You are on page 1of 8

‫العالمة عبد الرحمن طالب‬

‫وقفات وومضات حول المنهج االستداللي‬

‫د‪ .‬حسوني بوبك ــر‬


‫كلية العلوم االنسانية والعلوم االسالمية‬
‫جامعة وىران‬

‫مقدمـة‪:‬‬
‫احلمد هلل الذي جيزي كل نفس دبا تسعى واليو ادلآب والرجعى خلق اإلنساف علَّمو البياف وأجرى على بنانو ادلرغوب وجبنانو‬
‫دفع ادلرىوب وابتعث الرسل الكراـ ليدلوا اخللق على القصود واألسرار ارتقاء لكشف األستار واقتناص األنوار تشوفا إىل درؾ‬
‫َّ‬
‫ادلخدرات وادلخبَّئات وتشوقا إىل فهم التنزيل والتأويل والصالة والسالـ على من استكمل القدوة واألسوة وعلى الو وصحبو الذين‬
‫شذبوا الفنوف من كل وارد ودخيل واقتنصوا ادلناىج واذلموا ادلسالك معاشرة ومعاصرة لصاحب الشرح فساسوا األمم وادلمالك‬
‫وعلى كل من سلك مهيع االتباع واإلبداع إىل يوـ يدعو الداع‪.‬‬
‫مدرس وكاتب مؤلف‬ ‫وبعد إنو دلن دواعي السرور أف أتشرؼ بكتابة ىذه األسطر حوؿ شيخ مريب وإماـ مصلح وأستاذ ِّ‬
‫شرفت باجللوس عنده واألخذ عنو‪.‬‬ ‫أجل َمن ُ‬
‫من خَتة ما اكتَ َحلَت بو ُم ْقلتاي ومن ِّ‬
‫قمة وقامة يف العلم‬ ‫لشاب ِغ ػ ػ ػ ٍرأف يتحدث عن َّ‬
‫وإين ألجد نفسي صاغرة أماـ ىذا احملقق اجلهبيذ واحملدث الفحل‪ ،‬فأىن ٍ‬
‫فحري بػػي أف يقاؿ عٍت‪:‬‬ ‫ٌّ‬ ‫الًتبية‪،‬‬
‫و َّ‬
‫صولَة البُ ِزالل َقناعيػ ػ ػ ػ ػػس‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫ابن اللّبونإذا ما لُػ ػ ػ ػ َّػز يف قػ ػَ َػرف ل ػػم يستطع َ‬
‫و ُ‬
‫خاألف الساعة والساعات تفي‬ ‫مجوح عن البياف‪ ،‬فكاف أف اعًتى صمت وإجبالٌوإفصاءٌ‪ ،‬وماإِ ُ‬ ‫عصي والقلم ٌ‬ ‫فاللساف ٌّ‬
‫‪،‬أمن باب احلديث واألثر‬ ‫أىن أجل إىل شخصية الشيخ ادلريب ِ‬ ‫أىن أبدأ و َّ‬ ‫حائر َّ‬
‫ّ‬ ‫بالغرض وتأيت على ادلقصود لتعدد معارؼ الشيخ‪ ،‬فإين ٌ‬
‫أكرب شاىد على طوؿ الباع وسعة ادلعُت‪،‬أـ من باب الفقو والنَّظر فدروسو ومصنَّفاتُو وآراؤه فيها النَّبأ واخلرب‪،‬وإذا‬ ‫وموسوعتُو احلديثية ُ‬
‫مقاـ اإلحساف الذي ربقَّق فيو الشيخ حبسباف‪ ،‬ويف اللّغة واللّساف كأنك ذبالس أحد العرب‬ ‫ِ‬ ‫وجلنا باب َّ‬
‫الذوؽ والعرفاف فدونَك َ‬
‫العرباف‪.‬ومن خالؿ ىذه الورقات أريد أف أجل مقاما من مقامات إبداع الشيخ‪ ،‬وىو منهج الشيخ يف النّظر واإلستدالؿ‪.‬زلاوال‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫اجلواب عن إشكاالت وتساؤالت منها‪ :‬ما فلسفة اإلستدالؿ وطرؽ التأصيل والنظر عنده؟ وما حظ التَّمذىب عنده؟ وما درجتو‬
‫الفقهية؟ وما مقاـ اإلعتبار واإلستثمار يف استداللو؟‪.‬‬
‫معالم من المنهج‪1‬االستداللي‪ 2‬عند الشيخ‬
‫بعد الوقوؼ عند السَتة والشخصية نوجو النظر اىل جانب مهم يتعلق باجملاؿ العلمي وادلعريف‪ ،‬األمر يتعلق بفلسفة‬
‫اإلستدالؿ وطرقها عنده‪ ،‬وكيفية نصب األدلة على األحكاـ ونوط الفروع بكلياهتا وزبريج اجلزئي على قواعد الشرع اىل جانب‬
‫تقصيد احلكاـ وتوجيهها على ضوء ادلقاصد واحلكم‪ ،‬مع ادلزاوجة بُت مقاـ التنظَت واالعتبار ومقاـ التطبيق واالستثمار‪ ،‬وحىت‬
‫يتجلى ادلنهجية أكثر سقت بعضا من اختيارات الشيخ الفقهية مبينا مدركاهتا عنده‬
‫الجمع بين التأصيل والتدليل‪:‬‬

‫‪83‬‬
‫الناظر يف طرؽ التدريس والتصنيف عند الشيخ يرى فيها نزوعا اىل ربط احلكم بدليلو ومدركو الشرعي‪ ،‬ورد اجلزئي إىل كليو‬
‫والفرع إىل أصلو مع تذليل العبارة‪ ،‬فاجتمع عنده ما تفرؽ عند غَته تدليل وتأصيل وتذليل ‪ ،‬يف الوقت الذي فيو الفقو التجريدي‬
‫السردي اجملرد عن الدليل‪ ،‬وكذا القطيعة بُت الفروع واألصوؿ والوقوؼ عند ادلباين على حساب ادلعاين والقصود‪ .‬فكاف الشيخ شلن‬
‫عنوا بفقو الدليل واألثر‪ ،‬يظهر ىذا يف مدوناتو سواء يف الفقو أو احلديث‪ ،‬وىذا النهج يعد ردا بل إفحاما دلا روج من خلو ادلذىب‬
‫ادلالكي أو نُذرة األثر واحلديث فيو‪ ،‬وشلا عضد ىذه الدعوى إف وجل الباب من ليس أىال فكاف التعسف والتكلف يف العرض‬
‫الصنعة ىو حديث بئر بضاعة وكاف ادلالكية ما‬ ‫واالستدالؿ‪ ،‬فاجروا أحكاـ الطهارة وادلياه كلها على حديث واحد تكلم فيو أىل َّ‬
‫عرفوا غَته‪.‬‬
‫على أف الطابع العاـ يف عصر الشيخ خاصة يف نواحيو قراءة ادلختصرات وادلتوف الفقهية مثل سلتصر سيدي خليل وابن‬
‫عاشر ‪ ...‬يف حُت تدريس الرسالة القَتوانية قليل مع أهنا متوف بال أسانيد كما قيل‪ ،‬ترى الرجل حيفظ سلتصرا مع استيعاب احلواشي‬
‫والتقارير ادلوضوعة على ضفاؼ ادلنت لكن ىذا على حساب فقو الدليل ومعرفة القواعد ادلذىبية اليت انتزعت منها الفروع وخرجت‬
‫حظ الفقيو احلفظ واجلمع واللَّم شلا افضى إىل تقديس االجتهاد ادلتغَت وإضفاء ِصبغة القداسة واإلستمرارية‬
‫منها األحكاـ ‪ ،‬فكاف ُّ‬
‫اقع بال فقو وفقوٌ بال واقع‪ ،‬شلّا‬
‫وتغَتت أعرافها واستحالت مناطاهتا ‪ ،‬فكانت القطيعة بُت الفقو والواقع ‪ ،‬و ٌ‬
‫لفتاوى زالت ُمدركاهتا َّ‬
‫سهل العملية على إحالؿ القوانُت الوضعية ألف الفقو مل يكن حاضرا حيا ‪ .‬وىذه احلالة َّأرخ ذلا الكثَتوف منهم العالمة ادلشذايل‬ ‫ّ‬
‫فيما نقلهعن الفقيو التلمساين ابن ايب مرًن ‪ (:‬كل أىل ىذه ادلائو مثل حاؿ من قبلهم من حفظ ادلختصرات وشق الشروح‬
‫واألصوؿ الكبار‪ ،‬فاقتصروا على حفظ ما قل لفظو ونزر حفظو‪ ،‬وأفنوا أعمارىم يف حل لغوزه وفهم رسومو‪ ،‬ومل يصلوا اىل رد ما فيو‬
‫اىل اصولو بالتصحيح فضال عن معرفة الضعيف من ذلك الصحيح‪ ،‬بل ىو حل مقفل وفهم امر رلمل ومطالعة تقييدات زعموا‬
‫اهنا تستنهض النفوس)‪.3‬‬
‫ولألسف الشديد استمر اجلمود والركود والتعصب الذىيب اىل عصور متأخرة عاشها شيخنا حفظو اهلل‪ ،‬فعمل على تغَت‬
‫الوضع من خالؿ دروسو ومؤلفاتو اليت تعد حبق خدمة للفقو اإلسالمي عموما وللفقو ادلالكي على وجو اخلصوص‪ .‬وما يقاؿ يف‬
‫التدليل يقاؿ يف التأصيل‪ ،‬ومعلوـ أف ادلذىب ادلالكي يعد أغٌت وأثرى ادلذاىب من حيث كثرة القواعد ووفرة األصوؿ على أنو أخد‬
‫دبعصم ادلقاصد وادلصاحل والذرائع حبظ وافر‪،‬إال أف واقع الدرس والتلقُت خالؼ ىذا‪.‬‬
‫فالشيخ شلن فهم ادلذىب فهما مستنَتا تقعيدا وتقصيدا وتفريعا‪ ،‬وىذا ادلنحى ظاىر يف كتبو وفتاويو‪.‬‬
‫طرق االستدالل وتقنياتو‪:‬‬
‫إف طبعة االستدالؿ عند الشيخ ونصب األدلة على االحكاـ ذلا فلسفة خاصة ذبمع بُت الدقة والبساطة واالكثار واحلشد‬
‫والًتتيب احملكم والواقعية يف العرض‪ ،‬وفيما يلي البياف مع بعض ادلثل والشواىد‪.‬‬
‫اجلمع بُت احلجاج النقلية والعقلية ديكن تصنيف األدلة اليت عوؿ عليها الشيخ يف اإلستدالؿ إىل أدلة عقلية حيث النص‬
‫كتابا وسنة واإلمجاع واألدلة ادلندرجة ربت معقوؿ النص كالقياس وادلصاحل ادلرسلة واالستحساف وسد الذرائع وقاعدة عمل أىل‬
‫ادلدينة وغَتىا‪ ،‬وال غرو فانو سليل مدرسة ادلدينة ادلنورة وإمامها األصبحي‪.‬‬
‫فتعددت روافد األدلة والقواعد يف استدالالتو‪ ،‬ويف كثَت من ادلواضع ‪ 4‬حيشد أكثر من مستند تارة تبلغ العشر أو تزيد‬
‫والقصد إفادة القطع أو الظن القوي على ضوء نظرية الكلية واجلزئية‪،‬إذ األدلة ظنية من حيث اإلفًتاؽ قطعية من حيث‬
‫االجتماع‪،‬ولإلجتماع خاصية ليست لالفتراق كما حقق ىذا اإلماـ الشاطيب‪.5‬‬
‫عدـ التنصيص القرآين على‬
‫ومن سعة علم الشيخ ما ساقو من حجج اقتنصها من خالؿ اية اخلمر قصد إفحاـ ادل ّدعي َ‬
‫التحرًن واف احلرمة جاءت هبا السنة‪ ،‬وىذا نص كالمو الذي يتمعن ويستعمل فكره يف اية ادلائدة جيدىا حرمت اخلمر بنحو عشر‬

‫‪84‬‬
‫أو أكثر‪ ،‬فاخلمر رجس من عمل الشيطاف‪ ،‬واجتناهبا سبب الفالح‪،‬وىي سبب العداوة بُت الناس‪ ،‬ومفتاح للبغضاء‪ ،‬واخلمر تبعد‬
‫الناس عن ذكر اهلل‪ ،‬وعنالصالة‪ ،‬وأخَتا جاء االمر باالنتهاء من شرهبا شكل سؤاؿ فهل أنتم منتهوف‪.‬وكما يف مسالة ما األفضل يف‬
‫النفل أداؤه يف البيت أو ادلنزؿ وبعد سرد األحاديث ختم بقولو وإمنا كانت النافلة يف ادلنزؿ أفضل لكوهنا بعيدة عن الرياء‪،‬ولتنزؿ‬
‫الرمحة وادلالئكة يف ادلنزؿ‪.‬‬
‫الرسم وادلبٌت يف فهم النّصوص‪ ،‬بل كثَتا ما يغوص ويغُور استجالبا للمراد الشرعي‪ ،‬كما يف قولو معلِّال النهي‬
‫ومل جيمد عند ّ‬
‫النبوي عن مشي الرجل يف نعل واحدة حيث قاؿ (ويقاس على الرجلُت لباس كل ذي شفع كاخلفُت وإخراج اليدين من الكم‬
‫‪6‬‬
‫والًتدي على أحد ادلنكبُت وشبو ذلك‪.‬‬
‫تقعيد الفروع وتقصيد األحكام‪:‬‬
‫معلوـ أف االستدالؿ الفقهي ادلتكامل ما كاف فيو اجلمع بُت األصل وفرعو من خاللو يفسر ويوجو وخيرج اجلزئي على ضوء‬
‫القواعد الكلية وادلقاصد العامة‪ ،‬والتقعيد عند الشيخ بعيد عن التعقيد‪ ،‬فيو حشد لكل النسق والتأصيالت سواء تعلق األمر بقواعد‬
‫الفروع أو األصوؿ أو ادلقاصد‪ ،‬وال عجب يف ىذا النهج فغنو مالكي بل من شعار وعباءة فقو ادلدينة خرج‪ ،‬ومن الشواىد على‬
‫ىذا ادلنحى االستداليل ما يلي‪:‬‬
‫بيانو الضابط الفقهي يف الصداؽ مىت يتشطّر ومىت يكتمل (كل عقد فسخ بعد البناء فالزوجة الصداؽ ادلسمى‪...‬فإف مل‬
‫يسمى ذلا ووقع على التفويض فلها صداؽ ادلثل)‪.7‬‬
‫وقاؿ أيضا‪ ( :‬كل فسخ للنكاح وقع قبل البناء لفساده ال يلزـ الزوج شيئا من الصداؽ‪ ،‬إال يف نكاح الدرمهُت فإنو يؤمر‬
‫بدفع الثالث ليكتمل الصداؽ فامتنع فلها بعد الفسخ درمها)‪.8‬‬
‫وذكر ضابطا آخر يف تبعية محل ادلرأة ادلسبية‪( :‬ألف الولد يتبع أباه يف الدين والنسب‪ ،‬ويتبع أمو يف الرؽ واحلرية) ‪9‬ومعٌت‬
‫ىذا الضابط الفقهي أف العبدية (الرؽ) ال ذبامع الولدية‪.‬‬
‫ومن الشواىد على توظيفو القواعد والدالئل األصولية قولو ‪( :‬فعل األمر يفيد الوجوب‪...‬وقد يفيد النذب وقد زبرج صيغ‬
‫فعل األمر إىل ست وعشرين معٌت)‪ 10‬ويف مقاـ الغوص يف األغراض وتلمس ادلراد الشرعي ما وجو بو ادلذىب يف ربرًن نكاح احمللل‬
‫(واحلكمة من الزواج وجود النسل مث العفة‪ ...‬والعزؿ واستعماؿ ما دينع احلمل يناقض احلكمة من الزواج‪ ،‬ونقل عن السيد منصور‬
‫علي ناصف ما نصو " وفائدة حكم العزؿ ىذا جيري على استعماؿ دواء دلنع احلمل مؤقتا‪ ،‬وجيري على إسقاط النطفة قبل النفخ‪،‬‬
‫‪11‬‬
‫فإف احلكمة يف الكل واحدة وىي منع احلمل")‬
‫ومثة شاىد فقهي استثمر فيو الشيخ األغراض والقصود الشرعية يف ربرير وتقسيم قضية عدت من قبيل النوازؿ وادلعضالت‬
‫وىي حكم عمليات التجميل‪ ،‬حيث توكأ على قواعد ادلقاصد يف التصنيف‪ ،‬فجعل القسمة ثالثية كما ىي أقساـ ادلقاصد‬
‫وادلصاحل الشرعية‪ ،‬ضرورية وحاجية وربسينية‪ ،‬فالبعض من تلك العمليات يندرج يف قسم الضروري أو احلاجي كادلتضمن إزالة‬
‫عيب أو تشويو أو عاىة يف الوجو واجلسد وىذا جائز مشروع‪ ،‬وقسم آخر ال يرتقي ىذا ادلرتقى‪ ،‬بل يقف عند مقاـ طلب الكماؿ‬
‫واحلسن والزينة وىذا حكمو ادلنع ألدلة نقلية وعقلية أشار إليها بقولو‪( :‬وىذه العيوب تشتمل على ضرر حسي ومعنوي‪ ،‬وىو‬
‫موجب للًتخيص بفعل اجلراحة‪ ،‬ألنو يعترب حاجة فتنزؿ منزلة الضرورة‪ ،‬ويرخص بفعلها إعماال للقاعدة الشرعية ‪ 12‬اليت تقوؿ‬
‫‪13‬‬
‫الحاجة تنزل منزلة الضرورة عامة كانت أو خاصة)‪.‬‬
‫ويف ىذا االستدالؿ إشارة إىل مقصد شرعي مهم يتشوؼ إليو الشرع احلنيف وىو رفع الغنب وإزالة الضرر عن ادلكلف‬
‫سواء كاف الضرر حسيا أو معنويا‪.‬‬
‫منهجو في الجمع والترجيح‪:‬‬

‫‪85‬‬
‫من دالئل رسوخ شيخنا الفقهي وغوره األصويل نزوحو غالبا إىل اجلمع والتوفيق عند عرو ما ظاىره التعارض‪.‬‬
‫وإال فإف التعارض يف األذىاف ال يف األعياف إذ نصوص الوحي تتعاضد وال تتعارض فهي تنزيل من حكيم محيد وهبذا‬
‫النهج يكوف الشيخ قد كرس مقتضى مذىب اجلمهور اإلعماؿ أوىل من اإلمهاؿ ‪ 14‬والعمل بالدليلُت وإف من وجو أوىل من إمهاؿ‬
‫أحدمها‪ ،‬ويف حالة تعذر التوفيق فال مناص من الًتجيح‪ ،‬وفيما يلي نقف على بعض من‬
‫النماذج الفقهية في ىذا الشأن‪:‬‬
‫‪ -‬التوفيق بُت حديث جابر يف عدـ نقض الوضوء شلا مست النار وحديث توضؤوا شلا مست النار‪ ،‬فكاف الًتجيح حلديث‬
‫‪15‬‬
‫جابر بن عبد اهلل يف ترؾ الوضوء ومناط الترجيح عمل األصحاب وسنة الخلفاء حيث العمل بترك الوضوء‪.‬‬
‫‪ -‬التوفيق بُت حديث ابن عباس يف مروره باحلمار األتاف بُت الصفوؼ بال إنكار من أحد‪ ،‬وحديث أيب ذر الغفاري‬
‫ببطالف الصالة حالة مرور ادلرأة واحلمار والكلب األسود‪ ،‬فساؽ الشيخ لفك اإلشكاؿ كالـ احلافظ بن حجر يف الفتح القائل‬
‫بقطع الصالة بالكلب األسود ويف النفس من احلمار وادلرأة شيء‪ ،‬وذكر ما ذىب إليو اإلماـ بن دقيق العيد القائل‪" :‬مل أجد‬
‫يف الكلب األسود ادلعارض‪ ،‬خبالؼ احلمار ففيو ما يعارض وىو حديث بن عباس السابق ووجد يف ادلرأة ما يعارضو وىو‬
‫حديث عائشة يف إنكارىا قائلة‪ :‬شبهتمونا باحلمر والكالب‪"..‬‬
‫وخلص الشيخ إىل القوؿ‪ ( :‬واخلالصة أف مرور ادلرأة واحلمار على ادلصلي ال يقطع الصالة‪ ،‬أما مرور الكلب األسود فتوقف‬
‫فيو الكرباء)‪.16‬‬
‫فانتهى الشيخ إىل ما انتهى عنده الفحوؿ حيث مقام التوقف إما احتياطا وورعا وإما بحثا وتنقيبا ‪ ،‬وىو مسلك األساتذة‬
‫ادلتشرعة‪.‬‬
‫‪ -‬التوفيق بُت حديث عائشة يف جواز الطيب قبل اإلحراـ وحديث أمره دلن تطيب أف يغسلو ثالثا‪:‬‬
‫يقوؿ الشيخ‪ ( :‬استدؿ اإلماماف مالك أبو حنيفة باحلديث األوؿ فمنعا استعماؿ الطيب وأوجبا فيو الفدية‪ ،‬واستدؿ‬
‫اإلماماف الشافعي وأمحد حبديث عائشة وأجازا استعماؿ وال فدية‪ ،‬ورأيا بأف ىذا احلديث ناسخ حلديث ادلنع‪ ،‬ألنو وقع سنة مثاف‪،‬‬
‫وحديث عائشة وقع سنة عشر من اذلجرة يف حجة الوداع‪.‬‬
‫ووجو الفريق األوؿ ادلنع بأف تطييب عائشة رضي اهلل عنها للرسوؿ صلى اهلل عليو وسلم كاف قبل اإلحراـ مث اغتسل فلم‬
‫يبق من ِجرمو شيء‪ ،‬وإف بقي رحيو يقوؿ عائشة " طيبت رسوؿ اهلل صلى اهلل عليو وسلم فطاؼ على نسائو مث أصبح زلرما" وإذا‬
‫‪17‬‬
‫طاؼ على نسائو فإنو يغتسل ال زلالة)‬
‫فمناط الًتجيح عند اجمليز مقام النسخ حيث التعرف على المتأخر والمتقدم ‪ ،‬ومشهور ادلذىب ترجيح حديث ادلنع‪،‬‬
‫وتوجيو حديث السيدة عائشة على أنو كاف قبل اإلحراـ مع زواؿ األثر بالغسل من اجلنابة‪.‬‬
‫‪ -‬التوفيق بُت حديث (ال رضاعة إال يف احلولُت) وحديث سهلة اليت أرضعت سادلا وىو كبَت‪ :‬قاؿ الشيخ‪( :‬والتوفيق بُت‬
‫احلديثُت أف حديث سهلة خاص هبا وبالسيد سامل‪ ،‬ولذا مل تأخذ زوجات الرسوؿ صلى اهلل عليو وسلم حبديث سهلة‪ ،‬ورأين‬
‫ذلك خاصا هبا‪ ،‬واحلديث الذي ضلن بصدد شرحو واضح بُت يف أف الرضاع الذي حيرـ ما حرمو النسب ىو ما كاف يف احلولُت‬
‫وكاف غذاء للصيب "إمنا الرضاعة من اجملاعة") فعوؿ الشيخ يف اجلمع والتوفيق بُت األثرين على مسلك اخلصوصية وىو من‬
‫مسالك الًتجيح وقد شهد لالختصاص عمل األصحاب رضي اهلل عنهم وفقو أمهات ادلؤمنُت‪.‬‬
‫اختيارات الشيخ الفقهية‪:‬‬
‫تتميما للفائدة رأيت أف أذكر طرفا من اآلراء الفقهية اليت كثر اجلدؿ واخلالؼ حوذلا‪ ،‬وكاف للشيخ رأي خاص واختيار‬
‫معُت‪ ،‬األمر يتعلق بالنوازؿ الفقهية ادلعاصرة اليت ال يشهد ذلا نص صريح وال صلد كالما واضحا يف كتب األقدمُت‪ ،‬وىذه‬

‫‪86‬‬
‫االختيارات تبُت مدى مكانة الشيخ العلمية ورسوخو الفقهي حيث االرتقاء من حضيض النقل والتقليد احملض إىل مقاـ النظر‬
‫واالعتبار ومنو إىل االستثمار‪ ،‬فكاف الشيخ يديل رأيو الفقهي يف كربى القضايا اليت تواجو األمة باعتباره عضوا يف العديد من‬
‫اجملالس العلمية واجملامع الفقهية داخل وخارج الوطن‪ ،‬وتارة خيص ادلسألة النازلة بتأليف مستقل كما يف قضية جراحة التجميل وزرع‬
‫األعضاء‪ ،‬وفيما يلي بعض اختياراتو الفقهية‪:‬‬
‫‪ -‬حكم الحقنة والسيروم‪ :‬اختار يف ىذه ادلسألة أف السَتوـ يف رمضاف من ادلفطرات ادلوجبة للقضاء‪ ،‬لكونو مغذيا يغٍت‬
‫ادلريض عن األكل والشرب فهو دبنزلة الطعاـ‪.‬‬
‫وفصل يف احلقنة‪ ،‬فإف كانت من نوع (البنسلُت) لكف اجلرب والدمل فال ضرر فيها وال حرج منها‪ ،‬لعدـ بلوغ منفعتها‬
‫القلب وادلعدة والكبد واحللق‪ ،‬فإف كانت تصل ذلا أو شلا ينعش القلب ويقويو فإنو مفسد للصوـ‪ ،‬فاستعماؿ ذلك دبنزلة إيصاؿ‬
‫‪18‬‬
‫ادلتحلل من ادلنفذ األعلى أو األسفل‪ ،‬وأما احلقنة الشرجية فاختار أهنا تفطر وفيها القضاء‬
‫‪ -‬اإلحرام في الطائرة ‪ :‬العلماء يف وجوب اإلحراـ يف الطائرة عند زلاذاة ادليقات‪ ،‬أو تأخَته وإرجائو إىل جدة سلتلفُت‪،‬‬
‫فالذي أفىت بو العالمة اجلزائري أمحد محاين حواز التأخَت إىل الرب وىو ما أفىت بو شيخ جامع الزيتونة الطاىر بن عاشور وتلميذه‬
‫مفيت تونس األسبق احلبيب بلخوجة‪.‬‬
‫أما عن اختيار الشيخ فصرح بو قائال‪( :‬ويظهر للعبد الضعيف أف احلاج الذي يسافر على الطائرة يغتسل يف‬
‫منزلو ويتنظف كما ينبغي ويتخفف من األلبسة الضيقة اليت يصعب نزعها بالطائرة‪ ،‬مث حيمل معو إزاري اإلحراـ‪ ،‬وعندما‬
‫ربلق الطائرة فوؽ أجواء ادليقات يتجرد احلاج من لباسو ويصلي ركعيت اإلحراـ باإلدياء إف كاف متوضئا‪ ،‬وإف مل يستطع‬
‫الوضوء مث ينوي اإلحراـ ويشرع يف التلبية‪ ،‬وليس يف ىذا اإلحراـ أي صعوبة تذكر)‪ 19 .‬ولعل الشيخ يف ىذا االختيار‬
‫سلك مسلك االحتياط والخروج من الخالف وىو زلمود ومطلوب السيما يف العبادات كاحلج وردبا كانت يف حق‬
‫البعض حجة العمر‬
‫‪ -‬قراءة القرآن على الميت واإلجارة عليها ‪ :‬ذىب كثَت من أئمة ادلالكية إىل عدـ وصوؿ ثواب القرآف إىل ادليت وعزي‬
‫القوؿ إىل مالك‪ ،‬وأما اإلجارة على قراءة القرآف للميت فمحل خالؼ ونزاع‪.‬‬
‫فساؽ الشيخ فتوى الفقيو الغربيٍت ادلالكي‪" :‬ادليت ينتفع بقراءة القرآف ىذا ىو الصحيح‪ ،‬واخلالؼ فيو مشهور‪ ،‬واإلجارة‬
‫عليو جائزة"‪ ،‬ونقل عن الشيخ حاج إدريس العراقي عالمة ادلغرب أنو قاؿ‪" :‬خروجا من اخلالؼ أف يقرأ القارئ على وجو‬
‫‪20‬‬
‫التطوع‪ ،‬ويعطيو ويل ادليت على وجو العطية والصلة ال على وجو اإلجارة"‬
‫فاختار الشيخ جواز اإلجارة على القراءة بضابطُت‪ :‬أف يقرأ القارئ على وجو التطوع دوف نية العوض ابتالء والثاين أف يكوف‬
‫العطاء من ويل ادليت من باب اذلبة والتطوع وىذا الرأي أحسن وأوىل‪.‬‬
‫‪ -‬الجراحة التجميلية‪ :21‬قسم الشيخ اجلراحة التجميلية إىل ثالثة أقساـ‪ ،‬جراحة عالجية شرعية‪ ،‬جراحة ذبميلية مباحة‪،‬‬
‫جراحة ذبميلية ربسينية زلرمة‪.‬‬
‫أما اجلراحة العالجية الشرعية مثل اخلتاف واحلجامة فال نزاع يف جوازىا لداللة النص واألثر على ادلشروعية‪.‬‬
‫أما جراحة التجميل اليت يقصد هبا ربسُت منظر جزء من أجزاء اجلسم الظاىرة وإزالة تشوه أو تلف يف اجلسم فهذا القسم‬
‫جعلو على نوعُت‪:‬‬
‫النوع األوؿ‪ :‬ضروري وضابطو ما كاف فيو إزالة عيب مشوه أو نقص أو تلف وىذا يتفاوت قد يكوف يف درجة االضطرار‬
‫أو احلاجة ادللحة‪ ،‬على أف العيوب اليت تعًتي اإلنساف قد تكوف خلقية أصلية أو طارئة عارضة‪.‬‬

‫‪87‬‬
‫وأما القسم احملرـ فهو جراحة التجميل اليت يقصد هبا رلرد التجميل والتحسُت ال غَت مثل عمليات ربسُت الشكل وتغيَته‬
‫وعمليات التشبيب إذ ال ضرورة حاقة وال حاجة ماسة تدعو إىل ىذا العمل وتبعث عليو‪.‬‬
‫إىل جانب ما فيو من تغيَت خلق اهلل وإيهاـ الغَت خبالؼ الواقع وىذا عُت الغش والتدليس‪.‬‬
‫فصنف الشيخ جراحة التجميل إىل ضربُت‪ :‬األوؿ عمليات الشكل مثل ذبميل األنف والذقن لتصغَتمها وتغيَت شكلهما‪،‬‬
‫الثاين عمليات التشبيب وىو ما جيري غالبا لكبار السن‪ ،‬والقصد منو إزالة آثار الكرب والشيخوخة مثل ذبميل الوجو بشد ذباعيده‬
‫وكذا عملية القشر الكيماوي‪ ،‬ومنو الساعد بإزالة القسم األدىن من اجللد والشحم وىل يصلح العطار ما أفسد الدىر؟‪.‬وبعد‬
‫العرض والتقسيم أشار الشيخ إىل احلكم‪( :‬وىذا النوع من اجلراحة –يقصد ربسُت الشكل والتشبيب‪ -‬ال يشتمل على دوافع‬
‫ضرورية وال حاجية‪ ،‬بل غاية ما فيو تغيَت خلقة اهلل تعاىل‪ ،‬والعبث هبا حسب أىواء الناس وشهواهتم‪ ،‬فهو غَت مشروع وال جيوز‬
‫فعلو‪ ...‬ومن األدلة قولو تعاىل حكاية عن إبليس "وآلمرّهنم فال يغَتف خلق اهلل" النساء ‪ .22)119‬ومقتضى اختيار الشيخ أف‬
‫ضابط ادلنع طلب احلسن وقصد الزينة احملض وضابط اجلواز إزالة العيب ورفع الغنب والضرر احلسي أو ادلعنوي‪ ،‬ويشهد ذلذا‬
‫االختيار الصائب قواعد الشرع ومقاصد ادللة ومصلحة ادلكلفُت‪.‬‬
‫‪ -‬نقل األعضاء وزرعها ‪:23‬عند النظر يف ىذه الفتوى وموقف الشيخ منها يالحظ مدى الدقة العلمية وادللكة الفقهية‬
‫والصنعة األصولية وكذا القدرة على رد الشبهات والقوادح واإلجابة عن اإلشكاالت ادلثارة حوؿ النازلة فبعدما ساؽ نصوص اجملامع‬
‫الفقهية العادلية تعرض تفصيال لكل أدلة ادلانعُت اليت بلغت أكثر من عشرة أدلة أو شبهة نعرض لبعضها‪:‬‬
‫قاؿ‪ ( :‬وقد اعًتض بعض الفقهاء وىم قلة على زرع األعضاء واحتجوا بالنقاط التالية‪ :‬أف استعماؿ جزء منفصل من أحد‬
‫بٍت آدـ فيو نوع إىانة‪ ،‬واآلدمي مكرـ زلًتـ لقولو تعاىل‪" :‬ولقد كرمنا بٍت آدـ"‪.‬‬
‫والرد على ذلك أف ليس يف ذلك إىانة على اإلطالؽ ألف األعماؿ بالنيات وال ديكن قبوؿ ىذا القوؿ ألنو مناقض‬
‫للواقع)‪.‬‬
‫عوؿ الشيخ ىنا على قواعد لرفع العوارض ودرء القوادح منها األمور بمقاصدىا وقاعدة فقو الواقع من حيث تحقيق‬
‫المناط وتحريره‪ ،‬وفيو ملحظ قصدي ىو رعي الحظوظ حظ الشارع تشوفا إلى االمتثال والخضوع وحظ المكلفين حيث‬
‫النفع والدفع وىذا استثمار مقاصدي رائع في باب النوازل‪.‬‬
‫وساؽ إشكاال آخر‪ ( :‬أف نقل عضو من إنساف آلخر فيو نوع من ادلثلة‪ ،‬وفيها نكاية وشفاء غل وحقد‪ ،‬وقد يكوف عبثا‬
‫وذلوا وىذا كلو ال حيدؽ يف نقل األعضاء)‪.‬‬
‫عوؿ الشيخ ىنا على مسلك مقاصدي آخر وسماه‪ :‬التفريق بين المواىي والميز بين الحقائق تحقيقا لغرض ىام ىو‬
‫إزالة اللبس الوارد على المفهوم ومصاديقو والذي قد يعتري الكلي ومشموالتو‪ ،‬فبين أن النسبة بين الزرع والنقل المشروع‬
‫وبين المثلة المحرمة ىي نسبة التباين واالختالف وليس الزرع من صور المثلة‬
‫ومثة شبهة أخرى عرض ذلا الشيخ وىي أف النقل للعضو من إنساف فيو إيالـ وتعذيب‪ ،‬وىذا مردود ألف العملية تتم بعد‬
‫إجراء التخذير وأف األمل زلتمل ‪ ...‬واحلياة فيها كثَت من اآلالـ‪ ...‬ودبا أف ىذا األمل لو ىدؼ نبيل ىو إحياء نفس فيحتمل لذلك‬
‫ىذا األمل احملمود البسيط من أجل ىذه الغاية النبيلة ‪...‬وأف اإليالـ احملرـ ىو ادلقصود‪ ،‬فإذا مل يقصد اإليذاء بل قصد النفع فال‬
‫حرج)‪24.‬ويف ىذا االستدالؿ تعويل على قواعد منها‪ :‬المصلحة المحققة مقدمة على المصلحة المضنونة أو المحتملة‪ ،‬وانو‬
‫يركب أىون الشرين وأخف الضررين تحقيقا للنفع والصالح‪ ،‬وقاعدة التفريق بين الضرر المقصود أصالة وىو محرم‬
‫والضرر التابع أو العارض وىو جائز‪.‬‬
‫الخاتمـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــة ‪:‬‬

‫‪88‬‬
‫يف األخَت أقوؿ كل مسَتة يعقبها توقف والبد للراكب أف يًتجل وللمسافر أف يًتحل‪ ،‬وبعد ىذه اجلولة ادلتواضعة حوؿ‬
‫سَتة الشيخ ومنهجيتو االستداللية أقف ألرسم مجلة من النتائج‪:‬‬
‫‪ - 1‬الشيخ العالمة عبد الرمحن طالب جدير وحقيق دبثل ىذا االحتفاء العلمي الكبَت‪ ،‬دلكانتو العلمية وجهوده اإلصالحية‬
‫وعملو الًتبوي‪ ،‬وعليو كاف التوفيق حليف ادلؤسستُت ادلنظمتُت ذلذا ادللتقى وزارة الشؤوف الدينية شلثلة يف مديريتها بوىراف وكلية‬
‫العلوـ اإلنسانية والعلوـ اإلسالمية جامعة وىراف ‪.1‬‬
‫‪ - 2‬منهج االستدالؿ عند الشيخ منهج جامع فيو األثر الصحيح والنظر الفسيح‪ ،‬فيو التدليل حيث ربط األحكاـ بأدلتها‬
‫ومدركاهتا‪ ،‬وفيو التأصيل حيث نوط الفروع بأصوذلا واجلزئيات بكلياهتا وفيو رعي ادلقاصد الشرعية وادلصاحل ادلرعية‪ ،‬وفيو التذليل‬
‫حيث سوؽ ادلسائل الغائرة الصعبة بأسلوب حسن أنيق وحلو رشيق وعذب سائغ وخلوب رائع‪.‬‬
‫‪ - 3‬ادلنهج االستداليل عند الشيخ ال خيرج عن فلسفة االستدالؿ يف ادلذىب ادلالكي حيث وفرة القواعد وكثرة القواطع‬
‫وتفسَت األحكاـ اجلزئية يف ضوء ادلقاصد الكلية‪ ،‬وتوجيو اجلزئي وترشيده حىت ينسجم ويلتحم وينتظم يف نسقو العاـ‪.‬‬
‫‪ - 4‬ادلنهج االستداليل عند الشيخ جيمع بُت العتيق واحلديث وبُت األصالة وادلعاصرة‪ ،‬حيث النقل عن ادلختصرات واحلواشي‬
‫والشروح من كتب الًتاث وعرضها عرضا أكاددييا يناسب النظاـ التعليمي احلديث ويالئم لغة العصر‪.‬‬
‫‪ - 5‬صفة الواقعية ظاىرة يف منهج الشيخ حيث اإلعراض عن ادلسائل اجلدلية اخليالية اليت ليس ذلا يف حياة الناس أثر وال يف‬
‫واقعهم مثل مسائل العبيد وأحكامو‪ ،‬يف حُت لو يف كل حادثة حديث ويف كل مستجد مقاؿ كما ظهر ىذا يف نازلة جراحة‬
‫التجميل والتربع باألعضاء واإلحراـ من الطائرة يف اجلو‪.‬‬
‫‪ - 6‬منهج الشيخ االستداليل فيو ترجيح بال ذبريح ووفاؽ بال نفاؽ وخالؼ بال اعتساؼ وىذه ادلعادلة الصعبة ال ينوء‬
‫حبملها إال العصبة من الفحوؿ‪.‬‬
‫‪ - 7‬يالحظ يف الشيخ أنو حقق مقاـ النقد ال النقض ومقاـ آخر ىو النقد واإلصالح من الداخل ال من اخلارج وىذا صنيع‬
‫الكبار كحافظ ادلغرب ابن عبد الرب ومفخرة األندلس الشاطيب أيب إسحاؽ‪.‬‬
‫‪ - 8‬الوسطية واالعتداؿ فلم يكن شيخنا كاآلخذ دبعوؿ ذلدـ ما مضت عليو السنوف والقروف‪ ...‬وال ذاؾ احلائر الواقف عند‬
‫ما بناه األقدموف وشاده األولوف‪ ...‬ولكن كاف رجال ثالثا صاحب منهج بو جرب اجلناح الكسَت حيث مقاـ التهذيب والتكميل‬
‫والتحصيل والتوصيل‪.‬‬
‫‪ - 9‬مجع شيخنا ربت عباءتو معامل الشخصية اجلزائرية ادلسلمة فقها مالكيا وتصوفا أشعريا وذوقا وعرفانا سنيا‪.‬‬

‫الهوام ـ ـ ـ ــش‪:‬‬
‫‪- 1‬المعاجم اللغوية تذكر أن كلمة منهج من الفعل الثالثي نهج‪ ،‬والمنهج مفعل معناه الطريق الواضح البين وىو مصدر ميمي معناه ىنا‬
‫‪ 383/2‬تحقيق األساتذة علي عبد اهلل الكبير ومحمد أحمد‬ ‫المكان المطروق‪ .‬لسان العرب جمال الدين ابن منظور مادة نهج‬
‫‪ 204/2‬مكتب تحقيق التراث‬ ‫حسب اهلل وىشام الشاذلي دار المعارف بدون تاريخ‪ ،‬القاموس المحيط الفيروزآبادي مادة نهج‬
‫بمؤسسة الرسالة بإشراف محمد نعيم العرقسوسي ط ‪ ،1996 5‬مختار الصحاح الرازي ‪ 308‬اىتم بترتيبو محمود خاطر الطبعة‬
‫األميرية ‪.1920‬‬
‫‪- 2‬االستدالل على وزن استفعال وىذا الوزن يفيد الطلب يقال استدل الفقيو على الشيء طلب داللتو واستدل بالشيء اتخذه دليال‬
‫واألصوليون حول المفهوم ما بين موسع ومضيق‪ ،‬والمراد ىنا مطلق نصب الدليل على الحكم أيا كان عقليا أو نصيا‪ ،‬فيراد بالمنهج‬
‫في البحث اإلجراءات والطرق والخطة التي كان يسير عليها الشيخ في االستدالل وىذا المعنى الحديث للمصطلح (الخطة‬

‫‪89‬‬
‫المرسومة) أقره مجمع اللغة العربية بالقاىرةـ وأدخلو في مادتو لمعجمو الوسيط مع التعليق عليو بأنو محدث‪ .‬ينظر البرىان إمام‬
‫الحرمين الجويني ‪ 721/2‬تحقيق د‪ /‬عبد العظيم الذيب دار والوفاء ‪ -1979‬الوصول إلى مسائل األصول الشيرازي ‪253/2‬‬
‫تحقيق د‪ /‬عبد المجيد تركي الشركة الوطنية للنشر والتوزيع ‪-. 1973‬رفع الحاجب عن مختصر ابن الحاجب تاج الدين السبكي‬
‫‪ 481-480/4‬تحقيق د‪/‬محمد عوض وعادل عبد الموجود عالم الكتب ط ‪ ،1999 1‬جمع الجوامع تاج الدين السبكي ‪343‬‬
‫مطبوع مع شرح المحلي وحاشية البناني دار الفكر ‪. ،1995‬‬
‫‪- 3‬البستان في ذكر علماء تلمسان ابن أبي مريم ‪ 217‬الجزائر ‪ ، 1908‬ينظر في ىذا المقام الفكر السامي في تاريخ الفقو اإلسالمي‬
‫الحجوي الثعالبي ‪ 449/4‬وما بعدىا دار الكتب العلمية بيروت ط ‪ ،1995 - 1416 1‬تعليل األحكام مصطفى شلبي ‪،383‬‬
‫فتاوى الشاطبي د‪ /‬محمد أبو األجفان ‪ 75‬مطبعة طيباوي ‪ 21‬شارع محمد دوار الجزائر‪ ،‬بحوث مقارنة في الفقو اإلسالمي وأصولو‬
‫د‪ /‬فتحي الدريني ‪ 78/1‬مؤسسة الرسالة ط‪1994 1‬‬
‫‪- 4‬العلوم الفقهية ‪( 208 - 207/2‬الرواتب وأعدادىا) ‪( ،215-214-213/2‬آداب اللباس ‪( ،)206/4‬التحذير والترىيب من‬
‫االلتفات في الصالة ‪( ،)61/2‬فضل العمامة ‪( ،)129/4‬فضائل وشرور اإلمامة ‪.)16-15/4‬‬
‫‪- 5‬الموافقات في أصول الشريعة الشاطبي ‪ 24/1‬تحقيق عبد اهلل دراز دار الكتب العلمية بيروت بدون تاريخ ‪.‬‬
‫‪- 6‬العلوم الفقهية من خالل األحاديث النبوية ‪119-118/4‬‬
‫‪- 7‬العلوم الفقهية ‪150/4‬‬
‫‪- 8‬المرجع السابق ‪.150/4‬‬
‫‪- 9‬المرجع السابق ‪.66/4‬‬
‫‪ - 10‬منهجية الدعوة اإلسالمية عبد الرحمن طالب ‪ 19‬دار الغرب للنشر والتوزيع وىران ‪.2001/3‬‬
‫‪ - 11‬العلوم الفقهية ‪.157/4‬‬
‫‪ - 12‬ينظر تفصيل القاعدة قواعد األحكام في مصالح األنام العز بن عبد السالم ‪ ،327-326‬األشباه والنظائر جالل الدين السيوطي‬
‫‪ 98-97‬تحقيق محمد إسماعيل الشافعي دار الكتب العلمية بيروت ط ‪ ،1998-1419 1‬من أعالم الفكر المقاصدي الدكتور‬
‫أحمد الريسوني ‪ 18‬دار الهادي ط‪. 2003-1424 1‬‬
‫‪ 7‬دار الغرب للنشر والتوزيع وىران ‪-2001‬‬ ‫‪ - 13‬حكم الشرع الحنيف في الجراحة التجميلية وزرع األعضاء طالب عبد الرحمان‬
‫‪. 2002‬‬
‫‪ - 14‬ينظر تفصيل القاعدة أصول الفقو اإلسالمي وىبة الزحيلي ‪ 1176/2‬دار الفكر المعاصر لبنان ‪ ،‬دار الفكر دمشق ط ‪،1986 1‬‬
‫أصول الفقو الخضري ‪.349‬‬
‫‪ - 15‬العلوم الفقهية ‪. 86/1‬‬
‫‪ - 16‬العلوم الفقهية ‪.130-129/2‬‬
‫‪ - 17‬المرجع السابق ‪.100-99/3‬‬
‫‪ - 18‬العلوم الفقهية ‪81-80/3‬‬
‫‪ - 19‬العلوم الفقهية ‪94-93/3‬‬
‫‪ - 20‬العلوم الفقهية ‪168/2‬‬
‫‪ - 21‬الشيخ لو كتاب خاص فصل فيو ىذه النازلة عنوانو حكم الشرع الحنيف في الجراحة التجميلية وزرع األعضاء‪.‬‬
‫‪ - 22‬حكم الشرع الحنيف في الجراحة التجميلية عبد الرحمن طالب ‪.17‬‬
‫‪ - 23‬حكم الشرع الحنيف في الجراحة التجميلية عبد الرحمن طالب ‪ 19‬وما بعدىا‬
‫‪ - 24‬المرجع السابق ‪.23‬‬

‫‪90‬‬

You might also like