You are on page 1of 16

‫التربية البرغماتية في فلسفة جون ديوي‬

‫علي أسعد وطفة‬


‫كلية التربية – جامعة الكويت‬

‫تعد نظرية جون ديوي البرغماتية ثورة فكرية في مجال النظر إلى قضايا اإلنسان بروح جديدة وضمن هذه‬
‫الرؤية عملت على تحرير اإلنسان من سطوة امليتافيزياء الفكرية واألوهام األسطورية وحررته من هيمنة األنساق‬
‫الفكرية األيديولوجية‪ ،‬لتضعه في مواجهة جريئة وموضوعية مع واقع الحياة واملصير اإلنساني‪.‬‬

‫‪ -1‬مقدمة‪:‬‬

‫ّ‬
‫يعرف جون ديوي ‪1‬بأنه فيلسوف أمريكا في القرن العشرين وأبرز رواد الفلسفة البرغماتية على وجه اإلطالق‪.‬‬
‫كما يعرف بأنه أحد أبرز وأهم رواد التربية الحديثة وأكثرهم تأثيرا في الفكر التربوي وفي التجارب التربوية املعاصرة‪.‬‬
‫وال غضاضة في القول بأن فلسفة التربية البرغماتية التي أبدعها ديوي تطغى وتهيمين على األنظمة التربوية العاملية‬
‫بشكل شامل‪ ،‬ويبدو هذا األمر واضحا ال لبس فيها عندما نأخذ باملقوالت التربوي التي طرحها ديوي وال سيما الشعار‬
‫الذي طرحه وهو " إن التربية ليست إعدادا للحياة بل هي الحياة نفسها"‪ ،‬وإذا أخذنا بعين االعتبار مقوالته التي‬
‫تربط بين التربية والحياة العملية‪ ،‬أو بين التربية والحرية‪ ،‬وهي الفكرة األساسية التي تقوم عليها أركان التربية‬
‫الحديثة في مختلف األنظمة العاملية القائمة اليوم‪.‬‬
‫ولد جون ديوي في العشرين من شهر أكتوبر ‪ 1859‬في مدينة بيرلنغتون بوالية فيرمونت في الواليات املتحدة‬
‫األمريكية‪ .‬وفي عام ‪ 1884‬نال درجة الدكتوراه من جامعة جونز هوبكنز عن أطروحته "علم النفس عند كانط "‪.‬‬
‫ثم عين أستاذا للفلسفة في جامعة ميتشغان‪ ،‬ثم انتقل وعين رئيسا بقسم الفلسفة في جامعة شيكاغو‪ ،‬فأسس‬
‫فيها مدرسة ابتدائية أطلق عليها " املدرسة التجريبية"‪ ،‬فكانت املؤسسة التربوية التي بدأ يطبق فيها أفكاره التربوية‬
‫ويجربها)‪ .(2‬وعلى أثر خالف بين ديوي ورئيس الجامعة قدم استقالته في عام ‪ ،1904‬وانتقل للتدريس في جامعة‬
‫كولومبيا‪ ،‬وبقي يدرس فيها ويكتب حتى أحيل على التقاعد عام ‪.1931‬‬
‫وتكمن عبقرية ديوي في أنه استطاع أن يالمس في نظريته الفلسفية فكرتين أساسيتين تداعبان قلوب‬
‫األمريكيين ومشاعرهم هما‪ :‬الديمقراطية والعلم‪ .‬واستطاع ديوي في معالجته العبقرية لهاتين الفكرتين أن يولد‬
‫بينهما عالقة جدلية تتميز بالرشاقة والقوة والجمال‪ ،‬إذ أراد عبر هذا التخاصب بين الفكرتين أن يؤسس لفلسفة‬
‫علمية في مجتمع ديمقراطي‪ ،‬فاستطاع عبر هذه الفلسفة أن يعبر عن الروح الثقافية ألمريكا الناهضة‪ .‬وهذه الروح‬
‫تتمثل في جدلية العالقة بين العلم والديمقراطية حيث تكون املعادلة الفلسفية العمل على إقامة فلسفة علمية‬
‫في مجتمع ديمقراطي‪ ،‬أو فلسفة ديمقراطية في مجتمع علمي‪ ،‬وتلك هي املعادلة الفلسفية لفلسفة ديوي البرغماتية‪.‬‬
‫وقد ديوي بأعماله العبقرية أن يرتفع إلى مصاف كبار العلماء واملفكرين في تاريخ الفكر اإلنساني أمثال ليبنتز‬
‫وديكارت ولوك وروسو وغيرهم من كبار الفالسفة واملفكرين‪.‬‬

‫‪ -2‬في مفهوم الفلسفة البرغماتية‪:‬‬

‫البرغماتية كما يقول وليم جيمس" اسم جديد لطريقة قديمة في التفكير "‪ ،‬إذ يعود مفهوم الروماتيزم‬
‫‪ Pragmatism‬إلى اللفظة اليونانية ‪ Payua‬بمعنى ‪ Action‬أي أداء‪ ،‬أو طريقة العمل وأسلوبه‪ .‬ويعد شارل‬
‫بيرس أول من استخدم هذا املصطلح في تسمية املذهب الذي أصبح يعرف الحقا باملذهب البرغماتي‪.‬‬
‫استوحى بيرس مفهوم البرغماتية من الفيلسوف األملاني كانط الذي تطرق إلى هذا املفهوم في كتابه املعروف‬
‫"ميتافيزيقا األخالق "‪ ،‬حيث ّ‬
‫يميز في كتابه هذا بين ما هو برغماتي وما هو عملي‪ ،‬فالعملي يشتمل على القوانين‬
‫األخالقية التي يعتبرها كانط أولية (قبلية)‪ ،‬في حين يشمل البرغماتي قواعد الفن وأسلوب التناول اللذين يعتمدان‬
‫على الخبرة ويطبقان في مجال الخبرة‪.‬‬
‫كان بيرس يعتقد أن قيمة األفكار تكمن في التأثير الذي تتركه هذه األفكار‪ ،‬أي في القيمة العملية لهذه األفكار‬
‫وفي النتائج التي تحققها‪ .‬ومن أجل أن يصف العالقة بين األفكار وقيمتها العملية استخدم مفهوم الروماتيزم‪ .‬وقد‬
‫أراد باستخدامه لهذه التسمية أن تكون داللتها واضحة ال لبس فيها تجنبا للمفاهيم الشائعة واملتداولة في عالم‬
‫الفلسفة‪ .‬وفي هذا االختيار للكلمة كان يؤكد على أن هذه الكلمة ليست مستساغة أو محببة أو مألوفة‪ ،‬وأن ذلك‬
‫يمنع شيوعها وانتشارها بين الناس فتحافظ على دقتها وأصالتها‪.‬‬
‫وعلى خالف ما أراده بيرس وتوقعه صارت هذه الكلمة من أكثر الكلمات استخداما وشيوعا وتواترا في عالم‬
‫الفكر والثقافة في القرن العشرين‪ ،‬حيث عرفت هذه الفلسفة التي صاغ مالمحها بيرس وجيمس وديوي عنوانا‬
‫للفلسفة البرغماتية‪ .‬وقد أطلق على هذه الفلسفة كلمات أخرى مثل "الذرائعية واألداتية"‬
‫‪ Instrumentalisme‬و"النفعية" ‪ Utilitarianismes‬و"العملية" ‪ Utilitarianismes‬و"التجريبية"‬
‫‪ Expérimentalisme‬و"اإلجرائية" ‪ ،Opérationalisme‬ولكنها اشتهرت على األغلب بمصطلح الفلسفة‬
‫البرغماتية ‪.)3( Pragmatism‬‬
‫والبرغماتية لفظة تعبر في حقيقة األمر عن الثقافة األمريكية التي تتسم بطابع النزعة التجريبية والعملية‪،‬‬
‫حيث ينظر إلى الخبرة اإلنسانية بوصفها معيارا لكل معرفة إنسانية‪ ،‬ويُنظر أيضا إىل الفكر كوسيلة متكن الكائن البشري‬
‫من تكييف نفسه مع البيئة اليت حتيط به‪ .‬فالربغماتية يف نهاية املطاف توظف للداللة على أهمية وضع الفكر يف خدمة‬
‫اإلنسان ويف خدمة مصاحله احليوية‪ ،‬ومن ثم فهي تعبري عن رفض األفكار واملقوالت والنظريات اليت تقود إىل نتائج عملية‬
‫مفيدة‪.‬‬
‫تعد البرغماتية من أبرز التيارات الفلسفية التربوية وأكثرها أهمية في القرن العشرين‪ .‬وقد نشأت هذه الفلسفة‬
‫في الواليات املتحدة األمريكية‪ ،‬ونبغ في صوغها عدد من كبار املفكرين األمريكيين والسيما شارل بيرس ووليم جيمس‬
‫وجون ديوي‪ .‬ويعد جون ديوي أكثر رواد هذه الفلسفة نبوغا وأهمية‪ .‬وتجسد هذه الفلسفة الحديثة الروح الفكرية‬
‫والعقائدية للمجتمع األمريكي في القرن العشرين‪ .‬فالبرغماتية تعبر عن طبيعة املجتمع األمريكي املهاجر املغامر‬
‫الحالم بالثروة واملجد‪ ،‬كما تعبر عن طموحات املهاجرين الذي استوطنوا أمريكا قادمين من مختلف أرجاء األرض‪،‬‬
‫عن املهاجرين الجدد الباحثين عن الفرص واملال والثروة والتملك واملجد‪ .‬فالبيئة األمريكية تمجد العمل وانتهاز‬
‫الفرص والنجاح وكسب املال‪ ،‬وقد انعكست هذه القيم في معالم الفلسفة البرغماتية الجديدة تمجيدا ملبادئ‬
‫النجاح والقوة والثروة (‪.)4‬‬
‫لقد تأصل في عقول املهاجرين إلى أمريكا منظومة من األفكار والقيم التي توجد في أصل البرغماتية‪ .‬فـ "الغاية‬
‫تبرر الوسيلة"‪ ،‬ومن ثم فإن مصداقية الوسيلة تكون في نتائجها العملية‪ ،‬فالوسيلة التي ّ‬
‫تدر الربح وكسب املال‪،‬‬
‫ّ‬
‫والفعالة! ولم يكن الوقت يسمح للمهاجرين بهذا الترف العقلي‪ ،‬الذي أوجد‬ ‫هي وحدها الوسيلة الصحيحة‬
‫الفلسفة اإلغريقية وغيرها من الفلسفات الهائمة في عالم األفكار النظرية ّ‬
‫املجردة‪.‬‬
‫سجلت الفلسفة البرغماتية حضورها املميز في مختلف أنحاء العالم في مجاالت الحياة السياسية واالقتصادية‬
‫والتربوية‪ ،‬وشكلت بذاتها نموذجا فكريا تربويا وسياسيا ما زال يفرض نفسه في مختلف اتجاهات الحياة التربوية في‬
‫العالم املعاصر‪.‬‬
‫وقد لقيت الفلسفة التربوية البرغماتية انتشارا لم تصادفه فلسفة من قبل في تاريخ الفكر التربوي القديم‬
‫واملعاصر‪ .‬وقد عرفت هذه الفلسفة بواقعيتها وإيمانها الكبير بالعلم والتجربة اإلنسانية‪ ،‬حيث انعطفت لتتناول‬
‫قضايا اإلنسان ومشكالته في القرن العشرين من منطلق التجربة والعلم واملعرفة العلمية‪ .‬وقد قدر لها أن تحدث‬
‫ثورة فكرية في مجال النظر إلى قضايا اإلنسان بروح جديدة ومنهج أكثر جدة وأصالة وابتكارا‪ .‬لقد عملت هذه‬
‫الفلسفة على تحرير اإلنسان من سطوة امليتافيزياء الفكرية‪ ،‬وحررته من هيمنة األنساق الفكرية املثالية‬
‫واأليديولوجية‪ ،‬ووضعته في مواجهة املصير اإلنساني املفعم بمعطيات الواقع واملعبأ بحركة الحياة وقضايا التجربة‬
‫اإلنسانية الخالصة‪.‬‬
‫وتنطلق هذه الفلسفة من منظومة فكرية قوامها أن اإلنسان مكره على العيش في عالم العقالني يتعذر فهمه‪،‬‬
‫وعلى هذا األساس فإن اإلنسان يجب أن ينظر إلى الفكر واملعرفة من خالل الوظيفة األساسية للمعرفة‪ ،‬وبمقدار‬
‫ما تقدمه هذه املعرفة لإلنسان من قدرة على التكيف واالستمرار في السيطرة على مقدرات الوجود‪.‬‬
‫فالعالم كما تراه البرغ ماتية حشد من األفكار واألحداث والقيم والحوادث التي ال تنتظم في بناءات منطقية‪،‬‬
‫في تكوينات متناسقة متساوقة حيث تعم الفوض ى وتحكم املصادفة وتنعدم الروابط السببية واملنطقية بين‬
‫األشياء‪ .‬فالعالم الذي نعيش فيه كما يرى البرغماتيون هو عالم املصادفة واملصادفة الخالصة‪ ،‬ال بل هو عالم‬
‫تحكمه عبثية وجودية تفتقر إلى املعنى والداللة‪ .‬ومن ثم فنحن مكرهون على العيش في هذا العالم‪ ،‬ومن أجل‬
‫االستمرار في السيطرة على الوجود يجب علينا أن نعتمد التجربة ونصطفي منها ما يمكنه أن يغني قدرتنا هذه على‬
‫االستمرار والوجود‪.‬‬
‫وتأسيسا على ما تقدم‪ ،‬فإن هذا العالم ليس ماديا أو مثاليا‪ ،‬ومن ثم فإن أفكارنا ليست صورة مطابقة للعالم‬
‫املوضوعي الذي نعيش فيه‪ ،‬بل هي أداتنا في السيطرة والديمومة واالستمرار‪ .‬وهذا يعني أن أفكارنا هي أدواتنا في‬
‫الوجود والهيمنة والتكيف‪ .‬وليس املهم في أفكارنا هذه أن تكون موضوعية حقيقية‪ ،‬بل املهم أن تكون نافعة مفيدة‬
‫فعالة‪ ،‬ومن هنا بالذات تأخذ البرغماتية سمتها األساسية بوصفها فلسفة نفعية أداتية‪.‬‬
‫ترفض الفلسفة البرغماتية التجريد والحلول اللفظية للمشكالت الفلسفية‪ ،‬وتنأى عن األخذ باملبادئ الثابتة‬
‫متعين وحقيقي وتجريبي‪ ،‬ال بغرض الكشف‬ ‫أو األنساق الفلسفية املغلقة‪ ،‬وعلى خالف ذلك تتجه إلى دراسة ما هو ّ‬

‫عن حقائق معينة‪ ،‬أو تحقيق نتائج يقينية ثابتة‪ ،‬إنما من أجل اتباع طريقة تساعد على تحقيق األفكار واملعاني في‬
‫العالم الخارجي (‪.)5‬‬
‫فالجديد في الفلسفة البرغماتية أنها بدال من االهتمام بتحليل األشياء واملعرفة وردها إلى أصولها البسيطة‪،‬‬
‫ً‬
‫كما فعل لوك وهيوم‪ ،‬جعلت اهتمامها منصرفا إلى ربط معارفنا بعالم التجربة‪ ،‬ال من حيث النشأة أو األصل‪ ،‬بل‬
‫من حيث النتائج التي تترتب على هذه الفكرة أو تلك في عالم الواقع (‪.)6‬‬
‫فالبرغماتية شكل من أشكال الوضعية‪ ،‬ألنها انصرفت عن التصورات امليتافيزيقية املجردة وارتبطت بالواقع‬
‫املوضوعي‪ .‬إنها أسلوب في توضيح األفكار واملعاني إلزالة ما يشوبها من غموض‪ .‬فاألفكار تصبح صادقة بقدر ما‬
‫تساعدنا على أن نربطها بأجزاء من خبرتنا بطريقة تؤدي إلى سلوك ناجح في الحياة‪ .‬ويضاف إلى ذلك أن علينا أن‬
‫نستخرج من كل لفظ قيمته الفورية الفعلية‪ ،‬وأن نضعه موضع العمل في مجال خبرتنا‪ ،‬بحيث تكون قيمة الفكرة‬
‫مرتبطة بنجاح السلوك الذي يؤديه اإلنسان ً‬
‫بناء على اعتقاده في صحتها (‪.)7‬‬
‫وترتكز الفلسفة البرغماتية في جوهرها على نسق من املبادئ الفلسفية أهمها‪:‬‬
‫‪ -1‬اإليمان بالتغير الدائم والصيرورة اإلنسانية املستمرة عبر الزمان واملكان‪.‬‬
‫‪ -2‬رفض املطلقات واإليمان بنسبية القيم اإلنسانية‪.‬‬
‫‪ -3‬التأكيد الكبير على أهمية التجربة والخبرة في الفكر والحياة اإلنسانية‪.‬‬
‫‪-4‬رفض الخوض في امليتافيزياء واألنساق الفكرية ذات الطابع النظري الخالص (‪.)8‬‬
‫‪ -5‬أن النجاح املادي امللموس دليل على صحة السبل املتبعة‪ ،‬ألن الحقيقة تكمن في نتائجها‪.‬‬
‫‪ -6‬التجربة والطريقة العلمية هي السبيل الوحيد للوصول إلى الحقيقة‪ ،‬ومن ثم فإن النتيجة من خالل‬
‫التجربة هي الحكم النهائي على مصداقية التفكير‪.‬‬

‫‪ -3‬ينابيع ديوي الفكرية وأعماله‬

‫استطاع ديوي أن يكون األكثر حضورا وتأثيرا في التأسيس للفلسفة البرغماتية‪ ،‬واستطاع بعبقريته التاريخية‬
‫أن يؤسس لهذه الفلسفة بوصفها أكثر الفلسفات انتشارا وأهمية في عصره‪ .‬ومن أجل بناء فلسفته األصيلة كان‬
‫على ديوي أن ينهل من عطاءات الفكر اإلنساني بمختلف تجلياته وتدفقات عطائه‪ .‬فاستقى من وضعية أوغست‬
‫كونت‪ ،‬ونهل من ديالكتيك هيغل وجدلياته‪ ،‬وتشبع بعطاءات النظرية الطبيعية لروسو‪ ،‬وأقبل على النزعة العقلية‬
‫التنويرية في فلسفة كانط‪ ،‬وشد الطلب في قراءة النزعة اإلنسانية والواقعية عند إيراسموس ورابليه ومونتين‪ .‬ولم‬
‫يفته قط التفقه بوضعية دارون ونزعته اإلحيائية‪ .‬فضال عن ذك كله استطاع أن يتلقف كل العطاءات الفكرية‬
‫لسلفيه البرغماتيين جيمس وبيرس‪.‬‬
‫واستطاع ديوي أن يصهر هذه العطاءات في بوتقة النبوغ البرغماتي الذي عرف به‪ ،‬فأصدر للعالم فلسفة‬
‫وفلسفة تربوية ارتقت إلى مرتبة السيادة الفكرية في مجال السياسة والتربية والثقافة واالقتصاد‪ .‬وأصبحت‬
‫البرغماتية بفضل األعمال التي قدمتها األبجدية الثقافية للقرن العشرين‪ ،‬وهي ما تزال تفرض نفسها بقوة شديدة‬
‫في القرن الحادي والعشرين‪.‬‬
‫وقد عرف ديوي بغزارة العطاء الفكري حيث تتوجت جهوده العلمية في عدد من األعمال الفكرية والعلمية‬
‫ذات الطابع املوسوعي أهمها‪ :‬ديمقراطية التربية‪ ،‬مقاالت في املنطق التجريبي‪ ،‬التجربة والطبيعة‪ ،‬التجربة والتربية‪،‬‬
‫التجربة والفكر‪ ،‬عقيدتي التربوية‪ ،‬عقيدتي الفلسفية‪ ،‬املدرسة والطفل‪ ،‬املدرسة واملجتمع‪ ،‬فلسفة التربية‪ ،‬كيف‬
‫نفكر؟‪ ،‬الفن كتجربة‪ .‬ويالحظ أن هذه األعمال كما ّ‬
‫تدل عناوينها تؤكد على مفاهيم الخبرة والتجربة التي تشكل‬
‫ّ‬
‫املنطقية" (‪" ،)1903‬كيف‬ ‫ّ‬
‫النظرية‬ ‫إحدى أهم الركائز الفلسفية لنظرية ديوي التربوية‪ .‬ومن مؤلفاته أيضا "دراسات حول‬
‫ّ‬
‫نفكر؟" (‪" ،)1910‬الديمقر ّ‬
‫اطية والتربية" (‪" ،)1916‬محاوالت في املنطق التجريبي" (‪" ،)1916‬العقل الخالق" (‪" ،)1918‬الطبيعة‬
‫ّ‬
‫اإلنسانية والسلوك" (‪" ،)1922‬طلب اليقين‪" (1929).‬‬

‫ويعد كتابه "التربية والديمقراطية" من أعظم كتبه وأهمها في مجال التربية‪ ،‬حيث جمع فيه خطوط فلسفته‬
‫وركزها حول النهوض بجيل أفضل (‪ .)9‬أما كتابه "عقيدتي التربوية" فال يقل أهمية‪ ،‬حيث يضمنه أهم األفكار‬
‫التربوية ذات الطابع الفلسفي‪ ،‬ولذلك وصف هذا الكتاب بأنه دستور التربية الذي ينادي به جون ديوي (‪.)10‬‬

‫‪ -4‬الفلسفة والتربية عند ديوي‬

‫يعرف ديوي التربية بأنها " عملية مستمرة إلعادة بناء الخبرة"‪ ،‬والتربية وفقا لهذا املعنى هي عملية تنظيم دينامي‬
‫مستمر للخبرة اإلنسانية‪ ،‬وهي وفقا لهذه الصورة عملية نماء حياتية مشكلة لعقول األطفال والناشئة‪ ،‬وبعبارة‬
‫أخرى هي عملية التفاعل التي تتسم بالشمول والعمق بين اإلنسان والبيئة‪ ،‬بين اإلنسان والعالم الذي يعيش‬
‫فيه‪ .‬ويؤكد ديوي بصورة متواترة ومستمرة في مختلف أعماله الفكرية أن "التربية هي الحياة وليس اإلعداد‬
‫لها "‪ ،‬وأن التربية عملية مجتمعية تمثل املركز الجوهري في البناء االجتماعي‪ ،‬ومن ثم هي أخطر وسيلة يعتمدها‬
‫املجتمع في تجديد ذاته (‪.)11‬‬
‫إذا كانت كل فلسفة هي تعبيرا عن عصرها‪ ،‬فإن الفلسفة البرغماتية تعبير واضح الداللة لطبيعة العصر‬
‫الحديث في القرن العشرين‪ .‬وإذا كانت كل فلسفة تعبر عن خصوصية تاريخية‪ ،‬ومن ثم إذا كانت كل إشكالية‬
‫تاريخية تطرح بذاتها إشكالية فلسفية‪ ،‬فإن الفلسفة البرغماتية هي تعبير عن إشكالية الثقافة األمريكية الناهضة‬
‫في النصف الثاني من القرن العشرين‪ .‬ومن هذا املنطلق كان ديوي يؤمن بدور الفلسفة في التعبير عن الواقع وفي‬
‫تغييره‪ .‬فالفلسفة يجب أال تقف عند حدود التفسير تفسير العالم بل يجب أن تعمل على تغييره‪ .‬ومن ثم فإن كل‬
‫فلسفة ال تؤدي إلى التغيير والفعل والتأثير هي فلسفة فارغة تفقد معناها وغايتها وداللتها‪ .‬ومن هذا املنطلق أراد‬
‫ديوي للفلسفة البرغماتية أن تكون فاعلة ومؤثرة في الواقع‪ ،‬ومحركة للطموحات اإلنسانية‪ ،‬وفاعلة في الثقافة وفي‬
‫مجمل النشاطات اإلنسانية الحيوية في عصره‪ .‬ومن هنا أريد للبرغماتية أن تكون فلسفة التغيير والتأثير‪ ،‬ال بل‬
‫أريد لها أن تكون أداة املجتمع في السيطرة على املصير وفي رسم الغايات وتحقيق األهداف املجتمعية الكبرى‪.‬‬
‫ومن األهمية بمكان اإلشارة في هذا السياق إلى تأكيد ديوي على الدور التربوي للفلسفة البرغماتية‪ ،‬ألن‬
‫الفلسفة هي منطلق التغيير واملواجهة والتحدي فخليق بها إذا أن تنحني ملعالجة القضايا التربوية التي تحتل مكان‬
‫الصدارة في فلسفة ديوي‪ ،‬حيث كان يطابق بين الفلسفة والتربية‪ ،‬إذ يرى أن الفلسفة هي النظرية العامة للتربية‪،‬‬
‫ومن ثم يجب على هذه الفلسفة التربوية الجديدة أن تكون مؤثرة فاعلة عملية ونشيطة في بناء نظام تربوي‬
‫يستجيب لطموحات األمة وغاياتها املجتمعية الكبرى‪.‬‬
‫يعارض ديوي املفهوم الكالسيكي القديم للفلسفة الذي يرى أن الفلسفة هي حب الحكمة والبحث عنها‪ .‬فهذا‬
‫التصور القديم للفلسفة ليس واردا في تصور ديوي؛ ألن الفلسفة أخذت اتجاها آخر في فلسفته يتمثل في معادلة‬
‫الحياة التي تتمثل في " التطبيق البصير ملا نعرفه في السلوك وأمور الحياة "‪ ،‬ومن ثم فإن الفلسفة الجديدة التي‬
‫شيدها ديوي تبحث في الغايات والقيم واالتجاهات التي توجه النشاط اإلنساني بمختلف تجلياته االجتماعية‪.‬‬
‫ومن هذا املنطلق عمل ديوي على تحرير الفلسفة الجديدة من طغيان املذاهب الفلسفية املوروثة والسيما‬
‫تلك التي تفصل بين العقل واملادة وتبني على معادلة الصراع بينهما‪ .‬لقد ّبين ديوي في هذا االتجاه أن الفلسفة‬
‫الحقيقية هي التي تتصل بالحياة وتعمل على تنظيمها وتوجيهها‪ ،‬وهي في هذه الصورة ليست شيئا آخر سوى التربية‬
‫كما يؤكد في مختلف مقوالته‪ .‬أما الفلسفة التي تنفصل عن الحياة فإنها تفقد معناها وتصبح فلسفة لفظية فارغة‬
‫جوفاء ال معنى لها‪ ،‬والسيما تلك التي تأخذ من القضايا امليتافيزيقية موضعا مركزيا لها‪ .‬فالتربية في منظور ديوي‬
‫هي الفلسفة‪ ،‬والفلسفة هي النظرية العامة للتربية‪ ،‬والتفلسف يجب عليه أن يدور حول التربية بوصفها أكثر‬
‫االهتمامات اإلنسانية ارتباطا بالفلسفة ذاتها‪.‬‬
‫فالعالقة التي ال تنفصم عراها بين الفلسفة والتربية تتسم بالوضوح وتتميز باألصالة‪ .‬وبناء على ذلك فإن‬
‫النظرية الفلسفية التي ال يكون لها تأثير في التربية هي خواء مصطنع‪ .‬وإذا كانت التربية في حقيقة األمر سعيا إلى‬
‫تكوين ميول عقلية ووجدانية نحو الطبيعية واإلنسان نفسه‪ ،‬فإن الفلسفة ستكون بالضرورة هي النظرية العامة‬
‫في التربية (‪.)12‬‬

‫‪ -5‬نظرية المعرفة عند ديوي‬

‫يرى ديوي ‪-‬كما يرى أسالفه البرغماتيون‪ -‬أن العالم الذي نعيش فيه عالم متغير متبدل متحول‪ ،‬وأن‬
‫القانون الثابت الوحيد في الوجود هو قانون الصيرورة والتغيرذاته‪ .‬فالعالم هو مملكة املصادفات والتحوالت‪،‬‬
‫واملعرفة التي نكونها هي خبراتنا الخاصة التي ال تعبر عن هذا العالم الخارجي بقدر ما تعبر عن ذواتنا الداخلية عن‬
‫كينونة املعرفة الذاتية في أنوية اإلنسان عينه وذاته‪ .‬وتأسيسا على هذه الرؤية فإنه ال يمكن لإلنسان أن يفهم‬
‫العالم ويدركه عبر منظومات األفكار واملقوالت والصور؛ ألن العالم ال يتطابق مع طبيعة هذه التنظيمات اإلنسانية‬
‫للمعرفة‪ ،‬وألن هذا العالم يتصف بالتغيرالدائم والصيرورة األزلية‪ ،‬فإنه يتجاوزحدود إدراكنا ولحظات وعينا‬
‫به‪ .‬فالعالم دائم التغير‪ ،‬ومن أجل أن ندرك هذا العالم ونفهمه يجب علينا أيضا أن نمتلك منظومة من‬
‫املفاهيم والتصورات املتغايرة في صيرورة تكافئ صيرورة العالم التي ال تنقطع‪ .‬وهذا يعني أن علينا عندما نريد أن‬
‫ندرك ظاهرة من الظواهر أو أن نفهم فكرة ما أن نراقب هذه الظاهرة في مراحل نشأتها وتكونها وصيرورتها‪ ،‬وأن‬
‫ندرك ما يعتريها من صيرورات وما ّ‬
‫يفت فيها من تغيرات‪.‬‬
‫فاملوقف الفكري موقف ينشأ في دائرة التجربة وفي مسار الخبرة اإلنسانية التي تتصف ذاتها بالتغير والصيرورة‪.‬‬
‫وخالصة املوقف البرغماتي كما يعبر عنه ديوي أن العالم متغير‪ ،‬وأن املعرفة نسبية‪ ،‬وأن معارفنا عن العالم ال‬
‫تعدو خبراتنا التجريبية املتغيرة أيضا‪ :‬إنها نسبية املعرفة وصيرورة العالم‪ .‬وعلى هذا األساس اعتقد ديوي " أن‬
‫التفكير الذي تثيره مشاكل الواقع إنما هو الوسيلة الوحيدة لفهم الوجود"‪.‬‬

‫‪ -6‬نقد ديوي للمدرسة التقليدية‬

‫يهاجم ديوي التربية التقليدية ومؤسساتها التربوية‪ ،‬ويرى أن هذه التربية قتلت روح االبتكار واإلبداع عند‬
‫األطفال والناشئة‪ ،‬ألنها تعتمد على الحفظ والتلقين والترديد والنقل والتقليد والتكرار‪.‬‬
‫يوجه ديوي إلى املدارس التقليدية نقدا منظما وشامال يتناول فيه مناهجها ومضامينها وأساليب التدريس فيها‬
‫وأهدافها وغاياتها‪ .‬ويمكن لنا أن نجد تفصيال النتقاداته هذه في كتابه املعروف "عقديتي التربوية")‪.(13‬‬
‫يرى ديوي في كتابه هذا أن التربية التقليدية تربية قسرية‪ ،‬وأن النظام التربوي في املدرسة التقليدية يقوم‬
‫على القسر واإلكراه؛ ألنه يعمل من الخارج ويريد تطويع طبيعة الطفل إلرادة خارجية جوفاء وعرجاء (‪ .)14‬ومن ثم‬
‫فإن هذه التربية تنطلق من معرفة الراشد وال تنطلق من حاجات الطفل واهتماماته؛ ألن محورها يقع خارج‬
‫الطفل واهتماماته‪ ،‬فاملعلم والكتاب واملنهج هي املصادر األساسية لهذه التربية‪ ،‬وال نجد اهتماما بالتلميذ أو‬
‫بالعالم الداخلي للطفل بما ينطوي عليه هذا العالم من اهتمامات وميول وحاجات)‪.(15‬‬
‫هذا ويؤكد ديوي في كتابه " املدرسة والطفل " وجود اختالف كبيروجوهري بين عالم الطفل وعالم الراشد‪،‬‬
‫فحياة الطفل تدور في مجرى ميوله واهتماماته الحيوية في الوقت الذي تصمم فيه املناهج بمقياس الراشدين‬
‫واهتماماتهم‪.‬‬
‫ثم يوجه ديوي نقده الحاد إلى مناهج املدرسة التقليدية ويتأجج نقده ويشتد ضد الثبات والجمود املخجل‬
‫الذي نجده في هذه املناهج التي توضع مرة واحدة وإلى األبد‪ ،‬فتبدو وكأنها نهائية وعصية على كل تحول أو تغيير أو‬
‫تبديل)‪ .(16‬وينادي ديوي بالتخلي عن مفهوم املناهج الثابتة لصالح مناهج متغيرة مرنة تتجاوب مع حاجات الطفل‬
‫واهتماماته‪.‬‬
‫وال يقف نقد ديوي للمدرسة التقليدية عند حدود املناهج واملضامين‪ ،‬بل يتعدى ذلك إلى نقد الطرائق التربوية‬
‫واألساليب املعتمدة في تربية الطفل وتعلمه‪ .‬فاملدرسة التقليدية تعتمد على مبدأ الجهد في عملية التعلم في الوقت‬
‫الذي تؤكد فيه التربية الحديثة على أهمية النوازع الداخلية للتعلم‪ .‬فاالهتمام وتوليد اهتمام الطفل بمواد التعلم‬
‫يشكل ركنا أساسيا في التربية الحديثة؛ ألن االهتمام يشكل املولد الدينامي لحركة الفعل وطاقته الحيوية في العمل‬
‫والنشاط والتعلم‪.‬‬
‫وفي اتجاه تجاوز هذه التربية الكالسيكية يؤكد ديوي على أهمية التجربة والخبرة في العملية التربوية‬
‫والتعليمية‪ .‬كما يركز على أهمية التربية باملشكالت الحقيقية التي تكون حافزا على التفكير واملبادرة واملبادأة عند‬
‫املتعلمين‪ .‬وهو في هذا السياق يرى أن املشكالت التي نواجه بها األطفال يجب أن تكون حقيقية ما أمكننا ذلك‪ ،‬أي‬
‫طبيعية املصدر وغير مصطنعة‪ ،‬ويجب أن تكون مرتبطة بحاجات التالميذ واهتماماتهم‪ ،‬وذلك كي يكون التعلم‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫وابتكارا وليس مجرد استظهار وتكديس للمعلومات‪.‬‬ ‫اكتشافا‬

‫‪ -7‬منهج حلّ المشكالت‬


‫يحدد ديوي وظيفة التفكير بغايات عملية نفعية‪ .‬فاإلنسان يفكر من أجل التكيف والعيش والبقاء على قيد‬
‫الحياة‪ ،‬إنه يفكر إذا كانت لديه مشكلة يحاول التغلب عليها‪ ،‬ويفكر عندما يواجه تحديا يجب أن يتغلب عليه‪.‬‬
‫فاملشكالت التي يواجهها اإلنسان هي مصدر التفكير‪ ،‬وهي تضرب نفسها في أصل املعرفة اإلنسانية‪ ،‬ولوال املشكالت‬
‫التي يواجهها اإلنسان لكانت حياته عارية عن التفكير‪ .‬وهذا يعني أن التفكير هو دالة اإلنسان في الصيرورة‪ .‬وإذا‬
‫كانت الكائنات الحية تتكيف وفقا ملبدأ الغريزة‪ ،‬فإن اإلنسان يتكيف وفقا ملبدأ التفكير‪ ،‬والثقافة اإلنسانية هي‬
‫نتاج املواجهة اإلنسانية مع ظروف الحياة واملصير‪.‬‬
‫فالتفكير ال يبدأ إال بوجود مشكلة تواجه اإلنسان‪ .‬وإذا كان ماركس يقول "بأن الحاجة أم االختراع"‪ ،‬فإن‬
‫الحاجات اإلنسانية توجد في أصل التفكير واملعرفة عند ديوي‪ .‬فالتفكير ال يوجد إال مع الحاجة التي تدعو إليه‪.‬‬
‫ومن ثم فإن نجاح التفكير مرهون بمدى قدرته على إيجاد الحلول املناسبة للتحديات واملشكالت التي يواجهها‬
‫اإلنسان (‪.)17‬‬
‫ً‬
‫فالحاجة إلى حل املشكالت هي العامل املرشد دائما في عملية التفكير‪ ،‬ومن ثم فإن املسائل التي تتطلب‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫حال هي التي توجه عملية التفكير وتبعثها‪ .‬والغموض الذي يقتض ي إيضاحا في طبيعة هذه املشكالت يؤدي دورا‬
‫جوهريا في التحريض على التفكير وبناء املعرفة‪ .‬فنحن نتوقف عن التفكير عندما نجد حلوال ملشكالتنا‪ ،‬ومن ثم ال‬
‫نستأنف التفكير إال إذا عرضت مشكلة جديدة أو ظهر موقف محير جديد‪ .‬وعلى هذا األساس يمكن القول بأن‬
‫التفكير يعمل على تحويل املوقف الغامض إلى موقف يتسم بالوضوح‪.‬‬
‫يقول ديوي في معرض التأكيد على أهمية التجربة واملشكلة في تشكل الوعي " لكي نفهم الفكريجب أن نالحظه‬
‫وهو ينشأ في مو اقف خاصة‪ ،‬وهو يبدأ من مواجهة الكائن الحي للمشاكل والصعاب التي تصادفه فيأخذ في تكوين‬
‫افتراضات يسترشد بها‪ ،‬وبعدئذ يخضع هذه االفتراضات إلى املالحظة والتجربة "(‪.)18‬‬

‫‪ -8‬الديمقراطية والتربية عند ديوي‬

‫يرسخ ديوي منهجا متفردا في تأسيس التربية على أسس ديمقراطية‪ .‬وقد أودع منهجه هذا في كتابه‬
‫الديمقراطية والتربية‪ .‬يرى ديوي أن الديمقراطية هي طريقة شخصية في الحياة‪ ،‬ومن ثم فهي ليست مجرد ش يء‬
‫خارجي يحيط بنا‪ .‬فالديمقراطية هي جملة من االتجاهات واملواقف التي تشكل السمات الشخصية للفرد والتي‬
‫تحدد ميول وأهداف الفرد في مجال عالقاته الوجودية (‪ .)19‬وهذا يعني أن الديمقراطية حقيقية تربوية متأصلة‬
‫في أعماق الفرد وفي وعيه‪ .‬ومن هنا يبرزدورالوعي بالديمقراطية في بناء اتجاهات شخصية جديدة عند األفراد‬
‫تساعد على مواجهة القوى املعادية للديمقراطية وعلى النجاح في هذه املواجهة‪ .‬فاالتجاهات الديمقراطية‬
‫املتأصلة في عمق األفراد هي التي تمثل القدرة الحقيقية على حماية العطاء الديمقراطي واملنافحة عن وجوده‪ .‬ومن‬
‫ثم فإن حضور الديمقراطية سيفتقر إلى مغزاه وداللته إذا لم يأخذ صورة عقيدة جوهرية في طبيعة اإلنسان‪.‬‬
‫وحتى عندما تتجسد الديمقراطية بصورة قانونية‪ ،‬فإنها مع ذلك تبقى كلمة ال حياة فيها إذا لم تسجل في نسق‬
‫االتجاهات التربوية التي تؤكد أن اإلنسان هو صنو اإلنسان في مختلف جوانب وعالقات الوجود والحياة اليومية‬
‫اإلنسانية‪.‬‬
‫يؤكد ديوي أيضا في رؤاه الديمقراطية هذه على أهمية الفردانية أو الجانب الفردي في حياة املجتمع؛ ألن‬
‫الفردية تعبر عن روح التجديد واإلبداع واالبتكار‪ ،‬ومن ثم فإن الديمقراطية التي يسعى إليها هي تلك التي تحقق هذا‬
‫التوازن الخالق بين القيم الديمقراطية والقيم الفردية التي تتمثل في حرية الفرد‪ .‬وعلى هذا األساس يصف‬
‫الديمقراطية التي ينشدها بأنها تلك التي ترمز إلى مقدار اشتراك أفراد الجماعة في مصالحها‪ .‬إنها الديمقراطية التي‬
‫يضحي فيها الفرد بكل ما يملك من طاقة وقوة في سبيل املجتمع‪ ،‬وهي الديمقراطية التي يضحي فيها املجتمع من أجل‬
‫الفرد‪ ،‬إنها ديمقراطية التوازن الخالق بين الفرد واملجتمع في صيرورة العطاء والتبادل وترسيخ القيم الحرة‬
‫والديمقراطية‪.‬‬

‫‪ -9‬التجربة عند ديوي‬

‫تأخذ التجربة مكانة مركزية في فلسفة ديوي التربوية‪ ،‬إنها املبتدأ والخبر في كل تجربة تربوية وفي أصل كل‬
‫حقة‪ .‬فالتجربة ليست حدثا متفردا بل هي جوهر أصيل في تكوين اإلنسان ذاته‪ ،‬إنها خاصة إنسانية‬‫معرفة فلسفية ّ‬

‫يتفرد بها اإلنسان ويعبر بها عن خصوصيته‪ .‬والتجربة عند ديوي هي التدخل املنظم من قبل اإلنسان في أحداث‬
‫الطبيعة‪ ،‬إنها صيغة من صيغ التفاعل الجوهري بين اإلنسان وفصول الحياة‪ .‬وهي فضال عن ذلك كله املصدر‬
‫الوحيد للمعرفة والخبرة‪ ،‬ألنها تجسد العالقة الفعلية بين اإلنسان والوسط الذي يعيش فيه‪.‬‬
‫فاإلنسان ال يمكنه أن يفهم العالم عبر منظومة من الرؤى والقيم والتصورات الذهنية املغلقة الجامدة‬
‫واملتصلبة في دواوين العقل اإلنساني؛ ألن فهم العالم بصورة موضوعية يعتمد على التجربة الفاعلة لإلنسان في‬
‫الوسط الذي يعيش فيه‪ ،‬وهذه التجربة هي التي تمنحه الفرصة في أن يكون كائنا عارفا وعاقال بصورة إنسانية‪.‬‬
‫إن إيمان ديوي بأهمية التجربة يتجلى في منظومة أعماله العلمية التي سبقت اإلشارة إليها مثل‪ :‬في املنطق‬
‫التجريبي‪ ،‬التجربة والطبيعة‪ ،‬التجربة والتربية‪ ،‬التجربة والفكر‪ ،‬الفن كتجربة‪ .‬وهو في هذه الكتب جميعا يتوج‬
‫التجربة اإلنسانية بوصفها إكسير الحياة واملعرفة اإلنسانية بمختلف وجوهها وتجلياتها‪.‬‬

‫‪ -10‬مبدأ االهتمام عند ديوي‬

‫يبلور مبدأ االهتمام أكثر جوانب النظرية التربوية عند ديوي أصالة وأهمية؛ ألن الطفل ال يمكنه أن يمتلك‬
‫املعرفة ما لم يكن مستعدا لقبولها وما لم تحمل في طياتها ثقل االهتمام اإلنساني‪ .‬فاإلنسان يجب أن يتعطش إلى‬
‫املعرفة كي يصبح عارفا‪ ،‬وهنا تبرزالضرورة القصوى ملبدأ االهتمام اإلنساني؛ ألن التربية ّ‬
‫الحقة هي التي تستطيع‬
‫أن تولد في اإلنسان الحاجة إلى املعرفة‪ ،‬ومن ثم عندما تولد هذه الحاجة املعرفية فإنها تنطلق ال تتوقف أبدا‪ .‬وإذا‬
‫كان كالبارايد يقول بأنه ال يمكننا أن نكره حمارا على شرب املاء ما لم يكن عطشا‪ ،‬فإن إكراه اإلنسان على اكتساب‬
‫املعرفة ما لم يشعر بالحاجة إليها هو فعل يقع في دائرة االستحالة‪ ،‬وإن املعرفة التي يكتسبها اإلنسان من غير‬
‫إحساس بالحاجة واألهمية هي معرفة هشة فارغة عرجاء‪ ،‬ال بل هي وهم معرفة وال يمكن أن تكون معرفة حقيقية‪.‬‬
‫ومن هنا يركز ديوي على أهمية بناء املعرفة على مبدأ الحاجة وما تولده هذه الحاجة من اهتمام أصيل في النفس‬
‫اإلنسانية‪.‬‬
‫يجب على املعرفة إذا أن توافق هوى في نفس الطفل واملعرفة التي ال تعبر عن اهتمام الطفل ليست معرفة؛‬
‫ألن عواطف الطفل وميوله تشكل نوابض العملية التربوية ومنطلق الفعل التربوي‪ .‬وعلى هذا األساس يجب أن‬
‫نربط بين التربية وحاجات الطفل‪ ،‬وأن يكون ما يتعلمه الطفل وثيق الصلة بحاجاته واهتماماته‪.‬‬
‫وتأسيسا على ما تقدم يمكن لنا التأكيد على ملمحين أساسيين في مبدأ االهتمام عند ديوي هما‪:‬‬
‫‪ -1‬املعرفة ال تتأصل في عقل الطفل إال إذا كان مستعدا لقبولها‪ ،‬ومن ثم فإن أي معرفة يتلقنها الطفل‬
‫يجب أن توافق احتياجاته واهتماماته‪ .‬فاملعرفة التي يسعى إليها الطفل هي التي ترتبط باملشكالت التي يواجهها‬
‫بحاجاته الحيوية‪ .‬وهذا يعني أن كل معرفة تفرض من الخارج ال تتحول إلى معرفة ّ‬
‫حقة‪ .‬ومثل هذه املعرفة تتحول‬
‫إلى معرفة مصطنعة ال معنى لها وال طائل من ورائها‪.‬‬
‫‪ -2‬ترمز تربية االهتمام إلى الطابع الديمقراطي الذي يؤكده ديوي‪ ،‬فاملعرفة يجب أن تكون انسيابية غير‬
‫قسرية‪ ،‬بعيدة عن كل أشكال القهر واالستالب‪ .‬وهذا يعني أن املعرفة ال تفرض من الخارج بطريقة اإلكراه بل يجب‬
‫أن تنبع من داخل الطفل وتعبر عن احتياجاته واهتماماته بالدرجة األولى‪ ،‬وهذا يمثل منطلق مبدأ الحرية في‬
‫العملية التربوية‪.‬‬

‫‪ -11‬المنهج التربوي عند ديوي‬

‫إذا كانت البرغماتية تؤكد عنصر الصيرورة في الوجود وتلح على مبدأ التغير الدائم‪ ،‬فإن ديوي يرفض املناهج‬
‫املدرسية التي تتصف بطابع الجمود والثبات‪ ،‬ويدعو إلى مناهج متحولة متغيرة بتغير الظروف واألحوال‬
‫االجتماعية‪ .‬فاملنهج املدرس ي يجب أن يرتبط بحاجات األطفال‪ ،‬وأن يتسم باملرونة والقدرة على مواكبة التحوالت‬
‫والتحديات االجتماعية في آن واحد‪ .‬وعلى مصممي هذه املناهج أن ينظموها بطريقة تتميز بالبساطة والسهولة‪،‬‬
‫وأن تكون متجاوبة مع مستويات األطفال وقدراتهم على الفهم والتحليل واملحاكمة‪ ،‬وأن تكون فضال عن ذلك كله‬
‫قائمة على مبادئ االهتمام وحل املشكالت والتجربة والواقعية والنفعية (‪.)20‬‬

‫‪ -12‬األهداف التربوية عند ديوي‬

‫يؤكد ديوي على أهمية بناء األهداف التربوية وفقا ملبدأ االحتياجات اإلنسانية املتنامية التي تفرض نفسها في‬
‫نسق الحياة االجتماعية‪ .‬فاألهداف التربوية يجب أن تشتق من الظروف االجتماعية ومن مقتضيات الحاجات‬
‫اإلنسانية املتنامية‪ .‬وهذه األهداف يجب أن تكون مرنة قابلة للتغير والتطوير وفقا لتجليات الواقع وتحوالته‬
‫املستمرة؛ ألنها يجب أن تتكيف مع الظروف املتغيرة للحياة اإلنسانية بصورة مستمرة ودينامية‪ .‬وتكمن وظيفة‬
‫هذه األهداف في إطالق فعاليات اإلنسان وتحريرها في اتجاه بناء الحياة اإلنسانية األفضل للفرد واملجتمع‪.‬‬
‫فاألهداف بعبارة أخرى يجب أن تكون نابعة من عمق الواقع وقابلة للتطبيق ومعبرة عن ظروف الحياة (‪.)21‬‬

‫‪ – 13‬خاتمة نقدية‪:‬‬

‫عندما يبحر املرء في فلسفة ديوي البرغماتية يجد املرء نفسه غارقا في لجج العطاء الفكري لهذه الفلسفة التي‬
‫سطرت هيمنتها على الفكر والسياسة والتربية في النصف الثاني من القرن العشرين‪ .‬وغني عن البيان أن هذه‬
‫الفلسفة انتشرت وهيمنت في كثير من أصقاع العالم املعاصر‪ .‬وليس غريبا هذا األمر ألن هذه الفلسفة بطابعها‬
‫املادي والعملي تعبر عن روح العصر وثقافته وتطلعاته وأنماط التفكير السائدة فيه‪.‬‬
‫وعندما يتأمل املرء في العمق الفكري لهذه الفلسفة يستطيع أن يدرك بعمق وببساطة أيضا أن هذه الفلسفة‬
‫استطاعت أن تعبر عن العصر‪ ،‬وأن تركب أمواجه وتوجهها أيضا في االتجاهات التي تحكمها طموحاته‪.‬‬
‫فالبرغماتية استطاعت في بداية األمر أن تعبر عن روح العصر‪ ،‬عن روح الثقافة األمريكية في القرن العشرين‪.‬‬
‫ولكن هذه الفلسفة لم تقف عند حدود التعبير‪ ،‬بل استطاعت أن تستجمع أمواج هذه الروح املتوثبة إلى‬
‫النجاح والتفوق والقدرة وأن تركبها في اتجاه بناء مستقبل أمريكا ومستقبل العالم الحر‪ .‬وبعبارة أخرى أدركت‬
‫روح العصر واستطاعت أن تضبط إيقاع حركته‪ ،‬ثم عملت في اتجاه تنظيم هذا اإليقاع فدفعته بتسارع أكبر‬
‫وانطلقت به نحو آفاق أرحب‪ .‬لقد أدركت قيم العصر فولدتها ونظمتها وصقلتها في نسق فلسفي أصبح دستورا‬
‫للسياسة والفلسفة والتربية في العالم املعاصر‪.‬‬
‫وعندما نقف مع ديوي هذا املفكر الفيلسوف الذي قض ى حياته يبدع ويتفجر إبداعا في العشرات من‬
‫األعمال العبقرية في "التربية والديمقراطية " في "املدرسة واملجتمع" في "العقيدة التربوية" في "املدرسة‬
‫والطفل" وغيرها‪ ،‬نجد أنفسنا أمام خطاب متفجر بالعطاء بعبقرية هي عبقرية القرن العشرين في مجال‬
‫التربية والسياسة واالقتصاد‪.‬‬
‫جون ديوي يسجل نفسه واحدا من أكبر منظري التربية في القرن العشرين‪ ،‬وما يزال يفرض نفسه في القرن‬
‫علما من أعالم الفكر والثقافة في القرن الحادي والعشرين‪ .‬ومع ذلك يحق لنا أن نسجل همسا بعض املالحظات‬
‫النقدية حول املعطيات الكبرى لهذه الفلسفة والنظرية‪.‬‬
‫لقد بالغت البرغماتية في تأكيد أهمية الطابع النفعي والعملي ملقوالتها ومفاهيمها‪ ،‬وروجت بذلك ملوجة فكرية‬
‫وأخالقية ترسخ قيم الربح والنفع والنجاح املادي في الحياة‪ ،‬فشكلت بذلك ثقافة مثقلة بمفاهيم وقيم مفرغة من‬
‫املضامين األخالقية‪ .‬لقد عملت هذه الفلسفة على الترويج لقيم نفعية وعملية على حساب القيم اإلنسانية‬
‫الخالقة التي تتمثل في العطاء والتضحية والبذل واالعتدال والكرم والسخاء‪ .‬لقد شكلت قيم املصلحة والنجاح‬
‫والربح والنفع والسيطرة والقوة القيم الدينامية للفلسفة البرغماتية‪ ،‬فعملت على تعزيز ما يسمى بالروح الفاوستية‬
‫الجديدة املشحونة بطاقة التدمير واملحاصرة والقمع ضد اإلنسانية واإلنسان‪ .‬هذه الروح الفاوستية الجديدة التي‬
‫تتحد مع شياطين الشر والقهر بدأت تدمر النسيج الثقافي‪ ،‬بما ينطوي عليه هذا النسيج اإلنساني من قيم أصيلة‬
‫ذات طابع إنساني‪ ،‬بقيت متألقة في تاريخ اإلنسانية وشامخة في أنساق الوعي اإلنساني ّ‬
‫الخير الذي يرى أن اإلنسان‬
‫غاية ال بل هو غاية الغايات‪ .‬لقد حولت البرغماتية اإلنسان من غاية إلى وسيلة وأداة‪ ،‬ففرغته من مضامينه‬
‫اإلنسانية الحيوية وجعلت منه قيمة تتمثل في الربح والقوة والنجاح‪ ،‬إنه اإلنسان الذي يتحد مع الشيطان ويجعل‬
‫الغاية في أن يكون هو األقوى واألجدر واألكثر غنى وسيطرة وهيمنة‪ .‬لقد جعلت البرغماتية من اإلنسان أداة ووسيلة‬
‫وسلعة‪ ،‬فأفرغته من أبعاده اإلنسانية وحولته إلى إنسان ذي بعد واحد يتمثل في بعد القوة والسيطرة واالستهالك‬
‫والنجاح بكل الوسائل املمكنة‪.‬‬
‫لقد تحولت مدارسنا اليوم إلى مؤسسات للتنافس والصراع واالمتحانات‪ ،‬فجعلت من األطفال مجتمعا‬
‫من البرغماتيين الصغارالذين يضحون بكل ش يء من أجل النجاح والفرص والعمل والتفوق‪ .‬وهي بذلك عملت‬
‫على إحياء النزعات املادية في نفوس األطفال‪ ،‬فقتلت فيهم هذه الروح الثقافية املخضبة بالقيم الروحية واإلنسانية‬
‫الخالقة والسمحاء‪ .‬لقد أثقلت البرغماتية على األجيال من حيث ال تدري؛ ألنها أحيت في عقول األطفال وفي‬
‫تكويناتهم الثقافية والروحية مبدأ االهتمام واالهتمام فحسب‪ ،‬باعتبار أن هذا االهتمام ال ينبع إال من الحاجات‬
‫والرغبات والتطلعات‪ ،‬فأقصت بذلك عملية تنمية االحتياجات اإلنسانية الخالقة التي تتمثل في قيم العطاء‬
‫والخير والتسامح‪ .‬باختصار لقد أحيت البرغماتية التربوية في نفوس األطفال هذه الروح الفاوستية املدمرة‪،‬‬
‫واختزلت الروح اإلنسانية وحاصرتها في حذاء صيني قديم‪.‬‬

‫‪ - 1‬جون ديوي (‪ ( 1859 - 1952) )John Dewey‬فيلسوف وعالم نفس أمريكي‪ّ ،‬‬
‫يعد أحد أهم مؤسس ي‬

‫الفلسفة البرغماتية‪ ،‬ومن أشهر أعالم التربية الحديثة على املستوى العاملي‪ .‬ارتبط اسمه بفلسفة التربية ألنه خاض في تحديد‬

‫الغرض من التعليم وأفاض في الحديث عن ربط النظريات بالواقع ـ ويعد من آباء التربية البرغماتية‪ ،‬وهو من أوائل الذين‬

‫أسسوا املدارس التجريبية في جامعة شيكاغو‪..‬‬

‫‪ -2‬محمود عبد الرزاق شفشق‪ ،‬األصول الفلسفية للتربية‪ ،‬دار البحوث العلمية‪ ،‬الكويت‪.1980 ،‬ص ‪.381‬‬

‫‪ - 3‬إبراهيم ناصر‪ ،‬فلسفات التربية‪ ،‬دار وائل للنشر‪ ،‬عمان ‪ ،2001‬ص ‪.336‬‬

‫‪ -4‬ول ديورانت‪ ،‬قصة الفلسفة‪ ،‬ترجمة فتح هللا املشعشع‪ ،‬مكتبة العارف‪ ،‬بيروت‪ .1985 ،‬ص ‪.624‬‬

‫‪ - 5‬ماجد محمد حسن‪ ،‬البرغماتية‪ ،‬الحوار املتمدن‪ ،‬العدد ‪ 816‬تاريخ ‪ ،200 2004/4/26‬موقع الحوار املتمدن‬

‫‪www.resgar.com‬‬

‫‪ - 6‬ماجد محمد حسن‪ ،‬البرغماتية‪ ،‬الحوار املتمدن‪ ،‬املرجع السابق‪.‬‬

‫‪- 7‬ماجد محمد حسن‪ ،‬البرغماتية‪ ،‬الحوار املتمدن‪ ،‬مرجع سابق‪.‬‬

‫‪ - 8‬محمد منير مرس ي‪ ،‬فلسفة التربية‪ ،‬عالم الكتب‪ ،‬القاهرة‪ ،1993 ،‬ص ‪.188‬‬
‫‪ -9‬جون ديوي‪ ،‬الديمقراطية والتربية‪ ،‬ترجمة متى عقراوي وزكريا ميخائيل‪ ،‬لجنة التأليف والترجمة والنشر‪ ،‬الطبعة‬

‫الثانية‪.1954 ،‬‬

‫‪ -10‬ول ديورانت‪ ،‬قصة الفلسفة‪ ،‬ترجمة فتح هللا املشعشع‪ ،‬مكتبة العارف‪ ،‬بيروت‪ .1985 ،‬ص ‪.625‬‬

‫‪ -11‬أحمد علي الحاج محمد‪ ،‬في فلسفة التربية‪ ،‬دار املناهج‪ ،‬عمان‪ ،2001 ،‬ص ‪.92‬‬

‫‪ -12‬وليم كلي رايت‪ ،‬تاريخ الفلسفة الحديثة‪ ،‬ترجمة محمود سيد أحمد‪ ،‬املجلس األعلى للثقافة‪ ،‬القاهرة‪،2001 ،‬‬

‫ص‪.498‬‬

‫‪13 - John Dewy, My pedagogy, Creed, Chicago ,1897.‬‬

‫‪ -14‬ملزيد من التفاصيل حول انتقادات ديوي للمدرسة التقليدية انظر‪ :‬تيسير شيخ األرض‪ ،‬فلسفة التربية عند جون‬

‫ديوي‪ ،‬مجلة املعلم العربي‪ ،‬العدد ‪ 5‬تموز‪ /‬آب‪/‬أيلول‪( 1985 ،‬صص‪.)379-361‬‬

‫‪ -15‬تيسير شيخ األرض‪ ،‬فلسفة التربية عند جون ديوي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪..366‬‬

‫‪16- Regarde : John Dewy, l’école et l’enfant, Tra. L.S. Pedoux, Edition Dela-‬‬

‫‪chaux et nie stèle, Paris ,1947.‬‬

‫‪ -17‬انظر‪ :‬محمد سعيد العشماوي‪ ،‬البرجماتية‪ :‬نظرة أمريكية للعالم‪ ،‬مجلة العربي‪ ،‬العدد ‪ ،471‬فبراير‪.1998 ،‬‬

‫‪ -18‬نقال عن‪ :‬ول ديورانت‪ ،‬قصة الفلسفة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.628‬‬

‫‪19 - John Dewey: La démocratie créatrice et la tâche qui nous attends, Texte‬‬

‫‪d’une conférence préparée en 1939 par Dewey a l’occasion d’un congrès orga-‬‬

‫‪nisé en l’honneur de ses 80 ans. in: Horizons philosophiques, Vil5. No2, 1997.‬‬

‫‪ -20‬كوثر عبد الرحيم شهاب الشريف‪ ،‬املنهج البرغماتي والتطبيق التربوية‪ ،‬مكتبة النهضة املصرية‪ ،‬القاهرة‪.1980 ،‬‬

‫‪ -21‬انظر ‪ :‬سعيد إسماعيل علي‪ ،‬فلسفات تربوية معاصرة‪ ،‬سلسلة عالم املعرفة الكويتية‪ ،‬العدد ‪ ،198‬يونيو‪.1995 ،‬‬

You might also like