Professional Documents
Culture Documents
قسم العقيدة
نقد الفلسفة
إعداد
دكتـــــــــــور
إبراهيــــم خليفـــــه
0
مادة :نقد الفلسفة ()163
الزمن :حماضراتن ،ختصص دقيق
األهداف:
.1اإلحاطة بتاريخ الفلسفة اليواننية واإلسالمية ومراحل تطورها وأعالمها.
.2التعرف على اآلاثر السلبية حلركة الرتمجة للفلسفة على الساحة اإلسالمية.
.3تربية ملكة النقد لدى الطالب يف مواجهة املذاهب الفلسفية.
.4التأكي ددد عل ددى أف ددوس التفك ددض اإلس ددالم وبي ددان ضد دواب الب د د يف الطبيع ددة وم ددا ورا
الطبيعة.
.5إبراز جهود علما السلف يف مواجهة التيارات الفلسفية الوافدة.
مفردات املنهج:
أوالً :الفلسفة اليواننية.
( )1التعريف ابلفلسفة يف مراحلها املختلفة وبيان عالقتها ابلعلوم األخرى.
( )2منشأ الفكر الفلسف وأقواس الباحثني فيه.
( )3املدارس الطبيعية األوىل يف اليوانن واختالفها حوس نشأة الكون.
( )4السوفسطائيون والقضااي اليت طرحوها والرد عليهم.
( )5أعالم الفلسفة اليواننية :سقراط – أفالطون – أرسطو.
( )6نقد نظرية املثل األفالطونية ونظرية احملرك األوس األرسطية.
اثنياً :الفلسفة يف العامل اإلسالم :
( )1حركة الرتمجة يف العامل اإلسالم وآاثرها السلبية.
( )2أعالم الفلسفة يف العامل اإلسالم :الكندي – الفارايب – ابن سينا – ابن رشد.
اثلثاً :دراسة نقدية يف ضو العقيدة اإلسالمية للمسائل اليت كفر هبا الفالسفة والقضدااي العقديدة الديت
ترتبت عليها مثل:
أ .قدم العامل.
ب .إنكار علم هللا تعاىل ابجلزئيات.
ج .نظرية العقوس.
1
د .تصوراهتم عن املالئكة.
ه .ختبطهم يف معىن الوح والنبوة.
و .جهود علما السلف يف تعقب الفكر الفلسف والرد عليه.
أهم املصادر واملراجع:
.1در تعارض العقل والنقل :لشيخ اإلسالم ابن تيمية.
.2الصفدية :لشيخ اإلسالم ابن تيمية.
.3بغية املراتد :لشيخ اإلسالم ابن تيمية.
.4هتافت الفالسفة :أليب حامد الغزايل.
.5متهيد لتاريخ الفلسفة اإلسالمية :للشيخ مصطفى عبد الرزاق.
.6رسائل الكندي :حتقيق د .حممد عبد اهلادي أبو ريدة.
2
تعريف الفلسفة
أصللا اتق ل قا :كلمددة فلسددفة مشددتقة م دن الكلمددة اليواننيددة (فيلددو سددوفيا) الدديت تتكددون مددن شددقني
(فيلو) و (سوفيا) فيلو مبعىن :حمبة ،وسوفيا مبعىن :احلكمة .
وعليه تكون الفلسفة مبعىن :حمبة احلكمة ،والفيلسوف هو :احملب لل كمة .
يؤكد على ذلك ابن القيم رمحه هللا يف "إغاثة اللهفان"قدائال :فدنن معناهدا حمبدة احلكمدة ،والفيلسدوف
أفله (فيال سوفا) أي :حمب احلكمة ،فد(فيال) ه احملب ،و(سوفا) ه احلكمة.
فأصا الفلسفة ومعناها :حمبة احلكمة ،وكل من حيب احلكمدة فهدو فيلسدوف أو يسدمى فيلسدوفاً ،
بغض النظر عن أفله وعرقه ودينه .
وقددد أطلددق علددى الفيلسددوف اسددم "احلكدديم"ولكددن سددقراط مل تددرق لدده هددذ التسددمية ،فقدداس :أان لسددت
حكيما ولكين حمب احلكمة ف سب.
واملقصود ابحلكمة :املعرفة العقلية الراقية ،واإلدراك الكل حلقائق الوجود،وقد أطلق على الشخص
املتأمل عقلياً حلقائق الوجود وقضااي الكربى اسم "الفيلسوف" متييزا له عن غض من عامة الناس.
إذاً يطلق الفعل "تفلسدف"علدى اإلنسدان الدذي يدرى ظدواهر األشديا املختلفدة فيتصدورها مث يُ َّكدون لده
فيها رأايً ،مث جيتهد يف تعرف علل الظواهر الكونية ،وعالقة الكون بظواهر .
فالذي يتفلسف هو الذي يفكر يف ش خاص ذااتً كان أو معىن.
وبعبارة أخرى هو :اإلنسان الذي يب يف ماهية األشيا وأفوهلا وعالقة بعضها ببعض .
وملا كان اإلنسان من طبيعته أن يفكر ويب على هذا الن و ،فن ّن كلمة فيلسوف مل تطلق علدى
ّ
ك ددل إنس ددان ،ب ددل أطلق ددت عل ددى امل ددر الد دذي م ددن أه ددم األه ددداف يف حيات دده دراس ددة طب ددائع األش دديا
وتعقلها ،وكانت لديه قدرة إدراك األشيا بسرعة ،معتمدا على فكر اخلاص.
الفلسددفة والفيلسددوف يف اللغددة العربيددة، وبعللد ان قللا الفلسللفة إىل املسلللمن ،ودخددوس مصددطل
فددا العددرب مددن ذلددك الفعددل أبنواعدده ،فقددالوا :تفلسددف ،يتفلسددف ،مثّ قددالوا :هددو متفلسددف ،وهددم
متفلسددفة ،كمددا جعل دوا احلكمددة مرادفددة للفلسددفة فقددالوا :حكمددا اإلسددالم ،مبعددىن فالسددفة اإلسددالم.
وففا ألولئك الراغبني يف معرفة احلقائق الكلية.
ا :يتعدددد تعريددف الفلسددفة بتعدددد الفالسددفة واملددذاهب وفقددا للتب ددارب تعري للف الفلس للفة اص للا
الشخصية للفيلسوف وعاداته الفردية.
3
وندذكر أهددم تعريفددات الفلسددفة حسددب العصددور الدديت مددرت هبددا بددد ا ابلفلسددفة اليواننيددة ،مث يف العددامل
اإلسالم ،والفلسفة احلديثة .
أوتا :تعريف الفلسفة عند ف سفة اليوانن:
استعمل اليوانن كلمة الفلسفة منذ القرن السادس قبدل املديالد ،ومل يكدن معناهدا حمددداً وال مضدبوطاً
يف أوس األمددر ،فكددانوا يطلقددون كلمددة فلسددفة علددى املعددارف اإلنسددانية املعروفددة يف زمددا،م ،فشددملت
الطددب والفلددك واهلندسددة والكيميددا والطبيعددة والتنبدديم ،مث قصددرت يف اإلطددالق علددى مددن أتمددل يف
الوجود أتمالً عقليا.
ومع ذلك فن ّن معناها كان خيتلف من عصر إىل آخر ومن فيلسوف إىل آخر على الن و التايل:
-3عص للر م للا قب للا س للقرا :وموض ددو الفلس ددفة يف ه ددذا العص ددر يتن دداوس الك ددون الطبيعد د ،ول ددذا
فم اوالهتم ه :معرفة األفل الذي نشأ عنه هذا العامل الطبيع احملسوس .
فتعريددف الفلسددفة يف هددذا العصددر :هددو "الب د يف الوجددود الطبيع د ،وغايتدده ومصددض وعلددل ظ دواهر
األشيا ".
-2عصر السوفساائين وسقرا :وموضو الفلسفة يف هذا العصر قافر على اإلنسدان ومعرفدة
احلقيق ددة ،واحل ددق والع دددس واخل ددض ،ودراس ددة ه ددذ الق دديم مبني ددة عل ددى التص ددور العقل د وح ددد وال عالق ددة
لل واس هبا .
فتعريف الفلسفة إذاً عند سقراط":الب د عدن احلقدائق حبثداً نظرايً،وخافدة احلقدائق واملبداد اخللقيدة
من خض وعدس وفضيلة ".
-1عصر أف طون وتلميذه أرساو:
أ -موضو الفلسفة عند أفالطون :جواهر األشيا وحقائقها الثابتة اليت ال تتغض .
ويطلق عليهدا أفالطدون "عدامل املثدل " وتعريلف الفلسلفة عنلد أف طلون هل :معرفدة حقدائق األشديا ،
ومعرفة اخلض لإلنسان.
ب -موض ددو الفلس ددفة عن ددد أرس ددطو :يش ددمل ك ددل املعرف ددة اإلنس ددانية ،أو بعب ددارة أخ ددرى أف ددب ت
الفلسددفة مرادفددة ملعددىن العلددم ،ويندددرج حتددت الفلسددفة مجيددع العلددوم مددن املنطددق ،والرايضددة ،والطبيعددة،
واألخالق والسياسة .
وتعريف الفلسفة عند أرساو ه :العلم ابملباد األوىل اليت تفسر هبا طبيعة األشيا .
4
عن علل األشيا وأفوهلا األوىل . أو ه الب
-4عصللر مللا بعللد أرسللاو :يف هددذا العصددر مجددد موضددو الفلسددفة ،ومل يبتكددر الفالسددفة شدديئاً بددل
كانوا مقلدين حاكني ،وظهرت فيه مدرستا األبيقوريني والرواقيني .
وموضللو الفلسللفة عنللد األبيقللورين والللرواقين :قافددر علددى بعددض جوانددب اإلنسددان مددن انحيددة
أخالقه وسعادته وسلوكه يف هذ احلياة ،وقيمته فيها ،وإن اختلفت املدرسدتان يف حتديدد الغايدة الديت
تريد كل منهما الوفوس إليها.
أ -فاألبيقوريون مث ا :كانوا يطلبون السعادة ويرو،ا يف احلصوس على اللّذة .
وتعريف الفلسفة عندهم :ه القدرة على السعادة بواسطة العقل والفطنة.
ب -أما اللرواقين :فكدانوا يطلبدون الواجدب لذاتده مهمدا كلفهدم عمدل الواجدب مدن تضد يات يف
املاس أو النفس أو غضمها ،وقد توفلوا لذلك بعمل الفضيلة.
وتعريف الفلسفة عندهم :السع ورا الفضيلة ،وما جيب أن يسض عليه اإلنسان يف حياته.
اثنيا :تعريف الفلسفة عند الف سفة اإلس مين :
-1عرفها أبو يوسف يعقوب الكندي بقوله" :الفلسفة علم األشيا حبقائقها".
مبعىن العلم الكامل حبقيقة األشيا وكنهها ،وحقائق األشيا كلية ال جزئية .
-2وعرفها أبو نصر الفارايب بقوله":العلم ابملوجودات مبا ه عليه موجودة ".
-3وعرفهددا أبددو عل د بددن سددينا فقدداس":ه د فددناعة نظريددة يسددتفيد منهددا اإلنسددان حتصدديل مددا عليدده
الوجددود كلدده يف نفسدده ،ومددا الواجددب عليدده عملدده ممددا ينبغد أن يكتسددب فعلدده لتشددرف بددذلك نفسدده
وتستكمل ،وتصض عاملاً معقوالً مضاهيا الوجود ،وتستعد للسدعادة القصدوى ابآلخدرة وذلدك حبسدب
الطاقة اإلنسانية ".
اثلثا :تعريف الفلسفة يف العصر احلديث:
لق ددد حت د ّدررت الفلس ددفة يف ه ددذا العص ددر م ددن ال دددين ،وف ددارت تب د يف موض ددوعاهتا ح ددرة مس ددتقلة،
مستندة يف حبثها إىل العقل اإلنساين الطليق من قيود الدين .
وقد اختلفت تعاريف الفلسفة يف هذا العصر الختالف موضو الب الذي تناوله الفالسفة.
فددذهب ديكددارت(أبو الفلسددفة احلديثددة) أبن الفلسددفة هد :العلددم ابملبدداد األوىل وهد العلددم الكلد
الشامل.
5
وذه ددب آخ ددرون أبن الفلس ددفة :ه د عل ددم األش دديا اليقيني ددة ال دديت ال تق ددع حت ددت احل ددس ،وال دديت يعرفه ددا
اإلنسان بطريق النظر العقل .
يف هذه ال عريفا أن املعر يزر ااجان الذ يع ي ب يف دراس للفلسفة ون
ما سبق ميكن صر معاين الفلسفة يف اآليت: ومن خ
األو " :ه علم املعرفة الكلية املطلوبة لذاهتا".
واملدراد ابملعرفدة الكليدة :املعرفدة الديت تتندداوس احلقدائق الكليدة للموجدودات عامدة ،أي ال تتنداوس الفلسددفة
احلق ددائق اجلزئي ددة للوج ددود؛ إ ،ددا تتن دداوس طبيع ددة الوج ددود ،وماهي ددة اإلنس ددان ،واملش ددكالت العام ددة ذات
الطابع العقل الكل ،مثل :مشكلة احلرية ،ظاهرة املوت واحلياة ،مشكلة املعرفة.
والفيلسددوف عندددما يدددرس احلقددائق الكليددة املتفرقددة للوجددود فننّدده جيمعهددا مددع بعضددها ،وجيردهددا مددن
طبيعتهددا املاديددة املتغددضة ،مث يربطهددا يف تسلسددل منطقد لدده ترتيددب معددني ،لي ِّّكددون منهددا يف ،ايددة األمددر
مذهباً فلسفياً خافاً به.
الثاين :علم املباد األوىل لكل ظواهر الوجود.
إ ّن الفيلسوف ال يهتم بدراسة املباد ،أو العلل القريبة املباشرة يف تفسدض ملختلدف ظدواهر الوجدود،
ألن املب دداد القريب ددة والعل ددل املباش ددرة حتت دداج يف دراس ددتها إىل احل دواس ،وتعتم ددد امل ددنهج التب دري ،إن دده
يعتمد على التأمل العقلد يف إدراك املبداد األوىل والعلدل البعيددة ،الديت هد بطبيعتهدا عقليدة جمدردة،
ِّ
بردهددا إىل أفددوهلا العقليددة األوىل وعللهددا
وميكددن أن يقددوم الفيلسددوف بتفسددض احلقددائق اجلزئيددة ،ولكددن ّ
احلقيقية البعيدة.
فم للث ا :يه ددتم العلددم التب دري مبعرف ددة أس ددباب منددو النب ددات وه د ت ددوفر املددا واهل دوا والغ ددذا املناس ددب
والشددمس ،بينمددا يهددتم الفيلسددوف مبددا هددو أرقددى مددن ذلددك ،إندده يريددد أن يدددرك العلددل العقليددة البعيدددة
واملبدداد األوىل العامددة لنمددو النبددات واحليدوان واإلنسددان وكددل الكائنددات احليددة األخددرى ،وهكددذا بقيددة
ظواهر الوجود.
الثالللث :ه د وجهددة نظددر عقليددة فرديددة خافددة جتددا ظدداهرة معينددة يف الوجددود أو يف حيدداة اإلنسددان:
ووجهات النظر العقلية عند الفالسفة البد أن تكون خمتلفة،إذ أن لكدل فيلسدوف خربتده الشخصدية
وظروف بيئته وجمتمعه اخلاص به ،وله عاداته اليت تؤثر يف وجهة نظر ومذهبه الفلسف .
فمث ا:جند وجهات نظر متعددة خمتلفة ومتعددة يف تعليل وحتليل ظاهرة الشر أو اخلض.
6
وهكددذا نددرى أن الفلسددفة ال ختددتص بعلددم دون آخددر ،بددل ه د مددنهج يف الب د واملعرفددة ،قددائم علددى
إاثرة األسئلة واإلشكاالت والشكوك حوس املعارف أبنواعها؛ بغرض التأكد من ف تها وجددواها،
وتفسض عللها وغاايهتا ،مث حماولة اإلجابة عن كل ذلك ،ومن هنا وففت الفلسفة أب،ا أ ُّم العلوم.
نشأة ال فكري الفلسف :
اختلف الباحثون حوس نشأة وبداية التفكض الفلسف إىل فريقني :
الرأ األو :ذهب فريق من الفالسفة والعلما البداحثني واملستشدرقني إىل أ ّن التفكدض الفلسدف يف
بددالد الشددرق أقدددم ظهددوراً مددن بددالد اليددوانن ،فدالتفكض الفلسددف بدددأ أوالً يف بددالد الشددرق قبددل القددرن
السادس ق.م،حي شهدت بالد الشرق القدمي جمموعة من أمناط التفكض الفلسف مثدل :الفلسدفة
املصرية ،والفلسفة الفارسية،والفلسفة البابلية ،والفلسفة اهلندية،والصينية .
وعلدى رأس هددؤال املددؤر اإلغريقد " دبددوجني ال إرس" الددذي قداس يف كتابدده "حيدداة الفالسددفة " ":إن
الفلسفة اإلغريقية ليست إال ترااثً شرقيا متغلغال يف القدم .
واسددتدلّوا علددى ذلددك بوجددود كثددض مددن النصددوص واألسدداطض البابليددة واملصدرية الدديت جددا فيهددا حدددي
عن أفل العامل.
فمث ا :قيل إ ّن طاليس قاس:أب ّن أفل العامل هو املا ،ولقد جا يف األسداطض والنصدوص القدميدة أ ّن
العامل يف البد كان ما ً ،وهذا يدلّل على أ ّن طاليس قد استفاد قوله من تلك األساطض.
ويؤّكددد هددذا ال درأي أنّده يف جمدداس العلددوم الكونيددة والرايضددية وجدددت بعددض هددذ العلددوم عنددد القبائددل
الناشئة يف بالد الصني القدمي على حنو ما هو موجود يف بالد اليوانن.
فمثالً :الصينيون أسبق إىل معرفة املثل القائم الزاوية وخصائص وتر .
الرأ الثاين :ذهدب فريدق آخدر إىل أن اليدوانن هدم ّأوس مدن ظهدر فديهم التفلسدف ،فأرسدطو يدرى أ ّن
طاليس اليوانين هدو أوس فيلسدوف حداوس أ ّن يفسدر الكدون تفسدضاً عقليداً.واخليداس والبداهدة ،ومل يكدن
مسلكهم يف التفكض خاضعاً ملنهج علم أو أسلوب فلسف معني .
لكد ّدن اليددوانن هددم ّأوس مددن قد ّدم املددنهج واملصددطل الددذي سددارت عليدده الفلسددفة حددى اليدوم ،والتفكددض
الفلسددف عنددد اليددوانن كددان تفكدضاً منظمداً يعتمددد علددى االسددتدالس العقلد والتأمددل الفلسددف والنظددر
املنطق .
ال وفي للق ب للن الل لرأين:خروج داً مددن هددذا اخلددالف ميكددن القددوس :أب ّن التفكددض الفلسددف نشددأ أوالً يف
7
حضددارات الشددرق القدددمي ،ولكندده كددان جمموعددة مددن األسدداطض أو املالحظددات التبريبيددة الدديت دفعددتهم
إليها حاجتهم إىل الشراب والطعام واملسكن ،واعتمدوا فيها على األوهام ،ورغدم اخدتالف البداحثني
يف نشأة الفلسفة إالّ أ ّ،م أمجعوا على أ ّن الفلسفة اليواننية كانت أعمق الفلسدفات حبثداً ،وأوسدعها
موضوعاً ،وأحسنها تنظيماً وترتيباً.
ومع ترجيحنا لسبق الشرق على الغرب إال أننا نؤكد علدى حقيقدة ال يغفلهدا إال املتعصدبون وهد :
أن الفضل يرجع إىل اليواننيني يف تدوين وتنظيم وتطوير الفكر الفلسف .
صلة الفلسفة ابلعلوم
يت دث الفالسفة عن فالت للفلسفة تربطها بعلوم شى ،وما يعنينا هو فلتها ابلعلم.
بن الفلسفة والعلم
لقد اختل مفهوم الفلسفة مبفهوم العلم يف أذهان القدما إذ مل يكن مثّة فدروق بينهمدا ،لقدد كاندت
الفلس ددفة ل دددى الق دددما علم داً ،حي د ك ددان العلددم والفلس ددفة ي دددالن عل ددى مفه ددوم واح ددد ،ومل يف ددرق
القدددما بددني العلددوم الفلسددفية الدديت تقددوم علددى التأمددل العقل د اجملددرد ،وبددني العلددوم الدديت تعتمددد علددى
املالحظة والتبربة واملشاهدة.
دأوس الفالسددفة طدداليس كددان عامل داً رايضددياً فالفلسددفة مشلددت يف القدددمي أل دوان املعرفددة البش درية كلهددا ،فد ّ
وطبيعيد داُ ،وفيث دداغورس ك ددان فيلس ددوفاُ ورايض ددياُ ومهندسد داُ ،وجع ددل أفالط ددون اهلندس ددة أساس ددا ملذهب دده
الفلس ددف ،وكت ددب عل ددى ابب مدرس ددته" :م ددن مل يك ددن مهندس داً ف ددال ي دددخل علين ددا" ،وكان ددت فلس ددفة
تضم جمموعة من العلوم ،وهكذا األمر ابلنسبة للفالسفة اإلسالميني فالفارايب كدان فيلسدوفاً أرسطو ّ
وموسيقياً ،وابن سينا كان فيلسوفاً وطبيبا.
هذا ابلنسبة للعلوم الطبيعيةّ ،أما العلوم اإلنسانية:كالسياسة واالقتصاد واألخالق وعلم النفس فقدد
كانت من أقسام الفلسفة وفروعها العامة إىل فرتة قريبة ،فلما انفصلت العلوم الطبيعية عن الفلسدفة
يف العصددور احلديثددة ،بدددأت العلددوم اإلنسددانية تسددض نفددس املندواس ،ولكددن ظهددرت معارضددة مددن بعددض
املفكرين خصوم النزعة الطبيعية ،إذ رأوا أ ّن العلوم اإلنسانية ال تناسبها املناهج التبريبية.
استمرت هذ العلوم ضمن مباح الفلسفة إىل أن استقل علم النفس عدن الفلسدفة وأفدب علمداً و ّ
مستقالً بذاته.
واستقل علم االجتما على يد "أوجست كونت" حي اختذ فورة العلم التبري الوضع .
8
أوتا :الع قة بن الفلسفة والعلم:
إذا كانت الفلسفة مرادفة للعلم قدمياً فلقد أفب ت اليوم شيئاً آخر غض العلدم السدتقالس كثدض مدن
املعارف والعلوم عنها ،وميكننا أن نبني أوجه العالقة بني الفلسفة والعلم على الن و اآليت:
-1إ ّن مدديالد الفكددر الفلسددف كددان يعددين مدديالد العلددم مبنهبدده الدددقيق ومفاهيمدده البسدديطة الواضد ة
ومنهبدده العقددالين لطبددائع املوجددودات ،وكددان القصددد مددن الفلسددفة حماولددة اإلنسددان جمدداوزة التفسدضات
األس ددطورية واخلرافي ددة للظد دواهر الطبيعي ددة الكوني ددة ،إىل تفس ددض يعتم ددد عل ددى احل دددس العقلد د والف ددرض
العلم واملالحظة االستقرائية ومن مث وجد قدمياً تطابق بني مفهوم العلم والفلسفة.
لقد نشأت الفلسفة يف أحضان العلم وكانت الدور الراقد مدن أدوار ،ذلدك أن العلدوم مل تكدد تنشدأ
وتسددتقر إال وبدددأ التفكددض الفلسددف ينشددأ علددى أعقاهبددا ولددذا فددنن العالقددة وثيقددة بددني الفلسددفة والعلددم
على الرغم من استقالس الكثض من العلوم عنها.
-2إ ّن الفلسددفة تكشددف للعلددم عددن طبيعددة العقددل الدذي هددو أداة مددن أدواتدده الدديت يسددتعني هبددا علددى
ضد ددب املشد دداهدات والتبد ددارب .فالعلمد ددا يلتمسد ددون املعرفد ددة ابلعقد ددل وقيمد دده ،ومقياسد دديه وأحكامد دده
املسددتمدة مددن الفلسددفة .إ ّن كددل علددم مددن العلددوم اخلافددة يعتمددد علددى املعدداين األوليددة الدديت تكشددف
الفلسددفة عددن حقيقتهددا ،فمددثالً العلددوم اإلنسددانية حباجددة إىل معرفددة جددوهر اإلنسددان وأفددله ومصددض ،
وهذ أسئلة جتيب عنها الفلسفة.
-3يعتمددد العلددم علددى الربهددان ،والفلسددفة هد الدديت تكشددف للعلمددا عددن مقدددمات الربهددان واألمددور
األدلة.
اليت يقوم عليها وقوانينه ،إمنا ه اليت تعرفهم كيف حيددون املعاين وينظمون ّ
-4إ ّن الفلسددفة تقدددم لكددل علددم مددا يناسددبه ومددا يصددل لدده مددن املندداهج والطرائددق الدديت تتناسددب مددع
موضوعه.فمثالً:العلوم الطبيعية (املادية)تقدم هلا الفلسفة املنهج الذي يقدوم علدى املالحظدة والتبربدة
واالسد ددتقرا .فعلد ددم الرايضد دديات مد ددثالً تقد دددم ل د دده الفلسد ددفة املد ددنهج الد ددذي يرتكد ددب مد ددن الض د ددرورايت،
والبديهيات ،ومباد االستنباط.
اثنيا:الفر بن الفلسفة والعلم:
أ -الفر بينهما من يث املوضو :
فموضو العلم هدو األحدداث والقضدااي املاديدة اجلزئيدة والقدوانني املعيندة الديت تنطبدق علدى قسدم معدني
م ددن أقس ددام الك ددون وأجزائ دده ،فعل د س ددبيل املث دداس:جن ددد أ ّن عل ددم اجليولوجي ددا خي ددتص ابملس ددائل املتعلق ددة
9
بطبقات األرض ،وعلم اجلغرافيا خيتص أبحواس العامل الطبيعية مدن مندا و حدرارة و تضداريس ،وعلدم
الطبيعددة يدددرس الظ دواهر املاديددة احملدددودة كالصددوت والضددو واحلركددة واجلاذبيددة وحنوهددا مددن الظ دواهر
اجلزئي ددة ،وعل ددم الن ددو يتعل ددق ابلك ددالم وأقس ددامه وأحوال دده م ددن حي د د اإلعد دراب والبن ددا … ف ددالعلم
موضوعاته جزئية معينة.
بينما موضو الفلسفة كل مالق ،يتناوس احلقيقة الكلية العقلية اجملدردة عدن املدادة وعالئدق املدادة،
واحلقيقددة املطلقددة ،إ،ددا تتندداوس مجيددع األهددداف ،وتسددتوعب كددل الظ دواهر الطبيعيددة ولكنهددا تفسددرها
تفسضاً كلياً دون النظر إىل قسم معني من أقسام العامل أو جز من جزئياته.
كما أن موضو العلم يكمن يف الظواهر الطبيعية من سنن وقوانني.
بينما موضو الفلسفة جييب عن أسئلة تتعلدق هبدذ السدنن والقدوانني.مثدل:هدل هدذ القدوانني يقينيدة
أم ظنية؟ دقيقة أو غض دقيقة؟ وما ه النتائج املرتتبة على هذ القوانني؟
ب-الفر بينهما من يث الغاية واهلد :
إذا كان موضو الفلسفة ما هو كلد عقلد ،فلنن اهللد الدذي يسدعى إليده الفيلسدوف:الوفدوس
إىل العلل واألسباب البعيدة ملختلف املوجودات وه علل عقليدة جمدردة .إ ّن الفيلسدوف يهددف مدن
أتمله العقل أن جييب عن أسئلة منها ما هدو أفدل الكدون؟ ومدا هدو مصدض الدذي ينتهد إليده؟ ومدا
هو أفل اإلنسان؟ وما هو مصض ؟ وما عالقة اإلنسان ابلكون الذي يعيش فيه .
بينمللا العلللم يهدددف إىل اكتشدداف األسددباب املباشددرة والعلددل القريبددة الدديت أدت إىل حدددوث الظدداهرة.
إذاً فغايددة العلددم :وفددف األحددداث الطبيعيددة والظدواهر الكونيددة مبددا فيهددا اإلنسددان بصددرف النظدر عمددا
يكددون بددني هددذ األحددداث والظدواهر وبددني اإلنسددان مددن رابطددة أو عالقددة .فمددثالً:إن سددقوط التفاحددة
مددن الشددبرة إىل األرض فسددر العددامل إس د اق نيددوتن ابجلاذبيددة األرضددية ،وهددو سددبب قريددب مباشددر.
بينما الفيلسوف ال يقنع بذلك ،إنّه يَهتم مبعرفدة السدبب البعيدد الدذي مدن أجلده وجددت اجلاذبيدة يف
األرض.
ج -الفر بينهما من يث املنهج :
املنهج الذ يسلك الفيلسو يف معرفة العلل واألسباب البعيدة هو املدنهج العقلد الدذي يعتمدد
عل ددى التأم ددل النظ ددري والت لي ددل العقلد د ،إنّدده يعتم ددد عل ددى العق ددل يف جتري ددد امل دددركات م ددن ماديته ددا
واسددتخالص ماهياهتددا الكليددة الثابتددة ،ويعتمددد علددى الت ليددل العقل د ألندّده ينفددذ إىل اجلددذور األفددلية
10
ويب عن العلل البعيدة الكامنة خلف الظاهرة موضو الدراسة والتأمل ،ويعتمد املنهج الفلسف
أيضاً على الضمض والشعور والوجدان كطرق ملعرفة وإدراك اخلض واجلماس.
أما العلم فننّه يعتمد على املنهج االستقرائ التبري واملشاهد اخلارجية اليت تدرك ابحلواس.
وهذا املنهج يقوم على مخس خاوا ه :
-1الشعور ابملشكلة وحتديدها .
. -2مجع املعلومات والبياانت اخلافة ابلظاهرة أو املشكلة موضو الب
-3فرض الفروض املبدئية لتفسض الظاهرة .
-4اختبار ف ة الفروض جتريبياً .
-5التوفل إىل قانون عام يفسر الظاهرة.
د -الفر بينهما من يث الذاتية:
املقص ل للود ابلذاتي ل للة:مد ددا يرجد ددع إىل ذات اإلنسد ددان الفد ددرد وحد ددد ،وتد دددخل فيهد ددا مشد دداعر اإلنسد ددان
وأحاسيسه وميوله الشخصية وظروف حياته اخلافة.
ويقابلا الذاتيللة احلقلائق املوضللوعية وهد كددل حقدائق الوجددود خدارج الددذات البشدرية ،أي يف الواقددع
اخلارج الطبيع ،واحلقائق اثبتة ال تتغض ،بعكس الذاتية اليت ختتلف من شخص آلخر.
إن الفلسللفة يف جوهرهددا عبددارة عددن آرا ذاتيددة ومددذاهب شخصددية تددع بّددر عددن وجهددة نظددر خافددة
ابلفيلسددوف نفسدده ،وابلتددايل فددن ّن احلقددائق الدديت يتوفددل إليهددا فيلسددوف مددا ختتلددف عددن احلقددائق الدديت
يتوفل إليها فيلسوف آخر؛ أل ّن كل فيلسوف له ميوله اخلافة ومشاعر وأحاسيسه اخلافة.
بينمللا العلللم الددذي يتندداوس ابلب د احلقددائق املوضددوعية الثابتددة فننّدده ال يتددأثر آبرا العلمددا وميددوهلم
وذاتيتهم ،فاحلقيقة العلمية حمل إمجا العلما وإذا اختلف العلما فيما بيدنهم دس ذلدك علدى أ ّن مدا
توفلوا إليه مل يصل إىل رتبة احلقيقة العلمية ،إّمنا هو ظنون أو فرضيات.
موضوعا الفلسفة:
مددن خددالس الوقددوف علددى مددا للفلسددفة مددن معددان خمتلفددة يتبددني لنددا أ،ددا ال تب د يف موضددو واحددد
بعينه ،بل تب موضوعات متعددة ،ومن هنا فنن موضدوعها كدان يشدمل كدل املعدارف اإلنسدانية
وموضوعات الوجود واحلياة ،كانت تضم موضوعات إهلية وإنسانية إىل جانب املنطدق وعلدم الدنفس
واألخددالق …إ،ددا تب د يف كددل شد ميكددن للعقددل أن يب د فيدده .فهد تب د يف أفددل العددامل
11
ومن أيدن جدا ،ومدا هدو مصدض و،ايتده ،كمدا تب د يف موجدد العدامل وخالقده ( هللا ) ،ومدا جيدب لده
مددن فددفات ،وتب د يف الكددون كلدده حبث داً شددامالً يتندداوس كددل جوانبدده ،و تعددىن ابإلنسددان وسددلوكه،
ومبدئه ومصض .
فموضوعها إذا :هللا والكون واإلنسان.
وقددد درس الفالسددفة ه ددذ املعددارف وحبث دوا يف ه ددذ املوضددوعات بواسددطة األس ددلوب الفلسددف وم ددن
خددالس مددنهج التأمددل العقلد .والسددبب أن املددنهج التبدري مل يكددن معروفددا يف تلددك العصددور الزمنيددة.
ومددع بدايددة عصددر النهضددة األوروبيددة احلديثددة واكتشدداف املددنهج التب دري بدددأت جمموعددة مددن العلددوم
تنفصل تدرجييا لعدم مالئمة منهج الفلسفة مع تلك العلوم ،فانفصلت العلوم الطبيعية واستخدمت
املنهج التبري ،واستقلت الرايضيات مستخدمة املنهج الت ليل الرايضد ،وكدذلك اسدتقلت علدوم
أخ ددرى كالفل ددك واملوس دديقى واالجتم ددا .واقتص ددرت الفلس ددفة يف احل دددي عل ددى موض ددوعات رئيس ددية
ثالث ،ابإلضافة إىل مباح فرعية كلها تتوافق مع املنهج العقل التأمل .
أوتا :املوضوعا الرئيسية :
-3مبحث الوجود :وهدو يددرس الوجدود عامدة ويف فدورته الكليدة،ويف خصائصده األساسدية العامدة
في اوس الفيلسوف كشف القوانني الكونية اليت تفسر حقيقة الوجود وجوهر وأفله.
-2مبحللث املعرفللة :وهددو يدددور حددوس مدددى إمكانيددة معرفددة الوجددود ووسددائل إدراكدده والعلددم بدده،
ويدددرس املعرفددة اإلنسددانية ومددا يتعلددق هبددا مددن وسددائل ومشددكالت ،فيدددرس مددثالً وسددائل املعرفددة مددن
احلس والعقل واحلدس واملوازنة بينها .
- 1مبحث القيم :يتعدرض لدراسدة املثدل والقديم العليدا ،والكشدف عدن ماهيدات القديم الديت يسدعى
ُ
اجلميع إىل حتقيق ها يف حياهتم .وأهم القيم اليت تدرس يف هذا املب ه :
أ -قيمة احلق ويدرسها علم املنطق.
ب -قيمة اخلض ،ويدرسها علم األخالق.
ج -قيمة اجلماس ،ويدرسها علم اجلماس.
اثنيا :املوضوعا الفرعية :
-1فلسفة الدين :وهدفها تدعيم العقائد الدينية ابألدلة واحلبج العقلية املنطقية.
-2فلس ددفة الت دداريخ :وتب د د يف القد دوانني العام ددة واملب دداد األساس ددية ال دديت حتك ددم س ددض األح ددداث
12
التارخيية عامة وال يهتم الفيلسوف بدراسة الوقائع واألحداث اجلزئية.
-3فلسددفة القددانون :وهتددتم بدراسددة األسددس العامددة الدديت يقددوم عليهددا القددانون ،وبيددان عالقددة القددانون
مبباد األخالق والعدالة ،وارتباطه بفكرة اإللزام واحلرية.
مرا ا الفلسفة
أوت :الفلسفة اليواننية:
مرت بثالث مراحل أساسية ميثل سقر اط احملور األساس فيها فتقسم إىل:
- 1ما قبل سقراط.
- 2سقراط والسوفسطائيني.
- 3ما بعد سقراط ) أفالطون – أرسطو(
املر لة األوىل – ما قبا سقرا :
وموضددو هددذ املرحلددة الكددون الطبيعد ملعرفددة األفددل الددذي نشددأ عنده .وقددد مد ّدرت الفلسددفة يف هددذ
املرحلة بعدة أدوار ،متيّز كل دور مبميزات عن الدور اآلخر،وهذ األدوار ه :
أ -الابيعيون األوائا ) املدرسة األيونية( .
ب -الفيثاغورية ) أشهرهم فيثاغورث( .
ج -املدرسة اإليلية ) أشهرهم ابرمنيدس( .
د – الابيعيون امل أخرون ) أشهرهم دميقريطس( .
أوت( :املدرسة األيونية)الابيعيون األوائا:
مسوا ابلابيعين؛ لب ثهم يف أفل الطبيعة أو الوجود.
وتع ّد مدرسة الطبيعيني األوائل أوس مدرسة ظهر فيها التفكض الفلسف املنظم يف بدالد اليدوانن ،وقدد
قام ددت هد ددذ املدرس ددة يف مقاطعد ددة أيوني ددا آبس دديا الص ددغرى عل ددى س دداحل الب د در األب دديض املتوس د د ،
وزعماؤها أربعة هم (:طاليس ،وأنكسمندر ،وأنكسمنس ،وهرياقلياس) .
نشددأ الفالسددفة الثالثددة األوس يف مدينددة ملطيددة ،والرابددع يف مدينددة أفسددوس ،حبد هددؤال الفالسددفة يف
األفل الذي نشأ عنه العامل ،واتفقدوا أن هدذا األفدل مدادة موجدودة يف الطبيعدة ،ولكدنهم اختلفدوا يف
تعيني هذ املاد.
-3طللاليس :فيلسددوف مددالط ،مددن أ َّوس وأشددهر فالسددفة اليددوانن ،عددا مددا بددني() 550 -624
13
ق.م ،وهددو أحددد احلكمددا السددبعة ،درس العلددوم دراسددة عميقددة ،عمددل مهندس داً حب درايَ ،واسددتطا أن
يضع تقومياً حبرايً للمالحني حيتدوي علدى إرشدادات وقواعدد فلكيدة كاندت هلدا آاثرهدا القيمدة يف اتريدخ
املالحة الب ري
وميثل طاليس مرحلة مهمة يف الفكر الفلسف اليوانين ؛ ألنه نقل الفكر من األسطورة إىل العلم.
مذهبل الفلسلف :يدرى طداليس أن أفدل الكدون هدو امللا ،وهدو اجلدوهر األساسد الدذي نشدأ منده
املوجودات على اختالفها ،فاملا قابل لكل فورة ،ف ينما جتمد تكونت األرض ،وحينما احندل
تكون اهلوا ،ومن اهلوا تكونت النار ،ومن الدخان واألخبرة تكونت السما .
ويرجلع بعدض البداحثني رأي طداليس إىل البدابليني واملصدريني القددما ،فقدد كدان مألوفدا عندد
األقدمني ،فاألسطورة البابلية تقوس (:يف البد قبل أن تسمى السما وأن يعرف لألرض اسم كان
احملي وكان الب ر( .
ويف قصة مصرية (:يف البد كدان احملدي املظلدم أو املدا األوس حيد كدان آتدون وحدد اإللده األوس
فانع اآلهلة والبشر واألشيا ( .
ويفسر أرسطو سبب قوس طاليس أبن النبات واحليوان كالمها يغتدذاين ابلرطوبدة ،ومبددؤها املدا ،
وما منه الغذا فهو يتكون عنه.
-2أنكسل للمندر :ع ددا ه ددذا الفيلس ددوف امل ددالط م ددا ب ددني ) 547-611ق .م وق ددد ج ددا بع ددد
طاليس ،فهو اثين فالسفة املدرسة "اليونية ".
وكان تلميذا لطاليس ،وضع تقوميا مشسيا كما وضع خريطة للعامل استخدمها امللطيون يف رحالهتدم
عرب الب ر األسود والب ر األبيض املتوس .
مذهبل الفلسلف :يدرى أنكسدمندر أن أصلا األقليا هلو ال حملدود وهدو األفدل ،ولديس عنصدر
ماداي كالعنافر األربعة )املا – الرتاب – النار – اهلوا ( وتسمى ابألسطقسات األربعة أيضا.
والالمتناه هو أفل السماوات والعوامل املوجودة فيها فهو غضها ويتضمنها يف نفس الوقت
ويعر ال حمدود أبن مادة أولية امتزجت فيها املتضادات ) احلار –البارد ( بصورة متعادلة.
ويسدتخدم أنكسدمندر كلمدة انفصلا وانضلمام لبيدان نشدأة املوجدودات وهد مبعدىن حركدة الديت
استخدمها أرسطو فيما بعد.
لكن ما الذ أ دث هذا ال غري؟
14
جيي أنكسمندر أن ذلك حدث بشكل آيل ومب ض الصدفة ،وهذا إنكار لوجود اخلدالق تعداىل،
ويبدو هنا أثر الواض على القائلني ابلصدفة والتطور.
-1أنكسمنس 528-588(:ق.م)
مذهبل الفلسلف :قداس أبن األفدل الدذي نشدأ منده الكدون هدو اهللوا ،وهدو املبددأ األوس للوجدود،
واهلوا عند ليس احملسوس بدل املي لافيييق ،ومسدا ابهلدوا ألنده أقدرب األشديا احملسوسدة شدبها بده،
وميتزج فيه األضداد أيضا كما قاس سلفه أنكسمندر.
ومدن اهلدوا امليتدافيزيق تك َدون مجيدع مدا يف العدامل علويده وسدفليه ،وتتولدد منده األشديا عدن طريدق
التخلخل والتكاثف ،فنذا ختلل فار ان ا ر ،ومنها الكواكب والنبوم وسائر األشيا النارية.
واذا تكاثف كانت الرايح والعوافف مث تتكاثف فتنتج األتربة والرماس والصخور.
-4هرياقلياس475-540(:ق.م)
مذهب الفلسف :ذهب إىل ان أفل الكون هدو الندار اإلهليدة وليسدت احملسوسدة ،فبتكاثفهدا يظهدر
كل ما حتبر كاألرض ،وابلتخلل يكون املا ،وبتخلل املا يصض اهلوا ،وبتخلل اهلوا تكون النار
احملسوسة.
والتغدض جيدري يف طدريقني:إىل أسدفل وإىل أعلدى ،ومدن تقابدل هدذين التيدارين تتك َدون املوجدودات مدن
احليوان والنبات ،وعنده الكون يف تغري دائم ،وأثر عنه قوله :اإلنسان ال ينزس النهر مرتني.
اثنيا:املدرسة الفيثاغورية:
الفيثاغورثيون هم أتبا الفيلسوف الرايض فيثاغورث بن منسارخس ،ولد سنة 572ق.م يف جزيرة
ساموس من بالد اليوانن ،سافر فيما بعد إىل مصر مث استقر يف جنوب إيطاليا وهناك أسس
مدرسته .وذهب الشهرستاين إىل أنّه عافر ن هللا سليمان بن داود عليهما السالم.
مللذهبهم الفلسللف :يددرون أ ّن أفددل الكددون هددو :العدددد ،ألندّده أشددبه بعددامل األعددداد مندده بعددامل املددا أو
النّددار أو اهل دوا ،فالعدددد ّأوس مبددد أبدعدده البدداري تعدداىل ،و ّأوس العدددد :الواحددد ،وأن مبدداد األعددداد
هد عنافددر املوجددودات ،أل ّن املوجددودات أعددداد ،والعددامل علددى هددذا مددر ّكددب مددن عدددد ،واملوجددودات
ليست إال حماكية لنماذجها األوىل الالزمة هلا وه األعداد ،ومدا يتصدور مدن مفارقدة بينهدا فنمندا هد
يف الددذهن فق د ال يف احلقيقددة والواقددع،وال ميكددن لألشدديا عندددهم أن يتمددايز بعضددها عددن بعددض إال
ابلعدد .فمثالً األطوس يتميز عن األقصر واألكرب عن األفغر بزايدة وحدات وعدد فق ،ال بدزايدة
15
ش خارج عن العدد.
مثّ إ ّن لفيثدداغورس رأايً يف العدددد واملعدددود قددد خددالف فيدده مجيددع احلكمددا قبلدده وخالفدده فيدده مددن بعددد
وهددو أندده ج ددرد العدددد عددن املع دددود جتريددد الصددورة ع ددن املددادة وتصددور موج ددودا حمققددا وجددرد الص ددورة
وحتققها وقاس مبدأ املوجودات هو العدد.
اثلثا :املدرسة اإليلية أو اإليليائية
نشددأت هددذ املدرسددة الدديت يف مدينددة إيليددا علددى الشدداط اجلنددويب الغددريب مددن إيطاليددا وزعيمهددا هددو:
" أكيينوفللان" الددذي أعلددن أن هللا واحددد ال ش دريك لدده ،وأنّدده يتصددف بصددفات الكمدداس وال يتصددف
بش من احلوادث ،وأن العامل يف قبضته وأنّده احملرك له ،ولقدد كدان طدابع هدذ املدرسدة عقليداً ،وقدد
اهتمت يف الب عن أفل العامل الروح ،ومل هتتم إال قليالً أبفله املادي.
ويع زر ابرمنيدس الذي عا ما بني القرن السادس والنصف األوس من اخلامس مدن أشدهر فالسدفة
هذ املدرسة.
مذهب الفلسلف :يدرى أ ّن أفدل الوجدود هدو الوجدود نفسده ،فلديس يف الكدون كلده إال هدذ احلقيقدة،
فدال نسددتطيع وفدفه إالّ أبنّده موجددود. أال وهد حقيقدة الوجددود.وإذا أردان وفدف هدذا الوجددود بشد
وعن هذا األفل (الوجود) تنشأ وجودات األشيا ،ويتميز بعضدها عدن الدبعض مبقددار مدا فيهدا مدن
هذ احلقيقة األوىل.
رابعا :الف سفة الابيعيون امل أخرون
وهددم الفالس ددفة ال ددذريون ،وأش ددهر فالس ددفتهم ثالث ددة ،نش ددأ ه ددؤال متعاف درين يف الق ددرن اخل ددامس قب ددل
امليالد ،وهم :دميقرياس ،وأنبادقليس ،أنكسجوراس.
مذهبهم الفلسف :ين صر مذهبهم يف القوس أب ّن أفل العامل هو الذرة .ويفسدرون الكدون والفسداد
(الوجود ،والعدم) يف هذا العامل على هذا األساس ،وتتكون األشيا نتيبة جتميع عدد من الذرات،
وفساد هذ األشيا نتيبة افرتاق هذ اجملموعة أو تلك مدن الدذرات ،وهكدذا كدل مدا جيدري يف هدذا
الكون من تغضات.
ولقد أطلق على القائلني هبذا املذهب ابلطبيعيني ألنّه كدان يف البدد مدذهباً مدادايً فدرفا أي طبيعد
حبت ،ولك يتميزوا عن الطبيعيني األوس " فالسفة أيونيا " ُمسوا ابلطبيعيني الثواين.
وملددا وجدددت فددعوابت يف فهددم حركددات الددذرات الدديت تتبدده إىل تكددوين األشدديا أو انعدددامها ،فددن ّن
ّ
16
بعددض أتبددا هددذا املددذهب ذهددب إىل أ ّن احلركددة تلقائيددة وذاتيددة يف الددذرة قائمددة علددى قددانون اجلددذب
واملغناطيسية الدذي يدرب بعضدها بدبعض ،وابلتدايل يكدون اجتمدا الدذرات وافرتاقهدا علدى أسداس هدذا
القانون ومب ض الصدفة.
وق للا آخ للرون :إن دده الب ددد جبان ددب ك ددل ذرة م ددن ه ددذ ال ددذرات ذرة أخ ددرى روحي ددة أو عقلي ددة أتخ ددذ
خصائص املدبر واحملرك .
وذه ددب أح ددد الفالس ددفة ال ددذريني "أنكس للجوراس"() 428 -500ق .م إىل رف ددض م ددا ذه دب إلي دده
دميق دريطس مددن إرجددا أفددل الكددون إىل الددذرات ،قدداس إ ّن مبدددأ املوجددودات هددو:جسددم أوس متشددابه
األجزا ،وه أجزا لطيفة ال يدركها احلس ،وال يناهلا العقل.
م) املر لة الثانية :السوفساائيون وسقرا (من سنة 484إىل 222
تغض موضو الفلسفة يف هذ املرحلدة ،فأفدب اإلنسدان بددالً مدن الكدون الطبيعد احملسدوس ،وذلدك
حولوا الب الفلسف من الطبيعة إىل اإلنسان،بعد أن رأَوا عدم جدوى الب د أ ّن السفسطائيني ّ
يف العامل الطبيع .
أوت :السوفساائيون
السوفسطائ :هو املت كم الذي يذكر وجو املغالطات ،وكيفيدة الت درز منهدا ،والسوفسدطائيون هدم
الذين ال يثبتون حقائق األشيا .
نشأهتم :بعد فالسفة املدرسة الطبيعية الثانية طرأت على اجملتمع اليدوانين أحدداث سياسدية أدت إىل
تطورات هامة تركت آاثراً سيئةً يف احلياة الدينية واألخالقية والسياسية يف بالد اليوانن.
وأهم هذ التطدورات :اعتدداد الفدرد بذاتده واعتدزاز بشخصديته ،وظهدور موجدة مدن اإلحلداد الديت جتلدت
يف إنكار اآلهلة ،وأ،ا ال تست ق التقديس أو العبادة ،كما جتلت يف الثورة على كل قددمي متعدارف
عليه ،واإلقباس على كل جديد مست دث .
الف سللفة يف بيددان أفددل العددامل ،وتندداقض أق دواهلم يف ذلددك حدددث ارتيدداب لدددى ون يجللة اخ ل
الناس ،وظهر مجاعة من الفالسفة يوجهدون النقدد والتشدكيك آلرا الفالسدفة السدابقني ،مث اتسدعت
دائ ددرة النق ددد والتش ددكيك لتش ددمل جبان ددب النظ درايت الفلس ددفية :العقائ ددد الديني ددة وس ددلوك اإلنس ددان يف
حياتدده ،وحقددائق األشدديا ،ويف هددذا اجلددو املشد ون ابلتمددرد واإلحلدداد واتسددا دائددرة النقددد والتشددكيك
ظهرت مجاعة السوفسطائيني الذين كانوا مرآة فافية انعكست فيها فورة هذا العصر.
17
مذه السوفساائين:
ذهددب السوفسددطائيون إىل أنّدده ليسددت هندداك قضددااي عامددة تتسدداوى العقددوس يف إدراكهددا ،فاإلنسددان
وحد هو مقياس كل ش ،فما يرا حقاً فهو حق ابلنسبة إليه ،وما يرا ابطالً فهو ابطل ابلنسبة
إليه.
وهكل للذا هل للدم السوفسل للاائيون قواع ددد األخ ددالق ،وأنك ددروا اآلهل ددة ابإلض ددافة إىل إنك ددارهم حق ددائق
األشدديا ،وقددالوا ال وجددود هلددا إال يف اخليدداس ،وفددار األمددر فوضددى وأفددب الندداس أح دزاابً متفرقددة يف
آرائها ،ونشأ اجلدس واخلطابة وفنون احلوار واحملاورة ،وأفب التّدزود مبثدل هدذ األمدور ضدرورة للتغلدب
على اخلصوم يف املناقشات واحملاورات ،ووسيلة للظهور والرتق يف احلياة السياسية ،بغض النظر عن
حتري احلق يف ذاته أو الوفوس إىل الصواب.
وأهللم مللا مييللي السوفسللاائين أ،ددم كددانوا يعلّمددون النّدداس ابألجددر ،ويل ّقدون الدددروس لألغنيددا مقابددل
أج دراً زهيددداً ،وللعامددة مببل د أقددل ،وكددانوا ينتقلددون مددن مدينددة إىل أخددرى ،وهلددم قدددرة فائقددة يف جلددب
التالميذ ،الذين يصط بو،م أحياان يف تنقالهتم.
وملا كانت اخلطابة من أهم العلوم اليت هتي اإلنسان للنباح السياسد فقدد اخدتص السوفسدطائيون
ّ
بتعليمها للشباب األثيين الراغب يف الوفوس إىل السلطة واملشاركة يف السياسة.
أقهر ف سفة السوفساائين:
-3برواتجوراس يعد برواتجوراس من أشهر الفالسفة السوفسطائيني ،وتعد آراؤ مصدراً ملذهب
هددؤال الفالسددفة ،ولددد يف مدينددة أبددديرا ح دوايل عددام 480ق.م ،ولقددد طدداف يف أحنددا اليددوانن ،مثّ
اسددتقر بدده املقددام يف أثينددا ،و ضددع كتددااب بعن دوان "احلقيقللة"شددكك يف وجددود اآلهلددة ،واعتددرب اإلنسددان
مقياس األشيا مجيعاً ،ولكون أفراد الناس كثضين فن ّن إحساسات الناس متعدددة ومتناقضدة أحيداان،
واحلواس ه وسيلة اإلدراك الوحيدة وماال يدرك هبا فليس موجوداً.جا يف أوس كتابه ":ال أستطيع
أن أعلددم إن كانددت اآلهلددة موجددودة أم غددض موجددودة ،فددن ّن أمددوراً كثددضة حتددوس بيددين وبددني هددذا العلددم،
أخص ددها غم ددوض املس ددألة وقص ددر احلي دداة " ،ف ددا ُهتم برواتج ددوراس ابإلحل دداد ،وحك ددم علي دده ابإلع دددام،
وأحرقت كتبه علناً ،ففر هارابً ،ومات غرقا أثنا فرار سنة 410ق .م
وعلى ضو ما ذه إلي برواتجوراس ي بن ما يل :
أ -إ ّن احلقيقة املطلقة غض موجودة ،ألن احلقائق تتعدد بتعدد األشخاص واختالف أحواهلم.
18
مددا خددالف مددا نتصددور عليدده يف وقددت مددا، ب -ميتنددع وقددو اخلطددأ ،ألندده ميكددن أن نتصددور يف شد
فاحلق يتعدد .
ج -إ ّن الفرد مقياس اخلض والشر ،والعدس والظلم.
م) -2جورجياس (173 -484
وضع جورجياس كتااب يف "الالوجود "أورد فيه قضااي ثالث:
-1ال يوجد ش -2 .إذا كان هناك ش فاإلنسان قافر عن إدراكه -3 .إذا فرضنا أن إنساانً
أدركه فلن يستطيع أن يبلغه لغض من الناس.
فر السوفساائية :ميكن أن منيّز يف السوفسطائيني ثالث فرق ه :
-3ال أدريللة :وهددم الددذين قددالوا :حنددن شدداكون وشدداكون يف أان شدداكون ،وهددؤال هددم الشددكاك يف
احلقائق.
-2العناديلة :وهدم الدذين يقولدون مدا مدن قضدية بديهيدة أو نظريدة إال وهلدا معارضدة أو مقاومدة ملثلهدا
يف القوة والقبوس عند األذهان.
-1العنديللة :ومسدوا بددذلك أل،ددم يددرون أن احلقددائق حددق عنددد مددن عنددد حق،وابطددل عنددد مددن عنددد
ابطدل ،وأن مددذهب كددل قددوم حدق ابلقيدداس إلدديهم ،وابطددل ابلقيداس إىل خصددومهم ،وقددد يكددون طرفددا
النقيضني حقاً ابلقياس إىل شخصني ،وليس يف نفس األمر ش حبق.
مهما يكن من أمر هدؤال السوفسدطائيني ،فدنن هلدم دورا ال ينكدر يف حيداة اليدواننيني ،وملن تعقي
إجيابيللاهتم :نشددرهم التعلدديم يف بالدهددم وأسس دوا علددم البالغددة وحبث دوا يف األخددالق ،وعصددرهم عددرف
بعصر النهضة الفكرية يف اليوانن .
وموضع اخلاأ :هو االعتماد على احلواس فق ،وجتاهل املعرفة العقلية .
وكان شكهم ه ّداما ،وهدو مدا يعدرف ابلشل امللذهي الدذي ميثدل فيده الشدك وسديلة وغايدة ،خبدالف
الش املنهج الذي يتخذ من الشك وسيلة للوفوس إىل اليقني .
م اثنيا :سقرا 474
نصبوا أنفسهم ملعارضة السوفسطائيني ،وبيدان ضدالهلم ومدن هدؤال الفيلسدوف اليدوانين
ظهر فالسفة ّ
سقراط الذي ذا فيته واشتهرت فلسفته.
ولد من أب فانع للتماثيل ،وأم قابلة؛احرتف حرفة أبيه قليال ،ولكنه تركها واشتغل ابلفلسفة طوس
19
حياته ،وعلى العكس من السوفسطائيني مل أيخذ أجرا على تعليمه .
وكانت ،ايته اإلعددام الهتامده إبنكدار اآلهلدة والددعوة إىل آهلدة جديددة ،وحكمدوا عليده بشدرب السدم؛
فمات على أثر .
منهج يف البحث وال فكري:
ابتد سقراط منهباً جديدا يف التفكض واحملاورة يقوم على أمرين:
-3الل ل هكم الس للقراط :بن ددا عل ددى تص ددنع اجله ددل ،والتظ دداهر ابلتس ددليم لوجه ددة نظ ددر اخلص ددوم ،مثّ
االنتقدداس إىل إاثرة الشددكوك حوهلددا ،مث يسددتخلص مددن آرا اخلصددوم ل دوازم ال يسددتطيعون االلت دزام هبددا
لكو،ددا متناقضددة مددع آرائهددم ومعتقددداهتم وبددذلك يددوقعهم يف احلددرج والتندداقض.وكددان قصددد سددقراط مددن
هددذا تنقيددة أذهددان الندداس مددن املعلومددات الفاسدددة ،وتطهضهددا مددن القضددااي الكاذبددة واملعددارف اخلاطئددة
اليت ورثوها عن السوفسطائيني.
-2ال وليد :أي تولد احلقيقة من نفدوس اخلصدوم ،مدن خدالس اسدتنباطها عدن طريدق توجيده األسدئلة
إليهم يف نسق منطق وترتيب فكري ،ومل يكن حوار ينته إىل نتيبة معيندة،وإمنا كدان القصدد منده
تنبيدده األذهددان إىل ضددرورة الت دزام الدقددة يف اختيددار األلف ددا وإىل أن املعدداين موجددودة يف ال ددنفس ،وال
سبيل إىل استخراجها إال ابحلوار.
وهكددذا كددان اسددتخدام سددقراط لطريقددة احل دوار مددع اخلصددم،ابدعا عدددم املعرفددة ،ليتصدديد مددن إجابددة
اخلصم كلمة أو عبارة يسأله فيها حى يعرتف اخلصم ابجلهل ،فيقرر سقراط احلقيقة كما حيب .
تدور فلسدفة سدقراط حدوس موضدو واحدد هدو اإلنسدان ،وإذا مدا تناولدت الكدون الطبيعد فلسف
وموجوداته احلسية وظواهر ،فنمنا لكو،ا مركز اإلنسان وبيئته ،ومكان نشأته ومنو .
وميكن القوس أب ّن أساس آرائه ينبين على:
أ -اعتقاد بوجود احلقيقة ،وإبمكان معرفتها.
ب -ربطه العمل ابلعلم ،أي جعله املعرفة أساسا للسلوك.
والذي يهمنا من فلسفة سقراط أمران:
األو :حتديد ملنهج املعرفة ملدا يرتتدب عليده مدن حتدوس كبدض يف موضدو الفلسدفة ومنهبهدا يف اتريدخ
الفكر اليوانين.
الثاين :حتديد ملفهوم الفضيلة ملا يرتتب عليها من وجهة نظر األخالقية.
20
سقرا واملعرفة:كان السوفسطائيون يرون أن املعرفة مقصورة على اإلحساس ،وهد لدذلك ختتلدف
ابخ ددتالف األش ددخاص ،فم ددا ي درا الش ددخص حق داً فه ددو عن ددد ح ددق ،وإن رآ اآلخ ددرون خبالف دده ،أل ّن
اإلحساسات ختتلف ابختالف الناس.
فلمددا جددا سددقراط أنكددر قددوهلم يف املعرفددة ،وأثبددت أ ّن العلددم إمنددا هددو يف املدددركات العقليددة ،وأن املعرفددة
ّ
تتكددون مددن حقددائق كليددة ،يستخلصددها العقددل -ال احلدواس -مددن اجلزئيددات املتغددضة ،وملددا كددان العقددل
ّ
عنص دراً مشددرتكاً لددزم أن تكددون احلقيقددة عنددد شددخص معددني ه د نفسددها احلقيقددة عنددد شددخص آخددر،
وهكذا.
الفضيلة عند سلقرا :الفضديلة عندد أمدر بدديه ،يف أسداس تكدوين اإلنسدان ،لكدن اإلنسدان حدني
خيط معاينة الفضيلة يظن الباطل حقا والشر فضيلة؛هلذا فنن احلقيقة اليت حيب سدقراط نقلهدا إىل
الناس ه أنه عليهم إعادة ف ص ما هم متيقنون من معرفته.
وذهب سقراط إىل الرب بني الفضيلة واملعرفة ،فاإلنسان الذي يرغب أن يكون فاضدالً ،فدال بدد أن
ص دل املددر مددن املعرفددة ،معرفددة عددن نفسدده ومددا تشددتمل عليدده مددن ملكددات
يكددون عارفداً ،ومبقدددار مددا حي ّ
وقدوى ،ومعرفتدده عددن الكددون مبقدددار مددا يكددون املددر فاضدالً؛ إ ّن معرفددة اخلددض سددتدفع إىل فعلدده ،ومعرفددة
الشر حتض املر على تركه ،واإلنسان يبتعد عن فعل اخلدض ويسدلك الشدر ألنّده جاهدل ابخلدض والشدر.
ويددرى سددقراط أ ّن اإلنسددان روح وعقددل يُسدِّّدض اجلسددم وي د ّدبر ،ولدديس مركب داً مددن اهلددوى والشددهوة كمددا
ذه ددب السوفس ددطائيون ،وذه ددب إىل أن القد دوانني العادل ددة ال مص دددر هل ددا إال العق ددل وهد د متفق ددة م ددع
القوانني غض املكتوبة اليت رمستها اآلهلة يف قلوب البشدر ،فمن حيرتم القوانني العادلة إّمنا هو يف الواقدع
حيرتم العقل والنظام اإلهل .حبثه فيما ورا الطبيعة:
حبلث سللقرا فيمللا ورا الابيعللة فددذهب إىل أ ّن الددنفس ليسددت جمدرد مبدددأ احليدداة ،بدل هد أهددم مددن
ذلك ،ه ":الذات األخالقية" ،وقاس خبلود النفس ،وأقام األدلدة علدى وجدود اإللده،وهو يف نظدر إلده
خض ،ال يدركه العقل ،وال حيي به الوفف،وال يصددر عنده إال كدل فدالح ،وال يشدبه احلدوادث يف
قددوس أو فعددل ،وأندده واحددد ال يتغددض وال يتبدددس ،والواجددب علددى اإلنسددان أن يطيددع أوامددر مهمددا كلفدده
من مشقة وتعب.
وهكل للذا رّكد دز س ددقراط يف فلس ددفته عل ددى بنل للا احلقل للائق واملفل للاهيم ال دديت ش ددكك السوفس ددطائيون يف
وجودها ،وكان طريقه يف ذلك استخدام العقل مع االستعانة ابإلدراك احلس بال شك .
21
وقد أثبت أن حقائق األشيا اثبتة.
ويرى أن العما األخ ق مؤسس على املعرفة أيضا ،والفضليلة عنلده هل املعرفلة ،فمدن عدرف
اخلض عمله ،ومن عمل اخلض بال معرفة فليس خضا ،وكل شر هو غض مقصود وانتج عن اجلهل.
وأخاأ سقرا يف :
-1أنه اعترب عمل اخلض الناتج عن عدم معرفة ال يعترب خضا .
-2املعرفة وحدها ال تكف ؛ بل ال بد من اإلرادة .
-3اإلنسان ليس عقال فق ،بل معه عواطف وشهوات ال ينبغ إغفاهلا .
املر لة الثالثة :أف طون وأرساو
يف هذ املرحلة اتسع نطاق الفلسدفة حيد فدار موضدوعها شدامالً لكدل حبد إنسداين ،وامتداز هدذا
العص ددر بتبوي ددب وتنظ دديم املس ددائل الفلس ددفية،وبلغت الفلس ددفة في دده كماهلا،وك ددان ذل ددك عل ددى ي دددي:
أفالطون وتلميذ أرسطو من عام 427إىل 322ق .م.
م أوت :أف طون 427
ولد يف أثينا سنة 427ق.م من أسرة عريقة غنية ،ذات شأن يف السياسية وامللك واحلكمة ،تثقدف
ثقافددة واسددعة حي د تعلددم الرايضددة والشددعر ،واطلددع علددى املددذاهب الفلسددفية ،وملددا بل د سد ّدن العش درين
تعرف على سقراط ،فالزمه وتتلمذ عليه مدة مثانية أعوام ،نقل خالهلدا الكثدض مدن أفكدار وتعاليمده،
واليت تركت بدورها أثراً كبضا يف حياة أفالطون وتفكض الفلسف .
وبعددد مددوت أسددتاذ سددقراط غددادر أفالطددون أثينددا إىل ميغدداري ،وأقددام هبددا عنددد الفيلسددوف أقليدددس،
الددذي أسددس مدرسددة فلسددفية يف هددذ املدينددة ،مث غادرهددا إىل مصددر الدديت درس فيهددا الرايضددة دراسددة
وافيددة ،واطلددع علددى علومهددا ودايانهتددا ،ويف سددنة 370ق .م غددادر مصددر إىل إيطاليددا ،وهندداك تعددرف
على الفيثاغورثيني واتصل هبم ودرس مذهبهم.
لقدد مجددع أفالطددون مدن خددالس رحالتدده وتنقالتدده بدني ثقافددات الشددرق والغدرب؛ األمددر الددذي أسددهم يف
فلسفته اليت جا ت متعددة اجلوانب الفكرية ،متعددة املوضوعات.
مؤلفا أف طون :
متتاز مؤلفاته بتمثيلها ملراحل حياته الفكرية الثالث:
اجملموعة األوىل :ه اليت كتبت يف الفرتة اليت قضاها يف أثينا ،واليت أحاطت مبوت أستاذ سقراط
22
وقبل رحالته خارج أثينا ،ومتثل كتبه يف تلك الفرتة فلسفة أستاذ سقراط.
اجملموع للة الثاني للة :كتبه ددا بعددد رحلت دده إىل ميغ دداري وغضهددا م ددن ال ددبالد ،وآراؤ فيهددا خل ددي م ددن آرا
أستاذ سقراط وفدديقه أقليددس الدذي تع َّدرف عليده يف ميغداري ،وآرائده الشخصدية الديت متثدل فلسدفته
وتفكض اخلاص .
اجملموعة الثالثة :كتبها بعدد اسدتقرار يف أثيندا ،وملدا وفدل درجدة لنضدج والصدفا الدذهين ،وميكدن أن
تعرب عن استقالله يف التفكض الفلسف .
أسلوب يف الك ابة :
املمعددن النظددر فيمددا كتبدده أفالطددون جيددد أندده اعتمددد علددى أسددلوب احملللاورة الدديت تعددد مددن ابتكددار كمددا
ذهددب إىل ذلددك مجددع مددن املددؤرخني ،وهد نددو خدداص مددن أندوا الكتابددة تشددمل فنددوان ثالثددة الدددراما
واملناقشة والشرح املرسل ،وعن طريقها سبل أفالطون آرا أستاذ سقراط .
فلسفة أف طون
مشلت فلسفة أفالطون موضوعات متعددة أمهها ما يل :
-1نظرية املعرفة من حي مراحلها وكيفية حتصيلها.
-2نظرية املثل ،وه حب عن احلقيقة املطلقة فيما ورا الطبيعة.
-3الطبيعة ،وتب يف ظواهر الوجود من حي هو مادة يالزمها مالزمة ضرورية كل من املكدان
والزمان.
-4األخالق وتب يف واجبات الفرد حنو غض .
-5السياسددة وتب د يف واجبددات اإلنسددان حنددو اجملتمددع ،وفيهددا وضددع أفالطددون نظريتدده يف احلكددم
اجلمهوري ،ويف املدينة الفاضلة ،وهو ما يعرف جبمهورية أفالطون.
وهبذا يتبني أن أفالطون تناوس يف فلسفته موضوعات شى ،وأنه متيز عن الفالسفة قبله الذين كانوا
يقصددرون مبدداحثهم علددى موضددو واحددداً أو موضددوعني .لقددد مشلددت فلسددفة أفالطددون :الطبيعددة ،ومددا
ورا الطبيعة ،املعرفة ،واملثل واألخالق والسياسة واملدينة الفاضلة ،والنفس اإلنسانية.
منهج الفلسف :
سلك أفالطون يف منهبه الفلسف ال وفيق وال نسليق بدني املدذاهب الفلسدفية الديت سدبقته ،إذ مل يدر
يف تعارض ددها س ددبباً للش ددك مث ددل السوفس ددطائيني ،إ ّن آرا الس ددابقني عن ددد حق ددائق جزئي ددة واحلقيق ددة
23
الكاملة تقوم ابجلمع بينها وتنسيقها يف كل جيمع األجزا ويؤلفها.
وطريقة ال وفيق ه حصر كل وجهة يف دائرة ،وإخضدا احملسدوس للمعقدوس ،واحلدادث للضدروري،
تغض هرقليطس ووجود ابرمنيدس ،ورايضيات فيثاغورث وأف ابه وعقيدهتم يف النفس، إنّه مجع بني ّ
وجواهر دميقريطس ،وعنافر أنبادوقليس ،وعقل أنكساغوراس ،ومذهب سقراط.
إنّه مل يرد شديئاً مدن تفلسدف السدابقني ،بدل انتفدع بكدل شد مث طبدع هدذا التفلسدف بطابعده اخلداص
وتعمق إىل ح ّد مل يسبق إليه ،إنه أراد أن يددلل علدى فد ة كدل املعتقددات ،وهدذا
وزاد فيه ،فتوسع ّ
من أغرب ما يكون يف اتريخ األداين ،وكأنه نواة إىل القوس بدعوى وحدة األداين .
جوان من فلسف :
-3نظرية املعرفة
حب أفالطون مسألة املعرفة ووجد نفسه بني رأيني متعارضني:
األو :يرد املعرفة إىل اإلحساس.
الثاين :يضع املعرفة احلقة يف العقل.
فاستقصى أنوا املعرفة فوجد أ،ا أربعة:
-3اإلحساس .وهو إدراك عوارض اجلسام يف اليقظة وفورها يف املنام.
-2الظن .وهو احلكم على احملسوسات مبا ه كذلك.
-1االستدالس .وهو علم املاهيات املن ققة يف احملسوسات.
-4العقل .وهو إدراك املاهيات اجملردة من كل مادة.
وي للدرج أف ط للون يف املعرف للة م ددن اإلحس دداس إىل الظ ددن إىل العل ددم االس ددتداليل إىل التعق ددل احمل ددض
مدفوعا بقوة ابطنة ،وهو ما مسا ابجلدس الصاعد .
ومجي ددع املاهي ددات -ال دديت يتوف ددل إليه ددا العق ددل -حاف ددلة ع ددن موج ددودات جم ددردة ض ددرورية مثله ددا ألن
ما ) ،فتؤمن النفس بعدامل معقدوس هدو مثداس العدامل احملسدوس وأفدله ،يلدر (املعرفة قب املعرو
ابلعقا الصرف املاهيات م حققة في ابلذا على حنو حتققها يف العقل مفارقة للملادة بريةلة علن
الكون والفساد (يعين أ،ا أبدية) فف هذا العامل اإلنسدان ابلدذات والعدالدة ابلدذات .....اه هدذ
املعاين ،فه مباد ومثل الوجود احملسوس واملعرفة مجيعا ،فاملثاس هو الش ابلدذات واجلسدم شدب
للمثاس ،واملثاس منوذج اجلسم أو مثله األعلى مت ققة فيه كماالت النو إىل أقصى حد .
24
-2آرا أف طون الفلسفية فيما ورا الابيعة
ااجان اإلهل يف فلسفة أف طون
أ -هللا عند أف طون :يرب أفالطدون بدني العلّدة ومعلوهلدا ربطداً دقيقداً حمكمداً ،فالعلّدة احلقدة للوجدود
البدد أن تكدون عاقلدة تددرك معلوهلدا قبدل وقوعده ،وتضدع كدل مدا حيتداج إليده مدن الوسدائل مرتبدة ترتيبددا
منطقياً وفعله البد أن يكون لغاية.
واالعتقاد يف األلوهيدة واجدب علدى كدل إنسدان ،وهدذا االعتقداد لديس طدار ً وال مكتسدباً ،إنده مغدروز
يف طبيعة الدنفس اإلنسدانية ،فاإلنسدان طبدع علدى التددين ،واالعتقداد بوجدود إلده أمدر مركدوز يف طبيعدة
اإلنسان اليت خلقت مع فطرته اليت فطر هللا عليها .
ولددذا فددنن معرفددة هللا واجبددة ،وعبددادة هللا وتعظيمدده فددرض علددى كددل إنسددان ،وهنددا وفددل أفالطددون يف
تفكض إىل إدراك األلوهية واالعرتاف بوجود إله هلذا الكون مدبر له ومهيمن عليه.
و كى عن ت مذت :أنه كان يقوس :إ ّن للعامل حمداثً مبدعاً ،أزلياً واجباً بذاتده عدامل جبميدع معلوماتده
على ففة األسباب الكلية ،كان يف األزس ومل يكدن يف الوجدود رسدم وال طلدل إال مثداالً عندد البداري
تعاىل ،رمبا يعرب عنه ابهليويل ،ورمبا يعرب عنه ابلعنصر.
ب -أدلة وجود هللا عند أف طون
يثبت أفالطون وجود هللا تعاىل بدليلني مها:
-1دليل احلركة .
-2دليل النظام.
وهددو يسددتمد هددذين الدددليلني مددن ظدداهريت احلركددة اجلاريددة يف الوجددود واملتعاقبددة علددى كددل موجوداتدده،
وظاهرة النظام البادي يف كل جز من أجزا الوجود.
ج -صفا هللا عند أف طون
وفددف أفالطددون هللا ابلوجددود والوحدددة ،مث أض داف إليدده مددن الصددفات مددا جيعلدده موجددوداً منفددردا عددن
كل ما سوا ،ومبا است ق به أن يكون فوق قمة املوجودات ،وأن يكون مدبرها وفانعها.
فمللن صللفا هللا :أندده روح عاقددل مددنظم ،متصددف ابجلمدداس ،واخلددض ،والعدددس ،والكمدداس ،والبسدداطة،
اثب ددت ال يعرتي دده تغ ددض ،ف ددادق ال يع ددرض ل دده الك ددذب ،ال خيض ددع للزم ددان ،يك ددون وح ددد يف حاض ددر
مستمر ،يتبه إىل العامل بعنايته.
25
-1آرا أف طون يف الابيعة
أ -ع قة هللا ابلابيعة ( الكون) عند أف طون
يفسر أفالطون الكون علدى أسداس نظريتده يف املثدل وثنائيدة العدامل ،فالعدامل كدان يف املبددأ مدادة مبهمدة
غض معينة ،وال يعرف عنها غض فدالحيتها لتقبدل الصدور ،وأن هدذ املدادة حتركدت أوالً حركدة اتفاقيدة
ابسددتمرار حددى احتدددت ذراهتددا املتشدداهبة ابلشددكل وكونددت العنافددر األربعددة ،وبعددد أن وفددلت تلددك
املادة إىل هذا النظام عني الصانع لكل منها مكاانً .
وال يقصد أفالطون ابحلركة االتفاقية ما قصد الطبيعيون من القوس ابلصدفة واالتفاق ،بل قصد أن
الص ددانع املب ددد امل دددبر وض ددع ال ددروح ف ددوق امل ددادة فأَلّف ددت االنس ددبام والنظ ددام احلاف ددل ب ددني األش دديا ،
والكماس املوجود بني الكائنات نظمته قوة عاقلة ه اليت تسض العامل إىل غاية .
حمدث ،مما جعل أرسطو يعترب خمالفا للفالسفة األقدمني. ويبدو من كالم أفالطون أن العامل َ
وقددد اختلددف شد ّدراح فلسددفة أفالطددون يف احلدددوث الددذي ذهددب إليدده أفالطددون ،هددل هددو امل دراد مندده
متغضة بفعلاحلدوث احلقيق أي سبق العدم على الوجود ،أم أن املادة ليست أفالً بذاهتا بل ه ِّّ
النفس العامة اليت خلقها الصانع ليتكون من املادة األوىل املبهمة هذا النظام الكامل.
ب -نظرية املثا عند أف طون
وفددف أفالطددون العددامل املعقددوس أبندده إهلد الشدرتاكه مددع اإللدده يف الروحيددة والعقددل لكندده يصددنف العددامل
العقل يف مراتب خمتلفة أعالها وفوق قمتها مجيعا هللا عز وجل.
وكددان كثددضا مددا يطلددق اسددم اإللدده أو اإلهل د علددى بعددض املثددل :كمثدداس اخلددض ،ومثدداس اجلمدداس ،وآهلددة
الكواكددب ،وآهلددة اجلددن …وكددل مددا عدددا هللا مددن جمددردات ه د مبدداد للتدددبض آهلددة ابش درتاك االسددم
فق د د ،ألن ك ددل واح ددد مد ددنهم ميث ددل قمد ددة ند ددو أو مقول ددة ،وال أيخد ددذون كد ددل خصد ددائص هللا ،وإمند ددا
يستمدون منه وحدة وجودهم وخلودهم.
ويللرى أف طللون أن املعدداين الكليددة اجملددردة هلددا وجددود وحتقددق ذايت فيمددا ورا الطبيعددة ،وهددذ املعدداين أو
اجلواهر اجملردة ال تدركها احلواس وال يطرأ عليها الفساد والفنا ،ووجودها هو موضو العلم اليقيين،
ولوال وجود هذ اجلواهر ما استفدان العلم ،وما استطعنا العلم بش علماً يقينياً ،إ،ا العلم املعقدوس
الذي هو أفل العامل احملسوس ومثاس لده ،فالكليدات هد املوجدود احلقيقد ،أمدا هدذا املوجدود املدادي
فليس إال ظالً وخياالً له .
26
فالوجود يف مذه أف طون طبق ان م قابل ان:
طبقدة العقدل املطلددق ،وطبقدة املددادة األوليدة أو اهليددويل ،والقددرة كلهدا مددن العقدل املطلددق ،والعبدز كلدده
من اهليويل؛ وبني ذلك كائنات على درجات ،تعلدو مبقددار مدا أتخدذ مدن العقدل ،وتسدفل مبقددار مدا
أتخددذ مددن اهليددويل؛ وهددذ الكائنددات املتوسددطة ،بعضددها أرابب ،وبعضددها أنصدداف أرابب ،وبعضددها
نفوس بشرية.
وقد ارتضى أفالطون وجود تلك األرابب املتوسطة ،ليعلل هبا ما يف العامل مدن شدر ونقدص وأمل ،فدنن
العقددل املطلددق كمدداس ال حيددد الزمددان واملكددان ،وال يصدددر عندده إال اخلددض والفضدديلة ،وهددذ األرابب
الوسددطى ه د الدديت تولددت اخللددق ،لتوسددطها بددني اإللدده القددادر واهليددويل العدداجزة ،وجددا الددنقص والشددر
واألمل من هذا التوس بني الطرفني.
مما سبق ي بن لنا أن أف طون يرى أن هنا عاملن اثنن:
العامل األو :عامل احلس املشاهد ،دائدم التغدض ،عسدض اإلدراك،لديس جدديراً أبن يسدمى موجدوداً ،وال
يسمى إدراكه علماً ،بل هو شبيه ابلعلم ألنه ظل وخياس للموجود احلقيق .
العامل الثاين :عامل اجملردات ،فيه أفوس العامل احلس وهو مثاله الذي فديغت عليده موجوداتده كلهدا،
ففد عددامل املثددل يوجددد لكددل شد مثدداس هددو يف احلقيقددة املوجددود الكامددل ،ألندده مثدداس للنددو ال للبددز
املتغض الناقص ،ويف عامل املثل إنسانية اإلنسان وحيوانية احليوان ،وخضية اخلض ...وهكذا.
ومثللا ذل ل :أ ّان إذا نظ دران يف أف دراد اإلنسددان املمثلددة يف إب دراهيم وزيددد وعل د وجدددان ك دالً مددن هددذ
األفراد جسماً انميداً ومت ركداً إبرادتده ،وهد مدا نعدرب عنده بقولندا :حيدوان ،ووجددانها تشدرتك أيضداً يف
التفكض ابلقوة املعربة عنه بد "النطق "وجبوار هدذ الصدفات اجلوهريدة املشدرتكة بدني مجيدع األفدراد توجدد
ف ددفات عارض ددة ك ددالنوم وامل ددرض واملشد د ،فنس ددتبعد الص ددفات العارض ددة ونبقد د الص ددفات اجلوهري ددة،
م درتبني إايهددا يف جددنس وفصددل ،فيصددب التعريددف حينئددذ تعريفددا ابحلددد التددام ،حي د يكددون تعريددف
اإلنسان "حيوان انطق " وكل من احليوان والناطق مدرك عقل منتز من أفراد اإلنسان احلسية بعدد
جتريد من املادة ،فهو فورة عقلية جمردة عن املادة ،وهذ الصورة العقلية اجملردة هلا حقيقدة خارجيدة
جمردة عن املادة ،هلا كيان خارج مستقل حبي تكون تلك الصورة مرآة هلا ومنطبعة عليها .
هذ احلقيقة اخلارجية اجملردة اليت تنطبق عليها الصورة العقلية الكلية ه مدا يسدميها أفالطدون"مثداس
اإلنسان".
27
فمثا اإلنسان" :هو تلك احلقيقة اجملردة الكائنة يف العامل املعقوس وهو عامل املثل ،نظر إليه الصانع
وفنع على شكله أشخاص اإلنسان احملسوسة.
وبني العامل احلس وعامل املثل يوجد العقل اإلنساين الذي تت قق فيه معرفدة حالدة مدن حداالت تلدك
املعاين الكلية واجلواهر اجملردة.
وعلى هذا فنن األقيا هلا ث ث وجودا :
األو :أعالها وجود اجملردات يف عامل املثل.
الثللاين :أوسددطها وجودهددا الددذهين غددض اخلددارج ،وبواسددطتها ميكددن احلكددم علددى احملسوسددات ومعرفددة
اجملردات يف عامل املثل .
الثالث :أدانها وأحطها وهو وجودها املشاهد يف عامل احلس.
وقددد استشددهد أفالطددون أبسددطورة الكهددف ليبددني أبن العددامل الددذي يعدديش فيدده اإلنسددان هددو عددامل غددض
حقيقد ،وأن العدامل احلقيقد هدو عدامل املثدل الدذي يوجددد فوقده اخلدض األمسدى والدذي ميكدن إدراكده عددن
طريق التأمل العقل والتفلسف.
أساورة الكهف األف طوين
حيك أفالطون يف هذ األسطورة عن أانس مقيدين منذ طفدولتهم يف كهدف مظلدم ،حبيد تعدوقهم
تلك القيود من االلتفات إىل الورا أو الصعود خارج الكهف.
ويف الكهف يوجد ما يشبه النافذة اليت يطل منها نور ينبع من مشس مقابلة للكهف .
وبدني الندور وانفدذة الكهدف هندداك طريدق ميدر منده أانس حيملدون أشدديا عديددة ،وحينمدا تضدرب أشددعة
النددور يف تلددك األشدديا تددنعكس ظالهلددا علددى اجلدددار الددداخل للكهددف ،وهكددذا ال يددرى السددبنا
داخل الكهدف مدن األشديا املوجدودة خدارج الكهدف إال ظالهلدا ،وقدد حددث أن ختلديص أحددهم
من قيود حبي مت ّكن من الصعود خارج الكهف ،وقد أدرك أن األشيا خارج الكهف ختتلف عن
األشيا بداخله ،حبي تعترب هذ األخضة جمرد ظالس أو نسخ لألوىل.
لكن إىل ماذا ترمي هذه األساورة ؟
يرمددز الكهللف إىل العددامل احملسددوس الددذي حييددا فيدده اإلنسددان حياتدده احلاضددرة ،وترمددز القيللود إىل اجلسددم
اإلنساين الذي جيعل معرفة النفس مقيدة إبدراكها للموضوعات احملسوسة.
أمددا العللامل خللارج الكهللف فهددو يرمددز إىل عددامل املثددل الددذي عاشددت أنفسددنا فيدده قبددل حياهتددا احلاضددرة
28
والذي ستعود أنفسنا إىل احلياة فيه من جديد بعد انفصاهلا عن اجلسم.
ويرمي الناس املارون خارج الكهف إىل احلقائق املطلقة املوجودة يف عامل املثل.
اللت تلنعكس داخلا الكهلف فرتمدز إىل أشديا العدامل احملسدوس ،وهد يف نظدر أفالطدون أما الظل
جمرد نسخ للمثل.
لكن كيف عرفنا املثا؟
يللرى أف طللون أن معرفللة املثللا ت ل م عللن طريللق ال فكللري ،ألن الددنفس كانددت يف حيدداة سددابقة علددى
هددذ احليدداة الراهنددة يف ف د بة اآلهلددة تشدداهد موجددودات لدديس هلددا شددكل وال لددون ،مث ارتكبددت إمثددا
فهبطددت إىل البدددن ،فه د إذا أدركددت أشددباح املثددل ابحل دواس تددذكرت املثددل ( العلللم تللذكر وااجهللا
نسيان ).
ج -صفا املُثُّا عند أف طون
آخر،إ،دا أسداس األشديا ، -1أ،ا عنافر :ومعىن ذلك أن وجودها يف نفسدها مل يصددر عدن شد
والش أساس هلا ،وأ،ا ال تعتمد على غضها ،وغضها يعتمد عليها.
-2أ،ددا عامددة ال خافددة :فمثدداس اإلنسددان مددثالً لدديس إنسدداانً خافداً ،وإمنددا هددو احلقيقددة العامددة لكددل
إنسان ،وكل مثاس وحد ال يتعدد ،وإمنا يتعدد أفراد .
-3هذ املثل ليست مادية ،بدل هد جمدردة عدن املدادة ،وجودهدا يف نفسدها مسدتقل عدن كدل عقدل،
وما يف العقل فورة هلا ،وه أزلية أبدية ال تفىن ،وإمنا يفىن أفرادها ،وأ،ا ال حي ّدها زمان وال مكدان
وإال كانت شخصية.
-4إ،ا معقولة ،مبعىن أن العقل يف إمكانه أن يدركها ابلب واالستنباط.
نقد نظرية املثا األف طونية
تعرضت نظرية املثل النتقادات حادة من أمهها :
-1إذا كانددت املثددل موجددودة وقائمددة بددذاهتا ،وهندداك العدددس يف ذاتدده واجلمدداس يف ذاتدده واإلنسددان يف
ذاته ،فهل ميكن تعميم هذ النظرة على كل شد فنقدوس إن هنداك مثداس للشدعر والوحدل والقدذارة ؟
ال يستطيع جوااب .
-2ل ددو ك ددان هن دداك مث دداس لإلنس ددان ل دده وج ددود ال ددذايت ،لك ددان الشد د الواح ددد موف ددوفا ابلص ددفات
املتضادة ،كعلم زيد وجهل عمرو وطوس عل وقصر خالد .
29
-3ملاذا احتاجت املثل إىل احملسوسات لتطبع فورها عليها يف الوقت الذي توفف فيه املثل أب،ا
حقيقة كاملة:أليس هذا يشعر ابلنقص؟إذن ليست املثل كافية لتعليل وجود هذا العامل احملسوس.
م اثنيا :أرساو طاليس 122 – 183
ولد أرسطو يف مدينة أسطاغضا اليت مسيت أخضاً أسطافرو وه مدينة يواننية قدمية على ساحل حبر
إجية ،واشتهرت أسرة أرسطو ابلطب فأبو كان طبيباً ألحد ملوك مقدونيا تويف والد وهو فغض.
الت ق أرسطو وهو يف سن الثامنة عشرة أبكادميية أفالطدون أبثيندا ،فتفدوق علدى زمالئده ،وأظهدر مدن
الددذكا والفطنددة واالطددال الواسددع مددا جعلدده يكسددب إعبدداب أسددتاذ أفالطددون ،فكددان يسددميه اترة
القرا .
العقا ،واترة َّ
لقددد اسددتمر أرسددطو مالزم داً أفالطددون يف أكادمييتدده عش درين عام داً ،قضددى بعضددها يف التعل ديم والددبعض
اآلخر يف التدريس ،فلما مات أفالطون ترك األكادمييدة ،ائيداً ،غدادر أرسدطو أثيندا متوجهداً إىل آسديا
الصددغرى ،وهبددا تددزوج ،وبعددد بضددع سددنوات عدداد إىل أثينددا وأسددس مدرسددة يف أحددد مالعبهددا الرايضددية،
وقد اع اد أرساو إلقا دروس على ت ميذه وهو ماقيا يسض على األقدام جبوار امللعب ،فعرفت
مدرس ددته الفلس ددفية "املدرس للة املش للائية" ،ومسد د أتباع دده "ابملش ددا ين" ،وعرف ددت فلس ددفته" ابلفلس للفة
املشائية.
اهتم أهل أثيندا أرسدطو ابإلحلداد -كمدا اهتمدوا سدقراط مدن قبدل -ممدا اضدطر إىل مغدادرة أثيندا بعدد أن
أوكل أمر املدرسة إىل تلميذ اثوفرا أسطوس ،استقر أرسطو يف مدينة خلقيس يف جزيرة أواب إحدى
اجلزر اليواننية ،وهبا تويف نتيبة إفابته مبرض معوي وهو يف سن الثالثة والستني .
مؤلفا أرساو:
دون أرسددطو يف خمتلددف فددرو الفلسددفة ،فلدده مؤلفددات يف املنطددق ،وفيمددا ورا الطبيعددة ويف الطبيعددة،
ّ
واألخالق والسياسة والفن واخلطابة والشعر ،وأشهر كتبده يف املنطدق ،وقدد عرفدت ابسدم"األورغانون"
ومعنا اآللة الفكرية.
وت ميي فلسفة أرساو يف ك ب مبنهجن :
حي قام أرسطو إبيضاح فلسفة السابقني وحتليلها ونقد ماال يعببه األو :منهج نقد حتليل
منها أو تزييفها،ومل يسلم مدن نقدد أسدتاذ أفالطدون ،وخافدة نظريتده يف املثدل ،حيد مل يعدرتف فيهدا
أفالطون بعامل احملسوسات .
30
وإذا كان أفالطون يرى أ،ا أوهدام وخيداالت فدنن أرسدطو يدرى أن الوجدود اخلدارج يف حقيقتده لديس
إال هذ احملسوسات ،وأن مفاهيم األشيا احملسوسة ومعانيها الكلية ال وجود هلا يف اخلدارج مسدتقلة
عن وجود أفرادها احلسية اجلزئية.
وضع أرسطو أسساً ملذهب فلسدف جديدد خداص بده ،وقدد جدا هدذا الثاين :منهج أتسيس بنائ
املذهب نتيبة حماوالت فكرية وإطال واسع على فلسفة من سبقو .
مناق أرساو
ذهددب أرسددطو إىل أن املنطددق قددانون للفكددر مددنظم لعملياتدده ،وهددو مي دزان للب د العقل د ،وضدداب
لص ي ه من فاسد ،وهو الذي يصدل كدرابط أو آلدة ارتبداط بدني عدامل احلدس والعقدل ،وبده تدرتب
كليات هذا الوجود جبزئياته وكلياته ،وجزئياته بعضها ببعض.
ويعترب أرسطو أوس من نَظَّم املنطق كعلم له موضو معني يتميز به عن سائر العلدوم ،فكدان أوس مدن
وفصددل فصدوله ،ووضددع أجدزا علددى الن ددو الددذي ندرا اليددوم ،ولعملدده هددذا ُمسد َّ أرسددطو
بَد َّدوب أبوابدده َّ
ابملعلم األوس.
فلسفة أرساو
فلسف فيملا ورا الابيعلة :وتسدمى الفلسلفة األوىل أو ملا بعلد الابيعلة ،وموضدو هدذ الفلسدفة
هددو الوجددود الثابددت الددذي ال يتغددض .سددبق أن بينّددا أ ّن أفالطددون أسددتاذ أرسددطو يددرى أن املوجددودات
الطبيعية ليست إال ظالالً للمثل ،أما أرسطو فقد عارض أستاذ فقدرر أ ّن املوجودا احلقيقية ه
املوجودا احملسوسا ،وأما املثل اليت ه الكليات فليس هلا إال الوجود العقلد ف سدب.والعقل
ينتدز املثددل -املفدداهيم -مددن املوجددودات احلقيقيددة ،وهددذ املوجددودات تللدر ابملشللاهدة ت ابلفكللر.
وإذا ك ددان وج ددود األجس ددام الطبيعي ددة حقيقي داً ف ددنن أرس ددطو أخ ددذ يف تفس ددضها وق دداس إ ،ددا مركب للة م للن
مبدأين :اهليويل والصورة
فاهليويل :ه مادة غض معينة أفالً ،وتوفف إذا خلعت عليها الصورة.
والصورة :ه املبدأ الذي يعني اهليويل ويعطيها ماهية خافة.
وتع مد فلسفة أرساو فيما ورا الابيعة على نظري يف العلة
ويقسم العلّة إىل أربعة أنوا ه :
-1العلّة املادية :ه املادة اليت تتكون منها األشيا كالربنز للتمثاس ،واخلشب للكرس .
31
-2العلّة الفاعلة أو احملركة :وه ما يؤثر يف إجياد الش كالصانع للتمثاس أو الكرس .
-3العلّددة الصددورية :وهد األوفدداف واملميدزات الدديت هبددا تكددون حقيقددة الشد وماهيتدده ،وهددو مددا بدده
أفب التمثاس متثاالً والكرس كرسياً.
-4العلّة الغائية :وه اليت تشكل الغاية من وجود الش وهو املقصد واهلدف من إقامة التمثاس.
وقد اخ صر أرسطو العلل األربع يف علتني فق مها:
ب -العلّة الصورية. العلة املادية.
أّ -
وفعل هذا العتقاد أبن العلّة الغائية ترجع إىل الصورة ،والعلّة الفاعلة ترجع إىل املادة.
مث أطلق على ما أمسا العلّة املادية ابهليويل ،وما أمسا ابلعلّة الصورية ابلصورة.
وعلى اهليويل والصورة يعتمد أرسطو يف تفسض لتغضات هذا الوجود وما حيدث فيه.
ع قة اهليويل ابلصورة:
يددرى أرسددطو أن اهليددويل ال تشددكل موجددوداً مددا إال بعددد أن أتخددذ فددورته ،فه د يف اخلددارج ال توجددد
مستقلة عن فورة ما ،وإمنا وجودها فيه يكون حبلوس فورة الش املوجود يف تلك اهليويل املطلقدة،
فنن حلّت يف اهليويل فورة نبات وجد النبات يف اخلارج مبادته وفورته.
وإن حلّت فيه فورة حيوان وجد يف اخلارج حيوان بصورته ومادته.
وهكذا تتعاقب الصورة على املادة فتتشكل منها خمتلف األنوا واألجناس يف عامل املوجودات.
إ ّن املددادة يف نظددر أرسددطو هد وجددود الش د ابلقددوة ،وأن الصددورة عبددارة عددن وجددود الشد ابلفعددل،
فوجدود األشديا هددو خروجهدا مدن القددوة إىل الفعدل وإعددام مددا يعددم منهدا لدديس إال رجوعداً مدن الفعددل
إىل القوة.
اإلل عند أرساو :
أ -وجود هللا عنلد أرسلاو:اعتمدد أرسدطو عللى احلركلة يف إثبدات وجدود هللا فقداس:إ ّن كدل مت درك
البددد لدده مددن حمددرك ،وهددذا احملددرك ال ميكددن أن حيتدداج إىل حمددرك آخددر يس دتمد حركتدده مددن غددض ،وإال
لتسلسددل األمددر إىل غددض ،ايددة ،فالبددد مددن أن ينته د األمددر إىل حمددرك أويل أزيل ُحيد ِّّدرك وال يت ددرك ،أو
يفعل يف غض وال ينفعل بغض ،وإال لَ َما كان أوالً ،وذلك احملرك األوس هو هللا.
فاهلل عند أرساو هو العلة األوىل ،أو احملر األو
هددذا احملد ّدرك عنددد أرسددطو ت ي ح للر وسددرمدي ،ال ّأوس لدده وال آخددر ،وأن يكددون كددامالً منزه داً عددن
32
النقص والرتكيب والتعدد ،وأن يكون مستغنيا بوجود عن كل موجود .وهذا احملرك سدابق للعدامل يف
وجود ،سبق العلة ت سبق اليمان ،كما تسبق املقدمات نتائبها يف العقل ،ولكنها ال تسدبقها يف
الرتتيب الزمين .ألن الزمان حركة العامل ،فهو ال يسبقه .
وهللا يف نظر أرسطو ذا أ ليلة لليس جسلما ،لليس يف مكلان ،وهدو بسلي ال كثدرة فيده بوجده مدن
الوجددو ،وذهددب أرسددطو إىل أن هللا ال يعقددل إال ذاتدده ،وينف د علددم هللا ابلعددامل ألن يف ذلددك سددقوطاً
جيب تنزيه هللا عنه ،وأنه ال يليق ابهلل املتصف ابلكماس أن يعلم العامل وهو أقل منده ،فلدو علمده كدان
انقصاً مثله .
الواحد ال يصدر عنه إال واحد ،ويصدر عنه فق العقل الفعاس ،ألنه لو فدر عنه أكثر من واحد
حلصل تكثر يف ذاته.
تعقيل :مل يسدتطع أرسددطو أن يبددني لنددا مددا الددذي جعدل مادتدده املزعومدة تت ددرك وحتدداوس التشددبه بتلددك
الص ددورة احملض ددة ،وكي ددف كان ددت امل ددادة أو اهلي ددويل األوىل قب ددل حل ددوس الص ددورة فيه ددا إمك دداانً أو ق ددوة،
واإلمكان معىن من املعاين اليت توفف هبا املادة وليس هو املادة.
ومن مث اهتم أرساو ابإلحلاد ،وإذا كان هللا عند ال يتصل ابلعامل من جهدة اخللدق والتددبض ،وال مدن
جهددة العلددم ،فمددا قيمددة هددذا اإللدده ؟ ومددا منزلتدده؟ ومددا الفائدددة مددن اإلميددان بوجددود ووحدانيتدده ،وكوندده
حمركاً للعامل؟
إ ّن هددذا الدرأي الددذي اندى بدده أرسددطو -أ ّن اإللدده ال يعقددل إال ذاتدده -يسددتلزم أ ّن هللا ال يعلددم العددامل
حببة أن العامل ش دين ابلنسبة إىل هللا ،وأن األشيا توجد وتنعدم دون أن يريدد هللا هلدا ذلدك أو
يعلم من أمرها شيئاً .
إن اإلله يف نظر أرسطو سيكون منطوايً على نفسه ،غض عامل بش من الكون ،وال مريداً ملدا جيدري
فيه من أحداث ،فهو إذاً ينف التدبض اإلهل للعامل.
ولذا تعرض أرساو نتيبة هذا الرأي حلملة من اهلبوم من قبل تالميذ ،وغضهم من احلكما .
اإلهليا عند أرساو ابطللة يف معظمهدا قائمدة علدى الظدن والتخمدني ،ووقدع يف تناقضدات كثدضة ،
فعدددم احلركددة ،ووفددف هللا ابحملددرك غددض مقبددوس فهددو اخلددالق ولدديس احملددرك ملددا يشددعر قولدده ابحلركددة أبندده
فاعل ابالضطرار والعامل أزيل .
وهذا ال يتناسب مع األلوهية فلله ففاته اليت تقتض أن يكون مدبرا للكون .
33
هلذا استبعد أرسطو أن يكون هللا مدبرا للعامل .
وذهب إىل أن هللا ال يدرك غض ذاته ،وال يعلم شيئا عن العامل ،ويظن أن علمه به يصيبه مدن خاللده
التعب ،وليس علة فاعلة له ،فهو يفعل ابلضرورة ال ابالختيار .
وقوله أبنه يعقل ذاته فق وهذا كماله ،قوس غريب إذ كيف يكون كامال وهو ال يعلم غض !
هذا تناقض ال شك فيه ،فكماس العلم اإلهل أن يعرف ذاته وغض .
فاإلهليات عند أرسطو كلها خرافات وأابطيل تتناسدب مدع وثنيتده ،وحتمدل كثدضا مدن التناقضدات الديت
ال يقرها عقل أو منطق .
34