Professional Documents
Culture Documents
الفصل الوأل
تمهيد
وأالنقـاد
البلغايين د
-المبحث الرابع :المستوأى الددلّلي عند د
44
الفصل الوأل
المستوأى الددلّلي في الفكر الدلساني العربي القديم
لقد ارتبط البحث في الددلّلة عند العرب – قديما -بالقرآن الكريم والعلوم الددينية الللتي
للي للددم ال
للتراث العرب تمحورت حوله لفهم هذا النص المقددسّ ،انطلقا من هذا الّرتب
للاط ق
إسهامات كثيرة وأصيلة في هذا الميدان ،وذلك جدلي في كتب ادللغللة والمصللنفات الددينيللة
والنقدية والبلغاية التي عالجت الددلّلة وإشكاليات المعنى من زوايا مختلفة ،وقد كان للعرب
السبق في كثير من هذه المباحث التي اتسمت بالجددة والتمييز ،رغام إغافال التاريخ الغربي لهذه
الجهود ،فكان اهتمام العرب "بالعلمة" التي تقابل مفهوم الددلّلة في تراثنا العربي منذ وقللت
مبكر ،وقد أكد "جورج مونان" على ضرورة تحديد المصطلح ،وتأطيره بالددلّلة اللغوية لدن "
)(1
الددلّلة " دخلت في مجالّت عديدة فيها عموم قد يجعل الباحث يححمْملها على اللغة.
للتنباط وتعود نشأة الددلّلة إلى الددرسّ الفقهي الذي كان يتوخى فهم الدنص القرآن
للي ،واس
للاظ
للى دلّلّت اللف
للرب إل
الحكام ،والكشف عن الدلّلّت الشرعية ،كما التفت العلماء الع
والكلمات ،فسدجلوا معاني الغريب في القرآن الكريم ،وأنتجوا المعاجم الموضوعية ،ومعاجم
اللفاظ ،كما أدن ضبط المصحف بالشكل ييعدد عمل دلّليا (2)،فتغيير شكل الكلمات يؤدي إل
للى
للويين،
للن اللغ
للال بي
للذا المج
تغيير دلّلة اللفظة ،وتندوعت اهتمامات العرب بعد ذلك في ه
والصوليين ،والفقهاء ،والبلغايين ،والنقاد ،فتناول الدلّلة كدل من وجهته ،وقد ظهر التداخل
بين هذه المباحث ،فاشتجرت كثير من العلوم والمباحث فيما بينها.
والدلّلة مصطلح قديم ،نجده عند الفلسفة والمناطقة وعلمللاء الكلم ،ولللم يسللتخدمه
الدلغويون إ د
لّ للقرينة اللفظية أو المعنوية التي تتمثل في الدسياق (3).وهذا يعتبر بدايللة للتنيبلله
الواعي إلى بعض الخصائص البارزة في العربية منها " :النهايات لعرابيللة ،والوظللائف
الدلّلية لعناصر التركيب ،"...وذلك كان قائما على قراءة الدنص القرآني وظللاهرة الدلحللن،
منه :ينححو "سيبويه" القائم على أصول منهجية ،واصطلحية مستممدة من علوم الشريعة ،وفهم
الدنص القرآني.
()1ينظر :فايز الداية :علم الدلّلة العربي – النظرية وأالتطبيق – دار الفكر ،دمشق ،1996ص .8
()2ينظر :أحمد مختار عمر :علم الدلّلة ،ط ،6عالم الكتب ،القاهرة ،2006ص .20
()3ينظر :مشكوأر كاظم العوأادي :البحث الدلّلي عند ابن سينا ،دراسة أسلوأبية في ضوأء اللسانيات ،مؤسسة البلغا ،ط ،1
بيروأت ، 2003ص .36
45
الفصل الوأل
المستوأى الددلّلي في الفكر الدلساني العربي القديم
للاني ويتضح الفرق بين الددلّلة وأالمعنى في أدن مفهوم الدلّلة في الدلغة فقد اس
للتعمل بمع
للطلح
للابلته بمص
للى مق
كما اهتدى بعضهم إل متعددة ،وهو يقابل مصطلح "،"Sémantique
"المعنى" ،وقد استعمله تمام حسان بمعنى "الدال والمدلول" في حديثه عن العلقة الطبيعية بين
الرمز الدبي ومعناه) .(1وقد اتفق الدلغويون على استخدام مصلطلح "عللم الدلّللة بمعنلى
"سيمانتيك ومن مشتقاته" :دمل ،الددال ،المدلول ،الددليل ،الددلّلّت ،ال
للددلّلي") ،(2وهلي ألفلاظ
ارتبطت بالرموز الدلغوية ،وغاير الدلغوية .كما وردت هذه المادة في القرآن الكريم" :دليللل،
أيدل ،دلّلة "...في مواضيع كثيرة تـبرز المفهوم الدلغوي لهذه الصيغة ،وهي تعني الش
للارة
إلى الشيء أو الذات تجريدا أو حدسا بوجود طرفين دال ومدلول :قال تعالى﴿ :هه ه ه ه هلل أهدلككك ه ه ه هلم
علهههىَ أهلهه هلل هبليه هتت يلككفلكههوُهنه لهككه هم وُكهه هم لهه هه هناَ ل
صه هكحوُهن﴾) ،(3وكلمة "أيدل" تشير
إلى مرضعة ك له ل ك ه ه
ف
ك هكليه ه ه
موسى عليه السلم ،وتددل على التواصل البلغاي .وقال عدز وجدل﴿ :أهلهه هلم تهه ههر لإلهههىَ هربه ه ه
همه هد الظبه ههل هوُلهه هلوُ هش ههاَهء لههجهعلهه ههك همهس ههاَلكنناَ ثهك هدم هجهعلهن ههاَ الدشه هلمهس هعلهليه هله هدللليلن﴾) ،(4فلفظة "دليل" تشير إلى
العلقة الطبيعية بين الددال والمدلول ،وهذا الدليل هو العلمة ،فمْيعرف الظظللل عللن طريللق
ت همه ههاَ هدلدهكه هلم هعلهه ههىَ همه هلوُتلله إلد هداهبه هةك لالهلر ل
ض تهلأككه هكل ضه هليهناَ هعلهليه هله الهمه هلوُ ه
الدشمسّ .وقال أيضا﴿ :هفلههمه ههاَ قه ه
ب همههاَ لهبلثكهلوُا لفهلي الهعههذلالب الكملهليهلن﴾) ،(5وهنا لملنهسأهتهكه ُ،هفلهدماَ هخدر تههبديهنه ل
ت اللجهدن أهلن لههلوُ هكههاَكنلوُا هيلعلهكمهلوُهن الهغليه ه
نجد علمة غاير لسانية ،وهو الحال التي كان عليها سليمان -عليه السلم -فالعلمة نجللدها
للوضة التي دملت على موته ،والفعل " دلهم" جاء لبيان المعنى وإيضاحه ،فالمدلول ه في ا ي
لير ي
هيئة سليمان وهو ميت ،والدال وهو الددابة وأكلها للعصا) .(6واليات كثيرة في هذه المعاني لّ
يتسع المقام لذكرها هنا .كما يتضح الجذر المشترك لمادة "ددل" رغام اختلف صيغتها وتعني
()1نفسه.
()2ينظر :محمد علي الخوألي :معجم علم اللغة النظرية ،إنجليزي عربي ،مكتبة لبنان ،1982ص . 251
()3ابن منظوأر :لسان العرب) ،عنا( ،دار صادر ،ط، 3.القاهرة ، 1994ج ،15ص . 106
()4الزبيدي :تاج العروأس ،ج ، 1ص . 258
48
الفصل الوأل
المستوأى الددلّلي في الفكر الدلساني العربي القديم
إذن فالمعنى يراد به مضمون الكلم وما يلقتضيه من الدلّللة وأدن المعنى خفل
للي لّ
ييدرك إلّ بالقلب أو العقل وهو غاير لفظ .أدما المعنى في اصطلحا العرب فيقصد» :بالمعاني
صور الذهنية من حيث وضع بإزائها اللفاظ«) ،(1ونجد التعاريف متباينة حسللب اختلف
ال د
التخصصات بين المناطقة والفلسفة وعلماء اللغة وغايرهم ،فقد جعل "فايز الداية" مصللطلح
للة للتركيب اللدغ
للوي ،ونظري "المعاني" خاص بالدراسات البلغاية الجمالية التي تعني بقيم ال
الدسياق.
والمعنى عند الشريف الجرجاني يعدرفه» :بأدنه ما يقصد بشيء«) ،(2وهو تعريف يعت
للبر
الدلّلة جزء من المعنى كما يفهمه المناطقة ،ويراد بلفظه "شيء" ،ما يجوز أن تخللبر عنلله
وتصدح الددلّلة عليه) ،(3والتصنيف الدنحوي والدلغوي يجعل المعنى تابعا للفظ وهو جزء مللن
الدلّلة اللغوية ،لدن المنطق ييعني أولّ بالمعاني ،ثم باللفاظ والحدود على عكسّ النحو الذي
يبحث في اللفظ ،فيجعل المعنى تابعا له ،والمعنى عندهم هو الصورة الذهنية من حيث يوضع
بإزائها اللفظ).(4
ونتبدين مصطلح الدلّلة عند التهانوي فيقول » :الددلَّلة بالفتح هي على ما اصطلح عليييه
أهل الميزان والصول العربية والمناظرة أن يكون الششيء بحالة يلزم من العلم به العلم بشيء
آخآييرً،ا والشيييء الول دا شل
لًَّ،ا والشيييء الخآيير مييدلو ل
لًَّ،ا والمطلييوب بييين الشيييئين مييا يعييمم اللفييظ
وغيره«) .(5والدلَّلة بفتح الدال هي الكأثر في معجماتنا القديمةً،ا وقد فشرقّ بعضهم بين الددلَّليية
بكسرها وفتحهاً،ا فما كأان للنإسان اخآتيار في معنى الدلَّلةً،ا فهو بالفتحً،ا وما لم يكن لييه اخآتيييار
فييي ذلييك فبكسييرهاً،ا ومثييال ذلييك » :إذا قلييت :ددلَّليية الخييير لزيييدً،ا فهييو بالفتييح أي لييه اخآتيييار
في الدلَّلة على الخيرً،ا وإذا كأسرتهاً،ا فمعناهييا حينئييذ صييار الخييير سييجشية لزيييدً،ا فيصييدر منييه
()1نفسه.
()2الجرجاني :التعريفات، ،ص . 122
()3السكاكي :مفتاح العلوأم ،ط ،1.القاهرة ، 1937ص . 17
( )4التهانوأي محمد علي الفاروأق :كشاف اصطلحات الفنوأن ،تح لطفي عبد البديع،الهيئة المصرية العامة ،لقاهرة
،1969ج ،5ص .1084
( )5المصدر نفسه :ج ،2ص .284
49
الفصل الوأل
المستوأى الددلّلي في الفكر الدلساني العربي القديم
كأيفما كأان«) .(1لّشك أدن مصطلح الددلّلة يتسم بالّتساع والشمول ،وهي تحتوي على معللان
متعددة ،فهي » :مجموعة المعاني اللغوية التي تتضمنها الكلمة ،فتكون المفللردة الكلميللة
مكونة من مجموعة المعاني التي تقترن بها في المعجم ،والتمثيل الدلّلي العائد إلللى دلّلللة
المفردة يؤخذ من مجموعة التمثيل الدلّلي العائد إلى معانيها«) .(2أدما المعنى فهو :كمصطلح
يشير إلى دلّلة معنية من ضمن الددلّلّت التي تقترن بالكلمة ) .(3كما يتضح التفريللق بيللن
للتيعاب المصطلحين "الدلّلة والمعنى" في الفكر الدلساني القديم ،وهي تفرقة مثمرة ف
للي اس
مكامن الدنص وعلقة ذلك بوصف الحقائق الدلغوية أو تقعيد القواعد تبعا لذلك ،وهي تفرقة من
صميم المدخل المعجمي للمفردة.
ونجد في خضدم هذه المفارقات أدن الممارسات الفكرية ،والددلّلية عضدت العمل المعجمي
على الصعيد التطبيقي في الّستدلّل المنطقي ،والمعرفة العقلية لترسم لنا أصول علم الدلّلة،
أو نظرية المعنى وفق أسسّ علمية في ثنايا تراثنا العربي السلمي ،وكشللفت الددراسللات
الدلسانية الحديثة الكثير من هذه الصول التي جاء بها العلماء القدماء ،بخلف يسير في فهللم
للوليين،
للم الص للاحث اللدغ
للويين ،وث للى مب
ماهية المصطلح ،وسنتطرق في هذا الفصل إل
للاحث
للم المب
والمناطقة ،فالبلغايين والنقاد ،وحاولت أن أراعي الترتيب الزماني حاصرة أه
الدلّلية " :نشأة الدلغة ،الدلفظ والمعنى ،وأنواع الدلّلة ...إلخ ".
للش
للاري والخف
وأتمثلت أدوأل الرهاصات في المستوأى الدلّلي" :عند أبي عبيدة النص
والفدراء" ،حيث اهتم هؤلّء بدلّلّت اللفاظ القرآنية ،ومعانيها ،وسياقاتها ،وأثـر ذلك فللي
توجيه الددلّلة القرآنية :حيث تعدرضوا للفظة القرآنية ،ومقارنتها بكلم العرب منتهيين إلللى
للة، تخصيصها ،أو تعميمها مع عنايتهم بالددلّلة النحوية ،والسياقية ،وتناولهم الحق
للول الدلّلي
"كالترادف والّشتراك ،والحقيقة والمجاز ".
أدما الممْفسرين فقد كانت البداية عندهم بما شرحا النبي صلى ال عليه وسلم بعض مفردات
()1عبد القادرعبد الرحمن السعدي :أثر الدلّلة النحوأية وأاللغوأية في استنباط الحكام من آيات القرآن التشريعية ،ط،1.
مطبعة الخلوأد ،بغداد ، 1986ص . 13
()2ميشال زكريا :اللسنية التوأليدية التحوألية ) ،النظرية اللسانية ( ،ط ، 1.المؤسسة الجامعية للدراسات ،بيروأت
،1982ص . 141
()3ينظر :المرجع نفسه ،ص .141
50
الفصل الوأل
المستوأى الددلّلي في الفكر الدلساني العربي القديم
القرآن الكريم ،ودفع اليلبسّ بما قد يفهم من دلّلة بعض المفردات والسياقات وبين المراد م
للن
دلّلتها ،كما أشاروا إلى المعنى الحقيقي ،والمجازي في مثل قوله تعالى﴿ :احلظذحيين آيمينحوا يويلللحم
يحلمْبيسحوا إمْحييماينيهحم مْبيظحلمم﴾) ،(1فلم ييفهم الدناسّ المقصود "بظلم" ففدسرها النبي صلى ال عليه وسلللم
لّ يتحمْشرحك إمْمن احلظشحريك لييظحلم يعمْظحيمم﴾) .(2كما كان للصحابة دور في بحث
بالية الكريمة :ي﴿يا يبينمي ي
معاني القرآن الكريم ،وفهم أحكامه ،فبحثوا في المعاني المعجمية لللفاظ ،واعتنوا بالدسللياق
الدلغوي والدسياق الخارجي ،كسبب النزول ،ومكانه وزمانه ،وكدل ما يتعلق بالدنص القرآني أي
سياق الحال ،حيث فدسر "عبد ال بن عباسّ" )تل 68هل () (3القرآن آخذا بالدسياق اللغللوي،
واحعتـبر تفسيره لمعاني القرآن نواة البحث الددلّلي حيث ورد عنه قوله » :كنيت لّ أدري ما
للا،
للا فطرته
فاطر السموات والرض حتى آتيان أعربان يختصمان في بئر فقال أحدهما :أن
يقول :ابتدأتها«) .(4واعتمد الصحابة على الّجتهاد لمعرفة المعنى ،وهو اجتهاد مقيللد بكلم
ولغة العرب ،وأحوالهم ،وأشعارهم ،وكل ما يتعلق بالسياق الدلغوي والخارجي.
للير اللدغ
للوي للل التفس
للابعين وانفص
للر الت
للي عص
ثم تودسعت دائرة الدبحث الدلّلي ف
عن المسائل الددينية ويشمْمل البحث في الدلغة وجوانبها .ثم بدأت مرحلة جمع الدلغللة ووضللع
القواعد لفهم الدنص القرآني ،وكشف دلّلّته ،ونجد عمل دلّليا متمديزا تمثل فللي مجللازات
للفهاني
القرآن" :عند أبي عبيدة والفدراء ،والخفش" ،فتناولوا غاريب القرآن كما هو عند الص
وغايرهم ممن تبعهم ،فكانت هذه الرهاصات الولى للتفكير الدلساني والددلّلي عند العرب.
للحيح، إذن ،لقد اقترب العرب في تناولهم لقضايا الدلغة العربية -بفضل فهمه
للم الص
للى
إل ومنهجهم الناضج -من منهج الدلسانيات الحديثة مع ما بينهما من اختلفات تـيريد
اختلف البيئة الحضارية التي ظهرت فيها الراء الدلسانية العربية ،والغربية ،وقد كان ارتباط
العرب في تفكيرهم الدنظري والتطبيقي بالدنص القرآني الذي كان موظجها للبحث الددلّلي نح
للو
العلمية التي تؤظكدها الدلسانيات الحديثة حيث تعاملوا مع الدلغة كظاهرة اجتماعية قابلة للددرسّ،
المبحث الوأل
المستوأى الددلّلي عند اللدغوأيين وأالندحـاة
)(1
- De Saussure: Cours de linguistique générale, P 17.
52
الفصل الوأل
المستوأى الددلّلي في الفكر الدلساني العربي القديم
الددلّلة وأالعراب
المبحث الوأل
المستوأى الـددلّلي عند اللدغوأيين وأالندحـاة
لقد تودسعت دائرة الدبحث الدلساني عند الدلغويين العرب القدماء ،وبدأت مرحلة جمع اللغة،
ووضع القواعد خدمة لنص القرآني وفهم دلّلّته عن طريق اللمام بالدلغة وعلومها ،وتن
للوع
بذلك الدبحث وتفدرع إلى عددة فروع تقوم في جظلها على اللفظ والمعنى ،حيث يجمعت اللفللاظ
القرآنية في غاريب القرآن والحديث حتى اشتمل لغة العرب شعرا و نثرا ،ثم بدأت الددراسات
المعجمية في جمع موضوعات الدلغة " :كل كتب الشاء والبل ،خلق النسان ،الخيل وغايرها
53
الفصل الوأل
المستوأى الددلّلي في الفكر الدلساني العربي القديم
مدما تناول اللفاظ الخاصة بالموضوع الواحد ،وتمثلت الددراسات الددلّلية عندهم في ما يأتي:
-سيبوية )تل 180هل( :ييعدد إمام الدنحاة وصاحب "كتاب" الدنحو ،وهو من الوائللل
الدذين اهتموا بالدبحث الدلغوي والددلّلي ،نجده أبرز النسبة بين المعاني واللفاظ والموازنة بينها
في الدلغة حيث ييعظبر الدلفظ الواحد عن معنى واحد ،فقسم اللفاظ حسب مدلولّتها:
-1اختلف الدلفظين لّختلف المعنيين نحو" :جلسّ وذهب ".
-2اختلف الدلفظين واتفاق المعنيين نحو " :هب وانطلق ".
-3اختلف الدلفظين مع اختلف المعنى نحو » :يويجيدحت يعليحيه مْمين اليموجـدة ويويجحديت
إذا أيرحديت مْوحجيدان ال م
ضالة «).(1
للات
للاظ ،والعلق
فهو يهتم بنسبة الكلمة اهتماما كبيرا ليتمكن من التمييز بين أنواع اللف
الددلّلية من مترادف ومشترك في تحليله المعنوي ،كما يولي المعنى عناية كبيرة ،ويفرد بابا
سدماه" :هذا باب الّستقامة من الكلم والحالة" ،وعرض فيه خمسّ حالّت حيث يقول» :فمنه
مستقيم حسن ،ومحال ومستقيم كذب ،ومستقيم قبيح ،وما هو محال كذب«) ،(2ونجده ييحدلللل
ص المعنى ،وبطريقة نحوية
ويفدسر هذه الحالّت بأمثله معتمدا على طريقة عقلية منطقية تخ د
مللن الكلم ص تركيب الكلم ،وتجعل البعد الددلّلي للجملة يقوم على ما ييصيح
لغوية تخ ي
)(3
وما لّ يصدح ،وما يجوز وما لّ يجوز مستعينا بمصطلحات المنطق في قواعد الدلغة.
ويضيف مفدسرا » :فأدما المستقيم الحسن فقولك :أتيتك أمسّ وسأتيك غادا ،وأدما المحللال
فأحن تنقض أول كلمك بآخره ،فتقول :أتيتك غادا ،وسأتيك .وأدما المستقيم الكللذب فقولللك:
للر
للي غاي حمليت الجبل ،ومْيشرحبيت ماء البحر ونحوه .وأدما المستقيم القبيح فأحن تضع اللف
للظ ف
للأحن
للذب ف
موضعه ،نحو قولك :قد زيدا رأيت ،كحي زيد يأتيك ،وأشباه ذلك .وأدما المحال الك
تقول :سوف أشرب ماء البحر أمسّ«) .(4اتجه سيبوية بالددرسّ النحوي إلى الّتجاه المنطق
للي
ويعتبر "الكتاب" وهو قرآن الدنحو بفضل منهجيته وعلميته في المعرفة الّستدلّلية ،ونصلله
()1سيبوأية :الكتاب ،تح عبد السلم هاروأن) ،ط ،(1دار الجيل ،بيروأت ،1991ص .8 – 7
()2المصدر السابق ،ص .8
()3ينظر :عابد الجابري :بنية العقل العربي ،ط ، 1.مركز دراسات الوأحدة العربية ،بيروأت ،1986ص .47
()4سيبوأية :الكتاب ،ج ،1ص .8
54
الفصل الوأل
المستوأى الددلّلي في الفكر الدلساني العربي القديم
للة
للن جه
م السابق يكشف عن مكونات الددلّلة ،فالكلم المستقيم الحسن هو مستقيم الدلفظ
نحوية ،وحسن المعنى من جهة عقلية.
والمستقيم المحال مستقيم اللفظ من جهة نحوية ،ومحال المعنى من جهة عقليللة ،وهللو
محال لدنه يجمع من متناقضين الماضي والمستقبل .والمستقيم الكذب هو مستقيم الدلفظ من
جهة نحوية من حيث المعنى كذب من جهة عقلية).(1
وكان الدرماني الدنحوي والدلغوي المعتزلي )تل 384هل ( ممن مزجوا بيللن المنطللق
للدي،
للاة" :الكن
للفة النح
للن الفلس والدلغة ،فنشأ النحو الفلسفي إلى جانب الدنحو اللدغ
للوي وم
الدسرخسي ،الفارابي.(2) "...
-ويأتي ابن جندي )تل 392هل ( في مرحلة تالية محاولّ ربط التقليبات الممكنة للمادة
للك أو المدخلة المعجمية بمعنى مشترك واحد كقوله» :وأدما )ك ل م( فهذه أيضا حاله
للا ،وذل
أدنها حيث تقلبت فمعناها الدلّلة على القوة والشدة ،واليمحسيتحعيمل منها أصول خمسة :وهي) ك
ل م ،ك م ل ،ل ك م ،م ك ل ،م ل ك( ،وأهملت منه )ل م ك( ،فلم تأت في ثبت«).(3
للى الدلفظ
للة للدا عل
وقد تناول ابن جني في باب "تصاقب اللفاظ لتصاقب المعاني" معتم
المفردة ودلّلتها خاصة الددلّلة اليحائية " :كالتقديم والتأخير في الصل الواحد ،أو تقللارب
أصلين ،أو تقارب الحروف لتقارب المعاني") ،(4كما أفرد بابا في الددلّلة اللفظية والصللناعية
والمعنوية) ،(5وبابا في إمساسّ اللفاظ أشباه المعاني) ،(6وبابا في مقابلة اللفاظ بمللا يشللاكل
إلللى الدلّلللة أصواتها ،وبابا في الّشتقاق الصغير ،والكبر ،والكبير .وانتبه ابن جني
الصوتية بين الرمز الدلغوي ومعناه الذي يددل عليه دلّلة الطبيعية ،كصوت اللقلق ،والجن
للدب
للم
وغايرها ،وكان قد أشار إلى ذلك من قبله الخليل بن أحمد الفرهيدي ،وهو واضع أول معج
لغوي في العربية ،أقامه على أساسّ صوتي "مخارج الحروف".
( )1ينظر :الرازي :التفسير الكبير ،ط ،2.دار الكتب العلمية ،بيروأت ، 2004ج ،1ص . 30
( )2ابن جني :الخصائص ،ج ، 1ص . 44
()3المصدر السابق ،ص .44
()4ينظر المصدر نفسه ،ج ،2ص .152
()5ينظر :المصدر نفسه ،ص .157
()6ينظر :المصدر نفسه ،ص .154 – 153
57
الفصل الوأل
المستوأى الددلّلي في الفكر الدلساني العربي القديم
" كمسر ،وقمطع ،وفت ي
ـح ،نحو ذلك ").(1
وما أشار إليه لّ يمثل إلّ يمظهرا من مظاهر الددلّلة ال د
صوتية والمعجمية في حديثه عللن
الروابط والعلقات الدلّلية بين اللفاظ :في الّشتقاق الصغير ،والتقاليب الستة ،والّشللتقاق
الكبير ،وبين اللفاظ المتقاربة والمتجانسة في الّشتقاق الكبر.
وهذه الظواهر اللغوية واللفظية والصوتية تـيعيلل في ضلوء اللدلّللة وتلعايلج في
للوجيهه للوي وتإطارها ،فقد استطاع ابن جني أن يقترب من الجانب الفلسفي في تنظيره اللدغ
الفكري والبياني ،حيث يربط بين منطق الدلغة ،ومنطق العقل في معالجة إشكالية الددلّلة فللي
علقة اللفظ بمعناه من منظور استدلّلي ،معرفي ،وهو القائل في تحديد دلّلة المعنى» :وأدما
المعنى فإندما دلّلته لّحقة بعلوم الّستدلّل ،وليست في حيز الضروريات«) ،(2وهو يؤدكلد أدن
المعنى دلّلته متعلقة بالمعرفة الّستدلّلية ،وليسّ المعرفة الحسية ،وهذا ما أباينيه يمحن جاء بعده
كل ابن سينا والدرازي وغايرهم.
للي
ومديز بين ثلثة أصناف من الدلّلة" :لفظية ،وصناعية ،والمعنوية" ،وهي تتداخل ف
للعفا
للوة وض
للا ق
مستوى العلقة بين الدال والمدلول ،وهو تداخل يؤدي إلى اختلف ترتيبه
للا فيقول» :فأقواهن الدلّلة الدلفظية ،ثم تليها ال د
صناعية ،ثم تليها المعنوية ،ولنذكر من ذلك م
يصدح به اليغرض ،فمنه جميع الفعال ،ففي كدل واحد منها الدلة الثلثة .ألّ ترى إلى " قللام"
ودلّلة لفظه على مصدره ،ودلّلة بنائه على زمانه ودلّلة معناه على فاعل ،فهذه ثلث دلّئل
من لفظه وصيغته ومعناه .إندما كانت الدلّلة الصناعية أقوى من المعنوية من قبل أدنها وإحن
للا
على المثال المعتزم به لم تكن لفظا ،فإدنها صورة يحملها اللفظ ،ويخرج عليها ،ويستقر
.(3)«...
فتفطن ابن جني إلى تعديدية الددلّلّت ،فتعدد المعنى يؤدي إلى النظر في طبيعة اللفظللة
وبنيتها ،وهو هنا يمديز بين أنواع الدلّلّت :وهي الدلّلة المعجمية ويسميها اللفظية ،والدلّلة
()1
ابن جني :الخصائص ،ج ،3ص .98
()2
ينظر :إبراهيم أنيس :دلّلة اللفاظ ،ص . 175
()3
ينظر :رمضان عبد التوأاب :فصوأل في فقه اللغة ،مكتبة الخانجي) ،ط ،(6القاهرة ، 1999ص . 272 - 231
()4
ينظر :المرجع نفسه ،ص .282 – 272
()5
ينظر :المرجع نفسه ،ص .282وأينظر :إبراهيم أنيس :دلّلة اللفاظ ،ص .180
59
الفصل الوأل
المستوأى الددلّلي في الفكر الدلساني العربي القديم
لل
للد )تل
للن دري
أصحابها اللغويين الذين اهتموا بمعاجم الموضوعات ،ومعاجم اللفاظ" :اب
321هل( ،ابن النباري )تل 321هل( ،قدامة بن جعفر)تل 337هل( وله كتاب اللفللاظ،
لل
للاد )تل
للن عب
للاحب ب
والقالي البغدادي بمعجمه البارع ،والزهري)تل 370هل( والص
للت
للرن بلغ
385هل( ،والجوهري )تل 393هل( وابن فارسّ )تل 395هل( ،وفي هذا الق
للة
للاظ المرتب
البحوث الدلّلية ازدهارا واسعا ،واشتهرت بصورة خاصة بتأليف معاجم اللف
ترتيبا هجائيا ،ونجد بعضها مختلف عن هذه المعاجم كفقه اللغة للثعالبي )تللل 429هللل(،
صص لّبن سيده )تل 458هل( ،والشباه والنظائر لبي البركات بن النباري )تللل
والمخ د
577هل().(1
فابن دريد صاحب كتاب "الّشتقاق ومعجم جمهرة الدلغة" الذي يعيد من أهم المعاجم بعللد
كتاب "العين" للخليل ،تحدث عن ألفاظ الدلغة من المضدعف الثلثي والرباعي ورتدبها هجائيلا،
باحثا عن الصور المختلفة للكلمة مثل" :عبث وبعث" ،وهي نفسّ طريقة الخليللل) ،(2وتتبللع
الصلة بين الدلفظ ومدلوله ،فأولى عناية كبيرة بالناحية الّشتقاقية في كتابه "الّشتقاق" ،محاولّ
أحن يعلل العلم العربية دلّليا كأسماء العلم ،والقبائل ،والمكنة في جزيللرة العللرب،
فمثل" :قضاعة" :يسميت بهذا الّسم لرحيلها من الجنوب إلى الشمال ،وهي مشتقة من انقضع
الرجل من أهله أي يبيعيد ) ،(3وهو يندرج في الّشتقاق الدلّلي ،كما له أبواب في تسميه البناء
حيث يقول » :واعلم أدن للعرب مذاهب في تسمية أبنائها فمنها :ما سمموه تفاؤلّ على أعدائهم،
نحو :غاالب ،وغالب ،وظالم ،وعارم ،ومقاتل (...) ،ومنها ما تفاءلوا به للبنللاء نحللو:
نائل ،ووائل ،وناج ،ومدرك ،وسالم ،ومنها ما يسمى بالسباع ترهيبا لعدائهم ،نحو :أسللد،
وليث ،وفراسّ ،وذئب ،ومنها ما يسمى بما غايلظ ويخشـن من الشجر تفاؤلّ أيضللا ،نحللو:
طلحة ،ويسيميرة ،ويسلييمة ،وقتادة ،ويهيرايسة ،وكدل ذلك شجر له شوك ،وعضاه ،ومنها ما يسدمي
لليزن، للدل ،ويحبما غايلظ من الرض وخشن لحميسه ويمومْطئه ،مثل :حجر وصخر ،وفهر ،وجن
وحزم«).(4
()1ينظر :إبراهيم أنيس :دلّلة اللفاظ ،ص .182 – 181
()2ينظر :المرجع نفسه ،ص .188 – 187
()3المرجع نفسه ،ص .50
()4ابن دريد :الّشتقاق ،تحقيق عبد السلم هاروأن ،مكتبة الخانجي ،القاهرة ،1958ص .5وأينظر ابن فارس:
60
الفصل الوأل
المستوأى الددلّلي في الفكر الدلساني العربي القديم
للاء
للة التسلمية تفلاؤلّ بالبن
فهو كثيرا ما يبين دلّلة أسماء العلم حيث أخلذت دلّل
أو ترهيبا للعدو ،وقد يأخذ على ابن دريد غالوه في اشتقاق العجمي من العربي حيث امدعى أن
لله
للع ،ومن "الفردوسّ" مشتق من الفردوسة فقال» :اليفحريديسية :الظسعة ،وصدر يميف
للحريدمسّ ،واس
اشتقاق الفردوسّ«) .(1كما أخذ عليه غالوه في اشتقاق أسماء القبائل ،رغام أدن الدلغويين يتفللق
)(2
على أدن الكلم بعضه مشتق وبعضه غاير مشتق.
للاظ
للن اللف وقد حاول أيضا "ابن فارسّ" في معجمه "مقاييسّ اللغة" أحن يجد ص
لللت بي
ودلّلّتها على نحو ما سدماه ابن جني الّشتقاق الكبر ،فييرمْجع المادة الدلغوية بتقاليبها السللتة
للي
ف للترك
إلى معنى أو معنيين أو أكثر ،كما يلتمسّ الصلة بين بعض الكلمات التي تش
)(3
أصلين )أي حرفين( كما فعل ابن جني.
وقد بلغ حدا من الغلو في استنباطاته الددلّلية في الصول الّشتقاقية متيكظلفللا ومتيعظسللفا،
للين
للراء والس فيحاول أحن ييرد المادة الدلغوية الواحدة إلى أكثر من أصل كقوله» :الخ
للاء وال
أصول ثلثة :الول :جنسّ النية ،والثاني :عدم النطق ،الثالث :نوع من الطعام .(4)«...ث
للم
للو
للالث :ه
لليرسّ والث يمثل لكدل أصل بالترتيب ظ
فالول :لخحرسّ بسكون الراء ،والثاني :اليخ
للرحا الددلّل
للة اليخحرسّ) .(5وما من شك أدن فكرة التقاليب اقتبسها من الخليل وابن دري
للد ،فيش
الدلفظية ،ويذكر تقاليبها وصورها دون تعرض للربط بين الدلّلّت ،مبينا ويمحلتمْمسا الفللروق
الددقيقة بين اللفاظ التي يراها بعضهم أدن أصلها واحد ،وليسّ من أصول متفرقة).(6
ولّبن فارسّ اليد الطولى في ظاهرة الدنحت ،فهو من القائلين به يقول» :اعلم أدن للدرباعي
منه منحللوت، والخماسي في القياسّ ،يستنبطه النظر الدقيق ،وذلك أن أكثر ما تراه
). (7
ومعنى النحت :أن تؤخذ كلمتان ،وتـحنيحت منها كلمة تكون آخذة منها جميعا بحظ«
الصاحبي في فقه اللغة وأسنن العرب في كلمها ،ت ح :السيد أحمد صقر ،عيسى الحلبي ،القاهرة ،1977ص .109
()1ابن دريد :جمهرة اللغة ،تحقيق رمزي منير البعلبكي ،دارالعلم للمليين ،بيروأت ،1987ج ،3ص .333
()2السيوأطي :المزهر في علوأم اللغة ،تحقيق محمد أبوأ الفضل إبراهيم وأآخروأن ،القاهرة ،1958ج ،1ص .348
()3ينظر :رمضان عبد التوأاب :فصوأل في فقه اللدغة ،ص .295
()4ابن فارس الحسن بن أحمد :مقاييس اللغة ،تح عبد السلم هاروأن ،بيروأت) ،د .ت( ،ج ،2ص .167
()5ينظر :المصدر نفسه ،ص .167
()6ينظر :صبحي الصالح :دراسات في فقه اللغة ،بيروأت ،1970ص .176
()7ابن فارس :مقاييس اللغة ،ج ،1ص .328
61
الفصل الوأل
المستوأى الددلّلي في الفكر الدلساني العربي القديم
للول» :يححييعليل
ويذكر ابن فارسّ أدنه متبع للخليل في هذا النحت ،سائر على منهجله فيق
الدرجل ،ذا قال يحمي على«) ،(1ولكدن ابن فارسّ لم ييفظسر الرباعي والخماسي كدله حيث قدسللمه
للوللير" وه للده "اليبححتـإلى نوعين :المنحوت ،الموضوع وضعا) ،(2ومن أمثلة المنحوت عن
القصير المجتمع اليخحلق ويجعله منحوت من كلمتين) :الباء والتاء والراء( أي يبيتحرتـه يفيبمْتللير
لله
للى نفس أي مْيحريم طول ،ومن )الحاء والتاء والراء( ،أي يحيتحريت واححتـحريت ،فاححتـ
للير عل
ضمييق عليهم ،فصار هذا المعنى في القصير).(3
وعياله ،أي ي
ومن مثال الموضوع وضعا" :ال م
ضحميعج" للناقة الضخمة) ،(4ونجده يللبظين الفللرق بيللن
مصطلح الددلّلة والمعنى وهو يقف على المعاني الدلغوية في كتاب الصاحبي مبحث معللاني
ألفاظ العبارات التي يعظبر بها عن الشياء ،فقال» :ومرجعها لى ثلثة :وهي المعنى ،التفسير
والتأويل ،وهي وإحن اختلفت فإدن المقاصد بها متقاربة«).(5
ويقول معدرفا المعنى» :فأدما المعنى فهو القصد والمراد ،يقول :يعينحييت بالكلم كللذا ،أي
للاقبته«) ،(6فن
للراه يق ي
صحديت ويعيمحديت ،وأدما التفسير فإدنه التفصيل ،وأدما التأويل فآخر المر وع
يتناول التفسير والتأويل بمعنى مرادف ،والتفسير هو التفصيل الذي يتناول المللدلول نفسلله
بصياغاة تعبيرية جديدة ،وتضدم هذه المعاني دلّلة الفادة والظهار في الحدود الدلّلية .وهذه
الدراسات تعتبر بداية لظهور نظرية الحقول دلّلية العربية وإن لم نجد ذلك مصطلحا فهللو
)(7
حتميا يتحلى بممارسة وتطبيقا.
أدما عند الدنحاة فنجدهم قد تناولوا تقسيم الدلّلة عند تناولهم للجملة وطبيعة دلّلتها على
المعنى من جهة الدلّلة القطعية أو الدلّلة الّجتماعية ،وهذا التقسيم باعتبار القطع والّحتمال
وباعتبار الظاهر والباطن ،تكون إدما ظاهرة أو باطنة» :أحن تكون ذات دلّلة قطعية تددل على
()1المصدر السابق ،ج ،1ص .329وأينظر :الخليل بن أحمد الفراهيدي :العين ،تح عبد ال دروأيش ،بغداد ،1967ج
،1ص .68
()2ينظر :ابن فارس :مقاييس اللغة ،ج ،1ص . 329
()3ينظر :نفسه.
()4ابن فارس :المصدر نفسه ،ج ،3ص .406
()5ابن فارس :الصاحبي في فقه اللغة ،تح أحمد صقر ،مطبعة عيسى الحلبي ،القاهرة ،د.ت ،ص . 312
()6المصدر نفسه ،ص .314
()7ينظر :أحمد عزوأز :أصوأل تراثية في نظرية الحقوأل الدلّلية ،منشوأرات اتحاد كتاب العرب ،دمشق ،2002ص 21
وأما بعدها.
62
الفصل الوأل
المستوأى الددلّلي في الفكر الدلساني العربي القديم
معنى واحد لّ تحتمل غايره ) (...والخرى تحتمل أكثر من معنى«).(1
والسباب التي تؤدي إلى دلّلة الّحتمال في الجملة كثيرة منها :الّشتراك اللفظي في
للة
للة الجمل معنى المفردة ،والّشتراك في دلّلة الصيغة ...إلخ) .(2وهنا تظهر طبيع
للة دلّل
للادء، العربية من حيث الوظيفة الدنحوية فقط ،يقول الشموني » :الدنصب في ينحمْحو" :يذين
للويب يم
ل" أولى من الجدر ،لدن الدنصب يددل على أدن المتكلم أراد أدن عنده ما يمل الوعللاء
ويحمب يعيس د
المذكور من الجنسّ المذكور ،وأدما الجدر فيحتمل أحن يكون مراده ذلك ،وأحن يكون مراده بيان
أدن عنده الوعاء الصالح لذلك«).(3
وهذا دليل على أدن النحاة نظروا إلى دلّلة اللفاظ من جهة القصد والمواصفة .أدما الدلّلة
الظاهرة و الباطنة ،فييراد» :بالظاهرة المعنى الذي يعطيه ظاهر اللفظ ،وبالدلّلة الباطنللة :
للي المعنى الدذي يعطيه فحوى الكلم ولّ ييفهم من ظاهر العبارة ، (4)«...فالدلّلة الباطن
للة ه
معنى المعنى ،وهو ما نجده في المجاز والكنايات.
لقد كان الشكال في الدنحو العربي هو ووضع الحركات ضبطها لتحدد المعنى ،وكللانت
دراستهم للدنحو دراسة تحليلية تهتم بمكونات التركيب أكثر من التركيب نفسه ،فارتبط الدنح
للو
بدراسة الصوت المفرد ،والصغية الصرفية ،والجملة ،ولم ييعنى بالتركيب الكدلي .ورغام ذلك
فقد كانت الجملة تمثل إطارا معنويا ودلّليا ،ووظيفتها معتمدة على الحركة أو العراب ،وقد
في رصد الصواب مديز النحاة بين مستويين من الددراسة الدنحوية ،فالمستوى الول :يتمثل
والخطأ في الداء ،والثاني :يتمثل في علقة المبنى والمعنى ،والبحث عن المعنى في الدنظام
الدلغوي ،بدراسة العلقات التركيبية المختلفة داخل الجملة أو بين الجمل).(5
وتظهر هنا قضية العراب التي تعيد من القضايا الدلّلية عند الدلغويين والدنحاة ،فوضعوا
قواعد العراب وابتكروا بعض الظواهر فيه ،وفي إجراء القياسّ على بعض النماذج ،فكان
()1ينظر :فاضل السمرائي :الجملة العربية وأالمعنى ،دار ابن حزم ،ط ،1بيروأت ،2000ص . 13-12
()2ينظر :المرجع نفسه ،ص .21 – 13
()3الشموأني :شرح الشموأني على ألفية بن مالكْ منهج السالكْ ،تح محمد محي الدين عبد الحميد ،ط ،1.دار الكتاب
العربي ،بيروأت ،1955ج ،1ص .263
()4فاضل صالح السمرائي :الجملة العربية ،ص .22
()5ينظر :أحمد عبد المطلب :البلغاة وأالسلوأبية ،مطابع الهيئة المصرية العامة ،القاهرة ،1984ص .37-35
63
الفصل الوأل
المستوأى الددلّلي في الفكر الدلساني العربي القديم
العراب هو العلمات أو الحركات) (1التي تددل على إفادة المعللاني المختلفللة والللدلّلّت
المتعددة ،وللعراب أهمية في دلّلة التركيب والعبارة عن طريق هذه العلمات العربية من
ضمة وكسرة وفتحة ،عن طريقها تختلف الددلّلة من جملة إلى أخرى حسب تغيير الحركات.
للعيد يقول ابن جني» :هو البانة عن المعاني باللفاظ ،ألّ ترى أدنك إذا سمعت أحك
لليرم س
للان
للو ك أباه ،يشيكر سعيددا أبوه ،علمت برفع أحدهما ونصب الخر الفاعل من المفع
للول ،ول
الكلم شرحا واحدا لّحستحبيهيم أحدهما من صاحبه«) .(2ويضيف مبدينا لكلمة "العراب" لغوي
للا،
فيقول» :وأدما لفظه فإدنه مصدر أيحعيرحبيت عن الشيء ،إذا أوضحت عنه ،وفلن يمحعمْرمب عدما في
للدد لله ،(3)«...ث
للم يع نفسه أي مبين له ،وموضح عنه ،ومنه يعمرحبيت الفرسّ تعريبا إذا بزغات
المعاني ليعطي الدلّلة المشتركة للمعنى الدلغوي والّصطلحي فيقول » :ولدما كانت معللاني
اليممسمْمحيين مختلفة كان العراب الدال عليها مختلفا أيضا ،وكأدنه من قولهم ،مْيعريبحت معمديته ،أي
إلللى يفيسيدت ،كأدنها استحالت من الحال إلى حال كاستحالة العراب مللن صللورة
صورة«).(4
مللن لّ شك أدن العراب يفدرق بين دلّلة وأخرى ومقصد وأخر ،وبه ويتميز الفاعل
للات
المفعول والنعت من التأكيد ،ونعرف الساليب ودلّلتها من تعجب واستفهام ،فهذه الحرك
هي دوال على المعاني في نظم الكلم وتراكيبه.
ويقول ابن فارسّ في تعريفه» :فأدما العراب فبه تـيممييز المعاني ييوقيف على أغاللراض
المتكلمين ،وذلك أدن قائل لو قال" :ما أحسن زيد" ،غاير معرب أو"ضرب عمر وزيد" ،غايللر
للدا ،أو
معرب ،لم يوقف على مراده ،فإذا قال" :ما أحسين زيددا " بفتح نون أحسين ،ونصب زي
"ما أحسين زيمد" بضم نون أحسين وإضافة زيمد إليه ،أو "ما أحسين زيمد " بفتح نون أحسين وجعل
زيمد فاعل أبان بالعراب عن المعنى الذي أراده«).(5
يشير ابن الفارسّ في حديثه في "باب الخطاب الذي يقع به الفهام من القائل ،والفهم ملن
()1ينظر :عبد الغفار حامد هلل :علم الدلغة بين القديم وأالحديث ،ط ،1مطبعة الجبلوأي ،دار الكتب ،القاهرة ،1989ص .258
()2ابن جني :خصائص ،ج ،1ص .35
()3المصدر نفسه ،ج ،1ص .36
()4المصدر نفسه ،ج ،1ص .37
()5ابن فارس :الصاحبي ،ص .162-161
64
الفصل الوأل
المستوأى الددلّلي في الفكر الدلساني العربي القديم
السامع" إلى أهمية العراب في البانة عن الددلّلة ،فبفضل الحركات تباينت الددلّلّت في هذه
للن الجملة بين :تعدجب واستفهام وذدم أو نفي" ،ويضيف قائل » :إن العراب هو الف
للارق بي
المعاني ألّ ترى أن القائل إذا قال" :ما أحسن زيمد" لم يفرق بين التعجب والّستفهام والذم إلّ
للي
للة ف بالعراب ،(1)«...فالعراب من العلوم الجلدية فهو الذي يفدرق بين المع
للاني المتكافئ
اللفظ ،وبه ييعيرف الخبر الدذي هو أصل الكلم ،ولولّه لما وقع التمييز بين الفاعل ،والمفعول،
والمضاف ،والمنعوت ،والتعجب ،والّستفهام ،والنعت ،والتأكيد) .(2والعراب هو كاشللف
عن المعاني ولو احستـحبمْهم الكلم بل حركات إعرابية لّحتملت الجملة أكثر من معنللى ،ولّ
في أواخر الكلم لتعاقب العوامل في أولها. يتضح المعنى المقصود إلّ به ،وهو اختلف
واتفق الدنحاة جميعا أدن العراب في الكلم إدنما هو البانة عن المعاني إ د
لّ قطربا ،فإدنه لّ يرى
)(3
ذلك ،وذهب مذهبه إبراهيم أنيسّ.
وبمين أبو القاسم الزجاجي الغرض من العراب» :إدن السماء لدما كانت تعتورها المعاني
للذه
للى ه
عل للة
فتكون فاعلة ،ومفعولة ،ومضافة إليها ،ولم تكن في صورتها و أبنيتها أدل
للالوا:
للاني فق
للذه المع
المعاني ،بل كانت مشتركة ،جعلت حركات العراب فيها تنبئ عن ه
ضيريب زيمد يعحمرا" فدلوا برفع "زيمد " على أدن الفعل له ،وبنصب "عمرو" على أدن الفعل واقع
"ي
به«) .(4ويؤكد أن العرب وضعت الحركات دلّئل على المعاني ليتسع كلمهم ،فيقددموا الفاعل
إن أرادوا ذلك أو المفعول عند الحاجة إلى تقديمه ،وتكون الحركات دالة على المعاني ،وهذا
قول جميع الدنحاة ماعدا محمد بن المستنير قطرب فإنه عاب عليهم هذا الّعتلل .وقال» :لم
للماء
للم أس
يعرب الكلم للدلّلة على المعاني والفرق بين بعضها وبعض لننا نجد في كلمه
يمت ي
ـمْفقة في العراب يمختليفة المعاني وأسماء مختلفة العراب متفقة المعاني ،فما اتفق إعرابه
لله
للق إعراب واختلف معناه قولك":إدن زيددا أخوك ،ولعمل زيددا أخوك ،وكأمن زيدا أخ
للوك" اتف
واختلف معناه.(5)«...
()1المصدر نفسه ،ص .31
()2المصدر نفسه ،ص .42
()3ينظر :فاضل صالح السمرائي :الجملة العربية وأالمعنى ،ص . 32 – 31
()4الزجاجي :اليضاح في علل النحوأ ،تح مازن المباركْ ،مطبعة المدني ،1959ص .70 – 69
( )5المصدر السابق ،ص . 70
65
الفصل الوأل
المستوأى الددلّلي في الفكر الدلساني العربي القديم
للات
للدرد حرك فرأيه أدن العراب لم يأت للدلّلة على المعاني بل لّ يعدو أحن يك
للون مج
لوصل الكلم ،وذلك لوجود ما يتفق معنا ويختلف إعرابا أو عكسّ ذلك ،ثم يواصل تعليله في
إنكاره فيقول» :إدنما أيحعيريبحت العرب كلمها لدن الّسم في حال الوقف يلزمه السكون للوقف،
للون
للانوا يبطئ
فلو جعلوا وصله بالسكون أيضا لكان يلزمه السكان في الوقف والوصل ،وك
للدل
للكان ليعت
للا للس
للك معاقب عند الدراج ،فلدما وصلوا وأمكينهم التحرك ،جعل
للوا التحري
الكلم«) .(1ثم يضيف معلل» :ألّ تراهم بنو كلمهم على متحرك وساكن ومتحركين وساكن
للة،
ولم يجمعوا بين ساكنين في حشو الكلمة ،ولّ في حشو بيت،ولّ بين أربعة أحرف متحرك
لدنهم في اجتماع الساكنين يبطئون وفي كثرة الحروف المتحركة يستعجلون ،وتذهب المهلة
في كلمهم ،فجعلوا الحركة عقب السكان«).(2
للاني ،واختلف وقد ردد عليه المخالفون في ما ذكره من اتفاق الع
للراب واختلف المع
التي العراب واتفاق المعاني في السماء ،فكان الصل في دخول العراب في السماء
تـذكر بعد الفعال لدنه يذكر بعدها اسمان أحدهما فاعل والخر مفعول ،فمعناهما مختلللف
لذا وجب التفريق بينهما (3).ويتبع إبراهيم أنيسّ رأي قطرب في أدن تحريك أواخر الكلمللات
كان صفة من صفات الوصل في كلم العرب شعرا أو نثرا ،ثم ينتهون في آخللر الكلمللات
)(4
بسكون عند الوقوف عن التكلم.
ويأتي ابن مضاء القرطبي ليجعل العراب جزءا من بنية الكلمة فل يسأل عنه ،كمللا لّ
يسأل عن أدية حركة في بنية الكلمة فيقول» :وكما أدن لّ نسأل عن عين يعحظيلم "الليل المظلم"،
ضيمت هذه ،ويكمْسرت هذه ،فكذلك أيضا لّ نسللأل
وجيم جعفر ،وباء برثن مْليم فـمْتيحت هذه ،و ي
عن رفع زيد .(5)«...فهو ييشظبه حركات العراب بالحركات التي هي جزء من الصلليغة أو
بنية الكلمة ،غاير أدن ابن مضاء يتفق مع الدنحاة في دلّلة حركات العراب على المعاني ،فلم
للر
للع والج
ينكر الحركة العرابية وما لها من مدلول عن طريق أحوال العراب" :من الرف
()1المصدر نفسه ،ص . 71 - 70
()2نفسه.
()3نفسه.
()4ينظر :إبراهيم أنيس :أسرار العربية ،النجلوأ المصرية ،القاهرة ،ط ،1966 ،3ص .253
النحاة ،لجنة التأليف ،مصر ،1948ص .161 -160 ( )5ابن مضاء القرطبي :د
الردد على د
66
الفصل الوأل
المستوأى الددلّلي في الفكر الدلساني العربي القديم
للن
للا بي
للول الّختلف فيه
والجزم ،وأحوال البناء :من ضم وكسر وفتح" ،وهذه المسألة يط
القدماء أنفسهم ،وبين القدماء والمحدثين.
وينخيلص من هذا المبحث إلى أدن البحث الدلغوي الددلّلي عند علماء الدلغة ،والدنحللاة قللد
عرف الكثير من الّهتمام ،ولعل العامل الرئيسي في ذلك هو خدمة الدنص القرآني وصللون
العربية من الدلحن حيث عمدوا إلى ضبط الدلغة ،فكانت دراستهم -رغام أهميتها -معياريللة
للات
للتركيب والعلق
للة ال
تقوم حول بنية الكلمة ،ومفردات اللغة ودلّلّتها .كما أدركوا أهمي
التركيبية مع أدن البحث في دلّلة اللفاظ ومعانيها لم ينل من الدلغويين الّهتمام الذي يتناسللب
ومنزلتها في البحث الدلغوي.
المبحث الثاني
67
الفصل الوأل
المستوأى الددلّلي في الفكر الدلساني العربي القديم
الدلفظ وأمدلوأله
المبحث الثاني
المستوأى الددلّلي عند الصوأليين وأالفقهاء
نحاول في هذا المبحث أن نعرض طرفا من الددراسة الدلّلية عند أئمة الصول والفقلله
للائل
للذه المس وذلك لدن علم الصول هو بحث في الدلّلة :لفظا وجملة ،نصا ،وس
للياقا ،وه
تـشظكل موضوع الددرسّ الددلّلي المعاصر ومادة البحث فيه (1).فقد اتسعت عند الصللوليين
والفقهاء مساحة البحث الدلّلي خاصة في دلّلة الدنص تفسيرا وتأويل لمعرفة الدلة والحكام
للول الشرعية ،وهي من المرتكزات التي قام عليها اهتمامهم الددلّلي فالدلة عند ع
للالم الص
شرعية وهي :المبادئ التي يقوم عليها التشريع ،ولغودية وهي التي تقتضي معرفللة دلّلللة
()1ينظر :منذر عياشي :اللدسانيات وأالدلّلة ،ط ،1مركز النماء الخضاري ،حلب ،1996ص .11
68
الفصل الوأل
المستوأى الددلّلي في الفكر الدلساني العربي القديم
اللفاظ لفهم النصوص من الكتاب والسنة) ،(1وبها جاء استنباط الحكام ،فاعتنوا بالدلغة مللن
حيث اللفظ والمعنى ،ولهذا فعلم الصول :هو مجموعة القوانين التي يتوصل بهللا الفقهللاء
لّستنباط الحكام الشرعية لنه يفيد في عرفهم» :النظر في طرق الفقه على طريق الجمال،
)(2
وكيفية الّستدلّل بها ،وما يتبع كيفية الّستدلّل بها«.
أدما علم الفقه فهو» :معرفة الحكام الشرعية التي طريقها الّجتهاد«) .(3فيمارسّ الفقيلله
للاءت
للول ،فج
للم الص
استنباط الحكم الشرعي إضافة إلى بحثه الفقهي ،وما يستمده من عل
مسائله متضمنة في بنية علم الفقه ،ثم استقل كدل علم وأصبح قائما بذاته.
مللن يقول ابن خلدون واصفا لعلم الصول» :إدن هذا الفن" وهو علم الصول" ،هو
للن
م للاني الفنون المستحدثة في المدلة ،وكان السلف في غانية عنه ،بما أدن اس
للتفادة المع
لللفللرض الدس اللفاظ لّ ييحتاج فيها إلى أزيد مدما عندهم من الملكة الدلسانية ) (...فلدم
للا انق
وذهب الصدر الدول وانقلبت العلوم كدلها صناعدة ،احتاج الفقهاء والمجتهدون إلى تحصلليل
قائما القوانين والقواعد لّستفادة الحكام من الدلة ،فكتبوها فينا
برأسه يسمموه أصول الفقه« ).(4
أو ولو عدنا إلى كلمة "أصول" في الدلغة ،مفردها "أصل"» :تعني أسفل الشلليء
جذوره أو قاعدته«) .(5وهنا ينتبمين اقتراب المعنى الدلغوي من المعنى الّصللطلحي للكلمللة
للذا
لله ،ول
باعتبار علم الصول هو الجذر الذي تستمد منه الفروع ،والفقه بعض ما تفرع عن
ييطيلق على علم الصول وعلم أصول الفقه ،وهو المنهج المنظم للتفكير الفقهي في التشللريع
السلمي ،ومن أسسّ هذا العلم " :الحكم والدليل والّستنباط والمستنبط.(6)"...
ولعل عناية الصوليين بالدلّلة كان للتوصل إلى المقصد من وراء اللفظ ،فجاء اهتمامهم
باللغة ،واللفظة المفردة ،وصلة الدلفظ بالمعنى ،وأنواع الدلّلّت ،فتبرز اللغللة الصللولية،
()1ينظر :محمد الخضري :أصوأل الفقه ،ط ،4مطبعة السعادة ،القاهرة ،1962ص .9
()2إبراهيم الشيرازي الفيروأزآبادي :الدلمع في أصوأل الفقه ،مطبعة مصطفى البابي الحلبي ط ،3مصر ،1957ص .4
()3المصدر نفسه ،ص .3
()4ابن خلدوأن :المقدمة ،تحقيق :حامد أحمد طاهر ،ط ،1دار الفجر للتراث ،القاهرة ،2004ص .548
()5الفيروأزآبادي :قاموأس المحيط ،دار الكتب العلمية ،بيروأن ،1995مادة ) أصل ( ،ص .338
()6ينظر :أحمد عبد الغفار :التصوأر د
اللغوأي عند علماء أصوأل الفقه ،دار المعرفة الجامعية ،مصر ،2003ص .37-15
69
الفصل الوأل
المستوأى الددلّلي في الفكر الدلساني العربي القديم
وارتباطها بالدلّلة حيث أدركوا الرباط بين اللغة العربية والنص التشريعي ،الذي أددى إلللى
فهم الدنص فهما دقيقا ،حتى أدننا نجد ابن جني يبالغ في تقسيمات الصوليين ومصللطلحاتهم،
)(1
يميطظبقا إدياها على الددرسّ اللغوي في كتابه الخصائص.
للالمعنى ،لدن
للظ ب والدلغة عند الصوليين تبدأ من نقطة الدلّلة الولى حيث يرتب
للط اللف
للا
للؤدي حتم
للة ي
للن اللغ
للديث ع المعاني قائمة في النفسّ ،وتعبر عنها ألفاظ اللدغ
للة والح
إلى الحديث عن نشأتها وهي مسألة يتريد كثيرا في تآليف الصوليين ،يقول الغزالي» :ذهللب
للاحب
للظ ص قوم إلى أدنها اصطلحية إذ كيف تكون توقيفا ،ولّ يفهم التوقيف إذ لم يك
للن لف
التوقيف معروفا باصطلحا سابق ،وقال قوم :إدنها توفيقية إذ الّصطلحا لّ يتم إ د
لّ بخطللاب
ومناداة ودعوة إلى الوضع ،ولّ يكون ذلك إلّ بلفظ معروف قبل الّجتماع للصطلحا ،وقال
قوم :القدر الدذي يحصل به التنبيه والبعث على الّصطلحا يكون بالتوقيف ،وما بعده يكللون
بالصطلحا ) ،(...أدما التوقيف فبأحن يخلق ال الصوات والحروف بحيث يسمعها واحللد أو
جمع ،ويخلق المْعلم بأدنها يقصدت للددلّلة على اليميسمميات ،والقدرة الزلية لّ تقتصر عن ذل
للك،
للن
للاجتهم م وأدما الّصطلحا فبأحن يجمع ال دواعي من العقلء للشتغال بما هو همه
للم وح
تعريف المور الغائبة التي لّ يمكن لنسان أحن يصل إليها ،فيبتدئ واحد ويتبعه الخر حتى
يتم الّصطلحا .(2) «...
للل
للاك القائ للأة اللدغ
للة :فهن حاول الغزالي في نصه أن يو ظ
ضح المذاهب المختلفة في نش
بالتوقيف والقائل بالتوفيق ،وهناك من يقف وسطا بين الرأيين بدليل أدن في البدء كان التوقيف
ثم اصطلح الناسّ بعد ذلك فيما بينهم ،ولم يردجح الغزالي أي رأى باعتبار أدنها جللائزة عقل،
فهو يرى أدن الّصطلحا تم بخطاب أو مناداة يكون معروفا من قبل ،ثم يللأتي الّصللطلحا
والمواضعة بما تدعو إليه الحاجة من تنظيم لمدلولّت الصوات ورموزها.
وما من شك ،فإدن البحث في نشأة الدلغة عند الصوليين قلد فلاق اللدغ
للويين وغايرهلم.
وللمدي )تل 631هل( رأي في هذه المسألة فيقول» :أدول ما يجب تقديمه أدن ما وضع من
()1الشوأكاني :إرشاد الفحوأل إلى تحقيق الحق في علم الّصوأل ،ط ،1مطبعة البابي الحلبي ،القاهرة ،1937ص .14
وأينظر :السيوأطي :المزهر ،ج ، 1ص . 44 – 42
()2ينظر :الشوأكاني :إرشاد الفحوأل ،ص .5وأينظر :التهانوأى ،كشاف اصطلحات الفنوأن ،تح لطفي عبد البديع ،الهيئة
المصرية ،القاهرة ،1969ج ،2ص .493 – 492
()3السيد أحمد خليل :دراسات في القرآن ،ص .47
()4ينظر :سليمان حموأدة :التصوأر د
اللغوأي عند علماء الصوأل ،ص .29
74
الفصل الوأل
المستوأى الددلّلي في الفكر الدلساني العربي القديم
للم
للتخرج عل
للدة ،واس
العروض ) ،(...فلدما رأى أرسطوطاليسّ ذلك اعتزل الناسّ مدة مدي
المنطق ،ووضع للخلق قانونا كدليا يرجع إليه في معرفة ترتيب الحدود والللبراهين ،كللذلك
للرد الطبلع،
للى مج
للادهم عل
الشعراء كانوا قبل الخليل بن أحمد ينظمون أشعار وكان اعتم
للده، فاستخرج الخليل علم العروض ،فكان ذلك قانونا كدليا في معرفة مصالح الش
للعر ومفاس
فكذلك هاهنا الناسّ كانوا قبل المام الشافعي يتكلمون في مسائل أصول الفقلله ،ويسللتدلون
ويعترضون ولكن ما كان لهم قانون كلدي مرجوع إليه في معرفة دلّئل الشريعة وفي كيفيللة
للانون كلدي
للا معارضتها وترجيحاتها ،فاستنبط الشافعي رحمه ال علم أصول الفقه ،ووضع ق
للبة
إلى علم الشرع كنس يرجع إليه في معرفة مراتب أدلة الشرع ،فثبت أدن نسبة الشافعي
)(1
أرسطوطالسّ إلى علم العقل«.
للول لقد انفرد الشافعي بمنهج متمديز وخاص ،فدرسّ الكتاب واليسدنة ،ثم أنشأ يبح
للث أص
للاسّ ).(2
للك بالقي
أخرى تفي حاجات الناسّ في زمانهم وبيئتهم ،فاتجه إلى الجماع ،واستمس
للة
للايرة الدلّل وكان الشافعي بداية جديدة لمن جاء بعده حيث حددد الّتجاه الصولي ف
للي مغ
اللفظية في الّستعمال القرآني والسنة والساليب المستعملة في البيئة السلمية .
وبمين في رسالته لنواع الدلّلة منها :ما ييسميه بالعام الظاهر الذي يراد به العام ،وعللام
الظاهر الذي يراد به العام وييحديخله الخصوص ،وعام الظاهر الللذييللرادبلله الخللاص،
والّشتراك والترادف الدلفظي فيقول (...) » :وأدن فطرته "أي الدلسان العربي " أحن يخللاطب
بالشيء منه عاما ظاهرا يراد به العام الظاهر ) ،(...وعاما ظاهرا يراد به العللام ويللدخله
الخاص ،فيستدل على هذا ببعض ما خوطب به فيه ،عاما ظاهرا يراد بلله الخللاص )،(...
نتبدين من )(3
ويتسمْمي الشيء الواحد بالسماء الكثيرة ،وتسمْمي بالّسم الواحد المعاني الكثيرة«.
للاص،
للام ،الخ
للظ الع الدنص تقسيم الشافعي لنواع الدلّلة من حيث الشمول ويتض
للدمن اللف
المشترك ،المترادف ،واتسمت عناية الشافعي بالبحوث الدلّلة واتسمت بالبساطة إذا قورنت
للم الكلم
للع عل
للداخلت م
بمن جاء بعده حيث تناولوها بالتفصيل ،وتجدمعت هذه المباحث وت
()1تاج الدين السبكي :طبقات الشافعية ،دار المعرفة ،بيروأت) ،د .ت( ،ج ،1ص 100وأما بعدها.
()2أحمد عبد الغفار :التصوأر اللغوأي ،ص .37
()3الشافعي محمد بن إدريس :الرسالة ،تح أحمد شاكر ،مكتبة دار التراث ،القاهرة ،1940ص .52
75
الفصل الوأل
المستوأى الددلّلي في الفكر الدلساني العربي القديم
للة
للي :علق
للة وه
والبلغاة واللغة ،فأخذوها مجتمعة ،كما عرضوا لنواع الدلّلّت اللفظي
مطابقة أي علقة اللفظ بمعناه ،وتضيمن /وهي جزء المعنى ،والتزام /وهي شيء خارج عنها
للى
للى المعن
عل ملصق لها) ،(1وهو اتجاه أشار إليه الغزالي في قوله» :إدن دلّلة الدلفظ
للى تنحصر في ثلثة أوجه هي :المطابقة والتضدمن والّلتزام ،فإن لفظ البيت يددل عل
للى معن
البيت بطريقة المطابقة ،ويدل على السقف وحده بطريق التضدمن لدن البيت يتضمن السقف،
وأدما طريق الّلتزام فهو كدلّلة لفظ السقف على الحائط ،فهو كالرفيق الملزم الخارج عللن
ذات السقف الذي لّ ينفك السقف عنه«).(2
من وانصبت البحوث بعد الشافعي إلى تحديد القصد الذي هو استخلص الحكام
الدلّلة الشرعية ،ونلحظ أدن الغزالي قد حذر من استعمال اللفاظ التي تددل بطريق الّل
للتزام
مقتصرا على ما يددل بطريق المطابقة والتضدمن ،لدنها دلّلة لّ يمكن حصرها .ودار الدنقاش
التي بمينها الشافعي بين الصوليين حول الددلّلة الدلغوية والدلّلية الشرعية لللفاظ الشرعية
كالصلة ،والزكاة ،والصوم التي اكتسبت مفاهيم جديدة " العبادات" ،رغام أدن وصفها الدلغوي
غاير ذلك"الددعاء ،الدنمو ،المساك ،(3)"...وللمام الغزالي رأي معتدل في هذه اللفاظ ،حي
للث
يقول » :والمختار عندنا أدنه لّ سبيل إلى إنكار تصدرف الشرع في هذه السامي ،ولّ سللبيل
إلى دعوى كونها منقولة عن اللغة بالكظلية كما ظنه قوم ،ولكن يعحريف الدلغللة يت ي
صللمرف فللي
السامي ) (...فتصمرف الدشرع في الحج والصوم وما إلى ذلللك إذ الشللرع عللرف فللي
)(4
الّستعمال كما للعرب .«...
فهذه اللفاظ اكتسبت عرفية شرعية لكثرة استعمالها في الشرع ،وهو اتجاه مقبول عنللد
الغزالي .ونرى أدن أقسام الدلّلة تمثل الجهد الكبرعند علماء الصول ،فتناولوا دلّلة اللفاظ
على المعاني باعتبارات متعددة ،فنجد الشافعية قد قمسموا الدلّلة إلى منطوق ومفهوم ،ودلّلة
للريح، المنطوق» ،وهو ما ددل عليه الدلفظ في محل النطق«) ،(5وجعلوه قسمين أح
للدهما :ص
()1ينظر :أحمد عبد الغفار :الت د
صوأر اللدغوأي ،ص . 37
()2الغزالي :المستصفى ،ط ،1المطبعة الميرية ،بوألّق 1324هـ ،ج ،1ص .30
اللغوأي ،ص .95 ()3ينظر :أحمد عبد الغفار :الت د
صوأر د
()4الغزالي :المستصفى ،ج ،1ص .33
()5التهانوأي :كشداف اصطلحات الفنوأن ،ج ،6ص .1420
76
الفصل الوأل
المستوأى الددلّلي في الفكر الدلساني العربي القديم
وهو ما فهم من دلّلة اللفظ في محل النطق .وهو الدذي يددل صراحة على المعنى ،ويسللمى
بدلّلة العبارة وثانيهما :غاير صريح ،وهو يددل على لّزم المعنى وهو قسللمان :مقصللودة
أدما دلّلة المفهوم» :فهو ما )(1
بالدلفظ أو إيماء ،والخرى غاير مقصودة بالدلفظ وتسمى إشارة.
من اللفظ في غاير محل حكما لغير ددل عليه اللفظ لّ في محل النطق ،بل يكون هو ما يفهم
المذكور وحالّ من أحواله«) ،(2وهو قسمان دلّلة الموافقة ،وتسمى بالفحوى ،ودلّلة مخالفة،
)(3
وتشمل المخالفة "باللقب أو بالوصف أو بالشرط أو بالغاية أو بالعدد".
مللن ويقسم الحنيفة الددلّلة إلى أربعة أقسام عبارة النص ،وتعني عندهم كدل ما يفهم
ذوات اللفاظ مهما تكن درجته في الوضوحا والخفاء ،إشارة النص ودلّلة النللص وتسللمى
بالفحوى أو مفهوم الموافقة أو الدلّلة الولى أو القياسّ الجلدي وهي دلّلة الّقتضاء) .(4ويقسم
الغزالي والمدى دلّلة الدلفظ على الحكم إلى ثلثة أجناسّ أساسية هي:
للاز
للة والمج -1دلّلة بالصيغة والمنظوم :وتشمل العام والخاص والمر والدنه
للي والحقيق
والواضح وغاير الواضح.
للة
للوم الموافق
-2دلّلة بالفحوى والمفهوم :وتشمل دلّلة الّقتضاء والشارة واليماء ومفه
والمخالفة.
)(5
-3دلّلة الدلفظ بمعناه ومعقوله :وهو القياسّ.
)(6
أقسام الدلّلة عند الحنفية
باعتبار استعمال اللفظ وخفائه باعتبار وضع اللفظ للمعنى باعتبار ظهور المعنى
اللغوأي ،ص .37 ()1الشافعي :الرسالة ،ص .52وأ ينظر :أحمد عبد الغفار :الت د
صوأر د
)( الغزالي :المستصفى ،ج ،1ص .30
()2ينظر :طاهر سليمان حموأدة :دراسة المعنى عند الصوألين ،ص . 130
()3ينظر :المرجع نفسه ،ص .32 – 31
()4الشافعي :الرسالة ،تحقيق محمد شاكر ،مكتبة التراث ،القاهرة ،1940ص .62 – 63
()5ينظر :الغزالي :المستصفى ،ص .28
()6الغزالي :المصدر نفسه ،ص .319وأينظر :عبد الوأهاب خلف ،علم أصوأل الفقه ،ص .191
78
الفصل الوأل
المستوأى الددلّلي في الفكر الدلساني العربي القديم
ومن صيغ العموم" :أسماء الشرط ،الّستفهام ،السماء الموصولة" .أمدا الخاص :فهو كدل ما
ليسّ بعام ،ويشمل ما وضع للدلّلة على فرد واحد) ،(1والعام يخت
للص بأسللماء الللذوات أو
للة (2).ويش
للمل للا عام
العيان دون أسماء المعاني التي توصف بالكلية في شمولها لجزئياته
الخاص على المطلق ،والمقيد ،والمر ،والنهي .ومن المصطلحات الصولية الدلّليللة مللا
يأتي:
للية أو الددلّلة الحقيقية :تابعة لقصد المتكلم وإرادته ،وهي ما تسمى بالددلّل
للة الساس -
المركزية عند المحدثين.
الددلّلة الضافية :وهي الدلّلة الهامشية ،وهي تابعة لفهم السامع وإدراكه ،وتختلللف -
بين السامعين.
الوأضوأح وأالخفاء وأقسامهما :بدين الصوليون درجة الوضوحا والغموض في اللفاظ -
من خلل استعمال النصوص الشرعية.
فالواضح :هو ما ددل على المراد بنفسّ صيغته من غاير توقف على أمر خارجي .أدما -
غاير الواضح أو الخفي أو الغامض :هو ما لم يفهم المراد منه إ د
لّ بأمر خارجي ،أي بيان
)(3
من نص آخر من القرآن والسنة أو بالقرائن.
للات
للم" ،ودرج
للر والمحك
للص والمفس
وينقسم الوضوحا عند الحنفية إلى" :الظاهر والن
)(4
الوضوحا تبدأ بأعلها درجة ،وهو المفسر والمحكم ،ثم الدنص ،وأدناها الظاهر.
للاهر
للا :الظ
للط وهم
أدما عند الشافعية وجمهور الصوليين ،فالوضوحا على درجتين فق
والنص ،وهو أعلى من الظاهر .أدما المحكم فيشمل الظاهر والنص ،وهم يجعلللونه مقللابل
)(5
للمتشابه أي غاامض الدلّلة.
للى
أدما عند غايرهم فتنقسم درجات الوضوحا إلى الظاهر والنص ،والتفرقة بينهما تقوم عل
()1ينظر :طاهر سليمان حموأدة :دراسة المعنى عند الصوأليين ،ص .15
()2ينظر :المرجع نفسه ،ص .31
()3ينظر :الآمدي :الحكام ،ج ، 3ص . 73
()4ينظر :سليمان حموأدة :دراسة المعنى عند الصوأليين ،ص ،129ينظر :أحمد عبد الغفار :التصوأر اللغوأي ،ص 167
وأما بعدها.
()5المرجع نفسه ،ص .129وأينظر :أحمد عبد الغفار :التصوأر اللغوأي ،ص 169وأما بعدها.
79
الفصل الوأل
المستوأى الددلّلي في الفكر الدلساني العربي القديم
أساسّ قطعية الدلّلة أو احتمال التأويل ،فما كان قاطعا في دلّلته لّ يقبل تأويل فهو "النص"،
للاه
للن معن
ع وما قبل قبولّ مرمجحا فهو الظاهر ،وهما من الواضح ،وإذا صرف الظاهر
)(1
الغالب فيه إلى المعنى المرجوحا بتأويل يسمي عندهم مؤمولّ.
وأالظاهر» :هو ما ددل على معنى بالوضع الصلي أو اليعرفي ،ويحتمل غايره احتمالّ
)(2
مرجودحا«.
لله، وأالتأوأيل» :هو حمل الدلفظ على غاير مدلوله الظاهر منه مع احتملال اللدف
للظ ل
)(3
والصحيح من التأويل ما اعتمد على دليل في صرف الدلفظ عن ظاهره«.
الدنص :وهو عند غاير الحنفية» :ما لّ يتطرق إليه احتمال أصل «) ،(4كألفاظ العداد،
ولفظ الفرسّ لّ يحتمل الدلّلة على البعير مثل ،وهو عند الحنفية» :الدلفظ الدال بصيغته
)(5
على معناه الذي قصد أصالة من الكلم مع احتمال التأويل والتخصيص والنسخ«.
وأالمفسر» :هو الدلفظ الدال بصيغته على معناه المقصود أصالة من السللياق بللدون
)(6
احتمال تأويل ،ويحتمل النسخ«.
المحكم » :هو اللفظ الدال بصيغته على معناه المقصود أصالة ،وهو واضح في معناه
)(7
لّ يقبل التأويل و لّ التخصيص ولّ النسخ«.
أدما أقسام الخفي أو غاير الواضح فهي:
للاقه
للي انطب
للاء ف
لله الخف
الخفي :هو اللفظ الدال على معناه الظاهر ،لكنه يعرض ل
على بعض أفراده ،فهو خارج الصيغة.
المشكل :هو الدلفظ الذي يخمْفيي معناه بسبب ذات الدلفظ ،فاحتاج إلى قرينة تبين معنللاه
كاللفظ المشترك لكلمة " قحرء " تددل على الطهر والحيض.
()1
ينظر :المرجع نفسه ،ص .129
()2
الآمدى :الحكام ،ج 3ص .73
()3
المصدر نفسه ،ص .74
()4
ينظر :الغزالي :المستصفى ،ص .283
()5
محمد أبوأ زهرة :أصوأل الفقه ،ص .95
()6
المرجع نفسه ،ص .96 – 95
()7
المرجع نفسه ،ص .97 – 96
80
الفصل الوأل
المستوأى الددلّلي في الفكر الدلساني العربي القديم
للو
الممسجممل :وهو الذي ينطوي في معناه على عدة أحكام وأحوال ،ويتوصل بمبين وه
تعريف الحنفية).(1
للومه
للي مفه
للف ف
للاه ،واختل المتشابه :وهو عند الحنفية الدلفظ الذي يخف
للى معن
الصوليون ،فمنهم من يثبته ومنهم من ينكره) ،(2وهو لّ يدرك بالعقول .وينفي الغزال
للي
وقوع المتشابه في كتاب ال ،والحروف المقطعة في القرآن ذات دلّلّت لغوية (3).هللذه
أهم المصطلحات الصولية التي تعلقت بالدلّلة من حيث الشمول والحصر ومن حيللث
الوضوحا والخفاء.
أدما ما يتعلق بطرق الدلّلة وهي عند الجمهور أقسام دلّلة الّلتزام:
دلّلة الّقتضاء :وهي ما كان المدلول فيه مضمرا أي محذوفا ،وتقدير المضللمر
)(4
من لوازم استقامة المعنى وصحته.
دلّلة الشارة :أو إشارة الدنص :وهي ما يددل عليه الدلفظ بغير صيغته ومنظ
للومه ،أي
)(5
بغير عبارته ،وسميت إشارة لدنها تابعة للكلم.
عبارة النص :وهي المعنى المفهوم من ذات ألفاظ الدنص ،وتسمى عند الشافعية بدلّلة
للوص
للوم والخص
لليغ العم الصيغة والمنظوم أو المنطوق بصريح الدلفظ ،وتش
للمل ص
)(6
والمشترك ،والحقيقة والمجاز ،والوضوحا والخفاء.
للوم
للمى بمفه دلّلة الفحوأى :وتسمى دلّلة الدنص أو دلّلة اليماء والتنبيه ،كم
للا تس
الموافقة أو بالقياسّ الجلدي أو الدولى ،وتتمثل في فهم غاير المنطوق به مللن المنطللوق
بدلّلة سياق الكلم ومقصوده (7).ويتعمرف بأدنها» :ما يكون مدلول الدلفظ في محل السكوت
()1
المرجع نفسه ،ص .103
()2
السيوأطي :التقان في علم القرآن،دار الكتب العلمية ،ط ،1.بيروأت ، 1978ج ،3ص .03
()3
الغزالي :المستصفى ،ص .127
()4
ينظر :المصدر نفسه ،ص .271
()5
ينظر :المصدر نفسه ،ص .272
()6
ينظر :نفسه.
()7
ينظر :المصدر نفسه ،ص .273 – 271
81
الفصل الوأل
المستوأى الددلّلي في الفكر الدلساني العربي القديم
موافقا لمدلوله في محل النطق« (1).ومثاله قوله تعالى﴿ :ولل تلققق ق ق ق قل لهم ق ق ق ققاَ أق ف
ف﴾) .(2بمعنى ل قل و
)(3
تحريم عبارة "أمف" ،وفي فحواها تحمل الحسان إلى الوالدين.
ولّ بد من الشارة إلى أدن هذا التقسيم هو ما اختاره جمهور الصوليين مللن المالكيللة
والحنابلة والشافعية ،أدما الحنفية فاختاروا تقسيما آخر وهو " :دلّلة العبارة ،دلّلة الشللارة
للد
للاء عن
للة الّقتض ودلّلة الّقتضاء ،ودلّلة الدلّلة ،وهي دلّلة الدنص" ،وهي نفس
للها دلّل
الجمهور.
أدما عن مراتب هذه النواع في الدلّلة الّلتزامية :فأقواها العبارة ثم يليها الشارة فدلّلة
الفحوى ثم دلّلة الّقتضاء ،وهو ترتيب الحنفية .أدما الشافعية فيخالفون ذلك ويقدمون دلّلللة
الشارة ،ودليلهم أدن الفحوى تـفيهم لغدة من الدنص ،وهي قريبة من دلّلة العبارة ،أدما الشارة
)(4
فإدنها من الدلوازم البعيدة عن النصوص.
للق
للوليين لّختلف النس
للن الص
وهي تنظيرات تدخل في المفهوم ،وقد اختلفت فيما بي
التعبيري لوحدة السياق المنطوق ،ولكن رغام هذا الّختلف فقد اتفقوا على أدن أقللوى هللذه
الددلّلّت" :عبارة النص وهي المنطوق الصريح ،ثم إشارة الدنص ،ثم دلّلة الدنص ،أو مفهوم
الموافقة ،ثم دلّلة الّقتضاء".
هذه هي أهدم المباحث التي حاولنا قدر المكان أن نحصرها رغام أدن الحديث في مجللال
الدبحث الصولي والدلّلي يطول ولّ تتسع له هذه الصفحات ،وما هذا المبحث إ د
لّ نزر يسير
لتوضيح الّهتمام الددلّلي عند هؤلّء ،ومدى تأثر الدرازي بهذا الفكللر بمسللائله المتعللددة،
ومذاهبه المختلفة في المصطلحات ،والمفاهيم ،والتقسيمات.
()1
الآمدى :الحكام ،ج ،3ص .94
()2
سوأرة السراء :آية .23
()3
ينظر :الغزالي :المستصفى ،ص .273
()4
ينظر :محمد أبوأ بزهرة :أصوأل الفقه ،ص .115 – 114
82
الفصل الوأل
المستوأى الددلّلي في الفكر الدلساني العربي القديم
المبحث الثالث
83
الفصل الوأل
المستوأى الددلّلي في الفكر الدلساني العربي القديم
المبحث الثالث
المستوأى الددلّلي عند الفلسفة وأالمناطقة
ما كانت الددلّلة الدلغوية ومازالت مبحثا من مباحث علوم المنطق والفلسفة ،وأول
اعتـمْنيي به في مبحث علم المنطق ،أنواع الددلّلة الدلفظية على معانيها" :مطابقللة وتضللمنا
ولزومية" ،وعلقة التصور بالفكر ،والعلقة بين الدلفظ والمعنى ،والنسبة بينهما ،وهنا احنيبينحت
العلقة الوثيقة بين الدلغة والمنطق ،فمبحث التصورات في المنطق يتعلق في كثير من جوانبه
فللي أقسللام صيغة الدلغوية مع ال ظ
صيغة المنطقيللة بمباحث لغوية واضحة حيث تتدخل ال ظ
)(1
التصورات.
في واهتم الفلسفة والمناطقة -بصورة خاصة -بالمعنى لدنه يندرج بصورة حتمية
القضايا الفلسفية مثل" :المفاهيم ،والتصورات ،وقضية الوجود ،والتفكير" ،فنظللروا إلللى
)(2
العلقة بين المفردات والعالم الخارجي.
علللى والفيلسوف يستخدم الكلمة ويحاول أحن يستخرج معانيها ومدلولّتها للوقوف
مفاهيمها وتحديداتها ،وهو يستمدد وجوده الدلغوي في الدراك من ممارسته الوجودية والحيوية
)(3
في إطار الزمان والمكان ،فهو يبحث في فلسفة المعنى أو فلسفة الوعي والذات النسانية.
للورات ويظهر أدن مباحث الفلسفة والمناطقة في الددلّلة كانت قائمة على مبح
للث التص
بيبحعيدحيه" :المفهوم والماصدق" ،وتبرز هاتان الددلّلتان عند إحالتهما على نظام الوعي المتحقق
للا،
للا ومرجعيته للا لمفاهيمه
للة تبعفي بنية الدلغة وجانبها الجرائي ،وتوزيع الدوار الدلّلي
فالتصورات هي المعاني المجدردة ،والمعاني المعقولة التي هي موضوع المنطق ،والمعنللى
)(4
صد من الدلفظ.
هو الصورة الذهنية من حيث إدنها تـق ي
وأددى اهتمامهم بالمعاني إلى العناية باللفاظ لدن بين الدلفظ والمعنى علقة م
للا) - (5كم
للا
()1
ينظر :عادل فاخوأري :منطق العرب ،ص .44 -43
()2
ينظر :المرجع نفسه ،ص .42
()3
ينظر :المرجع السابق ،ص .46 – 45
87
الفصل الوأل
المستوأى الددلّلي في الفكر الدلساني العربي القديم
للمون والمفهوم هو معنى محدد ومحصور جدا) ،(1فمفهوم الكاتب لّ يتضمن غاي
للر مض
ذات قادرة على الكتابة) ،(2وهو الماهية في الحالة التي يستوي فيها مع المفهللوم حيللن
يكون الكدلي نوعا ،فمثل مفهوم النسان :هو الحيوان الناطق الذي هو في نفسّ الللوقت
)(3
نفسه ماهيته وماهية الكاتب كذلك.
صيديق يعليحيللمْه
-الماصدق :ويسمى بل"أفراد الذات" ،والماصدق منحوت من المركب "يما يت ح
الذات") ،(4فيقصد به كما تشير إليه الكلمة في أصلها :مجموعة الفراد التي يصدق عليها
)(5
الكدلي ،وما صدق الكدلي لّ يفترض عددا من أفراد يفوق الواحد.
للدق
للى الماص
وقد اعتمد المنطق العربي على نظرية المجموعات :وهي نظرية قائمة عل
للتعبير عن كدل العمليات المنطقية ،فمثل بالنسبة إلى مجموعة الفراد العائدة إليه جرت
للي
للى الطلق ،ه
للة عل العرب أن ييمظيزوا بين ،ما هو مجموعة –بالض
للرورة -فارغا
مجموعة الكليات المتناقضة كالناطق العجم .وما هو مجموعة بالضرورة فارغاة بالفعل
)(6
أو بالوجود ،كالعنقاء أو كبحر من زئبق.
-التعريف :وهو مصطلح عام يتناول كدل عملية تفيد معاني اللفاظ ،أمثال :التعريف بالتقسيم
وبالمثال ،وجميع أنواع الحدد والدرسم) .(7والمجال لّ يتسع للشرحا أو التفصيل ،ولكن سنحاول
أن نتناول بعض هذه النواع في المباحث الدلّلية عند الفاربي وابن سينا.
أبو نصر الفارابي )تل 339هل( هو الفيلسوف والمنطقي الدول في البيئة السلللمية
ويسمي بالمعلم الثاني بعد أرسطو ،عرض لمسائل دلّلية كثيرة في كتابيه :الحروف ،واللفاظ
للة المستعملة في المنطق ،وهما ذات صلة بالدلغة والدنحو والمنطق والفلسفة .يقول ف
للي دلّل
للا
للتي فيه اللفاظ» :ونحن إذا تأملنا ما تددل عليه اللفاظ المشهورة ،فإدنما نتأمل المكن
للة ال
يستعمل شيء منها عند مخاطبة بعضنا بعضا في الدلّلة على المعاني المشهورة التي للدلّلة
:()1المرجع نفسه ،ص .46
()2ينظر :عادل فاخوأري :منطق العرب ،ص .46
()3ينظر :المرجع نفسه ،ص .48
()4ينظر :التحتاني :شرح الشمسية ،مجلد ،2ص .32
()5ينظر :عادل فاخوأري :منطق العرب ،ص . 48
()6ينظر :المرجع نفسه ،ص .49
()7ينظر :المرجع نفسه ،ص . 50 – 49
88
الفصل الوأل
المستوأى الددلّلي في الفكر الدلساني العربي القديم
)(1
عليها أولّ وضعت تلك اللفاظ«.
هللي ومن آراء الفارابي في الدلغة وأصلها :أدنها وضعت بوضع واضع ،وأدن المة
التي تضع اللفاظ ،كما أدن علقة السماء بمسمياتها غاير متلزمة بعض الشيء ،أدما بالنسبة
للمعنى فله رأيان :أدن المعنى هو الّستعمال الذي يقوم به المتخاطبون لبعضللهم البعللض،
وبذلك معاني اللفاظ محددة من قبل المجتمع الدذي يستعمل هذه اللفاظ للتخاطب وهللذا مللا
للي
يشير إليه النص ،ولكنه سرعان ما يحعمْدل عن هذا الرأي ،فيظهر موقفه المتذبذب ،ويعظبر ف
للرد نظريته الددلّلية حول المعاني :بأدنها هي المعقولّت ،وللمعنى الدذي يددل عليه اللدف
للظ المف
كلفظ "إنسان" أو "فرسّ" ،هو المعقول المفرد ،والمعنى الذي يددل عليه الدلفظ المركب :كلفللظ
"النسان حيوان" ،هو المعقول المركب) .(2فيقول في هذا الشأن» :وأجزاء المقللدمات )(...
هي المعقولّت المفردة ،وهي المعاني التي تددل عليها اللفاظ المفردة مثل قولنللا :إنسللان،
فرسّ ،ثور ،حمار ،بياض ،سواد ،وما أشبه ذلك ،فإدن المعاني التي تددل عليها هذه اللفاظ وما
للي
للدمات ،وه
أشبهها تسمى المعقولّت المفردة ،وإذا تركبت المعقولّت المفردة حدثت المق
معقولّت ما مركبة.(3)«...
ويظهر من نصه أدن له نظريتين في المعنى :الولى :أدن المعنى هو الّستعمال والثانية:
للذا للذهب الكلد
للي آخ أدن المعنى هو المعقول الذي يستعمل بطريقة ما ،ويرفض الفارابي الم
للق بالمذهب الجزئي ،وفي هذا المجال يفظرق الفلسفة بين الجزئي والكدلي ،وهو تفري
للق يتعل
في مفهومه بنظرية الشارة) .(4فالجزئي» :ما يمنع نفسّ تصور معناه عن وقوع الشركة
كقولك :زيمد ،وهذا الشجر ،وهذا الفرسّ«) .(5وتدخل في الجزئيات العلم ،وأسماء الشارة،
والنكرة المقصودة في النداء ،وضمير المخاطب والمتكلم.
أما الكلي» :هو أسماء الجناسّ والنواع ،والمعاني الكدلية العامة ،وهو يجمار فللي لغللة
()1الفارابي :الحروأف ،تحقيق محسن مهدي ،ط ،2دار المشرق ،بيروأت ،1990ص .165
()2ينظر :حسن عجمي :السوأبر أصوألية ،الدار العربية للعلوأم ،ط ،1بيروأت ،2007ص .82
()3الفارابي :اللفاظ المستعملة في المنطق ،تحقيق محسن مهدي ،دار المشرق ،ط ،2بيروأت ،1986ص .104
()4ينظر :محمد يوأنس علي :وأصف اللغة العربية دلّليا في ضوأء مفهوأم الدلّلة -دراسة في المعنى وأظلل المعنى -دار
الفاتح ،الجماهيرية الليبية ،2002ص .81 - 80
()5الغزالي :معيار العلم في فن المنطق ،المطبعة الميرية ،بوألّق 1322هـ ،ص .43
89
الفصل الوأل
المستوأى الددلّلي في الفكر الدلساني العربي القديم
العرب في كدل اسم يأدخل عليه اللف واللم في معرض الحوالة على معلوم معين سللابق)،(1
للوع اللدف
للظ للا لن
للع تبع
وقد ترتب عن هذا الّختلف اختلف في الصورة الذهنية ،والمرج
المستعمل من حيث الكلية والجزئية ،فالصورة التي تحدث في الذهن عند استعمال كلمة رجل
في نحو" :يا رجل أو ذلك الرجل" ،تختلف عن تلك الصورة التي تحدث عند استعمال كلمللة
"الرجل" في المثال" :الرجل أقوى من المرأة" ،ففي المثال الول والثاني استعملت بللالمعنى
)(2
الجزئي وفي المثال الثالث استعملت بالمعنى الكدلي.
ونجد أدن الفلسفة والمناطقة كانوا أكثر اهتماما بالعلقة بين الدلفظ والمعنى ،وهللذا مللا
دعاهم إلى تناول العلقة بين الّسم واليمسمى" ،فجابر بن حيان" يرى أدن هناك رباط قوي بين
الّسم والمسدمى ،وهي علقة ذاتية ،فتأليف الكلمة من حروف معينة يحاكي تركيب الشللياء
من أجزائها لدن الكلم كدله حروف ،ولّ كلم بدون تأليف الحروف مثللل كلمللة النسللان
للة
للن معرف
للدونها لّ يمك والشمسّ) ،(3فهو يجعل الدلغة حصرا للوجود الطبيعي للش
للياء وب
الوجود ،ولّبد من مطابقة السماء لمسمياتها ،وإحن لم يحدث ذلك حدث الخلل وانهار الوجود.
)(4
ويرى ابن تيمية أن المعاني الكدلية العامة المطلقة توجد في الذهن ،واللفللاظ المطلقللة
العامة توجد على الدلسان) .(5يضع ابن تيمية العلقة بين الصورة الذهنية ،والدلفظ وهو يؤكللد
أدن معظم المشاكل الفلسفية ،لغوية في الصل ،كما ناقش قضية يخحلق القرآن ومسألة الدلغة عند
المعتزلة والشاعرة ،ويقول» :أدن أكثر اختلف العقلء من جهة اشتراك السماء«) .(6ويؤكد
للل أحن ذلك» :وكثير من نزاع الدناسّ يكون لفظيا ،أو نزاع يتمنيوع لّ نزاع تناقض ،ف
للالدول مث
يكون معنى الدلفظ الذي يقوله هذا ،هو معنى الدلفظ الدذي يقوله هللذا ،وإحن اختلللف الدلفظللان
()1ابن سينا :الشارات وأالتنبيهات ،شرح نصير الددين الطوأسي ،تحقيق سليمان دنيا ،دار المعارف ،القاهرة ،1960ص
.135
()2ينظر :عادل فاخوأري :منطق العرب ،ص .44
()3ابن سينا :الشفاء – العبارة ،-ص .5
()4ينظر :مشكوأر العوأادي :البحث الدلّلي عند ابن سينا ،ص .110
94
الفصل الوأل
المستوأى الددلّلي في الفكر الدلساني العربي القديم
واستطاع ابن سينا أن يتوصل إلى فهم عملية الدتصور الذهني للشياء فهمللا صللحيحا
فيقول» :إدن النسان قد أوتي قوة حظسية ترتسم فيها صور المور الخارجية وتتأمدى عنها إلى
في الدنفسّ الدنفسّ ،فترسم فيها ارتساما ثانيا ثابتا ،وإحن غااب الحدسّ ،ثم ردبما ارتسم بعد ذلك
أمور على نحو ما أدداه الحدسّ ،فإدما أحن تكون هي المرتيسمات في الحدسّ ،ولكدنها انقلبت عللن
هيئتها المحسوسة إلى التجريد أو تكون قد ارتسمت في جنبه أخرى لّ حاجة في المنطق إلى
)(1
بيانها«.
يبني نظريته في أدن النسان يلتقط في اللفاظ صور الشياء التي سدماها أمورا بحواسه ثم
للم ترسلها إلى الدنفسّ ،فتثيبت فيها على نحو ما أرسلتها الحواسّ ،حتى وإن غاابت الش
للياء ،ث
ستحضر هذه الصورة على النحو السابق مجردة بالّستدعاء أو غايره أو كأحن تكللون فللي
تركيبات جديدة مؤدداها الخديال ،وعليه فالشياء المحسوسة موجودة في الخارج بأعيانها ،وفي
)(2
نفسّ بصورها.
صور الذهنية من خلل الوعي الذي يحتفظ بمراجللع
إذن :هي عملية تعتمد على حفظ ال د
تلك الصور ،فكدلما مرت إشارة ذهنية ملها بالمعنى دون العودة إلى مرجعها وقد ذكر ذلللك
في مواضع أخرى كقوله» :ومعنى دلّلة الدلفظ أحن يكون إذا ارتسم في الخيال مسموع اسللم
ارتسم في الدنفسّ معنى ،فتعرف الدنفسّ أدن هذا المسموع لهذا المفهوم ،فكدلما أورده الحدسّ على
)(3
الدنفسّ التفيتحت إلى معناه«.
كما يؤدكد أدن الشياء الحدسية أقوى أثرا في الدنفسّ من الشياء المجدردة ،وهذا واضح ف
للي
تعريفه للمعنى» :وأدما المعنى فهو الشيء الذي تدركه الدنفسّ من المحسوسّ مللن غايللر أن
يدركه الحدسّ الظاهر«) .(4فالشيء عنده إدما يوجد في عالم العيان ،فيكون محسوسا وإدما في
)(5
العقل فيكون معقولّ.
وندرك من قوله هذا موقع المعنى ضمن العملية الدلغوية الشاملة لدلفظ ومسدماه الخارجي
()1ابن سينا - :الشفاء -العبارة ،ص .2 – 1
اللغوأي ،مكتبة الداب ،ط ، 1القاهرة ، 2005ص . 54 - 53 ()2ينظر :محمد حسن حسن جبل :المعنى د
()3ابن سينا :الشفاء – العبارة ، -ص . 4
()4ابن سينا :الشفاء – النفس ،-ص . 44
()5ينظر :ابن سينا – النجاة ، -تقديم ماجد فخري ،دار الآفاق الجديدة ،بيروأت ، 1985ص . 49
95
الفصل الوأل
المستوأى الددلّلي في الفكر الدلساني العربي القديم
في مقابلة الدنفسّ ،وصورته المكتوبة فييثبت هذا في موضع آخر» :للمور وجود في العيان
)(1
ووجود في النفسّ يكظون آثارا في الدنفسّ«.
ويذكر ابن سينا حاجة النسان إلى المحاورة فاضطر إلى التصويت) ،(2فاستعمل الصوت
والنطق ليددل على ما في نفسه ،ثم وقع اضطرار آخر لعلم الغائبين ،فللاخترعت الكتابللة
والخدط ،وهو في هذا كدله يشرحا الحركة بين الصور المحفوظة في الذاكرة للمدلولّت المادية
للة
للة إبلغاي
للي أدوات دلّلي
للتي ه
أو المجدردة ،وهي الثار أو المعاني واللفاظ والكتابة ال
تواصلية.
للددد
للا ،وح
وعليه فقد توصل ابن سينا إلى فهم عملية التصور الذهني للشياء فهما عميق
للة دلّلتها مبظيدنا القدرة التصورية الدلغوية للنسان ،وهي القاسم المشترك بين البش
للر ،فالحرك
الذهنية واحدة ،ويكيمن الّختلف في درجة التقان فقط.
في أدما الرموز الخرى فهي مختلفة بين المم في لغاتها رغام أن الدال والمدلول
للى
إل صل مثل الددلّليين المح
للدثين العالم الخارجي وفي المجردات واحدة) .(3وقد تو د
التعيرف على البعاد الثلثة للمثلث الددلّلي " :الصورة الذهنية ،الرمز الدلغوي ،المرجع " وقد
أدكد هذه الدنظرية الغزالي مشيرا إلى الوجود العيني للشياء ،والوجود الللدذهني لثارهللا أو
صورها ،أي العلقة بين الدال )الرمز( ،والمدلول )التصور( ،والمشار إليلله )الشلليء( أو
المرجع ،فالعلقة بين الدلفظ والمعنى اصطلحية ،وبين التصور والشيء علقللة طبيعيللة،
والعلقة بين المشار إليه والشيء اعتباطية لّ تقوم على صلة معنوية أو حسية) .(4وهذا مللا
توصل إليه "دو سوسير" رغام قصور نظريته ،ونظرية " أوجدن وريتشارد".
وقد اتفق الغزالي مع ابن سينا في الكثير من القضايا ،ولكنه انفرد عنه في بعضها وهي:
للى
عل للددل
-تأكيده على ربط موضوع المعنى بالمديرك وهو واضح في كون الدلفظ ي
الصورة الدنفسية بالتقاط الحواسّ ،وإدراك الدنفسّ لها.وقد صمرحا الغزالي بترتيب اللفظ على
المبحث الرابع
()1
ينظر :حسن عجمي :السوأبر أصوألية ،ص .111
98
الفصل الوأل
المستوأى الددلّلي في الفكر الدلساني العربي القديم
الددلّلة وأالمجـاز
المبحث الرابع
وأالنقـاد
البلغايين د
المستوأى الددلّلي عند د
لقد استمد الددلّليون ما كان لدى البلغايين منذ أرسطو ،وفدسروا تغييرات المعنى لغويللا
في المجاز والّستعارات ،وتابعوا تحليل التصورات فلسفيا وربطوها بالحقيقة وبالشياء ،ثم
للدهما
للبقية أح
للى ،وأس للاولوا اللدف
للظ والمعن ركزوا على علقات الدرموز بالمدلولّت ،فتن
على الخر ،والعلقة بينهما ،وبمينوا أنواع الددلّلّت.
وما دام الدبحث الددلّلي يتقصى العلقات الددلّلية بين الدرموز ومدلولّتها ،ومللا يللترتب
للد
للي ،فق
عنها من سلمة الداء للغرض المقصود في وضوحا الرسالة من المتكلم إلى المتلق
حاول الدنقاد وعلماء البلغاة تحليل الجانب الددلّلي في الدلفظ والمعنى ،وهم يقظدمون أحكللامهم
)(1
الجمالية والعروض الذوقية.
وكان على هؤلّء أن يعرفوا بنية الدنظام الدلغوي ليتسنى لهم معرفة هذه القيللم الددلّليللة
للي الدب، والجمالية ،ونجد أدن المعنى يحمْظيي عندهم باهتمام كبير وخاصة المعنى العقل
للي ف
أكثر من اهتمامهم بالمعنى ،وحرصوا على التوازن بين الدلفظ والمعنى ،كما ارتفعوا بللالدلفظ
للرض أو إلى الدنظم للحكم على المعنى ،قد اتخذ المعنى عندهم استخداما دلّليا يتجه إل
للى الغ
المقصد الذي يريد المتكلم (2).واتخذت ثنائية الدلفظ والمعنى أي الشكل والمضللمون مسللارا
تطوريا في علم البلغاة -فيما بعد -في الددراسات البيانية العربية.
()1ينظر :مشكوأر كاظم العوأادي :البحث الدلّلي عند ابن سينا ،ص .50
()2الجاحظ :البيان وأ التبيين ،تحقيق عبد السلم هاروأن ،ط ،2مكتبة الخانجي ،القاهرة ،1975ج ،1ص .76-75
()3الجاحظ :رسائل الجاحظ ،تح :عبد السلم هاروأن ،مكتبة الخانجي ،القاهرة ،1964ص .262
101
الفصل الوأل
المستوأى الددلّلي في الفكر الدلساني العربي القديم
فلسفة القرن الرابع الهجري) .(1وكما يو ظ
ضح الجاحظ» :على قدر وضوحا الددلّلة وص
للواب
الشارة ) (...يكون إظهار المعنى ،وكدلما كانت الددلّلة أوضح وأفصح ،كانت الشارة أحبي
للن
)(2
وأنور ،كان أنفع وأنجع«.
إدن اللفاظ عنده هي التي تكشف عن المعاني بكدل أبعادها ومستوياتها فيقول» :وهي التي
وعن أجناسها تكشف لك عن أعيان المعاني في الجملة ،ثم عن حقائقها في التفسير
للا
للا لغودي
صها وعادمها ،وعن طبقاتها في السادر والضادر ،وعدما يكون منه
وأقدارها ،وعن خا د
)(3
يبحهيرجا ويسامْقطا يممطيردحا«.
فالددلّلة الدلفظية هي التي تكشف عن أبعاد المعنى مستوياته في الجملة أو العبارة ،وهللي
للان" ،أو الددلّل
للة التي تحقق هذه المعاني ،وقد أطلق الجاحظ على الددلّلة بأنواعها اس
للم "البي
الظاهرة على المعنى الخفدي ،وعمرفه بقوله» :والددلّلة الظاهرة على المعنى الخفدي :هو البيان
للذلك للرآن ،وب الذي سمعت ال عدز وجدل يمدحه ،ويدعو إليه ويحث عليه ،وبذلك نط
للق الق
)(4
تفاخرت العرب وتفاضلت أصناف العجم«.
ثم يزيد في تفصيل البيان» :والبيان اسم جامع لكدل شيء كشف لك قناع المعنى ،وهتللك
الحجاب دون الضمير ،حتى يفضي السامع إلى حقيقته ،ويهجم على محصوله ،كائنا ما كان
للل
للري القائ
للا يج ذلك البيان ،ومن أي جنسّ كان الددليل لدن مدار المر والغاية ال
للتي إليه
والسامع ،إندما هو الفهم والفهام ،فبأدي شيء بلغت الفهام ،وأوضحت عن المعنى ،فذلك هو
)(5
البيان في ذلك الموضع«.
من خلل هذين الدنصين نجد البيان عنده يشمل المعاني التي تؤمدي من الدلفظ وغاير الدلفظ،
كما حصر الددلّلة في تأسيسّ الكلم عن البيان ،أي البيان عن المعاني ،وهنا يظهر بأدن البيان
هو الددلّلة -وكما نعلم ،-فقد كان المعنى عامل مشتركا بين البلغاة والددلّلة خاصللة فللي
للور
للي تط علمي البيان والبديع بشقيه :المحسنات الدلفظية والمعنوية ،فساهمت البلغا
للة ف
()1ينظر :حسن طبل :المعنى في البلغاة العربية ،دار الفكر العربي ،القاهرة ،1998ص .10
()2الجاحظ :البيان وأالتبيين ،ج ،1ص .75
()3المصدر نفسه :ج ،1ص .8
()4المصدر نفسه :ص .70
()5المصدر نفسه :ص .76
102
الفصل الوأل
المستوأى الددلّلي في الفكر الدلساني العربي القديم
المعنى والتدغير الددلّلي ،كما أدن العلقة في علم البيان قائمة بين الدلفظ ودلّلته على المعنللى،
)(1
وهذا المعنى يختلف ويتباين ،وتبعا لذلك يختلف الدلفظ ويتباين :كالمجاز والمشترك...إلخ.
ومن خلل ما سبق نتبدين رأي الجاحظ في مشكلة الدلفظ والمعنى والعلقة بينهم
للا ،فقللد
حاول كبلغاي ،ومفكر ،وأديب أحن يعالج الدب ومسائل النقد ،فهللويللرى أدن» :المعللاني
فللي مطروحة في الطريق ،ويعرفها العجمدي والعربدي ،والبدودي ،والقرودي ،وإدنما الشأن
إقامة الوزن ،وتخيير اللفظ ،وسهولة المخرج ،وكثرة الماء ،وفي صدحة الدطبع ،وجودة السبك،
وإدنما الشعر صناعمة ،وضرب من الدنسج وجنسّ من التصوير«) .(2وهذه القضية أشار إليهللا
كثير من علماء البلغاة ،وارتكزت على مسألة التنافر والتلؤم في الحروف المكظونة للكلمللة
واتساق هذا التأليف مع المعنى حسنا وقبحا ،كما ذكر الجاحظ فهو -كما قيل عنلله -مللن
أنصار الدلفظ بسبب اختياره للفظ وجعله ضرورة مناسبة للمعنى المراد.
والدلفظ كما يو ي
صيفيه يكوين يحيسين المخارج دون تنافر أصواتها ،مناسبتها لما جاوره في
السبك ،واهتمامه باللفظ أكثر من المعنى كان في المواضع التي يتناول فيها الشعر وهو نوع
للى
للن المعن من الصناعة اللفظية عنده) ،(3ولكدنه عندما تناول الدلغة – عموما -يش
للترط حس
وجمال الصيغة ،فالمعاني الشريفة ييعمبر عنها بالدلفظ البليغ الخالي من التنافر والوحش
للية دون
للعري ،فل
للداع الش
خروجه عن عرف العربية ،فكأندما يعدد العناصر الساسية المكونة للب
تقف عند الدلفظ وحده كما تموهم بعض الباحثين من أنصار الدلفظ ،ويدرج إضافة إلى الدلفللظ:
صياغاة والوزن والتصوير ،فيشمل ذلك التركيب الدلغوي ،بكدل علقللاته الدنحويللة
الدسبك وال د
المتفرعة إلى خصائص مؤثرة في الددلّلة ،إضافة إلى إيقاع الموسقى ،وتخيير الوزن وتلؤم
)(4
فقد الغرض ،إلى جانب ذلك تضاف القدرة البداعية في الساليب المجازية والستعارية.
للبره
للذي اعت اهتم الجاحظ بالمعنى واستحسنه ،واهتم بالدلفظ في سياق حديثه عن الدش
للعر ال
()1ينظر:عبد الوأاحد حسن الشيخ :العلقات الددلّلية وأالتراث البلغاي ،مكتبة الشعاع للطباعة وأالنشر ،ط ،1مصر
،1999ص .101
()2الجاحظ :الحيوأان ،تح :عبد السلم هاروأن ،دار الجيل ،بيروأت ،1996ج ،3ص .132 – 31
()3ينظر :محموأد عكاشة :الددلّلة الدلفظية ،ص .38
()4ينظر :فايزالدية :علم الدلّلة ،ص .34
103
الفصل الوأل
المستوأى الددلّلي في الفكر الدلساني العربي القديم
صناعة لفظية ،لدن المعنى لّ يشدكل صعوبة على المتكلم بقدر صعوبة اختيار الدلفظ وسبكه.
)(1
ولعله أدرك الفرق بين الدلفظ والمعنى إذ يقول » :ثم اعلم – حفظك ال – أدن حكم المعاني
للماء خلف حكم اللفاظ ،لدن المعاني مبسوطة إلى غاير غااية ،وممتدة إلى غاير نهاي
للة ،وأس
)(2
المعاني مقصورة معدودة ،محصلة محدودة«.
فهو هنا مدرك للمعنى بأدنه متصدور في الذهان :هو الخاطر ،والفكار في الذهن وهللي
مطلقة بخلف اللفاظ التي هي محدودة معدودة ،والصعوبة في إخراج المعاني الللتي فللي
الدنفسّ بصورة لفظية إلى السامع ،والجاحظ يؤدكد مذهبه في غالبة اللحاحا على المعنى بمفهوم
الغرض والقصد ،فيتحدث عن اللفاظ والمعاني وكيفية إخراج المعاني) ،(3فيقول» :ومتى كان
الدلفظ أيضا كريما في نفسه ،متخيرا من جنسه ،وكان سليما من الفضول ،بريئا من التعقيللد،
يمْبيب إلى الدنفوسّ ،واتصل بالذهان ،والتحم بالعقول ،وهدشت إليه السماء ،وارتللاحت إليلله
القلوب ،وخدف على ألسن الرواة.(4)«...
وأخيرا استطاع الجاحظ أحن يعالج قضايا الددلّلة الدلفظية وكان مدار بحوث كثيرة فللي
الدلغة والدشعر ،وتظهر من خللها نظراته في الددلّلة وأنواعها ،وقد تطدرق لنللواع الددلّلللة
شارحا ومفصل لصناف الددلّلة ،وسنوجز ذلك في قوله» :وجميع أصناف اللددلّلّت على
للم المعاني من لفظ وغاير لفظ ،خمسة أشياء لّ تنقص ولّ تزيد :أولها الدللفظ ثم الش
للارة ،ث
العقد ،ثم الخط ،ثم الحال التي يتسدمى ين ح
صيبة ،والينصبة :هي الحال الدالة التي تقوم ملقام تلك
إلى العناصر التي تشلارك الصناف ولّ تقصر عن تلك الدلّلّت .(5)«...فهو يشير
للات
للي الحرك
للة ،وه في الّتصال خارج الدلغة ،وهي الددلّلة غاير الدلسانية أو غاي
للر اللفظي
الجسمانية أو الشارة ،والعقد ،وهو الرقام الحسابية )العداد( التي ترمز لمعللاني الدنفللسّ
والشياء ،والخط أو الحروف الكتابية الذي يشار بها إلى المعنى ،ثم الينصبة :وهي الهيئة أو
()1ينظر :محموأد عكاشة :الدلّلة اللفظية ،ص .38
()2الجاحظ :البيان وأالتبيين ،ج ،1ص .76
()3ينظر :فايز الداية :علم الدلّلة ،ص .35
()4الجاحظ :البيان وأالتبيين ،ج ،2ص .8
()5الجاحظ :ج ،1ص .76
104
الفصل الوأل
المستوأى الددلّلي في الفكر الدلساني العربي القديم
للاطق،
للامت ن
للل ص
للي ك
الحال الناطقة بغير لفظ ،وتتجلى في خلق السموات والرض وف
)(1
فالصامت ناطق من جهة الددلّلة ،والعجماء يمحمْعريبة من جهة البرهان.
فللدرموز والشارات قيمة دلّلية في التواصل وتللؤدي وظيفللة دلّليللة فللي البلغ:
»والشارة والدلفظ شريكان ،مْنحعيم العون هي له ومْنحعيم الت ي
ـرجيمان هي عنه ،وما أكثر ما تنوب
للذه عن الدلفظ .(2)«...ويجعل هذه الصناف من أنواع البيان للددلّلة والتوصيل ،وتن
للوعت ه
الددلّلّت حسب اختلف الطاقة اليحائية لكدل واحدة منه ،ولكدل واحدة منها قدرة معينة فللي
الّحتواء البياني لغرض التوصيل غاير أدن الدلفظ هو أفضل أنواع الددلّلّت عند الجاحظ.
إذن فالمعنى عنده » :يهتم بالغايات لّ بالبنية أو الشكل مما جعله خلوا من كدل أبعاد فنية،
وبلغاية لّ هدم لصاحبها إلّ الوقوف على الوسائل التي تضيمن التواصل بين أفراد المجموعة
) (...وخلوه من البعد الفني لّ يعني انفصاله عن نظرته الدلغوية والبلغاية العامة«).(3
ونتبدين من هذا أدن البلغايين والدنقاد لم يهتموا بالبناء أو التركيب أو الدنظام ،وهم يستمدون
للى الدنظ
للرة عل في هذا المنهج ،منهج الدلغويين بمفهومه المعياري ،واعتمد النقد النظري
البلغاية التي تـوظجيه اهتمامها إلى العبارة في بنائها ،وإلى التشبيه والّستعارة ،دون نظر إلى
سياق الدنص الدبي المتكامل).(4
وإذا ما عرضنا بإيجاز لراء بعض الدنقاد في بداية القرن الرابع الهجري حيث أصللبح
للره
للن عاص
للة ،وم تحديد القيمة الفنية للدنص شاغال لهم تنظيدرا وتطبيقا .ومنهم :اب
للن قتيب
للة أو جاء بعده ،فقد حاولوا تحليل الجانب الددلّلي في الدلفظ والمعنى فقددموا الحك
للام الجمالي
للراض
للديهم الغا
للامتزجت ل
متناولين ألفاظ الشعر وعباراته واصفين معاني النصوص ،ف
والفنون بالفكرة التي يحملها البيت أو جزء البيت ،فتكاملت عندهم صورة نقد الشعر والتناول
الددلّلي في الشرحا الدشعرية لتحليل الددلّلة وإظهار تطدورها) .(5وأقاموا مباحثهم على العنايللة
()1ينظر :المصدر نفسه ،ج ،1ص .82
()2المصدر نفسه ،ص .78
()3حمادي صموأد :التفكير البلغاي عند العرب ،أسسه وأتطوأره إلى القرن 6هـ ،منشوأرات الجامعة التوأنسية ،مطبعة
الرسمية ،توأنس ،1981ص . 162
()4ينظر :عبد القادر القدط :النقد العربي القديم وأالمنهجية ،مجلة فصوأل ،الهيئة المصرية العامة للكتاب ،العدد - 3
،1981ج ،1ص . 20-17
()5ينظر :فايز الداية :علم الدلّلة ،ص .32 -31
105
الفصل الوأل
المستوأى الددلّلي في الفكر الدلساني العربي القديم
للق
للن طري بأطوار الدلفظة ،ومادتها الدلغوية ثم إعطائها يبعدها في الدنص وإفادتها للمعن
للى ع
ارتباطها فيما بينها في الدنص ليحدث التكامل في نسق تركيبي خاص يعطيها ظللّ ومعللان
أخرى).(1
ويأتي ابن قتيبة الددينوري )تل 276هل( ليتناول الدنظم القرآني في كتابه "تأويل يمش
للكل
القرآن" يمبظينا أوجه العجاز القرآني ،متطرقا إلى جمال هذا الدنص الدديني ،ونسقه ال د
صللوتي
وتأليفه الدنظمي ،كما تحدث عن المعاني البلغاية كاليجاز ،فيقول » :وهو جميع الكثير من
معانيه في القليل من لفظه«).(2
كما توسع في فهم المجاز فأطلقه على جميع فنون الكلم ،قائل» :وللعرب المجازات في
الكلم ،ومعناها طرق القول ومآخذه ففيها :الّستعارة ،والتمثيل ،والقلب ،والتقديم والتأخير،
والحذف ،والتكرار ،والخفاء ،والظهار ،والتعريض ،والفصاحا ،والكناية ) (...والقصللد
بلفظ الخصوص لمعنى العموم ،وبلفظ العموم لمعنى الخصوص .(3)«...وهنا عرض لكللثير
للابه "الدش
للعر للة كت من المسائل الدلّلية ،وقد اشتهر بموازنته بين الدلفظ والمعنى ف
للي مقدم
والدشعراء" ،وهو يقظسم الدشعر إلى أنواعه ويجعل الدلفظ والمعنى ركنان مهمان فيه ،وذكر هذه
ال د
ضروب كالتي:
ضحرمب يحيسمن لفيظه ويجادد معناه.
.1ي
.2ضرب حسن لفظه ،فإذا يفيتحشيتيه لم تجد هناك فائدة في المعنى.
.3ضرب جادد معناه ،وقصرت ألفاظ عنه.
)(4
.4ضرب تأدخر معناه ،وتأدخر لفظه.
ونلمسّ رؤيته لللفاظ والمعاني في تخيير الدلفظ لحسن الفهام ،وبهذا يركز على اللفللاظ
للراد،
للام الم
للن وإفه
المستحسنة لتؤثر في المستمع ،فاللفاظ عنده هي التي يكون فيها اليحس
وهذه تعتبر حدود المعنى متمثلة في الظسمات الدشكلية لللفاظ. )(5
صيغ.
وانتقاء أقصر ال د
()1ينظر :المرجع نفسه ،ص .32
()2ابن قتيبة :تأوأيل مشكل القرآن :تحقيق السيد أحمد صقر ،طبعة الحلبي ،ص .4 -3
()3المصدر نفسه ،ص .12
()4ابن قتيبة :الشعر وأالشعراء ،تح :أحمد شاكر ،دار المعارف ،القاهرة ،1966ص .64-69
()5ينظر :فايز الداية :علم الدلّلة العربي ،ص .39
106
الفصل الوأل
المستوأى الددلّلي في الفكر الدلساني العربي القديم
في ويأتي قدامه بن جعفر )تل 337هل( بكتابه "نقد الشعر" متناولّ الددلّلة الدلفظية
مبحثه عن العجاز القرآني ،ويجعل للشعر أربعة عناصر وهي" :الدلفظ والللوزن والقافيللة
والمعنى" ،ثم ييبظين الّئتلف بينهما :ائتلف الدلفظ مع المعنى ،والدلفظ مع الوزن ،والمعنى مع
)(1
الوزن والقافية.
كما يجعل ألوان البديع نوع من أنواع المعاني ويعدرفها» :وهو أن يضع الشاعر المعاني
يريد أن يذكرها في شعره الذي يصنعه ،فإذا ذكرها أتي بها من غاير أحن يخالف معنى ما أتى
)(2
به منها ،ولّ يزيد ولّ ينقص«.
للول:
للة فيق
للظرف البلغا أدما الدرماني علي بن عيسى فقد انطلق من الددلّلة الدلغوي
للة لييع
» وإدنما البلغاة إيصال المعنى إلى القلب في أحسن صورة الدلفظ« (3).والبلغاة عنده تكمللن
للود في الدلفظ والمعنى ،ولّ يرضى أحن تكون في المعنى وحده أو الدلفظ لوحده ،وحص
للر وج
)(4
البلغاة في :اليجاز والتشبيه والّستعارة والفواصل والتصريف ،والمبالغة وحسن البيان".
في الدراك«. كما عدرف البيان بأدنه» :هو الحضار لما يظهر به تمديز الشيء من غايره
وقدسمه إلى أربعة أقسام كما فعل الجاحظ" :كلم وحال وإشارة ،وعلمة" (6).كما ق
للدرر أن )(5
دلّلة السماء والصفات متناهية ،وأدن دلّلة التأليف ليسّ لها نهاية ،ومنها القرآن الكريم الذي
حصل فيه التحدي بالمعارضة لتظهر المعجزة ،ويؤدكد أدن القرآن نهاية في حسللن البيللان،
للين وحسن البيان ،هو أعلى مراتب الكلم ،وهو تلؤم وتعديل الدنظم ،وخلوه من كدل م
للا يش
)(7
الفصاحة ودلّلة التأليف.
ويقدر الخطابي )تل 388هل( بالموازة بين الدلفظ والمعنى بقوله» :إدنما يقوم الكلم بهذه
()1ينظر :عبد العزيز عبد المعطي عرفة :قضية العجاز وأأثرها في البلغاة العربية ،عالم الكتب ،ط ،1بيروأت ،1985
ص .301–300
()2قدامه بن جعفر :نقد الشعر ،تحقيق كمال مصطفى ،ط ،1مكتبة الخانجي ،مصر ،1948ص .136 – 135
()3الدرماني علي بن عيسى :الننكت في إعجاز القرآن ضمن ثلث رسائل في إعجاز القرآن تحقيق محمد خلف ال وأمحمد
زغالوأل سلمة ،دار المعارف ،مصر ،ص .90
()4ينظر :عبد العزيز عبد المعطي :قضية العجاز ،ص .323
()5الدرماني :الننكت في إعجاز القرآن ،ص .100 -98
()6ينظر :المصدر نفسه ،ص .101
()7ينظر :عبد العزيز عبد المعطي عرفة :قضية العجاز ،ص .341
107
الفصل الوأل
المستوأى الددلّلي في الفكر الدلساني العربي القديم
للن اللدف
للظ للوازي بي الشياء الثلثة :لفظ حامل ،ومعنى قائم به ،ورباط لهما (1).«...فه
للو ي
والمعنى ،والرباط بينهما ،أي أسلوب تركيب اللفاظ لتعظبر عن المعاني المركبة ،كما يؤدكللد
على دراسة المعنى الذي هو الجزء الصعب إلى فضل الفكر وكذا الدذهن ،يقول الخطابي» :
فأدما المعاني التي تحملها اللفاظ ،فالمر في معاناتها أشد :لدنها نتاج العقول وولّئد الفهللام
فالمعاني أسرار أسرار تعبيرات اللفاظ كما يبظين ذلك "أولمان"» :المعنى )(2
وبنات الفكار«.
)(3
هو المشكلة الجوهرية في علم الدلغة«.
للاظ ويتبع أبو هلل العسكري )تل 395هل( الجاحظ متوهما أدنه من المنتص
للرين لللف
على المعنى حيث يقول» :الكلم ألفاظ تشمل على معامن تددل عليها وتعدبر عنهللا ،فيحتللاج
للى
للذي خط
للو يحت صاحب البلغاة إلى إصابة المعنى ،كحاجته إلى تحسين اللدف
للظ« (4).فه
الجاحظ ،ويقرر أدن الميزة البلغاية كامنة في الدلفظ ،وأدن المعاني موجودة عند كدل شللاعر أو
كاتب ،فييورد ما قاله الجاحظ في كتابه الصناعتين مع اختصار شديد.
للددم عمل ويعتبر العسكري من أعلم الدنقد والبلغاة في القرن الرابع الهجري وال
للذي ق
دلّليا متمظيزا اتسم بطرافته العلمية ،إضافة إلى جهوده البلغاية والنقدية.
وتناول كغيره مسألة الدلفظ والمعنى مقدرا بأسبقية اللفاظ على المعاني حيث يقول بما جاء
بنصه» :ولّ خير في المعاني إذا استكرهت قهدرا واللفاظ إذا اجترت قسدرا ،ولّ خير فيمللا
لّ شرف لفظه مللع وضللوحا المغللزى أيمْجيد لفظه إذا سخف معناه ،ولّ في غارابة المعنى إ د
)(5
وظهور المقصد«.
فهو يؤكد على الدلفظ جوددة وحسدنا مؤديا إلى المعنى الواضح والمراد ،كما يتضح أدن
لله لّ
يهمل المعاني رغام اعتماده على اللفاظ من حيث اختيارها ورصفها وتأليفها ،فيقول» :على
()1الدرماني وأ الخطابي وأعبد القاهر الجرجاني :ثلث رسائل في إعجاز القران ،تحقيق ،محمد خلف ال ،محمد زغالوأل
سلم ،دار المعارف ،ط ،3مصر ،ص .26
()2المصدر نفسه ،ص .26
()3ستيفن أوألمان :دوأر الكلمة في الدلغة ،ترجمة كمال بشر ،ص .62
()4أبوأ هلل العسكري :الصناعتين في الكتابة وأالشعر ،تح :محموأد أبوأريه ،مراجعة :عباس حسن خضر ،مطابع دار
الكتاب العربي ،مصر) ،د .ط( ،القاهرة) ،د ت( ،ص .41
()5المصدر السابق ،ص .36
108
الفصل الوأل
المستوأى الددلّلي في الفكر الدلساني العربي القديم
أدن المعاني مشتركة بين العقلء ،فردبما وقع المعنى الجديد للسوقي والنبطي والزنجي .وإدنمللا
يتفاضل الدناسّ في اللفاظ ورصفها وتأليفها ونظمها« (1).وهو لم يرسم نظرية للدنظم كما فعل
للى
لله إل عبد القاهر الجرجاني ،فاكتفى بالحديث عن حسن التأليف ،وحسن الدنظم ،كم
للا يتج
للي للددلّلي واض
للحا ف الجانب الددلّلي لظهار العجاز البلغاي في القرآن ،ويتجلى عمله ال
للرز
للر أب
للث تظه مصنفه الدلغوي "الفروق في الدلغة" ،و"التلخيص في معرفة الش
للياء" ،حي
المساحات الددلّلية للفاظ عديدة أحشمْكل التفريق بينهما عند الدلغويين) ،(2نحو" :العلم ،والمعرفة،
والفطنة ،والذكاء ،والغضب ،والدسخط ،والدرعاية ،والحفظ.(3)"...
للن وقددم تحليل دلّليا لهذه اللفاظ ،حيث حدللها وشرحا المعاني ووضع الحدود بينه
للا وبي
غايرها دون أحن يستخدم مصطلحات أهل المنطق ،بل كان شارحا لغويا ودلّليا .ويعتبر جهده
للددلّلي
للدور ال في الفروق عمل تطبيقيا للددلّلة الفنية في الدب والدنقد ،حيث تفدطن إل
للى التط
للى
عل للرعي) (4مرتك
للزا للم الش
للي والّس
للم العرف
لللفاظ ،فبدين الفرق بين الّس
الّستعمالّت الدلغوية العامة والخاصة في مجالّت معينة .ويستخدم أبو هلل مصطلح اللدغ
للة
للددل
ليددل على أصل الددلّلة قبل تحدولها ،كما يعطي مصطلحا آخر :وهو"عرف الّستعمال" لي
)(5
على تخصيص الددلّلة في بعض الجوانب أو البيئات.
وتودسع بحثه الددلّلي في مسألة المجاز ،حيث تنتقل المجازات ،مو د
ضحا كيفيللة تطللدور
للة
للزادة راوي
للمية الم الّستعمال الذي يؤددي إلى ألفة المجاز ،فكثرة الّستعمال جعل
للت تس
كالحقيقة ،وكان الراوية حامل المزادة وهو البعير ،وما يجري مجراه ،ولهذا يسللدمي حامللل
الشعر راوية ،ومثل هذا كثير (6).فقد كان عمله الددلّلي في الفروق إنجازا متميدزا حيث أبطل
الترادف ،وأثبت الفروق في اللفاظ التي ييمديعى ترادفها.
ثم يأتي عبد القاهر الجرجاني )تل 471هل( ليمثل الّنطلقة الولى في التحليل البنيوي
()1ينظر :تمام حسان :الدلغة العربية ،معناها وأمبناها ،الهيئة المصرية العامة ،القاهرة ،1973ص .342
()2عبد القاهر الجرجاني :دلّئل العجاز ،تعليق محمد التنجي ،دار الكتاب العربي ،ط ،1بيروأت ،2005ص .69
()3ينظر :حسن طبل :المعنى في البلغاة العربية ،ص .11
110
الفصل الوأل
المستوأى الددلّلي في الفكر الدلساني العربي القديم
)(1
كان لدنا علم بمعانيها) (...كيف والمواضعة لّ تكون ،ولّ تتصور إلّ على معلوم.«...
للورها
للبق تص
للة يس
نلمسّ في نصه هذا تقريرا للمعاني التي هي مدركات وصور أولي
وتحصيلها في النفسّ المواضعة على الكلم والدرموز الدلغوية الددالة عليها ،فهو يرى أدن علقة
الكلمة المفردة بمعناها علقة إشارية محضة تقتضي سبق المشار إليه فللي الوجللود عللن
الشارة .وهذا ما رأيناه عند ابن سينا.
ويؤكد على الّعتباطية في اقتران الدال بالمدللول ،فيقول» :فلو أدن واضع الدلغلة كان
ضيريب" لما كان في ذللك ما يلؤدي إلى فساد« (2).وإضلافة إلللى ض" مكان " ي قد قال" :يريب ي
الّعتباطية في طبيعية الددلّلة الدلغوية تتساوى دلّلة الدلفظة في الوظيفة الدلغوية عند مجتمعه
للا
للي
على الدم الدلغوي مع بقية الدلغات ،ولّ تفاضل عند الجرجاني بين دلّلة لفظ "رجل"
)(3
في الدلغة العربية والكلمة الددالة عليه بالفارسية.
صوتي اعتباطي لّ يقوم على مناسبة طبيعية ،كما ينفللي أحن
ويلمح إلى أدن نظم الكلمة ال د
يكون نظم أصوات الكلمة أو ترتيبها قائما على المعنى حيث يقول» :وأدي مساغ للشك ف
للي
لليء ولّ أحن تنخلع هذه اللفاظ التي هي لغات دلّلتها لما كان شيء منها أحق بالتقديم م
للن ش
يتصور أن يجب فيها ترتيب ونظم«).(4
فل شك أدن الدلفظ لّ ينفصل عن المعنى وأدن نظم الحروف هو تواليها في الدنطق كمللا أدن
الدلفظة في بنية الكلم تكون موجهة بقصد المتكلم أي أحن تدمل على ما عناه المتكلم وقصللده،
وهنا يشير إلى تحديد الددلّلة بالقصد فيقول» :إدنما يكظلم بعضهم بعضا ليعرف السامع غارض
)(5
المتكلم ومقصوده«.
كما يفظرق بين دلّلة الكلمة عند الّستعمال :الولى :دلّلتها مطلقة ،والثانية :مخصصللة
يحددها القصد بأحدهما ،وهو ما ذكره ابن سينا قبله .فنراه اعتنى بالمعنى وجعل له قيمة في
العملية الددلّلية ،وذلك لدنه يعدبر عن المقاصد والغاراض.
()1ينظر:عبد القاهر الجرجاني :الدلّئل ،ص .344
()2ينظر :المصدر نفسه :ص .50
()3المصدر نفسه :ص .31
()4ينظر :المصدر السابق ،ص .51
()5المصدر نفسه ،ص .408
111
الفصل الوأل
المستوأى الددلّلي في الفكر الدلساني العربي القديم
للوتية،
للورة الص
للة والص وأشار في حديثه عن الددال والمدلول إلى الص
للورة الذهني
والمرجع مقتربا من مثلث "أوجدن وريتشاردز" ،كما اقترب من تشومسكي) (1فللي وضللعه
لعلقة النظم بالمعاني الدنحوية ،فقد أعطى للنحو إمكانات مستمدة من العقل مبظينا العلقات بين
الدلّلّت المتوخاة من الكلم ،وما يستدعيه الدسياق الكلمي في موقف الحال .والدنظم يقللوم
على كدل ما له صلة بالدنحو (2).كما أدكد على المْبنية السطحية ،والبنية العميقة موضحا القواع
للد
التحويلية حيث عرض للتغديرات الددلّلية الناجمة عن التقديم والتأخير.(3)...
فللي وأخير نخلص إلى أدن عبد القاهر كان تتويجا لمباحث البلغايين والمتكلمين
للتوياتها مشكلة اللفظ والمعنى عبر العصور ،وما جاء به من أنواع الددلّلة ومض
للامينها ومس
ينطبق مع ما جاء به المناطقة من خلل المكونات الددلّلية التي مارسها تطبيقا وتنظيرا مللع
للد
للة عن
للة المطابق
اختلف في المصطلحات ،فالمعنى هو الحقيقة عند الجرجاني ،وهو دلّل
المناطقة ،ودلّلتا" :التضمين والّلتزام" هي عندهم من المعاني المجازية أو معاني العلقات
).(4
أو معنى المعنى عند الجرجاني ،وكثرة الّستدلّلّت بين ابن سينا والجرجاني تؤدكد ذلك
كما أدنه انطلق في منهجه التحليلي من معاني الدنحو والددلّلة مع مراعاته للدسياق الكلمي
الذي أقامه على الدنظم الذي يضدم علم التركيب مستندا على نظرية لسانية سبق فيها غايره من
علماء الدلسانيات المحدثين.
وقد كان بادرة لفتح باب الددراسات لمن سيأتي بعده ،فيأتي الدزمخشري )تل 538هل(
للن
للتلهم م ) ،(5وقد اتبع خطى عبد القاهر وربط التفسير النظري بالتطبيق العملي حي
للث اس
للددلّلّت
للير ال نظرية النظم ،وحاول أحن يطظبقها في تفسيره "الكشاف" ،كما استند ى ف
للي تفس
القرآنية على المذهب الّعتزالي المعتمد على أنواع التجدوز.
أدما في كتابه "أساسّ البلغاة" فقد اعتنى بالجانب التاريخي لدلّلة اللفاظ حيللث يسللمي
اللفاظ في الكشاف ،يمفظسدرا إدياها حسب الحقيقة لّ المجاز) ،(4كما في قوله تعالىقللوله ﴿ :و إوإذذ
صاَرر﴾) ،(5كما أورد في معجمه ما سدماه بمجاز المجاز) ،(6ومقتضى ذلك أدن الحك
للم وإزوغذت إذلوذب و
على الددلّلة في نظره غاير ثابت ،بل يتطور بتطور الّستعمال الدلغوي ،فالتطدور الددلّلي الدول
للول » :م
للن قد يمْشيع فيصبح حقيقة يحبيني على أساسها مجاز أو تطور دلّلي آخر ،حي
للث يق
المجاز ما غالب في الّستعمال حتى يلحق بالحقائق وهذا من ذلك«).(7
وهذا الذي يقدرره الزمخشري لّ يختلف ،عدما قدرره علم الدلسانيات المعاصللر مللن أدن:
»الدلغة قاموسّ من المجازات التي فقدت مجازيتها بالتدريج«) .(8وكان في تفسيره يسللتدعى
المعاني المختلفة التي يحتملها التعبير ،فل يكتفي بوجه واحد ،ورغام ذلك لم يحسلم من المآخذ:
)(9
كمبالغته في الّحتمالّت الددلّلية والعراب.
ومن الخصائص البارزة في بحثه الددلّلي:
-عقده للصلة بين الدلفظ ودلّلته ،فقد يعدل من صيغة إلى أخرى لمعنى لغوي ،كما يعدل
من المضارع إلى الماضي للددلّلة على أدن المستقبل بمنزلة الواقع الكائن في تفسيره لليللات
()1ينظر :إبراهيم أنيس :دلّلة اللفاظ ،ص .193
()2ينظر :المرجع نفسه ،ص .101
()3ينظر :عبد العزيز عبد المعطي عرفه :قضية العجاز القرآني ،ص .662
()4ينظر :الزمخشري :الكشاف) ،د.ط( ،دار المعرفة ،بيروأت ،ج ،3ص .230
()5سوأرة الحزاب :آية .10
()6الزمخشري :أساس البلغاة ،دار المعرفة ،بيروأت ، 1982ص .390 - 366
()7المصدر نفسه ،ج ،3ص .299
()8ستيفن أوألمان :دوأر الكلمة في الدلغة ،ترجمة كمال بشر ،ص .76
()9ينظر :فاضل السامرائي :الددراسات الدلغوأية وأالدنحوأية عند الدزمخشري ،دار عمار،ط ، 1الردن ، 2005ص .243
113
الفصل الوأل
المستوأى الددلّلي في الفكر الدلساني العربي القديم
()1ينظر :التوأحيدي :المقابسات ،تح :محمد توأفيق حسني ،وأكالة المطبوأعات ،ط ،2دار القلم بيروأت ،ص .108
()2ينظر :حسن بشير صالح :علقة المنطق بالدلغة عند فلسفة السلم ،ص .145 - 144
115
الفصل الوأل
المستوأى الددلّلي في الفكر الدلساني العربي القديم
أدن المعنى أدولّ :وهو الذي يستدعي الدلفظ) .(1أدما الدلغويون فيتصدرهم ابن جني بق
للوله » :إدن
العرب كما تعني بألفاظها فتصلحها ،وتهذبها ،فإدن المعاني أقوى عندها وأكرم عليها وأفخللم
قدرا في نفوسها«) .(2وبهذا كانت مشكلة الدلفظ والمعنى والعلقة بينهما إشكالية معقللدة فللي
القرنين الثالث والرابع الهجري ،وذلك بسبب تداخل العلوم المختلفة ،وفي تحديد هذه العلقة،
إذ إدن انخرط الفقهاء في إشكاليلات المتكلمين ،وانخراط الدنحاة في إشكاليات هؤلّء ،وكذلك
البلغايين جعل تناول هذه القضية يثير الكثير من الخلفات رغام وحدة الشكالية بينهم بسبب
تناول الدنص ،فأثارت عند الدنحاة مشكلة العراب ووضع العلمات اليميحظديدة للمعنللى ،كمللا
أثارت عند الفقهاء مشكلة الددلّلة وارتباطها بظاهرة الّتساع في كلم العرب ،ثللم ظهللرت
مشكلة المحكم والمتشابه وحدود التأويل ومسألة العجاز القرآني ،وما ارتبط بها من نظريات
كلمية حول أصل الدلغة وخلق القرآن ثم قضية سدر البلغاة أهو الدنظم أم الدلفظ أم المعنى؟ .ثم
علقة الخطاب بنظام العقل والبلغاة أو ما يسمى بالمْحيجاج.
ولّ شك أدن جهود الصوليين كانت العمق في الددلّلة والمعنى ،وطبيعة الصلة بين الدلفظ
للول
للن الق
والمعنى حيث أثبتوا عرفيتها واعتباطيتها ،ويكدررون ذلك في استدلّلّتهم ،منكري
بالصلة الذاتية ،إضافة إلى تقسيماتهم لنواع الددلّلة ويطرقها ،فجعلوها :حقيقيللة وإضللافية
باعتبار المتكلم والسامع ،ثم جعلوها :مطابقة ،وتضمن ،والتزام" ،وهو تقسيم يشللترك فيلله
علماء الدلغة والمنطق.
-ومن الجوانب التي اهتم بها الصوليون وأغافلها الدنحاة :الددراسة التركيبية لفهم المعنى
وخاصة أسلوب الّستثناء باعتباره مخصصا لفظيا ،وهو يندرج في العام وتخصص العللام،
للافة
كما حظيت صيغة المر والنهي ببحث وافر لّتصالها بالتكاليف والحكام الشرعية .إض
إلى تناوله للمشرك ،والحقيقة والمجاز ،وعنايتهم بالتطدور الددلّلي وإدراكهم لنواعه وأسبابه.
كما يركزون على سيلاق الكلم لمعرفة المراد ،وهو يعظبر عن المذهب الكلي في الددلّلة كما
ذهب الشافعي وغايره.
-كما حظيت ثلثية الدال والمدلول )الدليل( باهتمام واسع عند أهللل اللسللان والفقلله
()1ينظر :الغزالي :المستصفى ،ج ،1ص .21
()2ابن جني :الخصائص ،ج ،1ص .215
116
الفصل الوأل
المستوأى الددلّلي في الفكر الدلساني العربي القديم
والصول والبلغاة والفلسفة ،فتناولوها وفق منظورات مختلفة في بيانللات الفقلله والدلغللة
والددلّلة ،واختلفت التعاريف أحيانا ،واقتربت أحيانا أخرى في تعريف الصورة الذهنية بينهم،
واختلفت التسميات والمصطلحات ،فيسمون الصورة الذهنية :بالمعنى حين يقصدها المتكلم،
وبالمفهوم حين يفهمها السامع ،وبالماهية حين تقع في جواب "ما هو" ،وهوية حيث امتيازها
عن الغايار) .(1فالمناطقة يرون أدنها قائمة على تحديدات اصطلحية لمعاني اللفاظ ،فهللي
متوحدة عند الجميع .أدما عند علماء الصول ،فهي أدن الصورة في ذهن السامع قد لّ تماثللل
الصورة التي في ذهن المتكلم إ د
لّ بشرط تساوي الثقافة ،ودرجة وضوحا الفكر.
أدما عند الدلغوي :فهي مخالفة للمناطقة وتعتمد على الخبرة بكيفية وضع اللفاظ الدلغويللة
لمعانيها ،فالصورة الدذهنية عند الدلغوي :هي علمة واقعية فيه لفتت الدذهن إليلله فالتقطهللا،
وأعلمه بها أحي مديزه بها وجعلها أمارة عليه ،ثم عدبر باحتسابها علمة على الشيء واسما له،
فهي مجرد لّفت .فالنسان عند الدلغوي ،هو اليمؤمْنسّ والمأينوسّ به ،وليسّ من المعنى الدلغوي
الّشتقاقي لكلمة إنسان إدنه حيوان أو إدنه ناطق.
أدما المنطقي فيتعامل مع كلمة " إنسان" لمن اجتمعت له الحيوانية والنطق ،وإحن كان لّ
يحؤمْنسّ) .(2ويطدل علم الدلسانيات بأبحاثه القيمة وهو يستند إلى تداخل مْعلمحي المنطق والبيللان،
للاء، والعلوم الخرى ،مما أددى إلى تداخل المصطلحات واختلط المفاهيم عند بع
للض العلم
فمثل في تقسيم الفلسفة والمناطقة نلحظ ما يلي:
دلّلة المطابقة تساوي الماصدق ،وتندرج في الددلّلة الوضعية.
للد اللدغ
للويين، للورت عن إذن :فالصول الولى لعلم الددلّلة نبعت من المنطق ،ث
للم تبل
فالبلغايين ،والنقاد ،والصوليين .وسيكون كل هذا من منطلقات الدرازي في تأسيسّ فكللره
المعرفي ،واللغوي ،والددلّلي .
()1
ينظر :مشكوأر كاظم العوأادي :البحث الدلّلي عند ابن سينا ،ص .170 -171
118