You are on page 1of 75

‫الفصل الوأل‬

‫المستوأى الددلّلي في الفكر الدلساني العربي القديم‬

‫الفصل الوأل‬

‫المستوأى الددلّلي في الفكر الدلساني العربي القديم‬

‫تمهيد‬ ‫‪‬‬

‫‪ -‬المبحث الوأل ‪ :‬المستوأى الددلّلي عند اللغوأيين وأالنحـاة‬

‫‪ -‬المبحث الثاني ‪ :‬المستوأى الددلّلي عند الصوأليين وأالفقهاء‬

‫‪ -‬المبحث الثالث ‪ :‬المستوأى الددلّلي عند الفلسفة وأالمناطقة‬

‫وأالنقـاد‬
‫البلغايين د‬
‫‪ -‬المبحث الرابع ‪ :‬المستوأى الددلّلي عند د‬

‫‪44‬‬
‫الفصل الوأل‬
‫المستوأى الددلّلي في الفكر الدلساني العربي القديم‬

‫لقد ارتبط البحث في الددلّلة عند العرب – قديما ‪ -‬بالقرآن الكريم والعلوم الددينية الللتي‬
‫للي‬ ‫للددم ال‬
‫للتراث العرب‬ ‫تمحورت حوله لفهم هذا النص المقددسّ‪ ،‬انطلقا من هذا الّرتب‬
‫للاط ق‬
‫إسهامات كثيرة وأصيلة في هذا الميدان‪ ،‬وذلك جدلي في كتب ادللغللة والمصللنفات الددينيللة‬
‫والنقدية والبلغاية التي عالجت الددلّلة وإشكاليات المعنى من زوايا مختلفة‪ ،‬وقد كان للعرب‬
‫السبق في كثير من هذه المباحث التي اتسمت بالجددة والتمييز‪ ،‬رغام إغافال التاريخ الغربي لهذه‬
‫الجهود‪ ،‬فكان اهتمام العرب "بالعلمة" التي تقابل مفهوم الددلّلة في تراثنا العربي منذ وقللت‬
‫مبكر‪ ،‬وقد أكد "جورج مونان" على ضرورة تحديد المصطلح‪ ،‬وتأطيره بالددلّلة اللغوية لدن "‬
‫)‪(1‬‬
‫الددلّلة " دخلت في مجالّت عديدة فيها عموم قد يجعل الباحث يححمْملها على اللغة‪.‬‬
‫للتنباط‬ ‫وتعود نشأة الددلّلة إلى الددرسّ الفقهي الذي كان يتوخى فهم الدنص القرآن‬
‫للي‪ ،‬واس‬
‫للاظ‬
‫للى دلّلّت اللف‬
‫للرب إل‬
‫الحكام‪ ،‬والكشف عن الدلّلّت الشرعية‪ ،‬كما التفت العلماء الع‬
‫والكلمات‪ ،‬فسدجلوا معاني الغريب في القرآن الكريم‪ ،‬وأنتجوا المعاجم الموضوعية‪ ،‬ومعاجم‬
‫اللفاظ‪ ،‬كما أدن ضبط المصحف بالشكل ييعدد عمل دلّليا‪ (2)،‬فتغيير شكل الكلمات يؤدي إل‬
‫للى‬
‫للويين‪،‬‬
‫للن اللغ‬
‫للال بي‬
‫للذا المج‬
‫تغيير دلّلة اللفظة‪ ،‬وتندوعت اهتمامات العرب بعد ذلك في ه‬
‫والصوليين‪ ،‬والفقهاء‪ ،‬والبلغايين‪ ،‬والنقاد‪ ،‬فتناول الدلّلة كدل من وجهته‪ ،‬وقد ظهر التداخل‬
‫بين هذه المباحث‪ ،‬فاشتجرت كثير من العلوم والمباحث فيما بينها‪.‬‬
‫والدلّلة مصطلح قديم‪ ،‬نجده عند الفلسفة والمناطقة وعلمللاء الكلم‪ ،‬ولللم يسللتخدمه‬
‫الدلغويون إ د‬
‫لّ للقرينة اللفظية أو المعنوية التي تتمثل في الدسياق‪ (3).‬وهذا يعتبر بدايللة للتنيبلله‬
‫الواعي إلى بعض الخصائص البارزة في العربية منها‪ " :‬النهايات لعرابيللة‪ ،‬والوظللائف‬
‫الدلّلية لعناصر التركيب‪ ،"...‬وذلك كان قائما على قراءة الدنص القرآني وظللاهرة الدلحللن‪،‬‬
‫منه‪ :‬ينححو "سيبويه" القائم على أصول منهجية‪ ،‬واصطلحية مستممدة من علوم الشريعة‪ ،‬وفهم‬
‫الدنص القرآني‪.‬‬
‫‪ ()1‬ينظر‪ :‬فايز الداية‪ :‬علم الدلّلة العربي – النظرية وأالتطبيق – دار الفكر‪ ،‬دمشق ‪ ،1996‬ص ‪.8‬‬
‫‪ ()2‬ينظر‪ :‬أحمد مختار عمر‪ :‬علم الدلّلة‪ ،‬ط ‪ ،6‬عالم الكتب‪ ،‬القاهرة ‪ ،2006‬ص ‪.20‬‬
‫‪ ()3‬ينظر‪ :‬مشكوأر كاظم العوأادي‪ :‬البحث الدلّلي عند ابن سينا‪ ،‬دراسة أسلوأبية في ضوأء اللسانيات‪ ،‬مؤسسة البلغا‪ ،‬ط ‪،1‬‬
‫بيروأت ‪ ، 2003‬ص ‪.36‬‬
‫‪45‬‬
‫الفصل الوأل‬
‫المستوأى الددلّلي في الفكر الدلساني العربي القديم‬
‫للاني‬ ‫ويتضح الفرق بين الددلّلة وأالمعنى في أدن مفهوم الدلّلة في الدلغة فقد اس‬
‫للتعمل بمع‬
‫للطلح‬
‫للابلته بمص‬
‫للى مق‬
‫كما اهتدى بعضهم إل‬ ‫متعددة‪ ،‬وهو يقابل مصطلح "‪،"Sémantique‬‬
‫"المعنى"‪ ،‬وقد استعمله تمام حسان بمعنى "الدال والمدلول" في حديثه عن العلقة الطبيعية بين‬
‫الرمز الدبي ومعناه)‪ .(1‬وقد اتفق الدلغويون على استخدام مصلطلح "عللم الدلّللة بمعنلى‬
‫"سيمانتيك ومن مشتقاته‪" :‬دمل‪ ،‬الددال‪ ،‬المدلول‪ ،‬الددليل‪ ،‬الددلّلّت‪ ،‬ال‬
‫للددلّلي")‪ ،(2‬وهلي ألفلاظ‬
‫ارتبطت بالرموز الدلغوية‪ ،‬وغاير الدلغوية‪ .‬كما وردت هذه المادة في القرآن الكريم‪" :‬دليللل‪،‬‬
‫أيدل‪ ،‬دلّلة‪ "...‬في مواضيع كثيرة تـبرز المفهوم الدلغوي لهذه الصيغة‪ ،‬وهي تعني الش‬
‫للارة‬

‫إلى الشيء أو الذات تجريدا أو حدسا بوجود طرفين دال ومدلول‪ :‬قال تعالى‪﴿ :‬هه ه ه ه هلل أهدلككك ه ه ه هلم‬

‫علهههىَ أهلهه هلل هبليه هتت يلككفلكههوُهنه لهككه هم وُكهه هم لهه هه هناَ ل‬
‫صه هكحوُهن﴾)‪ ،(3‬وكلمة "أيدل" تشير‬
‫إلى مرضعة‬ ‫ك له ل ك‬ ‫ه‬ ‫ه‬

‫ف‬
‫ك هكليه ه ه‬
‫موسى عليه السلم‪ ،‬وتددل على التواصل البلغاي‪ .‬وقال عدز وجدل‪﴿ :‬أهلهه هلم تهه ههر لإلهههىَ هربه ه ه‬

‫همه هد الظبه ههل هوُلهه هلوُ هش ههاَهء لههجهعلهه ههك همهس ههاَلكنناَ ثهك هدم هجهعلهن ههاَ الدشه هلمهس هعلهليه هله هدللليلن﴾)‪ ،(4‬فلفظة "دليل" تشير إلى‬
‫العلقة الطبيعية بين الددال والمدلول‪ ،‬وهذا الدليل هو العلمة‪ ،‬فمْيعرف الظظللل عللن طريللق‬

‫ت همه ههاَ هدلدهكه هلم هعلهه ههىَ همه هلوُتلله إلد هداهبه هةك لالهلر ل‬
‫ض تهلأككه هكل‬ ‫ضه هليهناَ هعلهليه هله الهمه هلوُ ه‬
‫الدشمسّ‪ .‬وقال أيضا‪﴿ :‬هفلههمه ههاَ قه ه‬

‫ب همههاَ لهبلثكهلوُا لفهلي الهعههذلالب الكملهليهلن﴾)‪ ،(5‬وهنا‬ ‫لملنهسأهتهكه‪ ُ،‬هفلهدماَ هخدر تههبديهنه ل‬
‫ت اللجهدن أهلن لههلوُ هكههاَكنلوُا هيلعلهكمهلوُهن الهغليه ه‬
‫نجد علمة غاير لسانية‪ ،‬وهو الحال التي كان عليها سليمان ‪-‬عليه السلم‪ -‬فالعلمة نجللدها‬
‫للو‬‫ضة التي دملت على موته‪ ،‬والفعل " دلهم" جاء لبيان المعنى وإيضاحه‪ ،‬فالمدلول ه‬ ‫في ا ي‬
‫لير ي‬
‫هيئة سليمان وهو ميت‪ ،‬والدال وهو الددابة وأكلها للعصا)‪ .(6‬واليات كثيرة في هذه المعاني لّ‬
‫يتسع المقام لذكرها هنا‪ .‬كما يتضح الجذر المشترك لمادة "ددل" رغام اختلف صيغتها وتعني‬

‫‪ ()1‬ينظر‪ :‬تمام حسان‪ :‬الصوأل‪ ،‬عالم الكتب‪ ،‬القاهرة ‪ ،2004‬ص ‪.318‬‬


‫‪ ()2‬ينظر‪ :‬فايز الداية‪ :‬علم الدلّلة العربي‪ ،‬ص ‪.9‬‬
‫‪ ()3‬سوأرة القصص‪ :‬آية ‪.12‬‬
‫‪ ()4‬سوأرة الفرقان‪ :‬آية ‪.45‬‬
‫‪ ()5‬سوأرة سبأ‪ :‬آيه ‪.14‬‬
‫‪ ()6‬ينظر‪ :‬الزمخشري‪ :‬الكشاف‪ ،‬دار الكتاب العربي‪ ،‬بيروأت‪) ،‬د‪.‬ت(‪ ،‬ج ‪ ، 5‬ص ‪. 52‬‬
‫‪46‬‬
‫الفصل الوأل‬
‫المستوأى الددلّلي في الفكر الدلساني العربي القديم‬
‫في القرآن‪ ،‬العلم والرشاد والشارة والرمز‪ ،‬وهي معان لّ تخرج عن المصطلح الحديث‬
‫للدلّلة‪.‬‬
‫لليء‬ ‫للى الش‬ ‫للاد إل‬
‫للى الرش‬ ‫أدما في المعجم فالدلّلة من " يددل " مادة " يدلييل " التي تددل عل‬
‫والتعريف به‪ ،‬ومن ذلك‪ » :‬يدلميه عليه يييدلييه على الطريق‪ ،‬أي سدده إليه‪ ،‬وفي التهذيب يدليحليت مْبينا‬
‫لّيل‪ :‬عرفته‪ ،‬ثم إدن المراد بالتسديد‪ :‬إراءة الطريق«)‪ ،(1‬ومن المجاز‪» :‬الدال على‬
‫الطريق‪ :‬يد ي‬
‫)‪(2‬‬
‫أرشده نحوه وهداه هنا يبرز التطور الدلّلي‬ ‫الخير كفاعله‪ ،‬ودله على الصراط المستقيم«‪:‬‬
‫من الحدسي إلى العقلي المجرد‪.‬‬
‫لله‬
‫للد دلـ‬
‫أدما في لسان العرب وردت مادة "دل"‪» :‬الدليل ما يستدل به‪ ،‬والدليل الدال‪ ،‬وق‬
‫على الطريق ييديله مْيد ي‬
‫لّيلة بفتح الددال وكسرها وضمها‪ ،‬والفتح أعلى‪ ،‬ويسوق قللول سلليبوية‪:‬‬
‫»والدليلي علمه بالدلّلة ورسوخه فيها‪ ،(3)«...‬ويتضح معناها بأدنه الرشاد أو اليعلم بالطريق‬
‫الذي يددل الناسّ ويهديهم‪.‬‬
‫للفهاني )تللل‬
‫أما مفهومها في الّصطلحا العربي القديم‪ :‬فهو كما يبظين الراغاللب الص‬
‫على‬ ‫‪502‬هل( في مادة "ددل"‪» :‬الددلّلة ما يتوصل به إلى معرفة الشيء كدلّلة اللفاظ‬
‫المعنى ودلّلة الشارات والرموز والكتابة والعقود في الحساب‪ ،‬وسواء كان ذلك بقصد ممن‬
‫يجعله دلّلة أو لم يكن بقصد كمن يرى حركة إنسان فيعلم أدنه حي«)‪ .(4‬نلمسّ معنى الدلّلللة‬
‫بصورة جلدية‪ :‬وهو دراسة ما يددل على شيء ييتوصل به إلى معنى‪ ،‬واللفللاظ مللن أكللثر‬
‫الرموز دلّلة على المعنى‪ ،‬وأكثرها إشارة ودقة في التعبير‪ ،‬وهو يشير إلى الدلّلة الدلسللانية‬
‫وغاير الدلسانية‪.‬‬
‫ويعظريفها الشريف الجرجاني تل )‪ 816‬هل(‪ » :‬هي كون الشيء بحالة يلزم من العلم به‪،‬‬
‫العلم بشيء آخر‪ ،‬والشيء الدول هو الددال‪ ،‬والثاني هو المدلول«)‪ .(5‬وهو تعريف يشير إلللى‬
‫المعنى العام لكدل رمز إذا يعمْليم كان دالّ على شيء آخر مثل‪ :‬وجود الدخان دليل على الن‬
‫للار‪،‬‬
‫‪ ()1‬الزبيدي)السيد محمد مرتضى الحسني(‪ :‬تاج العروأس من جوأاهر القاموأس "دلل"‪ ،‬الكوأيت‪ ،‬ج ‪ ،28‬ص ‪.498 – 497‬‬
‫‪ ()2‬الزمخشري‪ :‬أساس البلغاة‪ ،‬دار المعرفة‪ ،‬بيروأت ‪ ،1982‬ص ‪.134‬‬
‫‪ ()3‬ابن منظوأر‪ :‬لسان العرب‪" ،‬مادة دلل"‪ ،‬ص ‪. 395 – 394‬‬
‫‪ ()4‬الصفهاني الحسين بن محمد‪ :‬المفردات في غاريب القرآن‪ ،‬راجعه وأائل أحمد عبد الرحمن‪ ،‬المكتبة التوأفيقية‪ ،‬القاهرة‬
‫‪ ،2003‬ص ‪. 178-177‬‬
‫‪ ()5‬الشريف الجرجاني‪ :‬كتاب التعريفات‪ ،‬تحقيق عبد المنعم حفني‪ ،‬دار الرشاد‪ ،‬القاهرة ‪ ، 1991‬ص ‪. 116‬‬
‫‪47‬‬
‫الفصل الوأل‬
‫المستوأى الددلّلي في الفكر الدلساني العربي القديم‬
‫ثم ينتقل من العام إلى الخاص‪ ،‬فيعدرف الدلّلة الخاصة باللفاظ باعتبارها من الرموز الدالللة‬
‫فيقول‪» :‬والدلّلة اللفظية الوضعية هي كون الدلفظ بحيث متى أطلق أو تخديل يفهم منه معنللاه‬
‫للعلم بوضعه‪ ،‬وهي المنقسمة إلى المطابقة والتضمين والّلتزام‪ ،‬لدن اللفظ الددال بالوضع يددل‬
‫للذهن‬
‫للي ال‬
‫لله ف‬
‫للا يلزم‬
‫على تمام ما يوضع له بالمطابقة‪ ،‬وعلى جزئه بالتضمن‪ ،‬وعلى م‬
‫)‪(1‬‬
‫بالّلتزام«‪.‬‬
‫يشير الجرجاني إلى الددلّلة الدلسانية وغاير الدلسانية المتمثلة في علم العلمات‪ ،‬ثم يفدسللر‬
‫الددلّلة اللفظية التي هي جزء من الدلّلة الدلسانية الدلغوية‪ ،‬وييبظين أنواعها‪ .‬كما نجد أدن دلّلللة‬
‫للى‬
‫للن المعن‬
‫للة م‬ ‫لفظ )الدلّلة( في الّصطلحا ترتبط بدلّلتها في الدلغة حيث انتقل‬
‫للت اللفظ‬
‫المحسوسّ‪ ،‬وهو الددلّلة على الطريق إلى المعنى المجدرد‪ ،‬والدلّلة على معاني اللفاظ‪.‬‬
‫أو‬ ‫ويتبدى لنا أدن الددلّلة عند العرب‪ ،‬هي العلم الذي يدرسّ كدل ما أعطى معن‬
‫للى‪،‬‬
‫علم دراسة المعنى الذي يتحقق من الرموز الصوتية واللفظية‪ .‬وهنا يجدر بنللا أحن نتنللاول‬
‫للد‬ ‫مصطلح )معنى( ومقابلته بالدلّلة والمعنى‪ :‬يعني اللفظ الدلغوي‪ .‬أمدا علم المعاني فه‬
‫للو أح‬
‫فروع علم البلغاة‪ ،‬وهو ليسّ علم المعنى الذي يستخدمه كثير من الدلغويين في مقابل مصطلح‬
‫"علم الدلّلة"‪ ،‬فكلهما فرع من علم الدلغة أو اللسانيات يدرسّ العلقة بين الدرمز الغوي ومعناه‬
‫وتطور معاني الكلمات تاريخيا‪ ،‬وتنوع المعاني والمجاز اللغوي)‪ .(2‬فعلم المعنى وعلم الدلّلة‬
‫مترادفان عند علماء الدلغة العربية‪.‬‬
‫للل‬
‫للير والتأوي‬ ‫أدما لفظة "معنى" لغة‪» :‬ومعنى كدل الكلم‪ :‬مقصده )‪ (...‬المعن‬
‫للى والتفس‬
‫واحد‪ ،...‬وعنيت بالقول كذا‪ :‬أدرت‪ ،‬ومعنى كدل كلم ومعنللاته‪ ،‬ومعنيتلله‪ ،‬مقصللده«)‪.(3‬‬
‫عليلله‬ ‫وفي تاج العروسّ‪ » :‬أدن معنى الشيء وفحواه ومقتضاه ومضمونه‪ ،‬كدله ما يددل‬
‫اللفظ‪ ،‬وييجمع المعنى على المعاني )‪ (....‬وهو ما يكون الدلسان فيه خطأ‪ ،‬إنما هللو معنللى‬
‫ييعرف بالقلب« )‪.(4‬‬

‫‪ ()1‬نفسه‪.‬‬
‫‪ ()2‬ينظر‪ :‬محمد علي الخوألي ‪ :‬معجم علم اللغة النظرية‪ ،‬إنجليزي عربي‪ ،‬مكتبة لبنان ‪ ،1982‬ص ‪. 251‬‬
‫‪ ()3‬ابن منظوأر‪ :‬لسان العرب‪) ،‬عنا( ‪ ،‬دار صادر‪ ،‬ط‪، 3.‬القاهرة ‪ ، 1994‬ج ‪ ،15‬ص ‪. 106‬‬
‫‪ ()4‬الزبيدي ‪ :‬تاج العروأس‪ ،‬ج ‪ ، 1‬ص ‪. 258‬‬
‫‪48‬‬
‫الفصل الوأل‬
‫المستوأى الددلّلي في الفكر الدلساني العربي القديم‬
‫إذن فالمعنى يراد به مضمون الكلم وما يلقتضيه من الدلّللة وأدن المعنى خفل‬
‫للي لّ‬
‫ييدرك إلّ بالقلب أو العقل وهو غاير لفظ‪ .‬أدما المعنى في اصطلحا العرب فيقصد‪» :‬بالمعاني‬
‫صور الذهنية من حيث وضع بإزائها اللفاظ«)‪ ،(1‬ونجد التعاريف متباينة حسللب اختلف‬
‫ال د‬
‫التخصصات بين المناطقة والفلسفة وعلماء اللغة وغايرهم‪ ،‬فقد جعل "فايز الداية" مصللطلح‬
‫للة‬ ‫للتركيب اللدغ‬
‫للوي‪ ،‬ونظري‬ ‫"المعاني" خاص بالدراسات البلغاية الجمالية التي تعني بقيم ال‬
‫الدسياق‪.‬‬
‫والمعنى عند الشريف الجرجاني يعدرفه‪» :‬بأدنه ما يقصد بشيء«)‪ ،(2‬وهو تعريف يعت‬
‫للبر‬
‫الدلّلة جزء من المعنى كما يفهمه المناطقة‪ ،‬ويراد بلفظه "شيء"‪ ،‬ما يجوز أن تخللبر عنلله‬
‫وتصدح الددلّلة عليه)‪ ،(3‬والتصنيف الدنحوي والدلغوي يجعل المعنى تابعا للفظ وهو جزء مللن‬
‫الدلّلة اللغوية‪ ،‬لدن المنطق ييعني أولّ بالمعاني‪ ،‬ثم باللفاظ والحدود على عكسّ النحو الذي‬
‫يبحث في اللفظ‪ ،‬فيجعل المعنى تابعا له‪ ،‬والمعنى عندهم هو الصورة الذهنية من حيث يوضع‬
‫بإزائها اللفظ)‪.(4‬‬
‫ونتبدين مصطلح الدلّلة عند التهانوي فيقول‪ » :‬الددلَّلة بالفتح هي على ما اصطلح عليييه‬
‫أهل الميزان والصول العربية والمناظرة أن يكون الششيء بحالة يلزم من العلم به العلم بشيء‬
‫آخآيير‪ً،‬ا والشيييء الول دا شل‬
‫لَّ‪ً،‬ا والشيييء الخآيير مييدلو ل‬
‫لَّ‪ً،‬ا والمطلييوب بييين الشيييئين مييا يعييمم اللفييظ‬
‫وغيره«)‪ .(5‬والدلَّلة بفتح الدال هي الكأثر في معجماتنا القديمة‪ً،‬ا وقد فشرقّ بعضهم بين الددلَّليية‬
‫بكسرها وفتحها‪ً،‬ا فما كأان للنإسان اخآتيار في معنى الدلَّلة‪ً،‬ا فهو بالفتح‪ً،‬ا وما لم يكن لييه اخآتيييار‬
‫فييي ذلييك فبكسييرها‪ً،‬ا ومثييال ذلييك‪ » :‬إذا قلييت‪ :‬ددلَّليية الخييير لزيييد‪ً،‬ا فهييو بالفتييح أي لييه اخآتيييار‬
‫في الدلَّلة على الخير‪ً،‬ا وإذا كأسرتها‪ً،‬ا فمعناهييا حينئييذ صييار الخييير سييجشية لزيييد‪ً،‬ا فيصييدر منييه‬

‫‪ ()1‬نفسه‪.‬‬
‫‪ ()2‬الجرجاني ‪ :‬التعريفات‪، ،‬ص ‪. 122‬‬
‫‪ ()3‬السكاكي ‪ :‬مفتاح العلوأم‪ ،‬ط‪ ،1.‬القاهرة ‪ ، 1937‬ص ‪. 17‬‬
‫‪ ( )4‬التهانوأي محمد علي الفاروأق ‪ :‬كشاف اصطلحات الفنوأن‪ ،‬تح لطفي عبد البديع‪،‬الهيئة المصرية العامة‪ ،‬لقاهرة‬
‫‪ ،1969‬ج ‪ ،5‬ص ‪.1084‬‬
‫‪ ( )5‬المصدر نفسه‪ :‬ج ‪ ،2‬ص ‪.284‬‬
‫‪49‬‬
‫الفصل الوأل‬
‫المستوأى الددلّلي في الفكر الدلساني العربي القديم‬
‫كأيفما كأان«)‪ .(1‬لّشك أدن مصطلح الددلّلة يتسم بالّتساع والشمول‪ ،‬وهي تحتوي على معللان‬
‫متعددة‪ ،‬فهي‪ » :‬مجموعة المعاني اللغوية التي تتضمنها الكلمة‪ ،‬فتكون المفللردة الكلميللة‬
‫مكونة من مجموعة المعاني التي تقترن بها في المعجم‪ ،‬والتمثيل الدلّلي العائد إلللى دلّلللة‬
‫المفردة يؤخذ من مجموعة التمثيل الدلّلي العائد إلى معانيها«)‪ .(2‬أدما المعنى فهو‪ :‬كمصطلح‬
‫يشير إلى دلّلة معنية من ضمن الددلّلّت التي تقترن بالكلمة )‪ .(3‬كما يتضح التفريللق بيللن‬
‫للتيعاب‬ ‫المصطلحين "الدلّلة والمعنى" في الفكر الدلساني القديم‪ ،‬وهي تفرقة مثمرة ف‬
‫للي اس‬
‫مكامن الدنص وعلقة ذلك بوصف الحقائق الدلغوية أو تقعيد القواعد تبعا لذلك‪ ،‬وهي تفرقة من‬
‫صميم المدخل المعجمي للمفردة‪.‬‬
‫ونجد في خضدم هذه المفارقات أدن الممارسات الفكرية‪ ،‬والددلّلية عضدت العمل المعجمي‬
‫على الصعيد التطبيقي في الّستدلّل المنطقي‪ ،‬والمعرفة العقلية لترسم لنا أصول علم الدلّلة‪،‬‬
‫أو نظرية المعنى وفق أسسّ علمية في ثنايا تراثنا العربي السلمي‪ ،‬وكشللفت الددراسللات‬
‫الدلسانية الحديثة الكثير من هذه الصول التي جاء بها العلماء القدماء‪ ،‬بخلف يسير في فهللم‬
‫للوليين‪،‬‬
‫للم الص‬ ‫للاحث اللدغ‬
‫للويين‪ ،‬وث‬ ‫للى مب‬
‫ماهية المصطلح‪ ،‬وسنتطرق في هذا الفصل إل‬
‫للاحث‬
‫للم المب‬
‫والمناطقة‪ ،‬فالبلغايين والنقاد‪ ،‬وحاولت أن أراعي الترتيب الزماني حاصرة أه‬
‫الدلّلية‪ " :‬نشأة الدلغة‪ ،‬الدلفظ والمعنى‪ ،‬وأنواع الدلّلة‪ ...‬إلخ "‪.‬‬
‫للش‬
‫للاري والخف‬
‫وأتمثلت أدوأل الرهاصات في المستوأى الدلّلي‪" :‬عند أبي عبيدة النص‬
‫والفدراء"‪ ،‬حيث اهتم هؤلّء بدلّلّت اللفاظ القرآنية‪ ،‬ومعانيها‪ ،‬وسياقاتها‪ ،‬وأثـر ذلك فللي‬
‫توجيه الددلّلة القرآنية‪ :‬حيث تعدرضوا للفظة القرآنية‪ ،‬ومقارنتها بكلم العرب منتهيين إلللى‬
‫للة‪،‬‬ ‫تخصيصها‪ ،‬أو تعميمها مع عنايتهم بالددلّلة النحوية‪ ،‬والسياقية‪ ،‬وتناولهم الحق‬
‫للول الدلّلي‬
‫"كالترادف والّشتراك‪ ،‬والحقيقة والمجاز "‪.‬‬
‫أدما الممْفسرين فقد كانت البداية عندهم بما شرحا النبي صلى ال عليه وسلم بعض مفردات‬

‫‪ ()1‬عبد القادرعبد الرحمن السعدي‪ :‬أثر الدلّلة النحوأية وأاللغوأية في استنباط الحكام من آيات القرآن التشريعية‪ ،‬ط‪،1.‬‬
‫مطبعة الخلوأد‪ ،‬بغداد ‪ ، 1986‬ص ‪. 13‬‬
‫‪ ()2‬ميشال زكريا‪ :‬اللسنية التوأليدية التحوألية‪ ) ،‬النظرية اللسانية ( ‪ ،‬ط‪ ، 1.‬المؤسسة الجامعية للدراسات‪ ،‬بيروأت‬
‫‪ ،1982‬ص ‪. 141‬‬
‫‪ ()3‬ينظر‪ :‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.141‬‬
‫‪50‬‬
‫الفصل الوأل‬
‫المستوأى الددلّلي في الفكر الدلساني العربي القديم‬
‫القرآن الكريم‪ ،‬ودفع اليلبسّ بما قد يفهم من دلّلة بعض المفردات والسياقات وبين المراد م‬
‫للن‬
‫دلّلتها‪ ،‬كما أشاروا إلى المعنى الحقيقي‪ ،‬والمجازي في مثل قوله تعالى‪﴿ :‬احلظذحيين آيمينحوا يويلللحم‬
‫يحلمْبيسحوا إمْحييماينيهحم مْبيظحلمم﴾)‪ ،(1‬فلم ييفهم الدناسّ المقصود "بظلم" ففدسرها النبي صلى ال عليه وسلللم‬
‫لّ يتحمْشرحك إمْمن احلظشحريك لييظحلم يعمْظحيمم﴾)‪ .(2‬كما كان للصحابة دور في بحث‬
‫بالية الكريمة‪ :‬ي﴿يا يبينمي ي‬
‫معاني القرآن الكريم‪ ،‬وفهم أحكامه‪ ،‬فبحثوا في المعاني المعجمية لللفاظ‪ ،‬واعتنوا بالدسللياق‬
‫الدلغوي والدسياق الخارجي‪ ،‬كسبب النزول‪ ،‬ومكانه وزمانه‪ ،‬وكدل ما يتعلق بالدنص القرآني أي‬
‫سياق الحال‪ ،‬حيث فدسر "عبد ال بن عباسّ" )تل ‪ 68‬هل ()‪ (3‬القرآن آخذا بالدسياق اللغللوي‪،‬‬
‫واحعتـبر تفسيره لمعاني القرآن نواة البحث الددلّلي حيث ورد عنه قوله‪ » :‬كنيت لّ أدري ما‬
‫للا‪،‬‬
‫للا فطرته‬
‫فاطر السموات والرض حتى آتيان أعربان يختصمان في بئر فقال أحدهما‪ :‬أن‬
‫يقول‪ :‬ابتدأتها«)‪ .(4‬واعتمد الصحابة على الّجتهاد لمعرفة المعنى‪ ،‬وهو اجتهاد مقيللد بكلم‬
‫ولغة العرب‪ ،‬وأحوالهم‪ ،‬وأشعارهم‪ ،‬وكل ما يتعلق بالسياق الدلغوي والخارجي‪.‬‬
‫للير اللدغ‬
‫للوي‬ ‫للل التفس‬
‫للابعين وانفص‬
‫للر الت‬
‫للي عص‬
‫ثم تودسعت دائرة الدبحث الدلّلي ف‬
‫عن المسائل الددينية ويشمْمل البحث في الدلغة وجوانبها‪ .‬ثم بدأت مرحلة جمع الدلغللة ووضللع‬
‫القواعد لفهم الدنص القرآني‪ ،‬وكشف دلّلّته‪ ،‬ونجد عمل دلّليا متمديزا تمثل فللي مجللازات‬
‫للفهاني‬
‫القرآن‪" :‬عند أبي عبيدة والفدراء‪ ،‬والخفش"‪ ،‬فتناولوا غاريب القرآن كما هو عند الص‬
‫وغايرهم ممن تبعهم‪ ،‬فكانت هذه الرهاصات الولى للتفكير الدلساني والددلّلي عند العرب‪.‬‬
‫للحيح‪،‬‬ ‫إذن‪ ،‬لقد اقترب العرب في تناولهم لقضايا الدلغة العربية ‪ -‬بفضل فهمه‬
‫للم الص‬
‫للى‬
‫إل‬ ‫ومنهجهم الناضج ‪ -‬من منهج الدلسانيات الحديثة مع ما بينهما من اختلفات تـيريد‬
‫اختلف البيئة الحضارية التي ظهرت فيها الراء الدلسانية العربية‪ ،‬والغربية‪ ،‬وقد كان ارتباط‬
‫العرب في تفكيرهم الدنظري والتطبيقي بالدنص القرآني الذي كان موظجها للبحث الددلّلي نح‬
‫للو‬
‫العلمية التي تؤظكدها الدلسانيات الحديثة حيث تعاملوا مع الدلغة كظاهرة اجتماعية قابلة للددرسّ‪،‬‬

‫‪ ()1‬سوأرة النعام‪ :‬آيه ‪. 82‬‬


‫‪ ()2‬سوأرة لقمان‪ :‬آيه ‪ ،13‬وأينظر‪ :‬ابن كثير ‪ :‬التفسير‪ ،‬مجلد ‪ ، 2‬ج ‪ ،3‬دار الندلس‪ ،‬ط ‪ ،1984 ،6‬ص ‪.128‬‬
‫‪ ()3‬ينظر‪ :‬محموأد عكاشة ‪ :‬الدلّلة اللفظية‪ ،‬ص ‪.46 -45‬‬
‫‪ ()4‬الشاطبي‪ :‬الموأافقات‪ ،‬ج ‪ ،2‬ص ‪.58‬‬
‫‪51‬‬
‫الفصل الوأل‬
‫المستوأى الددلّلي في الفكر الدلساني العربي القديم‬
‫والملحظة من خلل فهم الدنصوص الددينية فهما صحيحا‪ ،‬واستنباط الحكام الدشرعية لخدمة‬
‫الحياة النسانية‪.‬‬
‫ولهذا فقد كان البحث في الدلغة يمحبنيا على منهج علمي واضح‪ ،‬هدفه خدمة الدنص القرآني‬
‫عن طريق تفسيره‪ ،‬وكشف غاامضه تمهيددا للعمل به‪ ،‬فكان الهدف الللدديني المحللظرك الدول‬
‫صيح‬‫للتفكير الدلساني عند العرب‪ ،‬من حيث إدن الدلغة نظام إعلمي قائم على التواصل‪ ،‬ولذلك ي ي‬
‫أحن نعتبر هذه الجهود في تاريخ الفكر الدلساني " بحدثا بالدلغة وفي الدلغة ولدلغة"‪ ،‬وهذا ما تنش‬
‫للده‬
‫للة‬ ‫الدلسانيات الحديثة‪» :‬دراسة اللغة لذاتها‪ ،‬ولجل ذاتها «)‪ ،(1‬دراسة وصفية‪ ،‬منهجي‬
‫للة قائم‬
‫على العالمية والموضوعية‪.‬‬

‫المبحث الوأل‬
‫المستوأى الددلّلي عند اللدغوأيين وأالندحـاة‬

‫)(‪1‬‬
‫‪- De Saussure: Cours de linguistique générale, P 17.‬‬
‫‪52‬‬
‫الفصل الوأل‬
‫المستوأى الددلّلي في الفكر الدلساني العربي القديم‬

‫‪ ‬الدلفظ وأالمعنى وأالعلقة بينهما‬

‫‪ ‬الددلّلة اللفظية وأأنوأاعها‬

‫‪ ‬الددلّلة وأالعراب‬

‫المبحث الوأل‬
‫المستوأى الـددلّلي عند اللدغوأيين وأالندحـاة‬
‫لقد تودسعت دائرة الدبحث الدلساني عند الدلغويين العرب القدماء‪ ،‬وبدأت مرحلة جمع اللغة‪،‬‬
‫ووضع القواعد خدمة لنص القرآني وفهم دلّلّته عن طريق اللمام بالدلغة وعلومها‪ ،‬وتن‬
‫للوع‬
‫بذلك الدبحث وتفدرع إلى عددة فروع تقوم في جظلها على اللفظ والمعنى‪ ،‬حيث يجمعت اللفللاظ‬
‫القرآنية في غاريب القرآن والحديث حتى اشتمل لغة العرب شعرا و نثرا‪ ،‬ثم بدأت الددراسات‬
‫المعجمية في جمع موضوعات الدلغة‪ " :‬كل كتب الشاء والبل‪ ،‬خلق النسان‪ ،‬الخيل وغايرها‬
‫‪53‬‬
‫الفصل الوأل‬
‫المستوأى الددلّلي في الفكر الدلساني العربي القديم‬
‫مدما تناول اللفاظ الخاصة بالموضوع الواحد‪ ،‬وتمثلت الددراسات الددلّلية عندهم في ما يأتي‪:‬‬
‫‪ -‬سيبوية )تل ‪180‬هل(‪ :‬ييعدد إمام الدنحاة وصاحب "كتاب" الدنحو‪ ،‬وهو من الوائللل‬
‫الدذين اهتموا بالدبحث الدلغوي والددلّلي‪ ،‬نجده أبرز النسبة بين المعاني واللفاظ والموازنة بينها‬
‫في الدلغة حيث ييعظبر الدلفظ الواحد عن معنى واحد‪ ،‬فقسم اللفاظ حسب مدلولّتها‪:‬‬
‫‪ -1‬اختلف الدلفظين لّختلف المعنيين نحو‪" :‬جلسّ وذهب "‪.‬‬
‫‪ -2‬اختلف الدلفظين واتفاق المعنيين نحو‪ " :‬هب وانطلق "‪.‬‬
‫‪ -3‬اختلف الدلفظين مع اختلف المعنى نحو‪ » :‬يويجيدحت يعليحيه مْمين اليموجـدة ويويجحديت‬
‫إذا أيرحديت مْوحجيدان ال م‬
‫ضالة «)‪.(1‬‬
‫للات‬
‫للاظ‪ ،‬والعلق‬
‫فهو يهتم بنسبة الكلمة اهتماما كبيرا ليتمكن من التمييز بين أنواع اللف‬
‫الددلّلية من مترادف ومشترك في تحليله المعنوي‪ ،‬كما يولي المعنى عناية كبيرة‪ ،‬ويفرد بابا‬
‫سدماه‪" :‬هذا باب الّستقامة من الكلم والحالة"‪ ،‬وعرض فيه خمسّ حالّت حيث يقول‪» :‬فمنه‬
‫مستقيم حسن‪ ،‬ومحال ومستقيم كذب‪ ،‬ومستقيم قبيح‪ ،‬وما هو محال كذب«)‪ ،(2‬ونجده ييحدلللل‬
‫ص المعنى‪ ،‬وبطريقة نحوية‬
‫ويفدسر هذه الحالّت بأمثله معتمدا على طريقة عقلية منطقية تخ د‬
‫مللن الكلم‬ ‫ص تركيب الكلم‪ ،‬وتجعل البعد الددلّلي للجملة يقوم على ما ييصيح‬
‫لغوية تخ ي‬
‫)‪(3‬‬
‫وما لّ يصدح‪ ،‬وما يجوز وما لّ يجوز مستعينا بمصطلحات المنطق في قواعد الدلغة‪.‬‬
‫ويضيف مفدسرا‪ » :‬فأدما المستقيم الحسن فقولك‪ :‬أتيتك أمسّ وسأتيك غادا‪ ،‬وأدما المحللال‬
‫فأحن تنقض أول كلمك بآخره‪ ،‬فتقول‪ :‬أتيتك غادا‪ ،‬وسأتيك‪ .‬وأدما المستقيم الكللذب فقولللك‪:‬‬
‫للر‬
‫للي غاي‬ ‫حمليت الجبل‪ ،‬ومْيشرحبيت ماء البحر ونحوه‪ .‬وأدما المستقيم القبيح فأحن تضع اللف‬
‫للظ ف‬
‫للأحن‬
‫للذب ف‬
‫موضعه‪ ،‬نحو قولك‪ :‬قد زيدا رأيت‪ ،‬كحي زيد يأتيك‪ ،‬وأشباه ذلك‪ .‬وأدما المحال الك‬
‫تقول‪ :‬سوف أشرب ماء البحر أمسّ«)‪ .(4‬اتجه سيبوية بالددرسّ النحوي إلى الّتجاه المنطق‬
‫للي‬
‫ويعتبر "الكتاب" وهو قرآن الدنحو بفضل منهجيته وعلميته في المعرفة الّستدلّلية‪ ،‬ونصلله‬

‫‪ ()1‬سيبوأية‪ :‬الكتاب‪ ،‬تح عبد السلم هاروأن‪) ،‬ط ‪ ،(1‬دار الجيل‪ ،‬بيروأت ‪ ،1991‬ص ‪.8 – 7‬‬
‫‪()2‬المصدر السابق‪ ،‬ص ‪.8‬‬
‫‪()3‬ينظر‪ :‬عابد الجابري‪ :‬بنية العقل العربي‪ ،‬ط‪ ، 1.‬مركز دراسات الوأحدة العربية‪ ،‬بيروأت ‪ ،1986‬ص ‪.47‬‬
‫‪ ()4‬سيبوأية‪ :‬الكتاب‪ ،‬ج ‪ ،1‬ص ‪.8‬‬
‫‪54‬‬
‫الفصل الوأل‬
‫المستوأى الددلّلي في الفكر الدلساني العربي القديم‬
‫للة‬
‫للن جه‬
‫م‬ ‫السابق يكشف عن مكونات الددلّلة‪ ،‬فالكلم المستقيم الحسن هو مستقيم الدلفظ‬
‫نحوية‪ ،‬وحسن المعنى من جهة عقلية‪.‬‬
‫والمستقيم المحال مستقيم اللفظ من جهة نحوية‪ ،‬ومحال المعنى من جهة عقليللة‪ ،‬وهللو‬
‫محال لدنه يجمع من متناقضين الماضي والمستقبل‪ .‬والمستقيم الكذب هو مستقيم الدلفظ من‬
‫جهة نحوية من حيث المعنى كذب من جهة عقلية)‪.(1‬‬
‫وكان الدرماني الدنحوي والدلغوي المعتزلي )تل ‪ 384‬هل ( ممن مزجوا بيللن المنطللق‬
‫للدي‪،‬‬
‫للاة‪" :‬الكن‬
‫للفة النح‬
‫للن الفلس‬ ‫والدلغة‪ ،‬فنشأ النحو الفلسفي إلى جانب الدنحو اللدغ‬
‫للوي وم‬
‫الدسرخسي‪ ،‬الفارابي‪.(2) "...‬‬
‫‪ -‬ويأتي ابن جندي )تل ‪ 392‬هل ( في مرحلة تالية محاولّ ربط التقليبات الممكنة للمادة‬
‫للك‬ ‫أو المدخلة المعجمية بمعنى مشترك واحد كقوله‪» :‬وأدما )ك ل م( فهذه أيضا حاله‬
‫للا‪ ،‬وذل‬
‫أدنها حيث تقلبت فمعناها الدلّلة على القوة والشدة‪ ،‬واليمحسيتحعيمل منها أصول خمسة‪ :‬وهي) ك‬
‫ل م‪ ،‬ك م ل‪ ،‬ل ك م‪ ،‬م ك ل‪ ،‬م ل ك(‪ ،‬وأهملت منه )ل م ك(‪ ،‬فلم تأت في ثبت«)‪.(3‬‬
‫للى الدلفظ‬
‫للة‬ ‫للدا عل‬
‫وقد تناول ابن جني في باب "تصاقب اللفاظ لتصاقب المعاني" معتم‬
‫المفردة ودلّلتها خاصة الددلّلة اليحائية‪ " :‬كالتقديم والتأخير في الصل الواحد‪ ،‬أو تقللارب‬
‫أصلين‪ ،‬أو تقارب الحروف لتقارب المعاني")‪ ،(4‬كما أفرد بابا في الددلّلة اللفظية والصللناعية‬
‫والمعنوية)‪ ،(5‬وبابا في إمساسّ اللفاظ أشباه المعاني)‪ ،(6‬وبابا في مقابلة اللفاظ بمللا يشللاكل‬
‫إلللى الدلّلللة‬ ‫أصواتها‪ ،‬وبابا في الّشتقاق الصغير‪ ،‬والكبر‪ ،‬والكبير‪ .‬وانتبه ابن جني‬
‫الصوتية بين الرمز الدلغوي ومعناه الذي يددل عليه دلّلة الطبيعية‪ ،‬كصوت اللقلق‪ ،‬والجن‬
‫للدب‬
‫للم‬
‫وغايرها‪ ،‬وكان قد أشار إلى ذلك من قبله الخليل بن أحمد الفرهيدي‪ ،‬وهو واضع أول معج‬
‫لغوي في العربية‪ ،‬أقامه على أساسّ صوتي "مخارج الحروف"‪.‬‬

‫‪ ()1‬ينظر‪ :‬عابد الجابري‪ :‬بنية العقل العربي‪ ،‬ص ‪.48‬‬


‫‪ ()2‬ينظر‪ :‬حسن بشير صالح‪ :‬علقة المنطق باللغة‪) ،‬ط ‪ ،(1‬دار الوأفاء‪ ،‬مصر ‪ ،2003‬ص ‪.158‬‬
‫‪ ()3‬ابن جني ‪ :‬الخصائص‪ ،‬تح محمد علي النجار‪ ،‬قدمه عبد الحكيم راضي‪ ،‬الهيئة العامة لقصوأر الثقافة‪ ،‬القاهرة ‪،2006‬‬
‫) مصوأرة عن طبعة دار الكتب المصرية‪ ،( 1955 ،‬ج ‪ ، 1‬ص ‪.13‬‬
‫‪ ()4‬ينظر‪ :‬ابن جني‪ :‬الخصائص‪ ،‬ج ‪ ، 2‬ص ‪.146 - 145‬‬
‫‪( )5‬بنظر‪ :‬المصدر نفسه‪،‬ج ‪ ،3‬ص ‪.101 – 98‬‬
‫‪ ()6‬ينظر‪ :‬المصدر نفسه‪ ،‬ج ‪ ،2‬ص ‪.168 – 152‬‬
‫‪55‬‬
‫الفصل الوأل‬
‫المستوأى الددلّلي في الفكر الدلساني العربي القديم‬
‫للة‪،‬‬
‫للا‪" :‬مترادف‬
‫للى‪ ،‬فجعلوه‬
‫انصب اهتمامهم كذلك باللفاظ ودلّلتها‪ ،‬ونسبتها إلى المعن‬
‫ومتباينة‪ ،‬ومشتركة‪ ،‬ومتضادة‪ ،"...‬يقول سيبوية‪» :‬المعاني لللفاظ في اللغة حيللث يعدبللر‬
‫للثيرة‬
‫للان ك‬
‫باللفظ الواحد عن معنى واحد‪ ،‬ثم قد يعدبر بألفاظ كثيرة عن معنى واحد‪ ،‬وعن مع‬
‫للاسّ الدلغوي‬
‫للة‬ ‫بلفظ واحد«)‪ ،(1‬وقد تناول هذا المبحث الدلّلي معظم الدلغويين في معرفة الجن‬
‫للكلم‪ ،‬وأنواعه من ناحية الّتفاق والّفتراق‪ ،‬وهو يقوم على الدراسة المعجمية‪.‬‬
‫ولوعدنا لّبن جني نجده يربط بين إيحائية اللفظية ومخرجها الصوتي‪ ،‬فتقايرب حرفيللن‬
‫في المخرج لكلمتين مختلفتين فيهما متفقتين في جذورهما يؤدي إلى تقللارب دلّلللي بيللن‬
‫للاقب‬
‫للى تص‬
‫للدا عل‬
‫الكلمتين في المعنى‪ ،‬مثل‪" :‬العسف والسف‪ ،‬فالعين أخت الهمزة " مؤك‬
‫اللفظين‪ ،‬لتعاقب المعنيين)‪ ،(2‬كما يفدسر التقارب بين " أمزوهمز" لتقارب مخارجها صللوتيا)‪.(3‬‬
‫ويحاول أن يجد الصلة الخفية بين اللفاظ ودلّلتها‪ ،‬فيربط بين كلمتي" الممسسكْ‪ ،‬بالكسر‪ :‬وهو‬
‫صمور أي الرائحة الطيبة‪ ،‬والقليل من المسك‪ ،‬فيري أدن كل منهما يجذب حاسة الشم ويمسك‬
‫ال يمْ‬
‫بها‪ ،‬و كلمة "الممسسكْ" بالفتح‪ ،‬ومعناها الجلد‪ ،‬لدن الجلد يمسك ما تحته من جسم)‪ ،(4‬فمعنللى‪:‬‬
‫»المْمحسك يلقي معناه معنى ال مْي‬
‫صوار‪ ،‬وإحن كان من أصلين مختلفين وبناءين متباينين‪ :‬أحدهما‬
‫" م سّ ك " والخر" ص و ر" ‪.(5) «...‬‬
‫ولم ينكر ابن جني محاكاة بعض الكلمات أصوات الطبيعة‪ :‬كل » دودي الدريح‪ ،‬وحنيللن‬
‫الرعد‪ ،‬وخرير المياه‪ ،‬وشحيح الحمار‪ ،‬ونعيق الغراب‪ ،‬وصهيل الفرسّ‪ ،‬ونزيب الظبي ونحو‬
‫ذلك"‪ .‬ثم يولدت الدلغات عن ذلك فيما بعد‪ ،‬وهذا عندي وجه صالح‪ ،‬ومذهب متقبل«)‪.(6‬‬
‫وقد عدرف ابن جني الدلغة بأنها‪» :‬أصوات يعظبر بها كدل قوم عن أغاراضهم«)‪ ،(7‬لدن الدلغة‬
‫للي‬ ‫في طبيعتها أصوات ذات دلّلة إبلغاية تحقيق مقاصد اتصالية‪ ،‬فهو أدكد أدن قيمة اللدغ‬
‫للة ف‬
‫التعبير الذي يتضمن فكرا وتصدورا للشياء‪ ،‬ولم يينمْكر العلقة الّصطلحية بين اللفظ ومعناه‪،‬‬
‫‪ ()1‬سيبوأية ‪ :‬الكتاب‪ ،‬ج ‪ ،1‬ص ‪.29‬‬
‫‪ ()2‬ينظر‪ :‬ابن جني‪ :‬الخصائص‪ ،‬ج ‪ ،2‬ص ‪.146‬‬
‫‪ ()3‬ينظر‪ :‬نفسه‪.‬‬
‫‪ ()4‬ينظر‪ :‬المصدر السابق‪ :‬ج ‪ ،2‬ص ‪.118 - 117‬‬
‫‪ ()5‬المصدر نفسه‪ :‬ص ‪.118‬‬
‫‪( )6‬المصدر نفسه‪ ،‬ص ‪. 47-46‬‬
‫‪( )7‬المصدر نفسه‪ ،‬ج ‪ ،1‬ص ‪. 33‬‬
‫‪56‬‬
‫الفصل الوأل‬
‫المستوأى الددلّلي في الفكر الدلساني العربي القديم‬
‫ولّ يرى وجود صلة طبيعية ذاتية بين الدلفظ ومدلوله ‪ -‬مخالفا قول "عمباد ال م‬
‫صللحييمري"‪،(1)-‬‬
‫وليسّ كما توهم بعض الباحثين أدن ابن جني من القائلين بنظرية عدباد لدنه يبحيث دلّلة بع‬
‫للض‬
‫اللفاظ‪ ،‬وربط بينها وبين بحنييتها الصوتية‪ ،‬فهو يؤدكد أدن العلقة بين اللفظ ومللدلوله علقللة‬
‫اصطلحا فيقول‪ » :‬وذلك كأحن يجتمع حكيمان أو ثلثة فصاعدا‪ ،‬فيحتاجون إلى البانة عللن‬
‫الشياء المعلومات‪ ،‬فيضعوا لكدل واحد منها سمة أو لفظا‪ ،‬وإذا ذكر يعرف به مسدماه ليمتللاز‬
‫عن غايره«)‪.(2‬‬
‫إذن فدلّلة اللفاظ على مدلولّتها تقوم على المواضعة والّتفاق بين الدناسّ لدن الدلغةلللو‬
‫كانت توقيفا أو وحييا أو إلهادما لما اختلفت ألفاظ الدلغات في الدلّلة على المدلول‪ ،‬ولهذا السبب‬
‫للي‬ ‫اختلفت الكلمة الدالة على إنسان في الدلغات‪ ،‬واستددل ابن جني على ذلك بكلمة "إنس‬
‫للان" ف‬
‫الفارسية هي " يمحرد" و "يسحر " رأسّ‪ :‬أي "إنسان ورأسّ")‪ .(3‬كما أدنه لم ينكر القول بالمحاكللاة‬
‫الطبيعية كما سبق ذكره‪ .‬فهو يورد المثلة الكثيرة في المدلول الطبيعي لللفاظ وقد سللبقه "‬
‫الخليل وسيبوية "إلى ذلك‪ ،‬قال الخليل‪ » :‬فكأدنهم تودهموا في صوت الجندب استطالة ومللددا‪،‬‬
‫صر‪ ،‬وقال سيبوية في المصادر‬
‫صر ي‬
‫صر‪ ،‬وتوهموا في صوت البازي تقطيعا فقالوا‪ :‬ي‬
‫فقالوا‪ :‬م‬
‫لليزان‪ ،‬واليغليي‬
‫للان‪،‬‬ ‫للو الينقـ‬
‫للة‪ :‬نح‬ ‫التي جاءت على "اليفيع ي‬
‫لن"‪ :‬إدنها تأتيا لّضطراب والحرك‬
‫واليغثـييان‪ ،‬فقالوا بتوالي حركات المثال‪ ،‬توالي حركات الفعال«)‪.(4‬‬
‫وانطلقا من هذا أورد ابن جني الكثير من المثلة على دلّلّت اللفاظ المناسبة طبيعيا‪،‬‬
‫للا‬
‫للر به‬ ‫فكثيرا ما تددل أصوات الحداث على أصوات الحروف على سمت الح‬
‫للداث اليمعمب‬
‫للحها‬
‫ض‬‫للا و م‬
‫كالقضم للصلب اليابسّ‪ ،‬والخضم للرطب)‪ .(5‬وأفرد أمثلة للمصادر الرباعية كم‬
‫في وزن "‬ ‫سيبوية فمنها‪ :‬للتكرير نحو الزعزعة والقلقلة والقرقرة‪ ،‬وما يأتي للطلب‬
‫استفعل"‪" ،‬استسقى‪ ،‬استمنح‪ ،‬استصرخ‪ ،(6)"...‬كما يددل تكرير العين على تكرير الفعل‪ ،‬مثل‪:‬‬

‫‪ ( )1‬ينظر‪ :‬الرازي ‪ :‬التفسير الكبير‪ ،‬ط‪ ،2.‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بيروأت ‪ ، 2004‬ج ‪ ،1‬ص ‪. 30‬‬
‫‪ ( )2‬ابن جني ‪ :‬الخصائص ‪ ،‬ج ‪ ، 1‬ص ‪. 44‬‬
‫‪ ()3‬المصدر السابق‪ ،‬ص ‪.44‬‬
‫‪ ()4‬ينظر المصدر نفسه‪ ،‬ج ‪ ،2‬ص ‪.152‬‬
‫‪ ()5‬ينظر‪ :‬المصدر نفسه‪ ،‬ص ‪.157‬‬
‫‪ ()6‬ينظر‪ :‬المصدر نفسه‪ ،‬ص ‪.154 – 153‬‬
‫‪57‬‬
‫الفصل الوأل‬
‫المستوأى الددلّلي في الفكر الدلساني العربي القديم‬
‫" كمسر‪ ،‬وقمطع‪ ،‬وفت ي‬
‫ـح‪ ،‬نحو ذلك ")‪.(1‬‬
‫وما أشار إليه لّ يمثل إلّ يمظهرا من مظاهر الددلّلة ال د‬
‫صوتية والمعجمية في حديثه عللن‬
‫الروابط والعلقات الدلّلية بين اللفاظ‪ :‬في الّشتقاق الصغير‪ ،‬والتقاليب الستة‪ ،‬والّشللتقاق‬
‫الكبير‪ ،‬وبين اللفاظ المتقاربة والمتجانسة في الّشتقاق الكبر‪.‬‬
‫وهذه الظواهر اللغوية واللفظية والصوتية تـيعيلل في ضلوء اللدلّللة وتلعايلج في‬
‫للوجيهه‬ ‫للوي وت‬‫إطارها‪ ،‬فقد استطاع ابن جني أن يقترب من الجانب الفلسفي في تنظيره اللدغ‬
‫الفكري والبياني‪ ،‬حيث يربط بين منطق الدلغة‪ ،‬ومنطق العقل في معالجة إشكالية الددلّلة فللي‬
‫علقة اللفظ بمعناه من منظور استدلّلي‪ ،‬معرفي‪ ،‬وهو القائل في تحديد دلّلة المعنى‪» :‬وأدما‬
‫المعنى فإندما دلّلته لّحقة بعلوم الّستدلّل‪ ،‬وليست في حيز الضروريات«)‪ ،(2‬وهو يؤدكلد أدن‬
‫المعنى دلّلته متعلقة بالمعرفة الّستدلّلية‪ ،‬وليسّ المعرفة الحسية‪ ،‬وهذا ما أباينيه يمحن جاء بعده‬
‫كل ابن سينا والدرازي وغايرهم‪.‬‬
‫للي‬
‫ومديز بين ثلثة أصناف من الدلّلة‪" :‬لفظية‪ ،‬وصناعية‪ ،‬والمعنوية"‪ ،‬وهي تتداخل ف‬
‫للعفا‬
‫للوة وض‬
‫للا ق‬
‫مستوى العلقة بين الدال والمدلول‪ ،‬وهو تداخل يؤدي إلى اختلف ترتيبه‬
‫للا‬ ‫فيقول‪» :‬فأقواهن الدلّلة الدلفظية‪ ،‬ثم تليها ال د‬
‫صناعية‪ ،‬ثم تليها المعنوية‪ ،‬ولنذكر من ذلك م‬
‫يصدح به اليغرض‪ ،‬فمنه جميع الفعال‪ ،‬ففي كدل واحد منها الدلة الثلثة‪ .‬ألّ ترى إلى " قللام"‬
‫ودلّلة لفظه على مصدره‪ ،‬ودلّلة بنائه على زمانه ودلّلة معناه على فاعل‪ ،‬فهذه ثلث دلّئل‬
‫من لفظه وصيغته ومعناه‪ .‬إندما كانت الدلّلة الصناعية أقوى من المعنوية من قبل أدنها وإحن‬
‫للا‬
‫على المثال المعتزم به‬ ‫لم تكن لفظا‪ ،‬فإدنها صورة يحملها اللفظ‪ ،‬ويخرج عليها‪ ،‬ويستقر‬
‫‪.(3)«...‬‬
‫فتفطن ابن جني إلى تعديدية الددلّلّت‪ ،‬فتعدد المعنى يؤدي إلى النظر في طبيعة اللفظللة‬
‫وبنيتها‪ ،‬وهو هنا يمديز بين أنواع الدلّلّت‪ :‬وهي الدلّلة المعجمية ويسميها اللفظية‪ ،‬والدلّلة‬

‫‪ ()1‬ينظر‪ :‬المصدر نفسه‪ ،‬ص ‪.155‬‬


‫‪ ()2‬ابن جني‪ :‬الخصائص‪ ،‬ج ‪ ،3‬ص ‪.98‬‬
‫‪ ()3‬ينظر‪ :‬السيوأطي‪ :‬المزهر في علوأم اللغة‪ ،‬تحقيق محمد أبوأ الفضل إبراهيم وأآخروأن‪ ،‬مطبعة البابي الحلبي‪ ،‬القاهرة‬
‫‪ ،1958‬ج ‪ ،1‬ص ‪ 355‬وأما بعدها‪.‬‬
‫‪58‬‬
‫الفصل الوأل‬
‫المستوأى الددلّلي في الفكر الدلساني العربي القديم‬
‫الصوتية والصرفية‪ :‬وهي الصناعية أحي دلّلة الصيغة‪.‬‬
‫ولم يغفل أئمة الدلغة والدنحو مدى التوازن بين اللفاظ والمعاني عندما تناولوا الدلّل‬
‫للة‪:‬‬
‫"كالحقيقة والمجاز‪ ،‬والمشترك‪ ،‬والمترادف‪ ،‬والمتضاد‪ .‬وقد أسهم كثير في هذا الجهد منهم‪:‬‬
‫للن‬
‫للمعي‪ ،‬واب‬
‫"أبو عمرو بن العلء‪ ،‬الخليل‪ ،‬ويونسّ بن حبيب‪ ،‬والكسائي‪ ،‬وقطرب‪ ،‬والص‬
‫العرابي‪ ،‬وأبو زيد النصاري‪ ،‬وأبو عبيدة‪ ،‬وثعلب‪ "...‬في تقرير فكرة التوازي بين اللفاظ‬
‫والمعاني)‪.(1‬‬
‫للل‪،‬‬
‫وكان أبو عمرو بن العلء إمام القراء وأحد مؤسسي المذهب البصري‪ ،‬وأستاذ الخلي‬
‫للحن‬
‫للده يم‬
‫ويونسّ‪ ،‬وخلف الحمر‪ .‬فقد اعتنى باللغة العربية وألفاظها متتبعا دلّلتها ثم جاء بع‬
‫للة‬ ‫يدموين علمه وزاد عليه)‪ ،(2‬فيدموينوا كتاب"البل والمطر وغايره"‪ ،‬وأشهر أصحاب ه‬
‫للذه الطبق‬
‫الدذين تناولوا معاجم موضوعات واعتنوا برواية ألفاظ الدلغة ونوادرها ونصوصها‪ ،‬وشرحوا‬
‫مدلولّتها ‪"-‬الصمعي )تل ‪ 210‬هل( وهو كوفي‪ ،‬وله رسائل كثيرة‪" -‬الصمعيات‪ ،‬البل‪،‬‬
‫الخيل‪ ،‬النبات‪ ،‬خلق النسان‪ ،"...‬وجمع أبو عمر والشيباني ذلك في كتابه "الجيم والخيل")‪،(3‬‬
‫وأبو زيد النصاري )تل ‪ 215‬هل (‪" ،‬في كتاب الدنوادر‪ ،‬ورسالة اللبأ واللبللن والمطللر"‪،‬‬
‫ولبي عبيدة رسائل في أديام العرب‪ ،‬وأنسابهم‪ ،‬وكتاب مجاز القللرآن‪ ،‬ورسللائل النسللان‬
‫والزرع والفرسّ‪ .‬أدما النضر بن يشميل فله كتاب الصفات الذي أشتمل على ألفاظ مرتبة على‬
‫حسب المعاني‪ ،‬كما تعرض لخـلق النسان من الجود والكرم‪...‬الخ)‪.(4‬‬
‫وهذه الطبقة اللغوية التي ازدهرت بمباحثها الدلّلية المتميزة‪ ،‬مهدت لظهللور طبقللات‬
‫للق‬
‫للزرع‪ ،‬خل‬
‫للوش‪ ،‬وال‬
‫أخرى‪ ،‬منهم‪" :‬أبو حاتم السجستاني )تل ‪ 225‬هل( بمؤلفه‪ :‬الوح‬
‫النسان‪ ،‬أبو عبيد القاسم بن سلم )تل ‪ 231‬هل(‪ ،‬وابن الدسكيت )تل ‪ 244‬هل( له كتللاب‬
‫ضخم في تهذيب اللفاظ مرتبة حسب المعاني‪ ،‬كتاب القلب والبدال وإصلحا المنطق‪ ،‬وابن‬
‫وملن‬ ‫سلم الجمحي )تل ‪231‬هل( وغايرهم)‪ ،(5‬وتأتي طبقة القرن الدرابلع الهجلري‪،‬‬

‫‪()1‬‬
‫ابن جني‪ :‬الخصائص‪ ،‬ج ‪ ،3‬ص ‪.98‬‬
‫‪()2‬‬
‫ينظر ‪ :‬إبراهيم أنيس ‪ :‬دلّلة اللفاظ ‪ ،‬ص ‪. 175‬‬
‫‪()3‬‬
‫ينظر ‪ :‬رمضان عبد التوأاب ‪ :‬فصوأل في فقه اللغة‪ ،‬مكتبة الخانجي‪) ،‬ط ‪ ،(6‬القاهرة ‪ ، 1999‬ص ‪. 272 - 231‬‬
‫‪()4‬‬
‫ينظر‪ :‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.282 – 272‬‬
‫‪()5‬‬
‫ينظر‪ :‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪ .282‬وأينظر‪ :‬إبراهيم أنيس‪ :‬دلّلة اللفاظ‪ ،‬ص ‪.180‬‬
‫‪59‬‬
‫الفصل الوأل‬
‫المستوأى الددلّلي في الفكر الدلساني العربي القديم‬
‫لل‬
‫للد )تل‬
‫للن دري‬
‫أصحابها اللغويين الذين اهتموا بمعاجم الموضوعات‪ ،‬ومعاجم اللفاظ‪" :‬اب‬
‫‪321‬هل(‪ ،‬ابن النباري )تل ‪321‬هل(‪ ،‬قدامة بن جعفر)تل ‪337‬هل( وله كتاب اللفللاظ‪،‬‬
‫لل‬
‫للاد )تل‬
‫للن عب‬
‫للاحب ب‬
‫والقالي البغدادي بمعجمه البارع‪ ،‬والزهري)تل ‪370‬هل( والص‬
‫للت‬
‫للرن بلغ‬
‫‪385‬هل(‪ ،‬والجوهري )تل ‪393‬هل( وابن فارسّ )تل ‪395‬هل(‪ ،‬وفي هذا الق‬
‫للة‬
‫للاظ المرتب‬
‫البحوث الدلّلية ازدهارا واسعا‪ ،‬واشتهرت بصورة خاصة بتأليف معاجم اللف‬
‫ترتيبا هجائيا‪ ،‬ونجد بعضها مختلف عن هذه المعاجم كفقه اللغة للثعالبي )تللل ‪429‬هللل(‪،‬‬
‫صص لّبن سيده )تل ‪458‬هل(‪ ،‬والشباه والنظائر لبي البركات بن النباري )تللل‬
‫والمخ د‬
‫‪577‬هل()‪.(1‬‬
‫فابن دريد صاحب كتاب "الّشتقاق ومعجم جمهرة الدلغة" الذي يعيد من أهم المعاجم بعللد‬
‫كتاب "العين" للخليل‪ ،‬تحدث عن ألفاظ الدلغة من المضدعف الثلثي والرباعي ورتدبها هجائيلا‪،‬‬
‫باحثا عن الصور المختلفة للكلمة مثل‪" :‬عبث وبعث"‪ ،‬وهي نفسّ طريقة الخليللل)‪ ،(2‬وتتبللع‬
‫الصلة بين الدلفظ ومدلوله‪ ،‬فأولى عناية كبيرة بالناحية الّشتقاقية في كتابه "الّشتقاق"‪ ،‬محاولّ‬
‫أحن يعلل العلم العربية دلّليا كأسماء العلم‪ ،‬والقبائل‪ ،‬والمكنة في جزيللرة العللرب‪،‬‬
‫فمثل‪" :‬قضاعة"‪ :‬يسميت بهذا الّسم لرحيلها من الجنوب إلى الشمال‪ ،‬وهي مشتقة من انقضع‬
‫الرجل من أهله أي يبيعيد )‪ ،(3‬وهو يندرج في الّشتقاق الدلّلي‪ ،‬كما له أبواب في تسميه البناء‬
‫حيث يقول‪ » :‬واعلم أدن للعرب مذاهب في تسمية أبنائها فمنها‪ :‬ما سمموه تفاؤلّ على أعدائهم‪،‬‬
‫نحو‪ :‬غاالب‪ ،‬وغالب‪ ،‬وظالم‪ ،‬وعارم‪ ،‬ومقاتل‪ (...) ،‬ومنها ما تفاءلوا به للبنللاء نحللو‪:‬‬
‫نائل‪ ،‬ووائل‪ ،‬وناج‪ ،‬ومدرك‪ ،‬وسالم‪ ،‬ومنها ما يسمى بالسباع ترهيبا لعدائهم‪ ،‬نحو‪ :‬أسللد‪،‬‬
‫وليث‪ ،‬وفراسّ‪ ،‬وذئب‪ ،‬ومنها ما يسمى بما غايلظ ويخشـن من الشجر تفاؤلّ أيضللا‪ ،‬نحللو‪:‬‬
‫طلحة‪ ،‬ويسيميرة‪ ،‬ويسلييمة‪ ،‬وقتادة‪ ،‬ويهيرايسة‪ ،‬وكدل ذلك شجر له شوك‪ ،‬وعضاه‪ ،‬ومنها ما يسدمي‬
‫لليزن‪،‬‬ ‫للدل‪ ،‬ويح‬‫بما غايلظ من الرض وخشن لحميسه ويمومْطئه‪ ،‬مثل‪ :‬حجر وصخر‪ ،‬وفهر‪ ،‬وجن‬
‫وحزم«)‪.(4‬‬
‫‪ ()1‬ينظر‪ :‬إبراهيم أنيس‪ :‬دلّلة اللفاظ‪ ،‬ص ‪.182 – 181‬‬
‫‪ ()2‬ينظر‪ :‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.188 – 187‬‬
‫‪ ()3‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.50‬‬
‫‪ ()4‬ابن دريد‪ :‬الّشتقاق‪ ،‬تحقيق عبد السلم هاروأن‪ ،‬مكتبة الخانجي‪ ،‬القاهرة ‪ ،1958‬ص ‪ .5‬وأينظر ابن فارس‪:‬‬
‫‪60‬‬
‫الفصل الوأل‬
‫المستوأى الددلّلي في الفكر الدلساني العربي القديم‬
‫للاء‬
‫للة التسلمية تفلاؤلّ بالبن‬
‫فهو كثيرا ما يبين دلّلة أسماء العلم حيث أخلذت دلّل‬
‫أو ترهيبا للعدو‪ ،‬وقد يأخذ على ابن دريد غالوه في اشتقاق العجمي من العربي حيث امدعى أن‬
‫لله‬
‫للع‪ ،‬ومن‬ ‫"الفردوسّ" مشتق من الفردوسة فقال‪» :‬اليفحريديسية‪ :‬الظسعة‪ ،‬وصدر يميف‬
‫للحريدمسّ‪ ،‬واس‬
‫اشتقاق الفردوسّ«)‪ .(1‬كما أخذ عليه غالوه في اشتقاق أسماء القبائل‪ ،‬رغام أدن الدلغويين يتفللق‬
‫)‪(2‬‬
‫على أدن الكلم بعضه مشتق وبعضه غاير مشتق‪.‬‬
‫للاظ‬
‫للن اللف‬ ‫وقد حاول أيضا "ابن فارسّ" في معجمه "مقاييسّ اللغة" أحن يجد ص‬
‫لللت بي‬
‫ودلّلّتها على نحو ما سدماه ابن جني الّشتقاق الكبر‪ ،‬فييرمْجع المادة الدلغوية بتقاليبها السللتة‬
‫للي‬
‫ف‬ ‫للترك‬
‫إلى معنى أو معنيين أو أكثر‪ ،‬كما يلتمسّ الصلة بين بعض الكلمات التي تش‬
‫)‪(3‬‬
‫أصلين )أي حرفين( كما فعل ابن جني‪.‬‬
‫وقد بلغ حدا من الغلو في استنباطاته الددلّلية في الصول الّشتقاقية متيكظلفللا ومتيعظسللفا‪،‬‬
‫للين‬
‫للراء والس‬ ‫فيحاول أحن ييرد المادة الدلغوية الواحدة إلى أكثر من أصل كقوله‪» :‬الخ‬
‫للاء وال‬
‫أصول ثلثة‪ :‬الول‪ :‬جنسّ النية‪ ،‬والثاني‪ :‬عدم النطق‪ ،‬الثالث‪ :‬نوع من الطعام‪ .(4)«...‬ث‬
‫للم‬
‫للو‬
‫للالث‪ :‬ه‬
‫لليرسّ والث‬ ‫يمثل لكدل أصل بالترتيب ظ‬
‫فالول‪ :‬لخحرسّ بسكون الراء‪ ،‬والثاني‪ :‬اليخ‬
‫للرحا الددلّل‬
‫للة‬ ‫اليخحرسّ)‪ .(5‬وما من شك أدن فكرة التقاليب اقتبسها من الخليل وابن دري‬
‫للد‪ ،‬فيش‬
‫الدلفظية‪ ،‬ويذكر تقاليبها وصورها دون تعرض للربط بين الدلّلّت‪ ،‬مبينا ويمحلتمْمسا الفللروق‬
‫الددقيقة بين اللفاظ التي يراها بعضهم أدن أصلها واحد‪ ،‬وليسّ من أصول متفرقة)‪.(6‬‬
‫ولّبن فارسّ اليد الطولى في ظاهرة الدنحت‪ ،‬فهو من القائلين به يقول‪» :‬اعلم أدن للدرباعي‬
‫منه منحللوت‪،‬‬ ‫والخماسي في القياسّ‪ ،‬يستنبطه النظر الدقيق‪ ،‬وذلك أن أكثر ما تراه‬
‫)‪. (7‬‬
‫ومعنى النحت‪ :‬أن تؤخذ كلمتان‪ ،‬وتـحنيحت منها كلمة تكون آخذة منها جميعا بحظ«‬

‫الصاحبي في فقه اللغة وأسنن العرب في كلمها‪ ،‬ت ح‪ :‬السيد أحمد صقر‪ ،‬عيسى الحلبي‪ ،‬القاهرة ‪ ،1977‬ص ‪.109‬‬
‫‪ ()1‬ابن دريد‪ :‬جمهرة اللغة‪ ،‬تحقيق رمزي منير البعلبكي‪ ،‬دارالعلم للمليين‪ ،‬بيروأت ‪ ،1987‬ج ‪ ،3‬ص ‪.333‬‬
‫‪ ()2‬السيوأطي‪ :‬المزهر في علوأم اللغة‪ ،‬تحقيق محمد أبوأ الفضل إبراهيم وأآخروأن‪ ،‬القاهرة ‪ ،1958‬ج ‪ ،1‬ص ‪.348‬‬
‫‪ ()3‬ينظر‪ :‬رمضان عبد التوأاب‪ :‬فصوأل في فقه اللدغة‪ ،‬ص ‪.295‬‬
‫‪ ()4‬ابن فارس الحسن بن أحمد‪ :‬مقاييس اللغة‪ ،‬تح عبد السلم هاروأن‪ ،‬بيروأت‪) ،‬د‪ .‬ت(‪ ،‬ج ‪ ،2‬ص ‪.167‬‬
‫‪ ()5‬ينظر‪ :‬المصدر نفسه‪ ،‬ص ‪.167‬‬
‫‪ ()6‬ينظر‪ :‬صبحي الصالح‪ :‬دراسات في فقه اللغة‪ ،‬بيروأت ‪ ،1970‬ص ‪.176‬‬
‫‪ ()7‬ابن فارس‪ :‬مقاييس اللغة‪ ،‬ج ‪ ،1‬ص ‪.328‬‬
‫‪61‬‬
‫الفصل الوأل‬
‫المستوأى الددلّلي في الفكر الدلساني العربي القديم‬
‫للول‪» :‬يححييعليل‬
‫ويذكر ابن فارسّ أدنه متبع للخليل في هذا النحت‪ ،‬سائر على منهجله فيق‬
‫الدرجل‪ ،‬ذا قال يحمي على«)‪ ،(1‬ولكدن ابن فارسّ لم ييفظسر الرباعي والخماسي كدله حيث قدسللمه‬
‫للو‬‫للير" وه‬ ‫للده "اليبححتـ‬‫إلى نوعين‪ :‬المنحوت‪ ،‬الموضوع وضعا)‪ ،(2‬ومن أمثلة المنحوت عن‬
‫القصير المجتمع اليخحلق ويجعله منحوت من كلمتين‪) :‬الباء والتاء والراء( أي يبيتحرتـه يفيبمْتللير‬
‫لله‬
‫للى نفس‬ ‫أي مْيحريم طول‪ ،‬ومن )الحاء والتاء والراء(‪ ،‬أي يحيتحريت واححتـحريت‪ ،‬فاححتـ‬
‫للير عل‬
‫ضمييق عليهم‪ ،‬فصار هذا المعنى في القصير)‪.(3‬‬
‫وعياله‪ ،‬أي ي‬
‫ومن مثال الموضوع وضعا‪" :‬ال م‬
‫ضحميعج" للناقة الضخمة)‪ ،(4‬ونجده يللبظين الفللرق بيللن‬
‫مصطلح الددلّلة والمعنى وهو يقف على المعاني الدلغوية في كتاب الصاحبي مبحث معللاني‬
‫ألفاظ العبارات التي يعظبر بها عن الشياء‪ ،‬فقال‪» :‬ومرجعها لى ثلثة‪ :‬وهي المعنى‪ ،‬التفسير‬
‫والتأويل‪ ،‬وهي وإحن اختلفت فإدن المقاصد بها متقاربة«)‪.(5‬‬
‫ويقول معدرفا المعنى‪» :‬فأدما المعنى فهو القصد والمراد‪ ،‬يقول‪ :‬يعينحييت بالكلم كللذا‪ ،‬أي‬
‫للاقبته«)‪ ،(6‬فن‬
‫للراه‬ ‫يق ي‬
‫صحديت ويعيمحديت‪ ،‬وأدما التفسير فإدنه التفصيل‪ ،‬وأدما التأويل فآخر المر وع‬
‫يتناول التفسير والتأويل بمعنى مرادف‪ ،‬والتفسير هو التفصيل الذي يتناول المللدلول نفسلله‬
‫بصياغاة تعبيرية جديدة‪ ،‬وتضدم هذه المعاني دلّلة الفادة والظهار في الحدود الدلّلية‪ .‬وهذه‬
‫الدراسات تعتبر بداية لظهور نظرية الحقول دلّلية العربية وإن لم نجد ذلك مصطلحا فهللو‬
‫)‪(7‬‬
‫حتميا يتحلى بممارسة وتطبيقا‪.‬‬
‫أدما عند الدنحاة فنجدهم قد تناولوا تقسيم الدلّلة عند تناولهم للجملة وطبيعة دلّلتها على‬
‫المعنى من جهة الدلّلة القطعية أو الدلّلة الّجتماعية‪ ،‬وهذا التقسيم باعتبار القطع والّحتمال‬
‫وباعتبار الظاهر والباطن‪ ،‬تكون إدما ظاهرة أو باطنة‪» :‬أحن تكون ذات دلّلة قطعية تددل على‬
‫‪ ()1‬المصدر السابق‪ ،‬ج ‪ ،1‬ص ‪ .329‬وأينظر‪ :‬الخليل بن أحمد الفراهيدي‪ :‬العين‪ ،‬تح عبد ال دروأيش‪ ،‬بغداد ‪ ،1967‬ج‬
‫‪ ،1‬ص ‪.68‬‬
‫‪ ()2‬ينظر‪ :‬ابن فارس‪ :‬مقاييس اللغة‪ ،‬ج ‪ ،1‬ص ‪. 329‬‬
‫‪ ()3‬ينظر‪ :‬نفسه‪.‬‬
‫‪ ()4‬ابن فارس‪ :‬المصدر نفسه‪ ،‬ج ‪ ،3‬ص ‪.406‬‬
‫‪ ()5‬ابن فارس‪ :‬الصاحبي في فقه اللغة‪ ،‬تح أحمد صقر‪ ،‬مطبعة عيسى الحلبي‪ ،‬القاهرة‪ ،‬د‪.‬ت‪ ،‬ص ‪. 312‬‬
‫‪ ()6‬المصدر نفسه‪ ،‬ص ‪.314‬‬
‫‪ ()7‬ينظر‪ :‬أحمد عزوأز‪ :‬أصوأل تراثية في نظرية الحقوأل الدلّلية‪ ،‬منشوأرات اتحاد كتاب العرب‪ ،‬دمشق ‪ ،2002‬ص ‪21‬‬
‫وأما بعدها‪.‬‬
‫‪62‬‬
‫الفصل الوأل‬
‫المستوأى الددلّلي في الفكر الدلساني العربي القديم‬
‫معنى واحد لّ تحتمل غايره )‪ (...‬والخرى تحتمل أكثر من معنى«)‪.(1‬‬
‫والسباب التي تؤدي إلى دلّلة الّحتمال في الجملة كثيرة منها ‪ :‬الّشتراك اللفظي في‬
‫للة‬
‫للة الجمل‬ ‫معنى المفردة‪ ،‬والّشتراك في دلّلة الصيغة ‪ ...‬إلخ)‪ .(2‬وهنا تظهر طبيع‬
‫للة دلّل‬
‫للادء‪،‬‬ ‫العربية من حيث الوظيفة الدنحوية فقط‪ ،‬يقول الشموني‪ » :‬الدنصب في ينحمْحو‪" :‬يذين‬
‫للويب يم‬
‫ل" أولى من الجدر‪ ،‬لدن الدنصب يددل على أدن المتكلم أراد أدن عنده ما يمل الوعللاء‬
‫ويحمب يعيس د‬
‫المذكور من الجنسّ المذكور‪ ،‬وأدما الجدر فيحتمل أحن يكون مراده ذلك‪ ،‬وأحن يكون مراده بيان‬
‫أدن عنده الوعاء الصالح لذلك«)‪.(3‬‬
‫وهذا دليل على أدن النحاة نظروا إلى دلّلة اللفاظ من جهة القصد والمواصفة‪ .‬أدما الدلّلة‬
‫الظاهرة و الباطنة‪ ،‬فييراد‪» :‬بالظاهرة المعنى الذي يعطيه ظاهر اللفظ‪ ،‬وبالدلّلة الباطنللة ‪:‬‬
‫للي‬ ‫المعنى الدذي يعطيه فحوى الكلم ولّ ييفهم من ظاهر العبارة ‪ ، (4)«...‬فالدلّلة الباطن‬
‫للة ه‬
‫معنى المعنى‪ ،‬وهو ما نجده في المجاز والكنايات‪.‬‬
‫لقد كان الشكال في الدنحو العربي هو ووضع الحركات ضبطها لتحدد المعنى‪ ،‬وكللانت‬
‫دراستهم للدنحو دراسة تحليلية تهتم بمكونات التركيب أكثر من التركيب نفسه‪ ،‬فارتبط الدنح‬
‫للو‬
‫بدراسة الصوت المفرد‪ ،‬والصغية الصرفية‪ ،‬والجملة‪ ،‬ولم ييعنى بالتركيب الكدلي‪ .‬ورغام ذلك‬
‫فقد كانت الجملة تمثل إطارا معنويا ودلّليا‪ ،‬ووظيفتها معتمدة على الحركة أو العراب‪ ،‬وقد‬
‫في رصد الصواب‬ ‫مديز النحاة بين مستويين من الددراسة الدنحوية‪ ،‬فالمستوى الول‪ :‬يتمثل‬
‫والخطأ في الداء‪ ،‬والثاني‪ :‬يتمثل في علقة المبنى والمعنى‪ ،‬والبحث عن المعنى في الدنظام‬
‫الدلغوي‪ ،‬بدراسة العلقات التركيبية المختلفة داخل الجملة أو بين الجمل)‪.(5‬‬
‫وتظهر هنا قضية العراب التي تعيد من القضايا الدلّلية عند الدلغويين والدنحاة‪ ،‬فوضعوا‬
‫قواعد العراب وابتكروا بعض الظواهر فيه‪ ،‬وفي إجراء القياسّ على بعض النماذج‪ ،‬فكان‬

‫‪ ()1‬ينظر‪ :‬فاضل السمرائي‪ :‬الجملة العربية وأالمعنى‪ ،‬دار ابن حزم‪ ،‬ط ‪ ،1‬بيروأت ‪ ،2000‬ص ‪. 13-12‬‬
‫‪ ()2‬ينظر‪ :‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.21 – 13‬‬
‫‪ ()3‬الشموأني ‪ :‬شرح الشموأني على ألفية بن مالكْ منهج السالكْ‪ ،‬تح محمد محي الدين عبد الحميد‪ ،‬ط ‪ ،1.‬دار الكتاب‬
‫العربي‪ ،‬بيروأت ‪ ،1955‬ج ‪ ،1‬ص ‪.263‬‬
‫‪ ()4‬فاضل صالح السمرائي‪ :‬الجملة العربية‪ ،‬ص ‪.22‬‬
‫‪ ()5‬ينظر‪ :‬أحمد عبد المطلب‪ :‬البلغاة وأالسلوأبية‪ ،‬مطابع الهيئة المصرية العامة‪ ،‬القاهرة ‪ ،1984‬ص ‪.37-35‬‬
‫‪63‬‬
‫الفصل الوأل‬
‫المستوأى الددلّلي في الفكر الدلساني العربي القديم‬
‫العراب هو العلمات أو الحركات)‪ (1‬التي تددل على إفادة المعللاني المختلفللة والللدلّلّت‬
‫المتعددة‪ ،‬وللعراب أهمية في دلّلة التركيب والعبارة عن طريق هذه العلمات العربية من‬
‫ضمة وكسرة وفتحة‪ ،‬عن طريقها تختلف الددلّلة من جملة إلى أخرى حسب تغيير الحركات‪.‬‬
‫للعيد‬ ‫يقول ابن جني‪» :‬هو البانة عن المعاني باللفاظ‪ ،‬ألّ ترى أدنك إذا سمعت أحك‬
‫لليرم س‬
‫للان‬
‫للو ك‬ ‫أباه‪ ،‬يشيكر سعيددا أبوه‪ ،‬علمت برفع أحدهما ونصب الخر الفاعل من المفع‬
‫للول‪ ،‬ول‬
‫الكلم شرحا واحدا لّحستحبيهيم أحدهما من صاحبه«)‪ .(2‬ويضيف مبدينا لكلمة "العراب" لغوي‬
‫للا‪،‬‬
‫فيقول‪» :‬وأدما لفظه فإدنه مصدر أيحعيرحبيت عن الشيء‪ ،‬إذا أوضحت عنه‪ ،‬وفلن يمحعمْرمب عدما في‬
‫للدد‬ ‫لله‪ ،(3)«...‬ث‬
‫للم يع‬ ‫نفسه أي مبين له‪ ،‬وموضح عنه‪ ،‬ومنه يعمرحبيت الفرسّ تعريبا إذا بزغات‬
‫المعاني ليعطي الدلّلة المشتركة للمعنى الدلغوي والّصطلحي فيقول‪ » :‬ولدما كانت معللاني‬
‫اليممسمْمحيين مختلفة كان العراب الدال عليها مختلفا أيضا‪ ،‬وكأدنه من قولهم‪ ،‬مْيعريبحت معمديته‪ ،‬أي‬
‫إلللى‬ ‫يفيسيدت‪ ،‬كأدنها استحالت من الحال إلى حال كاستحالة العراب مللن صللورة‬
‫صورة«)‪.(4‬‬
‫مللن‬ ‫لّ شك أدن العراب يفدرق بين دلّلة وأخرى ومقصد وأخر‪ ،‬وبه ويتميز الفاعل‬
‫للات‬
‫المفعول والنعت من التأكيد‪ ،‬ونعرف الساليب ودلّلتها من تعجب واستفهام‪ ،‬فهذه الحرك‬
‫هي دوال على المعاني في نظم الكلم وتراكيبه‪.‬‬
‫ويقول ابن فارسّ في تعريفه‪» :‬فأدما العراب فبه تـيممييز المعاني ييوقيف على أغاللراض‬
‫المتكلمين‪ ،‬وذلك أدن قائل لو قال‪" :‬ما أحسن زيد"‪ ،‬غاير معرب أو"ضرب عمر وزيد"‪ ،‬غايللر‬
‫للدا‪ ،‬أو‬
‫معرب‪ ،‬لم يوقف على مراده‪ ،‬فإذا قال‪" :‬ما أحسين زيددا " بفتح نون أحسين‪ ،‬ونصب زي‬
‫"ما أحسين زيمد" بضم نون أحسين وإضافة زيمد إليه‪ ،‬أو "ما أحسين زيمد " بفتح نون أحسين وجعل‬
‫زيمد فاعل أبان بالعراب عن المعنى الذي أراده«)‪.(5‬‬
‫يشير ابن الفارسّ في حديثه في "باب الخطاب الذي يقع به الفهام من القائل‪ ،‬والفهم ملن‬
‫‪ ()1‬ينظر‪ :‬عبد الغفار حامد هلل‪ :‬علم الدلغة بين القديم وأالحديث‪ ،‬ط ‪ ،1‬مطبعة الجبلوأي‪ ،‬دار الكتب‪ ،‬القاهرة ‪ ،1989‬ص ‪.258‬‬
‫‪ ()2‬ابن جني‪ :‬خصائص‪ ،‬ج ‪ ،1‬ص ‪.35‬‬
‫‪ ()3‬المصدر نفسه‪ ،‬ج ‪ ،1‬ص ‪.36‬‬
‫‪ ()4‬المصدر نفسه‪ ،‬ج ‪ ،1‬ص ‪.37‬‬
‫‪ ()5‬ابن فارس‪ :‬الصاحبي‪ ،‬ص ‪.162-161‬‬
‫‪64‬‬
‫الفصل الوأل‬
‫المستوأى الددلّلي في الفكر الدلساني العربي القديم‬
‫السامع" إلى أهمية العراب في البانة عن الددلّلة‪ ،‬فبفضل الحركات تباينت الددلّلّت في هذه‬
‫للن‬ ‫الجملة بين‪ :‬تعدجب واستفهام وذدم أو نفي"‪ ،‬ويضيف قائل‪ » :‬إن العراب هو الف‬
‫للارق بي‬
‫المعاني ألّ ترى أن القائل إذا قال‪" :‬ما أحسن زيمد" لم يفرق بين التعجب والّستفهام والذم إلّ‬
‫للي‬
‫للة ف‬ ‫بالعراب‪ ،(1)«...‬فالعراب من العلوم الجلدية فهو الذي يفدرق بين المع‬
‫للاني المتكافئ‬
‫اللفظ‪ ،‬وبه ييعيرف الخبر الدذي هو أصل الكلم‪ ،‬ولولّه لما وقع التمييز بين الفاعل‪ ،‬والمفعول‪،‬‬
‫والمضاف‪ ،‬والمنعوت‪ ،‬والتعجب‪ ،‬والّستفهام‪ ،‬والنعت‪ ،‬والتأكيد)‪ .(2‬والعراب هو كاشللف‬
‫عن المعاني ولو احستـحبمْهم الكلم بل حركات إعرابية لّحتملت الجملة أكثر من معنللى‪ ،‬ولّ‬
‫في أواخر الكلم لتعاقب العوامل في أولها‪.‬‬ ‫يتضح المعنى المقصود إلّ به‪ ،‬وهو اختلف‬
‫واتفق الدنحاة جميعا أدن العراب في الكلم إدنما هو البانة عن المعاني إ د‬
‫لّ قطربا‪ ،‬فإدنه لّ يرى‬
‫)‪(3‬‬
‫ذلك‪ ،‬وذهب مذهبه إبراهيم أنيسّ‪.‬‬
‫وبمين أبو القاسم الزجاجي الغرض من العراب‪» :‬إدن السماء لدما كانت تعتورها المعاني‬
‫للذه‬
‫للى ه‬
‫عل‬ ‫للة‬
‫فتكون فاعلة‪ ،‬ومفعولة‪ ،‬ومضافة إليها‪ ،‬ولم تكن في صورتها و أبنيتها أدل‬
‫للالوا‪:‬‬
‫للاني فق‬
‫للذه المع‬
‫المعاني‪ ،‬بل كانت مشتركة‪ ،‬جعلت حركات العراب فيها تنبئ عن ه‬
‫ضيريب زيمد يعحمرا" فدلوا برفع "زيمد " على أدن الفعل له‪ ،‬وبنصب "عمرو" على أدن الفعل واقع‬
‫"ي‬
‫به«)‪ .(4‬ويؤكد أن العرب وضعت الحركات دلّئل على المعاني ليتسع كلمهم‪ ،‬فيقددموا الفاعل‬
‫إن أرادوا ذلك أو المفعول عند الحاجة إلى تقديمه‪ ،‬وتكون الحركات دالة على المعاني‪ ،‬وهذا‬
‫قول جميع الدنحاة ماعدا محمد بن المستنير قطرب فإنه عاب عليهم هذا الّعتلل‪ .‬وقال‪» :‬لم‬
‫للماء‬
‫للم أس‬
‫يعرب الكلم للدلّلة على المعاني والفرق بين بعضها وبعض لننا نجد في كلمه‬
‫يمت ي‬
‫ـمْفقة في العراب يمختليفة المعاني وأسماء مختلفة العراب متفقة المعاني‪ ،‬فما اتفق إعرابه‬
‫لله‬
‫للق إعراب‬ ‫واختلف معناه قولك‪":‬إدن زيددا أخوك‪ ،‬ولعمل زيددا أخوك‪ ،‬وكأمن زيدا أخ‬
‫للوك" اتف‬
‫واختلف معناه‪.(5)«...‬‬
‫‪ ()1‬المصدر نفسه‪ ،‬ص ‪.31‬‬
‫‪ ()2‬المصدر نفسه‪ ،‬ص ‪.42‬‬
‫‪ ()3‬ينظر‪ :‬فاضل صالح السمرائي‪ :‬الجملة العربية وأالمعنى‪ ،‬ص ‪. 32 – 31‬‬
‫‪ ()4‬الزجاجي‪ :‬اليضاح في علل النحوأ‪ ،‬تح مازن المباركْ‪ ،‬مطبعة المدني ‪ ،1959‬ص ‪.70 – 69‬‬
‫‪ ( )5‬المصدر السابق‪ ،‬ص ‪. 70‬‬
‫‪65‬‬
‫الفصل الوأل‬
‫المستوأى الددلّلي في الفكر الدلساني العربي القديم‬
‫للات‬
‫للدرد حرك‬ ‫فرأيه أدن العراب لم يأت للدلّلة على المعاني بل لّ يعدو أحن يك‬
‫للون مج‬
‫لوصل الكلم‪ ،‬وذلك لوجود ما يتفق معنا ويختلف إعرابا أو عكسّ ذلك‪ ،‬ثم يواصل تعليله في‬
‫إنكاره فيقول‪» :‬إدنما أيحعيريبحت العرب كلمها لدن الّسم في حال الوقف يلزمه السكون للوقف‪،‬‬
‫للون‬
‫للانوا يبطئ‬
‫فلو جعلوا وصله بالسكون أيضا لكان يلزمه السكان في الوقف والوصل‪ ،‬وك‬
‫للدل‬
‫للكان ليعت‬
‫للا للس‬
‫للك معاقب‬ ‫عند الدراج‪ ،‬فلدما وصلوا وأمكينهم التحرك‪ ،‬جعل‬
‫للوا التحري‬
‫الكلم«)‪ .(1‬ثم يضيف معلل‪» :‬ألّ تراهم بنو كلمهم على متحرك وساكن ومتحركين وساكن‬
‫للة‪،‬‬
‫ولم يجمعوا بين ساكنين في حشو الكلمة‪ ،‬ولّ في حشو بيت‪،‬ولّ بين أربعة أحرف متحرك‬
‫لدنهم في اجتماع الساكنين يبطئون وفي كثرة الحروف المتحركة يستعجلون‪ ،‬وتذهب المهلة‬
‫في كلمهم‪ ،‬فجعلوا الحركة عقب السكان«)‪.(2‬‬
‫للاني‪ ،‬واختلف‬ ‫وقد ردد عليه المخالفون في ما ذكره من اتفاق الع‬
‫للراب واختلف المع‬
‫التي‬ ‫العراب واتفاق المعاني في السماء‪ ،‬فكان الصل في دخول العراب في السماء‬
‫تـذكر بعد الفعال لدنه يذكر بعدها اسمان أحدهما فاعل والخر مفعول‪ ،‬فمعناهما مختلللف‬
‫لذا وجب التفريق بينهما‪ (3).‬ويتبع إبراهيم أنيسّ رأي قطرب في أدن تحريك أواخر الكلمللات‬
‫كان صفة من صفات الوصل في كلم العرب شعرا أو نثرا‪ ،‬ثم ينتهون في آخللر الكلمللات‬
‫)‪(4‬‬
‫بسكون عند الوقوف عن التكلم‪.‬‬
‫ويأتي ابن مضاء القرطبي ليجعل العراب جزءا من بنية الكلمة فل يسأل عنه‪ ،‬كمللا لّ‬
‫يسأل عن أدية حركة في بنية الكلمة فيقول‪» :‬وكما أدن لّ نسأل عن عين يعحظيلم "الليل المظلم"‪،‬‬
‫ضيمت هذه‪ ،‬ويكمْسرت هذه‪ ،‬فكذلك أيضا لّ نسللأل‬
‫وجيم جعفر‪ ،‬وباء برثن مْليم فـمْتيحت هذه‪ ،‬و ي‬
‫عن رفع زيد‪ .(5)«...‬فهو ييشظبه حركات العراب بالحركات التي هي جزء من الصلليغة أو‬
‫بنية الكلمة‪ ،‬غاير أدن ابن مضاء يتفق مع الدنحاة في دلّلة حركات العراب على المعاني‪ ،‬فلم‬
‫للر‬
‫للع والج‬
‫ينكر الحركة العرابية وما لها من مدلول عن طريق أحوال العراب‪" :‬من الرف‬
‫‪ ()1‬المصدر نفسه‪ ،‬ص ‪. 71 - 70‬‬
‫‪ ()2‬نفسه‪.‬‬
‫‪ ()3‬نفسه‪.‬‬
‫‪ ()4‬ينظر‪ :‬إبراهيم أنيس‪ :‬أسرار العربية‪ ،‬النجلوأ المصرية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬ط ‪ ،1966 ،3‬ص ‪.253‬‬
‫النحاة‪ ،‬لجنة التأليف‪ ،‬مصر ‪ ،1948‬ص ‪.161 -160‬‬ ‫‪( )5‬ابن مضاء القرطبي‪ :‬د‬
‫الردد على د‬
‫‪66‬‬
‫الفصل الوأل‬
‫المستوأى الددلّلي في الفكر الدلساني العربي القديم‬
‫للن‬
‫للا بي‬
‫للول الّختلف فيه‬
‫والجزم‪ ،‬وأحوال البناء‪ :‬من ضم وكسر وفتح"‪ ،‬وهذه المسألة يط‬
‫القدماء أنفسهم‪ ،‬وبين القدماء والمحدثين‪.‬‬
‫وينخيلص من هذا المبحث إلى أدن البحث الدلغوي الددلّلي عند علماء الدلغة‪ ،‬والدنحللاة قللد‬
‫عرف الكثير من الّهتمام‪ ،‬ولعل العامل الرئيسي في ذلك هو خدمة الدنص القرآني وصللون‬
‫العربية من الدلحن حيث عمدوا إلى ضبط الدلغة‪ ،‬فكانت دراستهم ‪ -‬رغام أهميتها ‪ -‬معياريللة‬
‫للات‬
‫للتركيب والعلق‬
‫للة ال‬
‫تقوم حول بنية الكلمة‪ ،‬ومفردات اللغة ودلّلّتها‪ .‬كما أدركوا أهمي‬
‫التركيبية مع أدن البحث في دلّلة اللفاظ ومعانيها لم ينل من الدلغويين الّهتمام الذي يتناسللب‬
‫ومنزلتها في البحث الدلغوي‪.‬‬

‫المبحث الثاني‬

‫المستوأى الددلّلي عند الصوأليين وأالفقهاء‬

‫‪67‬‬
‫الفصل الوأل‬
‫المستوأى الددلّلي في الفكر الدلساني العربي القديم‬

‫‪ ‬نشأة الدلغة وأنظرية الوأضع‬

‫‪ ‬الدلفظ وأمدلوأله‬

‫‪ ‬طرق الددلّلة وأأقسامها عند الصوأليين‬

‫المبحث الثاني‬
‫المستوأى الددلّلي عند الصوأليين وأالفقهاء‬
‫نحاول في هذا المبحث أن نعرض طرفا من الددراسة الدلّلية عند أئمة الصول والفقلله‬
‫للائل‬
‫للذه المس‬ ‫وذلك لدن علم الصول هو بحث في الدلّلة‪ :‬لفظا وجملة‪ ،‬نصا‪ ،‬وس‬
‫للياقا‪ ،‬وه‬
‫تـشظكل موضوع الددرسّ الددلّلي المعاصر ومادة البحث فيه‪ (1).‬فقد اتسعت عند الصللوليين‬
‫والفقهاء مساحة البحث الدلّلي خاصة في دلّلة الدنص تفسيرا وتأويل لمعرفة الدلة والحكام‬
‫للول‬ ‫الشرعية‪ ،‬وهي من المرتكزات التي قام عليها اهتمامهم الددلّلي فالدلة عند ع‬
‫للالم الص‬
‫شرعية وهي‪ :‬المبادئ التي يقوم عليها التشريع‪ ،‬ولغودية وهي التي تقتضي معرفللة دلّلللة‬

‫‪()1‬ينظر‪ :‬منذر عياشي‪ :‬اللدسانيات وأالدلّلة‪ ،‬ط ‪ ،1‬مركز النماء الخضاري‪ ،‬حلب ‪ ،1996‬ص ‪.11‬‬
‫‪68‬‬
‫الفصل الوأل‬
‫المستوأى الددلّلي في الفكر الدلساني العربي القديم‬
‫اللفاظ لفهم النصوص من الكتاب والسنة)‪ ،(1‬وبها جاء استنباط الحكام‪ ،‬فاعتنوا بالدلغة مللن‬
‫حيث اللفظ والمعنى‪ ،‬ولهذا فعلم الصول‪ :‬هو مجموعة القوانين التي يتوصل بهللا الفقهللاء‬
‫لّستنباط الحكام الشرعية لنه يفيد في عرفهم‪» :‬النظر في طرق الفقه على طريق الجمال‪،‬‬
‫)‪(2‬‬
‫وكيفية الّستدلّل بها‪ ،‬وما يتبع كيفية الّستدلّل بها«‪.‬‬

‫أدما علم الفقه فهو‪» :‬معرفة الحكام الشرعية التي طريقها الّجتهاد«)‪ .(3‬فيمارسّ الفقيلله‬
‫للاءت‬
‫للول‪ ،‬فج‬
‫للم الص‬
‫استنباط الحكم الشرعي إضافة إلى بحثه الفقهي‪ ،‬وما يستمده من عل‬
‫مسائله متضمنة في بنية علم الفقه‪ ،‬ثم استقل كدل علم وأصبح قائما بذاته‪.‬‬
‫مللن‬ ‫يقول ابن خلدون واصفا لعلم الصول‪» :‬إدن هذا الفن" وهو علم الصول"‪ ،‬هو‬
‫للن‬
‫م‬ ‫للاني‬ ‫الفنون المستحدثة في المدلة‪ ،‬وكان السلف في غانية عنه‪ ،‬بما أدن اس‬
‫للتفادة المع‬
‫لللف‬‫للرض الدس‬ ‫اللفاظ لّ ييحتاج فيها إلى أزيد مدما عندهم من الملكة الدلسانية )‪ (...‬فلدم‬
‫للا انق‬
‫وذهب الصدر الدول وانقلبت العلوم كدلها صناعدة‪ ،‬احتاج الفقهاء والمجتهدون إلى تحصلليل‬
‫قائما‬ ‫القوانين والقواعد لّستفادة الحكام من الدلة‪ ،‬فكتبوها فينا‬
‫برأسه يسمموه أصول الفقه« )‪.(4‬‬
‫أو‬ ‫ولو عدنا إلى كلمة "أصول" في الدلغة‪ ،‬مفردها "أصل"‪» :‬تعني أسفل الشلليء‬
‫جذوره أو قاعدته«)‪ .(5‬وهنا ينتبمين اقتراب المعنى الدلغوي من المعنى الّصللطلحي للكلمللة‬
‫للذا‬
‫لله‪ ،‬ول‬
‫باعتبار علم الصول هو الجذر الذي تستمد منه الفروع‪ ،‬والفقه بعض ما تفرع عن‬
‫ييطيلق على علم الصول وعلم أصول الفقه‪ ،‬وهو المنهج المنظم للتفكير الفقهي في التشللريع‬
‫السلمي‪ ،‬ومن أسسّ هذا العلم‪ " :‬الحكم والدليل والّستنباط والمستنبط‪.(6)"...‬‬
‫ولعل عناية الصوليين بالدلّلة كان للتوصل إلى المقصد من وراء اللفظ‪ ،‬فجاء اهتمامهم‬
‫باللغة‪ ،‬واللفظة المفردة‪ ،‬وصلة الدلفظ بالمعنى‪ ،‬وأنواع الدلّلّت‪ ،‬فتبرز اللغللة الصللولية‪،‬‬

‫‪ ()1‬ينظر‪ :‬محمد الخضري‪ :‬أصوأل الفقه‪ ،‬ط ‪ ،4‬مطبعة السعادة‪ ،‬القاهرة ‪ ،1962‬ص ‪.9‬‬
‫‪ ()2‬إبراهيم الشيرازي الفيروأزآبادي‪ :‬الدلمع في أصوأل الفقه‪ ،‬مطبعة مصطفى البابي الحلبي ط ‪ ،3‬مصر ‪ ،1957‬ص ‪.4‬‬
‫‪ ()3‬المصدر نفسه‪ ،‬ص ‪.3‬‬
‫‪ ()4‬ابن خلدوأن‪ :‬المقدمة‪ ،‬تحقيق‪ :‬حامد أحمد طاهر‪ ،‬ط ‪ ،1‬دار الفجر للتراث‪ ،‬القاهرة ‪ ،2004‬ص ‪.548‬‬
‫‪ ()5‬الفيروأزآبادي‪ :‬قاموأس المحيط‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بيروأن ‪ ،1995‬مادة ) أصل (‪ ،‬ص ‪.338‬‬
‫‪ ()6‬ينظر‪ :‬أحمد عبد الغفار‪ :‬التصوأر د‬
‫اللغوأي عند علماء أصوأل الفقه‪ ،‬دار المعرفة الجامعية‪ ،‬مصر ‪ ،2003‬ص ‪.37-15‬‬
‫‪69‬‬
‫الفصل الوأل‬
‫المستوأى الددلّلي في الفكر الدلساني العربي القديم‬
‫وارتباطها بالدلّلة حيث أدركوا الرباط بين اللغة العربية والنص التشريعي‪ ،‬الذي أددى إلللى‬
‫فهم الدنص فهما دقيقا‪ ،‬حتى أدننا نجد ابن جني يبالغ في تقسيمات الصوليين ومصللطلحاتهم‪،‬‬
‫)‪(1‬‬
‫يميطظبقا إدياها على الددرسّ اللغوي في كتابه الخصائص‪.‬‬
‫للالمعنى‪ ،‬لدن‬
‫للظ ب‬ ‫والدلغة عند الصوليين تبدأ من نقطة الدلّلة الولى حيث يرتب‬
‫للط اللف‬
‫للا‬
‫للؤدي حتم‬
‫للة ي‬
‫للن اللغ‬
‫للديث ع‬ ‫المعاني قائمة في النفسّ‪ ،‬وتعبر عنها ألفاظ اللدغ‬
‫للة والح‬
‫إلى الحديث عن نشأتها وهي مسألة يتريد كثيرا في تآليف الصوليين‪ ،‬يقول الغزالي‪» :‬ذهللب‬
‫للاحب‬
‫للظ ص‬ ‫قوم إلى أدنها اصطلحية إذ كيف تكون توقيفا‪ ،‬ولّ يفهم التوقيف إذ لم يك‬
‫للن لف‬
‫التوقيف معروفا باصطلحا سابق‪ ،‬وقال قوم‪ :‬إدنها توفيقية إذ الّصطلحا لّ يتم إ د‬
‫لّ بخطللاب‬
‫ومناداة ودعوة إلى الوضع‪ ،‬ولّ يكون ذلك إلّ بلفظ معروف قبل الّجتماع للصطلحا‪ ،‬وقال‬
‫قوم‪ :‬القدر الدذي يحصل به التنبيه والبعث على الّصطلحا يكون بالتوقيف‪ ،‬وما بعده يكللون‬
‫بالصطلحا )‪ ،(...‬أدما التوقيف فبأحن يخلق ال الصوات والحروف بحيث يسمعها واحللد أو‬
‫جمع‪ ،‬ويخلق المْعلم بأدنها يقصدت للددلّلة على اليميسمميات‪ ،‬والقدرة الزلية لّ تقتصر عن ذل‬
‫للك‪،‬‬
‫للن‬
‫للاجتهم م‬ ‫وأدما الّصطلحا فبأحن يجمع ال دواعي من العقلء للشتغال بما هو همه‬
‫للم وح‬
‫تعريف المور الغائبة التي لّ يمكن لنسان أحن يصل إليها‪ ،‬فيبتدئ واحد ويتبعه الخر حتى‬
‫يتم الّصطلحا ‪.(2) «...‬‬
‫للل‬
‫للاك القائ‬ ‫للأة اللدغ‬
‫للة‪ :‬فهن‬ ‫حاول الغزالي في نصه أن يو ظ‬
‫ضح المذاهب المختلفة في نش‬
‫بالتوقيف والقائل بالتوفيق‪ ،‬وهناك من يقف وسطا بين الرأيين بدليل أدن في البدء كان التوقيف‬
‫ثم اصطلح الناسّ بعد ذلك فيما بينهم‪ ،‬ولم يردجح الغزالي أي رأى باعتبار أدنها جللائزة عقل‪،‬‬
‫فهو يرى أدن الّصطلحا تم بخطاب أو مناداة يكون معروفا من قبل‪ ،‬ثم يللأتي الّصللطلحا‬
‫والمواضعة بما تدعو إليه الحاجة من تنظيم لمدلولّت الصوات ورموزها‪.‬‬
‫وما من شك‪ ،‬فإدن البحث في نشأة الدلغة عند الصوليين قلد فلاق اللدغ‬
‫للويين وغايرهلم‪.‬‬
‫وللمدي )تل ‪ 631‬هل( رأي في هذه المسألة فيقول‪» :‬أدول ما يجب تقديمه أدن ما وضع من‬

‫‪ ()1‬ينظر‪ :‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪. 51‬‬


‫‪ ()2‬الغزالي‪ :‬المستصفى في علم الصوأل‪ ،‬ج ‪ ،1‬ص ‪. 318‬‬
‫‪70‬‬
‫الفصل الوأل‬
‫المستوأى الددلّلي في الفكر الدلساني العربي القديم‬
‫اللفاظ الدالة على معانيها هل هو لمناسبة طبيعية بين اللفظ ومعناه أم لّ ؟«)‪.(1‬‬
‫وييورد رأى المعتزلة الذين يرون أنها مناسبة طبيعية‪ ،‬واختلف الصوليون فيما بينهللم‪،‬‬
‫حيث ذهب الشعري وأهل الظاهر وبعض الفقهاء إلى أدن الواضع هو ال تعالى‪ ،‬وقد استدلوا‬
‫م‬
‫لل‬‫للأدن ال‬ ‫ماَءم ك كل ل م‬
‫هاَ﴾)‪ ،(2‬أي بالتوقيف اللهي أو الوحي‪ :‬ب‬ ‫م ا مل س‬
‫س م‬ ‫عل لم م‬
‫م آدم م‬ ‫و م‬
‫بالية‪ ﴿ :‬م‬
‫خلق الصوات والحروف‪ ،‬ويسمعها الواحد أو الجماعة‪ ،‬ويخلق له أو لهم المْعلم الضللروري‬
‫)‪(3‬‬
‫بأدنها قـصدت للددلّلة على المعاني‪ ،‬وحجتهم الية السابقة‪.‬‬
‫إلللى‬ ‫وذهب أبو إسحاق السفرائيني إلى أدن‪» :‬القدر الذي يدعو به النسان غايره‬
‫للا يلدعو بله‬
‫التواضع بالتوقيف‪ ،‬وألّ فلو كان باصطلحا‪ ،‬فالّصطلحا عليه متوقف على م‬
‫النسان غايره إلى الّصطلحا‪ ،‬على ذلك المر فإن كان الّصطلحا لزم التسلسل وهو ممتنع‪،‬‬
‫فلم يبق غاير التوقيف«)‪ ،(4‬وهو قد جموز المذاهب كدلها‪.‬‬
‫ونجد المدي يأخذ ببعض المذاهب لقوة حجتها فيمايل إلى رأي الشعري القائل بالتوقيف‪،‬‬
‫كما يرجح رأي القاضي أبي بكر الباقلني حيث يجمع بين القول بوجود علقة طبيعية بيللن‬
‫من أهل التحقيق‬ ‫الدال والمدلول‪ ،‬وعدم وجودها‪ ،‬فيقول‪» :‬وذهب القاضي أبو بكر وغايره‬
‫)‪(5‬‬
‫إلى أدن كدل واحد من هذه المذاهب ممكن‪.«...‬‬
‫وقد نقض المدى القول بالمناسبة الطبيعية ويورد مذاهب الصللوليين القللائلين بللأدن‬
‫للي‬
‫للو رأى القاض‬
‫للي‪ ،‬وه‬
‫الواضع هوال‪ ،‬وهي مذاهب ممكنة الوقوع لعدم وجود دليل قطع‬
‫للور‬
‫للا جمه‬
‫للى‪ ،‬ويراه‬ ‫أددت هذه المسألة إلى مسألة المناسبة بين اللف‬
‫للظ والمعن‬ ‫)‪(6‬‬
‫أبوبكر‪.‬‬
‫الصوليين أدنها صلة عرفية وليست لمناسبة طبيعية سواء قيل بأدن نشأة اللغة توقيفا ووحيا أو‬
‫)‪(7‬‬
‫مواضعة وتوفيقا‪.‬‬
‫‪ ()1‬الآمدي سيف الدين محمد بن علي‪ :‬الحكام في أصوأل الحكام‪ ،‬تح سيد الجيلي‪ ،‬ط ‪ ،2‬دار الكتاب العربي‪ ،‬بيروأت‬
‫‪ ،1986‬ج ‪ ،1‬ص ‪.73‬‬
‫‪ ()2‬سوأرة البقرة‪ :‬آية ‪.31‬‬
‫‪ ()3‬ينظر‪ :‬المدي‪ :‬الحكام في أصوأل الحكام‪ ،‬ج ‪ ،1‬ص ‪.75 – 74‬‬
‫‪ ()4‬المصدر نفسه‪ :‬ج ‪ ،1‬ص ‪.10‬‬
‫‪ ()5‬المصدر السابق‪ :‬ج ‪ ،1‬ص ‪.75‬‬
‫‪ ()6‬ينظر‪ :‬عبد الجليل منقوأر‪ :‬علم الدلّلة ‪ -‬أصوأله وأمباحثه في التراث العربي ‪ -‬منشوأرات اتحاد الكتاب العرب‪ ،‬دمشق‬
‫‪ ،2001‬ص ‪ .182-181‬وأينظر‪ :‬جهوأد الآمدى‪ :‬الدلّلية‪ ،‬رسالة ماجستير‪ ،‬ص ‪.188‬‬
‫‪ ()7‬ينظر‪ :‬طاهر سليمان حموأدة‪ :‬دراسة المعنى عند الصوأليين‪ ،‬ص ‪.175‬‬
‫‪71‬‬
‫الفصل الوأل‬
‫المستوأى الددلّلي في الفكر الدلساني العربي القديم‬
‫هذه بعض الراء‪ -‬بإيجاز‪ -‬حول مسألة نشأة اللغة‪ ،‬وكان هدف الصوليين مللن وراء‬
‫ذلك هو محاولة التوصل إلى معرفة الطرق التي تـثـيبت بها الدلغة "لغة الدنللص القرآنللي"‬
‫لّرتباط ألفاظها بما تديل عليه لغة العرب‪ ،‬هذا هو طريق معرفة الدلّلة التي تحللدد القصللد‬
‫والحكم الشرعي‪ ،‬ونجد ارتباط وضعية الدلغة وعرفيتها بمسألة نشأة الدلغة‪.‬‬
‫إدن العلقة بين الدلفظ والمعنى عند علماء الصول‪ ،‬علقة عرفية اصطلحية اعتباطي‬
‫للة‪،‬‬
‫ص بعض اللفاظ التي تحمل دلّلة صوتها كما بين ذلك ابن‬
‫وليست علقة طبيعية إلّ فيما يخ د‬
‫جني سابقا‪ ،‬ولو كانت العلقة طبيعية بين الّسم والمسمى لتوحدت الدلغات‪ ،‬وليفمْهم كدل إنس‬
‫للان‬
‫أمية لغة من لغات البشر‪ ،‬وقد أنكروا رأي عباد الصيمري المعتزلي الذي يرى أدن المناسللبة‬
‫طبيعية بين الدلفظ ومدلوله‪ ،‬وأكدوا أدن ال د‬
‫صلة عرفية وضعية‪ ،‬لّ هللي طبيعيللة ولّ عقليللة‬
‫منطقية)‪ ،(1‬وهو يرى هذه الصلة طبيعية ذاتية‪ ،‬ويحدجته في ذلك‪ :‬بأدنه لو لم توجد هذه المناسبة‬
‫لكان تخصيص الّسم المعين ترجيحا من غاير يميرمجح‪ ،‬ولما كان اختصاص معنى معين بلفظ‬
‫معين أولى من غايره)‪ ،(2‬ويفظسر بعض من تبع رأيه بقوله‪» :‬إدنه يعرف مناسبة اللفاظ معانيها‬
‫فسئل‪ :‬ما يميسممى " إذغااغ" ؟‪ ،‬وهو بالفارسية‪" :‬الحجر"‪ ،‬فقال‪ :‬أجد فيه ييبسللا شللديدا‪ ،‬وأراه‬
‫)‪(3‬‬
‫الحجر«‪.‬‬
‫للاختلف‬
‫للة ب‬ ‫ويعلل الصوليون فساد هذا الرأي‪ :‬بأدنها لو كانت ذاتية لما اختلف‬
‫للت اللغ‬
‫النواحي‪ ،‬ولكان كدل إنسان يهتدي إلى كدل لغة‪ ،‬ولكان الوضع للضدين محالّ‪ ،‬وليسّ بمحللال‬
‫)‪(4‬‬
‫بدليل" القحريء للحيض والدطهر‪ ،‬واليجحوين للسواد البياض"‪.‬‬
‫ويبرز موقفهم أيضا في إنكارهم لهذه الصلة الطبيعية‪ ،‬وتأكيدهم على الصلة العرفية في‬
‫ثبوت السماء بالقياسّ أي بالفعل دون النقل عن العرب "أصل العرف"‪ ،‬واستقر رأيهم علللى‬
‫للى‬
‫للم عل‬ ‫أدن الدلغة لّ تثبت قياسا ولّ يجرى القياسّ فيها)‪ ،(5‬بمعنى أدنه لّ يجوز أحن يطل‬
‫للق اس‬

‫‪ ()1‬ينظر‪ :‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.176 – 175‬‬


‫اللغة‪ ،‬ج ‪ ،1‬ص ‪ .47‬وأينظر‪ :‬المدى‪ :‬الحكام‪ ،‬ج ‪ ،1‬ص ‪.104‬‬ ‫‪ ()2‬السيوأطي‪ :‬المزهر في علوأم د‬
‫‪ ()3‬المصدر نفسه‪ ،‬ج ‪ ،1‬ص ‪.47‬‬
‫‪ ()4‬السنوأي جمال الدين عبد الرحيم‪ :‬شرح السنوأي " نهاية السؤال لمنهاج الوأصوأل في علم الصوأل " للقاضي‬
‫البيضاوأي‪ ،‬مطبعة صبيح‪ ،‬القاهرة ‪ ،1969‬ج ‪ ،1‬ص ‪.171‬‬
‫‪ ()5‬ينظر‪ :‬السيوأطي‪ :‬المزهر‪ ،‬ج ‪ ،1‬ص ‪.59‬‬
‫‪72‬‬
‫الفصل الوأل‬
‫المستوأى الددلّلي في الفكر الدلساني العربي القديم‬
‫مسمى دون نقل عن العرب وهم أهل اللغة‪ ،‬لوجود معنى مشترك بين الّسللمين‪ :‬كللإطلق‬
‫في اللدغ‬
‫للات)‪،(1‬‬ ‫الخمر على النبيذ‪ ،‬فالدلغة عندهم تـثيبت نقل لّ قياسا‪ ،‬ولّ مجال للعقل‬
‫فهم ينكرون ثبوت الدلغة بالقياسّ أي العقل دون النقل شأن إنكارهم للمناسبة الطبيعية‪ ،‬وهللذا‬
‫رأي جمهور الصوليين‪.‬‬
‫كما نجد أدن الدلغويين يخالفون عباد الصيمري‪ ،‬ولكن يرون مناسبة بين اللفاظ ومعانيه‬
‫للا‬
‫من نوع آخر كما ظهر ذلك عند ابن جني‪ .‬والذين أثبتوا القياسّ على بعض اللفاظ أنكللروا‬
‫القياسّ على العلم واللقاب‪ ،‬لدنها تفيد وصفا للمسمى بل لمجرد التعيين والتعريف‪ ،‬وك‬
‫للان‬
‫)‪(2‬‬
‫الخلف في السماء المشتقة من المعاني‪.‬‬
‫هذه هي المباحث الصولية النظرية التي تناولت العلقة بين الدلفظ والمعنى‪ ،‬وهي أصل‬
‫الدلغة ونشأتها‪ ،‬وجواز القياسّ في الدلغة أو عدمه والّختلف في دلّلة السللماء الشللرعية‪،‬‬
‫وتأتي المباحث التطبيقية لتفسير الخطاب الشرعي بتناولها أنواع دلّلة اللفظ علللى المعنللى‬
‫استقرادءا من كلم العرب‪ ،‬وسنحاول أن نبين تقسيمات بعض الصوليين لدن مذاهبهم كثيرة‪،‬‬
‫من تقسيمات عامللة‪،‬‬ ‫واختلفاتهم في التنظير متباينة‪ ،‬فحاولت أن أقدم ما اتفقوا عليه‬
‫وماله علقة واضحة بالمستوى الدلّلي في استنباط الحكام الشرعية‪ ،‬فكان مبحثهم قائما على‬
‫لللتها‬
‫للي‪ ،‬وص‬ ‫دلّلة الدنص معتمدين ثنائية الدلفظ والمعنى لهميتها في البناء الص‬
‫للولي الفقه‬
‫العقلية في الحكام الشرعية‪.‬‬
‫للود‬
‫للول الوج‬
‫للاؤل ح‬
‫للان التس‬
‫وتناول الصوليون نظرية الوضع مختلفين في ذلك‪ ،‬وك‬
‫والماهية وأديهما الصل؟‪،‬ومنه السؤال حول ‪ :‬هل اللفاظ موضوعة بإزاء الصور الذهنية أو‬
‫)‪(3‬‬
‫بإزاء الماهيات الخارجية‪.‬‬
‫ويور الشوكاني جملة من الراء فيقول‪» :‬قال الجويني والدرازي وغايرهم‬
‫للا‪ :‬إدن اللف‬
‫للظ‬
‫موضوع للصورة الذهنية سواء كانت موجودة في الذهن والخارج أو في الذهن فقط‪ ،‬وقيللل‬
‫هو موضوع للموجود الخارجي وبه قال أبو إسحاق‪ :‬وقيل هو موضوع للعم من الللذهني‬

‫‪ ( )1‬ينظر‪ :‬الغزالي‪ :‬المستصفى‪ ،‬ص ‪.262‬‬


‫‪ ()2‬ينظر‪ :‬ابن جني‪ :‬الخصائص‪ ،‬ج ‪ ،2‬ص ‪ .116-113‬وأج ‪ ،2‬ص ‪.154-152‬‬
‫‪ ()3‬ينظر‪ :‬المزهر‪ ،‬ج ‪ ،1‬ص ‪.42‬‬
‫‪73‬‬
‫الفصل الوأل‬
‫المستوأى الددلّلي في الفكر الدلساني العربي القديم‬
‫للية‬
‫للخاص أحي العلم الشخص‬
‫للي الش‬ ‫والخارجي‪ ،‬وردجحه الصفهاني‪ ،‬وقيل إدن اللف‬
‫للظ ف‬
‫للورة‬
‫للار الص‬
‫موضوع للوجود الخارجي ولّ ينافي كونه للموجود الخارجي وجوب استحض‬
‫)‪(1‬‬
‫الذهنية‪ ،‬فالصورة الذهنية آلة لملحظة الوجود الخارجي لّ أنها الموضوع لها‪.«...‬‬
‫ثم اهتم الصوليون باللفاظ المفردة مستقصين دلّلتها منذ وضعها الول متتبعين تغديللر‬
‫للن خلل‬
‫للة م‬
‫للاني الدلّلي‬
‫دلّلتها وانتقالها‪ ،‬كما تناولوا التركيب اللغوي الذي ينبئ عن المع‬
‫للي‬
‫الكلمات‪ ،‬وعلقاتها في السياق لمعرفة الحكام الفقهية‪ ،‬فطابقوا بين الدلّلة والّستدلّل ف‬
‫للد‬ ‫أبحاثهم الصولية‪ ،‬وبين طرق دلّلة الدلفظ على المعاني وطرق تصيرف العقل فيه‬
‫للا‪ ،‬ونج‬
‫الّستدلّل من المصطلحات الصولية التي ارتبطت ارتباطا وثيقا بالدلّلة‪ :‬وهو يعني النظر‬
‫في الدليل‪ ،‬والدليل‪ :‬هو ما يمكن التوصل بصحيح النظر إلى مطلوب خبري ظني أو علمللي‬
‫)‪(2‬‬
‫وأخذ المكان "إمكان التوصل" لّ فعليته لخراج الحدد‪.‬‬
‫وكانت التقابلية بين الدال والمدلول من أولويات اهتمامهم الددلّلي يقول السيد أحمد خليل‪:‬‬
‫»وهم أدول من يعمْني بمشكلة الدلفظ والمعنى تاريخيا‪ ،‬وذلك لّرتباطها بالحكم الدذي يراد فهم‬
‫لله‬
‫للاط‬ ‫وتطبيقية إذ الحكم في عامه أمره لّ يخاطب الوجدان‪ ،‬وإدنما يخاطب العقل الذي ه‬
‫للو من‬
‫)‪(3‬‬
‫التفكير ودعامة القناع ووسيلة الفهم«‪.‬‬
‫ولعل أدول الصوليين الذين نـسب إليهم علم الصول هو الشافعي ) تل ‪204‬هل(‪ ،‬وهو‬
‫من أئمة أصول الفقه‪ ،‬وكانت مناظراته تدور حول الكلمات وتحديد معانيها‪ ،‬والجمل وتآليفها‪،‬‬
‫فأدلف رسالته الصولية لتمثل طريقا وسطا بين أهل الدرأي وأهل الحديث‪ ،‬وكانت أبحاثه م‬
‫للن‬
‫صميم الدراسة الصولية حيث اتجهت إلى الدلّلة المستمدة من الدنص القرآني‪ ،‬وأثللر هللذه‬
‫الدلّلة على الحكام الشرعية)‪ ،(4‬ويشهد الدرازي على ذلك بقوله‪» :‬واعلم أدن نسبة الشللافعي‬
‫إلى علم الصول كنسبة أرسطوطاليسّ إلى علم المنطق وكنسبة الخليل بن أحمد إلللى علللم‬

‫‪ ()1‬الشوأكاني‪ :‬إرشاد الفحوأل إلى تحقيق الحق في علم الّصوأل‪ ،‬ط ‪ ،1‬مطبعة البابي الحلبي‪ ،‬القاهرة ‪ ،1937‬ص ‪.14‬‬
‫وأينظر‪ :‬السيوأطي ‪ :‬المزهر‪ ،‬ج ‪ ، 1‬ص ‪. 44 – 42‬‬
‫‪ ()2‬ينظر‪ :‬الشوأكاني‪ :‬إرشاد الفحوأل‪ ،‬ص ‪ .5‬وأينظر‪ :‬التهانوأى‪ ،‬كشاف اصطلحات الفنوأن‪ ،‬تح لطفي عبد البديع‪ ،‬الهيئة‬
‫المصرية‪ ،‬القاهرة ‪ ،1969‬ج ‪ ،2‬ص ‪.493 – 492‬‬
‫‪ ()3‬السيد أحمد خليل‪ :‬دراسات في القرآن‪ ،‬ص ‪.47‬‬
‫‪ ()4‬ينظر‪ :‬سليمان حموأدة‪ :‬التصوأر د‬
‫اللغوأي عند علماء الصوأل‪ ،‬ص ‪.29‬‬
‫‪74‬‬
‫الفصل الوأل‬
‫المستوأى الددلّلي في الفكر الدلساني العربي القديم‬
‫للم‬
‫للتخرج عل‬
‫للدة‪ ،‬واس‬
‫العروض )‪ ،(...‬فلدما رأى أرسطوطاليسّ ذلك اعتزل الناسّ مدة مدي‬
‫المنطق‪ ،‬ووضع للخلق قانونا كدليا يرجع إليه في معرفة ترتيب الحدود والللبراهين‪ ،‬كللذلك‬
‫للرد الطبلع‪،‬‬
‫للى مج‬
‫للادهم عل‬
‫الشعراء كانوا قبل الخليل بن أحمد ينظمون أشعار وكان اعتم‬
‫للده‪،‬‬ ‫فاستخرج الخليل علم العروض‪ ،‬فكان ذلك قانونا كدليا في معرفة مصالح الش‬
‫للعر ومفاس‬
‫فكذلك هاهنا الناسّ كانوا قبل المام الشافعي يتكلمون في مسائل أصول الفقلله‪ ،‬ويسللتدلون‬
‫ويعترضون ولكن ما كان لهم قانون كلدي مرجوع إليه في معرفة دلّئل الشريعة وفي كيفيللة‬
‫للانون كلدي‬
‫للا‬ ‫معارضتها وترجيحاتها‪ ،‬فاستنبط الشافعي رحمه ال علم أصول الفقه‪ ،‬ووضع ق‬
‫للبة‬
‫إلى علم الشرع كنس‬ ‫يرجع إليه في معرفة مراتب أدلة الشرع‪ ،‬فثبت أدن نسبة الشافعي‬
‫)‪(1‬‬
‫أرسطوطالسّ إلى علم العقل«‪.‬‬
‫للول‬ ‫لقد انفرد الشافعي بمنهج متمديز وخاص‪ ،‬فدرسّ الكتاب واليسدنة‪ ،‬ثم أنشأ يبح‬
‫للث أص‬
‫للاسّ )‪.(2‬‬
‫للك بالقي‬
‫أخرى تفي حاجات الناسّ في زمانهم وبيئتهم‪ ،‬فاتجه إلى الجماع‪ ،‬واستمس‬
‫للة‬
‫للايرة الدلّل‬ ‫وكان الشافعي بداية جديدة لمن جاء بعده حيث حددد الّتجاه الصولي ف‬
‫للي مغ‬
‫اللفظية في الّستعمال القرآني والسنة والساليب المستعملة في البيئة السلمية ‪.‬‬
‫وبمين في رسالته لنواع الدلّلة منها‪ :‬ما ييسميه بالعام الظاهر الذي يراد به العام‪ ،‬وعللام‬
‫الظاهر الذي يراد به العام وييحديخله الخصوص‪ ،‬وعام الظاهر الللذييللرادبلله الخللاص‪،‬‬
‫والّشتراك والترادف الدلفظي فيقول‪ (...) » :‬وأدن فطرته "أي الدلسان العربي " أحن يخللاطب‬
‫بالشيء منه عاما ظاهرا يراد به العام الظاهر )‪ ،(...‬وعاما ظاهرا يراد به العللام ويللدخله‬
‫الخاص‪ ،‬فيستدل على هذا ببعض ما خوطب به فيه‪ ،‬عاما ظاهرا يراد بلله الخللاص )‪،(...‬‬
‫نتبدين من‬ ‫)‪(3‬‬
‫ويتسمْمي الشيء الواحد بالسماء الكثيرة‪ ،‬وتسمْمي بالّسم الواحد المعاني الكثيرة«‪.‬‬
‫للاص‪،‬‬
‫للام‪ ،‬الخ‬
‫للظ الع‬ ‫الدنص تقسيم الشافعي لنواع الدلّلة من حيث الشمول ويتض‬
‫للدمن اللف‬
‫المشترك‪ ،‬المترادف‪ ،‬واتسمت عناية الشافعي بالبحوث الدلّلة واتسمت بالبساطة إذا قورنت‬
‫للم الكلم‬
‫للع عل‬
‫للداخلت م‬
‫بمن جاء بعده حيث تناولوها بالتفصيل‪ ،‬وتجدمعت هذه المباحث وت‬

‫‪ ()1‬تاج الدين السبكي‪ :‬طبقات الشافعية‪ ،‬دار المعرفة‪ ،‬بيروأت‪) ،‬د‪ .‬ت(‪ ،‬ج ‪ ،1‬ص ‪ 100‬وأما بعدها‪.‬‬
‫‪ ()2‬أحمد عبد الغفار‪ :‬التصوأر اللغوأي‪ ،‬ص ‪.37‬‬
‫‪ ()3‬الشافعي محمد بن إدريس‪ :‬الرسالة‪ ،‬تح أحمد شاكر‪ ،‬مكتبة دار التراث‪ ،‬القاهرة ‪ ،1940‬ص ‪.52‬‬
‫‪75‬‬
‫الفصل الوأل‬
‫المستوأى الددلّلي في الفكر الدلساني العربي القديم‬
‫للة‬
‫للي‪ :‬علق‬
‫للة وه‬
‫والبلغاة واللغة‪ ،‬فأخذوها مجتمعة‪ ،‬كما عرضوا لنواع الدلّلّت اللفظي‬
‫مطابقة أي علقة اللفظ بمعناه‪ ،‬وتضيمن‪ /‬وهي جزء المعنى‪ ،‬والتزام‪ /‬وهي شيء خارج عنها‬
‫للى‬
‫للى المعن‬
‫عل‬ ‫ملصق لها)‪ ،(1‬وهو اتجاه أشار إليه الغزالي في قوله‪» :‬إدن دلّلة الدلفظ‬
‫للى‬ ‫تنحصر في ثلثة أوجه هي‪ :‬المطابقة والتضدمن والّلتزام‪ ،‬فإن لفظ البيت يددل عل‬
‫للى معن‬
‫البيت بطريقة المطابقة‪ ،‬ويدل على السقف وحده بطريق التضدمن لدن البيت يتضمن السقف‪،‬‬
‫وأدما طريق الّلتزام فهو كدلّلة لفظ السقف على الحائط‪ ،‬فهو كالرفيق الملزم الخارج عللن‬
‫ذات السقف الذي لّ ينفك السقف عنه«)‪.(2‬‬
‫من‬ ‫وانصبت البحوث بعد الشافعي إلى تحديد القصد الذي هو استخلص الحكام‬
‫الدلّلة الشرعية‪ ،‬ونلحظ أدن الغزالي قد حذر من استعمال اللفاظ التي تددل بطريق الّل‬
‫للتزام‬
‫مقتصرا على ما يددل بطريق المطابقة والتضدمن‪ ،‬لدنها دلّلة لّ يمكن حصرها‪ .‬ودار الدنقاش‬
‫التي بمينها الشافعي‬ ‫بين الصوليين حول الددلّلة الدلغوية والدلّلية الشرعية لللفاظ الشرعية‬
‫كالصلة‪ ،‬والزكاة‪ ،‬والصوم التي اكتسبت مفاهيم جديدة " العبادات"‪ ،‬رغام أدن وصفها الدلغوي‬
‫غاير ذلك"الددعاء‪ ،‬الدنمو‪ ،‬المساك‪ ،(3)"...‬وللمام الغزالي رأي معتدل في هذه اللفاظ‪ ،‬حي‬
‫للث‬
‫يقول‪ » :‬والمختار عندنا أدنه لّ سبيل إلى إنكار تصدرف الشرع في هذه السامي‪ ،‬ولّ سللبيل‬
‫إلى دعوى كونها منقولة عن اللغة بالكظلية كما ظنه قوم‪ ،‬ولكن يعحريف الدلغللة يت ي‬
‫صللمرف فللي‬
‫السامي )‪ (...‬فتصمرف الدشرع في الحج والصوم وما إلى ذلللك إذ الشللرع عللرف فللي‬
‫)‪(4‬‬
‫الّستعمال كما للعرب ‪.«...‬‬
‫فهذه اللفاظ اكتسبت عرفية شرعية لكثرة استعمالها في الشرع‪ ،‬وهو اتجاه مقبول عنللد‬
‫الغزالي‪ .‬ونرى أدن أقسام الدلّلة تمثل الجهد الكبرعند علماء الصول‪ ،‬فتناولوا دلّلة اللفاظ‬
‫على المعاني باعتبارات متعددة‪ ،‬فنجد الشافعية قد قمسموا الدلّلة إلى منطوق ومفهوم‪ ،‬ودلّلة‬
‫للريح‪،‬‬ ‫المنطوق‪» ،‬وهو ما ددل عليه الدلفظ في محل النطق«)‪ ،(5‬وجعلوه قسمين أح‬
‫للدهما‪ :‬ص‬
‫‪ ()1‬ينظر ‪ :‬أحمد عبد الغفار‪ :‬الت د‬
‫صوأر اللدغوأي‪ ،‬ص ‪. 37‬‬
‫‪ ()2‬الغزالي‪ :‬المستصفى‪ ،‬ط ‪ ،1‬المطبعة الميرية‪ ،‬بوألّق ‪1324‬هـ‪ ،‬ج ‪ ،1‬ص ‪.30‬‬
‫اللغوأي‪ ،‬ص ‪.95‬‬ ‫‪ ()3‬ينظر‪ :‬أحمد عبد الغفار‪ :‬الت د‬
‫صوأر د‬
‫‪ ()4‬الغزالي‪ :‬المستصفى‪ ،‬ج ‪ ،1‬ص ‪.33‬‬
‫‪ ()5‬التهانوأي‪ :‬كشداف اصطلحات الفنوأن‪ ،‬ج ‪ ،6‬ص ‪.1420‬‬
‫‪76‬‬
‫الفصل الوأل‬
‫المستوأى الددلّلي في الفكر الدلساني العربي القديم‬
‫وهو ما فهم من دلّلة اللفظ في محل النطق‪ .‬وهو الدذي يددل صراحة على المعنى‪ ،‬ويسللمى‬
‫بدلّلة العبارة وثانيهما‪ :‬غاير صريح‪ ،‬وهو يددل على لّزم المعنى وهو قسللمان‪ :‬مقصللودة‬
‫أدما دلّلة المفهوم‪» :‬فهو ما‬ ‫)‪(1‬‬
‫بالدلفظ أو إيماء‪ ،‬والخرى غاير مقصودة بالدلفظ وتسمى إشارة‪.‬‬
‫من اللفظ في غاير محل حكما لغير‬ ‫ددل عليه اللفظ لّ في محل النطق‪ ،‬بل يكون هو ما يفهم‬
‫المذكور وحالّ من أحواله«)‪ ،(2‬وهو قسمان دلّلة الموافقة‪ ،‬وتسمى بالفحوى‪ ،‬ودلّلة مخالفة‪،‬‬
‫)‪(3‬‬
‫وتشمل المخالفة "باللقب أو بالوصف أو بالشرط أو بالغاية أو بالعدد"‪.‬‬
‫مللن‬ ‫ويقسم الحنيفة الددلّلة إلى أربعة أقسام عبارة النص‪ ،‬وتعني عندهم كدل ما يفهم‬
‫ذوات اللفاظ مهما تكن درجته في الوضوحا والخفاء‪ ،‬إشارة النص ودلّلة النللص وتسللمى‬
‫بالفحوى أو مفهوم الموافقة أو الدلّلة الولى أو القياسّ الجلدي وهي دلّلة الّقتضاء)‪ .(4‬ويقسم‬
‫الغزالي والمدى دلّلة الدلفظ على الحكم إلى ثلثة أجناسّ أساسية هي‪:‬‬
‫للاز‬
‫للة والمج‬ ‫‪ -1‬دلّلة بالصيغة والمنظوم‪ :‬وتشمل العام والخاص والمر والدنه‬
‫للي والحقيق‬
‫والواضح وغاير الواضح‪.‬‬
‫للة‬
‫للوم الموافق‬
‫‪ -2‬دلّلة بالفحوى والمفهوم‪ :‬وتشمل دلّلة الّقتضاء والشارة واليماء ومفه‬
‫والمخالفة‪.‬‬
‫)‪(5‬‬
‫‪ -3‬دلّلة الدلفظ بمعناه ومعقوله‪ :‬وهو القياسّ‪.‬‬
‫)‪(6‬‬
‫أقسام الدلّلة عند الحنفية‬

‫باعتبار استعمال اللفظ وخفائه‬ ‫باعتبار وضع اللفظ للمعنى‬ ‫باعتبار ظهور المعنى‬

‫‪ ()1‬ينظر‪ :‬محمد الخضيري‪ ،‬أصوأل الفقه‪ ،‬ص ‪.122 – 126‬‬


‫‪ ()2‬التهانوأي‪ :‬كشداف اصطلحات الفنوأن‪ ،‬ج ‪ ،6‬ص ‪.1421-1420‬‬
‫‪ ()3‬ينظر‪ :‬سليمان حموأدة‪ :‬المعنى عند الصوأليين‪ ،‬ص ‪.13‬‬
‫‪ ()4‬ينظر‪ :‬محمد الخضيري‪ :‬أصوأل الفقه‪ ،‬ص ‪.122 – 121‬‬
‫‪()5‬ينظر‪ :‬الغزالي ‪ :‬المستصفى‪ ،‬ص ‪ . 272 – 271‬وأينظر‪ :‬الآمدى ‪ :‬الحكام ‪ ،‬ج ‪ ، 3‬ص ‪. 93 – 92‬‬
‫‪ ()6‬ينظر ‪ :‬محمد محمد يوأنس ‪ :‬وأصف الدلغة العربية دلّليا‪ ،‬ص ‪. 76‬‬
‫‪77‬‬
‫الفصل الوأل‬
‫المستوأى الددلّلي في الفكر الدلساني العربي القديم‬
‫كناية‬ ‫مشترك‪ /‬حقيقة مجاز صريح‬ ‫عام‬ ‫خاص‬

‫محكم مفسر نص ظاهر خفي مشكل مجمل متشابه‬


‫باعتبار مراد المتكلم‬

‫اقتضاء‬ ‫فحوى‬ ‫إشارة‬ ‫عبارة‬


‫أدما جمهور الفقهاء فقدسموا الددلّلة إلى دلّلة المنطوق ودلّلة المفهوم‪ ،‬وينقسم المنطوق‬
‫وكان‬ ‫)‪(1‬‬
‫إلى قسمين‪ :‬الولى‪ :‬ما يحتمل التأويل وهو الدنص‪ ،‬الثانية‪ :‬ما يحتمله وهو الظاهر‪.‬‬
‫الشافعي يسمي الظاهر نصا‪ ،‬وعليه سار بعض الفقهاء وجعلوهما قسما واحدا‪ ،‬وفدرقوا بينهما‬
‫من حيث قطعيه الددلّلة على المعنى‪ ،‬فالقاطع‪ :‬الدنص والمحتمل لغير المعنى الظاهر احتمالّ‬
‫عليلله الدلفللظ بالمطابقللة أو‬ ‫موجودا‪ :‬هو الظاهر)‪ .(2‬وينقسم النص إلى صريح إذا ددل‬
‫التضمن وغاير صريح إحن ددل عليه باللزام‪ ،‬وينقسم إلى دلّلة اقتضاء وإيمللاء وإشللارة‪ ،‬و‬
‫المفهوم ينقسم إلى مفهوم الموافقة والمخالفة‪.‬‬
‫للاظه‬
‫واختلف الصوليون فيما بينهم أي بين جمهور الحنفية‪ ،‬والشافعية حول العموم وألف‬
‫للل‬
‫للي الص‬
‫ف‬ ‫في فهم النص القرآني‪ ،‬ويذهب الغالبية إلى إثبات ألفاظ العموم ودلّلتها‬
‫)‪(3‬‬
‫على الّستغراق‪ ،‬ويوافقهم الغزالي‪ ،‬كما اتفقوا على تخصيص العام بالدليل‪.‬‬
‫للدد‬
‫للا أك‬
‫كم‬ ‫)‪.(4‬‬
‫وندبه الشافعي إلى أدن العام قد يبقى على عمومه‪ ،‬وقد يدخله الخص‬
‫للوص‬
‫الغزالي إلى أدن العرب تستعمل اللفاظ العامة وهم لّ يرون الّستغراق التام بجميع الف‬
‫للراد‪،‬‬
‫)‪(5‬‬
‫فاحتمل التخصيص‪.‬‬
‫)‪(6‬‬
‫محصورين‬ ‫والعام هو‪ :‬الدلفظ الددال على استغراق أفراد مدلول مع كون الفراد غاير‬

‫اللغوأي‪ ،‬ص ‪.37‬‬ ‫‪ ()1‬الشافعي‪ :‬الرسالة‪ ،‬ص ‪ .52‬وأ ينظر‪ :‬أحمد عبد الغفار‪ :‬الت د‬
‫صوأر د‬
‫)( الغزالي‪ :‬المستصفى‪ ،‬ج ‪ ،1‬ص ‪.30‬‬
‫‪ ()2‬ينظر‪ :‬طاهر سليمان حموأدة‪ :‬دراسة المعنى عند الصوألين‪ ،‬ص ‪. 130‬‬
‫‪ ()3‬ينظر‪ :‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.32 – 31‬‬
‫‪ ()4‬الشافعي‪ :‬الرسالة‪ ،‬تحقيق محمد شاكر‪ ،‬مكتبة التراث‪ ،‬القاهرة ‪ ،1940‬ص ‪.62 – 63‬‬
‫‪ ()5‬ينظر‪ :‬الغزالي‪ :‬المستصفى‪ ،‬ص ‪.28‬‬
‫‪ ()6‬الغزالي‪ :‬المصدر نفسه‪ ،‬ص ‪ .319‬وأينظر‪ :‬عبد الوأهاب خلف‪ ،‬علم أصوأل الفقه‪ ،‬ص ‪.191‬‬
‫‪78‬‬
‫الفصل الوأل‬
‫المستوأى الددلّلي في الفكر الدلساني العربي القديم‬
‫ومن صيغ العموم‪" :‬أسماء الشرط‪ ،‬الّستفهام‪ ،‬السماء الموصولة"‪ .‬أمدا الخاص‪ :‬فهو كدل ما‬
‫ليسّ بعام‪ ،‬ويشمل ما وضع للدلّلة على فرد واحد)‪ ،(1‬والعام يخت‬
‫للص بأسللماء الللذوات أو‬
‫للة‪ (2).‬ويش‬
‫للمل‬ ‫للا عام‬
‫العيان دون أسماء المعاني التي توصف بالكلية في شمولها لجزئياته‬
‫الخاص على المطلق‪ ،‬والمقيد‪ ،‬والمر‪ ،‬والنهي‪ .‬ومن المصطلحات الصولية الدلّليللة مللا‬
‫يأتي‪:‬‬
‫للية أو‬ ‫الددلّلة الحقيقية‪ :‬تابعة لقصد المتكلم وإرادته‪ ،‬وهي ما تسمى بالددلّل‬
‫للة الساس‬ ‫‪-‬‬
‫المركزية عند المحدثين‪.‬‬
‫الددلّلة الضافية‪ :‬وهي الدلّلة الهامشية‪ ،‬وهي تابعة لفهم السامع وإدراكه‪ ،‬وتختلللف‬ ‫‪-‬‬
‫بين السامعين‪.‬‬
‫الوأضوأح وأالخفاء وأقسامهما‪ :‬بدين الصوليون درجة الوضوحا والغموض في اللفاظ‬ ‫‪-‬‬
‫من خلل استعمال النصوص الشرعية‪.‬‬
‫فالواضح‪ :‬هو ما ددل على المراد بنفسّ صيغته من غاير توقف على أمر خارجي‪ .‬أدما‬ ‫‪-‬‬
‫غاير الواضح أو الخفي أو الغامض‪ :‬هو ما لم يفهم المراد منه إ د‬
‫لّ بأمر خارجي‪ ،‬أي بيان‬
‫)‪(3‬‬
‫من نص آخر من القرآن والسنة أو بالقرائن‪.‬‬
‫للات‬
‫للم"‪ ،‬ودرج‬
‫للر والمحك‬
‫للص والمفس‬
‫وينقسم الوضوحا عند الحنفية إلى‪" :‬الظاهر والن‬
‫)‪(4‬‬
‫الوضوحا تبدأ بأعلها درجة‪ ،‬وهو المفسر والمحكم‪ ،‬ثم الدنص‪ ،‬وأدناها الظاهر‪.‬‬
‫للاهر‬
‫للا‪ :‬الظ‬
‫للط وهم‬
‫أدما عند الشافعية وجمهور الصوليين‪ ،‬فالوضوحا على درجتين فق‬
‫والنص‪ ،‬وهو أعلى من الظاهر‪ .‬أدما المحكم فيشمل الظاهر والنص‪ ،‬وهم يجعلللونه مقللابل‬
‫)‪(5‬‬
‫للمتشابه أي غاامض الدلّلة‪.‬‬
‫للى‬
‫أدما عند غايرهم فتنقسم درجات الوضوحا إلى الظاهر والنص‪ ،‬والتفرقة بينهما تقوم عل‬

‫‪ ()1‬ينظر‪ :‬طاهر سليمان حموأدة‪ :‬دراسة المعنى عند الصوأليين‪ ،‬ص ‪.15‬‬
‫‪ ()2‬ينظر‪ :‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.31‬‬
‫‪ ()3‬ينظر‪ :‬الآمدي ‪ :‬الحكام ‪ ،‬ج ‪ ، 3‬ص ‪. 73‬‬
‫‪ ()4‬ينظر‪ :‬سليمان حموأدة‪ :‬دراسة المعنى عند الصوأليين‪ ،‬ص ‪ ،129‬ينظر‪ :‬أحمد عبد الغفار‪ :‬التصوأر اللغوأي‪ ،‬ص ‪167‬‬
‫وأما بعدها‪.‬‬
‫‪ ()5‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪ .129‬وأينظر‪ :‬أحمد عبد الغفار‪ :‬التصوأر اللغوأي‪ ،‬ص ‪ 169‬وأما بعدها‪.‬‬
‫‪79‬‬
‫الفصل الوأل‬
‫المستوأى الددلّلي في الفكر الدلساني العربي القديم‬
‫أساسّ قطعية الدلّلة أو احتمال التأويل‪ ،‬فما كان قاطعا في دلّلته لّ يقبل تأويل فهو "النص"‪،‬‬
‫للاه‬
‫للن معن‬
‫ع‬ ‫وما قبل قبولّ مرمجحا فهو الظاهر‪ ،‬وهما من الواضح‪ ،‬وإذا صرف الظاهر‬
‫)‪(1‬‬
‫الغالب فيه إلى المعنى المرجوحا بتأويل يسمي عندهم مؤمولّ‪.‬‬
‫وأالظاهر‪» :‬هو ما ددل على معنى بالوضع الصلي أو اليعرفي‪ ،‬ويحتمل غايره احتمالّ‬ ‫‪‬‬
‫)‪(2‬‬
‫مرجودحا«‪.‬‬
‫لله‪،‬‬ ‫وأالتأوأيل‪» :‬هو حمل الدلفظ على غاير مدلوله الظاهر منه مع احتملال اللدف‬
‫للظ ل‬ ‫‪‬‬
‫)‪(3‬‬
‫والصحيح من التأويل ما اعتمد على دليل في صرف الدلفظ عن ظاهره«‪.‬‬
‫الدنص‪ :‬وهو عند غاير الحنفية‪» :‬ما لّ يتطرق إليه احتمال أصل «)‪ ،(4‬كألفاظ العداد‪،‬‬ ‫‪‬‬
‫ولفظ الفرسّ لّ يحتمل الدلّلة على البعير مثل‪ ،‬وهو عند الحنفية‪» :‬الدلفظ الدال بصيغته‬
‫)‪(5‬‬
‫على معناه الذي قصد أصالة من الكلم مع احتمال التأويل والتخصيص والنسخ«‪.‬‬
‫وأالمفسر‪» :‬هو الدلفظ الدال بصيغته على معناه المقصود أصالة من السللياق بللدون‬ ‫‪‬‬
‫)‪(6‬‬
‫احتمال تأويل‪ ،‬ويحتمل النسخ«‪.‬‬
‫المحكم‪ » :‬هو اللفظ الدال بصيغته على معناه المقصود أصالة‪ ،‬وهو واضح في معناه‬ ‫‪‬‬
‫)‪(7‬‬
‫لّ يقبل التأويل و لّ التخصيص ولّ النسخ«‪.‬‬
‫أدما أقسام الخفي أو غاير الواضح فهي‪:‬‬
‫للاقه‬
‫للي انطب‬
‫للاء ف‬
‫لله الخف‬
‫الخفي‪ :‬هو اللفظ الدال على معناه الظاهر‪ ،‬لكنه يعرض ل‬ ‫‪‬‬
‫على بعض أفراده‪ ،‬فهو خارج الصيغة‪.‬‬
‫المشكل‪ :‬هو الدلفظ الذي يخمْفيي معناه بسبب ذات الدلفظ‪ ،‬فاحتاج إلى قرينة تبين معنللاه‬ ‫‪‬‬
‫كاللفظ المشترك لكلمة " قحرء " تددل على الطهر والحيض‪.‬‬
‫‪()1‬‬
‫ينظر‪ :‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.129‬‬
‫‪()2‬‬
‫الآمدى‪ :‬الحكام‪ ،‬ج ‪ 3‬ص ‪.73‬‬
‫‪()3‬‬
‫المصدر نفسه‪ ،‬ص ‪.74‬‬
‫‪()4‬‬
‫ينظر‪ :‬الغزالي‪ :‬المستصفى‪ ،‬ص ‪.283‬‬
‫‪()5‬‬
‫محمد أبوأ زهرة‪ :‬أصوأل الفقه‪ ،‬ص ‪.95‬‬
‫‪()6‬‬
‫المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.96 – 95‬‬
‫‪()7‬‬
‫المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.97 – 96‬‬
‫‪80‬‬
‫الفصل الوأل‬
‫المستوأى الددلّلي في الفكر الدلساني العربي القديم‬
‫للو‬
‫الممسجممل‪ :‬وهو الذي ينطوي في معناه على عدة أحكام وأحوال‪ ،‬ويتوصل بمبين وه‬ ‫‪‬‬
‫تعريف الحنفية)‪.(1‬‬
‫للومه‬
‫للي مفه‬
‫للف ف‬
‫للاه‪ ،‬واختل‬ ‫المتشابه‪ :‬وهو عند الحنفية الدلفظ الذي يخف‬
‫للى معن‬ ‫‪‬‬
‫الصوليون‪ ،‬فمنهم من يثبته ومنهم من ينكره)‪ ،(2‬وهو لّ يدرك بالعقول‪ .‬وينفي الغزال‬
‫للي‬
‫وقوع المتشابه في كتاب ال‪ ،‬والحروف المقطعة في القرآن ذات دلّلّت لغوية‪ (3).‬هللذه‬
‫أهم المصطلحات الصولية التي تعلقت بالدلّلة من حيث الشمول والحصر ومن حيللث‬
‫الوضوحا والخفاء‪.‬‬
‫أدما ما يتعلق بطرق الدلّلة وهي عند الجمهور أقسام دلّلة الّلتزام‪:‬‬
‫دلّلة الّقتضاء‪ :‬وهي ما كان المدلول فيه مضمرا أي محذوفا‪ ،‬وتقدير المضللمر‬ ‫‪‬‬
‫)‪(4‬‬
‫من لوازم استقامة المعنى وصحته‪.‬‬
‫دلّلة الشارة‪ :‬أو إشارة الدنص‪ :‬وهي ما يددل عليه الدلفظ بغير صيغته ومنظ‬
‫للومه‪ ،‬أي‬ ‫‪‬‬
‫)‪(5‬‬
‫بغير عبارته‪ ،‬وسميت إشارة لدنها تابعة للكلم‪.‬‬
‫عبارة النص‪ :‬وهي المعنى المفهوم من ذات ألفاظ الدنص‪ ،‬وتسمى عند الشافعية بدلّلة‬ ‫‪‬‬
‫للوص‬
‫للوم والخص‬
‫لليغ العم‬ ‫الصيغة والمنظوم أو المنطوق بصريح الدلفظ‪ ،‬وتش‬
‫للمل ص‬
‫)‪(6‬‬
‫والمشترك‪ ،‬والحقيقة والمجاز‪ ،‬والوضوحا والخفاء‪.‬‬
‫للوم‬
‫للمى بمفه‬ ‫دلّلة الفحوأى‪ :‬وتسمى دلّلة الدنص أو دلّلة اليماء والتنبيه‪ ،‬كم‬
‫للا تس‬ ‫‪‬‬
‫الموافقة أو بالقياسّ الجلدي أو الدولى‪ ،‬وتتمثل في فهم غاير المنطوق به مللن المنطللوق‬
‫بدلّلة سياق الكلم ومقصوده‪ (7).‬ويتعمرف بأدنها‪» :‬ما يكون مدلول الدلفظ في محل السكوت‬

‫‪()1‬‬
‫المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.103‬‬
‫‪()2‬‬
‫السيوأطي‪ :‬التقان في علم القرآن‪،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬ط ‪ ،1.‬بيروأت ‪ ، 1978‬ج ‪ ،3‬ص ‪.03‬‬
‫‪()3‬‬
‫الغزالي‪ :‬المستصفى‪ ،‬ص ‪.127‬‬
‫‪()4‬‬
‫ينظر‪ :‬المصدر نفسه‪ ،‬ص ‪.271‬‬
‫‪()5‬‬
‫ينظر‪ :‬المصدر نفسه‪ ،‬ص ‪.272‬‬
‫‪()6‬‬
‫ينظر‪ :‬نفسه‪.‬‬
‫‪()7‬‬
‫ينظر‪ :‬المصدر نفسه‪ ،‬ص ‪.273 – 271‬‬
‫‪81‬‬
‫الفصل الوأل‬
‫المستوأى الددلّلي في الفكر الدلساني العربي القديم‬
‫موافقا لمدلوله في محل النطق«‪ (1).‬ومثاله قوله تعالى‪﴿ :‬ولل تلققق ق ق ق قل لهم ق ق ق ققاَ أق ف‬
‫ف﴾)‪ .(2‬بمعنى‬ ‫ل قل‬ ‫و‬
‫)‪(3‬‬
‫تحريم عبارة "أمف"‪ ،‬وفي فحواها تحمل الحسان إلى الوالدين‪.‬‬
‫ولّ بد من الشارة إلى أدن هذا التقسيم هو ما اختاره جمهور الصوليين مللن المالكيللة‬
‫والحنابلة والشافعية‪ ،‬أدما الحنفية فاختاروا تقسيما آخر وهو‪ " :‬دلّلة العبارة‪ ،‬دلّلة الشللارة‬
‫للد‬
‫للاء عن‬
‫للة الّقتض‬ ‫ودلّلة الّقتضاء‪ ،‬ودلّلة الدلّلة‪ ،‬وهي دلّلة الدنص"‪ ،‬وهي نفس‬
‫للها دلّل‬
‫الجمهور‪.‬‬
‫أدما عن مراتب هذه النواع في الدلّلة الّلتزامية‪ :‬فأقواها العبارة ثم يليها الشارة فدلّلة‬
‫الفحوى ثم دلّلة الّقتضاء‪ ،‬وهو ترتيب الحنفية‪ .‬أدما الشافعية فيخالفون ذلك ويقدمون دلّلللة‬
‫الشارة‪ ،‬ودليلهم أدن الفحوى تـفيهم لغدة من الدنص‪ ،‬وهي قريبة من دلّلة العبارة‪ ،‬أدما الشارة‬
‫)‪(4‬‬
‫فإدنها من الدلوازم البعيدة عن النصوص‪.‬‬
‫للق‬
‫للوليين لّختلف النس‬
‫للن الص‬
‫وهي تنظيرات تدخل في المفهوم‪ ،‬وقد اختلفت فيما بي‬
‫التعبيري لوحدة السياق المنطوق‪ ،‬ولكن رغام هذا الّختلف فقد اتفقوا على أدن أقللوى هللذه‬
‫الددلّلّت‪" :‬عبارة النص وهي المنطوق الصريح‪ ،‬ثم إشارة الدنص‪ ،‬ثم دلّلة الدنص‪ ،‬أو مفهوم‬
‫الموافقة‪ ،‬ثم دلّلة الّقتضاء"‪.‬‬
‫هذه هي أهدم المباحث التي حاولنا قدر المكان أن نحصرها رغام أدن الحديث في مجللال‬
‫الدبحث الصولي والدلّلي يطول ولّ تتسع له هذه الصفحات‪ ،‬وما هذا المبحث إ د‬
‫لّ نزر يسير‬
‫لتوضيح الّهتمام الددلّلي عند هؤلّء‪ ،‬ومدى تأثر الدرازي بهذا الفكللر بمسللائله المتعللددة‪،‬‬
‫ومذاهبه المختلفة في المصطلحات‪ ،‬والمفاهيم‪ ،‬والتقسيمات‪.‬‬

‫‪()1‬‬
‫الآمدى‪ :‬الحكام‪ ،‬ج ‪ ،3‬ص ‪.94‬‬
‫‪()2‬‬
‫سوأرة السراء‪ :‬آية ‪.23‬‬
‫‪()3‬‬
‫ينظر‪ :‬الغزالي‪ :‬المستصفى‪ ،‬ص ‪.273‬‬
‫‪()4‬‬
‫ينظر‪ :‬محمد أبوأ بزهرة‪ :‬أصوأل الفقه‪ ،‬ص ‪.115 – 114‬‬
‫‪82‬‬
‫الفصل الوأل‬
‫المستوأى الددلّلي في الفكر الدلساني العربي القديم‬

‫المبحث الثالث‬

‫المستوأى الددلّلي عند الفلسفة وأالمناطقة‬

‫‪ ‬الددلّلة وأالمنطق وأمفاهيمها‬

‫‪ ‬الدتصوأر وأالدتصديق وأعلقته بالمعنى‬

‫‪ ‬أنوأاع الددلّلة عند المناطقة وأالفلسفة‬

‫‪ ‬المصطلحات المنطقية وأأثرها في الددلّلة‬

‫‪83‬‬
‫الفصل الوأل‬
‫المستوأى الددلّلي في الفكر الدلساني العربي القديم‬

‫المبحث الثالث‬
‫المستوأى الددلّلي عند الفلسفة وأالمناطقة‬

‫ما‬ ‫كانت الددلّلة الدلغوية ومازالت مبحثا من مباحث علوم المنطق والفلسفة‪ ،‬وأول‬
‫اعتـمْنيي به في مبحث علم المنطق‪ ،‬أنواع الددلّلة الدلفظية على معانيها‪" :‬مطابقللة وتضللمنا‬
‫ولزومية"‪ ،‬وعلقة التصور بالفكر‪ ،‬والعلقة بين الدلفظ والمعنى‪ ،‬والنسبة بينهما‪ ،‬وهنا احنيبينحت‬
‫العلقة الوثيقة بين الدلغة والمنطق‪ ،‬فمبحث التصورات في المنطق يتعلق في كثير من جوانبه‬
‫فللي أقسللام‬ ‫صيغة الدلغوية مع ال ظ‬
‫صيغة المنطقيللة‬ ‫بمباحث لغوية واضحة حيث تتدخل ال ظ‬
‫)‪(1‬‬
‫التصورات‪.‬‬
‫في‬ ‫واهتم الفلسفة والمناطقة ‪ -‬بصورة خاصة ‪ -‬بالمعنى لدنه يندرج بصورة حتمية‬
‫القضايا الفلسفية مثل‪" :‬المفاهيم‪ ،‬والتصورات‪ ،‬وقضية الوجود‪ ،‬والتفكير"‪ ،‬فنظللروا إلللى‬
‫)‪(2‬‬
‫العلقة بين المفردات والعالم الخارجي‪.‬‬
‫علللى‬ ‫والفيلسوف يستخدم الكلمة ويحاول أحن يستخرج معانيها ومدلولّتها للوقوف‬
‫مفاهيمها وتحديداتها‪ ،‬وهو يستمدد وجوده الدلغوي في الدراك من ممارسته الوجودية والحيوية‬
‫)‪(3‬‬
‫في إطار الزمان والمكان‪ ،‬فهو يبحث في فلسفة المعنى أو فلسفة الوعي والذات النسانية‪.‬‬
‫للورات‬ ‫ويظهر أدن مباحث الفلسفة والمناطقة في الددلّلة كانت قائمة على مبح‬
‫للث التص‬
‫بيبحعيدحيه‪" :‬المفهوم والماصدق"‪ ،‬وتبرز هاتان الددلّلتان عند إحالتهما على نظام الوعي المتحقق‬
‫للا‪،‬‬
‫للا ومرجعيته‬ ‫للا لمفاهيمه‬
‫للة تبع‬‫في بنية الدلغة وجانبها الجرائي‪ ،‬وتوزيع الدوار الدلّلي‬
‫فالتصورات هي المعاني المجدردة‪ ،‬والمعاني المعقولة التي هي موضوع المنطق‪ ،‬والمعنللى‬
‫)‪(4‬‬
‫صد من الدلفظ‪.‬‬
‫هو الصورة الذهنية من حيث إدنها تـق ي‬
‫وأددى اهتمامهم بالمعاني إلى العناية باللفاظ لدن بين الدلفظ والمعنى علقة م‬
‫للا)‪ - (5‬كم‬
‫للا‬

‫اللغة بالمنطق‪ ،‬ص ‪.168‬‬ ‫‪ ()1‬ينظر‪ :‬بشر كمال صالح‪ :‬علقة د‬


‫‪ ()2‬ينظر‪ :‬نايف خرما‪ :‬أضوأاء على د‬
‫الدراسات اللدغوأية المعاصرة‪ ،‬سلسلة عالم المعرفة‪ ،‬ط ‪ ،2‬الكوأيت ‪ ،1979‬ص ‪.315‬‬
‫الدلّلي عند ابن سينا‪ ،‬ص ‪.65‬‬‫البحث د‬‫‪ ()3‬ينظر‪ :‬مشكوأر كاظم العوأادي‪ :‬د‬
‫‪ ()4‬ينظر‪ :‬عادل فاخوأري‪ :‬منطق العرب‪ ،‬من وأجهة نظر المنطق الحديث‪ ،‬ط ‪ ،3‬دار الطليعة‪ ،‬بيروأت ‪ ،1993‬ص ‪.37‬‬
‫‪ ()5‬ينظر‪ :‬المرجع السابق‪ :‬ص ‪.37‬‬
‫‪84‬‬
‫الفصل الوأل‬
‫المستوأى الددلّلي في الفكر الدلساني العربي القديم‬
‫يرى ابن سينا‪ ،-‬فلهذا وجب الّعتناء بالدلفظ‪ .‬ولم ييفصل المناطقة العرب بين الدلفظ ودلّلت‬
‫لله‪،‬‬
‫بل مللن‬ ‫فاللفاظ في نظرهم ليست هي كذلك من حيث هي أشياء مادية فحسب‪،‬‬
‫)‪(1‬‬
‫حيث إدنها تحمل دلّلة في ذاتها‪.‬‬
‫ومن هنا نجد رأي الفلسفة‪ :‬كالكندي‪ ،‬الفارابي‪ ،‬وابن سينا‪ ،‬والغزالي في الدلغة بأنها هي‬
‫التي تددل على المعاني‪ ،‬والمعاني تددل على الموجودات في العالم الخارجي‪ ،‬فمادامت الدلغللة‬
‫التي هي ألفاظ تحمل دلّلّت تددل على ما في العالم‪ ،‬فهي بذلك تؤدي إلى إمكانية المعرفة)‪،(2‬‬
‫للنحاول أن‬
‫للة‪ .‬وس‬ ‫أي أدن الدلغة أداة الوصول إلى المعرفة‪ .‬فهي بالنسبة إليهم مص‬
‫للدر معرف‬
‫نعرض لبعض آراء الفلسفة والمناطقة في مباحث الددلّلة‪ .‬يرى الدرماني )تل ‪384‬هل( في‬
‫تعريف المعنى‪» :‬مقصد تعريفه أحن يقع البيان عنه بالدلفظ«)‪ ،(3‬ولم يخرج عن هذا التعريف إ د‬
‫لّ‬
‫بعض الفلسفة عندما أرادوا بالمعنى الجوهر في الشياء‪.‬‬
‫للة‬ ‫أدما المنطق‪ :‬فموضوعه المعاني وتسمى "المعقولّت الولى")‪ ،(4‬فهي الص‬
‫للور الذهني‬
‫للا‬
‫للق‪ .‬كم‬
‫للاء المنط‬
‫للماهيات‪ ،‬وهذه هي المعاني الموجودة في الذهن وهولبنة أساسية في بن‬
‫للدي‬
‫للرى الكن‬
‫للالمعنى‪ ،‬وي‬
‫اعتنى المناطقة بالتصور والتصديق في المنطق الذي له علقة ب‬
‫الفيلسوف أدن الصوات المؤلفة الدالة على الشياء القائمة في العالم‪ ،‬هي الحروف الص‬
‫للوتية‬
‫غاير المؤلفة)‪ ،(5‬غاير أننا نجده يغدير رأيه ويعظدل نظرته للغة فيقول‪» :‬وقد توجللد متشللابهة‬
‫بالّسم بعضها عله بعض كالخطوط‪ ،‬والملفوظ‪ ،‬والمفمكر فيه‪ ،‬والعين القائمة‪ :‬فإن الخدط الذي‬
‫عن المفمكر فيلله‬ ‫هو جوهر منبئ عن الدلفظ الذي هو جوهر‪ ،‬والدلفظ الذي هو جوهر منبئ‬
‫الذي هو جوهر منبئ عن العين الذي هو جوهر‪ ،‬وقد يقال لهذه جميعا‪ :‬واحد – أعني العين‬
‫في ذاتها‪ ،‬وفي الفكرة‪ ،‬وفي اللفظ‪ ،‬وفي الخط‪ ،‬والعين في ذاتها عدلة العين في الفكر‪ ،‬والعيلن‬

‫‪()1‬نفسه‪ :‬ص ‪.38‬‬


‫‪ ()2‬ينظر‪ :‬الفارابي‪ :‬كتاب الحروأف‪ ،‬ص ‪ .76‬وأينظر‪ :‬ابن سينا‪ :‬النجاة‪ ،‬ص ‪.49‬‬
‫‪ ()3‬الدرماني‪ :‬ثلث رسائل في إعجاز القرآن‪ ،‬تحقيق محمد خلف ال وأمحمد زغالوأل سلمة‪ ،‬ط ‪ ،3‬دار المعارف‪ ،‬مصر‪،‬‬
‫ص ‪.101‬‬
‫‪ () 4‬ينظر‪ :‬الفارابي‪ :‬الحروأف‪ ،‬ص ‪.22‬‬
‫‪ ()5‬ينظر‪ :‬الكندي أبوأ يعقوأب يوأسف ‪ :‬رسائل الكندي الفلسفية‪ ،‬تح محمد على أبوأ ريدة‪ ،‬ط ‪ ،2‬دار الفكر العربي‪ ،‬القاهرة‪،‬‬
‫ص ‪.49‬‬
‫‪85‬‬
‫الفصل الوأل‬
‫المستوأى الددلّلي في الفكر الدلساني العربي القديم‬
‫)‪(1‬‬
‫في الخدط‪.«...‬‬ ‫في الفكر علة العين في الدلفظ‪ ،‬والعين في الدلفظ عدلة العين‬
‫يشير هذا الدنص إلى أدن الدلغة هي الجوهر المخبر بالمفمكر فيه أي المعنى‪ ،‬وأدن المعنى هو‬
‫وهللي‬ ‫جوهر ينبئ عن العالم الخارجي‪ ،‬فالدلغة هي جوهر منبئ بالمعاني بشكل مباشللر‪،‬‬
‫للن خلل‬
‫م‬ ‫الجوهر المنبئ عن العالم الخارجي بشكل غاير مباشر‪ ،‬أي أدن المعنى يميحملل‬
‫للة‬
‫للو دلّل‬
‫الشياء الموجودة في العالم الخارجي‪ ،‬ومن خلل السببية‪ ،‬كما يشير إلى الخط وه‬
‫غاير لفظية لكن الدلفظ عدلة العين في الخط‪.‬‬
‫أدما عن الددلّلة في المفهوم الفلسفي‪ ،‬فما من شك أدنه مستممد من المنطق الغاريقي الللدذي‬
‫يهتم بالداء الدلغوي الفلسفي‪ ،‬ويظهر للددلّلة معنيين أولهما‪ :‬مفهومي وثانيهما وظيفي)‪ .(2‬أدما‬
‫للق‬
‫للن المنط‬
‫للام بي‬
‫للق والنظ‬
‫مفهوميته‪ ،‬فتتمثل في كونه مصطلحا مشتركا في البناء والنس‬
‫للة‬
‫للة والبني‬
‫للات العقلي‬
‫والفلسفة‪ .‬أدما وظيفته‪ :‬فتتمثل في كونه أداة منطقية فاعلة في التوجيه‬
‫الفلسفية‪.‬‬
‫وتعريف الددلّلة عند المناطقة والفلسفة هي‪» :‬هو كون الشيء بحالة يلزم من العلم بلله‬
‫العلم بشيء آخر‪ ،‬والشيء الدول هو الدال‪ ،‬والثاني هو المدلول«)‪ .(3‬ويتضح الّختلف بيللن‬
‫المناطقة والدلغويين في أدن الددلّلة عند الدلغويين تصب في يفحهم المراد‪ ،‬لّ يفحهم المعنى مطلقللا‪،‬‬
‫وبالنسبة للمناطقة فالدلّلة هي فهم المعنى مطلقا سواء أراده المتكلم أم لّ)‪.(4‬‬
‫للواع‬ ‫وتقوم هنا الددلّلة على الدال والمدلول والعلقة بينهما‪ ،‬ومنها تطدرق هؤلّء إل‬
‫للى أن‬
‫الددلّلة اللفظية الوضعية‪ ،‬ومديزوا ثلث مراتب من جهة المعنى "الصورة الذهنية المقصودة"‪،‬‬
‫أو من جهة الموجود الخارجي كذلك‪ ،‬وهي‪:‬‬
‫المطابقة ‪ :‬كدلّلة الدلفظ على تمام ما وضع له‪ ،‬كدلّلة النسان على الحيوان الناطق‬ ‫‪-‬‬
‫التضمن ‪ :‬يددل الدلفظ على جزء ما وضع له‪ ،‬كدلّلة النسان على الحيوان‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫الّلتزام‪ :‬وهو أن يستدعي الدلفظ‪ ،‬معنى أو شيئا لهما ارتباط ما بالمدلول‪ ،‬وهذا الّلتزام‬ ‫‪-‬‬
‫‪ ()1‬المصدر السابق‪ ،‬ص ‪.156 – 155‬‬
‫‪ ()2‬ينظر‪ :‬مشكوأر العوأادي‪ :‬البحث الدلّلي عند ابن سينا‪ ،‬ص ‪.69‬‬
‫‪ ()3‬التهانوأي‪ :‬كشاف اصطلحات الفنوأن‪ ،‬ج ‪ ، 2‬ص ‪ . 486‬وأينظر‪ :‬التحتاني قطب الدين الدرازي‪ :‬تحرير القوأاعد‬
‫الرسالة الشمسية‪ ،‬نشرة الكردي‪ ،‬القاهرة ‪ ،1905‬ج ‪ ،1‬ص ‪.174‬‬ ‫المنطقية في شرح د‬
‫‪ ()4‬ينظر‪ :‬المصدر نفسه‪ ،‬ج ‪ ،2‬ص ‪.492‬‬
‫‪86‬‬
‫الفصل الوأل‬
‫المستوأى الددلّلي في الفكر الدلساني العربي القديم‬
‫للقف‪.‬‬ ‫أو اللزوم يرادف الّستنتاج المنطقي في الدنسق المعرفي‪ ،‬كدلّلة الحائط عل‬
‫للى الس‬
‫للر)‪.(1‬‬
‫ويدرج المناطقة تحت مفهوم الّلتزام علقات أخرى‪ ،‬كتلك التي بين العمى والبص‬
‫وأهذا الشكل يوأضح أنوأاع الدلّلة‪:‬‬
‫)‪(2‬‬
‫الددلّلة عند المناطقة‬

‫غاير لفظية‬ ‫لفظية‬

‫وضعية‬ ‫طبيعية‬ ‫عقلية‬ ‫طبيعية وضعية‬ ‫عقلية‬

‫تضمن التزام‬ ‫مطابقة‬


‫غاير أدن بعضهم يرى تقسيما آخر‪ ،‬ويغفلون الدلّلة العقلية والطبيعية‪ ،‬مع تفريع الوضعية‬
‫إلى لفظية وغاير لفظية‪.‬‬
‫أدما في تصنيفهم لللفاظ المفردة فقد اتبعوا تصنيف أرسطو‪ ،‬وهي‪" :‬فعل ‪-‬كلمة‬
‫بمصطلح المنطق ‪ -‬واسم‪ ،‬وأداة"‪ ،‬فالفعل هو الدلفظ الذي يددل على معناه الخاص مع دلّلتلله‬
‫على الزمان بصيغته‪ ،‬الّسم والداة يفتقران إلى مثل هذه الددلّلة المرتبطة بالصيغة‪.‬‬
‫وجعلوا القول "تام وناقص"‪ :‬التام هو ما يفيد معنى يصدح السكوت عليه‪ ،‬وهو يتألف من‬
‫للل‬ ‫كدل أنواع الجمل‪ ،‬والناقص لّ يفيد مثل ذلك المعنى‪ ،‬وهو نوعان‪" :‬قول تقييدي‪ ،‬وه‬
‫للو مث‬
‫القول الضافي "يميعمْليم اليتمْاريمْخ"‪ ،‬والقول التوصيفي "الحيوان النللاطق")‪ .(3‬وبعللد أحن وضللع‬
‫المناطقة هذا التصنيف الدلفظي‪ ،‬حاولوا أن يظطبقوه على المعاني كما فعلت المدرسة الرواقية‪.‬‬
‫صيديق والتعريف"‪.‬‬
‫ومن هذه التصنيفات المصطلحات التية‪" :‬المفهوم واليما ي‬
‫‪ -‬المفهوأم‪ :‬وكان هذا المصطلح متداولّ منذ ابن سينا‪ ،‬وقد عدبروا عنه بلفللظ"عنللوان"‪،‬‬

‫‪()1‬‬
‫ينظر‪ :‬عادل فاخوأري‪ :‬منطق العرب‪ ،‬ص ‪.44 -43‬‬
‫‪()2‬‬
‫ينظر‪ :‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.42‬‬
‫‪()3‬‬
‫ينظر‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.46 – 45‬‬
‫‪87‬‬
‫الفصل الوأل‬
‫المستوأى الددلّلي في الفكر الدلساني العربي القديم‬
‫للمون‬ ‫والمفهوم هو معنى محدد ومحصور جدا)‪ ،(1‬فمفهوم الكاتب لّ يتضمن غاي‬
‫للر مض‬
‫ذات قادرة على الكتابة)‪ ،(2‬وهو الماهية في الحالة التي يستوي فيها مع المفهللوم حيللن‬
‫يكون الكدلي نوعا‪ ،‬فمثل مفهوم النسان‪ :‬هو الحيوان الناطق الذي هو في نفسّ الللوقت‬
‫)‪(3‬‬
‫نفسه ماهيته وماهية الكاتب كذلك‪.‬‬
‫صيديق يعليحيللمْه‬
‫‪ -‬الماصدق‪ :‬ويسمى بل"أفراد الذات"‪ ،‬والماصدق منحوت من المركب "يما يت ح‬
‫الذات")‪ ،(4‬فيقصد به كما تشير إليه الكلمة في أصلها‪ :‬مجموعة الفراد التي يصدق عليها‬
‫)‪(5‬‬
‫الكدلي‪ ،‬وما صدق الكدلي لّ يفترض عددا من أفراد يفوق الواحد‪.‬‬
‫للدق‬
‫للى الماص‬
‫وقد اعتمد المنطق العربي على نظرية المجموعات‪ :‬وهي نظرية قائمة عل‬
‫للتعبير عن كدل العمليات المنطقية‪ ،‬فمثل بالنسبة إلى مجموعة الفراد العائدة إليه جرت‬
‫للي‬
‫للى الطلق‪ ،‬ه‬
‫للة عل‬ ‫العرب أن ييمظيزوا بين‪ ،‬ما هو مجموعة –بالض‬
‫للرورة‪ -‬فارغا‬
‫مجموعة الكليات المتناقضة كالناطق العجم‪ .‬وما هو مجموعة بالضرورة فارغاة بالفعل‬
‫)‪(6‬‬
‫أو بالوجود‪ ،‬كالعنقاء أو كبحر من زئبق‪.‬‬
‫‪ -‬التعريف‪ :‬وهو مصطلح عام يتناول كدل عملية تفيد معاني اللفاظ‪ ،‬أمثال‪ :‬التعريف بالتقسيم‬
‫وبالمثال‪ ،‬وجميع أنواع الحدد والدرسم)‪ .(7‬والمجال لّ يتسع للشرحا أو التفصيل‪ ،‬ولكن سنحاول‬
‫أن نتناول بعض هذه النواع في المباحث الدلّلية عند الفاربي وابن سينا‪.‬‬
‫أبو نصر الفارابي )تل ‪ 339‬هل( هو الفيلسوف والمنطقي الدول في البيئة السلللمية‬
‫ويسمي بالمعلم الثاني بعد أرسطو‪ ،‬عرض لمسائل دلّلية كثيرة في كتابيه‪ :‬الحروف‪ ،‬واللفاظ‬
‫للة‬ ‫المستعملة في المنطق‪ ،‬وهما ذات صلة بالدلغة والدنحو والمنطق والفلسفة‪ .‬يقول ف‬
‫للي دلّل‬
‫للا‬
‫للتي فيه‬ ‫اللفاظ‪» :‬ونحن إذا تأملنا ما تددل عليه اللفاظ المشهورة‪ ،‬فإدنما نتأمل المكن‬
‫للة ال‬
‫يستعمل شيء منها عند مخاطبة بعضنا بعضا في الدلّلة على المعاني المشهورة التي للدلّلة‬
‫‪ :()1‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.46‬‬
‫‪ ()2‬ينظر‪ :‬عادل فاخوأري‪ :‬منطق العرب‪ ،‬ص ‪.46‬‬
‫‪ ()3‬ينظر‪ :‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.48‬‬
‫‪ ()4‬ينظر‪ :‬التحتاني‪ :‬شرح الشمسية‪ ،‬مجلد ‪ ،2‬ص ‪.32‬‬
‫‪ ()5‬ينظر‪ :‬عادل فاخوأري ‪ :‬منطق العرب‪ ،‬ص ‪. 48‬‬
‫‪ ()6‬ينظر‪ :‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.49‬‬
‫‪ ()7‬ينظر‪ :‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪. 50 – 49‬‬
‫‪88‬‬
‫الفصل الوأل‬
‫المستوأى الددلّلي في الفكر الدلساني العربي القديم‬
‫)‪(1‬‬
‫عليها أولّ وضعت تلك اللفاظ«‪.‬‬
‫هللي‬ ‫ومن آراء الفارابي في الدلغة وأصلها‪ :‬أدنها وضعت بوضع واضع‪ ،‬وأدن المة‬
‫التي تضع اللفاظ‪ ،‬كما أدن علقة السماء بمسمياتها غاير متلزمة بعض الشيء‪ ،‬أدما بالنسبة‬
‫للمعنى فله رأيان‪ :‬أدن المعنى هو الّستعمال الذي يقوم به المتخاطبون لبعضللهم البعللض‪،‬‬
‫وبذلك معاني اللفاظ محددة من قبل المجتمع الدذي يستعمل هذه اللفاظ للتخاطب وهللذا مللا‬
‫للي‬
‫يشير إليه النص‪ ،‬ولكنه سرعان ما يحعمْدل عن هذا الرأي‪ ،‬فيظهر موقفه المتذبذب‪ ،‬ويعظبر ف‬
‫للرد‬ ‫نظريته الددلّلية حول المعاني‪ :‬بأدنها هي المعقولّت‪ ،‬وللمعنى الدذي يددل عليه اللدف‬
‫للظ المف‬
‫كلفظ "إنسان" أو "فرسّ"‪ ،‬هو المعقول المفرد‪ ،‬والمعنى الذي يددل عليه الدلفظ المركب‪ :‬كلفللظ‬
‫"النسان حيوان"‪ ،‬هو المعقول المركب)‪ .(2‬فيقول في هذا الشأن‪» :‬وأجزاء المقللدمات )‪(...‬‬
‫هي المعقولّت المفردة‪ ،‬وهي المعاني التي تددل عليها اللفاظ المفردة مثل قولنللا‪ :‬إنسللان‪،‬‬
‫فرسّ‪ ،‬ثور‪ ،‬حمار‪ ،‬بياض‪ ،‬سواد‪ ،‬وما أشبه ذلك‪ ،‬فإدن المعاني التي تددل عليها هذه اللفاظ وما‬
‫للي‬
‫للدمات‪ ،‬وه‬
‫أشبهها تسمى المعقولّت المفردة‪ ،‬وإذا تركبت المعقولّت المفردة حدثت المق‬
‫معقولّت ما مركبة‪.(3)«...‬‬
‫ويظهر من نصه أدن له نظريتين في المعنى‪ :‬الولى‪ :‬أدن المعنى هو الّستعمال والثانية‪:‬‬
‫للذا‬ ‫للذهب الكلد‬
‫للي آخ‬ ‫أدن المعنى هو المعقول الذي يستعمل بطريقة ما‪ ،‬ويرفض الفارابي الم‬
‫للق‬ ‫بالمذهب الجزئي‪ ،‬وفي هذا المجال يفظرق الفلسفة بين الجزئي والكدلي‪ ،‬وهو تفري‬
‫للق يتعل‬
‫في مفهومه‬ ‫بنظرية الشارة)‪ .(4‬فالجزئي‪» :‬ما يمنع نفسّ تصور معناه عن وقوع الشركة‬
‫كقولك‪ :‬زيمد‪ ،‬وهذا الشجر‪ ،‬وهذا الفرسّ«)‪ .(5‬وتدخل في الجزئيات العلم‪ ،‬وأسماء الشارة‪،‬‬
‫والنكرة المقصودة في النداء‪ ،‬وضمير المخاطب والمتكلم‪.‬‬
‫أما الكلي‪» :‬هو أسماء الجناسّ والنواع‪ ،‬والمعاني الكدلية العامة‪ ،‬وهو يجمار فللي لغللة‬

‫‪ ()1‬الفارابي‪ :‬الحروأف ‪ ،‬تحقيق محسن مهدي‪ ،‬ط ‪ ،2‬دار المشرق‪ ،‬بيروأت ‪ ،1990‬ص ‪.165‬‬
‫‪ ()2‬ينظر‪ :‬حسن عجمي‪ :‬السوأبر أصوألية‪ ،‬الدار العربية للعلوأم‪ ،‬ط ‪ ،1‬بيروأت ‪ ،2007‬ص ‪.82‬‬
‫‪ ()3‬الفارابي‪ :‬اللفاظ المستعملة في المنطق‪ ،‬تحقيق محسن مهدي‪ ،‬دار المشرق‪ ،‬ط ‪ ،2‬بيروأت ‪ ،1986‬ص ‪.104‬‬
‫‪ ()4‬ينظر‪ :‬محمد يوأنس علي‪ :‬وأصف اللغة العربية دلّليا في ضوأء مفهوأم الدلّلة ‪ -‬دراسة في المعنى وأظلل المعنى‪ -‬دار‬
‫الفاتح‪ ،‬الجماهيرية الليبية ‪ ،2002‬ص ‪.81 - 80‬‬
‫‪ ()5‬الغزالي‪ :‬معيار العلم في فن المنطق‪ ،‬المطبعة الميرية‪ ،‬بوألّق ‪ 1322‬هـ‪ ،‬ص ‪.43‬‬
‫‪89‬‬
‫الفصل الوأل‬
‫المستوأى الددلّلي في الفكر الدلساني العربي القديم‬
‫العرب في كدل اسم يأدخل عليه اللف واللم في معرض الحوالة على معلوم معين سللابق)‪،(1‬‬
‫للوع اللدف‬
‫للظ‬ ‫للا لن‬
‫للع تبع‬
‫وقد ترتب عن هذا الّختلف اختلف في الصورة الذهنية‪ ،‬والمرج‬
‫المستعمل من حيث الكلية والجزئية‪ ،‬فالصورة التي تحدث في الذهن عند استعمال كلمة رجل‬
‫في نحو‪" :‬يا رجل أو ذلك الرجل"‪ ،‬تختلف عن تلك الصورة التي تحدث عند استعمال كلمللة‬
‫"الرجل" في المثال‪" :‬الرجل أقوى من المرأة"‪ ،‬ففي المثال الول والثاني استعملت بللالمعنى‬
‫)‪(2‬‬
‫الجزئي وفي المثال الثالث استعملت بالمعنى الكدلي‪.‬‬
‫ونجد أدن الفلسفة والمناطقة كانوا أكثر اهتماما بالعلقة بين الدلفظ والمعنى‪ ،‬وهللذا مللا‬
‫دعاهم إلى تناول العلقة بين الّسم واليمسمى‪" ،‬فجابر بن حيان" يرى أدن هناك رباط قوي بين‬
‫الّسم والمسدمى‪ ،‬وهي علقة ذاتية‪ ،‬فتأليف الكلمة من حروف معينة يحاكي تركيب الشللياء‬
‫من أجزائها لدن الكلم كدله حروف‪ ،‬ولّ كلم بدون تأليف الحروف مثللل كلمللة النسللان‬
‫للة‬
‫للن معرف‬
‫للدونها لّ يمك‬ ‫والشمسّ)‪ ،(3‬فهو يجعل الدلغة حصرا للوجود الطبيعي للش‬
‫للياء وب‬
‫الوجود‪ ،‬ولّبد من مطابقة السماء لمسمياتها‪ ،‬وإحن لم يحدث ذلك حدث الخلل وانهار الوجود‪.‬‬
‫)‪(4‬‬

‫ويرى ابن تيمية أن المعاني الكدلية العامة المطلقة توجد في الذهن‪ ،‬واللفللاظ المطلقللة‬
‫العامة توجد على الدلسان)‪ .(5‬يضع ابن تيمية العلقة بين الصورة الذهنية‪ ،‬والدلفظ وهو يؤكللد‬
‫أدن معظم المشاكل الفلسفية‪ ،‬لغوية في الصل‪ ،‬كما ناقش قضية يخحلق القرآن ومسألة الدلغة عند‬
‫المعتزلة والشاعرة‪ ،‬ويقول‪» :‬أدن أكثر اختلف العقلء من جهة اشتراك السماء«)‪ .(6‬ويؤكد‬
‫للل أحن‬ ‫ذلك‪» :‬وكثير من نزاع الدناسّ يكون لفظيا‪ ،‬أو نزاع يتمنيوع لّ نزاع تناقض‪ ،‬ف‬
‫للالدول مث‬
‫يكون معنى الدلفظ الذي يقوله هذا‪ ،‬هو معنى الدلفظ الدذي يقوله هللذا‪ ،‬وإحن اختلللف الدلفظللان‬

‫‪ ()1‬المصدر نفسه‪ ،‬ص ‪.44‬‬


‫‪ ()2‬ينظر‪ :‬محمد يوأنس علي‪ :‬وأصف اللغة العربية دلّليا‪ ،‬ص ‪.81‬‬
‫‪ ()3‬ينظر‪ :‬حسن بشير صالح‪ :‬علقة المنطق باللغدة عند فلسفة المسلمين‪ ،‬ص ‪.175‬‬
‫‪ ()4‬ينظر‪ :‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.176‬‬
‫‪ ()5‬ابن تيمية‪ :‬درء تعارض العقل وأالنقل‪ ،‬ضبطه عبد اللطيف عبد الرحمان‪ ،‬ط ‪ ،1‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بيروأت ‪،1997‬‬
‫مجلد ‪ ،1‬ص ‪.125‬‬
‫‪ ()6‬المصدر نفسه‪ ،‬مجلد ‪ ،1‬ص ‪.175‬‬
‫‪90‬‬
‫الفصل الوأل‬
‫المستوأى الددلّلي في الفكر الدلساني العربي القديم‬
‫)‪(1‬‬
‫فيتنازعان«‪.‬‬
‫وهذه الرؤية نجدها عند ابن سينا)تل ‪ 428‬هل( فيرى أدن معظم المشاكل الفلسفية لغوية‬
‫لله‬ ‫بالدرجة الولى‪ ،‬فيقول‪» :‬ردبما كان ما يقوله المجيب غاير قابل في المعنى بما يس‬
‫للوق إلي‬
‫السائل كلمه كمثل كثير مدما وقع الخلف فيه بين الخطباء والمشاغابين فللي زماننللا )‪(...‬‬
‫وكذلك إذا قال أحدهما‪ :‬لّ كلم ال مخلوق‪ ،‬ويعني به هذا المسموع‪ ،‬وقال الخر‪ :‬كلم اللل‬
‫للاغابان‪،‬‬
‫للر يتش‬
‫للويره للخ‬
‫ص‬‫للوره ولّ ي مْي‬
‫غاير مخلوق‪ ،‬ويعني به شيئا آخر غاير ذلك لّ يتص‬
‫للا‬
‫والّقتدار على تفصيل الّسم المشترك يمْعين في هذا الباب معونة عظيمة‪ ،‬ويكفي الجاج فيم‬
‫في الدلّلة‬ ‫لّ ييهيم«)‪ ،(2‬تتضح الفكرة نفسها في نص ابن سينا في أهمية المشترك واللغة‬
‫وتحديدها‪.‬‬
‫ونجد أدن الفارابي ردكز على الددلّلة ‪ -‬مفهوما وتطبيقا ‪ -‬في كتبه المنطقيللة‪ ،‬وجعلهللا‬
‫مستويات ثلثة ‪:‬‬
‫‪-1‬المستوى الدول‪ :‬مفهوم الددلّلة في الدلفظ ) الّسم ( بتواطؤ‪.‬‬
‫‪-2‬المستوى الثاني مفهوم الددلّلة ) الكلمة ( التي هي عند الدنحاة "الفعل"‪.‬‬
‫للوع‬ ‫‪-3‬المستوى الثالث مفهوم الددلّلة في الجملة أو القضية المنطقية المركبة م‬
‫للن موض‬
‫)‪(3‬‬
‫ومحمول‪.‬‬
‫فالددلّلة عنده تبدأ من الكلمة التي هي‪» :‬لفظة مفردة دالة على معنى «)‪ ،(4‬والكلمة الللتي‬
‫في فهللم‬ ‫يقصدها هي الفعل عدند النحاة الدذي يددل على أزمنته الثلثة‪ .‬وهو يستخدم الددلّلة‬
‫على الداة في‬ ‫المعاني التي وضعت للشياء‪ ،‬وذلك بارتباط الدال بمدلوله‪ ،‬ونجده قد ركز‬
‫للاقترانه‬
‫للرف إلّ ب‬
‫للى الح‬
‫كتابه‪" :‬الحروف" مبينا دلّلّت الحروف ومعانيها‪ ،‬فل يتحدد معن‬
‫)‪(5‬‬
‫بالّسم أو الكلمة‪.‬‬

‫‪ ()1‬المصدر نفسه‪ ،‬مجلد ‪ ،4‬ص ‪.105‬‬


‫‪ ()2‬ابن سينا‪ :‬الشفاء –الجدل‪ -‬راجعه إبراهيم مدكوأر‪ ،‬تحقيق أحمد الهوأاني‪ ،‬المؤسسة المصرية العامة‪ ،‬القاهرة ‪،965‬‬
‫ص ‪.94‬‬
‫‪ ()3‬الفارابي‪ :‬الفصوأل الخمسة‪ ،‬منطق الفارابي‪ ،‬تحقيق رفيق العجم‪ ،‬دار المشرق‪ ،‬بيروأت ‪ ،1985‬ص ‪.68‬‬
‫‪ ()4‬المصدر نفسه‪ ،‬ص ‪. 69‬‬
‫باللغة‪ ،‬ص ‪.281‬‬‫‪ ()5‬ينظر‪ :‬حسن بشير صالح‪ :‬علقة المنطق د‬
‫‪91‬‬
‫الفصل الوأل‬
‫المستوأى الددلّلي في الفكر الدلساني العربي القديم‬
‫للاني‬ ‫ويؤظكد الفارابي على المذهب الجزئي الذي يرى فيه أدن اللفاظ المفردة تمل‬
‫للك المع‬
‫وما في‬ ‫معتمدا على المعقولّت‪ ،‬فيقول‪» :‬فتحصل اللفاظ الددالة أدولّ على ما في الدنفسّ‪،‬‬
‫النفسّ مثالّت ومحاكاة للتي خارج النفسّ‪ ،‬وإدنما قلنا أدولّ لدن انفراد المعاني المعقولة بعضها‬
‫عن بعض ليسّ يوجد خارج النفسّ‪ ،‬وإدنما يوجد في النفسّ خاصة‪ .(1)«...‬إدنه يقدر بأدن اللفاظ‬
‫التي تشير إلى أعيان موجودة تأخذ معانيها من تلك العيان‪ ،‬وأدن اللفاظ كلفظ "إنسان" تشير‬
‫)‪(2‬‬
‫في الحقيقة إلى المعقولّت‪ ،‬ومن هذا المبدأ تأخذ معانيها‪.‬‬
‫للددلّلي ييط‬
‫للظور‬ ‫كما نلمح عنده إشارات هامة إلى الدتطور الدلّلي حيث يبظين أدن النق‬
‫للل ال‬
‫مضمون لفظ أو ألفاظ لتيعظبر عن جزئيات في العلوم الحديثة والصنائع‪ ،‬فيرى أن للسللتعارة‬
‫بمعناها السلوبي دورها في الدب‪ ،‬وأدن السماء المنقولة تستعمل في العلوم وسائر الصنائع‬
‫وجاء بنصه‪...» :‬وإدنما تكون أسماء للمور التي يختص بمعرفتهللا أهللل الصللنائع)‪(...‬‬
‫والسماء المنقولة كثيرا ما تستعمل في الصنائع التي إليها نقلت مشتركة مثل اسم "الجوهر"‪،‬‬
‫فإدنه منقول إلى العلوم الدنظرية‪ ،‬ويستعمل فيها باشتراك‪ ،‬وكذلك الطبيعة‪ ،‬وكثير غايرها مللن‬
‫)‪(3‬‬
‫السماء«‪.‬‬
‫للي اليميرمك‬
‫للب‬ ‫كما ألمح إلى الددلّلة في الجملة‪ ،‬وهو إدن دمل المحمول على الموض‬
‫للوع ف‬
‫"القضية" كانت دلّلته على الصدق والكذب‪ ،‬أو اليجاب والدسلب‪ :‬فيسمى ذلك المركب قضية‬
‫أو جملة)‪ .(4‬وعلى هذا الساسّ الذي أقام عليه الفارابي مباحثه الددلّلية المنطقية يعرفت الددلّلة‬
‫عند المناطقة ودارت كدل محاولّتهم حول ما قمدمه من مباحث فلسفية لغوية‪ ،‬متمْبعين تحديداته‬
‫الددلّلية‪.‬‬
‫أدما الددلّلة عند ابن سينا)تل ‪428‬هل(‪ :‬فهي الدتي في المنفسّ‪ ،‬ويوافق الفللارابي فللي أدن‬
‫اللفاظ لها دلّلّت على ما في الدنفسّ)‪ .(5‬فقد يوفق "ابن سينا" إلى حد كبير في بيان العلقة بين‬

‫‪ ()1‬الفارابي‪ :‬الحروأف‪ ،‬ص ‪.76‬‬


‫‪ ()2‬حسن عجمي‪ :‬السوأبر أصوألية‪ ،‬ص ‪.85‬‬
‫‪ ()3‬الفارابي‪ :‬العبارة‪ ،‬كتاب في المنطق‪ ،‬تحقيق محمد سليم سالم‪ ،‬الهيئة المصرية للكتاب العرب‪ ،‬القاهرة ‪ ،1976‬ص‬
‫‪.24 – 23‬‬
‫‪ ()4‬ينظر‪ :‬الفارابي‪ :‬الفصوأل الخمسة‪ ،‬منطق الفارابي‪ ،‬ص ‪.69‬‬
‫‪ ()5‬الغزالي‪ :‬معيار العلم‪ ،‬ص ‪.48 - 47‬‬
‫‪92‬‬
‫الفصل الوأل‬
‫المستوأى الددلّلي في الفكر الدلساني العربي القديم‬
‫المعلول والعدلة وربطهما بالدنفسّ‪ ،‬والعلقة بين الددال والمدلول في الددلّلة طبيعية لدنها تش‬
‫للبه‬
‫علقة السبب بالمسبب حيث يقول‪ » :‬أدن النسان يمحمينيوا بأحن يحفظ الددلّئل على ما في الدنفسّ‬
‫ألفاظا ويحفظها نقوشا«)‪.(1‬‬
‫صورة الدسمعية‪ ،‬كما بدين أنواع‬ ‫وهنا يشير إلى الدنظرية الشارية بين ال د‬
‫صورة الذهنية وال د‬
‫أو‬ ‫الددلّلة مشيرا إلى الدلّلة الطبيعية وقد يعرف هذا النوع فللي علللم العلمللات‬
‫السيميولوجية باليقونة)‪ .(2‬فأشار إلى هذا النوع من الددلّلة التي يراها في طبيعة الدنفسّ فيقول‪:‬‬
‫للي‬
‫للا ف‬ ‫»وأدما دلّلة ما في الدنفسّ على المور فدلّلة طبيعية لّ الدال ولّ المدلول علي‬
‫لله‪ ،‬كم‬
‫للإدن ال‬
‫للدال‬ ‫للف‪ ،‬ف‬ ‫الددلّلة بين الدلفظ والثر الدنفساني‪ ،‬فإدن المدلول عليه وإن كان غاي‬
‫للر مختل‬
‫مختلف«)‪ ،(3‬فابن سينا اعتمد التقسيم الثنائي للدلّلة‪ ،‬فهي إدما وضعية أو طبيعية‪ .‬أدما العقليللة‬
‫فجاءت مفهومة في الوجه العام للدلّلة الطبيعية‪ ،‬فالدلّلة الطبيعية تعتمد عنده على تجربللة‬
‫)‪(4‬‬
‫باطنية ذاتية فيحصل الّنتقال من الدال إلى المدلول بصورة تلقائية ومباشرة‪.‬‬
‫وحازت الددلّلة الدلفظية على اهتمام جدل الفلسفة في حين أهملوا الددلّلة غاير الدلفظية‪ ،‬لدن‬
‫للن‬
‫للثر م‬ ‫الولى هي مدار الفائدة والّستفادة وأدن المجتمع قائم في تواصله هذه الددلّل‬
‫للة أك‬
‫للوت‬ ‫غايرها‪ .‬كما ربط ابن سينا الشارات والعلمات بالفكر النساني وذكائه‪» :‬وبع‬
‫للد الص‬
‫صوت أديل عن الشارة‪ ،‬لدن الشارة إدنما تهدي من حيث يقع عليهللا‬ ‫الشارة )‪ (...‬إ د‬
‫لّ أدن ال د‬
‫البصر‪ ،‬وذلك يكون من جهة مخصوصة«)‪.(5‬‬
‫للد‬ ‫إذن الددلّلة عند ابن سينا "وضعية وطبيعية" ونراه استمد تقسيماته من أرس‬
‫للطو‪ ،‬وعن‬
‫المدرسة الرواقية هي‪" :‬طبيعية وعقلية"‪ ،‬فمازج بين التقسيمين انطلقا من المفهوم الددلّلي)‪.(6‬‬
‫أدما التقسيمات التي رأيناها في الشكل السابق‪ ،‬فهي من ابتكار المناطقة العرب واتفق عليهللا‬
‫علماء الكلم والفلسفة‪ :‬وهي طبيعية‪ ،‬ووضعية‪ ،‬وعقلية‪.‬‬
‫‪ ()1‬ابن سينا‪ :‬الشفاء – العبارة‪ -‬تحقيق محموأد الخضيري‪ ،‬الهيئة المصرية العامة للتأليف‪ ،‬القاهرة ‪ ،1970‬ص ‪.4‬‬
‫‪ ()2‬ينظر‪ :‬مشكوأر العوأادي‪ :‬البحث الدلّلي عند ابن سينا‪ ،‬ص ‪ .125‬وأينظر‪:‬عادل فاخوأري‪ :‬منطق العرب‪ ،‬ص ‪.41‬‬
‫‪ ()3‬ابن سينا‪ :‬الشفاء‪ :‬العبارة ‪ ،‬ص ‪. 05‬‬
‫‪ ()4‬ينظر‪ :‬مشكوأر العوأادي‪ :‬البحث الدلّلي عند ابن سينا‪ ،‬ص ‪.122‬‬
‫‪ ()5‬بن سينا‪ :‬الشفاء – النفس‪ -‬تحقيق جوأرج قنوأاتي وأسعيد زايد‪ ،‬الهيئة المصرية العامة للكتاب‪ ،‬القاهرة ‪ ،1975‬ص‬
‫‪.182‬‬
‫‪ ()6‬ينظر‪ :‬مشكوأر العوأادي‪ :‬البحث الدلّلي عند ابن سينا‪ ،‬ص ‪.124‬‬
‫‪93‬‬
‫الفصل الوأل‬
‫المستوأى الددلّلي في الفكر الدلساني العربي القديم‬
‫وقد بدين النواع الثلثة للددلّلة الوضعية الدلفظية‪ :‬وهي مطابقة وتضمن وإلتزام‪ ،‬يقللول‬
‫ابن سينا في تقسيم المعنى‪ » :‬الدلفظ يددل على المعنى‪ ،‬إدما على سبيل المطابقة بأحن يكون ذلك‬
‫الدلفظ موضوعا لذلك المعنى وبإزائه‪ :‬مثل دلّلة المثلث على الشكل المحيط به ثلثة أض‬
‫لللع‪،‬‬
‫وإدما على سبيل التضيمن بأحن يكون المعنى جزءا من المعنى الذي يطابقه الدلفظ مثللل دلّلللة‬
‫المثلث على الشكل‪ ،‬فإدنه يددل على الشكل لّ على أدنه اسم الشكل بل على أنه اسم لمعنى جزيءه‬
‫الدشكل‪ ،‬وإدما على سبيل الّستتباع والّلتزام بأدن يكون الدلفظ دا د‬
‫لّ بالمطابقة على المعنى يلزمه‬
‫معنى غايره كالرفيق الخارجي لّ كالجزء منه‪ ،‬بل هو مصاحب ملزم له‪ ،‬مثل دلّلللة لفللظ‬
‫الدسقف على الحائط‪ ،‬والنسان على قابل صنعة الكتابة«)‪ .(1‬وهذه النواع تبدناهللا الفلسللفة‬
‫والمناطقة‪ ،‬واتفقوا على هذا التقسيم الددلّلي‪ ،‬كما اعتمدها المناطقة العرب المتأخرون‪ ،‬وهي‬
‫)‪(2‬‬
‫تمثل أدول تصميم منهجي لبناء علم الظسيمياء في العصر الحديث‪.‬‬
‫فللي‬ ‫فهذه النواع للددلّلة توجد في الدلفظ عن طريق دلّلته على المعنى‪ ،‬وتوجد أيضا‬
‫الجملة بإسناد الخبر إلى المخبر‪ ،‬أو بإسناد المحمول إلى الموضوع في المنطق حسب يفحهللم‬
‫ضح ذلك ابن سينا قائل‪» :‬الذي يجب على المنطقدي أحن يعريفه من حال الدلفللظ‬
‫المناطقة‪ ،‬ويو ظ‬
‫هو أن يعرف المعاني أنفسها من حيث يتألف عنها شيء يفيد علما بمجهول‪ ،‬فهذا هللو مللن‬
‫صناعة المنطقيين«‪ .(3‬ومن هنا فالددلّلة الوضعية هي موضوع علم الدددلّلة في المنطق‪ ،‬وهي‬
‫بذلك لّ تبتعد عن علم الددلّلة في الدلغة‪.‬‬
‫وإذا أردنا أن ننهي مبحثنا هذا فلم يبق إلّ أن نشير إلى قضية أيمْثيرت حولهللا خلفللات‬
‫صورة الدذهنية والموجود الخارجي والعلقة بينهمللا‪،‬‬
‫كثيرة‪ ،‬وقد أشاريت إليها سابقا‪ ،‬وهي ال د‬
‫وذلك عند تناولها لثلثية‪" :‬الكلمة‪ ،‬اللفظ‪ ،‬المعنى )الصورة الذهنية(‪ ،‬الشيء"‪ .‬فتقوم الدلّلللة‬
‫عنده في البناء اللغوي على الدلفظ المفرد والمردكب )القول(‪ ،‬والدلفظ و القول يكونان الدلّلللة‬
‫)‪(4‬‬
‫عنده في البناء الدلغوي‪.‬‬

‫‪ ()1‬ابن سينا‪ :‬الشارات وأالتنبيهات‪ ،‬شرح نصير الددين الطوأسي‪ ،‬تحقيق سليمان دنيا‪ ،‬دار المعارف‪ ،‬القاهرة ‪ ،1960‬ص‬
‫‪.135‬‬
‫‪ ()2‬ينظر‪ :‬عادل فاخوأري‪ :‬منطق العرب‪ ،‬ص ‪.44‬‬
‫‪ ()3‬ابن سينا‪ :‬الشفاء – العبارة ‪ ،-‬ص ‪.5‬‬
‫‪ ()4‬ينظر‪ :‬مشكوأر العوأادي‪ :‬البحث الدلّلي عند ابن سينا‪ ،‬ص ‪.110‬‬
‫‪94‬‬
‫الفصل الوأل‬
‫المستوأى الددلّلي في الفكر الدلساني العربي القديم‬
‫واستطاع ابن سينا أن يتوصل إلى فهم عملية الدتصور الذهني للشياء فهمللا صللحيحا‬
‫فيقول‪» :‬إدن النسان قد أوتي قوة حظسية ترتسم فيها صور المور الخارجية وتتأمدى عنها إلى‬
‫في الدنفسّ‬ ‫الدنفسّ‪ ،‬فترسم فيها ارتساما ثانيا ثابتا‪ ،‬وإحن غااب الحدسّ‪ ،‬ثم ردبما ارتسم بعد ذلك‬
‫أمور على نحو ما أدداه الحدسّ‪ ،‬فإدما أحن تكون هي المرتيسمات في الحدسّ‪ ،‬ولكدنها انقلبت عللن‬
‫هيئتها المحسوسة إلى التجريد أو تكون قد ارتسمت في جنبه أخرى لّ حاجة في المنطق إلى‬
‫)‪(1‬‬
‫بيانها«‪.‬‬
‫يبني نظريته في أدن النسان يلتقط في اللفاظ صور الشياء التي سدماها أمورا بحواسه ثم‬
‫للم‬ ‫ترسلها إلى الدنفسّ‪ ،‬فتثيبت فيها على نحو ما أرسلتها الحواسّ‪ ،‬حتى وإن غاابت الش‬
‫للياء‪ ،‬ث‬
‫ستحضر هذه الصورة على النحو السابق مجردة بالّستدعاء أو غايره أو كأحن تكللون فللي‬
‫تركيبات جديدة مؤدداها الخديال‪ ،‬وعليه فالشياء المحسوسة موجودة في الخارج بأعيانها‪ ،‬وفي‬
‫)‪(2‬‬
‫نفسّ بصورها‪.‬‬
‫صور الذهنية من خلل الوعي الذي يحتفظ بمراجللع‬
‫إذن‪ :‬هي عملية تعتمد على حفظ ال د‬
‫تلك الصور‪ ،‬فكدلما مرت إشارة ذهنية ملها بالمعنى دون العودة إلى مرجعها وقد ذكر ذلللك‬
‫في مواضع أخرى كقوله‪» :‬ومعنى دلّلة الدلفظ أحن يكون إذا ارتسم في الخيال مسموع اسللم‬
‫ارتسم في الدنفسّ معنى‪ ،‬فتعرف الدنفسّ أدن هذا المسموع لهذا المفهوم‪ ،‬فكدلما أورده الحدسّ على‬
‫)‪(3‬‬
‫الدنفسّ التفيتحت إلى معناه«‪.‬‬
‫كما يؤدكد أدن الشياء الحدسية أقوى أثرا في الدنفسّ من الشياء المجدردة‪ ،‬وهذا واضح ف‬
‫للي‬
‫تعريفه للمعنى‪» :‬وأدما المعنى فهو الشيء الذي تدركه الدنفسّ من المحسوسّ مللن غايللر أن‬
‫يدركه الحدسّ الظاهر«)‪ .(4‬فالشيء عنده إدما يوجد في عالم العيان‪ ،‬فيكون محسوسا وإدما في‬
‫)‪(5‬‬
‫العقل فيكون معقولّ‪.‬‬
‫وندرك من قوله هذا موقع المعنى ضمن العملية الدلغوية الشاملة لدلفظ ومسدماه الخارجي‬
‫‪ ()1‬ابن سينا‪ - :‬الشفاء‪ -‬العبارة‪ ،‬ص ‪.2 – 1‬‬
‫اللغوأي‪ ،‬مكتبة الداب‪ ،‬ط ‪ ، 1‬القاهرة ‪ ، 2005‬ص ‪. 54 - 53‬‬‫‪ ()2‬ينظر‪ :‬محمد حسن حسن جبل ‪ :‬المعنى د‬
‫‪ ()3‬ابن سينا ‪ :‬الشفاء – العبارة ‪ ، -‬ص ‪. 4‬‬
‫‪ ()4‬ابن سينا ‪ :‬الشفاء – النفس ‪ ،-‬ص ‪. 44‬‬
‫‪ ()5‬ينظر‪ :‬ابن سينا – النجاة ‪ ، -‬تقديم ماجد فخري‪ ،‬دار الآفاق الجديدة‪ ،‬بيروأت ‪ ، 1985‬ص ‪. 49‬‬
‫‪95‬‬
‫الفصل الوأل‬
‫المستوأى الددلّلي في الفكر الدلساني العربي القديم‬
‫في مقابلة الدنفسّ‪ ،‬وصورته المكتوبة فييثبت هذا في موضع آخر‪» :‬للمور وجود في العيان‬
‫)‪(1‬‬
‫ووجود في النفسّ يكظون آثارا في الدنفسّ«‪.‬‬
‫ويذكر ابن سينا حاجة النسان إلى المحاورة فاضطر إلى التصويت)‪ ،(2‬فاستعمل الصوت‬
‫والنطق ليددل على ما في نفسه‪ ،‬ثم وقع اضطرار آخر لعلم الغائبين‪ ،‬فللاخترعت الكتابللة‬
‫والخدط‪ ،‬وهو في هذا كدله يشرحا الحركة بين الصور المحفوظة في الذاكرة للمدلولّت المادية‬
‫للة‬
‫للة إبلغاي‬
‫للي أدوات دلّلي‬
‫للتي ه‬
‫أو المجدردة‪ ،‬وهي الثار أو المعاني واللفاظ والكتابة ال‬
‫تواصلية‪.‬‬
‫للددد‬
‫للا‪ ،‬وح‬
‫وعليه فقد توصل ابن سينا إلى فهم عملية التصور الذهني للشياء فهما عميق‬
‫للة‬ ‫دلّلتها مبظيدنا القدرة التصورية الدلغوية للنسان‪ ،‬وهي القاسم المشترك بين البش‬
‫للر‪ ،‬فالحرك‬
‫الذهنية واحدة‪ ،‬ويكيمن الّختلف في درجة التقان فقط‪.‬‬
‫في‬ ‫أدما الرموز الخرى فهي مختلفة بين المم في لغاتها رغام أن الدال والمدلول‬
‫للى‬
‫إل‬ ‫صل مثل الددلّليين المح‬
‫للدثين‬ ‫العالم الخارجي وفي المجردات واحدة)‪ .(3‬وقد تو د‬
‫التعيرف على البعاد الثلثة للمثلث الددلّلي‪ " :‬الصورة الذهنية‪ ،‬الرمز الدلغوي‪ ،‬المرجع " وقد‬
‫أدكد هذه الدنظرية الغزالي مشيرا إلى الوجود العيني للشياء‪ ،‬والوجود الللدذهني لثارهللا أو‬
‫صورها‪ ،‬أي العلقة بين الدال )الرمز(‪ ،‬والمدلول )التصور(‪ ،‬والمشار إليلله )الشلليء( أو‬
‫المرجع‪ ،‬فالعلقة بين الدلفظ والمعنى اصطلحية‪ ،‬وبين التصور والشيء علقللة طبيعيللة‪،‬‬
‫والعلقة بين المشار إليه والشيء اعتباطية لّ تقوم على صلة معنوية أو حسية)‪ .(4‬وهذا مللا‬
‫توصل إليه "دو سوسير" رغام قصور نظريته‪ ،‬ونظرية " أوجدن وريتشارد"‪.‬‬
‫وقد اتفق الغزالي مع ابن سينا في الكثير من القضايا‪ ،‬ولكنه انفرد عنه في بعضها وهي‪:‬‬
‫للى‬
‫عل‬ ‫للددل‬
‫‪ -‬تأكيده على ربط موضوع المعنى بالمديرك وهو واضح في كون الدلفظ ي‬
‫الصورة الدنفسية بالتقاط الحواسّ‪ ،‬وإدراك الدنفسّ لها‪.‬وقد صمرحا الغزالي بترتيب اللفظ على‬

‫‪ ()1‬ابن سينا ‪ :‬الشفاء ‪ -‬العبارة‪ ، -‬ص ‪. 2- 1‬‬


‫‪ ()2‬ينظر ‪ :‬نفسه‪.‬‬
‫‪ ()3‬ينظر‪ :‬فايز الداية ‪ :‬علم الدلّلة العربي‪ ،‬ص ‪. 15‬‬
‫‪ ()4‬ينظر‪ :‬محموأد عكاشة ‪ :‬د‬
‫الدلّلة اللفظية‪ ،‬مكتبة النجلوأ المصرية‪ ،‬القاهرة ‪ ،2002‬ص ‪ .26‬وأينظر‪ :‬مشكوأر العوأادي‪:‬‬
‫البحث الدلّلي عند ابن سينا‪ ،‬ص ‪.154‬‬
‫‪96‬‬
‫الفصل الوأل‬
‫المستوأى الددلّلي في الفكر الدلساني العربي القديم‬
‫الصورة المأخوذة عن الحواسّ فقال‪ » :‬ومهما ارتسم في الدنفسّ مثال الشيء فهو العلم به‪،‬‬
‫صل في الدنفسّ مطابق لما هو مثال له في الحدسّ وهو معلللوم‬ ‫إذ لّ معنى للعلم إ د‬
‫لّ مثال يح ي‬
‫)‪(1‬‬
‫«‪.‬‬
‫للدذهني‪،‬‬ ‫وقد انفرد برأيه حين قام بترتيب الوجود بين الكتابة والدلفظ والثر الدنفس‬
‫للي أو ال‬
‫على‬ ‫والشيء الخارجي‪ :‬فالذهني متوقف الوجود على الخارجي‪ ،‬والدلفظ متوقف الوجود‬
‫الدذهني‪ ،‬والكتابة متوقفة الوجود على الدلفظ‪.‬‬
‫أدما عند ابن سينا فالصورة ملترتبة على الوجود العيني‪ ،‬والدلفظ دال على الثر الدنفس‬
‫للي‬
‫للي‬ ‫والكتابة دالة على الدلفظ)‪ .(2‬ويقلول الغزالي‪ » :‬إدن للشيء وجودا في العليلان‪ ،‬ث‬
‫للم ف‬
‫الذهان‪ ،‬ثم في اللفاظ‪ ،‬ثم في الكلتابة‪ ،‬فالكتلابة داللة على الدلفظ والدلفظ دال على المعنى‬
‫الذي في الدنفسّ‪ ،‬والذي في الدنفسّ هو مثال الموجود في العيان فما لم يكن للشيء ثبوته ف‬
‫للي‬
‫لّ ينتظم لفمظ يييديل‬ ‫نفسه لم يرتسم في الدنفسّ مثاله‪ ،‬وما لم يظهر هذا الثر في الدنفسّ‬
‫به على ذلك الثر«)‪ .(3‬وما من شك في أدن آراء ابن سينا والغزالي ستكون منطلقللات لراء‬
‫الدرازي الددلّلية‪.‬‬
‫‪ -‬يقبل الغزالي بالمذهب الجزئي الذري في المعنى الذي يعتبر أدن اللفاظ المفللردة تملللك‬
‫للل‬
‫لله يقب‬
‫للا أن‬
‫معانيها باستقلل عن سياق الخطاب‪ ،‬وبهذا فهو يقبل التفسير الظاهري‪ ،‬كم‬
‫بالمذهب الكدلي في المعنى‪ ،‬ويقير بالتفسير الباطني)‪ (4‬عكسّ ابن تيمية الذي يرفضه ويقللدر‬
‫للذا‬
‫للي ه‬
‫لله ف‬ ‫بالتفسير الظاهري للدنص القرآني‪ .‬فهو يجمع بين المذهبين‪ ،‬ونورد ق‬
‫للولّ ل‬
‫للياء‬
‫للى الش‬
‫للة عل‬ ‫المضمون‪ ،‬فيقول‪» :‬اللفاظ لها وجهان من الددلّلة‪ :‬فيوحجمه ف‬
‫للي الددلّل‬
‫للمانيات‬
‫للاني الجس‬
‫للى مع‬ ‫الجسمانية كمفهوم السلم والعروج‪ ،‬والوجه الثاني‪ :‬الددلّل‬
‫للة عل‬
‫)‪(5‬‬
‫وأرواحها‪ ،‬إدما بطريق الدلغة‪ ،‬وإدما بالمجاز والّستعارة«‪.‬‬
‫إدنه يشير إلى ضرورة إدراك معاني اللفاظ المفردة من أجل إدراك معاني الجمل ليتللم‬
‫‪ ()1‬الغزالي‪ :‬معيار العلم‪ ،‬ص ‪.3 -2‬‬
‫اللغوأي‪ ،‬ص ‪.58 - 57‬‬ ‫‪ ( )2‬ينظر‪ :‬حسن حسن جبل ‪ :‬المعنى د‬
‫‪ ()3‬الغزالي ‪ :‬معيار العلم‪ ،‬ص ‪.36 -35‬‬
‫‪ ()4‬ينظر‪ :‬حسن عجمي‪ :‬السوأبر أصوألية‪ ،‬ص ‪. 107‬‬
‫‪ ()5‬الغزالي‪ :‬معراج السالكين‪ ،‬مجموأع رسائل المام الغزالي‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بيروأت‪ ،‬ص ‪.60-59‬‬
‫‪97‬‬
‫الفصل الوأل‬
‫المستوأى الددلّلي في الفكر الدلساني العربي القديم‬
‫إدراك معاني الية القرآنية‪ ،‬ويؤكد في الدنص السابق على دلّلة الشياء الجسمانية‪ ،‬وتفسييرها‬
‫للظ‬
‫للالّ بلف‬
‫للى مث‬
‫للاطنيي‪ ،‬ويعط‬
‫ظاهريي‪ ،‬ودلّلة المعاني الجسمانية وأرواحها‪ ،‬وتفسييرها ب‬
‫للن‬ ‫"المعارج"‪ ،‬فهي ألفاظ تـفمسر تفسيرا باطنيا لدنها ليست بمعارج جسمانية‪ .‬فهو يجم‬
‫للع بي‬
‫التفسيرين )الباطني والظاهري()‪ .(1‬كما تناول الغزالي قضايا المشترك‪ ،‬والترادف والمجاز‪.‬‬
‫وهو ما سنبظينه في مباحث الددلّلة عند الدرازي‪.‬‬

‫المبحث الرابع‬

‫المستوأى الددلّلي عند البدلغايين وأالندقـاد‬

‫ثنائية اللفظ وأالمعنى وأالموأازنة بينهما‬ ‫‪‬‬

‫‪ ‬طبيعة المعاني في التراث النقدي‬

‫‪ ‬نظرية الدنظم وأالعجاز القرآني‬

‫‪()1‬‬
‫ينظر‪ :‬حسن عجمي‪ :‬السوأبر أصوألية‪ ،‬ص ‪.111‬‬
‫‪98‬‬
‫الفصل الوأل‬
‫المستوأى الددلّلي في الفكر الدلساني العربي القديم‬

‫‪ ‬الددلّلة وأالمجـاز‬

‫المبحث الرابع‬
‫وأالنقـاد‬
‫البلغايين د‬
‫المستوأى الددلّلي عند د‬
‫لقد استمد الددلّليون ما كان لدى البلغايين منذ أرسطو‪ ،‬وفدسروا تغييرات المعنى لغويللا‬
‫في المجاز والّستعارات‪ ،‬وتابعوا تحليل التصورات فلسفيا وربطوها بالحقيقة وبالشياء‪ ،‬ثم‬
‫للدهما‬
‫للبقية أح‬
‫للى‪ ،‬وأس‬ ‫للاولوا اللدف‬
‫للظ والمعن‬ ‫ركزوا على علقات الدرموز بالمدلولّت‪ ،‬فتن‬
‫على الخر‪ ،‬والعلقة بينهما‪ ،‬وبمينوا أنواع الددلّلّت‪.‬‬
‫وما دام الدبحث الددلّلي يتقصى العلقات الددلّلية بين الدرموز ومدلولّتها‪ ،‬ومللا يللترتب‬
‫للد‬
‫للي‪ ،‬فق‬
‫عنها من سلمة الداء للغرض المقصود في وضوحا الرسالة من المتكلم إلى المتلق‬
‫حاول الدنقاد وعلماء البلغاة تحليل الجانب الددلّلي في الدلفظ والمعنى‪ ،‬وهم يقظدمون أحكللامهم‬
‫)‪(1‬‬
‫الجمالية والعروض الذوقية‪.‬‬
‫وكان على هؤلّء أن يعرفوا بنية الدنظام الدلغوي ليتسنى لهم معرفة هذه القيللم الددلّليللة‬
‫للي الدب‪،‬‬ ‫والجمالية‪ ،‬ونجد أدن المعنى يحمْظيي عندهم باهتمام كبير وخاصة المعنى العقل‬
‫للي ف‬
‫أكثر من اهتمامهم بالمعنى‪ ،‬وحرصوا على التوازن بين الدلفظ والمعنى‪ ،‬كما ارتفعوا بللالدلفظ‬
‫للرض أو‬ ‫إلى الدنظم للحكم على المعنى‪ ،‬قد اتخذ المعنى عندهم استخداما دلّليا يتجه إل‬
‫للى الغ‬
‫المقصد الذي يريد المتكلم‪ (2).‬واتخذت ثنائية الدلفظ والمعنى أي الشكل والمضللمون مسللارا‬
‫تطوريا في علم البلغاة ‪ -‬فيما بعد ‪ -‬في الددراسات البيانية العربية‪.‬‬

‫‪ ()1‬ينظر‪ :‬فايز الداية‪ :‬علم الددلّلة العربي‪ ،‬ص ‪.31‬‬


‫‪ ()2‬ينظر‪ :‬مصطفى ناصف ‪ :‬نظرية المعنى في النقد العربي‪ ،‬دار الندلس‪ ،‬ط ‪ ،2‬بيروأت ‪ ،1981‬ص ‪.38‬‬
‫‪99‬‬
‫الفصل الوأل‬
‫المستوأى الددلّلي في الفكر الدلساني العربي القديم‬
‫وقد نشأت فكرة الفصل بين الدلفظ والمعنى أو بين المعنى وأوجه الددلّلة على المعنى عند‬
‫للي‬
‫المتكلمين في مشكلة "خلق القرآن"‪ ،‬وكان للمعتزلة‪ :‬وهي من الفرق الكلمية‪ ،‬دور كبير ف‬
‫هذه المسألة‪ ،‬والكلم أي الدلغة عندهم هي صوت وحروف‪ .‬واتفقوا على‪» :‬أدن الكلم يمححيدث‬
‫مخلوق في محل‪ ،‬وهو حرف وصوت«)‪ ، (1‬ويرون أدن ال عز وجل متكلم بكلم يخلقه فللي‬
‫محل‪ ،‬وحقيقة الكلم)‪ (...‬أصوات مقمطعة وحروف منظومة)‪ ،(2‬والصوات عندهم أجسام‪ ،‬أو‬
‫فعل الجسام‪ ،‬وبذلك فليسّ بمستغرب أحن يكون القرآن فعل أجسام‪ ،‬بذلك قالوا بيخحلمْق القللرآن‬
‫)‪(3‬‬
‫وأدنه غاير أزلي‪.‬‬
‫وبهذه النظرة إلى اللغة أثبتوا حجتهم على خلق القرآن وذللك كلالتي‪ :‬بملا أدن الدلغلة‬
‫صوت‪ ،‬والصوت نتيجة فعل الجسم‪ ،‬و بما أن ال ليسّ جسما‪ ،‬إذحن ال لم ييخيلق الدلغة بشللكل‬
‫مباشر بل من خلل يخحلمْقه الجسام‪ ،‬وبذلك الدلغة ليست أزلية والقرآن لغة‪ ،‬إذحن القرآن مخلوق‬
‫للق‬
‫للي خل‬
‫للم الكلم ف‬ ‫وليسّ أزليا )‪ .(4‬وبهذه النظرة إلى الدلغة تو د‬
‫صلوا إلى هذا الموقف في عل‬
‫للن‬
‫للاب بي‬ ‫القرآن‪ .‬ومن جهة أخرى تبلورت نظرية كانت بمثابة حدل وسط تف مْ‬
‫صل في الخط‬
‫للظ‬
‫للا تلف‬ ‫المعاني بوصفها قائمة في الدنفسّ وهو الكلم النفسي‪ ،‬وبين اللفاظ بوص‬
‫للفها حروف‬
‫بالدلسان‪ ،‬وهي النظرية الشعرية التي حاولت تليمسّ الحدل لهذه المشكلة بالقول‪» :‬إدن المقصود‬
‫للروف«)‪ .(5‬أي أدن‬
‫لّ اللفاظ والح‬ ‫بكلم ال حين وصفه بأدنه غاير مخلوق هو الكلم الدنفسي‬
‫الدلغة معنى قائم في الدنفسّ‪» ،‬والكلم عند الشعري معنى قائم بالنفسّ سوى العبارة بل العبارة‬
‫دلّلة عليه من النسان«)‪ ،(6‬وبما أدن الدلغة معنى قائم في النفسّ‪ ،‬إذن لغة ال ) القرآن ( قللائم‬
‫في نفسّ ال‪ ،‬وبما أدن نفسّ ال أزلية‪ ،‬فالقرآن أزلي وليسّ مخلوق‪ ،‬هكذا تو د‬
‫صل الشاعرة إلى‬
‫هذا الموقف في علم الكلم من خلل هذه نظرتهم للغة‪.‬‬
‫وانتقل هذا التصور الثنائي للعلقة بين الددوال والمدلولّت من دائرة المتكلمين البيانية ‪-‬‬
‫‪ ()1‬الشهرستاني‪ :‬الملل وأالنحل‪ ،‬ط ‪ ،1‬دار السروأر ‪ ،1948‬ص ‪.58‬‬
‫‪ ()2‬ينظر‪ :‬المصدر السابق‪ ،‬ص ‪.104‬‬
‫‪ ()3‬ينظر‪ :‬البغدادي‪ :‬المفسرمق بين المفمرق‪ ،‬دار الجيل‪ ،‬وأدار الفاق الجديدة‪ ،‬بيروأت ‪ ،1987‬ص ‪ . 137 – 122‬وأينظر‪:‬‬
‫الدرازي‪ ،‬التفسير‪ ،‬ج ‪ ،1‬ص ‪.31-29‬‬
‫‪ ()4‬ينظر‪ :‬حسن عجمي‪ :‬السوأبر أصوألية‪ ،‬ص ‪.58‬‬
‫‪ ()5‬ينظر‪ :‬جابر عصفوأر‪ :‬الصوأرة الفنية في التراث النقدي وأالبلغاي عند العرب‪ ،‬دار التنوأير‪ ،‬ط ‪ ،2‬بيروأت ‪ ،1983‬ص ‪.314‬‬
‫‪ ()6‬الشهرستاني‪ ،‬الملل وأالدنحل‪ ،‬ص ‪.131‬‬
‫‪100‬‬
‫الفصل الوأل‬
‫المستوأى الددلّلي في الفكر الدلساني العربي القديم‬
‫التي بدأت بالدلغة الخطابية في نشر دعوتهم إلى تنظير مقتضيات عقيدتهم الدينية السلمية ‪-‬‬
‫إلى مباحث الدب بصفة عامة‪ ،‬والشعر بصفة خاصة‪ ،‬وهنا نتبمين أدن علم البلغاة قللد أفللاد‬
‫كثيرا من علم الكلم لدنه قام في أساسه تلبية لحاجات علم الكلم الذي يستند إلى علم المنطق‪.‬‬
‫)‪ (1‬وكان مدار البلغايين هو عنايتهم بددراسة الدلفظ والمعنى‪ ،‬ويتجلى ذلك في مباحث الجاحظ‬
‫للاطب‪،‬‬
‫لللفاظ والمعاني‪ ،‬وأنواع الدلّلّت فاهتم بوظيفة الفهام والتوصيل بين المتكلم والمخ‬
‫وذهب إلى أدن‪» :‬المعاني القائمة في صدور الدناسّ المتصورة في أذهانهم والمتخلجللة فللي‬
‫نفوسهم والمتصلة بخواطرهم والحادثة عن فكرهم‪ ،‬مستورة خفية بعيدة وحشية ومحجوبللة‬
‫للا )‪(...‬‬ ‫مكنونة )‪ (...‬وإدنما ييحي تلك المعاني ذكرهم لها‪ ،‬وإخبارهم عنها‪ ،‬واس‬
‫للتعمالهم إياه‬
‫وعلى قدر وضوحا الددلّلة‪ ،‬وصواب الشارة‪ ،‬وحسن الّختصار‪ ،‬ودقة المدخل يكون إظهار‬
‫)‪(2‬‬
‫المعنى )‪ (...‬والددلّلة الظاهرة على المعنى الخفدي هو البيان«‪.‬‬
‫يعتبر الجاحظ ) تل ‪ 255‬هل( أول من أشار إلى طبيعة المعاني في الللتراث النقللدي‬
‫البلغاي‪ ،‬وهو يرى أدن المعنى قائم في الصدر متصور في الذهن‪ ،‬وهو يوجد بيللن الللذهن‬
‫والنفسّ والصدر‪ ،‬وهي تعني عنده شيئا واحدا‪ ،‬كما يظهر أدن كلمه يشمل المعاني المفردة أي‬
‫المعاني الدلغوية للمفردات على كدل مستوياتها‪ ،‬والمعاني المركبة‪ ،‬أي معاني العبارات‪ ،‬وهي‬
‫للاني‬
‫للر‪ ،‬فالمع‬ ‫تشمل الصور الدبية‪ ،‬والمعاني‪-‬حسب رأيه‪ -‬تحدث بتودلد داخلي م‬
‫للن الفك‬
‫للا‪،‬‬
‫للة عليه‬
‫للم الدال‬
‫للر الكل‬ ‫المتصمورة في الذهن أو الخاطر لّ تحيا ‪-‬في نظره‪ -‬إ د‬
‫لّ عند ذك‬
‫واستعمالها في الدنشاط الكلمي‪ ،‬فتؤدي وظائفها في الددلّلة التركيبية للكلم‪.‬‬
‫وبهذا المفهوم يترأى لنا تحليل الجاحظ للحقيقة البيانية في مستواها الددلّلي بعد أحن‬
‫صاحة والدلسان‪ .‬ثم يقول‪» :‬‬
‫يكشف عن مستوى الحروف ومستوى اللفاظ الليذحيمْن تشملهما الف د‬
‫للى أدن‬
‫للد عل‬
‫للا يؤك‬ ‫قد يكون المعنى ولّ اسم له‪ ،‬ولّ يكون اسم إ د‬
‫لّ وله معنى «)‪ .(3‬ونجده هن‬
‫المعاني أدول ما توجد في الصدور صامتة أو في معنى المعدوم‪ ،‬ومقتضى ذلك أدن ارتسام تلك‬
‫المعاني أو العلم بها في الدنفسّ ليسّ وقفا على العلم بالكلمة الددالة عليها في الدلغة‪ ،‬وهذا ما أدكده‬

‫‪ ()1‬ينظر‪ :‬مشكوأر كاظم العوأادي‪ :‬البحث الدلّلي عند ابن سينا‪ ،‬ص ‪.50‬‬
‫‪ ()2‬الجاحظ‪ :‬البيان وأ التبيين‪ ،‬تحقيق عبد السلم هاروأن‪ ،‬ط ‪ ،2‬مكتبة الخانجي‪ ،‬القاهرة ‪ ،1975‬ج ‪ ،1‬ص ‪.76-75‬‬
‫‪ ()3‬الجاحظ‪ :‬رسائل الجاحظ‪ ،‬تح‪ :‬عبد السلم هاروأن‪ ،‬مكتبة الخانجي‪ ،‬القاهرة ‪ ،1964‬ص ‪.262‬‬
‫‪101‬‬
‫الفصل الوأل‬
‫المستوأى الددلّلي في الفكر الدلساني العربي القديم‬
‫فلسفة القرن الرابع الهجري)‪ .(1‬وكما يو ظ‬
‫ضح الجاحظ‪» :‬على قدر وضوحا الددلّلة وص‬
‫للواب‬
‫الشارة )‪ (...‬يكون إظهار المعنى‪ ،‬وكدلما كانت الددلّلة أوضح وأفصح‪ ،‬كانت الشارة أحبي‬
‫للن‬
‫)‪(2‬‬
‫وأنور‪ ،‬كان أنفع وأنجع«‪.‬‬
‫إدن اللفاظ عنده هي التي تكشف عن المعاني بكدل أبعادها ومستوياتها فيقول‪» :‬وهي التي‬
‫وعن أجناسها‬ ‫تكشف لك عن أعيان المعاني في الجملة‪ ،‬ثم عن حقائقها في التفسير‬
‫للا‬
‫للا لغودي‬
‫صها وعادمها‪ ،‬وعن طبقاتها في السادر والضادر‪ ،‬وعدما يكون منه‬
‫وأقدارها‪ ،‬وعن خا د‬
‫)‪(3‬‬
‫يبحهيرجا ويسامْقطا يممطيردحا«‪.‬‬
‫فالددلّلة الدلفظية هي التي تكشف عن أبعاد المعنى مستوياته في الجملة أو العبارة‪ ،‬وهللي‬
‫للان"‪ ،‬أو الددلّل‬
‫للة‬ ‫التي تحقق هذه المعاني‪ ،‬وقد أطلق الجاحظ على الددلّلة بأنواعها اس‬
‫للم "البي‬
‫الظاهرة على المعنى الخفدي‪ ،‬وعمرفه بقوله‪» :‬والددلّلة الظاهرة على المعنى الخفدي‪ :‬هو البيان‬
‫للذلك‬ ‫للرآن‪ ،‬وب‬ ‫الذي سمعت ال عدز وجدل يمدحه‪ ،‬ويدعو إليه ويحث عليه‪ ،‬وبذلك نط‬
‫للق الق‬
‫)‪(4‬‬
‫تفاخرت العرب وتفاضلت أصناف العجم«‪.‬‬
‫ثم يزيد في تفصيل البيان‪» :‬والبيان اسم جامع لكدل شيء كشف لك قناع المعنى‪ ،‬وهتللك‬
‫الحجاب دون الضمير‪ ،‬حتى يفضي السامع إلى حقيقته‪ ،‬ويهجم على محصوله‪ ،‬كائنا ما كان‬
‫للل‬
‫للري القائ‬
‫للا يج‬ ‫ذلك البيان‪ ،‬ومن أي جنسّ كان الددليل لدن مدار المر والغاية ال‬
‫للتي إليه‬
‫والسامع‪ ،‬إندما هو الفهم والفهام‪ ،‬فبأدي شيء بلغت الفهام‪ ،‬وأوضحت عن المعنى‪ ،‬فذلك هو‬
‫)‪(5‬‬
‫البيان في ذلك الموضع«‪.‬‬
‫من خلل هذين الدنصين نجد البيان عنده يشمل المعاني التي تؤمدي من الدلفظ وغاير الدلفظ‪،‬‬
‫كما حصر الددلّلة في تأسيسّ الكلم عن البيان‪ ،‬أي البيان عن المعاني‪ ،‬وهنا يظهر بأدن البيان‬
‫هو الددلّلة ‪ -‬وكما نعلم‪ ،-‬فقد كان المعنى عامل مشتركا بين البلغاة والددلّلة خاصللة فللي‬
‫للور‬
‫للي تط‬ ‫علمي البيان والبديع بشقيه‪ :‬المحسنات الدلفظية والمعنوية‪ ،‬فساهمت البلغا‬
‫للة ف‬
‫‪ ()1‬ينظر‪ :‬حسن طبل‪ :‬المعنى في البلغاة العربية‪ ،‬دار الفكر العربي‪ ،‬القاهرة ‪ ،1998‬ص ‪.10‬‬
‫‪ ()2‬الجاحظ‪ :‬البيان وأالتبيين‪ ،‬ج ‪ ،1‬ص ‪.75‬‬
‫‪ ()3‬المصدر نفسه‪ :‬ج ‪ ،1‬ص ‪.8‬‬
‫‪ ()4‬المصدر نفسه‪ :‬ص ‪.70‬‬
‫‪ ()5‬المصدر نفسه‪ :‬ص ‪.76‬‬
‫‪102‬‬
‫الفصل الوأل‬
‫المستوأى الددلّلي في الفكر الدلساني العربي القديم‬
‫المعنى والتدغير الددلّلي‪ ،‬كما أدن العلقة في علم البيان قائمة بين الدلفظ ودلّلته على المعنللى‪،‬‬
‫)‪(1‬‬
‫وهذا المعنى يختلف ويتباين‪ ،‬وتبعا لذلك يختلف الدلفظ ويتباين‪ :‬كالمجاز والمشترك‪...‬إلخ‪.‬‬
‫ومن خلل ما سبق نتبدين رأي الجاحظ في مشكلة الدلفظ والمعنى والعلقة بينهم‬
‫للا‪ ،‬فقللد‬
‫حاول كبلغاي‪ ،‬ومفكر‪ ،‬وأديب أحن يعالج الدب ومسائل النقد‪ ،‬فهللويللرى أدن‪» :‬المعللاني‬
‫فللي‬ ‫مطروحة في الطريق‪ ،‬ويعرفها العجمدي والعربدي‪ ،‬والبدودي‪ ،‬والقرودي‪ ،‬وإدنما الشأن‬
‫إقامة الوزن‪ ،‬وتخيير اللفظ‪ ،‬وسهولة المخرج‪ ،‬وكثرة الماء‪ ،‬وفي صدحة الدطبع‪ ،‬وجودة السبك‪،‬‬
‫وإدنما الشعر صناعمة‪ ،‬وضرب من الدنسج وجنسّ من التصوير«)‪ .(2‬وهذه القضية أشار إليهللا‬
‫كثير من علماء البلغاة‪ ،‬وارتكزت على مسألة التنافر والتلؤم في الحروف المكظونة للكلمللة‬
‫واتساق هذا التأليف مع المعنى حسنا وقبحا‪ ،‬كما ذكر الجاحظ فهو‪ -‬كما قيل عنلله ‪ -‬مللن‬
‫أنصار الدلفظ بسبب اختياره للفظ وجعله ضرورة مناسبة للمعنى المراد‪.‬‬
‫والدلفظ كما يو ي‬
‫صيفيه يكوين يحيسين المخارج دون تنافر أصواتها‪ ،‬مناسبتها لما جاوره في‬
‫السبك‪ ،‬واهتمامه باللفظ أكثر من المعنى كان في المواضع التي يتناول فيها الشعر وهو نوع‬
‫للى‬
‫للن المعن‬ ‫من الصناعة اللفظية عنده)‪ ،(3‬ولكدنه عندما تناول الدلغة – عموما ‪ -‬يش‬
‫للترط حس‬
‫وجمال الصيغة‪ ،‬فالمعاني الشريفة ييعمبر عنها بالدلفظ البليغ الخالي من التنافر والوحش‬
‫للية دون‬
‫للعري‪ ،‬فل‬
‫للداع الش‬
‫خروجه عن عرف العربية‪ ،‬فكأندما يعدد العناصر الساسية المكونة للب‬
‫تقف عند الدلفظ وحده كما تموهم بعض الباحثين من أنصار الدلفظ‪ ،‬ويدرج إضافة إلى الدلفللظ‪:‬‬
‫صياغاة والوزن والتصوير‪ ،‬فيشمل ذلك التركيب الدلغوي‪ ،‬بكدل علقللاته الدنحويللة‬
‫الدسبك وال د‬
‫المتفرعة إلى خصائص مؤثرة في الددلّلة‪ ،‬إضافة إلى إيقاع الموسقى‪ ،‬وتخيير الوزن وتلؤم‬
‫)‪(4‬‬
‫فقد‬ ‫الغرض‪ ،‬إلى جانب ذلك تضاف القدرة البداعية في الساليب المجازية والستعارية‪.‬‬
‫للبره‬
‫للذي اعت‬ ‫اهتم الجاحظ بالمعنى واستحسنه‪ ،‬واهتم بالدلفظ في سياق حديثه عن الدش‬
‫للعر ال‬

‫‪ ()1‬ينظر‪:‬عبد الوأاحد حسن الشيخ‪ :‬العلقات الددلّلية وأالتراث البلغاي‪ ،‬مكتبة الشعاع للطباعة وأالنشر‪ ،‬ط ‪ ،1‬مصر‬
‫‪ ،1999‬ص ‪.101‬‬
‫‪ ()2‬الجاحظ‪ :‬الحيوأان‪ ،‬تح‪ :‬عبد السلم هاروأن‪ ،‬دار الجيل‪ ،‬بيروأت ‪ ،1996‬ج ‪ ،3‬ص ‪.132 – 31‬‬
‫‪ ()3‬ينظر‪ :‬محموأد عكاشة‪ :‬الددلّلة الدلفظية‪ ،‬ص ‪.38‬‬
‫‪ ()4‬ينظر‪ :‬فايزالدية‪ :‬علم الدلّلة‪ ،‬ص ‪.34‬‬
‫‪103‬‬
‫الفصل الوأل‬
‫المستوأى الددلّلي في الفكر الدلساني العربي القديم‬
‫صناعة لفظية‪ ،‬لدن المعنى لّ يشدكل صعوبة على المتكلم بقدر صعوبة اختيار الدلفظ وسبكه‪.‬‬
‫)‪(1‬‬

‫ولعله أدرك الفرق بين الدلفظ والمعنى إذ يقول‪ » :‬ثم اعلم – حفظك ال – أدن حكم المعاني‬
‫للماء‬ ‫خلف حكم اللفاظ‪ ،‬لدن المعاني مبسوطة إلى غاير غااية‪ ،‬وممتدة إلى غاير نهاي‬
‫للة‪ ،‬وأس‬
‫)‪(2‬‬
‫المعاني مقصورة معدودة‪ ،‬محصلة محدودة«‪.‬‬
‫فهو هنا مدرك للمعنى بأدنه متصدور في الذهان‪ :‬هو الخاطر‪ ،‬والفكار في الذهن وهللي‬
‫مطلقة بخلف اللفاظ التي هي محدودة معدودة‪ ،‬والصعوبة في إخراج المعاني الللتي فللي‬
‫الدنفسّ بصورة لفظية إلى السامع‪ ،‬والجاحظ يؤدكد مذهبه في غالبة اللحاحا على المعنى بمفهوم‬
‫الغرض والقصد‪ ،‬فيتحدث عن اللفاظ والمعاني وكيفية إخراج المعاني)‪ ،(3‬فيقول‪» :‬ومتى كان‬
‫الدلفظ أيضا كريما في نفسه‪ ،‬متخيرا من جنسه‪ ،‬وكان سليما من الفضول‪ ،‬بريئا من التعقيللد‪،‬‬
‫يمْبيب إلى الدنفوسّ‪ ،‬واتصل بالذهان‪ ،‬والتحم بالعقول‪ ،‬وهدشت إليه السماء‪ ،‬وارتللاحت إليلله‬
‫القلوب‪ ،‬وخدف على ألسن الرواة‪.(4)«...‬‬
‫وأخيرا استطاع الجاحظ أحن يعالج قضايا الددلّلة الدلفظية وكان مدار بحوث كثيرة فللي‬
‫الدلغة والدشعر‪ ،‬وتظهر من خللها نظراته في الددلّلة وأنواعها‪ ،‬وقد تطدرق لنللواع الددلّلللة‬
‫شارحا ومفصل لصناف الددلّلة‪ ،‬وسنوجز ذلك في قوله‪» :‬وجميع أصناف اللددلّلّت على‬
‫للم‬ ‫المعاني من لفظ وغاير لفظ‪ ،‬خمسة أشياء لّ تنقص ولّ تزيد‪ :‬أولها الدللفظ ثم الش‬
‫للارة‪ ،‬ث‬
‫العقد‪ ،‬ثم الخط‪ ،‬ثم الحال التي يتسدمى ين ح‬
‫صيبة‪ ،‬والينصبة‪ :‬هي الحال الدالة التي تقوم ملقام تلك‬
‫إلى العناصر التي تشلارك‬ ‫الصناف ولّ تقصر عن تلك الدلّلّت‪ .(5)«...‬فهو يشير‬
‫للات‬
‫للي الحرك‬
‫للة‪ ،‬وه‬ ‫في الّتصال خارج الدلغة‪ ،‬وهي الددلّلة غاير الدلسانية أو غاي‬
‫للر اللفظي‬
‫الجسمانية أو الشارة‪ ،‬والعقد‪ ،‬وهو الرقام الحسابية )العداد( التي ترمز لمعللاني الدنفللسّ‬
‫والشياء‪ ،‬والخط أو الحروف الكتابية الذي يشار بها إلى المعنى‪ ،‬ثم الينصبة‪ :‬وهي الهيئة أو‬
‫‪ ()1‬ينظر‪ :‬محموأد عكاشة‪ :‬الدلّلة اللفظية‪ ،‬ص ‪.38‬‬
‫‪ ()2‬الجاحظ‪ :‬البيان وأالتبيين‪ ،‬ج ‪ ،1‬ص ‪.76‬‬
‫‪ ()3‬ينظر‪ :‬فايز الداية‪ :‬علم الدلّلة‪ ،‬ص ‪.35‬‬
‫‪ ()4‬الجاحظ‪ :‬البيان وأالتبيين‪ ،‬ج ‪ ،2‬ص ‪.8‬‬
‫‪ ()5‬الجاحظ‪ :‬ج ‪ ،1‬ص ‪.76‬‬
‫‪104‬‬
‫الفصل الوأل‬
‫المستوأى الددلّلي في الفكر الدلساني العربي القديم‬
‫للاطق‪،‬‬
‫للامت ن‬
‫للل ص‬
‫للي ك‬
‫الحال الناطقة بغير لفظ‪ ،‬وتتجلى في خلق السموات والرض وف‬
‫)‪(1‬‬
‫فالصامت ناطق من جهة الددلّلة‪ ،‬والعجماء يمحمْعريبة من جهة البرهان‪.‬‬
‫فللدرموز والشارات قيمة دلّلية في التواصل وتللؤدي وظيفللة دلّليللة فللي البلغ‪:‬‬
‫»والشارة والدلفظ شريكان‪ ،‬مْنحعيم العون هي له ومْنحعيم الت ي‬
‫ـرجيمان هي عنه‪ ،‬وما أكثر ما تنوب‬
‫للذه‬ ‫عن الدلفظ‪ .(2)«...‬ويجعل هذه الصناف من أنواع البيان للددلّلة والتوصيل‪ ،‬وتن‬
‫للوعت ه‬
‫الددلّلّت حسب اختلف الطاقة اليحائية لكدل واحدة منه‪ ،‬ولكدل واحدة منها قدرة معينة فللي‬
‫الّحتواء البياني لغرض التوصيل غاير أدن الدلفظ هو أفضل أنواع الددلّلّت عند الجاحظ‪.‬‬
‫إذن فالمعنى عنده‪ » :‬يهتم بالغايات لّ بالبنية أو الشكل مما جعله خلوا من كدل أبعاد فنية‪،‬‬
‫وبلغاية لّ هدم لصاحبها إلّ الوقوف على الوسائل التي تضيمن التواصل بين أفراد المجموعة‬
‫)‪ (...‬وخلوه من البعد الفني لّ يعني انفصاله عن نظرته الدلغوية والبلغاية العامة«)‪.(3‬‬
‫ونتبدين من هذا أدن البلغايين والدنقاد لم يهتموا بالبناء أو التركيب أو الدنظام‪ ،‬وهم يستمدون‬
‫للى الدنظ‬
‫للرة‬ ‫عل‬ ‫في هذا المنهج‪ ،‬منهج الدلغويين بمفهومه المعياري‪ ،‬واعتمد النقد النظري‬
‫البلغاية التي تـوظجيه اهتمامها إلى العبارة في بنائها‪ ،‬وإلى التشبيه والّستعارة‪ ،‬دون نظر إلى‬
‫سياق الدنص الدبي المتكامل)‪.(4‬‬
‫وإذا ما عرضنا بإيجاز لراء بعض الدنقاد في بداية القرن الرابع الهجري حيث أصللبح‬
‫للره‬
‫للن عاص‬
‫للة‪ ،‬وم‬ ‫تحديد القيمة الفنية للدنص شاغال لهم تنظيدرا وتطبيقا‪ .‬ومنهم‪ :‬اب‬
‫للن قتيب‬
‫للة‬ ‫أو جاء بعده‪ ،‬فقد حاولوا تحليل الجانب الددلّلي في الدلفظ والمعنى فقددموا الحك‬
‫للام الجمالي‬
‫للراض‬
‫للديهم الغا‬
‫للامتزجت ل‬
‫متناولين ألفاظ الشعر وعباراته واصفين معاني النصوص‪ ،‬ف‬
‫والفنون بالفكرة التي يحملها البيت أو جزء البيت‪ ،‬فتكاملت عندهم صورة نقد الشعر والتناول‬
‫الددلّلي في الشرحا الدشعرية لتحليل الددلّلة وإظهار تطدورها)‪ .(5‬وأقاموا مباحثهم على العنايللة‬
‫‪ ()1‬ينظر‪ :‬المصدر نفسه‪ ،‬ج ‪ ،1‬ص ‪.82‬‬
‫‪ ()2‬المصدر نفسه‪ ،‬ص ‪.78‬‬
‫‪ ()3‬حمادي صموأد‪ :‬التفكير البلغاي عند العرب‪ ،‬أسسه وأتطوأره إلى القرن ‪6‬هـ‪ ،‬منشوأرات الجامعة التوأنسية‪ ،‬مطبعة‬
‫الرسمية‪ ،‬توأنس ‪ ،1981‬ص ‪. 162‬‬
‫‪ ()4‬ينظر‪ :‬عبد القادر القدط‪ :‬النقد العربي القديم وأالمنهجية‪ ،‬مجلة فصوأل‪ ،‬الهيئة المصرية العامة للكتاب‪ ،‬العدد ‪- 3‬‬
‫‪ ،1981‬ج ‪ ،1‬ص ‪. 20-17‬‬
‫‪ ()5‬ينظر‪ :‬فايز الداية‪ :‬علم الدلّلة‪ ،‬ص ‪.32 -31‬‬
‫‪105‬‬
‫الفصل الوأل‬
‫المستوأى الددلّلي في الفكر الدلساني العربي القديم‬
‫للق‬
‫للن طري‬ ‫بأطوار الدلفظة‪ ،‬ومادتها الدلغوية ثم إعطائها يبعدها في الدنص وإفادتها للمعن‬
‫للى ع‬
‫ارتباطها فيما بينها في الدنص ليحدث التكامل في نسق تركيبي خاص يعطيها ظللّ ومعللان‬
‫أخرى)‪.(1‬‬
‫ويأتي ابن قتيبة الددينوري )تل ‪ 276‬هل( ليتناول الدنظم القرآني في كتابه "تأويل يمش‬
‫للكل‬
‫القرآن" يمبظينا أوجه العجاز القرآني‪ ،‬متطرقا إلى جمال هذا الدنص الدديني‪ ،‬ونسقه ال د‬
‫صللوتي‬
‫وتأليفه الدنظمي‪ ،‬كما تحدث عن المعاني البلغاية كاليجاز‪ ،‬فيقول‪ » :‬وهو جميع الكثير من‬
‫معانيه في القليل من لفظه«)‪.(2‬‬
‫كما توسع في فهم المجاز فأطلقه على جميع فنون الكلم‪ ،‬قائل‪» :‬وللعرب المجازات في‬
‫الكلم‪ ،‬ومعناها طرق القول ومآخذه ففيها‪ :‬الّستعارة‪ ،‬والتمثيل‪ ،‬والقلب‪ ،‬والتقديم والتأخير‪،‬‬
‫والحذف‪ ،‬والتكرار‪ ،‬والخفاء‪ ،‬والظهار‪ ،‬والتعريض‪ ،‬والفصاحا‪ ،‬والكناية )‪ (...‬والقصللد‬
‫بلفظ الخصوص لمعنى العموم‪ ،‬وبلفظ العموم لمعنى الخصوص‪ .(3)«...‬وهنا عرض لكللثير‬
‫للابه "الدش‬
‫للعر‬ ‫للة كت‬ ‫من المسائل الدلّلية‪ ،‬وقد اشتهر بموازنته بين الدلفظ والمعنى ف‬
‫للي مقدم‬
‫والدشعراء"‪ ،‬وهو يقظسم الدشعر إلى أنواعه ويجعل الدلفظ والمعنى ركنان مهمان فيه‪ ،‬وذكر هذه‬
‫ال د‬
‫ضروب كالتي‪:‬‬
‫ضحرمب يحيسمن لفيظه ويجادد معناه‪.‬‬
‫‪ .1‬ي‬
‫‪ .2‬ضرب حسن لفظه‪ ،‬فإذا يفيتحشيتيه لم تجد هناك فائدة في المعنى‪.‬‬
‫‪ .3‬ضرب جادد معناه‪ ،‬وقصرت ألفاظ عنه‪.‬‬
‫)‪(4‬‬
‫‪ .4‬ضرب تأدخر معناه‪ ،‬وتأدخر لفظه‪.‬‬
‫ونلمسّ رؤيته لللفاظ والمعاني في تخيير الدلفظ لحسن الفهام‪ ،‬وبهذا يركز على اللفللاظ‬
‫للراد‪،‬‬
‫للام الم‬
‫للن وإفه‬
‫المستحسنة لتؤثر في المستمع‪ ،‬فاللفاظ عنده هي التي يكون فيها اليحس‬
‫وهذه تعتبر حدود المعنى متمثلة في الظسمات الدشكلية لللفاظ‪.‬‬ ‫)‪(5‬‬
‫صيغ‪.‬‬
‫وانتقاء أقصر ال د‬
‫‪ ()1‬ينظر‪ :‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.32‬‬
‫‪ ()2‬ابن قتيبة‪ :‬تأوأيل مشكل القرآن‪ :‬تحقيق السيد أحمد صقر‪ ،‬طبعة الحلبي‪ ،‬ص ‪.4 -3‬‬
‫‪ ()3‬المصدر نفسه‪ ،‬ص ‪.12‬‬
‫‪ ()4‬ابن قتيبة‪ :‬الشعر وأالشعراء‪ ،‬تح‪ :‬أحمد شاكر‪ ،‬دار المعارف‪ ،‬القاهرة ‪ ،1966‬ص ‪.64-69‬‬
‫‪ ()5‬ينظر‪ :‬فايز الداية‪ :‬علم الدلّلة العربي‪ ،‬ص ‪.39‬‬
‫‪106‬‬
‫الفصل الوأل‬
‫المستوأى الددلّلي في الفكر الدلساني العربي القديم‬
‫في‬ ‫ويأتي قدامه بن جعفر )تل ‪337‬هل( بكتابه "نقد الشعر" متناولّ الددلّلة الدلفظية‬
‫مبحثه عن العجاز القرآني‪ ،‬ويجعل للشعر أربعة عناصر وهي‪" :‬الدلفظ والللوزن والقافيللة‬
‫والمعنى"‪ ،‬ثم ييبظين الّئتلف بينهما‪ :‬ائتلف الدلفظ مع المعنى‪ ،‬والدلفظ مع الوزن‪ ،‬والمعنى مع‬
‫)‪(1‬‬
‫الوزن والقافية‪.‬‬
‫كما يجعل ألوان البديع نوع من أنواع المعاني ويعدرفها‪» :‬وهو أن يضع الشاعر المعاني‬
‫يريد أن يذكرها في شعره الذي يصنعه‪ ،‬فإذا ذكرها أتي بها من غاير أحن يخالف معنى ما أتى‬
‫)‪(2‬‬
‫به منها‪ ،‬ولّ يزيد ولّ ينقص«‪.‬‬
‫للول‪:‬‬
‫للة فيق‬
‫للظرف البلغا‬ ‫أدما الدرماني علي بن عيسى فقد انطلق من الددلّلة الدلغوي‬
‫للة لييع‬
‫» وإدنما البلغاة إيصال المعنى إلى القلب في أحسن صورة الدلفظ«‪ (3).‬والبلغاة عنده تكمللن‬
‫للود‬ ‫في الدلفظ والمعنى‪ ،‬ولّ يرضى أحن تكون في المعنى وحده أو الدلفظ لوحده‪ ،‬وحص‬
‫للر وج‬
‫)‪(4‬‬
‫البلغاة في‪ :‬اليجاز والتشبيه والّستعارة والفواصل والتصريف‪ ،‬والمبالغة وحسن البيان"‪.‬‬
‫في الدراك«‪.‬‬ ‫كما عدرف البيان بأدنه‪» :‬هو الحضار لما يظهر به تمديز الشيء من غايره‬
‫وقدسمه إلى أربعة أقسام كما فعل الجاحظ‪" :‬كلم وحال وإشارة‪ ،‬وعلمة"‪ (6).‬كما ق‬
‫للدرر أن‬ ‫)‪(5‬‬

‫دلّلة السماء والصفات متناهية‪ ،‬وأدن دلّلة التأليف ليسّ لها نهاية‪ ،‬ومنها القرآن الكريم الذي‬
‫حصل فيه التحدي بالمعارضة لتظهر المعجزة‪ ،‬ويؤدكد أدن القرآن نهاية في حسللن البيللان‪،‬‬
‫للين‬ ‫وحسن البيان‪ ،‬هو أعلى مراتب الكلم‪ ،‬وهو تلؤم وتعديل الدنظم‪ ،‬وخلوه من كدل م‬
‫للا يش‬
‫)‪(7‬‬
‫الفصاحة ودلّلة التأليف‪.‬‬
‫ويقدر الخطابي )تل ‪388‬هل( بالموازة بين الدلفظ والمعنى بقوله‪» :‬إدنما يقوم الكلم بهذه‬

‫‪ ()1‬ينظر‪ :‬عبد العزيز عبد المعطي عرفة‪ :‬قضية العجاز وأأثرها في البلغاة العربية‪ ،‬عالم الكتب‪ ،‬ط ‪ ،1‬بيروأت ‪،1985‬‬
‫ص ‪.301–300‬‬
‫‪ ()2‬قدامه بن جعفر‪ :‬نقد الشعر‪ ،‬تحقيق كمال مصطفى‪ ،‬ط ‪ ،1‬مكتبة الخانجي‪ ،‬مصر ‪ ،1948‬ص ‪.136 – 135‬‬
‫‪ ()3‬الدرماني علي بن عيسى‪ :‬الننكت في إعجاز القرآن ضمن ثلث رسائل في إعجاز القرآن تحقيق محمد خلف ال وأمحمد‬
‫زغالوأل سلمة‪ ،‬دار المعارف‪ ،‬مصر‪ ،‬ص ‪.90‬‬
‫‪ ()4‬ينظر‪ :‬عبد العزيز عبد المعطي‪ :‬قضية العجاز‪ ،‬ص ‪.323‬‬
‫‪ ()5‬الدرماني‪ :‬الننكت في إعجاز القرآن‪ ،‬ص ‪.100 -98‬‬
‫‪ ()6‬ينظر‪ :‬المصدر نفسه‪ ،‬ص ‪.101‬‬
‫‪ ()7‬ينظر‪ :‬عبد العزيز عبد المعطي عرفة‪ :‬قضية العجاز‪ ،‬ص ‪.341‬‬
‫‪107‬‬
‫الفصل الوأل‬
‫المستوأى الددلّلي في الفكر الدلساني العربي القديم‬
‫للن اللدف‬
‫للظ‬ ‫للوازي بي‬ ‫الشياء الثلثة‪ :‬لفظ حامل‪ ،‬ومعنى قائم به‪ ،‬ورباط لهما‪ (1).«...‬فه‬
‫للو ي‬
‫والمعنى‪ ،‬والرباط بينهما‪ ،‬أي أسلوب تركيب اللفاظ لتعظبر عن المعاني المركبة‪ ،‬كما يؤدكللد‬
‫على دراسة المعنى الذي هو الجزء الصعب إلى فضل الفكر وكذا الدذهن‪ ،‬يقول الخطابي‪» :‬‬
‫فأدما المعاني التي تحملها اللفاظ‪ ،‬فالمر في معاناتها أشد‪ :‬لدنها نتاج العقول وولّئد الفهللام‬
‫فالمعاني أسرار أسرار تعبيرات اللفاظ كما يبظين ذلك "أولمان"‪» :‬المعنى‬ ‫)‪(2‬‬
‫وبنات الفكار«‪.‬‬
‫)‪(3‬‬
‫هو المشكلة الجوهرية في علم الدلغة«‪.‬‬
‫للاظ‬ ‫ويتبع أبو هلل العسكري )تل ‪395‬هل( الجاحظ متوهما أدنه من المنتص‬
‫للرين لللف‬
‫على المعنى حيث يقول‪» :‬الكلم ألفاظ تشمل على معامن تددل عليها وتعدبر عنهللا‪ ،‬فيحتللاج‬
‫للى‬
‫للذي خط‬
‫للو يحت‬ ‫صاحب البلغاة إلى إصابة المعنى‪ ،‬كحاجته إلى تحسين اللدف‬
‫للظ«‪ (4).‬فه‬
‫الجاحظ‪ ،‬ويقرر أدن الميزة البلغاية كامنة في الدلفظ‪ ،‬وأدن المعاني موجودة عند كدل شللاعر أو‬
‫كاتب‪ ،‬فييورد ما قاله الجاحظ في كتابه الصناعتين مع اختصار شديد‪.‬‬
‫للددم عمل‬ ‫ويعتبر العسكري من أعلم الدنقد والبلغاة في القرن الرابع الهجري وال‬
‫للذي ق‬
‫دلّليا متمظيزا اتسم بطرافته العلمية‪ ،‬إضافة إلى جهوده البلغاية والنقدية‪.‬‬
‫وتناول كغيره مسألة الدلفظ والمعنى مقدرا بأسبقية اللفاظ على المعاني حيث يقول بما جاء‬
‫بنصه‪» :‬ولّ خير في المعاني إذا استكرهت قهدرا واللفاظ إذا اجترت قسدرا‪ ،‬ولّ خير فيمللا‬
‫لّ شرف لفظه مللع وضللوحا المغللزى‬ ‫أيمْجيد لفظه إذا سخف معناه‪ ،‬ولّ في غارابة المعنى إ د‬
‫)‪(5‬‬
‫وظهور المقصد«‪.‬‬
‫فهو يؤكد على الدلفظ جوددة وحسدنا مؤديا إلى المعنى الواضح والمراد‪ ،‬كما يتضح أدن‬
‫لله لّ‬
‫يهمل المعاني رغام اعتماده على اللفاظ من حيث اختيارها ورصفها وتأليفها‪ ،‬فيقول‪» :‬على‬

‫‪ ()1‬الدرماني وأ الخطابي وأعبد القاهر الجرجاني‪ :‬ثلث رسائل في إعجاز القران‪ ،‬تحقيق‪ ،‬محمد خلف ال‪ ،‬محمد زغالوأل‬
‫سلم‪ ،‬دار المعارف‪ ،‬ط ‪ ،3‬مصر‪ ،‬ص ‪.26‬‬
‫‪ ()2‬المصدر نفسه‪ ،‬ص ‪.26‬‬
‫‪ ()3‬ستيفن أوألمان‪ :‬دوأر الكلمة في الدلغة‪ ،‬ترجمة كمال بشر‪ ،‬ص ‪.62‬‬
‫‪ ()4‬أبوأ هلل العسكري‪ :‬الصناعتين في الكتابة وأالشعر‪ ،‬تح‪ :‬محموأد أبوأريه‪ ،‬مراجعة‪ :‬عباس حسن خضر‪ ،‬مطابع دار‬
‫الكتاب العربي‪ ،‬مصر‪) ،‬د‪ .‬ط(‪ ،‬القاهرة‪) ،‬د ت(‪ ،‬ص ‪.41‬‬
‫‪ ()5‬المصدر السابق‪ ،‬ص ‪.36‬‬
‫‪108‬‬
‫الفصل الوأل‬
‫المستوأى الددلّلي في الفكر الدلساني العربي القديم‬
‫أدن المعاني مشتركة بين العقلء‪ ،‬فردبما وقع المعنى الجديد للسوقي والنبطي والزنجي‪ .‬وإدنمللا‬
‫يتفاضل الدناسّ في اللفاظ ورصفها وتأليفها ونظمها«‪ (1).‬وهو لم يرسم نظرية للدنظم كما فعل‬
‫للى‬
‫لله إل‬ ‫عبد القاهر الجرجاني‪ ،‬فاكتفى بالحديث عن حسن التأليف‪ ،‬وحسن الدنظم‪ ،‬كم‬
‫للا يتج‬
‫للي‬ ‫للددلّلي واض‬
‫للحا ف‬ ‫الجانب الددلّلي لظهار العجاز البلغاي في القرآن‪ ،‬ويتجلى عمله ال‬
‫للرز‬
‫للر أب‬
‫للث تظه‬ ‫مصنفه الدلغوي "الفروق في الدلغة"‪ ،‬و"التلخيص في معرفة الش‬
‫للياء"‪ ،‬حي‬
‫المساحات الددلّلية للفاظ عديدة أحشمْكل التفريق بينهما عند الدلغويين)‪ ،(2‬نحو‪" :‬العلم‪ ،‬والمعرفة‪،‬‬
‫والفطنة‪ ،‬والذكاء‪ ،‬والغضب‪ ،‬والدسخط‪ ،‬والدرعاية‪ ،‬والحفظ‪.(3)"...‬‬
‫للن‬ ‫وقددم تحليل دلّليا لهذه اللفاظ‪ ،‬حيث حدللها وشرحا المعاني ووضع الحدود بينه‬
‫للا وبي‬
‫غايرها دون أحن يستخدم مصطلحات أهل المنطق‪ ،‬بل كان شارحا لغويا ودلّليا‪ .‬ويعتبر جهده‬
‫للددلّلي‬
‫للدور ال‬ ‫في الفروق عمل تطبيقيا للددلّلة الفنية في الدب والدنقد‪ ،‬حيث تفدطن إل‬
‫للى التط‬
‫للى‬
‫عل‬ ‫للرعي)‪ (4‬مرتك‬
‫للزا‬ ‫للم الش‬
‫للي والّس‬
‫للم العرف‬
‫لللفاظ‪ ،‬فبدين الفرق بين الّس‬
‫الّستعمالّت الدلغوية العامة والخاصة في مجالّت معينة‪ .‬ويستخدم أبو هلل مصطلح اللدغ‬
‫للة‬
‫للددل‬
‫ليددل على أصل الددلّلة قبل تحدولها‪ ،‬كما يعطي مصطلحا آخر‪ :‬وهو"عرف الّستعمال" لي‬
‫)‪(5‬‬
‫على تخصيص الددلّلة في بعض الجوانب أو البيئات‪.‬‬
‫وتودسع بحثه الددلّلي في مسألة المجاز‪ ،‬حيث تنتقل المجازات‪ ،‬مو د‬
‫ضحا كيفيللة تطللدور‬
‫للة‬
‫للزادة راوي‬
‫للمية الم‬ ‫الّستعمال الذي يؤددي إلى ألفة المجاز‪ ،‬فكثرة الّستعمال جعل‬
‫للت تس‬
‫كالحقيقة‪ ،‬وكان الراوية حامل المزادة وهو البعير‪ ،‬وما يجري مجراه‪ ،‬ولهذا يسللدمي حامللل‬
‫الشعر راوية‪ ،‬ومثل هذا كثير‪ (6).‬فقد كان عمله الددلّلي في الفروق إنجازا متميدزا حيث أبطل‬
‫الترادف‪ ،‬وأثبت الفروق في اللفاظ التي ييمديعى ترادفها‪.‬‬
‫ثم يأتي عبد القاهر الجرجاني )تل ‪471‬هل( ليمثل الّنطلقة الولى في التحليل البنيوي‬

‫‪ ()1‬المصدر نفسه‪ ،‬ص ‪.97‬‬


‫‪ ()2‬ينظر‪ :‬فايز الداية‪ :‬علم الدلّلة‪ ،‬ص ‪.24‬‬
‫‪ ()3‬ينظر‪ :‬أبوأ هلل العسكري‪ :‬الفروأق في الدلغة‪ ،‬دار الفاق الجديدة‪ ،‬بيروأت ‪ ،1977‬ص ‪.17‬‬
‫‪ ()4‬ينظر‪ :‬المصدر نفسه‪ ،‬ص ‪.50‬‬
‫‪ ()5‬ينظر‪ :‬فايز الداية‪ :‬علم الدلّلة‪ ،‬ص ‪.278‬‬
‫‪ ()6‬ينظر‪ :‬أبوأ هلل العسكري‪ :‬الصناعتين‪،‬ص ‪ 140‬وأما بعدها‪.‬‬
‫‪109‬‬
‫الفصل الوأل‬
‫المستوأى الددلّلي في الفكر الدلساني العربي القديم‬
‫للدنص وفق منهج وصفي يستمد قواعده من ارتباط البلغاة بمعاني الدنحو‪ ،‬ويتجلى ذلك فللي‬
‫تحليله العلقات التركيبية المختلفة بين الجملة الواحدة‪ ،‬أو الجمل في طللرق أداء المعنللى‪،‬‬
‫هذا المعنى‬ ‫)‪(1‬‬
‫فيتناول المعنى الوظيفي في الدسياق أو التركيب للوصول إلى المعنى الددلّلي‪،‬‬
‫للى‬
‫للة إل‬ ‫الددلّلي الدذي سيؤددي إلى إدراك العجاز القرآني من خلل توجيه الددراس‬
‫للة الدنحوي‬
‫للي‬
‫للوي ف‬
‫جوانب جمالية‪ ،‬تركيبية ترصد العلقات الدلّلية المتفاعلة في اليات ونسقها المعن‬
‫الظاهرة الدلغوية‪.‬‬
‫وقد وتصاعد الخلف في إشكالية اللفظ والمعنى التي كان المبحث البيللاني والعجللاز‬
‫القرآني مدارها من مستوى دراسة العراب والددلّلة وقصد المتكلم إلى مستوى العلقات بين‬
‫للي‬
‫للتبدالية ف‬
‫التراكيب‪ ،‬وصيغ المعاني‪ .‬وقد أفصح الجرجاني عن العلقات التقلابلية والّس‬
‫الدنص القرآني بعد أحن نيظر في وحداته التركيبية ووظائفها الدلغوية قبل أن تؤظلف الدنص ويينيطق‬
‫بها‪ .‬فقد بدين أدن المعاني تتبع الدنحو‪ ،‬وهذا ما سماه "الدنظم"‪ :‬وهو توخي معاني الدنحو‪ ،‬فكللان‬
‫الدول الذي ربط بين الدنحو والبلغاة بهذه النظرية قائل‪» :‬واعلحم أن ليسّ الدنظم إ د‬
‫لّ أحن تضللع‬
‫)‪(2‬‬
‫كلمك الوضع الذي يقتضيه علم النحو«‪.‬‬
‫للة اللدف‬
‫للظ‬ ‫للى ثنائي‬ ‫من خلل التركيب الددلّلي وعلقته بقواعد الدلغة نيظر الجرج‬
‫للاني إل‬
‫للن‬
‫م‬ ‫للا إ د‬
‫لّ‬ ‫والمعنى‪ ،‬حيث يرى أدن اللفاظ لّ قيمة لها وهي مفردة ولّ تتفاضل فيما بينه‬
‫خلل علقتها في التركيب‪ ،‬وعندما يتحقق الّئتلف فيما بينهما تتضح المعاني والغاراض‪،‬‬
‫للاع اللدغ‬
‫للة‬ ‫وقد أنكر أحن يكون الدلفظ مزدية في ذاته)‪ ،(3‬فيقول‪» :‬اللفاظ المفردة التي هي أوض‬
‫لتعرف معانيها في أنفسها‪ ،‬ولكن لن يضدم بعضها إلى البعض فيعرف فيما بينها فوائد )‪(...‬‬
‫والددليل على ذلك أندا إن زعمنا أدن اللفاظ التي هي أوضاع الدلغة إدنما وضعت ليعرف معانيها‬
‫للاسّ‬
‫للعوا لجن‬ ‫في أنفسها لمدى ذلك ما لّ يشك عاقل في استحالته‪ ،‬وهو أن يكونوا ق‬
‫للد وض‬
‫السماء التي وضعوها لتعرف بها حتى كأدنهم لو لم يكونوا قالوا‪ :‬رجل‪ ،‬وفرسّ‪ ،‬ودار‪ ،‬لدمللا‬

‫‪ ()1‬ينظر‪ :‬تمام حسان‪ :‬الدلغة العربية‪ ،‬معناها وأمبناها‪ ،‬الهيئة المصرية العامة‪ ،‬القاهرة ‪ ،1973‬ص ‪.342‬‬
‫‪()2‬عبد القاهر الجرجاني‪ :‬دلّئل العجاز‪ ،‬تعليق محمد التنجي‪ ،‬دار الكتاب العربي‪ ،‬ط ‪ ،1‬بيروأت ‪ ،2005‬ص ‪.69‬‬
‫‪ ()3‬ينظر‪ :‬حسن طبل‪ :‬المعنى في البلغاة العربية‪ ،‬ص ‪.11‬‬
‫‪110‬‬
‫الفصل الوأل‬
‫المستوأى الددلّلي في الفكر الدلساني العربي القديم‬
‫)‪(1‬‬
‫كان لدنا علم بمعانيها)‪ (...‬كيف والمواضعة لّ تكون‪ ،‬ولّ تتصور إلّ على معلوم‪.«...‬‬
‫للورها‬
‫للبق تص‬
‫للة يس‬
‫نلمسّ في نصه هذا تقريرا للمعاني التي هي مدركات وصور أولي‬
‫وتحصيلها في النفسّ المواضعة على الكلم والدرموز الدلغوية الددالة عليها‪ ،‬فهو يرى أدن علقة‬
‫الكلمة المفردة بمعناها علقة إشارية محضة تقتضي سبق المشار إليه فللي الوجللود عللن‬
‫الشارة‪ .‬وهذا ما رأيناه عند ابن سينا‪.‬‬
‫ويؤكد على الّعتباطية في اقتران الدال بالمدللول‪ ،‬فيقول‪» :‬فلو أدن واضع الدلغلة كان‬
‫ضيريب" لما كان في ذللك ما يلؤدي إلى فساد«‪ (2).‬وإضلافة إلللى‬ ‫ض" مكان " ي‬ ‫قد قال‪" :‬يريب ي‬
‫الّعتباطية في طبيعية الددلّلة الدلغوية تتساوى دلّلة الدلفظة في الوظيفة الدلغوية عند مجتمعه‬
‫للا‬
‫للي‬
‫على الدم‬ ‫الدلغوي مع بقية الدلغات‪ ،‬ولّ تفاضل عند الجرجاني بين دلّلة لفظ "رجل"‬
‫)‪(3‬‬
‫في الدلغة العربية والكلمة الددالة عليه بالفارسية‪.‬‬
‫صوتي اعتباطي لّ يقوم على مناسبة طبيعية‪ ،‬كما ينفللي أحن‬
‫ويلمح إلى أدن نظم الكلمة ال د‬
‫يكون نظم أصوات الكلمة أو ترتيبها قائما على المعنى حيث يقول‪» :‬وأدي مساغ للشك ف‬
‫للي‬
‫لليء ولّ‬ ‫أحن تنخلع هذه اللفاظ التي هي لغات دلّلتها لما كان شيء منها أحق بالتقديم م‬
‫للن ش‬
‫يتصور أن يجب فيها ترتيب ونظم«)‪.(4‬‬
‫فل شك أدن الدلفظ لّ ينفصل عن المعنى وأدن نظم الحروف هو تواليها في الدنطق كمللا أدن‬
‫الدلفظة في بنية الكلم تكون موجهة بقصد المتكلم أي أحن تدمل على ما عناه المتكلم وقصللده‪،‬‬
‫وهنا يشير إلى تحديد الددلّلة بالقصد فيقول‪» :‬إدنما يكظلم بعضهم بعضا ليعرف السامع غارض‬
‫)‪(5‬‬
‫المتكلم ومقصوده«‪.‬‬
‫كما يفظرق بين دلّلة الكلمة عند الّستعمال‪ :‬الولى‪ :‬دلّلتها مطلقة‪ ،‬والثانية‪ :‬مخصصللة‬
‫يحددها القصد بأحدهما‪ ،‬وهو ما ذكره ابن سينا قبله‪ .‬فنراه اعتنى بالمعنى وجعل له قيمة في‬
‫العملية الددلّلية‪ ،‬وذلك لدنه يعدبر عن المقاصد والغاراض‪.‬‬
‫‪ ()1‬ينظر‪:‬عبد القاهر الجرجاني‪ :‬الدلّئل‪ ،‬ص ‪.344‬‬
‫‪ ()2‬ينظر‪ :‬المصدر نفسه‪ :‬ص ‪.50‬‬
‫‪ ()3‬المصدر نفسه‪ :‬ص ‪.31‬‬
‫‪ ()4‬ينظر‪ :‬المصدر السابق‪ ،‬ص ‪.51‬‬
‫‪ ()5‬المصدر نفسه‪ ،‬ص ‪.408‬‬
‫‪111‬‬
‫الفصل الوأل‬
‫المستوأى الددلّلي في الفكر الدلساني العربي القديم‬
‫للوتية‪،‬‬
‫للورة الص‬
‫للة والص‬ ‫وأشار في حديثه عن الددال والمدلول إلى الص‬
‫للورة الذهني‬
‫والمرجع مقتربا من مثلث "أوجدن وريتشاردز"‪ ،‬كما اقترب من تشومسكي)‪ (1‬فللي وضللعه‬
‫لعلقة النظم بالمعاني الدنحوية‪ ،‬فقد أعطى للنحو إمكانات مستمدة من العقل مبظينا العلقات بين‬
‫الدلّلّت المتوخاة من الكلم‪ ،‬وما يستدعيه الدسياق الكلمي في موقف الحال‪ .‬والدنظم يقللوم‬
‫على كدل ما له صلة بالدنحو‪ (2).‬كما أدكد على المْبنية السطحية‪ ،‬والبنية العميقة موضحا القواع‬
‫للد‬
‫التحويلية حيث عرض للتغديرات الددلّلية الناجمة عن التقديم والتأخير‪.(3)...‬‬
‫فللي‬ ‫وأخير نخلص إلى أدن عبد القاهر كان تتويجا لمباحث البلغايين والمتكلمين‬
‫للتوياتها‬ ‫مشكلة اللفظ والمعنى عبر العصور‪ ،‬وما جاء به من أنواع الددلّلة ومض‬
‫للامينها ومس‬
‫ينطبق مع ما جاء به المناطقة من خلل المكونات الددلّلية التي مارسها تطبيقا وتنظيرا مللع‬
‫للد‬
‫للة عن‬
‫للة المطابق‬
‫اختلف في المصطلحات‪ ،‬فالمعنى هو الحقيقة عند الجرجاني‪ ،‬وهو دلّل‬
‫المناطقة‪ ،‬ودلّلتا‪" :‬التضمين والّلتزام" هي عندهم من المعاني المجازية أو معاني العلقات‬
‫)‪.(4‬‬
‫أو معنى المعنى عند الجرجاني‪ ،‬وكثرة الّستدلّلّت بين ابن سينا والجرجاني تؤدكد ذلك‬
‫كما أدنه انطلق في منهجه التحليلي من معاني الدنحو والددلّلة مع مراعاته للدسياق الكلمي‬
‫الذي أقامه على الدنظم الذي يضدم علم التركيب مستندا على نظرية لسانية سبق فيها غايره من‬
‫علماء الدلسانيات المحدثين‪.‬‬
‫وقد كان بادرة لفتح باب الددراسات لمن سيأتي بعده‪ ،‬فيأتي الدزمخشري )تل ‪538‬هل(‬
‫للن‬
‫للتلهم م‬ ‫)‪ ،(5‬وقد اتبع خطى عبد القاهر وربط التفسير النظري بالتطبيق العملي حي‬
‫للث اس‬
‫للددلّلّت‬
‫للير ال‬ ‫نظرية النظم‪ ،‬وحاول أحن يطظبقها في تفسيره "الكشاف"‪ ،‬كما استند ى ف‬
‫للي تفس‬
‫القرآنية على المذهب الّعتزالي المعتمد على أنواع التجدوز‪.‬‬
‫أدما في كتابه "أساسّ البلغاة" فقد اعتنى بالجانب التاريخي لدلّلة اللفاظ حيللث يسللمي‬

‫‪ ()1‬ينظر‪ :‬عبد الجليل منقوأر‪ :‬علم الدلّلة‪ ،‬ص ‪ 151‬وأما بعدها‪.‬‬


‫‪ ()2‬ينظر‪ :‬صالح بلعيد‪ :‬التراكيب النحوأية وأسياقاتها المختلفة عند عبد القاهر الجرجاني‪ ،‬ديوأان المطبوأعات الجامعية‪،‬‬
‫الجزائر ‪ ،1994‬ص ‪.247 – 245‬‬
‫‪ ()3‬ينظر‪ :‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.226‬‬
‫‪ ()4‬ينظر‪ :‬مشكوأر العوأادي‪ :‬البحث الددلّلي عند ابن سينا‪ ،‬ص ‪. 57‬‬
‫‪ ()5‬ينظر‪ :‬ابن خلكان‪ :‬وأفيات العيان في أنباء أبناء الزمان‪ ،‬تحقيق محي الددين‪ ،‬ط ‪ ،1‬مطبعة السعادة‪ ،‬مصر ‪ ،1948‬ج‬
‫‪ ،1‬ص ‪.253‬‬
‫‪112‬‬
‫الفصل الوأل‬
‫المستوأى الددلّلي في الفكر الدلساني العربي القديم‬
‫الددلّلة الصلية للكلمة بالحقيقة‪ ،‬والددلّلة المتطدورة عنها بالمجاز)‪ ،(1‬وعرض للحقيقة والمجاز‬
‫بزعمه أدن "الكتابة‪ ،‬والقراءة‪ ،‬والخلق‪ ،‬والهجاء كلها من المجاز‪ ،‬ويرى أدن الدلّلة الحقيقيللة‬
‫للقراءة هي الجمع وال د‬
‫ضدم)‪ .(2‬أدما في "كشافه" فقد حاول أن يثبت وجوه العجاز القرآني‪ ،‬فبدأ‬
‫مدما انتهى السابقون‪ ،‬واستطاع أحن يحقق بعضا من منهج عبد القاهر‪ ،‬فاهتم بالدنظم وجعله من‬
‫أسرار الدنظم القرآني‪ ،‬وطدبق نظرية الجرجاني تطبيقا عمليا على جميع السور القرآنية)‪.(3‬‬
‫للي دلّلّت‬
‫للتعمالّت ف‬ ‫وجعل علم الدنظم‪ :‬علم للمعاني‪ ،‬والبيان‪ ،‬وعرض لبع‬
‫للض الّس‬

‫اللفاظ في الكشاف‪ ،‬يمفظسدرا إدياها حسب الحقيقة لّ المجاز)‪ ،(4‬كما في قوله تعالىقللوله‪ ﴿ :‬و إوإذذ‬

‫صاَرر﴾)‪ ،(5‬كما أورد في معجمه ما سدماه بمجاز المجاز)‪ ،(6‬ومقتضى ذلك أدن الحك‬
‫للم‬ ‫وإزوغذت إذلوذب و‬
‫على الددلّلة في نظره غاير ثابت‪ ،‬بل يتطور بتطور الّستعمال الدلغوي‪ ،‬فالتطدور الددلّلي الدول‬
‫للول‪ » :‬م‬
‫للن‬ ‫قد يمْشيع فيصبح حقيقة يحبيني على أساسها مجاز أو تطور دلّلي آخر‪ ،‬حي‬
‫للث يق‬
‫المجاز ما غالب في الّستعمال حتى يلحق بالحقائق وهذا من ذلك«)‪.(7‬‬
‫وهذا الذي يقدرره الزمخشري لّ يختلف‪ ،‬عدما قدرره علم الدلسانيات المعاصللر مللن أدن‪:‬‬
‫»الدلغة قاموسّ من المجازات التي فقدت مجازيتها بالتدريج«)‪ .(8‬وكان في تفسيره يسللتدعى‬
‫المعاني المختلفة التي يحتملها التعبير‪ ،‬فل يكتفي بوجه واحد‪ ،‬ورغام ذلك لم يحسلم من المآخذ‪:‬‬
‫)‪(9‬‬
‫كمبالغته في الّحتمالّت الددلّلية والعراب‪.‬‬
‫ومن الخصائص البارزة في بحثه الددلّلي‪:‬‬
‫‪ -‬عقده للصلة بين الدلفظ ودلّلته‪ ،‬فقد يعدل من صيغة إلى أخرى لمعنى لغوي‪ ،‬كما يعدل‬
‫من المضارع إلى الماضي للددلّلة على أدن المستقبل بمنزلة الواقع الكائن في تفسيره لليللات‬
‫‪ ()1‬ينظر‪ :‬إبراهيم أنيس‪ :‬دلّلة اللفاظ‪ ،‬ص ‪.193‬‬
‫‪ ()2‬ينظر‪ :‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.101‬‬
‫‪ ()3‬ينظر‪ :‬عبد العزيز عبد المعطي عرفه‪ :‬قضية العجاز القرآني‪ ،‬ص ‪.662‬‬
‫‪ ()4‬ينظر‪ :‬الزمخشري‪ :‬الكشاف‪) ،‬د‪.‬ط(‪ ،‬دار المعرفة‪ ،‬بيروأت‪ ،‬ج ‪ ،3‬ص ‪.230‬‬
‫‪ ()5‬سوأرة الحزاب‪ :‬آية ‪.10‬‬
‫‪ ()6‬الزمخشري‪ :‬أساس البلغاة‪ ،‬دار المعرفة‪ ،‬بيروأت ‪ ، 1982‬ص ‪.390 - 366‬‬
‫‪ ()7‬المصدر نفسه‪ ،‬ج ‪ ،3‬ص ‪.299‬‬
‫‪ ()8‬ستيفن أوألمان‪ :‬دوأر الكلمة في الدلغة‪ ،‬ترجمة كمال بشر‪ ،‬ص ‪.76‬‬
‫‪ ()9‬ينظر‪ :‬فاضل السامرائي‪ :‬الددراسات الدلغوأية وأالدنحوأية عند الدزمخشري‪ ،‬دار عمار‪،‬ط ‪ ، 1‬الردن ‪ ، 2005‬ص ‪.243‬‬
‫‪113‬‬
‫الفصل الوأل‬
‫المستوأى الددلّلي في الفكر الدلساني العربي القديم‬

‫ستتتوذعإجلرإوهر﴾)‪ ،(2‬ويفسرها بقوله‪:‬‬ ‫إ‬


‫» "أتى"‪:‬‬ ‫الكثيرة ‪ ،‬كقوله تعالى‪﴿ :‬أووتتتىَ أوذمتترر إولوولتته فولو تو ذ‬
‫)‪(1‬‬

‫تنزيل للمنتظر منزلة التي الواقع«)‪.(3‬‬


‫‪ -‬كما مثل لتكرير الدلفظ لتكرير المعنى فيقول‪» :‬والكبكبة تكرير الكب‪ ،‬وجعل التكرير‬
‫في الدلفظ دليل على التكرير في المعنى«)‪.(4‬‬
‫‪ -‬تقليبه للكلمة والدنظر في احتمالّتها المتعددة‪.‬‬
‫للذا‬
‫للل آخ‬
‫للثرة التعلي‬ ‫‪ -‬تعليله لصل الكلمة واشتقاقها مجتهدا في شرحا دلّلّتها م‬
‫للع ك‬
‫بالّستعمال الدول)‪.(5‬‬
‫هذه أهم الّلتفاتات التي حاولت أن أختصرها في بحثه الددلّلي الذي اتبع فيه خطى‬
‫الجرجاني‪ ،‬وسنرى ذلك جلديا في آراء الدرازي الددلّلية سواء في التفسير أو البلغاة فجهللود‬
‫الجرجاني والدزمخشري أضاءت جوانب كثيرة من البحث الددلّلي‪ ،‬وأبانت عن منهج قويم في‬
‫الددراسات اللسانية عموما‪ ،‬والددلّلية خصوصا‪ ،‬وما جاء بعدهما من مبللاحثلللم يكللن إ د‬
‫لّ‬
‫تلخيصا لبلغاتهما‪ ،‬ولعدل أدول من لدخص ذلك هو فخر الددين الدرازي في كتابه "نهاية اليجاز‬
‫للأليفه‬
‫للي‪ ،‬وت‬ ‫في دراية العجاز"‪ ،‬وسنحاول أن نبظين الجددة في بحثه الدلغوي وتفس‬
‫لليره القرآن‬
‫صد فكره الددلّلي والدلساني في تصانيفه المتعددة والمتنوعة‪.‬‬
‫الفلسفي والكلمي لينر ي‬
‫وأفي خلصة هذا الفصل نجد أدن الجهود الدلسانية في مستواها الددلّلي تجل‬
‫للت بوضللوحا‬
‫وتمييز عند الدلغويين والصوليين والفقهاء والفلسفة والبلغايين والنقاد‪ ،‬وسنحصر أهدم النقاط‬
‫في وجوه الّتفاق والّختلف بين هؤلّء في الددلّلة‪ ،‬وأدول وجوه الّتفاق كانت بين الفلسللفة‬
‫والمناطقة والدلغويين‪ ،‬وهي تؤكد علقة المنطق بالدلغة‪ ،‬والددلّلة وأهدمها‪:‬‬
‫‪ -‬الددلّلة جزء من الدلغة والمنطق‪ :‬فلكل جملة أو قضية معنى‪ ،‬ولكدل كلمة معنى‪ ،‬فالدلغة‬
‫للى ملن خلل التعلبير‪،‬‬
‫تهتم باللفظ من جانب دلّلته على المعنى‪ ،‬والمنطق يبحث في المعن‬

‫‪()1‬ينظر‪ :‬الزمخشري‪ :‬الكشاف‪ ،‬ج ‪ ،2‬ص ‪.197‬‬


‫‪ ()2‬سوأرة النحل‪ :‬آية ‪.1‬‬
‫‪()3‬الزمخشري‪ :‬الكشاف‪ ،‬ج ‪ ،2‬ص ‪197‬‬
‫‪ ()4‬المصدر نفسه‪ ،‬ج ‪ ،2‬ص ‪.429‬‬
‫‪ ()5‬ينظر‪ :‬فاضل السامرائي‪ :‬الددراسات الدلغوأية وأالدنحوأية عند الدزمخشري‪ ،‬ص ‪.284 - 294‬‬
‫‪114‬‬
‫الفصل الوأل‬
‫المستوأى الددلّلي في الفكر الدلساني العربي القديم‬
‫فاشتركا في الددلّلة‪ .‬وأساسّ الددلّلة هي الكلمة‪ ،‬وهو مبدأ اتفاق بينهم‪ ،‬كما أدن دخول الكلمللة‬
‫في التركيب وبنائه أددى إلى ظهور الددلّلة التركيبية‪ ،‬مدما ربط الجملللة بالددلّلللة‪ ،‬والدنحللو‬
‫بالمنطق‪.‬‬
‫‪-‬لم يختلف تقسيم الددلّلة عند كليهما‪ ،‬و موضوع نشأة الدلغة كان القاسم المشترك بين الفلسفة‬
‫والصوليين والدلغويين والبلغايين جميعا‪.‬‬
‫‪-‬يرى معظمهم أدن علقة الدلفظ بإزاء معناه )الصورة الذهنية( اصطلحية‪ ،‬وهي صلة أقدرها‬
‫جميعهم‪ ،‬وهي أساسّ من أسسّ الددلّلة‪.‬‬
‫‪-‬أقدر كثير من الدلغويين بصلة الحركة العرابية بالددلّلة‪ ،‬فهي تتجه لتوضيح المعنى‪ ،‬وهو ما‬
‫أدكده "ابن جني‪ ،‬والزجاجي"‪ ،‬والعراب في الكلم لفادة المعاني المختلفة‪ ،‬وهو ما نللص‬
‫عليه "ابن فارسّ"‪ ،‬والفارابي "بطريقته المنطقية بين أهمية العراب في توضلليح الّسللم‬
‫المردسم في الدنفسّ‪ ،‬ويرى "أبو حديان التوحيدي" أدن الدنحو تحقيق المعنى بالدلفظ‪ ،‬والمنطللق‬
‫تحقيق المعنى بالعقل)‪ ،(1‬وقد فرض علماء الدلغة والدنحاة معرفة المنطق لتحصلليل ملكللة‬
‫للة‪،‬‬
‫للة للغ‬ ‫التركيب الدلغوي الصحيح‪ ،‬وكان "سيبوية" أدول من أشار إلى الص‬
‫للول المنطقي‬
‫واعترف الكسائي بذلك)‪.(2‬‬
‫للن الدلغ‬
‫للويين‬ ‫للادهم ع‬ ‫ص الددلّلة عند الصوليين‪ ،‬ومدى اق‬
‫للترابهم أو ابتع‬ ‫أدما فيما يخ د‬
‫والفلسفة نقدر بما يلي‪:‬‬
‫للم‬
‫للائل الفه‬ ‫‪ -‬كان الفضل للصوليين خاصة المعتزلة في تشخيص طرق الددلّل‬
‫للة ووس‬
‫وتحديد مراتبها‪ ،‬فعبروا بمصطلحاتهم‪" :‬عبارة النص‪ ،‬إشارته‪ ،‬اقتضاؤه‪ ،‬فحواه‪ ،‬ومفهوم‬
‫المخالفة‪ ،‬والموافقة‪ ،"...‬واختلفوا فيما بينهم في مفهوم المخالفة لّستنباط الحكم الدشرعي‪،‬‬
‫كما اعتنوا بالوضوحا والخفاء من حيث القطع والظن‪.‬‬
‫‪ -‬اتفق علماء الدلغة وعلماء الصول في وضع المعنى في مرتبة متقدمة عللن الدلفللظ‪،‬‬
‫وتدور المسألة بينهم حول السابق‪ :‬الدلفظ أم المعنى في عملية الخلق والبداع‪ ،‬فيرى الغزالي‬

‫‪ ()1‬ينظر‪ :‬التوأحيدي‪ :‬المقابسات‪ ،‬تح‪ :‬محمد توأفيق حسني‪ ،‬وأكالة المطبوأعات‪ ،‬ط ‪ ،2‬دار القلم بيروأت‪ ،‬ص ‪.108‬‬
‫‪ ()2‬ينظر‪ :‬حسن بشير صالح‪ :‬علقة المنطق بالدلغة عند فلسفة السلم‪ ،‬ص ‪.145 - 144‬‬
‫‪115‬‬
‫الفصل الوأل‬
‫المستوأى الددلّلي في الفكر الدلساني العربي القديم‬
‫أدن المعنى أدولّ‪ :‬وهو الذي يستدعي الدلفظ)‪ .(1‬أدما الدلغويون فيتصدرهم ابن جني بق‬
‫للوله‪ » :‬إدن‬
‫العرب كما تعني بألفاظها فتصلحها‪ ،‬وتهذبها‪ ،‬فإدن المعاني أقوى عندها وأكرم عليها وأفخللم‬
‫قدرا في نفوسها«)‪ .(2‬وبهذا كانت مشكلة الدلفظ والمعنى والعلقة بينهما إشكالية معقللدة فللي‬
‫القرنين الثالث والرابع الهجري‪ ،‬وذلك بسبب تداخل العلوم المختلفة‪ ،‬وفي تحديد هذه العلقة‪،‬‬
‫إذ إدن انخرط الفقهاء في إشكاليلات المتكلمين‪ ،‬وانخراط الدنحاة في إشكاليات هؤلّء‪ ،‬وكذلك‬
‫البلغايين جعل تناول هذه القضية يثير الكثير من الخلفات رغام وحدة الشكالية بينهم بسبب‬
‫تناول الدنص‪ ،‬فأثارت عند الدنحاة مشكلة العراب ووضع العلمات اليميحظديدة للمعنللى‪ ،‬كمللا‬
‫أثارت عند الفقهاء مشكلة الددلّلة وارتباطها بظاهرة الّتساع في كلم العرب‪ ،‬ثللم ظهللرت‬
‫مشكلة المحكم والمتشابه وحدود التأويل ومسألة العجاز القرآني‪ ،‬وما ارتبط بها من نظريات‬
‫كلمية حول أصل الدلغة وخلق القرآن ثم قضية سدر البلغاة أهو الدنظم أم الدلفظ أم المعنى؟‪ .‬ثم‬
‫علقة الخطاب بنظام العقل والبلغاة أو ما يسمى بالمْحيجاج‪.‬‬
‫ولّ شك أدن جهود الصوليين كانت العمق في الددلّلة والمعنى‪ ،‬وطبيعة الصلة بين الدلفظ‬
‫للول‬
‫للن الق‬
‫والمعنى حيث أثبتوا عرفيتها واعتباطيتها‪ ،‬ويكدررون ذلك في استدلّلّتهم‪ ،‬منكري‬
‫بالصلة الذاتية‪ ،‬إضافة إلى تقسيماتهم لنواع الددلّلة ويطرقها‪ ،‬فجعلوها‪ :‬حقيقيللة وإضللافية‬
‫باعتبار المتكلم والسامع‪ ،‬ثم جعلوها‪ :‬مطابقة‪ ،‬وتضمن‪ ،‬والتزام"‪ ،‬وهو تقسيم يشللترك فيلله‬
‫علماء الدلغة والمنطق‪.‬‬
‫‪ -‬ومن الجوانب التي اهتم بها الصوليون وأغافلها الدنحاة‪ :‬الددراسة التركيبية لفهم المعنى‬
‫وخاصة أسلوب الّستثناء باعتباره مخصصا لفظيا‪ ،‬وهو يندرج في العام وتخصص العللام‪،‬‬
‫للافة‬
‫كما حظيت صيغة المر والنهي ببحث وافر لّتصالها بالتكاليف والحكام الشرعية‪ .‬إض‬
‫إلى تناوله للمشرك‪ ،‬والحقيقة والمجاز‪ ،‬وعنايتهم بالتطدور الددلّلي وإدراكهم لنواعه وأسبابه‪.‬‬
‫كما يركزون على سيلاق الكلم لمعرفة المراد‪ ،‬وهو يعظبر عن المذهب الكلي في الددلّلة كما‬
‫ذهب الشافعي وغايره‪.‬‬
‫‪ -‬كما حظيت ثلثية الدال والمدلول )الدليل( باهتمام واسع عند أهللل اللسللان والفقلله‬
‫‪ ()1‬ينظر‪ :‬الغزالي‪ :‬المستصفى‪ ،‬ج ‪ ،1‬ص ‪.21‬‬
‫‪ ()2‬ابن جني‪ :‬الخصائص‪ ،‬ج ‪ ،1‬ص ‪.215‬‬
‫‪116‬‬
‫الفصل الوأل‬
‫المستوأى الددلّلي في الفكر الدلساني العربي القديم‬
‫والصول والبلغاة والفلسفة‪ ،‬فتناولوها وفق منظورات مختلفة في بيانللات الفقلله والدلغللة‬
‫والددلّلة‪ ،‬واختلفت التعاريف أحيانا‪ ،‬واقتربت أحيانا أخرى في تعريف الصورة الذهنية بينهم‪،‬‬
‫واختلفت التسميات والمصطلحات‪ ،‬فيسمون الصورة الذهنية ‪ :‬بالمعنى حين يقصدها المتكلم‪،‬‬
‫وبالمفهوم حين يفهمها السامع‪ ،‬وبالماهية حين تقع في جواب "ما هو"‪ ،‬وهوية حيث امتيازها‬
‫عن الغايار)‪ .(1‬فالمناطقة يرون أدنها قائمة على تحديدات اصطلحية لمعاني اللفاظ‪ ،‬فهللي‬
‫متوحدة عند الجميع‪ .‬أدما عند علماء الصول‪ ،‬فهي أدن الصورة في ذهن السامع قد لّ تماثللل‬
‫الصورة التي في ذهن المتكلم إ د‬
‫لّ بشرط تساوي الثقافة‪ ،‬ودرجة وضوحا الفكر‪.‬‬
‫أدما عند الدلغوي‪ :‬فهي مخالفة للمناطقة وتعتمد على الخبرة بكيفية وضع اللفاظ الدلغويللة‬
‫لمعانيها‪ ،‬فالصورة الدذهنية عند الدلغوي‪ :‬هي علمة واقعية فيه لفتت الدذهن إليلله فالتقطهللا‪،‬‬
‫وأعلمه بها أحي مديزه بها وجعلها أمارة عليه‪ ،‬ثم عدبر باحتسابها علمة على الشيء واسما له‪،‬‬
‫فهي مجرد لّفت‪ .‬فالنسان عند الدلغوي‪ ،‬هو اليمؤمْنسّ والمأينوسّ به‪ ،‬وليسّ من المعنى الدلغوي‬
‫الّشتقاقي لكلمة إنسان إدنه حيوان أو إدنه ناطق‪.‬‬
‫أدما المنطقي فيتعامل مع كلمة " إنسان" لمن اجتمعت له الحيوانية والنطق‪ ،‬وإحن كان لّ‬
‫يحؤمْنسّ)‪ .(2‬ويطدل علم الدلسانيات بأبحاثه القيمة وهو يستند إلى تداخل مْعلمحي المنطق والبيللان‪،‬‬
‫للاء‪،‬‬ ‫والعلوم الخرى‪ ،‬مما أددى إلى تداخل المصطلحات واختلط المفاهيم عند بع‬
‫للض العلم‬
‫فمثل في تقسيم الفلسفة والمناطقة نلحظ ما يلي‪:‬‬
‫‪ ‬دلّلة المطابقة تساوي الماصدق‪ ،‬وتندرج في الددلّلة الوضعية‪.‬‬

‫‪ ‬دلّلة التضمن والّلتزام تساوي المفهوم‪ ،‬وتندرج في الددلّلة العقلية‪.‬‬


‫أمدا في تقسيم البلغايين في علم البيان نجد‪:‬‬
‫‪ ‬الددلّلة الولى هي المعنى ويساوي الحقيقة‪ ،‬وهو دلّلة وضعية‪.‬‬
‫للدرج‬
‫للاز‪ ،‬وين‬
‫للاوي المج‬
‫للى ويس‬ ‫‪ ‬الددلّلة الثانية هي المعنى الثاني‪ ،‬أو معن‬
‫للى المعن‬
‫في الددلّلة العقلية‪ .‬وفي علم الدلسانيات نجد التقسيم التي‪:‬‬

‫‪ ()1‬ينظر‪ :‬حسن حسن جبل‪ :‬المعنى الدلغوأي‪ ،‬ص ‪.80‬‬


‫‪ ()2‬ينظر‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.81‬‬
‫‪117‬‬
‫الفصل الوأل‬
‫المستوأى الددلّلي في الفكر الدلساني العربي القديم‬
‫دلّلة مطابقة أو المعنى التعييني ويساوي الحقيقة‪ ،‬وهو دلّلة وضعية‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫)‪(1‬‬
‫دلّلة اليحاء أو المعنى التضمني وتساوي المجاز‪ ،‬وتندرج في الددلّلة العقلية‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫للد اللدغ‬
‫للويين‪،‬‬ ‫للورت عن‬ ‫إذن‪ :‬فالصول الولى لعلم الددلّلة نبعت من المنطق‪ ،‬ث‬
‫للم تبل‬
‫فالبلغايين‪ ،‬والنقاد‪ ،‬والصوليين‪ .‬وسيكون كل هذا من منطلقات الدرازي في تأسيسّ فكللره‬
‫المعرفي‪ ،‬واللغوي‪ ،‬والددلّلي ‪.‬‬

‫‪()1‬‬
‫ينظر‪ :‬مشكوأر كاظم العوأادي‪ :‬البحث الدلّلي عند ابن سينا‪ ،‬ص ‪.170 -171‬‬
‫‪118‬‬

You might also like