
‫إن القرآن تحدى قريشا خاصة ‪ ،‬والعرب عامة ‪ ،‬والجـن واإلنس‬
‫أجمع ؛ فلو كانت ألفاظه غير معروفة لمن تحداهم لما صح ( التحدي)‬
‫‪ ،‬واستعمالهم األلفاظ ال يتوقف على إيمانهم بمفاهيمها ؛ فافهم هداك‬
‫للا !‪.‬‬
‫(‪)7‬‬
‫( ومآ أرسلنا من رسول إال بلسان قومه ) " قرآ ٌن كري ٌم " ‪.‬‬

‫( ال ُم َؤ ِل ُ‬
‫ف) ‪.‬‬
‫ــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬ما بين [ ] أثبتناه عن المصحف ‪ :‬اآلية ‪ 26‬من سورة البقرة ‪.‬‬
‫(‪ )5( ، )2‬سورة الحج ‪ :‬اآليتان ‪ 27‬و‪. 87‬‬
‫(‪ )3‬سورة آل عمران ‪ :‬اآلية ‪. 43‬‬
‫(‪ )7( ، )4‬سورة إبراهيم ‪ :‬اآليتان ‪ 37‬و ‪. 4‬‬
‫(‪ )6‬على هذا يكون نبينا أحد األنبياء السابقين ؛ ولعلها (( تكثر من األنبياء السابقين ومن نبينا‬
‫)) ؛ وللا أعلم ‪.‬‬
‫ف‬‫ِ ِ‬ ‫المصن‬ ‫تنبيهات من‬
‫‪104‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫‪86‬‬
‫تنبيهِِواجبِِ! ِ‬
‫ذكر نصير الدين أبو الرشيد عبد الجليل ابن أبي الحسين ابن أبي‬
‫الفضل القزويني الرازي في کتابه ( النقض ) المعروف بـ « بعض‬
‫مثالب النواصب في نقض [ بعض ](‪ )1‬فضائح الروافض ) » ـ في‬
‫سنة ‪ 560‬هـ تقريبا ‪ ،‬تم تأليفه باللغة الفارسية ـ في صحيفة (‪)618‬‬
‫وصحائف كثيرة أخرى منه (‪ ، )2‬ذكر األخباريين ‪ ،‬وزعم أنهم فرقة‬
‫من الشيعة اإلمامية ؛ ورد مقالتهم ‪.‬‬
‫فأقو ُل ‪ :‬إن ذكر القزويني هذا ـ وهو قبل محمد أمين األسترآبادي‬
‫وقبل العالمة الحلي ـ لألخباريين (‪ )3‬؛ دلي ٌل صري ٌح على ‪:‬‬
‫ــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬ما بين [ ] أثبتناه لوروده في البحار وأمل اآلملِ وفهرست منتجب الدينِ وذريعة‬
‫الطهراني عند ذكرهم لهذا الكتاب ‪.‬‬
‫(‪ )2‬وقال الطهراني في الذريعة إلى تصانيف الشيعة ‪ :‬ج‪ : 3‬ص‪ : 130‬رقم ‪ ( 440‬دار‬
‫األضواء ‪ ،‬بيروت ) ‪ (( :‬ورأيت قطعة من أوائله في مكتبة الشيخ الحجة الميرزا محمد‬
‫الطهراني ؛ ذكر فيها مجلس موعظته سنة ‪550‬هـ )) ‪.‬‬
‫(‪ )3‬نقول ‪ :‬قال العالمة الحلي المتوفى سنة ‪726‬هـ في نهاية األصول ‪ (( :‬أما اإلمامية‬
‫فاألخباريون منهم لم يعولوا في أصول الدين وفروعه إال على أخبار اآلحاد المروية عن األئمة‬
‫ـ عليهم السالم ـ ‪ ،‬واألصوليون ـ كأبي جعفر الطوسي وغيره ـ وافقوا على قبول الخبر الواحد‬
‫في الفروع ولم ينكره أح ٌد سوى المرتضى وأتباعه ؛ لشبهة عرضت لهم )) ‪ .‬وهذا النص‬
‫ألبرز عالم أصولي ؛ بل يعد مشيد أساس األصول ورافع مبيانيه بعد بذر خاله المحقق أول‬
‫بذرة فيه ؛ وكل من جاء بعده نسب الفضل في تشييده إليه ؛ وهو متقد ٌم على األمين‬
‫األسترآبادي بـ ‪ 3‬قرون تقريبا فإن األمين توفي سنة ‪1033‬هـ ؛ كما أنه في نصه عند‬
‫تصنيفه اإلمامية إلى أخبارييين وأصوليين يريد منهم في عصره ؛ ذكر الشيخ الطوسي (‬
‫المتوفى ‪460‬هـ ) ؛ والسـيد المرتضى ( المتوفى ‪436‬هـ ) ـ وبينهما وبين األمين نحو ‪6‬‬
‫قرون ـ ؛ بل ويظهر أنه قصد من قبلهم أيضا وإنما ذكرهما ـ تمثيال ـ لشهرتهما وشهرة كتابيهما‬
‫اعتراف صريحٌِ‬
‫ٌ‬ ‫( عدة األصول ) و ( الذريعة ) ‪ .‬كما أن في نصه أشار إلى نكتة لطيفة وفيهِ‬
‫بأن األخباريين ال تعويل لهم في الدين ( أصوال وفروعا ) إال على أخبار األئمة ـ عليهم السالم‬
‫ـ وهذا ما كان يقول به األمين في فوائده وغيره من األخباريين المتأخرين ؛ لكن بعض‬
‫األصوليين المتأخرين ؛ لما لزمتهم الحجة أرادوا تأويل النـص ـ على مذاقـهم ـ =‬
‫ف‬
‫تنبيهات من المصنِ ِ‬
‫‪105‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(أ) وجودهم قبل األسترآبادي وقبل العالمة ؛ فكيف جاز نسبة‬
‫وجودهم ـــــــــــــــــــــ‬
‫= وحرفوه عن ظاهره بال دليل وال قرينة صارفة ‪ .‬وإليك كالم العالم األصولي المبرز ـ معاصر‬
‫المصنف ـ السـيد محمد باقر الصدر ـ رحمه للا ـ في المعالم الجديدة لألصول ـ ونترك للقارئ‬
‫الحكم هل ما فهمه هذا السـيد ؛ وكذا من نقل عنه وأيد به كالمه ـ حقا ـ يتفق مع منطـوق‬

‫‪87‬‬
‫عبارة العـالمة أم ال ؟! قال ‪ (( :‬وبالرغم من أن المحدث األسترآبادي كان هو رائد الحركة‬
‫األخبارية ؛ فقد حاول في فوائده المدنية أن يرجع بتاريخ هذه الحركة إلى عصر األئمة ؛ وأن‬
‫يثبت لها جذورا عميقة في تأريخ الفقه اإلمامي لكي تكتسب طابعا من الشرعية واالحترام ‪،‬‬
‫فهو يقول ‪ :‬إن االتجاه األخباري كان هو االتجاه السائد بين فقهاء اإلمامية إلى عصر الكليني‬
‫والصدوق وغيرهما ؛ من ممثلي هذه االتجاه في رأي األسترآبادي ‪ ،‬ولم يتزعزع هذا االتجاه‬
‫إال في أواخر القرن الرابع وبعده حين بدأ جماعة من علماء اإلمامية ينحرفون عن الخط‬
‫األخباري ؛ ويعتمدون على العقل في استنباطهم ؛ ويربطون البحث الفقهي بعلم األصول تأثرا‬
‫بالطريقة السـنية في االستنباط ‪ ،‬ثم أخذ هذا االنحراف بالتوسع واالنتشار ‪ .‬ويذكر المحدث‬
‫األسترآبادي بهذا الصدد كالما للعالمة الحلي الذي عاش قبله بثالث قرون جاء فيه التعبير‬
‫عن فريق من علماء اإلمامية باألخباريين ‪ ،‬ويستدل بهذا النص على سبق االتجاه األخباري‬
‫تاريخيا ‪ .‬ولكن الحقيقة أن العالمة الحلي يشير بكلمة ( األخباريين ) في حديثه إلى مرحلة‬
‫من مراحل الفكر الفقهي ال إلى حركة ذات اتجاه محدد في االستنباط ؛ فقد كان في فقهاء‬
‫الشيعة منذ العصور األولى علماء أخباريون يمثلون المرحلة البدائية من التفكير الفقهي !!‬
‫‪ ،‬وهؤالء هم الذين تحدث عنهم الشيخ الطوسي في كتاب المبسوط ‪ ،‬وعن ضيق أفقهم‬
‫واقتصارهم في بحوثهم الفقهية على أصول المسائل وانصرافهم عن التفريع والتوسع في‬
‫التطبيق ‪ .‬وفي النقطة المقابلة لهم الفقهاء األصوليون الذين يفكرون بذهنية أصولية‬
‫ويمارسون التفريع الفقهي في نطاق واسع ؛ فاألخبارية القديمة إذن تعبر عن مستوى من‬
‫مستويات الفكر الفقهي ال عن مذهب من مذاهبه ‪ .‬وهذا ما أكده المحقق الجليل الشيخ محمد‬
‫تقي المتوفى سنة ( ‪ )1248‬ه في تعليقته الضخمة على ( المعالم ) إذ كتب بهذا الشأن يقول ‪:‬‬
‫" فإن قلت ‪ :‬إن علماء الشيعة كانوا من قديم الزمان على صنفين ( أخباري وأصولي ) كما أشار‬
‫إليه العالمة في النهاية وغيره ‪ .‬قلت ‪ :‬إنه وإن كان المتقدمون من علمائنا على صنفين ‪ ،‬وكان‬
‫فيهم أخبارية إال أنه لم تكن طريقتهم ما زعمه هؤالء ‪ ،‬بل لم يكن االختالف بينهم وبين‬
‫األصولية إال في سعة الباع في التفريعات الفقهية وقوة النظر إلى القواعد الكلية واالقتدار‬
‫على تفريع الفروع عليها )) انتهى ‪.‬‬
‫ٌ‬
‫نقول ‪ :‬اإلنصاف يقتضي أيضا أن من وصفوا باألصوليين ـ آنذاك ـ طريقتهم مخالفة لما عليه‬
‫األصوليون المتأخرون ؛ وأدل دليل ( مثال ) التخالف بينهما في طريقة تصحيح األخبار‬
‫وتضعيفها وتقسيمها والعمل بها ‪.‬‬
‫وقد سبق العالمة إلى التصريح بالتقسيم الشهرستاني ـ وهو من العامة ومتوفى سنة‬
‫‪ 579‬هـ ـ في الملل والنحل ‪ :‬الباب‪ : 1‬المسلمون ‪ :‬الفصل‪ ( 6‬الشيعة ) ‪ 3 :‬ـ اإلمامية (‬
‫ص‪ : 192‬دار المعـرفة ‪= ،‬‬
‫ف‬
‫تنبيهات من المصنِ ِ‬
‫‪106‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫إلى محمد أمين األسترآبادي ؟!‪ .‬وهل يوجد ـ في عصر القزويني ـ‬
‫فلسفةٌ حسيةٌ في أورپا وغيره ؟!(‪. )1‬‬
‫(ب) قد يفهم من كالم القزويني وجود األصولية ـ أيضا ـ فنقول ‪:‬‬
‫يرد بحمله على الجهل والخلط !‪ .‬أما ذكره ـ األخبارية ـ فإقرا ٌر‬
‫ع بالحروف في إيران‬ ‫اعتراف ملزمين له ولغيره ( والكتاب مطبو ٌ‬
‫ٌ‬ ‫و‬
‫في ‪ /1‬رجب ‪ 1371/‬هـ) ‪ .‬والكتب كثيرةٌ غيره ؛ لكن كالمنا مع متقدم‬

‫‪88‬‬
‫القوم ومتأخرهم غير محدد ؛ فمن قال ‪ ( :‬من ال تقليد له ال عمل له !‬
‫) ؛ وقال ‪ ( :‬من ال إمامة له ؛ فعمله صحي ٌح ـ غالبا ـ ) ؛كيف يكون‬
‫حوار ؟ !‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫معه‬
‫ـــــــــــــــــــ‬
‫= بيروت ‪ :‬ط‪1419 ، 7‬هـ ) ‪ (( :‬وكانوا في األول على مذهب أئمتهم في األصول ‪ ،‬ثم لما‬
‫اختلفوا في الروايات عن أئمتهم وتمادى الزمان اختار كل فرقة طريقة ‪ ،‬فصارت اإلمامية‬
‫بعضها معتزلةٌ إما وعيديةٌ وإما تفضيليةٌ ‪ ،‬وبعضها أخباريةٌ ‪ ،‬إما مشبهةٌ وإما سلفية )) انتهى‬
‫كالمه ‪ .‬وما يهمنا ذكره لهم ال ما قاله فيهم ‪.‬‬
‫(‪ )1‬والظاهر أن المصنف يريد بذلك ما زعمه معاصره السـيد الصدر في المعالم الجديدة‬
‫لألصول ؛ حيث زعم وجود ارتباط بين الحركة األخبارية ـ كما سماها ـ وبين الفلسفة الحسـية‬
‫األوربية ؛ حيث قال ‪ (( :‬ونحن في هذا الضوء نالحظ بوضوح اتجاها حسيا في أفكار المحدث‬
‫األسترآبادي يميل به إلى المذهب الحسي في نظرية المعرفة القائل بأن الحس هو أساس‬
‫المعرفة ؛ وألجلِ ذلك يمكننا أن نعتبر الحركة األخبارية في الفكر العلمي اإلسالمي أحد‬
‫المسارب التي منها االتجاه الحسي إلى تراثنا الفكري ‪ .‬وقد سبقت األخبارية بما تمثل من اتجاه‬
‫حسي التيار الفلسفي الحسي الذي نشأِ في الفلسفة األوروبية على يد " جون لوك " المتوفى‬
‫سنة ( ‪1704‬م ) و" دانيد هيوم" المتوفى سنة ( ‪1776‬م ) ‪ ،‬فقد كانت وفاة األسترآبادي‬
‫قبل وفاة " جون لوك " بمئة سنة تقريبا ‪ ،‬ونستطيع أن نعتبره معاصرا لـ " فرنسيس بيكون‬
‫" المتوفى سنة ( ‪1626‬م ) الذي مهد للتيار الحسي في الفلسفة األوروبية ‪ .‬وعلى أي حال‬
‫ظ بين الحركة الفكرية األخبارية والمذاهب الحسية والتجريبية في‬ ‫فكري ملحو ٌ‬
‫ٌّ‬ ‫؛ فهناك التقا ٌء‬
‫الفلسفة األوروبية! ‪ ،‬فقد شنت جميعا حملة كبيرة ضد العقل ‪ ،‬وألغت قيمة أحكامه إذا لم‬
‫يستمدها من الحس !)) إلى أن قال ‪ (( :‬ولكن ذلك لم يؤد بالتفكير األخباري إلى اإللحاد كما‬
‫أدى بالفلسفات الحسية األوروبية! ؛ الختالفهما في الظروف التي ساعدت على نشوء كل‬
‫منهما ؛ فإن االتجاهات الحسيـة والتجريبية في نظرية المعرفة قد تكونت في فجر العصر‬
‫العلمي الحديث لخدمة التجربة وإبراز أهميتها ‪ ،‬فكان لديها االستعداد لنفي كل معرفة عقلية‬
‫منفصلة عن الحس ‪ ،‬وأما الحركة األخبارية فكانت ذات دوافع دينية ‪ ،‬وقد اتهمت العقل‬
‫لحساب الشرع ال لحساب التجربة ‪ ،‬فلم يكن من الممكن أن تؤدي مقاومتها للعقل إلى إنكار‬
‫غريب !‬
‫ٌ‬ ‫عجيب‬
‫ٌ‬ ‫الشريعة والدين )) انتهى ؛ وهو‬
‫ف‬‫ِ ِ‬ ‫المصن‬ ‫من‬ ‫تنبيهات‬
‫‪107‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ثم أقو ُل ‪ :‬مسألتان انتهـى الجـدل فيهما إلى كتب ورسائل كثيرة‬
‫جدا ـ بين الفريقين ـ هما ‪ :‬الدليل ‪ [/ 2‬أو ] (‪ 4)1‬؟ ‪ ،‬واألخبار ‪ / 2‬أو‬
‫‪4‬ـ؟‪.‬‬
‫ف إثبات ( إمامي واحد ) قبل ( العالمة ) يعد الدليل‬
‫فإن استطاع مؤل ٌ‬
‫يكن ( ‪)4‬‬
‫واألخبـار (‪ )4‬فصاعدا فليسمه لنا‪ .‬وإن وجدت حسيـةٌ ـ آنذاك ـ ؛‬
‫فليذكرها لنا ) ؟ ‪.‬‬

‫‪89‬‬
‫لكنهم يستغلوا جهل الجهالء وعدم تتبع الكتاب الباحثين ؛‬
‫فأثبتوا ونفـوا ما تمليه عليهم أهواءهم! ‪.‬‬

‫ـــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬ما بين [ ] أثبتناه ؛ ليستقيم الكالم ‪.‬‬
‫ف‬‫تنبيهات من المصنِ ِ‬
‫‪108‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫المعصوم‬
‫ِ‬ ‫غير‬
‫بطالن تقلي ِد ِ‬
‫ِ‬ ‫بعض أدل ِة‬
‫ُ‬
‫(‪ )1‬اشتراط العصمة يتعارض مع قبول قول غير المعصوم بدون‬
‫سند عنه ؛ فيجب بطالن أحدهما ‪.‬‬
‫(‪ )2‬دين محمد ( صلى للا عليه وآله ) يشمل الجن والمالئكة‬
‫والبشر كافة ؛ فالصنفان ( األوالن ) يقلدان من ؟!(‪. )1‬‬
‫(‪ )3‬إذا كان تقليد المجتهد ـ كما وصفوه ـ ؛ هل يسأل الميت في‬
‫قبره عنه ؟! ‪.‬‬
‫(‪ )4‬قالوا‪ :‬من ال إمامة له عمله صحي ٌح ـ غالبا ـ ‪ ،‬ومن ال تقليد‬
‫له عمله باط ٌل ـ مطلقا ـ ؛ أال يعني هذا تقديم المجتهد على المعصوم ؛‬
‫علما بأن اإلمامة مما ال يصح أن يقلد فيها ؛ فال يكون التقليد مقدمة‬
‫لها!‪.‬‬

‫‪90‬‬
‫ــــــــــــــــــ‬
‫منحصر في الصنفين ( الجن واإلنس ) ؛‬
‫ٌ‬ ‫(‪ )1‬قلت ‪ :‬المالئكة خارجون من ذلك واألمر‬
‫فالمالئكة ال تصدر منها المعاصي ؛ وهم دائما وأبدا ممتثلون أمر للا ؛ كما قال تعالى ‪ ( :‬ال‬
‫يعصون للا ما أمرهم ويفعلـون ما يؤمرون ) ؛ والمخاطبون بامتثال تعاليم الرساالت‬
‫السماوية باجتناب النواهي واتباع األوامر هما ( الثقالن ) وهم الذين كلفوا بالطاعة واجتناب‬
‫المعصية ؛ وللا أعلم ‪.‬‬
‫شعر‬
‫‪109‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫مصيبته الحديث أتباعه !!‬ ‫(‪)1‬‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫مات ( الحـديث ) وأهله أحيـاء لوال النفـاق لما اعـتراه الداء‬
‫دعهم كما اختاروا فلست بمسمع أهـل القبـور أينفعـن نداء ؟!‬
‫فلكم كتبتِ ولكم نظمتِ فزادهم بعـدا ونصـح األغبيـاء بالء‬
‫أترى الـنبي أم األئمـة أنقـذوا هلكى الضالل أينفعن (‪ )2‬دعـاء‬
‫****************‬
‫إن صوروا الدين من إيران مصدره فالعقل والوحي والتأريخ‬
‫يكذبه‬
‫فأرخ (‪ )3‬الناس إيمـانا بشرعتـه ذوو الرطانة واألحـداث تكتبه‬
‫فالسبق في الدين لم يثبت لهم قدما هل يفلح الكذب أم تعلوا‬
‫مراتبه ؟!‪.‬‬
‫( سلمانهم ) لم يكن منهم فأحمدنا قال انسبوه ( لنا ) والدين‬
‫(*)‬
‫قربه‬
‫====================‬
‫(*) (( ال تقولوا سلمان الفارسي ؛ بل قولوا ‪ :‬سلمان المحمدي )) ‪ .‬و (‬
‫(‪)4‬‬
‫سلمان منا أهل البيت ) " حديثان نبويان "‬
‫ــــــــــــــــــ‬

‫‪91‬‬
‫(‪ )1‬ولعلها ‪ (( :‬مصيبة الحديث أتباعه )) أو لعلها ‪ (( :‬مصيبة الحديث وأتباعه )) ‪ ،‬وللا‬
‫أعلم ‪.‬‬
‫(‪ )2‬هذا ما استظهرناه ؛ وقد كتبت ( أينفع ) ‪ ،‬وللا أعلم‬
‫(‪ )3‬هذا ما استظهرناه ؛ وكتبت (( فاخ )) ‪ ،‬وللا أعلم ‪.‬‬
‫(‪ )4‬الظاهر أن هذا التعليق من المؤلف ـ رحمه للا ـ ‪ ،‬والحديث األول رواه الكشي في رجاله‬
‫بإسناده عن الحسين بن صهيب عن أبي جعفر ـ عليه السالم ـ نقله عنه المجلسي في البحار‬
‫‪ :‬ج‪ : 22‬ص‪ ( 349‬ط‪ ، 2‬دار الوفاء ‪ ،‬بيروت ) ‪ :‬باب‪ : 10‬ح‪ 67‬؛ وله تتمةٌ فيه ‪ (( :‬ذاك‬
‫رج ٌل منا أهل البيت )) ‪.‬‬
‫وأما الحديث الثاني ؛ فقد رواه الفريقان ؛ فمن الخاصة رواه الصدوق في عيون األخبار‬
‫‪ :‬ج‪ : 1‬ص‪ ( 70‬األعلمي ‪ ،‬بيروت ‪ : ) 1404 ،‬باب‪ : 31‬ح‪ 282‬بإسناده عن الرضا ـ عليه‬
‫السالم ـ عن آبائه عن علي ـ عليه السالم ـ قال ‪ (( :‬قال النبي ـ صلى للا عليه وآله ـ ‪ :‬سلمان‬
‫منا أهل البيت )) ‪ ،‬ورواه من العامة الحاكم في المستدرك في حديثين أحدهما عن مصعب بن‬
‫عبد للا واآلخر عن كثير بن عبد للا المزني عن أبيه عن جده قال رسول للا ـ صلى للا عليه‬
‫وآله ـ ‪ " :‬سلمان منا أهل البيت )) وهذا األخير رواه الطبراني في معجمه الكبير وعنه‬
‫الهيثمي في مجمع الزوائد ‪.‬‬
‫ف‬‫المؤل ُ‬
‫ِ‬
‫‪110‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫المِؤِلِفِِفيِسطورِِ ِ‬
‫شهير في العالم العربي وغيره ؛ كفى أنه مؤلف (‬ ‫ٌ‬ ‫غوي‬
‫* عال ٌم ل ٌّ‬
‫الخزانة اللغوية = ‪ 10‬مجلدات ) أضخم معجم لغوي في العصر‬
‫الحاضر ‪.‬‬
‫* خريج معاهد النجف األشرف الدينية الشهيرة ‪.‬‬
‫* حامل لواء األخبارية في العصر الحاضر؛ مداف ٌع عنها بدون ملل‬
‫بلسانه وقلمه ‪.‬‬
‫* له دواوين ـ أربعةٌ ـ ‪.‬‬
‫* كتب حوالي (‪ 45‬كتابا ورسالة ) في (‪ 25‬علما ) !‪.‬‬
‫* برع بعلم الحكمة والكالم والمنطق ؛ ثم بذل جهده في ردها ـ‬
‫جميعا ـ ‪.‬‬
‫* عمره الشريف حتى كتابة هذه األسطر (‪ 71‬عاما ) ‪.‬‬
‫* ال يؤمن بسوى ( الحديث الصحيح ) فقط ‪.‬‬
‫* كل مدع الفقاهة ال يراه إال وسيطا ال مرجعا ؛ إن لم يحد عن‬
‫المعصومين ـ ع ـ ؛ فهو راو ليس غير !‪.‬‬
‫* يرفض كل من نصب نفسـه لإلفتـاء في العصـر الحاضر ـ وإن‬
‫ادعى ( األخبارية ) ! ‪.‬‬
‫* يبرأ إلى للا من كل سياسة !‪.‬‬

‫‪92‬‬
‫* تتحمل السياسة ( المغلفة بثوب الدين ) كل دم أينما سال !‪.‬‬
‫* أجمع اإلمامية على حرمة القيام بـ ( السيف) في زمن الغيبة‬
‫الكبرى ؛ فتش ـ كتبهم ـ تجد ما ذهب إليه المؤلف ـ حرسه للا ـ !‪.‬‬
‫* يحرم المؤلف ـ دام بقاؤه ـ كل حزب ( سري أو علني ) مهما‬
‫كان هدفه ‪.‬‬
‫* ال يجيز المؤلف دفع الحقوق الشرعية كافة إلى روحاني ؛ بل‬
‫من المالك للمستحق ـ مباشرة ـ فقط ! ؛ كما ( ال يصلي عن غيره من‬
‫األحياء ) ! ‪.‬‬
‫ف في التقلي ِد الجدي ِد‬
‫ؤل ِ‬
‫أرجوزة لل ُم ِ‬
‫‪112‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫يُطبَعِ ما يلي ـ في آخر كتاب (الوقاية ) ـ رجاء ‪:‬‬
‫قرأ لي رج ٌل ( استفتاء ) في عدة أسئلة ؛ وفيها جواب المسئول‬
‫منها ‪:‬‬
‫ب ) ‪ (( :‬االحتياط هو العدول إلى تقليد الحي )) ـ يعني‬ ‫قو ُل ( ال ُمجي ِ‬
‫نفسه ـ ‪ .‬فقلتُ هذه ( األرجوزة ) وعنوانها ‪ ( :‬التقلي ُد الجدي ُد ! )‬
‫( االحتياط ) يقتضـي العـدوال فافهم كالمي ال تكن جهـوال‬
‫أجبت ‪ :‬والشرع صريح الحكم بئس احتياطا أصله من وهـم‬
‫أيفضل ( التلميذ ) حقـا عالما يدعو إلى الثقلين فيما حكما؟!‬
‫أظنك ( المخطئ ) كالمعصـومِ! فالعقل في الغفلة‬
‫كالمعـدوم!‬
‫ما بين ذي الحق ومن ينافـق!‬ ‫والجاهل المخـدوع ال يفـرق‬
‫كتابعي (األحزاب ) إذ‬ ‫من غـير ( التقليد ) فهو أحمق‬
‫تزندقوا‬
‫ولم يكن ( إبليس ) قد أغـوانا‬ ‫وأحمـد للا الـذي هـدانـا‬
‫وحاذر ( الفتنة ) والضجيجـا‬ ‫فاثبت أخي ال تتبع التهريجـا‬
‫من حاول التجديد فهو كافر!‬ ‫فدينـنا اإلسـالم ال يغـيـر‬
‫وزمـرة ( اآلراء ) قـد تشتتوا‬ ‫فكل حكم في الكتـاب مثبت‬
‫كـذبـه القرآن ثم ( النص )!‬ ‫من قال إن الشـرع فيه نقص‬
‫فابحث تجد يا أيها (‬ ‫( والمحدثات ) حكمها مسطور‬
‫المأسور ) !‬
‫******************‬

‫‪93‬‬
‫خـرافـةٌ وبدعـةٌ منحطـه!‬ ‫(حكومة الدين ) بمعنى السلطه‬
‫(*)‬
‫من رد هذا فهـو كالمجـذوم‬ ‫( فالحكـم لل وللمعصـوم )‬
‫والشك في األحكام شر‬ ‫فحاذر ( العدوى) وال تكن قلق‬
‫منزلق‬
‫‪ 1418 / 11 / 6‬هـ‬
‫ـــــــــــــــــــــ‬
‫(*) الحكم لل ـ تعالى ـ فقط ؛ والمعصوم مبل ٌغ ليس غير ؛ فافهم ‪.‬‬
‫ف في التقلي ِد الجدي ِد‬
‫ؤل ِ‬
‫أرجوزة لل ُم ِ‬
‫‪113‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ح مـا بـه خطـر‬
‫فهـو مبـا ٌ‬ ‫وكل حكـم لم يجئ به أثر‬
‫فهو من التخفيف فاترك‬ ‫لم ينسه الباري وال األئمـه‬
‫حكمه‬
‫أم أنت معصو ٌم عليه‬ ‫(*)‬ ‫أتشرك الباري بما به انفرد ؟!‬
‫يعتمـد ؟!‬

‫ـــــــــــــــــــ‬
‫(*) ( وال يشرك في حكمه أحدا ) ‪ " .‬القرآن الکريم [ الكهف ‪ ،‬آية‬
‫‪] 26‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــ‬

‫‪94‬‬
‫وقع الفراغ من تنسيقه وضبطه مع هوامشه في ‪1433 /3/29‬هـ بيد الكثير الزلل القليل‬
‫العمل ؛ الذي ليس له رجا ٌء ـ إال حسن ظنه بربه وبعفوه وتفضله وكرمه ؛ ومودة نبيه وأهل‬
‫بيته ومواالتهم ـ للنجاة في يوم تشيب فيه الولدان وتذهل المرضعات عن الرضعان من الهول‬
‫والخطب الجلل ؛ والحمد لل رب العالمين وصالته على محمد وآله الشموس الطوالع التي إذا‬
‫رآها القمر ـ حياء ـ أفل ‪.‬‬

‫‪95‬‬

You might also like