Professional Documents
Culture Documents
إىل معرفة القواعد اليت سار عليها ا٠تط ا١تصحفي من أجل اإلبقاء على ىذا ا٠تط ا٠تالد منتظما
٤تفوظا من النقص ،ألنو ا٠تط الذم كتب بو القرآف الكرَل ،فهو باؽ ببقائو.
فائدتو:
.1الداللة على القراءات ا١تتنوعة ُب الكلمة الواحدة ما أمكن ٨تو (تبلوا_ تتلوا) كتبت بال نقط
كال إعراب فدلت على ذلك القراءتُت .
َ َّ ٓ َ
ٱلص ٍَا َء بَن ۡي َنَٰ َٓاﵟو .كزيادة الياء ُب عند من يقوؿ بداللتو .2الداللة على معٌت خفي
َ
ب ِ ۡ يْ ّٖدﵞ [الذاريات ]47 :إٯتاء لتعظيم قوة ا﵁ ،كأف يد ا﵁ تعاىل ليست كأيدينا.
َّ َ َٰ َ ۡ ُ ْ َ ُ
.3الداللة على أصل اٟتركة مثل ﵟش ورِييًﵞ [األعزاف ]145 :أك أصل اٟترؼ ﵟٱلصئةﵞ.
َ َ َۡ
.4إفادة بعض اللغات الفصيحة كقولو ﵟي ۡٔ ي ِتﵞ [هودْ ]105 :تذؼ الياء على لغة ىذيل.
ٛ .5تل الناس على تلقي القر آف الكرَل من صدكر الثقات ،كال يتكلوا على الرسم كُب ذلك
ميزتاف:
األكىل :التوثق من اللفظ كاألداء حيث اليتقن من الرسم أيا كاف شكلو.
الثانية :اتصاؿ السند بالرسوؿ صلى ا﵁ عليو كسلم كىذه خاصية لألمة ا﵀مدية.
حكمو :ىو من فركض الكفاية اليت إذا قاـ هبا بعض سقط اإلٍب عن الباقُت ،كذلك ألنو من
العلم بكتاب ا﵁ تعاىل.
مصادره:
.1ا١تصاحف العثمانية اليت كتبها الصحابة رضواف ا﵁ عليهم بتكليف من عثماف بن عفاف
رضي ا﵁ عنو كا١تصاحف اليت يكتًبت موافقة ُب رٝتها للمصاحف العثمانية.
.2ا١تؤلفات اليت صنفها العلماء مقتبسُت مادهتا العلمية من ا١تصاحف اليت كصلت إليهم ،كقد
ظهر ُب كل مصر من األمصار إماـ ركل ما كرد ُب مصحف بلده ،إذ أف أئمة القراءة كانوا يرككف
كيفية رسم الكلمات إىل جانب ركايتهم للقراءات.
.3الركايات اليت اعتمدىا العلماء عن أئمتهم كمشاٮتهم ،ألف مصدر القرآف ىو التلقي باألفواه
كالضبط بالصدكر قبل السطور.
المحاضرة الثانية :أصل الكتابة العربية
ط العربي:
أصل الخ ّ
اللغة العربية ىي إحدل اللغات الساميٌة ،كاليت سكن أىلها شبو جزيرة العرب بعد تشتت
الساميُت ،الذين انتشركا ُب أ٨تاء ٥تتلفة ،فنتج عن ذلك ا٨تالؿ لغتهم السامية إىل عدة لغات،
كقد قسم العلماءي العربيةى ،إىل عربية بائدة ،كعربية باقية ،فأما البائدة ،فلم يبق منها إال بعض
النقوش الصفوية كالثمودية كاللحيانية ،كاليت تشَت إىل أف تلك األمم كانت تتكلم العربية ،ك ٌأما الباقية،
كعمن
فهي اليت يتكلم هبا العرب ُب العصر اٟتايل ،كاليت اختلف العلماء ُب أصلها ،كمكاف نشأهتاَّ ،
أخذىا العرب؟ كتعددت اآلراء ُب ذلك ،كمنها:
ط العريب توقيف من ا﵁ تعاىل ،علٌمو آلدـ عليو السالـ . -1أف ا٠ت ٌ
ط أىل اليمن ،انتقل إىل العراؽ؛ حيث -2أنٌو مشتق من ا٠تط اٟتمَتم (ا١تسند) ،كىو خ ٌ
تعلمو أىل اٟتَتةٍ ،ب تعلمو أىل األنبار ،فنقلتو ٚتاعة إىل اٟتجاز ،عن طريق القوافل التجارية ،غَت أف
ط
ىذا ال يستند إىل أم دليل مادم ،كليست ىناؾ عالقة ظاىرة بُت خطوط «ٛتَت» ُب اليمن ،كا٠ت ٌ
العريب اٟتايل ،كاؿنقوش العربية البائدة ،كاليت كتبت ٓتط ا١تسندٗ ،تالف ىذا الرأم.
ٌ
-3أ ٌف من كضع ا٠تط العريب ،رجل من بٍت ٮتلد ،يدعى النضر بن كنانة ،فكتبت بو العرب.
-4ك يركل ابن عباس يقوؿ أف أكؿ من كضع الكتاب العريب إٝتاعيل -عليو السالـ -
كصفو على لفظو كمنطقو.
احدا كجعلوه
كتيما كدكمة بٍت إٝتاعيل ،كضعوا كتابنا ك ن
كنصرا ن
نفيسا ن -5كقيل أف أكؿ من كضعو ن
احدا موصوؿ اٟتركؼ. سطرا ك ن
ن
-6كقيل :إف الكالـ العريب بلغة ٛتَت كطسم ،كجديس كارـ كحويل ،فهؤالء ىم العرب
العاربة ،كأف إٝتاعيل ١تا حصل ُب اٟترـ كنشأ ككرب ،كتزكج ُب جرىم ،اىل معاكية بن مضاض اٞتر٫تي،
فهم أخواؿ كلده ،فعلم كالمهم.
مرة ،كأسلم بن سدرة ،كعامر.-7كقيل :إف ثالثة نفر من طيء اجتمعوا ببقعة كىم (مرامر بن ٌ
ط ،كقاسوا ىجاء العربية على ىجاء السريانية ،فتعلمو قوـ من األنبار ،كعنهم
بن جدرة) ،فوضعوا ا٠ت ٌ
أخذت العرب.
الصواب ،ىو الرأم الذم اعتمده العلماء لعل أقرهبا إىل ٌالعريب كثَتة ،ك ٌ
ط ٌ كاآلراء حوؿ أصل ا٠ت ٌ
ط النبطي ،كأف العرب أخذكا ط العريب مشتق من ا٠ت ٌ ا١تعاصركف كا١تستشرقوف كالذم يقوؿ« :إ ٌف ا٠ت ٌ
ا٠تط العريب عن أبناء عمومتهم األنباط قبل اإلسالـ».
كأصل األنباط أنوـ قبائل عربية نزحت من اٞتزيرة العربية كسكنوا ُب ا١تناطق اآلرامية ُب فلسطُت
كجنوب بالد الشاـ كاألردف ،كيؤيد ىذا النقوش النبطية اليت كشفت الصلة بُت ا٠تط العريب كالنبطي،
كىذه النقوش ٥تتصرة:
-1نقش النمارة:
كقد عثر على ىذا النقش ُب منطقة النمارة ،كىي قصر صغَت للركـ ،قرب دمشق ،كىو يشَت
دكف بالرسم النبطي ا١تتصل اٟترؼ ،كالرسم.
إىل قرب امرئ القيس بن عمرك ،من ملوؾ اٟتَتة ،كقد ٌ
كتعد ىذه الكتابة أكؿ كتابة كأقدـ كتابة عثر عليها حىت اآلف مدكنة باللهجة العربية الشمالية
القريبة من ٢تجة القرآف كإف كتبت با٠تط النبطي ا١تتأخر ،كىذا ٦تٌا يؤكد ارتباط ا٠تط النبطي با٠تط
ط القرآف
العريب ،الذم ٗتتلف فيو بعض اٟتركؼُ ،ب أكؿ الكلمة منها ُب آخر الكلمة كالقريب من خ ٌ
الكرَل.
كالرسم النبطي ىو أحد أنواع الرسم اآلرامي ،كمن ٦تيزاتو ارتباط بعض حركفو ببعض ،ككتابة
بعض اٟتركؼ ُب هناية الكلمة بشكل ٮتتلف عن رسم اٟتركؼ اليت من نوعها ا١تستعملة ُب أكائل
الكلمة أك أكاسطها.
-2نقش أـ اٞتماؿ:
عثر عليو جنوب حوراف ،شرؽ األردف ،كيوجد ُب ىذه الكتابة حركؼ غَت مرتبطة ،كحركؼ
مشاهبة ٟتركؼ ا٠تط الكوُب ،ككتبت باآلرامية ،ككجد فيها أٝتاء عربية ،كقد كانت تستعمل القبائل
العربية الشمالية ،اآلرامية ُب الكتابة.
-3نقش زبد:
ككتب بثالث لغات ،اليونانية كالسريانية ،كالعربية ،كعثر عليو بُت قنسرين كهنر الفرات ،ككاف
النص العريب فيو ال ٮتلو من األثر اآلرامي.
-4نقش حراف:
عثر عليو ُب حراف اللجاُ ،ب ا١تنطقة الشمالية من جبل الدركز ،كمدكف باليونانية كالعربية.
كالذم يدقق النظر ُب النقوش ا١تكتشفة ُب مشاؿ اٟتجاز كإقليم حوراف كشبو جزيرة سيناء ككلها
تنحصر بُت عامى 250للميالد كخواتيم القرف السادس ا١تيالدم يرل كجو الشبو بُت النقوش العربية
كالنقوش النبطية االصيلة كٟتظ التطور الذم ادرؾ الكاتب كىي ٕتاكز اصلها النبطي اىل صورهتا
العربية اليت حذقها العرب قبل االسالـ.
كبناءن على تلك النقوش اليت كجدت ،اتفق أغلب العلماء كا١تستشرقوف على صواب الرأم
ط ا١تسند ،بدليل
ط العريب مشتق من ا٠ت ٌاألخَت ،غَت أنٌو ال ٯتكن إ٫تاؿ الرأم الذم يقوؿ بأف ا٠ت ٌ
بعضهم ط العريب ،كقد حاكؿكجود نقوش العربية البائدة ،اليت تثبت الصلة بُت ا٠تط ا١تسند كا٠ت ٌ
ط ا١تسند غَت بعيد الشبو عن ا٠تط اآلرامي ،كأف لغة ا١تسند تأثرتاٞتمع بُت الرأيُت؛ بقولو :إف ا٠ت ٌ
باللغة اآلرامية ،كأف أّتديتنا العربية ترتبط بأّتدية العرب األصلية كىي ا١تسند ،فكيف اٞتمع بُت
الرأيُت؟
إف النبٌط ىم قوـ عرب ،تأثركا با٠تط ا١تسند ،كٓتط اآلراـٍ ،ب اشتقوا من ا٠تط اآلرامي خطِّا
ط العريب.
ط النبطي ،كهبذا ٭تل ا٠تالؼ القائم حوؿ أصل ا٠ت ٌ جديدا ٝتي با٠ت ٌ
ن
مل يكن العرب الذين أنزؿ ا﵁ تعاىل عليهم القرآف ٔتعزؿ عن القراءة كالكتابة كلية ،فقد كاف فيو
القرأة قليال ،إال أف الغالب على الناس كاف -إذ ذاؾ -األمية ،كمن ذلك كصفت ىذه األمة
الكتبة ك ى
تعاىل ﴿ :ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ باألمية ،قاؿ
٨تسب )) ركاه البخارم (( :إنٌا ٌأمة أمية ،ال نكتب كال ﴾ [اٞتمعة ،]2كقاؿ ﭭ ﭮ ﭯﭰﭱﭲ
كمسلم.
ىشاـ بن ٤تمد بن السائب منهم:
كقد ذكر الركاة أف رجاال كانوا يكتبوف ُب اٞتاىلية ،ف ىذكر ي
حرب بن أمية ،كابنو سفياف بن حرب ،كمعاكية بن أيب سفياف ،كعمر بن ا٠تطاب .
كركل البالذرم عن أيب بكر بن عبد ا﵁ بن أيب جهم العدكم؛ قاؿ:
«دخل اإلسالـ؛ كُب قريش سبعة عشر رجال كلهم يكتب :عمر بن ا٠تطاب؛ كعلي بن أيب
طالب؛ كعثماف بن عفاف؛ كأبو عبيدة بن اٞتراح؛ كطلحة؛ كيزيد بن أيب سفياف؛ كأبو حذيفة بن عتبة
بن ربيعة؛ كحاطب بن عمرك أخو سهيل بن عمرك العامرم من قريش؛ كأبو سلمة بن عبد األسد
ا١تخزكمي؛ كأباف بن سعيد بن العاصي بن أمية؛ كخالد بن سعيد أخوه؛ كعبد ا﵁ بن سعد بن أيب
سرح العامرم؛ كحويطب بن عبد العزل العامرم؛ كأبو سفياف بن حرب بن أمية؛ كمعاكية بن أيب
سفياف؛ كجهيم بن الصلت بن ٥ترمة بن ا١تطلب بن عبد مناؼ ،كمن حلفاء قريش العالء بن
اٟتضرمي.».
،كتبو؛ كأمر بكتابتو؛ كحرص على ذلك، فلما نزؿ القرآف الكرَل على قلب سيدنا ٤تمد
ككتبو ا٠تلفاء من بعده ،كسارت األمة على تلك السنن؛ حىت كصل إلينا مكتوبا ُب مصاحف؛ أكالىا
األكؿ ُب حرؼ كاحد ،كضبط ا١تسلموف كتاب رهبم
ا١تسلموف عنايتهم الفائقة؛ فلم تفارؽ الكتاب ٌ
ُب كتابو﴿ :ﮗ ﮘ ﮙ ضبطا؛ مل يتسن لألمم السالفة ،ككاف ذلك كلو مصداقا لوعد ا﵁ ،الذم قرره
ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﴾[اٟتجر .]9
الكتابة في عهد النبي صلى اهلل عليو كسلم كعنايتو بكتابة القرآف الكريم:
الصحابة رضي ا﵁ عنهم مل يعطونا توصيفا شامال كامال لعملية تدكين القرآف الكرَل سواء ُب
عهد النيب الكرَل صلى ا﵁ عليو كسلم أك عهد من تاله من ا٠تلفاء الراشدين رضي ا﵁ عنهم.
لكننا على الرغم من ذلك ٧تد ُب اآلثار ما ٯتكن أف يكوف لنا عونا على فهم مالبسات ذلك
اٞتمع.
كإف من أىم ما ٯتكن االعتماد عليو ُب ىذا الباب األثر الوارد عن زيد بن ثابت رضي ا﵁ عنو
ُب كصفو لعملية اٞتمع اليت قاـ هبا زمن أيب بكر رضي ا﵁ عنو ،يقوؿ ُب حديثو الطويل:
«قاؿ أبو بكر :إنك رجل شاب عاقل؛ ال نتهمك ،كقد كنت تكتب الوحي لرسوؿ ا﵁ صلى
ا﵁ عليو كسلم ،فتتبٌع القرآف فاٚتعو ،فوا﵁ لو كلفوٍل نقل جبل من اٞتباؿ ما كاف أثقل علي ٦تا أمرٍل
بو من ٚتع القرآف .قلت :كيف تفعلوف شيئا مل يفعلو رسوؿ ا﵁؟ قاؿ :ىو كا﵁ خَت ،فلم يزؿ أبو
بكر يراجعٍت؛ حىت شرح ا﵁ صدرم للذم شرح لو صدر أيب بكر كعمر رضي ا﵁ عنهم ،فتتبعت
القرآف؛ أٚتعو من العسب كاللخاؼ كصدكر الرجاؿ.»...
األكتاؼ؛ كاألقتاب؛ كالعسب؛ كصدكر كُب ركاية قاؿ« :فجمعت القرآف؛ أٚتعو من
الرجاؿ ، ».كُب ركاية أخرل« :فتتبعت القرآف أنسخو من الصحف؛ كالعسب؛ كاللخاؼ.».
كُب ركاية ابن حبٌاف ،قاؿ« :فقمت أتتبع القرآف؛ أٚتعو من الرقاع؛ كاللخاؼ؛ كالعسب؛
كصدكر الرجاؿ ، ».كجاء ُب ركاية أخرل ذكر قطع األدـ.
فهذه الركايات -على اختالفها -ال تعرض لنا كبَت شيء غَت تلك الوسائل التقليدية بل
البدائية ،قد كانت ىي اليت ٚتع منها زيد رضي ا﵁ عنو القرآف الكرَل ،كىي -بال شك -األشياء اليت
كتب عليها القرآف زمن النيب صلى ا﵁ عليو كسلم ،فاكتسبت القيمة القدسية بذلك ،بل إف الكتابة
عليها قد حصلت بُت يدم النيب صلى ا﵁ عليو كسلم كْتضرتو ،فأقل أحكامها أهنا من السنة
التقريرية ،اليت ىي من ىديو صلى ا﵁ عليو كسلم.
بالقراء يومئذ؛ ف ًرؽ أبو بكر على القرآف أف يضيع،
عن عركة بن الزبَت قاؿ١« :تا استحر القتل ٌ
فقاؿ لعمر بن ا٠تطاب كزيد بن ثابت :اقعدكا على باب ا١تسجد ،فمن جاءكما بشاىدين على شيء
من كتاب ا﵁؛ فاكتباه.».
إف قولو« :اقعدكا عند باب ا١تسجد ،فمن جاءكما بشاىدين على شيء من كتاب ا﵁ .».يدؿ
داللة ظاىرة على أهنما كانا ينتظراف شيئا ٤تسوسا بيٌنا ملموسا ،ال شيئا معنويا ،فزيد مع أنو كاف
حافظا لكتاب ا﵁؛ فإنو كعمر رضي ا﵁ عنهم كانا ْتاجة إىل أف ٬تمعا مكتوبات؛ كنزىا أصحاب
رسوؿ ا﵁ صلى ا﵁ عليو كسلم ُب حياتو كادخركىا ،فلما احتاجا إليها؛ احتاجا إىل دليل يثبت
نسبتها للنيب صلى ا﵁ عليو كسلم؛ كأهنا كتبت ُب زمانو على األقل -حسبما تفيده ىذه الركاية-
كالدليل ىنا ىو الشهادة ،لكنهما مل يكتفيا بشهادة شهيد كاحد؛ حىت يشهد معو آخر على صدؽ
شهادتو ،كل ذلك ٖتريا ُب نقل كتاب ا﵁ عز كجل.
كاألثر كإف مل يكن صر٭تا ُب كوف ىذه ا١تكتوبات كتبت بُت يدم النيب صلى ا﵁ عليو كسلم،
إال أنو يدؿ على ذلك ،إذ العملية كانت بعد كفاة النيب صلى ا﵁ عليو كسلم ٔتدة كجيزة ،فال يكوف
لقوؿ أيب بكر معٌت سول ىذا ،خصوصا أف عثماف ُب زمنو رضي ا﵁ عنو قد قاـ بالفعل نفسو،
كجاءت الركاية عنو صر٭تة ُب إثبات صلة تلك ا١تكتوبات ْتضرة النيب صلى ا﵁ عليو كسلم الشريفة،
عن مصعب بن سعد قاؿ« :قاـ عثماف فخطب الناس فقاؿ :أيها الناس ...فأعزـ على كل رجل
منكم ما كاف معو من كتاب ا﵁ شيء ١تا جاء بو ،فكاف الرجل يأٌب بالورقة كاألدَل فيو القرآف؛ حىت
لسمعت رسوؿ ا﵁ صلى ا﵁ى ٚتع من ذلك كثرةٍ ،ب دخل عثماف فدعاىم رجال رجال ،فناشدىم:
عليو كسلم كىو أماله عليك؟ فيقوؿ :نعم ،» ... ،كُب ركاية« :عزمت على من عنده شيء من
القرآف ٝتعو من رسوؿ ا﵁ صلى ا﵁ عليو كسلم ١تا أتاٍل بو ،فجعل الرجل يأتيو باللوح كالكتف
كالعسب فيو الكتاب فمن أتاه بشيء قاؿ :أنت ٝتعتو من رسوؿ ا﵁ صلى ا﵁ عليو كسلم؟»
فال أصرح من ىذا –ُب رأيي -داللة على أف ما اعتمد عليو زيد ُب ٚتعو األكؿٍ ،ب ُب ٚتعو
الثاٍل كاف ٦تا كتب بُت يدم النيب صلى ا﵁ عليو كسلم كْتضرتو.
كا١تقصود من ىذا كلو أف األغراض اليت كاف النيب صلى ا﵁ عليو كسلم يكتب الوحي عليها مل
تكن إال من ذلك النوع البدائي ،على حسب إمكاف الناس ُب ذلك الوقت.
كمع ذلك ،فإف النيب صلى ا﵁ عليو كسلم حرص على كتابة ٚتيع القرآف ا١تنزؿ عليو ،حىت إنو
مل يبق آية منو غَت مكتوبة ،فزيد رضي ا﵁ عنو ،كىو من حفظة كتاب ا﵁ كامال ،صرح أنو مل يفقد
من القرآف سول آية كاحدةٍ ،ب كجدىا ،قاؿ زيد« :ففقدت آية؛ كنت أٝتع رسوؿ ا﵁ صلى ا﵁ عليو
كسلم يقرأ هبا﴿ :ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﴾ [التوبة ،]١٢٨فالتمستها؛
فوجدهتا مع خزٯتة بن ثابت ،فأثبتها ُب سورهتا».
فهذا يدؿ على أف كل القرآف كتب ْتضرة النيب صلى ا﵁ عليو كسلم ،كيف ال؟ كقد أكىل
كتابتو اىتماما بالغا ،لدرجة أنو صلى ا﵁ عليو كسلم هنى أصحابو أف يكتبوا عنو شيئا من العلم ،عن
أيب سعيد ا٠تدرم رضي ا﵁ عنو أف النيب صلى ا﵁ عليو كسلم قاؿ« :ال تكتبوا عٍت شيئا إال القرآف،
كمن كتب شيئا فليمحو».
كمن أدؿ األدلة على عنايتو صلى ا﵁ عليو كسلم بكتاتبتو ،كجود صحف مكتوب عليها القرآف
ُب بداية العهد ا١تكي بل ُب ا١ترحلة السرية من الدعوة ،كقصة إسالـ عمر بسبب صحيفة عليها مطلع
سورة طو ،مشهورة ُب كتب السَتة النبوية.
كمن أدلة العناية منو صلى ا﵁ عليو كسلم على تدكين القرآف ،مسارعتو صلى ا﵁ عليو كسلم ُب
استدعاء الكاتب بُت يديو ليملي عليو النازؿ من القرآف لساعتو ،عن الرباء بن عازب رضي ا﵁ عنو
قاؿ١« :تا نزلت ﴿ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﴾ قاؿ النيب صلى ا﵁ عليو كسلم «ادع يل زيدا،
«اكتب ﴿ :ﭑ ﭒ »ٍ ،ب قاؿ: كليجئ باللوح؛ كالدكاة؛ كالكتف ،أكالكتف؛ كالدكاة
ﭓ﴾.»...
فهذا ظاىر ُب مبادرتو صلى ا﵁ عليو كسلم إىل استدعاء كاتبو لكتابة القرآف ،كمثلو ما جاء عن
ابن عباس رضي ا﵁ عنهم أف رسوؿ ا﵁ صلى ا﵁ عليو كسلم بعث إىل معاكية يكتب لو ،فقاؿ :إنو
يأكل ...اٟتديث.
فخالصة الكالـ أف مظاىر عنايتو صلى ا﵁ عليو كسلم ٕتلت ُب أمور عدة منها:
-أنو صلى ا﵁ عليو كسلم عٍت بكتابة القرآف دكف ما سواه -إال ما كتبو بعض أصحابو
ألنفسهم ،كعبد ا﵁ بن عمرك رضي ا﵁ عنهم -ليعطيو حقو ُب اٞتمع.
-أنو صلى ا﵁ عليو كسلم كاف قد جعل لنفسو كتبة يقوموف هبذه ا١تهمة بُت يديو ،منهم زيد
لتوه ،ليحفظ رٝتو كما ٭تفظ لفظو،بن ثابت ،كمعاكية بن أيب سفياف ،فكاف يستدعيهم بعد نزكلو ٌ
بل إف الكتابة كانت منذ فجر اإلسالـ ،قبل أف يسلم ىذاف الصحابياف رضي ا﵁ عنهم.
-أنو من حرصو صلى ا﵁ عليو كسلم كاف يكتبو على أم شيء تسنٌت الكتابة عليو ،كذلك
أف اإلمكانات ا١تادية مل تكن ُب بداية الدعوة اإلسالمية متاحة كما أتيحت للخلفاء الراشدين بعده.
اللخاؼ ،كاألكتاؼ ،كاألقتاب ،كالصحف،ى العسب ،ك
ى -ككانت تلك األشياءي اليت كتبوا عليها
كقطع األدـ ،يقوؿ السيوطي« :فالعسبٚ :تع عسيب ،كىو جريد النخل ،كانوا يكشطوف كالرقاع ،ى
ا٠توص؛ كيكتبوف ُب الطرؼ العريض.
كاللِّخاؼ :بكسر الالـ؛ كٓتاء معجمة خفيفة؛ آخره فاءٚ ،تع ٠تفة :بفتح الالـ؛ كسكوف
ا٠تاء ،كىي :اٟتجارة ال ٌدقاؽ ،كقاؿ ا٠تطايب« :صفائح اٟتجارة».
جف؛ كتبوا عليو.
كاألكتاؼٚ :تع كتف ،كىو العظم الذم للبعَت كالشاة ،كانوا إذا ٌ
كاألقتاب :ىو ا٠تشب الذم يوضع على ظهر البعَت؛ يلَتكب عليو».
-أنو صلى ا﵁ عليو كسلم حرص حرصا شديدا على كتابة كل القرآف دكف أف ينقص منو
شيئا٦ ،تا سهل ا١تهمة على من جاء بعده صلى ا﵁ عليو كسلم ُب عملية ٚتعو.
طريقة الكتابة في عهده صلى اهلل عليو كسلم:
كاف القرآف ينزؿ على النيب صلى ا﵁ عليو كسلم منجما على حسب ا١تناسبات ،مفرقا على
األكقات ،ال يدرم صلى ا﵁ عليو كسلم الساعة اليت ينزؿ فيها عليو ،حىت ينزؿ عليو جربيل فيكلمو
بو ،كٟترصو صلى ا﵁ عليو كسلم –كما مضى ُب ا١تبحث ا١تاضي -كاف يبذؿ كل ما ُب كسعو
حسب الطاقة ا١تادية كا١تعنوية لكتابتو ،كما أف الصحابة رضواف ا﵁ عليهم من حرصهم كاىتمامهم
كتبوا ألنفسهم ،كقد جاء ما يدؿ على ترغيب النيب صلى ا﵁ عليو كسلم ُب ذلك ،إذ هناىم عن
كتابة كل ما سول القرآف ،كما ُب حديث أيب سعيد السابق.
كٯتكن من خالؿ النظر ُب تاريخ الدعوة أف نقسم مراحل كتابة القرآف زمن النيب صلى ا﵁ عليو
كسلم إىل ثالثة مراحل:
.1ا١ترحلة األكىل كىي ا١ترحلة ا١تكية :كىي فًتة مل يكن متيسرا للنيب صلى ا﵁ عليو كسلم فيها
تلك األدكات اليت ييكتب عليها ،كال الكتبة الذين يكفونو عملية التدكين ،كٯتكن أف نق ٌدر الطريقة
الغالب على النيب صلى
ى اليت كاف يدكف هبا القرآف بأهنا كانت تفتقد إىل أدٌل شركط التدكين ،إذ كاف
بعضهم بعضا كذلك ،فإذا تيسر الكاتب تعليم الصحابة القرآف غيبا منو إليهم ،كيلقنو ي
ا﵁ عليو كسلم ي
كالوسيلة قاـ صلى ا﵁ عليو كسلم بكتابة ما نزؿ عليو ،كٯتكن االستدالؿ على ذلك بصحيفة إسالـ
عمر اآلنفة الذكر.
كقد ذكر الباحثوف ُب ٚتلة الكاتبُت ُب ىذه ا١ترحلة من السابقُت األكلُت :األرقم بن أيب األرقم،
كخالد بن سعيد بن العاص ،كالزبَت بن العواـ ،كشرحبيل بن حسنة –قيل أنو كاف أكؿ من كتب للنيب
صلى ا﵁ عليو كسلم ،-كعامر بن فهَتة ،كعبد ا﵁ بن سعد بن أيب السرح –قيل إنو أكؿ من كتب
للنيب صلى ا﵁ عليو كسلم -كالعالء بن اٟتضرمي ،كغَتىم.
فحيث أنو مل تكن ىناؾ دكلة قائمة ،كمل يكن ىناؾ يكتاب رٝتيوف للنيب صلى ا﵁ عليو كسلم،
فإف اٟتاؿ تقتضي أف كل كاحد من الصحابة ا١تتعلمُت كاف يكتب لنفسو أك ١تن يطلب منو ذلك،
ككانت تلك ا١تكتوبات ملكا للصحابة الذين يقرؤكهنا كيتعلموف القرآف منها ،على قلة الكاتبُت منهم
رضي ا﵁ عنهم.
ا١ترحلة الثانية عند نشأة الدكلة اإلسالمية١ :تا ىاجر النيب صلى ا﵁ عليو كسلم ذىب عنو
االضطهاد ،الذم كاف يلقاه من قريش ،كاألذل الذم كاف ينالو منهم ،كشرع صلى ا﵁ عليو كسلم ُب
إرساء دعائم الدكلة الفتية اليت ستكوف نرباسا كىدل كنورا يأملو ا١تسلموف ُب كل زماف كمكاف ،كصار
بإمكانو أف يتخذ لنفسو عماال كرسال كككالء على أعمالو ،يكلفهم هبا.
ك٦تا اٗتذه رسوؿ ا﵁ صلى ا﵁ عليو كسلم ،الكتبة الذين يكتبوف معامالتو كرسائلو إىل القبائل
كا١تلوؾ ،كغَتىم...
كما اٗتذ كتبة للقرآف الكرَل قد أشرنا إىل بعضهم ،كأشهر من جاء كصفو من الصحابة بكاتب
يد بن ثابت رضي ا﵁ عنو.
الوحي ز ي
فقد قاؿ أبو بكر رضي ا﵁ عنو لو« :إنك رجل شاب عاقل؛ ال نتهمك ،كقد كنت تكتب
الوحي لرسوؿ ا﵁ صلى ا﵁ عليو كسلم.».
كٔتا أف الدكلة كانت ُب نشأهتا ،مل يكن غريبا أف تبقى كسائل التدكين ىي نفسها اليت كانت
أياـ مكة٣ ،ترد أكتاؼ كأضالع كحجارة.
ففي حديث زيد رضي ا﵁ عنو« :إٍل قاعد جنب النيب صلى ا﵁ عليو كسلم يوما؛ إذ أكحي
إليو ،قاؿ :كغشيتو السكينة؛ ككقع فخذه على فخذم حُت غشيتو السكينة.».
فقد كاف النيب صلى ا﵁ عليو كسلم يسارع إىل تدكين ما ينزؿ عليو ُب حينو كأكانو ،فيستدعي
الكاتب آمرا إياه بإحضار لوازـ الكتابة ،من لوح أك غَته ،مع الدكاة كالقلم ،كٯتكن أف نستفيد ىذا
من حديث الرباء بن عازب :قاؿ١ « :تا نزلت ﮋ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﮊ قاؿ النيب صلى
»ٍ ،ب قاؿ: ا﵁ عليو كسلم «ادع يل زيدا ،كليجئ باللوح؛ كالدكاة؛ كالكتف ،أكالكتف؛ كالدكاة
«اكتب :ﮋ ﭑ ﭒ ﭓ ﮊ.»...
الكتابة في عهد الخلفاء الراشدين:
حرص ا٠تليفة الراشد أبو بكر الصديق رضي ا﵁ عنو رضي ا﵁ عنو ُب عهده على تدكين
القرآف الكرَل كفق ما كاف عليو التدكين ُب زمن النيب صلى ا﵁ عليو كسلم ،كذلك بعد اقًتاح كرأم
من عمر بن ا٠تطاب رضي ا﵁ عنو ،ككلف لذلك كاتب الوحي للنيب صلى ا﵁ عليو كسلم :زيد بن
ثابت رضي ا﵁ عنو ،قاؿ زيد:
إيل أبو بكر ١تقتل أىل اليمامة؛ كعنده عمر ،فقاؿ أبو بكر« :إف عمر أتاٍل؛ فقاؿ« :إف «بعث ٌ
القتل قد استحر يوـ اليمامة بقراء القرآف ،كإٍل أخشى أف يستحر القتل بقراء القرآف ُب ا١تواطن كلها؛
فيذىب قرآف كثَت ،كإٍل أرل أف تأمر ّتمع القرآف ،».قلت« :كيف أفعل شيئا مل يفعلو رسوؿ ا﵁
؟» .فقاؿ عمر« :ىو كا﵁ خَت ،».فلم يزؿ عمر يراجعٍت ُب ذلك؛ حىت شرح ا﵁ صدرم للذم
شرح لو صدر عمر ،كرأيت ُب ذلك الذم رأل عمر.».
قاؿ زيد :قاؿ أبو بكر« :كإنك رجل شاب؛ عاقل؛ ال نتهمك ،قد كنت تكتب الوحي لرسوؿ
،فتتبع القرآف؛ فاٚتعو.». ا﵁
كمع أف زيدا كاف حافظا؛ ضابطا للقرآف؛ قادرا على كتابتو من حفظو ،فإنو مل يفعل ،ألف مراده
كحضرتو. كغايتو كاف أف يكتب اقرآف كفق ا١تكتوب بُت يدم رسوؿ ا﵁
بتنفيذ خطٌة اٞتمع -على ما أرل -كفق كألجل ىذه ا١تهمة العظيمة ،قاـ أبو بكر الصديق
النظاـ اآلٌب:
- 1اإلعالف عنها ُب الناس ،كسػخر ألجل ذلك عػمر بن ا٠تطاب .
عن ٭تِت بن عبد الرٛتن بن حاطب قاؿ:
«أراد عمر بن ا٠تطاب أف ٬تمع القرآف؛ فقاـ ُب الناس؛ فقاؿ:
شيئا من القرآف فليأتنا بو» ،ككانوا كتبوا ذلك ُب الصحف؛ «من كاف تلقى من رسوؿ ا﵁
كاأللواح؛ كالعسب.».
كعن قولو« :أراد عمر بن ا٠تطاب أف ٬تمع القرآف» ،قاؿ ابن كثَت:
«كمعناه أنو أشار ّتمعو فجمع ،ك٢تذا كاف مهيمنا على حفظو؛ كٚتعو ... ،كذلك عن أمر
الصديق لو ُب ذلك.».
ٚ- 2تع ما ُب أيدم الناس من مكتوب؛ على أم شيء كاف ،قاؿ زيد:
«فجمعت القرآف؛ أٚتعو من األكتاؼ؛ كاألقتاب؛ كالعسب؛ كصدكر الرجاؿ.».
كعن عركة بن الزبَت قاؿ:
«فقاؿ [أم أبو بكر] لعمر بن ا٠تطاب؛ كزيد بن ثابت« :اقعدكا على باب ا١تسجد ،فمن
جاءكما بشاىدين على شيء من كتاب ا﵁؛ فاكتباه.».».
- 3تصفية؛ كانتقاء ا١تكتوب ،ككاف ذلك بأمرين:
األكؿ :أف ال يقبل إال ما كتب ْتضرة النيب .
،كمل قاؿ أبو شامة «إ٪تا كاف قصدىم؛ أف ينقلوا من عُت ا١تكتوب بُت يدم رسوؿ ا﵁
يكتبوا من حفظهم ،ألف قراءهتم كانت ٥تتلفة١ ،تا أبيح ٢تم من قراءة القرآف على سبعة أحرؼ.».
،ككاف كالثاٍل :أف ال يقبل إال ما شهد شاىداف من الصحابة على أنو كتب ْتضرة النيب
الصحابة إذ ذاؾ متوافركف.
قاؿ أبو بكر « :فمن جاءكما بشاىدين على شيء من كتاب ا﵁؛ فاكتباه.».
كُب ركاية ٭تِت بن عبد الرٛتن بن حاطب :أ ٌف عمر «كاف ال يقبل من أحد شيئا؛ حىت يشهد
شهيدين.».
قاؿ السيوطي:
«كىذا يدؿ على أف زيدا كاف ال يكتفي جملرد كجدانو مكتوبا؛ حىت يشهد بو من تلقاه ٝتاعا؛
مع كوف زيد كاف ٭تفظ ،فكاف يفعل ذلك مبالغة ُب االحتياط.».
فتم األمر على ىذا العمل كىذه الطريقة حىت اجتمعت لدل ا٠تليفة نسخة ثانية من كل ما ىو
موجود عند الصحابة رضي ا﵁ عنهم دكف استثناء ،حىت إف زيدا أكد ذلك بقولو:
كيسمي العلماء ىذه النسخة الثانية بصحف أيب بكر ،ألهنا مل تكن مصحفا ،كإ٪تا كانت ٣ترد
صحف ٚتعت بُت لوحُت ،ليس ٢تا صفة ا١تصحف.
ٍب كانت تلك الصحف عند أيب بكرٍ ،ب عند عمرٍ ،ب عند حفصة بنت عمر ِّأـ ا١تؤمنُت،
بسبب أهنا كانت كصية أبيها على تركتو.
ٚتع القرآف ،... ،فكانت تلك الكتب؛ عند أيب عن سامل كخارجة« :أف أبا بكر الصديق
،فأرسل إليها عثماف بكر حىت توُبٍ ،ب عند عمر؛ حىت توُبٍ ،ب كانت عند حفصة زكج النيب
فأبت أف تدفعها إليو ،حىت عاىدىا لَتدهنا إليها ،فبعثت هبا إليو ،فنسخها عثماف ُب ىذه ا١تصاحف،
ردىا إليها ،فلم تزؿ عندىا؛ حىت أرسل مركاف فأخذىا فحرقها.». ٍب ٌ
قولو« :حىت أرسل مركاف ». ...؛ فيو اختصار ،فقد جاء عن ابن شهاب؛ عن أنس؛ قولو:
«فلما كاف مركاف أمَتا على ا١تدينة؛ أرسل إىل حفصة يسأ٢تا عن الصحف؛ ليحرقها ،كخشي أف
ٮتالف بعض الكتاب بعضا ،فمنعتو إياىا.».
قاؿ ابن شهاب :فحدثٍت سامل بن عبد ا﵁ قاؿ« :فلما توفيت حفصة؛ أرسل إىل عبد ا﵁ بن
عمر بعزٯتة؛ لَتسلن هبا ،فساعة رجعوا من جنازة حفصة؛ أرسل هبا عبد ا﵁ بن عمر إىل مركاف،
ففشاىا؛ كحرقها؛ ٥تافة أف يكوف ُب شيء من ذلك اختالؼ ١تا نسخ عثماف ».
أما ُب عهد عمر رضي ا﵁ عنو ،فإف األمر مل ٬تد فيو أم جديد ،كمل ٭تدث أم أمر يستدعي
إعادة الكتابة.
لكن ُب زمن عثماف رضي ا﵁ عنو حدث ما دعا إىل اٞتد ُب إعادة كتابة القرآف الكرَل ،كتبٍت
مصحف رٝتي من طرؼ الدكلة حىت ال يقع االختالؼ على غَته.
عن أنس بن مالك العامرم كىو غَت أنس بن مالك األنصارم قاؿ« :اختلفوا ُب القرآف على
عهد عثماف؛ حىت اقتتل الغلماف كا١تعلموف ،فبلغ ذلك عثماف؛ فقاؿ« :عنػدم تكػذبوف بو؛ كٗتتلػفوف
فيو! فمن نأل عٍت؛ كاف أشػد تكػذيبا؛ كأكثر ٟتنا .»...
كُب ركاية عن أيب قالبة قاؿ١« :تا كاف ُب خالفة عثماف؛ جعل ا١تعلم يعلم قراءة الرجل؛ كا١تعلم
يعلم قراءة الرجل ،فجعل الغلماف يلتقوف؛ فيختلفوف ،حىت ارتفع ذلك إىل ا١تعلِّمُت» ،قاؿ أيوب :ال
أعلمو إال قاؿ« :حىت ىك ىفر بعضهم بقراءة بعض ،فبلغ ذلك عثماف؛ فقاـ خطيبا؛ فقاؿ:
«أنتم عندم ٗتتلفوف فيو؛ كتلحنوف! فمن نأل عٍت من األمصار؛ أشد اختالفا؛ كأشد ٟتنا.».
فهذا الذم كاف؛ كاف ُب أىل ا١تدينة ،كإ٪تا حصل من الذين مل يدركوا زمن التنزيل؛ ٦تن حفظوا
القرآف؛ ك٦تن تعلموا على أيديهم من الغلماف ،فكاد يقع شر كبَت ،ككاف األمر أشر كأخطر ُب سائر
البلداف.
عن ابن شهاب قاؿٍ :ب أخربٍل أنس بن مالك األنصارم:
«أنو اجتمع لغزكة أذربيجاف كأرمينية أىل الشاـ كأىل العراؽ ،قاؿ :فتذاكركا القرآف؛ فاختلفوا
فيو؛ حىت كاد يكوف بينهم فتنة .قاؿ :فركب حذيفة بن اليماف ١-تا رأل من اختالفهم ُب القرآف -إىل
عثماف ،فقاؿ« :إف الناس قد اختلفوا ُب القرآف؛ حىت -كا﵁ -ألخشى أف يصيبهم ما أصاب اليهود
كالنصارل من االختالؼ» .قاؿ :ففزع لذلك عثماف فزعا شديدا.». ... ،
فدعا ىذا ا٠تالؼ؛ كىذا الشقاؽ عثماف إىل حزـ أمره؛ كٚتع مشلو؛ كتدارؾ اٟتاؿ ،فجمع أىل
،كتراءل معهم األمر. الشورل من أصحاب رسوؿ ا﵁
قاؿ علي بن أيب طالب« :فوا﵁ ما فعل الذم فعل ُب ا١تصاحف؛ إال عن م وإل منا ٚتيعا ،فقاؿ:
«ما تقولوف ُب ىذه القراءة؟ فقد بلغٍت أف بعضهم يقوؿ« :إف قراءٌب خَت من قراءتك» ،كىذا يكاد
يكوف كفرا» ،قلنا« :فما ترل؟» ،قاؿ« :نرل أف ٬تمع الناس على مصحف كاحد؛ فال تكوف فرقة؛
كال يكوف اختالؼ ،».قلنا« :فنعم ما رأيت».
كألجل ىذه ا١تهمة النبيلة كالصعبة ُب آف كاحد شكل عثماف ٞتنة تتوىل مهمة ىذا اٞتمع ،فقاـ
بأمرين:
األمر األكؿ :طلب من عموـ الصحابة (رضواف ا﵁ عليهم) إحضار مكنوزاهتم؛ ٦تا كتبوه بُت
؛ كما فعل أبو بكر ،فكأنو أراد أف يقوـ بالنقل من عُت ما كتب بُت يدم النيب يدم النيب
الصديق ً ،
كضبطو على تلك الصفة ا١تأثورة.
عن مصعب بن سعد؛ أف عثماف خطب الناس ،فقاؿ« :أعزـ على كل رجل منكم؛ ما كاف معو
من كتاب ا﵁ شيء ١تا جاء بو .».قاؿ مصعب« :فكاف الرجل ٬تيء بالورقة؛ كاألدَل فيو القرآف ،حىت
ى
ٚتىع من ذلك كثرة.».
؛ ١تا أتاٍل كُب ركاية أخرل« :عزمت على من عنده شيء من القرآف؛ ٝتعو من رسوؿ ا﵁
بو» ،فجعل الرجل يأتيو باللوح؛ كالكتف؛ كالعسب فيو الكتاب.».
ال يقبل من أحد شيئا حىت ٭تلف لو على شيئُت اثنُت: ككاف
األكؿ :أنو ٝتعو من النيب .
ىو من أماله عليو. كاآلخر :أف النيب
قاؿ مصعب بن سعدٍ« :ب دخل عثماف فدعاىم رجال؛ رجال ،فناشدىم؛ «لسمعت رسوؿ ا﵁
،كىو أماله عليك؟» فيقوؿ« :نعم».».
ُب قبوؿ القرآف من فنرل أف عثماف مل يتبع السياسة األكىل؛ اليت انتهجها أبو بكر الصديق
الناس ،كىي شهادة الشاىدين؛ ألمرين:
،إذ أف ىذه الواقعة كقعت بعد كفاتو بأكثر من ثالث األكؿ منهما :طوؿ العهد بزمن النيب
عشرة سنة.
قاؿ اٟتافظ ابن حجر« :فيكوف ذلك ُب أكاخر سنة أربع كعشرين؛ كأكائل سنة ٜتس كعشرين،
كىو الوقت الذم ذكر أىل التاريخ أف أرمينية فتحت فيو ،كذلك ُب ٌأكؿ كالية الوليد بن عقبة بن أيب
معيط على الكوفة؛ من قبل عثماف.».
،كىذه الصحف كتبت كلها؛ ٔتا يضمن عند حفصة كاآلخر :كجود صحف أيب بكر
مر ،كلو أف عثماف اعتمد عليها كحدىا لكاف كافيا ،كيف كقد أهنا من عند ا﵁ تبارؾ كتعاىل ،كما ٌ
بذؿ فيها زيد ما بذؿ؟
كاألمر اآلخر الذم قاـ بو عثماف؛ أف أرسل إىل حفصة؛ لًتسل إليو الصحف اليت كانت عندىا
ُب بيت عمر ،كىي صحف أيب بكر الصديق.
فصار حينئذ للجنة العمل أصالف تعتمد عليهما:
صحف أيب بكر ،كمكتوبات الناس؛ على عهد رسوؿ ا﵁ .
كفائدة ضم ىذه القطع إىل صحف أيب بكر؛ اإلمعاف ُب التأكد ،كضم اليقُت إىل اليقُت ،حيث
إنو كاف بُت ٚتع أيب بكر كٚتع عثماف؛ زماف يقرب من أربعة عشر عاما ،كقد شب فيو قوـ؛ كانوا ُب
أياـ اٞتمع األكؿ أطفاال ،كدخل اإلسالـ قوـ؛ مل ٭تضركا ذلك اٞتمع أصال ،فلًيطمئن ىؤالء كأكلئك؛
كيرتفع كل كىم عندىم٦ ،تا تتحدث بو النفس عادة ،ك٦تا يدخلو ُب ركعهم بعض أعداء اإلسالـ من
شبهات.
كاٟتاصل من كل ما سبق كىو ا١تستفاد من الدرس على طولو :أف ا١تصاحف العثمانية كتبت
على كفق ما كتبو الصحابة زمن النيب صلى ا﵁ عليو كسلم دكف تبديل أك تغيَت ،فكاف ٢تا طابع
القدسية كاإلقرار النبوم كبركتو.
عدد المصاحف العثمانية:
١تا كاف ا٢تدؼ ىو ٚتع ا١تسلمُت على مصحف كاحد غَت ٥تتلف ،كاف كال بد أف يقوـ ا٠تليفة
؛ أنو بنسخ نسخ متعددة من ىذا ا١تصحف ليتم توزيعها على أمصار ا١تسلمُت ،فجاء عن أنس
قاؿ« :فأمر عثماف زيد بن ثابت؛ كسعيد بن العاص؛ كعبد ا﵁ بن الزبَت؛ كعبد الرٛتن بن ىشاـ أف
ينسخوىا ُب ا١تصاحف ،... ،ففعلوا ذلك ،حىت كتبت ُب ا١تصاحفٍ ،ب رد عثماف الصحف إىل
حفصة ،كأرسل إىل كل أجناد ا١تسلمُت ٔتصحف.».
كقد اختلف العلماء ُب عدة ىذه ا١تصاحف العثمانية.
فذىب قوـ إىل أهنا أربعة:
عن قبيصة بن عقبة ،قاؿٝ :تعت ٛتزة الزيات يقوؿ« :كتب عثماف أربعة مصاحف ،فبعث منها
إىل الكوفة ،فوضع عند رجل من مراد ،فبقي حىت كتبت مصحفي عليو.».
١تا كتب ا١تصحف؛ جعلو على أربع كقاؿ الداٍل« :كأكثر العلماء على أف عثماف بن عفاف
نسخ ،كبعث إىل كل ناحية من النواحي بواحدة ،فوجو إىل الكوفة إحداىن ،كإىل البصرة أخرل ،كإىل
الشاـ الثالثة ،كأمسك عند نفسو كاحدة.».
كذىب آخركف إىل أهنا ٜتسة:
قاؿ ابن حجر« :كاختلفوا ُب عدة ا١تصاحف اليت أرسل هبا عثماف إىل اآلفاؽ ،فا١تشهور أهنا
ٜتسة .».كقاؿ أبو الفضل الرازم« :فإف قيل فما الذم دعاىم إىل أف يكتبوا ٜتسة مصاحف؟
فاٞتواب :ألف أمهات أمصار اإلسالـ كن ىذه ا٠تمسة ،فلما أرادكا أف يقطعوا ا٠تالؼ ٦تا بُت
ا١تسلمُت كافة ُب القرآف؛ بعثوا إىل كل مصر منها مصحفا ،فحسموا ا١تادة لذلك ُب ٚتيع دار
اإلسالـ.».
كقد أضاؼ ىؤالء إىل ما ذكره الداٍل نسخة إىل مكة أعزىا ا﵁.
كقيل إف عدة ا١تصاحف العثمانية ستة:
قاؿ العالمة اٟتداد ُب الكواكب الدرية« :فقيل ...أهنا ستة :ا١تكي؛ كالشامي؛ كالبصرم؛
من ٤تل نسخو إىل مقره ،كا١تدٍل ا٠تاص بو؛ الذم كالكوُب؛ كا١تدٍل العاـ الذم سَته عثماف
حبسو لنفسو ،كىو ا١تسمى باإلماـ.».
كقيل إهنا كانت سبعة:
قاؿ أبو حاًب السجستاٍل١« :تا كتب عثماف ا١تصاحف حُت ٚتع القرآف؛ كتب سبعة مصاحف،
فبعث كاحدا إىل مكة ،كآخر إىل الشاـ ،كآخر إىل اليمن ،كآخر إىل البحرين ،كآخر إىل البصرة،
مكي بن أيب طالب ،كاٟتافظ ابن كثَت
كآخر إىل الكوفة ،كحبس با١تدينة كاحدا .» .كاعتمد ذلك ي
كغَت٫تا.
كقيل إهنا كانت ٙتانية:
قاؿ اإلماـ الشاطيب ُب رائيتو:
و ىك ىس ىار ًُب ني ىس وخ ًمٍنػ ىها ىم ىع الٍ ىم ىدًٍل
يكوؼ ىك ىش واـ ىكبى ٍ
ص ور ٘تىٍألي البى ى
صىرا
ت ًهبىا ني ىس هخ ًُب نى ٍش ًرىىا قىطىىرا يل ىم َّكةي ىكالبى ٍحىري ًن ىم ٍع ىٯتى ون ً
اع ٍ
ضىى ىكق ى
الدريٌة أيضا:
قاؿ العالمة اٟتداد ُب الكواكب ٌ
«فإف قلت :ما ذكره الشاطيب ُب البيتُت سبعة؛ ال ٙتانية.
قلت :بل ٙتانية ،فإف ا١تدٍل يشمل العاـ كا٠تاص ،بدليل قولو ُب سورة البقرة:
ي
........................................ أىكصى ا ًإلماـ مع الش ً
َّام ِّي ىكالٍ ىم ىدًٍل ٍ ى ى ي ىى
فإنو صريح ُب تع ٌدد ا١تدٍل.».
كلعل أقول األقواؿ كأكالىا بالقبوؿ؛ قوؿ من قاؿ إهنا كانت ٜتسة أك ستة :ا١تكي؛ كا١تدٍل؛
لنفسو ،كٝتي فيما كالبصرم؛ كالكوُب؛ كالشامي ،فهذه ٜتسة ،بزيادة أك نقص ما جعلو عثماف
بعد باإلماـ.
كذلك لسببُت اثنُت:
أك٢تما :أف العلماء الذين عنوا بذكر ا٠تالؼ ُب مرسوـ ا٠تط؛ مل ينقلوا لنا شيئا عن مصحفي
البحرين؛ كاليمن.
كالثاٍل :أنو مل يشتهر هبذين ا١توطنُت أئمة إقراء؛ كما اشتهر ُب سائر األمصار ا١تذكورة .كا﵁
أعلم.
المحاضرة الثالثة :الرسم القرآني بين التوقيف كاالجتهاد:
إف قضية التوقيف كاالجتهاد ُب الرسم العثماٍل قضية حديثة مل تطرأ إال ُب األزمنة ا١تتأخرة،
كلذلك فإننا ال ٧تد ٢تا ذكرا ُب كتب األكلُت.
يقوؿ الدكتور غاًل قدكرم اٟتمد« :كيبدك أف الذم فتح الطريق إىل القوؿ بكوف الرسم توقيفيان
الشيخ عبد العزيز الدباغ (ت 1132ىػ) ٦تا نقلو عنو تلميذه أٛتد بن ا١تبارؾ (ت 1155ىػ) ُب
كتابو (اإلبريز) فقد سألو« :فهل ىر ٍس يم القرآف على الصفة ا١تذكورة صادر من النيب صلى ا﵁ عليو
كسلم أك من ساداتنا الصحابة؟ فقاؿ :ىو صادر منو ،كىو الذم أمر ال يكتَّاب من الصحابة أف
يكتبوه على ا٢تيئة ا١تذكورة ،فما زادكا كال نقصوا على ما ٝتعوا من النيب صلى ا﵁ عليو كسلم».
كحُت قاؿ لو تلميذه أٛتد بن ا١تبارؾ« :فإف ٚتاعة من العلماء رٛتهم ا﵁ ترخصوا ُب أمر الرسم،
كقالوا :إ٪تا ىو اصطالح من الصحابة جركا فيو على ما كانت قريش تكتب عليو ُب اٞتاىلية ،» ...
أجابو بقولو« :ما للصحابة كال لغَتىم ُب رسم القرآف العزيز كال شعرة كاحدة ،كإ٪تا ىو توقيف من
النيب صلى ا﵁ عليو كسلم ،كىو الذم أمرىم أف يكتبوه على ا٢تيئة ا١تعركفة بزيادة األحرؼ كنقصاهنا، ِّ
ألسرا ور ال هتتدم إليها العقوؿ ،كما كانت العرب ُب جاىليتها كال أىل اإلٯتاف من سائر األمم ُب
خص ا﵁ بو كتابو
أدياهنم يعرفوف ذلك ،كال يهتدكف بعقو٢تم إىل شيء منو ،كىو سر من أسرارهَّ ،
العزيز ...ككل ذلك ألسرار إ٢تية كأغراض نبوية ،كإ٪تا خفيت على الناس ،ألهنا من األسرار الباطنية
اليت ال تدرؾ إال بالفتح الرباٍل».
كا١تتتبع للركايات ا١تتعلقة بكتابة القرآف ُب زمنو صلى ا﵁ عليو كسلم كٚتىٍعً ًو ُب الصحف كنى ٍس ًخ ًو
ُب ا١تصاحف ،ال ٬تد ما يشَت إىل شيء من التوقيف ُب الكتابة ،بل ٬تد أف الصحابة – رضواف ا﵁
عليهم – أعملوا فكرىم ُب اختيار الرسم ا١تناسبُ ،ب ضوء القاعدة اليت كضعها ٢تم أمَت ا١تؤمنُت
عثماف بن عفاف رضي ا﵁ عنو حُت قاؿ ل يكتَّاب ا١تصاحف« :إذا اختلفتم أنتم كزيد بن ثابت ُب
عربية من عربية القرآف ٱؼكتبوىا بلساف قريش ،فإف القرآف أنزؿ بلساهنم ،ففعلوا».
أما قوؿ الشيخ عبد العزيز الدباغ :إف العرب ُب جاىليتها مل تعرؼ ىذه الكتابة فإف ذلك ْتسب
ما كاف معركفان للشيخ – رٛتو ا﵁ – أما ُب زماننا فقد كشفت الدراسات أف الكتابة العربية قبل
ـ ُب اإلسالـ كانت ٖتمل ا٠تصائص اليت ظهرت ُب رسم ا١تصاحف العثمانية ،على ٨تو ما َّ
تقد
التمهيد عند اٟتديث عن خصائص الكتابة العربية قبل تدكين القرآف الكرَل .انتهى كالمو.
كعلى ىذا فإف القوؿ بالتوقيف ليس لو أصل من كالـ األئمة ا١تتقدمُت كال فيو نص من كتاب أك
سنة.
ذكر اتجاىات العلماء في ىذه المسألة:
أكال :االتجاه القائل بالتوقيف:
ذىب عدد من العلماء ا١تتأخرين إىل أف رسم ا١تصحف توقيفي أم أنو :قائم على سند من
الشرع ال ٬توز ٕتاكزه إىل غَته ،كال تصح ٥تالفتو ،كٛتلوا نصوص أئمة السلف الواردة ُب كجوب
اتباعو على توقيفيتو ،كيعنوف بذلك أنو جاء بأمر من النيب صلى ا﵁ عليو كسلم كليس للصحابة فيو
أدٌل اجتهاد.
كمن أكؿ القائلُت هبذا القوؿ :عبد العزيز الدباغ (ت ٍ ،)1132ب تتابع عليو بعض ا١تعاصرين
كابن ماياىب العاقب ،كا١تخلالٌب كالشنقيطي كالضباع كالفرماكم كغَتىم.
أدلتهم:
َ َ ٓ َ َ َٰ ُ ُ َّ ُ َ ُ ُ
ٱلر ُشٔل فخذوهُ َو ٌَا -1قاؿ ُب اإلبريز« :دليل الوجوب من الكتاب قولو تعاىل :ﵟوٌا ءاتىيً
ْ َ َ َ َٰ ُ
ي ًۡ َ ِۡ ُّ ف َُت ُٓ ۚٔاﵞ [الحشز ]7 :كإذا كاف رسم آخر ال يوُب با١تعٌت الذم قصده الشارع تعُت ٓى
رٝتو بالرسم الذم أتى بو الرسوؿ صلى ا﵁ عليو كسلم.».
-2أمره صلى ا﵁ عليو كسلم ٢تم بالكتابة على ىذا الشكل ،فإف نازع أحج فإنو ال ينازع ُب تقريره
صلى ا﵁ عليو كسلم ،كتقريره على أمر ال يسد غَته مسده يوجب ذلك كيصَته الزما.
-3استدلوا ْترص النيب صلى الو عليو كسلم على كتابة القرآف كٗتصيص كتبة لو يراجعهم فيما
كتبوا.
-4إٚتاع الصحابة على رسم ا١تصاحفٍ ،ب إٚتاع األمة بعد ذلك على كجوب اتباع الرسم.
-5استدلوا باختالؼ رسم الكلمة الواحدة باختالؼ مواضعها ُب القرآف٨ ،تو كلمة
َ َ َّ
ٱلرخِي ًِ ﵞ ،كباأللف ُب ﵟف َص ّب ِ ۡح ب ِ ۡش ًِ َر ّبِم
ٱلرِنَٰمۡح َّ
ٱَّلل ِ َّ ﵟِمۡسِب ﵟِمۡسِبﵞ كتبت بال ألف ُب
ۡ
ٱى َع ِ ي ًِﵞ [الواقعة ]74 :فلو كاف الرسم باالصطالح فلم كقع ىذا االختالؼ؟
كٯتكن تلخيص مناقشتهم ُب ما يلي:
-أف النيب صلى ا﵁ عليو كسلم كاف أميا ال يدرؾ رسم اٟتركؼ فضال عن أف يقوـ بإمالئها أك
تقوٯتها.
-أف أدلة كجوب اتباع الرسم ال تدؿ بالضركرة على التوقيف.
-أف االختالؼ نابع من أصال من اصطالح أىل تلك العصور ُب جواز كتابة الكلمة الواحدة
على نسقُت أك ضربُت أك أكثر ،كلرٔتا ٢تم ُب ذلك اصطالح مل يدركو أىل ىذا العصر.
ثانيا :االتجاه القائل باالصطالح:
كيعٍت أىل ىذا القوؿ بأف القرآف كتب على ما كاف عليو اصطالح العرب ُب عصر اإلسالـ
األكؿ من رسم العربية اليت كانوا يكتبوف هبا رسائلهم كأشعارىم كخطاباهتم ،كما يدكنونو على األلواح
كاألشجار كاألشجار كغَت ذلك ،فلم ٮتتلف رسم الصحابة للقرآف عنو.
كمن أبرز القائلُت هبذا القوؿ ٤تمد طاىر الكردم ،كاأللوسي كابن عاشور كمناع القطاف ،كغَتىم
من األحياء كالدكتور غاًل اٟتمد كالدكتور مساعد الطيار كغَتىم.
أدلتهم:
-1أنو مل ينقل عن النيب صلى ا﵁ عليو كسلم أنو كاف ٯتلي اٟتركؼ إال من طرؽ كلها ضعيفة.
-2اختالؼ الصحابة ُب كتابة كلمة التابوت دليل على أف األمر اصطالحي ْتت.
-3كأظهر األدلة عندىم ىي موافقة النصوص العربية ا١تكتوبة ُب ذلك الزمن كاليت كصلت إلينا
ُب خصائصها الرسم ا١تصحفي ٦تا يدؿ على عدـ التوقيف.
كىذا الرأم ىو األظهر لوجود الدليل ا١تادم عليو ،كيكوف القوؿ اآلخر قوال ٤تدثا ال تقول
الرباىُت على إعالئو ،رغم اشتهاره.
حكم كتابة المصحف بغير الرسم العثماني:
مل يأت دليل عن النيب صلى ا﵁ عليو كسلم ُب لزكـ كتابة القرآف الكرَل برسم ا١تصحف ،فمن
أجل ذلك كقع ا٠تالؼ بُت العلماء ُب جواز ٥تالفتو من عدمها.
القوؿ األكؿ:
فذىب ٚتهور العلماء من ا٠تلف كالسلف كجوب التزاـ رسم ا١تصحف كعدـ جواز ٥تالفتو.
قاؿ الداٍل: :سئل مالك ىل يكتب ا١تصحف على ما أحدثو الناس من ا٢تجاء؟ فقاؿ :ال ،إال
على الكتبة األكىل» ... ،كال ٥تالف لو ُب ذلك من علماء األمة.
كقاؿ أبو عبيد القاسم بن سالـ« :كرأكا تتبع حركؼ ا١تصحف كحفظها عندىم كالسنن القائمة
اليت ال ٬توز ألحد أف يتعداىا».
كقاؿ أٛتد بن حنبلٖ« :ترـ ٥تالفة خط ا١تصحف ُب كاك أك ألف أك ياء أك غَت ذلك»
أدلتهم:
-1إٚتاع الصحابة على قبوؿ ما ُب مصحف عثماف ،كاإلٚتاع حجة ،فال ٬توز ا١تخالفة إىل ما
مل ٬تمع عليو الصحابة.
-2مضي األمر من لدف الصحابة إىل يومنا ىذا على كتابة ا١تصاحف بالرسم العثماٍل إال ما
ندر ،كىذا يقضي بوجوب اتباعو ألنو إٚتاع أمة كىديها كسبيل ا١تؤمنُت ،ك٥تالفتو شقاء كعذاب.
-3كوف الرسم العثماٍل لو خصائص ك٦تيزات ال توجد ُب الرسم القياسي ،كاحتمالو للقراءات
األخرل ،كىذا ٦تا ٭تتم ا﵀افظة عليو كضركرة كتابة القرآف بو.
-4أنو كتب ْتضرة النيب صلى ا﵁ عليو كسلم فهو من سنتو ،كاليصح بل ال ٬توز ٥تالفة سنتو
إىل غَتىا.
القوؿ الثاني:
ذىب بعض العلماء ا١تتأخرين إىل عدـ كجوب كتابة القرآف بالرسم العثماٍل ،كأف ٢تم ُب ذلك
سعة إف كتبوه بغَت الرسم العثماٍل ،كمن أبرز من عرؼ عنو ذلك :الباقالٍل كالعز بن عبد السالـ،
كابن خلدكف.
نح للكاتب ،ألف السنَّةي قد دلت على جوا ًز ىك ً
تبو بأم رس وم ىس و
كس ى
هل ى يقوؿ الباقالٍل« :بل ُّ
ٓتط و
٤تدكد كإثباتو على ما بيناه سالفا ،كال يأخ يذ أحدان و
ً عليو كاف يأمر ً
برٝتو رسوؿ ا﵁ً صلى ا﵁ ً ى
ي ي ي
ذلك ،كال ي٭تفظ عنو فيو حرؼ كاحد». كرسم ٤تصوور كال يسأ٢تيم عن ى
كيقوؿ العز بن عبد السالـ كما نقل عنو« :ال ٕتوز كتابة ا١تصحف اآلف على الرسوـ األكىل
باصطالح األئمة لئال يوقع ُب تغيَت من اٞتهاؿ».
يقوؿ ابن خلدكف« :حيث رٝتو الصحابة ٓتطوطهم ككانت غَت مستحكمة ُب اإلجادة
فخالف الكثَت من رسومهم ما اقتضتو أقيسة رسوـ صناعة ا٠تط عند أىلها ...كال تلتفنت إىل ما
يزعمو بعض ا١تغفلُت من أهنم كانوا ٤تكمُت لصناعة ا٠تط .»...
أدلتهم:
-1أنو ال دليل على كجوب كتابتو بالكتابة األكىل.
-2أف ا٠تط العريب عند ظهور اإلسالـ مل يكن بالغ الغاية ُب اإلحكاـ ،فكتبت ا١تصاحف
على ما تيسر حينها.
-3كتابة القرآف بالرسم القياسي ُب مصلحة إبعاد الناس عن ا٠تطأ ُب تالكة كتاب ا﵁ كٖتريف
القرآف ،كذىاب الرسم العثماٍل لن ينقص من القرآف شيئا.
الترجيح:
ىذه ا١تسألة تعد ُب النصوص كاألدلة متكافئة ،حيث ال دليل على كجوب التزاـ الكتبة األكىل
ُب كتابة ا١تصحف ،غَت أف ذلك خركج عما ارتضاه الصحابة كمن تبعهم إىل يومنا ىذا ،فيكوف دليال
مقربا من الرأم األكؿ كىو الوجوب ،مع أف القواعد اإلمالئية اٟتديثة عرضة للتغيَت كالتنقيح ُب كل
عصر.
يبقى أف من كتب جزء أك آية أك غَته ٦تن ال يريد كتابة مصحف ،لو حكم اٞتواز كاإلباحة
لعدـ الدليل ،كالختالؼ ا١تصاحف العثمانية نفسها فيما بينها ،كا﵁ أعلم.
المحاضرة الرابعة :حكم اشتماؿ رسم المصحف على األحرؼ السبعة التي نزؿ بها
القرآف:
كتب النيب صلى ا﵁ عليو كسلم القرآف ُب زمنو على ما اتفق لو من أدكات كاللخاؼ كقطع
األدَل كالعسب كرقائق اٟتجارة كغَت ذلك ،كمل يرتب مصحفا كامال كما حدث بعده ،ألف زمنو زمن
كحي ،كال ييعلم انتهاء الوحي إال ٔتوتو صلى ا﵁ عليو كسلم ،فلذلك مل يكتب مصحفا الحتماؿ
النزكؿ دائما.
كاشتغل أبو بكر رضي ا﵁ عنو بإقامة الدكلة ،فلم يفكر ُب شيء مل يفعلو رسوؿ ا﵁ صلى ا﵁
عليو كسلم حىت كاف يوـ اليمامة حُت استحر القتل بالقراء ،فأشَت عليو ّتمع القرآف ،ك١تا كاف القراء
متوافرين ُب زمنو رضي ا﵁ عنو ،حاكؿ ٚتع ما تفرؽ بُت الناس من ا١تكتوب بُت يدم النيب صلى ا﵁
عليو كسلم ،فكلف بذلك زيد ثابت ،فقاـ باألمر على أكمل كجو رضي ا﵁ عنو ،كمن ٍب صار ىناؾ
شيء يقاؿ لو صحف أيب بكر.
كمل تسم ىذه الصحف مصحفا ،كبقيت حكرا عليو كعلى ا٠تليفة بعده ،فلم تنشر بُت الناس،
كمل تنسخ أبدا ،ألمور:
أكال :ألف الناس كانوا قد تلقنوا القرآف من النيب صلى ا﵁ عليو كسلم ٥تتلفُت ُب أحرفهم ،فال
يصح إلزامهم بشيء غَت الذم تلقنوه من النيب صلى ا﵁ عليو كسلم ،كما كاف أبو بكر رضي ا﵁ عنو
الذم ٯتنع الناس ٦تا أباحو ٢تم رسوؿ ا﵁ صلى ا﵁ عليو كسلم ،كقد توقف ُب أقل من ذلكُ ،ب
كتابتو.
ثانيا :ألف ىذه الصحف كانت عبارة عن نى ٍسخ ١تا كاف ُب زمنو صلى ا﵁ عليو كسلم ،دكف أف
يكوف ٢تا طابع ا١تصحف الذم يقرأ فيو ٚتيع الناس ،فكأهنا كانت نسخة طبق األصل ٞتميع ما كتب
بُت يدم النيب صلى ا﵁ عليو كسلم.
ثالثا :أف ما كتب بُت يديو صلى ا﵁ عليو كسلم كاف يكتب للناس على اختالؼ حركفهم اليت
يػي ىعلٌموف هبا ،فكانت صحائفهم ٥تتلفة اٟتركؼ ،ك١تا كاف األمر كذلك ،فإف صحف أيب بكر رضي
ا﵁ عنو كانت على األحرؼ السبعة.
فاكتفى رضي ا﵁ عنو ّتمع ذلك ا١تكتوب كحفظو ،إىل حُت يأٌب كقت استعمالو ،فكاف ذلك
ُب زمن عثماف رضي ا﵁ عنو.
زمن عثماف ،كحصلت الفتنة باختالؼ القراء ُب حركفهم ،حىت كاد يكفر بعضهمك١تا كاف ى
بعضا ،كيلعن بعضهم بعضا ،احتاج عثماف إىل أف ٭تسم ا٠تالؼ كالنزاع ،فجمع الناس على
مصحف كاحد ،ألزـ بو كل الناس ُب ٚتيع األمصار.
كقد اختلف الناس ُب ىذا ا١تصحف الذم كتبو عثماف كنسخ عنو مصاحف أرسلها إىل
األقطار اإلسالمية ،أكاف على حرؼ كاحد أـ أحرؼ عدة ،كىل كتب على السبعة ،أـ أنو اقتصر
من ذلك على بعض منها؟
كٯتكن حصر ىذه األقواؿ ُب مذىبُت رئيسُت ٥تتلفُت:
األكؿ :أف عثماف رضي ا﵁ عنو مل يًتؾ من األحرؼ السبعة شيئا إال كزبره ُب مصحفو.
كالثاٍل :أنو انتقى من تلك األحرؼ ما كتب بو مصحفو.
أب
ىذا القوؿ ينسب إىل طوائف من الفقهاء كالقراء كأىل الكالـ ،كأكؿ من قاؿ بو القاضي ك
بكر الباقالٍل ،قاؿ« :كالذم نذىب إليو ،...أف ٚتيع ىذه األحرؼ السبعة قد كانت ظهرت
كاستفاضت عن الرسوؿ صلى ا﵁ عليو كسلم ... ،كأف عثماف كاٞتماعة قد أثبتت ٚتيع تلك
كخَتت الناس فيها.».
األحرؼ ُب ا١تصاحف ،كأخربت بصحتهاٌ ،
ابن حزـ كأبو عمرك الداٍل ُب أحد قوليو ،كاستحسنو ا١تهدكم،كقاؿ بو من ا١تعاصرين للباقالٍل ي
كقاؿ بو أيضا السرخسي كأبو حامد الغزايل كاٞتعربم ،كغَتىم.
قاؿ أبو عمرك الداٍل« :كإف أمَت ا١تؤمنُت عثماف رضي ا﵁ عنو كمن باٟتضرة من ٚتيع
الصحابة؛ قد أثبتوا ٚتيع تلك األحرؼ ُب ا١تصاحف ،كأخربكا بصحتها ،كأعلموا بصواهبا ،كخَتكا
الناس فيها ،كما كاف صنع رسوؿ ا﵁ صلى ا﵁ عليو كسلم.».
كقاؿ السرخسي« :اعلم بأف الكتاب ىو القرآف ا١تنزؿ على رسوؿ ا﵁ صلى ا﵁ عليو كسلم،
ا١تكتوب ُب دفات ا١تصاحف ،ا١تنقوؿ إلينا على األحرؼ السبعة ا١تشهورة نقال متواترا. ».
كقاؿ أبو حامد الغزايل« :كح ٌد الكتاب ما نقل إلينا بُت دفيت ا١تصحف على اٟترؼ السبعة
ا١تشهورة نقال متواترا.».
كقاؿ اٞتعربم« :كالصحيح أف ا١تصاحف العثمانية مشتملة على األحرؼ السبعة.».
،كعبد كقاؿ هبذا القوؿ من ا١تعاصرين علماء كثر ،كابن ا١تنَت اٟتسٍت ،ك٤تمد ٓتيت ا١تطيعي
كغَتىم.
ا العظيم الزرقاٍل،
يقوؿ الزرقاٍل رٛتو ا﵁« :كمل يرد أف عثماف أمرىم أف يًتكوا ستة أحرؼ منها كيبقوا حرفا كاحدا
كما ذىب إىل ذلك بعض العلماء ،فلنستمسك با١تتفق عليو حىت يثبت لدينا ما ينفيو ،فما يكوف لنا
أف نًتؾ اليقُت للشك.».
كقاؿ بو أيضا د .عبد اٟتليم النجار ،كد .عبد الصبور شاىُت ،كد .صبحي صاحل ،كد .عبد
العاؿ سامل مكرـ ،كلبيب السعيد ،كغَتىم كثَت.
كحجة ىؤالء العلماء أنو ال ٬توز لألمة أف هتمل نقل شيء من كتاب رهبا.
أيب بن كعب أك زيد أك عثماف قاؿ الباقالٍل رٛتو ا﵁« :كأنو ال ٬توز أف يضاؼ إىل عبد ا﵁ أك ٌ
احد من كلده كعًتتو جحد آية أك حرؼ من كتاب ا﵁ عز كجل أك تغيَته ،كقراءتو على أك علي أك ك و
غَت الوجو ا١ترسوـ ُب مصحف اٞتماعة ،بأخبار اآلحاد كما مل يبلغ منها ح ٌد التواتر كاالنتشار ،كأف
يسع ،بل ال يصلح عندنا إضافة ذلك إىل أدٌل ا١تؤمنُت منزلة من أىل عصرنا ٓترب ٭تل كال ى
ذلك ال ٌ
الواحد ،كما ال يوجب العلم ،فضال عن إضافة ذلك إىل جلة الصحابة كاألماثل ،كتعليقو عليهم ٔتا
دكف التواتر كاالنتشار من األخبار اليت مل تقم اٟتجة بأنو قرآف منزؿ .»...
فعندىم أنو ليس إىل عثماف كال إىل غَته أف يسقط حرفا من أحرؼ كتاب ا﵁ ،بل ليس ذلك
حىت إىل رسوؿ ا﵁ صلى ا﵁ عليو كسلم نفسو ،فكيف يقاؿ ىذا عن عثماف رضي ا﵁ عنو؟
كمن زعم أف عثماف إ٪تا فعل ذلك ١تصلحة اجتماع األمة ،ك٬توز لو عند الضركرة ما ال ٬توز ُب
غَتىا ،فليس لو ذلك ،ألف دفع الفتنة ال يكوف بفتنة مثلها ،كترؾ ما أنزؿ ا﵁ ال شك فتنة أعظم.
يقوؿ الزرقاٍل ٍ« :ب إف دفع الفتنة كتوحيد الكلمة بُت ا١تسلمُت؛ ال يتوقف على ترؾ ستة
أحرؼ كإبقاء حرؼ كاحد من األحرؼ اليت نزؿ القرآف عليها ،بل إف الذم يدفع الفتنة كيوحد
الكلمة ىو إقرار النازؿ كما نزؿ ًمن تعدد حركفو السبعة رٛتة هبذا األمة ،غاية ما ُب الباب ىو إحاطة
ا١تسلمُت هبذه اٟتركؼ ،حىت يًتكوا ما عداىا ،كال يعتمدكا سواىا ،كحىت يعتمد كل منهم صواب
قراءة غَته ،ما دامت قراءتو ال تتعداىا ،كمن ىنا ٕتتمع كلمتهم ،كتنطفئ فتنتهم.».
كمن حجج ىؤالء القوـ أيضا أنو ال توجد قراءة ثابتة عن النيب صلى ا﵁ عليو كسلم كال عن
الصحابة ٗتالف مصحف عثماف رضي ا﵁ تعاىل عنو ،كأف ما نقل من ذلك فإما غَت صحيح ،أك أنو
٦تا ال تقوـ بو اٟتجة ،ألنو من أخبار اآلحاد ،كال ينقل قرآف بأخبار اآلحاد.
٧توز أف نثبت قرآنا بطريق ال يوجب العلم كال يقطع العذر ،كإف
يقوؿ الباقالٍل« :كإننا ال ٌ
الشهادة على أدٌل ا١تؤمنُت منزلة ٔتثل ذلك كأنو قد زاد ُب كتاب ا﵁ تعاىل ما ليس منو أك نقص شيء
منو غَت مقبولة ،فال ٬تب االعتداد ٔتثل ىذه القراءات على كجو.».
القوؿ بأف عثماف رضي ا﵁ عنو انتقى ُب مصحفو ما انتقاه ،كترؾ ما سول ذلك ،مع أنو صح
عنده أنو حرؼ من أحرؼ القرآف السبعة اليت نزؿ هبا ،ىو قوؿ السلف قاطبة ،كعليو ا﵀ققوف من
صرح بذلك شيخ اإلسالـ ابن تيمية كا﵀قق ابن اٞتزرم. العلماء كأئمة الدينٌ ،
فهو قوؿ سفياف بن عيينة كعبد ا﵁ بن كىب كالطربم كالطحاكم كابن أيب ىاشم تلميذ ابن
٣تاىد كأيب الفضل الرازم كمكي بن أيب طالب ،كأيب عمرك الداٍل ُب قولو الثاٍل ،كا١تهدكم كابن عبد
الرب كابن أيب الرضا اٟتموم كابن تيمية كابن القيم كأيب إسحاؽ الشاطيب كابن اٞتزرم كتلميذه النويرم،
كمن ا١تعاصرين علي بن ٤تمد الضباع ك٤تمد أبو زىرة ك٤تمد رشيد رضا كابن عثيمُت كعبد الفتاح
شليب كغاًل قدكرم اٟتمد كغَتىم كثَت ال ٯتكن إحصاؤىم.
يقوؿ شيخ اإلسالـ ابن تيمية « :فالذم عليو ٚتهور العلماء من السلف كاألئمة أهنا حرؼ من
اٟتركؼ السبعة ،بل يقولوف إف مصحف عثماف ىو أحد اٟتركؼ السبعة ،كىو متضمن للعرضة
األخَتة اليت عرضها النيب صلى ا﵁ عليو كسلم على جربيل ،كاألحاديث كاآلثار ا١تستفيضة تدؿ على
ىذا القوؿ.».
إال أف ىؤالء اختلفوا ُب ىذه القراءات اليت يقرأ هبا الناس اليوـ.
فالذم عليو اإلماـ سفياف بن عيينة كعبد ا﵁ بن كىب كابن جرير الطربم كأبو طاىر بن أيب
ىاشم كالطحاكم ككثَت من الفقهاء أهنا من حرؼ كاحد فحسب.
قاؿ أبو الطاىر قاؿ « :سألت سفياف بن عيينة عن اختالؼ قراءة ا١تدنيُت كالعراقيُت ،ىل
أم ذلك
كإ٪تا السبعة األحرؼ كقو٢تم :ىلم ،أقبل ،تعاؿٌ ، تدخل ُب السبعة األحرؼ؟ فقاؿ« :الَّ ،
قلت أجزأؾ» .قاؿ أبو الطاىر « :كقالو ابن كىب.».
كيقوؿ الطربم« :فال قراءة للمسلمُت اليوـ إال باٟترؼ الواحد الذم اختاره ٢تم إمامهم الشفيق
الناصح ،دكف ما عداه من األحرؼ الستة الباقية.».
كيقوؿ الطحاكم رٛتو ا﵁« :كباف ٔتا ذكرنا أف تلك السبعة األحرؼ إ٪تا كانت ُب كقت خاص
لضركرة دعت إىل ذلكٍ ،ب ارتفعت تلك الضركرة ،فارتفع حكم ىذه السبعة األحرؼ ،كعاد ما يقرأ
بو القرآف على حرؼ كاحد.».
كيقوؿ ابن أيب ىاشم« :فثبتت األمة على حرؼ كاحد من السبعة اليت خَتكا فيها ،ككاف سبب
ثباهتم كرفضهم الستة ما أٚتع عليو صحابة رسوؿ ا﵁ صلى ا﵁ عليو كسلم حُت خافوا على األمة.».
كيقوؿ أيضا« :كأما ما اختلفت فيو أئمة القراءة باألمصار ،... ،فليس بداخل ُب معٌت قوؿ
النيب صلى ا﵁ عليو كسلم« :أنزؿ القرآف على سبعة أحرؼ.».
معٌت ىذا القوؿ يرمي إىل أف مصحف عثماف بن عفاف رضي ا﵁ عنو كلو مكتوب على حرؼ ؼ
كاحد ،ال يغادر إىل غَته ،كىذا ا١تعٌت مأخوذ من مذىب القوـ ُب معٌت اٟترؼ كما مر عند سفياف
رٛتو ا﵁ ،فهم يركف أف األحرؼ لغات ،كحرؼ مصحف عثماف رضي ا﵁ عنو أحدىا كىو حرؼ
قريش ،دليلهم ُب ذلك ما ُب حديث أنس رضي ا﵁ عنو قاؿ« :كقاؿ -أم عثماف -للرىط القرشيُت
الثالثة« :ما اختلفتم أنتم كزيد بن ثابت فاكتبوه بلساف قريش ،فإ٪تا نزؿ بلساهنم .».فهو أحد
األحرؼ ال غَت.
كذىب آخركف ٦تن نصر القوؿ بعدـ اشتماؿ مصحف عثماف على ٚتيع األحرؼ السبعة إىل أف
القراءات الباقية ىي ٦تا احتملو ا١تصحف العثماٍل ا١تكتوب على حرؼ كاحد ،ال أهنا كل األحرؼ
السبعة ،ذىب إىل ذلك أبو الفضل الرازم كا١تهدكم كمكي بن أيب طالب كابن اٞتزرم رٛتة ا﵁
عليهم.
قاؿ اٟتافظ ابن اٞتزرم رٛتو ا﵁« :كذىب ٚتاىَت العلماء؛ من السلف كا٠تلف كأئمة ا١تسلمُت
إىل أف ىذه ا١تصاحف العثمانية مشتملة على ما ٭تتملو رٝتها من األحرؼ السبعة فقط.».
كىذا قد يؤكؿ إىل القوؿ األكؿ ،أم أف ا١تصاحف العثمانية كتبت على حرؼ كاحد ،لكن ىذا
اٟترؼ ٭تتمل كثَتا من حركؼ بقية األحرؼ الستة ،فعلى سبيل ا١تثاؿ :ىجاء كلمة ﴿ننشرىا﴾ بالراء
٭تتمل ﴿ ننشزىا﴾ بالزام ،كىجاء ﴿ النبي﴾ بال ٫تز ٭تتمل اٟترؼ اآلخر الذم ىو با٢تمز ،كىجاء
﴿يعملوف﴾ بالياء ٭تتمل ﴿ تعلموف﴾ ،كىكذا ،كىذا ىو الذم صرح بو اإلماـ مكي بن أيب طالب،
قاؿ رٛتو ا﵁« :فا١تصحف كتب على حرؼ كاحد ،كخطو ٤تتمل ألكثر من حرؼ ،إذ مل يكن
ط ىو من الستة األحرؼ الباقية.».
منقوطا كال مضبوطا ،فذلك االحتماؿ الذم احتمل ا٠ت ي
كمثلو قوؿ أيب العباس ا١تهدكم رٛتو ا﵁« :كأصح ما عليو اٟتذاؽ من أىل النظر ُب معٌت ذلك،
أف ما ٨تن عليو ُب كقتنا من ىذه القراءات ىو بعض اٟتركؼ السبعة اليت نزؿ عليها القرآف ٍ ،»...ب
قاؿ« :فثبت هبذا أف ىذه القراءات اليت نقرؤىا ىي بعض من اٟتركؼ السبعة اليت نزؿ عليها القرآف،
استعملت ١توافقتها ا١تصحف الذم اجتمعت عليو األمة ،كتيرؾ ما سواىا من اٟتركؼ السبعة ١تخالفتو
١ترسوـ خط ا١تصحف.».
كدليل ىؤالء أف قراءات األئمة اختلفت ،كال بد الختالفها من مربر كال ٧تده إال ُب حديث
األحرؼ السبعة ،كمن ٍب فإف اٟتكم بأهنا من حرؼ كاحد غَت سليم ،إذ ال ٯتكن جعل الواحد أشياء
٥تتلفة ،فلما كاف األمر كذلك كانت ىذه االختالفات مستقاة من األحرؼ السبعة لكنها ليست كل
األحرؼ السبعة ،إذ ثبت بطريق التواتر ا١تعنوم كجود قراءات عن النيب صلى ا﵁ عليو كسلم
كالصحابة رضواف ا﵁ عليهم ،مع أهنا ٦تا ال يقبلو ا١تصحف العثماٍل ،فكاف ىذا ا١تذىب مذىبا كسطا
بُت ا١تذىبُت.
الترجيح:
فالناظر إىل حاؿ الصحابة رضواف ا﵁ تعاىل عليهم ٬تد اختالفات شديدة بُت قراءاهتم ،مع
إقرار رسوؿ ا﵁ صلى ا﵁ عليو كسلم للجميع ،كما ُب قصة عمر كىشاـ رضي ا﵁ عنهماٍ ،ب إهنم
بعد كفاة رسوؿ ا﵁ صلى ا﵁ عليو كسلم مل ييعلم أهنم هنوا عن شيء من ذلك ،بل بقوا زمن أيب بكر
على قراءاهتمٍ ،ب زمن عمر أيضا ،حىت كاف الزمن الذم كتب فيو عثماف ا١تصحف ،فإنو رضي ا﵁
عنو ألزـ اٞتميع بالقراءة ٔتا ُب مصحفو.
فقراءاهتم تلك اليت اختلفوا فيها قبل كتابة ا١تصحف ىي من األحرؼ السبعة اليت أذف ا﵁ فيها
كال شك ،إذ ال ٯتكن أف يقاؿ ىي من حرؼ كاحد مع أهنا ٥تتلفة رٝتا ،مثل قراءة( :اٟتي القياـ)
[آؿ عمراف ،]2كقراءة( :فامضوا إىل ذكر ا﵁) [اٞتمعة ،]9كقراءة( :كالذكر كاألنثى) [الليل ،]3
كغَتىا كثَت ٦تا يدؿ على كجود أصل ٢تذا االختالؼ.
ٍب إننا ال ٧تد ىذه االختالفات ُب قراءات القراء الثابتة اليوـ.
فإما أهنا مل تكن قرآنا أصال -كما قرره الباقالٍل كالداٍل ،-كإما أهنا كانت كذلك ،فإف كاف
األكؿ فما باؿ الصحابة كانوا يقرؤكف هبا ُب صلواهتم ال يعدكهنا إىل غَتىا؟
عن ابن عمر رضي ا﵁ عنو قاؿ :لقد توَب ا﵁ عمر رضي ا﵁ عنو ،كما يقرأ ىذه اآلية اليت ذكر
لصالةً ًم ٍن يىػ ٍوًـ ٍ
اٞتي يم ىع ًة﴾ إال( :فامضوا إىل ذكر ا﵁) م لً َّ ً ً َّ ً
ا﵁ فيها اٞتمعة ﴿ :يىاأىيػُّ ىها الذ ى
ين ىآمنيوا إ ىذا نيود ى
[اٞتمعة .».]9
كأما إذا كاف الثاٍل فإما أف تكوف منسوخة أك ال ،فإف كانت منسوخة فال نسخ بعد كفاة النيب
صلى ا﵁ عليو كسلم ،كيستطيع كل كاحد أف يزعم أف قراءة غَته منسوخة ،عن خرشة بن اٟتر أف
عمر بن ا٠تطاب رأل معو لوحا مكتوبا فيو ﴿إذا نودم للصالة من يوـ اٞتمعة فاسعوا إىل ذكر ا﵁﴾
أمل عليك ىذا؟» ،فقاؿ :أيب بن كعب ،فقاؿ « :إف أبيا كاف [اٞتمعة ]9فقاؿ« :من أقرأؾ أك من َّ
أقرأنا للمنسوخ ،اقرأىا( :فامضوا إىل ذكر ا﵁).».
كإف مل تكن منسوخة ،فأين ىي ُب قراءات القوـ اليوـ؟ ال ٯتكن اٟتمل إال على أهنا تركت.
كال ٯتكن القوؿ بأهنا تركت لضعف ُب إسنادىا أك لشذكذ من قرأ هبا ،فلو ضربنا مثال قراءة
عمر السالفة (فامضوا إىل ذكر ا﵁) ،فإننا مع العلم بأف عمر رضي ا﵁ عنو كاف يقرأ هبا ٔتحضر من
ٚتيع الصحابة ُب مسجد رسوؿ ا﵁ صلى ا﵁ عليو كسلم ،كمل ينكرىا عليو أحد ،فإنو قد ركاىا عنو
كعن ابن مسعود أصحاب الكتب باألسانيد الصحيحة ،فضال عن القراء.
يقوؿ ابن اٞتزرم رٛتو ا﵁« :ألنا إذا قلنا إف ا١تصاحف العثمانية ٤تتوية على ٚتيع األحرؼ
السبعة اليت أنز٢تا ا﵁ تعاىل ،كاف ما خالف الرسم ييقطع بأنو ليس من األحرؼ السبعة ،كىذا قوؿ
٤تظور ،ألف كثَتا ٦تا خالف الرسم قد صح عن الصحابة كعن النيب صلى ا﵁ عليو كسلم.».
أقوؿ ما داـ األمر قد ظهر على ىذه اٟتاؿ ،كما دامت الركايات قد ثبتت عن النيب صلى ا﵁
عليو كسلم كعن أصحابو هبذا االختالؼ ،فال ٯتكن اٟتمل إال على أهنا قراءات ذىبت ٔتصحف
عثماف ،كإال فكيف اٟتمل ككيف العمل؟
فإذا تقرر األمر كذلك ،تبُت لنا أف مصحف عثماف حول بعضا من األحرؼ السبعة ،ال كلها.
بقي أف ننظر ىل كاف ىذا البعض حرفا كاحدا أـ ٚتلة من األحرؼ؟
إف القراءات الثابتة عن القراء ا١تعركفُت اليوـ ىي قراءات فيها اختالؼ ُب اللفظ كا١تعاٍل ،مع أف
مصحف عثماف رضي ا﵁ عنو ٭تتملها ٚتيعا ،إال أحرفا يسَتة غض عنها العلماء الطرؼ ،فكوهنا من
حرؼ كاحد أمر متناقض ،إذ ال يعقل ذاؾ ،كلو قيل إهنا من لغة كاحدة ،ألننا لو قلنا بذلك لصار
عندنا كل حرؼ من األحرؼ السبعة ىو لغة ،ككل لغة هبا قراءات متعددة ،كىذا ٦تا مل يقل بو أحد
فيما أعلم.
يقوؿ أبو الفضل الرازم رٛتو ا﵁« :كىذا ٦تا يداخلو النقض من كجهُت:
أحد٫تا :من حيث إف مصحف عثماف رضي ا﵁ عنو مل يكن على نسخة كاحدة ،بل كانت
نسخا ،كقد كاف ُب كل كاحد منها حركؼ ليست ُب األخرل ،كال شك أف االختالؼ الذم ما بُت
النسخ من األحرؼ السبعة ا١تنزلة ،كذلك غَت حرؼ.
كالثاٍل :أف ٚتيع نسخ مصحف عثماف يكتب غفال من غَت شكل كال نقط ،فلما كانت
كذلك ،كقرأ أئمة األمصار من الصورة الواحدة -اليت ليست ٔتشكولة كال منقوطة -أكجها ٥تتلفة
أكجو أثران من اآلخر ،كال أكىل
األلفاظ باتفاؽ ا١تعاٍل ٖتتها كاختالفها٦ ،تا مل يكن أحد الوجوه منها ى
دؿ على أف ٚتيع ذلك غَت حرؼ من األحرؼ ا١تنزلة؛ كال بالصورة الواحدة ا١ترسومة فيها من ضدهٌ ،
حرفُت؛ كال أكثر... .
بلى ،لو كانت مصاحف عثماف كلها على ىجاء كاحد كنسخة كاحدة ،من غَت تغاير ما بينها
ْتاؿ ،-فكانت كلها مشكولة مقيدة منقطة ،أك إف مل تكن مشكولة مل تىقرإ األئمة من الصور -و
كالغفل إال كجها كاحدا ،ألمكن أف يقطع بنسخ ستة أحرؼ من السبعة ،كأف ا١تبىقى الذم مل ينسخ،
ككاف يلزـ األمة قاطبة أف ال ٮتالفوه ُب القراءة ْتاؿ ،كال باٟتركؼ كال بالنقط كاإلعجاـ.».
ٍب إننا إذا جئنا إىل عمل الصحابة الذين كتبوا ا١تصحف رضي ا﵁ عنهم ،فإهنم ١تا كتبوه إما
أهنم ابتغوا كتابتو على األحرؼ السبعة ٚتيعها ،فلما كاف متعسرا ُب ٚتيع ا١تواضع اكتفوا فيما ٮتتلف
رٝتو بوجو كاحد ىو لغة قريش ،كإما أهنم تقصدكا أف يكتبوه على حرؼ كاحد تاركُت األحرؼ الستة
الباقية.
قاؿ أبو الفضل الرازم« :بل ٚتيع ما نقرؤه ُب اٟتاؿ من تغاير األلفاظ ا١تنقوؿ من طريق التواتر
ا١توافق ١ترسوـ ا١تصحف فهو من ٚتلة األحرؼ السبعة ،كإف نسخ شيء منها فهو األخف دكف
األكثر ،كا﵁ أعلم.».
بقي أف نوجو إسقاطهم لبعض اٟتركؼ اليت كانت عندىم ثابتة صحيحة النقل إىل رسوؿ ا﵁
صلى ا﵁ عليو كسلم ،ففي أم صنف ٧تعلو؟
فأقوؿ :إف القراءة بكل األحرؼ مل تكن كاجبة يوما على األمة ،كإ٪تا كانت رخصة رخصها ا﵁
تعاىل لنبيو صلى ا﵁ عليو كسلم ،يوـ أف كانت ىذه األمة ْتاجة إىل ىذه الرخصة ،فلو اقتصرت
األمة على كجو كاحد من ىذه الرخصة أك كجهُت١ ،تا قيل إهنا فرطت كضيعت ،بل إف قرآهنا كاٟتمد
﵁ ٤تفوظ حفظا تاما كامال على الوجو الذم أراد ا﵁ تعاىل ،فال نقص ُب ذلك.
يقوؿ أبو العباس ا١تهدكم رٛتو ا﵁« :إذ ليس بواجب علينا القراءة ّتميع اٟتركؼ السبعة اليت
نزؿ عليها القرآف ،كإذ قد أباح النيب عليو السالـ لنا القراءة ببعضها دكف بعض لقولو عز كجل:
﴿فاقرؤكا ما تيسر من القرآف﴾ [ا١تزمل ،]20فصارت ىذه القراءات ا١تستعملة ُب كقتنا ىذا ىي اليت
تيسرت لنا ،بسبب ما رآه سلف األمة من ٚتع الناس على ىذا ا١تصحف ،لقطع ما كقع بُت الناس
من االختالؼ كتكفَت بعضهم لبعض.».
كٯتكن أف ًلثل ذلك بأف لو قرأ ٚتيع من كاف ُب زمن النيب صلى ا﵁ عليو كسلم سورة الفرقاف
ْترؼ عمر بن ا٠تطاب الذم أقرأه إياه رسوؿ ا﵁ صلى ا﵁ عليو كسلم ،كتىركوا حرؼ ىشاـ بن
حكيم رضي ا﵁ عنهما ،ىل كاف ُب ذلك عليهم من بأس؟ كلو مات ىشاـ ،فلم يبق ُب الناس من
يقرأ بقراءتو ،ىل كاف ُب ذلك خلل أك نقص؟ اللهم ال ،فكذلك فيمن بعدىم.
كخصوصا إذا علمنا أف بقاء الرخصة سيكوف فتنة للناس ،حىت كإف كانوا ُب موطن العلم مدينة
رسوؿ ا﵁ صلى ا﵁ عليو كسلم ،فمن لنا بدارئ بعد عثماف يفعل مثلما فعل ،حُت يتسع ا٠ترؽ على
الراقع؟
عن أيب قالبة قاؿ :حدثٍت رجل من بٍت عامر يقاؿ لو أنس بن مالك قاؿ« :اختلفوا ُب القرآف
على عهد عثماف حىت اقتتل الغلماف كا١تعلموف ،فبلغ ذلك عثماف فقاؿ« :عنػدم تكػذبوف بو
كٗتتلػفوف فيو! فمن نأل عٍت كاف أشػد تكػذيبا كأكثر ٟتنا .»...
كُب ركاية قاؿ١« :تا كاف ُب خالفة عثماف جعل ا١تعلم يعلم قراءة الرجل كا١تعلم يعلم قراءة
الرجل ،فجعل الغلماف يلتقوف فيختلفوف ،حىت ارتفع ذلك إىل ا١تعلِّمُت ،قاؿ أيوب :ال أعلمو إال
قاؿ :حىت ىك ىفر بعضهم بقراءة بعض ،فبلغ ذلك عثماف فقاـ خطيبا فقاؿ« :أنتم عندم ٗتتلفوف فيو
كتلحنوف! فمن نأل عٍت من األمصار أشد اختالفا كأشد ٟتنا.».
كقد صدؽ حدس عثماف رضي ا﵁ عنو ،فجاءه النبأ بذلك بعد حُت :عن ابن شهاب قاؿ:
ٍب أخربٍل أنس بن مالك األنصارم« :أنو اجتمع لغزكة أذربيجاف كأرمينية أىل الشاـ كأىل العراؽ،
قاؿ :فتذاكركا القرآف فاختلفوا فيو حىت كاد يكوف بينهم فتنة ،قاؿ :فركب حذيفة بن اليماف ١-تا رأل
من اختالفهم ُب القرآف -إىل عثماف ،فقاؿ« :إف الناس قد اختلفوا ُب القرآف حىت -كا﵁ -ألخشى
أف يصيبهم ما أصاب اليهود كالنصارل من االختالؼ» ،قاؿ :ففزع لذلك عثماف فزعا شديدا . »...
كا﵁ أعلم.
المحاضرة الخامسة :مصادر الرسم العثماني:
مصادر الرسم العثماٍل ىي بالدرجة األكىل تلك ا١تصاحف اليت خطتها اللجنة اليت أمرىا عثماف
بتوحيد مصاحف ا١تسلمُت ،كحيث أننا ال نستطيع اٞتزـ بوجود تلك ا١تصاحف حيث طرأت عليها
حوادث الزماف من االنتقاؿ كالضياع كغَتىا ،فإننا ال ننكر بأف ا١تصاحف ُب زمنها كتبت منها ،فصار
بذلك ٢تا أبناء كأحفاد كثَتكف.
فإف عملية نسخ ا١تصاحف نشطت بعد عثماف رضي ا﵁ عنو ،كخاصة ُب زمن الدكلة األموية
اليت حرصت كل اٟترص على تنفيذ ا١تشركع العثماٍل.
يقوؿ ابن قتيبة« :ككاف اٟتجاج كىك ىل عاصما كناجية بن رمح كعلي بن أصمع بتتبع ا١تصاحف،
كأمرىم أف ييقطٌعوا كل مصحف؛ كجدكه ٥تالفا ١تصحف عثماف ،كيعطوا صاحبو ستُت در٫تا ،خربٍل
بذلك أبو حاًب عن األصمعي ،قاؿ:
«كُب ذلك يقوؿ الشاعر:
ًً ً إًالَّ رس ً
». ىص ىم ىعا وـ ل ىدا ًر قىػ ٍفران ىكأىنػ ىَّها كتى ه
اب ٤تىاهي البىاىل ُّي بٍ ين أ ٍ يي ه
فيمكن كاٟتالة ىذه االعتماد إىل حد ما على ا١تصاحف العتيقة حيث تكوف مادهتا ىي مادة
ىذا العلم ،ك٤تتواىا ىو ما ينبغي نقلو ككتابة ا١تصاحف عليو ،كذلك بعد ا١تقارنة بينها كنبذ ما شذ
من رٝتها ككتابتها.
كقد قاـ هبذه ا١تهمة أئمة أعالـ كالداٍل كتلميذه سليماف بن ٧تاح ،حيث استقرؤكا تلك
ا١تصاحف كاطلعوا على أكثرىا ،كنقلوا ٤تتواىا ُب كتبهم ،خاصة ىذاف األخَتاف حيث كاف الناس
بعد٫تا عالة عليهماُ ،ب ىذا ا١تضمار ،كاصطلحوا على تسميتهما بالشيخُت ،فهو مصطلح ٮتصهما
عند إطالقو ُب ىذا العلم ال غَت.
فإذا قيل ىاىنا اتفق الشيخاف أك اختلفا ،فإ٪تا يعنياف أبا عمرك عثماف بن سعيد الداٍل ،كأبا
داكد سليماف بن ٧تاح األموم رٛتة ا﵁ عليهما.
كىناؾ غَت٫تا ٦تا سنذكر من كتب األئمة مثلهما كالشاطيب كابن كثيق األندلسي كغَتىا.
كما يالحظ أف ىذا العلم كإف كاف أصلو مشرقيا ،فإف عناية ا١تغاربة بو كانت أكثر كأ٧تع.
كقبل ذلك ،فإف ٚتلة من األئمة ا١تتقدمُت اطلعوا على ا١تصاحف العثمانية األصلية ،كنقلوا ما
فيها كاإلماـ نافع الذم نقل عنو الداٍل تفصيال طويال ُب ذكر ما رسم ُب ا١تصحف العثماٍل ،كاإلماـ
أيب عبيد القاسم بن سالـ الذم نقل عن ا١تصحف العثماٍل الذم رآه ُب خزائن بعض األمراء ،فإف
ىؤالء عاشوا ُب األزمنة الفاضلة حيث كاف العلم غضا طريا ،ككاف الناس ُب كرع كتقول ،فنقلوا بأمانة
ما رأكه ،كحدثونا بو ،فينبغي أف يعوؿ عليهم الناس كثَتا ُب ىذا العلم ،كيأخذكا بأقوا٢تم.
ٍب تتابع الناس بعد ذلك على التأليف ُب ىذا العلم كسائر العلوـ ،كعنوا بو نظما كنثرا،
كتكاثرت الكتب ا١تؤلفة فيو٦ ،تا يدؿ على فضل ىذه األمة ،كقبل ذلك على حفظ ا﵁ تعاىل لكتابو
حىت ُب رٝتو ،فلو اٟتمد على عظيم جزيلو كنعمائو.
فنخلص إىل أف مصادر ىذا العلم ثالثة أنواع:
/1ا١تصاحف العثمانية األصلية ،كا١تصاحف ا١تنتسخة عنها.
/2ركايات األئمة األعالـ الذين رأكا ىذه ا١تصاحف كاطلعوا على ما فيها.
/3الكتب ا١تؤلفة ُب ىذا ا١تضمار ،سواء اليت نقل مؤلفوىا عن ا١تصاحف العتيقة ،أك اليت
نقلت عنها ك٤تصت ما فيها.
حديث عن بعض المصادر:
/1المقنع في رسم مصاحف األمصار ألبي عمرك عثماف بن سعيد الداني (ت .)444
ذكر ا١تؤلف ُب ىذا الكتاب ما ٝتعو من مشا يخق كركاه عن أئمتو من مرسوـ خطوط مصاحف
أىل األمصار :ا١تدينة كمكة كالكوفة كالبصرة كالشاـ كسائر العراؽ ا١تصطلح عليو قدٯتا ٥تتلفا عن
ا١توجو هبا إىل
اإلماـ مصحف عثماف بن ع ٌفاف رضي ا﵁ عنو كعن سائر النسخ اليت انتسخت منو ٌ
الكوفة كالبصرة كالشاـ كجعل ٚتيع ذلك أبوابا ،كصنفو فصوال ،كأخاله من بسط العلل ك زح ا١تعاٍل
لكي يقرب حفظو ،كٮتفف متناكلو على من التمس معرفتو من طاليب القراءة ككاتيب ا١تصاحف كغيهم
٦تن قد أ٫تل شرح ذلك كضرب عن ركايتو ،ك اكتفى فيو دىرا بظنو كدرايتو ،كقد رأل أف يفتتح كتابو
ىذا بذكر بعض ما تأدل إليو من األخبار كالسنن ُب شأف أىل ا١تصاحف كٚتع القرآف فيها ،إذ ال
يستغٌت عن ذكر ذلك فيو أكال.
كقد قسم أبو عمرك كتابو إىل اثنُت كعشرين بابا :
فعقد الباب األكؿ ١تالبسات ٚتع القرآف ،كهتيب الصحابة لنسخوٍ ،ب ما كاف من إٚتاعهم
على ذلك كإرساؿ كل نسخة منو ١تصر من األمصار ،كذلك ُب عهد ا٠تليفة الراشد عثماف بن عفاف.
لينتقل للحديث عن موضوع الكتاب ،فبسط ٤تاكر علم الرسم ا٠تمسة –اٟتذؼ،
كالزيادة،كصور رسم ا٢تمز ،كالفصل كالوصل ،كىاء التأنيثُ -ب سبعة عشر بابا ،كأفرد األربعة الباقية
لذكر توافق اك اختالؼ مصاحف األمصار ُب بعض الكلمات القرآنية.
كا١تنهج الذم ارتضاه أبو عمرك ُب ٚتع ىذه ا١تادة القرائية؛ استقراء األشباه كالنظائر ُب أكؿ
موضع ذكرت فيو اللفظة؛ كمل يلتزـ ترتيب ا١تصحف ،معتمدا ُب ذلك ذكر سنده عن مشيختو ،كقد
يشفع ذلك بذكر ما حصل بُت يديو من عتق ا١تصاحف.
كيرجح عند االختالؼ ُب رسم بعض الكلمات القرآنية ما رسم ُب مصحف اإلماـ –يعنوف
بو مصحف عثماف بن عفاف-كيضعف الركاية األخرل كرٔتا يغلطها.
كالشيخ رٛتة ا﵁ عليو ٔتاآتاه ا﵁ من ٘تكن كسعة اطالع ُب ىذا العلم ،ال يكتفي ٔتجرد النقل
اٞتامد فحسب ،بل إنو يتعقب كيستدرؾ على أعالـ ىذا العلم ،ك رٔتا يضيف ما أغفلوه منو.
/2مختصر التبيين لهجاء التنزيل ألبي داكد سليماف بن نجاح (ت :)496
يعد من نفائس كتب ىجاء ا١تصاحف ،فال يدانيو أم كتاب كتتجلى أ٫تيتو ُب أمور كثَتة منها:
أسلوب أيب داكد ُب كتابو ا١تتميز بالسهولة ،كالبعد عن التكلف كالتعقيد ،كظهر ذلك ُب شكلو
ك٤تتواه ،بل ٕتلت ُب اختياراتو كترجيحاتو.
ك٦تٌا يدؿ على أ٫تيتو أنو اشتمل على بياف السور ا١تكية كا١تدنية ،كا١تختلف فيها ،كعلى بياف عد
اآلم ،كعلى األجزاء كاألحزاب ،كعلى ا٠تمس كالعشر ،ككل ما ٭تتاج إليو كتبة ا١تصاحف كنساخها،
فضال عن كونو اشتمل على أصوؿ القراءات ،كعلى ٕتزئة رمضاف ،كبُت ٤تل الوقوؼ اليت يتم عليها
ا١تعٌت ،كينتهي عندىا الكالـ.
أما غزارة مادة الكتاب ،فال يعلم كتاب أمشل كأكسع ُب ىجاء ا١تصاحف من ق ،بل إنو من
أٚتعها كأكسعها كأمشلها لكل ما يتصل بكتابة ا١تصاحف كإعراهبا بالنقط ككيفية ذلك .فالكتاب
حول بُت طياتو ٚتيع ىجاء مصاحف األمصار على ما كضعو الصحابة رضي ا﵁ عنهم ،أكدع فيو
مؤلفو كل ما عرؼ عن موضوع ىجاء ا١تصاحف كما ٭تتاجو الناسخ للمصحف.
كقد بُت منهجو بإسهاب كتفصيل ُب مقدمتو ،فلَتجع إليو.
/3عقيلة أتراب القصائد في أسنى المقاصد في علم رسم المصحف ألبي محمد القاسم
بن فيره الشاطبي الرعيني (ت :)590
ىي قصيدة رائية من البحر البسيط ،نظم ُب ىا الشاطيب كتاب ا١تقنو أليب عمرك البصرم،
فنهج هنجو كاتبع سبيلو مع زيادات كٖتقيقات علمية تنم عن بلوغو اجملد ُب علوـ القرآف كالقراءات.
/4الجامع لما يحتاج إليو من رسم المصحف ألبي إسحاؽ إبراىيم بن محمد ابن كثيق
اإلشبيلي األندلسي (ت :)654
كتاب ابن كثيق األندلسي ىو أحد الكتب ا١تؤلفة ُب الرسم العثماٍل ،كىو يضم إىل جانب
ذلك موضوعات أخرل تتعلق برسم القرآف كتأرٮتو ،ففي الكتاب باب كبَت عن طريقة ضبط الرسم ،
كأنواع العالمات ،ا١تستخدمة ُب عصره.
يقوـ منهج ابن كثيق ُب كتابو على ٕتميع األمثلة ا١تتشاهبة ُب ا١توضوع الواحد ُب فصل معُت،
مثل طريقة الداٍل ُب ا١تقنع.
/5مورد الظمآف في رسم أحرؼ القرآف ألبي عبد اهلل محمد بن محمد بن إبراىيم
الشريشي الفاسي المعركؼ بالخراز (ت :)718
ىي منظومة جامعة لعلم الرسم على ْتر الرجز ،عٍت فيها ناظمها بتحرير القوؿ ُب مسائل
الرسم بالنقل عن األئمة قبلو كأيب عمرك كأيب داكد ،كا١تعتمد عند ا١تغاربة ُب ذلك إذ أنو جعل ىذا
النظم على قراءة نافع رٛتو ا﵁ تعاىل.
كقد عٍت العلماء بعده بشرحها كالتحشية عليها ١تا فيها من التحقيق كالتحرير ،كمل تزؿ إىل اليوـ
عمدة عند نساخ ا١تصاحف.
/6سمير الطالبين في رسم كضبط الكتاب المبين لعلي بن محمد الضباع:
ىو كتاب معاصر ٥تتصر كضعو مؤلفو كىو من أعلم أىل زمانو بالقراءات كالرسم ،رٛتو ا﵁
تعاىل .فجمع فيو خالصة علمي الرسم كالضبط بأسلوب فريد كترتيب بديع ،فقعد القواعد كبوب
األبواب ،كرتب ا١تسائل ،كنظٌم الفوائد ،كرجح كعلل كأكضح كبُت ،كقد نقل جل مادتو عن كتايب
ا١تقنع كالتنزيل ،كعقيلة الشاطيب ،ككانت اختياراتو من منظومة ا٠تراز ،كشرحها البن عاشر.
المحاضرة السادسة :قواعد الرسم العثماني.
حيث أف ا١تصحف ٥تتلف عن الرسم القياسي اإلمالئي ،بناء على ما كتبو الصحابة ُب زمن
عثماف رضي ا﵁ عنو ،كىو الذم نقلوه عن ا١تكتوبات زمن النيب صلى ا﵁ عليو كسلم ،فقد حرصت
األمة على العناية بو ،كجعل االىتماـ بو من أكلياهتم ،حىت صار العلم ٔتحتول ا١تصاحف كطرؽ كتابة
كلماهتا علما لو قواعده كضوابطو.
كباستقراء علماء األمة للمصاحف العثمانية كا١تصاحف ا١تكتوبة عنها كا١تركيات اليت كصلتهم
عن األئمة فقد جعلوا للرسم العثماٍل خصائص ك٦تيزات ٗتصو عن الرسم القياسي كيفًتؽ هبا عنو:
كىذه القواعد أك ا٠تصائص تتمثل فيما يلي:
/1اٟتذؼ
/2الزيادة.
/3البدؿ.
/4ا٢تمز.
/5الفصل كالوصل.
/6ما فيو قراءتاف أك أكثر.
كىذا األخَت ال يكاد ٮترج عن ا٠تصائص ا٠تمسة األكىل ،فنستغٍت بذلك عن ذكره
القاعدة األكلى :الحذؼ.
تعريف الحذؼ :ىو اإلزالة أك اإلسقاط.
كيقع ُب ا١تصاحف بإزالة حرؼ من اٟتركؼ العربية من الكلمة القرآنية ،حيث يثبت نطقا كال
يوجد لو نظَت ُب ا١تكتوب.
كاٟتركؼ اليت جرل ُب ا١تصحف حذفها ٜتسة فقط :األلف كالواك كالياء ا١تدية ،كالالـ كالنوف.
أكال :حذؼ األلف:
األلف أكثر اٟتركؼ حذفا ُب القرآف الكرَل ،كقد حاكؿ العلماء تصنيف األلفات ا﵀ذكفة ٖتت
قواعد فلم يتيسر ٢تم ذلك ُب ٚتيع أفراد الكلمات ،فقسموا األلفات ا﵀ذكفة إىل نوعُت:
أ /ما يدخل تحت قاعدة :كىو كاآلٌب:
-حذؼ ألف ٚتع ا١تذكر السامل
-حذؼ ألف ٚتع ا١تؤنث السامل
-حذؼ ضمَت الرفع ا١تتصل.
-حذؼ ألف التثنية.
-حذؼ ألف األٝتاء األعجمية.
ب /ما ال يدخل تحت قاعدة :كىو جزئيات كثَتة ُب القرآف الكرَل منها ا١تكرر كغَت ا١تكرر.
ك٨تن ُب ىذا الدرس نذكر ا١تواضع اليت ٖتذؼ فيها األلف مع أمثلة خفيفة ألف مقصودنا
اإلطٍالع على ا١توضوع ال تفصيلو ،فإف تفاصيلو يرجع فيها إىل ا١تصادر ا١تذكورة ُب ا﵀اضرة السابقة.
:1ما يدخل تحت قاعدة:
-حذؼ ألف جمع المذكر السالم٨ :تو العلمُت الصلحُت اللعنوف ٟتفظوف ،كيستثٌت منها
كلمات اختلف العلماء ُب ركابتها الختالؼ ا١تصاحف العثمانية.
-حذؼ ألف جمع المؤنث السالم٨ :تو مسلمت البينت ءايتنا الصلحت قنتت
-حذؼ ألف ضمير الرفع المتصل٨ :تو :علمنو زدنك ءاتينو ك٨توه.
-حذؼ ألف التثنية ُ :ب كسط الكلمة سواء كانت اٝتا أك فعال٨ ،تو :رجالف كيعلمن
كتكذباف ،كىذه كرد فيها ا٠تالؼ بُت الشيخُت.
-حذؼ ألفات األسماء األعجمية الزائدة على ثالثة أحرؼ٨ :تو إبرىيم إسحف إٝتعيل
ىركف ،كاختلفوا ُب بعضها.
:2ما ال يدخل تحت قاعدة :كىو كثَت ٨تو األلبب متع ميثق ٕترة أصحب ٮتدعوف تدركو
ذلك كغَتىا.
ثانيا :حذؼ الياء.
ليس ٟتذؼ الياء قاعدة مضطرة لكن يالحظ بعض الضوابط كاآلٌب:
ٖ -تذؼ الياء ُب كسط الكلمة إذا اجتمعت معهاء ياء أخرل ٨تو اٟتوارين النبُت األمُت ربنُت
-ككذلك إذا كانت ُب آخر الكلمة ياءاف ٨تو :٭تي يستحي كيل لنحي حيي ،كاستثٍت من
ذلك ٨تو حييتم أفعيينا كغَتىا.
-حذفت الياء الساكنة ُب آخر الكلمة إذا كاف بعدىا ساكن ٨تو يؤت ا﵁ ننج ا١تؤمنُت بالزاد
ا١تقدس.
-حذفت الياء ُب رؤكس اآلم مراعاة للمجانسة بينها٨ ،تو :فارىبوف فاعبدكف فاتقوف ا١تتعاؿ
متاب دعاء كغَتىا.
-حذفت ياء ضمَت ا١تتكلم ا١تضاؼ إىل االسم ا١تنادل ٨تو يقوـ رب ارجعوف إال يعبادم
فثببت إال موضع الزخرؼ.
-حذفت الياء ُب كلمات أخرل من غَت علة ظاىرة ٨تو إذا دعاف كخافوف يوـ يأت اتبعوف
أىدكم ،كغَتىا.
-اختلفت ا١تصاحف ُب كلمة إبرىيم بُت إثبات كحذؼ يائها ُب سورة البقرة خاصة ،فأثبتتها
ا١تصاحف ا١تدنية كا١تكية كحذفت ُب العراقية كالشامية ،أما األلف فقد سلف أهنا ٤تذكفة.
ثالثا :حذؼ الواك
أما الواك فقد ذكر العلماء ضوابط ٟتذفها
-إذا اجتمعت كاكاف األكىل مضمومة كالثانية ساكنة٨ ،تو :يستوف كرم داكد الغاكف.
-إذا كانت صورة للهمزة كبعدىا كاك أخرل ٨تو مسؤال يؤسا يدرءكف ال يطؤف
-حذفت ُب أربعة أفعاؿ كيدع اإلنسن كٯتح ا﵁ البطل ،كيدع الداع ،سندع الزبانية.
رابعا :حذؼ الالـ
ٖتذؼ الالـ خالفا للرسم القياسي ُب كلمة كاحدة ،كىي اليل.
كحذفت ُب الرسم العثماٍل كالقياسي معا ُب الذم كالذاف كالذين كالذين كاليت كاليت كالئ .غَت
أف اللذاف كاللذين ٦تا اختلف فيو ُب الرسم القياسي.
خامسا :حذؼ النوف.
كرد حذؼ النوف ُب ا١تصاحف ُب كلمت ىي :فنجي من نشاء ك٧تي ا١تؤمنُت كال تأمنا ،كذكر
الداٍل أف بعضهم ركل حذؼ النوف ُب لننظر كلننصر كمل ير ذلك ُب ا١تصاحف.
تنبيو :ذكر بعض العلماء أف اٟتذؼ نوعاف:
حذؼ إشارة :حيث يشَت اٟتذؼ إىل قراءة أخرل مثل( :ملك).
حذؼ اختصار :يقع عادة ُب الكلمات ا١تتكررة ُب القرآف مثل (السموت).
القاعدة الثانية :الزيادة.
تعريف الزيادة :ىي إثبات حرؼ رٝتا دكف أف يكوف لو مقابل ُب النظق ،كمثل ىذا يقع ُب
الرسم اإلمالئي أيضا ُب ٨تو عمرك كأكلئك كغَتىا.
كاٟتركؼ اليت تزاد ُب ا١تصحف ىي األلف كالواك كالياء ،كتزاد ُب كسط الكلمة كُب آخرىا.
أكال زيادة األلف:
زيدت األلف ُب ا١تصاحف ُب ٨تو مائة كمائتُت ،كاتفقت ا١تصاحف على زيادة ألف ُب
ألاذْتنو كاختلفت ُب مواضع أخرل إلاىل ا﵁ ٖتشركف ،كألاكضعوا خللكم كإلاىل اٞتحيم.
كزيدت األلف ُب كلمة شيء ُب قولو تعاىل :كال تقولن لشامء ُب الكهف فقط ،كركم أهنا
تزاد ُب كل القرآف ،كليس بالقوم.
كزيدت الألؼ ٓتالؼ ُب جامء ُب الزمر كالفجر.
كزيدت ُب كال تايئسوا إنو ال يايئس ،أفلم يايئس ،كاختلف ُب استيئسوا كاستيئس.
زيدت األلف أيضا بعد الواك سواء كانت الما للفعل أك كاكا للجمع أك عالمة لإلعراب أك بدال
من ا٢تمزة إال ما ستثٍت ،مثاؿ ذلك :ءامنوا فاسعوا ،أشكوا فال يربوا لن ندعوا ،مرسلوا الناقة كاشفوا
العذاب ،جزؤا البلؤا شركؤا يبدؤا
ثانيا زيادة الياء:
زيدت الياء ُب القرآف ُب كلمات :أفإين مات ،أفإين مت فهم ،بنينها بأييد ،بأييكم ا١تفتوف،
من نبإم ا١ترسلُت ،كجاءت صورة للهمزة ُب كلمات ٨تو :تلقائ كإيتائ ءانائ كرائ ،كاختلف
العلماء ُب عدىا صورة للهمزة أك زائدة.
ثالثا :زيادة الواك
زيدت الواك ُب ا١تصاحف ُب عدة كلمة جاءت فيها بعد ٫تزة مضمومة٨ ،تو :أكلوا أكيل أكلت
أكالء أكلئك ،كزيدت ُب بعض ا١تصاحف ُب ٨تو :سأكريكم كألكصلبنكم.
القاعدة الثالثة :البدؿ
تعريف البدؿ :ىو كضع حرؼ مكاف حرؼ آخر ،أك ىو رسم حرؼ بغَت اٟتركؼ ا١توضوع
لو.
ككقع البدؿ ُب القرآف الكرَل ُب حرؼ األلف ،حيث أبدؿ كاكا كياء.
ككقع أيضا ُب ىاء التأنيث ،فرٝتت ىاء كرٝتت تاء.
أكال :إبداؿ األلف كاكا:
اتفقت ا١تصاحف على رسم األلف كاكا ُب الصلوة كالزكوة كاٟتيوة حيث كقعت ،ككمشكوة
كالنجوة كمنوة كبالغدكة كالربوا ،ما مل تضف إىل الضمَت٨ ،تو صالهتم ،كاختلف ُب زكوة كحيوة ُب
حالة التنكَت ،كاألشهر كتابتهما بالواك.
ثانيا :إبداؿ األلف ياء
ُب ىذا ا١توضع يستحضر درس اإلمالة من التجويد.
فإذا كاف أصل األلف كاكيا ،فإهنا األصل كتابتها باأللف إال ما ستثٍت٨ ،تو :ضحى ،زكى،
دحيها ،ضحيها ،تليها ،طحيها ،كالضحى كسجى.
كإذا كاف أصلها يائيا فإهنا تكتب ياء ٨تو :أتى ،ىدل ،موسى ،غزل ،إنيو ،تقية.
كاستثٍت من ذلك أصل كسبعة أحرؼ.
فاألصل ٨تو الدنيا كالعليا الرءيا اٟتوايا ،كغَتىا ،كضابطها أهنا كل موضع لو كتبت فيو األلف
ياء الجتمعت ياءاف.
كاألحرؼ ىي :عصاٍل ،األقصا ،تواله ،أقصا ،سيماىم ،طغا ،كرءا ،إال ُب النجم.
كاختلف ُب لدل.
ثالثا :إبداؿ ىاء التأنيث تاء
كذلك ُب كلمات ىي :رٛتت ،نعمت ،امرأت ،سنت ،لعنت ،معصيت ،كلمت ،شجرت،
جنت ،بقيت ،قرت ،فطرت ،ابنت ،كبينت .على أف بعض القراء ٬تعل بعض ىذه الكلمات ٚتعا،
مثل كلمت كبينت
القاعدة الرابعة :الهمز
ا٢تمز ُب الرسم األكؿ مل تكن لو صورة ،كالصورة اليت ىو عليها اليوـ ُب ا٠تط العريب (ء) حادثة
بعد الصحابة ،كلذلك اختلف العرب األكائل ُب تصويره ،بالنظر إىل اختالفهم ُب نطقو ،فمن كانوا
ٮتففونو كعرب اٟتجاز كقريش رٝتوه على صورة اٟترؼ الذم خففوه إليو ،فما خففوه إىل الواك كتبوه
كاكا ،كما خففوه إىل الياء كتبوه ياء ،كما خففوه إىل األلف كتبوه ألفا ،كما نقلوه أك أسقطوه مل يصوركا
لو أم صورة.
كمن كانوا ٭تققونو كتبوه ألفا على كل حاؿ كتميم كقيس.
ٍب إنو ١تا غلبت قريش الناس بكتب القرآف غلب كضعها على كضع البقية من العرب ،ككإف
كاف ُب الظاىر كضع ا﵀ققُت أدؽ.
فلذلك نرل مذىب قريش ىو السائد ُب ا١تصاحف العثمانية ،أعٍت تصوير ا٢تمزة على اٟترؼ
الذم تؤكؿ إليو عند التخفيف.
ك١تعرفة كيفية رسم ا٢تمزة ُب ا١تصحف ينبغي معرفة القواعد اليت ترسم هبا مع مراعاة حركتها،
كاٟترؼ الذم قبلها ،كحركتو ،ككوهنا ُب أكؿ الكلمة أك كسطها أك آخرىا.
كسنذكر ىاىنا أصوؿ الباب ،كلن نتعرض لتفاصيلو كسائر ما سبق من القواعد.
أكال :الهمزة المتقدمة
ا٢تمزة إذا كانت ُب أكؿ الكلمة فإهنا ترسم دكما ألفا ،أيا كانت حركتها٨ ،تو :أمر إياؾ أكحي.
كحىت لو سبقها حرؼ زائد ٨تو :سأصرؼ ،سأنزؿ ،لبإماـ.
كاستثٍت من ذلك :ىؤالء لئال ،يبنؤـ.
ثانيا :الهمزة المتوسطة
ا٢تمزة ا١تتوسطة تكوف ساكنة أك متحركة.
كالساكنة إما أف يسبقها فتح أك ضم أك كسر.
فا١تضموـ ما قبلها ترسم كاكا ٨تو يؤمن ،تؤفكوف إال إذا كقع بعدىا ٫تز ،فال صورة ٢تا ٨تو
تئوم ،ككذلك الرءيا.
كا١تكسور ما قبلها ما قبلها ترسم ياء ٨تو بئس بئر الذئب ،إال رءيا فبالصورة.
كا١تفتوح ما قبلها ترسم ألفا٨ ،تو يأكل الرأس تأ١توف ،إال فادرءًب.
كأما ا١تتحركة فإما أف يكوف ما قبلها ساكنا أك متحركا.
فإف كاف ساكنا فإف كاف غَت ألف ٨تو يسئموف ،األفئدة ،مسئوال ،مل ٕتعل ٢تا صورة ،إال
النشأة كموئال كالسوأل.
كإف كاف ألفا فإف كانت مفتوحة مل ترسم ٢تا صورة ٨تو أبناءىكم ،كإف كانت مضمومة رٝتت
كاكا ٨تو أبناؤكم ،كإف كانت مكسورة رٝتت ياء ٨تو أبنائكم.
كإف كاف ما قبل ا١تتحركة متحركا:
فإف كانت مفتوحة:
فإف كاف قبلها مفتوح رٝتت ألفا ٨تو بدأكم ،سأؿ ،ألمألف ،امشأزت ،فإف كاف بعدىا ألف مل
يكن ٢تا صورة ٨تو :ملجئا ،تبوءا
كإف كاف قبلها مضموـ رٝتت كاكا ٨تو مؤجال ،الفؤاد.
كإف كاف قبلها مكسور رٝتت ياء ٨تو خاطئة ،السيئة ،رئاء ،إال السيئات فال صورة ٢تا.
فإف كانت مضمومة
فإف كاف ما قبلها مفتوحا رٝتت كاكا ٨تو :يذرؤكم ،يكلؤكم.
فإف كاف ما قبلها مضموما فال يوجد ُب القرآف إال ما بعده الواك ،فهي ال ترسم ٢تا صورة
لوجود الواك بعدىا.
كإف كاف ما قبلها مكسورا رٝتت ياء ٨تو سنقرئك ،فإف كاف بعدىا كاك مل تكن ٢تا صورة ٨تو
يستهزءكف متكئوف.
فإف كانت مكسورة فإهنا ترسم ياء سواء سبقها فتح أك ضم أك كسر٨ ،تو :يئس ،سئلت،
بارئكم ،إال إطا جاء بعجها ياء فال صورة ٢تا٨ ،تو :متكئُت ،مستهزءين.
ثالثا :الهمزة المتطرفة
تتبع ا٢تمزة ا١تتطرفة الساكنة ما قبلها ،فًتسم من جنسو ،فإف كاف مفتوحا رٝتت ألفا ٨تو اقرأ،
كإف كاف مكسورا رٝتت ياء ٨تو :ىيئ كنبئ ،كمل تقع ساكنة قبلها مضموـ ُب القرآف.
كإف كانت متحركة ككاف قبلها ساكن ال يكن ٢تا صورة٨ ،تو ا٠تبء ،دؼء ،شيء ،قركء،
جاء ،إال بعض ا١تواضع ٨تو أف تبوأ ،لتنوأ ،ك٨تو :جزؤا ،دعؤا ،الضعفؤا كغَتىا فقد صورت كاكا.
كإذا كاف ما قبلها متحركا رٝتت من جنسو أيضا.
فمثاؿ ا١تفتوحة :ذرأ كقرئ.
كمثاؿ ا١تضمومة:يستهزأي ا١تأل ،لؤلؤ كامرؤا ،كتبوئ ،غَت كلمات ٨تو :ا١تلؤا ،يبدؤا ،تفتؤا ،يعبؤا
كغَتىا.
كمثاؿ ا١تكسورة :من نبإ،اللؤل ًؤ ،السيئ ،امرئ.
القاعدة الخامسة :الفصل كالوصل
األصل أف تكتب كل كلمة مفصولة عن غَتىا ،لكن كقع ُب الرٝتُت القياسي كاالصطالحي
العثماٍل كلمات موصولة ببعضها ،كليس ٢تذا األمر قاعدة ،فإننا قد ٧تد ُب ا١تصحف كلمة موصولة
ُب موضع مفصولة ُب غَته.
كىنا سنعد ىذه الكلمات ،ك٧تعلها على قسمُت:
ما كقع فيو اإلدغاـ
كما ليس فيو إدغاـ
أكال :ما فيو إدغاـ:
أف ال :كلها موصولة (إال) سول عشرة مواضع منها أف ال أقوؿ على ا﵁ ،أف ال ملجأ.
من ما :كلها موصولة (٦تا) سول ثالثة مواضع :منها :فمن ما ملكت أٯتانكم.
أف لن :كلها مفصولة ىكذا سول موضعُت :ألن ٧تعل ،ألن ٧تمع.
عن من :توجد ُب موضعُت ،ككال٫تا جاء مفصوال ىكذا.
فإف لم :كلو رسم بالفصل إال موضعا كاحدا فبالوصل :فإمل يستجيوا لكم
إف ما :كلو موصوؿ (إما) إال موضع الرعد :كإف ما نرينك.
أـ من :كلو موصوؿ إال أربعة .منها :أـ من أسس ،أـ من يكوف عليهم.
ثانيا :ما ليس فيو إدغاـ:
في ما :كلو موصوؿ إال إحدل عشر موضعا ،منهاُ :ب ما فعلن ُب.
لكي ال :جاءت موصلة ُب أربعة مواضع ،كمفصولة ُب موضعُت.
بئس ما :جاءت موصولة ُب ثالثة مواضع.
أين ما :اتفقوا على كصل موضعُت ،كاختلفوا ُب ثالثة ،كاتفقوا على فصل الباقي .كعدهتا .12
إ ّف ما :كلو موصوؿ إال إف ما توعدكف آلت ،فهو مفصوؿ باتفاؽ ،كاختلفوا ُب إف ما عند ا﵁
خَت.
أ ّف ما :اتفقوا على قطعو ُب موضعُت كاختلفوا ُب الثالث ،كالباقي كلو موصوؿ.
كل ما :اتفقوا على فصل (من كل ما سألتموه) ،كاختلفوا ُب أربعة ،كاتفقوا على كصل الباقي.
حيث ما :اتفقوا على قطعها ُب مواضعها.
مل يرض كثَت من العلماء أكال ضبط ا١تصحف ،كالذين جوزكه ،أجازكه ُب ا١تصاحف اليت يتعلم فيها
الصبياف ،ك قالوا يرسم بلوف مغاير لسواد ا١تصحف.
حكمو:
اختلف العلماء قدٯتا حوؿ حكم إضافة ٖتسينات أك نقط أك شكل على القرآف الكرَل ،فمنهم
من أنكرىا كقاؿ ببدعيتها كأدخلها ُب حديث " :من أحدث ُب أمرنا ىذا ما ليس منو فهو رد"،
كمنهم من مل ير ُب ذلك حرجا كجعل ذلك من باب" :ما ال يتم الواجب إال بو فهو كاجب" ،كمنهم
من جعل إدخاؿ ىذه األشياء ضركرة ال بد منها كفق قاعدة الضركرات تبيح ا﵀ظورات.
أدلة المانعين:
ما ركم عن عمر بن ا٠تطاب رضي ا﵁ عنو" :جردكا القرآف كأقلكا الركاية عن رسوؿ ا﵁ صلى
ا﵁ عليو كسلم كأنا شريككم".
ما ركم عن ابن مسعود رضي ا﵁ عنو أنو قاؿ":جردكا القرآف لَتبوا فيو صغَتكم كال ينأل
عنو كبَتكم ،فإف الشيطاف يفر من البيت الذم يسمع فيو سورة البقرة".
ىاتاف الركايتاف كغَت٫تا فهم منها بعض أىل العلم ٕتريد القرآف من النقط كالشكل.
-كمن األدلة العقلية للمانعُت أف ا١تصاحف ١تا كتبت ُب ا١ترحلة البكرية كالعثمانية كانت خالية
من النقط كالشكل فال ٬توز ٥تالفتهم كإحداث شيء فيها مل يفعلو الصحابة الكراـ.
كركم عن غَت كاحد من السلف منع إدخاؿ أم شيء على ا١تصحف ،كابن مسعود كإبراىيم
النخعي كاٟتسن كابن سَتين.
أدلة المجيزين:
ما نقلو الداٍل عن بعض العلماء أهنم قالوا( :العجم نور الكتاب) كا١تقصود بالعجم النقط.
ما نقلو السيوطي عن األكزاعي حُت سئل عن نقط ا١تصاحف فقاؿ ( :إعجاـ الكتاب نور
لو).
قالوا بأف ترؾ ا١تصحف دكف نقط كشكل يوقع ُب اللبس ا١تفضي إىل اللحن كا٠تطأ ُب القراءة
فيكوف النقط كالشكل كسيلة لتجنب الوقوع ُب ذلك.
كأجابوا عن ترؾ نقط ا١تصاحف ُب العهد النبوم كالبكرم كالعثماٍل بأف اٟتاجة مل تكن تدعو
إليو ألف العرب كانوا ٯتتازكف بالسليقة اليت تغنيهم عن النقط كالشكل.
كاٟتق أف ىذا ا٠تالؼ القدَل مات كاندثر ،كليس عليو اليوـ أحد من الناس ُب غالب الظن،
كقد أٚتعت األمة على العمل بضبط ا١تصاحف حىت لكأنو منها ،كصارت ٞتاف مراجعة ا١تصاحف ال
ٕتيز ا١تصحف للطباعة إال أف يكوف مضبوطا كفق قواعد الضبط.
فال يًتتب اليوـ أثر على ىذا ا٠تالؼ ،فصار بفضل ا﵁ علم الضبط من الفركض الكفائية اليت
يتعُت على األمة حفظها ،كبا﵁ التوفيق.
فائدة الضبط:
تتلخص أ٫تية كضع اصطالحات ضبط ا١تصحف ُب األمور التالية:
-1إرشاد القارئ إىل مواضع الوقف اٞتائز كا١تمنوع.
-2إرشاد القارئ إىل أحكاـ التجويد ،كأحكاـ اإلدغاـ ،كاالظهار ،كا١تدكد.
-3إعانة ا١تتعلم على ٕتويد كالـ لفظ اٞتاللة تعاىل بيسر كسهولة أثناء التالكة.
-4إرشاد القارئ إىل سالمة نطق كمعرفة اٟتركؼ ا٢تجائية ٔتعرفة اصطالحات ضبط ا١تصحف.
-5سالمة الفهم ١تعاٍل كلمات القرآف الكرَل ،كحفظو من كقوع اللحن فيو.
-6إعانة القارئ على التأٍل ُب قراءة القرآف الكرَل كالتدبر كا٠تشوع ،كاالنشغاؿ بالتفكَت ُب
معٌت اآلية.
-7حفظ القرآف الكرَل من الضياع.
-8توحيد ا١تصحف بنسخة كاحدة ُب اللفظ.
تاريخ إدخاؿ العالمات في المصاحف:
منهم قاؿ إنو علي بن أيب طالب، اختلف العلماء على أكؿ من كضع النقاط على اٟتركؼ ،ؼ
كمنهم من قاؿ إنو أبو األسود الدؤيل ،كآخركف يركف أنو نصر بن عاصم الليثي ،كفريق آخر يقوؿ بأنو
عبد الرٛتن بن ىرمز ا١تدٍل.
كلكن ٯتكن أف نقوؿ إف من اخًتع الضمة ،كالكسرة ،كالفتحة ،أم اٟتركات اليت ترسم على
اٟتركؼ ىو أبو األسود الدؤيل .كالذم قاـ بوضع اٟتركؼ على النقاط ،كالتاء كالباء كالياء ،كقاـ
بالتمييز بينهما ،ىو نصر بن عاصم الليثي.
١تا انتشر اإلسالـ ُب عصر ا٠تلفاء كدخل فيو أقواـ من األعاجم ٦تن مل يرتشفوا من العربية
شيئا كلو قليال ،كاف كال بد كأف يكتوم بنار العجمة العرب أنفسهم ،حيث أنو كانوا أصحاب النفوذ
كالوالء ،كُب ىذا الصدد تذكر ا١تصادر أف معاكية رضي ا﵁ عنو كتب إىل زياد يطلب عبيد ا﵁ ابنو،
فلما قدـ عليو كلمو فوجده يلحن ،فرده إىل زياد ككتب إليو كتابا يلومو فيو ،كيقوؿ :أمثل عبيد ا﵁
يضيع ،فبعث زياد إىل أيب األسود فقاؿ :يا أبا األسود ،إف ىذه اٟتمراء قد كثرت- ،يقصد
األعاجم -كأفسدت من ألسن العرب ،فلو كضعت شيئا يصلح بو الناس كالمهم ،كيعربوف بو كتاب
ا﵁ تعاىل ،فأىب ذلك أبو األسود ،ككره إجابة زياد إىل ما سأؿ ،فوجو زياد رجال فقاؿ لو :اقعد ُب
طريق أيب األسود ،فإذا مر بك فاقرأ شيئا من القرآف كتعمد اللحن فيو ،ففعل ذلك ،فلما مر بو أبو
ً ً
ىف اللَّوى بىًرمءه م ىن الٍ يم ٍش ًرك ى
ُت ىكىر يسوليوي ) [التوبة– ]3 :بكسر الالـ من األسود رفع الرجل صوتو فقاؿ( :أ َّ
رسولو -فاستعظم ذلك أبو األسود ،كقاؿ :عز كجل ا﵁ أف يربأ من رسولوٍ ،ب رجع من فوره إىل زياد
إيل ثالثُت رجال ،فأحضرىم فقاؿ :يا ىذا قد أجبتك إىل ما سألت ،كرأيت أف أبدأ بإعراب القرآفَّ ،
زياد ،فاختار منهم أبو األسود عشرةٍ ،ب مل يزؿ ٮتتار منهم حىت اختار رجال من عبد قيس ،فقاؿ
شفيت فانقط كاحدة فوؽ اٟترؼ ،كإذا خذ ا١تصحف كصبغا ٮتالف لوف ا١تداد ،فإذا فتحت ٌ
ضممتهما فاجعل النقطة إىل جانب اٟترؼ ،كإذا كسرهتما فاجعل النقطة ُب أسفلو ،فإف اتبعت شيئا
من ىذه اٟتركات غنة فانقط نقطتُت ،فابتدأ با١تصحف حىت أتى على آخره.
.فكاف ضبط أيب األسود نقطا مدكران كنقط األعجاـ إال أنو ٥تالف لو ُب اللوف .كأخذ ذلك عنو
ا١تطوؿ كىو األشكاؿ الثالثة
ٚتاعة كأخذه منهم ا٠تليلٍ .ب إف ا٠تليل اخًتع نقطا آخر يسمى ٌ
ا١تأخوذة من صور حركؼ ا١تد .كجعل مع ذلك عالمة الشد شينان أخذىا من أكؿ شديد .كعالمة
ا٠تفة خاء أخذىا من أكؿ ٗتفيف ككضع ا٢تمز كاإلمشاـ كالركـ فاتبعو الناس على ذلك كاستمر العمل
بو إىل كقتنا ىذا لكن بعض تغيَت فيو كما سفقف عليو ُب ىذه ا﵀اضرات.
ىذا العلم رغم ما سبق من أنو داخل على ا١تصاحف العثماٍل ،حادث ،إال أنو قدَل ،كقد عٍت
بو كما سلف أئمة القركف األكىل لعنايتهم بالقرآف ،كحفظو من الضياع.
كعليو فإف أىم ا١تصادر اليت يعوؿ عليها ُب ىذا العلم ما يلي:
/1ا١تصاحف العتيقة اليت أٟتقت هبا عالمات الضبط على اختالؼ أنواع كمدارسها كمشارب
نساخها.
/2كتب األئمة الذين عنوا هبذا الشأف كدكنوا فيو ما بلغهم عن شيوخهم ،كما الحظوه ُب
ا١تصاحف اليت سبقتهم ،كما اجتهدكا فيو رأيهم ،كعلى األخص منهم الشيخاف أبو عمرك الداٍل،
كأبو داكد سليماف بن ٧تاح.
/3ا١تصاحف اٟتديثة اليت تصرفت فيها ٞتاف ا١تصاحف ُب استحداث عالمات تليق بآالت
الطبع اٟتديثة ،خصوصا عند تعسر الطبع بألواف متغايرة ُب الزماف ا١تاضي.
فإف كاف اٟترؼ الذم يلي التنوين ىو حرؼ الباء ،فألىل الضبط كجهاف :أف ٕتعل كعالمتو
عند حركؼ اإلخفاء ىكذا :ﵟ َعي ّٞ
ِيً ب ِ ٍَاﵞ ،أك أف تبدؿ فتحة التنوين ميما صغَتة ،للداللة على
القلب ،ىكذا :ﵟ َعي ُ
ِيً ۢ ب ِ ٍَاﵞ.
كعلى األكؿ اقتصر الداٍل ،كذكر أبو داكد الوجهُت ،لكنو اختار الثاٍل ،كبو جرل العمل تبعا
لو.
/2كيفية ضبط الحركات الفرعية :االختالس ،كاإلشماـ ،كاإلمالة.
االختالس إسراع باٟتركة إسراعا ٭تكم بو السامع أف اٟتركة قد ذىبت كىي كاملة ُب الوزف،
كقيل ىو النطق بثلثي اٟتركة كيراد بو اإلخفاء.
اإلمشاـ النطق ْتركة تامة مركبة من حركتُت ضمة ككسرة ،كيكوف جزء الضمة مقدما كىو األقل
كيليو جزء الكسر كىو األكثر.
اإلمالة :ىي النحو بالفتحة إىل الكسرة ،كباأللف إىل الياء ،كىو باب كبَت من أبواب التجويد،
كاختص بو من القراء ٛتزة كالكسائي كأبو عمرك ككرش ،كللبقية مواضع إمالة.
كىي نوعاف٤ ،تضة كتسمى اإلضجاع ،كاإلمالة الكربل ،كغَت ٤تضة ،كتسمى التقليل ،اإلمالة
بُت بُت ،كاإلمالة الصغرل.
ك١تا كانت ىذه األنواع الثالثة ٥تالفة ُب اللفظ ١تا حركتو خالصة لكوف حركة ا١تختلس مشوبة
بسكوف ،كحركة ا١تشم كسرة مشوبة بضمة ،كحركة ا١تماؿ فتحة مشوبة بكسرة ،احتاج أىل الضبط
إىل ٘تييزىا عنو.
فذىب ٚتاعة إىل تعريتها من الشكل مطلقا ،كىو اختيار أيب داكد.
كذىب ٚتاعة إىل نقطها ،كىو اختيار الداٍل كعليو جرل العمل.
َ َّ
،ىكذا :ﵟأ ٌََّ لا ككيفية ضبطو ُب االختالس نقطة فوؽ اٟترؼ إف كاف مفتوحا
َ ۬ ّ ُ َ َ ۬ٓ ّد ٓ
ٔنﵞ. ِيﵞ ﵟييخ ِصٍ
كٖتتو إف كاف مكسورا ،ىكذا :ﵟُ ِ ۪ع ٍَّاﵞ
ككيفيتو ُب اإلمشاـ نقطة أماـ حرفو ،ىكذا :ﵟش ۬ي ٓي َء ﵞ ﵟش ۬ي ٓي َئ ۡتﵞ تنبيها على أنو يشار
بالكسرة إىل الضمة.
ككيفيتو ُب ا١تماؿ نقطة ٖتت اٟترؼ ا١تماؿ كصال عوضا من فتحتو للداللة على أنو ٦تاؿ ،
ۡ َۡ
ٱش َت ۪ٔ ٰٓىىﵞ ﵟ َ ۪ َٰيﵞ.
ىكذا :ﵟ جرى َٰ َٓاﵞ ﵟ ۡ
۪
أما ما ٯتاؿ ُب الوقف فقط ،فإف ال ينقط ،ألف ا١تصحف يضبط على الوصل ال على الوقف.
/3كيفية ضبط السكوف:
اختلف أئمة الضبط ُب عالمة السكوف على مذاىب عدة:
فمنهم من جعلها دائرة ٣توفة توضع فوؽ اٟترؼ ىكذا :ﹿ ،كبو جرل عمل ا١تغاربة.
كمنهم من جعلها رأس خاء صغَتة ،مأخوذة من كلمة خفيف الدالة على السكوف ،كىي ما
يقابل اٟتركة ،ىكذا ،) ۡ ( :كبو جرل عمل ا١تشارقة.
كمنهم من جعلها جرة صغَتة فوؽ اٟترؼ ،ىكذا :ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ كىو مذىب نقاط األندلس كعمل بو
ْ ۡ َ
بعض ا١تغاربة ُب الياء الثانية ُب قولو تعاىل :ﵟب ِ ي ّٖدﵞ
كمنهم من جعلها ىاء مشقوقة ىكذا :هـ ،كأهنا تدؿ على ىاء السكت ،ألف السكوف سكت
على اٟترؼ.
كمنهم من جعلها نقطة مربعة فوؽ اٟترؼ الساكن.
كمنهم من مل ٬تعل للسكوف عالمة ،مكتفيا بوضع عالمات للحركة فحسب.
موضعها:
كاختلفوا أيضا ُب موضع ىذه العالمة على أقواؿ:
/1أف توضع على اٟترؼ ا١تظهر فقط ،كيعرل منها ا١تدغم كا١تخفى كا١تمدكد للداللة على ىذه
األحكاـ ،كىو الذم عليو العمل.
/2أف يعرم حركؼ ا١تد فقط ،كيضعها على سائر اٟتركؼ ا١تظهرة كا١تخفاة كا١تدغمة ،كىذا
يعمل بو أصحاب اإلمالء عادة.
/3أف توضع على كل اٟتركؼ الساكنة أيا كانت مظهرة أك مدغمة أك ٥تفاة أك ٦تدكدة.
/4أف توضع على اٞتميع ،لكن يفرؽ بُت ا١تمدكد كغَته بصورة السكوف حيث ال تشبو صورة
ما عليو ما على البقية.
تتمة في ضبط النوف الساكنة:
النوف لدكرىا ُب الكالـ ٢تا أحكامها األربعة ا١تعركفة ،كقد سبق الكالـ عنها ُب التنوين.
فإف كاف بعد النوف الساكنة حرؼ من حركؼ اإلظهار ،فحكمها أف توضع عليها عالمة
ۡ ّ ۡ َ ۡ ۡ ُ َ َ ۡ َۡ َ
السكوف ،ىكذا :ﵟفٍَ أظيً ﵞ ﵟٌَِ عِي ٍيﵞ ﵟٌَِ ّٖيﵞ
كإف كاف بعدىا حرؼ من حركؼ اإلخفاء فحكمها أف تعرل من عالمة السكوف ،كال يشدد
َ َ َ َ َ ُ اٟترؼ بعدىا ،ىكذا :ﵟ ن ُن ُ
ِت ًۡﵞ ﵟأُف ِ
ص ًِٓﵞ ﵟعِِدﵞ ﵟٌَ نﵞ ِ
كإف كاف بعدىا حرؼ الباء فوجهاف :أف تكوف كاإلخفاء ،ىكذا :ﵟ ٌَِّ َ ۡع ِدﵞ أك أف توضع
فوؽ النوف ميم صغَتة داللة على القلب ،ىكذا :ﵟ ّ ٌِ َۢ َ ۡع ِدﵞ
كإف كاف بعدىا حرؼ من حركؼ اإلدغاـ التاـ (مل نر) ،فاٟتكم أف تعرل من السكوف،
ّ َّ َّ ّ َ كيشدد اٟترؼ الذم بعدىا ،ىكذا :ﵟم ٍََِّ ٌَّ َِ َ
ِيرﵞ
ّٖ ذ ُ َِ
ٌ ﵟ ﵞم ِ ب ر َِ
ٌ ﵟ ﵞ ي
كإف كاف بعدىا حرؼ من حركؼ اإلدغاـ الناقص فهنا ا٠تالؼ بُت ا١تشارقة كا١تغاربة ،فاألكلوف
على أف تعرل النوف من عالمة السكوف إشعارا بإدغامها فيما بعدىا ،كتعرل النوف من عالمة
السكوف إشعارا بإدغامها فيما بعدىا ،كتعرل الواك كالياء من عالمة التشديد ال من اٟتركة إشعارا بأف
َ َ ُۡ َ َ
الﵞ ﵟأن يذنر ﵞ
النوف مل تدغم فيهما إدغاما خالصا ،ىكذا :ﵟٌَِ و ٍ
كا١تغاربة على أف توضع عالمة التشديد على الواك كالياء للداللة على إدغاـ النوف فيهما،
كتوضع عالمة السكوف على النوف للداللة على أف اإلدغاـ ناقص بسبب إبقاء غنة ا١تدغم الذم ىو
َۡ ۡ َ
النوف ،كىذا الوجو ىو اختيار الشيخُت ،ىكذا :ﵟٌ َِۡ َّو ٍالﵞ ﵟأن يُّذن َر ﵞ.
كال بد دائما من مراعاة مذىب القارئ ،فمن كاف لو اإلدغاـ التاـ ُب الياء كالواك ،ضبط كفق
ذلك ،كمن كاف لو اإلدغاـ الناقص ُب اللم كالراء ،ضبط كفق ذلك ،أما النوف كا١تيم فإف ضبطهما ال
يتغَت ،لكماؿ اإلدغاـ فيهما.
تنبيو :ليس ا١تقصود ىنا بكماؿ اإلدغاـ انتفاء الغنة ،كلكن ا١تقصود ىو دخوؿ النوف ُب اٟترؼ
الذم يليها دكف بقاء أثر يدؿ عليها ،بناء على أف الغنة ُب ا١تيم كالنوف ا١تدغم فيهما ىي غنتهما ال
غنة النوف اليت دخلت فيهمآ ،تالؼ الياء كالواك كالراء الالـ ،فال غنة ٢تا.
/4كيفية ضبط الشدة:
عالمة التشديد اختلف ُب كيفيتها األئمة قدٯتا.
أ /فمنهم من جعلها شينا فوؽ اٟترؼ ىكذا :ﹽ أخذىا من كلمة ش ٌد ،غَت أنو اكتفى منها
بثالثة أسناف فقط ،فهي غَت ٣تركرة :شػ ػ ػػ ،كال معرقة :ش ،كال منقوطة.
كىذا مذىب ا٠تليل كأصحابو ا١تشارقة ،كىو الذم عليو العمل اليوـ.
كاختلف ُب موضع اٟتركة منها:
فقيل توضع الفتحة كالضمة فوقها ،كالكسرة ٖتت اٟترؼ ،كعليو العمل.
كقيل توضع الفتحة كالكسرة ٖتت الشدة.
كأما القوؿ بأف الكسرة توضع ٖتت الشدة فوؽ اٟترؼ ىكذا :ﳴ ،فهو ضعيف.
ب /كقاؿ آخركف عالمة التشديد داؿ توضع قائمة اٞتناحُت فوؽ اٟترؼ إف كاف مفتوحا،
ىكذا ᴗ :كمنكسة إىل أسفل أمامو إف كاف مضموما ىكذا ᴖ :كٖتتو إف كاف مكسورا ،ىكذا.ᴖ :
كقد أخذكا الداؿ أيضا من كلمة ش ٌد ،كوهنا ثلثا الكلمة ،كىو اختيار الداٍل.
كاختلفوا ُب إٟتاؽ اٟتركات هبذه العالمة على أقواؿ:
/1أهنا تغٍت بوضعها عن اٟتركة ،فال ينبغي زيادة اٟتركة ،ألف األصل عدـ إدخاؿ ماؿ ال ٭تتاج
إليو ُب ا١تصحف،كىو قوؿ أيب داكد.
/2أنو ٬تمع بينهما تأكيدا للبياف ،كتفريقا بُت ا١تماؿ كا١تفتوح إذا كاف مشددا.
/3أنو ال ٬تمع بُت الشكل كالشد إال ُب أطراؼ الكلمات ،ألهنا ٦تا يقع فيو اللبس.
المحاضرة الرابعة :في ضبط المد كالهمزة كاإلظهار كاإلدغاـ.
/1كيفية ضبط المد:
حركؼ ا١تد الثالثة قد يزيد مدىا عن ا١تقدار الطبيعي إذا كليها ٫تز أك سكوف ،فاحتاج إىل أف
يضبط ٔتا يدؿ عليو كيفرقو عن الطبيعي.
) ،توضع فوؽ اٟتركؼ ٓ كعالمة ا١تد جرة ُب أك٢تا ارتفاع قليل ،كُب آخرىا ا٩تفاض ،ىكذا( :
الثالثةْ ،تيث يكوف بينها كبينها فراغ ،كعليو العمل ،كال تكوف ملتصقة هبا ،كقد أخذ ب ىبو
بعضهم.
كىي مأخوذة من كلمة مد ،بعد التعديل الذم طرأ عليها بعامل الزمن ،فطمست ميمها ،كزاؿ
الطرؼ األعلى من دا٢تا.
تنبيو :ال توضع عالمة ا١تد إال فيما يزاد على مقداره الطبيعي ،كلذلك تنبغي مراعاة الركاية،
كالطريق ا١تكتوب عليها ا١تصحف.
/2كيفية ضبط الهمزة القطعية:
مضى ُب دركس الرسم أف ا٢تمزة مل تكن ٢تا صورة ُب نفسها ،فكاف النساخ يضعوف بدال منها
اٟترؼ الذم تؤكؿ إليو عند التخفيف ُب الكلمة ،كإال أسقطوىا ،فلم تكن ٢تا صورة حينها.
كُب ضبط ٫تزة القطع عند أئمة الضبط مذىباف:
فمنهم من ٬تعلها دائرة صغَتة مطموسة الوسط ،ىكذا :كىو مذىب نقاط ا١تصاحف.
كمنهم من ٬تعلها عينا صغَتة ،ىكذا ( :ع ) ،أخذىا من كلمة "قطع".
كالذم عليو العمل اليوـ أف تكتب رأس عُت صغَتة إذا كانت ٤تققة ،ىكذا ( :ء) ،كدائرة
ۖ ) ،مثل: ( كذىب ا١تشارقة إىل جعل عالمة الوصل صاد صغَتة ،ىكذا:
َُۡ َ ۡ ّ ۡ
انﵞ .ﵟٱٱذِن ُرﵞ ،ﵟٱىلرء
تنبيو :العمل على عدـ كضع عالمة الوصل على األلف اليت ال ٯتكن االبتداء بو ،كىناؾ من
يفعل ذلك.
/4كيفية ضبط النقل:
ٔتا أف ٫تزة النقل ساقطة ،فإف عالمتها ال توضع على اٟترؼ ،كرغم أهنا تثبت ُب االبتداء ٨تو
ٌ َ
عذاب اليً ،فإنو يكتفى بوضع جرة على األلف إذا كانت مفتوحة ٨تو ا١تثاؿ السابق ،أك كسطو إذا
َٰ ُ
ٌَ ا ِميق
ِ :ىكذا مكسورة، كانت إذا ٖتتو أك حي ُاو كو كانت مضمومة ،ىكذا:
حميم ـ ان
ٍ أما إذا مل يكن للهمزة صورة ،فإف جرهتا توضع على السطر ،ىكذا:
/5كيفية ضبط المظهر كالمدغم:
سبق كأف أخذنا ضبط النوف الساكنة على اختالفها أحكامها ،كمنها اإلظهار كاإلدغاـ.
كاألمر ىنا مثل ما ىناؾ.
فيضبط ا١تظهر إذف ّتعل عالمة السكوف عليو ككضع حركة اٟترؼ الذم يليو عليو ،كال ٕتعل
َ َّ َ ۡ َ ُ ُ َ َ ۡ َ َ ۡ َۡ ۡ َ َ
عليو عالمة التشديد ،إذ ال موجب ٢تا ،ىكذا :ﵟأف ِرغ عييِا ﵞ ﵟكد ش ٍِيﵞ ﵟنذبت ثٍٔد ﵞ.
كيفرؽ بُت ا١تدغم الذم إدغامو تاـ كالذم إدغامو ناقص:
فيضبط التاـ بتعرية الساكن من عالمة السكوف ،كتشديد اٟترؼ الذم يليو مع حركتو ،مثل:
ٓ ّٞ َ َ َ ُ
ﵟكو َّر ّ ِب ﵞ ﵟكد تَّ َي َّ َنﵞ ﵟكاىت َّطان ِ َف ﵞ.
كيضبط اإلدغاـ الناقص بأحد الوجهُت:
مذىب ا١تغاربة :كضع عالمة السكوف على اٟترؼ الساكن للداللة على بقاء شيء من صفتو،
َ
كتشديد اٟترؼ الذم يليو للداللة على اإلدغاـ ،ىكذا :ﵟ َ َص ۡ َّتﵞ ﵟف َّر ۡط ُّت ًۡﵞ.
كمذىب ا١تشارقة تعرية الساكن من عالمة السكوف للداللة على اإلدغاـ ،كتعرية اٟترؼ ا١توايل
تﵞ ﵟفَ َّر ُ
طت ًۡﵞ. من الشدة من كضع حركتو للداللة على نقصاف اإلدغاـ ،ىكذا :ﵟ َ َص َ