Professional Documents
Culture Documents
تمهيد
كلمة الواقعية مشتقة من Reelبمعنى الواقع والحقيقة واستعملت على مر التاريخ بمعاني
مختلفة :الواقعيين هم القائلين بأن للكلي واقعا مستقال عن األفراد ( ،)1تعني الواقعية أصالة الواقع
الخارجي ،أي ان الواقعية في مقابل المثالية التي تعني أصالة الذهن أو التصور (.)2
- 1محمد حسين الطباطبائي ،أسس الفلسفة والمذهب الواقعي ،الجزء األول ،تعر .محمد عبد المنعم الخاقاني ،دار المعارف
للمطبوعات ،بيروت ،1981 ،ص .73
- 2المرجع نفسه ،ص .74
1
العالم كما هو موجود في الواقع ،ومن هنا نقول إن هناك تطابق بين الفكر والموضوع ،والمعرفة
في نهاية المطاف عند الواقعين هي انعكاس العالم الخارجي (الموضوع) على العقل (الذات)،
وهكذا تكون الفلسفة الواقعية مناقضة في موقفها ألطروحة الفلسفة المثالية حول مسالة طبيعة
المعرفة .هذا ويمكن التمييز بين نوعين من الواقعية.
- 3أزفلد كوليه ،المدخل إلى الفلسفة ،تر .أبو العال عفيفي ،عالم االدب للترجمة والنشر ،ط ،2016 1بيروت ،ص .284
- 4المرجع نفسه ،ص .289
2
تنطلق هذه الفلسفة في تحليل طبيعة المعرفة من موقف االنسان العادي الذي يعتقد أن
حقيقة األشياء في العالم الخارجي هي الحقيقة ذاتها ،وال حقيقة من بعد ذلك ،وأن كل ما يعرفه
عنها هو تجسيد حي لخصائصها ،وعليه فهناك تطابق تام ونهائي بين مختلف األفكار
والتصورات العقلية ،وبين مظهر األشياء كما تبدو .فمظهر الشيء هو حقيقته وطريق المعرفة
))T.Reid في هذه الفلسفة إنما هو الحواس و هو األمر الذي أكد عليه "توماس ريد"
( )1796 -1710م ،بحيث دافع عن الموقف الطبيعي الذي يعتقد اعتقادا دوغماتيا في وجود
األشياء ،وال يشك فيها أبدا ومثال ذلك :أن معرفتنا لهذا الكتاب من خالل مظهره هي معرفة
حقيقية ألنها تتطابق مع خصائصه أو طبيعته الحسية.
فالواقعية الساذجة أو الواقعية المباشرة ترى بأن ادعاءاتنا عن العالم تكون صادقة أو خاطئة
وفق ما هو العالم عليه بشكل مستقل عن ادراكنا له .والسبب أنها تضع حواسنا في تالمس
مباشر مع العالم المادي ( .)5الواقعية المباشرة تقول إننا ندرك بشكل مباشر وفوري األشياء
المادية بذاتها (.)6
والخالصة أن المعرفة عند دعاة هذه الفلسفة تتسم بالعمومية المطلقة ذلك أن معرفة الطلبة
مثال لطبيعة الكتاب هي معرفة واحدة ومشتركة.
- 5كريس هورنر ،امريس وستاكوت ،التفكير فلسفيا ،مدخل ،تر .ليلى الطويل ،منشورات الهيئة العامة السورية للكتاب،
دمشق ،2011ص .68
3
عند معرفتهم للشيء الواحد ألنها عامة ،ولكنها قد تخص ذاتا عارفة واحدة وليس في هذا
تناقض ،فاألجسام أو األشياء عامة هي تركيب منطقي لهذه المعطيات.
يرى "راسل" بأنه عند تحليل المادة تصبح مجرد مجموعة من االحساسات ترتبط فيما بينها
بعالقات معينة ،ومن ثم تكون «مادة» مجرد رمز يدل على فئة ،وتلك الفئة هي مجموعة
المظاهر التي يتم إدراكها حسيا من عدة زوايا معينة ،تتجمع بعد ذلك لتأخذ شكال محددا (.)7
قام "راسل" بتحليل الفكر والمعرفة وردهما إلى الوحدات األساسية ،فقرر مبدئيا أن الشعور
ليس شيئا ماديا قائما بذاته ،وانما هو مجموعة احداث تلتقي فيها الحواس بالمعطيات الخارجية
التقاء مباش ار أو غير مباشر ،حيث تنتقل هذه المؤثرات من خالل الجهاز العصبي إلى مراكز
الحواس في المخ ،وتتجمع بعد ذلك تلك المدركات الحسية الجزيئة عن طريق عمليات االدراك
الحسي ال مختلفة لتأخذ شكل أحداث متسلسلة مترابطة ،هي التي نطلق عليها اصطالح
«االدراك» أو «المعرفة» ،ويرى راسل أن المعرفة الحقيقية هي تلك التي تتم باإلدراك المباشر
للمعطيات الحسية الجزئية ،أما غير المباشرة فإنها أقل دقة وأضعف قيمة من سابقتها .وبالنسبة
للعقل فقد رده راسل بالتحليل إلى مجموعة أحداث متغيرة تتعدد عالقاتها ببعضها ،ومثله في
ذلك كمثل المادة عند تحليلها تماما (.)8
وعلى العموم نقول إن معرفة األشياء (الموضوعات) تقوم من خالل التأليف بين خبراتنا
الحسية وقدرتنا الحسية أو المنطقية ومنه يكون رسل بدوره قد وقف موقفا وسطيا – معتدال من
مسألة طبيعة المعرفة على غرار األلماني كانط ،ونزع صفة السذاجة عن الفلسفة الواقعية،
ومنحها بعدا عقليا ،ولكنها رغم ذلك تبقى تدور في فلك التيار الواقعي العام.
- 7سماح رافع محمد ،المذاهب الفلسفية المعاصرة ،مكتبة مدبولي ،ط ،1973 1ص .88
4
االستنتاج:
خالصة القول إن الفلسفة الواقعية هي تلك الفلسفة التي تقول إن لألشياء الخارجية
(الموضوعات) وجودا عينيا مستقال عن العقل أو الذات العارفة التي تدركها ،بل وعن جميع
أفكار ذلك العقل وأحواله ،وأن مختلف المعارف واألفكار التي يتضمنها العقل مطابقة لحقائق
األشياء المدركة ،ف ليس العالم الخارجي كما هو مدرك في عقولنا إال صورة لهذا العالم كما هو
موجود في الواقع.
5