You are on page 1of 432

‫يِ ال َع مَ ِ‬

‫ال ال َع َر ِب ِّي ا ِإل ْسال ِم ِّي‬ ‫َما َق ْب َل املِ ْثلِ َّي ِة ا ِ‬


‫جل ْن ِس َّي ِة ف‬
‫ املركز األكادميي لألحباث‬
‫اجل ْن ِس َّي ِة‬ ‫ة‬ ‫ي‬
‫َّ‬ ‫َما َق ْب َل املِ ِْ‬
‫ل‬ ‫ث‬
‫ِ ِ‬
‫اإل ْس ِ‬
‫الم ِّي‬ ‫مَ‬
‫ال ال َع َر ِب ِّي ِ‬
‫يِف ال َع ِ‬

‫‪1800-1500‬‬

‫َخال ُد ُّ‬
‫الر َو ْي ِه ُب‬

‫ترمجته عن اإلنكليزية وقدمت له‬


‫د‪ .‬هناء خليف غين‬
‫َما َق ْب َل املِ ْثلِ َّي ِة ا ِ‬
‫جل ْن ِس َّي ِة‬
‫يِ ال َع مَ ِ‬
‫ال ال َع َر ِب ِّي ا ِإل ْسال ِم ِّي‬ ‫ف‬
‫‪Before Homosexuality in the‬‬
‫‪Arab-Islamic World‬‬

‫‪1800– 1500‬‬

‫الر َو هْيِ ُ‬
‫ب‬ ‫تأليف‪َ :‬خالدُ ُّ‬

‫بريوت ـ الطبعة األوىل ‪2020‬‬


‫النارش‪:‬املركز األكاديمي لألبحاث‬
‫العراق ـ تورنتو ـ كندا‬
‫توزيع ‪ :‬رشكة املطبوعات للتوزيع والنرش ‪:‬‬
‫بريوت ـ لبنان‪7611-2047‬‬ ‫‪The Academic Center for‬‬
‫‪Research‬‬
‫‪TORONTO -CANADA‬‬
‫موثق بدار الكتب والوثائق الكندية‬
‫‪tradebooks@all-prints.com‬‬
‫‪Website:www.all-prints.com Library and Archives Canada‬‬

‫كافة حقوق النرش واالقتباس حمفوظة للمركز‬ ‫‪ISBN 978-1-927964-88-6‬‬


‫األكاديمي لألبحاث‬

‫‪©2005 by The University of‬‬


‫‪ Chcago. All rights reserved.‬ال يسمح بإعادة إصدار هذا الكتاب أو‬
‫ختزينه يف نطاق استعادة املعلومات أو نقله أو‬
‫كل حقوق الرتمجة واالقتباس حمفوظة استنساخه بأي شكل من األشكال دون إذن‬
‫خ ّطي مسبق من النارش‬ ‫للنارش املركز األكاديمي لألبحاث وذلك‬
‫بالتعاقد مع مطبعة ودار جامعة شيكاغو ‪-‬‬
‫اآلراء الواردة يف هذا الكتاب ال تعرب بالرضورة‬ ‫الواليات املتحدة األمريكية‬
‫عن آراء املركز األكاديمي لألبحاث واجتاهاته‬
‫‪http://www.acadcr.com‬‬
‫‪Email: info@acadcr.com‬‬
‫‪Email: nasseralkab@gmail.com‬‬
‫ومات ِ‬
‫ثم َة يف احلقي َق ِة َم ْف ُه ٌ‬ ‫ِ ِ‬ ‫(أن ِ‬
‫أبد َّي ٌة‪ ،‬إنَّام‬ ‫تاريخ الفك ِْر أ َّن ُه َ‬
‫ليس َّ‬ ‫ف يف‬‫نكش َ‬ ‫ْ‬
‫متنو َع ٍة خمتل َف ٍة؛ هو ْ‬
‫أن‬ ‫ٍ‬
‫جمتمعات ِّ‬ ‫ب‪ ،‬شا َع ْت يف َ‬ ‫فحس ُ‬ ‫متنو َع ٌة خمتل َف ٌة ْ‬ ‫َم ْف ُه ٌ‬
‫ومات ِّ‬
‫ب‪ ،‬بل عن أن ُف ِسنا)‪.‬‬ ‫فحس ُ‬
‫يِ‬
‫نكتشف حقيق ًة عا َّم ًة ال عن املاض ْ‬ ‫َ‬
‫(‪)1‬‬ ‫ِ‬
‫الفكر)‬ ‫ِ‬
‫تاريخ‬ ‫والفهم يف‬
‫ُ‬ ‫(كونتن سكنر‪ .‬املعنَى‬

‫مؤسيس‬‫بريطاين‪ ،‬ويعدّ من ّ‬ ‫ّ‬ ‫مؤرخ ومفكّر‬


‫(((   كونتن روبرت دوثي سكنر (‪1940‬م) ّ‬
‫يايس‪ .‬عمل أستاذا للتّاريخ يف جامعة‬ ‫الس ّ‬
‫(مدرسة كامربج) املعن ّية بتاريخ الفكر ّ‬
‫كامربج للمدّ ة من عام (‪ )1996‬إىل عام (‪2008‬م) ويعمل حال ّيا أستاذا لإلنسان ّيات‬
‫يايس يف جامعة كوين ماري يف لندن‬ ‫الس ّ‬
‫ومديرا مشاركا ملركز دراسة تاريخ الفكر ّ‬
‫(املرتمجة)‪.‬‬
‫مقدمة املرتمجة‬
‫ثمة نوعان رئيسان من النصوص جياهبها املرتجم يف عملية الرتمجة‪،‬‬
‫أوهلام طيع سلس يدعوك إىل ترمجته ويغريك باملبادرة‪ ،‬وثانيهام صعب‬
‫مغرق يف الرتاكيب واألساليب التعبريية يشعر امامه املرتجم انه‬‫ٌ‬ ‫املراس‬
‫يدخل يف مواجهة مفتوحة تنتظره فيها الكثري من االحتامالت والرتجيحات‪.‬‬
‫النصان كالمها يستلزمان الدقة واألمانة يف نقل املعنى واحلرص عىل اجياد‬
‫كل حسب متطلباته‪ .‬وأحسب أن (ما قبل‬ ‫املكافئ اللفظي‪ ،‬ولكنهام خيتلفان ٌ‬
‫املثلية اجلنسية يف العامل العريب اإلسالمي‪ -)1850-1500 :‬الكتاب الذي‬
‫اخرتت ترمجته‪ -‬ينتمي إىل النوع الثاين جلملة من األسباب واخلصائص‬
‫ساتطرق إليها تباعا‪ .‬بدأت حكايتي مع ترمجة (ما قبل املثلية) بعرض كريم‬
‫من الدكتور نصري عبد احلسني الكعبي‪ ،‬مدير املركز األكاديمي لألبحاث‬
‫عدد من الكتب املرتمجة يف حقل‬ ‫ٍ‬ ‫الذي ترشفت بالتعاون معه يف إصدار‬
‫األنثروبولوجيا‪ .‬أتصل يب الدكتور نصري طالب ًا مني االطالع عىل الكتاب‬
‫وحتديد إمكانية ترمجته‪ ،‬وفعلت‪ .‬بدأت بقراءة املحتويات فاملقدمة فاخلامتة‬
‫ثم انتقلت إىل قائمة املصادر والقيت يف أثناء ذلك نظرة متعجلة عىل عنوانات‬
‫املباحث الفرعية التي تضمنتها الفصول‪ .‬كانت هذه القراءة املتعجلة كفيلة‬
‫بحسم املوضوع ومساعديت يف اختاذ القرار‪ ،‬فاعتذرت عن ترمجة الكتاب‬
‫ٍ‬
‫كتاب اخر‪ .‬يذكرين (ما قبل املثلية)‪،‬‬ ‫متذرعة بضيق الوقت وانشغايل برتمجة‬
‫بكتاب آخر خضت مغامرة ترمجته قبل بضع سنوات‪ ،‬هو (األعلم‬ ‫ٍ‬ ‫يف الواقع‪،‬‬
‫بني الشيعة‪ :‬دراسة يف مؤسسة مرجعية التقليد)‪ .‬فعىل الرغم من االختالف‬
‫اإل ْسال ِم ِّي‬ ‫ال ال َع َر ِب ِّي ِ‬ ‫جل ْن ِس َّي ِة يِف ال َع مَ ِ‬ ‫َما َق ْب َل امل ِْثلِ َّي ِة ا ِ‬ ‫‪8‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫الواضح بني الكتابني جلهة املوضوع‪ ،‬إال أهنام يشرتكان يف مجلة من اجلوانب‬
‫منها التداخل يف احلقول املعرفية التي اعتمدها املؤلفان من فقه‪ ،‬وتاريخ‪،‬‬
‫وأدب‪ ،‬ورحالت‪ ،‬وتراجم وسري وغريها‪ ،‬واألهم‪ ،‬بالنسبة يل كمرتمجة‪،‬‬
‫إن جزء ًا ال بأس به من املصادر املعتمدة يف الكتابني هي مصادر عربية يف‬
‫أصلها‪ .‬يتطلب ذلك من املرتجم الرجوع إىل املصادر األصلية توخي ًا للدقة‬
‫يف ايراد النقوالت الشعرية والنثرية والفقهية‪ .‬وال اخفيكم أن هذا‪-‬زيادة‬
‫عىل موضوع الكتاب اإلشكايل واحلساس‪ -‬هو السبب الرئيس يف اعتذاري‬
‫املبدئي عن الرتمجة‪ ،‬فاذا كانت ترمجة كتاب تتطلب عدة اشهر من العمل‬
‫املتواصل‪ ،‬فإهنا‪-‬يف هذه احلالة‪ -‬تتطلب عدة اشهر إضافي ًة استكامالً لعملية‬
‫البحث عن املصادر العربية ومراجعتها وتدقيقها‪ ،‬وهي مهمة ليست يسرية‬
‫يف ضوء االختالف يف طبعات الكتب ووجود بعضها يف شكل خمطوطات‬
‫غري حمققة وتعذر احلصول عىل بعضها اآلخر‪ .‬ويبدو أن الدكتور نصري كان‬
‫أكثر ارصار ًا ورغب ًة مني يف ترمجة الكتاب‪ ،‬فام كان منه إال أن يتصل ثانية‪-‬‬
‫بعد بضعة اشهر‪ -‬طالب ًا مني هذه املرة‪ ،‬إعادة النظر يف قراري‪ ،‬ففعلت‪.‬‬
‫وكشفت القراءة الثانية للكتاب‪ ،‬يف احلقيقة‪ ،‬عن مواضع جذب مل اتنبه‬
‫هلا من قبل‪ .‬إذ يمكن عدَ الكتاب تكملة لـ (أنثروبولوجيا اجلنس) الذي‬
‫صدر عن املركز يف ‪ ،2017‬ولكنه خيتلف عنه جلهة املوضوع‪ .‬فبينام يركز‬
‫بنحو رئيس‪ ،‬يتمحور‬‫ٍ‬ ‫(أنثروبولوجيا اجلنس) عىل العالقة بني الرجل واملرأة‬
‫(ما قبل املثلية) حول موضوع إشكايل ومثري للجدل هو عالقة الذكر بالذكر‬
‫أو اشتهاء املامثل يف اجلنس بني الذكور‪ .‬وثمة عامل شخيص شجعني عىل‬
‫ٍ‬
‫بعدد كبري من الشعراء واألدباء والرحالة‬ ‫ترمجة الكتاب هو دوره يف تعريفي‬
‫وكاتبي السري والرتاجم واملتصوفني والفقهاء الذين أفدت كثري ًا واستمتعت‬
‫بقراءة مؤلفاهتم‪.‬‬

‫رشعت‪-‬استعداد ًا لرتمجة الكتاب‪ -‬يف مجع املعلومات عن املوضوع‬


‫‪9‬‬ ‫مقدمة املرتمجة‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫واالطالع عىل ما كتب عنه يف اللغة العربية‪ ،‬وبدأت بـ (رسالة يف األُبنة)‬


‫للعامل اإلسالمي حممد بن زكريا الرازي الذي اختار تسمية فعل اشتهاء‬
‫املامثل يف اجلنس بـ (الداء اخلفي)‪ ،‬وبحث يف أسبابه وعالجه‪ .‬وقادتني‬
‫قراءة رسالة (الرازي) إىل ما كتبه (أبن سينا) و(داوود بن عمر االنطاكي)‬
‫و(امحد بن عبد اهلل القليويب) و(حممد السفاريني) و(عبد اهلل الشرباوي)‬
‫و(امحد التيفايش) و(عبد الغني النابليس) و(ابن حجر اهليتمي) و(الراغب‬
‫االصفهاين) و(عمرو اجلاحظ) الذي خص رساله الثالثة عرشة ملفاخرات‬
‫اجلواري والغلامن‪ ،‬وغريهم يف املوضوع ذاته‪ .‬ثم انتقلت إىل تتبع النقوالت‬
‫الشعرية والنثرية‪-‬وما أكثرها!‪ -‬التي تناثرت يف بطون الكتب التي حصلت‬
‫عىل بعضها من الشبكة العنكبوتية‪ ،‬وبعضها بمساعدة من املكتبات العامة‪،‬‬
‫وبعضها اآلخر من االساتذة الفضالء الذين سأخصهم بالشكر والتقدير‬
‫يف موقع الحق‪ .‬ويمكن للقارئ االطالع عىل عنوانات الكتب يف قائمة‬
‫املصادر ملعرفة حجم العناية بتناول هذا املوضوع والبحث يف جوانبه‬
‫املتنوعة بني ابناء الطبقة املتعلمة واحلرضية من ادباء وشعراء وفقهاء وكتاب‬
‫تراجم ورحالة‪ ،‬وغريهم‪ .‬وهذا بحق‪-‬عىل شاكلة أنثروبولوجيا اجلنس‪ -‬ما‬
‫أدهشني وجعلني أتساءل؛ مل َ هذا الشغف؟‬

‫فإذا كان اجلنس وكل ما يتصل به حماط بجدار سميك من التجاهل‬


‫تارة والتواري خلف نمطية التحسس تارة أخرى بني املجتمعات العربية‬
‫املعارصة‪-‬مثلام ذكرت يف مقدمتي لـ (انثروبولوجيا اجلنس)‪-‬فإن املوضوع‬
‫يغدو أكثر تعقيد ًا وحساسية عند احلديث عن العالقات اجلنسية بني‬
‫األشخاص من النوع نفسه‪ ،‬وهلذا السبب‪ -‬ربام‪ُ -‬يلحظ أن املبدأ العام‬
‫املتبع يف التعامل مع اشتهاء املامثل يف اجلنس بني الذكور أو ما ُيعرف حالي ًا بـ‬
‫’املثلية اجلنسية‘ يف هذه املجتمعات هو (ال تسأل‪،‬ال خترب)‪ ،‬وهو مبدأ حياول‬
‫أن ينفي أو يتجاهل وجود عالقات كهذه‪ .‬مقابل ذلك‪ ،‬حظيت املثلية‬
‫اإل ْسال ِم ِّي‬ ‫ال ال َع َر ِب ِّي ِ‬ ‫جل ْن ِس َّي ِة يِف ال َع مَ ِ‬ ‫َما َق ْب َل امل ِْثلِ َّي ِة ا ِ‬ ‫‪10‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫اجلنسية‪ ،‬وما تزال‪ ،‬باهتامم واسع يف الكتابات الغربية؛ اهتامم تُرجم إىل‬
‫دراسات وكتب ومواقف ومطالبات وحتركات اجتامعية وسياسية وقانونية‪.‬‬

‫وغني عن البيان أن املثلية اجلنسية يف البلدان االسالمية تؤلف واحد ًا‬


‫من املوضوعات التي لفتت اهتامم الكثري من الغربيني الذين اعرتاهم‬
‫الشعور بالدهشة بعد حلظهم كثرة االحتفاء بعالقة الذكر بالذكر يف األدب‬
‫العريب الذي يعود تارخيه إىل القرون الوسطى فصاعدا عىل الرغم من أن‬
‫الدين اإلسالمي كان معادي ًا لـ "اللواط" أو العالقة اجلنسية الرشجية‬
‫ويتخذ موقف ًا صارم ًا منها‪ .‬شعر الباحثون األوروبيون والرحالة‪ ،‬يف الواقع‪،‬‬
‫بالدهشة من جراء ما حسبوا انه إفراط يف التسامح مع املثلية اجلنسية يف‬
‫املجتمعات املسلمة التي زاروها وأقاموا فيها‪ ،‬فظنوا اهنا الناموس واملعيار‪.‬‬
‫وهذا التناقض حتديد ًا وحماولة تفهم مسبباته هو املحور الذي يدور حوله‬
‫(ما قبل املثلية)‪ .‬وخالد الروهيب‪ ،‬مؤلف الكتاب‪ ،‬مؤهل للخوض يف هذا‬
‫املوضوع الشائك ومناقشة جوانبه املختلفة‪ ،‬فهو الضليع يف الدراسات‬
‫الغربية احلديثة عن املثلية اجلنسية وكذلك له خربة واسعة يف الترشيعات‬
‫الدينية اإلسالمية‪.‬‬

‫وعىل الرغم من رفض الدين اإلسالمي وإدانته القطعية والواضحة‬


‫لـ "املثلية اجلنسية"‪ ،‬هذا الفعل الفاحش الذي يوجب عقوبات صارمة‪،‬‬
‫أال إن النقوالت التي أوردها الروهيب من الشعر الغزيل العريب والرتاجم‬
‫وكتب السري تدل داللة واضحة أن املثلية كانت جزء ًا مرئي ًا ومتعايش ًا معه‬
‫يف ثقافة النخبة العربية‪-‬اإلسالمية قبل القرن التاسع عرش‪ .‬وهذا التحريم‬
‫جانب آخر يعكس وضع ًا عام ًا‬ ‫ٍ‬ ‫جانب والتسامح الظاهري من‬‫ٍ‬ ‫القاطع من‬
‫يمكن وصفه‪ ،‬عىل االمجال‪ ،‬بالفصامي‪ .‬هذه املفارقة أو التناقض الظاهري‪،‬‬
‫بحسب ما يورده الروهيب‪ ،‬مبني عىل افرتاض مغلوط تارخيي ًا يقول إن املثلية‬
‫هي حقيقة ابدية واضحة ذاتي ًا تتفاعل معها الثقافات بدرجات متباينة من‬
‫‪11‬‬ ‫مقدمة املرتمجة‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫القبول أو الرفض واإلنكار‪ .‬ولذا‪ ،‬حرص الروهيب عىل أن يبني‪-‬باالستناد‬


‫إىل خمتارات من الشعر‪ ،‬واملؤلفات األدبية‪ ،‬وأدب السري والرتاجم‪ ،‬والطب‬
‫والفراسة وتفسري األحالم‪ ،‬والنصوص اإلسالمية الفقهية والصوفية‬
‫والوعظية‪ -‬أن ثقافة احلقبة التارخيية حمل الدراسة تفتقر مفهوم املثلية مثلام‬
‫نعرفه اليوم‪ ،‬وأهنا‪ ،‬عوض ًا عن ذلك‪ ،‬اعتنت عناية فائقة بالتاميزات التي‬
‫تضمنتها هذه املفردة بني األدوار اجلنسية الفاعلة واملفعول هبا‪ ،‬بني االفتتان‬
‫العاطفي الشديد والشهوة‪ ،‬والعالقة اجلنسية اإليالجية وغري اإليالجية‪.‬‬

‫ال يتحدث الروهيب يف دراسته عن عالقة الذكر بالذكر يف املجتمعات‬


‫العربية‪-‬اإلسالمية يف ضوء مفهوم (املثلية)‪ ،‬بل يتحدث‪-‬مثلام يشري العنوان‬
‫(ما قبل املثلية) إىل مرحلة سبقت دخول هذا املفهوم حيز التداول يف هذه‬
‫املجتمعات‪ .‬يعني هذا وجود مفردات أخرى تقوم مقام املثلية‪ ،‬ولكنها‬
‫ختتلف عنها من حيث األسلوب املعتمد يف فهم هذه العالقة‪ ،‬وبالتايل التعامل‬
‫مع األطراف املشرتكة فيها‪ .‬وتُعد ’اللواطة‘ أو املضاجعة بني الرجال املفردة‬
‫األكثر شيوع ًا واستعامالً لوصف حالة اشتهاء املامثل يف اجلنس بني الذكور‪،‬‬
‫وهي تشغل موقع ًا بارز ًا يف قوائم الكبائر أو املعايص أو األفعال الشائنة التي‬
‫أوردهتا الكثري من األدبيات الفقهية‪ .‬ومثلام هو معروف‪ ،‬ال تُذكر اللواطة‬
‫وال ترد يف حديث اال ُذ ِكر قوم لوط معها فهي مقرتنة هبم مفهوم ًا وممارس ًة‪.‬‬
‫وقوم لوط‪ ،‬كام ورد يف كتاب القرآن‪ ،‬هم القوم الذين خالفوا رشع اهلل‬
‫فكانوا يأتون (الرجال شهو ًة من دون النساء)(األعراف والنمل‪ ،‬اآلية‪،81‬‬
‫اآلية‪ )54‬و (الذكران من العاملني)(الشعراء‪ ،‬اآلية ‪)165‬؛ وكان فعلهم‬
‫هذا يقرتن بالسوء والفسق واخلبث والظلم وغريها من الصفات الشائنة‬
‫املذمومة‪ ،‬وهلذا خسف اهلل هبم األرض ملخالفتهم الطبيعة وتركهم ما حلل‬
‫اهلل هلم من النساء‪.‬‬

‫واالفعال املثلية حمرمة يف الرشيعة االسالمية ويتعرض املشرتكون فيها‬


‫اإل ْسال ِم ِّي‬ ‫ال ال َع َر ِب ِّي ِ‬ ‫جل ْن ِس َّي ِة يِف ال َع مَ ِ‬ ‫َما َق ْب َل امل ِْثلِ َّي ِة ا ِ‬ ‫‪12‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫إىل عقوبات قد تصل إىل حد املوت بحسب احلالة واملدرسة الفقهية‪ .‬إال إن‬
‫السجالت والوثائق التارخيية تبني أن هذه العقوبات كانت تفرض بنحو غري‬
‫منتظم يف حاالت حمددة يقف عىل رأسها االغتصاب واالفعال االخرى التي‬
‫تُعد انتهاك ًا صارخ ًا لالخالقيات واألعراف العامة‪ .‬وخالف ًا للمثلية الفعلية‬
‫اجلسدية‪ ،‬كانت موضوعات املثلية االيروسية شائعة يف الشعر واألنواع‬
‫األدبية االخرى املكتوبة باللغات الرئيسة يف العامل املسلم من القرن الثامن‬
‫حتى الزمن احلديث‪ .‬وتصورات املثلية اجلنسية املوجودة يف النصوص‬
‫االسالمية الكالسيكية تشبه الكتابات اليونانية‪-‬الرومانية القديمة أكثر‬
‫منها التصورات الغربية احلديثة عن التوجه اجلنيس‪ .‬إذ كان يتوقع أن العديد‬
‫أو أكثرية الرجال البالغني سينجذبون جنسي ًا إىل النساء واملراهقني الذكور‬
‫كليهام (برصف النظر عن التعريف) ويتوقع من الرجال الرغبة يف اداء دور‬
‫الفاعل ال املفعول به يف العالقة اجلنسية املثلية متى ما امتوا سن البلوغ‪.‬‬

‫يستهل الروهيب كتابة باقتباس افتتاحي من املؤرخ الربيطاين كونتن‬


‫روبرت دوثي سكنر الذي يبني عدم وجود مفهومات دائمة أو ثابتة‪ ،‬بل‬
‫إن املفهومات تتنوع وختتلف جلهة اسلوب فهمها والتعامل معها بحسب‬
‫التنوع بني املجتمعات واالختالفات فيام بينها‪ .‬ويعني هذا‪ ،‬بسهولة‪ ،‬ان‬
‫املثلية مفهوم ًا وممارس ًة يف جمتمع ما قد ختتلف عنها يف جمتمع آخر يعيش‬
‫ظروف ًا خمتلف ًة‪ .‬إن عدم تفهم هذا اجلانب والفشل يف إدراك أمهيته قد ينجم‬
‫عنه سوء فهم خطري يرض كثري ًا بصورة املجتمع لدى اآلخر‪ .‬وهذا حتديد ًا‬
‫ما حدث يف حالة نظرة املجتمعات اآلخرى‪-‬الغربية‪ -‬إىل العالقة بني‬
‫الذكور يف الرشق األوسط اإلسالمي ألهنا نظرة كانت انطباعية يف جوهرها‬
‫وقارصة‪.‬‬

‫ليس ثمة‪ ،‬يف الواقع‪ ،‬ادلة كافية ختربنا عن ممارسة املثلية اجلنسية يف‬
‫اخلمسني ومئة عام ًا األوىل من عمر املجتمع اإلسالمي‪ .‬إال ان الشعر املثيل‪-‬‬
‫‪13‬‬ ‫مقدمة املرتمجة‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫االيرويس قد برز تدرجيي ًا حتى هيمن عىل املشهد األديب يف هناية القرن الثامن‬
‫يف شعر الشاعر العبايس أيب نؤاس الذي برع يف نظم ما ُيعرف بشعر (الغزل‬
‫باملذكر)‪ .‬وحاول اجلاحظ تفسري السبب يف هذا التغري املفاجئ يف املواقف‬
‫حيال املثلية بوصول اجليش العبايس من خراسان الذي قيل إن أفراده‬
‫اختذوا من خدمهم وغلامهنم رشكاء هلم يف العالقة اجلنسية بعدما منعوا‬
‫من اصطحاب زوجاهتم معهم‪ .‬كام ان الثراء املادي الذي شهدته عدد من‬
‫حوارض املدن بعد التمدد اجلغرايف للدولة اإلسالمية قد رافقه تساهل مع‬
‫بعض من املامرسات واألفعال‪ -‬التي كانت تُعد مستهجنة‪ -‬وتبني الكثري‬
‫من العادات والتقاليد االجنبية‪ ،‬وهذا ما تعكسه ’الغالميات‘ التي شاعت‬
‫يف األدب العريب يف تلك احلقبة‪.‬‬

‫ويتعني عىل من يتصدى إىل تأليف كتاب يتناول موضوع ًا إشكالي ًا كهذا‬
‫االحاطة بمعاين الكلامت واملفهومات املتداخلة يف شتى العلوم اإلجتامعية)‬
‫ومعرفة الفروق الدقيقة بينها وال سيام يف فضاء سياقاهتا التارخيية‪ ،‬فالكثري‬
‫من اللبس الذي رافق احلديث يف هذا املوضوع منبعه عدم توخي الدقة يف‬
‫نقل املعلومة‪ ،‬واعتامد األدبيات االجنبية عىل مصادر ثانوية وترمجات خمتزلة‬
‫وربام شوهاء للمؤلفات العربية‪ .‬وبنا ًء عليه‪ ،‬ال بد من التمييز بني املسميات‬
‫الدالة عىل املثلية واملقرتنة هبا عىل الرغم من التشابه الظاهري بينها‪.‬‬
‫فالكتاب يستعمل (‪ )sodomy‬و(‪ )pederasty‬و(‪ )liwāt‬بمعنى واحد‬
‫حد ما هو اللواط أو االتيان يف الدبر‪ .‬ويصدق األمر ذاته عىل مفردات‬ ‫إىل ٍ‬
‫غالم‪ ،‬صبي‪ ،‬امرد‪ ،‬مراهق‪ ،‬حدث التي تدل عىل فئة عمرية حمددة‪ .‬إال أن‬
‫بني يف التعامل معها؛‬ ‫ٍ‬
‫اختالف ٍ‬ ‫نظرة متفحصة إىل هذه املسميات تكشف عن‬
‫اختالف تقتضيه الظروف التي حيدث فيها الفعل‪ ،‬واالطراف املشرتكة فيه‪،‬‬
‫وموقع هذه االطراف جلهة الفاعلية واملفعولية‪ ،‬وارتباط كل ذلك بجملة‬
‫من التصورات االجتامعية والثقافية والفقهية‪ .‬فاألُبنة التي تصدق عىل‬
‫اإل ْسال ِم ِّي‬ ‫ال ال َع َر ِب ِّي ِ‬ ‫جل ْن ِس َّي ِة يِف ال َع مَ ِ‬ ‫َما َق ْب َل امل ِْثلِ َّي ِة ا ِ‬ ‫‪14‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫الطرف الذي يرغب أن يؤتى به يف الدبر ليست املثلية التي اختار (ب‪.‬‬
‫ناثان) ترمجتها إليها‪ ،‬بمعنى اهنا تصدق عىل املفعول به ال الفاعل يف العالقة‬
‫الرشجية‪.‬‬

‫وبينام ال ُيشك يف وجود عالقات جنسية وايروسية بني رجال وغلامن يف‬
‫احلقبة ما قبل احلديثة يف أوساط النخبة احلرضية يف العامل العريب‪-‬اإلسالمي‪،‬‬
‫يرى الروهيب أن تسمية سلوك كهذا (مثلية جنسية) هو مبالغة يف التبسيط‬
‫والتعميم‪ .‬إن مفهوم ( املثلية اجلنسية) الغريب احلديث كام نفهمه اليوم مل‬
‫يكن موجود ًا يف العامل العريب اإلسالمي‪ .‬وباملثل‪ ،‬فإن التاميزات التي كانت‬
‫حارضة ضمن ما يمكن تسميته بالسلوك (املثيل اجلنيس)‪ ،‬الذي كان موجود ًا‬
‫يف العامل العريب اإلسالمي يف احلقبة (‪ ،)1800-1500‬ليست معروفة أو‬
‫واضحة يف الغرب احلديث اليوم‪ ،‬أو إهنا كانت حتظى بأمهية وتوكيد أكرب يف‬
‫السياق العريب مما يمكن حلظه يف السياق الغريب احلديث‪ .‬واألهم بني هذه‬
‫التاميزات هو التاميز بني الفاعل‪/‬الوالج واملفعول به ‪/‬املستقبل‪ ،‬وهو متايز‬
‫ال جيري التوكيد عليه يف السياق الغريب املعارص‪.‬‬

‫وليس هذا التاميز بني الفاعل واملفعول به متايز ًا بسيط ًا يمكن جتاهله‪.‬‬
‫فبينام يبدو املفعول به أقرب إىل الفكرة الغربية احلديثة لـ (املثيل اجلنيس)‪،‬‬
‫يبدو اهنام كليهام‪ -‬الفاعل واملفعول به‪ -‬حيوزان مواقع خمتلفة يف عالقات‬
‫السلطة التي حتكم الطرفني ويف املجتمع كذلك‪ .‬بمعنى إن اداء دور‬
‫الفاعل يف العالقة اجلنسية هو دليل وعالمة عىل كل ما هو ذكوري‪ :‬اهليمنة‬
‫والرجولة واالنتصار‪ .‬ومن األدلة البينة عىل ذلك توظيف املؤلفني والكتاب‬
‫صور الفاعلية يف العالقة اجلنسية حيث تكون الغلبة هلم بوصفها دلي ً‬
‫ال عىل‬
‫هيمنتهم وقدرهتم عىل هزيمة عدوهم يف اخلصومات واملنازعات‪ ،‬مثلام‬
‫بني الروهيب يف الفصل األول‪ .‬إال ان ذلك ال يعني أن اداء دور الفاعل‬ ‫َ‬
‫يف العالقة اجلنسية يربأ الشخص من الوصمة االجتامعية املقرتنة بمامرسة‬
‫‪15‬‬ ‫مقدمة املرتمجة‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫رجل أخر مع حلظ تعذر معرفة نوع السلوك اجلنيس الواقع‬ ‫ٍ‬ ‫اجلنس مع‬
‫ال بني الرجال والغلامن خلف األبواب املؤصدة يف ظل التضارب يف‬ ‫فع ً‬
‫ادعاءات طريف العالقة يف بعض من احلاالت‪ .‬وبرغم ذلك ثمة اتفاق عام‬
‫يف املجتمعات قيد الدراسة أن الصبي أو الغالم يسلك يف العادة سلوك ًا أكثر‬
‫(سلبية واستسالم ًا)؛ سلوك فيه حماكاة واضحة للدور الذي تؤديه األنثى يف‬
‫املامرسة اجلنسية املعتادة‪.‬‬

‫وإىل جانب التاميز بني الفاعل واملفعول به‪ ،‬هناك التاميز بني الرغبة‬
‫العفيفة يف أكثرية الشعر الغزيل مقابل الرغبة اللواطية‪ .‬وحتى اذا اخرتنا‬
‫جتاهل التاميز بني احلب الرومانيس العفيف وبني شهوة اللواط املتخيلة‪،‬‬
‫تدل بعض من أدبيات تلك احلقبة ومصادرها أن بعض ًا من الرجال أختار‬
‫كتابة الشعر الغزيل العاطفي ملعشوقني متخيلني‪ ،‬مؤكدين بذلك الفرق بني‬
‫ِ‬
‫الفكر واألفعال التي جتعل (املثلية اجلنسية) مفردة إشكالية يف هذه احلالة‪.‬‬

‫إن احلديث عن جاذبية الصبيان ومجاهلم والولع بوصف حماسنهم‬


‫عدد ال حيىص من القصائد الغزلية يف احلقبة اإلسالمية‬ ‫وشدة التعلق هبم يف ٍ‬
‫ما قبل احلديثة يبدو حديث ًا ُم ِنفر ًا وحتى مرضي ًا يف املجتمعات الغربية بعامة‪.‬‬
‫وبأسلوب قابل للمقارنة‪ ،‬يتوقع من املجتمع اإلسالمي ما قبل‬ ‫ٍ‬ ‫مقابل ذلك‬
‫احلديث رفض النمط الذي قد ُيعد مثالي ًا يف العالقات املثلية الغربية‪ -‬أي‬
‫العالقة بني رشكاء من الفئة العمرية ذاهتا تقريب ًا من دون متايزات واضحة‬
‫وحمددة بني األدوار الفاعلة واملفعول هبا التي يؤدوهنا‪ -‬ووصفه بالنمط‬
‫ا ُملن َفر وغري املقبول‪ .‬ومثلام ذكر كنث دوفر يف حتليله للحب املثيل يف اثينا‬
‫الكالسيكية‪ ،‬كان الشعور سائد ًا ان الرجل الذي يقع يف غرام صبي ال‬
‫بد له من أن يلتزم باداء دور املعلم واملرشد األخالقي‪ .‬فمع احلب هناك‬
‫املسؤولية‪ ،‬عىل وفق املثال اللواطي اليوناين‪ .‬وليس واضح ًا شيوع هذه‬
‫املامرسة يف الثقافة اإلسالمية ما قبل احلديثة‪ ،‬ولكن كان يتوقع من الرجل‬
‫اإل ْسال ِم ِّي‬ ‫ال ال َع َر ِب ِّي ِ‬ ‫جل ْن ِس َّي ِة يِف ال َع مَ ِ‬ ‫َما َق ْب َل امل ِْثلِ َّي ِة ا ِ‬ ‫‪16‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ان يترصف بنبل مع الشاب موضوع العاطفة‪ .‬يف سياقنا الثقايف اخلاص‪،‬‬
‫ثمة مواقف ينظر فيها الرجل البالغ إىل مشاعره نحو غالم غري ولده‬
‫بوصفها مرشوعة ونافعة رشيطة االحجام عن ادخال العنرص االيرويس يف‬
‫العالقة‪ ،‬بمعنى إن هذه العالقة يف ذاهتا غري مؤذية لرفاهية الغالم‪ .‬إن متويه‬
‫املؤرخني احلديثني للتاميز بني اللواط والتعبري عن حب الغلامن والصبيان‬
‫ابتغاء وصفها بـ (املثلية اجلنسية) ال يبدو جمدي ًا‪ .‬وباستعامل مقاربة متامزجة‬
‫املعارف‪ ،‬أظهر الروهيب كيف أدان الفقهاء اإلسالميون (اللواط)(أو‬
‫اإلتيان يف الدبر) لكن ليس ’املثلية‘؛ بمعنى إن كتابة قصيدة حب ختاطب‬
‫شاب ًا ذكر ًا لن تدخل بسهولة ويرس يف خانة اللواط‪ .‬وبنا ًء عىل ذلك‪ ،‬فإن‬
‫ازالة اللبس عن املغالطات التارخيية قبل بروز مفهومات اجلنسانية واملثلية‬
‫اجلديدة يف العرص احلديث هي إحدى الغايات التي يرمي (ما قبل املثلية)‬
‫إىل حتقيقها‪.‬‬

‫يبدأ الكتاب بمراجعة موجزة ملا أسامه املؤلف اآلراء األصولية مقابل‬
‫البنائية للمثلية اجلنسية‪ .‬والفكرة االساسية يف الرأي األول هي أن الطريقة‬
‫التي جرى هبا التعبري عن اجلنسانية وفهمها ال ختتلف كثري ًا من ثقافة إىل‬
‫أخرى أو من حقبة زمنية إىل أخرى‪ .‬وهذا خيالف املنظور أو الرأي الثاين‬
‫الذي يقول إن كل ثقافة أو حقبة زمنية تطور أو تبني أشكال اجلنسانية‬
‫اخلاصة هبا‪ .‬وقد تتداخل هذه األشكال مع نظريهتا الشائعة يف الثقافات‬
‫األخرى‪ ،‬ولكنها برغم ذلك‪ ،‬تتحدد وتتأثر يف تشكلها باخلصائص املهيمنة‬
‫يف كل ثقافة‪ .‬وعىل الرغم من ترصحيه أن (احلكم يف النزاع بني البنائيني‬
‫واألصوليني ينبغي‪ ،‬تقليدي ًا‪ ،‬أن يستند إىل دراسة دقيقة لألدلة التارخيية)‪،‬‬
‫يظهر واضح ًا أن الروهيب يتبنى وجهة النظر البنائية‪ ،‬فهو جيادل أن اآلراء‬
‫األصولية للمثلية اجلنسية يف العامل العريب االسالمي مل تنتبه إىل التضاد بني‬
‫الدورين اللذين يؤدهيام طرفا العالقة اجلنسية الرشجية‪ :‬الفاعل واملفعول به‪،‬‬
‫‪17‬‬ ‫مقدمة املرتمجة‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫وبني العشق والرغبة اجلنسية‪ ،‬والعالقة اجلنسية الرشجية واألنواع األخرى‬


‫بني الروهيب أن استرياد املواقف‬
‫من األفعال اجلنسية‪ .‬وزيادة عىل ذلك‪َ ،‬‬
‫األوروبية ضد املثلية اجلنسية التي بدأت يف القرن التاسع عرش اثرت يف‬
‫رؤية املثلية اجلنسية يف العامل العريب اإلسالمي‪ ،‬وأن التصور املتمركز غربيا‬
‫للمثلية اجلنسية مل يكن موجود ًا يف الرشق االوسط العريب االسالمي يف‬
‫احلقبة التارخيية حمل الدراسة‪ .‬وقد بذل الروهيب جهود ًا ليظهر انه ليس ثمة‬
‫قط (عنرص مثيل جنيس) يف مؤلفات الكتاب الذين يتغنون بجامل الغلامن‬
‫والصبيان وال يف احلكايات التي حتتفي برابطة احلب هذه‪.‬‬

‫يقع الكتاب يف ثالثة فصول تناول الروهيب فيها تباع ًا التيارات‬


‫والتوجهات الثقافية التي تلقي الضوء عىل التصورات احلسية للحب املثيل‬
‫بني ابناء النخبة احلرضية‪ .‬يزخر الفصل االول املعنون (لواطيون ومرىض)‬
‫بالكثري من املوضوعات التي تكشف عنها العنوانات املوحية ملباحثه الفرعية‬
‫من مثل "اجلنس بوصفه تقاطب ًا"‪ ،‬و"املثلية اجلنسية عرب االجيالية" و"السياق‬
‫االجتامعي للواط" الذي اختص بتسليط الضوء عىل املواقع التي حتدث فيها‬
‫املجاهبة بني الرجال البالغني والغلامن وهي "املدارس‪/‬التعليم" و"الطرائق‬
‫الصوفية" و"الرق والعبودية" و"بيوت القهوة واحلاممات" و"أفعال وذوات‬
‫بني الفصل أن االيالج الرشجي كان ينظر له تارخيي ًا بصيغ االنتقام‬
‫مثلية"‪َ .‬‬
‫واهليمنة واخلصومة‪ ،‬و‪/‬أو العدوانية‪ ،‬من أحد االطراف ضد طرف آخر‬
‫مع فقد الطرف املفعول به‪/‬املستقبل خاصية ’الذكورة‘ بعد ادائه أو اجباره‬
‫عىل اداء دور األنثى املستسلمة‪ ،‬ولذا يلحق به العار وتشوه سمعته‪-‬ملخالفته‬
‫دوره اجلندري‪ -‬بينام يكون الفخر والزهو نصيب الطرف الفاعل‪ .‬يعني‬
‫ذلك اقرتان الفاعلية بالرجال واملفعولية بالنساء‪ .‬وأبان الروهيب كذلك أن‬
‫اللواط أو العالقة بني ذكر بالغ وشاب صغري السن كان املقياس للسلوك‬
‫املثيل اجلنيس يف احلقبة العثامنية‪ .‬إن رغبة رجل بالغ يف إقامة عالقة مع رجل‬
‫اإل ْسال ِم ِّي‬ ‫ال ال َع َر ِب ِّي ِ‬ ‫جل ْن ِس َّي ِة يِف ال َع مَ ِ‬ ‫َما َق ْب َل امل ِْثلِ َّي ِة ا ِ‬ ‫‪18‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫بالغ آخر كان ُيعدَ امر ًا غريب ًا‪.‬‬

‫يشتق الروهيب قس ًام ال بأس به من الفكر واملناقشات التي يطرحها يف‬


‫كتابه من التفسريات (أو سوء التفسريات) االنكليزية للعديد من املفردات‬
‫العربية‪ .‬ومتيل مفردة (املثلية اجلنسية) احلديثة إىل ان تكون مضللة وتفتقر‬
‫حد كبري يف‬‫حد ما جلهة فشلها يف التقاط التاميزات املسهمة اىل ٍ‬
‫الوضوح إىل ٍ‬
‫فهم السلوك املثيل يف الرشق األوسط ما قبل احلديث‪.‬وأحد األمثلة الدالة‬
‫عىل املواقف واآلراء املتأرجحة بشأن املثلية اجلنسية هو الدور الذي يؤديه‬
‫الرجل وموقعه يف العالقة اجلنسية الرشجية‪ .‬إذ ُيعرف الرجال الذين جيدون‬
‫متعة يف إداء دور املستقبل السلبي‪ ،‬إي انه يحُ ب أن يؤتى به يف الدبر‪ ،‬عىل‬
‫وجه اإلمجال بـ (املأبون)‪ .‬وكان الرأي السائد اهنم يعانون ما ُيعرف طبي ًا بـ‬
‫(األُبنة) التي قد يصف هلا األطباء عدد ًا من العالجات‪ .‬مقابل املأبون‪ ،‬هناك‬
‫(اللواطي) وهو الرجل الذي يؤدي دور الفاعل يف العالقة اجلنسية ويسلك‬
‫سلوك ًا حمدد ًا هو (اللواط)‪ .‬واملجموعة األخرية‪ ،‬عىل وفق هذا الرأي‪ ،‬ال‬
‫تعاين األُبنة‪.‬‬

‫وتكشف عنوانات املباحث يف الفصل الثاين املعنون (اجلامليون) عن‬


‫جانب آخر من جانب عالقة املذكر باملذكر‪ :‬إي ظهورات اجلامل اجلسدي‬ ‫ٍ‬
‫واألثر الذي حتدثه يف النفس البرشية الذي يرتجم إىل تعبريات أدبية وفنية‬
‫غاية يف اللطف والرقة‪ .‬يف املباحث املعنونة "احلركة اجلاملية واللطف الثقايف‬
‫وحب الغلامن يف األعامل األدبية" و"هل تؤلف األعامل األدبية مصدر ًا‬
‫للمواقف احلياتية الفعلية" و"مثال احلب" و"اجلاملية الصوفية" التي تفرعت‬
‫إىل ثالثة مباحث فرعية ك ٌِرست لتسليط الضوء عىل رؤية ثالثة من كبار‬
‫املتصوفة باملوضوع هم "ايوب العدوي اخللويت" و"عبد الغني النابليس"‬
‫و"عبد الرمحن العيدروس"‪ ،‬رشح الروهيب‪-‬يف هذه املباحث‪ -‬أن النشاط‬
‫املثيل والرغبة اجلنسية املثلية املرفوضني ديني ًا ليسا مها اليشء ذاته كالرغبة‬
‫‪19‬‬ ‫مقدمة املرتمجة‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫األدبية والفنية يف التعبري عن الرغبة باجلامل املفعم بالتوهج واجلاذبية الذي‬


‫ال ُيعد جريمة وال انتهاك ًا‪ .‬يناقش الفصل كذلك‪ -‬مدعوم ًا باألمثلة‪-‬‬
‫احلساسية اجلاملية العامة حيال اجلامل البرشي‪ ،‬سواء متثلت هذه احلساسية‬
‫يف شكل امرأة أو أمرد‪ ،‬ويقدم رشح ًا مستفيض ًا حياول فيه اإلجابة عن ٍ‬
‫عدد‬
‫من االسئلة منها‪( :‬هل كان الشعر الغزيل العريب املكرس إىل الغلامن عمل‬
‫قصيص فحسب؟)‪ ،‬و(إىل أي حد ُيعدَ مرشوع ًا التعامل مع الشعر الغزيل‬
‫واملفاخرات األدبية بوصفها مصادر تارخيية تعكس قي ًام وأذواق ًا معينة يف بيئة‬
‫الكتَاب ومجهورهم؟)‪ .‬يرى الروهيب أن كثرة تعبريات احلب اللواطي يف‬
‫هذا النوع من الشعر ال بد أهنا كانت متوافقة مع تصور ثقايف شاع آنذاك بني‬
‫الشعراء ومجهورهم الذين كانوا ينظرون إىل احلب العفيف والرفيع للغلامن‬
‫بتعاطف وأسلوب مثايل‪.‬‬

‫وزيادة عىل هذه املوضوعات‪ ،‬يتناول الفصل الرؤية الصوفية للجامل‬


‫حيث تتداخل الرؤية اجلاملية للنساء اجلميالت أو الغلامن املالح بمعنى‬
‫واحساس ميتافيزيقي ُف ِهم عىل إنه وسيلة إلدراك مجال اهلل واإلحساس به‪.‬‬
‫كام يتطرق الفصل إىل ظاهرة الشعر الغزيل الذي ينظمه الرجال البالغون‬
‫للحديث عن الغلامن ابتغاء تسليط الضوء عىل التاميزات والفروق الدقيقة‬
‫التي تدحض ظاهري ًا فكرة أن (املثلية اجلنسية)‪ ،‬مثلام جيري تصورها اليوم‪،‬‬
‫كانت موجودة يف العامل العريب اإلسالمي‪ .‬وثمة موضوعات أساسية يف‬
‫هذا الفصل يقف عىل رأسها عناية الروهيب برشح تقسيامت الثقافة بني‬
‫استحسان اجلامل وتذوقه‪ ،‬واالفتتان واحلب الرومانيس العفيف ومعصية‬
‫اللواط‪ .‬إال ان أكثرية هذه التقسيامت تفتقر األبعاد اجلندرية التي يفرضها‬
‫مفهوم مثل (املثلية اجلنسية)‪ .‬حلظ الروهيب‪ ،‬يف سبيل املثال‪ ،‬ان مجال‬
‫النساء والغلامن كانا يعدان قابلني للمقارنة‪ ،‬وكان يعرب عنهام بالنوع ذاته‬
‫من اللغة‪ .‬وعىل وجه اإلمجال‪ ،‬كشف الشعر الغزيل‪ ،‬يف حتليل الروهيب‪،‬‬
‫اإل ْسال ِم ِّي‬ ‫ال ال َع َر ِب ِّي ِ‬ ‫جل ْن ِس َّي ِة يِف ال َع مَ ِ‬ ‫َما َق ْب َل امل ِْثلِ َّي ِة ا ِ‬ ‫‪20‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫بجالء عن خاصية االنجذاب اجلنيس والعاطفي بني الرجال والغلامن التي‬


‫مل تكن حارضة بقوة فحسب‪ ،‬بل كانت موضع احتفاء وترحيب كام يتبني يف‬
‫الثناء عىل مجال اجسام الغلامن وكثرة التعبريات عن تولع الرجل العاطفي‬
‫واشتياقه للمحبوب يف هذا الشعر‪.‬‬

‫يستكمل الروهيب مناقشة موضوعه يف مباحث الفصل الثالث املعنون‬


‫مسح ألشكال العالقات اجلنسية بني الرجال يف‬ ‫ٍ‬ ‫(اللواطيون) عرب تقديم‬
‫األدبيات الفقهية اإلسالمية‪ ،‬وحقل التفاسري املرتبط بالقرآن وكذلك‬
‫أحاديث النبي حممد صىل اهلل عليه وسلم‪ .‬ومثلام هو متوقع‪ ،‬تستلزم هذه‬
‫املوضوعات يف املباحث املعنونة "اخلالف بشان النظر"‪ ،‬و"اللواط يف‬
‫الرشيعة اإلسالمية" و"املذهب احلنفي" و"املذهب الشافعي" و"املذهب‬
‫احلنبيل" و"املذهب املالكي" و"الشيعة اإلمامية" و"التوسل بالرتاث الديني"‬
‫و"التوسل ببشاعة اللواط" و"التوسل بالنتائج" و"لواط يف اجلنة!" و"معنى‬
‫اللواط" و"املثل واملامرسات مرة اخرى"‪...‬تستلزم نقاشات مستفيضة‬
‫لآلراء الفقهية الصادرة عن املدارس الفقهية االسالمية الرئيسة االربعة‬
‫ال عن اإلمامية‪ ،‬والعقوبات التي حددهتا لألفعال التي تقع يف خانة‬ ‫فض ً‬
‫األنشطة اجلنسية ا ُملدانة‪ .‬حتدد هذه املدارس الفقهية العقوبات عىل وفق‬
‫األفعال ذاهتا أكثر منها الدوافع‪ ،‬وهي تفرض عقوبات أشد قسوة عىل‬
‫أغلبية أشكال هذا النشاط مثل التقبيل واملداعبة بينام يستأثر اجلنس الرشجي‬
‫بالعقوبة االكثر رصام ًة‪ .‬إن إي خطوة يف املنحدر الطويل الذي يفيض إىل‬
‫كبائر مثل املثلية اجلنسية‪ ،‬حتى النظرة املجردة إىل املردان او اخللوة هبم‪،‬‬
‫كانت ُمدانة ومرفوضة‪ .‬وبوجه اإلمجال‪ ،‬فإن الفقهاء الذين كانوا ملتزمني‬
‫بمبدأ عدم حتريم ما أحل اهلل‪ ،‬أو حسن الظن باملسلمني األخرين‪ ،‬ال يعدَ ون‬
‫األفعال التي قد تقود إىل خمالفة كهذه معصية يف ذاهتا عىل الرغم من عدم‬
‫نفيهم االشكاليات التي ينطوي عليها ذلك‪ .‬وزيادة عىل ذلك كان الوقوع‬
‫‪21‬‬ ‫مقدمة املرتمجة‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ال اضطراريا وخارج نطاق النقاش الديني‪ .‬وكان‬ ‫يف غرام غالم ُيعد فع ً‬
‫اكثرية الفقهاء يبيحون نظم الشعر الغزيل اللواطي أو اجلنيس املتخالف يف‬
‫التاريخ اإلسالمي‪ ،‬عىل الرغم من تقييد ذلك برشط عدم الكشف عن أسم‬
‫املعشوق وهويته‪.‬‬

‫اختتم الروهيب دراسته بمسح للتغري الثقايف الذي شهدته املجتمعات‬


‫املسلمة بعدما تغلغلت‪ ،‬عىل وفق الروهيب‪ ،‬قيم الثقافة الفكتورية األوروبية‬
‫وفكرها فيها‪ ،‬واضحت التيارات املتنوعة للحب املثيل تظهر باسم جديد‬
‫هو الشذوذ اجلنيس‪ ،‬الذي يوافق الفهم املريض األورويب للمثلية بوصفها‬
‫(إنحراف ًا جنسي ًا)‪.‬‬

‫يؤلف كتاب الروهيب جزء ًا من سلسلة متنامية من الدراسات املعنية‬


‫باجلنسانية يف منطقة الرشق األوسط بعامة واملثلية اجلنسية بخاصة‪ .‬إن‬
‫حديث الروهيب عن غياب مفهوم خاص بالتوجه اجلنيس يف املصادر‬
‫العربية األدبية يف احلقبة املمتدة من ‪ 1500‬إىل ‪ 1850‬يأيت يف سياق حديث‬
‫متواتر عن املوضوع ذاته يف دراسات اخرى منها (نساء بشوارب ورجال‬
‫بال حلى‪ :‬اجلندر ونوازع القلق اجلنسية والتحديث يف ايران) (‪)2005‬‬
‫لعاملة االجتامع االيرانية افسانه نجم آبادي ومقدمة ادوارد سعيد لدراسة‬
‫ميشيل فوكو املعنية بالرشق األوسط‪ .‬وعىل الرغم من أن تصورات فوكو‬
‫عن اخلطاب املهيمن وعالقة السلطة النصية بالقوة قد اصبح من املقوالت‬
‫املعروفة الشائعة‪ ،‬إال أن الروهيب ُيعد من أِول الباحثني الذين وظفوا‬
‫تاريخ اجلنسانية الذي يقع يف ثالثة اجزاء يف دراسة معنية بمنطقة الرشق‬
‫األوسط‪ .‬ومما يلفت االنتباه إن حماولته جالء اآللية التي نفرس بوساطتها‬
‫السلوك اجلنيس يف سياق تارخيي تتزامن مع نقاش ٍثر وموس ٍع عن تأثري‬
‫فوكو يف دراسات الرشق األوسط يف كتاب (فوكو والثورة اإليرانية‪ :‬اجلندر‬
‫واغواءات احلركة االسالمية) جلانيت افاري وكيفن اندرسن‪ .‬كام أنه يأيت‬
‫اإل ْسال ِم ِّي‬ ‫ال ال َع َر ِب ِّي ِ‬ ‫جل ْن ِس َّي ِة يِف ال َع مَ ِ‬ ‫َما َق ْب َل امل ِْثلِ َّي ِة ا ِ‬ ‫‪22‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫يف سياق تغري ملحوظ يف املشهد االجتامعي العام يف هذه املنطقة؛ تغري كان‬
‫للشبكة العنكبوتية وتطور وسائل التواصل االجتامعية الدور األكرب فيه‬
‫جلهة مساعدة مثليي اجلنس يف االعالن عن انفسهم وتسهيل مهمة احلصول‬
‫عىل رشكاء هلم من خالل مواقع معنية باملواعدة‪ ،‬زيادة عىل استمرار مثليي‬
‫اجلنس املسلمني يف الغرب يف رفع سقف مطالبهم عرب تأسيس العديد من‬
‫املنظامت واجلمعيات التي تعتني بأوضاعهم ومتثيلهم‪.‬‬

‫ومما يحُ سب لكتاب (ما قبل املثلية) أسلوبه البحثي الرصني ودقته يف‬
‫عرض وجهات النظر واآلراء املختلفة باملثلية ورؤيته الواضحة وتناوله‪،‬‬
‫ورصيح‪ ،‬عدد ًا من املوضوعات واجلوانب املعقدة‬
‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫مبارش ومتساوق‬ ‫ٍ‬
‫بنحو‬
‫املحيطة بثقافة االيروسية املثلية التي كانت منترشة يف البلدان الناطقة‬
‫بالعربية يف االمرباطورية العثامنية مثل الترشيعات الدينية واملواقف‬
‫واملامرسات املجتمعية واقتصاديات اجلسد واجلامليات والرغبات العاطفية‪.‬‬
‫وقد ُيفرس ذلك حرص الروهيب عىل تزويد دراسته بقائمة طويلة من‬
‫اهلوامش بلغت يف النص األصيل سبع وثالثني صفحة واستعانته بمصادر‬
‫يف عدة لغات مع استئثار العربية واإلنكليزية بحصة األسد‪ .‬وثمة ميزة‬
‫آخرى حتسب للكتاب هو دوره يف تصويب الكثري من التحيزات ومساوئ‬
‫الفهم النامجة عن التعجل يف احلكم واالعتامد عىل ظواهر االشياء من دون‬
‫حماولة سرب اغوارها ومعرفة تفاصيلها‪ .‬ويحُ سب لـ (ما قبل املثلية) كذلك‬
‫نجاحه يف اثبات أن اجلنسانية‪ ،‬مثلها مثل اجلندر‪ ،‬هي خاصية جيري بناؤها‬
‫وختيلها وفرضها يف املجتمعات‪ .‬إن متييز الباحث الدقيق واحلذر بني فئات‬
‫املشاعر والتعبريات والسلوك واملفردات املختلفة واألطراف املشاركة يف‬
‫العالقة االيروسية يؤكد رضورة إعادة النظر ومراجعة الكثري من التقييامت‬
‫التي قدمتها الدراسات احلديثة عن املجتمعات االسالمية واألدب العريب‬
‫والتاريخ املقارن للمثلية اجلنسية‪ .‬والكتاب‪ ،‬يف هذا اجلانب حتديد ًا‪ُ ،‬يعد‬
‫‪23‬‬ ‫مقدمة املرتمجة‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫إسهام ًا رئيس ًا وإضافة مهم ًة إىل دراسات تاريخ املثلية اجلنسية يف الرشق‬
‫األوسط‪ ،‬وهو خطوة كبرية إىل اإلمام يف حتليل األدب يف منطقة وحقبة‬
‫زمنية ما تزال بحاجة إىل املزيد من البحث واملراجعة‪.‬‬

‫يمكن‪ ،‬يف الواقع‪ ،‬عدَ (ما قبل املثلية) من أِول املعاجلات املنهجية‬
‫املنتظمة التي يمكن للباحثني التعويل عليها يف دراسة عالقة الذكر بالذكر‬
‫يف منطقة الرشق االوسط يف احلقبة ما قبل احلديثة‪ .‬فباالستناد إىل جمموعة‬
‫كبرية من املصادر األساسية‪ ،‬متكن الروهيب من ردم جزء كبري من الفجوة يف‬
‫معارفنا ونظرتنا التقليدية إزاء االيروسية الذكورية يف العامل العريب االسالمي‬
‫ما قبل احلديث‪ .‬وأحسب أن قراءة الكتاب ستكون الزامية لطالب األدب‬
‫والثقافة العربية والعثامنية‪ ،‬وعلم االجتامع والتاريخ الفكري وتاريخ اجلنس‬
‫وكذلك للمهتمني بتاريخ االسالم وترشيعاته واملقاربات الدينية للجنسانية‬
‫عىل وجه العموم‪.‬‬

‫كانت منهجية الروهيب يف دراسته هي منهجية املؤرخ‪ .‬وعىل الرغم‬


‫من أن اجلزء األكرب من األدلة الواردة يف الكتاب مستلة من نصوص أدبية‬
‫وترامجية وفقهية أساسية انتجتها ثقافة تلك احلقبة‪ ،‬حرص الروهيب عىل‬
‫االستعانة بمؤلفات مؤرخني أخرين‪-‬إىل جانب فوكو‪ -‬خمتصني يف منطقة‬
‫الرشق األوسط امثال برنارد لويس ومارشال هودجسن الذي كتب عن‬
‫(القبول) املجتمعي ملا (حترمه الرشيعة اإلسالمية)‪ ،‬وعلق عىل الفرق بني‬
‫(اللواط) والعشق‪ -‬ابتغاء تقديم طروحات وفِكر ينظر من خالهلا الروهيب‬
‫إىل مصادره األصلية‪.‬‬

‫إال ان كتاب الروهيب‪ ،‬كغريه من الدراسات التي تناقش موضوعات‬


‫إشكالية ال خيلو مما يمكن أن يؤخذ عليه‪ .‬كان األحرى بالروهيب‪ ،‬يف سبيل‬
‫املثال‪ -‬وأنا اقدم وجهة نظري كقارئة ال مرتمجة‪ -‬تناول املوضوع من منظور‬
‫اإل ْسال ِم ِّي‬ ‫ال ال َع َر ِب ِّي ِ‬ ‫جل ْن ِس َّي ِة يِف ال َع مَ ِ‬ ‫َما َق ْب َل امل ِْثلِ َّي ِة ا ِ‬ ‫‪24‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫النسبية الثقافية ألمهيته يف تفسري التباين يف املواقف والرؤى حيال موضوع‬


‫كهذا‪ .‬إن العديد من التاميزات التي تطرقت هلا مباحث الكتاب يف احلقبة‬
‫التارخيية حمل الدراسة مل تكن معروفة يف السياق الغريب احلديث‪ .‬ولكن‬
‫بعضها اآلخر كان معروف ًا وموجود ًا فعالً‪ ،‬فمقابل الفاعلية واملفعولية‬
‫الشائعة يف السياق العريب‪ ،‬مثالً‪ ،‬هناك الـ (‪)Tops and Bottoms‬‬
‫الشائعة يف السياق الغريب التي تعني اليشء ذاته تقريب ًا‪ .‬إن تعريف احد طريف‬
‫العالقة لنفسه بـ (‪ )Top‬ال جيعله أقل مثلية بل أنه يعزز شعوره بذكوريته‬
‫وهيمنته وتفوقه‪ .‬يدل ذلك أن املجتمع الغريب يدرك حق ًا الفرق بني احلب‬
‫العاطفي والرغبة اجلنسية‪ ،‬ولكنه يميل نحو قرن احلب العاطفي بـام هو‬
‫(أنثوي) مقابل الرغبة يف ممارسة اجلنس األكثر (ذكورية)‪ .‬وعىل الرغم من‬
‫إغفاله تقديم املقارنات يف سياق النسبية الثقافية‪ ،‬أال إن (ما قبل) يؤلف‬
‫اضافة متبرصة إىل الدراسات االكاديمية املعنية باجلندر واجلنسانية‪ .‬وأنا‬
‫اتفق مع استاذ اندرو ك‪ .‬يب من جامعة نوتنغهام يف أمهية الرسالة التي‬
‫يقدمها الكتاب والتي يمكن تلخيصها بـ ((برصف النظر عن سطوة الرغبة‬
‫بالتعميم وجعل األمور تبدو كام لو أهنا عاملية الطابع‪ ،‬يتعني علينا توخي‬
‫احلذر وااللتزام بقيمة التواضع؛ والتعامل مع اخلصائص الثقافية والتارخيية‬
‫بدقة وجدية عاليتني يف دراستنا للمثلية اجلنسية واجلنسانية البرشية بعامة))‪.‬‬
‫إن هذه الرسالة مهمة للغاية من املنظور عرب الثقايف‪.‬‬

‫وثمة جانب اخر ال يقل أمهية عن النسبية الثقافية‪ ،‬فعىل الرغم من أن‬
‫الكتاب مكتوب بطريقة بارعة‪ ،‬وغني يف تفاصيله‪ ،‬ونقاشاته‪ ،‬ولكنه وصفي‬
‫يف جوهره‪ .‬ثمة فرص أهدرها الروهيب لتقديم الفكر واملفهومات من‬
‫منظورات النسوية ونظرية الشذوذ‪ -‬مثالً‪ -‬التي كان يمكن هلا أن تضفي‬
‫الكثري عىل النقاشات وتثرهيا‪ .‬وزيادة عىل ذلك‪ ،‬يلحظ إحالة الكتاب عىل‬
‫فوكو يف بعض من مفاصله‪ ،‬ولكنه خالف ًا للمفكر الفرنيس الذي برع يف‬
‫‪25‬‬ ‫مقدمة املرتمجة‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫مؤلفاته عن اجلنسانية يف الغرب‪ ،‬مل يضع قط هذا التيار الثقايف من السلوك‪/‬‬


‫الرغبة املثلية يف داخل السياق األوسع من البنى االجتامعية والسياسية وبنى‬
‫السلطة يف اإلمرباطورية العثامنية ما قبل احلديثة‪ .‬إن الرؤية الضيقة نسبي ًا‬
‫للعالقات بني الذكور تنتهك‪ ،‬ظاهري ًا‪ ،‬فرضية أن املثلية مل تكن واقعة أو‬
‫معروفة هلؤالء الرجال‪ .‬ويلحظ يف السياق ذاته جتاهل الكتاب موضوع‬
‫العالقة بني الرجال النساء والسيام أن أحد األسباب املقرتحة لوقوع فعل‬
‫اللواط هو الفصل بني اجلنسني‪ .‬ويصدق األمر نفسه عىل موضوع العالقة‬
‫املثلية بني رجال بالغني‪ .‬إن تقديم حتليل أعمق حليوات هؤالء الرجال‬
‫اجلنسية والشخصية قد تُسهم يف تقديم صورة أكثر اكتامالً عنهم‪ .‬وباملثل‪،‬‬
‫فقد اخفق الكتاب يف تقديم تعريف ٍ‬
‫واف للمثلية اجلنسية كام جيري فهمها‬
‫بعامة اليوم‪ .‬كام أن عدد ًا من املصادر املهمة عن املثلية اجلنسية يف الغرب مل‬
‫ٍ‬
‫بنحو مناسب‪.‬‬ ‫جير توظيفها‬

‫يعرتف الروهيب‪ ،‬يف الواقع‪ ،‬بمناحي القصور يف دراسته‪ ،‬فمن خالل‬


‫الرتكيز عىل النصوص املدونة‪ ،‬يميل مسحه لـ (ما قبل املثلية اجلنسية) يف‬
‫العامل العريب اإلسالمي إىل الرتكيز عىل الذكور يف املناطق احلرضية من ابناء‬
‫النخبة املتعلمة املثقفة يف االمرباطورية العثامنية‪ ،‬وهي جمموعة ال تغطي‬
‫العامل العريب اإلسالمي بأكمله‪ ،‬وهتمل طبقات املجتمع االخرى غري‬
‫احلرضية أو املتعلمة‪ ،‬إذ مل يذكر الكتاب سوى اشارات عابرة عن الطبقات‬
‫الدنيا ومواقفها وممارساهتا وتصوراهتا عىل الرغم من أمهية منتجات هذه‬
‫اغان ونوادر وملح وحكايات يف تبيان املواقف نحو عالقة‬ ‫ٍ‬ ‫الطبقات من‬
‫الذكر بالذكر‪.‬‬

‫وكان الكتاب‪ ،‬حسبام أظن‪ ،‬ليكون اكثر اكتامالً لو زود بمبحث يبني‬
‫لنا الظروف السياسية واالقتصادية واالجتامعية التي كانت سائدة يف تلك‬
‫احلقبة الطويلة والتغريات التي طرأت عىل أنامط احلياة يف املجتمعات العربية‬
‫اإل ْسال ِم ِّي‬ ‫ال ال َع َر ِب ِّي ِ‬ ‫جل ْن ِس َّي ِة يِف ال َع مَ ِ‬ ‫َما َق ْب َل امل ِْثلِ َّي ِة ا ِ‬ ‫‪26‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫التي اسهمت يف بروز انامط أدبية وظواهر اجتامعية كهذه‪ .‬مبحث كهذا‬
‫ال بتعميق فهمنا للموضوع قيد الدراسة والسيام يف ظل حديث‬ ‫كان كفي ً‬
‫الروهيب عن دور العامل االقتصادي وايراده حكايات تغاىض فيها األهل‬
‫ووافقوا عىل أن يقدم ابنهم الصبي خدمات جنسية ملتنفذين واثرياء لقاء‬
‫مبالغ مالية‪ .‬وباملثل فقد اغفلت الدراسة احلديث عن مواقف السلطات‬
‫احلاكمة واالجراءات التي كانت تتخذها وطبيعة دورها أما يف التشجيع‬
‫عىل املامرسة أو احلد منها‪.‬‬

‫وثمة جانب آخر يتعلق باخلامتة‪ .‬إذ عزا الروهيب التغري يف املوقف‬
‫نحو التعبريات املثلية إىل تغلغل املواقف والقيم الغربية مؤكد ًا اهنا السبب‬
‫الوحيد وراء املوقف املتشدد الذي تبنته املجتمعات الرشق اوسطية والذي‬
‫تٌرجم إىل عمليات حذف وتعديل طالت العديد من األدبيات واملصادر‬
‫مثل (الف ليلة وليلة) و(ديوان أيب نؤاس) و(لوعة الشاكي ودمعة الباكي)‪.‬‬
‫وأرى أنه سيكون معقوالً اكثر القول بتعايش املواقف املتساهلة والرافضة‬
‫للمثلية اجلنسية جنب ًا إىل جنب يف هذه املجتمعات‪ .‬وهذا يعني أن السبب يف‬
‫التغري الذي شهدته هذه املواقف يعود إىل عوامل خارجية وداخلية كثرية‪.‬‬

‫ومن باب االقرار بالفضل ألهله‪ ،‬يسعدين أن اتقدم بجزيل الشكر‬


‫والتقدير للدكتور هنار حممد نوري‪ ،‬املدرس يف قسم التاريخ‪ ،‬يف كلية‬
‫ٍ‬
‫بعدد من املصادر وتصويبه عنوانات‬ ‫اآلداب‪ ،‬اجلامعة املستنرصية لتزويدي‬
‫ٍ‬
‫عدد من الكتب باللغة العربية‪ .‬وإىل جانب شكري دكتور هنار‪ ،‬أود التعبري‬
‫عن امتناين للدكتور صادق عباس هادي الطرحيي من كلية الرتبية للعلوم‬
‫النفسية‪ ،‬جامعة بابل وكذلك الدكتور اسامة عدنان من قسم التاريخ كلية‬
‫اآلداب ملساعدهتام القيمة يف احلصول عىل بعض من املصادر‪ .‬والشكر‬
‫موصول إىل العاملني يف املكتبة املركزية يف اجلامعة املستنرصية واملكتبة‬
‫الوطنية للمخطوطات والوثائق‪ ،‬وكذلك إىل املقوم العلمي واللغوي الذي‬
‫‪27‬‬ ‫مقدمة املرتمجة‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫بذل جهود ًا كبرية كام يتبني من اهلوامش التي فاقت املئة التي تفضل بإيرادها‬
‫توضيح ًا ودع ًام للكتاب‪ .‬ارتأيت‪ -‬من جانبي‪ -‬إضافة بعض من امللحوظات‬
‫والرشوحات الرضورية لتقديم نص مواز ومفهوم للقارئ العريب ختمتها‬
‫بـ (املرتمجة) متييزا هلا عن هوامش النص األصلية باللغة االنكليزية‪ .‬وزيادة‬
‫عىل ذلك‪ ،‬ال بد من التنويه اىل استعانتي ببعض املصادر العربية واالنكليزية‬
‫يف كتابة هذه املقدمة‪.‬‬

‫وختام ًا‪ ،‬أمل أن تؤلف ترمجة هذا الكتاب إضافة إىل املكتبة العربية وإىل‬
‫الباحثني املعتنني بموضوعات اجلنسانية‪ ،‬واجلندر‪ ،‬واجلنس‪ ،‬وباهلل التوفيق‪.‬‬
‫شك ٌر وتقدي ٌر‬
‫ِ‬
‫أطروحة دكتوراه قدَّ ْمتُها‬ ‫أيديكُم نسخ ٌة ُمن َّق َح ٌة ِم ْن‬
‫بني ِ‬ ‫الكتاب ِ‬
‫الذي َ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫راسات الشرَّ ق َّية يف جام َعة «كامربج» استكامالً ملتط َّلبات ِ‬ ‫ِ‬
‫نيل‬ ‫إىل قس ِم الدِّ َ‬
‫ِ‬
‫درجة الدُّ كتوراه‪.‬‬
‫ِ‬
‫واالمتنان إىل‬ ‫ووافر الت ِ‬
‫َّقدير‬ ‫ِ‬ ‫الش ِ‬
‫كر‬ ‫بجزيل ُّ‬‫ِ‬ ‫الفرص َة هنا ألتقدَّ َم‬ ‫وأنتهز‬
‫ُ‬
‫َ‬
‫وجملس الدِّ راساتِ‬‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫كامربج األوروبيِّ ِّ ‪،‬‬‫َ‬ ‫وصندوق‬ ‫ك ِّل َّية كوربس كريستي‪ُ ،‬‬
‫مرشوعي البحثِ ِّي‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫متويل‬ ‫املشارك َِة يف‬
‫َ‬ ‫لتفض ِل ِهم يف‬
‫كامربج ُّ‬
‫َ‬ ‫العليا يف جام َع ِة‬
‫تظهر‬
‫َ‬ ‫راس ِة ْ‬
‫أن‬ ‫ِ ِ‬
‫السخ ِّي‪ ،‬مل ْ يك ْن هلذه الدِّ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫دعمهم َّ‬
‫فمن ِ‬
‫دون‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫لنيل هذه الدَّ رجة‪ْ ،‬‬
‫ظهر ْت فيه‪.‬‬ ‫بالش ِ ِ‬
‫َّ‬
‫كل الذي َ‬
‫ينضب للدَّ ع ِم والن ُّْص ِح يف‬
‫ُ‬ ‫مصدر ًا و َمعين ًا ال‬ ‫(باسم ُمساملُ) ْ‬ ‫ُ‬ ‫كان مرشفيِ‬ ‫َ‬
‫األمر كذلِ َك‬
‫ُ‬ ‫ويصدُ ُق‬
‫حتت إرشافه‪ْ ،‬‬
‫ِِ‬ ‫األطروح ِة َ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫كتابة‬ ‫قض ْيتُها يف‬‫نني التِي َ‬ ‫الس َ‬‫ِّ‬
‫بريوت‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الرحي ِم عبد احلُ َسينْ ِ ) األستاذ يف اجلام َعة األمريك َّية يف‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫عىل (عبد َّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وشج َعني يف اعتقادي بإمكان البحث يف‬‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫أوائل َم ْن دعمني‬ ‫ِ‬ ‫كان ِم ْن‬
‫الذي َ‬ ‫ِ‬
‫َّ‬
‫ال مهماّ ً يف‬‫هذه‪ ،‬وقدْ أ َّدى عم ً‬ ‫مثل ِ‬ ‫دراسة ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫كتابة‬ ‫ِ‬
‫وإمكان‬ ‫مثل هذا؛‬ ‫موضو ٍع ِ‬ ‫ُ‬
‫َّارخيية‪ِ.‬‬
‫احلقبة الت ِ‬
‫ِ‬ ‫هبذهِ‬‫ات املعني ِة ِ‬ ‫ادر واألدبِي ِ‬ ‫باملص ِ‬ ‫ِ‬
‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫تعريفي َ‬
‫كل ِم ْن (مايكل كوك ـ ‪Michael‬‬ ‫ِ‬
‫الفضل إىل ٍّ‬ ‫بالقدر ذاتِ ِه ِم َن‬
‫ِ‬ ‫وأدين‬
‫‪ )Cook‬و (غريتڤانجانجيلدرـ‪ )Geert van Jan Gelder‬و (جيمس‬
‫اإل ْسال ِم ِّي‬ ‫ال ال َع َر ِب ِّي ِ‬ ‫جل ْن ِس َّي ِة يِف ال َع مَ ِ‬ ‫َما َق ْب َل امل ِْثلِ َّي ِة ا ِ‬ ‫‪30‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫مونغتمريـ‪ )James Montgomery‬و (سمري سيكايل ـ ‪Samir‬‬


‫ِ‬
‫بقراءة‬ ‫لهم‬ ‫خالدي ـ ‪ )Tarif Khalidi‬وذلِ َك ُّ‬
‫لتفض ِ‬ ‫‪ )Seikaly‬و (طريف‬
‫ِّ‬
‫أنقذتْنِي تعليقاتهُ ُم ومقرتحاتهُ ُم ِم َن‬ ‫َ‬ ‫العمل‪ ،‬وقدْ‬‫ِ‬ ‫املبكر ِة ِم ْن هذا‬
‫َ‬ ‫ُّسخ‬‫الن ِ‬
‫ِ‬
‫واهلفوات‪.‬‬ ‫ِ‬
‫األخطاء‬ ‫الكثري ِم َن‬
‫ِ‬

‫جمهوليِ االسم‪ ،‬يعمالن يف‬ ‫عني ُ‬ ‫ِ‬


‫املراج َ‬ ‫اثنني ِم َن‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫بالفضل إىل‬ ‫كام أدي ُن‬
‫وتفص ِيلي ٍة للن ِ‬
‫ُّسخة ما‬ ‫ِ‬ ‫لتفض ِل ِهام بتقدي ِم مراج َع ٍة ق ِّي َم ٍة‬ ‫مطبعة جام َع ِة شيكاغو ُّ‬ ‫ِ‬
‫َّ‬
‫ِ‬
‫االمتنان‪.‬‬ ‫وعميق‬ ‫كر‬‫الش ِ‬
‫جزيل ُّ‬ ‫ُ‬ ‫فلهم منِّي‬ ‫ِ ِ‬ ‫َ‬
‫ُ‬ ‫قبل النِّهائ َّية‪ُ ،‬‬
‫كان حلديثِي مع (ديفيد م‪ .‬هالربن ـ ‪)David M. Halperin‬‬ ‫كذلِ َك َ‬
‫جي آغا ـ ‪ )Saleh J. Agha‬و (جوزيف مسعد ـ ‪Joseph‬‬ ‫و (صالح َ‬
‫‪ )Massad‬و (مارثا موندي ـ ‪ )Martha Mundy‬و (أنابيل كيلر‬
‫ـ ‪ )Annabel Keeler‬و (يعقوب سكوف غاردـبرتسن‪Jacob‬‬
‫‪ )skovgaard - Petersen‬و (عمران ميان ـ ‪)Emran Mian‬‬
‫(حممد رحيان ـ‬‫ّ‬ ‫و (فردريك الݞرانجـ‪ )Fredrick Lagrange‬و‬
‫ِ‬ ‫املوضوعِ‪َ ...‬‬
‫كان لذل َك‬ ‫ُ‬ ‫ومناقشاتيِ معهم يف‬
‫َ‬ ‫‪)Muhammed Rihan‬‬
‫املوضوعِ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫حماور ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وتطوير فك َِري بشأن‬
‫ِ‬ ‫ُّل رؤيتِي‬ ‫رب ِ‬
‫األثر يف تشك ِ‬ ‫أك ُ‬
‫اجلزيل كذلِ َك إىل (دوغالس ميتشل ـ‪Douglas‬‬ ‫ِ‬ ‫بالش ِ‬
‫كر‬ ‫أن أتقدَّ َم ُّ‬‫وأو ُّد ْ‬
‫ِ‬
‫لفكرة طب ِع‬ ‫ِ‬
‫جوهر َّي ًا‬ ‫‪ِ )Mitchell‬من مطبع ِة جامع ِة شيكاغو ِ‬
‫الذي قدَّ م دع ًام‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫وبالقدر ذاته‪ ،‬أبدَ ى (راسل هاربر ـ ‪ )Russell Harper‬عناي ًة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫العمل؛‬ ‫هذا‬
‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫توضيح عدد م ْن‬ ‫ِ‬ ‫حيح أو‬ ‫بتحرير وتنضيد املخطو َطة التي قدَّ ْمتُها ْ‬
‫وتص ِ‬ ‫كبري ًة‬
‫َ‬
‫غري املو َّف َقة‪ِ.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َّعابري ا َّللغو َّية املربكَة ِ‬
‫لبس أو الت ِ‬
‫الغموض ومواق ِع ا َّل ِ‬‫ِ‬ ‫مناحي‬‫ِ‬

‫اإلشادة بجهود (كريستن شواب ـ‬ ‫ِ‬ ‫وال بدّ يل يف هذا املقا ِم ِم َن‬
‫ٍ‬
‫وحرص‬ ‫بيقظة ومهن َّي ٍة‬
‫ٍ‬ ‫‪ )Christine Schwab‬التِي تاب َع ْت وأرش َف ْت‬
‫املطبع َّي ِة‪.‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َّجارب‬ ‫تص ِ‬
‫حيح الت‬ ‫ِ‬
‫الكتاب يف مرحلة ْ‬ ‫بال َغ ِ‬
‫ني عىل‬
‫‪31‬‬ ‫شك ٌر وتقدي ٌر‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫املذكورين أعاله‪ ،‬أضحى عمليِ‬ ‫كل ِم َن‬‫اجلهود التِي بذلهَ ا ٌّ‬
‫ِ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ِ َ‬ ‫ِ‬
‫وبفضل‬
‫بمفر ِدي‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫بكثري ممَّا لو كن ُْت عمل ُت ُه َ‬ ‫َ‬
‫أفضل‬
‫ٍ‬
‫بعض‬ ‫ِ‬
‫بإخفاقي يف‬ ‫ِ‬
‫االعرتاف‬ ‫الرغ ِم ِم ْن ذلِ َك ـ ِم َن‬
‫والبدَّ يل ـ عىل ُّ‬
‫حات! ولذلِ َك‬ ‫َّعليقات واملقرت ِ‬
‫َ‬
‫ِ‬ ‫بحكمة مع ِ‬
‫هذه الت‬ ‫ٍ‬ ‫َّعامل‬ ‫ِ‬
‫األحيان يف الت ِ‬ ‫ِم َن‬
‫ور املتب ِّق َي ِة التِي يعانيِ‬
‫القص ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اإلقرار بمسؤول َّيتي عن مناحي ُ‬ ‫سوى‬ ‫ِ‬
‫ال يمكنني َ‬
‫ُ‬
‫الكتاب‪.‬‬
‫ُ‬ ‫منها‬

‫حص ْل ُت‬ ‫ِ‬ ‫الش ِ‬


‫تظهر هبذا َّ‬ ‫راس ِة ْ‬ ‫ِ ِ‬
‫ادر التي َ‬ ‫املص ُ‬
‫كل لوال َ‬ ‫َ‬ ‫أن‬ ‫ومل ْ يك ْن هلذه الدِّ َ‬
‫ون فيها بتوفِ ِريها‬
‫مون عليها والعام ُل َ‬
‫تكرم الق ِّي َ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫عليها م َن املكتبات اآلت َية التي َّ‬
‫يل‪:‬‬

‫ات الشرَّ ِق َّي ِة‪ ،‬واملكت َب ِة‬ ‫مكتب ِة جامع ِة كامربج‪ ،‬ومكتب ِة قس ِم الدِّ راس ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫بريوت‪،‬‬ ‫َ‬ ‫الربيطانِ َّي ِة‪ ،‬ومكت َبة (جافت ـ ‪ )Jafet‬يف اجلام َعة األمريك َّية يف‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫واألفريق َّي ِة‪،‬‬
‫ِ‬ ‫ات الشرَّ ِق َّي ِة‬
‫لندن للدِّ راس ِ‬ ‫ومكت َب ِة ك ِّل َّي ِة‬
‫ومؤس َسة اإلرث ال َّثقافيِ ِّ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫عاص َم ِة‬ ‫الربوسيِ ‪ ،‬ومكتب ِة جامع ِة برنستن‪ ،‬ومكتب ِة جسرت بيتِي يف دبلن ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ِّ‬
‫إيرلندا‪.‬‬

‫لبعض ِم ْن‬
‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫وتقديري‬ ‫وافر ِ‬
‫شكري‬ ‫وال يس َعنِي يف اخلتا ِم إلاَّ التَّعبري عن ِ‬
‫ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫أفراد العائ َل ِة‬
‫ِ‬
‫وهم‪:‬‬ ‫بني الذي َن استم َت ْع ُت بكر ِم ضيافتهم‪ُ ،‬‬
‫املقر َ‬
‫واألصدقاء َّ‬ ‫ْ‬
‫صلتي)‪.‬‬
‫ٌّ‬ ‫رشيف) و (نرسي ُن‬
‫ٌ‬ ‫ُ‬
‫(مالك‬ ‫وهيب) و‬
‫الر ُ‬ ‫ُ‬
‫(مروان ُّ‬ ‫وهيب) و‬
‫الر ُ‬ ‫(منَى ُّ‬
‫(سمري طرابلسيِ ِّ )‬
‫ٍ‬ ‫جر ٍار) و‬
‫(ماهر َّ‬
‫َ‬ ‫كل ِم ْن‬ ‫ول إىل ٍّ‬ ‫موص ٌ‬
‫ُ‬ ‫كر‬ ‫ّ‬
‫والش ُ‬
‫خروا جهد ًا يف مساعدَ تيِ يف‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫َ‬ ‫ٍ‬ ‫َ‬
‫(آمال غزال) الذي َن مل ْ يدَّ ُ‬ ‫(سليامن مراد) و‬ ‫و‬
‫ِ‬
‫بالوسائل‬ ‫احلص ُ‬
‫ول عليها‬ ‫ٍ‬
‫ونسخ م ْن خمطوطات َّ‬
‫يتعذ ُر‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ول عىل ٍ‬
‫كتب‬ ‫احلص ِ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫َّقليدية‪ِ.‬‬
‫الت ِ‬
‫َّ‬
‫ول كذلِ َك إىل (مانجا كلمنسك ـ ‪)Manja Klemenčič‬‬ ‫موص ٌ‬
‫كر ُ‬ ‫والش ُ‬ ‫ّ‬
‫معي‪ ،‬وكذلِ َك إىل ِ‬
‫والد َّي عىل ِّ‬
‫كل ما قدَّ ماه يل‪.‬‬ ‫لدعمها وص ِربها ِ‬
‫ِ‬
‫َ‬
‫املقد َم ُة‬
‫َّ‬
‫جرى ِم ْن خاللهِ ا‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫راس ُة احلال َّي ُة حماو َل ًة إلعادة بناء ال َّطري َقة التي َ‬ ‫ف الدِّ َ‬ ‫تؤ ِّل ُ‬
‫ِ‬
‫األوسط‬ ‫وتقييمها يف الشرَّ ِق‬ ‫كر َّي ِة‬ ‫املثل َّي ِة َّ‬
‫الذ ِ‬ ‫واملشاعر ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫لوكات‬ ‫الس‬
‫ُ‬ ‫تص ُّو ُر ُّ‬ ‫َ‬
‫القرن السادس عشرَ إىل هنايةِ‬ ‫ِ‬ ‫احلقبة املمتدَّ ِة ِمن بدايةِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫العربيِ ِّ ‪ -‬اإلسالم ِّي يف‬
‫َ‬ ‫َّ َ‬ ‫ْ‬
‫القرون التِي سب َق ْت‬‫ِ‬ ‫ني (‪ )1800-1500‬أي‬ ‫ِ‬
‫امليالد َّي ِ‬ ‫ِ‬
‫القرن ال َّثام َن عشرَ َ‬
‫قافة الغربِ َّي ِة‬
‫َّغريب (أي استيعاب ال َّث ِ‬
‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫َّحديث ومرحل َة الت‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫بدايات الت‬ ‫ارش ًة‬
‫ُم َب َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َّاسع عشرَ َ ‪.‬‬‫ونرش سامتهِ ا وفك َِرها) يف القرن الت َ‬ ‫ُ‬
‫حول مسألت ِ‬
‫َني مها‪:‬‬ ‫راس ُة َ‬
‫تطرحها الدِّ َ‬
‫ُ‬ ‫ئيس ُة التِي‬
‫الر َ‬
‫وتتمحور الفكر ُة َّ‬
‫ُ‬
‫املثل َّي ِة يف‬
‫اإلسالمي ِة أو ـ افتقارها ‪ِ -‬من م ْفهو ِم ِ‬
‫ْ َ ُ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬
‫ِ‬ ‫قافة العربِ َّي ِة‬
‫أوالً‪ :‬خلو ال َّث ِ‬
‫ُّ‬ ‫َّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫مطل ِع حقبة التَّحديث‪.‬‬

‫نحو مجي ِع‬ ‫ِ‬ ‫الكتابات ِمن ِ‬ ‫ِ‬ ‫ثانِي ًا‪َّ :‬‬
‫املوقف ذا َت ُه َ‬
‫َ‬ ‫تعكس‬
‫ُ‬ ‫احلقبة‪ ،‬ال‬ ‫هذه‬ ‫ْ‬ ‫أن‬
‫ِ‬
‫الوقت‬ ‫ِ‬
‫اجلنس َّي َة» يف‬ ‫ِ‬
‫«املثل َّي َة‬ ‫رج ُح ا َمل ُيل إىل تسميتِ ِه‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫املتضمنَة فيام ُي َّ‬
‫َّ‬ ‫اجلوانب‬
‫ِ‬
‫احلارض‪.‬‬

‫احلاسم ِة التِي تساعدُ نا يف‬


‫َ‬ ‫ِ‬
‫العوامل‬ ‫وتقدير ُه أحدَ‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫اجلانب‬ ‫فهم هذا‬ ‫و ُيعدُّ ُ‬
‫ِ‬
‫قبل احلديث‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫املواقف إزا َء املثل َّية اجلنس َّية يف العالمَ ِ العربيِ ِّ اإلسالم ِّي ما َ‬ ‫فه ِم‬

‫اجلنس َّي ِة؟‪:‬‬


‫ِ‬ ‫املثل َّي ِة‬
‫هل ثم َة تسامح مع ِ‬
‫ٌ‬ ‫َّ‬
‫اإل ْسال ِم ِّي‬ ‫ال ال َع َر ِب ِّي ِ‬ ‫جل ْن ِس َّي ِة يِف ال َع مَ ِ‬ ‫َما َق ْب َل امل ِْثلِ َّي ِة ا ِ‬ ‫‪34‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫املبكر ِة (‪ 1516‬ـ ‪1798‬م)‬ ‫َ‬ ‫احلقبة العثامنِ َّي ِة‬


‫ِ‬ ‫األدب العربيِ ُّ يف‬
‫ُ‬ ‫ُّ‬
‫يكتظ‬
‫احلب املثليِ ِّ ‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫بعض م َن األحيان متعاط َفة ـ إىل ِّ‬
‫ٍ ِ‬ ‫عابر ٍة ـ ويف‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫بإشارات وإملاعات َ‬
‫فات‬‫عر َّي ِة واملؤ َّل ُ‬ ‫الش ِ‬ ‫املنتخ ِ‬
‫بات ِّ‬ ‫َ‬ ‫وكتب‬
‫ُ‬ ‫كتب الترَّ اج ِم والدَّ واوي ُن‬‫وتروي ُ‬ ‫ِ‬
‫إشارة أو‬ ‫ٍ‬ ‫دون أ َّي ِة‬
‫ِ‬ ‫تروي ‪ِ -‬م ْن‬‫نيوي‪ِ ...‬‬ ‫األدبِ َّي ُة التِي تناو َل ْت‬
‫احلب الدُّ َّ‬
‫َّ‬
‫احلب ا ِّللواطِ َّي ِة‬
‫ِّ‬
‫ِ‬
‫عالقات‬ ‫الكثري عن‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫االستهجان ‪-‬‬ ‫الر ِ‬
‫فض أو‬ ‫ينم عن َّ‬
‫ٍ‬
‫موقف ُّ‬
‫وم َن‬ ‫وأفراد ِمن ع ِّلي ِة القو ِم ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫ورجال ٍ‬
‫دين‬ ‫(‪ )pederast‬لشعرا َء ِ‬
‫بارزي َن‬
‫ْ َّ‬
‫ياس َّي ِة‪.‬‬
‫ُّخب الس ِ‬
‫الن ِ ِّ‬
‫أكثر ُه ‪-‬‬
‫إن مل ْ يك ْن َ‬ ‫املدو ِن ‪ْ -‬‬
‫َّ‬ ‫بأس به ِم َن ِّ‬
‫الش ِ‬
‫عر الغزليِ ّ‬ ‫ويمتاز جز ٌء ال َ‬
‫ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫يص ِّو ُر‬ ‫وتوج ِهه‪َ ،‬‬
‫فهو َ‬ ‫ُّ‬ ‫وص َل إلينا م ْن هذه احلقبة أ َّن ُه لواط ٌّي يف نربته‬ ‫الذي َ‬
‫ٍ (‪)1‬‬ ‫شاعر ٍ‬
‫ٍ‬
‫ذكر بال ٍغ عاد ًة وتت ُّي َم ُه بغال ٍم َصغري‪.‬‬ ‫هيا َم‬
‫  مهم ودقيق!‬ ‫ّ‬ ‫(((‬
‫تم إبداهلا بكلمة‬ ‫فقد‬ ‫وأشكاهلا‬ ‫صيغها‬ ‫بكل‬‫ّ‬ ‫الكتاب‬ ‫يف‬ ‫)‬‫ي‬ ‫حيث وردت كلمة ( ُلوطِ‬
‫ّ‬ ‫ٌّ‬
‫ّبي لوط‬ ‫«لوطي» باقرتاهنا بياء النّسبة تعني االنتساب إىل الن ّ‬ ‫ّ‬ ‫أن كلمة‬‫(لِواطِ ٌّي) ذلك ّ‬
‫ّبي‬
‫فإن يف ذلك إساءة عظيمة للن ّ‬ ‫ملثيل اجلنس‪ّ ،‬‬ ‫الكلمة نعت ّ‬ ‫السالم‪ ،‬وحيث ّ‬
‫أن‬ ‫عليه ّ‬
‫الصحيح استعامل مصدر‬ ‫ِ‬
‫السالم ـ حتّى لغو ّيا ه َي تسمية غري صحيحة ـ إذ ّ‬ ‫لوط عليه ّ‬
‫الفعل (الط) وهو ( َل ْو ٌط) الذي يعني االلتصاق‪ ،‬فـ «الط» بالشيّ ء أي التصق به‪ .‬أ ّما‬
‫قولنا‪( :‬لواط) فاأللف للمشاركة لتعني الكلمة القيام بفعل ا ِّللواط‪.‬‬
‫لألسف مل ْ ينتبه علامء الدين املسلمون هلذه املسألة‪ ،‬ومضوا يف وصف مثل ّيي اجلنس‬
‫بـ (ا ّللوط ّيني)؛ حتّى أصحاب املعاجم وقعوا يف هذا!‬
‫لوطي من يعمل عمل قوم لوط (ا ّللواط) عمل قوم‬ ‫ّ‬ ‫جاء يف املعجم الوسيط‪[ :‬ا ّل‬
‫الرجل يأيت‬ ‫الذكر ّ‬ ‫اجلنيس]‪ .‬وكان ح ّقه أن يقول‪ّ :‬‬ ‫ّ‬ ‫الشذوذ‬ ‫لوط‪ ،‬وهو رضب من ّ‬
‫الذكران‪.‬‬ ‫ّ‬
‫فكذبوه وأحدثوا ما‬ ‫ويف لسان العرب‪[ :‬قال ا ّلليث‪ :‬لوط كان نب ّيا بعثه اهلل إىل قومه ّ‬
‫عل قومه]‪.‬‬‫فاشتق النّاس من اسمه فعال ملن ف َع َل فِ َ‬ ‫ّ‬ ‫أحدثوا‪،‬‬
‫(فاشتق النّاس‪ )...‬أي عا ّمتهم‪ ،‬وإذا بالعلامء‬ ‫ّ‬ ‫مدعو للوقوف طويال عىل مجلة‬ ‫ّ‬ ‫وأنت‬
‫سمي لوط لوطا ـ كام هو معلوم ـ ّ‬
‫ألن ح ّبه‬ ‫ّ‬ ‫ّام‬
‫ن‬ ‫وإ‬ ‫االشتقاق!‬ ‫فبئس‬ ‫تهم؛‬ ‫ّ‬
‫ل‬ ‫ز‬ ‫ون‬ ‫يز ّل‬
‫ّبي إبراهيم عليه‌‬ ‫‌السالم أي تع ّلق به ولصق‪ ،‬وكان الن ّ‬ ‫(الط) بقلب إبراهيم عليه ّ‬
‫السالم حي ّبه ح ّبا شديدا‪.‬‬ ‫ّ‬
‫السالم يف الكتاب املقدّ س ليس نب ّي ًا وال رسوال‪ ،‬وإنّام هو‬ ‫أن لوط ًا عليه ّ‬ ‫يشار إىل ّ‬
‫يسم املثل ّية اجلنس ّية‬‫إن الكتاب املقدّ س (بعهديه القديم واجلديد) مل ْ ّ‬ ‫بار) كام ّ‬ ‫(رجل ٌّ‬‫ٌ‬
‫‪35‬‬ ‫املقدمة‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ِ‬
‫للعشق‬ ‫موضوع َا ِ‬
‫مالئ ًام‬ ‫ؤال «هل يم ِّث ُل األ ْم َر ُد(‪ )1‬أو ا ُمل ْع ِذ ُر ُ‬
‫الس ُ‬ ‫ويؤ ِّل ُ‬
‫ف ُّ‬
‫نقاش [وجدال]‬‫ٍ‬ ‫حمل‬ ‫الشائ َع ِة التِي كان ْ‬
‫َت َّ‬ ‫وعات َّ‬‫ِ‬ ‫املوض‬
‫ُ‬ ‫والتَّت ُّي ِم واهليا ِم؟» أحدَ‬
‫ِ‬
‫األدب‪.‬‬ ‫ِ‬
‫ورجال‬ ‫الش ِ‬
‫عراء‬ ‫بني ُّ‬ ‫َ‬
‫يعززها‬ ‫مثل ِ‬
‫هذه ما ِّ‬ ‫فات ُ‬ ‫كتابات ومؤ َّل ٌ‬ ‫الصور ُة العا َّم ُة التِي تقدِّ ُمها‬
‫ٌ‬ ‫وجتدُ ُّ‬
‫ِ‬
‫احلقبة‪،‬‬ ‫الذين زاروا املنط َق َة يف ِ‬
‫هذه‬ ‫ني ِ‬ ‫الة األورو ِّب ِّي َ‬ ‫روايات الرح ِ‬
‫ِ‬ ‫ويدعمها يف‬
‫َ ُ‬ ‫َّ َّ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫املوضوعِ‪ ،‬فبينَام‬
‫ُ‬ ‫الر َّحالة إزا َء هذا‬ ‫وم ْن ناف َلة القول تباي ُن مواقف هؤالء َّ‬
‫ٍ‬ ‫ون حل ُظوا‬ ‫آخر َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫بدهشة أو‬ ‫الصمت‪ ،‬خال َف ُهم يف ذل َك ُ‬ ‫منهم التزا َم َّ‬ ‫الكثري ُ‬‫ُ‬ ‫آثر‬
‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫زاروها عن‬ ‫الرجال م ْن سكَّان املناطق التي ُ‬ ‫تور ِع ِّ‬ ‫اشمئزاز ـ يف العادة ـ عد َم ُّ‬
‫لامن‪ )2(.‬فقدْ َ‬
‫حلظ‬ ‫الغ ِ‬‫اش ٍة نحو ِ‬ ‫مشاعر ج َّي َ‬ ‫يعتمل يف قلوهبِم ِم ْن‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬
‫استعراض ما‬
‫َ‬ ‫َ‬

‫للذكر أو املرأة‬ ‫الذكر ّ‬ ‫املثيل (لوط ّيا) واقترص عىل وصفها بـ (مضاجعة ّ‬ ‫(لواطا) وال ّ‬
‫الرسول بولس يف رسالته األوىل إىل‬ ‫ينّ ّ‬ ‫ب‬ ‫و‬ ‫فحشاء)‬ ‫ـ‬ ‫الطبيعة‬ ‫خالف‬ ‫للمرأة ـ ٌ‬
‫فعل‬
‫الذكور ممّن ال يرثون ملكوت اهلل‪.‬‬ ‫أن مضاجعي ّ‬ ‫أهل كورنثوس (‪ 9 :6‬ـ ‪ّ )10‬‬
‫ويف رسالته إىل أهل رومية (‪ 26 :1‬ـ ‪ )27‬عن املثل ّيني‪:‬‬
‫بيعي بالذي عىل‬ ‫ألن إناثهم استبدلن االستعامل ال ّط ّ‬ ‫لذلك أسلمهم اهلل إىل اهلوان‪ّ ،‬‬
‫الطبيعي‪ ،‬اشتغلوا‬
‫ّ‬ ‫األنثى‬ ‫استعامل‬ ‫تاركني‬ ‫ً‬
‫ا‬ ‫أيض‬ ‫خالف ال ّطبيعة‪ ،‬وكذلك ّ‬
‫الذكور‬
‫بشهوهتم بعضهم لبعض فاعلني الفحشاء ذكور ًا بذكور‪ ،‬ونائلني يف أنفسهم جزاء‬
‫ضالهلم ا َمل ْح َق‪.‬‬
‫ويف سفر ا ّلالو ّيني (‪ :)22 :18‬ال تضاجع ذكر ًا مضاجعة امرأة‪.‬‬
‫لغوي)‪.‬‬
‫ّ‬ ‫(املقوم ا ّل‬
‫ّ‬ ‫وألن للموضوع صلة وثيقة با ّللغة‪ ،‬فقد ذكرت ما ذكرت‪.‬‬ ‫ّ‬
‫وطر شاربه ومل تنبت حليته‪ ،‬وهو نقاء‬ ‫اب الذي بلغ خروج شعر وجهه ّ‬ ‫(((   األمرد هو ّ‬
‫الش ّ‬
‫الشعر‪ ،‬وقيل مرد الغالم مردا إذا أبطأ نبات وجهه‪.‬‬ ‫اخلدّ ين من ّ‬
‫رق شعره‬ ‫وثمة ألفاظ تتّصل به مثل «األجرد» وهو من ال شعر عىل جسده‪ ،‬أو الذي ّ‬ ‫ّ‬
‫وقرص؛ واملراهق‪ ،‬وهو غالم قارب االحتالم ومل حيتلم بعد‪ ،‬وعادة ما يكون املراد‬
‫أمردا مل ْ تنبت حليته بعد‪( .‬املرتمجة)‪.‬‬
‫(((   برينارد‪ ،‬الرشق يف القرن السادس عرش‪200 ،‬؛ رايكوت‪ ،‬الوضع احلايل يف‬
‫اإلمرباطورية العثامنية‪34-33 ،‬؛ بكنغهام‪ ،‬رحالت يف اشور وميديا وبالد فارس‪،‬‬
‫‪ 149 :1‬وما يليها‪( .‬تُقسم بالد امليديني عىل ثالثة أقسام‪ ،‬هي‪ )1( :‬ميديا أتروﭘاتني‬
‫وحيتوي حالي ًا عىل كل من اذربيجان وكردستان‪ ،‬و(‪ )2‬ميديا الصغرى وتضم بعض‬
‫املناطق املتموجة التي تقع بني سلسلتني جبليتني اتصلتا بجبال البورز التي متتد من‬
‫اجلنوب نحو بحر قزوين‪ ،‬و(‪ )3‬وميديا بارتيكانا وهي املنطقة الواقعة بني سلسلتني‬
‫اإل ْسال ِم ِّي‬ ‫ال ال َع َر ِب ِّي ِ‬ ‫جل ْن ِس َّي ِة يِف ال َع مَ ِ‬ ‫َما َق ْب َل امل ِْثلِ َّي ِة ا ِ‬ ‫‪36‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫البح ُار الربيطانيِ ُّ (جوزيف بتس ـ ‪ 1663( )Joseph Pitts‬ـ ‪1735‬م)‬ ‫َّ‬
‫كعبد يف اجلزائرِ‬ ‫بعمر الرابع َة أو اخلامس َة عشرْ ةَ؛ ثم بيع ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫األرس‬ ‫وقع يف‬ ‫ِ‬
‫َّ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ َ‬ ‫الذي َ‬
‫حلظ َّ‬
‫أن‬ ‫ِ‬
‫املثال؛ َ‬ ‫ِ‬
‫سبيل‬ ‫مخس َة عشرَ َ عام ًا يف‬ ‫يف عا ِم (‪1678‬م)‬
‫ليهرب بعدَ َ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫عاقب عليها بين َُهم‪ ،‬بل َّ‬ ‫(خطي َئ َة ا ِّل ِ‬
‫باألفعال‬ ‫َّفاخر‬
‫إن الت َ‬ ‫الشني َع َة مل ْ تك ْن ُي ُ‬
‫لواط َّ‬
‫حب‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫كان جزء ًا ِم ْن خطابهِ ِم‬ ‫املقر َف ِة ِم ْن هذا النَّو ِع َ‬
‫الوقوع يف ِّ‬
‫ُ‬ ‫وكان‬ ‫املعتاد!‬ ‫َ‬
‫االرتباط بعالقةِ‬
‫ُ‬ ‫يشيع‬ ‫ني] مث َلام‬
‫بني اجلزائر ِّي َ‬
‫الرجال [أي َ‬‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الصبيان شائع ًا َ‬
‫ُ‬ ‫بني ِّ‬ ‫ِّ‬
‫ِ‬
‫حب مع النِّساء هنا يف إنكلرتا)‪.‬‬
‫(‪)1‬‬
‫ٍّ‬
‫الر َّحال ُة الفرنسيِ ُّ (تشارلس ‪ -‬نيكوالس سيغسبريت سونني‬ ‫كام قدَّ م َّ‬
‫ـ ‪1812-1751( )Charles-Nicholas Sigisbert Sonnini‬م)‬
‫نني املمتدَّ ِة ِم ْن عا ِم (‪1777‬م) إىل عا ِم (‪1780‬م)‬ ‫الس َ‬ ‫زار مصرْ َ يف ِّ‬ ‫الذي َ‬
‫ِ‬
‫بخالف ال َّط ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ملحو َظ ًة مماث َل ًة‪ ،‬إذ َ‬
‫بيعة‪...‬‬ ‫تبعث العاط َف ُة التي ُ‬
‫تقع‬ ‫ُ‬ ‫قال‪:‬‬
‫القديم ِة؛‬
‫َ‬ ‫ِ‬
‫احلقب‬ ‫ِ‬
‫والفرس يف‬ ‫ِ‬
‫باإلغريق‬ ‫العار‬
‫َ‬ ‫والشهو ُة اجلاحم َ ُة التِي أحل َق ْت‬ ‫َّ‬
‫نص َف ًة ُ‬ ‫ٍ‬ ‫َ‬
‫نقول‪ :‬إنهَّ ا‬ ‫أكثر َ‬ ‫استعامل كلمة َ‬ ‫ور‪ ،‬أو إذا أر ْدنا‬ ‫تبعث املتع َة والسرُّ َ‬‫ُ‬
‫األشعار واألغانيِ َ الغزلِ َّي َة‬‫َ‬ ‫ني؛ وكام َّ‬
‫أن‬ ‫بني املصرْ ِ ِّي َ‬ ‫ِ‬
‫األفعال َ‬ ‫انتشار ِ‬
‫قبيح‬ ‫َ‬ ‫تعكس‬
‫ُ‬
‫لمسات‬ ‫ِ‬
‫حول النِّساء؛ مل ْ تك ْن ا َّل‬ ‫تدور َ‬ ‫ون يؤ ِّل ُفونهَ ا‪ ،‬مل ْ تك ْن‬ ‫التِي َ‬
‫كان املصرْ ِ ُّي َ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫تلهب‬
‫ُ‬ ‫أخرى خمتل َف ٌة متام ًا‬ ‫وعات َ‬ ‫ٌ‬ ‫ثم َة ُ‬
‫موض‬ ‫ُغدق عليه َّن؛ إنَّام َّ‬ ‫َّاعم ُة ت ُ‬
‫الرقي َق ُة الن َ‬ ‫َّ‬
‫(‪)2‬‬
‫محاست َُهم [أي محاس َة املصرْ ِ ِّي َ‬
‫ني])‪.‬‬
‫ِ‬
‫واحلذر يف‬ ‫توخي الدِّ َق ِة‬
‫ور ُة ِّ‬
‫هن ضرَ َ‬ ‫الذ ِ‬
‫تتبادر إىل ِّ‬
‫ُ‬ ‫وكام هو متو َّق ٌع‪ ،‬قد‬
‫ِ‬
‫املعتاد‪.‬‬ ‫متعصبِ َ‬
‫ني يف‬ ‫أجانب‬ ‫هذه صادر ٍة ِمن رح ٍ‬
‫الة‬ ‫مثل ِ‬ ‫ٍ‬
‫شهادات ِ‬ ‫الت ِ‬
‫َّعامل مع‬
‫ِّ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ْ َّ‬

‫من اجلبال تبدأ بجبال رود وتلتقيان يف النهاية بجبال زاﮔروس ويمر هبام هنر زودك‪.‬‬
‫املصدر‪ :‬سامي سعيد األمحد ومجال رشيد أمحد‪ ،‬تاريخ الرشق القديم‪ ،‬بغداد‪ ،‬مطبعة‬
‫التعليم العايل‪[ )365-364 ،1988 ،‬املرتمجة]‪.‬‬
‫حممد صلىّ اهلل عليه وس ّلم]‬
‫ّبي ّ‬
‫املحمد ّيني [نسبة إىل الن ّ‬
‫ّ‬ ‫(((    «بتس» رواية صادقة عن دين‬
‫وعاداهتم (‪.)26‬‬
‫والسفىل (‪.)252-252 :1‬‬ ‫((( سونني‪ ،‬رحالت يف مرص العليا ّ‬
‫‪37‬‬ ‫املقدمة‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ني‬ ‫ِ‬
‫املسلم َ‬ ‫الر َّحال َة‬ ‫ِ‬
‫حقيقة َّ‬ ‫ِ‬ ‫أن ِ‬ ‫(‪ )1‬إلاَّ َّ‬
‫أن َّ‬ ‫يدعمها يف‬
‫ُ‬ ‫عاءات جتدُ ما‬ ‫هذه اال ِّد‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َّاسع عشرَ َ ‪،‬‬ ‫األو ِل م َن القرن الت َ‬ ‫اكتشاف أورو َّبا» يف الن ِّْصف َّ‬ ‫َ‬ ‫الذي َن «أعا ُدوا‬
‫الص َ‬
‫بيان‬ ‫ني] ال يغاز ُل َ‬ ‫الر َ‬ ‫ِ‬
‫لالنتباه‪ ،‬هو َّ‬ ‫حل ُظوا أمر ًا الفت ًا‬
‫ون ِّ‬ ‫جال [األورو ِّب ِّي َ‬ ‫أن ِّ‬
‫ِ‬
‫باريس عا َم‬ ‫َ‬ ‫الص َّف ُار) الذي َ‬
‫زار‬ ‫(حممدُ َّ‬‫الباحث املغربيِ ٌّ َّ‬
‫ُ‬ ‫كتب‬
‫يمدحونهَ ُم؛ إذ َ‬ ‫ُ‬ ‫أو‬
‫ون‪،‬‬ ‫جال األورو ِّب ُّي َ‬ ‫الر ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫سبيل املثال قائالً‪( :‬ال يتو َّد ُد ِّ‬ ‫(‪ 1845‬ـ ‪1846‬م) يف‬
‫ني إىل ِ‬ ‫ِ‬
‫الغ ِ‬
‫لامن‬ ‫غري م َّيالِ َ‬ ‫سوى النِّساء‪ ،‬ألنهَّ ُم ُ‬ ‫ون أحد ًا َ‬ ‫ون أو يغاز ُل َ‬ ‫وال يغر ُم َ‬
‫ال مستق َبح ًا وشائن ًا‬ ‫ون ذلِ َك فع ً‬ ‫مقتبل حيواتهِ ِم‪ ،‬بل إنهَّ ُم يعدُّ َ‬ ‫ِ‬ ‫ان يف‬‫الشب ِ‬
‫أو ُّ َّ‬
‫ِ (‪)2‬‬
‫للغاية)‪.‬‬

‫هطاوي)‬
‫ُّ‬ ‫الكاتب املصرْ ِ ُّي (رفاع ُة ال َّط‬
‫ُ‬ ‫ار) َ‬
‫حلظ‬ ‫(الص َّف ِ‬
‫َّ‬ ‫وزياد ًة عىل‬
‫باريس للمدَّ ِة ِم ْن عا ِم (‪1826‬م) إىل عا ِم‬ ‫َ‬ ‫الذي َ‬
‫كان يف‬ ‫(‪ 1801‬ـ ‪1873‬م) ِ‬
‫وجمتم ِع ِهم قائالً‪:‬‬
‫َ‬ ‫ني‬ ‫ِ‬
‫الفرنس ِّي َ‬ ‫(‪1831‬م) عىل‬
‫ِ‬
‫العرب عد ُم‬ ‫بيه ِة حقيق ًة بطبا ِع‬
‫الش َ‬
‫ِ‬
‫طباع ِهم َّ‬ ‫األمور املستحسن َِة يف‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫(وم َن‬
‫كر عندَ ُهم‪،‬‬ ‫أمر منسيِ ُّ ِّ‬
‫الذ ِ‬ ‫أصالً‪ ،‬فهذا ٌ‬ ‫َّشبيب هبِم ْ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫األحداث أو الت‬ ‫َم ِيل ِهم إىل‬
‫وأشعار ِهم أنهَّ ا تأ َبى ّ‬
‫تغز َل‬ ‫ِ‬ ‫حماسن لسانهِ ِم‬
‫ِ‬ ‫تأباه طبا ُعهم وأخال ُقهم؛ ِ‬
‫فم ْن‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫جل‪ :‬عش ْق ُت غالم ًا‪،‬‬ ‫الر ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الفرنساو َّية ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اجلنس بمثله‪ ،‬فال يحَْ ُس ُن يف ا ُّللغة‬ ‫ِ‬
‫قول َّ‬
‫ترجم أحدُ ُهم كتاب ًا‬‫َ‬ ‫وذ ا ُمل ْش ِك ِل‪ ،‬فلذلِ َك إذا‬
‫يكون ِمن الكال ِم املنب ِ‬
‫ُ‬ ‫ُ َ‬ ‫َّ‬
‫فإن هذا‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫اجلملة‪ :‬عش ْق ُت‬ ‫ترمجة َ‬
‫تلك‬ ‫ُ‬
‫فيقول يف‬ ‫آخر‪،‬‬
‫قلب الكال َم إىل وجه َ‬ ‫م ْن كتبِنا‪َ ،‬‬
‫ً (‪)3‬‬
‫غال َم ًة أو ذاتا)‪.‬‬
‫(((   تناول نبيل مطر هذه املسألة بإفاضة أكرب يف كتابه (األتراك واملغاربة واإلنكليز يف‬
‫الرابع‪.‬‬
‫عرص االستكشاف) الفصل ّ‬
‫مغريب يف فرنسا يف عام (‪)1846-1845‬‬ ‫الص ّفار (مواجهات ُمربكة‪ :‬رحالت ّ‬ ‫  حممد ّ‬
‫((( ّ‬
‫ترمجة وحترير وتقديم سوزان غلسن ميلر (‪.)161‬‬
‫هطاوي‪ ،‬ختليص اإلبريز يف تلخيص باريز‪ ،‬ص ‪78‬؛ استشهد دي هوبوود هبذا‬ ‫ّ‬ ‫(((   ال ّط‬
‫املقطع يف كتابة (جماهبات جنس ّية يف الشرّ ق األوسط) ‪ .247‬وقد استعنت برتمجته‬
‫مهها ترمجته مفردة العرب‬ ‫هلذا املقطع‪ ،‬ولكنّي أختلف معه يف بعض من النّقاط‪ ،‬أ ّ‬
‫هطاوي حرف ّيا إىل العرب (‪ )Arabs‬يف حني ارتأيت‬ ‫ّ‬ ‫(‪ )arab‬التي أوردها ال ّط‬
‫اإل ْسال ِم ِّي‬ ‫ال ال َع َر ِب ِّي ِ‬ ‫جل ْن ِس َّي ِة يِف ال َع مَ ِ‬ ‫َما َق ْب َل امل ِْثلِ َّي ِة ا ِ‬ ‫‪38‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ار) و (ال َّط ِ‬‫(الص َّف ِ‬ ‫ِ‬ ‫وتوحي الدَّ َ ِ‬ ‫ِ‬


‫هطاو ِّي) وعبرَّ ا‬ ‫رت ْت كلاَّ ً م َن َّ‬
‫هش ُة التي اع َ‬
‫كان فيها (التَّودد إىل الص ِ‬
‫بيان‬ ‫عات َ‬‫بقدوم ِهام ِمن جمتم ٍ‬
‫ِ‬ ‫كتابيهام؛ ِ‬
‫توحي‬ ‫ِ‬ ‫عنها يف‬
‫ِّ‬ ‫ُّ ُ‬ ‫ْ َ‬
‫ِ‬
‫تأليف (األغانيِ‬ ‫ِ‬
‫بقدر شيو ِع‬ ‫ب ِ‬
‫إليهم ومغاز َلت ُُهم) شائع ًا ومألوف ًا‬ ‫والتَّح ُّب ُ‬
‫الذ ِ‬
‫كور‪.‬‬ ‫العاطف َّي ِة) َّ‬
‫للش ِ‬
‫باب ُّ‬ ‫ِ‬

‫بوص ِفها‬ ‫ِ‬


‫مثل هذه ْ‬ ‫مقاطع ِ‬
‫َ‬ ‫يكون مغري ًا الن ُ‬
‫َّظر إىل‬ ‫ُ‬ ‫وبنا ًء عىل ذلِ َك‪ ،‬قد‬
‫أكثر د َّق ًة ‪ -‬ا ِّل ُ‬
‫لواط يف‬ ‫ٍ‬
‫بتعبري َ‬ ‫املثل َّي ِة ـ أو‬
‫ِّطاق إزاء ِ‬
‫َ‬
‫تسامح واس ِع الن ِ‬
‫ٍ‬ ‫دلي ً‬
‫ال عىل‬
‫َّاسع عشرَ َ ‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اإلسالم ِّي ما َ‬ ‫العاملِ‬
‫قبل القرن الت َ‬
‫طرح‬‫دراساتهِ ِم‪ ،‬إذ َ‬ ‫مثل هذا يف َ‬ ‫ون تفسري ًا َ‬ ‫ون احلداثِ ُّي َ‬ ‫املؤر ُخ َ‬
‫عرض ِّ‬ ‫وقدْ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫واملؤر ُخ األمريك ُّي (ڤرين ل‪ .‬بولو ـ ‪)Vern L. Bullough‬‬ ‫ِّ‬ ‫اجلنس‬ ‫عالمُ ُ‬
‫املجتم ِع‬
‫َ‬ ‫الرائدَ ِة (الت َُّّنو ُع اجلنسيِ ُّ يف‬ ‫ِ‬
‫املقارنَة َّ‬
‫َ‬ ‫(‪ 1926‬ـ ‪2006‬م) يف دراستِ ِه‬
‫املسيح َّي ِة‪ ،‬هو‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫بخالف‬ ‫إن اإلسال َم‬ ‫طرح رأي ًا ُ‬
‫يقول‪َّ :‬‬ ‫َّاريخ) (‪1976‬م) َ‬ ‫والت ِ‬
‫املثل َّي ِة‬
‫نطاق واس ٍع مع ِ‬ ‫ٍ‬ ‫َّسامح عىل‬ ‫ُ‬ ‫جيري الت‬ ‫كان ِ‬ ‫ِ‬
‫للجنس) وأ َّن ُه َ‬ ‫(مؤيدٌ‬
‫دي ٌن ِّ‬
‫(‪)1‬‬ ‫ِ‬
‫املسلمة يف القرون الوسطى‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫املجتمعات‬ ‫ِ‬
‫كور َّية) يف‬ ‫(الذ ِ‬
‫ُّ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫األمريك ُّي (جون بوزويل ـ ‪John‬‬ ‫ِ‬ ‫املؤر ُخ‬ ‫َ‬ ‫وعىل شاك َل ِة (بولو)‬
‫قارن ِّ‬
‫ِ‬
‫االجتامع ُّي‬ ‫ِ‬
‫(املسيح َّي ُة والت‬
‫َّسامح‬ ‫‪1994 -1947( )Boswell‬م) يف كتابِ ِه‬
‫ُ‬

‫ترمجتها إىل "البدو" يف (عجائب اآلثار يف الترّ اجم واألخبار) املعروف اختصارا بـ‬
‫يت (‪ )1825 1753-‬قبل جيل من‬ ‫الرمحن اجلرب ّ‬
‫يت) الذي كتبه عبد ّ‬ ‫(تاريخ اجلرب ّ‬
‫ٍ‬
‫واضح ال لبس فيه إىل‬ ‫ٍ‬
‫بنحو‬ ‫هطاوي إىل باريس‪ ،‬وتشري مفردة "العرب"‬ ‫ّ‬ ‫زيارة ال ّط‬
‫الرحل ال إىل العرب باملعنى احلديث للكلمة‪ .‬انظر (عجائب اآلثار)‪89 :2 ،‬‬ ‫البدو ّ‬
‫(السطر‬
‫ّ‬ ‫‪176‬‬ ‫‪:3‬‬ ‫طر‪،)9-8‬‬ ‫(الس‬
‫ّ‬ ‫‪173‬‬ ‫‪:3‬‬ ‫‪،)13‬‬ ‫طر‬ ‫(الس‬
‫ّ‬ ‫‪257‬‬ ‫‪:2‬‬ ‫‪،)33‬‬ ‫(السطر‬
‫ّ‬
‫يت يرغب يف متييز سكّان مرص النّاطقني بالعرب ّية من النّخب‬ ‫‪ .)8-7‬وحينام كان اجلرب ّ‬
‫العسكر ّية النّاطقة بالترّ ك ّية‪ ،‬فإنّه كان يستخدم "أوالد العرب أو أبناء العرب"‪ .‬انظر‬
‫(السطر ‪ .)32‬وبشأن الغياب‬ ‫(السطر ‪ّ 265 :4 ،)31‬‬ ‫(عجائب اآلثار) ‪ّ 248 :2‬‬
‫املزعوم للواط بني البدو مقابل شيوعه بني سكّان املدن‪ ،‬انظر بريكهارت‪ ،‬رحالت‬
‫يف اجلزيرة العرب ّية‪.1:364 ،‬‬
‫اجلنيس‪ ،‬الفصل التّاسع‪.‬‬
‫ّ‬ ‫((( بولو‪ ،‬الت ّّنوع‬
‫‪39‬‬ ‫املقدمة‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫هاب‬ ‫بني املناخِ ال َّثقافيِ ِّ الذي ط َغى عليه با ِّطراد ُر ُ‬ ‫اجلنس َّي ُة) (‪1980‬م) َ‬ ‫واملثل َّي ُة‬
‫كان يعدُّ ُه‬ ‫القرون الوس َطى؛ وما َ‬ ‫ِ‬ ‫ذوذ اجلنسيِ ِّ يف أورو َّبا يف‬ ‫الش ِ‬ ‫وكراه َي ُة ُّ‬ ‫ِ‬ ‫املثل َّي ِة‬
‫ِ‬
‫ون يف‬ ‫املختص َ‬
‫ُّ‬ ‫املسلم ِة‪ )1(.‬وقدْ قدَّ َم‬ ‫َ‬ ‫املثل َّي ِة يف إسبانيا‬ ‫ِّطاق مع ِ‬ ‫واسع الن ِ‬ ‫َ‬ ‫تساحم ًا‬
‫َت أكثر اهتامم ًا بالت ِ‬ ‫ِ‬
‫يل‬‫َّفاص ِ‬ ‫َ‬ ‫وإن كان ْ‬ ‫مزاعم مماث َل ًة‪ْ ،‬‬ ‫َ‬ ‫اإلسالم ِّي‬ ‫َّاريخ العربيِ ِّ‬ ‫الت ِ‬
‫اإلسالم َّي ِة‬
‫ِ‬ ‫األمريكي املختص يف الدِّ راس ِ‬
‫ات‬ ‫َ‬ ‫ُّ‬ ‫ُّ‬
‫ِ‬ ‫املؤر ُخ‬
‫ِّ‬ ‫كتب‬‫َ‬ ‫الدَّ قي َق ِة؛ إذ‬
‫(مارشال غودون سمز هودجسن ـ ‪Marshall Goodwin Simms‬‬
‫الوعي‬
‫ُ‬ ‫(مرشوع اإلسال ِم‪:‬‬ ‫ُ‬ ‫عمل ِه املؤ ِّث ِر‬ ‫‪1986 -1922( )Hodgson‬م) يف ِ‬
‫ِ‬
‫اإلسالم َّي َة‬ ‫تناول فيه احلضار َة‬ ‫َ‬ ‫الذي‬ ‫حضارة عاملِي ٍة) (‪1974‬م) ِ‬ ‫ٍ‬ ‫والت ُ‬
‫َّاريخ يف‬
‫َّ‬
‫إدانة الشرَّ ي َع ِة [الفقه]‬ ‫يقول‪( :‬إ َّنه عىل الرغ ِم ِمن ِ‬
‫ْ‬ ‫ُّ‬ ‫ُ‬ ‫كتب ُ‬ ‫يف القرون الوسطى؛ َ‬
‫ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫أن عالق َة الر ِ‬ ‫امر َس َة‪ ،‬إلاَّ َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫اجلنس َّي َة‬ ‫ني‬
‫البالغ َ‬ ‫جال‬ ‫ِّ‬ ‫اإلسالم َّية القو َّية ورفضها ا ُمل َ‬
‫ُ‬ ‫دوائر ال َّط ِ‬ ‫ِ‬ ‫َت مق ُبو َل ًة نسب َّي ًا يف‬ ‫غر سنَّ ًا كان ْ‬ ‫األص ِ‬ ‫ُّ ِ‬
‫بحيث مل ْ‬ ‫بقات العليا‪،‬‬ ‫بالش َّبان ْ‬
‫ِ‬ ‫بذل أي ٍ‬
‫وجودها‪...‬‬ ‫جهد للتَّك ُّت ِم عىل‬ ‫باألحرى مل ْ ُي ْ ُّ‬ ‫َ‬ ‫ُبذل اجلهو ُد الكاف َي ُة‪ ،‬أو‬ ‫ت ْ‬
‫(‪)2‬‬
‫عر الفارسيِ َّ )‪.‬‬ ‫الش ِ‬ ‫عر‪ ،‬الس َّيام َّ‬ ‫الش َ‬ ‫هذه الصرَّ ع ُة ِّ‬ ‫حتَّى دخ َل ْت ِ‬

‫ات الشرَّ ِق‬ ‫األمريكي املختص يف دراس ِ‬ ‫ِ‬ ‫نيِ‬


‫َ‬ ‫ُّ‬ ‫ُّ‬ ‫املؤر ُخ الربيطا ُّ‬ ‫طرح ِّ‬ ‫َ‬ ‫وقدْ‬
‫األوسط (برنارد لويس ـ ‪2016-1916( )Bernard Lewis‬م) الفكر َة‬ ‫ِ‬
‫قال‪( :‬تدي ُن‬ ‫بعيد) (‪2011‬م) إذ َ‬ ‫طبل ٍ‬ ‫أحدث كتبِ ِه (موسي َقى ِم ْن ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ذاتهَ ا يف‬
‫أزمان وأماك ُن يف‬ ‫ٌ‬ ‫ثم َة‬ ‫ِ‬
‫اجلنس َّي َة‬ ‫اإلسالمي ُة ِ‬
‫املثل َّي َة‬ ‫ِ‬ ‫الشرَّ ي َع ُة‬
‫وحتر ُمها‪ ،‬ولك ْن َّ‬ ‫ِّ‬ ‫َّ‬
‫الزنا‬ ‫قو ًة ِم ْن حتري ِم ِّ‬
‫بأكثر َّ‬
‫ِ ِ ِ‬
‫حتريم العالقة املثل َّية َ‬ ‫ُ‬ ‫اإلسالم ِّي مل ْ يك ْن فيها‬ ‫ِ‬ ‫الت ِ‬
‫َّاريخ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َت‬ ‫ابع عشرَ َ ؛ وكان ْ‬ ‫الس َ‬ ‫يف إيطاليا يف عصرْ ِ النَّهضة مثالً‪ ،‬أو فرنسا يف القرن َّ‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫بعض ِم َن‬
‫القصائد [العربِ َّية الكالسيك َّية والفارس َّية والترُّ ك َّية] صرَ َ‬
‫حي ًة‬ ‫َ‬ ‫ٌ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الشعراء أفر ُدوا يف دواوين ِهم أجزا ًء منفص َل ًة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫إن بعض ًا م َن ُّ‬ ‫يف مثل َّيتها؛ بل َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ِ (‪)3‬‬ ‫الذ ِ‬ ‫املوج َه ِة إىل ُّ‬ ‫خصصوها لقص ِ‬
‫كور أو اإلناث)‪.‬‬ ‫احلب َّ‬ ‫ِّ‬ ‫ائد‬ ‫َ‬ ‫َّ ُ‬
‫االجتامعي واملثل ّية‪.200-194 ،‬‬
‫ّ‬ ‫(((   بوزويل‪ ،‬املسيح ّية والتّسامح‬
‫(((   هودجسن‪ ،‬مرشوع اإلسالم‪.146 :2 ،‬‬
‫(((   لويس‪ ،‬موسيقى من طبل بعيد‪.26 ،‬‬
‫اإل ْسال ِم ِّي‬ ‫ال ال َع َر ِب ِّي ِ‬ ‫جل ْن ِس َّي ِة يِف ال َع مَ ِ‬ ‫َما َق ْب َل امل ِْثلِ َّي ِة ا ِ‬ ‫‪40‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫أن ما َ‬
‫كان‬ ‫كل ِم ْن (هودجسن) و (لويس) إىل َّ‬ ‫أملح ٌّ‬ ‫ِ‬
‫وزياد ًة عىل ذل َك‪َ ،‬‬
‫ِ‬ ‫بنحو علنِ ٍّي يف‬
‫ٍ‬
‫َت الشرَّ ي َع ُة اإلسالم َّي ُة ِّ‬
‫حتر ُم ُه‬ ‫املجتم ِع هو ما كان ْ‬
‫َ‬ ‫وينترش‬
‫ُ‬ ‫ينمو‬
‫أن أمت َّك َن ِم ْن‬ ‫آمل ْ‬ ‫مهم ُ‬‫أمر ٌّ‬ ‫ثم َة ٌ‬‫بب حتديد ًا‪َّ ،‬‬ ‫الس ِ‬ ‫وتدينُ ُه إدان ًة قطع َّي ًة؛ وهلذا َّ‬
‫الفرض َّي ِة عىل علاَّتهِ ا‪،‬‬
‫ِ‬ ‫الزع ِم أو‬ ‫تعذر ِ‬
‫قبول هذا َّ‬ ‫راسة‪ ،‬هو ُّ ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬
‫توضيحه يف هذه الدِّ َ‬
‫واملناقش ِ‬ ‫الكثري ِمن الدِّ راس ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫ات‪.‬‬ ‫َ‬ ‫ات‬ ‫َ‬ ‫ِ َ‬ ‫عميق يف‬ ‫تساؤل‬ ‫شك ُّ‬
‫وحمل‬ ‫موضع ٍّ‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫فه َي‬

‫بني‬‫اجلنس َّي ُة َ‬ ‫ِ‬ ‫اإلسالم َّي ُة حتري ًام قاطع ًا هو العالق ُة‬ ‫ِ‬ ‫حتر ُم ُه الشرَّ ي َع ُة‬ ‫َّ‬
‫إن ما ِّ‬
‫َّلميح إىل‬ ‫فإن هذا الت َ‬ ‫اإلتيان يف الدُّ ِبر‪ ،‬وبنا ًء عىل ذلِ َك‪َّ ،‬‬ ‫َ‬ ‫وخاص ًة‬
‫َّ‬ ‫جال‪،‬‬ ‫الر ِ‬
‫ِّ‬
‫ِ‬ ‫تصدي ُق ُه‪َّ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫غري رشع ٍّي ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫حدوث ات َِّصال ِ‬ ‫ِ‬
‫وإن الذي‬ ‫مثل هذا علن ًا‪ ،‬بالكاد يمك ُن ْ‬
‫سلوكات وأفعاالً حمدَّ َد ًة [موح َي ًة ر َّبام]‬ ‫ٍ‬ ‫وجيري علن ًا َ‬
‫كان‬ ‫ِ‬ ‫ف عنه‬ ‫كان ُيك َْش ُ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫طبيع َّي ًا‬ ‫األخرى‪ .‬وقدْ يبدُ و‬ ‫ِ‬
‫الوله والتَّت ُّي ِم‬ ‫ِ‬
‫وتعبريات‬ ‫مثل التُّو ُّد ِد واملغاز َل ِة‬ ‫َ‬
‫َ‬
‫بني ا ِّل ِ‬
‫لواط‬ ‫َّمييز القائ ِم َ‬ ‫يتغاضوا عن الت ِ‬ ‫َ‬ ‫ني ْ‬
‫أن‬ ‫ني احلداثِ ِّي َ‬ ‫للمؤر ِخ َ‬ ‫بالن ِ‬
‫ِّسبة‬
‫ِّ‬
‫الس ِّن‪،‬‬ ‫غري ِّ‬ ‫شاب َص ِ‬ ‫ٍّ‬ ‫احلب والول ِع بغال ٍم أو‬ ‫ِّ‬ ‫َّعبري عن شدَّ ِة‬ ‫وبني الت ِ‬ ‫لامن َ‬ ‫بالغ ِ‬ ‫ِ‬
‫اجلنس َّي ِة»‪ .‬إلاَّ‬
‫ِ‬ ‫«املثل َّي ِة‬
‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫ظهورات لـ‬ ‫بوص ِف ِهام‬
‫كليهام ْ‬ ‫ني ِ‬ ‫الفع َل ِ‬ ‫وأن يتحدَّ ثوا عن ِ‬ ‫ْ‬
‫إظهار ما تنطوي‬ ‫ِ‬ ‫َّحو ال يفيدُ سوى يف‬ ‫«املثل َّي ِة» عىل هذا الن ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّعامل مع‬‫أن الت َ‬ ‫َّ‬
‫حتقيقها الغاي َة ِم ْن استعاملهِ ا يف‬ ‫ِ‬ ‫تارخي َّي ٍة(‪ )1‬وعد ِم‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫مغالطة‬ ‫املفر َد ُة ِم ْن‬ ‫ِ‬
‫عليه هذه َ‬
‫ياق املحدَّ ِد‪.‬‬ ‫هذا الس ِ‬
‫ِّ‬
‫إن‬ ‫بالقاعدة التِي ُ‬
‫تقول‪َّ :‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫احلقبة‬ ‫ون يف ِ‬
‫هذه‬ ‫ِ‬
‫اإلسالم ُّي َ‬ ‫وقدْ التز َم الفقها ُء‬
‫إنسان‪ .‬ومع هذا‪،‬‬ ‫ٌ‬ ‫ِ‬ ‫صيِ‬
‫بني املعا التي قد يقرت ُفها‬ ‫األكثر بشاع ًة َ‬ ‫لواط هو‬ ‫ا ِّل َ‬
‫ُ‬
‫الذي يفيدُ َّ‬ ‫ون الرأي ِ‬
‫أن‬ ‫منهم مل ْ يكونُوا يؤ ِّيدُ َ َّ َ‬ ‫بأس به ُ‬ ‫أن قس ًام ال َ‬ ‫الح جل َّي ًا َّ‬ ‫َ‬
‫عر َ‬ ‫الش ِ‬ ‫ِ‬
‫كان ـ‬ ‫احلب يف ِّ‬
‫ِّ‬ ‫حب غال ٍم أو الت َ‬
‫َّعبري عن هذا النَّو ِع م َن‬ ‫الوقوع يف ِّ‬ ‫َ‬
‫أفرط العديدُ ِمن الفقهاءِ‬ ‫َ‬ ‫الس ِ‬
‫َ‬ ‫غري مرشوعٍ‪ .‬وقدْ‬‫بب حتديد ًا‪ ،‬محُ َ َّرم ًا أو َ‬ ‫هلذا َّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫مشاعرهم وهيام ِهم‪ .‬و ُيعدُّ ُ‬
‫املثال الذي‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫رب ِزي َن يف الواق ِع يف الت ِ‬
‫َّعبري علن ًا عن‬ ‫امل ِّ‬

‫إن يوليوس قيرص استخدم التّلفون أو ّ‬


‫إن نا ّبليون‬ ‫(((    املفارقة التّارخي ّية كأن تقول‪ّ :‬‬
‫الصحيح‪( .‬املرتمجة)‪.‬‬‫ّ‬ ‫زمانه‬ ‫غري‬ ‫يف‬ ‫حيدث‬ ‫أو‬ ‫يوضع‬ ‫بونابرت ركب طائرة؛ يشء‬
‫‪41‬‬ ‫املقدمة‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫الفها َم ُة]‬ ‫ِ‬


‫املجال‪ ،‬إذ َ‬ ‫ِ‬ ‫سنور ُد ُه حاالً‬
‫رب َّ‬‫عمل [العلاَّ م ُة احل ُ‬ ‫أنموذج َّي ًا يف هذا‬
‫الش ِ‬
‫رباو ُّي) ( ُتوفيِّ َ سن َة ‪1758‬م) شيخ ًا‬ ‫حمم ٍد َّ‬
‫الفقي ُه املصرْ ِ ُّي (عبدُ اهللِ ب ُن َّ‬
‫ِ‬
‫األكثر شهر ًة واألعىل شأن ًا يف العاملِ‬ ‫القاهرة ‪ -‬اجلام َع ِة‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫األزهر يف‬ ‫يف جام َع ِة‬
‫ني عام ًا‪.‬‬ ‫جتاوز ْت ال َّثالثِ َ‬
‫َ‬ ‫ِ‬
‫اإلسالم ِّي ‪ -‬مدَّ ًة‬
‫ٍ‬
‫وناثر‬ ‫كل ناظ ٍم‬ ‫(أفضل ِم ْن ِّ‬
‫ُ‬ ‫مفوه ًا بارع ًا‪َ ،‬‬
‫فهو‬ ‫رباوي) شاعر ًا َّ‬ ‫ُّ‬ ‫َ‬
‫كان َّ‬
‫(الش‬
‫الذي ع َّل َق عليه بعدَ‬ ‫ِ‬
‫الفقهاء ـ ِ‬ ‫بحسب ِ‬
‫أحد‬ ‫ِ‬ ‫َ‬
‫وكان ديوا ُن ُه ـ‬ ‫ٍ‬
‫وراو)‬ ‫ومدر ٍ‬
‫س‬ ‫ِّ‬
‫ِ (‪)1‬‬
‫بني النَّاس)‪.‬‬ ‫ِ‬
‫الصيت َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫جي َلني م ْن وفاة الفقيه‬
‫(ذائع ِّ‬ ‫َ‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫يص ِّو ُر‬
‫قصائد الدِّ يوان الذي َ‬ ‫بنحو متو َّق ٍع عىل َ‬ ‫عر الغزليِ ُّ‬ ‫ويغلب ِّ‬
‫الش ُ‬ ‫ُ‬
‫سبيل املثالِ‬
‫ِ‬ ‫ساطع يف‬ ‫األمر‬ ‫معشوق ًا ذكر ًا‪ .‬وهذا‬ ‫يح ُ‬ ‫بنحو واض ٍح وصرَ ٍ‬‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫أغل ُب ُه‬
‫ٌ‬ ‫ُ‬
‫املحبوب باإلشارةِ‬‫ِ‬ ‫ِ‬
‫جنس‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ال احلصرْ ِ يف القصيدة التَّال َية التي ال تكتفي بتحديد‬
‫وأكثر‬ ‫أوض َح‬
‫بنحو َ‬‫ٍ‬ ‫تكشف‬ ‫طر ال َّث ِ‬
‫الث‪ ،‬بل إنهَّ ا‬ ‫ائص «األ ْم َر ِد» يف ّ‬
‫الش ِ‬ ‫خص ِ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫إىل َ‬
‫ِ‬ ‫الس ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫(إبراهيم)‪:‬‬
‫ُ‬ ‫األخري‪ ،‬وهو‬ ‫طر‬ ‫صرَ اح ًة عن اسمه يف َّ‬
‫َ‬ ‫ســـي ِدي ِ‬
‫بالذي أمــدَّ َك باحلُ ْس ِ‬
‫هبجـــــــ ًة َ‬
‫وجــــــامال‬ ‫وأوالك َ‬ ‫ــن‬ ‫ِّ‬

‫ني ســحر ًا حالال‬ ‫ِ‬


‫للعاشــق َ‬ ‫أودع‬ ‫ِ‬
‫كســور جفنَيــــك قد‬ ‫ِ‬
‫والذي يف‬
‫َ‬
‫ُ‬
‫ــــاق فيه اجلـداال‬‫العش‬ ‫َ‬
‫أطال َّ‬ ‫قد‬ ‫ٍ‬
‫بشـــيء‬ ‫َ‬
‫وجنتيــك‬ ‫خص‬ ‫ِ‬
‫والذي َّ‬
‫ِ‬
‫ـــلو عنك محُ ــاال‬
‫والس َّ‬
‫ُّ‬ ‫الزمـــ ًا‬ ‫فرض ًا‬
‫َ‬ ‫ص ْل حم َّب ًا َيرى َّ‬
‫الصباب َة‬

‫ــــح َت الغـزاال‬‫فض‬ ‫ِ‬


‫وباجلـيد قد َ‬ ‫يا غـزاالً بل يا أج ُّـل ِ‬
‫وم ْن أيـ َن‬
‫ْ‬ ‫َ‬

‫القلـب زاد منها اشـــتعاال‬ ‫لكـ َّن‬ ‫نـــار َك بــر ٌد‬ ‫ِ‬
‫اخلليل‬ ‫يا س ِ‬
‫ـــم َّي‬
‫(*)‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬

‫رباوي‪ ،‬الدّ يوان‪ ،‬ص ‪.95‬‬


‫ّ‬ ‫[*] ّ‬
‫الش‬

‫اجلربيت‪ ،‬عجائب اآلثار يف الترّ اجم واألخبار‪.209 :1 ،‬‬


‫ّ‬ ‫الرمحن بن حسن‬
‫(((   عبد ّ‬
‫اإل ْسال ِم ِّي‬ ‫ال ال َع َر ِب ِّي ِ‬ ‫جل ْن ِس َّي ِة يِف ال َع مَ ِ‬ ‫َما َق ْب َل امل ِْثلِ َّي ِة ا ِ‬ ‫‪42‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫لغوي‪:‬‬
‫ّ‬ ‫املقوم ا ّل‬
‫إضافة ّ‬
‫الشوق أو ر ّقته وحرارته‪.‬‬
‫الصبابة‪ّ :‬‬
‫ـ ّ‬
‫والسلوان ما يسليك وينسيك‪.‬‬
‫لو‪ :‬نسيان املحبوب‪ُّ .‬‬
‫الس ّ‬
‫ـ ّ‬
‫ّبي إبراهيم اخلليل‪].‬‬
‫سمي اخلليل‪ :‬اسمه كاسم الن ّ‬
‫ّ‬ ‫ـ‬
‫*****‬
‫ٍ‬ ‫الش ِ‬ ‫أخرى تتحدَّ ُ‬ ‫ِ‬
‫شخص ُيد َعى‬ ‫عر يف خدَّ ي‬ ‫نمو َّ‬
‫ث عن ِّ‬ ‫وثم َة َقصيدَ ٌة َ‬
‫َّ‬
‫بالكلامت التَّاليةِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫(إبراهيم) يف عا ِم (‪1110‬هـ) (‪ 1699 -1698‬م) تنتهي‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫َ‬
‫تاريخ تأليفها رق ًام‪:‬‬ ‫التِي تبينِّ ُ‬
‫ْ‬
‫وانش�ــقاق‬ ‫انضـما ٍم‬ ‫بين‬
‫َ‬ ‫ال�ور ُد مـ�ا‬
‫َ‬ ‫خــ�دٌّ عليـــ�ه‬

‫ْ‬
‫ــ�اق‬ ‫يف‬ ‫من�ه‬ ‫البــ�در‬ ‫فأمس�ـى‬ ‫�ذار ب�ه‬ ‫ِ‬
‫محُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫�ت الع ُ‬
‫ن َب َ‬

‫ْ‬
‫س�ـاق‬ ‫حلس ِ‬
‫ْ�ن‬ ‫ا ُ‬ ‫َّ‬
‫كل‬ ‫وإلي�ه‬ ‫وب�ه حـــَ�وى َّ‬
‫كل ال َبــه�ا‬

‫ف��اق‬ ‫ِ‬
‫َّ���اس ْ‬ ‫مج��ي��ع ال���ن‬ ‫وب��ـ��ـ��ه‬ ‫بوجـه ِ‬
‫ـه‬ ‫ِ‬ ‫اس��ـ��ـ��ـ��ت��دار‬ ‫َّمل��ـ��ا‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫(*)‬ ‫ْ‬
‫راق‬ ‫إب��راه��ي��م‬ ‫ِ‬
‫وجــه‬ ‫يف‬ ‫الــربا‬ ‫زه��ـ��ـ��ر‬ ‫أرخ��ـ��ـ��ـ��اه‬
‫َ‬ ‫ُّ‬ ‫ُ‬

‫لغوي)‪.‬‬
‫ّ‬ ‫(املقوم ا ّل‬
‫ّ‬ ‫[*] املحاق‪ :‬القمر يف آخر دورته ّ‬
‫الشهر ّية‪.‬‬

‫*****‬
‫(‪)1‬‬
‫(‪ 301 209 14 90 234 212‬سنة ‪1110‬م)‬
‫ِ‬ ‫ِ ٍ‬
‫بالكلامت‬ ‫اعر‬ ‫أخرى قدَّ َم هلا الفقي ُه ‪َّ /‬‬
‫الش ُ‬ ‫ويصدُ ُق ُ‬
‫األمر ذا ُت ُه عىل قصيدة َ‬ ‫ْ‬
‫متغزالً يف ٍّ‬
‫شاب)‪:‬‬ ‫التَّال َي ِة‪( :‬ق ْل ُت ِّ‬

‫لغوي)‪.‬‬
‫ّ‬ ‫(املقوم ا ّل‬
‫ّ‬ ‫(‪ )1‬املحاق‪ :‬القمر يف آخر دورته ّ‬
‫الشهر ّية‪.‬‬
‫رباوي‪ ،‬الدّ يوان‪ ،‬ص‪.54‬‬
‫ّ‬ ‫(‪ّ )2‬‬
‫  الش‬
‫لغوي‪ :‬املحاق‪ :‬القمر يف آخر أطواره يف ّ‬
‫الشهر‪..‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ل‬ ‫ا‬ ‫م‬ ‫املقو‬
‫إضافة ّ‬
‫‪43‬‬ ‫املقدمة‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫الس�قا ِم‬ ‫ِ ِ‬ ‫قا ُل�وا وق�دْ‬


‫وم�ا بجس�ــمي م� َن َّ‬ ‫ش�اهدُ وا نح�ول‬
‫َ‬

‫ِم� َن ا َملــــلا ِم‬ ‫وال تبــ�اليِ‬ ‫تســتفيق عشــق ًا‬


‫ُ‬ ‫ح��تَّ��ا َم ال‬

‫ابي�ت يف غلا ِم‬


‫تص ُ‬ ‫ٌ‬
‫ش�ـيخ‬ ‫ِ‬
‫تعذلـــ�وا فإنِّــ�ي‬ ‫فق ْل ُ‬
‫ـ�ت ال‬
‫َ‬

‫ِ‬
‫األدب خماطب ًا له ومداعب ًا‪:‬‬ ‫كان يقرأ عليه َ‬
‫فنون‬ ‫متغزالً يف ٍّ‬
‫شاب َ‬ ‫وقال أيض ًا ِّ‬‫َ‬
‫حركاتُ� ُه ش�ـ ُ‬ ‫ِ‬
‫َــرك األنـــ�ا ِم‬ ‫َ‬ ‫الـــ�ذي‬ ‫ي�ا أ ُّيـــه�ا ال َّظ ُ‬
‫ــب�ي‬

‫السقا ِم‬ ‫ِ‬


‫بادي‬ ‫َ‬
‫احلشى‬ ‫ِ‬
‫قلق‬ ‫ٍ‬
‫بعاشـــــق‬ ‫فع ْل َ‬
‫ـــت‬ ‫مــاذا‬
‫َّ‬
‫(*)‬
‫ـــك مسـتها ِم‬ ‫ٍ‬
‫دنـــف بح ُّب َ‬ ‫مت َّيـــــ ٍم‬ ‫اهلمـــو ِم‬ ‫جـــــم‬
‫ِّ‬

‫الشرباوي‪ ،‬الدّ يوان‪ ،‬ص ‪ .96‬يستشهد املؤ ّلف هبذه القصيدة كاملة يف موضع آخر‬
‫[*] ّ‬
‫من الفصل احلا ّيل‪.‬‬

‫*****‬
‫ِ‬ ‫َّوع ِم َن‬ ‫ِِ‬ ‫ديق َّ‬ ‫َّ‬
‫األبيات‬ ‫رباوي) يف نظمه هذا الن َ‬ ‫َّ‬ ‫أن َّ‬
‫(الش‬ ‫تص ُ‬‫يتعذ ُر يف الواق ِع ْ‬
‫ِ‬
‫الكبائر!‪.‬‬ ‫املعصي َة التِي تُعدّ ِم َن‬
‫هذه ِ‬ ‫كان يرتكب ـ عالني ًة ـ ِ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫عر َّي ِة‪َ ،‬‬
‫الش ِ‬‫ِّ‬
‫ِ‬
‫األحيان يف‬ ‫بعض ِم َن‬ ‫ٍ‬ ‫ون يف‬ ‫أن الفقها َء قد خيف ُق َ‬ ‫البيان‪َّ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫وغنِ ٌّي عن‬
‫الرغ ِم ِم ْن ذلِ َك‪،‬‬ ‫َّاس هبا؛ وعىل ُّ‬ ‫ون الن َ‬ ‫اد ِئ والتَّعالي ِم التِي يع ُظ َ‬ ‫االلتزا ِم با َملب ِ‬
‫َ‬
‫ون شعر ًا يف هذهِ‬ ‫ينظم َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫منهم [أي م َن الفقهاء الذي َن‬ ‫أن نتو َّق َع ُ‬
‫اجح ْ‬ ‫الر َ‬ ‫فإن َّ‬ ‫َّ‬
‫ببعض ِم َن‬
‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫توخ َي احليطة واحلذر وال َّتحليِّ َ‬
‫ِ‬ ‫هذه ِّ‬‫مثل ِ‬‫حاالت ِ‬ ‫ٍ‬ ‫وعات] يف‬‫ِ‬ ‫املوض‬
‫ُ‬
‫رباوي (وهذا‬ ‫الش‬‫أن َّ‬ ‫نب؛ ويبدُ و َّ‬ ‫الذ ِ‬ ‫ِ‬
‫باقرتاف َّ‬ ‫َّباهي العلنِ َّي‬
‫افة‪ ،‬ال الت ِ‬ ‫احلص ِ‬
‫َّ‬ ‫َ‬
‫اخلانة ذاتهِ ا‪ ،‬أي خانةِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫كان يفع ُل ُه ُ‬
‫يقع يف‬ ‫أن ما َ‬ ‫شب ُه مؤكَّد) مل ْ يك ْن يعتقدُ يف َّ‬
‫الس ِ‬ ‫ِ‬ ‫لواط بالص ِ ِ‬ ‫ا ِّل ِ‬
‫بب‪،‬‬ ‫حتر ُمها الشرَّ ي َع ُة اإلسالم َّي ُة حتري ًام قاطع ًا‪ .‬وهلذا َّ‬ ‫غار التي ِّ‬ ‫ِّ‬
‫ور غالب ًا‬ ‫مكر ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫بنحو ُ‬ ‫برح ْت تؤ ِّكدُ‬ ‫القصائدَ الغزل َّي َة يف الدِّ يوان ما َ‬ ‫أن َ‬ ‫نلحظ َّ‬ ‫ُ‬ ‫ر َّبام‬
‫اإل ْسال ِم ِّي‬ ‫ال ال َع َر ِب ِّي ِ‬ ‫جل ْن ِس َّي ِة يِف ال َع مَ ِ‬ ‫َما َق ْب َل امل ِْثلِ َّي ِة ا ِ‬ ‫‪44‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫اهر ِة‪:‬‬ ‫ِ‬


‫رباوي) العفي َفة ال َّط َ‬
‫ِّ‬ ‫ِ‬
‫مشاعر َّ‬
‫(الش‬ ‫ِ‬
‫طبيعة‬ ‫عىل‬
‫تعـــــرف‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫َّــــــــك‬ ‫َ‬
‫وكفــــــاك أن‬ ‫ـــــ�ت عفا َف� ُه‬
‫َ‬ ‫أن�ا َمــــــــ� ْن عر ْف‬

‫ف‬
‫ــو ُ‬ ‫ومــايل إىل ِ‬
‫داعـــي ا َملــال ِم َ‬ ‫ٍ‬ ‫أ َما واهلــوى مـــا ِم ْل ُ‬
‫تش ُّ‬ ‫لريبــة‬ ‫ـــت عنه‬

‫ــــف‬
‫ُ‬ ‫ولـي ع َّفــ ٌة مطـــبو َعــ ٌة ال تَع ُّف‬ ‫مهتِـــــي‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫حركتْنـــي للدَّ نــــاءة َّ‬
‫وما َّ‬

‫ف‬
‫رش ُ‬ ‫نـــاح ُ‬‫لسـانيِ ُج‬ ‫ِ‬
‫الفحشاء َض ِ‬ ‫ُأ ِع ُّ‬
‫طـاب ُم َّ‬
‫َ‬ ‫حيث‬ ‫ٌ‬ ‫مريي ومـا عىل‬ ‫ف عن‬
‫(*)‬

‫شرباوي‪ ،‬الدّ يوان ‪.9 ،84 ،96 ،‬‬


‫ّ‬ ‫[*]‬

‫*****‬
‫اجلنس َّي ِة» [مث َلام‬
‫ِ‬ ‫«املثل َّي ِة‬
‫ِ‬ ‫نحو‬
‫قط َ‬ ‫موقف ُّ‬
‫ٌ‬ ‫رباوي) مل ْ يك ْن له‬
‫َّ‬ ‫أن َّ‬
‫(الش‬ ‫ويظهر َّ‬
‫ُ‬
‫بني الوقو ِع يف غرا ِم‬ ‫ال ـ كام يبدُ و ـ َ‬ ‫ِ‬
‫يض ُع حدَّ ًا فاص ً‬‫كان َ‬‫نفهمها اليو َم] ولكنَّ ُه َ‬
‫ُ‬
‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وبني ا ِّللواط به م ْن جانب َ‬
‫آخر‪.‬‬ ‫غال ٍم والتَّعبري عن َصبا َبته شعر ًا م ْن جانب َ‬
‫ٍ‬
‫رجل‬ ‫بني‬ ‫كان التَّسامح‪ ،‬أو حتَّى متجيدُ احلب املت ِ‬
‫َّقد َ‬ ‫مقابل ذلِ َك‪َ ،‬‬
‫ِ‬ ‫ويف‬
‫ِّ‬ ‫ُ‬
‫ٍ‬
‫قريب‪ ،‬ولكن َُّهم‬ ‫ٍ‬
‫وقت‬ ‫ني حتَّى‬‫بني األورو ِّب ِّي َ‬‫وامرأة عزبا َء شائع ًا َ‬ ‫ٍ‬ ‫عزب‬ ‫ٍ‬
‫ِ‬
‫املوقفان‬ ‫ِ‬
‫وهذان‬ ‫واج؛‬‫الز ِ‬ ‫قبل َّ‬ ‫ِ‬
‫مرحلة ما َ‬ ‫ِ‬
‫اجلنس َّي َة يف‬ ‫ِ‬
‫العالقات‬ ‫كانُوا يدين َ‬
‫ُون‬
‫ٍ‬
‫وعناد عىل‬ ‫ني إلاَّ إذا اختار املرء اإل ار بتعن ٍ‬
‫ُّت‬ ‫متناقض ِ‬
‫َ‬ ‫ان ل ْن يكونا‬ ‫األخري ِ‬
‫َ ُ صرْ َ‬ ‫َ‬
‫َّسامح مع «العالقاتِ‬ ‫بوصفها تعبري ًا عن الت‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ِ‬ ‫املتعايشة مع ًا ْ‬ ‫َ‬ ‫تفسري هذه األحكا ِم‬
‫ٍ‬
‫واحد]‪.‬‬ ‫وقت‬ ‫َّسامح معها [يف ٍ‬ ‫ِ‬ ‫اجلنس َّي ِة املتخال َف ِة» وعد ِم الت‬
‫ِ‬

‫ ‬
‫‪45‬‬ ‫املقدمة‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(‪)1‬‬
‫البنائِ َّي ُة واجلوهرا ِن َّي ُة‪:‬‬

‫اجلنس َّي ِة وإ َّما عد ُم‬ ‫ِ‬ ‫املثل َّي ِة‬


‫احلديث عن "إما التَّسامح مع ِ‬
‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫افرتاض َّ‬
‫أن‬ ‫َ‬ ‫إن‬ ‫َّ‬
‫ٍ‬
‫افرتاض‬ ‫ِ‬
‫يكون نابع ًا م ْن‬ ‫ُ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫َّسامح معها" ال ينطوي عىل إشكال َّية عمي َقة‪ ،‬وقدْ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الت‬
‫تتجاوب‬ ‫البرش ِّي‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫واضح ًة ذات َّي ًا عن العالمَ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ف حقيق ًة‬ ‫املثل َّي َة تؤ ِّل ُ‬ ‫أن ِ‬ ‫آخر يفيدُ َّ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫َّسامح أو القمعِ‪ .‬وعىل وفقِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫قافات املختل َف ُة بدرجات مع َّينَة م َن الت‬ ‫ٍ‬ ‫ُ‬ ‫معها ال َّث‬
‫اجلنسيةِ‬ ‫ِ‬ ‫املثليةِ‬ ‫تاريخ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫موضو ِع كتابة‬ ‫ُ‬ ‫َّعامل مع‬ ‫ور‪ ،‬باإلمكان الت ُ‬ ‫ِ‬ ‫هذا املن ُظ ِ‬
‫َّ‬ ‫َّ‬
‫أن‬ ‫نفرتض َّ‬ ‫ِّساء مثالً‪ ،‬إذ يمك ُن ْ‬
‫أن‬ ‫تاريخ الن ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫كتابة‬ ‫ملوضو ِع‬ ‫بوص ِف ِه مماث ً‬
‫َ‬ ‫ال ُ‬ ‫ْ‬
‫احلقب‬ ‫ِ‬ ‫طول‬‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َم ْف ُهو َم «املث ِّ » عىل شاك َلة َم ْف ُهو ِم «املرأة» هو َم ْف ُهو ٌم يمتدُّ عىل‬ ‫ِ‬ ‫ليِ‬
‫البحث فيه ودراس ُت ُه‬ ‫ُ‬ ‫أن ما يتغيرَّ ُ ـ ويمك ُن تبع ًا لذلِ َك‬ ‫َّارخي َّي ِة كا َّف ًة‪ ،‬إلاَّ َّ‬ ‫الت ِ‬
‫نحو‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫(الشعبِ ُّي‬ ‫املوقف ال َّثقافيِ ُّ اإلمجاليِ ُّ َّ‬ ‫تارخي َّي ًا ـ هو‬ ‫ِ‬
‫والفقه ُّي) املتغيرِّ ُ َ‬ ‫والعلم ُّي‬ ‫ُ‬
‫ب‪.‬‬ ‫خانة ِ‬ ‫ون يف ِ‬ ‫[الذي َن ُيوض ُع َ‬ ‫األفراد ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫فحس ُ‬ ‫ني] ْ‬ ‫املثل ِّي َ‬ ‫هؤالء‬
‫ِ‬
‫وعلامء‬ ‫ني‬ ‫اجلوهر َّي ِة‪ ،‬شدَّ َد عد ٌد ِم َن األنثروبولوج ِّي َ‬ ‫ِ‬ ‫هلذ ِه الن ِ‬
‫َّظرة‬ ‫وخالف ًا ِ‬
‫الر ِ‬ ‫سيِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫االجتام ِع واملؤر ِخ َ ِ‬
‫احل (ميشيل‬ ‫ني الذي َن اتخَّ ُذوا م َن الفيلسوف الفرن ِّ َّ‬ ‫ِّ‬
‫بيعة “املبنية”ِ‬ ‫فوكو) (‪1984 -1926‬م) مصدر إهلا ٍم هلم؛ شدَّ دوا عىل ال َّط ِ‬
‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ْ َ‬
‫أن َم ْف ُهو َم‬ ‫فزعموا َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫لتصانيفنا وإبداعاتنا اجلنس َّية احلدي َثة‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫املرشو َطة تارخي َّي ًا َ‬ ‫أو ُ‬
‫تطو َر‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫َّغاير اجلن َّ ‪ ،‬أي ا َمل ُيل إىل فرد م َن‬ ‫سيِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫املغاير) قد َّ‬ ‫اجلنس‬ ‫املثل َّية اجلنس َّية (والت َ‬
‫تداخل‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫احتامل‬ ‫الرغ ِم ِم ْن‬ ‫َّاسع عشرَ َ ‪ ،‬وأ َّن ُه عىل ُّ‬ ‫أواخر القرن الت َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫يف أورو َّبا يف‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫مثل “ا ِّللواط” أو “اشتهاء األفراد م َن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫موجو َدة سلف ًا ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫معنا ُه مع َم ْف ُهومات ُ‬
‫وجه الدِّ َّق ِة مرادف ًا هلا؛ فقدْ أ َّكدَ (فوكو)‬ ‫ِ‬ ‫اجلنس ذاتِ ِه” إلاَّ أ َّن ُه ال يم ِّث ُل عىل‬ ‫ِ‬
‫لواط‪ ،‬وهذا‬ ‫فعل ا ِّل ِ‬ ‫مرتكب ِ‬ ‫ِ‬ ‫مفر َد َة “لِواطِ ٍّي” ت َْصدُ ُق عىل‬ ‫املثال َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫أن َ‬ ‫سبيل‬ ‫يف‬
‫الفعل‪ ،‬ولكنَّ ُه ال يرتك ُب ُه‬ ‫ِ‬ ‫ارتكاب هذا‬ ‫ِ‬ ‫يرغب يف‬ ‫خص الذي قد‬ ‫ِ‬ ‫أن َّ‬ ‫يعني َّ‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫الش َ‬
‫(((   املصطلح با ّللغة اإلنكليز ّية هو (‪ )essentialism‬ويدل يف أبسط تعريفاته عىل‬
‫النّظر يف صفات مع ّينة جلنس من األجناس (كالعرب أو اهلنود أو النّساء) وتعميم‬
‫الصفات وعدّ ها شيئا ثابتا ال بدّ من أن يتّصف به العرب واهلنود والنّساء يف ّ‬
‫كل‬ ‫هذه ّ‬
‫الصفات جوهر هذه الفئات‪( .‬املرتمجة)‪.‬‬‫ّ‬ ‫هذه‬ ‫وعدّ‬ ‫واألزمنة‪،‬‬ ‫األوقات‬
‫اإل ْسال ِم ِّي‬ ‫ال ال َع َر ِب ِّي ِ‬ ‫جل ْن ِس َّي ِة يِف ال َع مَ ِ‬ ‫َما َق ْب َل امل ِْثلِ َّي ِة ا ِ‬ ‫‪46‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫مقابل ذلِ َك َّ‬


‫أن‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫ليس لواط َّي ًا؛ و ُي َّ‬
‫رج ُح يف‬ ‫ِ ٍ‬ ‫ٍ ِ ٍ‬
‫واقع ًا العتبارات دين َّية أو أخالق َّية‪َ ،‬‬
‫ِ‬
‫الفعل‬ ‫ِ‬
‫ارتكاب هذا‬ ‫ون إىل‬‫الذي َن يمي ُل َ‬ ‫األشخاص ِ‬
‫ِ‬ ‫تشتمل عىل‬ ‫ُ‬ ‫ِصف َة «املثليِ ِّ »‬
‫ٍ (‪)1‬‬ ‫رتج ْم مي ُل ُهم هذا إىل ٍ‬
‫فعل حمدَّ د‪.‬‬ ‫حتَّى لو مل ْ ُي َ‬
‫لفعل “ا ِّل ِ‬
‫ِ‬ ‫ليس ْت مراد َف ًة‬ ‫ِ‬ ‫وتأسيس ًا عىل هذا الن ِ‬
‫لواط”‬ ‫فإن “املثل َّي َة” َ‬
‫ِّقاش‪َّ ،‬‬
‫ليس مكافِئ ًا ِّ‬
‫للزنا‪.‬‬ ‫سيِ‬
‫َّغاير اجلن َّ َ‬ ‫كام َّ‬
‫أن الت َ‬
‫للكثري ِم َن‬
‫ِ‬ ‫در إهلا ٍم‬
‫مص َ‬
‫ِ‬
‫أن ا ِّدعا َء “فوكو” (البنائ َّي) قد شك ََّل ْ‬ ‫ومع َّ‬
‫ٍ‬ ‫َ ِ ِ‬ ‫ات احلدي َث ِة التِي تناو َل ْت‬
‫الدِّ راس ِ‬
‫بعض‬ ‫تاريخ املثل َّية يف العالمَ ِ؛ إلاَّ أ َّن ُه َ‬
‫أثار يف‬ ‫َ‬
‫“اجلوهرية”ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِم َن األحيان‬
‫ِ‬
‫ِ َّ‬ ‫والسجاالت‬ ‫ِّ‬ ‫الردود‬ ‫الكثري م َن ُّ‬
‫َ‬ ‫وبالقدر ذاته‬
‫الساخن َِة‪.‬‬
‫َّ‬
‫اهلنغار َّي (كارل ماريا كرتبني‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َّمساو َّي ‪-‬‬ ‫الكاتب الن‬ ‫فمن ا َملعر ِ‬
‫وف َّ‬
‫أن‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫َ ُ‬
‫ِ‬
‫أواخر‬ ‫مفر َد َة «املثليِ ِّ » يف‬
‫سك َ‬ ‫ـ‪ )Karl Maria Kertbeny‬هو َّأو ُل َم ْن َّ‬
‫اإلنكليز َّي ِة‬
‫ِ‬ ‫وأن أو َل مكافِ ٍئ للمفرد ِة يف ا ُّل ِ‬
‫لغة‬ ‫َ َ‬ ‫َّاسع عشرَ َ ‪َّ َّ ،‬‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫ستِّين َّيات القرن الت َ‬
‫بعرشي َن عام ًا‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ظهر بعدَ ذلِ َك‬
‫املوضوعِ؛ قد َ‬ ‫ات املعنِ َّي ِة هبذا ُ‬
‫يف األدبِي ِ‬
‫َّ‬
‫اجلنس َّي ِة”‬
‫ِ‬ ‫“املثل َّي ِة‬
‫ِ‬ ‫مفر َد ِة‬ ‫ِ ِ ِ‬
‫الرغ ِم م ْن جدَ ة َ‬ ‫ون” عىل أ َّن ُه عىل ُّ‬ ‫ويصرِ ّ “اجلوهر ُّي َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫إلاَّ َّ‬
‫رفضهم ا ِّدعاء‬ ‫ضوء‬ ‫وهم يعتقدُ َ‬
‫ون ـ يف‬ ‫أن ا َمل ْف ُهو َم ذا َت ُه مل ْ يك ْن جديد ًا! ُ‬
‫حيث املعنَى مع‬ ‫ُ‬ ‫املفر َد ِة اجلديدَ ِة ِم ْن‬
‫بتطابق َ‬ ‫ِ‬ ‫فوكو ـ بالقطي َع ِة ا َمل ْف ُهوماتِ َّي ِة‬
‫لغة ا َّلالتينِ َّي ِة يف‬ ‫مثل ا ِّللواطِي ِة (‪ )sodomia‬يف ا ُّل ِ‬
‫َّ‬ ‫أخرى ساب َق ٍة ِ‬ ‫ٍ‬
‫مفردات َ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫مفر َدة (‪ )liwāt‬العربِ َّية الكالسيك َّية‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫العص ِ‬
‫ور الوس َطى أو َ‬ ‫ُ‬
‫(‪)2‬‬

‫ني‪ ،‬ال بدَّ ِم ْن‬ ‫ِ‬


‫واجلوهر ِّي َ‬ ‫ني‬ ‫ِ‬
‫البنائ ِّي َ‬ ‫بني‬
‫ِّزاع َ‬
‫حيسم هذا الن َ‬
‫ُ‬ ‫دار حك ٍم‬
‫إص َ‬ ‫َّ‬
‫إن ْ‬

‫(((   فوكو‪ ،‬تاريخ اجلنسان ّية‪.43 :1 ،‬‬


‫(((   يذكر ذلك يف تعارض وا ٍع لال ّدعاءات البنائ ّية التي طرحها يوهانسن وبرييس يف‬
‫«املثل ّية» ‪156‬؛ وأبو خليل‪« ،‬ملحوظة عىل دراسة املثل ّية يف احلضارة العرب ّية ‪/‬‬
‫اإلسالم ّية‪32 ،‬أ‪.‬‬
‫‪47‬‬ ‫املقدمة‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫َّارخي َّي ِة‪.‬‬


‫دقيق وحت ُّق ٍق ِمن األد َّل ِة الت ِ‬
‫َ‬ ‫بحث ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫أ َّن ُه يستندُ إىل‬

‫هذه املسأ َل ِة‪ ،‬يتعينَّ ُ علينا‬ ‫دار األحكا ِم املسب َق ِة يف ِ‬


‫َّ‬ ‫إص ِ‬‫ُّب ْ‬ ‫وابتغا َء جتن ِ‬
‫قبل احلدي َث ِة التِي‬ ‫احلالة ‪ -‬ما َ‬ ‫ِ‬ ‫والعبارات ‪ -‬العربِي ِة يف ِ‬
‫هذه‬ ‫َّ‬
‫ِ‬ ‫دات‬ ‫االهتامم باملفر ِ‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫الفواعل‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫متنو َعة لتحديد األفعال واألطراف املشرتكَة ‪/‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫شا َع ْت يف سياقات ِّ‬
‫ب‪ ،‬سنتم َّك ُن‬ ‫فحس ُ‬
‫ْ‬ ‫ني» حينَها‪ ،‬وحينَها‬ ‫ِ‬
‫«املثل ِّي َ‬ ‫نحو تسميتِ ِهم‬ ‫سننزع َ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫الذي َن‬
‫ملفر َد ِة «مثليِ ِّ »‬ ‫ِ‬
‫والعبارات مكاف َئ ٌة جلهة معناها َ‬
‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫دات‬
‫املفر ُ‬ ‫ِ‬
‫م ْن حتديد هل هذه َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اإلنكليز َّي ِة أ ْم ال؟‪.‬‬
‫ِ‬

‫األغلب ـ‬ ‫ِ‬ ‫األعم‬


‫ِّ‬ ‫ني ـ يف‬ ‫ني احلديثِ َ‬ ‫توخي الباحثِ َ‬ ‫ف له عد ُم ِّ‬ ‫ؤس ُ‬
‫وممَّا ُي َ‬
‫ِ‬
‫مفر َد َة )األَ َبنَة) ال ِّط ِّب َّي َة‬ ‫ترجم (ب‪ .‬ناثان) مث ً‬ ‫ِ‬ ‫الدِّ َّق َة يف هذا‬
‫ال َ‬ ‫اجلانب‪ ،‬إذ‬
‫(‪)1‬‬
‫َ‬
‫املثل َّي ِة‬
‫حول ِ‬ ‫«مثل َّي ًة» يف دراستِ ِه املعنون َِة بـ (اآلرا ُء ال ِّط ِّب َّي ُة العربِ َّي ُة َ‬ ‫العربِي َة إىل ِ‬
‫َّ‬

‫بضم اهلمزة اسم ع ّلة يشتهي صاحبها أن يؤتى يف دبره‪ ،‬وأن يرى املجامعة‬ ‫ّ‬ ‫((( ُ‬
‫  األبنة‬
‫جتري بني االنثيني‪ .‬واملأبون سم املفعول‪ ،‬ويقال يف الكناية‪ :‬املؤوف من اآلفة‪ ،‬وتطلق‬
‫جل يأبنه ويأبنه أبنا‪ :‬اتهّ مه وعابه‪ ،‬وقال‬ ‫الر َ‬ ‫عىل داء ا ّللواط من جهة املفعول‪ .‬أب َن ّ‬
‫رض ْبت عن‬ ‫َ‬
‫برش؛ فإذا أ َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫وبرش ابنه وابنه ابن ًا‪ ،‬وهو مأبون بخري أو ٍّ‬ ‫بخري ٍّ‬ ‫لحياين‪ :‬ابنتُه َ‬ ‫ّ‬ ‫ا ّل‬
‫الرش‪ ،‬وكذلك َظنَّه ي ُظنُّه‪ .‬الليث‪ :‬يقال فالن‬ ‫ون مل ْ يكن إال ّ‬ ‫مأ ُب ٌ‬ ‫والرش قلت‪ :‬هو ْ‬ ‫ّ‬ ‫اخلري‬
‫بون‪ .‬أبو عمرو‪ :‬يقال فالن ُي ْؤ َب ُن بخري و ُي ْؤ َب ُن‬ ‫َ‬ ‫فهو مأ ٌ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫ُي ْؤ َب ُن بخري وبشرَ ّ أي ُي َز ُّن به‪َ ،‬‬
‫غري‪ .‬ويف حديث ابن َأيب هالة يف صفة‬ ‫ُ‬ ‫ال‬ ‫الرش‬
‫ّ‬ ‫يف‬ ‫برش‪ ،‬فإذا قلت ُي ْؤ َب ُن مجُ َ َّرد ًا َ‬
‫فهو‬ ‫ّ‬
‫َ‬ ‫ٍ‬ ‫ْ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ّ‬
‫وات‬ ‫جملس حل ٍم وح َياء ال ت ُْر َف ُع فيه األ ْص ُ‬ ‫ّبي‪ ،‬صلىّ اهلل عليه وسلم‪ :‬جمل ُسه ُ‬ ‫جملس الن ّ‬
‫الر َفث وما َي ْق ُب ُح‬ ‫جملسه عن َّ‬ ‫صان ُ‬ ‫حل َر ُم َأي ال ت ُْذكَر فيه النّسا ُء ب َقبيح‪ ،‬و ُي ُ‬ ‫وال ت ُْؤ َب ُن فيه ا ُ‬
‫ْ‬ ‫ْ‬
‫فهو مأ ُب ٌ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ِذك ُْره‪ .‬يقال‪ُ :‬‬
‫ون‪ ،‬وهو مأخوذ عن‬ ‫أبنت الرجل أبنة إذا َر َم ْيتَه ب َخلة َس ْوء‪َ ،‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫برش َيأبنه‬ ‫ُعاب هبا‪ .‬اجلوهري‪ :‬أبنه ٍّ‬ ‫يس ُت ْفسدُ ها وت ُ‬ ‫تكون يف الق ّ‬ ‫ُ‬ ‫األبن‪ ،‬وهي ال ُع َقدُ‬
‫ّبي صلىّ اهلل عليه‬ ‫وفالن ُي ْؤ َب ُن بكذا أي ُي ْذك َُر بقبيح‪ .‬ويف احلديث عن الن ّ‬ ‫ٌ‬ ‫اتهَّ َ َمه به‪.‬‬
‫جل بكذا وكذا‬ ‫الر َ‬ ‫ّ‬ ‫أبنت‬
‫ُ‬ ‫ر‪:‬‬ ‫شم‬
‫ّ‬ ‫قال‬ ‫؛‬ ‫ء‬ ‫ُ‬ ‫ّسا‬ ‫ن‬ ‫ال‬ ‫فيه‬ ‫أبنت‬
‫ْ‬ ‫إذا‬ ‫ر‬ ‫ع‬
‫ْ‬ ‫ِّ‬
‫الش‬ ‫عن‬ ‫هنى‬ ‫ّه‬
‫ن‬ ‫وس ّلم‪َ :‬أ‬
‫جل أبنه إذا َر َم ْيتَه بقبيح و َق َذ ْفتَه بسوء‪َ ،‬‬
‫فهو‬ ‫الر َ‬ ‫أبنت ّ‬ ‫يب‪ُ :‬‬ ‫َ‬
‫إذا َأ ْز َننْته به‪ .‬وقال ابن األعرا ّ‬
‫القبيح‬
‫ُ‬ ‫ُعاب وال ُي ْذك َُر منها‬ ‫بسوء وال ت ُ‬ ‫حل َر ُم َأي ال ت ُْرمى ُ‬ ‫ون‪ ،‬وقوله‪ :‬ال ت ُْؤ َب ُن فيه ا ُ‬ ‫ْ‬
‫مأ ُب ٌ‬
‫أن من أصيب هبذا الدّ اء وجب‬ ‫وما ال َينْ َبغي ممّا ُي ْستَحى منه‪ .‬رأى بعض من الفقهاء ّ‬
‫املحرم أجريت عليه أحكام‬ ‫ّ‬ ‫هذا‬ ‫عليه جماهدة نفسه واالمتناع عن دواعيه‪ ،‬فإن وقع يف‬
‫الرمي باألبنة ويشرتط معرفة القائل بموضوع‬ ‫ا ّللواط‪ .‬ومن موجبات حدّ القذف ّ‬
‫ا ّللفظ وإن مل ْ يعرف ذلك املخاطب‪( .‬املرتمجة)‪.‬‬
‫اإل ْسال ِم ِّي‬ ‫ال ال َع َر ِب ِّي ِ‬ ‫جل ْن ِس َّي ِة يِف ال َع مَ ِ‬ ‫َما َق ْب َل امل ِْثلِ َّي ِة ا ِ‬ ‫‪48‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫املفر َد َة ال ت َْصدُ ُق إلاَّ‬


‫بأن َ‬ ‫إقرار ِه َّ‬
‫ِ‬ ‫الرغ ِم ِم ْن‬ ‫ِ‬
‫كر َّية يف القرون الوسطى) عىل ُّ‬
‫الذ ِ ِ‬ ‫َّ‬
‫فعل به يف الدُّ ِبر‪ .‬وزياد ًة عىل ذلِ َك‪،‬‬ ‫أن ُيؤتَى ‪ُ /‬ي َ‬ ‫يرغب يف ْ‬ ‫ُ‬
‫كر ِ‬
‫الذي‬ ‫الذ ِ‬
‫عىل َّ‬
‫جال يف‬ ‫اجلنس أو يأتيِ غري ُه ِم َن الر ِ‬ ‫يامرس‬ ‫الذي‬ ‫جل ِ‬ ‫الر َ‬ ‫رأي يفيدُ َّ‬‫ثم َة ٌ‬
‫ِّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫أن َّ‬ ‫َّ‬
‫نيِ‬
‫املفعول به] ال يعا (األَ َبنَ َة) بل‬ ‫ُ‬ ‫الفاعل ال‬‫ُ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫الدُّ ُبر بنحو منتظ ٍم [بمعنَى أ َّن ُه‬
‫الوقت احلاضرِ ِ بـ «املثليِ ِّ »‪.‬‬‫ِ‬ ‫رج ُح ْ‬
‫أن ُين َع َت يف‬ ‫ُي َّ‬
‫َني‪ ،‬وحل َظ ْت يف‬ ‫ليستا مرتادفت ِ‬ ‫تان ـ ٍ‬ ‫وتأسيس ًا عىل ذلِ َك‪ ،‬فاملفرد ِ‬
‫بيرسـ َ‬ ‫َ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ات العا َّمة احلدي َثة عن املثل َّية “تباين ًا” واضح ًا‬ ‫ِ‬ ‫بعض ِمن الدِّ راس ِ‬ ‫ياق ذاتِ ِه ٌ‬‫الس ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ِّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وبني‬
‫َ‬ ‫ني‬
‫بعض م َن الفقهاء اإلسالم ِّي َ‬ ‫بني ا ُمل ُث ِل املز ُعو َمة التي ينادي هبا ٌ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫تهِ‬
‫جانب‪ ،‬ولكن َُّهم م ْن‬ ‫ٍ‬ ‫ُون «املثل َّي َة اجلنس َّي َة» م ْن‬ ‫فهم يدين َ‬ ‫سلوكا ِم الفعل َّية‪ُ ،‬‬
‫وح‬ ‫بوض ٍ‬ ‫ون فيه ُ‬ ‫مثل َّي ًا ـ ’‪ )homoerotic‬يعبرِّ ُ َ‬ ‫ون (شعر ًا ِ‬ ‫ينظم َ‬ ‫ٍ‬
‫آخر‪ُ ،‬‬ ‫جانب َ‬
‫ِ ِ (‪)1‬‬ ‫ِ‬
‫اجلنس ذاته)‪.‬‬ ‫آخر ِم َن‬ ‫ِ ٍ‬ ‫ٍ‬
‫وقوة عن اشتهاء فرد َ‬ ‫َّ‬
‫ِ‬
‫“املثل َّي َة” وإنَّام (ا ِّل َ‬
‫لواط ـ ‪)liwāt‬‬ ‫إن ما كان الفقها ُء يدينو َن ُه بشدَّ ٍة مل ْ يك ْن‬‫َّ‬
‫ِ ِ‬ ‫جال‪ ،‬وتبع ًا لذلِ َك‪َّ ،‬‬ ‫بني الر ِ‬
‫فإن كتاب َة َقصيدَ ة ٍّ‬
‫حب‬ ‫اجلنس يف الدُّ ِبر َ ِّ‬ ‫ِ‬ ‫أي ممُ َار َس َة‬
‫حتت م ْفهو ِم “ا ِّل ِ‬ ‫ٍ‬ ‫شاب َص ِ‬
‫لواط”‬ ‫تندرج بسهو َلة َ َ ُ‬ ‫ُ‬ ‫الس ِّن؛ ال‬ ‫غري ِّ‬ ‫ٍّ‬ ‫عن غال ٍم أو‬
‫ِ‬
‫الفقه ِّي‪.‬‬
‫احلذر َ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫قبل‬ ‫توخي‬ ‫ور ُة ِّ‬ ‫تكشف عنه هذه األمث َل ُة بجالء‪ ،‬هو ضرَ َ‬ ‫ُ‬ ‫إن ما‬‫َّ‬
‫املفر َد ِة‪،‬‬ ‫وص إىل “مثليِ ” وأل ِ ِ‬
‫مه َّية هذه َ‬ ‫ِّ‬ ‫ٍّ‬ ‫هذه الن ُُّص ِ‬‫ترمجة أي ِة مفرد ٍة عربِي ٍة يف ِ‬
‫َّ‬ ‫َ َ‬ ‫َّ‬
‫ِ‬
‫اإلجابة عنه هو‪ :‬هل ختلو‬ ‫ِ‬ ‫طرح ِه وحماو َل ِة‬
‫ِ‬ ‫َّفكري يف‬ ‫ٌ‬ ‫ثم َة‬
‫سؤال حمدَّ ٌد يتعينَّ ُ الت ُ‬ ‫َّ‬
‫املثليةِ‬
‫القرن التَّاسع عشرَ متام ًا ِمن م ْفهو ِم ِ‬ ‫ِ‬ ‫قبل‬ ‫ِ‬
‫ال َّثقاف ُة العربِ َّي ُة اإلسالم َّي ُة ما َ‬
‫َّ‬ ‫ْ َ ُ‬ ‫َ َ‬
‫جممو َع ًة‬ ‫هذه ال َّثقاف ُة تو ِّظ ُ‬‫َت ِ‬ ‫األمر كذلِ َك‪ ،‬هل كان ْ‬ ‫اجلنس َّي ِة؟‪ .‬وإذا َ‬ ‫ِ‬
‫ف ُ‬ ‫ُ‬ ‫كان‬
‫كل واحدَ ٍة منها‬ ‫تعكس ُّ‬‫ُ‬ ‫لواط) التِي‬‫مثل (األَبن َِة أو ا ِّل ِ‬
‫َ‬ ‫ومات البدي َل ِة ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِم َن ا َمل ْف ُه‬
‫ني”‬ ‫ِ‬
‫“املثل ِّي َ‬ ‫وص ُف ُهم بـ‬ ‫الفاعل َ ِ‬
‫ِ‬ ‫وخص ِ‬ ‫ِ‬ ‫بعض ًا ِم َن‬
‫ني الذي َن يمك ُن ْ‬ ‫ائص‬ ‫َ‬ ‫األفعال‬

‫(((   سبنرس‪« ،‬املثل ّية‪ :‬تاريخ‪104-103 ،‬؛ ڠرينبريڠ‪ ،‬بناء املثل ّية اجلنس ّية‪.177-176 ،‬‬
‫‪49‬‬ ‫املقدمة‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ِ‬
‫ضوء‬ ‫ظاهر ٍة واس َع ٍة؟‪ .‬ويف‬ ‫بوص ِف ِهم أمثل ًة دا َّل ًة عىل‬ ‫تعذ ِر الت ِ‬
‫مع ُّ‬
‫َ‬ ‫معهم ْ‬ ‫َّعامل ُ‬
‫أن‬‫راس ِة ْ‬ ‫ِ‬ ‫ومات والرؤى‪ِ َّ ،‬‬
‫فإن غايتي يف هذه الدِّ َ‬ ‫ُّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َّداخل يف ا َمل ْف ُه‬ ‫ِ‬
‫اجلدل والت‬ ‫هذا‬
‫جيري واقع ًا‪.‬‬ ‫كان ِ‬‫أن هذا هو ما َ‬ ‫أبينِّ َ َّ‬

‫َّاميزات التِي ال‬ ‫ِ‬ ‫أن الت‬‫ص يف َّ‬ ‫طرحها َّ‬


‫تتلخ ُ‬
‫ِ‬
‫ئيس َة التي أو ُّد َ‬ ‫الر َ‬‫وإن الفكر َة َّ‬ ‫َّ‬
‫ِ‬
‫وجهة‬ ‫للغاية ِم ْن‬
‫ِ‬ ‫مهم ٌة‬ ‫اجلنس َّي ِة” ِه َي‬
‫ِ‬ ‫“املثل َّي ِة‬
‫ِ‬ ‫يكشف عنها َم ْف ُهو ُم‬
‫متايزات َّ‬‫ٌ‬ ‫ُ‬
‫بني الشرَّ ِ‬ ‫راس ِة‪ .‬فالت ُ‬ ‫الزمنِ َّي ِة ُ‬ ‫ِ‬ ‫السائدَ ِة يف‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫يك‬ ‫َّاميز َ‬ ‫موضو ِع الدِّ َ‬ ‫احلقبة َّ‬ ‫نظر ال َّثقافة َّ‬
‫املثل َّي ِة مثالً‪ ،‬هو أحدُ‬ ‫اجلنسي ِة ِ‬
‫َّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫العالقة‬ ‫«املفعول ِبه» يف‬
‫ِ‬ ‫يك‬ ‫«الفاعل» والشرَّ ِ‬
‫ِ‬
‫نظر إليها ِم َن النَّاح َي ِة ا َمل ْف ُهوماتِ َّي ِة‬ ‫ِ ِ‬
‫أنوا ِع التَّاميزات التي مل ْ تك ْن تُق َّي ُم أو ُي ُ‬
‫ِ‬
‫العادة‪.‬‬ ‫بال َّطري َق ِة ذاتهِ ا يف‬

‫وإدراك هذا النَّو ِع ِم َن‬


‫ُ‬ ‫اجلنس َّي ِة؛‬
‫ِ‬ ‫والش ِ‬
‫هوة‬ ‫ِ‬
‫«العشق» َّ‬ ‫بني‬
‫آخ ُر َ‬ ‫وثم َة ٌ‬
‫متايز َ‬ ‫َّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫عشق الغلامن «دين َّي ًا»‪.‬‬ ‫جواز ِ‬ ‫ِ‬ ‫ني عن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫مهم للغاية للمدافع َ‬ ‫الت ِ‬
‫َّاميز ٌّ‬
‫َّحديد الدَّ ِ‬‫ِ‬ ‫متايز ٌ‬ ‫ثم َة ٌ‬ ‫ِ‬
‫قيق ألنوا ِع‬ ‫ثالث يرك ُِّز عىل الت‬ ‫وزياد ًة عىل ذل َك َّ‬
‫تفرض الشرَّ ي َع ُة‬‫ُ‬ ‫أدائها‪ ،‬إذ‬‫رفان يف ِ‬ ‫يشرتك ال َّط ِ‬ ‫ُ‬ ‫اجلنس َّي ِة التِي‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫األفعال‬
‫ني‬ ‫ِ‬
‫املشرتك َ‬ ‫باملوت عىل‬‫ِ‬ ‫تص ُل حدَّ احلك ِم‬ ‫عقوبات جس ِدي ًة صارم ًة ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫اإلسالم َّي ُة‬
‫َ َ َّ َ َ‬
‫َّقبيل واملداع َب ِة‬
‫أفعال الت ِ‬ ‫ُ‬ ‫جال يف ِ‬
‫حني تُعدُّ‬ ‫اجلنس َّي ِة الشرَّ ِج َّي ِة ِم َن الر ِ‬
‫ِّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫العالقة‬ ‫يف‬
‫أقل فحش ًا وخطر ًا‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫غري الشرَّ ج َّية خمالفات َّ‬‫األخرى ُ‬ ‫َ‬ ‫والعالقات‬
‫ُ‬
‫احلقل‪:‬‬
‫ِ‬ ‫ حا ٌل‬
‫احلضارة العربِ َّي ِة‬
‫ِ‬ ‫اجلنس َّي ِة يف‬
‫ِ‬ ‫املثل َّي ِة‬
‫األكرب ممَّا كُتِب عن ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اجلزء‬ ‫لحظ عىل‬ ‫ُي ُ‬
‫َ‬
‫الساب َق ِة‪ )1(،‬إذ‬ ‫ِ‬
‫عرضنا هلا يف الفقرة َّ‬ ‫اإلسالم َّي ِة جتنُّ ُب ُه املسأ َل َة ا َمل ْف ُهوماتِ َّي َة التِي ْ‬
‫ِ‬

‫(((   باإلمكان تقسيم األدبِي ِ‬


‫ات ال ّثانو ّية عن هذا املوضوع عىل أربعة أنواع رئيسة‪:‬‬ ‫َّ‬
‫راسات العرب ّية ‪-‬‬ ‫املختصون يف الدِّ َ‬
‫ّ‬ ‫(‪ )1‬مراجعات عا ّمة عن املوضوع أجراها‬
‫اإلسالم ّية‪ ،‬مثل املقالة املعنونة بـ «ا ّللواط» (‪ )1986‬يف موسوعة اإلسالم؛ بروس‬
‫راسات‬‫دان‪« ،‬املثل ّية يف الشرّ ق األوسط‪ :‬برنامج لألبحاث التّارخي ّية»‪ ،‬فصل ّية الدِّ َ‬
‫العرب ّية (‪)1990‬؛ أرنو شمت‪« ،‬مقاربات خمتلفة للجنسان ّية ‪ -‬األيروس ّية بني‬
‫اإل ْسال ِم ِّي‬ ‫ال ال َع َر ِب ِّي ِ‬ ‫جل ْن ِس َّي ِة يِف ال َع مَ ِ‬ ‫َما َق ْب َل امل ِْثلِ َّي ِة ا ِ‬ ‫‪50‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ِ‬
‫االفرتاض‬ ‫ِ‬
‫مستندي َن إىل‬ ‫مضوا يف أعاملهِِ م‬ ‫ني ِ‬
‫الذي َن َ‬ ‫املؤر ِخ َ‬ ‫ِ‬
‫افرتض العديدُ م َن ِّ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫عواتق ِهم ِه َي جال ُء‬ ‫املهم َة امللقا َة عىل‬ ‫القطع ِّي‪ ...‬افرتضوا َّ‬‫ِ‬ ‫ِ‬
‫أن َّ‬ ‫«اجلوهر ِّي»‬
‫املثلي ِة» ِمن ٍ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫حج ِم ممُ َار َس ِة ِ‬
‫َّسامح‬‫ُ‬ ‫جهة والت‬ ‫ْ‬ ‫فعل «ا ِّللواط» أو «العالقة اجلنس َّية َّ‬
‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫اهرةَ‪ .‬وقدْ بدا‬ ‫ترشح هذه ال َّظ َ‬‫ُ‬ ‫تفسريات‬ ‫تقديم‬
‫ُ‬ ‫أخرى‪ ،‬ور َّبام‬ ‫معها م ْن جهة َ‬
‫نيِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫املستكش ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫األمر واضح ًا يف‬
‫واملسترشق واملرتج ِم الربيطا ِّ‬ ‫ف‬ ‫تعليقات‬ ‫ُ‬ ‫هذا‬
‫(السري ريتشارد بريتن ـ ‪ 1821()Sir Richard Burton‬ـ ‪1980‬م)‬ ‫ِّ‬

‫(املحرران)‪ ،‬اجلنسان ّية‬ ‫ّ‬ ‫وجي سوفر‬ ‫َ‬ ‫الذكور من املغرب إىل أوزبكستان» يف أ‪ .‬شمت‬ ‫ّ‬
‫الذكور يف املجتمعات املسلمة‪)1992( ،‬؛ أسعد أبو خليل‪،‬‬ ‫واأليروس ّية بني ّ‬
‫راسات‬ ‫«ملحوظة عن دراسة املثل َية يف احلضارة العرب ّية ‪ /‬اإلسالم ّية»‪ ،‬جم ّلة الدِّ َ‬
‫يب)‪.)1999( ،‬‬ ‫والشذوذ يف التّاريخ العر ّ‬ ‫(الزنا ّ‬ ‫العدناين‪ّ ،‬‬
‫ّ‬ ‫العرب ّية (‪)1993‬؛ اخلطيب‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫دراسات وأدب َّيات مقارنة وتارخي ّية‬ ‫(‪ )2‬فصول مخُ ّصصة للحضارة اإلسالم ّية يف‬
‫َ‬
‫اجلنيس يف املجتمع والتّاريخ) (‪)1976‬؛ ديڤد‬ ‫ّ‬ ‫عن املثل ّية مثل‪ :‬ڤرين ل‪ .‬بولو (الت ّّنوع‬
‫ڠرنبريڠ (بناء املثل ّية) (‪)1988‬؛ ستيفن أو‪ .‬موري‪( ،‬العالقات املثل ّية) (‪.)2000‬‬
‫املختصني‪ .‬وألنهّ م ال يعرفون ا ّللغة العرب ّية (أو يعرفون‬ ‫ّ‬ ‫مؤ ّلفو هذه الفصول من غري‬
‫القليل منها)‪ ،‬كانوا مضطرين لالعتامد عىل دراسات ثانوية زيادة عىل أدبِياتِ‬
‫َّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫الرحالت وترمجة ُمبهمة ألحد املصادر العرب ّية األساس ّية‪ .‬ويصدق األمر ذاته عىل ما‬ ‫ّ‬
‫كتبه ستيفن أو‪ .‬موري‪ ،‬وول رسكو يف مؤ ّلفهام (العالقات املثل ّية يف اإلسالم‪ :‬ال ّثقافة‬
‫والتّاريخ واألدب) (‪.)1998‬‬
‫دراسات أوسع نطاقا مثل أ‪ .‬بوحدبة‬ ‫ختص املوضوع يف َ‬ ‫(‪ )3‬ملحوظات وتعليقات ّ‬
‫(اجلنس يف اإلسالم) (‪ ،1975‬الترّ مجة اإلنكليز ّية يف ‪)1985‬؛ روبرت ايرون (ألف‬
‫ليلة وليلة‪ :‬دليل) (‪)1994‬؛ وتوماس بوير (‪Liebe und Liebesdichtung‬‬
‫‪.)in der arabischen welt des 9 und 10 ahrhunderts) (1998‬‬
‫(‪ )4‬مناقشة وحتليل لعمل أو قصيدة حمدّ دة با ّللغة العرب ّية‪ ،‬أو حتّى فقرة واحدة‬
‫عمل أو قصيدة يف بعض من األحيان مثل مناقشة فرانز روزنثال لتحليل أيب‬ ‫ٍ‬ ‫من‬
‫ازي ملرض األبنة (‪)1978‬؛ ومناقشة ب‪ .‬ناثان لتحليل ابن سينا للمرض‬ ‫الر ّ‬‫بكر ّ‬
‫ضمتها د ّفتا‬
‫ّ‬ ‫التي‬ ‫ات‬‫راس‬ ‫َ‬ ‫الدِّ‬ ‫ة‬ ‫ي‬
‫ّ‬ ‫أكثر‬ ‫اخلانة‬ ‫هذه‬ ‫ضمن‬ ‫تندرج‬ ‫وباملثل‪،‬‬ ‫(‪.)1994‬‬ ‫ذاته‬
‫الكالسيكي)‪ ،‬حترير ايڤرت‪ .‬ك‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫املج ّلد املعنون بـ (اهلوموأيروس ّية يف األدب العر ّ‬
‫يب‬
‫وثمة‪ ،‬إضافة إىل ما ذكر أعاله‪ ،‬عدد‬ ‫راوسن‪ ،‬وجريي وليم رايت االبن (‪ّ .)1997‬‬
‫راسات التي حاولت استقصاء عدد من النّصوص املرتابطة موضوعات ّيا‬ ‫قليل من الدِّ َ‬
‫وعشاق الغلامن يف‬ ‫عشاق النّساء ّ‬ ‫مثل دراسة فرانز روزنثال ملوضوع املفاخرة بني ّ‬
‫"الذكور واإلناث‪ :‬وصف ومقارنة")؛ وكتب‬ ‫الكالسيكي (روزنثال‪ّ ،‬‬‫ّ‬ ‫يب‬
‫األدب العر ّ‬
‫اإلسالمي‪.‬‬
‫ّ‬ ‫الفقه‬ ‫يف‬ ‫لواط‬ ‫ّ‬
‫ل‬ ‫ا‬ ‫أحكام‬ ‫عن‬ ‫اته‬ ‫دراس‬
‫َ‬ ‫أحدث‬ ‫يف‬ ‫أرنو شمت‬
‫‪51‬‬ ‫املقدمة‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ليلة وليل ٌة) يف عا ِم‬ ‫(ألف ٍ‬ ‫ُ‬ ‫اختتم هبا ترمج َت ُه لـ‬ ‫لواط” يف مقالتِ ِه التِي‬ ‫عىل “ا ِّل ِ‬
‫َ‬
‫“املثل َّي ِة”‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫دخول‬ ‫األثر األدبيِ َّ َ‬
‫قبل‬ ‫بسبب ترمجته هذا َ‬
‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫كان (بريتن)‬ ‫(‪1886‬م) َ‬
‫ظاهر ٍة واحدَ ٍة‬ ‫َ‬ ‫كان يعتقدُ يف أ َّن ُه أما َم‬ ‫اإلنكليز َّي ِة؛ َ‬
‫ِ‬ ‫َّداول يف ا ُّل ِ‬
‫لغة‬ ‫َح ْي َز الت ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫أسوء‬ ‫حيث تُعدُّ يف‬ ‫اإلسالم ِّي‪ُ ،‬‬ ‫زعم أنهَّ ا شائ َع ٌة يف العالمَ ِ‬ ‫ه َي”ا ِّللواط” التي َ‬
‫بب يف ذلِ َك يعو ُد إىل‬ ‫الس َ‬ ‫أن َّ‬ ‫وكان يظ ُّن َّ‬ ‫َ‬ ‫هفو ًة أو إث ًام طفيف ًا؛‬ ‫الفروض ز َّل ًة أو َ‬ ‫ِ‬
‫كر َّي ِة واألنثو َّي ِة) يف املنط َق ِة‪ )1(.‬ومل ْ يك ْن (بريتن) الوحيدَ‬ ‫الذ ِ‬
‫األمزجة َّ‬‫ِ‬ ‫ِ‬
‫(متازج‬
‫واص ُلوا‬ ‫ني احلديثِ َ ِ‬ ‫عدد ِم َن املؤ ِّل ِف َ‬ ‫لحظ األمر ذا ُته عىل ٍ‬ ‫يف ذلِ َك‪ ،‬بل ُي ُ‬
‫ني الذي َن َ‬ ‫ُ ُ‬
‫املنشور يف (موسو َع ِة‬ ‫ِ‬ ‫لواط»‬ ‫مقال «ا ِّل ُ‬ ‫ِ‬ ‫كاتب‬
‫ُ‬ ‫يذكر‬
‫مماثل؛ إذ ُ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫بأسلوب‬ ‫الكتاب َة‬
‫الرغ ِم ِم ْن حتري ِم الشرَّ ي َع ِة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اإلسال ِم) بعدَ مئة عا ٍم م ْن مقالة (بريتن) أ َّن ُه عىل ُّ‬
‫ِ‬
‫نحو ُه‬ ‫املوقف َ‬‫ُ‬ ‫َ‬
‫وكان‬ ‫كان شائع ًا‪،‬‬ ‫الفعل َ‬ ‫َ‬ ‫أن هذا‬ ‫لواط» إلاَّ َّ‬ ‫اإلسالم َّي ِة «ا ِّل َ‬
‫ِ‬
‫بب يف‬ ‫الس ِ‬ ‫ِ‬ ‫القرن ال َّث ِ‬‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫متساحم ًا يف الت ِ‬
‫عزو َّ‬ ‫امن‪ ،‬وباإلمكان ُ‬ ‫اإلسالم ِّي بعدَ‬ ‫َّاريخ‬
‫َّثاقف أو الت ِ‬
‫َّالقح‬ ‫و(عملي ِة الت ِ‬ ‫ِ‬ ‫ف‬ ‫األخالق) النَّاج ِم عن الترَّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫(فساد‬ ‫ذلِ َك إىل‬
‫َّ‬
‫مناطق‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اإلسالم ِّي يف‬ ‫انتشار املدِّ‬ ‫ال َّثقافيِ ِّ الواس َع ِة والسرَّ ي َع ِة) التِي أعق َب ْت‬
‫َ‬
‫ِ (‪)2‬‬
‫الشرَّ ِق األوسط‪.‬‬
‫ٍ‬
‫“لواط”‬ ‫تفسري ما ُيظ ُّن يف أ َّن ُه ممُ َار َس ُة‬ ‫ني‬‫املؤر ِخ َ‬ ‫َ‬ ‫وبنحو ٍ‬‫ٍ‬
‫َ‬ ‫حاول أحدُ ِّ‬ ‫مماثل‪،‬‬
‫ِ‬
‫اإلحالة إىل ما‬ ‫ِ‬
‫طريق‬ ‫اإلسالم َّي ِة عن‬
‫ِ‬ ‫احلضارة العربِ َّي ِة‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫“مثل َّي ٌة” شائ َع ٌة يف‬ ‫أو‬
‫املجتم ِع‬ ‫ِ‬
‫بني طبقات‬ ‫ِ‬
‫فر َط يف إشباعها) َ‬ ‫متغاير ٌة ( ُأ ِ‬ ‫ِ‬
‫رغبات جنس َّي ٌة‬
‫ٌ‬ ‫فرتض أ َّن ُه‬
‫ُي ُ‬
‫َ‬ ‫َ‬

‫  حذفت مقالة بريتن اخلتام ّية عن ا ّللواط من أكثر ال ّطبعات ا ّلالحقة هلذه الترّ مجة‪.‬‬ ‫((( ُ‬
‫ولكنّها نُرشت منذ وقت صدروها يف هيئة رسالة علم ّية مستق ّلة حتت عنوان (املنطقة‬
‫السوتاد ّية)‪ .‬افرتض بريتن وجود منطقة جغراف ّية تنترش فيها املثل ّية اجلنس ّية وحيتفي‬ ‫ّ‬
‫إغريقي من القرن‬
‫ّ‬ ‫السكّان هبا‪ .‬واالسم مشتق من سوتاديز (‪ ،)Sotades‬وهو شاعر‬ ‫ّ‬
‫والشعر‬‫الرئيس ملجموعة من كتّاب األدب الفاحش ّ‬ ‫ال ّثالث قبل امليالد كان املم ّثل ّ‬
‫املثيل‪( .‬املرتمجة)‪.‬‬
‫ّ‬
‫ُ‬ ‫ّ‬
‫(((   بالت وآخرون‪« ،‬اللواط‪ .‬أعيد نرش هذه املقالة يف شمت وسوفر (حترير)‪( ،‬املثل ّية‬
‫وزودت‬ ‫الذكور يف املجتمعات املسلمة)‪ّ ،164-151 ،‬‬ ‫اجلنس ّية واأليروس ّية بني ّ‬
‫بملحوظات نقد ّية كتبها أ‪ .‬شمت الذي كشف بنحو واضح ودقيق عن بعض من‬
‫الفوىض املفهومات ّية التي شابت املقال‪.‬‬
‫اإل ْسال ِم ِّي‬ ‫ال ال َع َر ِب ِّي ِ‬ ‫جل ْن ِس َّي ِة يِف ال َع مَ ِ‬ ‫َما َق ْب َل امل ِْثلِ َّي ِة ا ِ‬ ‫‪52‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫األقل ـ قدَّ َم تفسري ًا‬ ‫ِّ‬ ‫مؤر ٌخ واحدٌ َ‬ ‫ِ ِ‬ ‫وثم َة يف‬


‫آخ ُر ـ يف‬ ‫مقابل ذل َك ِّ‬ ‫العليا‪.‬‬
‫(‪)1‬‬
‫َّ‬
‫املثل َّي ِة‬
‫أن السبب يف شيو ِع ِ‬
‫رج َح َّ َّ َ‬
‫ِ‬
‫جوهر َّي ًا عماَّ ٌذك َر يف أعال ُه‪ ،‬إذ َّ‬ ‫ِ‬ ‫خيتلف اختالف ًا‬ ‫ُ‬
‫باإلحباط النَّاج ِم عن عد ِم‬ ‫ِ‬ ‫والش ِ‬
‫عور‬ ‫ني ُّ‬ ‫اجلنس ِ‬ ‫الفص ِل َ‬
‫بني‬ ‫ِ ِ‬
‫َ‬ ‫اجلنس َّية يعو ُد إىل ْ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫نحو‬ ‫الرغبات اجلنس َّية املتخال َفة‪ )2(.‬ويف ضوء كثرة اآلراء واملواقف َ‬ ‫إشبا ِع َّ‬
‫الكثري‬ ‫تكشف‬
‫ُ‬ ‫هذه ال‬ ‫مثل ِ‬ ‫«تفسريات» َ‬ ‫ٍ‬ ‫أن‬‫بعض ُهم َّ‬ ‫املوضوعِ‪ ،‬قد يظ ُّن ُ‬ ‫ُ‬ ‫هذا‬
‫َ‬
‫تفسري أو يف‬ ‫ٍ‬ ‫حاجة إىل‬ ‫ٍ‬ ‫وتقدير ُهم َلمِا هو يف‬‫َ‬ ‫أصحابهِ ا وحت ُّيزاتهِ ِم‬ ‫مواقف ْ‬ ‫َ‬ ‫خال‬
‫احلسبان ـ كام يبدو جل َّي ًا‬ ‫ِ‬ ‫تأخذ ِ‬
‫بعني‬ ‫ات مل ْ ْ‬ ‫هذه الدِّ راس ِ‬ ‫أن ِ‬ ‫واألهم َّ‬ ‫ٍ‬
‫حاجة‪،‬‬ ‫ِ‬
‫غري‬
‫َ‬ ‫ُّ‬
‫وفهمنا‬ ‫َ‬ ‫اجلنس َّي ِة»‬
‫ِ‬ ‫«املثل َّي ِة‬
‫البحث قد ال تشاطرنا رؤيتَنا لـ ِ‬
‫ُ‬
‫ِ‬ ‫وع‬
‫موض َ‬ ‫أن ال َّثقاف َة ُ‬ ‫ـ َّ‬
‫«املثل َّي ِة» كام‬
‫ِ‬ ‫بني‬
‫ارتباط َ‬ ‫ٍ‬ ‫[هذه ال َّثقاف ُة] أي ِ‬
‫وجه‬ ‫َّ‬
‫ِ‬ ‫هلا‪ ،‬وتبع ًا لذلِ َك‪ ،‬قد ال َترى‬
‫نميل نح ُن إىل ربطها هبا‪.‬‬ ‫ظاهرات حمدَّ َد ٍة ُ‬ ‫ٍ‬ ‫وبني‬‫نفهمها‪َ ،‬‬ ‫ُ‬
‫آخ ُر َ‬ ‫َّاب َ‬ ‫ِ ِ‬ ‫املقار َب ِة‬ ‫وخالف ًا ملؤ ِّي ِدي‬
‫ون مثل (أرنو‬ ‫(اجلوهر َّية) أ َّكدَ كت ٌ‬ ‫َ‬
‫شمت ـ‪ ،)Arno Schmitt‬و(أيڤرت راوسن ـ ‪)Everett Rowson‬‬
‫األخري ِة‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫اآلونة‬ ‫اختاروا يف‬ ‫ُ‬
‫و (توماس بوير ـ ‪ِ )Thomas Bauer‬‬
‫الذين‬
‫املثل َّي ِة يف الت ِ‬
‫َّاريخ العربيِ ِّ‬
‫موضو ِع ِ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬
‫لدراسة‬ ‫“بنائ َّي ٍة” عا َّم ٍة‬
‫ِ‬ ‫مقار َب ٍة‬
‫َ‬ ‫تبن َِّي‬
‫احلديث عن‬ ‫ِ‬ ‫اجلنس َّي ِة»‬
‫ِ‬ ‫«املثل َّي ِة‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫غياب َم ْف ُهو ِم‬ ‫اإلسالم ِّي(‪ ...)3‬أ َّكدُ وا عىل‬ ‫ِ‬
‫َني‬ ‫غرار ال َّثقافت ِ‬
‫متيل عىل ِ‬ ‫َت ُ‬ ‫قبل احلدي َث ِة التِي كان ْ‬ ‫اإلسالم َّي ِة ما َ‬‫ِ‬ ‫قافة العربِ َّي ِة‬ ‫ال َّث ِ‬
‫وفق «هل‬ ‫وتقييم ِهم عىل ِ‬ ‫ِ‬ ‫نيف الن ِ‬
‫َّاس‬ ‫الكالسيكي ِة إىل تص ِ‬ ‫ِ‬ ‫والرومانِ َّي ِة‬ ‫ِ ِ‬
‫ْ‬ ‫َّ‬ ‫اليونان َّية ُّ‬
‫رشكائ ِهم‬‫ِ‬ ‫ِ‬
‫جنس‬ ‫مفعول هبِم» ال عىل ِ‬
‫وفق‬ ‫ٌ‬ ‫ون أ ْم‬ ‫اجلنس َّي ِة فاع ُل َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫العالقة‬ ‫ُهم يف‬
‫راس ُة احلالِ َّي ُة‬ ‫اجلنس]‪ .‬وتو ِّف ُر الدِّ َ‬ ‫ِ‬ ‫ال يف‬‫يك مغاير ًا أ ْم مماث ً‬ ‫كان الشرَّ ُ‬ ‫[بمعنَى إذا َ‬
‫إن‬ ‫يقول‪َّ :‬‬‫تطرح رأي ًا ُ‬ ‫ُ‬ ‫الوقت ذاتِ ِه‬ ‫ِ‬ ‫عائ ِهم‪ ،‬ولكنَّها يف‬ ‫بعض ًا ِمن الدَّ ع ِم الد ِ‬
‫ِّ‬ ‫َ‬

‫(((   ڠوتني‪« ،‬عادات عا ّمة النّاس اجلنس ّية»‪.48-47 ،‬‬


‫(((   بوحديبة‪( ،‬اجلنس يف اإلسالم)‪.201-200 ،33-32 ،‬‬
‫الذكور»؛ شمت «ا ّللواط يف الفقه»؛‬ ‫(((   شمت‪« ،‬مقاربات خمتلفة للجنسان ّية بني ّ‬
‫اجلنيس»؛ راوسن «روايتان مثل ّيتان من‬
‫ّ‬ ‫راوسن‪« ،‬حتديد الفئات اجلنوس ّية ّ‬
‫والشذوذ‬
‫اململوكي»؛ بوير ’ ‪.‘Liebe und Liebesdichtung‬‬ ‫ّ‬ ‫األدب‬
‫‪53‬‬ ‫املقدمة‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ٍ‬
‫متايزات ال‬ ‫بني عدَّ ِة‬‫ب َ‬ ‫واملفعول ِبه‪ ،‬هو ٌ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫فحس ُ‬
‫ْ‬ ‫متايز واحدٌ‬ ‫الفاعل‬ ‫بني‬
‫َّاميز َ‬
‫الت َ‬
‫مه َّيتِها البال َغ ِة يف‬ ‫ِ‬
‫الرغ ِم م ْن أ ِّ‬ ‫ُ‬
‫احلديث عىل ُّ‬ ‫اجلنس َّي ِة»‬
‫ِ‬ ‫«املثل َّي ِة‬
‫ِ‬ ‫يعكسها َم ْف ُهو ُم‬
‫ُ‬
‫وص َل ْت إلينا‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫املتضمنَة يف الن ُُّص ِ‬ ‫ِ‬
‫َف ْه ِم املواقف‬
‫وص التي َ‬ ‫َّ‬
‫ِ‬
‫الفاعل‬ ‫ِ‬
‫العالقات عىل‬ ‫إن التَّشديدَ احلصرْ ِ َّي يف تناولِنا هلذا النَّو ِع ِم َن‬ ‫َّ‬
‫راس ِة ـ‬
‫موضو ِع الدِّ َ‬
‫ِ‬
‫احلقبة ُ‬ ‫أكثر َّي ِة كت ِ‬
‫َّاب‬ ‫واملفعول به‪ ،‬ل ْن يساعدَ نا يف فه ِم ِ‬ ‫ِ‬
‫واحد‬‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫موقف‬ ‫رباوي ـ مل ْ يعبرِّ ُ وا عن‬ ‫ِ‬
‫(عبد اهللِ َّ‬
‫الش‬ ‫ِ‬
‫الفقيه‬ ‫الذي َن عىل شاك َل ِة‬ ‫ِ‬
‫ِّ‬
‫ِ‬
‫واالفتتان‬ ‫ِ‬
‫الوله‬ ‫بني‬ ‫اجلنس َّي ِة “الفاع َل ِة” بل عدُّ وا الت َ‬
‫َّمييز َ‬ ‫ِ‬ ‫املثل َّي ِة‬
‫حتَّى نحو ِ‬
‫َ‬
‫سيِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫امللتهب واالت َِّصال [اجلن ِّ ]‬ ‫بني الت ِ‬
‫َّقبيل‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫والشهوة اجلنس َّية مثالً‪ ،‬أو َ‬ ‫ِ‬
‫العاطف ِّي َّ‬
‫الشرَّ ِج ِّي متييز ًا رضور َّي ًا‪.‬‬

‫املواقف‬
‫َ‬ ‫ات ال َّثانو َّي ِة التِي تناو َل ْت‬ ‫ويتألف اجلزء األكرب ِمن األدبِي ِ‬
‫َّ‬ ‫ُ َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫ات وتعليقاتٍ‬ ‫مناقش ٍ‬
‫َ‬ ‫املثل َّي ِة اجلنس َّية يف احلضارة العربِ َّية اإلسالم َّية م ْن‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫نحو ِ‬
‫َ‬
‫َّارخيي ِة التِي متتدُّ عليها هذهِ‬
‫قعة اجلغرافِي ِة والت ِ‬ ‫كامل الر ِ‬ ‫ٍ‬
‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫ِ ُّ‬ ‫ُ‬
‫حتاول تغطي َة‬ ‫موج َزة‬
‫َ‬
‫احلضارةُ‪.‬‬ ‫َ‬
‫واحد‬ ‫ٍ‬ ‫نص‬ ‫ِ ِ‬ ‫ُ‬ ‫و َي ْصدُ ُق هذا‬
‫راسات التي رك ََّز ْت عىل ٍّ‬ ‫القول حتَّى عىل الدِّ َ‬
‫ٍ‬
‫بشكل‬ ‫ات‬‫راس ُ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫وع َّي ًا‪ ،‬إذ‬ ‫موض ِ‬ ‫وص مرتاب َط ٍة ُ‬ ‫نص ٍ‬ ‫ِ‬
‫حتاول هذه الدِّ َ‬ ‫جممو َعة ُ‬ ‫أو ُ‬
‫هذه احلضارة‪ِ،‬‬ ‫“املثلي ِة” يف ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫شكل ملحوظات عا َّمة عن‬ ‫َّخذ َ‬ ‫ٍ‬
‫توفري سياق يت ُ‬ ‫عا ٍّم‬
‫َّ‬ ‫َ‬
‫االنتقائيةِ‬ ‫ِ‬ ‫توظيف شديدِ‬
‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫مثل هذه عىل‬ ‫ملحوظات عا َّم ٌة ُ‬
‫ٌ‬ ‫ات أو‬ ‫مناقش ٌ‬ ‫َ‬ ‫وتستندُ‬
‫َّ‬
‫قرون ومواقع جغرافيةٍ‬ ‫ٍ‬ ‫موضوعاتهُ ا وحماورها عىل عدَّ ةِ‬ ‫ُ‬ ‫ادر التي متتدُّ‬ ‫ِ‬ ‫للمص ِ‬
‫َّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫األمر عندَ هذا احلدِّ ‪ ،‬بل يتعدَّ ا ُه غالب ًا إىل االستناد يف‬ ‫خمتل َفة‪ ،‬وال ُ‬
‫يقف‬ ‫ٍ‬
‫ُ‬
‫يتجاوز عدد أصابع ِ‬ ‫ٍ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اليد‬ ‫َ َ َ‬ ‫ُ‬ ‫ادر ال‬
‫مص َ‬ ‫املتعج َلة واجلار َفة إىل عدد م ْن َ‬ ‫ِّ‬ ‫املزاع ِم‬
‫واملقار ِن يف جام َع ِة‬ ‫ٍ‬ ‫مص ٍ‬
‫َ‬ ‫األدب العربيِ ِّ‬‫ِ‬ ‫واحد!(‪ )1‬إذ ذك ََّر أستا ُذ‬ ‫در‬ ‫أو حتَّى عىل ْ‬

‫املوجهة إىل بعض من املصادر ال ّثانو ّية عن املثل ّية اجلنس ّية‬
‫((( لالستزادة بشأن االنتقادات ّ‬
‫الرغبة‪ :‬املثل ّية يف املشهد‬ ‫اإلسالمي‪ ،‬انظر مسعد «إعادة توجيه ّ‬
‫ّ‬ ‫يب ‪-‬‬
‫يف التّاريخ العر ّ‬
‫يب»‪.363-362 ،‬‬
‫ّ‬ ‫العر‬ ‫الدّ و ّيل والعامل‬
‫اإل ْسال ِم ِّي‬ ‫ال ال َع َر ِب ِّي ِ‬ ‫جل ْن ِس َّي ِة يِف ال َع مَ ِ‬ ‫َما َق ْب َل امل ِْثلِ َّي ِة ا ِ‬ ‫‪54‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫املثال يف‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫سبيل‬ ‫كاليفورنيا (جيمس ت‪ .‬مونرو ـ‪ )James. T. Minroe‬يف‬
‫املفار َق ِة‬
‫َ‬ ‫ُّب‬ ‫ِ‬
‫باحلاجة إىل جتن ِ‬ ‫ِ‬
‫لإلعجاب‪ ،‬ذك ََّر‬ ‫وعي ٍ‬
‫مثري‬ ‫دراسة له كش َف ْت عن ٍ‬ ‫ٍ‬
‫أن‬‫اإلسالم َّي ِة‪ ،‬وبينَّ َ َّ‬
‫ِ‬ ‫قافة العربِ َّي ِة‬
‫املثلي ِة يف ال َّث ِ‬ ‫ِ‬
‫نحو َّ‬
‫ِ‬
‫مناقشة املواقف َ‬
‫َ ِ‬ ‫َّارخي َّي ِة يف‬
‫الت ِ‬
‫ِ‬
‫وطبيع َّي ًة‬ ‫بوص ِف ِه حاالً (عاد َّي ًة‬ ‫ليِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫االنجذاب «املث ِّ » ْ‬ ‫ينظر إىل‬ ‫«الفق َه اإلسالم َّي» ُ‬
‫مثل‬ ‫أن انجذاب ًا َ‬ ‫«املسيح َّي ِة» التِي َترى َّ‬
‫ِ‬ ‫واضح وصرَ ٍ‬
‫يح مع‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫تناقض‬ ‫متام ًا) يف‬
‫ِ ِ (‪)1‬‬ ‫(عارض يِ‬
‫مرض يف َّ‬
‫الشخص َّية)‪.‬‬ ‫ٌّ‬ ‫ٌ‬ ‫هذا هو‬
‫ِ‬
‫القرن‬ ‫إسالم ٌّي ِم َن‬
‫ِ‬ ‫يدعم ا ِّدعا َء (مونرو) أدلىَ به فقي ٌه‬‫ُ‬ ‫رأي وحيدٌ‬‫وثم َة ٌ‬ ‫َّ‬
‫ِ‬
‫جل الذي يدِّ عي القدر َة عىل الن ِ‬
‫َّظر إىل أ ْم َر َد َح َس ِن‬ ‫ِ‬ ‫الر َ‬ ‫ال َّثانيِ عشرَ َ ‪ ،‬يفيدُ َّ‬
‫أن َّ‬
‫ٍ‬
‫نسخة‬ ‫ُ‬
‫إمكان الدِّ فا ِع عن‬ ‫رج ُح‬ ‫تلذ ٍذ هو ٌ‬ ‫ٍ‬
‫شهوة أو ُّ‬ ‫الوجه ِ‬‫ِ‬
‫كاذب! و ُي َّ‬
‫ٌ‬ ‫رجل‬ ‫بغري‬
‫ِ‬
‫احلاالت مجيع ًا التَّفك ُُّر‬ ‫واألفض ُل يف‬ ‫عاء (مونرو)‬‫معدَّ َل ٍة ومن َّقح ٍة نسبِي ًا ِمن اد ِ‬
‫َ‬ ‫َّ ْ ِّ‬ ‫َ‬
‫قبل تقدي ِم‬ ‫وص َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫أي ودراس ُة املزيد م َن الن ُُّص ِ‬ ‫ِ‬ ‫يف الس ِ‬
‫الر ُ‬
‫برز فيه هذا َّ‬ ‫ياق الذي َ‬ ‫ِّ‬
‫مثل هذا‪.‬‬ ‫متعج ٍل وعا ٍّم ِ‬ ‫اد ٍ‬
‫عاء‬
‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫متيل‬ ‫فه َي ُ‬ ‫االنتقائ َّي ِة‪ِ ،‬‬
‫ِ‬ ‫آخر ِم َن‬
‫نوع ُ‬ ‫املتوافر َة ٌ‬
‫َ‬ ‫ات ال َّثانو َّي َة‬ ‫ويشوب األدبِي ِ‬
‫َّ‬ ‫ُ‬
‫ين ِم َن األعاملِ‬ ‫ني حمدَّ َد ِ‬ ‫الشواهد م ْن نو ٍع أو نو َع ِ‬‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫استخالص َّ‬ ‫كيز عىل‬ ‫إىل الترَّ ِ‬
‫يبذل‬ ‫الفقه َّي ِة أو ال ِّط ِّب َّي ِة‪ .‬وزياد ًة عىل ذلِ َك‪ ،‬مل ْ ْ‬ ‫ِ‬ ‫وص‬‫عر أو الن ُُّص ِ‬ ‫الش ِ‬ ‫املؤ َّل َف ِة ِ‬
‫مثل ِّ‬
‫البحث عن األد َّل ِة والتَّح ُّق ِق منها‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اجلهود يف‬ ‫يكفي ِم َن‬ ‫اآلن ما ِ‬ ‫ون إىل َ‬ ‫الباح ُث َ‬
‫وص‪ ،‬ومل يسعوا يف الر ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫الكثري ِة‬
‫بط فيام بينَها؛ وقدْ‬ ‫َّ‬ ‫املتوافرة م َن الن ُُّص ِ ْ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫يف األنوا ِع‬
‫حقل معينَّ ٍ‬‫ٍ‬ ‫ص يف‬ ‫َّخص ِ‬ ‫ني إىل الت ُّ‬ ‫ني احلديثِ َ‬ ‫يل الباحثِ َ‬ ‫بب يف ذلِ َك إىل َم ِ‬ ‫الس ُ‬ ‫ُي َر ُّد َّ‬
‫اإلسالمي أو الصوفِية‪ِ،‬‬ ‫ِ‬ ‫عر العربيِ أو الفقهِ‬ ‫الش ِ‬ ‫ِ‬
‫تاريخ الشرَّ ق األوسط أو ِّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫مثل‬
‫ُّ َّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫تقع‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫العذر يف ذلِ َك ‪ -‬يف ِ‬ ‫وتر ُّد ِد ِهم‪ -‬وهلُم‬
‫األخرى التي ُ‬ ‫َ‬ ‫احلقول‬ ‫أغوار‬ ‫سرب‬ ‫ُ‬
‫رضور َّي ٌة ِم ْن‬
‫ِ‬ ‫مقار َب ٌة‬ ‫ِ ِ‬
‫مثل هذه‪ ،‬ه َي َ‬
‫ِ‬
‫املعارف» َ‬ ‫«متامزج َة‬
‫َ‬ ‫مقار َب ًة‬
‫أن َ‬ ‫خارج ُه؛ إلاَّ َّ‬
‫َ‬
‫ّعري الذي وبِ َخ ألجلها ابن أيب بكر قزمان املتعجرف‪ :‬هل حلق‬ ‫(((   مونرو‪« ،‬رقصة الت ّ‬
‫الشاعر يتسلىّ ؟)‪ .117-116 ،‬كان أبو بكر قزمان واحدا‬ ‫باألب‪ ،‬أم كان ّ‬
‫ّ‬ ‫العار‬
‫ِ‬
‫الزجل يف األندلس‪ .‬ولد يف قرطبة وكانت أرسته من أكابر األرس‬ ‫من أشهر شعراء ّ‬
‫العريقة يف األندلس‪ ،‬وتوفيّ فيها يف عهد املرابطني‪.‬‬
‫‪55‬‬ ‫املقدمة‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫والش ِ‬
‫واهد‬ ‫ِ‬
‫األمثلة َّ‬ ‫انتشار‬ ‫ِ‬
‫احلسبان‬ ‫أخذنا ِ‬
‫بعني‬ ‫وص ًا إذا ْ‬ ‫دون أدنى ٍّ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫خص َ‬ ‫شك‪ُ ،‬‬
‫ِ‬ ‫املثل َّي ِة يف الت ِ‬‫املواقف نحو ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الن َِّّص َّي ِة املت َِّص َل ِة‬
‫اإلسالم ِّي‬ ‫َّاريخ العربيِ ِّ‬ ‫َ‬ ‫بدراسة‬
‫ِ‬
‫وتفاسري‬ ‫ِ‬
‫اإلسالم ِّي‬ ‫ِ‬
‫الفقه‬ ‫وكتب‬‫ِ‬ ‫كتب الترَّ اج ِم‬‫مثل ِ‬ ‫أجناس كتابِ َّي ٍة ِ‬
‫ٍ‬ ‫يف عدَّ ِة‬
‫ِ‬
‫بأنواعها كا َّف ًة‪.‬‬ ‫األخرى‬ ‫واألعامل األدبِ َّي ِة‬
‫ِ‬ ‫الصوفِ َّي ِة وال ِّط ِّب َّي ِة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫والكتب ُّ‬ ‫القرآن‬

‫ات التِي يمك ُن ِم ْن خاللهِ ا‬ ‫ادر واألدبِي ِ‬


‫َّ‬ ‫واملص ِ‬ ‫َ‬ ‫هائل ِم َن املوا ِّد‬ ‫كم ٌ‬ ‫وثمة ٌّ‬ ‫َّ‬
‫ِ‬
‫احلضارة اإلسالم َّية‪ ،‬أو حتَّى‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫نحو “املثل َّية” يف َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫للراغبِ َ‬
‫ني ‪ -‬جال ُء املواقف َ‬ ‫ـ َّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫العرشي َن‪ .‬ول ْن‬ ‫القرن‬ ‫الساب ِع إىل‬ ‫احلضارة العربِ َّية اإلسالم َّية م َن القرن َّ‬
‫واهد الن َِّّص َّي ِة‬
‫الش ِ‬ ‫عدد َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫جلهة‬ ‫ِ‬
‫انتقائ َّي ًة‬ ‫أقل‬ ‫راس ُة التِي تتم َّي ُز بكونهِ ا َّ‬ ‫تغ ِّط َي الدِّ َ‬
‫واألجناس الكتابِ َّي ِة التِي تستندُ إليها؛ ل ْن تغ ِّط َي ـ وهذا‬ ‫ِ‬ ‫تتضمنُها‬
‫َّ‬ ‫التِي‬
‫ين نسبِ َّي ًا‪ .‬ومث َلام‬ ‫ني وحمدو َد ِ‬ ‫نطاق جغرافيِ ٍّ وزمنِ ٍّي خمتز َل ِ‬ ‫بحك ِم املؤك َِّد ـ سوى ٍ‬
‫ِ‬
‫األجزاء النَّاط َق ِة‬ ‫العنوان‪ ،‬فقدْ رك َّْز ُت يف دراستِي احلالِ َّي ِة عىل‬ ‫ِ‬ ‫جل َّي ًا يف‬ ‫يظهر ِ‬
‫ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ادس عشرَ َ إىل‬ ‫الس َ‬ ‫با ُّللغة العربِ َّية م َن اإلمرباطور َّية العثامن َّية م ْن مطل ِع القرن َّ‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫َّاسع عشرَ َ‬ ‫القرن الت َ‬ ‫وف‪ ،‬فقدْ شهدَ‬ ‫عر ٌ‬ ‫َّاسع عشرَ َ ‪ ،‬وكام هو َم ُ‬ ‫مطل ِع القرن الت َ‬
‫األجزاء‪ ،‬وقدْ ُقدِّ َر للمجابهَ َ ِة مع‬ ‫ِ‬ ‫كر الغربِي ِة يف ِ‬ ‫القي ِم ِ‬
‫والف ِ‬ ‫ِ‬
‫هذه‬ ‫َّ‬ ‫بداي َة تو ُّغ ِل َ‬
‫حكمها يف‬ ‫ُ‬ ‫امللكة ڤكتوريا التِي امتدَّ‬ ‫ِ‬ ‫الڤكتور َّي ِة (نسب ًة إىل‬
‫ِ‬ ‫األخالق َّي ِة‬
‫ِ‬ ‫املن ُظو َم ِة‬
‫موج ٍز يف‬ ‫بنحو َ‬ ‫ٍ‬ ‫سأعرض‬ ‫ُ‬ ‫بريطانيا ِم ْن عا ِم (‪1837‬م) إىل عا ِم ‪1901‬م) مث َلام‬
‫عرف بـ‬ ‫أضحى ُي ُ‬ ‫َ‬ ‫املواقف املح ِّل َّي ِة َلمِا‬ ‫ِ‬ ‫متارس تأثري ًا عميق ًا يف‬ ‫َ‬ ‫أن‬ ‫اخلامت َ ِة؛ ُقدِّ َر هلا ْ‬
‫ٍ‬
‫لدراسة‬ ‫متهيد ال َّط ِ‬
‫ريق‬ ‫ِ‬ ‫راس ُة احلالِ َّي ِة يف‬ ‫وآمل ْ‬ ‫ذوذ اجلنسيِ ِّ » ُ‬ ‫«الش ِ‬ ‫ُّ‬
‫تسهم الدِّ َ‬ ‫َ‬ ‫أن‬
‫طبيعة هذا الت ِ‬
‫َّأثري‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫الضو َء عىل‬ ‫توج ُه َّ‬ ‫أخرى ِّ‬ ‫َ‬
‫أن احلدو َد اجلغرافِ َّي َة والزمنِ َّي َة‬ ‫أضيف َّ‬‫َ‬ ‫ستحس ُن يف هذا املقا ِم ْ‬
‫أن‬ ‫َ‬ ‫و ُي‬
‫َت سائدَ ًة يف‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫املفروض َة ال تعني التزام ًا م ْن جانبِي بفرا َدة املواقف التي كان ْ‬ ‫َ‬
‫فكرة أو مسأ َلةٍ‬ ‫ٍ‬ ‫كل‬ ‫بأن َّ‬ ‫ِ‬
‫وأن أبينِّ َ عد َم ن َّيتي اال ِّدعا َء َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫تلك املنط َقة أو احلقبة‪ْ ،‬‬‫َ‬
‫ِ‬ ‫األبكر ِم َن الت ِ‬
‫ِ‬
‫اإلسالم ِّي‪ ،‬إذ‬ ‫َّاريخ العربيِ ِّ‬ ‫ِ‬
‫احلقب‬ ‫أطرحها ست َْصدُ ُق عىل‬‫ُ‬
‫ٍ‬
‫لشخص؛ إ َّما‬ ‫ِ‬
‫اجلانب‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫احلب العفيف أحاد ِّي‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫سبيل املثال ُصور ُة‬ ‫هتيم ُن يف‬
‫ِّ‬
‫اإل ْسال ِم ِّي‬ ‫ال ال َع َر ِب ِّي ِ‬ ‫جل ْن ِس َّي ِة يِف ال َع مَ ِ‬ ‫َما َق ْب َل امل ِْثلِ َّي ِة ا ِ‬ ‫‪56‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫الش ِ‬
‫عر الغزليِ ِّ يف‬ ‫ِ‬
‫العادة؛ هتيم ُن عىل ِّ‬ ‫غري حمدَّ ٍد‪ ،‬وإ َّما ذكر ًا يف‬ ‫ُ‬
‫جنس ُه َ‬‫يكون ُ‬
‫راس ِة‪.‬‬ ‫احلقبة َّ ِ ِ ِ‬
‫الزمن َّية قيد الدِّ َ‬
‫ِ‬

‫ِ‬
‫األبكر‬ ‫ِ‬
‫املراحل‬ ‫اجلانب وقدْ ال َي ْصدُ ُق عىل‬ ‫ُ‬ ‫وبداه ًة‪ ،‬قد َي ْصدُ ُق هذا‬
‫ِ‬
‫احلقبة‬ ‫ون يف‬ ‫ِ‬
‫اإلسالم ُّي َ‬ ‫وإضاف ًة إىل ذلِ َك‪َ ،‬يرى الفقها ُء‬ ‫َّاريخ العربيِ ِّ ‪َ ،‬‬‫ِم َن الت ِ‬
‫جائز‬ ‫(مجع أ ْم َر َد) ٌ‬ ‫ُ‬ ‫عر الغزليِ ِّ عن ا ُمل ْر ِد‬
‫الش ِ‬
‫نظم ِّ‬ ‫أن َ‬ ‫بنحو عا ٍّم َّ‬‫ٍ‬ ‫راس ِة‬ ‫موضو ِع الدِّ َ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الساب َقة م َن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫أخرى‪ ،‬قد َي ْصدُ ُق ذل َك وقدْ ال َي ْصدُ ُق عىل‬ ‫ِ‬
‫احلقب َّ‬ ‫ومر ًة َ‬‫دين َّي ًا‪َّ .‬‬
‫مقار َب ٍة‬ ‫أفضل َ‬ ‫َ‬ ‫العمو ِم َّ‬
‫أن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َّاريخ العربيِ ِّ اإلسالم ِّي‪ .‬ويبدُ و يل عىل وجه ُ‬ ‫الت ِ‬
‫اإلسالم َّي ِة ِه َي‬
‫ِ‬ ‫احلضارة العربِ َّي ِة‬ ‫ِ‬ ‫املثل َّي ِة يف‬
‫املواقف نحو ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫تاريخ‬ ‫الستقص ِ‬
‫اء‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ب‪،‬‬ ‫ِ‬
‫األكثر حتديد ًا يف نطاقها‪ ،‬وعندَ ها‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫فحس ُ‬ ‫ْ‬ ‫راسات‬ ‫إجرا ُء سلسلة م َن الدِّ َ‬
‫احلقب‬ ‫ِ‬ ‫بني‬ ‫االستمرار َّي ِة والت ِ‬
‫َّغيري َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫حاالت‬ ‫قيق يف‬‫َّوازن الدَّ ُ‬‫سيغدُ و واضح ًا الت ُ‬
‫واملناطق املختل َف ِة‪.‬‬
‫ِ‬ ‫الزمنِ َّي ِة‬‫َّ‬
‫ِّراس ِة احلا ِل َّي ِة‪:‬‬ ‫ٌ‬
‫ عرض بالد َ‬
‫ِ‬ ‫راس ِة احلالِ َّي ِة أنهَّ ا ٌ‬
‫كر ِّي عىل‬ ‫والف ِ‬ ‫َّاريخ ال َّثقافيِ ِّ‬
‫عمل يف الت ِ‬ ‫تص ُّو ُر الدِّ َ‬ ‫يمك ُن َ‬
‫جل ما‬ ‫إن َّ‬ ‫ف بؤر َة اشتغالهِ ا‪ ،‬بل َّ‬ ‫املاض ال يؤ ِّل ُ‬ ‫لوك املثليِ يف يِ‬
‫َّ‬ ‫الس َ‬ ‫أن ُّ‬ ‫الرغ ِم ِم ْن َّ‬ ‫ُّ‬
‫ستحس ُن ـ عىل‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫مثل هذا وكيف َّي ُة متثيله‪ .‬و ُي‬ ‫ٍ‬
‫ترك ُِّز عليه‪ ،‬هو كيف َّي ُة خت ُّي ِل سلوك ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫القارئ]‬ ‫وتوضيحها‪ ،‬فأنا ال أو َّد اإلحيا َء [إىل‬ ‫ُ‬ ‫هذه املسأ َل ِة‬ ‫ِ‬ ‫اجح ـ توكيدُ‬ ‫الر ِ‬ ‫َّ‬
‫يح مع التَّصانيفِ‬ ‫ٍ‬
‫سلوك األفراد اجلن ُّ بنحو َصار ٍم وصرَ ٍ‬ ‫سيِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫يتوافق‬
‫َ‬ ‫بوجوب ْ‬
‫أن‬ ‫ِ‬
‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫جمتمعاهتِم! ولذل َك‪ ،‬سيتك ُ‬
‫َّرر‬ ‫عتمدَ ة يف َ‬ ‫أو ا َمل ْف ُهومات اجلنس َّية املهيمنَة أو ا ُمل َ‬
‫الذاتِي َة واملؤ َّل ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫راس ِة يف‬ ‫ِ‬
‫فات‬ ‫السيرَ َ َّ َّ‬ ‫أن ِّ‬ ‫فكرة تفيدُ َّ‬ ‫طرح‬
‫املثال ُ‬ ‫سبيل‬ ‫يف هذه الدِّ َ‬
‫بني‬ ‫َّمييز َم ْف ُهوماتِ َّي ًا َ‬ ‫متيل إىل الت ِ‬ ‫البحث‪ُ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫[الزمنِي ِة] ِ‬
‫قيد‬ ‫ِ‬
‫املاجنَ َة م َن احلقبة َّ َّ‬
‫ِ‬
‫املفعول به ‪ /‬ا ُملخن ِ‬ ‫ِ‬ ‫السلبِ ِّي ‪/‬‬ ‫ِ‬
‫َّث‪،‬‬ ‫وبني ا ِّللواط ِّي َّ‬ ‫َ‬ ‫الفاعل ‪ /‬اإلجيابيِ ِّ‬ ‫ِ‬ ‫ا ِّللوا َط ِّي‬
‫ٍ‬
‫بنحو‬ ‫ون دائ ًام‬ ‫أن األفرا َد يتصرَ َّ ُف َ‬ ‫أن ذلِ َك ال يعنِي َّ‬ ‫توكيد َّ‬ ‫ِ‬ ‫وليس بنا حاج ٌة إىل‬ ‫َ‬
‫إثبات التَّوجهِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬
‫إمكان‬ ‫بب ذاته‪ ،‬قد يتسنَّى لنا‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وللس ِ‬ ‫ِ‬
‫يتناغم مع هذا التَّاميز؛‬
‫ُّ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َّاس عىل‬ ‫تصنيف الن ِ‬ ‫نحو ْ‬ ‫املهيمن يف العالمَ ِ الغربيِ ِّ احلديث َ‬ ‫ِ‬
‫اخلطاب‬ ‫العا ِّم يف‬
‫‪57‬‬ ‫املقدمة‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(فاعل‬ ‫ٌ‬ ‫اجلنس َّي ِة ال أعاملهَ ُم َّ‬


‫املفض َل َة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫العالقة‬ ‫ني يف‬ ‫املفض ِل َ‬‫رشكائ ِهم َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫جنس‬ ‫ِ‬
‫وفق‬
‫أن‬ ‫فإن ذلِ َك ال يعنِي َّ‬ ‫احلال‪َّ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫واقع‬‫َ‬ ‫كان ذلِ َك هو‬ ‫مفعول به) وحتَّى لو َ‬ ‫ٌ‬ ‫أو‬
‫السائدَ‬ ‫نيف َّ‬ ‫متو َه الت َّْص َ‬ ‫أن ِّ‬ ‫بطرائق ِم ْن شأنهِ ا ْ‬ ‫َ‬ ‫أفراد ًا بأعينِ ِهم ال يتصرَ َّ ُف َ‬
‫ون‬
‫جنس َّي ٌة مع‬ ‫عالقات ِ‬ ‫اجلنس‪ ،‬وله‬ ‫ِ‬ ‫جل ِ‬
‫ثنائ َّي‬ ‫الر ُ‬ ‫ُ‬ ‫وتنته َك ُه؛ مثالً‪ ،‬حينَام‬
‫ٌ‬ ‫يكون َّ‬
‫ِ‬
‫«املفعول به»‪.‬‬ ‫عمل‬‫أن يؤ ِّد َي َ‬ ‫قط ْ‬ ‫يقبل ُّ‬ ‫كليهام‪ ،‬ولكنَّ ُه ال ُ‬ ‫ني ِ‬ ‫ِ‬ ‫الن ِ‬
‫واملراهق َ‬ ‫ِّساء‬
‫ٍ‬ ‫جانب ِ‬ ‫ٍ‬ ‫هذا ِم ْن‬
‫ليس مق ُبوالً وال معقوالً ظاهر ًا الت ُ‬
‫َّفكري‬ ‫آخر‪َ ،‬‬ ‫جانب َ‬ ‫وم ْن‬
‫بوص ِف ِه تقسي ًام َصارم ًا وال اإلصرْ ُار عىل‬ ‫والسلوك ْ‬
‫ِ‬
‫بني التَّمثيالت ُّ‬
‫ِ‬ ‫َّاميز َ‬ ‫يف الت ِ‬
‫لوك] َّ نيِ‬ ‫ول متام ًا عن ال َّثانيِ [أي الس ِ‬ ‫مفص ٌ‬ ‫ِ‬
‫وأن ال َّثا َ‬ ‫ُّ‬ ‫األو َل [أي التَّمثيالت] ُ‬ ‫أن َّ‬ ‫َّ‬
‫رب ممَّا ينبغي‬ ‫ِ‬ ‫أحسب َّ‬ ‫ِ‬
‫باألو ِل‪ .‬وتأسيس ًا عىل ذل َك‪،‬‬ ‫ال يتأ َّث ُر ُّ‬
‫أن اجلز َء األك َ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫قط‬
‫أمور تت َِّص ُل باألنامطِ‬ ‫سيكشف كذل َك عن ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫السائدَ ة‬ ‫يل قو ُل ُه بشأن الت ََّص ُّورات َّ‬
‫لوك َّي ِة العا َّم ِة‪.‬‬ ‫الس ِ‬
‫ُّ‬
‫مون يف‬ ‫ون واملتع ِّل َ‬ ‫احلرض ُّي َ‬ ‫ِ‬ ‫ون‬ ‫املسلم َ‬ ‫يشرتك فيها‬ ‫ُ‬ ‫أساس َّي ٌة‬ ‫ِ‬ ‫وثم َة سم ٌة‬
‫ُ‬ ‫َّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫املناطق النَّاط َقة بالعرب َّية يف اإلمرباطور َّية العثامن َّية َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ادس عشرَ َ‬ ‫الس َ‬ ‫بني القرنَني َّ‬
‫أتعامل معها‬ ‫ُ‬ ‫السم ُة ِه َي متثي ُل ُهم ال َّثقاف َة التِي‬ ‫ني‪ ،‬وهذه ِّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫امليالد َّي ِ‬
‫وال َّثام َن عشرَ َ‬
‫راس ِة‪.‬‬ ‫يف هذه الدِّ َ‬
‫ِ‬

‫سأستعني هبا‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫واهد الن َِّّص َّي ِة التِي‬ ‫بالش ِ‬ ‫آخ ُر أساسيِ ٌّ يت َِّص ُل َّ‬ ‫جانب َ‬ ‫ٌ‬ ‫وثم َة‬ ‫َّ‬
‫ودمشق‪،‬‬ ‫َ‬ ‫ِ‬
‫القاهرة‪،‬‬ ‫احلرض َّية ِ‬
‫مثل‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫إذ إنهَّ ا كُت َب ْت بنحو ثابت تقريب ًا يف املراكز‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫َ‬
‫واهد الن َِّّص َّي ِة‬ ‫بالش ِ‬ ‫واملقصو ُد َّ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫واملدينة‪.‬‬ ‫وحلب‪ ،‬وا َمل ْو ِص ِل‪ ،‬وبغدا َد‪ ،‬وم َّك َة‪،‬‬ ‫َ‬
‫واألعامل األدبِيةِ‬ ‫ِ‬ ‫مثل احلول َّيات والترَّ اج ِم‬ ‫ِ‬ ‫ادر األدبِ َّي ُة العرب َّي ُة ُ‬
‫َّ‬ ‫املص ُ‬ ‫هنا َ‬
‫يدل‬ ‫اإلسالم َّي ِة‪ )1(،‬وهذا ُّ‬ ‫ِ‬ ‫والصوفِ َّي ِة‬ ‫ُّ‬ ‫الفقه َّي ِة‬
‫ِ‬ ‫فات‬‫عري ِة والن َِّثري ِة واملؤ َّل ِ‬
‫َّ‬ ‫الش ِ َّ‬ ‫ِّ‬

‫(((   يطلق وصف «اسم» احلول ّيات عىل نوعني من األعامل األدب ّية‪ .‬وهو اسم مأخوذ من‬
‫الشخص ّية (مذكّرات)‪ .‬إلاّ‬ ‫فاألول نثر أشبه ما يكون ّ‬
‫بالذكريات ّ‬ ‫السنة‪،‬‬ ‫ِ‬
‫ّ‬ ‫«احلَ ْول» أي ّ‬
‫أن األهم يف هذا النّوع احلول ّيات التي تو ّثق التّاريخ واحلادثات العا ّمة عاما بعام؛‬‫ّ‬
‫اجلزري املوصيل املعروف بابن‬
‫ّ‬ ‫عز الدّ ين‬‫ومن أبرز شخص ّيات هذا الف ّن من القدامى ّ‬
‫الرمحن‬ ‫ّ‬ ‫عبد‬ ‫متأخرهيم‬ ‫ومن‬ ‫ّاريخ»‬‫ت‬ ‫ال‬ ‫يف‬ ‫األثري (توفيّ سنة ‪ 630‬هـ) يف كتابه «الكامل‬
‫ّ‬
‫اإل ْسال ِم ِّي‬ ‫ال ال َع َر ِب ِّي ِ‬ ‫جل ْن ِس َّي ِة يِف ال َع مَ ِ‬ ‫َما َق ْب َل امل ِْثلِ َّي ِة ا ِ‬ ‫‪58‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫كور َّي ِة املتع ِّل َم ِة‬


‫الذ ِ‬ ‫ُّخب ُّ‬ ‫ِ‬
‫بمواقف الن ِ‬ ‫بنحو ضمنِ ٍّي وحمتو ٍم عىل حت ُّي ٍز فيام يت َِّص ُل‬ ‫ٍ‬
‫أن‬‫ويتعذ ُر ْ‬‫َّ‬ ‫األعامل أو كُتِ َب ْت هلُم!‬ ‫َ‬ ‫ُّخب التِي كتب أفرادها ِ‬
‫هذه‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫وقيمها؛ الن ِ‬ ‫ِ‬
‫هذه ت َْصدُ ُق‬ ‫مثل ِ‬ ‫ومواقف َ‬ ‫أن ِق َي ًام‬ ‫َّفكري يف َّ‬‫إمكان الت ِ‬ ‫َ‬ ‫جيل ـ‬
‫َ‬ ‫نفرتض ـ وهذا ٌّ‬ ‫َ‬
‫ويظهر‬‫ُ‬ ‫ِ‬
‫َّشويش‪.‬‬ ‫املزيد ِم َن الت‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫إحداث‬ ‫اجتامعي ٍة أخرى ِمن ِ‬
‫دون‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬
‫ِ‬ ‫رشائح‬
‫َ‬ ‫عىل‬
‫أن ال َّتي ِ‬ ‫ِ‬ ‫أسباب موج َب ٌة تدعونيِ إىل جتن ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫ارات‬ ‫افرتاض َّ َّ‬ ‫ُّب‬ ‫ٌ‬ ‫ثم َة‬‫مقابل ذل َك أ َّن ُه َّ‬ ‫يف‬
‫مه َّي ُة‬
‫ب؛ فاأل ِّ‬ ‫فحس ُ‬ ‫ْ‬ ‫ور ًة بالن ِ‬
‫ُّخب‬ ‫حمص َ‬ ‫َت ُ‬ ‫ئيس َة التِي سأناقشها كان ْ‬ ‫الر َ‬
‫ِ‬
‫ال َّثقاف َّي َة َّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ال َّثقافِ َّي ُة التِي ُأسب َغ ْت عىل الت ِ‬
‫واملفعول‬ ‫ني ‪ /‬اإلجيابِ ِّي َ‬
‫ني‬ ‫الفاعل َ‬ ‫كاء‬ ‫بني الشرُّ‬
‫َّاميز َ‬
‫ِ‬ ‫ني‪ِ ،‬ه َي‬ ‫السلبِ ِّي َ‬
‫تزال جل َّي ًة حتَّى اليو ِم‬ ‫ظاهر ٌة نخبو َّي ٌة‪ ،‬كام إنهَّ ا ما ُ‬ ‫َ‬ ‫بالكاد‬ ‫هبِم ‪َّ /‬‬
‫ِ‬
‫األوسط‪.‬‬ ‫االجتامع َّي ِة كا َّف ًة يف منط َق ِة الشرَّ ِق‬
‫ِ‬ ‫بني ال َّط ِ‬
‫بقات‬ ‫َ‬
‫ني مل ْ تك ْن ـ كام‬ ‫ِ‬
‫واملراهق َ‬ ‫للغ ِ‬
‫لامن‬ ‫ني ِ‬ ‫ِ‬
‫البالغ َ‬ ‫فإن مغاز َل َة الر ِ‬
‫جال‬ ‫ِ‬
‫وباملثل‪َّ ،‬‬
‫ِّ‬
‫ٍ‬
‫ون إىل‬ ‫ادر األدبِ َّي ُة عن رجال ال ُ‬
‫ينتم َ‬ ‫املص ُ‬
‫ربنا َ‬ ‫ظاهر ًة نخبو ِّي ًة‪ ،‬إذ خت ُ‬ ‫َ‬ ‫يتبينَّ ُ لنا ـ‬
‫والبائعني اجلوالِني و “الدَّ ِ‬
‫مهاء” ِ‬
‫الذي َن‬ ‫ِ َ َّ َ‬ ‫ازي َن واخل َّياطِ َ‬
‫ني‬ ‫مثل اخل َّب ِ‬ ‫ُّخبة ِ‬ ‫طبقة الن ِ‬ ‫ِ‬
‫َّحو‪ .‬وزياد ًة‬ ‫ون فيها عىل هذا الن ِ‬ ‫ون األعيا َد العا َّم َة يف مصرْ َ ‪ ،‬ويتصرَ َّ ُف َ‬ ‫حيضرُ ُ َ‬
‫سلطة الشرَّ ي َع ِة‬
‫ِ‬ ‫أن َ‬
‫قبول‬ ‫يوجب االعتقا َد يف َّ‬ ‫ُ‬ ‫سبب‬
‫ٌ‬ ‫ثم َة‬ ‫ليس َّ‬ ‫عىل ذل َك‪َ ،‬‬
‫ِ‬
‫تفرض ُه‬
‫ُ‬ ‫واآلخر يف االلتزا ِم بام‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫احلني‬ ‫بني‬
‫أخفق الفر ُد َ‬ ‫َ‬ ‫اإلسالم َّي ِة ‪ -‬حتَّى لو‬ ‫ِ‬
‫ُ‬
‫ترتبط‬ ‫ياس َّي ِة‪ ،‬إذ‬
‫االجتامعي ِة الس ِ‬
‫َّ ِّ‬
‫ِ‬ ‫كان يقتصرِ عىل الن ِ‬
‫ُّخبة‬ ‫ُ‬ ‫السلط ُة ‪َ -‬‬ ‫ِ‬
‫عليه هذه ُّ‬
‫(اجلنوس ُة‪/‬‬
‫َ‬ ‫األرجح ـ بالنَّو ِع‬
‫ُ‬ ‫سأعرض هلا يف الواق ِع ـ وهذا هو‬ ‫ُ‬ ‫املواقف التِي‬
‫ُ‬
‫االجتامع َّي ِة‪.‬‬
‫ِ‬ ‫بنحو أكرب وأكثر أمهي ًة ِمن ارتباطِها بال َّط ِ‬
‫بقة‬ ‫َ ِّ َّ ْ‬ ‫ٍ َ‬ ‫اجلندر)‬
‫ُ‬
‫اجلربتيّ (توفيّ سنة ‪1825‬م)‪.‬‬
‫فهو قصائد شعر ّية كانت تستغرق كتابة الواحدة منها‬‫وأ ّما النّوع ال ّثاين من احلول ّيات َ‬
‫عاما كامال؛ ومن أشهر شعرائها زهري بن أيب سلمى‪ ،‬كان ينظم قصيدته يف أربعة‬
‫ثم ينشدها النّاس‬‫الشعراء أربعة أشهر؛ ّ‬‫وهيذهبا يف أربعة أشهر‪ ،‬ويعرضها عىل ّ‬ ‫أشهر‪ّ ،‬‬
‫يف املوسم‪.‬‬
‫وأ ّما الترّ اجم فهي أعامل توثيق ّية ال عالقة هلا بام يعرف بالترّ مجة (النّقل من لسان‬
‫ختص األشخاص وحيواهتم وسريهم ّ‬
‫الذات ّية ومثالبهم ومناقبهم إىل‬ ‫إىل لسان) وإنّام ّ‬
‫جستاين‬
‫ّ‬ ‫والس‬
‫والبخاري ّ‬
‫ّ‬ ‫ّيسابوري‬
‫ّ‬ ‫غري ذلك‪ .‬وقد كتب يف هذا كثريون من مثل الن‬
‫لغوي)‪.‬‬
‫ّ‬ ‫(املقوم ا ّل‬
‫ّ‬ ‫وغريهم‪.‬‬
‫‪59‬‬ ‫املقدمة‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫تذكر‬ ‫ُ‬ ‫الزمنِ َّي ِة ال تكاد‬ ‫احلقبة َّ‬ ‫ِ‬ ‫أن املصادر األدبِي َة ِمن ِ‬
‫هذه‬ ‫َّ ْ‬ ‫يؤسف له َّ َ َ‬ ‫ُ‬ ‫وممَّا‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫واجلنس‪.‬‬ ‫احلب‬‫ِّ‬ ‫شيئ ًا عن مواقف النِّساء َ‬
‫نحو‬

‫هذه‬ ‫نطاق ِ‬ ‫َ‬ ‫كور َّي ِة املتع ِّل َم ِة ُ‬


‫جيعل‬ ‫الذ ِ‬ ‫ّخب ُّ‬ ‫كيز عىل الن ِ‬ ‫كان الترَّ ُ‬ ‫وإذا َ‬
‫اإلسالم ِّي ِم َن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫راس ِة حمدُ ود ًا نسبِ َّي ًا‪َّ ،‬‬
‫احلديث عن اجلزء العربيِ ِّ‬ ‫َ‬ ‫فإن‬ ‫الدِّ َ‬
‫للغاية‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫بني عا َمي (‪ 1500‬ـ ‪1800‬م) جيع ُل ُه واسع ًا‬ ‫اإلمرباطور َّي ِة العثامنِ َّي ِة َ‬ ‫ِ‬
‫حيق لنا ْ‬ ‫ٌ‬ ‫ثم َة‬ ‫ِ‬
‫نفرتض أ َّن ُه‬ ‫َ‬ ‫أن‬ ‫طرح ُه مالئ ًام هو‪( :‬هل ُّ‬ ‫سؤال يبدُ و ُ‬ ‫وتبع ًا لذل َك‪َّ ،‬‬
‫ِ‬
‫حدود‬ ‫املواقف ضم َن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫مناطق َّي ٌة يف‬ ‫تباينات‬ ‫واضح و ‪ /‬أو‬ ‫ثم َة تشك ٌُّل‬
‫ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫مل ْ يك ْن َّ‬
‫ستكون مقار َبتِي‬ ‫ُ‬ ‫الزمنِ َّي ِة واجلغرافِ َّي ِة؟! ال أظ ّن ذلِ َك‪ ،‬ولذلِ َك‬ ‫راس ِة َّ‬ ‫هذه الدِّ َ‬
‫ِ‬
‫ِ‬ ‫عيل ْ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫أنطلق يف‬ ‫ْ‬ ‫أن أن ِّب َه إىل أنَّني مل ْ‬ ‫أكثر منها زمن َّي ًة‪ ،‬ويتعينَّ ُ َّ‬ ‫جوهرها َ‬ ‫منتظم ًة يف‬ ‫َ‬
‫فيِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫نقاشيِ م ْن فرض َّية الت‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الزمن ِّي واجلغرا ِّ ؛ ومع‬ ‫راسة َّ‬ ‫َّجانس ضم َن نطا َقي الدِّ َ‬
‫تقول‪:‬‬ ‫بعيد الفرض َّي َة التِي ُ‬ ‫الشواهدَ النَّصي َة تدعم إىل حدٍّ ٍ‬
‫ُ‬ ‫ِّ َّ‬ ‫أن َّ‬ ‫هذا‪ ،‬فقدْ حل ْظ ُت َّ‬
‫تعكس نمط ًا‬ ‫ُ‬ ‫راس ِة‬‫موضو ِع الدِّ َ‬ ‫احلقبة واملنط َق ِة ُ‬ ‫ِ‬ ‫بقات املتع ِّل َم ِة يف‬ ‫إن ثقاف َة ال َّط ِ‬ ‫َّ‬
‫دون‬ ‫ال َ‬ ‫يقف حائ ً‬ ‫أن ذلِ َك مل ْ ْ‬ ‫أخرى‪ ،‬إلاَّ َّ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫مستقر ًا زمن َّي ًا وجتانس ًا م ْن مدينة إىل َ‬
‫ِ‬
‫َّ‬
‫هذه االختالفاتِ‬ ‫ربط ِ‬ ‫تعذ ِر ِ‬ ‫الرغ ِم م ْن ُّ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫الرؤى عىل ُّ‬ ‫بروز اختالفات فرد َّية يف ُّ‬
‫ينتم ِ‬ ‫ين ِ‬ ‫بني فر َد ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ لمِ‬ ‫باحلقبة َّ ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫يان إىل‬ ‫متساو َ‬ ‫بنحو‬ ‫الزمن َّية أو املنط َقة َا إنهَّ ا ُ‬
‫موجو َد ٌة‬
‫املدينة ذاتهِ ا‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫اجليل أو‬ ‫ِ‬

‫وبنحو مؤك ٍَّد غالب ًا‬


‫ٍ‬ ‫الزمنِ َّي ُة واجلغرافِ َّي ُة يف الواق ِع‬ ‫ِ‬
‫االستمرار َّي ُة َّ‬ ‫ومتتدُّ‬
‫ِ‬
‫املسائل‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫راسة‪ ،‬وأتو َّق ُع بنا ًء عىل ذل َك َّ‬
‫أن العديدَ م َن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫خارج نطاق هذه الدِّ َ‬ ‫إىل‬
‫ٍ‬
‫فارس‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫األرجح) ست َْصدُ ُق يف حال ترك َّيا وبالد‬ ‫ِ‬ ‫طرحتُها (ال ك َّلها عىل‬ ‫التِي‬
‫ْ‬
‫ِ‬
‫اإلسالم ُّي يف العهدَ ِ‬ ‫ِ‬
‫ين‬ ‫بني عا َمي (‪1500‬ـ ‪1800‬م) وكذل َك العامل ُ العربيِ ُّ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫الع َّبا ِّ واململوك ِّي (‪1516 -750‬م)‪.‬‬ ‫سيِ‬

‫راس ِة احلالِ َّي ِة ِه َي أسئل ٌة مرشو َع ٌة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫املطروح َة بشأن نطاق الدِّ َ‬
‫َ‬ ‫إن األسئل َة‬
‫َّ‬
‫ِ‬
‫بشأن‬ ‫ٍ‬
‫بآراء متامث َل ٍة‬ ‫يح‬ ‫الذ ِ‬
‫كر إىل ال َّتصرْ ِ‬ ‫ِ‬
‫سالف ِّ‬ ‫َّوج ِه‬ ‫وص ًا يف ِّ‬
‫ظل الت ُّ‬ ‫خص َ‬
‫ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫“احلضارة اإلسالم َّية” بيدَ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫[نحو املثل َّية اجلنس َّية] يف “اإلسال ِم” ويف‬ ‫ِ‬
‫املواقف‬
‫َ‬
‫اإل ْسال ِم ِّي‬ ‫ال ال َع َر ِب ِّي ِ‬ ‫جل ْن ِس َّي ِة يِف ال َع مَ ِ‬ ‫َما َق ْب َل امل ِْثلِ َّي ِة ا ِ‬ ‫‪60‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ِ‬
‫اإلفراط‬ ‫رب ُر ُه ‪ -‬قد يؤ ِّدي إىل‬ ‫املقار َب ِة ‪ -‬وهو ٌّ‬ ‫الش َّك يف ِ‬ ‫أن َّ‬ ‫َّ‬
‫شك له ما ي ِّ‬ ‫َ‬ ‫هذه‬
‫االجتامع َّي ِة؛‬
‫ِ‬ ‫واملناطق أو الشرَّ ِ‬
‫ائح‬ ‫ِ‬ ‫الزمنِ َّي ِة‬ ‫احلقب َّ‬ ‫ِ‬ ‫بني‬
‫االختالفات َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫توكيد‬ ‫يف‬
‫َّاريخ العربيِ ِّ‬ ‫اجلنس َّي ِة يف الت ِ‬ ‫ِ‬ ‫املثل َّي ِة‬
‫للمواقف نحو ِ‬
‫َ‬
‫ِ‬ ‫ات احلالِ َّي ُة‬ ‫َ‬
‫املناقش ُ‬ ‫وتنزع‬
‫“الش ِ‬ ‫ِ‬
‫عراء” و‬ ‫ني” و ُّ‬ ‫“الصوفِ ِّي َ‬ ‫ُّ‬ ‫“الفقهاء” و‬ ‫نحو تقدي ِم‬ ‫ِ‬
‫اإلسالم ِّي يف املعتاد َ‬
‫ِ‬
‫وق َي ًام‬ ‫عقلي ًة ِ‬ ‫حتوز رؤى ِ‬ ‫ٍ‬ ‫بوص ِف ِهم‬ ‫ِ‬
‫َّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫مجاعات مم َّي َز ًة‬ ‫املجتم ِع العليا” ْ‬ ‫َ‬ ‫“طبقات‬
‫حتريف‬ ‫ٍ‬ ‫َّحو‪ ،‬ما هو سوى‬ ‫َّاس عىل هذا الن ِ‬ ‫تقسيم الن ِ‬ ‫أن‬ ‫ومتصار َع ًة! إلاَّ َّ‬ ‫فريدَ ًة‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫بأس به ِم َن‬ ‫االجتامع ِّي ُم َبا َل ٍغ فيه‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫األفراد‬ ‫فثم َة عد ٌد ال َ‬ ‫َّ‬
‫(‪)1‬‬
‫كاريكاتور ٍّي للواق ِع‬
‫شخوص ِهم ِ‬ ‫ِ‬ ‫راس ِة ـ جيم ُع َ‬ ‫الزمنِ َّي ِة ُ‬ ‫ِ‬ ‫ـ يف ِّ‬
‫هذه‬ ‫ون يف‬ ‫موضو ِع الدِّ َ‬ ‫احلقبة َّ‬ ‫األقل يف‬
‫إسالم َّي ًا‪ ،‬وهذا جيع ُل ُه ملتزم ًا‬ ‫ِ‬ ‫يكون فقيه ًا‬ ‫ُ‬ ‫خص قد‬ ‫اجلوانب ك َّلها‪َّ ،‬‬
‫فالش ُ‬ ‫َ‬
‫بنحو مؤكَّدٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫أن كو َن ُه فقيه ًا إسالم َّي ًا ال يعني‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ادئ الشرَّ ي َعة اإلسالم َّية‪ ،‬إلاَّ َّ‬ ‫ِ‬ ‫بم َب ِ‬ ‫َ‬
‫دأب يف‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ال واحد ًا‬ ‫سوى أدائه عم ً‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫بني عدَّ ة أدوار اجتامع َّية َ‬ ‫فحسب َ‬ ‫ُ‬ ‫الغالب َ‬ ‫يف‬
‫طفل أو‬ ‫بامرأة أو ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫مقار َن ًة‬ ‫ٌ‬ ‫نفس ِه أ َّن ُه‬ ‫تأديتِها؛ إذ قد يفكِّر هذا الفقيه يف ِ‬
‫«رجل» َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫ٍ‬ ‫العمل االجتامع َّي ُ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ ِ‬ ‫ٍ‬
‫حيمل معه إمالءات حمدَّ َد ًة‬ ‫أن‬‫عروف َّ‬ ‫رجل «مخُ نَّث» وم َن ا َمل ُ‬
‫اإلسالم َّي ِة ويف‬
‫ِ‬ ‫بات الشرَّ ي َع ِة‬ ‫تكون مستق َّل ًة عن متط َّل ِ‬ ‫ُ‬ ‫لوك‪،‬‬‫مفروض ًة عىل الس ِ‬
‫ُّ‬
‫بعض ِم َن األحيان يف حال توتُّر معها!‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬

‫ِ‬
‫“حرض َّي ًا”‬ ‫بوص ِف ِه‬ ‫ِ ِ‬
‫خص بنفسه ْ‬ ‫مشابه‪ ،‬قد يفك ُِّر هذا َّ‬
‫الش ُ‬
‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫وبنحو‬
‫الر َّح ِل‬ ‫ِ‬
‫والبدو ُّ‬ ‫غار الفلاَّ ِح َ‬
‫ني‬ ‫وص ِ‬ ‫ني ِ‬ ‫ِ‬
‫العاد ِّي َ‬ ‫مقابل الن ِ‬
‫َّاس‬ ‫َ‬ ‫و “متمدِّ ن ًا”‬
‫مجلة تو ُّق ٍ‬
‫عات‬ ‫انطواء ذلِ َك عىل ِ‬ ‫ِ‬ ‫“األجالف” و “غليظِي ال ِّطباعِ” وال مرا َء يف‬ ‫ِ‬
‫ين ِصل ٌة تُذك َُر‪،‬‬ ‫ليس هلا بالدِّ ِ‬ ‫ٍ‬
‫تفكري َ‬ ‫سلوك وذائ َق ٍة وطري َق ِة‬
‫ٍ‬ ‫حمدَّ َد ٍة تت َِّص ُل بنوع‬
‫ترتبط به ارتباط ًا واهن ًا‪.‬‬
‫ُ‬ ‫أو إنهَّ ا‬
‫حتت ِ‬
‫تأثري‬ ‫ِ‬
‫واحلرض ُّي َ‬ ‫كر املتع ِّل ُم‬ ‫املسلم َّ‬ ‫ُ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫الذ ُ‬ ‫ُ‬ ‫سيكون‬ ‫خمتلف‪،‬‬ ‫وبقول‬
‫مائز ٍة مستق ِّل ٌة إحداها عن األخرى‪ ،‬وتعكس قي ًام وفرضي ٍ‬
‫ات‬ ‫هات ثقافِ َّي ٍة َ‬
‫توج ٍ‬
‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُّ‬

‫والضعف يف تاريخ‬
‫القوة ّ‬ ‫(((   طرح أرنست غلنر يف «األط ّباء ّ‬
‫والشيوخ» وبريك يف «نقاط ّ‬
‫العقل ّيات»‪ ،‬الفكرة ذاهتا يف ٍ‬
‫سياق خمتلف إىل حدّ ما‪.‬‬
‫‪61‬‬ ‫املقدمة‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ٍ‬ ‫تلك التَّوج ِ‬ ‫حمتم ٍل أو فعليِ ٍّ مع َ‬
‫دراسة ُ‬
‫هتمل هذا‬ ‫وإن أ َّي َة‬
‫هات؛ َّ‬ ‫ُّ‬ ‫يف حال توت ٍّر َ‬
‫قدر ِه‪.‬‬
‫حق ِ‬ ‫تقدير هذا الواق ِع املع َّق ِد َّ‬
‫ِ‬ ‫ستخفق يف‬
‫ُ‬ ‫اجلانب‬
‫َ‬
‫كيز يف دراستِي احلالِ َّي ِة عىل‬ ‫رت ُت الترَّ َ‬ ‫وتأسيس ًا عىل ما تقدَّ َم‪ ،‬فقدْ اخ ْ‬
‫احلرض َّي ِة بدالً‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ثقافة الن ِ‬
‫ُّخب‬ ‫واحد ويف‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫وقت‬ ‫ومتعايش ٍة يف‬
‫َ‬ ‫متاميز ٍة‬
‫َ‬ ‫تي ٍ‬
‫ارات‬ ‫َّ‬
‫ٍ (‪)1‬‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫ِم ْن حماو َلة جالء املواقف التي ُي ُ‬
‫فرتض أنهَّ ا مم ِّي َز ٌة جلامعات اجتامع َّية حمدَّ َدة‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ِ‬
‫واملواقف‬ ‫ارات ثقافِي ٍة مهم ٍة تت َِّص ُل بالتَّصو ِ‬
‫رات‬ ‫ثالث تي ٍ‬‫ِ‬ ‫وسأرك ُِّز حتديد ًا عىل‬
‫َ ّ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬
‫«املشاعر‬
‫َ‬ ‫لوك» أو‬‫«الس َ‬‫َت سائدَ ًة عماَّ يمك ُن لنا تسمي ُت ُه ُّ‬ ‫َّقييامت التِي كان ْ‬
‫ِ‬ ‫والت‬
‫ِ‬
‫اجلنسي َة ِ‬
‫املثل َّي َة»‪.‬‬ ‫َّ‬
‫أحد ِ‬ ‫ث عن ِ‬ ‫األو ِل التَّحدُّ َ‬
‫هذه‬ ‫الفص ِل َّ‬ ‫ْ‬ ‫رت ُت يف‬ ‫وبنا ًء عليه فقدْ اخ ْ‬
‫بنحو‬ ‫ٍ‬ ‫مناسب‬ ‫عمل‬ ‫ِ‬
‫“الفاعل” أو املول ِج‪ ،‬هو ٌ‬ ‫ِ‬ ‫أن َ‬
‫عمل‬ ‫الذي يفيدُ َّ‬ ‫ارات ِ‬ ‫ال َّتي ِ‬
‫ٌ‬ ‫َّ‬
‫ِ‬
‫املنفعل” أو “املفعول به” أو املو َل ِج فيه‬ ‫ِ‬ ‫“السلبِ ِّي ‪/‬‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫للر ِ‬ ‫ٍ‬
‫العمل َّ‬ ‫مقابل‬ ‫جل‬ ‫فريد َّ‬
‫جل الذي يؤ ِّدي‬ ‫ِ‬ ‫الر َ‬ ‫ِ‬
‫أخرى املرأةَ؛ وهذا يعني َّ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫أن َّ‬ ‫مر ًة َ‬ ‫بنحو فريد َّ‬ ‫يالئم‬
‫ُ‬ ‫الذي‬
‫اجلنوسي َة الت ِ‬
‫َّقليد َّي َة‬ ‫ِ‬ ‫األدوار‬ ‫ُ‬
‫ينتهك‬ ‫األخري‬ ‫َ‬
‫العمل‬ ‫رغبة منه‬ ‫ٍ‬ ‫طواع َي ًة أو عن‬ ‫ِ‬
‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫بوص ِف ِه مخُ نَّث ًا يعانيِ‬ ‫ٍ ِ ٍ‬
‫تشكيل ُصورة نمط َّية عنه ْ‬ ‫ِ‬ ‫سهم يف‬ ‫وخيال ُفها‪ ،‬وكثري ًا ما ُي ُ‬
‫ِ‬ ‫جل ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫إقامة‬ ‫الذي يس َعى إىل‬ ‫الر ُ‬‫غري سو َّية! وخالف ًا لذل َك‪ ،‬ال ُيعدُّ َّ‬ ‫حاالً مرض َّي ًة َ‬
‫شاب أ ْم َر َد‪ ...‬ال ُيعدُّ منتهك ًا أو خمالف ًا‬ ‫ِ‬
‫الفاعل مع‬ ‫عمل‬ ‫عالقة يؤ ِّدي فيها َ‬ ‫ٍ‬
‫ٍّ‬
‫جيري تنمي ُط ُه بالطري َق ِة ذاتهِ ا‪.‬‬ ‫اجلنس َّي ِة وال ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫لألدوار‬
‫ٍ‬ ‫الفص ِل ال َّثانيِ لت َّي ٍ‬
‫ار ثقافيِ ٍّ ثان يقدِّ ُر تقدير ًا عالي ًا ِّ‬
‫ويثم ُن‬ ‫وسأعرض يف ْ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬ ‫نحو اجل ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫البرش ِّي‬ ‫امل‬ ‫ويعكس حساس َي ًة جمَ ال َّي ًة عا َّم ًة َ َ‬ ‫ُ‬ ‫اش‪،‬‬ ‫احلب املتَّقدَ اجل َّي َ‬
‫َّ‬
‫ِ‬
‫مثل هذه تؤ ِّل ُ‬‫أن حساس َي ًة َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ف إحدَ ى‬ ‫ب َّ‬ ‫املتجسد يف النِّساء وا ُمل ْرد‪ .‬ويحُ َس ُ‬ ‫ِّ‬

‫(((   تأ ّثرت يف اختياري تبنّي هذه املقاربة بثالثة أعامل حمدّ دة هي‪ :‬فريزر وكامريون‪،‬‬
‫امر َسة ا ّللسان ّية»‪ ،‬ولويزس وباباتاكسايركس‪،‬‬
‫«معرفة ما ينبغي قوله‪ :‬بناء اجلندر يف ا ُمل َ‬
‫الزواج ويف سياقات أخرى»؛ وبيكر «عن مشكلة األصول‬ ‫«اجلندر والقرابة يف ّ‬
‫األيديولوج ّية لل ّثورة الفرنس ّية»‪.‬‬
‫اإل ْسال ِم ِّي‬ ‫ال ال َع َر ِب ِّي ِ‬ ‫جل ْن ِس َّي ِة يِف ال َع مَ ِ‬ ‫َما َق ْب َل امل ِْثلِ َّي ِة ا ِ‬ ‫‪62‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ف كذلِ َك‬ ‫ِ‬


‫لطفاء‪ ،‬وتؤ ِّل ُ‬ ‫ني واملتأن ِِّق َ‬
‫ني ا ُّل‬ ‫ِ‬
‫احلرض ِّي َ‬ ‫ِ‬
‫لألشخاص‬ ‫ائص املم ِّي َز ِة‬
‫اخلص ِ‬
‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الشعر الغزليِ ِّ املعبرِّ واملثري للعواطف‪.‬‬‫ِ‬ ‫ِ‬
‫األساس الذي يستندُ إليه ِّ‬ ‫َ‬
‫للحسناوات وا ُمل ْر ِد‬ ‫ِ‬ ‫جلاملِ َّي ِ‬
‫ني‬ ‫ُ‬
‫واالستحسان ا َ‬ ‫َّقدير‬
‫اكتسب هذا الت ُ‬ ‫َ‬ ‫ولقدْ‬
‫َ‬
‫وكان‬ ‫ميتافيزيق َّي ًا عميق ًا‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫اإلسالم َّي ِة بعد ًا‬
‫ِ‬ ‫الصوفِ َّي ِة‬ ‫ِ‬ ‫ٍ ِ‬
‫بعض م َن احللقات ُّ‬ ‫يف‬
‫الث‪،‬‬ ‫الفص ُل ال َّث ُ‬ ‫ْ‬ ‫وتفر ِد ِه؛ أ َّما‬
‫ُّ‬
‫املعبود ال َّط ِ‬
‫اغي‬ ‫ِ‬ ‫بج ِ‬
‫امل‬ ‫عور َ‬ ‫للش ِ‬ ‫ُيعدُّ وسيل ًة ُّ‬
‫اإلسالم ِّي‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الفقه‬ ‫الذي وجدَ تعبري ًا له يف‬ ‫الث ِ‬ ‫ار ال َّثقافيِ ال َّث ِ‬ ‫خص ْص ُت ُه لل َّت َّي ِ‬
‫ِّ‬ ‫فقدْ َّ‬
‫حمم ٍد‬ ‫َّبي َّ‬
‫ِ‬
‫تفسري القرآن الكري ِم وأحاديث الن ِّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫والفرو ِع املعرفِ َّي ِة املت َِّص َل ِة به ِ‬
‫مثل‬
‫بني الر ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫جال‬ ‫ينظر هذا ال َّت َّي ُار إىل العالقة اجلنس َّية َ ِّ‬ ‫َصلىَّ اهللُ عليه وس َّل َم‪ ،‬إذ ُ‬
‫ِ‬
‫املدارس‬ ‫أكثر‬‫أن َ‬ ‫الرغ ِم ِم ْن َّ‬ ‫السامو َّية عىل ُّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫حي ًة للشرَّ ي َعة َّ‬ ‫بوصفها خمال َف ًة صرَ َ‬
‫ِ‬
‫ْ‬
‫وأي‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ِّف العالق َة اجلنس َّي َة الشرَّ ج َّي َة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الكبائر‪ُّ ،‬‬ ‫فحسب عىل أنهَّ ا م َن‬ ‫ُ‬ ‫تصن ُ‬ ‫الفقه َّية َ‬
‫اخلطوات األولىَ التِي خيطوها الفر ُد يف‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫خانة‬ ‫يقع يف‬ ‫آخر ُ‬ ‫فعل َ‬ ‫سلوك أو ٍ‬ ‫ٍ‬
‫ِ‬
‫اخللوة‬ ‫َّظر إىل األ ْم َر ِد أو‬ ‫مثل الن ِ‬ ‫هذه‪ِ ،‬‬ ‫مثل ِ‬ ‫الز ِلق املؤ ِّدي إىل خمال َف ٍة ِ‬ ‫املنحدَ ِر َّ‬
‫للغاية‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫الشاك َل ِة يغدُ و إشكالِ َّي ًا وملتبس ًا‬ ‫هذه َّ‬ ‫فعل عىل ِ‬ ‫سلوك أو ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫فأي‬ ‫به‪ُّ ...‬‬
‫ني باملبدأ‬ ‫ملتزم َ‬ ‫ِ‬ ‫أن الفقها َء كانُوا‬ ‫أخرى‪َّ ،‬‬ ‫ٍ‬ ‫جهة‪ ،‬وي ُ ِ‬ ‫ٍ‬ ‫هذا ِم ْن‬
‫لحظ م ْن جهة َ‬ ‫ُ‬
‫حتريم ما أح َّل ُه اهللُ أو إساء ُة ال َّظ ِّن بإخوانِ ِه‬ ‫ُ‬ ‫ينبغي له‬ ‫إن الفرد ال ِ‬
‫َ‬ ‫يقول‪َّ :‬‬ ‫الذي ُ‬ ‫ِ‬
‫ِ‬
‫منهم‬ ‫ني ُ‬ ‫املتحم ِس َ‬ ‫ِّ‬ ‫الفقهاء‪ ،‬الس َّيام‬ ‫َت جهو ُد‬ ‫بب‪ ،‬كان ْ‬ ‫الس ِ‬ ‫ني‪ ،‬ور َّبام هلذا َّ‬ ‫املسلم َ‬ ‫ِ‬
‫بمقاو َم ٍة‬ ‫َ‬ ‫َت تجُ ا َب ُه‬ ‫لواط؛ كان ْ‬ ‫َّمهيدي ِة» املؤدي ِة إىل ا ِّل ِ‬
‫ِّ َ‬ ‫َّ‬
‫«اخلطوات الت ِ‬ ‫ِ‬ ‫لوأد ِ‬
‫هذه‬ ‫ِ‬
‫جل املتَّقدَ‬ ‫الر ِ‬ ‫ِ‬
‫الفقهاء َّ‬ ‫ِ‬
‫أكثر َّي ُة‬ ‫آخر َ‬
‫حب َّ‬ ‫أن َّ‬ ‫ون‪ .‬وال َت ُعدُّ‬ ‫يتز َّع ُمها فقها ُء ُ‬
‫الش ِ‬ ‫يبيح َ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬
‫عر‬ ‫نظم ِّ‬ ‫ون َ‬ ‫وهم ُ‬ ‫ذنب يف ذاته‪ُ ،‬‬ ‫شاب هو ٌ‬ ‫ٍّ‬ ‫نحو‬‫وشعور ُه بالعاط َفة َ‬ ‫َ‬
‫ليِ‬
‫الغزليِ ِّ املث ِّ ‪.‬‬
‫ال َف ْص ُل َّ‬
‫األو ُل‬
‫َ‬
‫واملرضى‬ ‫ِّال ِ‬
‫لواط ُّي َ‬
‫ون‬
‫بوص ِف ِه تقاطب ًا‬ ‫ اجلنس ْ‬
‫ُ‬
‫روز ِمن منط َق ِة ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وادي التَّي ِم‬ ‫يف هناية عا ِم (‪1701‬م) َقد َم أحدُ األمراء الدُّ ِ ْ‬
‫ِ‬
‫عسكر َّي ًا‬ ‫حاكمها قائد ًا‬ ‫ُ‬ ‫لينص َب ُه‬ ‫دمشق ِّ‬ ‫َ‬ ‫(‪ )Wādī al-Taym‬يف سور َّيا إىل‬
‫َّاب احلولِي ِ‬ ‫أحد كت ِ‬ ‫ب ِ‬ ‫بحس ِ‬ ‫أعىل يف منطقتِ ِه‪،‬‬
‫ات‬ ‫َّ‬ ‫عروف ًا ْ‬ ‫األمري َم ُ‬ ‫ُ‬ ‫وكان هذا‬ ‫َ‬
‫خيالف‬‫ُ‬ ‫معارشتهِ ِ َّن بام‬ ‫ِّساء أو‬ ‫واخلالعة ومطارد ِة الن ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫بالفسق‬ ‫املعاصرِ ِ ي َن له‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫الفحش) وبينَام‬ ‫ِ‬ ‫دمشق (عىل ما هو عليه ِم َن‬ ‫َ‬ ‫يستمر يف‬ ‫َّ‬ ‫رشع اهللِ‪ ،‬وأرا َد ْ‬
‫أن‬ ‫َ‬
‫بنحو م ْن‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫األمري يف منزل إحدَ ى الدِّ مشق َّيات يف إحدَ ى مغامراته‪ُ ،‬فوجئ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬
‫كان‬
‫ُ‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫جند َّي ًا تركامنِ َّي ًا‬‫عرشين ِ‬
‫وجر ُدو ُه م ْن مالبسه وتركُو ُه حافيِ َ‬ ‫اغتص ُبو ُه مجاع َّي ًا‪َّ ،‬‬ ‫َ‬ ‫ِ َ‬
‫إن اجلنو َد أل َقوا عىل مسام ِع‬ ‫قال‪َّ :‬‬ ‫لباس الدَّ اخليِ ِّ ! و ُي ُ‬ ‫ِ‬ ‫سوى ا ِّل‬ ‫رت ُه َ‬
‫ني ال يس ُ‬ ‫القد َم ِ‬
‫ني له‬ ‫ِ‬
‫املسلم َ‬ ‫حريم‬ ‫(الذي يتخ َّطى‬ ‫القول اآلتيِ ‪ِ :‬‬ ‫َ‬ ‫أن خيلوا سبي َل ُه‬ ‫قبل ْ‬ ‫ِ‬
‫األمري َ‬
‫َ‬
‫ذلك)‪.‬‬ ‫أكثر ِم ْن َ‬ ‫ُ‬
‫(نساء [مدينتِ ِه] وأطفالهِ ا‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫مسامع‬ ‫أخبارها‬ ‫وتر َّد َد َصدَ ى احلاد َث ِة وبل َغ ْت‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫األمري بعدَ ذلِ َك إىل‬ ‫ُ‬ ‫وغادر‬
‫َ‬ ‫األمري] وأنشدَ ها املنشدُ َ‬
‫ون؛‬ ‫ِ‬ ‫ُفأ ِّل َف ْت املغانيِ [عن‬
‫عرضها‬ ‫أن َ‬ ‫املرأة مل ْ ُيدن َّْس [بمعنَى َّ‬ ‫ِ‬ ‫رشف‬‫َ‬ ‫وقيل‪َّ :‬‬
‫إن‬ ‫روز موطنِ ِه‪َ ،‬‬ ‫منط َق ِة الدُّ ِ‬
‫ِ‬
‫كامن‬ ‫يد الترُّ‬ ‫امللعون عىل ِ‬ ‫َ‬ ‫خذل اهللُ‬ ‫َ‬ ‫اجلنود] وهكذا‬ ‫ِ‬ ‫وص ِ‬
‫ول‬ ‫نتهك َ‬ ‫مل ْ ُي ْ‬
‫قبل ُ‬
‫ِ ِ (‪)1‬‬
‫احلقلج َّية)‪.‬‬
‫ألمه ّية احلادثة‪ ،‬ارتأيت رسدها‬‫احلي‪( ،‬احلوادث اليوم ّية)‪ّ .52-51 ،‬‬‫الص ّ‬ ‫(((   ابن كنعان ّ‬
‫رزي مع‬‫ّ‬ ‫الدّ‬ ‫منصور‬ ‫األمري‬ ‫جاء‬ ‫اين‪،‬‬ ‫ّ‬
‫ث‬ ‫ال‬ ‫مجادى‬ ‫ويف‬ ‫دمشق‬ ‫يف‬ ‫رزي‬
‫ّ‬ ‫الدّ‬ ‫(منصور‬ ‫كامل ًة‬
‫تزوج املرأة بال عقد نكاح‪ ،‬وتقدّ م ليواجه به األكابر‪،‬‬ ‫الشام‪ ،‬وهو الذي كان ّ‬ ‫باشة ّ‬
‫الشالق‪ ،‬وشام ّيل جامع البغا‪ .‬وعمله الكافل آيا باشي ًا‬ ‫قبيل ّ‬
‫ّ‬ ‫باشا‬ ‫مرتىض‬ ‫دار‬ ‫ونزل‬
‫اإل ْسال ِم ِّي‬ ‫ال ال َع َر ِب ِّي ِ‬ ‫جل ْن ِس َّي ِة يِف ال َع مَ ِ‬ ‫َما َق ْب َل امل ِْثلِ َّي ِة ا ِ‬ ‫‪66‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ينظر‬ ‫ٍ ليِ‬ ‫امللحوظات املأخو َذ ُة‬ ‫ِ‬


‫كيف ُ‬ ‫لبس فيه َ‬ ‫بأسلوب ج ٍّ ال َ‬ ‫ُ‬ ‫هذه‬ ‫وتبينِّ ُ‬
‫كامن مع‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اجلنود الترُّ‬ ‫ني بعا َّم ٍة إىل حاد َث ِة‬ ‫املسلم َ‬ ‫ِ‬ ‫دمشق‬
‫َ‬ ‫ات وأهاليِ‬ ‫كاتب احلولِي ِ‬
‫َّ‬ ‫ُ‬
‫املنتمي وغري املسل ِم ـ تبع ًا لذلِ َك ـ شك ََّل ِم ْن خاللِ‬ ‫ِ‬ ‫غري‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫فاألمري ُ‬ ‫ُ‬ ‫األمري؛‬
‫اغتصابهَ ا هتديد ًا خطري ًا لرشفِ ِهم‬ ‫ات أو‬ ‫مشقي ِ‬ ‫ِّساء الدِّ ِ‬ ‫حماولتِ ِه إغواء إحدَ ى الن ِ‬
‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬
‫شاه ْت سمع ُة األمريِ‬ ‫در ْأ‬ ‫ِ‬ ‫أن َ‬ ‫وسمعتِ ِهم‪ ،‬إلاَّ َّ‬
‫فحسب‪ ،‬بل َ‬ ‫ُ‬ ‫فعل التَّهديد مل ْ ُي َ‬
‫ُ‬
‫كامن‬ ‫مارس ُه معه اجلنو ُد الترُّ‬ ‫الذي‬ ‫لواط ِ‬ ‫فعل ا ِّل ِ‬ ‫وقع ضح َّي َة ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫َ‬ ‫الفاسق الذي َ‬
‫العدالة اخليالِ َّي ِة!‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫لتحقيق‬ ‫ٍ‬
‫أدوات‬ ‫بوص ِف ِهم‬ ‫ِ‬
‫الذي َن بروزا يف هذه الواق َعة حتديد ًا ْ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ِ‬ ‫وتواز م ْفه ِ‬ ‫وبداه ًة‪ ،‬ثم َة ٍ‬
‫اإليالج‬ ‫ِ‬ ‫بني‬
‫َّفسري َ‬ ‫ومالزمان هلذا الت ِ‬ ‫ومان ضمن ًا‬ ‫ٍ َ ُ‬ ‫متاه‬ ‫َّ‬
‫والذي ارتكبه اجلنود ‪ -‬مع تلويثِ‬ ‫تفاديه ِ‬ ‫ِ‬ ‫جرى‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫سيِ‬
‫ُ‬ ‫َُ‬ ‫اجلن ِّ ـ بنو َع ْيه الذي َ‬
‫ِ‬
‫األكثر‬ ‫ِ‬
‫اجلوانب‬ ‫ني عىل‬ ‫لع َ‬‫للغاية للم َّط ِ‬ ‫ِ‬ ‫وهذه الفرض َّي ُة مألو َف ٌة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫والعار؛‬ ‫الس ِ‬
‫معة‬ ‫ُّ‬
‫ِ‬
‫األبيض‬ ‫ِ‬
‫واملتوسط َّية (نسب ًة إىل البحر‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫فحش ًا وبذاء ًة يف ال َّثقافة العربِ َّية اليو َم‬
‫ِّ‬
‫خمتلف‪:‬‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫وبقول‬ ‫والشتائ ِم املهين َِة‪،‬‬ ‫ُّكات واملِ َز ِح َّ‬ ‫ال يف الن ِ‬ ‫ط) مث َلام يتبينَّ ُ مث ً‬ ‫املتوس ِ‬
‫ِّ‬
‫ِ‬
‫أن هتيم َن‪ ،‬وتخُ ض َع‪،‬‬ ‫ِ‬
‫القضيب] يعني ْ‬ ‫[الفالوس هو‬ ‫تولج قضيب ًا ‪ /‬فالوس ًا‬ ‫ْ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫أن َ‬
‫وصنجق ًا عىل وادي التّيم‪ ،‬وصار يأيت إىل عنده األكابر‪ ،‬وفتح بابه‪ .‬غرامياته يف صفد‬
‫حيب النّساء‪ ،‬حتّى نزل عىل بنت بصفد يف بيت أبيها‪ ،‬فكتّفه‬ ‫وكان منصور الدّ رزي ّ‬
‫وفتح البنت‪ .‬وكان بلغ أهايل دمشق أموره‪ ،‬حتّى أرادوا جييشوا عليه عسكر ًا كثيف ًا‪.‬‬
‫وتم عىل ما هو عليه من الفحش‪ ،‬خصوص ًا‬ ‫يترصف فيها ّ‬ ‫ثم إنّه يف دمشق‪ ،‬أراد أن ّ‬ ‫ّ‬
‫وأن كلمته نافذة عند أصالن باشا‪ ،‬وصار النّاس تروح وجتيء إىل عنده وبعض‬ ‫ّ‬
‫األكابر الذين انتفعوا به‪ .‬حكايته مع املرأة الدّ مشق ّية وصار يطلب نسا ًء‪ ،‬ك ّلام سمع‬
‫بامرأة يطلبها خفي ًة‪ ،‬حتّى إنّه سمع بامرأة بامليدان حسناء‪ ،‬فراح إىل عندها‪ ،‬ومعه‬
‫من مجاعته اثنان‪ .‬فبينام هو يف دارها‪ ،‬وإذا برجل من تركامن احلقلة ينكجري‪ ،‬دخل‬
‫قوى‬ ‫عليه ومعه د ّبوس وقال‪ :‬ما تعمل هنا ؟‪ ،‬فارتبك منه وفزع فزع ًا شديد ًا‪ّ ،‬‬
‫ثم ّ‬
‫نفسه وقام إليه منصور‪ .‬فلماّ قام إىل الينكجري رضبه بالدّ بوس عىل رأسه أرماه إىل‬
‫األرض‪ ،‬وإذا بنحو من عرشين حقلجي ًا دخلوا إليه مسكوه وفعلوا معه الفاحشة‪،‬‬
‫ثم عرضوا عليه القتل فاستغاث‪ ،‬فقالوا‪ :‬الذي يتخ ّطى حريم املسلمني له أكثر‬ ‫ّ‬
‫ثم إنهّ م أطلقوه وأخذوا ما معه وش ّلحوه‪ .‬فخرج من بينهم حافي ًا بقنباز‬ ‫ّ‬ ‫ذلك‪،‬‬ ‫من‬
‫وقميص‪ ،‬وأخذوا الباقي‪ .‬وصار هذا اخلرب مع النّساء واألوالد وعملوا فيه املغاين‪،‬‬
‫إن‬‫ثم خرج إىل بالد الدّ روز بالده‪ ،‬وقيل ّ‬ ‫وتم ذلك أكثر من شهر‪ّ .‬‬ ‫واملغنّون تقوهلا‪ّ ،‬‬
‫املرأة مل ْ يكن هبا يشء‪ ،‬وخذل اهلل امللعون عىل يد الترّ كامن احلقلج ّية‪ ،‬وهلل احلمد)‪.‬‬
‫(املرتمجة‪ ،‬املصدر ذاته ‪.)29‬‬
‫‪67‬‬ ‫واملرضى‬‫َ‬ ‫لواط ُّي َ‬
‫ون‬ ‫األو ُل‪ِّ :‬ال ِ‬ ‫ال َف ْص ُل َّ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ِ‬
‫املطاف‪.‬‬ ‫وت ُِذ َّل يف ِ‬
‫هناية‬

‫عبد الغنِ ِّي‬‫إسامعيل بن ِ‬ ‫ووفق ًا َلمِا ذكره الفقيه الدِّ ِ‬


‫مشق ُّي (عبدُ الغنِ ِّي‬
‫ُ ُ‬ ‫ُ‬ ‫َُ‬
‫خص‬ ‫الش ُ‬ ‫حلم َّ‬‫إن َ‬‫النَّابلسيِ ُّ ) ( ُتوفيِّ َ سن َة ‪1731‬م) يف كُت ِّيبِه اإلرشاد ِّي الغزليِ ِّ ‪ْ ،‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الواقع َّي ِة‪،‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫احلياة‬ ‫يقهر ُه) يعني أ َّن ُه سيغل ُب ُه وهيز ُم ُه يف‬
‫عدو ُه فإ َّن ُه ُ‬
‫(نكح َّ‬‫َ‬ ‫أ َّن ُه‬
‫(‪)1‬‬
‫حيح‪.‬‬
‫والعكس َص ٌ‬ ‫ُ‬
‫يثري الدَّ هش َة عن‬
‫ب ُ‬ ‫متص ِّل ٍ‬ ‫ٍ‬
‫تعبري َ‬ ‫الفاض َح ُة التَّالِ َي ُة عىل‬
‫ِ‬ ‫وحتتوي ال َق ِصيدَ ُة‬
‫(إبراهيم‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫“القضيبِ ِّي” هيجو فيها‬ ‫ِ‬
‫اإليالج‬ ‫عمل َّي ِة‬
‫وير ِ‬ ‫تص ِ‬ ‫ِ‬
‫األسلوب يف ْ‬ ‫هذا‬
‫احليةِ‬
‫حمكمة الص ِ‬
‫ِ‬ ‫قاض يف‬ ‫ٍ‬ ‫نائب‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬
‫الغزاليِ ُّ ) ( ُتوفيِّ َ سن َة ‪1678‬م) الذي‬
‫َّ َّ‬ ‫يعمل َ‬
‫ِ‬
‫األلفاظ‪.‬‬ ‫دمشق أحدَ معاصرِ ِيه بأقذ ِع وأشن ِع‬ ‫َ‬ ‫ِ‬
‫وامليدان يف‬ ‫والعونِ َّي ِة‬

‫يقول (الغزاليِ ُّ )‪:‬‬


‫ُ‬
‫عجبا‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫لغليــظال َّطـــــب ِعمنِّـــيما‬ ‫باهلل ْ‬
‫أنكرتَـــــ ُه م ْن فـالن كي َترى َ‬ ‫قل‬

‫قد عر ْف ُت منــه ِقدْ َمــــ ًا َ‬


‫كان ذا سببا‬ ‫غري أنِّـــي مل ْ أنكْـــ ُه َلمِا‬
‫فلم جتــــدْ َ‬
‫ْ‬
‫إ َّيـــا ُه ما عُدَّ يل ذنبـــ ًا ومــا ُر ِق َبــــا‬ ‫وأمنحـــ ُه‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫أيــــري‬ ‫ـــمـه‬
‫أجش ُ‬‫ولو ِّ‬
‫ِ‬
‫بنـــار ِ‬ ‫اآلنأكــويقرحفقحتِ ِ‬
‫لكنِّنِـــي َ‬
‫أيــري وأر َقــى عندَ ُه ُّ‬
‫الرتِّبــا‬ ‫ـــه‬ ‫َ‬
‫كثيـــر هلـــذا ِ‬
‫األمر قد ذهبا‬ ‫ٌ‬ ‫َق ْب ِلــــي‬ ‫َّــفس تغييـــر ًا ملذهبِهـــا‬ ‫أك ِّل ُ‬
‫ـف الن َ‬
‫طبعــي ِ‬
‫ويبغـي غاســق ًا وقبا‬ ‫بغيــر ِ‬
‫ِ‬ ‫ســـامح اهللُ مأبــــون ًا يك ِّل ُفنِـــي‬ ‫ال‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫وهاتلناأمعــــا َء ُهسـَـــــ َلبا‬ ‫ٍ‬
‫غــاز‬ ‫ْ‬
‫وادخـل حشاشـ َت ُه‬ ‫وأدرع‬ ‫قم‬
‫ْ‬ ‫أير ْ‬
‫يا ُ‬

‫ّابليس‪ ،‬تعطري األنام يف تفسري األحالم‪( 210 :2 ،‬باب لواط)‪ ،‬و ‪:2‬‬‫الغني الن ّ‬
‫ّ‬ ‫(((   عبد‬
‫املناوي‪ ،‬الفيوض اإلهل ّية برشح األلف ّية‬
‫ّ‬ ‫الرؤوف‬
‫‪( 294‬باب نكاح)؛ انظر كذلك عبد ّ‬
‫الورد ّية‪ ،‬صفحة ‪70‬ب‪-71‬أ‪.‬‬
‫اإل ْسال ِم ِّي‬ ‫ال ال َع َر ِب ِّي ِ‬ ‫جل ْن ِس َّي ِة يِف ال َع مَ ِ‬ ‫َما َق ْب َل امل ِْثلِ َّي ِة ا ِ‬ ‫‪68‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫غري َك اخلـشبا‬ ‫ْ‬ ‫أوســـعه رهز ًا وإرجــاف ًا بباطنِ ِ‬


‫فعو ْض َ‬
‫عجز َت ِّ‬
‫ْ‬ ‫وإن‬ ‫ـــه‬ ‫ُْ‬
‫والطخـــه يف ِ ِ‬ ‫ٍ‬ ‫واحـذر يفاج ْئ َك ِم ْن‬
‫دار وانقلبـا‬
‫وجهه إن َ‬ ‫ْ ُ‬ ‫بخر‬
‫جعص له ٌ‬ ‫ْ‬
‫(*)‬
‫األير ال ُح ِّيي وال ن ُِدبا‬
‫خيرى عىل ِ‬
‫َ‬ ‫فعنــ ُه قــد حدَّ ثــونا َّ‬
‫أن عادتَــــــ ُه‬

‫املحبي‪ ،‬خالصة‬
‫ّ‬ ‫الرحيانة ورشحة طالء احلانة‪693-593 :1 ،‬؛‬
‫املحبي‪ ،‬نفحة ّ‬
‫ّ‬ ‫[*]‬
‫األثر يف أعيان القرن احلادي عرش‪( .74 :1 ،‬كان الغزا ّيل شاعرا حسن املطارحة لذيذ‬
‫املصاحبة كثري املجون واملداعبة‪ ...‬وقد وصفته فقلت يف حقه‪ :‬فتى مداعبة وجمون طبعه‬
‫باخلالعة معجون ‪ -‬املصدر ذاته [املرتمجة])‪.‬‬

‫*****‬
‫ف ِ‬
‫فعل‬ ‫وص ُ‬ ‫ِ‬ ‫الس ُ‬ ‫وبحس ِ‬
‫ياق‪ ،‬يمك ُن ـ بالكاد ـ ْ‬ ‫يكشف عنه هذا ِّ‬ ‫ُ‬ ‫ب ما‬ ‫ْ‬
‫ب‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫لمِ‬ ‫سيِ‬
‫اإليالج بـ “اجلن ِّ ” َا إ َّن ُه ِ‬ ‫ِ‬
‫فحس ُ‬
‫احلب واحلميم َّية ْ‬ ‫ِّ‬ ‫جيري ال بمعزل عن‬
‫بنحو صرَ ٍ‬
‫يح‬ ‫ٍ‬ ‫األبيات‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الرغبة واملتعة كذل َك؛ وتبينِّ ُ هذه‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫ُ‬ ‫بل بمعزل عن َّ‬
‫ِ‬
‫باالشمئزاز‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫شعوره‬ ‫ب عىل‬ ‫مضطر ًا إىل التَّغ ُّل ِ‬ ‫الفاعل َ‬
‫كان‬ ‫َ‬ ‫أن املولِ َج‪/‬‬ ‫ارش َّ‬ ‫و ُم َب ٍ‬
‫َّ‬
‫لطبع ِه‪:‬‬
‫مناف ِ‬ ‫ٍ‬ ‫نفس ُه عىل ما هو‬ ‫رب َ‬ ‫َ‬
‫وكان جي ُ‬
‫ويبغـي غاسـِـق ًا وقبا‬ ‫طبعــي ِ‬‫بغيــر ِ‬‫ِ‬ ‫ســـامح اهللُ مأبــــون ًا يك ِّل ُفنِـــي‬ ‫ال‬
‫َ‬

‫َ‬
‫املفعول به َ‬
‫كان‬ ‫األبيات ِم ْن َّ‬
‫أن املو َل َج فيه ‪/‬‬ ‫ِ‬ ‫بينَام أد ْت حقيق ُة ما يدَّ ِ‬
‫عيه ُ‬
‫قائل‬ ‫َّ‬
‫يت عىل الن ِ‬ ‫الز ِ‬ ‫ٍ‬ ‫مستمتع ًا بسهو َل ٍة‬
‫َّار‪.‬‬ ‫ب َّ‬ ‫لص ِّ‬‫ومتشوف ًا َ‬
‫ّ‬ ‫وبساطة‬
‫ِ‬
‫القرن‬ ‫(حممدُ ال َّطيلونيِ ُّ ) وهو فقي ٌه مصرْ ِ ٌّي ِم َن‬
‫كتب َّ‬
‫ٍ ِ‬
‫سياق متَّص ٍل‪َ ،‬‬ ‫ويف‬
‫ِ‬
‫وأكثرها بذاءةً‪:‬‬ ‫يص ُفه بأقذ ِع الص ِ‬
‫فات‬ ‫ني له ِ‬ ‫ِ‬
‫املناوئ َ‬ ‫السابع عشرَ إىل ِ‬
‫أحد‬
‫ِّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َّ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫يضم األفخا َذ عىل الغرمول م َن‬ ‫خندق بغدا َذ‪ ،‬يامن‬
‫(‪)1‬‬ ‫َ‬ ‫ِ‬
‫(يا حان َة النُّ َّباذ‪ ،‬يا‬
‫ُّ‬
‫السالم (بغداد)‪ .‬ويشار (كام يف تاج العروس) إىل ّ‬
‫أن‬ ‫(((   بغداذ اسم من أسامء مدينة ّ‬
‫ان و َم ْعدَ ُ‬
‫ان‬ ‫للمدينة سبع لغات مشهورة هي‪َ :‬ب ْغدَ ا ُد و َب ْغدَ ا ُذ و َب ْغ َذا ُذ و َب ْغ َذا ُد و َب ْغدَ ُ‬
‫لغوي)‪.‬‬‫ّ‬ ‫(املقوم ا ّل‬
‫ّ‬ ‫و َب ْغدَ ا ُم ُي َذكَّر و ُي َؤنَّث‪.‬‬
‫‪69‬‬ ‫واملرضى‬‫َ‬ ‫لواط ُّي َ‬
‫ون‬ ‫األو ُل‪ِّ :‬ال ِ‬ ‫ال َف ْص ُل َّ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ِ‬
‫املهجور‪،‬‬ ‫ِ‬
‫املفلس‬ ‫ِ‬
‫والفجور‪ ،‬يا بو َم‬ ‫ِ‬
‫الفساد‬ ‫منبع‬ ‫مرتع األُ ِ‬ ‫ِ‬
‫يور‪ ،‬يا َ‬ ‫َ‬ ‫االلتذاذ‪ ،‬يا‬
‫ِ (‪)1‬‬
‫والزور)‪.‬‬ ‫ِ‬
‫اإلفك ُّ‬ ‫يا ِخزان َة‬
‫ِ‬ ‫بيب النَّفسيِ ُّ الدَّ‬ ‫ِ‬
‫نامرك ُّي (ثوركل ڤانڠارد ـ ‪T.‬‬ ‫ويف ضوء ما حل َظ ُه ال َّط ُ‬
‫احلفاظ عىل‬ ‫ُ‬ ‫جال ال يمكن ُُهم‬ ‫الر َ‬ ‫أن ِّ‬ ‫افرتاض َّ‬ ‫َ‬ ‫يظهر لنا َّ‬
‫أن‬ ‫ُ‬ ‫‪)Vanggaard‬‬
‫يك‬ ‫جنسي ًا للشرَّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ني‬‫محيم ٍة إلاَّ إذا كانُوا منجذبِ َ‬ ‫ٍ‬
‫عالقة‬ ‫اب وإقام ُة‬ ‫االنتص ِ‬
‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫افرتاض خاط ٌئ‪ .‬إذ قد تساعدُ‬ ‫(‪)2‬‬ ‫ِ‬ ‫ٌ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫(باملعنَى العاد ِّي هلذه الكلمة) هو‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫احلفاظ عىل‬ ‫ِ‬ ‫احلاالت عىل‬ ‫ِ‬ ‫بعض ِم َن‬ ‫ٍ‬ ‫الشديدَ ِة يف‬ ‫العداء والكراه َي ِة َّ‬ ‫ِ‬ ‫مشاعر‬
‫ُ‬
‫طلح (ڤانڠارد)‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ذلك‪ ،‬يبدُ و َّ‬ ‫اب!!‪ .‬وبنا ًء عىل َ‬ ‫االنتص ِ‬
‫اص َ‬ ‫احتامل وجود ما ْ‬ ‫أن‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫عىل تسميته «العدوان َّي َة القضيبِ َّي َة» َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫كان حارض ًا يف املخي َلة يف الشرَّ ق العربيِ ِّ‬
‫السيدُ‬ ‫شهاب الدِّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ما َ‬
‫ين َّ‬ ‫ُ‬ ‫الفضل‬ ‫العراق ُّي (أبو‬ ‫ذكر الفقي ُه‬ ‫قبل احلديث؛ إذ َ‬
‫ون‬‫األفراد كانُوا يستخد ُم َ‬ ‫ِ‬ ‫أن بعض ًا ِم َن‬ ‫حممو ُد األلوسيِ ُّ ) (‪1854‬م) مثالً‪َّ ،‬‬
‫ِ‬ ‫َّ ِ (‪)3‬‬ ‫ِ‬ ‫بوص ِف ِه وسيل ًة لالنتقا ِم أو‬ ‫ا ِّل َ‬
‫تذكر‬ ‫أر)‪ .‬وزياد ًة عىل ذل َك‪ُ ،‬‬ ‫(األخذ بالث‬ ‫لواط ْ‬
‫انتشار ا ِّل ِ‬
‫لواط‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫لتفسري‬ ‫ون‬‫املسلم َ‬ ‫احتج هبا الفقها ُء‬ ‫األحاديث التِي‬
‫ِ‬ ‫بعض ِم َن‬ ‫ٌ‬
‫ُ‬ ‫َّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫بني «قو ِم لوط» أنهَّ ُم ‪ -‬أي قو ُم لوط ‪ -‬اتخَّ ُذوا ممُ َار َس َة ا ِّللواط مع الغرباء يف‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫َ‬
‫غري شهوة هبِم إىل‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫بوصفها وسيل ًة لطردهم م ْن أراض ِيهم (م ْن ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫األمر ْ‬ ‫بادئ‬
‫(‪)4‬‬
‫ذلِ َك)‪.‬‬

‫إبراهيم الغزاليِ ِّ‬


‫َ‬ ‫األبيات املأخو َذ ِة ِم ْن َق ِصيدَ ِة‬
‫ِ‬ ‫أخرى إىل‬ ‫مر ًة َ‬
‫ِ‬
‫وبالعودة َّ‬
‫ِ‬
‫العنف‬ ‫االستعارات املستمدَّ ِة ِمن ِ‬
‫لغة‬ ‫ِ‬ ‫لالنتباه ِم َن‬
‫ِ‬ ‫تضم وفر ًة الف َت ًة‬ ‫ُ‬
‫ْ‬ ‫نلحظ أنهَّ ا ُّ‬
‫والفتح والك َِّي عوض ُا عن‬ ‫ِ‬ ‫لب واالقتحا ِم‬ ‫والس ِ‬
‫َّار والدِّ رع َّ‬ ‫مثل الن ِ‬ ‫ِ‬
‫واحلرب ِ‬

‫الرحيانة‪.608-607 :4 ،‬‬ ‫املحبي‪ ،‬نفحة ّ‬ ‫ّ‬ ‫  ‬ ‫(((‬


‫القوي قبل أن تُقطع غرلته‪ ،‬األير‪:‬‬
‫ّ‬ ‫الضخم‬
‫كر ّ‬ ‫لغوي‪ :‬الغرمول‪ّ :‬‬
‫الذ ُ‬ ‫ّ‬ ‫إضافة املقو ّم ا ّل‬
‫القضيب‪.‬‬
‫السادس‪.‬‬
‫  ڤانڠارد‪ ،‬القضيب‪ ،‬الفصل ّ‬ ‫(((‬
‫  روح املعاين‪.152 :8 ،‬‬ ‫(((‬
‫البحراين‪ ،‬الربهان يف تفسري القرآن‪.233 :4 ،348 :2 ،‬‬
‫ّ‬ ‫  هاشم‬ ‫(((‬
‫اإل ْسال ِم ِّي‬ ‫ال ال َع َر ِب ِّي ِ‬ ‫جل ْن ِس َّي ِة يِف ال َع مَ ِ‬ ‫َما َق ْب َل امل ِْثلِ َّي ِة ا ِ‬ ‫‪70‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫يفات األدبِ َّي َة‬ ‫َّوص ِ‬ ‫أن الت ِ‬ ‫ياق ذاتِ ِه‪َّ ،‬‬ ‫لحظ يف الس ِ‬ ‫واملتعة؛ و ُي ُ‬ ‫ِ‬ ‫اإلملاعات إىل الر ِ‬
‫غبة‬ ‫ِ‬
‫ِّ‬ ‫َّ‬
‫تستحرض مرار ًا وتكرار ًا ُصور َة‬ ‫ُ‬ ‫الكالسيك َّي ِة‪،‬‬
‫ِ‬ ‫لغة العربِ َّي ِة‬ ‫للمعارك يف ا ُّل ِ‬ ‫ِ‬
‫األدبار)‬
‫َ‬ ‫ون (يو ُّل َ‬
‫ون‬ ‫غري واعٍ‪ ،‬فاجلنو ُد املهزو ُم َ‬ ‫بنحو ِ‬ ‫ٍ‬ ‫اجلنس َّي ِة‪ ،‬ر َّبام‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫العالقة‬
‫ِ‬
‫إن‬‫قال‪َّ :‬‬ ‫[األعداء]) و ُي ُ‬ ‫أدبار ِهم‬‫ِ‬ ‫َت أو عم َل ْت يف‬ ‫وسيوف املنتصرِ ِ ي َن (فتك ْ‬ ‫ُ‬
‫كور ِم َن‬ ‫الذ َ‬ ‫(جيعل ُّ‬ ‫ُ‬ ‫كور) أو‬ ‫الذ َ‬ ‫ِّث ُّ‬ ‫كان (يؤن ُ‬ ‫املغوار َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫العسكر ِّي‬ ‫ِ‬
‫القائد‬ ‫سيف‬
‫َ‬
‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫َ (‪)1‬‬
‫حييضون)‪.‬‬ ‫ِ‬
‫سواء يف‬ ‫«فتح» عىل حدٍّ‬ ‫كلمة‬ ‫استعامل‬ ‫وباإلمكان‬ ‫األعداء ُ‬
‫وإن أمك َن‬ ‫البكارة؛ ْ‬ ‫ِ‬ ‫فض‬ ‫واإليالج اجلنسيِ ِّ أو ِّ‬ ‫ِ‬ ‫العسكر ِّي‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الفتح‬ ‫احلديث عن‬ ‫ِ‬
‫يدل عىل «ممُ َار َس ِة‬ ‫ني أو ُّ‬ ‫جنس ِ‬ ‫َ‬ ‫يوحدُ‬ ‫ال ِّ‬ ‫بوص ِف ِه فع ً‬ ‫اإليالج ْ‬ ‫ِ‬ ‫َّظر إىل ِ‬
‫فعل‬ ‫الن ُ‬
‫للغاية مت ِّي ُز‬‫ِ‬ ‫بوص ِف ِه جترب ًة «استقطابِ َّي ًة»‬ ‫ِ ِِ‬ ‫ِ‬
‫تص ُّو ُر ُه ْ‬ ‫بالقدر ذاته َ‬ ‫اجلنس» فيمك ُن‬
‫ِ (‪)2‬‬
‫املفعول به‪ ،‬واملنتصرِ َ ِم َن املهزوم‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫والفاعل ِم َن‬ ‫َ‬ ‫اخلاض ِع‬ ‫ِ‬ ‫املهيم َن ِم َن‬
‫فهم‬ ‫الرأ َي ِ‬ ‫ِ‬ ‫ني يرغ ُب َ‬ ‫َّاب احلديثِ َ‬ ‫أن بعض ًا ِم َن الكت ِ‬ ‫ب َّ‬
‫ني‪ُ ،‬‬ ‫جماراة َّ‬ ‫ون يف َ‬ ‫وأحس ُ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫الغرب احلديث؛‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اإليالج] إىل‬ ‫رب‬ ‫ِ‬ ‫األو َل [أي اتحِّ ا َد‬ ‫ينس ُب َ‬
‫اجلنسني ع َ‬ ‫َ‬ ‫أي َّ‬ ‫الر َ‬ ‫ون َّ‬
‫ط ‪ -‬املنط َق َة الشرَّ َق أوسطِ َّي ٍة‪.‬‬ ‫البحر املتوس ِ‬
‫ِّ‬ ‫ِ‬ ‫ون ال َّثانيِ إىل منط َق ِة‬ ‫حني ينس ُب َ‬ ‫يف ِ‬
‫بوص ِف ِه «جمِ اع ًا» مل ْ تك ْن غريب ًة‬ ‫اجلنس ْ‬ ‫ِ‬ ‫بأن فكر َة‬ ‫َّنويه َّ‬ ‫(‪ )3‬ومع هذا‪ ،‬ال بدَّ ِمن الت ِ‬
‫َ‬
‫بوصفه جترب ًة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫قبل احلديث‪ ،‬مث َلام َّ‬ ‫ِ‬ ‫األوسط ما َ‬ ‫ِ‬ ‫عن الشرَّ ِق‬
‫«اجلنس» ْ‬ ‫أن فكر َة‬
‫ْ‬ ‫بشخص ما أو إهانَتِ ِه بطري َق ٍة مع َّين ٍَة ‪ -‬مل‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫اهلزيمة‬ ‫إحلاق‬‫ِ‬ ‫استقطابِ َّي ًة ‪ -‬بمعنَى‬

‫العتبي‪325 ،323 :1 ،‬؛‬ ‫ّ‬ ‫الوهبي عىل تاريخ أيب نرص‬ ‫ّ‬ ‫املنيني‪ ،‬الفتح‬
‫ّ‬ ‫(((   أمحد بن ّ‬
‫عيل‬
‫ترصف يف مرص من أرباب الدّ ول‪،‬‬ ‫اإلسحاقي‪ ،‬أخبار األول فيمن ّ‬‫ّ‬ ‫حممد عبد املعطي‬‫ّ‬
‫الوهبي‪156 :1 ،‬؛ وهباء الدّ ين‬
‫ّ‬ ‫الفتح‬ ‫‪،‬‬ ‫املنيني‬
‫ّ‬ ‫يف‬ ‫قصيدة‬ ‫من‬ ‫مأخوذان‬ ‫النقالن‬ ‫‪125‬؛‬
‫العاميل‪ ،‬الكشكول‪.319 :1 ،‬‬‫ّ‬
‫«استقطايب» من نقاش هالربن للمواقف اإلغريق ّية الكالسيك ّية‬ ‫ّ‬ ‫(((   أخذت مصطلح‬
‫حيال العالقة اجلنس ّية (هالربن‪ ،‬مئة عام من املثل ّية اجلنس ّية‪.)30 ،‬‬
‫حرره‬ ‫أن هذا هو ما نزع إليه العديد من الكتاب املسهمني يف املج ّلد الذي ّ‬ ‫(((   أحسب ّ‬
‫الذكور يف املجتمعات املسلمة)‪.‬‬ ‫شمت وسوفر بعنوان (اجلنسان ّية واأليروس ّية بني ّ‬
‫املتعجلة واليسرية ملجاورة‬
‫ّ‬ ‫املوجهة إىل املحاوالت‬ ‫ّ‬ ‫ولالستزادة بشأن االنتقادات‬
‫الرغبة»‪.‬‬
‫ّ‬ ‫توجيه‬ ‫«إعادة‬ ‫مسعد‪،‬‬ ‫خليل‬ ‫أبو‬ ‫انظر‬ ‫«العربية»‪،‬‬ ‫املواقف «الغربية» و‬
‫‪71‬‬ ‫واملرضى‬‫َ‬ ‫لواط ُّي َ‬
‫ون‬ ‫األو ُل‪ِّ :‬ال ِ‬ ‫ال َف ْص ُل َّ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(‪)1‬‬
‫الغرب املعاصرِ ِ ‪.‬‬
‫ِ‬ ‫تك ْن غائ َب ًة عن‬

‫َّظر العدوانِ َّي َة‬ ‫أن وجه َة الن ِ‬ ‫إنكار َّ‬‫ُ‬ ‫يتعذ ُر‬‫الرغ ِم ِم ْن قولِنا هذا‪َّ ،‬‬ ‫وعىل ُّ‬
‫اخلطاب العام ِ‬ ‫ِ‬ ‫أكثر بروز ًا وحضور ًا يف‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫(الذي هييم ُن‬ ‫ِّ‬ ‫وذكور َّي َة النَّزعة تبدُ و َ‬
‫ِ‬
‫وجهة‬ ‫املبكر ِة منه ِم ْن‬
‫ِ‬ ‫احلقبة العثامنِ َّي ِة‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫األوسط يف‬ ‫جال) يف الشرَّ ِق‬ ‫الر ُ‬ ‫عليه ِّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫مستغرب ًا‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الن ِ‬
‫َّنافس‬ ‫حال الت‬ ‫بفعل‬ ‫َ‬ ‫ليس‬ ‫الرقي َقة ‪ -‬اخلنثو َّية‪ .‬وبنا ًء عليه َ‬ ‫َّظر َّ‬
‫حل ْي ِز‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫املناص ِ‬ ‫واملستمر ِة عىل‬ ‫الشديدَ ِة‬ ‫ِ‬
‫َّكالب َّ‬
‫ب واملال واجلاه والنُّفوذ يف ا َ‬ ‫ِّ‬ ‫والت‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الذ ِ‬
‫واإلملاعات إىل‬ ‫اإلشارات‬ ‫مستغرب ًة كثر ُة‬
‫َ‬ ‫كور ِّي حصرْ ِ َّي ًا‪َ ...‬‬
‫ليس ْت‬ ‫العا ِّم ُّ‬
‫اإليالج القضيبِ ِّي‪.‬‬ ‫ِ‬
‫الشاعر (حممدُ بن أمحدَ ِ ِ‬
‫وف بـ “ماميه‬
‫عر ُ‬ ‫بن عبد اهللِ) ا َمل ُ‬ ‫َّ ُ‬ ‫فحينَام ُعينِّ َ َّ ُ‬
‫الس ِ‬
‫ابق‪،‬‬ ‫شاغل ِ‬
‫املنص ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الر ِ‬
‫وم ِّي” ُمفسرِّ ًا يف إحدَ ى حماك ِم‬
‫ب َّ‬ ‫حساب‬ ‫دمشق عىل‬
‫َ‬ ‫ُّ‬
‫األبيات اآلتي َة احتفاالً باملناسبة‪ِ:‬‬
‫ِ‬ ‫نظم‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫(أمر اهللِ) َ‬
‫اسم ُه ُ‬‫وهو ترك ٌّي ُ‬
‫ْ��ب��ح خم��ذوال‬
‫َ‬ ‫وال���ض���دُّ ق��د أص‬
‫ِّ‬ ‫ــت ا ُملنَـــى‬
‫احل��م��دُ هللِ بل ْغ ُ‬
‫(*)‬
‫أمـر اهللِ مفعـــوال‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫وكــان‬ ‫ك��نْ��ت ل��ه راجيــ ًا‬
‫ُ‬ ‫ْ��ت م��ا‬
‫ون��ل ُ‬

‫السابع إىل‬
‫الروض العاطر فيام تيسرّ من أخبار القرن ّ‬
‫األنصاري‪ّ ،‬‬
‫ّ‬ ‫[*] موسى بن أ ّيوب‬
‫ومي‪ ،‬روضة املشتاق وهبجة األشواق‪ ،‬صفحة‬ ‫الر ّ‬
‫حممد مام ّية ّ‬
‫ختام القرن العارش‪ّ ،48 ،‬‬
‫‪191‬أ؛ ولال ّطالع عىل مثال آخر عن استخدام ّ‬
‫الصور اجلنس ّية يف التّنافس عىل املناصب‪،‬‬
‫حممد بن أمحد ال ّطاو ّيل‪ ،‬سانحات دمى القرص يف مطارحات بني العرص‪،‬‬
‫انظر درويش ّ‬
‫القصة التي يذكر املؤ ّلف (ال ّط ّ‬
‫الوي) أنهّ ا وقعت بني بدر الدّ ين‬ ‫‪( :912-712 :1‬أ ّما ّ‬
‫التونيس شعرا‪ ،‬فهي كام يذكرها‬
‫ّ‬ ‫السالم‬
‫واإلجيي والتي صاغها أبو الفتح بن عبد ّ‬
‫ّ‬ ‫الغز ّي‬
‫ّ‬

‫لولبي أو أداة تستخدم‬


‫ّ‬ ‫(((   استعمل الكاتب كلمة (‪ )screw‬وهلا عدّ ة معان‪ ،‬فهي مسامر‬
‫لتثبيت قطعتني من خشب ومعدن أو من خشب فحسب تربطان معا‪ ،‬وهذا هو‬
‫امر َسة‬ ‫احلريف‪ .‬وتستعمل يف ا ّللغة اليوم ّية لإلشارة إىل الفعل ِ ّ‬
‫اجلنيس أو ا ُمل َ‬ ‫ّ‬ ‫معناها‬
‫اجلنس ّية‪ ،‬وهي كلمة مهينة ومؤذية‪ ،‬وتعني "تثبيت" الفاعل ‪ /‬املوالج للمفعول به‬
‫‪/‬املولج فيه (املرتمجة)‪.‬‬
‫اإل ْسال ِم ِّي‬ ‫ال ال َع َر ِب ِّي ِ‬ ‫جل ْن ِس َّي ِة يِف ال َع مَ ِ‬ ‫َما َق ْب َل امل ِْثلِ َّي ِة ا ِ‬ ‫‪72‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫اإلجيي كان قد قبل أن يتولىّ تدريس املدرسة‬


‫ّ‬ ‫حممد‬ ‫أن ّ‬
‫الشيخ ّ‬ ‫الشذرات ّ‬
‫ابن العامد يف ّ‬
‫الغزي ‪ -‬ويبدو أنّه عزل منها ‪ -‬و ّملا كانت املو ّدة الوثيقة تربط‬
‫ّ‬ ‫الشام ّية التي كان يتولاّ ها‬
‫ّ‬
‫باإلجيي أن يرفض الوالية عىل هذه املدرسة مراعاة جلانب‬
‫ّ‬ ‫الرجلني فقد كان األوىل‬
‫بني ّ‬
‫صديقه‪ ،‬لكنّه مل ْ يفعل وكان ذلك ممّا أخذه عليه‪ ،‬وأ ّدى إىل القطيعة بينهام وإىل هجاء‬
‫لإلجيي كام يتّضح من القصيدة التي‪ -‬لطوهلا ‪ -‬سأكتفي بنقل األبيات األخرية‬
‫ّ‬ ‫الغزي‬
‫ّ‬
‫منها فحسب‪:‬‬

‫إلــــــــــه الرب ّيـــــة أعطــــــاكــه‬ ‫ولو ُأعطي ّ‬


‫الشيـــــخ غـــــــرما كام‬
‫وه ّيـــــــــأ لل ّطـــعن مــــــــواكـه‬ ‫هلز علــى البعــــــــد عكّــــــــازه‬
‫ّ‬
‫بالكـــــــــــف شـــباكه‬
‫ّ‬ ‫وشــــ ّبك‬ ‫وقـــــــام بمســـجده صـــــــارخا‬
‫الســـفح حــــــــــ ّياكه‬
‫وحي لــدى ّ‬ ‫وأرســــل خـــــــــلف دراويشـــه‬
‫حيـــــرك حمراكــــــــــه‬
‫ّ‬ ‫وهـــــــذا‬ ‫فهــــــذا أتـــــــــاه بمطـــوائــــه‬
‫متـــزق أوراكـــــــــــــه‬
‫ّ‬ ‫ســـــيوفا‬ ‫جــــــــــردوا‬
‫ّ‬ ‫وقـــال ألعجامــــه‬
‫وأبــــرأت ذ ّمــــة من ناكــــــــــــه‬ ‫وهــا قد أبحــت لكم قتــــــــلـــه‬
‫يصـــــــيد متى شـــــــــاء أســامكه‬ ‫فال بــــرح ّ‬
‫الشـــــــــيخ يف هنــــره‬

‫الغزي‬
‫ّ‬ ‫الر ّد عىل‬
‫اإلجيي‪ ،‬واملقصود أنّه لو أتيح له ّ‬
‫ّ‬ ‫األول ّ‬
‫الشيخ‬ ‫يعني ّ‬
‫بالشيخ يف البيت ّ‬
‫أن ّ‬
‫الشيخ استوىل‬ ‫حترك هبا النّار‪ ،‬والبيت األخري كناية عن ّ‬
‫لفعل كذا وكذا‪ ،‬واملحراك أداة ّ‬
‫عىل املنصب املتنازع عليه‪ ،‬وأصبح جيني من ثامره متى شاء (املرتمجة)‪.‬‬

‫*****‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫املعتاد يف‬ ‫ُستعم ُل يف‬
‫املفر َد َة التي ت َ‬ ‫مفر َد ُة “مفعوالً به” ه َي َ‬ ‫َت َ‬ ‫و َّملا كان ْ‬
‫اجلنس َّي ِة‪،‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫العالقة‬ ‫ِ‬
‫املفعول به ‪ /‬املو َل ِج فيه‪ ،‬أو املستقبِ ِل يف‬ ‫احلديث عن ال َّط ِ‬
‫رف‬ ‫ِ‬
‫لغة العربِي ِة‪ :‬إذ ُثبِ َت ‪ /‬ن ِ‬
‫ُك َح‬ ‫مس يف ا ُّل ِ‬ ‫الش ِ‬
‫وح َّ‬ ‫تربز الصور ُة ِ‬
‫واض َح ًة ُ‬
‫َّ‬ ‫وض َ‬ ‫ُ ُّ‬
‫ٍ‬
‫حممد ماميه‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫“أمر اهللِ” عىل يد منافسه وخليفته يف املنص ِ‬
‫ب َّ‬ ‫اخلص ُم ُ‬ ‫ْ‬
‫‪73‬‬ ‫واملرضى‬‫َ‬ ‫لواط ُّي َ‬
‫ون‬ ‫األو ُل‪ِّ :‬ال ِ‬ ‫ال َف ْص ُل َّ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫يزال)‬ ‫كان (وما ُ‬ ‫احلديث متايز ًا َ‬ ‫ُ‬ ‫اجلنس َّي ِة”‬ ‫ِ‬ ‫“املثل َّي ِة‬
‫ِ‬ ‫ويتجاهل َم ْف ُهو ُم‬ ‫ُ‬
‫َّاميز‬‫ونقصدُ به هنا الت َ‬ ‫ُ‬ ‫رمز َّي ٍة عالِ َي ٍة‪،‬‬ ‫مه َّي ٍة ِ‬ ‫بخاصة بأ ِّ‬
‫ٍ‬
‫َّ‬
‫ِ‬
‫األوسط‬ ‫مشحون ًا يف الشرَّ ِق‬
‫العاد َّي ِة ِم ْن َم ْف ُهو ٍم‬ ‫ِ‬ ‫املفعول به‪ .‬وليس مستغرب ًا خلو ا ُّل ِ‬
‫لغة‬ ‫ُّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫وبني‬
‫الفاعل َ‬ ‫ِ‬ ‫بني‬
‫َ‬
‫الذي َن‬ ‫مقابل ِ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬
‫الفاعل‬ ‫ِ‬
‫عمل‬ ‫ون أدا َء‬ ‫يفض ُل َ‬ ‫الذي َن ِّ‬ ‫األفراد ِ‬ ‫ِ‬ ‫متطابق َي ْصدُ ُق عىل‬ ‫ٍ‬
‫املثل َّي ِة‪ .‬و ُيلحظ استخدا ُم‬ ‫اجلنسي ِة ِ‬
‫َّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫العالقة‬ ‫املفعول به يف‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫عمل‬ ‫ون أدا َء‬ ‫يفض ُل َ‬ ‫ِّ‬
‫“املأبون” أو‬ ‫ِ‬ ‫مقابل‬ ‫َ‬ ‫املجمو َع ِة األوىل‬ ‫ُ‬ ‫ف‬ ‫أنموذجي لوص ِ‬
‫ِ ٍّ ْ‬ ‫لفظة “لِواطِ ٍّي” ٍ‬
‫بنحو‬ ‫ِ‬
‫ف عندَ ها‬ ‫بأن نتو َّق َ‬ ‫جدير ٌة ْ‬ ‫وهذه املسأ َل ُة‬ ‫ِ‬ ‫املجمو َع ِة ال َّثانِ َي ِة؛‬ ‫ف‬ ‫َّث” لوص ِ‬ ‫“ا ُملخن ِ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬
‫إسقاط هذا‬ ‫ِ‬ ‫نحو‬ ‫بعض ِم َن الباحثِ َ‬ ‫ٍ‬ ‫ظل التَّوج ِه العام وال َّث ِ‬ ‫ال يف ِّ‬ ‫قلي ً‬
‫ني َ‬ ‫بني‬ ‫ابت َ‬ ‫ِّ‬ ‫ُّ‬
‫(‪)1‬‬
‫الكلمة املح ِّل َّي ِة “لِواطِ ٌّي” إىل “مثليِ ٍّ جنسيِ ٍّ ”‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وترمجة‬ ‫ِ‬
‫االعتبار‬ ‫اجلانب ِم َن‬ ‫ِ‬
‫يامرس ا ِّل َ‬ ‫جل ِ‬ ‫الر ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫لواط (أي‬ ‫ُ‬ ‫الذي‬ ‫قصدُ با ِّللواط ِّي يف الفقه اإلسالم ِّي َّ‬ ‫حيث ُي َ‬ ‫ُ‬
‫ف الن ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫دبر ِه أو‬ ‫آخر يف ِ‬ ‫ٍ‬
‫َّظر‬ ‫امر َسة الشرَّ ج َّية) بصرَ‬ ‫االشرتاك يف ا ُمل َ‬ ‫رجل َ‬ ‫إتيان‬‫َ‬
‫ِ‬
‫املفعول‬ ‫ِ‬
‫الفاعل أو‬ ‫العالقة‪ :‬هل هو ُ‬
‫عمل‬ ‫ِ‬ ‫الذي يؤ ِّد ِيه يف هذا‬ ‫العمل ِ‬ ‫ِ‬ ‫عن‬
‫اليوم َّي ِة ِ‬
‫غري‬ ‫ِ‬ ‫به؟(‪ )2‬وعىل الرغ ِم ِمن ذلِ َك‪ ،‬تعنِي مفرد ُة «ا ِّللواطِي» يف ا ُّل ِ‬
‫لغة‬ ‫ِّ‬ ‫َ َ‬ ‫ْ‬ ‫ُّ‬
‫والفاحشة مثالً) تعني غالب ًا تقريب ًا‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬
‫اخرة‬ ‫القص ِ‬ ‫التِّقنِ َّي ِة (كام‬
‫الس َ‬ ‫ص َّ‬ ‫تشيع يف َ‬ ‫ُ‬
‫َّوضيح‬ ‫ِ‬ ‫آخر يف ُد ُب ِر ِه) ((‪ pederast‬وسنور ُد ابتغا َء الت‬ ‫كر الذي يطأ ذكر ًا َ‬
‫ِ‬
‫(الذ ُ‬ ‫َّ‬
‫كر ‪/‬‬ ‫َّقليد َّي هو َّ‬ ‫أن ا ِّللواطِي الت ِ‬ ‫االعتقاد يف َّ‬ ‫ِ‬ ‫قص َري ًة تبينِّ ُ حقيق َة شيو ِع‬ ‫قص ًة ِ‬
‫الذ ُ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬
‫الغلامن‪ِ:‬‬ ‫إيالجي ٍة مع ِ‬ ‫َِّ‬ ‫ٍ‬
‫امر َسة عالقة رشج َّية فاع َلة ‪-‬‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫الر ُ‬
‫بم َ‬ ‫املولع ُ‬ ‫ُ‬ ‫جل‬ ‫َّ‬
‫كلمة لِواطِ ٍّي] فقا َل ْت‬ ‫ِ‬ ‫[تنويع عىل‬ ‫ٌ‬ ‫كان الئط ًا‬ ‫آخ َر أ َّن ُه َ‬ ‫(وحك َي أيض ًا عن َ‬ ‫ِ‬
‫فرج‬ ‫ٍ‬ ‫لامن‪َ .‬‬ ‫الغ ِ‬ ‫عندي ما عندَ ِ‬ ‫له زوج ُته‪ِ :‬‬
‫جار سوء [أي ُ‬ ‫نعم ولك ْن له ُ‬ ‫فقال‪ْ :‬‬ ‫ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫احلر‬ ‫احلسن ُّ‬ ‫(حممدُ ب ُن‬ ‫الشيع ُّي َّ‬ ‫أخرى أور َدها الفقي ُه ِّ‬ ‫وثم َة رواي ٌة َ‬ ‫املرأة])‪.‬‬
‫(‪)3‬‬
‫َّ‬
‫لواط»‬ ‫أن النَّظر َة العام َة إىل «ا ِّل ِ‬ ‫بالقدر ذاتِ ِه َّ‬ ‫ِ‬ ‫العامليِ ُّ ) ( ُتوفيِّ َ سن َة ‪1693‬م) تبينِّ ُ‬
‫َّ‬

‫(((   لالستزادة من األمثلة‪ ،‬انظر مسعد أبو خليل‪« ،‬ملحوظة عىل دراسة املثل ّية اجلنس ّية يف‬
‫احلضارة العرب ّية ‪ /‬اإلسالم ّية؛ هوبڠود‪( ،‬جماهبات جنس ّية يف الشرّ ق األوسط)‪.176،‬‬
‫الفقهي لـ «ا ّللواط» يف الفصل ال ّثالث‪.‬‬
‫ّ‬ ‫(((   سأناقش املفهوم‬
‫الربيع يف التّعاريف وامللح واملقال البديع)‪.31 ،‬‬ ‫اجلزائري‪( ،‬زهر ّ‬
‫ّ‬ ‫(((   نعمة اهلل‬
‫اإل ْسال ِم ِّي‬ ‫ال ال َع َر ِب ِّي ِ‬ ‫جل ْن ِس َّي ِة يِف ال َع مَ ِ‬ ‫َما َق ْب َل امل ِْثلِ َّي ِة ا ِ‬ ‫‪74‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫الذ ِ‬
‫كور يف الدُّ ِبر‪:‬‬ ‫ِه َي ُ‬
‫إتيان ُّ‬

‫حر َم ا ُ‬
‫هلل‬ ‫السال ُم]‪ :‬مل ْ َّ‬ ‫ٍ‬
‫طالب [عليه َّ‬ ‫زنديق اإلما َم عل َّي ًا ب َن أبيِ‬
‫ٌ‬ ‫َ‬
‫سأل‬
‫(م ْن ِ‬‫قال‪ِ :‬‬
‫جال عن‬ ‫الر ُ‬‫إتيان الغال ِم حالالً الستغنَى ِّ‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫لوكان‬ ‫أجل‬ ‫لواط؟‪َ .‬‬
‫ا ِّل َ‬
‫إجازة ذلِ َك فسا ٌد‬
‫ِ‬ ‫َ‬
‫وكان يف‬ ‫ِ‬
‫لفروج‪،‬‬ ‫َّسل‪ ،‬وتعطيلاُ‬ ‫قطع الن ِ‬ ‫َ‬ ‫الن ِ‬
‫وكان فيه ُ‬ ‫ِّساء‪،‬‬
‫(‪)1‬‬
‫كثري‪.‬‬
‫ٌ‬
‫الشعبِ َّي ِة‬ ‫ُّسخة امل ِ ي ِة ِمن الر ِ‬ ‫ف مفرد ُة «ا ِّللوا َطي» يف الن ِ‬
‫واية َّ‬ ‫صرْ َّ َ ِّ‬ ‫َّ‬ ‫وتُو ِّظ ُ َ َ‬
‫ِ‬ ‫الذ ِ‬ ‫ِ‬ ‫(ملحم ُة ال َّظ ِ‬ ‫عرو َف ِة بـ‬ ‫َّ ِ ِ‬
‫ني‬‫البالغ َ‬ ‫كور‬ ‫للحديث عن ُّ‬ ‫بيربس)‬
‫َ‬ ‫اهر‬ ‫َ‬ ‫الشفاه َّية ا َمل ُ‬
‫املفر َد ِة‬ ‫ِ‬
‫بنحو متبا َدل كذل َك مع َ‬
‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ُستعم ُل‬ ‫ِ‬
‫شون جنس َّي ًا با ُمل ْرد‪ ،‬وت َ‬
‫ِ‬ ‫يتحر َ‬ ‫َّ‬
‫ِ‬
‫الذي َن‬
‫الس ِّن](‪ )2‬ويتجلىَّ املعنَى‬ ‫كور ِص ِ‬ ‫للذ ِ‬ ‫يميل ُّ‬ ‫[الذي ُ‬ ‫العامي ِة «بتاع الص َغار» ِ‬
‫غار ِّ‬ ‫ْ ْ ْ‬ ‫ِّ َّ‬
‫ين يف‬ ‫هل قائ ُل ُهام والوار َد ِ‬ ‫لذ ِ‬
‫ين يجُ ُ‬ ‫ني ا َّل َ‬‫ني اآلت َي ِ‬ ‫الفاحش ِ‬
‫َ‬ ‫الش ِ‬
‫عر‬ ‫ذا ُت ُه يف بيتَي ِّ‬
‫دمشق ٌّي ِم ْن‬ ‫ِ‬ ‫ابع عشرَ ‪ ،‬وال َّثانيِ‬
‫الس َ َ‬
‫ِ‬
‫أواخر القرن َّ‬ ‫ِ‬ ‫ني‪َّ ،‬أولهُ ُام مصرْ ِ ٌّي يعو ُد إىل‬ ‫نص ِ‬ ‫َّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫أواخر القرن ال َّثام َن َ‬
‫عرش‪:‬‬
‫حيب الغوانِيا‬ ‫ُّ‬ ‫ب��زان َم�� ْن‬‫ٍ‬ ‫و ُيد َعى‬ ‫ٍ‬
‫بالئط‬ ‫��ر ِد ُيد َعى‬‫محُ��ب ا ُمل ْ‬
‫ُ‬ ‫وقيل‬ ‫َ‬
‫(*)‬
‫فال أنــا لِواطِـ َّي ًا وال أنا زانيـــا‬ ‫قن منِّي تع ُّفف ًا‬ ‫الذ ِ‬‫أهــل َّ‬ ‫َ‬ ‫ـت‬
‫فأحب ْب ُ‬

‫حممد خليل‬
‫هز القحوف يف رشح قصيدة أيب شادوف‪49،‬؛ ّ‬
‫بيني‪ّ ،‬‬
‫ّ‬ ‫[*] يوسف الشرّ‬
‫املرادي‪ ،‬سلك الدّ رر يف أعيان القرن ال ّثاين عرش‪.206 :2 ،‬‬
‫ّ‬

‫*****‬

‫الشيعة)‪ 248 :14 ،‬وما يتبعها (حديث ‪ ،)12‬تشري كلمة «اإلتيان‬ ‫ّ‬
‫  العاميل‪( ،‬وسائل ّ‬ ‫(((‬
‫اجلسدي‬
‫ّ‬ ‫يف الدّ بر» التي اخرتت ترمجتها إىل (‪( )carnal penetration‬أي اإليالج‬
‫الصيغ املبن ّية‬
‫هواين) إىل أداء عمل الفاعل ‪ /‬املولج يف العالقة اجلنس ّية مقابل ّ‬
‫الش ّ‬ ‫‪ّ /‬‬
‫للمجهول من الكلمة التي تستعمل بنحو منتظم للحديث عن أداء عمل املستقبل‬
‫‪ /‬املفعول فيه‪.‬‬
‫الصغار أو‬ ‫((( انظر ديوان خدمة األسطة عثامن عن ا ِّللواط ّيني الذين ينجذبون إىل ّ‬
‫الصغري»‪.37 ،7 :‬‬ ‫الغلامن‪27-26 ،12 :‬؛ عن «بتاع ّ‬
‫‪75‬‬ ‫واملرضى‬‫َ‬ ‫لواط ُّي َ‬
‫ون‬ ‫األو ُل‪ِّ :‬ال ِ‬ ‫ال َف ْص ُل َّ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ِ‬
‫عمر اخلفاج ُّي) ( ُتوفيِّ َ‬ ‫بن َ‬‫حمم ٍد ِ‬
‫اعر املصرْ ِ ُّي (أمحدُ ب ُن َّ‬ ‫ونظم الفقي ُه َّ‬
‫والش ُ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫بحسب‬ ‫يعيش فيه مش ِّبه ًا َ‬
‫ناس ُه ـ‬ ‫سن َة ‪1659‬م) شعر ًا شكَى فيه العصرْ َ الذي ُ‬
‫الس ِّن ذوي‬ ‫باب عىل ِ‬ ‫ني َّ‬ ‫بسبب ِ‬
‫تفض ِيل ِهم املتغن ِِّج َ‬ ‫ِ‬ ‫عائ ِه ـ بقو ِم ٍ‬
‫اد ِ‬
‫كبار ِّ‬ ‫الش َ‬ ‫لوط‬ ‫ِّ‬
‫(‪)1‬‬ ‫ِ‬
‫اهليبة والوقار‪.‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫أخرى َ‬ ‫ِ ٍ‬ ‫ِ ٍ‬
‫العمر ُّي)‬ ‫الباقي‬ ‫العراق ُّي (عبدُ‬ ‫قال الفقي ُه‬ ‫ويف َقصيدَ ة عاطف َّية َ‬
‫ِ‬
‫ميالت‪:‬‬ ‫( ُتوفيِّ َ سن َة ‪ 1697‬ـ ‪1698‬م) عن إحدَ ى ا َ‬
‫جل‬
‫بالســـها ْم‬
‫ِّ‬ ‫مثخنـــ ًا‬
‫َ‬ ‫ِم ْن مقلتَيها‬ ‫َ‬
‫احلشى‬ ‫إن ماس ْت تخُْ�ِل�يِ‬
‫َ‬ ‫هيفا ُء ْ‬

‫وصـا ْم‬
‫َ‬ ‫لصــلىَ‬
‫َ‬ ‫طلعتَها يومـ ًا‬ ‫نـــم عابــــــدُ ُه ْ‬
‫إن رأى‬ ‫لو َص ٌ‬
‫(*)‬
‫دهر ُه ُم الغــال ْم‬ ‫لمََا استح ُّلــوا‬ ‫ٍ‬
‫لوط لو أبصـ َُروا ُح ْسنَها‬ ‫وقو ُم‬
‫َ‬

‫الروض النّرض يف ترمجة أدباء العرص‪.26 :1 ،‬‬


‫العمري‪ّ ،‬‬
‫ّ‬ ‫فرتي‬
‫[*] عثامن الدّ ّ‬

‫*****‬
‫شك ـ‬ ‫دون أدنَى ٍّ‬ ‫هذه التِي صور ُهم هبا ـ ِمن ِ‬ ‫لوط ِ‬ ‫وليس ْت صور ُة قو ِم ٍ‬
‫ْ‬ ‫َ َّ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫متجانس ًة متام ًا يف الترُّ اث اإلسالم ِّي؛ ففي تعليقه عىل املقط ِع املنقول أعال ُه عن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫أمني العمر ُّي) ( ُتوفيِّ َ‬ ‫(حممدُ ُ‬ ‫املقرئ العراق ُّي َّ‬ ‫ُ‬ ‫ذكر الفقي ُه‬ ‫(عبد الباقي العمر ِّي) َ‬
‫ِ‬ ‫لوط مل ْ يكونُوا يلو ُط َ‬ ‫أن قوم ٍ‬
‫ب‪ ،‬بل مع‬ ‫فحس ُ‬ ‫الصبيان ْ‬ ‫ون مع ِّ‬ ‫سن َة ‪1788‬م) َّ َ‬
‫القياس َّي ُة عن‬ ‫ِ‬ ‫املزدوج ُة‬ ‫ِ ِ‬ ‫البالغ َ ِ‬ ‫ِ‬ ‫الذ ِ‬ ‫ِ‬
‫الغرباء ُّ‬
‫َ‬ ‫ني كذل َك‪ )2(.‬وهذه ه َي ُّ‬
‫الصور ُة‬ ‫كور‬
‫وم ْن‬ ‫جانب ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ون ِم ْن‬ ‫فهم لِواطِ ُّي َ‬ ‫ِ‬ ‫القرآن يف َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫قو ِم ٍ‬
‫تلك احلقبة‪ُ :‬‬ ‫رشوحات‬ ‫لوط يف‬
‫أراض ِيهم وممتلكاتهِ ِم‬ ‫املتجاو ِزين عىل ِ‬
‫ِ َ‬
‫ون ِ‬
‫يغتص ُب َ‬
‫ون‬ ‫آخر‪ ،‬هم عدوانِ ّي َ‬‫جانب َ‬ ‫ٍ‬
‫تقول‪ :‬إ م ‪ -‬أي قوم ٍ‬ ‫ِ ٍ‬ ‫بإتيانهِ ِم يف الدُّ ِبر‪ )3(،‬مع أ ِ ِ‬
‫لوط‬ ‫ُ‬ ‫مه َّية حلظ شيو ِع فرض َّية ُ نهَّ ُ‬ ‫ِّ‬
‫اخلفاجي‪ ،‬رحيانة األلبا وزهرة احلياة الدّ نيا‪.432-431 :1 ،‬‬
‫ّ‬ ‫(((   أمحد‬
‫العمري‪ ،‬منهل األولياء ومرشب األصفياء من سادات املوصل احلدباء‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫  حممد أمني‬
‫((( ّ‬
‫‪.228 :1‬‬
‫(((   سنناقش صورة قوم سدّ وم يف التّفاسري القرآن ّية بتفصيل أكرب يف الفصل ال ّثالث‪.‬‬
‫اإل ْسال ِم ِّي‬ ‫ال ال َع َر ِب ِّي ِ‬ ‫جل ْن ِس َّي ِة يِف ال َع مَ ِ‬ ‫َما َق ْب َل امل ِْثلِ َّي ِة ا ِ‬ ‫‪76‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ال ِم ْن‬ ‫الفاعل «املولِ ِج» ومي ً‬


‫ِ‬ ‫عمل ال َّط ِ‬
‫رف‬ ‫ون َ‬ ‫ِ‬
‫كلتيهام‪ ،‬يؤ ُّد َ‬ ‫‪ -‬كانُوا يف احلا َل ِ‬
‫ني‬
‫عرو َف ِة‪ ،‬وانسجام ًا مع هذا‬ ‫ِ ِ‬
‫الفقه َّية ا َمل ُ‬
‫َّامهي مع األدبِي ِ‬
‫ات‬ ‫َّ‬
‫هذه الفرضي ِة إىل الت ِ‬
‫َّ‬
‫ِ‬
‫ِ‬ ‫(حممدُ ب ُن أمحدَ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ال َّط ِ‬
‫السفارين ُّي) ( ُتوفيِّ َ‬
‫بن ساملٍ َّ‬ ‫ف الفقي ُه الفلسطين ُّي َّ‬ ‫عر َ‬ ‫رح‪َّ ،‬‬
‫ِ (‪)1‬‬
‫كور يف الدُّ بور»‪.‬‬‫الذ ِ‬
‫«إتيان ُّ‬
‫ُ‬ ‫«عمل قو ِم ٍ‬
‫لوط» أ َّن ُه‬ ‫َ‬ ‫سن َة ‪1774‬م) ا ِّل َ‬
‫لواط أو‬
‫جل ِ‬ ‫الر َ‬ ‫بفكرة َّ‬ ‫ِ‬ ‫(السفارينِ ُّي)‬ ‫ِ‬
‫الذي يؤ ِّدي‬ ‫أن َّ‬ ‫الرغ ِم م ْن التزا ِم َّ‬ ‫وعىل ّ‬
‫رجل‬ ‫اجلنس َّي ِة الشرَّ ِج َّي ِة هو ٌ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫العالقة‬ ‫املفعول به ‪ /‬املستقبِ ِل يف‬ ‫ِ‬ ‫عمل‬ ‫طواعي ًة َ‬
‫وفق ذلِ َك؛ ما زا َل ْت مسأ َل ُة‬ ‫لواط؛ ويمك ُن معاقب ُت ُه عىل ِ‬ ‫لفعل ا ِّل ِ‬ ‫ِ‬ ‫مرتكب‬
‫ٌ‬
‫ب‪،‬‬ ‫َ‬ ‫أن ال َّط َ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫تعريف “ا ِّللواط” بطري َقة توحي َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫فحس ُ‬
‫ْ‬ ‫املولج‬
‫َ‬ ‫الفاعل ‪/‬‬ ‫رف‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ذكر‬
‫(السفارين ِّي) َ‬ ‫هو َم ْن يرتك ُب ُه‪ ،‬تبدُ و طبيع َّي ًة بالنِّسبة له؛ وعىل شاك َلة َّ‬
‫الباجور ُّي) ( ُتوفيِّ َ سن َة‬ ‫ِ‬ ‫افع ُّي‬‫الش ِ‬ ‫بن أمحدَ َّ‬ ‫حمم ٍد ِ‬ ‫الفقي ُه املصرْ ِ ُّي‬
‫(إبراهيم ب ُن َّ‬‫ُ‬
‫الر َ‬ ‫ٍ‬
‫جال يف‬ ‫“فعل قو ِم لوط”‪( :‬فإنهَّ ُم َّأو ُل َم ْن أتَى ِّ‬ ‫ُ‬ ‫لواط هو‬ ‫أن ا ِّل َ‬ ‫‪1860‬م) َّ‬
‫ِ‬ ‫أضاف زاع ًام َّ ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫تدمري سدُّ و ٍم ‪-‬‬ ‫اندثر ْت بعدَ‬ ‫َ‬ ‫امر َس َة قد‬ ‫أن هذه ا ُمل َ‬ ‫َ‬ ‫ثم‬ ‫أدبارهم) َّ‬
‫ِ‬
‫الفتح‬ ‫تربز ثان َي ًة إلاَّ بعدَ‬ ‫ون فيها ‪ -‬وأنهَّ ا مل ْ ْ‬ ‫يقيم َ‬ ‫ٍ‬ ‫القرية التِي َ‬ ‫ِ‬
‫كان قو ُم لوط ُ‬
‫الذي َن‬ ‫اجلنود‪ِ ،‬‬
‫ِ‬ ‫الكثري ِم َن‬ ‫َ‬
‫استعان‬ ‫حيث‬‫ُ‬ ‫األوسط‪،‬‬‫ِ‬ ‫ملناطق الشرَّ ِق‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اإلسالم ِّي‬
‫ُ‬
‫ني ِم َن األهاليِ ‪ ،‬فـ‬ ‫ِ‬
‫اخلانع َ‬ ‫الذ ِ‬
‫كور‬ ‫توافر هلُم ِم َن ُّ‬ ‫َ‬ ‫نسائ ِهم‪ ،‬بام‬‫بعيدين عن ِ‬
‫َ‬
‫كانُوا ِ‬
‫ِ (‪)2‬‬
‫جمرى النِّساء)‪.‬‬ ‫وأجر ْو ُهم َ‬ ‫َ‬ ‫(فع ُلوا هبِم‬
‫بالذ ِ‬
‫كر‬ ‫جدير ًة ِّ‬ ‫مهم ًة أو‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ومع َّ‬
‫َ‬ ‫ليس ْت َّ‬ ‫(الباجور ِّي) َ‬ ‫ملحوظات‬ ‫أن‬
‫ِ‬
‫الفقهاء إىل‬ ‫أخرى عن ِ‬
‫ميل حتَّى‬ ‫ِ‬
‫تارخي َّي ًا‪ ،‬إلاَّ أنهَّ ا‬ ‫بوص ِفها شاهد ًا‬
‫مر ًة َ‬
‫تكشف َّ‬
‫ُ‬ ‫ْ‬
‫عمل‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫لواط يف العمل َّية اجلنس َّية (أي ُ‬ ‫إن ا ِّل َ‬ ‫تقول‪َّ :‬‬ ‫ِ‬
‫الضمن َّية التي ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫تبنِّي الفرض َّية ِّ‬
‫املفعول‪ .‬وتأسيس ًا عىل‬‫َ‬ ‫أكثر منه املستقبِ َل ‪/‬‬ ‫ُ‬ ‫لوط) هو ا ِّل ُ‬ ‫قو ِم ٍ‬
‫الفاعل ُ‬ ‫لواط‬
‫ُ‬
‫الفاعل‪/‬‬ ‫رف‬‫اجلنس َّي ِة‪ ،‬هو ال َّط ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫العالقة‬ ‫ِ‬
‫األنموذج َّي يف‬ ‫فإن “ا ِّللواطِ َّي”‬‫ذلِ َك‪َّ ،‬‬

‫السياط يف قمع أهل ا ّللواط‪ ،‬ص ‪10‬ب‪ّ .‬‬


‫ومرة أخرى‪ ،‬تشري‬ ‫فاريني‪ ،‬قرع ّ‬
‫ّ‬ ‫الس‬
‫  حممد ّ‬
‫((( ّ‬
‫ٍ‬
‫مفردة «إتيان» بنحو رصيح إىل أداء عمل الفاعل ‪ /‬املولج‪.‬‬
‫الباجوري‪ ،‬حاشية عىل الفتح القريب‪.240 :2 ،‬‬
‫ّ‬ ‫(((   إبراهيم‬
‫‪77‬‬ ‫واملرضى‬‫َ‬ ‫لواط ُّي َ‬
‫ون‬ ‫األو ُل‪ِّ :‬ال ِ‬ ‫ال َف ْص ُل َّ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫املولِ ُج‪.‬‬
‫ٍ‬
‫ومقوالت‬ ‫ٍ‬
‫خطابات‬ ‫وضوح ًا يف‬ ‫أكثر ُ‬ ‫ِ‬
‫الفرض َّي ُة‬ ‫وتكتسب ِ‬
‫مالمح َ‬‫َ‬ ‫هذه‬ ‫ُ‬
‫احللبي ُح َسينْ ُ ب ُن أمحدَ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫فقه َّي ٍة ِ‬
‫غري ِ‬ ‫ِ‬
‫بن‬ ‫ُّ‬ ‫اعر‬
‫الش ُ‬ ‫مثل ال َقصيدَ ة البذي َئة التي َ‬
‫نظمها َّ‬
‫خياطب اب ُن‬ ‫ُ‬ ‫اجلزر ِّي) ( ُتوفيِّ َ سن َة ‪1624‬م) تقريب ًا‪ ،‬إذ‬ ‫ِ‬ ‫وف بـ ِ‬
‫(ابن‬ ‫عر ُ‬ ‫ُح َسينْ ٍ ا َمل ُ‬
‫ون‬‫إن كانُوا يرو ُم َ‬ ‫فتح اهللِ) ويسألهُ ُم ْ‬ ‫اس ُ‬ ‫اسم ُه (الن ََّّح ُ‬ ‫شخص ُ‬ ‫ٍ‬ ‫اجلزر ِّي أوال َد‬ ‫ِ‬
‫ويطلب‬ ‫ُ‬ ‫دبر ِه)‬
‫فعل به (لشدَّ ِة احلك َِّة يف ِ‬ ‫أبيهم ورغبتِ ِه يف ْ‬
‫أن ُي َ‬ ‫شهوة ِ‬ ‫ِ‬ ‫إشباع‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫وأن يث ُقوا بـ (قضيبِه املمتدِّ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫أمر ُهم إىل ِ‬
‫ابن خال له الئط ْ‬ ‫أن يوك ُلوا َ‬ ‫منهم ْ‬ ‫ُ‬
‫ابن خالِ ِه ونسيانِ‬ ‫قضيب ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ينص ُح ُهم فيه بأخذ‬ ‫ٍ‬
‫بطلب َ‬ ‫املنتص ِ‬‫ِ‬
‫آخ َر َ‬ ‫ب) ويعق ُب ُه‬
‫(‪)1‬‬
‫ذاك ا ِّللواطِ ِّي‪.‬‬
‫غري َ‬ ‫ِ‬
‫(فتح اهللِ) ا ُملخنَّث َ‬‫قضيبِه‪ ،‬أل َّن ُه ال َيرى أحد ًا مناسب ًا لـ ُ‬
‫ِ‬

‫ليِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫أن ا ِّللواط َّي هو “املث ُّ‬ ‫افرتاض َّ‬ ‫االلتباس النَّاج ِم عن‬ ‫وباإلمكان ُ‬
‫حلظ‬
‫الغرام َّي ِة‬ ‫ِ‬ ‫ص‬ ‫القص ِ‬‫َ‬ ‫ملجمو َع ٍة ِم َن‬ ‫ُ‬ ‫ات احلدي َث ِة‬ ‫املناقش ِ‬
‫َ‬ ‫اجلنسيِ ُّ ” يف إحدَ ى‬
‫ين‬ ‫شهاب الدِّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫للفقيه املصرْ ِ ِّي‬ ‫ِ‬ ‫كتاب)‬ ‫األلباب فيام ال ير ُد يف‬ ‫املعنون َِة بـ (نزه ُة‬
‫ْ‬ ‫ْ‬
‫أمحدَ التِّيفاشيِ ِّ ( ُتوفيِّ َ سن َة ‪1253‬م) إذ أ َّكدَ (روبرت ايرون ـ ‪Robert‬‬
‫الر ِص ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ب ال َّظ ِ‬ ‫ِ‬
‫ني‬ ‫اهر ـ بالترَّ مجة الفرنس َّية لكتابِه َّ‬ ‫بحس ِ‬ ‫‪ )Erwin‬الذي ُض ِّل َل ـ ْ‬
‫كتاب (التِّيفاشيِ ِّ )‬ ‫ِ‬ ‫ادس ِم ْن‬ ‫الس َ‬ ‫الفص َل َّ‬ ‫أن ْ‬ ‫دليل َّ‬ ‫ليلة وليل ٌة) َ‬ ‫(ألف ٍ‬ ‫ُ‬ ‫والق ِّي ِم‬
‫ائص املم ِّي َز ِة” املنسو َب ِة‬ ‫“اخلص ِ‬ ‫َ‬ ‫ف‬ ‫ني‪ ،‬ومضىَ يف حديثِ ِه لوص ِ‬
‫ْ‬
‫يتعامل مع ِ‬
‫املثل ِّي َ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫سيِ‬ ‫أن َ ليِ‬ ‫ِ‬
‫واخلمر ومزدان ًا‬ ‫بالكتب‬ ‫حيوز املث ُّ اجلن ُّ منزالً لطيف ًا َّ‬
‫جمهز ًا‬ ‫(ينبغي ْ‬ ‫هلُم‪:‬‬
‫متييز املثليِ اجلنسيِ عرب طريقتِهِ‬ ‫ِ‬
‫املغر َدة‪ ،‬وباإلمكان ُ‬ ‫ِ‬ ‫بعدَ ذل َك باحلام ِم وال ُّط ِ‬ ‫ِ‬
‫ِّ َ‬ ‫ِّ‬ ‫يور ِّ‬
‫سيِ‬ ‫ُ ليِ‬ ‫ِ‬ ‫خص‪ ،‬نظر ًة يتب ُعها غمز ُة ٍ‬ ‫ِ‬ ‫َّظر إىل َّ‬ ‫يف الن ِ‬
‫وحيوز املث ُّ اجلن ُّ‬ ‫العادة‪،‬‬ ‫عني يف‬ ‫الش‬
‫ياب‬ ‫ارتداء ال ِّث ِ‬‫ِ‬ ‫نحو‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ني رقيقت ِ‬ ‫األنموذج ُّي سا َق ِ‬‫ِ‬
‫ويميل َ‬ ‫شعرةَ‪،‬‬ ‫وكواحل ُم َ‬ ‫َني‬
‫(‪)2‬‬
‫تتاميل يدا ُه وساقا ُه)‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫األرض‪ ،‬وحينَام يمشيِ ‪،‬‬ ‫َ‬ ‫تص ُل‬ ‫التِي ِ‬

‫احللبي‪ ،‬الدّ يوان‪ ،‬ص ‪72‬أ‪.‬‬


‫ّ‬ ‫اجلزري حسني بن أمحد‬
‫ّ‬ ‫(((   ابن‬
‫ّيفايش‪،‬‬
‫(((   ايرون‪ ،‬ألف ليلة وليلة‪ .169 ،‬اعتمد ايرون عىل الترّ مجة الفرنس ّية لكتاب الت ّ‬
‫لواطي الفاعل‬
‫ّ‬ ‫ويبدو واضحا القصور يف الترّ مجة الذي أ ّدى إىل هذا اخللط بني ا ِّل‬
‫األصيل‬
‫ّ‬ ‫ّص‬‫اجلنيس»‪ .‬وقد ارتأيت إيراد الن ّ‬
‫ّ‬ ‫«املثيل‬
‫ّ‬ ‫واملفعول فيه‪ ،‬إذ ترجم كالمها إىل‬
‫اإل ْسال ِم ِّي‬ ‫ال ال َع َر ِب ِّي ِ‬ ‫جل ْن ِس َّي ِة يِف ال َع مَ ِ‬ ‫َما َق ْب َل امل ِْثلِ َّي ِة ا ِ‬ ‫‪78‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ابع وال َّثام َن ِم ْن كتابِ ِه‬ ‫والس َ‬ ‫ادس َّ‬ ‫الس َ‬


‫ول َّ‬ ‫الفص َ‬ ‫شيِ‬
‫ص (التِّيفا ُّ ) ُ‬ ‫خص َ‬ ‫وقدْ َّ‬
‫املؤاج ِري َن [ َم ْن ُ‬
‫يبيع‬ ‫ِ‬ ‫[مجع لِواطِ ٍّي] و “ا ُمل ْر ِد”‬ ‫ُ‬ ‫الطة”‬ ‫ائص “ا َّل ِ‬ ‫خص ِ‬ ‫لبيان َ‬
‫ِ‬
‫الذي‬ ‫وتكشف ـ حتَّى القراء َة املتعج َل َة للنَّص العربيِ ـ ِ‬ ‫ُ‬ ‫نفس ُه لقاء ِ‬
‫املال]‬
‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الر َ‬ ‫ِ‬
‫ني الذي َن‬ ‫جال البالغ َ‬ ‫مفر َد َة “ا ِّللوا َط َّي” تعني ِّ‬ ‫أن َ‬ ‫أيرون ـ َّ‬
‫ُ‬ ‫لع عليه‬ ‫مل ْ ي َّط ْ‬
‫لوط‬‫فعل قو ِم ٍ‬ ‫ون َ‬ ‫لامن‪ ،‬بمعنَى أنهَّ ُم يفع ُل َ‬ ‫لواط مع ِ‬
‫الغ ِ‬ ‫ون يف ممُ ارس ِة ا ِّل ِ‬ ‫يرغ ُب َ‬
‫َ َ‬
‫ِ‬
‫املؤاجري َن”‬ ‫مفر َد ِة “ا ُمل ْر ِد‬ ‫مقابل َ‬ ‫َ‬ ‫ني‬ ‫ني ِ‬
‫جنس ِّي َ‬ ‫(‪ )pederasts‬أكثر منهم ِ‬
‫مثل ِّي َ‬ ‫َ ُ‬
‫جنسي ًة إىل ا َّلالطة‪ِ.‬‬ ‫خدمات ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫العاهري َن الذي َن يقدِّ ُم َ‬
‫ون‬ ‫ِ‬ ‫تقرتن با ُمل ْر ِد‬
‫ُ‬ ‫التِي‬
‫َّ‬
‫َني‪:‬‬ ‫ائص املم ِّي َز ِة َ‬
‫بني الفئت ِ‬ ‫اخلص ِ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫املنقول أعال ُه عن‬ ‫املقطع‬
‫ُ‬ ‫ويكشف‬
‫ُ‬
‫والكتب‬
‫َ‬ ‫املناسب‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫املنزل‬ ‫حيوز‬
‫َ‬ ‫فا ِّللوا َط ُّي (‪ )pederast‬هو َم ْن عليه ْ‬
‫أن‬
‫َّظر وسيقانِ ِه‬
‫رب أسلوبِ ِه يف الن ِ‬ ‫متييز ُه ع َ‬
‫الذي يمك ُن ُ‬ ‫العاهر ِ‬
‫ِ‬ ‫مقابل األ ْم َر ِد‬
‫َ‬ ‫واخلمر‬
‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫باالفرتاض الذي‬ ‫رضر ًا أك َ‬
‫رب‬ ‫أحلق َ‬‫آخر َ‬‫جانب ُ‬‫ٌ‬ ‫وثم َة‬ ‫امليش‪.‬‬
‫وطريقته يف ِ‬
‫(‪)1‬‬
‫َّ‬

‫األصيل واملرتجم‪( :‬قال‪ّ :‬أول‬ ‫ّ‬ ‫ّص‬


‫ّيفايش ليدرك القارئ حجم الفرق بني الن ّ‬ ‫ّ‬ ‫من الت‬
‫ثم أن‬ ‫ّ‬ ‫يده‪.‬‬ ‫يف‬ ‫ومفتاحه‬ ‫فيه‬ ‫أحد‬ ‫ال‬ ‫فارغ‬ ‫لطيف‬ ‫منزل‬ ‫له‬ ‫يكون‬ ‫أن‬ ‫الطة‬ ‫ّ‬
‫ل‬ ‫ا‬ ‫رشوط‬
‫محام وأقفاص فيها طيور مسموعة‪ .‬وتكون فيها سفرة‬ ‫يكون له فيه مقارص من ّ‬
‫مصورة فيها‬‫ّ‬ ‫وكتب‬ ‫العشق‬ ‫يف‬ ‫وأحاديث‬ ‫أشعار‬ ‫فيها‬ ‫كراريس‬ ‫شطرنج‪ .‬وتكون فيه‬
‫فهو مالك‬ ‫والرقى‪ .‬وتكون فيه مخر معدّ ة ال تنقطع أبدا‪َ ،‬‬ ‫خرافات‪ ،‬وكتب العزائم ّ‬
‫أمره‪ .‬وأن تكون معه دراهم حارضة ال تفارقه‪ .‬وأ ّما عالمات الغالم املؤاجر‪ ،‬فأن‬
‫تبسم مع‬ ‫مر بأحد فنظره بقي أيضا هو ناظرا إليه ال يرصف برصه عنه‪ .‬فإن ّ‬ ‫يكون إذا ّ‬
‫فهو يسبقك إىل املنزل إن أرشت‬ ‫َ‬ ‫تضحكان‪،‬‬ ‫ام‬ ‫نهّ‬ ‫أ‬ ‫ك‬ ‫عيناه‬ ‫رنت‬ ‫أو‬ ‫ا‪،‬‬ ‫ي‬
‫تبسام ّ‬
‫خف‬ ‫ذلك ّ‬
‫اليه‪ .‬ومن عالماهتم أن يكون معذرا أو أربا وليس يف ساقيه شعر‪ ،‬فإن ذلك يدل‬
‫عىل الت ّّنور أو استعامل حجر احلماّ م‪ .‬ومن عالماهتم أن يكون يف ساقيه شعر‪ ،‬أو كانا‬
‫رقيقني‪ ،‬أن يلبس ثيابا طويلة إىل الكعب‪ .‬وإن كان ساقاه غليظتني‪ ،‬وال شعر فيهام‪،‬‬
‫بالصواب) (املرتمجة)‪.‬‬‫أن يلبس ثيابا قصرية‪ ،‬واهلل تعاىل أعلم ّ‬
‫ّيفايش (نزهة األلباب)‪( 141 ،‬عن األدوات املساعدة التي يستعملها‬ ‫(((   قارن الت ّ‬
‫وثمة جانب آخر‬ ‫ّ‬ ‫ة)‪.‬‬‫ي‬‫ّ‬ ‫اخلارج‬ ‫املؤاجرين‬ ‫املرد‬ ‫سامت‬ ‫(عن‬ ‫‪145-144‬‬ ‫مع‬ ‫لواطي)‬
‫ّ‬ ‫ا ِّل‬
‫والسيقان النّحيلة وال ّثياب‬‫هو افتقار الدّ ّقة يف إحاالت ايرون إىل الكواحل املشعرة ّ‬
‫الشعر‬‫إن املرد املؤاجرين ‪ /‬العاهرين يزيلون عادة ّ‬ ‫ّيفايش ّ‬ ‫ّ‬ ‫ال ّطويلة كذلك‪ .‬إذ كتب الت‬
‫عن سيقاهنم ويلبسون ثيابا قصرية تكشف عن كواحلهم‪ .‬أ ّما الذين ال يزيلون ّ‬
‫الشعر‬
‫وسيقاهنم ليست رقيقة فهم وحدهم من حياول إخفاءها عرب ارتداء ال ّثياب ال ّطويلة‪.‬‬
‫‪79‬‬ ‫واملرضى‬‫َ‬ ‫لواط ُّي َ‬
‫ون‬ ‫األو ُل‪ِّ :‬ال ِ‬ ‫ال َف ْص ُل َّ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫يص (التِّيفاشيِ ِّ )‬ ‫ختص ِ‬ ‫جيعل «ا ِّللواطِي» مرادف ًا لـ «املثليِ اجلنسيِ » هو حقيق ُة ِ‬


‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬
‫الذي َن‬ ‫ني ِ‬ ‫ني ا ُملخنَّثِ َ‬ ‫ِ‬
‫البالغ َ‬ ‫الفص َل ال َّثانيِ َ عشرَ َ ِم ْن كتابِ ِه لـ «اخلن َُّث» بمعنَى‬ ‫ْ‬
‫ٍ‬
‫عمل املستقبِ ِل ‪ /‬املفعول به مع رجال تتبدَّ ى‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫فعل هبِم (أدا ُء‬ ‫أن ُي َ‬ ‫ون يف ْ‬ ‫يرغ ُب َ‬
‫تعامل (التِّيفاشيِ ) مع ِ‬ ‫ُ‬ ‫الذكور ِة ‪ /‬الفحو َل ِة) ويظهر ِ‬
‫جل َّي ًا‬ ‫ِ‬
‫الفئة‬ ‫ِّ‬ ‫ُ‬ ‫مظاهر ُّ َ‬ ‫ُ‬ ‫عليهم‬
‫َني‪ :‬أي «ا َّلال َط ُة»‬ ‫السابقت ِ‬ ‫َني َّ‬ ‫منفص َل ًة أو خمتل َف ًة عن الفئت ِ‬ ‫ِ‬ ‫بوص ِفها فئ ًة‬ ‫األخرية ْ‬
‫ِ‬
‫َ‬
‫ول عىل‬ ‫احلص ُ‬ ‫ُ‬ ‫الكتاب ُم ْر ٌد غايت ُُهم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫بحسب‬ ‫ون‬ ‫[فاملؤاجر َ‬‫ُ‬ ‫ون»‬ ‫«املؤاجر َ‬ ‫ُ‬ ‫و‬
‫ليِ‬ ‫راس ِة َّ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫مفر َد َة «املث ِّ‬ ‫أن َ‬ ‫يكون واضح ًا يف هذه املرحلة م َن الدِّ َ‬ ‫وينبغي ْ‬
‫أن‬ ‫املال)‬
‫متايزات‬ ‫ٍ‬ ‫بني‬ ‫َّشويش َ‬ ‫ِ‬ ‫اإلرباك والت‬ ‫ِ‬ ‫يبعث عىل‬ ‫ُ‬ ‫ٍ‬
‫بنحو‬ ‫ُ‬
‫ختلط‬ ‫اجلنسيِ ِّ » احلدي َث َة‪،‬‬
‫مجة أو الشرّ ِح سيؤ ِّدي إىل‬ ‫استخدامها يف الترَّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫وإن اإلصرْ َار عىل‬ ‫حم ِّل َّي ٍة حمدَّ َد ٍة‪َّ ،‬‬
‫ٍ (‪)1‬‬ ‫ِ‬
‫بكتاب‬ ‫ِ‬ ‫تعذ ُر االستعان َِة‬ ‫واضح ًا ُّ‬ ‫وبالقدر ذاتِ ِه‪ ،‬يظهر ِ‬
‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫خطرية‪.‬‬ ‫َ‬ ‫إساءة فه ٍم‬
‫إن بعض ًا ِم َن‬ ‫تقول‪َّ :‬‬ ‫ُ‬ ‫الفكرة التِي‬ ‫ِ‬ ‫فعل (أيرون) يف دع ِم‬ ‫(التِّيفاشيِ ِّ ) مث َلام َ‬
‫بوص ِفها «حال ًة‬ ‫ِ ِ‬
‫ون يف املثل َّية اجلنس َّية ْ‬
‫ِ ِ‬ ‫ور الوسطى كانُوا يفك ُِّر َ‬ ‫العص ِ‬ ‫العرب يف ُ‬ ‫ِ‬
‫الفاعل ‪ /‬املولِ ِج‪ ،‬وكذلِ َك‬ ‫ِ‬ ‫عمل‬‫ِ‬ ‫ون أدا َء‬ ‫يفض ُل َ‬ ‫الذي َن ِّ‬ ‫يشرتك فيها ِ‬ ‫ُ‬ ‫واحدَ ةً»‬
‫املفعول به‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫عمل املستقبِ ِل ‪/‬‬ ‫ِ‬ ‫ون أدا َء‬ ‫يفض ُل َ‬ ‫الذي َن ِّ‬ ‫ِ‬

‫كان‬‫العرب َ‬ ‫ِ‬ ‫إن بعض ًا ِم َن‬ ‫تقول‪َّ :‬‬ ‫أخرى ُ‬ ‫ٍ‬


‫األمر ذا ُت ُه عىل فكرة َ‬ ‫ُ‬ ‫و َي ْصدُ ُق‬
‫املرض”‪ .‬وزياد ًة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫أشكال‬ ‫ال ِم ْن‬ ‫بوص ِفه ًا “شك ً‬ ‫املفر َدة ْ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ُيفك ُِّر يف هذه احلالة َ‬
‫ِ‬
‫َ‬
‫آنذاك‬ ‫أن األها َيل‬ ‫ظاهر َّي ًا ـ الفكر َة التِي تفيدُ َّ‬ ‫ِ‬ ‫يدعم ـ‬ ‫ُ‬ ‫ثم َة ما‬ ‫ليس َّ‬ ‫عىل ذل َك‪َ ،‬‬
‫ِ‬
‫شك يف‬ ‫ثم َة ٌّ‬ ‫وليس َّ‬ ‫َ‬ ‫ُون مرض ًا ‪ /‬دا ًء‪.‬‬ ‫ني يعان َ‬ ‫أن ا ِّللواطِ ِّي َ‬ ‫ون يف َّ‬ ‫كانُوا يعتقدُ َ‬
‫بوص ِف ِه دا ًء؛ وعىل‬ ‫ث عن ا ِّللواط ْ‬
‫ِ‬ ‫وهناك تتحدَّ ُ‬ ‫َ‬ ‫مقاطع هنا‬ ‫َ‬ ‫العثور عىل‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫إمكان‬
‫سائب يف‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫بنحو‬ ‫مفر َد ِة ا ِّللواطِ ِّي‬ ‫جر ْت العاد ُة باستخدا ِم َ‬ ‫الرغ ِم م ْن ذل َك‪ ،‬فقدْ َ‬
‫ِ ِ‬
‫ُّ‬
‫غري مق ُبو َلة و ُمن ِّف َرةٌ‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫يصة شخص َّية ُيعتقدُ يف أنهَّ ا ُ‬ ‫خص َ‬ ‫اإلشارة إىل أ َّية عادة أو ِّ‬
‫احلديث‬ ‫ِ‬ ‫مفر َد َة «دا ٌء» يف‬ ‫ُ‬ ‫فات ذاتهَ ا التِي‬ ‫أن املقاطع أو املؤ َّل ِ‬ ‫لحظ َّ‬ ‫و ُي ُ‬
‫تستعمل َ‬ ‫َ‬

‫(((   عىل غرار ت‪ .‬بوير يف (‪ ،Liebe und Liebesdichtung)، 166‬طرح‬


‫ايڤريت‪ .‬راوسن فكرة مماثلة يف (تصنيف اجلندر وا ّلالنمط ّية اجلنسان ّية يف قوائم‬
‫الرذائل العرب ّية يف القرون الوسطى)‪.‬‬
‫ّ‬
‫اإل ْسال ِم ِّي‬ ‫ال ال َع َر ِب ِّي ِ‬ ‫جل ْن ِس َّي ِة يِف ال َع مَ ِ‬ ‫َما َق ْب َل امل ِْثلِ َّي ِة ا ِ‬ ‫‪80‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ِ‬
‫اجلهل بالتَّعالي ِم‬ ‫البخل مثالً‪ ،‬أو‬ ‫ِ‬ ‫لواط‪ ،‬تستعم ُلها كذلِ َك يف حديثِها عن‬ ‫عن ا ِّل ِ‬
‫تدل عىل‬ ‫ات ُّ‬ ‫لواط» وال مؤشرِّ َ ٌ‬ ‫ات طبي ٌة لـ «ا ِّل ِ‬ ‫َ‬ ‫ثم َة‬ ‫ِ ِ (‪)1‬‬
‫مناقش ٌ ِّ َّ‬ ‫الدِّ ين َّية‪ .‬ومل ْ تك ْن َّ‬
‫ِ‬ ‫بوص ِف ِه مرض ًا باملعنَى الدَّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الت ِ‬
‫َّفكري يف ا َمل ِ‬
‫للكلمة‪ ،‬أي‬ ‫قيق‬ ‫يل إىل ممُ َار َسة ا ِّللواط ْ‬
‫ٍ‬
‫عالجات‬ ‫وأعراض َج َس ِد َّي ٍة وتط ُّلبِ ِه‬‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫فسيولوج ٍّي‬ ‫ٍ‬
‫أساس‬ ‫انطوائ ِه عىل‬
‫ِ‬ ‫بمعنَى‬
‫ف و ُيقدَّ م عىل ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ً (‪)2‬‬
‫نطاق واس ٍع عىل أ َّن ُه‬ ‫ُ‬ ‫وكان ا ِّللواط ُّي يف الواق ِع ُي َ‬
‫عر ُ‬ ‫َ‬ ‫طبيع َّية‪.‬‬
‫بعض ِم َن‬ ‫ٍ‬ ‫َت تأتيِ يف‬ ‫األخري ُة كان ْ‬
‫َ‬ ‫فاسق‪ ،‬والكلم ُة‬ ‫ٌ‬ ‫ِ‬
‫أخالق َّي ًا أو‬ ‫ٌّ‬
‫منحل‬ ‫شخص‬
‫ٌ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫األحيان يف موق ِع املرادف لـ «ا ِّللواط ِّي»‪.‬‬ ‫ِ‬

‫وبني‬ ‫ِ‬
‫الفاعل َ‬ ‫بني «ا ِّللواطِ ِّي»‬
‫بط َ‬ ‫وزياد ًة عىل ذلِ َك‪ ،‬جر ْت العادة عىل الر ِ‬
‫َّ‬ ‫َ‬
‫(مشهور‬ ‫ِ‬
‫يل إىل ا ُمل ْرد) وهو‬ ‫ِ‬
‫اخلمر وا َمل ِ‬ ‫ِ‬
‫(رشب‬ ‫وف بـ‬
‫عر ٌ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ٌ‬ ‫اخلمر‪ ،‬أل َّن ُه َم ُ‬ ‫شارب‬
‫اخلمر الفس َق ِة) و(مم َّ ْن‬‫ِ‬ ‫لامن) ومها ِم ْن (متعاطِي‬‫الغ ِ‬ ‫اخلمر وحب ِ‬
‫ِّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫برشب‬
‫الغ ِ‬
‫لامن‬ ‫بتقبيل ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫والفقراء‬ ‫ِ‬
‫األغنياء‬ ‫بني‬ ‫ِ‬ ‫أرس ُفوا يف تعاطِي‬
‫واشتهروا َ‬
‫ُ‬ ‫اخلمر‪،‬‬

‫الروايات‬ ‫سمي «اللواط» بـ «الدّ اء الذي ال دواء له» يف إحدى ّ‬ ‫ّ‬ ‫(((   يف سبيل املثال‪،‬‬
‫(فأي‬
‫ّ‬ ‫فتذكر‪:‬‬ ‫ذلك‪،‬‬ ‫بعد‬ ‫واية‬ ‫الر‬
‫ّ‬ ‫ومتيض‬ ‫‪348‬؛‬ ‫‪:2‬‬ ‫‪،‬‬ ‫للبحراين‬
‫ّ‬ ‫(الربهان)‬ ‫املذكورة يف‬
‫فاريني «اللواط» داء يف‬ ‫ّ‬ ‫الس‬
‫حممد ّ‬ ‫سمى ّ‬ ‫داء أدوى من البخل؟) وعىل املنوال ذاته‪ّ ،‬‬
‫(الصفحة ‪10‬ب) الذي اعتمد فيه عىل (الدّ اء والدّ واء)‬ ‫السياط) ّ‬ ‫الصغري (قرع ّ‬ ‫مؤ ّلفه ّ‬
‫أن ابن اجلوز ّية قد استخدم‬ ‫البن ق ّيم اجلوز ّية ( ُتوفيِّ َ سن َة ‪1350‬م) مع رضورة حلظ ّ‬
‫سمى «اجلهل» الدّ اء األعظم واقرتح‬ ‫مفردة «الداء» بمعناها العا ّم غري ال ّط ّب ّي‪ ،‬إذ ّ‬
‫«التّوبة عنه» بوصفها العالج األكثر نجاعة‪.‬‬
‫عيل بن سينا‬ ‫عيل احلسني بن عبد اهلل بن احلسن بن ّ‬ ‫(((   تورد الترّ مجات ا ّلالتين ّية لكتاب أيب ّ‬
‫(القانون) (الكتاب ال ّثالث‪ ،‬الفصل العارش) يف العصور الوسطى مفردات البوا ّ‬
‫يت‬
‫الغواجي) (‪.)alubuati or aluminate or alguagi‬‬ ‫ّ‬ ‫يت أو‬‫(أو االلومنا ّ‬
‫أن هذه املفردات ه َي تلتني (‪[ )Latinizations‬ترمجه إىل‬ ‫ِ‬ ‫وفكرت جوان كادن َ‬ ‫َ‬
‫يب والفلسفة ال ّطبيع ّية"‬ ‫ّ‬ ‫الغر‬ ‫ب‬‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ط‬ ‫("ال‬ ‫فها‬ ‫ّ‬
‫ل‬ ‫مؤ‬ ‫ةيف‬ ‫ي‬
‫ّ‬ ‫العرب‬ ‫’اللوط‘‬ ‫ملفردة‬ ‫الالتينية]‬ ‫اللغة‬
‫تلتني ملفردة "األبنة" العرب ّية‪ .‬انظر ابن سينا‪( ،‬القانون يف‬ ‫ٌ‬ ‫‪ .)64‬ولكنّها يف الواقع‪،‬‬
‫ب)‪ .229-228 :3 ،‬انظر كذلك مناقشة هذا اجلانب يف ناثان‪( ،‬اآلراء ال ّط ّب ّية‬ ‫ال ّط ّ‬
‫أرص عىل‬ ‫أن ناثان ّ‬ ‫لاّ‬
‫الذكور ّية يف القرون الوسطى)‪ .‬إ ّ‬ ‫العرب ّية يف املثل ّية اجلنس ّية ّ‬
‫اجلنيس" غري املفيدة أو غري الدّ قيقة يف ترمجته ملفردة "مأبون"‬ ‫ّ‬ ‫"املثيل‬
‫ّ‬ ‫استعامل مفردة‬
‫الرغم من إقراره بأنهّ ا ال تصدق سوى عىل ال ّطرف املستقبل ‪ /‬املفعول به يف‬ ‫عىل ّ‬
‫العالقة اجلنس ّية‪.‬‬
‫‪81‬‬ ‫واملرضى‬‫َ‬ ‫لواط ُّي َ‬
‫ون‬ ‫األو ُل‪ِّ :‬ال ِ‬ ‫ال َف ْص ُل َّ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫فإن التَّوب َة ِه َي‬ ‫ِ‬


‫الكحول‪َّ ،‬‬ ‫ِ‬
‫رشب‬ ‫ِ‬
‫احلسناوات)‪)1(.‬وكام يف‬ ‫ِ‬
‫والفتيات‬ ‫ِ‬
‫املالح‬
‫عالج لـ «ا ِّل ِ‬
‫لواط»‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫أنجع‬
‫ُ‬
‫ص اهلزلِ َّي ِة التِي يعو ُد تارخيُها‬ ‫القص ِ‬ ‫ٍ ِ‬
‫قص ٌة ور َد ْت يف جممو َعة م َن َ‬ ‫وتذكر َّ‬ ‫ُ‬
‫ِ (‪)2‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫تيِ‬ ‫ِ‬
‫تاب م َن ا ِّللواط)‬ ‫أن لواط َّي ًا َ‬ ‫ابع عشرَ َ اآل َ ‪(:‬رو َي َّ‬ ‫الس َ‬
‫ر َّبام إىل القرن َّ‬
‫ِ‬ ‫جال ِ‬ ‫رضب الر ِ‬
‫َ‬
‫عثامن‬ ‫ِ‬
‫بالبطل‬ ‫جنس َّي ًا‬ ‫يتحر ُش َ‬
‫ون‬ ‫َّ‬ ‫الذي َن‬ ‫ِ ِّ‬ ‫وتستمر عمل َّي ُة‬ ‫ُّ‬
‫َ‬
‫يديك‪،‬‬ ‫يقول واحدُ ُهم‪( :‬ت ْب ُت عىل‬ ‫بيربس) حتَّى َ‬ ‫اهر‬ ‫ِ‬
‫قصة (ال َّظ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫وعروسه يف َّ‬
‫أمارس ا ِّل َ‬
‫لواط)‬ ‫لامن بعدَ اليو ِم ول ْن‬ ‫الغ َ‬ ‫برأس َك وعيني َك أنيِّ لن أروم ِ‬ ‫وأقسم ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫أو (س ِّيدي‪ ،‬ت ْب ُت عماَّ فع ْل ُت وكف ْف ُت وند ْم ُت‪ ،‬ت ْب ُت عىل يد ْي َك هذه ا َّللحظ َة‪،‬‬ ‫ِ‬
‫(‪)3‬‬
‫األمر)‪.‬‬
‫َ‬ ‫أن تقت َلنِي إذا عاو ْد ُت هذا‬ ‫ولك ْ‬ ‫َ‬

‫نحو‬ ‫نزع ِ‬ ‫وم ُّي) بيت ِ‬‫وإضاف ًة إىل ذلِ َك‪ ،‬كتب (حممدُ ماميه الر ِ‬
‫فيهام َ‬ ‫َني َ‬ ‫ُّ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫جل واملرأة)ِ‬ ‫الر ِ‬ ‫ِ‬ ‫الذ ِ‬ ‫ِ‬
‫تضمني ا ِّللواط مع ُّ‬ ‫ِ‬
‫(بني َّ‬ ‫َ‬ ‫الزنا‬
‫األخرى أمثال ِّ‬ ‫َ‬ ‫نوب‬
‫َّ‬
‫وجل بعدَ ما‬ ‫عز‬ ‫والغفران ِم َن اهللِ َّ‬
‫َ‬ ‫الرمح َة‬ ‫ويطلب (ماميه) َّ‬‫ُ‬ ‫ِ‬
‫اخلمر‪،‬‬ ‫ِ‬
‫ورشب‬
‫انغامس ِه يف ِّ‬
‫الزنا‬ ‫ِ‬ ‫جرا َء‬ ‫ِِ‬
‫عر وخرسانه الدُّ نيا واآلخر َة َّ‬ ‫الش ِ‬
‫انته ْت مسري ُت ُه يف نظ ِم ِّ‬‫َ‬
‫ِ ُ ِ (‪)4‬‬ ‫والشرُّ ِ‬
‫ووصل امل ْرد‪.‬‬‫ب ْ‬
‫ِ‬
‫املأبون أو‬ ‫كان َي ْصدُ ُق عىل‬‫“احلالة املرض َّي ِة” َ‬
‫ِ‬ ‫ف‬
‫وص َ‬
‫أن ْ‬‫ني ممَّا تقدَّ َم‪َّ ،‬‬
‫يت َّب ُ‬
‫بسلفهِ‬
‫اث ال ِّطبي العربيِ متأ ِّثر ًا ِ‬
‫يميل الترُّ ُ‬ ‫ِ‬
‫الفاعل] إذ ُ‬ ‫ِ‬
‫َّث [ال عىل ا َّلالئط‬ ‫ا ُملخن ِ‬
‫ُّ‬ ‫ِّ ُّ‬

‫الروض العاطر‪23 ،‬؛ ابن كنان‪ ،‬احلوادث اليوم ّية‪38 ،‬؛ ع ّباس مك ّّي‬‫  ابن أ ّيوب‪ّ ،‬‬ ‫(((‬
‫املوسوي‪ ،‬نزهة اجلليس ومنية األديب األنيس‪242 :1 ،‬؛ تيتز‪ ،‬وصف مصطفى‬ ‫ّ‬
‫عيل ملرص‪.60 ،‬‬
‫ّ‬
‫  نزهة األدباء وصلوات الغرباء‪ ،‬خمطوطة ‪I: 95‬أ؛ خمطوطة ‪II: 208‬أ‪ .‬وينسب‬ ‫(((‬
‫احللبي ذاع صيته كام يبدو‬
‫ّ‬ ‫هذا العمل يف بعض من األحيان إىل شخص يدعى عمر‬
‫يف القرن السابع عرش‪ .‬انظر بروكلامن‪Geschichte der arabischen( ،‬‬
‫‪ ،)Literatur‬ملحق‪414 :2 ،‬؛ وآربري‪ ،‬قائمة يدو ّية تكميل ّية ثانية‪ ،‬العدد ‪.128‬‬
‫  ديوان خدمة األسطة عثامن عند األمري بيربس‪.31 ،13 ،‬‬ ‫(((‬
‫ومي‪ ،‬روضة املشتاق وهبجة األشواق‪ ،‬صفحة ‪192‬ب‪193 ،‬أ‪.‬‬ ‫الر ّ‬
‫  ماميه ّ‬ ‫(((‬
‫اإل ْسال ِم ِّي‬ ‫ال ال َع َر ِب ِّي ِ‬ ‫جل ْن ِس َّي ِة يِف ال َع مَ ِ‬ ‫َما َق ْب َل امل ِْثلِ َّي ِة ا ِ‬ ‫‪82‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫دبر ِه)‬
‫فعل به ( ُيؤتَى يف ِ‬ ‫أن ُي َ‬ ‫يرغب يف ْ‬‫ُ‬ ‫الذي‬ ‫كر ِ‬ ‫الذ ِ‬
‫َّظر إىل َّ‬ ‫اليونانيِ ِّ إىل الن ِ‬
‫بن‬ ‫بن حي َيى ِ‬ ‫حمم ِد ِ‬ ‫بكر َّ‬ ‫ٍ‬ ‫زمن أبيِ‬ ‫منذ ِ‬‫بمرض ‪ -‬هو األَ َبنَ ُة ‪ُ -‬‬ ‫ٍ‬ ‫مصاب ًا‬ ‫ِِ‬
‫بوصفه َ‬ ‫ْ‬
‫الرؤي ُة يف‬ ‫ِ‬ ‫األقل ( ُتوفيِّ َ سن َة ‪925‬م) تقريب ًا‪،‬‬ ‫ازي يف ِّ‬
‫واستمر ْت هذه ُّ‬ ‫َّ‬ ‫الر ِّ‬ ‫زكر َّيا َّ‬
‫وصنِّ َف ْت (األَ َبنَ َة) مرض ًا‬ ‫ِ‬ ‫احلقبة العثامنِ َّي ِة‬‫ِ‬ ‫العلم َّي ِة ال ِّط ِّب َّي ِة يف‬
‫ِ‬ ‫الر ِ‬
‫املبكرة‪ُ )1(.‬‬ ‫َ‬ ‫سائل‬ ‫َّ‬
‫بن‬ ‫بن أمحدَ ِ‬ ‫اب ِ‬ ‫الوه ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫عالجات حمدَّ َد ٌة يف األعامل ال ِّط ِّب َّية ألبيِ‬
‫املواهب عبد َّ‬ ‫ٌ‬ ‫له‬
‫ِ‬
‫األنطاك ِّي)‬ ‫عمر‬ ‫بالشعرانيِ ِّ ( ُتوفيِّ َ سن َة ‪1565‬م) و (داو َد ِ‬ ‫وف َّ‬ ‫عيل ا َملعر ِ‬
‫بن َ‬ ‫ٍّ ُ‬
‫بن داو َد القليوبيِ ِّ ( ُتوفيِّ َ سن َة‬ ‫ِ‬
‫بن عبد اهللِ ِ‬ ‫حممد ِ‬‫ٍ‬ ‫( ُتوفيِّ َ سن َة ‪1599‬م) وأمحدَ ِ‬
‫بن َّ‬
‫(‪)2‬‬
‫‪.)1658‬‬

‫يناقشوا‬ ‫“املرض” إلاَّ أنهَّ م مل ْ ُ‬ ‫َ‬ ‫َّاب ال َّثال َث ِة هذا‬ ‫تناول الكت ِ‬ ‫ِ‬ ‫الرغ ِم ِم ْن‬ ‫وعىل ُّ‬
‫ِ‬
‫(حامض‬ ‫بوريك َّي ٍة‬
‫ِ‬ ‫وجود ما َّد ٍة‬‫ِ‬ ‫الذي حدَّ َدها يف‬ ‫(األنطاكي) ِ‬
‫ِّ‬
‫ِ‬ ‫مس ِّبباتِ ِه باستثناء‬
‫جرح‬ ‫ٍ‬ ‫يغدو َ‬
‫مثل‬ ‫أوردة املستقي ِم تكوي وتدغد ُغ الشرَّ َج حتَّى‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫البوريك) يف‬
‫َ‬
‫موروث‬ ‫ٌ‬ ‫مرض‬ ‫أن ُيؤتَى يف الدُّ بر‪ .‬ومع أ َّن ُه ٌ‬ ‫ِ‬
‫املرض إىل ْ‬ ‫َ‬
‫حامل‬ ‫يدفع‬ ‫ِ ٍ‬
‫مستحك‪ُ ،‬‬
‫ِ‬ ‫ابة به ال ينحصرِ ُ يف‬ ‫أن السبب يف اإلص ِ‬ ‫ِ‬ ‫يف ِ‬
‫الوراثة‪ ،‬إذ قد‬ ‫َ‬ ‫أكثر األحيان‪ ،‬إلاَّ َّ َّ َ‬
‫ألن احل َّك َة الشرَّ ِج َّي َة‬ ‫ابة به َّ‬ ‫املفعول به إىل اإلص ِ‬ ‫ِ‬ ‫عمل‬ ‫خص َ‬ ‫ِ‬ ‫يؤ ِّدي أدا ُء َّ‬
‫الش‬
‫َ‬
‫املستقيم]‬ ‫ِ‬ ‫حلركة حيام َن منو َّي ٍة حا َّد ٍة والذ َع ٍة [يف منط َق ِة‬ ‫ِ‬ ‫تكون نتاج ًا‬ ‫ُ‬ ‫قد‬
‫ِ‬
‫أنموذج ٍّي‬ ‫ٍ‬
‫بنحو‬ ‫العادة‪ ،‬ويعانيِ‬ ‫ِ‬ ‫يكون مخُ نَّث ًا يف‬
‫ُ‬ ‫اب بـ «األَ َبن َِة»‬ ‫َّ‬
‫املص ُ‬ ‫خص َ‬ ‫والش ُ‬
‫الوجه ِ‬
‫وكرب‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وامتالء‬ ‫اهلم ِة‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫الزائ َغ ِة‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫خاوة والس ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وفتور َّ‬ ‫َّظرات َّ‬ ‫عال والن‬ ‫ُّ‬ ‫الر‬
‫م َن َّ‬
‫العجيز ِة‪.‬‬
‫َ‬
‫جرعات سائ َل ًة ِم َن‬
‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫(األنطاك ُّي)‬ ‫ف‬
‫وص َ‬ ‫ِ‬
‫املرض‪َ ،‬‬ ‫ِ‬
‫عالج هذا‬ ‫وابتغا َء‬
‫اخلفي)‪ ،‬أعيد‬
‫ّ‬ ‫ازي واملرض‬‫(الر ّ‬
‫ازي لـ (األبنة)‪ ،‬انظر روزنثال‪ّ ،‬‬ ‫الر ّ‬‫(((   عن تشخيص ّ‬
‫ّيفايش‪ ،‬نزهة األلباب‪.308-302 .‬‬ ‫ّ‬ ‫يب يف الت‬
‫ّص العر ّ‬ ‫نرش الن ّ‬
‫عراين‪،‬‬
‫الش ّ‬‫  األنطاكي‪ ،‬النّزهة املبهجة يف تشحيذ األذهان وتعديل املزاج؛ ‪216 :2‬؛ ّ‬ ‫ّ‬ ‫(((‬
‫ب‪ .58 ،‬انظر كذلك‬‫يب‪ ،‬تذكرة يف ال ّط ّ‬
‫ب‪55 ،‬؛ القليو ّ‬‫ويدي يف ال ّط ّ‬‫ّ‬ ‫الس‬
‫خمترص تذكرة ّ‬
‫ترصف يف مرص‬
‫ّ‬ ‫فيمن‬ ‫ل‬ ‫األو‬
‫ّ‬ ‫أخبار‬ ‫‪،‬‬ ‫اإلسحاقي‬
‫ّ‬ ‫‪511‬؛‬ ‫بيع‪،‬‬ ‫الر‬
‫ّ‬ ‫زهر‬ ‫اجلزائري‪،‬‬
‫ّ‬ ‫نعمة‬
‫عراين‪ ،‬لطائف املنن واألخالق يف وجوب التّحدث بنعم‬ ‫الش ّ‬ ‫من أرباب الدّ ول‪48 ،‬؛ ّ‬
‫اهلل عىل اإلطالق‪.211 :2 ،‬‬
‫‪83‬‬ ‫واملرضى‬‫َ‬ ‫لواط ُّي َ‬
‫ون‬ ‫األو ُل‪ِّ :‬ال ِ‬ ‫ال َف ْص ُل َّ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫يلة الغارفوني ِ‬ ‫فص ِ‬ ‫فطور ِمن ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ات] واأللو ُة‬ ‫َّ‬ ‫ٍ ْ‬ ‫[جنس‬
‫ُ‬ ‫والغاريفون‬ ‫الزورد‪،‬‬ ‫ا َّل‬
‫ِِ‬ ‫ٍ ِ‬ ‫ستخر ُج ِم ْن‬
‫ب‬ ‫مر ٌة تُستخدَ ُم يف ال ِّط ِّ‬
‫عص َار ٌة َّ‬
‫بعض م ْن أنواعه َ‬ ‫َ‬ ‫نبات ُي‬
‫رب ٌ‬ ‫[الص ُ‬
‫َّ‬
‫مفعول‬‫َ‬ ‫القرنفل مع ا َّل ِ‬
‫لبن‪ ،‬ويز ُع ُم أنهَّ ا مجيع ًا تفسدُ‬ ‫ِ‬ ‫سهل] وال ُّثو ِم أو‬ ‫كم ٍ‬ ‫ُ‬
‫حك الشرَّ ِج‬ ‫ِ‬
‫ث (األنطاك ُّي) عن نجاعة ِّ‬‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫األمزجة احلا َّدة ا َّلالذ َعة؛ كام حتدَّ َ‬
‫(‪)1‬‬
‫الض ُبعِ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫حليوان َّ‬ ‫ِ‬
‫األيمن‬ ‫ِ‬
‫الفخذ‬ ‫املحرت ِق ِم َن‬
‫ِ‬ ‫عر‬‫الش ِ‬‫ماد املتب ِّقي ِم َن َّ‬
‫بالر ِ‬
‫َّ‬
‫ِ‬
‫خارج‬ ‫ِ‬
‫املفعول به‪ ،‬حتَّى يف‬ ‫ِ‬
‫عمل‬ ‫كانَت النَّظر ُة العام ُة إىل الرغبِة يف ِ‬
‫أداء‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫ْ‬
‫مثل إصابةِ‬ ‫الس ِ‬
‫الصار ِم‪ ،‬أنهَّ ا حال شا َّذ ٌة تستلز ُم تفسري ًا حمدَّ د ًا َ َ‬ ‫ياق ال َّط ِّب ِّي َّ‬ ‫ِّ‬
‫املوقف العام نحو ُّاللواطِ‬ ‫ِ‬ ‫أن حقيق َة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫املستقي ِم بالدُّ ود‪ .‬وغن ٌّي عن البيان َّ‬‫ِ‬
‫ِّ َ‬ ‫(‪)2‬‬

‫الكف عن احلك ِم عليها‬ ‫َّ‬ ‫مرض َّي ٌة ال يعنِي‬ ‫حال ِ‬ ‫املفعول به أ َّن ُه ٌ‬ ‫ِ‬ ‫السلبِ ِّي ‪/‬‬ ‫َّ‬
‫ليس ْت ذنْب ًا‬ ‫مقابل َ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ال قبيح ًا و ُمن ِّفر ًا دين َّي ًا وأخالق َّي ًا‪ ،‬ولكنَّها‪،‬‬ ‫بكو ا فع ً‬ ‫نهِ‬
‫ذلك‪َ ،‬‬
‫اخلمر أو ال ِ‬
‫قة‪ .‬فـ «األَ َبنَ ُة»‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫رشب‬ ‫شخص ارتكا ُب ُه عىل شاك َل ِة‬ ‫ٍ‬ ‫ألي‬
‫سرَّ‬ ‫يمك ُن ِّ‬
‫يامرس ُه‬
‫ُ‬ ‫لواط بسهو َل ٍة فع ً‬
‫ال‬ ‫تكون فيه‪ ،‬بينَام يم ِّث ُل ا ِّل ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫املأبون‪ ،‬أو‬ ‫حال يعانِيها‬
‫ا ِّللواطِ ُّي‪.‬‬

‫والقليويب‬
‫ّ‬ ‫عراين‬
‫الش ّ‬ ‫األنطاكي‪ ،‬ورد ذكر العالج األخري يف كتب ّ‬ ‫ّ‬ ‫(((   إضافة إىل‬
‫املؤرخ كايوس بلينيوس سكوندوس املعروف‬ ‫واجلزائري‪ .‬ويعود أصل الفكرة إىل ّ‬ ‫ّ‬
‫الشيخ» ( ُتوفيِّ َ سن َة ‪ )79‬عىل ّ‬
‫األقل‪ .‬انظر وليمز‪ ،‬املثل ّية اجلنس ّية‬ ‫بـ «ﭘـاليني األكرب أو ّ‬
‫الذكور يف العصور الكالسيك ّية القديمة ‪،181-180 ،‬‬ ‫الرومان‪ :‬إيديولوج ّيات ّ‬ ‫بني ّ‬
‫يب يف القرون الوسطى‪ .‬إذ‬ ‫ّ‬ ‫الغر‬ ‫ي‬‫ب‬
‫ّّ‬ ‫ّ‬
‫ط‬ ‫ال‬ ‫اث‬ ‫ترّ‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫يف‬ ‫ورد‬ ‫العالج‬ ‫هذا‬ ‫عىل‬ ‫تنويع‬ ‫وثمة‬
‫ّ‬
‫الضبع‬ ‫الفراء املحروق واملطحون من رقبة ّ‬ ‫ّ‬ ‫‪)1280‬‬ ‫َ‬
‫ة‬ ‫سن‬ ‫َ‬ ‫فيِّ‬ ‫و‬‫ت‬‫ُ‬ ‫(‬ ‫ماڠنس‬ ‫الربتس‬ ‫اقرتح‬
‫ٍ‬
‫جي بوزويل‪ ،‬كان املصدر الذي اعتمد‬ ‫كعالج فعال لـ «ا ّللواط»‪ .‬وبحسب ما ب ّينه َ‬ ‫ٍ‬
‫ٍ‬
‫يب سابق‪،‬‬ ‫فلكي عر ّ‬ ‫ّ‬ ‫التيني لعمل ط ّب ّي أو‬
‫ّ‬ ‫عليه الربتس يف األرجح‪ ،‬ترمجة وإعداد‬
‫االجتامعي واملثل ّية اجلنس ّية‪ .)317-316 ،‬أصبحت‬ ‫ّ‬ ‫انظر (املسيح ّية والتّسامح‬
‫«األُبنة» العرب ّية التي تشري إىل ال ّطرف املستقبل ‪ /‬املفعول به يف العالقة اجلنس ّية‬
‫بحسب ما يظهر مرادفة لفعل «ا ّللواط» (‪ )sodomia‬يف ا ّللغة ا ّلالتين ّية الذي ال‬
‫جيري فيه حتديد أدوار األطراف املشرتكة‪.‬‬
‫الرائق رشح كنز‬ ‫  اإلسحاقي‪ ،‬أخبار األول‪47 ،‬؛ زين العابدين ابن نجيم‪ ،‬البحر ّ‬ ‫ّ‬ ‫(((‬
‫حممد أمني ابن عابدين‪ ،‬ر ّد املحتار عىل الدّ ر املختار‪-201 :3 ،‬‬ ‫الدّ قائق‪50 :5 ،‬؛ ّ‬
‫‪.202‬‬
‫اإل ْسال ِم ِّي‬ ‫ال ال َع َر ِب ِّي ِ‬ ‫جل ْن ِس َّي ِة يِف ال َع مَ ِ‬ ‫َما َق ْب َل امل ِْثلِ َّي ِة ا ِ‬ ‫‪84‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ِ‬
‫الفقهاء‬ ‫ات‬‫مناقش ِ‬ ‫َ‬ ‫ٍ‬
‫ومدهش يف‬ ‫ٍ ليِ‬ ‫الر ِ‬
‫أي بنحو ج ٍّ‬ ‫االختالف يف َّ‬
‫ُ‬ ‫ويربز هذا‬ ‫ُ‬
‫رسم ٍّي‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫توجيه إتهِّ ا ٍم‬ ‫باب‬‫تدخل يف ِ‬ ‫ُ‬ ‫واإلهانة التِي‬
‫ِ‬ ‫والشت ِم‬
‫ب َّ‬ ‫ِ‬
‫الس ِّ‬‫حلاالت َّ‬
‫خص بـ “ا ِّللواطِ ِّي”‬ ‫ِ‬ ‫الش‬‫مرشو َع ٍة‪ ،‬فدعو ُة َّ‬ ‫ٍ ِ ٍ ِ‬
‫باالشرتاك يف عالقة جنس َّية غري ُ‬
‫ِ‬
‫ويغيب االت ُ‬
‫ِّفاق‬ ‫حني تتباي ُن اآلرا ُء‬ ‫لواط يف ِ‬ ‫املعتاد اتهِّ امه بمامرس ِة ا ِّل ِ‬ ‫ِ‬ ‫تعنِي يف‬
‫ُ‬ ‫َُ ُ َ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ور ب ُن‬ ‫منص ُ‬‫خص بـ “املأبون”‪ .‬ويؤ ِّكدُ الفقي ُه املصرْ ِ ُّي ُ‬ ‫ِ‬ ‫دعوة َّ‬
‫الش‬ ‫حال‬ ‫يف‬
‫املثال ال احلصرْ ِ ‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫سبيل‬ ‫إدريس ال ُبهوتيِ ُّ ) ( ُتوفيِّ َ سن َة ‪1641‬م) يف‬ ‫َ‬ ‫يونس ِ‬
‫بن‬ ‫َ‬
‫غري مرشو َعة‪ٍ،‬‬ ‫عالقة ِ‬ ‫ٍ‬ ‫«املأبون» ال تُعدُّ اتهِّ ام ًا له بإقامةِ‬
‫ِ‬ ‫خص بـ‬ ‫ِ‬ ‫أن دعو َة َّ‬
‫الش‬ ‫َّ‬
‫شار إليها ال تُؤتيِ أ َّن ُه‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫خص ا ُملهان‪ ،‬و (األ َبنَ ُة ا ُمل ُ‬ ‫«حالة» عندَ َّ‬
‫الش‬ ‫ُ‬
‫تقرتن بـ‬ ‫ألنهَّ ا‬
‫(‪)1‬‬
‫ُي ْف َع ُل بمقت ََضاها)‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫“سلوك َّي ًا” إىل حدٍّ‬ ‫كان م ْفهوم “ا ِّل ِ‬ ‫ِ‬
‫بعيد‬ ‫لواط”‬ ‫وتأسيس ًا عىل ذل َك‪ُ ُ َ َ ،‬‬
‫ِ‬
‫داخل َّي ًة‬ ‫بوص ِفها حاالً‬ ‫َّظر إليها ْ‬‫جر ْت العاد ُة عىل الن ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫مقابل “األَ َبنَة” التي َ‬ ‫َ‬
‫حال‬ ‫تفسري ِه‪ .‬وبنا ًء عىل ذلِ َك‪ ،‬فاألَ َبنَ ُة ٌ‬
‫ِ‬ ‫ثم‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫بروز سلوك الفت حمدَّ د‪َّ ،‬‬ ‫تسهم يف ِ‬ ‫ُ‬
‫بنحو دائ ٍم أو‬ ‫ٍ‬ ‫اب‬‫املص ِ‬ ‫ٍ‬ ‫مرض َّي ٌة (باثولوجية) أو ٌ‬
‫تسيطر عىل َ‬
‫ُ‬ ‫غري سو َّية‪،‬‬ ‫حال ُ‬
‫ني اآلت َي ِ‬
‫ني‪:‬‬ ‫دور ٍّي‪ ،‬كام يتبينَّ ُ يف املقط َع ِ‬‫ِ‬

‫متحرك ًا‬
‫ِّ‬ ‫ُستثار األَ َبنَ ُة فيه فيب َقى‬ ‫اخلمر حتَّى َ‬
‫يثمل‪ ...‬وت ُ‬ ‫َ‬ ‫يرشب‬
‫ُ‬ ‫(كن ُْت أرا ُه‬
‫فعل به يف الدُّ ُب ِر)‪.‬‬‫حتَّى ُي َ‬

‫بمرض األَ َبن َِة‪،‬‬


‫ِ‬ ‫ِ ليِ‬
‫األعراض اب ُت َ‬ ‫شخص ًا ِم ْن ذوي‬
‫َ‬ ‫(وقدْ سم ْع ُت َّ‬
‫أن‬
‫الذ ِ‬
‫كر‪،‬‬ ‫مثل َّ‬ ‫نع له خشب ًة َ‬ ‫فص َ‬
‫َّاس‪َ ،‬‬ ‫شاع عنه ذلِ َك‪ ،‬ف ُيمته َن عندَ الن ِ‬ ‫أن ُي َ‬ ‫فخشيِ َ ْ‬
‫غلق‬
‫كم َ‬ ‫داخل ِ ِ‬ ‫َ‬ ‫ٍ‬ ‫بنفس ِه يف‬
‫املرض خال ِ‬ ‫حتر َك عليه ُ‬ ‫َ‬
‫داره‪ ،‬ويحُ ُ‬ ‫بستان له‬ ‫وكان إذا َّ‬
‫ِ‬
‫باخلشبة إىل ْ‬ ‫أبوابِ ِه خوف ًا ِم ْن ْ‬
‫يغيب عن‬ ‫َ‬ ‫أن‬ ‫نفس ُه‬
‫ويعالج َ‬
‫ُ‬ ‫لع عليه أحدٌ ‪،‬‬‫أن ي َّط َ‬
‫ِ (‪)2‬‬
‫إزالة هذا املرض)‪.‬‬ ‫يفيق‪ ،‬يترضع إىل اهللِ سبحا َنه وتعالىَ يف ِ‬ ‫وجود ِه‪ ،‬و َّملا ُ‬
‫ِ‬
‫ُ‬ ‫َّ ُ‬

‫اهليتمي حكام مماثال‬


‫ّ‬ ‫البهويت‪ ،‬رشح منتهى اإلرادة‪358 :3 ،‬؛ ذكر ابن حجر‬
‫ّ‬ ‫(((   منصور‬
‫يف (الفتاوى الكربى الفقه ّية)‪.201 :4 ،‬‬
‫الروض العاطر‪101 ،‬؛ اإلسحاقي‪ ،‬أخبار األول ‪.47 ،‬‬ ‫((( ابن أ ّيوب‪ّ ،‬‬
‫‪85‬‬ ‫واملرضى‬‫َ‬ ‫لواط ُّي َ‬
‫ون‬ ‫األو ُل‪ِّ :‬ال ِ‬ ‫ال َف ْص ُل َّ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ينشط فيها‬ ‫ُ‬ ‫املرحلة التِي‬


‫ِ‬ ‫األقل يف‬ ‫ِّ‬ ‫املأبون يف‬‫ِ‬ ‫َت النَّظر ُة العا َّم ُة إىل‬ ‫وكان ْ‬
‫بنحو‬‫ٍ‬ ‫وير ُه‬
‫تص ُ‬ ‫جيري ْ‬ ‫وكان ِ‬ ‫َ‬ ‫اجلنس َّي ِة املنحر َف ِة‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫شبع ك ِّل َّي ًا بميولِ ِه‬ ‫املرض‪ ،‬أ َّن ُه ُم ٌ‬ ‫ُ‬
‫يشبع‪ ،‬وعالقا ُت ُه‬ ‫ُ‬ ‫هنم ال‬ ‫شخص ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫املجون اهلزلِ َّي ِة عىل أ َّن ُه‬ ‫ِ‬ ‫ات‬‫أنموذجي‪ ،‬يف أدبِي ِ‬
‫َّ‬ ‫ٍّ‬
‫ِ‬
‫ب)‪.‬‬ ‫احلس ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬
‫الرجال الفحول ذوي َ‬ ‫نحو ِّ‬ ‫ال حصرْ هلا (باستثناء ر َّبام َميله َ‬
‫(‪)1‬‬

‫الشاعر الدِّ ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫مشق ُّي‬ ‫نظمها َّ ُ‬ ‫الصور ُة التَّقليد َّي ُة يف قصيدة ماجنَة َ‬ ‫وتتكر ُر هذه ُّ‬ ‫َّ‬
‫صرِ‬
‫اخلال ( ُتوفيِّ َ سن َة ‪1715‬م) عن معا ٍ له اتهَّ َم ُه‬ ‫ُ‬ ‫احلي ب ُن ال َّط ِ‬
‫ويل‬ ‫عبدُ‬
‫ِّ‬
‫املستهدف يف ال َق ِصيدَ ِة بـ‬ ‫َ‬ ‫خص‬ ‫الش َ‬ ‫ف َّ‬ ‫يص ُ‬ ‫(علق)‪ِ .‬‬ ‫ٌ‬ ‫السلبِ ِّي‬ ‫ِ‬
‫امر َسة ا ِّللواط َّ‬
‫ِ‬
‫بم َ‬ ‫ُ‬
‫كثري ًة‬ ‫ٍ‬ ‫ترك فيها َّ‬ ‫والكريمة) التي َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اعر عالمات َ‬ ‫الش ُ‬ ‫َ‬ ‫العجيزة الواس َعة‬ ‫َ‬ ‫(ذي‬
‫املفعول به!؛ وإمعان ًا منه‬ ‫َ‬ ‫اجلنس َّي ِة ال‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫العالقة‬ ‫الفاعل يف‬ ‫ِ‬ ‫عمل‬‫أدائ ِه َ‬ ‫تدل عىل ِ‬ ‫ُّ‬
‫ظهر‬ ‫ِ‬ ‫أن هذا َّ‬ ‫اعر َّ‬ ‫يذكر َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ينوح ويبكي إذا َ‬ ‫خص ُ‬ ‫الش َ‬ ‫الش ُ‬ ‫ُ‬ ‫واإلذالل‪،‬‬ ‫اهلجو‬ ‫يف‬
‫مقامي‬ ‫طول ِ‬ ‫ِ‬ ‫بالقول‪( :‬تع ْب ُت ِم ْن‬ ‫ِ‬ ‫فيبادر‬ ‫اح‪،‬‬ ‫والر َّم ِ‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫احلجاز َّ‬ ‫(أير) يف منطقتَي‬ ‫ٌ‬
‫بوجود (أير)ٍ‬ ‫ِ‬ ‫عرف‬ ‫شم أو‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫َ‬ ‫َّوجه إىل الياممة إذا َّ‬ ‫بدمشق) وهو عىل استعداد للت ُّ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫(رقبة‬ ‫مثل‬ ‫اخلمر يف اجلن َِّة (أير ًا) َ‬ ‫ِ‬ ‫عادة األبد َّي ِة مع‬ ‫يفض ُل عىل الس ِ‬ ‫فيها‪ ،‬أل َّن ُه ِّ‬
‫َّ‬
‫ِ‬ ‫البعري سمك ًا وسا َقي الن ِ‬
‫بالقول‪ :‬إ َّن ُه إذا‬ ‫هجو ُه‬‫َ‬ ‫اعر‬
‫الش ُ‬ ‫وخيتم َّ‬ ‫ُ‬ ‫َّعامة طوالً)‬ ‫ِ ُ‬
‫وصعدَ‬ ‫إلطفاء شهوتِ ِه ِم ْن َّأولهِ ا إىل ِ‬ ‫ِ‬ ‫(األيور) التِي استعم َلها‬
‫آخرها َ‬ ‫َ‬ ‫َّب‬‫رت َ‬
‫(‪)2‬‬
‫ويبز حتَّى النُّجو َم يف مكانتِها!!‪.‬‬ ‫السام َء ُّ‬ ‫سيبلغ َّ‬ ‫ُ‬ ‫عليها‪ ،‬فإ َّن ُه‬

‫(((   نزهة األدباء‪ ،‬خمطوطة‪ ،‬صفحة ‪93‬ب‪-97‬أ؛ خمطوطة‪ ،‬صفحة ‪208‬أ‪-209‬أ‬


‫ّيفايش‪ ،‬نزهة‬
‫ّ‬ ‫(الفصل ال ّثاين‪ :‬يف املستظرف من أحاديث املأبونني واملخنّثني)؛ الت‬
‫اإلسحاقي‪،‬‬
‫ّ‬ ‫األلباب‪ ،308-249 ،‬الفصل ال ّثاين عرش‪ :‬يف اخلنّاث واملخنّثني)؛‬
‫أخبار األول‪.48-44 ،‬‬
‫احلي بن ال ّطويل اخلال‪ ،‬الدّ يوان‪ ،‬ص‪ 35 .‬ب‪ .‬كلمة «علق» العا ّم ّية مرادفة يف‬ ‫((( عبد ّ‬
‫اجليل‬
‫ّ‬ ‫ح‬ ‫الشرّ‬ ‫الرببري‪،‬‬ ‫أمحد‬ ‫يف‬ ‫ٍ‬
‫بوضوح‬ ‫مذكور‬ ‫األمر‬ ‫وهذا‬ ‫املأبون‪.‬‬ ‫أو‬ ‫ّث‬ ‫ن‬ ‫للمخ‬ ‫معناها‬
‫الذكور أن يكون‬ ‫الصفات املذمومة يف ّ‬ ‫(إن من أقبح ّ‬ ‫املوصيل‪ ،‬حيث قال‪ّ :‬‬
‫ّ‬ ‫عىل بيتي‬
‫فهو مأبون‪ ،‬وإن كان غالما‬ ‫ّ ّ َ‬‫ن‬ ‫الس‬ ‫كبري‬ ‫يت‬
‫ّ‬ ‫املأ‬ ‫كان‬ ‫فإذا‬ ‫الفاحشة‪،‬‬ ‫فيه‬ ‫تفعل‬ ‫ن‬‫ّ‬ ‫مم‬ ‫اإلنسان‬
‫أن تسمية‬ ‫ويسمى أيضا العلق‪ ،‬ويكنى كذاك بفوطة احلماّ م‪ ...‬واعلم ّ‬ ‫ّ‬ ‫سمي املؤاجر‪،‬‬ ‫ّ‬
‫لكل ما هو‬ ‫ألن العرب وضعت العلق ّ‬ ‫املؤاجر العلق تسمية عا ّم ّية وليست بعرب ّية ّ‬
‫بدوي‪ ،‬قاموس العرب ّية املرص ّية‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫وأي‬
‫نفيس) ‪ .231-231،‬انظر كذلك م‪ .‬هندز‪ّ .‬‬
‫بي العلق‬‫ّ ّ‬ ‫الص‬ ‫لاّ‬ ‫إ‬ ‫أسته‬ ‫أحد‬ ‫يغسل‬ ‫‪ .593‬وديوان خدمة األسطة عثامن‪( ،37 ،‬ال‬
‫اإل ْسال ِم ِّي‬ ‫ال ال َع َر ِب ِّي ِ‬ ‫جل ْن ِس َّي ِة يِف ال َع مَ ِ‬ ‫َما َق ْب َل امل ِْثلِ َّي ِة ا ِ‬ ‫‪86‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ِ‬
‫واإلهانات‬ ‫األست»(‪ِ )1‬م َن َّ‬
‫الشتائ ِم‬ ‫ِ‬ ‫«واسع‬ ‫«واسع» أو‬ ‫مفر َد ُة‬
‫ُ‬ ‫ٌ‬ ‫َت َ‬ ‫وكان ْ‬
‫ابع عشرَ َ ‪ ،‬وكذلِ َك يف‬ ‫والس َ‬
‫َّ‬ ‫ادس عشرَ َ‬
‫الس َ‬ ‫َني َّ‬ ‫دمشق يف القرن ِ‬ ‫َ‬ ‫الشائ َع ِة (يف‬
‫َّ‬
‫ابع عشرَ َ وال َّثام َن‬ ‫ابع عشرَ ‪ ،‬ويف ا َمل ْو ِص ِل يف القرن ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الس َ‬‫َني َّ‬ ‫الس َ َ‬ ‫القاهرة يف القرن َّ‬ ‫َ‬
‫وتشو ُه سمعتَه‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫حتط م ْن قدر ال َّطرف املستقبِ ِل ‪ /‬املفعول به‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫عشرَ َ ) التي ُّ‬
‫ِّ‬
‫اجلنس َّي ِة اجلاحم َ ِة‪.‬‬
‫ِ‬ ‫بالش ِ‬
‫هوة‬ ‫وتقر ُن ُه َّ‬

‫بني ُصورتيَ ا ِّللواطِ ِّي‬ ‫املذكور َة [يف أعال ُه] َ‬


‫َ‬
‫ِ‬
‫االختالفات‬ ‫ويبدُ و َّ‬
‫أن‬
‫كان يتخ َّي ُل ُه‬
‫ب‪ ،‬هو َم ْن َ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬
‫بحقيقة َّ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬
‫واملأبون النَّمطيت ِ‬
‫فحس ُ‬
‫املأبون ْ‬ ‫أن‬ ‫ترتبط‬ ‫َّني‪،‬‬
‫واضح ًة عىل‬ ‫َ‬ ‫ملثال الفحو َل ِة‪ ،‬وهذا ُّ‬
‫يدل دالل ًة‬ ‫ِ‬ ‫بوص ِف ِه الن َ‬
‫َّقيض‬ ‫ْ‬ ‫َّاس‬
‫الن ُ‬
‫كان اجلنو ُد يف‬ ‫ورة ا ِّللواطِ ِّي‪ ،‬فقدْ َ‬ ‫أن اخلنوث َة مل تكن [يوم ًا] جزء ًا ِمن ص ِ‬
‫ْ ُ‬ ‫ْ ْ‬ ‫َّ‬
‫املص ِ‬
‫ادر‬ ‫ِ‬
‫وفق أحد َ‬ ‫ون‪ )2(.‬وعىل ِ‬ ‫ون فاع ُل َ‬ ‫مشهوري َن بأنهَّ ُم لِواطِ ُّي َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫املثال‬ ‫ِ‬
‫سبيل‬
‫كبان(‪ِ )Sakbāns( )3‬‬ ‫ون بـ الس ِ‬ ‫املعاصرِ َ ِة‪َ ،‬‬
‫الذي َن‬ ‫ُّ‬ ‫عرو ُف َ‬ ‫كان اجلنو ُد املرتزق ُة ا َمل ُ‬

‫الصغار)‪.‬‬ ‫لكي حي ّبه بتاع ّ‬


‫املحبي‪،‬‬
‫ّ‬ ‫اخلفاجي‪ ،‬رحيانة األلباب‪125 :2 ،‬؛‬
‫ّ‬ ‫الروض العاطر‪80-79 ،‬؛‬ ‫(((   ابن أ ّيوب‪ّ ،‬‬
‫الروض النّرض‪ .68 ،‬واستعملت اإلهانة‬ ‫ّ ّ‬‫‪،‬‬ ‫العمري‬ ‫عثامن‬ ‫‪47‬؛‬ ‫‪:1‬‬ ‫األثر‪،‬‬ ‫خالصة‬
‫ذاهتا يف احلقبة اليونان ّية الكالسيك ّية‪ ،‬انظر دوڤر‪ ،‬املثل ّية اجلنس ّية يف اليونان‪140 ،‬؛‬
‫الشبق‪.110 ،‬‬ ‫ثورنتن‪ ،‬األيروس ‪ّ /‬‬
‫العثامين‪( 10-9 ،‬مستشهدا بحول ّية ابن أياس)‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫املرصي حتت احلكم‬
‫ّ‬ ‫(((   ونرت‪ ،‬املجتمع‬
‫‪( 230‬مستشهدا بحول ّية أمحد جلبي)‪.‬‬
‫((( (‪ )Sekban-Seğmen‬مقعد من حجر أو تراب‪ 2- ،...‬فا ‪ -‬سك‪ :‬كلب‪.‬‬
‫وبان‪ :‬حافظ أو صاحب‪ .‬أطلقه العثامن ّيون عىل فرقة من فرق االنكشار ّية‪ :‬مربيّ‬
‫السلطان ّية‪ .‬تعود نشأة هذه العساكر إىل‬ ‫الصيد يف القصور ّ‬ ‫الكالب ‪ -‬مربيّ كالب ّ‬
‫والصيد‪ ،‬إىل أن‬‫السلطان يف احلرب ّ‬ ‫السكبان يرافقون ّ‬ ‫العثامين‪ .‬فقد كان ّ‬
‫ّ‬ ‫بداية العهد‬
‫كل والية وحدة عسكر ّية عىل هيئة العنارص املأجورة من قبل الوالة‬ ‫تكون منهم يف ّ‬
‫موزعة عىل مستوى اإلمرباطور ّية حتت اسم‬ ‫والزعامء املحليني‪ .‬كانت وحداهتم ّ‬ ‫ّ‬
‫لكل والية برئاسة ضابط كبري يعرف باسم سكبان‬ ‫أورطة‪ ،‬بمعدّ ل أورطة واحدة ّ‬
‫السكبان يبيعون‬ ‫اإلنكشاري‪ ،‬أصبح ّ‬
‫ّ‬ ‫بايش‪ ...‬وبسبب الفوىض التي حلقت باجليش‬
‫خدماهتم ملن يستأجرهم مقابل دفع املال‪ .‬لذا ورد ذكرهم يف عداد جيش املري فخر‬
‫العثامين مع‬
‫ّ‬ ‫السكبان من صفوف اجليش‬ ‫املعني ال ّثاين الكبري‪ ...‬ألغي تشكيل ّ‬
‫ّ‬ ‫الدّ ين‬
‫حسان حلاّ ق وع ّباس ص ّباغ‪ ،‬املعجم اجلامع يف‬ ‫ّ‬ ‫(املصدر‪:‬‬ ‫‪.‬‬‫اإلنكشاري‬
‫ّ‬ ‫اجليش‬ ‫إلغاء‬
‫‪87‬‬ ‫واملرضى‬‫َ‬ ‫لواط ُّي َ‬
‫ون‬ ‫األو ُل‪ِّ :‬ال ِ‬ ‫ال َف ْص ُل َّ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ابع عشرَ َ مم َّ ْن ُع ِر ُفوا‬ ‫ِ‬ ‫البوادي الس ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫كانُوا جيو ُل َ‬


‫الس َ‬ ‫ور َّية يف مطل ِع القرن َّ‬ ‫ُّ‬ ‫ون يف‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫دمشق يف‬ ‫َ‬ ‫ضواح َي‬ ‫وهم بعدَ ما هن ُبوا‬ ‫أرس ُ‬ ‫امر َسة ا ِّللواط مع الغلامن الذي َن ُ‬ ‫بم َ‬ ‫ُ‬
‫هب املصرْ ِ َّي ُة بعدَ‬ ‫الذ ِ‬ ‫حممد بيك أبيِ َّ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫ات َّ‬ ‫قو ُ‬ ‫عا ِم (‪1606‬م) متام ًا كام فع َل ْت َّ‬
‫معز ٍز َلمِا‬ ‫سياق مت َِّص ٍل ِّ‬ ‫ٍ‬ ‫هنبِها لـ (جفا ـ ‪ )Jaffa‬يف عا ِم (‪1775‬م)‪ )1(.‬ويف‬
‫عيل ( ُتوفيِّ َ سن َة ‪1600‬م)‬ ‫مصط َفى ُّ‬ ‫واألديب العثامنيِ ّ ْ‬ ‫ُ‬ ‫املؤر ُخ‬
‫رب ِّ‬ ‫ذكرنا‪ ،‬أخ َ‬ ‫ْ‬
‫ِ ً (‪)2‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َت لواط َّية‪،‬‬ ‫كبري ًة م َن اجلند كان ْ‬ ‫أن نسب ًة َ‬ ‫زار مصرْ َ يف عا ِم (‪1599‬م) َّ‬ ‫الذي َ‬
‫والقو ِة‬ ‫الفاعل بالفحولِ َّي ِة‬ ‫ِ‬ ‫اقرتان ا ِّل ِ‬
‫لواط‬ ‫ِ‬ ‫الصور ُة ذاتهُ ا ِم ْن‬ ‫ِ‬
‫َّ‬ ‫وتربز بجالء ُّ‬ ‫ُ‬
‫اعر عن (ف ِّن‬ ‫ث َّ‬ ‫حيث يتحدَّ ُ‬ ‫وم ِّي) ُ‬ ‫ائد (ماميه الر ِ‬ ‫والفاعلي ِة يف إحدَ ى قص ِ‬ ‫ِ‬
‫الش ُ‬ ‫ُّ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬
‫برتك أنوا ِع االت َِّص ِ‬ ‫والعز ِة‪ ،‬وينصح ِ‬ ‫بوص ِف ِه ف َّن الفحولِ َّي ِة‬ ‫ِ‬
‫األخرى‬ ‫َ‬ ‫ال‬ ‫َ ُ‬ ‫َّ‬ ‫ا ِّللواط) ْ‬
‫بن‬ ‫اعر ُك َثيرِّ ِ ِ‬ ‫الش ِ‬ ‫عزةَ) أي َّ‬ ‫وح و ( ُك َثيرِّ ِ َّ‬ ‫بن امل ِّل ِ‬ ‫قيس ِ‬ ‫اعر ِ‬ ‫الش ِ‬ ‫(جمنون ليلىَ ) أي َّ‬ ‫ِ‬ ‫لـ‬
‫ادر ِة إىل‬ ‫الح‪ ،‬وا ُمل َب َ‬ ‫بوص ِل ا ُمل ْر ِد املِ ِ‬ ‫اعر ْ‬ ‫الش ُ‬ ‫ينص ُح َّ‬ ‫بن األسود‪ ،‬كام َ‬
‫ِ‬ ‫محن ِ‬ ‫الر ِ‬ ‫عبد َّ‬
‫ِ‬
‫عليهم حتَّى لو‬ ‫(األير) ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫عرض‬ ‫بالقو ِة بعدَ‬‫َّ‬ ‫مالبس ِهم‪ ،‬وإتيانهِ ِم‬ ‫ِ‬ ‫جتريد ِهم ِم ْن‬ ‫ِ‬
‫(‪)3‬‬
‫بكَوا ومتنَّ ُعوا!!‪.‬‬
‫االغراءات التِي َ‬
‫كان‬ ‫ِ‬ ‫وسالس ٍة أحدَ أنوا ِع‬‫َ‬ ‫لواط يم ِّث ُل بسهو َل ٍة‬
‫وكان ا ِّل ُ‬
‫َ‬
‫كان ا َمل ُيل إىل ِ‬
‫أداء‬ ‫آخر‪َ ،‬‬ ‫ٍ‬ ‫جانب ِ‬
‫ٍ‬ ‫ون هلا‪ ،‬هذا ِم ْن‬
‫يتعر ُض َ‬ ‫الر ُ‬
‫جانب َ‬ ‫وم ْن‬ ‫جال َّ‬ ‫ِّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫عمل املستقبِ ِل ‪ /‬املفعول به يف العالقة اجلنس َّية ُيعدُّ مناقض ًا للفحولة وقيمها‪،‬‬‫ِ‬

‫والشخص‬ ‫املصطلحات العثامن ّية‪ ،‬دار النّهضة العرب ّية‪ ،2009 ،‬ص ‪ّ .)175-174‬‬
‫البوريني عنهم‬
‫ّ‬ ‫فاحي بحلب‪ .‬قال‬
‫ّ‬ ‫الس‬
‫البوريني هو صالح من البيت ّ‬
‫ّ‬ ‫املقصود هبجاء‬
‫إنهّ م (قوم خالفوا مجيع امللل والنّحل‪ ،‬وصيرّ وا غاية أمرهم اخلروج عن طاعة‬
‫السلطان‪ ،‬وسالحهم اآللة التي يقال عنها التُّفنك وهي البندق ّية‪ ،‬فيخدمون أمريا‬ ‫ّ‬
‫الشهر شيئا من املال‬ ‫لكل فرد من أفرادهم يف ّ‬‫يكون خارجا عن ال ّطاعة عىل أن يدفع ّ‬
‫‪-‬تراجم األعيان‪( .254 :2 ،‬املرتمجة)‪.‬‬
‫اجلربيت‪،‬‬
‫ّ‬ ‫الرمحن‬ ‫الزمان‪280 :2 ،‬؛ عبد ّ‬ ‫البوريني‪ ،‬تراجم األعيان من أبناء ّ‬
‫ّ‬ ‫(((   حسن‬
‫عجائب اآلثار يف الترّ اجم واألخبار‪.413 :1 ،‬‬
‫عيل ملرص‪.54-51 ،‬‬ ‫(((   تيتز‪ ،‬وصف مصطفى ّ‬
‫ومي‪ ،‬روضة املشتاق‪ ،‬صفحة‬ ‫الر ّ‬‫الروض العاطر‪88-87 ،‬؛ ماميه ّ‬ ‫(((   ابن أ ّيوب‪ّ ،‬‬
‫عزة عاشقان معروفان من املرحلة اإلسالم ّية املبكرة‪.‬‬ ‫‪219‬ب‪ .‬جمنون ليىل وكثري ّ‬
‫اإل ْسال ِم ِّي‬ ‫ال ال َع َر ِب ِّي ِ‬ ‫جل ْن ِس َّي ِة يِف ال َع مَ ِ‬ ‫َما َق ْب َل امل ِْثلِ َّي ِة ا ِ‬ ‫‪88‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫يكون ِم َن‬ ‫َ‬ ‫“املأبون” ْ‬


‫وأن‬ ‫ِ‬ ‫َّث” بـ‬ ‫ف “ا ُملخن ِ‬ ‫وص ُ‬‫يقرتن ْ‬ ‫َ‬ ‫ليس مفاجئ ًا ْ‬
‫أن‬ ‫ولذل َك َ‬
‫ِ‬
‫خص‬ ‫ِ‬ ‫الش‬ ‫فبقدرة َّ‬ ‫ِ‬ ‫ني متام ًا‪،‬‬ ‫ليستا مرتادفتِ ِ‬ ‫أن الكلمت ِ‬ ‫الشائ َع ِة له‪ .‬إلاَّ َّ‬ ‫املرادفات َّ‬ ‫ِ‬
‫َني َ‬
‫ف بطري َق ٍة تُبعدُ‬ ‫احلقيقة‪ ،‬وال َّتصرَ ُّ ُ‬ ‫ِ‬ ‫مرض األَبن َِة ال َّتسترّ عىل ِ‬
‫هذه‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫الذي يعانيِ‬ ‫ِ‬
‫خص مخُ ن ٌَّث‬ ‫أن َّ‬ ‫إمكان َّ‬ ‫ُ‬ ‫ومقابل ذلِ َك ِمن ا َملعر ِ‬ ‫َ‬ ‫عنه شبه َة «اخلنو َث ِة»‪.‬‬
‫الش َ‬ ‫وف‬ ‫َ ُ‬
‫االستعامل احلرفيِ َّ‬ ‫َ‬ ‫فإن تو ّق َعنا‬ ‫ليس لِواطِ َّي ًا سلبِ َّي ًا؛ ومع هذا‪َّ ،‬‬ ‫ظاهر َّي ًا ولكنَّ ُه َ‬ ‫ِ‬
‫ال متام ًا!‬ ‫كل ذلِ َك ـ نعوت ًا شائنَ ًة ومهينَ ًة يبدُ و مض ِّل ً‬ ‫َت ـ بعدَ ِّ‬ ‫دات كان ْ‬ ‫ملفر ٍ‬
‫َ‬
‫للغاية يف أدبِياتِ‬ ‫ِ‬ ‫واضح ٌة‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َّ‬ ‫َ‬ ‫املفر َدتَني بنحو متبا َدل يف العادة‬ ‫فحقيق ُة استعامل َ‬
‫الذي َن اشت َغ ُلوا‬ ‫احلقبة ِ‬ ‫ِ‬ ‫األروسي ِة‪ ،‬وقدْ و َّث َقها فقهاء ِ‬
‫هذه‬ ‫ِ‬ ‫الش ِبق َّي ِة ‪/‬‬ ‫املجون َّ‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫َّ‬
‫سم ِّي‬ ‫تص ُل إىل مرتب ِة االتهِّ ا ِم الر ِ‬ ‫واإلهانات التِي ِ‬ ‫ِ‬ ‫الشتائ ِم‬ ‫مناقش ِة مسأ َل ِة َّ‬ ‫َ‬ ‫يف‬
‫َّ‬ ‫َ‬
‫بن أبيِ‬ ‫رشع َّي ِة‪ ،‬إذ بينَّ َ الفقي ُه املصرْ ِ ُّي أمحدُ ب ُن أمحدَ ِ‬ ‫ِ‬ ‫جنس َّي ٍة ِ‬
‫غري‬ ‫عالقة ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫بإقامة‬
‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫ردير ( ُتوفيِّ َ سن َة‬ ‫وف بأمحدَ الدَّ ِ‬ ‫عر ُ‬ ‫األزهر ُّي اخللوتيِ ُّ ا َمل ُ‬ ‫ِ‬ ‫املالك ُّي‬ ‫العدوي‬
‫ُّ‬ ‫حامد‬
‫ِ‬ ‫الذي ِ‬ ‫الشخص ِ‬
‫يوجه له‬ ‫آخر بـ «ا ُملخنَّث» إنَّام ِّ‬ ‫شخص ًا َ‬ ‫َ‬ ‫يصف‬ ‫أن َّ َ‬ ‫‪1786‬م) َّ‬
‫تثبت اتهِّ ا َم ُه‪،‬‬ ‫تقديم األد َّل ِة التِي ُ‬ ‫ُ‬ ‫اتهِّ ام ًا بذلِ َك‪ ،‬ويتعينَّ ُ عليه ـ تبع ًا لذلِ َك ـ‬
‫ِ‬ ‫جرا َء قذفِ ِه هذا َّ‬
‫عاقب‬ ‫خص وتشوهيِه سم َع َت ُه‪ ،‬و ُي ُ‬ ‫الش َ‬ ‫وإلاَّ سيواج ُه عقوب ًة َّ‬
‫يقصدُ‬ ‫ب ما رشحه (الدَّ ردير) حتَّى إذا أقسم أ َّنه مل يكن ِ‬ ‫بحس ِ‬ ‫هذا َّ‬
‫َ ُ ْ ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ ُ‬ ‫خص ْ‬ ‫الش ُ‬
‫ِ‬ ‫َّث» وفق ًا‬ ‫ألن مفرد َة «ا ُملخن ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫للعرف‬ ‫للمفر َدة‪َ َ َّ ،‬‬ ‫َ‬ ‫ف‬ ‫املعجم َّي الصرِّ َ‬ ‫سوى املعنَى‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫فص َل الفقي ُه الدِّ مشق ُّي‬ ‫َت تُستخدَ ُم لـ «ا ِّللواط ِّي» املستقبِل‪ .‬وقدْ َّ‬
‫(‪)1‬‬
‫العا ِّم‪ ،‬كان ْ‬
‫حمم ٍد‬ ‫بعالء الدِّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫الر ِ‬ ‫بن عيل ِ ِ‬ ‫ٍ‬
‫ين َّ‬ ‫وف‬ ‫عر ُ‬ ‫محن ا َمل ُ‬ ‫بن عبد َّ‬ ‫حممد ِ ٍّ‬ ‫بن َّ‬ ‫عيل ِ‬ ‫حممدُ ب ُن ٍّ‬ ‫َّ‬
‫ِ‬
‫إن ا ُملخن ََّث هو ( َم ْن ُيؤتَى كاملرأة [أي‬ ‫احلصكَف ِّي ( ُتوفيِّ َ سن َة ‪1677‬م) قائالً‪َّ :‬‬ ‫ِ‬
‫ْ‬
‫(‪)2‬‬ ‫ِ‬
‫الر ُج ُل الذي ُيؤتَى كاملرأة])‪.‬‬ ‫ِ‬
‫َّ‬
‫جنس َّي ًة‬ ‫حيوز ميوالً ِ‬ ‫السلبِ ِّي أ َّن ُه ُ‬ ‫الذ ِ‬ ‫َت النَّظر ُة العا َّم ُة إىل ا ِّللواطِ ِّي َّ‬
‫كر َّ‬ ‫وكان ْ‬
‫ذكور ٍّي‬ ‫ِ‬ ‫جمتم ٍع‬ ‫ِ‬ ‫َ ِ‬ ‫ِ‬ ‫اخلضو ِع‬ ‫ِ‬ ‫أنثو َّي ًة ِم ْن‬
‫املفروضة عىل النِّساء يف َ‬ ‫للقيود‬ ‫ُ‬ ‫دون‬

‫(((   الدّ ردير‪ ،‬الشرّ ح الكبري عىل خمترص خليل‪.339 :4 ،‬‬


‫احلصكفي‪ ،‬الدّ ّر املنتقى يف رشح امللتقى‪.610-609 :1 ،‬‬
‫ّ‬ ‫حممد‬
‫(((   عالء الدّ ين ّ‬
‫‪89‬‬ ‫واملرضى‬‫َ‬ ‫لواط ُّي َ‬
‫ون‬ ‫األو ُل‪ِّ :‬ال ِ‬ ‫ال َف ْص ُل َّ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫املجون مماث َل ٌة لص ِ‬‫ِ‬ ‫ني‪ ،‬وصور ُته يف أدبِي ِ‬ ‫اجلنس ِ‬ ‫أبوي ِ‬
‫ورة‬ ‫ُ‬ ‫ات‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫بني‬‫يفص ُل َ‬ ‫‪ٍّ ِ /‬‬
‫واضح‬
‫ٌ‬ ‫بني االثن ِ‬
‫َني‬ ‫اجلنس َّي ِة)‪ )1(.‬والت ِ‬
‫َّوازي َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫العالقات‬ ‫القحاب (املرأ ُة متعدِّ َد ُة‬ ‫ِ‬
‫املرأة بـ «الواس َع ِة» وا ِّللواطِ ِّي املستقبِ ِل‬
‫ِ‬ ‫الشتائ ِم‪ ،‬إذ يمك ُن دعو ُة‬ ‫مستوى َّ‬ ‫َ‬ ‫يف‬
‫الفولكلور َّي ِة‬
‫ِ‬ ‫ص‬‫القص ِ‬
‫َ‬ ‫أص ِل‬
‫مستوى ْ‬‫َ‬ ‫«القحبة» وكذلِ َك يف‬ ‫ِ‬ ‫السلبِ ِّي بـ‬ ‫‪َّ /‬‬
‫بالغلمة النَّسو َّي ِة‬
‫ِ‬ ‫اجلنسي ِة عندَ املص ِ‬
‫ابات‬ ‫َ‬ ‫َّ‬
‫ِ‬ ‫الشعبِي ِة‪ ،‬إذ يمكن تفسري الن ِ‬
‫َّزعة‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َّ َّ‬
‫ِ (‪)2‬‬
‫املستح َّث ِة بالدُّ ود‪.‬‬
‫َ‬ ‫[الش ُبق اجلنسيِ ُّ ] باحلك َِّة‬ ‫َّ‬
‫ِ‬
‫احلدود‬ ‫لواحد ِم ْن ِ‬
‫أكثر‬ ‫ٍ‬ ‫َّث حتدِّ ي ًا كبري ًا‬ ‫املأبون أو ا ُملخن ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وجود‬ ‫إن يف‬‫َّ‬
‫َّاميز‬
‫احلديث‪ ،‬وهو الت ُ‬ ‫ِ‬ ‫قبل‬‫األوسط ما َ‬ ‫ِ‬ ‫وضوح ًا وتأثري ًا يف الشرَّ ِق‬ ‫الفاص َل ِة ُ‬
‫ِ‬
‫جر ْت العاد ُة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫اجلنسينْ ِ ‪.‬‬
‫السو َّية‪َ ،‬‬ ‫خارج حدود احلالة َّ‬ ‫َ‬ ‫وقوعها‬ ‫وبسبب‬ ‫َ‬ ‫بني‬
‫َ‬
‫تهِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫عىل الن ِ‬
‫السيطرة (جلهة قدر ا‬ ‫خارج ٌة عن َّ‬ ‫َ‬ ‫قو ٌة مؤ ِّث َر ٌة‬‫َّظر إىل األَ َبنَة أنهَّ ا َّ‬
‫ٍ‬ ‫نادر ًة نسبِ َّي ًا ِم ْن‬ ‫نهِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ ِ‬ ‫عىل ِ‬
‫جهة‬ ‫بيعي لألشياء) م ْن جهة وكو ا َ‬ ‫قلب النّظا ِم ال َّط ِّ‬
‫بأن ا ِّل َ‬ ‫حكم ِهم َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫لواط‬ ‫دفاع عن‬ ‫املذهب احلنف ِّي ا ِّل َ‬ ‫حاول فقها ُء‬ ‫َ‬ ‫أخرى؛ وعندَ ما‬ ‫َ‬
‫تصدُ ُق عليه‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الزنا ‪ -‬وتبع ًا لذل َك ال ْ‬ ‫ليس تنويع ًا فرع َّي ًا عىل ِّ‬ ‫(‪َ )sodomy‬‬
‫ِ‬ ‫كر التِي‬ ‫الف ِ‬ ‫تلخص ْت إحدَ ى ِ‬
‫اشرتاك طرفيَ‬ ‫احتجوا هبا يف‬ ‫ُّ‬ ‫العقو َب ُة ذاتهُ ا ‪َ َّ -‬‬
‫لواط يأتيِ ِم ْن‬ ‫احلث عىل ا ٌّل ِ‬ ‫َّ‬ ‫حني َّ‬
‫أن‬ ‫احلث عليه يف ِ‬ ‫ِّ‬ ‫الزنا يف‬ ‫كليهام يف ِّ‬ ‫ِ‬
‫العالقة ِ‬
‫ب‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫(‪)3‬‬
‫فحس ُ‬
‫طرف واحد ْ‬
‫ِ‬ ‫والسلبِ ِّي‬ ‫ِ‬ ‫َّاميز ا َمل ْف ُهوماتيِ َّ َ‬
‫(املفعول‬ ‫ِ‬
‫(الفاعل) َّ‬ ‫بني ا ِّللواط اإلجيابيِ ِّ‬ ‫إن الت َ‬ ‫َّ‬
‫ِ‬
‫بالكاد يم ِّي ُز‬ ‫اجلنوس َّي ِة‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫احلدود‬ ‫ِ‬
‫بانتهاك‬ ‫األو َل ‪-‬‬ ‫ِ‬ ‫َ‬
‫وربط النَّو ِع‬
‫األخري ‪ -‬ال َّ‬ ‫به)‬

‫ّيفايش‪ ،‬نزهة األلباب‪،‬‬


‫اإلسحاقي‪ ،‬أخبار األول‪116-113 ،‬؛ والت ّ‬
‫ّ‬ ‫(((   انظر القصص يف‬
‫‪.126-99‬‬
‫اجلنيس يف املجتمع والتّاريخ‪232 ،‬؛ ايرون‪ ،‬الف ليلة وليلة‪.175 ،‬‬‫ّ‬ ‫(((   بولو‪ ،‬الت ّّنوع‬
‫ينقل العملني كليهام من ألف ليلة وليلة‪.‬‬
‫حممد بن سليامن املعروف بـ «شيخي زاده» جممع األهنر‬
‫الرمحن بن ّ‬
‫أفندي‪ ،‬عبد ّ‬
‫ّ‬ ‫(((   داماد‬
‫الرائق رشح كنز الدّ قائق‪،‬‬
‫يف رشح ملتقى األبحر‪596-595 :1 ،‬؛ ابن نجيم‪ ،‬البحر ّ‬
‫‪.18-17 :5‬‬
‫اإل ْسال ِم ِّي‬ ‫ال ال َع َر ِب ِّي ِ‬ ‫جل ْن ِس َّي ِة يِف ال َع مَ ِ‬ ‫َما َق ْب َل امل ِْثلِ َّي ِة ا ِ‬ ‫‪90‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫بدرجات‬ ‫ٍ‬ ‫قول الشيَّ ِء ذاتِ ِه ولك ْن‬ ‫املبكر‪ ،‬إذ يمك ُن ُ‬ ‫َ‬ ‫نيِ‬
‫الشرَّ َق العربيِ َّ العثام َّ‬
‫جنوب أوروبا أو ال َّث ِ‬
‫قافة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ومناطق‬ ‫متباين ٍَة عن املنط َق ِة العربِ َّي ِة املعاصرِ َ ِة‬
‫َّ‬
‫قافتان اليونانِ َّي ُة‬ ‫ِ‬ ‫اجلانب حتديد ًا ـ ال َّث‬ ‫ِ‬ ‫األمريك َّي ِة ‪ -‬الالتينِ َّي ِة ـ أو يف هذا‬ ‫ِ‬
‫حقبة الفايكنغِ‪ ،‬أو‬ ‫ِ‬ ‫واملناطق االسكندنافِ َّي ِة يف‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الكالسيك َّي ُة‪،‬‬ ‫والرومانِ َّي ُة‬ ‫ُّ‬
‫تص ُّورٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫اليابان َ‬ ‫ِ‬
‫يظهر جل َّي ًا أنَّنا أما َم َ‬ ‫ُ‬ ‫قبل ساللة مييجي‪ .‬وتأسيس ًا عىل ذل َك‪،‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫ِ‬ ‫نطاق واس ٍع جغرافِ َّي ًا‬ ‫ٍ‬


‫أن‬‫شك فيه‪َّ ،‬‬ ‫وتارخي َّي ًا؛ وممَّا ال َّ‬ ‫منترش عىل‬ ‫ٍ‬ ‫َم ْف ُهوماتيِ ٍّ‬
‫مشاعر إدان ٍَة‬ ‫ِ‬ ‫أن يؤ ِّد َي إىل‬ ‫اجلنوس َّي ِة ا ُملحدَّ َد ِة ثقافِ َّي ًا ِم ْن شأنِ ِه ْ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫األدوار‬ ‫ِ‬
‫انتهاك‬
‫ُ‬
‫تقرتن‬ ‫ون بطري َق ٍة‬ ‫الذي َن يتصرَ َّ ُف َ‬ ‫جال ِ‬ ‫حال الر ِ‬
‫ِّ‬
‫للغاية الس َّيام يف ِ‬ ‫ِ‬ ‫وقلق شديدَ ٍة‬ ‫ٍ‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ ٍ‬ ‫ِّساء ح ًا يف جمتم ٍ‬ ‫العادة بالن ِ‬ ‫ِ‬
‫كر ْت يف أعال ُه‪.‬‬ ‫ذكور َّية للغاية كالتي ُذ َ‬ ‫عات‬ ‫َ‬ ‫صرْ‬ ‫يف‬
‫أقوى‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫االحتقار والس ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ويستتبع ذلِ َك َّ‬
‫تكون َ‬ ‫املأبون‬ ‫نحو‬ ‫خر َية َ‬ ‫ُّ‬ ‫مشاعر‬
‫َ‬ ‫أن‬ ‫ُ‬ ‫(‪)2‬‬

‫نحو ا ِّللواطِ ِّي؛ ويفسرِّ ُ ذلِ َك ـ ر َّبام ـ‬ ‫ِ‬


‫مشاعر االستهجان َ‬ ‫ِ‬ ‫وأعمق أثر ًا ِم ْن‬ ‫َ‬
‫ني‬ ‫ني إجيابِ ِّي َ‬ ‫فاعل َ‬ ‫ني ‪ِ /‬‬ ‫بوص ِف ِهم لواطِ ِّي َ‬ ‫عرفوا ْ‬ ‫أن ُي َ‬ ‫ِ‬
‫األشخاص ْ‬ ‫بني‬
‫التوج ُه العا ُّم َ‬ ‫ُّ‬
‫َني اآلتيتَني‪ِ:‬‬ ‫القصت ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ني ‪ /‬مستقبِل َ‬ ‫ال سلبِ ِّي َ‬
‫ني كام يتَّضح م َن َّ‬
‫قال‪ :‬أدخ َلنِي اجلماَّ ُز‬
‫خرج الغال ُم َ‬
‫َ‬ ‫مج ٌاز غالم ًا َ‬
‫ففعل به‪ ،‬فلماَّ‬ ‫َ‬
‫(أدخل َّ‬
‫ِ (‪)3‬‬
‫لواط إلاَّ بو ٍّيل وشاهدَ ين)‪.‬‬
‫فقال‪ :‬قد ُح ِّر َم ا ِّل ُ‬ ‫فقيل ذلِ َك للجماَّ ِز‪َ ،‬‬
‫ألفعل به‪َ .‬‬
‫َ‬

‫وقال له‪:‬‬ ‫ٍ‬


‫درهيامت َ‬ ‫فدفع إليه‬ ‫َ‬
‫أدخل َصب َّي ًا‬ ‫(وح ِكي عن ِ‬
‫بعض ِهم أ َّن ُه‬
‫َ‬ ‫ُ َ‬
‫فلهم‬ ‫بك‪َ .‬‬ ‫لامن يفع ُل َ‬
‫ون َ‬ ‫ِ‬
‫أن الغ َ‬ ‫ِ‬ ‫انبطح‪َ .‬‬
‫فقال الغال ُم‪ :‬بل َغني َّ‬
‫عوى ُ‬‫فقال‪ :‬أ َّما الدَّ َ‬ ‫ْ‬
‫وقل ما بدا َ‬
‫لك)‪.‬‬ ‫فانبطح‪ْ ،‬‬ ‫ليِ‬ ‫ُ‬
‫الفعل ف ‪،‬‬ ‫وأ َّما‬
‫(‪)4‬‬
‫ْ‬
‫املوضو ِع‬
‫ُ‬ ‫مناقش ِة هذا‬
‫َ‬ ‫قبل املضيِ ِّ يف‬
‫توضيح ِه َ‬
‫ِ‬ ‫مهم ال بدَّ ِم ْن‬ ‫وثم َة ٌ‬
‫أمر ٌّ‬ ‫َّ‬

‫مييجي باليابان ِه َي املدّ ة األوىل يف تاريخ اليابان املعارص (‪،)1912-1868‬‬ ‫ّ‬ ‫  مدّ ة‬ ‫(((‬
‫السابقة‪( .‬املرتمجة)‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫احلكومات‬ ‫عن‬ ‫هلا‬ ‫متييزا‬ ‫املستنرية‬ ‫احلكومة‬ ‫«مييجي»‬ ‫كلمة‬ ‫وتعني‬
‫فوالعارووحدةمنطقةاملتوسط) ‪.9‬‬
‫ّ‬ ‫  د‪ .‬ماهنود غيلمور‪« ،‬العار‪ :‬مقدّ مة»‪ .‬يف (الشرّ‬ ‫(((‬
‫لغوي)‪.‬‬ ‫(املقوم ا ّل‬ ‫الكمني‪ .‬واجلماّ ز حائك اجلماّ زة‪.‬‬ ‫  اجلماَّ زة ّ ِ‬‫ُ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫بالضم مدْ رعة صوف ض ّيقة ّ‬ ‫(((‬
‫الربيع‪.45 ،‬‬ ‫اجلزائري‪ ،‬زهر ّ‬
‫ّ‬ ‫العاميل‪ ،‬الكشكول‪361 :1 ،‬؛‬‫ّ‬ ‫  هباء الدّ ين‬ ‫(((‬
‫‪91‬‬ ‫واملرضى‬‫َ‬ ‫لواط ُّي َ‬
‫ون‬ ‫األو ُل‪ِّ :‬ال ِ‬ ‫ال َف ْص ُل َّ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫“الذ ِ‬
‫عمل َّ‬ ‫ِ‬ ‫توكيد َّ‬‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫برضور ِة ِّ‬ ‫يت َِّص ُل‬
‫كر”‬ ‫أن أدا َء‬ ‫َّرس ِع يف‬ ‫توخي احلذر وعد ِم الت ّ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫باالعتامد‬ ‫اجلنس َّي ِة‪ ،‬مل ْ يك ْن شائن ًا أو ُم ِذالً متام ًا‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫العالقة‬ ‫الفاعل ‪ /‬اإلجيابيِ ِّ يف‬ ‫ِ‬
‫(إبراهيم‬ ‫قص ِ‬
‫يدة‬ ‫األمري الدُّ ر ِزي أو ِ‬ ‫ِ‬ ‫اب‬ ‫اغتص ِ‬ ‫قص ِة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫َ ِّ‬ ‫َ‬ ‫عىل هذه احلكاية أو َّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّوع ِم َن الت‬ ‫ِ‬
‫كان‬ ‫َّأييدات َ‬ ‫َّوكيدات والت‬ ‫أن هذا الن َ‬ ‫ب! إلاَّ َّ‬ ‫فحس ُ‬ ‫الغزاليِ ِّ ) املاجنَة ْ‬
‫ِ‬
‫العادة‬ ‫يقرتن يف‬ ‫ُ‬ ‫الذي َ‬
‫كان‬ ‫اجلزئي ِ‬ ‫ِ‬ ‫األمر ذا ُت ُه عىل التَّشا ُب ِه‬ ‫شائع ًا‪ ،‬و َي ْصدُ ُق‬
‫ِّ‬ ‫ُ‬
‫فالعالقات‬ ‫ُ‬ ‫َّقليد َّي ِة‪:‬‬
‫عات املتوسطِي ِة الت ِ‬
‫ِّ َّ‬
‫بام يسمى “املعيار املزدوج” يف املجتم ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ َّ‬
‫اخلزي‬ ‫جتلب‬ ‫َت‬ ‫ِ‬
‫واج (والعبود َّية كذل َك تارخي َّي ًا) كان ْ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الز ِ‬ ‫ِ‬
‫خارج حدود َّ‬ ‫ِ‬
‫اجلنس َّي ُة‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫املخرت ِق) وكام‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫(الفاعل ‪/‬‬ ‫كر‬ ‫للذ ِ‬ ‫رت َق ِة) ال َّ‬ ‫ِ‬
‫والعار لألن َثى (املفعول هبا ‪ /‬ا ُملخ َ‬ ‫َ‬
‫أكثر تعقيد ًا‬ ‫نهِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫ُيتو َّق ُع يف حاالت ِ‬
‫َّقييامت األخالق َّي ُة بكو ا َ‬ ‫ُ‬ ‫ف الت‬ ‫مثل هذه‪ ،‬تتَّص ُ‬
‫املخرت ِق‬ ‫ِ‬ ‫كر ‪/‬‬ ‫الذ ِ‬ ‫بني َّ‬ ‫َّاميز ذا ُت ُه َ‬ ‫مثل هذا؛ فالت ُ‬ ‫دقيق ُ‬ ‫متايز ٌ‬ ‫يوحي به ٌ‬ ‫نسبِي ًا مما ِ‬
‫َّ‬
‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫رت َقة‪ ،‬يبدُ و َّ‬ ‫ِ‬
‫غري‬ ‫مه َّي ًة يف سياق ‪ -‬بالكاد يمك ُن عدُّ ُه َ‬ ‫أقل أ ِّ‬ ‫وبني األن َثى ‪ /‬ا ُملخ َ‬ ‫َ‬
‫الفقهي ‪ -‬الدِّ ينِي‪ ،‬هذا أوالً؛ وال يستبعدُ يف سياقاتٍ‬ ‫ِ‬
‫ُ َ‬ ‫َّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِ ِّ‬ ‫السياق‬ ‫مهم ‪ -‬أي ِّ‬ ‫ٍّ‬
‫االستعامل غري النَّمطي يف جوانبِ ِه األخرى ملفردةِ‬ ‫ِ‬ ‫حمدَّ َدة ِ‬ ‫ٍ‬
‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫ِّ‬ ‫َ َ‬ ‫أن نواج َه‬ ‫مثل هذه ْ‬
‫ِ (‪)1‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫السلب ِّي‪.‬‬ ‫مقابل ا ِّللواط ِّي َّ‬ ‫َ‬ ‫“ا ِّللواط ِّي” لتحديد ا ِّللواط ِّي اإلجيابيِ ِّ‬
‫خص‬‫ِ‬ ‫ف َّ‬
‫الش‬ ‫وص َ‬
‫أن ْ‬ ‫واهد التِي ُّ‬
‫تدل عىل َّ‬ ‫الش ِ‬ ‫وثم َة ـ ثاني ًا ـ وفر ٌة ِم َن َّ‬
‫َّ‬
‫وصف ًا‬ ‫ِ‬
‫التلميح بذل َك‪َ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫بالزانيِ أو ا ِّللواط ِّي اإلجيابيِ ِّ ‪/‬‬
‫كان ُيعدُّ ْ‬ ‫َ‬ ‫الفاعل أو‬ ‫َّ‬
‫واإلذالل وتشويه السمعة‪ِ.‬‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫املقصود منه اإلهان ُة‬ ‫ِ‬
‫ُ ُّ‬ ‫العمو ِم‪ُ ،‬‬ ‫شائن ًا عىل وجه ُ‬
‫ين الغازي ( ُتوفيِّ َ سن َة ‪1577‬م) يف‬ ‫بدر الدِّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬
‫يقول الفقي ُه الدِّ مشق ُّي ُ‬
‫ِ‬
‫األجي َّي)‪:‬‬ ‫(حممد ًا‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫قص ٍ‬‫ِ‬
‫غريم ُه َّ‬‫َ‬ ‫ف فيها‬
‫فاضحة يص ُ‬
‫َ‬ ‫يدة‬
‫وأح���دث فتح ًة بأعىل ال���ر ِ‬
‫واق‬ ‫ِّ‬ ‫َ‬ ‫أمْ����ر ٍد‬
‫َ‬ ‫دب ل��ي ً‬
‫�لا ع�لى‬ ‫وك���م َّ‬

‫لواطي فاعل‬
‫ّ‬ ‫البهويت‪ ،‬رشح منتهى اإلرادة‪( :345 :3 ،‬وا ِّل‬
‫ّ‬ ‫(((   يف سبيل املثال‪ ،‬منصور‬
‫ومفعول فيه)‪.‬‬
‫اإل ْسال ِم ِّي‬ ‫ال ال َع َر ِب ِّي ِ‬ ‫جل ْن ِس َّي ِة يِف ال َع مَ ِ‬ ‫َما َق ْب َل امل ِْثلِ َّي ِة ا ِ‬ ‫‪92‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(‪)1‬‬
‫عجيزة األ ْم َر ِد‪.‬‬
‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫إشارة إىل‬ ‫يف‬

‫الفقهاء املتشدِّ ِدي َن‬ ‫ِ‬ ‫مقصور ًا عىل‬ ‫ويظهر واضح ًا َّ‬
‫املوقف مل ْ يك ْن ُ‬ ‫َ‬ ‫أن هذا‬ ‫ُ‬
‫حممد البورين ُّي ( ُتوفيِّ َ سن َة ‪1615‬م)‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ب‪ ،‬إذ ِ‬
‫املؤر ُخ احلَ َس ُن ب ُن َّ‬ ‫يروي ِّ‬ ‫فحس ُ‬
‫ْ‬
‫إسامعيل النَّابلسيِ‬
‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫خص َص ُه للفقيه الدِّ مشق ِّي‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫احلاد َث َة التَّال َي َة يف‬
‫ِّ‬ ‫الباب الذي َّ‬
‫بعض‬ ‫ٍ‬ ‫رتى بابتدا ِع‬ ‫بصبِ ٍّي هتم ًة كاذب ًة حدي ُثها ُمف َ‬ ‫( ُتوفيِّ َ سن َة ‪1585‬م)‪( :‬أتهُّ ِم َ‬
‫الشني َع ِة أحس َن إعان ٍَة‪،‬‬ ‫تلك احلاد َث ِة َّ‬ ‫املتص ِّو َف ِة‪ ...‬وأعا َن ُه العلام ُء يف َ‬ ‫املشايخ َ‬‫ِ‬ ‫ِم َن‬
‫واخلواص‪ ،‬وما‬ ‫ِّ‬ ‫عظيم ًة عندَ العوا ِّم‬ ‫َ‬ ‫مح ُه اهللُ تعالىَ بذلِ َك وحش ًة‬ ‫لكنَّ ُه وجدَ ر َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫املذكور‬ ‫ِ‬
‫درويش باشا‬ ‫طلع بنفسه إىل ديوان اإلمارة عندَ‬ ‫الصبِ َّي َ‬ ‫أن َّ‬ ‫ذاك إلاَّ َّ‬ ‫َ‬
‫[وظهر بعدَ ذلِ َك‬ ‫َ‬ ‫فتوح به‬‫ٍ‬ ‫ادر عن‬ ‫أن ذل َك َص ٌ‬
‫سائل عىل قدمي ِه زاع ًام َّ ِ‬
‫َْ‬ ‫والدَّ ُم ٌ‬
‫(‪)2‬‬ ‫ِ‬
‫املذكور])‪.‬‬ ‫يخ‬‫الش ِ‬ ‫ب ِم َن َّ‬‫بتعص ٍ‬
‫َت ُّ‬ ‫القص َة كان ْ‬
‫أن َّ‬ ‫ِ‬
‫للخلق َّ‬
‫سيِ‬ ‫ِ‬ ‫األفعال َّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫إسامعيل النَّابل ِّ‬ ‫َ‬ ‫حادثة‬ ‫الشعبِ َّية َ‬
‫نحو‬ ‫ردود‬ ‫االختالف يف‬
‫َ‬ ‫َّ‬
‫إن‬
‫ِ‬
‫ابع عشرَ َ وحكاية اجلنود الترُّ كامن مع األمري الدَّ َر ِز ِّي يف‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الس َ‬ ‫أواخر القرن َّ‬ ‫َ‬
‫احلساسيات يف املدَّ ةِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫مطل ِع القرن ال َّثام َن عشرَ ‪ ،‬هو بمنز َلة شهادة ال عىل تغيرُّ ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬
‫املثليةِ‬‫العالقة ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫َّ‬ ‫تص ُّور‬ ‫الفاص َلة‪ ،‬بل عىل ال َّطبي َعة املبن َّية يف جوهرها عىل سياق َ‬
‫حمور‬ ‫ُ‬ ‫احلال األولىَ ‪َ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫وتقييمها‪ِ .‬‬ ‫ِ‬ ‫اجلنس َّي ِة‬
‫ِ‬
‫البارز َ‬ ‫ُ‬ ‫الفاعل الوجي ُه والفقي ُه‬ ‫كان‬ ‫ففي‬
‫هو َّي ِة‬ ‫مقابل َ‬ ‫َ‬ ‫الشعبِ ِّي‬ ‫ِ‬
‫واالستهجان َّ‬ ‫حتم َل وطأ َة اهلجو ِم‬ ‫رف الذي َّ‬
‫احلدث وال َّط َ ِ‬ ‫ِ‬
‫واإلمهال؛‬‫َ‬ ‫َّجاهل‬‫َ‬ ‫نصي ُبها الت‬ ‫كان ِ‬ ‫املعنو َّي ِة التِي َ‬ ‫ِ‬ ‫وشخص َّيتِ ِه‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫املفعول به‬ ‫الغال ِم‬
‫«املفعول به» واجه َة‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫األمري‬
‫ُ‬ ‫تصدَّ َر‬ ‫حيح‪ ،‬إذ َ‬ ‫الص ُ‬ ‫احلال ال َّثان َية هو َّ‬ ‫والعكس يف‬ ‫ُ‬
‫أن املكان َة‬ ‫ِ‬
‫ني ن ْسبي ًا‪ ،‬وهذا يعني َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫جمهول َ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫األحداث يف ِ‬ ‫ِ‬
‫كامن ُ‬ ‫حني بق َي اجلنو ُد الترُّ‬
‫العوامل التِي‬ ‫ِ‬ ‫َت أحدَ‬ ‫الفعل اجلنسيِ ِّ كان ْ‬ ‫ِ‬ ‫املشرتك َِة يف‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫لألطراف‬ ‫ِ‬
‫االجتامع َّي َة‬

‫الزمان‪.252 :1‬‬ ‫البوريني‪ ،‬تراجم األعيان من أبناء ّ‬ ‫ّ‬ ‫(((   احلسن‬


‫ِ‬
‫والرواق سترْ ُيمدّ دون‬ ‫لسان‪:‬الرواق َس ْق ٌ‬ ‫لغوي‪ :‬يف ا ّل‬ ‫املقوم ا ّل‬
‫ف يف مقدَّ م البيت‪ِّ ،‬‬ ‫ِّ‬ ‫ّ‬ ‫إضافة ّ‬
‫السقف يقال‪ :‬بيت مرو ٌق ومنه قول األَعشى‪ :‬ف َظ َّلت َلدَ يِم يف ِخ ِ‬
‫باء ُم َر َّو ِق‪.‬‬ ‫ْ هْ‬ ‫ُ َ َّ‬ ‫ّ‬
‫البوريني‪ ،‬تراجم األعيان‪ ،74-73 :2 ،‬وللحصول عىل إملاعة مستقلةّ‬ ‫ّ‬ ‫(((   احلسن‬
‫الروض العاطر‪.30 ،‬‬ ‫ّ ّ‬‫‪،‬‬ ‫األنصاري‬ ‫وب‬ ‫ي‬
‫ّ‬ ‫أ‬ ‫بن‬ ‫موسى‬ ‫انظر‬ ‫احلادثة‪،‬‬ ‫هذه‬ ‫إىل‬ ‫أخرى‬
‫‪93‬‬ ‫واملرضى‬‫َ‬ ‫لواط ُّي َ‬
‫ون‬ ‫األو ُل‪ِّ :‬ال ِ‬ ‫ال َف ْص ُل َّ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫واحلكم فيها‪.‬‬
‫َ‬ ‫تفسري احلاد َث ِة‬
‫َ‬ ‫حتدِّ ُد‬

‫الذي وض َع ُه عبدُ الغنِ ِّي‬ ‫تفسري األحال ِم ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫كتاب‬ ‫وفق ما جا َء يف‬ ‫وعىل ِ‬
‫االجتامع َّي ِة‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫املكانة‬ ‫أن نظري ًا له أو أدنَى منه يف‬ ‫شخص َّ‬ ‫ٌ‬ ‫حلم‬
‫النَّابل ُّ ‪ ،‬إذا َ‬
‫سيِ‬
‫نذير شؤ ٍم‪ ،‬أ َّما‬ ‫فهو ُ‬ ‫يفعل به يف الدُّ ِبر َ‬ ‫عبد ِه) ُ‬ ‫غر أو ِ‬ ‫األص ِ‬ ‫ِ‬
‫(مثل غريمه أو أخيه ْ‬
‫ِِ‬ ‫َ‬
‫لطان أو ِ‬ ‫(مثل الس ِ‬ ‫ِ ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ ِ‬
‫األب)‬ ‫املخرت ُق م ْن منز َلة اجتامع َّية أعىل َ ُّ‬ ‫الفاعل ‪/‬‬ ‫ُ‬ ‫إذا َ‬
‫كان‬
‫ِ‬
‫اإليالج‬ ‫ِ‬
‫االخرتاق ‪/‬‬ ‫مه َّي َة‬ ‫األمر كام لو َّ‬ ‫فأل حس ٌن ُم َب َار ٌك‪ )3(.‬ويبدُ و‬ ‫فهو ٌ‬
‫أن أ ِّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫يشعر‬ ‫ِ‬
‫اإلذالل الذي‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫القضيبِ ِّي االستقطابِ َّية والعدوان َّية نتيج ًة لذل َك‪ ،‬وه َي‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫أدائ ِه َ‬
‫به الفرد جراء ِ‬
‫وجرى‬ ‫السلبِ ِّي ‪ /‬املفعول به؛ قد ُل ِّط َف ْت َ‬ ‫عمل ال َّطرف َّ‬ ‫ُ َّ َ‬
‫ُ‬ ‫ٍ‬ ‫َّخفيف ِم ْن ِ‬
‫شخص ًا متدنيِّ َ‬ ‫َ‬ ‫رت ُق‬ ‫املفعول به ‪ /‬ا ُملخ َ‬ ‫يكون فيه‬ ‫ُ‬ ‫أثرها يف موقف‬ ‫ُ‬ ‫الت‬
‫تتساوى فيها‬ ‫َ‬ ‫احلاالت التِي‬
‫ِ‬ ‫َّشديد عليها يف‬ ‫ِ‬ ‫توكيدها والت‬ ‫ِ‬ ‫َ‬
‫مقابل‬ ‫املرت َب ِة سلف ًا‬
‫املفعول به ‪/‬‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫يشغل‬ ‫املكانة أو حينَام‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫جلهة‬ ‫ِ‬
‫العالقة‬ ‫ِ‬
‫املشرت َك ُة يف‬ ‫األطراف‬
‫ُ‬
‫خرت ِق‪.‬‬
‫الفاعل ‪ /‬ا ُمل ِ‬
‫ِ‬ ‫اجتامع َّي ًة أعىل ِم َن‬
‫ِ‬ ‫رت ُق مكان ًة‬ ‫ا ُملخ َ‬
‫جمهو َل ِة‬ ‫ِ ِ‬
‫ص اهلزل َّية ُ‬ ‫القص ِ‬ ‫ٍ ِ‬
‫جممو َعة م َن َ‬ ‫األمر يف ُ‬ ‫َ‬ ‫توض ُح هذا‬ ‫قص ٌة ِّ‬‫وثم َة َّ‬
‫َّ‬
‫الش ُ‬
‫يطان‬ ‫(ظهر َّ‬ ‫ابع عشرَ َ ‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ف‪ُ ،‬يظ ّن َّ‬ ‫املؤ ِّل ِ‬
‫َ‬ ‫الس َ‬
‫تاريخ تأليفها يعو ُد إىل القرن َّ‬ ‫أن‬
‫نال مرا َد ُه‪ ،‬حتَّى‬ ‫أن َ‬ ‫ليضل لِواطِ َّي ًا تائب ًا‪ ،‬وما ْ‬ ‫َّ‬ ‫مليح هبِي ال َّط ِ‬
‫لعة‬ ‫بصورة غال ٍم ٍ ِّ‬
‫ِ‬
‫ُ‬
‫وكشف عن هويتِهِ‬ ‫َ‬ ‫ٍ‬
‫بعني واحدَ ة ‪-‬‬ ‫قبيح ٍ‬ ‫رجل ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫عا َد إىل هيئته ‪ -‬يف ُصورة‬
‫َ َّ‬
‫انظر إىل قضيبِي يف‬ ‫ِ‬ ‫املحز ُ‬ ‫ِ‬
‫قال ا ِّللواط ُّي‬ ‫احلقيق َّي ِة‪ ،‬حينَها َ‬
‫ِ‬
‫الرجاء‪ْ :‬‬ ‫ب َّ‬ ‫ون مخُ َّي ُ‬ ‫ُ‬
‫ال َث َّب َت‬‫أضح ْت فِ ْع ً‬
‫َ‬ ‫كان ممُ َار َس ًة لِواطِ َّي ًة مع غال ٍم‬
‫أن ما َ‬ ‫دبر َك)‪ )4(.‬ويبينَّ ُ هذا َّ‬ ‫ِ‬

‫ّابليس‪ ،‬تعطري األنام يف تفسري األحالم‪( 210 :2 ،‬لواط)‪238-236 ،‬‬ ‫الغني الن ّ‬
‫ّ‬ ‫(((   عبد‬
‫ّابليس مع تفسريات مفسرّ األحالم‬
‫ّ‬ ‫ن‬ ‫ال‬ ‫تفسريات‬ ‫قارن‬ ‫(نكاح)‪.‬‬ ‫‪294‬‬ ‫(جمامعة)‪،‬‬
‫ٍ‬
‫بنحو مدهش التي ح ّللها‬ ‫امليالدي) املشاهبة هلا‬
‫ّ‬ ‫اليوناين ارمتيدروس (القرن ال ّثاين‬
‫ّ‬
‫الرغبة‪ .44-17 ،‬ولالستزادة‬‫ّ‬ ‫قيود‬ ‫ونكلر‪،‬‬ ‫‪36-4‬؛‬ ‫فوكو يف تاريخ اجلنسان ّية‪:3 ،‬‬
‫والسلطة يف أدب‬
‫عن املوضوع‪ ،‬انظر اوبرهلامن‪« ،‬تراتبيات اجلنوسة واأليديولوجيا ّ‬
‫يب يف القرون الوسطى»‪.‬‬ ‫اليوناين والعر ّ‬
‫ّ‬ ‫األحالم‬
‫(((   نزهة األدباء وصلوات القرباء‪ ،‬خمطوطة ‪ ،I‬صفحة ‪95‬أ‪ ،‬خمطوطة ‪ ،II‬صفحة‬
‫‪208‬أ‪ -‬ب‪.‬‬
‫اإل ْسال ِم ِّي‬ ‫ال ال َع َر ِب ِّي ِ‬ ‫جل ْن ِس َّي ِة يِف ال َع مَ ِ‬ ‫َما َق ْب َل امل ِْثلِ َّي ِة ا ِ‬ ‫‪94‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫الفاعل ِ‬
‫ِ‬ ‫أدائ ِه َ‬
‫يطان عرب ِ‬ ‫َّائب بوساطتِ ِه َّ‬ ‫ِ‬
‫َ‬
‫اخرتق‬ ‫الذي‬ ‫عمل‬ ‫الش َ َ‬ ‫ا ِّللواط ُّي الت ُ‬
‫ِ ِِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ثم‪َ ،‬‬
‫كان ما‬ ‫سوى َّ‬
‫الشيطان ذاته‪ ،‬وم ْن َّ‬ ‫املفعول به الذي مل ْ يك ْن َ‬ ‫بقضيبِه َ‬
‫دبر‬
‫ِ‬
‫بالفخر!!‪.‬‬ ‫للش ِ‬
‫عور‬ ‫قا َم به ا ِّللواطِ ُّي مدعا ًة ُّ‬

‫السلبِ َّي ِة‬ ‫متيل إىل َّ‬


‫ِ‬
‫املفعول به ُ‬ ‫املواقف نحو ال َّط ِ‬
‫رف‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫الرغ ِم ِم ْن َّ‬
‫أن‬ ‫وعىل ُّ‬
‫أكثر تأرجح ًا والتباس ًا‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫أن تقييم ال َّط ِ‬ ‫لبس فيه‪ ،‬إلاَّ َّ‬ ‫ٍ‬
‫الفاعل يبدُ و َ‬ ‫رف‬ ‫َ‬ ‫بنحو ال َ‬
‫مثال الفحو َل ِة‪...‬‬ ‫منظور ِ‬‫ِ‬ ‫اجلنس َّي ِة ِم ْن‬
‫ِ‬ ‫املخرت ُق يف املجابهَ َ ِة‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬
‫الفاعل ‪/‬‬ ‫يربز‬
‫إذ ُ‬
‫خص َّي ُة‬ ‫الش ِ‬ ‫غبار عليه‪ ،‬هذا ْ‬ ‫ِِ‬
‫تتعز ْز ُصور ُت ُه َّ‬ ‫إن مل ْ َّ‬ ‫مصان ًا ال َ‬ ‫يربز حمتفظ ًا برشفه َ‬ ‫ُ‬
‫األخالقية‪ِ،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫املجتم ِع الدِّ ين َّية ‪/‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الفعل! أ َّما م ْن منظور االمتثال ألعراف‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫هبذا‬
‫َّ‬ ‫َ‬
‫مص ُري ُه املتو َّق ُع‪.‬‬‫فإن اخلزي والعار هو ِ‬ ‫َّ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫َني‬‫ين وهات ِ‬ ‫املنظور ِ‬‫َ‬ ‫ِ‬
‫هذين‬ ‫بني‬
‫َّطابق َ‬ ‫حال ِم َن الت ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫إجياد‬ ‫إن حماو َل َة‬ ‫َّ‬
‫الصارخِ بين َُهام‪،‬‬ ‫ضوء الت ِ‬ ‫ِ‬ ‫َني املحدَّ َدت ِ‬ ‫َني االجتامع َّيت ِ‬ ‫املجموعت ِ‬
‫َّباين َّ‬ ‫َني يف‬
‫أن يستعم ُلوا لغ َة‬ ‫الفقهاء ـ كام حل ْظنا ـ ْ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫بقدرة‬ ‫تبدُ و حماو َل ًة ُمض ِّل َل ًة متام ًا‪ .‬إذ‬
‫ِ‬
‫تشديد ِهم‬ ‫مقابل‬ ‫َ‬ ‫ِ‬
‫واجلموح‬ ‫ِ‬
‫اجلرأة‬ ‫يدل عىل‬ ‫بأسلوب ُّ‬ ‫ٍ‬ ‫الفحو َل ِة العدوانِ َّي ِة‬
‫َّاس؛ ويعتمدُ‬ ‫األخالق ِّي لعوا ِّم الن ِ‬ ‫ِ‬ ‫االعتبارات الدِّ ينِ َّي ِة يف حال التَّقيي ِم‬ ‫ِ‬ ‫عىل‬
‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫خص ِ‬
‫ائص ِّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫أكثر‬ ‫كل حال أو حاد َثة َ‬ ‫خيتار املق ِّي ُم تبنِّ َي ُه عىل َ‬ ‫ُ‬ ‫املنظور الذي‬ ‫نوع‬
‫ُ‬
‫جيري‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫منه عىل خلف َّية املق َّي ِم االجتامع َّية‪ ،‬وال تتَّص ُل األحكا ُم األخالق َّي ُة كام ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫واضح ٍة م َّت َف ٍق عليها؛ بل إنهَّ ا ‪ -‬أي‬ ‫َ‬ ‫اد َئ‬‫َّطبيق اآلليِ َملب ِ‬
‫ِّ َ‬ ‫العادة بالت ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الفرض يف‬
‫ومثري أحيان ًا‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫انتقائ ٍّي‬ ‫ٍ‬
‫توظيف‬ ‫أنموذج ٍّي غالب ًا عىل‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫بنحو‬ ‫تنطوي‬ ‫األحكا ُم ‪ِ -‬‬
‫ٍ‬
‫بنحو عا ٍّم‬ ‫وأمثال مق ُبو َل ٍة‬ ‫ٍ‬ ‫وح َك ٍم‬ ‫اد َئ ِ‬ ‫حقائق ومب ِ‬
‫َ ََ‬ ‫ملجمو َع ِة‬ ‫للجدل واخلالف ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫االجتامع َّي ُة بنا ًء عىل‬ ‫ِ‬ ‫ائح‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫و ُمدمجَ َ ٍة‬
‫سائب عادةً؛ يتبنَّاها األفرا ُد والشرَّ ُ‬ ‫بنحو‬
‫قائم ٍة‬
‫وضع َ‬ ‫ُ‬ ‫إحصاؤها أو‬ ‫يتعذ ُر َ‬ ‫ياق َّي ِة التِي َّ‬ ‫العوامل الس ِ‬
‫ِ ِّ‬ ‫متنو َع ٍة ِم َن‬ ‫ٍ‬
‫جممو َعة ِّ‬ ‫ُ‬
‫ٍ‬
‫الفعل الواحدُ عىل تقييامت خمتل َفة ضم َن‬ ‫ٍ‬ ‫ُ‬ ‫حيص َل‬ ‫وحيدث أحيان ًا ْ‬ ‫ُ‬ ‫هبا‪.‬‬
‫أن َ‬ ‫(‪)1‬‬

‫((( يؤ ّلف ما ذكر للت ّّو إحدى املسائل األساس ّية يف كتاب بيري بورديو‪ ،‬منطق ا ُمل َ‬
‫امر َسة؛‬
‫انظر «االستعامالت االجتامع ّية للقرابة»‪ 199-162 ،‬عىل وجه اخلصوص‪.‬‬
‫‪95‬‬ ‫واملرضى‬‫َ‬ ‫لواط ُّي َ‬
‫ون‬ ‫األو ُل‪ِّ :‬ال ِ‬ ‫ال َف ْص ُل َّ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫عوامل؛‬ ‫َ‬ ‫الفرعي ِة الواحدَ ِة) وذلِ َك بناء عىل ِ‬


‫مجلة‬ ‫ِ‬ ‫قافة الواحدَ ِة (أو ال َّث ِ‬
‫قافة‬ ‫ال َّث ِ‬
‫ً‬ ‫َّ‬
‫خرب عا ٍّم‪ ،‬وطري َق ُة‬ ‫الفعل إىل ٍ‬ ‫ِ‬ ‫حتو ِل‬ ‫خص ِ‬ ‫ِ‬
‫يلحظ طري َق َة ُّ‬ ‫ُ‬ ‫الذي‬ ‫الح َّ‬
‫الش‬ ‫مص ُ‬ ‫منها َ‬
‫وز ْه ٍو؟؛ وكذلِ َك هو َّي ُة‬ ‫وحذر‪ ،‬أم ٍ‬ ‫الفعل‪ ،‬هل ِه َي بتك ُّت ٍم‬ ‫ِ‬
‫الفاعل‪،‬‬‫ِ‬ ‫بتباه َ‬ ‫ٍ ْ‬ ‫ِ‬ ‫أداء‬
‫وف أ ْم‬ ‫عر ٌ‬ ‫غريم‪ ،‬فقي ٌه َم ُ‬ ‫ٌ‬ ‫ديق أ ْم‬ ‫كبري ُه‪َ ،‬ص ٌ‬ ‫الس ِّن أ ْم ُ‬ ‫غري ِّ‬‫ذكر أ ْم أن َثى‪َ ،‬ص ُ‬ ‫هل هو ٌ‬
‫نيِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ لمِ‬ ‫جندي ِ‬ ‫ِ‬
‫وغريها‪ .‬وبكلامت عا ِ األنثروبولوجيا االجتامع َّية الربيطا ِّ‬ ‫ُ‬ ‫عاد ٌّي؛‬ ‫ٌّ‬
‫يقول‪:‬‬ ‫حيث ُ‬ ‫(جوليان ﭙت ـ رڤرز ـ ‪2001-1919( )J. Pitt-Rivers‬م) ُ‬
‫املتجر َد ِة التِي‬ ‫ِّ‬
‫قط ِمن جممو َع ٍة متجانس ٍة ِمن ا َملب ِ‬
‫اد ِئ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫ف نظا ُم القي ِم ُّ ْ‬ ‫(ال يتأ َّل ُ‬
‫يتعذر استخالص ِ‬ ‫ِ‬ ‫ثقافة حمدَّ َد ٍة‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫يمتَثِ ُل هلا املشارك َ‬
‫هذه‬ ‫ُ‬ ‫وباملثل‪ُ َّ ،‬‬ ‫ُون مجيع ًا يف‬ ‫ْ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫جييب عنها؛‬ ‫ُ‬ ‫جممو َعة األسئلة الفرض َّية التي‬ ‫ا َمل َبادئ م َن األخبار ِّي بمساعدَ ة ُ‬
‫ترتبط فيام بينَها وتو ِّظ ُفها‬ ‫ُ‬ ‫ومات التِي‬ ‫ِ‬ ‫جممو َع ٍة ِم َن ا َمل ْف ُه‬ ‫ف م ْن ُ‬
‫هذا النِّظام مؤ َّل ٌ ِ‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫واجلنس‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ب الفئة العمر َّية‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫بحس ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫ائح االجتامع َّي ُة املختل َف ُة بنحو‬‫ِ‬
‫متباين ْ‬ ‫الشرَّ ُ‬
‫االجتامع َّي ِة املختل َف ِة التِي‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ياقات‬ ‫الس‬
‫آخر ما يف ِّ‬ ‫الوظيف ِّي؛ إىل ِ‬ ‫ِ‬ ‫بقة‪ ،‬واملوق ِع‬ ‫وال َّط ِ‬
‫(‪)1‬‬
‫اد ُئ معانِ َيها)‪.‬‬ ‫هذه ا َملب ِ‬
‫َ‬
‫تكتسب فيها ِ‬
‫ُ‬
‫رب األجيا ِل َّي ِة‬ ‫اجلنس َّي ُة ع ُ‬
‫ِ‬ ‫ املثلِ َّي ُة‬
‫ِ‬
‫وتارخي َّي ًا‪،‬‬ ‫البيولوج ِّي جغرافِ َّي ًا‬
‫ِ‬ ‫مه َّي ِة املنسو َب ِة للنَّو ِع‬ ‫ِ‬ ‫ال ُي ُّ‬
‫تباين األ ِّ‬ ‫شك يف‬
‫ثقافات‬ ‫ٍ‬ ‫خنثو َّي ًة إىل حدٍّ ما‪ ،‬تتبنَّى‬ ‫ِ‬ ‫قافات بكونهِ ا‬ ‫ِ‬ ‫بعض ِم َن ال َّث‬ ‫فبينَام تتم َّي ُز ٌ‬
‫ِ‬
‫األحيان‬ ‫بعض ِم َن‬ ‫ٍ‬ ‫تص ُل يف‬‫للغاية قد ِ‬ ‫ِ‬ ‫متطو َر ًة‬‫ِّ‬
‫ِ‬
‫جنوس َّي ًة‬ ‫أخرى أدوار ًا‬ ‫َ‬
‫نحو تقيي ِم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫سيِ‬ ‫ِ‬
‫العمو ِم َ‬ ‫حدَّ (االستقطاب اجلنو ِّ ) بمعنَى نزوعها عىل وجه ُ‬
‫احلياء يف النِّساءِ‬ ‫ِ‬ ‫اجلنسينْ ِ ‪َ ،‬‬
‫مثل‬ ‫ومتعار َض ٍة يف‬
‫ِ‬ ‫شخص َّي ٍة حمدَّ َد ٍة‬ ‫ِ‬ ‫ائص‬
‫َ‬ ‫خص َ‬ ‫َ‬
‫البيان انتامء الشرَّ ِق العربيِ ِّ العثامنيِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الرجال‪ .‬وغن ٌّي عن‬ ‫ِ‬ ‫واالعتداد بالن ِ‬‫ِ‬
‫ِّ‬ ‫ُ‬ ‫َّفس يف َّ‬
‫ٍ‬ ‫جلهة تبن ِِّيه مبدأ‬ ‫ِ‬ ‫األخري ِة‬ ‫ِ‬
‫حدود‬ ‫اجلنسينْ ِ ع َ‬
‫رب‬ ‫َ‬ ‫الفص ِل َ‬
‫بني‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫الفئة‬ ‫ِ‬
‫املبكر إىل‬

‫  جي ﭙت ‪ -‬رڤرز‪( ،‬مصري شكيم‪ ،‬أو سياسات اجلنس‪ :‬مقاالت يف أنثروبولوجيا‬ ‫((( َ‬
‫املتوسط)‪( .16 ،‬شكيم أو سكم هو االسم القديم ملدينة نابلس أو‬ ‫ّ‬ ‫البحر‬ ‫منطقة‬
‫أسسها الكنعان ّيون يف‬ ‫ملدينة كانت تقع يف ال ّطرف الشرّ ّ‬
‫قي ملدينة نابلس احلال ّية‪ّ ،‬‬
‫األلف ّية ال ّثالثة قبل امليالد‪ .‬وتعني كلمة شكيم املنكب أو األرض املرتفعة‪( .‬املرتمجة)‪.‬‬
‫اإل ْسال ِم ِّي‬ ‫ال ال َع َر ِب ِّي ِ‬ ‫جل ْن ِس َّي ِة يِف ال َع مَ ِ‬ ‫َما َق ْب َل امل ِْثلِ َّي ِة ا ِ‬ ‫‪96‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫سياقات حمدَّ َد ٍة‪ ،‬و ُيتو َّق ُع‬ ‫ٍ‬ ‫بتداخلها إلاَّ يف‬ ‫ِ‬ ‫سمح رشع ًا‬ ‫حية ال ُي ُ‬
‫ٍ‬
‫واضحة وصرَ َ‬
‫ٍ‬
‫َ‬
‫صيِ‬
‫املشار َك ُة يف عاملٍ يق املرأ َة‬ ‫ب‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الر ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫فحس ُ‬ ‫ْ‬ ‫بفضل نوعه البيولوج ِّي‬ ‫جل‬ ‫م َن َّ‬
‫جال أو‬ ‫الر ُ‬ ‫امليدان العام ِ‬ ‫ُ‬ ‫حيث املبدأ‪ ،‬وهذا العالمَ ُ هو‬ ‫ُ‬ ‫ِم ْن‬
‫يتنافس فيه ِّ‬ ‫ُ‬ ‫الذي‬ ‫ُّ‬
‫ِ‬
‫واجلاه‪.‬‬ ‫واملكانة والس ِ‬
‫لطة‬ ‫ِ‬ ‫ُون سعي ًا وراء ِ‬
‫املال‬ ‫يتعاون َ‬
‫ُّ‬ ‫َ‬
‫بوص ِف ِه‬ ‫جل ْ‬ ‫الر ِ‬ ‫نجاح َّ‬ ‫ِ‬ ‫دليل دام ٍغ عىل‬ ‫َّجاح يف هذا العالمَ ِ ُيعدُّ بمنز َل ِة ٍ‬ ‫إن الن َ‬ ‫َّ‬
‫االرتباط بالفحولِيةِ‬ ‫ُ‬ ‫ثم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ذكر ًا قادر ًا عىل تلبية متط َّلبات ُّ‬ ‫ِ‬
‫َّ‬ ‫كورة‪ ،‬وم ْن َّ‬ ‫الذ َ‬
‫رمز َّي ًا ـ‬ ‫وبنحو تقليد ٍّي متو َّقعٍ‪ ،‬تُعدُّ اهلزيم ُة ـ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫مز ِّي‪،‬‬ ‫الر ِ‬ ‫والرجو َل َّي ِة يف‬
‫املستوى َّ‬ ‫َ‬ ‫ُّ‬
‫ِ (‪)1‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫لإلخصاء‬‫َ‬ ‫الذكر َّية؛ وتبع ًا لذل َك مكاف َئ ًة‬ ‫مكاف َئ ًة للتَّشكيك باهلو َّية اجلنوس َّية َّ‬

‫َّعبري عن‬ ‫اجلنس َّي ِة للت ِ‬ ‫ِ‬ ‫والص ِ‬


‫ور‬ ‫ُّ‬
‫ِ‬
‫َّلميحات‬ ‫شيوع الت‬ ‫َ‬ ‫األمر‬
‫ُ‬ ‫وقدْ يفسرِّ ُ هذا‬
‫(حممدُ ماميه)‬ ‫اعر‬ ‫جال‪َّ ،‬‬ ‫بني الر ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫واخلالفات ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َّ‬ ‫فالش ُ‬ ‫غري اجلنس َّية َ ِّ‬ ‫ومات‬ ‫اخلص‬ ‫ُ‬
‫صرِ‬
‫وجر َد ُه‬ ‫(أمر اهللِ) وجع َل ُه مفعوالً به‪َّ ،‬‬ ‫خص َم ُه املهزو َم َ‬ ‫“اخرتق” ْ‬ ‫َ‬ ‫(املنت ُ )‬
‫رمز َّي ًا ـ‬ ‫جل ـ ِ‬ ‫الر ِ‬ ‫ُ‬ ‫ٍ‬ ‫وحو َل ُه إىل‬ ‫(الذ ِ‬ ‫نوع ِه اجلنسيِ ِّ َّ‬ ‫ِمن ِ‬
‫رشف َّ‬ ‫ُ‬ ‫يقرتن‬ ‫امرأة‪ .‬كام‬ ‫كر) َّ‬ ‫ْ‬
‫يرتبطان بضعفِ‬ ‫ِ‬ ‫لذينِ‬ ‫ِ‬
‫اخلزي والعار ا َّل َ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬
‫مقابل‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫كورة البيولوج َّية‬ ‫ِ‬ ‫بظهورات ُّ‬ ‫ِ‬
‫الذ َ‬
‫الذي أ َّل َف ُه (عبدُ‬ ‫تفسري األحال ِم ِ‬ ‫ِ‬ ‫لكتاب‬ ‫ِ‬ ‫فقدها‪ .‬ووفق ًا‬ ‫هورات أو ِ‬ ‫ِ‬ ‫هذه ال ُّظ‬ ‫ِ‬
‫َني)‬ ‫(اخلصيت ِ‬ ‫ْ‬ ‫ني‬‫القضيب أو األنث َي ِ‬ ‫ِ‬ ‫الزياد َة يف حج ِم‬ ‫فإن ِّ‬ ‫الغني النَّابلسيِ ُّ ) َّ‬ ‫ِّ‬
‫والعكس‬ ‫سينال رشف ًا وسمع ًة وماالً وفري ًا‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫خص‬ ‫أن َّ‬ ‫يف احلل ِم تعني َّ‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫الش َ‬
‫ِ (‪)2‬‬
‫الفقر واإلذالل‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫حجمهام عىل‬ ‫ِ‬ ‫غر يف‬ ‫حيح‪ ،‬إذ ُّ‬ ‫ِ‬
‫الص ُ‬ ‫يدل ِّ‬ ‫ص ٌ‬
‫ِ‬ ‫اجلنس َّي ُة يف العالمَ ِ‬ ‫ِ‬ ‫مز َّي ُة‬ ‫الر ِ‬ ‫ِ‬
‫“االجتامع ِّي‬ ‫وتأسيس ًا عىل ذل َك‪ ،‬مل ْ تك ْن َّ‬

‫املتوسط ّية‬
‫ّ‬ ‫(((   ڠلمور‪« ،‬العار‪ :‬مقدّ مة»‪( 11-10 ،‬كان ڠلمور يتحدّ ث عن ال ّثقافة‬
‫املعارصة بعا ّمة)‪.‬‬
‫ّابليس‪ ،‬تعطري األنام‪( 227-223 :1 ،‬ذكر إنسان)‪(19 ،‬أنثيان)‪( 192 ،‬خيص)؛‬ ‫(((   الن ّ‬
‫املناوي‪ ،‬الفيوض اإلهل ّية برشح األلف ّية الورد ّية‪ ،‬صفحة ‪68‬ب‪-69‬أ‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ؤوف‬ ‫الر‬
‫عبد ّ‬
‫املتوسط احلال ّية‪ ،‬انظر ﭙت ‪ -‬رڤرز‪ ،‬مصري‬
‫ّ‬ ‫لال ّطالع عىل تعليق مماثل عن منطقة البحر‬
‫شكيم‪.22 ،‬‬
‫‪97‬‬ ‫واملرضى‬‫َ‬ ‫لواط ُّي َ‬
‫ون‬ ‫األو ُل‪ِّ :‬ال ِ‬ ‫ال َف ْص ُل َّ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ِ‬ ‫نيِ‬ ‫ِ‬ ‫ليِ‬


‫قط‪.‬‬ ‫طح ُّ‬ ‫الس ِ‬ ‫املبكر‪ ...‬مل ْ تك ْن بعيدَ ًة عن َّ‬ ‫املث ِّ ” يف الشرَّ ق العربيِ ِّ العثام ِّ‬
‫(‪)1‬‬

‫بني الر ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الرغ ِم ِم ْن ذلِ َك‪ ،‬يبدُ و واضح ًا َّ‬
‫جال‬ ‫أن العالق َة اجلنس َّي َة الفعل َّي َة َ ِّ‬ ‫وعىل ُّ‬
‫يرتبط‬‫ُ‬ ‫العرف العا ِّم‬ ‫ِ‬ ‫اخلروج عن‬ ‫ِ‬ ‫ذوذ أو‬ ‫الش ِ‬ ‫َت تُعدُّ نوع ًا ِم َن ُّ‬ ‫ني كان ْ‬ ‫ِ‬
‫البالغ َ‬
‫َت النَّظر ُة العا َّم ُة إىل‬ ‫باملرض (األَ َبن َِة) وكان ْ‬ ‫ِ‬ ‫اب) وإ َّما‬ ‫(االغتص ِ‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫بالعنف‬ ‫إ َّما‬
‫ِ‬ ‫نيِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫املبكر غالب ًا تقريب ًا نظر َة‬ ‫العالقة اجلنس َّية املثل َّية يف الشرَّ ق العربيِ ِّ العثام ِّ‬
‫أنموذج ٍّي) وغال ٌم‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫بنحو‬ ‫كر»‬ ‫رف َّ‬ ‫بالغ (هو ال َّط ُ‬ ‫رجل ٌ‬ ‫يشرتك فيها ُ‬ ‫ُ‬ ‫ٍ‬
‫«الذ ُ‬ ‫عالقة‬
‫األخري‬
‫َ‬ ‫ف‬‫أن ال َّط َر َ‬ ‫الرغ ِم ِم ْن َّ‬ ‫عمل األن َثى)‪ .‬وعىل ُّ‬ ‫مراهق (يؤ ِّدي َ‬ ‫ٌ‬ ‫أو َصبِ ٌّي‬
‫يات منها «األ ْم َر ُد» و «الغال ُم» أو‬ ‫وص يف عدَّ ٍة مسم ٍ‬ ‫يظهر يف الن ُُّص ِ‬ ‫الذي‬ ‫‪ِ -‬‬
‫َّ‬ ‫ُ‬
‫ث ـ َذك ٌَر ِم َن النَّاح َي ِة‬ ‫الس ِّن» أو احلدَ ُ‬ ‫غري ِّ‬ ‫اب َص ُ‬ ‫«الش ُ‬ ‫«الصبِ ُّي» أو «الفتَى» أو َّ‬ ‫َّ‬
‫االجتامعي ِة وال َّثقافِية؛ِ‬‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫البيولوج َّية‪ ،‬إلاَّ أ َّن ُه ال ُيعدُّ «رجلاَ كامالً» م َن النَّاحيتَني‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َّ‬ ‫َّ‬
‫وضوح ًا أي‬ ‫واألكثر ُ‬ ‫ُ‬ ‫األبرز‬
‫ُ‬ ‫كر َّي ِة‬‫الذ ِ‬ ‫اجلنس َّي ِة َّ‬ ‫ِ‬ ‫البيولوج َّي ِة‬
‫ِ‬ ‫ويعدُّ غياب الس ِ‬
‫مة‬ ‫ُ ِّ‬ ‫ُ‬
‫الذكر واألن َثى‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫بني َّ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫ا ِّللحي ُة رمز ًا لوجوده يف موق ٍع وسط َ‬ ‫ِ‬

‫ات املح ِّل َّي ُة [التِي كت َبها‬ ‫حالت األورو واألدبِي ِ‬


‫َّ‬ ‫بيِّ ُّ‬
‫ِ‬ ‫الر‬
‫أدب َّ‬ ‫ويكشف ُ‬ ‫ُ‬
‫مه َّي ِة ال َّثقافِ َّي ِة التِي تتمت َُّع هبا ا ِّللحي ُة و ‪ /‬أو‬ ‫ون] كالهمُ ا عن األ ِّ‬ ‫َّان املح ِّل ُّي َ‬
‫السك ُ‬‫ُّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫قسم به‬ ‫الذكور ِّي‪ ،‬وشيئ ًا ُي ُ‬ ‫حيث تُعدُّ رمز ًا للشرَّ ف ُّ‬ ‫الشاربان يف هذه املنط َقة‪ُ ،‬‬ ‫َّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وكان ُيتو َّق ُع ِم َن‬
‫لحى‪،‬‬ ‫أن يكونُوا حليقي ا ِّل َ‬ ‫العبيد ْ‬ ‫َ‬ ‫ان؛‬‫وي ُ‬ ‫شتم هُ‬ ‫خص أو ُي ُ‬ ‫الش ُ‬ ‫َّ‬
‫قياس َّي ٍة‬
‫«أرخى حلي َته» يف م العثامنِي ِة املبكر ِة بمنز َل ِة َطري َق ٍة ِ‬
‫َ‬ ‫َّ‬ ‫صرْ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َت عبار ُة‬ ‫وكان ْ‬
‫األعم‬
‫ِّ‬ ‫القصائدُ تُن َظ ُم يف‬
‫َ‬ ‫عبيد ِه‪ )2(.‬وكان ْ‬
‫َت‬ ‫ِ‬ ‫الس ِّي ِد أحدَ‬ ‫ِ‬
‫حترير َّ‬ ‫لإلبال ِغ عن‬

‫ِ‬
‫اجلنس ّية بني‬ ‫الرومانس ّية أو غري‬
‫ّجمعات إىل العالقات غري ّ‬ ‫(((   يشري هذا النّوع من الت ّ‬
‫الصداقة والتّوجيه واإلرشاد وغريها‪ ،‬وعكس هذه العالقة‬ ‫أفراد اجلنس الواحد مثل ّ‬
‫ِ‬
‫ّجمعات االجتامع ّية املغايرة التي ختلو فيها العالقات بني اجلنسني من ا ُمل َ‬
‫امر َسة‬ ‫ه َي الت ّ‬
‫اجلنس ّية‪ .‬وتعرف العالقة االجتامع ّية املثل ّية ‪ -‬بحسب جني لبامن بلومن أنهَّ ا تفضيل‬
‫لألفراد من اجلنس ذاته‪ ،‬وهذا التّفضيل يكون اجتامع ّيا أكثر منه جنس ّيا‪( .‬املرتمجة)‪.‬‬
‫اجلربيت (عجائب اآلثار يف الترّ اجم واألخبار)‪111 ،100 :1 ،‬؛ انظر‬ ‫ّ‬ ‫(((   عبد الرمحن‬
‫كذلك لني‪ ،‬وصف سلوكات املرص ّيني احلديثني وتقاليدهم‪( 561 ،37 ،‬عدد ‪)4‬؛‬
‫وڤولني‪ ،‬رحالت عرب سور ّيا ومرص‪.118 :1 ،‬‬
‫اإل ْسال ِم ِّي‬ ‫ال ال َع َر ِب ِّي ِ‬ ‫جل ْن ِس َّي ِة يِف ال َع مَ ِ‬ ‫َما َق ْب َل امل ِْثلِ َّي ِة ا ِ‬ ‫‪98‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫شعر‬ ‫حيث ُيعدُّ‬ ‫ُ‬ ‫اب‪،‬‬ ‫لحية يف خدَّ َي َّ‬ ‫شعر ا ِّل ِ‬ ‫بظهور ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫الش ِّ‬ ‫لالحتفال‬ ‫األغلب‬
‫ينتمي هلا الفرد يف أدبِي ِ‬ ‫العمري ِة التِي ِ‬ ‫ِ‬ ‫ا ِّل ِ‬
‫ات الترَّ اج ِم‪،‬‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫ِ َّ‬ ‫الفئة‬ ‫لحية عالم ًة عىل‬
‫الساب َع ِة‬
‫عمر اإلدراك ‪ -‬يف س ِّن َّ‬
‫ِ‬ ‫َّمييز (أو ِ‬ ‫املرحلة ال َّثال َث ِة بعدَ س ِّن الت ِ‬ ‫ِ‬ ‫أو‬
‫كور َّي ِة‬
‫الذ ِ‬ ‫الشار َبينْ ِ والفحو َل ِة ُّ‬ ‫لحية أو َّ‬ ‫بني ا ِّل ِ‬ ‫ُ‬
‫االقرتان َ‬ ‫تقريب ًا) والبلوغِ‪ .‬و ُيعدُّ‬
‫ِ‬
‫تفسري‬ ‫ِ‬
‫للغاية يف‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ائص منط َق ِة‬ ‫خص ِ‬
‫املتوسط‪ ،‬وهذا جليٌِّ‬ ‫ِّ‬ ‫األبيض‬ ‫البحر‬ ‫إحدَ ى َ‬
‫فإن ر َأى أنهَّ ا‬ ‫وعز‪ْ ،‬‬ ‫جل غنِ ًى ٌّ‬ ‫للر ِ‬ ‫النَّابل ِّ ) لألحال ِم‪[( :‬ا ِّللحي ُة] يف املنا ِم َّ‬
‫سيِ‬
‫أن جوان َبها طا َل ْت‬ ‫وإن رأى َّ‬ ‫طا َل ْت‪ ،‬فإنَّه يستفيدُ ماالً وجاه ًا وعيش ًا ط ِّيب ًا‪ْ ،‬‬
‫فهو َد ْي ٌن‬
‫قدرها َ‬ ‫فوق ِ‬ ‫وإن طا َل ْت َ‬ ‫لغري ِه؛ ْ‬ ‫مال هي ِّي ُئ ُه ِ‬ ‫فيصي ُب ُه ٌ‬ ‫يطل وس ُطها ِ‬ ‫ومل ْ ْ‬
‫وغم)‪.‬‬ ‫وهم ٌّ‬‫يكون عىل َصاحبِها ٌّ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫اإلنسان [قضي ُب ُه] يف املنا ِم هو رش ُف ُه ومنز َل ُت ُه‬ ‫(ذكر‬
‫ُ‬ ‫ومقار َن ًة بذلِ َك‪ ،‬فـ‬
‫َ‬
‫ذكر ُه قد‬ ‫فيهام‪ ....‬و َم ْن رأى َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫والزيا َد ُة يف حجمه ه َي زياد ٌة ِ‬ ‫بني الن ِ‬
‫أن َ‬ ‫َّاس‪ِّ ،‬‬ ‫َ‬
‫وعز ُه عق ًام وضعف ًا وخنوع ًا وذ َّل ًة)‪.‬‬ ‫ِ‬
‫جاه ُه ُّ‬ ‫فرج امرأة‪ ،‬يص ُري ُ‬ ‫حتو َل َ‬
‫َّ‬
‫ِ‬ ‫بني ا ِّل ِ‬
‫والقض ِ‬
‫يب‪( :‬إذا ر َأ ْت‬ ‫لحية‬ ‫الر ِ‬
‫مز َّي َ‬ ‫املقطع اآلتيِ التَّكا ُف َؤ َّ‬
‫ُ‬ ‫ويبينِّ ُ‬
‫ترج ٌل‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫أن هلا قضيب ًا أو حلي ًة أو أنهَّ ا ترتدي‬
‫املرأ ُة يف املنا ِم َّ‬
‫فهو ُّ‬ ‫الرجال‪َ ،‬‬‫مالبس ِّ‬
‫َ‬
‫(‪)1‬‬
‫للز ِ‬
‫وج)‪.‬‬ ‫عص ٌ‬
‫يان َّ‬ ‫ٍ‬
‫حمذور أو ْ‬ ‫ارتكاب‬
‫ُ‬ ‫وقاح ٌة أو‬
‫َ‬ ‫أو‬
‫ّابليس‪ ،‬تعطري األنام‪( 208 206- :2 ،‬حلية)‪( 227-223 :1 ،‬ذكر‬ ‫الغني الن ّ‬
‫ّ‬ ‫(((   عبد‬
‫ّ‬
‫املناوي‪ ،‬الفيوض اإلهل ّية‪ ،‬صفحة ‪66‬ب (ال ّطول يف اللح ّية)‬ ‫ّ‬ ‫إنسان)‪ .‬انظر أيضا‬
‫للشاربني أو ا ّللحية‬ ‫الرمز ّية ّ‬‫ّّ ّ‬‫ة‬ ‫ي‬ ‫مه‬ ‫األ‬ ‫بخصوص‬ ‫ا‬ ‫م‬
‫ّ‬ ‫أ‬ ‫وطوله)‪.‬‬ ‫كر‬ ‫ّ‬
‫الذ‬ ‫وصفحة ‪( 68‬كرب‬
‫الذكورة ال ّثقاف ّية‪،‬‬
‫ݞملور‪،‬صناعةالرجولة‪ :‬مفهومات ّ‬ ‫ّ‬ ‫املتوسط‪ ،‬انظر‬
‫ّ‬ ‫يف منطقة البحر‬
‫امر َسة‪( 211 ،‬القبايل اجلزائر‪:‬‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫مل‬ ‫ا‬ ‫منطق‬ ‫وبورديو‪،‬‬ ‫واليونان)؛‬ ‫(إيطاليا‬ ‫‪47 ،31‬‬
‫ِ‬
‫بالقبايل ّية‪ :‬إقفايلني‪ ،‬بالدّ ارجة اجلزائر ّية‪ :‬لقبايل) ه َي جمموعة إثن ّية تستوطن منطقة‬
‫القبائل يف شامل اجلزائر‪ ،‬عىل بعد مئة ميل رشق اجلزائر العاصمة‪ .‬وهم يم ّثلون‬
‫السكّان النّاطقني بالرببر ّية ويتك ّلمون القبائل ّية‪( .‬املرتمجة)‪.‬‬ ‫النّسبة األكرب من ّ‬
‫لالستزادة عن تفسري ا ّللحية يف املنام‪ ،‬نذكر اآليت‪( :‬وإن طالت حتّى سقطت عىل‬
‫األرض مات صاحبها‪ .‬وقالوا‪ :‬فإن بلغت من طالت حليته وكثر شعرها زيد يف عمره‬
‫فهو رجل مراب‪ .‬وإن رأى شعر حليته أسود حالكا‬ ‫وماله‪ .‬وإن زادت عىل القبضة َ‬
‫لاّ‬
‫فإنّه يستغني‪ .‬وإن كان لونه أسود أو يقرب إىل اخلرضة فإنّه ينال ملكا إ أن يكون‬
‫فإن حلية فرعون كانت سوداء ترضب إىل اخلرضة‪ .‬وإن رأى لوﻬﻧا مائال‬ ‫طاغيا جائرا ّ‬
‫‪99‬‬ ‫واملرضى‬‫َ‬ ‫لواط ُّي َ‬
‫ون‬ ‫األو ُل‪ِّ :‬ال ِ‬ ‫ال َف ْص ُل َّ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الضمنِ ِّي َ‬ ‫ِ‬ ‫وتتلخص النَّتيج ُة ال َّط ِ‬
‫بيع َّي ُة هلذا‬
‫الوجه‬ ‫شعر‬ ‫بني‬ ‫االقرتان ِّ‬ ‫َّ ُ‬
‫ِ‬
‫املراهق‬ ‫كور ِة يف األن َثن َِة (‪ )feminization‬النِّسبِ َّي ِة للغال ِم أو‬ ‫والذ َ‬ ‫ِ‬
‫اخلشن ُّ‬
‫ِ‬ ‫غري مكتم َل ٍة‪ .‬و ُيعتقدُ عىل‬ ‫ِ‬
‫وجه‬ ‫َت رقي َق ًة َ‬ ‫الذي مل ْ تن ُب ْت حلي ُت ُه بعدُ ‪ ،‬أو كان ْ‬
‫ِ‬
‫املدن‬ ‫ِ‬
‫مراكز‬ ‫ِ‬
‫امليدان العا ِّم يف‬ ‫وجوه ُه َّن يف‬ ‫حجب الن ِ‬
‫ِّساء‬ ‫ِ‬ ‫أن حقيق َة‬ ‫العمو ِم يف َّ‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ودعم عمل َّي َة (األن َثنَة) هذه!‪.‬‬ ‫عز َز‬ ‫يف ِّ‬
‫األقل قد َّ‬
‫َ‬
‫أفضل‬ ‫َ‬ ‫الذ ِ‬
‫كور‬ ‫الس ِّن ِم َن ُّ‬ ‫غار ِّ‬ ‫ظاهر ُة (أن َثن َِة) ِص ِ‬ ‫َ‬ ‫تربز فيه‬ ‫ميدان ُ‬ ‫ٌ‬ ‫ثم َة‬‫وليس َّ‬ ‫َ‬
‫َّمط اجلنسيِ‬ ‫يميل إىل التَّقي ِد بالن ِ‬ ‫ِ‬
‫َّغزل ا ِّللواط ِّي الذي ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َّغزل بالغلامن أو الت ُّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِم َن الت ُّ‬
‫ِّ‬ ‫ُّ‬
‫جيات‬ ‫والز ُ‬ ‫ني ِّ‬ ‫اجلنس ِ‬ ‫الفص ُل َ‬
‫بني‬ ‫األنموذجي يف جمتم ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫يقف فيها ْ‬ ‫عات ال ُ‬ ‫َ‬ ‫ِّ‬ ‫املتغاير‬
‫ون‬‫ونساء ال يرتب ُط َ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫رجال‬ ‫بني‬ ‫الز ِ‬ ‫عالقات ما َ‬ ‫ِ‬ ‫املش ِّك َل ُة حائ ً‬
‫واج َ‬ ‫قبل َّ‬ ‫ال أما َم‬
‫مقابل ِ‬ ‫َ‬ ‫غاز ِل‬
‫عمل ا ُمل ِ‬ ‫العالقة َ‬ ‫ِ‬ ‫جل يف ِ‬ ‫الر ُ‬ ‫ِ ِ‬
‫اب أو‬ ‫الش ِّ‬ ‫أداء َّ‬ ‫هذه‬ ‫بص َلة د ٍم؛ يؤ ِّدي َّ‬
‫يقسم‬ ‫ٍ‬
‫مشدود‬ ‫األخري عىل ٍ‬
‫حبل‬ ‫رف‬ ‫‪،‬ويسري ال َّط ُ‬ ‫غاز ِل‬ ‫رف ا ُمل َ‬ ‫عمل ال َّط ِ‬ ‫املراهق َ‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫شكوى مأ ُلو َف ٌة‬ ‫(وه َي‬ ‫بني عدِّ ِه مغرور ًا ومتغطرس ًا ِ‬ ‫ني‪َ :‬‬ ‫ائص ُه إىل نو َع ِ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫خص َ‬ ‫َ‬
‫«سهل املنال»‪ .‬ويبدُ و‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫«رخيص ًا» و‬ ‫ِ‬
‫تلك احلقبة) وعدِّ ه‬ ‫ِ‬ ‫عر الغزليِ ِّ يف َ‬ ‫الش ِ‬ ‫يف ِّ‬
‫َ‬
‫املالك ِّي‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الفتح‬ ‫مشق ِّي أبيِ‬ ‫اعر الدِّ ِ‬ ‫الش ِ‬ ‫كان ُبغ َي َة َّ‬ ‫لامن َ‬ ‫الغ ِ‬ ‫أن النَّوع األخري ِمن ِ‬ ‫َّ‬
‫َ َ‬ ‫َ‬
‫ِ ِ (‪)1‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫تشويه سمعته‪.‬‬ ‫عليهم إىل‬ ‫( ُتوفيِّ َ سن َة ‪1568 / 1567‬م) وأ َّدى تر ُّد ُد ُه‬
‫اب ( ُتوفيِّ َ سن َة‬ ‫إسامعيل َّ‬ ‫ُ‬ ‫اعر املصرْ ِ ُّي‬ ‫حذ َر َّ‬ ‫(املالك ِّي) َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اخلش ُ‬ ‫الش ُ‬ ‫غرار‬ ‫وعىل‬
‫األمد‬‫ِ‬ ‫قص ِري‬ ‫َّابليونيِ ِ‬ ‫شاب أثنا َء احلك ِم الن ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫ُّ‬ ‫ناسخ ٍّ‬ ‫حب‬ ‫وقع يف ِّ‬ ‫‪1815‬م) الذي َ‬

‫أن يف يده حلية‬ ‫الصفرة فإنّه ينال فقرا وع ّلة‪ .‬وإن رآها شقراء ناله فزع‪ .‬وإن رأى ّ‬ ‫إىل ّ‬
‫جيرها فإنّه يرث ماله ويأكله‪ .‬وإن رأى غالما مل ْ يبلغ احللم ّ‬
‫أن له حلية‪ ،‬فإنّه‬ ‫رجل وهو ّ‬
‫يموت وال يبلغ احللم‪ .‬وإن رأى حليته ناقصة خفيفة وكان عليه دين فإنّه يقضيه وإن‬
‫أن نصف حليته ذهب فإنَّه يذهب بعض جاهه أو‬ ‫غمه‪ .‬وإن رأى ّ‬
‫كان مغموما ذهب ّ‬
‫وجز ما زاد عن‬‫ّ‬ ‫حليته‬ ‫عىل‬ ‫قبض‬ ‫ومن‬ ‫ماله‪.‬‬ ‫من‬ ‫فيقطع‬ ‫مقطوعة‬ ‫ماله‪ .‬وإن رأى حليته‬
‫فهو رجل يزكّي ماله‪ .‬ومن قطع حلية غريه‪ ،‬فإنَه زيادة يف ماله أو مال ابنه)‬ ‫القبضة َ‬
‫ّابليس‪ ،‬تعطري األنام‪ ،‬ص ‪( .)387‬املرتمجة)‪.‬‬‫ّ‬ ‫(املصدر الن‬
‫احلنبيل‪ ،‬درر احلبب يف تاريخ أعيان حلب‪145 :2 ،‬؛ نجم الدّ ين‬ ‫ّ‬ ‫(((   ريض الدّ ين بن‬
‫السائرة بأعيان امل ّيه العارشة‪.23 :3 ،‬‬
‫ّ‬ ‫الكواكب‬ ‫‪،‬‬ ‫ي‬
‫ّ‬ ‫الغز‬
‫ّ‬ ‫حممد‬
‫حممد بن ّ‬‫ّ‬
‫اإل ْسال ِم ِّي‬ ‫ال ال َع َر ِب ِّي ِ‬ ‫جل ْن ِس َّي ِة يِف ال َع مَ ِ‬ ‫َما َق ْب َل امل ِْثلِ َّي ِة ا ِ‬ ‫‪100‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫بمراهق ِم َن االستسال ِم لـ « ُم ْبت ََذ ٍل»‪.‬‬


‫(‪)1‬‬ ‫ٍ‬ ‫غرم‬‫حذ َر َصديق ًا له ُأ ِ‬ ‫يف مصرْ َ ‪َّ ...‬‬

‫هتمة خمج َل ٍة‬ ‫املنال” قد يتحو ُل إىل ٍ‬


‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬
‫“سهل‬ ‫اكتساب الغال ِم شهر َة أ َّن ُه‬ ‫َ‬ ‫َّ‬
‫إن‬
‫الس ِّن!‪ .‬وللت ِ‬ ‫ٍ‬
‫َّدليل عىل‬ ‫رب يف ِّ‬ ‫وأعداؤ ُه حينَام يك ُ‬
‫ُ‬ ‫وشائنَة يستغ ُّلها ُ‬
‫خصو ُم ُه‬
‫أمني الدِّ ِ‬ ‫الشاعر الدِّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫ين‬ ‫مشق ُّي ُ‬ ‫نظمها َّ ُ‬ ‫ذل َك‪ ،‬نور ُد هذه ال َقصيدَ َة املاجنَ َة التي َ‬
‫احل ُّي اهلالليِ ُّ ( ُتوفيِّ َ سن َة ‪1596‬م) عن غري ٍم له‪:‬‬ ‫حممدٌ الص ِ‬
‫َّ‬ ‫َّ‬
‫وأكــذب‬
‫ُ‬ ‫ٍ‬
‫ـــجاح‬ ‫و َم ْن هو أدنى ِم ْن َس‬ ‫خيوض بعرض َم ْن غدا عار ًا َ‬
‫دهر ُه‬ ‫يِ‬ ‫ُ‬

‫وطــار ْت به للخزي عنقا ُء ُم ْغ ِر ُب‬ ‫املجد وال ُعــــال‬ ‫ومن أقعدَ ْتـُه مهــ ُة ِ‬
‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َ ْ‬

‫َـــب‬ ‫عهداحلدا َث ِ‬
‫ـــةناقــ ًة‬ ‫كــانيف ِ‬ ‫َ‬
‫ُيقـــا ُدإلـىأر َدىاألنَـــامو ُيرك ُ‬ ‫و َمـ ْن‬
‫كانقص ِ‬
‫(*)‬
‫ـــب‬
‫أنس ُ‬ ‫ِ‬
‫القبائـح َ‬ ‫َ‬
‫إمجـــــال‬ ‫ولك َّن‬ ‫وصــــ َف ُه‬ ‫أن ُأبينِّ َ ْ‬
‫ـدي ْ‬ ‫وقـدْ َ ْ‬

‫الرحيانة‪.380:1 ،‬‬
‫[*] املح ّب ّي‪ ،‬خالصة األثر‪63-53 :4 ،‬؛ املح ّب ّي‪ ،‬نفحة ّ‬
‫لغوي‪ :‬سجاح‪ ،‬هي بنت احلارث بن سويد النّجد ّية التّميم ّية مدّ عية‬
‫ّ‬ ‫املقوم ا ّل‬
‫إضافة ّ‬
‫ّميمي‬
‫الصديق؛ وكان ممّن استجاب هلا وصدّ قها عطارد بن حاجب الت ّ‬
‫الن ّّبوة زمن أيب بكر ّ‬
‫القائل فيها‪:‬‬
‫وأصبــــــحت أنبياء النّاس ذكـــــرانا‬ ‫أمســـت نبيـــــّتنا أنثى نطيــف هبا‬

‫والعنقاء طائر خيا ّيل (غري واقعي) جاء ذكره يف ألف ليلة وليلة ويف عدد من األساطري‬
‫القديمة؛ ووصف عند العرب بأنّه واحد من املستحيالت ال ّثالثة‪:‬‬
‫وفـي ّ‬
‫للشـــــدائد أصطفي‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫خــــــــل‬ ‫ّملا رأيت بني ّ‬
‫الزمـــــان وما هبــــــم‬
‫الغــول والعنقـاء واخلــــــــل الوفـي‬ ‫فعلمـت ّ‬
‫أن املســــتحيل ثالثـــــــة‬

‫*****‬

‫قصة غرام ّ‬
‫اخلشاب بالنّاسخ‪ ،‬انظر املصدر‬ ‫  اجلربيت‪ ،‬عجائب اآلثار‪ .217 :2 ،‬وعن ّ‬
‫ّ‬ ‫(((‬
‫ذاته‪.241-238 :4 ،‬‬
‫‪101‬‬ ‫واملرضى‬‫َ‬ ‫لواط ُّي َ‬
‫ون‬ ‫األو ُل‪ِّ :‬ال ِ‬ ‫ال َف ْص ُل َّ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ائن‬ ‫الش ِ‬ ‫ستحس ِن ـ ور َّبام َّ‬ ‫َ‬ ‫غري ا ُمل‬ ‫أن ِم ْن ِ‬ ‫االعتقاد يف َّ‬ ‫ِ‬ ‫الرغ ِم ِم ْن شيو ِع‬ ‫وعىل ُّ‬
‫ثم َة‬ ‫وب به‪َّ ،‬‬ ‫رف املر ُغ ِ‬ ‫عمل ال َّط ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫يبد َي الغال ُم محاس ًا كبري ًا‬ ‫أن ِ‬ ‫ـ ْ‬
‫فإن َّ‬ ‫ألداء‬
‫غار الس ِّن اهتامم الر ِ‬ ‫الش ِ ِ‬ ‫الغ ِ‬ ‫استغالل ِ‬ ‫ِ‬ ‫مؤشرِّ ٍ‬
‫جال‬ ‫َ ِّ‬ ‫باب ص ِ ِّ‬ ‫لامن أو َّ‬ ‫تدل عىل‬ ‫ات ُّ‬
‫ني‬ ‫ِ‬ ‫لرغبات الر ِ‬ ‫ِ‬ ‫هؤالء َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ني هبِم‪ ،‬وبينَام‬ ‫ِ‬
‫البالغ َ‬ ‫جال‬ ‫ِّ‬ ‫باب‬
‫الش ُ‬ ‫يستسل ُم‬ ‫البالغ َ‬
‫هتديد لسمعتِ ِهم‪ ،‬إلاَّ أنهَّ ُم ال‬ ‫ٍ‬ ‫الرغ ِم ممَّا ينطوي عليه ذلِ َك ِم ْن‬ ‫اجلنس َّية عىل ُّ‬
‫ِ ِ‬
‫ون‬ ‫اق ِهم) يتع َّل ُق َ‬ ‫عش ِ‬ ‫عشيق ِهم (أو َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫جعل‬ ‫ِ‬
‫األحيان يف‬ ‫بعض ِم َن‬ ‫ٍ‬ ‫ون يف‬ ‫يرت َّد ُد َ‬
‫واآلخر‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫احلني‬ ‫منح ِهم ُق ْب َل ًة َ‬
‫بني‬ ‫ون بمقابلتِ ِهم أو ِ‬ ‫الواه َي ِة‪ ،‬فيق َب ُل َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫األمل‬ ‫ِ‬
‫بحبال‬
‫وحيدث‬ ‫ُ‬ ‫شخص َّي ٍة‪.‬‬‫ِ‬ ‫لح ٍة‬ ‫مص َ‬ ‫حتقيق ْ‬ ‫ِ‬ ‫َّنافس فيام بين َُهم ابتغا َء‬ ‫ِ‬ ‫أو يدف ُعونهَ ُم إىل الت‬
‫ون عىل محُ ِّب ِيهم‬ ‫ويستأسدُ َ‬ ‫ِ‬ ‫الغ ِ‬
‫لامن‬ ‫بعض ِمن ِ‬ ‫أن يط َغى ٌ‬ ‫ِ‬
‫األحيان ْ‬ ‫بعض ِم َن‬ ‫ٍ‬ ‫يف‬
‫َ‬
‫حب هبِم‪ ،‬أو يطل ُبوا‬ ‫ون التَّحدُّ َ‬ ‫فريفض َ‬ ‫ِ‬
‫واقصائدَ ٍّ‬ ‫ينظم َ‬ ‫معهم ما مل ْ ُ‬ ‫ث ُ‬ ‫ُ‬ ‫ني]‬ ‫[البالغ َ‬
‫خندق‬ ‫ٍ‬ ‫أنفس ِهم يف‬ ‫رمي ِ‬ ‫الر ُس ِغ أو ِ‬ ‫ِ‬ ‫منهم الربهنَ َة عىل ح ِّب ِهم عن‬
‫شق ُّ‬ ‫طريق ِّ‬ ‫ُ‬
‫ان‬ ‫الروم ُّي ( ُتوفيِّ َ سن َة ‪1736‬م) إ َّب َ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫وكان َّ‬ ‫َ‬ ‫مائ ٍّي‪.‬‬‫ِ‬
‫شعبان ُّ‬ ‫اعر اليمن ُّي‬ ‫الش ُ‬
‫(‪)1‬‬

‫َ‬
‫شعبان‬ ‫الوسيم عن‬ ‫ُ‬ ‫فامل هذا‬ ‫بإزائ ِه‪َ ،‬‬ ‫َّان ِ‬ ‫هيوى وسي ًام‪ ،‬وهلذا الوسي ِم دك ٌ‬ ‫صبا ُه َ‬
‫ِ‬
‫ِ‬
‫بإزاء‬ ‫َّان َ‬
‫آخ َر‬ ‫ورحل عن دكَّانِ ِه إىل دك ٍ‬ ‫َ‬ ‫األصفهانيِ ِّ ‪،‬‬ ‫ٍ‬
‫عرف بـ ْ‬ ‫آخر ُي ُ‬ ‫رجل َ‬ ‫إىل‬
‫ليِ‬ ‫ليِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫فعو َل احلنظ ُّ‬ ‫جمون‪َّ ،‬‬ ‫ٌ‬ ‫عرف باحلنظ ِّ‬ ‫آخ َر ُي ُ‬ ‫ورجل َ‬ ‫َ‬
‫شعبان‬ ‫بني‬
‫وكان َ‬ ‫َ‬ ‫األخري‪،‬‬
‫شعبان‪:‬‬ ‫َ‬ ‫فكتب عىل لسانِ ِه إىل‬ ‫الش ِ‬
‫عراء‬ ‫بعض ِم َن ُّ‬ ‫ٍ‬ ‫عىل‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫البنان‬ ‫رط��ب‬ ‫رف بل‬ ‫كحيل ال َّط ِ‬ ‫َ‬ ‫ــــعبان إنَّــــا قد رأ ْينــا‬ ‫ُ‬ ‫أيـــا َش‬
‫َ‬

‫باألصـفهان‬
‫ْ‬ ‫ُ‬
‫ويكحــل طر َفـــ ُه‬ ‫هياجر رب َعكُــــم كي ال يراكُـم‬
‫ُ‬

‫شعبان جواب ًا عليه‪:‬‬


‫ُ‬ ‫فكتب‬ ‫ُ‬
‫إسامعيل‬ ‫اسم ُه‬ ‫ليِ‬ ‫َ‬
‫َ‬ ‫وب ُ‬ ‫وكان للحنظ ِّ هذا حم ُب ٌ‬
‫عنك قد رحال‬ ‫َ‬ ‫حل ْس ِن‬ ‫َ‬
‫جيش ا ُ‬ ‫َّ‬
‫إن‬ ‫إلســــامعيل عنِّــــي خمبرِ ًا‬
‫َ‬ ‫ْ‬
‫قل‬
‫(*)‬
‫ـــــر منـــه ما َحـــال‬
‫َّ‬ ‫فلــهذا ُم‬ ‫ٌ‬
‫ــــــل‬‫وانقـضىَ إذ هـــا َم فيه حن َظ‬

‫(((   سنناقش هذه الفكرة بتفصيل أكرب يف الفصل القادم‪.‬‬


‫اإل ْسال ِم ِّي‬ ‫ال ال َع َر ِب ِّي ِ‬ ‫جل ْن ِس َّي ِة يِف ال َع مَ ِ‬ ‫َما َق ْب َل امل ِْثلِ َّي ِة ا ِ‬ ‫‪102‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫وكاين‪ ،‬البدر ال ّطالع بمحاسن من بعد القرن ّ‬


‫السابع‪282-281 :1 ،‬‬ ‫ّ‬ ‫حممد ّ‬
‫الش‬ ‫[*] ّ‬
‫الشعراء اليمن ّيني يف القرن ال ّثامن‬
‫املحرر‪ ،‬نقل من معجم تراجم غري منشور عن ّ‬
‫(هامش ّ‬
‫عرش)‪.‬‬

‫*****‬

‫اجلنس َّي ِة‪ ،‬وإذا‬


‫ِ‬ ‫ني‬ ‫ِ‬
‫البالغ َ‬ ‫ويتو َّقع ِمن عائ َل ِة الصبِي محاي ُته ِمن حتر ِ‬
‫شات‬ ‫ُ ْ ُّ‬ ‫َّ ِّ‬ ‫ُ َ ُ ْ‬
‫ِ‬
‫والعار وتسو ُء سمعت ُُهم‪ ،‬وهذا واض ٌح‬ ‫ُ‬ ‫اخلزي‬
‫ُ‬ ‫يلحق هبم‬
‫ُ‬ ‫أخ َف ُقوا يف ذلِ َك ر َّبام‬
‫مليح‪:‬‬‫ني إىل غال ٍم ٍ‬ ‫واملوج َه ِ‬
‫َّ‬ ‫ف كات ُب ُهام‬ ‫عر ُ‬
‫ين ال ُي َ‬ ‫لذ ِ‬ ‫َني اآلت َي ِ‬
‫ني ا َّل َ‬ ‫يف البيت ِ‬

‫ـــن فيكا‬ ‫ِ‬


‫املحاس ِ‬ ‫كل‬ ‫وجتم َع ْت ُّ‬ ‫الغزال ِصفاتِ ِه‬
‫َ‬ ‫سل َب ْت حماسن َُك‬
‫َّ‬
‫(*)‬
‫القـــرون فإنَّــــها ألبيكــا‬
‫ُ‬ ‫أ َّمــا‬ ‫ــــور ُه‬
‫ُ‬ ‫لك ِجيـــدُ ُه وحلا ُظــ ُه ون ُف‬
‫َ‬

‫املوصيل‪.220،‬‬
‫ّ‬ ‫اجليل عىل بيتي‬
‫[*] أمحد الرببري‪ ،‬الشرّ ح ّ‬

‫*****‬

‫حجر‬ ‫ٍ‬ ‫حمم ٍد ِ‬


‫بن‬ ‫اس أمحدُ ب ُن َّ‬ ‫ين أبو الع َّب ِ‬ ‫شهاب الدِّ ِ‬ ‫ُ‬
‫وأ َّكدَ الفقيه ِ‬
‫املك ُّي‬ ‫ُ‬
‫الزنا ال يم ِّث ُل انتهاك ًا وخما َل َف ًة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫السياق ذاته‪َّ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫أن ِّ‬ ‫اهليتم ُّي ( ُتوفيِّ َ سن َة ‪1566‬م) يف ِّ‬
‫يلحق‬ ‫آخري َن‪ ،‬أل َّن ُه‬ ‫أشخاص ِ‬ ‫ٍ‬ ‫جريم ٌة ِّ‬
‫بحق‬ ‫ب‪ ،‬بل إ َّن ُه‬ ‫للشرَّ يع ِة الس ِ ِ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫امو َّية ْ‬
‫فحس ُ‬ ‫َ َّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫السلب ِّي ـ املستقب ِل ـ املرأة‪ ،‬أو ال َّطرف امللوط به‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ويشو ُه‬ ‫ِّ‬ ‫بأقارب ال َّطرف َّ‬ ‫العار‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫الوكيل املالو ِّي ( ُتوفيِّ َ سن َة‬ ‫ِ‬ ‫ف ب ُن‬ ‫يوس ُ‬ ‫ِ‬
‫وروى الفقي ُه املصرْ ُّي ُ‬ ‫َ‬ ‫(‪)1‬‬
‫سمعت َُهم‪.‬‬
‫احلب ا ِّللواطِ َّي ِة التِي‬ ‫ِّ‬ ‫قص ِ‬
‫ص‬ ‫ِ‬
‫ارش عدد ًا م ْن َ‬ ‫يح و ُم َب ٍ‬ ‫بتعاطف صرَ ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫‪1719‬م)‬
‫ُ‬
‫تشرتك‬ ‫ئيس َة التِي‬‫الر َ‬ ‫السم َة َّ‬ ‫أن ِّ‬ ‫لحظ َّ‬ ‫وق َع ْت أحدا ُثها يف مصرْ َ يف زمانِ ِه‪ .‬و ُي ُ‬
‫ني ِم َن الترَّ ُّد ِد عىل‬ ‫ِ‬ ‫العش ِ‬ ‫اآلباء ملن ِع َّ‬ ‫ِ‬ ‫ص ِه َي ُّ‬
‫تدخ ُل‬ ‫ِ‬
‫البالغ َ‬ ‫اق‬ ‫القص ُ‬‫فيها هذه َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ادس عشرَ َ‬‫الس َ‬ ‫أبنائ ِهم‪ ،‬إذ سار َع ْت إحدَ ى األ َّمهات احللبِ َّيات يف القرن َّ‬
‫(‪)2‬‬

‫  اهليتمي‪( ،‬الفتاوى الكربى الفقه ّية)‪.359 :4 ،‬‬


‫ّ‬ ‫(((‬
‫املالوي‪ ،‬بغية املسامر وغنية املسافر‪ ،‬صفحة ‪131‬ب‪-133‬أ‪.‬‬
‫ّ‬ ‫(((   يوسف ابن الوكيل‬
‫‪103‬‬ ‫واملرضى‬‫َ‬ ‫لواط ُّي َ‬
‫ون‬ ‫األو ُل‪ِّ :‬ال ِ‬ ‫ال َف ْص ُل َّ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫بميل ِه‬ ‫اط حينَام علم ْت ِ‬ ‫املبتد ِئ مع خي ٍ‬ ‫عمل ابنِها ِ‬ ‫ِ‬ ‫املثال ـ إىل ِ‬
‫إهناء‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫سبيل‬ ‫ـ يف‬
‫َ‬ ‫َّ‬
‫ين ِ‬ ‫رض الدِّ ِ‬ ‫الفقيه احللبِي يِ‬ ‫ِ‬ ‫أب أحدَ ُطلاَّ ِ‬ ‫ِِ‬
‫بن‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ب‬ ‫إليه واهتاممه البال ِغ به‪ ،‬وطر َد ٌ‬
‫(‪)1‬‬
‫احلنبليِ ِّ ( ُتوفيِّ َ سن َة ‪1563‬م) ِم ْن منزلِ ِه ابتغا َء محاي َة ابنِ ِه منه‪.‬‬
‫ِ‬ ‫أمور ا ُملر ِد‪ ،‬بدا ٌ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫أكثر رغب ًة يف‬ ‫بعض م َن اآلباء َ‬ ‫وخالف ًا هلذا النَّو ِع م ْن والة ِ ْ‬
‫اد َّي ٍة‬ ‫طبقة اقتص ِ‬
‫َ‬
‫ينتمي إىل ٍ‬ ‫العاشق ِ‬ ‫ُ‬ ‫وص ًا إذا َ‬
‫كان‬ ‫خص َ‬ ‫املعاكس‪ُ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫َّظر يف االتجِّ ِاه‬ ‫الن ِ‬
‫يظهر ُه األثريا ُء والوجها ُء‪،‬‬ ‫الذي‬ ‫واجتامعي ٍة أعىل وأرفع! فاالهتامم والولع ِ‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬
‫كليهام!‬ ‫ومكاسب ما ِّد َّي ٍة للغال ِم ووالدَ ْي ِه ِ‬ ‫َ‬ ‫ومنافع‬
‫َ‬ ‫شكل هدايا‬ ‫ِ‬ ‫رتج ُم غالب ًا يف‬ ‫ُي َ‬
‫سبيل‬ ‫ِ‬ ‫ويك ُّي ( ُتوفيِّ َ سن َة ‪1598‬م) يف‬ ‫الش ِ‬ ‫مشق ُّي أمحدُ ُّ‬ ‫القاض الدِّ ِ‬ ‫يِ‬ ‫فقدْ َ‬
‫كان‬
‫الغ ِ‬ ‫إعانات مادي ٍة منتظم ٍة إىل ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫بحس ِ‬ ‫ِ‬
‫لامن‬ ‫َ‬ ‫ِّ َّ‬ ‫دفع‬
‫ب أحد زمالئه ـ َ‬ ‫املثال معتاد ًا ـ َ‬
‫عوائل ِهم‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫بعض ِم َن (املناف ِع الدُّ نيو َّي ِة) عىل‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫(‪)2‬‬
‫الذي َن يغازلهُ ُم وكذل َك ُ‬
‫خلع‬

‫أن‬ ‫ني يف أعال ُه عىل َّ‬ ‫املغاز َل ِة والتَّو ُّد ِد ا ِّللواطِ ِّي ِ‬ ‫َ‬ ‫َّمط ا ُملبينَّ ُ ِم َن‬ ‫ويدل الن ُ‬ ‫ُّ‬
‫ون تبع ًا لذلِ َك‬ ‫يدعم َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫وهم‬ ‫لامن كانُوا يؤ ُّدون وظيف َة النِّساء البديالت‪ُ ،‬‬ ‫الغ َ‬
‫بب يف‬ ‫الس َ‬ ‫إن َّ‬ ‫تقول‪َّ :‬‬ ‫طرحها التِي ُ‬ ‫ُ‬ ‫تكر َر‬
‫وبنحو مبدئ ٍّي الفكر َة التي لطاملا َّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫ِّساء عن‬ ‫عزل الن ِ‬ ‫اجلنس َّي ِة يف العاملِ العربيِ ِّ يعو ُد إىل ِ‬ ‫ِ‬ ‫للمثل َّي ِة‬
‫ِ‬ ‫االنتشار (املزعو ِم)‬ ‫ِ‬
‫توافر‬ ‫ِ‬ ‫بسبب عد ِم‬ ‫ِ‬ ‫الغ ِ‬
‫لامن‬ ‫ون إىل ِ‬ ‫يلجؤ َ‬ ‫جال ـ بسهو َل ٍة ـ ال‬ ‫الر َ‬ ‫جال‪ ،‬إلاَّ َّ‬ ‫الر ِ‬
‫ُ‬ ‫أن ِّ‬ ‫ِّ‬
‫بني اهتام ِم‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬
‫إشارات قلي َل ٌة يف أدبِ َّيات الترَّ اج ِم‬ ‫وثم َة‬ ‫ِ‬
‫تربط َ‬ ‫ٌ‬ ‫ب‪َّ ،‬‬ ‫فحس ُ‬‫ْ‬ ‫النِّساء‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫السرية َح َس ُن البورين ُّي عن‬ ‫كاتب ِّ‬ ‫ُ‬ ‫خص بالغلامن وكونه عازب ًا‪ ،‬إذ َ‬
‫ذكر‬ ‫الش‬ ‫َّ‬
‫ِ‬
‫يتزو ْج طيل َة‬ ‫اعر الدِّ مشق ِّي أمحدَ العناياتيِ ِّ ( ُتوفيِّ َ سن َة ‪1606‬م)‪( :‬أ َّن ُه مل ْ َّ‬ ‫الش ِ‬ ‫َّ‬
‫ويعكس‬ ‫ٍ (‪)3‬‬
‫اذ خليل)‪.‬‬ ‫حتصنُه ِمن اتخِّ ِ‬ ‫َّخذ له خلي َل ًة ِ‬ ‫حياتِ ِه ال َّطوي َل ِة‪ ،‬ومل ْ يت ْ‬
‫ُ‬ ‫ُ ْ‬
‫واج يو ِّف ُر‬ ‫الز َ‬ ‫أن َّ‬ ‫«حتصنُ ُه» الفكر َة العا َّم َة يف َّ‬ ‫ِ‬ ‫استعامل (البورينِ ِّي) كلم َة‬ ‫ُ‬
‫مرادف ًا َّ‬ ‫ِ‬ ‫بوص ِف ِه‬ ‫ان عىل ٍ‬ ‫اإلحص ُ‬ ‫ُ‬ ‫«اإلحص َ‬
‫واج)‬ ‫للز ِ‬ ‫نطاق واس ٍع ْ‬ ‫َ‬ ‫ستعمل‬ ‫ان» ( ُي‬ ‫َ‬
‫ّ‬
‫احلنبيل‪ ،‬درر احلبب يف تاريخ أعيان حلب‪.159 :2 ،689-688 :1 ،‬‬ ‫(((   بن‬
‫الروض العاطر‪.23 ،‬‬ ‫األنصاري‪ّ ،‬‬
‫ّ‬ ‫(((   ابن أ ّيوب‬
‫السمر وقطف‬
‫الغز ّي‪ ،‬لطف ّ‬
‫حممد ّ‬
‫  البوريني‪ ،‬تراجم األعيان‪108 :1 ،‬؛ نجم الدّ ين ّ‬
‫ّ‬ ‫(((‬
‫ال ّثمر من تراجم أعيان ال ّطبقة األوىل من القرن احلادي عرش‪.582-581 :2 ،‬‬
‫اإل ْسال ِم ِّي‬ ‫ال ال َع َر ِب ِّي ِ‬ ‫جل ْن ِس َّي ِة يِف ال َع مَ ِ‬ ‫َما َق ْب َل امل ِْثلِ َّي ِة ا ِ‬ ‫‪104‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫كان (البورينِ ّي)‬ ‫ليس واضح ًا هل َ‬ ‫خليل ‪ /‬خلي َلة‪ ،‬ولك ْن َ‬


‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫إغراءات اتخِّ ِ‬
‫اذ‬ ‫ِ‬ ‫ضدَّ‬
‫بالغ ِ‬
‫لامن‬ ‫استعان ِ‬ ‫َ‬ ‫واج‪ ،‬ولذلِ َك‬
‫الز ِ‬ ‫أن (العناياتيِ َّ ) مل ْ يك ْن قادر ًا عىل َّ‬ ‫يعتقدُ يف َّ‬
‫أن عزوبِ َّي َة‬ ‫القص ِة َّ‬ ‫ِ‬
‫اجح يف هذه َّ‬ ‫فالر ُ‬ ‫ب؟!‪َّ .‬‬ ‫فحس ُ‬ ‫ال ْ‬ ‫جنس َّي ًا بدي ً‬ ‫بوص ِف ِهم منْ َفذ ًا ِ‬
‫َ‬ ‫ْ‬
‫اعر مل ْ يك ْن‬ ‫أن َّ‬ ‫كان يعتقدُ يف َّ‬ ‫ِ‬
‫وأن (البورين ِّي) َ‬ ‫ِ‬
‫َت اختيار َّي ًة‪َّ ،‬‬ ‫تيِ‬
‫الش َ‬ ‫(العنايا ِّ ) كان ْ‬
‫وثم َة ما‬ ‫الغ ِ‬ ‫العالقات مع ِ‬ ‫ِ‬ ‫العدد ِم َن‬
‫ِ‬
‫يدعم‬
‫ُ‬ ‫متزوج ًا‪َّ ،‬‬ ‫لامن لو َ‬
‫كان ِّ‬ ‫َ‬
‫لريتبط هبذا‬
‫ور ِة نامج ًا عن‬ ‫ِ ِ‬ ‫سيِ‬
‫أن االهتام َم اجلن َّ بالغلامن مل ْ يك ْن بالضرَّ َ‬ ‫الفكر َة التِي تفيدُ َّ‬
‫(حمم ٍد‬ ‫الش ِ‬ ‫توافر الن ِ‬ ‫ِ‬ ‫اجلنس ِ‬
‫اعر َّ‬ ‫ِّساء ‪ -‬يف حال َّ‬ ‫ني ‪ -‬بمعنَى عد ِم‬ ‫َ‬ ‫الفص ِل َ‬
‫بني‬ ‫ْ‬
‫مدروس بالبقاءِ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫األمر نتيج ًة لقرار‬ ‫يقع هذا‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫الروم ِّي) مثالً‪ -‬بل قد ُ‬ ‫ماميه ُّ‬
‫يوان) ِ‬ ‫ف (ماميه) يف َق ِصيدَ ٍة طوي َل ٍة له يف (الدِّ ِ‬
‫اضطر ْت ُه‬‫َّ‬ ‫كيف‬ ‫عزب ًا؛ فقدْ َ‬
‫وص َ‬
‫عزم ِه هجر الن ِ‬
‫ِّساء‬ ‫َّوكيد عىل ِ‬‫تطليق زوجتِ ِه‪ ،‬وختمها بالت ِ‬ ‫ِ‬ ‫محا ُت ُه وعائلتُها إىل‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫(‪)1‬‬
‫الشهوةُ‪.‬‬ ‫واالستعان َِة با ُمل ْر ِد حينَام تغل ُب ُه َّ‬

‫أكثر‬ ‫َّاس يف َّ‬ ‫بني الن ِ‬ ‫كان االعتقا ُد شائع ًا َ‬ ‫حال‪ ،‬حتَّى لو َ‬ ‫وعىل أ َّي ِة ٍ‬
‫أن َ‬
‫احلقبة (إ َّما ألنهَّ ُم‬ ‫ِ‬ ‫لامن يف َ‬
‫تلك‬ ‫بالغ ِ‬ ‫ني ِ‬ ‫مولع َ‬ ‫ِ‬ ‫العزبان سيكون َ‬
‫ُون‬ ‫ِ‬ ‫الر ِ‬
‫جال‬ ‫ِّ‬
‫ون عد َم‬ ‫خيتار َ‬ ‫ِ‬ ‫الر َ‬ ‫بسبب َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ون منفذ ًا جنس َّي ًا بدي ً‬ ‫يش ِّك ُل َ‬
‫جال الذي َن ُ‬ ‫أن ِّ‬ ‫ال هلُم‪ ،‬وإ َّما‬
‫أن ذلِ َك ال يعنِي وال‬ ‫بدرجة كاف َي ٍة) إلاَّ َّ‬ ‫ٍ‬ ‫واج‪ ،‬مل يكونُوا مهتمني بالن ِ‬
‫ِّساء‬ ‫ِّ َ‬ ‫الز ِ ْ‬ ‫َّ‬
‫ني‪،‬‬ ‫ِ‬
‫متزوج َ‬ ‫غري‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫شيوع االعتقاد يف َّ‬
‫ِّ‬ ‫ني بالغلامن كانُوا َ‬ ‫أكثر املولع َ‬ ‫أن َ‬ ‫َ‬ ‫يعكس‬
‫ُ‬
‫ادر عن‬ ‫ني‪ ،‬ومل ْ تتحدَّ ْ‬ ‫ِ‬ ‫ون الغ َ‬‫ِ‬ ‫ِ‬
‫فالعديدُ م َن الذي َن يغاز ُل َ‬ ‫ِ‬
‫املص ُ‬ ‫ث َ‬ ‫متزوج َ‬ ‫لامن كانُوا ِّ‬
‫وج ا ِّللواطِ َّي ُة يف‬ ‫الز ِ‬ ‫مغامرات َّ‬ ‫ُ‬ ‫َت‬
‫لالنتباه‪ ،‬وكان ْ‬ ‫ِ‬ ‫الفت‬‫ٌ‬ ‫غريب أو‬
‫ٌ‬ ‫ِ‬
‫األمر بأ َّن ُه‬ ‫هذا‬
‫وجة و َغيرْ َ تهِ ا‪.‬‬ ‫الز ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫عائل َّي ٍة‬ ‫خالفات ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫بسبب استياء َّ‬ ‫الفروض‪ ،‬تؤ ِّدي إىل‬ ‫أسوء‬
‫واج يف الشرَّ ِق‬ ‫الز ِ‬ ‫أعراف َّ‬‫ِ‬ ‫املتوافر ِة عن‬ ‫الش ِ‬
‫واهد‬ ‫القليل ِم َن َّ‬ ‫ُ‬ ‫ويوحي العد ُد‬ ‫(‪ِ )2‬‬
‫َ‬
‫ويقع يف‬‫ُ‬ ‫كان حدث ًا عاملِ َّي ًا عا َّم ًا تقريب ًا‬ ‫واج َ‬ ‫الز َ‬ ‫بأن َّ‬ ‫ِ‬
‫احلديث َّ‬ ‫قبل‬‫األوسط ما َ‬ ‫ِ‬

‫  حممد ماميه‪ ،‬روضة املشتاق‪ ،‬صفحة ‪331‬ب‪-334‬أ‪.‬‬ ‫((( ّ‬


‫املرشفة هبم حلب‪245-244 ،‬؛‬ ‫العريض‪ ،‬معادن ّ‬
‫الذهب يف األعيان ّ‬ ‫ّ‬ ‫(((   أبو الوفا‬
‫البديري احللاّ ق‪،‬‬
‫ّ‬ ‫احلنبيل‪ ،‬درر احلبب يف تاريخ أعيان حلب‪693-687 :1 ،‬؛‬
‫ّ‬ ‫ابن‬
‫حوادث دمشق اليوم ّية‪.185 ،‬‬
‫‪105‬‬ ‫واملرضى‬‫َ‬ ‫لواط ُّي َ‬
‫ون‬ ‫األو ُل‪ِّ :‬ال ِ‬ ‫ال َف ْص ُل َّ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫تزو َج الفقي ُه املصرْ ِ ُّي‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬


‫مبكرة وحتديد ًا يف بداية س ِّن البلوغِ‪ )1(.‬إذ َّ‬ ‫مرحلة عمر َّية َ‬
‫ين اجلربتيِ ُّ ( ُتوفيِّ َ سن َة ‪1826 / 1825‬م)‬ ‫برهان الدِّ ِ‬
‫ُ‬ ‫ٍ‬
‫حسن‬ ‫الر ِ‬
‫محن ب ُن‬ ‫عبدُ َّ‬
‫واحد ِم ْن‬
‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫شهر‬ ‫ِّني بعدَ‬‫الست َ‬ ‫الرابع َة عشرْ َ ةَ‪ ،‬و ُتوفيِّ َ جدُّ ُه يف ِ‬
‫عمر ِّ‬ ‫ال يف س ِّن َّ‬ ‫مث ً‬
‫ِ‬ ‫والدة زوجتِ ِه‪ِ )2(.‬‬ ‫ِ‬
‫واج يف‬‫الز ِ‬ ‫ُّن الفقهاء مجيع ًا ِم َن َّ‬ ‫ِ‬
‫القول عد ُم متك ِ‬ ‫ِ‬
‫نافلة‬ ‫وم ْن‬
‫األمر‬
‫َ‬ ‫وألن هذا‬ ‫َّ‬ ‫طوال حياتِ ِه‪،‬‬
‫َ‬ ‫بعض ُهم يب َقى عزب ًا‬
‫إن َ‬ ‫املبكر ِة‪ ،‬بل َّ‬
‫َ‬ ‫الس ِّن‬
‫هذه ِّ‬
‫ِ‬
‫كتب‬ ‫وذك َْر ُه يف ِ‬ ‫االنتباه له ِ‬
‫ِ‬ ‫لفت‬
‫يستدعي َ‬ ‫ِ‬ ‫كان‬ ‫ٍ‬
‫مألوف‪ ،‬فإ َّن ُه َ‬ ‫وغري‬ ‫كان غريب ًا‬ ‫َ‬
‫َ‬
‫خص َص ِة هلُم‪.‬‬ ‫الترَّ اج ِم ا ُمل َّ‬
‫االمتيازات التِي يتمت َُّع‬ ‫ِ‬ ‫العمو ِم أحدَ‬ ‫ِ‬
‫املبكر عىل وجه ُ‬ ‫ُ‬ ‫واج‬
‫الز ُ‬ ‫ف َّ‬ ‫ويؤ ِّل ُ‬
‫الكثري َة‬ ‫الشواهدَ‬ ‫أن َّ‬ ‫ِ‬
‫لالنتباه َّ‬ ‫املجتمعِ‪ ،‬وا َّل ُ‬
‫الفت‬ ‫ائح ال َّث ِر َّي ِة يف‬ ‫هبا أفرا ُد الشرَّ ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫احلديث؛ تت َِّص ُل ات َِّصاالً‬ ‫ِ‬ ‫األوسط ما َ‬
‫قبل‬ ‫ِ‬ ‫لواط يف الشرَّ ِق‬ ‫املتوافر َة عن ا ِّل ِ‬
‫َ‬
‫بب‬ ‫َّفسري الذي يفيدُ َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وثيق ًا هبذه ال َّطبقة االجتامع َّية‪ ،‬وهذا يعني َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الس َ‬ ‫أن َّ‬ ‫أن الت َ‬
‫قادر عىل‬ ‫زال غري ٍ‬ ‫ِّساء‪ ،‬ما َ‬ ‫توافر الن ِ‬ ‫ِ‬ ‫اجلنس َّي ِة» هو عد ُم‬ ‫ِ‬ ‫«املثل َّي ِة‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫انتشار‬ ‫يف‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫توافر‬ ‫واهد واألد َّل ِة عىل‬ ‫الش ِ‬ ‫ذكر ُه كثر ُة َّ‬ ‫جيدر ُ‬
‫ِ‬
‫املصداق َّية ا َّلالز َمة! وممَّا ُ‬
‫ِ ِ‬
‫اكتساب ْ‬ ‫ِ‬
‫ِ‬ ‫َّارخي َّي ِة ُ‬ ‫احلقبة الت ِ‬ ‫ِ‬ ‫ئيس ِة يف‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫البحث يف‬ ‫موضو ِع‬ ‫الر َ‬ ‫العاهرات يف املدن العربِ َّية َّ‬
‫ِ ِ (‪)3‬‬
‫راس ِة احلال َّية‪.‬‬ ‫الدِّ َ‬
‫املتغاير ِة‬
‫َ‬ ‫اجلنس َّي ِة‬
‫ِ‬ ‫غياب املتن َّف ِ‬
‫سات‬ ‫ِ‬ ‫بب يف‬ ‫الس ُ‬
‫ِ‬
‫وليس جل َّي ًا واحلال ُة هذه َّ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الرغ ِم‬ ‫ني! وعىل ُّ‬ ‫متزوج َ‬ ‫ني الذي َن مل ْ يكونُوا ِّ‬ ‫الرجال البالغ َ‬ ‫حتَّى لألق ِّل َّية م َن ِّ‬
‫لواط يف‬ ‫انتشار ا ِّل ِ‬ ‫ِ‬ ‫وبني‬‫َ‬ ‫اجلنسينْ ِ‬ ‫بني‬‫الفص ِل َ‬ ‫بني‬ ‫لة َ‬ ‫وجود ِص ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫احتامل‬ ‫ِم ْن‬
‫َ‬ ‫ْ‬
‫(((   لني‪ ،‬وصف سلوكات املرص ّيني احلديثني وتقاليدهم‪160-159 ،‬؛ راسل‪ ،‬تاريخ‬
‫بيعي‪282-281 :1 ،‬؛ ڤولني‪ ،‬رحالت عرب سور ّيا ومرص‪-485 :2 ،‬‬ ‫حلب ال ّط ّ‬
‫‪486‬؛ ماركوس‪ ،‬الشرّ ق األوسط قبيل التّحديث‪.196 ،‬‬
‫  اجلربيت‪ ،‬عجائب اآلثار‪.361 ،67 :1 ،‬‬ ‫ّ‬ ‫(((‬
‫(املحمد ّيني) وتقاليدهم‪100-98 ،‬؛‬ ‫ّ‬ ‫((( ﭙتس‪ ،‬وصف صادق لدين املسلمني‬
‫يت‪ ،‬عجائب اآلثار‪:1 ،‬‬
‫ّ‬ ‫اجلرب‬ ‫‪364‬؛‬ ‫‪:1‬‬ ‫ة‪،‬‬ ‫بريكهارت‪ ،‬رحالت يف اجلزيرة العرب ّي‬
‫البديري احللاّ ق‪ ،‬حوادث دمشق اليوم ّية‪،112 ،92 ،57 ،39 ،‬‬ ‫ّ‬ ‫‪219 :3 ،144‬؛‬
‫الرحلة امل ّك ّية‪ ،‬صفحة ‪95‬أ‪.‬‬
‫ّ‬ ‫يف‬ ‫ة‬ ‫ي‬
‫ّ‬ ‫املسك‬ ‫ّفحة‬ ‫ن‬ ‫ال‬ ‫‪،‬‬ ‫ويدي‬
‫ّ‬ ‫الس‬
‫‪134‬؛ عبد اهلل ّ‬
‫اإل ْسال ِم ِّي‬ ‫ال ال َع َر ِب ِّي ِ‬ ‫جل ْن ِس َّي ِة يِف ال َع مَ ِ‬ ‫َما َق ْب َل امل ِْثلِ َّي ِة ا ِ‬ ‫‪106‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ِ‬ ‫احلديث‪ ،‬إلاَّ َّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الشرَّ ِق‬


‫حتويل‬ ‫بس َط َة عن‬ ‫املتعج َل َة وا ُمل َّ‬ ‫ِّ‬ ‫كر‬‫أن الف َ‬ ‫قبل‬ ‫األوسط ما َ‬
‫املكبوح ِة نحو‬ ‫اآلخر)‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اجلنس‬ ‫فرد ِم َن‬ ‫(اشتهاء ٍ‬ ‫ِ‬ ‫املتغاير ِة‬ ‫اجلنس َّي ِة‬‫ِ‬ ‫مسار ال َّط ِ‬
‫اقة‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫حق‬ ‫الصل ُة َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّعقيد ِ‬ ‫تقدير الت ِ‬ ‫ِ‬ ‫لامن؛ قد أخف َق ْت يف‬ ‫الغ ِ‬ ‫ِ‬
‫تنطوي عليه هذه ِّ‬ ‫الذي‬
‫جيات املر ِّت َب ُة مل ْ ْ‬
‫متنع‬ ‫والز ُ‬ ‫األماكن العا َّم ِة ِّ‬ ‫ِ‬ ‫اجلنسينْ ِ يف‬ ‫َ‬ ‫بني‬‫فالفص ُل َ‬ ‫ْ‬ ‫تقديرها‪،‬‬ ‫ِ‬
‫يض ُع قيود ًا‬ ‫ني‪ ،‬ولكنَّ ُه قد َ‬ ‫ِ‬
‫البالغ َ‬ ‫جنس َّي ًا للر ِ‬
‫جال‬ ‫متاحات ِ‬ ‫ٍ‬ ‫أن يك َّن‬ ‫النِّسا َء ِم ْن ْ‬
‫ِّ‬
‫َّوكيد‬ ‫جنسي ًا‪ ،‬وليس بنا حاج ٌة إىل الت ِ‬ ‫إمكانات املغاز َل ِة املتغاير ِة ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُمشدَّ َد ًة عىل‬
‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬
‫العاطف َّي ِة‬ ‫ِ‬ ‫غاز ِل‬
‫حاجات ا ُمل ِ‬ ‫ِ‬ ‫بأس به ِم ْن‬ ‫ِ‬
‫أن التَّو ُّد َد واملغاز َل َة ُيل ِّبيان جزء ًا ال َ‬ ‫عىل َّ‬
‫شخص ال‬ ‫ٍ‬ ‫َّفكري يف‬ ‫َني عن الت ِ‬ ‫واملتعة النَّامجت ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اإلثارة‬ ‫اجلنس َّي ِة) ِم ْن ِ‬
‫مثل‬ ‫ِ‬ ‫(ال‬
‫العالقات‬ ‫ِ‬ ‫ارش ًة يف‬ ‫احلص ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫يمك ُن (خالف ًا َّ‬
‫ول عليه ُم َب َ‬ ‫ُ‬ ‫والعاهرات)‬ ‫وجات‬ ‫للز‬
‫موضو ِع‬ ‫خص ُ‬ ‫ِ‬ ‫الفوز بو ِّد َّ‬
‫الش‬ ‫َ‬ ‫ملحاولتِ ِه‬ ‫َ‬ ‫يات املالز َم ِة‬ ‫اجلنسي ِة؛ زياد ًة عىل التَّحدِّ ِ‬
‫َّ‬
‫ِ‬
‫قبل‬ ‫األوسط ما َ‬ ‫ِ‬ ‫وباإلمكان يف الشرَّ ِق‬ ‫ِ‬ ‫َّجاح يف املس َعى‪.‬‬ ‫وهبجة الن ِ‬ ‫ِ‬ ‫غبة‪،‬‬ ‫الر ِ‬
‫َّ‬
‫الغلامنِ‬ ‫طريق مغاز َل ِة ِ‬ ‫ِ‬ ‫رب عن‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫إشباع حاجات ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫مثل هذه بسهولة أك َ‬ ‫ُ‬ ‫احلديث‬
‫سيِ‬ ‫ِ (‪)1‬‬
‫(قسطنطني ‪ -‬فرانسوا‬ ‫ُ‬ ‫الر َّحال ُة الفرن ُّ‬ ‫آخ ُر قدَّ َم ُه َّ‬ ‫تفسري َ‬ ‫ٌ‬ ‫وثم َة‬ ‫َّ‬ ‫ال النِّساء‪.‬‬
‫ڤـولني ـ ‪)1860 - 1757( )Constantin-Francois Volney‬‬
‫ينسجم مع ما ُذ ِك َر أعال ُه؛‬ ‫ُ‬ ‫القرن ال َّثام َن عشرَ َ ‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ات‬ ‫الذي زار م يف سبعينِي ِ‬
‫َّ‬ ‫َ صرْ َ‬
‫ِ‬
‫كل ذلِ َك‪ ،‬كانُوا‬ ‫(وفوق ِّ‬ ‫َ‬ ‫اململوك َّي ِة يف مصرْ َ قائالً‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫طبقة الن ِ‬
‫ُّخبة‬ ‫ِ‬ ‫كتب عن‬ ‫إذ َ‬
‫بني‬ ‫الشائ َع ِة َ‬ ‫ذائل َّ‬ ‫الر ِ‬ ‫كان إحدَ ى َّ‬ ‫الذي َ‬ ‫املمقوت ِ‬ ‫َ‬ ‫الشائ َن‬ ‫الفعل َّ‬ ‫َ‬ ‫ني َ‬
‫ذاك‬ ‫مدمنِ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫اليونانِ ِّي َ‬
‫نعلم أنهَّ ُم‬ ‫تفسري رغبت ِهم هذه حينَام ُ‬ ‫ُ‬ ‫ويتعذ ُر‬ ‫َّ‬ ‫األزمان كا َّف ًة‪...‬‬ ‫ني يف‬
‫اجلنسينْ ِ‬ ‫ون يف ِ‬ ‫يلتمس َ‬ ‫هْ ِ‬ ‫متزو ُج َ‬
‫َ‬ ‫أحد‬ ‫ُ‬ ‫نفرتض أنهَّ ُم‬ ‫ْ‬ ‫ولديم نسا ٌء ما مل ْ‬ ‫ون‬ ‫مجيع ًا ِّ‬
‫ِ (‪)2‬‬
‫اجلنس اآلخر)‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ون بحدوثِها مع‬ ‫يسمح َ‬ ‫ُ‬ ‫فض التِي ال‬ ‫والر ِ‬ ‫َّ‬ ‫الصدِّ‬‫لوع َة َّ‬
‫بني ا ِّل ِ‬
‫لواط‬ ‫الصل َة َ‬ ‫بتفص ٍ‬ ‫ِ‬ ‫الفص ِل ال َّثانيِ‬ ‫ُ‬ ‫مه َّي ِة ُ‬
‫رب َّ‬ ‫يل أك َ‬ ‫سنناقش يف ْ‬ ‫املوضوعِ‪،‬‬ ‫وأل ِّ‬
‫اجلنسينْ ِ ‪.‬‬ ‫َ‬ ‫والفص ِل َ‬
‫بني‬ ‫ْ‬

‫الصبيان يف اليونان القديمة‪ ،‬انظر كوهني‪ ،‬القانون‬


‫(((   لالستزادة عن موضوع مغازلة ّ‬
‫واجلنسان ّية واملجتمع‪.187-185 ،‬‬
‫(((   ڤـولني‪ ،‬رحالت عرب سور ّيا ومرص‪.185 :1 ،‬‬
‫‪107‬‬ ‫واملرضى‬‫َ‬ ‫لواط ُّي َ‬
‫ون‬ ‫األو ُل‪ِّ :‬ال ِ‬ ‫ال َف ْص ُل َّ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫الس َّن التِي ُيعدُّ‬ ‫أن نحدِّ َد حتديد ًا قاطع ًا ِّ‬ ‫العمو ِم‪ْ ،‬‬ ‫ِ‬
‫ويتعذ ُر علينا عىل وجه ُ‬ ‫َّ‬
‫ميل املفرد ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫جنس َّي ًا للر ِ‬ ‫جذاب ًا ِ‬ ‫الصبِ ُّي ‪/‬‬
‫ات‬ ‫ني يف َضوء ِ َ َ‬ ‫البالغ َ‬ ‫جال‬ ‫ِّ‬ ‫املراهق َّ‬ ‫ُ‬ ‫فيها َّ‬
‫ُستعم ُل‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫مثل األ ْم َر ِد والغال ِم إىل ْ‬ ‫الشائ َع ِة‪ِ ،‬‬
‫جمملها‪ ،‬وت َ‬ ‫تكون انطباع َّي ًة يف َ‬ ‫َ‬ ‫أن‬ ‫َّ‬
‫استعامل مفرد ِة األمر ِد ِ‬ ‫املص ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫(الذي مل ْ تن ُب ْت‬ ‫َْ‬ ‫ُ َ َ‬ ‫ادر‪ .‬إذ يمك ُن‬ ‫سائب يف َ‬ ‫بنحو‬
‫الذي َن خ َل ْت‬ ‫قبل البلو ِغ ِ‬ ‫مرحلة ما َ‬ ‫ِ‬ ‫لامن يف‬ ‫الغ ِ‬ ‫للحديث عن ِ‬ ‫ِ‬ ‫حلي ُت ُه بعدُ ) مث ً‬
‫ال‬
‫عر يف‬ ‫الش ِ‬ ‫نمو َّ‬ ‫ْ‬ ‫ِ ِ‬ ‫عر خالف ًا َّ‬ ‫الش ِ‬ ‫خدو ُد ُهم ِم َن َّ‬
‫يكتمل ُّ‬ ‫اب املراهق الذي مل ْ‬ ‫للش ِّ‬
‫باب مجيع ًا‬ ‫الش ِ‬ ‫للحديث عن َّ‬ ‫ِ‬ ‫باإلمكان االستعان ُة هبا‬ ‫ِ‬ ‫خدَّ ِيه بعدُ ‪ ،‬وكذلِ َك‬
‫الس ِّن حتَّى‬ ‫ِ‬ ‫حلاهم‪ ،‬أي َّ‬ ‫ْ‬ ‫ِ‬
‫باب الذي َن تقدَّ ُموا يف ِّ‬ ‫الش ُ‬ ‫ُ‬ ‫نمو‬
‫يكتمل ُّ‬ ‫الذي َن مل ْ‬
‫بن أبيِ‬ ‫وب إىل (معاوي َة ِ‬ ‫منس ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫والعرشي َن‪ .‬ووفق ًا لقول ُ‬ ‫احلادي‬ ‫العرشي َن أو‬
‫كتب الترَّ اج ِم‬ ‫أحد ِ‬ ‫ت يف ِ‬ ‫خليفة أموي ( ُتوفيِّ سن َة ‪680‬م) وم ْثب ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫سفيان) َّأو ِل‬ ‫َ‬
‫ُ َ‬ ‫َ‬ ‫ٍّ‬
‫(متر ْد ُت عرشي َن سن ًة‪ ،‬ومج ْع ُت عرشي َن‪ ،‬ونت ْف ُت‬ ‫القرن ال َّثام َن‬ ‫ِ‬
‫عرش‪َّ :‬‬ ‫َ‬ ‫يف‬
‫ني) أي مك ْث ُت أ ْم َر َد عرشي َن سن ًة‬ ‫عرشي َن‪ ،‬وخض ْب ُت عرشي َن‪ ،‬وأنا اب ُن ثامنِ َ‬
‫ً (‪)1‬‬
‫لحية عرشي َن سنة‪.‬‬ ‫جمتمع ا ِّل ِ‬ ‫ُت ِ‬
‫َ‬ ‫ثم صرِْ‬ ‫َّ‬
‫عمل َّي ُة الن ِ‬ ‫الذي تقع فيه ِ‬ ‫كان سن العرشين هو احلدَّ األعلىَ ِ‬
‫ُّضج‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫وإذا َ ُّ‬
‫لامن هو‬ ‫بالغ ِ‬ ‫ني ِ‬ ‫الذي يبدأ فيه اهتام ُم ا ِّللواطِ ِّي َ‬ ‫فإن احلدَّ األدنَى ِ‬ ‫جل َس ِد ِّي‪َّ ،‬‬ ‫ا َ‬
‫الساب َع ِة أو ال َّثامن َِة‬ ‫بعمر َّ‬ ‫ِ‬ ‫باب‬ ‫الش ِ‬ ‫فولة إىل َّ‬ ‫االنتقال ِمن ال ُّط ِ‬
‫ِ َ‬ ‫ظاهر َّي ًا مرحل ُة‬ ‫ِ‬
‫أن‬ ‫الذي يفيدُ َّ‬ ‫االستنتاج ِ‬ ‫ِ‬ ‫نحو دع ِم‬ ‫ِ‬ ‫كم َّي ُة األد َّل ِة‬ ‫تقريب ًا‪.‬‬
‫املتوافرة َ‬ ‫َ‬ ‫وتنزع ِّ‬ ‫ُ‬
‫العمر َّي ِة‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫املرحلة‬ ‫ِ‬
‫هذه‬ ‫األوالد يف‬ ‫ِ‬ ‫متيل إىل‬ ‫ني وشهواتهِ ِم ُ‬ ‫رغبات ا ِّللواطِ ِّي َ‬ ‫ِ‬
‫ف ال َّط ِ‬ ‫تبلغ مداها يف منتص ِ‬ ‫الصبِ ِّي ُ‬
‫ين‪ ،‬أي‬ ‫بني احلدَّ ِ‬ ‫ريق َ‬ ‫َ‬ ‫أن جاذبِ َّي َة َّ‬ ‫رت ُض َّ‬ ‫و ُيف َ‬
‫ف‬ ‫يوس ُ‬ ‫الكاتب املصرْ ِ ُّي ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫وكان‬ ‫اخلامس َة عشرْ َ ةَ‪.‬‬ ‫َ‬ ‫الراب َع َة أو‬ ‫يبلغ الفتَى َّ‬ ‫حينَام ُ‬
‫أواخر‬ ‫ِ‬ ‫بالكتابة عن‬ ‫ِ‬ ‫اختص‬ ‫الذي‬ ‫خرض الشرَّ بينِي ِ‬ ‫ٍ‬ ‫اد ِ‬
‫بن‬ ‫عبد اجلو ِ‬ ‫بن ِ‬ ‫حمم ٍد ِ‬
‫َّ‬ ‫ُّ‬ ‫َ‬ ‫ب ُن َّ‬
‫تص ُل أقصىَ مدياهتا يف س ِّن‬ ‫أن جاذبِي َة الصبِي ِ‬ ‫كان َيرى َّ‬ ‫ابع عشرَ َ ‪َ ...‬‬ ‫ِ‬
‫َّ َّ ِّ‬ ‫الس َ‬ ‫القرن َّ‬
‫وتتالشى ك ِّلي ًا يف سن العرشين‪ِ ،‬‬ ‫ِ‬
‫وه َي‬ ‫َ‬ ‫ِّ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫باالضمحالل‪،‬‬ ‫ثم تبدأ‬ ‫ال َّثامنَ َة عشرْ َ ةَ‪َّ ،‬‬
‫بيدي‪ ،‬تاج العروس يف رشح جواهر القاموس‪( ،166 :9 ،‬م –ر‬
‫الز ّ‬‫  حممد مرتىض ّ‬
‫((( ّ‬
‫‪ -‬د)‪.‬‬
‫اإل ْسال ِم ِّي‬ ‫ال ال َع َر ِب ِّي ِ‬ ‫جل ْن ِس َّي ِة يِف ال َع مَ ِ‬ ‫َما َق ْب َل امل ِْثلِ َّي ِة ا ِ‬ ‫‪108‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫والولع‬
‫ُ‬ ‫واحلب املت َِّقدُ‬
‫ُّ‬ ‫الش ِ‬
‫عر‪،‬‬ ‫قايس َّ‬‫َ‬ ‫اب أهلب ًا‪ )1(،‬أو‬ ‫الش ُّ‬ ‫الس ُّن التِي يغدُ و فيها َّ‬ ‫ِّ‬
‫االبتسامة املرش َقةِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫للرشيق ال َّطر ِّي ا َّللدن َص ِ‬‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫احب‬ ‫واالفتتان ال يكونان إلاَّ َّ‬ ‫ُ‬
‫ثم َة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫(ألوالد العشرْ ِ )‪ )2(.‬وعىل‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫يكونان إلاَّ‬ ‫احللوة؛ أي ال‬ ‫ِ‬
‫غرار (الشرَّ بين ِّي) َّ‬
‫املؤر ُخ‬ ‫ناظمها نق َلها ِّ‬ ‫ُ‬ ‫عرو َف ِة؛ يجُ َه ُل‬ ‫ِ ِ‬
‫العمر َّية ا َمل ُ‬
‫ِ‬
‫اإلنسان‬ ‫ِ‬
‫مراحل‬ ‫َق ِصيدَ ٌة عن‬
‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫وف ِ‬ ‫ٍ‬ ‫عيسى ِ‬ ‫ِ‬
‫الصاحل ُّي ( ُتوفيِّ َ‬ ‫بابن كنان َّ‬ ‫عر ُ‬ ‫بن حممود ا َمل ُ‬ ‫حممدُ ب ُن َ‬ ‫الدِّ مشق ُّي َّ‬
‫عمر ِه ال يف ِس ِّن‬ ‫ات ِم ْن ِ‬ ‫تقرن ابن العشرْ ِ (بمعنَى يف العرشينِي ِ‬
‫َّ‬ ‫ُ َ‬ ‫سن َة ‪1740‬م)‬
‫عي‬ ‫بالس ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫العارشة متام ًا) باجل ِ‬
‫ضاهى‪ ،‬واب َن العرشي َن‪َّ ،‬‬ ‫اخلارق الذي ال ُي َ‬ ‫امل‬ ‫َ‬
‫ِ ِ (‪)3‬‬
‫القو ِة؛ إىل آخره‪.‬‬ ‫ِ‬
‫ني بذروة َّ‬ ‫املتعة‪ ،‬واب َن ال َّثالثِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫األهوج ورا َء‬

‫الراب َع َة عشرْ َ ةَ‪ ،‬ومت ِّث ُل‬‫احلب والن َِّثر ا ُملق َّفى َّ‬ ‫شعر ُّ‬ ‫املحبوب عاد ًة يف ِ‬ ‫ِ‬ ‫وكان س ُّن‬ ‫َ‬
‫بني‬‫َّقليد َّي ِة َ‬
‫متجذر ًة يف املقارن َِة الت ِ‬
‫َ‬ ‫ِّ َ‬ ‫قياس َّي ًة غالب ًا‬ ‫بالغي ًة ِ‬
‫َّ‬
‫تقليدي ًا أدا ًة ِ‬
‫َّ‬
‫ِ‬ ‫الس ُّن‬ ‫هذه ِّ‬
‫ِ‬
‫ابع عشرَ َ تقريب ًا ِم َن‬ ‫الر َ‬ ‫يكتمل يف اليو ِم َّ‬ ‫ُ‬ ‫الذي‬ ‫القمر ِ‬ ‫ِ‬ ‫وبني‬
‫َ‬ ‫ِ‬
‫املحبوب‬ ‫ِ‬
‫وجه‬
‫ثم َة شواهدُ مستق َّل ٌة‬ ‫َ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫هر يف التَّقوي ِم‬ ‫الش ِ‬
‫مقابل ذل َك‪َّ ،‬‬ ‫اإلسالم ِّي‪.‬‬ ‫القمر ِّي‬ ‫َّ‬
‫(‪)4‬‬

‫كان (ال َّثانِ َي َة عشرْ َ َة‬


‫ني َ‬ ‫أن ِس َّن املأبونِ َ‬ ‫تذكر َّ‬ ‫ُ‬ ‫حالت األورو ِّب َّي ِة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫م ْن أدبِ َّيات َّ‬
‫الر‬ ‫ِ‬
‫العارشةَ)‬
‫َ‬ ‫بعض ُهم التَّاس َع َة أو‬ ‫يتجاوز ُ‬‫ُ‬ ‫الراب َع َة عشرْ َ َة ـ وال‬ ‫األرجح أو َّ‬ ‫ِ‬ ‫عىل‬
‫الر ِائي وكذلِ َك عىل‬ ‫عني َّ‬ ‫هذه املسأ َل ِة يعتمدُ عىل ِ‬ ‫أن اجلزء األكرب ِمن ِ‬
‫َ ْ‬ ‫َ‬ ‫(‪ )5‬إلاَّ َّ‬
‫ال‬‫بني جمَ ِ‬ ‫املقار َن ُة َ‬ ‫َت‬ ‫الفص ُل القاد ُم‪ ،‬كان ْ‬ ‫الفرد ِّي‪ ،‬وكام س ُيبينَّ ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ُّضوج‬ ‫معدَّ ِل الن‬
‫َ‬ ‫ْ‬

‫ِ‬ ‫الكثري َش َعر الر ْأس‬


‫لغوي)‪.‬‬
‫ّ‬ ‫(املقوم ا ّل‬
‫ّ‬ ‫واجلسد‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫ب‬‫  يف ا ّللسان‪َ :‬األ ْه َل ُ‬ ‫(((‬
‫الرأي مشابه بنحو يثري الدّ هشة‪ ،‬لآلراء اليابان ّية‬ ‫هز القحوف‪ .94 ،‬وهذا ّ‬ ‫بيني‪ّ ،‬‬
‫  الشرّ ّ‬ ‫(((‬
‫الرغبة‪ :‬اجلنسان ّية بني‬‫ّ‬ ‫خرائط‬ ‫يف‪،‬‬ ‫ﭘفلڠفيلدر‬ ‫لها‬ ‫ّ‬
‫ل‬ ‫ح‬ ‫التي‬ ‫مينج‬ ‫ساللة‬ ‫حكم‬ ‫ما قبل‬
‫الياباين‪.31 ،1850-1600 ،‬‬ ‫ّ‬ ‫الذكور يف اخلطاب‬ ‫ّ‬
‫ابن كنان‪ ،‬احلوادث اليوم ّية‪.417 ،‬‬ ‫(((‬
‫اخلفاجي‪،‬‬
‫ّ‬ ‫الرحيانة‪412 :1 ،‬؛‬ ‫املحبي‪ ،‬نفحة ّ‬
‫ّ‬ ‫  البوريني‪ ،‬تراجم األعيان‪241 :2 ،‬؛‬ ‫ّ‬ ‫(((‬
‫رحيانة األلبا وزهرة احلياة الدّ نيا‪ .247 :1 ،‬وزيادة عىل ذلك‪ ،‬ذكر أحد أعامل املجون‬
‫الرابعة عرشة‬ ‫الصبيان املثا ّيل‪ ،‬حسب رأي ا ِّللواط ّيني‪ ،‬هو ّ‬ ‫أن عمر ّ‬ ‫الترّ ك ّية املس ّلية ّ‬
‫(انظر شمت‪ ،‬سنبل ‪ -‬زاده‪.)24 ،‬‬
‫  بالونت‪ ،‬رحلة يف الشرّ ق‪.14 ،‬‬ ‫(((‬
‫‪109‬‬ ‫واملرضى‬‫َ‬ ‫لواط ُّي َ‬
‫ون‬ ‫األو ُل‪ِّ :‬ال ِ‬ ‫ال َف ْص ُل َّ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫الكتابات األدبِ َّي ِة‬


‫ِ‬ ‫َّقليد َّي ِة يف‬
‫وعات الت ِ‬
‫ِ‬ ‫املوض‬
‫ُ‬ ‫عذري َن وحماسنِ ِهم ِم َن‬
‫ا ُمل ْر ِد وا ُمل ِ‬
‫الصبِ َّي يفقدُ جاذبِ َّي َت ُه حاملا‬ ‫ِ‬
‫شعرائها َّ‬ ‫احلقبة‪ ،‬إذ صرَ َّ َح العديدُ ِم ْن‬
‫ِ‬ ‫يف َ‬
‫أن َّ‬ ‫تلك‬
‫العذار يف خدَّ ِيه‪ ،‬وهذا يعنِي ضمن ًا‪ ،‬وجو َد حدٍّ ِ‬
‫عمر ٍّي أعلىَ نسبِ َّي ًا‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫يظهر‬
‫ُ‬
‫حممد ًا‬ ‫ِ‬ ‫رية الدِّ ِ‬ ‫أن الفقيه وكاتب الس ِ‬ ‫ويبدُ و َّ‬
‫الس ِّيدَ َّ‬ ‫الفضل َّ‬ ‫مشق َّي أبا‬ ‫َ ِّ‬ ‫َ‬
‫كم َّي ًة‬ ‫الراب َع َة عشرْ َ َة ُ‬ ‫املراد َّي ( ُتوفيِّ َ سن َة ‪1791‬م) َ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬
‫حيوز ِّ‬ ‫كان يف س ِّن َّ‬ ‫خليل‬
‫وكان حفيدُ‬ ‫َ‬ ‫هبذ ِه املناس َب ِة‪،‬‬ ‫لالحتفال ِ‬
‫ِ‬ ‫يستحق َق ِصيدَ ًة‬ ‫َّ‬ ‫العذار كي‬ ‫ِ‬ ‫كاف َي ًة ِم َن‬
‫سيِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫عبد الغنِ ِّي النَّابلسيِ ِ‬ ‫ِ‬
‫الساب َع َة عشرْ َ َة واب ُن الفقيه العراق ِّي حممود األلو ِّ‬ ‫بعمر َّ‬
‫َ ٍ (‪)1‬‬ ‫ِ‬
‫ب‬ ‫وحج َ‬ ‫َ‬ ‫قصائدَ مماثلة‪.‬‬ ‫الرغ َب َة بنظ ِم َ‬ ‫أثار ُح ْسن ُُهام َّ‬ ‫بعمر ال َّثامنَ َة عشرْ َ ةَ‪ ،‬حينَام َ‬
‫ٍ‬ ‫الس ِ‬
‫عراق ( ُتوفيِّ َ سن َة ‪1526‬م) ابنَ ُه عل َّي ًا‬ ‫وف حممو ُد ب ُن‬ ‫عر ُ‬ ‫ور ُّي ا َمل ُ‬ ‫ف ُّ‬ ‫املتص ِّو ُ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫بني ِ‬ ‫ِ‬
‫َّاس به‪ ،‬وهذا‬ ‫ادس َة عشرْ َ َة حتَّى ال ُيفت َن الن ُ‬ ‫والس َ‬ ‫عمر ال َّثامنَة َّ‬ ‫عن األنظار َ‬
‫بلوغ ِه‬ ‫ِ‬ ‫حني‬
‫ستنمو َ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫اجلسم َّي َة‬ ‫ائص ُه‬
‫وخص َ‬ ‫َ‬ ‫أن مالحم َ ُه‬ ‫والد ِه ـ َّ‬ ‫ب ِ‬ ‫بحس ِ‬
‫يعني ـ ْ‬
‫ِ‬
‫اآلخري َن‪ )2(،‬هذا ِم ْن‬ ‫ِ‬ ‫أعني الر ِ‬
‫جال‬ ‫ادس َة عشرْ َ َة إىل حدٍّ يفقدُ ُه جاذبِ َّي َت ُه يف ِ ِّ‬ ‫الس َ‬ ‫َّ‬
‫آخر عن‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫جانب؛ وحتدَّ َ‬ ‫ٍ‬
‫جانب َ‬ ‫األنصار ُّي م ْن‬ ‫َ‬ ‫وب‬
‫كاتب احلول َّيات اب ُن أ ُّي َ‬ ‫ُ‬ ‫ث‬
‫ني‬ ‫املعجبِ َ‬ ‫َ‬ ‫جممو َع ًة ِم َن‬ ‫ترك ورا َء َه ُ‬ ‫الساب َع َة عشرْ َ َة َ‬ ‫بعمر َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫دمشق ٍّي‬ ‫شاب‬
‫ٍّ‬
‫ِ‬
‫وفاة‬

‫  املرادي‪ ،‬سلك الدّ رر‪ .247 :1 ،‬ارتأيت إيراد املقطع ً‬


‫كامال‪:‬‬ ‫ّ‬ ‫(((‬
‫يف خدّ من بالبها واحلسن قد برعا‬ ‫ال حتســــبوا ّ‬
‫أن رحيان العذار بدا‬
‫يف وجنة صـاغها الرمحن وأبدعـا‬ ‫أو ّ‬
‫أن ذاك شـــعاع احلسن صوره‬
‫مرآة حســـــن لبدر يف الدجى طلعا‬ ‫وإنـــام طــــــوقه الســمور قابلها‬
‫فشــــكله يف نواحيهــا قد انطـــبعا‬ ‫وزانه منظـــر من نـــور هبجتهـا‬
‫القديس يف ترمجة العارف باهلل‬
‫ّ‬ ‫األنيس والوارد‬
‫ّ‬ ‫الغز ّي‪ ،‬الورد‬
‫حممد ّ‬ ‫كامل الدّ ين ّ‬
‫اآللويس‪ ،‬املسك‬
‫ّ‬ ‫ّابليس‪ ،‬صفحة ‪110‬ب‪-111‬أ؛ حممود شكري‬ ‫ّ‬ ‫الغني الن‬
‫ّ‬ ‫عبد‬
‫األذفر يف نرش مزايا القرنني ال ّثاين عرش وال ّثالث عرش‪ .99-98 ،‬يف هذه احلاالت‪،‬‬
‫بي عن‬ ‫الص ّ‬
‫يذكر اجلزء األخري من القصائد تاريخ تأليفها كتابة‪ ،‬ويمكن معرفة عمر ّ‬
‫طريق مقارنتها بتاريخ والدته‪.‬‬
‫ّ‬
‫احلنبيل‬ ‫احلنبيل‪ ،‬درر احلبب يف تاريخ أعيان حلب‪1109 :1 ،‬؛ ابن‬‫ّ‬ ‫  ريض الدّ ين ابن‬
‫((( ّ‬
‫بي موضوع احلديث معرفة شخص ّية‪.‬‬ ‫الص‬
‫ّ ّ‬ ‫هذا‬ ‫يعرف‬
‫اإل ْسال ِم ِّي‬ ‫ال ال َع َر ِب ِّي ِ‬ ‫جل ْن ِس َّي ِة يِف ال َع مَ ِ‬ ‫َما َق ْب َل امل ِْثلِ َّي ِة ا ِ‬ ‫‪110‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬
‫الرامي ( ُتوفيِّ َ‬ ‫قاسم َّ‬
‫ُ‬ ‫العراق ُّي‬ ‫اعر‬
‫الش ُ‬ ‫ب َّ‬ ‫ور َث ْو ُه‪ )1(.‬وتع َّق َ‬ ‫الذي َن أس ُفوا ملوته َ‬
‫العارش ِة‪،‬‬
‫َ‬ ‫نمو الغال ِم ِم ْن س ِّن‬ ‫عر ِّي َّ‬ ‫الش ِ‬‫اث ِّ‬ ‫سن َة ‪1773/1772‬م) يف الترُّ ِ‬
‫ٍ‬
‫بنحو ُمن ِّف ٍر‬ ‫ادس َة عشرْ َ َة ثم يبدأ‬ ‫مثوى ا ِ‬ ‫ِ‬
‫الس َ‬ ‫جلامل حتَّى َّ‬ ‫َ‬ ‫حينَام يغدُ و مستق َّر ًا يف َ‬
‫يدل دال َل ًة‬ ‫ين ُّ‬ ‫العذار ِم َن اخلدَّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫نتف‬‫أن َ‬ ‫عر ِم ْن خدَّ ْي ِه‪ )2(.‬ويبدُ و َّ‬ ‫الش ِ‬
‫بنتف َّ‬ ‫ِ‬
‫جال‪ ،‬وأ َّن ُه مل ْ يك ْن‬ ‫عمل َّي ًا ـ مطمع ًا للر ِ‬ ‫كان ـ ِ‬ ‫الصبِ َّي َ‬ ‫حي ًة عىل َّ‬
‫ِّ‬ ‫َ‬ ‫أن َّ‬ ‫ارش ًة وصرَ َ‬ ‫ُم َب َ‬
‫ِ‬
‫اجلانب‬ ‫لامن يف هذا‬ ‫الغ ِ‬ ‫هؤالء ِ‬‫ِ‬ ‫كان ُ‬
‫أمثال‬ ‫نمو حليتِ ِه؛ ولذلِ َك َ‬ ‫َ‬ ‫متعج ً‬
‫اكتامل ِّ‬ ‫ال‬ ‫ِّ‬
‫حديث الفقيهِ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫قرن َ‬
‫ني‪ ،‬ويفسرِّ ُ لنا هذا‬ ‫ُون بسلوك املؤاجري َن أو املخنَّث َ‬ ‫حتديد ًا ُي َ‬
‫يواظب‬ ‫الذي َ‬
‫كان‬ ‫ْف) باألمر ِد ِ‬ ‫اقرتان مفرد ِة (النَّت ِ‬ ‫ِ‬ ‫ف الشرَّ بينِ ِّي عن‬ ‫يوس َ‬
‫ُ‬ ‫َْ‬ ‫َ َ‬ ‫ُ‬
‫سمح اهللُ‬ ‫ِ‬
‫وكان هو خنيث ًا ‪ -‬أو ُم َصاب ًا باألَ َبنَة ‪ -‬ال‬ ‫َ‬ ‫(حالمَا تبدأ حلي ُت ُه بالن ُُّم ِّو‪،‬‬
‫َ‬
‫ون إىل األ ْم َر ِد طالمَا‬ ‫جال يمي ُل َ‬ ‫الر َ‬ ‫ألن ِّ‬ ‫للفاسق‪َّ ...‬‬ ‫ِ‬ ‫نفس ِه‬
‫وجتميل ِ‬ ‫ِ‬ ‫‪ -‬عىل ِ‬
‫حلقها‬
‫(‪)3‬‬
‫بقي نق َّي ًا خدُّ ُه)‪.‬‬ ‫َ‬
‫اب‬ ‫كان يتو َّق ُع ِم َن َّ‬
‫الش ِّ‬ ‫العمو ِم‪َ ،‬‬ ‫ِ‬
‫املجتم َع عىل وجه ُ‬
‫َ‬ ‫يلفت االنتبا َه َّ‬
‫أن‬ ‫وممَّا ُ‬
‫كان ِم َن اخلد ِع‬
‫املرأة َ‬‫شخصي ِة ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬
‫انتحال‬ ‫املراهق االنجذاب إىل الن ِ‬
‫ِّساء‪ ،‬ويبدُ و َّ‬
‫أن‬ ‫ِ‬
‫َّ‬ ‫َ‬
‫مص َيدَ ٍة لإليقا ِع هبِم‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫حيث َ ِ‬
‫كان ذل َك بمنز َلة ْ‬ ‫لامن‪ُ ،‬‬ ‫ني ِ‬
‫بالغ ِ‬ ‫الراغبِ َ‬ ‫الشائ َع ِة َ‬
‫بني َّ‬ ‫َّ‬
‫الغ ِ‬ ‫الطة عىل ِ‬ ‫أكرب ِحي ِل ا َّل ِ‬ ‫ِ‬ ‫شيِ‬
‫عليهم‬ ‫لامن التَّح ُّي ُل ِ‬ ‫يقول التِّيفا ُّ ‪( :‬وم ْن ِ َ‬ ‫ُ‬
‫فإن‬‫ِّساء‪ْ ،‬‬ ‫أن تطمع نفسه بالن ِ‬ ‫أن الغال َم عندَ البلوغِ‪ ،‬ال بدَّ ِم ْن ْ‬ ‫بالن ِ‬
‫ِّساء‪ ،‬وذلِ َك َّ‬
‫َ ُ ُ‬
‫الزنا ال حمال َة‪ ،‬الس َّيام ْ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ ِ‬
‫إن‬ ‫نظر يف ِّ‬ ‫رس َّية َ‬ ‫لعصمته بزوجة أو ِّ‬ ‫مل ْ تك ْن لول ِّيه ُم ْكنَ ٌة ْ‬
‫العصم َة‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫كان أبو ُه ِم َن‬
‫فإن َ‬‫ِّساء‪ْ ،‬‬ ‫ال إىل الن ِ‬ ‫َ‬
‫كان طب ُع ُه مائ ً‬
‫بحيث يظ ُّن به ْ‬ ‫اجلهل‬
‫وقع‬
‫واج؛ َ‬ ‫الز ِ‬ ‫ف به يف َّ‬ ‫ويسو ُ‬
‫ِّ‬ ‫بحيث يض ِّي ُق عليه‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬
‫البخل‬ ‫الس ِّن‪ ،‬أو ِم َن‬ ‫ِ‬
‫يف هذه ِّ‬
‫وبلغ منه مرا َد ُه)‪ )4(.‬و ُيتو َّق ُع ِم ْن‬ ‫فملك قيا َد ُه َ‬ ‫َ‬ ‫ٍ‬
‫امرأة‪،‬‬ ‫عليه من حتي َل له بص ِ‬
‫ورة‬ ‫ُ‬ ‫َ ْ َّ‬
‫األنصاري‪ ،‬نزهة اخلاطر وهبجة النّاظر‪.204 :2 ،‬‬
‫ّ‬ ‫  موسى ابن أ ّيوب‬ ‫(((‬
‫الروض النّرض يف ترمجة أدباء العرص‪.273-270 :2 ،‬‬ ‫العمري‪ّ ،‬‬
‫ّ‬ ‫فرتي‬
‫  عثامن الدّ ّ‬ ‫(((‬
‫هز القحوف‪.233 ،‬‬ ‫بيني‪ّ ،‬‬
‫  الشرّ ّ‬ ‫(((‬
‫ّيفايش‪ ،‬نزهة األلباب‪198 ،‬؛ ولال ّطالع عىل أمثلة فعل ّية‪ ،‬انظر ابن كنان‪ ،‬احلوادث‬
‫   الت ّ‬ ‫(((‬
‫اليوم ّية‪.180 ،‬‬
‫‪111‬‬ ‫واملرضى‬‫َ‬ ‫لواط ُّي َ‬
‫ون‬ ‫األو ُل‪ِّ :‬ال ِ‬ ‫ال َف ْص ُل َّ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫األص ِ‬
‫غر سنَّ ًا‬ ‫ِ ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫الش ِ‬‫أخرى ِم َن َّ‬ ‫ٍ‬
‫بنحو منتظ ٍم ُ‬
‫طلب و ِّد الغلامن ْ‬ ‫ني‬
‫املراهق َ‬ ‫باب‬ ‫جهة َ‬
‫َّغز ُل هبِم‪.‬‬ ‫منهم ِ‬
‫الذي َن مل ْ يبل ُغوا بعدُ ‪ ،‬والت ُّ‬ ‫ُ‬
‫نيوي‬
‫باحلب الدُّ ِّ‬
‫ِّ‬ ‫ات العربِ َّي ِة املعنِ َّي ِة‬ ‫األمور املألو َف ِة يف األدبِي ِ‬
‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وم َن‬
‫عشيق‬‫ُ‬ ‫ُ‬
‫يرتبط‬ ‫ُ‬
‫حيث‬ ‫ِ‬
‫املسلسل)‬ ‫ِ‬
‫بالعشق‬ ‫العالقات املسلس َل ُة (أو ما ُي ُ‬
‫عرف‬ ‫ُ‬
‫آخر‪ )1(،‬يظهر هذا ِ‬
‫واضح ًا يف بيتَنيِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫ُ‬ ‫حب مع امرأة أو غال ٍم َ َ‬ ‫رجل بعالقة ٍّ‬
‫السليتِ ُّي ( ُتوفيِّ َ سن َة ‪1684‬م) إذ َ‬
‫قال‪:‬‬ ‫إبراهيم ُ‬
‫ُ‬
‫الشاعر الدِّ ِ‬
‫مشق ُّي‬ ‫نظم ُهام َّ ُ‬‫َ‬
‫واع��ت��ـ��ـ��را ُه يف هـــو ُاه ولـ ْه‬ ‫وق ظبي ًا مث َل ُه‬
‫املعش ُ‬
‫ُ‬ ‫عشــق‬
‫َ‬
‫(*)‬
‫احلــب عليه ول��� ْه‬
‫ُّ‬ ‫فقضـى‬
‫َ‬ ‫فأمسى عاشق ًا‬
‫َ‬ ‫معشوق ًا‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫ك��ان‬

‫الرحيانة‪.301 :1 ،‬‬
‫[*] املح ّب ّي‪ ،‬نفحة ّ‬

‫*****‬

‫املراهق بعالقتِ ِه‬ ‫ِ‬ ‫اب‬


‫الش ِّ‬
‫ِ‬
‫اجلنس َّي ُة عندَ َّ‬ ‫“الذ ِ‬
‫كر”‬ ‫َّ‬ ‫إمكانات‬
‫ُ‬ ‫صرِ‬
‫وال تنح ُ‬
‫خلف‬ ‫َ‬ ‫غر سنَّ ًا‪ ،‬إذ ال يمك ُن التَّي ُّق ُن‬ ‫األص ِ‬ ‫ِّساء أو الص ِ‬
‫بيان‬ ‫اجلنسي ِة مع الن ِ‬ ‫ِ‬
‫ْ‬ ‫ِّ‬ ‫َّ‬
‫الصبِ َّي‪،‬‬ ‫الر َ‬ ‫ُ‬ ‫كان ال َّط ُ‬ ‫معرفة هل َ‬ ‫ِ‬ ‫املوصدَ ِة ِم ْن‬ ‫ِ‬
‫جل أو َّ‬ ‫الفاعل َّ‬ ‫رف‬ ‫َ‬ ‫األبواب‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫حال عد ِم التَّي ُّق ِن ِ‬ ‫استغالل ِ‬ ‫ُ‬
‫َّضح‬‫املاجن واخللي ِع كام يت ُ‬ ‫األدب‬ ‫هذه يف‬ ‫ويمك ُن‬
‫الفاعل‪،‬‬‫َ‬ ‫يك‬ ‫كان الشرَّ َ‬ ‫منهام عىل أ َّن ُه َ‬ ‫الذي أصرَ َّ ٌّ‬ ‫جل والصبِي ِ‬ ‫الر ِ‬ ‫يف ِ‬
‫كل ُ‬ ‫َّ ِّ‬ ‫قصة َّ‬ ‫َّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫األدب يف‬ ‫َ‬ ‫فم ْن يلتز ُم‬ ‫ائح إىل ا َّلالطة؛ َ‬ ‫نص َ‬ ‫بعض م ْن أدبِ َّيات احلق َبة َ‬ ‫وحتوي ٌ‬
‫بصبِ ٍّي‬ ‫ِ‬ ‫طرف ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫لواط‪ ،‬عليه ْ‬ ‫ممُ ارس ِة ا ِّل ِ‬
‫حني االختالء َ‬ ‫ثالث َ‬ ‫إرشاك‬ ‫يتحاشى‬ ‫أن‬ ‫َ َ‬
‫يعلم‬ ‫ِ‬
‫خماف َة الكشف عن األدوار التي يؤ ِّدهيا طرفا العالقة‪َّ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ألن اهللَ وحدَ ُه ُ‬
‫حال‬‫واضح ًة عىل ِ‬ ‫َ‬ ‫القول دالل ًة‬‫ُ‬ ‫ويدل هذا‬ ‫ُّ‬ ‫منهام‪،‬‬ ‫املفعول به) ُ‬ ‫ِ‬ ‫(الفاعل ِم َن‬
‫َ‬

‫العشاق‪84 :2 ،‬؛ ذكرت قصيدة‬‫األنطاكي‪ ،‬تزيني األسواق يف أخبار ّ‬


‫ّ‬ ‫(((    داود بن عمر‬
‫هبي ال ّطلعة نفسه قد وقع يف ّ‬
‫احلب‬ ‫بي ّ‬‫الص ّ‬
‫أن ّ‬‫الرامي املذكورة يف أعاله ّ‬
‫الشاعر قاسم ّ‬ ‫ّ‬
‫الرابعة عرشة‪.‬‬
‫ّ‬ ‫يف‬ ‫كان‬ ‫حينام‬
‫اإل ْسال ِم ِّي‬ ‫ال ال َع َر ِب ِّي ِ‬ ‫جل ْن ِس َّي ِة يِف ال َع مَ ِ‬ ‫َما َق ْب َل امل ِْثلِ َّي ِة ا ِ‬ ‫‪112‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(‪)1‬‬ ‫ِ‬
‫املواقف‪.‬‬ ‫عد ِم التَّي ُّق ِن الكامن َِة يف ِ‬
‫هذه‬

‫وحكايات‬ ‫قصائدُ‬ ‫ِ ِ‬ ‫وقص َص ًا َ‬ ‫ويظهر واضح ًا َّ‬


‫ٌ‬ ‫مثل هذه ه َي َ‬ ‫َ‬ ‫قصائدَ‬ ‫أن َ‬ ‫ُ‬
‫َّمثيل السائدَ والنَّمطي للعالقاتِ‬ ‫ِ‬
‫َّ‬ ‫وعي الت َ َّ‬ ‫ٍ‬ ‫تنتهك عن‬ ‫ُ‬ ‫«طفيل َّي ٌة» بمعنَى أنهَّ ا‬
‫السائدَ َة مل ْ تك ْن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫توحي َّ‬ ‫الوقت ذاتِ ِه‪ِ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫املثل َّي ِة‪ ،‬ولكنَّها يف‬ ‫ِ‬
‫بأن هذه التَّمثيالت َّ‬
‫الوعي بذلِ َك مل ْ يك ْن‬ ‫َ‬ ‫الفعل َّي ِة‪َّ ،‬‬
‫وأن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫األفراد‬ ‫ِ‬
‫لسلوكات‬ ‫موازي ًة عىل الدَّ وا ِم‬
‫اإلشارات‬ ‫ِ‬ ‫ب عندَ‬ ‫الزمنِ َّي ِة؛ إذ ال ُ‬ ‫ِ‬ ‫غائب ًا متام ًا يف ِ‬
‫فحس ُ‬ ‫األمر ْ‬ ‫ُ‬ ‫يقف‬ ‫احلقبة َّ‬ ‫هذه‬
‫األحيان ِمن ِ‬ ‫ِ‬ ‫بعض ِم َن‬ ‫ُّن الص ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫عمل‬ ‫ِ‬ ‫أداء‬ ‫ْ‬ ‫ٍ‬ ‫بيان يف‬ ‫ا َّلالفتَة لالنتباه إىل متك ِ ِّ‬
‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫إشارات ِ‬ ‫ِ‬ ‫الشرَّ ِ‬
‫بعض‬ ‫بني‬
‫عالقة َ‬ ‫وجود‬ ‫أخرى إىل‬ ‫مواز َي ٌة َ‬ ‫ٌ‬ ‫ثم َة‬‫الفاعل‪ ،‬بل َّ‬ ‫يك‬
‫جال البال ُغ َ‬ ‫الر ُ‬ ‫ِ‬ ‫ني ِ‬ ‫ورجال ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِم َن الر ِ‬
‫ون‬ ‫آخري َن‪ ،‬وتبع ًا لذل َك‪ ،‬مل ْ يك ْن ِّ‬ ‫بالغ َ‬ ‫جال‬ ‫ِّ‬
‫يواجه َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ون‬ ‫ُ‬ ‫أدب املجون‪ ...‬مل ْ يكونُوا ـ عىل ما يبدُ و ـ‬ ‫ون الذي َن يص ُف ُهم ُ‬ ‫املخنَّ ُث َ‬
‫عالقات‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫إقامة‬ ‫ون يف‬ ‫آخري َن يرغ ُب َ‬ ‫ني ِ‬ ‫رجال ِ‬
‫بالغ َ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫العثور عىل‬ ‫كثري ًة يف‬ ‫ٍ‬
‫ُصعوبات َ‬
‫املثل َّي ِة مدَّ ًة‬
‫العالقات ِ‬ ‫ِ‬ ‫بعض ِم َن‬ ‫ٍ‬ ‫استمرار‬
‫ُ‬ ‫بالقدر ذاتِ ِه‬ ‫ِ‬ ‫تم ُل‬
‫معهم‪ ،‬ويحُ َ‬
‫ِ ٍ‬
‫جنس َّية ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫جتاوز الشرَّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫طوي َل ًة بعدَ‬
‫مرحلة البلوغِ‪.‬‬ ‫الصبا إىل‬ ‫«املفعول به» مرحل َة ِّ‬ ‫يك‬
‫ِ‬
‫الفقراء‬ ‫بعض ِم َن‬ ‫بط ما َ‬ ‫بالض ِ‬ ‫ف الشرَّ بينِ ُّي َّ‬
‫كان ٌ‬ ‫أن هذا هو َّ‬ ‫يوس ُ‬ ‫ويزعم ُ‬ ‫ُ‬
‫ون إىل فعله‪ ،‬وهو ُيعدُّ برهان ًا مؤكِّد ًا عىل‬‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الزناد َقة يمي ُل َ‬ ‫ني َّ‬ ‫راويش املصرْ ِ ِّي َ‬
‫ِ‬ ‫‪ /‬الدَّ‬
‫كان‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫عروف ًا عىل وجه الدِّ َّقة هل َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫شخص َّيت ِهم الف َّظة وطبع ِهم اجلافيِ ‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وليس َم ُ‬ ‫َ‬ ‫(‪)2‬‬

‫ِ‬ ‫الر َ‬ ‫ِ‬ ‫يفض ُل َ‬ ‫هؤالء الر ِ‬ ‫ِ‬


‫ني‬ ‫البالغ َ‬ ‫جال‬ ‫ون ـ عمل َّي ًا ـ ِّ‬ ‫جال أنهَّ ُم ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫السائدُ عن‬ ‫االعتقا ُد َّ‬
‫ون‬‫يغتنم َ‬ ‫رج ُح ـ عىل ما يبدُ و ـ أنهَّ ُم كانُوا‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫الصبيان أو النِّساء أ ْم ال؟‪ .‬و ُي َّ‬ ‫عىل ِّ‬
‫ِ‬
‫القضيب فيه!‪.‬‬ ‫إيالج‬ ‫ثقب يمكن ُُهم‬ ‫ٍ‬
‫توافر أ َّية فتحة أو ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الفرص َة عندَ‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫ني مفتوليِ‬ ‫الذ ِ‬
‫كور ِّي َ‬ ‫األجالف ُّ‬ ‫الر َ‬
‫جال‬ ‫ُ‬
‫يقول‪َّ :‬‬ ‫واالفرتاض ِ‬
‫َ‬ ‫إن ِّ‬ ‫الذي‬ ‫ُ‬
‫زال قائ ًام وشائع ًا‬ ‫افرتاض ما َ‬ ‫ٌ‬ ‫ون عىل هذا الن ِ‬
‫َّحو‪ ،‬هو‬ ‫ِ‬
‫العضالت سيتصرَ َّ ُف َ‬
‫ِ‬
‫والعرب‬ ‫ني ا َّلالتينِ ِّي َ‬
‫ني‬ ‫ِ‬
‫األمريك ِّي َ‬ ‫ورة النَّمط َّي ِة عن الر ِ‬
‫جال‬ ‫ِّ‬
‫كام يتجلىَّ يف الص ِ‬
‫ُّ‬
‫الربيع‪.287 ،‬‬
‫اجلزائري‪ ،‬زهر ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫  العاميل هبا الدّ ين‪ ،‬الكشكول‪361 :1 ،‬؛‬ ‫(((‬
‫هز القحوف‪.94 ،‬‬ ‫بيني‪ّ ،‬‬
‫(((   الشرّ ّ‬
‫‪113‬‬ ‫واملرضى‬‫َ‬ ‫لواط ُّي َ‬
‫ون‬ ‫األو ُل‪ِّ :‬ال ِ‬ ‫ال َف ْص ُل َّ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫اجلنسي َة مع الن ِ‬ ‫ِ‬ ‫تفضيل ِهم العالق َة‬‫ِ‬ ‫الرغ ِم ِم ْن‬ ‫ِ‬ ‫صرِ‬
‫ِّساء ـ‬ ‫َّ‬ ‫املعا ِ ي َن الذي َن ـ عىل ُّ‬
‫ني‬‫ني الغربِ ِّي َ‬ ‫ني أو الس ِ‬
‫ائح َ‬ ‫جال املخنَّثِ َ‬
‫االستعانة بالر ِ‬ ‫ِ‬ ‫إلاَّ إنهَّ ُم ال يرت َّد ُد َ‬
‫ون يف‬
‫َّ‬ ‫ِّ‬
‫ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ نيِ‬ ‫بوص ِف ِهم‬ ‫ِ‬
‫املذكور‬
‫ُ‬ ‫العراق ُّي‬ ‫أدان الفقي ُه‬ ‫األفضل‪ )1(.‬وقدْ‬ ‫اخليار ال َّثا َ‬ ‫ني ْ‬ ‫املثل ِّي َ‬
‫ِ‬ ‫جال ِم َن‬‫لواط مع الر ِ‬ ‫العمري ا َمل َيل نحو ممُ ارس ِة ا ِّل ِ‬
‫الفئات‬ ‫ِّ‬ ‫َ َ َ‬ ‫ِ ُّ‬ ‫أمني‬
‫حممدُ ُ‬ ‫يف أعال ُه َّ‬
‫َ ِ ِ‬ ‫العمري ِة مجيع ًا إدان ًة شديدَ ًة ِ‬
‫سوى‬ ‫«الفاحشة» التي ال يرتك ُبها َ‬ ‫واصف ًا إ َّيا ُه بـ‬ ‫ِ َّ‬
‫ُ (‪)2‬‬
‫والفظ والغليظ‪.‬‬ ‫ُّ‬ ‫ِ‬
‫خبيث ال َّطب ِع‬

‫السيا ُق االجتما ِع ُّي للمثلِ َّي ِة‬ ‫ِّ‬


‫األعم‬
‫ِّ‬ ‫املبكر ِة يف‬
‫َ‬ ‫احلقبة العثامنِ َّي ِة‬
‫ِ‬ ‫نص ِ‬
‫وص‬ ‫ِ‬
‫َت املثل َّي ُة اجلنس َّي ُة ا ُملم َّث َل ُة يف ُ‬
‫كان ْ ِ‬
‫وف‬ ‫العمر" ا َملعر ِ‬ ‫ِ‬ ‫"عرب األجياليِ ِّ " أو "املبنِ ِّي عىل‬ ‫األغلب ِم َن النَّو ِع ا ِّللواطِ ِّي ِ‬ ‫ِ‬
‫ُ‬
‫بتمثيل‬‫ِ‬ ‫األمر هنا‬ ‫ُ‬ ‫َني‪ ،‬وال يتع َّل ُق‬ ‫الرومانِ َّي ِة واليونانِ َّي ِة الكالسيك َّيت ِ‬ ‫َني ُّ‬ ‫يف احلقبت ِ‬
‫وجود ِه‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ون يف‬ ‫َّاس يعتقدُ َ‬ ‫كان الن ُ‬ ‫الذي َ‬ ‫املثلي ِة النَّوع الوحيدَ ِ‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫هذا النَّو ِع م َن َّ‬
‫ِ‬
‫للكثريي َن‬ ‫ِ‬ ‫ول ‪ -‬أل َّن ُه يف الواق ِع مل ْ يك ْن مق ُبوالً‬ ‫َّوع الوحيدَ املق ُب َ‬ ‫ِِ‬
‫وال يف متثيله الن َ‬
‫والعاد ُّي" وقدْ‬‫ِ‬ ‫"املألوف‬ ‫َّاس يتخ َّي ُل َ‬
‫ون أ َّن ُه‬ ‫الذي َ‬ ‫كان النَّوع ِ‬ ‫‪ -‬ولكنَّ ُه َ‬
‫ُ‬ ‫كان الن ُ‬ ‫َ‬
‫ون موقف ًا َصارم ًا‬ ‫َّخذ َ‬ ‫لواط بشدَّ ٍة ويت ُ‬ ‫ُون ا ِّل َ‬ ‫ون ويدين َ‬ ‫الذي َن ينتقدُ َ‬ ‫حذر الفقهاء ِ‬
‫ُ‬ ‫َّ َ‬
‫خاص‪،‬‬ ‫ٍ‬
‫مكان‬ ‫بأحد ِهم يف‬ ‫اخللوة ِ‬‫ِ‬ ‫الغ ِ‬
‫لامن أو‬ ‫َّظر إىل ِ‬ ‫حذ ُروا حتَّى ِم َن الن ِ‬ ‫منه‪َّ ...‬‬
‫ٍّ‬
‫أن مسأ َل َة‬ ‫األمور‪ ،‬ويبدُ و َّ‬ ‫ِ‬ ‫وغريها ِم َن‬ ‫ِ‬ ‫واحلب هبِم‪،‬‬ ‫ِّ‬ ‫َّغز ِل‬ ‫شعر الت ُّ‬ ‫ِ‬ ‫أو نظ ِم‬
‫ال بالغ ًا وناضج ًا عىل‬ ‫الذي مل ْ يك ْن مأبون ًا وال خمنَّث ًا رج ً‬ ‫جل البال ِغ ِ‬ ‫الر ِ‬ ‫ِ‬
‫تفضيل َّ‬
‫تلفت االنتبا َه‪ ،‬ومل ْ‬ ‫ُ‬ ‫األحيان؛ يبدُ و أنهَّ ا مل ْ تك ْن‬‫ِ‬ ‫بعض ِم َن‬ ‫ٍ‬ ‫ني يف‬ ‫ِ‬
‫املراهق َ‬ ‫الص ِ‬
‫بيان‬ ‫ِّ‬
‫حمم ِل اجلدِّ ‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬
‫يك ْن أحدٌ تبع ًا لذل َك‬
‫يأخذها عىل َ‬

‫(املحرران)‪ ،‬اجلنسان ّية واأليروس ّية بني ّ‬


‫الذكور‬ ‫ّ‬ ‫تتكرر هذه الفكرة يف شمت وسوفر‪،‬‬
‫(((    ّ‬
‫يف املجتمعات املسلمة‪ .‬ولال ّطالع عىل نقد لصورة «القضيب األعمى» النّمط ّية التي‬
‫تشيع يف بعض من اإلسهامات يف هذا العمل‪ ،‬انظر موري‪ ،‬العالقات املثل ّية‪-266 ،‬‬
‫‪.272‬‬
‫العمري‪ ،‬منهل األولياء ومرشب األصفياء من سادات املوصل احلدباء‪،‬‬‫ّ‬ ‫حممد أمني‬
‫(((    ّ‬
‫‪.228 :1‬‬
‫اإل ْسال ِم ِّي‬ ‫ال ال َع َر ِب ِّي ِ‬ ‫جل ْن ِس َّي ِة يِف ال َع مَ ِ‬ ‫َما َق ْب َل امل ِْثلِ َّي ِة ا ِ‬ ‫‪114‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫عالقات‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬


‫وإقامة‬ ‫ِ‬
‫باآلخر‬ ‫أحد ِهم‬ ‫رغبة ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫إبداء‬ ‫ون عوض ًا عن‬ ‫كان ا ِّللواطِ ُّي َ‬ ‫َ‬
‫ون عىل‬ ‫يتشاجر َ‬‫ُ‬
‫ِ‬
‫األحيان‬ ‫بعض ِم َن‬ ‫ٍ‬ ‫ون ويف‬ ‫يتنافس َ‬
‫ُ‬ ‫جنس َّي ٍة فيام بين َُهم؛ كانُوا‬ ‫ِ‬
‫مشق ُّي أبو املعاليِ‬ ‫الشاعر الدِّ ِ‬ ‫ِ‬
‫الوي‬ ‫حممدُ ال َّط ُّ‬ ‫درويش َّ‬ ‫ُ‬ ‫أملح َّ ُ‬ ‫الصبيان! وقدْ َ‬ ‫ِّ‬
‫ِ‬
‫بني أحد القضاة البارزي َن يف‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫مثل هذا َ‬ ‫صرِ‬
‫( ُتوفيِّ َ سن َة ‪1606‬م) إىل ا ٍع ِ‬
‫الس ِّن‬ ‫عبد َص ِ‬ ‫شخصي ًا ِمن ٍ‬ ‫ِ‬ ‫املشاة‪ ،‬وقدْ ُح ِر َم َّ‬ ‫ِ‬ ‫وجند ٍّي ِم َن‬
‫ِ‬
‫غري ِّ‬ ‫َّ ْ‬ ‫اعر‬
‫الش ُ‬ ‫دمشق‬
‫َ‬
‫لبنان ِ‬ ‫األمري الدَّ َر ِز ِّي حاك ِم ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ين‬ ‫فخر الدِّ ِ‬ ‫َ‬ ‫جبل‬ ‫لص ِ‬
‫الح‬ ‫وقع يف ح ِّبه َ‬ ‫مليح هبِ ٍّي َ‬ ‫ٍ‬
‫وروى‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫الكبري ( ُتوفيِّ َ سن َة ‪1635‬م) أثنا َء‬ ‫ِ‬ ‫املعنِ ِّي ال َّثانيِ‬
‫مروره بمدينة َصيدا؛ َ‬
‫شامئل ِه ُسالف ُة‬ ‫ِ‬ ‫الوي] غال ُم تُعصرَ ُ ِم ْن‬ ‫اعر ال َّط ِّ‬ ‫للش ِ‬ ‫(وكان له [أي َّ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬
‫اخلفاج ُّي‪:‬‬
‫وألذ‬‫ظفر عانيِ ‪ُّ ،‬‬ ‫َّشاط إلاَّ أردا َف ُه‪ ،‬أحلىَ ِم ْن ِ‬ ‫ا َّللطا َف ِة‪ ،‬مه ُته يف خدمتِ ِه ِخ َّف ُة الن ِ‬
‫َّ ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫للح ْس ِن مت َّن ا ُملنَى‪ ،‬مت َّن أ َّن ُه مث ُل ُه‪ ،‬لشغفه به س َّل َم له‬ ‫حديث األما ‪ ،‬لو َ‬‫نيِ‬ ‫ِ‬ ‫ِم ْن‬
‫قيل ُ‬
‫خرق إذا‬ ‫كل ٍ‬ ‫مان أبا البدائعِ‪ ،‬وما ُّ‬ ‫الز َ‬ ‫وح ُّل ُه‪ ،‬فسل َب ُه منه َّ‬ ‫فرسى به َر ْب ُط ُه َ‬ ‫قل َب ُه‪َ ،‬‬
‫(‪)1‬‬
‫أعدائ ِه‪.)...‬‬ ‫ِ‬ ‫يستعد ِيه عىل‬
‫ِ‬ ‫الشا ِم‪،‬‬ ‫أمري َّ‬‫يف ِ‬ ‫وهى له راقع؛ فكتب إىل الشرَّ ِ‬
‫َ‬ ‫ٌ‬ ‫َ‬
‫وص ِف ِه مصرْ َ يف عام (‪1599‬م) َّ‬
‫أن اخل َّيال َة أو‬ ‫عيل يف ْ‬‫مصط َفى ُّ‬ ‫وذكر ْ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الصبيان أو اخليول ‪ -‬خالف ًا للجنود يف‬‫ِ‬
‫ون كثري ًا عىل ِّ‬‫يتصار ُع َ‬ ‫الفرسان كانُوا َ‬ ‫َ‬
‫زعم ِه]‬
‫ب ِ‬ ‫[بحس ِ‬
‫ْ‬ ‫يطمع أحدُ ُهم‬
‫ُ‬
‫اإلمرباطوري ِة ِ‬
‫الذي َن (ال‬ ‫ِ َّ‬ ‫املناطق الترُّ ِك َّي ِة ِم َن‬
‫ِ‬
‫ِ ِ (‪)2‬‬
‫حصانِ ِه أو َصب ِّيه)‪.‬‬
‫آخر أو َ‬ ‫ٍ‬
‫شخص َ‬
‫ِ‬
‫ممتلكات‬ ‫يف‬

‫اجلنس َّي ِة‬


‫ِ‬ ‫ِ‬
‫العالقات‬ ‫َّظر إىل‬ ‫ِ‬
‫احلديث إىل الن ِ‬ ‫توج ٌه عا ٌّم يف العاملِ الغربيِ ِّ‬ ‫وثم َة ٌّ‬‫َّ‬
‫اجلنس ذاتِهِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ني م َن‬‫شخص ِ‬ ‫بني‬ ‫ٍ‬
‫جوهرها ـ عالقات َ‬ ‫ِ‬ ‫بوصفها ـ يف‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫الرجال ْ‬ ‫بني ِّ‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫توافر‬ ‫تعذ ِر‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫توجهات سيكولوج َّية‪ ،‬أو ُّ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫اختارا إقام َة عالقة جنس َّية‬
‫بسبب ُّ‬
‫مثل‬ ‫عالقات َ‬‫ٍ‬ ‫فكرة تفيدُ َّ‬
‫أن‬ ‫ٍ‬ ‫اآلخ ِر‪ ،‬وأ َّدى ذلِ َك إىل شيو ِع‬ ‫ِ‬
‫اجلنس َ‬ ‫شخص ِم َن‬‫ٍ‬
‫اخل َّي ِة‬
‫واملدارس الدَّ ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اجليوش‬ ‫اخلاص ِة ِم ْن ِ‬
‫مثل‬ ‫َّ‬ ‫كور َّي ِة‬
‫الذ ِ‬ ‫ِ‬
‫البيئات ُّ‬ ‫تنترش يف‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫هذه‬

‫اخلفاجي‪ ،‬رحيانة األلبا‪ .62 :1 ،‬لال ّطالع عىل‬


‫ّ‬ ‫البوريني‪ ،‬تراجم األعيان‪87 :1 ،‬؛‬
‫ّ‬ ‫(((‬
‫مثال آخر‪ ،‬انظر ابن كنان‪ ،‬احلوادث اليوم ّية‪.38 ،‬‬
‫(((   تيتز‪ ،‬وصف مصطفى ّ‬
‫عيل ملرص‪.54 ،‬‬
‫‪115‬‬ ‫واملرضى‬‫َ‬ ‫لواط ُّي َ‬
‫ون‬ ‫األو ُل‪ِّ :‬ال ِ‬ ‫ال َف ْص ُل َّ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ثم َة‬ ‫ِ‬ ‫جون؛ إىل ِ ِ‬ ‫واألديرة والس ِ‬ ‫ِ‬ ‫امات الس ِ‬ ‫مح ِ‬
‫آخره‪ .‬وزياد ًة عىل ذل َك‪َّ ،‬‬ ‫ُّ‬ ‫باحة‬ ‫ِّ‬ ‫و َّ‬
‫لواط يعنِي‬ ‫فعل ا ِّل ِ‬ ‫أن َ‬ ‫املبكر تفيدُ َّ‬ ‫ِ‬ ‫نيِ‬
‫برز ْت يف الشرَّ ق العربيِ ِّ العثام ِّ‬
‫ِ‬ ‫أخرى َ‬ ‫فكر ٌة َ‬
‫الفعل يف املخي َل ِة‬ ‫ُ‬ ‫يميل هذا‬ ‫العالقة‪ ،‬ولذا ُ‬ ‫ِ‬ ‫رجل وغال ٍم يف‬ ‫ٍ‬ ‫َ‬
‫اشرتاك‬ ‫ِ‬
‫املعتاد‬ ‫يف‬
‫بني‬ ‫االختالط َ‬ ‫ُ‬ ‫يكون فيها‬ ‫ُ‬ ‫االجتامع َّي ِة التِي‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ياقات‬ ‫بالس‬ ‫ِ‬
‫الشعبِ َّية إىل االقرتان ِّ‬
‫َّ ِ‬
‫أن‬ ‫األجيال ملحوظ ًا‪ .‬وال يعنِي هذا َّ‬ ‫ِ‬ ‫العمر َّي ِة املختل َف ِة ِم َن الر ِ‬
‫جال أو‬ ‫ِّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الفئات‬
‫إن‬‫هذه؛ إذ َّ‬ ‫مثل ِ‬ ‫سياقات ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ور يف‬ ‫حمصور ًا أو َ‬ ‫لواط َ‬ ‫ا ِّل َ‬
‫حمص ٌ‬‫كان ُيعتقدُ يف أ َّن ُه ُ‬ ‫كان ُ‬
‫لعمل َّي ِة‬ ‫جيري بال َّطري َق ِة ذاتهِ ا ِ‬ ‫الواحد] مل يك ْن ِ‬
‫ْ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اجلنس‬ ‫[م َن‬ ‫األجيال ِ‬‫ِ‬ ‫بني‬‫الفص َل َ‬ ‫ْ‬
‫مثليةٍ‬ ‫عالقات ِ‬ ‫ٍ‬ ‫َت الفرص املتاح ُة أمام إقامةِ‬ ‫اجلنسني‪ ،‬ولذل َك كان ْ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الفص ِل َ‬
‫بني‬
‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫ِ‬
‫يظهر واضح ًا َم ُيل الكثريي َن‬ ‫ِ‬
‫الرغ ِم م ْن ذل َك‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫غري مؤ َّكدَ ة بنحو‬
‫ُ‬ ‫مماثل؛ وعىل ُّ‬ ‫َ‬
‫بالكثري) بيئاتٍ‬ ‫ِ‬ ‫الري َب َة (أو تُعدُّ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫تثري ِّ‬ ‫إىل التَّفكري بوجود بيئات اجتامع َّية حمدَّ َدة ُ‬
‫حيدث‬ ‫ُ‬ ‫للغاية‪ ،‬أو قد‬ ‫ِ‬ ‫محيم َّي ًا وقو َّي ًا‬ ‫لامن ِ‬ ‫والغ ِ‬ ‫جال ِ‬ ‫بني الر ِ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫االختالط َ ِّ‬ ‫يكون فيها‬
‫ين التَّال َي ِة‪:‬‬ ‫العيون املرتبص ِة‪ ،‬ويصدُ ُق هذا يف املقا ِم األو ِل عىل ِ‬
‫املياد ِ‬ ‫َّ‬ ‫َ ْ‬ ‫ِّ َ‬
‫ِ‬ ‫بعيد ًا عن‬
‫مات العا َّم ِة‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫والر ِّق والعبود َّية واملقاهي واحلماَّ‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫الصوف َّية ِّ‬ ‫رائق ُّ‬ ‫التَّعلي ِم وال ُّط ِ‬

‫عليم‬
‫الت ُ‬ ‫َّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫شخص َّي ًة‬ ‫احلديث مسأ َل ًة‬ ‫اإلسالم ِّي ما َ‬
‫قبل‬ ‫َّعليم يف العاملِ العربيِ ِّ‬‫كان الت ُ‬ ‫َ‬
‫تعليم ٍّي قد‬‫ِ‬ ‫"مؤس َس ٍة" أو "نظا ٍم"‬ ‫ُ‬
‫فاحلديث عن‬ ‫للغاية‪ ،‬وبنا ًء عىل ذلِ َك‪،‬‬ ‫ِ‬
‫َّ‬
‫ٍ‬ ‫مدر ِس َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫يكون مض ِّل ً‬
‫أفراد ـ‬ ‫ني‬ ‫الب جمَّان ًا عىل يد ِّ‬ ‫يدرس ال َّط ُ‬ ‫ُ‬ ‫للغاية! إذ‬ ‫ال‬ ‫ُ‬
‫الب عىل إجازتِ ِه‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫وم ْن هؤالء حتديد ًا ـ ال ِم ْن أ َّي ِة‬ ‫ِ‬
‫حيص ُل ال َّط ُ‬ ‫مدرسة حمدَّ َدة‪َ ،‬‬ ‫َ‬
‫ِ ِ (‪)1‬‬
‫(الس ُريذاتِ َّي ٌة) التِي‬ ‫امللحوظات ِّ‬
‫ُ‬ ‫وتكشف‬
‫ُ‬ ‫العلم َّي ِة ومكانتِ ِه [االجتامع َّية]‪.‬‬ ‫ِ‬
‫أيدهيِم‪،‬‬ ‫تتلمذ عىل ِ‬ ‫َ‬ ‫األساتذة ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الب غالب ًا تقريب ًا عن‬
‫الذي َن‬ ‫أسامء‬ ‫يدونهُ ا ال َّط ُ‬ ‫ِّ‬
‫األخري‬ ‫ف‬‫درس فيها‪ .‬وقدْ يؤ ِّل ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫يذكر إلاَّ نادر ًا أسام َء‬
‫ُ‬ ‫املدارس التي َ‬ ‫ولكنَّ ُه ال ُ‬

‫امر َسة االجتامع ّية يف دمشق يف العصور الوسطى‪ ،‬الفصل‬ ‫(((   تشامربلني‪ ،‬املعرفة وا ُمل َ‬
‫ترسخت مكانة جامعة‬
‫ّ‬ ‫الوسطى‪.‬‬ ‫القرون‬ ‫يف‬ ‫القاهرة‬ ‫يف‬ ‫املعرفة‬ ‫ال ّثاين؛ بريكي‪ ،‬نقل‬
‫األزهر يف القاهرة بحلول القرن ال ّثامن عرش‪ ،‬وذاع صيتها بوصفها ّ‬
‫مؤسسة عىل‬
‫باملدرسني األفراد‪.‬‬
‫ّ‬ ‫الرغم من بقاء مسألة منح اإلجازة حمصورة‬ ‫ّ‬
‫اإل ْسال ِم ِّي‬ ‫ال ال َع َر ِب ِّي ِ‬ ‫جل ْن ِس َّي ِة يِف ال َع مَ ِ‬ ‫َما َق ْب َل امل ِْثلِ َّي ِة ا ِ‬ ‫‪116‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ياق املكانيِ َّ لتل ِّقي الدُّ‬ ‫الس َ‬
‫مه َّي َت ُه ال تتعدَ ى‬ ‫الصفوف‪ ،‬ولك َّن أ ِّ‬ ‫روس وتنظي ِم ُّ‬ ‫ِّ‬
‫الغرض‬ ‫َ‬ ‫أن يؤ ِّد َي‬ ‫خاص ْ‬ ‫ٍّ‬ ‫ٍ‬
‫أغلب األحيان؛ إذ يمك ُن جلام ٍع أو منزل‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ذلِ َك يف‬
‫وحيدث‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬
‫العادة‪،‬‬ ‫ني يف‬ ‫مدر ِس َ‬ ‫ذا َته؛ وحيص ُل ال َّطالب عىل شهادتِ ِه ِمن ْ ِ‬
‫بضعة ِّ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫بأستاذ حمدَّ ٍد‪ ،‬يمي ُزه يف كتاباتِ ِه (الس ِريذاتِي ِة) بعباراتٍ‬ ‫ٍ‬ ‫بعالقة وثي َقةٍ‬ ‫ٍ‬ ‫َ‬
‫يرتبط‬ ‫ْ‬
‫أن‬
‫َّ‬ ‫ِّ‬ ‫ُ ِّ ُ‬
‫جل َّي ًا يف‬ ‫الزمه) و(خدَ مه) وكام يلوح ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫َُ‬ ‫و(صح َب ُه‪ُ َ َ ،‬‬ ‫اختص بـ) َ‬ ‫َّ‬ ‫(انتمى إىل‪،‬‬ ‫مثل َ‬
‫فارق‬ ‫متايز ٍ‬ ‫استعامل ٍ‬ ‫ُ‬ ‫جاز لنا‬ ‫واخلاص ‪ -‬إذا َ‬ ‫ُّ‬ ‫يمتزج املهنِ ُّي‬ ‫ُ‬
‫مثل ِ‬
‫هذه‪،‬‬ ‫تعبريات ِ‬ ‫ٍ‬
‫ِ‬ ‫عالقات ِ‬ ‫ٍ‬ ‫بنحو ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫مرب ورا ٍع ومرشدٌ يف‬ ‫مثل هذه‪ ،‬فاملع ِّل ُم ٍّ‬ ‫وثيق يف‬ ‫تارخي َّي ًا ‪-‬‬
‫الب زبون ًا وتابع ًا وخادم ًا‪.‬‬ ‫واحد؛ يف ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫يكون ال َّط ُ‬ ‫ُ‬ ‫حني‬ ‫وقت‬
‫جانب‬ ‫ِ‬ ‫َّعليم َّي ِة إىل‬ ‫العملي ِة الت ِ‬
‫َّ‬
‫ِ‬ ‫خص َّي ِة القو َّي ِة يف‬ ‫الش ِ‬ ‫العالقة َّ‬ ‫ِ‬ ‫إن طبيع َة‬ ‫َّ‬
‫نطاق واس ٍع ‪ -‬حتَّى يف رأي‬ ‫عمر ُيعدُّ عىل ٍ‬ ‫س يف ٍ‬ ‫باملدر ِ‬ ‫الب‬‫حقيقة ارتباط ال َّط ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ِّ‬
‫بب يف ِ‬
‫بروز‬ ‫ِ‬ ‫جذاب ًا للر ِ‬ ‫ني املتشدِّ ِدي َن ‪َّ -‬‬ ‫ِ‬
‫الس َ‬ ‫ني‪ ،‬ر َّبام يفسرِّ ُ َّ‬ ‫البالغ َ‬ ‫جال‬ ‫ِّ‬ ‫األخالق ِّي َ‬
‫احلب املثليِ ِّ املداف َع ِة منها‬ ‫ِّ‬
‫ِ‬
‫خطابات‬ ‫اإلشارة إليها يف‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وكثرة‬ ‫بقو ٍة‬ ‫هذه العالقة َّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫سواء‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫واملعاد َي ِة عىل حدٍّ‬ ‫ِ‬

‫ِ‬ ‫حمم ٍد ِ‬ ‫سيِ‬ ‫ِ‬ ‫وعىل ِ‬


‫القوام ِّي‬ ‫إبراهيم‬
‫َ‬ ‫بن‬ ‫وفق الفيلسوف الفار ِّ ملاَّ َصدرا َّ‬
‫فإن‬‫رياز ِّي ( ُتوفيِّ َ سن َة ‪1641-1640‬م) َّ‬ ‫الش ِ‬ ‫ين ِّ‬ ‫در الدِّ ِ‬ ‫وف بـ ملاَّ َص ِ‬ ‫ا َملعر ِ‬
‫ُ‬
‫حلث الرجالِ‬ ‫ٍ‬ ‫ليِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫السامو َّي م ْن وجود انجذاب مث ٍّ راق هو ـ حتديد ًا ـ ِّ ِّ‬ ‫الغرض َّ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫احلضارة‬ ‫فنون‬ ‫ضامن ِ‬
‫نقل‬ ‫ُ‬ ‫ثم‪،‬‬ ‫عىل االت َِّصال بالغلامن ورعايت ِهم‪ ،‬وم ْن َّ‬
‫بني‬ ‫االنجذاب غائب ًا َ‬ ‫ِ‬ ‫َّوع ِم َن‬ ‫كان هذا الن ُ‬ ‫آخر‪ ،‬وهلذا َ‬ ‫جيل إىل َ‬ ‫وعلومها ِم ْن ٍ‬ ‫ِ‬
‫ود؛‬ ‫ني الس ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫«البدئ َّي ِة» ِ‬ ‫ِ‬ ‫الش ِ‬ ‫ُّ‬
‫البدو واألكراد والترُّ كامن واألفريق ِّي َ ُّ‬ ‫مثل‬ ‫عوب‬
‫اجلنس‬‫ِ‬ ‫ِ‬
‫إدامة‬ ‫جنس َّي ًا إىل‬ ‫ترمي الرغب ُة الف َّظ ُة املتغاير ُة ِ‬ ‫العالقة‪ِ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫هلذ ِه‬ ‫وخالف ًا ِ‬
‫َ‬ ‫َّ‬
‫َت ممُ َار َس ًة شائ َع ًة بين َُهم‪ )1(.‬ومل ْ يك ْن (ملاَّ َصدرا) َّأو َل َم ْن‬ ‫البرش ِّي‪ ،‬وكان ْ‬ ‫ِ‬
‫إخوان الصفا ِ‬ ‫بالكلامت ذاتهِ ا ‪-‬‬ ‫ِ‬ ‫خاض يف ذلِ َك‪ ،‬إذ سب َق ُه إليه ‪-‬‬
‫الذي َن يمك ُن‬ ‫ُ َّ‬ ‫َ‬
‫ريازي‪ ،‬احلكمة املتعالية يف األسفار العقل ّية األربعة‪-171 :7 ،‬‬
‫ّ‬ ‫(((   ملاّ صدر الدّ ين ّ‬
‫الش‬
‫‪172‬؛ حتتوي خمتارات راغب باشا (توفيّ سن َة ‪ )1763‬سفينة ّ‬
‫الراغب ودفينة‬
‫ريازي يف ‪.318-317‬‬
‫ّ‬ ‫ال ّطالب‪ ،‬عىل مناقشة مستفيضة ملا ذكره ملاّ صدر الدّ ين ّ‬
‫الش‬
‫‪117‬‬ ‫واملرضى‬‫َ‬ ‫لواط ُّي َ‬
‫ون‬ ‫األو ُل‪ِّ :‬ال ِ‬ ‫ال َف ْص ُل َّ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫العارش‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫القرن‬ ‫اجلدد (‪ )neoplatonists‬يف‬ ‫ِ‬ ‫وص ُف ُهم بـاألفالطونِ ِّي َ‬
‫ني‬ ‫ْ‬
‫مدهش بالت ََّص ُّو ِر األفالطونيِ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫الشبه بنحو‬ ‫ِ‬ ‫قريب َّ‬ ‫والذي َن بدا حدي ُث ُهم‬ ‫ِ‬
‫ِّ‬ ‫َ‬
‫ابات‪،‬‬ ‫جذ ٍ‬ ‫ٍ‬
‫نساء َّ‬ ‫عالقات ِ‬
‫جنس َّي ًة مع‬ ‫ٍ‬ ‫يقيم َ‬
‫ون‬ ‫البالغ َ ِ‬ ‫ِ‬ ‫عن الر ِ‬
‫ني الذي َن ُ‬ ‫جال‬ ‫ِّ‬
‫َت أبعدَ‬ ‫الرؤي َة كان ْ‬ ‫ِ‬ ‫الح‪ .‬إلاَّ َّ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وعالقات فكر َّي ًة وعقل َّي ًة مع صبيان م ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫أن هذه ُّ‬
‫(‪)1‬‬

‫الرؤي َة الوحيدَ َة املهيمنَ َة‪ ،‬إذ شدَّ َد الفقي ُه والقايض املك ُِّّي اب ُن‬ ‫ف ُّ‬ ‫أن تؤ ِّل َ‬ ‫ِم ْن ْ‬
‫للغاية عىل‬ ‫ِ‬ ‫الذي تبنَّى وجه َة ٍ‬
‫نظر خمتل َف ًة‬ ‫اهليتمي ( ُتوفيِّ سن َة ‪1566‬م) ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫حجر‬
‫َ‬ ‫ُّ‬
‫الح ما أمكنَ ُه ذلِ َك ـ عىل‬ ‫لامن ا ُمل ْر ِد املِ ِ‬
‫الغ ِ‬ ‫ون املع ِّلم نظره ِمن ِ‬
‫ُ َُ َ‬ ‫يص َ‬ ‫أن ُ‬
‫ِ‬
‫رضورة ْ‬
‫َّعليم‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫الش ِ‬ ‫بغياب َّ‬ ‫ِ‬ ‫الرغ ِم ِم ْن إباحتِ ِه‬
‫ب هو الت ُ‬ ‫فحس ُ‬
‫لغرض واحد ْ‬ ‫هوة ‪-‬‬ ‫األمر‬
‫َ‬ ‫ُّ‬
‫ِ (‪)2‬‬ ‫الذ ِ‬ ‫ِ‬
‫َّظر م ْن تشتُّت ِّ‬ ‫ِ‬
‫هن أو اإلغواء‪.‬‬ ‫جير إليه الن ُ‬ ‫‪ -‬خماف ًة ممَّا ُّ‬
‫مضوا بعيد ًا‬ ‫بضعة فقها َء َ‬ ‫ِ‬ ‫الذاتِ َّي ِة أمثل ُة عن‬
‫رية َّ‬‫ات الس ِ‬ ‫وثم َة يف أدبِي ِ‬
‫ِّ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬
‫الح بطري َق ٍة معينَةٍ‬ ‫ِ‬
‫ب امل ِ‬ ‫إجالس ال ُّطلاَّ ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫مثل هذه َ‬
‫مثل‬ ‫ٍ‬
‫التزام ِهم بتعليامت ِ‬ ‫ِ‬ ‫يف‬
‫َّ‬
‫بن‬ ‫ين ِ‬ ‫تاج الدِّ ِ‬
‫محن ب ُن ِ‬ ‫الر ِ‬ ‫كان عبدُ َّ‬ ‫إليهم ُم َبارشةً‪ ،‬فقدْ َ‬ ‫َّظر ِ‬ ‫تفادي الن ِ‬
‫َ‬ ‫تضم ُن‬
‫جيلس خل َف ُه‬ ‫يأمر ُه ْ‬
‫بأن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫أمحدَ ِ‬
‫َ‬ ‫بن حماس َن الدِّ مشق ُّي إذا (جا َء إىل حلقة املح ِّب ِّي ُ‬
‫لوجه ِه عن‬ ‫ِ‬ ‫أفعل ذلِ َك ِصيا َن ًة‬ ‫ويقول املح ِّب ُّي‪ :‬إنَّام ُ‬ ‫ُ‬ ‫ظهر ِه‪،‬‬
‫ظهر ُه إىل ِ‬ ‫ويدير َ‬ ‫َ‬
‫بن أمحدَ‬‫الصفا ِ‬‫َّ‬ ‫بن أبيِ‬ ‫ابن أسعدَ حي َيى ِ‬ ‫جلس عندَ ِ‬ ‫َ‬ ‫وكان إذا‬‫َ‬ ‫أن يرا ُه أحدٌ )‬ ‫ْ‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫يقر ُب ُه زهد ًا منه)‪.‬‬ ‫ينظر إليه وال ِّ‬ ‫عروف باملحاسن ِّي (غال ٌم ال ُ‬ ‫ا َمل ُ‬
‫(‪)3‬‬

‫ِ‬ ‫العديد ِم َن‬


‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الفقهاء‬ ‫ربنا عن استسال ِم‬ ‫ثم َة وفر ٌة م َن األد َّلة خت ُ‬
‫ومع هذا‪َّ ،‬‬‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫لإلغواء‪ ،‬إذ أتهُّ ِ َم أخو الفقيه‬
‫الصفد ِّي ( ُتوفيِّ َ‬ ‫السرية أمحدَ اخلالد ِّي َّ‬ ‫وكاتب ِّ‬
‫جنس َّي ًا‬ ‫ِ‬
‫باالعتداء ِ‬ ‫كان يقيم يف ص ٍ‬ ‫ِ‬
‫فلسطني‬
‫َ‬ ‫فد يف‬ ‫َ‬ ‫سن َة ‪1625-1624‬م) الذي َ ُ‬
‫الص ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫تالميذ ِه؛‬
‫ِ‬ ‫عىل ِ‬
‫غري‬ ‫وانترش ْت شائ َع ٌة عن الفقيه الدِّ مشق ِّي أمحدَ ال ِّطيبِ ِّي َّ‬ ‫َ‬ ‫أحد‬

‫الصفا وخلاّن الوفا‪277 :3 ،‬؛ أفالطون‪ ،‬النّدوة‪،‬‬ ‫الصفا‪ ،‬رسائل إخوان ّ‬ ‫(((   إخوان ّ‬
‫‪208‬أي ‪-209‬أي‪.‬‬
‫اهليتمي‪ ،‬حترير املقال يف أداب وأحكام وفوائد حيتاج إليها مؤ ّدبو األطفال‪،‬‬
‫ّ‬ ‫(((   ابن حجر‬
‫‪.65‬‬
‫((( املح ّب ّي‪ ،‬خالصة األثر‪223 :3 ،407 :2 ،‬؛ املرادي‪ ،‬سلك الدرر‪.222 :4 ،‬‬
‫اإل ْسال ِم ِّي‬ ‫ال ال َع َر ِب ِّي ِ‬ ‫جل ْن ِس َّي ِة يِف ال َع مَ ِ‬ ‫َما َق ْب َل امل ِْثلِ َّي ِة ا ِ‬ ‫‪118‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫لطيف ِ‬
‫بن اجلابيِ‬ ‫ِ‬ ‫تلميذ ِه ِ‬
‫عبد ا َّل‬ ‫ِ‬ ‫( ُتوفيِّ َ سن َة ‪1586‬م) عن إقامتِ ِه عالق ًة مع‬
‫مشق ِّي‬‫اعر الدِّ ِ‬
‫الش ِ‬‫مري عىل َّ‬ ‫الض ِ‬ ‫ِ‬
‫بتأنيب َّ‬ ‫عور‬ ‫وغلب ُّ‬ ‫( ُتوفيِّ َ سن َة ‪1617‬م)؛‬
‫الش ُ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫احلي ِ‬ ‫ِ‬
‫باالنجذاب يف‬ ‫الرحيان ( ُتوفيِّ َ سن َة ‪1688‬م) بعدَ ما َ‬
‫شعر‬ ‫طرز َّ‬ ‫ِّ‬ ‫عبد‬
‫مصط َفى‬ ‫ِ‬ ‫تالميذ ِه؛‬
‫ِ‬ ‫خيانة منه ملحبوبتِ ِه إىل ِ‬ ‫ٍ‬
‫حممدُ ْ‬
‫األديب العراق ُّي َّ‬‫ُ‬ ‫ونظم‬
‫َ‬ ‫أحد‬
‫تلميذ له‬‫ٍ‬ ‫قصري ًة يف ِ‬
‫وفاة‬ ‫قصيد َة ٍ‬
‫رثاء ِ‬ ‫الغالمي ( ُتوفيِّ سن َة ‪1773-1772‬م) ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُّ‬
‫(‪)1‬‬
‫نحو ُه‪.‬‬ ‫ِ‬
‫باالنجذاب َ‬ ‫يشعر‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫كان‬
‫الش ِ‬
‫رباو ّي ( ُتوفيِّ َ سن َة‬ ‫اعر املصرْ ِ ُّي عبدُ اهللِ َّ‬ ‫والش ُ‬‫نظم الفقي ُه َّ‬ ‫ِ‬
‫وباملثل‪َ ،‬‬
‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫شيخ جام َع ِة‬
‫طالب‬ ‫القاهرة َقصيدَ ًة غزل َّي ًة َّ‬
‫وج َهها إىل‬ ‫َ‬ ‫األزهر يف‬ ‫‪1758‬م) ُ‬
‫مقاييس ذلِ َك‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫استثنائ ٍّي يف‬ ‫ٍ‬
‫بنحو‬ ‫ارش ٍة‬ ‫ِ‬
‫َت ال َقصيدَ ُة جري َئ ًة و ُم َب َ‬
‫ٍ‬
‫سابق؛ وكان ْ‬
‫األدب خماطب ًا له‬ ‫ِ‬ ‫َ‬
‫فنون‬ ‫كان يقرأ عليه‬ ‫بشاب َ‬ ‫ٍّ‬ ‫(متغزالً‬
‫ِّ‬ ‫العصرْ ِ ! إذ َ‬
‫قال‬
‫ومداعب ًا)‪:‬‬
‫ــــــر ُك األنــــا ْم‬‫حركُـــه َش‬ ‫يا أيـــــا ال َّظبــــــــي ِ‬
‫الذي‬
‫َ‬ ‫َّ‬ ‫هُّ‬
‫الســـــقا ْم‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ماذا فع ْل‬
‫احلشى ب��ادي ِّ‬ ‫قلق‬ ‫ـــــــق‬‫بعاش‬ ‫ـــــــت‬
‫َ‬

‫َ‬
‫ــــك مســـــتها ْم‬ ‫دن ِ ٍ‬
‫ـــف بح ِّب‬ ‫جـــم اهلمـــــوم متــــ َّيـــــ ٍم‬
‫َ‬ ‫ِّ‬
‫بالســـــال ْم‬
‫َّ‬ ‫ـــت يومـــ ًا‬
‫أنعم َ‬
‫ْ‬ ‫ٍ‬
‫طـــــرب إذا‬ ‫هيتـــز ِمــــ ْن‬
‫ُّ‬

‫َ‬
‫أحــالك يف ه��ذا ال َقــــوا ْم‬ ‫ما‬ ‫ـــــــيح‬ ‫وإذا مـــــرر َت ِ‬
‫يص‬
‫ُ‬ ‫َْ‬

‫  البوريني‪ ،‬تراجم األعيان‪125-124 :1 ،‬؛ (املقصود هو شمس الدّ ين اخلالدّ ي‬ ‫ّ‬ ‫(((‬
‫ألح يف‬ ‫ّ‬ ‫بعدما‬ ‫لبة‬ ‫ّ‬
‫ط‬ ‫ال‬ ‫من‬ ‫وبعض‬ ‫أخيه‬ ‫بمساعدة‬ ‫كرها‬ ‫أراد‬ ‫ما‬ ‫نال‬ ‫ّه‬
‫ن‬ ‫إ‬ ‫يقال‪:‬‬ ‫الذي‬
‫بي الذي كان غصنا رو ّيا وبدرا كامال هب ّيا‪ ،‬بحسب املح ّب ّي‪.‬‬ ‫التّم ّلق واخلضوع ّ‬
‫للص ّ‬
‫السمر وقطف ال ّثمر من تراجم أعيان ال ّطبقة األوىل‪:2 ،‬‬ ‫الغزي‪ ،‬لطف ّ‬
‫ّ‬ ‫(املرتمجة)‪.‬‬
‫العمري‪ ،‬منهل األولياء‬
‫ّ‬ ‫حممد أمني‬
‫‪540-539‬؛ املح ّب ّي‪ ،‬خالصة األثر‪337 :2 ،‬؛ ّ‬
‫ومرشب األصفياء‪.257 :1 ،‬‬
‫‪119‬‬ ‫واملرضى‬‫َ‬ ‫لواط ُّي َ‬
‫ون‬ ‫األو ُل‪ِّ :‬ال ِ‬ ‫ال َف ْص ُل َّ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫َ‬
‫احلش�ى منِّـ�ي س�ـها ْم‬ ‫ُظ َ‬
‫�ك يف‬ ‫مــــوالي كـم رشـــ َق ْت حلا‬
‫َ‬
‫مـــ�ا َ‬
‫ذاك لحَْ ُظ َ‬
‫�ك ب�ل س�ـــها ْم‬ ‫ذاك قـــــ�دُّ َك بـ�ل قنـــ�ا‬
‫مـــ�ا َ‬

‫أقـــ�ل ِم� َن الكـــلا ْم‬


‫َّ‬ ‫ِم فـــــلا‬ ‫َ‬
‫فديتــــ�ك بالكــال‬ ‫فاس�ــــمح‬
‫ْ‬

‫وش�م ُل َك يف التئـــ�ا ْم‬ ‫ش�ـــمليِ‬ ‫ِ‬


‫العهــــ�د إذ‬ ‫قديــ�م‬ ‫ْ‬
‫واحفـــ�ظ‬
‫َ‬
‫َ‬
‫الفضــــائ�ل باهتمــ�ا ْم‬ ‫تس�ــب‬
‫ُ‬ ‫أ َّيـــــ�ا َم تأتينِـــ�ي وتكـــــــ�ـ‬

‫ُ‬
‫وكمــ�ال ح ِّظــ�ي يف انتظـ�ا ْم‬ ‫ٌ‬
‫مقبــ�ل‬ ‫ِ‬
‫س�ـــــعدي‬ ‫أ َّيـــــــ�ا َم‬
‫ِ‬
‫دهـ�ري يف ابتس�ـا ْم‬ ‫وثغـ�ر‬
‫ُ‬ ‫ُل‬ ‫َ‬
‫منـــــ�ك القبـــ�و‬ ‫أ َّيــــ�ام يل‬

‫عتــ�اب وال احتش�ــا ْم‬


‫َ‬ ‫ف وال‬
‫ُ‬ ‫أ َّيـــــــ�ا َم ال لـــومـــ� ًا أخــ�ا‬
‫ِ‬
‫قـــــ�در َك ي�ا غــــلا ْم‬ ‫َ‬
‫ودون‬ ‫ُم‬ ‫أ َّيــ�ا َم تُد َعـــ�ى يــ�ا غــــــلا‬

‫قنـــــــــــ�اع وال لثــــــــ�ا ْم‬


‫َ‬ ‫ال‬ ‫أ َّيــ�ام ترفــ�ل يف ش�بابـ َ‬
‫ِـــك‬
‫ِ‬
‫البـــ�در التَّمـــ�ا ْم‬ ‫ب ِ‬
‫ــ�ة ُح َّلـــــ� ُة‬ ‫وعلي�ك ِم� ْن ُح َل ِ‬
‫�ل املهـــــ�ا‬ ‫َ‬
‫َ‬
‫(*)‬ ‫َ‬
‫كــــ�ان دا ْم‬ ‫ــف�و ِه لــــ�و‬
‫وص ِ‬ ‫ِ‬
‫ن َ‬ ‫الزمــــ�ا‬ ‫ِ‬
‫هلف�ي علــ�ى ذاك َّ‬

‫رباوي‪ ،‬الدّ يوان‪ ،‬ص ‪.77‬‬


‫ّ‬ ‫[*] ّ‬
‫الش‬

‫*****‬

‫العالقات التِي‬
‫ِ‬ ‫ور ِة عىل‬ ‫صرِ‬ ‫ِ ِ‬
‫أن العالقات املثل َّي َة ال تقت ُ بالضرَّ َ‬ ‫حلظ َّ‬‫ويتعينَّ ُ ُ‬
‫بني‬‫العمر َ‬‫ِ‬ ‫ُ‬
‫فالفرق يف‬ ‫ياق الت ِ‬
‫َّعليم ِّي‪،‬‬ ‫ون وال ُّطلاَّ ُب يف الس ِ‬ ‫املدر ُس َ‬ ‫ُ‬
‫ِّ‬ ‫يشرتك فيها ِّ‬
‫غر سنَّ ًا‬ ‫واألص ِ‬
‫ْ‬ ‫ِ‬
‫الكبار‬ ‫ب‬‫بني ال ُّطلاَّ ِ‬
‫والعالقات فيام َ‬‫ُ‬ ‫يكون كبري ًا‬
‫ُ‬ ‫ب قد‬ ‫ال َّطلاَّ ِ‬
‫ف‬ ‫الفقيه واملتصو ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اشرتاط‬ ‫ِ‬
‫بلحظ‬ ‫يتعذ ُر خت ُّي ُلها‬
‫ليس ْت مستب َعدَ ًة أو َّ‬
‫َ ِّ‬ ‫منهم َ‬ ‫ُ‬
‫اإل ْسال ِم ِّي‬ ‫ال ال َع َر ِب ِّي ِ‬ ‫جل ْن ِس َّي ِة يِف ال َع مَ ِ‬ ‫َما َق ْب َل امل ِْثلِ َّي ِة ا ِ‬ ‫‪120‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫أس َس املدرس َة‬ ‫ِ‬ ‫عيل ِ‬ ‫مراد ِ‬ ‫ِ‬


‫البخار ِّي ( ُتوفيِّ َ سن َة ‪1720‬م) عندَ ما َّ‬ ‫بن داو َد‬ ‫بن ٍّ‬
‫ني ِ‬
‫(الذي َن قد جيل ُب َ‬ ‫واملتزو ِج َ‬ ‫الصب َي ِة ا ُمل ْر ِد‬ ‫َ‬ ‫ربانِ َّي َة يف‬ ‫ِ‬
‫ون‬ ‫ِّ‬ ‫حرمان ِّ‬ ‫دمشق‬
‫َ‬ ‫املراد َّي َة ال َّ‬
‫كن فيها‪ ،‬ر َّبام خلشيتِ ِه ِم ْن حماو َلتِ ِهم إغوا َء ِ‬
‫غري ِهم‬ ‫الس ِ‬ ‫ِ‬
‫معهم) م َن َّ‬ ‫زوجاتهِ ِم ُ‬
‫ِ (‪)1‬‬
‫ِم َن ال ُّطلاَّ ب‪.‬‬

‫الصو ِف َّي ُة‬‫الطرائِ ُق ُّ‬ ‫َّ‬


‫احلجاز ِّي ( ُتوفيِّ َ سن َة ‪1718‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫البدر ِّي‬ ‫اعر املصرْ ِ ِّي َح َس ِن‬ ‫الش ِ‬ ‫ف عن َّ‬ ‫ُع ِر َ‬
‫أخالق ٌّي يف زمانِ ِه؛ وقدْ‬ ‫ِ‬ ‫ٌ‬
‫انحالل‬ ‫كان ُي َظ ُّن أ َّن ُه‬ ‫الذع َلمِا َ‬ ‫ـ ‪1719‬م) نقدُ ُه ا َّل ُ‬
‫ويل؛‬ ‫عر ال َّط ِ‬ ‫الش ِ‬ ‫ني ذوي َّ‬ ‫للمتص ِّوفِ َ‬ ‫َ‬ ‫ائد ِه حقد ًا وهت ُّك ًام‬ ‫أكثر قص ِ‬
‫خص بعض ًا م ْن ِ َ‬
‫ِ‬
‫َّ‬
‫واخلالعة يف سلوكاتِ‬ ‫ِ‬ ‫كان يعدُّ ه إرساف ًا يف التَّهتُّكِ‬ ‫استهج َن فيها وذ َّم ما َ‬
‫ُ‬
‫اص ُهم‬ ‫واختص َ‬
‫َ‬ ‫وص ًا تكال َب ُهم عىل ا ُمل ْر ِد‬ ‫خص َ‬
‫ِ‬
‫املتص ِّو َفة ُ‬ ‫املجمو َعة م َن َ‬
‫ِ ِ‬
‫ُ‬
‫أفراد ِ‬
‫هذه‬ ‫ِ‬
‫األمر‬ ‫ُ‬ ‫اختيار ُهم تسميت َُهم (البدَّ ا َي َة)‬ ‫َ‬ ‫بالعار‪ ،‬وكذلِ َك‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫شعور‬ ‫خجل وال‬ ‫ٍ‬ ‫هبِم بال‬
‫ِ (‪)2‬‬
‫والذ ِّل والعار‪.‬‬ ‫اخلزي ُّ‬ ‫ِ‬ ‫سوى‬ ‫ِ‬ ‫بحس ِ‬ ‫ِ‬
‫(احلجاز ِّي) َ‬ ‫ب‬ ‫جيلب هلُم ْ‬ ‫َ‬ ‫الذي لن‬
‫كان يفكِّر يف طري َق ٍة‬ ‫اعر َ‬ ‫الش َ‬ ‫أن َّ‬ ‫َّفكري يف َّ‬ ‫سبب يد ُعونا إىل الت ِ‬ ‫ٌ‬ ‫وثم َة‬
‫َّ‬
‫ِ‬
‫«املطاو َع ُة» ويبدُ و واضح ًا م ْن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َت ناش َط ًة يف مصرْ َ ه َي‬ ‫ُصوفِ َّي ٍة حمدَّ َدة كان ْ‬
‫ٍ‬

‫الفتح الدَّ جانيِ ِّ ( ُتوفيِّ َ‬ ‫ِ‬ ‫حمم ٍد أبيِ‬ ‫مثل َّ‬ ‫اإلدانات التِي صرَ َّ َح هبا فقها ُء ُ‬ ‫ِ‬ ‫حدَّ ِة‬
‫العدوي ( ُتوفيِّ َ سن َة ‪1775‬م) يبدُ و َّ‬ ‫ليِ‬
‫أتباع‬
‫َ‬ ‫أن‬ ‫ٍّ‬ ‫سن َة ‪ )1661/1660‬وع ٍّ‬
‫ني باحلُ ْس ِن‬ ‫عروفِ َ‬ ‫غار ا َمل ُ‬ ‫الص ِ‬ ‫باختيار املريدي َن ِّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وري َن‬ ‫مشه ِ‬ ‫هذه ال َّطري َقة كانُوا ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وملس‬‫ِ‬ ‫اخللوة هبِم‬‫ِ‬ ‫ِ‬
‫جواز‬ ‫الذين يسمو م «بدَّ اي ًة» واد ِ‬
‫عاء‬ ‫لعة ِ‬ ‫وهباء ال َّط ِ‬ ‫ِ‬ ‫واجل ِ‬
‫امل‬
‫ِّ‬ ‫َ‬ ‫َ ّ نهَ ُ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫أجسام ِهم‪:‬‬
‫  املرادي‪ ،‬سلك الدّ رر‪.130 :4 ،‬‬‫ّ‬ ‫(((‬
‫  اجلربيت‪ ،‬عجائب اآلثار‪ .80-79 :1 ،‬اختارت الرتمجة اإلنكليز ّية األخرية لتاريخ‬ ‫ّ‬ ‫(((‬
‫(ب) بصفتها‬ ‫ممرضيهم) وعاملت ِ‬ ‫ّ‬ ‫‪/‬‬ ‫ني‬ ‫ي‬
‫ّّ‬‫ب‬ ‫ّ‬
‫ط‬ ‫ال‬ ‫(معاجليهم‬ ‫إىل‬ ‫«بدايتهم»‬ ‫ترمجة‬ ‫يت‬
‫ّ‬ ‫اجلرب‬
‫يت‪:1 ،‬‬
‫الرمحن اجلرب ّ‬
‫جر ملحق بـ (دايتهم) (فلب وبريملان‪ ،‬تاريخ مرص لعبد ّ‬ ‫حرف ّ‬
‫ثمة طريقة‬‫السابع عرش أنّه ّ‬
‫الرغم من ذلك‪ ،‬كشفت دراسة يف القرن ّ‬ ‫‪ .)131‬وعىل ّ‬
‫الصغار لدهيم «بداية»‪.‬‬
‫املتدربني ّ‬
‫ّ‬ ‫يسمون‬
‫السمعة واحدة يف األقل كانوا ّ‬ ‫صوف ّية س ّيئة ّ‬
‫جاين‪ ،‬العقد املفرد يف حكم األمرد‪ ،‬صفحة ‪6‬أ‪-8‬أ‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫الدّ‬ ‫صالح‬ ‫حممد ابن‬ ‫ّ‬
‫‪121‬‬ ‫واملرضى‬‫َ‬ ‫لواط ُّي َ‬
‫ون‬ ‫األو ُل‪ِّ :‬ال ِ‬ ‫ال َف ْص ُل َّ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫لامن‪ ،‬حتَّى إنهَّ ُم كانُوا إذا عقدُ وا‬ ‫للغ ِ‬ ‫املطاو َع ِة بحب ِهم ِ‬ ‫ِ‬ ‫اشتهر فقرا ُء‬ ‫(وقدْ‬
‫ِّ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ُوهم ِم َن‬ ‫ِ‬ ‫كر‪ ،‬أج َلسوا الص َ ِ‬ ‫الذ ِ‬
‫اخللف إذا‬ ‫بيان م ْن ورائ ِهم ليحتضن ُ‬ ‫ِّ‬ ‫ُ‬ ‫جمالس ِّ‬ ‫ِ‬
‫َّاس‪ ،‬قا ُلوا‬ ‫عليهم ذلِ َك أحدٌ ِم َن الن ِ‬ ‫ِ‬ ‫أنكر‬
‫فإن َ‬ ‫اكري َن‪ْ ،‬‬ ‫الذ ِ‬ ‫محاس ُة َّ‬ ‫َ‬ ‫اشتدَّ ْت‬
‫الفاحش َة‬‫َ‬ ‫فعل فيه‬ ‫اجلناح عىل َم ْن َ‬ ‫ُ‬ ‫مس ُد ُب َر غال ٍم‪ ،‬وإنَّام‬ ‫جناح عىل َم ْن َّ‬ ‫َ‬ ‫ال‬
‫نظامها عندَ‬ ‫ومواكبِ ِه جزء ًا ِمن ِ‬ ‫ِ‬ ‫الذ ِ‬
‫كر‬ ‫لامن يف ِح َل ِق ِّ‬ ‫الغ ِ‬ ‫وكان وجود ِ‬ ‫َ‬ ‫وحدَ ها!‬
‫ْ‬ ‫ُ‬
‫يلوح ـ إىل‬ ‫ني ـ مث َلام‬ ‫ِ‬ ‫أتباع ال َّطري َق ِة‬ ‫ُ‬ ‫هذه ال َّطائ َف ِة‪،‬‬ ‫فقراء ِ‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫البالغ َ‬ ‫ُ‬ ‫حيث يعمدُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫أن‬ ‫منهم ْ‬ ‫ون ُ‬ ‫ثم يطل ُب َ‬ ‫قوس‪َّ ،‬‬ ‫ون خل َف ُهم أثنا َء أدائ ِهم ال ُّط َ‬ ‫جيلس َ‬ ‫جعل “املريدي َن” ُ‬ ‫ِ‬
‫ِ‬
‫بالغبطة‬ ‫حيدث عاد ًة ـ‬ ‫ُ‬ ‫ون عندَ ها ـ كام‬ ‫يشعر َ‬ ‫الذي َن‬ ‫ني ِ‬ ‫ِ‬
‫البالغ َ‬ ‫ني‬‫املشار ِك َ‬
‫ِ‬ ‫حيضنُوا‬
‫ُ‬
‫الفقراء»)‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫تقليد َّي ًا بـ «راح ُة‬ ‫ِ‬ ‫ف‬
‫عر ُ‬ ‫ِ ِ‬ ‫وكان هذا الن ِ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬
‫َّوع م َن العناق ُي َ‬ ‫ُ‬ ‫واالنتشاء‪.‬‬
‫الذي يربر ممُ ارس ٍ‬ ‫َّظري ِ‬ ‫ويتعذر يف الواق ِع إعاد ُة ِ‬
‫مثل‬ ‫ات َ‬ ‫ِّ ُ َ َ‬ ‫املسو ِغ الن ِ ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫بناء‬ ‫َّ ُ‬
‫(‪)1‬‬

‫ارتباط ِ‬
‫هذه‬ ‫ِ‬ ‫معاد َي ٍة يف ِّ‬
‫ظل‬ ‫ِ‬ ‫ومناقش ٍ‬
‫ات‬ ‫َ‬ ‫ومواقف‬
‫َ‬ ‫باالعتامد عىل ٍ‬
‫آراء‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫هذه‬
‫وف عندَ مؤر ِخي التَّصو ِ‬ ‫تفكري معر ٍ‬ ‫ا ُملامرس ِ‬
‫ف‬ ‫َ ُّ‬ ‫ِّ‬ ‫ٍ َ ُ‬ ‫ِّ‬
‫بخط‬ ‫ِ‬
‫األغلب‬ ‫األعم‬
‫ِّ‬ ‫ات يف‬ ‫َ َ‬
‫شاب أ ْم َر َد‬ ‫شكل‬ ‫يأخذ َ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬
‫ميل الذي‬ ‫جل ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ٍّ‬ ‫البرش ُّي ا َ‬ ‫اإلسالم ِّي؛ إذ قد ُيعدُّ الوج ُه‬

‫ّصوف يف مرص يف العرص‬ ‫جاين‪ ،‬العقد املفرد‪ ،‬صفحة ‪6‬أ‪-8‬أ؛ تو َفق ال ّطويل‪ ،‬الت ّ‬‫(((   الدّ ّ‬
‫العدوي) وعىل شاكلة‬
‫ّ‬ ‫أمحد‬ ‫الفقيه‬ ‫أصدرها‬ ‫فتوى‬ ‫(ذكر‬ ‫‪177-176‬‬ ‫‪،112‬‬ ‫‪،‬‬ ‫العثامين‬
‫ّ‬
‫العمري (‪ )1445‬وأدان بشدّ ة هذه ال ّطريقة ّ‬
‫الصوف ّية؛‬ ‫ّ‬ ‫حممد‬
‫والعدوي‪ ،‬انتقد ّ‬
‫ّ‬ ‫جاين‬
‫الدّ ّ‬
‫عراين‪ ،‬األنوار القدس ّية‪ :47 :1 ،‬فاستهل الشيخ الصعيدي فتواه باقتباس‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الش‬ ‫انظر‬
‫من رد املشايخ يوسف الزرقاين (املالكي) وعامر الشرباوي (الشافعي) وأمني الدين‬
‫(احلنفي) ‪...‬أذ قالوا ((رقصهم نقص وسامعهم سفاهة وتواجدهم خفة من الرأس‬
‫والقائل منهم هذا عن رسول اهلل كاذب يف ذلك ويتبوأ مقعده من النار ويعزر عىل‬
‫افتائه بغري علم‪ .‬ويمنعون من االختالء باملرد ومن مسهم‪ ،‬ويثاب ول األمر عىل‬
‫زجرهم)) وعقب عىل ذلك بذكر ما رواه مالك يف حتريم الغناء‪ ،‬واجلنيد يف كره‬
‫السامع ووصف اختاذ الغلامن بانه ضالل مبني وقال ان مسهم دبر الولد واباحتهم‬
‫ذلك ودعواهم بأال جناح عليهم يف غري فعل الفاحشة كفر ال ريب فيه‪...‬إىل ان قال‬
‫هلم يف هلجة املغيظ املحنق ((وانتم معرش املطاوعة احتوى عليكم اجلهل واستوىل‬
‫الشيطان عىل قلوبكم وزيف لكم ما انتم عليه من القبائح التي ال يقول هبا إمام‬
‫من االئمة))‪....‬ووصف دوران الغلامن عىل الذاكرين واحتضاهنم من اخللف بانه‬
‫ضالل يسوله هلم الشيطان واورد من الفضائح ما ينبئ عن بغضه الدفني ورغبته‬
‫امللحة يف التشهري هبم واالنتقام منهم عىل نحو ما نرى يف فتواه (املرتمجة)‪.‬‬
‫اإل ْسال ِم ِّي‬ ‫ال ال َع َر ِب ِّي ِ‬ ‫جل ْن ِس َّي ِة يِف ال َع مَ ِ‬ ‫َما َق ْب َل امل ِْثلِ َّي ِة ا ِ‬ ‫‪122‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫امل ِ‬ ‫ِ ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اإلهل ُّي ا ُملط َل ُق عىل‬ ‫جل ُ‬‫ربها ا َ‬ ‫ِهب ِّي الطلعة يف املعتاد بمنز َلة قناة يتجلىَّ ع َ‬
‫الصوفِ َّي ِة‬
‫تغلغل ـ عىل ما يبدُ و ـ يف ُّ‬ ‫َ‬ ‫ثم‬ ‫َ‬
‫أفالطون‪َّ ،‬‬ ‫خي ُه إىل‬ ‫تقليد يعو ُد تار ُ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫وفق‬
‫أبرز ِهم (هلموت رتر ـ‬ ‫الذي َن ِم ْن ِ‬ ‫ني ِ‬ ‫بعض ِم َن الباحثِ َ‬
‫ٍ‬ ‫ب‬‫بحس ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫اإلسالم َّية ْ‬
‫ين‬‫كامل الدِّ ِ‬‫مصط َفى ب ُن ِ‬ ‫ور ُّي ْ‬ ‫الس ِ‬ ‫‪ )1(.)Helmut Ritter‬وصرَ َّ َح َ‬
‫ف ُّ‬ ‫املتص ِّو ُ‬
‫لبعض ِم َن‬‫ٍ‬ ‫الشديدَ ِة‬
‫البكر ُّي ( ُتوفيِّ َ سن َة ‪1749‬م) بإدانتِ ِه َّ‬ ‫ِ‬ ‫الص ِد ِيق ُّي‬ ‫عيل ِّ‬ ‫بن ٍّ‬ ‫ِ‬
‫ينعم َ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫َّظر يف‬ ‫ون الن َ‬ ‫املتص ِّو َفة الذي َن نش ُطوا يف سور َّيا يف زمانه م َن الذي َن كانُوا ُ‬ ‫َ‬
‫(إن اهللَ جمَ ٌيل‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ون فع َل ُهم هذا باالستعانَة بم ُقو َلة‪َّ :‬‬ ‫ويسو ُغ َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫(الوجوه احل َسان)‬ ‫ِ‬
‫ِّ‬

‫(((   ريرت‪ ،)Das Meer der Seele( ،‬الفصل ‪.26‬‬


‫لغوي‪:‬‬
‫ّ‬ ‫املقوم ا ّل‬
‫إضافة ّ‬
‫شاب‬
‫ّ‬ ‫بصورة‬ ‫اهلل‬ ‫رأى‬ ‫ّه‬‫ن‬ ‫بأ‬ ‫يفيد‬ ‫الم‪،‬‬ ‫الس‬
‫ّ‬ ‫عليه‬ ‫د‬ ‫حمم‬
‫ّ ّ‬ ‫ّبي‬ ‫ن‬ ‫ال‬ ‫عن‬ ‫حديث‬ ‫ورود‬ ‫يشار إىل‬
‫أمرد‪.‬‬
‫وقد ورد احلديث يف عدّ ة روايات منها‪:‬‬
‫رأيت ربيّ جعد ًا أمرد عليه ح ّلة خرضاء‪.‬‬
‫شاب أمرد جعد عليه ح ّلة خرضاء‪.‬‬ ‫رأيت ربيّ يف صورة ّ‬
‫ٍ‬ ‫ضرِ‬
‫شاب ُمو َّقر (بالقاف املشدّ دة) يف َخ عليه نعالن من‬ ‫ٍ‬ ‫رأيت ربيّ يف املنام يف صورة ّ‬
‫ذهب وعىل وجهه فراش من ذهب‪.‬‬
‫شاب ُم ْو َف ٍر (هكذا بالفاء اخلفيفة) يف‬ ‫ّ‬ ‫وجل يف املنام يف صورة‬ ‫عز ّ‬ ‫‪ ...‬أنّه رأى ر ّبه ّ‬
‫َخضرِ ٍ عىل فراش من ذهب يف رجليه نعالن من ذهب‪.‬‬
‫شاب أمرد من دونه سرت من لؤلؤ قدماه أو قال‪:‬‬ ‫ّ‬ ‫حممدا رأى ر ّبه يف صورة‬ ‫إن ّ‬ ‫‪ّ ...‬‬
‫رجاله يف ُخضرْ َ ٍة‪.‬‬
‫ولعلامء (مصطلح احلديث) كالم كثري حول هذه الروايات‪ ،‬وهلم نقاشات ما بني‬
‫مصحح له وواصف له بـ (املوضوع) أي الذي ال أصل له‪.‬‬ ‫ّ‬
‫وللوقوف عىل كالمهم بتفصيل ينظر‪:‬‬
‫اإلمام أمحد‪ :‬املنتخب من علل اخللاّ ل البن قدامة (ص‪.)282‬‬
‫إبطال التّأويالت أليب يعىل (‪.)139/1‬‬
‫بشار‪ :‬إبطال التّأويالت (‪.)222 ،143 ،142/1‬‬ ‫ـ أبو احلسن بن ّ‬
‫ـ حييى بن معني‪ :‬تاريخ بغداد للخطيب (‪.)311/13‬‬
‫ـ ابن تيمية تلبيس اجلهم ّية (‪.)225/7‬‬
‫ـ ابن صدقة إبطال التأويالت (‪.)144/1‬‬
‫يوطي‪ :‬ا ّلآللئ املصنوعة (‪.)30/1‬‬ ‫ّ‬ ‫الس‬
‫ـ ّ‬
‫كل هؤالء إنّام حتدّ ثوا يف (احلديث) لنفي التّجسيد عن اهلل تعاىل من دون‬ ‫أن ّ‬‫غري ّ‬
‫لغوي)‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ل‬‫ّ‬ ‫ا‬ ‫م‬ ‫(املقو‬
‫ّ‬ ‫ة‪.‬‬‫ي‬ ‫اجلنس‬
‫ّ ّ‬ ‫هوة‬ ‫ّ‬
‫الش‬ ‫أو‬ ‫الفتنة‬ ‫موضوع‬ ‫إىل‬ ‫ق‬ ‫ّطر‬
‫الت ّ‬
‫‪123‬‬ ‫واملرضى‬‫َ‬ ‫لواط ُّي َ‬
‫ون‬ ‫األو ُل‪ِّ :‬ال ِ‬ ‫ال َف ْص ُل َّ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ِ‬
‫(البكر ُّي)‬ ‫امل)(‪ )1‬و(ا َّل ِذي َأ ْح َس َن ك َُّل شيَْ ٍء َخ َل َق ُه)(‪ )2‬وخيال ُف ُهم‬ ‫جل َ‬ ‫حيب ا َ‬ ‫ُّ‬
‫ون حرفِي ًا بالشرَّ يعةِ‬ ‫ِ‬
‫ني هم الذي َن يلتز ُم َ‬ ‫ِ‬
‫ني احلقيق ِّي َ‬ ‫ِ‬
‫املتص ِّوف َ‬ ‫فهو َيرى َّ‬
‫َ‬ ‫َّ‬ ‫أن َ‬ ‫أي‪َ ،‬‬ ‫الر َ‬ ‫َّ‬
‫غري املحار ِم وا ُملردِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫جلميالت م ْن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ْ‬ ‫تنهى عن النَّظر إىل النِّساء ا َ‬ ‫اإلسالم َّية التي َ‬
‫املداخل «السريذاتِي ٌة» عن املتصو َف ِة يف ِ‬ ‫ُ‬ ‫ِ (‪)3‬‬ ‫ِحس ِ‬
‫هذه‬ ‫َ ِّ‬ ‫ِّ ُ َّ‬ ‫وتكشف‬
‫ُ‬ ‫ان الوجوه‪.‬‬ ‫َ‬
‫يزال تقليد ًا قائ ًام‪( :‬ور َّبام‬ ‫كان ال ُ‬ ‫الح َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫أن ممُ َار َس َة النَّظر إىل الغلامن امل ِ‬ ‫ِ‬
‫احلقبة َّ‬
‫َّظر إليها) (ومع هذا ‪/‬‬ ‫حل َسنَ َة‪ /‬ودعا(ه) رفا َق ُه إىل الن ِ‬ ‫الصور َة ا َ‬ ‫استحس َن ُّ‬
‫ِ‬ ‫الص ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫كان مت ََّه ًام بمح َّب ِة الن ِ‬
‫جلمي َلة‪َ ،‬‬
‫فهو‬ ‫ور ا َ‬ ‫َّظر إىل الغلامن)؛ (وأ َّما مي ُل ُه إىل ُّ‬ ‫فقدْ َ‬
‫والسجعِ‪...‬‬ ‫ِ‬
‫رحيق يف م َل ِح النَّظ ِم َّ‬ ‫ٌ‬ ‫(‪)4‬‬
‫(رفيق طواشيِ ُّ الطبع‪،‬‬ ‫ٌ‬ ‫ٍ‬
‫اشتباه)؛‬ ‫ثابت بال‬‫ٌ‬
‫ِ (‪)5‬‬
‫للقيل والقال)‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫تصدَّ ى‬ ‫ِ‬
‫اجلالل‪ ،‬حتَّى َ‬ ‫ال ذي‬ ‫خلع العذار يف حم َّب ِة جمَ ِ‬ ‫ولكنَّ ُه َ‬
‫َ‬
‫َّظري ِ‬ ‫ِ‬
‫الذي استندَ‬ ‫املسو َغ الن ِ َّ‬
‫ِّ‬ ‫رب‬
‫يل أك َ‬ ‫بتفص ٍ‬ ‫الفص ِل ال َّتاليِ‬
‫وسنعالج يف ْ‬
‫ُ‬
‫الذ ِ‬
‫كر‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫بعض م ْن ح َلق ِّ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َّظر يف الغلامن امل ِ‬
‫الح يف‬ ‫ِ‬
‫إليه مؤ ِّيدو ممُ َار َسة إنعا ِم الن ِ‬
‫ني ‪/‬‬ ‫ِ‬
‫المنتم َ‬ ‫أن ا َّل‬ ‫ِ‬
‫املرحلة التَّوكيدُ عىل َّ‬ ‫الصوفِي ِة‪ .‬ولكن‪ ،‬يستحسن يف ِ‬
‫هذه‬ ‫َ ُ‬ ‫ْ ُ‬ ‫ُّ َّ‬

‫نبوي ورد يف كتب‬ ‫ّ‬ ‫حيب اجلامل) هاتان اجلملتان جزء من حديث‬ ‫  (إن اهلل مجيل ّ‬ ‫َّ‬ ‫(((‬
‫صحاح احلديث‪ ،‬فقد أخرجه مسلم يف صحيحه وأمحد يف مسنده واحلاكم يف‬
‫مستدركه‪ ،‬وغريهم‪.‬‬
‫ذرة من كرب‪ .‬فقال رجل‪ّ :‬‬
‫إن‬ ‫ّ‬ ‫مثقال‬ ‫قلبه‬ ‫يف‬ ‫كان‬ ‫من‬ ‫ّة‬ ‫ن‬ ‫اجل‬ ‫يدخل‬ ‫ال‬ ‫ونصه عند مسلم‪:‬‬ ‫ّ‬
‫حيب اجلامل‪ ،‬الكرب‬ ‫حيب أن يكون ثوبه حسنا ونعله حسنة‪ .‬فقال‪ّ :‬‬
‫إن اهلل مجيل ّ‬ ‫الرجل ّ‬ ‫ّ‬
‫احلق وغمط النّاس‪.‬‬ ‫بطر ّ‬
‫(املقوم‬
‫ّ‬ ‫احلق رفضه وال ّتكبرّ عليه؛ وغمط النّاس احتقارهم واإلزراء هبم‪.‬‬ ‫وبطر ّ‬
‫لغوي)‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ا ّل‬
‫السجدة (اآلية‪.)7‬‬ ‫  سورة ّ‬ ‫(((‬
‫الزندقة واإلحلاد‪24 ،‬ب‪-25‬أ‪.‬‬ ‫السيوف احلداد يف أعناق أهل ّ‬ ‫البكري‪ّ ،‬‬
‫ّ‬ ‫  مصطفى‬ ‫(((‬
‫ْ  مل أعثر يف املعاجم عىل معنى كلمة (طوايش) ولع ّلها مفردة كانت العامة تتداوهلا‬ ‫(((‬
‫وقتئذ تريد هبا معنى حمدّ دا‪( .‬املقوم اللغوي)‪.‬‬
‫ريض الدّ ين‬ ‫السمر وقطف ال ّثمر‪270-269 :1 ،‬؛ ّ‬ ‫الغز ّي‪ ،‬لطف ّ‬ ‫حممد ّ‬ ‫  نجم الدّ ين ّ‬ ‫(((‬
‫البوريني‪ ،‬تراجم‬
‫ّ‬ ‫‪527-525‬؛‬ ‫‪:1‬‬ ‫حلب‪،‬‬ ‫أعيان‬ ‫تاريخ‬ ‫يف‬ ‫احلبب‬ ‫درر‬ ‫احلنبيل‪،‬‬
‫ّ‬ ‫ابن‬
‫والزهر املعنرب يف ترمجة‬
‫الغالمي‪ ،‬شماّ مة العنرب ّ‬
‫ّ‬ ‫حممد مصطفى‬ ‫األعيان‪256 :1 ،‬؛ ّ‬
‫أعيان القرن ال ّثاين عرش‪.194-193 ،‬‬
‫اإل ْسال ِم ِّي‬ ‫ال ال َع َر ِب ِّي ِ‬ ‫جل ْن ِس َّي ِة يِف ال َع مَ ِ‬ ‫َما َق ْب َل امل ِْثلِ َّي ِة ا ِ‬ ‫‪124‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫اإلدانات املث َبت َِة يف أعال ُه ـ كانُوا‬


‫ِ‬ ‫َّضح ِم َن‬ ‫ِ‬ ‫افض َ ِ ِ‬
‫ني هلذه ا ُمل َ‬
‫امر َسة ـ كام يت ُ‬
‫الر ِ‬
‫َّ‬
‫داخل ال ُّطرقِ‬
‫َ‬ ‫ِ‬
‫ني وا ُمل ْرد‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الرجال البالغ َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫أكثر َمي ً‬
‫ُ‬ ‫بني ِّ‬ ‫ال إىل التَّفكري يف العالقات َ‬ ‫َ‬
‫نيِ‬ ‫ختالف َ‬
‫املثال األفالطو َّ ‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫عالقات‬
‫ٌ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الصوف َّية؛ أنهَّ ا‬ ‫ُّ‬
‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫األمني املح ِّب ُّي‪:‬‬
‫ُ‬ ‫واضحة عىل ذل َك َ‬
‫كتب‬ ‫َ‬ ‫داللة‬ ‫ويف‬
‫ُص��وفِ�� َّي�� ُة ال��ع��ـ�ْص�رْ ِ واألوان‬ ‫ِ‬
‫واألوان‬ ‫ُص��ـ��وفِ�� َّي�� ُة ال��ع��ـ�ْص�رْ ِ‬

‫(*)‬ ‫ِ‬
‫زان‬ ‫َـــقر‬ ‫ٍ‬
‫زان لن ِ‬ ‫ِ‬
‫بنقـــــر‬ ‫ٍ‬
‫ل��وط‬ ‫فا ُقـــوا ع�لى َقــــو ٍم‬

‫الشعراء ّ‬
‫بكل مرص‪89 ،‬؛ املح ّب ّي‪،‬‬ ‫عيل ابن معصوم‪ ،‬سالفة العرص يف حماسن ّ‬
‫[*] ّ‬
‫الرحيانة‪97 :4 ،‬؛ املح ّب ّي‪ ،‬خالصة األثر‪.172 :1 ،‬‬
‫نفحة ّ‬
‫لغوي‪:‬‬
‫ّ‬ ‫املقوم ا ّل‬
‫إضافة ّ‬
‫بديعي مجيل‪ ،‬يعرف بـ ِ‬
‫"اجلناس" الذي هو‬ ‫ّ‬ ‫وحمسن‬
‫ّ‬ ‫يف هذا البيت لفتة بالغ ّية‬
‫اإلتيان بلفظني متطابقني ومتامثلني ولكنّهام خمتلفان يف املعنى‪ ،‬فإن تطابقت حروفهام‬
‫سمي جناسا ناقصا‪،‬‬
‫سمي ذلك جناسا تا ّما وإذا اختلفا يف يشء من ذلك ّ‬
‫عددا وترتيبا ّ‬
‫فهو تا ّم يف قوله (العرص) يف صدر البيت و (العرص)‬
‫وقد أتى املح ّب ّي هنا بنوعي اجلناس َ‬
‫الزمن وبال ّثاين ما يعرص فيرشب عصريه؛ وناقص يف قوله‪:‬‬
‫باألول ّ‬
‫ّ‬ ‫يف عجزه؛ إذ قصد‬
‫باألول الوقت وبال ّثاين اآلنية‬
‫(األوان) يف صدر البيت و (األواين) يف عجزه‪ ،‬حيث قصد ّ‬
‫التي يوضع فيها ال ّطعام‪.‬‬
‫الشواهد ّ‬
‫الشعر ّية والنّثر ّية يف الكتاب هنا عدد غري قليل من‬ ‫ويوجد يف عدد من ّ‬
‫الصور البالغ ّية أرشت إىل بعض منها‪.‬‬
‫ّ‬
‫*****‬

‫خي ُه‬ ‫ِ‬


‫القحوف) يعو ُد تار ُ‬ ‫(هز‬‫ف الشرَّ بينِ ِّي ُّ‬
‫يوس َ‬ ‫ِ‬ ‫وثم َة ٌ‬
‫كتاب ُ‬ ‫شائع يف‬
‫ٌ‬ ‫قول‬ ‫َّ‬
‫أن ع َّف َة الغال ِم‬
‫أكثر صرَ اح ًة و ُم َبارش ًة يفيدُ َّ‬
‫ابع عشرَ َ ‪ ،‬وهو ُ‬
‫الس َ‬
‫إىل أواخر القرن َّ‬
‫ون‬‫سيصط ُّف َ‬ ‫فإن (الن ِ‬
‫أبيه‪ ،‬أ َّما إذا غدا فقري ًا (درويش ًا) َّ‬‫بيت ِ‬
‫مصا َن ٌة يف ِ‬
‫ني) ْ‬ ‫َّائك َ‬ ‫ُ َ‬
‫خل َفه!!‪.‬‬
‫‪125‬‬ ‫واملرضى‬‫َ‬ ‫لواط ُّي َ‬
‫ون‬ ‫األو ُل‪ِّ :‬ال ِ‬ ‫ال َف ْص ُل َّ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ٍ‬
‫زنادقة‬ ‫َ‬
‫دراويش‬ ‫قص َص ًا عن فقرا َء ‪/‬‬ ‫ويروي الشرَّ بينِي يف الس ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫ياق ذاته َ‬ ‫ِّ‬ ‫ُّ‬
‫ون يف ِ‬ ‫الشباب باد ِ‬
‫عائ ِهم أنهَّ ُم أوليا ُء تقا ٌة يرغ ُب َ‬ ‫يف مصرْ َ يستمي ُل َ‬
‫قواهم‬
‫نقل ُ‬ ‫ون َّ َ ِّ‬
‫ِ‬
‫“القطرة‬ ‫ِ‬
‫احلياة” و‬ ‫ِ‬
‫“ماء‬ ‫وء” و‬ ‫طريق “ومض ِة الض ِ‬ ‫ِ‬ ‫الر ِ‬
‫وح َّي َة ومعار َف ُهم عن‬
‫َّ‬ ‫َ‬ ‫ُّ‬
‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫سوى إحاالت إىل‬ ‫الصب َي ُة فيام بعدُ أنهَّ ا مل ْ تك ْن َ‬
‫اكتشف ِّ‬ ‫َ‬ ‫يات‬
‫مسم ٌ‬
‫العجي َبة”؛ َّ‬
‫(‪)1‬‬
‫“الشيوخِ ” (أو املنِ ِّي)‪.‬‬
‫ماء ُّ‬ ‫ِ‬

‫ِ‬ ‫الش ِ‬
‫وف‬ ‫عر ُ‬ ‫اجلزائر ُّي ( ُتوفيِّ َ سن َة ‪1702‬م) ا َمل ُ‬ ‫يع ُّي نعم ُة اهللِ‬ ‫وروى الفقي ُه ِّ‬ ‫َ‬
‫فهان ِمن بالدِ‬ ‫تهِ‬ ‫قص ًة مماث َل ًة ُي ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬
‫أص َ ْ‬ ‫إن حادثا ا وق َع ْت يف ْ‬ ‫قال‪َّ :‬‬ ‫للصوف َّية َّ‬‫بعدائه ُّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اآلباء بابنِ ِه الن ِ‬ ‫فارس أثنا َء حياتِ ِه‪ :‬إذ عهدَ أحدُ‬
‫َّضري املرشق إىل مع ِّل ٍم ُصوفيِ ٍّ‬ ‫ٍ‬
‫ِ‬
‫“ومضة‬ ‫لواط معه بذريع ِة الر ِ‬
‫غبة يف ِ‬
‫نقل‬ ‫وفعل ا ِّل ِ‬ ‫ِ‬ ‫رشع [رسيع ًا] يف التَّو ُّد ِد إليه‬
‫َ َّ‬ ‫َ‬
‫ص كام يبدُ و واضح ًا‪،‬‬ ‫القص ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫املتدر ِ‬ ‫ِ‬
‫ب اجلديد‪ .‬والغاي ُة م ْن هذه َ‬ ‫(‪)2‬‬
‫ِّ‬ ‫الضوء” إىل‬ ‫َّ‬
‫َّعامل معها بحذرٍ‬ ‫ِ‬
‫ف؛ وهلذا ينبغي الت ُ‬ ‫الوص ُ‬ ‫هو النَّقدُ َّ‬
‫أكثر منه ْ‬ ‫َّشهري َ‬
‫والذ ُّم والت ُ‬
‫ٍ‬
‫شديد‪.‬‬

‫لالنتباه لحَِ َظ ُه عالمِ ُ األنثروبولوجيا‬


‫ِ‬ ‫الفت‬
‫ٌ‬ ‫ثم َة ٌ‬
‫أمر‬ ‫ِ ِ‬
‫الرغ ِم م ْن ذل َك‪َّ ،‬‬ ‫وعىل ُّ‬
‫الفنلند ُّي (ادورد وسرتمارك ـ‪ 1862( )Edward Westermark‬ـ‬ ‫ِ‬
‫ِ‬
‫إقامة‬ ‫ِ‬
‫طريق‬ ‫يخ عن‬ ‫ِ‬
‫بركة َّ‬
‫الش ِ‬ ‫إمكان ِ‬
‫نقل‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫بشأن‬ ‫أن االعتقا َد‬ ‫‪1939‬م) هو َّ‬
‫ِ‬
‫العرشي َن‪.‬‬ ‫ِ‬
‫القرن‬ ‫املغرب يف مطل ِع‬ ‫ِ‬ ‫كان شائع ًا يف‬ ‫مثل َّي ٍة َ‬
‫جنسي ٍة متغاير ٍة أو ِ‬
‫َ‬ ‫َّ‬
‫عالقة ِ‬‫ٍ‬
‫ِ‬
‫األوساط يف الشرَّ ِق العربيِ ِّ يف‬ ‫بعض ِم َن‬ ‫ٍ‬ ‫انتشار فِك ٍَر مماث َل ٍة يف‬ ‫تم ُل‬
‫ويحُ َ‬
‫(‪)3‬‬
‫ُ‬
‫واملرتجم الربيطانيِ ُّ (ادورد وليم لني‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫املسترشق‬ ‫ذكر‬
‫املبكر؛ إذ َ‬‫ِ‬ ‫نيِ‬
‫العصرْ ِ العثام ِّ‬
‫يكتب يف‬ ‫الذي َ‬
‫كان‬ ‫ـ‪ 1801( )Edward William Lane‬ـ ‪1876‬م) ِ‬
‫ُ‬
‫املجاذيب ِ‬
‫الذي َن‬ ‫ِ‬ ‫معرض حديثِ ِه عن‬ ‫ِ‬ ‫َّاسع عشرَ َ يف‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫مصرْ َ يف ثالثين َّيات القرن الت َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫ذكر‬‫قبل احلديث‪َ ...‬‬ ‫اإلسالم ِّي ما َ‬ ‫ون بمكانَة عال َية يف العالمَ ِ العربيِ ِّ‬ ‫كانُوا حي َظ َ‬

‫هز القحوف‪.93-90 ،‬‬ ‫بيني‪ّ ،‬‬


‫(((   الشرّ ّ‬
‫الربيع‪.304 ،‬‬
‫  اجلزائري‪ ،‬زهر ّ‬
‫ّ‬ ‫(((‬
‫(((   وسرتمارك‪ ،‬ال ّطقس والعقيدة يف املغرب‪.108 :1 ،‬‬
‫اإل ْسال ِم ِّي‬ ‫ال ال َع َر ِب ِّي ِ‬ ‫جل ْن ِس َّي ِة يِف ال َع مَ ِ‬ ‫َما َق ْب َل امل ِْثلِ َّي ِة ا ِ‬ ‫‪126‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ِ‬
‫املجاذيب‪ ،‬ك َّن يواف ْق َن‬ ‫أن (النِّساء عوض ًا عن حتاشيِ‬ ‫دقيق وحمدَّ ٍد َّ‬ ‫بنحو ٍ‬ ‫ٍ‬
‫َ‬
‫األماكن العا َّم ِة؛‬
‫ِ‬ ‫بأرحي َّي ٍة يف‬
‫ِ‬ ‫معه َّن‬‫أن يتصرَ َّ ُفوا ُ‬ ‫األحيان عىل ْ‬ ‫ِ‬ ‫بعض ِم َن‬‫ٍ‬ ‫يف‬
‫ِ‬
‫األفعال‬ ‫يشني املرأ َة يف ِ‬
‫هذه‬ ‫ُ‬ ‫املجتم ِع جتدُ ما‬ ‫بقات الدُّ نيا ِم َن‬ ‫ومل ْ تك ْن ال َّط ُ‬
‫َ‬
‫ِ‬ ‫ٍ ِ‬ ‫ِ‬
‫ادس عشرَ َ‬
‫الس َ‬ ‫شيخ طري َقة م ْن مصرْ َ يف القرن َّ‬ ‫ُ‬ ‫فات)‪ )1(.‬وقدْ يعمدُ‬ ‫وال َّتصرَ ُّ‬
‫لامن ا ُمل ْر ِد‬
‫بالغ ِ‬ ‫ش ِ‬ ‫َّحر ِ‬ ‫ِ‬
‫ادر املعا َ ة و(املتعاط َفة) ـ إىل الت ُّ‬
‫أحد املص ِ صرِ ِ‬
‫َ‬
‫ب ِ‬ ‫بحس ِ‬ ‫ـ َ‬
‫وآخري َن) ِم ْن‬ ‫ِ‬ ‫الصبِ ِّي‬ ‫ِ‬
‫(بحضور والد َّ‬ ‫ِ‬ ‫مؤخ َراتهِ ِم ومالطفتِ ِهم‬ ‫ت عىل َّ‬ ‫والرب ِ‬
‫َّ ْ‬
‫ِ ِ (‪)2‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫بني مريديه‪.‬‬ ‫دون إحلاق الضرَّ ر بسمعته ومكانته َ‬
‫ِ‬
‫بشأن‬ ‫ِ‬
‫بالقلق‬ ‫شعور ِهم‬
‫ِ‬ ‫الفقهاء ـ يف الواق ِع ـ عن‬ ‫ِ‬ ‫وقدْ عبرَّ َ العديدُ ِم َن‬
‫رضور َة‬ ‫َ‬ ‫الصوفِ َّي ِة‪ ،‬وب َّينُوا‬ ‫رق ُّ‬ ‫بيان يف ال ُّط ِ‬ ‫جال والص ِ‬
‫ِّ‬ ‫بني الر ِ‬
‫طبيعة العالقات َ ِّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫رق التِي تنتهكُها‬ ‫واحلشمة‪ ،‬وأدانُوا بشدَّ ٍة ال ُّط َ‬ ‫ِ‬ ‫قواعد الس ِ‬
‫لوك‬ ‫ُّ‬
‫ِ‬ ‫احلفاظ عىل‬ ‫ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫خري‬ ‫مثل طري َقة املطاو َعة‪ .‬فحينَام ُسئ َل الفقي ُه الفلسطين ُّي ُ‬ ‫وتستخف هبا‪َ ،‬‬ ‫ُّ‬
‫املوقف الدِّ ينِ ِّي ‪-‬‬ ‫ِ‬ ‫املثال عن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫سبيل‬ ‫ميل ( ُتوفيِّ َ سن َة ‪1671‬م) يف‬ ‫الر ُّ‬ ‫ين َّ‬ ‫الدِّ ِ‬
‫ون لالستام ِع إىل املوسي َقى؛‬ ‫الصوفِ ُّي َ‬ ‫يشرتك فيها ُّ‬ ‫ُ‬ ‫عات التِي‬ ‫الفقهي نحو التَّجم ِ‬
‫ُّ‬ ‫ِ ِّ‬
‫يقف‬ ‫وط التِي ُ‬ ‫ِ‬ ‫بعض ِم َن الشرُّ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫حتقيق‬ ‫عات رشي َط َة‬ ‫هذه التَّجم ِ‬
‫ُّ‬
‫بجواز ِ‬ ‫ِ‬ ‫أجاب‬ ‫َ‬
‫وشارك هؤالء الفقها َء خماو َف ُهم‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫(‪)3‬‬ ‫ِ‬
‫غياب ا ُمل ْرد عنها‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬
‫رشط‬ ‫عىل رأسها‬ ‫ِ‬
‫حتذير‬ ‫ِ‬ ‫حرصوا كثري ًا عىل‬ ‫الذي َن‬ ‫احلقبة ِ‬ ‫ِ‬ ‫ني يف ِ‬
‫هذه‬ ‫الصوفِ ِّي َ‬ ‫بعض ِم َن الكت ِ‬
‫ُ‬ ‫َّاب ُّ‬ ‫ٌ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫االستمرار يف االختالط بالغلامن‪ ،‬إذ‬ ‫ِ‬
‫املخاطر التي يش ِّك ُلها‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫زمالئ ِهم م َن‬ ‫ِ‬
‫ُ‬
‫عيل‬ ‫بن ٍّ‬ ‫اب ب ُن أمحدَ ِ‬ ‫الوه ِ‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬
‫املواهب عبدُ‬ ‫ف املصرْ ِ ُّي أبو‬ ‫واملتص ِّو ُ‬ ‫َ‬ ‫نقل الفقي ُه‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫«الشعرانيِ ِّ » ( ُتوفيِّ َ سن َة ‪1565‬م) يف‬ ‫األنص ِ‬
‫املثال عن‬ ‫سبيل‬ ‫وف بـ َّ‬ ‫عر ُ‬ ‫ار ِّي ا َمل ُ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫حتذير ُه أتبا َع ُه م َن الترَّ ُّدد عىل ا ُمل ْرد أو االشرتاك يف مهاج ِع النَّو ِم يف‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫مع ِّل ِمه‬
‫ِ‬
‫َ‬

‫(((   لني‪ ،‬وصف سلوكات املرص ّيني احلديثني وتقاليدهم‪.229 ،‬‬


‫عراين‪ ،‬ال ّطبقات الكربى املسماّ ة (لواقح األنوار يف طبقات األخيار)‪،‬‬
‫الش ّ‬ ‫(((   عبد الوهاب ّ‬
‫‪.122 :2‬‬
‫الر ّ‬
‫ميل‪ ،‬الفتاوى اخلري ّية لنفع الرب ّية عىل مذهب اإلمام أيب حنيفة النّعامن‪،‬‬ ‫(((   خري الدّ ين ّ‬
‫‪.179 :2‬‬
‫‪127‬‬ ‫واملرضى‬‫َ‬ ‫لواط ُّي َ‬
‫ون‬ ‫األو ُل‪ِّ :‬ال ِ‬ ‫ال َف ْص ُل َّ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ِ‬ ‫َّظر ِ‬ ‫ُّب الن ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫االشرتاك‬ ‫إليهم عندَ‬ ‫(بقدر ما يمكن ُُهم ذل َك) وجتن َ‬ ‫معهم‬ ‫الزوايا ُ‬ ‫َّ‬
‫ني‬ ‫املتص ِّوفِ َ‬ ‫ِِ‬
‫آخر م ْن أسالفه َ‬
‫ِ‬
‫شيخ َ‬ ‫ث عن ٍ‬ ‫اجلامع َّي ِة‪ ،‬وحتدَّ َ‬
‫ِ‬ ‫طقوس ال َّطري َق ِة‬‫ِ‬ ‫يف‬
‫املتص ِّو َف ِة يف‬ ‫ِ‬
‫ينص ُح زمال َء ُه م َن َ‬ ‫َ‬
‫وكان َ‬ ‫اإلقامة يف زاويتِ ِه‪،‬‬
‫ِ‬ ‫يمنع ا ُمل ْر َد ِم َن‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫كان‬
‫سياس ٍة مماث َل ٍة‪.‬‬
‫َ‬
‫ينوب عنه يف ِ‬
‫حال َّقر َر تبنِّي‬ ‫ُ‬ ‫شيخ ِهم أو َم ْن‬ ‫أوامر ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫االمتثال إىل‬
‫ِ‬
‫احتامالت‬ ‫وشهادة عىل تقو َي ِة‬
‫ٍ‬ ‫هذه بمنز َل ِة ٍ‬
‫دليل‬ ‫ِ‬ ‫تعليقات َّ نيِ‬
‫الشعرا ِّ‬ ‫ُ‬ ‫(‪ )1‬وتُعدُّ‬
‫رق الصوفِي ِة ِمن ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫جهة‬ ‫األجيال يف زوايا ال ُّط ِ ُّ َّ ْ‬ ‫ِ‬ ‫بني‬
‫ال َ‬ ‫العالقات واالت َِّص ِ‬ ‫إقامة‬
‫أخرى‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫ُ ِ‬ ‫الذي تسببه ِ‬ ‫القلق ِ‬ ‫وبني ِ‬
‫االحتامالت م ْن جهة َ‬ ‫هذه‬ ‫ِّ ُ ُ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫الفقهاء‬ ‫بأس به ِم َن‬ ‫ٍ‬ ‫َّحذيرات الص ِ‬ ‫ِ‬ ‫ضوء ِ‬ ‫ِ‬
‫ادرة عن عدد ال َ‬ ‫َّ َ‬ ‫هذه الت‬ ‫ويف‬
‫ِ‬
‫للغ ِ‬ ‫الصوفِ ِّي َ‬
‫لامن‬ ‫الصوفيِ َّ‬‫أن التَّأ ُّم َل ُّ‬ ‫نفرتض َّ‬ ‫َ‬ ‫ني املع َتبرَ ِ ي َن‪ ،‬يمك ُن ْ‬
‫أن‬ ‫َّاب ُّ‬ ‫والكت ِ‬
‫األعراف العا َّم ِة»‬ ‫ِ‬ ‫«متمر ِدي َن عىل‬ ‫ِّ‬ ‫ني» أو‬ ‫ِ‬
‫«استثنائ ِّي َ‬ ‫ني‬‫حمصور ًا يف ُصوفِ ِّي َ‬ ‫كان ُ‬ ‫َ‬
‫َّعامل معها‬ ‫هذه وتعلي ُلها والت ُ‬ ‫مثل ِ‬ ‫ينبغي حصرْ ُ أحكا ٍم ِ‬ ‫وعىل الرغ ِم ِمن ذلِ َك‪ِ ،‬‬
‫ْ‬ ‫ُّ‬
‫ب ما‬ ‫بحس ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫بحكمة‪َّ ،‬‬ ‫ٍ‬
‫ني» ْ‬ ‫ني» و «االستثنائ ِّي َ‬ ‫الصوف َّية «التَّقليد ِّي َ‬ ‫بني ُّ‬ ‫َّاميز َ‬‫ألن الت َ‬
‫أبان (ميشيل ونرت ـ ‪ )Michelle Winter‬مل ْ يك ْن واضح ًا عىل الدَّ وا ِم‪.‬‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫الصوفِ ِّي َ‬ ‫(‪ )2‬وزياد ًة عىل ذلِ َك‪ ،‬قد‬
‫ني» أو‬ ‫«االستثنائ ِّي َ‬ ‫ني‬ ‫يسهم حدي ُثنا عن ُّ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫حقيقة‬ ‫ياق إىل التَّعتي ِم عىل‬ ‫األعراف العام ِة» يف هذا الس ِ‬ ‫ِ‬ ‫«املتمر ِدي َن عىل‬
‫ِّ‬ ‫َّ‬ ‫ِّ‬
‫ِ‬
‫املقصود بـ «التَّقليد َّية» أو «االلتزا ِم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وجود قدْ ر معينَّ م َن االختالف بشأن‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫ُ‬
‫الفص ِل ال َّتاليِ ‪ -‬عن ممُ َار َس ِة‬ ‫َّضح يف ْ‬ ‫ون ‪ -‬مث َلام سيت ُ‬ ‫فثم َة مداف ُع َ‬ ‫بالشرَّ ائعِ»‪َّ .‬‬
‫نيِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫بالغ ِ‬ ‫ِ‬
‫ِ‬
‫املبكر‪،‬‬ ‫ني يف الشرَّ ق العربيِ ِّ العثام ِّ‬ ‫األنيق َ‬ ‫ني‬ ‫املرشق َ‬ ‫لامن‬ ‫الصوفيِ ِّ‬ ‫التَّع ُّل ِق ُّ‬
‫ِ‬ ‫َّبح ِر يف‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫بعض ِم ْن‬
‫الفقه والعلو ِم‬ ‫واسع اال ِّطال ِع والت ُّ‬ ‫َ‬ ‫ني‬ ‫املدافع َ‬ ‫هؤالء‬ ‫وكان ٌ‬ ‫َ‬
‫«تقليد َّي ٌة وملتز َم ٌة»‬ ‫ِ‬ ‫العادة بأنهَّ ا‬ ‫ِ‬ ‫ف يف‬ ‫ُوص ُ‬ ‫ِ ٍ‬ ‫وينتمي إىل ٍ‬ ‫ِ‬ ‫الدِّ ينِ َّي ِة‪،‬‬
‫طرق ُصوف َّية ت َ‬
‫ِ‬
‫للغاية‪.‬‬

‫الصوف ّية‪.96 :2 ،46 :1 ،‬‬


‫عراين‪ ،‬األنوار القدس ّية يف معرفة قواعد ّ‬
‫الش ّ‬ ‫الوهاب ّ‬
‫(((   عبد ّ‬
‫(((   ونرت‪ ،‬املجتمع والدّ ين يف مرص العثامن ّية املبكرة‪.116 ،‬‬
‫اإل ْسال ِم ِّي‬ ‫ال ال َع َر ِب ِّي ِ‬ ‫جل ْن ِس َّي ِة يِف ال َع مَ ِ‬ ‫َما َق ْب َل امل ِْثلِ َّي ِة ا ِ‬ ‫‪128‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫الر ُّق والعبو ِد َّية‬ ‫ِّ‬


‫اجلنس َّي ِة جهد ًا كبري ًا يف‬ ‫ِ‬ ‫للمثل َّي ِة‬
‫ِ‬ ‫مناقشاتهِ ِم‬ ‫َ‬ ‫ِ‬
‫الكثري ِم َن الفقهاء يف‬ ‫يبذل‬ ‫ُ‬
‫ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ تهِ‬
‫َّظر إليه‬ ‫حماوال ِم التَّشديد عىل حرمتها حتَّى مع العبيد‪ ،‬وهو حتديدٌ ينبغي الن ُ‬
‫اإلسالم َّي ِة‪ .‬ويقدِّ ُم لنا‬ ‫ِ‬ ‫واإلماء يف الشرَّ ي َع ِة‬ ‫ِ‬ ‫ات‬‫جواز التَّم ُّت ِع باملحظِي ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ضوء‬ ‫يف‬
‫َّ‬
‫الكثري ِم َن‬ ‫َ‬ ‫وص؛ حيوي‬ ‫اخلص ِ‬ ‫ُ‬ ‫أخرى مثاالً هبذا‬ ‫مر ًة َ‬
‫ِ‬
‫الفقي ُه املك ُِّّي (اهليتم ُّي) َّ‬
‫فعل‬ ‫أن َم ْن أتَى َ‬ ‫َّاس قد أمج ُعوا عىل َّ‬ ‫أن الن َ‬ ‫حي ِة القاط َع ِة بينَّ َ فيه َّ‬ ‫العبارات الصرَّ َ‬
‫ِ‬
‫الذي َن‬ ‫ني ِ‬ ‫ِ‬
‫الفاسق َ‬ ‫ني‬‫الفاسدي َن امللعونِ َ‬ ‫ِ‬ ‫عبد له فإ َّن ُه ِم َن ا َّلالئطِ َ‬
‫ني‬ ‫لوط مع ٍ‬ ‫قو ِم ٍ‬
‫وميسوري‬ ‫ِ‬ ‫بني الت َُّّج ِ‬
‫ار‬ ‫الفعل َ‬ ‫ِ‬ ‫ث عن شيو ِع هذا‬ ‫عليهم لعن ُة اهللِ‪ ،‬وحتدَّ َ‬ ‫حتل ِ‬ ‫ُّ‬
‫الذكور املِالح هبيي ال َّط ِ‬ ‫احلال ِ‬ ‫ِ‬
‫بيض ُهم وسو َد ُهم‬ ‫لعة َ‬ ‫َ ِّ‬ ‫ون العبيدَ ُّ َ‬ ‫الذي َن يبتا ُع َ‬
‫األبد َّي ُة العاج َل ُة‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫عليهم ا َّللعن ُة‬ ‫ِ‬ ‫أن َّ‬
‫حتل‬ ‫(اهليتم ُّي) ْ‬ ‫ِ‬ ‫كي يفع ُلوا هبم‪ ،‬ودعا‬
‫مصريهم يف ِ‬
‫الفعل‬ ‫َ‬ ‫والعار ما دا ُموا أد َمنُوا هذا‬ ‫َ‬ ‫اخلزي‬
‫َ‬ ‫هذه الدُّ نيا‬ ‫يكون ِ ُ ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫وأن‬
‫(‪)1‬‬
‫القبيح واملستق َب َح‪.‬‬ ‫َ‬ ‫نيع‬
‫الش َ‬ ‫َّ‬
‫اإلنكليز ُّي (الكساندر‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫حلظ ال َّطبيب وعامل ال َّط ِ‬
‫بيعة‬ ‫ياق ذاتِ ِه‪َ ،‬‬ ‫ويف الس ِ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ِّ‬
‫عمل يف‬ ‫ِ‬
‫راسل ـ ‪1768 -1715( )Alexander Russell‬م) الذي َ‬
‫َ‬
‫وكان‬ ‫بيع ِّي)‬ ‫(تاريخ حلب ال َّط ِ‬ ‫ُ‬ ‫القرن ال َّثام َن عشرَ َ يف كتابِ ِه‬ ‫ِ‬ ‫ف‬ ‫حلب يف منتص ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫أن ((جمَ َال‬ ‫بنحو عا ٍّم‪َّ -‬‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الحظ ًا حذر ًا ومتعاطف ًا مع تقاليد سكَّان املدينة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫زان قيم َت ُه متام ًا َ‬ ‫يعز ِ‬ ‫الذ ِ‬ ‫العبد َّ‬ ‫ِ‬
‫مثل جمَ ال اإلماء‪ ،‬وهذا قد يفسرِّ ُ‬ ‫كر ووسام َت ُه ِّ‬
‫ِ‬
‫تعليقات‬ ‫يدعم‬
‫ُ‬ ‫وثم َة ما‬ ‫َّ‬
‫(‪)2‬‬
‫ذكرها بين َُهم)‪.‬‬ ‫يتعذ ُر ُ‬ ‫شيوع إحدَ ى اجلرائ ِم التِي َّ‬ ‫َ‬
‫سعر العبد يف‬ ‫ِ‬ ‫وتأثريه يف ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫امل اجلَ َسد ِّي‬ ‫ِ‬
‫(راسل) وملحوظاته بشأن أمه َّية اجل ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬
‫َ‬ ‫ِّ‬
‫ِ‬
‫ف الدِّ مشق ُّي‬ ‫واملتص ِّو ُ‬ ‫ث الفقي ُه‬ ‫ني إىل ذل َك‪ ،‬إذ حتدَّ َ‬ ‫ِ‬ ‫َّاب املح ِّل ِّي َ‬ ‫كثرة إشارة الكت ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬
‫ان)‬ ‫احلس ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫عبدُ الغنِ ِّي النَّابلسيِ ُّ عن‬
‫حرص وجهاء املدينة عىل رشاء (املامليك َ‬
‫ون‬‫العناية هبِم وبزينتِ ِهم‪ ،‬وخيل ُع َ‬ ‫ِ‬ ‫ون يف‬ ‫باألثامن) ويبال ُغ َ‬ ‫ِ‬ ‫فيهم‬ ‫ون ِ‬ ‫فكانُوا (يتغا َل َ‬

‫الزواجر عن اقرتاف الكبائر‪.143 :2 ،‬‬


‫اهليتمي‪ّ ،‬‬
‫ّ‬ ‫(((   ابن حجر‬
‫بيعي‪( ،‬طبعة ‪.113 ،)1756‬‬‫(((   راسل‪ ،‬تاريخ حلب ال ّط ّ‬
‫‪129‬‬ ‫واملرضى‬‫َ‬ ‫لواط ُّي َ‬
‫ون‬ ‫األو ُل‪ِّ :‬ال ِ‬ ‫ال َف ْص ُل َّ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫كالعرائس‪ )1(.‬وعىل‬ ‫ِ‬ ‫ون أما َم ُهم‬ ‫لباس واحلليِ ِّ وجيع ُلونهَ ُم يق ُف َ‬ ‫ِ‬ ‫عليهم جمَ َيل ا ِّل‬‫ِ‬
‫الشعرانيِ ُّ َّقرا َء ُه‬ ‫اب َّ‬ ‫الوه ِ‬ ‫ف املصرْ ِ ُّي عبدُ َّ‬ ‫واملتص ِّو ُ‬
‫َ‬ ‫الرغ ِم ِم ْن ذلِ َك‪ ،‬ين ِّب ُه الفقي ُه‬ ‫ُّ‬
‫الشأنِ‬ ‫ني وذوي َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫إىل رضورة حتا سوء ال َّظ ِّن بالنّخ َبة‬‫شيِ‬ ‫ِ‬
‫السياس ِّي َ‬ ‫احلاكمة م َن ِّ‬ ‫َ‬
‫بجاملهِِ م‪َّ ...‬‬ ‫ِ‬
‫ألن‬ ‫املبه ِري َن َ‬ ‫ني ِ‬ ‫العبيد الفاتنِ َ‬
‫ِ‬ ‫رشاء‬ ‫األموال ال َّطائ َل َة يف‬
‫َ‬ ‫ِ‬
‫إلنفاق ِهم‬
‫وخدم ِهم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ومالبس ِهم‬ ‫َّظر إىل ما هو جمَ ٌيل يف منازلهِِ م‬ ‫امل والتَّمت َُّع بالن ِ‬ ‫حب اجل ِ‬
‫َّ َ‬
‫العادات املتأص َلةِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫كان م َن‬ ‫نوب؛ َ‬ ‫الذ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫أن يؤ ِّد َي ذل َك إىل اقرتاف ُّ‬ ‫ِم ْن دون ْ‬
‫ِ‬
‫ِّ‬
‫(‪)2‬‬ ‫ِ‬
‫فيهم‪.‬‬

‫اجلوانب فيام يت َِّص ُل بول ِع‬ ‫ِ‬ ‫جالء ِ‬


‫هذه‬ ‫ِ‬ ‫وحرص ُه عىل‬ ‫(الشعرانيِ ِّ )‬ ‫حديث َّ‬ ‫َ‬ ‫إن‬‫َّ‬
‫َ‬
‫ُّك معاصرِ ِ ِيه‬ ‫بنحو ال لبس فيه إىل تشك ِ‬ ‫ٍ‬ ‫يشري‬ ‫العبيد املِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫بعض ِهم‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫الح‪ُ ،‬‬ ‫برشاء‬
‫الشعرانيِ َّ ذا َت ُه قد‬ ‫ِ‬ ‫وكثر ِة ارتيابهِ ِم هبا‪ ،‬وا َّل ُ‬ ‫امر َس ِة‬ ‫ِ ِ‬
‫أن َّ‬ ‫لالنتباه َّ‬ ‫الفت‬ ‫َ‬ ‫هبذه ا ُمل َ‬
‫ياس َّي ِة‬
‫ُّخبة الس ِ‬
‫ِّ‬
‫أفراد الن ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫تعنيف‬ ‫ارش إىل‬ ‫غري ُم َب ٍ‬ ‫بنحو ِ‬ ‫ٍ‬ ‫أملح إىل أ َّن ُه قد يعمدُ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫عنهم (العربدَ ُة واخلال َع ُة) وف ْع ُل ِهم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫رف ُ‬ ‫احلاكمة (م ْن حاشية الوالة) الذي َن ُع َ‬ ‫َ‬
‫َ‬ ‫ِ‬ ‫املنك ََر مع خدم ِهم ُّ‬‫ِ‬
‫عيل كثر ُة‬ ‫تبارك وتعالىَ‬ ‫أنعم اهللُ‬ ‫الذكور مب ِّين ًا‪( :‬وممَّا َ‬
‫(‪)3‬‬
‫َّ‬
‫ِ‬
‫الوالة‬ ‫ِ‬
‫حاشية‬ ‫باملامليك ِم ْن‬‫ِ‬ ‫ِ‬
‫والفسق‬ ‫ِ‬
‫بالفجور‬ ‫ف‬ ‫ورفق َمل ْن ُع ِر َ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫بلطف‬ ‫نص ِحي‬ ‫ْ‬
‫حل َسنَة حتَّى‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫رب وأحس ُن به ال َّظ َّن‪...‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وأجيب عنه باألجو َبة ا َ‬ ‫ُ‬ ‫فأص ُ‬ ‫وغريهم ْ‬
‫األمثال ِمن ٍ‬
‫بنحو قوليِ ‪ :‬ال ُ‬
‫جيوز‬ ‫ِ‬ ‫بعيد‬ ‫ِ ْ‬ ‫ِ‬
‫برضب‬ ‫نصح ُت ُه‬ ‫مال َ‬ ‫يميل إ َّيل‪ ،‬فإذا َ‬ ‫َ‬
‫كم ْن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫بعض ِم َن‬ ‫يقع فيام َّ‬ ‫َّاس ْ‬ ‫ألحد ِم َن الن ِ‬ ‫ٍ‬
‫ظاهر الشرَّ ي َعة َ‬ ‫العلامء عن‬ ‫زل به ٌ‬ ‫أن َ‬
‫خمالف‬
‫ٌ‬ ‫فإن ذلِ َك‬ ‫امللك‪َّ ،‬‬ ‫املامليك بحج ِة ِ‬ ‫ِ‬ ‫أدبار ِه َّن أو وط َء‬ ‫ِّساء يف ِ‬ ‫أباح وطء الن ِ‬
‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫(‪)4‬‬
‫مجهور العلامء سلف ًا وخلف ًا‪.)...‬‬ ‫ِ‬ ‫وص القطع َّية وما عليه‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫للن ُُّص ِ‬
‫ُ‬
‫ّابليس‪ ،‬القول املعترب يف بيان النّظر‪ ،‬صفحة ‪186‬أ‪ -‬ب‪.‬‬
‫الغني الن ّ‬
‫ّ‬ ‫  عبد‬ ‫(((‬
‫عراين‪ ،‬لطائف املنن واألخالق‪.135 :2 ،‬‬ ‫  الش ّ‬ ‫ّ‬ ‫(((‬
‫ويصح ضبطها بالفتح‬
‫ّ‬ ‫  يصح يف ضبط مفردة (املنكر) الكرس عىل أنهّا صفة للفعل‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫(((‬
‫مفعوال به للمصدر فعل‪ ،‬وهذا األخري أفصح ّ‬
‫ألن املصدر أقوى من اسم العلم فهو‬
‫أوىل باإلعامل‪.‬‬
‫لغوي)‪.‬‬
‫ّ‬ ‫(املقوم ا ّل‬
‫ّ‬
‫عراين‪ ،‬لطائف املنن واألخالق‪.105 :2 ،‬‬ ‫  الش ّ‬ ‫ّ‬ ‫(((‬
‫اإل ْسال ِم ِّي‬ ‫ال ال َع َر ِب ِّي ِ‬ ‫جل ْن ِس َّي ِة يِف ال َع مَ ِ‬ ‫َما َق ْب َل امل ِْثلِ َّي ِة ا ِ‬ ‫‪130‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫مثل َّي ٍة شا َع ْت‬ ‫عالقات ِ‬ ‫ٍ‬ ‫أمثلة عن‬ ‫ٍ‬ ‫بضع‬‫َ‬ ‫الس ُريذاتِ َّي ٌة‬ ‫ِ‬
‫وتو ِّف ُر األدبِ َّيات ِّ‬
‫تكش َف ْت عنه‬ ‫وفق ما َّ‬ ‫عبيد هلُم‪ )1(.‬وعىل ِ‬ ‫ٍ‬ ‫بني وجها َء وخد ٍم أو‬ ‫أخبارها َ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫نيِ‬
‫بشكل أنموذج ٍّي‬ ‫ُ‬
‫متتلك‬ ‫السياس َّية ‪ -‬التي‬ ‫أن النُّخ َب َة ِّ‬ ‫الشعرا ِّ يبدُ و َّ‬ ‫تعليقات َّ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬ ‫أن هلم سمع ًة ِ‬
‫شائنَ ًة‬ ‫ِ‬ ‫العدد األك ِ‬
‫للغاية يف هذا‬ ‫َ‬ ‫رب م َن اخلد ِم والعبيد ‪ -‬يبدُ و َّ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫املديح الذي كا َل ُه الفقي ُه‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وكاتب‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫بب يف‬ ‫الس َ‬ ‫املجال‪ .‬ويفسرِّ ُ ذل َك ـ ر َّبام ـ َّ‬
‫بارز ـ‬ ‫ترك ٍّي ٍ‬ ‫لفقيه ِ‬ ‫ٍ‬ ‫العريض ( ُتوفيِّ َ سن َة ‪1660‬م)‬ ‫رية احللبِ ُّي أبو الوفا‬ ‫الس ِ‬
‫ُّ‬ ‫ِّ‬
‫قال متحدِّ ث ًا عنه‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫بح فيام بعدُ املفت َي األعلىَ يف اإلمرباطور َّية العثامن َّية‪ ،‬إذ َ‬ ‫ِ‬
‫أص َ‬ ‫ْ‬
‫حيب‬ ‫حيب العظم َة‪ ،‬وال ُّ‬ ‫غش فيه‪ ،‬وال ُّ‬ ‫واضح ال َّ‬ ‫ٌ‬ ‫هزل فيه‪،‬‬ ‫(كال ُم ُه جدٌّ ال َ‬
‫غالب املواليِ‬ ‫ِ‬ ‫فة خدَ ٍم] كام هو ُ‬
‫شأن‬ ‫[بص ِ‬ ‫ان‪ ،‬وال يستخدم ا ُملرد ِ‬ ‫احل َس َ‬ ‫املالبس ِ‬
‫ُ ْ َ‬ ‫َ‬
‫ِ (‪)2‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫واشتهر يف أقضيته بالع َّفة واالستقامة)‪.‬‬ ‫َ‬ ‫احلاكمة العثامن َّية]‬ ‫َ‬ ‫املؤس َسة‬ ‫[أفراد َّ‬
‫آخر عن ِ‬ ‫ٍ‬ ‫األنص ِ‬ ‫مشق ُّي اب ُن أ ُّي ٍ‬ ‫وكتب املؤر ُخ الدِّ ِ‬
‫أحد‬ ‫ار ّي مستشهد ًا بمثال َ َ‬ ‫َ‬ ‫وب‬ ‫ِّ‬ ‫َ‬
‫الغلامنِ‬ ‫كان يرغب عن ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ف عنه أ َّن ُه خالف ًا ألقرانه َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫القوات االنكشار َّية ُعر َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫قادة َّ‬
‫احلموي ( ُتوفيِّ َ سن َة‬ ‫ُّ‬ ‫ُ‬
‫علوان‬ ‫ور ُّي‬ ‫الس ِ‬ ‫ف ُّ‬ ‫املتص ِّو ُ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬
‫وحذ َر‬ ‫(‪)3‬‬
‫نفس ُه‪.‬‬‫وتعا ُف ُهم ُ‬
‫ومريد ِيه ِم ْن‬ ‫ِ‬ ‫حذ َر َّقرا َء ُه‬ ‫َّظر) َّ‬ ‫فقه ٍّي له عن (أحكا ِم الن ِ‬ ‫ف ِ‬ ‫‪1530‬م) يف مؤ َّل ٍ‬
‫الذي دعا ُه إىل‬ ‫مواكب احلكَّا ِم وع ِّلي ِة القو ِم؛ والسبب ِ‬ ‫ِ‬ ‫ف ملشاهدَ ِة‬ ‫خماطر التَّو ُّق ِ‬ ‫ِ‬
‫َّ ُ‬ ‫َّ‬
‫الفاخر َة و ُيز َّين َ‬
‫ُون‬ ‫املالبس‬ ‫ون‬‫الذي َن كانُوا ُيل َب ُس َ‬ ‫َّحذير هو اخلدم ا ُملرد ِ‬ ‫ِ‬ ‫هذا الت‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ ْ ُ‬
‫جال عىل حدٍّ‬ ‫ِّساء والر ِ‬ ‫إليهم إغواء للن ِ‬ ‫َّظر ِ‬ ‫ِ‬ ‫بأفضل ِّ ِ‬ ‫ِ‬
‫ِّ‬ ‫ً‬ ‫الزينة وأمجلها‪ ،‬فيغدُ و الن ُ‬
‫والر َّحال ُة‬ ‫بأخرى أدلىَ هبا‬ ‫الش ِ‬ ‫هذه َّ‬ ‫سواء‪ )4(.‬ويمكن مقار َن ُة ِ‬ ‫ٍ‬
‫الكاتب َّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫هادة‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫اإلنكليز ُّي (السري هنري بالونت ـ ‪-1602( )Sir Henry Blount‬‬ ‫ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫‪1982‬م) ِ‬
‫ابع عشرَ َ ‪،‬‬ ‫الس َ‬ ‫عاش يف منط َقة البلقان يف ثالثين َّيات القرن َّ‬ ‫الذي َ‬

‫املحبي‪ ،‬خالصة األثر‪:2 ،‬‬


‫ّ‬ ‫  البوريني‪ ،‬تراجم األعيان‪137-133 :2 ،327 :1 ،‬؛‬ ‫ّ‬ ‫(((‬
‫اخلفاجي‪ ،‬رحيانة األلبا‪،‬‬
‫ّ‬ ‫‪،81‬‬ ‫العاطر‪،‬‬ ‫وض‬ ‫الر‬
‫ّ‬ ‫وب‪،‬‬ ‫ي‬
‫ّ‬ ‫أ‬ ‫ابن‬ ‫‪412‬؛‬ ‫‪:3‬‬ ‫‪،220-219‬‬
‫الرحيانة‪.237 :2 ،‬‬ ‫‪100 :1‬؛ املح ّب ّي‪ ،‬نفحة ّ‬
‫املرشفة هبم حلب‪.82 ،‬‬
‫الذهب يف األعيان ّ‬ ‫العريض‪ ،‬معادن ّ‬ ‫ّ‬ ‫  أبو الوفا‬ ‫(((‬
‫الروض العاطر‪.5 ،‬‬ ‫  ابن أ ّيوب‪ّ ،‬‬ ‫(((‬
‫احلموي‪ ،‬عرائس الغرر وغرائس الفكر يف أحكام النّظر‪.68 ،‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫  عيل ابن عط ّية علوان‬ ‫(((‬
‫‪131‬‬ ‫واملرضى‬‫َ‬ ‫لواط ُّي َ‬
‫ون‬ ‫األو ُل‪ِّ :‬ال ِ‬ ‫ال َف ْص ُل َّ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫البولند َّي ِة‪.‬‬


‫ِ‬ ‫ِ‬
‫احلدود‬ ‫جزء ِم ْن محلتِ ِه إىل‬ ‫اجليش العثامنيِ يف ٍ‬ ‫َ‬ ‫ورافق‬ ‫َ‬
‫َّ‬
‫[يرتاوح عد ُد ُه َّن‬ ‫وجات‬ ‫ِ‬ ‫الز‬ ‫يقول (بالونت) يف شهادتِ ِه‪( :‬زياد ًة عىل َّ‬ ‫ُ‬
‫ُ‬
‫كل‬ ‫يستملك ُّ‬ ‫ُ‬ ‫ات]‬ ‫املقصو ُد بذلِ َك حمظ َّي ٌ‬ ‫ُ‬ ‫مخس عشرْ َ ةَ] [ر َّبام‬ ‫عرش إىل َ‬ ‫ٍ‬ ‫بني‬
‫َ‬
‫املالبس املخمل َّي َة أو‬ ‫ِ‬ ‫أكثر م ْن ذل َك‪ ،‬يرتدُ َ‬
‫ون‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫باشا عدد ًا م َن املأبون َ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫ني؛ ور َّبام ُ‬
‫األثاث‬ ‫َ‬ ‫ويتوسدُ َ‬
‫ون‬ ‫بالذ ِ‬
‫هب‬ ‫املطل َّي َة َّ‬ ‫ِ‬ ‫الضال َع َة‬ ‫يوف َّ‬ ‫والس َ‬ ‫القرمز َّي َة‬‫ِ‬
‫َّ‬ ‫الفاخرةَ‪ُّ ،‬‬ ‫َ‬
‫لواط يف عصرْ ِ ِه‬ ‫أن ا ِّل َ‬ ‫السفارينِ ُّي َّ‬ ‫حممدُ َّ‬ ‫وذكر الفقي ُه الفلسطين ُّي َّ‬
‫ِ‬
‫َ‬
‫(‪)1‬‬
‫الفاخر)‪.‬‬ ‫َ‬
‫سفره وعيشه يف‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫يدل عىل ِ‬ ‫لغياب ما ُّ‬ ‫ِ‬ ‫بني األتراك حتديد ًا‪ ،‬ونظر ًا‬ ‫ِ‬ ‫كان شائع ًا َ‬ ‫َ‬
‫َ‬
‫األتراك‬ ‫يغلب ال َّظ ُّن َّ‬
‫أن‬ ‫ُ‬ ‫اإلمرباطور َّي ِة العثامنِ َّي ِة؛‬ ‫ِ‬ ‫املناطق النَّاط َق ِة بالترُّ ِك َّي ِة ِم َن‬ ‫ِ‬
‫ِ‬ ‫بالذ ِ‬ ‫وحك ََم ِ‬ ‫ِ‬
‫األغلب‬ ‫األعم‬
‫ِّ‬ ‫كر‪ ،‬كانُوا يف‬ ‫وخص ُهم ِّ‬ ‫َّ‬ ‫عليهم‬ ‫كان يقاب ُل ُهم َ‬ ‫الذي َن َ‬
‫ِ ِ (‪)2‬‬
‫والعسكر َّي ِة والقضائ َّية‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ياس َّي ِة‬ ‫أفراد ًا ِمن النُّخب ِة الس ِ‬
‫َ ِّ‬ ‫َ‬
‫ٍ‬ ‫بشأن إقامتِ ِه‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫الشخص ِ‬
‫عالقات‬ ‫األقاويل‬ ‫تنترش عنه‬ ‫ُ‬ ‫الذي‬ ‫وقدْ جيدُ َّ ُ‬
‫عمل‬ ‫أدائ ِه َ‬ ‫شك وهت ُّك ٍم‪ ،‬فيواجه هتم َة ِ‬
‫ُ‬ ‫حمل ٍّ‬ ‫نفس ُه َّ‬ ‫ِ ِ‬
‫جنس َّي ًة مع َخدَ مه ‪ /‬عبيده َ‬
‫ِِ‬ ‫ِ‬
‫خد ِم ِه‬ ‫«الفحولة» عىل ِ‬ ‫ِ‬ ‫مظاهر‬‫ُ‬ ‫وص ًا حينَام تتبدَّ ى‬ ‫خص َ‬ ‫املفعول به أو املستقبِ ِل ُ‬ ‫ِ‬
‫الش ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫َت ِ‬ ‫ٍ‬
‫عراء‬ ‫تسرتعي انتبا َه ُّ‬ ‫األقاويل‬ ‫هذه‬ ‫يثري االسرتاب َة‪ .‬وبداه ًة‪ ،‬كان ْ‬ ‫بنحو ُ‬
‫املثال عدَّ َة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫سبيل‬ ‫اجلزر ُّي يف‬ ‫ِ‬ ‫اعر احللبِ ُّي ُح َسينْ ُ‬ ‫نظم َّ‬
‫الش ُ‬ ‫وتثري شه َّيت َُهم‪ ،‬إذ َ‬ ‫ُ‬
‫وكان (نعم ُة‬ ‫َ‬ ‫ٌ‬ ‫اسم ُه (نعم ُة اهللِ) أ َّن ُه‬ ‫صرِ‬
‫مأبون‪،‬‬ ‫قصائدَ َص َّو َر فيها معا ًا له ُ‬ ‫َ‬
‫ني‬ ‫ِ‬
‫ني سود ًا‪ ،‬ونظر ًا إىل اقرتان األفريق ِّي َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫يمتلك عبيد ًا أفريق ِّي َ‬ ‫ُ‬ ‫يظهر‬ ‫اهللِ) عىل ما‬
‫ُ‬
‫(اجلزر ُّي)‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫نمطي بالفحولة وضخامة األعضاء التَّناسل َّية‪ ،‬مت َّك َن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫بنحو‬ ‫ود‬‫الس ِ‬
‫ٍّ‬ ‫ّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫يستغرب أشدَّ‬ ‫ُ‬ ‫بسهو َلة بال َغة م ْن توظيف هذه احلقيقة لدع ِم اتهِّ امه‪َ ،‬‬
‫فهو‬
‫احلظ]‬ ‫ُّ‬ ‫فهو [أي‬ ‫يستحق الكر َم‪َ ،‬‬ ‫ُّ‬ ‫احلظ كري ًام مع َم ْن ال‬ ‫ُّ‬ ‫َ‬
‫يكون‬ ‫االستغراب ْ‬
‫أن‬ ‫ِ‬

‫(((   بالونت‪ ،‬رحلة يف الشرّ ق‪.14 ،‬‬


‫الرغم من ذلك‪ ،‬تؤ ّلف هذه‬ ‫السياط‪ ،‬صفحة ‪10‬ب‪ .‬وعىل ّ‬ ‫فاريني‪ ،‬قرع ّ‬
‫ّ‬ ‫  الس‬
‫((( ّ‬
‫اإلثني ال ّظاهر الذي سبق انتشار‬
‫ّ‬ ‫امللحوظات أمثلة مائزة الفتة لالنتباه عن االستياء‬
‫القوم ّية يف النّصف ال ّثاين من القرن التّاسع عرش حتديدا‪.‬‬
‫اإل ْسال ِم ِّي‬ ‫ال ال َع َر ِب ِّي ِ‬ ‫جل ْن ِس َّي ِة يِف ال َع مَ ِ‬ ‫َما َق ْب َل امل ِْثلِ َّي ِة ا ِ‬ ‫‪132‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(‪)1‬‬
‫عبيد ِه‪.‬‬
‫ود ِمن ِ‬
‫ْ‬
‫جل احلر مما يريدُ ه‪ ،‬ويمنح (نعم َة اهللِ) إىل الس ِ‬
‫ُّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َّ َّ‬ ‫الر َ‬
‫حير ُم َّ‬
‫واحلم ُ‬
‫امات‬ ‫بيوت القهو ِة َّ‬ ‫ُ‬
‫الغز ُّي ( ُتوفيِّ َ سن َة‬ ‫حمم ٍد ِّ‬ ‫حممدُ ب ُن ِّ‬ ‫ين َّ‬ ‫نجم الدِّ ِ‬ ‫ِ‬
‫أملح الفقي ُه الدِّ مشق ُّي ُ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫‪1651‬م) يف معجمه الترَّ امج ِّي عن وجهاء القرن العارش اإلسالم ِّي‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ِ‬ ‫الذي احتد َم يف عصرْ ِ ِه‬ ‫اجلدل ِ‬ ‫ِ‬ ‫مر ٍة إىل‬ ‫ِ‬
‫بشأن‬ ‫أكثر م ْن َّ‬ ‫أملح َ‬ ‫(‪1591-1494‬م) َ‬
‫الكتاب‪،‬‬ ‫تأليف ِه‬
‫وقت ِ‬ ‫جدل خ َّف ْت حدَّ ُته يف ِ‬ ‫وهو ٌ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫موقف الفقهاء م َن "القهوة" َ‬
‫اآلن عىل ِح ِّلها يف ذاتهِ ا‪ ،‬وأ َّما‬ ‫اإلمجاع َ‬ ‫ُ‬ ‫(ثم انعقدَ‬ ‫ِ‬
‫ال يف أحد املواقف‪َّ :‬‬
‫ِ‬ ‫وع َّل َق قائ ً‬
‫اآلالت عليها‪ ،‬وتناولهِ ا ِم َن ا ُمل ْر ِد‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ورضب‬ ‫ِ‬
‫كاخلمر‪،‬‬ ‫يف االجتام ِع عىل إدارتهِ ا‬
‫ِ ِ (‪)2‬‬ ‫ِ‬ ‫َّظر ِ‬ ‫ان مع الن ِ‬ ‫احلس ِ‬ ‫ِ‬
‫بعض أعقابهِ ِم‪ ،‬فال شبه َة يف حتريمه)‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫وغمز‬ ‫إليهم‪،‬‬ ‫َ‬
‫الذي َن كانُوا‬ ‫ني ِ‬ ‫الة األورو ِّب ِّي َ‬ ‫اثنان ِمن الرح ِ‬ ‫وتبدُ و مناسب ًة االستعان ُة بام كتبه ِ‬
‫َ َّ َّ‬ ‫َُ‬
‫ف كتا َب ُه؛‬ ‫(الغز ُّي) يؤ ِّل ُ‬ ‫ِّ‬ ‫كان فيه‬ ‫الوقت ذاتِ ِه تقريب ًا الذي َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫يف الشرَّ ِق األدنَى يف‬
‫ياق ِ‬ ‫ف عىل الس ِ‬ ‫الغزي والتَّعر ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫وذلِ َك ابتغا َء‬
‫الذي‬ ‫ِّ‬ ‫ُّ‬ ‫كامل مللحو َظة ِّ ِّ‬ ‫حتقيق فه ٍم‬
‫كل ِم َن الربتغاليِ ِّ (بيدرو تيشريا ـ ‪)Pedro Teixeira‬‬ ‫حلظ ٌّ‬ ‫ور َد ْت فيه إذ َ‬
‫ِ‬
‫والربيطانيِ ِّ (جورج سانديز ـ ‪ )George Sandys‬يف حديث ِهام عن بغدا َد‬
‫ف ِغلامن ًا ِمالح ًا جمَ يليِ ال َّط ِ‬
‫لعة‬ ‫القهوة تو ِّظ ُ‬ ‫ِ‬ ‫بيوت‬‫َ‬ ‫واسطنبول عىل التَّواليِ َّ‬
‫أن‬ ‫َ‬
‫الصفحات‬ ‫  اجلزري‪ ،‬الدّ يوان‪ ،‬صفحة ‪73‬ب‪ .‬انظر كذلك القصائد الفاضحة يف ّ‬ ‫ّ‬ ‫(((‬
‫الشائعة عن العالقة القو ّية‬ ‫‪73‬ب‪-74‬أ و ‪116‬أ‪-117‬أ‪ .‬ولالستزادة بشأن الفكرة ّ‬
‫ّيفايش‪ ،‬نزهة‬
‫ّ‬ ‫ت‬ ‫ال‬ ‫انظر‬ ‫بنياهنم‪،‬‬ ‫وقوة‬
‫السود واملخنّثني بسبب فحولتهم ّ‬ ‫بني األفريق ّيني ّ‬
‫ّيفايش‪( :‬وأ ّما الذين قالوا باحلبشان واملخ ّططني من‬ ‫ّ‬ ‫األلباب‪ .271-270 ،‬يقول الت‬
‫إن احلبشة يف خلقتهم أكرب أيورا‪ ،‬وأرسعها‬ ‫والسودان‪ ،‬فإنهّ م قالوا‪ّ :‬‬ ‫الزنوج ّ‬ ‫أصناف ّ‬
‫قياما‪ ،‬وأبعدها نوما‪ .‬واملخ ّططون منهم ومن سائر النّاس أوفر أيورا من غريهم‬
‫والزنوج منهم فأمأل أيورا‪ ،‬وأشدّ ها تدويرا‪ ،‬وأربا كمرا (الكمرة‪ :‬رأس‬ ‫وأشبق‪ّ .‬‬
‫خاص ّية فيها ليست لغريهم‪ ،‬وذلك أنهّ م إذا ناكونا وحصلوه فينا‬ ‫ّ‬ ‫الذكر) ّ‬
‫وإن هلم‬ ‫ّ‬
‫ب‪ ،‬ماؤه يملؤنا وينترش فينا ويتسكرج يف أجوافنا كام‬ ‫الص‬
‫ّ ّ‬ ‫وقت‬ ‫يف‬ ‫منه‬ ‫حسسنا‬
‫واب‪ ،‬حتّى إنهّ م ال يته ّيأ هلم أن يس ّلوه منّا إلاّ بعد ساعة)‪.‬‬‫تتسكرج أيور الدّ ّ‬
‫الصفحة‬ ‫السائرة بأعيان املئة العارشة‪[ .112-111 :2 ،‬يف ّ‬ ‫  الغز ّي‪ ،‬الكواكب ّ‬‫ّ‬ ‫(((‬
‫الغز ّي أسامء عدد من الفقهاء يشدّ دون يف قهوة الب ّن ويقول بتحريمها‪.‬‬ ‫ذاهتا يورد ّ‬
‫(املرتمجة]‪.‬‬
‫‪133‬‬ ‫واملرضى‬‫َ‬ ‫لواط ُّي َ‬
‫ون‬ ‫األو ُل‪ِّ :‬ال ِ‬ ‫ال َف ْص ُل َّ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ِ‬ ‫اختيار ِ‬ ‫ِ‬ ‫الس ِ‬ ‫ِ‬ ‫الز ِ (‪ِ )1‬‬ ‫ِ‬
‫البيوت‬ ‫هذه‬ ‫بب يف‬ ‫السهو َلة معرف ُة َّ‬ ‫بائن‪ .‬وم َن ُّ‬ ‫خدمة َّ‬ ‫يف‬
‫«غمز‬ ‫ِ‬ ‫َّظر» و‬ ‫بني «الن ِ‬ ‫الفاص ُل َ‬ ‫ِ‬ ‫ف احلدُّ‬ ‫الس ِّن‪ ،‬إذ يت َِّص ُ‬ ‫بيان ِص ِ‬ ‫توظيف الص ِ‬
‫غار ِّ‬ ‫َ ِّ‬
‫ٍ‬ ‫ش اجلا ِّد ِم ْن‬ ‫َّحر ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫َّ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫جهة‬ ‫املؤخرات» م ْن جهة وحماو َلة الت ُّ‬ ‫قرص‬ ‫األعقاب أو‬
‫الفروض‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫أفضل‬ ‫ومائع يف‬ ‫ٌ‬ ‫ف بأ َّن ُه ضبابيِ ٌّ‬ ‫بافتقار ِه التَّحديدَ ؛ يت َِّص ُ‬ ‫ِ‬ ‫أخرى‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الزبائن‬ ‫جذب َّ‬ ‫الس ِّن ابتغا َء‬ ‫تنحدر عمل َّي ُة توظيف صغار ِّ‬ ‫َ‬ ‫أن‬‫وحيدث ْ‬ ‫ُ‬
‫الفاص َل ِة‪...‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫احلدود‬ ‫والضبابِ َّي ِة يف‬ ‫هذه امليو َع ِة َّ‬ ‫بسبب ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫القهوة‬ ‫ِ‬
‫بارتياد‬ ‫وترغيبِ ِهم‬
‫[جنس َّي ِة]‬ ‫ِ‬ ‫مآرب‬ ‫حتقيق‬ ‫حي ٍة غايتُها‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫وحترشات صرَ َ‬ ‫تنحدر إىل ممُ َار َسات إغواء ُّ‬ ‫ُ‬
‫املقاهي سيئةِ‬ ‫ِ‬ ‫بحق‬‫بعض م َن احلاالت ِّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫َّخذ يف‬ ‫ِ‬
‫اإلجراءات القانون َّي ُة ُتت ُ‬ ‫ُ‬ ‫َت‬ ‫وكان ْ‬
‫ِّ‬
‫َت ُصور ُة‬ ‫األخالق‪ )2(.‬وكان ْ‬ ‫ِ‬ ‫عارة وانعدا ِم‬ ‫بسبب اقرتانهِ ا بمامرس ِة الدَّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫الس ِ‬
‫معة‬
‫ُ َ َ‬ ‫ُّ‬
‫تقليدي ُة للغايةِ‬ ‫ِ‬ ‫ف بنحو توافق ٍّي أنهَّ ا‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الساقي يف شعر الغزل واخلمر َّيات تتَّص ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َّ‬ ‫َّ‬
‫بائن‬ ‫الز ِ‬ ‫ِ‬
‫املالح خلدمة َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫إن حقيق َة توظيف بيوت القهوة الغ َ‬
‫لامن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫تلك احلقبة؛ َّ‬‫ِ‬ ‫يف َ‬
‫َ‬
‫ون‬ ‫الكثري َ‬ ‫ُ‬ ‫ورة التِي َيرى‬ ‫هلذ ِه الص ِ‬
‫ُّ‬
‫أن ِ‬ ‫العادة] َّ‬ ‫ِ‬ ‫توحي [يف‬ ‫املرشوبات ِ‬ ‫ِ‬ ‫وتقدي ِم‬
‫أغلب‬ ‫ِ‬ ‫شك يف‬ ‫دون ٍّ‬ ‫َت عليه ِمن ِ‬ ‫وه َي ما كان ْ‬ ‫ورة أدبِي ٍة نمطي ٍة ـ ِ‬ ‫حمض ص ٍ‬
‫ْ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫أنهَّ ا ُ ُ‬
‫اعر‬ ‫إن َّ‬ ‫املثال‪َّ :‬‬ ‫سبيل ِ‬ ‫ِ‬ ‫االجتامع ِّي‪ ،‬إذ َ‬ ‫ِ‬ ‫األحيان ـ ِصل ًة تربطها بالواق ِع‬ ‫ِ‬
‫الش َ‬ ‫قيل يف‬
‫باح ْ‬ ‫كان معتاد ًا (يف ِّ‬ ‫مشق َّي أمحدَ العناياتيِ َّ َ‬ ‫الدِّ ِ‬
‫جييب‪...‬‬ ‫َ‬ ‫أن‬ ‫الص ِ‬ ‫كل يو ٍم عىل َّ‬
‫اجلاري‬ ‫ِ‬ ‫يكون فيه املا ُء‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬
‫القهوة‪،‬‬ ‫ِ‬
‫بيوت‬ ‫بيت ِم ْن‬ ‫الفالح؛(‪ )3‬ثم يسري إىل ٍ‬ ‫ِ‬ ‫داعي‬
‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬
‫ويرتاح‬ ‫ويرشب م ْن [قهوة] الب ُّن أقداح ًا‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الساقي واجللوة‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫املليح َّ‬ ‫مع‬
‫شكل‬ ‫ِ‬ ‫زال يف‬ ‫الذي ما َ‬ ‫ديوان (العناياتيِ ) ِ‬ ‫ُ‬ ‫هبا كأ َّن ُه عا َق َر راح ًا)‪ )4(.‬وحيتوي‬
‫ِّ‬
‫  هاتوكس‪ ،‬القهوة واملقاهي‪.109 ،‬‬ ‫(((‬
‫  ماركوس‪ ،‬الشرّ ق األوسط مطلع التّحديث‪232 ،‬؛ رفيق‪ ،‬األخالق العا ّمةيف‬ ‫(((‬
‫دمشق القرن ال ّثامن عرش‪ .183 ،‬وللحصول عىل مثل مواز الفت لالنتباه‪ ،‬انظر‬
‫السقي يف اليابان قبل ساللة مينج املب ّينة يف‬ ‫صورة النّادلني ‪ /‬العاملني يف ّ‬
‫حمال ّ‬
‫بفلݞفيلدر‪،‬خرائطالرغبة‪.79 ،‬‬
‫ّ‬
‫اإلسالمي مجلة‬
‫ّ‬ ‫  املقصود بداعي الفالح املؤ ّذن وقت الفجر؛ ففي مفردات األذان‬ ‫(((‬
‫(حي) اسم فعل يقصد به النّداء بمعنى تعالوا؛ والفالح هو‬ ‫ّ‬ ‫(ح َّي عىل الفالح) و‬
‫َ‬
‫لغوي)‪,‬‬
‫ّ‬ ‫(املقوم ا ّل‬
‫ّ‬ ‫الفوز والنّجاح‪.‬‬
‫  البوريني‪ ،‬تراجم األعيان‪.93 :1 ،‬‬
‫ّ‬ ‫(((‬
‫اإل ْسال ِم ِّي‬ ‫ال ال َع َر ِب ِّي ِ‬ ‫جل ْن ِس َّي ِة يِف ال َع مَ ِ‬ ‫َما َق ْب َل امل ِْثلِ َّي ِة ا ِ‬ ‫‪134‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫إبراهيم‬ ‫اسم ُه‬ ‫ِِ‬ ‫ساق(‪ُ )1‬ع ِر َ‬ ‫يان عىل ٍ‬ ‫َني ُت ْثنِ ِ‬‫قصيدت ِ‬ ‫خمطو َط ٍة عىل ِ‬
‫ُ‬ ‫ف بوسامته ُ‬
‫اعر يف‬ ‫الش ُ‬ ‫ارتياد ِه؛ ويصرَ ِّ ُح َّ‬ ‫ِ‬ ‫اعر عىل‬ ‫الش ُ‬‫دأب َّ‬ ‫ٍ‬
‫يعمل يف بيت قهوة َ‬
‫ِ‬ ‫وير ُّي ُ‬ ‫الس ِ‬ ‫ُّ‬
‫الشاب وهو يد ُعو صدي َقه إىل مرافقتِهِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫مطل ِع إحدَ ى القصيدتَني باس ِم هذا َّ ِّ‬
‫َّظر إىل‬ ‫وتلميعهام بالن ِ‬ ‫ِ‬ ‫روح ِيهام‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اب َ‬ ‫أص َ‬ ‫الصدَ ء الذي َ‬ ‫إىل بيت القهوة إلزالة َّ‬
‫مس املرش َق َة‬ ‫الش َ‬ ‫وفاق حتَّى َّ‬ ‫القمر املضيِ َء يف جمَ الِ ِه َ‬ ‫َ‬ ‫الذي يشب ُه‬ ‫(حميا إبراهيم) ِ‬
‫َ‬ ‫َّ‬
‫يرسع إىل‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اعر يف األبيات التَّال َية عىل َصديقه ْ‬
‫بأن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ويلح َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫يف ملعانه وتأل ُلئه؛‬
‫َ‬ ‫الش ُ‬ ‫ُّ‬
‫قيق النَّاع ِم ‪ -‬أي‬ ‫الر ِ‬ ‫(الغص ِن َّ‬
‫ْ‬ ‫فرص ُة التَّم ُّت ِع بمشاهدَ ِة‬
‫بيت القهوة لئلاَّ تفو َت ُه َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اه َي ِة‪.‬‬‫الز ِ‬ ‫البيت بثيابِ ِه َّ‬ ‫ِ‬ ‫َّاميل أمام رو ِ‬
‫اد‬ ‫َ َّ‬ ‫يكف عن الت ُ‬ ‫ُّ‬ ‫الذي ال‬ ‫إبراهيم) ِ‬
‫َ‬
‫ديق ِه‬
‫البيت األخري بمخا َطب ِة ص ِ‬
‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫اعر‬ ‫يفتتح َّ‬
‫الش ُ‬ ‫ُ‬ ‫الساب َق ِة‪،‬‬ ‫ِ‬
‫وكام يف األبيات َّ‬
‫القهوة التِي ال حي ُلو‬
‫ِ‬ ‫واقناع ِه بمرافقتِ ِه إىل ِ‬
‫بيت‬ ‫ِ‬ ‫إلغرائ ِه‬
‫ِ‬ ‫َ‬
‫(تعال‪ ،‬د ْعنا)‬ ‫بـ‬
‫َ ِ (‪)2‬‬ ‫يد (إبراهيم) الن ِ‬ ‫ول عليها إلاَّ ِمن ِ‬ ‫احلص ُ‬
‫الرقيقة‪.‬‬
‫َّاعمة َّ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫مات‬ ‫كر ْت عن بيوت القهوة عىل احلماَّ‬ ‫أكثر امللحوظات التي ُذ َ‬ ‫وت َْصدُ ُق ُ‬
‫ِ‬ ‫شهادة الرح ِ‬ ‫ِ‬ ‫وثم َة يف‬ ‫ِ‬
‫اإلنكليز ِّي (ادوارد وليم لني) ما يؤ ِّيدُ هذا‬ ‫الة‬ ‫َّ َّ‬ ‫كذل َك‪َّ ،‬‬
‫ابح‬ ‫شاب أ َم َر ُد خدم َة َّ‬
‫الس ِ‬ ‫ٌّ‬ ‫(بنحو عا ٍّم‪ ،‬يتولىَّ َصبِ ٌّي أو‬ ‫ٍ‬ ‫حيث ُ‬
‫يقول‪:‬‬ ‫ُ‬ ‫املعنَى‪،‬‬
‫ووض َع ُه املنش َف َة عىل‬ ‫الساخنَة] ْ‬‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫مالبس ُه يف الغرفة الدَّ اخل َّية [الغرفة َّ‬ ‫َ‬ ‫أثنا َء خلعه‬
‫أن ا ُمل ْر َد كانُوا‬ ‫ِ‬
‫ف الشرَّ بين ُّي َّ‬ ‫أظهر املصرْ ِ ُّي ُ‬
‫يوس ُ‬ ‫َ‬ ‫جسم ِه)‪ .‬وزياد ًة عىل ذل َك‪،‬‬
‫ِ‬ ‫(‪)3‬‬ ‫ِ‬
‫ِِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُيك َّل ُف َ‬
‫تقع عاد ًة‬‫(حك اجلس ِم وتدليكه) التي ُ‬ ‫ِّ‬ ‫َّحسيس‬ ‫َّكييس والت‬ ‫ون بمها ِّم الت‬
‫مثل ِ‬ ‫فإن ظروف ًا َ‬ ‫أخرى‪َّ ،‬‬ ‫َ ٍ (‪)4‬‬ ‫ٍ‬
‫األعم‬
‫ِّ‬ ‫تشج ُع يف‬
‫َت ِّ‬ ‫هذه كان ْ‬ ‫ومر ًة َ‬ ‫َّ‬ ‫معزولة‪.‬‬ ‫غرفة ُ‬ ‫يف‬

‫لغوي‪ :‬عاقر الراح أي رشب اخلمرة مع غريه‪ .‬جاء يف املختار‪:‬‬ ‫ّ‬ ‫املقوم ا ّل‬
‫إضافة ّ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫لأِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫لخْ‬
‫الض ِّم ا َ ْم ُر ُس ِّم َي ْت ب َذل َك نهَّ َا َع َق َرت ال َع ْقل أ ْو ( َعا َق َر ْت) الدَّ َّن أ ْي‬ ‫(ا ْل ُع َق ُار) بِ َّ‬
‫ب الخْ َ ْم ِر‪.‬‬ ‫ان شرُْ ِ‬ ‫ِ‬
‫لاَ َز َم ْت ُه‪َ .‬و (المُْ َعا َق َرةُ) إ ْد َم ُ‬
‫لغوي)‪.‬‬
‫ّ‬ ‫(املقوم ا ّل‬
‫ّ‬ ‫  ساق‪ :‬ساقي‪ ،‬اسم منقوص حذفت ياؤه ختفيفا‬ ‫(((‬
‫العنايايت‪ ،‬الدّ يوان‪( ،‬خمطوطة ‪ ،)1‬صفحة ‪100‬أ‪( ،‬خمطوطة ‪ ،)2‬صفحة ‪71‬أ‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫  أمحد‬ ‫(((‬
‫  لني‪ ،‬وصف سلوكات املرص ّيني‪.339 ،‬‬ ‫(((‬
‫هز القحوف‪.219 ،‬‬ ‫بيني‪ّ ،‬‬
‫  الشرّ ّ‬ ‫(((‬
‫‪135‬‬ ‫واملرضى‬‫َ‬ ‫لواط ُّي َ‬
‫ون‬ ‫األو ُل‪ِّ :‬ال ِ‬ ‫ال َف ْص ُل َّ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫دفع الفقي َه املصرْ ِ َّي عبدَ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫األغلب عىل اخلالعة والدَّ عارة‪ .‬وهذا ـ ر َّبام ـ ما َ‬
‫املناو َّي‬ ‫حمم ٍد ِ‬ ‫بن َّ‬ ‫بن حي َيى ِ‬ ‫العابدي َن ِ‬ ‫ِ‬ ‫بن ِ‬
‫زين‬ ‫عيل ِ‬ ‫ني ِ‬ ‫تاج العارفِ َ‬ ‫ؤوف ب َن ِ‬ ‫الر ِ‬
‫بن ٍّ‬ ‫َّ‬
‫بصفةِ‬ ‫ون ا ُملرد ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫( ُتوفيِّ َ سن َة ‪1622‬م) إىل انتقاد مالكي احلماَّ مات الذي َن يو ِّظ ُف َ ْ َ‬
‫ِّ‬ ‫مرحلة الن ِ‬ ‫ِ‬ ‫انتقل ِم ْن‬ ‫ثم َ‬ ‫ِ‬ ‫ني‪ ،‬وح ِّث ِهم عىل‬ ‫مد ِّل ِك َ‬
‫واحلث‬ ‫َّقد‬ ‫الكف عن ذل َك‪َّ ،‬‬ ‫ِّ‬
‫ألن ممُ ارس ٍ‬ ‫ِ‬ ‫إىل املطا َلب ِة بمن ِع ا ُملر ِد ِمن الت ِ ِ‬
‫مثل‬ ‫ات َ‬ ‫َّجرد م ْن مالبس ِهم يف احلماَّ ِم‪َ َ َّ ،‬‬ ‫ُّ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫الواضحة‪ِ.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫واألدب‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وفق ما يرا ُه ـ إىل انتهاك قواعد احلشمة‬ ‫ِ‬ ‫هذه قد تؤ ِّدي ـ َ‬ ‫ِ‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫العقاب‬ ‫مات ِم َن‬ ‫ِ‬
‫حاب احلماَّ‬ ‫أص َ‬ ‫املناوي ْ‬ ‫ُّ‬ ‫واحلث واملطال َب ِة‪َّ ،‬‬
‫حذ َر‬ ‫ِّ‬ ‫وبعدَ الن ِ‬
‫َّقد‬
‫ني‬ ‫ادي َن والدَّ يوثِ َ‬ ‫ون مع القو ِ‬
‫َّ‬ ‫حرش َ‬ ‫احلساب مب ِّين ًا أنهَّ ُم س ُي ُ‬ ‫ِ‬ ‫ينتظر ُهم يو َم‬ ‫ُ‬ ‫الذي‬ ‫ِ‬
‫فعل ِهم املستق َب ِح‪.‬‬ ‫ما مل يك ُّفوا وينتهوا عن ِ‬
‫(‪)1‬‬
‫ُ‬ ‫ْ‬
‫فذاك‪،‬‬ ‫َ‬ ‫بنفس ِه‬
‫فإن تولاَّ ه ِ‬
‫ُ‬ ‫الوسخ‪ْ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫فعل يف احلماَّ ِم إزال ُة‬ ‫املناوي‪( :‬وممَّا ُي ُ‬ ‫ُّ‬ ‫َ‬
‫قال‬
‫َّب عىل‬ ‫باآلداب وما يرتت ُ‬ ‫ِ‬ ‫غس ُل يف احلماَّ ِم) د ِّين ًا ورع ًا عارف ًا‬ ‫رت بلاّ ن ًا (ا ُمل ِّ‬ ‫وإلاَّ فليخ ْ‬
‫ِ‬
‫باخللوة‬ ‫فكيف‬ ‫َّظر إليه‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫الن ِ‬
‫َ‬ ‫غري أ ْم َر َد أل َّن ُه إذا َح ُر َم الن ُ‬ ‫ويكون َ‬ ‫العورة‪،‬‬ ‫َّظر إىل‬
‫ام ِه‬ ‫مح ِ‬ ‫َّعري يف َّ‬ ‫ِ‬
‫يمنع ا ُمل ْر َد م َن الت ِّ‬ ‫َ‬ ‫وينبغي للحماَّ ِم ِّي ْ‬
‫أن‬ ‫ِ‬ ‫به ومالمستِ ِه بد َن ُه؟‬
‫ِ (‪)2‬‬ ‫كالش ِ‬ ‫املفاسد التِي َّ‬ ‫ِ‬ ‫َّب عىل ذلِ َك ِم َن‬ ‫والتَّسب ِ لمِ‬
‫مس يف ال ُّظهور)‪.‬‬ ‫ب فيه َا يرتت ُ‬ ‫َّ‬
‫حمم ٍد‬ ‫ين أمحدُ ب ُن َّ‬ ‫شهاب الدِّ ِ‬ ‫ُ‬ ‫األديب اليمنِ ُّي‬ ‫ُ‬ ‫أظهر‬
‫َ‬ ‫للمناوي‪،‬‬
‫ِّ‬ ‫وخالف ًا‬

‫نبوي ورد فيه النّهي عن دخول احلماّ مات العا ّمة ّ‬


‫ثم‬ ‫ّ‬ ‫أن أكثر من حديث‬ ‫(((   يشار إىل ّ‬
‫ونصه‪:‬‬
‫ّ‬ ‫(‪)4009‬‬ ‫داود‬ ‫أبو‬ ‫رواه‬ ‫ما‬ ‫منها‬ ‫(بقيود)‬ ‫اإلذن به‬
‫للرجال أن‬ ‫رخص ّ‬ ‫ثم ّ‬ ‫هنى رسول اهلل صلىّ اهلل عليه وس ّلم عن دخول احلماّ مات‪ّ ،‬‬
‫يدخلوها يف امليازر‪.‬‬
‫ومنها ما رواه أبو داود أيض ًا (‪:)4011‬‬
‫ونصه‪ :‬إنهّ ا ستفتح لكم أرض العجم وستجدون فيها بيوتا يقال هلا احلماّ مات فال‬ ‫ّ‬
‫الرجال إلاّ باألزر‪ ،‬وامنعوها النّساء إلاّ مريضة أو نفساء‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ّها‬ ‫ن‬ ‫يدخل‬
‫ونصه‪ :‬إنهّ ا ستفتح لكم أرض األعاجم وستجدون فيها‬ ‫ومنها ما رواه ابن ماجه ّ‬
‫الرجال إلاّ باألزر‪ ،‬وامنعوا النّساء أن يدخلنها‬ ‫بيوتا يقال هلا احلماّ مات‪ ،‬فال يدخلنّها ّ‬
‫إلاّ مريضة أو نفساء‪.‬‬
‫لغوي)‪.‬‬
‫ّ‬ ‫(املقوم ا ّل‬
‫ّ‬
‫الزه ّية يف أحكام احلماّ م الشرّ ع ّية وال ّط ّب ّية‪.36 ،‬‬
‫املناوي‪ ،‬النّزهة ّ‬
‫ّ‬ ‫الوهاب‬‫(((   عبد ّ‬
‫اإل ْسال ِم ِّي‬ ‫ال ال َع َر ِب ِّي ِ‬ ‫جل ْن ِس َّي ِة يِف ال َع مَ ِ‬ ‫َما َق ْب َل امل ِْثلِ َّي ِة ا ِ‬ ‫‪136‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ِ‬
‫احة‬ ‫احليمي الكوكبانيِ ( ُتوفيِّ سن َة ‪1739 -1738‬م) قدر ًا أك ِ‬ ‫ِ‬
‫رب م َن الصرَّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُّ‬ ‫ُّ‬
‫واملالحة وال َّط ِ‬
‫راوة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الوسامة‬ ‫توافر ِص ِ‬
‫فات‬ ‫ِ‬ ‫توكيد ِه رضور َة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫واالسرتخاء يف‬
‫أن‬ ‫(وينبغي ْ‬ ‫ِ‬ ‫فقال‪:‬‬‫مات‪َ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫الز ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫بائن يف احلماَّ‬ ‫خدمة َّ‬ ‫ني يف‬‫العامل َ‬ ‫اخللق يف‬ ‫ودماثة‬
‫ات‬ ‫الذ ِ‬
‫لطيف َّ‬ ‫َ‬ ‫وشامئل لطي َف ٍة مستح َّب ٍة‬ ‫َ‬ ‫ورة َح َسن ٍَة‬‫يكون ذلِ َك اخلادم ذا ص ٍ‬ ‫َ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫ألفاظ‬‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫اخلطاب فع ْن‬ ‫راجع يف‬ ‫وت رخي ٍم‪ْ ،‬‬
‫وإن‬ ‫إن تك َّلم فبص ٍ‬ ‫امت‪ْ ،‬‬ ‫حسن الس ِ‬
‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ َ َ ِّ‬
‫امللم ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫س‪ ،‬أل َّن ُه‬ ‫بارش اخلدم َة فبأيد لطي َفة اخل ْل َقة رطبة َ‬ ‫َ‬ ‫كالدُّ ِّر النَّظي ِم‪ْ ،‬‬
‫وإن‬
‫(‪)1‬‬ ‫ِ‬
‫وغريها)‬ ‫ياب‬‫َّاعم ِم َن ال ِّث ِ‬ ‫تألف إلاَّ الن َ‬ ‫ُ‬ ‫ني التِي ال‬ ‫المس أجسا َد املرتفِ َ‬ ‫َ‬ ‫طالمَا‬
‫إبراهيم‬‫َ‬ ‫ين‬‫يخ َصار ِم الدِّ ِ‬ ‫الش ِ‬ ‫خليلنا ِّ‬ ‫ِ‬ ‫أظرف َ‬
‫قول‬ ‫َ‬ ‫وأضاف إىل ذلِ َك قائالً‪( :‬ما‬ ‫َ‬
‫يل)‪:‬‬ ‫محا ٍم َح َس ٍن جمَ ٍ‬ ‫مح ُه اهللُ يف خاد ِم َّ‬ ‫الح ِ‬
‫اهلند ِّي ر َ‬ ‫بن َص ٍ‬ ‫ِ‬

‫��ب‬ ‫ِ‬
‫ال��ص ِّ‬
‫وص��� َّب��� ُه َص��بَّ��ا ع�لى َّ‬
‫َ‬ ‫محا َمـنا‬
‫ري���م َّ‬
‫ٌ‬ ‫ب��امل��ـ��اء واىف‬
‫ِ‬
‫العذب‬ ‫ق ْل ُت نعم ِم��ن ِ‬
‫ريق َك‬ ‫ٍ‬
‫ب��ـ��ارد‬ ‫َ‬
‫وق���ال يل ه��ل َ‬
‫ل��ك يف‬
‫(*)‬
‫ْ‬ ‫ْ‬

‫(املقوم‬
‫ّ‬ ‫األول جناس ناقص؛ وقد أشري إىل معنى اجلناس عن قريب‪.‬‬
‫[*] يف البيت ّ‬
‫لغوي)‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ا ّل‬

‫*****‬

‫وقال (الكوكبانيِ ُّ ) يف موض ٍع َ‬


‫آخر‪:‬‬ ‫َ‬
‫مع ُح ْســـنِ ِه حتَّى متكَّــن ِم ْن و ِّدي‬ ‫محــا ٍم أتــــانيِ مالطـــــف ًا‬ ‫َ‬
‫وخدَّ ا ُم َّ‬
‫ِ‬
‫الوجد‬ ‫جيــس اعتالليِ فيه ِم ْن أملِ‬ ‫ِ‬
‫فــــق فيه فخلتُــ ُه‬‫بالر‬ ‫ِ‬
‫ُّ‬ ‫وغمزنـــي ِّ‬
‫ِ‬ ‫ســـبا مهجتِي َّملـــا حتدَّ َر‬
‫الـــورد‬ ‫بخـدٍّ له كال َّط ِّـل َ‬
‫الح عىل‬ ‫رشـح ُه‬
‫ُ‬
‫قط يفع ُلــه ِ‬
‫عبدي‬ ‫ال ُّ‬
‫أص ً‬ ‫زال يســـ َعى للقيا ِم بخدمتِــي‬
‫وما َ‬
‫ُ‬ ‫بام ليـــس ْ‬

‫الكوكباين‪ ،‬حدائق النّامم يف الكالم عىل ما يتع ّلق باحلماّ م‪.93 ،‬‬
‫ّ‬ ‫(((   أمحد‬
‫‪137‬‬ ‫واملرضى‬‫َ‬ ‫لواط ُّي َ‬
‫ون‬ ‫األو ُل‪ِّ :‬ال ِ‬ ‫ال َف ْص ُل َّ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫الش ِ‬
‫هد‬ ‫كان ِمن ِ‬
‫ريق َك َّ‬ ‫إن َ ْ‬‫نعم ْ‬ ‫فق ْل ُ‬ ‫ٍ‬
‫ساخن‬ ‫وقــال ِ‬
‫أتبغـــي بــارد ًا بعدَ‬ ‫َ‬
‫ـت ْ‬
‫(*)‬

‫(املقوم‬
‫ّ‬ ‫وضمها العسل يف شمعها واجلمع ِشها ٌد بالكرس‪.‬‬ ‫الش ْهدُ بفتح ّ‬
‫الشني ّ‬ ‫[*] َّ‬
‫لغوي)‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ا ّل‬

‫*****‬
‫تفضيل ِ‬
‫باب‬‫الش ِ‬‫َّعامل مع َّ‬ ‫اهلند ِّي الت َ‬ ‫ِ‬ ‫أخرى عن‬‫قص ًة َ‬ ‫وروى الكوكبانيِ ُّ َّ‬ ‫َ‬
‫الح) وهو غال ٌم جمَ ٌيل هبِ ُّي‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الس ِّن يف احلماَّ ِم‪ ،‬ورغبته يف ْ‬ ‫ِص ِ‬
‫(ص ُ‬ ‫أن يتولىَّ َ‬ ‫غار ِّ‬
‫أشيب‪:‬‬
‫ُ‬ ‫أعوان احلماَّ ِم ِّي وهو ٌ‬
‫شيخ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫بعض‬ ‫جسم ِه بدالً ِم ْن‬
‫ِ‬ ‫َ‬
‫تدليك‬ ‫ال َّط ِ‬
‫لعة‬
‫ِ‬
‫احلبيب نجـاحا‬ ‫وص ِ‬
‫ـــل‬ ‫َ ِ‬
‫وأدرك م ْن ْ‬ ‫الصـدا‬‫أذهب َّ‬ ‫َ‬ ‫ذه ْب ُت إىل احلماَّ م كي‬
‫(*)‬ ‫َ‬
‫يكون َصالحا‬ ‫وقدْ كن ُْت أرجو ْ‬
‫أن‬ ‫أنشــــيخ ًامك ِّيســي‬
‫فكـذ َبظنِّي َّ‬
‫َّ‬

‫الكوكباين‪ ،‬حدائق النّامم يف الكالم عىل ما يتع ّلق باحلماّ م‪-99 ،‬‬
‫ّ‬ ‫احليمي‬
‫ّ‬ ‫[*] أمحد‬
‫‪.001‬‬

‫*****‬

‫ص‬ ‫لقص ِ‬ ‫عمل أفر َد ُه الكوكبانيِ ّ َ‬ ‫ٍ‬ ‫مأخو َذ ٌة ِم ْن‬ ‫ُّقوالت يف أعال ُه مجي ُعها ُ‬ ‫ُ‬ ‫والن‬
‫ني فيها‪ ،‬وو َّث َق يف‬ ‫ِ‬
‫بحق مرتادهيا والعامل َ‬ ‫ِ‬ ‫ُظم ْت ِّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫والقصائد التي ن َ‬ ‫َ‬ ‫احلماَّ مات‬
‫ِ‬
‫أصدقائه أو‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫مؤر َخ ًة إىل عدد م َن احلماَّ مات‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وجهها إىل ْ‬ ‫َّ‬ ‫أحد َم َباحثه دعوات َّ‬
‫َ‬
‫وأحاديث‬ ‫ٍ‬
‫إحاالت‬ ‫عوات مجيع ًا تقريب ًا عىل‬ ‫وحتتوي ِ‬
‫هذه الدَّ‬ ‫ِ‬ ‫منهم؛‬
‫ُ‬ ‫استلمها ُ‬ ‫َ‬
‫للمدعوي َن وتعزيز ًا‬ ‫ِ‬
‫الح نض ِريي الوجوه تشجيع ًا‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫عن زبائ َن وعماَّ ل ش َّبان م ٍ‬
‫ِّ‬
‫ويوج ُه الفقي ُه املك ُِّّي‬ ‫الكثري!‪.‬‬ ‫ينتظر ُهم‬ ‫حيث‬‫ُ‬ ‫ارتياد احلماَّ ِم‬‫ِ‬ ‫لرغبتِ ِهم يف‬
‫ِّ‬ ‫(‪)1‬‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫بأسلوب حياكي فيه الكوكبانيِ َّ النَّص َ‬
‫يح َة التَّال َي َة‬ ‫ٍ‬ ‫املوس ِو ُّي (‪1736‬م)‬ ‫اس َ‬ ‫ع َّب ُ‬
‫ِ‬
‫زبائن احلماَّ ِم‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫يف قصيدته إىل‬ ‫ِ‬

‫  الكوكباين‪ ،‬حدائق النّامم‪.201-179 ،‬‬


‫ّ‬ ‫(((‬
‫اإل ْسال ِم ِّي‬ ‫ال ال َع َر ِب ِّي ِ‬ ‫جل ْن ِس َّي ِة يِف ال َع مَ ِ‬ ‫َما َق ْب َل امل ِْثلِ َّي ِة ا ِ‬ ‫‪138‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫األمور بأسرْ ِ ها ِم ْن فطنتِ ْه‬


‫َ‬ ‫عرف‬
‫َ‬ ‫ِ‬
‫مشـــف ٍق‬ ‫نصيح ًة ِم ْن‬
‫اسـمع ُأخي ِ‬
‫َّ‬ ‫ْ‬

‫الغصــون بقدِّ ِه وبقـــا َمتِ ْه‬


‫َ‬ ‫ِ‬
‫يزري‬ ‫ٍ‬
‫مهفف‬ ‫بكـــف‬
‫ٍّ‬ ‫ال حتل َق ْن سـِـــوى‬

‫بمديتِـ ْه‬ ‫ِ‬


‫جـــاء ِ‬ ‫اجلــــز ُار‬ ‫فكأنَّــ ُه‬ ‫ٍ‬
‫حليــــة‬ ‫بكف َص ِ‬
‫احب‬ ‫فإذا حل ْق َت ِّ‬
‫َّ‬

‫بثغــر ِه وبري َقتِـــ ْه‬


‫ِ‬ ‫ِ‬
‫احليـــاة‬ ‫مـــا ُء‬ ‫ــــبح‬
‫َ‬ ‫أص‬ ‫َ‬
‫الفنجان مم َّ ْن ْ‬ ‫ْ‬
‫وتنـــاول‬

‫تغص برؤيتِــ ْه‬


‫ُّ‬ ‫السمو ُم بـدَ ْت‬
‫هبا ُّ‬
‫ِ‬
‫األفاعي راحتــا ُه‬ ‫ال َم ْن غدا َ‬
‫مثل‬

‫املنري بطلعتِ ْه‬


‫َ‬ ‫البدر‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫خيجل‬ ‫أهيف‬
‫َ‬ ‫ْ‬
‫واجعل ُخدَ ْي َم َك ســــــاع َة احلماَّ ِم‬

‫يسـعى وراك مهروالً يف مشـيته‬ ‫ِ‬


‫ـحوق مهدِّ الً‬‫الس‬ ‫َ‬
‫مثــل ّ‬ ‫ال َم ْن غدا‬
‫(*)‬
‫زمـان َشـيبتِه‬
‫ِ‬ ‫أبدى النَّصيح َة يف‬ ‫خذها إليـــك وصـــ َّي ًة من ناصح‬

‫املوسوي‪ ،‬نزهة اجلليس ومنية األديب األنيس‪913-813 :2 ،‬؛ ويرجح ّ‬


‫أن‬ ‫ّ‬ ‫[*] ع ّباس املك ّّي‬
‫الرأس ال "ا ّللحية"‪.‬‬
‫كلمة "حيلق" تعود إىل حلق ّ‬
‫السحوق‪ :‬اخلَ ِل ُق البايل‪.‬‬
‫الرقيق؛ َّ‬
‫الرشيق ّ‬
‫لغوي‪ :‬املهفهف واألهيف‪ّ :‬‬
‫ّ‬ ‫املقوم ا ّل‬
‫إضافة ّ‬
‫*****‬

‫وذوات مثلِ َّي ٌة‬


‫أفعا ٌل ٌ‬
‫أ َّكدَ ْت عا َمل ُة االجتام ِع الربيطانِ َّي ُة (ماري سوزان مسينتوش ـ ‪Mary‬‬
‫مر ٍة عا َم‬‫ُرش ْت َّأو َل َّ‬
‫ٍ ٍ‬
‫‪2013 -1936( )McIntosh‬م) يف دراسة ق ِّي َمة هلا ن َ‬
‫ِ ِ‬ ‫سيِ‬ ‫ِ ليِ‬
‫وبني ال َّطري َقة التي َ‬
‫يتص َّو ُر‬ ‫َ‬ ‫السلوك املث ِّ اجلن ِّ‬ ‫بني ُّ‬ ‫(‪1968‬م) أ َّكدَ ْت الت َ‬
‫َّاميز َ‬
‫هذه؛ وحل َظ ْت‬ ‫مثل ِ‬ ‫ٍ‬
‫سلوكات ِ‬ ‫ينغمس َ‬
‫ون يف‬ ‫الذي َن‬ ‫وفقها األفراد ِ‬ ‫املجتمع عىل ِ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ‬
‫ينغمس َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫بأن بعض ًا م َن األفراد‬ ‫وتقر َّ‬ ‫ُ‬
‫ون يف‬ ‫ُ‬ ‫عات مجيع ًا ُّ‬ ‫املجتم ُ‬‫َ‬ ‫تدرك‬ ‫أ َّن ُه بينَام‬
‫نوع ِه يف‬ ‫“حديث” فريدٌ ِمن ِ‬
‫ْ‬ ‫ٌ‬ ‫جانب‬
‫ٌ‬ ‫ثم َة‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫السلوكات املثل َّية اجلنس َّية‪ ،‬إلاَّ أ َّن ُه َّ‬ ‫ُّ‬
‫ينغمس َ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫أي الذي ُ‬ ‫ِ‬ ‫الر ِ‬
‫ون يف‬ ‫ُ‬ ‫ب‬ ‫إن أفراد ًا م ْن نو ٍع أو تركي َبة مع َّينَة ْ‬
‫فحس ُ‬ ‫يقول‪َّ :‬‬ ‫َّ‬
‫‪139‬‬ ‫واملرضى‬‫َ‬ ‫لواط ُّي َ‬
‫ون‬ ‫األو ُل‪ِّ :‬ال ِ‬ ‫ال َف ْص ُل َّ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫اجلنس َّي ِة ـ‬ ‫ِ‬ ‫املثل َّي ِة‬


‫احلديث إىل ِ‬ ‫ِ‬ ‫الغرب‬‫ِ‬ ‫عات‬ ‫جمتم ُ‬ ‫وتنظر َ‬ ‫ُ‬ ‫رغبة‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫الفعل عن‬ ‫ِ‬ ‫هذا‬
‫البرش‬ ‫ِ‬ ‫غري سو ِّي ٍة عندَ أق ِّل َّي ٍة ِم َن‬ ‫فطر َّي ًة أو َ‬ ‫متأص َل ًة ِ‬ ‫ِّ‬ ‫بوص ِفها حاالً‬ ‫يف العادة ـ ْ‬
‫ِ‬
‫اجلنس ذاتِ ِه‬ ‫ِ‬ ‫فرد ِم َن‬ ‫عالقة مع ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫بإقامة‬ ‫منتظم ٍة‬
‫َ‬
‫ٍ‬
‫رغبة‬ ‫نفسها يف‬ ‫تفصح عن ِ‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫أن‬ ‫املثال‪ ،‬يفيدُ َّ‬ ‫ِ‬ ‫سبيل‬‫ِ‬ ‫شائع يف‬ ‫وثم َة اعتقا ٌد‬ ‫ٍ‬ ‫إضاف ًة إىل‬
‫ٌ‬ ‫أخرى؛ َّ‬ ‫متنو َعة َ‬ ‫طرائق ِّ‬ ‫َ‬
‫اآلخ ِر‪.‬‬ ‫اجلنس َ‬ ‫ِ‬ ‫األفراد ِم َن‬
‫ِ‬ ‫جنس َّي ًا ِم َن‬ ‫العالقات‪ ،‬وينفر ِ‬
‫ُ‬
‫ِ‬ ‫«املثليِ َّ » خمن ٌَّث متعدِّ ُد‬
‫جنس َّي ًا أو ُصور ًة نمط َّي ًة َ‬ ‫مثلي ًا ِ‬ ‫ِ‬
‫مثل‬ ‫أن “دور ًا” َّ‬ ‫وترشح (مسينتوش) َّ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫الرغ ِم م ْن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ابع عشرَ َ ‪ ،‬وعىل ُّ‬ ‫الس َ‬ ‫أواخر القرن َّ‬ ‫سوى يف‬ ‫تربز يف إنكلرتا َ‬ ‫هذه مل ْ ْ‬
‫غري الغربِ َّي ِة‬ ‫عات ِ‬ ‫أكثر املجتم ِ‬
‫َ‬ ‫لوك املثليِ ) يف ِ‬
‫ِّ‬
‫الكثري ِمن الس ِ‬
‫ِ َ ُّ‬ ‫(بروز‬‫َ‬ ‫ترجيحها‬‫ِ‬
‫ون) باملعنَى‬ ‫جنس ُّي َ‬ ‫ون ِ‬ ‫(مثل ُّي َ‬ ‫َّاريخ‪ ،‬إلاَّ أ َّنه مل يكن ثم َة ِ‬ ‫قبل هذا الت ِ‬ ‫املعاصرِ َ ِة َ‬
‫ُ ْ ْ َّ‬
‫ِ ً (‪)1‬‬ ‫املتعار ِ‬
‫ف عليه حال َّيا‪.‬‬ ‫َ‬
‫املؤر ُخ‬ ‫حرص ِّ‬ ‫َ‬ ‫جهود (مسينتوش) واستكاملهِ ا‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫تعزيز‬ ‫ورغب ًة منه يف‬
‫ني الربيطانيِ ّ (اآلن بري ـ ‪)Alan Bray‬‬ ‫املثل ِّي َ‬ ‫حقوق ِ‬ ‫ِ‬ ‫واملدافع عن‬ ‫ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫عرو َفة (املثل َّي ُة اجلنس َّي ُة يف إنكلرتا‬ ‫(‪2001 -1948‬م) يف دراسته الق ِّي َمة وا َمل ُ‬
‫تطوير فِك َِرها‬ ‫ِ‬ ‫حرص عىل‬ ‫َ‬ ‫مر ٍة عا َم ‪1982‬م)‬ ‫در ْت َّأو َل َّ‬ ‫(ص َ‬ ‫عصرْ َ النَّهضة) َ‬
‫ِ‬
‫اجلذري ِ‬ ‫ِ‬
‫الذي شهد ْت ُه‬ ‫ِ ِّ‬ ‫االنتباه إىل ال َّتغيرُّ ِ‬ ‫لفت‬
‫وحاول (بري) َ‬ ‫َ‬ ‫والدِّ فا ِع عنها؛‬
‫َت النَّظر ُة‬ ‫ابع عشرَ َ ‪ ،‬إذ كان ْ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الصور ُة النَّمطِي ُة عن ِ‬
‫الس َ‬ ‫ني يف هناية القرن َّ‬ ‫املثل ِّي َ‬ ‫َّ‬ ‫ُّ‬
‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫ون يف االشرتاك يف أفعال جنس َّية مثل َّية تستندُ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫العا َّم ُة إىل األفراد الذي َن يفر ُط َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وصي ٍغ‬ ‫ومات ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ابع عشرَ َ إىل َم ْف ُه‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الس َ‬ ‫ادس عشرَ َ ومطل ِع القرن َّ‬ ‫الس َ‬ ‫يف القرن َّ‬
‫ون‬ ‫الذي َن يقرت ُف َ‬ ‫ني ِ‬ ‫ني واملتهت ِ‬
‫ِّك َ‬ ‫الفاسق َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫خانة‬ ‫وأخالق َّي ٍة بحت ٍَة تض ُع ُهم يف‬ ‫ِ‬ ‫دينِ َّي ٍة‬
‫ِ‬
‫القرن‬ ‫ِ‬
‫أواخر‬ ‫أخذ يف التَّالشيِ يف‬ ‫أن هذا الت ََّص ُّو َر َ‬ ‫الشنيعِ‪ .‬إلاَّ َّ‬ ‫لواط َّ‬ ‫ذنب ا ِّل ِ‬
‫َ‬
‫ابع عشرَ َ ومطل ِع القرن الثام َن عشرَ َ ُصعود ًا‪ ،‬إذ ح َّل ْت حم َّل ُه ُصور ُة‬ ‫ِ‬
‫الس َ‬ ‫َّ‬
‫“الغريب” ِم َن الرجالِ‬ ‫ِ‬ ‫البغي” ذل َك النَّو ِع‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫املخنَّث النَّمط َّي ُة‪ ،‬أو “العاهر‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫“بيوت بغاء” مع َّين ٍَة‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫جنس ِهم وشاكلتِ ِهم يف‬ ‫آخ ِرين ِمن ِ‬ ‫يعارش َ‬ ‫ِ‬
‫ون َ َ ْ‬ ‫ُ‬ ‫الذي َن‬

‫اجلنيس»‪.36 ،‬‬
‫ّ‬ ‫(((   ماري مسينتوش‪« ،‬الدّ ور ّ‬
‫املثيل‬
‫اإل ْسال ِم ِّي‬ ‫ال ال َع َر ِب ِّي ِ‬ ‫جل ْن ِس َّي ِة يِف ال َع مَ ِ‬ ‫َما َق ْب َل امل ِْثلِ َّي ِة ا ِ‬ ‫‪140‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫خاص ٌة هبِم‪ .‬وكان ْ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬


‫الصور ُة‬ ‫َت ّ‬ ‫أساليب وقواعدُ سلوك ولغ ٌة ثقاف َّي ٌة فرع َّي ٌة َّ‬ ‫ُ‬ ‫وهلُم‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫القرن‬ ‫ادس عشرَ َ ومطل ِع‬ ‫الس َ‬ ‫الشائ َع ُة عن “ا ِّللواط ِّي” أو “املأبون” يف القرن َّ‬ ‫َّ‬
‫كان اجلميع عرض ًة له ِ‬
‫مبدئ َّي ًا يف‬ ‫(إغراء َ‬ ‫ٍ‬ ‫شخص استس َل َم لـ‬ ‫ابع عشرَ َ ‪ ،‬أ َّن ُه‬
‫ُ‬ ‫ٌ‬ ‫الس َ‬‫َّ‬
‫ِ‬
‫ابع عشرَ َ ومطل ِع القرن ال َّثام َن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫األقل)‪ .‬أ َّما‬ ‫ِّ‬
‫الس َ‬ ‫«العاهر» يف أواخر القرن َّ‬ ‫ُ‬
‫(‪)1‬‬

‫األفراد يتعدَّ ى انحرا ُف ُه َ‬


‫إتيان‬ ‫ِ‬ ‫نوع معينَّ ٌ ِم َن‬‫وير ُه عىل أ َّن ُه ٌ‬‫تص ُ‬ ‫جرى ْ‬ ‫عشرَ َ ‪ ،‬فقدْ َ‬
‫ونربة َصوتِ ِه‬‫ِ‬ ‫سلوك ِه وحركاتِ ِه‬
‫ِ‬ ‫َ‬
‫ويشتمل عىل‬ ‫اجلنس َّي ِة املنافِ َي ِة‪ ،‬ليمتدَّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫األفعال‬
‫وأسلوب حديثِ ِه‪.‬‬ ‫ِ‬

‫“املأبون” أو “ا ِّللواطِ ِّي”‬ ‫ِ‬ ‫ني‪( :‬خالف ًا لـ‬ ‫بني النَّو َع ِ‬


‫الفرق َ‬‫َ‬ ‫يقول (بري) مب ِّين ًا‬ ‫ُ‬
‫ِ‬ ‫نيِ‬ ‫نطاق اجلنسانِ َّي ِة باملعنَى ا ُمل َب ِ‬
‫للكلمة‪،‬‬ ‫ارش واآل ِّ‬ ‫اعر” َ‬ ‫يتجاوز [ما يفع ُل ُه] “الدَّ ُ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الرجال امتداد ًا ملعنَى املثل َّية اجلنس َّية‪ ....‬إ َّن ُه‬ ‫َّوع م َن ِّ‬‫نلحظ فيام يفع ُل ُه هذا الن ُ‬ ‫ُ‬ ‫إذ‬
‫األساس‬‫َ‬ ‫ف‬ ‫جوهر ِه‪ ،‬ويؤ ِّل ُ‬
‫ِ‬ ‫سلوك ال يمكن عدُّ ه ِ‬
‫جنس َّي ًا يف‬ ‫ُ ُ‬
‫ٍ‬ ‫ليشتمل عىل‬ ‫َ‬ ‫يمتدُّ‬
‫ِ ِ (‪)2‬‬ ‫ِ‬
‫الوقت ذاته)‪.‬‬ ‫وخاص ٍة يف‬
‫َّ‬ ‫اجتامع َّي ٍة حمدَّ َد ٍة‬
‫ِ‬ ‫هلو َّي ٍة‬
‫تارخيي ٌة أخرى عن تغ ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ات‬ ‫يرُّ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ات‬ ‫وإضاف ًة إىل دراسة (بري) حتدَّ َث ْت َ‬
‫دراس ٌ‬
‫ٍ‬
‫عالقات‬ ‫ِ‬
‫إقامة‬ ‫األفراد ِ‬
‫الذي َن يشرتك َ‬
‫ُون يف‬ ‫ِ‬ ‫رات العا َّم ِة عن‬
‫مماث َل ٍة يف التَّصو ِ‬
‫َ ُّ‬
‫(‪)3‬‬
‫جنس َّي ٍة يف مطل ِع القرن ال َّثام َن عشرَ َ يف فرنسا وهولندا‪.‬‬
‫ِ‬ ‫مثلي ٍة ِ‬
‫َّ‬
‫ِ‬

‫الفيلسوف الفرنسيِ ُّ (ميشيل فوكو) يف املج َّل ِد‬ ‫ُ‬ ‫ياق ذاتِ ِه‪َ ،‬‬
‫لفت‬ ‫ويف الس ِ‬
‫ِّ‬
‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫األو ِل ِم ْن‬
‫بع عا َم ‪1976‬م) بمعزل عن (مسينتوش)‪...‬‬ ‫(تاريخ اجلنسان َّية) ( ُط َ‬
‫ُ‬ ‫َّ‬
‫لواط”‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫والفقه ِّي التَّقليد ِّي لـ “ا ِّل ُ‬ ‫ِ‬
‫بني ا َمل ْف ُهو ِم الدِّ ين ِّي‬ ‫ِ‬
‫لفت االنتبا َه إىل الفرق َ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وبني الت ََّص ُّورات التي شا َع ْت عن “املثل َّية اجلنس َّية” و “اشتهاء املامث ِل” يف‬‫ِ‬ ‫َ‬

‫  بري‪ ،‬املثل ّية يف إنكلرتا عرص النّهضة‪.31 ،‬‬


‫ّ‬ ‫(((‬
‫  بري‪ ،‬املثل ّية يف إنكلرتا‪.103 ،‬‬
‫َ‬ ‫(((‬
‫(((   حسني‪« ،‬املثل ّية يف اجلمهور ّية اهلولند ّية يف القرن ال ّثامن عرش‪،‬؛ َ‬
‫ري‪« ،‬املثل ّيون‬
‫خاص هبم‪‘1750-1700 ،‬؛ غرينبريغ‪،‬‬ ‫اجلنس ّيون الباريس ّيون خيلقون أسلوب حياة ّ‬
‫بناء املثل ّية اجلنس ّية‪.346-310 ،‬‬
‫‪141‬‬ ‫واملرضى‬‫َ‬ ‫لواط ُّي َ‬
‫ون‬ ‫األو ُل‪ِّ :‬ال ِ‬ ‫ال َف ْص ُل َّ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫علامء الن ِ‬
‫َّفس‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫جهود‬ ‫ِ‬
‫بفضل‬ ‫وتطو َر ْت‬ ‫َّاسع عشرَ َ ‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َّ‬ ‫أواخر القرن الت َ‬
‫اجلنس َّي ُة”‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫“املثل َّي ُة‬ ‫فرد اقرتا ُف ُه بينَام‬ ‫ال أثي ًام يمكن ألي ٍ‬ ‫لواط” فِع ً‬ ‫كان “ا ِّل ُ‬ ‫َ‬
‫ُ ِّ‬
‫األفراد‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫نوع معينَّ ٌ ِم َن‬ ‫يعودان إىل ٍ ِ ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اب هبا ٌ‬ ‫حال نفس َّية ُي َص ُ‬ ‫اآلخر”‬ ‫و “اشتها ُء‬
‫لواط‬ ‫(كان ا ِّل ُ‬ ‫َ‬ ‫ستش َهدُ به كثري ًا‪:‬‬ ‫كر و ُي َ‬ ‫يستحق ِّ‬
‫الذ َ‬ ‫ُّ‬ ‫وقال (فوكو) يف مقط ٍع‬ ‫َ‬
‫القديم ِة أحدَ‬ ‫َ‬ ‫ني املدنِ َّي ِة أو الشرَّ ِع َّي ِة ‪ /‬الدِّ ينِ َّي ِة‬ ‫بحسب القوانِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫“‪”sodomy‬‬
‫ِ‬ ‫موض ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫القضائ ِّي‪ .‬أ َّما‬ ‫وعها‬ ‫سوى ُ‬ ‫األفعال ا ُمل َح َّر َمة؛ ومل ْ يك ْن مرتك ُبها َ‬ ‫أنوا ِع‬
‫شخص َّي ًة متكام َل ًة هلا ماض‬ ‫ِ‬ ‫أضحى‬ ‫َّاسع عشرَ َ ‪ ،‬فقدْ‬ ‫ِ‬ ‫سيِ‬ ‫ليِ‬
‫َ‬ ‫املث ُّ اجلن ُّ يف القرن الت َ‬
‫ليِ‬ ‫كان ا ِّل ُ‬ ‫حال وطفو َل ٍة‪[ ...‬وبينَام] َ‬ ‫وتاريخ ٍ‬
‫بح املث ُّ‬ ‫أص َ‬ ‫لواط انحراف ًا مؤ َّقت ًا‪ْ ،‬‬ ‫ُ‬
‫ً (‪)1‬‬
‫جنس َّي ًا ـ حالِ َّي ًا ـ نوعا)‪.‬‬ ‫ِ‬

‫حدوث القطي َع ِة‬ ‫ِ‬ ‫َ‬


‫تاريخ‬ ‫ين حدَّ دا‬ ‫لذ ِ‬ ‫وخالف ًا لـ (مسينتوش) و (بري) ا َّل َ‬
‫َني‪،‬‬ ‫هلذ ِه القطي َع ِة بعدَ همُ ا بقرن ِ‬ ‫القرن السابع عشرَ ‪ ،‬أر َخ (فوكو) ِ‬
‫َّ َ َ َّ‬
‫ِ‬ ‫ا َمل ْف ُهوماتِ َّي ِة يف‬
‫بني‬ ‫االختالف البينِّ ِ َ‬ ‫ِ‬ ‫الرغ ِم ِم ْن هذا‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َّاسع عشرَ َ ‪ ،‬وعىل ُّ‬ ‫أواخر القرن الت َ‬ ‫أي يف‬
‫ِ‬
‫ني عىل حدوث هذه القطي َعة وعىل‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫بني ال َّطر َف ِ‬ ‫واضح َ‬ ‫ثم َة ات ٌ‬
‫ِّفاق‬ ‫التَّارخي ِ‬
‫ٌ‬ ‫َني‪َّ ،‬‬
‫اجلنس َّي َة‬ ‫ِ‬ ‫إن العالق َة‬ ‫يقول‪َّ :‬‬ ‫الذي ُ‬ ‫أمهي ِة دالالتهِ ا ومعانِيها‪ ،‬إذ أسهم الرأي ِ‬
‫َ َّ ُ‬ ‫ِّ َّ‬
‫ابع‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫قريب َّ‬ ‫َت إث ًام‬ ‫املثل َّي َة كان ْ‬ ‫ِ‬
‫الس َ‬ ‫الزنا سوا ٌء يف هناية القرن َّ‬ ‫الش َبه بالسرَّ قة أو ِّ‬ ‫َ‬
‫تص ُّو ٍر يفيدُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫لربوز َ‬ ‫الطريق‬ ‫متهيد‬ ‫أسهم يف‬ ‫َ‬ ‫َّاسع عشرَ َ ؛‬ ‫عشرَ َ أ ْم هناية القرن الت َ‬
‫فسيولوج َّي ًة‬ ‫ِ‬ ‫نفس َّي ًة أو‬ ‫الفرد تركيب ًة ِ‬ ‫ِ‬ ‫يعكس حياز َة‬ ‫ِ‬
‫العالقات‬ ‫َّوع ِم َن‬ ‫َّ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫أن هذا الن َ‬
‫غري سو َّي ٍة‪.‬‬ ‫َ‬
‫ين حظ َي ْت هبِام فرض َّي ُة‬ ‫لذ ِ‬ ‫ني ا َّل َ‬‫الرغ ِم ِم َن االهتام ِم والدَّ ع ِم امللحو َظ ِ‬ ‫وعىل ُّ‬
‫وجدل‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫موضع خالف‬ ‫أن هذه الفرض َّي َة ما زا َل ْت‬ ‫ِ‬ ‫(مسينتوش ‪ -‬فوكو) إلاَّ َّ‬
‫َ‬
‫كبري مها‪ :‬النَّظر ُة العا َّم ُة‬ ‫نقد ٍّي ٍ‬ ‫دان حظيا باهتام ٍم ِ‬ ‫جانبان حمدَّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫وثم َة‬ ‫عمي َق ِ‬
‫ني‪َّ ،‬‬
‫ب؛‬ ‫فحس ُ‬ ‫ْ‬ ‫ال حمدَّ د ًا‬ ‫ني؛ أنهَّ ُم أفرا ٌد ارتكَبوا فع ً‬ ‫قبل احلدي َث ِ‬ ‫ني ما َ‬ ‫إىل ا ِّللواطِ ِّي َ‬

‫(((   فوكو‪ ،‬تاريخ اجلنسان ّية‪.43 :1 ،‬‬


‫اإل ْسال ِم ِّي‬ ‫ال ال َع َر ِب ِّي ِ‬ ‫جل ْن ِس َّي ِة يِف ال َع مَ ِ‬ ‫َما َق ْب َل امل ِْثلِ َّي ِة ا ِ‬ ‫‪142‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫متثيل ِه نوع ًا‬


‫جلهة ِ‬‫الفعل ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫مرتكب هذا‬ ‫ٍ‬
‫ومتكامل عن‬ ‫ٍ‬
‫واضح‬ ‫واالفتقار َمل ْف ُهو ٍم‬
‫ُ‬
‫ِ (‪)1‬‬
‫خاص ًا ِم َن األفراد‪.‬‬ ‫َّ‬
‫بعض ًا ِم َن‬ ‫قبل احلدي َث ِة َ‬ ‫اإلسالم َّي ُة ما َ‬ ‫ِ‬ ‫ادر العربِ َّي ُة‬ ‫املص ُ‬ ‫أن تو ِّف َر َ‬ ‫و ُيتو َّق ُع ْ‬
‫ارتكب‬ ‫ٍ‬
‫شخص‬ ‫حمض‬ ‫املأبون َ‬ ‫ُ‬ ‫َّقد‪ .‬فكام ب َّينَا يف أعال ُه‪ ،‬مل ْ يك ْن‬ ‫الدَّ ع ِم هلذا الن ِ‬
‫َ‬
‫ِ‬ ‫ال محُ َرم ًا‪ ،‬إنَّام هو نوع غري ِ ِ‬
‫املنحرف‬ ‫ُ‬ ‫ب سلو ُك ُه‬ ‫سو ٍّي م َن األفراد يتط َّل ُ‬ ‫ٌ ُ‬ ‫فع ً َّ‬
‫ِ ِ (‪)2‬‬
‫فإن‬ ‫أخرى‪َّ ،‬‬ ‫ومر ًة َ‬ ‫َّ‬ ‫َّفس َّي ِة والفسيولوج َّية‪.‬‬ ‫تفسريات تت َِّص ُل برتكيبتِ ِه الن ِ‬ ‫ٍ‬
‫(املأبون) مث َلام ب َّينَا يف أعال ُه‪ ،‬قد ال تعنِي‬ ‫ِ‬ ‫خص بـ‬‫ِ‬ ‫ف َّ‬
‫الش‬ ‫لوص َ‬ ‫املعتمدَ َة ْ‬‫َ‬ ‫املعايري‬
‫َ‬
‫الرغب ُة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬
‫يشرتك الفر ُد فعل َّي ًا يف العالقة اجلنس َّية [املثل َّية] إذ تكفي َّ‬ ‫ورة ْ‬
‫أن‬ ‫بالضرَّ َ‬
‫وأشبع‬
‫َ‬ ‫نفس ُه يف غرفتِ ِه‬ ‫حبس َ‬ ‫مثال املأبون الذي َ‬
‫ِ ِ‬ ‫فعل به يف الدُّ ِبر‪ ،‬كام يف ِ‬ ‫أن ُي َ‬ ‫يف ْ‬
‫َّبي‬ ‫عدو الن ِّ‬ ‫جهل َّ‬ ‫ٍ‬ ‫إن أبا‬ ‫قال‪َّ :‬‬ ‫بقضيب خشبِ ٍّي؛ وعىل شاك َل ِة ذلِ َك‪ُ ،‬ي ُ‬ ‫ٍ‬ ‫شهو َت ُه‬
‫أن‬‫َب) [أي ْ‬ ‫أن ( ُيرك َ‬ ‫يقبل ْ‬ ‫مصاب ًا باألَ َبن َِة‪ ،‬ولكنَّ ُه مل ْ يك ْن ُ‬ ‫كان َ‬ ‫حمم ٍد ا َّللدو َد‪َ ،‬‬ ‫َّ‬
‫بب يكتفي‬ ‫ِ‬ ‫الس ِ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫عمل املفعول به فيع ُلو ُه ال َّط ُ‬ ‫ِ‬ ‫يؤ ِّد َي َ‬
‫فكان هلذا َّ‬ ‫الفاعل]‬ ‫رف‬
‫(األيروس َّي ِة)‬
‫ِ‬ ‫ص الغزلِ َّي ِة‬ ‫القص ِ‬ ‫ِ‬
‫باحلجارة‪ )3(.‬وتو ِّف ُر‬ ‫شبق ِه‬
‫بإشبا ِع ِ‬
‫جمموعات َ‬ ‫ُ‬
‫كتاب) ألمحدَ التِّيفاشيِ ِّ ( ُتوفيِّ َ سن َة‬ ‫ْ‬ ‫األلباب فيام ال ير ُد يف‬ ‫ْ‬ ‫مثل (نزه ُة‬ ‫العربِ َّي ِة ُ‬
‫َني ال َّثام َن عشرَ َ أو‬ ‫بكثري ِم َن القرن ِ‬ ‫ٍ‬ ‫أبكر‬ ‫ٍ‬
‫‪1253‬م) ويعو ُد تارخيُها إىل مرحلة َ‬
‫ورة نمط َّي ٍة حمدَّ َد ٍة عن‬ ‫التَّاسع عشرَ مث َلام هو واضح؛ تو ِّفر أد َّل ًة عن شيو ِع ص ٍ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ٌ‬ ‫َ َ‬
‫الش ِبقي ُة‪ ،‬وكذلِ َك شيوع االعتقادِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫والرغ َب ُة اجلنس َّي ُة َّ َّ‬ ‫املأبون قوا ُمها اخلنث َّي ُة َّ‬

‫(((   انظر يف سبيل املثال «بوزويل» «ال ّثورات‪ ،‬والعامل ّيات‪ ،‬والفئات اجلنس ّية»؛ موري‪،‬‬
‫ّ‬
‫والذوات اجلنس ّية املثل ّية يف أورو ّبا احلديثة املبكرة»؛ ساسلو‪« ،‬املثل ّية‬ ‫«األفعال‬
‫كوري‪ ،‬والكتابة يف عرص النّهضة‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫«احلب ّ‬
‫الذ‬ ‫ّ‬ ‫اجلنس ّية يف عرص النّهضة‘؛ كادي‪،‬‬
‫واخرتاع املثل ّية اجلنس ّية اجلديد»‪ .‬ولال ّطالع عىل دراسة أخرى حديثة تتحدّ ى النّتائج‬
‫الرابع وتاريخ‬ ‫بري عن إنكلرتا عرص النّهضة‪ ،‬انظر يانغ‪ ،‬جيمس ّ‬ ‫التي وصل هلا َ‬
‫املثل ّية اجلنس ّية‪ ،‬خصوص ًا ‪.155-141 ،4-3‬‬
‫(((   لال ّطالع عىل تعليقات مماثلة عن صورة اخلنيث املستقبل ‪ /‬املفعول به النّمط ّية يف‬
‫الرغبة‪.46-45 ،‬‬ ‫اليونان‪ ،‬انظر ونكلر‪ ،‬موانع ّ‬
‫  اإلسحاقي‪ ،‬أخبار األول‪.48 ،‬‬
‫ّ‬ ‫(((‬
‫‪143‬‬ ‫واملرضى‬‫َ‬ ‫لواط ُّي َ‬
‫ون‬ ‫األو ُل‪ِّ :‬ال ِ‬ ‫ال َف ْص ُل َّ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫باجلمعي ِ‬
‫ات أو‬ ‫ِ‬ ‫الش ِبه‬ ‫ون ثقاف ًة ِ‬
‫فرع َّي ًة قري َب َة َّ‬ ‫ِ‬
‫هؤالء يؤ ِّل ُف َ‬ ‫أن أفراد ًا َ‬
‫مثل‬ ‫يف َّ‬
‫َّ‬
‫ِ (‪)1‬‬
‫النَّقابات‪.‬‬

‫قبل احلدي َث ِة‬ ‫رات ا َمل ْف ُهوماتِ َّي ِة ما َ‬ ‫بني التَّصو ِ‬


‫أن هذه القطي َع َة َ َ ُّ‬
‫وال مراء يف َّ ِ‬
‫َ‬
‫بني‬ ‫الفرق َ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬
‫أخذنا بعني احلسبان‬‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫بكثري متَى‬ ‫ٍ‬ ‫أقل حدَّ ًة‬ ‫واحلدي َث ِة ستغدُ و َّ‬
‫ِ‬ ‫وبني ا ِّل ِ‬ ‫ِ‬ ‫السلبِ ِّي ‪/‬‬ ‫ِ‬ ‫رات َّ ِ‬ ‫التَّصو ِ‬
‫الفاعل‪.‬‬ ‫لواط‬ ‫املفعول به َ‬ ‫الشائ َعة عن ا ِّللواط َّ‬ ‫َ ُّ‬
‫بني م ْفهو ِم «املأبون»ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫رجح يف الواق ِع ـ وهذا طبيع ُّي ـ‬
‫حضور تباينات مم َّي َزة َ َ ُ‬ ‫ُ‬ ‫و ُي َّ‬
‫ِ‬
‫القرن‬ ‫اإلنكليز ِّي يف‬ ‫ِ‬ ‫اعر»‬ ‫احلديث و َم ْف ُهو ِم «الدَّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫قبل‬‫َّث» العربيِ ِّ ما َ‬ ‫أو «املخن ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫سيِ‬ ‫ليِ‬ ‫سيِ‬
‫َّاسع‬
‫شاع يف القرن الت َ‬ ‫ال َّثام َن عشرَ َ ‪ ،‬أو ا َمل ْف ُهو ِم النَّف ِّ للمث ِّ اجلن ِّ الذي َ‬
‫كان ُيعت َقدُ‬
‫ُون بام َ‬ ‫أشخاص يقرتن َ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫جعل‬ ‫ومات مجيع ًا يف‬ ‫ُ‬ ‫عشرَ ‪ .‬وتسهم ِ‬
‫هذه ا َمل ْف ُه‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫(باثولوجي) ال ينعكس يف السلوكاتِ‬ ‫ِ‬ ‫مريض‬ ‫غريب أو‬ ‫ليِ‬
‫ُّ‬ ‫ُ‬ ‫ٌّ‬ ‫ٌّ‬ ‫ٌ‬ ‫تركيب داخ ٌّ‬ ‫ٌ‬ ‫يف أ َّن ُه‬
‫بنحو عا ٍّم‪ .‬وبنا ًء عىل ذلِ َك‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫األخرى‬‫َ‬
‫ِ‬
‫لوكات‬ ‫الس‬ ‫ب‪ ،‬بل يف ُّ‬ ‫فحس ُ‬ ‫ْ‬ ‫اجلنس َّي ِة‬ ‫ِ‬
‫ِ‬
‫جوهر َّي ٌة‪.‬‬ ‫األقل قطي َع ٌة َم ْف ُهوماتِ َّي ٌة‬ ‫اجلانب يف ِّ‬ ‫ِ‬ ‫يظهر ـ يف هذا‬ ‫ثم َة ـ عىل ما ُ‬ ‫ليس َّ‬ ‫َ‬
‫الذي وض َع ُه (مسينتوش) و (فوكو)‬ ‫َّاميز ِ‬ ‫إمكان الدِّ فا ِع عن الت ِ‬ ‫ُ‬ ‫و ُي ُ‬
‫لحظ‬
‫َت‬ ‫الفاعل ‪ /‬املولِ ِج حتديد ًا‪ ،‬إذ كان ْ‬ ‫ِ‬ ‫كيز عىل ا ِّللواطِ ِّي‬ ‫ِ‬
‫اختيارنا الترَّ َ‬ ‫يف ِ‬
‫حال‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اإلسالم ِّي ما‬ ‫الشائ َع ُة عن ا ِّللواط اإلجيابيِ ِّ يف الشرَّ ِق األوسط العربيِ ِّ‬ ‫ور ُة َّ‬ ‫الص َ‬ ‫ُّ‬
‫ورشب الكحولِ‬ ‫ِ‬ ‫بالزنا‬
‫الشبه ِّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫قبل احلديث‪ ،‬أ َّن ُه رذي َل ٌة أخالق َّي ٌة ‪ -‬دين َّي ٌة قري َب ُة َّ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬
‫األفراد؛ وثم َة مسأ َل ٌة مهم ٌة ِ‬ ‫ِ‬ ‫نوع حمدَّ ٌد ِم َن‬ ‫ِ‬
‫ينبغي بيانهُ ا‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫أكثر منها معض َل ًة يعانيها ٌ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ون يف إمكان ممُ َار َست ِهم‬ ‫متساو َ‬ ‫أن األفرا َد مجيع ًا‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫يف هذا املقا ِم ه َي أنَّنا ال ندَّ عي َّ‬
‫ُ‬
‫جمتمع ًا‬ ‫جهود ‪ْ -‬‬ ‫ٍ‬ ‫لواط‪ .‬ويستعصيِ ‪ -‬مهام بذ ْلنا ِم ْن‬ ‫الرذي َل َة‪ ،‬أي ا ِّل َ‬ ‫ِ‬
‫أن نجدَ َ‬ ‫هذه َّ‬
‫فاحش َة‬
‫َ‬ ‫إمكان اقرتافِ ِهم السرَّ ق َة أو ارتكابهِ ِم‬ ‫ِ‬ ‫ون ِ‬
‫جلهة‬ ‫متساو َ‬
‫ُ‬ ‫َّاس‬
‫أن الن َ‬ ‫ب َّ‬ ‫حيس ُ‬ ‫َ‬
‫أن أي َة أد َّل ٍة تتوافر عن وجودِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫ون َّ َّ‬ ‫يفرتض َ‬
‫ُ‬ ‫أن بعض ًا م َن النُّ َّقاد‬ ‫ويظهر َّ‬ ‫ُ‬ ‫الزنا‪،‬‬ ‫ِّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫[فعل] ا ِّللواط وشخص َّية ا ِّللواط ِّي َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫حمتم َلة َ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫ابع عشرَ َ‬‫الس َ‬
‫قبل القرن َّ‬ ‫بني‬ ‫صلة َ‬

‫ّيفايش‪ ،‬نزهة األلباب‪ .308-251 ،‬الباب ال ّثاين عرش‪ ،‬يف اخلناث واملخنّثني وما‬
‫(((   الت ّ‬
‫جاء فيهم من نوادر وأخبار وملح وأشعار‪.‬‬
‫اإل ْسال ِم ِّي‬ ‫ال ال َع َر ِب ِّي ِ‬ ‫جل ْن ِس َّي ِة يِف ال َع مَ ِ‬ ‫َما َق ْب َل امل ِْثلِ َّي ِة ا ِ‬ ‫‪144‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫تدحض فكر َة (مسينتوش ‪ -‬فوكو)‪.‬‬ ‫َ‬ ‫أن‬ ‫َّاسع عشرَ َ ِم ْن شأنهِ ا ْ‬ ‫أو القرن الت َ‬
‫ِ‬

‫(سوى‬ ‫ِ‬ ‫أن ا ِّللواطِ َّي ما َ‬ ‫عاء (فوكو) َّ‬ ‫وعىل الرغ ِم ِمن اد ِ‬
‫قبل احلديث مل ْ يك ْن َ‬ ‫ْ ِّ‬ ‫ُّ‬
‫ث‬ ‫كان يتحدَّ ُ‬ ‫أن نتذك ََّر أ َّن ُه َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫املوضو ِع القضائ ِّي) لـ (ا ِّللواط َّية) [يتعينَّ ُ علينا هنا ْ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬
‫رت ُض وجو ُد‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫عن القوانني الشرَّ ع َّية أو القضائ َّية حتديد ًا) إلاَّ َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫القول‪ :‬إ َّن ُه ُيف َ‬ ‫أن‬
‫َّاسع‬ ‫ِ‬ ‫ات ما َ‬ ‫عقلي ِ‬ ‫نب ومرتكبِ ِه يف ِ‬ ‫الذ ِ‬ ‫بني َّ‬ ‫ِ‬ ‫عرض َّي ٍة‬ ‫ِ ٍ‬
‫قبل القرن الت َ‬ ‫َّ‬ ‫للغاية َ‬ ‫صلة َ‬
‫فرص‬ ‫عاء َّ‬ ‫ع ‪ ،‬ليس مناسب ًا وال وجيه ًا؛ وهو افرتاض قد يقود إىل اد ِ‬
‫أن َ‬ ‫ِّ‬ ‫ُ‬ ‫ٌ‬ ‫َ‬ ‫شرَ َ‬
‫أخرى قد‬ ‫ِ‬ ‫بنحو منتظ ٍم هلذا‬ ‫ٍ‬ ‫يامرس ا ِّل َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫مر ًة َ‬ ‫الفعل َّ‬ ‫لواط‬ ‫ُ‬ ‫ارتكاب الفرد‪ ،‬الذي‬
‫رية والس ِ‬ ‫شخص حس ِن الس ِ‬
‫ِ‬
‫للفعل‬ ‫لوك‬ ‫ُّ‬ ‫ِّ‬ ‫ٍ َ َ‬ ‫ِ‬
‫ارتكاب‬ ‫ِ‬
‫فرص‬ ‫ختتلف كثري ًا عن‬ ‫ُ‬ ‫ال‬
‫كاهل (فوكو)‬ ‫ِ‬ ‫َ‬
‫إرهاق‬ ‫ور ِّي يف الواق ِع‬ ‫ذاتِ ِه‪ .‬وتبع ًا لذلِ َك‪ ،‬ال َأرى ِم َن الضرَّ ِ‬
‫مثل هذا‪.‬‬ ‫منطق ٍّي ِ‬ ‫ِ‬ ‫عاء ِ‬
‫غري‬ ‫باد ٍ‬
‫(‪)1‬‬
‫ِّ‬
‫اقرتح ُه (فوكو) هو اال ِّدعا ُء‬ ‫الذي‬ ‫َّاميز ِ‬ ‫لتثبيت الت ِ‬ ‫ِ‬ ‫نحتاج إليه‬ ‫كل ما‬ ‫إن َّ‬ ‫َّ‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫فعل ا ِّل ِ‬ ‫بني ِ‬ ‫ِ‬ ‫ات ما َ‬ ‫عقلي ِ‬ ‫املتخي َل َة يف ِ‬
‫لواط‬ ‫َّاسع عشرَ َ َ‬ ‫قبل القرن الت َ‬ ‫َّ‬ ‫الصل َة َ َّ‬ ‫بأن ِّ‬ ‫َّ‬
‫قة‪ ،‬أو‪ -‬يف حال‬ ‫الزنا أو ال ِ‬ ‫ال ـ ِّ‬ ‫بني ـ مث ً‬ ‫املتخ َّي َل ِة َ‬ ‫لة َ‬ ‫ومرتكبِ ِه مماث َل ٌة للص ِ‬
‫سرَّ‬ ‫ِّ‬
‫هذه األفعالِ‬ ‫الكحول وشاربهِ ا‪.‬؛ إذ يمكن النَّظر إىل ِ‬ ‫ِ‬ ‫اإلسالم َّي ِة ‪-‬‬ ‫ِ‬ ‫ال َّث ِ‬
‫قافة‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫عمل َّي ًا‬ ‫«منح َّل ٍة» ويعنِي هذا‬ ‫َ‬ ‫لشخص َّي ٍة «فاس َق ٍة» أو‬ ‫ِ‬ ‫بوص ِفها نتاج ًا‬ ‫مجيع ًا ْ‬
‫ون» أو «أتقيا ُء» وتكم ُن‬ ‫«مستقيم َ‬ ‫ُ‬ ‫ب أنهَّ ُم‬ ‫أشخاص يحُ َس ُ‬ ‫ٍ‬ ‫استحال َة تو ُّق ِعها ِم ْن‬
‫ون إىل‬ ‫الذي َن قد يمي ُل َ‬ ‫األفراد ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫حتديد‬ ‫املبذو َل ِة يف‬ ‫اجلهود ُ‬ ‫ِ‬ ‫املشك َل ُة هنا يف ق ِّل ِة‬
‫الفسيولوج َّي ِة‪،‬‬
‫ِ‬ ‫َّفس َّي ِة أو‬ ‫هذه متأ ِّث ِرين يف ذلِ َك برتكيبتِ ِهم الن ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫مثل ِ‬ ‫أفعال ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ارتكاب‬‫ِ‬
‫الفرد سارق ًا أو زاني ًا أو لِواطِ َّي ًا فاعالً‪...‬‬ ‫ِ‬ ‫كون‬‫املعايري التِي حتدِّ ُد َ‬ ‫ُ‬ ‫إذ ما زا َل ْت‬
‫هذه أو‬ ‫مثل ِ‬ ‫أفعال ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫ارتكاب‬ ‫ترتبط ارتباط ًا وثيق ًا بتورطِ ِه ِ‬
‫عمل َّي ًا يف‬ ‫ُ‬ ‫ما زا َل ْت‬
‫ُّ‬
‫حماولتِ ِه ارتكابهَ ا‪.‬‬

‫الصبيان عىل النّساء‬


‫الرجال ّ‬ ‫أن تفضيل ّ‬ ‫موضحا يف موق ٍع آخر ّ‬ ‫(((   يف الواقع‪ ،‬ذكر فوكو ّ‬
‫«خاص ّية شخص ّية»‪( .‬تاريخ اجلنسان ّية‪:2 ،‬‬
‫ّ‬ ‫ّه‬‫ن‬ ‫أ‬ ‫عىل‬ ‫إليه‬ ‫ينظر‬ ‫يف اليونان القديمة قد‬
‫واملبسطة ملواقف فوكو يف‬
‫ّ‬ ‫املتعجلة‬
‫ّ‬ ‫مؤخرا التّحريفات‬‫‪ .)190‬وناقش د‪ .‬هالربن ّ‬
‫األول‪.‬‬
‫ّ‬ ‫الفصل‬ ‫ة)‬ ‫ي‬
‫ّ‬ ‫اجلنسان‬ ‫تاريخ‬ ‫مع‬ ‫نتعامل‬ ‫دراسته «نسيان فوكو» و (كيف‬
‫‪145‬‬ ‫واملرضى‬‫َ‬ ‫لواط ُّي َ‬
‫ون‬ ‫األو ُل‪ِّ :‬ال ِ‬ ‫ال َف ْص ُل َّ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ِ‬
‫األعامل‬ ‫الفص ِل األد َّل َة الن َِّّص َّي َة ِم َن‬ ‫ِ ِ‬
‫الصفحات املتب ِّق َية م َن ْ‬
‫ِ‬
‫وسأناقش يف َّ‬ ‫ُ‬
‫الوجه) التِي قد‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫أسارير‬ ‫راسة أو‬ ‫الف ِ‬ ‫راسي ِة (املتع ِّل َق ِة بعل ِم ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫الترَّ امج َّية أو الف َّ‬
‫ِ ِ‬
‫وتذكر إحدَ ى‬ ‫وص ْلنا إليه للت َِّّو‪،‬‬ ‫ِ ِ‬ ‫تظهر للوه َل ِة األوىل خمالِ َف ًة‬
‫ُ‬ ‫لالستنتاج الذي َ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫طول‬ ‫أن َ‬ ‫ادس عشرَ َ ‪َّ ،‬‬ ‫الس َ‬ ‫األعامل املصرْ ِ َّي ُة عن الفراسة التي تعو ُد إىل القرن َّ‬
‫فاعل‪.‬‬ ‫أن َصاح َب ُهام لِواطِ ٌّي ٌ‬ ‫عر يف ا ِّللح َي ِة يدلاَّ ِن عىل َّ‬ ‫الش ِ‬ ‫جذ ِع اجلس ِم وق َّل َة َّ‬
‫إن‬‫القول‪َّ :‬‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬
‫وباإلمكان‬ ‫أفطس‪،‬‬ ‫حيوز أنف ًا‬‫الذي ُ‬ ‫الفرد ِ‬
‫ِ‬ ‫األمر ذا ُت ُه عىل‬ ‫و َي ْصدُ ُق‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫حال‬ ‫لفكرة (مسينتوش ‪ -‬فوكو) حتَّى يف ِ‬ ‫ِ‬ ‫ذلِ َك يو ِّف ُر دحض ًا واضح ًا وحاس ًام‬
‫عبارات‬ ‫ٍ‬ ‫ويظهر َّ‬
‫أن‬ ‫الفاعل ‪ /‬اإلجيابيِ ِّ حصرْ ِ َّي ًا‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫كيز عىل ا ِّللواطِ ِّي‬ ‫رتنا الترَّ َ‬
‫ُ‬ ‫اخ ْ‬
‫متييز نو ٍع حمدَّ ٍد‬ ‫األقل اإلسها ُم يف ِ‬ ‫للوهلة األوىل يف ِّ‬ ‫ِ‬ ‫هذه ِم ْن شأنهِ ا‬ ‫مثل ِ‬ ‫راس َّي ًة َ‬ ‫فِ ِ‬
‫لواط‪ ،‬و ُيعدُّ بنا ًء عىل ذلِ َك مثاالً للت ََّص ُّو ِر‬ ‫فعل ا ِّل ِ‬ ‫يرج ُح ارتكا َب ُه َ‬ ‫ِ‬
‫م َن األفراد ِّ‬
‫ِ‬
‫األفراد‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫وف ِم َن‬ ‫احلديث عن ا ِّللواطِي بوص ِف ِه نوع ًا حمدَّ د ًا وغري مأ ُل ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ما َ‬
‫قبل‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ِّ‬
‫نظرنا بإنعا ٍم ود َّق ٍة إىل املقاط ِع اآلت َي ِة‬ ‫يربز واضح ًا إذا ْ‬ ‫الرغ ِم ِم ْن ذلِ َك‪ُ ،‬‬ ‫وعىل ُّ‬
‫لفكرة (مسينتوش ‪ -‬فوكو)‬ ‫ِ‬ ‫الفراسيِ َّ يو ِّف ُر يف الواق ِع دع ًام إضافِ َّي ًا‬ ‫العمل ِ‬
‫َ‬ ‫َّ‬
‫أن‬
‫دحضها‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫بدالً ِم ْن‬
‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ٌ‬ ‫(‪ٌ )1‬‬
‫العقل‬ ‫خفيف‬
‫ُ‬ ‫اع‪ ،‬أو‬ ‫طويل جدَّ ًا بلح َية خفي َفة هو مك ٌ‬
‫َّار خدَّ ٌ‬ ‫رجل‬
‫شجاع جدَّ ًا‬ ‫جل ِ‬ ‫والر ُ‬ ‫الذ ِ‬ ‫ِ‬
‫وإتيان ُّ‬ ‫حمب ل َّل ِ‬
‫وماهر‬
‫ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫القص ُري‬ ‫كور؛ َّ‬ ‫هو‬ ‫مراو ٌغ‪ ،‬أو ٌّ‬
‫(‪)1‬‬
‫وخسيس‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫ووضيع‬
‫ٌ‬ ‫وذو ِ‬
‫عقل خماد ٍع‬
‫ِ‬
‫وغالظة ال َّطبعِ‪.‬‬ ‫الش ِبق‬ ‫األفطس ٌ‬
‫دليل عىل َّ‬ ‫األنف‬
‫ُ‬ ‫(‪)2‬‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫إتيان‬ ‫الر ِاز ُّي ( ُتوفيِّ َ سن َة ‪1209‬م)‪ :‬إ َّن ُه ٌ‬
‫دليل عىل‬ ‫فخر الدِّ ِ‬ ‫َ‬
‫ين َّ‬ ‫قال ُ‬
‫دليل ال ِّطبا ِع احلَ َسن َِة‪.‬‬ ‫ِ‬
‫اجلرس ُ‬ ‫مرتفع‬
‫ُ‬ ‫املستقيم‬
‫ُ‬ ‫واألنف‬
‫ُ‬ ‫الذ ِ‬
‫كور‪،‬‬ ‫ُّ‬

‫بنهاية ض ِّي َق ٍة‬


‫ٍ‬ ‫األنف ال َّط َ‬
‫ويل‬ ‫َ‬ ‫الش ِ‬
‫افع ُّي ( ُتوفيِّ َ سن َة ‪820‬م)‪َّ :‬‬
‫إن‬ ‫َ‬
‫قال اإلما ُم َّ‬

‫املرصفي‪ ،‬البهجة األنس ّية يف الفراسة اإلنسان ّية‪ ،‬خمطوطة‪،‬‬


‫ّ‬ ‫الغمري سبط‬
‫ّ‬ ‫  حممد‬
‫((( ّ‬
‫صفحة ‪12‬أ‪.‬‬
‫اإل ْسال ِم ِّي‬ ‫ال ال َع َر ِب ِّي ِ‬ ‫جل ْن ِس َّي ِة يِف ال َع مَ ِ‬ ‫َما َق ْب َل امل ِْثلِ َّي ِة ا ِ‬ ‫‪146‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ِ‬
‫الغضب‪.‬‬ ‫ِ‬
‫ورسعة‬ ‫ِ‬
‫والغباء‬ ‫َّهو ِر‬ ‫ُ‬
‫(‪)1‬‬
‫دليل الت ُّ‬
‫الف ِ‬
‫راس َّي َة ال‬ ‫امت ِ‬
‫أن الس ِ‬ ‫ِ‬
‫وفق ما ُذكر يف أعال ُه‪ ،‬يتجلىَّ واضح ًا َّ ِّ‬ ‫وعىل َ‬
‫تكشف عن نو ٍع حمدَّ ٍد ِمن الس ِ‬
‫لوك‪،‬‬ ‫السو َّي ِة‪ ،‬بل‬ ‫ِ‬
‫الفرد ِ‬ ‫ِ‬
‫َ ُّ‬ ‫ُ‬ ‫غري َّ‬ ‫رغبات‬ ‫تكشف عن‬
‫ُ‬
‫َ‬
‫الفاعل)‪.‬‬ ‫يك اإلجيابيِ َّ ‪/‬‬‫(بوص ِف ِه الشرَّ َ‬
‫ْ‬
‫فعل ا ِّل ِ‬
‫لواط‬ ‫ِ‬
‫الفرد َ‬ ‫ِ‬
‫ارتكاب‬ ‫أي‬
‫املص ِ‬
‫در‬ ‫ني اآلتي ِ ِ‬ ‫وضوح ًا يف املقاط َع ِ‬ ‫ٍ‬
‫ني م َن ْ‬ ‫َ‬ ‫أكثر ُ‬
‫بنحو َ‬ ‫اجلانب‬
‫ُ‬ ‫ويربز هذا‬
‫ُ‬
‫اجلسمي ِة ال َّظاهر ِة الكفي َلةِ‬
‫ِ‬ ‫اخلص ِ‬
‫ائص‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫بعض م َن‬ ‫ِ‬
‫مه َّية‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬
‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫ذاته خيرباننا عن أ ِّ‬
‫الز ِ‬
‫ناة‪:‬‬ ‫ِ‬
‫بالكشف عن ُّ‬
‫أكثر‬ ‫ِ‬
‫بالبياض جانب ًا َ‬ ‫الزر َق ُة فيها‬ ‫ُ‬
‫ختتلط ُّ‬ ‫الزرقا ُء التِي‬
‫العني َّ‬
‫ُ‬ ‫تعكس‬
‫ُ‬ ‫(‪)3‬‬
‫الذ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اخلرضة] آن َفة ِّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الصفراء املائ َلة إىل‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ورش ًا م َن‬
‫كر‪.‬‬ ‫َ‬ ‫[العني َّ‬ ‫خبث ًا َّ‬
‫امتزج‬
‫َ‬ ‫ويظهر ما‬
‫ُ‬ ‫الزنا‪،‬‬
‫وحب ِّ‬
‫ِّ‬ ‫الر ِ‬
‫وح‬ ‫ِ‬
‫غياب ُّ‬ ‫قال أرس ُطو‪ :‬إنهَّ ا ُ‬
‫تشري إىل‬ ‫َ‬
‫فر‬ ‫والفتور يف ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الزر َق َة ُ‬ ‫ِ‬
‫األخالق‪َّ ،‬‬ ‫باألص ِ‬
‫األص ُ‬
‫حني ْ‬ ‫الكسل‬ ‫دليل‬ ‫ألن ُّ‬ ‫فر رداء َة‬ ‫ْ‬
‫ِ‬
‫واجلبن‪.‬‬ ‫ِ‬
‫دليل اخلوف‬‫ُ‬

‫الزنا‪ ،‬وإذا َ‬
‫كان‬ ‫و[حب] ِّ‬
‫ِّ‬ ‫ِ‬
‫نقص الفه ِم‬ ‫الرقي َق ُة دليل‬
‫الكبري ُة َّ‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫األذن‬ ‫(‪)4‬‬
‫ِ (‪)2‬‬ ‫ِ‬ ‫فهو ُ‬ ‫ِ‬
‫اجلهل والفتور‪.‬‬ ‫دليل‬ ‫عر يف األذن ظاهر ًا‪َ ،‬‬ ‫َّ‬
‫الش ُ‬
‫ارتكاب ِ‬
‫فعل‬ ‫ِ‬ ‫أن ا َمل َيل إىل‬
‫يظهر ـ َّ‬
‫ُ‬ ‫تلك املقاط ِع سلف ًا ـ كام‬
‫كل َ‬‫تفرتض ُّ‬‫ُ‬
‫أن األفراد ِ‬
‫الذي َن‬ ‫ويظهر واضح ًا َّ‬ ‫الزنا‪،‬‬ ‫ِ‬
‫ارتكاب ِّ‬ ‫للم ِ‬
‫يل إىل‬ ‫لواط ٌ‬ ‫ا ِّل ِ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫مماثل َ‬
‫رغبات غري َب ٍة أو‬
‫ٍ‬ ‫أكثر منه إىل‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫عيب َخ ْلق ٍّي َ‬ ‫يستسلم َ‬
‫ون إىل‬ ‫ُ‬ ‫الزنا‬
‫ون ِّ‬‫يرتك ُب َ‬
‫مرض َّي ٍة‪.‬‬
‫ِ‬

‫ربنا َّ‬ ‫ِ‬ ‫الذي ُ‬


‫يقول‪َّ :‬‬ ‫أي ِ‬‫بالر ِ‬ ‫إن صعوب َة الت ِ‬
‫بأن‬ ‫املقاطع التي خت ُ‬
‫َ‬ ‫إن‬ ‫َّمسك َّ‬ ‫ُّ‬ ‫َّ ُ َ‬
‫ٍ‬
‫بنحو ال‬ ‫تعكس‬
‫ُ‬ ‫الفرد زانِي ًا‪،‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫كون‬ ‫تكشف عن‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫الوجه قد‬ ‫ٍ‬
‫سامت حمدَّ َد ًة يف‬

‫  املرصفي‪ ،‬البهجة األنس ّية‪ ،‬خمطوطة‪ ،‬صفحة ‪17‬أ‪.‬‬


‫ّ‬ ‫(((‬
‫  املرصفي‪ ،‬البهجة األنس ّية‪ ،‬خمطوطة‪ ،‬صفحة ‪15‬ب‪16 ،‬ب‪.‬‬
‫ّ‬ ‫(((‬
‫‪147‬‬ ‫واملرضى‬‫َ‬ ‫لواط ُّي َ‬
‫ون‬ ‫األو ُل‪ِّ :‬ال ِ‬ ‫ال َف ْص ُل َّ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫خاص ًة ِم َن‬ ‫َّ‬ ‫ناة كانُوا يؤ ِّل ُف َ‬


‫ون فئ ًة‬ ‫الز ِ‬
‫أن ُّ‬ ‫َ‬
‫وقتذاك يف َّ‬ ‫السائدَ‬‫لبس فيه االعتقا َد َّ‬ ‫َ‬
‫ون زنا ٌة (‪ -)adulterosexuals‬فئ ًة هلا تركي َب ٌة‬ ‫ِ‬
‫َّاس ‪ -‬بمعنَى إنهَّ ُم جنس ُّي َ‬ ‫الن ِ‬
‫الس ِو ِّي؛ وزياد ًة عىل‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫جسم َّي ٌة أو نفس َّي ٌة ممُ َّي َز ٌة تفسرِّ ُ إىل حد ما سلوك َُهم َ‬
‫غري َّ‬
‫إن‬‫يقول‪َّ :‬‬ ‫الذي ُ‬ ‫ال [قاطع ًا] يدعم الرأي ِ‬ ‫الف ِ‬
‫راس َّي ُة دلي ً‬ ‫ذلِ َك‪ ،‬ال تو ِّفر املقاطع ِ‬
‫ُ َّ َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ارتكاب ا ِّللواط‪َ ،‬‬ ‫ِ‬
‫يفرتض‬ ‫ُ‬ ‫العكس‪،‬‬ ‫خيتلف عن ذل َك‪ ،‬بل عىل‬ ‫ُ‬ ‫كان‬ ‫ا َمل َيل َ‬
‫نحو‬
‫الزنا‬ ‫ارتكاب ِّ‬ ‫يح‪َّ ،‬‬
‫أن‬ ‫واضح وصرَ ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫بأسلوب‬ ‫ِ‬
‫الكتابات‬ ‫َّوع األدبيِ ُّ ِم َن‬
‫َ‬ ‫هذا الن ُ‬
‫حب‬ ‫واجلبن أو ِّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫كالكسل‬ ‫املستوى ذاتِ ِه‬ ‫َ‬ ‫يقع يف‬
‫(الفاعل) ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وا ِّللواط اإلجيابيِ ِّ‬
‫ِ‬
‫“سلوك َّي ٌة”‬ ‫هذه مث َلام هو معلو ٌم‬ ‫مثل ِ‬ ‫يفات ُ‬ ‫وتوص ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الغضب؛‬ ‫ِ‬
‫رسعة‬ ‫ا َّل ِ‬
‫لهو أو‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫جوهرها‪ :‬إذ إ ا ِ‬ ‫ِ‬
‫أكثر منهاتفسرِّ ُ ُه‪.‬‬ ‫السلوك َ‬ ‫ف نمط ًا حمدَّ د ًا م َن ُّ‬ ‫تص ُ‬ ‫نهَّ‬ ‫يف‬

‫“املأبون” أو “املثليِ ِّ اجلنسيِ ِّ ” بال َّطري َق ِة ذاتهِ ا‪ ،‬ولكنَّها‬ ‫ِ‬ ‫دات‬


‫مفر ُ‬ ‫تعمل َ‬‫ُ‬ ‫وقدْ‬
‫وص ُفها‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫األرجح ـ إىل حال داخل َّية‪ ،‬يمك ُن ْ‬ ‫ُ‬ ‫تشري يف الوقت ذاته ـ وهذا هو‬ ‫قد ُ‬
‫اخلارج ِّي (ويمك ُن تبع ًا‬ ‫ِ‬ ‫حال تُعدُّ سبب ًا للس ِ‬
‫لوك‬ ‫ٍ‬ ‫تقييم َّي ٍة؛‬ ‫ِ‬ ‫غري‬ ‫دات ِ‬ ‫بمفر ٍ‬
‫ُّ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫لذلِ َك توظي ُفها‬
‫ناقشنا مس َّبق ًا هذا التَّباي َن يف استخدا ِم َ‬
‫مفر َدتيَ‬ ‫لتفسريه) وقدْ ْ‬
‫ِ‬
‫اإلساءة‬ ‫ني يف قضايا‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫سياق ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫«ا ِّللواطِ ِّي» و‬
‫املسلم َ‬ ‫الفقهاء‬ ‫آراء‬ ‫«املأبون» يف‬
‫غري‬ ‫جنس َّي ٍة ِ‬
‫عالقات ِ‬
‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫بإقامة‬ ‫ِ‬
‫لألفراد‬ ‫ِ‬
‫توجيه التُّه ِم‬ ‫تص ُل حدَّ‬ ‫َّشهري التِي قد ِ‬ ‫والت ِ‬
‫راس َّي َة ال‬‫الف ِ‬
‫ات ِ‬ ‫أن األدبِي ِ‬ ‫طح إلاَّ َّ‬ ‫الس ِ‬ ‫الرغ ِم ممَّا‬ ‫ٍ‬
‫َّ‬ ‫يظهر عىل َّ‬ ‫ُ‬ ‫مرشو َعة‪ ،‬وعىل ُّ‬
‫جيعل ال َّتخليِّ عن هذا الت ِ‬
‫َّاميز ممكن ًا‪.‬‬ ‫تو ِّف ُر سبب ًا ُ‬
‫َ‬
‫أن‬ ‫ِ‬
‫للوهلة األوىل أد َّل ًة تبينِّ ُ َّ‬ ‫ات الترَّ امجِ َّي ُة‬‫وزياد ًة عىل ذلِ َك‪ ،‬قد تقدِّ ُم األدبِ َّي ُ‬
‫ٍ‬ ‫تكون السبب وراء تص ِ‬ ‫الص ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫بعض‬ ‫نيف‬ ‫َ ْ‬ ‫ُ َّ َ‬ ‫غار قد‬ ‫الرغبة اجلنس َّية باألوالد ِّ‬ ‫جمر َد َّ‬ ‫َّ‬
‫عبارات ُ‬
‫مثل “إ َّن ُه‬ ‫الشا ِّذي َن تركيبِ َّي ًا‪ ،‬إذ ُ‬
‫تربز‬ ‫ِ‬
‫الرجال ووضع ِهم يف خانة َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ٌ‬ ‫م َن ِّ‬
‫ات الترَّ اج ِم‬ ‫أبواب أدبِي ِ‬
‫ِ‬ ‫بنحو منتظ ٍم يف‬ ‫ٍ‬ ‫األوالد” أو “إ َّن ُه حي ُّب ُهم”‬ ‫ِ‬ ‫يميل إىل‬ ‫ُ‬
‫َّ‬
‫ون إىل‬ ‫إن األفرا َد م َّيا ُل َ‬‫العادة‪َّ :‬‬ ‫ِ‬ ‫وكان ُي ُ‬
‫قال يف‬ ‫َ‬ ‫الزمنِ َّي ِة‪،‬‬ ‫ِ‬
‫احلقبة َّ‬ ‫التِي كُتب ْت يف ِ‬
‫هذه‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫اجلوهر ِّي‬ ‫ليِ‬
‫ث اب ُن احلنب ِّ عن ِ‬
‫ابن‬ ‫ٍ‬
‫وذوي ع َّفة يف وقت واحد‪ .‬وقدْ حتدَّ َ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫لامن ِ‬ ‫الغ ِ‬ ‫ِ‬
‫ِ‬
‫طهارة‬ ‫لامن مع‬ ‫الغ ِ‬‫(وكان معتاد ًا هلوى ِ‬ ‫َ‬ ‫ين مب ِّين ًا‪:‬‬ ‫شمس الدِّ ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الفقيه‬ ‫بن‬‫عمر ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫اإل ْسال ِم ِّي‬ ‫ال ال َع َر ِب ِّي ِ‬ ‫جل ْن ِس َّي ِة يِف ال َع مَ ِ‬ ‫َما َق ْب َل امل ِْثلِ َّي ِة ا ِ‬ ‫‪148‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫وقوي شغ ُف ُه‬
‫َ‬ ‫أخذ مج َل ٍة ِم َن ِ‬
‫املال‪،‬‬ ‫يل‪ ،‬فهوي بحلب شاب ًا استولىَ عليه يف ِ‬
‫َ َّ‬ ‫َ‬ ‫الذ ِ‬ ‫َّ‬
‫ليسلو فال يس ُلو؛ و ُذ ِك َر عن‬ ‫َ‬ ‫رأس ِه‬
‫حتت ِ‬ ‫وص َار يض ُع ُه َ‬
‫جور َب ُه َ‬ ‫أخذ َ‬ ‫أن َ‬ ‫به إىل ْ‬
‫الش ِ‬ ‫اجلعربي اخلليليِ الت ِ‬
‫َّميم ِّي الدَّ ِار ِّي َّ‬ ‫حمم ٍد َّ‬
‫افع ِّي أ َّن ُه َ‬
‫كان‬ ‫ِّ‬ ‫ِ ِّ‬ ‫يخ كري ِم الدِّ ِ‬
‫ين‬ ‫الش ِ‬ ‫َّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫علو سنِّه؛ ولك ْن‬ ‫َّغزل بالغلامن‪ ،‬شغوف ًا بالنَّظر إىل الوجوه احل َسان مع ِّ‬ ‫كثري الت ُّ‬
‫َ‬
‫َّ ِ (‪)1‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الصيانة والدِّ يانَة والعفة)‪.‬‬ ‫مع كامل ِّ‬
‫الغ ِ‬‫أن “ا َمل َيل إىل ِ‬
‫أخرى تبينِّ ُ َّ‬ ‫َ‬ ‫ثم َة بضع ُة‬ ‫َ ِ‬
‫لامن” ال‬ ‫عوامل َ‬ ‫مقابل ذل َك‪َّ ،‬‬
‫ٍ‬
‫وشائن‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫فاحش‬ ‫ِ‬
‫سلوك ٍّي‬ ‫يشري إىل توج ٍه نفسيِ ‪ -‬جنسيِ بقدْ ِر ما يشري إىل ٍ‬
‫نمط‬ ‫ُ‬ ‫ٍّ‬ ‫ٍّ‬ ‫ُّ‬ ‫ُ‬
‫ٍ‬
‫عبارات‬ ‫أن‬‫ينبغي التَّنوي ُه هبِام يف هذا املقا ِم‪ ،‬مها َّأوالً‪َّ ،‬‬ ‫جانبان ِ‬
‫ِ‬ ‫وثم َة‬
‫َّ‬
‫وتنتقص‬ ‫تهِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ف يف العادة توصيفات سلبِ َّي ًة؛ ُيت ََّه ُم الفر ُد بحياز ا‪،‬‬ ‫هذه تؤ ِّل ُ‬ ‫مثل ِ‬ ‫َ‬
‫ُ‬
‫ٍ‬
‫تعليقات‬ ‫فه َي تستلز ُم‬‫حيوزها‪ ،‬وتبع ًا لذلِ َك ِ‬ ‫فات اإلجيابِ َّي ِة التِي قد ُ‬ ‫ِمن الص ِ‬
‫َ ِّ‬
‫بحب‬ ‫ِّ‬ ‫واآلخ ِر‬
‫َ‬ ‫ِ‬
‫احلني‬ ‫إضافِ َّي ًة تشهدُ عىل ع َّفة هذا الفرد‪( :‬كان ُيت ََّه ُم َ‬
‫بني‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫(حيب‬ ‫الغ ِ‬
‫لامن)‬ ‫اجلأش ولكنَّه مي ٌال هلوى ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬
‫ورابط‬ ‫وحكيم‬ ‫لامن) (نابِ ٌه‬ ‫الغ ِ‬‫ِ‬
‫ُّ‬ ‫َ‬ ‫ُ َّ‬ ‫ٌ‬
‫َّظر ِ‬
‫إليهم)‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫الغ َ ِ‬ ‫ِ‬
‫حس ُب ُه الن ُ‬ ‫الح الوجوه‪ ...‬ولك ْن ْ‬ ‫لامن م َ‬
‫(‪)2‬‬

‫ِ‬
‫للفرد‬ ‫اخلطوات ا َّلالزم ِة ِ‬
‫ينبغي‬ ‫ِ‬ ‫مجلة ِم َن‬
‫ث النَّوع األدبيِ ذا ُته عن ٍ‬ ‫ويتحدَّ ُ‬
‫َ‬ ‫ُّ ُ‬ ‫ُ‬
‫الغ ِ‬ ‫الح ِمن ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫االلتزا ُم هبا كي يت َِّق َي‬
‫لامن‪ ،‬ويعدُّ ها‬ ‫خطر االستسال ِم إلغواء امل ِ َ‬ ‫َ‬
‫باملدح وال َّث ِ‬
‫ناء‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫جدير ًة‬ ‫ِ‬
‫شخص َّي ًة‬ ‫ِ‬
‫الفرد‬ ‫ِ‬
‫حيازة‬ ‫دلي ً‬
‫ال عىل‬
‫َ‬
‫وجه ِه أو يع ِّل ُم ُه زهد ًا‬
‫ينظر إليه يف ِ‬ ‫ِ‬
‫بني يديه‪ ،‬فإ َّن ُه لن َ‬
‫شاب َ‬ ‫جلس ٌّ‬ ‫َ‬ ‫(إذا‬
‫وأمر‬
‫يتناولا منه‪َ ،‬‬ ‫هْ‬ ‫فلم‬ ‫ِ‬
‫العذار ْ‬ ‫منهم خاليِ‬
‫شاب ُ‬ ‫ٍّ‬ ‫(فأرس ُلوا له قهو ًة مع‬
‫َ‬ ‫منه)‬

‫احلنبيل‪ ،‬درر احلبب‪436-435 ،418-414 :2 ،1035-1034 :1 ،‬؛ ابن‬ ‫ّ‬ ‫(((   ابن‬
‫الروض العاطر‪.69-68 ،49 ،‬‬ ‫أ ّيوب‪ّ ،‬‬
‫الروض العاطر‪49 ،‬؛‬
‫السائرة‪173-172 :3 ،‬؛ ابن أ ّيوب‪ّ ،‬‬‫  الغز ّي‪ ،‬الكواكب ّ‬
‫ّ‬ ‫(((‬
‫الشام‪-318 ،‬‬ ‫حممد ابن طولون‪ ،‬ال ّثغر ّ‬
‫البسام فيمن ويل قضاء دمشق ّ‬ ‫شمس الدّ ين ّ‬
‫‪.319‬‬
‫‪149‬‬ ‫واملرضى‬‫َ‬ ‫لواط ُّي َ‬
‫ون‬ ‫األو ُل‪ِّ :‬ال ِ‬ ‫ال َف ْص ُل َّ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(‪)1‬‬
‫الكهول بمناو َلتِها)‪.‬‬
‫ِ‬ ‫أتباع ِه ِم َن‬
‫بعض ًا ِمن ِ‬
‫ْ‬
‫جال مجيع ًا‬ ‫الر َ‬ ‫الغ ِ‬
‫لامن َّ‬ ‫َّظر إىل ِ‬ ‫ون ِم َن الن ِ‬ ‫حيذ ُر َ‬ ‫الذي َن ِّ‬ ‫ويفرتض الفقهاء ِ‬
‫أن ِّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫باإلحالة عىل سلوكِ‬ ‫ِ‬ ‫ائح ُهم‬ ‫يدعم َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫معر ُض َ‬
‫نص َ‬ ‫ون َ‬ ‫ُ‬ ‫وهم‬ ‫خطر اإلغواء‪ُ ،‬‬ ‫ون إىل‬ ‫َّ‬
‫ِ‬
‫الفقيه الكو ِّفيِ‬ ‫مثل‬ ‫ِ‬
‫دين بارزي َن يف القرون األوىل م َن احلك ِم اإلسالم ِّي ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫رجال ٍ‬ ‫ِ‬
‫ور ِّي ( ُتوفيِّ َ سن َة ‪778‬م) وأمحدَ‬ ‫مرسوق ال َّث ِ‬ ‫ٍ‬ ‫بن‬ ‫سعيد ِ‬ ‫ٍ‬ ‫سفيان ِ‬
‫بن‬ ‫َ‬ ‫عبد اهللِ‬ ‫ِ‬
‫ِ‬
‫للفقهاء‬ ‫األخالق ُّي معيار ًا‬ ‫ِ‬ ‫الذي ُيعدُّ سلو ُك ُه‬ ‫حنبل ( ُتوفيِّ سن َة ‪855‬م) ِ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬
‫بن‬
‫َ‬
‫أجلس الفقي ُه أبو حنيف َة‬ ‫َ‬ ‫املبكر ِة؛ إذ‬ ‫َ‬ ‫احلقبة العثامنِ َّي ِة‬ ‫ِ‬ ‫السن َِّة يف‬ ‫ني ُّ‬ ‫املسلم َ‬ ‫ِ‬
‫الفقهي ِة التِي ِ‬ ‫ِ‬
‫ينتمي إليها الفقي ُه‬ ‫ِ َّ‬ ‫املدرسة‬ ‫مؤس ُس‬ ‫ُّعامن ( ُتوفيِّ َ سن َة ‪767‬م) ِّ‬ ‫الن ُ‬
‫القص ِة‪...‬‬ ‫َّ‬
‫ين الرمليِ ( ُتوفيِّ سن َة ‪1671‬م) راوي ِ‬
‫هذه‬ ‫َ‬ ‫خري الدِّ ِ َّ ُّ‬ ‫الفلسطين ُّي ُ‬
‫ِ‬
‫َّظر)(‪ )2‬وإىل‬ ‫َّظر إليه (خشي َة زنا الن ِ‬ ‫يتعذ ُر معه الن ُ‬ ‫أجلس تلميذ ًا مليح ًا يف موق ٍع َّ‬ ‫َ‬
‫بح ْسنه‪ ،‬فالفتن ُة به‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ذكر اهليتم ُّي‪( :‬ويف ا ُمل ْرد َم ْن ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫يفوق النِّسا َء ُ‬ ‫ميل‪َ ،‬‬ ‫الر ِّ‬ ‫جانب َّ‬
‫ويسهل يف‬ ‫ُ‬ ‫ِّساء‪،‬‬ ‫حق الن ِ‬ ‫أعظم‪ ،‬وأل َّن ُه يكم ُن يف ح ِّق ِه ِم َن الشرَّ ِ ما ال يكم ُن يف ِّ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫فهو بالتَّحري ِم أولىَ )‬ ‫حق املرأة‪َ ،‬‬ ‫يسهل يف ِّ‬ ‫الري َبة والشرَِّّ ما ال‬ ‫ح ِّقه م ْن طرق ِّ‬
‫أن اإلغوا َء يف‬ ‫احلمو ِّي‪( :‬ال مرا َء يف َّ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬
‫علوان‬ ‫ور ِّي‬‫الس ِ‬ ‫ِ‬ ‫وعىل ِ‬
‫املتص ِّوف ُّ‬ ‫وفق َ‬
‫الرغ ِم ِم ْن ذلِ َك‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫الن ِ‬
‫ب]) وعىل ُّ‬ ‫فحس ُ‬ ‫َّظر إىل ا ُمل ْرد متح ِّق ٌق ال حما َل َة [ال ممك ٌن ْ‬
‫(‪)3‬‬

‫ون إىل‬ ‫وص ِف ِهم بأنهَّ ُم (م َّيا ُل َ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ني ِ‬ ‫شعور الكات َب ِ‬ ‫ِ‬ ‫ال ُي ُّ‬
‫كليهام باالستياء م ْن ْ‬ ‫شك يف‬
‫لامن)‪.‬‬ ‫الغ ِ‬ ‫ِ‬

‫  املرادي‪ ،‬سلك الدّ رر‪222 :4 ،‬؛ املح ّب ّي‪ ،‬خالصة األثر‪.245-244 :3 ،‬‬
‫ّ‬ ‫(((‬
‫  الر ّ‬
‫ميل‪ ،‬الفتاوى اخلري ّية‪.65 :1 ،‬‬ ‫((( ّ‬
‫احلموي‪ ،‬عرائس الغرر‪ .176 ،‬واصل (ابن حجر)‬ ‫ّ‬ ‫الزواجر‪141 :2 ،‬؛‬ ‫(((   ابن حجر‪ّ ،‬‬
‫الصاحلون يف اإلعراض عن املرد وعن النّظر إليهم وعن‬ ‫حديثه مب ّينا‪( :‬ولذا بالغ ّ‬
‫خمالطتهم وجمالستهم‪ ،‬قال احلسن بن ذكوان‪ :‬ال جتالسوا أوالد األغنياء ّ‬
‫فإن هلم‬
‫صورا كصور العذارى‪ ،‬وهم أشدّ فتنة من النساء‪ .‬وقال بعض التّابعني‪ :‬ما أنا‬
‫اب النّاسك من سبع ضار من الغالم األمرد‪ ،‬يقعد إليه‪ .‬وكان‬ ‫بأخوف عىل ّ‬
‫الش ّ‬
‫السلف يف التّنفري منهم‬
‫يقول‪ :‬ال يبيت ّن رجل مع أمرد يف مكان واحد‪ ...‬وأقاويل ّ‬
‫والتّحذير من رؤيتهم أكثر من أن حتىص)‪( .‬املرتمجة)‪.‬‬
‫اإل ْسال ِم ِّي‬ ‫ال ال َع َر ِب ِّي ِ‬ ‫جل ْن ِس َّي ِة يِف ال َع مَ ِ‬ ‫َما َق ْب َل امل ِْثلِ َّي ِة ا ِ‬ ‫‪150‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫“حيب”‬ ‫ُّ‬ ‫“يميل” و‬ ‫الفعالن‬ ‫ظهر فيها‬ ‫األخرى التي َ‬ ‫َ‬ ‫املواقع‬
‫ُ‬ ‫وثاني ًا‪ُ ،‬‬
‫تشري‬
‫سلوكي أكثر منه توجه ًا ِ‬
‫نفس َّي ًا‬ ‫ِ‬ ‫يح إىل ٍ‬
‫نمط‬ ‫بنحو صرَ ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ات الترَّ اج ِم‬ ‫يف أدبِي ِ‬
‫ُّ‬ ‫َ‬ ‫ٍّ‬ ‫َّ‬
‫الفاحش‬ ‫ُ‬ ‫واملزاح‬
‫ُ‬ ‫عر واملوسي َقى‪،‬‬ ‫ِّ‬
‫والش ُ‬ ‫بن عربيِ ٍّ‬ ‫ين ِ‬
‫حمي الدِّ ِ‬ ‫فأعامل ِ‬ ‫ُ‬ ‫راسخ ًا‪.‬‬
‫واملتص ِّو َف ُة‬ ‫املراد ِّي) واخللو ُة‬ ‫ِ‬ ‫ب‬‫بحس ِ‬ ‫ات املضح َك ُة‬ ‫َّوادر واهلزلِ َّي ُ‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫أو (الن ُ‬
‫احلشيش ِة اخلبي َث ِة وشاربيِ أ ِّم‬ ‫َ‬ ‫وامليل إىل عُشرْ ِة آكليِ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ائل)‬ ‫األص ِ‬ ‫اخليل َ‬ ‫ِ‬ ‫و(اقتنا ُء‬
‫لطف؛ ك ُّلها‬ ‫فاه َي ُة وا ّل ُ‬ ‫عة والر ِ‬ ‫ني التَّبغِ‪ ،‬والولع بالتَّنع ِم والدَّ ِ‬ ‫ِ‬
‫وتدخ ُ‬ ‫ِ‬
‫اخلبائث‪،‬‬
‫َّ‬ ‫ُّ‬ ‫ُ‬
‫رب‬‫وح أك َ‬ ‫بوض ٍ‬ ‫اجلانب ُ‬‫ُ‬ ‫ويظهر هذا‬ ‫ُ‬
‫(‪)1‬‬
‫«يميل» إليها األفرا ُد أو «حي ُّبونهَ ا»‬ ‫ُ‬ ‫أشيا ُء‬
‫ف عنهم «مي ُلهم» إىل الن ِ‬ ‫رجال ‪ِ َّ -‬‬ ‫ٍ‬ ‫يف ِ‬
‫ِّساء أو‬ ‫ُ‬ ‫أقل م ْن اثنَي عشرَ َ ‪ُ -‬ع ِر َ ُ‬ ‫حال‬
‫وقو ٍة عىل اجلامعِ)‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫(‪)2‬‬
‫ب للنِّساء َّ‬ ‫املضاج َعة (‪ ...‬ذا ُح ٍّ‬
‫(كان مغرم ًا بالن ِ‬
‫ِّساء وله يف‬ ‫َ‬ ‫ِ‬
‫األمري حس ْن باشا‪ :‬إ َّن ُه‬ ‫َ‬
‫قال املح ِّب ُّي عن‬
‫ِ‬
‫العيدروس‬ ‫يخ‬ ‫بن ُح َسينْ ٍ ِ‬
‫بن َّ‬
‫الش ِ‬ ‫بن أمحدَ ِ‬ ‫حظ وافر) وعن ِ‬
‫عبد اهللِ ِ‬ ‫ِّكاح ٌّ‬
‫الن ِ‬
‫ٌ‬
‫َ‬
‫قال‪:‬‬

‫حنبيل‪ ،‬درر احلبب‪( 201 :2 ،‬آكيل احلشيشة)‪،175 :1 ،‬‬ ‫(((   انظر يف سبيل املثال‪ ،‬ابن ّ‬
‫البوريني‪ ،‬تراجم األعيان‪-241 :2 ،‬‬
‫ّ‬ ‫يب)‪( 216 :1 ،‬موسيقى)؛‬ ‫‪( 26922‬ابن عر ّ‬
‫املرادي‪ ،‬سلك الدّ رر‪( 67 :3 ،‬الترّ ف)‪:3 ،‬‬
‫ّ‬ ‫‪( 242‬الكحول)‪( 331 :2 ،‬اخللوة)‪،‬‬
‫الروض العاطر‪16 ،‬‬ ‫‪( 246‬اخليول األصيلة)‪( 3 :4 ،‬املزح والنّوادر)؛ ابن أ ّيوب‪ّ ،‬‬
‫يت‪ ،‬عجائب اآلثار‪ّ 165 :1 ،‬‬
‫(الشعر)‪( 339 :1 ،‬علوم‬ ‫(العبدات األثيوب ّيات)؛ اجلرب ّ‬
‫ا ّللغة)‪.‬‬
‫فم ذو» التي تعرب باحلركات‬ ‫حم ه ٌن ٌ‬
‫أخ ٌ‬ ‫«أب ٌ‬
‫الستّة ٌ‬
‫(((   ذا بمعنى صاحب‪ .‬من األسامء ّ‬
‫وجتر بالياء‪ .‬قال صاحب األلف ّية‪:‬‬
‫ّ‬ ‫باأللف‬ ‫وتنصب‬ ‫ال بالعالمات فرتفع بالواو‬
‫واجرر بياء ما ِمن األسام أصف‬
‫ْ‬ ‫وارفـــع ٍ‬
‫بواو وانصـــب َّن باأللـف‬ ‫ْ‬
‫والفــــم حيث امليـم منه بـــانــــا‬ ‫مــن ذاك ذو إن صـحبـــة أبانـــا‬
‫والنّقص يف هذا األخري أحســــن‬ ‫أب أخ حـــم كــــذاك وهــــــــن‬
‫وقصــــــرها من نقصه ّن أشــهر‬ ‫وفـــيأبوتــالييــــــهينــــــدر‬
‫تضمنتها األبيات ويعرفها ذوو‬
‫ّ‬ ‫خاصة‬
‫ّ‬ ‫ولصحة إعراهبا باحلركات رشوط‬‫ّ‬
‫لغوي)‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ل‬ ‫ا‬ ‫م‬ ‫(املقو‬
‫ّ‬ ‫االختصاص‪.‬‬
‫‪151‬‬ ‫واملرضى‬‫َ‬ ‫لواط ُّي َ‬
‫ون‬ ‫األو ُل‪ِّ :‬ال ِ‬ ‫ال َف ْص ُل َّ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ويدور‬ ‫وبرضب الدُّ ِ‬


‫فوف‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫بالسم ِع‬ ‫حص َل له‬
‫ويأمر َّ‬ ‫شطح‪،‬‬ ‫ٌ‬ ‫(ور َّبام َ‬
‫(‪)1‬‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫فتزوج عدَّ َة‬ ‫كلف بالن ِ‬
‫ِّساء‪،‬‬ ‫وكان ذا ٍ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬
‫الفجر‪،‬‬ ‫ليل إىل‬‫السام ِع يف األز َّق ِة با َّل ِ‬ ‫ِ‬
‫َّ‬ ‫بأهل َّ‬
‫أمد‬ ‫جنوس ِهن‪ ،‬فانتهى يف ذلِ َك إىل ٍ‬ ‫ِ‬ ‫وخلط يف‬‫َ‬ ‫ِ‬
‫أفخاذ ِه َّن‬ ‫وتوس َع يف‬ ‫زوجات‪،‬‬‫ٍ‬
‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬
‫ِ ِ (‪)2‬‬
‫مثل‬ ‫أن عبار ًة َ‬ ‫فهم َّ‬
‫العمو ِم ـ ُ‬
‫ِ‬
‫ويتعذ ُر ـ عىل وجه ُ‬ ‫َّ‬ ‫مل ْ يبل ْغ ُه أحدٌ ِم ْن نظرائه)‬
‫ون نسبِ َّي ًا‬ ‫ِ‬
‫الكتب خيتل ُف َ‬ ‫احلديث يف ِ‬
‫هذه‬ ‫ِ‬ ‫أن األفرا َد َّ‬
‫حمل‬ ‫تدل ضمنِ َّي ًا عىل َّ‬ ‫هذه ُّ‬ ‫ِ‬
‫منهام‪.‬‬ ‫ون َمي ً‬ ‫ظه ُر َ‬ ‫الذي َن ال ُي ِ‬ ‫البرش ِ‬ ‫ِ‬ ‫عن ِ‬
‫أي ُ‬ ‫ال إىل ٍّ‬ ‫باقي‬

‫جوان”‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬


‫“دون‬ ‫ِّساء”‬‫إن املقصود ِمن هذا الكال ِم‪ :‬هو “حمب” “زير الن ِ‬ ‫َّ‬
‫ُ‬ ‫ُّ‬ ‫ُ َ ْ‬
‫ِ‬
‫اجلنس‬ ‫الذي تقو ُد ُه رغب ُت ُه العاتِ َي ُة يف ممُ َار َس ِة‬ ‫جل ِ‬ ‫الر ُ‬ ‫سيِ‬
‫ال “املث َّ اجلن َّ ” أ َّن ُه َّ‬
‫ليِ‬
‫ِ‬
‫اإلماء‬ ‫ِ‬
‫رشاء‬ ‫اإلكثار ِم ْن‬
‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫مكرور‪ ،‬أو‬ ‫ٍ‬
‫بنحو‬ ‫واج وال َّط ِ‬
‫الق‬ ‫الز ِ‬ ‫ِ‬
‫مع النِّساء إىل َّ‬
‫القص َري ِة؛ أل َّن ُه‬ ‫ِ‬ ‫حالت‬‫ِ‬ ‫الر‬
‫طحاب نسائه معه حتَّى يف َّ‬
‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫اص‬ ‫ِ‬
‫واملحظ َّيات‪ ،‬أو ْ‬
‫ف‬ ‫وص ُ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫رب عن املجا َم َع ِة ولو أ َّيام ًا‬
‫مماثل‪ُ ،‬ي َ‬ ‫وبنحو‬ ‫معدودات‪.‬‬ ‫الص َ‬ ‫يطيق َّ‬ ‫ال ُ‬
‫شخص ًا‬ ‫ٍ‬ ‫بيان بأ َّنه «زير ِغ ٍ‬ ‫«يميل» نحو الص ِ‬ ‫ُ‬ ‫الشخص ِ‬
‫َ‬ ‫أوالد» ال‬ ‫لامن ‪/‬‬ ‫ُ ُ‬ ‫َ ِّ‬ ‫الذي‬ ‫َّ ُ‬
‫لامن‪،‬‬ ‫الغ َ‬ ‫اجلنسي ِة عندَ رؤيتِ ِه ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫االستثارة‬ ‫تعر ِض ِه إىل‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َّ‬ ‫بفعل احتامل ُّ‬ ‫سوي‬‫ٍّ‬ ‫غري‬
‫َ‬
‫بنحو ال اشتبا َه‬ ‫ٍ‬ ‫«يميل إىل» يف الواق ِع‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫بعض م َن التَّنويعات عىل عبارة‬ ‫ِ‬ ‫وتبدُ و ٌ‬

‫بالصوف ّيني ويعني األقوال أو األفعال املخالفة للشرّ يعة‬ ‫(((   (الشطح) مصطلح أحلق ّ‬
‫الصوفيني‪.‬‬ ‫التي يقوم هبا بعض من ّ‬
‫ويف بأنّه‪:‬‬
‫الص ّ‬ ‫الشطح ّ‬ ‫يف كتاب «ا ّللمع ص ‪ »453‬فسرّ أبو نرص السرّ ّ اج ال ّط ّ‬
‫ويس ّ‬
‫بقوته‪ ،‬وهاج بشدّ ة غليانه وغلبته‏)‏‪.‬‬ ‫‏(‏عبارة مستغرقة يف وصف وجد فاض ّ‬
‫والزندقة الذي فاضت به كتب‬ ‫املتصوفة إىل هذا التّعريف لتربير الكفر ّ‬ ‫ّ‬ ‫وقد جلأ‬
‫بأن ما قالوه قد قالوه يف حالة سكر بام جتلىّ هلم من‬ ‫الصوف ّية وتواتر عنهم معتذرين ّ‬ ‫ّ‬
‫حقائق وبام عاينوا من علوم؛ وزعموا أنهّ ا أسكرهتم وأطارت صواهبم‪ ،‬وجعلتهم‬
‫الصوف ّية ال يغيرّ‬
‫السمج الذي جلأ إليه ّ‬ ‫يتك ّلمون بمثل هذه العبارات‪ ،‬وهذا التّربير ّ‬
‫أن ما قالوه كفر واضح ظاهر وافرتاء عىل الشرّ يعة‪.‬‬ ‫من احلقائق شيئا‪ ،‬وهو ّ‬
‫ويف‪ .‬عبد‬ ‫ّ ّ‬ ‫الص‬ ‫طح‬ ‫ّ‬
‫الش‬ ‫ـ‬ ‫اين‬ ‫ّ‬
‫ث‬ ‫ال‬ ‫الفصل‬ ‫نة‪:‬‬ ‫والس‬
‫ّ‬ ‫الكتاب‬ ‫ضوء‬ ‫ويف يف‬
‫الص ّ‬‫انظر‪ :‬الفكر ّ‬
‫لغوي)‪.‬‏‬
‫ّ‬ ‫(املقوم ا ّل‬
‫ّ‬ ‫الرمحن عبد اخلالق‪.‬‬‫ّ‬
‫السمر‪-716 :2 ،326 :1 ،‬‬ ‫ّ‬ ‫لطف‬ ‫‪،‬‬‫الغزي‬
‫ّ‬ ‫‪37‬؛‬ ‫‪:3‬‬ ‫‪،16‬‬ ‫‪:2‬‬ ‫األثر‪،‬‬ ‫خالصة‬ ‫‪،‬‬ ‫ي‬‫ب‬
‫ّّ‬ ‫  املح‬ ‫(((‬
‫حنبيل‪ ،‬درر احلبب‪،169 ،142 :1 ،‬‬ ‫ّ‬ ‫الروض العاطر‪84 ،‬؛ ابن‬ ‫‪717‬؛ ابن أ ّيوب‪ّ ،‬‬
‫‪.219 :2 ،835‬‬
‫اإل ْسال ِم ِّي‬ ‫ال ال َع َر ِب ِّي ِ‬ ‫جل ْن ِس َّي ِة يِف ال َع مَ ِ‬ ‫َما َق ْب َل امل ِْثلِ َّي ِة ا ِ‬ ‫‪152‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫الغ ِ‬
‫لامن‬ ‫َّظر إىل ِ‬
‫(كان م َّياالً للن ِ‬
‫َ‬ ‫جوهرها ِم ْن ِ‬
‫مثل‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫سلوك َّي ًة يف‬ ‫فيه؛ تبدُ و‬
‫ِ (‪)1‬‬ ‫(كان مياالً إىل حب ِ‬
‫الغلامن)‪.‬‬ ‫ِّ‬ ‫َ َّ‬ ‫وجمالستِ ِهم) (اتهُّ ِم باالت َِّص ِ‬
‫ال با ُمل ْر ِد) و‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫لامن”‬‫الغ ِ‬ ‫فإن عبار َة “إ َّنه مي ُال إىل ِ‬ ‫َّفسري َصحيح ًا‪َّ ،‬‬ ‫وإذا َ‬
‫ُ َّ‬ ‫كان هذا الت ُ‬
‫وه َي ـ تبع ًا لذلِ َك ـ‬ ‫آخر عن ا ِّللواطِي (‪ِ )pederast‬‬
‫ِّ‬ ‫تعبري َ َ‬ ‫ٍ‬ ‫ستكون بمنز َل ِة‬ ‫ُ‬
‫الفقهي لـ “ا ِّللواطِي” ِ‬ ‫العاد ِّي ِ‬ ‫ِ‬ ‫مكافِ َئ ٌة للمعنَى‬
‫احلديث عنه‬ ‫َ‬ ‫الذي أسل ْفنا‬ ‫ِّ‬ ‫ِ ِّ‬ ‫غري‬
‫الفقه ِّي‬‫ِ‬ ‫حتديد هل ُيعدُّ الفر ُد لِواطِ َّي ًا باملعنَى‬ ‫ِ‬ ‫سابق؛ وتعتمدُ مسأ َل ُة‬ ‫مبحث ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫يف‬
‫سؤال حمدَّ ٍد هو‪( :‬هل أتَى‬ ‫ٍ‬ ‫اإلجابة عن‬ ‫ِ‬ ‫املطاف عىل‬ ‫ِ‬ ‫للكلمة يف ِ‬
‫هناية‬ ‫ِ‬ ‫الدَّ ِ‬
‫قيق‬
‫ملفر َد ِة «ا ِّللواطِ ِّي»‬ ‫األشمل َ‬ ‫ُ‬ ‫دبر ِه أ ْم ال؟)‪ .‬أ َّما املعنَى‬ ‫آخر يف ِ‬ ‫ال َ‬ ‫[هذا الفر ُد] رج ً‬
‫َب؛‬ ‫الفعل ا ُملر َتك ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫طبيعة‬ ‫جلهة ِ‬
‫تبيان‬ ‫وضوح ًا ِ‬ ‫أقل ُ‬ ‫الفعل‪ ،‬لكنَّ ُه ُّ‬ ‫َ‬ ‫ف‬ ‫يعر ُ‬ ‫فهو معن ًَى ِّ‬ ‫َ‬
‫امر َسة الفرد ا ِّل َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الزنا‬ ‫لواط أو ِّ‬ ‫بم َ‬ ‫وبإزاء صرَ امة القواعد واألحكا ِم املتع ِّل َقة ُ‬
‫عدول عىل‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫شهود‬ ‫ِ‬
‫شهادة‬ ‫إكراه أو‬ ‫ٍ‬ ‫وع ِّي بال‬ ‫(االعرتاف ال َّط ِ‬ ‫ِ‬ ‫مثل‬ ‫وحها َ‬ ‫ووض ِ‬ ‫ُ‬
‫َّفق عليها‬ ‫واضح ٌة مت ٌ‬ ‫معايري مقاب َل ٌة‬ ‫ثم َة‬ ‫ِ‬ ‫فعل اإلتيان يف الدُّ ِبر أو‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ليس َّ‬ ‫الفرج) َ‬
‫ون جتاوب ًا‬ ‫يظهر َ‬ ‫آخري َن‬ ‫ومتييز ِه عن ِ‬ ‫ِ‬ ‫«زير الن ِ‬
‫ِّساء»‬ ‫لامن» أو ِ‬ ‫الغ ِ‬ ‫لتحديد «حمب ِ‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫ِّ‬
‫ِ‬
‫اعر‬‫الش ِ‬ ‫حال َّ‬ ‫َت ُ‬ ‫لامن أو النِّساء وجمَ الهِِ م؛ وإذا كان ْ‬ ‫الغ ِ‬ ‫ال طبيعي ًا جلاذبِي ِة ِ‬
‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫ومي ً‬
‫معة» تبدُ و‬ ‫لامن «شائنِي الس ِ‬ ‫بالغ ِ‬ ‫كان يت َِّص ُل عالني ًة ِ‬ ‫الذي َ‬ ‫املالكي ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الفتح‬ ‫أبيِ‬
‫ُّ‬ ‫َ‬ ‫ِّ‬
‫العسكر يف‬ ‫ِ‬ ‫أحد ِ‬
‫قادة‬ ‫سنان باشا ( ُتوفيِّ سن َة ‪1666‬م) ِ‬ ‫ِ‬ ‫واض َح ًة‪ ،‬فامذا عن‬ ‫ِ‬
‫َ‬
‫ِ‬ ‫ني اب ُتليِ َ بمح َّب ِة غال ٍم َ‬ ‫ناهز ال َّثامنِ َ‬ ‫دمشق ِ‬
‫كان عندَ ُه م َن اخلدَّ ا ِم‪ ،‬ومل ْ‬ ‫الذي (بعدما َ‬ ‫َ‬
‫ِِ‬
‫عرف للغرا ِم ح َّق ُه‪ ،‬وبعدَ ما حتك ََّم عش ُق ُه فيه‪،‬‬ ‫َ‬ ‫الر َّق ُة‪ ،‬وال‬ ‫يك ْن ُع ِهدَ يف طبعه ِّ‬
‫وعرس عليه‬ ‫َ‬ ‫الشا ِم‪،‬‬ ‫نائب َّ‬ ‫قبالن ِ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬
‫األمري‬ ‫وقصدَ جتافِ َي ُه‪ ،‬وخد َم عندَ‬ ‫نفر عنه‪َ ،‬‬ ‫َ‬
‫االجتهاد‪ ،‬فلم يظفر منه بمراد‪ٍ،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫خالص ُه م ْن يده‪ ،‬واجتهدَ يف حتصيله غاي َة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬
‫َت‬ ‫مات وما مات ْ‬ ‫أن َ‬ ‫الفرص إىل ْ‬ ‫ِ‬ ‫مواقع‬
‫َ‬ ‫ص؛ ويتو َّق ُع‬ ‫الغص َ‬‫يزل يعا فيه َ‬ ‫نيِ‬ ‫ومل ْ ْ‬
‫(‪)2‬‬
‫حرس ُت ُه وخل َف ْت أمني ُت ُه من َّي َت ُه)‪.‬‬

‫السائرة‪154-153 :1 ،‬؛‬‫الغز ّي‪ ،‬الكواكب ّ‬


‫الروض العاطر‪69-68 ،‬؛ ّ‬ ‫(((   ابن أ ّيوب‪ّ ،‬‬
‫حنبيل‪ ،‬درر احلبب‪.279-278 :2 ،‬‬
‫ّ‬ ‫ابن‬
‫(((   املح ّب ّي‪ ،‬خالصة األثر‪[ .220-219 :2 ،‬سنان باشا بن حممود نزيل دمشق ومتوليّ‬
‫‪153‬‬ ‫واملرضى‬‫َ‬ ‫لواط ُّي َ‬
‫ون‬ ‫األو ُل‪ِّ :‬ال ِ‬ ‫ال َف ْص ُل َّ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ف ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫نمط‬ ‫وص ُ‬ ‫واضحة وم َّت َف ٍق عليها‪ ،‬يمك ُن عىل وفقها ْ‬ ‫َ‬ ‫ملعايري‬
‫َ‬ ‫االفتقار‬
‫َ‬ ‫َّ‬
‫إن‬
‫املجال واسع ًا أما َم األحكا ِم زياد ًة‬ ‫َ‬ ‫لامن) ُ‬
‫ترتك‬ ‫الغ ِ‬ ‫سلوكي حمدَّ ٍد بأ َّنه (م ٌيل إىل ِ‬ ‫ِ‬
‫ُ َ‬ ‫ٍّ‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫بن‬ ‫عمر ِ‬ ‫حممدُ ب ُن َ‬ ‫ذكر الفقي ُه احللبِ ُّي َّ‬ ‫عن املغالطات والتَّح ُّيزات الفرد َّية‪ ،‬فقدْ َ‬
‫نقد َّي ًا عىل‬ ‫الذي ع َّل َق ِ‬ ‫العرض ( ُتوفيِّ سن َة ‪1660‬م) ِ‬ ‫يِ‬ ‫ِ‬
‫الوفاء‬ ‫اب أبو‬ ‫الوه ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫ُّ‬ ‫عبد َّ‬
‫ليِ‬ ‫ف ِ‬ ‫إبراهيم ِ‬ ‫حمم ٍد ِ‬ ‫رض الدِّ ِ‬ ‫لزميل ِه يِ‬ ‫ِ‬ ‫املعج ِم الترَّ امجِ ِّي‬
‫بن احلنب ِّ‬ ‫يوس َ‬ ‫بن ُ‬ ‫َ‬ ‫بن‬ ‫ين َّ‬ ‫ِّ‬
‫غر َض ًا لسها ِم‬ ‫ِ‬ ‫احللبِ ِّي ( ُتوفيِّ َ سن َة ‪1563‬م) قائالً‪( :‬فهذا ُ‬
‫شيخ والدنا‪َ ...‬ص َار َ‬
‫خلفض‬ ‫ِ‬ ‫ب‬‫وانتص َ‬‫َ‬ ‫فرفع مقا َم أحبابِ ِه‪،‬‬ ‫َ‬ ‫املال ِم وهدف ًا ألسن َِّة (القدح و) املذا ِّم؛‬
‫سبيل‬ ‫ِ‬ ‫منهم فعىل‬ ‫للعلامء أمور ًا ْ‬ ‫ِ‬ ‫(أعدائ ِه) وأرضابِ ِه‪،‬‬ ‫ِ‬
‫در ْت ُ‬ ‫إن َص َ‬ ‫ونسب‬ ‫َ‬
‫َ (‪)1‬‬
‫الغلامن)‬ ‫يانة حيب ِ‬ ‫فالن مع الص ِ‬ ‫ُ‬ ‫ِّسيان‪ ،‬و ُطع َن بسه ٍم بمطاع َن كقولِ ِه‪:‬‬ ‫الن ِ‬
‫ُّ‬ ‫ِّ‬
‫استعامل‬ ‫ِ‬ ‫ُّب‬ ‫ومعرفة إىل جتن ِ‬ ‫ٍ‬ ‫َّاب عن ٍ‬
‫وعي‬ ‫بعض ِم َن الكت ِ‬ ‫ٍ‬ ‫لحظ َم ُيل‬ ‫وجدير با َّل ِ‬
‫ٌ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫تكر َر ورو ُدها يف املعاج ِم الترَّ امج َّية التي‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫عبارة «إ َّن ُه ُ‬ ‫ِ‬
‫يميل إىل الغلامن» التي َّ‬
‫ار ِّي؛ إذ‬ ‫األنص ِ‬ ‫ِ‬ ‫وب‬ ‫الغز ِّي ِ‬
‫وابن أ ُّي َ‬ ‫ين ِّ‬ ‫ابن احلنبليِ ِّ ونج ِم الدِّ ِ‬ ‫مثل ِ‬ ‫ون ُ‬ ‫أ َّل َفها ُ‬
‫آخر َ‬
‫املثال عن املعاج ِم الترَّ امجِ َّي ِة التِي وض َعها َح َس ُن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫سبيل‬ ‫هذه العبار ُة يف‬ ‫تغيب ِ‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫خليل املراد ُّي‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫وحممدُ‬ ‫أمني املح ِّب ُّي‬ ‫وحممدُ ُ‬ ‫ِ‬
‫َّ‬ ‫البورين ُّي َّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الرغب َة يف‬ ‫املحتم َلة هلذا اإلحجا ِم عن إيرادها َّ‬ ‫َ‬ ‫َّفسريات‬ ‫ُ‬
‫تكون إحدَ ى الت‬ ‫وقدْ‬
‫اآلخرين وحتاشيِ‬ ‫ِ‬ ‫االلتزا ِم بمبدأ معر ٍ‬
‫ِ َ‬ ‫ني‬
‫باملسلم َ‬ ‫«ح ْس ُن ال َّظ ِّن»‬ ‫وراسخ هو ُ‬ ‫ٍ‬ ‫وف‬ ‫َ ُ‬
‫الشوكا ُّ ( ُتوفيِّ َ سن َة ‪1834‬م)‬ ‫نيِ‬ ‫عيل َّ‬ ‫اغتيابهِ ِم‪ ،‬إذ‬
‫حممدُ ب ُن ٍّ‬ ‫حرص الفقي ُه اليمن ُِّّي َّ‬‫َ‬
‫حرص عىل‬ ‫ِ‬
‫الوجوه)‪...‬‬ ‫الح‬‫لامن ِم ِ‬‫(الغ ِ‬ ‫أحد معارفِ ِه إىل ِ‬ ‫يل ِ‬ ‫ال بعدَ حديثِ ِه عن َم ِ‬ ‫مث ً‬
‫َ‬
‫خص‬‫ِ‬ ‫ول عىل مواف َق ِة َّ‬
‫الش‬ ‫احلص ِ‬ ‫هذه احلقيق َة إلاَّ بعدَ‬ ‫طمأن َِة القر ِاء بأ َّنه مل يذكر ِ‬
‫ُ‬ ‫ُ ْ ْ‬ ‫َّ‬
‫نيِ‬
‫الشوكا ِّ عىل أ َّن ُه مل ْ يك ْن‬ ‫األرجح ـ إصرْ َار َّ‬ ‫ِ‬ ‫املعنِ ِّي؛ ويفسرِّ ُ هذا التَّوكيدُ ـ عىل‬
‫حيافظ عىل‬ ‫َ‬ ‫خص املعنِ ُّي به‪ ،‬أل َّن ُه يريدُ ْ‬
‫أن‬ ‫الش ُ‬ ‫اعرتض َّ‬
‫َ‬ ‫ليذكر هذا األمر يف ِ‬
‫حال‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫آخر يتعينَّ ُ تذك ُُّر ُه‪،‬‬‫أمر ُ‬ ‫وثم َة ٌ‬ ‫الشائنَة‪.‬‬ ‫معجمه خالي ًا م َن التَّعليقات واألخبار َّ‬
‫(‪)2‬‬
‫َّ‬
‫األموي فيها أمري األمراء وصدر أعيان ّ‬
‫الشام يف وقته‪( .‬املرتمجة)‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫اجلامع‬
‫املرشفة هبم حلب‪.37 ،‬‬
‫الذهب يف األعيان ّ‬‫  العريض‪ ،‬معادن ّ‬
‫ّ‬ ‫(((‬
‫وكاين‪ ،‬البدر ال ّطالع‪ .162 :2 ،‬انظر كذلك تعليقات املح ّب ّي عىل مؤ ّلفات‬ ‫((( ّ‬
‫  الش ّ‬
‫اإل ْسال ِم ِّي‬ ‫ال ال َع َر ِب ِّي ِ‬ ‫جل ْن ِس َّي ِة يِف ال َع مَ ِ‬ ‫َما َق ْب َل امل ِْثلِ َّي ِة ا ِ‬ ‫‪154‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫روح‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫َت تُؤ َّل ُ‬ ‫املعاجم الترَّ امجِ َّي َة كان ْ‬ ‫هو َّ‬
‫تغلب عليه ُ‬ ‫ُ‬ ‫اجتامع ٍّي‬ ‫مشهد‬ ‫ف يف‬ ‫َ‬ ‫أن‬
‫«سياس َّي ٍة»‬
‫ِ‬ ‫مه َّي ٍة‬‫َت ـ تبع ًا لذل َك ـ حت َظى بأ ِّ‬
‫ِ‬ ‫َّحالفات‪ ،‬وكان ْ‬ ‫ُ‬ ‫َّنافس والت‬‫العداوة والت ُ‬
‫ِ‬
‫تعليقات ِ‬ ‫ٍ‬ ‫عرو َف ِة إىل‬ ‫ِ‬ ‫الكثري ِمن املشاح ِ‬
‫غري‬ ‫بني العائالت ا َمل ُ‬ ‫نات َ‬ ‫َ‬ ‫ِ َ‬ ‫جذور‬
‫ُ‬ ‫إذ تعو ُد‬
‫بعض ِمن َّ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ٍ‬
‫وثم َة‬ ‫الشخص َّيات عنها؛ َّ‬ ‫ٍ َ‬ ‫إقصاء‬‫«مو َّف َقة» يف املعاج ِم الترَّ امج َّية أو إىل َ‬
‫تدفع مؤ ِّل َ‬ ‫مثل ِ‬ ‫مواقف ِ‬
‫ف املعج ِم إىل االلتزا ِم بأقصىَ‬ ‫ُ‬ ‫هذه‬ ‫َ‬ ‫كثري ٌة يف‬ ‫أسباب َ‬ ‫ٌ‬
‫نهِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫أكثر‬
‫آخر ُ‬ ‫تفسري ُ‬
‫ٌ‬ ‫احلذر يف حديثه عن وجهاء زمانه وأعيا ِم؛ َّ‬
‫وثم َة‬ ‫درجات‬
‫الغ ِ‬ ‫يميل إىل ِ‬ ‫ني عبار َة «إ َّن ُه ُ‬ ‫بعض ِم َن املؤ ِّل ِف َ‬ ‫ٍ‬ ‫بب يف جتن ِ‬ ‫ِ‬
‫لامن»‬ ‫ُّب‬ ‫الس َ‬ ‫معقول َّي ًة جيليِّ َّ‬
‫قيل‬ ‫أنفس ُهم! إذ َ‬ ‫عليهم هم ُ‬ ‫موضو ٍع قد َي ْصدُ ُق ِ‬ ‫اخلوض يف ُ‬ ‫ِ‬ ‫هو رغبت ُُهم يف جتن ِ‬
‫ُّب‬
‫ذكر ُه معاصرِ ُ ُه‬ ‫ِ ِ‬
‫كان به َم ٌيل إىل الغلامن‪ ،‬وهذا ما َ‬ ‫إن َح َس َن البورينِ َّي ذا َت ُه َ‬ ‫مثالً‪َّ :‬‬
‫مصاد َف ًة ‪ -‬يف املعج ِم الترَّ امجِ ِّي‬ ‫ذكر ُه ‪ -‬ر َّبام َ‬
‫ِ‬
‫ار ُّي الذي مل ْ ير ْد ُ‬ ‫األنص ِ‬‫َ‬ ‫اب ُن أ ُّي ٍ‬
‫وب‬
‫ِ ِ (‪)1‬‬
‫وجهاء عصرْ ه‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫الذي أ َّل َف ُه البورينِ ُّي بعدَ ذلِ َك يف‬ ‫ِ‬

‫رأي‬‫واملراد ُّي كالهمُ ا عن ٍ‬ ‫ِ‬ ‫الفص ِل ال َّثانيِ ‪ ،‬فقدْ عبرَّ َ املح ِّب ُّي‬ ‫ُ‬ ‫ومث َلام‬
‫سنلحظ يف ْ‬
‫وب مثالً‪ ،‬إلاَّ‬ ‫الغز ِّي ِ‬
‫وابن أ َّي َ‬ ‫املثل َّي ِة العفي َف ِة ِم َن ِّ‬‫ال نحو العاط َف ِة ِ‬
‫تفه ًام وتساه ً َ‬ ‫أكثر ُّ‬
‫َ‬
‫الرغ ِم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َّعريج عليها ه َي َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫أن املسأ َل َة‬
‫َّ‬
‫َّاب عىل ُّ‬ ‫أن هؤالء الكت َ‬ ‫األهم التي ينبغي الت ُ‬ ‫َّ‬
‫وغري املستسا َغ ِة‪ ،‬إلاَّ أنهَّ ُم مل ْ يكونُوا‬ ‫ِ‬ ‫العبارة ا ُملربِك َِة‬
‫ِ‬ ‫استعامل ِ‬
‫هذه‬ ‫َ‬ ‫ِم ْن جتنُّبِ ِهم‬
‫ص والقص ِ‬ ‫القص ِ‬ ‫ِ‬ ‫تضم أعاملهُ ُم‬ ‫مت عىل الدَّ وا ِم‪ ،‬إذ‬ ‫الص َ‬ ‫يلتز ُم َ‬
‫ائد‬ ‫َ‬ ‫الكثري م َن َ‬‫َ‬ ‫ُّ‬ ‫ون َّ‬
‫ات وطري َق ِة‬ ‫ُون بمفرد ٍ‬
‫موضوع ًا هلا‪ ،‬ولذا يستعين َ َ َ‬ ‫االنجذاب املثليِ ِّ ُ‬
‫ِ‬ ‫َّخذ ِم َن‬
‫التِي تت ُ‬
‫الغ ِ‬ ‫ون أ َّنه “م ٌيل إىل ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫لامن”‪.‬‬ ‫آخر َ ُ َ‬ ‫حديث خمتل َفة للحديث عماَّ يص ُف ُه فقها ُء ُ‬

‫الغز ّي وابن معصوم يف خالصة األثر‪[ ،197 :4 ،‬وأما ما فيه من بعض األغراض‬ ‫ّ‬
‫املؤرخون يف املايض وأبرأ أنا منها يف احلال‪ ،‬ومن نظر يف كتايب بعني‬
‫فقد عرف هبا ّ‬
‫الرضا عرف أنيّ أتالىف كثريا ممّا مىض‪ ،‬وباهلل أستعني وأستدفع املكروه وأسأله أن‬ ‫ّ‬
‫البوريني لـ (تراجم‬
‫ّ‬ ‫يب ّيض وجهي يوم تبيض الوجوه‪( .‬املرتمجة]‪476 :1 ،‬؛ ومقدّ مة‬
‫األعيان)‪.6-5 :1 ،‬‬
‫الروض العاطر‪.49 ،‬‬ ‫(((   ابن أ ّيوب‪ّ ،‬‬
‫الفص ُل َّ‬
‫الثا ِني‬ ‫ْ‬
‫َ‬
‫اجلما ِل ُّيون‬
‫الث يِ ُّ‬
‫قاف‬ ‫لطف َّ‬ ‫وال ُ‬ ‫جلما ِل َّي ُة ُّ‬ ‫احلرك ُة ا َ‬
‫حديث أور َد ُه‬ ‫ٍ‬ ‫البديع ُّي ( ُتوفيِّ َ سن َة ‪1663-1662‬م) يف‬ ‫ِ‬ ‫ف‬ ‫يوس ُ‬ ‫ذكر ُ‬ ‫َ‬
‫ديوان شبهِ‬ ‫ٍ‬ ‫العمر ِّي ( ُتوفيِّ َ سن َة ‪1638‬م) يف‬ ‫ِ‬ ‫اعر الدِّ مشق ِّي أيب ٍ‬
‫بكر‬ ‫ِ‬ ‫الش ِ‬ ‫عن َّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫صرِ‬
‫كان (عىل طري َقة حي َيى‬ ‫العمر َّي َ‬ ‫أن‬ ‫الشعراء َّ‬ ‫بعض م َن ُّ‬ ‫ٍ‬ ‫قصائدَ‬ ‫مجع فيه َ‬ ‫معا ٍ َ‬
‫ِ‬ ‫احلبيب ا ُملقنَّ ِع [أي الن ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫بن أكث ٍم ِم َن‬ ‫ِ‬
‫عم ِم [أي‬ ‫وامليل إىل ا ُمل َّ‬ ‫ِّساء]‬ ‫اإلعراض عن‬
‫اووس يف ِمشيتِ ِه‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫خرب ِه أ َّن ُه ها َم بغال ٍم أ ْم َر َد كأ َّن ُه ال َّط‬ ‫غريب ِ‬ ‫ِ‬ ‫وم ْن‬ ‫كور] ِ‬ ‫الذ ِ‬ ‫ُّ‬
‫فأرسل إليه مجاع ًة يف إحدى‬ ‫َ‬ ‫ووشى به إىل احلاك ِم‪،‬‬ ‫هدهد َ‬ ‫ٍ‬ ‫أركع ِم ْن‬ ‫لكنَّ ُه‬
‫ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫احلناد ِ‬ ‫ِ‬
‫فأمر به يف‬ ‫القبيح‪َ ،‬‬ ‫بذكرها‬ ‫يح‬
‫يقبح ال َّتصرْ ُ‬ ‫فوجدا عىل حال ُ‬ ‫س ‪ُ ....‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫األسواق‬‫ِ‬ ‫طاف به يف‬ ‫بأن ُي َط َّو َق عن ُق ُه بسا َقي ذلِ َك الغال ِم و ُي َ‬ ‫ليلة ْ‬ ‫تلك ا َّل ِ‬ ‫غد َ‬ ‫ِ‬
‫أمني‬ ‫حممدُ‬ ‫ِ‬ ‫بمشهد ِم َن‬ ‫ٍ‬
‫ُ‬ ‫اخلاص والعا ِّم‪ ...‬انتهى)‪ .‬ونقل الفقي ُه الدِّ مشق ُّي َّ‬ ‫ِّ‬
‫ِ‬
‫العهد‬ ‫احلادي عشرَ َ ِم َن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫القرن‬ ‫ِ‬
‫ألعيان‬ ‫ا ُملح ِّب ُّي ( ُتوفيِّ َ سن َة ‪1699‬م) يف ترمجتِ ِه‬
‫بكر ب َن‬ ‫األديب أبا ٍ‬ ‫خص به‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫الباب الذي َّ‬ ‫اإلسالم ِّي (‪1688 -1591‬م) يف‬
‫العمري الدِّ ِ‬ ‫ٍ‬ ‫منص ٍ‬
‫بالشا ِم‬ ‫األدب َّ‬ ‫ِ‬ ‫مشق ِّي َ‬
‫شيخ‬ ‫ِ ِّ‬ ‫عيل‬
‫بن ٍّ‬ ‫حسن ِ‬ ‫ٍ‬ ‫بن‬‫بركات ِ‬ ‫ور ِ‬
‫بن‬ ‫ُ‬
‫فحص ُت عن هذا‬ ‫ثم زا َد عليه مب ِّين ًا‪( :‬ولقدْ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ما قا َل ُه البديع ُّي عن‬
‫ْ‬ ‫العمر ِّي‪َّ ،‬‬
‫العمري فلم أر له عندَ ٍ‬ ‫ِ‬
‫أحد أثر ًا ويف ظنِّي‬ ‫ِ َّ ْ َ‬ ‫َ‬
‫أدرك‬ ‫كل َم ْن لقي ُت ُه مم َّ ْن‬ ‫اخلرب عندَ ِّ‬
‫ال‬‫احب طب ٍع م َّي ٍ‬ ‫ِ‬ ‫نعم َّ‬ ‫ِِ‬ ‫الر ِ‬
‫العمر َّي َص ُ‬ ‫إن‬ ‫أعلم بحقيقته؛ ْ‬ ‫ُ‬ ‫رت ًى واهللُ‬ ‫اجح أ َّن ُه ُمف َ‬ ‫َّ‬
‫فمثل هذا‬ ‫ِ‬
‫االحتامل‪ ،‬وباجلملة ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الساح َة مظنَّ ُة‬ ‫وامليل عندَ َم ْن ِ‬ ‫ُ‬ ‫للج ِ‬
‫يربي َّ‬ ‫امل‪،‬‬ ‫َ‬

‫الصحاح‪ :‬ا ّلليل ّ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬


‫الشديد ال ّظلمة‪ .‬ويف‬ ‫(((    احلنادس ج حندس‪ .‬واحلنْد ُس‪ :‬ال ُّظ ْل َمة‪ ،‬ويف ّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫(املقوم‬
‫ّ‬ ‫س‪.‬‬ ‫حديث َأيب هريرة‪ :‬كنّا عند الن ّ‬
‫ّبي صلىّ اللهَّ عليه وس ّلم يف ليلة َظ ْلامء حنْد ٍ‬
‫لغوي)‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ا ّل‬
‫اإل ْسال ِم ِّي‬ ‫ال ال َع َر ِب ِّي ِ‬ ‫جل ْن ِس َّي ِة يِف ال َع مَ ِ‬ ‫َما َق ْب َل امل ِْثلِ َّي ِة ا ِ‬ ‫‪158‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫كمالء عصرْ ِ ِه‬ ‫ِ‬ ‫العمر َّي ِم ْن‬


‫ِ‬ ‫القول‪َّ :‬‬
‫إن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وحاص ُل‬ ‫نقل إلاَّ ليوهي‪...‬‬ ‫اخلرب ال ُي ُ‬ ‫ِ‬
‫ِ ِ (‪)1‬‬
‫ونبغاء دهره)‪.‬‬ ‫ِ‬
‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫تقديم ِه‬
‫ِ‬
‫أكثر منه‬ ‫بوصفه كاتب ًا جمَ ال َّي ًا َ‬ ‫العمر َّي ْ‬ ‫ومل ْ يك ْن املح ِّب ُّي يف‬
‫ينجذب إىل‬ ‫ُ‬ ‫اعر مل ْ يك ْن‬ ‫الش َ‬ ‫أن َّ‬ ‫يلمح ِضمن ًا إىل َّ‬ ‫َ‬ ‫لِواطِ َّي ًا‪ ...‬مل ْ يك ْن يريدُ ْ‬
‫أن‬
‫امل‪،‬‬ ‫باملالحة واجل ِ‬ ‫ِ‬ ‫عروفِ َ‬
‫ني‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫العكس‪َ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫الغ ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫كان العديدُ م َن الغلامن َم ُ‬ ‫لامن؛ بل عىل‬
‫ِ‬
‫جلوس‬ ‫ث عن‬ ‫العمر ِّي تتحدَّ ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ديوان‬ ‫أخذها ِم ْن‬ ‫قص ٌة يروهيا املح ِّب ُّي َ‬ ‫وثم َة َّ‬ ‫َّ‬
‫ِ (‪)2‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الشاعر مع َصديق له يف أحد بيوت الب ِّن وهو يبدي إعجا َب ُه بأحد الغلامن‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬
‫العمري ورغبتِهِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ِ ِّ‬ ‫هوى‬ ‫موضو ِع َ‬ ‫خالل إعادة تقدي ِم ُ‬ ‫نجح م ْن‬ ‫أن املح ِّب َّي َ‬ ‫إلاَّ َّ‬
‫أكثر جاذبِ َّي ًة‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫الش ِ‬ ‫نجح يف تقدي ِم َّ‬ ‫ِ‬
‫امل ال الغ َ‬ ‫جل َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫بأسلوب َ‬ ‫اعر‬ ‫لامن‪َ ...‬‬ ‫بوصفه ا َ‬ ‫ْ‬
‫ارج‬ ‫ِ‬
‫لامن) املعاد َلة للمعنَى العاد ِّي الدَّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫يميل إىل الغ ِ‬ ‫أن عبار َة (إ َّن ُه ُ‬ ‫وال مرا َء يف َّ‬
‫طالحي ملفرد ِة لِواطِي‪ ...‬ال مراء يف أ ا تنطوي عىل إحياءاتٍ‬ ‫ِ‬ ‫االص‬ ‫غري‬‫ِ‬
‫نهَّ‬ ‫َ‬ ‫ٍّ‬ ‫ِّ َ َ‬ ‫ْ‬
‫دور ِه يف‬ ‫الرغ ِم ِم ْن ِ‬ ‫جلامل الذي ُيعدَّ ـ عىل ُّ‬
‫يل إىل ا ِ ِ‬
‫َ‬ ‫للم ِ‬ ‫ٍ‬
‫سلبِ َّية من ِّف َرة خالف ًا َ‬
‫ٍ‬
‫احلسا ُد ـ مق ُبوالً‬ ‫َ ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫جعل َصاحبِ ِه َضح َّي َة‬ ‫ِ‬
‫خصو ُم ُه َّ‬ ‫يرو ُج هلا ُ‬ ‫مغرضة ِّ‬ ‫إشاعات‬
‫االعرتاض عليه يف ذاتِه‪ِ.‬‬ ‫ُ‬ ‫ويتعذ ُر‬ ‫َّ‬
‫ٍ‬
‫أشخاص‬ ‫امل إىل عدَّ ِة‬ ‫يل إىل اجل ِ‬
‫َ‬ ‫خاص َّي َة ا َمل ِ‬ ‫ِّ‬ ‫نسب (املح ِّب ُّي) يف ُمؤ َّل ِف ِه‬ ‫َ‬

‫(((   املح ّب ّي‪ ،‬خالصة األثر‪.100-99 :1 ،‬‬


‫الرحيانة‪.408-405 :1 ،‬‬‫(((   املح ّب ّي‪ ،‬خالصة األثر‪227-226 :3 ،‬؛ املح ّب ّي‪ ،‬نفحة ّ‬
‫ّص بدال من االكتفاء بام أورده املؤ ّلف‪:‬‬
‫ارتأيت نقل األبيات كاملة من الن ّ‬
‫كالورد يف األغصان كلله النّدى‬ ‫مـــذ ّ‬
‫رق مـــاء للجمـال بوجنة‬
‫ـوه العــذار وال عـــذار بـــه بدا‬ ‫ومت ّثلــت أهـــدابنـــــا فيه فظنّـ‬
‫أهــــــواي أنّــي عدت فيه خياال‬ ‫ّملـا صفت مرآة وجـهك أيقنت‬
‫وظننـــت إنســـاين بخدّ ك خــاالً‬ ‫فحسبت أهدايب بخدك عارضا‬
‫بأســـــود وبليل ّ‬
‫الشــعر ملتحفا‬ ‫احلمـام متّزرا‬
‫ّ‬ ‫أفدي الذي دخل‬
‫توهمّ ـــــــا ّ‬
‫أن بدر الت ّّم قد كسـفا‬ ‫د ّقوا بطاســاهتم ّملـــا رأوه بدا‬
‫جلما ِل ُّيون‬ ‫الثا ِني‪ :‬ا َ‬ ‫الفص ُل َّ‬ ‫ْ‬
‫‪159‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫خاص َّي ًة‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬


‫وأقارب يف سياقات بدا فيها واضح ًا أ َّن ُه مل ْ يك ْن َي ُعدُّ ها ِّ‬ ‫ُ‬ ‫أصدقا ُء‬ ‫بين َُهم ْ‬
‫بن أمحدَ‬ ‫بن أبيِ احلر ِم ِ‬ ‫حمم ٍد ِ‬ ‫بن َّ‬ ‫حمم ٍد ِ‬ ‫بن َّ‬ ‫إبراهيم ِ‬ ‫َ‬ ‫الش ِ‬
‫يخ‬ ‫ث عن َّ‬ ‫سلبِ َّي ًة‪ ،‬إذ حتدَّ َ‬
‫ِ‬
‫اإلحسان‬ ‫كثري‬
‫اجلانب َ‬ ‫ِ‬ ‫كل لينِّ َ‬ ‫الش ِ‬ ‫(ح َس َن َّ‬ ‫كان َ‬ ‫الصبِ ْينِ ِّي املدنيِ ِّ قائالً‪ :‬إ َّن ُه َ‬ ‫َّ‬
‫إيصالِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وحيرص عىل َ‬ ‫ُ‬ ‫عيف م َن اإلخوان؛‬ ‫الض َ‬ ‫يقر ُب َّ‬ ‫لل َّطل َبة مع ِّل ًام ناصح ًا‪ِّ ...‬‬
‫املبتد ُئ الفائد َة ا َملطرو َق َة‬ ‫ِ‬ ‫وكان ر َّبام َذك ََر عندَ ُه‬ ‫َ‬ ‫ستهان‪،‬‬‫ِ‬ ‫للبليد ا ُمل‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الفائدة‬
‫حيب‬ ‫ِِ‬ ‫وكان جمَ الِ َّي ًا يف ِ‬ ‫َ‬ ‫خلاطر ِه‪،‬‬
‫ِ‬ ‫فيص ِغي إليه كأ َّن ُه مل ْ يسم ْعها جرب ًا‬
‫سائر شؤونه ُّ‬ ‫ْ‬
‫ابن‬ ‫وقال يف ِ‬ ‫حمتاج) َ‬ ‫ٍ‬ ‫لكل‬ ‫ِ‬
‫ايصال البرِ ِّ واخلري ِّ‬ ‫ِ‬ ‫وكان مثابر ًا عىل َ‬ ‫َ‬ ‫امل بال َّطب ِع‬ ‫جل َ‬ ‫ا َ‬
‫(كان ِم َن‬ ‫َ‬ ‫بش َقيرْ ٍ ‪:‬‬ ‫وف ُ‬ ‫ين ا َملعر ِ‬
‫حمب الدِّ ِ ُ‬ ‫حممد ِّ‬
‫ٍ‬
‫بن َّ‬ ‫يف ِ‬ ‫عبد ا َّللطِ ِ‬ ‫بن ِ‬ ‫حمم ٍد ِ‬ ‫عمه َّ‬
‫ِ‬
‫ِّ‬
‫واألشعار ا َّللطي َف َة؛‬ ‫ِ‬
‫إليهم بالنَّباهة‪ ...‬ويور ُد النُّكات البدي َع َة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الفضالء املشار ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬
‫ٍ‬ ‫عمر ُه ك ُّل ُه يف‬ ‫وكان مغرم ًا باجل ِ‬ ‫وحيس ُن ا ُّللغ َة الترُّ ِك َّي َة جدَّ ًا‪،‬‬
‫نشاط‬ ‫ُ‬ ‫امل ومضىَ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬
‫َ ِ‬ ‫ورسور‪ ،‬فلم ير إلاَّ مرسور ًا ِ‬
‫غالب األ َّيا ِم‪،‬‬ ‫َ‬ ‫يصو ُم‬ ‫وكان سخ َّي ًا عابد ًا؛ ُ‬ ‫متبس ًام‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫ٍ ْ َُ‬
‫غرار ذلِ َك‪ ،‬خت ُلو‬ ‫ِ‬ ‫لسان القو ِم)‪ )1(.‬وعىل‬ ‫ِ‬ ‫كثري يف‬ ‫ِ‬
‫األخرى‬ ‫َ‬ ‫املواضع‬
‫ُ‬ ‫عر ٌ‬ ‫وله ش ٌ‬
‫ونات‬ ‫اإلحياءات واملضم ِ‬ ‫ِ‬ ‫أدب الترَّ اج ِم ِم َن‬ ‫هذه العبار ُة يف ِ‬ ‫التِي ترد فيها ِ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫وح‬ ‫جلامليِ ِّ املق ُبول واملمدُ ِ‬‫ِ‬
‫احلس ا َ‬ ‫بني ِّ‬ ‫متييز املح ِّب ِّي يف الواق ِع َ‬ ‫وكان ُ‬ ‫َ‬ ‫(‪)2‬‬
‫السلبِ َّي ِة‪.‬‬ ‫َّ‬
‫أكثر منه غريب ًا ُمنكَر ًا‪ .‬وقدْ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫سيِ‬
‫كان تقليد َّي ًا َ‬ ‫املكروه واملن ِّفر؛ َ‬ ‫ُ‬ ‫وبني االهتام ِم اجلن ِّ‬ ‫َ‬
‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وأكثر ُهم تأثري ًا هو أبو حامد الغزاليِ ُّ ( ُتوفيِّ َ‬ ‫ُ‬ ‫ني‬
‫املسلم َ‬ ‫الفقهاء‬ ‫أشهر‬ ‫أصرَ َّ أحدُ‬
‫غري ُه مكان ًة ِم ْن‬ ‫فاق َ‬ ‫الذي َ‬ ‫ين) ِ‬ ‫ائد (إحيا ُء علو ِم الدِّ ِ‬ ‫سن َة ‪1111‬م) يف كتابِ ِه الر ِ‬
‫َّ‬
‫َّعليق عليه يف احلقبةِ‬ ‫َّقل عنه والت ِ‬ ‫بمذاكرته والن ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ني‬ ‫ِ‬
‫ني املعن ِّي َ‬ ‫حيث اهتام ُم الباحثِ َ‬ ‫ُ‬
‫َ‬
‫الش ِ‬ ‫استحسان اجل ِ‬ ‫ِ‬ ‫راس ِة؛ أصرَ عىل الت ِ‬
‫هوة‬ ‫وبني َّ‬ ‫َ‬ ‫امل‬ ‫َ‬ ‫بني‬
‫َّمييز َ‬ ‫َّ‬ ‫موضو ِع الدِّ َ‬ ‫ُ‬
‫يقول‪:‬‬‫حيث ُ‬ ‫جل َس ِد َّي ِة‪ُ ،‬‬ ‫ا َ‬

‫(((   املح ّب ّي‪ ،‬خالصة األثر‪.16 :4 ،42 :1 ،‬‬


‫املرادي‪ ،‬سلك‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫احلنبيل‪ ،‬درر احلبب‪68 :2 ،1033 :1 ،‬؛‬ ‫(((    انظر يف سبيل املثال‪ ،‬ابن‬
‫يت‪ ،‬عجائب اآلثار‪،170-169 :2 ،‬‬ ‫ّ‬ ‫اجلرب‬ ‫‪142‬؛‬ ‫‪:2‬‬ ‫الدّ رر‪،229-228 :4 ،‬‬
‫وكاين‪ ،‬البدر‬
‫ّ‬ ‫الكنجي‪ ،‬بلوغ املنى يف تراجم أهل الغنا‪75 ،69 ،‬؛ ّ‬
‫الش‬ ‫ّ‬ ‫‪260-259‬؛‬
‫الطالع‪.161 :2 ،‬‬
‫اإل ْسال ِم ِّي‬ ‫ال ال َع َر ِب ِّي ِ‬ ‫جل ْن ِس َّي ِة يِف ال َع مَ ِ‬ ‫َما َق ْب َل امل ِْثلِ َّي ِة ا ِ‬ ‫‪160‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫لعني اجل ِ‬ ‫مدر ِك ا ِ ِ‬ ‫كل جمَ ٍ‬


‫َ‬
‫إدراك‬ ‫امل‪َّ ،‬‬
‫ألن‬ ‫جلامل وذل َك ِ َ‬ ‫َ‬ ‫وب عندَ ِ‬ ‫ال حم ُب ٌ‬ ‫(فإن َّ‬ ‫َّ‬
‫حب‬ ‫أن َّ‬ ‫لغريها‪ ،‬وال تظنَّ َّن َّ‬ ‫لذ ُة حم ُبو َب ٌة لذاتهِ ا ال ِ‬ ‫لذ ِة‪ ،‬وا َّل َّ‬ ‫عني ا َّل َّ‬ ‫امل فيه ُ‬ ‫اجل ِ‬
‫َ‬
‫أخرى‬ ‫الشهوة َّ‬ ‫ِ‬ ‫فإن قضا َء َّ‬ ‫الشهوة‪َّ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫جلمي َلة ال ُيت ََص َّو ُر إلاَّ لقضاء َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫لذ ٌة َ‬ ‫الصور ا َ‬ ‫ُّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫فيجوز‬
‫ُ‬ ‫لذيذ‪،‬‬‫جلامل أيض ًا ٌ‬ ‫وإدراك ذات ا َ‬ ‫ُ‬ ‫جلمي َل ُة ألجلها؛‬ ‫ور ا َ‬ ‫الص ُ‬ ‫ب ُّ‬ ‫قد تحُ َ ُّ‬
‫حمبوب‬ ‫ٌ‬ ‫اجلاري‬ ‫ِ‬ ‫واخلرض ُة واملا ُء‬‫َ‬ ‫وكيف ُينْك َُر ذلِ َك‬ ‫َ‬ ‫يكون حمبوب ًا لذاتِ ِه‪،‬‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫أن‬
‫ذات الر ِ‬ ‫حظ سوى ِ‬ ‫رش َب املا ُء أو ت ُْؤك ََل اخلضرْ َ ُة أو ُي َ‬
‫ؤية؛‬ ‫ُّ‬ ‫نال منها ٌّ َ‬ ‫ال ل ُي َ‬
‫اجلاري‪...‬‬ ‫ِ‬ ‫اخلرض ُة واملا ُء‬ ‫رسول اهللِ َصلىَّ اهلل عليه وس َّل َم يعج ُب ُه‬ ‫ُ‬ ‫وقدْ َ‬
‫كان‬
‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫باستلذاذ الن ِ‬‫ِ‬ ‫ليم ُة قاض َي ٌة‬
‫واألطيار‬ ‫واألزهار‬ ‫األنوار‬ ‫َّظر إىل‬ ‫الس َ‬ ‫باع َّ‬ ‫وال ِّط ُ‬
‫لتنفرج‬‫ُ‬ ‫َ‬
‫اإلنسان‬ ‫كل؛ حتَّى َّ‬
‫إن‬ ‫الش ِ‬ ‫املتناس َب ِة َّ‬
‫ِ‬ ‫حل َسن َِة الن ِ‬
‫َّقش‬ ‫ِ‬
‫املليحة األلوان ا َ‬
‫ِ‬
‫َ‬
‫األسباب‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫حظ وراء النَّظر‪ ،‬فهذه‬ ‫ِ‬ ‫لطلب ٍّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫واهلمو ُم بالنَّظر إليها؛ ال‬ ‫الغمو ُم‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫عنه ُ‬
‫لذ ٍة‪ ،‬وال‬ ‫ال فال خي ُلو إدرا ُك ُه عن َّ‬ ‫وكل ُحس ٍن وجمَ ٍ‬
‫وب‪ْ ُّ ،‬‬ ‫وكل لذيذ حم ُب ٌ‬
‫ٍ‬ ‫ملذةٌ‪ُّ ،‬‬ ‫َّ‬
‫امل حمبوب ًا بال َّطبعِ)‪.‬‬ ‫كون اجل ِ‬
‫ينكر َ َ‬ ‫أحدَ ُ‬
‫(‪)1‬‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫املكرور ِة يف‬ ‫العفيف إحدَ ى ِ‬


‫الفك َِر‬ ‫حب اجل ِ‬
‫الفقيه‬ ‫ديوان‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫امل‬ ‫ويم ِّث ُل ُّ َ‬
‫الذي أنشدَ يف ِ‬ ‫رباوي ِ‬ ‫األزهر ِ‬
‫ِ‬
‫سبيل‬ ‫أحد املواق ِع يف‬ ‫الش ِ ِّ‬‫عبد اهللِ َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وشيخ‬ ‫املصرْ ِ ِّي‬
‫ِ‬
‫املثال‪:‬‬
‫ِ‬
‫ـــــة‬‫يعلــــماهللأنَّـــــــــــهاللِع َّل‬ ‫مليــح ولك ْن‬ ‫َ‬
‫أهـــواك يــــا‬ ‫أنـــا‬
‫ُ‬ ‫ُ‬

‫خص َل ِة‬ ‫تغضب اهللَ ُّ‬


‫كل ْ‬ ‫ُ‬ ‫اهلوى‬
‫يف َ‬ ‫تأنـــف نفسـِي‬
‫ُ‬ ‫الض ِ‬
‫مري‬ ‫عف َّ‬
‫أنـــا ُّ‬

‫فتلـــــك ِجبِ َّلــــتي‬


‫َ‬ ‫ــة ِ‬
‫نفســـي‬ ‫ع َّف ِ‬ ‫ْ‬
‫ســـــل وال َة الغـــرا ِم عنِّي وعن‬
‫ــال بذ َّل ِ‬
‫ـة‬ ‫الوص َ‬ ‫أطلـب‬ ‫احلـب وال‬ ‫ِ‬
‫مذهب‬ ‫َ‬
‫اهلوان يف‬ ‫ـت أرىض‬
‫لس ُ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ِّ‬ ‫ْ‬

‫السادة املتّقني برشح إحياء علوم الدّ ين‪:9 ،‬‬


‫بيدي‪ ،‬احتاف ّ‬‫الز ّ‬ ‫  حممد مرتىض ّ‬
‫((( ّ‬
‫الكاشاين‪ ،‬احلقائق يف حماسن األخالق‪-178 ،‬‬
‫ّ‬ ‫حممد حمسن الفيض‬‫‪(555‬هامش)؛ ّ‬
‫حممد أبو حامد الغزايل‪ ،‬إحياء علوم الدّ ين‪.1661 ،‬‬
‫حممد بن ّ‬
‫‪ّ .179‬‬
‫جلما ِل ُّيون‬ ‫الثا ِني‪ :‬ا َ‬ ‫الفص ُل َّ‬ ‫ْ‬
‫‪161‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫الح ظبـــي أهـــواه ألو ِل وه َل ِ‬


‫ــة‬ ‫ِ‬
‫مـــال ومهمـا‬‫جل‬ ‫مذهبِي‬
‫ُ َّ‬ ‫َ‬ ‫عشــق ا َ‬
‫ُ‬
‫(*)‬
‫ٌ‬

‫رباوي‪ ،‬ديوان‪.76 ،‬‬


‫ّ‬ ‫[*] ّ‬
‫الش‬

‫*****‬

‫جل َس ِد َّي ِة يف‬ ‫وبني َّ ِ‬


‫الشهوة ا َ‬ ‫امل َ‬ ‫حب اجل ِ‬
‫بني ِّ َ‬‫أخرى َ‬ ‫مر ًة َ‬‫َّعارض َّ‬
‫ويربز الت ُ‬ ‫ُ‬
‫سيِ‬
‫إسامعيل النَّابل ُّ ( ُتوفيِّ َ سن َة ‪1585‬م)‬ ‫ُ‬ ‫هيجو فيها الفقي ُه‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫األبيات التَّال َية التي ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫هيجو أحدَ‬ ‫األو ِل باالرتباط بتهمة ا ِّللواط؛ ُ‬ ‫الفص ِل َّ‬
‫ْ‬ ‫ذكر ُه يف‬
‫الذي ور َد ُ‬
‫معاصرِ ِ ِيه قائالً‪:‬‬
‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫إلـى ِ‬
‫غري ا ِّللوا َط‬ ‫ٍ‬
‫شـخص‬ ‫غري‬ ‫يِ‬
‫يميـل‬ ‫ـــــة ال‬ ‫عيل َ‬ ‫وما القاض ٌ‬
‫ُ‬
‫كحيل‬ ‫يصـــطـــا ُد ُه َط ْر ٌ‬
‫ف‬ ‫وال ْ‬ ‫يصـــــبو إلــــى قدٍّ قويـــ ٍم‬
‫فال ْ‬
‫جل ُ‬ ‫ِ‬ ‫ـــــر ويعطِـــــي‬
‫ميل‬ ‫فذل َك عنـــدَ ه ا َ‬
‫حل َســـ ُن ا َ‬ ‫بل َم ْن لــه ُد ُب‬
‫(*)‬
‫ٌ‬

‫البوريني‪ ،‬تراجم األعيان‪.71 :2 ،‬‬


‫ّ‬ ‫[*]‬

‫*****‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ليِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اإلشارة إىل‬ ‫بكثرة‬ ‫ومتتاز أدبِ َّيات هذه احلقبة ـ وهذا ج ٌّ وصرَ ٌ‬
‫يح ـ‬ ‫ُ‬
‫الفتيات‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫حيوزها الغ ُ‬
‫لامن‪ ،‬وكذل َك‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫القدود اجلَمي َلة واألطراف الكحي َلة التي ُ‬
‫بوص ِفها تقليد ًا أدبِ َّي ًا‬ ‫ِ‬
‫امر َسة ْ‬
‫ِ‬
‫واضح ًة عىل شيو ِع هذه ا ُمل َ‬
‫َ‬ ‫ويدل ذلِ َك دالل ًة‬
‫ُّ‬ ‫(‪)1‬‬

‫ُح ِل» (العيون ّ‬


‫السود)‪،‬‬ ‫السواد ال ّط ّ‬
‫بيعي ولذا يتعينّ متييزه عن «الك ْ‬ ‫َح ُل» إىل ّ‬
‫(((   يشري «ك َ‬
‫البوريني‪ ،‬رشح ديوان ابن الفارض‪112 :2 ،‬‬
‫ّ‬ ‫التي تصدق عىل عيون النّساء؛ انظر‬
‫املوصيل‪( :206 ،‬ومن حممود األوصاف يف العني‬ ‫ّ‬ ‫اجليل عىل بيت‬ ‫ّ‬ ‫؛ الرببري‪ ،‬الشرّ ح‬
‫ُحلِ‬
‫َح ُل) بالتّحريك وهو سواد يعلق خلقة بأجفان العينني ال مثل سواد الك ْ‬ ‫(الك َ‬
‫َح ِل)‪ .‬وبشأن استخدام «الكحيل» يف‬ ‫َ‬ ‫ك‬ ‫كال‬ ‫العينني‬ ‫يف‬ ‫ل‬‫ُ‬ ‫ُح‬
‫ْ‬ ‫ك‬ ‫ال‬ ‫(ليس‬ ‫قالوا‪:‬‬ ‫ولذا‬
‫ّابليس‪ ،‬غاية املطلوب‪،53 ،‬‬
‫ّ‬ ‫هز القحوف‪157 ،‬؛ الن‬ ‫بيني‪ّ ،‬‬
‫ّ‬ ‫الذكور‪ ،‬انظر الشرّ‬ ‫وصف ّ‬
‫السائرة‪.125 :3 ،‬‬ ‫ّ‬ ‫الكواكب‬ ‫الغز ّي‪،‬‬
‫ّ‬
‫اإل ْسال ِم ِّي‬ ‫ال ال َع َر ِب ِّي ِ‬ ‫جل ْن ِس َّي ِة يِف ال َع مَ ِ‬ ‫َما َق ْب َل امل ِْثلِ َّي ِة ا ِ‬ ‫‪162‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫لواط األفرا َد‬ ‫مألوف ًا‪ .‬وبناء عىل ذلِ َك‪ ،‬ال تدين ال َق ِصيدَ ُة يف حديثِها عن ا ِّل ِ‬
‫ُ‬ ‫ً‬
‫كليهام‪ ،‬بل إنهَّ ا‬ ‫اجلنسني ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫جل َسد َّية يف‬ ‫ِ‬ ‫اخلص ِ‬ ‫ِ‬ ‫الذي َن ينجذ ُب َ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫ائص ا َ‬ ‫َ‬ ‫ون إىل هذه‬
‫الفئة؛ وقدْ‬ ‫ِ‬ ‫ينتمي إىل ِ‬
‫هذه‬ ‫ُّك ِه وشب ِق ِه‪ ،‬ال ِ‬ ‫بسبب هتت ِ‬ ‫ِ‬ ‫القاض عل َّي ًا‬ ‫يِ‬ ‫تؤ َّكدُ َّ‬
‫أن‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫لواط عن افتتانهِ ِم وإعجابهِ ِم بأ ْم َر َد‬ ‫إدانة ا ِّل ِ‬ ‫ون يف ِ‬ ‫الذي َن ال يرت َّد ُد َ‬ ‫يع الفقهاء ِ‬
‫ُ‬ ‫برِّ ُ‬
‫ِ‬
‫سبيل املثال أحدَ اجلنود املأجوري َن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫أدان الفقي ُه َح َس ُن البورين ُّي يف‬ ‫معينَّ ‪ ،‬إذ َ‬ ‫ٍ‬
‫عمل‬ ‫ون َ‬ ‫بالكلامت اآلت َي ِة‪( :‬وأغل ُب ُهم يعم ُل َ‬ ‫ِ‬ ‫عساكر السكبان‬ ‫ِ‬ ‫‪ /‬املرتز َق ِة ِم ْن‬
‫وأنكر بشدَّ ٍة اإلشاع َة التِي‬ ‫َ‬
‫ٍ‬
‫هبوط)‬ ‫دركات جهن ََّم يف‬ ‫ِ‬ ‫لوط‪ ،‬ال زا ُلوا يف‬ ‫قو ِم ٍ‬
‫س‬ ‫بكر مفتِي القدْ ِ‬ ‫ٍ‬ ‫بن أبيِ‬ ‫جار اهللِ ِ‬ ‫يخ ِ‬ ‫[الش ِ‬ ‫أحد معارفِ ِه َّ‬ ‫تناق َلها النَّاس عن ِ‬
‫ُ‬
‫َّ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِم ْن أ َّن ُه ُ‬
‫ولعل‬ ‫حيحة‪،‬‬ ‫بص َ‬ ‫[وليس ْت التُّهم ُة َ‬ ‫َ‬ ‫ني‬
‫(الذكران م َن العامل َ‬ ‫يميل إىل ُّ‬
‫تعبري ور َد‬ ‫والفضيح ُة]) وهو‬ ‫الفاحش ُة‬ ‫َ‬ ‫تشيع‬ ‫أن‬‫ون ْ‬ ‫الذي َن حي ُّب َ‬ ‫َّاقل هلا ِمن ِ‬ ‫الن َ‬
‫ٌ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ٍ (‪)1‬‬ ‫ِ‬
‫أن البورينِ َّي‬ ‫نلحظ َّ‬ ‫ُ‬ ‫الرغ ِم ِم ْن ذلِ َك‪،‬‬ ‫وصف قو ِم لوط‪ .‬وعىل ُّ‬ ‫يف القرآن يف ْ‬
‫ِ‬
‫باب‬ ‫الش ِ‬ ‫بعض ِم َن َّ‬ ‫ٍ‬ ‫مواضع ِم ْن ترمجتِ ِه يف جمَ ِ‬
‫ال‬ ‫َ‬ ‫َّظر يف عدَّ ِة‬ ‫وأطال الن َ‬ ‫َ‬ ‫قد تأ َّم َل‬
‫تتناثر‬
‫ُ‬ ‫ال هب َّي ًا؛‬ ‫غصن ًا رو َّي ًا وبدر ًا كام ً‬ ‫وق ْ‬ ‫املعش ُ‬ ‫كان ُ‬ ‫(ولعمري لقدْ َ‬ ‫ِ‬ ‫وفتنتِ ِه هبِم‪:‬‬
‫جلماَّ ُل‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫غص ِن قدِّ ِه‪ ،‬كام‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫(وكان ا َ‬ ‫اخلريف‪)...‬‬ ‫أوراق‬ ‫تتناثر‬
‫ُ‬ ‫القلوب م ْن أطراف ْ‬ ‫ُ‬
‫ياض عندَ ما يتجلىَّ‬ ‫والر َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫األقامر بأنواره ِّ‬ ‫َ‬ ‫يبهر‬
‫جلامل الذي ُ‬ ‫احب ا َ‬ ‫ُور َص َ‬ ‫املذك ُ‬
‫اسم ُه‬ ‫ٍ‬ ‫وقال البورينِي يف وص ِ‬ ‫بنو ِار ِه ُح ْسن ًا وجمَ االً ولطف ًا وكامالً) َ‬
‫شخص ُ‬ ‫ف‬ ‫ْ‬ ‫ُّ‬ ‫َّ‬
‫أربع‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫(كان جمَ ي ً‬ ‫َ‬ ‫إبراهيم َّ‬
‫الكامل يف ليلة َ‬ ‫بحيث إ َّن ُه كالبدر‬ ‫ال إىل الغاية‬ ‫اطر‪:‬‬ ‫الش ُ‬ ‫ُ‬
‫شامة لشامةٍ‬ ‫ٍ‬ ‫وكان ُيكنَّى أبا‬ ‫َ‬ ‫طيب‪،‬‬ ‫الر َ‬ ‫الغص َن َّ‬ ‫ْ‬ ‫يفضح‬
‫ُ‬ ‫عشرْ َ ةَ‪ ،‬وأ َّما قدُّ ُه فإ َّن ُه‬
‫ون ـ‬ ‫لامن) مل ْ يك ْن املؤ ِّل ُف َ‬ ‫الغ ِ‬ ‫يل إىل ِ‬ ‫األيرس)‪ )2(.‬وخالف ًا لـ (ا َمل ِ‬ ‫ِ‬ ‫كبري ٍة يف خدِّ ِه‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫جلامل َّيني التي‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫بنحو عا ٍّم ـ يص ُف َ‬‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫اإلعجاب واالفتتان ا َ‬ ‫ون هذه التَّعبريات عن‬
‫املستحسن َِة؛ ومل ْ يك ْن‬ ‫َ‬ ‫باملذموم ِة أو ِ‬
‫غري‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫احلقبة‬ ‫تلك‬ ‫ات َ‬ ‫َت شائع ًة يف أدبِي ِ‬
‫َّ‬ ‫َ‬ ‫كان ْ‬
‫واملؤر َخ احللبِ َّي أمحدَ ب َن امللاَّ ( ُتوفيِّ َ سن َة ‪1595/1594‬م)‬ ‫ِّ‬ ‫خيالج الفقي َه‬ ‫ُ‬
‫َّعبري عن شدَّ ةِ‬ ‫مري يف الت ِ‬ ‫الض ِ‬ ‫وخز َّ‬ ‫إحساس داخ ٍّ بالنَّد ِم أو ْ‬ ‫ليِ‬ ‫ٍ‬ ‫أي‬‫عىل ما يبدُ و ُّ‬

‫  البوريني‪ ،‬تراجم األعيان‪.128-127 :2 ،254 :2 ،‬‬


‫ّ‬ ‫(((‬
‫  البوريني‪.241 :2 ،3 :1 ،125 :1 ،‬‬
‫ّ‬ ‫(((‬
‫جلما ِل ُّيون‬ ‫الثا ِني‪ :‬ا َ‬ ‫الفص ُل َّ‬ ‫ْ‬
‫‪163‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ِ‬ ‫جماور ٍة‬ ‫بصبِ ٍّي توا َف َق ْت رؤي ُت ُه له يف منط َق ٍة‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬
‫شيزر‪َ ،‬‬
‫وقال‬ ‫َ‬ ‫ملدينة‬ ‫َ‬ ‫إعجابِه وافتتانه َ‬
‫ِ‬
‫الغزالن نافر ًا وشادن ًا‬ ‫شيزر غزاالً َ‬
‫بني‬ ‫ِ‬
‫بعريض‬ ‫(ملح ُت‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِِ‬
‫َ‬ ‫الروم َّية‪ْ :‬‬ ‫يف رحلته ُّ‬
‫بدر يف‬‫أسفر عن ٍ‬ ‫َ‬ ‫بني جفن ْي ِه كارس ًا ومليح ًا‬ ‫الذي َ‬ ‫طار نحوه قلبِي‪ )1(،‬فأل َفى ِ‬
‫َ َُ‬
‫ِذم ٌة ِمن ُخر ِد النِّساءِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫متام ِه‪،‬‬
‫ِ‬
‫وابتسم عن ثنايا كأنهَّ ا الدُّ ُّر يف انتظامه يتب ُع ُه شرِْ َ ْ ْ‬ ‫َ‬
‫َ‬
‫[وقال منشد ًا]‪:‬‬ ‫الو ِ‬
‫لدان؛‬ ‫وهو ِم َن ِ‬ ‫ان(‪ )2‬وهو‬ ‫احلس ِ‬ ‫ِ‬
‫احلور َ‬‫ُ‬ ‫يلعب بين َُه َّن كأنهَّ ُ َّن‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫غضيض‬ ‫ٍ‬
‫جفن‬ ‫بحســــا ٍم ِم ْن حـدِّ‬ ‫غرير‬
‫ٌ‬ ‫ِ‬
‫بالعريـض ظ ْب ٌي‬ ‫َصـــا َدنيِ‬

‫(*)‬ ‫ِ‬
‫العريض‬ ‫القلب يف ال َّط ِ‬
‫ـويل‬ ‫َ‬ ‫أوقع‬
‫َ‬ ‫بأســـــمرقد‬
‫َ‬ ‫ثــم َّملــــاانثنـــــى‬
‫َّ‬

‫[*] منقول يف املح ّب ّي‪ ،‬خالصة األثر‪.082 :1 ،‬‬


‫لغوي‪ :‬الغرير‪ :‬ذو اخللق احلسن‪ .‬ال ّطويل من ِّ‬
‫الشعر جنس من بحوره‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫املقوم ا ّل‬
‫إضافة ّ‬
‫إن قوله‪ :‬أوقع القلب يف ال ّطويل العريض أي يف الكثري من املحن واآلالم وغريها‪.‬‬
‫غري ّ‬
‫وقول العرب عن يشء‪ :‬هو طويل عريض‪ .‬لوصفه بالكثرة الكاثرة؛ فوضعوا العريض‬
‫ألن كلاّ من ال ّطول والعرض مقدار؛ وإطالق العريض عىل ال ّطويل من‬
‫موضع الكثري ّ‬
‫األضداد‪.‬‬
‫*****‬
‫درويش ال َّط ِ‬
‫الو ُّي ( ُتوفيِّ َ سن َة‬ ‫الشاعر الدِّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫مشق ُّي‬ ‫غرار امللاَّ ‪ ،‬مل ْ يبد َّ ُ‬ ‫وعىل‬
‫دقائ ِه يف ٍ‬
‫نزهة‬ ‫عدد ِمن أص ِ‬ ‫كان يراف ُقه مع ٍ‬ ‫مدح ِه شا َّب ًا َ‬
‫ظ يف ِ‬ ‫‪1606‬م) أي حت ُّف ٍ‬
‫ْ ْ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬
‫ِ‬
‫الشباب مع‬ ‫بدمشق يو ٌم كأ َّيا ِم َّ‬
‫َ‬ ‫(ومر يل‬ ‫بدمشق‪:‬‬
‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫إىل إحدَ ى احلدائق املحي َطة‬
‫َّ‬
‫ني‪ ...‬وم َعنا‬ ‫روضة ح َّف ْت بأنوا ِع الر ِ‬
‫ياح ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ظل‬ ‫حاب يف ِّ‬ ‫األص ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ ِ‬
‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫بعض م ْن أدباء ْ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َّبي‪،‬‬
‫سمى َع ْبدَ الن ِّ‬ ‫وصباحة اخلدِّ ُحبِ َي‪ُ ،‬ي َّ‬ ‫باب برشاقة القدِّ َ‬ ‫الش ِ‬ ‫شاب مقتبِ ُل َّ‬
‫ٌ‬
‫(((   الشادن‪ :‬تقول‪ :‬شدن ال َّظبي ـُ ُشدُ ون ًا‪ :‬ترعرع واستغنَى عن ُأمه‪ .‬فهو ِ‬
‫شادن‪(.‬‬ ‫َ‬ ‫ِّ‬ ‫ُْ‬
‫الش ِ‬
‫اد ُن )‪ :‬ولدُ‬ ‫َت ) الظبي ُة ونحوها‪ :‬شدَ ن ولدُ ها فهي م ْش ِدن‪ ( .‬ج ) م ِ‬
‫شادن‪َّ (.‬‬ ‫َأ ْشدَ ن ِ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫لغوي)‪.‬‬ ‫(املقوم ا ّل‬ ‫ِ‬
‫ال َّظ ْبية‪ ( .‬ج ) َشواد ُن‪..‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫واخل ُّر ُد‪ :‬مجع خريدة وهي ا ّللؤلؤة التي ْمل‬
‫واخل ُر ُد ُ‬‫واخل ْر ُد ُ‬ ‫(((   الشرّ ذمة‪ :‬اجلامعة القليلة‪ُ .‬‬
‫لغوي)‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ل‬ ‫ا‬ ‫م‬ ‫(املقو‬
‫ّ‬ ‫‪.‬‬‫س‬ ‫تمُ‬
‫ْ َّ‬ ‫مل‬ ‫التي‬ ‫ُت ْث َقب‪ ،‬وكذا الفتاة العذراء‬
‫اإل ْسال ِم ِّي‬ ‫ال ال َع َر ِب ِّي ِ‬ ‫جل ْن ِس َّي ِة يِف ال َع مَ ِ‬ ‫َما َق ْب َل امل ِْثلِ َّي ِة ا ِ‬ ‫‪164‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ِ‬
‫بأرض‬ ‫بياضها أسو ُد خالِ ِه‪ ،‬وذلِ َك‬
‫وح َّس َن َ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬
‫رز بقانيِ وجن َت ْيه ُف َّل َة جمَ اله‪َ ،‬‬‫قد َط َ‬
‫ِ‬ ‫دمشق املشه ِ‬ ‫متنز ِ‬ ‫َّريب(‪ِ )1‬م ْن َّ‬
‫الن ِ‬
‫ورةً)‪.‬‬
‫معم َ‬‫برح ْت با َّللذات ُ‬‫ورة‪ ،‬ال َ‬
‫ُ َ‬ ‫َ‬ ‫هات‬
‫(‪)2‬‬

‫الذي قضىَ‬‫ويدي ( ُتوفيِّ سن َة ‪1761‬م) ِ‬ ‫العراقي عبدُ اهللِ الس ِ‬ ‫ِ‬ ‫وذكر الفقي ُه‬
‫َ‬ ‫ُّ‬ ‫ُّ‬ ‫ُّ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫بعض ًا ِم َن الوقت يف‬
‫ِ‬
‫حممدُ أثنا َء‬ ‫دمشق يف طريقه إىل م َّك َة؛ أ َّن ُه ع َّل َم طالب ًا ُ‬
‫اسم ُه َّ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫الفقيه ح َّق ًا وبات ِ‬ ‫الذي عش َقه أحدُ أص ِ‬ ‫الشاب ِ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫إقامتِ ِه يف‬
‫ِّفاق‬ ‫دقاء‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫وكان َّ ُ‬ ‫املدينة‪،‬‬
‫املدينة؛ كام يتبينَّ ُ يف املقط ِع اآلتيِ ‪( :‬له‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫شباب‬ ‫األكثر فتن ًة ووسام ًة بني‬ ‫اجلمي ِع‬
‫َ‬
‫أحس َن منه‪ ،‬وهو فريدُ اجل ِ‬ ‫وقع ِ‬
‫امل يف‬ ‫َ‬ ‫نظري عىل ْ َ‬ ‫مبهر‪ ،‬ما َ‬ ‫زاهر‪ ،‬وجمَ ٌال ٌ‬ ‫محُ َ َّي ًا ٌ‬
‫َّهار‪...‬‬‫مس يف راب َع ِة الن ِ‬
‫الش ِ‬ ‫اشتهار َّ‬
‫َ‬ ‫مشهور‬
‫ٌ‬ ‫ِ‬
‫األقطار‬ ‫أن ُح ْس َن َ‬
‫تلك‬ ‫دمشق مع َّ‬ ‫َ‬
‫ِ ِ (‪)3‬‬ ‫هذه الص ِ‬ ‫الذي خل َقه وصوره يف ِ‬ ‫فسبحان اهللِ ِ‬
‫َ‬
‫ورة البه َّية)‪.‬‬ ‫ُّ‬ ‫ُ َ َّ َ ُ‬
‫الغ ِ‬
‫لامن) و (ا َمل ِ‬
‫يل إىل‬ ‫يل إىل ِ‬ ‫بني (ا َمل ِ‬‫لوك الفعليِ ِّ َ‬
‫الفرق يف الس ِ‬
‫َ‬ ‫ومل ْ يك ْن‬
‫ُّ‬
‫الن يف املعتاد‪ِ،‬‬
‫َني كانَتا مت ِّث ِ‬
‫امر َست ِ‬ ‫ِ‬ ‫ا ِ‬
‫أن ا ُمل َ‬
‫ورة كبري ًا‪ ،‬ويبدُ و واضح ًا َّ‬ ‫جلامل) بالضرَّ َ‬
‫َ‬

‫«الشوق» إىل الكتابة عن منتزه «النّريب» حيث مسقط رأيس‬ ‫(((   يدفعني الفضول كام ّ‬
‫وذكريات طفولتي!‪:‬‬
‫يب وكالمها يمتدّ ان غرب ربوة دمشق فيام‬ ‫رشقي وغر ّ‬ ‫ّ‬ ‫تقسم أرض النّريب إىل قسمني‬
‫املطل عىل دمشق‪.‬‬ ‫يب جلبل قاسيون ّ‬ ‫ّ‬ ‫الغر‬ ‫فح‬ ‫الس‬
‫ّ‬ ‫يف‬ ‫ترشين)‬ ‫يعرف اليوم باسم (حديقة‬
‫األول فهو النّريب األعىل وهي البساتني الواقعة بني فرعي هنر بردى هنر‬ ‫أ ّما القسم ّ‬
‫«تورا» و هنر «يزيد» والقسم ال ّثاين هو النّريب األسفل‪ ،‬وهو البساتني الواقعة بني هنر‬
‫«تورا» وهنر «بردى»‪ .‬وقد أطلق عىل تلك البساتني أسامء خمتلفة من مثل (األ ّياسة)‬
‫السفارة األملان ّية بدمشق‪،‬‬ ‫وهو البستان الواقع عند جرس األ ّياسة عىل هنر «تورا» قرب ّ‬
‫وقد أزيل اجلرس عند إنشاء األبنية أواسط سبعين ّيات القرن املايض (تنظيم غرب‬
‫بي‪ ،‬وبستان الدّ ّواسة‪،‬‬ ‫الشح َط ّ‬‫املالكي) وبستان الدّ هشة‪ ،‬وبستان العيش‪ ،‬وبستان ّ‬ ‫ّ‬
‫وبستان العيش واملقلب واجلنينة‪ ...‬الخ‪ ،‬ومل يبق من اآلثار التي كانت يف النّريب‬
‫سوى القنطرة احلجر ّية عىل هنر «تورا» ومقام مريم جنوب غرب احلديقة؛ وأرجح‬
‫الس ّيدة مريم العذراء وابنها‬ ‫األقوال يف هذا املقام أنّه املكان الذي ذكره اهلل تعاىل عن ّ‬
‫السيد املسيح عليهام السالم‪( :‬وجع ْلنَا ابن مريم و ُأمه آي ًة وآوينَاهمُ ا إِلىَ ربو ٍة َذ ِ‬
‫ات َق َر ٍار‬ ‫ََْ‬ ‫َ َ َ ْ َ َ ْ َ َ َ َّ ُ َ َ َ ْ َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ ّ‬
‫لغوي)‪.‬‬
‫ّ‬ ‫(املقوم ا ّل‬
‫ّ‬ ‫ني‪ .‬سورة املؤمنون «‪)»50‬‬ ‫َو َم ِع ٍ‬
‫الوي‪ ،‬سانحات دمى القرص‪.165 :1 ،‬‬ ‫(((   ال ّط ّ‬
‫الصفحة ‪143‬أ‪.‬‬ ‫ويدي‪ ،‬النّفحة املسك ّية‪ّ ،‬‬
‫ّ‬ ‫  الس‬
‫((( ّ‬
‫جلما ِل ُّيون‬ ‫الثا ِني‪ :‬ا َ‬ ‫الفص ُل َّ‬ ‫ْ‬
‫‪165‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫العراق ُّي عبدُ‬ ‫نص َح الفقي ُه‬ ‫السلوك ِّي ذاته‪ .‬وقدْ َ‬ ‫لوصف النَّمط ُّ‬ ‫أساليب متبا َد َل ًة ْ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫السويد ُّي ( ُتوفيِّ َ سن َة ‪1786‬م) اب ُن الفقيه عبد اهللِ املذكور يف املقط ِع‬ ‫ِ‬ ‫الر ِ‬
‫محن ُّ‬ ‫َّ‬
‫بالغلامنِ‬ ‫غرموا ِ‬ ‫الذي َن ُأ ُِ‬ ‫ني ِ‬ ‫ِ‬
‫اق العذر ِّي َ‬ ‫العش َ‬ ‫نص َح َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫سبيل املثال‪َ ...‬‬ ‫السابق يف‬ ‫َّ‬
‫ِ‬ ‫لهِ‬
‫ِ‬
‫أن حيج ُموا عن التَّباهي برغبا ِم وميو م خماف َة ْ‬ ‫تهِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫املِ ِ‬
‫الرقبا ُء‬ ‫أن يص َف ُهم ُّ‬ ‫الح ْ‬
‫َّاس‬ ‫اف منتقد ًا بعض ًا ِم َن الن ِ‬ ‫وأض َ‬ ‫ني) َ‬ ‫األقل تعاطف ًا بـ (ا ِّللواطِ ِّي َ‬ ‫ُّ‬ ‫ون‬‫املحاف ُظ َ‬
‫الرغ ِم ممَّا‬ ‫رت َ‬ ‫ِ‬ ‫ون رج ً ِ‬ ‫الذي َن سم َع ُهم يغتا ُب َ‬ ‫ِ‬
‫ون عليه عىل ُّ‬ ‫ال م ْن طالبي العل ِم ويف ُ‬
‫القول‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫كان معتاد ًا عىل‬ ‫هد؛ وير ُمو َن ُه با ِّللوا َط ِة‪ ،‬أل َّن ُه َ‬ ‫والز ِ‬‫ف عنه ِم َن الور ِع ُّ‬ ‫ُع ِر َ‬
‫الوسيم])‪.‬‬ ‫اب‬ ‫بالغزال هنا‪َّ ،‬‬
‫الش ُّ‬ ‫ِ‬ ‫[املقصو ُد‬ ‫َ‬
‫الغزال‬ ‫وأعشق‬ ‫جل َ‬
‫امل‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫(أحب ا َ‬ ‫ُّ‬
‫ف اثنان م َن الوجهاء ا َّللذي َن شا َع ْت عالقاتهُ ُم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫السياق ذاته‪ُ ،‬وص َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ويف ِّ‬
‫(‪)1‬‬

‫العمل الترَّ امجِ ِّي‬ ‫ِ‬ ‫َّحو اآلتيِ يف‬ ‫ص‪ُ ،‬و ِصفا عىل الن ِ‬ ‫القص ِ‬ ‫الكثري م َن َ‬
‫ِ ِ‬ ‫ا ِّللواطِ َّي ُة يف‬
‫َ‬
‫(كان‬ ‫العرض ( ُتوفيِّ َ سن َة ‪1660‬م)‪:‬‬ ‫يِ‬ ‫الذي أ َّل َف ُه الفقي ُه احللبِ ُّي أبو الوفا‬ ‫ِ‬
‫ُّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫نن‪،‬‬ ‫الس ِ‬ ‫‪،‬أصمع َّي النَّجابة‪ ،‬رسوج َّي ُّ‬ ‫الصبابة ْ‬ ‫عذر َّي َّ‬ ‫ِ‬ ‫اعر أمحدُ العناياتيِ ُّ‬ ‫الش ُ‬ ‫َّ‬
‫نيِ‬ ‫إبراهيم ب ُن أبيِ ال ُي ِ‬ ‫وجه َح َس ٍن) أ َّما‬ ‫ٍ‬ ‫أشعبِ َّي ال َّطم ِع يف ِّ‬
‫من البرتو ُّ‬ ‫ُ‬ ‫كل ذي‬
‫َّخذ‬ ‫كان مم َّ ْن يت ُ‬ ‫العرض‪ ،‬فقدْ َ‬ ‫يِ‬ ‫تالميذ ِ‬
‫والد‬ ‫ِ‬ ‫( ُتوفيِّ َ سن َة ‪1643-1642‬م) أحدُ‬
‫ِّ‬

‫الصفحة‪113 ،‬أ‪ .‬هذا العمل القصري‬ ‫ويدي‪ ،‬رسالة يف املح ّبة‪ّ ،‬‬
‫ّ‬ ‫الس‬
‫الرمحن ّ‬ ‫(((   عبد ّ‬
‫تضم بضعة أعامل أخرى يف مكتبة جامعة كامربج‪ .‬وقد أخطأ‬ ‫ّ‬ ‫خمطوطة‬ ‫يف‬ ‫ن‬ ‫متضم‬
‫ّ‬
‫أي جي براون (‪ )E. G. Browne‬حينام حدّ د تاريخ املخطوطة يف الفهرس الذي‬
‫أعدّ ه‪ ،‬بعام ‪( 1603‬قائمة إضاف ّية‪ .)113-112 ،‬وال يمكن أن يكون هذا صحيحا‪،‬‬
‫ّابليس (توفيّ سن َة ‪ )1731‬يف صفحة ‪101‬أ‪ ،‬وحممود‬ ‫ّ‬ ‫الغني الن‬
‫ّ‬ ‫لورود اسم عبد‬
‫األلويس (توفيّ سن َة ‪ )1854‬يف صفحة ‪129‬ب‪ .،‬وحدّ د براون اسم صاحب العمل‬ ‫ّ‬
‫ويدي‪ .‬وأرى‬ ‫ّ‬ ‫الس‬
‫الرمحن) ابن أيب الربكات‪ ،‬عبد اهلل ّ‬ ‫‪ /‬املقامة بـ (أيب اخلري عبد ّ‬
‫ويدي) (توفيّ‬
‫ّ‬ ‫الس‬
‫الرمحن ّ‬‫العراقي (عبد ّ‬
‫ّ‬ ‫أن املقصود بأيب اخلري هنا هو الفقيه‬ ‫جازما ّ‬
‫سن َة ‪ )1786‬الذي كان يعرف بـ (أيب اخلري) وكان والده عبد اهلل (توفيّ سن َة ‪)1761‬‬
‫اآللويس‪ ،‬املسك األذفر يف رشح مزايا‬
‫ّ‬ ‫يعرف بـ (أيب الربكات) (انظر حممود شكري‬
‫القرنني ال ّثاين عرش وال ّثالث عرش‪ 125 ،‬وما يليها‪ ،‬و‪ 131‬وما يليها)‪ .‬وأخطأ براون‬
‫ويدي هو مؤ ّلف العمل وقد أهداه إىل‬ ‫ّ‬ ‫الس‬
‫الرمحن ّ‬ ‫إن أخا عبد ّ‬ ‫كذلك حينام قال‪ّ :‬‬
‫ويدي العمل بطلب (من أحد إخوته وكان بني معارصيه) (صفحة‬ ‫ّ‬ ‫الس‬
‫أخيه‪ .‬كتب ّ‬
‫‪101‬ب‪-102‬أ)‪.‬‬
‫اإل ْسال ِم ِّي‬ ‫ال ال َع َر ِب ِّي ِ‬ ‫جل ْن ِس َّي ِة يِف ال َع مَ ِ‬ ‫َما َق ْب َل امل ِْثلِ َّي ِة ا ِ‬ ‫‪166‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(الغرام ِّي)(‪ )1‬وعىل ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫امل مذهب ًا َ‬ ‫جل َ‬


‫وفق‬ ‫ب بـ‬ ‫وكان ُيل َّق ُ‬ ‫َ‬ ‫مرشب ًا)‬ ‫وبذل العطاء َ‬ ‫(ا َ‬
‫استعامل املفرد ِ‬ ‫ِ‬ ‫تكشف عنه ِ‬
‫ات‬ ‫ِ َ َ‬ ‫َّحو ِل يف‬
‫فإن الغاي َة م ْن هذا الت ُّ‬ ‫املقاطع‪َّ ،‬‬‫ُ‬ ‫هذه‬ ‫ُ‬ ‫ما‬
‫لامن) ْ‬ ‫الغ ِ‬ ‫يميل إىل ِ‬ ‫املقرتن َِة بـ (أ َّن ُه ُ‬ ‫ِ‬ ‫السلبِ َّي ِة‬ ‫ِ‬ ‫ُ ِ‬ ‫ِه َي الت‬
‫إن مل ْ‬ ‫َّخفيف م َن االحياءات َّ‬
‫احلاالت املواز َي ِة‬ ‫ِ‬ ‫الكثري ِم َن‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫اليوم َّي ُة‬ ‫القضا َء عليها ك ِّل َّي ًا‪ .‬وتو ِّف ُر لنا احليا ُة‬ ‫يك ْن َ‬
‫مواز يف‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫تباين‬ ‫الكشف عن‬ ‫ِ‬ ‫لوك ذاتِ ِه يف‬ ‫ف الس ِ‬ ‫أسهم فيها التَّباين يف وص ِ‬
‫ُّ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫نحو فعْليَ‬ ‫ال أثنا َء تناولنا التَّباي َن َ‬ ‫السابق مث ً‬ ‫الفص ِل َّ‬ ‫التَّقييامت‪ .‬وقدْ أور ْدنا يف ْ‬
‫الكشف‬‫ِ‬ ‫كليهام يف‬ ‫ني ِ‬ ‫االلتباس ال َّثقافيِ ُّ يف احلا َل ِ‬ ‫أسهم‬ ‫لواط) إذ‬‫يت) و (ا ِّل ِ‬ ‫(التَّثبِ ِ‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫حال ِم َن الن ِ‬
‫ُّفور‬ ‫فثم َة ٌ‬ ‫املجتمعِ؛ َّ‬ ‫َ‬ ‫ومتعارض ٍة كمونِ َّي ًا يف‬ ‫َ‬ ‫متناقض ٍة‬
‫َ‬ ‫عن شيو ِع ُم ُث ٍل‬
‫بعض ِم َن ا ُمل ُث ِل‬ ‫ٍ‬ ‫وبني‬
‫امل) َ‬ ‫جل َ‬ ‫حيب ا َ‬ ‫تكشف عنه عبار ُة (إ َّن ُه ُّ‬ ‫ُ‬ ‫الذي‬ ‫لوك ِ‬ ‫بني الس ِ‬
‫َ ُّ‬
‫ثم َة إملاع ٌة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫والز ِ‬ ‫الشائ َع ِة ِ‬ ‫والق َي ِم َّ‬ ‫ِ‬
‫والوقار‪ .‬وزياد ًة عىل ذل َك‪َّ ،‬‬ ‫هد‬ ‫َّقوى ُّ‬ ‫مثل الت َ‬
‫ويص ُفو َن ُه‬ ‫بني م ٍن يستحسنُو َنه بعام ٍة ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ُ َّ‬ ‫اجلانب وإدراكه حتَّى َ َ‬ ‫معرفة هذا‬ ‫إىل‬
‫باخلاص َّي ِة اإلجيابِ َّي ِة‪.‬‬ ‫ِّ‬
‫عري ِة وأدبِي ِ‬ ‫امل يف ا ُملق َت َط ِ‬
‫ويقرتن السعي وراء اجل ِ‬
‫ات الترَّ اج ِم ـ‬ ‫َّ‬ ‫الش ِ َّ‬
‫فات ِّ‬ ‫َ َ‬ ‫ُ َّ ُ‬
‫ِ‬ ‫بوص ِف ِه مذكِّر ًا‬ ‫الش ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫باملوت‬ ‫املشيب فع َل ُه ْ‬
‫ُ‬ ‫أن َ‬
‫يفعل‬ ‫قبل ْ‬‫باب َ‬ ‫بمرحلة َّ‬ ‫تقليد َّي ًا ـ‬
‫جلاملِ َّي ُة‬ ‫ِ‬
‫َت احلساس َية ا َ‬ ‫آخ َر‪ ،‬كان ْ‬ ‫ٍ‬
‫جانب َ‬ ‫وم ْن‬‫جانب‪ِ ،‬‬
‫ٍ‬ ‫احلساب‪ )2(،‬هذا ِم ْن‬
‫ِ‬ ‫ويو ِم‬
‫الذهب‪.233 ،121-120 ،‬‬ ‫  العريض‪ ،‬معادن ّ‬ ‫ّ‬ ‫(((‬
‫الشيخوخة واملشيب ا ّللذين يعدّ ان إيذانا بنهاية مرحلة‬‫(((   لالستزادة بشأن موضوع ّ‬
‫عشق اجلامل‪ ،‬انظر املح ّب ّي‪ ،‬خالصة األثر‪( 53 :2 ،‬وممّا وقفت عليه يف آثاره هذه‬
‫موشحة بعتابه يذكّره تراضع‬ ‫الرسالة جوابا عن رسالة أرسلها إليه بعض أحبابه ّ‬ ‫ّ‬
‫الكاس يف أ ّيام اإليناس فأجابه بقوله‪:‬‬
‫يزدمحــان‬ ‫األجفان‬ ‫يف‬ ‫دمعان‬ ‫مضت ّ‬
‫الشبيبة واحلبيبة فانربى‬
‫بمودعيـــــن وليس يل قلبـــان‬ ‫ما أنصفتني احلادثات رميننــي‬
‫وأ ّما ما أرشتم إليه بام قال أبو ّنواس والعمل بقوله يف ارتضاع الكاس فمقبول‬
‫الشباب آهلة وأوقات اهلوى لصفاء العيش قابلة‪ ،‬ولكن بعد نزول‬ ‫لو كانت منازل ّ‬
‫الشيب واإلنذار من عامل الغيب‪ ،‬ال جمال ملصافحة بنت الدّ نان ولو أنهّ ا بمشافهة‬‫ّ‬
‫الرحيانة‪200 :4 ،‬؛‬ ‫والسنان) (املرتمجة)؛ ‪388-387‬؛ املح ّب ّي‪ ،‬نفحة ّ‬
‫ّ‬ ‫الصفاح‬
‫ّ‬
‫املرادي‪،‬‬
‫ّ‬ ‫‪175‬؛‬ ‫‪:1‬‬ ‫األلبا‪،‬‬ ‫رحيانة‬ ‫‪،‬‬ ‫اخلفاجي‬
‫ّ‬ ‫‪554‬؛‬ ‫العرص‪،‬‬ ‫سالفة‬ ‫معصوم‪،‬‬ ‫ابن‬
‫جلما ِل ُّيون‬ ‫الثا ِني‪ :‬ا َ‬ ‫الفص ُل َّ‬ ‫ْ‬
‫‪167‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫واضح ًا‬ ‫ثل ِ‬ ‫هذه ا ُمل ِ‬ ‫وكان تأثري ِ‬ ‫َ‬ ‫ثل و ُتت ََض َّم ُن فيها‪،‬‬ ‫جممو َع ٍة ِم َن ا ُمل ِ‬
‫ُ‬ ‫تتداخل مع ُ‬
‫تراجم أ ْم أعامالً‬ ‫َ‬ ‫احلقبة التِي َض َّم ْت ـ سوا ٌء أكان ْ‬
‫َت‬ ‫ِ‬ ‫كتابات ِ‬
‫هذه‬ ‫ِ‬ ‫للغاية يف‬ ‫ِ‬
‫مثل ( َطبعٍ‪،‬‬ ‫الفرد املعنِ ِّي ِم ْن ِ‬ ‫ِ‬ ‫شخص َّي ِة‬ ‫ِ‬ ‫تكشف عن‬ ‫ُ‬ ‫ٍ‬
‫وثناء‬ ‫عبارات ٍ‬
‫مدح‬ ‫ِ‬ ‫أدبِ َّي ًة ـ‬
‫وذات) التِي تعنِي (لطيف ًا ورقيق ًا وظريف ًا)‪ )1(.‬ويمك ُن‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫ومزاج‪،‬‬ ‫وحاش َي ٍة‪،‬‬
‫ويقف‬‫ُ‬ ‫حيوزها مالكُها؛‬ ‫ُ‬ ‫ائص التِي‬ ‫باخلص ِ‬ ‫َ‬ ‫والرقي َق ِة‬ ‫ِ ِ‬
‫الشخص َّية ا َّللطي َفة َّ‬
‫متييز َّ ِ ِ‬ ‫ُ‬
‫والرهاف ُة‬ ‫ور َّق ُة ال ِّطبا ِع وحدَّ ُة َّ ِ‬ ‫ائص التَّمدُّ ُن ِ‬ ‫اخلص ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الذكاء َّ‬ ‫َ‬ ‫هذه‬ ‫رأس‬ ‫عىل‬
‫ِ‬
‫البرش ِّي‬ ‫امل ال س َّيام‬ ‫واستحسان اجل ِ‬
‫َ‬
‫ِ‬ ‫عر‪،‬‬ ‫الش ِ‬ ‫األدب الس َّيام َّ‬ ‫ِ‬ ‫وتذو ُق‬ ‫ُّ‬ ‫العاطِ ِف َّي ُة‬
‫ِ‬ ‫نيوي‪ )2(.‬ويعدُّ التَّمدُّ ُن ور َّق ُة ال ِّطبا ِع وحدَّ ُة َّ ِ‬
‫العمو ِم ـ‬ ‫الذكاء عىل وجه ُ‬ ‫ُ‬ ‫والدُّ ِ ِّ‬
‫األمر عىل‬ ‫ُ‬ ‫املحمو َد ِة؛ و َي ْصدُ ُق‬ ‫ُ‬ ‫خص َّي ِة‬‫الش ِ‬ ‫امت َّ‬ ‫وهذا متو َّقع وراجح ـ ِمن الس ِ‬
‫َ ِّ‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬
‫واخللوة والتَّقوى والتَّنسكِ‬ ‫ِ‬ ‫الزهدِ‬ ‫يل األخرو ِّي إىل ُّ‬ ‫ِ‬ ‫مثل ا َمل ِ‬ ‫أخرى ِ‬ ‫ٍ‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫سامت َ‬
‫ِ‬ ‫موج َز ٍة‪:‬‬ ‫ٍ‬ ‫األخالق َّي ِة‪.‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َّهي عن‬ ‫عروف والن ُ‬ ‫(األمر با َمل ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫وبكلامت‬ ‫واالستقامة‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الش ِ‬ ‫ا ُملنك َِر)‬
‫تدع جماالً‬ ‫عر ِّي يف أدبِ َّيات هذه احلقبة ال ُ‬ ‫ِّتاج ِّ‬ ‫فإن وفر َة الن ِ‬ ‫وباملثل‪َّ ،‬‬ ‫ِ‬
‫عر‬ ‫الش ِ‬ ‫قرض ِّ‬ ‫ِ‬ ‫أن القدر َة عىل‬ ‫فات الترَّ امجِ َّي ُة َّ‬ ‫للش ِّك يف شعبِ َّيتِ ِه‪ ،‬وتؤ ِّكدُ املؤ َّل ُ‬ ‫َّ‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫أفض ِل املزايا التِي يمك ُن‬ ‫تُعدُّ واحدَ ًة ِم ْن َ‬
‫مقابل ذل َك‪ ،‬مل ْ‬ ‫للفرد التَّمت ُُّع هبا‪ .‬ويف‬
‫الذي يعدُّ ُه املؤمن َ‬
‫ُون‬ ‫أن النَّبي حممد ًا صلىَّ اهللُ عليه وس َّلم ِ‬ ‫أحد َّ‬ ‫يكن خافِي ًا عىل ٍ‬
‫َ‬ ‫َّ َّ َ‬ ‫ْ‬
‫ِ‬
‫بعض م َن‬ ‫َّخذ ٌ‬ ‫قط‪ ،‬وتت ُ‬ ‫عر ُّ‬ ‫يقرض ِّ‬ ‫ِ‬
‫الش َ‬ ‫ْ‬ ‫للسلوك ‪ -‬مل ْ‬ ‫األسمى ُّ‬ ‫َ‬ ‫األنموذج‬
‫َ‬ ‫به‬
‫ناقش الفقها ُء‬ ‫معادي ًا ِم ْن هذا النَّو ِع األدبيِ ِّ ؛ كام َ‬ ‫ِ‬ ‫املنسو َب ِة له موقف ًا‬ ‫األحاديث ُ‬
‫ِ‬

‫سلك الدّ رر‪238-237 :1 ،‬؛ (ذكرت كوهنا استثناء للقاعدة)‪ .‬ولالستزادة بشأن‬
‫موضوعات مماثلة عن أورو ّبا يف العصور الوسطى والنّهضة‪ ،‬انظر سنغر‪ ،‬طبيعة‬
‫احلب‪.130 ،55 :2 ،‬‬ ‫ّ‬
‫ّ‬
‫احلنبيل‪ ،‬درر‬ ‫املرادي‪ ،‬سلك الدّ رر‪242 :4 ،15 :1 ،‬؛ ابن‬
‫ّ‬ ‫احلرص‪،‬‬ ‫ال‬ ‫املثال‬ ‫سبيل‬ ‫(((   يف‬
‫اخلفاجي‪،‬‬
‫ّ‬ ‫يت‪ ،‬عجائب اآلثار‪241-238 :4 ،‬؛‬ ‫احلبب‪256 :2 ،832 :1 ،‬؛ اجلرب ّ‬
‫العاميل‪ ،‬الكشكول‪78 :1 ،‬؛ ابن معصوم‪،‬‬
‫ّ‬ ‫ين‬ ‫رحيانة األلبا‪78 :2 ،53 :1 ،‬؛ هباء الدّ‬
‫األنطاكي‪ ،‬تزيني األسواق‪،‬‬
‫ّ‬ ‫الكنجي‪ ،‬بلوغ املنى‪ ،109 ،20 ،‬؛‬‫ّ‬ ‫سالفة العرص‪310 ،‬؛‬
‫‪.21 :2 ،209 :1‬‬
‫قايف يف احلقب املبكرة‪ ،‬انظر اندروتز‪Leibe als( ،‬‬ ‫(((   لالستزادة بشأن هذا املثال ال ّث ّ‬
‫‪ Beruf)، 53‬وما بعدها؛ بوير‪.)Raffinement und Frömmigkeit( ،‬‬
‫اإل ْسال ِم ِّي‬ ‫ال ال َع َر ِب ِّي ِ‬ ‫جل ْن ِس َّي ِة يِف ال َع مَ ِ‬ ‫َما َق ْب َل امل ِْثلِ َّي ِة ا ِ‬ ‫‪168‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ِ‬
‫مكرو ٌه‪ ،‬و ُي ُ‬
‫لحظ يف هذا‬ ‫عر الدُّ ن َي ِو ِّي جلهة احلك ِم عليه بأ َّن ُه ُ‬ ‫الش ِ‬ ‫نحو ِّ‬ ‫املوقف َ‬
‫َ‬
‫متم ًام لتخ ِّل ِيهم عن‬ ‫ِِ‬ ‫الش ِ‬ ‫ِ‬ ‫اد والنُّس ِ‬ ‫الزه ِ‬ ‫الس ِ‬
‫بوصفه ِّ‬ ‫عر ْ‬ ‫قرض ِّ‬ ‫اك عن‬ ‫َّ‬ ‫ياق ختليِّ ُّ َّ‬ ‫ِّ‬
‫حل هذا‬ ‫ِ‬
‫بعض م َن األحيان ُّ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫وكان جيري يف‬ ‫َ‬ ‫(‪)1‬‬ ‫الز ِ‬
‫ائل‪.‬‬ ‫اهج] العالمَ ِ املا ِّد ِّي َّ‬
‫[ َم َب ِ‬
‫ِ‬
‫املختل َف ِ‬ ‫َّقيض ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ثل با ُّل‬‫بني ا ُمل ِ‬
‫ني‪.‬‬ ‫ني‬ ‫بني الن َ‬
‫الوسط َ‬ ‫فكرة‬ ‫لجوء إىل‬ ‫الصرِّ ا ِع َ‬
‫للش ِ‬
‫عر‪ ،‬بينَّ َ الفقي ُه‬ ‫يظهر عداو ًة ِّ‬ ‫األحاديث الن ِ ِ ِ‬
‫ِ‬ ‫إيراد ِه أحدَ‬
‫ِ‬
‫َّبو َّية الذي ُ‬ ‫فبعدَ‬
‫عابدي َن ( ُتوفيِّ َ سن َة ‪1836‬م)‬ ‫بن ِ‬ ‫ِ‬
‫العزيز ِ‬ ‫بن ِ‬
‫عبد‬ ‫عمر ِ‬ ‫ِ‬
‫أمني ب ُن َ‬
‫حممدُ ُ‬ ‫الدِّ مشق ُّي َّ‬
‫ُّ ِ (‪)2‬‬
‫اإلفراط أو ا ُمل َبا َل َغ ُة يف التَّعلق‪.‬‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫احلديث هو‬ ‫املقصو َد هبذا‬ ‫ِ‬
‫إدراك َّ‬
‫أن ُ‬ ‫رضور َة‬
‫َ‬
‫نيوي‪ ،‬انظر املح ّب ّي‪ ،‬خالصة األثر‪(،276 :2 ،‬وأقلع‬ ‫الشعر الدّ ّ‬ ‫(((   لالستزادة بشأن إدانة ّ‬
‫وخص قوادمها وخوافيها بأشعار‬ ‫ّ‬ ‫الغزل‬ ‫يف‬ ‫أشعاره‬ ‫حمض‬ ‫آخرا عن صبوته فرتك‬
‫ثم ترك القضاء‬ ‫افعي‪ّ ...‬‬
‫الش ّ‬ ‫املنويف ّ‬
‫ّ‬ ‫((حممد بن يس‬
‫ّ‬ ‫الزهد واحلكم)) ‪266 :4‬‬ ‫يف ّ‬
‫وعكف عىل عبادة اهلل تعاىل واعتزل عن النّاس إال أفرادا منهم وترك النّظم اال ما‬
‫احلنبيل‪ ،‬درر‬
‫ّ‬ ‫الرحيانة‪574 :4 ،449-448 :1 ،‬؛ ابن‬ ‫كان استغاثة)؛ املح ّب ّي‪ ،‬نفحة ّ‬
‫احلبب‪( .1006-1005 :1 ،‬النقوالت املبارشة من اضافة املرتمجة)‬
‫الشعر ديوان العرب‪.‬‬ ‫الشعر‪ّ :‬‬ ‫(((   قالوا يف ّ‬
‫حممد صلىّ اهلل عليه وس ّلم‪ :‬ألن‬ ‫ّ ّ‬ ‫ّبي‬ ‫ن‬ ‫ال‬ ‫قول‬ ‫هو‬ ‫إليه‬ ‫املشار‬ ‫احلديث‬ ‫ّ‬
‫أن‬ ‫ن‬ ‫ّ‬
‫وأغلب ال ّ‬
‫ظ‬
‫يمتلئ جوف أحدكم قيحا خري له من أن يمتلئ شعرا‪.‬‬
‫البخاري عن ابن عمر (‪ )5802‬يف كتاب األدب باب ما يكره أن‬ ‫ّ‬ ‫وهو حديث رواه‬
‫الشعر حتّى يصدّ ه عن ذكر اهلل والعلم والقرآن‪.‬‬ ‫يكون الغالب عىل اإلنسان ّ‬
‫البخاري هذا احلديث بألفاظ مماثلة وخمتلفة‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫وقد روى غري‬
‫الشعراء وقتئذ من جمون وكذب‬ ‫ّهي عائد إىل ما كان عليه سواد ّ‬ ‫أن الن ّ‬‫شك يف ّ‬ ‫وال ّ‬
‫وتكسب؛ أ ّما ما كان ملتزما وذا هدف صحيح فلم يعبه‬ ‫ّ‬ ‫كاذب‬ ‫ومدح‬ ‫مفرتى‬ ‫وهجاء‬
‫(حسان بن‬ ‫خاص ّ‬ ‫ّ‬ ‫حممدا صلىّ اهلل عليه وس ّلم كان له شاعر‬ ‫ّبي ّ‬ ‫إن الن ّ‬ ‫اإلسالم؛ بل ّ‬
‫حسان أجب عن رسول‬ ‫ّ‬ ‫يا‬ ‫له‪:‬‬ ‫يقول‬ ‫وكان‬ ‫اإلسالم‪،‬‬ ‫عن‬ ‫ود‬ ‫ّ‬
‫الذ‬ ‫يف‬ ‫به‬ ‫ثابت) يستعني‬
‫لهم أ ّيده بروح القدس‪ .‬وكان يقول له كذلك‪ :‬هاجهم ومعك جربيل‪ .‬وكال‬ ‫اهلل‪ ،‬ا ّل ّ‬
‫ّبي صلىّ اهلل عليه وس ّلم‬ ‫ّ‬ ‫ن‬ ‫ال‬ ‫ّ‬
‫أن‬ ‫ومعروف‬ ‫‪.)6153‬‬ ‫(‪6152‬ـ‬ ‫البخاري‬
‫ّ‬ ‫روامها‬ ‫القولني‬
‫أهدى بردته لكعب بن زهري إعجاب ًا بقصيدته املشهورة التي ألقاها بني يده‪.‬‬
‫الشعر كالم حسنه حسن‬ ‫أن ّ‬ ‫الشعر مبن ّيا عىل أساس ّ‬ ‫السالم من ّ‬ ‫وكان موقفه عليه ّ‬
‫الشاعر لبيد بن أيب ربيعة‪:‬‬ ‫وقبيحه قبيح‪ ،‬فمن ذلك ثناؤه واستثناؤه (عىل ـ من) قول ّ‬
‫ّ‬
‫وكل نعيم ال حمالـــة زائـــل‬ ‫أال ّ‬
‫كل يشء ما خال اهلل باطل‬
‫كل يشء ما خال اهلل باطل‪.‬‬ ‫السالم‪ :‬أصدق كلمة قاهلا لبيد‪ :‬أال ّ‬ ‫حيث قال عليه ّ‬
‫وكل نعيم ال حمالة زائل‪ :‬إلاّ نعيم اجلنّة فإنّه ال يزول‪.‬‬
‫معمام‪ّ :‬‬
‫ّ‬ ‫قوله‬ ‫لكنّه استدرك عليه‬
‫جلما ِل ُّيون‬ ‫الثا ِني‪ :‬ا َ‬ ‫الفص ُل َّ‬ ‫ْ‬
‫‪169‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫الغرض‬ ‫ُ‬ ‫عر‪( :‬إذا َ‬


‫كان‬ ‫الش ِ‬‫القليل ِم َن ِّ‬‫ِ‬ ‫قرض‬‫ِ‬ ‫ثم َة مشك َل ٌة يف‬ ‫ليس َّ‬
‫وبنا َء عليه‪َ ،‬‬
‫َّعبريات الفائ َق َة حتَّى لو‬ ‫ِ‬ ‫نات النَّا َهب َة والت‬ ‫اإلملاع َة والرباع َة واجلزا َل َة واملقار ِ‬
‫َ‬
‫شعر الغزل العاطف ِّي])‪ .‬وعىل‬‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫كان هذا ِّ‬ ‫َ‬
‫شعر القدود واخلدود [أي َ‬ ‫عر َ‬ ‫الش ُ‬
‫(‪)1‬‬

‫ليس خليع ًا وقح ًا‬ ‫ِِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ ِِ‬


‫مدح أحد وال َّثنا ُء عليه العتداله‪ ،‬أل َّن ُه َ‬ ‫املنوال ذاته‪ ،‬يمك ُن ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ورشح ِة‬ ‫الرحيان َِة‬ ‫ِ‬
‫احلانة)‬ ‫طالء‬ ‫َ‬ ‫ف املح ِّب ُّي يف (نفحة َّ‬ ‫وص َ‬ ‫وال زاهد ًا (بارد ًا) إذ َ‬
‫ِ‬
‫اخلوانك َّي بأ َّن ُه‬ ‫بن أمحدَ‬‫شعيب ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫اجلواد ب َن‬ ‫افع َّي عبدَ‬ ‫الش ِ‬‫القاض املصرْ ِ َّي َّ‬ ‫يِ‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫البارد‬ ‫معتدل ال ِّطبا ِع يف االنطباعِ‪ ،‬فهو ليس بالن ِ‬
‫َّاسك‬ ‫ُ‬ ‫طويل الباعِ‪،‬‬‫ُ‬ ‫(شاعر‬
‫َ َ‬ ‫ٌ‬
‫يشوب‬ ‫ِ‬
‫تكشف‪،‬‬‫املتقشف‪ ،‬وال باخللي ِع ا ُمل َ‬ ‫ِ‬ ‫ِّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وال الفاتك املارد‪ ،‬وال با ُملتعفر‬ ‫ِ‬
‫ُ‬
‫ِ (‪)2‬‬ ‫احلصاف َة بالفص ِ‬
‫احة‪ ،‬و ُيز ِّي ُن ا َّللباق َة با َّللياقة)‪.‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫امل‬ ‫احلساس َي ِة جتا َه اجل ِ‬
‫ِ‬ ‫خص َّي ِة ور َّقتِها َ‬
‫وبني‬ ‫الش ِ‬ ‫ِ‬
‫لطافة َّ‬ ‫الصل ُة َ‬
‫بني‬ ‫وتربز ِّ‬
‫ُ‬
‫َ‬
‫الشرياز ِّي ( ُتوفيِّ َ سن َة ‪-1640‬‬ ‫ِ‬ ‫ين ِّ‬ ‫ِ‬
‫مناقشة ملاَّ َصدر الدِّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫واضح ًة يف‬ ‫ِ‬
‫البرش ِّي‬
‫َ‬
‫ٍ‬
‫بنحو‬ ‫سيِ‬ ‫ِ‬ ‫الذ ِ‬ ‫‪1641‬م) سال َف ِة ِّ‬
‫الفيلسوف الفار ُّ‬
‫ُ‬ ‫نسب‬
‫َ‬ ‫البرش ِّي‪ ،‬إذ‬ ‫للحب‬
‫ِّ‬ ‫كر‬
‫رافة وا َّللطا َف ِة)‬‫واملليح إىل (ال َّظ ِ‬ ‫ِ‬ ‫اب النَّضرِ ِ‬ ‫للش ِّ‬ ‫الر ِاق َي َّ‬ ‫احلب َّ‬
‫َّ‬ ‫يح‬‫واضح وصرَ ٍ‬
‫ٍ‬
‫جلمي َل ِة‬ ‫ِ‬
‫الصورة ا َ‬ ‫بح ْس ِن ُّ‬ ‫الشديدَ ُ‬ ‫العشق‪ ،‬أعنِي االلتذا َذ َّ‬ ‫َ‬ ‫(إن هذا‬ ‫وبينَّ َ مؤكِّد ًا‪َّ :‬‬
‫األعضاء وجو َد ُة‬‫ِ‬ ‫ب‬ ‫امئل ا َّللطي َف ُة‬
‫الش ُ‬ ‫واملح َّب َة املفر َط َة َمل ْن ُوجدَ ْت فيه َّ‬
‫وتناس ُ‬
‫ُ‬
‫أكثر‬ ‫نفوس ِ‬‫ِ‬ ‫بيع َّي ِة يف‬
‫األمور ال َّط ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وجود‬ ‫موجود ًا عىل ِ‬
‫نحو‬ ‫كان ُ‬ ‫كيب َلمِا َ‬
‫ِ‬ ‫الترَّ‬
‫السالم يف معاركه ونشاطاته مع أصحابه ينشد األشعار املناسبة؛‬
‫ّبي عليه ّ‬
‫وكان الن ّ‬
‫فمن ذلك إنشاده عند حفر اخلندق ما سمعه من صاحبه عبد اهلل بن رواحة‪:‬‬
‫ص ّلينا‬ ‫وال‬ ‫تصـدّ قنــا‬ ‫وال‬ ‫اللهم لوال أنت ما اهتدينا‬
‫قينا‬ ‫ال‬ ‫إن‬ ‫األقدام‬ ‫وث ّبــت‬ ‫علينـــا‬ ‫ســكينة‬ ‫فأنزلـــ ْن‬
‫أبينــا‬ ‫فتنـــة‬ ‫أرادوا‬ ‫وإن‬ ‫ّ‬
‫إن األلـى قد بغــوا علينا‬
‫وكان يمد ألف اإلطالق‪ .‬وغري ذلك كثري‪.‬‬
‫مه ّية ّ‬
‫الشعر لكونه‬ ‫ّ‬ ‫أ‬ ‫يعكس‬ ‫عراء»‬ ‫ّ‬
‫«الش‬ ‫باسم‬ ‫إن يف ختصيص القرآن سورة برأسها‬ ‫كام ّ‬
‫لغوي)‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫(املقوم ال‬
‫ّ‬ ‫(‪ Media‬ـ ميديا) زمانه‪.‬‬
‫  حممد أمني بن عابدين‪ ،‬ر ّد املحتار عىل درر املختار‪.32 :1 ،‬‬‫((( ّ‬
‫(((   «املتع ّفر» تعني «املقترص»‪ .‬انظر املح ّب ّي‪ ،‬نفحة ّ‬
‫الرحيانة‪.585 :4 ،‬‬
‫اإل ْسال ِم ِّي‬ ‫ال ال َع َر ِب ِّي ِ‬ ‫جل ْن ِس َّي ِة يِف ال َع مَ ِ‬ ‫َما َق ْب َل امل ِْثلِ َّي ِة ا ِ‬ ‫‪170‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫اإلهل َّي ِة التِي‬


‫مجلة األوضا ِع ِ‬ ‫ف أو تصنُّعٍ‪ ،‬فهو ال حمال َة ِمن ِ‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫غري تك ُّل ٍ‬ ‫األم ِم ِم ْن ِ‬
‫حممود ًا س َّيام‬‫مستحسن ًا ُ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫يكون‬ ‫واحلكم‪ ،‬فال بدَّ ِم ْن ْ‬
‫أن‬ ‫ُ‬ ‫الح‬
‫املص ُ‬ ‫َّب عليها َ‬ ‫ترتت ُ‬
‫غايات رشي َف ٍة‪ ...‬ومل ْ نجدْ أحد ًا مم َّ ْن له‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫ألجل‬ ‫اد َئ فاض َل ٍة‬ ‫وقدْ وقع ِمن مب ِ‬
‫َ ْ ََ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫رحيم ٌة خالي ًا م ْن هذه املح َّبة يف‬ ‫ونفس‬ ‫ٍ‬
‫دقيق وذه ٌن َصاف‬ ‫وطبع ٌ‬ ‫لطيف‬
‫ٌ‬ ‫قلب‬
‫َ‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫والقلوب القاس َي َة وال َّط َ‬
‫باع‬ ‫َ‬ ‫ُّفوس الغلي َظ َة‬ ‫أن الن َ‬ ‫أوقات عمره‪ ،‬ولك ْن وجدْ نا َّ‬
‫أكثر ُهم عىل حم َّب ِة‬‫ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اجلاف َي َة خال َي ٌة عن هذا النَّو ِع م َن املح َّبة‪ ،‬وإنَّام اقتصرَ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫فاد كام يف طبا ِع ِ‬
‫سائر‬ ‫ِّكاح والس ِ‬ ‫جال طلب ًا للن ِ‬ ‫ِّساء للر ِ‬ ‫ِّساء وحمب ِة الن ِ‬ ‫جال للن ِ‬ ‫الر ِ‬
‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫َّ‬ ‫ِّ‬
‫ِ‬
‫والغرض منها يف ال َّطبيعة بقا ُء‬ ‫ِ‬
‫والسفاد‪،‬‬ ‫الز ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫واج ِّ‬ ‫حب َّ‬ ‫احليوانات املرتكز فيها ُّ‬
‫ِ (‪)1‬‬ ‫ُ‬ ‫الن ِ‬
‫الصور)‪.‬‬ ‫وحفظ ُّ‬ ‫َّسل‬

‫ووج َه عبدُ الغنِ ِّي النَّابلسيِ ُّ ( ُتوفيِّ َ سن َة ‪1731‬م) الفقي ُه َّ‬


‫والزاهدُ‬ ‫َّ‬
‫امل وسلوكِ‬ ‫اإلحساس باجل ِ‬ ‫ِ‬ ‫الدِّ ِ‬
‫ِ َ‬ ‫بني عد ِم‬
‫الضو َء عىل التَّشابه َ‬ ‫البارز َّ‬
‫ُ‬ ‫مشق ُّي‬
‫ين البيت ِ‬
‫َني‪:‬‬ ‫هذ ِ‬ ‫ِ‬
‫احليوان يف َ‬
‫بيح‬ ‫ِ‬ ‫وج ِه َّ‬
‫الش ِ‬ ‫ٌ‬ ‫ِ‬
‫الص ْ‬‫عر والوجه َّ‬ ‫بني ْ‬ ‫َ‬ ‫فـــرق ُي َرى‬ ‫والـــذي ما عنــــدَ ه‬
‫(*)‬
‫قريـح‬
‫ْ‬ ‫هــــوى الدّ نيــا قل ُبــــه‬
‫َ‬ ‫يف‬ ‫َ‬
‫عقــــــللـه‬ ‫ٌ‬
‫حيــــوانوال‬ ‫َف ْهـَــو‬

‫الرقائق‪.129 :1 ،‬‬
‫ّابليس‪ ،‬ديوان احلقائق وجمموع ّ‬
‫ّ‬ ‫الغني الن‬
‫ّ‬ ‫[*] عبد‬

‫*****‬

‫بعض‬ ‫َّعبريات التِي أد َل ْت هبا ٌ‬


‫ِ‬ ‫ِ‬
‫املقوالت والت‬ ‫احة ِ‬
‫هذه‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الرغ ِم م ْن صرَ‬ ‫وعىل ُّ‬
‫ِ‬
‫لطافة‬ ‫بني ا َّل‬
‫الصل َة َ‬ ‫ِ‬
‫احلقبة‪ ،‬إلاَّ َ َّ‬ ‫املائز ِة يف َ‬
‫الفكر َّي ِة َ‬
‫ِ‬ ‫خصي ِ‬ ‫ِم َن َّ‬
‫الش ِ‬
‫أن ِّ‬ ‫تلك‬ ‫ات‬ ‫َّ‬
‫أكثر منها افرتاض ًا‬ ‫ِ‬ ‫شكل ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫والز ِ‬ ‫والر َّق ِة ُّ‬
‫رأي ضمن ٍّي َ‬ ‫الغالب يف‬ ‫تظهر يف‬ ‫ُ‬ ‫هد‬ ‫ِّ‬
‫ُروى‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الصل ُة جل َّي ًة ـ يف‬ ‫ِ‬ ‫حمدَّ د ًا‪،‬‬
‫األسلوب الذي ت َ‬ ‫سبيل املثال ـ يف‬ ‫وتربز هذه ِّ‬ ‫ُ‬

‫حممد راغب باشا‪ ،‬سفينة‬


‫ريازي‪ ،‬احلكمة املتعالية‪ ،172-171 :7،‬منقول يف ّ‬
‫ّ‬ ‫((( ّ‬
‫  الش‬
‫الراغب‪.318-317 ،‬‬ ‫ّ‬
‫جلما ِل ُّيون‬ ‫الثا ِني‪ :‬ا َ‬ ‫الفص ُل َّ‬ ‫ْ‬
‫‪171‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ات ِ‬
‫هذه‬ ‫االنجذاب املثليِ يف أدبِي ِ‬ ‫ِ‬ ‫ث عن‬ ‫ص التِي تتحدَّ ُ‬ ‫القص ِ‬ ‫به ٌ ِ‬
‫َّ‬ ‫ِّ‬ ‫بعض م َن َ‬
‫الساط َع ِة‬ ‫ِ‬
‫العمل الترَّ امج ُّي الذي أ َّل َف ُه املح ِّب ُّي أحدَ األمث َلة َّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫يعرض‬ ‫ُ‬ ‫احلقبة؛ إذ‬ ‫ِ‬
‫اعر أمحدَ‬ ‫الش ِ‬ ‫ُور معه [مع َّ‬ ‫(وكان جلدِّ ي املذك ِ‬ ‫َ‬ ‫اعر أمحدَ العناياتيِ ِّ ‪:‬‬ ‫الش ِ‬ ‫عن َّ‬
‫احلدَ ِق‬ ‫ياض وأخ َفى سحر ًا ِمن ِ‬ ‫الر ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ ِ‬ ‫العناياتيِ ِّ ]‬
‫َ‬ ‫ألطف م ْن نسامت ِّ‬ ‫دعابات‬
‫ٌ‬
‫َ‬
‫وكان‬ ‫أص ُ‬
‫الن‪،‬‬ ‫اسم ُه ْ‬ ‫هيوى غالم ًا ُ‬ ‫كان َ‬ ‫وألطف ما سم ْع ُت ُه منها أ َّن ُه َ‬ ‫ُ‬ ‫راض‪،‬‬ ‫املِ ِ‬
‫وكان العناياتيِ ُّ يأتيِ إىل‬ ‫َ‬ ‫دمشق‪،‬‬
‫َ‬ ‫ِ‬
‫أسواق‬ ‫ببعض ِم ْن‬ ‫ٍ‬ ‫حيرتف يف دك ٍ‬
‫َّان‬ ‫ُ‬ ‫الغال ُم‬
‫ف املح ِّب ِّي]‬ ‫ألجل مشاهدَ تِ ِه‪ ،‬فمر به اجلدُّ يوم ًا [جدُّ املؤ ِّل ِ‬ ‫ِ‬ ‫وجيلس‬ ‫َّان أما َم ُه‬ ‫دك ٍ‬
‫َّ‬ ‫ُ‬
‫فقال‪:‬‬ ‫أص ٌل‪َ .‬‬ ‫فقال له‪ :‬يا موالنا له ْ‬ ‫جلوس ِه‪َ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫سبب‬ ‫ِ‬ ‫جالس‪ ،‬فسأ َل ُه عن‬ ‫ٌ‬ ‫وهو‬
‫شهريةٌ)‪ )1(.‬وتبدُ و التَّور َي ُة هنا‬ ‫ونوادر ُه‬ ‫كثري ٌة‬ ‫تيِ‬ ‫بل أص ِ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫وأخبار العنايا ِّ َ‬ ‫ُ‬ ‫الن‪.‬‬ ‫ْ‬
‫مثال آخر شك ََّل مصدر إهلا ٍم للعديدِ‬
‫ْ َ‬ ‫ُ‬ ‫وثم َة ٌ‬ ‫الن» َّ‬ ‫«أص َ‬ ‫«أص ٍل» و ْ‬ ‫بني ْ‬ ‫واضح ًة َ‬ ‫َ‬
‫اعر الترُّ ك ُّي باق ُي ( ُتوفيِّ َ سن َة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫نظم القاض َّ‬ ‫يِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِم َن املؤ َّلفات ِّ‬
‫ِ‬
‫والش ُ‬ ‫الشعر َّية‪ ،‬إذ َ‬
‫باقي‬ ‫(وكان ِ‬
‫َ‬ ‫شاب وسي ٍم وأبدَ ى إعجا َب ُه به‪:‬‬ ‫‪1600‬م) أبيات ًا أثنَى فيها عىل‬
‫ٍّ‬
‫الرو ِم‬ ‫مات يتداولهُ ا إىل َ‬ ‫أدباء عصرْ ِ ِه‬ ‫ِ‬ ‫جيري له مع‬ ‫ِ‬
‫اآلن أدبا ُء ُّ‬ ‫حات ومنا َد ٌ‬ ‫مطار ٌ‬ ‫َ‬
‫يكون؛‬ ‫ُ‬ ‫ألطف ما‬ ‫ِ‬ ‫در عنه ِم ْن‬ ‫ٍ‬ ‫جمالس ِهم‪ ،‬وحيدِّ ُث َ‬ ‫ِ‬
‫تص ُ‬ ‫َت ْ‬ ‫بنكات كان ْ‬ ‫ون عنه‬ ‫يف‬
‫عر يف غال ٍم‬ ‫الش ِ‬ ‫نظم قط َع ًة ِم َن ِّ‬ ‫كان َ‬ ‫اشتهر عنه أ َّن ُه َ‬ ‫َ‬ ‫وم ْن أحسنِها موقع ًا ما‬ ‫ِ‬
‫وأقسم‬ ‫َ‬ ‫سمع الغال ُم القط َع َة أعج َب ُه ما فيها ِم َن التَّخ ُّي ِل‪،‬‬ ‫َ‬ ‫جلامل‪ ،‬فلماَّ‬
‫ور با ِ‬
‫مشه ٍ َ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫بعض م ْن أسواق قسطنطين َّي َة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫َّفق أ َّن ُه َصاد َف ُه يف‬ ‫عىل أ َّن ُه يق ِّب ُل رج َل ُه إذا رآ ُه؛ فات َ‬
‫أن يق ِّب َل رج َل ُه‪ ،‬فمن َع ُه‬ ‫فدخل الغال ُم وأرا َد ْ‬ ‫َ‬ ‫راكب ومجاع ُت ُه يف خدمتِ ِه‪،‬‬ ‫ٌ‬ ‫وباقي‬ ‫ِ‬
‫ِ‬
‫باليمني‬ ‫رب ُه‬ ‫قال‪ :‬ال‪ .‬وأخ َ‬ ‫ألك حاج ٌة؟‪َ .‬‬ ‫وقال‪ :‬ما مح َل َك عىل هذا؟ َ‬ ‫ِم ْن ذلِ َك‪َ ،‬‬
‫فخجل‬ ‫َ‬ ‫أنظم ُه برجليِ ‪.‬‬ ‫ْ‬ ‫عر بفمي ومل ْ‬
‫ِ‬
‫الش َ‬ ‫نظم ُت ِّ‬ ‫فقال له‪ :‬أنا ْ‬ ‫التِي حل َفها‪َ ،‬‬
‫ف‪.‬‬ ‫الغال ُم وانصرَ َ‬

‫نظمها يف‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬


‫ديوان أبيِ‬
‫العمر ِّي ذك َْر هذه الواق َعة وقدْ َ‬ ‫بكر‬ ‫ووجدْ ُت يف‬
‫أبيات ثال َث ٍة ِه َي‪:‬‬
‫ٍ‬

‫(((   املح ّب ّي‪ ،‬خالصة األثر‪.168-1:167 ،‬‬


‫اإل ْسال ِم ِّي‬ ‫ال ال َع َر ِب ِّي ِ‬ ‫جل ْن ِس َّي ِة يِف ال َع مَ ِ‬ ‫َما َق ْب َل امل ِْثلِ َّي ِة ا ِ‬ ‫‪172‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫جيل عن وص ِ‬
‫ــف ِ‬ ‫َصبِ ٌّي ُّ‬ ‫حل ْس ِ‬ ‫َ‬
‫مثلـي‬ ‫ْ‬ ‫ـــن‬ ‫قال َّملــا وص ْفتُه ببدي ِع ا ُ‬
‫بفض ِ‬
‫ـــل‬ ‫فض ً‬
‫ال ْ‬ ‫جييز ْ‬
‫كيمـــا َ‬
‫لك َ‬‫َ‬ ‫ــــــل ِر ْجـ ً‬
‫ال‬ ‫َ‬ ‫مكِّــــ ْن العبدَ ْ‬
‫أن يق ِّب‬
‫(*)‬ ‫ِ‬
‫بفمـــي قد نظمتُــــ ُه ال برج ْلـي‬ ‫ْك ِ‬
‫روحي فإنِّــي‬ ‫ف فدت َ‬ ‫فق ْل ُت ِ‬
‫أنص ْ‬

‫املرادي‪،‬‬
‫ّ‬ ‫الرحيانة‪38 :1 ،‬؛‬
‫[*] املح ّب ّي‪ ،‬خالصة األثر‪289-288 :2 ،‬؛ املح ّب ّي‪ ،‬نفحة ّ‬
‫سلك الدّ رر‪.142 :1 ،‬‬

‫*****‬
‫ِ‬ ‫بن حمم ٍ‬ ‫وسمع الفقيه الدِّ ِ‬
‫العطيف ُّي ( ُتوفيِّ َ سن َة‬ ‫ود‬ ‫موسى ِ ُ‬ ‫ان ب ُن َ‬‫رمض ُ‬ ‫مشق ُّي َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫نائب حاك ِم‬ ‫عيل سيفا ِ‬ ‫املثال ال َّث َ ِ‬
‫ف َ‬ ‫القص َة اآلت َي َة التِي تؤ ِّل ُ‬
‫الث م ْن ٍّ‬ ‫‪1684‬م) َّ‬
‫طرابلس‪:‬‬ ‫ِ‬
‫مدينة‬ ‫ٍ‬
‫رحلة هلُام إىل‬ ‫ِ‬
‫املدينة أثنا َء‬
‫َّ‬
‫ِ‬
‫املدينة‪،‬‬ ‫ِ‬
‫أطراف‬ ‫مكان مرتف ِع يف‬ ‫ٍ‬ ‫شاب وسي ِم يف‬ ‫جيلس مع‬ ‫عيل‬ ‫َ‬
‫ٍّ‬ ‫ُ‬ ‫(كان ٌّ‬
‫ِ‬
‫واملروج‬ ‫ِ‬
‫احلمراء‬ ‫املنظر ِم ْن حولِ ِه ‪ -‬الر ِ‬
‫مال‬ ‫ِ‬ ‫اب مع ِّلق ًا عىل جمَ ِ‬
‫ال‬ ‫ث َّ‬ ‫وحتدَّ َ‬
‫ِّ‬ ‫الش ُّ‬
‫ال عن‬ ‫اب متسائ ً‬ ‫الش ِ‬ ‫احلاكم حدي َث ُه إىل َّ‬ ‫ُ‬ ‫وج َه‬‫ثم َّ‬ ‫ِ‬
‫والبحر األزرق ـ َّ‬ ‫ِ‬ ‫اخلضرْ ِاء‬
‫يلمح إىل‬ ‫ُ‬ ‫احلاكم‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫وكان‬ ‫األبيض خل َف ُه‪،‬‬‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الكثيب‬ ‫إحجام ِه عن ِ‬
‫ذكر‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫سبب‬
‫(‪)1‬‬
‫اب)‪.‬‬ ‫الش ِّ‬ ‫خلف َّي ِة َّ‬‫ِ‬

‫ص‬ ‫قص ٍ‬ ‫بص ِ‬ ‫تقديمها ِ‬ ‫ِ‬ ‫ص مجيع ًا يف‬ ‫ُ ِ‬


‫(لطائف) بمعنَى َ‬ ‫َ‬ ‫فة‬ ‫القص ُ‬‫تشرتك هذه َ‬
‫ئيس ِة و َظ َر َفها وخ َّف َة ظِ ِّلها‪ ،‬وال‬ ‫الر َ‬
‫حساسي َة َّ ِ ِ‬
‫الشخص َّيات َّ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫مس ِّل َّي ٍة وممت َع ٍة تبينِّ ُ‬
‫ون روايتَها‪،‬‬ ‫ويرفض َ‬ ‫مثل ِ‬
‫هذه‪،‬‬ ‫قص َص ًا َ‬ ‫أشخاص يستهجن َ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ُي ُّ‬
‫ُ‬ ‫ُون َ‬ ‫وجود‬ ‫شك يف‬
‫ين‬‫األعامل الترَّ امجِ َّي ِة لنج ِم الدِّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ص مماث َل ٍة يف‬ ‫قص ٍ‬ ‫ِ‬
‫طائل م َن البحث عن َ‬
‫وال َ ِ‬
‫ٍ‬
‫نسبة‬ ‫للعيان وجو ُد‬ ‫ِ‬ ‫الغز ِّي (‪1651‬م)‪ .‬ومع هذا‪ ،‬يبدُ و واضح ًا‬ ‫حمم ٍد ِّ‬ ‫َّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫ليسوا‬ ‫الرغ ِم م ْن أنهَّ ُم ُ‬ ‫ني الذي َن عىل ُّ‬ ‫مع َتبرَ َ ة م ْن أبناء طبقة النُّخ َبة واملتع ِّلم َ‬

‫الشام إىل طرابلس ّ‬


‫الشام‪.16 ،‬‬ ‫العطيفي‪ ،‬رحلة من دمشق ّ‬
‫ّ‬ ‫(((   رمضان‬
‫جلما ِل ُّيون‬ ‫الثا ِني‪ :‬ا َ‬ ‫الفص ُل َّ‬ ‫ْ‬
‫‪173‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫مثل‬ ‫أن استهجان ًا ورفض ًا َ‬ ‫ون َّ‬ ‫مستهرتي َن دينِ َّي ًا‪ ،‬إلاَّ أنهَّ ُم كانُوا َير ً‬ ‫ِ‬ ‫ور ِة‬ ‫بالضرَّ َ‬
‫أخالق َّي ٍة ض ِّي َق ٍة وغل َظ ٍة وفظا َظ ِة طبعٍ!‪ .‬وال بدَّ يل‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫رؤية‬ ‫تعبري عن‬ ‫ٌ‬ ‫هذا؛ هو‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫يف هذا املوق ِع ِم َن الت‬
‫نحو هذه املسأ َلة مل ْ‬ ‫َّناقض يف املواقف َ‬ ‫أن الت َ‬ ‫َّشديد عىل َّ‬
‫ؤية «الدِّ ينِ َّية» و «ا َّلالدينِ َّي ِة ‪ /‬الدُّ نيو َّي ِة» فااللتزا ُم الدِّ ينِ ُّي ال‬ ‫بني الر ِ‬
‫قط َ ُّ‬ ‫يك ْن ُّ‬
‫باحلياة ‪ -‬ضم َن‬ ‫ِ‬ ‫وبقدرة مؤ ِّي ِدي التَّم ُّت ِع‬ ‫ِ‬ ‫والزهدَ ؛‬ ‫َّنس َك ُّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ورة الت ُّ‬ ‫يعني بالضرَّ َ‬
‫ببعض ممَّا جيو ُد‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫باالستعانة‬ ‫أن يدعموا مواق َف ُهم‬ ‫وح به ‪ْ -‬‬ ‫واملسم ِ‬ ‫حدود ا ُمل َب ِ‬
‫اح‬ ‫ِ‬
‫ُ‬
‫األحاديث النَّبو َّي ِة التِي حت َظى‬ ‫ِ‬ ‫وفق ِ‬
‫أحد‬ ‫اإلسالم ُّي؛ فعىل ِ‬ ‫ِ‬ ‫اث الدِّ ينِ ُّي‬ ‫به الترُّ ُ‬
‫العمو ِم‪( :‬اهللُ جمَ ٌيل‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫بمق ُبولِ َّي ٍة واس َع ٍة َ‬
‫حيح ًة عىل وجه ُ‬ ‫ني؛ وتُعدُّ َص َ‬ ‫املسلم َ‬ ‫بني‬
‫ِ‬ ‫ون الب ‪ :‬النَّظر إىل اخلرض ِة وإىل ِ‬
‫اجلاري‬ ‫املاء‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫امل) و (ثال َث ٌة جي ُل َ صرَ َ‬ ‫جل َ‬ ‫حيب ا َ‬ ‫ُّ‬
‫طلب اخلريِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫حث أتباعه عىل‬‫ِ‬ ‫السال ُم دائب ًا يف ِّ‬ ‫َ‬ ‫حل َس ِن)‬ ‫ِ‬
‫وكان عليه َّ‬ ‫وإىل الوجه ا َ‬
‫القص ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ (‪)1‬‬ ‫(حس ِ‬ ‫ِمن ِ‬
‫ص وا ُمل َل ِح انتهاك ًا للتَّعالي ِم‬ ‫ويتعذ ُر عدُّ هذه َ‬ ‫َّ‬ ‫ان الوجوه)‪.‬‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫كان‬ ‫أكثر فقهاء هذه احلقبة التَّارخي َّية؛ وتبع ًا لذل َك‪َ ،‬‬ ‫الدِّ ين َّية مث َلام يفسرِّ ُ ها ُ‬
‫أن يقل ُبوا املائدَ َة عىل‬ ‫هد ْ‬ ‫والز ِ‬ ‫َّنس ِك ُّ‬ ‫الذي َن ال يمي ُل َ‬ ‫األفراد ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ون إىل الت ُّ‬ ‫بقدرة‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫فعالن‬ ‫باآلخري َن؛ ومها‬ ‫وبسوء ال َّظ ِّن‬ ‫وهم بتحري ِم ا ُمل َب ِ‬
‫اح‬ ‫َّهم ُ‬ ‫خصوم ِهم ويت ُ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫نظمها عبدُ الغن ِّي‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وحترضنا يف هذا املقا ِم هذه‬ ‫ِ‬
‫مكروهان دين َّي ًا‪،‬‬ ‫ِ‬
‫األبيات التي َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫البرش ِّي والتَّنع ِم به‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫منتقدي تأم ِل اجل ِ‬
‫امل‬ ‫ِ‬ ‫النابلسيِ ُّ ِّ‬
‫بحق‬
‫َ‬ ‫ُّ‬
‫وذ ِ‬
‫يب‬ ‫ظـــبي ِ‬ ‫ٍ‬ ‫بني‬
‫بالتَّساوي ما َ‬ ‫ـــالح وأل َغوا‬ ‫ِ‬ ‫أنكَــروا رؤي َة املِ‬

‫ِ‬
‫ورطيــب‬ ‫ٍ‬
‫يابس‬ ‫بني‬
‫الـورى َ‬ ‫يف‬ ‫ْرق‬ ‫ِ‬
‫رؤية فـــ ٍ‬ ‫َ‬
‫إبطــــال‬ ‫وأرا ُدوا‬
‫َ‬

‫يوطي) (توفيّ‬
‫ّ‬ ‫الس‬
‫الصغري) لـ (جالل الدّ ين ّ‬ ‫(((   األحاديث ال ّثالثة موجودة يف (اجلامع ّ‬
‫مناوي‪ ،‬فيض القدير‬
‫ّ‬ ‫سن َة ‪ )1505‬وهو من أشهر كتب األحاديث املعروفة‪ .‬انظر‬
‫الصغري من أحاديث البشري النّذير‪313 :3 ،224 :2 ،540 ،74 :1 ،‬‬ ‫رشح اجلامع ّ‬
‫(األحاديث ‪ .)3486 ،1720 ،1107 ،44‬ولالستزادة بشأن نقل أحاديث مثل‬
‫اخلفاجي‪،‬‬
‫ّ‬ ‫الوي‪ ،‬سانحات دمى القرص‪178 :2 ،‬؛‬ ‫هذه يف املؤ ّلفات األدب ّية‪ ،‬انظر ال ّط ّ‬
‫ّابليس‪ ،‬مخرة بابل‬
‫ّ‬ ‫املرادي‪ ،‬سلك الدّ رر‪101-100 :3 ،‬؛ الن‬
‫ّ‬ ‫رحيانة األلبا‪417 :1 ،‬؛‬
‫وغناء البالبل‪.178-177 ،‬‬
‫اإل ْسال ِم ِّي‬ ‫ال ال َع َر ِب ِّي ِ‬ ‫جل ْن ِس َّي ِة يِف ال َع مَ ِ‬ ‫َما َق ْب َل امل ِْثلِ َّي ِة ا ِ‬ ‫‪174‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫الس ِ‬
‫ليب‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وقص ِ‬ ‫ِ‬
‫كثافـــة ال َّطــب ِع فيهم‬ ‫كل ذا ِم ْن‬
‫ُّ‬
‫العقل اخلبيث َّ‬ ‫ـور‬ ‫ُ‬
‫ِ‬ ‫أوصــ َلت ُْهم غـــد ًا إىل الت‬
‫َّـعذيــب‬ ‫ســـــواه ُم‬ ‫وهلم قبح ني ٍ‬
‫ــــة يف‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ َّ‬ ‫ُ‬
‫(*)‬ ‫ِ‬
‫هليـب‬ ‫جسـَــــد ًا ِم ْن ضـاللِ ِه يف‬ ‫منه ُم‬ ‫َ‬
‫أهلك املهيمـــ ُن ُ‬ ‫َ‬
‫طـال ما‬

‫ّابليس‪ ،‬ديوان احلقائق‪.63 :1 ،‬‬


‫ّ‬ ‫[*] الن‬

‫*****‬

‫بمنأى عن‬ ‫احلقبة مث َلام هم َ‬


‫اآلن‬ ‫ِ‬ ‫ُون يف َ‬
‫تلك‬ ‫واملتنسك َ‬ ‫ون‬ ‫ِ‬
‫األخالق ُّي َ‬ ‫ومل ْ يك ْن‬
‫ً‬ ‫ِّ‬
‫ُ‬ ‫ون بالن ِ‬ ‫َّهم َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫يكون عن‬ ‫ِّفاق‪ ،‬وبأنهَّ ُم أبعدُ ما‬ ‫سها ِم النَّقد والتَّعنيف‪ ،‬إذ كانُوا ُيت ُ‬
‫َ‬
‫درويش‬ ‫جرجيس ب ُن‬ ‫ِ‬
‫العراق ُّي‬ ‫اعر‬ ‫الذي يدَّ ُعو َن ُه‪ ،‬وقدْ عبرَّ َ َّ‬ ‫هد والن ِ‬
‫َّقاء ِ‬ ‫الز ِ‬
‫ُ‬ ‫الش ُ‬ ‫ُّ‬
‫ِ‬
‫اخلمر‬ ‫ِ‬
‫برشب‬ ‫بولع ِه‬
‫ِ‬ ‫رف‬ ‫الذي ُع َ‬ ‫األديب ( ُتوفيِّ سن َة ‪1728 -1727‬م) ِ‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫ُّسك والور ِع يف‬ ‫املنتقد ملدَّ ِعي الن ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫املوقف‬ ‫تعبري عن هذا‬ ‫ٍ‬ ‫ومصاح َب ِة ا ُمل ْر ِد َ‬
‫أبلغ‬ ‫َ‬
‫األبيات اآلت َي ِة‪:‬‬
‫ِ‬
‫ِ‬
‫سمع‬
‫ولس َت مم َّ ْن ُي ُ‬‫وح يل ْ‬ ‫لس َت الن َُّص َ‬‫ْ‬ ‫يا الئمـــي با َّللــــهو يف زمن ِّ‬
‫الصبا‬

‫تملــــوم ًا فلو ُموا أو َد ُعـوا‬ ‫ْ‬ ‫ِ‬ ‫إنيِّ امرؤ ال يلــوو عن َّ‬
‫إن شـــــ ْئ ُ‬ ‫اتـــــــــه‬‫لذ‬

‫موض ُع‬ ‫دعنِــــيفلــــي َ‬


‫بنيالنُّدامـى ِ‬
‫مـــاليِ و َم ْن يدعــــو الت ُّ‬
‫َّنس َك رتبـ ًة‬

‫تلســـــع‬
‫ُ‬ ‫ألـــقإلاَّ أفـــــــــاع‬
‫َ‬ ‫فلم‬
‫ْ‬ ‫َّـــزه ِد برهـ ًة‬
‫ُّ‬ ‫ولقد عركـت ذوي الت‬

‫أورع‬ ‫ْ‬ ‫ِ‬


‫حقائق ِهم‬ ‫وقدْ ا َّطل ْع ُتعىل‬
‫منــهم ُ‬
‫فأنــــت ُ‬
‫َ‬ ‫فيمــــا أر ْد َت‬ ‫فخـــــذ‬
‫(*)‬
‫تتبــع‬
‫ُ‬ ‫ْـــت يل فيمــا أرى لك‬ ‫ْ‬
‫إن كن َ‬ ‫ملشــفق‬
‫ٌ‬ ‫الش ِ‬
‫باب‬ ‫َ‬
‫عليـك أخــــا َّ‬ ‫إنيِّ‬

‫غالمي‪ ،‬شاممة العنرب‬


‫ّ‬ ‫حممد‬
‫الروض النّرض‪181-180 :2 ،‬؛ ّ‬
‫العمري‪ّ ،‬‬
‫ّ‬ ‫[*] عثامن‬
‫والزهر املعنرب‪.277 ،‬‬
‫ّ‬
‫جلما ِل ُّيون‬ ‫الثا ِني‪ :‬ا َ‬ ‫الفص ُل َّ‬ ‫ْ‬
‫‪175‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫*****‬
‫ِ‬
‫َّعارض‬ ‫جيري تعريف الر َّق ِة وا َّللطا َف ِة وال َّظرا َف ِة واألنا َق ِة ِ‬
‫بصي ِغ الت‬ ‫وكان ٍ‬ ‫َ‬
‫ِّ‬
‫تعاظم‬‫ُ‬ ‫وفق ذلِ َك‬‫رج ُح عىل ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫واالبتذال والقسوة واخلشونَة؛ و ُي َّ‬ ‫ِ‬ ‫مع الفظا َظ ِة‬
‫األكثر تع ُّل ًام وثراء يف املجتمعِ‪ .‬ومع ذلِ َك‪ ،‬بدا ِ‬
‫جل َّي ًا‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫األمر للشرَّ ِ‬
‫ائح‬ ‫مه َّي ِة هذا‬
‫َ‬ ‫ً‬ ‫أ ِّ‬
‫األكثر فقر ًا‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫باستثناء الشرَّ ِ‬
‫ائح‬ ‫ِ‬
‫اإلمجال ‪ -‬ر َّبام‬ ‫احلرض َّي ِة يف‬
‫ِ‬ ‫َّان املناطِ ِق‬
‫أن سك َ‬ ‫َّ‬
‫للمسافة ال َّثقافِ َّي ِة‬
‫ِ‬ ‫ني‬
‫واع َ‬‫والوافدين حديث ًا ِمن املناطِ ِق الر ِيفي ِة ‪ -‬بدا أ م كانوا ِ‬
‫نهَّ ُ‬ ‫ِّ َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫فخوري َن‬ ‫ِ‬ ‫األكثر فظا َظ ًة‪ ،‬وكانُوا‬‫ِ‬ ‫البدو والفلاَّ ِح َ‬
‫ني‬ ‫ِ‬ ‫وبني‬
‫َ‬ ‫الفاص َل ِة بينَهم‬
‫ِ‬
‫ِ (‪.)1‬‬
‫بذل َك‬

‫كان حيمدُ‬‫الشعرانيِ َّ َ‬ ‫اب َّ‬ ‫الوه ِ‬


‫َّ‬ ‫أن الفقي َه املصرْ ِ َّي عبدَ‬
‫ذكر ُه َّ‬‫جيدر ُ‬‫ُ‬ ‫وممَّا‬
‫واجلهل) إىل القاهرةِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الريف (بلد اجلفاء‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫اهللَ عىل توفيقه يف االنتقال م َن ِّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫(بلد ا ُّل ِ‬
‫ِ‬
‫(هز القحوف) الذي أ َّل َف ُه ُ‬
‫ِّ (‪)2‬‬
‫ف‬ ‫يوس ُ‬ ‫وباإلمكان عدُّ ُّ‬ ‫لطف وال َعل)‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ابع عشرَ َ ِم ْن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫هج ْت‬ ‫عرو َفة التي َ‬ ‫أشهر األعامل ا َمل ُ‬ ‫الس َ‬‫الشرَّ بين ُّي يف القرن َّ‬
‫لطف‬ ‫الذي يفتقر إىل ا ُّل ِ‬ ‫اجللف ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِّ‬
‫الفظ‬ ‫الذي ظهر بص ِ‬
‫ورة‬ ‫الفلاَّ ح امل ِ ي ِ‬
‫ُ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ صرْ َّ‬
‫ِ (‪.)3‬‬ ‫مقار َن ًة بسك ِ‬
‫َّان املدن‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُّ‬
‫اجح ـ مل ْ‬ ‫الر ُ‬‫معايري “املثال” االجتامع َّي َة ـ وهذا هو َّ‬
‫َ‬ ‫ونستدل ممَّا تقدَّ َم َّ‬
‫أن‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫تان حمدَّ د ِ‬
‫تكن حاد ًة أو ضي َق ًة‪ .‬وثم َة جممو َع ِ‬
‫حرصتا عىل تنمية البعد اجلَامليِ ِّ‬ ‫َ‬ ‫تان‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ِّ‬ ‫ْ َّ‬

‫(((   ماركوس‪ ،‬الشرّ ق األوسط عىل مشارف التّحديث‪ ،36-35 ،‬ولالستزادة بشأن‬
‫العاميل‪ ،‬الكشكول‪148 :2 ،‬؛ ابن‬ ‫ّ‬ ‫الر ّقة واحلضارة‪ ،‬انظر هباء الدّ ين‬
‫االرتباط بني ّ‬
‫معصوم‪ ،‬سالفة العرص‪369 ،‬؛ املح ّب ّي‪ ،‬خالصة األثر‪ .311 :3 ،‬قال املح ّب ّي يف‬
‫الفايس كان فاضال لسنا‬ ‫ّ‬ ‫الزمان‬ ‫املدعو بديع ّ‬
‫ّ‬ ‫(حممد بن إبراهيم‬
‫حممد‪ّ :‬‬ ‫شخص اسمه ّ‬
‫وشاعرا عرب ّيا له نظم رائق ونثر فائق مشتمل عىل املعاين احلسنة والنّكات البديعة‪،‬‬
‫وكان حسن االيراد مقبول اإلنشاد مع ما فيه من ر ّقة احلضارة)‪( .‬املرتمجة)‪.‬‬
‫عراين‪ ،‬لطائف املنن‪.33 :1 ،‬‬ ‫  الش ّ‬‫((( ّ‬
‫لغوي‪:‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ل‬ ‫ا‬ ‫م‬ ‫املقو‬
‫ّ‬ ‫إضافة‬
‫ال َع ُّل‪ :‬الشرَّ بة ال َّثانية أو الشرّ ب بعد الشرّ ب تباعا‪ .‬يقال‪َ :‬ع َل ٌل بعدَ نهَ َ ٍل‪.‬‬
‫بيني ّ‬
‫وأمه ّيتها)‪.‬‬ ‫(هز القحوف للشرّ ّ‬ ‫(((    بار‪ّ ،‬‬
‫اإل ْسال ِم ِّي‬ ‫ال ال َع َر ِب ِّي ِ‬ ‫جل ْن ِس َّي ِة يِف ال َع مَ ِ‬ ‫َما َق ْب َل امل ِْثلِ َّي ِة ا ِ‬ ‫‪176‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫واملتص ِّو ُف َ‬
‫ون‬ ‫َ‬ ‫الشعرا ُء واألدبا ُء بعا َّم ٍة‬
‫وترسيخ ِه‪ ،‬مها ُّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫املثال‬ ‫املتضم ِن يف هذا‬
‫َّ‬
‫الواحدي ِة والنيوأفالطونِية‪ِ.‬‬
‫ِ‬ ‫ؤية العاملِيةِ‬
‫ون بالر ِ‬
‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫املتأ ِّث ُر َ ُّ‬
‫األدب َّي ِة‬‫حب الغل َما ِن يف األع َما ِل ِ‬ ‫ُّ‬
‫املغول لبغدا َد وهنبِها‬ ‫ِ‬ ‫غزو‬ ‫بني ِ‬ ‫احلقبة املمتدَّ ِة َ‬ ‫ِ‬ ‫عر العربيِ ُّ ‪0020‬يف‬ ‫الش ُ‬ ‫ذاق ِّ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫َّاسع عشرَ َ ‪...‬‬ ‫عرف بالنَّهضة ال َّثقاف َّية يف القرن الت َ‬ ‫وبني ما ُي ُ‬ ‫يف عا ِم (‪1258‬م) َ‬
‫والعرب عىل حدٍّ سواءٍ‬ ‫ِ‬ ‫ني الغربِ ِّي َ‬
‫ني‬ ‫ني احلديثِ َ‬ ‫إمهال الباحثِ َ‬ ‫ِ‬ ‫ذاق األ َم َّر ْي ِن ِم ْن‬ ‫َ‬
‫ويتعذ ُر علينا يف الواق ِع‬ ‫َّ‬ ‫ِّ (‪)1‬‬
‫َّقليد ِّي والوضي ِع و (املنحط)‪.‬‬ ‫الذين وص ُفوه بالت ِ‬ ‫ِ‬
‫َ َ ُ‬
‫ِ‬
‫االبتذال‬ ‫أسباب هذا‬ ‫َ‬ ‫نلمس‬ ‫َ‬ ‫املتعج ِل ْ‬
‫أن‬ ‫ِّ‬ ‫افرتضنا ِص َّح َة هذا احلك ِم‬ ‫ْ‬ ‫حتَّى لو‬
‫تكشف أدبِ َّياتهُ ا عن‬ ‫ُ‬ ‫احلقبة التِي‬ ‫ِ‬ ‫باألدب يف ِ‬
‫هذه‬ ‫ِ‬ ‫غياب االهتام ِم‬ ‫ِ‬ ‫والتقليد َّي ِة يف‬‫ِ‬
‫الرفي َع ِة‪.‬‬ ‫ِ‬
‫عر يف ال َّثقافة اإلسالم َّية العربِ َّية َّ‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫للش ِ‬ ‫وقوي ِّ‬ ‫ٍّ‬ ‫الفت‬‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫حضور‬
‫أسهم ْت يف‬ ‫َ‬ ‫كثري ٍة‬ ‫تعج بمناسبات وحادثات َ‬
‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫كغريها ُّ‬ ‫هذه احلقب ُة ِ‬ ‫َت ِ‬ ‫كان ْ‬
‫مثل الوالدة‪ِ،‬‬ ‫عر ِّي؛ م ْن ِ‬ ‫ِ‬ ‫الش ِ‬ ‫ِّتاج ِّ‬ ‫للكثري م َن الن ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫والفرص‬ ‫ِ‬
‫املوضوعات‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬
‫توفري‬
‫فر‪،‬‬ ‫الس ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫والز ِ‬ ‫وظهور ا ِّل ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫واج‪ ،‬والعودة م َن َّ‬ ‫لحية‪َّ ،‬‬ ‫واخلتان‪ ،‬والبلوغِ‪،‬‬ ‫واملوت‬
‫ِ‬
‫واحلوادث‬ ‫اخلارج‪،‬‬‫ِ‬ ‫والوجهاء ِم َن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الوفود‬ ‫ووص ِ‬
‫ول‬ ‫ب‪،‬‬ ‫املناص ِ‬ ‫ِ‬ ‫وتس ُّل ِم‬
‫ُ‬
‫وغريها‪ .‬وكام هو متو َّق ٌع‪ ،‬فقدْ و َّظ َف ْت‬ ‫ِ‬ ‫ربى؛‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫السياس َّية واالجتامع َّية الك َ‬ ‫ِّ‬
‫املدح‪ ،‬واملواساةُ‪ ،‬والتَّهن َئ ُة أو‬ ‫أغراض منها‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫عر لعدَّ ة‬ ‫بقات املث َّق َف ُة ِّ‬ ‫ال َّط ُ‬
‫ُ‬ ‫الش َ‬
‫ِ‬
‫واستعراض‬ ‫ِ‬
‫ملجرد التَّسل َية‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫احلب‪ ،‬أو َّ‬ ‫ِّ‬ ‫مشاعر الو ِّد أو‬ ‫َّعبري عن‬ ‫اهلجا ُء‪ ،‬والت ُ‬
‫ُظم ْت يف‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫حاب والر ِ‬ ‫األص ِ‬ ‫الفص ِ‬
‫القصائد التي ن َ‬ ‫َ‬ ‫وكان عد ُد‬ ‫فاق؛‬ ‫ِّ‬ ‫ْ‬ ‫احة أما َم‬ ‫َ‬
‫نظمها شعرا ُء‬ ‫ِ‬ ‫واو ِ‬ ‫الكبري م َن الدَّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫هذه احلقبة الفت ًا! فإضاف ًة إىل العدد‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ين التي َ‬
‫للر ِّد عىل ٍ‬ ‫ِ ِ‬ ‫الكثري ِم ْن ِ‬ ‫َ‬ ‫مفر ُد َ‬
‫كتب‬ ‫املطارحات التي ُخ ِّص َص ْت َّ‬ ‫َ‬ ‫كتب‬ ‫ُ‬ ‫هناك‬ ‫ون‪،‬‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الش ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫نوع كالسيك ٌّي يبدُ و‬ ‫عر َّي ُة‪ ،‬وه َي ٌ‬ ‫املقتطفات ِّ‬ ‫ُ‬ ‫اجلنس‪ ،‬وكذل َك‬ ‫مناظ َرة هلا يف‬
‫تذو َق‬ ‫ِ‬
‫املبكرة‪ .‬وزياد ًة عىل ذل َك‪َّ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫أ َّن ُه شهدَ ازدهار ًا يف املرحلة العثامن َّية‬
‫فإن ُّ‬ ‫َ‬
‫ضمتها مقالتي‬
‫(((   سأعتمد يف هذا املبحث واملبحث الذي يليه عىل معلومات وبيانات ّ‬
‫يب يف احلقبة العثامن ّية املبكرة ‪-1500‬‬
‫العاطفي العر ّ‬
‫ّ‬ ‫(حب الغلامن يف ّ‬
‫الشعر‬ ‫ّ‬ ‫املعنونة بـ‬
‫‪ ،)1800‬جم ّلة (‪.22-Middle East Literatures) 8 (2005): 3‬‬
‫جلما ِل ُّيون‬ ‫الثا ِني‪ :‬ا َ‬ ‫الفص ُل َّ‬ ‫ْ‬
‫‪177‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫بنظم ِه َ ِ‬ ‫عر والولع ِ‬ ‫الش ِ‬
‫أخرى؛‬ ‫كان يعني فيام يعنيه تداخ َل ُه مع عدَّ ة حقول فاع َلة َ‬ ‫َ‬ ‫ِّ‬
‫الصوفِ َّي ِة أو‬ ‫األعامل ُّ‬ ‫ِ‬ ‫الكثري ِم َن‬ ‫ِ‬ ‫احلقبة ـ عىل شاك َل ِة‬ ‫ِ‬ ‫هذ ِه‬‫ون يف ِ‬ ‫إذ اعتا َد املؤ ِّل ُف َ‬
‫الهوت‬ ‫ِ‬ ‫َّحو‪ ،‬وا َّل‬ ‫الفقه‪ ،‬واملنطِ ِق‪ ،‬والن ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫حقول‬ ‫ينظموا مؤ َّلفاتهِ ِم يف‬ ‫التَّع ُّب ِد َّي ِة ـ ْ‬
‫أن ُ‬
‫األمر ذا ُت ُه عىل‬ ‫ُ‬ ‫ومذاكرتهِ ا‪ )1(.‬و َي ْصدُ ُق‬ ‫َ‬ ‫مهم ِة حفظِها‬ ‫لتسهيل َّ‬ ‫ِ‬ ‫شعر ًا؛ ر َّبام‬
‫احلقبة‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫برز ْت يف ِ‬
‫هذه‬ ‫َّارخي َّي ِة التِي َ‬ ‫والكتابات الت ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫حالت‬ ‫الر‬ ‫الكثري ِم ْن ِ‬ ‫ِ‬
‫أدب َّ‬
‫عر َّي ِة‬ ‫الش ِ‬ ‫واوين ِّ‬ ‫ِ‬ ‫ائد والدَّ‬ ‫ُّقول ِمن القص ِ‬
‫الكثري م َن الن ِ َ َ‬
‫ِ ِ‬ ‫احتو ْت َصفحاتهُ ا عىل‬ ‫إذ َ‬
‫ِ‬
‫األغلب‬ ‫األعم‬
‫ِّ‬ ‫َت تؤ ِّدي يف‬ ‫األسباب‪ ،‬وكان ْ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ألوهن‬ ‫ون هبا‬‫استعان املؤ ِّل ُف َ‬ ‫َ‬ ‫التِي‬
‫وكان االعتقا ُد شائع ًا‬ ‫َ‬ ‫االقرتانات بينَها‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫بفضل‬ ‫استطرادات ال حصرْ َ هلا‬ ‫ٍ‬ ‫إىل‬
‫قيق‬ ‫الر ِ‬ ‫ِ‬ ‫سامت َّ‬ ‫ِ‬ ‫وتقدير ُه ِه َي ِم ْن‬ ‫الش ِ‬ ‫َ‬
‫واستحسان ِّ‬ ‫أن املعرف َة‬ ‫يف َّ‬
‫خص َّ‬ ‫الش‬ ‫َ‬ ‫عر‬
‫والرقي َق ِة القدر ُة عىل‬ ‫والرفي َعة َّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وكان متو َّقع ًا م َن ال َّطبقات املتع ِّل َمة َّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫لطيف‪،‬‬‫ِ‬ ‫وا َّل‬
‫استعامل مفرد ٍ‬ ‫جلي ًا يف ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّوع َّي ِة؛‬
‫عر احلس ِن عاليِ الن ِ‬
‫ات‬ ‫ِ َ َ‬ ‫كثرة‬ ‫يظهر ذل َك َّ‬ ‫ُ‬ ‫الش ِ َ َ‬ ‫نظ ِم ِّ‬
‫ناء يف‬ ‫األنموذجات اجلدير ِة بال َّث ِ‬ ‫ِ‬ ‫ف‬ ‫قول» لوص ِ‬ ‫«مص ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫«رقيق» و «لطيف» و ْ‬ ‫مثل‬
‫لطيف‬ ‫قيق وا َّل‬ ‫الر َ‬ ‫أن ِّ‬ ‫ون َّ‬ ‫حيس ُب َ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫هذا النَّو ِع األدبيِ ِّ ‪.‬‬
‫َ‬ ‫عر َّ‬ ‫الش َ‬ ‫َّاس يف املعتاد َ‬ ‫وكان الن ُ‬
‫مفاجئ ًا‬ ‫ِ‬ ‫ليس‬ ‫ال‪ .‬وهلذا َ‬ ‫اخلص ِ‬‫َ‬ ‫هبذ ِه‬ ‫شاعر يتمتَّع ِ‬
‫ُ‬ ‫ٍ‬ ‫ينظم ُه سوى‬ ‫ُ‬ ‫ول ال‬ ‫واملص ُق َ‬ ‫ْ‬
‫بأسلوب‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫الشاعر‬ ‫ينساب م ْن ذات َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫حل َس ِن باملطبوعِ؛ بمعنَى أ َّن ُه‬ ‫ِ‬ ‫ف ِّ‬
‫ُ‬ ‫الشعر ا َ‬ ‫وص ُ‬ ‫ْ‬
‫َ‬
‫(كان‬ ‫تعكس شخص َّي َت ُه‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫طبيع ٍّي غري متك َّلف‪ ،‬وهو ُيعدُّ عىل وفق ذل َك مرآ ًة‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ُ‬

‫أن سواد علامء املسلمني (املع ِّلمني) نظموا قواعد علومهم عىل النّمط‬ ‫(((   يشار إىل ّ‬
‫ملحمد بن مالك‬ ‫ّ‬ ‫مالك)‬ ‫ابن‬ ‫ة‬ ‫ي‬
‫ّ‬ ‫(ألف‬ ‫لغة‬ ‫ّ‬
‫ل‬ ‫ا‬ ‫يف‬ ‫فمنها‬ ‫حفظها؛‬ ‫يف‬ ‫الب‬ ‫ّ‬
‫ط‬ ‫لل‬ ‫تسهيال‬ ‫املثنوي‬
‫ّ‬
‫حبي ويف‬ ‫الرحب ّية) ملو ّفق الدّ ين ّ‬
‫الر ّ‬ ‫ائي املتوفىّ سنة (‪672‬هـ)؛ ويف املواريث (متن ّ‬ ‫ال ّط ّ‬
‫البيقوين املتوفىّ سنة (‪1080‬هـ)‬
‫ّ‬ ‫د‬ ‫حمم‬
‫ّ‬ ‫بن‬ ‫لعمر‬ ‫ة)‬‫ي‬‫ّ‬ ‫البيقون‬ ‫(املنظومة‬ ‫احلديث‬ ‫مصطلح‬
‫ّسفي املتوفىّ سنة (‪537‬هـ) وتعدّ هذه‬ ‫ويف الفقه (منظومة اخلالف ّيات) لنجم الدّ ين الن ّ‬
‫أهم ما جاء يف هذا الباب جلهة كوهنا فقه ًا مقارن ًا؛ حيث أتى ناظمها عىل‬ ‫املنظومة ّ‬
‫افعي ومالك؛‬
‫والش ّ‬‫وحممد ‏وزفر ّ‬ ‫ّ‬ ‫األئمة الفقهاء‪ :‬أيب حنيفة وأيب يوسف‬ ‫ّ‬ ‫تنوع آراء‬ ‫ّ‬
‫وذلك يف {‪ }2669‬بيتا‪ ،‬ورتّبها عىل عرشة أبواب‪:‬‬
‫‏والرابع‬
‫حممد‪ّ ،‬‬ ‫ ‏األول يف قول أيب حنيفة‪ ،‬وال ّثاين يف قول أيب يوسف‪ ،‬وال ّثالث يف قول ّ‬ ‫ّ‬
‫‏والسادس فيام‬
‫ّ‬ ‫واألخري‪،‬‬ ‫ل‬ ‫األو‬
‫ّ‬ ‫فيه‬ ‫اختلف‬ ‫فيام‬ ‫واخلامس‬ ‫الن‪،‬‬ ‫األو‬
‫ّ‬ ‫فيه‬ ‫اختلف‬ ‫فيام‬
‫ّ‬
‫والسابع فيام انفرد به كل واحد منهم‪ ،‬‏وال ّثامن يف قول زفر‪،‬‬ ‫اختلف فيه األخريان‪ّ ،‬‬
‫افعي‪ ،‬والعارش يف قول مالك‪.‬‬ ‫الش ّ‬ ‫والتّاسع يف قول ّ‬
‫اإل ْسال ِم ِّي‬ ‫ال ال َع َر ِب ِّي ِ‬ ‫جل ْن ِس َّي ِة يِف ال َع مَ ِ‬ ‫َما َق ْب َل امل ِْثلِ َّي ِة ا ِ‬ ‫‪178‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ِ ِِ ِ‬ ‫عر ُه جي ُلو َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫حسن الس ِ‬
‫عر ُه‬‫فرط حساس َيته) (ش ُ‬ ‫لطيف تأدية الكال ِم) (ش ُ‬ ‫َ‬ ‫مت‬ ‫َ َ َ َّ‬
‫ِ‬
‫مصقوالن) (ول ُط َف ْت‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ول ُ‬ ‫مص ُق ٌ‬
‫شخص ُه‪ ،‬فهام ْ‬
‫َ‬ ‫عر ُه‬
‫(ماثل ش ُ‬ ‫مثل شخص َّيته)‬ ‫ْ‬
‫تظهر طب َع ُه‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اح‪ ...‬وتُع َّل ُم منه ر َّق ُة ال َّطبعِ) (له َقصيدَ ُة قص َري ٌة‬‫الر ِ‬ ‫ذا ُت ُه ُل ْط َ‬
‫ُ‬ ‫ف َّ‬
‫يء ِ‬ ‫عر ِه الر ِد ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ ِِ‬
‫غري‬ ‫وفرط حساس َيته) (غلظ ُة طباعه باد َي ٌة يف نوع َّية ش ِ َّ‬ ‫ْ‬ ‫قيق‬
‫الر َ‬ ‫َّ‬
‫ِ (‪)1‬‬
‫املصقول)‪.‬‬ ‫ْ‬
‫ِ‬
‫احلساس َي َة‬ ‫ِ‬
‫افرتاض َّ‬
‫أن‬ ‫ِ‬
‫االعتقاد يف‬ ‫ِ‬
‫املنطق َّي ُة املتو َّق َع ُة هلذا‬ ‫ص النَّتيج ُة‬ ‫َّ‬
‫وتتلخ ُ‬
‫ِ‬ ‫الش ِ‬ ‫ِ‬ ‫والر َّق َة مها ِم ْن‬
‫واألدباء حتديد ًا‪.‬‬ ‫عراء‬ ‫سامت ُّ‬ ‫وا َّللطاف َة ِّ‬
‫ف فقيه ًا‪:‬‬ ‫املثال ِ‬
‫يص ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫سبيل‬ ‫درويش ال َّط ِ‬
‫الو ِّي يف‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫قال‬
‫ْ‬
‫تأخذ ُه لومة الئ ِم‬ ‫ِ‬
‫األديــب لطـا َف ًة‬
‫ويف اهللِ مل ْ‬ ‫طبع‬
‫ُ‬ ‫فقي ٌه له‬
‫(*)‬

‫[*] ال ّط ّ‬
‫الوي‪ ،‬سانحات دمى القرص‪.287 :2 ،‬‬

‫*****‬
‫ِ‬
‫كثرة‬ ‫ِ‬
‫جلهة‬ ‫العمو ِم موقع ًا متقدِّ م ًا‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ ِ‬
‫واحلب عىل وجه ُ‬ ‫ِّ‬ ‫الغزل‬ ‫عر‬
‫ويشغل ش ُ‬
‫احلقبة‪ )2(.‬وتتجلىَّ حقيق ُة‬ ‫ِ‬ ‫تلك‬‫عر َّي ِة يف َ‬‫الش ِ‬
‫بات ِّ‬ ‫املنتخ ِ‬
‫َ‬ ‫ِ‬
‫االستشهاد به يف ِ‬
‫كتب‬
‫عر يف امللحو َظ ِة اآلت َي ِة التِي أور َدها‬ ‫الش ِ‬ ‫َّوع ِم َن ِّ‬ ‫َّ ِ ِ‬
‫الشعبِ َّية التي يتمت َُّع هبا هذا الن ُ‬
‫بن‬‫حمم ٍد ِ‬ ‫احلق ِ‬
‫بن َّ‬ ‫عبد ِّ‬ ‫بن ِ‬
‫إسامعيل ِ‬
‫َ‬ ‫معرض حديثِ ِه عن َّ‬
‫الش ِ‬
‫يخ‬ ‫ِ‬ ‫املح ِّب ُّي يف‬
‫رقيق حاشي َة ال َّطب ِع‬ ‫ال شاعر ًا َ‬ ‫َ‬
‫(كان فاض ً‬ ‫ِ‬
‫باحلجاز ِّي‪:‬‬ ‫وف‬‫حمم ٍد احلمصيِ ا َملعر ِ‬
‫ِّ ُ‬ ‫َّ‬

‫الرحيانة‪،207 :4 ،447 :3 ،‬‬ ‫(((   املح ّب ّي‪ ،‬خالصة األثر‪151 :1 ،‬؛ املح ّب ّي‪ ،‬نفحة ّ‬
‫الوهبي‪،‬‬
‫ّ‬ ‫الفتح‬ ‫‪،‬‬‫املنيني‬
‫ّ‬ ‫انظر‬ ‫املطبوع‪،‬‬ ‫الكيواين‪ ،‬الدّ يوان‪ .133 ،‬عن ّ‬
‫الشعر‬ ‫ّ‬ ‫‪3:88‬؛‬
‫‪.115 :1‬‬
‫ِ‬ ‫(((   املؤ ّلفات ّ‬
‫اخلفاجي) (توفيّ‬
‫ّ‬ ‫الرئيسة يف هذه احلقبة ه َي(رحيانة األلبا) لـ (أمحد‬
‫الشعر ّية ّ‬
‫سنة ‪)1659‬؛ (سالفة العرص) لـ (ابن معصوم) (توفيّ سنة ‪ 1708‬تقريبا)‪ ،‬و(نفحة‬
‫(الروض النّرض) لـ (عثامن‬ ‫الرحيانة) لـ (أمحد األمني املح ّب ّي) (توفيّ سنة ‪)1699‬؛ و ّ‬
‫ّ‬
‫الغالمي) (توفيّ‬
‫ّ‬ ‫العمري) (توفيّ سن َة ‪)1771/1770‬؛ و(شاممة العنرب) لـ ّ‬
‫(حممد‬ ‫ّ‬
‫سنة ‪.)1773-1772‬‬
‫جلما ِل ُّيون‬ ‫الثا ِني‪ :‬ا َ‬ ‫الفص ُل َّ‬ ‫ْ‬
‫‪179‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫حلو املذاك ََر ِة وله‬ ‫ِ‬


‫املؤانسة َ‬
‫َ‬ ‫لطيف‬
‫َ‬ ‫األسلوب لينِّ َ ال ُعشرْ َ ِة‬
‫ِ‬ ‫البدهي ِة َح َس َن‬
‫َ‬ ‫رائق‬
‫َ‬
‫وق واحلب ِ‬
‫وذ ْك ِر‬ ‫الش ِ‬ ‫ب الر َّق ِة جاري ٌة عىل وص ِ‬
‫ِّ‬ ‫ف َّ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫كثري ٌة مسبو َك ٌة يف قا َل ِ ِّ‬ ‫أشعار َ‬
‫ٌ‬
‫َّاس‪،‬‬ ‫ِ‬
‫ولطف مكانهُ ا عندَ أكثر الن ِ‬
‫َ‬ ‫ِ‬
‫بالقلوب‪،‬‬ ‫ِ‬
‫الصبا َبة والغرا ِم‪ ،‬فلهذا عل َق ْت‬ ‫َّ‬
‫(‪)1‬‬
‫وما ُلوا إليها‪ ،‬وحف ُظوها وتداو ُلوها بين َُهم)‪.‬‬
‫ِ‬ ‫الشعرا ُء يف ِ‬
‫الذك ََر‬ ‫(اجلندر) َّ‬
‫َ‬ ‫أكثر احلاالت ال فيها ك ِّلها الن َ‬
‫َّوع‬ ‫ويستعمل ُّ‬ ‫ُ‬
‫أن قو َلنا هذا‬ ‫املحبوب‪ )2(.‬ويتعينَّ ُ يف هذا املقا ِم التَّوكيدُ عىل َّ‬ ‫ِ‬ ‫يف حديثِ ِهم عن‬
‫تبيح ا ُّللغ ُة‬ ‫هذه القص ِ‬ ‫وق املخا َطب يف ِ‬ ‫ال يعنِي ُّ‬
‫كان ذكر ًا‪ ،‬إذ ُ‬ ‫ائد َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫املعش َ‬‫أن ُ‬ ‫قط َّ‬
‫ِ‬
‫لإلشارة‬ ‫احلبيب)‬ ‫ِ‬ ‫(املحبوب أو‬ ‫ِ‬ ‫الصي َغ ِة املذك ََّر ِة ِ‬
‫مثل‬ ‫َ‬ ‫َّقليد َّي ُة‬ ‫العربِي ُة الت ِ‬
‫استعامل ِّ‬ ‫َّ‬
‫باملحبوب‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫االستعارات التَّقليد َّي ُة املقرت َن ُة‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫إىل األن َثى؛ وزياد ًة عىل ذل َك‪ ،‬تنتمي‬
‫ِ‬ ‫الش ِ‬ ‫(الغزال‪ ،‬ال َّظ ِ‬‫ِ‬ ‫الغزل العربيِ ِّ ُ‬ ‫ِ‬ ‫يف ِ‬
‫القمر‪،‬‬ ‫ادن‪،‬‬ ‫الرشا‪َّ ،‬‬ ‫الري ِم‪َّ ،‬‬ ‫بي‪ِّ ،‬‬ ‫مثل‬ ‫شعر‬
‫ني‬ ‫وص َل العديدُ ِم َن الباحثِ َ‬ ‫كر ِّي‪ .‬وقدْ َ‬ ‫الذ ِ‬ ‫تنتمي إىل النَّو ِع َّ‬ ‫البدر‪ ...‬الخ) ِ‬ ‫ِ‬
‫حيتفي‬ ‫الذي ِ‬ ‫أن احلب ِ‬ ‫استنتاج يفيدُ َّ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫امللحوظات إىل‬ ‫وء ِ‬
‫هذه‬ ‫واملعنيني يف ض ِ‬
‫َّ‬ ‫َ‬ ‫ِّ َ‬
‫لمِ‬ ‫ِ‬
‫قصائدهم الغزل َّية خالف ًا َا‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫به ُّ‬
‫(متخالف‬ ‫ٌ‬ ‫حب‬
‫يظهر منها‪ ،‬هو ٌّ‬ ‫ُ‬ ‫الشعرا ُء يف َ‬
‫ِ‬
‫ِ‬
‫القرن‬ ‫ني يف‬ ‫وم ْن هؤالء الباحثِ َ‬ ‫األقل كقاعدَ ِة؛ ِ‬ ‫ِّ‬ ‫ثابت‪ ،‬أو يف‬ ‫بنحو ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫جنس َّي ًا)‬ ‫ِ‬
‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وتصمي ٍم بعدَ‬ ‫وف (ادوارد لني) الذي أ َّكدَ بثقة ْ‬ ‫عر ُ‬ ‫املستعر ُب ا َمل ُ‬ ‫َّاسع عشرَ َ‬
‫الت َ‬
‫سلوكات املصرْ ِ ِّي َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ترمجتِ ِه بعض ًا ِمن قص ِ‬
‫ني‬ ‫ف‬ ‫(وص ُ‬ ‫احلب العربِ َّية يف كتابِه ْ‬ ‫ِّ‬ ‫ائد‬ ‫ْ َ‬
‫ألن‬ ‫بضمري األن َثى‪َّ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫الذ ِ‬
‫كر‬ ‫ضمري َّ‬ ‫وتقاليد ُهم) مب ِّين ًا‪( :‬استبد ْل ُت‬ ‫ِ‬ ‫ني‬‫احلديثِ َ‬
‫َ‬
‫اعر‬ ‫الش ِ‬ ‫ِ‬
‫استعامل َّ‬ ‫الرغ ِم ِم ْن‬ ‫كان األن َثى عىل ُّ‬ ‫األص ِل َ‬ ‫ب يف ْ‬ ‫املقصو َد واملخا َط َ‬ ‫ُ‬
‫(((   املح ّب ّي‪ ،‬خالصة األثر‪.406 :1 ،‬‬
‫لغوي‪:‬‬
‫ّ‬ ‫املقوم ا ّل‬
‫إضافة ّ‬
‫ّغزل فرقا ُيعرف من تعريفهام‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ت‬ ‫وال‬ ‫الغزل‬ ‫بني‬ ‫ّ‬
‫أن‬ ‫يشار إىل‬
‫أئم ِة األ َدبِ‬ ‫ِ‬
‫جاء يف التّاج‪ :‬ال َغ َز َل هو محُ اد َث ُة النّساء ولع َّله من َمعانيه‪،‬‬
‫واملعروف عند َّ‬
‫ُ‬
‫الظاهرة من ا َملحبوب أو ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫كر‬
‫ُ‬ ‫ذ‬ ‫األعضاء‬ ‫َّسيب‪ :‬هو َمدْ ُح‬ ‫أن ال َغ َز َل والن َ‬
‫وأهل ال ِّلسان َّ‬
‫للغزل‪ِ.‬‬
‫ف له أي َ‬ ‫فهو ال َّت َك ُّل ُ‬ ‫ِ‬
‫الو ْص ِل واهل َ ْجر أو نحو ذلك‪ .‬أ َّما الت َغ ُّزل‪َ :‬‬ ‫أ ّيا ِم َ‬
‫األنثوي‪ ،‬انظر املح ّب ّي‪ ،‬نفحة‬
‫ّ‬ ‫((( لالستزادة بشأن شعر الغزل الذي يستعمل النّوع‬
‫الرحيانة‪-499 :3 ،65 :3 ،427-425 :2 ،292 :2 ،273 :2 ،200-198 :1 ،‬‬ ‫ّ‬
‫الكنجي‪ ،‬بلوغ املنى‪.68 ،16-15 ،‬‬ ‫ّ‬ ‫‪48‬؛‬ ‫‪:4‬‬ ‫‪،500‬‬
‫اإل ْسال ِم ِّي‬ ‫ال ال َع َر ِب ِّي ِ‬ ‫جل ْن ِس َّي ِة يِف ال َع مَ ِ‬ ‫َما َق ْب َل امل ِْثلِ َّي ِة ا ِ‬ ‫‪180‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫عر َّي ِة املامثِ َل ِة)‪ )1(.‬ويتم َّث ُل‬


‫الش ِ‬ ‫األعامل املصرْ ِ َّي ِة ِّ‬
‫ِ‬ ‫شائع يف‬
‫ٌ‬ ‫كر‪ ،‬كام هو‬ ‫الذ ِ‬ ‫ضمري َّ‬
‫َ‬
‫الفص ِل‬‫أن استشهدْ نا به يف ْ‬ ‫سبق ْ‬ ‫األرجح يف مقط ٍع َ‬ ‫ِ‬ ‫اح ًة عىل‬‫فص َ‬‫األكثر َ‬
‫ُ‬ ‫الر ُّد‬
‫َّ‬
‫للكاتب املصرْ ِ ِّي‬
‫ِ‬ ‫باريز)‬
‫وصف أحوال ْ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اإلبريز يف ْ‬
‫ْ‬ ‫(ختليص‬ ‫كتاب‬ ‫األول م ْن‬ ‫َّ‬
‫كان فيها‬ ‫ِ‬ ‫تهِ‬
‫باريس يف املدَّ ة ذا ا تقريب ًا التي َ‬ ‫ِ‬ ‫كان يف‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫رفاع َة طه ال َّطهطاو ِّي الذي َ‬
‫َ‬
‫لواط يف ذلِ َك ِ‬ ‫افض ُملامرس ِة ا ِّل ِ‬ ‫ِ‬
‫البلد‪.‬‬ ‫الر ِ َ َ‬ ‫(لني) يف مصرْ َ ‪ ،‬وع َّل َق عىل املوقف َّ‬
‫وأشعار ِهم أنهَّ ا تأ َبى ّ‬
‫تغز َل‬ ‫ِ‬ ‫حماسن لسانهِ ِم‬
‫ِ‬ ‫هطاوي‪ِ :‬‬
‫(فم ْن‬ ‫قال َال َّط ِ ُّ‬
‫جل‪ :‬عش ْق ُت غالم ًا‪،‬‬ ‫الر ِ‬ ‫الفرنساو َّي ِة ُ‬
‫قول َّ‬ ‫ِ‬ ‫بمثل ِه‪ ،‬فال حيس ُن يف ا ُّللغة‬
‫اجلنس ِ‬
‫ِ‬
‫ترجم أحدُ ُهم كتاب ًا‬
‫َ‬ ‫وذ ا ُمل ْش ِك ِل‪ ،‬فلذلِ َك إذا‬
‫يكون ِمن الكال ِم املنب ِ‬
‫ُ‬ ‫ُ َ‬ ‫فإن هذا‬ ‫َّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫اجلملة‪ :‬عش ْق ُت‬ ‫ترمجة َ‬
‫تلك‬ ‫ُ‬
‫فيقول يف‬ ‫آخر‪،‬‬ ‫قلب الكال َم إىل وجه َ‬ ‫م ْن كتبِنا‪َ ،‬‬
‫ً (‪)2‬‬
‫غال َم ًة أو ذاتا)‪.‬‬

‫العرب بطري َق ٍة مماث َل ٍة إىل‬ ‫ِ‬ ‫ني احلديثِ َ‬


‫ني‬ ‫ني األدب ِّي َ‬ ‫املؤر ِخ َ‬ ‫ِ‬
‫ويميل العديدُ م َن ِّ‬ ‫ُ‬
‫جنس َّي ًا) كقاعدَ ٍة‪ ،‬وكانُوا يف‬ ‫كان (متخالِف ًا ِ‬ ‫ِ‬
‫احلديث َ‬ ‫الغزل ما َ‬
‫قبل‬ ‫َ‬ ‫أن‬ ‫ِ‬
‫افرتاض َّ‬
‫الت َلمِا‬‫عر بتأم ٍ‬
‫الش ِ ُّ‬ ‫ملناقشاتهِ ِم يف هذا النَّو ِع ِم َن ِّ‬ ‫َ‬ ‫يمهدُ َ‬
‫ون‬ ‫ِ‬
‫بعض م َن األحيان ِّ‬
‫ٍ ِ‬
‫جال والن ِ‬ ‫بني الر ِ‬ ‫ِ‬ ‫ابع العاملِ َّي‬
‫افرتض‬ ‫َ‬ ‫ِّساء‪ )3(.‬إذ‬ ‫للحب َ ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫واألبد َّي‬ ‫يعدُّ و َن ُه ال َّط َ‬
‫العلم َّي ِة العربِ َّي ِة احلدي َث ِة القلي َل ِة عن‬ ‫ِ‬ ‫الر ِ‬
‫سائل‬ ‫ف إحدَ ى َّ‬ ‫موسى باشا مؤ ِّل ُ‬ ‫عمر َ‬ ‫ُ‬
‫الشعرا َء كانُوا‬ ‫أن ُّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وكان ثابت ًا يف افرتاضه َّ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬
‫واألدب يف هذه احلقبة مثالً‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الش ِ‬
‫عر‬ ‫ِّ‬
‫ِ‬ ‫الرغ ِم ِم ْن أ َّن ُه‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫ال عن‬ ‫ال أو غاف ً‬ ‫كان جاه ً‬ ‫بالكاد َ‬ ‫َّون بخصال نسائ ِهم عىل ُّ‬ ‫يتغن َ‬
‫ٍ‬
‫بإجياز‬ ‫موسى باشا‬ ‫بالغ ِ‬‫الذين تناولهَ م ِ‬ ‫عراء ِ‬‫الش ِ‬ ‫العديد ِم َن ُّ‬ ‫ِ‬ ‫ول ِع‬
‫َ‬ ‫لامن‪ ،‬وبينَّ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫القص َري ِة‬
‫أن عدد ًا كبري ًا ِمن املقاط ِع ِ‬
‫َ‬ ‫املثال َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫سبيل‬ ‫أحد مواض ِع رسالتِ ِه يف‬ ‫يف ِ‬
‫َت ماجنَ ًة‬ ‫اجلند ُّي ( ُتوفيِّ َ سن َة ‪1841‬م) كان ْ‬ ‫ِ‬ ‫أمني‬
‫ور ُّي ُ‬ ‫الس ِ‬ ‫نظمها َّ‬ ‫ِ‬
‫اعر ُّ‬ ‫الش ُ‬ ‫التي َ‬
‫َت أبعدَ ما‬ ‫سفل َّي ٍة كان ْ‬
‫هوامش ِ‬ ‫َ‬ ‫أخرى أور َدها ك َّلها يف‬ ‫مقابل أبيات َ‬
‫ٍ‬ ‫َ‬ ‫وبذي َئ ًة‬
‫(((   لني‪ ،‬وصف سلوكات املرص ّيني‪.257 ،‬‬
‫هطاوي‪ ،‬ختليص اإلبريز‪.87 ،‬‬
‫ّ‬ ‫(((   ال ّط‬
‫والعثامين‪127-117 ،‬؛ إلاّ أن املؤ ّلف اعرتف يف‬
‫ّ‬ ‫اململوكي‬
‫ّ‬ ‫(((   أمني‪ ،‬مطالعات يف ّ‬
‫الشعر‬
‫بقوة‪.‬‬
‫ّ‬ ‫حارضا‬ ‫كان‬ ‫بالغلامن‬ ‫ل‬ ‫ّغز‬
‫ّ‬ ‫ت‬ ‫ال‬ ‫شعر‬ ‫ختام مناقشته ّ‬
‫بأن‬
‫جلما ِل ُّيون‬ ‫الثا ِني‪ :‬ا َ‬ ‫الفص ُل َّ‬ ‫ْ‬
‫‪181‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫در إهلا ٍم هلا؛ ويبدُ و‬ ‫الغ ُ ِ‬ ‫وكان ِ‬‫َ‬ ‫املجون والبذا َء ِة‪،‬‬
‫ِ‬ ‫ُ‬
‫مص َ‬ ‫الح ْ‬ ‫لامن امل ُ‬ ‫تكون عن‬
‫َ‬ ‫هذه احلقيق َة مث َلام‬ ‫جتاهل (باشا) ِ‬ ‫ُ‬ ‫واضح ًا‬
‫رب ُر إباح َت ُه‬ ‫مسو ٍغ ي ِّ‬ ‫تقديم ِّ‬ ‫َ‬ ‫جتاهل‬
‫طبيعة (متخال َف ٍة ِ‬
‫جنس َّي ًا)‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫كان ذا‬ ‫الغزل يف عصرْ ِ ِه َ‬ ‫ِ‬ ‫شعر‬ ‫افرتاض َّ‬ ‫لنفس ِه‬ ‫ِ‬
‫أن َ‬ ‫َ‬
‫ف‬ ‫أباح األستا ُذ يف اجلام َع ِة ا ُّللبنانِ َّي ِة أسام ُة عانُوتيِ ُّ مؤ ِّل ُ‬ ‫ِ ِِ‬
‫املنوال ذاته‪َ ،‬‬ ‫(‪ )1‬وعىل‬
‫ور ِّي يف‬ ‫الس ِ‬ ‫ِ‬
‫األدب ُّ‬ ‫األخرى عن‬ ‫َ‬ ‫الرائدَ ِة واملفيدَ ِة يف جوانبِها‬ ‫ِ‬
‫أحد األعامل َّ‬
‫ِ‬
‫يكون فيه‬ ‫ُ‬ ‫الذي‬‫الغزل ِ‬ ‫َ‬ ‫يح َّ‬
‫بأن‬ ‫حق ال َّتصرْ ِ‬ ‫لنفس ِه َّ‬ ‫القرن ال َّثامن عشرَ ؛ أباح ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫كان نادر ًا‬ ‫ذكور َّي ًا‪َ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫ب)‬ ‫املستعم َل‬ ‫سيِ‬
‫فحس ُ‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َّوع اجلن َّ‬ ‫احلب (ال الن َ‬ ‫ِّ‬ ‫وع‬
‫موض ُ‬ ‫ُ‬
‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ ِ‬
‫خليل‬ ‫مشري ًا إىل أربعة م ْن هذه األمثلة يف املعج ِم الترَّ امج ِّي الذي أ َّل َف ُه َّ‬
‫حممدُ‬
‫(‪)2‬‬
‫املراد ُّي ( ُتوفيِّ َ سن َة ‪1791‬م)‪.‬‬ ‫ِ‬

‫القصائدُ‬‫تكثر َ‬
‫وبنحو قاطعٍ‪ .‬إذ ُ‬ ‫ٍ‬ ‫مثل هذا هو خاطِ ٌئ بسهو َل ٍة شديدَ ٍة‬ ‫وقول ُ‬
‫ٌ‬
‫(عذار) من وقعوا يف ِ‬ ‫التِي حتدَّ َ‬
‫ِ‬
‫(عارضيهم)‬ ‫غرام ِهم أو‬ ‫ِ َ ْ ُ‬ ‫ث فيها ُّ‬
‫الشعرا ُء عن‬
‫بعرش‬‫ذكر ُه (عانوتيِ ُّ ) ِ‬ ‫األمر ما َ‬ ‫ِ‬ ‫ويتجاوز العد ُد يف واق ِع‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬
‫العمل ‪ -‬بل‬ ‫(‪ )3‬يف هذا‬
‫كان حمبوب ًا ذكر ًا‬ ‫ائد َ‬ ‫هذه القص ِ‬ ‫أن املقصود يف ِ‬ ‫َ‬
‫ندرك َّ‬ ‫ِ‬
‫وينبغي لنا ْ‬
‫أن‬ ‫ات ‪-‬‬‫مر ٍ‬
‫َ‬ ‫ُ َ‬ ‫َّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫«عارض» ا َّللتَني تشريان إىل‬ ‫ِ‬
‫ٌ‬ ‫«عذار» و‬‫ٌ‬ ‫شا َّب ًا (ال امرأةً) مث َلام يتبينَّ ُ م ْن َ‬
‫مفر َدتيَ‬
‫ِ‬
‫احلاالت حيدِّ ُد‬ ‫األكرب ِم َن‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫العدد‬ ‫الس َ‬
‫ياق يف‬ ‫ِ‬
‫العذار‪ ،‬إلاَّ َّ‬ ‫اخلدِّ وكذلِ َك إىل‬
‫أن ِّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫مثال‬ ‫واألبيات اآلت َي ُة ٌ‬
‫ُ‬ ‫املقصو ُد‪،‬‬ ‫يح أ َّي ًا م ْن هذه املعانيِ هو ُ‬ ‫واضح وصرَ ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫بنحو‬
‫ذلك‪:‬‬‫واضح عن َ‬ ‫ٌ‬

‫اجلندي‪ ،‬الدّ يوان‪،‬‬


‫ّ‬ ‫العثامين‪593 ،‬؛‬
‫ّ‬ ‫العريب‪ :‬األدب‬
‫ّ‬ ‫(((   عمر موسى باشا‪ ،‬تاريخ األدب‬
‫‪.143-123‬‬
‫كل‬ ‫ِ‬
‫أن هذه األمثلة األربعة ه َي ّ‬ ‫العانويت ّ‬
‫ّ‬ ‫  عانويت‪ ،‬احلركة األدب ّية‪( 59 ،‬هامش‪ .)1‬ذكر‬
‫ّ‬ ‫(((‬
‫ما متكّن من رصده يف العمل‪.‬‬
‫ار َضني يراد به خ ّفة شعر‬ ‫(((   مجع عارض وهو صفحة اخلدّ ‪ .‬وقوهلم فالن خفيف ال َع ِ‬
‫لغوي)‪.‬‬
‫ّ‬ ‫(املقوم ا ّل‬
‫ّ‬ ‫عارضيه‪.‬‬
‫اإل ْسال ِم ِّي‬ ‫ال ال َع َر ِب ِّي ِ‬ ‫جل ْن ِس َّي ِة يِف ال َع مَ ِ‬ ‫َما َق ْب َل امل ِْثلِ َّي ِة ا ِ‬ ‫‪182‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ِ‬
‫العمر ُّي ( ُتوفيِّ َ سن َة ‪1771 -1770‬م)‪:‬‬ ‫ُ‬
‫عثامن‬ ‫َ‬
‫قال‬
‫املسلس ِل‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫ﺁسالعذار‬ ‫ْ‬
‫أن بدا‬ ‫إىل‬ ‫ُشغ ْف ُت بشهد ِّي ا َّل َ‬
‫لمى َو ْه َو أ ْم َر ُد‬

‫اهلوى بالتَّن ُّق ِل‬ ‫َّ‬ ‫تن َّق ْ‬ ‫ِ‬


‫مهرو ٌل‬ ‫ِ‬
‫ات َ‬ ‫فلـــــذ ُ‬ ‫ـــل‬ ‫الوجه وهو‬ ‫فنا َدى سنا ُء‬

‫َ‬
‫وقال‪:‬‬
‫ِ‬
‫العذار‬ ‫ُ‬
‫ليل‬ ‫حموها‬ ‫َ‬
‫فحـــاول‬ ‫آي‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫بدا ِم ْن ُص ِ‬
‫َ‬ ‫ذاك الوجه ٌ‬ ‫بح‬
‫(*)‬ ‫ِ‬
‫َّهــــار‬ ‫وجـــ َه الن‬
‫أآمنتُم بـــه ْ‬ ‫الصـد ِغ عيب ًا‬ ‫فيا َم ْن عدَّ َ‬
‫ليل ُّ‬

‫[*] هذه اجلملة‪( :‬أآمنتم به َو ْج َه النّهار) مقتبسة من القرآن الكريم (سورة آل‬
‫مكملة للمعنى املراد منها؛ وقد حذفها‬ ‫عمران اآلية ‪ )72‬وهلا يف اآلية مجلة معطوفة عليها ّ‬
‫ِ‬
‫ف الكال ِم ث َق ًة بفهم َّ‬
‫السامعِ" أي‬ ‫"ح ْذ ُ‬ ‫ّ‬
‫الشاعر ومل يقتبسها جريا عىل ما يعرف يف العرب ّية بـ َ‬
‫إدراكه له وفهمه املعنى املقصود‪.‬‬
‫َاب ِآمنُو ْا بِا َّل ِذ َي‬
‫(و َقا َلت َّط ِآئ َف ٌة ِّم ْن َأ ْه ِل ا ْل ِكت ِ‬ ‫أ ّما اآلية املقتبس منها فهي قوله تعاىل‪َ :‬‬
‫ار وا ْك ُفرو ْا ِ‬
‫آخ َر ُه َل َع َّل ُه ْم َي ْر ِج ُع َ‬ ‫ِ‬
‫أن النّاس زمن‬ ‫ون)‪ .‬وذلك ّ‬ ‫ُأ ِنز َل َعلىَ ا َّلذي َن آ َمنُو ْا َو ْج َه الن ََّه ِ َ ُ‬
‫السالم‪ ،‬كانوا ينظرون إىل علامء {أهل الكتاب} نظرة احرتام وثقة؛ فكان‬
‫حممد عليه ّ‬
‫نبوة ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫استغل عدد من أولئك العلامء هذه ال ّثقة استغالال س ّيئا يرمي إىل تشكيك النّاس‬ ‫أن‬
‫بصدق رسالة اإلسالم‪.‬‬
‫السدّ ّي‪:‬‬ ‫جاء يف تفسري ال ّط ّ‬
‫ربي‪[ :‬عن ّ‬
‫وقالت طائفة من أهل الكتاب آمنوا بالذي أنزل عىل الذين آمنوا وجه النّهار‬
‫واكفروا آخره لع ّلهم يرجعون" كان أحبار قرى عرب ّية اثني عرش حربا‪ ،‬فقالوا لبعضهم‪:‬‬
‫ّ‬
‫صادق‪ ،‬فإذا كان آخر النّهار‬ ‫حق‬
‫حممدا ّ‬
‫أن ّ‬‫حممد ّأول النّهار وقولوا‪ :‬نشهد ّ‬
‫ادخلوا يف دين ّ‬
‫حممدا كاذب‬
‫أن ّ‬‫فاكفروا وقولوا‪ :‬إنّا رجعنا إىل علامئنا وأحبارهم فسألناهم فحدّ ثونا ّ‬
‫فهو أعجب إلينا من دينكم؛ لع ّلهم يشكّون‬
‫وأنّكم لستم عىل يشء‪ ،‬وقد رجعنا إىل ديننا َ‬
‫عز ّ‬
‫وجل رسوله بذلك‪.].‬‬ ‫يقولون‪ :‬هؤالء كانوا معنا ّأول النّهار فام باهلم؟!‪ .‬فأخرب اهلل ّ‬
‫جلما ِل ُّيون‬ ‫الثا ِني‪ :‬ا َ‬ ‫الفص ُل َّ‬ ‫ْ‬
‫‪183‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫وهكذا ّ‬
‫فإن ّ‬
‫الشاعر هنا‪ ،‬ينكر عىل من مال إىل الغالم وعشقه عندما كان وجهه‬
‫ثم مال عنه ّملا ظهر سواد العذار كسواد ا ّلليل؛ فكأنّه‬
‫أبيض كالنّهار مل ْ يكن عذاره نبت‪ّ ،‬‬
‫لغوي)‪.‬‬
‫ّ‬ ‫(املقوم ا ّل‬
‫ّ‬ ‫ثم كفر به آخره‪.‬‬
‫آمن بعشقه ّأول األمر ّ‬
‫*****‬

‫مصط َفى الكيوانيِ ُّ ‪:‬‬ ‫الشاعر الدِّ ِ‬


‫مشق ُّي أمحدُ ب ُن ُح َسينْ ٍ باشا ِ‬ ‫َ‬
‫بن ْ‬ ‫وقال َّ ُ‬
‫رد ِه‬
‫ع��ـ��ـ��ـ��ذار تنمنـم يف و ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ٌ‬ ‫ســال يف خ��ـ��دَّ ِه‬
‫َ‬ ‫ك��م‬
‫ْ‬ ‫غ�ل�ا ٌم‬

‫احل���ي���اء ع�لى خ���دِّ ِه‬ ‫ِ‬ ‫ِة وم����ا ُء‬ ‫ِ‬


‫��ـ��ـ��ر م���ا ُء احليا‬ ‫ِ‬
‫ب��ف��ي��ه امل��ع�� َّط‬

‫ي��ت��وق إل��ـ��ى ِو ْر ِد ِه‬ ‫ُ‬ ‫َب قلب ًا‬ ‫كــم أذا‬ ‫ْ‬ ‫���ر ٌد جامـــــدٌ‬ ‫به َب ْ‬

‫شاهني ( ُتوفيِّ َ سن َة ‪1644‬م)‪:‬‬


‫َ‬ ‫وقال أمحدُ ب ُن‬‫َ‬
‫أعـذار ُه‬
‫ُ‬ ‫وص ِل ِه‬
‫ْ‬ ‫ِ‬
‫لطالب‬ ‫فبدَ ْت‬ ‫ِ‬
‫عذاره‬ ‫ُ‬
‫خطوط‬ ‫ِ‬
‫خف َي ْت‬ ‫و ُم ْع ِذ ٌر‬

‫غبـــار ُه‬ ‫وبدا خفيـــ ًا للو ِ‬


‫رود‬ ‫رود ِه رحيان ٌة‬ ‫حتـت و ِ‬ ‫الح‬ ‫قد‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ‬
‫(*)‬
‫َدلاَّ ً وخي ُطو باخلُ َطى خ َّط ُار ُه‬ ‫أقطـار ُه‬
‫ُ‬ ‫فتقطـــر بالدِّ مـا‬
‫ُ‬ ‫يبدُ و‬
‫(**)‬
‫أوطار ُه‬
‫ُ‬ ‫أوطــارنا‬
‫َ‬ ‫وتع َّبــدَ ْت‬ ‫َّ‬
‫ورق كال ُمـ ُه‬ ‫را َقـْت شــامئ ُل ُه‬
‫(***)‬
‫عــذار ُه‬ ‫ِ‬
‫باليقني‬ ‫فيه فأنبــــــأ‬ ‫َّــر ومؤن ٍ‬
‫َّـث‬ ‫بني مذك ٍ‬
‫ْت َ‬‫فش َكك ُ‬
‫ُ‬

‫اهتز ورمح َخ َّطار بالتّشديد‬


‫الرمح خيطر بالكرس َخ َط َران ًا ّ‬
‫الصحاح‪( :‬خطر ّ‬
‫[*] يف خمتار ّ‬
‫الرمح ارتفاعه وانخفاضه لل ّطعن ورجل َخ َّط ٌار ّ‬
‫بالرمح بالتّشديد‬ ‫ذو اهتزاز وقيل َخ َط ُ‬
‫ران ّ‬
‫لغوي)‪.‬‬
‫ّ‬ ‫(املقوم ا ّل‬
‫ّ‬ ‫الرجل أيض ًا ّ‬
‫اهتز يف مشيه وتبخرت‪.).‬‬ ‫أي ط َّعان و َخ َط َر ّ‬
‫لغوي)‪.‬‬
‫ّ‬ ‫(املقوم ا ّل‬
‫ّ‬ ‫[**] األوطار‪ :‬احلاجات‪.‬‬
‫الكيواين‪ ،‬ديوان‪801 ،‬؛‬
‫ّ‬ ‫الروض النّرض‪854 :1 ،‬؛ أمحد‬
‫العمري‪ّ ،‬‬
‫ّ‬ ‫[***] عثامن‬
‫الرحيانة‪.621 :1 ،‬‬
‫املح ّب ّي‪ ،‬نفحة ّ‬
‫اإل ْسال ِم ِّي‬ ‫ال ال َع َر ِب ِّي ِ‬ ‫جل ْن ِس َّي ِة يِف ال َع مَ ِ‬ ‫َما َق ْب َل امل ِْثلِ َّي ِة ا ِ‬ ‫‪184‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫*****‬
‫ُ‬
‫(سلك‬ ‫ِ‬
‫املراد ِّي‬ ‫ِ‬
‫كتاب‬ ‫كثري ‪ِ -‬م ْن‬ ‫مأخو َذ ٌة ‪-‬‬‫واألمثل ُة اآلت َي ُة ُ‬
‫وغريها ٌ‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫القرن ال َّثانيِ عشرَْ )‪:‬‬ ‫ِ‬
‫أعيان‬ ‫رر يف‬
‫الدُّ ْ‬
‫السفرجالنيِ ُّ ( ُتوفيِّ َ سن َة ‪1705‬م)‪:‬‬ ‫إبراهيم َّ‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫قال‬
‫بعـــذار ِه وازداد وجــدُ حمب ِ‬
‫ــــه‬ ‫ِ‬ ‫َّملـــا غدَ ْت وجنــــا ُت ُه مرقو َمــ ًة‬
‫ِّ‬ ‫َ ْ‬
‫ِ (*)‬ ‫العقيــق ِ‬
‫ف به‬ ‫فق ْ‬ ‫ُ‬ ‫يا َص ِ‬
‫ــاح هــذا‬ ‫دغ ِه‬
‫فيق هبا زبرجدَ ص ِ‬
‫ُ‬ ‫نا َدى َّ‬
‫الش ُ‬

‫املنورة‪ ،‬فيه ُع ٌ‬
‫يون‬ ‫والعقيق من أشهر أودية املدينة ّ‬
‫ّ‬ ‫مر ُد‪.‬‬
‫الز ُّ‬
‫الزبرجد‪ُّ :‬‬
‫[*] يف املعاجم‪ّ :‬‬
‫صوص‪ ،‬وأجوده األمحر‪.‬‬
‫ُ‬ ‫ّخذ منه ال ُف‬ ‫ون ٌ‬
‫َخيل‪ ،‬والعقيق َخ َر ٌز أحمْ َر ُتت ُ‬
‫البخاري باب‬
‫ّ‬ ‫أن العقيق واد ُم َبارك‪ ،‬ففي صحيح‬ ‫ّبوي ّ‬
‫وقد ورد يف احلديث الن ّ‬
‫بعنوان‪ :‬باب قول النّبي صلىّ اهلل عليه وس ّلم (العقيق ٍ‬
‫واد ُم َبارك) وفيه حديث عن عمر‬ ‫ّ‬
‫العقيق‪ ،‬يقول‪( :‬أتاين‬
‫ّ‬ ‫بن اخل ّطاب قال‪ :‬سمعت رسول اهلل صلىّ اهلل عليه وس ّلم بوادي‬
‫ا ّلليلة آت من ربيّ ‪ ،‬فقال‪ّ :‬‬
‫صل يف هذا الوادي ا ُمل َبارك)‪.‬‬
‫ّبوي يف عهد عمر بن اخل ّطاب بحىص جيء هبا من‬
‫وقد فرشت أرض املسجد الن ّ‬
‫أرض العقيق‪.‬‬
‫فهو يصف محرة خدّ ي الغالم بخرز العقيق‪،‬‬ ‫ويريد ّ‬
‫الشاعر هنا معنيي العقيق مجيعا‪َ ،‬‬
‫ثم يطلب من خما َطبه طول الوقوف والتّأ ّمل فيه كام ُيطلب الوقوف بوادي العقيق والقيام‬
‫ّ‬
‫لغوي)‪.‬‬
‫ّ‬ ‫(املقوم ا ّل‬
‫ّ‬ ‫فيه‪.‬‬
‫*****‬
‫جلما ِل ُّيون‬ ‫الثا ِني‪ :‬ا َ‬ ‫الفص ُل َّ‬ ‫ْ‬
‫‪185‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫َ‬
‫وقال‪:‬‬
‫ِ‬
‫َّطــريز‬
‫تلـوح كالت‬ ‫ِ‬
‫وجنتيه‬ ‫يف‬ ‫ك ُّفـوا املال َم وال تعيبوا زهـر ًة‬
‫ُ‬
‫(*)‬ ‫ِ‬
‫اإلبريز‬ ‫راضــ َة‬
‫أل َقــى عليه ُق َ‬ ‫عذار ِه‬
‫ِ‬ ‫ســطر‬
‫َ‬ ‫َّ‬
‫خط‬ ‫حل ْس ُن َّملا‬
‫وا ُ‬

‫[*] يف املعجم الوسيط‪َ :‬ط َرز ًا‪ :‬حسن خل ُقه بعد إساءة‪ .‬وـ تأنَّق يف ملبسه ومطعمه‪َ .‬‬
‫فهو‬
‫لغوي)‪.‬‬
‫ّ‬ ‫(املقوم ا ّل‬
‫ّ‬ ‫وشاه وزخرفه‪.‬‬ ‫وغريه‪ :‬جعل له طراز ًا‪ .‬وـ َ‬ ‫َ‬ ‫وب‬ ‫َط ِرز‪َ (.‬ط َّر َز) ّ‬
‫وطرز ال َث َ‬
‫لغوي)‪.‬‬
‫ّ‬ ‫(املقوم ا ّل‬
‫ّ‬ ‫راض ُت ُه ِق َط ُع ُه‪.‬‬
‫الذهب اخلالص‪ .‬و ُق َ‬‫واإلبريز ّ‬
‫*****‬
‫ٍ‬
‫جدي ( ُتوفيِّ َ سن َة ‪1714‬م)‪:‬‬ ‫َ‬
‫وقال أمحدُ ب ْن‬
‫ِ‬
‫القلـــوب محُ َ َّببــا‬ ‫ِّ‬
‫كـــل‬ ‫فغدا إىل‬ ‫ِ‬
‫الحــــة والبهـــا‬ ‫ص با َمل‬
‫تقم َ‬
‫بدر َّ‬
‫ٌ‬
‫ِ‬
‫القلــوب مجُ ِّربــا‬ ‫كان إلاَّ يف‬
‫مـا َ‬ ‫س َّل ْ‬
‫ـــت لواح ُّظــ ُه علينا ُم ْر َهفـــ ًا‬
‫ِ‬
‫العـــذار من َّقبـــا‬ ‫ِ‬
‫برحيـــان‬ ‫فغدا‬ ‫ِ‬
‫اخلدود لوافحـ ًا‬ ‫ِ‬
‫ورد‬ ‫َ‬
‫خيشى عىل‬

‫ربمـــ ًا نحـوي وألوى ُم َ‬


‫غضبا‬ ‫مت ِّ‬ ‫ال فحــدَّ َق حل َظــ ُه‬
‫وصــ ً‬
‫سـاو ْم ُت ُه ْ‬
‫(*)‬
‫عقربــا‬ ‫َ‬
‫لتقتـل َ‬ ‫ت َّفاحـــ ٌة ُرمـــ َي ْت‬ ‫وعـــــذار ُه‬
‫َ‬ ‫فكأن صـفح َة خـــدِّ ِه‬
‫َّ‬

‫السيف‬
‫تقمص‪ :‬لبس القميص‪ .‬املرهف‪ّ :‬‬ ‫[*] ا ّللواحظ مجع لحَ اظ هو ُم َّ‬
‫ؤخر العني‪ّ .‬‬
‫لغوي)‪.‬‬
‫ّ‬ ‫(املقوم ا ّل‬
‫ّ‬ ‫احلارة‪ .‬ألوى‪ :‬مال وأعرض‪.‬‬
‫الشديدة ّ‬ ‫الرقيق‪ .‬ا ّللوافح‪ّ :‬‬
‫الريح ّ‬ ‫ّ‬

‫*****‬

‫وقال أمحدُ الفالقنسيِ ُّ (‪1760-1759‬م)‪:‬‬


‫َ‬
‫تو ّددا‬ ‫َّعنيــف إلاَّ‬
‫ُ‬ ‫الت‬ ‫فام زادنيِ‬ ‫حب ُم ْع ِذ ٍر‬
‫ِّ‬
‫ِ‬
‫قومي يف‬ ‫وعنَّفنِـي‬
‫اإل ْسال ِم ِّي‬ ‫ال ال َع َر ِب ِّي ِ‬ ‫جل ْن ِس َّي ِة يِف ال َع مَ ِ‬ ‫َما َق ْب َل امل ِْثلِ َّي ِة ا ِ‬ ‫‪186‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫رعاك اهللُ عن ح ِّب ِه يدا‬


‫َ‬ ‫َفأ ْم ِس ْك‬ ‫ِ‬
‫العـذار هتت ٌُّك‬ ‫يقو ُلـون هل بعدَ‬
‫(*)‬ ‫ِ‬
‫العذار مق َّيدا‬ ‫ِ‬
‫بأشـراك‬ ‫ِ‬
‫فؤادي‬ ‫فق ْل ُت معا َذ اهللِ أس ُلوا وقدْ غـدا‬

‫شق ال ّثوب ّ‬
‫والسرت‪ ،‬وهو هنا التّامدي يف اخلطأ وعدم‬ ‫[*] التّهتك‪ُ :‬م َبالغة اهلتك وهو ّ‬
‫ا ُمل َباالة بالفضيحة‪ .‬أمسك يد ًا‪ :‬تو ّقف وانته‪ .‬أسلو‪ :‬أنسى أو أجد ما ينسيني‪ .‬األرشاك‪:‬‬
‫لغوي)‪.‬‬
‫ّ‬ ‫(املقوم ا ّل‬
‫ّ‬ ‫الصائد وشباكه‪.‬‬
‫حبال ّ‬

‫*****‬

‫إسامعيل املنينِ ُّي ( ُتوفيِّ َ سن َة ‪1780‬م)‪:‬‬


‫ُ‬ ‫َ‬
‫وقال‬

‫يف خدِّ َم ْن بِال َبها وا ُ‬


‫حل ْس ِن قد َب َرعا‬ ‫العذار بدا‬‫ِ‬ ‫َ‬
‫رحيــان‬ ‫حتســبوا َّ‬
‫أن‬ ‫ال َ‬
‫الرمحـ ُن وأبدعا‬ ‫ٍ‬ ‫حل ْس ِ‬ ‫أن َ‬ ‫أو َّ‬
‫يف َو ْجنَة َصاغها َّ‬ ‫ــن َص َّو َر ُه‬ ‫شعاع ا ُ‬
‫ُ‬ ‫ذاك‬

‫وقال أمحدُ البهنسيِ ُّ ( ُتوفيِّ َ سن َة ‪1735‬م)‪:‬‬


‫َ‬
‫ِ‬
‫بأحـــداق‬ ‫روضـــة ُح َّف ْ‬
‫ــت‬ ‫كأنَّــه َ‬ ‫دجى‬
‫عذار الوجه حني َ‬ ‫ها هو بليل ِ‬

‫اق‬ ‫أطالل ُح ْس ٍن َع َف ْت ِم ْن لث ِم َّ‬


‫عش ِ‬ ‫ِ‬ ‫ينعـــق يف‬
‫ُ‬ ‫غراب ال َبينْ ِ‬
‫ُ‬ ‫ما َ‬
‫ذاك إلاَّ‬
‫ِ‬
‫إشـــراق‬ ‫األفـق منه بعــدَ‬
‫ُ‬ ‫فأظلـــم‬
‫َ‬ ‫دائـــر ُه‬
‫َ‬ ‫اخلســــف‬
‫ُ‬ ‫بدر تِ ٍّم َ‬
‫حاط‬ ‫أو ُ‬

‫احلي ُ‬
‫اخلال ( ُتوفيِّ َ سن َة ‪1705‬م)‪:‬‬ ‫َ‬
‫وقال عبدُ ِّ‬
‫ِ‬
‫فؤادي‬ ‫عارض يسـ ُلو‬
‫ٌ‬ ‫بخدِّ َك‬ ‫ُ‬
‫أقول إنِّــي حيـ َن يبدُ و‬ ‫وكن ُْت‬
‫هواه عىل ا َملب ِ‬
‫ادي‬ ‫ِ‬ ‫يف‬ ‫كأنيِّ‬ ‫فلماَّ ْ‬
‫أن بدا زا َد ْت شـــجون‬
‫(*)‬
‫َ‬

‫[*] ـ جزء ‪.251 :2‬‬

‫*****‬
‫جلما ِل ُّيون‬ ‫الثا ِني‪ :‬ا َ‬ ‫الفص ُل َّ‬ ‫ْ‬
‫‪187‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ِ ليِ‬ ‫الر ِ‬ ‫َ‬
‫سن َة ‪1706‬م)‪:‬‬ ‫محن ا َمل ْوص ُّ ( ُتوفيِّ َ‬ ‫وقال عبدُ َّ‬
‫وناهيــك ِم ْن ِ‬
‫مخـر‬ ‫َ‬ ‫وما فيه ِم ْن ٍ‬
‫مخر‬ ‫وبيــاضالدُّ ِّر ِم ْنذلِ َكال َّث ِ‬
‫غــر‬ ‫ُ‬ ‫أ َمـــا‬
‫ِ‬
‫ــــحر‬‫الس‬ ‫ِ‬ ‫ٍ ِ‬ ‫ُ‬ ‫ــرف ِم ْن ِّ‬
‫كــل َصـار ٍم‬ ‫أماتا وما بال َّط ِ‬
‫جيولبأجفـان ُمل ْئـــ َنمـ َن ِّ‬
‫الص ِ‬
‫خر‬ ‫ِ‬ ‫بقلب عىل َّ ِ‬
‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫شــاد ٍن‬ ‫ــول به يف الن ِ‬
‫يص ُ‬
‫أقسى م َن َّ‬
‫العشاق َ‬ ‫ألطف‬
‫ُ‬ ‫َّـاس‬ ‫ُ‬
‫ــحاف ِم َن الت ِ‬
‫ِّبـر‬ ‫ٍ‬ ‫سالسل ٍ‬
‫مسك يف ِص‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫فــــــوق خدٍّ كأنَّــــ ُه‬ ‫أس َ‬
‫ـال عذار ًا‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫باحلبـــر‬ ‫ِ‬
‫األنــــامل‬ ‫ِ‬
‫أطـــراف‬ ‫مبـ َّل ُل‬ ‫ٍ‬
‫شــــــقائـق‬ ‫َ‬
‫فـــوق‬ ‫دب‬ ‫ٌ‬ ‫وإلاَّ‬
‫فنمل َّ‬
‫(*)‬ ‫الس ِ‬
‫ــري‬ ‫ِ‬
‫مـاس تيه ًا بالــدَّ الل م َن َّ‬
‫إذا َ‬ ‫أشـــهىملعــــسرِ ٍ‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫القرط‬ ‫بعيدُ ِ‬
‫مناط‬

‫ِ‬
‫السيف‬ ‫[*] الدّ ّر مجع الدُّ َّرة وهي اللؤلؤة العظيمة الكبرية؛ ال ّثغر‪ :‬الفم؛ ّ‬
‫الصارم‪ّ :‬‬
‫دب‪ :‬مشى؛‬
‫حاف مجع صحفة كالقصعة؛ التّرب‪ :‬الذهب؛ ّ‬
‫الص ُ‬ ‫البتّار؛ ّ‬
‫الشادن‪ :‬الغزال؛ ِّ‬
‫ُنبت‬
‫الرمل ت ُ‬‫حل ْبلني من حبال ّ‬ ‫والشقيقة‪:‬ال ُف ْر َج ُة بني ا َ‬
‫ّ‬ ‫ودبيب النّمل صوت مشيه‪.‬‬
‫معروف واحدُ ُه ومج ُع ُه سواء‪ ،‬وإنّام أضيف‬
‫ٌ‬ ‫ّعامن‬ ‫وش ِ‬
‫قائ ُق الن ِ‬ ‫الش ِ‬
‫قائ ُق‪َ .‬‬ ‫العشب‪ ،‬واجلمع ّ‬
‫إىل النّعامن ألنّه محى أرضا فك ُثر فيها ذلك؛ املناط‪ :‬موضع التّعليق؛ القرط‪ :‬ما يع ّلق يف‬
‫الصلف والكرب‪ .‬يريد الشاعر تشبيه‬
‫حيل؛ ماس‪ :‬اختال يف مشيه وتبخرت؛ التّيه‪ّ :‬‬
‫األذن من ّ‬
‫لغوي)‪.‬‬
‫ّ‬ ‫(املقوم ا ّل‬
‫ّ‬ ‫خد ُ‬
‫معشوقة بوردة الشقائق وما فيها من نقاط سود‪.‬‬

‫*****‬

‫وكذلِ َك‪:‬‬
‫ورعي وال ن ِ‬
‫ُسكي‬ ‫ِ‬ ‫أب َقى عىل‬ ‫العذار فام‬ ‫أرخـــى لوجنتِ ِ‬
‫ــه‬ ‫َ‬
‫َ‬
‫ــت أكار ُعهن يف ِم ِ‬
‫سك‬ ‫ُغ ِم َس ْ‬ ‫َّ‬
‫وكأن نمــــ ً‬
‫ال قد د َب ْبـــ َن هبـا‬
‫(*)‬
‫ُ َّ‬

‫ُراع وهو يف الغنم والبقر بمنزلة الوظيف يف الفرس‬ ‫[*] األكارع واألكرع‪ :‬مجع الك ُ‬
‫لغوي)‪.‬‬
‫ّ‬ ‫(املقوم ا ّل‬
‫ّ‬ ‫ِ‬
‫الساق‪ ،‬يذكَّر ويؤنَّث‪.‬‬ ‫والبعري‪ ،‬وهو مستدَ ُّق‬
‫اإل ْسال ِم ِّي‬ ‫ال ال َع َر ِب ِّي ِ‬ ‫جل ْن ِس َّي ِة يِف ال َع مَ ِ‬ ‫َما َق ْب َل امل ِْثلِ َّي ِة ا ِ‬ ‫‪188‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫*****‬
‫ِ‬
‫البغداد ِّي‪:‬‬ ‫املعز‬
‫قول ِّ‬ ‫ِ‬
‫املأخذ يف ِ‬ ‫عني‬
‫رأيت ما هو ُ‬ ‫ُ‬ ‫ثم‬
‫ّ‬
‫هالالن ِمن ِم ٍ‬
‫سك وبين َُهام َبدْ ُر‬ ‫ِ‬ ‫ين تراسـَـال‬‫لذ ِ‬ ‫كأن عذار ِ‬
‫يــه ا َّل َ‬ ‫َّ‬
‫ْ‬ ‫َ‬
‫ِ (*)‬ ‫ِِ‬ ‫مشـى فوقها ٌ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬
‫نمل بأرجله حبرْ ُ‬ ‫َ‬ ‫اخلــدود كأنَّام‬ ‫فـــوق‬ ‫منمنم ٌة‬
‫َ‬

‫[*] جزء ‪.262 :2‬‬


‫والزخرفة والتّزيني‪.‬‬
‫لغوي‪ :‬النّمنمة‪ :‬النّقش ّ‬
‫ّ‬ ‫املقوم ا ّل‬
‫إضافة ّ‬
‫*****‬

‫وله أيض ًا‪:‬‬


‫ــر‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫مشىفو َقهـــا ٌ‬
‫َ‬ ‫روض ٍة‬ ‫ٍ‬ ‫َأ َن ْب ُ‬
‫نمــلبأرجلـــهح ْب ُ‬ ‫شــقائـــق َ‬
‫ُ‬ ‫عــذارأ ْم‬ ‫ــت‬
‫(*)‬
‫األمـر‬
‫ُ‬ ‫ـــم‬ ‫أسا َل ْت ُه ُ‬
‫نـار اخلــدِّ فا ْن َب َه َ‬ ‫فــوق َو ْجن ٍَة‬
‫ٍ‬ ‫ُــوت ِم ْن‬
‫العنبـر املفت ُ‬
‫ُ‬ ‫أ ْم‬

‫الفــكر‬
‫ُ‬ ‫العقـــلواخت َل َط‬
‫ُ‬ ‫وإن َض َّلفيه‬
‫ْ‬ ‫ــبمذبدا‬
‫الص َّ‬ ‫َ‬
‫أذهـــل َّ‬ ‫فح َّيـاعذار ًا‬

‫غدر‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫يتيهبــــه َل ِ‬


‫ـــد ُنالقـــوا ِم ُمه ْف َه ٌ‬
‫لهيفاختالسالعقلم ْن ُح ْسنه ُ‬ ‫ـف‬
‫(**)‬

‫لغوي)‪.‬‬
‫ّ‬ ‫(املقوم ا ّل‬
‫ّ‬ ‫[*] العنرب‪ :‬طيب فاخر من ال ّطيوب؛ انبهم األمر‪ :‬استغلق فلم يعرف‪.‬‬
‫[**] ـ جزء ‪.263 :2‬‬
‫لغوي‪ :‬ا ّللدن‪ :‬ا ّللينّ ؛ املهفهف‪َّ :‬‬
‫الضامر البطن‪ ،‬الدقيق اخلَصرْ ‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫املقوم ا ّل‬
‫إضافة ّ‬
‫*****‬
‫ِ‬
‫العامد ُّي ( ُتوفيِّ َ سن َة ‪1706‬م)‪:‬‬ ‫عيل‬ ‫َ‬
‫وقال ُّ‬
‫العـــذار حلســــنِ ِه تأكيـــــدُ‬
‫َ‬ ‫َّ‬
‫أن‬ ‫عذار ِه‬
‫ِ‬ ‫ت‬ ‫قبل نب ِ‬
‫ب َ ْ‬ ‫أحس ُ‬
‫ما كن ُْت َ‬
‫جلما ِل ُّيون‬ ‫الثا ِني‪ :‬ا َ‬ ‫الفص ُل َّ‬ ‫ْ‬
‫‪189‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ٍ‬
‫ســـك ال يليـــ ُن جديـدُ‬ ‫يـت ِم‬
‫ك َفتِ ِ‬ ‫حتَّى بـدا يف خــــدِّ ِه متج ِّعــــد ًا‬
‫ِ‬
‫أفــــواه األنــا ِم حتيدُ‬ ‫عن لثــــ ِم‬ ‫شــــقائق‬
‫ٌ‬ ‫ِ‬
‫اخلدود‬ ‫َّ‬
‫فكــأن محُْ َم َّر‬
‫(*)‬ ‫القلــوب ِ‬
‫يصـيدُ‬ ‫ِ‬ ‫شرَ ٌك حليـ ِ‬
‫َّـات‬ ‫َ‬ ‫ـــدغ ِه‬
‫ِ‬ ‫بص‬ ‫ِ‬
‫العـذار ُ‬ ‫َّ‬
‫وكأن ُم ْع َو َّج‬

‫[*] سلك الدّ رر جزء ‪.199 :3‬‬

‫*****‬
‫وقال مصط َفى الص ِ‬
‫امد ُّي ( ُتوفيِّ َ سن َة ‪1706‬م)‪:‬‬ ‫ُّ‬ ‫ْ‬
‫بغ ِ‬
‫ــزار‬ ‫أدمعــي ِ‬
‫ِ‬ ‫ــم ِمــ ْن‬ ‫يك ورمحــ ًة‬ ‫ِ‬
‫عاشـق َ‬
‫أبكيه ُ‬
‫ُ‬ ‫إنيِّ ألحسدُ‬
‫ِ‬
‫عذار‬ ‫آس‬
‫حـف منها الور ُد َ‬
‫َّ‬ ‫قد‬ ‫وجنتك التِي‬
‫ِ‬ ‫نظروا إىل جن ِ‬
‫َّات‬ ‫ُ‬
‫األبص ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ار‬ ‫َ‬ ‫ومـــ َن النَّـعيـ ِم متت ُ‬
‫ُّـع‬ ‫بنعيمهـــا‬ ‫ــار ُهـم‬
‫أبص ُ‬‫فتم َّت َع ْت َ‬

‫بريي ( ُتوفيِّ َ سن َة ‪1736 -1735‬م)‪:‬‬ ‫مصط َفى ب ُن ِّ‬ ‫َ‬


‫وقال ْ‬
‫لبـاب أضحى َش ِ‬
‫ــرائكا‬ ‫ِ‬ ‫لصــ ْي ِد ا ِّل‬ ‫َ‬ ‫َأ ِع َ‬
‫َ‬ ‫أ ْم َ‬ ‫ــــك هــــذا‬ ‫ــذ ٌار بـــدا بخدِّ ْي‬
‫ِ‬
‫أمالئكــا‬ ‫َيـــك ِمـــ ْن‬
‫َ‬ ‫ـ ُن عىل وجنت‬ ‫الل قد خ َّطها احلُ ْسـ‬ ‫حروف الدَّ ِ‬
‫ُ‬ ‫أ ْم‬
‫ِ (‪)9‬‬ ‫الورى بأ ْف ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٌ‬ ‫ِ‬
‫ـــق ســــامئكا‬ ‫لعيــون َ‬ ‫ــــال قد تـــرا َء ْت‬ ‫البدر َه‬ ‫أ ْم عىل‬

‫الضوء املستدير حول القمر ليلة البدر وأكثر ما ترى‬


‫[*] هال‪ :‬ترخيم (هالة) وهي ّ‬
‫إذا كان الغيم رقيقا‪.‬‬

‫*****‬
‫اإل ْسال ِم ِّي‬ ‫ال ال َع َر ِب ِّي ِ‬ ‫جل ْن ِس َّي ِة يِف ال َع مَ ِ‬ ‫َما َق ْب َل امل ِْثلِ َّي ِة ا ِ‬ ‫‪190‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫أمني املح ِّب ُّي ( ُتوفيِّ َ سن َة ‪1699‬م)‪:‬‬


‫حممدُ ُ‬ ‫َ‬
‫وقال َّ‬
‫ُّفــــوس هبا وأحيــا األعينا‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫قتل الن‬ ‫ٍ‬
‫بعوارض‬ ‫ُ‬
‫مـــال خدو َد ُه‬‫رت اجلَ‬
‫ســ َ‬
‫ِ‬
‫برقيـــق َغ ْي ٍم أمكنا‬ ‫ـــت‬
‫فـإذا اكت ََس ْ‬ ‫مس يمن ُعها اجتالها ْ‬
‫أن ت َُرى‬ ‫َّ‬
‫والش ُ‬

‫َّقيب احللبِ ُّي ( ُتوفيِّ َ سن َة ‪ 1740‬ـ ‪1741‬م)‪:‬‬


‫ف الن ُ‬‫يوس ُ‬ ‫َ‬
‫وقال ُ‬
‫وجه ِ‬ ‫ِ‬
‫الصــد ِغ إلاَّ أشـــرقا‬ ‫شعرات َ‬
‫ذاك ُّ‬ ‫ُ‬ ‫ـــه‬ ‫ـــت يف ِ‬ ‫و ُم ْعــذ ٍر ما َ‬
‫أظلم ْ‬
‫ِ‬
‫مـــورق ًا‬ ‫ِّـــح منه ِعطــف ًا‬
‫وغدا يرن ُ‬ ‫مغضـــب َا‬
‫ب َ‬ ‫خالســ ُت ُه نظـــرا فق َّط َ‬
‫ْ‬
‫الر ِ‬ ‫ٍ‬ ‫عـــذار ِه يف خـدِّ ِه‬
‫ِ‬ ‫َّ‬
‫ياض إذا رقا‬ ‫ُش ْح ُر ُ‬
‫ور ورد يف ِّ‬ ‫ــــت‬
‫َ‬ ‫فكـــأن ن ْب‬
‫(*)‬

‫[*] سلك الدّ رر جزء ‪.262 ،802 ،402 ،181 ،4‬‬


‫إضافة املقوم ا ّللغوي‪ :‬املخالسة‪ :‬النّظر بشكل خفي؛ ِ‬
‫العطف بالكرس‪ :‬اإلبط‪ ،‬وقيل‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫املنكب‪ .‬وقيل الغصن‪.‬‬
‫*****‬

‫َّقليد َّي ِة التِي‬


‫َّشبيهات الت ِ‬
‫ِ‬ ‫ب ِم َن الت‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ف هذه األمث َل ُة جمتم َع ًة ع ِّين ًة ْ‬
‫فحس ُ‬ ‫وتؤ ِّل ُ‬
‫املقصو َد َ‬
‫كان‬ ‫للش ِّك يف َّ‬
‫أن‬ ‫ُ‬
‫ترتك جماالً َّ‬ ‫العذار وال‬‫ِ‬ ‫ِ‬
‫باالقرتان مع‬ ‫ُستعم ُل‬
‫ُ‬ ‫ت َ‬
‫رب‪،‬‬ ‫الر ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫حيان‪ ،‬العن ُ‬ ‫“العذار” ال اخلدو َد‪ ،‬وم ْن أمثلة هذه التَّشبيهات‪ُ :‬‬
‫اآلس‪َّ ،‬‬ ‫َ‬
‫اخلط‪ ،‬الدَّ ُ‬
‫خان‪.‬‬ ‫ليل‪ ،‬الشرَّ ُك‪ُّ ،‬‬
‫سك‪ ،‬ا َّل ُ‬‫املِ ُ‬
‫ِ‬
‫القرن التَّاسعِ‪،‬‬ ‫عر العربيِ ِّ يف‬‫الش ِ‬ ‫ِ‬
‫للغاية يف ِّ‬ ‫شائع‬ ‫ِ‬
‫املحبوب‬ ‫ِ‬
‫عذار‬ ‫ف‬
‫ووص ُ‬
‫ٌ‬ ‫ْ‬
‫ِ‬
‫الرغ ِم م ْن َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وبق َي حارض ًا ومألوف ًا يف شعر احلقبة ُ‬ ‫ِ‬
‫أن‬ ‫راسة عىل ُّ‬ ‫موضو ِع الدِّ َ‬
‫(‪)1‬‬

‫ارش عن‬ ‫ِ‬


‫احلديث ا ُمل َب ِ‬ ‫ِ‬
‫معتادي َن عىل‬ ‫املبكر ِة مل ْ يكونُوا‬ ‫احلقبة العثامنِ َّي ِة‬
‫ِ‬ ‫ُّ‬
‫الشعرا َء يف‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫األمثلة‪:‬‬ ‫بعض ِم َن‬ ‫كر‪ ،‬ويف أدنا ُه ٌ‬ ‫الذ ِ‬‫اب َّ‬ ‫يغة َّ‬‫بص ِ‬‫املحبوب ِ‬
‫ِ‬
‫الش ِّ‬

‫(((   توماس بوير (‪Liebe und Liebesdichtung in der arabischen)،‬‬


‫‪.280-255‬‬
‫جلما ِل ُّيون‬ ‫الثا ِني‪ :‬ا َ‬ ‫الفص ُل َّ‬ ‫ْ‬
‫‪191‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫حممدُ املحاسينِ ُّي ( ُتوفيِّ َ سن َة ‪1662‬م)‪:‬‬ ‫َ‬


‫قال َّ‬
‫سـاجي ِ‬
‫احلدَ ْق‬ ‫ِ‬ ‫الو ِ‬
‫لدان‬ ‫أهـــواه ُم َه ْف َهفــ ًا ِم َن ِ‬

‫(*)‬
‫الغس ْق‬
‫َ‬ ‫حتت‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫رضوان‬ ‫اجلنان ِم ْن‬
‫ِ‬ ‫قد َّفر ِم َن‬

‫الضامر البطن الدّ قيق اخلَصرْ ‪ .‬ساجي احلدق‪ :‬مغ ّطاها‪ ،‬واحلدق‪ :‬مجع‬
‫[*] املهفهف‪َّ :‬‬
‫َحدَ َقة وهو سواد العني‪ .‬رضوان‪ :‬اسم املالك خازن اجلنّة‪ .‬الغسق‪ّ :‬أول ظلمة ا ّلليل‪.‬‬
‫لغوي)‪.‬‬
‫ّ‬ ‫(املقوم ا ّل‬
‫ّ‬

‫*****‬
‫ِ‬
‫اجلواهر ُّي املك ُِّّي ( ُتوفيِّ َ سن َة ‪1669‬م)‪:‬‬ ‫َ‬
‫وقال أمحدُ‬
‫ِ‬
‫باعتـــدال‬ ‫َ‬
‫البـــــان قدُّ ُه‬ ‫َف ْض َح‬ ‫اللحـــظ ُ‬
‫خال خدِّ غال ٍم‬ ‫َ‬ ‫جرح‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫خال‬ ‫طالب ٍ‬
‫ثأر‬ ‫ِ‬ ‫خذها ِم ْن‬ ‫َ‬
‫قال ْ‬ ‫ِ‬
‫لفـــؤادي‬ ‫ثــار طــاعن ًا‬
‫َ‬ ‫فــإذا‬

‫وقال أمحدُ البهنسيِ ُّ ( ُتوفيِّ َ سن َة ‪1735‬م)‪:‬‬


‫َ‬
‫أ َما تسلو عن هوى هذا الغال ِم‬ ‫ٍ‬
‫لعــــاذل مــذ ال َم جهــ ً‬
‫ال‬ ‫ُ‬
‫أقـــول‬
‫(*)‬
‫حـرا ٌم فــــي حـرا ٍم يف حـرا ِم‬ ‫ونور عينِـي‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫والو َص ُال‬ ‫س َلوى؟!‬

‫ومتعجبا‪ .‬والواو قبل‬


‫ّ‬ ‫ونور عينِــي) يسأل عاذ َله منكرا‬
‫ِ‬ ‫والوص ُال‬
‫َ‬ ‫[*] (سلوى؟!‬
‫لغوي)‪.‬‬
‫ّ‬ ‫(املقوم ا ّل‬
‫ّ‬ ‫"الوصال" واو احلال؛ وقبل "نور" واو القسم‪.‬‬

‫*****‬
‫اإل ْسال ِم ِّي‬ ‫ال ال َع َر ِب ِّي ِ‬ ‫جل ْن ِس َّي ِة يِف ال َع مَ ِ‬ ‫َما َق ْب َل امل ِْثلِ َّي ِة ا ِ‬ ‫‪192‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫حممدُ ب ُن الدَّ َّرا ( ُتوفيِّ َ سن َة ‪1655‬م)‪:‬‬ ‫َ‬


‫وقال َّ‬
‫بحيائ ِ‬
‫ــــه‬ ‫ِ‬ ‫ذهبـــ ًا‬ ‫ٍ‬ ‫َّ‬
‫لثـــــــا َم ورود ُم َّ‬ ‫ألبـــسخــــدَّ ُه‬
‫َ‬ ‫كـــأناهللَ‬ ‫غــال ٌم‬
‫(*)‬
‫ـــائ ِه‬
‫انتض ِ‬‫تلوح املنــايا منه عندَ َ‬ ‫الس ِ‬
‫حر َصارم ًا‬ ‫ِ ِ‬
‫وأو َد َع جفنَ ْيه م َن ِّ‬
‫ْ‬

‫السيف من غمده‬
‫السيف القاطع‪ .‬تلوح‪ :‬تبدو وتظهر‪ .‬االنتضاء إخراج ّ‬
‫الصارم‪ّ :‬‬
‫[*] ّ‬
‫لغوي)‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ومحله‪(.‬املقوم ا ّل‬
‫ّ‬

‫*****‬
‫ِ‬
‫الغالم ُّي ( ُتوفيِّ َ سن َة ‪1773 -1772‬م)‪:‬‬ ‫حممدٌ‬ ‫َ‬
‫وقال َّ‬
‫ِ‬ ‫يسار ُقنِي فيســـر ُقنِي‬
‫منامــي‬ ‫بي حلظ ًا‬ ‫وذي َح َو ٍر حكا ُه ال َّظ ُ‬
‫ُفأ ْع َذ ُر ْ‬ ‫ـــزن ًا‬ ‫ِ‬
‫(*)‬
‫َيـت عىل الغال ِم‬
‫إن بك ُ‬ ‫وح ْ‬ ‫غال ٌم زادنــي َولهَ ـ ًا ُ‬

‫الو َل ُه‪:‬‬
‫[*] احلور‪ :‬شدّ ة بياض بياض العني وشدّ ة سواد سوادها‪ .‬حكاه‪ :‬أشبهه‪َ .‬‬
‫لغوي)‪.‬‬
‫ّ‬ ‫(املقوم ا ّل‬
‫ّ‬ ‫ذهاب العقل وال ّتحيرّ من شدّ ة الوجد‪.‬‬

‫*****‬
‫الش ِ‬
‫رباو ُّي ( ُتوفيِّ َ سن َة ‪1758‬م)‪:‬‬ ‫َ‬
‫وقال عبدُ اهللِ َّ‬
‫(*)‬
‫غال ِم‬ ‫يف‬ ‫تصا َب ْي ُت‬
‫َ‬ ‫ٌ‬
‫شيخ‬ ‫ـت ال تعذ ُلـــوا فإنِّـي‬
‫فق ْل ُ‬

‫املرادي‪ ،‬سلك الدّ رر‪691 :1 ،‬؛‬


‫ّ‬ ‫[*] املح ّب ّي‪ ،‬خالصة األثر‪133 :1 ،904 :3 ،‬؛‬
‫الروض‬
‫العمري‪ّ ،‬‬
‫ّ‬ ‫الرحيانة‪8102 :1 ،‬؛ عثامن‬
‫الكنجي‪ ،‬بلوغ املنى‪62 ،‬؛ املح ّب ّي‪ ،‬نفحة ّ‬
‫ّ‬
‫ّابليس‪ ،‬مخرة بابل‪.272 ،‬‬
‫ّ‬ ‫الغني الن‬
‫ّ‬ ‫رباوي‪ ،‬ديوان‪96 ،‬؛ عبد‬
‫ّ‬ ‫النّرض‪754 :1 ،‬؛ ّ‬
‫الش‬

‫*****‬
‫جلما ِل ُّيون‬ ‫الثا ِني‪ :‬ا َ‬ ‫الفص ُل َّ‬ ‫ْ‬
‫‪193‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ص الفقي ُه احللبِ ُّي أمحدُ ب ُن ملاَّ ( ُتوفيِّ َ سن َة ‪ 1594‬ـ ‪1595‬م) ـ‬ ‫وخص َ‬


‫َّ‬
‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫وصف نبذة م َن‬ ‫ِ‬ ‫جل ْ‬ ‫ليِ‬ ‫بحس ِ‬
‫امن يف ْ‬ ‫ب ما أور َد ُه اب ُن احلنب ِّ ـ كتا َب ُه (عقو ُد ا ُ‬ ‫ْ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الرغ ِم م ْن عد ِم توافر هذا‬ ‫الح‪ .‬وعىل ُّ‬
‫(‪)1‬‬
‫لوصف الغلامن امل ِ‬ ‫لامن) ك َّل ُه ْ‬ ‫الغ ْ‬
‫بأعامل ساب َق ٍة اتخَّ َذها أنموذج ًا‬ ‫ٍ‬ ‫الواضح هو تأ ُّث ُر مؤ ِّل ِف ِه‬‫َ‬ ‫الكتاب حالِ َّي ًا‪ ،‬إلاَّ َّ‬
‫أن‬ ‫ِ‬
‫ِ‬
‫احلجاز ِّي ( ُتوفيِّ َ سن َة‬ ‫لامن) ألمحدَ‬ ‫الغ ْ‬ ‫ان ِمن ِ‬ ‫احلس ِ‬ ‫ِ‬ ‫الو ْ‬ ‫مثل‪( :‬جنَّ ُة ِ‬ ‫له ِ‬
‫َ‬ ‫لدان يف َ‬
‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫ملحمد النَّواج ِّي ( ُتوفيِّ َ‬‫(مراتع الغزالن يف احل َسان م َن الغلامن) َّ‬ ‫ُ‬ ‫‪1471‬م) و‬
‫ايبك الص ِ‬ ‫خلليل ِ‬
‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫فد ِّي‬ ‫بن َ َّ‬ ‫مليح)‬
‫يح يف مئة ْ‬ ‫حل ْس ُن الصرَّ ْ‬ ‫سن َة ‪1455‬م) و (ا ُ‬
‫ِ‬
‫الورد ِّي ( ُتوفيِّ َ سن َة‬ ‫لعمر ِ‬
‫بن‬ ‫مئة غال ْم)‬ ‫( ُتوفيِّ سن َة ‪1363‬م) و (كالم عىل ِ‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫(‪)2‬‬
‫‪1349‬م)‪.‬‬
‫ُ‬
‫تكون‬ ‫أن ال َق ِصيدَ َة ال‬ ‫استنتاج يفيدُ َّ‬‫ِ‬ ‫ول إىل‬ ‫الوص ُ‬ ‫ُ‬ ‫بنحو مرشو ٍع‬ ‫ْ‬ ‫ويمك ُن‬
‫املحبوب فيها‪ ،‬أو ُو ِص َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫يدخل‬ ‫ُ‬ ‫ف ممتهن ًا حر َف ًة‪ ،‬أو‬ ‫لواط َّي ًة إلاَّ إذا ُذك َر ُ‬
‫اسم‬
‫ِ‬ ‫كر‪ُّ ،‬‬ ‫الذ ِ‬ ‫ومقابل وص ِ‬
‫املعاص ِم‬ ‫احلديث عن‬ ‫ُ‬ ‫يدل‬ ‫ف َّ‬ ‫َ ْ‬ ‫محام ًا عا َّم ًا!!‪.‬‬ ‫جامع ًا أو َّ‬
‫أن‬ ‫العادة إىل َّ‬‫ِ‬ ‫والض ِ‬
‫فائر يف‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬
‫واألقراط‬ ‫واألصاب ِع املز َّين َِة‬ ‫ِ‬
‫واخلامر‬ ‫ِ‬
‫واألساور‬
‫َ‬
‫واإلعجاب يف ال َق ِصيدَ ِة أن َثى ال ذكر ًا‪ )3(.‬ومع هذا‪ ،‬يب َقى‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫باملدح‬ ‫املعنِ َّي‬
‫جنس‬ ‫ِ‬ ‫يدل عىل‬ ‫الذي ُّ‬ ‫ات املؤشرِّ الرئيس ِ‬ ‫عدد املر ِ‬ ‫جلهة ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫العذار‬ ‫احلديث عن‬ ‫ُ‬
‫َ َّ َ‬ ‫َّ‬
‫َّوج ِه‬ ‫ذات الت ُّ‬
‫َ‬ ‫القصائدَ‬
‫َ‬ ‫الغزل‪ )4(.‬ويعنِي هذا ضمن ًا َّ‬
‫أن‬ ‫ِ‬ ‫شعر‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫املحبوب يف‬
‫جنس َّي ًا)‬ ‫ف ِ‬ ‫املضمون (املتخالِ ِ‬‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ا ِّللواطِ ِّي‬
‫ذات‬
‫القصائدَ َ‬‫تفوق عدد ًا َ‬ ‫ُ‬ ‫الواض ِح‬
‫ّ‬
‫احلنبيل‪ ،‬درر احلبب‪.250 :1 ،‬‬ ‫  ابن‬ ‫(((‬
‫  للحصول أو اال ّطالع عىل خمطوطات هذه األعامل‪ ،‬انظر فهرس بروكلامن‬ ‫(((‬
‫(‪.)Geschichte der arabischen Literatur‬‬
‫الشاعر عذار حمبوبه فقط لينطلق منه إىل‬ ‫ثمة أمثلة يصف فيها ّ‬
‫الرغم من ذلك‪ّ ،‬‬ ‫  وعىل ّ‬ ‫(((‬
‫العمري‪،‬‬
‫ّ‬ ‫(املرادي‪ ،‬سلك الدّ رر ‪263 :2‬؛ عثامن‬‫ّ‬ ‫وصف قرطه‪ ،‬وغدره أو وشاحه‬
‫اب يتحلىّ بأقراط‪ ،‬انظر‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الش‬ ‫بشأن‬ ‫ولالستزادة‬ ‫‪.)253-252‬‬ ‫الروض النّرض‪:1 ،‬‬ ‫ّ‬
‫احلنبيل‪ ،‬درر‬
‫ّ‬ ‫ابن‬ ‫انظر‬ ‫ب‪،‬‬ ‫ّ‬
‫ق‬ ‫املن‬ ‫اب‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫وللش‬ ‫‪286‬؛‬ ‫‪:2‬‬ ‫الكشكول‪،‬‬ ‫‪،‬‬ ‫العاميل‬
‫ّ‬ ‫ين‬ ‫الدّ‬ ‫هباء‬
‫احلبب‪.1109 :1 ،‬‬
‫الفاريس‪،‬‬
‫ّ‬ ‫احلب‬
‫ّ‬ ‫  لالستزادة بشأن العذار كونه مؤشرّ ا عىل جنس املحبوب يف شعر‬ ‫(((‬
‫والرغبة واالشتياق)‪.95 ،‬‬
‫(احلب ّ‬
‫ّ‬ ‫انظر بورغل‬
‫اإل ْسال ِم ِّي‬ ‫ال ال َع َر ِب ِّي ِ‬ ‫جل ْن ِس َّي ِة يِف ال َع مَ ِ‬ ‫َما َق ْب َل امل ِْثلِ َّي ِة ا ِ‬ ‫‪194‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫حتديد املعنِ ِّي‬


‫ِ‬ ‫جلهة ص ِ‬
‫عوبة‬ ‫ُ‬
‫جيعل األمر ملتبِس ًا ِ‬
‫َ‬ ‫العذار ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اإلشارات إىل‬ ‫غياب‬
‫َ‬ ‫َّ‬
‫ألن‬
‫ِ‬
‫املحبوب يف‬ ‫ِ‬
‫جنس‬ ‫ويتعذ ُر التَّث ُّب ُت ِم ْن‬
‫َّ‬ ‫ِ‬
‫واملدح هل هو امرأ ٌة أ ْم أ ْم َر ُد؟‪.‬‬ ‫بال َّث ِ‬
‫ناء‬
‫مهم ٌة‪.‬‬ ‫تهِ‬ ‫ِ‬ ‫العديد ِمن القص ِ‬
‫ِ‬
‫أكثرها‪ ،‬وهذه يف ذا ا حقيق ٌة َّ‬ ‫إن مل ْ يك ْن َ‬ ‫ائد ْ‬ ‫َ َ‬
‫ذكر هو أ ْم أن َثى‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫إن مسأ َل َة‬‫بعض ِهم‪َّ ،‬‬ ‫ب ِ‬ ‫وبحس ِ‬
‫املحبوب ‪ٌ -‬‬ ‫جنس‬ ‫حتديد‬ ‫ْ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫‪ -‬مل ْ تك ْن ِم َن‬
‫وب حقيق ٌّي يف‬ ‫ثم َة حم ُب ٌ‬‫تلك احلقبة‪ ،‬ومل ْ يك ْن َّ‬‫امللحة يف َ‬ ‫املسائل َّ‬
‫ٍ‬
‫قليل‪.‬‬ ‫ُ‬
‫سنلحظ بعدَ‬ ‫ِ‬
‫احلاالت مث َلام‬ ‫الكثري ِم َن‬
‫ِ‬

‫جزء منها إىل‬ ‫املحبوب يف ٍ‬ ‫ِ‬ ‫جنس‬‫ِ‬ ‫ِ‬


‫حتديد‬ ‫وزياد ًة عىل ذلِ َك‪ ،‬تعو ُد ُصعو َب ُة‬
‫َيهام‪:‬‬ ‫ِ‬
‫احلالني كلت ِ‬ ‫بنحو عا ٍّم ـ ِه َي ذاتهَ ا يف‬ ‫ٍ‬ ‫عر َّي َة تب َقى ‪-‬‬ ‫الش ِ‬ ‫الصور َة ِّ‬ ‫حقيقة َّ‬ ‫ِ‬
‫أن ُّ‬
‫الذي‬ ‫واخلال يف اخلدِّ ِ‬ ‫ُ‬ ‫ني‪،‬‬‫تفتك باملعجبِ َ‬ ‫الصوار ِم التِي ُ‬ ‫العيون الكحيل ُة ُ‬ ‫ُ‬
‫مثل َّ‬
‫القلب‪،‬‬‫َ‬ ‫ُ‬
‫تستميل‬ ‫لب أو‬ ‫ختلب ا ُّل َّ‬
‫ُ‬ ‫فائر التِي‬
‫والض ُ‬ ‫ني؛ َّ‬ ‫باملسك أو باألثيوبِ ِّي َ‬ ‫ِ‬ ‫قار ُن‬
‫ُي َ‬
‫«تفوق» األوىل جاذبِ َّي ًة‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫واألخري ُة‬
‫َ‬ ‫الكبريةُ؛‬
‫َ‬ ‫واألرداف‬
‫ُ‬ ‫ور النَّحي َل ُة‬‫واخلص ُ‬ ‫ُ‬
‫بيه ُة‬ ‫ُ‬
‫واألسنان َّ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫مثل فر ِع شجرة أو‬ ‫ب َ‬ ‫ِ‬
‫الش َ‬ ‫رمح‪،‬‬ ‫األهيف املنتص ُ‬ ‫ُ‬ ‫والقوا ُم‬
‫ِ‬
‫كاألقامر‪،‬‬ ‫املليح ُة‬
‫َ‬ ‫با َّلآللِ ِئ‪ ،‬واخلدو ُد التي فا َق ْت الور َد جمَ االً‪ ،‬والوجو ُه‬‫ِ‬
‫والغزال‪ ،‬والبرش ُة النَّاعم ُة كنعوم ِة ِ‬
‫املاء‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬
‫كاألحجار‪،‬‬ ‫ِ‬
‫[القاس َي ُة]‬ ‫والقلوب‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫آخره‪ِ.‬‬ ‫قراق أو املرآة؛ إىل ِ‬ ‫ِ‬ ‫الر ِ‬
‫َّ‬
‫ِ‬
‫احلقبة ـ إىل‬ ‫شعر احلب يف ِ‬
‫هذه‬ ‫هذه يف ِ‬ ‫مثل ِ‬ ‫ور ُ‬
‫ِّ‬ ‫وص ٌ‬ ‫تشبيهات ُ‬ ‫ٌ‬ ‫وتتكرر‬
‫َّ‬
‫أخ َر‪،‬‬ ‫ٍ‬
‫املوصوف‪ .‬وبكلامت َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫خص‬ ‫بجنس َّ‬
‫الش‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الغثيان ـ م ْن دون اهتام ٍم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫حدِّ‬
‫ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ائص‬ ‫خص َ‬ ‫بوصفها َ‬ ‫ائص اجلسم َّي َة ذاتهَ ا ْ‬ ‫واخلص َ‬ ‫َ‬ ‫السامت‬ ‫ون ِّ‬ ‫الشعرا ُء يو ِّظ ُف َ‬ ‫كان ُّ‬ ‫َ‬
‫سواء! وإذا‬ ‫ٍ‬ ‫ِّساء عىل حدٍّ‬ ‫جال والن ِ‬ ‫باب ِم َن الر ِ‬ ‫الش ِ‬ ‫جذا َب ًة يف حديثِ ِهم عن َّ‬ ‫َّ‬
‫ِّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اجلوهر َّي‬ ‫الصفات وحاو ْلنا َ‬
‫املقار َن َة بينَها‪ ،‬حل ْظنا التَّشا ُب َه‬ ‫َّظر يف هذه ِّ‬ ‫أنعمنا الن َ‬‫ْ‬
‫أن خ َّياط ًا‬ ‫ال َّ‬‫روى مث ً‬ ‫باب ص ِ‬ ‫ِ‬ ‫الش ِ‬
‫ال َّ‬ ‫وبني جمَ ِ‬ ‫ِ‬ ‫بني جمَ ِ‬
‫الس ِّن؛ إذ ُي َ‬
‫غار ِّ‬ ‫ال النِّساء َ‬ ‫َ‬
‫الغيور‪ :‬إ َّن ُه ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫قال يوم ًا لزوجته‬ ‫يعمل عندَ ُه قد َ‬ ‫ُ‬ ‫بصبِ ٍّي‬ ‫حلبِ َّي ًا َ‬
‫أمجل‬ ‫كان مت َّي ًام َ‬
‫منك!‪.‬‬ ‫ِ‬
‫جلما ِل ُّيون‬ ‫الثا ِني‪ :‬ا َ‬ ‫الفص ُل َّ‬ ‫ْ‬
‫‪195‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫القص ِة رأ ْينا نق َلها كام َل ًة‪:‬‬ ‫وأل ِ‬


‫مه َّية َّ‬
‫ِّ‬
‫بحلب‪ُ ،‬و ِض َع‬
‫َ‬ ‫ثم َّملا َ‬
‫كان‬ ‫اط‪َّ ،‬‬ ‫احلصنِ ُّي اخل َّي ُ‬
‫اخلالق َ‬‫ِ‬ ‫ين بن ِ‬
‫عبد‬ ‫(شمس الدِّ ِ ُ‬
‫ُ‬
‫ف عليه يف َ‬
‫مآكل‬ ‫وص َار يصرْ ُ‬ ‫فكلف به َ‬ ‫َ‬ ‫عندَ ُه غال ٌم ويض ٌء ليتع َّل َم اخليا َط َة‪،‬‬
‫ٍ‬ ‫وحلوي ِ‬
‫ترعرع وازدا َد جمَ ا ُل ُه‪َّ ...‬‬
‫ثم قدَّ َر اهللُ عليه‬ ‫َ‬ ‫ونبات ما ال يحُصىَ إىل ْ‬
‫أن‬ ‫ات‬ ‫َّ‬
‫فقال مداعب ًا هلا‪:‬‬‫فغار ْت وسأ َل ْت ُه‪ :‬أحت ُّب ُه؟‪َ .‬‬ ‫هيوى‪َ ،‬‬ ‫شعر ْت زوج ُت ُه هبوا ُه َمل ْن َ‬
‫أن َ‬ ‫ْ‬
‫منك!)‪.‬‬‫أمجل ِ‬ ‫وهو ُ‬
‫(‪)1‬‬
‫نعم‪َ ،‬‬ ‫ْ‬
‫أن‬‫لامن البدَّ ِم ْن ْ‬ ‫الغ ِ‬ ‫ال ِ‬ ‫ِّساء وجمَ ِ‬ ‫ال الن ِ‬ ‫بني جمَ ِ‬ ‫الش ِبه الكثري َة ِ‬ ‫إن أوج َه َّ‬ ‫َّ‬
‫هذه َ‬ ‫َ‬
‫الفقه َّي ُة والشرَّ ِع َّي ُة‬
‫ِ‬ ‫ات‬‫باستفاض ٍة األدبِ َّي ُ‬
‫َ‬ ‫َّظر إىل مشك َل ٍة فريدَ ٍة َ‬
‫ناقشتْها‬ ‫تلفت الن َ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الرجال إىل‬ ‫ِ‬
‫نظر ِّ‬ ‫ني يف القضاء بحرمة ِ‬ ‫ِ‬
‫بعض م َن العامل َ‬ ‫هلذ ِه احلقبة‪ ،‬إذ صرَ َّ َح ٌ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وجواز ُه‬
‫ُ‬ ‫الزواج منها‬ ‫املرأة التِي ينوي َّ‬ ‫ِ‬ ‫جل إىل‬ ‫الر ِ‬ ‫نظر َّ‬
‫ِ‬
‫إباحة ِ‬ ‫َ‬
‫مقابل‬ ‫الغ ِ‬
‫لامن‬ ‫ِ‬
‫(تكاليف‬ ‫يستطيع البا َء َة‬ ‫جل‬‫الر ُ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫باتِّفاق اجلميعِ‪ ،‬ولك ْن ماذا إذا مل ْ يك ْن َّ‬
‫َّظر إليها‬ ‫املعذر بدالً ِم َن الن ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّظر إىل أخيها أو ابنِها‬ ‫كان ُم َباح ًا له الن ُ‬ ‫واج) هل َ‬ ‫الز ِ‬ ‫َّ‬
‫اب يف العالمَ ِ‬ ‫وصف َّ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬
‫عرف أنهَّ ُام مليحان مث ُلها؟ ُي ُ‬ ‫إذا‬
‫الش ِّ‬ ‫إمكان ْ‬ ‫لحظ هنا‬ ‫(‪)2‬‬
‫َ‬
‫(خنيث‬‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫القديمة الكالسيك َّية بـ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫قبل احلديث‪ ،‬وكذل َك يف األزمان‬ ‫ِ‬ ‫العربيِ ِّ ما َ‬
‫َ‬
‫أكمل الدِّ ِ‬‫ُ‬ ‫ِ ِ‬
‫قص ًة‬ ‫ين ( ُتوفيِّ َ سن َة ‪1603‬م) َّ‬ ‫الع ْطف)‪ .‬إذ رس َد القايض َّ‬
‫حممدُ‬ ‫(‪)3‬‬

‫دمشق يف (‪1546-1545‬م)‪:‬‬ ‫َ‬ ‫كان شاهد ًا عليها يف‬ ‫َ‬

‫كان بمح َّل ِة‬


‫بدمشق‪ ...‬وهو أ َّن ُه َ‬ ‫َ‬ ‫قص ًة وق َع ْت‬ ‫يعرف َّ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫األكمل أ َّن ُه‬ ‫(وذكر‬
‫َ‬
‫وكان يجُ َ ِّلدُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫الكتب؛‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫الرفاع ِّي‪،‬‬‫سمى عل َّي ًا ب َن ِّ‬ ‫شاب أ ْم َر ُد أسو ُد ا َّللون ُي َّ‬‫القيمر َّية ٌّ‬
‫أمرها‬ ‫ُ‬ ‫فوقع له معه واق َع ٌة أفضىَ‬
‫َ‬ ‫الر ِ‬
‫محن ب َن ال َّظن ِِّّى‪،‬‬ ‫سمى عبدَ َّ‬ ‫شخص ُي َّ‬
‫ٌ‬ ‫وهيواه‬

‫احللبي‪ ،‬درر احلبب‪.689 :1 ،‬‬


‫ّ‬ ‫(((   ابن‬
‫الر ّ‬
‫ميل‪ ،‬هناية املحتاج ‪193 :6‬؛‬ ‫(((   ابن حجر‪ ،‬حتفة املحتاج‪190 :7 ،‬؛ شمس الدّ ين ّ‬
‫الباجوري‪ ،‬حاشية‪.101-100 :2 ،‬‬
‫ّ‬
‫ّابليس‪ ،‬مخرة بابل‪159 ،120 ،‬؛ وليمز‪،‬‬‫  البوريني‪ ،‬تراجم األعيان‪124 :1 ،‬؛ الن ّ‬
‫ّ‬ ‫(((‬
‫الرومان‪.‬‬
‫ّ‬ ‫يف‬ ‫ة‬ ‫ي‬
‫ّ‬ ‫اجلنس‬ ‫ة‬ ‫ي‬
‫ّ‬ ‫املثل‬
‫اإل ْسال ِم ِّي‬ ‫ال ال َع َر ِب ِّي ِ‬ ‫جل ْن ِس َّي ِة يِف ال َع مَ ِ‬ ‫َما َق ْب َل امل ِْثلِ َّي ِة ا ِ‬ ‫‪196‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫البقاع ِّي احلاك ِم‬ ‫ِ‬ ‫الش ِ‬


‫افع ِّي‬ ‫العدوي َّ‬ ‫كامل الدِّ ِ‬
‫ين‬ ‫بني يدَ ي القايض ِ‬ ‫ِ‬
‫للوقوف َ‬
‫ِّ‬
‫املذكور خن َثى وأ َّن ُه لألنو َث ِة‬ ‫َ‬
‫أن ِ‬
‫عل َّي ًا‬ ‫فرتج َح عندَ ُه َّ‬ ‫َّ‬
‫ِ‬
‫امليدان‪،‬‬ ‫ِ‬
‫بمحكمة‬ ‫خال َف ًة‬
‫ِ‬
‫غري ٌة فو َقها‬ ‫حلم ٌة َص َ‬ ‫فأمر األط َّبا َء بالكشف عنه‪ ،‬فوجدُ وا له فرج ًا له َ‬ ‫أ ْم َي ُل‪َ ،‬‬
‫فرج‬ ‫ِ‬
‫املذكور ُ‬ ‫ِّ‬
‫املحل‬ ‫حتت‬ ‫فظهر َ‬ ‫َ‬ ‫غار‪ ،‬فأزا ُلوا ذلِ َك بالقطعِ‪،‬‬ ‫أبخاش ِص ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ثال َث ُة‬
‫وزو ُجوها‬ ‫وسمو ُه “ َع ْل َيا” َّ‬ ‫َّ‬ ‫افع ُّي بأنوثتِ ِه‬ ‫الش ِ‬ ‫احلاكم َّ‬
‫ُ‬ ‫حكم‬
‫َ‬ ‫أن َثى‪ ،‬فعندَ ذلِ َك‬
‫ِ‬ ‫املذكور)‪ )1(.‬وترشح القص ُة مشكل َة وص ِ‬ ‫ِ‬ ‫الر ِ‬
‫محن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫االنجذاب‬ ‫ف‬ ‫ْ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫بعاشقها عبد َّ‬
‫القص ُة‬ ‫ث َّ‬ ‫«املثل َّي ِة» إذ تتحدَّ ُ‬ ‫بامليول ِ‬ ‫ِ‬ ‫بوص ِفها مشكل ًة تت َِّص ُل‬ ‫اب ْ‬ ‫الش ِ‬ ‫األصْليْ ِّ إىل َّ‬
‫ائص األنثو َّي ِة‬ ‫اخلص ِ‬ ‫َ‬ ‫نحو‬ ‫ِ‬
‫أنموذج ٍّي‪ ،‬وانجذابِه َ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫بنحو‬ ‫الر ِ‬
‫محن‬ ‫يل عبد َّ‬
‫عن م ِ ِ‬
‫َ‬
‫أن‬‫الذكور َّي ُة يف الغال ِم‪ ،‬وتبع ًا لذل َك مل ْ يك ْن أحدٌ يتو َّق ُع أو يظ ُّن َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫أكثر منها ُّ‬ ‫َ‬
‫نحو‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫دون شعوره [ال َّطبيع ِّي]‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫تقف حائ ً‬ ‫ِ‬
‫باالنجذاب َ‬ ‫ال‬ ‫ُ‬ ‫عاطف َت ُه هذه قد‬
‫ٍ‬ ‫ان املِ ِ‬ ‫والشب ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫جنب‬ ‫يظهر جنب ًا إىل‬ ‫ُ‬ ‫الح َ‬
‫كان‬ ‫جلميالت ُّ َّ‬ ‫النِّساء‪ ،‬فا َمل ُيل إىل النِّساء ا َ‬
‫األمثلة اآلت َي ِة‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫احلقبة‪ ،‬مث َلام يتبينَّ ُ ِم َن‬ ‫ِ‬ ‫تلك‬‫شعر َ‬‫يف ِ‬

‫سن َة ‪1641‬م)‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫الر ِ‬ ‫َ‬


‫محن العامد ُّي ( ُتوفيِّ َ‬ ‫قال عبدُ َّ‬
‫ـــــم‬
‫ُ‬ ‫املعم‬
‫احلبيـب َّ‬
‫ُ‬ ‫فقنَّعنِـــيهـــذا‬ ‫كل ص ٍ‬
‫ورة‬ ‫أهوى احلُ ْس َن يف ِّ ُ‬
‫وقدْ كن ُْت َ‬

‫ِ‬
‫احلمو ُّي ( ُتوفيِّ َ سن َة ‪1702‬م)‪:‬‬ ‫نيِ‬ ‫َ‬
‫عيل الكيال ُّ‬
‫وقال ٌّ‬
‫ــى حت ّلــو ِّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُبغيـــ ُة‬
‫بزي غـــال ِم‬ ‫َذوو ح َل ً‬ ‫ــــر ٌد‬
‫ني ُرو ٌد و ُم ْ‬ ‫العاشــق َ‬
‫ِ‬
‫غرامي‬ ‫َ‬
‫كـان‬ ‫ِ‬
‫وغريمــي ِ‬
‫فيهـــ َّن‬ ‫ان هوانِى‬ ‫ِمن هوى اخلر ِد ِ‬
‫احلس ِ‬
‫َ‬ ‫ُْ‬ ‫ْ َ‬
‫(*)‬ ‫ريق ِهـــم م ِ‬
‫رامـــــــي‬ ‫ورحيــق ِ‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫األجفــــان‬ ‫فواتـــر‬ ‫وشــــجانيِ‬
‫ُ َ‬ ‫ُ‬

‫الرو ُد‪ :‬مجع ِم ْر َو ُد بكرس امليم املِ ْي ُل الذي ُيكتحل به‪ ،‬وامليم زائدة‪ .‬اخلُ ْر ُد واخلُ ُر ُد‬
‫[*] ُّ‬
‫واخلُ ُّر ُد‪ :‬مجع خريدة وهي ا ّللؤلؤة التي مل ْ ُت ْث َقب‪ ،‬وكذا الفتاة العذراء التي مل ْ تمُ َ ّس‪َ .‬فترَ َ‬

‫(((   منقول يف املح ّب ّي‪ ،‬خالصة األثر‪.316 :3 ،‬‬


‫جلما ِل ُّيون‬ ‫الثا ِني‪ :‬ا َ‬ ‫الفص ُل َّ‬ ‫ْ‬
‫‪197‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ف ُم ْست َْح َس ٌن‪.‬‬‫ف واجلفن الفاتِ ُر ‪ :‬الذي فيه َض ْع ٌ‬ ‫ف ‪ :‬ا ْن َكسرَ َ َن َظ ُره ‪ .‬ويف البصائر ‪ :‬ال َط ْر ُ‬
‫ال َّط ْر ُ‬
‫ولألخطل‪:‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ف فاتر‬ ‫ـــهبا ُء ت َْرمى شرَْبهَ َا ب ُفتَار و َط ْر ٌ‬
‫َص ْ‬ ‫حت‬
‫ــر ْ‬ ‫وتجَ َ َّر َد ْت بعدَ اهلَديــــــر َ‬
‫وص َّ‬

‫لغوي)‪.‬‬
‫ّ‬ ‫(املقوم ا ّل‬
‫ّ‬
‫*****‬
‫الر ِ‬
‫محن ا َمللاَّ ُح ( ُتوفيِّ َ سن َة ‪1635‬م)‪:‬‬ ‫َ‬
‫وقال عبدُ َّ‬
‫اجل ِ‬
‫نان‬ ‫ف ِمن ِحس ِ‬
‫ـان ِ‬ ‫كامل ال َّظر ِ‬
‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫مليــح‬ ‫يا عذولـــي فــي غـــرا ِم‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬
‫ِ‬
‫لــدان‬ ‫ور أ ْم ِم َن ِ‬
‫الو‬ ‫الـــح ِ‬
‫ُ‬ ‫أ ْم ِمــ َن‬ ‫ٌ‬
‫هـــالل‬ ‫شمـــس أ ْم‬
‫ٌ‬ ‫هل حبيبِـــي‬
‫(*)‬ ‫ِ‬
‫ضــــوان‬‫فـــــــر ِم ْن َر‬
‫َّ‬ ‫و ُأرا ُه قد‬ ‫شــــك ُم ْف َر ُد احلُسـ ِ‬
‫ْــن ح َّق ًا‬ ‫َّ‬ ‫هو ال‬

‫املرادي‪ ،‬سلك الدّ رر‪552-452 :3 ،‬؛ املح ّب ّي‪،‬‬


‫ّ‬ ‫[*] املح ّب ّي‪ ،‬خالصة األثر‪384 :2‬؛‬
‫خالصة األثر‪.405 :2 ،‬‬

‫*****‬
‫ِ‬
‫احلقبة‬ ‫الغزل يف ِ‬
‫هذه‬ ‫ِ‬ ‫وب يف ِ‬
‫شعر‬ ‫جنس املح ُب ِ‬ ‫ِ‬ ‫ت ِم ْن‬ ‫و ُت ْظ ِهر صعوب َة التَّثب ِ‬
‫ُّ‬ ‫ُ ُ َ‬
‫ِ‬
‫َّفس (سيغموند فرويد) عن ا ِّللواط يف‬ ‫ذكرها عالمِ ُ الن ِ‬ ‫ِ‬
‫أن امللحو َظ َة التي َ‬ ‫َّ‬
‫ِ‬
‫قبل احلديث‪.‬‬ ‫ِ‬
‫مواز عىل الشرَّ ِق األوسط ما َ‬ ‫بنحو ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫القديمة قد ت َْصدُ ُق‬ ‫ِ‬
‫اليونان‬
‫َ‬
‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫الر ِ‬ ‫َ‬
‫حيث‬ ‫اليونان‬ ‫جل يف‬ ‫يثري عاط َف َة َّ‬‫أن ما ُ‬ ‫قال فرويد‪( :‬يبدُ و واضح ًا َّ‬
‫يثري ُه‬ ‫ني‪َّ ...‬‬ ‫ِ‬
‫جال األكثر فحو َل ًة ومفتوليِ العضالت بني ِ‬ ‫الر ُ‬
‫أن ما ُ‬ ‫املثل ِّي َ‬ ‫ُ‬ ‫يحُشرَ ُ ِّ‬
‫اجلسميةِ‬ ‫ِ‬ ‫كوري َة يف الغال ِم‪ ،‬بل أوجه التَّشابهِ‬ ‫ِ‬
‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ ُ‬ ‫الذ ِ َّ‬ ‫ائص َّ‬ ‫اخلص َ‬ ‫ويستهويه مل ْ يك ْن َ‬ ‫ِ‬
‫وحياؤ ُه وحاج ُت ُه‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬
‫األنثو َّي ُة ـ خج ُل ُه‬ ‫ِ‬
‫العقل َّي ُة‬ ‫باملرأة وكذلِ َك سام ُت ُه‬ ‫ِ‬ ‫التِي جتم ُع ُه‬
‫ِ (‪)1‬‬
‫للتَّع ُّل ِم واملساعَدَ ة)‪.‬‬

‫(((   سيغموند فرويد‪ ،‬ثالثة ُم َباحث يف اجلنسان ّية‪.144 ،‬‬


‫اإل ْسال ِم ِّي‬ ‫ال ال َع َر ِب ِّي ِ‬ ‫جل ْن ِس َّي ِة يِف ال َع مَ ِ‬ ‫َما َق ْب َل امل ِْثلِ َّي ِة ا ِ‬ ‫‪198‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫َّظر‬‫مثل هذا‪ ،‬إلاَّ أ َّن ُه تتعينَّ ُ إعاد ُة الن ِ‬ ‫استنتاج ِ‬ ‫ٍ‬ ‫مه َّي ِة‬ ‫الرغ ِم م ْن أ ِّ‬
‫ِ‬
‫وعىل ُّ‬
‫يتعذ ُر‬ ‫للغاية‪ ،‬وهلذا‪َّ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫وخاص ٌة‬ ‫عر َّي ُة رفي َع ٌة‬ ‫الش ِ‬ ‫يفات ِّ‬ ‫َّوص ُ‬ ‫فيه وتعدي ُله‪ ،‬فالت ِ‬
‫َّ‬ ‫ُ‬
‫اجلنسي ِة واجلاملِيةِ‬ ‫ِ‬ ‫بشأن التَّفضيالتِ‬ ‫ِ‬ ‫استنتاجات قاطعةٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ول إىل‬ ‫الوص ُ‬ ‫علينا‬
‫َ َّ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫أخرى‪ ،‬قد تؤ ِّدي‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫ب؛ هذا م ْن جهة‪ ،‬وم ْن جهة َ‬ ‫فحس ُ‬ ‫الفعل َّية باالستناد إليها ْ‬
‫روى‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫االستعان ُة بأنوا ِع األد َّل ِة‬
‫الصورة قليالً‪ ،‬إذ َ‬ ‫املتوافر ُة إىل تعقيد ُّ‬ ‫َ‬ ‫األخرى‬ ‫َ‬
‫املالو ُّي ( ُتوفيِّ َ سن َة ‪1719‬م) تقريب ًا يف‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الوكيل‬ ‫واملؤر ُخ املصرْ ِ ُّي اب ُن‬ ‫ِّ‬ ‫الكاتب‬ ‫ُ‬
‫شخوص ًا فيها‬ ‫ِ‬
‫وأصدقائه‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ص َ‬ ‫قص ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫بعض م ْن معارفه ْ‬ ‫كان ٌ‬ ‫بضع َ‬ ‫َ‬ ‫سبيل املثال‬
‫جل َس ِد َّي ُة‬ ‫وقوتهُ ُم ا َ‬ ‫الحة‪ ،‬وتبينَّ َ فيام بعدُ شجاعت ُُهم َّ‬
‫غاية يف ا َمل ِ‬
‫َ‬
‫ال َت َقوا بشباٍب مر ٍد ٍ‬
‫ُْ‬
‫ِ‬
‫اجلوانب التي‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫جل َسد َّية م َن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫املفر َط ُة‪،‬‬ ‫ِ‬
‫والقوة ا َ‬ ‫َّ‬ ‫بني الوسامة‬ ‫اجلمع َ‬ ‫ُ‬ ‫وكان هذا‬
‫وأخبار ِّي ْي ِه وأعج َبت ُْهم(‪ .)1‬وزياد ًة عىل ذلِ َك‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ف‬ ‫استهو ْت ـ مث َلام يبدُ و ـ املؤ ِّل َ‬ ‫َ‬
‫باب‬ ‫الش ِ‬ ‫متيل إىل َّ‬ ‫أن النِّسا َء ُ‬ ‫كان يقدِّ ُر َّ‬ ‫بعض ُهم َ‬ ‫أن َ‬ ‫تدل عىل َّ‬ ‫بضع أمث َلة ُّ‬ ‫ٍ‬ ‫ثم َة‬
‫ُ‬ ‫َّ‬
‫علوان احلمو ُّي ( ُتوفيِّ َ سن َة‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬
‫السور ُّي‬ ‫ِ‬
‫ا ُمل ْرد‬
‫ف ُّ‬ ‫املتص ِّو ُ‬ ‫ذكر َ‬ ‫وتعجب هبم‪ ،‬إذ َ‬ ‫ُ‬
‫ني يف َمل َب ِس ِهم‪،‬‬ ‫واألنيق َ‬ ‫ِ‬ ‫املعذ ِري َن‪،‬‬ ‫أن العبيدَ غري ِ‬
‫َ‬ ‫املثال َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫سبيل‬ ‫‪1530‬م) يف‬
‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫إغواء‬ ‫در‬‫(مص َ‬‫الرسم َّي َة؛ كانُوا ْ‬ ‫مواكب احلكَّا ِم واألمراء َّ‬ ‫َ‬ ‫مم َّ ْن كانُوا يراف ُق َ‬
‫ون‬
‫الش ِ‬
‫عراء‬ ‫بقدرة ُّ‬ ‫ِ‬ ‫بسواء‪)2(.‬وعىل شاك َل ِة ذلِ َك‪َ ،‬‬
‫كان‬ ‫ٍ‬ ‫ِّساء سوا ًء‬ ‫جال والن ِ‬ ‫للر ِ‬
‫ِّ‬
‫موضو ٍع‬ ‫الش ِ‬ ‫بجامل َّ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬
‫باب ُ‬ ‫والرجال عىل حدٍّ سواء َ‬ ‫إعجاب النِّساء ِّ‬ ‫احلديث عن‬
‫خليل البصرْ ِ ُّي‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬
‫العراق ُّي‬ ‫ويذكر الفقي ُه‬ ‫ائد ِهم وجاذب َّيتِ ِهم؛‬ ‫ف يف قص ِ‬ ‫الوص ِ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫ِ‬
‫( ُتوفيِّ َ سن َة ‪1762‬م) يف البيتَني اآلت َيني مثاالً عن ذل َك‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬

‫املسـك ِم ْن فيه‬ ‫ِ‬ ‫شميم‬‫ُ‬ ‫يفوح‬


‫ُ‬ ‫رشأ‬ ‫َح ٍل‬ ‫حـب ذي ك َ‬ ‫ِّ‬ ‫ونسوة ملنَنِي يف‬ ‫ٍ‬

‫ِ‬ ‫الــذي مل ُتنَّنِــــي‬


‫فذلِــ ُكن ِ‬ ‫ـت منهن للاَّ ِئـــي فتِــــن ِ‬
‫(*)‬
‫فيــــه‬ ‫َّ‬ ‫بـــه‬ ‫َّ‬ ‫فق ْل ُ ُ َّ‬

‫الغالمي‪ ،‬شاممة العنرب‪،‬‬


‫ّ‬ ‫حممد مصطفى‬
‫الروض النّرض‪353 :1 ،‬؛ ّ‬
‫العمري‪ّ ،‬‬
‫ّ‬ ‫[*] عثامن‬

‫املالوي‪ ،‬بغية املسامر وغنية املسافر‪ ،‬ص ‪67‬أ‪-72‬أ‪.‬‬‫ّ‬ ‫(((   ابن الوكيل‬
‫الكالسيكي عن‬
‫ّ‬ ‫وماين‬
‫الر ّ‬‫احلموي‪ ،‬عرائس الغرر‪ .68 ،‬يتحدّ ث األدب ّ‬ ‫ّ‬ ‫(((   علوان‬
‫للرجال والنّساء كليهام (وليمز‪ ،‬املثل ّية يف روما‪.)59 ،‬‬
‫ّ‬ ‫املرد‬ ‫باب‬ ‫ّ‬
‫الش‬ ‫ة‬‫جاذب ّي‬
‫جلما ِل ُّيون‬ ‫الثا ِني‪ :‬ا َ‬ ‫الفص ُل َّ‬ ‫ْ‬
‫‪199‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫‪.721‬‬
‫الصحاح وغريه‪:‬‬
‫تشم‪ .‬ويف خمتار ّ‬
‫لغوي‪ :‬شميم املسك رائحته التي ّ‬
‫ّ‬ ‫املقوم ا ّل‬
‫إضافة ّ‬
‫ُح ِل من غري‬
‫َح ِل‪ ،‬وهو الذي يعلو جفون عينيه سواد مثل الك ْ‬ ‫ْح ُل بينّ ُ الك َ‬
‫رجل أك َ‬
‫لغوي)‪.‬‬
‫ّ‬ ‫(املقوم ا ّل‬
‫ّ‬ ‫َح ِل‪.‬‬
‫ُح ُل يف العينني كالك َ‬ ‫اك ٍ‬
‫ْتحال‪ .‬ومنه قوهلم‪ :‬وما الك ْ‬
‫*****‬

‫ف (اآلية ‪ )32‬ات َِّصاالً ُم َبارش ًا‬ ‫يوس َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ويت َِّص ُل هذا‬
‫االقتباس م ْن سورة ُ‬ ‫ُ‬
‫الش ِ‬
‫وهو تو ُّل ُع َّ‬ ‫ِ ِ‬
‫اعر وولهَ ُ ُه بالغال ِم‪ ،‬ور ُّد ُه عىل َم ْن يلو ُم ُه‬ ‫بموضو ِع ال َقصيدَ ة‪َ ،‬‬ ‫ُ‬
‫قلب‬ ‫ف ِم ْن ِ‬ ‫يوس َ‬
‫حب ُ‬ ‫هوى الغال ِم قد مت َّك َن منه‪ ،‬مث َلام مت َّك َن ُّ‬ ‫إن َ‬ ‫ِ‬
‫بالقول‪َّ :‬‬
‫زليخ ُة‬
‫َ‬ ‫َت‬‫س) وكان ْ‬ ‫الكتاب املقدَّ ِ‬‫ِ‬ ‫عزيز مصرْ َ (بوتيفار يف‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫زوجة‬ ‫زليخ َة‬‫َ‬
‫ات ا َّلالتيِ و َّب ْخنَها‬ ‫ِ‬
‫الكلامت لضيفاتهِ ا ِمن النِّساء امل ِ ي ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫هذه‬ ‫وج َه ْت‬
‫صرْ َّ‬ ‫َ‬ ‫قد َّ‬
‫عليه َّن‪ ،‬وحل َظ ْت‬ ‫باخلروج ِ‬
‫ِ‬ ‫أن أعدِّ ْت هل َّن مائدَ ًة وأمر ْت ُه‬ ‫ف بعدَ ْ‬ ‫ليوس َ‬
‫حل ِّبها ُ‬
‫امل األسمى وال أحدَ يفو ُقه يف الترُّ ِ‬ ‫مثال اجل ِ‬ ‫بجاملِ ِه‪،‬‬
‫اث‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ف ُ َ‬ ‫ويوس ُ‬‫ُ‬ ‫انبهار ُه َّن َ‬‫َ‬
‫الدِّ ينِ ِّي اإلسالم ِّي‪.‬‬
‫ِ‬

‫ف قد ُأعطِ َي‬ ‫(يوس َ‬ ‫ُ‬ ‫يقول فيه‪َّ :‬‬


‫إن‬ ‫حمم ٍد ُ‬ ‫َّبي َّ‬ ‫وب إىل الن ِّ‬‫منس ٌ‬ ‫حديث ُ‬ ‫ٌ‬ ‫وثم َة‬
‫َّ‬
‫بعض ِمن الرواياتِ‬ ‫ِ‬ ‫حل ْس ِن) بمعنَى َّ‬
‫ٍ َ ِّ‬ ‫ُ‬
‫ويفوق يف‬ ‫إن ُح ْسنَ ُه يوازي ‪-‬‬ ‫شطر ا ُ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫دأب شعرا ُء هذه احلقبة يف‬ ‫ِ‬
‫جمموع ُح ْس ِن البرش مجيعا‪ .‬وقدْ‬
‫ً (‪)1‬‬
‫األخرى ‪-‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫األنموذج‬ ‫ِ‬
‫ف الذي يم ِّث ُل‬ ‫يوس َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫احلديث عن جمَ ال ُ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫معشوقيهم بإزاء جمَ ال ُ‬
‫للجنسينْ ِ كل ْي ِهام‪.‬‬
‫َ‬ ‫وكان مثاالً َّ‬
‫جذاب ًا‬ ‫َ‬ ‫امل واجلاذبِ َّي ِة‪،‬‬ ‫للج ِ‬
‫األسمى َ‬ ‫َ‬
‫ائص األنثو َّي ِة) يف‬
‫(اخلص ِ‬‫َ‬ ‫َّخذ ِم َن‬
‫عر َّي َة التِي تت ُ‬ ‫الش ِ‬
‫يفات ِّ‬ ‫َّوص ِ‬
‫إن الت ِ‬‫َّ‬
‫غياب‬ ‫ِ‬ ‫ال كافي ًا عىل‬ ‫ٍ‬
‫وتركيز هلا؛ ال تُعدُّ دلي ً‬ ‫ني بؤر َة اهتام ٍم‬
‫وق َ‬ ‫املعش ِ‬
‫ُ‬ ‫الغ ِ‬
‫لامن‬ ‫ِ‬
‫ِ‬ ‫نوع ِه‪ ،‬فكثر ُة‬
‫الشاعر يف ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫ورود‬ ‫االهتام ِم بالغلامن أنفس ِهم جلهة مماث َلت ِهم َّ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ائد ِ‬‫املعذرين يف قص ِ‬ ‫ِ‬
‫املثال‪ُ ،‬يعدُّ‬ ‫ِ‬
‫سبيل‬ ‫احلقبة يف‬ ‫هذه‬ ‫َ‬ ‫ِ َ‬ ‫واحلديث عن‬ ‫ِ‬
‫العذار‬

‫  املناوي‪ ،‬فيض القدير‪( 2 :2 ،‬حديث ‪ ،)1178‬مع حلظ تباين اآلراء بشأن هل‬ ‫ّ‬ ‫(((‬
‫حممدا أم ال‪.‬‬
‫ّ ّ‬ ‫ّبي‬ ‫ن‬ ‫ال‬ ‫هذه‬ ‫ّساوي‬
‫ت‬ ‫ال‬ ‫حالة‬ ‫تشمل‬
‫اإل ْسال ِم ِّي‬ ‫ال ال َع َر ِب ِّي ِ‬ ‫جل ْن ِس َّي ِة يِف ال َع مَ ِ‬ ‫َما َق ْب َل امل ِْثلِ َّي ِة ا ِ‬ ‫‪200‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫لحظ‬‫ال واضح ًا عىل ما ذه ْبنا إليه] وزياد ًة عىل ذلِ َك‪ُ ،‬ي ُ‬ ‫ِ‬
‫أنموذج َّي ًا [ودلي ً‬ ‫مثاالً‬
‫الغ ِ‬
‫لامن بدالً‬ ‫ال ِ‬ ‫وبني جمَ ِ‬ ‫ِ‬ ‫بني جمَ ِ‬ ‫العديد ِمن ُّ ِ‬ ‫ِ‬
‫ال النِّساء َ‬ ‫الشعراء ا ُمل َ‬
‫قار َن َة َ‬ ‫َ‬ ‫اختيار‬
‫ُ‬
‫مقابل حب النِّساءِ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِم َن التَّسو َية بين َُهام‪ ،‬وتؤ ِّل ُ‬
‫ِ‬
‫ِّ‬ ‫حب الغلامن‬ ‫بني مزايا ِّ‬ ‫ف ا ُمل َ‬
‫قار َن ُة َ‬
‫منذ ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّقليد َّي ِة يف‬
‫وعات الت ِ‬ ‫ِ‬
‫زمن‬ ‫األقل ُ‬ ‫الكالسيك ِّي يف ِّ‬ ‫األدب العربيِ ِّ‬
‫ِ‬ ‫املوض‬
‫ُ‬ ‫أحدَ‬
‫رسائل ِه‬
‫ِ‬ ‫ص إحدَ ى‬ ‫خص َ‬
‫ِ‬
‫بحر اجلاحظ ( ُتوفيِّ َ سن َة ‪ 869‬م) الذي َّ‬
‫ِ‬ ‫بن ٍ‬ ‫عمرو ِ‬ ‫ِ‬
‫ِ (‪)1‬‬ ‫عاشق ِ‬
‫وعاشق النِّساء‪.‬‬‫ِ‬ ‫الغ ِ‬
‫لامن‬ ‫ِ‬ ‫للمفاخ َر ِة َ‬
‫بني‬ ‫َ‬

‫املنشور ِة يف‬
‫َ‬
‫(ألف ٍ‬
‫ليلة وليل ٌة)‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬
‫نسخة‬ ‫هذه كذلِ َك يف‬‫مثل ِ‬ ‫مفاخ َر ٌة ُ‬
‫وبرز ْت َ‬ ‫َ‬
‫هذه الفكر ُة حت َظى بشعبِي ٍة بني شعراءِ‬ ‫ِ‬ ‫برح ْت‬ ‫ِ‬
‫َّ َ‬ ‫القاهرة عا َم (‪1835‬م) وما َ‬
‫(‪)2‬‬
‫َ‬
‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫احلصكَف ُّي‬
‫حممد ْ‬ ‫املبكرة وكتَّابهِ ا‪ ،‬إذ عبرَّ َ الفقي ُه احللبِ ُّي ُّ‬
‫عيل ب ُن َّ‬ ‫َ‬ ‫احلقبة العثامن َّية‬
‫تفضيل ِه للن ِ‬
‫ِّساء قائالً‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫( ُتوفيِّ َ سن َة ‪1519‬م) عن‬
‫ِ‬
‫ِّسوان‬ ‫ِ‬
‫تفضيل الن‬ ‫الس ِ‬
‫فري ُّي ‪ -‬يف‬ ‫مس َّ‬ ‫مضمن ًا ‪ -‬فيام أنشدَ نِ ِيه عنه َّ‬
‫الش ُ‬ ‫ِّ‬ ‫َ‬
‫وقال‬
‫لامن‪:‬‬‫الغ ِ‬ ‫عىل ِ‬
‫ِ‬ ‫الح أوليِ النُّهـى‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ــــــب‬
‫ُ‬ ‫وحواج‬ ‫منه ُم‬ ‫ٌ‬
‫عيون ُ‬ ‫وأو َد ْت‬
‫ْ‬ ‫لئ ْن َف َت َن ا ُمل ْر ُد امل ُ‬

‫مذاهب‬ ‫ِ‬
‫َّــاس فيام يعشـــ ُق َ‬
‫ون‬ ‫وللن‬ ‫البيض مذهبِـي‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اخلرد‬ ‫فحب الن ِ‬
‫ِّساء‬
‫(*)‬
‫ُ‬ ‫ُّ‬

‫الس ّيارة‪.662 :1 ،‬‬


‫الغز ّي‪ ،‬الكواكب ّ‬
‫احلنبيل‪ ،‬درر احلبب‪489-389 :1 ،‬؛ ّ‬
‫ّ‬ ‫[*] ابن‬

‫*****‬

‫(((   اجلاحظ‪ ،‬مفاخرات اجلواري والغلامن‪ ،‬يف (رسائل)‪ .137-87 :2 ،‬انظر مراجعة‬
‫الكالسيكي يف دراسته ّ‬
‫(الذكر واألنثى‪:‬‬ ‫ّ‬ ‫يب‬
‫روزنثال هلذا املوضوع يف األدب العر ّ‬
‫ّ‬
‫املتأخر‬ ‫الكالسيكي‬
‫ّ‬ ‫اليوناين‬
‫ّ‬ ‫األدب‬ ‫يف‬ ‫كذلك‬ ‫السيامء‬
‫وصف ومقارنة)‪ .‬تربز هذه ّ‬
‫(انظر فوكو‪ ،‬تاريخ اجلنسان ّية‪ 193 :3 ،‬وما بعدها؛ غولدهل‪ ،‬عذر ّية فوكو‪82 ،‬‬
‫بفلوݞفلدر‪،‬خرائطالرغبة‪،‬‬
‫ّ‬ ‫وما بعدها)؛ وكذلك يف أدب اليابان ما قبل احلديثة‪ ،‬انظر‬
‫‪.63-59‬‬
‫(((   ألف ليلة وليلة‪( 602-589 :1 ،‬ا ّلليايل ‪)423-419‬‬
‫جلما ِل ُّيون‬ ‫الثا ِني‪ :‬ا َ‬ ‫الفص ُل َّ‬ ‫ْ‬
‫‪201‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫فتح اهللِ البيلونيِ ُّ ( ُتوفيِّ َ سن َة‬


‫آخ ُر هو ُ‬ ‫ذكر حلبِ ٌّي َ‬‫أكثر جمون ًا‪َ ،‬‬ ‫ٍ‬
‫وبأسلوب َ‬
‫‪1633/1632‬م)‪:‬‬
‫ـــان لِسـ ٍُّر َب ْطـ ْن‬
‫احلس ِ‬
‫َ‬
‫إلاَّ لقا ِ‬ ‫ِ‬
‫أبتغـي‬ ‫ال أرتـضيِ ا ُمل ْر َد وال‬
‫(*)‬
‫حب الوط ْن‬ ‫َّ‬
‫ِ‬
‫االيامن‬ ‫إن ِمـَن‬
‫َّ‬ ‫نافـــق يف ح ِّبهـــــا‬
‫َ‬ ‫ْ‬
‫فقل َمل ْن‬

‫حممد‪.‬‬
‫ّبي ّ‬
‫[*] املح ّب ّي‪ ،‬خالصة األثر‪ .257 :3 ،‬والنّقل منسوب إىل الن ّ‬

‫*****‬

‫لامن نرب ًة‬ ‫الغ ِ‬‫بتفضيل ِهم النِّساء عىل ِ‬ ‫ِ‬ ‫الذي َن يصرَ ِّ ُح َ‬
‫ون‬ ‫ويستعمل الكتَّاب ِ‬‫ُ‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫الغالب‪ ،‬إذ ذكر الكاتب الدِّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫مثل ِ‬ ‫ماجنَ ًة َ‬
‫الرببري ( ُتوفيِّ َ‬
‫ُ‬ ‫مشق ُّي أمحدُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫هذه يف‬
‫ون عىل‬ ‫مح َ‬‫ني (يتزا ُ‬ ‫أن ا ِّللواطِ ِّي َ‬ ‫ِ‬
‫األبيات‪َّ ،‬‬ ‫املثال يف ِ‬
‫أحد‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫سبيل‬ ‫سن َة ‪1817‬م) يف‬
‫الفاعل ‪ /‬ا ُملولِ ِج يف‬ ‫ض إىل ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫عمل‬ ‫أداء‬ ‫اخلرى) يف إشارة منه إىل ميل ِهم املف َ‬
‫رت ِ‬ ‫َ‬
‫العالقة الشرَّ ِجية‪ِ:‬‬
‫ِ‬
‫َّ‬
‫ِ‬
‫ب��ف��س��اد ِه��م‬ ‫ٍ‬ ‫ِم��� ْن ق��ـ��ـ��و ِم‬
‫��رى‬ ‫خ���ر ُب���وا ال�� ُق َ‬
‫َ‬ ‫ل���وط ُع ْص َبـ ٌة‬
‫(*)‬ ‫َ‬
‫���ون ع�ل�ى اخلَ������را‬‫مح‬
‫ي���ت���زا ُ‬ ‫َ‬
‫الفيـــران إذ‬ ‫أش��ب��ه��وا‬
‫ُ‬ ‫ق��د‬

‫املوصيل‪.219 ،‬‬
‫ّ‬ ‫اجليل عىل بيت‬
‫[*] أمحد أفندي الرببري‪ ،‬الشرّ ح ّ‬

‫*****‬
‫ِ ِ‬ ‫عيل الدَّ با ُغ امليقاتيِ ُّ إىل‬
‫يتعر ُض‬‫املخاطر التي قد َّ‬ ‫ون َّب َه الفقي ُه احللبِ ُّي ُّ‬
‫املفعول به بدالً ِم َن‬
‫ِ‬ ‫عمل املستقبِ ِل ‪/‬‬ ‫أدائ ِه َ‬
‫احتامل ِ‬‫ِ‬ ‫ِ‬
‫بسبب‬ ‫عاشق ا ُمل ْر ِد‬ ‫ُ‬ ‫هلا‬
‫ٍ‬
‫حلاف َخ َط ٌر‪،‬‬ ‫أن َر ُج َلينْ ِ َ‬
‫حتت‬ ‫أهل الن ِ‬
‫َّظر‪َّ ،‬‬ ‫(وم َن البينِّ ِ عندَ ِ‬‫الفاعل‪ /‬ا ُملولِ ِج‪ِ :‬‬
‫ون‬ ‫أن ِ‬
‫الذي َن يؤ ِّيدُ َ‬ ‫ٍ‬
‫فاعل)‪ )1(.‬ويبدُ و َّ‬ ‫ٌ‬
‫مفعول به عن‬ ‫وينوب‬ ‫ُ‬
‫العامل‬ ‫فر َّبام يتش َّل ُم‬
‫ُ‬
‫لعل مراده يتس ّلح ّ‬
‫ألن‬ ‫املرادي‪ ،‬سلك الدّ رر‪( .244 :3 ،‬قوله يتش ّلم ّ‬
‫ّ‬ ‫(((   منقول من‬
‫الرمح أيضا فالعبارة ال ختلو عن ا ّللطافة فالفاعل واملفعول‬
‫ّ‬ ‫صدر‬ ‫بمعنى‬ ‫العامل‬
‫اإل ْسال ِم ِّي‬ ‫ال ال َع َر ِب ِّي ِ‬ ‫جل ْن ِس َّي ِة يِف ال َع مَ ِ‬ ‫َما َق ْب َل امل ِْثلِ َّي ِة ا ِ‬ ‫‪202‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫أقل رغب ًة‬ ‫املبكر ِة‪ ،‬كانُوا َّ‬


‫َ‬ ‫احلقبة العثامنِ َّي ِة‬
‫ِ‬ ‫الغ ِ‬
‫لامن] يف‬ ‫املقابل [أي حب ِ‬
‫َّ‬ ‫َ‬ ‫املوقف‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫االنجذاب إىل‬ ‫خيار‬ ‫هذه‪َّ ،‬‬
‫ألن‬ ‫مثل ِ‬ ‫واضح ٍة ِ‬ ‫جنس َّي ٍة‬ ‫باعتبارات ِ‬‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫العناية‬ ‫يف‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫كور ال‬ ‫الذ ِ‬ ‫الش ِ‬
‫باب ُّ‬ ‫اجلنس َّي ِة التِي يمك ُن إقامتُها مع َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫العالقة‬ ‫واحد ِم َن‬
‫ٍ‬ ‫نو ٍع‬
‫اختار الفقي ُه‬ ‫ِ‬
‫احلقبة‪ ،‬إذ‬ ‫بالكاد مطروح ًا يف ِ‬
‫هذه‬ ‫ِ‬ ‫كان‬‫ِّساء يف الواقعِ؛ َ‬ ‫مع الن ِ‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫مسوغ ًا‬
‫أن يقدِّ َم ِّ‬‫ال ْ‬ ‫اخلفاج ُّي ( ُتوفيِّ َ سن َة ‪1659‬م) مث ً‬ ‫ِ‬ ‫والقايض املصرْ ِ ُّي أمحدُ‬
‫الذي ال‬ ‫كور‪ ،‬وهذا املسو ُغ هو االدعاء اآلتيِ ‪ِ -‬‬ ‫الذ ِ‬ ‫باب ُّ‬ ‫الش ِ‬‫تفضيل َّ‬ ‫َ‬ ‫َّبر َر به‬
‫ِّ ُ‬ ‫ِّ‬
‫املوضو ِع اجلنسيِ ِّ ‪:‬‬ ‫ِ‬
‫اختيار ُ‬ ‫حيمل ِصل ًة واضح ًة بمسأ َل ِة‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫األديب‪...‬‬ ‫اهلزل واخلالع َة مع هذا‬ ‫أهوى َ‬ ‫الش ِ‬ ‫ِ‬
‫عنفوان َّ‬
‫باب َ‬ ‫(كن ُْت يف‬
‫موالي‬ ‫بال‬ ‫ِ‬
‫األحداث‪ :‬ما ُ‬ ‫بعض ِم َن‬
‫ٍ‬ ‫ث مع‬ ‫فكت ْب ُت إليه يوم ًا وقدْ رأي ُت ُه يتحدَّ ُ‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫اجلنان‬ ‫حور‬ ‫تطلق هبا‬ ‫ومرتكب آلثا ٍم‬ ‫ِ‬
‫اإلناث‪،‬‬ ‫كور عىل‬ ‫الذ ِ‬‫غر ٌم بتقدي ِم ُّ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ٌ‬ ‫ُم َ‬
‫الق‪،‬‬‫ف عن اخلَ ِ‬ ‫املرأة باالتِّفاِق‪ ،‬فلذا خت َّل َ‬
‫ِ‬ ‫خري ِم َن‬
‫جل ٌ‬ ‫الر َ‬ ‫الث؛ وذلِ َك َّ‬
‫ألن َّ‬
‫بال َّث ِ‬
‫قاق‪ ،‬كام ق ْل ُت‪:‬‬ ‫الش ِ‬ ‫ِ‬
‫جيب ِّ‬ ‫وشق‬
‫ِّ‬
‫ِ‬
‫اك�تراث‬ ‫ْ��ب��ح ذا‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬
‫وب��ال��غ��ل�مان أص َ‬ ‫ح��ب الغوان‬ ‫ِّ‬ ‫م��ال عن‬ ‫أدي��ب‬
‫ٌ‬
‫(*)‬ ‫ِ‬
‫اإلنـاث‬ ‫كور عىل‬ ‫فغ َّل ْب ُت ُّ‬
‫الذ َ‬ ‫أرب��اب املعانِــي‬
‫ِ‬ ‫ُأ ُق��ل ُ‬
‫ْ��ت ب��رأي‬

‫اخلفاجي‪ ،‬رحيانة األلبا‪.350 :1 ،‬‬


‫ّ‬ ‫[*]‬

‫*****‬
‫يظهر‪ِ ،‬ه َي أ َّن ُه إذا َ‬ ‫املحوري ُة يف هذا املق َت َط ِ‬
‫كور‬
‫الذ ُ‬ ‫كان ُّ‬ ‫ُ‬ ‫ف عىل ما‬ ‫ِ َّ‬ ‫والفكر ُة‬
‫أفضل وأرفع ِمن حب الن ِ‬
‫ِّساء!‬ ‫ُ‬ ‫الذ ِ‬
‫كور‬ ‫حب ُّ‬ ‫أفضل وأرفع ِمن الن ِ‬
‫ِّساء‪ْ ،‬‬ ‫َ‬
‫ُ ْ ِّ‬ ‫إذن‪ُّ ،‬‬ ‫َ َ‬
‫الر َّد عليها‪ ،‬وهو ما فع َل ُه‬ ‫ِ‬ ‫وتستدعي ِ‬ ‫ِ‬
‫املدافع‬
‫ُ‬ ‫املحور َّي ُة بداه ًة َّ‬ ‫هذه “الفكرةُ”‬
‫املنطق ذاتِ ِه ـ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫باستعامل‬ ‫رشح ـ‬ ‫الذي‬‫ليلة وليل ٌة) ِ‬‫(ألف ٍ‬‫ُ‬ ‫عن حب الن ِ‬
‫ِّساء يف‬
‫َ‬ ‫ِّ‬
‫الش ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫باب‬ ‫حب َّ‬ ‫أفضل وأر َقى م ْن ِّ‬ ‫َ‬
‫يكون‬ ‫أن‬‫ني ينبغي ْ‬ ‫الرجال البالغ َ‬ ‫حب ِّ‬ ‫َّ‬
‫أن َّ‬

‫حمبوك ال ّطرفني‪ .‬انتهى) هامش املؤ ّلف‪.‬‬


‫جلما ِل ُّيون‬ ‫الثا ِني‪ :‬ا َ‬ ‫الفص ُل َّ‬ ‫ْ‬
‫‪203‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ٍ‬
‫اختزال ال هناي َة هلا‪.‬‬ ‫استنتاج ُيعدُّ مثاالً واضح ًا لعمل َّي ِة‬ ‫ٌ‬ ‫وهو‬
‫ني ـ َ‬
‫ِ‬
‫املراهق َ‬
‫ِ‬
‫الفارسكور ُّي ( ُتوفيِّ َ سن َة‬ ‫حممدُ‬‫ين َّ‬ ‫آخ ُر هو ِتق ُّي الدِّ ِ‬ ‫وثم َة فقي ٌه مصرْ ِ ٌّي َ‬
‫َّ‬
‫األبيات اآلتية‪ِ:‬‬
‫ِ‬ ‫لامن يف‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫بيرس وسهو َلة عن تفضيله الغ َ‬ ‫‪1647‬م) عبرَّ َ ٍ‬
‫َ‬
‫ـــل فرعها‬‫رس ُ‬ ‫ِ‬
‫العشــــق ُم َ‬ ‫ِ‬
‫لـدين‬ ‫دعانِـــــي‬

‫ِ‬
‫ـــفل‬ ‫ِ‬
‫ــــادن ال ِّط‬ ‫هوى َّ‬
‫الش‬ ‫وما مذهبِـــــي إلاَّ‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫ــــــرنا بــــه‬‫عص‬
‫حبيــــب أرانــــا اهللُ يف ْ‬
‫ٌ‬
‫والش ِ‬
‫كل‬ ‫ْ��ن َّ‬ ‫ال��ص��دِّ ِ‬
‫ي��ق يف احلُ��س ِ‬ ‫��ف ِّ‬‫ي��وس َ‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫جمَ���ال‬
‫بوجــــه علــى قـــــدٍّ عىل ِردفِ ِ‬
‫ــــه عــــال‬ ‫ٍ‬

‫ِ‬
‫رمــــل‬ ‫ــي‬ ‫ِ‬ ‫غص ٍ‬ ‫ٍ‬
‫ـــن عىل نق ِّ‬ ‫كبـــدر علــى ْ‬
‫(*)‬

‫[*] املح ّب ّي‪ ،‬خالصة األثر‪.84 :4 ،‬‬


‫لغوي‪:‬‬
‫ّ‬ ‫املقوم ا ّل‬
‫إضافة ّ‬
‫ومطلع القصيدة قوله‪:‬‬
‫ِ‬
‫العقل‬ ‫بارح‬
‫فكــــــم من تباريح اهلوى ُ‬ ‫قفي و ّدعـي يا ر ّبة األعــــــني النّجل‬
‫أقــــل من ال ّط ّ‬
‫ــل‬ ‫ّ‬ ‫عــــــز َو ْب ٌل فال‬
‫ّ‬ ‫إذا‬ ‫وال متـــــنعيه ا ّللحظ إن مل ْ يكن وفــا‬

‫*****‬

‫جرجيس‬ ‫ِ‬
‫العراق ُّي‬ ‫شاعر َ‬
‫آخ ُر هو‬ ‫ِ‬
‫الفارسكور ِّي صرَ َّ َح‬ ‫ِ‬
‫غرار‬ ‫وعىل‬
‫ُ‬ ‫ٌ‬
‫ُ‬
‫أطول‬ ‫ِ‬
‫فإن قصيد َت ُه‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫هوى الغلامن؛ َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬
‫األديب الذي أسل ْفنا‬
‫احلديث عنه بتفضيله َ‬ ‫ُ‬
‫َّعبري عن هذهِ‬
‫األخرى يف الت ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫تهِ‬
‫َ‬ ‫أكثر وضوح ًا وحدَّ ًة يف نرب ا م َن َ‬
‫القصائد‬ ‫لكنَّها ُ‬
‫ِ‬
‫‪،‬وتستحق تبع ًا لذل َك إثباتهَ ا كام َل ًة‪:‬‬ ‫يم ِة‬
‫ُّ‬ ‫ال ِّث َ‬
‫اإل ْسال ِم ِّي‬ ‫ال ال َع َر ِب ِّي ِ‬ ‫جل ْن ِس َّي ِة يِف ال َع مَ ِ‬ ‫َما َق ْب َل امل ِْثلِ َّي ِة ا ِ‬ ‫‪204‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫للذ ِ‬
‫كر‬ ‫ُ‬
‫الفضـــل َّ‬ ‫َ‬
‫فكــان‬ ‫َ‬
‫اإلناث‬ ‫هيوى‬
‫َ‬ ‫كور و َم ْن‬ ‫هيوى ُّ‬
‫الذ َ‬ ‫نظر ُت يف ِ‬
‫رأي َم ْن َ‬ ‫ْ‬
‫ِ‬ ‫بــاد لِ ِ‬
‫والفرق بينَهمــا ٍ‬
‫ـــــر‬‫ــذي ن َظ‬ ‫ُ ُ‬ ‫والص َ‬
‫بيان فيــه َهنـــا‬ ‫فح ُّب َك ا ُمل ْ‬
‫ــر َد ّ‬

‫ــــو ِر‬ ‫ٍ‬ ‫اه َوالبنِيـ َنعىل ِ‬


‫كل أغيد يســـبِي احلُ َ‬
‫ور باحلَ َ‬ ‫َم ْن ُّ‬ ‫فـــإنهبِـم‬
‫َّ‬ ‫رأيـــي‬ ‫َف ْ‬
‫للح ُم ِ‬ ‫تفض ِ‬
‫ـل ِهم‬ ‫وقل َملنرد ِ‬
‫ــــر‬ ‫َـاع ُ‬
‫كمـ ْن قـــدَّ َم النَّعن َ‬
‫إنِّـي َ‬ ‫حكمــيفــي ُّ‬ ‫ْ ْ َّ‬
‫ِ‬
‫كاألثـــر‬ ‫ِ‬
‫القدود تظــ ُّن العيـ ُن‬ ‫ِ‬
‫لـــني‬ ‫اخلــدود ِ‬
‫وم ْن‬ ‫ِ‬ ‫أنـت ِم ْن ِ‬
‫محــر‬ ‫قلأي َن َ‬

‫واألخالق ِم ْن ِصـ َغ ِر‬


‫ِ‬ ‫مهـذ َب ال َّطبــ ِع‬
‫َّ‬ ‫ِ‬
‫مســــتوي ًا‬ ‫وإن أحســن َُهم َمـ ْن َ‬
‫كان‬ ‫َّ‬

‫يم ِ‬
‫بـري‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫الرشـأ ال ِّط ُ‬
‫وح حتيا والســق ُ‬
‫الـر ُ‬
‫حـديثــه ُّ‬ ‫املـراهــق يف‬
‫ُ‬ ‫فل‬ ‫فمنهــم َّ‬
‫ُ‬
‫للص ِ‬
‫ــور‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫املصقولســال ُف ُه‬
‫َّـــكل كاملـرآة ُّ‬ ‫تَــرى به الشـ‬ ‫األبيـض‬
‫ُ‬ ‫ومنهــم‬
‫ُ‬
‫القم ِ‬ ‫ِ‬ ‫يغنِ َ‬ ‫ِ‬
‫ـر‬ ‫يك إشــرا ُقها عـن طلعـــة َ‬ ‫ـي هبجتـــ ُه‬
‫األمحــــر احلنط ُّ‬
‫ُ‬ ‫ومنهم‬
‫ُ‬

‫ـــــم ِر‬‫الس‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫البـادي رشـــا َق ُتـُه‬
‫َ‬ ‫وح َّبــذا ل ِّيـ ُن األعطاف يف َّ‬ ‫األسـمر‬
‫ُ‬ ‫ومنهم‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫طـــري‬ ‫ٌ‬
‫رحيــــان‬ ‫سـيح عليه‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬
‫كالورد َ‬ ‫عارضـــ ُه‬
‫املخرض ُ‬
‫ُّ‬ ‫الكـامل‬ ‫ومنهـم‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫العمــــر‬ ‫األنــــس هبِــم َّ‬
‫لـذ ُة‬ ‫فإنَّمـا‬ ‫َ‬
‫حتـــــظبــه‬ ‫ختتــار‬ ‫فخذ ِ‬
‫لنفس َكما‬ ‫ْ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫حـــذر‬ ‫ٍ‬
‫خـــوف وال‬ ‫حج ٍ‬
‫اب وال‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫بال َ‬ ‫واحلديـثهلُـــم‬ ‫منهم‬
‫بالقرب ُ‬ ‫تفوز‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫ــــــر‬ ‫ِ‬
‫مـــري غايــ ُة الو َط‬‫فإن هذا َل َع‬
‫َّ‬ ‫َّقبيـل عن َل ِع ٍ‬
‫ـب‬ ‫باملزح والت ُ‬
‫ِ‬ ‫وا َّل ُ‬
‫لمس‬
‫ـــوب حيــ َن ِ‬
‫عـري‬ ‫ِ‬ ‫وح َّبذا رؤي ُة املح ُب‬ ‫بـــكاحلماّ َمقــددخــ ُلوا‬
‫َ‬ ‫وربيو ٍم‬
‫َّ‬
‫ِ‬
‫مئــــزر‬ ‫ِ‬
‫غيــــر‬ ‫نظر ٍة ِمــــــ ْن‬
‫ورب َ‬
‫َّ‬ ‫بــارز ٌة‬
‫َ‬ ‫واألرداف‬
‫ُ‬ ‫اجلسم‬
‫ُ‬ ‫يبــدُ و َ‬
‫لك‬
‫ِ‬
‫ــــمر‬‫والس‬ ‫ِ‬
‫األنس َّ‬ ‫ِ‬
‫وطيب‬ ‫ِ‬
‫رشباملدا ِم‬ ‫َ‬
‫وافقـوك علــــــى‬ ‫ور َّبام ليل ًة قـــد‬
‫جلما ِل ُّيون‬ ‫الثا ِني‪ :‬ا َ‬ ‫الفص ُل َّ‬ ‫ْ‬
‫‪205‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫غري َد ِري‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫نيِ‬ ‫ِ‬ ‫مكـــر الن ِ‬


‫ِّـساء ِ‬ ‫ِ‬ ‫ذاك ِم ْن‬
‫فأي َن َ‬
‫فعــل الغــوا ال يدْ ريــــه ُ‬ ‫ومـــ ْن‬
‫ِ‬
‫البشـر‬ ‫ِ‬
‫ســائر‬ ‫يــفضـ ُل ُهــــم عن‬ ‫َم ْن‬ ‫ِ‬
‫ِّســـاءوال‬ ‫ِ‬
‫عشــــقالن‬ ‫ال َ‬
‫باركاهللُيف‬
‫ِّ‬
‫ِ‬
‫َّظـــر‬ ‫ِ‬
‫حسـرة الن‬ ‫يموت عاشــ ُق ُهم ِم ْن‬ ‫حمجبات عزيــــزات ا ِّل ِ‬
‫لقـاء لـــذا‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َّ َ ٌ‬

‫خـري‬ ‫ِ‬
‫للخـوف منه ِ‬ ‫ِ‬
‫طــارق‬ ‫وح َّس يف‬ ‫منهم خما َلســـ ًة‬ ‫ٍ‬ ‫ْ‬
‫َ‬ ‫فاز ع ْن غفلــــة ُ‬
‫إن َ‬
‫ختطر عىل الدُّ ُب ِ‬
‫ــــر‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫فإن ُجبِ ْـر َت عىل‬
‫ْ‬
‫م َن النِّســاء فال ْ‬ ‫فاحشــٍة‬ ‫إتيــــان‬
‫(*)‬

‫الغالمي‪ ،‬شاممة العنرب‪.772-672 ،‬‬


‫ّ‬ ‫[*]‬
‫لغوي‪:‬‬
‫ّ‬ ‫املقوم ا ّل‬
‫إضافة ّ‬
‫ـ األغيد لينّ األعطاف النّاعم املتثنّي يف مشيته‪.‬‬
‫فهو شادن‪.‬‬
‫وحترك ومشى مع أ ّمه‪ .‬فإذا استغنى عنها َ‬ ‫قو َي ّ‬ ‫الرشأ‪ :‬ولد ال ّظبية إِذا ِ‬
‫ـ ّ‬
‫ـ العارض‪ :‬صفحة اخلدّ ‪ .‬وقوهلم‪ :‬فالن خفيف العارضني يراد به خ ّفة شعر‬
‫عارضيه‪.‬‬
‫لغوي)‪.‬‬
‫ّ‬ ‫(املقوم ا ّل‬
‫ّ‬ ‫مهة فهي َو َط ُره‪.‬‬ ‫الو َط ُر‪ّ :‬‬
‫كل حاجة كان لصاحبها فيها ّ‬ ‫ـ َ‬
‫*****‬
‫ِّساء ات َِّصاالً‬ ‫لامن وحب الن ِ‬ ‫الغ ِ‬ ‫بني حب ِ‬ ‫ِ‬ ‫وتت َِّص ُل ِ‬
‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫املوقف َ‬ ‫املغاير ُة يف‬
‫َ‬ ‫هذه‬
‫أن‬‫ومع َّ‬ ‫ني‪،‬‬‫اجلنس ِ‬ ‫الفص ِل َ‬
‫بني‬ ‫جرا َء‬ ‫بالقيود املفر َ ِ‬ ‫ِ‬ ‫واضح ًا وصرَ ِ حي ًا‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫وضة َّ‬ ‫ُ‬
‫دون مت ُّت ِع‬‫ال َ‬ ‫يقف حائ ً‬ ‫ابق ـ مل ْ ْ‬ ‫الس ِ‬ ‫الفص ِل َّ‬ ‫ذكرنا يف ْ‬ ‫الفص َل العا َّم بين َُهام ـ مث َلام ْ‬ ‫ْ‬
‫ني كانُوا‬ ‫ِ‬
‫الرجال البالغ َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫ومنافذ (متخا َل َفة جنس َّي ًا) َّ‬ ‫َ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫الرجال بم َتنَ َّفسات‬
‫أكثر ِّ‬‫ألن َ‬ ‫ِّ‬
‫ِ‬
‫ني ا ُّللجو ُء إىل العاهرات‪ ،‬إلاَّ أ َّن ُه ‪ -‬أي‬ ‫ِ‬
‫املتزوج َ‬ ‫ِ‬
‫ني‪ ،‬مثالً‪ ،‬وبقدرة ِ‬
‫غري‬ ‫ِ‬
‫متزوج َ‬
‫ِّ‬ ‫َّ‬
‫ِ‬
‫واملازح‬ ‫ِ‬
‫امللتبس‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الفص ُل ‪ -‬شك ََّل عائق ًا أما َم ذل َك النَّو ِع م َن التَّو ُّدد واملغاز َلة‬ ‫ْ‬
‫اجلنسنيِ‬ ‫الفص َل َ‬
‫بني‬ ‫شك يف َّ‬ ‫ظاهر َّي ًا! وال ُي ُّ‬ ‫ِ‬ ‫اعر مولع ًا به‬ ‫الذي َ‬
‫كان َّ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫أن ْ‬ ‫الش ُ‬
‫جال‬ ‫بني الر ِ‬ ‫ِ ٍ‬ ‫ٍ‬
‫عالقات ِ‬ ‫ِ‬ ‫ليفلح يف من ِع‬ ‫يف احلَ ْي ِز العا ِّم مل ْ يك ْن‬
‫غري رشع َّية َ ِّ‬ ‫اقامة‬ ‫َ‬
‫سائس‬ ‫احل َي َل والسرِّ ِّ َّي َة والدَّ‬ ‫أن ِ‬ ‫ِّساء منع ًا تا َّم ًا‪ ،‬ومع ذلِ َك‪ ،‬قد يظ ُّن املتل ِّقي َّ‬ ‫والن ِ‬
‫َ‬
‫اإل ْسال ِم ِّي‬ ‫ال ال َع َر ِب ِّي ِ‬ ‫جل ْن ِس َّي ِة يِف ال َع مَ ِ‬ ‫َما َق ْب َل امل ِْثلِ َّي ِة ا ِ‬ ‫‪206‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫الغموض‬ ‫َ‬ ‫تعكس) ذلِ َك‬ ‫ُ‬ ‫هذه قد ال مت ِّث ُل أو (ال‬ ‫مثل ِ‬ ‫عالقات َ‬ ‫ٍ‬ ‫تشوب‬‫ُ‬ ‫التي‬
‫طات قد‬ ‫وأن النِّساء املتور ِ‬ ‫األديب‪َّ ،‬‬ ‫جرجيس‬ ‫اعر‬ ‫وص َف ُه َّ‬ ‫ِ‬
‫ِّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫الش ُ‬ ‫املبهج الذي َ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ون و َّد ُه َّن؛‬ ‫الرجال الذي َن يطل ُب َ‬ ‫خياطر َن بسمعت ِه َّن ومكانت ِه َّن حتَّى عندَ ِّ‬ ‫ْ‬
‫االختالط أو االحتكاكِ‬ ‫ِ‬ ‫ُّب‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وخالف ًا للنِّساء‪َّ ،‬‬ ‫ِ‬
‫ني جتن ُ‬ ‫يتعذ ُر عىل الغلامن املراهق َ‬
‫دون إدانتِ ِهم أو‬ ‫ِ‬ ‫َّغز ِل والتَّو ُّد ِد ِم ْن‬ ‫ون للت ُّ‬ ‫يتعر ُض َ‬ ‫َّ‬ ‫ني‪ ،‬وقدْ‬ ‫البالغ َ‬ ‫ِ‬ ‫بالر ِ‬
‫جال‬ ‫ِّ‬
‫اجلانب ِم ْن خاللِ‬ ‫ِ‬ ‫رشح هذا‬ ‫ِ‬ ‫وصم ِهم باالبتذال‪ ،‬وباإلمكان اإلفاض ُة يف‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ْ‬
‫األديب‬ ‫اشرتك فيه‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫نقاش مثري لالهتام ِم عن عشق النِّساء‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫فحوى‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫َّعرف إىل َ‬ ‫الت ُّ‬
‫عمل ِه (ب ْغي ُة ا ُملس ِ‬ ‫الذي مجع يف ِ‬ ‫املالوي ِ‬
‫ام ِر‬ ‫ُ َ َ‬ ‫َ‬ ‫ِ ُّ‬ ‫ِ‬
‫الوكيل‬ ‫كر اب ُن‬ ‫الذ ِ‬ ‫آنف ِّ‬ ‫املصرْ ِ ُّي ُ‬
‫متنو َع ٍة‬ ‫ِ‬
‫ص العربِ َّية «الكالسيك َّية» عن فك ٍَر ِّ‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫القص ِ‬ ‫و ُغنْ َي ُة ا ُمل َساف ِر) عدد ًا م َن َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫عاش فيها‪،‬‬ ‫احلقبة التِي َ‬ ‫ِ‬ ‫ص مماث َل ٍة ِم َن‬ ‫بقص ٍ‬ ‫وعززها َ‬ ‫َّ‬ ‫واحلب‪،‬‬
‫ُّ‬
‫ِ‬
‫جاعة‬ ‫الش‬‫مثل َّ‬ ‫ِ‬
‫ني ِم َن‬ ‫عروفِ َ‬ ‫العشاق ا َمل ُ‬
‫ص َّ ِ‬ ‫قص ِ‬ ‫ِ‬
‫العشق عدد ًا م ْن َ‬ ‫ِ‬ ‫معرض تناولِ ِه ثيم َة‬ ‫ِ‬ ‫وأور َد يف‬
‫ني» إلاَّ أ َّن ُه اكت َفى‬ ‫جنس َّي ًا»(‪ )1‬و «ا ِّللواطِ ِّي َ‬ ‫ني ِ‬ ‫الساب َق ِة بنو َع ْي ِهم «املتخالِ ِف َ‬ ‫ِ‬
‫األزمان َّ‬
‫واعتذر عن‬ ‫عاش فيه‪،‬‬ ‫الذي َ‬ ‫ص عن احلب ا ِّللواطِي ِمن الع ِ ِ‬ ‫قص ٍ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫ِّ َ صرْ‬ ‫ِّ‬ ‫بإيراد َ‬
‫جال‬ ‫الر ُ‬ ‫شخوصها ِّ‬ ‫ُ‬ ‫حب معاصرِ َ ٍة ِم ْن زمانِ ِه‬ ‫ص ٍّ‬ ‫قص ِ‬ ‫عد ِم إيراده أمثل ًة عن َ‬
‫ِِ‬
‫املالو ُّي‬ ‫ِ‬ ‫ص ِم ْن هذا النَّوعِ! ومل ْ يك ْن‬ ‫قص ٍ‬ ‫يعرف شيئ ًا عن َ‬ ‫ُ‬ ‫والنِّسا ُء مب ِّين ًا أ َّن ُه ال‬
‫ٍ‬
‫عالقات‬ ‫عالقات محُ َ َّر َم ٍة‪ ،‬ولك َّن‬ ‫ٍ‬ ‫ِّساء يف‬ ‫جال والن ِ‬ ‫بعض ِم َن الر ِ‬ ‫ٍ‬ ‫يشك يف تور ِ‬
‫ط‬ ‫ُّ‬
‫ِّ‬ ‫ّ‬
‫العش َ‬ ‫سوى الفس ِ‬ ‫ِ‬ ‫بحس ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬
‫اق‪.‬‬ ‫اق ال َّ‬ ‫َّ‬ ‫يتور ُط فيها َ‬ ‫املالو ِّي ـ ال َّ‬ ‫ب‬ ‫مثل هذه ـ ْ‬
‫كثريات‬ ‫ِ‬
‫املنال‬ ‫يسريات‬ ‫ني‪ ،‬فه َّن إ َّما‬ ‫قسم ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِّساء عىل ِ‬ ‫وتتوزع الن ِ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫املالو ِّي إىل َ‬ ‫وفق‬ ‫َّ ُ‬
‫عفيفات ال‬ ‫فاضالت‬ ‫معه َّن‪ ،‬وإ َّما‬ ‫يتور ُط َ‬ ‫ِ ِ‬ ‫بالزنا َ‬ ‫الول ِع ِّ‬
‫ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫ون ُ‬ ‫الرجال الذي َن َّ‬ ‫مثل ِّ‬
‫ني ِ‬ ‫ِّساء ِم َن النَّو َع ِ‬ ‫ويتعذر عىل الن ِ‬ ‫بوص ِل ِه َّن‪،‬‬ ‫سبيل إىل ال َّظ ِ‬ ‫َ‬
‫كليهام ال ُّظ ُ‬
‫هور‬ ‫َّ ُ‬ ‫فر ْ‬
‫(‪)2‬‬

‫الفص ُل له‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫قص ِ‬


‫ص هذا ْ‬ ‫والعذر ِّي الذي ُخ ِّص َ‬ ‫الرفي ِع‬ ‫احلب َّ‬ ‫ِّ‬ ‫ص‬ ‫يف َ‬

‫السبب يف استعامل صفة (متخالف جنس ّيا) يف سياقات مثل هذه إىل رغبتي‬ ‫(((   يعود ّ‬
‫يف تفادي تعبريات أكثر حرجا ال بسبب ظنّي إمكان وصف األفراد املعن ّيني يف هذه‬
‫ٍ‬
‫بنحو مناسب‪ ،‬أنهّ م «متخالفون جنس ّيا»‪.‬‬ ‫العالقة‪،‬‬
‫املالوي‪ ،‬بغية املسامر وغنية املسافر‪ ،‬صفحة ‪140‬ب‪.‬‬
‫ّ‬ ‫(((   ابن الوكيل‬
‫جلما ِل ُّيون‬ ‫الثا ِني‪ :‬ا َ‬ ‫الفص ُل َّ‬ ‫ْ‬
‫‪207‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ِ‬
‫املالو َّي‬ ‫ِ‬
‫الوكيل‬ ‫األديب واب َن‬ ‫َ‬ ‫جرجيس‬
‫َ‬ ‫وممَّا يتعينَّ ُ التَّوكيدُ عليه َّ‬
‫أن‬
‫جنس َّي ًا‪ .‬وتبع ًا لذلِ َك‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫بأسلوب جيع ُلهن من ِّف ٍ‬
‫رات‬ ‫ُ َّ‬ ‫ٍ‬ ‫كليهام‪ ،‬مل ْ يقدِّ ما النِّسا َء‬ ‫ِ‬
‫تعبريات‬‫ٍ‬ ‫بوص ِفها‬ ‫تفسري ملحوظاتهِ ِم والت ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫يتعينَّ ُ ِّ‬
‫َّعامل معها ْ‬ ‫احلذر يف‬ ‫توخي‬
‫ِ‬
‫وجه‬ ‫املتخالف” وعىل‬ ‫ِ‬ ‫ِ سيِ‬ ‫ِ‬ ‫اجلنس َّي ِة” يف‬ ‫ِ‬ ‫“املثل َّي ِة‬
‫ِ‬
‫مقابل “االت َِّصال اجلن ِّ‬ ‫عن‬
‫“املفاخ َر ِة”‬
‫َ‬ ‫وف بـ‬ ‫عر َ‬ ‫َّوع األدبيِ َّ ا َمل ُ‬ ‫ون الن َ‬ ‫الذي َن يكت ُب َ‬ ‫العمو ِم‪ ،‬يع األفراد ِ‬
‫ُ‬ ‫برِّ ُ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫تهِ‬
‫ارش ٌة وقو َّي ٌة‬ ‫ليس هلا صل ٌة ُم َب َ‬ ‫عن تفضيال ِم التي قد تستندُ إىل اعتبارات َ‬
‫َت ِ‬
‫هذه‬ ‫األديب ـ وحتَّى لو كان ْ‬ ‫ِ‬ ‫جرجيس‬ ‫ِ‬
‫حال‬ ‫اجلنس َّي ِة ـ كام يف‬ ‫ِ‬ ‫بالر ِ‬
‫غبة‬
‫َ‬ ‫َّ‬
‫يتعذر علينا التَّثب ُت ِمن طبيعةِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ْ‬ ‫ُّ‬ ‫ُور ُة جمَ ال َّي ًة أو جنس َّي ًة‪ ،‬لك ْن َّ ُ‬ ‫االعتبارات املذك َ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫احلديث‬ ‫َّوج ِه اجلنسيِ ِّ باملعنَى‬ ‫َّعبريات؛ بمعنَى هل ِه َي‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫تعبريات عن الت ُّ‬ ‫ٌ‬ ‫هذه الت‬
‫اجلنسي ُة وا ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ليس ْت‬ ‫وف ـ َ‬ ‫عر ٌ‬ ‫جلامل َّي ُة ـ مث َلام هو َم ُ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َّفضيالت‬
‫ُ‬ ‫للكلمة أ ْم ال؟؛ فالت‬
‫جنس َّي ًا» يف‬ ‫ِ‬ ‫«متخالف‬ ‫رجل‬ ‫ٌ‬ ‫َّوج ِه اجلنسيِ ِّ ‪ ،‬إذ قد يصرَ ِّ ُح‬
‫ٌ‬ ‫الشيَّ َء ذا َت ُه كالت ُّ‬
‫أن النِّسا َء‬ ‫أن ذلِ َك ال يعنِي َّ‬ ‫قراوات‪ ،‬إلاَّ َّ‬ ‫ِ‬ ‫بالش‬ ‫وولع ِه َّ‬ ‫ِ‬ ‫بميل ِه‬
‫احلديث ِ‬ ‫ِ‬ ‫الز ِ‬
‫من‬ ‫َّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫لح ُظ يف هذا‬ ‫يفتقر َن إىل اجلاذبِ َّية بالنِّسبة له‪ ،‬و ُي َ‬ ‫ْ‬ ‫قراوات‬ ‫الش‬ ‫غري َّ‬‫األخريات ُ‬ ‫َ‬
‫بني‬ ‫ٍ‬ ‫املبكرة يف َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬
‫قارنُوا فيها َ‬ ‫مفاخرات َ‬ ‫َ‬ ‫اشرتاك األدباء يف احلقبة العثامن َّية‬ ‫السياق‬ ‫ِّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫باب املعذري َن‪ ،‬ويبدُ و‬ ‫والش ِ‬ ‫البيض وا ُمل ْرد َّ‬ ‫ِ‬ ‫السوداوات والنِّساء‬ ‫األثيوبِ َّيات َّ‬
‫(‪)1‬‬

‫(((   لالستزادة بشأن املقارنة بني األثيوب ّيات سوداوات البشار والنّساء بيضاواهتا‪،‬‬
‫توسع النّاس يف هذا املبحث‬ ‫األنطاكي‪ ،‬تزيني األسواق‪(138 137- :2 ،‬قد ّ‬ ‫ّ‬ ‫انظر‬
‫السمر والبيض وخاضوا بسبب ذلك يف كالم عريض‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫بني‬ ‫ّفضيل‬ ‫ت‬ ‫ال‬ ‫إىل‬ ‫منه‬ ‫فخرجوا‬
‫ال يميل‬ ‫فصلوا فقالوا ّ‬
‫إن ك ّ‬ ‫السمر مطلقا وقوم البيض وآخرين ّ‬ ‫فمن قائل بتفضيل ّ‬
‫والصحيح ّ‬
‫أن امليل‬ ‫ّ‬ ‫دليل‪،‬‬ ‫بال‬ ‫واألمزجة‬ ‫بائع‬ ‫ّ‬
‫ط‬ ‫ال‬ ‫عىل‬ ‫وحكم‬ ‫ّم‬‫عكس لونه وهذا حتك‬
‫لألول الختالفه باختالف األشخاص‪ ،‬وأ ّما‬ ‫الشهوة أو النّفع‪ ،‬وال ضبط ّ‬ ‫إ ّما بداعية ّ‬
‫فالروم ّيات حينئذ يف نحو احلجاز أنفع‪ ،‬كام‬
‫ّ‬ ‫املزاج‬ ‫معتدل‬ ‫بحسب‬ ‫إما‬ ‫فيه‬ ‫ال ّثاين فألقوا‬
‫ألن حرارة األبدان ختتبئ يف األغوار زمن الربد‬ ‫الروم أجود ّ‬ ‫أن احلبش ّيات يف نحو ّ‬ ‫ّ‬
‫فالسود للمربودين أجود والبيض للمحرورين‬ ‫ّ‬ ‫املرىض‬ ‫بحسب‬ ‫ا‬‫ّ‬ ‫وإم‬ ‫وبالعكس؛‬
‫أن احلبشة‬ ‫والصحيح ّ‬
‫أن عكس هذا أجود ملا سمعت من التّعليل‪ّ ،‬‬ ‫كذلك‪ ،‬وعندي ّ‬
‫وأرق برشة وأعدل حرارة فلذلك ه ّن أوفق مطلقا‪ ،‬ولكنّه ّن‬ ‫ألطف ممّا عداهم مزاجا ّ‬
‫يف معرض التّغيري وموضع حتقيق ذلك يف ال ّطبيع ّيات‪ ...‬ومن ألطف األشعار املقولة‬
‫عيل بن اجلهم‪:‬‬
‫يف التّفضيل قول ّ‬
‫اإل ْسال ِم ِّي‬ ‫ال ال َع َر ِب ِّي ِ‬ ‫جل ْن ِس َّي ِة يِف ال َع مَ ِ‬ ‫َما َق ْب َل امل ِْثلِ َّي ِة ا ِ‬ ‫‪208‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫أكثر منها‬ ‫ِ‬ ‫َ ِ ِ‬ ‫مثل ِ‬


‫هذه َّ‬ ‫حاالت ِ‬ ‫ٍ‬ ‫جل َّي ًا يف‬
‫تعبري عن التَّفضيالت َ‬ ‫املفاخرات ه َي ٌ‬ ‫أن‬
‫لامن والن ِ‬ ‫الغ ِ‬ ‫بني ِ‬ ‫أن نف املقار ِ‬ ‫ِ‬ ‫تعبري ًا عن الت ِ سيِ‬
‫ِّساء‬ ‫نات َ‬ ‫َ‬ ‫َّوجه اجلن ِّ ‪ ،‬وينبغي ْ سرِّ َ‬ ‫ُّ‬
‫َني اآلت َينيِ‬ ‫وثم َة يف البيت ِ‬ ‫تهِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫األخرى مجيع ًا بال َّطري َقة ذا ا‪َّ ،‬‬ ‫َ‬ ‫اجلوانب‬ ‫املتساوي َن يف‬
‫مناسب يبينِّ ُ‬ ‫مثال‬ ‫ِ‬
‫األكرم ِّي ( ُتوفيِّ َ سن َة ‪1638‬م) ٌ‬ ‫إبراهيم‬ ‫مشق ِّي‬‫اعر الدِّ ِ‬ ‫للش ِ‬ ‫َّ‬
‫ٌ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫لفهم نو ِع‬ ‫ليس ْت مناس َب ًة وال كاف َي ًة ْ‬ ‫انيف والفئات اجلنس َّي َة احلدي َث َة َ‬ ‫أن الت ََّص َ‬ ‫َّ‬
‫«املفاخ َر ِة»‪:‬‬
‫َ‬
‫��ل�مان ق���والً كريام‬‫ِ‬ ‫يف ه��وى ِ‬
‫ال��غ‬ ‫للعــاذل َّملـــــا ال َمنِــــي‬ ‫ِ‬ ‫ق ْل ُت‬

‫هر إلاَّ آد َما‬ ‫ما أنَـــا إلاَّ ِ‬


‫أهـوى الدَّ َ‬‫َ‬ ‫ـــت‬
‫لس ُ‬ ‫ْ‬ ‫ـــــي فلــــــذا‬ ‫ٌّ‬ ‫آدم‬

‫ذكر أ َّن ُه سم َع ُهام ِم ْن أمحدَ‬


‫ين َ‬‫لذ ِ‬ ‫هذين البيت ِ‬
‫َني ا َّل َ‬ ‫ِ‬ ‫سيِ‬ ‫ِ‬ ‫وقدْ َ‬
‫نقل عبدُ الغن ِّي النَّابل ُّ‬

‫ّ‬
‫حم�ك‬ ‫مفضــ�ل للبيـــ�ض ذو‬
‫ّ‬ ‫السمر م��ن جهلـه‬
‫ّ‬ ‫وعائـــب‬
‫م��ن جعلك ال��ك��اف��ور كاملسك‬ ‫قولــوا ل��ه عني أم��ا تسـتحي‬
‫طرنجي‪:‬‬
‫ّ‬ ‫وقال أبو جعفر ّ‬
‫الش‬
‫ق��ائ��م��ـ��ـ��ـ��ة يف ل���ون���ه ق��اع��ده‬ ‫أش��ب��ه��ك امل��س��ك وأش��ب��ه��ت��ه‬
‫أن���ك�م�ا م���ن ط��ي��ن��ة واح���ـ���ده‬ ‫ال ش���ك إذ ل��ون��ك�ما واح��ـ��د‬
‫وقلت يف ذلك‪:‬‬
‫وأرشف مطلوب ســـام يف املطالــب‬ ‫السمر أشهى منظرا عند عارف‬
‫أرى ّ‬

‫رويدك ال ترغـــــــب لغري منـاســب‬ ‫فضـــــل البيض جاهـــال‬


‫فقل للذي قد ّ‬

‫وقنطــــارثلجبــــاردمنمراتـــــب‬ ‫فكمبيــنقيـــراطمناملســـكقيمة‬
‫وقلت يف عكس ذلك‪:‬‬
‫حــق ال بعيــــن انتقـــــاص‬
‫ّ‬ ‫بعني‬ ‫اهلم عن ناظـــري‬
‫بيضـــاء جتلو ّ‬
‫الرصاص‬
‫الفضة البيضاء مثل ّ‬
‫ّ‬ ‫ما‬ ‫فقــل ملــــن يغـــرب يف أســــمر‬
‫(اضافة املرتمجة)‬
‫الس ّيارة‪ ،107-106 :3 ،‬ابن معصوم‪ ،‬سالفة العرص‪.80 ،‬‬
‫الغز ّي‪ ،‬الكواكب ّ‬‫ّ‬
‫جلما ِل ُّيون‬ ‫الثا ِني‪ :‬ا َ‬ ‫الفص ُل َّ‬ ‫ْ‬
‫‪209‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ٍ‬
‫تعبريات‬ ‫قبل البيت ِ‬
‫َني وبعدَ همُ ا‬ ‫أن َ‬ ‫ويظهر َّ‬ ‫(‪)1‬‬ ‫ِ‬
‫األكرم ِّي‪،‬‬ ‫اعر الدِّ ِ‬
‫مشق ِّي‬ ‫الش ِ‬ ‫ِ‬
‫بن َّ‬
‫ُ‬
‫نظر ِه يف‬ ‫ِ‬
‫وجهة ِ‬ ‫استعان هبِام لدع ِم‬
‫َ‬ ‫اعر وتفضيالتِ ِه‪ ،‬وقدْ‬ ‫الش ِ‬ ‫ِ‬
‫ميول َّ‬ ‫َصاد َق ًة عن‬
‫ِ‬ ‫الفقهاء واملتصو َف ِة ُّ ِ‬ ‫ِ‬
‫والوجهاء قد عبرَّ ُ وا‬ ‫عروفِ َ‬
‫ني‬ ‫والشعراء ا َمل ُ‬ ‫َ ِّ‬ ‫أن العديدَ ِم َن‬ ‫َّ‬
‫الرغ ِم ِم ْن ذلِ َك‪ ،‬مل ْ يك ْن‬ ‫الح وشغف ِهم هبِم! وعىل ُّ‬
‫ِ‬ ‫للم ْر ِد املِ ِ‬ ‫ِ‬
‫عن عشق ِهم ُ‬
‫إبراهيم‬ ‫أن‬ ‫ِ‬
‫حقيقة َّ‬ ‫نظر النَّابلسيِ ِّ ـ يف‬
‫وجهة ِ‬‫ِ‬ ‫لالستغراب ـ ِم ْن‬
‫ِ‬ ‫ثم َة ما يد ُعو‬
‫َ‬ ‫َّ‬
‫أنجب ولد ًا!‪.‬‬ ‫ِ‬
‫األكرم َّي قد‬
‫َ‬
‫فرض َم ْف ُهو ِم‬ ‫ِ‬ ‫املغر َي ِة إىل‬
‫عوة ِ‬ ‫وثم َة سبب آخر يد ُعونا إىل مقاوم ِة الدّ ِ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ٌ‬ ‫َّ‬
‫املواقف التِي ع عنها األدباء يف املقارناتِ‬ ‫ِ‬ ‫املثل َّي ِة اجلنس َّية احلديث عىل‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫برَّ َ‬
‫“املفاخ ِ‬ ‫ال الن ِ‬ ‫ال ِ‬
‫رات” هم‬ ‫َ‬ ‫ون يف‬ ‫فاملسهم َ‬
‫ُ‬ ‫ِّساء‪،‬‬ ‫لامن وجمَ ِ‬ ‫الغ ِ‬ ‫بني جمَ ِ‬ ‫األدبِ َّي ِة َ‬
‫بيان‪ ،‬ومل ْ تتحدَّ ْ‬ ‫ِّساء وإما للص ِ‬ ‫ون ع وا عن تفضيالتهِ ِم إما للن ِ‬ ‫ٌ‬
‫ث‬ ‫َّ ِّ‬ ‫َّ‬ ‫رجال بال ُغ َ برَّ ُ‬
‫ٍ‬
‫رجال‬ ‫ني أو انجذابهِ ِم إىل‬ ‫رجال ِ‬
‫بالغ َ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫اشرتاك‬ ‫قط عن‬ ‫ص ُّ‬ ‫ِ‬
‫والقص ُ‬
‫َ‬ ‫املواقف‬
‫ُ‬ ‫هذه‬
‫ٍ (‪)2‬‬
‫ِ‬
‫بوجود‬ ‫وثم َة ٌ‬
‫إقرار عا ٌّم‬ ‫َّ‬ ‫خالصة‪.‬‬
‫َ‬ ‫ذكور َّي ٍة‬ ‫ِ‬ ‫ائص‬ ‫بخص َ‬ ‫ون َ‬ ‫مثل ِهم يتم َّت ُع َ‬ ‫ني ِ‬‫بالغ َ‬ ‫ِ‬
‫ِّساء ـ مل ْ حي َظوا باالهتام ِم‬ ‫رجال (مأبونِني وخمنَّثِني) إلاَّ أ م ـ عىل شاك َل ِة الن ِ‬ ‫ٍ‬
‫نهَّ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫توجيه الض ِ‬
‫وء الكافيِ عىل‬ ‫ِ َّ‬ ‫أحجم ْت عن‬‫َ‬ ‫احلقبة التِي‬
‫ِ‬ ‫تلك‬ ‫ات َ‬ ‫الكافيِ يف أدبِي ِ‬
‫َّ‬
‫تهِ‬
‫أذواق ِهم وتفضيال ِم‪.‬‬ ‫ِ‬

‫ِ‬
‫وعات‬ ‫املوض‬
‫أكثر ُ‬ ‫باب أحدَ ِ‬ ‫الش ِ‬ ‫واملعذري َن ِم َن َّ‬
‫ِ‬ ‫بني ا ُمل ْر ِد‬
‫املقار َن ُة َ‬ ‫وتؤ ِّل ُ‬
‫ف َ‬
‫احلقبة وأدبِياتهِ ا‪ ،‬وعىل شاك َل ِة املقارن َِة بني الن ِ‬
‫ِّساء‬ ‫ِ‬ ‫رات” ِ‬
‫هذه‬ ‫“مفاخ ِ‬ ‫َ‬ ‫شيوع ًا يف‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬
‫تفضيل ا ُمل ْر ِد وإ َّما‬
‫ُ‬ ‫هذه املسأ َل ِة‪ِ ،‬ه َي‪ :‬إ َّما‬
‫مواقف نحو ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ثم َة ثال َث ُة‬ ‫ِ ِ‬
‫والغلامن‪َّ ،‬‬
‫كليهام‪ ،‬وقدْ صرَ َّ َح الفقي ُه احللبِ ُّي‬ ‫متساو إىل ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫بنحو‬ ‫االنجذاب‬
‫ُ‬ ‫املعذري َن وإ َّما‬ ‫ِ‬
‫دقائ ِه‬
‫الث‪ ،‬إذ حتدَّ اه أحدُ أص ِ‬
‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫املوقف ال َّث َ‬
‫َ‬ ‫كر أمحدُ ب ُن امللاَّ بتبن ِِّيه‬ ‫الذ ِ‬ ‫سالف ِّ‬ ‫ُ‬
‫املعذري َن‪ ...‬حتدَّ ا ُه مازح ًا يف الدِّ فاع عن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ابن امللاَّ بأحد‬ ‫ِ‬
‫حلظ شدَّ َة افتتان ِ‬ ‫الذي َ‬ ‫ِ‬

‫ّابليس‪ ،‬غاية املطلوب‪.163 ،‬‬ ‫(((   الن ّ‬


‫(((   ملزيد من امللحوظات عن املفاخرات يف العصور القديمة‪ ،‬انظر هالربن‪( ،‬تأريخ‬
‫الرغبات) (من ّقح و ُأعيد طبعه يف الفصل ال ّثالث من‪ ،‬كيف نكتب تاريخ‬ ‫موضوع ّ‬
‫الرومان ّية‪.172-171 ،‬‬
‫ّ ّ‬ ‫ة‬ ‫ي‬ ‫اجلنس‬ ‫ة‬ ‫ي‬
‫ّ‬ ‫املثل‬ ‫ووليمز‪،‬‬ ‫اجلنسان ّية)‬
‫اإل ْسال ِم ِّي‬ ‫ال ال َع َر ِب ِّي ِ‬ ‫جل ْن ِس َّي ِة يِف ال َع مَ ِ‬ ‫َما َق ْب َل امل ِْثلِ َّي ِة ا ِ‬ ‫‪210‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫األبيات اآلت َي ِة‪:‬‬


‫ِ‬ ‫موقف ِه يف‬
‫ِ‬
‫ِ‬
‫اخللخــــال‬ ‫فــــــاق ر َّب َة‬
‫َ‬ ‫ِ‬
‫الـذي‬ ‫أي ٍ‬
‫ذنب لأل ْمـَـِر َد النَّـاع ِم اخلـدِّ‬
‫ِ‬
‫الغــزال‬ ‫ِ‬
‫بلحظ‬ ‫أزرى‬ ‫ٍ‬
‫وطـرف‬ ‫ِ‬
‫الغزالة ُح ْســــن ًا‬ ‫ِ‬
‫مثـــــل‬ ‫بمح َّيا‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫بص ٍ‬
‫فـاء علـى بديــــ ِع ا َّلآللِــــي‬ ‫وجن ٍَة قد تسـا َم ْت‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫ـــقول ْ‬ ‫وبمص‬
‫ْ‬

‫َّــــه َّن ا َملخالِـــي‬ ‫ٍ‬


‫بذ ُقــــــون كأن ُ‬ ‫تعو ُضــــوا عن هــــوا ُه‬
‫فلامذا ِّ‬
‫ِ‬ ‫مص ِ‬ ‫ٍ‬ ‫نتيـــف محُ ِّف ٍ‬
‫ٍ‬ ‫ِم ْن‬
‫اإلعالل‬ ‫ـدر‬ ‫ناقـص احلُ ْس ِن ْ‬
‫ِ‬ ‫اعتالل‬ ‫ف ذي‬

‫الل‬ ‫الح بـــدر ًا ُمك ِْمـــ ً‬


‫ال بالــــدَّ ِ‬ ‫ٍ‬
‫وجــــه‬ ‫تــــر َ‬
‫ون مـــــرآ َة‬ ‫أفال‬
‫(*)‬
‫َ‬ ‫َ‬

‫(املقوم‬
‫ّ‬ ‫[*] املخايل مجع خمالة‪ .‬كيس قاميش جيعل يف عنق الدّ ابة يوضع فيها طعامها‪.‬‬
‫لغوي)‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ا ّل‬
‫*****‬
‫فر َّد عليه اب ُن امللاَّ ‪:‬‬
‫ِ‬
‫والفعـال‬ ‫حس ِن الوص ِ‬
‫ف وال َّثنــا‬ ‫ْ‬ ‫َ َ‬ ‫ٍ‬
‫يــــل‬ ‫ِّ‬
‫بكـل جمَ‬ ‫مغــــر ٌم‬
‫َ‬ ‫إنَّنِـــي‬
‫ِ‬
‫اخللخـال‬ ‫حل ْسـِـن ر َّب َة‬ ‫َ‬ ‫ٍ‬
‫عـذار‬ ‫فتـــــى ذا‬ ‫أمرد ًا َ‬
‫كان أ ْم‬
‫فاق يف ا ُ‬ ‫ً‬
‫ِ‬
‫ِّبــــــال‬ ‫أن ِ‬
‫نصــي َب ُه بالن‬ ‫خـــاف ْ‬
‫َ‬ ‫ســك ور ُد خدَّ ِيه َّملـــا‬
‫ِ‬ ‫سيح املِ‬
‫َ ُْ‬
‫وجه ُه البـدر ذو ال َبها واجل ِ‬
‫مـال‬ ‫ٍ‬
‫عــــذار‬ ‫ٍ‬
‫هالة يف‬ ‫وجت َّلــى ِم ْن‬
‫(*)‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫(**)‬ ‫ِ‬
‫خـال‬ ‫مذهـب ِم َن ال َقـــدْ ِح‬
‫ٌ‬ ‫إنَّـــ ُه‬ ‫ِ‬
‫واعتقادي‬ ‫ِ‬
‫غرامي ومذهبِي‬ ‫ذا‬

‫والعيب‪(.‬املقوم‬
‫ّ‬ ‫السيح‪ :‬املاء اجلاري‪ .‬وسيح املسك جريانه‪ .‬والقدح ّ‬
‫الذ ّم‬ ‫[*] ّ‬
‫لغوي)‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ا ّل‬
‫اخلفاجي‪ ،‬رحيانة األلبا‪.102-100 :1 ،‬‬
‫ّ‬ ‫[**]‬
‫جلما ِل ُّيون‬ ‫الثا ِني‪ :‬ا َ‬ ‫الفص ُل َّ‬ ‫ْ‬
‫‪211‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫*****‬
‫مشقي مصط َفى الص ِ‬
‫امد ُّي ( ُتوفيِّ َ سن َة ‪1725‬م)‬ ‫الشاعر الدِّ ِ‬
‫ُّ‬ ‫ُّ ْ‬ ‫وصرَ َّ َح َّ ُ‬
‫بتفضيل ِه ا ُمل ْر َد قائالً‪:‬‬
‫ِ‬

‫األكدار‬
‫ُ‬ ‫غبارها‬
‫َ‬ ‫نفض ْت عليه‬
‫َ‬ ‫َّ‬
‫تعـــذ َر خدُّ ُه‬ ‫احلبيـــب إذا‬
‫َ‬ ‫َّ‬
‫إن‬

‫شـعار‬ ‫ال��ع��ذار‬ ‫ٍ‬


‫وجنة لـــها‬ ‫يف‬ ‫جل ذا مل ْ ت ْل َفنِـــي بمت َّيـــ ٍم‬
‫فلأِ ِ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫غبـــار‬ ‫تم ُح ْســن ًا ما عليه‬ ‫ـــي خدٍّ ناع ٍم‬ ‫ِ‬
‫قد َّ‬ ‫مغـــــر ٌم بنق ِّ‬ ‫أنا‬
‫(*)‬
‫ُ‬ ‫َ‬

‫املرادي‪ ،‬سلك الدّ رر‪.182 :4 ،‬‬


‫ّ‬ ‫[*]‬

‫*****‬

‫األحيان ِم ْن‬
‫ِ‬ ‫بعض ِم َن‬
‫ٍ‬ ‫ض يف‬ ‫ِ‬
‫املتعار ِ‬ ‫ِ‬
‫املوقف‬ ‫ُ‬
‫احلديث عن هذا‬ ‫وكان ِ‬
‫جيري‬ ‫َ‬
‫بن ٍ‬ ‫زمن أسام َة ِ‬ ‫منذ ِ‬ ‫أهل ا َمل ْو ِص ِل؛ يف ِّ‬ ‫رأي ِ‬
‫منقذ ( ُتوفيِّ َ سن َة‬ ‫األقل ُ‬ ‫حيث متثي ُل ُه َ‬
‫ُ‬
‫ابن ٍ‬ ‫قول ِ‬ ‫وأص ُل هذا ُ‬
‫منقذ‪:‬‬ ‫‪1138‬م)(‪ْ )1‬‬
‫ناظـر املتأ ِّم ِ‬
‫ــل‬ ‫َ‬ ‫ســـطر ًا حييرِّ ُ‬ ‫حيفة خدِّ ِه‬
‫كتب العذار عىل ص ِ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬

‫ـل‬‫أهل ا َمل ْو ِص ِ‬
‫ِ‬ ‫رأي‬
‫ُ‬ ‫رأي إلاَّ‬
‫َ‬ ‫ال‬ ‫استخراج ِه فوجدْ ُتـُه‬
‫ِ‬ ‫بال ْغ ُت يف‬
‫وف بالص ِ‬ ‫ٍ‬ ‫يِ‬
‫ادق ِّي‬ ‫َّ‬ ‫عر ُ‬ ‫وباملثل عبرَّ َ القاض احللبِ ُّي َّ‬
‫الس ِّيدُ عطا ُء اهللِ ب ُن حممود ا َمل ُ‬ ‫ِ‬
‫أي قائالً‪:‬‬ ‫الر ِ‬ ‫( ُتوفيِّ َ سن َة ‪ 1680‬ـ ‪1681‬م) عن هذا َّ‬
‫األو ِل‬ ‫ِ‬ ‫نظـــــر ًا إىل َ‬ ‫لمـــىق َّب ْلتُــــه‬ ‫ِ‬ ‫ومع ِ‬
‫ـذ ٍر‬
‫مـــــال َّ‬ ‫ذاك اجلَ‬ ‫حلــــوا َّل َ‬ ‫ُْ‬

‫زمــــان تع ُّط ِفـــي وتد ُّل ِلـــي‬


‫ُ‬ ‫و َّلــى‬ ‫ــت منه وصْليِ فأجــا َبنِــــي‬
‫وطل ْب ُ‬

‫حممد‬
‫(((   نظم أسامة بن منقذ بيتني من الشعر معروفني بينّ فيهام مذهب املوصل ّيني‪ .‬انظر ّ‬
‫الروض النّرض‪.456 :1 ،‬‬ ‫العمري‪ّ ،‬‬
‫ّ‬ ‫العمري‪ ،‬مناهل األولياء‪228 :1 ،‬؛ عثامن‬
‫ّ‬ ‫أمني‬
‫اإل ْسال ِم ِّي‬ ‫ال ال َع َر ِب ِّي ِ‬ ‫جل ْن ِس َّي ِة يِف ال َع مَ ِ‬ ‫َما َق ْب َل امل ِْثلِ َّي ِة ا ِ‬ ‫‪212‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ـن قدِّ ي األعدَ ِل‬


‫غص ِ‬ ‫ِ‬
‫الر ِو ُّي م ْن ْ‬
‫ذهب َّ‬
‫َ‬ ‫حل ْسـِن ِم ْن خــدَّ َّي وقدْ‬
‫نض َب ْت ميا ُه ا ُ‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫مبــــق ِل‬ ‫ـــت بنب ٍ‬
‫(*)‬
‫ت‬ ‫ــها إلاَّ إذا ُح َّف ْ ْ‬ ‫وصــ ُفـ‬
‫حي ُســـ ُن ْ‬ ‫قلتاحلدي َق ُة َ‬
‫ليس ْ‬ ‫ْ‬

‫واعلم بأنِّـي صرِْ ُت قايض َم ْو ِ‬ ‫منــقذ ِ‬


‫طائعــ ًا‬ ‫ٍ‬ ‫َّبــاع ِ‬
‫قول ِ‬
‫(**)‬
‫صل‬ ‫ْ‬ ‫ابن‬ ‫د ْع َكات َ‬

‫ن‪.‬ورجل ألمْى وجاري ٌة لمَْيا ُء ب ِّينة ال َلمى؛ البقل‪ّ :‬‬


‫كل‬ ‫ٌ‬ ‫الش َفة ت‬
‫ُستحس‬
‫َ‬ ‫اللمى‪:‬سمرة يف َ‬
‫ُ‬ ‫[*]‬
‫فهو َب ْق ٌل و َب َق َل وجه الغالم خرجت حليته‪ .‬جاء يف ا ّللسان‬ ‫اخرضت له األرض َ‬ ‫ّ‬ ‫نبات‬
‫عن ابن سيده‪ :‬ال َب ْقل من النّبات ما ليس بشجر ِد ًّق وال ِج ًّل وحقيقة رسمه َأنّه ما مل ْ تبق‬
‫الشتاء بعدما ُي ْرعى وقال َأبو حنيفة ما كان منه ينبت يف َب ْزره وال ينبت يف‬ ‫له ُأرومة عىل ّ‬
‫(املقوم‬
‫ّ‬ ‫كل نابتة يف َأول ما تنبت َ‬
‫فهو ال َب ْقل واحدته َب ْقلة‪.‬‬ ‫ُأرومة ثابتة فاسمه الب ْقل وقيل ّ‬
‫لغوي)‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ا ّل‬
‫املرادي‪ ،‬سلك الدّ رر‪.206 :2 ،‬‬
‫ّ‬ ‫[**] املح ّب ّي‪ ،‬خالصة األثر‪114 :3 ،‬؛‬
‫*****‬

‫امن ( ُتوفيِّ َ سن َة ‪1759‬م)‬ ‫مشقي حممدُ سعيدُ بن الس ِ‬ ‫ونظم الكاتب الدِّ ِ‬
‫ُ َّ‬ ‫ُّ َّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫نسخ قلي َلة‪ٍ،‬‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫سوى ٍ‬ ‫بني ا ُمل ْرد واملعذري َن يف خمطو َطة ال توجدُ منها َ‬ ‫مفاخ َر ًة َ‬ ‫َ‬
‫عر َّية‪ ،‬وقدْ‬ ‫ِ‬ ‫الش ِ‬ ‫ِ‬
‫بعض م َن األبيات ِّ‬ ‫ِ‬ ‫وع الذي يتخ َّل ُل ُه ٌ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬
‫املسج َ‬ ‫ُ‬ ‫استعمل فيها الن ََّثر‬
‫أن‬‫ثم مضىَ مب ِّين ًا َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫طرح مزاع ِم ا ُمل ْرد‬ ‫ِ‬
‫املتعار َضة‪َّ ،‬‬ ‫واملعذري َن‬ ‫السماَّ ن َ‬ ‫كر َر اب ُن َّ‬ ‫َّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الصائب!‬ ‫الرأي َّ‬ ‫مفاخ َرتهَ ُم جع َل ْت ُه حمتار ًا وعاجز ًا عن حتديد ال َّطرف َصاحب َّ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫املهمة‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫غريه م َن الكت ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ختم خمطو َط َت ُه بدعوة ِ‬
‫َّاب إىل مساعدَ ته يف هذه َّ‬ ‫ثم َ‬
‫(‪)1‬‬
‫َّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫فاستجاب له بض َع ُة فقها َء وأدبا َء‪ ،‬إذ أ َّل َ‬
‫ف الفقي ُه الدِّ مشق ُّي أمحدُ املنين ُّي ( ُتوفيِّ َ‬ ‫َ‬
‫ابن الس ِن األدبيِ ومهارتِهِ‬ ‫ِ‬
‫ِّ‬ ‫غري ًة أثنَى فيها عىل جهد ِ َّ ماَّ‬ ‫سن َة ‪1759‬م) خمطو َط ًة َص َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ني‪ ،‬إلاَّ َّ‬ ‫ِ‬
‫ني املتناف َس ِ‬ ‫نظر ال َّطر َف ِ‬ ‫عرض وجهت َْي ِ‬ ‫ِ‬
‫للسماَّ ن ـ‬ ‫أن املنين َّي ـ خالف ًا َّ‬ ‫يف‬
‫ِ‬
‫تفو ِق ا ُمل ْرد عىل‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫كان صرَ حي ًا يف الت ِ‬ ‫أكثر حتديد ًا‪ ،‬إذ َ‬ ‫َ‬
‫َّعبري عن قناعته يف ّ‬ ‫كان َ‬
‫األلباب واملج ُبو ُل َ‬
‫ون‬ ‫ِ‬ ‫يشك ذوو‬ ‫يقول‪( :‬ال ُّ‬ ‫حيث ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫املعذري َن ورجحان ك َّفت ِهم‪ُ ،‬‬ ‫ِ‬

‫السماّ ن‪ ،‬تاريخ‪ ،‬صفحة ‪145‬ب‪-149‬أ‪.‬‬


‫(((   ابن ّ‬
‫جلما ِل ُّيون‬ ‫الثا ِني‪ :‬ا َ‬ ‫الفص ُل َّ‬ ‫ْ‬
‫‪213‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ِ‬
‫األسيل‪َّ ....‬‬
‫ألن‬ ‫سم ُة اخلدِّ النَّاع ِم‬ ‫ِِ‬ ‫جل َ‬ ‫عىل ُح ْس ِن ال ِّطبا ِع يف َّ‬
‫جوهره َ‬ ‫امل يف‬ ‫أن ا َ‬
‫العذار جزء ًا ِم ْن‬
‫ُ‬
‫اجلذاب ُة‪ِ ....‬‬
‫خيفي‬ ‫ِ‬
‫سامت ا ُمل ْرد َّ َ‬
‫ُ‬ ‫اجلذا َب َة ِه َي‬
‫املعذري َن َّ‬‫ِ‬ ‫ِ‬
‫سامت‬
‫ظهور ِه بقايا ِم ْن نضارتِ ِه وطالوتِ ِه‪ ....‬أال ِترى‬ ‫ِ‬ ‫ال الغال ِم‪ ،‬وللغال ِم بعدَ‬ ‫جمَ ِ‬
‫ألقها وخدو َد ُه‬ ‫سامت الغال ِم تفقد جزء ًا ِمن ِ‬ ‫ِ‬ ‫بح حل َي ًة‪َّ ،‬‬
‫فإن‬ ‫َّ‬
‫ْ‬ ‫أص َ‬
‫العذار إذا ْ‬
‫َ‬ ‫أن‬
‫ُ‬
‫وينال‬ ‫جل َ‬
‫ميل‪،‬‬ ‫العشب الوج َه ا َ‬‫ُ‬ ‫شعا َعها‪ ،‬فيط َغى ال َّظال ُم عىل الن ِ‬
‫ُّور‪ ،‬ويغ ِّطي‬
‫(‪)1‬‬
‫ديق متن َّفس ًا وراح ًة؟!)‪.‬‬ ‫والص ُ‬‫َّ‬ ‫العاشق‬
‫ُ‬

‫تعاطف ِه‬ ‫ِ‬ ‫جلميليِ ُّ ( ُتوفيِّ َ سن َة ‪1760‬م) عن‬ ‫حممدُ ا َ‬ ‫وقدْ عبرَّ َ الفقي ُه احللبِ ُّي َّ‬
‫ين‪ ،‬إذ‬ ‫ِ‬
‫املتفاخ َر ِ‬ ‫بني ال َّطر َف ِ‬
‫ني‬ ‫ِ‬
‫االختيار َ‬ ‫السماَّ ِن عن‬ ‫عجز ِ‬ ‫ِ‬ ‫وتفه ِم ِه ملسأ َل ِة‬
‫ابن َّ‬ ‫ُّ‬
‫أن‬ ‫املشورةَ‪ ،‬يعني ْ‬ ‫ِ‬ ‫وأن تقدِّ َم‬ ‫متتنع عن احلك ِم؛ ْ‬ ‫ِ‬
‫تعدل‪ ،‬يعني ْ‬
‫أن‬ ‫َ‬ ‫قال‪ْ :‬‬
‫(أن‬ ‫َ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ان‬ ‫األسيل وال اخلدِّ النَّاع ِم الري ِ‬ ‫ِ‬ ‫مفتوح ًة‪ ،‬أل َّن ُه ال ذو اخلدِّ النَّاع ِم‬ ‫ترتك املسأ َل َة‬ ‫َ‬
‫َّ َّ‬ ‫َ‬
‫حب‬ ‫ألن َّ‬ ‫جلاملهِِ م ومالحتِ ِهم وتد ُّل ِل ِهم ولطافتِ ِهم وتغن ُِّج ِهم‪َّ ،‬‬ ‫باحلب َ‬ ‫ُّ‬
‫ِ‬
‫حيظيان‬
‫احلقيق ُّي‬ ‫ِ‬ ‫واحلب‬ ‫ب؛‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫جلمي َل ِة مع‬ ‫ِ‬
‫ُّ‬ ‫باملستح ِّ‬
‫َ‬ ‫ليس‬ ‫القبيحة َ‬ ‫َ‬ ‫العقول‬ ‫األجساد ا َ‬
‫الذي تش َّك َل ْت‬ ‫املتجلي َة البادي َة ِ‬ ‫ِ‬ ‫امل‬‫سامت اجل ِ‬ ‫ِ‬ ‫جيمع‬ ‫العذر ُّي ٍ‬
‫ملليح‬ ‫ِ‬ ‫احلب‬ ‫هو‬
‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُّ‬
‫بني‬ ‫امت َ‬ ‫هذه الس ِ‬ ‫حيوز ِ‬ ‫رافة‪ ....‬و َم ْن ُ‬ ‫شخصي ُته با َّللطا َف ِة وصب ْت بالر َّق ِة وال َّظ ِ‬ ‫ِ‬
‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ُ َّ‬ ‫َّ ُ‬
‫هذه املكان َِة‪،‬‬ ‫ريب فخر ِ‬
‫َ‬ ‫يستحق بال ٍ‬ ‫ُّ‬ ‫ِ‬
‫واملعذر]‬ ‫ين [أي األ ْم َر ِد‬ ‫املتفاخ َر ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫االثنني‬
‫الذي‬ ‫َّظر عن النَّو ِع ِ‬ ‫ف الن ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫موضوع ِ‬
‫باحلب بصرَ‬
‫ِّ‬ ‫وجدير‬
‫ٌ‬ ‫لالفتتان‪،‬‬ ‫مالئ ٌم‬ ‫وهو ُ ُ‬
‫ِ‬
‫عيل الدَّ َّبا ُغ امليقاتيِ ُّ‬ ‫آخر هو ُّ‬ ‫وكتب فقي ٌه حلبِ ُّي ُ‬ ‫َ‬ ‫ِ (‪)2‬‬
‫بني النَّو َعني)‪.‬‬ ‫ينتمي إليه َ‬
‫«سلك‬ ‫ُ‬ ‫املوضو ِع ُأعيدَ طب ُعها كام َل ًة يف‬ ‫( ُتوفيِّ َ سن َة ‪1760‬م) خمطو َط ًة عن هذا ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫املتعارف عليه‬ ‫استهل امليقاتيِ ُّ ـ تبع ًا للتَّقليد األدبيِ ِّ‬ ‫َّ‬ ‫للمراد ِّي‪ )3(.‬وقدْ‬ ‫رر»‬ ‫الدُّ ِ‬
‫الصبا والغرا ِم دافع ًا إ َّيا ُه إىل‬ ‫ِ‬ ‫إن َ‬ ‫ـ حدي َث ُه قائالً‪َّ :‬‬
‫السماَّ ن قد ذك ََّر ُه بأ َّيا ِم ِّ‬ ‫عمل َّ‬
‫القرا َء بمزاع ِم ا ُمل ْر ِد‬ ‫ف َّ‬ ‫ليعر َ‬ ‫ِّ‬ ‫ثم مضىَ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫جتربة ح ِّظه يف تأليف خمطو َطة مماث َلة‪َّ .‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬

‫السماّ ن‪ ،‬تاريخ‪ ،‬صفحة ‪151‬أ‪.‬‬


‫(((    ابن ّ‬
‫السماّ ن‪ ،‬تاريخ‪ ،‬صفحة‪159 ،‬ب‪-160‬أ‪.‬‬ ‫(((   ابن ّ‬
‫عانويت إشارة عابرة إىل هذه املخطوطة‬
‫ّ‬ ‫املرادي‪ ،‬سلك الدّ رر‪ .245-234 :3 ،‬أشار‬
‫ّ‬ ‫(((   ‬
‫ووصف موضوعها بـ (الغريب)؛ انظر احلركة األدب ّية‪.93 ،‬‬
‫اإل ْسال ِم ِّي‬ ‫ال ال َع َر ِب ِّي ِ‬ ‫جل ْن ِس َّي ِة يِف ال َع مَ ِ‬ ‫َما َق ْب َل امل ِْثلِ َّي ِة ا ِ‬ ‫‪214‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫أكثر مال َء َم ًة‬ ‫وجهة ٍ‬


‫نظر تفيدُ َّ‬ ‫ِ‬ ‫وختم بالدِّ فا ِع عن‬ ‫ِ‬
‫أن النِّسا َء ُ‬ ‫َ‬ ‫واملعذري َن‪،‬‬
‫فقال‪:‬‬ ‫ِ‬
‫واملعذري َن َ‬ ‫باب ا ُمل ْر ِد‬ ‫والغزل ِم َن َّ‬
‫الش ِ‬ ‫ِ‬ ‫للحب‬
‫ِّ‬
‫ٍ‬
‫وعات‬ ‫بوص ِف ِه َّن ُ‬
‫موض‬ ‫ْ‬
‫در‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬
‫أص ِل املسأ َلة‬
‫الرجال‪ ،‬وهللِ ُّ‬ ‫حب ِّ‬ ‫ليس م َن الكامل ُّ‬ ‫فنقول‪َ :‬‬ ‫(ونعو ُد إىل ْ‬
‫ِ‬
‫ؤساء‪:‬‬ ‫الر‬ ‫ِ‬ ‫وقال ٌ ِ‬ ‫امل‪َ .‬‬ ‫ِ‬
‫لذوات اجل ِ‬ ‫َم ْن َ‬
‫السادة ُّ‬ ‫بعض م َن َّ‬ ‫َ‬ ‫احلب خال‬‫َّ‬ ‫قال‪ :‬ل ْي َت‬
‫اسرتاح من اقت عىل الن ِ‬
‫ِّساء‪.‬‬ ‫َ َ ْ صرَ َ‬
‫وقال‪:‬‬
‫كريمـ ْه‬ ‫ٍ‬
‫نفس‬ ‫َف ْر ٌض عىل ِّ‬
‫كل‬ ‫أحب النِّســاء وحب الن ِ‬
‫ِّسـاء‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫ُ ُّ‬ ‫َ‬ ‫ُّ‬

‫كليم ْه‬ ‫موســـى‬ ‫أخدَ َمــــ ُه اهللُ‬ ‫ألجـــل ابن َتي ِ‬


‫ــه‬ ‫ِ‬ ‫وإن ُشـــع ْيب ًا‬
‫َّ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬

‫وقال‪:‬‬

‫خطر‪ ،‬فلر َّبام يتش َّل ُم‬ ‫ٍ‬ ‫أن رج َل ِ‬


‫َّظر‪َّ ،‬‬ ‫وم َن البينِّ ِ عندَ ِ‬
‫أهل الن ِ‬ ‫ِ‬
‫حتت حلاف ٌ‬ ‫ني َ‬
‫[ثم َ‬
‫قال]‪:‬‬ ‫ِ‬
‫الفاعل َّ‬ ‫ٌ‬
‫مفعول به عن‬ ‫وينوب‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫العامل‬
‫ذوات اجلَ ْ‬
‫مــال‬ ‫ِ‬ ‫إلــى النِّسـا ميْليِ‬
‫َ‬ ‫امرؤ‬
‫ٌ‬ ‫ـــــر ِد فإنِّـــي‬
‫ْ‬ ‫َم ْن َ‬
‫قال با ُمل‬

‫جال‬ ‫يا حـرستيِ ما يف ًّ‬


‫السويدا ِر ْ‬ ‫ِ‬
‫القلب إلاَّ النِّســا‬ ‫ما فيِ ُســو ْيدا‬

‫ب إ َّيل‬ ‫[قول النَّبِي ٍ‬ ‫يقع به االقتدا ُء واالتِّسا ُء‪ُ ...‬‬ ‫َّ‬


‫حممد] ُح ِّب َ‬ ‫ِّ َّ‬ ‫أح َس َن ما ُ‬ ‫[وإن] ْ‬
‫ِ‬
‫يب والنِّسا ُء‪.‬‬ ‫م ْن دنياكُم ال ِّط ُ‬
‫ِ‬
‫برفض‬ ‫َّقشبند َّي ِة قو َل ُه‬
‫ِ‬ ‫الصوفِ َّي ِة الن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وختم امليقاتيِ ُّ الذي ينتمي إىل ال َّطري َقة ُّ‬ ‫َ‬
‫حب اهللِ‪.‬‬ ‫لص ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الح ِّ‬ ‫الوصف َ‬ ‫يكون هبذا ْ‬ ‫البرش الذي‬ ‫حب‬
‫ِّ‬
‫عاءات التِي ُقدِّ م ْت بالن ِ‬
‫ِّيابة‬ ‫ِ‬ ‫ص باال ِّد‬ ‫ملخ ٍ‬ ‫تقديم َّ‬ ‫َّ‬
‫ويتعذ ُر يف الواق ِع‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫ف‬ ‫سهل‪ ،‬هو أنهَّ ا تتأ َّل ُ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫لسبب‬ ‫مثل ِ‬
‫هذه‬ ‫ٍ‬
‫خمطوطات ِ‬ ‫ِ‬
‫واملعذري َن يف‬ ‫عن ا ُمل ْر ِد‬
‫عري ِة التِي تصور جاذبِي َة ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِم ْن سلس َل ٍة ِم َن الت‬
‫أحد‬ ‫َّ‬ ‫َ ِّ ُ‬ ‫الش ِ َّ‬ ‫واالستعارات ِّ‬ ‫َّشبيهات‬
‫ات وفِك ٍَر‬ ‫مناقش ٍ‬‫َ‬ ‫تقديم‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫وتتجاهل‬ ‫اآلخ ِر؛‬
‫رف َ‬ ‫حساب ال َّط ِ‬ ‫ِ‬ ‫األطراف عىل‬ ‫ِ‬
‫جلما ِل ُّيون‬ ‫الثا ِني‪ :‬ا َ‬ ‫الفص ُل َّ‬ ‫ْ‬
‫‪215‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ِ‬ ‫وأفضل ما يمكن فع ُله يف ِ‬ ‫ُ‬ ‫متساو َق ٍة‪.‬‬


‫احلال‪ ،‬هو االستشها ُد بمقط ٍع ُ‬
‫يمنح‬ ‫هذه‬ ‫ُ ُ‬
‫مثل ِ‬ ‫ائد يف مؤ َّل ِ‬‫األسلوب الس ِ‬
‫هذه‪.‬‬ ‫فات ِ‬ ‫ِ َّ‬ ‫القارئ فكر ًة عن‬ ‫َ‬
‫حيث ُ‬
‫يقول‪:‬‬ ‫ُ‬ ‫مقاطع مقت َط َف ًة ِم ْن خمطو َط ِة امليقاتيِ‬
‫َ‬ ‫ونور ُد يف أدنا ُه‬

‫فمنهم‬ ‫عنهم‪ُ ،‬‬ ‫ُ‬ ‫ُروى إلاَّ‬‫اف وت َ‬ ‫األوص ُ‬ ‫َ‬ ‫(وحس ُب َك بقو ٍم‪ ...‬ال تُست ْع َذ ُب‬
‫األطلس‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫الفلك‬ ‫ويقول‪ :‬هو‬ ‫ُ‬ ‫تفضيل ِه احلدَّ‬ ‫ِ‬ ‫وجياوز يف‬ ‫ُ‬ ‫بنقي اخلدِّ ‪،‬‬ ‫يقول ِّ‬ ‫َم ْن ُ‬
‫ِ‬
‫احلور‬ ‫وجه‬‫فاء ِ‬ ‫ان بني ص ِ‬ ‫احلس ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫اجلامع ِم َن‬ ‫املص ُ‬ ‫ِ‬
‫َ َ‬ ‫األوصاف َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ون املقدَّ ُس‪،‬‬ ‫واحل َمى ُ‬
‫ِ‬ ‫والعارض‪ ،‬وس ِلم ِمن املقتضيِ‬ ‫الولدان‪ ،‬خال ِم َن املان ِع‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫واملعارض‪،‬‬ ‫ِ َ َ َ‬ ‫وطلعة‬
‫ِ‬ ‫وجعل َ‬ ‫َ‬
‫الع يف‬ ‫القمر ال َّط ُ‬ ‫ُ‬ ‫ترك العالمة له عال َم ًة‪َ ،‬‬
‫فهو‬ ‫حاز الوسام َة والقسا َم َة‪،‬‬ ‫َ‬
‫َّظر‪ ،‬وإذا‬ ‫أهل الن ِ‬ ‫فرق عندَ ِ‬ ‫وبني الغيد ٌ‬ ‫ِ‬ ‫ليس بينَ ُه َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫أرشف وأرشق املطالعِ‪َ ...‬‬
‫تبارك َم ْن أخلىَ‬ ‫َ‬ ‫[يقول األ ْم َر ُد]‬ ‫ُ‬ ‫ف جار َي ٍة قا ُلوا‪ :‬كأنهَّ ا غال ٌم‪....‬‬ ‫تغا َلوا يف وص ِ‬
‫ْ‬
‫إغفال ا ِّللحيةِ‬ ‫ِ‬ ‫كل احلُ ْس ِن يف ذل َك اخلاليِ ‪ ،‬شا َب َه يف‬ ‫ِ‬ ‫عر خدَّ ُه‪ ،‬وأسك َن َّ‬ ‫الش ِ‬ ‫ِم َن َّ‬
‫َ‬
‫اخلالق عليه‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫ريض‬
‫َ‬ ‫ضوان واملن َِّة‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫الر‬ ‫ِ‬
‫وهم ما هم ُج ْر ٌد ُم ْر ٌد يف حال ِّ‬
‫ِ‬
‫أهل اجلنَّة‪ُ ،‬‬ ‫َ‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫يشني خدَّ ِيه‪ ،‬فمرآ ُة‬
‫ب‬ ‫الصاح َية‪ ،‬مل ْ ت َُش ْ‬ ‫كالسامء َّ‬ ‫وجهه َصاف َي ٌة‪َّ ،‬‬ ‫ُ‬ ‫ينبت ما‬ ‫فلم ْ‬ ‫ْ‬
‫والسام ُء م َن األنواء َصقي َل ٌة؛‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬
‫نرباس‪ ،‬إذا تبدَّ ى َّ‬ ‫دخان‬ ‫باألنفاس‪ ...‬وال قارنهَ ا‬
‫األملس‬ ‫ُ‬ ‫يقول‪ :‬أنا‬ ‫القمر ِم ْن مقاب َل ِة ُصورتِ ِه اجلَمي َل ِة‪ُ ...‬‬ ‫ِ‬ ‫ارتسم ْت فيها ُصور ُة‬ ‫َ‬
‫يساوي‬ ‫ِ‬ ‫وثري‪ ،‬و َم ْن‬ ‫أثري‪ ،‬وجمَ اليِ‬ ‫ِ‬ ‫البض‪،‬‬ ‫الغض‪ ،‬وذو اخلدِّ النَّاع ِم ْ‬
‫وجهي ْ‬ ‫ْ‬
‫(‪)1‬‬
‫ْ‬
‫ف باملسكِ‬ ‫املعذر] فلو رأي َت ُه وقدْ غ َّل َ‬ ‫ُ‬
‫[يقول‬ ‫احلرير؟!‪،‬‬ ‫(‪)2‬‬
‫والشك َِر‬ ‫بالشوك َّ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬
‫ُ‬ ‫ْ‬
‫هل‬ ‫َّاهم حماسنُ ُه‪ ...‬لق ْل ُت‪ْ :‬‬ ‫ِ ِ‬ ‫َ‬ ‫أصدا َغ ُه فأبدَ ى حماسنَ ُه‪ ،‬ون َّب َه‬
‫عيون عاشقيه وعن ُ‬ ‫ْ‬
‫فص‬ ‫ُّ‬ ‫بيح إذا َ‬ ‫بأزاهريه‪ ...‬و ُي ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وض إلاَّ‬
‫اخلط َّ‬ ‫نقش‬ ‫الص ُ‬ ‫قال‪ :‬األ ْم َر ُد َّ‬ ‫الر ُ‬ ‫يحَْ س ُن َّ‬

‫بض ال َبدَ ُن ُبضاض ًة‪ ،‬و ُبضوضة‪َ :‬‬


‫امتأل و َنضرُ ‪ .‬ويقال‪َ :‬ب َشرَ ة َب َّضة‬ ‫(((   يف املعجم الوسيط‪ّ :‬‬
‫لغوي)‪.‬‬
‫ّ‬ ‫(املقوم ا ّل‬
‫ّ‬ ‫و َب ِضيضة‪ :‬رقيقة َنضرِ َ ة‪.‬‬
‫لغوي)‪.‬‬
‫ّ‬ ‫(املقوم ا ّل‬
‫ّ‬ ‫كروالش ِك ُري ما ينبت يف َأصل ّ‬
‫الشجرة من الورق‪.‬‬ ‫َّ‬ ‫(((    ّ‬
‫الش‬
‫اإل ْسال ِم ِّي‬ ‫ال ال َع َر ِب ِّي ِ‬ ‫جل ْن ِس َّي ِة يِف ال َع مَ ِ‬ ‫َما َق ْب َل امل ِْثلِ َّي ِة ا ِ‬ ‫‪216‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫املسك َ‬
‫فوق‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫وتساقط‬ ‫طراز ُح ْسنِ ِه‪،‬‬ ‫ْ‬ ‫تم‬ ‫ِ (‪)2‬‬
‫فض ُة خدِّ ه‪ ،‬فقدْ َّ‬ ‫َ‬
‫وأورق َّ‬ ‫ِ ِ (‪)1‬‬
‫وجهه‪،‬‬
‫حل َس ِن‬ ‫ِ‬ ‫اشتهر‪ُّ :‬‬ ‫بالعذار وبح ِّب ِه‬
‫ِ‬ ‫بعض َم ْن هتت ََّك‬ ‫ورد ِه؛ َ‬
‫أمحر ِ‬ ‫ِ‬
‫خط الوجه ا َ‬ ‫َ‬ ‫وقال ُ‬
‫وقيل كذلِ َك‪:‬‬ ‫ِ‬
‫القمر‪َ .‬‬ ‫كالس ِ‬
‫واد يف‬ ‫َّ‬
‫ت��م ب��ه احلُ��سْ��ـ��ـ��ـ�� ُن وال َبهــا‬
‫َّ‬ ‫جمَ َـــــــاالً‬ ‫زا َد ُه‬ ‫ع����ذار ُه‬
‫ُ‬
‫(*)‬ ‫ِ‬
‫اخل��ل��ـ��ق م��ا ي��ش��ا‬ ‫ي��زي��دُ يف‬ ‫قديـر‬
‫ٌ‬ ‫ر ُّبنـا‬ ‫تعج ُبـــوا‬ ‫ال‬

‫املرادي‪ ،‬سلك الدّ رر‪.732 :3 ،‬‬


‫ّ‬ ‫[*]‬

‫*****‬
‫ملحوظ يف ِ‬
‫شعر‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫بنحو‬ ‫مثل ِ‬
‫هذه‬ ‫واستعارات ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫تشبيهات‬ ‫ُ‬
‫استعامل‬ ‫ويتكر ُر‬
‫َّ‬
‫األحيان‪ ،‬مؤشرِّ ًا عىل انتهاءِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫بعض م َن‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫العذار يف‬ ‫ظهور‬ ‫ِ‬
‫هذه احلقبة‪ .‬و ُي َعدُّ‬ ‫ِ‬
‫ُ‬
‫أخرى‪،‬‬ ‫ٍ‬
‫ف يف أحيان َ‬ ‫ِ‬
‫األرس‪ ،‬ويؤ ِّل ُ‬ ‫العاشق ِم َن‬ ‫ِ‬ ‫وحترير‬
‫َ‬ ‫احلب واهليا ِم‬ ‫ِّ‬
‫ِ‬
‫مرحلة‬
‫الذي‬ ‫القيود] عنه؛ إ َّنه السواد ِ‬ ‫ِ‬ ‫األعذار) [أو‬ ‫ِ‬ ‫العاشق إىل (خل ِع‬ ‫َ‬ ‫يدفع‬ ‫سبب ًا‬
‫ُ َّ ُ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫القمر الذي جيع ُل ُه‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ائل‪ ،‬أو هالة‬ ‫الز ِ‬ ‫امل َّ‬ ‫ِ‬
‫يكشف عن احلزن والتَّباكي عىل اجل ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫امل ليح ِّل َق عالي ًا‪،‬‬ ‫باجلناح الذي يستعم ُل ُه اجلَ ُ‬ ‫ِ‬ ‫قار ُن‬
‫ِ‬ ‫أكثر ألق ًا وإشعاع ًا؛ إ َّن ُه ُي َ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫َّحليق يف اهلواء‪ .‬وسنثبِ ُت‬ ‫ِ‬
‫سالسل املسك التي تبقيه مق َّيد ًا ومتن ُع ُه م َن الت ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫أو‬
‫ِ‬
‫موضو ِع احلديث؛ َّأولهُ ُام‬ ‫عر ُ‬ ‫الش ِ‬‫واضح ًة عىل ِّ‬ ‫ِ‬
‫دوبي َتينْ ِ يدلاَّ ن دالل ًة‬ ‫يف أدنا ُه ِ‬
‫َ‬
‫بريي ( ُتوفيِّ َ سن َة ‪1735‬ـ ‪1736‬م)‪:‬‬ ‫بن ٍّ‬ ‫مصط َفى ِ‬ ‫اعر احللبِ ِّي ْ‬ ‫للش ِ‬ ‫َّ‬
‫ك َّفوا امل�لا َم فقدْ ح َّلـى حماسنَ ُه‬ ‫فأقل ْع عنه ق ْل ُت هلُم‬ ‫تعذر ِ‬
‫قا ُلوا َّ َ‬
‫إلاَّ إذا مـا ســـوا ُد ا َّل ِ‬
‫ليل قار َن ُه‬ ‫يضا ُء به‬
‫نـور َ‬
‫ٌ‬ ‫ليس له‬
‫فالبدر َ‬
‫ُ‬

‫األمني املح ِّب ُّي مها‪:‬‬


‫ُ‬ ‫ِ‬
‫العذار قالهَ ُام‬ ‫ِ‬
‫لطيفان يف‬ ‫وثم َة ِ‬
‫بيتان‬ ‫َّ‬

‫الفص باحلركات الثالث للفاء «الكرسة والفتحة والضمة» ملتقى ّ‬


‫كل عظمني‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫(((   ‬
‫لغوي)‪.‬‬
‫ّ‬ ‫(املقوم ا ّل‬
‫ّ‬
‫(املقوم ا ّل‬ ‫ٍ‬
‫لغوي)‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫الصحاح‪ :‬ك ُُّل شيَْ ء َت َف َّر َق َ‬
‫فهو ( َف َض ٌض)‪.‬‬ ‫(((    جاء يف خمتار ّ‬
‫جلما ِل ُّيون‬ ‫الثا ِني‪ :‬ا َ‬ ‫الفص ُل َّ‬ ‫ْ‬
‫‪217‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ُّفــــوس هبا وأحيا األعينــا‬


‫َ‬ ‫َ‬
‫قتل الن‬ ‫ٍ‬
‫بعوارض‬ ‫ُ‬
‫ـــــال خدو َد ُه‬‫جل َم‬
‫رت ا َ‬
‫س َ‬
‫(*)‬ ‫ِ‬
‫برقيــــق َغ ْي ٍم أمكنا‬ ‫ــت‬
‫فإذا اكت ََس ْ‬ ‫مس يمن ُعها اجتالها ْ‬
‫أن ت َُرى‬ ‫َّ‬
‫والش ُ‬

‫شعري مؤ ّلف من بيتني‪.‬‬


‫ّ‬ ‫املرادي‪ ،‬سلك الدّ رر‪[ .802 :4 ،‬الدّ وبيت‪ :‬مقطع‬
‫ّ‬ ‫[*]‬
‫فضلت االستشهاد بام نظمه (األمني املح ّب ّي) لتعزيز رشح الفكرة]‪.‬‬
‫ّ‬
‫"الرباع ّيات" معناه عند العجم "زوج بيت"‬
‫لغوي‪ :‬الدّ وبيت أو ّ‬
‫ّ‬ ‫املقوم ا ّل‬
‫إضافة ّ‬
‫شعري دخل العرب ّية من‬
‫ّ‬ ‫ويقال له يف العرب ّية‪ :‬بيتان‪ ،‬ألنّه مزدوج النّظم‪ ،‬وهو قالب‬
‫اهلجري‪ ،‬وقد استعمل العرب هذا االسم للتّمييز بينه‬
‫ّ‬ ‫الفارس ّية أواخر القرن ال ّثالث‬
‫مكونة من فقرات ّ‬
‫كل منها‬ ‫وبني ّ‬
‫الشعر املر ّبع‪ ،‬الذي هو (قصيدة مبن ّية عىل وزن واحد‪ّ ،‬‬
‫متكررة من بدايتها حتّى هنايتها؛ تلتزم‬
‫ّ‬ ‫بيتان أي أربعة أشطر‪ ،‬وتبدأ بمطلع أو بالزمة‬
‫بروي‬
‫ّ‬ ‫الرابعة‬
‫بروي يتغري من بيت إىل آخر من بيوت املر ّبع‪ ,‬وتنتهي ّ‬
‫ّ‬ ‫ال ّثالثة األوىل منها‬
‫الرابعة ك ّلها) وقد حاول األدباء العرب أن جيدوا لوزنه أصال يف‬ ‫مغاير تلتزم به ّ‬
‫الشطرة ّ‬
‫امليالدي) فعل ذلك‪.‬‬
‫ّ‬ ‫السابع‬
‫املرحل (القرن ّ‬ ‫أوزان العرب‪ .‬ووجدوا ّ‬
‫أن مالك بن ّ‬
‫*****‬

‫وبيت‬ ‫اعر احللبِ ُّي ْ‬


‫مصط َفى البابيِ ُّ ( ُتوفيِّ َ سن َة عام‪1681‬م) الدُّ َ‬ ‫ونظم َّ‬
‫الش ُ‬ ‫َ‬
‫اآلتيِ يف ذ ِّم َم ْن َّ‬
‫تعذ َر‪:‬‬
‫البيــــاض سـواد ًا‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ل��ك‬ ‫وط�َل�ىَ‬ ‫بــح خدَّ ِيه لي ً‬
‫ال‬ ‫قد كسا اهللُ ُص َ‬
‫ِ‬
‫��م�ال رم���اد ًا‬ ‫جل‬ ‫أصــبح مــاء وجنت ِ‬
‫َيه رساب ًا‬
‫وغ����دَ ْت مج���ر ُة ا َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ َ‬

‫وله أيض ًا‪:‬‬


‫أص��اب خدِّ ي‬
‫ان��ظ��روا ما َ‬
‫ُ‬ ‫ِق�� ُف��وا‬ ‫أن النَّــــدا ِ‬
‫جيدي‬ ‫نــا َدى لــو َّ‬
‫ِ‬
‫ورد‬ ‫ِ‬
‫بغري‬ ‫ــــار َشــــوك ًا‬‫فص‬ ‫ٍ‬
‫ـــوك‬ ‫ِ‬
‫بغري َش‬ ‫كـــان ورد ًا‬
‫َ‬ ‫قد‬
‫(*)‬
‫َ‬ ‫َ‬

‫الرحيانة‪[ .447 :2 ،‬يصدق الشيّ ء ذاته عىل الدّ وبيت الذي يبدأ‬
‫[*] املح ّب ّي‪ ،‬نفحة ّ‬
‫اإل ْسال ِم ِّي‬ ‫ال ال َع َر ِب ِّي ِ‬ ‫جل ْن ِس َّي ِة يِف ال َع مَ ِ‬ ‫َما َق ْب َل امل ِْثلِ َّي ِة ا ِ‬ ‫‪218‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫مطلعه‪ :‬نادى‪ ..‬بغري ورد‪ ،‬الذي ارتأيت إضافته تعزيزا للفكرة]‪.‬‬

‫*****‬

‫َّلخيص‬ ‫ات وفِك ٍَر قاب َل ٍة للت ِ‬ ‫مناقش ٍ‬ ‫َ‬ ‫البحث عن‬ ‫َ‬ ‫القول‪َّ :‬‬
‫إن‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬
‫وباإلمكان‬
‫جوهر ِه‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫بحث مض ِّل ٌل يف‬ ‫ٌ‬ ‫املنم َق ِة؛ هو‬ ‫ِ‬
‫ور األدبِ َّية َّ‬ ‫الص ِ‬ ‫ِ‬
‫وه َج ًا م ْن هذه ُّ‬
‫ِ‬
‫أدنَى َ‬
‫َت‬ ‫(املفاخ َر ِة) كُتِ َب ْت شعر ًا أو نثر ًا مسجوع ًا‪ ،‬وكان ْ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬
‫جنس‬ ‫فاإلسهامات يف‬ ‫ُ‬
‫ات جدلِ َّي ًة‬ ‫مناقش ٍ‬ ‫َ‬ ‫أكثر منها‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫تقديم أعامل أدبِ َّية رفي َعة مس ُبوكَة َ‬
‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫َ‬ ‫الغاي ُة منها‬
‫اإلسهامات عىل‬ ‫ِ‬ ‫أكثر ِ‬
‫هذه‬ ‫ائد ُة يف ِ‬ ‫تدل النَّرب ُة الس ِ‬ ‫ارشةً! وزياد ًة عىل ذلِ َك‪ُّ ،‬‬
‫َّ‬ ‫ُم َب َ‬
‫تقديم‬ ‫َ‬ ‫اعتقادات َصاد َق ٍة أو‬ ‫ٍ‬ ‫َّعبري عن‬ ‫ورة الت َ‬
‫ِ‬
‫أن غاي َة مؤ ِّلفيها مل ْ تك ْن بالضرَّ َ‬
‫ِ‬ ‫َّ‬
‫مجع‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫بسهولة ِ‬ ‫ٍ‬ ‫جوهر َّي ٍة‪ ،‬إنَّام كان ْ‬ ‫ِ‬ ‫مناقش ٍ‬ ‫َ‬
‫تنميق ـ َ‬ ‫دون‬ ‫وم ْن‬ ‫َت غايت ُُهم ـ‬ ‫ات‬
‫أدل‬ ‫وليس َّ‬ ‫املوقف أو َ‬
‫ذاك؛‬ ‫ِ‬ ‫واالستعارات دع ًام هلذا‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َّشبيهات‬ ‫ذخري ٍة ِم َن الت‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫يدعم فيها املوق َفنيِ‬ ‫ينظم أبيات ًا‬ ‫خص ذا َت ُه قد‬ ‫أن َّ‬ ‫ِ‬
‫عىل ذل َك م ْن حقيقة َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫الش َ‬
‫عر َّي ِة‪،‬‬ ‫الش ِ‬ ‫اآلخ ِر يف املجامي ِع ِّ‬ ‫تلو َ‬ ‫األبيات واحد ًا َ‬ ‫ُ‬ ‫ني‪ ،‬وقدْ تظهر ِ‬
‫هذه‬ ‫ُ‬ ‫املتناقض ِ‬ ‫َ‬
‫(وقال اآلتيِ يف‬ ‫َ‬ ‫الش ِ‬
‫اعر‪:‬‬ ‫عر َّي ِة َّقرا َء ُه عن َّ‬ ‫الش ِ‬ ‫بات ِّ‬ ‫املنتخ ِ‬ ‫َ‬ ‫جامع‬
‫ُ‬ ‫رب‬
‫حيث خي ُ‬ ‫ُ‬
‫(وذكر كذلِ َك يف ذ ِّم ِه [أي ذ ِّم‬ ‫َ‬ ‫يعق ُب ُه ُم َبارش ًة بقولِ ِه‪:‬‬ ‫املعذر‪ )...:‬ثم ِ‬
‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫مدح‬
‫تتجاوز حدَّ‬ ‫فلم تك ْن ـ مث َلام تبينَّ َ ـ‬ ‫َ‬ ‫عذ ِر])‪ )1(.‬أ َّما‬ ‫ا ُمل ِ‬
‫ُ‬ ‫األخرى ْ‬ ‫َ‬ ‫رات‬
‫املفاخ ُ‬
‫كثري ٍة‬ ‫َ‬ ‫مناقش ُة‬‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الش ِ‬ ‫بقدرة ُّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫مسائل َ‬ ‫املثال‬ ‫سبيل‬ ‫عراء يف‬ ‫باأللفاظ! إذ‬ ‫َّالعب‬ ‫الت‬
‫عز َز ًة‬ ‫«الغرب» ُم َّ‬ ‫ِ‬ ‫الوجه ُة ال املنط َق َة اجلغرافِ َّي َة ‪ -‬عىل‬ ‫َ‬ ‫أفضل َّي ُة الشرَّ ِق ‪-‬‬ ‫ِ‬ ‫منها‬
‫الكاتب والفقي ُه‬ ‫ُ‬ ‫ونظم‬
‫َ‬
‫(‪)2‬‬
‫وتغرب إليه)‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫ترشق منه‬ ‫ُ‬ ‫مس‬ ‫الش َ‬ ‫(إن َّ‬ ‫مثل‪َّ :‬‬ ‫بحجج ِ‬ ‫ٍ‬
‫مفاخر طوي َل ًة يف ِ‬ ‫العمري ( ُتوفيِّ سن َة ‪ 1770‬ـ ‪1771‬م) ِ‬ ‫ِ‬
‫هيئة‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ِ ُّ‬ ‫ُ‬
‫عثامن‬ ‫العراق ُّي‬
‫والقمر‬ ‫َ‬ ‫الشمع َة والن َ‬
‫َّجم‬ ‫رات متتالِ َي ٍة تناو َل ْت َّ‬ ‫مفاخ ٍ‬ ‫ف ِم ْن َ‬ ‫نثر مسجوعٍ‪ ،‬يتأ َّل ُ‬ ‫ِ‬
‫ثم َة‬ ‫أن َ‬ ‫اجح ـ ْ‬ ‫ِ‬
‫نسأل‪ :‬هل َّ‬ ‫الر ُ‬ ‫واملا َء واملرآةَ‪ .‬ور َّبام يبدُ و طبيع َّي ًا ـ وهذا هو َّ‬
‫(‪)3‬‬

‫احلويزي‪ ،‬الدّ يوان‪.225 ،‬‬


‫ّ‬ ‫الرحيانة‪148 :2 ،‬؛ وابن معتوق‬
‫(((   املح ّب ّي‪ ،‬نفحة ّ‬
‫  العطيفي‪ ،‬رحلة‪.19-18 ،‬‬
‫ّ‬ ‫(((‬
‫الروض النّرض‪.558-549 :1 ،‬‬ ‫العمري‪ّ ،‬‬
‫ّ‬ ‫(((    عثامن‬
‫جلما ِل ُّيون‬ ‫الثا ِني‪ :‬ا َ‬ ‫الفص ُل َّ‬ ‫ْ‬
‫‪219‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫رات املعنِي ِة بالن ِ‬
‫ِّساء‬ ‫املفاخ ِ‬‫َ‬ ‫ِ‬
‫بوجوب الت ِ‬
‫َّعامل مع‬ ‫أسباب تدف ُعنا إىل الت ِ‬
‫َّفكري‬
‫َّ‬ ‫ٌ‬
‫الس ُ‬ ‫رب؟! إذ يؤ ِّل ُ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ؤال يف الواق ِع‬ ‫ف هذا ُّ‬ ‫والغلامن أو ا ُمل ْرد واملعذري َن بجدِّ َّية أك َ‬
‫َّارخي َّي ِة التِي تتمت َُّع هبا‬
‫عمومي ًة يت َِّص ُل باألمهي ِة الت ِ‬
‫ِّ َّ‬ ‫َّ‬
‫ِ‬ ‫أكثر‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫ترمج ًة جزئ َّي ًة لسؤال َ‬
‫ِ‬
‫املبحث‪.‬‬ ‫األد َّل ُة الت ِ‬
‫َّأليف َّي ُة ‪ /‬األدبِ َّي ُة الوار َد ُة يف هذا‬
‫آخر يلح عىل ِ ِ ِ‬ ‫ٌ‬ ‫ثم َة‬ ‫ِ‬
‫أي حدٍّ‬ ‫طرح ذاته هو‪( :‬إىل ِّ‬ ‫سؤال َ ُ ُّ‬ ‫وتأسيس ًا عىل ذل َك‪َّ ،‬‬
‫بوص ِفها‬ ‫ِ‬ ‫َ ِ‬
‫واملفاخرات األدبِ َّية ْ‬ ‫ِ‬
‫الغزل‬ ‫َّعامل مع ِ‬
‫شعر‬ ‫ُيعدُّ مرشوع ًا ومق ُبوالً الت ُ‬
‫ني‬ ‫الواقع َّي ِة للمؤ ِّل ِف َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫احلياة‬ ‫تعكس ِق َي ًام وأذواق ًا حمدَّ َد ًة سائدَ ًة يف‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫تارخي َّي ًة‬ ‫ادر‬
‫مص َ‬‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ومجهورهم‪.‬‬

‫للمواقف احليا ِت َّي ِة الفعلِ َّي ِة؟‬ ‫ِ‬ ‫مصدراً‬ ‫األدب َّي ُة ْ‬
‫تؤل ُف األعما ُل ِ‬ ‫هل ِّ‬
‫األعامل األدبِ َّي ِة العربِ َّي ِة يف‬
‫ِ‬ ‫ناصع ًا يف‬ ‫جلي ًا ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬
‫حب الغلامن َّ‬ ‫وع ِّ‬ ‫موض ُ‬ ‫يربز ُ‬ ‫ُ‬
‫املبكر ِة‪.‬‬
‫َ‬ ‫احلقبة العثامنِ َّي ِة‬ ‫ِ‬
‫ِ‬ ‫املفض َل َة يف ِ‬ ‫يم َة َّ‬ ‫ِ‬ ‫احلب متَّقدُ العاط َف ِة أو‬
‫األعامل‪،‬‬ ‫هذه‬ ‫العشق ال ِّث َ‬ ‫ُّ‬ ‫َ‬
‫كان‬
‫إن مل ْ يك ْن فيها‬ ‫أكثر املواض ِع ـ ْ‬ ‫احلديث عنه يف ِ‬ ‫ُ‬ ‫جيري‬ ‫املحبوب الذي ِ‬‫ِ‬ ‫َ‬
‫وكان‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫عر الغزليِ َّ العربيِ َّ‬ ‫الش َ‬‫إن ِّ‬ ‫تقول‪َّ :‬‬ ‫تكون الفكر ُة التي ُ‬ ‫ُ‬ ‫ك ِّلها ـ غالم ًا مراهق ًا‪ ،‬وقدْ‬
‫حيح ًة عندَ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ما َ‬
‫يص ِّو ُر حمبو َب ًة أن َثى فكر ًة َص َ‬ ‫كان ـ كقاعدَ ة ـ َ‬ ‫احلديث َ‬ ‫قبل‬
‫املبكرة‪ ،‬وال‬‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫عر يف احلقبة اإلسالم َّية‬ ‫والش ِ‬
‫قبل اإلسال ِم ِّ‬ ‫شعر ما َ‬ ‫احلديث عن ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬
‫حيح ٍة‬ ‫غري َص َ‬ ‫األدب العربيِ ِّ ‪ ،‬لكنَّها ُ‬ ‫ِ‬ ‫ني يف‬ ‫املختص َ‬
‫ِّ‬ ‫هذه الفكر ُة شائ َع ًة َ‬
‫بني‬ ‫تزال ِ‬ ‫ُ‬
‫َّاسع عشرَ َ ‪ )1(.‬وبقدْ ِر ما‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الش ِ‬ ‫يف ِ‬
‫عر العربيِ ِّ م َن القرن التَّاس ِع حتَّى القرن الت َ‬ ‫حال ِّ‬
‫املحبوب املعنِ ِّي يف ال َق ِصيدَ ِة‬ ‫ِ‬ ‫جنس‬ ‫فإن َ‬ ‫املبكر ِة‪َّ ،‬‬ ‫َ‬ ‫باحلقبة العثامنِ َّي ِة‬
‫ِ‬ ‫األمر‬
‫ُ‬ ‫يتع َّل ُق‬
‫وحات الت ِ‬
‫َّكميل َّي ُة هلا‬ ‫ُ‬ ‫َّعليقات والشرُّ‬
‫ُ‬ ‫‪ -‬عندَ ما تقدَّ ُم ُه ال َق ِصيدَ ُة ذاتهُ ا أو الت‬
‫جنس ُه ذكر ًا‬ ‫كان ُ‬ ‫بات األدبِ َّي ِة ‪َ -‬‬ ‫املنتخ ِ‬‫َ‬ ‫جامع‬
‫ُ‬ ‫يوان أو‬ ‫التِي يضعها محُ َرر الدِّ ِ‬
‫ِّ ُ‬ ‫ُ‬

‫الصبيان كان يف ّ‬
‫االقل شائعا بقدر شيوع‬ ‫حب ّ‬ ‫أن شعر ّ‬ ‫ٍ‬
‫بأسلوب مقنع ّ‬ ‫(((   دافع ت بوير‬
‫يب بحلول القرنني التّاسع والعارش‪Liebe und ،‬‬
‫حب النّساء يف األدب العر ّ‬
‫شعر ّ‬
‫‪.162-Liebesdichtung‘.، 150‬‬
‫اإل ْسال ِم ِّي‬ ‫ال ال َع َر ِب ِّي ِ‬ ‫جل ْن ِس َّي ِة يِف ال َع مَ ِ‬ ‫َما َق ْب َل امل ِْثلِ َّي ِة ا ِ‬ ‫‪220‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫اإلجابة عنه‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫انتظار‬ ‫يزال يف‬ ‫سؤال ال ُ‬ ‫ٌ‬ ‫ثم َة‬ ‫املعتاد‪ ،‬ال أن َثى‪ )1(.‬ومع َ‬ ‫ِ‬
‫ذلك‪َّ ،‬‬ ‫يف‬
‫احلقيقة؟!)‬ ‫ِ‬ ‫باالستناد إىل ِ‬
‫هذه‬ ‫ِ‬ ‫ول إليه‬ ‫الوص ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫االستنتاج الذي بقدرتنا ُ‬ ‫ُ‬ ‫هو‪( :‬ما‬
‫ور ِة واملتعاط َف ِة مع‬ ‫املكر َ‬
‫ِ‬
‫َّعامل مع التَّوصيفات ُ‬
‫ِ‬ ‫بيع ِّي واملتو َّق ِع الت ُ‬ ‫ربام ِمن ال َّط ِ‬
‫َ‬ ‫َّ‬
‫األعامل األدبِي ِة بوص ِفها انعكاس ًا لتوج ٍه حمدَّ ٍد يف ثقافةِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫عشق الغلامن يف‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ُّ‬ ‫ْ‬ ‫َّ‬
‫توجه ًا‬ ‫يعكس ُّ‬ ‫ُ‬ ‫الفقه َّي والوعظِ َّي‬ ‫ِ‬ ‫اخلطاب‬
‫َ‬ ‫ومجهور ِهم؛ مث َلام َّ‬
‫أن‬ ‫ِ‬ ‫ني‬ ‫املؤ ِّل ِف َ‬
‫افرتاض‬ ‫ُ‬ ‫واملثل َّي ِة‪ .‬وتأسيس ًا عىل ذلِ َك‪ ،‬يمك ُن‬ ‫ِ‬ ‫الزنا‬ ‫معادي ًا مدفوع ًا دينِ َّي ًا ضدَّ ِّ‬ ‫ِ‬
‫يمجدُ‬ ‫آخ َر ِّ‬ ‫توجه ًا ثقافِ َّي ًا َ‬ ‫تعكس ُّ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫البحث‬ ‫وع‬
‫موض َ‬ ‫اخلالص َة ُ‬ ‫َ‬ ‫األعامل األدبِ َّي َة‬ ‫َ‬ ‫أن‬ ‫َّ‬
‫الغ ِ‬ ‫ِّساء أو ِ‬ ‫العذري الرفيع للن ِ‬
‫املوقف‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫ويتعاطف معه‪ )2(.‬وهذا‬ ‫ُ‬ ‫لامن‬ ‫ِ َّ َّ َ‬ ‫احلب‬
‫َّ‬
‫فإن‬ ‫الرغ ِم م ْن ذل َك‪َّ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫فاع عنه‪ ،‬ولك ْن عىل ُّ‬ ‫موقف يمك ُن الدِّ ُ‬ ‫ٌ‬ ‫كام أظ ُّن‪ ،‬هو‬
‫واملفاخ ِ‬ ‫ينبغي فهم قص ِ‬ ‫اعرتاض حمتم ٍل؛ ِ‬ ‫مه َّي ِة التَّن ُّب ُه إىل‬ ‫ِ‬
‫رات‬ ‫َ‬ ‫احلب‬ ‫ِّ‬ ‫ائد‬ ‫ُ َ‬ ‫ٍ َ‬ ‫م َن األ ِّ‬
‫رات عىل أنهَّ ا‬ ‫واملفاخ ِ‬ ‫َ‬ ‫القصائدَ‬ ‫وفق ِه‪ ،‬أل َّنه يقدِّ م ِ‬
‫هذه‬ ‫َّعامل معها عىل ِ‬ ‫والت ُ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫أسهم فيها األدبا ُء بسهو َل ٍة‬
‫توكيد‬ ‫ويرس ابتغا َء‬ ‫َ‬ ‫مترينات أدبِ َّي ٌة رفي َع ٌة ِّ‬
‫مرش َف ٌة‬ ‫ٌ‬
‫وفق‬ ‫ينبغي ـ عىل ِ‬ ‫الع ِهم‪ .‬وال ِ‬ ‫بسعة ا ِّط ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َّعريف‬ ‫عر والت‬ ‫الش ِ‬ ‫مهاراتهِ ِم يف نظ ِم ِّ‬
‫ون‬ ‫ومجهور ُهم يفك ُِّر َ‬ ‫كان األدبا ُء‬ ‫تكشف عماَّ َ‬ ‫ُ‬ ‫القول‪ :‬إنهَّ ا‬ ‫ُ‬ ‫هذه ـ‬‫َّظر ِ‬ ‫وجهة الن ِ‬ ‫ِ‬
‫ُ‬
‫الذي َن‬ ‫ني ِ‬ ‫بعض ِم َن الباحثِ َ‬ ‫لامن والول ِع هبِم‪ ،‬وقدْ أ َّيدَ ٌ‬ ‫الغ ِ‬ ‫بشأن حب ِ‬ ‫ِ‬ ‫به واقع ًا‬
‫ِّ‬
‫شعر ع ِ الن ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫َّهضة يف‬ ‫حب الغلامن يف ِ صرْ‬ ‫تصويرات لفظ َّي ًة متعاط َف ًة مع ِّ‬ ‫حل ُظوا ْ‬
‫القرون الوس َطى؛ أيدُ وا ِ‬
‫هذه‬ ‫ِ‬ ‫اليهود ِّي العربيِ ِّ يف إسبانيا يف‬ ‫ِ‬ ‫والش ِ‬
‫عر‬ ‫إنكلرتا ِّ‬
‫َّ‬
‫أن هذا‬ ‫املثال ال احلصرْ ِ ‪َّ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫سبيل‬ ‫الرؤي َة وداف ُعوا عنها؛ إذ أ َّكدَ (آالن بري) يف‬ ‫ُّ‬

‫الرئيسة يف العامل‬
‫ّخبوي الذي نظم يف املدن ّ‬ ‫ّ‬ ‫  يدل ذلك‪ ،‬ظاهر ّيا عىل ّ‬
‫الشعر الن‬ ‫((( ّ‬
‫النّاطق با ّللغة العرب ّية يف اإلمرباطور ّية العثامن ّية كام يبدو جل ّيا يف املنتخبات األدب ّية‬
‫الشعر‬ ‫الشعر ّية يف كتب الترّ اجم يف هذه احلقبة‪ .‬ولكنّه قد ال يصدق عىل ّ‬ ‫واملقتطفات ّ‬
‫عبي أو ّ‬
‫الشعر يف عامن‪ ،‬مثال‪.‬‬ ‫الش ّ‬‫ّ‬
‫(((   يبدو هذا مشاهبا ملوقف ت‪ .‬بوير يف (‪.)Raffinement und Frömmigkeit‬‬
‫اخلاص بـ "العفاف‘" يف هذا النّوع‬ ‫ّ‬ ‫إلاّ ّ‬
‫أن بوير مل ْ يأخذ‪ ،‬مثلام يبدو‪ ،‬بنحو جا ّد البعد‬
‫ذي يف األعامل‬ ‫نيوي ‪ -‬الت ّ‬
‫ّلذ ّ‬ ‫الشعر‪ ،‬وتبعا لذلك فقد جعل املغايرة بني املثال الدّ ّ‬ ‫من ّ‬
‫للزنا واملثل ّية ممّا كنت أظ ّن‪.‬‬
‫األدب ّية الغزل ّية أكثر اختالفا وتعارضا مع اإلدانة الدّ ين ّية ّ‬
‫جلما ِل ُّيون‬ ‫الثا ِني‪ :‬ا َ‬ ‫الفص ُل َّ‬ ‫ْ‬
‫‪221‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ٍ‬
‫(مترينات‬ ‫عر يف إنكلرتا اإلليزابيثِ َّي ِة واليعقوبِ َّي ِة(‪ )1‬ال يعدُ و متثي ُل ُه‬ ‫َّوع ِم َن ِّ‬
‫الش ِ‬ ‫الن َ‬
‫كالسيك َّي ٍة‪ ،‬بمعنَى إنهَّ ا ال‬
‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫أنموذجات‬ ‫َت تستندُ إىل‬ ‫ِ‬
‫حتليلها أنهَّ ا كان ْ‬ ‫يظهر بعدَ‬
‫ُ‬
‫بهِ ِ (‪)2‬‬
‫الشعراء أو جتار م‪.‬‬‫ِ‬ ‫ِ‬
‫تكشف شيئ ًا عن ميول ُّ‬ ‫ُ‬
‫ٍ‬ ‫ني احلديثِ َ‬ ‫بعض ِم َن‬
‫بتعليقات‬ ‫باألدب العربيِ ِّ‬ ‫ِ‬ ‫ني‬ ‫املختص َ‬
‫ِّ‬ ‫ٌ‬ ‫وقدْ أدلىَ‬
‫ِ‬
‫استعامل‬ ‫بمرشوع َّي ِة‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫باالسرتابة‬ ‫يشعر َ‬
‫ون‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫احلقيقة‬ ‫ُون يف‬ ‫توحي بأنهَّ ُم قد يكون َ‬ ‫ِ‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِِ‬ ‫الش ِ‬
‫نحو‬ ‫ون بوساطته بنا َء املواقف ال َّثقاف َّية َ‬ ‫مصدر ًا يعيدُ َ‬ ‫بوصفه ْ‬ ‫عر الغزليِ ِّ ْ‬ ‫ِّ‬
‫(جي كريستوفر بورغل ـ ‪J. Christopher‬‬ ‫َ‬
‫جادل‬ ‫لامن‪ ،‬إذ‬ ‫الغ ِ‬ ‫حب ِ‬
‫َ‬ ‫ِّ‬
‫ِ‬ ‫الش ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫نظم ُه‬ ‫عر العربيِ ِّ الذي َ‬ ‫ظاهر َة عشق الغلامن يف ِّ‬ ‫َ‬ ‫درس‬
‫‪ )Bürgel‬الذي َ‬
‫الرفي َع ِة التِي ال‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫املسلم َ ِ‬‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫عد ٌد ِم ْن‬
‫والسمعة َّ‬ ‫ني م ْن ذوي املكانة اجللي َلة ُّ‬ ‫فقهاء‬
‫أن الغاي َة‬ ‫جادل يف َّ‬ ‫َ‬ ‫احلادي عشرَ َ وال َّثانيِ عشرَ َ ‪...‬‬ ‫ِ‬ ‫تشوبهُ ا شائ َب ٌة يف القرن ِ‬
‫َني‬
‫األساس‪ )3(.‬ويمك ُن‬ ‫ِ‬ ‫فهم ُه عىل هذا‬ ‫قصص َّي ًا‪ ،‬ويتعينَّ ُ ُ‬
‫ِ‬
‫كان َ‬ ‫عر َ‬ ‫الش ِ‬ ‫ِم ْن هذا ِّ‬
‫ادر ِ‬
‫غري‬ ‫باملص ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫القول‪َّ :‬‬ ‫ُ‬
‫رضورة االستعانة َ‬ ‫َ‬ ‫ص يف‬ ‫يتلخ ُ‬ ‫موقف (بورغل)‬ ‫َ‬ ‫إن‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫األدبِي ِة للتَّعر ِ‬
‫نحو‬ ‫كان يفك ُِّر فيه هؤالء الفقها ُء ومواقف ِهم َ‬ ‫حقيقة ما َ‬ ‫ف عىل‬ ‫ُّ‬ ‫َّ‬
‫لغات الشرَّ ِقيةِ‬ ‫احلضارات وا ُّل ِ‬ ‫ِ‬ ‫ختم أستا ُذ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َّ‬ ‫اهرة؛ وعىل املنوال ذاته‪َ ،‬‬ ‫هذه ال َّظ َ‬
‫األملانيِ ِّ (فرانز روزنثال ـ ‪2003-1914()Franz Rosenthal‬م)‬
‫وعاشق الن ِ‬ ‫عاشق ِ‬
‫األدب‬ ‫ِ‬ ‫ِّساء يف‬ ‫ِ‬ ‫الغ ِ‬
‫لامن‬ ‫ِ‬ ‫بني‬ ‫املفاخ َر ِة األدبِ َّي ِة َ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬
‫لثيمة‬ ‫مراجع َت ُه‬

‫االليزابيثي هو العرص املرتبط بحكم امللكة اليزابيث األوىل (‪-1558‬‬ ‫ّ‬ ‫(((    العرص‬
‫الذهب ّية يف تاريخ انكلرتا بفضل‬‫‪1603‬م) الذي يعدّ بحسب الكثريين أحد العصور ّ‬
‫ّسبي واالزدهار الكبري الذي شهدته خمتلف جوانب احلياة‬ ‫يايس الن ّ‬ ‫الس ّ‬
‫االستقرار ّ‬
‫يب إىل تلك املرحلة يف‬ ‫ّ‬ ‫اليعقو‬ ‫العهد‬ ‫ويشري‬ ‫ة‪.‬‬ ‫ي‬
‫ّ‬ ‫قاف‬ ‫ّ‬
‫ث‬ ‫وال‬ ‫ة‬ ‫ي‬‫ّ‬ ‫واالقتصاد‬ ‫ة‬ ‫الفنّ ّية واألدب ّي‬
‫السادس‪ ،‬ملك اسكتلندا‬ ‫ّ‬
‫تاريخ إنكلرتا واسكتلندا التي تزامنت مع تسلم جيمس ّ‬
‫(‪ )1625-1567‬مقاليد احلكم يف إنكلرتا بعد وفاة اليزابيث األوىل‪( .‬املرتمجة)‪.‬‬
‫  بري‪ ،‬املثل ّية يف إنكلرتا عرص النّهضة‪ .61-60،‬ولالستزادة عن املناقشة النّقد ّية‬ ‫َ‬ ‫(((‬
‫يب يف إسبانيا العصور الوسطى‪ .‬انظر‬ ‫اليهودي ‪ -‬العر ّ‬
‫ّ‬ ‫للمزاعم املتّصلة ّ‬
‫بالشعر‬
‫(‪،)Schirmann, The Ephebe in Medieval Hebrew Poetry‬‬
‫ص‪.67‬‬
‫(((    بورغل‪.Literatur und Wirklichkeit)، 254( ،‬‬
‫اإل ْسال ِم ِّي‬ ‫ال ال َع َر ِب ِّي ِ‬ ‫جل ْن ِس َّي ِة يِف ال َع مَ ِ‬ ‫َما َق ْب َل امل ِْثلِ َّي ِة ا ِ‬ ‫‪222‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫املشاعر احلقيق َّي َة‬ ‫َ‬ ‫أن‬‫الكالسيك ِّي بملحو َظ ٍة ور َد فيها‪( :‬يبدُ و واضح ًا َّ‬ ‫ِ‬
‫العربيِ ِّ‬
‫ات‬ ‫عر)‪ )1(.‬وزعم ْت أستا َذ ُة الدِّ راس ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫الش ِ‬ ‫الصاد َق َة غائ َب ٌة عن هذا النَّو ِع ِم َن ِّ‬ ‫َّ‬
‫الصل َة‬ ‫اإلسالم َّية األملان َّي ُة (سوزان اندروتز ـ‪َّ )Suzanne Enderwitz‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫أن ِّ‬
‫الغزل‬ ‫ِ‬ ‫شعر‬‫وطرح ُه) يف ِ‬ ‫وير ُه‬ ‫كان ِ‬ ‫[الفعل َّي َة] و (ما َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫تص ُ‬ ‫جيري ْ‬ ‫“احلياة”‬ ‫بني‬‫َ‬
‫فصاعد ًا)‪ ...‬قد‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫اس َّي ِة‬ ‫احلقبة العب ِ‬ ‫ِ‬ ‫العربيِ بعدَ‬
‫املبكرة (أي م َن القرن التَّاس ِع َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬
‫وترفيه ال‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫تسلية‬ ‫ِ‬
‫(شعر‬ ‫عر الغزليِ ُّ إىل‬ ‫تطو َر ِّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُقطِ َع ْت‬
‫الش ُ‬ ‫اإلمجال‪ ،‬إذ َّ‬ ‫بوجه‬
‫عاء‬‫قط مدَ ى قو ِة االد ِ‬ ‫وليس واضح ًا ُّ‬ ‫ِ (‪)2‬‬
‫أن له ِصل ًة باحلقيقة)‪.‬‬ ‫قط َّ‬ ‫يدَّ ِعي ُّ‬
‫ِّ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬
‫رج ُح أنهَّ ُم‬ ‫الذي تقدَّ م به ٌّ ِ‬ ‫ِ‬
‫كل م ْن (بورغل) و (روزنثال) و (اندروتز) و ُي َّ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫العادة‬ ‫قص ِص َّي ًا يف‬ ‫عر َ‬ ‫الش ِ‬ ‫وف يف ِّ‬ ‫جالء َّ‬ ‫ِ‬ ‫كانُوا ير ُم َ‬
‫كان َ‬ ‫املوص َ‬ ‫ُ‬ ‫احلب‬‫َّ‬ ‫أن‬ ‫ون إىل‬
‫اعر‬ ‫الش ِ‬ ‫جتارب َّ‬ ‫ِ‬ ‫االستنتاجات عن‬ ‫ِ‬ ‫احلذر يف وض ِع‬ ‫ِ‬ ‫توخي‬ ‫ب‪ ،‬ولذا يتعينَّ ُ ِّ‬ ‫فحس ُ‬ ‫ْ‬
‫جدال فيه‪ ،‬إذ‬ ‫َ‬ ‫قاطع ال‬ ‫ب‪ ،‬وهذا اال ِّدعا ُء‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ٌ‬ ‫فحس ُ‬‫ومواقفه باالستناد إىل شعره ْ‬
‫الشعرا ُء‬ ‫الواق ِع ُّ‬ ‫العرب ‪ -‬ويف ِ‬ ‫ِ‬ ‫الش ِ‬
‫عراء‬ ‫بقدرة ُّ‬ ‫ِ‬ ‫ينكر َّ‬
‫أن‬ ‫ألحد ْ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫أن َ‬ ‫بالكاد يمك ُن‬
‫دون ْ‬ ‫عر الغزليِ ِمن ِ‬ ‫الش ِ‬ ‫أخرى ‪ -‬ن ْظ َم ِّ‬ ‫ِ ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫أن يكونُوا‬ ‫ِّ ْ‬ ‫يف أ َّية ثقا َفة أو حقبة تارخي َّية َ‬
‫عاء‬ ‫ون تقديم اد ٍ‬ ‫آخ َر أنهَّ ُم كانُوا يرو ُم َ‬ ‫جانب َ‬ ‫ٍ‬ ‫تم ُل ِم ْن‬ ‫ِ‬ ‫ور ِة‬
‫َ ِّ‬ ‫ني؛ ويحُ َ‬ ‫عاشق َ‬ ‫بالضرَّ َ‬
‫املبكر ِة‪،‬‬ ‫َ‬ ‫اس َّي ِة‬ ‫احلقبة العب ِ‬
‫َّ‬
‫ِ‬ ‫عر الغزليِ َّ بعدَ‬ ‫الش َ‬ ‫أن ِّ‬ ‫للجدل‪ ،‬هو َّ‬ ‫ِ‬ ‫وأكثر إثار ًة‬ ‫َ‬ ‫أقوى‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫نحو‬ ‫مه َّية [املتو َّق َعة] يف الدِّ راسة التَّارخي َّية للمواقف َ‬ ‫مل ْ يك ْن حي َظى ظاهر َّي ًا باأل ِّ‬
‫أكثر د َّق ًة وحتديد ًا‬ ‫ٍ‬ ‫لامن‪ .‬ويمكن إعاد ُة صو ِغ االد ِ‬ ‫الغ ِ‬ ‫عشق ِ‬ ‫ِ‬
‫بنحو َ‬ ‫وتقديم ُه‬‫ُ‬ ‫عاء‬ ‫ِّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫ائص‬ ‫خص ِ‬ ‫أن بقدرة َ‬ ‫نفرتض َّ‬ ‫َ‬ ‫(ليس مناسب ًا وال مرشوع ًا ْ‬
‫أن‬ ‫يف الكال ِم اآلتيِ ‪َ :‬‬
‫عشق‬ ‫ف هبا األدبا ُء‬ ‫وص َ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الت ِ‬
‫َ‬ ‫واالنفتاح التي َ‬ ‫احة‬ ‫َّكرار والتَّعاطف والصرَّ‬
‫احلب‬ ‫ِّ‬ ‫َّوع ِم َن‬ ‫أن هذا الن َ‬ ‫تدعم الفكر َة التِي تفيدُ َّ‬ ‫َ‬ ‫واالفتتان هبِم‪ْ ،‬‬
‫أن‬ ‫َ‬ ‫لامن‬‫الغ ِ‬ ‫ِ‬
‫ِ‬
‫األدباء‬ ‫يعيش فيها‬ ‫الفعل َّي ِة التِي ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫البيئة‬ ‫مرئ َّي ًا ومسكوت ًا عنه يف‬ ‫ف جزء ًا ِ‬ ‫يؤ ِّل ُ‬
‫ومجهور ِهم)‪.‬‬ ‫ِ‬

‫(((    روزنثال‪« ،‬األنثى ّ‬


‫والذكر‪ :‬وصف ومقارنة»‪.43 ،‬‬
‫(((   اندروتز‪ Liebe als Beruf)، 7( ،‬و ‪.224‬‬
‫جلما ِل ُّيون‬ ‫الثا ِني‪ :‬ا َ‬ ‫الفص ُل َّ‬ ‫ْ‬
‫‪223‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫للفك َِر ا ِّللواطِي ِة يف أدبِي ِ‬ ‫َّارخيي ِة ِ‬ ‫ِ‬ ‫ال عام ًا ومسرتيب ًا باأل ِ‬ ‫َّ‬
‫ات‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫مه َّية الت َّ‬ ‫ِّ‬ ‫إن جتاه ً َّ‬
‫حيح حتَّى‬ ‫رأيي ـ أمر ًا حكي ًام‪ .‬وهذا‬ ‫يكون ـ يف ِ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫االستنتاج َص ٌ‬ ‫ُ‬ ‫احلقبة لن‬ ‫هذه‬
‫أن‬‫ِّقاش أدنا ُه ‪َّ -‬‬ ‫االفرتاض يف الن ِ‬ ‫ِ‬ ‫سأدفع بعد ِم د َّق ِة هذا‬ ‫ُ‬ ‫ثبت لنا ‪ -‬مع أنيِّ‬ ‫لو َ‬
‫ومشاعر ِهم يف مؤ َّلفاتهِ ِم‬ ‫ِ‬ ‫العاطف َّي ِة‬
‫ِ‬ ‫ون عن جتاربهِ ِم‬ ‫بالكاد يعبرِّ ُ َ‬ ‫ِ‬ ‫األدبا َء كانُوا‬
‫البوب احلدي َث ِة ِه َي ترمج ٌة‬ ‫ِ‬ ‫كلامت أغانيِ‬ ‫ِ‬ ‫ال َّ‬
‫أن‬ ‫األدبِ َّي ِة‪ .‬وال يتو َّق ُع أحدٌ مث ً‬
‫أن هذا ال يعنِي‬ ‫الفعل َّي َة‪ ،‬إلاَّ َّ‬ ‫ِ‬ ‫ني احلياتِ َّي َة‬ ‫ِّني أو املؤ ِّل ِف َ‬ ‫لتجارب املغن َ‬ ‫ِ‬ ‫[صاد َق ٌة]‬ ‫َ‬
‫تهِ‬ ‫ِ‬
‫بني كلامت األغا وقي ِم ال َّثقافة املعا َ ة ومتبنَّيا ا‪،‬‬ ‫صرِ‬ ‫ِ‬ ‫نيِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الصلة الوثي َقة َ‬ ‫ِ‬
‫غياب ِّ‬ ‫َ‬
‫ني (فران سيناترا) أو‬ ‫ِ‬
‫البوب األمريك ِّي َ‬ ‫ِ‬ ‫أن مغنِّيي‬ ‫أن نتخ َّي َل َّ‬ ‫ِ‬
‫ويمكنُنا بالكاد ْ‬
‫عمر ِه؛‬ ‫الراب َع َة عشرْ َ َة ِم ْن ِ‬ ‫لفتى يف َّ‬ ‫(توم جونز) يعبرِّ ان يف أغنيا َام عن ح ِّب ِهام ً‬
‫تهِ‬ ‫ِ‬
‫إن حقيق َة‬ ‫األمر؛ َّ‬ ‫ُ‬ ‫مجهورهمُ ا هذا‬ ‫ُ‬ ‫أن يتق َّب َل‬ ‫وبالقدر ذاتِ ِه‪ ،‬ال يتو َّق ُع أحدٌ ْ‬ ‫ِ‬
‫مشاعر ِهم وجتاربهِ ِم‬ ‫ِ‬ ‫ون عن‬ ‫ني قد ال يعبرِّ ُ َ‬ ‫ِّني واملؤ ِّل ِف َ‬ ‫أن املغن َ‬ ‫اجلمهور َّ‬‫ِ‬ ‫ِ‬
‫إدراك‬
‫وح‪ .‬وتأسيس ًا عىل ذلِ َك‪ ،‬يمكنُنا يف‬ ‫وض ٍ‬ ‫بكل ُ‬ ‫خص َّي ِة ِه َي مسأ َل ٌة جانبِ َّي ٌة ِّ‬ ‫الش ِ‬ ‫َّ‬
‫ِ‬
‫األوسط‬ ‫الواضح ِة يف الشرَّ ِق‬ ‫عر ا ِّللواطِ ِّي‬ ‫الش ِ‬ ‫وفرة ِّ‬ ‫الفروض استناد ًا إىل ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫أسوء‬
‫َ‬
‫مراهق‬ ‫ٍ‬ ‫بشاب‬ ‫جل البال ِغ ا ُملغر ِم‬ ‫الر ِ‬ ‫نستنتج َّ‬ ‫احلديث؛ ْ‬ ‫ِ‬ ‫ما َ‬
‫ٍّ‬ ‫ور َّ‬ ‫أن ُص َ‬ ‫َ‬ ‫أن‬ ‫قبل‬
‫ِ‬ ‫جل ِ‬ ‫الر ِ‬
‫االشمئزاز‬
‫َ‬ ‫اب أو تقبي َل ُه؛ مل ْ تك ْن ُ‬
‫تثري‬ ‫الش ِّ‬ ‫يستجدي لقا َء هذا َّ‬ ‫الذي‬ ‫َّ‬
‫أن شعبِ َّي َة‬ ‫يفرتض َّ‬ ‫ثم َة َم ْن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫السخر َي َة َ‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫ني‪ ،‬وزياد ًة عىل ذل َك‪َّ ،‬‬ ‫بني املستمع َ‬ ‫أو ُّ‬
‫واضح ًة عىل‬ ‫تدل دالل ًة‬ ‫جنس َّي ًا) ُّ‬ ‫و(املتخالف ِ‬ ‫ِ‬ ‫عر الغزليِ ِّ بنو َع ِيه ا ِّللواطِ ِّي‬ ‫الش ِ‬ ‫ِّ‬
‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫حساس ًا يف‬
‫ني له‪ ،‬وقدْ صرَ َّ ح الفقي ُه املك ُِّّي‬ ‫املستمع َ‬ ‫حياة‬ ‫يرضب وتر ًا َّ‬ ‫ُ‬ ‫أ َّن ُه َ‬
‫كان‬
‫ٍ‬
‫امرأة‬ ‫بحب غال ٍم أو‬ ‫جل املت َّي ِم‬ ‫الر ِ‬ ‫اهليتم ُّي ( ُتوفيِّ َ سن َة ‪1566‬م) َّ‬ ‫ِ‬
‫ِّ‬ ‫استامع َّ‬ ‫َ‬ ‫أن‬
‫ألن فع َل ُه هذا قد يؤ ِّدي‬ ‫عر الغزليِ ِّ حرا ٌم‪َّ ،‬‬ ‫الش ِ‬ ‫(عدا زوج َت ُه أو جار َي َت ُه) إىل ِّ‬
‫ِ ً (‪)1‬‬
‫تعكس‬ ‫ُ‬ ‫أخ َر‪ ،‬قد‬ ‫وبكلامت َ‬ ‫ٍ‬ ‫طلب ما هو محُ َ َّر ٌم دين َّيا‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ودفع ِه إىل‬ ‫ِ‬ ‫إىل استثارتِ ِه‬
‫اعر‬ ‫الش ِ‬ ‫مشاعر َّ‬ ‫َ‬ ‫مشاعر حقيق َّي ًة وأذواق ًا جمَ الِ َّي ًة حتَّى لو مل ْ تك ْن‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫الغزل‬ ‫َق ِصيدَ ُة‬

‫حمرمات ا ّللهو ّ‬
‫والسامع‪274 ،‬؛ وطرح املسألة‬ ‫الرعاع عن ّ‬ ‫كف ّ‬
‫اهليتمي‪ّ ،‬‬
‫ّ‬ ‫(((   ابن حجر‬
‫السادة املتّقني‪249 :1 ،‬‬
‫بيدي‪ ،‬إحتاف ّ‬
‫الز ّ‬ ‫ذاهتا الغزا ّيل يف إحياء علوم الدّ ين؛ انظر ّ‬
‫(حاشية)؛‪( 496 :6 ،‬حاشية)‪.‬‬
‫اإل ْسال ِم ِّي‬ ‫ال ال َع َر ِب ِّي ِ‬ ‫جل ْن ِس َّي ِة يِف ال َع مَ ِ‬ ‫َما َق ْب َل امل ِْثلِ َّي ِة ا ِ‬ ‫‪224‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ومي ( ُتوفيِّ سن َة ‪736‬م) ِ‬
‫الذي‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫اعر اليمنِ ُّي‬ ‫َ‬
‫وكان َّ‬ ‫ذاتِ ِه وأذوا َق ُه‪.‬‬
‫َ‬ ‫الر ُّ‬ ‫شعبان ُّ‬ ‫الش ُ‬
‫ِ‬
‫األثامن‬ ‫ِ‬
‫بأبخس‬ ‫بنات فِك ِْر ِه‬
‫لامن (يبيع ِ‬
‫ُ‬
‫الغ ِ‬ ‫ائد يف حب ِ‬
‫ِّ‬
‫نظم العديدَ ِمن القص ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الس َو َقة إذا را ُموا شيئ ًا م َن ِّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِم ْن ِّ‬
‫حمبوب هلُم أو‬ ‫الشعر يف‬ ‫كل ما يطل ُب ُه ذل َك م َن ُّ‬
‫ثم بعدَ ذلِ َك َ‬
‫عجز‬ ‫األكابر َّ‬
‫َ‬ ‫ويمدح‬
‫ُ‬ ‫(يعتاش بالتَّط ُّب ِ‬
‫ب‬ ‫ُ‬ ‫كان‬ ‫أن َ‬ ‫نحو ذلِ َك) بعدَ ْ‬ ‫ِ‬
‫(‪)1‬‬
‫وأقعدَ )‪.‬‬

‫عر‬‫الش ُ‬ ‫اهر َّي ِة التِي حي َظى هبا ِّ‬ ‫الشعبِ َّي ِة ال َّظ ِ‬ ‫هذه َّ‬ ‫وسيتعذر يف الواق ِع َفهم ِ‬
‫ْ ُ‬ ‫َّ ُ‬
‫أن تصويراتِ ِه ا َّللفظِي َة للحب املت ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الغزليِ ُّ يف‬
‫َت‬ ‫َّقد‪ ،‬كان ْ‬ ‫ِّ‬ ‫َّ‬ ‫حال قب ْلنا بفكرة َّ ْ‬
‫احلب‪ ،‬أو إذا‬ ‫بشأن معنَى الوقو ِع يف‬ ‫ِ‬ ‫مجهور ُه يفك ُِّر به‬ ‫مفصو َل ًة متام ًا عماَّ َ‬
‫كان‬
‫ِّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫مجهور ُه‬‫ُ‬ ‫جلامل الذي يؤم ُن به‬ ‫مفصو َل ًة عن مثال ا َ‬ ‫للمحبوب ُ‬ ‫تصويراته‬ ‫َت ْ‬ ‫كان ْ‬
‫َّاب‬ ‫بعض ِم ْن كت ِ‬ ‫كان ٌ‬ ‫ض‪ ،‬وقدْ َ‬ ‫رت ِ‬ ‫العشق واهليا ِم املف َ‬ ‫ِ‬ ‫بموضو ِع‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬
‫اإلحساس‬ ‫أو‬
‫الفك َِر‬ ‫بني ِ‬ ‫لة عا َّم ٍة َ‬ ‫أن وجود ِص ٍ‬ ‫ون يف َّ‬ ‫راس ِة يعتقدُ َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫موضو ِع الدِّ َ‬ ‫احلقبة ُ‬ ‫هذه‬
‫الق َي ِم التِي يؤم ُن هبا األفرا ُد‬ ‫وبني ِ‬ ‫عر َّي ِة َ‬ ‫الش ِ‬ ‫ور ِه ِّ‬ ‫وص ِ‬ ‫عر الغزليِ ِّ ُ‬ ‫الش ِ‬ ‫الشائ َع ِة يف ِّ‬ ‫َّ‬
‫بده ٌّي‬ ‫وأذواق ِهم وافرتاضاتهِ ِم هو أمر ِ‬ ‫ِ‬ ‫الش ِ‬
‫عر‬ ‫استم ُعوا هلذا ِّ‬ ‫الذي َن أ َّل ُفوا أو‬ ‫ِ‬
‫ٌ‬ ‫َ‬
‫الرببري ( ُتوفيِّ َ سن َة ‪1817‬م)‬ ‫ور ُّي أمحدُ‬ ‫الس ِ‬ ‫الكاتب ُّ‬ ‫ُ‬ ‫َّسليم به‪ ،‬إذ ا َّد َعى‬ ‫يتعينَّ ُ الت ُ‬
‫ُ‬
‫ِ‬ ‫واإلسالم َّي ِة‬
‫ِ‬ ‫اإلسالم َّي ِة‬
‫ِ‬ ‫األزمان ما َ‬ ‫ِ‬ ‫املثال‪َّ ،‬‬ ‫سبيل ِ‬ ‫ِ‬
‫املبكرة مل ْ‬ ‫َ‬ ‫قبل‬ ‫العرب يف‬
‫َ‬ ‫أن‬ ‫يف‬
‫ِِ‬ ‫ني إىل ا ِّل ِ‬ ‫يكونُوا م َّيالِ َ‬
‫أحج ُموا‬ ‫ال عىل ا ِّدعائه هو حقيق ُة أنهَّ ُم َ‬ ‫لواط‪ ،‬وقدَّ َم لنا دلي ً‬
‫تعرف‬
‫ُ‬ ‫َت ال‬ ‫العرب كان ْ‬ ‫ليل عىل َّ‬
‫أن‬ ‫شعر ِهم‪( :‬والدَّ ُ‬ ‫لامن يف ِ‬ ‫بالغ ِ‬ ‫َّغز ِل ِ‬ ‫عن الت ُّ‬
‫َ‬
‫ب‬ ‫ِ‬ ‫الغ ِ‬ ‫تغزلهِ ا يف ِ‬ ‫ا ِّللوا َط َة عد ُم ُّ‬
‫َّسيب وتش ِّب ُ‬ ‫تنظم الن َ‬ ‫َت ُ‬ ‫أشعارها وإنَّام كان ْ‬ ‫لامن يف‬
‫ِّساء وقدْ ق ْل ُت سابق ًا‪:‬‬ ‫يف الن ِ‬

‫ـــة م َّل ْه‬ ‫عندَ ه مذهـــــب ا ِّللوا َط ِ‬ ‫ٍ‬


‫لشخص‬ ‫يعشق الغوانيِ‬ ‫ُ‬ ‫قال َم ْن‬ ‫َ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫أكـل اخلـــرا ِ‬
‫بم َســ َّل ْه‬ ‫مثل َم ْن َ‬
‫َ‬ ‫ذاق ِمن ُعســــي َل ِة ٍ‬
‫هند‬ ‫ليس َم ْن َ ْ َ‬
‫َ‬
‫(*)‬

‫ثمة اتّفاق عا ّم عىل ّ‬


‫أن الفكر املثل ّية قد ظهرت‬ ‫اجليل‪ّ .912 ،‬‬
‫[*] أمحد الرببري‪ ،‬الشرّ ح ّ‬

‫وكاين‪ ،‬البدر ال ّطالع‪.281 :1 ،‬‬ ‫((( ّ‬


‫  الش ّ‬
‫جلما ِل ُّيون‬ ‫الثا ِني‪ :‬ا َ‬ ‫الفص ُل َّ‬ ‫ْ‬
‫‪225‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫يب يف النّصف ال ّثاين من القرن ال ّثامن‪.‬‬


‫مرة يف األدب العر ّ‬
‫ّأول ّ‬

‫*****‬

‫الكرم ُّي احلنبليِ ُّ ( ُتوفيِّ َ سن َة‬ ‫ِ‬ ‫ف‬


‫يوس َ‬ ‫ور ُّي مرع ُّي ب ُن ُ‬
‫ِ‬ ‫الس ِ‬ ‫وعرض الفقي ُه ُّ‬ ‫َ‬
‫األول مل ْ‬
‫َّ ِ‬ ‫َّاس يف العصرْ ِ‬ ‫فصحا َء الن ِ‬ ‫إن َ‬ ‫قال‪َّ :‬‬ ‫‪1624‬م) للمسأ َل ِة ذاتهِ ا‪ ،‬إذ َ‬
‫طبع ِهم ح ُّب ُهم‪ ،‬ولكن َُّهم يف زمانِنا‬ ‫لامن‪ ،‬ومل يكن يف ِ‬
‫ْ ْ‬ ‫الغ َ‬ ‫ُون ِ‬ ‫يكونُوا يستحسن َ‬
‫لامن عىل الن ِ‬ ‫ون ِ‬
‫ِّساء‪،‬‬ ‫الغ َ‬ ‫يفض ُل َ‬ ‫هذا‪ ،‬ك َِل ُفوا و ُفتِنُوا هبِم وغا َلوا يف ذلِ َك‪ ،‬إنهَّ ُم ِّ‬
‫كبري ٍة‪ )1(.‬ومضىَ يف قولِ ِه‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫الغ ُ‬ ‫حتَّى أصبحوا‪ -‬أي ِ‬
‫در إغواء وفتنة َ‬ ‫مص َ‬ ‫لامن‪ْ -‬‬ ‫ْ ُ‬
‫واملعذرين يف حماو َلةٍ‬ ‫ِ‬ ‫الذي نظم با ُملردِ‬ ‫عر الغزليِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫الش‬ ‫ببعض م َن ِّ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ليستشهدَ‬
‫َ‬ ‫َ ْ‬ ‫ِّ‬
‫ِ‬
‫الفتنة‬ ‫(أكثر أنوا ِع‬ ‫ِ‬ ‫ون أحدَ‬ ‫اعتقاد ِه يف أنهَّ ُم يؤ ِّل ُف َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫لتعزيز‬ ‫منه عىل ما يبدُ و‬
‫يطان‪،‬‬ ‫الش ِ‬ ‫(حبائل َّ‬ ‫َ‬ ‫أضحوا‬ ‫أن ا ُمل ْر َد‬ ‫ختم حدي َث ُه مب ِّين ًا َّ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫ثم َ‬ ‫خطورةً) َّ‬ ‫َ‬ ‫واإلغواء‬
‫أن يطي َق ُه هذا‬ ‫أكثر ِم ْن ْ‬ ‫نثر َ‬ ‫شعر أو ٍ‬ ‫نظمو ُه ِم ْن ٍ‬ ‫َّاس بح ِّق ِهم‪ ،‬وما ُ‬ ‫وما قا َل ُه الن ُ‬
‫املفر َد َة‬ ‫الكرم ُّي كالهمُ ا َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫املقا ُم)‪.‬‬
‫القصائدَ َ‬ ‫أن َ‬ ‫ومرع ُّي‬ ‫الرببري‬ ‫ويدرك أمحدُ‬ ‫(‪)2‬‬
‫ُ‬
‫اعر‬ ‫الش َ‬ ‫أن َّ‬ ‫نستنتج َّ‬ ‫َ‬ ‫أن‬ ‫تعذ َر ْ‬ ‫ويدركان كذلِ َك َّ‬ ‫ِ‬ ‫شعر َّي ًة‪،‬‬ ‫مترينات ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ف‬ ‫قد تؤ ِّل ُ‬
‫نظم ِه َق ِصيدَ ًة‬ ‫حقيقة ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫باالستناد إىل‬ ‫فعل َّي ٍة‬
‫عاطفي ٍة ِ‬
‫َّ‬
‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫بعالقة‬ ‫يكون مرتبِط ًا‬ ‫ُ‬ ‫قد‬
‫الذي‬ ‫أي ِ‬ ‫الر ِ‬ ‫كليهام كانا يميالن إىل َّ‬
‫ِ‬ ‫ني ِ‬ ‫أن الكات َب ِ‬ ‫غزلِ َّي ًة‪ )3(.‬ومع هذا‪ ،‬يبدُ و َّ‬
‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الش ِ‬ ‫ِ‬ ‫بمرشوع َّي ِة‬
‫ِ‬
‫مصدر ًا غن َّي ًا‬ ‫بوصفه ْ‬ ‫عر الغزليِ ِّ يف هذه احلقبة ْ‬ ‫توظيف ِّ‬ ‫ُ‬
‫يقول‬
‫ينتمي إليها‬ ‫البيئة التِي ِ‬ ‫ِ‬ ‫الغرام َّي ِة يف‬‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وامليول‬ ‫األذواق اجلاملِ َّي ِة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫للمعلومات عن‬
‫ف‪.‬‬ ‫ومجهور ُهم املستهدَ ُ‬ ‫ُ‬ ‫الشعرا ُء‬ ‫ُّ‬

‫قط‬ ‫الشعرا َء مل ْ يعبرِّ ُ وا ُّ‬ ‫أن ُّ‬ ‫الذي يفيدُ َّ‬ ‫ُّك ِه ِ‬ ‫فر ُط يف تشك ِ‬ ‫االفرتاض ا ُمل ِ‬ ‫ُ‬ ‫ويبدُ و‬
‫مثل‬ ‫يدعم ُه متام ًا َ‬ ‫أساس‬‫ٍ‬ ‫عمل َّي ًا ـ بال‬ ‫ائد ِهم ـ ِ‬ ‫وعواطف ِهم يف قص ِ‬ ‫ِ‬ ‫عن جتاربهِ ِم‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫الوقت‪ .‬وتستشهدُ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬
‫طوال‬ ‫ون ذلِ َك‬ ‫يقول‪ :‬إنهَّ ُم يفع ُل َ‬ ‫الذي ُ‬ ‫اذج ِ‬ ‫الس ِ‬ ‫ِ‬
‫االفرتاض َّ‬
‫  الكرمي‪ ،‬منية املح ّبني وبغية العاشقني‪ ،‬صفحة ‪ 34‬ب‪.‬‬
‫ّ‬ ‫(((‬
‫  الكرمي‪ ،‬منية املح ّبني‪ ،‬صفحة ‪ 42‬أ‪.‬‬
‫ّ‬ ‫(((‬
‫الكرمي‪ ،‬منية املح ّبني‪ ،‬صفحة ‪ 41‬ب‪.‬‬
‫ّ‬ ‫(((   انظر الرببري‪ ،‬الشرّ ح ّ‬
‫اجليل‪2019 ،‬؛‬
‫اإل ْسال ِم ِّي‬ ‫ال ال َع َر ِب ِّي ِ‬ ‫جل ْن ِس َّي ِة يِف ال َع مَ ِ‬ ‫َما َق ْب َل امل ِْثلِ َّي ِة ا ِ‬ ‫‪226‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫توضيح َّي ٍة‬


‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫بتعليقات‬ ‫وتعز ُزها‬
‫ِّ‬ ‫الغزل‬ ‫ِ‬ ‫بعدد ِمن قص ِ‬
‫ائد‬ ‫ْ َ‬
‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫العادة‪،‬‬ ‫ادر يف‬ ‫املص ُ‬ ‫َ‬
‫الشائ ِع يف أنهَّ ا قي َل ْت يف‬ ‫واضح االعتقا َد َّ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫تعكس بنحو‬ ‫ُ‬ ‫ونوادر‬
‫َ‬ ‫ص‬‫وقص ٍ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫إن الفقي َه املصرْ ِ َّي أمحدَ اخلفاج َّي قد‬ ‫قال‪َّ :‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫مناس َبة حمدَّ َدة وعن غال ٍم بعينه‪ .‬و ُي ُ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫رفاق ِه له عقب تو ُّق ِف ِه يف ِ‬ ‫َني ِمن ِ‬ ‫ِ‬ ‫َني ِم َن ِّ‬
‫أحد شوار ِع‬ ‫َ‬ ‫عر بعدَ انتقاد اثن ِ ْ‬ ‫الش ِ‬ ‫نظم بيت ِ‬ ‫َ‬
‫دمشق وأقا َم هبا أ َّيام ًا‪،‬‬ ‫َ‬ ‫(فمر عىل‬ ‫ٍ‬
‫مليح‪:‬‬ ‫بشاب‬ ‫ِ‬
‫دمشق للتَّعبري عن إعجابِه‬ ‫ِ‬ ‫َ‬
‫َّ‬ ‫ٍّ‬
‫وعلامؤها‪ ،‬فأكر ُموا ن ُُز َل ُه‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫ائد‪ ،‬واعتنَى به أه ُلها‬ ‫فضالؤها بالقص ِ‬ ‫ُ‬ ‫ومدح ُه‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫احلية‪ِ،‬‬ ‫العامدي املفتِي إىل ق ِ ِهم بالص ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫لطائف؛ م ْن ذل َك أ َّن ُه دعا ُه‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ووقع له‬
‫َّ َّ‬ ‫صرْ‬ ‫ُّ‬ ‫َ‬
‫فنظر إىل‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫فمر ِّ‬
‫األبيض‪َ ،‬‬ ‫اجلرس‬ ‫شاهني عىل‬ ‫َ‬ ‫وصح َب ُه العامد ُّي واب ُن‬ ‫هاب َ‬ ‫الش ُ‬ ‫َّ‬
‫ني عليه‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ووقف يتأ َّم ُل ُه فانتقدَ العامد ُّي واب ُن شاه َ‬ ‫نظر َة َم ٍ‬
‫يل‪،‬‬ ‫َ‬ ‫ٍ‬
‫غال ٍم واقف‬
‫َ‬ ‫هناك َ‬
‫بدهي ًة قو َل ُه‪:‬‬ ‫ِ‬
‫ذل َك‪ ،‬فأنشدَ َ‬
‫ِ‬
‫احلســــنات‬ ‫إن ه��ذا ُمـــبدِّ ُد‬ ‫َّ‬ ‫ٍ‬
‫مليح‬ ‫تنظر ْن لوجــِه‬ ‫قيل ال‬ ‫َ‬
‫َ‬
‫(*)‬ ‫أشـغل الكات َب ِ‬
‫ني عن س ِّيئات‬ ‫َ‬ ‫جل ُ‬
‫مـال َّمل��ا تبدَّ ى‬ ‫ق ْل ُ‬
‫ـت ه��ذا ا َ‬

‫[*] املح ّب ّي‪ ،‬خالصة األثر‪.334-333 :1 ،‬‬

‫*****‬

‫مصط َفى ب ُن بريي‬‫اعر احللبِ ُّي ْ‬


‫الش ُ‬ ‫وش َّك َل ْت حاد َث ٌة وق َع ْت عندَ ما َ‬
‫كان َّ‬
‫فنظم‬ ‫در إهلا ٍم له‪،‬‬ ‫ِّ‬ ‫يعمل يف ِ‬
‫ُ‬ ‫ٍ‬ ‫َّبغ ِم ْن َصبِ ٍّي‬
‫يشرتي الت َ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫مص َ‬
‫املحال ْ‬ ‫أحد‬ ‫مليح‬
‫َق ِصيدَ ًة يف املناس َب ِة‪.‬‬

‫بالقرب ِم ْن‬
‫ِ‬ ‫أحد األ َّيا ِم (يف حم َّل ِة القباقبِ َّي ِة‬
‫الشاعر يف ِ‬
‫وقف َّ ُ‬ ‫القص ُة‪َ :‬‬
‫تقول َّ‬ ‫ُ‬
‫يبيع ال ُّت ُت َن‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫َ‬ ‫فنظر إىل غال ٍم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫(‪)1‬‬
‫هناك يف حانوت ُ‬ ‫املذكور هو وإ َّيا ُه‪َ ،‬‬ ‫العمر ِّي‬ ‫دار‬
‫نور سنا حم َّيا ُه‪،‬‬ ‫راق مجُ تال ُه‪َ ،‬‬ ‫بح ْس ٍن َ‬ ‫غري ٍ‬ ‫ِِ‬ ‫قدُّ ُه ٌ‬
‫وفاق ُ‬ ‫ذابل‪ُ ،‬‬ ‫مائل وور ُد خدوده ُ‬
‫املسك يف‬ ‫ِ‬ ‫خال كفتِ ِ‬
‫يت‬ ‫احلانوت؛ وأيض ًا عىل خدِّ ِه ُ‬ ‫ِ‬ ‫جيلس معه يف‬ ‫وله ٌ‬
‫خال‬
‫ُ‬

‫لغوي)‪.‬‬
‫ّ‬ ‫(املقوم ا ّل‬
‫ّ‬ ‫قديام‪.‬‬
‫(((   التّتن‪ :‬اسم «التّبغ» عند العا ّمة ً‬
‫جلما ِل ُّيون‬ ‫الثا ِني‪ :‬ا َ‬ ‫الفص ُل َّ‬ ‫ْ‬
‫‪227‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫اعر] هل تبيعنُي شيئ ًا ِم َن ال ُّتت ُِن؟‪َ .‬‬


‫فقال‪ :‬وال‬ ‫[الش ُ‬‫فقال له َّ‬ ‫ِ‬
‫الياقوت‪َ ،‬‬ ‫ص ِ‬
‫حيفة‬ ‫َ‬
‫وقال‬ ‫ٍ‬
‫كان يف ورقة‪َ ،‬‬ ‫ٍ‬
‫سحيق مسك َ‬ ‫َ‬ ‫وفت عليه‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ووض َع له شيئ ًا م ْن ذل َك‪َّ ،‬‬ ‫بأس‪َ .‬‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫املسك م ْن خاليِ ‪ .‬وأرا َد به خا َل ُه الذي هو أخو والدَ ته‪ ،‬فعندَ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫له الغال ُم‪ :‬هذا‬
‫هذين البيت ِ‬
‫َني‬ ‫ِ‬ ‫هذه املواف َق ِة والقض َّي ِة‪ ،‬وأنشدَ ناظ ًام‬ ‫[الشاعر] ِمن ِ‬
‫ْ‬ ‫طرب َّ ُ‬ ‫َ‬ ‫ذلِ َك‬
‫فجر ْت ِ‬
‫فيهام التَّور َي ُة ا َّللطي َف ُة‪ ،‬ومها قو ُل ُه‪:‬‬ ‫ِمن فكرتِ ِه ِ ِ‬
‫السن َّية‪َ ،‬‬‫َّ‬ ‫ْ‬
‫(*)‬
‫كان عن ح ِّب ِه خال‬‫وأشــجى فؤاد ًا َ‬‫َ‬ ‫جؤذر‬
‫ٌ‬ ‫سـك قد حبانِـــي‬ ‫ــــة ِم ٍ‬
‫بحب ِ‬
‫َّ‬
‫(**)‬
‫املسك ِم ْن خال‬
‫ُ‬ ‫لكونيِ غزاالً إنَّام‬ ‫املسك ِمن ِ‬
‫دمي‬ ‫َ ْ‬ ‫حتس ِ‬
‫ب‬ ‫َ‬
‫وقال أال ال َ‬
‫[*] يف املعجم الوسيط‪ :‬اجلؤذرولد البقرة الوحشية‪ ( .‬ج ) ج ِ‬
‫آذر‪ .‬والكلمة ( فارس ّية )‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫لغوي)‪.‬‬
‫ّ‬ ‫(املقوم ا ّل‬
‫ّ‬ ‫يف قول ابن سيده‪.‬‬
‫املرادي‪ ،‬سلك الدّ رر‪.208 :4 ،‬‬
‫ّ‬ ‫[*]‬
‫*****‬

‫عر‬ ‫الش ِ‬ ‫َني ِم َن ِّ‬ ‫نظم بيت ِ‬‫احلويز ِّي‪َ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫معتوق‬ ‫ِ‬
‫العراق َّي اب َن‬ ‫اعر‬
‫الش َ‬ ‫إن َّ‬ ‫ويقال‪َّ :‬‬ ‫ُ‬
‫ديق ِه بعدَ ما ظهر الصبِي ِ‬ ‫بطلب ِمن ص ِ‬
‫بيضا َء‬ ‫األخري مرتدي ًا عامم ًة َ‬ ‫ُ‬ ‫الذي حي ُّب ُه‬ ‫َ َّ ُّ‬ ‫ٍ ْ َ‬
‫وهو‬ ‫ِ‬ ‫ٍ ِ‬ ‫وعبا َء ًة سودا َء‪( :‬وممَّا جا َء له يف ِصبا ُه أ َّن ُه‬
‫بعض م َن األدباء َ‬ ‫اجتمع مع‬
‫َ‬
‫الوجه عليه عامم ٌة‬ ‫ِ‬ ‫فأقبل غال ٌم َح َس ُن‬ ‫َ‬ ‫دار ِه بالبصرْ ِة‬ ‫باب ِ‬ ‫ال عىل ِ‬ ‫جالس لي ً‬ ‫ٌ‬
‫ِ‬
‫فأطرق يفك ُِّر مل َّي ًا‪ ،‬فسأ َل ُه‬ ‫َ‬ ‫األديب‪،‬‬ ‫ِ‬
‫هيوى له ذل َك‬ ‫َ‬ ‫وح َّل ٌة سودا ُء‪،‬‬
‫ُ‬ ‫وكان َ‬ ‫بيضا ُء ُ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫َ‬ ‫الفكرة َ‬‫ِ‬ ‫طول ِ‬ ‫ِ‬
‫وصف الغال ِم ْ‬
‫فلم‬ ‫أعمل شيئ ًا يف ْ‬ ‫أن‬ ‫فقال‪ :‬أر ْد ُت ْ‬ ‫هذه‬ ‫عن‬
‫فقال‬ ‫وتنوب به عنِّي؟‪َ .‬‬ ‫ُ‬ ‫فهل حيضرُ ُ َك ما مل ْ أجدْ منِّي‪،‬‬ ‫حيرضْنيِ ما أر ْد ُت‪ْ ،‬‬
‫ارجتاالً‪:‬‬
‫ِ‬
‫نسـكي‬ ‫ِ‬
‫املســك ِّي‬ ‫بنقطة خالِ ِه‬ ‫ِ‬ ‫ــــاع منِّي‬ ‫منري َض‬ ‫قمر‬ ‫ويل‬
‫َ‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬
‫ِ (*)‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ألجل هتكي‬ ‫بالص ِ‬
‫باح‬ ‫َّ‬ ‫ــم‬
‫وعم َ‬ ‫َّ‬ ‫ألجــل خذل‬ ‫تق َّبـا بال َّظـــال ِم‬
‫اإل ْسال ِم ِّي‬ ‫ال ال َع َر ِب ِّي ِ‬ ‫جل ْن ِس َّي ِة يِف ال َع مَ ِ‬ ‫َما َق ْب َل امل ِْثلِ َّي ِة ا ِ‬ ‫‪228‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫احلويزي‪ ،‬الدّ يوان‪.225 ،‬‬


‫ّ‬ ‫[*] ابن معتوق‬
‫لغوي‪ :‬تق ّبا‪ .‬لبس القباء وهو ثوب أشبه بالعباءة‪.‬‬
‫ّ‬ ‫املقوم ا ّل‬
‫إضافة ّ‬
‫السوداء با ّلليل لسرتها‬
‫جاء يف املعجم الوسيط‪ :‬تق ّبى فالن‪ :‬لبس قباء‪ .‬ش ّبه عباءته ّ‬
‫له كام يسرت ا ّلليل األشياء‪.‬‬
‫*****‬

‫اجلوانب املالز َم ِة املألو َف ِة‬


‫ِ‬ ‫َت ِم َن‬ ‫اش َة كان ْ‬ ‫املشاعر اجل َّي َ‬
‫َ‬ ‫القول َّ‬
‫أن‬ ‫ِ‬ ‫وم ْن ناف َل ِة‬ ‫ِ‬
‫إبراهيم البرتونيِ ُّ شعر ًا‬ ‫ِ‬ ‫الش ِ ِ‬ ‫الص ِ‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫اعر‬
‫الش ُ‬ ‫نظم َّ‬ ‫عر َّية املتك َّل َفة‪ ،‬إذ َ‬ ‫ور ِّ‬ ‫تشكيل ُّ‬ ‫يف‬
‫اس ( ُتوفيِّ َ سن َة‬ ‫فتح اهللِ الن ََّّح ِ‬‫العنيد ِ‬ ‫ِ‬ ‫وق ِه‬
‫معش ِ‬ ‫قيل يف ُ‬ ‫فط َن معاصرِ ُ و ُه إىل أ َّن ُه َ‬
‫املحارض ِة شاعر ًا مطبوع ًا‪،‬‬ ‫َ‬ ‫إبراهيم َح َس َن‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫(كان‬ ‫ُ‬
‫يقول‪:‬‬ ‫ُ‬
‫حيث‬ ‫‪1642‬م)‬
‫حبيب قو َل ُه يف ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫فتح‬ ‫ذكرى‬‫كثري امل َل ِح والنُّكت‪ ،‬أنشدَ له البديع ُّي يف َ‬ ‫وشعر ُه ُ‬ ‫ُ‬
‫حل ْسنِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫يميل إليه‪َ .‬‬ ‫وكان ُ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬
‫تفرده با ُ‬ ‫فتح اهللِ مع ُّ‬ ‫وكان ُ‬ ‫قال‪:‬‬ ‫اهللِ بن الن ََّّحاس‪....‬‬
‫يبيت عىل ِس ْل ٍم‪ ،‬ويغدُ و‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫بصري ًا‬ ‫ِ‬
‫و ُلوع ًا بالتَّجنِّي وسوء ال َّظن ِ‬
‫العتب‪ُ ،‬‬ ‫بأسباب‬ ‫ِّ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫َّجم َف َرق ًا م َن اهلجر؛ لو رعا ُه َّ‬
‫زها ُد ُه‬ ‫عىل حرب‪ ،‬كم م ْن مت َّي ٍم يف ح ِّبه ر َعى الن َ‬
‫ِ‬
‫القدر‪.‬‬ ‫َ‬
‫ألدرك ليل َة‬
‫َ‬
‫م���ن���ك ان���ت���ق���ا ُم‬ ‫َ‬
‫ف���ي���ك يل‬ ‫ال���ع���ش ِ‬
‫���اق م��ه ً‬
‫�لا‬ ‫َّ‬ ‫���ك‬ ‫م���ه ِ‬
‫ْ���ل َ‬ ‫ُ‬
‫(*)‬ ‫ِ‬
‫للمســـك خ��ت��ـ��ا ُم‬ ‫ه��� َّن‬ ‫ٍ‬
‫ك��م��س��ـ��ـ��ـ��ك‬ ‫ٍ‬
‫ب���ش���ع�ي�رات‬

‫الرحيانة‪.456-356 :2 ،‬‬
‫[*] املح ّب ّي‪ ،‬خالصة األثر‪10 :1 ،‬؛ املح ّب ّي‪ ،‬نفحة ّ‬

‫*****‬

‫عر‬ ‫محن اجلربتيِ ُّ (‪ 1825‬ـ ‪1826‬م) بعض ًا ِم َن ِّ‬


‫الش ِ‬ ‫الر ِ‬ ‫املؤر ُخ عبدُ َّ‬
‫وم َّي َز ِّ‬
‫ِ‬
‫شاب‬
‫ناسخ ٍّ‬ ‫ٍ‬ ‫وقع يف غرا ِم‬
‫اب حينَام َ‬ ‫إسامعيل َّ‬
‫اخلش ُ‬ ‫ُ‬ ‫الغزليِ ِّ الذي َ‬
‫نظم ُه َصدي ُق ُه‬
‫القص َري ِة يف مصرْ َ ‪ )1(.‬و ُي ُ‬
‫قال‪:‬‬ ‫ِ‬
‫حكم ِهم ِ‬ ‫خالل مدَّ ِة‬
‫َ‬ ‫ني‬ ‫ِ‬
‫الفرنس ِّي َ‬ ‫كان ُ‬
‫يعمل عندَ‬ ‫َ‬

‫  اجلربيت‪ ،‬عجائب اآلثار‪.240-239 :4 ،‬‬


‫ّ‬ ‫(((‬
‫جلما ِل ُّيون‬ ‫الثا ِني‪ :‬ا َ‬ ‫الفص ُل َّ‬ ‫ْ‬
‫‪229‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫نظم ُه الفقي ُه‬ ‫ِ ِ‬ ‫لبعض ِم ْن ِ‬


‫ٍ‬ ‫در إهلا ٍم‬ ‫ِ‬
‫مسيح َّي ًا َ‬ ‫إن غالم ًا‬
‫َّ‬
‫شعر الغزل الذي َ‬ ‫مص َ‬‫كان ْ‬
‫الصبِ ِّي‬ ‫ِ‬ ‫يِ‬
‫َ‬
‫خالل‬ ‫العرض ( ُتوفيِّ َ سن َة ‪1660‬م) الذي َ‬
‫وقع يف غرا ِم َّ‬ ‫ُّ‬ ‫احللبِ ُّي َّ‬
‫حممدٌ‬
‫كان هيوا ُه اآلتيِ ‪:‬‬
‫الذي َ‬‫إقامتِ ِه ال َّطوي َل ِة يف القسطنطينِي ِة‪ ،‬وله يف الغال ِم اخل ِر ِ‬
‫ماَّ‬ ‫َّ‬
‫ِ‬
‫بمشيب‬ ‫اهلــوى‬
‫َ‬ ‫وتو َجنِي‬ ‫ِ‬
‫عم َي ْت َّ‬ ‫ِ‬
‫َّحيــب‬ ‫ال ف َع ْينِي ِم َن ال ُبكــا والن‬
‫مه ً‬
‫إلاَّ وأعقبـــــه اجل َفــــا ِ‬ ‫بوص ِل ِه‬ ‫حب ٍ‬
‫ِ‬
‫يـــب‬ ‫بمغ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫استض ْأ ُت ْ‬
‫َ‬ ‫بدر ما‬ ‫يف ِّ‬
‫برق ِ‬
‫يــب‬ ‫إلاَّ وأدركَهـــا العمــــى ِ‬ ‫عيس ِو َّي جمَ الِ ِه‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫ما أور ْد ُت عينـي َ‬

‫وله فيه أيض ًا‪:‬‬


‫والص ِ‬
‫در‬ ‫َّ‬ ‫كان يف الن ِ‬
‫َّفس‬ ‫عىل ِ‬
‫وفق ما قدْ َ‬ ‫وعصرْ ٍ بقسـطنطينِ َّيـــ َةقدقطعتُـــ ُه‬
‫غابرالدَّ ِ‬
‫هـر‬ ‫علومـ ًاقـــــدزاولتُـــها َ‬ ‫اســــــ ٌةأجتليِ هبـــا‬
‫كر َ‬
‫ِ‬
‫يمينــيهبا َّ‬

‫ثم قو ُل ُه فيه بعدَ ذلِ َك‪:‬‬


‫َّ‬
‫والص ِ‬
‫در‬ ‫الو ِ‬
‫رد‬ ‫در القو ِم يف ِ‬ ‫فأم ُ‬ ‫ِ‬
‫ــروس بدائعـــ ًا‬ ‫أحــر ُر منها يف ال ُّط‬
‫َّ‬ ‫أل َص َ‬ ‫ِّ‬
‫ِ‬
‫الفكــــر‬ ‫بعقد نظا ٍم صــا َغه ص ِ‬
‫ـــائ ُغ‬ ‫ُ َ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫و َطــــور ًا أح ِّلــي ِم ْن زمانيِ عاط ً‬
‫ال‬

‫در‬
‫راح وهو بــــــال ِّ‬
‫ــــر َ‬
‫ِ‬
‫تـــراه بِص ٍّ‬ ‫در ُد ِعـــي هلــا‬ ‫ٍ‬
‫معــان إذا ما الصـ َُّّر َّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍِ‬ ‫ِ‬
‫ـــحر‬ ‫ــلي ِمومأخـوذمـ َنا َّللحظ ِّ‬
‫بالس‬ ‫احلزين ورق َي َة َّ‬
‫الســـ‬ ‫أضمنُها َسلوى‬
‫ِّ‬
‫رسي‬ ‫إذا ح َّثـــها الس ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫ومخــــر شــــامليِ ٍّ َّ‬
‫ــت له ِّ‬
‫اقي أذا َع ْ‬ ‫َّ‬ ‫متابـــع‬
‫ٌ‬ ‫ـمول‬ ‫للش‬
‫فوق خـصرْ ِ‬ ‫ِ‬
‫َّـــــار َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫حتم ُلــــوا‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الزن‬
‫كلكـل ُّ‬ ‫ـي‬
‫نق َّ‬ ‫م َنالعبقر ِّييــــ َنالذيــــ َن َّ‬
‫ِ‬
‫البدر‬ ‫نـــور ســــنا‬ ‫الح‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫سام ًء هبا قد َ‬ ‫الياممـــــة خلتَها‬ ‫اعتـــــم زرقـا َء‬
‫َّ‬ ‫إذا‬
‫اإل ْسال ِم ِّي‬ ‫ال ال َع َر ِب ِّي ِ‬ ‫جل ْن ِس َّي ِة يِف ال َع مَ ِ‬ ‫َما َق ْب َل امل ِْثلِ َّي ِة ا ِ‬ ‫‪230‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫الس ِ‬
‫ــطر‬ ‫ِ‬ ‫قنا ٍ‬ ‫ــر ِ‬
‫اب خ ْل َت قوا َمـــ ُه‬ ‫بني ُّ‬ ‫ْ‬
‫ــت عىل وســط َّ‬
‫ألف قا َم ْ‬ ‫الش َّ‬ ‫وإن قـا َم َ‬
‫ِ‬ ‫مقامـــع ِمــ ْن‬ ‫جلينــ ًا حت ِّل َيهـــا‬ ‫ــــتيمينَ ُه‬ ‫ِ‬
‫الكاســــاتخ ْل‬ ‫أترع‬ ‫ْ‬
‫تبـــر‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫وإن َ‬
‫(*)‬
‫مخر‬ ‫ِ‬
‫العني مخر ًا عىل ِ‬ ‫ِ‬
‫بكاس‬ ‫سـقاها‬ ‫هوى‬
‫ني نظـر َة ذي َ‬ ‫وإن َن َظ َ‬
‫ـــر ْت ُه ال َع ُ‬ ‫ْ‬

‫الرحيانة‪.394-393 :2 ،‬‬
‫[*] املح ّب ّي‪ ،‬خالصة األثر‪01 :1 ،‬؛ املح ّب ّي‪ ،‬نفحة ّ‬
‫لغوي‪:‬‬
‫ّ‬ ‫املقوم ا ّل‬
‫إضافة ّ‬
‫والصدر‪ :‬مغادرة املاء بعد أخذه؛ الصرّ ّ ‪ :‬ربط رضع‬
‫ّ‬ ‫السري إىل املاء ألخذه؛‬ ‫الورد‪ّ :‬‬
‫والش ُمول اخلَ ْمر ألَنهَّ ا‬
‫املرصى‪ ،‬وتقطيب الوجه؛ َّ‬ ‫ّ‬
‫الشاة لئال يرضعه ولدها؛ والصرِّ ُّ الضرّ ع ّ‬
‫الناس وقيل ُس ِّميت بذلك ألَ َّن هلا َع ْص َف ًة ك َع ْص َفة َّ‬
‫الشامل وقيل هي الباردة؛‬ ‫َ‬ ‫ت َْش َمل بِرحيها‬
‫الصدْ ر‪ ،‬أو هو ما بني الترّ قوتني؛ وأترع الكأس مألها عن‬ ‫الس ّيد؛ والكلكل َ‬
‫والعبقري ّ‬
‫ّ‬
‫كل شيَّْ ء‪ِ :‬خ َي ُار ُه؛التّرب‪ّ :‬‬
‫الذهب؛ (ال َقنَاء ـ القنو)‪:‬‬ ‫الفضة؛ وال َق َم َع ُةمن ّ‬
‫آخرها؛ وا ّللجني ّ‬
‫الع ْذق‪ ،‬وهو من النَّخل كالعنقود من العنب‪.‬‬ ‫ِ‬

‫*****‬

‫ص التِي ختد ُم‬ ‫القص ُ‬ ‫َت َ‬ ‫نحاجج فيام إذا كان ْ‬ ‫َ‬ ‫األرجحـ ْ‬
‫أن‬ ‫ِ‬ ‫ويمك ُن ـ عىل‬
‫أن‬‫جوهرها‪ ،‬ونظ ُّن َّ‬ ‫ِ‬ ‫ول يف‬ ‫القصيد َة ِه َي ُن ُق ٌ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫سياق‬ ‫ِ‬
‫رشح‬ ‫غرض‬ ‫َ‬ ‫ِ‬
‫ظاه ِر َّي ًا‬
‫ول‬ ‫داق َّي ِة ُن ُق ٍ‬
‫َّك يف مص ِ‬
‫ْ‬ ‫هذه املسأ َل ِة حينَام شك َ‬ ‫(كريستوفر بورغل) قد أملع إىل ِ‬
‫َ‬
‫يتعذ ُر‬‫أخرى‪َّ ،‬‬ ‫ومر ًة َ‬ ‫َّ‬
‫(‪)1‬‬
‫األعامل األدبِ َّي ِة والواقعِ‪.‬‬
‫ِ‬ ‫بني‬ ‫ِ‬
‫العالقة َ‬ ‫هذه يف ِ‬
‫سياق‬ ‫مثل ِ‬ ‫ِ‬
‫ِ‬ ‫أي ِ‬
‫الر ِ‬ ‫حتديدُ ِ‬
‫سوى‬ ‫طرح ُه (بورغل) إذ ر َّبام مل ْ يك ْن يقصدُ شيئ ًا َ‬ ‫َ‬ ‫الذي‬ ‫قوة َّ‬ ‫َّ‬
‫داق َّي ِة‬
‫هذه القصص تفتقر إىل الدِّ َّق ِة واملص ِ‬
‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ‬
‫أن ِ‬ ‫وه َي َّ‬ ‫توكيد املسأ َل ِة املس َّل ِم هبا‪ِ ،‬‬ ‫ِ‬
‫الص َّح ِة؛ أو‬ ‫ِ‬
‫أساس هلا م َن ِّ‬ ‫َ‬
‫ٍ‬
‫إشاعات ال‬ ‫األحيان‪ ،‬ألنهَّ ا تستندُ إىل‬ ‫ِ‬ ‫بعض ِم َن‬ ‫ٍ‬ ‫يف‬
‫واألهم هنا‬ ‫ُّ‬ ‫األقوى‬ ‫َ‬ ‫أي‬ ‫جوهرها‪ ،‬ويتجلىَّ َّ‬
‫الر ُ‬ ‫ِ‬ ‫وقدح َّي ٍة يف‬
‫ِ‬ ‫تشهري َّي ٍة‬
‫ِ‬ ‫َ‬
‫أقاويل‬
‫ص ال تدَّ ِعي‬ ‫قص ُ‬ ‫َّعامل معها عىل أنهَّ ا َ‬ ‫ص والت ِ‬ ‫القص ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫يف النَّظرة العا َّمة إىل هذه َ‬
‫ِ‬

‫والرغبة واالشتياق)‪83 ،‬؛ وبورغل (‪Literatur und‬‬


‫ّ‬ ‫(احلب‬
‫ّ‬ ‫(((   بورغل‪،‬‬
‫‪.Wirklichkeit)، 248‬‬
‫جلما ِل ُّيون‬ ‫الثا ِني‪ :‬ا َ‬ ‫الفص ُل َّ‬ ‫ْ‬
‫‪231‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫تثبيت موق ِع‬


‫ُ‬ ‫إن الغاي َة منها‬ ‫ُ‬
‫القول‪َّ :‬‬ ‫عب بنا ًء عىل ذلِ َك‬‫ويص ُ‬
‫ِ‬ ‫وص ً‬
‫ال باحلقيقة‪ْ ،‬‬ ‫ْ‬
‫عالقات حياتِية حقيقية‪ٍ.‬‬
‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫القصائد يف سياق حادثات أو‬
‫َّ‬ ‫ٍّ‬ ‫َ‬
‫جوهري يمليِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ٍ‬
‫ِ ٌّ‬ ‫ٌ‬
‫سؤال‬ ‫ثم َة‬‫ويف حماو َلة لتقيي ِم معقول َّية هذا اال ِّدعاء‪َّ ،‬‬
‫والقص ِ‬ ‫هذه الن ِ‬ ‫َّظر إىل ِ‬ ‫يرغمنا عىل الن ِ‬ ‫بب ِ‬ ‫“الس ِ‬ ‫ِ‬
‫ص‬ ‫َ‬ ‫ُّقول‬ ‫ُ‬ ‫الذي‬ ‫ذا َت ُه يتَّص ُل بـ َّ‬
‫ِ‬ ‫هبذ ِه ال َّطري َق ِة” فالعديدُ ِم َن‬
‫َّوضيحي ِة ِ‬ ‫ِ‬
‫ادر‬‫مص َ‬ ‫ص املنقو َلة ت َِرد يف َ‬ ‫القص ِ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫الت‬
‫املاض؛ وتُعدُّ‬ ‫جيري يف يِ‬ ‫كان ِ‬ ‫لتوضيح ما َ‬ ‫ِ‬ ‫األخرى‬ ‫خمص َص ٍة يف جوانبِها‬ ‫ِ ٍ‬
‫َ‬ ‫ترامج َّية َّ‬
‫للمناطق العربِ َّي ِة يف‬
‫ِ‬ ‫سيِ‬
‫السيا ِّ‬ ‫َّاريخ ِّ‬‫ئيس ِة للت ِ‬‫الر َ‬ ‫املص ِ‬
‫ادر َّ‬ ‫اجم أحدَ َ‬ ‫هذه الترَّ ُ‬
‫ِ‬
‫املبكر ِة‪.‬‬
‫َ‬ ‫احلقبة العثامنِ َّي ِة‬
‫ِ‬

‫ث عن‬ ‫ص التِي تتحدَّ ُ‬ ‫القص ِ‬ ‫ِ‬


‫بتجاهل َ‬ ‫الذي يلز ُمنا‬ ‫بب ِ‬ ‫الس ِ‬ ‫َّساؤل عن َّ‬ ‫إن الت َ‬ ‫َّ‬
‫بوص ِفها‬ ‫َّعامل معها ْ‬ ‫اشرتك فيها شعرا ُء وفقها ُء‪ ،‬والت ِ‬ ‫َ‬ ‫حب لواطِ َّي ٍة‬ ‫عالقات ٍّ‬
‫ِ‬
‫حوادث حقيق َّي ًة‪ ،‬وبنا ًء عليه‪،‬‬ ‫َ‬ ‫تص ِّو ُر‬ ‫قص َص ًا مس ِّل َي ًة كام ٌن يف أنهَّ ا مل ْ تك ْن َ‬ ‫َ‬
‫أخرى‬ ‫ٍ‬ ‫رضورة الن ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫األساس جتاه ُلها‬ ‫ِ‬
‫َّظر إىل معلومات َ‬ ‫َ‬ ‫مقابل‬ ‫يتعينَّ ُ عىل هذا‬
‫الوالدات واملوتِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وتواريخ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫السياس َّية‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ادر (عن احلادثات ِّ‬ ‫املص ُ‬ ‫تور ُدها هذه َ‬
‫احلادثات املاض َي ِة‪ ،‬ويبدُ و هذا‬ ‫ِ‬ ‫حيح ًة عن‬ ‫ِ‬
‫بوصفها روايات حقيق َّي ًة َص َ‬
‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫مثالً) ْ‬
‫القص ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الراغبِ َ‬ ‫ِ‬ ‫الت ُ‬
‫ص‬ ‫َ‬ ‫جتاهل هذه‬ ‫ني يف‬ ‫رضور َّي ًا وحمتوم ًا‪ ،‬ويتعينَّ ُ عىل َّ‬ ‫َّساؤل‬
‫[ليس هلا ِصل ٌة‬ ‫ِ‬ ‫قص ِص َّي ٌة يف‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫املنقو َل ِة عن‬
‫جوهرها َ‬ ‫احلب ا ِّللواط ِّي بذريعة أنهَّ ا َ‬ ‫ِّ‬
‫بعض ِم َن‬ ‫ٍ‬ ‫تفسري‬
‫َ‬ ‫وفق ِه‬
‫الذي اختاروا عىل ِ‬
‫ُ‬
‫أن يرشحوا لنا األساس ِ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫بالواقعِ] ْ‬
‫َ‬
‫مقابل‬ ‫بقص ِص َّيتِها‬ ‫واحلكم َ‬ ‫َ‬ ‫ادر الترَّ امجِ َّي ِة‬ ‫املص ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫كتب احلول َّيات أو َ‬ ‫املقاط ِع يف ِ‬
‫وقائع َّي ٍة‬
‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫روايات‬ ‫فات ذاتهِ ا أسب ُغوا عليها ِصف َة‬ ‫هذه املؤ َّل ِ‬ ‫مقاطع أخرى يف ِ‬
‫َ َ‬
‫ِ‬
‫مصداق َّيتها أو زيفها‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫يمك ُن التَّث ُّب ُت منها جلهة ْ‬
‫ِ‬ ‫تص ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫هذه‬ ‫ديق‬ ‫الرغبة يف ْ‬ ‫املحتم َلة لعد ِم َّ‬
‫َ‬ ‫األسباب‬ ‫ص أحدُ‬ ‫َّ‬
‫ويتلخ ُ‬
‫ِ‬
‫الواضح‬ ‫ِ‬
‫َّعارض‬ ‫غبة يف ِ‬
‫تفادي الت‬ ‫حممل اجلدِّ يف الر ِ‬ ‫ِ‬ ‫وأخذها عىل‬ ‫ِ‬ ‫القص ِ‬
‫ص‬
‫َّ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫والفقه َّية و‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّسامح» ال َّظ ِ‬
‫اهر ِّي مع املثل َّية اجلنس َّية يف احللقات األدبِ َّية‬ ‫ِ‬ ‫بني «الت‬
‫َ‬
‫اإل ْسال ِم ِّي‬ ‫ال ال َع َر ِب ِّي ِ‬ ‫جل ْن ِس َّي ِة يِف ال َع مَ ِ‬ ‫َما َق ْب َل امل ِْثلِ َّي ِة ا ِ‬ ‫‪232‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫أن‬‫َّاب‪ )1(.‬إلاَّ َّ‬ ‫َّسامح» معها املمي ِز للدِّ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫«عد ِم الت‬
‫ين الذي يؤم ُن به الفقها ُء والكت ُ‬ ‫ِّ‬
‫بنحو عا ٍّم! إذ مل ْ يك ْن األدبا ُء والفقها ُء‬ ‫ٍ‬ ‫تعارض مض ِّل ِل‬ ‫ٌ‬ ‫تعارض ًا َ‬
‫مثل هذا هو‬
‫اجلنس َّي ِة‪ ،‬كام‬
‫ِ‬ ‫املثل َّي ِة‬
‫يل يف أدناه ـ مع م ْفهو ِم ِ‬
‫َ ُ‬ ‫ُ‬
‫ون ـ مث َلام سنب ُ بالت ِ‬
‫َّفص ِ‬ ‫ينِّ‬ ‫يتعام ُل َ‬
‫بني‬ ‫اجلنس َّي ِة َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫للعالقة‬ ‫الشديدَ ِة‬ ‫ِ‬
‫اإلدانة َّ‬ ‫نعر ُف ُه‪ ،‬ولذلِ َك مت َّكنُوا ِم َن اجلم ِع َ‬
‫بني‬
‫متجيد ِه وإسبا ِغ ال َّطاب ِع‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫العفيف؛ وحتَّى‬ ‫احلب ا ِّللواطِ ِّي‬
‫ِّ‬ ‫ِ‬
‫َّسامح مع‬ ‫الذ ِ‬
‫كور والت‬ ‫ُّ‬
‫املثاليِ ِّ عليه‪.‬‬

‫َت‬ ‫ِ‬
‫احلقبة كان ْ‬ ‫العالقات ا ِّللواطِي َة يف ِ‬
‫هذه‬ ‫ِ‬ ‫فإن فكر َة َّ‬
‫أن‬ ‫حال‪َّ ،‬‬ ‫وعىل أ َّي ِة ٍ‬
‫َّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫قبل‬ ‫اإلسالم ِّي ما َ‬ ‫وملحوظ ًا م ْن ثقافة الشرَّ ِق العربيِ ِّ‬ ‫ُ‬ ‫ف جانب ًا عا َّم ًا‬ ‫تؤ ِّل ُ‬
‫َت‬ ‫تعرض له‪ ،‬إنَّام كان ْ‬ ‫ُ‬ ‫األعامل األدبِ َّي ُة‬ ‫ُ‬ ‫َت‬ ‫احلديث‪ ،‬مل ْ تك ْن تستندُ إىل ما كان ْ‬ ‫ِ‬
‫والفقه َّي ِة حصرْ ًا إضاف ًة‬ ‫ِ‬ ‫ات الترَّ امجِ َّي ِة والوعظِ َّي ِة‬ ‫تستندُ يف إثباتهِ ا إىل األدبِي ِ‬
‫َّ‬
‫ِ‬
‫َّت الفكر ُة معقو َل ًة وقاب َل ًة للت َّْصديق يف‬ ‫حالت الغربِ َّي ِة‪ ،‬وإذا كان ْ‬ ‫ِ‬ ‫الر‬
‫أدب َّ‬ ‫إىل ِ‬
‫اضطرارنا إىل‬ ‫ِ‬ ‫بب يف‬ ‫الس ِ‬ ‫تتعذ ُر معرف ُة َّ‬ ‫إذن َّ‬ ‫الساندَ ِة‪ْ ،‬‬ ‫ِ‬
‫ذا ا بمعزل عن األد َّلة َّ‬
‫ٍ‬ ‫تهِ‬
‫تكشف‬ ‫ُ‬ ‫ٍ‬
‫مترينات ال‬ ‫حمض‬ ‫َت َ‬ ‫األعامل األدبِ َّي ِة كان ْ‬
‫ِ‬ ‫الفك ََر ا ِّللواطِ َّي َة يف‬ ‫أن ِ‬ ‫ِ‬
‫افرتاض َّ‬
‫ِ‬ ‫ومجهور ِهم!؛ وقدْ نشتب ُه يف‬ ‫ِ‬ ‫للش ِ‬ ‫ِ‬ ‫ليِ‬
‫سبيل‬ ‫عراء‬ ‫والعاطف ِّي ُّ‬ ‫شيئ ًا عن العالمَ ِ العق ِّ‬
‫وق ِيهم‪،‬‬ ‫معش ِ‬ ‫ون ُع ُذ َر ُ‬ ‫يص ُف َ‬ ‫الذين ِ‬ ‫الشعراء ِ‬ ‫الذي يقضيِ ] َّ‬ ‫أي ِ‬ ‫الر ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫أن ُّ َ‬ ‫املثال [يف َّ‬
‫وص ُف ُهم تعبري ًا‬ ‫دون ْ ِ‬ ‫ون تقليد ًا أدبِي ًا راسخ ًا فحسب ِمن ِ‬ ‫كانُوا يتَّب ُع َ‬
‫أن يعن َي ْ‬ ‫ْ ُ ْ‬ ‫َّ‬
‫شخص َّي ٍة‪ .‬ودلي ُلنا عىل ذلِ َك وفر ُة األد َّل ِة يف‬ ‫ِ‬ ‫تفضيالت جمَ الِ َّي ٍة‬
‫ٍ‬ ‫ِم ْن جانبِ ِهم عن‬

‫القصيص‬
‫ّ‬ ‫(((   وهذا هو عىل األرجح الدّ افع املؤ ّطر ملحاولة (بورغل) توكيد ال ّطابع‬
‫للشعر الغز ّيل؛ انظر (‪Literatur und Wirklichkeit)، 254‬؛ و‬ ‫املحتمل ّ‬
‫(‪ .Die beste Dichtung ist die Lügenreichste)، 35‬ومتكّن الباحثون‬
‫احلديثون الذين كانوا ينظرون إىل شعر البالط يف القرون الوسطى الذي شاع يف‬
‫اجتامعي يسنده يف الواقع‪ ،‬متكّنوا من‬
‫ّ‬ ‫الغرب بوصفه موضوعا أدب ّيا بال أساس‬
‫الزنا يف هذه احلقبة (انظر بنتن‪،‬‬ ‫دعم موقفهم باحلديث عن التّشدّ د يف النّظر إىل ّ‬
‫حب البالط‬
‫ّقدي ملوقف بنتن يف كتاب بواس (أصل ّ‬ ‫"كليو وفينوس" والنّقاش الن ّ‬
‫ومعناه) ‪ .)114-111‬ولالستزادة بشأن املحاوالت األخرية إلثبات احلقيقة‬
‫وحب البالط"‪،‬‬
‫ّ‬ ‫حلب البالط يف القرون الوسطى‪ ،‬انظر كني‪" ،‬الفروس ّية‬‫االجتامع ّية ّ‬
‫احلب"‪.‬‬
‫وجاغر‪"،‬رفعة ّ‬
‫جلما ِل ُّيون‬ ‫الثا ِني‪ :‬ا َ‬ ‫الفص ُل َّ‬ ‫ْ‬
‫‪233‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ِ ِ‬ ‫فات ِ‬ ‫املؤ َّل ِ‬
‫احلال عىل الدَّ وا ِم؛ إذ أ َّكدَ‬ ‫بأن هذا مل ْ يك ْن َ‬ ‫ربنا َّ‬ ‫غري األدبِ َّية التي خت ُ‬
‫الغ ِ‬
‫لامن‬ ‫العديد ِمن ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الكرم ُّي َّ‬
‫أن وجو َه‬ ‫ف‬‫يوس َ‬ ‫الذ ِ ِ‬ ‫سالف ِّ‬
‫َ‬ ‫كر مرع ُّي ب ُن ُ‬ ‫ُ‬ ‫الفقي ُه‬
‫َ‬
‫وهناك‬ ‫ون ا ُمل ْر َد يف الوسا َم ِة والقسا َم ِة‪،‬‬
‫ُعذ ُر‪ ،‬فيفو ُق َ‬ ‫تغدُ و أكثر جمَ االً عندَ ما ت ِ‬
‫َ‬
‫ديق ِه حمم ٍد الفاسيِ‬ ‫اخلفاجي عن ص ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ ِ (‪)1‬‬
‫ِّ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫ُّ‬ ‫رب أمحدُ‬ ‫الكثري مم َّ ْن ُي ْغ َر ُمون هبم‪ .‬وأخ َ‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫عروف ًا‪ ،‬وبغزالن النَّ َقا مشغوالً مش ُغوف ًا‪ ،‬ال س َّيام إذا تفت ََّح‬ ‫ِ‬
‫يزل با َّللهو َم ُ‬ ‫أ َّن ُه (مل ْ‬
‫َّهار‪.‬‬‫ليل يف الن ِ‬ ‫يولج ا َّل َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫عن ِ‬
‫نع اهللِ الذي ُ‬ ‫العذار‪ ،‬وشاهدَ ُص َ‬ ‫اخلدود أكام ُم‬ ‫ورد‬
‫تعج ُلـــوا فبِها ُول‬ ‫فق ْل ُت هلُم ال َ‬ ‫العـذار بعزلِـِه‬
‫ِ‬ ‫َت ُكت ُ‬
‫ُب‬ ‫وقا ُلوا أت ْ‬
‫(*)‬
‫ورد خدِّ ِه‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫العذار عىل‬ ‫دب ظِ ُّل‬
‫َّ‬ ‫هيوى بمـصرْ َ غـالم ًا وقدْ‬ ‫َ‬
‫وكان َ‬

‫اخلفاجي‪ ،‬رحيانة األلبا‪.833 ،533 :1 ،‬‬


‫ّ‬ ‫[*]‬

‫*****‬

‫َّوضيح َّي ِة امللح َق ِة‬


‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َّعليقات الت‬ ‫وحات والت‬ ‫ِ‬ ‫بعض ِم َن الشرُّ‬ ‫ٍ‬ ‫وزياد ًة عىل قصرْ ِ‬
‫موضو ِع‬ ‫حتديد هو َّي ِة الغال ِم ُ‬ ‫ِ‬ ‫وحات عن‬ ‫ُ‬ ‫ائد الغزلِي ِة؛ متتنع ِ‬
‫هذه الشرُّ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬
‫بالقص ِ‬
‫َ‬
‫وثم َة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ال َق ِصيدَ ة أو َّ‬
‫الشاعر بال َّطبعِ‪َّ ،‬‬ ‫رتكَة باستثناء َّ‬ ‫األخرى املش َ‬ ‫َ‬ ‫الشخص َّيات‬
‫املثال ال احلصرْ ِ ‪( :‬وله يف‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫سبيل‬ ‫تدل عىل ذلِ َك‪ ،‬منها يف‬ ‫األمثلة التِي ُّ‬ ‫ِ‬ ‫وفر ٌة ِم َن‬
‫‪[...‬قال فيه]‪:‬‬ ‫َ‬ ‫حماسنُ ُه‬ ‫غال ٍم بحن َِك ِه طابع متت به ِ‬
‫ٌ َّ‬ ‫َ‬
‫فلك ِ‬
‫ــه‬ ‫ِ‬ ‫يتجلىَّ ِمـــ ْن أعالِـــي‬ ‫ب��در دجى‬ ‫ب��ان فو َق ُه‬ ‫ٍ‬ ‫وغص ِ‬
‫ــن‬
‫ُ‬ ‫ْ‬
‫|‬
‫حنكهِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫حل ْسن الذي يف‬ ‫طـابع ا ُ‬
‫َ‬ ‫لمى م�� ْن ثغره‬ ‫مح��ى ب��ر ُد ا َّل َ‬ ‫قد َ‬

‫رشك ِه‬
‫ِ‬ ‫جـل َمـ ْن أوقعنِــي يف‬ ‫َّ‬ ‫شــرك ًا‬ ‫َ‬ ‫نص َب ْت أحلا ُظــ ُه يل‬ ‫َ‬

‫وح َّيا ُه غال ٌم بور َد ٍة‪َ ،‬‬


‫فقال‪:‬‬

‫  الكرمي‪ ،‬منية املح ّبني‪ ،‬ص ‪ 39‬أ‪ -‬ب‪.‬‬


‫ّ‬ ‫(((‬
‫اإل ْسال ِم ِّي‬ ‫ال ال َع َر ِب ِّي ِ‬ ‫جل ْن ِس َّي ِة يِف ال َع مَ ِ‬ ‫َما َق ْب َل امل ِْثلِ َّي ِة ا ِ‬ ‫‪234‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ِ‬
‫كاحلـور‬ ‫ِ‬
‫لمـــان‬ ‫واف ِمن ِ‬
‫الغ‬ ‫نشوان ٍ‬
‫ُ‬ ‫انظر إىل ٍ‬
‫وردة ح َّيــا هبــــا رشــــأ‬
‫َ‬ ‫ْ‬
‫(*)‬ ‫خمم ِ‬
‫ور‬ ‫ف ُ‬ ‫مضمو َمـ ًة إذ بدَ ْت أو ْ‬
‫طر ُ‬ ‫ُ‬ ‫كأنهَّ اشـــفتَا ُهحيـــ َنجــــا َءهبــا‬

‫الرحيانة‪.127 :1 ،13 :1 ،‬‬


‫[*] املح ّب ّي‪ ،‬نفحة ّ‬

‫*****‬

‫رشوحات‬ ‫ٌ‬ ‫َّعليقات ذاتهَ ا ِه َي‬ ‫ِ‬ ‫وحات والت‬ ‫ِ‬ ‫هذه الشرُّ‬ ‫ِ‬ ‫القول‪َّ :‬‬
‫إن‬ ‫َ‬ ‫َّ‬
‫إن‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫فون يقصدُ َ‬ ‫ِ‬ ‫جوهرها مل ْ يك ْن املؤ ِّل َ‬ ‫ِ‬ ‫قصص َّي ٌة يف‬ ‫ِ‬
‫ون م ْن ورائها (ومل ْ‬ ‫وتعليقات َ‬ ‫ٌ‬
‫حادثات أو عالقاتٍ‬ ‫ٍ‬ ‫تص ِّور‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬
‫ظاهرها) اإلحيا َء بأنهَّ ا َ‬ ‫يأخذونهَ ا عىل‬ ‫القرا ُء‬ ‫يك ْن َّ‬
‫هذه الشرُّ وحاتِ‬ ‫أن ِ‬ ‫يكون خيال َّي ًا أو مستب َعد ًا؛ إلاَّ َّ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫القول قد ال‬ ‫ُ‬ ‫فعل َّي ًة‪ ...‬هذا‬ ‫ِ‬
‫وأكثر حتديد ًا يف‬ ‫َّفاص ِ‬
‫يل‬ ‫املعتاد‪ ،‬بأ ا أكثر عناي ًة بالت ِ‬ ‫ِ‬ ‫ف يف‬ ‫َّعليقات تت َِّص ُ‬ ‫ِ‬ ‫والت‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫نهَّ‬
‫ٍ‬ ‫ذلِ َك‪ ،‬وم ْن هنا‪َّ ،‬‬ ‫ِ‬
‫ليس هلا‬ ‫ص أدبِ َّية َ‬ ‫قص ٍ‬ ‫حمض َ‬ ‫َّعامل معها عىل أنهَّ ا ُ‬ ‫فإن الت َ‬
‫أن‬ ‫يتعذ ُر ْ‬ ‫الواقع َّي ِة‪ ،‬إذ َّ‬ ‫ِ‬ ‫ويفتقر إىل‬ ‫ُ‬ ‫للص ِ‬
‫واب‬ ‫ِ‬
‫صل ٌة بالواقعِ؛ يبدُ و أمر ًا جمانب ًا َّ‬
‫ِ‬
‫إسامعيل‬ ‫َ‬ ‫ديق ِه‬‫رواية قص ٍة خيرب فيها عن وقو ِع ص ِ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬
‫ِ‬ ‫أن اجلربتيِ َّ ُي ْق ِد ُم عىل‬ ‫نصدِّ َق َّ‬ ‫َ‬
‫عر له‬ ‫ونظم ِّ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫شاب َ‬ ‫ٍ‬ ‫اب يف غرا ِم‬ ‫اخلش ِ‬ ‫َّ‬
‫الش َ‬ ‫َ‬ ‫ني؛‬ ‫يعمل عندَ الفرنس ِّي َ‬ ‫كان‬ ‫ٍّ‬ ‫ناسخ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫نفس ُه يعتقدُ‬ ‫أثنا َء احلملة النَّا ُّبليون َّية قص َرية األمد يف مصرْ َ ما مل ْ يك ْن اجلربتيِ ُّ ُ‬
‫األمر ذا ُت ُه‬ ‫ُ‬ ‫كان ِصحيح ًا؛ و َي ْصدُ ُق‬ ‫أن ذلِ َك َ‬ ‫أن يعتقدُ وا يف َّ‬ ‫أو يو ُّد ِم ْن َّقر ِائ ِه ْ‬
‫األبيات التِي‬ ‫ِ‬ ‫املقصو َد يف‬ ‫أن ُ‬ ‫الذي مل ْ يك ْن ليحدِّ َد َّ‬ ‫ف الترَّ اج ِم املحبِي ِ‬
‫ِّ‬
‫عىل مؤ ِّل ِ‬
‫أن‬‫اس أو َّ‬ ‫فتح اهللِ ب ُن الن ََّّح ِ‬ ‫اسم ُه ُ‬ ‫كان شا َّب ًا مليح ًا ُ‬ ‫إبراهيم البرتونيِ ُّ َ‬ ‫ُ‬ ‫نظمها‬ ‫َ‬
‫دقائ ِه الفقهاءِ‬ ‫اثنان ِمن أص ِ‬ ‫شعر بعدَ ما انتقدَ ه ِ‬ ‫أرسع يف نظ ِم بيتَي ٍ‬ ‫اخلفاج َّي قد‬ ‫ِ‬
‫ْ ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫العامد ُّي ( ُتوفيِّ َ سن َة‬ ‫ِ‬ ‫الر ِ‬
‫محن‬ ‫شاهني ( ُتوفيِّ َ سن َة ‪1644‬م) وعبدُ َّ‬ ‫َ‬ ‫مها أمحدُ ب ُن‬
‫األبيض يف‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اجلرس‬ ‫قرب‬ ‫شيِ‬ ‫مليح َ‬
‫كان يم‬ ‫شاب ٍ‬ ‫َّظر يف‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫ٍّ‬ ‫‪1641‬م) إلنعامه الن َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫دمشق‪ ...‬مل يك ْن املؤ ِّلفان [اجلربتيِ ُّ واملحبِ ّي] ليفعال ذل َك لو مل يكونا مقتن َعينْ ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬
‫ْ‬ ‫ْ‬
‫حدث فعالً‪ ،‬ويمك ُن ـ ابتغا َء‬ ‫َ‬ ‫بأن هذا قد‬ ‫أن يقتن ُعوا َّ‬ ‫ِ‬
‫به أو يريدان م ْن َّقرائ ِهام ْ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الث اآلت َي ِة‪:‬‬ ‫ص ال َّث ِ‬ ‫القص ِ‬ ‫دع ِم ما ذه ْبنا إليه ـ التَّفك ُُّر يف َ‬
‫جلما ِل ُّيون‬ ‫الثا ِني‪ :‬ا َ‬ ‫الفص ُل َّ‬ ‫ْ‬
‫‪235‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ِ‬
‫طالء احلان َة)‬ ‫حيانة ورشح ُة‬ ‫منتخباتِ ِه األدبِي ِة (نفح ُة الر ِ‬ ‫ذكر املح ِّب ُّي يف َ‬
‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫(‪َ )1‬‬
‫فد َّي ( ُتوفيِّ َ سن َة ‪1689‬م) قد ُأغر َم‬ ‫أن صدي َقه املقرب أمحدَ الص ِ‬
‫اسم ُه‬
‫بشاب ُ‬
‫ٍّ‬ ‫َّ‬ ‫ُ َّ َ‬ ‫َّ َ‬
‫وأزاح عن جفنِ ِه‬ ‫َ‬ ‫الرس ْن‪،‬‬‫خلع َّ‬ ‫َ‬ ‫َّفق له بعدَ ما أس ْن أ َّن ُه‬ ‫فقال‪( :‬وات َ‬ ‫رباح‪َ ،‬‬ ‫ُ‬
‫ثبات احلجرِ‬ ‫وثبت َ‬ ‫َ‬ ‫هيامن الوليدْ ‪،‬‬‫َ‬ ‫فعشق غالم ًا ُيد َعى رباح ًا‪ ،‬ها َم به‬ ‫َ‬ ‫الوس ْن‪،‬‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫يشري فيها‬
‫الصفد ُّي؛ ُ‬ ‫نظمها َّ‬ ‫ثم استشهدَ املح ِّب ُّي ب َقصيدَ ة قص َرية َ‬ ‫الصديدْ ) َّ‬ ‫َّ‬
‫(‪)1‬‬

‫ِ‬
‫اب املعن ِّي‪:‬‬ ‫واضح ًة إىل َّ‬
‫الش ِّ‬ ‫َ‬ ‫األخري إشار ًة‬ ‫ُ‬ ‫البيت‬
‫ُ‬
‫َ‬
‫عينيـــك راحـا‬ ‫ِ‬
‫مخــــــر‬ ‫فأدر يل ِم ْن‬ ‫ْ‬ ‫الصــبا ِع ْم َت َصباح ًا‬‫وقــــت َّ‬ ‫ُ‬ ‫راق‬ ‫َ‬

‫الر ِ‬
‫ياض انرشاحـا‬ ‫ت ِ‬ ‫ٍ‬ ‫عاطِنِيها ســالف ًة ِمـــ ْن‬
‫ــمع يف ِّ‬
‫الس َ‬‫ُطر ُب َّ‬ ‫حديــــث‬

‫ُ‬
‫ينعــــش األرواحــا‬ ‫َّ‬
‫شــــك‬ ‫ذاك ال‬ ‫ٍ‬
‫حديــث‬ ‫حديـــث ِّ‬
‫كل‬ ‫َ‬ ‫وأعـدْ لــي‬
‫ِ‬
‫ــــــادن األغـ ِّن مزاحـــــا‬ ‫ِد ِم َن َّ‬
‫الش‬ ‫ِ‬
‫فاجن جنَى الور‬ ‫الز ُ‬
‫مـان‬ ‫طاب َّ‬
‫اح َ‬‫َص ِ‬
‫(*)‬
‫تلق ِمــــ َن َّ‬
‫الزمـان َرباحـــا‬ ‫ع َّل َك َ‬ ‫ٍ‬
‫بحبيـــب‬ ‫ْ‬
‫واشتغـل‬ ‫الش َ‬
‫ـغل‬ ‫ْ‬
‫واترك ُّ‬

‫ِ‬
‫الص ْب َوة َج ْه َلة ال ُفت َُّوة وال َّل ْه ِو من ال َغ َزل‪ .‬ويف املختار‪ِّ :‬‬
‫الص َبا أيض ًا من‬ ‫[*] يف ا ّللسان‪َّ :‬‬
‫والفتوة‪.‬‬
‫ّ‬ ‫وص ُّب ّو ًا أي مال إىل اجلهل‬
‫وص َبا يصبو َص ْبو ًة ُ‬
‫الشوق‪ .‬يقال منه‪ :‬ت ََصا َبى َ‬
‫ـ عمت صباحا و (عمت مساء) حت ّية كان العرب يف اجلاهل ّية حي ّيون هبا بعضهم‪،‬‬
‫وهي تعني قوهلم‪ :‬ن َِع َم صباحك ونعم مساؤك‪ .‬ومل يقولوا‪ :‬عمت ظهرا أو عرصا أو‬
‫ليال‪ ...‬الخ من األوقات‪.‬‬
‫الراح اخلمر املعتّقة‪.‬‬
‫ـ ّ‬
‫كالسالف بغري هاء‪ ،‬وهو َأ ّول ما ُيعرص منها وقيل‪ :‬ما سال من‬
‫ال َف ُة‪ :‬الخْ مر ُّ‬
‫الس َ‬
‫ـ ُّ‬
‫والسالفة من اخلمر‪:‬‬
‫السالف ّ‬ ‫غري عرص‪ .‬وقيل‪ :‬هو ّأول ما ينزل منها‪ .‬ويف التّهذيب ّ‬
‫ث‪ ،‬وكذلك من التّمر‬‫َأ ْخ َلصها و َأ ْف َض ُلها‪ ،‬وذلك إ َذا تحَ َ َّلب من العنب بال عرص وال مر ٍ‬
‫َْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬

‫والصليد‬
‫ّ‬ ‫  الر َس ُن ما كان من َاأل ِز َّمة عىل َاألنف واجلمع َأ ْر ٌ‬
‫سان؛ والوسن النّعاس؛‬ ‫((( َّ‬
‫لغوي)‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ل‬‫ّ‬ ‫ا‬ ‫م‬ ‫(املقو‬
‫ّ‬ ‫القايس‪.‬‬ ‫األملس‬ ‫احلجر‬ ‫لد‬ ‫الص‬
‫ّ‬ ‫مبالغة‬
‫اإل ْسال ِم ِّي‬ ‫ال ال َع َر ِب ِّي ِ‬ ‫جل ْن ِس َّي ِة يِف ال َع مَ ِ‬ ‫َما َق ْب َل امل ِْثلِ َّي ِة ا ِ‬ ‫‪236‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫والزبيب ما مل ُيعدْ عليه املاء بعد تحَ َ ُّل ِ‬


‫ب ّأوله‪.‬‬ ‫ّ‬
‫ْ‬
‫العرص‪.‬‬
‫َ‬ ‫السالفة‪ :‬ما َت َقدَّ م‬
‫الراغب يف مفرداته‪ّ :‬‬ ‫وأجمْ َ ُع ممّا ُذكر قول ّ‬
‫امللتف اجلسم من الفتيان‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ـ ّ‬
‫والشادن الغزال إذا قوي واستغنى عن أ ّمه‪ .‬واألغ ّن‪:‬‬
‫لغوي)‪.‬‬
‫ّ‬ ‫(املقوم ا ّل‬
‫ّ‬ ‫السليل (صوت الغزال)‪.‬‬
‫والغنّة خترج من األنف مع ّ‬
‫*****‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫رب ُه‬
‫الصفد ِّي خي ُ‬ ‫منتخ َب ُه رسال ًة خ َّطها بنفسه أرس َلها إىل َّ‬ ‫َ‬ ‫ثم َض َّم َن املح ِّب ُّي‬ ‫َّ‬
‫احلب‪( :‬وكت ْب ُت‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الصفد َّي بعدَ وقوعه يف رشاك‬ ‫ِ‬
‫ِّ‬ ‫اب َّ‬ ‫أص َ‬ ‫أصا َب ُه ما َ‬ ‫فيها بأ َّن ُه قد َ‬
‫بوة واغتباطِ ِه وقدْ شغ َلنِي ما شغ َل ُه ورأ ْي ُت‬ ‫إليه أيا ِم ارتباطِ ِه ونشاطِ ِه بالص ِ‬
‫َّ‬ ‫َّ‬
‫أنت‬‫وسندي األغلىَ ‪ ،‬قد ُر ِم ْي ُت بسه ٍم َ‬ ‫ِ‬ ‫موالي األعلىَ‬ ‫َ‬ ‫اع له‪:‬‬ ‫أنص َ‬ ‫أن َ‬ ‫أي يف ْ‬ ‫الر َ‬
‫َّ‬
‫كيف َّفر ْط ُت‪ ،‬وال‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫متجر ٌع َصاب‪ ،‬ومل ْ أدر َ‬ ‫ِّ‬ ‫أنت هبا‬ ‫ٍ‬
‫اب‪ ،‬ورش ْب ُت بكاس َ‬ ‫مص ٌ‬ ‫به َ‬
‫وسبب ذلِ َك لمَْ َح ٌة أعق َب ْت محِْنَ ًة يف ِمن َْح ٍة ِم ْن ٍ‬
‫قمر بز َغ‬ ‫ُ‬ ‫تور ْط ُت‪...‬‬ ‫ٍ‬
‫أي حتف َّ‬ ‫يف ِّ‬
‫(‪)1‬‬
‫استملح ُت ُه)‪.‬‬
‫ْ‬ ‫ملح ُت ُه‪،‬‬
‫أربع‪ ....‬فعندَ ما ْ‬‫غري ْ‬ ‫العرش َ‬ ‫ِ‬ ‫ِم ْن َف َل ِك ا ُمل ْربِ ْع‪ ،‬مل ْ يز ْد عىل‬

‫نظم‬ ‫سيِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬


‫والزاهدُ عبدُ الغن ِّي النَّابل ُّ أ َّن ُه َ‬ ‫ذكر الفقي ُه َّ‬ ‫وبمعزل عن املح ِّب ِّي َ‬
‫دمشق يف‬ ‫َ‬ ‫رويش َّي ِة يف‬
‫ِ‬ ‫زيارة له إىل جام ِع الدَّ‬ ‫ٍ‬ ‫فد ِّي أثنا َء‬ ‫باالشرتاك مع أمحدَ الص ِ‬
‫َّ‬
‫ِ‬
‫كل‬ ‫كان ُّ‬ ‫كانون ال َّثانيِ عا َم (‪1675‬م) َق ِصيدَ ًة غزلِ َّي ًة َ‬ ‫َ‬ ‫والعرشي َن ِم ْن‬
‫ِ‬ ‫الس ِ‬
‫ادس‬ ‫َّ‬
‫ضرِ‬
‫كان حا ًا‬ ‫شاب وسي ٍم َ‬ ‫آخ َر عن‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫يكتب بيت ًا ُي ْعق ُب ُه زمي ُل ُه ببيت َ‬ ‫منهام‬ ‫ٍ‬
‫ٍّ‬ ‫ُ‬ ‫واحد ُ‬
‫بيت فيه «إشارةٌ» حتدِّ ُد‬ ‫كل ٍ‬ ‫األو َل ِم ْن ِّ‬ ‫وأضاف النَّابلسيِ ُّ َّ‬
‫(احلرف َّ‬
‫َ‬ ‫أن‬ ‫َ‬ ‫معهام؛‬
‫ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫بداي َة البيت الذي يليه‪ ،‬وعندَ جمَْ ِع األحرف األوىل م ْن أبيات ال َقصيدَ ة مع ًا‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ِ (‪)2‬‬
‫رباح حلبِ ِّي اخل َّياط)‪.‬‬ ‫اسم ٍ‬ ‫ف ُ‬ ‫يأت َّل ُ‬
‫الرحيانة‪ .413-411 :1 ،‬يستعمل ّ‬
‫الشاعر هنا التّورية التي استند‬ ‫(((   املح ّب ّي‪ ،‬نفحة ّ‬
‫والصداقة بني املح ّب ّي‬
‫الشاب ومفردة (األرباح) مجع ربح‪ّ .‬‬ ‫فيها إىل التّشابه بني اسم ّ‬
‫املخصص لألخري يف املح ّب ّي‪ ،‬خالصة األثر‪:1 ،‬‬ ‫ّ‬ ‫املدخل‬ ‫فدي واضحة من‬ ‫والص ّ‬
‫ّ‬
‫فدي أمام الدّ رويش ّية)‪.‬‬ ‫(الص ّ‬
‫‪ ،359-365‬واملعنون بـ ّ‬
‫كل يشء ُمستدَ ُار ُه‪ .‬و َت َف َّل َك‪ :‬استدار‪ .‬ويش ّبه هنا وجه‬
‫لغوي‪ :‬فلك ّ‬
‫ّ‬ ‫املقوم ا ّل‬
‫إضافة ّ‬
‫الفتى بالقمر يف استدارته‪.‬‬
‫السياق عىل‬ ‫«جلبي» يف هذا ّ‬
‫ّ‬ ‫ّابليس‪ ،‬مخرة بابل‪ .223 ،‬تعني مفردة‬ ‫الغني الن ّ‬
‫ّ‬ ‫(((   عبد‬
‫جلما ِل ُّيون‬ ‫الثا ِني‪ :‬ا َ‬ ‫الفص ُل َّ‬ ‫ْ‬
‫‪237‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ِ‬
‫البغداد ُّي ( ُتوفيِّ َ سن َة‬ ‫ويد ُّي‬ ‫أفندي الس ِ‬ ‫البغدادي عبدُ اهللِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫كان الفقي ُه‬ ‫(‪َ )2‬‬
‫ُّ ُّ‬ ‫ُّ‬
‫الح؛ بينَام َ‬
‫كان‬ ‫‪1761‬م) قد هوي غالم ًا مو ِص ِلي ًا ِمن ِ‬
‫أبناء الت َُّّج ِ‬
‫اسم ُه َص ٌ‬
‫ار ُ‬ ‫َ ْ َّ ْ‬ ‫َ‬
‫حال هو ِمن الفصاحةِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫بعرض‬ ‫أن يك ِّل َم ُه إلاَّ‬
‫فاشتط عليه الغال ُم ْ‬ ‫َّ‬ ‫يف ا َمل ْو ِص ِل‪،‬‬
‫َ َ‬
‫ففعل الس ِ‬ ‫وض الن َُّّو ِار‪ ،‬قد‬‫كالر ِ‬
‫ويد ُّي ما‬ ‫األفكار؛ َ ُّ‬ ‫ُ‬ ‫حتار به‬‫تضم َن نظ ًام ونثر ًا ُ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬
‫ِ‬
‫وأحلق به َقصيدَ ًة‬ ‫العرض حال نثر ًا مسجوع ًا‬ ‫ٍ‬
‫يشري أحدُ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫فكتب‬
‫َ‬ ‫لب منه‬ ‫ُط َ‬
‫ِ‬
‫املحبوب‪:‬‬ ‫اب‬
‫الش ِّ‬ ‫أبياتهِ ا إىل اس ِم َّ‬
‫أهـــال‬ ‫ِ‬
‫املحاس َن َصاحل ًا‬ ‫ما ُّ‬
‫ــحى حل ِّبي ُم َّ‬
‫أض َ‬‫للحب أو ْ‬
‫ِّ‬ ‫كل َم ْن جمَ َ َع‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫القص َة‪،‬‬ ‫ني َّ‬ ‫املقربِ َ‬
‫السويد ِّي َّ‬ ‫أصدقاء ُّ‬ ‫حممدُ الغالم ُّي أحدُ ْ‬ ‫الكاتب َّ‬
‫ُ‬ ‫وروى‬ ‫َ‬
‫اب‬ ‫أن َّ‬ ‫العنرب) مب ِّين ًا َّ‬ ‫ِ‬ ‫(شام َم ُة‬ ‫عر ِّي ُ‬ ‫الش ِ‬
‫منتخبِه ِّ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ٍ‬
‫الش َّ‬ ‫حال يف‬ ‫العرض‬ ‫َ‬ ‫وأور َد‬
‫بأوصافه جام َع ًة‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َت‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫(أن هذه األبيات التي اقرتن ْ‬ ‫ِ‬ ‫وأقسم عليه َّ‬ ‫َصاحل ًا قد أتا ُه‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫قوى‬ ‫هل ه َي يف ا َّللفظ واملعنَى كخدود َي الم َع ٌة؟!‪ .‬فق ْل ُت له‪ :‬إي والذي َّ‬
‫َّفتيك‪ ،‬وز َّي َن‬ ‫العذار بالت ِ‬ ‫ِ‬ ‫نبات‬
‫َ‬ ‫َّحريك‪ ،‬وحلىَّ‬‫ِ‬ ‫ِ‬
‫القدود بالت‬ ‫صو َل َة أغص ِ‬
‫ان‬ ‫َ‬ ‫َ ْ‬
‫كان يظ ُّن أ َّن ُه‬ ‫أن َ‬ ‫قلب الغال ِم بعدَ ْ‬ ‫َّ‬
‫فاطمأن ُ‬ ‫بالشم ِم‪ ،‬والدَّ وا َة بالقل ِم‪.‬‬ ‫األنوف َّ‬ ‫َ‬
‫ني)‪.‬‬ ‫ِ‬
‫مليم‪ ،‬وعا َد وهو كَع ٌ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫ونثره‪ ،‬بخ َّفي‬ ‫ِم ْن نظمه ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫راح وهو ٌ‬ ‫حنني قد َ‬
‫(‪)1‬‬

‫ديق‬‫طلب منه َص ٌ‬ ‫دمشق‪،‬‬


‫َ‬ ‫كان يف‬ ‫(‪ )3‬ذكر عبدُ اهللِ الس ِ‬
‫ويد ُّي أ َّن ُه بينَام َ‬
‫َ‬ ‫ُّ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫ف َمقا َم ًة بنثر‬ ‫أن يؤ ِّل َ‬ ‫ِ‬
‫اسم ُه أمحدُ ب ُن النُّقطة ْ‬
‫مسجو ٍع يثني فيها عىل‬
‫ُ‬ ‫له ع َّط ُار ُ‬
‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫األكثر وسام ًة‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫(سلطان امل ِ‬
‫الح)‬ ‫شيخ احلر ِم‪ )2(،‬ويعلنُ ُه‬‫بن ِ‬ ‫حممد ِ‬ ‫جمَ ال حمبوبِه َّ‬
‫ّابليس بقصيدة‬
‫ّ‬ ‫األرجح الوجاهة بنحو عا ّم ال أ ّية مرتبة اجتامع ّية حمدّ دة‪ .‬واستشهد الن‬
‫السطر األخري يف مخرة بابل‪.142 ،‬‬ ‫فدي‪ ،‬ويظهر فيها اسم رباح يف ّ‬ ‫الص ّ‬ ‫أخرى نظمها ّ‬
‫الغالمي كان أحد‬
‫ّ‬ ‫ويدي ّ‬
‫أن‬ ‫ّ‬ ‫الس‬
‫الغالمي‪ ،‬شاممة العنرب‪ .382-381 ،‬أكّد ّ‬ ‫ّ‬ ‫  حممد‬
‫((( ّ‬
‫املقربني‪ ،‬يف النّفحة املسك ّية (انظر صفحة ‪3‬أ‪ -‬ب)‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫أصدقائه‬
‫زهري عن َأيب عمرو‪ِ :‬‬
‫اإلكْعان ُفتور‬ ‫ّ‬ ‫لغوي‪ :‬جاء يف ا ّللسان‪ :‬حكى األَ‬ ‫ّ‬ ‫املقوم ا ّل‬
‫إضافة ّ‬
‫النّشاط‪.‬‬
‫العريب‪ ،‬أنشأه ـ بحسب كثريين ـ بديع‬
‫ّ‬ ‫قصيص من فنون األدب‬ ‫ّ‬ ‫الشعر ّية ف ّن‬ ‫(((    ا َملقامات ّ‬
‫اهلمذاين‪.‬‬
‫ّ‬ ‫الزمان‬
‫ّ‬
‫اإل ْسال ِم ِّي‬ ‫ال ال َع َر ِب ِّي ِ‬ ‫جل ْن ِس َّي ِة يِف ال َع مَ ِ‬ ‫َما َق ْب َل امل ِْثلِ َّي ِة ا ِ‬ ‫‪238‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫وحمم ٍد‬
‫َّ‬ ‫احلرصتِ ِّي‬
‫َ‬ ‫ِ‬
‫حسن‬ ‫املدينة ِم ْن ِ‬
‫مثل‬ ‫ِ‬ ‫ني يف‬ ‫عروفِ َ‬ ‫الح ا َمل ُ‬ ‫ان املِ ِ‬ ‫الشب ِ‬ ‫ِ‬
‫وهبا ًء م َن ُّ َّ‬
‫بن‬ ‫ومراد ِ‬ ‫ٍ‬ ‫اجلندي‬ ‫ف‬ ‫ويوس َ‬ ‫محن املنينِ ِّي‬
‫الر ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫ِّ‬ ‫ُ‬ ‫العمر ِّي وعبد َّ‬ ‫وشاكر‬ ‫البكر ِّي‬
‫محن الدَّ ِير ِّي؛‬ ‫الر ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الر ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫ومصط َفى ال َّط َّبا ِع وعبد َّ‬ ‫ْ‬ ‫األعلم ِّي‪،‬‬ ‫محن‬ ‫ركاب‪ ،‬وعبد َّ‬
‫قواعد الن ِ‬ ‫ِ‬ ‫اب بعض ًا ِم ْن‬ ‫الذي َع َّل َم َّ‬ ‫ويدي ِ‬ ‫وكان رأي الس ِ‬ ‫وغري ِهم‪.‬‬ ‫ِ‬
‫َّحو‬ ‫الش َّ‬ ‫ِّ‬ ‫َ ُ ُّ‬
‫أكثر‬‫ثم َة َم ْن هو ُ‬ ‫ليس َّ‬ ‫َّفق كالهمُ ا عىل أ َّن ُه َ‬ ‫ار‪ ،‬إذ ات َ‬ ‫ديق ِه الع َّط ِ‬ ‫موافق ًا لرأي ص ِ‬
‫َ‬
‫األلباب‪،‬‬ ‫وخيلب‬ ‫األبص َار‬ ‫خيطف جمَ ا ُل ُه‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬
‫شيخ احلر ِم الذي‬ ‫ابن ِ‬ ‫مالح ًة ِم ْن ِ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ديق ِه يف نظ ِم‬ ‫لرغبة ص ِ‬
‫َ‬
‫ِ‬ ‫َ‬
‫يرضخ‬ ‫هذه ـ ِم ْن ْ‬
‫أن‬ ‫واحلال ِ‬ ‫ُ‬ ‫ويد ِّي ـ‬ ‫وكان ال بدَّ للس ِ‬
‫ُّ‬ ‫َ‬
‫املعنون بـ (النُّفح ُة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫حالت‬ ‫الر‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫البيت ِ‬
‫كتاب َّ‬ ‫املقامة يف‬ ‫طبع‬
‫السويد ُّي َ‬ ‫َني‪ ،‬وأعا َد ُّ‬
‫محن املنينِي ِ‬ ‫الر ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الذي‬ ‫ُّ‬ ‫آخ ُر هو عبدُ َّ‬ ‫شاب َ‬ ‫سج َل ٌّ‬ ‫املسك َّي ُة)‪ )1(.‬وزياد ًة عىل ذل َك‪َّ ،‬‬
‫ٍ‬
‫ذكر ْت‬ ‫أخرى َ‬ ‫ادر مستق َّلة َ‬ ‫مص َ‬ ‫بح كاتب ًا المع ًا فيام بعدُ حضور ًا الفت ًا يف َ‬ ‫أص َ‬ ‫ْ‬
‫ومازج ْت أخال َق ُه‬ ‫ِ‬
‫كان (حم َّبب ًا جمَ َيل اهليئة‪ ،‬كأنَّام ُجبِ َل ْت طين ُت ُه با ُّللطف‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫أ َّن ُه َ‬
‫َ‬
‫وجه ِه‬
‫واهلوى‪ُ ،‬صق َل ْت مرآ ُة ِ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫الوجد‬ ‫مغناطيس‬
‫ُ‬ ‫ف‪ ...‬إ َّن ُه‬ ‫الحة وال َّظر ِ‬
‫َ‬
‫مدام ا َمل ِ‬
‫ُ ُ‬
‫بروض ُح ْس ٍن‬ ‫ِ‬ ‫مرور النَّسي ِم‪ ،‬يتمت َُّع منه الن ُ‬
‫َّاظر‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬
‫الوسي ِم كام َص َق َل َصفح َة النَّهر‬
‫ٍ (‪)2‬‬
‫رطب باهر)‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫بلؤلؤ‬ ‫امع‬
‫الس ُ‬ ‫َّف َّ‬ ‫زاهر‪ ،‬ويتشن ُ‬ ‫ٍ‬

‫تطور املفهوم وصارت (املقامة)‬ ‫ثم ّ‬ ‫وتعني املقامة يف ا ّللغة مكان اإلقامة واجللوس‪ّ ،‬‬
‫تعني احلديث الذي ُيلقى عىل النّاس إ ّما بغرض النّصح واإلرشاد‪ ،‬وإ ّما بغرض‬
‫ثم اكتسبت أخريا داللتها االصطالح ّية املعروفة؛ وهي‬ ‫ّسول»‪ّ .‬‬ ‫ال ّثقافة العا ّمة أو «الت ّ‬
‫الشعر املوزون مع النّثر املسجوع‪.‬‬ ‫قصة قصرية خيتلط فيها ّ‬ ‫ّ‬
‫املحسنات البديع ّية وا ّللفظ ّية‬
‫ّ‬ ‫استخدام‬ ‫عىل‬ ‫جع)‬ ‫الس‬
‫ّ‬ ‫(بعد‬ ‫أسلوهبا‬ ‫يف‬ ‫املقامة‬ ‫تعتمد‬
‫بأنواعها املختلفة وعىل اختيار الغريب من األلفاظ وتوظيفه خلدمة موضوع املقامة‪.‬‬
‫لغوي)‪.‬‬
‫ّ‬ ‫(املقوم ا ّل‬
‫ّ‬
‫الرحلة امل ّك ّية‪ ،‬خمطوطة‪،‬‬‫ّ‬ ‫يف‬ ‫ة‬ ‫ي‬
‫ّ‬ ‫املسك‬ ‫ّفحة‬ ‫ن‬ ‫ال‬ ‫‪،‬‬ ‫البغدادي‬
‫ّ‬ ‫ويدي‬
‫ّ‬ ‫الس‬
‫ّ‬ ‫حسني‬ ‫بن‬ ‫اهلل‬ ‫(((   عبد‬
‫صفحة ‪142‬ب ‪-147‬ب‪.‬‬
‫املرادي املقطع ال ّثاين من منتخبات شعر ّية‬ ‫ّ‬ ‫  املرادي‪ ،‬سلك الدّ رر‪ .275 :2 ،‬نقل‬ ‫ّ‬ ‫(((‬
‫السماّ ن‪ ،‬تاريخ‪ ،‬صفحة‬ ‫السماّ ن (توفيّ سنة ‪)1759‬؛ انظر ابن ّ‬ ‫حممد سعيد بن ّ‬ ‫نظمها ّ‬
‫‪2017‬أ‪.‬‬
‫املنيني) يف (‪1731/1730‬م) وأغلب ال ّظ ّن أنّه كان يف نحو‬ ‫ّ‬ ‫ِولد (عبد ّ‬
‫الرمحن‬
‫ويدي) يف دمشق‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫الس‬
‫الرابعة عرشة من عمره عندما كان (عبد اهلل ّ‬ ‫ّ‬
‫جلما ِل ُّيون‬ ‫الثا ِني‪ :‬ا َ‬ ‫الفص ُل َّ‬ ‫ْ‬
‫‪239‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫األمثلة ال َّثال َث ِة الوار َد ِة يف أعال ُه عن‬ ‫ِ‬ ‫واملقامات ذاتهُ ا يف‬


‫ُ‬ ‫الشعرا ُء‬ ‫يكشف ُّ‬
‫ُ‬
‫ِ‬ ‫وف ـ وفر ٌة ِم َن‬ ‫اب ُ ِ‬ ‫هو َّي ِة َّ‬
‫األخرى‬ ‫َ‬ ‫األمثلة‬ ‫عر ٌ‬ ‫وثم َة ـ كام هو َم ُ‬ ‫املعشوق‪َّ ،‬‬ ‫الش ِّ‬
‫ِ‬
‫دمشق ُّي‬ ‫األص ِل‬ ‫ِ‬ ‫يمك ُن إيرا ُدها واالستشها ُد هبا؛ إذ َ‬
‫البوسنو ُّي ْ‬ ‫كان زكر َّيا ُء‬
‫ف الترَّ اج ِم املح ِّب ِّي (‪ ...‬يف‬ ‫وفق مؤ ِّل ِ‬ ‫ولد ( ُتوفيِّ َ سن َة ‪ 1662‬ـ ‪1663‬م) عىل ِ‬ ‫ا َمل ِ‬
‫ِ‬ ‫عمر ِه جمَ ٌيل غاي َة ا ِ‬ ‫ِ‬
‫عنوان ِ‬
‫َ‬
‫وكان‬ ‫حل ْس ِن‪،‬‬ ‫جلامل‪ ،‬ومل ْ يك ْن يف عصرْ ِ ه َم ْن يقار ُب ُه يف ا ُ‬ ‫َ‬
‫اليوس ِف ُّي‬ ‫املنج ِك ُّي‬ ‫ُ‬ ‫األدباء ُّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫تو َّل َع به قو ٌم ِم َن‬
‫ُ‬ ‫منجك َ‬ ‫األمري‬
‫ُ‬ ‫منهم‬
‫والشعراء ُ‬
‫يقول فيه يف َق ِصيدَ ًة مف َتت َُحها‪:‬‬ ‫الذي ُ‬ ‫( ُتوفيِّ سن َة ‪1669‬م) وهو ِ‬
‫َ‬
‫عا َدقلبِي ِمـــ َنالغــــــرا ِم َمل َّيــــــا‬ ‫ِ‬
‫زكــــر َّيــــا‬ ‫ــــت ذاكـر ًا‬
‫ُ‬ ‫ك َّلام ْ‬
‫رح‬

‫ــــل بدر ًا ســـــنِ َّيا‬


‫ــــــيب ُي ِق ُّ‬
‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫وقض‬ ‫رشــأ كاملهــــا ِجيـــــد ًا وحلظــ ًا‬

‫طالع ًا بيــــــ َن بردتِــــي ُم ِضـــــ َّيا‬ ‫ُ‬


‫ليـــل ٍ‬
‫داج‬ ‫ُــــرىهــــل َأرا ُه وا َّل‬
‫أت َ‬
‫(*)‬
‫لــــحاظ ورد ًا جنِ َّيــــا‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫بأيــدي ا ِّل‬ ‫ورد خدَّ ِ‬
‫يــه‬ ‫أجتنِي ما اسـتطع ُت ِمن ِ‬
‫ْ‬ ‫ْ‬

‫[*] املح ّب ّي‪ ،‬خالصة األثر‪ .175 :2 ،‬قد ختربنا تواريخ الوفاة بأمر آخر‪ .‬إلاّ ّ‬
‫أن زكر ّياء‬
‫البوسنوي كان أصغر من منجك بثامنية عرش عاما‪.‬‬
‫ّ‬

‫*****‬
‫ِ‬
‫املالك ُّي ( ُتوفيِّ َ سن َة ‪ 1567‬ـ‬ ‫ِ‬
‫الفتح‬ ‫آخ ُر هو عبدُ‬ ‫ِ‬
‫دمشق ٌّي َ‬ ‫شاعر‬ ‫وثم َة‬
‫ٌ‬ ‫َّ‬
‫يمدح ُه فيها قائالً‪:‬‬ ‫بن حسا ٍم‬ ‫ٍ‬
‫بمحمد ِ‬ ‫عرف‬
‫مليح ُي ُ‬ ‫ِ‬
‫‪1568‬م) له َقصيدَ ٌة يف ٍ‬
‫ُ‬ ‫َّ‬
‫أحداق ِ‬
‫ِ‬ ‫اح ْر َبـا ُه ِم ْن‬ ‫ِ‬
‫ــــه‬ ‫يسـ ُطو َف َو َ‬ ‫والـــده عىل ُع َّشــــــا َق َه‬ ‫اس ِم‬ ‫كم بِ ْ‬
‫ْ‬
‫اق ِ‬ ‫حـــــول و َط ِ‬ ‫بالش ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ـــه‬ ‫َ ُ‬ ‫ني‬
‫اك َ‬ ‫للفتـك َّ‬ ‫ظ ْب ٌي ظبا أحلا ُظـــــ ُه قد ُج ِّ‬
‫ــــر َد ْت‬
‫ناق ِ‬ ‫بع ِ‬
‫باخـــل ِ‬
‫ٌ‬ ‫املراش ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ــــه‬ ‫ــف‬ ‫عذب‬
‫ُ‬ ‫ول ا َّل َ‬
‫لمى‬ ‫معس ُ‬ ‫ُ‬
‫كحيل ال َّطرف ُ‬ ‫رشأ‬
‫اإل ْسال ِم ِّي‬ ‫ال ال َع َر ِب ِّي ِ‬ ‫جل ْن ِس َّي ِة يِف ال َع مَ ِ‬ ‫َما َق ْب َل امل ِْثلِ َّي ِة ا ِ‬ ‫‪240‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫نطاق ِ‬
‫ـه‬ ‫حتـت ِ‬ ‫ِ‬ ‫رت عن نظـــ ِم ال ُّثر َّيـــــا‬
‫(*)‬
‫جلـــوزاء َ‬
‫وينُـــو ُء با َ‬ ‫ثغــــر ُه‬
‫ُ‬ ‫يف ُّ‬

‫احلنبيل‪ ،‬درر احلبب‪541 :2 ،‬؛‬


‫ّ‬ ‫[*] ال ّط ّ‬
‫الوي‪ ،‬سانحات دمى القرص‪177 :1 ،‬؛ ابن‬
‫الس ّيارة‪.23 :3 ،‬‬
‫الغز ّي‪ ،‬الكواكب ّ‬
‫ّ‬

‫*****‬

‫وحممد‬ ‫َّ‬ ‫محن املنينِ ُّي‬ ‫الر ِ‬ ‫البوسنو ُّي وعبدُ َّ‬ ‫ِ‬ ‫حممدُ ب ُن حسا ٍم و زكر َّيا ُء‬ ‫ف َّ‬ ‫ويؤ ِّل ُ‬
‫ون أمثل ًة‬ ‫احلقبة؛ يؤ ِّل ُف َ‬ ‫ِ‬ ‫ات ِ‬
‫هذه‬ ‫شيخ احلر ِم وغري ِهم ممن حتدَّ َث ْت عنهم أدبِي ِ‬ ‫ب ُن ِ‬
‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫َّ ْ‬ ‫ُ‬
‫الفاتن‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫بفضل جمَ الهِِ م‬ ‫ِ‬ ‫ذاع ِصيت ُُهم ونا ُلوا شهر ًة واس َع ًة‬ ‫شباب َ‬ ‫ٍ‬ ‫ربنا عن‬ ‫خت ُ‬
‫أعني الر ِ‬ ‫ِ‬ ‫عزل الن ِ‬ ‫ففي جمتم ٍع يشدِّ ِد عىل ِ‬ ‫ِ‬
‫جال‪،‬‬ ‫عليه َّن بعيد ًا عن ِ ِّ‬ ‫واحلفاظ ِ‬ ‫ِّساء‬ ‫َ‬
‫الكالسيك َّي ِة الربيطانيِ ِ (كينيث‬ ‫ِ‬ ‫ات‬‫أستاذ الدِّ راس ِ‬
‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫دراسة‬ ‫ب ما ور َد يف‬ ‫بحس ِ‬ ‫ْ‬
‫اجلنسيةِ‬ ‫ِ‬ ‫للمثليةِ‬‫ِ‬ ‫املائزةِ‬
‫دوڤر ـ ‪2010 -1920( )Kenneth Dover‬م) َ‬
‫َّ‬ ‫َّ‬
‫كور ِّي‬ ‫الذ ِ‬ ‫ِّطاق العا ِّم ّ‬ ‫امل) يف الن ِ‬ ‫(أنموذج اجل ِ‬
‫ِ َ‬ ‫فإن ُصور َة‬ ‫الكالسيك َّي ِة‪َّ ،‬‬
‫ِ‬ ‫اليونانِ َّي ِة‬
‫ِ‬ ‫وباملثل‪ ،‬حتدَّ َ‬ ‫ِ‬ ‫املليح‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫اب‬ ‫االقرتان َّ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬
‫حممدُ‬ ‫الكاتب الدِّ مشق ُّي َّ‬ ‫ُ‬ ‫ث‬ ‫(‪)1‬‬
‫بالش ِّ‬ ‫يميل إىل‬
‫َني ِم َن‬ ‫ِّني عن اثن ِ‬ ‫منتخباتِ ِه عن املغن َ‬ ‫الكنج ُّي ( ُتوفيِّ َ سن َة ‪1740‬م) يف َ‬ ‫ِ‬ ‫ب ُن أمحدَ‬
‫حممدُ‬ ‫أصواتهِ ِام‪ :‬إذ ُو ِص َ‬ ‫ِ‬ ‫اخللق لهِِ‬ ‫باب يف زمانِ ِه تو َّل َع هبام‬ ‫الش ِ‬ ‫َّ‬
‫ف َّ‬ ‫جلام ام وعذو َبة ْ‬ ‫ُ َ‬
‫ِ‬ ‫ب اجل ِ‬
‫القلوب‪ ،‬وجمَ ُال‬ ‫َ‬ ‫يبهج‬‫ريق شبابِه ُ‬ ‫امل‪َ ...‬ب ُ‬ ‫ب يف قا َل ِ َ‬ ‫شاب ُص َّ‬ ‫أبو كلثو ٍم أ َّن ُه ٌّ‬
‫ني‬ ‫املعجبِ َ‬ ‫ِ‬
‫املالئك ِّي‬ ‫بجاملِ ِه‬ ‫ِِ‬ ‫وع ِه‬‫نقائ ِه ونص ِ‬ ‫حمياه ال يضاهى يف ِ‬
‫َ‬ ‫أرس َ‬ ‫وتوهجه‪َ ،‬‬ ‫ُّ‬ ‫ُ‬ ‫َّ ُ ُ َ‬
‫غضارته)؛ َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وقيل‬ ‫الشبي َبة يف َ‬ ‫الربي ِع يف نضارته‪ ،‬وعهدُ َّ‬ ‫وخلب ألبابهَ ُم‪( :‬طبع ُة َّ‬ ‫َ‬
‫القلوب مجيع ًا‬ ‫ِ‬ ‫كان سويدا َء‬ ‫داكن البرشة‪ :‬إ َّن ُه َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫تيِ‬ ‫ِ‬
‫ني اآلال ِّ‬ ‫عن أمحدَ قسطنط َ‬
‫وخلع عليه ِم ْن‬ ‫َ‬ ‫بذهن متفت ٍِّق‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫واألرواح‪ ...‬حبا ُه اهللُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ُّفوس‬ ‫وق الن‬ ‫ومعش َ‬ ‫ُ‬
‫ليل‬ ‫الذي يع ُلو َ‬ ‫عني ر َأ ْت‪ ،‬حتَّى إذا رأي َت سواد جبهتِ ِه ِ‬ ‫امل ما ال ٌ‬ ‫معانيِ اجل ِ‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫ِ (‪)2‬‬ ‫ِ‬
‫الكاثرة‪.‬‬
‫َ‬ ‫رأي الكثرة‬ ‫ستوافق َ‬ ‫ُ‬ ‫عذار ِه املخ َّطط عىل عتمة خدوده الدَّ اكنَة‪،‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫(((   دوڤر‪ ،‬املثل ّية اليونان ّية‪.66 ،‬‬
‫حمرر هذا العمل أنّه كتب‬ ‫الكنجي‪ ،‬بلوغ املنى يف تراجم أهل الغنا‪ .90 ،73 ،‬يفرتض ّ‬ ‫ّ‬ ‫(((‬
‫يف القرن التّاسع عرش‪ .‬وتبينّ األد ّلة الدّ اخل ّية (ال س ّيام التّعبريات القياس ّية التّقليد ّية‬
‫جلما ِل ُّيون‬ ‫الثا ِني‪ :‬ا َ‬ ‫الفص ُل َّ‬ ‫ْ‬
‫‪241‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ترك َّي ٍة‬


‫ول ِ‬ ‫أص ٍ‬‫شاب وسي ٍم ذي ُ‬ ‫املؤر ُخ املرصي اجلربيت عن أ ْم َر َد ٍّ‬ ‫ث ِّ‬ ‫وحتدَّ َ‬
‫مصطفى ا َّل َ ِ‬
‫نظر‬‫الزج ُّي ( ُتوفيِّ َ سن َة ‪ 1792‬ـ ‪1793‬م) ُع ِرف عنه لف ُت ُه َ‬ ‫اسم ُه ْ َ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫القاهرة لـ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الرجال الذي َن دأ ُبوا يف احلضور إىل جام ِع املؤ ِّيد ِّي يف‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫الكثري م َن ِّ‬
‫ِ‬
‫الوجهاء‬ ‫كر أحدَ‬ ‫وخص اجلربتيِ ُّ ِّ‬
‫بالذ ِ‬ ‫شخص ِه)‬
‫ِ‬ ‫(االستام ِع إىل خ َطبِ ِه ومشاهدَ ِة‬
‫َّ‬
‫ِ‬
‫املليح‪.‬‬ ‫اب‬ ‫الذي ُأغر َم هبذا َّ‬ ‫املامليك ِ‬
‫ِ‬ ‫ِم َن‬
‫(‪)1‬‬
‫الش ِّ‬
‫َ‬ ‫املراد ُّي ( ُتوفيِّ َ سن َة ‪1791‬م) َ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫وحتدَّ َ‬
‫(وكان‬ ‫قال‪:‬‬ ‫خليل‬ ‫املؤر ُخ َّ‬
‫حممدُ‬ ‫ث ِّ‬
‫رونق جمَ الِ ِه الن ِ‬
‫َّضري‪،‬‬ ‫وراق ُ‬ ‫َ‬ ‫املنري‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وجه ُه ُ‬ ‫أسفر ُ‬‫َ‬ ‫بغداد ٌّي‬ ‫عراق ٌّي‬ ‫بدمشق غال ٌم‬‫َ‬
‫ِ‬ ‫املقربِ َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫واسم ُه مك ُِّّي اجلوخ ُّي ( ُتوفيِّ َ‬
‫ُ‬ ‫ني]‬ ‫املرتجم [أحدُ معارف املراد ِّي َّ‬ ‫ُ‬ ‫فأنشدَ‬
‫مري َ‬
‫فقال‪:‬‬ ‫الض ِ‬ ‫سن َة ‪1779 -1778‬م)] خمرب ًا عماَّ يف َّ‬
‫مشـــر ِق‬
‫ِ‬ ‫كبدر تِ ٍّم‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫مــال‬ ‫باهي اجلَ‬
‫ِ‬ ‫عراق َّيـــ ًامتــ َّل َكمهجتِــي‬
‫أفـــدي ِ‬ ‫ِ‬

‫ِ‬ ‫عن عاذليِ‬ ‫مموه ًا‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫املشـرق‬ ‫نحو‬
‫َ‬ ‫والقصدُ‬
‫ْ‬ ‫ـــو ُت َغ ْرب ًا أبتغيــــــه َّ‬
‫فنح ْ‬‫َ‬
‫دمشق‪ ،‬فمنهم السيدُ حس ُ بن محز َة الدِّ ِ‬
‫مشق ُّي‬ ‫ِ‬
‫أدباء‬ ‫غري ُه ِم ْن‬
‫َّ ِّ ُ َ ينْ ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫وأنشدَ فيه ُ‬
‫حل َس ْينِ ُّي‪:‬‬
‫ا ُ‬
‫َّــــظر‬ ‫ِ‬
‫بقليل الن‬ ‫وأرضــى‬
‫َ‬ ‫قصوى‬ ‫ٍ‬
‫غايـة‬ ‫ـــك ِمــ ْن‬
‫وجه َ‬ ‫أرنُـــو إىل ِ‬
‫ْ‬ ‫ْ‬
‫وجه َك عن عينِي ويعـشيِ‬
‫ِ‬ ‫ليــــل ِ‬
‫ِ‬ ‫و ُي ْقبِ ُـل ا َّل‬
‫البـصرَْ‬ ‫ُْ‬ ‫فيخفـــي ســنَى‬

‫أن العمل قد‬ ‫حي أثناء الكتابة) تبينّ ّ‬


‫الشخص التي تبينّ هل هو متوفىّ أم ّ‬ ‫بعد ذكر ّ‬
‫حممد‬‫ّ‬ ‫هو‬ ‫ف‪،‬‬ ‫ّ‬
‫ل‬ ‫واملؤ‬ ‫و‪)1706-1705/1117‬‬ ‫(‪1695/1107‬‬ ‫األعوام‬ ‫كتب بني‬
‫ٍ‬
‫الكنجي‪ ،‬بنحو مؤكّد تقريبا الذي ذكره املح ّب ّي( توفيّ سن َة ‪1699‬م) يف ذيل‬‫ّ‬ ‫بن أمحد‬
‫والشخص ذاته مذكور يف مدخل عن أبيه أمحد (توفيّ سن َة‬ ‫الرحيانة‪ّ .74-55 ،‬‬ ‫نفحة ّ‬
‫املرادي‪ ،‬سلك الدّ رر‪ ،199-196 :1 ،‬وذكر تاريخ وفاته يف‬ ‫ّ‬ ‫‪1696/1695‬م) يف‬
‫احلي‪ ،‬احلوادث اليوم ّية‪.518 ،‬‬
‫الص ّ‬ ‫ابن كنان ّ‬
‫املرادي‪ ،‬سلك الدّ رر‪ 3-2 :2 ،‬خطيب‬ ‫ّ‬ ‫  اجلربيت‪ ،‬عجائب اآلثار‪ .248 :2 ،‬ذكر‬ ‫ّ‬ ‫(((‬
‫القديس‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ين‬ ‫الدّ‬ ‫بدر‬ ‫هو‬ ‫عمره‬ ‫من‬ ‫عرشة‬ ‫ابعة‬‫الس‬
‫ّ‬ ‫يف‬ ‫شاب‬ ‫جامع‪،‬‬
‫اإل ْسال ِم ِّي‬ ‫ال ال َع َر ِب ِّي ِ‬ ‫جل ْن ِس َّي ِة يِف ال َع مَ ِ‬ ‫َما َق ْب َل امل ِْثلِ َّي ِة ا ِ‬ ‫‪242‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(*)‬
‫القمــــر‬
‫ْ‬ ‫ِ‬
‫نــــور‬ ‫إظهار‬
‫ُ‬ ‫ِم ْن شـأنه‬ ‫يـــه وهــو ِ‬
‫الــذي‬ ‫َ‬
‫خيف ِ‬ ‫َف ِلم تُـــرى ِ‬
‫ْ َ‬

‫املرادي‪ ،‬سلك الدّ رر‪.138 :4 ،‬‬


‫ّ‬ ‫[*]‬

‫*****‬

‫توض ُح‬ ‫ِ‬


‫العمر ُّي ِّ‬ ‫بكر‬‫مشق ُّي أبو ٍ‬ ‫وثم َة قص ٌة مشاهب ٌة رواها األديب الدِّ ِ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬
‫بديع‬ ‫بحلب غال ٌم‬ ‫عر والواقعِ‪( :‬نشأ‬ ‫الش ِ‬
‫بني ِّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫العالق َة املع َّقدَ َة يف هذه احلقبة َ‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫رشيف‬ ‫العرض والغال ُم‬ ‫يِ‬ ‫عمر‬ ‫زين الدِّ ِ‬ ‫شيخ اإلسال ِم ِ‬ ‫أقارب ِ‬ ‫ِ‬ ‫امل ِم ْن‬ ‫اجل ِ‬
‫ٌ‬ ‫ِّ‬ ‫ين َ‬ ‫َ‬
‫كل مقطو ٍع منها‪:‬‬ ‫آخر ِّ‬ ‫كثري ًة يف ِ‬ ‫أنص ِ‬
‫مقاطع َ‬ ‫َ‬ ‫حلب‬
‫َ‬ ‫فنظم فيه أدبا ُء‬ ‫َ‬ ‫ار ٌّي‪،‬‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫ون م ْن أدبائها‬ ‫ِ‬ ‫دمشق يطل ُب َ‬ ‫أرس ُلوا إىل‬ ‫األنص ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫ثم َ‬ ‫اري‪َّ .‬‬ ‫َ‬ ‫حتت عام َمة‬
‫حل ْس ُن َ‬ ‫وا ُ‬
‫إليهم‪،‬‬‫وأرس ُلوها ِ‬ ‫كثري ًة‬ ‫الشا ِم‬
‫فنظم أدبا ُء َّ‬ ‫مقاطع عىل ِ‬
‫َ‬ ‫مقاطع َ‬‫َ‬ ‫َ‬ ‫نظمو ُه‪،‬‬‫طرز ما ُ‬ ‫ُ‬
‫منها‪:‬‬
‫األبص ِ‬
‫ــار‬ ‫َ‬ ‫واحلق ال خي َفى عىل‬
‫ُّ‬ ‫سأ ُلوا عن احلُ ْس ِن البدي ِع جتاه ً‬
‫ال‬
‫األنص ِ‬
‫ــار‬ ‫ِ‬
‫عاممة‬ ‫حتت‬ ‫حل ْس ُن‬ ‫فأج ْب ُت ما هذا الت ُ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫وا ُ‬ ‫والعمـى‬
‫َ‬ ‫َّجاهل‬

‫وم ْن ذلِ َك قوليِ فيه‪:‬‬


‫ِ‬
‫األبص ِ‬ ‫َأح ٍ‬ ‫حل ْس ِن يف‬ ‫قا ُلوا هل اجتم َع ْت ِص ُ‬
‫ــار‬ ‫ولـــم تحُ َج ْ‬
‫ــب عن َ‬ ‫ْ‬ ‫ــد‬ ‫َ‬ ‫فات ا ُ‬
‫األنص ِ‬
‫ـــاري‬ ‫ِ‬
‫عاممة‬ ‫حتت‬
‫واحلُ ْسـ ُن َ‬ ‫بأســــر ِه‬
‫ِ‬ ‫املالحـــ ُة واجلَ ُ‬
‫امل‬ ‫ق ْل ُ‬
‫ـــت‬
‫(*)‬
‫َ‬ ‫َ‬

‫[*] املح ّب ّي‪ ،‬خالصة األثر‪.105 :1 ،‬‬

‫*****‬

‫كان‬ ‫ِ‬
‫العمر َّي َ‬ ‫حقيق َّي ًا‪ ،‬إذ ُذ ِك َر َّ‬
‫أن‬ ‫ِ‬ ‫شخص ًا‬
‫َ‬ ‫اب َ‬
‫كان‬ ‫الش َّ‬
‫ويبدُ و ِ‬
‫جل َّي ًا َّ‬
‫أن َّ‬
‫بجاملِ ِه‬ ‫جال قد ُأ ِ‬
‫عج ُبوا َ‬ ‫بعض ِم َن الر ِ‬
‫ِّ‬ ‫وكان ٌ‬‫َ‬ ‫اسم ُه زي ُن الدِّ ِ‬
‫ين‪،‬‬ ‫ٍ‬
‫قريب ًا لوجيه ُ‬
‫جلما ِل ُّيون‬ ‫الثا ِني‪ :‬ا َ‬ ‫الفص ُل َّ‬ ‫ْ‬
‫‪243‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫بعض ِم َن‬
‫ٍ‬ ‫أن َ‬
‫قبول‬ ‫آخ َر‪َّ ،‬‬ ‫ٍ‬
‫جانب َ‬ ‫ويظهر ِم ْن‬
‫ُ‬ ‫ٍ‬
‫جانب؛‬ ‫ونضارتِ ِه؛ هذا ِم ْن‬
‫قط ِم ْن ُ‬
‫قبل‪ ،‬مل ْ يك ْن أمر ًا‬ ‫شاب مل ْ يكونُوا قد الت َقوا به ُّ‬ ‫مدح جمَ ِ‬
‫ال‬ ‫ِ‬
‫ٍّ‬ ‫األدباء َ‬
‫وقتذ َ‬
‫اك‪.‬‬ ‫مستغرب ًا َ‬
‫َ‬
‫تعتمل‬ ‫ُ‬ ‫املشاعر احلقيق َّي َة التِي‬
‫َ‬ ‫أن‬ ‫ِ‬
‫احلقبة يف َّ‬ ‫وكان االعتقا ُد شائع ًا يف َ‬
‫تلك‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫رضور ًة الز َم ًة يف ِ‬ ‫ِ‬ ‫الش ِ‬ ‫يف ِ‬
‫الكثريي َن‬ ‫رأي‬ ‫َ‬ ‫الرغ ِم م ْن أنهَّ ا َ‬
‫ليس ْت‬ ‫اعر ‪ -‬عىل ُّ‬ ‫نفس َّ‬
‫ث املح ِّب ُّي‬ ‫َج ِه األدبيِ ِّ ‪ .‬وقدْ حتدَّ َ‬
‫تضفي نكه ًة مم ِّي َز ًة ومؤ ِّثر ًة إىل منت ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫أن ِ‬ ‫‪ِ -‬م ْن شأنهِ ا ْ‬
‫ِ‬
‫ُّفوس‬ ‫أحد املتُو َّفينَ ِ قائالً‪( :‬وما أجدُ أو َق َع يف الن‬ ‫مع ِّلق ًا عىل مرثِي ٍة نظمها ابن ِ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬
‫شاعر‬‫ٍ‬ ‫ورب‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫عني احلقي َقة‪ ،‬وال كل َف َة فيها‪ ،‬وعليها م ْس َح ُة احلزن؛‬ ‫ِ‬ ‫منها‪ ،‬ألنهَّ ا ُ‬
‫َّ‬
‫غزل‪،‬‬ ‫غريها ِم ْن مرثِ َّي ٍة أو موع َظ ٍة أو ٍ‬ ‫تلك املِ ْس َح َة عىل ِ‬ ‫يشعر وجييدُ ‪ ،‬وال نجدُ َ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫فانظر بقلبِ َك‪ ،‬وه َي‪:‬‬ ‫ِ‬
‫وأ َّما هذه‬
‫ْ‬
‫عمــر ِه‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ان��ت��ه��اء‬ ‫س��اع�� َة ع��ن��دَ‬ ‫��ـ��ـ��ذ ٍر‬
‫َ‬ ‫امل���وت ذا َح‬ ‫َ‬
‫أق���ال‬ ‫ه��ل‬
‫ُ‬

‫َ��ـ��و ِر ِه‬ ‫ِ‬ ‫ف���اق َّ‬


‫ك��ل ال��غ��ي��د يف ح��ـ ْ‬ ‫َ‬ ‫ٍ‬
‫ك��ح��ي��ل رن��ا‬ ‫َ‬
‫ت��راخ��ى ع��ن‬ ‫أو‬
‫طف ُلها م��ا دب يف ِح��جْ��ـ ِ‬
‫ِ��ره‬ ‫أو ر َث���ى ي��وم��ـ��ـ�� ًا ملرضع ٍ‬
‫ـة‬
‫(*)‬
‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬

‫[*] املح ّب ّي‪ ،‬خالصة األثر‪.034 :3 ،‬‬

‫*****‬

‫عاطف َّي ٍة وجمَ الِ َّي ٍة ِم َن املزايا التِي‬


‫ِ‬ ‫بم ْس َح ٍة‬
‫كان التَّمتُّع ِ‬
‫ُ‬ ‫غرار ذلِ َك‪َ ،‬‬
‫وعىل ِ‬
‫الغزليِ َّ ‪.‬‬
‫عر َ‬ ‫نظم ِه ِّ‬
‫الش َ‬
‫اعر ال َّتحليِّ هبا؛ السيام يف ِ‬
‫َّ‬ ‫الش ِ‬‫يتعينَّ ُ عىل َّ‬
‫ِ‬
‫بتحويل حتَّى األلك َن‬ ‫اش ـ يف الواق ِع ـ ٌ‬
‫كفيل‬ ‫احلب املت َِّقدَ اجل َّي َ‬
‫َّ‬ ‫إن‬‫َّ‬
‫وشخص كاتبِ ِه يف تعليقاتٍ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الغزل املؤ ِّث ِر‬ ‫الصل ُة بني‬ ‫ٍ‬
‫شاعر!(‪ )1‬وتتو َّكدُ ِّ‬ ‫إىل‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ني م ْن غزل َّياته‪....‬‬ ‫ِ‬
‫املثال‪( :‬فجا َء بأفان َ‬‫ِ‬ ‫ِ‬
‫سبيل‬ ‫كثرية‪ ،‬منها يف‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫وملحوظات َ‬
‫  األنطاكي‪ ،‬تزيني األسواق‪ .46 :1 ،‬ولالستزادة بشأن االعتقاد ذاته يف اليونان‬
‫ّ‬ ‫(((‬
‫القديمة‪ ،‬انظر أفالطون‪ ،‬النّدوة‪ 196 ،‬أي‪.‬‬
‫اإل ْسال ِم ِّي‬ ‫ال ال َع َر ِب ِّي ِ‬ ‫جل ْن ِس َّي ِة يِف ال َع مَ ِ‬ ‫َما َق ْب َل امل ِْثلِ َّي ِة ا ِ‬ ‫‪244‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫مضارب جتاوبهُ ا‬ ‫أغان تكا ُد بال‬ ‫وأطرب بأحلانِ ِه وال إطراب اخلم ِر بحانِ ِه‪ ،‬وله ٍ‬
‫َ‬ ‫َ َْ‬ ‫َ َ‬
‫تستفز ُه‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ات غرامه‬ ‫ِ‬
‫َت أرحي َّي ُ‬ ‫وثار‪ ،‬وكان ْ‬ ‫َ‬
‫أدرك م ْغناها إلاَّ‬ ‫قلب‬
‫ُّ‬ ‫َ‬ ‫يبق ٌ‬ ‫األوتار‪ ،‬ومل ْ َ‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫يزل هائ ًام بغزال‪ ،‬وال ُيرو ُم عن عشق ري ٍم‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫فلم ْ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫تستهز ُه‪ْ ،‬‬ ‫ُّ‬ ‫ات مدامه‬ ‫وصبو َّي ُ‬ ‫َ‬
‫إعراب الدَّ م ِع عن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫قلوب األهواء‪ُ ،‬ي ْعر ُب عن حاله‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وش ْع ُر ُه الذي تع َّل َق به‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫رق ِش ْع ُر ُه‪،‬‬ ‫َّعش ِق‪ ،‬وهلذا َّ‬ ‫كثري اهليا ِم والت ُّ‬ ‫جلامل َ‬
‫اهلوى) و (مغرم ًا با ِ‬
‫َ‬ ‫رس َ‬ ‫مكتو ِم ِّ‬
‫كل‬ ‫مراميه فيه‪ ،‬وعىل ِّ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬
‫ويدرك‬ ‫يأخذ منه‬‫ُ‬ ‫فإن َم ْن َش َّف ُه الغرا ُم‪،‬‬ ‫وعذ َب موق ُع ُه؛ َّ‬ ‫ُ‬
‫َّعش ِق‬ ‫املجون متهتِّك ًا يف الت ُّ‬ ‫ِ‬ ‫كثري‬ ‫َ‬
‫(كان َ‬ ‫حال‪ ،‬فام ُأرا ُه إلاَّ حم ْ ِسن ًا يف غزلِ َّياتِ ِه) و‬ ‫ٍ‬
‫ِ‬
‫شموس‬ ‫ِ‬
‫اجتالء‬ ‫يزل مولع ًا يف‬ ‫طبع ِه) و (مل ْ ْ‬ ‫يدل عىل ر َّق ِة ِ‬ ‫والصبا َب ِة‪ ،‬وله ِش ْع ٌر ُّ‬ ‫َّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫جلامل م ْن مطال ِع احل َسان متهتِّك ًا يف ذل َك‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وبني‬‫در بينَ ُه َ‬ ‫تص ُ‬ ‫وبسبب ذل َك ْ‬ ‫ا َ‬
‫وص ًا‬ ‫ِ‬ ‫ف يف ا ُملطار ِ‬ ‫وغريها النَّوادر وا َّل ِ‬ ‫ِ‬ ‫أدباء بلدتِ ِه‬‫ِ‬
‫وخص َ‬ ‫ُ‬ ‫عابات‬ ‫حات والدُّ‬ ‫َ‬ ‫لطائ ُ‬ ‫ُ‬
‫(‪)1‬‬
‫يف ِصبا ُه)‪.‬‬

‫جلامليِ ِّ ‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫الشعراء ـ يف الواق ِع ـ يرتب ُط َ ِ‬


‫ون ذهن َّي ًا ارتباط ًا وثيق ًا باملثال ا َ‬ ‫َ‬
‫وكان ُّ ُ‬
‫بوص ِف ِه جزء ًا ِم ْن حساس َّياتهِ ِم‬ ‫ِِ‬ ‫ِِ‬
‫وعي إىل تغذيته وترسيخه ْ‬ ‫ور َّبام اند َف ُعوا عن ٍ‬
‫املهنِ َّي ِة‪.‬‬

‫(وكان عىل‬‫َ‬ ‫ِ‬


‫املالك ِّي‪:‬‬ ‫ِ‬
‫الفتح‬ ‫الش ِ‬
‫اعر أبيِ‬ ‫الغز ُّي عن َّ‬ ‫ين ِّ‬ ‫نجم الدِّ ِ‬ ‫َ‬
‫قال الفقي ُه ُ‬
‫ور احلَ َسن َِة‪ ،‬حتَّى ُر ِم َي‬ ‫والص ِ‬ ‫ِ‬
‫األشكال‬ ‫َّظاهر بمح َّب ِة‬
‫عراء ِم َن الت ِ‬ ‫الش ِ‬ ‫مذهب ُّ‬ ‫ِ‬
‫ُّ‬
‫ِ‬ ‫ان‪َ )2()...‬‬ ‫احلس ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫واتهُّ ِ َم‪،‬‬
‫املراد ُّي‪:‬‬ ‫وقال عنه‬ ‫يتحاشى عن خمال َط َة ا ُمل ْرد َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫وكان ال‬
‫ِ‬
‫وتسليط‬ ‫ِ‬
‫اخلمر فام دو َن ُه‪،‬‬ ‫ِ‬
‫رشب‬ ‫انطوى عليه آخر ًا ِم ْن‬ ‫ِ‬
‫يب عليه ما َ‬ ‫(وهكذا ع َ‬
‫الغ ِ‬
‫لامن‬ ‫االختالط بمتَّه ِمي ِ‬
‫ِ‬ ‫عقل ِه‪ ،‬حتَّى استو َل ْت عليه [و]‬ ‫احلشيش ِة عىل ِ‬ ‫َ‬
‫ُ َ‬
‫حممدُ اجلَميليِ ُّ َيرى يف‬ ‫وكان الفقي ُه احللبِ ُّي َّ‬ ‫َ‬ ‫(‪)3‬‬
‫االة بذلِ َك)‪.‬‬ ‫غري مب ٍ‬ ‫ِ‬
‫[جهر ًا] م ْن ِ ُ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫واملعذرين (حلي َة ال ُّظ ِ‬ ‫للم ْر ِد‬ ‫ِ‬
‫واألذكياء‬ ‫واألدباء‬ ‫رفاء‬ ‫ِ َ‬ ‫الرفي ِع والعفيف ُ‬ ‫احلب َّ‬ ‫ِّ‬
‫الرحيانة‪61-60 :1 ،‬؛ املح ّب ّي‪ ،‬خالصة األثر ‪151 :3 ،249 :4‬؛‬
‫(((   املح ّب ّي‪ ،‬نفحة ّ‬
‫املرادي سلك الدّ رر‪.142 :2 ،‬‬
‫ّ‬
‫السائرة‪.22 :3 ،‬‬
‫  الغز ّي‪ ،‬الكواكب ّ‬
‫ّ‬ ‫(((‬
‫  املرادي‪ ،‬سلك الدّ رر‪.145 :3 ،‬‬
‫ّ‬ ‫(((‬
‫جلما ِل ُّيون‬ ‫الثا ِني‪ :‬ا َ‬ ‫الفص ُل َّ‬ ‫ْ‬
‫‪245‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ِ ليِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ (‪)1‬‬
‫اعر العراق ُّي َح َس ُن ب ُن عبد الباقي ا َمل ْوص ُّ ( ُتوفيِّ َ‬ ‫الش ُ‬ ‫ونظم َّ‬ ‫َ‬ ‫والنُّجباء)‪.‬‬
‫اخلمر َق ِصيدَ ًة فيها‬ ‫َ‬ ‫امل ورشبِ ِه‬ ‫جل َ‬ ‫ِ‬
‫ف بح ِّبه ا َ‬ ‫الذي ُع ِر َ‬ ‫سن َة ‪ 1745‬ـ ‪1746‬م) ِ‬
‫يوحي‬ ‫الوقت ذاتِ ِه‪ِ ،‬‬
‫ِ‬ ‫يمدح ُه ويف‬ ‫ِ‬
‫العمل‪،‬‬ ‫عم َر ِّب ِه يف‬ ‫األبيات اآلت َي ُة إىل ِ‬
‫ُ‬ ‫ابن ٍّ‬ ‫ُ‬
‫ليكون شاعر ًا‪:‬‬
‫َ‬ ‫ينبغي له‬ ‫حيوز ما ِ‬ ‫بتد ُّل ٍل أ َّن ُه ال ُ‬
‫ِ‬
‫والبنــــــدق‬ ‫بالســـه ِم‬ ‫مـــي َّ‬
‫َ‬ ‫والر‬
‫َّ‬ ‫ــــيد يا ســــ ِّي ِدي‬ ‫ِ‬ ‫الص‬
‫علم َّ‬‫أتقن َْت َ‬
‫أزرق‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫كائــــد‬ ‫ــــــــــر‬ ‫َ‬
‫أغواك َش‬ ‫الذي‬‫إن ِ‬ ‫عر َّ‬‫الش ِ‬ ‫دعوى ِّ‬ ‫دع َ‬
‫ُّ‬ ‫عنك َ‬ ‫ْ‬

‫ُــــرز ِق‬
‫َ‬ ‫ِر ْز ٌق وأن َ‬
‫ْـــت منـــه مل ْ ت‬ ‫َّـفسفهــــذالنـــا‬
‫تتعـــــبالن َ‬
‫ْ‬ ‫ال‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫تعشق‬ ‫فرصــــ ًة م َن الدَّ هــر ومل ْ‬
‫َ‬ ‫تنهـــب‬
‫ْ‬ ‫اح ومل ْ‬
‫الــر َ‬
‫تشــــرب َّ‬
‫ْ‬ ‫مل‬
‫ِ‬ ‫ــــوى ِ‬
‫فاج ٍ‬ ‫ِ‬
‫يفسـق‬ ‫متَــى ر َأى الدَّ َ‬
‫هر َصــفا‬ ‫ــر‬ ‫ـعر س َ‬ ‫ينظـم ِّ‬
‫الش َ‬ ‫ال‬
‫(*)‬
‫ُ‬

‫[*] حسن بن عبد الباقي‪ ،‬ديوان‪.45 ،‬‬


‫حركت القاف بالكرس لتناسب القوايف‪.‬‬
‫لغوي‪ :‬إنّام ّ‬
‫ّ‬ ‫املقوم ا ّل‬
‫إضافة ّ‬
‫*****‬
‫نيِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ويبدُ و الفت ًا ومدهش ًا عدد ُّ ِ‬
‫الشعراء البارزي َن يف الشرَّ ق العربيِ ِّ العثام ِّ‬ ‫ُ‬
‫قص ٍ‬ ‫ِ‬
‫قيل‪ :‬إ م كانُوا م ْن حم ِّبي اجل ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫ث‬ ‫ص تتحدَّ ُ‬ ‫برزوا يف َ‬‫امل أو ُ‬ ‫َ‬ ‫املبكر الذي َن َ نهَّ ُ‬
‫االنجذاب املثليِ ِّ ‪.‬‬
‫ِ‬ ‫عن‬
‫ُ‬
‫القول متطاب َق ٌة تقريب ًا مع‬ ‫ِ‬
‫عليهم هذا‬ ‫الذي َن َي ْصدُ ُق‬ ‫الش ِ‬
‫عراء ِ‬ ‫وقائم ُة ُّ‬
‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اجلزيرة العرب َّية‪ ،‬وسور َّيا‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ذاع صيت ُُهم يف مصرْ َ وغرب‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫قائم ِة ُّ‬
‫َ‬ ‫الشعراء الذي َن َ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫والعراق يف احلقبة املمتدَّ ة م ْن عا ِم (‪1500‬م) إىل عا ِم (‪1800‬م) ُ‬
‫وهم‪:‬‬

‫ادس عشرَ َ ‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫الس َ‬
‫م َن القرن َّ‬

‫السماّ ن‪ ،‬تاريخ‪ ،‬صفحة ‪160‬أ‪.‬‬


‫(((   ابن ّ‬
‫اإل ْسال ِم ِّي‬ ‫ال ال َع َر ِب ِّي ِ‬ ‫جل ْن ِس َّي ِة يِف ال َع مَ ِ‬ ‫َما َق ْب َل امل ِْثلِ َّي ِة ا ِ‬ ‫‪246‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ِ‬
‫ُ‬
‫وإسامعيل‬ ‫ودرويش ال َّط ِ‬
‫الو ُّي‬ ‫ُ‬ ‫الروم ُّي وأمحدُ العناياتيِ ُّ‬
‫حممدُ ماميه ُّ‬
‫َّ‬
‫ِ‬
‫احلجاز ُّي‪.‬‬

‫ابع عشرَ َ ‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫الس َ‬
‫م َن القرن َّ‬
‫ُ‬
‫ومنجك ب ُن‬ ‫وفتح اهللِ ب ُن الن ََّّح ِ‬
‫اس‬ ‫ِ‬
‫األكرم ُّي‬ ‫وإبراهيم‬ ‫ِ‬
‫العمر ُّي‬ ‫أبو ٍ‬
‫بكر‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫طرز الر ِ‬
‫حيان‪.‬‬ ‫بكر ِ َّ‬
‫ٍ‬ ‫احلي ب ُن أبيِ‬
‫ِّ‬ ‫اليوس ِف ُّي وعبدُ‬
‫ُ‬ ‫ٍ‬
‫بكر‬ ‫بن أبيِ‬ ‫ٍ‬
‫منجك ِ‬ ‫حمم ٍد ِ‬
‫بن‬ ‫َّ‬
‫ِ‬
‫القرن ال َّثام َن عشرَ َ ‪:‬‬ ‫ِم َن‬

‫وجرجيس‬ ‫ِ‬
‫اجلوخ ُّي‬ ‫السماَّ ِن ومك ُِّي‬ ‫مصط َفى ب ُن ِ‬
‫ُ‬ ‫وحممدُ سعيدُ ب ُن َّ‬
‫َّ‬ ‫بري ِّي‬ ‫ْ‬
‫وأمني‬ ‫اب‬ ‫ُ‬
‫وإسامعيل َّ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫اخلش ُ‬ ‫الروم ُّي‬ ‫وشعبان ُّ‬ ‫وح َس ُن ب ُن عبد الباقي‬ ‫األديب َ‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫اجلند ُّي‪.‬‬

‫منتخباتِ ِه‬
‫َ‬ ‫ِ‬
‫الكنج ُّي يف‬ ‫حممدُ‬
‫ب ما أور َد ُه َّ‬ ‫بحس ِ‬ ‫األمر ذا ُت ُه‪ْ ،‬‬
‫ُ‬ ‫و َي ْصدُ ُق‬
‫وليس‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫عر الذي َن ما َث ُلوا بعددهم ُّ‬‫ِ‬ ‫األدبِ َّي ِة عىل مغنِّي ِّ‬
‫الش ِ‬
‫نظمو ُه‪َ ،‬‬
‫الشعرا َء الذي َن ُ‬
‫ِ‬
‫اإلشارة إىل‬ ‫الكنج ِّي خي ُلو ِم َن‬
‫ِ‬ ‫ف‬ ‫مدخل ـ يف مؤ َّل ِ‬
‫ٌ‬ ‫ِ‬
‫بالكاد‬ ‫ثم َة‬ ‫ٌ‬ ‫ثم َة‬
‫مدخل ‪ -‬أو َّ‬ ‫َّ‬
‫ُ‬
‫العمل‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫جلامليِ ِّ أو الغزليِ ِّ الذي يتَّص ُ‬
‫ف به‬ ‫ِ‬
‫املضمون ا َ‬
‫ُ‬
‫الذين َ ِ‬ ‫العلامء ِ‬ ‫ِ‬
‫عر ُهم يف‬ ‫كان ش ُ‬ ‫َ‬ ‫الشعرا ُء واألدبا ُء طبق ًة ُ‬
‫متتاز عن‬ ‫َ‬
‫وكان ُّ‬
‫(إن شعر العلامءِ‬ ‫اهلاوي‪َ .‬‬ ‫وطابع ِه ِ‬ ‫ِ‬ ‫عروف ًا بردا َء ِة نوع ِّيتِ ِه‬
‫قال املح ِّب ُّي‪َ َّ :‬‬ ‫الواق ِع َم ُ‬
‫ف‪.‬‬ ‫ف ظاهر ُة النُّبو عن الر َّق ِة والتَّخ ُّل ِ‬ ‫ليس فيه بار َق ٌة ت َُشام‪ ،‬أل ا بينَ ُة التَّك ُّل ِ‬
‫ِّ‬ ‫ُ ِّ‬ ‫َ‬ ‫ُ نهَّ ِّ‬ ‫َ‬
‫ترويح‬
‫َ‬ ‫سمو ُه‬ ‫وإن َّ‬ ‫عر ْ‬ ‫والش ُ‬ ‫أفكار ِهم بام ُيغنِي‪ِّ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬
‫اشتغال‬ ‫ق ْل ُت‪ :‬وع َّل ُة ذلِ َك‬
‫هر‬‫الش ِ‬‫بني َم ْن تعاطا ُه يف َّ‬ ‫َّان ما َ‬ ‫يثمر فائدَ ًة وال يغنِي‪ ،‬وشت َ‬ ‫اخلاطر‪ ،‬لكنَّ ُه ممَّا ال ُ‬‫ِ‬
‫املجموعت ِ‬ ‫الفاص َل َ‬ ‫ِ‬ ‫عمر ُه)‪)1(.‬إلاَّ َّ‬ ‫ِ ِ‬
‫َني‬ ‫ُ‬ ‫بني‬ ‫أن احلدَّ‬ ‫أنفق يف تعاطيه َ‬ ‫وبني َم ْن َ‬ ‫مرةً‪َ ،‬‬ ‫َّ‬
‫طبقة العلامء يف حقولٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ص أكثر َّي ُة أبناء‬ ‫ليس واضح ًا عىل الدَّ وا ِم! إذ‬
‫تتخص ُ‬‫َّ‬ ‫َ‬
‫القضاة‪ ،‬وبني علامءِ‬ ‫ِ‬ ‫وبني‬ ‫ِ‬
‫بني الفقهاء‬ ‫معرفِ َّي ٍة حمدَّ َد ٍة‪ ،‬فيمك ُن مث ً‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّمييز َ‬ ‫ال الت ُ‬
‫املرادي‪،‬‬
‫ّ‬ ‫الرحيانة‪،600-599 :1 ،‬‬
‫  اخلفاجي‪ ،‬رحيانة األلبا‪55 :2 ،‬؛ املح ّب ّي‪ ،‬نفحة ّ‬
‫ّ‬ ‫(((‬
‫سلك الدّ رر‪.261 :1 ،‬‬
‫جلما ِل ُّيون‬ ‫الثا ِني‪ :‬ا َ‬ ‫الفص ُل َّ‬ ‫ْ‬
‫‪247‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫مثل‬ ‫نيو َّي ِة ِ‬


‫ني بالعلو ِم الدُّ ِ‬ ‫املختص َ‬
‫ِّ‬ ‫ين؛ وحتَّى‬ ‫ني بعلو ِم الدِّ ِ‬ ‫املختص َ‬
‫ِّ‬ ‫وبني‬
‫احلديث َ‬‫ِ‬
‫هرة الواس َع ِة‬ ‫الش ِ‬ ‫احلقبة عن ُّ‬‫ِ‬ ‫الفلك‪ .‬وختربنا أدبِي ِ‬
‫ات‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫واملنطق أو‬ ‫ات‬‫ياضي ِ‬ ‫ِ‬
‫الر َّ‬ ‫ِّ‬
‫ِ‬
‫مثل النَّحو والبالغة وال َع ُر ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫بعض م َن العلامء يف علو ِم ا ُّللغة ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وض؛‬ ‫التي نالهَ ا ٌ‬
‫ٍ‬
‫بنحو‬ ‫َّظر َّي َة الضرَّ ِ‬
‫ور َّي َة لفن ِِّهم‬ ‫األسس الن ِ‬ ‫َ‬ ‫املبتد ِئ َ‬
‫ني‬ ‫ِ‬ ‫الشعرا َء‬ ‫ون ُّ‬ ‫وكانُوا يع ِّل ُم َ‬
‫ني ِ‬
‫ناجزي َن‪.‬‬ ‫بوص ِف ِهم أدبا َء ناهبِ َ‬ ‫بعض ُهم سمع ًة مستق َّل ًة ْ‬ ‫وحاز ُ‬‫َ‬ ‫منتظ ٍم‪،‬‬

‫القاهر ِة أثنا َء إقامتِ ِه‬ ‫َ‬ ‫ِ‬


‫األزهر يف‬ ‫رئيس اجلام ِع‬ ‫ِ‬
‫كتب (ادوارد لني) واصف ًا َ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫بعض م ْن‬ ‫ٍ‬ ‫حال‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫املدينة‪( :‬مل يك ْن بارع ًا يف علو ِم العقائد والفقه كام هو ُ‬ ‫ِ‬ ‫يف‬
‫(‪)1‬‬
‫الرفيعِ)‪.‬‬ ‫األدب َّ‬ ‫ِ‬ ‫راسخ ًة يف‬ ‫َ‬ ‫كان مائز ًا‪ ،‬وح َّق َق مكا َن ًة‬ ‫معاصرِ ِ ِيه‪ ...‬ولكنَّ ُه َ‬
‫ث عنه (لني) َح َس ُن الع َّط ُار ( ُتوفيِّ َ سن َة ‪1834‬م) أحدَ‬ ‫الذي حتدَّ َ‬ ‫وكان العالمِ ِ‬ ‫َ‬
‫ُ‬
‫والش ِ‬ ‫للمؤرخِ اجلربتيِ ِّ َّ‬ ‫ِ‬
‫اب‪ .‬وقدْ حتدَّ ْثنا‬ ‫اخلش ِ‬
‫إسامعيل َّ‬ ‫َ‬ ‫اعر‬ ‫ِّ‬ ‫املقربِ َ‬
‫ني‬ ‫األصدقاء َّ‬ ‫ْ‬
‫ون إىل هذهِ‬ ‫ينتم َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫مواقع خمتل َفة م َن‬ ‫سلف ًا يف‬
‫الكتاب عن عدد م َن العلامء الذي َن ُ‬ ‫َ‬
‫يِ‬ ‫وحمم ٍد‬ ‫ِ‬ ‫وح َس ِن البورينِ ِّي وأمحدَ‬ ‫مثل أمحدَ ِ‬ ‫الفئة ِ‬ ‫ِ‬
‫العرض‬
‫ِّ‬ ‫َّ‬ ‫اخلفاج ِّي‬ ‫بن امللاَّ َ‬
‫عراو ِّي‬‫الش ِ‬ ‫وعبد اهللِ َّ‬ ‫ِ‬ ‫الكنج ِّي‬‫ِ‬ ‫وحمم ٍد‬ ‫معصو ٍم‬ ‫وعيل ِ‬ ‫وحمم ٍد ِ‬
‫َّ‬ ‫بن ُ‬ ‫ٍّ‬ ‫أمني املح ِّب ِّي‬ ‫َّ‬
‫ِ‬
‫السويد ِّي‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫وحممد الغالم ِّي وعبد اهللِ ُّ‬
‫(‪)2‬‬
‫َّ‬
‫ِ‬
‫األوساط‪.‬‬ ‫كان مؤ ِّثر ًا كذلِ َك يف ِ‬
‫هذه‬ ‫املثال اجلَامليِ َّ والغزليِ َّ َ‬ ‫أن َ‬ ‫ويبدُ و َّ‬

‫مثا ُل ِّ‬
‫احلب‬
‫الكثري‬
‫ُ‬ ‫تعامل معها‬ ‫َ‬ ‫وعات ا َّلالفت َِة التِي‬
‫ِ‬ ‫املوض‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫ظاهر َّي ًا أحدَ‬ ‫العشق‬
‫ُ‬ ‫ف‬ ‫يؤ ِّل ُ‬
‫بوص ِف ِه أمر ًا مبهر ًا مذهالً!‬ ‫املبكر ْ‬ ‫ِ‬ ‫نيِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫م َن األفراد يف الشرَّ ق األوسط العثام ِّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ئيس يف‬ ‫غري ُم َب ٍ‬‫ارش أو ِ‬ ‫بنحو ُم َب ٍ‬‫ٍ‬ ‫أن يشك َِّل‬ ‫ِ‬
‫وطبيع َّي ًا ْ‬ ‫متو َّقع ًا‬ ‫َ‬
‫الر َ‬ ‫املحور َّ‬
‫َ‬ ‫ارش‬ ‫وكان َ‬
‫األعامل األدبِ َّي ِة الن َِّثر َّي ِة يف‬
‫ِ‬ ‫والكثري ِم َن‬
‫ِ‬ ‫عر َّي ِة‬
‫الش ِ‬
‫بات ِّ‬ ‫املنتخ ِ‬ ‫َ‬ ‫عدد ال يحُصىَ ِم َن‬ ‫ٍ‬
‫باملهم ِة‬
‫َّ‬ ‫ومراحل ِه‬
‫ِ‬ ‫وأعراض ِه‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫العشق‬ ‫ِ‬
‫طبيعة‬ ‫ِ‬
‫حتديد‬ ‫مهم ُة‬
‫هذه احلقبة‪ ،‬ومل ْ تك ْن َّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬

‫(((   لني‪ ،‬أوصاف سلوكات املرص ّيني‪.196 ،‬‬


‫حرصي تقريبا‪ ،‬غالبا يف‬
‫ّ‬ ‫األعم األغلب ـ وبنحو‬
‫ّ‬ ‫(((   األعامل التي أ ّلفها هؤالء كانت ـ يف‬
‫حقول األدب والتّاريخ وعلوم ا ّللغة‪.‬‬
‫اإل ْسال ِم ِّي‬ ‫ال ال َع َر ِب ِّي ِ‬ ‫جل ْن ِس َّي ِة يِف ال َع مَ ِ‬ ‫َما َق ْب َل امل ِْثلِ َّي ِة ا ِ‬ ‫‪248‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫اجلانب العلام ُء ُّ‬


‫والشعرا ُء‬ ‫ِ‬ ‫اجلهود اجللي َل ِة التِي بذلهَ ا يف هذا‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫بلحظ‬ ‫اليسري ِة‬
‫َ‬
‫َت هذهِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الرغ ِم م ْن ذل َك‪ ،‬كان ْ‬ ‫ِ‬
‫والصوف ُّي َ‬ ‫َّاب املعاج ِم‬
‫ون واألط َّبا ُء‪ .‬وعىل َّ‬ ‫ُّ‬ ‫وكت ُ‬
‫يعي ِ‬ ‫الفقيه العالمِ ِ ِّ ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫متمل َص ًة نسبِ َّي ًا‪ ،‬فعىل ِ‬
‫هباء‬ ‫الش ِّ‬ ‫وفق‬ ‫اهر ُة (وما زالت)‬ ‫ال َّظ َ‬
‫ين العامليِ ِّ ( ُتوفيِّ َ سن َة ‪1621‬م)‪:‬‬ ‫الدِّ ِ‬
‫ِ‬ ‫مغناطيس اجل ِ‬ ‫ِ‬
‫معرفة‬ ‫َ‬
‫سبيل إىل‬ ‫امل‪ ،‬وال‬ ‫ِ َ‬ ‫القلب إىل‬ ‫انجذاب‬
‫ُ‬ ‫العشق‬
‫ُ‬
‫بطرائق تزيدُ ُه غموض ًا؛‬ ‫َ‬ ‫َّعبري عنه‬
‫حس ُبنا الت ُ‬ ‫ِ‬
‫االنجذاب‪ْ ،‬‬ ‫الطبي َع ِة احلقيق َّية هلذا‬
‫ِ‬
‫الش ِ‬ ‫ِ‬ ‫مثل اجل ِ‬
‫َّعبري عنه‬
‫يتعذ ُر الت ُ‬ ‫عر ِّي‪ ،‬متك ُن جترب ُت ُه‪ ،‬ولك ْن َّ‬ ‫والوزن ِّ‬ ‫امل‬ ‫إ َّن ُه ُ َ‬
‫ف‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫مناقض ٌة العبار ُة التي جاد هبا أحدُ احلكامء‪( :‬من ِ‬
‫يص ُ‬ ‫ِ‬
‫بالكلامت‪ ،‬وكم ِه َي‬
‫َ ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫(‪)1‬‬
‫احلب ال يعر ُف ُه)‪.‬‬ ‫َّ‬

‫العاميل‪ ،‬الكشكول‪ .76 :1 ،‬وردت تعريفات ال حرص هلا للعشق أكثرها‬ ‫ّ‬ ‫(((   هباء الدّ ين‬
‫(األنطاكي) (وصفه بعض البلغاء بأنّه فضيلة تنتج احليلة‬
‫ّ‬ ‫لـ‬ ‫األسواق‬ ‫تزيني‬ ‫جاء يف‬
‫بالشعر لسان‬ ‫الغبي وتطلق ّ‬ ‫ّ‬ ‫كف البخيل وتص ّفي ذهن‬ ‫ّ‬
‫وتسخي ّ‬ ‫وتشجع اجلبان‬
‫ّ‬
‫عز امللوك وترضع له‬ ‫يذل له ّ‬ ‫الضعيف وهو عزيز ّ‬ ‫األعجم وتبعث حزم العاجز ّ‬
‫وأول باب تفتّق به األذهان والفطن‪ ...‬يمتع‬ ‫الشجاع وهو داعية لألدب ّ‬ ‫صولة ّ‬
‫جليسه ويؤنس أليفه وله رسور جيول يف النّفوس وفرح يسكن يف القلوب‪ ...‬وليس‬
‫أدق ملا فيه من تع ّلق العشق ومدح املحبوب‪ ...‬ونقل ابن خ ّلكان‬ ‫أرق من الغزل وال ّ‬ ‫ّ‬
‫أن العشق جرعة من حياض املوت وبقعة من رياض‬ ‫ملخصه ّ‬
‫يف ترمجة العلاّ ف ما ّ‬
‫الشامئل وجود ال يتّفق معه‬ ‫ال ّثكل لكنّه ال يكون إلاّ عن أرحي ّية يف ال ّطبع ولطافة يف ّ‬
‫عذل‪...‬وعرفه أرسطو بأنّه جهل عارض صادف قلبا فارغا‬ ‫ّ‬ ‫منع وميل ال ينفع فيه‬
‫دق عن األفهام مسلكه وخفي عن األبصار موضعه وحارت العقول يف كيف ّية‬ ‫ّ‬
‫يتغشى عىل سائر األعضاء‬ ‫ثم ّ‬ ‫ّ‬ ‫القلب‬ ‫من‬ ‫سلطانه‬ ‫وعظم‬ ‫حركته‬ ‫ابتداء‬ ‫غري‬ ‫ّنه‬‫ك‬ ‫مت‬
‫والضعف يف‬ ‫والصفرة يف األبدان وا ّللجلجة يف الكالم ّ‬ ‫الرعدة يف األطراف ّ‬ ‫فيبدي ّ‬
‫والزلل والعثار حتّى ينسب صاحبه إىل اجلنون‪ ...‬إنّه يشء يستغرق القلب يف‬ ‫الرأي ّ‬ ‫ّ‬
‫حماسن املحبوب ويذهله عن مساويه‪ ...‬ملك غشوم مس ّلط ظلوم دانت له القلوب‬
‫وانقادت له األلباب وخضعت له النّفوس فالعقل أسريه والنّظر رسوله وا ّللحظ‬
‫مستقره غامض‬ ‫ّ‬ ‫والشغف حاجبه واهليامن نائبه؛ بحر‬ ‫ّ‬ ‫حامله والتّفكّر جاسوسه‬
‫ويم ت ّياره طافح وفائض وهو دقيق املسلك عسري املخرج‪ ...‬طمع يتو ّلد يف القلب‬ ‫ّ‬
‫أن الدّ م هيرب عند ذكر‬ ‫ثم ينمو وحيدث ا ّللجاج واالحرتاق حتّى ّ‬ ‫يغني عن النّظر ّ‬
‫الروح من‬ ‫املحبوب وقد يموت من شهقة أو برؤية املحبوب بغتة ور ّبام اختنقت ّ‬
‫األنصاري بن الدّ باغ يف الباب‬
‫ّ‬ ‫الرمحن‬
‫الشيخ عبد ّ‬ ‫نحو ذلك‪.)...‬ص‪ .20-11‬ذكر ّ‬
‫التّاسع من كتابه املعنون بـ (مشارق أنوار القلوب ومفاتح أرسار الغيوب)‪ :‬اعلم ّ‬
‫أن‬
‫جلما ِل ُّيون‬ ‫الثا ِني‪ :‬ا َ‬ ‫الفص ُل َّ‬ ‫ْ‬
‫‪249‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫بيد ُّي ( ُتوفيِّ َ سن َة‬ ‫الز ِ‬ ‫حممدُ مرتضىَ‬ ‫وزياد ًة عىل العامليِ ِّ ‪ ،‬حتدَّ َ‬
‫ُّ‬ ‫ث الفقي ُه َّ‬
‫ِ‬
‫واستحالة‬ ‫امللتبس ِة‬ ‫ِ‬
‫العشق‬ ‫ِ‬
‫طبيعة‬ ‫ث عن‬ ‫بالقاهر ِة‪ ...‬حتدَّ َ‬ ‫الذي أقا َم‬‫‪1791‬م) ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫الفريوزآبادي ( ُتوفيِّ َ سن َة‬ ‫ِ‬
‫قاموس‬ ‫تعليق له عىل‬ ‫ٍ‬ ‫كتب يف‬ ‫ِ‬
‫جالء ِ ِ‬
‫ِّ‬ ‫كنهه‪ ،‬إذ َ‬
‫َّعبري عنه يزيدُ ُه خفا ًء‪،‬‬ ‫لع عليه؛ والت ُ‬ ‫در ُك معنا ُه وال ُي َّط ُ‬ ‫‪1415‬م)‪( :‬وأ َّن ُه ال ُي َ‬
‫ِ‬ ‫الش ِ‬ ‫ِ‬
‫وغري‬ ‫عر‬ ‫وكالوزن يف ِّ‬ ‫در ُك‪ ،‬وال يمك ُن الت ُ‬
‫َّعبري عنه‪،‬‬ ‫حل ْس ِن ال ُي َ‬ ‫وهو كا ُ‬‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ُ‬
‫(إفراط‬ ‫ستقيم ُة‪[...‬وهو]‬ ‫َ‬ ‫ليمة وال ِّطبا ِع ا ُمل‬ ‫الس َ‬‫ذل َك ممَّا يحُ ُال فيه عىل األذواق َّ‬
‫ب)‪.‬‬ ‫حل ِّ‬
‫ا ُ‬
‫أيام أحمْ َدُ ؟‪َ .‬‬
‫فقال‪:‬‬ ‫ِ‬
‫ب والعشق‪ :‬هُّ ُ‬ ‫حل ِّ‬ ‫وس ِئ َل أبو الع َّب ِ‬
‫اس أمحدُ ب ُن حي َيى عن ا ُ‬ ‫ُ‬
‫مرض‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫احلب عن إدراك عيوبِه‪ ،‬أو ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫احلب‪َّ ،‬‬
‫(عمى ِّ‬ ‫إفراط‪ ...‬هو َ‬ ‫العشق فيه‬
‫َ‬ ‫ألن‬ ‫ُّ‬
‫ِ (‪)1‬‬
‫الصور)‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫سيِ‬
‫بعض م َن ُّ‬ ‫َو ْس َوا ٌّ جيل ُب ُه إىل نفسه بتسليط فكره عىل استحسان‬
‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫غامض ًة ال يمك ُن‬ ‫َ‬ ‫قو ًة‬‫بوصفه َّ‬ ‫العشق يف التَّمثيالت األدبِ َّية ْ‬ ‫ظهور‬
‫ُ‬ ‫ويكثر‬
‫ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫كل م ْن‬ ‫حديث ٍّ‬
‫ُ‬ ‫وح فجأ ًة فتستبدُّ هبا‪ ،‬ودالل ُة ذل َك‬ ‫الر ِ‬ ‫وص ُفها تستوليِ عىل ُّ‬ ‫ْ‬
‫اجلزائر ِّي ( ُتوفيِّ َ سن َة ‪1702‬م)‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الشيع ِّي نعمة اهللِ‬ ‫ِ‬
‫ين العام ِّ والفقيه ِّ‬ ‫ليِ‬ ‫ِ‬
‫هباء الدِّ ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫عنه بوص ِف ِه رس ًا ِ‬
‫سمو ُه‬ ‫القلب م َن العالمَ ِ الفوق طبيع ِّي‪ ،‬ولذا َّ‬ ‫روح َّي ًا ُ‬
‫هيبط عىل‬ ‫َّ‬ ‫ْ‬
‫ِ‬
‫سمى كذل َك‬ ‫ُ‬ ‫والفعل ِ‬
‫ُ‬ ‫«ه ِو ٌّي»‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫«يسقط» و ُي َّ‬ ‫هيوي بمعنَى‬ ‫اجلذر َ‬ ‫اهلوى م َن‬ ‫َ‬
‫القلب‪ ،‬فإ َّن ُه‬ ‫در احلياة‪ ،‬وإذا َ‬
‫بلغ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫احلب‪ ،‬أل َّن ُه يص ُل ح َّب َة‬
‫َ‬ ‫مص ُ‬ ‫القلب‪ ،‬وه َي ْ‬ ‫ِّ‬
‫ِ (‪)2‬‬ ‫ِ‬
‫ينساب مع احلياة يف أجزاء اجلس ِم مجيع ًا طابع ًا فيه ُصور ُة املحبوب‪.‬‬ ‫ِ‬
‫ُ‬
‫السلطِ ُّي ( ُتوفيِّ َ سن َة‬
‫ين َّ‬ ‫حمي الدِّ ِ‬
‫بكر ِ‬ ‫واتخَّ َذ الكاتب الدِّ ِ‬
‫مشق ُّي أبو ٍ‬ ‫ُ‬
‫“العشق” َ‬
‫فقال عنه‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ال مماث ً‬
‫ال يف تعريفه‬ ‫احلب سبي ً‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫كاتب املقامة عن ِّ‬
‫ُ‬ ‫‪1702‬م)‬

‫العشق هو أقىص درجات املح ّبة وجماوزة احلدّ فيها‪ ،‬وسائر مقامات املح ّبة مندرجة‬
‫واهلش والفناء‪ ،‬ألنّه مشتمل عىل مجيعها‪،‬‬‫ّ‬ ‫فيه مثل ّ‬
‫الشوق والوجد والغرام واالفتتان‬
‫حمب عاشق ًا)‪( .‬املرتمجة)‪.‬‬ ‫ّ‬
‫حمب وليس كل ّ‬ ‫ّ‬
‫ولذلك قالوا‪( :‬كل عاشق ّ‬
‫بيدي‪ ،‬تاج العروس‪.159-158 :26 ،‬‬ ‫  الز ّ‬
‫((( ّ‬
‫اجلزائري‪ ،‬األنوار النّعامن ّية‪.161 :3 ،‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫  العاميل‪ ،‬الكشكول‪300 :2 ،‬؛‬ ‫(((‬
‫اإل ْسال ِم ِّي‬ ‫ال ال َع َر ِب ِّي ِ‬ ‫جل ْن ِس َّي ِة يِف ال َع مَ ِ‬ ‫َما َق ْب َل امل ِْثلِ َّي ِة ا ِ‬ ‫‪250‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ائصها‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫وح‪ ،‬وإذا مت َّكن َْت منها َّ‬ ‫إ َّن ُه « َم َل َك ٌة» َ‬
‫خص َ‬‫ب َ‬ ‫وح تكتس ُ‬ ‫الر َ‬‫فإن ُّ‬ ‫الر َ‬
‫تغشى ُّ‬
‫(‪)1‬‬
‫القو ِة‪ ،‬فإنهَّ ا ستعو ُد ثانِ َي ًة إىل عالمَِها‪.‬‬ ‫وإذا استمكن َْت الر ِ‬
‫وح م َن َّ‬
‫ُّ ُ‬
‫وح‪ُ ،‬يعدُّ‬ ‫والر ِ‬ ‫بالقلب ُّ‬ ‫ِ‬ ‫جوهر َّي ًة تستبدُّ‬ ‫ِ‬ ‫حيث متثي ُل ُه َّ‬
‫قو ًة‬ ‫ُ‬ ‫العشق ِم ْن‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫وكان‬
‫القلب‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وخفقان‬ ‫واالص ِ‬
‫فرار‪،‬‬ ‫ُّحول‪،‬‬ ‫مثل الن ِ‬ ‫ف هبا ُ‬ ‫عر ُ‬
‫ْ‬ ‫أعراض حمدَّ َد ٌة ُي َّ‬ ‫ٌ‬ ‫دا ًء له‬
‫َت‬ ‫وباملثل‪ ،‬كان ْ‬ ‫ِ‬ ‫آخر ِه‪.‬‬ ‫باملحبوب؛ إىل ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الكامل‬ ‫الذهنِ ِّي‬ ‫واألرق‪ ،‬والتَّو ُّل ِع ِّ‬ ‫ِ‬
‫بوص ِف ِه مرض ًا‪ )2(،‬قد‬ ‫العشق ْ‬ ‫ِ‬ ‫ث عن‬ ‫احلقبة تتحدَّ ُ‬ ‫ِ‬ ‫ات ال ِّطبي ُة يف ِ‬
‫هذه‬ ‫ِّ َّ‬ ‫األدبِ َّي ُ‬
‫قال‪َّ :‬‬
‫إن‬ ‫املتأخ َر ِة‪ ،‬إذ ُي ُ‬ ‫مراحل ِه ِّ‬ ‫ِ‬ ‫آخر يف‬ ‫عضوي َ‬ ‫ٍّ‬ ‫ٍ‬
‫مرض‬ ‫أي‬
‫مثل ِّ‬ ‫يكون مميت ًا م َث ُل ُه ُ‬ ‫ُ‬
‫املبكر ِة ماتُوا‬ ‫َ‬ ‫اإلسالم َّي ِة‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫احلقبة‬ ‫ني يف‬ ‫األسطور ِّي َ‬ ‫ِ‬ ‫ني‬
‫اق العذر ِّي َ‬ ‫العش ِ‬ ‫بعض ًا ِم َن َّ‬
‫خلف‬ ‫ٍ‬ ‫عيل ِ‬
‫بن‬ ‫داود ِ‬ ‫ٍ‬ ‫حممد ًا ب َن‬ ‫أن أبا ٍ‬ ‫العشق‪ ،‬و ُيعتقدُ يف َّ‬ ‫ِ‬ ‫كمد ًا ِم َن‬
‫بن ٍّ‬ ‫بكر َّ‬
‫فات‬ ‫أحد أقد ِم املؤ ِّل ِ‬ ‫هرة) ِ‬ ‫الز ِ‬ ‫(كتاب َّ‬ ‫ِ‬ ‫ف‬ ‫اهر َّي ( ُتوفيِّ َ سن َة ‪909‬م) مؤ ِّل َ‬ ‫ال َّظ ِ‬
‫حممدٌ‬ ‫اسم ُه َّ‬ ‫لشاب ُ‬ ‫ٍّ‬ ‫عشق ِه‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫بسبب‬ ‫مات كمد ًا‬ ‫نيو ِّي‪َ ،‬‬ ‫احلب الدُّ ِ‬ ‫ِّ‬ ‫العربِ َّي ِة عن‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫كتب‬ ‫بيب داو ُد األنطاك ُّي ( ُتوفيِّ َ سن َة ‪1599‬م) الذي َ‬ ‫الصيدالنيِ ُّ ! وأ َّكدَ ال َّط ُ‬ ‫َّ‬
‫احلب؛‬ ‫الكتب عن‬ ‫ِ‬ ‫أهم‬ ‫ِ‬ ‫يل أخبار َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫(تزيني األسواق بتفص ِ‬ ‫ِ‬
‫ِّ‬ ‫العشاق) أحدَ ِّ‬ ‫ُ‬ ‫كتاب‬‫َ‬
‫وح‪ ،‬ذلِ َك اجلزءِ‬ ‫ٍ‬
‫الر ِ‬ ‫مرض إشكاليِ ٌّ بامتياز‪ ،‬أل َّن ُه يؤ ِّث ُر يف ُّ‬ ‫احلب هو ٌ‬ ‫َّ‬ ‫أ َّكدَ َّ‬
‫أن‬
‫يفرض‬ ‫ُ‬ ‫اجلوهر َّي ِة‪،‬‬
‫ِ‬ ‫وبسبب طبيعتِ ِه‬ ‫ِ‬ ‫إدارة شؤونِ ِه‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫جل عن‬ ‫الر ِ‬ ‫املسؤول يف َّ‬
‫ِ‬
‫بب حتديد ًا‪ ،‬ال‬ ‫الس ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫العشق وجو َد ُه عىل أشدِّ األجزاء روحان َّي ًة يف الفرد‪ ،‬وهلذا َّ‬ ‫ُ‬
‫العشق‬ ‫َ‬ ‫اس ِة‪َّ :‬‬
‫(إن‬ ‫واحلس َ‬ ‫َّ‬ ‫الرقي َق ِة‬ ‫األرواح َّ‬ ‫ِ‬ ‫األفراد ذوي‬ ‫ِ‬ ‫سوى‬ ‫العشق َ‬ ‫ُ‬ ‫يب‬ ‫يص ُ‬
‫ِ‬
‫وكان هذا االعتقا ُد منترش ًا يف ال َّظ ِ‬ ‫َ‬ ‫غليظ ال َّطبعِ)‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫جاهل‬ ‫تص َّو ُر ِم ْن‬
‫اهر‬ ‫(‪)3‬‬
‫ال ُي َ‬
‫مة ملاَّ َصدْ را‪.‬‬ ‫نقل للعلاَّ ِ‬ ‫نطاق واس ٍع وجدْ نا ُه سلف ًا يف ٍ‬ ‫عىل ٍ‬

‫هبذ ِه املسأ َل ِة حتديد ًا‬


‫العادة ِ‬
‫ِ‬ ‫احلب الدُّ ِ‬
‫نيو ِّي يف‬ ‫ِّ‬ ‫ويستعني املتعاط ُف َ‬
‫ون مع‬ ‫ُ‬
‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫اهر َة يفع ُل َ‬ ‫ِ‬ ‫ملم ِح َ‬
‫ِ‬
‫عيب يف‬ ‫بسبب‬ ‫ون ذل َك‬ ‫ُون هذه ال َّظ َ‬
‫أن َم ْن يدين ُ‬
‫ني إىل َّ‬
‫الصفحة ‪ 14‬ب‪.‬‬‫وصبابة ا َملعاين‪ّ ،‬‬
‫لطي‪َ ،‬صبابة ا ُملعاين ُ‬‫  الس ّ‬
‫((( ّ‬
‫األنطاكي‪ ،‬تذكرة أويل األلباب‪.177-176 :3 ،‬‬ ‫ّ‬ ‫(((   ‬
‫  األنطاكي‪ ،‬تزيني األسواق‪46 :1 ،‬؛ انظر كذلك‪ ،‬أفالطون‪ ،‬النّدوة‪195 ،‬ب ‪-‬‬ ‫ّ‬ ‫(((‬
‫‪196‬ب‪.‬‬
‫جلما ِل ُّيون‬ ‫الثا ِني‪ :‬ا َ‬ ‫الفص ُل َّ‬ ‫ْ‬
‫‪251‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ٍ‬
‫بمقوالت‬ ‫سيِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫شخصياتهِ ِم‪ .‬واستشهدَ ٌّ ِ‬ ‫ِ‬
‫كل م َن األنطاك ِّي وعبد الغن ِّي النَّابل ِّ‬ ‫َّ‬
‫ب‪ ،‬يب َق َ‬ ‫أن ذوي َّ ِ ِ‬ ‫ٍ‬
‫ون‬ ‫فحس ُ‬‫الشخص َّيات «الف َّظ َة» و «الغلي َظ َة» ْ‬ ‫وتعليقات تفيدُ َّ‬
‫ني ب ُن البكَّا ( ُتوفيِّ َ سن َة‬ ‫ني أمام احلب‪ )1(.‬وذكر الفقيه املكِّي عبدُ ِ‬
‫املع ِ‬ ‫ِ‬
‫منيع َ‬
‫ُّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ِّ‬ ‫َ‬
‫يعرف (وجيه ًا أو رقيق ًا منيع ًا‬ ‫ُ‬ ‫‪ 1630‬ـ ‪1631‬م) رأي ًا مشابهِ ًا أ َّكدَ فيه أ َّن ُه ال‬
‫بنحو ِ‬
‫غري‬ ‫ٍ‬ ‫طرز الر ِ‬
‫حيان‬ ‫ِ‬ ‫َ‬
‫واستعان َّ‬ ‫احلب)‬ ‫ِضدَّ‬
‫حل ِّي ُ َّ‬ ‫اعر الدِّ مشق ُّي عبدُ ا َ‬ ‫الش ُ‬ ‫ُّ‬
‫(‪)2‬‬

‫ِ‬
‫األبيات اآلت َية‪:‬‬ ‫ِ‬
‫مماثل يف‬ ‫ارش ٍ‬
‫برأي‬ ‫ُم َب ٍ‬

‫غري الب َل ْه‬


‫َ‬ ‫والعشــق‬
‫َ‬ ‫الصــبا َب َة‬
‫َّ‬ ‫الصـــبا َب َة َمـ ْن ال َ‬
‫يـرى‬ ‫يعيب َّ‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫احلاصـــــ َل ْه‬ ‫والرقـَ َة‬ ‫َل ُة ال َّطب ِع‬ ‫احلب إلاَّ نحو‬ ‫عيـــب يف‬ ‫وال‬
‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫َ‬
‫(*)‬
‫فغيــــــر َم ُلـــو ٍم إذا أمهلــــ ْه‬ ‫ٍ‬
‫معـزل‬ ‫كـان عن َ‬
‫ذاك يف‬ ‫َ‬ ‫و َم�� ْن‬
‫ُ‬

‫كنجي‪ ،‬بلوغ املنى‪.56-55 ،‬‬


‫ّ‬ ‫الرحيانة‪283 :1 ،‬؛‬
‫املحبي‪ ،‬نفحة ّ‬
‫ّ‬ ‫[*]‬

‫*****‬

‫ودليل عىل ر َّق ِة ال َّطب ِع واحلاش َي ِة‪،‬‬


‫ٌ‬ ‫ض‬ ‫عارض يِ‬
‫مر ٌّ‬ ‫ٌ َ‬ ‫والعشق بنا ًء عىل ذلِ َك‬
‫ُ‬
‫احلديث عنها يف رسالتِهِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫أفاض األنطاك ُّي يف‬ ‫ِ‬
‫مجة فقدْ َ‬ ‫ِ‬
‫َّأرجح النَّا َ‬ ‫أ َّما ُ‬
‫حال الت‬
‫رشح بعض ًا‬ ‫ِّ‬ ‫ِ‬ ‫أسباب ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫التِي استه َّلها‬
‫ثم َ‬ ‫واحلث عليه‪َّ ،‬‬ ‫العشق‬ ‫مدح‬ ‫باحلديث عن‬
‫األحيان ـ املميت َِة املرت ِّتب ِة عىل اإلص ِ‬
‫ابة‬ ‫ِ‬ ‫بعض ِم َن‬
‫ٍ‬ ‫املأسو َّي ِة ـ ويف‬
‫ِ‬ ‫ِم َن الن ِ‬
‫َّتائج‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫(‪)3‬‬
‫به‪.‬‬
‫ِ‬
‫طبيعة‬ ‫َ‬
‫لتشتمل عىل‬ ‫ِ‬
‫للعشق‬ ‫ِ‬
‫والغموض املالز َم ُة‬ ‫ِ‬
‫االلتباس‬ ‫ومتتدُ ُ‬
‫حال‬
‫ارتباط االثن ِ‬
‫َني فيام بين َُهام يبدُ و‬ ‫َ‬ ‫الرغ ِم ِم ْن َّ‬
‫أن‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫بالرغ َبة اجلنس َّية‪ ،‬فعىل ُّ‬
‫ِِ‬
‫عالقته َّ‬

‫ّابليس‪ ،‬غاية املطلوب يف حم ّبة‬


‫الغني الن ّ‬
‫ّ‬ ‫  األنطاكي‪ ،‬تزيني األسواق‪29 :1 ،‬؛ عبد‬
‫ّ‬ ‫(((‬
‫املحبوب‪.149 ،‬‬
‫العشاق‪ ،‬صفحة ‪19‬ب‪-20‬أ‪.‬‬ ‫(((   ابن البكّاء‪ ،‬غواين األشواق يف معاين ّ‬
‫األنطاكي‪ ،‬تزيني األسواق‪ 44-43 :1 ،‬و ا‪.59-50 :‬‬
‫ّ‬ ‫(((   قارن‬
‫اإل ْسال ِم ِّي‬ ‫ال ال َع َر ِب ِّي ِ‬ ‫جل ْن ِس َّي ِة يِف ال َع مَ ِ‬ ‫َما َق ْب َل امل ِْثلِ َّي ِة ا ِ‬ ‫‪252‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫وهذان الر ِ‬
‫أيان‬ ‫ِ‬ ‫ني!‬‫وبده ٍّي غري متامث َل ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫مواز‬ ‫ٍ‬
‫بنحو‬ ‫جل َّي ًا قاطع ًا‪ ،‬إلاَّ أنهَّ ُام‬
‫َّ‬ ‫ُ‬
‫املتعارض ِة؛‬ ‫َ‬ ‫احلب‬ ‫ِ‬
‫َني م ْن تقييامت ِّ‬
‫َني نغادر هبِام اثن ِ ِ‬
‫ُ‬ ‫َّدان يمك ُن عدُّ همُ ا مسألت ِ‬ ‫املؤك ِ‬
‫ِ‬ ‫اخر واالنكامشيِ ِّ ) وال َّثانيِ بـ‬ ‫والس ِ‬ ‫ف َّأولهُ ُام بـ (املته ِّك ِم‬ ‫وص ُ‬
‫(العاطف ِّي‬ ‫َّ‬ ‫ُي َ‬
‫مناطق‬‫ِ‬ ‫ني ووجو ُدهمُ ا مع ًا يف‬ ‫َّقييم ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّمجيد ِّي واملثاليِ ِّ )‪ .‬وتعا ُي ُش‬ ‫ِ‬
‫هذين الت َ‬ ‫والت‬
‫حضورهمِ ا‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫بلحظ‬ ‫مألوف متام ًا‪،‬‬
‫ٌ‬ ‫أمر‬
‫املبكرة ٌ‬
‫ِ‬
‫َ‬ ‫احلقبة العثامنِ َّي ِة‬‫ِ‬ ‫الشرَّ ِق العربيِ ِّ يف‬
‫َّفسري َّي ِة‬
‫َّارخي َّي ِة والت ِ‬ ‫دراسة (ارفنغ سنغر ـ ‪ )Erving Singer‬الت ِ‬ ‫ِ‬ ‫املكرور يف‬‫ِ‬
‫حيث‬ ‫الكالسيك َّي ِة حتَّى احلدي َث ِة‪ُ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫األزمان‬ ‫َّاريخ الغربيِ ِّ ِم َن‬ ‫احلب يف الت ِ‬ ‫ِّ‬ ‫ِلفك َِر‬
‫“الواقع َّي َة” و “املثالِ َّي ِة” عىل التَّواليِ ‪ )1(.‬وقدْ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫املواقف‬ ‫اص ُط ِلح عىل تسمي ِة ِ‬
‫هذه‬ ‫َ‬ ‫ْ َ‬
‫ِ‬ ‫تهِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫حتدَّ َث ْت (لويس أ‪ .‬غفن ـ ‪ )Lois A. Giffen‬عن ال َّثنائ َّية ذا ا يف دراستها‬
‫ِ (‪)2‬‬ ‫األدب العربيِ ِّ ما َ‬ ‫ِ‬
‫قبل احلديث‪.‬‬ ‫نيوي يف‬ ‫احلب الدُّ ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫عن‬

‫األغلب إىل‬ ‫ِ‬ ‫األعم‬


‫ِّ‬ ‫للعشق يف‬‫ِ‬ ‫اخرةُ”‬‫“الس َ‬ ‫الرؤي ُة املتهك َِّم ُة أو َّ‬ ‫وتنزع ُّ‬‫ُ‬
‫ِ‬ ‫سيِ‬ ‫ِ صرِ‬
‫مشاعر العاشق [احلقيق َّي ُة]‬ ‫ُ‬ ‫حيث تبدُ و‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬
‫الكامن فيه‪،‬‬ ‫توكيد العن ِ اجلن ِّ‬
‫ؤية ـ مماث َل ًة يف‬ ‫هذه الر ِ‬ ‫ب ِ‬ ‫بحس ِ‬ ‫العواطف اجلاحم َ ِة اجلي َ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ُّ‬ ‫اشة ـ ْ‬ ‫َّ‬ ‫غطاء‬ ‫حتت‬ ‫املتوار َي ُة َ‬
‫وق»‬ ‫«املعش ِ‬
‫ُ‬ ‫«العاشق» و‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫«العشق» و‬ ‫ات ِ‬
‫مثل‬ ‫هوة‪ .‬ويمكن ملفرد ِ‬ ‫للش ِ‬ ‫جوهرها َّ‬ ‫ِ‬
‫ُ َ َ‬
‫َ‬
‫استعمل‬ ‫هذه؛ إذ‬ ‫مثل ِ‬ ‫جنس َّي ٍة ِ‬ ‫إحياءات ِ‬
‫ٍ‬ ‫ف عن‬ ‫تتكش َ‬ ‫أن َّ‬ ‫مالئ َم ٍة‪ْ ،‬‬‫سياقات ِ‬ ‫ٍ‬ ‫يف‬
‫شادوف)‬ ‫ُ‬ ‫رشح َق ِصيدَ ِة أبيِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫القحوف يف‬ ‫(هز‬
‫كتاب ُّ‬ ‫ِ‬ ‫ف‬ ‫ف الشرَّ بينِ ُّي مؤ ِّل ُ‬ ‫يوس ُ‬
‫ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الزناد َقة البعيد عن املعنى‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫راويش َّ‬ ‫انجذاب الدَّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫كلم َة «العشق» للحديث عن‬ ‫ِ‬
‫ِ‬ ‫إغوائ ِهم باد ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬
‫القدرة‬ ‫عاء‬ ‫ِّ‬ ‫راويش يف‬‫ُ‬ ‫نجح الدَّ‬ ‫األفالطونيِ ِّ نحو الغلامن الذي َن َ‬
‫الش ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ (‪)3‬‬
‫طبيع َّي ٍة أو ما ُي ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫عراء‬ ‫وبقدرة ُّ‬ ‫عرف بـ «الربكة»‪.‬‬ ‫قوى َ‬
‫فوق‬ ‫عىل منح ِهم ً‬
‫احلب؛ انظر كذلك ‪.4-3 :2 ،123-122 :1‬‬ ‫(((   سنغر‪ ،‬طبيعة ّ‬
‫نيوي بني العرب‪.117 ،‬‬
‫احلب الدّ ّ‬
‫(((   غفن‪ ،‬نظر ّية ّ‬
‫العريض‪،‬‬
‫ّ‬ ‫هز القحوف‪ .93-90 ،‬ولالستزادة من أمثلة أخرى‪ ،‬انظر‬ ‫بيني‪ّ ،‬‬ ‫(((   الشرّ ّ‬
‫األنطاكي‪،‬‬
‫ّ‬ ‫(معشوق)؛ املح ّب ّي‪ ،‬خالصة األثر‪(35 :4‬عاشق)؛‬‫ُ‬ ‫الذهب‪332 ،‬‬ ‫معادن ّ‬
‫الصوف ّية) يف (زهر‬
‫ّ‬ ‫(ديانة‬ ‫بـ‬ ‫املعنون‬ ‫املبحث‬ ‫يف‬ ‫(عشق)‪.‬‬ ‫‪54‬‬ ‫‪:2‬‬ ‫األسواق‪،‬‬ ‫تزيني‬
‫القصة اآلتية‪( :‬وكان يف عرصنا شيخ‬‫اجلزائري) (‪ ،)370‬ترد ّ‬
‫ّ‬ ‫الربيع) لـ (نعمة اهلل‬
‫ّ‬
‫صبي مليح عليه مسحة من‬ ‫ّ‬ ‫له‬ ‫كان‬ ‫رجال‬ ‫ّ‬
‫أن‬ ‫عنه‬ ‫يل‬ ‫فحكي‬ ‫أصفهان‬ ‫يف‬ ‫ة‬ ‫ي‬ ‫وف‬
‫ّ ّ‬ ‫الص‬ ‫من‬
‫جلما ِل ُّيون‬ ‫الثا ِني‪ :‬ا َ‬ ‫الفص ُل َّ‬ ‫ْ‬
‫‪253‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫قيق‬ ‫الر ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫الذي َن ال يرت َّد ُد َ‬ ‫ِ‬


‫العذر ِّي َّ‬ ‫احلب‬
‫ِّ‬ ‫متجيد‬ ‫أخرى يف‬ ‫ون يف مناسبات َ‬
‫وينزع‬ ‫ِ‬
‫جانب املثاليِ ِّ ]‬ ‫ِ‬
‫«الواقع ِّي» [إىل‬ ‫ِ‬
‫املنظور‬ ‫توظيف‬
‫ُ‬ ‫والرفيعِ‪ ...‬بقدرتهِ ِم‬
‫ُ‬ ‫َّ‬
‫ِ‬
‫جانب‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫بخاص َّية هت ُّك ٍم ملحو َظة إىل‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َّاتج يف هذه احلاالت إىل ال َّتحليِّ‬ ‫ِّ‬
‫ِّ‬ ‫عر الن ُ‬ ‫الش ُ‬
‫ِ‬ ‫واملأسوي الس ِ‬ ‫ِ‬ ‫حماكاتِ ِه‬
‫األنطاك ُّي‬ ‫ائد‪ .‬وقدْ استشهدَ‬ ‫ِ ِّ َّ‬ ‫العفيف‬ ‫احلب‬
‫ِّ‬ ‫خطاب‬
‫َ‬
‫ٍ‬
‫بشاعر َ‬
‫قال‪:‬‬
‫(*)‬
‫زار َك املح ُب ُ‬
‫وب ق ْل ُت أني ُك ُه‬ ‫إذا َ‬ ‫ٌ‬
‫فاعل‬ ‫ْـت‬ ‫يقو ُل َ‬
‫ـون يل باهللِ ما أن َ‬

‫األنطاكي‪ ،‬تزيني األسواق‪.171 :2 ،‬‬


‫ّ‬ ‫[*]‬

‫*****‬
‫َني اآلت َي ِ‬
‫ني‪:‬‬ ‫ِ‬
‫اخلفاج ّي البيت ِ‬ ‫نظم أمحدُ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫مماثل َ‬ ‫وبأسلوب‬
‫اخلمـــر‬
‫ُ‬ ‫أرشــ َفنِي ثغـــر ًا هو‬ ‫روض ٍة‬
‫َ‬ ‫زار َم ْن أهوا ُه يف‬
‫مذ َ‬ ‫ْ‬
‫(*)‬
‫أمـــر‬
‫ُ‬ ‫مخـــر وغــد ًا‬
‫ٌ‬ ‫اليــــو َم‬ ‫خلف ِه‬
‫ِ‬ ‫األرداف ِم ْن‬
‫ُ‬ ‫وقا َل ْت لـي‬

‫[*] (اليوم مخر وغدا أمر) مثل سائر يف العرب يرضبه من كان مشغوال بأمر فأتاه أمر‬
‫آخر فلم يلتفت إليه‪.‬‬

‫الشيخ‪ ،‬وقال‪ :‬يكون يف خدمتك لتع ّلمه األوراد واألذكار‪.‬‬ ‫اجلامل فأتى به إىل ذلك ّ‬
‫خاصا وذكرا من‬ ‫ّ‬ ‫وردا‬ ‫يوم‬ ‫كل‬ ‫ّ‬ ‫مه‬ ‫ّ‬
‫ل‬ ‫يع‬ ‫وكان‬ ‫بانفراده‬ ‫حجرة‬ ‫فأخذه ّ‬
‫الشيخ وأعطاه‬
‫بي ليلة‪ ،‬وجلس معه طويال فلماّ أراد النّهوض‬ ‫الص ّ‬
‫الصوف ّية‪ ،‬فأتى إىل ذلك ّ‬ ‫أذكار ّ‬
‫قبض قبضة عىل سبحة اخلشب‪ ،‬وقال‪ :‬استخرت أنيّ أبات ا ّلليلة عندك‪ ،‬فجاءت‬
‫بي‬
‫للص ّ‬
‫ثم قال ّ‬ ‫كل واحد عىل فراشه‪ّ ،‬‬ ‫بي له فراشا ونام ّ‬ ‫الص ّ‬
‫االستخارة حسنة فبسط ّ‬
‫مرة أخرى‪ ،‬أنيّ أنام معك يف فراش واحد فوافقت‪ ،‬فقاما وناما يف فراش‬ ‫استخرت ّ‬
‫بي‬‫الص ّ‬
‫أحس ّ‬
‫ثم استخار بزعمه عىل املعانقة‪ ،‬فقال‪ :‬جاءت موافقة‪ .‬فعند ذلك ّ‬ ‫واحد‪ّ ،‬‬
‫الذكر ذهب ثلثا‬ ‫ألن احلال يف اآلثار إذا قام ّ‬ ‫الشيخ ملا يراه من تشويش باله ّ‬ ‫بخبث ن ّية ّ‬
‫بي‪ :‬إنيّ استخرت اهلل (تعاىل) أن أضع‬ ‫للص ّ‬
‫الشيخ قال ّ‬ ‫إن ّ‬‫ثم ّ‬‫بي ّ‬
‫الص ّ‬
‫العقل‪ /‬فسكت ّ‬
‫بي أنّه يوجله فيه‬ ‫الص‬
‫ّ ّ‬ ‫تيقن‬ ‫ماّ‬ ‫ل‬ ‫ف‬ ‫موافقة‪،‬‬ ‫االستخارة‬ ‫فجاءت‬ ‫نوري‬ ‫يف بطنك نورا من‬
‫ّ‬
‫الشيخ فسمع به من كان يقظان ًا فأتوه وخلصوه من نور‬ ‫صاح بأعىل صوته ناكني ّ‬
‫الشيخ وأرسلوه إىل أبيه مع أخيه‪( .)...‬املرتمجة)‪.‬‬ ‫ّ‬
‫اإل ْسال ِم ِّي‬ ‫ال ال َع َر ِب ِّي ِ‬ ‫جل ْن ِس َّي ِة يِف ال َع مَ ِ‬ ‫َما َق ْب َل امل ِْثلِ َّي ِة ا ِ‬ ‫‪254‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫الشاعر املعروف‪ ،‬وقد كان من أمره‬ ‫وقائل هذا املثل هو امرؤ القيس ّ‬
‫أنّه ّملا قتل بنو أسد أباه امللك ُحجرا؛ كان أبوه حجر قد أوىص بعد طعنه أن‬
‫يعطى امللك من بعده ملن ال جيزع عند سامع مقتله من أبنائه‪ ،‬فلماّ سمع أبناؤه‬
‫النّبأ جزعوا ك ّلهم؛ إلاّ امرأ القيس؛ كان يف جملس رشب مع نديم له يلعب‬
‫معه النّرد‪ ،‬فقال له النّاعي‪ :‬يا امرأ القيس‪ :‬قتل أبوك‪ .‬فلم يلتفت إىل قوله‬
‫بينام أمسك نديمه عن ا ّللعـب‪ ،‬فقال له امرؤ القيس‪ :‬ارضب‪ .‬فرضب‪ ،‬حتّى‬
‫ثم التفت إىل‬
‫إذا فرغ قال امرؤ القيس للنّديم‪ :‬ما كنت ألفسـد عليك لعبك‪ّ .‬‬
‫النّاعي وسأله عن أمر أبيه‪ ،‬فأنبأه النّبأ‪ ،‬فقال امرؤ القيس مقالته املشهورة‪:‬‬
‫محلني دمه كبريا اليوم مخر وغدا أمر ال صحو اليوم وال‬ ‫ض ّيعني صغريا و ّ‬
‫سكر غدا‪.‬‬
‫وحلف ألاّ يأكل حلام وال يرشب مخرا حتّى يثأر ألبيه بأن يقتل مئة‬
‫(املقوم‬
‫ّ‬ ‫من بني أسد وحيزن مئة؛ واستعان ببني بكر وبني تغلب فأعانوه‪.‬‬
‫لغوي)‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ا ّل‬
‫*****‬

‫و َله‪:‬‬
‫ِ‬
‫الغزيـر‬ ‫احلُ ْس ِ‬
‫ــن‬ ‫ذو‬ ‫فت ِ‬
‫َّان‬ ‫الـ‬ ‫بطرفِ ِ‬
‫ـــه‬ ‫املنا َم‬ ‫َ‬
‫رسق‬
‫(*)‬ ‫ِ‬
‫��دور‬ ‫ال��ص‬
‫ّ‬ ‫القلوب ِم�� َن‬
‫َ‬ ‫ط��ر‬
‫َّ‬ ‫ٌ‬
‫حــــاذق‬ ‫ُح ْس ٍ‬
‫ــن‬ ‫طِ ُ‬
‫ــراز‬

‫الرحيانة‪.454 :4 ،‬‬
‫[*] املح ّب ّي‪ ،‬نفحة ّ‬
‫طر املال ونحوه خلسه أو سلبه‪.‬‬
‫لغوي‪ :‬جاء يف املعجم الوسيط‪ّ :‬‬
‫ّ‬ ‫املقوم ا ّل‬
‫إضافة ّ‬
‫*****‬
‫الشاعر ِ‬ ‫كل ٍ‬
‫يشء‪ ،‬مها الغاي ُة التِي َ‬ ‫واهلزل َّأوالً َ‬
‫وقبل ِّ‬ ‫ُ‬ ‫والتَّسل َي ُة‬
‫يرمي‬ ‫كان َّ ُ‬
‫الش ِ‬ ‫ِ‬ ‫مثل ِ‬‫انتهاكات واع َي ٍة ِ‬
‫ٍ‬ ‫حتقيقها ِمن ِ‬ ‫ِ‬
‫عر الغزليِ ِّ ‪ ،‬إذ َ‬
‫ليس‬ ‫لتقاليد ِّ‬ ‫هذه‬ ‫وراء‬ ‫ْ‬ ‫إىل‬
‫اعر “احلقيق َّي ِة”‬
‫الش ِ‬ ‫ِ‬
‫مواقف َّ‬ ‫الكشف عن‬
‫َ‬ ‫األبيات املن ُقو َل ِة يف أعال ُه‬
‫ِ‬ ‫القصدُ ِم َن‬
‫ْ‬
‫جلما ِل ُّيون‬ ‫الثا ِني‪ :‬ا َ‬ ‫الفص ُل َّ‬ ‫ْ‬
‫‪255‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫شعر‬ ‫لعوب مس ِّل َي ٍة ِم ْن ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬


‫إسهامات‬ ‫حمض‬ ‫األبيات َ‬ ‫ُ‬ ‫تكون ِ‬
‫هذه‬ ‫ُ‬ ‫احلب‪ ،‬وقدْ‬ ‫ِّ‬ ‫نحو‬
‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫جمتم ٍع‬ ‫املنظور التَّهكُّم ُّي ‪ -‬االختزاليِ ُّ يف َ‬ ‫يميل‬ ‫عروف‪ .‬ومع هذا‪ُ ،‬‬ ‫املجون ا َمل ُ‬
‫(‪)1‬‬
‫ُ‬
‫ورس َّيتِ ِه‪...‬‬ ‫الس ِّيد ِّ‬
‫ِ‬
‫وج وزوجته أو َّ‬
‫ِِ‬ ‫الز ِ‬ ‫بني َّ‬ ‫والشهو َة فيام عدا ما َ‬ ‫الرغب َة َّ‬ ‫حير ُم َّ‬ ‫ِّ‬
‫داقي ِة احلديثِ‬ ‫رفض مص ِ‬ ‫ف ُ‬ ‫ِ‬
‫يميل إىل االقرتان باستهجان عا ٍّم للعشق! ويؤ ِّل ُ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬
‫ْ َّ‬
‫ٍ‬
‫رواية‬ ‫فهو َشهيدٌ ) ويف‬ ‫املنس ِ‬ ‫اآلتيِ‬
‫فامت َ‬ ‫َ‬ ‫فعف‬
‫َّ‬ ‫عشق‬ ‫َ‬ ‫َّبي‪َ ( :‬م ْن‬ ‫وب اىل الن ِّ‬ ‫ُ‬
‫بوص ِف ِه‬ ‫غفر اهللُ له وأدخ َل ُه اجلنّ َة) ْ‬ ‫رب َ‬ ‫وص َ‬ ‫وعف َ‬ ‫َّ‬ ‫وكتم‬
‫َ‬ ‫عشق‬
‫َ‬ ‫أخرى‪َ ( :‬م ْن‬ ‫َ‬
‫ِ (‪)2‬‬ ‫ِ‬ ‫اخلص ِ‬
‫ائص املم ِّي َزة هلذا املوقف‪ .‬ويستندُ‬ ‫َ‬ ‫ف أحدَ‬ ‫موضوع ًا‪ ...‬يؤ ِّل ُ‬ ‫حديث ًا ُ‬
‫اضطرار ٌّي يستبدُّ‬ ‫ِ‬ ‫يكون مميت ًا‪ ،‬وأ َّن ُه‬ ‫ُ‬ ‫العشق قد‬ ‫َ‬ ‫أن‬ ‫َني‪ ،‬مها َّ‬ ‫احلديث إىل فرض َّيت ِ‬ ‫ُ‬
‫دمج‬ ‫نحو ِ‬ ‫ِ‬ ‫جمتم َعت ِ‬ ‫َني ِ‬ ‫أن الفرض َّيت ِ‬ ‫ويظهر جل َّي ًا َّ‬ ‫خص رغ ًام عنه!‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬
‫َني تنزعان َ‬ ‫ُ‬ ‫بالش‬
‫وكان‬‫َ‬ ‫ِ‬
‫اعون‪،‬‬ ‫املرض ‪ /‬ال َّط‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫بفعل‬ ‫ال أو‬ ‫املوت قت ً‬ ‫ِ‬ ‫ال ـ‬ ‫املوت عشق ًا مع ـ مث ً‬ ‫ِ‬
‫هيد عىل امل ُتوفىَّ‬ ‫الش ِ‬ ‫غان ِصف َة َّ‬ ‫َني تسبِ ِ‬ ‫َني األخريت ِ‬ ‫أن املِي َتت ِ‬ ‫االعتقا ُد شائع ًا يف َّ‬
‫َ‬
‫ِ ِ (‪)3‬‬
‫بسببهام‪.‬‬

‫احلديث بالفرض َّي ِة ال َّثانِ َي ِة‪ ،‬إذ‬


‫ِ‬ ‫ون هلذا‬ ‫افض َ‬
‫الر ُ‬ ‫مقابل ذلِ َك‪ ،‬يشك ُ‬
‫ِّك َّ‬ ‫َ‬
‫متأت ِم ْن خمال َف ِة التَّحري ِم الدِّ ينِ ِّي للن ِ‬
‫َّظر‬ ‫العشق‬ ‫ِ‬
‫الفقهاء َّ‬
‫أن‬ ‫بعض ِم َن‬
‫ِّ‬ ‫َ‬ ‫َيرى ٌ‬
‫َّامدي يف خمال َف ِة‬ ‫الذي قد ينجم عن الت ِ‬ ‫لامن؛ م َث ُله م َث ُل السك ِْر ِ‬
‫والغ ِ‬ ‫ِّساء ِ‬ ‫إىل الن ِ‬
‫ُ‬ ‫ُّ‬ ‫ُ َ‬
‫والقاض الفلسطينِ ِّي‬ ‫يِ‬ ‫ِ‬
‫الفقيه‬ ‫اخلمر‪ )4(.‬وعىل ِ‬
‫وفق‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫لرشب‬ ‫التَّحري ِم الدِّ ينِ ِّي‬

‫العريب» ‪.24‬‬
‫ّ‬ ‫ميسمي‪« ،‬شعر املجون‬
‫ّ‬ ‫  طرح هذه املسألة‬ ‫(((‬
‫نيوي بني‬
‫احلب الدّ ّ‬
‫ّ‬ ‫  هذا احلديث واجلدل الذي احتدم حوله ناقشه غفن يف نظر ّية‬ ‫(((‬
‫العرب‪.115-99 ،‬‬
‫يغسل أو يك ّفن أو (عىل‬ ‫ّ‬
‫  الشهيد يف الشرّ يعة اإلسالم ّية الذي يدفن من دون أن ّ‬ ‫(((‬
‫وفق بعضهم) يصلىّ عليه‪ ،‬هو املسلم الذي يموت مقاتال من أجل دينه‪ .‬إلاّ أن‬
‫الشهادة للمسلمني الذين ماتوا يف سبيل املثال من ال ّطاعون أو‬
‫الفقهاء منحوا رتبة ّ‬
‫املرأة متوت أثناء الوالدة‪ ،‬أو قتلوا وغريها من احلاالت كالغرق‪ .‬ويتبع األسلوب‬
‫ّقليدي يف دفن هؤالء ويعتقد يف أنهّ م يدخلون اجلنّة من دون حساب‪ .‬انظر‬ ‫ّ‬ ‫الت‬
‫كوهلبريغ‪ّ ،‬‬
‫«الشهيد»‪.‬‬
‫الكرمي يف منية‬
‫ّ‬ ‫نيوي» ‪ .129-127‬وفكرة مثل هذه طرحها‬ ‫احلب الدّ ّ‬
‫  غفن‪« ،‬نظر ّية ّ‬ ‫(((‬
‫املح ّبني‪ ،‬صفحة ‪24‬أ‪ -‬ب‪.‬‬
‫اإل ْسال ِم ِّي‬ ‫ال ال َع َر ِب ِّي ِ‬ ‫جل ْن ِس َّي ِة يِف ال َع مَ ِ‬ ‫َما َق ْب َل امل ِْثلِ َّي ِة ا ِ‬ ‫‪256‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ِ‬
‫الغفلة‬ ‫َّظر يؤ ِّدي إىل‬ ‫إدمان الن ِ‬
‫َ‬ ‫فارينِ ِّي ( ُتوفيِّ َ سن َة ‪1774‬م)‪َّ :‬‬
‫فإن‬ ‫الس ِ‬ ‫ٍ‬
‫حممد َّ‬ ‫َّ‬
‫والعشق‬ ‫ِ‬
‫كأس اخلمر‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫عن اهللِ واليو ِم اآلخر‪ ،‬ويحُ ُ‬
‫ُ‬ ‫دث َسك َْر َة العشق‪( :‬النَّظر ُة ُ‬
‫الر ِ‬ ‫ِ‬ ‫ور االختزاليِ ُّ والتَّهك ُِّم ُّي‬
‫أي‬ ‫واضح كذل َك يف َّ‬ ‫ٌ‬ ‫للحب‬
‫ِّ‬ ‫َسك َْر ُت ُه)‪ .‬واملن ُظ ُ‬
‫(‪)1‬‬

‫ِ‬
‫سائل‬ ‫املفرط للمنِ ِّي أو‬
‫ِ‬ ‫َّاجم عن الترَّ اك ِم‬ ‫َّأثري الن ُ‬
‫العشق هو الت ُ‬ ‫َ‬ ‫الذي يفيدُ َّ‬
‫أن‬ ‫ِ‬
‫وجة أو‬ ‫الز ِ‬ ‫عالج ُه تبع ًا لذلِ َك بمجا َم َع ِة َّ‬ ‫تراكم يمك ُن‬ ‫جل يف اجلس ِم؛ وهو‬ ‫الر ِ‬
‫ُ‬ ‫ٌ‬ ‫َّ‬
‫احب‬ ‫ِ‬ ‫حمي الدَّ ِ‬ ‫ٍ‬
‫عارض ُه باستياء بال ٍغ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫السلط ُّي َّص ُ‬ ‫ين َّ‬ ‫َ‬ ‫أي الذي‬ ‫الر ُ‬
‫وهو َّ‬ ‫السرُّ ِّ َّية؛ َ‬
‫(‪)2‬‬ ‫ِ‬
‫[للعشق]‪.‬‬ ‫الرؤ َي ِة «املثالِ َّي ِة»‬ ‫ُّ‬
‫حاب املن ُظ ِ‬
‫ور «املثاليِ ِّ »‬ ‫الذي يت ُ‬‫املوقف السلبِي ِ‬
‫ِ‬ ‫الرغ ِم ِم َن‬
‫أص ُ‬
‫َّخذ ُه ْ‬ ‫َّ ِّ‬ ‫وعىل ُّ‬
‫ِ‬
‫املوقف‬ ‫أص ِ‬
‫حاب‬ ‫الذي يشرتك َ‬ ‫املوقف ِ‬ ‫هوة ا ُمل َح َّر َم ِة؛ وهو‬
‫الش ِ‬‫نحو َّ‬
‫ُون فيه مع ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫احلب‪.‬‬
‫ِّ‬ ‫ون بموقف إجيابيِ ٍّ للغاية َ‬
‫نحو‬ ‫«الواقع ِّي» إلاَّ أنهَّ ُم حيتف ُظ َ‬

‫َّاميز القائ ِم‬ ‫احلفاظ عىل الت ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫نجاح ِهم يف‬ ‫ِ‬
‫املواقف إىل‬ ‫بني‬
‫اجلمع َ‬ ‫ويستندُ هذا‬
‫ُ‬
‫ني عن‬ ‫املتحمس َ‬‫ِ‬ ‫ني‬ ‫ِ‬
‫أكثر املدافع َ‬ ‫سيِ‬ ‫ِ‬
‫َني‪ ،‬إذ صرَ َح عبدُ الغن ِّي النَّابل أحدَ ِ‬ ‫بني االثن ِ‬ ‫َ‬
‫ِّ‬ ‫ُّ‬ ‫َّ‬
‫الشهوة) َّ‬
‫وأن‬ ‫ِ‬ ‫خالف َّ‬‫ُ‬ ‫بأن‪( :‬املح َّب َة‬ ‫ِ‬
‫املبكرة َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫العذر ِّي يف احلقبة العثامن َّية‬ ‫ِ‬ ‫احلب‬
‫َ‬ ‫ِّ‬
‫الشعراء يف مناسباتٍ‬ ‫وف ِّ‬
‫(خالف العنا َد) وعبرَّ َ ُّ ُ‬ ‫َ‬ ‫لكل َم ْن‬ ‫عر ٌ‬ ‫األمر َم ُ‬ ‫هذا‬
‫(‪)3‬‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫طرز‬ ‫احلي ُ‬ ‫العذر ِّي ورؤيت ِهم له‪ ،‬وقدْ بينَّ َ هذا عبدُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫كثرية عن طبيعة عشق ِهم‬ ‫ٍ‬
‫ِّ‬ ‫َ‬
‫يقول‪:‬‬ ‫حيث ُ‬ ‫ِ‬
‫الرحيان يف حديثه إىل حمبوبِه ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َّ‬
‫ليس يدخ ُلهــا‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫العفاف ِمن دنِ ٍ‬
‫الســـوء َ‬ ‫مداخل ُّ‬ ‫ف‬ ‫َ ْ َ‬ ‫أ َمــا عر ْف َ‬
‫ـت‬

‫ليس تقب ُلـها‬ ‫الشــــر ِع‬ ‫مذاهب َّ‬ ‫ٍ‬


‫فاحشـــة‬ ‫َّ‬
‫كــــل‬ ‫يأنـف طبعــه‬‫ُ‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫ــجون ِ‬
‫موئ ُلها‬ ‫ِ‬ ‫فهو ألهــِل ُّ‬
‫الش‬ ‫اهلوى عىل ِصــ َغ ٍر‬ ‫َ‬ ‫ُغ ِذي‬
‫(*)‬
‫َ‬ ‫لبان َ‬

‫فاريني‪ ،‬غذاء األلباب يف رشح منظومة اآلداب‪.72 :1 ،‬‬


‫ّ‬ ‫الس‬
‫((( ّ‬
‫الكرمي‪ ،‬منية املح ّبني‪ ،‬صفحة‬
‫ّ‬ ‫لطي‪ ،‬صبابة ا ُملعاين‪ ،129-127 ،‬قارن من‬
‫  الس ّ‬
‫((( ّ‬
‫‪32‬أ‪-‬ب‪.‬‬
‫ّابليس‪ ،‬غاية املطلوب‪.18 ،‬‬
‫(((   الن ّ‬
‫جلما ِل ُّيون‬ ‫الثا ِني‪ :‬ا َ‬ ‫الفص ُل َّ‬ ‫ْ‬
‫‪257‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫[*] املح ّب ّي‪ ،‬خالصة األثر‪.329 :2 ،‬‬

‫*****‬
‫السماَّ ُن ( ُتوفيِّ َ سن َة ‪1759‬م) ُ‬
‫يقول‪:‬‬ ‫وصرَ َّ َح َّ‬
‫حممدُ سعيدُ َّ‬
‫احلجر األصم‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫يقص ُم‬ ‫مـالم ًا‬ ‫دعونِــي والغرا َم وال تطي ُلوا‬

‫َ‬
‫الفحشاء َصـم‬ ‫ٌ‬
‫أذن عن‬ ‫وليِ‬ ‫مســـــتقيم‬ ‫قلـــب عليه‬ ‫ِ‬
‫فلـــي‬
‫(*)‬
‫ٌ‬ ‫ٌ‬

‫السمع‪ .‬وإنّام حذفت اهلمزة جلواز ذلك حيث‬


‫الصمم" وهو عدم ّ‬
‫[*] صماّ ‪ :‬صماّ ء "من ّ‬
‫الزيادة وكذا هنا لتناسب القافية‪.‬‬
‫إنهّ ا من أحرف ّ‬
‫الزيادة يف العرب ّية عرش جيمعها قولك‪ :‬اليوم تنساه‪ ،‬أو قولك‪:‬‬ ‫يشار إىل ّ‬
‫أن أحرف ّ‬
‫لغوي)‪.‬‬
‫ّ‬ ‫(املقوم ا ّل‬
‫ّ‬ ‫سألتمونيها‪.‬‬
‫*****‬

‫محن ب ُن أمحدَ املنينِ ُّي‪:‬‬


‫الر ِ‬ ‫َ‬
‫وقال عبدُ َّ‬
‫ُصــم‬ ‫األسامع‬
‫ُ‬ ‫عنهم‬
‫ُ‬ ‫فو َّل ْت‬ ‫ون وعنَّفونِـــي‬ ‫حل��انيِ العاذ ُل َ‬
‫ِ‬
‫الفحشاء َصم‬ ‫ٌ‬
‫أذن عن‬ ‫ويل‬ ‫أســـمع مقا َلت َُهــــم ب ُلـو ٍم‬
‫ْ‬ ‫ومل ْ‬
‫(*)‬

‫املرادي‪ ،‬سلك الدّ رر‪.54 :3 ،‬‬


‫ّ‬ ‫[*]‬
‫الر َ‬
‫جل حلي ًا المه وشتمه وعنّفه‪ ،‬وهو‬ ‫جل ّ‬‫الر ُ‬
‫لغوي‪ :‬يف ا ّللسان‪ :‬حلا ّ‬
‫ّ‬ ‫املقوم ا ّل‬
‫إضافة ّ‬
‫ملحي‪.‬‬
‫ٌّ‬
‫*****‬

‫احلقبة بعنايتِ ِه املفر َط ِة‬


‫ِ‬ ‫الشعر الغزليِ يف ِ‬
‫هذه‬ ‫ُّ‬ ‫ف ِّ ُ‬ ‫سبق‪ُ ،‬ع ِر َ‬‫وإضاف ًة إىل ما َ‬
‫ِ‬
‫األديب الدِّ مشق ُّي‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫العذر ِّي م ْن طرف واحد‪ ،‬إذ بينَّ َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫املأسو ِّي‬ ‫احلب‬ ‫بوص ِ‬
‫ف‬
‫ُ‬ ‫ِّ‬ ‫ْ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ال يف نقده إحدَ ى‬ ‫َّاح املالك ُّي ( ُتوفيِّ َ سن َة ‪ 1567‬ـ ‪1568‬م) مث ً‬ ‫ِ‬ ‫عبدُ الفت ِ‬
‫اختيار ِه مفرد َة «الكري ِم» لوصفِ‬ ‫ِ‬ ‫اعر مل ْ يك ْن مو َّفق ًا يف‬ ‫أن َّ‬ ‫القص ِ‬
‫ائد‪َّ ،‬‬
‫ْ‬ ‫َ َ‬ ‫الش َ‬ ‫َ‬
‫اإل ْسال ِم ِّي‬ ‫ال ال َع َر ِب ِّي ِ‬ ‫جل ْن ِس َّي ِة يِف ال َع مَ ِ‬ ‫َما َق ْب َل امل ِْثلِ َّي ِة ا ِ‬ ‫‪258‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫املحبوب‬
‫ُ‬ ‫إن أرا َد به الكر َم ففاسدٌ معن ًَى‪ ،‬إذ‬ ‫أن قو َل ٌه‪ٌ :‬‬
‫كريم‪ْ ،‬‬ ‫ِ‬
‫املحبوب‪( :‬ومنها َّ‬
‫اعر‪:‬‬ ‫قال َّ‬
‫الش ُ‬ ‫ِ‬
‫بالبخل‪َ .‬‬ ‫ف‬ ‫وص ُ‬‫ف به‪ ،‬وإنَّام ُي َ‬
‫وص ُ‬ ‫ال ُي َ‬
‫(*)‬
‫أن يك َّن ِشحاحا‬ ‫ِ‬
‫ومـ َن املكار ِم ْ‬ ‫ِ‬
‫نسائ ِهم‬ ‫ِ‬
‫بخل‬ ‫غري‬
‫فيهم ُ‬ ‫عيب ِ‬‫َ‬ ‫ال‬

‫احلنبيل‪ ،‬درر احلبب‪.149-148 :1 ،‬‬


‫ّ‬ ‫[*] ابن‬
‫لغوي‪:‬‬
‫ّ‬ ‫املقوم ا ّل‬
‫إضافة ّ‬
‫ومن املكارم أن يك ّن شـــحاحا‬ ‫ال عيب فيهم غري بخل نسائهم‬
‫تسمى هذه ال ّطريقة يف االستثناء يف العرب ّية‪ :‬تأكيد املدح بام يشبه ّ‬
‫الذ ّم‪ ،‬ويقابلها‬ ‫ّ‬
‫ضدّ ها وهو تأكيد ّ‬
‫الذ ّم بام يشبه املدح كقولك عن رجل‪ :‬هو سارق غري أنّه نماّ م‪.‬‬
‫فإن قائل هذا البيت يمدح نساء القوم بام يبدو يف ال ّظاهر أنّه ذ ّم‪.‬‬
‫وهكذا ّ‬
‫*****‬

‫احلنف ُّي ( ُتوفيِّ َ سن َة ‪1763‬م) يف َق ِصيدَ ٍة‬


‫ف ِ‬ ‫يوس ُ‬ ‫واستشهدَ الفقي ُه املصرْ ِ ُّي ُ‬
‫ِ‬
‫املعذري َن‪:‬‬ ‫ني‬ ‫املعش ِ‬
‫وق َ‬ ‫أحد ُ‬ ‫أخرى بام أخربه به عن ِ‬
‫َُ‬ ‫َ‬
‫أو ينثنِـــي ُم َ‬
‫غضـــب ًا وحيتدْ‬ ‫ــت ِص ْلنِي ي��زدا ُد تيه ًا‬ ‫إن ق ْل ُ‬‫ْ‬

‫يقـول يف مذهبِـــي ق��د ارت��دْ‬


‫ُ‬ ‫ٍ‬
‫ليــل‬ ‫ِ‬
‫بجنـح‬ ‫أو ق ْل ُت ُز ْرنِـي‬
‫(*)‬ ‫نال املنَى ِم ْن ِو َص ِ‬
‫ال أغيدْ‬ ‫َ‬ ‫املحـب يوم ًا‬
‫َّ‬ ‫ــت‬
‫متَــى رأ ْي َ‬

‫املرادي‪ ،‬سلك الدّ رر‪.243 :4 ،‬‬


‫ّ‬ ‫[*]‬
‫لغوي‪:‬‬
‫ّ‬ ‫املقوم ا ّل‬
‫إضافة ّ‬
‫األغيد لينّ األعطاف النّاعم املتثنّي يف مشيته‪.‬‬
‫*****‬
‫ِ‬
‫األحيان إىل‬ ‫بعض ِم َن‬
‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫العشق يف‬ ‫وع‬
‫موض َ‬‫ناقشوا ُ‬ ‫ون ِ‬
‫الذي َن ُ‬ ‫وين ِّب ُه الباح ُث َ‬
‫(املحبوب مريدٌ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫جامع بعاشقه‪:‬‬ ‫وق ألاَّ جيم َع ُه‬ ‫املفار َق ِة اآلت َي ِة‪ :‬يتمنَّى ُ‬
‫املعش ُ‬
‫ُ‬ ‫ٌ‬ ‫َ‬
‫جلما ِل ُّيون‬ ‫الثا ِني‪ :‬ا َ‬ ‫الفص ُل َّ‬ ‫ْ‬
‫‪259‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫يقف عىل‬‫أن َ‬ ‫ِ‬


‫احلقيق ِّي ْ‬ ‫ِ‬
‫بالعاشق‬ ‫رت ُض‬ ‫ُ ِ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬
‫املعشوق) و ُيف َ‬ ‫الفراق مرا ُد‬ ‫للفراق؛‬
‫جيتمع‬
‫َ‬ ‫يكتم رغب َت ُه يف ْ‬
‫أن‬ ‫أن َ‬ ‫رغبات حبيبِ ِه ويل ِّبيها‪ ،‬ويتعينَّ ُ عليه بنا ًء عىل ذلِ َك ْ‬ ‫ِ‬
‫الشعرا ُء الغزلِ ُّي َ‬
‫ون يف‬ ‫فارق!!‪ .‬ويعبرِّ ُ ُّ‬ ‫استنتاج ٌ‬
‫ٌ‬ ‫وق ِه‪ )1(.‬وهذا يف الواق ِع‬ ‫بمعش ِ‬ ‫ُ‬
‫وق ِيهم؛ وعن‬ ‫معش ِ‬
‫بعد ِهم عن ُ‬ ‫بسبب ِ‬‫ِ‬ ‫باحلزن ِ‬
‫ووهل ِهم‬ ‫ِ‬ ‫شعور ِهم‬
‫ِ‬ ‫العادة عن‬ ‫ِ‬
‫اعر إىل‬ ‫يلمح َّ‬ ‫أشواق ِهم يف املستق َب ِل‪ .‬وقدْ‬‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ال» ِ‬ ‫«وص ٍ‬ ‫لهِِ‬
‫الش ُ‬ ‫ُ‬ ‫نريان‬ ‫يطف ُئ‬ ‫آما م يف َ‬
‫َ‬
‫وقتذاك‬ ‫املاض ابتغا َء مقارن َِة سعادتِ ِه‬ ‫بني العاش َق ِ » يف يِ‬
‫ينْ‬ ‫ال َ‬ ‫«الوص ِ‬
‫َ‬ ‫كان ِم َن‬‫ما َ‬
‫ِ‬
‫احلارض‪.‬‬ ‫بعذابِ ِه وتعاستِ ِه يف‬
‫الش ِ‬
‫عر‬ ‫هذه‪ ،‬الس َّيام يف هذا النَّو ِع ِم َن ِّ‬ ‫ال» ِ‬ ‫«الوص ِ‬
‫َ‬ ‫مواقف‬
‫ُ‬ ‫وليس ْت‬
‫َ‬
‫توكيد ال َّطاب ِع العفيفِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫حي ًة بلحظ‬ ‫ِ‬
‫الشعراء عىل‬ ‫حرص ُّ‬ ‫مواقف جنس َّي ًة صرَ َ‬‫َ‬
‫ِ‬
‫اعر الدِّ مشق ِّي أمحدَ الكيوانيِ ِّ ( ُتوفيِّ َ‬‫الش ِ‬ ‫حرص َّ‬ ‫َ‬ ‫ونستذكر يف هذا املقا ِم‬
‫ُ‬ ‫حل ِّب ِهم‪.‬‬
‫وصاالً باملعنَى‬ ‫وق ِه‪ِ ،‬‬
‫فه َي مل ْ تك ْن َ‬
‫بمعش ِ‬
‫ُ‬ ‫طبيعة عالقتِ ِه‬
‫ِ‬ ‫سن َة ‪1760‬م) عىل ِ‬
‫بيان‬
‫ول‬‫اعر جم ُب ٌ‬ ‫الش ِ‬ ‫طبع َّ‬ ‫الت‪َّ ،‬‬ ‫ووعود و ُقب ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫َ‬ ‫املتعار ِ‬
‫ألن َ‬ ‫ُ‬ ‫أحاديث‬ ‫حمض‬ ‫ف عليه‪ ،‬بل َ‬ ‫َ‬
‫ً (‪)2‬‬
‫خياف رقيب ًا أو مالما‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬
‫عىل الع َّفة ال أل َّن ُه‬

‫معشو َق ُه الغال َم عىل التَّع ُّط َ‬


‫ف‬ ‫رباو ُّي ُ‬ ‫الش ِ‬
‫وحث الفقي ُه املصرْ ِ ُّي عبدُ اهللِ َّ‬
‫َّ‬
‫ٍ‬
‫واحد يف العا ِم‪:‬‬ ‫ٍ‬
‫بلقاء‬ ‫عليه ولو‬
‫كل عــا ْم‬ ‫لِ َك با ِّللقــــا فـي ِّ‬ ‫وصـــــا‬ ‫َ‬ ‫ألقنــع ِم ْن‬‫ُ‬ ‫إنيِّ‬

‫بــــك واهلُيــــا ْم‬‫َ‬ ‫وتو ُّل ِعـي‬ ‫ــك حرقتِـي‬ ‫فارحــم بح ِّق َ‬ ‫ْ‬
‫ــك يف املنــا ْم‬ ‫َط ِيف َ‬ ‫ِ‬
‫بخيال‬ ‫لك لـي ولو‬ ‫بوص َ‬‫ْ‬ ‫واسمح‬
‫ْ‬

‫انســجا ْم‬ ‫فيـــــه‬ ‫وبمدمــ ٍع‬ ‫ٍ‬


‫ناحـــــل‬ ‫بجســ ٍم‬ ‫وارفق‬
‫ْ‬

‫الروض النّرض‪.40-39 :1 ،‬‬


‫العمري‪ّ ،‬‬
‫ّ‬ ‫  الكرمي‪ ،‬منية املح ّبني‪ ،‬صفحة‪28 ،‬أ؛ عثامن‬
‫ّ‬ ‫(((‬
‫الكيواين‪ ،‬الدّ يوان‪.100 ،‬‬
‫ّ‬ ‫(((   أمحد‬
‫اإل ْسال ِم ِّي‬ ‫ال ال َع َر ِب ِّي ِ‬ ‫جل ْن ِس َّي ِة يِف ال َع مَ ِ‬ ‫َما َق ْب َل امل ِْثلِ َّي ِة ا ِ‬ ‫‪260‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ْـت ِم�� ْن قــو ٍم كـــرا ْم‬


‫ِل فأن َ‬ ‫القبـــو‬ ‫ِ‬
‫ـــالت‬ ‫لوص‬
‫ْ‬ ‫وعُ��دْ‬

‫يف َصــ ِّب َك القــــو َم ا ِّللئـا ْم‬ ‫ِ‬


‫أنا َم ْن عر ْف َت فال تط ْ‬
‫ــع‬

‫احلرا ْم‬ ‫يف‬ ‫يطمـع‬


‫ُ‬ ‫فليس‬
‫َ‬ ‫ِم‬ ‫احلــــرا‬ ‫َ‬
‫دون‬ ‫ما‬ ‫و َأنِ ْلـــ ُه‬

‫َمــالم‬ ‫ا َملــو َلـــى‬ ‫ُ‬


‫ينـال‬ ‫ي‬ ‫ـــل ِم ْث ِلــــ‬
‫ِم ْث ِ‬ ‫واهللِ ما فيِ‬

‫(*)‬
‫أرجــو بـــه ُح ْس َن اخلتا ْم‬ ‫تصـــــبرُّ ِ ي‬
‫َ‬ ‫ُح ْســ َن‬ ‫لك َّن‬

‫رباوي‪ ،‬الدّ يوان‪.07-96 ،‬‬


‫ّ‬ ‫[*] ّ‬
‫الش‬
‫لغوي‪:‬‬
‫ّ‬ ‫املقوم ا ّل‬
‫إضافة ّ‬
‫احلب والتّعلق باملحبوب لدرجة اجلنون‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ـ التّو ُّلع‪ :‬شدّ ة الولع ـ الولوع؛ وهو شدّ ة‬
‫ت العني الدّ مع ت َْس ِج ُمه وت َْس ُج ُمه َس ْجام‬ ‫ـ االنسجام‪ :‬السجم‪ .‬ويف اللسان‪ :‬سجم ِ‬
‫َ َ َ‬ ‫ّ ْ ُ‬
‫وس َيالنه قليال كان أو كثريا‪.‬‬ ‫وس َجامنا‪ ،‬وهو َق َطران الدّ مع َ‬
‫وس ُجوما َ‬ ‫ُ‬
‫الشوق أو ر ّقته وحرارته‪.‬‬
‫الصبابة وهي ّ‬
‫ب من يعاين ّ‬
‫الص ّ‬
‫ـ ّ‬
‫ـ ال ّتصبرّ ‪ :‬تك ّلف ّ‬
‫الصرب‪.‬‬
‫*****‬

‫العشار ُّي ( ُتوفيِّ َ سن َة ‪1781‬م) تقريب ًا‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫العراق ُّي ُح َسينْ ُ‬ ‫اعر‬ ‫ونظم َّ‬
‫الش ُ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫يقول فيها‪ :‬إ َّن ُه قد َثم َل م ْن‬
‫حممد َا ُ‬ ‫َق ِصيدَ ًة بعدَ ْ‬
‫َّبي َّ‬‫أن رأى يف املنا ِم أ َّن ُه يق ِّب ُل الن َّ‬
‫ٍ‬
‫حرية وصرَ َفا‬ ‫حمم ٍد] َّ‬
‫وإن ُق ْر َب ُه وبرك َت ُه قد أوق َعا ُه يف‬ ‫ِ‬ ‫وص ِل‬
‫َّبي َّ‬ ‫احلبيب [أي الن ِّ‬ ‫ْ‬
‫كان ليجرأ عىل استعاملِ‬ ‫اعر َ‬ ‫أن َّ‬ ‫يستحيل ـ خت ُّي ُل َّ‬‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫انتباه ُه‪.‬‬
‫الش َ‬ ‫ويتعذ ُر ـ بل‬ ‫َ‬
‫(‪)1‬‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫أن يوح َي‬ ‫تم ُل ْ‬‫كان ُيتو َّق َع أو يحُ َ‬ ‫السياق املحدَّ د إذا َ‬ ‫«و ْص ٍل» يف هذا ِّ‬ ‫مفر َدة َ‬‫َ‬
‫استعاملهُ ا فكر َة اجلامعِ‪.‬‬

‫ور ِة ـ عفيف ًا مث َلام حل ْظنا يف‬ ‫ِ‬


‫الصورة ـ بالضرَّ َ‬
‫ِ‬
‫عر عىل هذه ُّ‬ ‫ومل ْ يك ْن ِّ‬
‫الش ُ‬

‫  العشاري‪ ،‬الدّ يوان‪.218 ،‬‬


‫ّ‬ ‫(((‬
‫جلما ِل ُّيون‬ ‫الثا ِني‪ :‬ا َ‬ ‫الفص ُل َّ‬ ‫ْ‬
‫‪261‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ِ‬
‫للغاية‪،‬‬ ‫بعض ُه بذيئ ًا وفاحش ًا‬ ‫يكون ُ‬ ‫ُ‬ ‫راسة احلالِ َّي ِة‪ ،‬وقدْ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫األمثلة يف الدِّ‬ ‫بعض ِم َن‬
‫ٍ‬
‫“البذيء” ووجو ُد ُه‬ ‫ِ‬ ‫املحتوى‬ ‫تعايش‬‫ُ‬ ‫وليس هذا غريب ًا أو جديد ًا‪ ،‬إذ ُي ُ‬
‫لحظ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫تصوير ـ‬ ‫دأب عىل ْ‬ ‫الشعر العربيِ ِّ َ‬ ‫جنب مع تقليد يمتدُّ قدي ًام يف ِّ‬ ‫ٍ‬ ‫جنب ًا إىل‬
‫جامعة برنستن (اندراس بيرت هاموري‬ ‫ِ‬ ‫ات الشرَّ ِق َّي ِة يف‬ ‫أستاذ الدِّ راس ِ‬ ‫ِ‬ ‫ب‬‫بحس ِ‬
‫َ‬ ‫ْ‬
‫ِ‬
‫والعفيف وا ُملهل َك‬ ‫الص َ‬
‫ادق‬ ‫ـ ‪َّ )Andras Peter Hamori‬‬
‫َ‬ ‫(احلب َّ‬ ‫َّ‬ ‫أن‬
‫واملعش ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ (‪)1‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وق يف هذا‬ ‫ُ‬ ‫العاشق‬ ‫َّسم العالق ُة َ‬
‫بني‬ ‫م َن األشياء بعيدَ ة املنال)‪ .‬وتت ُ‬
‫ِ‬
‫اجلنس‬ ‫تساوق ِ‬
‫بنائ ٍّي مع‬ ‫ٍ‬ ‫بافتقارها إىل‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫األغلب‬ ‫األعم‬ ‫عر يف‬ ‫الش ِ‬ ‫النَّو ِع ِم َن ِّ‬
‫ِّ‬
‫امل‬ ‫بج ِ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫العالقة ال َّط َ‬ ‫ِ‬ ‫(الذك َِر) يف ِ‬ ‫العاشق َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫املفتون َ‬ ‫اخلاض َع‬ ‫رف‬ ‫هذه‬ ‫متثيل‬ ‫جلهة‬
‫(صب َّي ًا َ‬ ‫ِِ‬ ‫الذي ال َ‬ ‫وق ِ‬ ‫املعش ِ‬
‫دائم‬‫فهو ُ‬ ‫كان أ ْم امرأةً) َ‬ ‫وصاله والتَّن ُّع ِم به َ‬ ‫سبيل إىل َ‬ ‫ُ‬
‫ف معه‪.‬‬ ‫مح ُه ويتل َّط َ‬ ‫أن ير َ‬ ‫يرجو ُه ْ‬ ‫قاس ُ‬ ‫وق متمنِّ ٍع ٍ‬ ‫ملعش ٍ‬ ‫َّوس ِل والتَّذ ُّل ِل ُ‬ ‫الت ُّ‬
‫األمر‬ ‫ِ‬
‫البغداد ُّي ( ُتوفيِّ َ سن َة ‪1682‬م) هذا‬ ‫ِ‬
‫القادر‬ ‫رشح الفقي ُه عبدُ‬ ‫وقدْ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫يذكر ما تقدَّ َم ْ‬ ‫جيوز له ْ‬
‫الغزل](‪ُ )2‬‬‫ِ‬ ‫شعر‬ ‫بقولِ ِه‪( :‬النَّاسب ِ‬
‫وأن‬ ‫أن َ‬ ‫ينظم َ‬ ‫ُ‬ ‫[الذي‬ ‫ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الصبابة وفرط الوجد وا َّللوعة واالنحالل وعد ِم‬ ‫ِ‬ ‫جمهو َد ُه فيام ُّ‬ ‫ِ‬
‫يدل عىل َّ‬ ‫يفر َغ ُ‬
‫ِ‬
‫اإلباء‬ ‫يدل عىل‬‫َّب ما ُّ‬ ‫وجيب ْ‬ ‫ِ‬ ‫الص ِرب وما أش َب َه ذلِ َك ِم َن التَّذ ُّل ِل‬
‫أن جيتن َ‬ ‫ُ‬ ‫والوله‪،‬‬ ‫َّ‬
‫ُّ ِ (‪)3‬‬ ‫ِ‬
‫َّخش ِن والتَّجلد)‪.‬‬ ‫والعزة والت ُّ‬
‫َّ‬
‫ِ‬
‫للعالقة‬ ‫َّوص ِ‬
‫يفات األدبِ َّي َة‬ ‫وخيالف هذا ال َّت يح خما َل َف ًة حي ًة الت ِ‬ ‫ُ‬
‫صرَ َ‬ ‫صرْ ُ‬
‫الفاعل يف العالقةِ‬ ‫ُ‬ ‫كر الشرَّ ُ‬
‫يك‬ ‫حيث يؤ َّكدُ َّ‬‫ُ‬ ‫اجلنس َّي ِة أو اإلملاحات إليها‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الذ ُ‬
‫ور‬ ‫الص ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫املستسل ِم‬ ‫ِ‬
‫األعامل» إىل ُّ‬ ‫«قلب‬
‫ُ‬ ‫واملنفعل‪ .‬ويمتدُّ‬ ‫األنثو ِّي‬ ‫هيمن َت ُه عىل‬
‫ِ‬ ‫الش ِ‬
‫عر الغزليِ ِّ هو ال َّط ُ‬ ‫عر َّي ِة‪،‬‬
‫الش ِ‬
‫حيوز عيون ًا َّ‬
‫كالصوار ِم‬ ‫رف الذي ُ‬ ‫وق يف ِّ‬ ‫فاملعش ُ‬
‫ُ‬ ‫ِّ‬

‫والعذري يف الوقت ذاته إىل‬


‫ّ‬ ‫احلب ّ‬
‫املثيل‬ ‫ّ‬ ‫  هاموري‪« ،‬الغزل»‪ .205 ،‬ويعود تقليد‬ ‫ّ‬ ‫(((‬
‫اإلهلي‬
‫ّ‬ ‫احلب‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫خالد بن يزيد الكاتب (توفيّ سنة ‪876‬م) يف األقل؛ انظر ارازي‪،‬‬
‫نيوي‪.‬‬
‫واحلب الدّ ّ‬
‫ّ‬
‫(((   يف املعجم الوسيط‪:‬‬
‫لغوي)‪.‬‬
‫ّ‬ ‫(املقوم ا ّل‬
‫ّ‬ ‫الر ِقيق منه ا ُمل َت َغ َّزل به يف الن َِّساء‪.‬‬ ‫النّسيب من ّ‬
‫الشعر‪ّ :‬‬
‫(((   املح ّب ّي‪ ،‬خالصة األثر‪.452 :2 ،‬‬
‫اإل ْسال ِم ِّي‬ ‫ال ال َع َر ِب ِّي ِ‬ ‫جل ْن ِس َّي ِة يِف ال َع مَ ِ‬ ‫َما َق ْب َل امل ِْثلِ َّي ِة ا ِ‬ ‫‪262‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫مقار َن ُة‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ (‪ِ )1‬‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫التِي ُ‬


‫تشب يف أحشائه‪ .‬وم َن املفيد َ‬ ‫نار اهليا ِم ُّ‬ ‫وجتعل َ‬ ‫بالعاشق‪،‬‬ ‫تفتك‬
‫األو ِل‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫اهلجائي ِة َّ ِ‬
‫ِ‬ ‫ور مع املقاطِ ِع‬
‫الص ِ‬ ‫ِ‬
‫الفص ِل َّ‬
‫الشائنَة املن ُقو َلة يف مطل ِع ْ‬ ‫َّ‬ ‫هذه ُّ‬
‫يف جسدَ‬ ‫الس ُ‬ ‫ُ‬
‫خيرتق َّ‬ ‫يك املستقبِ َل متام ًا كام‬
‫ويمز ُق الشرَّ َ‬
‫«األير» ِّ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫خيرتق‬ ‫ُ‬
‫حيث‬
‫ِ‬
‫القتيل‪.‬‬
‫لطة ِ‬ ‫عالقات الس ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫غري‬ ‫ُّ‬ ‫األدوار اجلنس َّي ُة عىل وجه ُ‬
‫العمو ِم‬ ‫ُ‬ ‫وتعكس‬
‫ُ‬
‫الوقت ذاتِهِ‬
‫ِ‬ ‫الفاعل) هو يف‬ ‫ُ‬ ‫اجلنس َّي ِة‪ ،‬فاملهيم ُن جنس َّي ًا (املخرت ُق ‪ /‬املول ُج ‪/‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ِ‬
‫االجتامع َّي‬ ‫أن هذا النِّظا َم‬ ‫والس ِّيدُ ) إلاَّ َّ‬ ‫وج‬ ‫ِ‬
‫اجتامع َّي ًا َّ‬
‫َّ‬ ‫والز ُ‬
‫كر َّ‬ ‫(الذ ُ‬ ‫املهيم ُن‬
‫قلب‬‫احلب عىل ِ‬ ‫ُّ‬ ‫ُ‬
‫يعمل‬ ‫العاطف َّي ِة‪ ،‬إذ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫العالقات‬ ‫القائم ال يب َقى عىل حالِ ِه يف‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫مثل الفقيه املسل ِم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الس ِّيدُ مفتُون ًا بعبده َ‬ ‫ٍ‬ ‫هذا النِّظا ِم رأس ًا عىل‬
‫عقب! فيغدُ و َّ‬
‫مخ َار ٍة‪.‬‬
‫يعمل يف َّ‬‫كان ُ‬ ‫مسيح ٍّي َ‬ ‫ِ‬ ‫بصبِ ٍّي‬ ‫ِ ِ‬
‫حلب) الذي ُفت َن َ‬ ‫َ‬ ‫العرض (مفتِي‬ ‫ِّ‬
‫يِ‬ ‫حمم ٍد‬
‫َّ‬
‫ُ‬
‫(يفعل‬ ‫حسن البورينِ ِّي‪:‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الفقيه‬ ‫ِ‬
‫بكلامت‬ ‫احلب‬
‫َّ‬ ‫إن‬ ‫ِ‬
‫القول‪َّ :‬‬ ‫وخالص ُة‬
‫َ‬
‫جزوع‪،‬‬
‫ٌ‬ ‫بور‬
‫والص ُ‬ ‫َّ‬ ‫ٌ‬
‫ذهول‪،‬‬ ‫ُ‬
‫والعاقل متحيرِّ ٌ‬ ‫ٌ‬
‫جبان‪،‬‬ ‫جاع فيه‬ ‫األعاجيب‪ُّ ،‬‬
‫فالش ُ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وقاسيِ‬
‫أطوار ُه عجي َب ٌة وتق ُّلبا ُت ُه غري َب ٌة‪ ،‬ال ُ‬
‫يتبع قواعدَ‬ ‫ُ‬ ‫العني‪،‬‬ ‫دامع‬
‫ُ‬ ‫القلب‬
‫ِ (‪)2‬‬ ‫يتآلف وتو ُّق ِ‬
‫عات النَّاس)‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬
‫القياس‪ ،‬وال‬
‫جتارب ٍ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫كثر‪َ ،‬‬
‫كان‬ ‫خاضها أفرا ٌد ُ‬
‫عشق َ‬ ‫ربنا عن‬‫وثم َة وفر ٌة م َن األد َّلة خت ُ‬
‫َّ‬
‫ُ‬
‫يشغل مكان ًة‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫القهر ِّي ُ‬
‫ملعشوق‬ ‫شكل االستسال ِم واخلضو ِع‬ ‫َ‬ ‫عش ُق ُهم يت ُ‬
‫َّخذ‬
‫أخرى‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫منهم يف سياقات وظروف َ‬ ‫أدنَى ُ‬
‫وقع يف‬ ‫ِ‬
‫القدس َ‬ ‫تاجر ِم َن‬
‫قص ًة عن ٍ‬ ‫ليِ‬ ‫رض الدِّ ِ‬
‫ين ب ُن احلنب ِّ َّ‬ ‫ُّ‬
‫روى املؤر ُخ يِ‬
‫ِّ‬ ‫َ‬
‫الذ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫هلوى الغلامن مع طهارة َّ‬ ‫حلب‪َ ،‬‬ ‫ِ‬
‫يل‪،‬‬ ‫(وكان معتاد ًا َ‬
‫َ‬ ‫فقال‪:‬‬ ‫َ‬ ‫غرا ِم ٍّ‬
‫شاب م ْن‬
‫وقوي شغ ُف ُه به إىل ْ‬
‫أن‬ ‫املال‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫بحلب شا َّب ًا استولىَ عليه يف أخذ مجلة م َن ِ‬ ‫ِ‬
‫فهو َي‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ّ‬
‫احلنبيل‪ ،‬درر احلبب‪-145 :2 ،‬‬ ‫(((   لالستزادة بشأن صور عسكر ّية مثل هذه‪ ،‬انظر ابن‬
‫‪146‬؛ ابن معصوم‪ ،‬سالفة العرص‪227 ،‬؛ املح ّب ّي‪ ،‬خالصة األثر‪:3 ،230 :2 ،‬‬
‫‪.452‬‬
‫  البوريني‪ ،‬رشح ديوان ابن الفارض‪.33 :1 ،‬‬
‫ّ‬ ‫(((‬
‫جلما ِل ُّيون‬ ‫الثا ِني‪ :‬ا َ‬ ‫الفص ُل َّ‬ ‫ْ‬
‫‪263‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ليسلو؛ فال يس ُلو‪ ،‬وأل َقى حمبو ُب ُه َ‬


‫ذات‬ ‫َ‬ ‫رأس ِه‬
‫حتت ِ‬ ‫وص َار يض ُع ُه َ‬
‫أخذ جور َب ُه َ‬ ‫َ‬
‫يقول‪ :‬قد ُب ِل ْي ُت‬
‫وص َار ُ‬ ‫َ‬
‫فأخذها وابتل َعها‪َ ،‬‬ ‫ِ‬
‫األرض‪،‬‬ ‫يو ٍم نخام َت ُه [خماط َت ُه] عىل‬
‫عذر مم َّ ْن به ٌ‬
‫خال)‪.‬‬ ‫هذه ُ‬ ‫ُّون سن ًة‪ ،‬فام ِ‬
‫بذلِ َك وسنِّي ست َ‬
‫احلال!؟ وال َ‬
‫(‪)1‬‬

‫(ووقع‬
‫َ‬ ‫حلب يف زمانِ ِه‪َ ،‬‬
‫فقال‪:‬‬ ‫َ‬ ‫جر ْت يف‬ ‫ِ‬
‫العمر ُّي حاد َث ًة َ‬ ‫وروى أبو ِ‬
‫بكر‬ ‫َ‬
‫عشق غالم ًا فتعاتبا‪َ ،‬‬ ‫سمى بدر ًا َ‬ ‫ِ‬
‫فقال له‬ ‫شخص ًا ُي َّ‬
‫َ‬ ‫نادر ٌة غري َب ٌة‪ ،‬ه َي َّ‬
‫أن‬ ‫بحلب َ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ثم ُأ َ‬
‫خرج منه‬ ‫ففعل ذل َك‪َّ ،‬‬ ‫إن كن َْت حت ُّبني فار ِم بنفس َك يف اخلندق‪َ ،‬‬ ‫الغال ُم‪ْ :‬‬
‫مو ٍ‬
‫ال منها‪:‬‬ ‫آخ ُر َّ‬‫مواويل كثريةً‪ِ )2(،‬‬
‫َ‬ ‫حلب‬ ‫فنظم فيه أدبا ُء‬ ‫بعدَ أ َّيا ٍم و ُدف َن‪،‬‬
‫كل َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬

‫احلنبيل‪ ،‬درر احلبب‪.1035-1034 :1 ،‬‬ ‫ّ‬ ‫(((   ابن‬


‫لغوي‪:‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ل‬ ‫ا‬ ‫م‬ ‫املقو‬
‫ّ‬ ‫إضافة‬
‫الرداء وهو ما ُأ ْسبِل‬ ‫ِّ‬ ‫من‬ ‫زار‬ ‫ِ‬
‫اإل‬ ‫ل‬ ‫ُ‬ ‫ي‬
‫ْ‬ ‫َ‬
‫ذ‬ ‫ل‬ ‫ي‬
‫ْ‬ ‫َّ‬
‫والذ‬ ‫ل‬ ‫ِ‬ ‫ب‬ ‫س‬
‫ْ‬ ‫ُ‬
‫أ‬ ‫ذا‬ ‫ِ‬ ‫إ‬ ‫منه‬ ‫ر‬ ‫َّ‬ ‫ج‬
‫ُ‬ ‫ما‬ ‫ِ‬
‫زار‬ ‫ِ‬
‫واإل‬ ‫وب‬ ‫ـ َذ ْيل ال ّث‬
‫فهو‬
‫َ‬ ‫وب‬ ‫ّ‬
‫ث‬ ‫ال‬ ‫طويل‬ ‫كان‬ ‫ن‬ ‫ِ‬ ‫فإ‬ ‫ل)‬ ‫ي‬‫ْ‬ ‫َ‬
‫ذ‬ ‫(‬ ‫ل‬ ‫ج‬ ‫َّ ُ‬ ‫الر‬ ‫يف‬ ‫يقال‬ ‫ال‬ ‫ولكن‬ ‫رض‪.‬‬ ‫َ‬ ‫األ‬ ‫صاب‬ ‫منه َفأ‬
‫حمرمة‪.‬‬ ‫بأن ثوبه مل ْ يتندس بعالقة ّ‬ ‫جل َّبة؛ وإنّام يريد هنا وصفه ّ‬ ‫«اإل ْرفال» يف القميص وا ُ‬ ‫ِ‬
‫احلب يالمس شغاف القلب‪.‬‬ ‫الشغف‪ّ :‬‬ ‫ـ ّ‬
‫(((   ا َمل َّوال‪:‬‬
‫الصوت ّية‪ ،‬وإمكان‬ ‫ّ‬ ‫ومساحته‬ ‫املغني‬
‫ّ‬ ‫قدرات‬ ‫يظهر‬ ‫‪،‬‬ ‫عبي‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الش‬ ‫األدب‬ ‫أغاين‬ ‫غنائي‬
‫ّ‬ ‫ف ّن‬
‫«التّطريب» والقدرة عىل االبتكار‪.‬‬
‫الغنائي‪ ،‬وكالمها‬ ‫د‬ ‫ال‬ ‫بطريقة‬ ‫أو‬ ‫‪،‬‬ ‫ي‬ ‫ِ‬
‫االلقائ‬ ‫د‬
‫ّ‬ ‫سرّ‬ ‫ّ‬ ‫املوال عادة إ ّما بطريقة السرّ‬ ‫ُيؤ ّدى ّ‬
‫ّ‬
‫ُيؤ ّدى منفردا‪ ،‬ويعتمد عىل االرجتال والرباعة يف استعراض االنتقاالت اللحن ّية‪.‬‬
‫جو التّآلف والتّعايش مع املستمعني‬ ‫املوال عادة بعبارة «يا ليل يا عني» لتحضري ّ‬ ‫يبدأ ّ‬
‫املقامي الذي سيغنّي منه املطرب‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫واالنسجام مع ال ّطابع‬
‫املوال وأصله‪ ،‬فمن قائل إنّه نشأ يف «واسط» بني عماّ هلا‬ ‫ّ‬ ‫نشأة‬ ‫اختلفت اآلراء حول‬
‫ِ‬
‫كل بيت منها « يا َم َواليا « أثناء عملهم‬ ‫الذين كانوا يتغنّون بأبيات يقولون يف آخر ّ‬
‫مثال‪:‬‬
‫منازل كنت فيها من بعدك درس ‪ .....‬يا مواليا‬
‫خراب ال للعزا تصلح وال للعرس ‪ .....‬يامواليا‬
‫فأين عينيك تنظر كيف فيها الفرس ‪ ...‬يا مواليا‬
‫حتكم وألسنة املداح فيها خرس ‪ ......‬يامواليا‬
‫ومن قائل إنّه نشأ يف بغداد عندما رثت جارية كانت عند جعفر بن حييى بن خالد‬
‫الرشيد الربامكة‪ ...‬وكانت تصيح‬ ‫الربمكي س ّيدها و (مواليها) بعد أن نكب هارون ّ‬ ‫ّ‬
‫كل بيت منها بكلمة «وا َمواليا» حيث تقول‪:‬‬ ‫عقب ّ‬
‫يا دار أين ملوك األرض أين الفرس ‪  .....‬وامواليا‬
‫اإل ْسال ِم ِّي‬ ‫ال ال َع َر ِب ِّي ِ‬ ‫جل ْن ِس َّي ِة يِف ال َع مَ ِ‬ ‫َما َق ْب َل امل ِْثلِ َّي ِة ا ِ‬ ‫‪264‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫أين الذين محوها بالقنا والرتس ‪  .........‬وامواليا‬


‫قالت تراهم رمم حتت األراىض الدرس ‪...‬وامواليا‬
‫سكوت بعد الفصاحة ألسنتهم خرس ‪  ...‬وامواليا‬
‫سمي كذلك ملواالة بعض قوافيه بعضا‪ .‬وأيضا ّ‬
‫ألن ّأول من‬ ‫وهناك من يذهب إىل أنّه ّ‬
‫نطق به موايل بني برمك‪.‬‬
‫ويتكون من أربع أبيات‬ ‫ّ‬ ‫؛‬ ‫البغدادي‬
‫ّ‬ ‫ال‬ ‫املو‬
‫ّ‬ ‫زين‪:‬‬ ‫ي‬
‫ّ‬ ‫متم‬ ‫نوعني‬ ‫املوال إىل‬‫ويمكن تقسيم ّ‬
‫متّحدة القافية‪ ،‬ومن هذه املواويل‪:‬‬
‫يا عم تاجربالمال يبقى اجلد رس ماله‬
‫مايش يف أمان اهلل وحب اخللق رس‪  ‬ماله‬
‫يسعى يف اخلري والطيب واملعروف رس ماله‬
‫اذا كان مالـوش حد يبقى طيـبه رس ماله‬
‫(و يقصد برس ماله ‪ ..‬رأسامله )‬
‫ويتكون من مخس‬
‫ّ‬ ‫«اخلاميس»‬
‫ّ‬ ‫«املوال األعرج» أو‬ ‫والنّوع ال ّثاين هو ما ُيعرف باسم ّ‬
‫أبيات تتّحد قافية األبيات ال ّثالثة األوىل مع قافية البيت اخلامس‪ ،‬أ ّما قافية البيت‬
‫أن املعنى الذي يريد التّعبري عنه ال يكتمل يف‬ ‫املوال ّ‬ ‫أحس ناظم ّ‬ ‫الرابع فتختلف إذا ما ّ‬ ‫ّ‬
‫للموال مثال‪:‬‬ ‫ائع‬ ‫ّ‬
‫الش‬ ‫كل‬ ‫ّ‬
‫الش‬ ‫ي‬ ‫اطار األبيات األربعة التي كانت ِ‬
‫ه‬
‫ّ‬ ‫َ‬
‫يا بنـت ‪   ‬ردي‪    ‬البـاب‪   ‬بأقفـاله‬
‫قالـت حبيبي خطر فيالدرب واقفـاله‬
‫دا حبيبي زي عيد رمضان كل الناس واقفاله‬
‫وحق النبي اليل الغزالة استـجارتبيـه‬
‫ال زمزم الكاسات وأبات طول الليل واقفاله‬
‫ّعامين» وغري معروف سبب‬ ‫ّ‬ ‫ن‬ ‫«بال‬ ‫عرف‬ ‫ي‬
‫يتكون من سبعة أبيات‪ ،‬و ُ‬ ‫وهناك نوع ثالث ّ‬
‫«سبعاوي» نسبة إىل عدد أبياته‪ .‬ونجد‬ ‫ّ‬ ‫يسمونه‬ ‫الشعب ّيون ّ‬ ‫هذه التّسمية‪ ،‬فاملغنّون ّ‬
‫الرابعة‬
‫ّ‬ ‫األبيات‬ ‫ا‬ ‫م‬
‫ّ‬ ‫أ‬ ‫القافية‪،‬‬ ‫يف‬ ‫ّفقة‬ ‫ت‬ ‫م‬ ‫ابعة‬ ‫والس‬
‫ّ‬ ‫الثة‬ ‫ّ‬
‫ث‬ ‫وال‬ ‫انية‬ ‫فيها األبيات األوىل وال ّث‬
‫السابقة‪.‬‬‫والسادسة فلها قافية أخرى مغايرة لألبيات ّ‬ ‫واخلامسة ّ‬
‫ّعامين هو أكثر أنواع املواويل شيوعا وانتشارا‪ .‬ومن أنموذجاته‪:‬‬ ‫واملوال الن ّ‬‫ّ‬
‫لو كنت تسمع كالم اليل حيبوك ما تسيب‬
‫خد لك أصيلة يا فتى يكون أصلها طيب‬
‫ان ضاع مالكتقول لك يافتى فداك‬
‫وان حصلك ضيم تقول لك أشيله وياك‬
‫وان صابك مرض ال هتملك وال تنساك‬
‫تسعى جتيب لك الدوا وتعيش معاك ع احللو والطيب‬
‫املوال عا ّمة بأنّه ينظم يف وزن البسيط «مستفعلن فاعلن مستفعلن فاعلن»‪.‬‬ ‫ويتم ّيز ّ‬
‫لغوي)‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ل‬ ‫ا‬ ‫م‬ ‫(املقو‬
‫ّ‬ ‫ة‪.‬‬ ‫ي‬
‫ّ‬ ‫العرب‬ ‫املوسيقى‬ ‫ة‬ ‫ّ‬
‫ل‬ ‫جم‬ ‫عن‬ ‫منقول‬
‫جلما ِل ُّيون‬ ‫الثا ِني‪ :‬ا َ‬ ‫الفص ُل َّ‬ ‫ْ‬
‫‪265‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫(‪)1‬‬
‫للخندق)‪.‬‬ ‫جري‬ ‫(إن كن ْْت بِتْح ْ‬
‫ب واص ْل ْ‬ ‫ْ‬

‫مشق ُّي‬ ‫عود الدِّ ِ‬ ‫ال هو أبو الس ِ‬ ‫مصري ًا مأسو َّي ًا مماث ً‬ ‫عاشق آخر واجه ِ‬ ‫ٌ‬ ‫وثمة‬
‫َّ‬ ‫ُ َ َ‬ ‫َّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫عروف بـ ِ‬
‫عز‬ ‫الكاتب) ( ُتوفيِّ َ سن َة ‪ 1646‬ـ ‪1647‬م) الذي‪( :‬نشأ يف ٍّ‬ ‫(ابن‬ ‫ا َمل ُ‬
‫وأنفق عليه ماالً كثري ًا‪،‬‬ ‫(‪ )2‬ليِ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫َ‬ ‫بحب غال ٍم‪،‬‬ ‫ِّ‬ ‫باهر ونعمة طائ َلة‪ ،‬وقرأ وتن َّب َل‪ ،‬و ُب َ‬
‫مجة أك َث ُروا يف‬ ‫احب الترَّ ِ‬ ‫أهل َص ِ‬ ‫أن َ‬ ‫َّفق َّ‬ ‫كثري التَّجنِّي عليه‪ ،‬وات َ‬ ‫َ‬
‫وكان الغال ُم َ‬
‫قيل‪:‬‬ ‫نفس ِه! َ‬ ‫قتل ِ‬ ‫كان فيه‪ ،‬وأ َّداه وهل ُ ُه وغرا ُم ُه إىل ِ‬ ‫يرجع عماَّ َ‬ ‫ْ‬ ‫فلم‬
‫لومه وتعنيفه؛ ْ‬
‫ِِ‬ ‫ِِ‬
‫(وهو‬
‫َ‬ ‫اف (املح ِّب ُّي) إىل ذلِ َك‪:‬‬ ‫وأض َ‬ ‫األفيون)(‪َ )3‬‬ ‫ِ‬ ‫دراهم ِم َن‬
‫َ‬ ‫أكل سبع َة‬ ‫إ َّن ُه َ‬
‫واشتهر هذا‬ ‫ني‪...‬‬ ‫غافل َ‬‫وكان النَّاس عنها ِ‬ ‫َ‬ ‫بدمشق‪،‬‬ ‫َ‬ ‫الفع َل َة‬‫هذه ِ‬ ‫أحدث ِ‬ ‫َ‬ ‫الذي‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫َّمثيل هبا‬ ‫دمشق مدار ًا للت ِ‬ ‫بني ِ‬
‫أهل‬ ‫مشهور ٌة حتَّى َص َار ْت َ‬ ‫القص ُة‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫األمر؛ وهذه َّ‬ ‫ُ‬
‫ٍ (‪)4‬‬ ‫ٍ‬
‫كثرية)‪.‬‬ ‫أغراض َ‬ ‫يف‬

‫مأسو ٌّي‬ ‫ِ‬ ‫احلب ابتال ٌء‬ ‫االعتقاد يف َّ‬


‫أن‬ ‫ِ‬ ‫غرض دع ِم‬ ‫هذه َ‬ ‫مثل ِ‬ ‫ص ُ‬
‫َّ‬ ‫قص ٌ‬ ‫وختد ُم َ‬
‫املحب وال‬ ‫مسؤوالً عنه؛ وهلذا ال يمك ُن ُ‬
‫عذل‬ ‫ِ‬
‫عظيم ال يمك ُن عدُّ الفرد ُ‬
‫ِّ‬ ‫ٌ‬
‫الوقوف يف وجهِ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬
‫ويتعذ ُر‬ ‫ِ‬
‫(اضطرار ٌّي‪،‬‬ ‫ِ‬
‫وفق البورين ِّي‬ ‫احلب عىل ِ‬ ‫ألن‬‫لو ُم ُه َّ‬
‫َّ‬
‫أي ذاتِ ِه بقولِ ِه‪:‬‬ ‫الر ِ‬ ‫االضطرار ِّي)‪ .‬وعبرَّ َ املح ِّب ُّي عن َّ‬
‫(‪)5‬‬ ‫ِ‬
‫ِ‬
‫َّـــكال‬ ‫باملختار يف هذا الن‬ ‫ِ‬ ‫لس ُت‬ ‫ْ‬ ‫إليك عنِّي(*) إنَّنِي‬ ‫القلب َ‬ ‫ِ‬ ‫خيل‬
‫أي َّ‬ ‫ْ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫رأي مل ْ جتدْ‬
‫الغـــــزال‬ ‫أســر‬ ‫الغابة يف‬ ‫أسدَ‬ ‫احلــب ٌ‬ ‫ِّ‬ ‫لو يك ْن يف‬
‫ِ‬
‫ــالل‬ ‫بالض‬
‫َّ‬ ‫رش ِدي‬
‫إنَّنِي قد ب ْع ُت ْ‬ ‫ـوى‬
‫طعم اهل َ َ‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫إرشادي و ُذ ْق‬ ‫ِّ‬
‫خل‬

‫  املح ّب ّي‪ ،‬خالصة األثر‪.105 :1 ،‬‬ ‫(((‬


‫  النُّ ْب ُل‪ :‬النَّبالة والفضل‪ .‬وتن ّبل كتصبرّ تك ّلف النّبالة حتّى َن ُب َل أي صار نبيال‪ .‬والنّبيل‪:‬‬ ‫(((‬
‫لغوي)‪.‬‬
‫ّ‬ ‫(املقوم ا ّل‬
‫ّ‬ ‫احلاذق باألمر‪.‬‬
‫لغوي)‪.‬‬
‫ّ‬ ‫(املقوم ا ّل‬
‫ّ‬ ‫الدرهم‪ :‬وحدة وزن قديمة تساوي ‪ 2‬غرام فارزة ‪.970‬‬ ‫ّ‬ ‫(((‬
‫  املح ّب ّي‪ ،‬خالصة األثر‪.118 :1 ،‬‬ ‫(((‬
‫  البوريني‪ ،‬رشح ديوان ابن الفارض‪.55 :2 ،‬‬ ‫ّ‬ ‫(((‬
‫اإل ْسال ِم ِّي‬ ‫ال ال َع َر ِب ِّي ِ‬ ‫جل ْن ِس َّي ِة يِف ال َع مَ ِ‬ ‫َما َق ْب َل امل ِْثلِ َّي ِة ا ِ‬ ‫‪266‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ِ‬
‫ــــؤال‬ ‫الس‬ ‫احلب يف ِّ‬ ‫َّ‬ ‫ذل يف ن ِ‬
‫َيل ا ُملنَـــــى‬ ‫تلم َم ْن َّ‬
‫ذل ُّ‬ ‫ِّ‬ ‫عز‬
‫إن َّ‬ ‫ال ْ‬
‫(*)‬

‫احلب‪ ،‬أن يبتعد‬


‫ّ‬ ‫[*] (أي) أداة نداء للقريب‪ .‬يريد هنا من صاحبه الذي فرغ قلبه من‬
‫لغوي)‪.‬‬
‫ّ‬ ‫(املقوم ا ّل‬
‫ّ‬ ‫عنه وال يلومه‪.‬‬
‫[**] املح ّب ّي‪ ،‬خالصة األثر‪.275 :2 ،‬‬
‫*****‬
‫ٍ‬
‫امرأة‬ ‫َّظر إىل‬ ‫ينتج عن الن ِ‬ ‫“الواقع ِّي” َّ‬‫ِ‬ ‫الر ِ‬
‫احلب ُ‬ ‫َّ‬ ‫أن‬ ‫أي‬ ‫حاب َّ‬ ‫أص ُ‬ ‫وبينَام َيرى ْ‬
‫حياج ُجوا يف‬ ‫أن ِ‬ ‫أي “املثاليِ ِّ ” ْ‬ ‫الر ِ‬ ‫أص ِ‬ ‫ِ‬ ‫مليح‪َّ ،‬‬ ‫جذا َب ٍة أو غال ٍم ٍ‬ ‫َّ‬
‫حاب َّ‬ ‫فإن بقدرة ْ‬
‫حيتاج ُه املر ُء‬ ‫ُ‬ ‫كل ما‬ ‫الغالب ِه َي ُّ‬ ‫ِ‬ ‫املقصو َد ِة يف‬ ‫ُ‬ ‫غري‬ ‫ِ‬
‫أن النَّظر َة االضطرار َّي َة ‪َ /‬‬ ‫َّ‬
‫ون مسار ًا خمتلف ًا‪،‬‬ ‫ِ‬
‫الواقع ُّي َ‬ ‫ني‪ ،‬قد يت ُ‬
‫َّخذ‬ ‫احلب‪ )1(.‬وخالف ًا للمثالِ ِّي َ‬ ‫للوقو ِع يف‬
‫ِّ‬
‫دون الوقو ِع يف‬ ‫ِ‬ ‫مالح ِم ْن‬
‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫أشخاص‬ ‫ينظر إىل عدَّ ِة‬ ‫ُ‬ ‫أن الفر َد قد‬ ‫فيب ِّينُوا َّ‬
‫امل اجلس ِدي [أو املستحس ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫نات]‬ ‫َ‬ ‫جل ِ َ َ ِّ‬ ‫َّظر إىل ا َ‬ ‫إن الن َ‬ ‫أخ َر‪َّ :‬‬ ‫وبكلامت َ‬ ‫غرام ِهم‪.‬‬
‫(إن َّأو َل ما‬ ‫الرغ ِم ِم ْن قولِ ِه‪َّ :‬‬ ‫باحلب عىل ُّ‬ ‫ِّ‬ ‫الر ِائي‬ ‫لشعور َّ‬ ‫ِ‬ ‫موجب ًا يف ذاتِ ِه‬ ‫ليس ِ‬ ‫َ‬
‫شعر الغزلِ‬ ‫االستحسان يف ِ‬ ‫ُ‬ ‫ويربز‬
‫ُ‬ ‫(‪)2‬‬ ‫ِ‬
‫َّظر واالستحسان)‪.‬‬ ‫العشق م َن الن ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫يتو َّلدُ‬
‫تبلغ ذروتهَ ا يف‬ ‫عمل َّي ٍة ُ‬ ‫العادة بوص ِفه املرح َل َة األوىل يف ِ‬
‫ْ‬
‫ِ‬ ‫اإلسالم ِّي يف‬ ‫ِ‬
‫العربيِ ِّ‬
‫ٍ‬ ‫َ ِ‬ ‫وعميق؛ إلاَّ َّ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫أخرى ال‬ ‫االنتقال م ْن مرح َلة إىل َ‬ ‫أن‬ ‫جارف‬ ‫وافتتان‬ ‫شغف‬
‫احلب ال‬ ‫َّ‬ ‫َّاس َّ‬
‫أن‬ ‫الكثري ِم َن الن ِ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫أدرك‬ ‫ور ِة حمتوم ًا أو آل َّي ًا‪ .‬وقدْ‬ ‫يكون بالضرَّ َ‬ ‫ُ‬
‫ف ِ‬ ‫خص أحيان ًا إىل وص ِ‬ ‫ِ‬ ‫جل َس ِد ِّي‪ ،‬وقدْ يؤ ِّدي َّ‬ ‫يقرتن ب ُي ٍ با ِ‬
‫غري‬ ‫ْ‬ ‫بالش‬ ‫جلامل ا َ‬ ‫َ‬ ‫ُ سرْ‬
‫امل‪ .‬ونزع األفراد ِ‬ ‫ميل باجل ِ‬
‫نحو‬ ‫ال َ‬ ‫احلب شيئ ًا رفيع ًا ونبي ً‬ ‫ِّ‬ ‫الذي َن َير ْو َن يف‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫جل ِ َ‬ ‫ا َ‬
‫نظر‬‫لعمل َّي ِة ٍ‬ ‫ِ‬ ‫جتعل منه نتاج ًا‬ ‫َّفسريات التَّهك ُِّم َّي ِة االختزالِ َّي ِة التِي ُ‬ ‫ِ‬ ‫رفض الت‬ ‫ِ‬
‫كم َّي ِة املنِ ِّي يف اجلس ِم؛ بل إنهَّ ُم دأ ُبوا عوض ًا عن‬ ‫ٍ‬
‫شهوان َّية أو زيادة مفر َطة يف ِّ‬
‫ٍ‬ ‫ِ ٍ‬
‫ِ‬
‫األحيان‪ ،‬إذ‬ ‫بعض ِم َن‬ ‫ٍ‬ ‫أص ِل ِه يف‬ ‫ِ ٍ‬ ‫ٍ‬
‫ذل َك عىل تقدي ِم روايات مع َّقدَ ة وخيال َّية عن ْ‬
‫ٍ‬ ‫ِ‬

‫ويدي‪( ،‬رسالة يف املح ّبة)‪ ،‬صفحة ‪104‬ب‪.‬‬


‫ّ‬ ‫الس‬
‫الرمحن ّ‬
‫(((   طرح هذه املسألة عبد ّ‬
‫مناوي‪ ،‬فيض القدير‪:6 ،‬‬
‫ّ‬ ‫الراغب‪322 ،‬؛‬‫((( تربز هذه الفكرة يف راغب باشا‪ ،‬سفينة ّ‬
‫‪.180-179‬‬
‫جلما ِل ُّيون‬ ‫الثا ِني‪ :‬ا َ‬ ‫الفص ُل َّ‬ ‫ْ‬
‫‪267‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫الصدِّ ِيق ُّي ( ُتوفيِّ َ سن َة ‪1696‬م)‬ ‫البكر ُّي ِّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫العابدي َن‬ ‫ف املصرْ ِ ُّي زي ُن‬ ‫املتص ِّو ُ‬ ‫ذكر َ‬ ‫َ‬
‫مفر َد ًة‬ ‫برش َّي ًة َ‬ ‫اشتق منها أرواح ًا ِ‬ ‫األص ِل روح ًا كرو َّي ًة مؤ َّل َف ًة َّ‬ ‫خلق يف ْ‬ ‫أن اهللَ َ‬ ‫َّ‬
‫القرب يف ِ‬ ‫ِ‬ ‫العاطف َّي ُة [درج َة]‬ ‫ِ‬ ‫الصل ُة‬ ‫ور ٍة‪،‬‬ ‫ِ ِ‬
‫هذه‬ ‫وتعكس َّ‬ ‫ُ‬ ‫مكر َ‬ ‫بعمل َّية تقسي ٍم ُ‬
‫السلطِ ُّي يف رسالتِ ِه‬ ‫ين َّ‬ ‫وح َّي ِة‪ )1(.‬وقدَّ َم ِحمي الدِّ ِ‬ ‫جني لوجيا ‪ /‬السلس َل ِة الر ِ‬
‫ُّ‬ ‫ِّ‬ ‫الـ ُ ْ‬
‫ِ ِ‬
‫كر ْت‬ ‫تلك ا َّللحظة التي ُذ َ‬ ‫احلب يف َ‬ ‫ِّ‬ ‫أص َل‬ ‫مقارب ًا‪ .‬إذ حدَّ َد ْ‬ ‫احلب تفسري ًا َ‬ ‫ِّ‬ ‫عن‬
‫ور ِه ْم ُذ ِّر َّيت َُه ْم َو َأ ْش َهدَ ُه ْم َعلىَ‬ ‫(وإِ ْذ َأ َخ َذ َر ُّب َك ِمن َبنِي آ َد َم ِمن ُظ ُه ِ‬ ‫يف القرآن‪َ :‬‬
‫ِ‬
‫َأن ُف ِس ِه ْم َأ َل ْس َت بِ َر ِّبك ُْم َقا ُلو ْا َبلىَ َش ِهدْ نَا َأن َت ُقو ُلو ْا َي ْو َم ا ْل ِق َيا َم ِة إِنَّا ُكنَّا َع ْن‬
‫ِ‬
‫ِ‬
‫بالقرب‬ ‫بوص ِف ِه تذكار ًا‬ ‫َّظر يف خم َّطط األشياء هذا ْ‬
‫ِ‬
‫ني)‪ .‬وخيد ُم الن ُ‬
‫(‪)2‬‬
‫َه َذا َغافِ ِل َ‬
‫املرس ِح ِّي‬ ‫ِ‬
‫منسو َبة إىل املؤ ِّلف َ‬
‫ٍ‬
‫بنظر َّية ُ‬
‫َان كلتاهمُ ا ِ ٍ‬ ‫األصْليِ ‪ )3(.‬وتذكَّرنا الروايت ِ‬
‫ِّ‬ ‫ُ‬ ‫ِّ‬
‫والشاعراليونا ِّ (ارستوفان ـ ‪ 386 - 446( )Aristophanes‬ق‪.‬م) يف‬ ‫نيِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬
‫اآلخ ِر‬ ‫نص ِف َك َ‬ ‫البحث عن ْ‬ ‫ُ‬ ‫فاحلب هو‬ ‫ُّ‬ ‫وف أرسطو (النَّدوةُ)‪:‬‬ ‫كتاب الفيلس ِ‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫القديم ِة‪.‬‬ ‫األولِ َّي ِة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫«زيوس»(‪ )4‬إرب ًا يف األزمان َّ‬ ‫ُ‬ ‫الذي قط َع ُه‬

‫احلب ِم ْن‬ ‫ِّ‬ ‫ِ‬


‫لتفسري‬ ‫أكثر دق ًة ورفع ًة‪ُ ،‬بذ َل ْت فيام بعدُ‬ ‫أخرى ُ‬ ‫حماو َل ٌة َ‬ ‫وثم َة َ‬ ‫َّ‬
‫ذات الذي‬ ‫ِ‬ ‫سقراط‪ ،‬أي ْ‬ ‫ُ‬ ‫وف‬‫الفيلس ُ‬ ‫ِ‬
‫العمل الذي أ َّل َف ُه‬ ‫ِ‬ ‫ص يف‬ ‫ِ‬
‫ور مثاليِ ٍّ خال ٍ‬ ‫من ُظ ٍ‬
‫ُ‬
‫هذه الر ِ‬ ‫وفق ِ‬ ‫املفر َد ُة عىل ِ‬
‫ؤية‬ ‫ُّ‬ ‫جلمي َل ُة َ‬ ‫ف األشيا ُء ا َ‬ ‫حيث تؤ ِّل ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫أفالطون‪،‬‬ ‫كت َب ُه‬
‫ُ ِ‬ ‫جل َس ِد ِّي؛‬ ‫األبد ِّي ِ‬ ‫ِ‬ ‫شكل اجل ِ‬
‫غر ُم‬ ‫فالعاشق الذي ُي َ‬ ‫غري ا َ‬ ‫امل‬ ‫ِ َ‬ ‫أمث َل ًة دا َّل ًة عىل‬
‫الغلامن ‪ -‬هو‬ ‫ِ‬ ‫بنحو دائ ٍم تقريب ًا َ‬
‫حول‬ ‫ٍ‬ ‫َ‬
‫أفالطون‬ ‫تدور أمثل ُة‬ ‫مليح ‪-‬‬ ‫بشخص ٍ‬ ‫ٍ‬
‫ُ‬
‫األص ِل‪.‬‬ ‫روح ُه يف‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫بظالل عالمَ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُمغر ٌم يف الواق ِع‬
‫ْ‬ ‫األشكال الذي تنتمي إليه ُ‬
‫ٍ‬
‫بنحو‬ ‫جتريد َّيتِها‬
‫ِ‬ ‫ال؛ تزدا ُد درج ُة‬ ‫حب أمث َل ِة جمَ ٍ‬ ‫العاشق إىل ِّ‬ ‫ُ‬ ‫ينتقل هذا‬ ‫وبينَام ُ‬

‫القصة‬
‫القديس‪ ،‬صفحة ‪140‬ب؛ تظهر ّ‬ ‫ّ‬ ‫األنيس والوارد‬
‫ّ‬ ‫الغزي‪ ،‬الورد‬
‫  كامل الدّ ين ّ‬ ‫(((‬
‫احلب‬
‫ّ‬ ‫ذاهتا يف ابن حزم (توفيّ سنة ‪1037‬م) طوق احلاممة؛ انظر غفن‪ ،‬نظر ّية‬
‫نيوي‪.80 ،‬‬
‫الدّ ّ‬
‫  سورة األعراف (اآلية ‪.)172‬‬ ‫(((‬
‫لطي‪ ،‬صبابة ا ُملعاين‪ ،‬صفحة ‪1‬أ‪ -‬ب‪.‬‬ ‫  الس ّ‬
‫ّ‬ ‫(((‬
‫لغوي)‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ل‬ ‫ا‬ ‫م‬ ‫والبرش‪(.‬املقو‬
‫ّ‬ ‫اآلهلة‬ ‫أب‬ ‫هو‬ ‫ة‬‫ي‬‫ّ‬ ‫اإلغريق‬ ‫الفلسفة‬ ‫يف‬ ‫  زيوس‬ ‫(((‬
‫اإل ْسال ِم ِّي‬ ‫ال ال َع َر ِب ِّي ِ‬ ‫جل ْن ِس َّي ِة يِف ال َع مَ ِ‬ ‫َما َق ْب َل امل ِْثلِ َّي ِة ا ِ‬ ‫‪268‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ِ‬
‫األخرو ِّي‪.‬‬ ‫أص ِل ِه‬ ‫ِ ِ‬
‫وبنحو آنيِ ٍّ متزام ْن م ْن ْ‬ ‫ٍ‬ ‫يقرتب شيئ ًا فشيئ ًا‬‫ُ‬
‫ِ‬
‫متواص ٍل؛ فإ َّن ُه‬
‫وتأثريها يف‬
‫َ‬ ‫حضورها‬‫َ‬ ‫الفك َِر املت َِّص َل ِة هبا‬
‫الفكَر وغريها ِمن ِ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫هذه ِ‬
‫وقدْ واص َل ْت ِ‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫تيِ‬
‫َّضح يف املقط ِع اآل ‪.‬‬ ‫الشرَّ ِق األوسط العثام ِّ املبكر كام سيت ُ‬
‫ِ‬ ‫نيِ‬

‫املنظور التَّهك ُِّم ِّي‬ ‫ِ‬ ‫أن تبن َِّي‬ ‫هذه املرح َل ِة َّ‬ ‫كان معروف ًا ومس َّل ًام به إىل حدِّ ِ‬
‫َ َ ُ‬
‫وب امرأ ًة‬ ‫جنس املح ُب ِ‬ ‫ِ‬ ‫بمعزل عن‬ ‫ٍ‬ ‫جيري‬ ‫كان ِ‬ ‫نقيض ِه (املثاليِ ِّ ) َ‬ ‫(الواقعي) أو ِ‬
‫ِّ‬
‫ِ‬
‫ِ‬
‫األوسط‬ ‫السائدَ َة يف الشرَّ ِق‬ ‫هذه كان ْ ِ‬ ‫أن ِ‬ ‫كان أ ْم َصبِ َّي ًا‪ ،‬ويبدُ و َّ‬ ‫َ‬
‫َت ه َي القاعدَ َة َّ‬
‫أن ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫هذه القاعدَ َة ذاتهَ ا مل ْ تك ْن ت َْصدُ ُق‬ ‫احلديث‪ .‬إلاَّ َّ‬ ‫قبل‬ ‫اإلسالم ِّي ما َ‬ ‫العربيِ ِّ‬
‫جنس َّي ًا” وال مرا َء‬ ‫ف ِ‬ ‫العادة باحلب “املتخالِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫املثال يف‬ ‫يقرتن ُ‬ ‫ُ‬ ‫عىل أورو َّبا؛ ُ‬
‫حيث‬
‫ِّ‬
‫ِ‬
‫لالنتباه‬ ‫الفت‬ ‫ٌ‬
‫جدال‬ ‫وقع‬ ‫ٍ‬ ‫هذه املسأ َل َة ِه َي مسأ َل ٌة خالفِ َّي ٌة‬ ‫أن ِ‬ ‫يف َّ‬
‫ٌ‬ ‫بامتياز! إذ َ‬
‫ِ‬ ‫بني الرح ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫اإلنكليز ِّي‬ ‫الة‬ ‫َّاسع عشرَ َ َ َّ َّ‬ ‫خيص هذه املسأ َل َة يف عرشين َّيات القرن الت َ‬ ‫ُّ‬
‫جيمس سلكبكنغهام ـ ‪-1786( )James Silk Buckingham‬‬
‫إسامعيل‪ .‬فقدْ أبدَ ى بكنغها ُم‬ ‫َ‬ ‫ِ‬
‫العراق ِّي‬ ‫ودليل ِه‬ ‫ِ‬ ‫فر‬‫الس ِ‬ ‫‪1855‬م) َ ِ ِ‬
‫وبني رفيقه يف َّ‬
‫جال والن ِ‬ ‫رات املثالِ َّي ِة عن‬ ‫العارف بالتَّصو ِ‬
‫ني‬ ‫املتزو ِج َ‬
‫َّ‬ ‫ِّساء ِ‬
‫غري‬ ‫بني الر ِ‬
‫احلب َ ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫َ ُّ‬ ‫ُ‬
‫األمر حينَام‬ ‫ِ‬ ‫بمقتَضىَ ثقافتِ ِه املح ِّلي ِة يف وطنِ ِه األم‪ ...‬أبدَ ى تعاط َفه يف ِ‬
‫باد ِئ‬ ‫ُ‬ ‫ِّ‬ ‫َّ‬
‫أن‬ ‫علم بكنغها ُم َّ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬
‫ني يف بغدا َد؛ وحينَام َ‬ ‫حيب أحدَ املسيح ِّي َ‬ ‫إسامعيل بأ َّن ُه ُّ‬ ‫رب ُه‬‫أخ َ‬
‫شخص عندَ رؤيتِ ِه‬ ‫ٌ‬ ‫يرتاجع‬
‫ُ‬ ‫موقف ِه كام‬ ‫إسامعيل غالم (تراجع فزع ًا عن ِ‬
‫َ‬ ‫ٌ‬ ‫َ‬ ‫حمبوب‬
‫َ‬
‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫الر َّحال َة‬ ‫داسها بقدمه َع َر َض ًا)‪ .‬إلاَّ َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫مطول له‬ ‫خلص بعدَ حديث َّ‬ ‫َ‬ ‫أن َّ‬ ‫أف َعى َ‬
‫(‪)1‬‬

‫إسامعيل‬ ‫ُ‬ ‫اش َة التِي يكنُّها‬ ‫املشاعر اجل َّي َ‬ ‫َ‬ ‫استنتاج يفيدُ َّ‬
‫أن‬ ‫ٍ‬ ‫العراق ِّي إىل‬ ‫ِ‬ ‫رفيق ِه‬
‫مع ِ‬
‫إسامعيل‬ ‫ُ‬ ‫ث‬ ‫ف) وقدْ حتدَّ َ‬ ‫َّقاء) و (الشرَّ ِ‬ ‫تنفي عنه ـ آلِي ًا ـ خص َال (الن ِ‬ ‫للغال ِم ال ِ‬
‫َ‬ ‫َّ‬
‫قال مب ِّين ًا‪( :‬إذا‬ ‫حيث َ‬ ‫نظر ِه‪ُ ،‬‬ ‫وجه ِة ِ‬ ‫فاع عن َ‬ ‫حماوالً الدِّ َ‬ ‫اجلانب حتديد ًا ِ‬ ‫ِ‬ ‫عن هذا‬
‫شكل‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫ورقيق يف‬ ‫ٍ‬
‫وحمبوب‬ ‫ٍ‬
‫ولطيف‬ ‫يل‪،‬‬ ‫يشء جمَ ٍ‬ ‫بكل ٍ‬ ‫غر َم ِّ‬ ‫لرجل ْ‬ ‫ٍ‬ ‫كان متاح ًا‬ ‫َ‬
‫أن ُي َ‬

‫(((   بكنغهام‪ ،‬رحالت‪ .149 :1 ،‬تن ّبهت إىل هذا املصدر بعد قراءيت مقالة ستيفن‪ .‬او‪.‬‬
‫موري (بعض تقارير القرن التّاسع عرش عن العالقات املثل ّية اجلنس ّية اإلسالم ّية)‪.‬‬
‫بأن النّقاش الذي دار بني بكنغهام وإسامعيل يلقي‬ ‫ولست مقتنعا‪ ،‬خالفا لـ «موري» ّ‬
‫األول أكثر منه ثقافة ال ّثاين‪.‬‬
‫الضوء عىل ثقافة ّ‬
‫ّ‬
‫جلما ِل ُّيون‬ ‫الثا ِني‪ :‬ا َ‬ ‫الفص ُل َّ‬ ‫ْ‬
‫‪269‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫الشعور ِ‬ ‫ِ ِِ‬ ‫اإلشارة إىل ِ‬‫ِ‬ ‫أنثوي ِمن ِ‬
‫الذي قد يوجدُ‬ ‫وهو ُّ ُ‬‫خص ذاته‪َ ،‬‬ ‫متعة َّ‬
‫الش‬ ‫دون‬ ‫ِ ٍّ ْ‬
‫يستتبع‬ ‫ِ‬
‫اجلانب]‬ ‫ُ‬
‫وإسامعيل يف هذا‬ ‫َّفق بكنغها ُم‬‫شك غالب ًا [ات َ‬ ‫دون أدنَى ٍّ‬‫ِمن ِ‬
‫ُ‬ ‫ْ‬
‫ال مماثِ َلةٍ‬
‫بخص ٍ‬ ‫الر ُ‬ ‫ذلِ َك َّ‬
‫َ‬ ‫جل]‬ ‫ستثار فيتع َّل ُق [هذا َّ‬
‫اإلحساس ذا َت ُه قد ُي ُ‬ ‫َ‬ ‫أن‬
‫اإلحساس]‬ ‫َ‬
‫يقرتن [هذا‬ ‫اآلخ ِر ِمن ِ‬
‫دون ْ‬
‫أن‬ ‫ِ‬
‫اجلنس َ‬ ‫شخص ِم َن‬
‫ٍ‬ ‫اجتم َع ْت يف‬
‫ُ‬ ‫ْ‬
‫ٍ (‪)1‬‬ ‫ٍ‬
‫َ‬
‫فاحشة)‪.‬‬ ‫برغبات‬

‫ني القدا َمى‬ ‫أن اليونانِ ِّي َ‬ ‫رب ُه َّ‬ ‫ِ ِ‬


‫تعليم (بكنغها ُم) الكالسيك ُّي الذي أخ َ‬ ‫ُ‬ ‫أسهم‬
‫َ‬
‫لامن يف الواقعِ؛ أسهم يف مساعدَ تِهِ‬ ‫العذري ِ‬
‫للغ ِ‬ ‫ِ‬ ‫احلب‬ ‫ِ‬
‫وأقروا باحتامل‬
‫َ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫أ َّيدُ وا ُّ‬
‫ِ‬
‫األزمان‬ ‫َّوازي مع‬ ‫االستنتاج‪ ،‬وبعدَ رس ِم هذا الت ِ‬ ‫ِ‬ ‫ول إىل هذا‬ ‫الوص ِ‬ ‫يف‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫وباالستناد‬ ‫ختم بكنغها ُم كال َم ُه قائالً‪( :‬بنا ًء عىل ذلِ َك‬ ‫ِ‬ ‫الكالسيك َّي ِة‬
‫ِ‬
‫القديمة‪َ ،‬‬ ‫َ‬
‫ألشخاص ورد ذكرهم ِ‬ ‫ٍ‬ ‫أخرى مماث َل ٍة‪َ ،‬‬ ‫ٍ‬
‫أمامي يف‬ ‫َ ُ ُ‬ ‫جر ْت‬
‫قيل‪ :‬إنهَّ ا َ‬ ‫إىل أمث َلة َ‬
‫ٍ‬
‫ونبيل‬ ‫عاطف ٍّي ِنق ٍّي‬
‫ِ‬ ‫توج ٍه‬ ‫ِ‬
‫أشك يف وجود ُّ‬ ‫ُّ‬ ‫فارس؛ مل ْ أعدْ‬‫َ‬
‫ِ‬
‫وبالد‬ ‫اجلزيرة العربِ َّي ِة‬ ‫ِ‬
‫للمشاعر التِي‬
‫ِ‬ ‫ونبل ِه‬
‫مماثل يف نقاوتِ ِه ِ‬ ‫ٍ‬ ‫كور يف منط َق ِة الشرَّ ِق‬ ‫الذ ِ‬‫ان ُّ‬ ‫الشب ِ‬
‫نحو ُّ َّ‬‫َ‬
‫اآلخ ِر يف أورو َّبا)‪.‬‬
‫اجلنس َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َّاس لألفراد م َن‬
‫(‪)2‬‬
‫يكنُّها الن ُ‬
‫ِ‬
‫العراق ُّي بدع ِم‬ ‫رفيق بكنغها َم ودلي ُل ُه‬ ‫الذي عبرَّ َ عنه ُ‬ ‫املوقف ِ‬‫ُ‬ ‫وقدْ حظِ َي‬
‫تقليد أدبيِ ٍّ عربيِ ٍّ يمتدُّ تار ُ‬ ‫ٍ‬
‫الش ُعر الغزليِ ُّ‬ ‫أن يت َ‬
‫َّخذ ِّ‬ ‫خي ُه قرون ًا طوي َل ًة! إذ يمك ُن ْ‬
‫لألعامل األدبِ َّي ِة التِي ُخ ِّص َص ْت‬ ‫ِ‬ ‫موضوع ًا له‪ ،‬ويمك ُن‬ ‫امرأة ُ‬ ‫ٍ‬ ‫حب غال ٍم أو‬ ‫م ْن ِّ‬
‫ِ‬
‫حب “متخال َف َة‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِِ‬ ‫ترو َي عىل ِ‬ ‫أن ِ‬ ‫احلب‪ْ ،‬‬ ‫ملوضو َع ِة‬
‫املنوال ذاته عالقات ٍّ‬ ‫وفق‬ ‫ِّ‬ ‫ُ‬
‫جنب مع‬ ‫ٍ‬ ‫ون جنب ًا إىل‬ ‫ِ‬
‫األسطور ُّي َ‬ ‫ِ‬
‫العذر ُّي َ‬
‫ون‬ ‫الشعرا ُء‬ ‫اشرتك فيها ُّ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬
‫جنس َّي ًا”‬
‫ِ‬
‫وكاتب الترَّ اج ِم‬ ‫بن داو َد ال َّظ ِ‬
‫اهر ِّي‬ ‫حمم ٍد ِ‬
‫مثل َّ‬
‫ٍ‬
‫ألفراد ِ‬ ‫العشق ا ِّللواطِ ِّي‬‫ِ‬ ‫ِ‬
‫حاالت‬
‫كان ( ُتوفيِّ َ سن َة ‪1282‬م)‪.‬‬ ‫بن خ ِّل َ‬ ‫إبراهيم ِ‬
‫َ‬ ‫حمم ٍد ِ‬
‫بن‬ ‫بن َّ‬ ‫وف أمحدَ ِ‬ ‫ا َملعر ِ‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫جنب‬ ‫للعشق ا ِّللواطِ ِّي جنب ًا إىل‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ظاهرة التَّمجيد األدبيِ ِّ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫تعايش‬ ‫َّ‬
‫إن‬
‫ِ‬
‫تعايش‬ ‫أقل إشكالِ َّي ًة ِم ْن‬
‫جوهر ِه َّ‬
‫ِ‬ ‫التَّحري ِم الدِّ ينِي ُملامرس ِة ا ِّل ِ‬
‫لواط مل ْ يك ْن يف‬ ‫ِّ َ َ‬
‫(((   بكنغهام‪ ،‬رحالت‪.160 :1 ،‬‬
‫(((   بكنغهام‪ ،‬رحالت‪.163 :1 ،‬‬
‫اإل ْسال ِم ِّي‬ ‫ال ال َع َر ِب ِّي ِ‬ ‫جل ْن ِس َّي ِة يِف ال َع مَ ِ‬ ‫َما َق ْب َل امل ِْثلِ َّي ِة ا ِ‬ ‫‪270‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫للزنا‪،‬‬ ‫جنس َّي ًا” مع التَّحري ِم الدِّ ينِ ِّي ِّ‬ ‫ف ِ‬ ‫للعشق “املتخالِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ظاهرة التَّمجيد األدبيِ ِّ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وإن الفكر َة ـ احلدي َث َة نسبِ َّي ًا ـ التي تفيد َّ‬
‫متهدُ‬‫العشق هو مرحل ٌة طبيع َّي ٌة ِّ‬ ‫َ‬ ‫أن‬ ‫َّ‬
‫قبل‬ ‫حتر ُم ات َِّص َال ما َ‬ ‫ٍ‬ ‫مه َّي َة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫للز ِ‬
‫واملوقع يف ثقافة ِّ‬ ‫َ‬ ‫ب هذه األ ِّ‬ ‫واج‪ ،‬مل ْ تك ْن لتكتس َ‬ ‫َّ‬
‫أبنائها‪ .‬وعىل أ َّي ِة‬ ‫تزويج ِ‬ ‫ِ‬ ‫أمر‬ ‫تنظيم ِ‬ ‫َ‬ ‫العائالت‬
‫ُ‬ ‫اجلنسينْ ِ ‪ ،‬وتتولىَّ‬ ‫َ‬ ‫بني‬
‫واج َ‬ ‫الز ِ‬ ‫َّ‬
‫املأسو َّي ِة‬
‫ِ‬ ‫رئيس عىل طبيعتِ ِه‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫بنحو‬ ‫بالعشق يعتمدُ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬
‫االفتتان‬ ‫أن‬‫حال‪ ،‬يبدُ و َّ‬ ‫ٍ‬
‫ِ‬
‫وتنظيمها‪.‬‬ ‫وج َّي ِة‬
‫الز ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫يتعذ ُر ْ‬ ‫العاص َف ِة التِي َّ‬
‫ِ‬
‫(‪)1‬‬
‫احلياة َّ‬ ‫هدوء‬ ‫تتوافق مع‬
‫َ‬ ‫أن‬

‫اإلسالم َّي ِة يف‬


‫ِ‬ ‫قافة العربِ َّي ِة‬ ‫أفراد حتّى ضمن ال َّث ِ‬
‫َ‬
‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫وجود‬ ‫شك يف‬ ‫وال ُي ُّ‬
‫ف هتك ُِّمي ٌة واختزالِي ٌة نحو حب ٍ‬
‫فرد‬ ‫مواق ُ‬‫َت هلم ِ‬ ‫ِ‬ ‫احلق َب ِة ُ‬
‫َ ِّ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫راسة؛ كان ْ ُ‬ ‫موضوع الدِّ َ‬
‫َ‬
‫تعامل‬ ‫ف ِ‬
‫جنس َّي ًا؛ إذ‬ ‫احلب املتخالِ َ‬ ‫متجدُ‬ ‫ِ ٍ‬ ‫َ‬ ‫اجلنس ذاتِ ِه‬
‫ِ‬ ‫ِم َن‬
‫َّ‬ ‫مواقف مثال َّية ِّ‬ ‫َ‬ ‫مقابل‬
‫املتنو َع ِة املتع ِّل َق ِة‬
‫ص ِّ‬ ‫والقص ِ‬ ‫َ‬ ‫احلب بعا َّم ٍة‬ ‫ِّ‬ ‫املثال مع‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫سبيل‬ ‫ِ‬
‫األنطاك ُّي يف‬ ‫داو ُد‬
‫مقابل ذلِ َك‪َ ،‬‬
‫كان‬ ‫َ‬ ‫يح ال يمك ُن التَّكت ُُّم عليه! ولكنَّ ُه‬ ‫بتعاطف صرَ ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫بحب الن ِ‬
‫ِّساء‬ ‫ِّ‬
‫أن هذا‬ ‫ٍ‬ ‫تيِ‬
‫احلب ا ِّللواط ِّي با ِّدعاء اختزاليِ ٍّ ال يأ فيه بجديد يفيدُ َّ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫لقص ِ‬
‫ص‬
‫ِّ‬ ‫يمهدُ َ‬ ‫ِّ‬
‫ني‬ ‫ِ‬
‫بني سكَّان سدُّ و َم و[عمور َّي َة] وأ َّن ُه يت َّع ُ‬ ‫ِ‬ ‫مرة َ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ألول َّ‬ ‫ظهر َّ‬ ‫احلب قد َ‬ ‫ِّ‬ ‫َّوع م َن‬
‫الن َ‬
‫ِ (‪)2‬‬
‫غض البصرَ ‪.‬‬ ‫طريق ِّ‬ ‫ِ‬ ‫األفراد جتنُّ ُب ُه عن‬‫ِ‬ ‫عىل‬

‫الذي ور َد ْت‬ ‫الفيلسوف الفارسيِ ملاَّ صدرا ِ‬ ‫ُ‬ ‫وزياد ًة عىل ذلِ َك‪َ ،‬‬
‫طابق‬
‫َ‬ ‫ُّ‬
‫نيِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ات األدبِ َّي ِة‬ ‫املنتخب ِ‬
‫األعظم‬
‫ُ‬ ‫در العثام ُّ‬ ‫الص ُ‬‫املتنو َعة التي وض َعها َّ‬ ‫ِّ‬ ‫ََ‬ ‫آراؤ ُه يف‬
‫ُ‬
‫حب‬ ‫وبني ِّ‬
‫َّبيل َ‬ ‫الرفي ِع والن ِ‬
‫احلب َّ‬ ‫ِّ‬ ‫راغب باشا ( ُتوفيِّ َ سن َة ‪1763‬م) َ‬
‫بني‬ ‫ُ‬ ‫حممدُ‬
‫َّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫حب النِّساء إىل رغبة هبيم َّية بإدامة األنوا ِع وحفظها‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬
‫مقابل اختزاله َّ‬ ‫الغلامن‪،‬‬
‫ِ‬
‫العشق‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫احلب باالستعانة بأمثلة م َن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫واكت َفى حمي الدِّ ِ‬
‫السلط ُّي يف رسالته عن ِّ‬ ‫ين َّ‬
‫إن هذا‬‫يتزوج العاشقان أحيانا‪ ،‬ويقال‪ّ :‬‬‫بالعشاق العذر ّيني‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬ ‫(((   يف األساطري التي حتيط‬
‫ٍ‬
‫الزواج يظهر بنحو ثابت بوصفه هدوءا أو اسرتاحة مؤ ّقتة‬ ‫مل ْ يؤ ّثر يف ح ّبهم‪ .‬إلاّ ّ‬
‫أن ّ‬
‫تدخل‬ ‫السفر أو ّ‬
‫ّ‬ ‫بفعل‬ ‫احلبيبان‬ ‫ينفصل‬ ‫عندما‬ ‫ثانية‬ ‫العاصفة‬ ‫يف السرّ د قبل هبوب‬
‫األنطاكي‪ ،‬تزيني األسواق‪،205 ،131 :1 ،‬‬ ‫ّ‬ ‫األهل أو املوت (انظر يف سبيل املثال‪،‬‬
‫نثري للغاية) ملثال العشق‬
‫ّ‬ ‫س‬ ‫ف‬‫ّ‬ ‫(متن‬ ‫قائال‪:‬‬ ‫واج‬ ‫الز‬
‫‪ .)286‬و اوجز هاموري يف وصف ّ‬
‫العذري غري املكتمل‪( .‬شعر الغزل‪.)205 ،‬‬ ‫ّ‬
‫  األنطاكي‪ ،‬تزيني األسواق‪.54-53 :2 ،‬‬
‫ّ‬ ‫(((‬
‫جلما ِل ُّيون‬ ‫الثا ِني‪ :‬ا َ‬ ‫الفص ُل َّ‬ ‫ْ‬
‫‪271‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫سمع‬
‫َ‬ ‫أخرى‬ ‫أضاف إليها أمثل ًة َ‬ ‫َ‬ ‫فات ساب َق ٍة؛‬ ‫ا ِّللواطِي أكثرها مست ٌَّل ِمن مؤ َّل ٍ‬
‫ْ‬ ‫ِّ ُ‬
‫ِ‬
‫الوكيل‬ ‫ف ب ُن‬ ‫الكاتب املصرْ ِ ُّي ُ‬
‫يوس ُ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬
‫وباملثل‪ ،‬قصرَ َ‬ ‫كان شاهد ًا عليها‪.‬‬ ‫هبا أو َ‬
‫أن مغاز َل َة‬ ‫لبس فيه َّ‬ ‫بنحو ال َ‬ ‫ٍ‬ ‫احلب ا ِّللواطِ ِّي‪ ،‬وبينَّ َ‬ ‫اق ِّ‬ ‫عش ِ‬ ‫املالو ُّي اهتام َم ُه عىل َّ‬‫ِ‬
‫ِ (‪)1‬‬
‫للعشاق‪.‬‬‫َّ‬ ‫أكثر منه‬ ‫ِ‬ ‫كان يف زمانِ ِه موافق ًا‬ ‫إليه َّن َ‬ ‫الن ِ‬
‫ِّساء والتَّو ُّد َد ِ‬
‫للفساق َ‬ ‫َّ‬
‫املحبوب ِ‬
‫متييز َّي ًة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫جنس‬ ‫َّقييدات املبنِ َّي ُة عىل‬
‫ُ‬ ‫هذه الت‬‫وعىل الرغ ِم ِمن ذلِ َك تبدُ و ِ‬
‫ْ‬ ‫ُّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫قسم الفقي ُه‬ ‫السائد‪ ،‬إذ َ‬ ‫نظرنا إليها بإزاء الترُّ اث األدبيِ ِّ َّ‬ ‫وص ًا إذا ْ‬ ‫خص َ‬ ‫نسبِ َّي ًا ُ‬
‫ف‬ ‫الذي أ َّل َ‬ ‫املثال ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫سبيل‬ ‫فارينِ ّي ( ُتوفيِّ َ سن َة ‪1774‬م) يف‬ ‫الس ِ‬ ‫ِ‬
‫حممدُ َّ‬
‫الفلسطين ُّي َّ‬
‫تقييم َّي ٍة ِه َي‪:‬‬‫ِ‬ ‫ثالث ٍ‬
‫فئات‬ ‫ِ‬ ‫العشق إىل‬‫َ‬ ‫قسم‬
‫ني‪َ ...‬‬ ‫إدانة ا ِّللواطِ ِّي َ‬
‫مقام ًة صغري ًة يف ِ‬
‫َ َ َ‬
‫جل لزوجتِ ِه‪.‬‬ ‫الر ِ‬ ‫حب َّ‬ ‫مثل ِّ‬ ‫‪1‬ـ حممو ٌد‪ُ ،‬‬

‫الر ِ‬
‫جل لغال َم‪.‬‬ ‫حب َّ‬ ‫‪2‬ـ مذمو ٌم‪ُ ،‬‬
‫مثل ِّ‬
‫ٍ‬
‫المرأة‬ ‫ِ‬
‫االضطرار ِّي‬ ‫ِ‬
‫العفيف‬ ‫احلب‬ ‫‪3‬ـ ال حممو ٌد وال مذمو ٌم‪ُ ،‬‬
‫مثل‬
‫ِّ‬
‫ليس ْت ِم َن املحارم‪.‬‬
‫ِ (‪)2‬‬
‫َ‬
‫الذي َن كانُوا‬ ‫الفقهاء ِ‬ ‫ِ‬ ‫بعض ِم َن‬ ‫ٍ‬ ‫موقف‬‫ُ‬ ‫كر يف هذا الس ِ‬
‫ياق‬ ‫بالذ ِ‬ ‫وجدير ِّ‬
‫ِّ‬ ‫ٌ‬
‫ِ‬
‫االضطرار ِّي‬ ‫ِ‬
‫احلب العفيف‬ ‫وجوب تقيي ِم‬ ‫أي الذي يفيدُ‬ ‫ِ‬ ‫للر ِ‬ ‫أكثر َمي ً‬
‫ِّ‬ ‫َ‬ ‫ال َّ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫للغال ِم ومعام َلته عىل شاك َلة‬
‫حب ال‬ ‫احلب يف الفئة التَّقييم َّية ال َّثال َثة‪ ،‬يف أ َّن ُه ٌّ‬ ‫ِّ‬
‫البارز أمحدُ املنينِ ُّي ( ُتوفيِّ َ سن َة‬ ‫ُ‬ ‫مشق ُّي‬ ‫حممود وال مذموم؛ إذ ع َّل َق الفقيه الدِّ ِ‬
‫ُ‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬
‫َّبي لوط ًا عليه‬ ‫تقول‪ :‬لو َّ‬ ‫ٍ‬
‫فاحشة ُ‬ ‫َ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫املثال عىل َقصيدَ ة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫أن الن َّ‬ ‫سبيل‬ ‫‪1759‬م) يف‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫البرش َّية؛ مؤكِّد ًا‬ ‫ِ‬
‫وق‪ ،‬لمََا صرَ َّ َح بتحري ِم ح ِّبه عىل‬ ‫املعش ِ‬
‫نظر جمَ َال الغال ِم ُ‬ ‫السال ُم َ‬ ‫َّ‬
‫كان‬‫َّبي لوط ًا َ‬ ‫ِ‬
‫القول الذي ال يعني َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫حتري الدِّ َّقة يف َف ْه ِم هذا‬
‫أن الن َّ‬ ‫رضور َة ِّ‬ ‫َ‬
‫(ألن‬‫َّ‬ ‫ب‬ ‫ِ‬ ‫امر َسة ا ِّللواط مع الغال ِم‪ ،‬بل َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫فحس ُ‬‫ْ‬ ‫ليسمح بح َّبه‬ ‫َ‬ ‫كان‬ ‫بم َ‬ ‫ليسمح ُ‬
‫َ‬
‫قبيح‬ ‫فعل ٍ‬‫للعاشق فيه‪ ...‬إذا خال عن ٍ‬ ‫ِ‬ ‫اختيار‬ ‫أمر طبيع ٌّي ِ‬
‫قرس ٌّي ال‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫احلب ٌ‬ ‫َّ‬
‫املالوي‪ ،‬بغية املسامر‪ ،‬صفحة ‪140‬ب‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫(((   ابن الوكيل‬
‫السياط يف قمع أهل ا ّللواط‪ ،‬صفحة ‪24‬ب‪-25‬أ‪ .‬استشهد‬ ‫  السفاريني‪ ،‬قرع ّ‬ ‫((( ّ‬
‫السفاريني بابن ق ّيم اجلوز ّية‪( ،‬الدّ اء والدّ واء)‪.372-371 ،‬‬
‫ّ‬
‫اإل ْسال ِم ِّي‬ ‫ال ال َع َر ِب ِّي ِ‬ ‫جل ْن ِس َّي ِة يِف ال َع مَ ِ‬ ‫َما َق ْب َل امل ِْثلِ َّي ِة ا ِ‬ ‫‪272‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫موقف‬ ‫َ‬ ‫وكان هذا‬ ‫َ‬ ‫ً (‪)1‬‬


‫منه ٍّي عنه رشعا)‪.‬‬ ‫بارتكاب ِ‬ ‫ِ‬ ‫وص َم َة فيه لعد ِم اقرتانِ ِه‬ ‫فال ْ‬
‫ويدي ( ُتوفيِّ سن َة ‪1786‬م) كذلِ َك‪ِ ،‬‬ ‫محن الس ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ففي‬ ‫َ‬ ‫ِّ‬ ‫الر ِ ُّ‬ ‫الفقيه العراق ِّي عبد َّ‬
‫ديق‪ ،‬نصح الس ِ‬ ‫الفتيان كتبها بط َل ٍ ِ‬ ‫ِ‬ ‫مقا َم ٍة َصغري ٍة له عن ِ‬
‫ويد ُّي‬ ‫ب م ْن َص ٍ َ َ ُّ‬ ‫َ‬ ‫عشق‬ ‫َ‬
‫باحتامل احلب العفيفِ‬ ‫ِ‬ ‫اقرارهِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الرغ ِم م ْن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َصدي َق ُه ِّ‬
‫ِّ‬ ‫بتوخي احليطة واحلذر عىل ُّ‬
‫املنظور الدِّ ينِ ِّي‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫وفق‬‫حممود ًا عىل ِ‬ ‫واالضطرار ِّي الذي مل ْ يك ْن مذ ُموم ًا وال ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫واضطرار َّي ًا وخالِ َي ًا‬ ‫ِ‬ ‫كان عفيف ًا‬ ‫العشق َ‬ ‫َ‬ ‫ثبت َّ‬
‫أن‬ ‫ويد ِّي أ َّن ُه إذا َ‬ ‫وكان رأي الس ِ‬
‫َ ُ ُّ‬
‫بالكلامت وال‬ ‫ِ‬ ‫ون‪ ،‬ال‬ ‫عذ ُل َ‬ ‫ون به وال ُي َ‬ ‫واملوار َب ِة؛ فال ُيال ُم املبت َل َ‬ ‫ِمن الر ِ‬
‫ياء‬
‫َ‬ ‫َ ِّ‬
‫الذي أقره أبو حامدٍ‬ ‫للموقف ِ‬ ‫ِ‬ ‫مماثل‬‫والسويد ِّي ٌ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫بالفكر‪.‬‬
‫َّ ُ‬ ‫وموقف املنين ِّي ُّ‬ ‫ُ‬ ‫(‪)2‬‬

‫جلاملِ ِه‬ ‫خص َ‬ ‫ِ‬ ‫حب َّ‬


‫الش‬ ‫أن َّ‬ ‫الذي بينَّ َ فيه َّ‬ ‫ين) ِ‬ ‫الغزاليِ ُّ يف كتابِ ِه (إحيا ُء علو ِم الدِّ ِ‬
‫جلمي َل َة مست َّل َذ ٌة يف عينِها‬ ‫(الصور َة ا َ‬ ‫ألن ُّ‬ ‫أمر ممك ٌن‪َّ ،‬‬ ‫ِ ٍ‬
‫م ْن دون شهوة َج َسد َّية ٌ‬
‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫مثل هذا‬ ‫وحب ُ‬ ‫هوة‪،‬‬‫الش ِ‬ ‫اء َّ‬ ‫[وكل مس َت َل ٍّذ حمبوب]) حتَّى لو خ َلت ِمن قض ِ‬ ‫ُّ‬
‫ٌّ‬ ‫ْ ْ َ‬ ‫ٌ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اح‬ ‫اح؛ هو ( ُم َب ٌ‬ ‫حممود ًا دين َّي ًا‪ ،‬ولكنَّ ُه مل ْ يك ْن مذ ُموم ًا كذل َك‪ .‬بل إ َّن ُه ُم َب ٌ‬ ‫مل ْ يك ْن ُ‬
‫اح)‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫(‪)3‬‬
‫حممو ٌد وإ َّما مذ ُمو ٌم وإ َّما ُم َب ٌ‬ ‫احلب إ َّما ُ‬ ‫ُّ‬ ‫بحمد وال ذ ٍّم إذ‬ ‫ف‬‫وص ُ‬ ‫ال ُي َ‬
‫دافع‬‫الح‪ ،‬بل إ َّن ُه َ‬ ‫الفتيان املِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫حب‬
‫ث عن ِّ‬ ‫كان يتحدَّ ُ‬ ‫ومل ْ يصرَ ِّ ْح الغزاليِ ُّ بأ َّن ُه َ‬
‫تلخيص‬‫ِ‬ ‫إمكان‬‫َ‬ ‫نفرتض‬ ‫َ‬ ‫عن املبدأ بعا َّم ٍة‪ .‬ويمك ُن تبع ًا لذلِ َك بسهو َل ٍة‪ْ ،‬‬
‫أن‬
‫ِ‬ ‫حب اجل ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫العفيف‬ ‫امل‬ ‫موقف الغزاليِ ِّ العا ِّم يف هذه املسأ َلة يف قبوله بإمكان ِّ َ‬
‫الذي يت ُ‬ ‫كل ِ‬ ‫الش ِ‬ ‫ف الن ِ‬ ‫ِ‬ ‫ا ُملب ِ ِ‬
‫موقف‬ ‫ُ‬ ‫َّخذ ُه‪ )4(.‬وقدْ يواج ُه‬ ‫َّظر عن َّ‬ ‫اح دين َّي ًا بصرَ‬ ‫َ‬
‫إن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫بسبب ال َّطاب ِع االعتباط ِّي لقوله‪َّ :‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫معارض ًة شديدَ ًة‬ ‫َ‬ ‫السفارين ِّي يف الواق ِع‬ ‫ِ‬
‫َّ‬
‫ِ‬
‫كان عفيف ًا واضطرار َّي ًا‬ ‫ليس ْت م َن املحار ِم مل ْ يك ْن مذ ُموم ًا إذا َ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫عشق امرأة َ‬ ‫َ‬

‫الشادن لفرط حسنه ّ‬


‫فكل من رآه حي ّبه‬ ‫الوهبي‪( .57-56 :2 ،‬وهذا ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّيني‪ ،‬الفتح‬
‫  املن ّ‬ ‫(((‬
‫حب مثله ألنهّ م مغلوبون‬
‫ّ‬ ‫عن‬ ‫الورى‬ ‫هنى‬ ‫ملا‬ ‫لوط‬ ‫رآه‬ ‫فلو‬ ‫اختيارا‬ ‫ال‬ ‫طبعا‬ ‫إليه‬ ‫ويمل‬
‫واحلب إذا خال‪( .)....‬املرتمجة)‪.‬‬‫ّ‬ ‫عليه لفرط مجاله‬
‫ويدي‪ ،‬رسالة‪ ،‬صفحة ‪106‬ب‪107/‬أ‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫الس‬
‫الرمحن ّ‬‫  عبد ّ‬ ‫(((‬
‫الكاشاين‪ ،‬احلقائق‪.321‬‬
‫ّ‬ ‫السادة املتّقني‪( 184 :6 ،‬هامش)؛‬ ‫بيدي‪ ،‬إحتاف ّ‬
‫  الز ّ‬
‫ّ‬ ‫(((‬
‫حب الفتيان ال ّطاهر‪،‬‬ ‫ّ‬
‫الغزايل يف دفاعه عن ّ‬ ‫ّابليس با ّدعاء‬
‫  يف سبيل املثال‪ ،‬استعان الن ّ‬ ‫(((‬
‫انظر غاية املطلوب‪.77 ،‬‬
‫جلما ِل ُّيون‬ ‫الثا ِني‪ :‬ا َ‬ ‫الفص ُل َّ‬ ‫ْ‬
‫‪273‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫يقع يف‬ ‫ِ‬


‫واالضطرار َّي للفتيان ُ‬ ‫ِ‬ ‫العفيف‬
‫َ‬ ‫احلب‬
‫َّ‬ ‫االعرتاف َّ‬
‫بأن‬ ‫َ‬ ‫رفض ِه‬ ‫مقابل ِ‬‫َ‬
‫ناقشوا‬ ‫الذي َن ُ‬ ‫الفقهاء ِ‬ ‫ِ‬ ‫بعض ِم َن‬ ‫الفئة ذاتهِ ا؛ وقدْ تبنَّى هذا‬ ‫ِ‬
‫املعارض ٌ‬ ‫َ‬ ‫املوقف‬
‫َ‬
‫رب غ َف َر‬ ‫وص َ‬
‫وعف َ‬ ‫َّ‬ ‫وكتم‬
‫َ‬ ‫الذي أسل ْفنا ِذك َْر ُه ( َم ْن َع َ‬
‫شق‬ ‫بقول النَّبي ِ‬
‫ِّ‬
‫ِ‬ ‫املقصو َد‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫حب‬ ‫وايات عىل ِّ‬ ‫ُ‬ ‫وحاو ُلوا حتديدَ ما لو ت َْصدُ ُق هذه ِّ‬
‫الر‬ ‫َ‬ ‫اهللُ له وأدخ َل ُه اجلنَّ َة)‬
‫ليِ‬ ‫شمس الدِّ ِ‬ ‫ب أ ْم ال؟!‪ .‬إذ ر َّد الفقي ُه املصرْ ِ ُّي‬ ‫الن ِ‬
‫الرم ُّ‬ ‫حممدُ َّ‬‫ين َّ‬ ‫ُ‬ ‫فحس ُ‬ ‫ْ‬ ‫ِّساء‬
‫املوقف‬ ‫ِ‬ ‫املثال عىل‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫سبيل‬ ‫ِ‬
‫احلقبة يف‬ ‫فقهاء ِ‬
‫هذه‬ ‫ِ‬ ‫( ُتوفيِّ َ سن َة ‪1596‬م) أحدُ ِ‬
‫أبرز‬
‫ِ‬ ‫الر ِ‬ ‫ِ‬ ‫الذي ُ‬ ‫ِ‬
‫للفتيان‬ ‫جل‬ ‫حب َّ‬ ‫احلب ال َي ْصدُ ُق عىل ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫شهداء‬ ‫حديث‬‫َ‬ ‫يقول‪َّ :‬‬
‫إن‬
‫ترك ِه ومتا َدى عليه‪ .‬أ َّما‬ ‫اختياري له مندوح ٌة عن ِ‬
‫َ‬ ‫ِ ٍّ‬ ‫ظاهر يف ٍ‬
‫عشق‬ ‫ٌ‬ ‫قائالً‪( :‬وهو‬
‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ول ٍ‬
‫مندوح َة له عن تركه مل ْ ْ‬
‫يمنع‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫بحيث ال‬ ‫اضطرار ٍّي له‬ ‫عشق‬ ‫حص ُ‬ ‫لو ُف ِر َض ُ‬
‫ِ ٍ (‪)1‬‬ ‫هادة‪ ،‬إذ ال ِ‬ ‫الش ِ‬ ‫حص َ‬
‫معص َي َة به حينئذ)‪.‬‬ ‫ول َّ‬ ‫ُ‬
‫السائدَ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الرمليِ ِّ فيام يت َِّص ُل‬ ‫َ‬
‫املوقف َّ‬
‫َ‬ ‫احلب”‬
‫ِّ‬ ‫شهداء‬ ‫بحديث‬ ‫موقف َّ‬
‫ُ‬ ‫وكان‬
‫هيم يف املسأ َل ِة بر َّمتِها‪ ،‬هو‬ ‫ِ‬
‫الفص ِل القاد ِم‪ ،‬وما ُّ‬
‫سنلحظ يف ْ‬ ‫ُ‬ ‫الفقهاء مث َلام‬ ‫بني‬
‫َ‬
‫وب‪.‬‬‫جنس ا َملح ُب ِ‬ ‫واالضطرار‪ ،‬ال َ‬
‫ُ‬ ‫الع َّف ُة‬

‫الصو ِف َّي ُة‬


‫جلما ِل َّي ُة ُّ‬
‫ا َ‬
‫عري ِة والن َِّثري ِة يف ِ‬ ‫امل اجلس ِدي يف املؤ َّل ِ‬
‫هذه‬ ‫َّ‬ ‫الش ِ َّ‬ ‫فات ِّ‬ ‫جل ِ َ َ ِّ‬ ‫مدائح ا َ‬‫ُ‬ ‫َت‬ ‫كان ْ‬
‫خالق ِه‪ ،‬وتستندُ‬ ‫َّعبريات التِي تثنِي عىل ِ‬ ‫ِ‬ ‫جنب الت‬ ‫ٍ‬ ‫تظهر جنب ًا إىل‬ ‫ِ ِ‬
‫احلقبة التَّارخي َّية ُ‬
‫ِ‬
‫يومنا هذا إىل‬ ‫هذه التِي ما زا َل ْت شائع ًة يف العالمَ ِ العربيِ حتَّى ِ‬ ‫مثل ِ‬ ‫ممُ َار َس ٌة ُ‬
‫ِّ‬ ‫َ‬
‫نيو َّي ك َّل ُه‪َّ ،‬‬
‫وثم َة‬ ‫امل الدُّ ِ‬ ‫جل َ‬ ‫خلق ا َ‬ ‫أن اهللَ سبحا َن ُه قد َ‬ ‫االفرتاض القاط ِع دينِ َّي ًا يف َّ‬ ‫ِ‬
‫ٍ‬
‫واحد يت َِّص ُل‬ ‫للجدل وأكثر راديكالِي ًة يف ٍ‬ ‫ِ‬
‫وقت‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫أكثر إثار ًة‬ ‫تص ُّو ٌر َم ْف ُهوماتيِ ِّ ُ‬ ‫َ‬
‫أن‬ ‫ِ‬
‫تنظر‪ ،‬يعني ْ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫امل فيه بمعن ًَى عميق و ُمع َّقد إهل َّي ًا‪ْ :‬‬ ‫جل ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫أن َ‬ ‫يظهر ا َ‬
‫ُ‬ ‫الفكرة‬‫َ‬ ‫هبذه‬
‫تقرتن اقرتان ًا وثيق ًا يف‬ ‫ُ‬ ‫مثل ِ‬
‫هذه‬ ‫أن فِكر ًا َ‬ ‫لح ُظ َّ‬ ‫ِ‬
‫تنظر إحدَ ى سامت اهللِ‪ .‬و ُي َ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫ني الذي َن‬ ‫ِ‬
‫بالصوف ِّي َ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫نيِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وانترش ْت ُّ‬ ‫َ‬ ‫حيث شا َع ْت‬ ‫الشرَّ ق األوسط العثام ِّ املبكر‬
‫بن عربيِ ٍّ ( ُتوفيِّ َ سن َة ‪1240‬م)‬ ‫ين ِ‬ ‫املولد ِحمي الدِّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِسيِ‬
‫باملتص ِّوف أندل ِّ‬
‫ِ‬
‫َ‬ ‫تأ َّث ُروا‬
‫  الر ّ‬
‫ميل‪ ،‬هناية املحتاج برشح املنهاج‪.497 :2 ،‬‬ ‫((( ّ‬
‫اإل ْسال ِم ِّي‬ ‫ال ال َع َر ِب ِّي ِ‬ ‫جل ْن ِس َّي ِة يِف ال َع مَ ِ‬ ‫َما َق ْب َل امل ِْثلِ َّي ِة ا ِ‬ ‫‪274‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫الفارض ( ُتوفيِّ َ سن َة‬ ‫ِ‬ ‫بن‬ ‫عمر ِ‬ ‫َ‬ ‫اعر املصرْ ِ ِّي‬ ‫الش ِ‬ ‫غر سنَّ ًا َّ‬ ‫األص ِ‬ ‫ْ‬ ‫ومعاصرِ ِ ِه‬
‫ون يف أدبِ َّياتهِ ِم؛‬ ‫املتص ِّو ُف َ‬ ‫يطرحها َ‬ ‫ُ‬ ‫اجلوهر َّي ُة التِي‬ ‫ِ‬ ‫‪1235‬م)(‪ )1‬شا َع ْت الفكر ُة‬
‫ِ‬
‫األحيان‬ ‫بعض ِم َن‬ ‫ٍ‬ ‫ُسمى يف‬ ‫ب هو احلقيق ُة‪ ،‬وه َي فكر ٌة ت َّ‬
‫ِ‬
‫فحس ُ‬ ‫أن اهللَ ْ‬ ‫وه َي َّ‬ ‫ِ‬
‫ف امل َّط ِل ِع عىل‬ ‫قدرة املتصو ِ‬ ‫ِ‬ ‫الوجود)‪ .‬وزياد ًة عىل ذلِ َك‪ُ ،‬يعت َقدُ يف‬ ‫ِ‬ ‫بـ (وحد َة‬
‫َ ِّ‬
‫وإدراكها؛ وبقدرتِ ِه يف الواق ِع‬ ‫ِ‬ ‫األساس َّي ِة‬
‫ِ‬ ‫امليتافيزيق َّي ِة‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫احلقيقة‬ ‫هبذ ِه‬‫اإلحساس ِ‬
‫ِ‬
‫اهر‪،‬‬ ‫سوى عالمَ ِ ال َّظ ِ‬ ‫املتدر َب ُة َ‬ ‫غري‬ ‫تص ُّو ُر (جتليِّ ) اهللِ يف ِ‬
‫ِّ‬ ‫العني ُ‬ ‫ُ‬ ‫حني ال َترى‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الكريمة‪َ ( :‬ف َأ ْينَماَ‬ ‫َ‬ ‫أن هذا هو املعنَى احلقيق ُّي لآلية‬ ‫العمو ِم يف َّ‬ ‫و ُيعتقدُ عىل وجه ُ‬
‫(‪)2‬‬
‫ت َُو ُّلو ْا َف َث َّم َو ْج ُه اللهَِّ)‪.‬‬
‫ِ‬
‫حركة‬ ‫بأنفس ِهم عن‬ ‫ِ‬ ‫َّأي‬ ‫َّفكري هذا عىل الن ِ‬ ‫خط الت ِ‬ ‫حرص مؤ ِّيدُ و ِّ‬ ‫وقدْ‬
‫َ‬
‫قط‬ ‫أن اهللَ يف ذاته ال يشب ُه ُّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ون فكر َة َّ‬ ‫وهم يقب ُل َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫املجر َدة(‪ُ )3‬‬ ‫َّ‬ ‫(وحدة الوجود)‬
‫اث‬ ‫وجييز الترُّ ُ‬ ‫جانب‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫تص ُّو ُر ُه؛(‪ )4‬هذا ِم ْن‬ ‫ٍ‬
‫ُ‬ ‫اإلحساس به أو َ‬ ‫ُ‬ ‫يشء يمك ُن‬ ‫أي‬ ‫َّ‬
‫ِ‬
‫بعض م ْن (أسامء) اهللِ التي‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫َ‬
‫استعامل‬ ‫آخ َر‬ ‫جانب َ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الدِّ ين ُّي اإلسالم ِّي م ْن‬ ‫ِ‬
‫محن والعظي ِم والعارفِ‬ ‫والر ِ‬ ‫الرحي ِم‬ ‫(صفاتِ ِه) و (أفعا َل ُه) َ‬ ‫تعكس ِ‬
‫َّ‬ ‫مثل َّ‬ ‫ُ‬
‫أن هذه األسام َء‬ ‫ِ‬ ‫ابن عربيِ ٍّ َّ‬ ‫ون م ْن مدرسة ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الصوف ُّي َ‬‫ِ‬ ‫جل ِ‬ ‫ِ‬
‫ميل‪ .‬ويعتقدُ ُّ‬ ‫واخلالق وا َ‬
‫األشكال األفالطونِ َّي ُة؛‬ ‫ُ‬ ‫اهر بال َّطري َق ِة ذاتهِ ا التِي تتجلىَّ هبا‬ ‫تتجلىَّ يف العالمَ ِ ال َّظ ِ‬
‫ظهورات ‪/‬‬ ‫ٍ‬ ‫سوى‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫نيو ِّي مجيع ًا يف‬ ‫امل الدُّ ِ‬ ‫فحاالت اجل ِ‬
‫املثال‪ ،‬ما ه َي َ‬ ‫سبيل‬ ‫ُ َ‬
‫ِ (‪)5‬‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫الوقوع‬‫ُ‬ ‫يستحيل‬‫ُ‬ ‫ويتعذ ُر هبذا املعنَى بل‬ ‫َّ‬ ‫جلميل)‪.‬‬ ‫جت ِّليات لالس ِم اإلهل ِّي (ا َ‬
‫الصوف ّية‬‫عريب‪ ،‬اعتمدت اعتامدا ك ّل ّيا تقريبا عىل ايزوتسو‪ّ ،‬‬ ‫خيص ميتافيزيقيا ابن ّ‬ ‫  فيام ّ‬ ‫(((‬
‫دراسات مفيدة أقرص استعنت هبا مثل عفيفي‪« ،‬ابن‬ ‫َ‬ ‫ة‬ ‫وثم‬
‫ّ‬ ‫ل‪.‬‬ ‫األو‬
‫ّ‬ ‫اجلزء‬ ‫ة‪،‬‬ ‫وال ّطاو ّي‬
‫السادس؛ وجيتك‪ ،‬طريق‬ ‫الصوف ّية يف اإلسالم‪ ،‬الفصل ّ‬ ‫يب»‪ ،‬وشيمل‪ ،‬األبعاد ّ‬ ‫عر ّ‬
‫األول‪.‬‬
‫ّ‬ ‫الفصل‬ ‫ة‪،‬‬ ‫ي‬ ‫وف‬
‫ّ ّ‬ ‫الص‬ ‫املعرفة‬
‫  سورة النّساء (اآلية ‪.)115‬‬ ‫(((‬
‫إن اهلل وال ّطبيعة يشء واحد ّ‬
‫وبأن الكون املا ّد ّي‬ ‫  (‪ )pantheism‬املذهب القائل‪ّ :‬‬ ‫(((‬
‫للذات اإلهل ّية‪( .‬املرتمجة)‪.‬‬ ‫واإلنسان ليسا إلاّ مظاهر ّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫  ويستد ّلون عىل فكرهتم باآلية القرآن ّية يف وصف اهلل تعاىل‪َ ....( :‬ل ْي َس كَم ْثله شيَْ ٌء‬ ‫(((‬
‫لغوي)‪.‬‬ ‫(املقوم ا ّل‬ ‫الشورى اآلية ‪.11‬‬ ‫يع ال َب ِص ُري) سورة ّ‬ ‫وهو ِ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫السم ُ‬
‫َ ُ َ َّ‬
‫الصوف ّية وال ّطاو ّية‪.164-163 ،‬‬ ‫  لقياس مع األفالطون ّية مذكور يف ايزوتسو‪ّ ،‬‬ ‫(((‬
‫جلما ِل ُّيون‬ ‫الثا ِني‪ :‬ا َ‬ ‫الفص ُل َّ‬ ‫ْ‬
‫‪275‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ٍ‬
‫بامرأة‬ ‫ُون أنهَّ ُم قد ُفتِنُوا‬ ‫ون ِ‬
‫املبتدئ َ‬ ‫يشء خال اهللَ! وقدْ يظ ُّن املريدُ َ‬‫يف احلب مع ٍ‬
‫ِّ‬
‫أدق‪ ،‬بام أ َّن ُه‬ ‫ٍ‬
‫بجامل اهللِ؛ وبنحو َّ‬ ‫ِ‬ ‫ون َ‬‫مسحور َ‬
‫ُ‬ ‫جمَ ي َل ٍة أو فت ًَى ولكن َُّهم يف الواق ِع‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ب‬ ‫فحس ُ‬ ‫فثم َة يف هناية املطاف اهللُ ْ‬ ‫وجودان ح َّق ًا‪َّ ،‬‬‫وق َم ُ‬‫املعش ُ‬
‫العاشق وال ُ‬ ‫ُ‬ ‫ال‬
‫نفس ِه‪.‬‬
‫عاشق ُا َ‬
‫لوك) وا ُملسماَّ ِة كذلِ َك بـ (الت َِّائ َّي َة‬
‫الفارض يف َق ِصيدَ ِة (نظم الس ِ‬
‫ْ ُّ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬
‫يقول اب ُن‬
‫يت‪:‬‬‫الكربى) ذائع ِة الص ِ‬
‫َ ِّ‬ ‫َ‬
‫ـة‬ ‫كل مليح ِ‬ ‫عـار له بــــل ُح ْســـــ ُن ِّ‬ ‫مليح ُح ْســـنُ ُه ِمـــ ْنجمَ ــالهِ ا‬ ‫ُّ‬
‫فكــل ٍ‬
‫َ‬ ‫ُم ٌ‬
‫ــــز ِة‬
‫ــــر َع َّ‬ ‫ِ‬
‫كمجنـون لي َلـــى أو كث ِّي ُ‬ ‫ٍ‬
‫عاشـــق‬ ‫هباق َي ُسليلىَ ها َمبلك ُّ‬
‫ُــــل‬
‫ـورة حس ٍن الح يف حس ِن ص ِ‬
‫بص ِ‬ ‫ـف ِ‬‫فكل صبا منهم إىل وص ِ‬
‫ورة‬ ‫ُ ْ ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ ْ‬ ‫ُ‬ ‫لبســـها‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ٌّ َ‬
‫وهي فيها جت َّل ِ‬
‫ـــت‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ومـــا َ‬
‫ذاك إلاَّ ْ‬
‫فظنُّـــوا ســـواها َ‬ ‫ـــــر‬‫بمظاه‬ ‫أن بدَ ْت‬
‫كـل ِ‬
‫برزة‬ ‫ِ‬ ‫عىل ِصــــ َب ِغ الت‬
‫َّلويـــن يف ِّ‬ ‫ِ‬
‫بمظاه ٍر‬ ‫ٍ‬
‫باحتجاب واخت َف ْت‬ ‫بــدَ ْت‬
‫ِ‬
‫األمومـــة‬ ‫ــوا ِ‬
‫قبل ُحك ِم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َّشــأة األولـى َتراءتْ‪ ‬آلد ٍم‬ ‫ِ‬
‫بمظـهر َح ّ‬ ‫ففي الن‬
‫ِ‬
‫ـــــة‬‫ببغض‬ ‫ٍ‬
‫لبعضوال ضـدُّ ُي َصـــدُّ َ‬ ‫بعض َها‬ ‫ِ‬
‫املظــاه ِر َ‬ ‫ب‬ ‫َ‬
‫وكان ابتـدا ُح ِّ‬
‫كل ِح ِ‬
‫قبـة‬ ‫ِ‬
‫األوقـــات يف ِّ‬ ‫عىل َح َس ِ‬
‫ب‬ ‫وما ِبرحتْ‪ ‬تبـدُ ووخت َفـى لِع َّل ٍ‬
‫ــــة‬ ‫َ‬
‫ــنبديع ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِمــ َنا ُّل ِ‬ ‫مظه ٍ‬ ‫للعش ِ‬
‫ـة‬ ‫أشـكال ُح ْس ٍ َ‬ ‫لبسيف‬ ‫ــر‬ ‫ـــاق يف ِّ‬
‫كـــل َ‬ ‫وتظهر َّ‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫هيئــــة‬ ‫ِّ‬
‫كــــل‬ ‫ظهر ْت هلُــم ل َّل ِ‬
‫بس يف‬ ‫هواهـــا وإنَّــام‬ ‫وما القو ُم ِ‬
‫َ‬ ‫غيـري يف َ‬
‫يــــل بثين ِ‬
‫َــــة‬ ‫َ‬ ‫وآونَـــــ ًة أبــــدُ و جمَ‬ ‫وأخـرىكث ِّيــــر ًا‬ ‫مر ٍةقيســــ ًا‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫ففي َّ‬
‫رت ِة‬ ‫هبِــم فا ْعجــــب َ ٍ‬
‫لكشف بســـــ َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫جت َّل ْت فيهم ظاهر ًا واحتجبـ َْت باطن ًا‬
‫اإل ْسال ِم ِّي‬ ‫ال ال َع َر ِب ِّي ِ‬ ‫جل ْن ِس َّي ِة يِف ال َع مَ ِ‬ ‫َما َق ْب َل امل ِْثلِ َّي ِة ا ِ‬ ‫‪276‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ــــــر ِة‬
‫َ‬ ‫ونض‬
‫بحــــــب ْ‬
‫ٍّ‬ ‫جت ُلـولنَــــا‬ ‫ِ‬
‫مظـــاه ُر‬ ‫ـمال َو ُهـ َّن َو ُه ْم‬
‫وهـ َّن َو ُه ْ‬
‫ُ‬
‫والكــــل أسـامء َلب ِ‬
‫ُّ‬ ‫ِّ‬ ‫ــب‬ ‫ِ ِ‬ ‫ُّ‬
‫(*)‬
‫ســة‬ ‫ُ ْ‬ ‫َــى‬
‫كل فت ً‬ ‫ِب أنـا هو وه َي ح ُّ‬
‫فكل فتَـى حـ ٍّ‬

‫السلوك‪ ،‬األبيات ‪ .262-261 ،244-242‬األبيات من‬


‫[*] ابن الفارض‪ ،‬نظم ّ‬
‫دراسات يف‬
‫َ‬ ‫ترمجتي‪ ،‬ولال ّطالع عىل رشح للقصيدة با ّللغة اإلنكليز ّية‪ ،‬انظر نيكلسن‪،‬‬
‫الصوف ّية اإلسالم ّية‪ ،‬وهومرين‪ ،‬عمر ابن الفارض‪ 73 ،‬وما يتبعها‪.‬‬
‫ّ‬

‫*****‬

‫اآلن عينِ ِه‪ ،‬وي ُظ ُّن‬


‫إهلي ًا يف ِ‬‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اهر ُّي حجاب ًا إهيام َّي ًا وإظهار ًا َّ‬ ‫امل ال َّظ ِ‬‫جل ُ‬
‫ويم ِّث ُل ا َ‬
‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫امل يؤ ِّل ُ‬
‫جل َ‬ ‫ِ‬
‫بنحو‬ ‫موجود‬ ‫ف صف ًة لكيان حمدَّ د ُ‬ ‫أن هذا ا َ‬ ‫املبتد ُئ توهمُّ ًا‪َّ ،‬‬ ‫املريدُ‬
‫ِ‬ ‫العارف مظهر ًا جل ِ‬
‫امل اهللِ ا َّلالمتناهي‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫ف‬ ‫ِ‬
‫حني يرا ُه املتص ِّو ُ‬‫مستقل يف ِ‬ ‫ٍّ‬
‫َ‬
‫هد‬ ‫الز ِ‬ ‫أن يتبنَّوا لغ َة ُّ‬ ‫سياقات مع َّين ٍَة ْ‬ ‫ٍ‬ ‫ني يف‬ ‫ِ‬
‫الواحد ِّي َ‬ ‫املتص ِّو َف ِة‬ ‫ِ‬
‫وبقدرة َ‬
‫أن‬‫اهر َّي ِة‪ .‬إلاَّ َّ‬ ‫ور ال َّظ ِ‬ ‫الص ِ‬ ‫ِ‬
‫َّاس عىل االبتعاد عن تأليه ُّ‬
‫ِ‬
‫وحيضوا الن َ‬ ‫ُّ‬ ‫ُّسك‪،‬‬‫والن ِ‬
‫مطروح‪ ،‬هو ألاَّ‬ ‫بديل‬‫وثم َة ٌ‬ ‫ِ‬ ‫أن ت َ ِ‬ ‫ينبغي ْ‬ ‫هذه ال ِ‬ ‫مثل ِ‬ ‫فِك ََر ًا َ‬
‫ٌ‬ ‫ٌتنز َع م ْن سياقها‪َّ ،‬‬
‫بوص ِف ِه‬ ‫بك‪ ،‬إنَّام ترا ُه كام هو عليه واقع ًا‪ ،‬أي ْ‬ ‫املحيط َ‬ ‫ِ‬ ‫تغلق حواس َك أمام اجل ِ‬
‫امل‬ ‫َ َ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬
‫مشق ُّي عبدُ الغنِ ِّي النَّابلسيِ ُّ يف مقدَّ َمتِ ِه‬ ‫ف الدِّ ِ‬
‫ظهور ًا إهل َّي ًا؛ إذ اشتكَى َ‬
‫املتص ِّو ُ‬ ‫ِ‬
‫أن مع ِّلق ًا سابق ًا هو َح َس ُن البورينِ ُّي‬ ‫الفارض‪ ...‬اشتكَى ِم ْن َّ‬ ‫ِ‬ ‫ديوان ِ‬
‫ابن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫لرشح‬
‫ارش‪َ ،‬‬ ‫غزل ُم َب ٍ‬ ‫الفارض بأ َّن ُه شعر ٍ‬ ‫ِ‬ ‫شعر ِ‬
‫فقال‪:‬‬ ‫ُ‬ ‫ابن‬ ‫َ‬ ‫( ُتوفيِّ َ سن َة ‪1614‬م) قد فسرَّ َ‬
‫رشح‬ ‫كأسلوب ِ‬ ‫ِ‬ ‫املذكور‬ ‫رشح ُه‬ ‫البيت‪َ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫ولك ْن‪ ...‬لمََّا مل ْ يك ْن ِم ْن ِ‬
‫َ‬ ‫جعل َ‬ ‫أهل هذا‬
‫يرشح الت َِّائ َّي َة‬ ‫بصري َته بذلِ َك َّ ِ‬ ‫عراء‪ ،‬ومل ِيوقدْ ِ‬ ‫الش ِ‬
‫ْ‬ ‫ومصدا ُق ُه أ َّن ُه مل ْ‬ ‫الزيت؛ ْ‬ ‫َ ُ‬ ‫ْ‬ ‫كال ِم ُّ‬
‫أدرى‪...‬‬ ‫ني قب َل ُه‪ ،‬وكانُوا به َ‬ ‫ني العارفِ َ‬ ‫كثري ِم َن املح ِّق ِق َ‬ ‫رشحها ٌ‬ ‫َ‬ ‫ربى التِي‬ ‫الك َ‬
‫اإلهل َّي ِة‬ ‫ِ‬ ‫وأعرض عن املعانيِ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬
‫الغزالن‪،‬‬ ‫تغز ٌل يف‬‫أن كال َم النَّاظ ِم ُّ‬ ‫اجلميع َّ‬ ‫َ‬ ‫وأ ْف َه َم‬
‫ْ‬ ‫ِ‬ ‫املقصو ُد يف كال ِم ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫يدخل‬ ‫أهل العرفان‪ ،‬فيا َل ْي َت ُه مل ْ‬ ‫الر َّبان َّية مع أنهَّ ا ُ‬ ‫واإلشارات َّ‬
‫جلما ِل ُّيون‬ ‫الثا ِني‪ :‬ا َ‬ ‫الفص ُل َّ‬ ‫ْ‬
‫‪277‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫يف ِ‬
‫(‪)1‬‬
‫امللكوت!‪.‬‬ ‫فإن أبوابهَ ا مق َف َل ٌة عىل َم ْن مل ْ ْ‬
‫يلج عامل َ‬ ‫البيوت؛ َّ‬ ‫هذه‬

‫عر هو‬ ‫الصوفيِ َّ ِّ‬


‫للش ِ‬ ‫الفهم ُّ‬
‫َ‬ ‫قول البورينِ ِّي مب ِّين ًا َّ‬
‫أن‬ ‫واحتج النَّابلسيِ عىل ِ‬
‫ُّ‬ ‫َّ‬
‫العمو ِم ال‬ ‫أن املعنَى الغزليِ َّ ا َمل ْف ُهو َم عندَ ُ‬ ‫املرشوع‪( :‬وال خي َفى َّ‬
‫ُ‬ ‫ال َف ْه ُم الوحيدُ‬
‫لنفس ِه وينْتَبِ ْه‪،‬‬
‫َّاصح ِ‬ ‫ِ‬
‫لبيب الن ُ‬ ‫وليتعظ ا َّل ُ‬ ‫ْ‬ ‫أهل اهللِ به‪،‬‬ ‫أن يت َِّه َم َ‬
‫ألحد ْ‬ ‫ٍ‬ ‫يسو ُغ‬
‫ِّ‬
‫ون به‬ ‫يكون مرا ُد ُهم فيام يتك َّل ُم َ‬ ‫َ‬ ‫أن‬‫ني باهللِ تعالىَ ْ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬
‫ويستحيل عندَ مجي ِع العارف َ‬
‫سوى اهللِ‪.‬‬‫غري اهللِ)(‪ )2‬وال يش َء َ‬ ‫َ‬
‫الفارض الغزليِ ِّ ‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫شعر ِ‬
‫ابن‬ ‫أن َ‬ ‫افرتاض َّ‬ ‫ِ‬ ‫مثل هذا إىل‬ ‫مقطع ُ‬
‫ٌ‬ ‫وقدْ يدف ُعنا‬
‫الشاعر باحلديثِ‬ ‫ِ‬ ‫املعش َ‬ ‫جماز ٌّي‪َّ ،‬‬ ‫شعر ِ‬ ‫ٍ‬ ‫هو بسهو َل ٍة‬
‫خيص ُه َّ ُ‬ ‫وق الذي ُّ‬ ‫وإن ُ‬ ‫ويرس ٌ‬
‫أن التَّو ُّغ َل‬ ‫اإلهل ِّي‪ .‬إلاَّ َّ‬ ‫وق ِ‬ ‫املعش ِ‬ ‫حرض ٍة ُ‬ ‫شخص َّي ٌة متخ َّي َل ٌة تؤ ِّدي واج َبها يف‬ ‫ِ‬
‫َ‬
‫قصدَ ُه؛ واال ِّدعا ُء هنا َّ‬
‫بأن‬ ‫يكشف لنا َّ‬ ‫سيِ‬ ‫فيام حتدَّ َ‬
‫أن هذا مل ْ يك ْن ْ‬ ‫ُ‬ ‫ث به النَّابل ُّ‬
‫الشعر ِ‬ ‫شاب‪ ،‬بل َّ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الذي‬ ‫إن َّ َ‬ ‫ينظم شعر ًا يعبرِّ ُ عن ح ِّبه المرأة أو ٍّ‬ ‫الفارض مل ْ ْ‬ ‫اب َن‬
‫ِّساء أو الصبيان‪ِ.‬‬ ‫امل اهللِ كام يتجلىَّ يف الن ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫كان بمنز َلة‬ ‫نظم ُه َ‬
‫ِّ‬ ‫تعبري عن ح ِّبه جلَ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫الصاد َق ُة (املتج ِّل َي ُة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫احلق‬‫بوجهها ِّ‬ ‫وبنا ًء عىل ذل َك‪ ،‬كا َنتْاحلقي َق ُة الواض َح ُة َّ‬
‫الفارض سوا ٌء‬ ‫ِ‬ ‫نظم ُه اب ُن‬ ‫عر الذي َ‬
‫الش ِ ِ‬ ‫الباقي يف ذلِ َك الشيَّ ِء الفانيِ ) ِه َي غاية ِّ‬ ‫ِ‬
‫قط ذلِ َك الشيَّ ء ِ‬ ‫ِ‬
‫الفارض ُّ‬ ‫قصدُ ِ‬
‫الذي ال‬ ‫َ‬ ‫ابن‬ ‫خص به ذكر ًا أ ْم أن َثى؛ ومل ْ يك ْن ْ‬ ‫َّ‬
‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫آخ َر‬ ‫رت َضة‪ .‬ويف جزء َ‬ ‫(‪)3‬‬
‫وصورة مف َ‬ ‫مظهر خاد ٍع ُ‬ ‫ٍ‬ ‫يم ِّث ُل يف رأيه املع َتبرَ ِ َ‬
‫سوى‬
‫فليبار ْك اهللُ فؤا َد ُه ‪ -‬أ َّن ُه‬ ‫ِ‬ ‫الش ِ‬
‫اعر ‪-‬‬ ‫(رو َي عن َّ‬ ‫تعليق ِه بينَّ َ النَّابلسيِ بقولِ ِه‪ِ :‬‬ ‫ِ‬ ‫ِم ْن‬
‫ُّ‬
‫ِ ِ (‪)4‬‬
‫بصورته)‪.‬‬ ‫احلق تعالىَ جت ِّل َي ُه ُ‬ ‫جز ٍار أشهدَ ُه ُّ‬ ‫حيب غال َم َّ‬ ‫كان ُّ‬ ‫َ‬

‫حب‬
‫بني ِّ‬ ‫ِ‬
‫الفرق َ‬ ‫تلم ُس‬ ‫اجح ـ ُّ‬‫الر ُ‬ ‫ِ‬
‫الغرير ـ وهذا هو َّ‬ ‫الر ِائي‬ ‫َّ‬
‫ويتعذ ُر عىل َّ‬
‫بب‬ ‫الصبِ ِّي أو إدرا ُك ُه‪ ،‬ور َّبام هذا هو ُّ‬
‫الس ُ‬ ‫وحب اهللِ املتجليِّ جمَ ا ُل ُه يف َّ‬
‫ِّ‬ ‫ِصبِ ٍّي‬

‫ّابليس‪ ،‬كشف ال ّسرّ الغامض يف رشح ديوان ابن الفارض‪3 ،‬أ‪ -‬ب‪.‬‬
‫الن ّ‬ ‫(((‬
‫ّابليس‪ ،‬كشف ال ّسرّ الغامض‪ ،‬صفحة ‪4‬أ‪ -‬ب‪.‬‬
‫  الن ّ‬ ‫(((‬
‫ّابليس‪ ،‬رشح ديوان ابن الفارض‪.61 :1 ،‬‬
‫  الن ّ‬ ‫(((‬
‫ّابليس‪ ،‬رشح ديوان ابن الفارض‪.234 :2 ،‬‬‫  الن ّ‬ ‫(((‬
‫اإل ْسال ِم ِّي‬ ‫ال ال َع َر ِب ِّي ِ‬ ‫جل ْن ِس َّي ِة يِف ال َع مَ ِ‬ ‫َما َق ْب َل امل ِْثلِ َّي ِة ا ِ‬ ‫‪278‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫املقصو َد‬ ‫جعل النَّابلسيِ يكتب تعليق ًا يف ِ‬


‫أحد املواضعِ؛ يبينِّ ُ فيه َّ‬
‫أن‬ ‫الذي َ‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬
‫الفارض هم النَّاس ِ‬
‫الذي َن‬ ‫ِ‬ ‫ائد ِ‬
‫ابن‬ ‫الذين ورد ذكرهم يف إحدَ ى قص ِ‬ ‫ال ِ‬ ‫بالعذ ِ‬
‫َّ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ُ ُ‬
‫نيو َّي ِة) بينَام‬
‫ور الدُّ ِ‬ ‫الص ِ‬ ‫(غري اهللِ‪ِ ،‬‬
‫مثل ُّ‬ ‫ُ‬ ‫كان عاشق ًا َلمِا هو‬
‫اعر َ‬ ‫بأن َّ‬
‫الش َ‬ ‫ُّون َّ‬
‫يظن َ‬
‫ِ (‪)1‬‬ ‫الص ِ‬ ‫ِ‬
‫املقصو ُد بح ِّبه‪.‬‬
‫ور‪ ،‬أي اهللِ) هو ُ‬ ‫اهر (املتجليِّ يف هذه ُّ‬ ‫الواحدُ ال َّظ ُ‬
‫الر ِائي‬ ‫احلب عىل َّ‬‫ِّ‬ ‫بني نو َعي‬ ‫الفرق َ‬ ‫ِ‬ ‫تلم ِ‬
‫س‬ ‫اإلخفاق يف ُّ‬ ‫ُ‬ ‫صرِ‬
‫وال يقت ُ‬
‫وق ِ‬ ‫املعش ِ‬ ‫ِ‬
‫الصوفيِ ِّ‬‫احلب ُّ‬
‫ِّ‬ ‫خيفق يف ِ‬
‫متييز‬ ‫الذي قد ُ‬ ‫ُ‬ ‫املبتد ِئ‪ ،‬بل يتعدَّ ا ُه إىل‬
‫رشح ِه بال َق ِصيدَ ِة‬
‫ِ‬ ‫أكثر ِم ْن مناس َب ٍة يف‬ ‫سيِ‬
‫نيو ِّي‪ ،‬ويستشهدُ النَّابل ُّ يف َ‬ ‫ِم َن الدُّ ِ‬
‫أحد‬ ‫ين التَّلمسانيِ ( ُتوفيِّ سن َة ‪1289‬م) ِ‬ ‫عفيف الدِّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫للش ِ‬
‫اعر‬ ‫القص َري ِة اآلت َي ِة َّ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫ِّ‬
‫اجليل ال َّثانيِ ‪:‬‬
‫ِ‬ ‫ابن العربيِ ِّ ِم َن‬
‫مريدي ِ‬ ‫ِ‬

‫ــــم ِه األ َملى‬


‫نظــر ُت إليه ال ومبس ِ‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫واملليـــح يظنَّنِــي‬
‫ُ‬ ‫نظــر ُت إليـــه‬
‫ْ‬
‫ال فا َّدعى ُملكَها ظلام‬ ‫ِ‬
‫ــفات جمَ ٍ‬ ‫ِص‬ ‫حل ْس ُن َو ْص ُفهـا‬ ‫ِ‬
‫أعار ْت ُه التي ا ُ‬‫ولك ْن َ‬
‫(*)‬

‫ّابليس‪ ،‬رشح ديوان ابن الفارض‪.61 :1 ،34 :1 ،‬‬


‫ّ‬ ‫[*] الن‬

‫*****‬

‫نظمها (اب ُن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ائد املعنون َِة بـ‬ ‫وتُعدُّ جممو َع ُة القص ِ‬
‫(ترمجان األشواق) التي َ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫بعشق اهللِ الذي يشك ُِّل‬ ‫ِ‬ ‫ينظم شعر ًا احتفا ًء‬ ‫فيِ‬ ‫ِ‬ ‫عربيِ ٍّ ) ِم ْن ِ‬
‫ُ‬ ‫أبرز األمثلة عن ُصو ٍّ‬
‫متهيد ِه‬‫ِ‬ ‫القرا َء يف‬‫رب (اب ُن عربيِ ٍّ ) َّ‬ ‫در إهلا ٍم له‪ .‬وقدْ أخ َ‬ ‫مص َ‬ ‫ِ‬
‫البرش ُّي ْ‬ ‫جل ُ‬
‫امل‬‫ا َ‬
‫المرأة شا َّب ٍة‬
‫ٍ‬ ‫ائد هو عش ُق ُه‬ ‫هذه القص ِ‬
‫َ‬
‫بأن مصدر إهلا ِم ِ‬
‫عر َّية‪َ ْ َّ ،‬‬
‫الش ِ ِ‬
‫ملجمو َعتِ ِه ِّ‬
‫ديق ِ سيِ‬
‫ابنة َص ٍ‬ ‫تُد َعى (نظام ًا) ِ‬
‫ذكر اس ًام يف هذا‬ ‫فار ٍّ التقا ُه يف م َّك َة‪ ،‬وأ َّن ُه (ك َّلام َ‬
‫القول‪:‬‬‫ِ‬ ‫ِ‬
‫األشخاص عىل‬ ‫جتر َأ أحدُ‬ ‫ِ‬
‫يشري إليها)‪ .‬ومع هذا‪ ،‬وحينَام َّ‬ ‫الكتاب فإ َّن ُه ُ‬
‫ٍ‬
‫بأسلوب‬ ‫األخري‬ ‫دنيو ٍّي‪ ،‬ر َّد‬ ‫شعر غزليِ ٍّ ِ‬ ‫سوى ٍ‬ ‫نظم ُه (اب ُن عربيِ ٍّ ) ما هو َ‬ ‫إن ما َ‬ ‫َّ‬
‫ُ‬
‫مستفيض ٍة أحل َقها‬
‫َ‬ ‫رشوحات ُصوفِ َّي ٍة‬
‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫بكتابة‬ ‫ونفور ِه‬
‫ِ‬ ‫استيائ ِه‬
‫ِ‬ ‫ينم عن ِ‬
‫عمق‬ ‫ُّ‬
‫ّابليس‪ ،‬رشح ديوان ابن الفارض‪.201 :1 ،‬‬
‫(((   الن ّ‬
‫جلما ِل ُّيون‬ ‫الثا ِني‪ :‬ا َ‬ ‫الفص ُل َّ‬ ‫ْ‬
‫‪279‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(‪)1‬‬
‫ائد ديوانِ ِه‪.‬‬
‫بقص ِ‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫بتقدير‬ ‫الذي حي َظى‬ ‫امل ال َّظاهراتيِ ِ‬ ‫َّنويعات عىل اجل ِ‬ ‫ِ‬ ‫بعض ِم َن الت‬ ‫وتنزع ٌ‬
‫ِّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫فيِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫فيِ‬
‫تنزع‬‫الصو ِّ ]‪ُ ...‬‬ ‫الصو ِ وإعجابِه وبمكانَة َمر ُمو َقة [يف الترُّ اث ُّ‬ ‫جلامليِ ِّ ” ُّ‬ ‫“ا َ‬
‫قال‬ ‫ِ‬
‫للغاية‪َ ،‬‬ ‫وف‬ ‫حديث معر ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫البرش ِّي‪ ،‬فعىل ِ‬
‫وفق‬ ‫ِ‬ ‫أمثلة عن اجل ِ‬
‫امل‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫إيراد‬ ‫نحو‬
‫َ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫بعض‬ ‫وحاول ٌ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫خلق آد َم عىل ُصورته)‬ ‫(إن اهللَ َ‬ ‫السال ِم]‪َّ :‬‬ ‫حممدٌ [عليه َّ‬ ‫َّبي َّ‬ ‫الن ُّ‬
‫(صورتِ ِه) يعو ُد‬ ‫مري (ـه) يف ُ‬ ‫الض َ‬ ‫إن َّ‬ ‫احلديث بقولهِِ م‪َّ :‬‬ ‫ِ‬ ‫رشح هذا‬ ‫م َن املفسرِّ ِ ي َن َ‬
‫ِ‬
‫خلق آد َم عىل‬ ‫(إن اهللَ َ‬ ‫املقصو ُد‪َّ :‬‬ ‫يكون املعنَى ُ‬ ‫ُ‬ ‫إىل آد َم ال إىل اهللِ‪ ،‬وتبع ًا لذلِ َك‪،‬‬
‫الصوفِ ِّي َ‬ ‫ِ‬ ‫الرغ ِم ِم ْن هذا الت ِ‬ ‫ِ‬
‫ني‬ ‫أظهر العديدُ م َن ُّ‬ ‫َّفسري‪،‬‬ ‫ُصورة آد َم)‪ .‬وعىل ُّ‬
‫(‪)2‬‬
‫َ‬
‫َ‬ ‫ُون َّ‬ ‫فهم يؤمن َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اإلنسان‬ ‫بأن‬ ‫قبول هذا احلديث كام هو‪ُ ،‬‬ ‫استعداد ًا ونزوع ًا َ‬
‫نحو‬
‫اإلهل َّي ِة جمَ يع ًا‪،‬‬ ‫األسامء ِ‬ ‫ِ‬ ‫كشف ِه عن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الكائنات مجيع ًا يف‬ ‫ف بالفرا َد ِة َ‬
‫بني‬ ‫يت َِّص ُ‬
‫الفكر ُة‬ ‫هذه ِ‬‫اإلهلي‪ .‬وقدْ ُطور ْت ِ‬ ‫ِ‬ ‫األكثر اكتامالً لل َّتجليِّ‬ ‫«املوقع»‬ ‫وهذا جيع ُل ُه‬
‫ِّ َ‬ ‫ِّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫الذي ُخ ِل َق العالمَ ُ عىل‬ ‫الكامل) ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫(اإلنسان‬ ‫مستغل َق ٍة نسبِ َّي ًا عن‬ ‫ِ‬ ‫ات‬ ‫يف نظري ٍ‬
‫َّ‬
‫لمَ (‪)3‬‬
‫(روح العا ِ)‪.‬‬ ‫َ‬ ‫ف‬ ‫ُصورتِ ِه‪ ،‬ويؤ ِّل ُ‬
‫اإلنكليزي (ريتشارد بريتن) ِ‬
‫الذي َ‬
‫كان‬ ‫ِ ُّ‬ ‫والر َّحال ُة‬ ‫ُ‬
‫املسترشق َّ‬ ‫ف‬ ‫تعر َ‬
‫َّ‬
‫الضو َء‬
‫وج ْهنا َّ‬ ‫ِ‬ ‫خط الت ِ‬ ‫َّاسع عشرَ َ إىل ِّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َّفكري هذا الذي َّ‬ ‫أواخر القرن الت َ‬ ‫يكتب يف‬
‫ُ‬
‫املوضو ِع‬ ‫وص ُف ُه وحدي ُث ُه يف‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫بعض م ْن جوانبِه يف املقط ِع أعال ُه‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫ُ‬ ‫وكان ْ‬ ‫عىل‬
‫شفاهية‪ٍ.‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َّ‬ ‫ادر‬
‫مص َ‬ ‫االفرتاض ـ إىل َ‬ ‫ب‬‫حس َ‬ ‫الفت ًا لالنتباه أل َّن ُه يستندُ ـ ْ‬
‫ِ‬
‫وعاطف ٌّي يف‬ ‫جانب ٌ‬
‫نبيل‬ ‫ثم َة‬ ‫يقول (بريتن)‪( :‬ال ِ‬
‫ينبغي ْ‬ ‫ُ‬
‫ٌ‬ ‫ننسى أ َّن ُه َّ‬
‫أن َ‬

‫(((   نيكلسون‪ ،‬ترمجان األشواق‪.9-1 ،‬‬


‫الصغري‪445 :3 ،‬‬ ‫املناوي‪ ،‬فيض القدير رشح اجلامع ّ‬ ‫ّ‬ ‫الرؤوف‬ ‫(((   انظر النّقاش يف عبد ّ‬
‫الصغري‪251 :2 ،‬؛‬ ‫ّ‬ ‫اجلامع‬ ‫رشح‬ ‫املنري‬ ‫اج‬ ‫ال‬
‫ّ سرّ‬ ‫‪،‬‬ ‫البوالقي‬ ‫العزيزي‬
‫ّ‬ ‫(حديث ‪)3928‬؛‬
‫العجلوين‪ ،‬كشف اخلفاء ومزيل اإللباس عام اشتبه‪.379 :1 ،‬‬ ‫ّ‬
‫اإلسالمي‪( 121 ،‬ينقل نيكلسن «اإلنسان الكامل»‬ ‫ّ‬ ‫ف‬ ‫ّصو‬
‫ّ‬ ‫ت‬ ‫ال‬ ‫يف‬ ‫ات‬ ‫دراس‬
‫َ‬ ‫  نيكلسن‪،‬‬ ‫(((‬
‫الصوف ّية وال ّطاو ّية‪،‬‬‫اجلييل (توفيّ سنة ‪ .)1428‬انظر كذلك ايزوتسو‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬ ‫عن عبد الكريم‬
‫‪ 218‬وما بعدها‪.‬‬
‫اإل ْسال ِم ِّي‬ ‫ال ال َع َر ِب ِّي ِ‬ ‫جل ْن ِس َّي ِة يِف ال َع مَ ِ‬ ‫َما َق ْب َل امل ِْثلِ َّي ِة ا ِ‬ ‫‪280‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫الذي َن حذا‬ ‫ون وطلاَّ ب األكاديميا ِ‬ ‫بيان‪ ،‬إذ َيرى األفالطونِ ُّي َ‬ ‫حب الص ِ‬
‫ُ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫مثل‬‫أن عاط َف ًة نق َّي ًة ومتَّقدَ ًة َ‬ ‫حذو ُهم‪َّ ،‬‬ ‫املسلم َ‬
‫ون‬ ‫ِ‬
‫ون أو الغنوص ُّي َ‬
‫ون‬ ‫الصوف ُّي َ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬
‫ِ‬
‫روح اإلنسان‪ ،‬وألنهَّ ُم‬ ‫واملخلوق يف ِ‬ ‫َ‬ ‫اخلالق‬ ‫وحدَ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫األنموذج الذي َّ‬ ‫ُ‬ ‫هذه‪ ،‬ه َي‬
‫األكثر طهار ًة ومجاالً يف هذا العالمَ ِ ال َّظاهراتيِ ِّ ‪ ،‬فقدْ صرَ َّ َح‬ ‫َ‬ ‫الص َ‬
‫بيان‬ ‫ون ِّ‬ ‫يعدُّ َ‬
‫ومتجيد ِهم املتعاليِ اخلاليِ ِم َن‬ ‫ِ‬ ‫رب ح ِّب ِهم‬ ‫وهم أنهَّ ُم ع َ‬ ‫ون ومريدُ ُ‬ ‫األفالطونِ ُّي َ‬
‫ِ‬ ‫جل َس ِد ِّي‬ ‫ِ‬ ‫وائب احلسي ِة ا ِ ِ‬ ‫الش ِ‬ ‫َّ‬
‫والفكر ِّي‪،‬‬ ‫جل َسد َّية لـ “حتفة” الدِّ يميورغوس ا َ‬ ‫ِّ َّ َ‬
‫(‪)1‬‬

‫توهج ًا؛ وأضا ُفوا إىل ذلِ َك‬ ‫ارش ُّ‬ ‫ب ا ُمل َب ِ‬ ‫عشق املس َّب ِ‬ ‫أكثر أنوا ِع ِ‬ ‫ون عن ِ‬ ‫فإنهَّ ُم يعبرِّ ُ َ‬
‫أقل أنانِ َي ًة ِم َن‬ ‫ِّساء ُّ‬ ‫هذه التِي تتجاوز واقع ًا حب الن ِ‬ ‫مثل ِ‬ ‫إن عاط َف ًة َ‬ ‫قولهَ ُم‪َّ :‬‬
‫َّ‬ ‫ُ‬
‫العادة مهام بدا‬ ‫ِ‬ ‫الذي ِ‬
‫يوحي يف‬ ‫واإلعجاب به؛ الول ِع ِ‬ ‫ِ‬ ‫اآلخ ِر‬ ‫ِ‬
‫باجلنس َ‬ ‫الول ِع‬
‫ِ ِ (‪)2‬‬ ‫بالش ِ‬
‫هوة اجلنس َّية)‪.‬‬ ‫بريئ ًا ونق َّي ًا‪َّ ،‬‬

‫املائز ِة عن‬ ‫الذي كت َب ُه (هلموت رتر) يف دراستِ ِه َ‬ ‫ويب َقى الفص ُل املهم ِ‬
‫ُّ‬ ‫ْ‬
‫ِ‬
‫بن الع َّطار ( ُتوفيِّ َ سن َة ‪1220‬م)التي‬ ‫ِ‬ ‫ين ِ‬ ‫ِ‬ ‫سيِ‬
‫الصوفيِ ِّ الفار ِّ فريد الدِّ ِ‬ ‫الش ِ‬ ‫َّ‬
‫اعر ُّ‬
‫األهم عن تأ ُّم ِل‬ ‫َّ‬ ‫يعو ُد تارخيُها إىل عا ِم (‪1955‬م)‪ ....‬يب َقى الدِّ راس َة احلدي َث َة‬
‫ِ‬ ‫البرشي يف التَّصو ِ‬ ‫اجل ِ‬
‫(العشق‬
‫َ‬ ‫أن هذا‬ ‫رشح (رتر) َّ‬ ‫َ‬ ‫اإلسالم ِّي‪ )3(.‬وقدْ‬ ‫ف‬ ‫َ ُّ‬ ‫ِ ِّ‬ ‫امل‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫العارش‬ ‫ِ‬
‫منذ القرن‬ ‫ِ‬
‫َّاريخ اإلسالم ِّي ُ‬ ‫يدل عليه يف الت ِ‬ ‫الح) له ما ُّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الدِّ ين َّي للم ِ‬
‫نظري ِ‬ ‫توكيد (ريرت) ولفتِ ِه االنتباه إىل أ ِ‬ ‫ِ‬ ‫الرغ ِم ِم ْن‬
‫ات‬ ‫مه َّية ِ َّ‬ ‫ِّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫األقل؛ وعىل ُّ‬ ‫ِّ‬ ‫يف‬
‫املوجو َد ِة سلف ًا‪ ،‬إلاَّ أ َّن ُه‬ ‫ُ‬ ‫امر َس ِة‬ ‫مسو ٍغ ِ‬
‫نظر ٍّي رفي ٍع عن ا ُمل َ‬ ‫ابن عربيِ ٍّ يف تقدي ِم ِّ‬ ‫ِ‬

‫وبخاصة‬
‫ّ‬ ‫(((   الدّ يميورغوس أو خالق الكون املا ّد ّي مصطلح شائع يف الفلسفة‬
‫الر ّب األعظم املسؤول عن‬ ‫ويدل عىل إحدى فيوض ّ‬ ‫والروح ّية ّ‬
‫الفلسفات الغنوص ّية ّ‬
‫خلق الكون املا ّد ّي‪ .‬يظهر الدّ يميورغوس يف الفلسفات األفالطون ّية والبيثاقور ّية‬
‫الش ّك الفلسف ّية بوصفه أحد احلرف ّيني عن‬ ‫املحدثة واألفالطون ّية الوسطى ومدارس ّ‬
‫املصمم‪ ،‬إلاّ أنّه‬
‫ّ‬ ‫صفة‬ ‫حيازته‬ ‫من‬ ‫غم‬ ‫الر‬
‫تشكيل الكون املا ّد ّي واحلفاظ عليه‪ .‬وعىل ّ‬
‫ال يم ّثل‪ ،‬بالضرّ ورة‪ ،‬نفس اخلالق عىل وفق املفهوم املتّبع يف الدّ يانات التّوحيد ّية ّ‬
‫ألن‬
‫الدّ يميورغوس‪ ،‬كام املواد التي يستعملها يف تشكيل الكون‪ ،‬تنبع من فيض آخر‪.‬‬
‫(املرتمجة)‪.‬‬
‫السوتاد ّية‪.19-18 ،‬‬
‫(((   بريتن‪ ،‬املنطقة ّ‬
‫(((   ريرت‪ ،)Das Meender Seele( ،‬فصل ‪.26‬‬
‫جلما ِل ُّيون‬ ‫الثا ِني‪ :‬ا َ‬ ‫الفص ُل َّ‬ ‫ْ‬
‫‪281‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ب‬ ‫الصوفيِ ِّ الفارسيِ ِّ وتع َّق ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫الفص ِل عىل دراسة الترُّ اث ُّ‬ ‫َقصرَ َ اهتام َم ُه يف هذا ْ‬
‫ِ‬ ‫لهِِ‬ ‫بعض ِمن ُّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫يم ِة يف‬ ‫ِ‬
‫الشعراء وأعام م أمثال أمحدَ غزاليِ َّ ( ُتوفيِّ َ‬ ‫ٍ َ‬ ‫حياة‬ ‫هذه ال َّث َ‬
‫ين‬‫وفخر الدِّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫شرياز ِّي ( ُتوفيِّ َ سن َة ‪1209‬م)‬ ‫ِ‬ ‫َ ليِ‬ ‫سن َة ‪1126‬م) و‬
‫روزهبان بق ِّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ثم َة دراس ٌة‬ ‫ليس َّ‬ ‫إبراهيم العراق ِّي ( ُتوفيِّ َ سن َة ‪1289‬م)‪ )1(.‬وعىل حدِّ علمي‪َ ،‬‬ ‫َ‬
‫ُ‬ ‫فيِ‬
‫الصو ِّ العربيِ ِّ ‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وسأتناول‬ ‫ب هذه الفكرة يف الترُّ اث ُّ‬ ‫حدي َث ٌة حاو َل ْت تع ُّق َ‬
‫احلقبة العثامنِ َّي ِة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫العرب يف‬ ‫املتص ِّو َف ِة‬
‫أبرز َ‬ ‫َّعليق يف أدنا ُه ثال َث ًة ِم ْن ِ‬
‫بالرشح والت ِ‬ ‫ِ‬
‫ني ُصوفِ ِّي َ‬
‫ني‪.‬‬ ‫الذي َن يمك ُن عدُّ هم مجالِ ِّي َ‬ ‫املبكر ِة ِ‬
‫َ‬
‫وب العد ِو ُّي اخللو ِت ُّي (‪ 1586‬ـ ‪1660‬م)‬ ‫ُّأي ُ‬
‫احل َّي ِة يف‬ ‫وف باخللوتيِ يف حي الص ِ‬
‫َ ِّ َّ‬ ‫ِّ‬ ‫عر ُ‬ ‫وب ا َمل ُ‬ ‫وب ب ُن أمحدَ بِن أ ُّي َ‬ ‫ُولدَ أ ُّي ُ‬
‫ِ‬
‫احلديث عن‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫وأخذ‬ ‫ِ (‪)2‬‬ ‫العلامء ِم ْن ِ‬
‫أهل البلد‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫عدد ِم َن‬ ‫يد ٍ‬ ‫وتتلمذ عىل ِ‬ ‫َ‬ ‫دمشق‪،‬‬
‫َ‬
‫العارف باهللِ‬
‫َ‬ ‫طريق اخللوتِ َّي ِة‬ ‫ِ‬ ‫حب يف‬ ‫وص َ‬ ‫األحدب َ‬ ‫ِ‬ ‫إبراهيم ِ‬
‫بن‬ ‫َ‬ ‫املعم ِر‬
‫املحدِّ ث َّ‬
‫ِ‬
‫شيخ وقتِ ِه حاالً وقاالً وفريدَ عصرْ ِ ِه‬ ‫وص َار َ‬ ‫ف‪َ ،‬‬ ‫وأخذ عنه الت ََّص ُّو َ‬ ‫َ‬ ‫أمحدَ العاليِ َ‬
‫كل َم ْن عاصرَ َ ُه عىل أ َّن ُه مل ْ ُي َر أحدٌ‬ ‫َّفق ُّ‬ ‫الكامالت واشتامالً‪ ...‬وات َ‬ ‫ِ‬ ‫استيال ًء عىل‬
‫ِ‬
‫الفنون‪...‬‬ ‫كل ف ٍّن ِم َن‬ ‫وبلغ الغاي َة يف ِّ‬ ‫َ‬ ‫علم ْي الشرَّ ي َع ِة واحلقي َق ِة‬ ‫بني َ‬ ‫مجع َ‬ ‫مث ُل ُه َ‬
‫(حكم ِم ْن عا ِم ‪ 1640‬إىل عا ِم ‪1648‬م)‬ ‫َ‬ ‫إبراهيم‬
‫ُ‬ ‫الس ُ‬
‫لطان‬ ‫واستدعا ُه ُّ‬
‫َت أحوا ُل ُه‬ ‫واجتمع به ودعا له‪ ...‬وكان ْ‬ ‫فتوج َه إليه‬ ‫سنة ِ‬ ‫لالجتام ِع به يف ِ‬
‫َ‬ ‫ني َّ‬ ‫مخس َ‬
‫ِ‬ ‫وح ْس ِن املعا َم َل ِة إىل‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫غري َب ًة جدَّ ًا ِم َن الت ُ‬
‫وكان له‬‫َ‬ ‫الغاية‪،‬‬ ‫َّواض ِع وترك التَّك ُّلف ُ‬
‫امل املط َل ِق‪ ،‬ال‬ ‫وكان مغرم ًا باجل ِ‬ ‫ابن عربيِ ٍّ ‪...‬‬ ‫لسان ِ‬
‫َ‬ ‫َ َ َ‬ ‫ُ‬ ‫يح‪ ،‬وهو‬ ‫الكشف الصرَّ ُ‬ ‫ُ‬
‫ويقول يف ذلِ َك‪:‬‬ ‫ُ‬ ‫َّعش ِق والتَّو ُّل ِه؛‬ ‫يمل ِم َن الت ُّ‬ ‫يفترُ ُ عنه وال ُّ‬

‫حرصي تقريب ًا عىل الترّ اث‬


‫ّ‬ ‫(((   تركّز مناقشة الثيمة يف املصادر اإلنكليز ّية كذلك بشكل‬
‫الصوف ّية يف اإلسالم‪ 287 ،‬وما بعدها؛‬ ‫الفاريس؛ انظر شيمل‪ ،‬األبعاد ّ‬
‫ّ‬ ‫ويف‬
‫الص ّ‬ ‫ّ‬
‫الصوف ّية»؛ ويفر‪،‬‬‫اموي متام ًا ‪ -‬يف األدب واحلياة ّ‬
‫الس ّ‬‫ّ‬ ‫ال‬ ‫اموي‬
‫ّ‬ ‫الس‬
‫ّ‬ ‫‪-‬‬ ‫«ايروس‬ ‫شيمل‬
‫«الرؤية والعاطفة»؛ ولسن‪ ،‬فضيحة‪ 93 ،‬وما بعدها‪.‬‬ ‫ّ‬
‫اخللويت إىل املح ّب ّي‪ ،‬خالصة‬
‫ّ‬ ‫(((   ما ْمل نذكر خالف ذلك‪ ،‬استندت يف املعلومات عن‬
‫األثر‪.433-428 :1 ،‬‬
‫اإل ْسال ِم ِّي‬ ‫ال ال َع َر ِب ِّي ِ‬ ‫جل ْن ِس َّي ِة يِف ال َع مَ ِ‬ ‫َما َق ْب َل امل ِْثلِ َّي ِة ا ِ‬ ‫‪282‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ٍ‬
‫ـــال ق ْل ُت قد َصدقا‬ ‫بدا له ِم ْن جمَ‬ ‫يعشق ما‬
‫ُ‬ ‫القطب‬
‫َ‬ ‫إن‬ ‫َ‬
‫قال املح ِّق ُق َّ‬
‫(*)‬ ‫الفـرع ْ‬
‫إن حلقــا‬ ‫َ‬ ‫خم ِّي ٌم ال تلو َمـ َّن‬ ‫ـــل اجل ِ‬
‫مـال بـه‬ ‫أص ُ َ‬ ‫وإن ت ُِفدْ ْ‬
‫فقل ْ‬ ‫ْ‬

‫لغوي)‪.‬‬
‫ّ‬ ‫(املقوم ا ّل‬
‫ّ‬ ‫[*] حلقا‪ :‬األلف لإلطالق ال للتّثنية‪.‬‬

‫*****‬

‫وقال أيض ًا‪:‬‬


‫مــرادي فيـــــه ِآه لــو عر ُفــوا‬
‫ِ‬ ‫َد َروا‬ ‫عشق اجل ِ‬
‫امل وما‬ ‫قد ال َمنِي ُ‬
‫اخللق يف ِ َ‬
‫ٍ‬ ‫إلـى ِ‬ ‫ِ‬
‫ـــــن عنه قد و َق ُفـــــوا‬‫قيد ُح ْس‬ ‫ســرى‬
‫ثم َ‬ ‫وصـ ْل ُت منه إىل اإلطالق َّ‬
‫َ‬

‫الذي‬ ‫املواهب احلنبليِ ( ُتوفيِّ سن َة ‪1714‬م) ِ‬ ‫ِ‬ ‫مشق ُّي أبو‬ ‫وأ َّكدَ الفقيه الدِّ ِ‬
‫َ‬ ‫ُّ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫كان يف الواق ِع شخص َّي ًة‬ ‫أن س ِّيدَ ُه َ‬ ‫وب‪َّ ،‬‬ ‫الش ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫أخذ ال َّطري َق َة اخللوت َّي َة م َن ِّ‬ ‫َ‬
‫يخ أ ُّي َ‬
‫وب‬ ‫يخ أ ُّي َ‬ ‫الش ِ‬ ‫حب َّ‬
‫ينطوي عليه ُّ‬ ‫كان ِ‬ ‫وأملح إىل ما َ‬ ‫َ‬ ‫للجدل إىل حدٍّ ما‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫مثري ًة‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ُ ِ (‪)1‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫هجو الن ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َّاس له ولو َم ُه لرت ُّدده عىل امل ْرد‪ .‬وم ْن‬ ‫للجامل «ا ُملق َّيد» مب ِّين ًا كثر َة‬ ‫َ‬
‫كان فيه‬ ‫َّاس َ‬ ‫ِ‬
‫حضور ُه مجع ًا م َن الن ِ‬ ‫ِ‬
‫املتص ِّوف‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫ُروى عن هذا َ‬ ‫املعاجز التي ت َ‬ ‫أحد‬
‫ور للنَّو ِم‬ ‫امل‪ ،‬وعندَ ما َّ‬ ‫شاب غاي ٌة يف احلس ِن واجل ِ‬
‫احلض ُ‬ ‫ُ‬ ‫حل املسا ُء واستعدَّ‬ ‫َ‬ ‫ُْ‬ ‫ٌّ‬
‫ِ‬
‫فلم يستحس ْن أحدُ‬ ‫ِ‬
‫بجانب َّ‬ ‫الش ُ‬‫طلب َّ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬
‫اب؛ ْ‬ ‫الش ِّ‬ ‫يخ النَّو َم‬ ‫َ‬ ‫املعيشة‪،‬‬ ‫يف غرفة‬
‫الصوفيِ ِّ ‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫خالل ا َّل ِ‬ ‫َ‬ ‫داخل ِه‪ِ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫احلضور ذلِ َك يف‬ ‫ِ‬
‫ليل ابتغا َء مرا َق َبة ُّ‬ ‫َ‬
‫يقظان‬ ‫وبق َي‬
‫أدراج ُه‬
‫َ‬ ‫يصليِّ أما َم ُه‪َّ ،‬‬
‫ثم عا َد‬ ‫وب َ‬‫خص الغرف َة‪ ،‬رأى أ ُّي َ‬ ‫الش ُ‬ ‫غادر هذا َّ‬
‫وحينَام َ‬
‫مرت ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ ِ‬
‫ِّك‬‫شعر املتشك ُ‬
‫َني ممَّا رآ ُه‪َ ،‬‬ ‫وب نائ ًام‪ ،‬وبعدَ تو ُّثقه َّ‬‫إىل الغرفة َدهش ًا ليجدَ أ ُّي َ‬
‫الشيوخِ ‪.‬‬ ‫نب‪ ،‬واقتنع أ َّنه يف حرض ِة ِ‬
‫أحد ُّ‬ ‫بالذ ِ‬
‫َّ‬
‫َ‬ ‫َ ُ‬
‫الفص ِل َّ ِ‬
‫الس ِ‬
‫ور ُّي‬ ‫الصوفيِ ُّ ُّ‬ ‫الش ُ‬
‫يخ ُّ‬ ‫ذكر َّ‬
‫األول‪َ ،‬‬ ‫كر يف ْ‬ ‫ومث َلام أسل ْفنا ِّ‬
‫الذ َ‬
‫الصوفِ َّي ِة التِي‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫أن بعض ًا م َن اجلامعات ُّ‬ ‫ِ‬
‫البكر ُّي ( ُتوفيِّ َ سن َة ‪1749‬م) َّ‬ ‫مصط َفى‬
‫ْ‬

‫ّ‬
‫احلنبيل‪ ،‬مشيخة‪.89 ،‬‬ ‫(((   أبو املواهب‬
‫جلما ِل ُّيون‬ ‫الثا ِني‪ :‬ا َ‬ ‫الفص ُل َّ‬ ‫ْ‬
‫‪283‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫امل)‬ ‫جل َ‬
‫حيب ا َ‬ ‫املأثور (اهللُ جمَ ٌيل ّ‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫بالقول‬ ‫تستعني‬
‫ُ‬ ‫َت كثري ًا ما‬ ‫نش َط ْت يف زمانِ ِه كان ْ‬
‫ِ‬ ‫دفاع ًا منها عن ارس ِة تأم ِل الن ِ‬
‫َ‬
‫وتغافل‬ ‫أفرادها‪،‬‬ ‫الشائ َع ِة َ‬
‫بني‬ ‫بيان َّ‬‫ِّساء والص ِ‬
‫ِّ‬ ‫ُّ‬ ‫ممُ َ َ‬
‫كان يف الواق ِع‬ ‫القول َ‬ ‫َ‬ ‫أن هذا‬ ‫ذكر َّ‬ ‫كان شيخ ًا خلوتِ َّي ًا كذلِ َك عن ِ‬ ‫الذي َ‬ ‫البكري ِ‬
‫ِ ُّ‬
‫امل ك َّل ُه‬ ‫جل َ‬ ‫وب اخللوتيِ ُّ ويصرَ ِّ ُح فيها َّ‬ ‫ِ ٍ ِ ٍ‬ ‫ِ‬
‫بأن ا َ‬ ‫جزء ًا م ْن َقصيدَ ة قص َرية َ‬
‫نظمها أ ُّي ُ‬
‫ون‬‫حير ُم َ‬ ‫ُّك َّ ِ ِ‬ ‫جمَ ُال اهللِ‪ ،‬وهذا أمر ال ِمراء فيه عىل الرغ ِم ِمن تشك ِ‬
‫العذال الذي َن ِّ‬ ‫ْ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫ٌ‬
‫ِ‬ ‫بحس ِ‬ ‫ِ‬
‫ائص واحدَ ةٌ‪ ،‬ولذا‬ ‫واخلص َ‬
‫َ‬ ‫اجلوهر‬
‫َ‬ ‫الشاعر َّ‬
‫أن‬ ‫ب َّ‬ ‫التَّمت َُّع به‪ .‬وع َّل ُة ذل َك ْ‬
‫خيامر ُه‬ ‫ِ‬
‫القول‪ ،‬ول ْن‬ ‫مل َّي ًا هبذا‬‫أن يفكِّر ِ‬ ‫(الواحد) ْ‬ ‫ِ‬ ‫يتعينَّ ُ عىل َم ْن يرو ُم الدُّ ن َُّو ِم َن‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫دق ِه قط!‪.‬‬
‫ُّ (‪)1‬‬ ‫الش ُّك يف ِص ِ‬ ‫َّ‬

‫ابلس ُّي (‪1640-1731‬م)‬ ‫الن ِ‬ ‫الغن َّ‬ ‫عب ُد يِ ِّ‬


‫موجو ٌد حال َّي ًا‪ -‬التِي‬ ‫بعضها ُ‬ ‫وب اخللوتيِ ِّ ‪ُ -‬‬ ‫أن كتابات أ ُّي َ‬
‫ِ‬ ‫جل َّي ًا َّ‬ ‫يبدُ و ِ‬
‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫َ‬
‫بأس به‬ ‫موضوعات ُصوف َّي ًة قد أ َّث َر ْت تأثري ًا كبري ًا يف عدد ال َ‬ ‫تناول فيها ُ‬
‫تنوع ًا‬ ‫ِ‬ ‫الذي ُيعدُّ أحدَ ِ‬ ‫ِ‬ ‫سيِ‬ ‫ِ‬ ‫ِم َن الكت ِ‬
‫أكثر الفقهاء ُّ‬ ‫منهم عبدُ الغن ِّي النَّابل ُّ‬ ‫َّاب‪ُ ،‬‬
‫فبفضل حتدُّ ِر ِه ِم ْن‬ ‫ِ‬ ‫ِ (‪)2‬‬ ‫ِ‬
‫األوسط العثامنيِ ِّ املبكر‪.‬‬ ‫اإلنتاج يف الشرَّ ِق‬ ‫ِ‬ ‫وبراع ًة يف‬
‫احلنفي ِة املرم ِ‬ ‫اة ِ‬ ‫القض ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫عرو َف ٍة‬ ‫ٍ‬
‫ني؛‬ ‫وق َ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫كان أبو ُه أحدَ َ‬ ‫حيث َ‬ ‫واألدب ُ‬ ‫باجلاه‬ ‫عائ َلة َم ُ‬
‫حقول معرفِ َّي ٍة‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫أثرى به عدَّ َة‬ ‫ِ ِ‬
‫اإلنتاج الذي َ‬ ‫يخ النَّابلسيِ ِّ غزار ُة‬ ‫الش ِ‬ ‫رف عن َّ‬ ‫ُع َ‬
‫حالت‬‫ِ‬ ‫الر‬ ‫َّفسري القرآنيِ ُّ والعقيدَ ُة والبالغ ُة‬ ‫ُ‬
‫وأدب َّ‬ ‫ُ‬ ‫واحلديث والت ُ‬ ‫منها الفق ُه‬
‫والزرا َع ُة‪.‬‬ ‫وتفسري األحال ِم ِّ‬ ‫ُ‬
‫كان َّأوالً‬ ‫َّفق معه معا ُ و ُه ـ أ َّن ُه ر َّبام َ‬ ‫صرِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ويرى النَّابل ُّ يف نفسه ـ ويت ُ‬ ‫سيِ‬
‫َ‬
‫وهو‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫(أخذ عن ال َّطريقت ِ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬
‫كل يشء ُصوف َّي ًا‬ ‫ٍ‬ ‫وقبل ِّ‬ ‫َ‬
‫القادر َّية والنَّقشبنْد َّية) َ‬ ‫َني‬
‫قيق لفكرةِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫الصوفيِ ِّ عىل وجه الدِّ َّقة ورشحه املتعاطف َّ‬
‫والر ِ‬ ‫بشعره ُّ‬ ‫ِ‬ ‫وف‬
‫عر ٌ‬ ‫َم ُ‬

‫امليداين‪ ،‬اجلواب املطلوب عن رشح‬


‫ّ‬ ‫مشقي‬
‫ّ‬ ‫حممد الدّ‬
‫  البيتامين‪ ،‬حسني بن طعمة بن ّ‬
‫ّ‬ ‫(((‬
‫البيتامين (توفيّ سنة ‪ ،)1762‬الذي كان أحد معارف‬
‫ّ‬ ‫الشيخ يعقوب‪ .‬كتب‬ ‫موال ّ‬ ‫ّ‬
‫موال ّ‬
‫الشيخ‬ ‫ّ‬ ‫رشح‬ ‫عن‬ ‫املطلوب‬ ‫(اجلواب‬ ‫عنوانه‬ ‫القصيدة‬ ‫هذه‬ ‫عىل‬ ‫تعليقا‬ ‫‪،‬‬‫البكري‬
‫ّ‬
‫البكري مل ْ يكن يعرف من نظم القصيدة‪.‬‬
‫ّ‬ ‫أيوب)‪ .‬وليس من املحتمل أن‬
‫املرادي‪ ،‬سلك الدّ رر‪.38-30 :3 ،‬‬‫ّ‬ ‫(((   انظر‬
‫اإل ْسال ِم ِّي‬ ‫ال ال َع َر ِب ِّي ِ‬ ‫جل ْن ِس َّي ِة يِف ال َع مَ ِ‬ ‫َما َق ْب َل امل ِْثلِ َّي ِة ا ِ‬ ‫‪284‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫احل َك ِم)‬ ‫الفارض و (فصوص ِ‬ ‫ِ‬ ‫ديوان ِ‬


‫ابن‬ ‫ِ‬ ‫الوجود) وتعليقاتِ ِه عىل‬ ‫ِ‬ ‫(وحد ُة‬
‫ُ ُ‬
‫رشس ًا عن ا ُملامرس ِ‬
‫ات‬ ‫كان النَّابلسيِ ُّ مدافِع ًا ِ‬‫البن عربيِ ٍّ ‪ )1(.‬وزياد ًة عىل ذلِ َك‪َ ،‬‬ ‫ِ‬
‫َ َ‬
‫ِ‬
‫البرش ِّي‪.‬‬ ‫املوسي َقى وتأم ِل اجل ِ‬
‫امل‬ ‫مثل االستام ِع إىل ِ‬ ‫للجدل ِ‬ ‫ِ‬ ‫املثري ِة‬ ‫ِ ِ‬
‫َ‬ ‫ُّ‬ ‫الصوف َّية َ‬ ‫ُّ‬
‫(ديوان احلقائقِ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ورة يف مؤ َّلفه‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫فيِ‬ ‫(‪ )2‬ويؤ ِّل ُ‬
‫املكر َ‬
‫الصو ُّ إحدَ ى الفكَر ُ‬ ‫الزهدُ ُّ‬ ‫ف ُّ‬
‫َ‬ ‫ِ‬ ‫بحس ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫قائ ِق) ُ‬ ‫وجمموع الر ِ‬
‫وأغدق‬ ‫الوجوه‪،‬‬ ‫ان‬ ‫حيث يصرَ ِّ ُح بأ َّن ُه م ْن قو ٍم ُول ُعوا َ‬ ‫ُ ُ َّ‬
‫رت َع ًة بـ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫عليهم م ْن نعمه وأفضاله‪ ،‬فزا َد ُهم يقين ًا وتبصرُّ ًا‬ ‫ِ‬ ‫اهللُ ِ‬
‫كأس ُهم م َ‬‫وجعل َ‬
‫(‪)3‬‬ ‫ِ‬
‫اإلهل ِّي)‪.‬‬ ‫ِ‬
‫(مخر ال َّتجليِّ‬

‫الصوف ّية يف اإلسالم) يف سبيل‬


‫يتكرر طرحها يف شيمل (األبعاد ّ‬ ‫(((   ليس للفكرة ‪ -‬التي ّ‬
‫الصوف ّيني النّقشبند ّيني كانوا معارضني لفكرة وحدة الوجود‪،‬‬‫إن ّ‬ ‫املثال التي تقول‪ّ :‬‬
‫ليس هلذه الفكرة ما يسندها يف أرض الواقع‪ .‬إذ يلحظ تبنّي العديد من صوف ّيي‬
‫ال ّطريقة البارزين هلا‪ .‬انظر الغار‪( ،‬ال ّطريقة النقشبند ّية‪ :‬تاريخ موجز)‪.21 ،‬‬
‫(((   انظر كتابه (إيضاح الدّ اللة يف سامع اآللة وغاية املطلوب يف حم ّبة املحبوب)‪.‬‬
‫ّابليس كذلك‪:‬‬
‫ّابليس‪ ،‬ديوان احلقائق‪ .134 :2 ،‬يقول الن ّ‬ ‫(((   الن ّ‬
‫ه���و ال ب���ل ه���و دوين وج��ـ��دا‬ ‫هو يف القلــب مقيم بل أنا‬
‫وال���ذي ق��د ق��ال فيه احتــــدا‬ ‫ك��ذب القائــل قد حـــل بـه‬
‫ع���اش غ�ي�ر ال��ت��ب��اس قصــدا‬ ‫ُ‬
‫امل��ع��ش��وق م��وج��ود وال‬ ‫ان�م�ا‬

‫وقال‪:‬‬
‫أمـــرنا بيــــــن مقعــــد ومقيــــم‬ ‫نحن قوم يا ابن الفوارس صعب‬

‫يف جتيل مجـــــــال كل وســــيم‬ ‫نعشق األوجه احلســـــان فنفنــى‬


‫أن رأونـــا أســــرى لواحظ ريم‬ ‫قذفتنــــا نواظـــــر العشــــق ملا‬

‫وقال‪:‬‬
‫يا ســــعد من جيلــــى له فيشـــاهد‬ ‫إن الوجود احلق شـــــيء واحـــــد‬
‫وعليه من حســــن املالح شـــواهد‬ ‫ومجـــال علوه واضـــــح متكتــم‬
‫يامن يبيـت وللهــــوى هو عابـــــد‬ ‫قفســاعةحتىأعلمـــكاهلـــوى‬
‫جلما ِل ُّيون‬ ‫الثا ِني‪ :‬ا َ‬ ‫الفص ُل َّ‬ ‫ْ‬
‫‪285‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫هذه الص ِ‬
‫ورة‪،‬‬ ‫وال حيب الصوفيِ املالمح والسيامء‪ ،‬وهذا أكيدٌ عىل ِ‬
‫ُّ‬ ‫ِّ َ‬ ‫َ‬ ‫ُّ ُّ ُّ‬
‫كان‬ ‫ِ‬
‫غري جوهر ٍّي ال يتبدَّ ى جمَ ا ُل ُه إلاَّ إذا َ‬ ‫فتشكي َل ُة اجللدْ والعظا ِم ٌ‬
‫شكل كام ٌن ُ‬
‫امل ِ‬
‫اإلهل ِّي‪:‬‬ ‫ِ‬
‫موقع ًا لتجليِّ اجل ِ‬
‫َ‬
‫ِِ‬ ‫وباطِــن ًا يف‬ ‫فيا ظـــاهر ًا يف َخ ْل ِق ِه َو ْه َو باط ٌن‬
‫أمـــره َو ْه َو َظ ُ‬
‫ـاهر‬

‫ْـت ناظِ ُـر‬ ‫َ‬ ‫ٍ‬ ‫جت َّل ْي َت يل يف ِّ‬


‫سواك فمن ُظ ٌ‬
‫ــور كام أن َ‬ ‫يشء ومل ْ أك ْن‬ ‫كل‬

‫ـــامئر‬‫الض‬ ‫ترا َء ْي َت حتَّى ح َّق َقت َ‬


‫ْـك َّ‬ ‫ٍ‬
‫ــــــة‬ ‫ليح‬ ‫ليـــح بل بك ِّ‬
‫ٍ‬ ‫بِك ُِّل َم‬
‫ُ‬ ‫ُـــل َم َ‬
‫حـب ِ‬
‫الـذي د َّل ْت عليه ا َمل َظ ِ‬
‫ــاه ُر‬ ‫وما مذهبِي حب ا َمل َظ ِ‬
‫ـــاه ِر إنَّام‬
‫(*)‬
‫ُ ُّ‬ ‫ُّ‬

‫ّابليس‪ ،‬ديوان احلقائق‪.202 :1 ،‬‬


‫ّ‬ ‫[*] الن‬

‫*****‬
‫ِ‬
‫الفرد‪،‬‬ ‫ِ‬
‫رغبات‬ ‫الذي ِ‬
‫يرمي إىل إشبا ِع‬ ‫وخالف ًا للحب اجلس ِدي املبت ََذ ِل ِ‬
‫ِّ َ َ ِّ‬
‫الصوفيِ ِّ ْ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الصوفيِ ُّ ب َفناء َّ‬ ‫حب اجل ِ‬
‫َ‬
‫يكون‬ ‫أن‬ ‫حماو َلة ُّ‬
‫الذات ‪[ -‬أو] َ‬ ‫امل ُّ‬ ‫يقرتن ُّ َ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫العشق اإلهلي املت ِ‬
‫َّج ُه َص ْو َب اجل ِ‬
‫امل اإلهل ِّي‪.‬‬ ‫َ‬ ‫ُّ‬ ‫ُ‬ ‫واس َط ًة ش َّفا َف ًة يتد َّف ُق ع َ‬
‫ربها‬

‫يقول النَّابلسيِ ُّ ‪:‬‬


‫ُ‬

‫جهل بمن هتـوى ألنـــــــك جاحـــد‬ ‫اناملحبةكــدرفيـــــكصــــــفوه‬


‫لعرفــــت من هلواه أنت القاصــــد‬ ‫فلو انمحى عن عني ناظرك السوى‬
‫وتظـــل تنكــــر ذاتــــــه وتعانــــد‬ ‫لكن عيونـك عن مرادك يف عمــى‬
‫أبدا ولـــه كـل شـــيء ســـــــــاجد‬ ‫هو ظــاهر يف كل شـــيء باطـــن‬
‫طبـــل املــال فالعاملــون قصـــــائد‬ ‫عود العال ضـــربت بــه يـده عىل‬

‫(املرتمجة)‪.‬‬
‫اإل ْسال ِم ِّي‬ ‫ال ال َع َر ِب ِّي ِ‬ ‫جل ْن ِس َّي ِة يِف ال َع مَ ِ‬ ‫َما َق ْب َل امل ِْثلِ َّي ِة ا ِ‬ ‫‪286‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ِ‬ ‫أنا سا ٍع يف ا َمل ِ‬ ‫كـر ْر ُت ق ْط َرات‬ ‫َل ْي َت ِش ِ‬


‫احلياة‬ ‫وت أو يف‬ ‫عري ُم ْذ َّ‬
‫الـذ ِ‬ ‫ُــك ِجســـ ًام‬
‫وات‬ ‫ـــت قــ ْل ُت ُ‬
‫روح َّ‬ ‫أو تر َّق ْي َ‬ ‫ربت َ‬‫يا غالمــ ًا إذا اعت ْ‬
‫ِ‬ ‫وإذا ما فنِ ْي ُ‬
‫ــــفات‬ ‫الص‬
‫َـــم ِّ‬ ‫ق ْل ُت يا ُّ‬
‫رب يف أت ِّ‬ ‫َ‬
‫عنــــك وعنِّـــي‬ ‫ـــت‬
‫ِ‬
‫فــات‬‫ـــــورة بالتِ‬
‫ٍ‬ ‫جل عن ِّ‬
‫كل ُص‬ ‫َّ‬ ‫ٍ‬
‫وجه‬ ‫ِّ‬
‫الكل ُصـور ُة‬ ‫لك ِ‬
‫عندي يف‬ ‫َ‬
‫(*)‬
‫ُــــك ذاتِــــي‬
‫َ‬ ‫ق ْل ُ‬
‫ـت لمََا أفن َْت ذات‬ ‫أنت َغ ِريي حقيقـــ ًة َو َل ْو أنِّـــــي‬
‫َ‬

‫الرجل الكامل‬ ‫أن (روح ّ‬


‫الذوات) هو ّ‬ ‫ّابليس‪ ،‬احلقائق‪ .87 :1 ،‬و ُيعتقد يف ّ‬
‫ّ‬ ‫[*] الن‬
‫الصفات)‬
‫(أتم ّ‬ ‫الذكر‪( -‬روح العامل)‪ .‬وباملثل‪ُ ،‬يعتقد يف ّ‬
‫أن ّ‬ ‫الذي يم ّثل‪ -‬حسبام أسلفنا ّ‬
‫هو الوجود الذي يؤ ّلف صفة حاضنة شاملة بأحد معانيه ومتامثل مع اهلل بمعناه اآلخر‪.‬‬
‫(الصوف ّية وال ّطاو ّية) ‪.116‬‬
‫انظر ايزوتسو ّ‬

‫*****‬
‫ب‪ ،‬إنَّام ضرَ ِ‬ ‫امل ال َّظ ِ‬ ‫وليس تأم ُل اجل ِ‬
‫ور ُّي إذا أرا َد الفر ُد‬ ‫فحس ُ‬‫اهر ِّي ُم َباح ًا ْ‬ ‫َ‬ ‫َ ُّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ويشتمل ذل َك عىل ذاته هو ‪ -‬وجترب َة‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬
‫اهر ِّي والتَّسامي عنه ‪-‬‬ ‫جتاوز العالمَ ِ ال َّظ ِ‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫الفارض‬ ‫ديوان ِ‬
‫ابن‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫سيِ‬ ‫ِ‬
‫ور الكُليِّ ِّ هللِ بلحظ ما ك َت َب ُه النَّابل ُّ يف رشحه‬ ‫احلض ِ‬ ‫ُ‬
‫احلق املتعاليِ ‪ ،‬أل َّن ُه‬ ‫ِ‬
‫َّفس عىل خت ُّي ِل جت ِّليات ِّ‬ ‫تدريب الن ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ورة‬ ‫ُ‬
‫حيث شدَّ َد عىل ضرَ َ‬
‫نفس ِه وطبيعتِهِ‬ ‫أعامق ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫انتشال نفسه م ْن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الوسي َل ُة الوحيدَ ُة التي مت ِّك ُن الفر َد م ْن‬
‫امل ا ُملط َل ِق‪ ،‬وال فائدَ َة ُترتجَ َ ى ـ‬ ‫وب اجل ِ‬ ‫ِ‬ ‫واالنتقال هبا إىل ِ‬ ‫ِ‬
‫قمة االتحِّ اد مع حم ُب ِ َ‬ ‫َّ‬
‫ِ‬
‫تدريب‬ ‫ِ‬
‫دون‬ ‫االبتهال ِم ْن‬
‫ِ‬ ‫واملداو َم ِة عىل‬
‫َ‬ ‫ب النَّابلسيِ ِّ ـ ِم َن التَّن ُّف ِل‬ ‫بحس ِ‬ ‫ْ‬
‫ِ (‪)1‬‬
‫النَّفس‪.‬‬
‫ٍ‬
‫حديث فيه ٌ‬
‫أخذ‬ ‫الفكرة ذاتهِ ا شعر ًا ُم ْل ِمح ًا إىل‬
‫ِ‬ ‫وقدْ عبرَّ َ النَّابلسيِ ُّ عن‬

‫ّابليس‪ ،‬رشح ديوان ابن الفارض‪.70 :1 ،‬‬


‫(((   الن ّ‬
‫جلما ِل ُّيون‬ ‫الثا ِني‪ :‬ا َ‬ ‫الفص ُل َّ‬ ‫ْ‬
‫‪287‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫السال ُم‪:‬‬ ‫ورد منسوب إىل النَّبِي ٍ‬


‫حممد عليه َّ‬ ‫َ َ ٌّ ُ ُ‬
‫(‪)1‬‬
‫ِّ َّ‬
‫موجـــو ْد‬ ‫ـــق‬
‫باحلَ ِّ‬ ‫َ‬
‫فذاك‬ ‫شـق مفقو ْد‬ ‫ِ‬
‫بالع ِ‬ ‫َ‬
‫كان‬ ‫َمـ ْن‬
‫ُ‬

‫ُ‬
‫مشـــهو ْد‬ ‫َو ْه َو‬ ‫َ‬
‫وشـــاهدٌ‬ ‫ـــــي‬
‫ٌّ‬ ‫وح‬
‫َ‬ ‫ـــــت‬
‫ٌ‬ ‫َم ْي‬ ‫َ‬
‫وذاك‬

‫ُمســــدُ و ْد‬ ‫َ‬


‫ذاك‬ ‫غيــر‬
‫ُ‬ ‫ـه‬ ‫ِ‬
‫ب��اب إىل ا َّللــــــــــ‬ ‫ُّ‬
‫وك��ل‬
‫العطِي ِ‬ ‫ُ‬
‫جلــو ْد‬
‫وا ُ‬ ‫ـات‬ ‫َّ‬ ‫بحـر‬
‫ُ‬ ‫الربا َيــــــا‬ ‫َخ ْي ُ‬
‫ـــر‬ ‫يقول‬
‫(*)‬
‫الس�ــــــو ْد‬
‫ُّ‬
‫ِ‬
‫واحلــــ�دَ ِق‬ ‫ِح‬ ‫املِـــال‬ ‫ِ‬
‫بـالوجـوه‬ ‫عليك ُُم‬

‫وكاين هذا احلديث يف‬


‫ّ‬ ‫ّابليس‪ ،‬رشح ديوان ابن الفارض‪ .841 :1 ،‬أنكر ّ‬
‫الش‬ ‫ّ‬ ‫[*] الن‬
‫(الصور‬
‫ّ‬ ‫اهلروي يف‬
‫ّ‬ ‫(الفوائد املجموعة)‪( 572 ،‬حديث ‪ ،)572‬وحتدّ ث عنه القاري‬
‫الصالح من الوجوه‬
‫املرفوعة‪ )714-614 ،‬بوصفه تنويعا عىل القول املقبول‪( :‬اطلب ّ‬
‫احلسان)‪.‬‬

‫*****‬

‫الصوفِ َّي ُة يف اإلسال ِم) عا َم (‪1971‬م)‬ ‫ُ‬


‫(الفرق ُّ‬ ‫ويف دراستِ ِه الق ِّي َم ِة‬
‫املسترشق الربيطانيِ ُّ (جون سبنرس ترمنغهام ـ ‪John Spencer‬‬ ‫ُ‬ ‫أقحم‬
‫َ‬
‫الصو َّفيِ‬
‫أن التَّأ ُّم َل ُّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫للفضول نسب َّي ًا ا َّدعى فيه َّ‬
‫‪ )Trimingham‬هامش ًا مثري ًا ُ‬

‫  نص احلديث‪ :‬اطلبوا اخلري عند حسان الوجوه‪.‬‬ ‫((( ّ‬


‫يصح ر ْف ُع ُه لرسول اهلل صلىّ اهلل عليه وس ّلم‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ال‬ ‫ولكن‬ ‫خمتلفة‬ ‫ألفاظ‬ ‫بطرق‬ ‫ورد‬ ‫وقد‬
‫يوطي‪ :‬ج‪ 1‬ص ‪ 77 ،76‬ابتغوا اخلري‬ ‫ّ‬ ‫الس‬
‫جاء يف كتاب ‪ -‬جامع األحاديث لإلمام ّ‬
‫عند ِحسان الوجوه (ابن أيب الدّ نيا ىف قضاء احلوائج ‪ ،‬والدّ ارقطنى ىف األفراد عن أبى‬
‫هريرة‪ ،‬وابن أبى شيبة عن عطاء مرسالً‪.‬‬
‫اجلوزي ىف املوضوعات (‪ ، 498/2‬رقم ‪ )1064‬وقال‪ :‬هذا‬ ‫ّ‬ ‫واحلديث أخرجه ابن‬
‫حديث ال يصح عن رسول اهلل ‪ -‬صىل اهلل عليه وسلم ‪ -‬من مجيع جهاته‪.‬‬
‫وللحديث أطراف أخرى منها‪« :‬إذا ابتغيتم املعروف» و «اطلبوا احلوائج عند حسان‬
‫الوجوه» و «اطلبوا حوائجكم عند حسان الوجوه»‪.‬‬
‫لغوي)‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ل‬‫ّ‬ ‫ا‬ ‫م‬ ‫(املقو‬
‫ّ‬ ‫موضوعة‪.‬‬ ‫أن بعض طرقه ضعيفة وبعضها‬ ‫وملخص الكالم ّ‬
‫ّ‬
‫اإل ْسال ِم ِّي‬ ‫ال ال َع َر ِب ِّي ِ‬ ‫جل ْن ِس َّي ِة يِف ال َع مَ ِ‬ ‫َما َق ْب َل امل ِْثلِ َّي ِة ا ِ‬ ‫‪288‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫وأن‬‫اخلامس عشرَ َ ‪َّ ،‬‬ ‫ِ‬


‫القرن‬ ‫(ح ِّر َم حتري ًام تا َّم ًا يف العالمَ ِ العربيِ ِّ ) بعدَ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫للم ْرد قد ُ‬ ‫ُ‬
‫وليس‬ ‫ً (‪)1‬‬ ‫ِ‬ ‫سيِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫العابر َة كام يف أعامل عبد الغن ِّي النَّابل ِّ ال تعني شيئا)‪.‬‬‫ِ‬ ‫ِ‬
‫(اإلشارات‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫وأغلب ال َّظ ِّن‪،‬‬ ‫املتعج ُل هذا؟!‬ ‫جتاهل (ترمنغهام)‬ ‫ُ‬ ‫يضمر ُه‬ ‫واضح ًا ما ِ‬
‫الذي‬
‫ُ‬ ‫ِّ‬ ‫ُ‬
‫مثل النَّابلسيِ ِّ مل ْ يك ْن ليتغاضىَ‬ ‫رتم ًا َ‬ ‫ِ‬
‫أن فقيه ًا إسالم َّي ًا بارز ًا وحم َ‬ ‫كان يظ ُّن يف َّ‬ ‫أ َّن ُه َ‬
‫َت تقليد ًا أدبِ َّي ًا‬ ‫الصوفيِ ِّ كان ْ‬ ‫هذه ال ِّثيم َة يف ِش ِ ِ‬ ‫وأن ِ‬ ‫هذه‪َّ ،‬‬ ‫مثل ِ‬ ‫عن ممُ َار َس ٍة ِ‬
‫عره ُّ‬ ‫َ‬
‫ٍ‬
‫نظرة‬ ‫كبري مع‬ ‫القول إىل حدٍّ ٍ‬ ‫ُ‬ ‫ويتوافق هذا‬ ‫بح ْرفِ َّي ٍة؛‬ ‫ينبغي الت ُ‬ ‫وال ِ‬
‫ُ‬ ‫َّعامل معها َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫املطاف‬ ‫هناية‬ ‫َّحج ُر يف‬
‫أصا َب ُه الت ُّ‬ ‫الصوفيِ َّ قد َ‬ ‫عر ُّ‬ ‫الش َ‬ ‫أن ِّ‬ ‫وأعم تفيدُ َّ‬ ‫َّ‬ ‫أشمل‬‫َ‬
‫ون‬ ‫الصوفِ ُّي َ‬‫الشعرا ُء ُّ‬ ‫ور اجلري َئ ِة التِي جا َء هبا ُّ‬ ‫الص ِ‬ ‫ِ‬
‫استمراره يف توظيف ُّ‬
‫ِِ‬ ‫ِ‬
‫بلحظ‬
‫ِ (‪)2‬‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫دون ٍ‬ ‫ون ِمن ِ‬
‫حقيق َّيني‪.‬‬ ‫اعتقاد‬ ‫إيامن أو‬ ‫الساب ُق َ ْ‬ ‫َّ‬
‫ٍ‬ ‫شعر النَّابلسيِ ِّ ِه َي ُ‬ ‫لامن يف ِ‬ ‫للغ ِ‬ ‫أن احلب الصوفيِ ِ‬
‫حمض تقليد أدبيِ ٍّ‬ ‫َّ ُّ َّ‬ ‫إن فكر َة َّ‬ ‫َّ‬
‫ِ‬ ‫سيِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫لديوان‬ ‫يدعمها يف الواقعِ‪ ،‬إذ يبدُ و واضح ًا م ْن رشوحات النَّابل ِّ‬ ‫ُ‬ ‫ليس هلا ما‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫الفارض‬ ‫ينكر عىل ِ‬
‫ابن‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫الفارض مثالً‪ ،‬أ َّن ُه ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وإخالص‪ ،‬وال ُ‬ ‫يقبل بصدق‬ ‫ابن‬
‫كل‬ ‫الش ِ‬ ‫اإلهل ِّي يف ذلِ َك َّ‬ ‫امل ِ‬ ‫ات اجل ِ‬
‫َ‬
‫جتلي ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫جز ٍار وتأ ُّم َله يف َّ‬ ‫وقو َع ُه يف غرا ِم َصبِ ٍّي َّ‬
‫سيِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وح ِّر َر ْت‬ ‫البرش ِّي‪ .‬وزياد ًة عىل ذل َك‪ ،‬مت ِّث ُل املخطو َط ُة التي أ َّل َفها النَّابل ُّ ‪ُ ،‬‬
‫مقصور ًا عىل‬ ‫مطوالً ُ‬ ‫وب) دفاع ًا َّ‬ ‫املطلوب يف حم َّب ِة املح ُب ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫بعنوان (غاي ُة‬ ‫حديث ًا‬
‫ئيس ُة‬ ‫الر َ‬ ‫وتربز الفكر ُة َّ‬ ‫ُ‬ ‫حب ا ُمل ْر ِد املِ ِ‬
‫الح‪،‬‬ ‫جواز ِّ‬ ‫ِ‬ ‫(مكتوب نثر ًا) عن‬ ‫ٌ‬ ‫خاص ٍة‬
‫فئة َّ‬
‫ٍ‬
‫حمم ٍد‬ ‫َّبي َّ‬
‫سيِ‬
‫املائز يف التَّمهيد الذي أثنَى فيه النَّابل ُّ عىل الن ِّ‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫العمل‬ ‫يف هذا‬
‫ورش َع‬ ‫حل ْس ِن َّ‬ ‫عيب‪ ...‬الذي س َّن حم َّب َة ا ُ‬
‫ِ‬ ‫كل ٍ‬ ‫واملطه ِر ِم ْن ِّ‬‫َّ‬ ‫ريب‬‫كل ٍ‬ ‫رب ِء ِم ْن ِّ‬ ‫(امل َّ‬
‫نقص ًا‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ ِ ِ‬ ‫رؤي َة اجل ِ‬
‫وعاب االقتدا َء به‬ ‫َ‬ ‫فم ْن رآ ُه َ‬ ‫فكان ذل َك م ْن مجلة الكامل‪َ ،‬‬ ‫امل‪،‬‬ ‫َ‬
‫بني احلاللِ‬ ‫كافر باإلمجاعِ‪ ،‬وقدْ َّفر َق لنا َصلىَّ اهللُ عليه وس َّل َم َ‬ ‫فهو ٌ‬ ‫ِّباع له‪َ ،‬‬ ‫واالت َ‬
‫(‪)3‬‬
‫حل َسن َِة‪.)...‬‬ ‫ِ‬
‫الس ِّي َئة وا َ‬ ‫وبني َّ‬‫واحلرا ِم يف مجي ِع األحكا ِم َ‬

‫(((   ترمنغهام‪ ،‬ال ّطرق ّ‬


‫الصوف ّية يف اإلسالم‪ ،212 ،‬هامش ‪.1‬‬
‫الصوف ّية يف اإلسالم‪286 ،‬؛ شيمل‪ ،‬كام لو أنّه عرب حجاب‪ّ :‬‬
‫الشعر‬ ‫(((   شيمل‪ ،‬األبعاد ّ‬
‫ويف يف اإلسالم ‪.46 ،‬‬‫الص ّ‬
‫ّ‬
‫ّابليس‪ ،‬غاية املطلوب‪.1 ،‬‬
‫(((   الن ّ‬
‫جلما ِل ُّيون‬ ‫الثا ِني‪ :‬ا َ‬ ‫الفص ُل َّ‬ ‫ْ‬
‫‪289‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫عائ ِه‬ ‫ومل يدع النَّابلسيِ وسيل ًة لدع ِم فِك َِر ِه ومتبنَّياتِ ِه‪ ،‬إذ دافع عن اد ِ‬
‫ِّ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫ُّ‬ ‫ْ ْ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫باب ا ُمل ْرد امل ِ‬ ‫الش ِ‬ ‫ِ‬ ‫أص ِ‬ ‫ِ‬ ‫اجلَ ُس ِ‬
‫الح‪ ،‬إذ‬ ‫َّبي كانُوا م َن َّ‬ ‫حاب الن ِّ‬ ‫أن عدد ًا م ْن ْ‬ ‫ور مب ِّين ًا َّ‬
‫َ‬ ‫أسلم يف ِ‬ ‫إن ُمعا َذ ب َن ٍ‬ ‫سبيل ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬
‫وكان يف‬ ‫عمر ال َّثامنَ َة َ‬
‫عرشةَ‪،‬‬ ‫َ‬ ‫جبل قد‬ ‫املثال‪َّ :‬‬ ‫قيل يف‬
‫ال ذا ٍ‬ ‫وقيل‪ :‬إنَّه َ‬ ‫َّبي‪َ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫أملس‪،‬‬ ‫شعر َ‬ ‫كان (طوي ً‬ ‫والعرشي َن عندَ ما ُتوفيِّ َ الن ُّ‬ ‫احلادي‬
‫األحاديث امل َّت َف ِق‬‫ِ‬ ‫بعض ِم َن‬ ‫وتذكر ٌ‬ ‫ِ‬
‫األسنان)‬ ‫ِ‬
‫بياض‬ ‫ناصع‬ ‫َني‪ِ ،‬‬ ‫كبري العين ِ‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫مرة‪( :‬إنيِّ ألح ُّب َك يا معا ُذ) فر َّد عليه معا ُذ‪( :‬وأنا‬ ‫ٍ‬ ‫َّبي َ‬ ‫عليها َّ‬
‫ذات َّ‬ ‫قال له َ‬ ‫أن الن َّ‬
‫ينبغي له قو ُل ُه يف‬ ‫بشأن ما ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّبي له عدد ًا ِم َن الت‬
‫َّعليامت‬ ‫ثم قدَّ م بعدَ ها الن ُّ‬ ‫أح ِّب َك) َّ‬
‫أن زيد ًا ب َن‬ ‫أحاديث م َّت َف ٌق عليها َّ‬ ‫ُ‬ ‫تذكر‬ ‫املنوال ذاتِ ِه‪،‬‬
‫ِ‬ ‫الة‪ )1(.‬وعىل‬ ‫ختا ِم الص ِ‬
‫ُ‬ ‫َّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫األرس يف س ِّن ال َّثامنَة‪َ ،‬‬‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫حممدٌ وأعت َق ُه م َن‬ ‫ِ‬
‫ب‬ ‫كان (ح َّ‬ ‫َّبي َّ‬ ‫حار َث َة الذي اشرتا ُه الن ُّ‬
‫زيد ِ‬‫وكان أسام ُة بن ٍ‬ ‫ِ‬
‫عرش َة حينَام ُتوفيِّ َ‬ ‫كان يف س ِّن التَّاس َع َة َ‬ ‫الذي َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫رسول اهللِ)‬
‫ب ب َن‬ ‫أحاديث م َّت َف ٍق عليها ‪ِ َ -‬‬ ‫َ‬ ‫أخرى عىل ِ‬
‫كان (احل َّ‬ ‫وفق‬ ‫مر ًة َ‬ ‫حممدٌ ‪َّ -‬‬ ‫َّبي َّ‬ ‫الن ّ‬
‫ٍ‬
‫أحب‬ ‫(أحب اهللُ [ورسو ُل ُه] َم ْن َّ‬ ‫َّ‬ ‫آخ َر‪:‬‬ ‫َّبي أيض ًا يف حديث َ‬ ‫وقال الن ُّ‬ ‫َ‬ ‫(‪)2‬‬
‫احلب)‪.‬‬‫ِّ‬
‫َ (‪)3‬‬
‫أسامة)‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫أص ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ويظهر ِمن ِ‬
‫ذكور‬ ‫حاب‬ ‫أحب بض َع َة ْ‬ ‫حممد ًا َّ‬‫َّبي َّ‬ ‫أن الن َّ‬ ‫األحاديث َّ‬ ‫هذه‬ ‫ُ ْ‬
‫يقدح يف‬ ‫ِ‬
‫أن الذي‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وأمر أتبا َع ُه بح ِّب ِهم كذل َك‪ ،‬وهذا يعني َّ‬ ‫ٍ‬
‫ُ‬ ‫شباب كانُوا معه‪َ ،‬‬
‫َّبي د َّل ْت‬ ‫منس ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫باب ا ُمل ْر ِد املِ ِ‬
‫الش ِ‬‫حب َّ‬
‫وب للن ِّ‬ ‫يقدح يف سلوك ُ‬ ‫ُ‬ ‫الح ويعي ُب ُه إنَّام‬ ‫ِّ‬
‫ُ‬
‫احلال ذاتهُ ا‬ ‫يتوافق وكو َن ُه مسل ًام مؤمن ًا! وت َْصدُ ُق‬ ‫ُ‬ ‫عليه أحادي ُث ُه ‪ -‬وهذا ال‬
‫فهم بقولهِِ م هذا‬ ‫ِ‬ ‫جواز الن ِ‬‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الفقهاء ِ‬
‫َّظر إىل ا ُمل ْرد‪ُ ،‬‬ ‫ون إىل عد ِم‬ ‫الذي َن يد ُع َ‬ ‫عىل‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫بحس ِ‬
‫مر ًة‬
‫بعض م َن األحاديث‪ ،‬وهذا ـ َّ‬ ‫ب ما تب ِّينه ٌ‬ ‫ون أمر ًا فع َل ُه الن ُّ‬
‫َّبي ْ‬ ‫حير ُم َ‬‫ِّ‬

‫ّابليس‪ ،‬غاية املطلوب‪.52 ،‬‬ ‫(((   الن ّ‬


‫ّابليس‪ ،‬غاية املطلوب‪ .117-93 ،‬لالستزادة بشأن األحاديث التي اعتمد‬ ‫(((   الن ّ‬
‫الصغري‪( 483 :1 ،‬حديث‬
‫ّ‬ ‫اجلامع‬ ‫رشح‬ ‫القدير‬ ‫فيض‬ ‫‪،‬‬ ‫مناوي‬
‫ّ‬ ‫انظر‬ ‫‪،‬‬ ‫ّابليس‬
‫ّ‬ ‫ن‬ ‫ال‬ ‫عليها‬
‫‪( 325 :5 ،)964‬حديث ‪)7469‬؛ ‪( 420 :6‬حديث ‪.)9864‬‬
‫  مناوي‪ ،‬فيض القدير‪( 212 :6 ،‬حديث ‪.)8985‬‬ ‫ّ‬ ‫(((‬
‫اإل ْسال ِم ِّي‬ ‫ال ال َع َر ِب ِّي ِ‬ ‫جل ْن ِس َّي ِة يِف ال َع مَ ِ‬ ‫َما َق ْب َل امل ِْثلِ َّي ِة ا ِ‬ ‫‪290‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫يوجب التَّأكيدَ عىل‬ ‫ثم َة ما‬ ‫ِ ً (‪)1‬‬ ‫ِ‬ ‫َ‬


‫ُ‬ ‫وليس َّ‬
‫َ‬ ‫الفرد مسلام‪.‬‬ ‫وكون‬ ‫يتوافق‬
‫ُ‬ ‫خرى ـ ال‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫أن ذل َك ال ينفي‬ ‫ِ‬
‫الرغ ِم م ْن َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫وع اخلالف خال م َن َّ‬ ‫َّ‬
‫الشهوة عىل ُّ‬ ‫موض َ‬ ‫احلب ُ‬‫َّ‬ ‫أن‬
‫طرحها‪ِ ،‬‬
‫وه َي َّ‬ ‫ِ‬ ‫كان النَّابلسيِ ُّ يدأب يف‬ ‫ئيس ِة التِي َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫أن‬ ‫مصداق َّي َة الفكرة َّ‬
‫الر َ‬ ‫ْ‬
‫الص ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ور) عىل‬ ‫ون رؤي َة اجلَامل يف ُّ‬ ‫ون إىل الوجوه احل َسان وحي ُّب َ‬ ‫(ينظر َ‬
‫ُ‬ ‫الذي َن‬
‫(‪)2‬‬
‫حق‪.‬‬
‫ٍّ‬
‫كليهام َ‬ ‫ِّساء وا ُمل ْر ِد ِ‬ ‫بقدرة الن ِ‬ ‫ِ‬ ‫بفكرة َّ‬ ‫ِ‬ ‫سيِ‬
‫متثيل‬ ‫أن‬ ‫وإضاف ًة إىل التزا ِم النَّابل ِّ‬
‫املطلوب)‬ ‫ِ‬ ‫كان يف مؤ َّل ِف ِه (غاي ُة‬ ‫اإلهل َّي‪َ ،‬‬‫امل ِ‬ ‫تعكس اجلَ َ‬ ‫ُ‬ ‫ان) التِي‬ ‫احلس ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫(الوجوه َ‬
‫كان ُم َباح ًا‬ ‫باب وعش َق ُهم َ‬ ‫الش ِ‬ ‫َّظر إىل ا ُمل ْر ِد َّ‬ ‫أن الن َ‬ ‫تبيان َّ‬‫ِ‬ ‫ِ‬
‫للغاية عىل‬ ‫حريص ًا‬
‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫دأب النَّابل ُّ عىل توظيف الفكرة التي‬ ‫ِ‬ ‫سيِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وحممود ًا يف الواقعِ؛‬
‫وبالقدر ذاته‪َ ،‬‬
‫َّظر إىل‬ ‫وه َي َّ‬ ‫القرن التَّاسع عشرَ ‪ِ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫أن الن َ‬ ‫َ َ‬ ‫أواخر‬ ‫جابهَ َ ها (ريتشارد بريتن) يف‬
‫ِ‬
‫أقل إشكال َّي ًة‬ ‫فهو ُّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫يكون ِ‬ ‫ا ُمل ْر ِد ال‬
‫بالشهوة‪ ،‬وتبع ًا لذل َك‪َ ،‬‬ ‫مقرتن ًا يف العادة َّ‬ ‫ُ‬
‫أن عنا َ‬
‫ياق َّ صرِ‬ ‫لحظ يف هذا الس ِ‬
‫ِّ‬ ‫اآلخ ِر؛(‪ )3‬و ُي ُ‬ ‫اجلنس َ‬ ‫ِ‬ ‫فرد ِم َن‬ ‫َّظر إىل ٍ‬ ‫ِم َن الن ِ‬
‫الصوفِ َّي ِة تت َِّص ُل ات َِّصاالً‬ ‫ِ ِ‬
‫للجامل َّية ُّ‬
‫سيِ‬
‫الترُّ اث الدِّ ين ِّي التي يقدِّ ُمها النَّابل ُّ دع ًام َ‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫ِ‬ ‫للج ِ‬ ‫بلحظ تع ُّقبِ ِه َ‬ ‫ِ‬ ‫الغ ِ‬ ‫ملحوظ ًا بحب ِ‬
‫اآليات‬ ‫امل إىل‬ ‫الصوفيِ ِّ َ‬ ‫إرث التَّأ ُّم ِل ُّ‬ ‫لامن‪،‬‬ ‫ِّ‬ ‫ُ‬
‫القرآن َّية ( َف َأ ْينَماَ ت َُو ُّلو ْا َف َث َّم َو ْج ُه اللهَِّ)؛ ( َو َل َقدْ َخ َل ْقنَاك ُْم ُث َّم َص َّو ْرنَاك ُْم ُث َّم ُق ْلنَا‬
‫(‪)4‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫(‪)5‬‬
‫اج ِدي َن)‬‫يس مل َيكُن م َن الس ِ‬
‫َّ‬ ‫ِّ‬
‫ِ ِ ِ‬
‫اس ُجدُ و ْا آل َد َم َف َس َجدُ و ْا إالَّ إ ْبل َ ْ‬
‫ِ ِ‬
‫ل ْل َمآلئكَة ْ‬
‫ِ‬
‫أمر اهللُ مالئك َت ُه‬ ‫والكهف وطه(‪ )6‬التِي ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وكذلِ َك يف ِ‬
‫كيف َ‬ ‫ف َ‬ ‫تص ُ‬ ‫اإلرساء‬ ‫سور‬
‫بوضا َع ِة املا َّد ِة التِي‬ ‫حمتج ًا َ‬ ‫األمر َّ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬
‫االمتثال إىل‬ ‫الش ُ‬
‫يطان‬ ‫ورفض َّ‬ ‫َ‬ ‫جود آلد َم‬ ‫بالس ِ‬
‫ُّ‬
‫األو ُل‪.‬‬
‫اإلنسان َّ‬‫ُ‬ ‫ُخ ِل َق منها‬

‫ّابليس‪ ،‬غاية املطلوب‪.92 ،‬‬


‫  الن ّ‬ ‫(((‬
‫ّابليس‪ ،‬غاية املطلوب‪.40 ،‬‬
‫  الن ّ‬ ‫(((‬
‫ّابليس‪ ،‬غاية املطلوب‪.82 ،80 ،‬‬ ‫  الن ّ‬ ‫(((‬
‫  سورة البقرة (اآلية ‪.)34‬‬ ‫(((‬
‫  سورة األعراف (اآلية ‪.)11‬‬ ‫(((‬
‫   سورة اإلرساء (اآلية ‪ )61‬سورة الكهف (اآلية ‪ )50‬سورة طه (اآلية ‪.)116‬‬ ‫(((‬
‫جلما ِل ُّيون‬ ‫الثا ِني‪ :‬ا َ‬ ‫الفص ُل َّ‬ ‫ْ‬
‫‪291‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ِّسبة للنَّابلسيِ ِّ حينَام يؤ ِّكدُ ـ مستند ًا إىل عدَّ ِة‬ ‫هذه احلاد َث ِة بالن ِ‬ ‫وتربز أمهي ُة ِ‬
‫ُ ِّ َّ‬
‫أن آدم ُخ ِل َق أمرد‪ )1(.‬وبناء عىل ذلِ َك‪ ،‬فاملالئك ُة ِ‬
‫الذي َن سجدُ وا‬ ‫ً‬ ‫َْ َ‬ ‫أحاديث ـ َّ َ‬ ‫َ‬
‫ني‬ ‫للصوفِ ِّي َ‬
‫ني املتأ ِّم ِل َ‬ ‫ْليِ‬
‫األنموذج األص َّ ُّ‬ ‫َ‬ ‫ون‬ ‫الرؤ َي ِة ـ يم ِّث ُل َ‬ ‫ب هذه ُّ‬
‫ِ‬ ‫بحس ِ‬‫آلد َم ـ ْ‬
‫لق ِم ْن‬ ‫السجو َد َلمِا يعدُّ ُه كائن ًا ُخ َ‬ ‫ِ‬
‫الشيطان ُّ‬ ‫رفض َّ‬ ‫حني ُيعدُّ ُ‬ ‫ال ا ُمل ْر ِد يف ِ‬ ‫يف جمَ ِ‬
‫أن‬‫ون عىل َّ‬ ‫الذي يصرِ ُّ َ‬ ‫ني للصوفِي ِة ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ْليِ‬ ‫ٍ‬
‫األنموذج األص َّ للفقهاء املناهض َ ُّ َّ‬ ‫َ‬ ‫طني‬
‫قال‬ ‫املغو َي ِة‪ ،‬وقدْ َ‬ ‫الوجوه هو أجسا ُد ُهم ِ‬ ‫ِ‬ ‫كل ما يمك ُن رؤي ُت ُه يف ا ُمل ْر ِد ِم ِ‬
‫الح‬ ‫َّ‬
‫ِ‬
‫احلقائق)‪:‬‬ ‫ِ‬
‫(ديوان‬ ‫النَّابلسيِ ُّ عن ذلِ َك يف‬
‫ِ‬
‫َّفيـس‬ ‫ذاك ال ُغــال ِم الن‬ ‫هـــوى َ‬ ‫يف‬ ‫الـــــذي ال َم جه ً‬
‫ال‬ ‫ِ‬ ‫ـــــم‬ ‫أيا ا َّل ِ‬
‫الئ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫هُّ‬
‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫بكـــــال ٍم ٍ‬ ‫ُ‬
‫خســـيس‬ ‫وعقـــل‬ ‫واه‬ ‫يبحــث عنَّا‬ ‫ُ‬ ‫ــــول‬ ‫ما َلنــا وا َ‬
‫جل ُه‬
‫َّقد ِ‬ ‫يدري به غيـر ذي الت ِ‬ ‫ليس ِ‬ ‫رس ًا‬ ‫والذ ِ‬ ‫ِ‬
‫يس‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫كورة َّ‬ ‫ُّ َ‬ ‫ــــن‬ ‫حل ْس‬
‫إن يف ا ُ‬ ‫َّ‬

‫ِ‬
‫بتعبيس‬ ‫وال َقنــــا بابتســـــــا ٍم أو‬ ‫ـــك فينا‬ ‫بدائ َ‬ ‫عش ســلي ًام أو م ْت ِ‬ ‫ْ‬
‫ُ‬
‫ـــة عن التَّدنِ ِ‬
‫يس‬ ‫فنحــــن يف ِرفع ٍ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫أح ِســـ ْن ال َّظـَّـن أو به ك ْن مسيئ ًا‬ ‫ْ‬

‫يس‬ ‫ــــــأ َت يف الت ِ‬


‫َّقي ِ‬ ‫ْ‬ ‫وقبيـــح أخ َط‬
‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫مليـح‬ ‫بني‬
‫ـلق َ‬ ‫إن ت ِ‬
‫ُساوي يف اخلَ ِ‬ ‫ْ‬
‫(*)‬ ‫ِ‬
‫إلبليس‬ ‫َ‬
‫َــــاك اســـجدُ وا‬
‫وما أت‬ ‫َ‬
‫َــــاك اســــجدُ وا آلد َم فا ْف َه ْم‬
‫قد أت‬

‫األول (اسجدوا آلدم) من اآليات‬


‫ّابليس‪ ،‬ديوان احلقائق‪ .270 :1 ،‬النّقل ّ‬
‫ّ‬ ‫[*] الن‬
‫القرآن ّية املذكورة أعاله‪.‬‬

‫*****‬
‫ٍ‬
‫نطاق واس ٍع‬ ‫بقول مق ُب ٍ‬
‫ول عىل‬ ‫ٍ‬ ‫واستعان النَّابلسيِ ُّ زياد ًة عىل ذلِ َك‪،‬‬
‫َ‬

‫الصوفيني‬ ‫ِ‬
‫ّابليس‪ ،‬غاية املطلوب‪ .76-73 ،‬ولالستزادة بشأن فكر مشاهبة عن ّ‬
‫(((   الن ّ‬
‫األول‪ ،‬انظر ريرت‪.Das Meer des Seele)، 452، 477( ،‬‬
‫اإل ْسال ِم ِّي‬ ‫ال ال َع َر ِب ِّي ِ‬ ‫جل ْن ِس َّي ِة يِف ال َع مَ ِ‬ ‫َما َق ْب َل امل ِْثلِ َّي ِة ا ِ‬ ‫‪292‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ِ‬
‫الغالب يف‬ ‫يظهر له يف‬
‫ُ‬ ‫كان‬ ‫َ‬
‫جربائيل َ‬ ‫َ‬
‫املالك‬ ‫حمم ٍد‪ ،‬يفيدُ َّ‬
‫أن‬ ‫َّبي َّ‬ ‫منس ٍ‬
‫وب إىل الن ِّ‬ ‫ُ‬
‫اشتهر‬ ‫ٍ‬
‫حممد‬ ‫أص ِ‬ ‫ِ‬ ‫بن خلي َف َة الكلبِ ِّي) وهو ٌ‬‫شكل (دحي َة ِ‬
‫ِ‬
‫َ‬ ‫َّبي َّ‬
‫حاب الن ِّ‬ ‫رجل م ْن ْ‬
‫امل الص ِ‬
‫َ (‪)1‬‬
‫ورة يف م َّكة‪.‬‬ ‫بج ِ ُّ‬ ‫َ‬

‫احلب األفالطونيِ ِّ ُّ‬


‫الصوفيِ ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫عرض هلا النَّابلسيِ ُّ عن‬
‫ومتيل األمثل ُة التِي َ‬ ‫ُ‬
‫الش ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫باب‪:‬‬ ‫حب َّ‬ ‫ربى للدِّ فا ِع عنه كذل َك إىل الكشف عن رجحان ك َّفة ِّ‬ ‫الذي ان َ‬
‫ِ‬
‫الفارض‬ ‫وحب ِ‬
‫ابن‬ ‫زيد؛‬‫بن ٍ‬ ‫بن حار َث َة‪ ،‬وأسام َة ِ‬‫لزيد ِ‬ ‫مثل حب النَّبي حمم ٍد ِ‬ ‫َ‬
‫ِّ‬ ‫ِّ َّ‬ ‫ِّ‬
‫ين‬‫جالل الدِّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الكبري‬ ‫سيِ‬ ‫ِ‬ ‫الش ِ‬ ‫وحب َّ‬ ‫اجلز ِار‪،‬‬
‫واملتص ِّوف الفار ِّ‬ ‫َ‬ ‫اعر‬ ‫ِّ‬ ‫بي َّ‬ ‫لص ِّ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫ين جلبِ ِّي الذي‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الروم ِّي ( ُتوفيِّ َ سن َة ‪1237‬م) لتلميذه وخليفته حسا ِم الدِّ ِ‬ ‫ِ‬
‫ُّ‬
‫(‪)2‬‬
‫(املثنوي)‪.‬‬
‫َّ‬ ‫أهدَ ى له رائع َت ُه‬
‫ّابليس‪ ،‬غاية املطلوب‪.82-80 ،‬‬ ‫(((   الن ّ‬
‫ومي‪ ،‬وحسام‬ ‫الر ّ‬ ‫ّابليس‪ ،‬غاية املطلوب‪ 149 ،‬لالستزادة عن جالل الدّ ين ّ‬ ‫(((   انظر الن ّ‬
‫الدّ ين؛ شيمل‪ ،‬كام لو أنّه عرب حجاب‪.94-92 ،‬‬
‫لغوي‪:‬‬
‫ّ‬ ‫املقوم ا ّل‬
‫إضافة ّ‬
‫كل بيت من القصيدة‪.‬‬ ‫املثنوي شعر تتساوى فيه قافية َصدْ ُر و َع ُج ُز ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الشعر‬
‫ومي واحد من شعر هذا الف ّن‪.‬‬ ‫الر ّ‬‫وديوان املثنوي جلالل الدّ ين ّ‬
‫ومي عن ديوانه‪:‬‬ ‫الر ّ‬‫يقول ّ‬
‫إنّه أصل من أصول الدّ ين يف كشف أرسار الوصول واليقني‪ ،‬وهو فقه اهلل األكرب‪،‬‬
‫ورشع اهلل األزهر وبرهان اهلل األظهر‪ .‬وقد اشتمل عىل الغرائب والنّوادر وغرر‬
‫الز ّهاد‪ ،‬وحديقة الع ّباد‪ ،‬قصرية ا ُمل َباين‪ ،‬عديدة‬ ‫املقاالت ودرر الدّ الالت‪ ،‬وطريقة ّ‬
‫املعاين‪.‬‬
‫ومنه قوله‪:‬‬
‫ال َ‬
‫فشـكَـى‬ ‫شـــــ َّف ُه َ‬
‫الو ْجدُ طوي ً‬ ‫اسـتمع للنَّاي غنَّى وحكَـــــى‬
‫ْ‬
‫َّــــاس أنينِـــي شــجنا‬
‫َ‬ ‫أل الن‬ ‫م َ‬ ‫وكان الو َطــنا‬
‫َ‬ ‫َاب‬
‫نأى الغ ُ‬ ‫ُم ْذ‬
‫الو ْجـــدَ فيه ُح ِّرقـــا‬ ‫َّ‬ ‫ٍ‬ ‫صــدر ِمن فِ‬
‫أبث َ‬ ‫كي‬ ‫ـــراق ُمزِّ قا‬ ‫ْ‬ ‫ٌ‬ ‫َ‬ ‫أي َن‬
‫وص ِل ِه‬
‫ْ‬ ‫َمل ْغنَى‬ ‫الرج َعى‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫يبتغي‬ ‫ــل ِه‬
‫تَشرَ ده النَّوى ِمن أص ِ‬
‫ْ ْ‬ ‫َّ َ ُ‬ ‫َم ْن‬
‫ختذونِــي َصاحبـا‬
‫كل قــــو ٍم ِ‬
‫ْ‬ ‫ُّ‬ ‫نــاد قد رآنِــــي نادبـــــا‬‫ٍ‬ ‫ُّ‬
‫كل‬
‫ختذونِــي َصاحبـا‬
‫كل قــــو ٍم ِ‬
‫ْ‬ ‫ُّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫(حب الغلماَ ن يف األعماَ ل األدبِ َّية) أوائل الفصل‬ ‫وقد سبق أن أرشت يف احلاشية يف مبحث‬
‫ُّ‬
‫جلما ِل ُّيون‬ ‫الثا ِني‪ :‬ا َ‬ ‫الفص ُل َّ‬ ‫ْ‬
‫‪293‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ِ‬
‫بحياة‬ ‫الذ ِ‬
‫كور‬ ‫باب ُّ‬ ‫الش ِ‬‫امل يف َّ‬ ‫كيز عىل تأم ِل اجل ِ‬ ‫ربط هذا الترَّ ِ‬ ‫املغري ُ‬ ‫وم َن ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫ُّ‬
‫ٍ‬ ‫الشخصيِ ِّ ؛ إذ ُي ُ‬ ‫وتارخي ِه َّ‬
‫ِ‬ ‫سيِ‬
‫اسم ُه‬ ‫كان مت َّي ًام ومولع ًا بتلميذ له ُ‬ ‫قال‪ :‬إ َّن ُه َ‬ ‫النَّابل ِّ‬
‫ني‬ ‫غر ُه بثالثِ َ‬‫يص ُ‬ ‫كان ْ‬ ‫الذي َ‬ ‫كدكجي ( ُتوفيِّ سن َة ‪1719‬م) ِ‬
‫َ‬ ‫ُّ‬
‫ِ‬ ‫إبراهيم الدَّ‬
‫َ‬ ‫حممدُ ب ُن‬ ‫َّ‬
‫مصط َفى البكر ّي ( ُتوفيِّ َ سن َة ‪1749‬م)‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫عام ًا‪.‬‬
‫ف الدِّ مشق ُّي ْ‬ ‫املتص ِّو ُ‬
‫ف َ‬ ‫ووص َ‬ ‫َ‬
‫بصي ٍغ‬ ‫تلميذ ِه ِ‬
‫ِ‬ ‫نحو‬ ‫سيِ‬ ‫تتلمذ عىل أيدهيِام ِ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫مشاعر النَّابل ِّ‬ ‫َ‬ ‫ف‬‫وص َ‬‫كليهام؛ َ‬ ‫الذي‬
‫وصبا ُه) وعىل‬ ‫عميق‪( :‬تبنَّاه يف الصبا لمََّا هام يف صب ِح ِه ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫عاطف ٍّي‬ ‫توحي بتع ُّل ٍق‬ ‫ِ‬
‫ُ ْ‬ ‫َ‬ ‫ِّ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫غرار ذلِ َك‪َ ،‬‬ ‫ِ‬
‫املراد ُّي ( ُتوفيِّ َ سن َة‬ ‫ُ‬
‫خليل‬ ‫حممدُ‬ ‫الس ِري الدِّ مشق ُّي َّ‬ ‫كاتب ِّ‬ ‫ُ‬ ‫حلظ‬
‫كدكج ِّي])‪ )1(.‬وقدْ‬ ‫ِ‬ ‫كان (شديدَ املح َّب ِة له [أي للدُّ‬ ‫َ‬ ‫سيِ‬
‫أن النَّابل َّ‬ ‫‪1791‬م) َّ‬
‫ِ‬
‫الغزل‬ ‫لتلميذ ِه ِه َي ما دف َع ُه إىل نظ ِم َق ِصيدَ ِة‬ ‫ِ‬ ‫مشاعر النَّابلسيِ ِّ اجل َّي َ‬
‫اش ُة‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫تكون‬
‫اآلت َي ِة‪:‬‬
‫حـــدْ‬ ‫لـــــه‬ ‫م��ا‬ ‫تشــو ٌق‬
‫ُّ‬ ‫وأ ْق َعـْـدْ‬ ‫قلبِــــي‬ ‫أقـــــا َم‬
‫ِ‬
‫��ـ��رف أغْ�� َي��دْ‬ ‫ِ‬
‫ب��ن��ـ��ـ��اع��س ال�� َّط‬ ‫يل‬ ‫ِم� ْن‬ ‫ويــلاه؛‬ ‫ويـــلاه‬

‫تـــــأود‬
‫َّ‬ ‫مـا‬ ‫إذا‬ ‫غصـــ ٌن‬
‫ْ‬ ‫تبــــدّ ا‬ ‫ما‬ ‫إذا‬ ‫بـــــــــدر‬
‫ٌ‬
‫أخ���اف قلبِـــــــــي وه��دَّ ْد‬
‫َ‬ ‫ٍ‬
‫غـــزال‬ ‫بعينَـــــي‬ ‫ي��رن��و‬

‫مـــــور ْد‬
‫َّ‬ ‫بخــــــدٍّ‬ ‫يزهو‬ ‫ِ‬
‫���ـ���رف واىف‬ ‫ِ‬
‫م��ن��رج��س ال��� َّط‬

‫احلــــدْ‬ ‫مهجتِــي‬ ‫يف‬ ‫أقا َم‬ ‫تثنَّــى‬ ‫لمََّــــا‬ ‫َ‬


‫ســــكران‬

‫أهيـــــف القـــــدْ‬
‫َ‬ ‫ع�لي ي��ا‬
‫َّ‬ ‫عطفــــــــــــ ًا‬ ‫ب��اهللِ‬ ‫ب��اهللِ‬
‫ِ‬
‫ــــربي تـــــبدَّ ْد‬ ‫َص‬ ‫ِ‬
‫وع ْقدُ‬ ‫فيــــــك اشتياق ًا‬
‫َ‬ ‫ذبْ���ت‬
‫ُ‬ ‫ق��د‬

‫أن سواد علامء املسلمني (املع ِّلمني) نظموا قواعد علومهم‬


‫ال ّثاين يف هذا الكتاب إىل ّ‬
‫املثنوي‪.‬‬
‫ّ‬ ‫عىل النّمط‬
‫  املرادي‪ ،‬سلك الدّ رر‪.25 :4 ،‬‬
‫ّ‬ ‫(((‬
‫اإل ْسال ِم ِّي‬ ‫ال ال َع َر ِب ِّي ِ‬ ‫جل ْن ِس َّي ِة يِف ال َع مَ ِ‬ ‫َما َق ْب َل امل ِْثلِ َّي ِة ا ِ‬ ‫‪294‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫خم َّلــدْ‬ ‫يب َقــــى‬ ‫الن ِ‬


‫َّـار‬ ‫يف‬ ‫ذن��ب قلبِــــي حتَّــــى‬
‫ُ‬ ‫م��ا‬

‫ــــــــر ْد‬‫ُم َب‬ ‫ثغــــر‬ ‫َ‬


‫دواك‬ ‫ِ‬
‫فــــــؤادي‬ ‫مــوقــــد ًا‬ ‫يا‬
‫َّ‬ ‫ٌ‬
‫نجـــــدْ‬
‫فيكـــــم لـي َم َ‬
‫ُ‬ ‫ما‬ ‫مجعـ ًا‬ ‫النَّــاس‬ ‫هُّأيــــا‬ ‫يا‬
‫(*)‬
‫حممدْ‬
‫َّ‬ ‫َهيــــــوى‬ ‫َ‬
‫زال‬ ‫ما‬ ‫قلـب‬
‫ٌ‬ ‫َّــــار‬
‫َ‬ ‫الن‬ ‫ُ‬
‫يســــتأهل‬

‫السطر األخري إىل إحدى‬ ‫ّابليس يف ّ‬


‫ّ‬ ‫ّابليس‪ ،‬مخرة بابل‪ .54-53 ،‬يشري الن‬
‫ّ‬ ‫[*] الن‬
‫يستحق أن ُيلقى يف النّار‪ .‬ويتعينّ حلظ‬
‫ّ‬ ‫ّبي ‪ -‬ال‬
‫حممداـ الن ّ‬
‫حيب ّ‬ ‫املعتقدات وهي ّ‬
‫أن الذي ّ‬
‫السطر يفقد الكثري من قوته ورونقه ما مل ْ نفرتض أن ُ‬
‫املعشوق موضوع القصيدة‬ ‫ّ‬
‫أن هذا ّ‬
‫حممد أيضا‪.‬‬
‫اسمه ّ‬

‫*****‬

‫كان وفق ًا‬


‫ت‪َ ،‬‬‫الذي قيل عن النَّابلسيِ أ َّنه بكَى عىل مي ٍ‬ ‫واليوم الوحيدُ ِ‬
‫ْ‬ ‫ِّ ُ‬ ‫ُ‬
‫(‪)1‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ألحد أحفاده يو َم ُتوفيِّ َ (الدُّ كدكج ُّي)‪.‬‬

‫للغاية ‪-‬‬ ‫ِ‬ ‫سيكون أمر ًا سه ً‬


‫ال‬ ‫ُ‬ ‫أن َو ْس َم النَّابلسيِ ِّ بـ (املثليِ ِّ )‬ ‫شك يف َّ‬ ‫وال ُي ُّ‬
‫الذي‬ ‫متييز احلب الصوفيِ ِ‬ ‫حريص ًا عىل ِ‬ ‫َ‬
‫وكان‬ ‫ٌ‬
‫أطفال‪،‬‬ ‫متزوج ًا وله‬ ‫فقدْ َ‬
‫ِّ ُّ ِّ‬ ‫َ‬ ‫كان ِّ‬
‫نفرتض عىل‬ ‫َ‬ ‫لواط‪ .‬ويمك ُن ْ‬
‫أن‬ ‫ناهيك عن ا ِّل ِ‬ ‫َ‬ ‫هوة ا ُمل َح َّر َم ِة؛‬
‫الش ِ‬ ‫دافع عنه عن َّ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫حلب‬‫بوصفها مثاالً مشاهب ًا ِّ‬ ‫الرغ ِم م ْن ذل َك‪ ،‬أ َّن ُه قد فك ََّر يف العالقة مع تلميذه ْ‬ ‫ُّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫يتعاطف مع قناعة ملاَّ َصدرا التي‬ ‫اجلز ِار‪ ،‬وأ َّن ُه َ‬
‫كان‬ ‫لصبِ ِّي َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫الفارض َ‬ ‫ابن‬
‫ِ‬ ‫زرع يف الر ِ‬ ‫األو ِل يف َّ‬
‫ني‬‫البالغ َ‬ ‫جال‬ ‫ِّ‬ ‫أن اهللَ قد َ‬ ‫الفص ِل َّ‬‫احلديث عنها يف ْ‬ ‫َ‬ ‫أسل ْفنا‬
‫لغاية حمدَّ َد ٍة ِه َي متكين ُُهم ِم ْن‬
‫ٍ‬ ‫بالش ِ‬
‫باب‬ ‫كور ِّي املف َع ِم َّ‬ ‫الذ ِ‬ ‫امل ُّ‬ ‫حساس َي ًة إزاء اجل ِ‬
‫َ َ‬
‫ِ‬
‫ِ‬
‫واالعتناء هبِم‪.‬‬ ‫تربيتِ ِهم‬

‫األنيس‪ ،‬ص ‪58‬أ‪ -‬ب‪.‬‬


‫الغز ّي‪ ،‬الورد ّ‬
‫(((   كامل الدّ ين ّ‬
‫جلما ِل ُّيون‬ ‫الثا ِني‪ :‬ا َ‬ ‫الفص ُل َّ‬ ‫ْ‬
‫‪295‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫وس‬
‫محن العيد ُر ُ‬ ‫الر ِ‬ ‫عب ُد َّ‬
‫اليمن‪ ،‬وسافر إىل ِ‬
‫اهلند‬ ‫ِ‬ ‫العيدروس يف‬ ‫مصط َفى‬ ‫الر ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫محن ب ُن ْ‬ ‫ُولدَ عبدُ َّ‬
‫بني م َّك َة‬‫ال َ‬ ‫رب ِم ْن حياتِ ِه متن ِّق ً‬ ‫بصح َبة والده‪ ،‬وقضىَ اجلز َء األك َ‬
‫ِ ِ (‪)1‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫يف شبابِه ُ‬
‫القاهر ِة يف مصرْ َ حيث‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫ومدينة‬ ‫اجلزير ِة العربِ َّي ِة‬‫َ‬ ‫ِ‬
‫غرب‬ ‫ائف يف‬ ‫واملدينة وال َّط ِ‬ ‫ِ‬
‫وأضحى‬ ‫َ‬ ‫َّقشبند َّي ِة‪،‬‬
‫ِ‬ ‫العيدروس َّي ِة والن‬
‫ِ‬ ‫الصوفِ َّي ِة‬ ‫رق ُّ‬ ‫وسلك يف ال ُّط ِ‬ ‫َ‬ ‫ُتوفيِّ َ ‪.‬‬
‫القاهر ِة‬
‫َ‬ ‫كان يف‬ ‫نطاق واس ٍع شاعر ًا ُصوفِ َّي ًا ومفكِّر ًا‪ ،‬وبينَام َ‬ ‫ٍ‬ ‫عروف ًا عىل‬ ‫َم ُ‬
‫عبد اهللِ‬ ‫األزهر ِ‬
‫ِ‬ ‫شيخي‬ ‫ِ‬
‫أمثال َ‬ ‫ني ِ‬
‫بارزي َن‬ ‫بني فقها َء مصرْ ِ ِّي َ‬ ‫بحفاوة بال َغ ٍة َ‬ ‫ٍ‬ ‫حظِ َي‬
‫يخ واملع ِّل ُم‬ ‫الش ُ‬ ‫وكان أيض ًا َّ‬ ‫َ‬ ‫(‪)2‬‬
‫وحمم ٍد احلفنِ ِّي ( ُتوفيِّ َ سن َة ‪1767‬م)‪.‬‬ ‫رباو ِّي َّ‬ ‫الش ِ‬ ‫َّ‬
‫املشهور برشوحاتِ ِه عىل‬ ‫ُ‬ ‫بيد ِّي ( ُتوفيِّ َ سن َة ‪1791‬م)‬ ‫الز ِ‬ ‫ُّ‬ ‫ملحم ٍد مرتضىَ‬ ‫َّ‬ ‫الصوفيِ ُّ‬ ‫ُّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫(القاموس العر ِّ ) ملؤ ِّلفه الفريوزاباد ِّي ( ُتوفيِّ َ سن َة ‪1415‬م) و (إحياء علو ِم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫بيِ‬ ‫ِ‬
‫حامد الغزاليِ ِّ ‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫ين) ألبيِ‬ ‫الدِّ ِ‬
‫للج ِ‬ ‫ِ‬
‫امل‪،‬‬ ‫الصوفيِ ِّ َ‬ ‫استحضار فكرة التَّأ ُّم ِل ُّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫العيدروس كثري ًا يف‬ ‫شعر‬
‫ويلح ُ‬ ‫ُّ‬
‫األبيات اآلت َي ُة‪:‬‬
‫ُ‬ ‫مث َلام تبينِّ ُ‬
‫ْ‬ ‫ِ‬ ‫الش ِ‬
‫بديع َّ‬ ‫ْ‬
‫ميـــــل‬‫جل‬ ‫َ‬
‫العليـــل‬ ‫ــب‬
‫ـكل يا ط َّ‬ ‫يا َ‬ ‫ــــاك ا َ‬ ‫حرس اهللُ حم َّي‬
‫َ‬
‫ْ‬
‫الكحيل‬ ‫بل ســبي َت الك َُّل بال َّط ِ‬
‫رف‬ ‫أرباب ال َبها قاطِــــــ َب ًة‬ ‫ُســــدْ َت‬
‫َْ‬ ‫َ‬
‫ْ‬
‫العليـــل‬ ‫ِ‬
‫األنس يا ُب ْر َء‬ ‫نســــيم‬
‫َ‬ ‫يا‬ ‫حلـو ا َّل َ‬
‫لمى‬ ‫َ‬ ‫ب قلبِي أن َ‬
‫ْــت يا‬ ‫َح ْس ُ‬
‫(*)‬ ‫ْ‬
‫األسيل‬ ‫َ‬
‫األخــالق يف اخلدِّ‬ ‫أملــح‬
‫ُ‬ ‫منــــك إلاَّ أنِّنِــــي‬
‫َ‬ ‫مــــا ِ‬
‫مرادي‬
‫(**)‬ ‫ْ‬
‫القبيـل‬ ‫ــن ِم ْن هذا‬
‫للح ْس ِ‬
‫عشـ ُقنا ُ‬ ‫ٍ‬
‫عشـــق لنــا‬ ‫ُ‬
‫ــــائل عن‬‫الس‬
‫هُّأيا َّ‬

‫اجلربيت‪ ،‬عجائب اآلثار‪ ،34-27 :2 ،‬ما ْمل‬


‫ّ‬ ‫(((   املعلومات عن العيدروس مأخوذة من‬
‫نبينّ العكس‪.‬‬
‫(((    العيدروس‪ ،‬تنميق األسفار فيام جرى له مع اإلخوان يف بعض األسفار‪-161 ،‬‬
‫‪.162‬‬
‫اإل ْسال ِم ِّي‬ ‫ال ال َع َر ِب ِّي ِ‬ ‫جل ْن ِس َّي ِة يِف ال َع مَ ِ‬ ‫َما َق ْب َل امل ِْثلِ َّي ِة ا ِ‬ ‫‪296‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫لغوي)‪.‬‬
‫ّ‬ ‫(املقوم ا ّل‬
‫ّ‬ ‫[*] اخلدّ األسيل‪ :‬ال َّط ِو ُيل ال َّلينِّ ُ اخلَ ْل ِق ا ُملسترَ ِس ُل‪.‬‬
‫[**] العيدروس‪ ،‬ترويح البال وهتييج البلبال‪.118 ،‬‬
‫*****‬
‫آخ ُر نور ُد ُه هنا‪:‬‬ ‫وثم َة ٌ‬
‫مثال َ‬ ‫ّ‬
‫س‬ ‫ِ‬
‫املجل ِ‬ ‫كـــرا ِم‬
‫َ‬ ‫واســقنِيها َم ْع‬ ‫ِ‬
‫الكـؤوس‬ ‫ِ‬
‫براح‬ ‫وح‬
‫الـــر َ‬
‫ُّ‬ ‫رو ِح‬
‫ِّ‬
‫ِ‬
‫مـــال األَ ْن َف ِ‬ ‫ِ‬
‫ـس‬ ‫قدْ حت َّلــــوا باجلَ‬ ‫ــــن َم ْن‬‫وتغز ْل يف ذوي احلُ ْس‬
‫َّ‬

‫س‬ ‫ٍ‬
‫ـــــفاه ُل َّع ِ‬‫ـــي ذي ِش‬
‫كــل ظبِ ٍ‬
‫َّ‬ ‫ِ‬
‫الغيد ويف‬ ‫َ‬
‫األخـالق يف‬ ‫واشهدْ‬
‫(*)‬ ‫احلن ِْد ِ‬
‫س‬ ‫فاق بـــدر ِ‬
‫َ‬ ‫أو جت َّلـــى َ‬ ‫أغص َ‬
‫ـان النَّقا‬ ‫َ‬
‫فـــاق َ‬ ‫ْ‬
‫إن تثنَّـــى‬

‫[*] العيدروس‪ ،‬ترويح البال‪.05 ،‬‬


‫لغوي‪:‬‬
‫ّ‬ ‫املقوم ا ّل‬
‫إضافة ّ‬
‫الش َف ِة وال ِّل َث ِة‪ .‬قا َل ُه األَ ْص َم ِع ُّي‪ .‬وقال‬ ‫يف تاج العروس‪ :‬ا َّلل َع ُس‪َ :‬سوا ٌد ُم ْست َْح َس ٌن يف َّ‬
‫ال وذلك ممِ ّا ُي ْست َْم َل ُح‪،‬‬ ‫اد َق ِلي ً‬ ‫َت تَضرْ ِ ب إِىل السو ِ‬
‫َّ َ‬ ‫ُ‬ ‫الش َف ِة إِذا كان ْ‬
‫جل ْو َه ِر ُّي‪ :‬ال َّل َع ُس‪َ :‬ل ْو ُن َّ‬
‫ا َ‬
‫الر ّم ِة‪:‬‬ ‫ٍ‬
‫يقال‪َ :‬ش َف ٌة َل ْع َسا ٌء‪ ،‬وقيل‪ :‬ال َّل َع ُس‪َ :‬س َوا ٌد يف حمُْرة‪ .‬قال ُذو ّ‬
‫ِ‬
‫َب‬‫لمَْ َيـا ُء يف َشـــف َت ْيها ُح َّو ٌة َل َع ٌس ويف ال ِّل َثات ويف َأ ْن َيابهِ َا َشن ُ‬
‫الشديد ال ّظلمة‪ .‬ويف حديث َأيب هريرة‪ :‬كنّا‬ ‫الصحاح‪ :‬ا ّلليل ّ‬ ‫ِ ِ‬
‫واحلنْد ُس‪ :‬ال ُّظ ْل َمة‪ ،‬ويف ّ‬
‫ّبي صلىّ اللهَّ عليه وس ّلم يف ليلة َظ ْلامء ِحن ِْد ٍ‬
‫س‪.‬‬ ‫عند الن ّ‬

‫*****‬

‫طرحها ثانِ َي ًة؛‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫اخلمر يف‬ ‫ور ُة إىل‬
‫املكر َ‬
‫اإلحاالت ُ‬ ‫ُ‬ ‫تسهم ِ‬
‫هذه‬ ‫وثم َة مسأ َل ٌة ِ ُ‬ ‫َّ‬
‫ْفيِ‬
‫بنحو َحر ٍّ ؛‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َّعامل مع هذه األبيات‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫تت َِّص ُل باحلدِّ الذي يتعينَّ عىل وفقه الت ُ‬
‫عرو َف ِة‬ ‫ِ ِ‬ ‫إن العيدروس وهو أحدُ َّ ِ ِ‬
‫الشخص َّيات الدِّ ين َّية ا َمل ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫يقول‪َّ :‬‬ ‫و َل ُر َّب ٍ‬
‫قائل ُ‬
‫ِ‬ ‫واملع َتبرَ َ ِة‪ ،‬ال يريدُ‬
‫نفهم‬
‫َ‬ ‫للكلمة‪ .‬ولكنَّنا إذا أر ْدنا ْ‬
‫أن‬ ‫اخلمر باملعنَى احلرفيِ ِّ‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫أنموذج ٍّي‪،‬‬ ‫ٍ‬
‫بنحو‬ ‫الصوفيِ ِّ‬
‫عر ُّ‬ ‫الش ِ‬‫يفعل شارحو ِّ‬ ‫اخلمر (راح) ِ‬
‫رمز َّي ًا‪ ،‬مث َلام ُ‬ ‫َ‬
‫جلما ِل ُّيون‬ ‫الثا ِني‪ :‬ا َ‬ ‫الفص ُل َّ‬ ‫ْ‬
‫‪297‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(كل ظبِ ٍي‬ ‫نفهم (الغيدَ ) و َّ‬ ‫نسأل‪ :‬مل ْ ال‬ ‫َ‬ ‫أن‬‫ذاك ْ‬‫حني َ‬ ‫طبيع َّي ًا َ‬‫ِ‬ ‫فلر َّبام يبدُ و‬
‫ُ‬
‫(اخلمر) و(ال َّظ ِ‬ ‫ِ‬ ‫أن املامث َل َة َ‬ ‫غري َّ‬ ‫ِ تهِ‬ ‫شفاه ل َّع ٍ‬ ‫ٍ‬
‫بي)‬ ‫بني‬ ‫س) بال َّطري َقة ذا ا؟!‪َ .‬‬ ‫ذي‬
‫اح‪ ،‬وال‬ ‫ِ‬
‫اخلمر ُم َب ٌ‬ ‫رشب‬
‫َ‬ ‫ون َّ‬
‫أن‬ ‫ني ال يدَّ ُع َ‬ ‫الصوفِ ِّي َ‬‫ألن املن ِّظ ِري َن ُّ‬ ‫ناقص ًة! َّ‬ ‫تب َقى َ‬
‫ون رأي ًا مغاير ًا يف‬ ‫اخلمر‪ ،‬ولكن َُّهم يقدِّ ُم َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫لرشب‬ ‫قيمة جتريبِ َّي ٍة‬
‫ٍ‬ ‫ون أ َّي َة‬‫يمنح َ‬
‫ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫كان‬ ‫بعض م ْن أبرزهم ـ يف ِّ‬
‫األقل ـ أ َّن ُه َ‬ ‫زعم ٌ‬ ‫البرش ِّي الذي َ‬ ‫حال تأ ُّم ِل ا َ‬
‫جلامل‬
‫استبصار ًا ُصوفِ َّي ًا ق ِّي ًام‪.‬‬
‫َ‬ ‫أن يو ِّف َر‬ ‫مثل هذا بقدرتِ ِه ْ‬ ‫ال َ‬ ‫وأن تأم ً‬ ‫ُم َباح ًا‪َّ ،‬‬

‫سج َل‬ ‫ٍ‬ ‫هؤالء املن ِّظ ِري َن‪ ،‬إذ استشهدَ يف‬ ‫ِ‬
‫عمل َّ‬ ‫والعيدروس ذا ُت ُه هو أحدُ‬‫ُ‬
‫أديب‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫عر َّية مع معا ِ يه ب َقصيدَ ة أرس َلها إليه‬‫صرِ‬ ‫ِ‬ ‫فيه بعض ًا ِم ْن مطارحاته ِّ‬
‫الش ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ٌ‬
‫ِ‬
‫الكتابة‬ ‫األخري لتخ ُّل ِف ِه عن‬ ‫يعتذر فيها‬ ‫َ‬
‫خوخ‬ ‫عمر‬ ‫بدر الدِّ ِ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ين ب ُن َ‬ ‫اسم ُه ُ‬
‫مك ٌِّّي ُ‬
‫ٍ‬ ‫أمر ُه ملح ُب ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وعنيد‬ ‫وب ٍ‬
‫مليح‬ ‫غلب عليه َ‬ ‫بعض ًا م َن الوقت‪ ،‬ويشتكي ح َّب ًا متَّقد ًا َ‬
‫آخر ِه ِم ْن تو ُّل ِع ِه‬
‫ذكر ُه يف ِ‬ ‫اجلواب‪ ،‬وتأ َّم ْلنا ما َ‬ ‫ُ‬ ‫وص َل إلينا‬‫يف وقت واحد‪( :‬ولمََّا َ‬
‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫ِ‬ ‫األحباب‪ْ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وطلب منَّا‬ ‫َ‬ ‫اهلوى؛‬ ‫سوى َ‬ ‫أوجب له ذل َك َ‬ ‫َ‬ ‫ليس له دا ٌء‬ ‫وأن َ‬ ‫ببعض‬
‫ب ما أعطا ُه وار ُد‬ ‫حس َ‬ ‫ِ‬
‫اجلواب يف احلال ْ‬ ‫ُ‬ ‫أن نعينِّ َ لذلِ َك الدَّ ِاء الدَّ وا َء؛ َ‬
‫كان‬ ‫ْ‬
‫ِ‬
‫االرجتال ما ُصور ُت ُه‪:‬‬
‫ِ‬
‫وإعـــالن‬ ‫سـر‬
‫كل ِّ‬ ‫اهلوى يف ِّ‬ ‫َف ِه ْم يف َ‬ ‫ذاك الدَّ وا الن َِّاز ِح الدَّ انِـــي‬ ‫إن ت ُِر ْد َ‬ ‫أال ْ‬
‫خفضـي يف املحب ِ‬
‫ـة أعالن‬ ‫ِ‬ ‫إن‬ ‫ْ‬
‫وقـل َّ‬ ‫اهلوى‬
‫اجلناح لدَ ى َ‬ ‫وك ْن خافض ًا منك‬
‫َّ‬ ‫َ‬

‫ــبابة أحيانِـي‬
‫إن موتِــي يف الص ِ‬
‫َّ‬ ‫ْ‬
‫وقل َّ‬ ‫اهلــوى ْحت َي سعيد ًا مؤ َّيد ًا‬
‫ــت يف َ‬
‫و ُم ْ‬
‫ِ‬
‫أحيـــان‬ ‫كل‬ ‫َ‬
‫هـواك يف ِّ‬ ‫ــر ْح عن‬ ‫و ُد ْم هائ ًام‬
‫وص ِّ‬
‫َ‬ ‫اهلــوى‬
‫َ‬ ‫واكتم‬
‫ْ‬ ‫واطــرب‬
‫ْ‬
‫ِ‬
‫بأفنـــــان‬ ‫َّربيــــحيأتِــي‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫لدائ َكفالت‬ ‫ــتشـافِي ًا‬ ‫والتلتمسغيـر ِ‬
‫الذيق ْل ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫ِ‬
‫بإنسان‬ ‫ْــت يف التَّحقيق ُأدعـى‬
‫لمََـا كن ُ‬ ‫ِ‬
‫املجــــاز حقيق ًة‬ ‫ولوال َف ِ‬
‫نائــــي يف‬
‫ِ‬ ‫ذاك احلـُّي للمي ِ‬ ‫ْـــتيفحــــياألحب ِ‬
‫بإنسـان‬ ‫ت‬ ‫َْ‬ ‫كان َ َ‬ ‫وما َ‬ ‫ــة َم ْيت ًا‬ ‫َّ‬ ‫وماكن ُ َ‬
‫(*)‬
‫ِّ‬
‫اإل ْسال ِم ِّي‬ ‫ال ال َع َر ِب ِّي ِ‬ ‫جل ْن ِس َّي ِة يِف ال َع مَ ِ‬ ‫َما َق ْب َل امل ِْثلِ َّي ِة ا ِ‬ ‫‪298‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫يب (التي تعني كذلك بؤبؤ العني يف ا ّللغة‬


‫الرجل إنسانا عىل وفق ابن عر ّ‬
‫[*] ُس ّمي ّ‬
‫الصوف ّية وال ّطاو ّية‪،‬‬ ‫ّ‬
‫(ألن اهلل يرى خملوقاته عرب اإلنسان)‪ .‬انظر ايزوتسو‪ّ ،‬‬ ‫العرب ّية)‪،‬‬
‫الصوف ّية اإلسالم ّية‪.156-155 ،‬‬
‫دراسات يف ّ‬
‫‪227‬؛ نيكلسن‪َ ،‬‬

‫*****‬
‫ٍ‬
‫برسالة‬ ‫العيدروس بعدَ ذلِ َك بعض ًا ِم َن املقاط ِع الن َِّثر َّي ِة‪ ،‬وأحل َقها‬ ‫كتب‬
‫ُ‬ ‫وقدْ َ‬
‫أدرج النِّهاي َة‬
‫(وفيك فطان ٌة ودراي ٌة‪ ،‬فك ْن مم َّ ْن َ‬ ‫َ‬ ‫األديب املك َِّّي قائالً‪:‬‬
‫َ‬ ‫رب فيها‬
‫أخ َ‬
‫َ ِ (‪)1‬‬ ‫ِ‬ ‫حمو َك يف َص ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫قنطر ُة احلقيقة)‪.‬‬
‫املجاز ُّي َ‬ ‫فالعشق‬
‫ُ‬ ‫حوك‪..َ.‬‬ ‫واطو َ‬ ‫البداية‪،‬‬ ‫يف‬

‫العيدروس أد َّل ًة تبينِّ ُ هيا َم ُه وو َل َع ُه‬ ‫الذي أ َّل َف ُه‬ ‫العمل ذا ُته ِ‬ ‫ُ‬ ‫ويقدِّ ُم‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫سبيل‬ ‫ذكر يف‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫بعض ِم ْن‬
‫ٍ‬ ‫واحد يف ِّ‬ ‫ٍ‬ ‫جذ ٍ‬ ‫بشخص َّ‬‫ٍ‬
‫مراحل حياته‪ .‬إذ َ‬ ‫األقل يف‬ ‫اب‬
‫مدينة ال َّط ِ‬
‫ِ‬ ‫كان يف حدي َق ٍة يف‬‫نظمها بينَام َ‬ ‫ِ ِ‬
‫ائف‪ ،‬جم َّدَ فيها‬ ‫“متو َج ًة” َ‬ ‫املثال َقصيدَ ًة َّ‬
‫البه َّي ِة)‪.‬‬
‫لعة ِ‬ ‫ذوي ال َّط ِ‬ ‫(بعض ِ‬‫َ‬
‫ِ‬
‫خص‬ ‫بيت [إذا مج ْعنا ُه] عن اس ِم َّ‬
‫الش‬ ‫كل ٍ‬ ‫األو ُل ِم ْن ِّ‬ ‫احلرف َّ‬
‫ُ‬ ‫ويكشف‬
‫ُ‬
‫ني نح ُن وإ َّي ُاه‬ ‫َّفق إذ كنَّا ِ‬ ‫وهو (جمَ ُال)‪( :‬وات َ‬ ‫ِ‬ ‫الذ ِ‬
‫مقبل َ‬ ‫املدح وال َّثناء‪َ ،‬‬ ‫موضو ِع ِ‬ ‫كر ُ‬ ‫َّ‬
‫بعض ِم ْن ذوي‬ ‫ٍ‬ ‫ائف َّي ِة‪ ،‬وقدْ ُج ْع َل ْت َم ْش َج َر ًا يف‬
‫ني ال َّط ِ‬
‫بعض ِم َن البساتِ ِ‬
‫ٍ‬ ‫يف‬
‫األبيات األرب َع ِة اجللي َل ِة‪:‬‬
‫ِ‬ ‫البهي ِة وصورتِ ِه اجلمي َل ِة يف ِ‬
‫هذه‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫ال َّطلعات ِ َّ ُ‬
‫برؤيت ِ‬
‫َـه‬ ‫قلبِــي‬ ‫واشــت َفى‬ ‫ب���زورتِ ِ‬
‫���ه‬ ‫أه��ـ��وى َ ْ َ‬
‫َ‬ ‫ج���ا َد َم��� ْن‬
‫لطلعتِ ِ‬
‫ــه‬ ‫عبدٌ‬ ‫أنـــا‬ ‫هــــا‬ ‫وأل َطــــ َف ُه‬ ‫ُأ َح ْيـــال ُه‬ ‫مــا‬
‫م��ذ جت ّلـــى ص��ـ��ب��ح غ��رتِ ِ‬
‫��ه‬ ‫َ‬
‫راق مشـــهدُ ُه‬ ‫ِ‬
‫ي��وم��ي‬ ‫َّ‬
‫إن‬
‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫(*)‬ ‫هبجتِ ِ‬
‫ــه‬ ‫ِ‬
‫إشـــراق‬ ‫يف‬ ‫دا َم‬ ‫يامث ُلـــ ُه‬ ‫غيــر ًا‬ ‫َأرى‬ ‫ال‬

‫املتوجة شائعة يف ذلك الوقت‪.‬‬


‫[*] كانت عادة الكشف عن اسم املحبوب يف القصائد ّ‬

‫((( العيدروس‪ ،‬تنميق األسفار‪.206-205 ،‬‬


‫جلما ِل ُّيون‬ ‫الثا ِني‪ :‬ا َ‬ ‫الفص ُل َّ‬ ‫ْ‬
‫‪299‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫احلفني‪ ،‬الدّ يوان‪ ،‬صفحة ‪43‬ب‬


‫ّ‬ ‫ّابليس‪ ،‬مخرة بابل‪223 ،‬؛ يوسف‬
‫ّ‬ ‫انظر يف سبيل املثال‪ ،‬الن‬
‫العشاري‪ ،‬الدّ يوان‪ 520 ،‬و ‪.534‬‬
‫ّ‬ ‫وصفحة ‪63‬ب؛‬

‫*****‬

‫عر‬ ‫َني ِم َن ِّ‬


‫الش ِ‬ ‫نظم بيت ِ‬ ‫َ‬
‫خوخ َ‬ ‫عمر‬
‫ين ب َن َ‬ ‫بدر الدِّ ِ‬
‫األديب َ‬
‫َ‬ ‫وأردف خمرب ًا َّ‬
‫أن‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫بخدمة‬ ‫البه َّي ِة” مجي َع ُهم ُملز ُم َ‬
‫ون‬ ‫ِ‬
‫والطلعة ِ‬ ‫أن “ذوي اجل ِ‬
‫امل‬ ‫فيهام َّ‬ ‫رب ُه ِ‬
‫َ‬ ‫خي ُ‬
‫مستمدٌّ ِم ْن‬
‫َ‬ ‫نيوي ك َّل ُه‬ ‫جل َ‬
‫امل الدُّ َّ‬ ‫َّ‬
‫وألن ا َ‬ ‫[حمم ٍد]‬
‫َّبي َّ‬
‫سليل الن ِّ‬ ‫ِ‬
‫العيدروس‪ ،‬أل َّن ُه ُ‬
‫حمم ٍد‪:‬‬ ‫ِ‬
‫نور َّ‬
‫ِ‬
‫َــــــــال‬ ‫ُـــم ب َغ ِ‬
‫يـــر َنك‬ ‫حـــاز هبج ًة ِم ْن جمَ ِ‬ ‫ُّ‬
‫فهو عبدٌ لك ْ‬
‫َ‬ ‫ـال‬ ‫َ‬ ‫كــل َم ْن‬
‫كل ِ‬‫وه َو جـــدٌّ لكُم علــــى ِّ‬ ‫ِ‬
‫املحاس ُن جمَْع ًا‬ ‫املصط َفى‬ ‫ِ‬
‫(*)‬
‫حال‬ ‫ْ‬ ‫إ ْذ م َن ْ‬

‫األول‪ ،‬واملبدأ الذي تشكّل منه العامل‪ .‬انظر نيكلسن‪،‬‬


‫حممد (تعني) اهلل ّ‬
‫[*] ُيعد نور ّ‬
‫الصوف ّية وال ّطاو ّية‪-236 ،‬‬
‫الصوف ّية اإلسالم ّية‪121-103 ،‬؛ أيزوتسو‪ّ ،‬‬
‫دراسات يف ّ‬
‫َ‬
‫‪.238‬‬

‫*****‬

‫العيدروس عد َم‬
‫ُ‬ ‫األسطر الن َِّثر َّي ِة التِي َ‬
‫ارتأى‬ ‫ِ‬ ‫األديب بعض ًا ِم َن‬
‫ُ‬ ‫أضاف‬
‫َ‬ ‫ثم‬
‫َّ‬
‫(‪)1‬‬ ‫ِ‬
‫للحق [أي اهلل] ال للخلق)‪.‬‬
‫َّ‬ ‫ِ‬
‫نقلها (تواضع ًا‬

‫شعر َّي ٍة بينَ ُه َ‬


‫وبني‬ ‫مطارح ٍة ِ‬
‫َ‬ ‫تقديم‬
‫َ‬ ‫ِ‬
‫األسفار)‬ ‫(تنميق‬
‫ُ‬ ‫العيدروس يف‬
‫ُ‬ ‫وأعا َد‬
‫ختمها قائالً‪:‬‬ ‫ُ ِ‬ ‫املح ُب ِ‬
‫(املجهول) َ‬ ‫وب‬

‫بم ْن حو َل َك‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫الواقف عىل ما تقدَّ َم م َن األبيات‪ ،‬إنَّام ُح ْس ُن ال َّظ ِّن َ‬ ‫ُ‬ ‫(أيا‬
‫هُّ‬
‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫فأحس ْن ال َّظ َّن يف اجلان َبني يؤت َك اهللُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫مرتَني‪ ...‬وقدْ‬
‫أجرك َّ‬ ‫شأن ال ِّثقات األثبات‪ْ ،‬‬ ‫ُ‬
‫بعض ِم َن‬‫استح َس َن ذلِ َك ٌ‬‫ْ‬ ‫ِ‬
‫الكتاب بداي ًة‪ ،‬لك ْن‬ ‫كن ُْت أر ْد ُت عد َم إثباتهِ ا يف هذا‬

‫(((   العيدروس‪ ،‬تنميق األسفار‪ ،‬صفحة ‪.23‬‬


‫اإل ْسال ِم ِّي‬ ‫ال ال َع َر ِب ِّي ِ‬ ‫جل ْن ِس َّي ِة يِف ال َع مَ ِ‬ ‫َما َق ْب َل امل ِْثلِ َّي ِة ا ِ‬ ‫‪300‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫الكبري مصن ِ‬ ‫ِ‬ ‫ين املنسو َب ِ‬ ‫حاب) واستشهدَ بالبيت ِ‬
‫ِّف‬ ‫ِ َ‬ ‫لألستاذ‬ ‫ني‬ ‫املشهور ِ‬
‫َ‬ ‫َني‬ ‫األص ِ‬ ‫ْ‬
‫يِ‬ ‫ِ‬
‫الشرياز ِّي ( ُتوفيِّ َ سن َة ‪1803‬م) رض‬ ‫َ‬
‫إسحاق ِّ‬ ‫ِ‬
‫الشافع ِّي أبيِ‬ ‫ِ‬
‫(التَّنبي ُه) يف الفقه ِّ‬
‫ونفع به وهمُ ا‪:‬‬
‫َ‬ ‫اهللُ عنه‬
‫ِ‬
‫غري املدا ِم‬ ‫الكأس ِم ْن‬
‫َ‬ ‫وأهوى‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫يــــات بال حــرا ِم‬ ‫أحـــب الغانِ‬
‫ُّ‬

‫احلـــب ِم ْن ِش َي ِم الكرا ِم‬ ‫رأ ْي ُت‬ ‫لفاحش ٍ‬


‫ــــة ولكـــ ْن‬ ‫َ‬ ‫وما ح ِّبـــي‬
‫(*)‬
‫َّ‬

‫[*] العيدروس‪ ،‬تنميق األسفار‪.102 ،‬‬

‫*****‬

‫وس قد‬
‫العيدر َ‬
‫ُ‬ ‫أن‬ ‫أسباب تدف ُعنا إىل الت ِ‬
‫َّفكري يف َّ‬ ‫ٌ‬ ‫ثم َة‬
‫ليس َّ‬
‫أخرى‪َ ،‬‬ ‫ومر ًة َ‬
‫َّ‬
‫اخلمر يوم ًا‪.‬‬
‫َ‬ ‫رشب‬
‫َ‬
‫حمل جدَ ٍل‬ ‫ِ‬
‫املالز َم َة هلا ُّ‬ ‫الصوفِ َّي َة) والن ِ‬
‫َّظر َّي َة‬ ‫جلامل َّي َة ُّ‬
‫إن ممُ ارس َة ما سمي ُته (ا ِ‬
‫َّ ْ ُ َ‬ ‫َّ َ َ‬
‫أن اهللَ‬ ‫أن فكر َة َّ‬ ‫ني َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الكثري ِم َن‬ ‫وخالف عمي َقينْ ِ ! إذ َيرى‬ ‫ٍ‬
‫اإلسالم ِّي َ‬ ‫الفقهاء‬ ‫ُ‬
‫جتل لسامتِ ِه‬ ‫سوى ٍّ‬ ‫وق ما هو َ‬ ‫وأن العالمَ َ املخ ُل َ‬ ‫الذي يوجدُ فعالً‪َّ ،‬‬ ‫هو الوحيدُ ِ‬
‫واضح ًة أو (حلوالً أو اتحِّ اد ًا)‪ .‬ور َّبام يفسرِّ ُ هذا‬ ‫َ‬ ‫مت ِّث ُل ‪ -‬أي الفكر ُة ‪( -‬ع ْين ًا)‬
‫ِ‬
‫العقيدة‬ ‫ِ‬
‫بشأن‬ ‫اململوك َّي ِة (‪ 1250‬ـ ‪1517‬م)‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫احلقبة‬ ‫ِ‬
‫واجلدل يف‬ ‫احتدا َم الن ِ‬
‫ِّقاش‬
‫بقبول اجلميعِ‪ ،‬بل‬ ‫ِ‬ ‫حتظ فِك َُرهمُ ا‬ ‫ين مل ْ َ‬ ‫لذ ِ‬ ‫الفارض ا َّل َ‬‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وابن‬ ‫البن عربيِ ٍّ‬ ‫ِ‬ ‫القويم ِة‬
‫َ‬
‫كل م ْن‬ ‫ِ‬ ‫ني هلُام ٌّ‬ ‫ِ‬
‫وكان م ْن بني أشدِّ املعارض َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ين‪،‬‬ ‫معار َض ًة ورفض ًا شديدَ ِ‬ ‫واجها َ‬ ‫َ‬
‫عروف بـ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اس أمحد ِ‬ ‫ين أبيِ الع َّب ِ‬ ‫ِتق ِّي الدِّ ِ‬
‫«ابن تيمي َة» ( ُتوفيِّ َ سن َة‬ ‫بن عبد احللي ِم ا َمل ُ‬
‫املقري» ( ُتوفيِّ َ سن َة‬ ‫«ابن ِ‬ ‫وف بـ ِ‬ ‫عبد اهللِ ا َملعر ِ‬ ‫بن ِ‬ ‫بكر ِ‬ ‫ٍ‬ ‫بن أبيِ‬‫وإسامعيل ِ‬
‫َ‬ ‫‪1328‬م)‬
‫ُ‬
‫ِ‬ ‫برهان الدِّ ِ‬‫ِ‬ ‫بن الرب ِ‬
‫ين البقاع ِّي ( ُتوفيِّ َ‬ ‫اط‬ ‫بن َح َس ٍن ِ َّ َّ‬ ‫عمر ِ‬ ‫بن َ‬ ‫وإبراهيم ِ‬
‫َ‬ ‫‪1434‬م)‬
‫(‪)1‬‬
‫سن َة ‪1480‬م)‪.‬‬

‫اإلسالمي ّ‬
‫املتأخر‪ ،‬ص ‪ 87‬وما بعدها‪ 9 ،‬وما بعدها‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫عريب يف الترّ اث‬
‫(((   كنيش‪ ،‬ابن ّ‬
‫‪ 263‬وما بعدها‪.‬‬
‫جلما ِل ُّيون‬ ‫الثا ِني‪ :‬ا َ‬ ‫الفص ُل َّ‬ ‫ْ‬
‫‪301‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ني‬ ‫يخ ِ‬ ‫الش َ‬ ‫نحو َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وبداه ًة‪ ،‬فقدْ تبا َين َْت وتبدَّ َل ْت‬
‫بمرور الوقت ـ َ‬ ‫املواقف ـ‬ ‫ُ‬
‫ادس‬ ‫الس َ‬
‫ِ‬
‫اجلدل قد مخدَ إىل حدٍّ ما بحلول مطل ِع القرن َّ‬
‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ني‪ ،‬إذ يبدُ و َّ‬
‫أن‬ ‫الصوفِ َّي ِ‬ ‫ُّ‬
‫أمثال امل ِ ِّي جاللِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫داق ذل َك‬ ‫ومص ُ‬
‫صرْ‬ ‫ني‬
‫عروف َ‬ ‫اندفاع فقها َء مراج ٍع َم ُ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫عشرَ َ ‪،‬‬
‫ار ِّي‬ ‫األنص ِ‬‫َ‬ ‫زكر َّيا‬ ‫ين أبيِ حي َيى ِ‬ ‫وزين الدِّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫السيوطِ ِّي ( ُتوفيِّ َ سن َة ‪1505‬م)‬ ‫ين َّ‬ ‫الدِّ ِ‬
‫كامل ا َملعر ِ‬ ‫بن ٍ‬ ‫سليامن ِ‬ ‫َ‬ ‫الكبري أمحدَ ِ‬ ‫ِ‬ ‫نيِ‬ ‫ِ‬
‫وف‬ ‫ُ‬ ‫بن‬ ‫( ُتوفيِّ َ سن َة ‪1520‬م) واملفتي العثام ِّ‬
‫ِ‬
‫احلذر‬ ‫بدرجات متباين ٍَة ِم َن‬ ‫ٍ‬ ‫كامل باشا زاده ( ُتوفيِّ َ سن َة ‪1534‬م) اندفا ُع ُهم ـ‬ ‫بـ ُ‬
‫ٍ‬
‫ون‬‫ابن عربيِ املد ُف ِ‬
‫ٍّ‬ ‫قرب ِ‬ ‫َت زيار ُة ِ‬ ‫ني‪ )1(.‬وكان ْ‬ ‫للصوفِ ِّي َ‬ ‫ٍ‬
‫َّعبري عن آراء مؤ ِّيدَ ة ُّ‬ ‫نحو الت ِ‬ ‫ـ َ‬
‫(حك ََم ِم ْن‬ ‫سليم َ‬ ‫ٌ‬ ‫لطان الترُّ ِك ُّي‬ ‫الس ُ‬ ‫األمور التي فع َلها ُّ‬
‫ِ ِ‬ ‫دمشق أحدَ َّأو ِل‬ ‫َ‬ ‫يف‬
‫الرغ ِم‬ ‫ِِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫أمر بتشييد مسجد باسمه يف املوقعِ‪ .‬وعىل ُّ‬ ‫‪1520 -1512‬م) الذي َ‬
‫(‪)2‬‬

‫خصي ِ‬ ‫الش ِ‬ ‫قليل ِم َن َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫مشاعر‬ ‫ِ‬ ‫ات تغذي َة‬ ‫َّ‬ ‫واص َل عد ٌد ٌ‬ ‫م ْن هذا ال َّتغيرُّ ِ يف املواقف‪َ ،‬‬
‫اليمن ( ُتوفيِّ َ سن َة‬ ‫ِ‬ ‫األمري ِم َن‬ ‫ِ‬ ‫َ‬
‫إسامعيل‬ ‫حممدْ ِ‬
‫بن‬ ‫ابن عربيِ ٍّ ؛ ِم ْن ِ‬ ‫نحو ِ‬ ‫ِ‬
‫مثل َّ‬ ‫العداء َ‬
‫اجلزيرة العربِ َّي ِة ( ُتوفيِّ َ سن َة ‪1792‬م)‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وسط‬ ‫اب يف‬ ‫الوه ِ‬ ‫بن عبد َّ‬
‫‪1768‬م) وحمم ٍد ِ ِ‬
‫َّ‬
‫َّقييامت السلبِية إىل الواجه ِة مر ًة أخرى بعدَ ما اكتسب ْت احلركتانِ‬ ‫وبرز ْت ِ‬
‫هذه الت‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َّ‬ ‫ُ َّ َّ‬ ‫َ‬
‫هاتان َّ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫لتان ش َّك َل ْت‬ ‫الوهابِي ُة والس َل ِفي ُة ا َّل ِ‬
‫اكتس َب ْت‬ ‫در إهلا ٍم هلُام؛ َ‬ ‫مص َ‬ ‫الشخص َّيتان ْ‬ ‫َّ َّ‬ ‫َّ َّ‬
‫أن االتجِّ ا َه‬ ‫لحظ َّ‬ ‫َّاسع عشرَ َ ‪ )3(.‬ومع هذا‪ُ ،‬ي ُ‬ ‫ِ‬ ‫قو ًة وزمخ ًا معتبرَ َ ِ‬
‫ين يف القرن الت َ‬ ‫َّ‬
‫اإلمرباطوري ِة العثامنِي ِة للمدَّ ةِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫السنَّة يف مناطق‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫ني ُّ‬ ‫بني الفقهاء املسلم َ‬ ‫السائدَ َ‬ ‫َّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِم ْن عا ِم (‪1500‬م) إىل عا ِم (‪1800‬م) َ‬
‫السيوط ِّي‬ ‫كان م َّياالً بعا َّمة إىل تقييامت َّ‬
‫ِ ِ (‪)4‬‬ ‫واألنص ِ‬
‫ار ِّي وباشا زاده اإلجياب َّية‪.‬‬ ‫َ‬
‫األنصاري‪،‬‬
‫ّ‬ ‫الس ّيارة‪204 203- :1 ،‬؛ وعن زكر ّيا‬ ‫الغز ّي‪ ،‬الكواكب ّ‬ ‫  نجم الدّ ين ّ‬ ‫(((‬
‫يوطي وباشازادي)؛‬‫ّ‬ ‫الس‬‫ّ‬ ‫برأي‬ ‫استشهد‬ ‫(الذي‬ ‫‪294‬‬ ‫‪:3‬‬ ‫املحتار‪:‬‬ ‫د‬
‫ّ‬ ‫ر‬ ‫عابدين‪،‬‬ ‫انظر ابن‬
‫ونرت‪ ،‬املجتمع والدّ ين يف مرص العثامن ّية املبكرة‪.164-163 ،‬‬
‫  وصف كاتب احلول ّيات املعارص ابن طولون يف (مفاكهات اخللاّن)‪80-79 :2 ،‬‬ ‫(((‬
‫السلطان سليم بنفسه‪.‬‬ ‫وأول صالة مجعة حرضها ّ‬ ‫مرحلة إكامل بناء اجلامع ّ‬
‫الرسائل‪:1 ،‬‬
‫عريب‪ ،‬انظر جمموعة ّ‬ ‫الوهاب ّية البن الفارض وابن ّ‬‫  لالستزادة عن إدانة ّ‬ ‫(((‬
‫‪ .47‬وانظر ابن األمري‪ ،‬الدّ يوان‪ 169-168 ،‬لالستزادة عن إدانته هلام‪.‬‬
‫عريب‬
‫استمروا يف نقد ابن ّ‬ ‫ّ‬ ‫  كانت النّظرة العا ّمة إىل العدد القليل من الفقهاء الذين‬ ‫(((‬
‫للخط العا ّم‪.‬‬‫ّ‬ ‫بحلول القرن ال ّثامن عرش أنهّ م غريبو األطوار وخمالفون‬
‫اإل ْسال ِم ِّي‬ ‫ال ال َع َر ِب ِّي ِ‬ ‫جل ْن ِس َّي ِة يِف ال َع مَ ِ‬ ‫َما َق ْب َل امل ِْثلِ َّي ِة ا ِ‬ ‫‪302‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫املسترشق (مايكل‬ ‫ُ‬ ‫ٍ‬


‫برباعة‬ ‫املوضو ِع حل َظ ُه‬ ‫آخ ُر يف هذا‬ ‫جانب َ‬ ‫ثم َة‬
‫ُ‬ ‫ٌ‬ ‫ولك ْن َّ‬
‫ِ‬
‫األشخاص‬ ‫لص ِ‬
‫الح‬ ‫ِ‬ ‫ونرت ـ ‪ )Michael Winter‬هو َّ‬
‫َت َ‬ ‫َّقييامت كان ْ‬ ‫أن الت‬
‫السيوطِ ُّي و‬ ‫ِ ِ‬
‫تلخيص املوقف الذي عبرَّ َ عنه َّ‬ ‫ُ‬ ‫الفك َِر؛ إذ يمك ُن‬ ‫أكثر منها لصالح ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫السؤال كانُوا شيوخ ًا ال ينبغي للغرباء الذي َن‬ ‫ِ‬ ‫ني َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫األنصار ُّي يف َّ‬
‫حمل ُّ‬ ‫الصوف ِّي َ‬ ‫أن ُّ‬ ‫َ‬
‫أن حيك ُُموا عىل كلامتهِ مِ‬ ‫ِ‬
‫حق املعر َفة ْ‬ ‫ِ‬
‫االصطالح َّي َة َّ‬ ‫ال يعر ُف َ‬
‫ون جتاربهَ ُ م ولغت َُهم ْ‬
‫كتب‬ ‫بأن قراء َة ِ‬‫يح َّ‬ ‫أي‪ ،‬بل تعدَّ ا ُه إىل ال َّتصرْ ِ‬ ‫الر ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫السيوط ُّي هبذا َّ‬ ‫املله َمة! ومل ْ يكتف َّ‬
‫يخ‬ ‫الش ِ‬‫الرغ ِم ِم ْن استامتَتِ ِه يف الدِّ فا ِع عن َّ‬ ‫اح ًة [للجميعِ]عىل ُّ‬ ‫غري ُم َب َ‬‫ابن عربيِ ٍّ ُ‬ ‫ِ‬
‫هتمة اهلر َط َق ِة‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫الصوفيِ ِّ ِضدَّ‬‫ُّ‬
‫الصوفِ َّي ِة وخفوتهِ ا‪ ،‬حاف َظ ْت‬ ‫ِ ِ‬
‫ِّقاش بشأن الفك َِر ّ‬ ‫تصا ُع ِد حدَّ ِة الن ِ‬ ‫بني َ‬ ‫وما َ‬
‫عميق؛‬ ‫ٍ‬ ‫در ٍ‬
‫قلق‬ ‫مص َ‬ ‫َت ْ‬ ‫الوجود) عىل مكانتِها‪ ،‬وبق َي ْت مث َلام كان ْ‬ ‫ِ‬ ‫فكر ُة (وحدَ ِة‬
‫األحايني‪ ،‬وهذا يف ذاتِ ِه‬ ‫ِ‬ ‫كثري ِم َن‬
‫للغاية يف ٍ‬ ‫ِ‬ ‫كتابات النَّابلسيِ ِّ جدلِ َّي ًة‬ ‫ُ‬ ‫َت‬
‫وكان ْ‬
‫أن‬ ‫ني‪ ،‬ويبدُ و َّ‬ ‫وجدل عمي َق ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫خالف‬ ‫َت َّ‬
‫حمل‬ ‫بأن اآلرا َء التِي عبرَّ َ عنها كان ْ‬ ‫يوحي َّ‬‫ِ‬
‫ِ‬ ‫الصوفِ َّي َة» كان ْ‬ ‫أن «ا ِ‬ ‫كان ِ‬ ‫النَّابلسيِ َّ َ‬
‫للغاية! ور َّبام‬ ‫اس ًة‬‫حس َ‬ ‫َت مسأ َل ًة َّ‬ ‫جلامل َّي َة ُّ‬ ‫َ‬ ‫يعي َّ‬
‫ِ‬
‫واألغبياء‬ ‫جل َه َل ِة‬ ‫الفارض عن َّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ديوان ِ‬ ‫ِ‬ ‫رشح ِه‬
‫ِ‬ ‫يفسرِّ ُ ذلِ َك حدي ُث ُه يف‬
‫العذال ا َ‬ ‫ابن‬
‫ٍ‬ ‫للصوفِ ِّي َ‬ ‫ِ‬
‫وموبقات هم َبرآ ُء منها‪،‬‬ ‫َ‬
‫بفواحش‬ ‫ني؛ وير ُمونهَ ُم‬ ‫ون وزن ًا ُّ‬ ‫يقيم َ‬ ‫الذي َن ال ُ‬
‫ِ ِ (‪)1‬‬ ‫ِ‬ ‫أشكال التَّج ِّل ِ‬
‫ِ‬
‫هورات اإلهل َّية‪.‬‬ ‫يات وال ُّظ‬ ‫بني‬
‫ون َ‬ ‫تعر ُفوا عىل َم ْن حي ُّب َ‬ ‫ال س َّيام إذا َّ‬
‫ني‬‫الصوفِ ِّي َ‬‫بني ُّ‬ ‫للجدل حتَّى َ‬ ‫ِ‬ ‫البرش ِّي يف الواق ِع مثري ًا‬ ‫ِ‬ ‫كان تأم ُل اجل ِ‬
‫امل‬ ‫َ‬ ‫َ ُّ‬
‫امر َس َة‪ ،‬مث َلام ب َّينَّا يف‬ ‫ِ‬ ‫ني ِ‬ ‫بضعة ُصوفِ ِّي َ‬‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫بارزي َن هذه ا ُمل َ‬ ‫إدانة‬ ‫بلحظ‬ ‫ني!‬ ‫اإلسالم ِّي َ‬
‫الشعرانيِ ُّ املصرْ ِ ُّي ( ُتوفيِّ َ سن َة ‪1565‬م)‬ ‫اب َّ‬ ‫الوه ِ‬
‫َّ‬ ‫كتب عبدُ‬ ‫األو ِل‪ ،‬إذ َ‬ ‫الفص ِل َّ‬ ‫ْ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫تقطع املريدَ ) يف كتابِه‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫خص َص ُه‬ ‫(األنوار القدس َّي ُة) الذي َّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫(باب األشياء التي‬ ‫يف ُ‬
‫ور املست َْح َسن َِة‬ ‫الص ِ‬
‫يغض بصرَ َ ُه عن ُّ‬ ‫أن َّ‬ ‫(وم ْن شأنِ ِه ْ‬ ‫ناصح ًا‪ِ :‬‬ ‫ني ِ‬ ‫املبتد ِئ َ‬
‫ني ِ‬ ‫للصوفِ ِّي َ‬
‫ُّ‬
‫نظر‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫كالسه ِم الذي يصي ُب ُه يف قلبِه فيق ُت ُل ُه؛ ال س َّيام ْ‬ ‫ما أمك َن‪َّ ،‬‬
‫إن َ‬ ‫َّظر إليها َّ‬ ‫فإن الن َ‬
‫ملح ٍة‪ ...‬و َم ْن‬ ‫ِ‬
‫جسم اإلنسان يف َ‬ ‫َ‬ ‫يذيب‬
‫ُ‬
‫بشهوة‪ ،‬فإ َّنه كالسه ِم املسمو ِم ِ‬
‫الذي‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬
‫ٍ‬

‫ّابليس‪ ،‬رشح ديوان ابن الفارض‪.29 :1 ،‬‬


‫(((   الن ّ‬
‫جلما ِل ُّيون‬ ‫الثا ِني‪ :‬ا َ‬ ‫الفص ُل َّ‬ ‫ْ‬
‫‪303‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫األرواح‬‫ِ‬ ‫باب حم َّب ِة‬ ‫أن ذلِ َك ِم ْن ِ‬ ‫وأشار إىل َّ‬ ‫َ‬ ‫املريدي َن‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫الفسق ِم َن‬ ‫ِ‬ ‫ارت َقى عن ِ‬
‫حال‬
‫يطان‬ ‫الش ُ‬ ‫ني‪ ،‬فر َّبام خ َّي َل َّ‬ ‫والشياطِ ِ‬ ‫ُّفوس َّ‬ ‫ِ‬ ‫دسائس الن‬ ‫ِ‬ ‫األشباح‪ ،‬ق ْلنا له‪ :‬هذا ِم ْن‬ ‫َ‬ ‫ال‬
‫ود‪ ،‬إنَّام جمَ ا ُل ُه ِم ْن جمَ ِ‬ ‫يل يف الوج ِ‬ ‫كل جمَ ٍ‬ ‫وأن َّ‬ ‫يرض‪َّ ،‬‬ ‫أحد ِهم َّ ِ‬ ‫إىل ِ‬
‫احلق‬ ‫ال ِّ‬ ‫ُ‬ ‫أن ذل َك ال ُّ‬
‫عليك ذلِ َك‬ ‫َ‬ ‫حر َم‬ ‫ِ‬
‫إن الذي ا َّد َع ْي َت أن ََّك تشهدُ جمَ ا َل ُه هو الذي َّ‬
‫تعالىَ ؛ وق ْلنا له‪ِ َّ :‬‬
‫َّظر إىل األ ْم َر ِد‬ ‫الشاذليِ ُّ عن الن ِ‬ ‫عيل املوازينِ ُّي َّ‬ ‫يخ ُّ‬ ‫الش ُ‬ ‫الشهو َد‪ ...‬وقدْ ُس ِئ َل س ِّي ِدي َّ‬ ‫ُّ‬
‫ور‬ ‫الص ِ‬ ‫بني ُّ‬ ‫فرق َ‬ ‫اإلنسان ٌ‬ ‫ِ‬ ‫فقال‪ :‬ما دا َم عندَ‬ ‫للسالِ ِك؟‪َ .‬‬ ‫جيوز ذل َك َّ‬
‫ميل هل ُ ِ‬ ‫جل ِ‬ ‫ا َ‬
‫الص ِ‬ ‫والش ِ‬ ‫حمض ال َّط ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫جلمي َل ِة‬
‫ور‬ ‫َّظر إىل ُّ‬ ‫جيوز الن ُ‬ ‫هوة‪ ،‬فال ُ‬ ‫بيعة َّ‬ ‫فهو يف‬ ‫جلمي َلة َ‬ ‫وغري ا َ‬ ‫ا َ‬
‫ً (‪)1‬‬
‫جلمي َل ِة ا ُمل َح َّر َم ِة رشعا)‪.‬‬ ‫ا َ‬
‫الكتاب ذاتِ ِه‬ ‫ِ‬ ‫وقو ًة يف‬ ‫أكثر صرَ اح ًة َّ‬ ‫بنحو َ‬ ‫ٍ‬ ‫رأيه هذا‬ ‫الشعرانيِ عن ِ‬
‫ُّ‬ ‫وعبرَّ َ َّ‬
‫ِ‬
‫ُّسوان‬ ‫ِ‬
‫مؤاخاة الن‬ ‫طريق‬ ‫ِ‬ ‫وليس ِم ْن‬ ‫مواطن الت َُّهم‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫(وم ْن آدابهِ ِم البعدُ عن‬ ‫قائالً‪ِ :‬‬
‫َ‬
‫نات‬ ‫َّظر إىل املستحس ِ‬ ‫بإباحة الن ِ‬ ‫ِ‬ ‫قال‬ ‫رضور ٍة‪ ،‬وما َ‬ ‫واألحداث وال مكاملتِ ِهم ِ‬
‫لغري‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ريق ول َّب ُسوا عىل العا َّم ِة‬ ‫خرجوا عن ال َّط ِ‬ ‫ُ‬ ‫فج ُار؛‬ ‫ارع عنها إلاَّ قو ٌم َّ‬ ‫الش ُ‬ ‫التِي هنَى َّ‬
‫األولياء مع‬ ‫ِ‬ ‫بميزان الشرَّ ي َع ِة أنهَّ ُم ِم َن‬ ‫ِ‬ ‫الز ِّي‪ ،‬حتَّى ظ َّن َم ْن ال معرف َة له‬ ‫ِ‬
‫بلبس ِّ‬
‫وسوس‬ ‫َ‬ ‫والفتور‪..‬‬‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الكسل‬ ‫جانب عظي ٍم ِم َن‬ ‫ٍ‬ ‫وهم عىل‬ ‫ني‪ُ ،‬‬
‫ِ‬
‫الفاسق َ‬ ‫أفسق‬ ‫ُ‬ ‫أنهَّ ُم‬
‫وقال هلُم‪ :‬ال متن ُعوا‬ ‫باب‪َ ،‬‬ ‫والش ِ‬ ‫ّسوان َّ‬ ‫ِ‬ ‫والسام ِع مع الن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫بإظهار التَّواجد َّ‬ ‫إبليس‬ ‫ُ‬ ‫هلُم‬
‫املساجد‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫لوات يف‬ ‫كر قياس ًا عىل الص ِ‬ ‫الذ ِ‬ ‫جمالس ِّ‬ ‫ِ‬ ‫وحضور‬ ‫اخلري‬ ‫النِّسا َء َّ‬
‫َّ‬ ‫َ‬ ‫باب َ‬ ‫والش َ‬
‫طلب‬ ‫ِ‬ ‫وكالم ِه َّن حتَّى أمالهَ ُم إىل‬ ‫ِ‬ ‫بمجالستِ ِه َّن‬ ‫ِ‬ ‫َّلذ ِذ‬ ‫يل إىل الت ُّ‬ ‫وسوس هلُم با َمل ِ‬ ‫ثم‬
‫َ‬ ‫َّ‬
‫ميل‪ ،‬وال يسك َن وإ َّيا ُه يف‬ ‫جل َ‬ ‫ٍ‬
‫الفسق هب َّن‪ ...‬ال ينبغي ملريد ْ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫جيالس األ ْم َر َد ا َ‬ ‫َ‬ ‫أن‬
‫كر أو‬ ‫الذ ِ‬ ‫حلقة ِّ‬ ‫ِ‬ ‫األحداث إلاَّ يف‬ ‫ِ‬ ‫جمالس َة‬ ‫ُ‬
‫العاقل‬ ‫ذر‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫َ‬ ‫فليح ْ‬ ‫خلوة واحدَ ة ما أمك َن‪ْ ،‬‬
‫ِ (‪)2‬‬
‫غض البصرَ )‪.‬‬ ‫ني مثالً‪ ،‬لك ْن مع ِّ‬ ‫احل َ‬ ‫اإلخوان الص ِ‬ ‫ِ‬ ‫يخ أو‬‫الش ِ‬ ‫بحرضة َّ‬ ‫ِ‬ ‫رس‬‫الدَّ ِ‬
‫َّ‬
‫األكثر ا ِّطالع ًا وخرب ًة هم الفئ ُة‬
‫َ‬ ‫الصوفِ ِّي َ‬
‫ني‬ ‫َ‬
‫[مشايخ] ُّ‬
‫ِ‬
‫املريدي َن ال‬ ‫رج ُح َّ‬
‫أن‬ ‫و ُي َّ‬
‫أن مقار َن َة‬
‫رج ُح َّ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫الشعرانيِ ِّ تستهدفها‪.‬‬
‫حتذيرات َّ‬ ‫التِي كان ْ‬
‫وبقول خمتلف‪ُ :‬ي َّ‬ ‫ُ‬ ‫َت‬

‫عراين‪ ،‬األنوار القدس ّية‪46 :1 ،‬‬ ‫((( ّ‬


‫  الش ّ‬
‫عراين‪ ،‬األنوار القدس ّية‪.137 :2 ،‬‬ ‫((( ّ‬
‫  الش ّ‬
‫اإل ْسال ِم ِّي‬ ‫ال ال َع َر ِب ِّي ِ‬ ‫جل ْن ِس َّي ِة يِف ال َع مَ ِ‬ ‫َما َق ْب َل امل ِْثلِ َّي ِة ا ِ‬ ‫‪304‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫نص‬ ‫ِ‬ ‫الشعرانيِ ُّ مع‬ ‫ني أ َّل َف ُه َّ‬ ‫املبتد ِئ َ‬


‫للمريدين ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫كر ٍ‬ ‫ِ‬
‫مقاطع م ْن ٍّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫تعليم ٍّي‬ ‫اس‬ ‫مقاطع م ْن َّ‬ ‫َ‬
‫وإظهارهِ‬ ‫ِ‬ ‫بني املوق َفنيِ‬ ‫ِ‬
‫أسهمت يف تضخي ِم االختالف َ‬ ‫سيِ‬
‫مستغلق أ َّل َفه النَّابل ُّ قد‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫َ‬
‫الشعرانيِ ِّ بعدَ‬ ‫أن قو َة ِ‬ ‫ويستتبع ذلِ َك‬ ‫ِ‬
‫إدانة َّ‬ ‫تقديرنا َّ َّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫هو عليه يف الواقعِ؛‬ ‫بخالف ما َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫قولِنا هذا‪،‬‬
‫أن‬ ‫آخر يفيدُ َّ‬ ‫معقول ُ‬ ‫ٌ‬ ‫احتامل‬ ‫ٌ‬ ‫وثم َة‬ ‫تعكس صدق ًا وإخالص ًا م ْن جانبِه‪َّ .‬‬ ‫ُ‬
‫سيِ‬ ‫فيِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ويرس ً‬ ‫ٍ‬ ‫الشعرانيِ َّ يم ِّث ُل بسهو َل ٍة‬
‫الصو ِّ م َن النَّابل ِّ‬ ‫تنسك ًا يف الترُّ اث ُّ‬ ‫أكثر ُّ‬‫خطأ َ‬ ‫َّ‬
‫بأسلوب‬ ‫ٍ‬ ‫فعل ِه ذلِ َك‬ ‫منتقد ِيه عىل الرغ ِم ِمن ِ‬
‫ْ‬ ‫ُّ‬
‫ِ‬ ‫ابن عربيِ ِّ ضدَّ‬ ‫دفاع ِه عن ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫بلحظ‬
‫َّ نيِ‬ ‫سيِ‬ ‫َ ِ‬ ‫أقرب إىل مع ِّل ِم ِه ِ‬
‫(الشعرا ُّ‬ ‫األنصار ِّي منه إىل النَّابل ِّ ؛ فلقدْ أصرَ َّ‬ ‫زكر َّيا‬ ‫َ‬ ‫يبدُ و‬
‫متأخ َرةً‪،‬‬ ‫إقحامات ِّ‬ ‫ٍ‬ ‫َت‬‫ابن عربيِ ٍّ كان ْ‬ ‫كتابات ِ‬ ‫ِ‬ ‫املقاطع اإلشكالِ َّي َة مجيع ًا يف‬ ‫أن‬‫عىل َّ‬
‫َ‬
‫أعامل‬ ‫ٍ‬ ‫ُّب‬ ‫الشعرانيِ ُّ َّقرا َء ُه بتجن ِ‬ ‫نص َح َّ‬ ‫ِ‬
‫ورفض فكر َة (وحد ُة الوجود)‪ )1(.‬وبينَام َ‬ ‫َ‬
‫مثل ال َق ِصيدَ ِة‬ ‫الوجود) َ‬ ‫ِ‬ ‫الواحد ِّي (وحدَ ُة‬ ‫ِ‬ ‫الفك ِْر‬ ‫َّعبري عن ِ‬ ‫أكثر جرأ ًة يف الت ِ‬ ‫َت َ‬ ‫كان ْ‬
‫ليِ‬ ‫بن إبراهيم ِ ِ‬ ‫العراقي ِ‬ ‫ِ‬ ‫العينِ َّي ِة َّ‬
‫بن عبد الكري ِم اجلي ِّ‬ ‫َ‬ ‫عبد الكري ِم ِ‬ ‫ِّ‬ ‫الصوفيِ ِّ‬ ‫اعر ُّ‬ ‫للش ِ‬
‫َّعليق عليها‪.‬‬ ‫رشح (العينِ َّي ِة) والت ِ‬ ‫ِ‬ ‫نلحظ جهو َد النَّابلسيِ ِّ يف‬ ‫ُ‬ ‫( ُتوفيِّ َ سن َة ‪1428‬م)‬
‫ائل‬ ‫الفض َ‬ ‫الذي أحصىَ فيه َ‬ ‫املنن) ِ‬ ‫(لطائف ِ‬ ‫ِ‬ ‫الشعرانيِ ُّ يف‬ ‫(‪ )2‬وزياد ًة عىل ذلِ َك‪ ،‬بينَّ َ َّ‬
‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫عيل كثر ُة‬ ‫تبارك وتعالىَ به َّ‬ ‫أنعم اهللُ‬ ‫الروح َّي َة التي أسب َغها اهللُ عليه قائالً‪( :‬وممَّا َ‬ ‫ُّ‬
‫ٍ‬
‫محايتي م َن النَّظر إىل النِّساء األجنب َّيات وا ُمل ْرد ولو بال شهوة مذ كنْ ُت َصغري ًا‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫مح ُه اهللُ‬ ‫اص ر َ‬ ‫ِ‬ ‫تنفر ِم ْن مثل ذلِ َك‪( ...‬وقدْ َ‬ ‫تزال نفسيِ‬ ‫فال ُ‬
‫اخلو ُ‬ ‫عيل َّ‬ ‫كان) س ِّيدي ُّ‬ ‫ُ‬
‫يشغل‬ ‫ُ‬ ‫حيل كو ُن ُه‬ ‫َّظر إىل ما ال ُّ‬ ‫حيح ُة عندَ نا يف حتري ِم الن ِ‬ ‫الص َ‬ ‫يقول‪ :‬الع َّل ُة َّ‬ ‫ُ‬ ‫تعالىَ‬
‫أن‬ ‫ملؤمن ْ‬ ‫ٍ‬ ‫ينبغي‬ ‫أرسار ِه فال ِ‬ ‫ِ‬ ‫وحمل‬ ‫القلب بي َت ُه َّ‬ ‫جعل‬ ‫ألن اهللَ تعالىَ قد َ‬ ‫عن اهللِ‪َّ ،‬‬
‫َ‬
‫خيرج ِم َن‬ ‫جل وعال ُ‬ ‫الر ِّب َّ‬ ‫حب َّ‬ ‫فإن َّ‬ ‫وبات النَّفسانِ ّي ِة‪َّ ،‬‬ ‫يدخل فيه شيئ ًا ِمن املحب ِ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫دخول‬ ‫ِ‬ ‫بعض ُهم يف‬ ‫تساهل ُ‬ ‫َ‬ ‫يك‪ ،‬ور َّبام‬ ‫حيب الشرَّ َ‬ ‫غيور وال ُّ‬ ‫القلب‪ ،‬أل َّن ُه تعالىَ‬ ‫ِ‬
‫ٌ‬
‫الش ُ‬
‫يطان‬ ‫ف َّ‬ ‫الفاحش ِة‪ ،‬وأ َّل َ‬ ‫َ‬ ‫َّدريج إىل وقو ِع‬ ‫فجر ُه بالت ِ‬ ‫وب النَّفسانيِ ِّ قل َب ُه َّ‬ ‫هذا املح ُب ِ‬
‫ِ‬ ‫بينَهام حتَّى َّ ِ‬
‫خيرج‬ ‫القلب ساكن ًا فيه ال ُ‬ ‫اخلسيس َص َار حاك ًام عىل‬ ‫َ‬ ‫وب‬ ‫إن ذل َك املح ُب َ‬ ‫ُ‬
‫يسميه بـ الوحدة املطلقة يف (لطائف املنن)‪23 :1 ،‬؛‬
‫عراين عىل ما ّ‬
‫الش ّ‬‫(((   انظر تعليقات ّ‬
‫يب‪،‬‬
‫ّ‬ ‫عر‬ ‫ابن‬ ‫يف‬ ‫رة‬ ‫ّ‬
‫املتأخ‬ ‫اإلقحامات‬ ‫بشأن‬ ‫ولالستزادة‬ ‫‪.42‬‬ ‫‪:2‬‬ ‫الكربى)‪،‬‬ ‫و (ال ّطبقات‬
‫انظر لطائف املنن‪.29 :2 ،42 :1 ،‬‬
‫عراين‪ ،‬لطائف املنن‪.29 :2 ،‬‬ ‫((( ّ‬
‫  الش ّ‬
‫جلما ِل ُّيون‬ ‫الثا ِني‪ :‬ا َ‬ ‫الفص ُل َّ‬ ‫ْ‬
‫‪305‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫حتريم‬
‫ُ‬ ‫ف‬‫القلب‪ ...‬ف ُع ِل َم أ َّن ُه ال يتو َّق ُ‬
‫َ‬ ‫تدخل ذلِ َك‬
‫َ‬ ‫منه؛ وامتن َع ْت حم َّب ُة اهللِ تعالىَ ْ‬
‫أن‬
‫الفاحش ِة‪،‬‬
‫َ‬ ‫ِ‬
‫العبد يف‬ ‫غلبة ظ ِّن وقو ِع‬ ‫ِّساء وما ُأ ِحل َق هبِن [ا ُملر ِد] عىل ِ‬ ‫َّظر إىل الن ِ‬‫الن ِ‬
‫َّ ْ‬
‫ِ ِ (‪)1‬‬ ‫القلب ِم ْن ِ‬
‫ِ‬ ‫إدخال حم َّب ِة ِ‬
‫ِ‬
‫غري إذنه)‪.‬‬ ‫غري اهللِ‬ ‫ف عىل‬ ‫وإنَّام يتو َّق ُ‬
‫ِ‬ ‫الشعرانيِ ِّ يف َّ‬ ‫وتتلخص ِ‬
‫فرض َّي ُة َّ‬
‫املخلوقات‬ ‫حب‬ ‫يمنع َّ‬ ‫ُ‬ ‫حب اهللِ‬ ‫أن َّ‬ ‫َّ ُ‬
‫حب خملوقاتِ ِه‬ ‫ِ ِ‬
‫الصوف َّية يف ِّ‬
‫وفق ا ِ ِ‬
‫جلامل َّية ًّ‬ ‫حب اهللِ عىل ِ َ‬ ‫األخرى يف ِ‬
‫حني يتم َّث ُل ُّ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫جزأين‪ ،‬وم َّي ُزوا‬ ‫احلب إىل‬ ‫بعض ُهم‬ ‫قسم ُ‬ ‫سيِ‬ ‫ِ‬
‫ح َّب ًا َصحيح ًا؛ وعىل وفق النَّابل ِّ ‪ ،‬فقدْ‬
‫َّ‬ ‫َ‬
‫اخلالق ذا ُت ُه‪.‬‬ ‫موضو ُع ُه‬
‫إهل ٍّي ُ‬ ‫وبني حب ِ‬ ‫كيان خم ُل ٌ‬
‫موضو ُع ُه ٌ‬ ‫حب ِ‬
‫ُ‬ ‫وق‪ٍّ َ ،‬‬ ‫دنيو ٍّي ُ‬ ‫بني ٍّ‬ ‫َ‬
‫باد ِئ‬‫موضو ُعه يف ِ‬ ‫ُ‬ ‫املوضو ِع كام أرا ُه هو َّ‬ ‫وحقيق ُة ُ‬
‫يكون ُ ُ‬ ‫العشق يش ٌء واحدٌ ‪...‬‬ ‫َ‬ ‫أن‬
‫مص ُحوب ًا‬‫كان ْ‬ ‫موضوع ًا له إذا َ‬ ‫يأخذ اهللُ ُ‬ ‫ُ‬ ‫ثم‬ ‫ِ‬
‫اخلالق‪َّ ،‬‬ ‫األمر كيان ًا خملوق ًا هو ُ‬
‫فعل‬ ‫ِ‬
‫ِ (‪)2‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫باإلسال ِم واإليامن واإلحسان وخالي ًا عن املعص َية الباطنَة وال َّظ َ‬
‫اهرة‪.‬‬

‫الصوفِ َّي ِة‪ ،‬إذ ر َّد عىل‬ ‫ِ‬


‫لبعض م َن اال ِّدعاءات ُّ‬
‫ٍ ِ‬ ‫وتصدَّ ى النَّابلسيِ ُّ كذلِ َك‬ ‫َ‬
‫هتيم‬ ‫ِ‬
‫حب املخلوق والوالء احلصرْ ِ ِّي هللِ مب ِّين ًا‪ْ :‬‬ ‫ِ‬ ‫فيِ‬
‫الصو ِّ بالت ِ‬ ‫ِ‬
‫(أن َ‬ ‫بني ِّ‬ ‫َّنافر َ‬ ‫اال ِّدعاء ُّ‬
‫حال‬ ‫العادة شهو ًة يف ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫كنتيجة يف‬ ‫يستتبع‬ ‫ٌ‬
‫خملوق‬ ‫بقدر ما هو‬ ‫ِ‬ ‫بكائن خملوق‬ ‫ٍ‬ ‫ح َّب ًا‬
‫ُ‬
‫امل‬ ‫خلالق اجل ِ‬
‫ِ َ‬ ‫أثر معينَّ ٌ‬
‫بقدر ما هو ٌ‬ ‫ِ‬ ‫هتيم به ح َّب ًا‬
‫أن َ‬ ‫جلمي َل ِة؛ ولك ْن ْ‬ ‫ِ‬
‫األشكال ا َ‬
‫حممدٌ‬‫َّبي َّ‬
‫أحب الن ُّ‬‫َّ‬ ‫قط‪ ،‬وهكذا‬ ‫خملوق ُّ‬‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫بكائن‬ ‫َ‬
‫تنشغل‬ ‫واألبد ِّي‪ ،‬يعنِي ألاَّ‬‫ِ‬ ‫ِ‬
‫املطلق‬
‫وأحب أبا ُه زيدَ ب َن حارث َة‪...‬‬ ‫زيد‬ ‫ويرز ْقنا شفاع َته) أسام َة بن ٍ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬
‫(فليبار ْك ُه اهللُ‬
‫َّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫ٍ‬
‫بكائن‬ ‫ِ‬
‫القلب‬ ‫ِ‬
‫إشغال‬ ‫َّبي إليه؛ ومل ْ يؤ ِّد ذلِ َك إىل‬ ‫ِ‬
‫أحب زوجات الن ِّ‬ ‫َّ‬ ‫َت‬ ‫وعائش ُة كان ْ‬
‫(‪)3‬‬ ‫ٍ‬
‫خملوق)‪.‬‬
‫ِ‬
‫املطلوب‬ ‫ِ‬
‫املعنون بـ (غاي ُة‬ ‫سيِ‬ ‫ِ‬ ‫مأخوذان ِم ْن‬
‫ِ‬ ‫والن ِ‬
‫عمل النَّابل ِّ‬ ‫َّقالن يف أعال ُه‬
‫أحفاد ِه‬
‫ِ‬ ‫وفق ِ‬
‫أحد‬ ‫ِ‬
‫مستغل ٌق ‪ -‬عىل ِ‬ ‫أن هذا ٌ‬
‫عمل‬ ‫وجيدر تذك ُُّر َّ‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫املحبوب)‬ ‫يف حم َّب ِة‬

‫عراين‪ ،‬لطائف املنن‪.103 :2 ،‬‬ ‫((( ّ‬


‫  الش ّ‬
‫ّابليس‪ ،‬غاية املطلوب‪.22 ،‬‬
‫(((   الن ّ‬
‫ّابليس‪ ،‬غاية املطلوب‪.79 ،‬‬
‫(((   الن ّ‬
‫اإل ْسال ِم ِّي‬ ‫ال ال َع َر ِب ِّي ِ‬ ‫جل ْن ِس َّي ِة يِف ال َع مَ ِ‬ ‫َما َق ْب َل امل ِْثلِ َّي ِة ا ِ‬ ‫‪306‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫للخواص‪.‬‬
‫ِّ‬ ‫يظهرو ُه إلاَّ‬
‫ُ‬
‫(‪)1‬‬ ‫أبنائ ِه ألاَّ‬
‫‪ -‬طلب النَّابلسيِ ِمن ِ‬
‫ُّ ْ‬ ‫َ‬
‫أن النَّابلسيِ َّ قد َ‬
‫انتقل يف هذا‬ ‫واضح ًا َّ‬ ‫ومث َلام سيتب ُ يف الفص ِل اآلتيِ ‪ ،‬يبدُ و ِ‬
‫ْ‬ ‫َينَّ‬
‫ون َمق ُبوالً‪.‬‬
‫خارج ما يعدُّ ُه الفقها ُء ا ُملبرَ ِّ ُز َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫العمل إىل‬

‫األنيس‪ ،‬صفحة ‪136‬أ‪.‬‬


‫  الغز ّي‪ ،‬الورد ّ‬
‫ّ‬ ‫(((‬
‫الث‬ ‫الفص ُل َّ‬
‫الث ُ‬ ‫ْ‬
‫ُّال ِ‬
‫لواط ُّي َ‬
‫ون‬
‫النظ ِر‬ ‫اخلالف بشأ ِن َّ‬ ‫ُ‬
‫عر‬ ‫الش ِ‬ ‫للمحبوب هيمن ًة مطل َق ًة عىل ِّ‬ ‫ِ‬ ‫اجلسد َّي ِة‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َّضاريس‬ ‫ف الت‬ ‫وص ُ‬ ‫هييم ُن ْ‬
‫املبكر ِة‪ ،‬ويرك ُِّز‬ ‫َ‬ ‫احلقبة العثامنِ َّي ِة‬‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اإلسالم ِّي يف‬ ‫ِ‬
‫الغزليِ ِّ يف الشرَّ ِق األوسط العربيِ ِّ‬
‫املرأة أو الغال ِم‬ ‫ِ‬ ‫أخرى عىل عينَي‬ ‫أنموذج ٍّي ِم ْن ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ُّ‬
‫بني أشيا َء َ‬ ‫بنحو‬ ‫الشعرا ُء‬
‫َيهام‪،‬‬ ‫وقوام ِهام‪ ،‬وأسلوبيَ ِمش َيت ِ‬ ‫ِ‬ ‫وشعرهمِ ا‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫وعنق ِهام‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ني‪ ،‬وخدودِهمِ ا‪،‬‬ ‫املعشو َق ِ‬
‫متثيالت ِ‬ ‫ٍ‬ ‫بوص ِفها‬ ‫هذه الت ِ‬ ‫وتفرتض ِ‬
‫واقع َّي ًة‬ ‫يفات سلف ًا ـ إذا تعام ْلنا معها ْ‬ ‫َّوص ُ‬ ‫ُ‬
‫َ‬ ‫َّظر)‪ .‬إلاَّ َّ‬ ‫بأس به م َن (الن ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫االفتتان‬ ‫أن هذا‬ ‫وجتارب فعل َّية ـ قدر ًا ال َ‬ ‫َ‬ ‫لعواطف‬
‫َ‬
‫منظور الفقهِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫ينطوي عىل إشكال َّية عمي َقة م ْن‬‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫بسحر النِّساء أو الغلامن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ٍ ِ ٍ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫املوقف‬ ‫َ‬ ‫ختص‬ ‫بمس َّل َمة بده َّية ُّ‬ ‫َّذكري ُ‬‫اإلسالم ِّي! ويستدعي ذل َك منا ال حمال َة الت َ‬
‫واقع َّي ًا‪ .‬ويفسرِّ ُ ذلِ َك‬ ‫املعتاد شعر ًا ِ‬ ‫ِ‬ ‫الذي مل ْ يك ْن ُيعدُّ يف‬ ‫عر الغزليِ ِ‬
‫ِّ‬ ‫الش ِ‬ ‫العا َّم إزا َء ِّ‬
‫الفقهاء يف‬ ‫ِ‬ ‫أحد ِ‬
‫أبرز‬ ‫اهليتمي ( ُتوفيِّ سن َة ‪1566‬م) ِ‬ ‫ِ‬ ‫الفقيه املك ِِّّي‬ ‫ِ‬ ‫اختيار‬ ‫ـ ر َّبام ـ‬
‫َ‬ ‫ِّ‬ ‫َ‬
‫عر الغزليِ َّ‬ ‫الش َ‬ ‫أن ِّ‬ ‫وص َل إليه ِم ْن َّ‬ ‫االستنتاج الذي َ‬
‫ِ ِ‬ ‫املبكر ِة بنا َء‬ ‫َ‬ ‫احلقبة العثامنِ َّي ِة‬ ‫ِ‬
‫َّشبيب(‪ )1‬ال يؤ ِّل ُ‬ ‫ِ‬ ‫الذي يبينِّ ُ َّ‬ ‫كان مباح ًا دينِي ًاعىل املبدأ ِ‬
‫ال عىل‬ ‫ف دلي ً‬ ‫شعر الت‬ ‫أن َ‬ ‫َّ‬ ‫َ َُ‬
‫شعر ِه‬ ‫جعل ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّوع ابتغا َء‬ ‫يستعمل هذا الن َ‬ ‫ُ‬ ‫بشهوة؛ بل إ َّن ُه‬ ‫ٍ‬ ‫ينظر‬
‫كان ُ‬ ‫اعر َ‬ ‫الش َ‬ ‫أن َّ‬ ‫َّ‬
‫اعر‬ ‫الش ِ‬ ‫قط هيا َم َّ‬ ‫َّشبيب ال يعنِي ُّ‬ ‫َ‬ ‫وإن الت‬ ‫إظهار مهارتِ ِه؛ َّ‬ ‫ِ‬ ‫أكثر ر َّق ًة وابتغا َء‬ ‫َ‬
‫عر الغزليِ ِّ حرف ًة‬ ‫الش ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫نظم ِّ‬ ‫احلب فعالً! وبنا ًء عليه‪ ،‬يم ِّث ُل ُ‬ ‫ِّ‬ ‫بشخص أو وقو َعه يف‬

‫ِ‬ ‫الش ْعر ت َْر ِق ُيق َأ َّوله بذكر‬


‫ب باملر َأة قال فيها ال َغ َزل‬ ‫النساء‪َ ...‬‬
‫وش َّب َ‬ ‫يب ِّ‬ ‫تشبِ ُ‬‫(((   يف ا ّللسان‪ْ :‬‬
‫ِ‬
‫لغوي)‪.‬‬
‫ّ‬ ‫(املقوم ا ّل‬
‫ّ‬ ‫ب هبا‪.‬‬‫ب هبا َأي َين ُْس ُ‬ ‫يب وهو ُي َش ِّب ُ‬
‫والنَّس َ‬
‫اإل ْسال ِم ِّي‬ ‫ال ال َع َر ِب ِّي ِ‬ ‫جل ْن ِس َّي ِة يِف ال َع مَ ِ‬ ‫َما َق ْب َل امل ِْثلِ َّي ِة ا ِ‬ ‫‪310‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫اب ال ِ‬
‫واقع َّي َة ما ُيذك َُر فيه‪.‬‬ ‫جذ ٍ‬ ‫ٍ‬
‫خطاب َّ‬ ‫تقديم‬ ‫اعر منها‬ ‫ِ‬
‫يقصدُ َّ‬
‫الش ُ‬
‫(‪)1‬‬
‫َ‬
‫ون)(‪ )2‬تبع ًا لذلِ َك‬ ‫ون ما ال يفع ُل َ‬ ‫الشعرا َء يقو ُل َ‬ ‫(إن ُّ‬ ‫وتفسح فكر ُة َّ‬ ‫ُ‬
‫شعر التَّشبِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫يب الغزليِ ُّ‬ ‫احلس َّية التي حيتفي هبا ُ‬ ‫بني ا ُمل ُث ِل ِّ‬
‫َّعايش َ‬ ‫املجال أما َم الت‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫حاج ْجنا‬ ‫األكثر زهد ًا وصرَ ا َم ًة التي يؤم ُن هبا الفقها ُء‪ .‬ومث َلام َ‬ ‫ُ‬ ‫كثري ًا وا ُمل ُث ُل‬
‫افرتاضنا‬ ‫َ‬ ‫ون) ولك َّن‬‫الشعرا ُء دوم ًا (ما ال يفع ُل َ‬ ‫يقول ُّ‬‫ابق‪ ،‬ال ُ‬ ‫الس ِ‬ ‫الفص ِل َّ‬ ‫يف ْ‬
‫ِ‬
‫باخلمر‬ ‫ِ‬ ‫يسمح هلُم بالت ِ‬
‫َّعبري عن ولع ِهم‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫ون ذل َك (كقاعدَ ة عا َّمة)‬ ‫ِ‬ ‫أنهَّ ُم يفع ُل َ‬
‫ُ‬
‫احتامل ترض ِر ِهم‪ )3(.‬و َلو مل تكن هذهِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫دون اخلشية م ْن‬ ‫لامن من ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ِّساء والغ ِ‬ ‫والن ِ‬
‫ْ ْ‬ ‫ُّ‬ ‫ْ‬
‫أكثر إشكالِ َّي ًة‬ ‫ِ‬
‫َّعايش يف الواق ِع َ‬ ‫حال الت‬ ‫عر الغزليِ ِّ ‪ ،‬لبدَ ْت ُ‬ ‫الش ِ‬ ‫ِه َي النَّظر ُة إىل ِّ‬
‫ِ‬
‫احلقبة‪.‬‬ ‫وصعو َب ًة ممَّا ِه َي عليه يف َ‬
‫تلك‬ ‫ُ‬
‫كان محُ َ َّرم ًا حتري ًام قاطع ًا‬ ‫املثال‪َ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫سبيل‬ ‫املرشوبات الكحولِ َّي ِة يف‬ ‫ِ‬ ‫َ‬
‫تناول‬ ‫َّ‬
‫إن‬
‫ِ‬
‫باجللد!‬ ‫حيث املبدأ‬ ‫ُ‬ ‫ون ِم ْن‬ ‫فون ُيعا َق ُب َ‬‫وكان املخالِ َ‬ ‫َ‬ ‫اإلسالم َّي ِة‪،‬‬
‫ِ‬ ‫يف الشرَّ ي َع ِة‬
‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫باستح َسان إىل امرأة أجنبِ َّية (بمعنَى امرأة َ‬
‫ليس ْت محُ َ َّر َم ًة‬ ‫ْ‬ ‫َّظر‬
‫كان الن ُ‬ ‫وباملثل‪َ ،‬‬ ‫ِ‬
‫بني فقهاء ِ‬ ‫ِ‬ ‫اح ِ‬ ‫ً (‪)4‬‬
‫هذه‬ ‫ِّفاق عا ٌّم َ‬ ‫ثم َة ات ٌ‬ ‫وكان َّ‬‫َ‬ ‫فقه َّي ًا‪.‬‬ ‫غري ُم َب ٍ‬‫َ‬ ‫رس َّية)‬‫أو زوج ًة أو ِّ‬
‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫اح‬ ‫غري ُم َب ٍ‬ ‫رس َّي ًة ُ‬ ‫ليس ْت زوج ًة أو قري َب ًة محُ َ َّر َم ًة أو ِّ‬ ‫َّظر إىل امرأة َ‬ ‫أن الن َ‬ ‫احلقبة عىل َّ‬
‫هادة يف قض َّي ٍة‪،‬‬ ‫الش ِ‬ ‫مثل َّ‬ ‫خاص ٍة ِ‬ ‫ٍ‬ ‫حاالت مع َّين ٍَة‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫للر ِ‬
‫وألغراض َّ‬ ‫باستثناء يف‬ ‫جال‬ ‫ِّ‬
‫هذه احلقبةِ‬ ‫فقهاء ِ‬ ‫ِ‬ ‫جانب توا َف َق ْت آرا ُء‬ ‫وثم َة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫واملعالجَ َة ال ِّط ِّب َّية أو التَّعلي ِم‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫َّ‬
‫(‪)5‬‬

‫الزواجر‪.211 :2 ،‬‬ ‫اهليتمي‪ّ ،‬‬


‫ّ‬ ‫  ابن حجر‬ ‫(((‬
‫الشعراء وهي قول‬ ‫  هذه الفكرة مقتبسة من القرآن الكريم من أواخر آيات سورة ّ‬ ‫(((‬
‫اهلل تعاىل‪:‬‬
‫ِ‬
‫ون إالَّ‬ ‫ون َما ال َي ْف َع ُل َ‬ ‫َ‬
‫ون َوأنهَّ ُ ْم َي ُقو ُل َ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫فيِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬
‫اوونَألمَْ ت ََر أنهَّ ُ ْم ك ُِّل َواد هَي ُ‬
‫يم َ‬ ‫الش َع َراء َيتَّب ُع ُه ُم ا ْل َغ ُ‬
‫َو ُّ‬
‫ات َو َذك َُروا اللهََّ كَثِ ًريا َوان َتصرَ ُ وا ِمن َب ْع ِد َما ُظ ِل ُموا َو َس َي ْع َل ُم‬‫ا َّل ِذين آمنُوا و َع ِم ُلوا الصالحِ ِ‬
‫َّ َ‬ ‫َ َ َ‬
‫لغوي)‪.‬‬
‫ّ‬ ‫(املقوم ا ّل‬
‫ّ‬ ‫ون) اآليات‪ 224( :‬ـ ‪.)227‬‬ ‫ا َّل ِذي َن َظ َل ُموا َأ َّي ُمن َق َل ٍ‬
‫ب َين َق ِل ُب َ‬
‫  بورغل‪.Die beste Dichtung ist die Lügenreichste)، 35( ،‬‬ ‫(((‬
‫  السرُِّّ َّي ُة األمة (اجلارية) املتّخذة للملك واجلامع‪ .‬يؤتى هبا من الغزو واحلروب‪.‬‬ ‫(((‬
‫لغوي)‪.‬‬
‫ّ‬ ‫(املقوم ا ّل‬
‫ّ‬
‫احلموي‪ ،‬عرائس الغرر‪ 75 ،‬وما بعدها‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫  انظر النّقاش الوايف واملم ّثل يف علوان‬ ‫(((‬
‫لواط ُّي َ‬
‫ون‬ ‫الث‪ُّ :‬ال ِ‬ ‫الث ُ‬ ‫الفص ُل َّ‬ ‫ْ‬
‫‪311‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ِ‬
‫وجوه ِه َّن يف‬ ‫منه َّن بتغط َي ِة‬ ‫ِّساء السيام َّ ِ‬ ‫تقيد الن ِ‬
‫بشأنِ ِه يفيدُ برضور ِة ِ‬
‫الشا َّبات ُ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الرجال م ْن خمال َفة هذا املبدأ‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫األماكن العا َّمة‪ ،‬حتديد ًا ملن ِع ِّ‬
‫(‪)1‬‬

‫ِّساء ِ‬
‫غري‬ ‫َّظر إىل الن ِ‬ ‫كان الفقها ُء بعا َّم ٍة قد اتَّف ُقوا عىل حتري ِم الن ِ‬ ‫وإذا َ‬
‫أعمق! إذ‬ ‫َ‬ ‫ٍ‬
‫وخالف‬ ‫جدل‬ ‫ٍ‬ ‫َت َّ‬
‫حمل‬ ‫لامن كان ْ‬ ‫الغ ِ‬ ‫َّظر إىل ِ‬ ‫فإن مسأ َل َة الن ِ‬ ‫مات‪َّ ،‬‬ ‫ا ُملحر ِ‬
‫َ َّ‬
‫تصدُ ُق عىل الن ِ‬ ‫ِ‬ ‫املحاذير ذاتهَ ا املب َّينَ َة يف الن ِ‬
‫َّظر‬ ‫َّظر إىل النِّساء‪ْ ،‬‬ ‫َ‬ ‫أن‬‫بعض ُهم َّ‬ ‫ر َأى ُ‬
‫والقدرة عىل‬ ‫ِ‬ ‫املالحة والوسا َم ِة‬ ‫ِ‬ ‫يفوق النِّسا َء يف‬ ‫ُ‬ ‫منهم َم ْن‬ ‫لامن‪َّ ،‬‬ ‫الغ ِ‬ ‫إىل ِ‬
‫ألن ُ‬
‫أكثر مدعا ًة للتَّحري ِم‪ )2(.‬ويؤ ِّل ُ‬ ‫الس ِ‬ ‫َّظر ِ‬ ‫ِ‬
‫ف‬ ‫بب حتديد ًا ـ ُ‬ ‫اليهم ـ هلذا َّ‬ ‫الغواية؛ والن ُ‬
‫جواز الن ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ادر لـ ( َمظِن َِّة‬
‫َّظر‬ ‫الفتنة) وهذا يفسرِّ ُ عد َم‬ ‫مص َ‬ ‫النِّسا ُء وا ُمل ْر ُد كالهمُ ا َ‬
‫كل ذلِ َك محُ َ َّر ٌم مع‬ ‫أن َّ‬ ‫األص ُّح َّ‬ ‫أي َ‬ ‫(والر ُ‬ ‫َّ‬ ‫اخللوة هبِم‪:‬‬‫ِ‬ ‫ملس ِهم‪ ،‬وال‬ ‫إليهم وال ِ‬ ‫ِ‬
‫ِ‬
‫واإلغواء‪،‬‬ ‫ِ‬
‫الفتنة‬ ‫هوة وعد ِم اخلش َي ِة ِم َن‬ ‫الش ِ‬ ‫امرأة أو أ ْم َر َد‪ ،‬حتَّى لو خ َل ْت ِم َن َّ‬ ‫ٍ‬
‫باب مل ْ ُيؤ َم ُروا ـ خالف ًا‬ ‫الش ُ‬ ‫كان ا ُمل ْر ُد َّ‬ ‫بقدر املست َطاعِ) وإذا َ‬ ‫الرذي َل ِة ِ‬ ‫لقط ِع ِ‬
‫دابر َّ‬
‫عمل َّي ٍة‬‫كان لرضور ٍة ِ‬ ‫فإن ذلِ َك َ‬ ‫أجسام ِهم‪َّ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وتغطية‬ ‫بسرت ِ‬
‫أنفس ِهم‬ ‫ِ‬ ‫للن ِ‬
‫ِّساء ـ‬
‫َ‬
‫املتنو َع ِة‬ ‫ِ ِ‬
‫ني وتع ُّل ُم العلو ِم واحل َرف ِّ‬
‫ِ‬
‫البالغ َ‬ ‫االختالط بالر ِ‬
‫جال‬ ‫ُ ِّ‬ ‫ب‪ِ ،‬ه َي‬ ‫فحس ُ‬ ‫ْ‬
‫ٍ‬ ‫رأي ِ‬ ‫ِ‬ ‫نيِ‬
‫حجر قاطع ًا‬ ‫ابن‬ ‫كان ُ‬ ‫للم ْرد‪ ،‬فقدْ َ‬ ‫منهم‪ .‬أ َّما فكر ُة التَّأ ُّم ِل األفالطو ِّ ُ‬ ‫ُ‬
‫(‪)3‬‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّظر ِ‬


‫ليس‬ ‫إليهم م ْن طريق االعتبار والتَّأ ُّم ِل َ‬ ‫بأن الن َ‬ ‫ألن اال ِّدعا َء َّ‬ ‫ال َل ْب َس فيه؛ َّ‬
‫كثري ٌة‬ ‫أخرى َ‬ ‫وثم َة مث َلام هو معلو ٌم أشيا ُء َ‬ ‫سوى إقحا ٍم شيطانيِ ٍّ ! َّ‬ ‫محُ َ َّرم ًا‪ ،‬ما هو َ‬
‫يوسوس َمل ْن‬ ‫ُ‬ ‫الش َ‬
‫يطان‬ ‫أن َّ‬ ‫اعتبارها وتأ ُّم ُلها‪ ،‬إلاَّ َّ‬ ‫ُ‬ ‫أشدُّ جمَ االً وروع ًة يمك ُن‬
‫الشافعيني ابن حجر‪ ،‬حتفة املحتاج‪193 :7 ،‬؛ شمس‬ ‫(((   انظر يف سبيل املثال الفقهاء ّ‬
‫يب‪ ،‬حاشية‪177 :1 ،‬؛ والفقهاء‬ ‫ميل‪ ،‬الفتاوى‪170-169 :3 ،‬؛ القليو ّ‬ ‫الر ّ‬
‫الدّ ين ّ‬
‫احلصكفي‪ ،‬الدّ ّر املختار‪( 298 :1 ،‬مع رشوحات ابن عابدين)‪ ،‬الفقيه‬ ‫ّ‬ ‫ني‪،‬‬ ‫احلنف ّي‬
‫يت‪ ،‬كشف القناع عن متن اإلقناع‪266 :1 ،‬؛ الفقهاء املالك ّيني‪ ،‬دردير‪،‬‬ ‫احلنبيل‪ ،‬البهو ّ‬
‫ّ‬
‫ّفراوي‪ ،‬الفواكه الدّ واين عىل رسالة ابن أيب زيد‬ ‫ّ‬ ‫ن‬ ‫ال‬ ‫‪289‬؛‬ ‫‪:1‬‬ ‫غري‪،‬‬ ‫الص‬
‫الشرّ ح ّ‬
‫وثمة بضعة فقهاء مالك ّيني فحسب تركوا‪ ،‬ظاهر ّيا هذه املسألة‬ ‫القريواين‪ّ .367 :2 ،‬‬
‫ّ‬
‫غري حمسومة‪ ،‬ومل يذكروا رأيا قاطعا هل يتعينّ عىل املرأة تغطية وجهها أم ال (انظر‬
‫الصغري‪.)289 :1 ،‬‬‫الصاوي يف دردير‪ ،‬الشرّ ح ّ‬
‫رشوحات ّ‬
‫الزواجر‪6 :2 ،‬؛ ابن حجر‪ ،‬حترير املقال‪.63 ،‬‬‫(((   ابن حجر‪ّ ،‬‬
‫(((   ابن حجر‪ ،‬حتفة املحتاج‪.199 :7 ،‬‬
‫اإل ْسال ِم ِّي‬ ‫ال ال َع َر ِب ِّي ِ‬ ‫جل ْن ِس َّي ِة يِف ال َع مَ ِ‬ ‫َما َق ْب َل امل ِْثلِ َّي ِة ا ِ‬ ‫‪312‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(‪)1‬‬ ‫أض ُّل ِم َن الن ِ‬


‫َّظر‪.‬‬ ‫وخالف رشيع َت ُه ِ‬
‫ليغر َي ُه بالوقو ِع فيام هو َ‬ ‫َ‬ ‫فسدَ عق ُل ُه ودينُ ُه‬
‫ِ‬
‫احلمو ُّي ( ُتوفيِّ َ‬ ‫ُ‬
‫علوان‬ ‫عيل ب ُن عط َّي َة‬ ‫والصوفيِ ُّ ُّ ِ‬
‫السور ُّي ُّ‬ ‫ُّ‬ ‫وتبنَّى الفقي ُه‬
‫ص ألحكا ِم‬ ‫خمص ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫حجر؛ ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ملوقف ِ‬ ‫ِ‬ ‫سن َة ‪1530‬م) موقف ًا مماثِ ً‬
‫عمل َّ‬ ‫ففي‬ ‫ابن‬ ‫ال‬
‫الفكر يف أحكا ِم‬ ‫ِ‬ ‫وغرائس‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬
‫الغرر‬ ‫(عرائس‬
‫ُ‬ ‫الفقه َّي ِة والدِّ ينِ َّي ِة عنوا ُن ُه‬ ‫ِ‬ ‫َّظر‬ ‫الن ِ‬
‫وعرض‬ ‫َ‬ ‫أكان مليح ًا أ ْم ال!‬ ‫َ‬ ‫َّظر إىل األ ْم َر ِد محُ َ َّر ٌم‪ ،‬سوا ٌء‬ ‫أن الن َ‬ ‫كتب َّ‬ ‫َّظر) َ‬ ‫الن ِ‬
‫اح‬ ‫تعديل احلك ِم مب ِّين ًا َّ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬
‫الفقهاء ِ‬ ‫ِ‬
‫َّظر ُم َب ٌ‬
‫أن الن َ‬ ‫اختار‬
‫َ‬ ‫بني َم ْن‬
‫توز ُعوا َ‬ ‫الذي َن َّ‬ ‫آلراء‬
‫َّظر إليه إذا َ‬
‫كان‬ ‫بحرمة الن ِ‬ ‫ِ‬ ‫قال‬ ‫الفتنة‪ ،‬ومحُ َ َّر ٌم مع تو ُّق ِعها؛ و َم ْن َ‬ ‫ِ‬ ‫مع عد ِم تو ُّق ِع‬
‫ِ‬
‫واالحرتاس‬
‫ُ‬ ‫احلذر‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫(األفضل‬ ‫العمو ِم‬
‫اح‪ .‬وعىل وجه ُ‬ ‫مليح ًا فاتن ًا‪ ،‬وإلاَّ َ‬
‫فهو ُم َب ٌ‬
‫ِ‬
‫ِ‬
‫َّعامالت‬ ‫باستثناء الت‬ ‫وغض البصرَ ِ عن ا ُمل ْر ِد‬ ‫[الرذي َل ِة] ُّ‬ ‫دابر َّ‬ ‫وقطع ِ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫املنافذ‬ ‫وغلق‬
‫ُ‬
‫(‪)2‬‬ ‫ِ‬
‫ورات)‪.‬‬ ‫وغريهمِ ا ِم ْن أمث َل ِة الضرَّ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫تأديب‪،‬‬ ‫ٍ‬
‫حرفة أو‬ ‫مثل تعلي ِم‬ ‫ِ‬

‫وأحاديث ِم َن‬
‫َ‬ ‫تقديم أد َّل ٍة‬
‫ُ‬ ‫احلمو ِّي واهليت َِم ِّي ِ‬
‫كليهام‬ ‫ِ‬ ‫الفقيه ِ‬
‫ني‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫وبقدرة‬
‫بأس به ِم َن‬ ‫وف عد ٌد ال َ‬ ‫عر ٌ‬ ‫ِ‬
‫الترُّ اث الدِّ ين ِّي دع ًام ملوق َف ِيهام‪َّ .‬‬
‫وثم َة مث َلام هو َم ُ‬
‫ِ‬
‫ِ‬
‫اإلغواء ِ‬ ‫ِ‬ ‫حتذ ُر ِم ْن‬‫األحاديث التِي ِّ‬
‫ِ‬
‫وب‬ ‫منس ٌ‬
‫بعضها ُ‬ ‫الذي يش ِّك ُل ُه ا ُمل ْر ُد‪ُ ،‬‬ ‫خطر‬
‫يذكر‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫حيث‬ ‫نفس ِه؛‬‫اآلخر للنَّبي حمم ٍد ِ‬
‫ِّ َّ‬ ‫َ ُ‬ ‫وبعضها‬
‫ُ‬ ‫بارز ٍة‬
‫ات دينِ َّي ٍة َ‬ ‫لشخصي ٍ‬
‫َّ‬
‫ِ‬
‫ِ‬ ‫جال عن الن ِ‬ ‫الر َ‬ ‫ِ‬
‫ربنا‬ ‫َّظر إىل ا ُمل ْرد‪ ،‬وخي ُ‬ ‫حممد ًا هنَى ِّ‬ ‫َّبي َّ‬ ‫أن الن َّ‬ ‫األحاديث َّ‬ ‫أحدُ‬
‫قيس‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫أجلس شا َّب ًا مليح ًا جا َء مع وفد م ْن قبي َلة ٍ‬ ‫حممد ًا‬ ‫آخ ُر َّ‬ ‫حديث َ‬ ‫ٌ‬
‫َ‬ ‫َّبي َّ‬ ‫بأن الن َّ‬

‫الزواجر‪.141 :2 ،‬‬ ‫(((   ابن حجر‪ّ ،‬‬


‫جلامل يف مظاهر ال َطبيعة‬ ‫َ‬ ‫ا‬ ‫ذكر‬ ‫عىل‬ ‫أتى‬ ‫القرآن‬ ‫ّ‬
‫أن‬ ‫إىل‬ ‫يشار‬ ‫‪:‬‬ ‫لغوي‬
‫ّ‬ ‫ل‬ ‫ّ‬ ‫ا‬ ‫املقوم‬
‫إضافة ّ‬
‫َ‬
‫(واأل ْن َعا َم‬ ‫البرشي ـ تذكريا باجلالل والقدرة اإلهل َية‪َ :‬‬ ‫ّ‬ ‫واملخلوقات ـ من غري النّوع‬
‫ني‬ ‫ح‬‫ِ‬ ‫و‬ ‫َ‬
‫ون‬ ‫حي‬ ‫ِ‬
‫ُر‬ ‫ت‬ ‫ني‬‫ح‬ ‫ِ‬ ‫ال‬‫ٌ‬ ‫ا‬ ‫يه‬‫ِ‬ ‫ف‬ ‫ُم‬‫ك‬ ‫ل‬‫َ‬ ‫و‬ ‫َ‬
‫ون‬ ‫ُ‬
‫ل‬ ‫ُ‬
‫ك‬ ‫ْ‬
‫َأ‬‫ت‬ ‫ا‬ ‫ْه‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َخ َل َق َها َلك ُْم فِ َيها ِد ْ‬
‫ُ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ َ جمَ َ‬ ‫ف ٌء َو َمنَاف ُ َ َ‬
‫ن‬ ‫م‬ ‫و‬ ‫ع‬
‫البرشي رصح بأنّه تعاىل‬ ‫ّ‬ ‫ون) (سورة النّحل ‪ 5‬ـ ‪ .)6‬وحني أتى عىل النّوع‬ ‫َتسرْ َ ُح َ‬
‫البرشي» إىل جانب «الكون» مظهر‬ ‫ّ‬ ‫ّوع‬ ‫ن‬ ‫ال‬ ‫«أي‬ ‫ّه‬‫ن‬ ‫وأ‬ ‫)‬ ‫ٍ‬
‫م‬ ‫ي‬ ‫و‬‫ِ‬ ‫ْ‬
‫ق‬ ‫ت‬ ‫ِ‬
‫ن‬ ‫س‬
‫ْ َ َ‬ ‫ح‬ ‫َ‬
‫أ‬ ‫فيِ‬ ‫(‬ ‫اإلنسان‬ ‫خلق‬
‫اموي؛ وليس من تلك املظاهر أو‬ ‫الس ّ‬ ‫وحمل دالئل عىل صدق الكالم ّ‬ ‫تلك القدرة ّ‬
‫اق َوفيِ َأن ُف ِس ِه ْم َحتَّى َي َت َبينَّ َ لهَ ُ ْم َأ َّن ُه‬ ‫اجلسدي‪( :‬سن ُِرهيِم آ َياتِنَا فيِ اآل َف ِ‬
‫ْ‬ ‫ّ َ‬ ‫جلامل‬ ‫الدّ الئل ا َ‬
‫فصلت ‪.)53‬‬ ‫الحْ َ ُّق) (سورة ّ‬
‫احلموي‪ ،‬عرائس الغرر‪.99 ،‬‬ ‫ّ‬ ‫(((   علوان‬
‫لواط ُّي َ‬
‫ون‬ ‫الث‪ُّ :‬ال ِ‬ ‫الث ُ‬ ‫الفص ُل َّ‬ ‫ْ‬
‫‪313‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫عيف‬ ‫واحلديثان كالهمُ ا َض ٌ‬ ‫ِ‬ ‫(‪)1‬‬


‫َّظر إليه‪.‬‬ ‫ُّب الن ِ‬ ‫أجلس ُه خل َف ُه لتجن ِ‬‫َ‬ ‫لزيارتِ ِه‪...‬‬
‫كيف َّفر ْت‬ ‫تذكر َ‬ ‫َ‬ ‫ِ ِِ‬ ‫ٌ‬
‫أخرى ُ‬ ‫بأحاديث َ‬ ‫دعم ُهام‬‫مشكوك يف ص َّحته‪ ،‬ولك ْن يمك ُن ُ‬
‫سفيان ب ُن‬ ‫ُ‬ ‫اإلسالمي ِة املبكر ِة (أبو ِ‬
‫عبد اهللِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫احلقبة‬ ‫رت َم ٌة يف‬ ‫ِ‬
‫شخص َّي ٌة‬
‫َ‬ ‫َّ‬ ‫وقور ٌة حم َ‬
‫َ‬
‫(أخر ُجو ُه‬ ‫ِ‬ ‫محا ٍم قائالً‪:‬‬ ‫بيح يف َّ‬‫ور ُّي) ( ُتوفيِّ َ سن َة ‪778‬م) ِم ْن غال ٍم َص ٍ‬ ‫سعيد ال َّث ِ‬ ‫ٍ‬
‫ني [ويف‬ ‫كل غال ٍم عشرَ َ َة شياطِ َ‬ ‫امرأة شيطان ًا ومع ِّ‬ ‫ٍ‬ ‫كل‬ ‫أخر ُجو ُه‪ ،‬فإنيِّ َأرى مع ِّ‬ ‫ِ‬
‫نص َح أمحدُ ب ُن‬ ‫كل َصبِ ٍّي بضع َة عشرَ َ شيطان ًا])؛‬ ‫أخرى‪ :‬ومع ِّ‬ ‫ٍ‬
‫وكيف َ‬‫َ‬ ‫رواية َ‬
‫مليح‪:‬‬ ‫ٌ‬ ‫ال معه غال ٌم‬ ‫املذهب احلنبليِ ِّ رج ً‬ ‫ِ‬ ‫مؤس ُس‬ ‫حنبل ( ُتوفيِّ َ سن َة ‪855‬م) ِّ‬ ‫َ‬
‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫معك يف ال َّط ِ‬ ‫شيِ‬
‫رجل‬ ‫حجر‪( :‬وجا َء ٌ‬ ‫وبحسب ابن‬ ‫ريق)‬ ‫َ‬ ‫لك ألاَّ يم َ‬
‫(أرى َ‬ ‫َ‬
‫منك؟‪.‬‬ ‫فقال له اإلما ُم‪َ :‬م ْن هذا َ‬ ‫ِ‬
‫إىل اإلما ِم أمحدَ ومعه َصبِ ٌّي َح َس ُن الوجه‪َ ،‬‬
‫طريق‪ ،‬لئلاَّ‬‫ٍ‬ ‫متش معه يف‬ ‫أخرى‪ ،‬وال ِ‬ ‫قال‪ :‬اب ُن أختِي‪ .‬قال‪ :‬ال ِ‬ ‫َ‬
‫مر ًة َ‬ ‫جت ْئ به إلينا َّ‬
‫َّعامن ( ُتوفيِّ َ‬ ‫أن أبا حنيف َة الن َ‬ ‫وكيف َّ‬ ‫َ‬ ‫بك َم ْن ال يعر ُف َك ويعر ُف ُه سوء ًا)؛‬ ‫يظ ُّن َ‬
‫أجلس طالب ًا مليح ًا خل َف ُه (خماف َة زنا‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫احلنف ِّي‬ ‫املذهب‬ ‫مؤس َس‬‫سن َة ‪767‬م) ِّ‬
‫ِ (‪)2‬‬
‫النَّظر)‪.‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الح‬‫الص ِ‬ ‫السلف َّ‬ ‫الغرض املع َل َن م ْن هذه اإلحاالت إىل أقوال َّ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬
‫إن‬
‫ِ‬
‫اإلغواء وال مستثنَى ِم ْن‬ ‫أحد محُ َّص ٌن ِضدَّ‬ ‫وأفعالهِِ م هو التَّأكيدُ عىل أ َّنه ما ِمن ٍ‬
‫ْ‬ ‫ُ‬
‫ألصحابهِ ا قائل ًة‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫لامن‪َّ ،‬‬‫للغ ِ‬ ‫َّظر ِ‬‫حتري ِم الن ِ‬
‫توسو ُس ْ‬ ‫األرواح الشرِّ ِّ َير َة قد‬
‫َ‬ ‫وأن‬
‫ِ‬
‫وهلؤالء‬ ‫لديك)؛‬‫َ‬ ‫ٍ‬
‫[مغو]‬ ‫َ‬
‫شيطان‬ ‫هوة وال‬ ‫والش ِ‬ ‫ِ‬
‫االبتذال َّ‬ ‫َك خت ُلو ِم َن‬‫إن (نظرت َ‬ ‫َّ‬
‫أكثر ورع ًا ووقار ًا ِم ْن‬‫أنت ُ‬ ‫احلمو ُّي‪( :‬هل َ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬
‫علوان‬ ‫يقول‬‫وري َن ُ‬‫املغر ِ‬
‫ني ُ‬
‫ِ‬
‫املخادع َ‬
‫يشء قد‬‫كل ٍ‬ ‫حجر‪( :‬ومث ُلها يف ِّ‬ ‫ٍ‬ ‫َّبي] األجلاَّ ِء؟!)(‪ )3‬ويواف ُق ُه ابن‬ ‫أص ِ‬
‫حاب [الن َّ‬ ‫ْ‬

‫احلموي‪ ،‬عرائس‬
‫ّ‬ ‫الزواجر‪6 :2 ،‬؛ علوان‬
‫((( ابن حجر‪ ،‬حترير املقال‪64 ،‬؛ ابن حجر‪ّ ،‬‬
‫الغرر‪.175 ،‬‬
‫الر ّ‬
‫ميل‪،‬‬ ‫الزواجر‪6 :2 ،‬؛ خري الدّ ين ّ‬
‫(((   ابن حجر‪ ،‬حترير املقال‪64-63 ،‬؛ ابن حجر‪ّ ،‬‬
‫الفتاوى‪65 :1 ،‬؛ ابن عابدين‪ ،‬ر ّد املحتار‪.233 :5 ،‬‬
‫احلموي‪ ،‬عرائس الغرر‪.106 ،‬‬
‫ّ‬ ‫(((   علوان‬
‫اإل ْسال ِم ِّي‬ ‫ال ال َع َر ِب ِّي ِ‬ ‫جل ْن ِس َّي ِة يِف ال َع مَ ِ‬ ‫َما َق ْب َل امل ِْثلِ َّي ِة ا ِ‬ ‫‪314‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ِ‬
‫(‪)1‬‬
‫وغري ِهم)‪.‬‬
‫ِ‬ ‫ني والفقهاء واملع ِّل ِم َ‬
‫ني‬ ‫ذكرنا نظر َة الص ِ‬
‫احل َ‬ ‫َّ‬ ‫ْ‬
‫َّوكيد عىل عاملِ َّي ِة التَّحري ِم‬ ‫َّعامل مع هذا الت ِ‬ ‫ِ‬
‫األغلب الت ُ‬ ‫األعم‬
‫ِّ‬ ‫ويتعينَّ ُ يف‬
‫ُّخبوي ِة ال حي ِة املدافع ِة عن ممُ ارس ٍ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ات‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫السجاالت املحتد َمة والفك َِر الن ِ َّ صرَّ َ‬ ‫بإزاء ِّ‬
‫البرش ِّي؛ إذ يعتقدُ‬ ‫ِ‬ ‫مثل االستام ِع إىل املوسي َقى وتأم ِل اجل ِ‬
‫امل‬ ‫َ‬ ‫ُّ‬ ‫كثري ٍة ِم ْن ِ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اخلاص َة‬‫َّ‬ ‫أن األحكا َم الدِّ ين َّي َة‬ ‫امر َسات يف َّ‬ ‫ون عن هذه ا ُمل َ‬
‫ون الذي َن يداف ُع َ‬ ‫الصوف ُّي َ‬ ‫ُّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الروح َّي َة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫هبذه املسأ َلة ينبغي ْ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫لألشخاص‬ ‫تأخذ بعني احلسبان املرت َب َة ُّ‬ ‫َ‬ ‫أن‬
‫باب‬ ‫الش ِ‬ ‫املثال عىل َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫سبيل‬ ‫ِ‬
‫املوسيقى يف‬ ‫حتريم االستام ِع إىل‬ ‫ني‪ ،‬إذ يمك ُن‬ ‫املعن ِّي َ‬
‫ُ‬
‫األغلب إىل‬ ‫ِ‬ ‫األعم‬
‫ِّ‬ ‫االنفعال ِم َن العوا ِّم‪ ،‬ألنهَّ ا قد تؤ ِّدي هبِم يف‬ ‫ِ‬ ‫رسيعي‬ ‫ِ‬
‫ِ‬
‫للغاية‬ ‫مستحسنَ ًة‬ ‫مقابل إباحتِها آلخري َن وعدِّ ها مندو َب ًة أو‬ ‫َ‬ ‫ارتكاب املعاصيِ‬
‫ِ‬
‫َ‬
‫(‪)2‬‬
‫ني‪.‬‬‫الصوفِ ِّي َ‬ ‫حال ُّ‬ ‫يف ِ‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫البالغ ِ‬ ‫نظر الر ِ‬ ‫وكان الرأي ِ‬
‫رأي‬ ‫ني إىل الغلامن َ‬ ‫جال‬ ‫يقول بتحري ِم ِ ِّ‬ ‫الذي ُ‬ ‫َ َّ ُ‬
‫(أساس‬ ‫األو َل عىل ما يبدُ و‬ ‫افعي ِ‬ ‫املذهب َّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫أق ِّلي ٍة يف ِ‬
‫َ‬ ‫أساس ُه َّ‬ ‫َ‬ ‫وضع‬
‫َ‬ ‫الذي‬ ‫الش ِّ‬ ‫فقه‬ ‫َّ‬
‫َّوو ُّي‬ ‫ين الن ِ‬ ‫ِ‬
‫ور ُّي حي َيى ب ُن رشف الدِّ ِ‬ ‫الس ِ‬ ‫لغو ُّي واملحدِّ ُ‬ ‫القول) الفقي ُه وا ُّل ِ‬ ‫ِ‬
‫ث ُّ‬
‫أي‬ ‫َ‬ ‫اشتهار ُه بـ (طري َق ُة الن ِ‬ ‫( ُتوفيِّ سن َة ‪1277‬م) ِ‬
‫الر ُ‬ ‫وكان هذا َّ‬ ‫َّوو ِّي)‬ ‫ُ‬ ‫وم ْن هنا‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الرافع ِّي‬ ‫ني قد اتَّب ُعوا طري َق َة َّ‬ ‫الشافع ِّي َ‬ ‫أكثر الفقهاء َّ‬ ‫أن َ‬ ‫ويظهر َّ‬
‫ُ‬ ‫مثري ًا للجدل‪،‬‬
‫بن ِ‬ ‫حمم ٍد ِ‬ ‫ِ‬ ‫فقيه ٍ‬ ‫التِي سمي ْت باس ِم ٍ‬
‫عبد‬ ‫املذهب هو عبدُ الكري ِم ب ُن َّ‬ ‫آخ َر يف‬ ‫بارز َ‬ ‫ُ ِّ َ‬
‫ِ‬
‫بنحو تقليد ٍّي للغاية‪َّ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫الرافع ُّي ( ُتوفيِّ َ سن َة ‪1226‬م) الذي صرَ َّ َح‬ ‫ِ‬
‫بأن‬ ‫الكري ِم َّ‬
‫الرغ ِم ِم ْن‬ ‫الشهوة‪ .‬وعىل ُّ‬
‫غياب َّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫اح يف‬ ‫الس ِّن] ُم َب ُ‬ ‫غار ِّ‬ ‫[ص ِ‬ ‫باب ِ‬ ‫الش ِ‬ ‫َّظر إىل َّ‬ ‫الن َ‬
‫ّووي يف احلقبةِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫أبرز املؤ ِّيدي َن ملوقف الن ِ ِّ‬ ‫احلمو َّي كانا م ْن ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬
‫وعلوان‬ ‫أن اهليتم َّي‬ ‫َّ‬
‫موقف ِهام هذا‪ .‬إذ‬ ‫ِ‬ ‫ين يف‬ ‫ين أو الوحيدَ ِ‬ ‫املبكر ِة‪ ،‬إلاَّ أنهَّ ُم مل يكونا فريدَ ِ‬ ‫العثامنِ َّي ِة‬
‫ْ‬ ‫َ‬
‫الصدِّ ِيق ُّي ( ُتوفيِّ َ سن َة‬ ‫بن علاَّ َن ِّ‬ ‫حمم ٍد ِ‬ ‫عيل ب ُن َّ‬ ‫حممدُ ُّ‬ ‫استشهدَ الفقي ُه املك ُِّّي َّ‬

‫الزواجر‪141 :2 ،‬؛ ابن حجر‪ ،‬حترير املقال‪.63 ،‬‬ ‫(((   ابن حجر‪ّ ،‬‬
‫ّابليس حيال املوسيقى؛ انظر (إيضاح الدّ الالت)‪،‬‬
‫(((   كان هذا هو موقف عبد الغني الن ّ‬
‫األنيس‪ ،‬صفحة ‪167‬ب‪168 -‬أ‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫الورد‬ ‫‪،‬‬ ‫ي‬
‫ّ‬ ‫الغز‬
‫ّ‬ ‫‪73-72‬؛ انظر كذلك كامل الدّ ين‬
‫لواط ُّي َ‬
‫ون‬ ‫الث‪ُّ :‬ال ِ‬ ‫الث ُ‬ ‫الفص ُل َّ‬ ‫ْ‬
‫‪315‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(باب‬‫فقال يف ُ‬ ‫َّوو ِّي مبدي ًا استحسا َن ُه له‪َ ،‬‬ ‫املثال بحك ِم الن ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫سبيل‬ ‫‪1648‬م) يف‬
‫ٍ‬
‫بشهوة‬ ‫(حتريم الن ِ‬
‫َّظر إىل ا ُمل َح َّر ِم‬ ‫املرأة األجنبِ َّي ِة واأل ْم َر ِد)‪:‬‬‫ِ‬ ‫حتري ِم الن ِ‬
‫َّظر إىل‬
‫ُ‬
‫ِ ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫َّظر ِ‬ ‫ب طاب ِع الن ِ‬ ‫ِ‬
‫َّظر إىل‬
‫لغري حاجة رشع َّية‪ ...‬وحير ُم الن ُ‬ ‫حل َس ِن ْ‬
‫بحس ِ‬ ‫واأل ْم َرد ا َ‬
‫حيح‬‫الص ُ‬‫املذهب َّ‬ ‫ُ‬ ‫ورة؛ ِأم َن الفتن َة أ ْم ال‪ ،‬هذا هو‬ ‫كان حسن الص ِ‬
‫األ َم ْرد إذا َ َ َ َ ُّ‬
‫ِ‬
‫األص ِ‬ ‫الش ِ‬ ‫املختار عندَ املح ِّق ِق َ‬
‫حاب‪ ،‬وأل َّن ُه يف معنَى‬ ‫وحذ ُاق ْ‬ ‫افع ُّي َّ‬ ‫نص عليه َّ‬ ‫ني َّ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫كصورة املرأة‪ ،‬بل ر َّبام َ‬
‫كان‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫جلامل ُ‬ ‫وصور ُت ُه يف ا َ‬ ‫املرأة‪ ،‬فإ َّن ُه ُيشت ََهى كام تُشت ََهى‪ُ ،‬‬
‫ِّساء‪ ،‬بل ُهم بالتَّحري ِم أوىل َلمِا يكم ُن‬ ‫كثري ِمن الن ِ‬ ‫ِ‬
‫منهم أحس َن ُصور ًة م ْن ٍ َ‬ ‫كثري ُ‬ ‫ٌ‬
‫ِ (‪)1‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫حق املرأة)‪.‬‬ ‫تطرق الشرَّ ِّ ممَّا ال يكم ُن م ْن مثله يف ِّ‬ ‫يف ح ِّق ِهم م ْن ُّ‬
‫ِ‬ ‫سيِ‬ ‫ِ ِ ِ‬
‫رشس ًة‬ ‫وبرز ْت آرا ٌء مماث َل ٌة يف حياة عبد الغن ِّي النَّابل ِّ الذي قدَّ َم منا َظ َر ًة َ‬ ‫َ‬
‫جمه َ‬ ‫صرِ‬
‫ارش إىل‬ ‫َّظر ا ُمل َب َ‬
‫حر َم الن َ‬ ‫ول االس ِم َّ‬ ‫هاجم فيها فقيه ًا معا ًا له ُ‬ ‫َ‬ ‫والذ َع ًة‬
‫ئيس للشرَّ ي َع ِة‬ ‫ِ‬ ‫لامن‪ )2(.‬فقدْ أصرَ َّ النَّابلسيِ ُّ عىل عدِّ‬ ‫الغ ِ‬ ‫ِ‬
‫الر َ‬ ‫املوقف َّ‬‫َ‬ ‫(اإلباحة)‬
‫ينبغي تقييدُ هذا املبدأ‬ ‫البرش بعام ٍة‪ ،‬وأ َّنه ال ِ‬ ‫ِ‬ ‫فيام يت َِّص ُل بمسأ َل ِة الن ِ‬
‫َّظر إىل‬
‫ُ‬ ‫َّ‬
‫َّبي‬ ‫ُ‬
‫(أقوال الن ِّ‬ ‫والسن َِّة‬ ‫ِ‬
‫واضح ٌة يف القرآن ُّ‬ ‫َ‬ ‫توافر ْت أد َّل ٌة وقرائ ُن‬ ‫َ‬ ‫العا ِّم إلاَّ إذا‬
‫ُ‬
‫يكون‬ ‫ود بالتَّحري ِم] عورةً‪ ،‬أو حينَام‬ ‫متثيل الشيَ ِء [املقص ِ‬ ‫ِ‬ ‫تدل عىل‬ ‫وأفعا ُل ُه) ُّ‬
‫ُ‬
‫بعورة‪،‬‬‫ٍ‬ ‫ليس‬ ‫الذك َِر باالت ِ‬ ‫اب َّ‬ ‫ووج ُه َّ‬ ‫بالش ِ‬‫َّظر مقرون ًا َّ‬
‫ِّفاق العا ِّم َ‬ ‫الش ِّ‬ ‫ْ‬ ‫هوة؛‬ ‫الن ُ‬
‫هوة»‬ ‫«الش ِ‬
‫َّ‬ ‫ِ‬
‫توافر عنصرُ ِ‬ ‫سيكون مبنِ َّي ًا عىل‬ ‫ُ‬ ‫رت ُح‬ ‫وتبع ًا لذلِ َك‪ ،‬فالت‬
‫َّحريم املق َ‬
‫ُ‬
‫عدمها عىل إشكالِ َّي ٍة عمي َق ٍة‪،‬‬ ‫هوة ِمن ِ‬
‫ْ‬
‫الش ِ‬ ‫حضور َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫لتحديد‬ ‫املعايري‬
‫ُ‬ ‫وتنطوي‬
‫الفقهاء ِ‬‫ِ‬
‫أنفس ِهم‪.‬‬ ‫ِّفاق بشأنهِ ا حتَّى َ‬
‫بني‬ ‫غياب االت ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫بلحظ‬
‫َ‬
‫أفضل‬ ‫يقول النَّابلسيِ ُّ ـ يف موق ٍع‬
‫ثم َة أحدٌ ـ حس َبام ُ‬ ‫ليس َّ‬
‫وعىل أ َّي ِة ٍ‬
‫حال‪َ ،‬‬
‫أن يدَّ ِع َي‬ ‫ٍ‬
‫ألحد ْ‬ ‫مسموح ًا‬‫وليس ُ‬ ‫َ‬ ‫َّاظر ذاتِ ِه‪،‬‬
‫األمر ِم َن الن ِ‬
‫ِ‬ ‫احلكم يف هذا‬
‫َ‬ ‫يؤه ُل ُه‬
‫ِّ‬
‫املرء عىل وجهِ‬ ‫بشهوة أم ال! ويتع عىل ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ينظر َ‬
‫ون‬ ‫اآلخ ُر َ‬
‫كان َ‬‫معرف َة ما لو َ‬
‫ينَّ ُ‬ ‫ْ‬ ‫ون ُ‬

‫الصاحلني‪.137 :8 ،‬‬ ‫(((   ابن علاّن‪ ،‬دليل الفاحلني لطرق رياض ّ‬


‫ّووي يف غاية‬
‫ّابليس كذلك ضدّ موقف الن ّ‬ ‫(((   القول املعترب يف بيان النّظر‪ ،‬وجادل الن ّ‬
‫املطلوب‪( 41-23 ،‬الفصل ال ّثاين‪ :‬يف بيان حكم النّظر إىل الوجوه احلسان)‪.‬‬
‫اإل ْسال ِم ِّي‬ ‫ال ال َع َر ِب ِّي ِ‬ ‫جل ْن ِس َّي ِة يِف ال َع مَ ِ‬ ‫َما َق ْب َل امل ِْثلِ َّي ِة ا ِ‬ ‫‪316‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫خالف‬ ‫تتوافر أد َّل ٌة دام َغ ٌة تثبِ ُت‬ ‫ِ‬ ‫حي ِس َن ال َّظ َّن بإخوانِ ِه‬ ‫العمو ِم ْ‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ني ما مل ْ‬
‫املسلم َ‬ ‫أن ْ‬ ‫ُ‬
‫ذ َل َك‪.‬‬

‫إطالق األحكا ِم‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬


‫فقهاء اعتا ُدوا ممُ َار َس َة‬ ‫إن بضع َة‬ ‫وأضاف النَّابلسيِ ُّ قائالً‪َّ :‬‬
‫َ‬
‫الغ ِ‬
‫لامن‬ ‫َّظر إىل ِ‬ ‫َّحريم بعا َّم ٍة ‪ -‬سوا ٌء يف مسأ َل ِة االستام ِع إىل املوسي َقى والن ِ‬ ‫والت‬
‫َ‬
‫فقه َّي ٍة قاط َع ٍة‪،‬‬ ‫ني التَّبغِ؛ أحكا ٍم مل تك ْن مبنِ َّي ًة عىل أسانيدَ ِ‬
‫ْ‬
‫وتدخ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫رشب الب ِّن‬ ‫أ ْم‬
‫والفجور واملعاصيِ يف زمانهِ ِم‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الفسق‬ ‫ِ‬
‫أخالق ٍّي ُ‬
‫يقول بشيو ِع‬ ‫ٍ‬
‫اعتقاد‬ ‫إنَّام عىل‬
‫ني‬ ‫بوص ِف ِهام املم ِّث َل ِ‬
‫احلمو َّي ْ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬
‫وعلوان‬ ‫ِ‬
‫اهليتم َّي‬ ‫كر والن ِ‬
‫َّقد‬ ‫بالذ ِ‬‫وخص النَّابلسيِ ُّ ِّ‬ ‫َّ‬
‫ِ (‪)1‬‬ ‫ِ‬
‫هلذا النَّو ِع م َن الفقهاء‪.‬‬
‫ِ‬
‫مظاهر‬ ‫حتت‬ ‫ِ‬
‫تواريه َ‬ ‫الرغ ِم ِم ْن‬ ‫الفقيه ِ‬ ‫ِ‬ ‫رأي النَّابلسيِ ِّ يف‬ ‫َّ‬
‫ني عىل ُّ‬ ‫َ‬ ‫هذين‬ ‫إن َ‬
‫الب ِ‬ ‫نصيحتِ ِه لل َّط ِ‬ ‫للغاية ِمن ِ‬
‫ِ‬ ‫اهري ِة ِ‬
‫الذي َ‬
‫كان يريدُ‬ ‫ْ‬ ‫واض ٌح‬ ‫االحرتا ِم ال َّظ ِ َّ‬
‫فات ِ‬ ‫بأن يدرس مؤ َّل ِ‬ ‫ِ‬ ‫بعض ِمن مؤ َّل ِ‬
‫ابن عربيِ ٍّ‬ ‫َ‬ ‫نص َح ُه ْ‬ ‫احلمو ِّي‪ ،‬إذ َ‬ ‫فات‬ ‫ٍ ْ‬ ‫دراس َة‬
‫ِ‬
‫احلمو ِّي‬ ‫َ‬
‫أعامل‬ ‫ِ‬
‫احلقيقة َّ‬
‫أن‬ ‫احلمو ِّي‪ .‬إذ َيرى النَّابلسيِ ُّ يف‬‫ِ‬ ‫وأعام َل ِه بدالً ِم َن‬
‫موقف‬ ‫ٍ‬ ‫الب إىل تبنِّي‬ ‫ستدفع ال َّط ِ‬ ‫املكروه ِة‪،‬‬ ‫ات والت ِ‬
‫َّقاليد‬ ‫برتكيزها عىل ا ُملامرس ِ‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬
‫تهِ ِ (‪)2‬‬
‫س لعثرا م‪.‬‬ ‫ني ومت َل ِّم ٍ‬ ‫ِ‬
‫املسلم َ‬ ‫محُ ِّق ٍر إلخوانِ ِه‬

‫أن رأ َي ُه يف‬‫طرح ُه النَّابلسيِ ُّ يف َّ‬


‫َ‬ ‫ئيس ُة فيام‬
‫الر َ‬
‫حال َّ ِ‬
‫الضعف َّ‬ ‫ص ُ‬ ‫َّ‬
‫وتتلخ ُ‬
‫ِ‬
‫الفقهاء‬ ‫ِّساء‪ ،‬إذ َيرى العديدُ ِم َن‬ ‫َّظر إىل الن ِ‬ ‫الغ ِ‬
‫لامن َي ْصدُ ُق عىل الن ِ‬ ‫َّظر إىل ِ‬
‫الن ِ‬
‫أن الفكر َة ذاتهَ ا التِي‬ ‫ويستتبع ذلِ َك َّ‬ ‫ليس عورةً‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬
‫طرحها‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫(‪)3‬‬
‫أن وج َه املرأة َ‬

‫ّابليس‪ ،‬غاية املطلوب‪.39-38 ،‬‬


‫(((   الن ّ‬
‫ّابليس هنا متناغم‬
‫األنيس‪ ،‬صفحة ‪167‬أ‪ -‬ب‪ .‬وموقف الن ّ‬ ‫الغز ّي‪ ،‬الورد ّ‬
‫(((   كامل الدّ ين ّ‬
‫ّقليدي الذي عمل‬
‫ّ‬ ‫مع موقفه حيال واجب (األمر باملعروف والنّهي عن املنكر) الت‬
‫عمل ّيا يف حتييده من خالل توكيد احلاجة إىل جتنّب االنشغال بتت ّبع عثرات اآلخرين‪.‬‬
‫انظر كوك‪( ،‬األمر باملعروف)‪.328 325- ،‬‬
‫واملالكي‪ ،‬يف حني يرى فقهاء من‬‫ّ‬ ‫احلنفي‬
‫ّ‬ ‫(((   يصدق ذلك عىل فقهاء من املذهبني‬
‫للرجال‬
‫الصالة ولكنّه كذلك ّ‬ ‫أن الوجه ليس بعورة أثناء ّ‬ ‫افعي ّ‬ ‫احلنبيل ّ‬
‫والش ّ‬ ‫ّ‬ ‫املذهبني‬
‫األجانب‪ .‬انظر النّقاش املنقول يف هامش رقم ‪ 4‬يف الفصل احلا ّيل‪.‬‬
‫لواط ُّي َ‬
‫ون‬ ‫الث‪ُّ :‬ال ِ‬ ‫الث ُ‬ ‫الفص ُل َّ‬ ‫ْ‬
‫‪317‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫حيث املبدأ‪ ،‬ست َْصدُ ُق كذلِ َك عىل‬ ‫اح ِم ْن ُ‬ ‫ِ ِ‬


‫َّظر إىل الغلامن ُم َب ٌ‬ ‫أن الن َ‬ ‫النَّابلسيِ ُّ يف َّ‬
‫أخرى ِم ْن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الن ِ‬
‫حيث املبدأ؛‬ ‫ُ‬ ‫مر ًة َ‬ ‫َّظر إىل النِّساء (األجنبِ َّيات) الذي ُيعدُّ ُم َباح ًا َّ‬
‫تلك‬ ‫الفقهاء يف َ‬ ‫ِ‬ ‫بقبول ِ‬
‫أكثر‬ ‫ِ‬ ‫أن حي َظى‬ ‫مثل هذا ْ‬ ‫الستنتاج ِ‬ ‫ٍ‬ ‫وبداه ًة‪ ،‬مل ْ يك ْن‬
‫الذي‬ ‫احلنفي ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫املذهب‬ ‫ياق أ َّن ُه حتَّى الفقها ُء ِم َن‬ ‫لحظ يف هذا الس ِ‬ ‫احلقبة‪ ،‬و ُي ُ‬ ‫ِ‬
‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫هؤالء الفقها ُء‬ ‫ِ‬ ‫املرأة عورةً‪ ...‬حتَّى‬ ‫ِ‬ ‫ون وج َه‬ ‫الذي َن ال يعدُّ َ‬ ‫ِ‬ ‫سيِ‬ ‫ِ‬
‫ينتمي إليه النَّابل ُّ‬
‫وجوهه َّن يف‬ ‫منه َّن‬ ‫أن تغ ِّطي النِّساء ال سيام َّ ِ‬ ‫رضور ِة ْ‬ ‫يؤ ِّكدُ َ‬
‫َ‬ ‫الشا َّبات ُ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ون عىل‬
‫ِ‬ ‫نهِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ور‪ )1(.‬وسيتعينَّ ُ‬ ‫والفج ُ‬ ‫ُ‬ ‫الرذي َل ُة‬‫انترش ْت فيه َّ‬ ‫الرجال يف (زما ِم) الذي َ‬ ‫حرضة ِّ‬ ‫َ‬
‫احلج َة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫يرغب بتبنِّي موقف جواز النَّظر إىل الغلامن ْ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫يقيم َّ‬ ‫أن َ‬ ‫ُ‬ ‫عىل الفقيه الذي‬
‫سيِ‬ ‫ِ‬ ‫مقابل الن ِ‬ ‫َ‬ ‫الغ ِ‬ ‫َّظر إىل ِ‬ ‫بني الن ِ‬ ‫ِ‬
‫أملح النَّابل ُّ‬ ‫َّظر إىل النِّساء! وقدْ َ‬ ‫لامن‬ ‫الفرق َ‬ ‫عىل‬
‫ِ‬
‫اجلنس‬ ‫َّظر إىل‬ ‫أن الن َ‬ ‫مناس َب ٍة‪ ،‬إذ بينَّ َ ‪َّ :‬‬ ‫أكثر م ْن َ‬
‫ِ‬
‫مثل هذا يف َ‬ ‫فرق ِ‬ ‫يف الواق ِع إىل ٍ‬
‫ِ‬
‫اجلنس‬ ‫فرد ِم َن‬ ‫َّظر إىل ٍ‬ ‫رب ِم َن الن ِ‬ ‫بنحو أك َ‬ ‫ٍ‬ ‫بالش ِ‬
‫هوة‬ ‫عور َّ‬ ‫الش ِ‬ ‫اآلخ ِر يؤ ِّدي إىل ُّ‬ ‫َ‬
‫(طبيع َّي ٌة) بينَام تُعدُّ رغب ُت ُه لأل ْم َر ِد ‪-‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫املرأة‬ ‫جل اجلنس َّي ُة َ‬
‫نحو‬ ‫ِ‬ ‫الر ِ‬ ‫ذاته‪ ،‬فرغب ُة َّ‬
‫ِِ‬
‫ِ ٍ (‪)2‬‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫غري طبيع َّية‪.‬‬ ‫بنحو ضمن ٍّي ‪َ -‬‬
‫ِ‬
‫َّوكيدات‬ ‫شبيه ًة بالت‬ ‫بنحو خاد ٍع غالب ًا‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫هذه‬ ‫مثل‬‫عبارات ُ‬ ‫ٌ‬ ‫وتبدُ و‬
‫َ‬
‫وجيدر ْ‬
‫أن نتذك ََّر‬ ‫ُ‬ ‫(غري طبيع َّي ٍة)‬ ‫ُ‬ ‫اجلنس َّي َة) ٌ‬
‫حال‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫(املثل َّي َة‬ ‫احلدي َث ِة التِي تفيدُ َّ‬
‫أن‬
‫ينظر إىل‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫كان مدافع ًا رشس ًا عن‬ ‫َ‬ ‫سيِ‬ ‫َّ‬
‫عشق الغلامن‪ ،‬وأ َّن ُه مل ْ يك ْن ُ‬ ‫أن النَّابل َّ‬
‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫احلساس َي ِة إزاء جمَ ِ‬ ‫ِ‬
‫طبيع ٍّي؛ ويتعينَّ ُ يف هذا املقا ِم‬ ‫بوصفه أمر ًا َ‬
‫غري‬ ‫ال ا ُمل ْرد ْ‬ ‫َ‬
‫بأكمل ِه‪ .‬وكام‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫املحتد ِم‬ ‫سياق الس ِ‬
‫جال‬ ‫ِّ‬
‫ِ‬ ‫بيعة) ضم َن‬ ‫االستعانة بـ (ال َّط ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّظر إىل‬ ‫الن ُ‬
‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫املنظور ِ‬
‫اجلانبان كالهمُ ا‬ ‫احلب‪َ ،‬‬
‫كان‬ ‫ِّ‬ ‫ين الواقع ِّي واملثاليِ ِّ َ‬
‫نحو‬ ‫َ‬ ‫احلال مع‬ ‫ُ‬ ‫هو‬
‫ٍ‬
‫بمعزل‬ ‫خذ ْت‬ ‫ات إذا ُأ َ‬ ‫بدهي ٍ‬ ‫ات تُعدُّ ِ‬ ‫بفرضي ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫يستعينان‬ ‫ِ‬
‫الفقه ِّي‬ ‫يف الس ِ‬
‫جال‬
‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫ِّ‬
‫ارش [إذا‬ ‫غري ُم َب ٍ‬‫كامن ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫بنحو‬ ‫صرِ‬
‫تدخل يف ا ٍع‬ ‫ُ‬ ‫األخرى‪ ،‬ولكنَّها‬ ‫إحداها عن‬
‫َ‬
‫عور‬ ‫ِ‬
‫اجلنس َّي َة ُّ‬ ‫أن العالق َة‬ ‫كان االعتقا ُد شائع ًا يف َّ‬ ‫جانب‪َ ،‬‬ ‫ٍ‬ ‫اجتمع ْت] ِ‬
‫والش َ‬ ‫فم ْن‬ ‫َ‬
‫احلصكفي‪ ،‬الدّ ّر املنتقى‪،‬‬
‫ّ‬ ‫(((   شيخي زاده‪ ،‬جممع األهنر يف رشح ملتقى األبحر‪81 :1 ،‬؛‬
‫الرائق‪284 :1 ،‬؛ ابن عابدين‪ ،‬ر ّد املحتار‪.298 :1 ،‬‬
‫‪81 :1‬؛ ابن نجيم‪ ،‬البحر ّ‬
‫ّابليس‪ ،‬القول املعترب‪ ،‬صفحة ‪178‬أ‪.‬‬
‫(((   الن ّ‬
‫اإل ْسال ِم ِّي‬ ‫ال ال َع َر ِب ِّي ِ‬ ‫جل ْن ِس َّي ِة يِف ال َع مَ ِ‬ ‫َما َق ْب َل امل ِْثلِ َّي ِة ا ِ‬ ‫‪318‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫حيث املبدأ‪،‬‬ ‫ذكر وأن َثى ِم ْن ُ‬ ‫بني ٍ‬ ‫أن يقعا َ‬ ‫الذي يؤ ِّدي إليها يتعينَّ ُ ْ‬ ‫باالنجذاب ِ‬ ‫ِ‬
‫فحسب َ‬ ‫ِ‬ ‫بني الر ِ‬ ‫ِ‬
‫كان‬ ‫بني النِّساء ْ‬ ‫جال أو َ‬ ‫االنجذاب أو العالق َة اجلنس َّي َة َ ِّ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬
‫وإن‬
‫الفقه َّي ُة يف الس ِ‬ ‫ِ‬ ‫األشياء املرش َع ِة ِ‬ ‫ِ‬ ‫خمالِف ًا لنظا ِم‬
‫ياق‬ ‫ِّ‬ ‫سامو َّي ًا‪ .‬وقدْ دأ َب ْت األدبِ َّي ُ‬
‫ات‬ ‫َّ‬
‫والر ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫سيِ‬ ‫ِ‬ ‫ذاتِ ِه يف‬
‫جل ‪/‬‬ ‫اإليالج اجلن َّ مل ْ يك ْن الغاي َة التي ُخل َق الدُّ ُب ُر َّ‬ ‫َ‬ ‫تبيان َّ‬
‫أن‬
‫داؤ ُه يف الت ِ‬
‫َّاريخ‬ ‫أص ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬
‫واالفرتاض (اخلاط ُئ) الذي لطاملا تر َّد َد ْت ْ‬ ‫ُ‬ ‫ألجلها‪.‬‬ ‫كر‬
‫الذ ُ‬
‫أن العالق َة‬ ‫الذي يفيدُ َّ‬ ‫احلارض ِ‬ ‫ِ‬ ‫الوقت‬‫ِ‬ ‫القديم ِة حتَّى‬ ‫ور‬ ‫العص ِ‬ ‫الغربيِ ِّ ِم َن‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫االفرتاض ‪ -‬غريب ًا‬ ‫ِ‬ ‫عرو َف ٍة َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫احليوانات‪ ،‬مل ْ يك ْن ‪ -‬هذا‬ ‫بني‬ ‫غري َم ُ‬ ‫اجلنس َّي َة املثل َّي َة ُ‬
‫واجر عن‬ ‫(الز ُ‬ ‫اهليتم ُّي يف مؤ َّل ِف ِه َّ‬ ‫ِ‬ ‫ذكر‬
‫قبل احلديث‪ ،‬إذ َ‬
‫ِ‬ ‫األوسط ما َ‬ ‫ِ‬ ‫عىل الشرَّ ِق‬
‫نوع ِه)‪ )1(.‬وزياد ًة‬ ‫الكبائر)‪( :‬ال نجدُ حيوان ًا ذكر ًا يضاجع حيوان ًا ِمن ِ‬
‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اقرتاف‬
‫أن ا ُمل ْر َد يم ِّث ُل َ‬ ‫نطاق واس ٍع يفيدُ َّ‬ ‫كان منترش ًا عىل ٍ‬ ‫مواز َ‬ ‫ثم َة اعتقا ٌد ٍ‬ ‫ِ‬
‫ون‬ ‫عىل ذل َك‪َّ ،‬‬
‫ٍ‬
‫ني ‪/‬‬ ‫غري ٍة ِم َن املنحرفِ َ‬ ‫ٍ‬
‫ني ك ِّل ِهم ال ألق ِّل َّية َص َ‬
‫ِ‬
‫البالغ َ‬ ‫وإغواء للر ِ‬
‫جال‬ ‫ِّ‬ ‫در ٍ‬
‫خطر‬ ‫مص َ‬ ‫ْ‬
‫ب‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫فحس ُ‬ ‫غري األسوياء ْ‬
‫ِ‬
‫املذهب‬ ‫االعتقاد يف حك ِم‬ ‫ِ‬ ‫لالنتباه عىل هذا‬ ‫ِ‬ ‫األكثر لفت ًا‬ ‫ليل‬ ‫ف الدَّ ُ‬ ‫ويتأ َّل ُ‬
‫ُ‬
‫بشهوة أو الشيَّ ِء‬ ‫ٍ‬ ‫شتهى عادةً)‬ ‫ملس (ما ُي َ‬ ‫الوضوء؛ إذ ُيعدُّ ُ‬
‫ِ‬
‫املالك ِّي يف مسأ َل ِة ُ‬ ‫ِ‬
‫ِ‬
‫وتستوجب‬‫ُ‬ ‫تنقض ال َّطهار َة‬ ‫(يتلذ ُذ َصاح ُب ُه به عادةً) ِم َن األشياء التِي ُ‬ ‫َّ‬ ‫الذي‬ ‫ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫وفق أدبِي ِ‬ ‫الوضو َء عىل ِ‬
‫شارحو‬ ‫ُ‬ ‫املذهب املرجع َّية‪ .‬وبنا ًء عىل ذل َك‪ ،‬فسرَّ َ‬ ‫ات‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬
‫الر ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫أن مال َم َس َة جس ِم امرأة م ْن ِ‬ ‫الكتب َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫تنقض طهار َت ُه‪،‬‬ ‫جل ُ‬ ‫غري حمار ِم َّ‬ ‫هذه‬
‫آخ َر؛‬ ‫ال ملتحي ًا َ‬ ‫ال أو ج َّث ًة أو رج ً‬ ‫ملس ِه حيوان ًا أو طف ً‬ ‫وال يصدُ ُق هذا األمر عىل ِ‬
‫ُ‬ ‫َ ْ‬
‫احلقبة العثامنِي ِة املبكر ِة عىل ترديدِ‬ ‫ِ‬ ‫املذهب يف‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫حرص فقهاء‬ ‫ور َّبام يفسرِّ ُ هذا‬
‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬
‫يدخالن يف‬ ‫ِ‬ ‫جل‪ ،‬ألنهَّ ُام‬ ‫الر ِ‬ ‫بشهوة ُ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ملس أ ْم َر ٍد أو‬ ‫َّ‬
‫يبطل طهار َة َّ‬ ‫معذر‬ ‫شاب‬‫ٍّ‬ ‫أن َ‬
‫شتهى عادةً)‪.‬‬ ‫ِ‬
‫(‪)2‬‬
‫خانة (ما ُي َ‬

‫العريب ما قبل احلديث يف الواقع‬


‫ّ‬ ‫الزواجر‪143 :2 ،‬؛ حتدّ ث علم احليوان‬
‫(((   ابن حجر‪ّ ،‬‬
‫عن حيوانات مارست ا ّللواط أو كانت مصابة باألبنة‪ .‬انظر بالت‪( ،‬لواط)‪777 ،‬أ‬
‫منقوال من احليوان لـ (اجلاحظ)‪.‬‬
‫اخلريش‪ ،‬رشح‬
‫ّ‬ ‫البنيني)؛‬
‫ّ‬ ‫رقاين‪ ،‬رشح خمترص اخلليل‪88 :1 ،‬؛ (مع رشوحات‬ ‫  الز ّ‬
‫((( ّ‬
‫لواط ُّي َ‬
‫ون‬ ‫الث‪ُّ :‬ال ِ‬ ‫الث ُ‬ ‫الفص ُل َّ‬ ‫ْ‬
‫‪319‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫واحد؛ يبدُ و‬ ‫ٍ‬ ‫وقت‬ ‫ف ظاهر ٍة ما بأ ا (غري طبيعي ٍة) وشائع ٌة يف ٍ‬ ‫وص َ‬ ‫َّ‬
‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫نهَّ‬ ‫َ‬ ‫إن ْ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫املتعارض ِة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫بشأن‬ ‫للغاية‬ ‫َ‬ ‫املواقف‬ ‫فهم‬ ‫مرتابط ًا ومتوافق ًا منطق َّي ًا‪ ،‬ويمك ُن ْ‬
‫عاءات‬ ‫ِ‬ ‫هذه اال ِّد‬ ‫واحد ِمن ِ‬ ‫ٍ‬ ‫كيز عىل‬ ‫طريق الترَّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫مسأ َل ٍة مع َّين ٍَة بسهو َل ٍة عن‬
‫ْ‬
‫َّظر إىل‬ ‫حتريم الن ِ‬ ‫ون‬‫الذي َن يؤ ِّيدُ َ‬ ‫عاءات األخرى‪ ،‬فالفقهاء ِ‬ ‫ِ‬ ‫حساب اال ِّد‬ ‫ِ‬ ‫عىل‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ائص أنثو َّي ٍة‬ ‫خص َ‬ ‫لامن م ْن َ‬
‫الغ ُ ِ‬ ‫إبراز ما يتمتَّع به ِ‬
‫ُ‬ ‫العادة عىل ِ‬ ‫ِ‬ ‫ون يف‬ ‫حيرص َ‬ ‫ُ‬
‫الغ ِ‬
‫لامن‬ ‫ِ‬
‫الش ُّك‬ ‫بب هو َّ‬ ‫ِ‬ ‫بفعل ِهم هذا يامث ُل َ‬ ‫وهم ِ‬ ‫َّ ٍ‬
‫والس ُ‬ ‫وبني النِّساء‪َّ ،‬‬ ‫ون بين َُهم َ‬ ‫جذا َبة‪ُ ،‬‬
‫ِ‬ ‫واإلغواء َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫يشبه ُه َّن عندَ‬ ‫مثل النِّساء أل َّن ُه ُ‬ ‫للفتنة‬ ‫مصدر ًا‬ ‫أن [الغال َم] يم ِّث ُل ْ‬ ‫يف َّ‬
‫حيرص الفقها ُء‬ ‫ِ‬
‫هؤالء‪،‬‬ ‫َ‬
‫مقابل‬ ‫ِ (‪)1‬‬
‫الوجه ور َّق ِة اجلسم‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫احلديث عن جمَ ِ‬
‫ال‬ ‫ِ‬
‫ُ‬
‫توكيد‬‫ِ‬ ‫بشهوة عىل‬ ‫ٍ‬ ‫ْ‬
‫يقرتن‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الذي َن يصرِ ُّ َ‬ ‫ِ‬
‫ون عىل جواز النَّظر إىل الغلامن ما مل ْ‬
‫ِ‬ ‫الذي يضعه يف ِ‬ ‫الذك َِري ِ‬ ‫ِ‬
‫َّظر إىل‬ ‫(وجيوز الن ُ‬ ‫ُ‬ ‫امللتحي‪:‬‬ ‫فئة البال ِغ‬ ‫ُُ‬ ‫جنس الغال ِم َّ ِّ‬
‫الشهوةُ‪،‬‬ ‫َف ثورانهُ ا) أي ُّ‬ ‫امللتح َي (ما مل ْ يخُ ْ‬ ‫ِ‬ ‫شهوة أل َّن ُه َذك ٌَر أشب َه‬ ‫ٍ‬ ‫الغال ِم ِ‬
‫بغري‬
‫(الر ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫لمِ‬
‫جل قد ينظر إىل‬ ‫كان مم ِّيز ًا َا فيه م َن الفتنة)؛ َّ‬ ‫َّظر إىل الغال ِم (إذا َ‬ ‫فيحر ُم الن ُ‬
‫ِ (‪)2‬‬
‫والرك َبة)‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ينظر حتَّى لأل ْم َر ِد‬ ‫رجل َ‬ ‫ٍ‬
‫بني السرُّ َّ ة ُّ‬ ‫املليح‪ ،‬باستثناء ما َ‬ ‫آخ َر‪ ،‬وقدْ ُ‬
‫يقول‬ ‫الذي ُ‬ ‫احلقبة العثامنِي ِة املبكر ِة الرأي ِ‬ ‫ِ‬ ‫الفقهاء يف‬ ‫ِ‬ ‫أكثر‬
‫َ َّ َ‬ ‫َّ‬ ‫خالف ُ‬ ‫َ‬ ‫وقدْ‬
‫املذهب‬ ‫ِ‬ ‫بني أتبا ِع‬ ‫السائدُ حتَّى َ‬ ‫َ‬ ‫الغ ِ‬ ‫َّظر إىل ِ‬ ‫بتحري ِم الن ِ‬
‫املوقف َّ‬ ‫ُ‬ ‫وكان‬ ‫لامن‪،‬‬
‫هوة‪ )3(.‬ويتعينَّ ُ معام َل ُة األ ْم َر ِد عىل ِ‬ ‫الش ِ‬ ‫غياب َّ‬ ‫ِ‬ ‫امح به يف‬ ‫َّ ِ‬
‫وفق‬ ‫الس َ‬ ‫الشافع ِّي هو َّ‬
‫بواعث ٍ‬ ‫ُ‬ ‫ثم َة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬
‫قلق تستلز ُمها‬ ‫الرغ ِم م ْن ذل َك َّ‬ ‫بوصفه ذكر ًا بالغ ًا؛ وعىل ُّ‬ ‫ذل َك ْ‬
‫الصغري‪:1 ،‬‬
‫العدوي)؛ الدّ ردير‪ ،‬الشرّ ح ّ‬
‫ّ‬ ‫املخترص‪( 155 :1 ،‬مع رشوحات‬
‫اوي)؛ الدّ ردير‪ ،‬الشرّ ح الكبري‪( 106 :1 ،‬رشح‬‫الص ّ‬
‫‪( 145-144‬مع رشوحات ّ‬
‫سوقي)‪.‬‬
‫ّ‬ ‫الدّ‬
‫الر ّ‬
‫ميل‪ ،‬هناية املحتاج‪،‬‬ ‫(((   ابن حجر‪ ،‬حتفة املحتاج‪199-198 :7 ،‬؛ شمس الدّ ين ّ‬
‫ّووي‪ ،‬ولكنّه انتهى بتبنّي موقف‬‫‪( 192 :6‬الذي استشهد بمحاججات أتباع الن ّ‬
‫افعي)‪.‬‬
‫الر ّ‬ ‫ّ‬
‫احلصكفي‪ ،‬الدّ ّر املختار‪.255-254 :5 ،‬‬
‫ّ‬ ‫  البهويت‪ ،‬كشف القناع‪16 :5 ،‬؛‬
‫ّ‬ ‫(((‬
‫ميل‪ ،‬هناية املحتاج‪:6 ،‬‬ ‫الر ّ‬
‫ميل‪ ،‬الفتاوى‪172 :3 ،‬؛ شمس الدّ ين ّ‬‫الر ّ‬
‫(((   شهاب الدّ ين ّ‬
‫يب‪ ،‬حاشية‪،‬‬‫بيني‪ ،‬مغني املحتاج‪13-130 :3 ،‬؛ القليو ّ‬
‫ّ‬ ‫‪193-192‬؛ اخلطيب الشرّ‬
‫الباجوري‪ ،‬حاشية‪.99 :2 ،‬‬
‫ّ‬ ‫‪342-341‬؛‬ ‫‪:3‬‬ ‫احلبيب‪،‬‬ ‫حتفة‬ ‫البجريمي‪،‬‬
‫ّ‬ ‫‪210 :3‬؛‬
‫اإل ْسال ِم ِّي‬ ‫ال ال َع َر ِب ِّي ِ‬ ‫جل ْن ِس َّي ِة يِف ال َع مَ ِ‬ ‫َما َق ْب َل امل ِْثلِ َّي ِة ا ِ‬ ‫‪320‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ُوح ِة‪.‬‬ ‫ِ‬


‫املوضوعِ‪ ،‬وهلذا جيري يف العادة تقييدُ [درجة] اإلباحة املمن َ‬
‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫طبيعة‬
‫َّظر إىل‬ ‫وع الن ِ‬ ‫موض َ‬ ‫ُ‬ ‫عابدي َن بعدَ مناقشتِ ِه‬ ‫ِ‬ ‫اف اب ُن‬ ‫أض َ‬ ‫املثال‪َ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫سبيل‬ ‫ففي‬ ‫ِ‬
‫بشهوة‪...‬‬ ‫ٍ‬ ‫ْ‬
‫يقرتن‬ ‫استنتاج يفيدُ َّ‬ ‫ٍ‬ ‫ووصولِ ِه إىل‬ ‫الغ ِ‬ ‫ِ‬
‫اح ما مل ْ‬ ‫َّظر ُم َب ٌ‬ ‫أن الن َ‬ ‫ُ‬ ‫لامن‬
‫وحصاف ًة‪ )1(.‬واستشهدَ الفقي ُه‬ ‫َ‬ ‫أكثر حيط ًة‬ ‫َّظر ُ‬ ‫االمتناع عن الن ِ‬ ‫َ‬ ‫أن‬‫أضاف مب ِّين ًا َّ‬ ‫َ‬
‫ادر ِم ْن‬ ‫الص ِ‬ ‫ور البهوتيِ ُّ ( ُتوفيِّ َ سن َة ‪1641‬م) باحلك ِم َّ‬ ‫منص ُ‬ ‫احلنب ُّ املصرْ ِ ُّي ُ‬
‫ليِ‬
‫بني السرُّ َّ ِة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ليس عور ًة [أي ما َ‬ ‫َّظر إىل ما َ‬ ‫جل‪ ...‬الن ُ‬ ‫للر ِ‬ ‫باح َّ‬ ‫فقهاء مذهبِه‪ُ ( :‬ي ُ‬
‫أردف قائالً‪( :‬وإذا‬ ‫َ‬ ‫الصبِ ِّي األ ْم َر ِد) ولكنَّ ُه‬ ‫اآلخ ِر حتَّى َّ‬ ‫جل َ‬ ‫الر ِ‬ ‫والركبة] م َن َّ‬
‫ِ ِ‬
‫ُّ‬
‫فإدمان النَّظرِ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬
‫وخيشى الفتن َة م َن النَّظر إليه‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫الصبِ ُّي األ ْم َر ُد َصبيح ًا مليح ًا َ‬ ‫َ‬
‫كان َّ‬
‫األحيان فِكَر ًا‬ ‫ِ‬ ‫بعض ِم َن‬ ‫ٍ‬ ‫َّقييدات يف‬ ‫ُ‬ ‫هذه الت‬ ‫وتتجاهل ِ‬ ‫ُ‬ ‫(‪)2‬‬
‫اح)‪.‬‬ ‫غري ُم َب ٍ‬ ‫إليه ُ‬
‫الغ ِ‬ ‫امل ِ‬ ‫االستحسان اجلامليِ جل ِ‬ ‫ٍ‬
‫لامن؛ إذ استشهدَ الفقي ُه‬ ‫َ َ َّ َ‬ ‫ختص‬ ‫و َم ْف ُهومات ُّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ليِ‬
‫الكرم ُّي ( ُتوفيِّ َ سن َة ‪1624‬م) بام قا َل ُه الفقي ُه‬ ‫ف‬ ‫يوس َ‬ ‫احلنب ُّ املصرْ ِ ُّي مرع ُّي ب ُن ُ‬
‫ونحو ِه وأدا َم ُه‬ ‫ِ‬ ‫َّظر إىل األ ْم َر ِد‬ ‫كر َر الن َ‬ ‫واملثري للجدل اب ُن تيم َي َة‪َ ( :‬م ْن َّ‬
‫ِ‬
‫ُ‬ ‫وف‬ ‫عر ُ‬ ‫ا َمل ُ‬
‫كان‬‫َت معه شهو ٌة َ‬ ‫كذب يف ذلِ َك‪ ...‬ومتَى كان ْ‬ ‫َ‬
‫ٍ‬
‫بشهوة‪،‬‬ ‫أنظر‬
‫وقال‪ :‬إنيِّ ال ُ‬ ‫َ‬
‫ان امل ِ ي ِ‬ ‫افعي ِ‬ ‫الفقيهان َّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّظر] بال ٍ‬
‫ان‬ ‫صرْ َّ‬ ‫الش َّ‬ ‫ريب)‪ )3(.‬واستشهدَ‬ ‫حرام ًا [أي الن ُ‬
‫الباجور ُّي ( ُتوفيِّ َ‬ ‫ِ‬ ‫وإبراهيم‬
‫ُ‬ ‫الرمليِ ُّ ( ُتوفيِّ َ سن َة ‪1596‬م)‬ ‫حممدُ َّ‬ ‫ين َّ‬ ‫شمس الدِّ ِ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫الرافع َّية) بام قا َل ُه فقي ٌه م ْن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫سن َة ‪1860‬م) كالهمُ ا‪ ،‬وهمُ ا م ْن أتبا ِع (ال َّطري َقة َّ‬
‫فذاك زياد ٌة‬ ‫َ‬ ‫يشته زياد َة ِوقا ٍع أو مقدَّ َم ًة له‬ ‫ِ‬ ‫فيلتذ ْ‬ ‫َّ‬ ‫طري َقتِها‪ْ :‬‬
‫وإن مل ْ‬ ‫ينظر‬
‫(أن َ‬
‫ِّني سالمت َُهم ِم َن‬ ‫َّظر واملح َّب ِة ظان َ‬ ‫جمر ِد الن ِ‬ ‫ون عىل َّ‬ ‫ون يقتصرِ ُ َ‬ ‫وكثري َ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫الفسق‪،‬‬ ‫يف‬
‫املالك ُّي عبدُ‬ ‫ِ‬ ‫ني منه)‪ )4(.‬وعىل شاك َل ِة ذلِ َك‪ ،‬استشهدَ الفقي ُه‬ ‫وليسوا ساملِ َ‬ ‫اإلث ِم ُ‬
‫الزرقانيِ ُّ ( ُتوفيِّ َ سن َة ‪1688‬م)‬ ‫ين َّ‬ ‫شهاب الدِّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫بن أمحدَ ِ‬
‫بن‬ ‫ف ِ‬ ‫يوس َ‬ ‫ِ‬
‫الباقي ب ُن ُ‬
‫ورسور البصرَ ِ محُ َ َّر ٌم‪...‬‬ ‫ِ‬ ‫َّظر إىل األ ْم َر ِد للتَّم ُّت ِع‬ ‫ِ‬
‫بام قا َل ُه أحدُ مراج ِع مذهبِه‪( :‬الن ُ‬

‫  ابن عابدين‪ ،‬رد ّاملحتار‪.233 :5 ،‬‬ ‫(((‬


‫  البهويت‪ ،‬رشح املنتهى‪.6-4 :3 ،‬‬ ‫ّ‬ ‫(((‬
‫  الكرمي‪ ،‬غاية املنتهى‪.7 :3 ،‬‬
‫ّ‬ ‫(((‬
‫الباجوري‪ ،‬حاشية‪.99 :2 ،‬‬
‫ّ‬ ‫‪192‬؛‬ ‫‪:6‬‬ ‫املحتاج‪،‬‬ ‫هناية‬ ‫‪،‬‬ ‫ّ‬
‫ميل‬ ‫الر‬
‫ّ‬ ‫ين‬ ‫الدّ‬ ‫  شمس‬ ‫(((‬
‫لواط ُّي َ‬
‫ون‬ ‫الث‪ُّ :‬ال ِ‬ ‫الث ُ‬ ‫الفص ُل َّ‬ ‫ْ‬
‫‪321‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫موضوع ًا‬ ‫بالغ ِ‬ ‫ني ِ‬ ‫ِ‬ ‫الفقهاء)‪)1(.‬وشك ََّل ات َِّص ُال الر ِ‬ ‫ِ‬
‫لامن ُ‬ ‫البالغ َ‬ ‫جال‬ ‫ِّ‬ ‫إمجاع‬
‫ُ‬ ‫وهذا‬
‫ني‪،‬‬ ‫ِ‬
‫البالغ َ‬ ‫بني الر ِ‬
‫جال‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫فقه َّي ٍة مل ْ تك ْن‬ ‫لتقييدات ِ‬ ‫ٍ‬ ‫وحمور ًا‬
‫حترض يف حال االت َِّصال َ ِّ‬ ‫ُ‬
‫الرمليِ ُّ ( ُتوفيِّ َ سن َة ‪1671‬م)‬ ‫ين َّ‬ ‫خري الدِّ ِ‬ ‫البارز ُ‬ ‫ُ‬ ‫إذ صرَ َّ َح الفقي ُه الفلسطينِ ُّي‬
‫اإلقامة معه‪ ،‬وبقدرتِ ِه تقييدُ‬ ‫ِ‬ ‫ف رشع ًا عىل‬ ‫رب ابنَ ُه املك َّل َ‬ ‫أن جي َ‬ ‫األب ْ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫بقدرة‬ ‫َّ‬
‫أن‬
‫يزال غالم ًا َصبيح ًا‪ )2(.‬وبينَّ َ بضع ُة فقها َء‬ ‫كان االب ُن ال ُ‬ ‫حر َّيتِ ِه وحركتِ ِه إذا َ‬ ‫ِّ‬
‫ِ‬
‫الصال َة اجلامع َّي َة َ‬
‫كان‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫أن إمام َة األ َم ْرد أو َّ‬ ‫ِ‬
‫املذهب احلنف ِّي َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِم َن‬
‫اب املعذر َّ‬ ‫الش ِّ‬
‫ملس‬ ‫املالك ِّي َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫مكروه ًا‪ )3(.‬ومث َلام أسل ْفنا ِّ‬
‫أن َ‬ ‫املذهب‬ ‫حكم فقها ُء‬ ‫َ‬ ‫كر‪ ،‬فقدْ‬ ‫الذ َ‬ ‫ُ‬
‫املذهب‬ ‫ِ‬ ‫وباملثل‪ ،‬أ َّكدَ فقها ُء‬ ‫ِ‬ ‫الوضوء‪.‬‬ ‫ينقض ُ‬ ‫ٍ‬
‫اب املعذر بشهوة ُ‬ ‫ِ‬ ‫األ ْم َرد أو َّ‬ ‫ِ‬
‫الش ِّ‬
‫ملس ُهم أو اخللو َة هبِم‬ ‫لامن ُم َباح ًا‪َّ ،‬‬ ‫كان النَّظر إىل ِ‬
‫الغ ِ‬ ‫افع ِّي أ َّن ُه حتَّى لو َ‬ ‫الش ِ‬ ‫َّ‬
‫فإن َ‬ ‫ُ‬
‫ات أو اخللو ُة هبِ َّن‪.‬‬ ‫ِّساء األجنبِي ِ‬ ‫وبالقياس حيرم ملس الن ِ‬ ‫ِ‬ ‫أخرى‬ ‫ِ‬
‫َّ‬ ‫ُ ُ‬ ‫ومر ًة َ‬ ‫محُ َ َّرمان‪َّ ،‬‬
‫ياد ُّي ( ُتوفيِّ َ سن َة ‪1615‬م)‪( :‬اخللو ُة باأل ْم َر ِد‬ ‫الز ِ‬ ‫عيل ِّ‬ ‫قال الفقي ُه املصرْ ِ ُّي ُّ‬ ‫وهلذا َ‬
‫مرعي‬ ‫افع َّي ِة)‪ )4(.‬واستشهدَ‬ ‫جسم ِه حرام حتَّى يف ال َّطري َق ِة الر ِ‬ ‫ِ‬ ‫جزء ِم ْن‬ ‫أو ملس ٍ‬
‫ُّ‬ ‫َّ‬ ‫ٌ‬ ‫ُ‬
‫بيح أو النَّو ُم‬ ‫الص ِ‬ ‫ِ‬ ‫ف الكرم ُّي ٍ‬ ‫ِ‬
‫برأي يفيدُ ‪( :‬حر َم ْت اخللو ُة باأل ْم َرد َّ‬ ‫يوس َ‬
‫ب ُن ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ (‪)5‬‬ ‫ِ‬
‫َّظر إىل‬ ‫فكرة حتري ِم الن ِ‬ ‫ِ‬
‫استمرار‬ ‫الرغ ِم ِم ْن‬ ‫بجانبِه‪ ،‬كام اخللو ُة باملرأة)‪ .‬وعىل ُّ‬
‫ِ‬
‫ظاهر َّي ًا عىل‬ ‫ِ‬ ‫الفقهاء ـ‬ ‫رأي األق ِّل َّي ِة َ‬
‫بني‬ ‫بوصفها َ‬
‫ِ‬
‫ناهيك عن اخللوة به ْ‬
‫ِ‬ ‫َ‬ ‫األ ْم َر ِد‬
‫كتابات‬ ‫ِ‬ ‫البارز يف‬‫ِ‬ ‫موقعها‬ ‫ِ‬ ‫للحفاظ عىل‬ ‫ِ‬ ‫يكفي‬ ‫َت مؤ ِّثر ًة بام ِ‬ ‫األقل ـ إلاَّ أنهَّ ا كان ْ‬ ‫ِّ‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫احلقبة‪.‬‬ ‫ِ‬
‫هذه‬

‫مطارح ِة‬
‫َ‬ ‫ٍ‬
‫معذر يف‬ ‫شاب‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫(املحاج َجات) املنسو َبة إىل ٍّ‬
‫َ‬ ‫وفق إحدَ ى‬ ‫وعىل ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َّظر‬ ‫ابق ‪َّ -‬‬
‫فإن الن َ‬ ‫عيل الدَّ َّبا ِغ امليقاتيِ ِّ األدبِ َّية ‪ -‬التي تناو ْلناها يف الفص ْل َّ‬
‫الس ِ‬
‫ِّ‬

‫رقاين‪ ،‬رشح املخترص‪.176 :1 ،‬‬ ‫  الز ّ‬


‫ّ‬ ‫(((‬
‫ميل‪ ،‬فتاوى‪ 65-64 :1 ،‬كرر فقهاء الحقون هذا احلكم‪ .‬انظر ابن‬ ‫الر ّ‬
‫  خري الدّ ين ّ‬ ‫(((‬
‫عابدين‪ ،‬العقود الدّ ّر ّية‪.75 :1 ،‬‬
‫  ابن عابدين‪ ،‬ر ّد املحتار‪.378 :1 ،‬‬ ‫(((‬
‫الشربام ّل ّيس‪ ،‬حاشية‪.193 :6 ،‬‬‫  منقول يف ّ‬ ‫(((‬
‫  الكرمي‪ ،‬غاية املنتهى‪.7 :3 ،‬‬
‫ّ‬ ‫(((‬
‫اإل ْسال ِم ِّي‬ ‫ال ال َع َر ِب ِّي ِ‬ ‫جل ْن ِس َّي ِة يِف ال َع مَ ِ‬ ‫َما َق ْب َل امل ِْثلِ َّي ِة ا ِ‬ ‫‪322‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ويستتبع ذلِ َك َّ‬


‫أن اخللو َة به محُ َ َّر َم ٌة‬ ‫ُ‬ ‫اح‪،‬‬ ‫ِ‬
‫املعذر ُم َب ٌ‬ ‫َّظر إىل‬ ‫ِ‬
‫إىل األ ْم َرد محُ َ َّر ٌم بينَام الن ُ‬
‫ِ‬
‫بشأن الن ِ‬ ‫َ‬ ‫ِ ِ (‪)1‬‬ ‫ِ‬
‫َّظر وامتدَّ إىل‬ ‫اخلالف‬
‫ُ‬ ‫وتفاعل هذا‬ ‫باملرأة األجنب َّية‪.‬‬ ‫كام اخللو ُة‬
‫كاتب الترَّ اج ِم احللبِ ُّي اب ُن احلنبليِ ِّ عن‬
‫ُ‬ ‫ث‬ ‫الفقه َّي ِة‪ ،‬إذ حتدَّ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫احللقات‬ ‫ِ‬
‫خارج‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الغلامن‪ ،‬فإذا َ‬ ‫(كان مع هذا ُ‬ ‫َ‬ ‫ٍ (‪)2‬‬
‫أرافع ٌّي‬ ‫قيل له‬ ‫حب‬
‫يميل إىل ِّ‬ ‫َصان ِع سنبوسك‪:‬‬
‫(‪)3‬‬ ‫قال ِ‬
‫رافع ٌّي)‪.‬‬ ‫نوو ٌّي‪َ ،‬‬ ‫أنت أ ْم ِ‬ ‫َ‬
‫َّ‬
‫ يف الشري َع ِة اإلسال ِم َّي ِة‬ ‫ِّال ُ‬
‫لواط‬
‫لامن أو‬ ‫والغ ِ‬ ‫ِّساء ِ‬ ‫َّظر إىل الن ِ‬ ‫اهلواجس املت َِّص َل ِة بالن ِ‬
‫ِ‬ ‫يعود السبب يف ِ‬
‫هذه‬ ‫ُ َّ ُ‬
‫ِ‬
‫َّعامل مع هذه األفعال عىل أنهَّ ا‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اخللوة هبم يف جزء منه إىل ائتالف الت ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ملس ِهم أو‬
‫ِ‬
‫الكبائر‪.‬‬ ‫الرتكاب واحدَ ٍة ِم َن‬ ‫ِ‬ ‫مات)‬
‫(مقدَّ ٌ‬
‫املثال املرت َب َة ال َّثانِ َي َة بعدَ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫سبيل‬ ‫الزنا يف‬ ‫يشغل ِّ‬‫ُ‬ ‫َّفق عليه‪،‬‬ ‫ب املت ِ‬ ‫وبحس ِ‬
‫ْ‬
‫وتتعامل الشرَّ ي َع ُة‬ ‫ُ‬ ‫اخلطور ُة واجلسا َم ُة‪،‬‬ ‫حيث‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬
‫والقتل م ْن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الكفر أو الشرِّ ك‬ ‫ِ‬
‫َ‬
‫حي ٌة لـ ِّ‬ ‫ِ‬ ‫ٌ‬ ‫اإلسالم َّي ُة معه عىل أ َّن ُه خما َل َف ٌة أو‬ ‫ِ‬
‫(حق اهللِ)‬ ‫انتهاك أو معصي ٌة صرَ َ‬
‫وللزنا عقوب ٌة أو‬ ‫ني) ِّ‬ ‫ِ‬
‫اآلدم ِّي َ‬ ‫(حق‬
‫عرف بـ ِّ‬ ‫البرش أو ما ُي ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫حقوق‬ ‫ِ‬
‫انتهاك‬ ‫َ‬
‫مقابل‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الفقه َّي ُة املعن َّي ُة‬ ‫ناقش ْت األدبِ َّي ُ‬ ‫السنَّة‪ )4(.‬وقدْ َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ات‬ ‫ُور يف القرآن و ُّ‬ ‫حدٌّ معينَّ ٌ مذك ٌ‬
‫عرف با ُّللواط ضم َن هذا الس ِ‬
‫ياق املبينَّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫امر َس َة الشرَّ ِج َّي َة أو ما ُي ُ‬ ‫بفرو ِع الدِّ ِ‬
‫ِّ‬ ‫ين ا ُمل َ‬
‫يف أعال ُه‪.‬‬

‫عرو َف ِة يف‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬


‫الفقه َّية األرب َعة ا َمل ُ‬ ‫ِ‬
‫املذاهب‬ ‫ِ‬
‫االختالف النِّسبِ ِّي َ‬
‫بني‬ ‫وبالن ِ‬
‫َّظر إىل‬
‫املنص ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫وص‬ ‫نحو العقوبة ُ‬ ‫اإلمرباطور َّية العثامن َّية فيام يتَّص ُل بتقييمها وموقفها َ‬
‫هذه املسأ َل ِة ٍّ‬
‫كل‬ ‫املذاهب يف ِ‬
‫ِ‬ ‫هذه‬ ‫مناقش َة ِ‬
‫آراء ِ‬ ‫َ‬ ‫حال ا ِّل ِ‬
‫لواط‪ ،‬ارتأ ْي ُت‬ ‫عليها يف ِ‬

‫  املرادي‪ ،‬سلك الدّ رر‪.243-242 :3 ،‬‬


‫ّ‬ ‫(((‬
‫بالسمن وحتشى بقطع‬
‫  السنبوسك وهي فطائر تعمل من رقاق العجني املعجون ّ‬ ‫ّ‬ ‫(((‬
‫ا ّللحم واجلوز‪.‬‬
‫ّ‬
‫احلنبيل‪ ،‬درر احلبب‪.278 :2 ،‬‬ ‫  ابن‬ ‫(((‬
‫اإلسالمي‪.179-175 ،‬‬
‫ّ‬ ‫  شاشت‪ ،‬مقدّ مة إىل الفقه‬ ‫(((‬
‫لواط ُّي َ‬
‫ون‬ ‫الث‪ُّ :‬ال ِ‬ ‫الث ُ‬ ‫الفص ُل َّ‬ ‫ْ‬
‫‪323‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫عىل حدَ ٍة‪.‬‬

‫املذهب احلن ِف ُّي‬ ‫ُ‬


‫متثيل ِه املذهب الر ِ‬ ‫بفضل ِ‬ ‫ِ‬ ‫خاص ًة‬ ‫ُ‬ ‫كان املذهب ِ‬
‫سم َّي‬ ‫َ َّ‬ ‫يشغل مكان ًة َّ‬ ‫احلنف ُّي‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫بني‬ ‫وأنص ُار َ‬ ‫أتباع َ‬ ‫املهيمن يف ترك َّيا ٌ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫املذهب‬ ‫اإلمرباطور َّي ِة العثامنِ َّي ِة‪ )1(.‬وهلذا‬ ‫ِ‬ ‫يف‬
‫ِ ِ‬ ‫اإلمرباطوري ِة السن َِّة الن ِ‬ ‫ِ‬
‫املذهب‬ ‫َ‬ ‫أكثر ُهم‬ ‫ني بالعربِ َّية الذي َن تبنَّى ُ‬ ‫َّاطق َ‬ ‫ِ َّ ُّ‬ ‫مسلمي‬
‫جلهة عد ِم‬ ‫املذاهب األربع ِة ِ‬ ‫ِ‬ ‫بني‬
‫بالفرادة َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫احلنف ُّي‬ ‫املذهب‬ ‫افع ِّي‪ .‬وقدْ مت َّي َز‬ ‫الش ِ‬ ‫َّ‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬ ‫بوص ِف ِه أحدَ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬
‫عاقب‬ ‫ثم َة (حدٌّ ) ُي ُ‬ ‫ليس َّ‬ ‫الزنا‪ ،‬ولذا َ‬ ‫تنويعات ِّ‬ ‫تعامله مع ا ِّللواط ْ‬
‫ِ‬
‫الفعل‪.‬‬ ‫مرتكب هذا‬ ‫ُ‬ ‫بموجبِ ِه‬
‫جزء منه‪ ،‬إذ‬ ‫تعريفي ًا يف ٍ‬ ‫ِ‬ ‫كان‬‫احلكم َ‬ ‫الذي استندَ إليه هذا‬ ‫املنطقي ِ‬ ‫ِ‬ ‫واملبدأ‬
‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫ُّ‬
‫[ذكر وأن َثى]‬ ‫ٍ‬ ‫شخص ِ‬
‫ني‬ ‫بني‬ ‫ليِ‬
‫الزنا أ َّن ُه االت َِّص ُال اجلن ُّ املهب ُّ َ‬‫سيِ‬ ‫املذهب ِّ‬ ‫ف‬‫يعر ُ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ِّ‬
‫بني‬ ‫أن االت َِّص َال الشرَّ ِج َّي َ‬ ‫املذهب يف َّ‬ ‫ِ‬ ‫وجيادل فقها ُء‬ ‫ُ‬ ‫اآلخ ِر‪،‬‬
‫محُ َ َّر ٍم أحدُ همُ ا عىل َ‬
‫الرغب َة التي تؤ ِّدي إليه‬ ‫ِ‬ ‫ني‪ ،‬مها َّ‬ ‫خمتلف‪ ،‬لسب َب ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫رج َل ِ‬
‫أن َّ‬ ‫ٌ‬ ‫أمر‬
‫رجل وامرأة ٌ‬ ‫ني أو‬
‫َّتائج ذاتهِ ا‬ ‫يسفر عن الن ِ‬ ‫ِ‬ ‫العادة) يف ال َّط ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬
‫ب‪ ،‬وأ َّن ُه ال ُ‬ ‫فحس ُ‬ ‫الفاعل ْ‬ ‫رف‬ ‫تعتمل (يف‬
‫الكتاب‬ ‫ِ‬ ‫الزنا ُحدِّ َد ْت يف‬ ‫الزنا ألجلها‪ ،‬وزياد ًة عىل ذل َك‪ ،‬فعقوب ُة ِّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫التِي ُح ِّر َم ِّ‬
‫ِ‬
‫العقوبة‬ ‫بشأن نو ِع‬ ‫ِ‬ ‫حمم ٍد فيام بين َُهم‬ ‫(القرآن) يف ِ‬ ‫ِ‬
‫َّبي َّ‬ ‫حاب الن ِّ‬ ‫أص ُ‬ ‫اختلف ْ‬ ‫َ‬ ‫حني‬
‫وبعض ُهم‬ ‫ُ‬ ‫بحرق ِهم أحيا ًء!‬ ‫ِ‬ ‫بعض ُهم‬ ‫قال ُ‬ ‫ني؛ إذ َ‬ ‫التِي يتعينَّ ُ إيقا ُعها با ِّللواطِ ِّي َ‬
‫اآلخ ُر‬ ‫وبعض ُهم َ‬ ‫ِ‬
‫باحلجارة‪،‬‬ ‫بناء مرتفعٍ» و ُيت َب ُع‬ ‫«جبل أو ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫شاهق‬ ‫ٍ‬ ‫برميهم ِم ْن‬ ‫ِ‬
‫ُ‬
‫تدل ضمن ًا‬ ‫هذه ُّ‬ ‫مثل ِ‬ ‫أن أمثل ًة َ‬ ‫الرغ ِم ِم ْن َّ‬ ‫عليهم؛ إىل ِ ِ‬ ‫جدار ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫آخره‪ .‬وعىل ُّ‬ ‫بقلب‬
‫االستنتاج‬ ‫الزنا‪ ،‬إلاَّ َّ‬
‫أن‬ ‫عقوبة ِّ‬ ‫ِ‬ ‫بكثري ِم ْن‬ ‫ٍ‬ ‫وأقسى‬ ‫لواط أشدُّ‬ ‫أن عقوب َة ا ِّل ِ‬ ‫عىل َّ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫احلصكفي‪ ،‬الدّ ّر املنتقى‪،‬‬
‫ّ‬ ‫(((   انظر شيخي زاده‪ ،‬جممع األهنر‪ 595 :1 ،‬وما بعدها؛‬
‫الرائق‪ 17 :5 ،‬وما بعدها؛ ابن عابدين‪،‬‬ ‫‪ 595 :1‬وما بعدها؛ ابن نجيم‪ ،‬البحر ّ‬
‫احلصكفي‪ ،‬الدّ ّر املختار‪ 169 :3 ،‬وما بعدها؛‬
‫ّ‬ ‫ر ّد املحتار‪ 169 :3 ،‬وما بعدها؛‬
‫السن ّية رشح‬‫الكواكبي‪ ،‬الفوائد ّ‬
‫ّ‬ ‫هطاوي‪ ،‬حاشية‪ 397 :2 ،‬وما بعدها‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫أمحد ال ّط‬
‫السنّ ّية‪ .355 :2 ،‬ولالستزادة بشأن مرجع ّية األعامل التي استشهد‬‫ّ‬ ‫الفرائد‬ ‫نظم‬
‫اإلسالمي‪ ،263-261 ،‬واملقاالت‬
‫ّ‬ ‫هبا كل مذهب‪ ،‬انظر شاشت‪ ،‬مقدّ مة إىل الفقه‬ ‫ّ‬
‫لكل مذهب يف (موسوعة اإلسالم)‪.‬‬ ‫املخصصة ّ‬‫ّ‬
‫اإل ْسال ِم ِّي‬ ‫ال ال َع َر ِب ِّي ِ‬ ‫جل ْن ِس َّي ِة يِف ال َع مَ ِ‬ ‫َما َق ْب َل امل ِْثلِ َّي ِة ا ِ‬ ‫‪324‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ِ‬
‫بوجوب‬ ‫ون ُ‬
‫يقول‬ ‫ِ‬
‫احلنف ُّي َ‬ ‫وص َل إليه الفقها ُء‬ ‫ِ‬ ‫ِ سيِ‬
‫املدر َّ (‪ )scholastic‬الذي َ‬
‫العادة ِم َن‬
‫ِ‬ ‫أقل قسو ًة يف‬ ‫ِ‬
‫وهذه العقوب ُة ُّ‬ ‫فعل ا ِّل ِ‬
‫لواط بـ (الت ِ‬
‫َّعزير)‬ ‫معاق َب ِة ِ‬
‫(‪)1‬‬
‫(احلدِّ )‪.‬‬
‫املثال فال ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫شكل اجل ْل ِد بالس ِ‬
‫أن‬ ‫ينبغي ْ‬ ‫سبيل‬ ‫وط يف‬ ‫َّ‬ ‫َ َ‬ ‫َّعزير‬
‫أخذ الت ُ‬ ‫فإذا َ‬
‫العدد األدنَى يف‬ ‫ِ‬ ‫أقل ِم َن‬ ‫وهو ُّ‬ ‫اجللدات تسع ًا وثالثِ َ‬ ‫ِ‬
‫ني جلدَ ةً‪َ ،‬‬ ‫يتجاوز عد ُد‬
‫َ‬
‫حيث املبدأ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬
‫رتك ـ م ْن‬ ‫َّعزير” ُي ُ‬ ‫كل الذي يت ُ‬ ‫ِ‬ ‫الش ُ‬‫وكان َّ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬
‫َّخذ ُه “الت ُ‬ ‫عقوبة (احلدِّ )‬
‫األكثر شيوع ًا التِي‬ ‫ُ‬ ‫َت العقوب ُة‬ ‫وحصافتِ ِه؛ وكان ْ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬
‫املسؤول‬ ‫القاض‬ ‫يِ‬ ‫ِ‬
‫تقدير‬ ‫ـ إىل‬
‫إمكان احلك ِم‬ ‫ِ‬ ‫السج ُن مع‬ ‫ِ ِ‬ ‫يقرها الفقها ُء يف َ‬
‫تلك احلقبة ه َي اجللدُ و ‪ /‬أو َّ‬ ‫ِّ‬
‫عليهم به عىل وفقِ‬ ‫الفعل ‪ -‬أو ينبغي ـ أن يحُ ك ََم ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫باملوت عىل مدمني هذا‬ ‫ِ‬
‫حال ا ُّل ِ‬ ‫غرامة يف ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫الفاعل يعتمدُ‬ ‫ِ‬ ‫الئط‬ ‫ِ‬
‫فرض‬ ‫نحو‬
‫توج ٌه عا ٌم َ‬ ‫وثم َة ُّ‬ ‫بعض ِهم‪َّ .‬‬
‫ون‬ ‫املتزو ُج َ‬ ‫ِّ‬ ‫(فالر ُ‬
‫جال‬ ‫ِّ‬ ‫االجتامع َّي ِة‬
‫ِ‬ ‫اد َّي ِة وحالتِ ِه‬ ‫مقدارها عىل ظروفِ ِه االقتص ِ‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫ني ِ‬
‫[غري‬ ‫ِ‬
‫املتزوج َ‬ ‫رب م ْن ِ‬
‫غري‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫إحصان] ُيعا َق ُب َ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫ِّ‬ ‫ون بقسوة أك َ‬ ‫[بمعنَى إنهَّ ُم يف حال َ‬
‫فـ‬ ‫املتنو َع ِة التِي تؤ ِّل ُ‬ ‫ِ ِ‬
‫ني العثامن َّية ِّ‬ ‫َّوج ُه يف القوانِ ِ‬ ‫برز هذا الت ُّ‬ ‫ني]) وقدْ َ‬ ‫املحصنِ َ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫يصد ُرها القضا ُة الذي َن تع ِّين ُُهم الدَّ ول ُة ضم َن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫نظر َّي ًا ـ‬ ‫ِ‬
‫األساس لألحكا ِم التي ْ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫السلبِ ِّي ‪ /‬املستقبِ ِل‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫العادة‬ ‫فتكون يف‬‫ُ‬ ‫اإلمرباطور َّية‪ ،‬أ َّما عقوب ُة ا ِّللواط َّ‬ ‫حدو ُد‬
‫ِ (‪)2‬‬ ‫يِ‬ ‫رت ُك‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫القاض املسؤول‪.‬‬ ‫تقديرهمُ ا إىل‬‫ُ‬ ‫السياط وغرام ًة ُي َ‬ ‫عدد ًا م ْن جلدات ِّ‬

‫يب َو ِمنْ ُه ال َّت ْع ِز ُيز ا َّل ِذي‬ ‫ِ‬


‫يم‪َ .‬و ُه َو َأ ْي ًضا الت َّْأد ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫عزر‪( :‬ال َّت ْع ِز ُير) الت َّْوق ُري َوال َّت ْعظ ُ‬
‫(((   يف املختار‪ّ :‬‬
‫ون الحْ َدِّ ‪.‬‬
‫ُه َو الضرَّْ ُب ُد َ‬
‫واحلدود هي عقوبات جسد ّية ّقررهتا الشرّ يعة اإلسالم ّية عىل جرائم حمدّ دة تتع ّلق‬
‫جنائي‬
‫ّ‬ ‫السارق (بتفصيل وحتقيق‬ ‫الزاين وقطع يد ّ‬ ‫بـ(حقوق اآلدم ّيني) كجلد ّ‬
‫دقيقني)‪ .‬ويمكن أن يكون التّعزير (عقوبة) غرامة مال ّية؛ لكن يشرتط هنا ألاّ يبلغ‬
‫الس ّن عمدا كان‬ ‫بنص وهو (عرش نوق) وهي غرامة قلع ّ‬ ‫مقررة ّ‬ ‫أقل دية ّ‬ ‫سقفها ّ‬
‫مفصلة يف مقادير الدّ يات‬ ‫ّ‬ ‫حتديدات‬ ‫ة‬ ‫ي‬
‫ّ‬ ‫اإلسالم‬ ‫يعة‬ ‫للشرّ‬ ‫ّ‬
‫أن‬ ‫إىل‬ ‫ويشار‬ ‫خطأ‪.‬‬ ‫القلع أم‬
‫لغوي)‪.‬‬‫ّ‬ ‫ناقة‪(.‬املقوم ا ّل‬
‫ّ‬ ‫الواقعة عىل النّفس واألعضاء أق ّلها عرش نوق وأكثرها مئة‬
‫العثامين القديم‪.103-102 ،‬‬ ‫ّ‬ ‫اجلنائي‬
‫ّ‬ ‫دراسات يف القانون‬ ‫(((   هيد‪َ ،‬‬
‫لواط ُّي َ‬
‫ون‬ ‫الث‪ُّ :‬ال ِ‬ ‫الث ُ‬ ‫الفص ُل َّ‬ ‫ْ‬
‫‪325‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫الشاف ِع ُّي‬ ‫املذهب َّ‬ ‫ُ‬


‫اجلزير ِة‬ ‫َ‬ ‫وغرب‬ ‫ِ‬ ‫السفلىَ‬ ‫الشافع ِّي يف سور َّيا ومصرْ َ ُّ‬
‫املذهب َّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫أتباع‬
‫ينترش ُ‬ ‫ُ‬
‫نظرة [فقهاء]ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الرغ ِم م ْن‬ ‫السنَّة يف العراق‪ .‬وعىل ُّ‬
‫(‪)1‬‬ ‫ِ‬
‫وبني ُّ‬ ‫العربِ َّي ِة (احلجاز) َ‬
‫ِ‬
‫أن العقوب َة‬ ‫الزنا‪ ،‬إلاَّ َّ‬ ‫فرع َّي ًا ِم َن ِّ‬ ‫لواط بوص ِف ِه تنويع ًا أو نوع ًا ِ‬
‫ْ‬
‫املذهب إىل ا ِّل ِ‬ ‫ِ‬
‫ليِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫غري مألو َفة إىل حدٍّ ما! ففي حال االت َِّصال املهب ِّ‬ ‫وص عليها تبدُ و َ‬ ‫املنص َ‬ ‫ُ‬
‫جم باحلجارة حتَّى‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫تكون عقوب ُة مقرتف‬ ‫ُ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ا ُمل َح َّر ِم َ‬
‫الر َ‬ ‫الفعل َّ‬ ‫رجل وامرأة]‬ ‫[بني‬
‫رشع َّي ًا‬ ‫ني زواج ًا ِ‬ ‫متزو َج ِ‬ ‫الر ُ‬ ‫حمصن ًا بمعنَى إذا َ‬ ‫املوت إذا َ‬ ‫ِ‬
‫جل أو املرأ ُة ِّ‬ ‫كان َّ‬ ‫كان َ‬
‫ِ‬ ‫(ونص ُفها‬ ‫حمصن ًا فتكون العقوب ُة مئ َة جلدَ ٍة‬
‫للعبد)‬ ‫ْ‬ ‫َصحيح ًا‪ ،‬أ َّما إذا مل ْ يك ْن َ‬
‫ني أ ْم‬ ‫بني رج َل ِ‬ ‫العالقة الشرَّ ِج َّي ِة سوا ٌء َ‬ ‫ِ‬ ‫حال‬ ‫والنَّفي ملدَّ ِة عا ٍم‪ .‬ويحُ كَم الفر ُد يف ِ‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫استثناء ال َّطرفِ‬ ‫ِ‬ ‫رس َّي َت ُه) بالعقوبة ذا ا مع‬ ‫تهِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫(ليس ْت زوج َت ُه وال ِّ‬ ‫رجل وامرأة َ‬
‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫مألوف إىل حدٍّ‬ ‫غري‬
‫سبب ُ‬ ‫ٌ‬ ‫وثم َة‬
‫الرج ِم‪َّ .‬‬ ‫السلبِ ِّي ‪ /‬املفعول به م ْن عقوبة َّ‬ ‫َّ‬
‫شمول الدُّ ب ِر بحالةِ‬ ‫ِ‬ ‫مسوغ ًا هلذا احلك ِم‪ ،‬هو عد ُم‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫ما‪ ،‬يقدِّ ُم ُه فقها ُء املذهب ِّ‬
‫ِ‬ ‫حمم ٍد ِ‬ ‫ُ‬ ‫ان‪ .‬إذ بينَّ َ الفقي ُه املصرْ ِ ُّي‬ ‫اإلحص ِ‬
‫البجريم ِّي ( ُتوفيِّ َ‬ ‫َ‬ ‫عمر‬‫بن َ‬ ‫سليامن ب ُن َّ‬ ‫َ‬
‫الشخص الذي ُي ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫فعل به يف‬ ‫«اإلحصان» يف حال َّ‬ ‫َ‬ ‫مه َّية‬ ‫سن َة ‪1806‬م) انتفا َء أ ِّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫العضو‬ ‫ِ‬
‫إليالج‬ ‫ثم َة وسيل ُة يمكن خت ُّي ُلها‬ ‫ليس َّ‬ ‫ب البجريم ِّي َ‬ ‫بحس ِ‬ ‫الدُّ ُب ِر‪ ،‬أل َّن ُه ْ‬
‫املخص َص ِة‬ ‫َّ‬ ‫ان» فرق ًا يف العقو َب ِة‬ ‫حال «اإلحص ِ‬
‫َ‬ ‫ث ُ‬ ‫دبر كي تحُْ ِد َ‬ ‫رشع َّي ًا يف ٍ‬ ‫كري ِ‬
‫الذ ِ ِّ‬ ‫َّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ (‪)2‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ظاهر َّي ًا‬ ‫متض َّم ٌن‬ ‫منطق ٌّي َ‬ ‫تعليل‬ ‫ٌ‬ ‫وثم َة‬
‫َّ‬ ‫املفعول به يف العالقة‪.‬‬ ‫السلبِ ِّي‬ ‫لل َّطرف َّ‬
‫املهبل َّي ِة‬ ‫ِ‬ ‫اجلنس َّي ِة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫العالقة‬ ‫فرص ِة ممُ َار َس ِة‬ ‫اإلحصان تعني توا ُف َر َ‬
‫ِ ِ‬
‫َ‬ ‫حال‬ ‫أن َ‬ ‫يفيدُ َّ‬
‫جل‬ ‫الر ِ‬ ‫ِ‬ ‫جل‪ ،‬ويتعينَّ ُ عىل هذا الوض ِع ْ‬ ‫للر ِ‬ ‫ِ‬
‫يشبع اندفاعات َّ‬ ‫َ‬ ‫أن‬ ‫املرشو َعة َّ‬
‫(املهبل َّي ِة ‪ -‬املستقبِ َل ِة)‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫املرأة‬ ‫ِ‬
‫واندفاعات‬ ‫ِ‬
‫الطبيع َّي َة‬ ‫اإليالج َّي َة)‬ ‫ِ‬ ‫(القضيبِ َّي َة ‪-‬‬
‫(الفاعل) أو (املولِج) يف‬ ‫ِ‬ ‫عمل ال َّط ِ‬
‫رف‬ ‫الذي يؤ ِّدي َ‬ ‫جل املحصن ِ‬
‫َ َ‬ ‫الر َ‬ ‫وإن َّ‬ ‫َّ‬

‫الر ّ‬
‫ميل‪ ،‬هناية املحتاج‪ 422 :7 ، ،‬وما بعدها؛ ابن حجر‪ ،‬حتفة املحتاج‪،‬‬ ‫(((   شمس الدّ ين ّ‬
‫الباجوري‪،‬‬
‫ّ‬ ‫بعدها؛‬ ‫وما‬ ‫‪153‬‬ ‫‪:4‬‬ ‫احلبيب‪،‬‬ ‫حتفة‬ ‫‪،‬‬ ‫البجريمي‬
‫ّ‬ ‫بعدها؛‬ ‫‪ 101 :9‬وما‬
‫يب‪ ،‬حاشية‪ 178 :4 ،‬وما بعدها‪.‬‬
‫حاشية‪ 235 :2 ،‬وما بعدها؛ القليو ّ‬
‫  البجريمي‪ ،‬حتفة احلبيب‪.153 :4 ،‬‬
‫ّ‬ ‫(((‬
‫اإل ْسال ِم ِّي‬ ‫ال ال َع َر ِب ِّي ِ‬ ‫جل ْن ِس َّي ِة يِف ال َع مَ ِ‬ ‫َما َق ْب َل امل ِْثلِ َّي ِة ا ِ‬ ‫‪326‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ويستحق‬ ‫ُّ‬ ‫متعمد ًا‬ ‫الفعل ِّ‬ ‫َ‬ ‫يقرتف هذا‬ ‫ُ‬ ‫غري مرشو َع ٍة تبع ًا لذلِ َك؛‬ ‫جنس َّي ٍة ِ‬ ‫عالقة ِ‬ ‫ٍ‬
‫املش َارك َِة‬ ‫حال َ‬ ‫ِ‬ ‫ليس مؤكَّد ًا يف‬ ‫املحص ِن‪ .‬ومع هذا‪َ ،‬‬ ‫َ‬ ‫أقسى ِم ْن ِ‬
‫غري‬ ‫عقاب ًا َ‬
‫جعل‬ ‫ِ‬ ‫حال اإلحص ِ‬
‫ان يف‬ ‫تسهم ُ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫اإلراد َّية يف العالقة اجلنس َّية الشرَّ ج َّية‪ ،‬فيام مل ْ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫أكثر بشاع ًة‪.‬‬ ‫تعمد ًا‪ ،‬وتبع ًا لذل َك َ‬ ‫أكثر ُّ‬ ‫املخا َل َفة تبدُ و َ‬
‫احلقبة حك ًام خمتلف ًا مبنِ َّي ًا‬ ‫ِ‬ ‫افعي ِة يف ِ‬
‫هذه‬ ‫الش َّ‬
‫وإضاف ًة إىل ذلِ َك‪ ،‬أورد فقهاء َّ ِ‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫حممد ‪ -‬لكن َُّهم مل ْ يتبنَّو ُه [أو يعم ُلوا به]‪َ ( :‬م ْن‬ ‫ٍ‬ ‫منس ٍ‬ ‫ٍ‬
‫َّبي َّ‬ ‫وب إىل الن ِّ‬ ‫عىل حديث ُ‬
‫واملفعول به) وقدْ عُدَّ هذا‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫الفاعل‬ ‫لوط‪ ،‬فاقت ُلوا‬ ‫فعل قو ِم ٍ‬ ‫يرتكب َ‬ ‫وجدمتُو ُه‬
‫ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫الس ِّت التي تُعدُّ‬ ‫وض ِّم َن يف ثال َثة م ْن جمامي ِع األحاديث ِّ‬ ‫احلديث َصحيح ًا‪ُ ،‬‬ ‫ُ‬
‫لحظ‬ ‫الرغ ِم م ْن ذل َك‪ُ ،‬ي ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫املص ِ‬ ‫ِ‬
‫السنَّة‪ .‬وعىل ُّ‬ ‫ني ُّ‬ ‫املعتمدَ ة لدَ ى املسلم َ‬ ‫َ‬ ‫ادر‬ ‫م َن َ‬
‫حيح معينَّ ٍ وحك ٍم‬ ‫ٍ‬ ‫ارش ٍة َ‬ ‫ِ ِ ٍ‬ ‫ِ‬
‫حديث َص ٍ‬ ‫بني‬ ‫العمو ِم عد ُم وجود صلة ُم َب َ‬ ‫عىل وجه ُ‬
‫أن يتجاه ُلوا حديث ًا‬ ‫املثال ْ‬ ‫سبيل ِ‬ ‫ِ‬ ‫الفقهاء يف‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫بقدرة‬ ‫فقه ٍّي‪ ،‬إذ‬ ‫مذهب ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ادر عن‬ ‫َص ٍ‬
‫يبيح‬ ‫أن حديث ًا ُ‬ ‫آخ َر‪ .‬وبقدرتهِ ِم كذلِ َك التَّوكيدُ عىل َّ‬ ‫بحديث َ‬ ‫ٍ‬ ‫ويستعينُوا‬‫ِ‬ ‫مع َّين ًا‬
‫ِ‬ ‫فيجب ألاَّ‬ ‫ِ‬
‫ني وجيع َل ُه رشع َّي ًا؛‬ ‫ِ‬ ‫َ‬
‫ب بل قطع َّي‬ ‫فحس ُ‬ ‫يكون َصحيح ًا ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫قتل املسلم َ‬
‫َني م ْن‬ ‫ِ‬ ‫واملفعول به مل ير ْد يف اثن ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الفاعل‬ ‫قتل‬ ‫جييز َ‬ ‫واحلديث الذي ُ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬
‫الدِّ اللة‪،‬‬
‫ْ‬
‫البخار ِّي‬ ‫ِ‬ ‫حيحي‬ ‫ِ‬ ‫مه َّي ًة وأعالها شأن ًا َ‬ ‫ِ‬ ‫مص ِ‬ ‫ِ‬
‫(ص َ‬ ‫السنَّة َ‬ ‫بني ُّ‬ ‫ادر احلديث أ ِّ‬ ‫أكثر َ‬
‫القياس مع‬ ‫ِ‬ ‫جزء منه إىل‬ ‫افعي يف ٍ‬ ‫املذهب َّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ومسل ٍم)‪ )1(.‬وقدْ استندَ‬
‫الش ِّ‬ ‫حكم‬
‫ُ‬
‫أن‬‫يذكر أحدُ ها َّ‬ ‫أخرى‪،‬‬ ‫َ‬ ‫جزء َ‬ ‫جنسي ًا‪ ،‬ويف ٍ‬ ‫ف ِ‬ ‫الزنا املتخالِ ِ‬
‫ُ‬ ‫أحاديث َ‬ ‫آخ َر إىل‬ ‫َّ‬ ‫ِّ‬
‫آخر يور ُد‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫الط ٌ‬ ‫قال‪( :‬إذا َ‬ ‫حممد ًا َ‬
‫برجل‪ ،‬فهام زانيان) وحديث َ‬ ‫رجل‬ ‫َّبي َّ‬ ‫الن َّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫عيل‬ ‫َّبي ِّ‬ ‫يحة ص ْه ِر الن ِّ‬ ‫ان‪ ،‬استندَ فيه إىل نص َ‬ ‫بن ع َّف َ‬ ‫عثامن ِ‬ ‫َ‬ ‫حك ًام للخلي َفة ال َّثالث‬
‫أن هذهِ‬ ‫ٍ‬
‫املحص ِن بمئة جلدَ ة‪ .‬إلاَّ َّ‬ ‫ِ‬ ‫طالب يقضيِ بمعاق َبة ا َّلالئط ِ‬
‫غري‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫بن أبيِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬
‫ِ (‪)2‬‬ ‫ِ‬ ‫َ‬
‫املعتمدَ ة‪.‬‬ ‫َ‬ ‫األحاديث‬ ‫األخري َة مل ْ تر ْد يف جمامي ِع‬ ‫َ‬ ‫األحاديث‬
‫يوطي‪،‬‬
‫ّ‬ ‫الس‬
‫اخلاصة باحلديث الذي يدور حول هذه املسألة يف ّ‬ ‫ّ‬ ‫(((   انظر النّقاشات‬
‫اهلروي‪ ،‬مرقاة‬
‫ّ‬ ‫احلاوي‪ 110 :2 ،‬وما بعدها؛ ابن حجر‪ ،‬الفتاوى‪242 :4 ،‬؛ القاري‬
‫املفاتيح رشح مشكاة املصابيح‪.163-162 :7 ،‬‬
‫للبيهقي (توفيّ سنة ‪ ،)1066‬وورد ال ّثاين يف‬
‫ّ‬ ‫السنن الكربى‪،‬‬
‫األول يرد يف ّ‬‫(((    احلديث ّ‬
‫رباين (توفيّ سنة ‪.)971‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ط‬ ‫لل‬ ‫الكبري‪،‬‬ ‫املعجم‬
‫لواط ُّي َ‬
‫ون‬ ‫الث‪ُّ :‬ال ِ‬ ‫الث ُ‬ ‫الفص ُل َّ‬ ‫ْ‬
‫‪327‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫العرشي َن شن َّْت احلرك ُة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫القرن‬ ‫َّاسع عشرَ َ ومطل ِع‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫أواخر القرن الت َ‬ ‫ويف‬
‫املدرس َّي ِة (‪)scholasticism‬‬ ‫ِ‬ ‫اإلسالمي هجوم ًا عىل الن ِ‬
‫َّزعة‬ ‫ِّ‬
‫ِ‬ ‫لف َّي ُة يف العالمَ ِ‬ ‫الس ِ‬
‫َّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫املصادر النَّص َّية للشرَّ ي َعة اإلسالم َّية‪ ،‬وشك ََّل‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الفقه َّية ود َع ْت إىل العودة إىل َ‬
‫ِ‬
‫وتلميذ ُه‬ ‫ابن تيم َي َة ( ُتوفيِّ َ سن َة ‪1328‬م)‬ ‫أمثال ِ‬
‫َ‬ ‫ني‬ ‫ِ‬
‫الفقهاء الس ِ‬ ‫بعض ِم َن‬
‫ابق َ‬ ‫َّ‬ ‫ٌ‬
‫ِ‬
‫األمري‬ ‫َ‬
‫إسامعيل‬ ‫بن‬‫حمم ٍد ِ‬
‫ني َّ‬ ‫اجلوز َّي ِة ( ُتوفيِّ َ سن َة ‪1350‬م) واليمن َّي ِ‬ ‫ِ‬ ‫ابن ق ِّي ِم‬‫ِ‬
‫در‬ ‫مص َ‬ ‫الشوكانيِ ِّ ( ُتوفيِّ َ سن َة ‪1834‬م) ش َّك ُلوا ْ‬ ‫وحمم ٍد َّ‬
‫َّ‬ ‫( ُتوفيِّ َ سن َة ‪1768‬م)‬
‫ِ‬
‫الفاعل‬ ‫قتل ال َّطر َف ِ‬
‫ني‬ ‫الذي يدعو إىل ِ‬ ‫احلديث ِ‬
‫ِ‬ ‫ُ‬
‫جتاهل‬ ‫َ‬
‫وكان‬ ‫ِ‬
‫احلركة‪،‬‬ ‫هلذ ِه‬‫إهلا ٍم ِ‬
‫للمدرس َّي ِة‬
‫ِ‬ ‫اد (املتشدِّ ِدي َن)‬ ‫ِ‬
‫هؤالء النُّ َّق ِ‬ ‫وجهة ِ‬
‫نظر‬ ‫ِ‬ ‫ال خاطئ ًا ِم ْن‬ ‫واملفعول به فع ً‬ ‫ِ‬
‫ِ ِ (‪)1‬‬
‫الفقه َّية‪.‬‬

‫املذهب احلنبلِ ُّي‬


‫ُ‬
‫الش ِ‬ ‫معتنق ِيه ِم َن املذه َب ِ‬ ‫ِ‬ ‫جلهة ِ‬ ‫أقل أمهي ًة ِ‬ ‫ليِ‬
‫افع ِّي‬ ‫ني َّ‬ ‫عدد‬ ‫املذهب احلنب ُّ َّ ِّ َّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫كان‬
‫للمذهب‬ ‫ِ‬ ‫أتباع‬ ‫َ‬ ‫األوسط العربيِ ِّ العثامنيِ ِّ املبكر‪.‬‬
‫ِ (‪)2‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫واحلنف ِّي يف الشرَّ ِق‬
‫ثمة ٌ‬ ‫وكان َّ‬
‫ِ‬
‫العدد‬ ‫ِ‬
‫وجود‬ ‫ودمشق؛ مع ِ‬
‫حلظ‬ ‫َ‬ ‫ونابلس‬ ‫َ‬
‫بعلبك‬ ‫مناطق يف سور َّيا ِ‬
‫مثل‬ ‫َ‬ ‫يف عدَّ ِة‬
‫َ‬
‫خارج‬
‫َ‬ ‫َت‬‫اجلزير ِة العربِ َّي ِة أو ن َْج ٍد التِي كان ْ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫وسط‬ ‫األكرب ِم َن احلناب َل ِة يف منط َق ِة‬ ‫ِ‬
‫الصحو َّي ِة يف‬ ‫ِ‬
‫الوهابِ َّية َّ‬
‫ِ‬
‫مركز للحركة َّ‬ ‫ٍ‬ ‫وحتو َل ْت إىل‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫يطرة العثامن َّية الفعل َّية‪َّ ،‬‬
‫الس ِ‬
‫َّ َ‬
‫ني‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫القرن ال َّثام َن عشرَ َ ‪ .‬ويتعينَّ ُ عىل وفق أحد أحكا ِم املذهب معاق َب ُة املشرتك َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫املهبل َّي ِة‬
‫ِ‬ ‫اجلنس َّي ِة‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫العالقة‬ ‫أطراف‬
‫ُ‬ ‫ب هبا‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫فعل ا ِّللواط بال َّطري َقة ذاتهِ ا التي ُيعا َق ُ‬
‫ِ‬ ‫يف ِ‬
‫ِ‬ ‫كان ا َّل ُ‬ ‫ا ُمل َح َّر َم ِة‪ ،‬بمعنَى إذا َ‬
‫املوت‪ ،‬أ َّما‬ ‫بالرج ِم حتَّى‬ ‫ب َّ‬ ‫حمصن ًا‪ ،‬ف ُيعا َق ُ‬ ‫الئط َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫(ونص ُفها‬ ‫بمئة جلدَ ٍة‬ ‫كان غري حمص ٍن‪ ،‬فيعا َقب ِ‬
‫املذهب‬ ‫للعبد)‪ .‬وكام يف‬ ‫ْ‬ ‫ُ ُ‬ ‫إذا َ َ َ‬
‫الروضة النّد ّية رشح الدّ رر البه ّية‪275-273 :2 ،‬؛ ابن األمري‪ ،‬سبل‬ ‫  القنوجي‪ّ ،‬‬
‫ّ‬ ‫(((‬
‫السياط‪ ،‬صفحة ‪15‬أ‪-16‬ب‬ ‫فاريني‪ ،‬قرع ّ‬
‫ّ‬ ‫الس‬
‫السالم رشح بلوغ املرام‪19-17 :3 ،‬؛ ّ‬ ‫ّ‬
‫(نقل ابن ق ّيم اجلوز ّية‪ ،‬الدّ اء والدّ واء‪.)263-260 ،‬‬
‫البهويت‪ ،‬رشح املنتهى‪342 :3 ،‬‬
‫ّ‬ ‫البهويت‪ ،‬كشاف القناع‪ 89 :6 ،‬وما بعدها‪،‬‬‫ّ‬ ‫(((   انظر‬
‫ّغلبي‪ ،‬نيل املآرب‪:2 ،‬‬
‫ّ‬ ‫ت‬ ‫ال‬ ‫بعدها؛‬ ‫وما‬ ‫‪317‬‬ ‫‪:3‬‬ ‫املنتهى‪،‬‬ ‫غاية‬ ‫‪،‬‬ ‫الكرمي‬
‫ّ‬ ‫بعدها؛‬ ‫وما‬
‫الراغب لرشح عمدة ال ّطالب‪ 762 :2 ،‬وما بعدها؛‬ ‫‪ 355‬وما بعدها؛ ناجي‪ ،‬هداية ّ‬
‫حجاوي‪ ،‬اإلقناع لطالب االنتفاع‪.220 :4 ،‬‬ ‫ّ‬
‫اإل ْسال ِم ِّي‬ ‫ال ال َع َر ِب ِّي ِ‬ ‫جل ْن ِس َّي ِة يِف ال َع مَ ِ‬ ‫َما َق ْب َل امل ِْثلِ َّي ِة ا ِ‬ ‫‪328‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫وأقسى‬ ‫بعقوبة أشدَّ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬


‫األحيان‬ ‫بعض ِم َن‬ ‫ٍ‬ ‫جيري االستشها ُد يف‬ ‫كان ِ‬ ‫افع ِّي‪َ ،‬‬ ‫الش ِ‬ ‫َّ‬
‫َ‬
‫َت ِ‬
‫هذه‬ ‫الرغ ِم ِم ْن ذلِ َك‪ ،‬كان ْ‬ ‫احلديث املذك ِ‬ ‫ِ‬ ‫مبنِ َّي ٍة عىل‬
‫ُور يف أعال ُه‪ .‬وعىل ُّ‬
‫باألحاديث ذاتهِ ا التِي ُبنِ َي عليها‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫باالستعانة‬ ‫األخرى‬ ‫َ‬ ‫تلو‬
‫املر َة َ‬ ‫العقو َب ُة تُن َق ُض َّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫الش ِ‬ ‫ِ‬
‫عتمدَ ُة مجي ُعها‬ ‫الفقه َّي ُة احلنبل َّي ُة ا ُمل َ‬ ‫األعامل‬ ‫افع ِّي؛ وتبينِّ ُ‬ ‫املذهب َّ‬ ‫حكم‬
‫ُ‬
‫ني يف ممُ ارسةِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫رضور َة معاق َبة املشرتك َ‬ ‫ِ‬
‫املبكرة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫در ْت يف احلقبة العثامن َّية‬ ‫ِ‬
‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫التي َص َ‬
‫مهبل َّي ٍة ِ‬
‫غري‬ ‫جنسي ٍة ِ‬
‫َّ‬
‫عالقة ِ‬‫ٍ‬ ‫ُون يف‬ ‫املشرتك َ‬ ‫ِ‬ ‫ب هبا‬ ‫ِ‬
‫ا ِّللواط بال َّطري َقة ذاتهِ ا التي ُيعا َق ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ف‬ ‫يوس َ‬ ‫مرع ِّي ِ‬ ‫الفقيه امل ِ ي ِ‬ ‫ِ‬ ‫األعامل مؤ َّل ُ‬ ‫ِ‬ ‫أمثلة ِ‬ ‫ِ‬ ‫مرشو َع ٍة‪ِ .‬‬
‫بن ُ‬ ‫صرْ ِّ‬ ‫فات‬ ‫هذه‬ ‫وم ْن‬
‫ف البهوتيِ ِّ ( ُتوفيِّ َ سن َة ‪1641‬م)‬ ‫يوس َ‬ ‫إدريس ِ‬ ‫ور ِ‬ ‫ومنص ٍ‬ ‫ِ‬
‫بن ُ‬ ‫َ‬ ‫بن‬ ‫ُ‬ ‫الكرم ِّي‬
‫ين‬‫ورشف الدِّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّجد ِّي ( ُتوفيِّ َ سن َة ‪1686‬م)‬ ‫سعيد الن ِ‬ ‫ٍ‬ ‫بن‬ ‫بن أمحدَ ِ‬ ‫وعثامن ِ‬
‫َ‬
‫دمشق ( ُتوفيِّ َ سن َة ‪1560‬م)‬ ‫َ‬ ‫احلجاو ِّي املقي ِم يف‬ ‫ِ‬ ‫بن أمحدَ‬ ‫موسى ِ‬ ‫أبيِ النَّجا َ‬
‫الشيبانيِ ِّ ( ُتوفيِّ َ سن َة ‪1723‬م) وما زا َل ْت ُ‬
‫أعامل‬ ‫عمر َّ‬ ‫القادر التَّغلبِ ِّي ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫بن َ‬ ‫وعبد‬
‫ِ‬
‫احلارض‪،‬‬ ‫ِ‬
‫الوقت‬ ‫املذهب احلنبليِ ِّ يف‬ ‫ِ‬ ‫الفقهاء تُعدُّ ِم َن املراج ِع ألتبا ِع‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫هؤالء‬
‫ِ‬
‫اختاروا ‪ -‬متأ ِّث ِري َن يف‬ ‫ُ‬ ‫املذهب احلديثِ َ‬
‫ني‬ ‫ِ‬ ‫فقهاء‬ ‫أن بعض ًا ِم ْن‬ ‫يظهر َّ‬ ‫ُ‬ ‫ومع هذا‪،‬‬
‫اختاروا‬ ‫الحق ـ‬‫ٍ‬ ‫لفي ِة يف ٍ‬
‫وقت‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫بابن تيم َي َة ِ‬
‫وابن ق ِّي ِم‬ ‫ذلِ َك ِ‬
‫ُ‬ ‫الس َّ‬ ‫اجلوز َّية واحلركة َّ‬
‫لواط وتبنِّي العقو َب ِة األشدِّ قسو ًة التِي‬ ‫العمل بحك ِم مذهبِ ِهم اخلاص با ِّل ِ‬
‫ِّ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬
‫ترك‬
‫ِ ِ (‪)1‬‬
‫َّظر عن حالتِ ِهم االجتامع َّية‪.‬‬ ‫ف الن ِ‬ ‫ِ‬
‫الفعل بصرَ‬ ‫ِ‬ ‫مرتكبِي هذا‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫بقتل‬ ‫تقضيِ‬

‫املذهب املال ِك ُّي‬


‫ُ‬
‫ِ‬
‫أفريق َّيا ومصرْ َ العليا‪ )2(،‬ومت َّي َز‬ ‫ِ‬
‫شامل‬ ‫ِ‬
‫مناطق‬ ‫ِ‬
‫املالك ُّي يف‬ ‫املذهب‬ ‫انترش‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫اجلنسيةِ‬ ‫ِ‬ ‫عقوبة العالقةِ‬
‫ِ‬ ‫بني‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫السنَّ َّية األربعة جلهة متييزه َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫بفرادتِ ِه َ‬
‫َّ‬ ‫بني املذاهب ُّ‬
‫العالقة الشرَّ ِج َّي ِة‬
‫ِ‬ ‫َ‬
‫مقابل‬ ‫رس َّي َت ُه)‬‫(ليس ْت زوج َت ُه أو ِّ‬
‫ٍ‬
‫رجل وامرأة َ‬ ‫ٍ‬ ‫الشرَّ ِج َّي ِة َ‬
‫بني‬

‫البهويت‪ ،‬كشف القناع‪.94 :6 ،‬‬


‫ّ‬ ‫املحرر يف‬
‫(((   انظر هامش ّ‬
‫اخلريش‪،‬‬
‫ّ‬ ‫البنيني)؛‬
‫ّ‬ ‫رقاين‪ ،‬رشح املخترص‪ 47 :8 ،‬وما بعدها (مع رشوحات‬ ‫الز ّ‬
‫(((   انظر ّ‬
‫الصغري‪،‬‬
‫ّ‬ ‫ح‬ ‫الشرّ‬ ‫ردير‪،‬‬ ‫الدّ‬ ‫)؛‬ ‫العدوي‬
‫ّ‬ ‫رشوحات‬ ‫(مع‬ ‫بعدها‬ ‫وما‬ ‫‪74‬‬ ‫‪:8‬‬ ‫خمترص‪،‬‬ ‫رشح‬
‫اوي)؛ الدّ ردير‪ ،‬الشرّ ح الكبري‪ 321 :4 ،‬وما‬ ‫الص ّ‬
‫‪ 44 :4‬وما بعدها (مع رشوحات ّ‬
‫ّفراوي‪ ،‬الفواكه الدّ واين‪.286 :2 ،‬‬‫ّ‬ ‫سوقي)؛ الن‬
‫ّ‬ ‫بعدها (مع رشوحات الدّ‬
‫لواط ُّي َ‬
‫ون‬ ‫الث‪ُّ :‬ال ِ‬ ‫الث ُ‬ ‫الفص ُل َّ‬ ‫ْ‬
‫‪329‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫األو ِل‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫بني رج َل ِ‬


‫الفعل م َن النَّو ِع َّ‬ ‫ب مرتك ُبو‬ ‫أن ُيعا َق َ‬ ‫املذهب ْ‬ ‫ني‪ .‬إذ َيرى فقها ُء‬ ‫َ‬
‫ب مرتك ُبو‬ ‫حني ُيعا َق ُ‬ ‫غري املرشو َع ِة؛ يف ِ‬ ‫املهبل َّي ِة ِ‬ ‫ِ‬ ‫اجلنس َّي ِة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫العالقة‬ ‫بذات عقو َب ِة‬ ‫ِ‬
‫وط‪ .‬وتأسيس ًا عىل ذلِ َك‪ ،‬وخالف ًا‬ ‫غري املرش ِ‬
‫ُ‬
‫بالرج ِم ِ‬ ‫ِ‬
‫النَّو ِع ال َّثانيِ م َن األفعال َّ‬
‫ِ‬
‫لواط) يف (موسو َع ِة اإلسال ِم)‬ ‫ص لـ (ا ِّل ِ‬ ‫املخص ِ‬ ‫َّ‬
‫ِ‬
‫املبحث‬ ‫َّوكيدات ا ُملب َّين َِة يف‬ ‫ِ‬ ‫للت‬
‫أقسى األحكا ِم عىل ممُ َار َس ِة‬ ‫تفرض َ‬ ‫ُ‬ ‫احلنبل َّي َة ِه َي التِي‬ ‫ِ‬ ‫املالك َّي َة ال‬ ‫ِ‬ ‫املدرس َة‬ ‫َ‬ ‫َّ‬
‫فإن‬
‫احلقبة العثامنِ َّي ِة‬ ‫ِ‬ ‫األقل يف‬ ‫ِّ‬ ‫الفقه َّي ِة األرب ِع يف‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫املدارس‬ ‫بني‬
‫جال َ‬ ‫بني الر ِ‬
‫ا ِّللواط َ ِّ‬
‫ِ‬
‫ِ (‪)1‬‬
‫املبكرة‪.‬‬
‫َ‬
‫الشيع ُة اإلما ِم َّي ُة‬ ‫ِّ‬
‫اإلمرباطور َّي ِة‬
‫ِ‬ ‫رتف ًا به يف‬ ‫عرش ٌّي ُمع َ‬ ‫املذهب االثنا ِ‬ ‫ُ‬ ‫اإلمام َّي ُة أو‬ ‫ِ‬ ‫ مل ْ تك ْن‬
‫ورشق اجلزيرةِ‬ ‫ِ‬ ‫املذهب يف العراقِ‬ ‫ِ‬ ‫الرغ ِم م ْن وجود أتبا ِع‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ (‪)2‬‬
‫َ‬ ‫العثامن َّية عىل ُّ‬
‫ووجود ِهم‬ ‫ِ‬ ‫لبنان حالِ َّي ًا‪،‬‬ ‫َ‬ ‫جنوب‬ ‫ِ‬ ‫عامل الواق ِع يف‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫جبل‬ ‫العربِ َّي ِة ومنط َق ِة‬
‫َني‪.‬‬ ‫(كأق ِّل َّي ٍة سرِ َّي ٍة) يف مدينَتَي م َّك َة واملدين َِة املقدَّ َست ِ‬
‫ِّ‬
‫أحكامها حتَّى ِمن املدرسةِ‬ ‫ِ‬ ‫أكثر تشدُّ د ًا يف‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫الفقه َّي ُة اإلمام َّي ُة ُ‬ ‫واملدرس ُة‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫كم باملوت عىل الشرَّ يكَني ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫كليهام‬ ‫املالك َّية فيام يتَّص ُل بعقو َبة ا ِّللواط‪ ،‬إذ يحُ ُ‬
‫املذهب حتديدَ طري َق ِة‬ ‫ِ‬ ‫حلظ ِ‬
‫ترك‬ ‫االجتامعي ِة (مع ِ‬
‫َّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫احلالة‬ ‫َّظر عن‬ ‫ف الن ِ‬ ‫ِ‬
‫بصرَ‬
‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫دار العقوبِ ِة‬ ‫إص ِ‬ ‫ُ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ويتعامل فقها ُء‬ ‫وتنفيذها)‬ ‫املسؤو َلة عن ْ‬ ‫اجلهة‬ ‫لتقدير‬ ‫القتل‬
‫جال التِي تعدُّ ها‬ ‫بني الر ِ‬
‫غري الشرَّ ج َّية َ ِّ‬
‫ِ ِ‬ ‫اجلنس َّي ِة ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫العالقة‬ ‫املذهب مع‬ ‫ِ‬ ‫هذا‬
‫ِ‬
‫الكبائر‬ ‫َّعزير؛ أنهَّ ا ِم َن‬ ‫وتعاقب عليها بالت ِ‬ ‫ُ‬ ‫الص ِ‬
‫غائر‬ ‫السنِّ َّي ُة مجيع ًا م َن َّ‬
‫ِ‬
‫املذاهب ُّ‬ ‫ُ‬
‫تكر َر ْت ممُ َار َس ُت ُه هذا‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫وعقو َبتُها مئ ُة جلدَ ة‪ ،‬و ُي ُ‬
‫قتل َم ْن يرتك ُبها يف حال َّ‬
‫املوقف املعت ََمدَ عىل‬ ‫ِ‬
‫املوقف‬ ‫متثيل هذا‬ ‫ِ‬ ‫الرغ ِم ِم ْن‬ ‫ٍ‬ ‫َ‬
‫َ‬ ‫مرات‪ .‬وعىل ُّ‬ ‫أربع َّ‬ ‫الفعل َ‬
‫أكثر‬ ‫ٍ‬ ‫ويناقش َ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫العمو ِم‪ ،‬يتحدَّ ُ‬ ‫ِ‬
‫ون عقوبات َ‬ ‫العادة‪،‬‬ ‫املذهب يف‬ ‫ث فقها ُء‬ ‫وجه ُ‬

‫(((   بيالت‪( ،‬ا ّللواط)‪ 777 ،‬ب‪.‬‬


‫ّ‬
‫العاميل‪ ،‬مسالك‬ ‫الروضة البه ّية‪ 141 :9 ،‬وما بعدها؛ زين الدّ ين‬ ‫ّ‬
‫العاميل‪ّ ،‬‬ ‫(((   زين الدّ ين‬
‫ّجفي‪ ،‬جواهر الكالم ‪ 374 :41 ،‬وما بعدها؛‬ ‫اإلفهام‪ 401 :14 ،‬وما بعدها؛ الن ّ‬
‫الشيعة‪ 416 :18 ،‬وما بعدها‪.‬‬ ‫العاميل‪ ،‬وسائل ّ‬
‫ّ‬ ‫احلر‬
‫ّ‬
‫اإل ْسال ِم ِّي‬ ‫ال ال َع َر ِب ِّي ِ‬ ‫جل ْن ِس َّي ِة يِف ال َع مَ ِ‬ ‫َما َق ْب َل امل ِْثلِ َّي ِة ا ِ‬ ‫‪330‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫الفقه َّي‬‫ِ‬ ‫املذهب‬ ‫جعل‬ ‫الذي َ‬ ‫بب ِ‬ ‫الس ِ‬ ‫أن الت َ‬ ‫تشدُّ د ًا وقسوةً‪ .‬ومع َّ‬
‫َ‬ ‫َّساؤل عن َّ‬
‫السنِّ َّي ِة‪ ،‬مع‬ ‫املدارس ُّ‬ ‫ِ‬ ‫املوضو ِع ِم َن‬ ‫ُ‬ ‫نحو هذا‬ ‫ِِ‬
‫أكثر تشدُّ د ًا يف موقفه َ‬ ‫الشيع َّي َ‬
‫ِّ ِ‬
‫إجابة قاط َع ٍة عنه‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫تعذ ِر تقدي ِم‬ ‫شك يف ُّ‬ ‫ثم َة ٌّ‬ ‫ليس َّ‬
‫ِ‬
‫أ َّن ُه يبدُ و طبيع َّي ًا نسبِ َّي ًا؛ لك ْن َ‬
‫بيرس وسهو َل ٍة‪،‬‬ ‫السنِّ َّي ِة ٍ‬ ‫املذاهب ُّ‬ ‫ِ‬ ‫نظرائ ِهم يف‬ ‫ِ‬ ‫الشيع ُة َ‬
‫مثل‬ ‫ني الفقها ُء ِّ‬ ‫ِ‬
‫ويستع ُ‬
‫لديِم‪ .‬وال مرا َء‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وهم ِم ْن‬ ‫ِ‬
‫املعتمدَ ة هْ‬ ‫َ‬ ‫وباألحاديث‬ ‫املذهب‬ ‫فقهاء‬ ‫بآراء َم ْن سب ُق ُ‬
‫االختالف يف األحكا ِم‬ ‫ِ‬ ‫بوص ِفها تفسري ًا هلذا‬ ‫ِ‬ ‫هبذ ِه‬‫أن االستشهاد ِ‬ ‫يف َّ‬
‫العوامل ْ‬ ‫َ‬
‫الذي ُ‬
‫جيعل‬ ‫بب ِ‬ ‫الس ِ‬ ‫سؤال َ‬ ‫ٍ‬ ‫ليس مقنع ًا متام ًا‪ ،‬أل َّن ُه سيدف ُعنا إىل ِ‬
‫آخ َر عن َّ‬ ‫طرح‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫أكثر تشدُّ د ًا وقسو ًة م َن‬ ‫ِ‬ ‫املذهب ِّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬
‫الشيع ِّي َ‬ ‫املعتمدَ َة عندَ فقهاء‬ ‫َ‬ ‫األحاديث‬
‫يع ُّي يف‬ ‫الش ِ‬
‫احلكم ِّ‬ ‫حال‪ ،‬يعو ُد‬ ‫ٍ‬ ‫السنِّ َّي ِة؛ وعىل أ َّي ِة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫املذاهب ُّ‬ ‫األحاديث عندَ‬
‫جعفر ب ُن‬ ‫ف الفقي ُه‬ ‫األقل‪ ،‬حينَام أ َّل َ‬ ‫ِّ‬ ‫عرش يف‬ ‫القرن ال َّث َ‬ ‫ِ‬ ‫مسأ َل ِة ا ِّل ِ‬
‫ُ‬ ‫الث َ‬ ‫لواط إىل‬
‫وف بـ «املح ِّق ِق احلليِّ ِّ » ( ُتوفيِّ َ سن َة ‪1277‬م)‬ ‫عر ُ‬ ‫حل َس ِن ا َمل ُ‬ ‫بن ا َ‬ ‫بن حي َيى ِ‬ ‫حل َس ِن ِ‬ ‫ا َ‬
‫ول التَّشدُّ ِد‬ ‫أص ِ‬ ‫البحث يف ُ‬ ‫ُ‬ ‫ويقع‬
‫ُ‬ ‫(رشائع اإلسال ِم)‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫املهم‬
‫َّ‬ ‫ِ‬
‫الفقه َّي‬ ‫عم َل ُه‬
‫راس ِة احلالِ َّي ِة‪.‬‬ ‫خارج نطاق الدِّ َ‬
‫ِ‬ ‫َ‬ ‫يقع ـ تبع ًا لذلِ َك ـ‬ ‫ِِ‬
‫النِّسبِ ِّي لألحكا ِم ومس ِّبباته؛ ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫مراجع‬
‫َ‬ ‫ني‬
‫إسالم ِّي َ‬ ‫ادر ُة عن فقها َء‬ ‫الص َ‬‫وتسه ُم األحكا ُم املب َّينَ ُة يف أعال ُه َّ‬
‫املثال (فرين ل‪.‬‬‫سبيل ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّظر التِي عبرَّ َ عنها يف‬ ‫وجهة الن ِ‬ ‫ِ‬ ‫تص ِح ِ‬
‫يح‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫بشأن ا ِّللواط يف ْ‬
‫أن‬‫َّاريخ) َّ‬
‫املجتم ِع والت ِ‬
‫َ‬ ‫بولو ـ ‪ )Vern L. Bullough‬يف (الت َُّّنو ُع اجلنسيِ ُّ يف‬
‫ِ‬ ‫خطور ًة ِم َن ِّ‬ ‫جريم ًة َّ‬ ‫بوص ِف ِه‬ ‫ِ‬
‫املتخالف‬ ‫الزنا‬ ‫َ‬ ‫أقل‬ ‫َ‬ ‫ينظر إىل ا ِّللواط ْ‬
‫(اإلسال َم) ُ‬
‫عقوبات‬ ‫ينص عليها ِه َي‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫واملرأة) َّ‬ ‫الر ِ‬ ‫ِ‬
‫جنس َّي ًا َ‬
‫ٌ‬ ‫وأن العقوبات التي ُّ‬ ‫جل‬ ‫(بني َّ‬
‫ٌ (‪)1‬‬
‫(غامضة)‪.‬‬
‫َ‬
‫الفقه ِ‬
‫احلنف ِّي‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫مج ٍة عن‬ ‫بات مرت َ‬ ‫بضعة كتي ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ظاهر َّي ًا إىل‬ ‫رأي (بولو)‬
‫ِّ‬ ‫ويستندُ ُ‬
‫ِّساء ِهي اآلي ُة الوحيدَ ُة يف القرآنِ‬ ‫سورة الن ِ‬ ‫ِ‬ ‫أن اآلي َة (‪ )16‬من‬ ‫عائ ِه َّ‬
‫عز َزها باد ِ‬
‫َ‬ ‫ِّ‬ ‫َّ‬
‫ِ‬ ‫نهِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫(وال َّل َذان َي ْأت َيا َا منك ُْم‬ ‫ليِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫التِي يمك ُن‬
‫السلوك املث ِّ ‪َ :‬‬ ‫القول‪ :‬إنهَّ ا حتدِّ ُد عقو َب َة ُّ‬
‫َان ت ََّوا ًبا َّر ِحيماً )‪.‬‬
‫َفآ ُذوهمُ َ ا َفإِن تَا َبا َو َأ ْص َل َحا َف َأ ْع ِر ُضو ْا َعن ُْهماَ إِ َّن اللهََّ ك َ‬

‫اجلنيس يف املجتمع والتّاريخ‪.222-221 ،‬‬


‫ّ‬ ‫(((   بولو‪ ،‬الت ّّنوع‬
‫لواط ُّي َ‬
‫ون‬ ‫الث‪ُّ :‬ال ِ‬ ‫الث ُ‬ ‫الفص ُل َّ‬ ‫ْ‬
‫‪331‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ول مبهم للمثنَّى املذك َِّر مفرده ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫(الذي)‪.‬‬ ‫َُ‬ ‫موص ٌ َ ٌ‬ ‫اسم ُ‬ ‫ومفر َد ُة (ا َّللذان) ه َي ٌ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ارش ًة عن‪:‬‬ ‫ادس َة عشرْ َ َة ُم َب َ‬ ‫الس َ‬ ‫تسبق اآلي َة َّ‬ ‫ُ‬ ‫القرآن يف اآلية التي‬ ‫ُ‬ ‫ويتحدَّ ُ‬
‫ث‬
‫است َْش ِهدُ و ْا َع َل ْي ِه َّن َأ ْر َبع ًة ِّمنك ُْم َفإِن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫التيِ َي ْأتِ َ‬
‫ني ا ْل َفاح َش َة من ن َِّسآئك ُْم َف ْ‬ ‫(وال َّ‬‫َ‬
‫ِ‬ ‫فيِ‬ ‫ِ‬
‫اه َّن المَْ ْو ُت َأ ْو يجَْ َع َل اللهَُّ لهَ ُ َّن َسبِيالً)‬ ‫ُوه َّن ا ْل ُب ُيوت َحت ََّى َيت ََو َّف ُ‬ ‫َش ِهدُ و ْا َف َأ ْمسك ُ‬
‫اخلامس َة‬
‫َ‬ ‫إن اآلي َة‬ ‫القول‪َّ :‬‬ ‫ِ‬ ‫ني إىل‬ ‫ِ‬
‫اإلسالم ِّي َ‬ ‫ببعض ِم َن املفسرِّ ِ ي َن‬ ‫ٍ‬ ‫وقدْ أ َّدى ذلِ َك‬
‫ِ‬ ‫السادس َة عشرْ َ َة إىل‬ ‫بني امرأت ِ‬ ‫اجلنس َّي ِة َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫العالقة‬ ‫َني‪ ،‬واآلي ُة َّ‬ ‫العالقة‬ ‫عشرْ َ َة تعو ُد إىل‬
‫وص عليه يبدُ و‬ ‫املنص َ‬ ‫احلكم ُ‬ ‫َ‬ ‫أن‬‫وتأسيس ًا عىل ذلِ َك‪َ ،‬يرى (بولو) َّ‬ ‫ني؛ ِ‬ ‫بني رج َل ِ‬
‫َ‬
‫ظاهر َّي ًا ِم َن‬
‫ِ‬ ‫املعص َي ِة خت ِّل ُص ُه‬
‫ِ‬ ‫جانب مرتكبِي ِ‬
‫هذه‬ ‫ِ‬ ‫غامض ًا وخم َّفف ًا‪ ،‬فالتَّوب ُة ِم ْن‬
‫الذي‬ ‫ف األساس ِ‬ ‫أن اآلي َة التِي استشهدَ هبا (بولو) مل ْ تك ْن تؤ ِّل ُ‬ ‫العقو َب ِة‪ .‬إلاَّ َّ‬
‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫بحس ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ني‪.‬‬‫املسلم َ‬ ‫الفقهاء‬ ‫ب‬ ‫اخلاص ُة بعقو َبة ا ِّللواط ْ‬ ‫َّ‬ ‫الفقه َّي ُة‬ ‫تستندُ إليه اآلرا ُء‬
‫أقر َّأوالً بالت ِ‬
‫َّباين‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وثم َة‬
‫نقاش (بولو) الذي َّ‬ ‫جانبان يتعينَّ ُ التَّن ُّب ُه هلُام يف‬ ‫َّ‬
‫بعض ُهم ال مجي ُع ُهم أنهَّ ا ت َْصدُ ُق عىل‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫تفسريهم لآلية‪ ،‬إذ رأى ُ‬ ‫بني الفقهاء يف‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫منهم‬ ‫املذهب احلنف ِّي الذي َن قد نتو َّق ُع ُ‬ ‫تفسري فقهاء‬ ‫العالقة املثل َّية‪ ،‬بلحظ‬
‫بشأن ممُ َار َس ِة‬‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الغريب‬ ‫اآلية يف الدِّ فا ِع عن حك ِم مذهبِ ِهم‬ ‫ِ‬ ‫هبذ ِه‬
‫االستعان َة ِ‬
‫إرساع‬ ‫ٍ‬
‫وامرأة‪ )1(.‬وثانِ َي ًا‪،‬‬ ‫ٍ‬
‫رجل‬ ‫بني‬
‫الزنا َ‬ ‫لواط‪ ،‬وقولهِِ م‪ :‬إنهَّ ا ت َْصدُ ُق عىل ِّ‬ ‫ا ِّل ِ‬
‫ُ‬
‫األص ِل عىل‬ ‫أن اآلي َة ت َْصدُ ُق يف‬ ‫ون يف َّ‬ ‫الذي َن يعتقدُ َ‬ ‫القرآن ِ‬ ‫ِ‬ ‫حتَّى مفسرِّ ِ ي‬
‫ْ‬
‫بآيات الح َق ٍة‬ ‫ٍ‬ ‫املذكور َة قد ن ُِس َخ ْت‬
‫َ‬ ‫إن العقو َب َة‬ ‫القول‪َّ :‬‬ ‫ِ‬ ‫لواط؛ إرسا ُع ُهم إىل‬ ‫ا ِّل ِ‬
‫(‪)2‬‬
‫ني‪ ،‬أو رمجِ ِهم‪.‬‬ ‫ويشتمل ذلِ َك عىل ا ِّللواطِ ِّي َ‬ ‫ُ‬ ‫الز ِ‬
‫ناة‪،‬‬ ‫بجلد ُّ‬ ‫ِ‬ ‫طا َل َب ْت‬

‫غري املرشو َع ِة سلف ًا توا ُف َر إ َّما‬ ‫ِ‬


‫العالقة ِ‬ ‫الفقهي يف‬
‫ُّ‬ ‫احلكم‬
‫ُ‬ ‫ويفرتض‬
‫ُ‬
‫اإليالج‪ .‬والعد ُد األدنَى‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الشهادة عىل ِ‬
‫فعل‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫عنصرُ ِ االعرتاف ال َّطوع ِّي وإ َّما َّ‬
‫الش ِ‬
‫افع ِّي‬ ‫ِ‬
‫املذاهب َّ‬ ‫وفق‬ ‫ني يف حك ِم ا ِّل ِ‬
‫لواط هو أرب َع ٌة عىل ِ‬ ‫الش ِ‬
‫هود املطلوبِ َ‬ ‫ِم َن ُّ‬

‫األلويس‪ ،‬روح املعاين‪:5 ،‬‬


‫ّ‬ ‫السليم‪325-324 :1 ،‬؛‬
‫السعود‪ ،‬إرشاد العقل ّ‬ ‫(((   أبو ّ‬
‫‪.213-211‬‬
‫(((   مجال‪ ،‬حاشية عىل تفسري اجلاللني‪.366-365 :1 ،‬‬
‫اإل ْسال ِم ِّي‬ ‫ال ال َع َر ِب ِّي ِ‬ ‫جل ْن ِس َّي ِة يِف ال َع مَ ِ‬ ‫َما َق ْب َل امل ِْثلِ َّي ِة ا ِ‬ ‫‪332‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫احلنف ِّي (أل َّن ُه ال يعدُّ‬ ‫ِ‬ ‫املذهب‬‫ِ‬ ‫َني يف‬ ‫مقابل اثن ِ‬ ‫َ‬ ‫واإلمام َّي ِة؛‬
‫ِ‬ ‫واملالك ِّي‬‫ِ‬ ‫ليِ‬
‫واحلنب ِّ‬
‫أن يكونُوا عدوالً‬ ‫هود ْ‬ ‫للش ِ‬ ‫وينبغي ُّ‬ ‫ِ‬ ‫توجب احلدَّ )‬ ‫األفعال التِي‬ ‫ِ‬ ‫لواط ِم َن‬ ‫ا ِّل َ‬
‫ُ‬
‫ون‬ ‫ون بـ (باالستقا َم ِة يف دينِ ِهم ومرو َءتهِ ِم) بمعنَى أنهَّ ُم كانُوا جيتن ُب َ‬ ‫(أي يتم َّت ُع َ‬
‫ِ‬ ‫الكبائر وال يصرِ ُّ َ‬
‫ليسوا عبيد ًا)‬ ‫الصغائ ِر) وأحرار ًا (بمعنَى أنهَّ ُم ُ‬ ‫ون عىل َّ‬ ‫َ‬
‫هذه الشرُّ وط‪ِ،‬‬ ‫توافر ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الشهود‪ ،‬بعدَ التَّث ُّبت م ْن‬ ‫ِ‬ ‫ني‪ .‬ويتعينَّ ُ عىل ُّ‬ ‫ِ‬
‫وذكور ًا ومسلم َ‬
‫إن رؤي َة‬ ‫بتفصيالتِ ِه‪ ،‬إذ َّ‬ ‫حي ًا ِ‬ ‫سيِ‬
‫أن يشهدُ وا أنهَّ ُم قد ر َأوا االت َِّص َال اجلن َّ صرَ‬ ‫ْ‬
‫ِ (‪)1‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫جيدر حل ُظ ُه يف‬ ‫سبيل املثال ال ُيعدُّ كافي ًا‪ .‬وممَّا ُ‬ ‫الفراش يف‬ ‫العالقة يف‬ ‫طرفيَ‬
‫ِ‬ ‫[واملفروض توا ُف ُرها‬
‫إلثبات‬ ‫ُ‬ ‫وص عليها‬ ‫املنص َ‬ ‫وط املس َّب َق َة ُ‬ ‫َ‬ ‫أن الشرُّ‬ ‫هذا املقا ِم َّ‬
‫عمل َّي ًا‪،‬‬ ‫ال ِ‬ ‫غري املرشو َع ِة مستحي ً‬ ‫العالقة ِ‬ ‫ِ‬ ‫احلكم عىل‬ ‫َ‬ ‫جتعل‬ ‫لواط] ُ‬ ‫واقع ِة ا ِّل ِ‬
‫َ‬
‫الفقيه نورِ‬ ‫ِ‬ ‫الفقهاء! فعىل وفقِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫بحسب‬ ‫ف له‬ ‫ؤس ُ‬ ‫ليس ْت ممَّا ُي َ‬ ‫وهذه االستحا َل ُة َ‬
‫ِ‬ ‫القاري ِ‬ ‫ِ‬ ‫حل َس ِن ِ‬
‫املدينة‬ ‫يقيم يف‬ ‫كان ُ‬ ‫الذي َ‬ ‫عيل ِ ِّ‬ ‫عروف بملاَّ ٍّ‬ ‫اهلرو ِّي ا َمل ُ‬ ‫ين أبيِ ا َ‬ ‫الدِّ ِ‬
‫أربعة)‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫(بشهادة‬ ‫الزنا ثبوت ًا ظاهر ًا‬ ‫(ويثبت ِّ‬ ‫ُ‬ ‫رة ( ُتوفيِّ َ سن َة ‪1614‬م)‪:‬‬ ‫املنو ِ‬
‫َّ‬
‫ألن‬ ‫بمجرد عل ِم القاض‪َّ ،‬‬ ‫يِ‬ ‫ِ‬ ‫الزنا] ال‬ ‫ِ‬
‫املطلوب للحك ِم يف حال ِّ‬ ‫[وهو العد ُد‬
‫َّ‬ ‫ُ‬
‫ألن‬ ‫ُّهم ِة‪ ...‬وذلِ َك َّ‬ ‫بالش َبهة والت َ‬
‫ألن احلدود تُدفع ُّ ِ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫بحج ٍة يف هذا‪َّ ،‬‬ ‫ليس َّ‬ ‫علم ُه َ‬ ‫َ‬
‫السرت‪ِ،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫رت عىل عباده‪ ،‬ويف اشرتاط األرب َعة‪ ،‬يتح َّق ُق معنَى َّ‬ ‫الس َ‬ ‫حيب َّ‬ ‫ُّ‬ ‫اهللَ تعالىَ‬
‫حض‬ ‫ُّدر ِة)‪ )2(.‬وبدالً ِم ْن ِّ‬ ‫ِ‬
‫الفاحشة يف غاية الن َ‬
‫َ ِ‬ ‫وقوف األربع ِة عىل ِ‬
‫هذه‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫إذ‬
‫َّغاض عن‬ ‫مثال الت يِ‬ ‫يح َ‬ ‫بنحو صرَ ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫فضح إخوانهِ ِم‪ ،‬أ َّيدَ الفقها ُء‬ ‫ِ‬ ‫َّاس عىل‬ ‫الن ِ‬
‫املعص َي ِة‬ ‫ِ‬ ‫ارتكاب‬‫ِ‬ ‫حال اإلصرْ ِار عىل‬ ‫باستثناء ِ‬ ‫ِ‬ ‫(سرت ِهم)‬ ‫ِ‬ ‫اآلخ ِري َن أو‬ ‫ذنوب َ‬ ‫ِ‬
‫الشعرا ُّ‬
‫اب َّ نيِ‬ ‫الوه ِ‬
‫َّ‬ ‫والصوفيِ ُّ املصرْ ِ ُّي عبدُ‬ ‫ُّ‬ ‫شكر الفقي ُه‬ ‫َ‬ ‫واملجاه َر ِة هبا‪ .‬وقدْ‬ ‫َ‬
‫ذنوب‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫شكر اهللَ سبحا َن ُه عىل متكينه م ْن أداء واجبِه يف سرت‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫سبيل املثال؛‬ ‫ِ‬ ‫يف‬
‫َ‬
‫ِ َ (‪)3‬‬ ‫ِ‬ ‫ني ِ‬ ‫ِ‬ ‫إخوانِ ِه‬
‫السامو َّية‪.‬‬ ‫ون بمخالفت ِهم الشرَّ ي َع َة َّ‬ ‫جياهر َ‬ ‫ُ‬ ‫الذي َن مل ْ يكونُوا‬ ‫املسلم َ‬
‫الشهادة املعتربة يف‬‫الرؤية املطلوبة يف ّ‬ ‫(((   للفقهاء تعبري جريء و (صارم) يف وصف ّ‬
‫للرجل‬‫ّ ّ‬‫كري‬ ‫ّ‬
‫الذ‬ ‫العضو‬ ‫اهد‬ ‫ّ‬
‫الش‬ ‫يرى‬ ‫الزنا أو ا ّللواط؛ هو قوهلم‪ :‬أن‬
‫إثبات واقعة ّ‬
‫لغوي)‪.‬‬ ‫ّ‬
‫(املقوم ال‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الرجل كدخول امل ْيل يف املكحلة‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫الفاعل داخال يف فرج املرأة أو دبر ّ‬
‫اهلروي‪ ،‬فتح باب العناية‪.195 :3 ،‬‬
‫ّ‬ ‫(((   القاري‬
‫عراين‪ ،‬لطائف املنن‪.207 :1 ،‬‬ ‫((( ّ‬
‫  الش ّ‬
‫لواط ُّي َ‬
‫ون‬ ‫الث‪ُّ :‬ال ِ‬ ‫الث ُ‬ ‫الفص ُل َّ‬ ‫ْ‬
‫‪333‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(خالف‬
‫ُ‬ ‫الزنا ِه َي‬
‫حال ِّ‬ ‫الشهاد َة يف ِ‬ ‫أن َّ‬‫ِّفاق عا ٍّم يف َّ‬ ‫ِ‬
‫وجود ات ٍ‬ ‫ويدل ذلِ َك عىل‬
‫ُّ‬
‫ِ‬
‫االعرتاف؛‬ ‫األمر ذا ُت ُه عىل‬ ‫ب]‪ )1(.‬و َي ْصدُ ُق‬ ‫ِ‬ ‫األَوْلىَ ) [أي‬
‫ُ‬ ‫هو مناس ٌ‬ ‫خالف ما َ‬
‫ُ‬
‫ً (‪)2‬‬
‫رسا‪.‬‬‫يتوب َّ‬
‫َ‬ ‫بمعص َيتِ ِه ْ‬
‫وأن‬ ‫ِ‬ ‫املعص َي ِة‬
‫فض ُل ألاَّ جياهر مرتكب ِ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫إذ ُي َّ‬
‫ينبغي‬ ‫عقوبات احلدِّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫أن َ‬
‫نطاق‬ ‫وفق مبدأ يفيدُ َّ‬ ‫وعمل الفقها ُء كذلِ َك عىل ِ‬ ‫َ‬
‫املقصو َد ِة‬
‫ُ‬ ‫إمكان املخا َل َف ِة ِ‬
‫غري‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫بفكرة‬ ‫ني‬‫ممكن مستعينِ َ‬ ‫ٍ‬ ‫بأكرب ٍ‬
‫قدر‬ ‫ِ‬ ‫أن تخُ َتز َل‬ ‫ْ‬
‫َّبي‬ ‫ٍ‬ ‫بهات ا ُملح ِة؛ وهذا املبدأ مبنِي عىل ٍ‬ ‫الش ِ‬ ‫مج ِة عن ُّ‬
‫منسوب للن ِّ‬ ‫قول‬ ‫ٌّ‬ ‫يرِّ َ‬ ‫النَّا َ‬
‫حديث‬ ‫ٍ‬ ‫وفق‬‫ني ما استط ْعتُم) أو عىل ِ‬ ‫ِ‬
‫املسلم َ‬ ‫(ادرؤوا احلدو َد عن‬ ‫ُ‬ ‫حمم ٍد‪:‬‬‫َّ‬
‫ِ‬
‫سبيل املثال‪ ،‬فيام إذا‬ ‫ِ‬ ‫الش َبه ُة يف‬ ‫بالشبهات)‪ .‬وتنشأ ُّ‬
‫(‪)3‬‬ ‫ِ‬ ‫(ادرؤوا احلدو َد ُّ‬ ‫ُ‬ ‫آخ َر‪:‬‬ ‫َ‬
‫الزنا؛ أو عندَ ما يدَّ ِعي‬ ‫فعل ِّ‬‫اقرتاف ِ‬ ‫ِ‬ ‫ربهمُ ا عىل‬ ‫الس ِّيدَ أج َ‬ ‫أن َّ‬ ‫ا َّدعى (عبدٌ ـ أ َم ٌة) َّ‬
‫نائ َي ٍة جه َل ُه‬‫يعيش يف منط َق ٍة منعز َل ٍة أو ِ‬ ‫اعتنق اإلسال َم حديث ًا أو ُ‬ ‫َ‬ ‫شخص‬‫ٌ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫جل عالق ًة جنس َّي ًة مع عبدَ ة أبيه‪ ،‬أو أتَى زوج َت ُه أو‬ ‫ِ‬ ‫الر ُ‬ ‫بالتَّحري ِم؛ أو إذا أقا َم َّ‬
‫ينطوي‬ ‫عارة ِ‬ ‫عل الدَّ ِ‬ ‫أن فِ َ‬‫اة يعتقدُ يف َّ‬ ‫القض ِ‬
‫بعض ِم َن َ‬ ‫وثم َة ٌ‬ ‫(‪)4‬‬
‫دبرها‪.‬‬ ‫رس َّي َت ُه يف ِ‬
‫َّ‬ ‫ِّ‬
‫ِ‬
‫للمهر الذي‬ ‫ِ‬ ‫اجلنس قد ُيعدُّ (مشاهب ًا)‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫دفع املال للمرأة لقا َء‬ ‫ِ‬ ‫شبهة‪َّ ،‬‬ ‫ٍ‬
‫ألن َ‬ ‫عىل َ‬

‫رقاين‪،‬‬
‫الز ّ‬ ‫الرائق‪5 :5 ،‬؛ ابن عابدين‪ ،‬ر ّد املحتار‪156 :3 ،‬؛ ّ‬ ‫  ابن نجيم‪ ،‬البحر ّ‬ ‫(((‬
‫ميل‪ ،‬هناية املحتاج‪307 :8 ،‬؛ ابن علاّ ن‪ ،‬دليل‬ ‫الر ّ‬
‫رشح املخترص‪177-176 :7 ،‬؛ ّ‬
‫الفاحلني‪.20 :3 ،‬‬
‫اوي)؛ ابن عابدين‪ ،‬ر ّد املحتار‪،‬‬
‫الص ّ‬‫الصغري‪( 455 :4 ،‬رشوحات ّ‬ ‫  الدّ ردير‪ ،‬الشرّ ح ّ‬ ‫(((‬
‫‪ ،140 :3‬ابن حجر‪ ،‬الفتاوى‪.33 :4 ،‬‬
‫ميل‪ ،‬هناية‬‫الر ّ‬
‫البهويت‪ ،‬كشف القناع‪78 :6 ،‬؛ ّ‬ ‫ّ‬ ‫  شيخي زاده‪ ،‬جممع األهنر‪586 :1 ،‬؛‬ ‫(((‬
‫مناوي‪ ،‬فيض القدير‪.229-226 :1 ،‬‬ ‫ّ‬ ‫املحتاج‪425 :7 ،‬؛‬
‫بالشبهات ما جاء يف كتاب (اهلداية‬‫  من طريف ما ورد يف هذا الباب‪ ،‬أي درء احلدود ّ‬ ‫(((‬
‫احلنفي (تويف) سنة (‪511‬هـ) وذلك‬‫ّ‬ ‫املرغيناين‬
‫ّ‬ ‫ـ كتاب النكاح) لإلمام برهان الدّ ين‬
‫الشبهة‪:‬‬‫يسمى وطء ّ‬ ‫فيام ّ‬
‫ِ‬ ‫َ‬
‫غري امرأته وقالت له النّساء‪ :‬إنهّ ا زوجتُك فوط َئها ال حدّ عليه‪،‬‬ ‫(و َم ْن ُز َّفت إليه ُ‬
‫ال وهو اإلخبار يف موضع االشتباه‪ ،‬إذ‬ ‫وعليه املهر وعليها العدّ ة‪ ،‬ألنّه اعتمد دلي ً‬
‫اإلنسان ال يم ّيز بني امراته وبني غريها يف ّأول وهلة‪ ،‬فصار كاملغرور‪ ،‬وال يحُ دّ‬
‫لغوي)‪.‬‬
‫ّ‬ ‫(املقوم ا ّل‬
‫ّ‬ ‫قاذفه)‪.‬‬
‫اإل ْسال ِم ِّي‬ ‫ال ال َع َر ِب ِّي ِ‬ ‫جل ْن ِس َّي ِة يِف ال َع مَ ِ‬ ‫َما َق ْب َل امل ِْثلِ َّي ِة ا ِ‬ ‫‪334‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(‪)1‬‬
‫عروس ِه‪.‬‬
‫ِ‬ ‫العروس إىل‬
‫ُ‬ ‫يدف ُع ُه‬
‫ني متام ًا َّ‬
‫أن‬ ‫واع َ‬ ‫الذين كانُوا ِ‬ ‫احلنفي ِ‬ ‫املذهب ِ‬
‫ِ‬ ‫ومع هذا‪ ،‬فقدْ ا َّدعى فقها ُء‬
‫َ‬ ‫ِّ‬
‫لواط؛ ا َّد َعوا‬‫تطبيق احلدِّ عىل ا ِّل ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬
‫إمكان‬ ‫َت َترى‬ ‫األخرى كان ْ‬ ‫ِ‬
‫الفقه َّي َة‬ ‫املدارس‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫الر ِ‬ ‫ِ‬
‫جل الذي‬ ‫َّعزير‪ ،‬ال احلدَّ ‪ ،‬هو العقو َب ُة يف حال َّ‬ ‫أن الت َ‬ ‫ِّفاق عا ٌّم يفيدُ َّ‬ ‫ثم َة ات ٌ‬ ‫أ َّن ُه َّ‬
‫بهة املخ ِّف َف ِة‪ )2(.‬ولذلِ َك بينَّ َ مفتِي‬ ‫الش ِ‬ ‫بسبب ِ‬
‫حال ُّ‬ ‫ِ‬ ‫يأتيِ عبد ًا مملوك ًا له يف الدُّ ُب ِر‬
‫الذي‬ ‫جل ِ‬ ‫الر َ‬ ‫الكواكبِ ُّي ( ُتوفيِّ َ سن َة ‪1685‬م) َّ‬‫ِ‬ ‫ِ‬
‫أن َّ‬ ‫حممدٌ‬‫املذهب َّ‬ ‫حنفي‬
‫ُّ‬ ‫حلب‬
‫َ‬
‫ب اإلمجاعِ‪،‬‬ ‫بحس ِ‬ ‫ب باحلدِّ ْ‬ ‫كر أو َأ َم َت ُه أو زوج َت ُه يف الدُّ ِبر‪ ،‬ال ُيعا َق ُ‬ ‫يأتيِ عبدَ ُه َّ‬
‫الذ َ‬
‫(وا َّل ِذي َن ُه ْم‬ ‫وجل َ‬ ‫عز َّ‬
‫قول اهللِ َّ‬‫الفعل م َباح ًا مستنِد ًا إىل ِ‬
‫َ ُ‬ ‫ثم َة َم ْن يعدُّ هذا‬ ‫أل َّن ُه َّ‬
‫َت َأي م َفإِ م َغ م ُل ِ‬ ‫ِ‬ ‫وج ِه ْم َحافِ ُظ َ‬ ‫لِ ُفر ِ‬
‫ني‬ ‫وم َ‬ ‫ون إِالَّ َعلىَ َأ ْز َواج ِه ْم ْأو َما َم َلك ْ ْماَنهُ ُ ْ نهَّ ُ ْ يرْ ُ َ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َف َم ِن ا ْب َت َغى َو َراء ذل َك َف ُأ ْو َلئ َك ُه ُم ا ْل َعا ُدون)‪.‬‬
‫َ (‪)3‬‬

‫العثامين)‪ .63 ،‬صادق عىل هذا املوقف وأ ّيده بعض من‬ ‫ّ‬ ‫(الزنا يف القانون‬ ‫(((   أمرب‪ّ ،‬‬
‫الرائق‪20-19 :5 ،‬؛ شيخي زاده‪ ،‬جممع‬ ‫ّ‬ ‫البحر‬ ‫نجيم‪،‬‬ ‫ابن‬ ‫أمثال‬ ‫ني‬ ‫ي‬
‫ّ‬ ‫احلنف‬ ‫القضاة‬
‫ّ‬
‫األهنر‪ ،595 :1 ،‬ولكنّه رفض من قبل آخرين من املذهب ذاته مثل احلصكفي‪ ،‬الدّ ّر‬
‫املختار‪595 :1 ،‬؛ ابن عابدين‪ ،‬منحة اخلالق‪.20 :5 ،‬‬
‫لغوي‪:‬‬
‫ّ‬ ‫املقوم ا ّل‬
‫تنويه ّ‬
‫كانت اجلملة هكذا (قد ُيعدُّ (مشاهب ًا) للمهر الذي يدفعه العريس إىل عروسه) وقد‬
‫قمت لتصحيحها إىل (قد ُيعدُّ (مشاهب ًا) للمهر الذي يدفعه العروس إىل عروسه )‪.‬‬
‫ِ‬
‫الصحاح‬ ‫وس يف العرب ّية َن ْع ٌت َي ْست َِوي فيه ُ‬
‫الرج ُل وا َمل ْر َأةُ‪ .‬ويف ّ‬ ‫أن وصف ال َع ُر ُ‬ ‫ذلك ّ‬
‫لهَ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اس ٌم ُماَ‬
‫(الرجل واملرأة) عروسان‪ :‬ما َدا َما يف إ ْع َراسهام‪ .‬وقال اب ُن األثري‪ :‬وهو ْ‬ ‫مها ّ‬
‫يث‪َ :‬ف َأ ْص َب َح َع ُروس ًا‪ .‬ويف ا َمل َث ِل عن العروس‬ ‫باآلخر‪ ،‬ويف احل ِد ِ‬ ‫ِ‬ ‫مها‬ ‫د‬ ‫ول َأح ِ‬ ‫عند ُد ُخ ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫يكون َأ ِمري ًا‪.‬‬
‫ُ‬ ‫وس‬ ‫الذكر‪ :‬كا َد ال َع ُر ُ‬ ‫ّ‬
‫الطائي‪:‬‬ ‫ٍ‬
‫قول َأبيِ ُزب ْيد‬ ‫ِ‬
‫وس ا َمل ْر َأة ُ‬‫ومن ال َع ُر ِ‬
‫ّ‬
‫َع � � � ��بِ � � ي� ��را ً ب � � � ��ات َت� � � � ْع� � � � َب � � ��ؤُ ه َع� � � � � � ُ�ر ُ‬
‫وس‬ ‫�ك � � َب � � ْي� � ـ� � ـ� � ِ�ه‬
‫ك � �ـ � �ـ � �ـ� � َ�أ ّن ب � �نَ� ��ح� � ـ� � ـ� � ـ� � ـ� � ِ�ر ِه وم � �نْ� � ِ‬
‫َ‬ ‫ْ‬

‫الرائق‪18 :5 ،‬؛ ابن عابدين‪،‬‬


‫(((   شيخي زاده‪ ،‬جممع األهنر‪595 :1 ،‬؛ ابن نجيم‪ ،‬البحر ّ‬
‫احلصكفي‪ ،‬الدّ ّر املختار‪.155 :3 ،‬‬
‫ّ‬ ‫ر ّد املحتار‪156 :3 ،‬؛‬
‫السن ّية‪ .355 :2 ،‬سورة املؤمنون (اآليات ‪ 5‬ـ ‪ )7‬وسورة املعارج‬
‫  الكواكبي‪ ،‬الفوائد ّ‬
‫ّ‬ ‫(((‬
‫(اآليات ‪ 29‬ـ ‪.)31‬‬
‫لواط ُّي َ‬
‫ون‬ ‫الث‪ُّ :‬ال ِ‬ ‫الث ُ‬ ‫الفص ُل َّ‬ ‫ْ‬
‫‪335‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫املذاهب‬ ‫ِ‬ ‫أي‪ ،‬إذ صرَ َّ َح فقها ُء‬ ‫الر ِ‬ ‫إمجاع عىل هذا َّ‬ ‫ٌ‬ ‫ثم َة‬ ‫ليس َّ‬ ‫وبداه ًة‪َ ،‬‬
‫كور‪،‬‬ ‫الذ ِ‬ ‫العبيد ُّ‬ ‫ِ‬ ‫الشبه َة ال ت َْصدُ ُق عىل‬ ‫أن ُّ‬ ‫برفض ِهم له مؤك ِِّدي َن َّ‬ ‫ِ‬ ‫األخرى‬‫َ‬
‫ِ‬
‫امر َسة ا ِّللواط مع‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫امر َس ُة ا ِّللواط مع العبد َّ‬ ‫ِ‬
‫الذكر تُعدُّ ـ تقليد َّي ًا ـ مكاف َئ ًة ُمل َ‬ ‫فم َ‬ ‫ُ‬
‫بني‬ ‫ِ‬
‫ب يف العادة عىل وجود إمجا ٍع ملز ٍم َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫آخ َر‪.‬‬ ‫رجل َ‬ ‫ٍ‬ ‫أي‬
‫كيز ينص ُّ‬ ‫وكان الترَّ ُ‬ ‫(‪)1‬‬
‫ِّ‬
‫ٍ‬
‫جل إقام َة عالقة جنس َّية مع‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫للر ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫تبيح َّ‬ ‫أن اآليات القرآن َّي َة التي ُ‬ ‫الفقهاء عىل َّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ب ال َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫الفقهاء عىل‬ ‫حرص‬ ‫كور‪ )2(.‬وحقيق ُة‬ ‫الذ َ‬ ‫فحس ُ‬ ‫عبيده ت َْصدُ ُق عىل اإلناث ْ‬
‫دحض ِه‬ ‫ِ‬ ‫ون يف‬ ‫الذي يرغ ُب َ‬ ‫أن التَّفسري ِ‬
‫َ‬ ‫تدل ضمن ًا عىل َّ‬ ‫ورشح ِه ُّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫األمر‬ ‫توكيد هذا‬ ‫ِ‬
‫كان وما َ‬ ‫رج ُح أ َّن ُه َ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫زال‬ ‫متفر َقة‪ ،‬و ُي َّ‬ ‫مناسبات ِّ‬ ‫َّعبري عنه يف عدَّ ة َ‬ ‫جرى الت ُ‬ ‫قد َ‬
‫الفقهي ِة‪ .‬إذ شدَّ د الفقيه ِ‬ ‫احللقات البحثِ َّي ِة ‪/‬‬ ‫ِ‬
‫احلنف ُّي‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ِ َّ‬ ‫خارج‬
‫َ‬ ‫شائع ًا أو مطروح ًا‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫احلصك َِف ُّي مث ً‬ ‫عال ُء الدِّ ِ‬
‫اآليات‬ ‫بالر َّدة عىل َم ْن يفسرِّ ُ‬ ‫رضورة احلك ِم ِّ‬ ‫َ‬ ‫ال عىل‬ ‫ين ْ‬
‫مقابل فقها َء‬ ‫َ‬ ‫فعل ا ِّل ِ‬
‫لواط‬ ‫تضفي الشرَّ ِع َّي َة عىل ِ‬ ‫بأسلوب جيع ُلها ِ‬ ‫ٍ‬ ‫القرآنِ َّي َة املعنِ َّي َة‬
‫ِ‬
‫العزيز‬ ‫عبد‬ ‫بن ِ‬ ‫عمر ِ‬ ‫أمني ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫املذهب ذاتِ ِه‬ ‫ِ‬ ‫ينتم َ‬ ‫ِ‬
‫بن َ‬ ‫أمثال (أمحدَ‬ ‫ون إىل‬ ‫آخري َن ُ‬
‫وفق ِهم ـ عدُّ‬ ‫ينبغي ـ عىل ِ‬ ‫بخالف ذلِ َك‪ ،‬إذ ال ِ‬ ‫ِ‬ ‫مشق ِّي؛ قا ُلوا‬ ‫عابدين الدِّ ِ‬ ‫بن ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬
‫كر كافر ًا‪ )3(.‬وهذا ِم ْن‬ ‫الذ ِ‬ ‫العبد َّ‬ ‫ِ‬ ‫لواط مع‬ ‫فعل ا ِّل ِ‬ ‫بجواز ِ‬ ‫ِ‬ ‫الذي ُ‬
‫يقول‬ ‫خص ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬
‫الش‬
‫واج‬ ‫للز ِ‬ ‫السنِّ َّي ِة مكافِئ ًا َّ‬ ‫َّظر ُّ‬ ‫وجهة الن ِ‬ ‫ِ‬ ‫كر ِم ْن‬ ‫الذ ِ‬ ‫بالعبد َّ‬ ‫ِ‬ ‫جيعل ا ِّل َ‬
‫لواط‬ ‫أن َ‬ ‫شأنِ ِه ْ‬

‫اهليتمي‪ ،‬حتفة‬
‫ّ‬ ‫(((   ورد ذلك بوضوح يف عدّ ة مصادر منها يف سبيل املثال‪ ،‬ابن حجر‬
‫ميل‪ ،‬هناية املحتاج‪7:424 ،‬؛ الدّ ردير‪ ،‬الشرّ ح‬ ‫الر ّ‬
‫املحتاج‪103 :9 ،‬؛ شمس الدّ ين ّ‬
‫يت‪ ،‬كشف القناع‪:6 ،‬‬ ‫اخلريش‪ ،‬رشح خمترص‪ ،316 :5 ،‬البهو ّ‬ ‫ّ‬ ‫الصغري‪447 :4 ،‬؛‬ ‫ّ‬
‫احلنفي بشأن موقف‬‫ّ‬ ‫االفرتاض‬ ‫ّ‬
‫أن‬ ‫رجح‬ ‫ي‬‫ُ‬ ‫و‬ ‫‪.794‬‬ ‫‪:2‬‬ ‫اغب‪،‬‬ ‫الر‬
‫ّ‬ ‫هداية‬ ‫ناجي‪،‬‬ ‫‪94‬؛‬
‫الشكوك بني القضاة الش ّافع ّيني واملالك ّيني من‬ ‫املدارس الفقه ّية األخرى يعكس ّ‬
‫السابقة بشأن هل تصدق عقوبة احلدّ يف حالة العالقة الشرّ ج ّية مع العبيد‬ ‫القرون ّ‬
‫ّ‬
‫الذكور؛ انظر لالستزادة عن هذه املسألة‪ ،‬شمت (اللواط يف الفقه)‪.86-80 ،‬‬ ‫ّ‬
‫يقرتح شمت الذي ركّز عىل الكتب الفقه ّية األسبق بنحو رئيس‪ّ ،‬‬
‫أن املدرسة احلنبل ّية‬
‫أن ذلك ال يصدق‬ ‫فحسب كانت حازمة وقاطعة يف تطبيق احلدّ يف هذه احلالة‪ .‬إلاّ ّ‬
‫عىل احلقبة العثامن ّية املبكرة‪.‬‬
‫الصغري‪( 448 :4 ،‬تعليقات‬ ‫  احلصكفي‪ ،‬درر املنتقى‪595 :1 ،‬؛ الدّ ردير‪ ،‬الشرّ ح ّ‬ ‫ّ‬ ‫(((‬
‫اوي)‪.‬‬
‫الص ّ‬ ‫ّ‬
‫((( ابن عابدين‪ ،‬ر ّد املحتار‪.156 :3 ،‬‬
‫اإل ْسال ِم ِّي‬ ‫ال ال َع َر ِب ِّي ِ‬ ‫جل ْن ِس َّي ِة يِف ال َع مَ ِ‬ ‫َما َق ْب َل امل ِْثلِ َّي ِة ا ِ‬ ‫‪336‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫الف ِ‬ ‫أخر‪ِ ،‬‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫املذهب ِّ ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫(املتعة) ا ُمل َب ِ‬ ‫املؤ ِّق ِ‬
‫عالن‬ ‫الشيع ِّي اإلمام ِّي؛ وبكلامت َ َ‬ ‫اح يف‬ ‫ت‬
‫ٍ‬ ‫الشخص ِ‬ ‫مان‪ ،‬إلاَّ َّ‬ ‫كالهمُ ا محُ َر ِ‬
‫بكافر‪ .‬وبدا‬ ‫جوازهمُ ا َ‬
‫ليس‬ ‫َ‬ ‫الذي يؤ ِّيدُ‬ ‫أن َّ َ‬ ‫َّ‬
‫سيِ‬
‫أن االت َِّص َال [اجلن َّ ]‬ ‫ِ‬
‫أكثر حتديد ًا يف رأهيم‪ ،‬إذ ب َّينُوا َّ‬ ‫آخ ُر َ‬ ‫حنف ُّي َ‬
‫ون َ‬ ‫فقهاء ِ‬
‫ون َ‬ ‫ُ‬
‫َّكفري هو االتِّص ُال اجلنسيِ‬
‫ِ‬ ‫ض للت‬ ‫َّعر ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ُّ‬ ‫َ‬ ‫الذي يمك ُن اال ِّدعا ُء بجوازه م ْن دون الت ُّ‬
‫خط الت ِ‬
‫َّفكري‬ ‫إن َّ‬ ‫حال‪ُ ،‬ي ُ‬
‫قال‪َّ :‬‬ ‫زوجة‪ )1(.‬وعىل أ َّي ِة ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫الشرَّ ِج ُّي مع عبدَ ٍة أن َثى أو‬
‫يعلم هبا الفقها ُء‪،‬‬ ‫أن َ‬ ‫األمور التِي (تُع َل ُم وال ُت َع َّل ُم) أي يتعينَّ ُ ْ‬ ‫ِ‬ ‫هذا هو أحدُ‬
‫يعلموا هبا!‪.‬‬
‫أن ُ‬ ‫ينبغي لعا َّم ِة الن ِ‬
‫َّاس ْ‬ ‫ولكن ال ِ‬
‫ْ‬
‫وكلمة (ا ِّل ِ‬
‫لواط) ذاتهِ ا يف‬ ‫ِ‬ ‫إدانة ا ِّل ِ‬
‫ِ‬ ‫ب مسأ َل ِة‬ ‫ٍ‬
‫لواط‬ ‫ويمك ُن بسهو َلة تع ُّق ُ‬
‫الشني َع ِة التِي‬
‫الفاحش ِة َّ‬
‫َ‬ ‫القرآن يف عدَّ ِة سو ٍر عن ِ‬
‫هذه‬ ‫ُ َ‬ ‫ُ‬ ‫القرآن‪ )2(.‬إذ يتحدَّ ُ‬
‫ث‬
‫(لوط)‪:‬‬ ‫ُ‬ ‫لسان نب ِّي ِه‬
‫ِ‬ ‫وهناهم عنها اهللُ سبحا َن ُه عىل‬ ‫ُ‬ ‫بني قو ٍم سدُّ و َم‬
‫شا َع ْت َ‬

‫اح َش َة َما َس َب َقكُم بهِ َا ِم ْن َأ َح ٍد ِّمن ا ْل َعالمَِ َ‬


‫ني‬ ‫ُون ا ْل َف ِ‬
‫(و ُلو ًطا إِ ْذ َق َال لِ َق ْو ِم ِه َأت َْأت َ‬‫َ‬
‫ِ ُ َ (‪)3‬‬ ‫ِ‬
‫الر َج َال َش ْه َو ًة ِّمن ُدون الن َِّساء َب ْل َأنت ُْم َق ْو ٌم مُّسرْ فون)‪.‬‬ ‫إِ َّنك ُْم َلت َْأت َ‬
‫ُون ِّ‬
‫ون ما َخ َل َق َلكُم ر ُّبكُم ِم ْن َأ ْز َو ِ‬ ‫ان ِم َن ا ْل َعالمَِ َ‬ ‫و ( َأت َْأت َ‬
‫اجكُم‬ ‫ْ َ ْ‬ ‫ني َوت ََذ ُر َ َ‬ ‫الذ ْك َر َ‬
‫ُون ُّ‬
‫(‪)4‬‬
‫ني)‪.‬‬ ‫وط َل َتكُو َن َّن ِم َن المُْ ْخ َر ِج َ‬
‫ون َقا ُلوا َل ِئن مل ْ تَنت َِه َيا ُل ُ‬‫َب ْل َأنت ُْم َق ْو ٌم َعا ُد َ‬

‫ون َأ ِئنَّك ُْم َلت َْأت َ‬


‫ُون‬ ‫اح َش َة َو َأنت ُْم تُبْصرِ ُ َ‬
‫ُون ا ْل َف ِ‬
‫(و ُلو ًطا إِ ْذ َق َال لِ َق ْو ِم ِه َأت َْأت َ‬
‫و َ‬
‫ِ‬
‫الر َج َال َش ْه َو ًة ِّمن ُدون الن َِّساء َب ْل َأنت ُْم َق ْو ٌم تجَْ َهلون)‪.‬‬
‫ُ َ (‪)5‬‬
‫ِّ‬
‫اح َش َة َما َس َب َقكُم بهِ َا ِم ْن َأ َح ٍد‬
‫ُون ا ْل َف ِ‬
‫(و ُلو ًطا إِ ْذ َق َال لِ َق ْو ِم ِه إِ َّنك ُْم َلت َْأت َ‬
‫و َ‬
‫ِ‬
‫ُون فيِ نَاديك ُُم المُْنك ََر‬‫السبِ َيل َوت َْأت َ‬ ‫الر َج َال َو َت ْق َط ُع َ‬ ‫ِ‬ ‫ِّم َن ا ْل َعالمَِ َ‬
‫ني َأئنَّك ُْم َلت َْأت َ‬
‫ون َّ‬ ‫ُون ِّ‬
‫هطاوي‪ ،‬حاشية‪.397 :2 ،‬‬
‫ّ‬ ‫  ال ّط‬ ‫(((‬
‫(قصة‬
‫اخلاصة باآليات التي تناولت قوم لوط‪ ،‬انظر مجال ّ‬ ‫ّ‬ ‫  لالستزادة عن النّقاشات‬ ‫(((‬
‫وتصورات القرآن عن أخالق ّية اجلنسان ّية املثل ّية)‪ ،‬وراوسن‪( ،‬املثل ّية)‪.‬‬
‫ّ‬ ‫لوط‬
‫  سورة األعراف (اآليتان ‪.)82-81‬‬ ‫(((‬
‫الشعراء (اآليات ‪.)167-165‬‬ ‫  سورة ّ‬ ‫(((‬
‫  سورة النّمل (اآليتان ‪.)55-54‬‬ ‫(((‬
‫لواط ُّي َ‬
‫ون‬ ‫الث‪ُّ :‬ال ِ‬ ‫الث ُ‬ ‫الفص ُل َّ‬ ‫ْ‬
‫‪337‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(‪)1‬‬
‫ني)‪.‬‬ ‫اد ِق َ‬
‫ُنت ِمن الص ِ‬
‫اب اللهَِّ إِن ك َ َ َّ‬ ‫اب َق ْو ِم ِه إِالَّ َأن َقا ُلوا ائْتِنَا بِ َع َذ ِ‬ ‫َان َج َو َ‬ ‫َفماَ ك َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬
‫(احلجر‬ ‫(هود اآلية ‪ )77‬و‬ ‫سورتيَ‬
‫القرآن يف َ‬ ‫ربنا‬ ‫وزياد ًة عىل ذل َك‪ ،‬خي ُ‬
‫بوص ِف ِهم مالئك ًة يف‬ ‫إليهم تقليد َّي ًا ْ‬
‫ِ‬ ‫نظر ِ‬ ‫أرسل اهللُ (رس َل ُه) ( ُي ُ‬ ‫َ‬ ‫اآلية ‪ )61‬أ َّن ُه لمََّا‬
‫اب ضيوفِ ِه‬ ‫الغتص ِ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫املدينة‬ ‫هرع إليه سك ُ‬
‫َّان‬ ‫َّبي (لوط) َ‬
‫ٍ‬
‫برشي) إىل الن ِّ‬ ‫ٍّ‬ ‫شكل‬‫ٍ‬
‫لوط بناتِ ِه‬ ‫عرض النِّبي ٍ‬
‫ِّ‬ ‫ِ‬ ‫الرغ ِم ِم ْن‬ ‫أغلب ال َّظ ِّن؛ وعىل ُّ‬ ‫ِ‬ ‫الفاحش ِة هبِم يف‬ ‫َ‬ ‫وفِ ِ‬
‫عل‬
‫ني‪َ ( :‬قا ُلو ْا َل َقدْ َع ِل ْم َت َما‬ ‫ني‪ ،‬إلاَّ أ م ردوا طلبه ِ‬
‫قائل َ‬ ‫َُ‬ ‫نهَّ ُ ُّ‬ ‫قوم ِه العدائ ِّي َ‬ ‫أفراد ِ‬ ‫ِ‬ ‫عىل‬
‫أثر ذلِ َك املدين َة‬ ‫َلنَا فيِ َبنَاتِ َك ِم ْن َح ٍّق َوإِن ََّك َل َت ْع َل ُم َما ن ُِريدُ )(‪ )2‬فد َّم َر اهللُ عىل ِ‬
‫وجعل‬ ‫َ‬ ‫ود)‬ ‫نض ٍ‬ ‫يل َّم ُ‬ ‫(ح َج َار ًة ِّمن ِس ِّج ٍ‬ ‫عليهم ِ‬ ‫أمطر ِ‬ ‫وقضىَ عىل سكَّانهِ ا ْ‬
‫بأن‬
‫َ‬
‫( َعالِ َي َها َسافِ َل َها)‪.‬‬
‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫األخري ِة‪َّ ،‬‬ ‫وتفسري العقو َب ِة‬
‫ثم‬‫السامء َّ‬ ‫رفع قري َة قو ِم لوط إىل َّ‬ ‫أن اهللَ قد َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫هذه العقوب ِة الساموي ِة يف عقوباتٍ‬ ‫األرض‪ .‬وينعكس شكال ِ‬ ‫ِ‬ ‫قل َبها ورماها عىل‬
‫َ َّ َّ‬ ‫ُ‬
‫األخرى‪ُ ،‬ف ِر َض ْت يف حال ا ِّللواط [وحتدَّ ْثنا عنها‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫أخرى فريدَ ٍة يف جوانبِها‬
‫ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫شاهق‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫رميهم م ْن‬ ‫ِ‬ ‫الفاحشة أحيا ًء‪ ،‬أو‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬
‫مثل حرق مرتكبِي هذه‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫سلف ًا] م ْن ِ‬ ‫ِ‬
‫الفعل يف‬ ‫َ‬ ‫اآليات التِي تناو َل ْت هذا‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫لالنتباه َّ‬
‫أن‬ ‫الفت‬ ‫بجدار‪ .‬وا َّل ُ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫سحق ِهم‬ ‫أو‬
‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الرغ ِم‬ ‫القرآن ال حتدِّ ُد طبيع َة األفعال اجلنس َّية التي ارتك َبها قو َم لوط‪ ،‬وعىل ُّ‬
‫اجلنس َّي ِة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫بالعالقة‬ ‫عل قو ِم ٍ‬
‫لوط‬ ‫البداية فِ َ‬ ‫ِ‬ ‫ون ِم َن‬ ‫املسلم َ‬ ‫ُ‬ ‫قرن الفقها ُء‬ ‫ِم ْن ذلِ َك‪َ ،‬‬
‫حات‬ ‫لواط يف ا ُملص َط َل ِ‬ ‫استعامل ا ِّل ِ‬ ‫ُ‬ ‫أضحى فيه شائع ًا‬ ‫الذي‬ ‫الشرَّ ِجي ِة إىل احلدِّ ِ‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬
‫كر واألن َثى‪.‬‬ ‫الذ ِ‬ ‫بني َّ‬ ‫الفقه َّي ِة للحديث عن العالقة اجلنس َّية الشرَّ ج َّية َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬

‫حمم ٍد فيها إدان ٌة‬ ‫َّبي َّ‬ ‫منسو َبة للن ِّ‬
‫ٍ‬
‫أحاديث ُ‬ ‫َ‬ ‫ثم َة بضع ُة‬ ‫ِ‬
‫وزياد ًة عىل اآليات‪َّ ،‬‬
‫ِ‬ ‫َني ِمن ِ‬ ‫ِ‬ ‫واضح ٌة وشديدَ ٌة ِلف ِ‬
‫األحاديث‪،‬‬ ‫هذه‬ ‫ذكرنا سلف ًا اثن ِ ْ‬ ‫عل ا ِّللواط‪ ،‬وقدْ ْ‬ ‫َ‬
‫لواط‬ ‫اآلخ ُر ا ِّل َ‬ ‫ويقرن َ‬ ‫ُ‬ ‫كليهام‪،‬‬ ‫عل ِ‬ ‫ِ‬
‫يطلب أحدُ ها عقو َب َة املوت ملرتكبِي هذا الف ِ‬ ‫ِ‬
‫ُ‬

‫(((   سورة العنكبوت (اآليتان ‪.)29-28‬‬


‫(((   سورة هود اآلية (‪.)79‬‬
‫اإل ْسال ِم ِّي‬ ‫ال ال َع َر ِب ِّي ِ‬ ‫جل ْن ِس َّي ِة يِف ال َع مَ ِ‬ ‫َما َق ْب َل امل ِْثلِ َّي ِة ا ِ‬ ‫‪338‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(‪)1‬‬
‫باألقوال اآلت َي ِة‪:‬‬
‫ِ‬ ‫بالزنا‪ ،‬وزياد ًة عىل ذلِ َك بقدرتِنا االستشها ُد‬
‫ِّ‬
‫عمل قو ِم‬ ‫هذه األ َّم ِة ‪َ -‬‬
‫أخاف عىل أمتِي‪ -‬أو عىل ِ‬
‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬
‫أخوف ما‬ ‫(إن ِم ْن‬ ‫َّ‬
‫حمم ٍد عىل أ َّمتِ ِه ِم ْن‬ ‫تذكر خشي َة الن ِّ‬
‫َّبي َّ‬
‫ِ‬
‫تنويعات عىل هذا احلديث ُ‬ ‫ٌ‬ ‫وثم َة‬
‫لوط) َّ‬
‫ٍ‬
‫ِ‬
‫اخلمر‪.‬‬ ‫ِ‬
‫ورشب‬ ‫الزنا‬
‫مثل ِّ‬ ‫أخرى ِ‬‫فواحش َ‬ ‫َ‬
‫اخللق‪ ،‬فال يباليِ يف أي ٍ‬
‫ِ‬ ‫عز َّ‬
‫واد‬ ‫ِّ‬ ‫وجل يدَ ُه عن‬ ‫كثر ا ِّللوا َط َّي ُة َ‬
‫رفع اهللُ َّ‬ ‫(إذا َ‬
‫هلكُوا)‪.‬‬
‫يعمل عم َل قو ِم ٍ‬ ‫ٍ‬
‫لوط)‪.‬‬ ‫عمل قو ِم لوط‪ ،‬لع َن اهللُ َم ْن َ َ‬
‫يعمل َ‬
‫(لع َن اهللُ َم ْن ُ‬
‫رجل أتَى ذكر ًا أو امرأ ًة يف ِ‬
‫دبرها)‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫ينظر اهللُ إىل‬
‫(ال ُ‬
‫ِ‬ ‫ويمس َ‬ ‫غض ِ‬ ‫بح َ‬
‫سخط اهللِ تعالىَ ‪...‬‬ ‫ون يف‬ ‫ُ‬ ‫ب اهللِ‬ ‫ون يف َ‬ ‫(أرب َع ٌة ْ‬
‫يص ُ‬
‫ِ‬
‫جال‪ ،‬والذي يأتيِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫هات م َن النِّساء بالر ِ‬ ‫ِ‬ ‫ون ِم َن الر ِ‬‫املتش ِّب ُه َ‬
‫ِّ‬ ‫جال بالنِّساء‪ ،‬واملتش ِّب ُ‬ ‫ِّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫جال (يعني ا ِّل َ‬
‫لواط)‪.‬‬ ‫الر َ‬ ‫البهيم َة‪ ،‬والذي يأتيِ ِّ‬
‫َ‬
‫ني ِم َن الر ِ‬
‫جال‬ ‫أن (املتش ِّب ِه َ‬ ‫ِ‬
‫األخري َّ‬ ‫ِ‬
‫باحلديث‬ ‫رت ُض فيام يت َِّص ُل‬
‫ِّ‬ ‫و ُيف َ‬
‫والفواحش التِي‬ ‫فئات خمتل َف ٍة‪،‬‬
‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫ون إىل‬‫ينتم َ‬ ‫جال) ُ‬ ‫الر َ‬ ‫بالنِّساء) و َم ْن (يأتيِ ِّ‬
‫تتض َّم ُن فع ً‬
‫ال‬ ‫ادر َ‬‫املص ِ‬ ‫ُ ِ‬ ‫احلديث إىل قو ِم ٍ‬ ‫ُ‬
‫والقليل م َن َ‬ ‫لوط ال حصرْ َ هلا‪،‬‬ ‫ينس ُبها‬
‫أن صور َة {قوم ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الشائ َع َة كام‬ ‫لوط}(‪َّ )3‬‬ ‫(استعامل احلنَّة والتَّش ُّب َه بالنِّساء)‪ )2(.‬إلاَّ َّ ُ‬ ‫َ‬
‫ذكور َّي ٍة عدوانِ َّي ٍة‪،‬‬
‫ِ‬ ‫قط عىل اخلنو َث ِة بل عىل‬ ‫تدل ُّ‬ ‫ِ‬
‫القرآن‪ ،‬مل ْ تك ْن ُّ‬ ‫قدَّ َمها مفسرِّ ُ و‬
‫ِ‬ ‫بحس ِ‬ ‫يِ‬ ‫يمر َ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬
‫وايات‬ ‫الر‬
‫ب إحدَ ى ِّ‬ ‫ون يف أراض قو ِم سدُّ و َم ْ‬ ‫وكان الغربا ُء الذي َن ُّ‬
‫يت‬ ‫ني) ذائ ِع الص ِ‬ ‫تفسري (اجلال َل ِ‬ ‫ِ‬ ‫ففي‬‫[اجلنسي ِة]‪ِ .‬‬ ‫ِ‬ ‫موضوع ًا لرغبتِ ِهم‬ ‫ون ُ‬ ‫يم ِّث ُل َ‬
‫ِّ‬ ‫َّ‬

‫الزواجر‪.140-139 :2 ،‬‬ ‫(((   هذه األحاديث واردة يف ابن حجر‪ّ ،‬‬


‫الزواجر‪.141-140 :2 ،‬‬ ‫(((   ابن حجر‪ّ ،‬‬
‫(((    أشري إىل أنّه يف غري موضع من هذا الكتاب وردت عبارة (آل لوط) يف وصف‬
‫السالم؛ وقد قمت بإبداهلا إىل (قوم لوط)‪.‬‬ ‫من يامرس ا ّللواط زمن الن ّ‬
‫ّبي لوط عليه ّ‬
‫لغوي)‪.‬‬
‫ّ‬ ‫(املقوم ا ّل‬
‫ّ‬
‫لواط ُّي َ‬
‫ون‬ ‫الث‪ُّ :‬ال ِ‬ ‫الث ُ‬ ‫الفص ُل َّ‬ ‫ْ‬
‫‪339‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫السيوطِ ُّي)‬ ‫ين َّ‬ ‫وجالل الدِّ ِ‬ ‫ُ‬ ‫جالل الدِّ ِ ليِ‬
‫ين املح ُّ‬ ‫ُ‬ ‫اخلامس عشرَ َ (أي‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫القرن‬ ‫ِم َن‬
‫االعتداء اجلنسيِ ِّ عىل املسافري َن‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫بيل) بمعنَى‬ ‫الس َ‬ ‫ُفسرِّ َ ْت عبار ُة (تقط ُع َ‬
‫ون َّ‬
‫(‪)1‬‬

‫يفعلون ذلِ َك إلاَّ مع‬ ‫َ‬ ‫لوط (كانُوا ال‬ ‫أن قوم ٍ‬
‫بعض م َن املفسرِّ ِ ي َن صرَ اح ًة َّ َ‬
‫وذكر ٌ ِ‬
‫َ‬
‫كران [أي‬ ‫الذ َ‬ ‫ُون ُّ‬ ‫ٍ‬
‫كان قو ُم لوط يأت َ‬ ‫أخرى‪َّ ،‬‬ ‫َ‬ ‫ِ‬
‫الغرباء)‪ .‬وعىل وفق‬ ‫ِ‬
‫أحاديث َ‬
‫(‪)2‬‬

‫أن املالئك َة‬ ‫ظاهر َّي ًا يف َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫احلقبة‬ ‫القرآن يف ِ‬
‫هذه‬ ‫ِ‬ ‫ون] ويت َِّف ُق مفسرِّ ُ و‬ ‫أنهَّ ُم كانُوا يلو ُط َ‬
‫أن يفع ُلوا هبِم ظهروا يف ِ‬ ‫قوم ِه ْ‬ ‫جال ِمن ِ‬ ‫ِ‬
‫هيئة‬ ‫ُ‬ ‫الر ُ ْ‬ ‫زاروا (لوط ًا) وأرا َد ِّ‬ ‫الذي َن ُ‬
‫أفند ُّي ( ُتوفيِّ َ سن َة ‪1574‬م) مفتِي الدِّ ِ‬
‫يار‬ ‫عود ِ‬ ‫الح‪ )3(.‬وب َ أبو الس ِ‬
‫َّ‬ ‫ينَّ‬ ‫غلامن ِم ٍ‬ ‫ٍ‬
‫ٍ‬
‫رجال ال‬ ‫جنس َّي ًة مع‬ ‫عالقات ِ‬ ‫ٍ‬ ‫إقامة قو ِم ٍ‬
‫لوط‬ ‫ِ‬ ‫ث عن‬ ‫القرآن حتدَّ َ‬ ‫َ‬ ‫العثامنِ َّي ِة‪َّ ،‬‬
‫أن‬
‫بسبب ‪ -‬هذا ما يمك ُن‬ ‫ِ‬ ‫لفعل ِهم‪ ،‬ال‬ ‫توكيد ال َّطبيع ِة املمقوت َِة ِ‬ ‫ِ‬ ‫لامن ابتغا َء‬ ‫مع ِغ ٍ‬
‫َ‬
‫األحاديث التِي‬
‫ُ‬ ‫ني فعالً‪ )4(.‬وكان ْ‬
‫َت‬ ‫بالغ َ‬‫املفعول هبِم كانُوا ِ‬ ‫َ‬ ‫استنتاج ُه ‪َّ -‬‬
‫أن‬ ‫لنا‬
‫ُ‬
‫لامن يف الواق ِع‬ ‫بالغ ِ‬ ‫الغرباء ولواطِ ِهم ِ‬ ‫ِ‬ ‫جنس َّي ًا عىل‬‫لوط) ِ‬ ‫اعتداء (قو ِم ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ربنا عن‬ ‫خت ُ‬
‫أن قوم ٍ‬
‫لوط اتخَّ ُذوا‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫تكر َر االستشها ُد به َّ َ‬ ‫متواف َق ًة يف العادة‪ ،‬إذ ور َد يف حديث َّ‬
‫ِ‬
‫وإخراج ِهم‬ ‫ِ‬
‫واملهاجري َن‬ ‫ائري َن‬ ‫الز ِ‬ ‫ِ‬ ‫الغرباء وسيل ًة‬ ‫ِ‬ ‫االعتدا َء اجلنسيِ َّ عىل‬
‫لطرد َّ‬
‫الفاحش ِة بعدَ إتيانهِ ِم‬ ‫َ‬ ‫عل‬ ‫ُون فِ َ‬
‫بدؤوا شيئ ًا فشيئ ًا يدمن َ‬ ‫ثم ُ‬ ‫ِ‬
‫اخلص َبة‪َّ ،‬‬ ‫م ْن أراض ِيهم ْ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫يطان يف‬‫الش ِ‬ ‫ظهور َّ‬ ‫ِ‬ ‫وايات عن‬ ‫ِ‬ ‫الر‬ ‫ث ٌ ِ‬ ‫ني‪ ،‬وتتحدَّ ُ‬ ‫غلامن ًا مرد ًا ِم ِ‬
‫بعض م َن ِّ‬ ‫ليح َ‬ ‫ُْ‬

‫  مجال‪ ،‬حاشية عىل تفسري اجلاللني‪.374 :3 ،‬‬ ‫(((‬


‫الربساوي‪ ،‬تفسري روح البيان‪،‬‬
‫ّ‬ ‫السليم‪179-178 :2 ،‬؛‬ ‫السعود‪ ،‬إرشاد العقل ّ‬ ‫   أبو ّ‬ ‫(((‬
‫ِ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬
‫يلوط لواطة‪ ...‬واللواطة ه َي‬ ‫ّ‬
‫الذميمة (اللواطة) من الط‬ ‫الصفات ّ‬
‫‪[ .197 :3‬ومن ّ‬
‫فعل الفاحشة التي فعلها قوم لوط‪ .‬وسببها أنّه كان لقوم لوط بساتني مشتملة عىل‬
‫فواكه‪ ،‬فكان بعضهم يأيت تلك البساتني فيرسق من تلك الفواكه فظفروا با ّللصوص‬
‫أن هؤالء ال يرجعون إلاّ إذا‬ ‫الشيطان ّ‬ ‫وعذبوهم فلم يرجعوا‪ ،‬فوسوس هلم ّ‬ ‫مرارا ّ‬
‫فعلتم هبم كذا وكذا‪ .‬ففعلوا هبم ذلك واستطابته نفوسهم اخلبيثة ‪ -‬أمحد الرببري‪.‬‬
‫املوصيل‪ ،‬ص‪219-18‬؛ (املرتمجة)‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫اجليل عىل بيتي‬
‫الشرّ ح ّ‬
‫اآللويس‪ ،‬روح املعاين‪ ،94 :12 ،‬مجال‪ ،‬حاشية عىل تفسري اجلاللني‪412 :2 ،‬؛‬ ‫ّ‬ ‫  ‬ ‫(((‬
‫الرواية‬
‫وكاين‪ ،‬فتح القدير اجلامع بني فنّي ّ‬ ‫ّ‬ ‫الربساوي‪ ،‬روح البيان‪166 :4 ،‬؛ ّ‬
‫الش‬ ‫ّ‬
‫الصايف‪:2 ،‬‬‫ّ‬ ‫تفسري‬ ‫‪،‬‬‫الكاشاين‬
‫ّ‬ ‫‪227‬؛‬ ‫‪:2‬‬ ‫الربهان‪،‬‬ ‫‪،‬‬ ‫البحراين‬
‫ّ‬ ‫‪489‬؛‬ ‫‪:2‬‬ ‫راية‪،‬‬ ‫والدِّ‬
‫‪.461‬‬
‫السليم‪.136 :4 ،‬‬ ‫السعود‪ ،‬إرشاد العقل ّ‬ ‫  أبو ّ‬ ‫(((‬
‫اإل ْسال ِم ِّي‬ ‫ال ال َع َر ِب ِّي ِ‬ ‫جل ْن ِس َّي ِة يِف ال َع مَ ِ‬ ‫َما َق ْب َل امل ِْثلِ َّي ِة ا ِ‬ ‫‪340‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫وتذكر‬ ‫ِ‬
‫الغرباء؛‬ ‫ص ِم َن‬
‫لواط كوسي َل ٍة للتَّخ ُّل ِ‬
‫عجوز حكي ٍم يوصيِ با ِّل ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫شكل‬
‫ُ‬
‫هلذ ِه‬
‫كان أو َل (ضحي ٍة) ِ‬
‫َّ‬
‫ِ‬
‫فائق الوسامة َ َّ‬ ‫شكل غال ٍم ِ‬‫ِ‬ ‫ظهور ُه يف‬
‫َ‬ ‫أخرى‬ ‫روايات َ‬
‫ٌ‬
‫أخرى‬ ‫ٍ‬ ‫َ‬ ‫ياس َّي ِة التِي أفسدَ ْت ذائ َق َة قو ِم سدُّ و َم؛‬
‫يحة ‪ /‬الس ِ‬‫الن َِّص ِ‬
‫مقابل روايات َ‬ ‫ِّ‬
‫(‪)1‬‬
‫أخرى]‪.‬‬ ‫ِ‬
‫الفاعل تار ًة واملفعول به تار ًة َ‬ ‫ِ‬ ‫أدائ ِه الفع َل ِ‬
‫ني [أي‬ ‫ث عن ِ‬ ‫تتحدَّ ُ‬
‫ِ‬
‫األحيان‬ ‫بعض ِم َن‬‫ٍ‬ ‫لواط يف‬‫حول مسأ َل ِة ا ِّل ِ‬ ‫الفقهاء َ‬‫ِ‬ ‫ات‬ ‫َ‬
‫مناقش ُ‬ ‫وتتضم ُن‬
‫َّ‬
‫رجل وامرأةٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ث عن ف ِ‬ ‫ٍ‬
‫بني‬
‫الزنا َ‬ ‫عل ا ِّللواط بإزاء ِّ‬ ‫مقتض َب ًة تتحدَّ ُ‬
‫َ‬ ‫حوارات‬
‫أخ َر‪،‬‬ ‫ٍ‬
‫وبكلامت َ‬ ‫الزنا؟‬‫لواط أ ْم ِّ‬ ‫الفعل األبش ِع بين َُهام‪ :‬هل هو ا ِّل ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫حتديد‬ ‫ِ‬
‫جلهة‬
‫أقل‬ ‫الزنا أ ْم ُّ‬ ‫أبشع ِم ْن فِ ِ‬ ‫عل ا ِّل ِ‬ ‫الفقهاء حتديدَ هل فِ ُ‬ ‫ِ‬ ‫بعض ِم َن‬
‫عل ِّ‬ ‫ُ‬ ‫لواط‬ ‫أرا َد ٌ‬
‫هذه املسأ َل ِة يف‬ ‫ني يف ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫بشاع ًة منه؟!‪ .‬إذ تبدُ و آرا ُء‬
‫واملالك ِّي َ‬ ‫ني‬
‫اإلمام ِّي َ‬ ‫الفقهاء‬
‫ِ‬ ‫َ‬ ‫املذهبان قاط َع ًة ال مرا َء فيها‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الفقهاء‬ ‫مقابل‬ ‫نص عليها‬ ‫ضوء األحكا ِم التي َّ‬
‫أكثر ِهم ـ‬‫ِّفاق ِ‬ ‫الذي َن مل حيسموا رأيم عىل الرغ ِم ِم ْن ات ِ‬ ‫املذاهب األخرى ِ‬ ‫ِ‬ ‫يف‬
‫ُّ‬ ‫هَ ُ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫ني‪.‬‬ ‫بني الفع َل ِ‬
‫كان األشدَّ بشاع ًة َ‬ ‫لواط َ‬ ‫أن ا ِّل َ‬ ‫ِ‬
‫ظاهر َّي ًا ـ يف َّ‬

‫جتري مقار َن ُت ُه مل ْ يك ْن (العالق َة‬ ‫كان ِ‬


‫أن ما َ‬ ‫االنتباه هنا إىل َّ‬ ‫ِ‬ ‫لفت‬
‫ويتعينَّ ُ ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫املثل َّي َة) بـ (العالقة اجلنس َّية املتخال َفة) بل (العالق ُة اجلنس َّي ُة الشرَّ ج َّي ُة‬ ‫ِ‬ ‫اجلنسي َة ِ‬ ‫ِ‬
‫َّ‬
‫جال والن ِ‬ ‫بني الر ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ِّساء)‬ ‫غري املرشو َعة َ ِّ‬ ‫الرجال) و (العالقة اجلنس َّي ُة املهبل َّي ُة ُ‬ ‫بني ِّ‬ ‫َ‬
‫جال بالنِّسبةِ‬ ‫بني الر ِ‬ ‫ِ‬ ‫سيِ‬
‫غري الشرَّ ج ِّي َ ِّ‬ ‫َ‬ ‫فإن االت َِّص َال اجلن َّ‬ ‫وبنا ًء عليه‪َّ ،‬‬
‫ِ‬ ‫األقل‪ ،‬مل يكن ِ‬ ‫السنِّ َّي ِة ك ِّلها يف‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫كالعالقة‬ ‫جسيم ًة‬
‫َ‬ ‫معص َي ًة‬ ‫ِّ ْ ْ‬ ‫الفقه َّية ُّ‬ ‫للمدارس‬
‫املوضوعِ‪ ،‬ال بدَّ ِم ْن‬ ‫مه َّي ِة ُ‬ ‫ٍ‬
‫رجل وامرأة‪ ،‬وأل ِّ‬ ‫ٍ‬ ‫غري املرشو َع ِة َ‬
‫بني‬ ‫املهبل َّي ِة ِ‬
‫ِ‬ ‫اجلنس َّي ِة‬ ‫ِ‬
‫ني ودرج َة‬ ‫الفع َل ِ‬ ‫ات التِي تناو َل ْت بشاع َة ِ‬ ‫املناقش ِ‬ ‫َ‬ ‫املطروح َة يف‬ ‫أن ِ‬
‫الفك ََر‬ ‫أن نبينِّ َ َّ‬ ‫ْ‬
‫َ‬
‫املحاور ال َّثال َث ِة اآلتِ َي ِة‪:‬‬
‫ِ‬ ‫وجه العمو ِم إىل الوقو ِع يف ِ‬
‫أحد‬ ‫ُ‬
‫متيل عىل ِ‬ ‫خطورتهِ ِام ُ‬ ‫َ‬

‫الربساوي‪ ،‬روح البيان‪:3 ،‬‬


‫ّ‬ ‫السليم‪179-178 :2 ،‬؛‬
‫السعود‪ ،‬إرشاد العقل ّ‬ ‫(((   أبو ّ‬
‫بيني‪ ،‬السرّ اج املنري‪،‬‬
‫ّ‬ ‫اآللويس‪ ،‬روح املعاين‪148-147 :8 ،‬؛ اخلطيب الشرّ‬
‫ّ‬ ‫‪197‬؛‬
‫‪.471 :1‬‬
‫لواط ُّي َ‬
‫ون‬ ‫الث‪ُّ :‬ال ِ‬ ‫الث ُ‬ ‫الفص ُل َّ‬ ‫ْ‬
‫‪341‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫َّأو ًال‬
‫اث الد يِ ِّ‬
‫ِّين‬ ‫وس ُل بالترُّ ِ‬ ‫َّ‬
‫الت ُّ‬
‫ِ‬
‫البوالق ُّي‬ ‫ِ‬
‫العزيز ُّي‬ ‫وعيل‬ ‫اب َّ نيِ‬ ‫الوه ِ‬ ‫الفقيهان امل ِ ي ِ‬ ‫ِ‬
‫ُّ‬ ‫الشعرا ُّ‬ ‫ان عبدُ َّ‬ ‫صرْ َّ‬ ‫أكَّد‬
‫ِ‬
‫واألحاديث النَّبو َّي َة التي‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫أن اآليات القرآن َّي َة‬ ‫( ُتوفيِّ َ سن َة ‪1658‬م) كالهمُ ا َّ‬
‫اآليات واألحاديثِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫أكثر شدَّ ًة يف نربتهِ ا م َن‬ ‫ِ‬ ‫تدين ا ِّل َ ِ‬
‫لواط ه َي يف اإلمجال ُ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬ ‫ليِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫التِي تدين ِّ‬
‫ف‬ ‫يوس َ‬ ‫الزنا‪ .‬وعىل املنوال ذاته‪ ،‬ر َأى الفقي ُه احلنب ُّ مرع ُّي ب ُن ُ‬
‫(‪)1‬‬

‫ِ‬
‫اعتقاد‬ ‫ِ‬
‫حقيقة‬ ‫حكم ُه عىل‬ ‫الزنا‪ ،‬وبنَى‬ ‫أكثر بشاع ًة ِم َن ِّ‬ ‫لواط فع ً‬ ‫الكرمي يف ا ِّل ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫ال َ‬ ‫ُّ‬
‫رب ِم ْن مرتكبِي‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫بعض ِم َن‬
‫برضورة معاق َبة مرتكبِي ا ِّللواط بتشدُّ د أك َ‬ ‫َ‬ ‫الفقهاء‬ ‫ٍ‬
‫ليِ‬
‫احلر العام ُّ ( ُتوفيِّ َ‬ ‫حممدُ ُّ‬ ‫الشيع ُّي َّ‬
‫حديث أورده الفقيه ِّ ِ‬
‫ُ‬ ‫َُ‬ ‫ٌ‬ ‫ويذكر‬
‫ُ‬
‫(‪)2‬‬
‫الزنا‪.‬‬ ‫عل ِّ‬ ‫فِ ِ‬
‫َّاس‬ ‫الفرج‪ ،‬وهلذا ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫أعظم ِم ْن‬ ‫أن حرم َة الدُّ ِبر‬ ‫سن َة ‪1693‬م) َّ‬
‫هيلك اهللُ الن َ‬ ‫حرمة‬ ‫ُ‬
‫(‪)3‬‬
‫الفرج‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫بسبب حرمة‬ ‫ِ‬ ‫هيلك أحد ًا‬ ‫حرمة الدُّ ِبر وال ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫بسبب‬
‫ثا ِن َي ًا‬
‫وسل ببشا َع ِة ِّال ِ‬
‫لواط‬ ‫الت ُّ‬ ‫َّ‬
‫بيع َّي ِة‪ ،‬بمعنَى أ َّن ُه‬
‫َّزعة ال َّط ِ‬
‫لواط محُ َرم طبع ًا وضدُّ الن ِ‬
‫أن ا ِّل َ َّ ٌ‬ ‫أ َّكدَ بضع ُة فقها َء َّ‬
‫الزنا‪ )4(.‬ويبدُ و َّ‬ ‫ِ‬
‫السلي ِم‪ ،‬وال َي ْصدُ ُق ذل َك عىل ِّ‬ ‫ٍ‬
‫أن االعتقا َد ذا َت ُه‬ ‫مناف لل َّطب ِع َّ‬
‫بارش ُه‬ ‫ِ ِ‬ ‫للقرآن عندَ ما ذك َُروا َّ‬ ‫ِ‬ ‫افرتض ُه سلف ًا عدَّ ُة مفسرِّ ِ ي َن‬
‫الفعل الذي َ‬ ‫أن‬ ‫َ‬ ‫قد‬
‫قبل ذل َك‬‫ِ‬ ‫ِ‬
‫البرش َ‬ ‫ِ‬
‫بني بني‬ ‫لفعله َ‬‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫كان بشع ًا للغاية‪ ،‬ومل ْ يسب ْق ُهم أحدٌ‬ ‫ٍ‬
‫قو ُم لوط َ‬
‫وميةِ‬ ‫قبل السدُّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َّ‬ ‫غياب ا ِّللواط يف احلق َبة ما َ َّ‬ ‫َ‬ ‫السعود أفند ُّي‬ ‫وأرجع أبو َّ‬ ‫َ‬ ‫الوقت‪.‬‬
‫َّفاق بنِي‬ ‫ِ‬
‫والبش َع َة وات َ‬ ‫عل املم ُقو َت َة‬ ‫مدينة سدُّ وم) طبيع َة ِ‬
‫الف ِ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫(نسب ًة إىل قو ِم‬

‫البوالقي‪ ،‬السرّ اج املنري‪-486 :1 ،‬‬


‫ّ‬ ‫العزيزي‬
‫ّ‬ ‫عراين‪ ،‬امليزان‪136-135 :2 ،‬؛‬ ‫ّ‬
‫  الش ّ‬ ‫(((‬
‫‪.487‬‬
‫الكرمي‪ ،‬غاية املنتهى‪.317 :3 ،‬‬
‫ّ‬ ‫  ‬ ‫(((‬
‫الشيعة‪ 248 :14 ،‬وما بعدها (احلديث رقم ‪.)2‬‬ ‫ّ‬
‫العاميل‪ ،‬وسائل ّ‬ ‫  احلر‬
‫ّ‬ ‫(((‬
‫املناوي‪،‬‬
‫ّ‬ ‫احلصكفي‪ ،‬الدّ ّر املختار‪156 :3 ،‬؛‬
‫ّ‬ ‫الرائق‪18-17 :5 ،‬؛‬
‫  ابن نجيم‪ ،‬البحر ّ‬ ‫(((‬
‫فيض القدير‪.420 :2 ،‬‬
‫اإل ْسال ِم ِّي‬ ‫ال ال َع َر ِب ِّي ِ‬ ‫جل ْن ِس َّي ِة يِف ال َع مَ ِ‬ ‫َما َق ْب َل امل ِْثلِ َّي ِة ا ِ‬ ‫‪342‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫البرش مجيع ًا [حتَّى ذلِ َك‬
‫َ‬
‫وامليول‬ ‫ليم‬
‫الس َ‬ ‫بع َّ‬ ‫احلني] عىل جتنُّبِه ملخال َفته ال َّط َ‬ ‫ِ‬
‫َّ ِ َ (‪)1‬‬
‫الطبيع َّية‪.‬‬
‫ِ‬
‫اجلنس َّي َة)‬ ‫لواط (ال ِ‬
‫املثل َّي َة‬ ‫عل ا ِّل ِ‬ ‫أن فِ َ‬ ‫أخرى التَّأكيدُ عىل َّ‬ ‫مر ًة َ‬ ‫وجيدر بنا َّ‬ ‫ُ‬
‫يشتمل ا ِّللواط عىل وفقِ‬ ‫َ‬ ‫قال‪ .‬ول ْن‬ ‫حس َبام ُي ُ‬ ‫ليم) ْ‬ ‫الس َ‬ ‫بع َّ‬ ‫خيالف (ال َّط َ‬ ‫ُ‬ ‫هو ما‬
‫جال‪ ،‬ولكنَّ ُه‬ ‫بني الر ِ‬ ‫ِ‬ ‫ال ِ‬ ‫ِ‬
‫الفقه َّية عىل حاالت االت َِّص ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫املص َط َلحات‬
‫غري الشرَّ ج ِّي َ ِّ‬ ‫ْ‬
‫ٍ‬
‫رجل وامرأة‪ .‬وتبع ًا‬ ‫ٍ‬ ‫ال الشرَّ ِج ِّي َ‬
‫بني‬ ‫ويرس عىل االت َِّص ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫قد َي ْصدُ ُق‪ ،‬بسهو َلة‬
‫ِ‬
‫وت عندَ (سليمي ال َّطبعِ)‬ ‫لواط مم ُق ٌ‬ ‫إن ا ِّل َ‬ ‫ِ‬
‫تفسري مقو َلة‪َّ :‬‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫باإلمكان بث َقة‬ ‫لذلِ َك‪،‬‬
‫ُ‬
‫السلي ِم)‬ ‫لذوي (ال َّطب ِع َّ‬ ‫وت ِ‬ ‫أن االت َِّص َال اجلنسيِ َّ الشرَّ ِج َّي مم ُق ٌ‬ ‫وإ َّن ُه يعنِي َّ‬
‫رجل وامرأةٌ؟‪.‬‬ ‫رجالن أ ْم ٌ‬ ‫ِ‬ ‫املشرت َكينْ ِ فيه‪ ،‬هل مها‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫جنس‬ ‫َّظر عن‬ ‫ف الن ِ‬ ‫ِ‬
‫بصرَ‬
‫األشخاص الذي َن ارت َك ُبوا هذا‬ ‫ِ‬ ‫يدل يف ذاته عىل َّ‬
‫أن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫مثل هذا ال ُّ‬ ‫أن افرتاض ًا َ‬ ‫إلاَّ َّ‬
‫َ‬
‫مص َط َل ٌح ط ِّب ٌّي‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ليم) هو بالكاد ْ‬ ‫الس ُ‬ ‫بع َّ‬ ‫فمص َط َل ُح (ال َّط ُ‬ ‫ني‪ْ .‬‬ ‫غري سو ِّي َ‬ ‫عل كانُوا َ‬ ‫الف َ‬
‫األو ِل‪،‬‬‫الفص ِل َّ‬ ‫عرضنا هلا يف ْ‬ ‫مفر َد ِة (دا ٌء) التِي ْ‬ ‫ِ‬
‫خالص‪ ،‬وعىل شاك َلة َ‬ ‫ٌ‬ ‫وص ْف ٌّي‬ ‫ِ‬
‫خالص تقريب ًا‪ .‬ويف‬ ‫ٍ‬ ‫تقييم ٍّي‬ ‫ِ‬ ‫لح بمعن ًَى‬ ‫املص َط ِ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬
‫استعامل هذا ْ‬ ‫املعتاد‬ ‫يمك ُن يف‬
‫الرؤوف ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫املناو ُّي ( ُتوفيِّ َ سن َة ‪1622‬م)‬ ‫رشح الفقي ُه املصرْ ِ ُّي عبدُ َّ‬ ‫َضوء ذل َك َ‬
‫حال الشرَّ ِ‬ ‫باألسلوب اآلتيِ ‪ :‬يف ِ‬ ‫ِ‬ ‫بأن ا ِّل َ‬
‫يك‬ ‫السلي ِم‬ ‫خمالف لل َّطب ِع َّ‬ ‫ٌ‬ ‫لواط‬ ‫اال ِّدعا َء َّ‬
‫يكون إ َّما اخلنو َث َة وإ َّما‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬
‫عل ا ِّللواط‬ ‫ِ‬
‫الرتكاب ف ْ‬ ‫ِ‬ ‫افع‬ ‫السلبِ ِّي ‪ /‬املستقبِ ِل‪َّ ،‬‬
‫فإن الدَّ َ‬ ‫َّ‬
‫الفاعل‪ ،‬فيتم َّث ُل يف‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫افع يف حال الشرَّ يك‬ ‫ح َّك ًة مرض َّي ًة يف املستقي ِم؛ أ َّما الدَّ ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫العقل للر ِ‬ ‫ِ‬
‫البهيم َّية‪.‬‬ ‫غبات‬ ‫ِ َّ‬ ‫ملكة‬ ‫خضو ِع‬
‫(‪)2‬‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ويبدُ و ِ‬


‫أكثر منها‬ ‫اخلضو ِع ه َي طبيع ٌة أخالق َّي ٌة َ‬ ‫أن طبيع َة هذا ُ‬ ‫واضح ًا َّ‬
‫ِ‬
‫توكيد ال َّطاب ِع‬ ‫ِ‬
‫احلقبة عىل‬ ‫ِ‬
‫هذه‬ ‫ِ‬
‫القرآن يف‬ ‫مرض َّي ًة‪ ،‬وقدْ دأ َب ْت تفسريات‬‫ِ‬
‫اجلنسي َة ِمن ِ‬
‫دون‬ ‫ِ‬ ‫ُّك ِهم وإدمانهِ ِم املِت ََع‬
‫جلهة هتت ِ‬
‫ِ‬ ‫لسلوكات قو ِم ٍ‬
‫لوط‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫البهيم ِّي‬
‫َّ ْ‬
‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ سيِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫املنص ِ‬ ‫ِ‬
‫حفظ‬ ‫الذي هو‬ ‫وص عليه سامو َّي ًا م َن االت َِّصال اجلن ِّ‬ ‫اعتبار للغرض ُ‬
‫السعود‪ ،‬إرشاد العقل‪169 :4 ،‬؛ انظر كذلك مجال‪ ،‬حاشية عىل تفسري اجلاللني‪،‬‬
‫(((   أبو ّ‬
‫البيضاوي)‪.‬‬
‫ّ‬ ‫‪( 374 :3‬منقوال من‬
‫مناوي‪ ،‬فيض القدير‪.420 :2 ،‬‬
‫ّ‬ ‫(((   ‬
‫لواط ُّي َ‬
‫ون‬ ‫الث‪ُّ :‬ال ِ‬ ‫الث ُ‬ ‫الفص ُل َّ‬ ‫ْ‬
‫‪343‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫وحمتم ٌل يف‬
‫َ‬ ‫ثم َة ـ قطع ًا ـ توت ٌُّر كام ٌن‬ ‫َ‬
‫وكان َّ‬
‫(‪)1‬‬
‫ني ِضدَّ ِّ‬
‫الزنا‪.‬‬ ‫َّسل والت ِ‬
‫َّحص ُ‬ ‫الن ِ‬
‫ِ‬
‫احليوان‪ ،‬منه‪،‬‬ ‫ثم خت ُلو ممل َك ُة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫بوص ِف ِه فع ً‬ ‫إدانة ِ‬
‫الف ِ‬ ‫ِ‬
‫غري طبيع ٍّي‪ ،‬وم ْن َّ‬ ‫ال َ‬ ‫عل ْ‬
‫ُ‬
‫نتعامل‬ ‫ِ‬
‫افرتاض َّي ًا ـ أنَّنا‬ ‫ني)!!‪ .‬ويبدُ و ـ‬ ‫ِ‬
‫(البهيم ِّي َ‬ ‫ووص ِف ِهم بـ‬ ‫وإدانة مرتكبِ ِيه‬
‫ِ‬
‫ْ‬
‫خمالف‬
‫ٌ‬ ‫أن ا ِّل َ‬
‫لواط‬ ‫بني َم ْن يعتقدُ يف َّ‬ ‫ُور يف أعال ُه َ‬ ‫آخ َر هلذا التَّوت ُِّر املذك ِ‬ ‫مع ٍ‬
‫تعبري َ‬
‫جهة أخرى ـ غواي ٌة شائع ٌة ِ‬ ‫جهة‪ ،‬وأ َّنه ـ ِمن ٍ‬ ‫بيعي ِمن ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ينبغي‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ ْ‬ ‫لنظا ِم األشياء ال َّط ِّ ْ‬
‫احليوانات)‪.‬‬
‫ُ‬ ‫إليهام‬‫تفتقر ِ‬ ‫ُ‬ ‫لذ ِ‬
‫ين‬ ‫ين (ا َّل َ‬‫بالعقل والدَّ ِ‬
‫ِ‬ ‫يطر ِة‬‫الس َ‬
‫حتت َّ‬ ‫ُ‬
‫احلفاظ عليه َ‬
‫ثا ِل َث ًا‬
‫تائج‬
‫بالن ِ‬ ‫الت َو ُّس ُل َّ‬ ‫َّ‬
‫سيِ‬ ‫ِ‬ ‫يرى الفقيه َّ ِ‬
‫الشربا ُم َّل ُّ‬‫ين ُّ‬ ‫نور الدِّ ِ‬ ‫الضياء ُ‬ ‫عيل ب ُن أبيِ ِّ‬ ‫الشافع ُّي املصرْ ِ ُّي ُّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫الزنا‪ ،‬أل َّن ُه ال يؤ ِّدي إىل‬ ‫ِ‬
‫أقل بشا َع ًة م َن ِّ‬ ‫لواط ُّ‬ ‫أن ا ِّل َ‬ ‫( ُتوفيِّ َ سن َة ‪1676‬م) َّ‬
‫ِ‬
‫حممدُ السفارين ُّي ( ُتوفيِّ َ سن َة‬ ‫األنساب‪ )2(،‬وخيال ُف ُه الفقي ُه‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اختالط‬
‫احلنبيل َّ‬ ‫ُّ‬
‫املقار َن ُة َ‬
‫بني‬ ‫َ‬ ‫جر ْت‬ ‫الزنا؛ إذا َ‬ ‫أكثر بشاع ًة ِم َن ِّ‬ ‫لواط َ‬ ‫الذي عدَّ ا ِّل َ‬ ‫‪1774‬م) ِ‬
‫األخطر‬ ‫الزنا هو‬ ‫أن ِّ‬ ‫اف مب ِّين ًا َّ‬ ‫أض َ‬ ‫اآلخر‪ ،‬ولكنَّ ُه َ‬ ‫ِ‬ ‫بمعزل عن‬‫ٍ‬ ‫ني أحدُ همُ ا‬ ‫الفع َل ِ‬‫ِ‬
‫ُ‬
‫يسفر عنها‪ ،‬أل َّن ُه يؤ ِّدي‬ ‫ُ‬ ‫َّتائج التِي قد‬ ‫حيث الن ُ‬ ‫ني ِم ْن ُ‬ ‫الفع َل ِ‬ ‫بني ِ‬ ‫واألشدُّ وطأ ًة َ‬
‫ياق ذاتِهِ‬ ‫املذهب احلنفي يف الس ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ث فقها ُء‬ ‫األنساب‪ )3(.‬وحتدَّ َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َّخالط يف‬ ‫إىل الت‬
‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫يعاقب‬ ‫ِ‬
‫مناقشاتهِ ِم ملوقف مذهبِ ِهم الذي‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬
‫بني ا ِّللواط ِّ‬
‫والزنا يف‬ ‫الفرق َ‬ ‫ِ‬ ‫عن‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫الشعرانيِ ُّ باملسأ َلة ذاتهِ ا‬ ‫أكثر منه احلدَّ ‪ ،‬واستشهدَ َّ‬ ‫األو ِل بالت ِ‬ ‫عىل الف ِ‬ ‫ِ‬
‫َّعزير َ‬ ‫عل َّ‬
‫الرغ ِم ِم ْن تبن ِِّيه‬ ‫ني عىل ُّ‬ ‫الفع َل ِ‬ ‫بني ِ‬ ‫خطور ًة َ‬ ‫َ‬ ‫األكثر‬
‫ُ‬ ‫الزنا هو‬ ‫أن ِّ‬ ‫فكرة َّ‬‫ِ‬ ‫ابتغا َء دع ِم‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫مهم ٌة‬ ‫الشعرانيِ ُّ َّ‬ ‫ذكرها َّ‬ ‫أخرى َ‬ ‫وثم َة ملحو َظ ٌة َ‬ ‫اآلخ َر يف هناية املطاف‪َّ .‬‬ ‫أي َ‬ ‫الر َ‬‫َّ‬
‫السليم‪179-178 :2 ،‬؛ مجال‪ ،‬حاشية عىل تفسري‬ ‫السعود‪ ،‬إرشاد العقل ّ‬ ‫(((   أبو ّ‬
‫وكاين‪ ،‬فتح القدير‪:2 ،‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الش‬ ‫‪149‬؛‬ ‫‪:8‬‬ ‫املعاين‪،‬‬ ‫روح‬ ‫‪،‬‬ ‫اآللويس‬
‫ّ‬ ‫‪320‬؛‬ ‫‪:3‬‬ ‫اجلاللني‪،‬‬
‫بيني‪ ،‬السرّ اج املنري يف اإلعانة‪ .471 :1 ،‬ينقل املفسرّ ون أو‬
‫ّ‬ ‫‪212‬؛ اخلطيب الشرّ‬
‫للبيضاوي‪ .‬انظر‬
‫ّ‬ ‫عرش‬ ‫الث‬ ‫ّ‬
‫ث‬ ‫ال‬ ‫القرن‬ ‫من‬ ‫مهم‬
‫ّ‬ ‫تفسري‬ ‫يف‬ ‫ظهرت‬ ‫يرشحون ملحوظة‬
‫البيضاوي‪.17 :3 ،‬‬
‫ّ‬ ‫الكازروين‪ ،‬حاشية عىل تفسري‬
‫ّ‬
‫  الشربام ّل ّيس‪ ،‬حاشية‪.192 :6 ،‬‬ ‫((( ّ‬
‫السياط‪ ،‬صفحة ‪15‬أ‪.‬‬ ‫فاريني‪ ،‬قرع ّ‬‫ّ‬ ‫  الس‬
‫((( ّ‬
‫اإل ْسال ِم ِّي‬ ‫ال ال َع َر ِب ِّي ِ‬ ‫جل ْن ِس َّي ِة يِف ال َع مَ ِ‬ ‫َما َق ْب َل امل ِْثلِ َّي ِة ا ِ‬ ‫‪344‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫َّتائج‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫خيص الن َ‬ ‫الفروق العيان َّية الواض َحة فيام ُّ‬ ‫بأحد‬ ‫َّعريف‬ ‫لعملها يف الت‬ ‫للغاية‬
‫ب َّ نيِ‬ ‫بحس ِ‬ ‫يتمخ ُض عنها فعال ا ِّل ِ‬ ‫َّ‬ ‫املحتم َل َة التِي‬
‫الشعرا ِّ‬ ‫والزنا؛ فالنَّاس‪ْ ،‬‬ ‫لواط ِّ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ون عىل ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الذكَر‪ ،‬وال ُي ْقد ُم َ‬ ‫ِ‬
‫كبري ًة يف محا َية َّ‬
‫خص الذي‬ ‫قتل َّ‬
‫الش‬ ‫محاس ًة َ‬ ‫ون َ‬ ‫ال ُي ْبدُ َ‬
‫احلرائر إذا زنا أحدُ ُهم‬ ‫ِ‬ ‫ون محاس ًة كبري ًة يف محاي ِة الن ِ‬
‫ِّساء‬ ‫الط به‪ ،‬ولكن َُّهم يبدُ َ‬ ‫َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫الفقهاء‪ ،‬إلاَّ أ َّن ُه‬ ‫بني ِ‬
‫أكثر‬ ‫الزنا َ‬ ‫أكثر بشا َع ًة ِم َن ِّ‬‫لواط ُيعدُّ َ‬ ‫أن ا ِّل َ‬ ‫هبِ َّن‪ )1(.‬ومع َّ‬
‫الفص َل َ‬ ‫ٍ‬ ‫جمتم ٍع ما َ‬ ‫ُ‬ ‫بالدَّ ِ‬
‫رجة ذاتهِ ا‬
‫بني‬ ‫ْ‬ ‫حديث يعتمدُ‬ ‫قبل‬ ‫وأكثر أمان ًا يف َ‬ ‫ُ‬ ‫أسهل‬
‫ارش َّي ًة ر َّبام ِم ْن‬
‫أكثر ُم َب ِ‬‫الشخ ُّ يم ِّث ُل هتديد ًا َ‬
‫كان االنتقام َّ صيِ‬
‫ُ‬ ‫حيث َ‬ ‫ُ‬ ‫اجلنسينْ ِ ‪،‬‬
‫َ‬
‫عل الدَّ ولة‪ِ.‬‬ ‫فِ ِ‬
‫َّ‬
‫ يف اجلن ِة‬ ‫ٌ‬
‫ لواط‬
‫والزنا‬ ‫لواط ِّ‬ ‫مناقش ُة البشا َع ِة النِّسبِي ِة املقرتن َِة ِبفعليَ ا ِّل ِ‬ ‫َ‬ ‫لطالمَا ات ََّص َل ْت‬
‫َّ‬
‫اخلوف ِم ْن‬ ‫ُ‬ ‫بموجبِها‪ ،‬فقدْ َ‬
‫كان‬ ‫َ‬ ‫حر َم َهام اهللُ‬ ‫ِ ِ ِ‬
‫اجلوهر َّية التي َّ‬ ‫ِ‬
‫األسباب‬ ‫بمسأ َل ِة‬
‫مناقش ِة مسأ َل ِة‬ ‫َ‬ ‫ِ‬
‫املعتاد عندَ‬ ‫الذي ُيقدَّ ُم يف‬ ‫ال هو السبب ِ‬
‫َّ َ‬ ‫األنساب مث ً‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اختالط‬
‫الزنا‪،‬‬ ‫لل مجيع ًا َّ‬ ‫حتريم املِ ِ‬‫َ‬ ‫حلظ الفقها ُء‬ ‫املهبل َّي ِة ا ُمل َح َّر َم ِة‪ .‬وقدْ َ‬ ‫ِ‬ ‫اجلنس َّي ِة‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫العالقة‬
‫واحلجج العقالنِ َّي ُة التِي تُو َّظ ُ‬ ‫َت ِ‬ ‫ِ‬
‫ف‬ ‫ُ‬ ‫الفك َُر‬ ‫ب‪ )2(.‬وكان ْ‬ ‫فحس ُ‬‫ال امل َّل َة اإلسالم َّي َة ْ‬
‫الغرض ِم َن‬ ‫َ‬ ‫بالفكرة ا ُملب َّين َِة يف أعال ُه ِم ْن َّ‬
‫أن‬ ‫ِ‬ ‫تتوس ُل‬ ‫ِ‬
‫لتسوي ِغ حتري ِم ا ِّللواط َّ‬
‫البرش ِّي؛‬ ‫ِ‬ ‫َّسل والنَّو ِع‬ ‫حفظ الن ِ‬ ‫ُ‬ ‫سامو َّي ًا هو‬ ‫ِ‬ ‫وص عليه‬ ‫املنص ِ‬ ‫ِ سيِ‬
‫ُ‬ ‫االت َِّصال اجلن ِّ‬
‫املناوي ِ‬ ‫ِ‬
‫جعل‬ ‫إن اهللَ قد َ‬ ‫قال‪َّ :‬‬ ‫الذي َ‬ ‫الرؤوف ِ ُّ‬ ‫وهذا ما ب َّينَ ُه الفقي ُه املصرْ ِ ُّي عبدُ َّ‬
‫هلذ ِه الوظي َف ِة‬ ‫مناسب ًا لوظي َف ٍة معين ٍَة‪ ،‬فهو خمصص ِ‬ ‫يشء خل َقه يف هذا العالمَ ِ ِ‬ ‫كل ٍ‬ ‫َّ‬
‫َ َّ ٌ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬
‫الفاعل َّي َة [بمعنَى أ َّن ُه يؤ ِّدي‬ ‫ِ‬ ‫الر ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫جل‬ ‫أخرى‪ ،‬وتأسيس ًا عىل ذل َك‪ُ ،‬من َح َّ‬ ‫ال وظي َف ًة َ‬
‫اختص ْت هبا‬ ‫َّ‬ ‫مقابل املفعولِ َّي ِة التِي‬ ‫َ‬ ‫اجلنس َّي ِة]‬‫ِ‬ ‫ِ‬
‫العالقة‬ ‫الفاعل [يف‬ ‫ِ‬ ‫رف‬‫عمل ال َّط ِ‬ ‫َ‬
‫فيهام‬ ‫وغرس اهللُ ِ‬ ‫اجلنس َّي ِة]‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫العالقة‬ ‫رف املستقبِ ِل يف‬ ‫عمل ال َّط ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫[ألداء‬ ‫األن َثى‬
‫َ‬
‫ِ‬ ‫والشخص ِ‬ ‫ِ‬ ‫الرغب َة يف الت ِ‬ ‫ِ‬
‫األشياء‬ ‫يقلب [نظا َم‬ ‫ُ‬ ‫الذي‬ ‫َّكاثر وحفظ النَّوعِ‪ُ َّ ،‬‬ ‫كليهام َّ‬

‫عراين‪ ،‬امليزان‪.136 :2 ،‬‬ ‫((( ّ‬


‫  الش ّ‬
‫الرائق‪4 :5 ،‬؛ ابن عابدين‪ ،‬ر ّد املحتار‪154-153 :3 ،‬؛ شمس‬
‫(((   ابن نجيم‪ ،‬البحر ّ‬
‫ميل‪ ،‬هناية املحتاج‪423 :7 ،‬؛ ابن حجر‪ ،‬حتفة املحتاج‪.101 :9 ،‬‬
‫الر ّ‬
‫الدّ ين ّ‬
‫لواط ُّي َ‬
‫ون‬ ‫الث‪ُّ :‬ال ِ‬ ‫الث ُ‬ ‫الفص ُل َّ‬ ‫ْ‬
‫‪345‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫املناو ِّي‪ ،‬تبنَّى الفقي ُه املصرْ ِ ُّي‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫غرار‬ ‫اإلهل َّي ِة‪ )1(.‬وعىل‬ ‫خمالف للحكم ِة ِ‬
‫َ‬ ‫ٌ‬ ‫هذا]‬
‫خلق‬ ‫أن اهللَ قد َ‬ ‫ودافع عن رأي يفيدُ َّ‬ ‫َ‬ ‫جل َم ُل ( ُتوفيِّ َ سن َة ‪1790‬م)‬ ‫ُ‬
‫سليامن ا َ‬
‫وتكاثر‬
‫َ‬ ‫حفظ النَّو ِع‬ ‫َ‬ ‫الرغب َة يف االت َِّّصال اجلنسيِ ِّ ليضم َن‬ ‫وغرس فيه َّ‬ ‫َ‬ ‫جل‬ ‫الر َ‬ ‫َّ‬
‫الذرية؛ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫در ُّ ِّ َّ‬ ‫ومص َ‬ ‫ْ‬ ‫للرغ َبة اجلنس َّية‬ ‫موضوع ًا َّ‬ ‫وجعل املرأ َة ُ‬ ‫البرش ِّي‪،‬‬ ‫اجلنس‬
‫وينته ُك‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫وخيالف‬
‫ُ‬ ‫مثل ِه‪ ،‬فإ َّن ُه يبدِّ ُد‬ ‫رجال ِ‬ ‫ٍ‬ ‫وحتو َل إىل‬
‫جل َّ‬ ‫الر ُ‬ ‫إن ترك َُهام َّ‬ ‫ولذلِ َك ْ‬
‫ور‬ ‫ألن ( ُد ُب َ‬ ‫ألجل ِه‪َّ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫الذي ُخ ِل َق‬ ‫ب واملوق ِع ِ‬ ‫حمرثِ ِه ِ‬
‫املناس ِ‬ ‫يضع الشيَّ َء يف ِ‬ ‫ُ‬ ‫أل َّن ُه ال‬
‫ِ (‪)2‬‬
‫الرجل)‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الرغبة يف َّ‬ ‫الغرض م ْن هذه َّ‬ ‫وهو‬
‫ليس ْت للوالدة‪َ ،‬‬ ‫الرجال َ‬ ‫ِّ‬
‫الزبيد ُّي ( ُتوفيِّ َ سن َة ‪1791‬م)‬ ‫ِ‬ ‫حممدُ مرتضىَ‬ ‫وبحس ِ‬
‫ُّ‬ ‫ب ما أور َد ُه الفقي ُه َّ‬ ‫ْ‬
‫املحرثِ‬ ‫البذر يف ِ‬ ‫ِ‬ ‫وض ُع‬ ‫الزنا أل َّن ُه ْ‬ ‫أعظم م َن ِّ‬ ‫ِ‬ ‫يقيم يف مصرْ َ ‪( :‬ا ِّللوا َط ُة‬ ‫الذي َ‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫كان ُ‬
‫الذي‬ ‫الوجه ِ‬
‫ِ‬ ‫غري ِه أو عىل ِ‬
‫غري‬ ‫أرض ِ‬ ‫ِ‬ ‫زرع يف‬ ‫الوجه املأ ُث ِ‬ ‫ِ‬ ‫عىل ِ‬
‫كم ْن َ‬ ‫فهو َ‬ ‫ور‪َ ،‬‬ ‫غري‬
‫قال‬ ‫البذر‪ ،‬فمتعاطِيها كام َ‬ ‫ِ‬ ‫تضييع‬
‫ُ‬ ‫يزرع فيها؛ ويف ا ِّللوا َط ِة مع ذلِ َك‬ ‫َ‬ ‫جيوز ْ‬
‫أن‬ ‫ُ‬
‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫(ي ِل َك الحْ َ ْر َ‬
‫ف قو َم لوط باإلرساف‪،‬‬ ‫وص َ‬ ‫ث َوالن َّْس َل)(‪ )3‬وهلذا َ‬ ‫اهللُ تعالىَ فيه هُْ‬
‫ُون الرج َال َشهو ًة من د ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫ون الن َِّساء َب ْل‬ ‫ْ َ ِّ ُ‬ ‫َّبي لوط‪( :‬إِ َّنك ُْم َلت َْأت َ ِّ َ‬ ‫فقال عىل لسان الن ِّ‬ ‫َ‬
‫ِ ُ َ (‪)4‬‬
‫َأنت ُْم َق ْو ٌم مُّسرْ فون)‪.‬‬

‫زنديق اإلما َم عل َّي ًا ب َن‬ ‫ٌ‬ ‫يسأل فيه‬ ‫احلر العامِليِ ُّ حديث ًا شيع َّي ًا ُ‬ ‫حممدُ ُّ‬ ‫وأور َد َّ‬
‫أن اإلما َم أجا َب ُه‬ ‫(احلديث) َّ‬ ‫ُ‬ ‫ويفرتض‬ ‫ُ‬ ‫سبب حتري ِم ا ِّل ِ‬
‫لواط‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫طالب عن‬ ‫ٍ‬ ‫أبيِ‬
‫سيقطع‬ ‫جال النِّسا َء‪ ،‬وهذا‬ ‫الر ُ‬ ‫ُ‬ ‫الغ ِ‬
‫لامن ُم َباح ًا‪،‬‬ ‫إتيان ِ‬ ‫ُ‬ ‫قائالً‪( :‬إذا َ‬
‫ُ‬ ‫فسيرتك ِّ‬ ‫كان‬
‫(‪)5‬‬
‫ذلك)‪.‬‬ ‫والكثري ِم َن الشرَّ ِّ سينشأ عن َ‬ ‫ُ‬ ‫وج‪،‬‬ ‫َّسل ويع ِّط ُل ال ُف ُر َ‬ ‫الن َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫يصمدَ بال َّطب ِع يف عالمَ ٍ يقع‬ ‫لتربير حتري ِم ا ِّللواط ل ْن ْ‬ ‫املسو َغ ا ُملقترَ َ َح‬ ‫ِّ‬ ‫َّ‬
‫إن‬

‫  مناوي‪ ،‬فيض القدير‪.420 :2 ،‬‬


‫ّ‬ ‫(((‬
‫  مجال‪ ،‬حاشية عىل تفسري اجلاللني‪.162-161 :2 ،‬‬ ‫(((‬
‫  سورة البقرة (اآلية ‪.)205‬‬ ‫(((‬
‫السادة املتّقني‪.430 :7 ،‬‬
‫بيدي‪ ،‬إحتاف ّ‬
‫  الز ّ‬
‫ّ‬ ‫(((‬
‫الشيعة‪ 248 :14 ،‬وما بعدها (حديث ‪.)12‬‬ ‫ّ‬
‫العاميل‪ ،‬وسائل ّ‬ ‫  احلر‬
‫ّ‬ ‫(((‬
‫اإل ْسال ِم ِّي‬ ‫ال ال َع َر ِب ِّي ِ‬ ‫جل ْن ِس َّي ِة يِف ال َع مَ ِ‬ ‫َما َق ْب َل امل ِْثلِ َّي ِة ا ِ‬ ‫‪346‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫األطفال‪ .‬وعالمَ ٌ ُ‬ ‫ِ‬ ‫سيِ‬


‫مثل هذا‬ ‫َّكاثر ووالد ُة‬ ‫ويغيب عنه الت ُ‬ ‫ُ‬ ‫فيه االت َِّص ُال اجلن ُّ‬
‫القرآن‬‫ُ‬ ‫ث‬‫حديث‪ ،‬هو اجلنَّ ُة؛ فبينَام يتحدَّ ُ‬ ‫ٍ‬ ‫إسالم ٍّي ما َ‬
‫قبل‬ ‫ِ‬ ‫حديث‬‫ٍ‬ ‫وفق‬
‫عىل َ‬
‫فاتنات‬ ‫ٍ‬ ‫ني‬‫بحور ِع ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ون)‬ ‫زو ُج َ‬ ‫ني (الر ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫جال) الذي َن ( ُي َّ‬ ‫غامض عن املؤمن َ ِّ‬ ‫بنحو‬
‫اجلنس َّي ِة‬
‫ِ‬ ‫احلديث عن ال َّطبي َع ِة‬ ‫ِ‬ ‫اث الدِّ ينِ ُّي يف‬ ‫يسهب الترُّ ُ‬ ‫ُ‬ ‫وأبكار‪،‬‬
‫َ‬
‫ٍ‬
‫ولطيفات‬
‫سيحص ُل‬ ‫ُ‬ ‫ني ُمن ِّفر ًا‪ :‬إذ‬ ‫ني احلديثِ َ‬ ‫ِ‬
‫املسلم َ‬ ‫الكثري ِم َن‬
‫ُ‬ ‫واج إىل حدٍّ جيدُ ُه‬ ‫الز ِ‬ ‫هلذا ُّ‬
‫ميالت؛ وس ُيمن َُح‬ ‫ِ‬ ‫جل‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ُّ‬
‫رجل عىل العرشات‪ ،‬بل ر َّبام املئات م َن الفتيات ا َ‬ ‫كل‬
‫ُون‬ ‫واجلامعِ)(‪ )1‬أ َّما الفتا ُة فستك ُ‬ ‫هوة ِ‬ ‫والش ِ‬ ‫ب َّ‬ ‫واملرش ِ‬ ‫رجل يف (ا َمل ْط َع ِم‬ ‫ٍ‬ ‫قو َة ِ‬
‫مئة‬
‫َ‬ ‫َّ‬
‫(‪)2‬‬ ‫جمِ‬
‫كل عمل َّية اعٍ‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِّكاح وتعو ُد بِكْر ًا بعدَ ِّ‬ ‫شديدَ َة الول ِع بالن ِ‬
‫ِ‬ ‫ناقش عد ٌد ِم َن‬ ‫لواط مل يك ْن بعيد ًا عن هذا الس ِ‬
‫الفقهاء‬ ‫جال‪ ،‬إذ َ‬ ‫ِّ‬ ‫وا ِّل ُ ْ‬
‫ص الفقي ُه املصرْ ِ ُّي زي ُن‬ ‫ِِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫خص َ‬ ‫إمكان حدوث ا ِّللواط يف اجلنَّة م ْن عدمه‪ ،‬وقدْ َّ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫احلقبة‬ ‫ني يف‬ ‫الفقهاء ِ‬ ‫ِ‬ ‫العابدي َن ب ُن نُجي ٍم ( ُتوفيِّ َ سن َة ‪1653‬م) أحدُ ِ‬ ‫ِ‬
‫احلنف ِّي َ‬ ‫أبرز‬
‫املوضوعِ‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫ملناقش ِة هذا‬‫َ‬ ‫املبكرة جزء ًا م ْن كتابِه (األشبا ُه والن ُ‬
‫َّظائر)‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫العثامنِ َّي ِة‬
‫االحتامالت ال َّثال َث َة اآلت َي َة‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫فقدَّ َم‬

‫يقع يف اجلن َِّة‪.‬‬ ‫العقل‪ ،‬وبنا ًء عليه‪ ،‬فإ َّن ُه لن َ‬ ‫ِ‬ ‫لواط يستندُ إىل‬ ‫أوالً‪ :‬حتريم ا ِّل ِ‬
‫ُ‬ ‫َّ‬
‫الوح ِي [حصرْ ًا] ولذلِ َك‬ ‫ْ‬ ‫تأس َس] بوسا َط ِة‬ ‫َّحريم قد َّ‬ ‫َ‬ ‫إن [الت‬ ‫قيل‪َّ :‬‬ ‫ثانِي ًا‪َ :‬‬
‫سيقع يف اجلن َِّة‪.‬‬ ‫ُ‬

‫البخاري عن أنس قال‪ :‬كان رسول اهلل صلىّ اهلل عليه وس ّلم‪ :‬يدور عىل نسائه‬ ‫ّ‬ ‫(((   روى‬
‫الساعة الواحدة من ا ّلليل وه ّن إحدى عرشة‪ ،‬قال قتادة‪ :‬قلت ألنس‪َ :‬أو كان‬ ‫يف ّ‬
‫قوة ثالثني‪ .‬وعن طاووس وجماهد أعطي‬ ‫ّ‬ ‫أعطي‬ ‫ّه‬
‫ن‬ ‫أ‬ ‫ث‬ ‫نتحدّ‬ ‫ّا‬ ‫ن‬ ‫ك‬ ‫أنس‪:‬‬ ‫قال‬ ‫يطيقه؟!‬
‫قوة بضع وأربعني رج ً‬
‫ال‬ ‫ال يف اجلامع‪ .‬رواه ابن سعيد‪ .‬وعن جماهد ّ‬ ‫قوة أربعني رج ً‬ ‫ّ‬
‫كل رجل من أهل اجلنّة‪ .‬رواه احلارث بن أيب أسامة‪ .‬وعند أمحد وغريه من حديث‬ ‫ّ‬
‫قوة مئة يف األكل والشرّ ب‬
‫الرجل من أهل اجلنة ل ُيعطى ّ‬ ‫إن ّ‬ ‫زيد بن أرقم ـ رفعه ـ ‪ّ :‬‬
‫لغوي)‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ل‬ ‫ا‬ ‫(املقوم‬
‫ّ‬ ‫واجلامع ّ‬
‫والشهوة‪.‬‬
‫الزواجر‪264-255 :2 ،‬؛ انظر كذلك غاردت‪ )Djanna( ،‬الذي‬ ‫(((    ابن حجر‪ّ ،‬‬
‫حلظ كذلك تكتّم الفقهاء املسلمني احلديثني املتزايد بشأن هذا املوضوع‪.‬‬
‫لواط ُّي َ‬
‫ون‬ ‫الث‪ُّ :‬ال ِ‬ ‫الث ُ‬ ‫الفص ُل َّ‬ ‫ْ‬
‫‪347‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ِ‬
‫العلو ُّي شبي ٌه‬ ‫نص ُفها‬
‫جممو َع ًة ْ‬
‫سيخلق ُ‬
‫ُ‬ ‫إن اهللَ َّ‬
‫جل وعال‬ ‫ثالث ًا‪َ :‬‬
‫قيل‪َّ :‬‬
‫ُ‬
‫االحتامل‬ ‫]األو ُل هو‬ ‫ُ‬ ‫جال ونص ُفها السفليِ شبيه بالن ِ‬ ‫بالر ِ‬
‫[االحتامل َّ‬ ‫ِّساء؛ و‬ ‫ٌ‬ ‫ُّ ُّ‬ ‫ْ‬ ‫ِّ‬
‫(‪)1‬‬
‫الص ِ‬
‫حيح‪.‬‬ ‫َّ‬
‫موجود ًا‬ ‫َ‬ ‫أن ا ِّل َ‬ ‫َّشديد عىل َّ‬ ‫ِ‬ ‫واضح ًا‬ ‫وليس ِ‬
‫يكون ُ‬ ‫لواط لن‬ ‫املقصو ُد بالت‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ب مفسرِّ ِ ي هذا املقط ِع‬ ‫فبحس ِ‬ ‫ْ‬ ‫ِ‬
‫بالعقل‪.‬‬ ‫تأس َس‬ ‫حتريم ُه قد َّ‬ ‫ُ‬ ‫يف اجلن َِّة إذا َ‬
‫كان‬
‫ثم َة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الح ِق َ‬‫ا َّل ِ‬
‫ليس َّ‬ ‫السنَّة أ َّن ُه َ‬ ‫ني ُّ‬ ‫املسلم َ‬ ‫بني‬
‫املهيم ُن َ‬ ‫العقد ُّي‬ ‫املوقف‬
‫ُ‬ ‫ني‪َ ،‬يرى‬
‫أقصا ُه‪ ،‬قد َي ْف َه ُم‬ ‫البرش ُّي يف َ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬
‫فالعقل‬ ‫ب؛‬ ‫فحس ُ‬ ‫ْ‬ ‫ِ‬
‫بالعقل‬ ‫حتريم ُه‬
‫ُ‬ ‫يش ٌء يمك ُن‬
‫الوحي‬ ‫نص عليها‬ ‫ِ ِ‬ ‫الذي تستندُ إليه ٌ ِ‬ ‫األساس ِ‬
‫ُ‬ ‫بعض م َن التَّحريماَ ت التي َّ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫توسل ِهم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫بالغرض الذي‬ ‫اإلهل ُّي‪ .‬وهذا حتديد ًا ما حاو َل ُه الفقها ُء عن طريق ُّ‬
‫(‪)2‬‬

‫تدل‬ ‫ومناقشاتهِ ِم ال ُّ‬ ‫َ‬ ‫البرش ِّي‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫اجلنس‬ ‫اجلنس َّي َة يف‬ ‫ِ‬ ‫الرغب َة‬ ‫ِِ‬
‫غرس اهللُ ألجله َّ‬ ‫َ‬
‫األسس التي استندَ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫يقع يف اجلنَّة‪ .‬وعىل أ َّية حال‪َّ ،‬‬
‫فإن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫أن ا ِّل َ‬ ‫عىل َّ‬
‫َ‬ ‫لواط لن َ‬
‫ِ‬
‫االستنتاج‬ ‫االحتامل ‪/‬‬‫ِ‬ ‫قرار ِه تبن َِّي‬ ‫أخرى له يف ِ‬ ‫ٍ‬
‫إليها اب ُن نُجي ٍم يف مؤ َّلفات َ‬
‫العقل ح ًا ِمن ِ‬ ‫ِ‬ ‫األو ِل ليس هلا ِصل ٌة بتحري ِم ا ِّل ِ‬
‫دون‬ ‫ْ‬ ‫ِ صرْ‬ ‫باالستناد إىل‬ ‫لواط‬ ‫َ‬ ‫َّ‬
‫الرائق)‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ث اب ُن نُجي ٍم يف كتابِه‬ ‫الوحي اإلهل ِّي؛ إذ حتدَّ َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫(البحر َّ‬ ‫ُ‬ ‫االلتفات إىل‬
‫ث عن‬ ‫احلنف ِّي؛ حتدَّ َ‬ ‫الفقه ِ‬ ‫ِ‬ ‫ات الوافِ َي ِة يف‬ ‫أحد اخلالص ِ‬ ‫مرجعي عىل ِ‬ ‫ِ‬ ‫تعليق‬‫ٌ‬ ‫وهو‬
‫َ‬ ‫ٌّ‬ ‫َ‬
‫ارش له بـ (اخلبائث)‪ .‬وتكم ُن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫غري ا ُمل َب ِ‬ ‫ووصفه ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫عل ا ِّللواط‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫إدانة القرآن لف ِ‬ ‫ِ‬
‫(‪)3‬‬
‫ْ‬
‫احلمو ُّي ( ُتوفيِّ َ‬ ‫ِ‬ ‫حمم ٍد‬ ‫املشك َل ُة يف هذه الفكرة مث َلام بينَّ َ الفقي ُه املصرْ ِ ُّي أمحدُ ب ُن َّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫البن نجي ٍم‪ ...‬تكم ُن يف أنهَّ ا‬ ‫َّظائ ُر) ِ‬ ‫تعليق ِه عىل (األشباه والن ِ‬ ‫ِ‬ ‫سن َة ‪1687‬م) يف‬
‫ُ‬
‫قط يف‬ ‫بحيث ال ُيتو َّق ُع حدو ُث ُه ُّ‬ ‫ُ‬ ‫جر ْت إدان ُت ُه إدان ًة قاط َع ًة‬ ‫ٍ‬ ‫مل ْ ِ‬
‫تنبثق م ْن يشء َ‬ ‫ْ‬
‫(رجس) ِم َن‬ ‫ٌ‬
‫ِ‬
‫القرآن‬ ‫يف‬ ‫فاخلمر‬
‫ُ‬ ‫به‪،‬‬ ‫د‬
‫ُ‬ ‫االستشها‬ ‫ن‬
‫ُ‬ ‫يمك‬ ‫آخر‬
‫ُ‬ ‫ٌ‬
‫مثال‬ ‫ة‬ ‫َ‬ ‫وثم‬
‫َّ‬ ‫‪،‬‬ ‫اجلن ِ‬
‫َّة‬

‫  احلموي‪ ،‬غمز عيون البصائر‪ .287 :1 ،‬واملقطع منقول من عمل بعنوان مناقب أيب‬
‫ّ‬ ‫(((‬
‫الكرداري) (توفيّ سن َة ‪.)1424‬‬
‫ّ‬ ‫د‬ ‫(حمم‬
‫ّ‬ ‫لـ‬ ‫حنيفة‬
‫  احلموي‪ ،‬غمز عيون البصائر‪287 :1 ،‬؛ ابن عابدين‪ ،‬ر ّد املحتار‪.156 :3 ،‬‬
‫ّ‬ ‫(((‬
‫الرائق‪ .18 :5 ،‬يذكر القرآن (سورة األنبياء‪ ،‬اآلية ‪ّ )74‬‬
‫أن قوم‬ ‫(((   ابن نجيم‪ ،‬البحر ّ‬
‫لوط كانوا يعملون (اخلبائث)‪.‬‬
‫اإل ْسال ِم ِّي‬ ‫ال ال َع َر ِب ِّي ِ‬ ‫جل ْن ِس َّي ِة يِف ال َع مَ ِ‬ ‫َما َق ْب َل امل ِْثلِ َّي ِة ا ِ‬ ‫‪348‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ِ‬
‫احلمو ُّي‬ ‫ُون يف اجلن َِّة به! واستندَ‬
‫الرغ ِم ِم ْن ذلِ َك‪ُ ،‬يوعَدٌ املؤمن َ‬ ‫ِ‬
‫الشيطان؛ وعىل ُّ‬ ‫َّ‬
‫ور‬ ‫َ‬ ‫ٍ‬
‫فكرة تفيدُ َّ‬ ‫لواط يف اجلن َِّة إىل‬
‫بغياب ا ِّل ِ‬
‫ِ‬ ‫يف ِ‬
‫يكون هلُم ُد ُب ُ‬ ‫َّاس لن‬ ‫أن الن َ‬ ‫رأيه‬
‫شيِ‬ ‫ِ‬
‫حممدُ ب ُن عبد اهللِ التَّمرتا ُّ ( ُتوفيِّ َ‬ ‫اآلخ ِر‪ ،‬ألنهَّ ُم لن َّ‬
‫يتغو ُطوا! وقدَّ َم َّ‬ ‫يف العالمَ ِ َ‬
‫َ ِ (‪)1‬‬
‫هبذ ِه املسألة‪.‬‬
‫ال ِ‬ ‫رب ِزي َن حك ًام مماث ً‬ ‫تالمذ ِة ِ‬
‫ابن نُجي ٍم امل ِّ‬ ‫َ‬ ‫سن َة ‪1595‬م) أحدُ‬

‫يوحي‬ ‫مثل هذا بوص ِف ِه استنتاج ًا مقنِع ًا‪ِ ،‬‬ ‫استنتاج ِ‬ ‫ٍ‬ ‫َّعامل مع‬ ‫إن حقي َق َة الت ِ‬ ‫َّ‬
‫ْ‬
‫سيِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اإلتيان يف الدُّ بِر أو االت َِّص ُال اجلن ُّ‬ ‫ُ‬ ‫ِّقاش هو‬ ‫البحث والن ِ‬ ‫كان قيدَ‬ ‫بأن ما َ‬ ‫َّ‬
‫عابدي َن عىل‬ ‫ابن ِ‬ ‫تعليق ِ‬ ‫ِ‬ ‫استنتاج ذلِ َك ِم ْن‬ ‫أكثر منه املثليِ ُّ ‪ .‬ويمك ُن‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫الشرَّ ج ُّي َ‬
‫كائنات‬ ‫ٍ‬ ‫طرحها اب ُن نُجي ٍم أي فكر ُة َخ ْل ِق‬ ‫البدائل التِي‬ ‫ِ‬ ‫الث ِم َن‬ ‫البديل ال َّث ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬
‫أنثو َّي ٌة‪ ،‬حتديد ًا‬ ‫فات ِ‬ ‫السفْليِ ُّ له ِص ٌ‬ ‫ونص ُفها ُّ‬ ‫ذكور َّي ٌة‪ْ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫نص ُفها ال ُع ْل ِو ُّي له ِص ٌ‬
‫فات‬ ‫ْ‬
‫طرح ُه اب ُن نجي ٍم (ال‬ ‫إن ما‬ ‫قال مؤكِّد ًا‪َّ :‬‬ ‫حيث َ‬ ‫ُ‬ ‫أنثو َّي ٌة‪،‬‬ ‫ِ‬
‫له أعضا ٌء تناسل َّي ٌة ِ‬
‫َ‬
‫أن اب َن‬ ‫ور)‪)2(.‬ويبدُ و َّ‬ ‫ِ‬
‫باإلتيان يف الدُّ ُب ِ‬ ‫اخلالف يت َِّص ُل‬ ‫َ‬ ‫باملوضوعِ‪َّ ،‬‬
‫ألن‬ ‫ُ‬ ‫عالق َة له‬
‫ويتجاهل مسأ َل َة‬ ‫ُ‬ ‫ال اجلنسيِ ِّ الشرَّ ِج ِّي‪،‬‬ ‫لواط واالت َِّص ِ‬ ‫بني ا ِّل ِ‬ ‫يوازي هنا َ‬ ‫عابدي َن ِ‬ ‫ِ‬
‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫استعامل‬ ‫َّعليق مع‬ ‫ويتناغم هذا الت ُ‬ ‫ُ‬ ‫مه َّيتَها‪.‬‬ ‫جنس ال َّطرف املفعول به وينفي أ ِّ‬
‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫حمدَّ ٍد ِم َن‬
‫لبس فيها‬ ‫يوض ُح اب ُن نُجي ٍم هنا بعبارات ال َ‬ ‫احلنف ِّي‪ ،‬إذ ِّ‬ ‫املذهب‬
‫لواط)‪.‬‬ ‫(بني ا ِّل ِ‬ ‫امرأة أجنبِ َّي ٍة محُ َ َّر َم ٍة يف ُد ُب ِرها) و َ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫(إتيان‬ ‫بني‪:‬‬
‫يساوي َ‬ ‫ِ‬ ‫مبدء ًا‬
‫للمفر َد ِة متساوق ًا متام ًا‪ ،‬إذ ع َّل َق اب ُن‬ ‫ِ‬
‫الفقهاء‬ ‫ُ‬
‫استعامل‬ ‫(‪ )3‬ومع هذا‪ ،‬مل ْ يك ْن‬
‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫احلصك َِف ِّي عىل‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫أكثر‬ ‫وجوب عدَّ ا ِّللواط َ‬ ‫ْ‬ ‫توكيد‬ ‫املثال عىل‬ ‫سبيل‬ ‫عابدي َن يف‬
‫ِ‬
‫للعالقة‬ ‫كور خالف ًا‬ ‫الذ ِ‬ ‫بني ُّ‬‫اجلنس َّي ِة َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫العالقة‬ ‫ِ‬
‫إباحة‬ ‫الزنا مب ِّين ًا ُّ‬
‫تعذ َر‬ ‫بشاع ًة ِم َن ِّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫اإلناث التِي‬ ‫ِ‬
‫اإلماء‪ )4(.‬واملعنَى‬ ‫رشاء‬ ‫واج أو‬ ‫الز ِ‬ ‫رب َّ‬ ‫مرشو َع ًة ع َ‬ ‫أضح ْت ُ‬ ‫َ‬ ‫مع‬
‫رجل‬ ‫ٍ‬ ‫رجل مع‬ ‫ال يقرت ُف ُه ٌ‬ ‫لواط فِع ً‬ ‫تأليف ا ِّل ِ‬ ‫ُ‬ ‫وهو‬ ‫ِ‬
‫املتض َّم ُن هنا واض ٌح للغاية‪َ ،‬‬
‫ِ‬ ‫َ‬

‫احلموي‪ ،‬غمز عيون البصائر‪287 :1 ،‬؛ شيخي زاده‪ ،‬جممع األهنر‪596 :1 ،‬‬ ‫ّ‬ ‫(((‬
‫ّمرتايش‪ ،‬تنوير البصائر)‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ت‬ ‫ال‬ ‫بكتاب‬ ‫(مستشهدا‬
‫  ابن عابدين‪ ،‬ر ّد املحتار‪.156 :3 ،‬‬ ‫(((‬
‫الرائق‪.17 :5 ،‬‬‫  ابن نجيم‪ ،‬البحر ّ‬ ‫(((‬
‫  ابن عابدين‪ ،‬ر ّد املحتار‪.156 :3 ،‬‬ ‫(((‬
‫لواط ُّي َ‬
‫ون‬ ‫الث‪ُّ :‬ال ِ‬ ‫الث ُ‬ ‫الفص ُل َّ‬ ‫ْ‬
‫‪349‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫لواط‬ ‫عل ا ِّل ِ‬ ‫يامرس فِ َ‬ ‫الذي‬ ‫فإن ا ِّللواطِي هو ِ‬ ‫واية‪َّ ،‬‬‫هذه الر ِ‬ ‫وفق ِ‬ ‫آخ َر‪ ،‬وعىل ِ‬ ‫َ‬
‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫ِّ‬
‫الث ِ‬ ‫البديل ال َّث ِ‬ ‫ِ‬ ‫مه َّي ِة‬ ‫ٍ‬ ‫جال ال الن ِ‬ ‫مع الر ِ‬
‫الذي‬ ‫تعليق منه عىل عد ِم أ ِّ‬ ‫ِّساء‪ .‬ويف‬ ‫ِّ‬
‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫إسامعيل‬ ‫َ‬ ‫حممد ب ُن‬ ‫رشح الفقي ُه احلنف ُّي املصرْ ِ ُّي أمحدُ ب ُن َّ‬ ‫َ‬ ‫وض َع ُه اب ُن نُجي ٍم‪،‬‬ ‫َ‬
‫اجلزء السفليِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ال َّط ِ‬
‫[م َن‬ ‫ُّ ِّ‬ ‫تقع يف‬ ‫أن رغب َة ا ِّللواط ِّي ُ‬ ‫هطاو ُّي ( ُتوفيِّ َ سن َة ‪1816‬م) َّ‬
‫قط‪.‬‬ ‫الرغب َة لن تُل َّبى ُّ‬ ‫ِ‬ ‫كان هذا اجلز ُء مشاهب ًا ألن َثى‪َّ ،‬‬ ‫اجلس ِم]‪ ،‬وإذا َ‬
‫فإن هذه َّ‬
‫بني‪:‬‬ ‫ثابت‪َ ،‬‬ ‫بنحو ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫الفقه َّي ِة‪،‬‬‫ِ‬ ‫لواط يف الن ُُّص ِ‬
‫وص‬ ‫لحظ تأرجح معنَى ا ِّل ِ‬ ‫(‪ )1‬و ُي ُ‬
‫ُ‬
‫ور ِه َّن)‬ ‫جال النِّسا َء يف ُد ُب ِ‬ ‫(إتيان الر ِ‬ ‫ِ‬ ‫وبني‬
‫جال) َ‬ ‫بني الر ِ‬ ‫(اإلتيان يف الدُّ ِ‬ ‫ِ‬
‫ِّ‬ ‫بور َ ِّ‬
‫ِ‬
‫إمكان‬ ‫عل ضمن ًا عىل‬ ‫الف ِ‬ ‫اجلسمي ِة املعنِي ِة هبذا ِ‬ ‫ِ‬ ‫ويدل التَّوكيدُ عىل األعض ِ‬
‫اء‬ ‫ُّ‬
‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬
‫وباملثل‪ُّ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫اإلتيان يف الدُّ ِبر َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫املفر َد ِة‬ ‫ِ‬
‫يدل‬ ‫وامرأة؛‬ ‫رجل‬ ‫بني‬ ‫لتشمل‬ ‫توسي ِع نطاق َ‬
‫ِ‬
‫إمكان‬ ‫احلال ال َّثانِ َي ِة عىل‬ ‫ِ‬ ‫الفعل يف‬ ‫ِ‬ ‫ني يف‬‫املشرتك َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫األفراد‬ ‫جنس‬‫ِ‬ ‫التَّوكيدُ عىل‬
‫لواط)‬ ‫جال بـ (ا ِّل ِ‬ ‫بني الر ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫األخرى م َن االت َِّصاالت اجلنس َّية َ ِّ‬ ‫َ‬ ‫األشكال‬ ‫تسمية‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫شاع يف‬ ‫(السدُّ وم ِّي) األوروبيِّ ِّ الذي َ‬ ‫مماثل الز َم َم ْف ُهو َم ا ِّللواط َّ‬ ‫التباس ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫وثم َة‬
‫َّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫القرون الوس َطى‪ ،‬ويمك ُن استعام ُل ُه (خالف ًا ل ِّلواط) يف حاالت إتيان البهائ ِم‬ ‫ِ‬
‫الفم ِو ِّي‪.‬‬ ‫ِ سيِ‬
‫أو االت َِّصال اجلن ِّ َ‬
‫(‪)2‬‬

‫ث‬ ‫احلادي عشرَ َ حتدَّ َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫القرن‬ ‫آخ ُر ِم َن‬‫أنموذج ٌّي َ‬‫ِ‬ ‫ِ‬
‫كالسيك ٌّي‬ ‫مقطع‬ ‫وثم َة‬
‫ٌ‬ ‫َّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫نقاش‬ ‫جرى ٌ‬ ‫حتوزها اجلنَّ ُة‪ .‬إذ َ‬ ‫بوصفه م َن املت ِع التي ُ‬ ‫عن إمكان ممُ َار َسة ا ِّللواط ْ‬
‫ِ‬
‫إتيان‬ ‫ِ‬
‫جواز‬ ‫ِ‬
‫بشأن‬ ‫ف القزوينِ ِّي‬ ‫يوس َ‬ ‫ُ‬ ‫وبني أبيِ‬
‫َ‬ ‫ِ‬
‫بن الوليد املعتزليِ ِّ‬ ‫عيل ِ‬ ‫ٍّ‬ ‫بني أبيِ‬
‫َ‬
‫الفعل جزء ًا‬ ‫ُ‬ ‫أن يؤ ِّل َ‬ ‫يمنع ْ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ِولدان اجلنَّة‪َ ،‬‬ ‫ِ‬
‫ف هذا‬ ‫ثم َة ما ُ‬ ‫(ليس َّ‬ ‫فقال اب ُن الوليد‪َ :‬‬
‫كان محُ َ َّرم ًا‬
‫يسفر عنها بعدَ ما َ‬ ‫ُ‬ ‫َّتائج اخلبي َث ِة التِي‬ ‫زوال الن ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫بسبب‬ ‫ِم ْن مت ِع اجلن َِّة‬
‫ِ‬
‫[الغائط]‪،‬‬ ‫منفذ األ َذى‬ ‫وألن الدُّ َبر ُ‬ ‫َّ‬ ‫يف هذا العالمَ ِ‪ ،‬أل َّن ُه يؤ ِّدي إىل قط ِع الن ِ‬
‫َّسل‪،‬‬
‫باح‬ ‫عالن [التَّكاثر والتَّغو ُط] لن يقعا يف اجلن َِّة؛ وللس ِ ِ ِ‬ ‫الف ِ‬ ‫وهذان ِ‬
‫ِ‬
‫بب ذاته س ُي ُ‬ ‫َّ‬ ‫ُّ‬ ‫ُ‬
‫العقل والت ِ‬
‫َّفكري‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وتعطيل‬ ‫ِ‬
‫والعربدة‬ ‫السك ِْر‬ ‫ِ‬
‫اخلمر أل َّن ُه لن يؤ ِّد َي إىل ُّ‬ ‫رشب‬ ‫ُ‬

‫هطاوي‪ ،‬حاشية‪.398 ،‬‬ ‫ّ‬ ‫(((   ال ّط‬


‫(((   غرينبريغ‪ ،‬بناء املثل ّية‪277-274 ،‬؛ بروندج‪( ،‬اجلنس والقانون النّافذ)‪.43 ،‬‬
‫اإل ْسال ِم ِّي‬ ‫ال ال َع َر ِب ِّي ِ‬ ‫جل ْن ِس َّي ِة يِف ال َع مَ ِ‬ ‫َما َق ْب َل امل ِْثلِ َّي ِة ا ِ‬ ‫‪350‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ف‪( :‬ا َمل ُيل إىل‬ ‫يوس َ‬ ‫فقال أبو ُ‬ ‫جواز التَّم ُّت ِع به) َ‬ ‫ِ‬ ‫يمنع ِم ْن‬‫ُ‬ ‫ثم َة ما‬ ‫ليس َّ‬
‫ولذا َ‬
‫ال اجلنسيِ ِّ ‪،‬‬ ‫لق لالت َِّص ِ‬ ‫وقبح يف ذاتِ ِه أل َّن ُه [أي الدُّ ُب ُر] مل ْ يخُ ْ‬ ‫ٌ‬ ‫عاه ٌة‬
‫كور َ‬‫الذ ِ‬
‫ُّ‬
‫تبيح ُه الشرَّ ي َع ُة أ َّي ُة رشي َع ٍة‪ ،‬وأل َّن ُه‬
‫للخمر ـ ال ُ‬ ‫ِ‬ ‫لواط ـ خالف ًا‬ ‫ولذلِ َك‪ ،‬فا ِّل ُ‬
‫ِ‬
‫الوليد‬ ‫العاهات) فر َّد عليه اب ُن‬‫ِ‬ ‫احلدث‪ ،‬واجلنَّ ُة خال َي ٌة عن‬ ‫ِ‬ ‫[أي الدُّ ُب ُر] ُ‬
‫منفذ‬
‫ث] ال‬ ‫غاب [احلدَ ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫تتلو َ‬ ‫[ترغب] ْ‬ ‫(العاه ُة ْ‬
‫ث باحلدَ ث [الغائط]‪ ،‬وإذا َ‬ ‫بأن َّ‬ ‫َ‬ ‫أن‬
‫(‪)1‬‬
‫سوى التَّم ُّتعِ)‪.‬‬ ‫يب َقى يش ٌء َ‬
‫األسباب التِي‬
‫َ‬
‫الوليد املعتزليِ ( ُتوفيِّ سن َة ‪1086‬م) ِ‬
‫مبدئ َّي ًا‬ ‫َ‬ ‫ُّ‬
‫ِ‬ ‫طرح اب ُن‬
‫َ‬ ‫وقدْ‬
‫َّحريم‬ ‫اآلخ ِر‪ ،‬فالت‬
‫ينتقل إىل العالمَ ِ َ‬ ‫لواط لن َ‬ ‫أن حتريم ا ِّل ِ‬ ‫َّفكري يف َّ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫تستوجب الت َ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫تسفر عنها العالق ُة اجلنس َّي ُة يف هذا العالمَ ِ‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َّتيجة التي‬ ‫ٍ‬
‫ُ‬ ‫يستندُ يف جزء منه إىل الن َ‬
‫طهار ِة) الدُّ ِبر‪.‬‬
‫َ‬ ‫اآلخ ِر إىل (عد ِم‬‫جزئ ِه َ‬ ‫ِ‬ ‫َّسل‪ ،‬ويف‬ ‫وحفظ الن ِ‬ ‫ُ‬ ‫َّكاثر‬
‫وه َي الت ُ‬
‫ِ‬
‫ال‬ ‫تكون فيه الغاي ُة ِم َن االت َِّص ِ‬ ‫ُ‬ ‫ني يف عالمَ ٍ‬ ‫مهم ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫وهذان العامالن لن يكونَا َّ‬
‫للوقوف يف ِ‬ ‫ِ‬ ‫حماو َل ٍة‬ ‫َ‬ ‫حيث ال َ‬ ‫ب‪ُ ،‬‬ ‫سيِ‬
‫وجه‬ ‫غائط؛ ويف َ‬ ‫نسل وال‬ ‫فحس ُ‬‫اجلن ِّ املتع َة ْ‬
‫ف القزوينِ ُّي ( ُتوفيِّ َ سن َة ‪1095‬م) ا ِّدعا ًء قد يبدُ و‬ ‫يوس َ‬‫هذه الفكرة قدَّ َم أبو ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الذ ِ‬
‫كور‬ ‫بوص ِفها ُخ ْبث ًا‪( :‬ا َمل ُيل إىل ُّ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫دحض (حديث) للمثل َّية اجلنس َّية ْ‬
‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫بمنزلة‬
‫وقبح يف ذاتِ ِه)‪.‬‬ ‫ٌ‬ ‫عاه ٌة‬
‫َّظر فيه‪ ،‬هو َف ْه ٌم مشك ٌ‬
‫ُوك‬ ‫مثل هذا الد ِ‬
‫عاء القزوينِ ِّي عندَ إنعا ِم الن ِ‬ ‫إن فه ًام َ‬‫َّ‬
‫ِّ‬
‫عاه ٌة) َّ‬
‫ألن الدُّ ُب َر‬ ‫الذ ِ‬‫أن (ا َمل َيل إىل ُّ‬
‫ف َّ‬ ‫ٍ‬ ‫فيه ُّ‬
‫كور َ‬ ‫يوس َ‬‫ذكر أبو ُ‬
‫وحمل خالف! إذ َ‬
‫يظهر‬ ‫الغائط ِ‬
‫املؤذي‪ .‬وما‬ ‫ِ‬ ‫مل يخُ َل ْق لكَي يؤتَى أو يو َلج فيه ِ‬
‫جنس َّي ًا‪ ،‬وأل َّن ُه ُ‬
‫منفذ‬
‫ُ‬ ‫ُ َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬
‫ِ‬
‫للرغ َبة يف اإليالجِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬
‫للوهلة األوىل أ َّن ُه تفنيدٌ لـ (املثل َّية) هو يف الواقع تفنيدٌ َّ‬
‫(((   ابن عابدين‪ ،‬ر ّد املحتار‪156 :3 ،‬؛ ابن عابدين‪ ،‬منحة اخلالق‪19-18 :5 ،‬؛ خري‬
‫مناوي‪ ،‬فيض القدير‪ .226 :6 ،‬نقل ابن عابدين‬ ‫ّ‬ ‫ميل‪ ،‬نزهة النّواظر‪22 ،‬؛‬ ‫الر ّ‬
‫الدّ ين ّ‬
‫ميل الذي نقل بدوره من (ذيل الوشاح يف علم النّكاح) جلالل‬ ‫ّ ّ‬‫الر‬ ‫ين‬ ‫الدّ‬ ‫خري‬ ‫ما قاله‬
‫املناوي كذلك بـ (التّذكرة) لصالح‬
‫ّ‬ ‫يوطي (توفيّ سنة ‪ )1505‬واستشهد‬ ‫ّ‬ ‫الس‬
‫الدّ ين ّ‬
‫والبلقيني كالمها من عمل غري معروف لـ (ابن‬ ‫ّ‬ ‫يوطي‬
‫ّ‬ ‫الس‬
‫ّ‬ ‫ونقل‬ ‫(‪.)1464‬‬ ‫البلقيني‬
‫ّ‬
‫عيل بن الوليد املعتز ّيل‪.‬‬
‫ّ‬ ‫أيب‬ ‫ب‬ ‫لاّ‬ ‫ط‬ ‫أحد‬ ‫كان‬ ‫الذي‬ ‫‪)1119‬‬ ‫سنة‬ ‫فيّ‬ ‫و‬ ‫(ت‬ ‫)‬ ‫احلنبيل‬
‫ّ‬ ‫عقيل‬
‫املقديس‪ ،‬ابن عقيل‪.20-18 ،‬‬ ‫ّ‬ ‫انظر‬
‫لواط ُّي َ‬
‫ون‬ ‫الث‪ُّ :‬ال ِ‬ ‫الث ُ‬ ‫الفص ُل َّ‬ ‫ْ‬
‫‪351‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اخلص ُم‬ ‫القضيبِ ِّي يف الدُّ ِبر‪ .‬وهذه يف الواق ِع ه َي ال َّطري َق ُة التي َف ِه َم بموجبِها ْ‬
‫عاه ًة‬ ‫يكون َ‬ ‫ُ‬ ‫كور ال‬ ‫الذ ِ‬ ‫بأن ا َمل َيل إىل ُّ‬ ‫احتج َّ‬ ‫َّ‬ ‫قول [القزوينِ ِّي إذ‬ ‫الوليد] َ‬ ‫ِ‬ ‫[أي اب ُن‬
‫واضح ٌة‬ ‫وهو إشار ٌة‬ ‫ِ‬ ‫إلاَّ إذا عر َض فيه الفرد نفسه إىل الت ِ‬
‫َ‬ ‫َّلوث بـ (اخلَ َبث) َ‬ ‫ُّ‬ ‫ُ َ ُ‬ ‫َّ‬
‫جسمه‪ِ.‬‬ ‫ِ‬ ‫أن يمس أي ًا ِمن أجزاءِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫يرغب الفر ُد يف املعتاد‪ْ َّ َّ ْ ،‬‬ ‫ُ‬ ‫إىل الغائط الذي ال‬
‫متساو عىل الر ِ‬
‫غبة‬ ‫ٍ‬ ‫بنحو‬ ‫ٍ‬ ‫الوليد كالهمُ ا‬ ‫ِ‬ ‫ابن‬‫ف ور ُّد ِ‬ ‫يوس َ‬ ‫وت َْصدُ ُق فكر ُة أبيِ‬
‫َّ‬ ‫ُ‬
‫بور‬ ‫جال يف الدُّ ِ‬ ‫إتيان الر ِ‬ ‫ِ‬ ‫الرغب َة يف‬ ‫ور‪ .‬وبنا ًء عليه َّ‬ ‫ِّساء يف الدُّ ُب ِ‬ ‫إتيان الن ِ‬ ‫ِ‬
‫ِّ‬ ‫فإن َّ‬ ‫يف‬
‫مقابل ذلِ َك‪،‬‬ ‫ِّساء يف الدُّ ِ‬ ‫إتيان الن ِ‬ ‫ِ‬ ‫مواز للر ِ‬
‫َ‬ ‫بور؛‬ ‫غبة يف‬ ‫ٍ َّ‬ ‫ٍ‬
‫بنحو‬ ‫عاه ًة‬‫ف َ‬ ‫تؤ ِّل ُ‬
‫آخ َر] يف الدُّ ُب ِر‬ ‫[شخص َ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫إتيان‬ ‫الرغب َة يف‬ ‫أن َّ‬ ‫بأكمل ِه سلف ًا َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِّقاش‬ ‫يفرتض الن ُ‬ ‫ُ‬
‫شك‪،‬‬ ‫أن ُيؤتَى يف ُد ُب ِر ِه‪ .‬وبال أدنَى ٍّ‬ ‫[فرد] يف ْ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫كرغبة‬ ‫عاه ًة باملعنَى ذاتِ ِه‬ ‫ليس ْت َ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫نقاش جا ٍّد وعميق بشأن أنوا ِع املت ِع التي‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ننشغل يف‬ ‫َ‬ ‫أن‬ ‫سوف يبدُ و غريب ًا جدَّ ًا ْ‬ ‫َ‬
‫فعل هبِم‬ ‫(أن َي َ‬ ‫هذه املت ِع ْ‬ ‫بني ِ‬ ‫نسأل‪ :‬هل َ‬ ‫وأن َ‬ ‫كور يف اجلن َِّة‪ْ ،‬‬ ‫ني ُّ‬ ‫تنتظر املؤمنِ َ‬
‫الذ َ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬ ‫يص ًا هلذا‬ ‫ِ‬
‫الغرض؟!)‪.‬‬ ‫خص َ‬ ‫خملوقات ُخل َق ْت ِّ‬ ‫ٌ‬
‫سيِ‬ ‫شهاب الدِّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ين حممو ُد األلو ُّ‬ ‫ُ‬ ‫الفضل‬ ‫العراق ُّي أبو‬ ‫واختلف الفقي ُه‬ ‫َ‬
‫الذي اتخَّ َذ ُه‪ ،‬و َف َع َل‬ ‫املوقف ِ‬ ‫ِ‬ ‫الوليد املعتزليِ ِّ يف‬ ‫ِ‬ ‫( ُتوفيِّ َ سن َة ‪1854‬م) مع ِ‬
‫ابن‬
‫ِ‬ ‫أن يأتيِ َ فرد ًا َ‬ ‫ِ‬ ‫ذلِ َك‬
‫عاه ًة‬ ‫ليس ْت َ‬ ‫آخ َر يف ُد ُب ِره َ‬ ‫الفرد يف ْ‬ ‫جيعل رغب َة‬ ‫بأسلوب ُ‬ ‫ٍ‬
‫الوليد‬‫ِ‬ ‫أن اب َن‬ ‫أن ُيؤتَى هو يف ُد ُب ِر ِه‪ .‬و َف ِه َم األلوسيِ ُّ َّ‬ ‫باملعنَى ذاتِ ِه كرغبتِ ِه يف ْ‬
‫ال فيام لو‬ ‫وحاج َج ُه متسائ ً‬ ‫َ‬ ‫بيع َّي ِة)‬
‫َّزعة ال َّط ِ‬ ‫خمالف للن ِ‬ ‫ُ‬ ‫أن (ا ِّل َ‬
‫لواط‬ ‫ينكر َّ‬ ‫املعتزليِ َّ ‪ُ ،‬‬
‫أن‬ ‫أن ُيؤتَى يف ُد ُب ِر ِه يف اجلن َِّة أ ْم ال؟‪( :‬إذا أرا َد اليو َم ْ‬ ‫يرغب يف ْ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫الوليد‬ ‫كان اب ُن‬ ‫َ‬
‫األرجح) بمعنَى أ َّن ُه يعانيِ حاالً‬ ‫ِ‬ ‫مأبون عىل‬ ‫ٌ‬ ‫جل‬ ‫الر َ‬ ‫فإن َّ‬ ‫ُيؤتَى يف الدُّ ُب ِر غد ًا‪َّ ،‬‬
‫تقع يف اجلن َِّة!‪.‬‬ ‫نفرتض أنهَّ ا لن َ‬ ‫َ‬ ‫أن‬‫األنسب ْ‬ ‫ِ‬ ‫مرض َّي ًة ِم َن‬ ‫ِ‬

‫رف‬ ‫بني ال َّط ِ‬ ‫َّاميز َ‬ ‫أن االستعان َة بـ (الت ِ‬ ‫وواص َل األلوسيِ ُّ حدي َث ُه مب ِّين ًا َّ‬ ‫َ‬
‫األمر ال يمك ُن‬ ‫ألن هذا‬ ‫ِ‬
‫وبني املفعول به) لن يساعدَ اب َن الوليد كثري ًا! َّ‬ ‫ِ‬ ‫الفاعل َ‬ ‫ِ‬
‫َ‬
‫أن‬‫أن نتو َّق َع َّ‬ ‫وباملثل‪ ،‬ال يمك ُن ْ‬ ‫ِ‬ ‫(‪)1‬‬
‫األلباب)‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫واضح ًا لـ (ذوي‬ ‫يكون ِ‬ ‫َ‬ ‫إلاَّ ْ‬
‫أن‬

‫  اآللويس‪ ،‬روح املعاين‪.152 :8 ،‬‬


‫ّ‬ ‫(((‬
‫اإل ْسال ِم ِّي‬ ‫ال ال َع َر ِب ِّي ِ‬ ‫جل ْن ِس َّي ِة يِف ال َع مَ ِ‬ ‫َما َق ْب َل امل ِْثلِ َّي ِة ا ِ‬ ‫‪352‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫الغ ِ‬ ‫إتيان ِ‬‫ِ‬ ‫الشخص ِ‬ ‫يقصدُ ُه هو َّ‬ ‫ِ‬ ‫سيِ‬ ‫ما َ‬
‫لامن يف‬ ‫يرغب يف‬
‫ُ‬ ‫الذي‬ ‫أن َّ َ‬ ‫كان األلو ُّ‬
‫ون) التِي‬ ‫وء معنَى مفرد ِة (املأب ِ‬ ‫ون حالِي ًا‪ .‬ويف ض ِ‬ ‫شخص مأ ُب ٌ‬ ‫املستق َب ِل هو‬
‫ُ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ٌ‬
‫إن‬ ‫يكون مع ُقوالً‪َّ .‬‬ ‫َ‬ ‫مثل هذا لن‬ ‫فإن ا ِّدعا ًء َ‬ ‫األو ِل‪َّ ،‬‬ ‫الفص ِل َّ‬ ‫ْ‬ ‫عرضنا هلا يف‬ ‫ْ‬
‫َ‬ ‫طرحها‪ِ ،‬ه َي أ َّن ُه متَى َ‬ ‫سيِ‬ ‫ِ‬
‫املفعول‬ ‫رف‬ ‫أن ال َّط َ‬‫ثبت لنا َّ‬ ‫َ‬ ‫املسأ َل َة التي يو ُّد األلو ُّ‬
‫وأن اجلن َة خال َي ٌة‬ ‫غري سو َّي ٍة‪َّ ،‬‬ ‫ِ‬
‫حيوز شخص َّي ًة َ‬ ‫املثل َّي ِة] ُ‬ ‫اجلنسي ِة ِ‬
‫َّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫العالقة‬ ‫به [يف‬
‫مفعول‬ ‫ٌ‬ ‫هناك لِواطِ ُّي َ‬
‫ون‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫يكون‬ ‫يستتبع ذلِ َك أ َّن ُه لن‬ ‫ُ‬ ‫خص َّي ِة‪،‬‬ ‫الش ِ‬ ‫عاهات َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِم ْن‬
‫لواط يف اجلن َِّة‪ .‬وبناء عىل ذلِ َك‪ ،‬يظهر ِ‬ ‫ِ‬
‫واضح ًا‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫ٌ‬ ‫َ‬
‫هناك‬ ‫َ‬
‫يكون‬ ‫ثم لن‬ ‫هبِم‪ ،‬وم ْن َّ‬
‫َّعامل مع الر ِ‬ ‫الذي يلز ُم بالت ِ‬ ‫بب ِ‬ ‫بالس ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫سيِ‬
‫غبة‬ ‫َّ‬ ‫جتاهل األلو ِّ املسأ َل َة التي تتِّص ُل َّ‬ ‫ُ‬
‫(عاه ًة)‪.‬‬ ‫َ‬ ‫بوص ِفها‬
‫يف اإلتيان يف الدُّ ُب ِر ْ‬
‫ِ‬

‫لواط يف اجلن َِّة‬ ‫إباحة ا ِّل ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫احتامل‬ ‫ِ‬
‫لفكرة‬ ‫سيِ‬
‫رفض حممود األلو ِّ‬
‫ٍ‬ ‫أن َ‬ ‫ويبدُ و َّ‬
‫احلقبة ِ‬‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الذي َن اعتنَوا‬ ‫هذه‬ ‫فقهاء‬ ‫األكثر شيوع ًا وقبوالً َ‬
‫بني‬ ‫َ‬ ‫احلكم‬
‫َ‬ ‫يم ِّث ُل‬
‫ابن نُجي ٍم‬‫كل ِم ْن ِ‬ ‫أي مث َلام حل ْظنا ٌّ‬ ‫الر َ‬‫شاطر ُه هذا َّ‬ ‫َ‬ ‫املوضوعِ‪ .‬إذ‬ ‫ُ‬ ‫بمناقش ِة هذا‬ ‫َ‬
‫ون وتبنَّوا هذا‬ ‫آخر َ‬ ‫احلمو ِّي‪ ،‬وقدْ استشهدَ فقها ُء ُ‬ ‫ِ‬ ‫وحمم ٍد التَّمرتاشيِ ِّ وأمحدَ‬ ‫َّ‬
‫سيِ‬ ‫ِ‬
‫احلصكَف ِّي وعبد الغن ِّي النَّابل ِّ وأمحدَ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫حممد عالء الدِّ ِ‬
‫ين‬ ‫ٍ‬ ‫احلكم م ْن ِ‬ ‫ِ‬
‫ْ‬ ‫مثل َّ‬ ‫َ‬
‫أن بعض ًا ِمن الفقهاءِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫نذكر َّ‬ ‫جيدر ْ‬
‫أن‬ ‫الرغ ِم م ْن ذل َك‪ُ ،‬‬ ‫ال َّطهطاو ِّي‪ .‬وعىل ُّ‬
‫(‪)1‬‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫للفقيه‬ ‫فالكلامت اآلت َي ُة‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫االحتامل؛‬ ‫ِ‬
‫لتجاهل هذا‬ ‫ني كثري ًا‬ ‫متحم ِس َ‬ ‫مل ْ يكونُوا‬
‫ِّ‬
‫بن أمحدَ احلفنِي ( ُتوفيِّ سن َة ‪1767‬م) ِ‬ ‫حمم ٍد ِ‬ ‫ِ‬
‫الذي‬ ‫َ‬ ‫ِّ‬ ‫بن ساملٍ ِ‬ ‫عروف َّ‬ ‫املصرْ ِ ِّي ا َمل ُ‬
‫القار َئ انطباع ًا‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫عمل شيخ ًا‬ ‫َ‬
‫لألزهر م ْن عا ِم (‪1758‬م) إىل وفاته‪ ،‬قد ُ‬
‫متنح‬
‫اح يف اجلن َِّة‬ ‫غري ُم َب ٍ‬ ‫لواط ُ‬ ‫إن ا ِّل َ‬ ‫قيل‪َّ :‬‬ ‫أن املسأ َل َة مل ْ تك ْن حمسو َم ًة متام ًا‪َ :‬‬ ‫مفا ُد ُه َّ‬
‫ثم َة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫اح َّ‬ ‫بسبب أذا ُه؛ َ‬ ‫ِ‬
‫ليس َّ‬
‫سبب حتريمه قد ُدح َض بتب َيان أ َّن ُه َ‬ ‫ألن َ‬ ‫وقيل‪ :‬إ َّن ُه ُم َب ٌ‬
‫ِ (‪)2‬‬ ‫ُ‬
‫تناسل يف اجلنَّة‪.‬‬ ‫أ َذ ًى أو‬

‫ّابليس‪ ،‬رسالة األجوبة‪ ،‬صفحة ‪ 81‬ب؛‬


‫  احلصكفي‪ ،‬الدّ ّر املختار‪169 :3 ،‬؛ الن ّ‬
‫ّ‬ ‫(((‬
‫هطاوي‪ ،‬حاشية‪.398 397- :2 ،‬‬‫ّ‬ ‫ال ّط‬
‫احلفني‪ ،‬حاشية‪.389 :3 ،‬‬ ‫ّ‬ ‫(((   ‬
‫لواط ُّي َ‬
‫ون‬ ‫الث‪ُّ :‬ال ِ‬ ‫الث ُ‬ ‫الفص ُل َّ‬ ‫ْ‬
‫‪353‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫أن ا ِّل َ‬
‫لواط‬ ‫ِ‬
‫فكرة َّ‬ ‫كان مستعدَّ ًا للدِّ فا ِع عن‬ ‫ِّ‬
‫األقل‪َ ،‬‬ ‫وثم َة فقي ٌه واحدٌ يف‬ ‫َّ‬
‫ِ‬
‫ني يف اجلنَّة‪ ،‬إذ استعان الفقي ُه‬‫ِ‬ ‫ِ‬
‫املتاحة للمؤمن َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫سيكون جزء ًا م َن املت ِع‬‫ُ‬ ‫ِ‬
‫بالغ ِ‬
‫لامن‬
‫َ‬
‫موقف ِه‪:‬‬
‫ِ‬ ‫َني لدع ِم‬‫َني اآلتيت ِ‬ ‫حممدُ زركا زاده ( ُتوفيِّ َ سن َة ‪1601‬م) باآليت ِ‬ ‫ِ‬
‫الترُّ ك ُّي َّ‬
‫ِ‬ ‫وف َع َل ْي ِه ْم ِو ْلدَ ٌ‬
‫ورا)(‪ )1‬و‬ ‫ون إِ َذا َر َأ ْيت َُه ْم َحس ْبت َُه ْم ُل ْؤ ُل ًؤا َّمن ُث ً‬
‫ان مخُّ َ َّلدُ َ‬ ‫(و َي ُط ُ‬‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫(و َلك ُْم ف َيها َما ت َْشت َِهي َأن ُف ُسك ُْم َو َلك ُْم ف َيها َما تَدَّ ُعون)‪.‬‬
‫َ (‪)2‬‬
‫َ‬
‫لامن‬ ‫الغ َ‬ ‫بأن ِ‬‫توحيان َّ‬‫ِ‬ ‫فيهام مع ًا‪،‬‬ ‫َني عندَ التَّفك ُِّر ِ‬ ‫أن اآليت ِ‬ ‫وجيادل زركا زاده يف َّ‬ ‫ُ‬
‫رب ضمن ًا عن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫للرجال يف اجلنَّة‪ ،‬فاآلي ُة األوىل خت ُ‬ ‫ني جنس َّي ًا ِّ‬ ‫متاح َ‬ ‫سيكون َ‬
‫ُون‬
‫جنس َّي ًا‪.‬‬ ‫ني ِ‬ ‫ول أنهَّ ُم لن يكونُوا مرغوبِ َ‬ ‫غري املع ُق ِ‬ ‫وم ْن ِ‬ ‫الح يف اجلن َِّة ِ‬ ‫توافر ا ُمل ْر ِد املِ ِ‬
‫ِ‬
‫ائع‪ ،‬وقدْ‬ ‫الش َ‬ ‫املوقف القياسيِ َّ َّ‬ ‫َ‬ ‫الذي تبنَّا ُه زركا زاده ال يم ِّث ُل‬ ‫املوقف ِ‬ ‫َ‬ ‫(‪ )3‬إلاَّ َّ‬
‫أن‬
‫ِ‬
‫الربساو ُّي ( ُتوفيِّ َ‬ ‫إسامعيل ح ِّق ُّي‬ ‫ُ‬ ‫ِّ‬
‫املتأخ ُر‬ ‫املوقف الفقي ُه الترُّ ِك ُّي‬ ‫ِ‬ ‫استشهدَ هبذا‬
‫ِ‬
‫وص َل إليه س َل ُف ُه ُ‬
‫(غري‬ ‫االستنتاج الذي َ‬ ‫َ‬ ‫سن َة ‪1724‬م) مرفق ًا بر ٍّد منه يفيدُ َّ‬
‫أن‬
‫الربساو ُّي يف‬ ‫ِ‬ ‫وحاجج‬ ‫والعقل املستقي ِم القوي ِم)‬ ‫ِ‬ ‫السلي ِم‬ ‫ِ‬ ‫مق ُب ٍ‬
‫َ‬ ‫القلب َّ‬ ‫ول لذوي‬
‫لدان» كانُوا خدم ًا‬ ‫«الو َ‬ ‫أن ِ‬ ‫اآلية القرآنِ َّي ِة األوىل تعنِي َّ‬ ‫وف َع َلي ِهم) يف ِ‬
‫أن ( َي ُط ُ ْ ْ‬ ‫َّ‬
‫ونصاعتِ ِهم؛‬ ‫لهِِ‬
‫َّظر إىل جمَ ا م َ‬ ‫ون بالن ِ‬ ‫أهل اجلن َِّة سيتم َّت ُع َ‬ ‫وأن َ‬ ‫ني‪َّ ،‬‬ ‫منهم مأبونِ َ‬ ‫أكثر ُ‬ ‫َ‬
‫أن‬ ‫وجيوز َّ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬
‫ويشتهو َن ُه يف اجلنَّة‪،‬‬ ‫ون به‬ ‫بكل ما يرغ ُب َ‬ ‫ني ِّ‬ ‫وت َِعدُ اآلي ُة ال َّثان َي ُة املؤمن َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ُ‬
‫(‪)4‬‬
‫ويشتهو َن ُه‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫ون به‬ ‫بني ما يرغ ُب َ‬ ‫يكون َ‬ ‫َ‬ ‫لواط» لن‬‫«ا ِّل َ‬

‫لواط يف‬ ‫عل ا ِّل ِ‬


‫بإمكان وقو ِع فِ ِ‬
‫ِ‬ ‫ِّقاش املعنِ ِّي‬
‫ارتباط الن ِ‬
‫ُ‬ ‫وجدير با َّل ِ‬
‫لحظ هنا‬ ‫ٌ‬
‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫(الغامضة نسبِ َّي ًا) التي تر ُد يف بض ِع آيات يف‬
‫َ‬ ‫ِ‬ ‫اجلن َِّة ِم ْن عدمه بشخص َّية ِ‬
‫الولدان‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وف َع َل ْي ِه ْم‬ ‫الرائ َع ِة يف العالمَ ِ َ‬
‫اآلخ ِر‪َ :‬‬
‫(و َي ُط ُ‬ ‫حال املؤمنِ َ‬
‫ني َّ‬
‫ث عن ِ‬ ‫ِ‬
‫القرآن تتحدَّ ُ‬

‫  سورة اإلنسان (اآلية ‪.)19‬‬ ‫(((‬


‫فصلت (اآلية ‪.)31‬‬ ‫  سورة ّ‬ ‫(((‬
‫  زركا زاده‪ ،‬حاشية‪ ،‬صفحة ‪51‬أ‪.‬‬ ‫(((‬
‫  الربساوي‪ ،‬روح البيان‪.199-198 :3 ،‬‬
‫ّ‬ ‫(((‬
‫اإل ْسال ِم ِّي‬ ‫ال ال َع َر ِب ِّي ِ‬ ‫جل ْن ِس َّي ِة يِف ال َع مَ ِ‬ ‫َما َق ْب َل امل ِْثلِ َّي ِة ا ِ‬ ‫‪354‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(‪)2‬‬
‫ون)‪.‬‬ ‫وف َع َل ْي ِه ْم ِو ْلدَ ٌ‬
‫ان مخُّ َ َّلدُ َ‬ ‫ِغلْماَ ٌن لهَّ ُ ْم ك ََأنهَّ ُ ْم ُل ْؤ ُل ٌؤ َّم ْكن ٌ‬
‫ُون)(‪ )1‬و ( َي ُط ُ‬

‫حماو َل ٍة‬
‫كر يف َ‬ ‫رؤى وفِ ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ون يف هذه احلقبة عدَّ َة ً‬‫مسلم َ‬‫ُ‬ ‫ون‬‫وقدْ قدَّ َم مفسرِّ ُ َ‬
‫ِ‬
‫ني‪ ،‬أو‪،‬‬ ‫ُون أوال َد املؤمنِ َ‬
‫الذي َن قد يكون َ‬‫لدان ِ‬
‫الو ِ‬ ‫هؤالء ِ‬ ‫لتحديد هو َّي ِة‬
‫ِ‬ ‫منهم‬
‫ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الكافري َن الذي َن تُو ُّفوا َ‬
‫قبل البلوغِ‪.‬‬ ‫ر َّبام‪ ،‬أوال َد‬

‫لدان” عىل شاك َل ِة‬ ‫“الو َ‬ ‫خلق ِ‬ ‫إن اهللَ قد َ‬ ‫يقول‪َّ :‬‬ ‫آخ ُر ُ‬
‫شائع َ‬‫ٌ‬ ‫تفسري‬
‫ٌ‬ ‫وثم َة‬
‫َّ‬
‫أن هذهِ‬ ‫ني‪ .‬ومث َلام حل ْظنا‪ ،‬مل ْ يك ْن أحدٌ يظ ُّن َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫يص ًا خلدمة املؤمن َ‬ ‫ِ ِ‬
‫خص َ‬ ‫احلور َّيات ِّ‬
‫أن املفسرِّ ِ ي َن‬ ‫َت خدم ًة ِ‬
‫جنس َّي ًة؛ إلاَّ َّ‬ ‫بتقديمها كان ْ‬ ‫ِ‬ ‫الو ُ‬
‫لدان‬ ‫ف ِ‬ ‫اخلدم َة التِي ُك ِّل َ‬
‫اجلس ِد ِّي‬ ‫ال ِ ِ‬
‫الولدان َ‬
‫ظاهر َّي ًا عن جمَ ِ‬
‫ِ‬ ‫ث‬ ‫ِ‬
‫اآليات تتحدَّ ُ‬ ‫مل ْ يستبعدُ وا حقيق َة َّ‬
‫أن‬
‫اجلذب إىل اجلن َِّة‪.‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫عوامل‬ ‫بوص ِف ِه أحدَ‬
‫ْ‬
‫بني‬‫جرى وض ُعها َ‬ ‫ُ ِ‬ ‫ال ُفسرِّ َ ْت‬
‫ني) مث ً‬ ‫تفسري (اجلال َل ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اآليات التي َ‬ ‫ففي‬
‫ٌ‬
‫(غلامن) كأنهَّ ُم يف‬ ‫ِ‬
‫للخدمة‬ ‫ِ‬
‫عليهم)‬ ‫(ويطوف‬
‫ُ‬ ‫َّحو اآلتيِ ‪:‬‬
‫ني عىل الن ِ‬ ‫معقو َف ِ‬
‫العمر‬
‫ُ‬ ‫عليهم ِو ٌ‬
‫لدان) لن يتقدَّ َم‬ ‫ِ‬ ‫(ويطوف‬
‫ُ‬ ‫ٌ‬
‫مكنون)؛‬ ‫(لؤلؤ‬
‫ٌ‬ ‫جمَ الهِِ م ور َّقتِ ِهم‬
‫ِ‬
‫للخدمة لؤلؤ ًا‬ ‫وتوافر ِهم‬
‫ِ‬ ‫بسبب جمَ الهِِ م‬
‫ِ‬ ‫إليهم ستظن ُُّهم‬ ‫تنظر ِ‬ ‫هبِم ُّ‬
‫قط؛ حينَام ُ‬
‫منثور ًا‪.‬‬

‫فهم ُه ِم ْن‬ ‫اجلمل ما يمك ُن ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬


‫سليامن‬ ‫تفسري اجلال َل ِ‬
‫ني بينَّ َ‬ ‫ِ‬ ‫ويف حاشيتِ ِه عىل‬
‫ِ‬ ‫نهِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ليس ال َّتغيرُّ َ‬‫فه َم م ْن كو ِم خم َّلدي َن َ‬ ‫إن ما ينبغي أن ُي َ‬ ‫فقال‪َّ :‬‬‫ون) َ‬ ‫كلمة (خم َّلدُ َ‬
‫للو ِ‬ ‫قدود ِهم خالف ًا ِ‬ ‫ِ‬ ‫حال ِ ِ‬
‫لدان يف هذا العالمَ ِ‬ ‫الولدان يف طراوتهِ ِم ُ‬
‫وح ْس ِن‬ ‫عن ِ‬
‫تفسري ِ‬ ‫ِ‬
‫هذه‬ ‫َّوج َه ذا َت ُه يف‬ ‫ُ‬
‫ونلحظ الت ُّ‬ ‫الس ِّن‪.‬‬‫ربوا يف ِّ‬ ‫ون ك َّلام ك ُ‬ ‫حيث يتغيرَّ ُ َ‬ ‫ُ‬
‫(‪)3‬‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫وف‬ ‫(و َي ُط ُ‬ ‫يقول‪ :‬تعني اآلي ُة َ‬ ‫حيث ُ‬ ‫السعود أفند ِّي للقرآن ُ‬ ‫تفسري أبيِ َّ‬ ‫اآلية يف‬
‫األبد بر َّقتِ ِهم وطراوتهِ ِم‬ ‫ِ‬ ‫ون إىل‬‫ون) أنهَّ ُم سيحتف ُظ َ‬ ‫ان مخُّ َ َّلدُ َ‬ ‫َع َل ْي ِه ْم ِو ْلدَ ٌ‬

‫(((   سورة ال ّطور (اآلية ‪.)24‬‬


‫(((   سورة الواقعة (اآلية ‪.)17‬‬
‫(((   مجال‪ ،‬حاشية عىل تفسري اجلاللني‪.273-272 :4 ،‬‬
‫لواط ُّي َ‬
‫ون‬ ‫الث‪ُّ :‬ال ِ‬ ‫الث ُ‬ ‫الفص ُل َّ‬ ‫ْ‬
‫‪355‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ورا) تعو ُد إىل جمَ الهِِ م ومالحتِ ِهم‬ ‫ِ‬ ‫لهِِ‬


‫وجمَ ا م‪ ،‬و (إِ َذا َر َأ ْيت َُه ْم َحس ْبت َُه ْم ُل ْؤ ُل ًؤا َّمن ُث ً‬
‫بعض ِم َن‬
‫ٍ‬ ‫وفق‬‫آخ ُر عىل ِ‬ ‫ٌ‬
‫احتامل َ‬ ‫وثم َة‬
‫َّ‬
‫َ ِ (‪)1‬‬
‫الرائقة)‪.‬‬ ‫تهِ‬
‫البه َّية وبرش ِم َّ‬
‫وطلعتِ ِهم ِ ِ‬
‫ِ‬
‫املعتاد (البقا َء إىل‬ ‫ون) التِي تعنِي يف‬ ‫نفهم بموجبِ ِه كلم َة (خملدَّ َ‬ ‫املفسرِّ ِ ي َن‪،‬‬
‫ُ‬
‫بحيث يمك ُن‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫األقراط‪،‬‬ ‫لبس‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫(دائم ال يتغيرَّ ُ ) أنهَّ ا تعني (خلدَ ) أو َ‬ ‫ٌ‬ ‫األبد) أو‬
‫ون إىل األبدَ )‬ ‫ون ‪ /‬بمعنَى با ُق َ‬ ‫لدان خم َّلدُ َ‬
‫(و ٌ‬ ‫ون» إ َّما إىل ِ‬ ‫لدان خم َّلدُ َ‬‫«و ٌ‬ ‫ترمج ُة ِ‬
‫ٍ‬
‫بنحو عا ٍّم ‪-‬‬ ‫فإن القراء َة األوىل ‪ -‬واملألو َف َة‬ ‫بأقراط)‪ )2(.‬وبداه ًة‪َّ ،‬‬ ‫ٍ‬ ‫(و ٌ‬
‫لدان‬ ‫أو ِ‬
‫ِ‬
‫واألساور‬ ‫ون بـ (اخلواتِ ِم‬ ‫لامن املخ َّلدُ َ‬ ‫لدان ‪ِ /‬‬
‫الغ ُ‬ ‫الو ُ‬ ‫أن يتز ّي َن ِ‬ ‫دون ْ‬ ‫حتول َ‬ ‫ال ُ‬
‫َ ِ (‪)3‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫جلميلة)‪.‬‬ ‫الفاخرة ا َ‬ ‫َ‬ ‫واملالبس‬ ‫واألقراط‬

‫امل‬‫بمثال اجل ِ‬
‫َ‬
‫ِ‬ ‫نطاق واس ٍع واقرتنُوا‬ ‫ٍ‬ ‫لدان اجلن َِّة” عىل‬ ‫“و ُ‬ ‫ف ِ‬ ‫وقدْ ُو ِص َ‬
‫أكثر ِم ْن مناس َب ٍة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الذي احت َف ْت به أدبِ َّيات هذه احلقبة‪ ،‬ومث َلام ب َّينَّا سلف ًا يف َ‬
‫ِ‬
‫بني جمَ ِ‬ ‫ِ‬ ‫بعض ِم َن‬‫ٍ‬ ‫عر الغزليِ ُّ يف‬ ‫الس ِ‬
‫ال‬ ‫األوقات َ‬ ‫الش ُ‬ ‫ُ‬
‫يقارن ِّ‬ ‫ابق‪،‬‬ ‫الفص ِل َّ‬ ‫ْ‬ ‫يف‬
‫بوص ِف ِهم أحدَ‬ ‫ِ‬
‫“الولدان” كذل َك ْ‬ ‫ُ‬ ‫لامن يف اجلن َِّة‪ .‬و ُيقدَّ ُم‬ ‫ال ِ‬
‫الغ ِ‬ ‫وق وجمَ ِ‬ ‫املعش ِ‬‫ُ‬
‫اآلخ ِر؛‬ ‫الفوز هبا يف العالمَ ِ َ‬ ‫ِ‬ ‫اجلذب التِي قد يتط َّل ُع املؤم ُن إىل‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وعوامل‬ ‫املغر ِ‬
‫يات‬ ‫ِ‬
‫ِ‬ ‫اجلزائري ِ‬ ‫الش ِ‬
‫تفاهة املت ِع‬ ‫الذي ذك ََّر َّقرا َء ُه بمدَ ى‬ ‫ِ ُّ‬ ‫يع ُّي نعم ُة اهللِ‬ ‫كتب الفقيه ِّ‬ ‫إذ َ‬
‫كان الفر ُد عبد ًا‬ ‫تنتظر ُهم يف اجلن َِّة‪ ،‬فإذا َ‬ ‫ُ‬ ‫نيو َّي ِة وضآلتِها مقار َن ًة باملت ِع التِي‬ ‫الدُّ ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫اجلنس َّي ِة‪ ،‬ما عليه إلاَّ ْ‬ ‫ِ‬ ‫ألعض ِائ ِه‬
‫َاهم‬ ‫أن يتذك ََّر اآلي َة القرآن َّي َة‪( :‬كَذل َك َو َز َّو ْجن ُ‬ ‫َ‬
‫السليم‪.217 :5 ،‬‬
‫السعود‪ ،‬إرشاد العقل ّ‬ ‫((( أبو ّ‬
‫اآللويس‪ ،‬روح املعاين‪117 :27 ،‬؛‬‫ّ‬ ‫السليم‪130 :5 ،‬؛‬
‫السعود‪ ،‬إرشاد العقل ّ‬ ‫(((   أبو ّ‬
‫وكاين‪ ،‬فتح القدير‪.146 :5 ،‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الش‬
‫بيني‪ ،‬السرّ اج املنري‪.438 :4 ،‬‬
‫(((   اخلطيب الشرّ ّ‬
‫لغوي‪:‬‬
‫ّ‬ ‫املقوم ا ّل‬
‫إضافة ّ‬
‫ِ‬
‫جاء يف لسان العرب‪ :‬اخل َلدة مجاعة احلىل وقوله تعاىل‪ :‬يطوف عليهم ولدان خم َّلدون‬
‫مسورون يامن ّية‪ .‬و َأنشد‪:‬‬
‫جاجي‪ :‬حم َّلون‪ .‬وقال َأبو عبيد‪ّ :‬‬‫ّ‬ ‫الز‬
‫قال ّ‬
‫ِ‬
‫ق������اوزُ ال��كُ��ثْ��ب��ان‬ ‫َأع��ج��ازه��ن َأ‬ ‫��ج�ين َ‬
‫كأنمـا‬ ‫ومخُ َ��� َّل���دات ب��ال�� ُّل َ‬
‫باخل َلدَ ة‪ .‬وقيل‪ :‬معناه خيدمهم وصفاء ال جيوز واحد منهم حدّ‬ ‫وقيل‪ :‬مقرطون ِ‬
‫َّ‬
‫الفراء يف قوله خم ّلدون‪ :‬يقول إِنهّ م عىل س ّن واحدة ال يتغيرّ ون‪َ .‬أبو‬
‫الوصافة‪ .‬وقال ّ‬ ‫ِ‬
‫ِ‬
‫عمرو‪َ :‬خ َّلد جاريته إِذا حلاّ ها باخلَ َلدة وهي الق َرطة‪.‬‬
‫اإل ْسال ِم ِّي‬ ‫ال ال َع َر ِب ِّي ِ‬ ‫جل ْن ِس َّي ِة يِف ال َع مَ ِ‬ ‫َما َق ْب َل امل ِْثلِ َّي ِة ا ِ‬ ‫‪356‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(و َي ُط ُ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ني بالن ِ‬ ‫كان ِم َن املو َل ِع ِ‬ ‫ور ِع ٍ‬ ‫بِ ُح ٍ‬


‫وف‬ ‫فليتذكر اآلي َة القرآن َّية َ‬
‫ْ‬ ‫َّظر‪،‬‬ ‫ني)(‪ )1‬وإذا َ‬
‫ِ‬ ‫َع َل ْي ِه ْم ِو ْلدَ ٌ‬
‫ون إِ َذا َر َأ ْيت َُه ْم َحس ْبت َُه ْم ُل ْؤ ُل ًؤا َّمن ُث ً‬
‫ورا)‬ ‫ان مخُّ َ َّلدُ َ‬
‫(‪)2‬‬

‫ٍ‬
‫نقاش‬ ‫مشق ُّي َح َس ُن البورينِ ُّي ( ُتوفيِّ َ سن َة ‪1615‬م) يف‬ ‫وب َ الفقيه الدِّ ِ‬
‫ُ‬ ‫ينَّ‬
‫كان ُ‬ ‫ِ‬
‫القدس الذي أتهُّ ِم بأ َّن ُه َ‬
‫ِ‬ ‫يِ‬
‫حممد قاض‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫يِ‬
‫يميل إىل‬ ‫درويش َّ‬ ‫له مع القاض‬
‫كاتب‬ ‫ُ‬ ‫وذكر‬‫َ‬
‫(‪)3‬‬
‫واحلور)‪.‬‬
‫ُ‬ ‫أنواع منها األوال ُد‬
‫ٌ‬ ‫أن (املتن َّع َم به يف اجلن َِّة‬ ‫لامن‪َّ :‬‬ ‫الغ ِ‬ ‫ِ‬
‫حمم ٍد‬ ‫َّبي َّ‬ ‫املراد ُّي ( ُتوفيِّ َ سن َة ‪1791‬م) َق ِصيدَ َة ٍ‬
‫مدح للن ِّ‬
‫ِ‬ ‫خليل‬‫ُ‬ ‫السيرَ ِ َّ‬
‫حممدُ‬ ‫ِّ‬
‫يظهر‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اشرتك يف نظمها ثال َث ٌة م ْن فقهاء القرن ال َّثام َن عشرَ َ ‪ ،‬وأحدُ األبيات‬ ‫ِ‬ ‫َ‬
‫ُ‬
‫ور ِة‪:‬‬ ‫الص َ‬
‫ِ ِ‬
‫هبذه ُّ‬
‫ِ ِ (*)‬ ‫َ‬ ‫يبل ُغنِي ِ‬‫ِ‬ ‫أس ْ��ل إلاَّ ْ‬
‫أن أؤ ِّم َ‬
‫ل��دان عنه ب��رشْ��ده‬ ‫ال��و‬ ‫��ل شـافع ًا‬ ‫فلم َ‬‫ْ‬

‫املرادي‪ ،‬سلك الدّ رر‪.19 :3 ،‬‬


‫ّ‬ ‫[*]‬

‫*****‬
‫شعري ٍة نظمها الفقيه احللبِي عبدُ الر ِ ليِ‬ ‫ٍ‬
‫محن البع ُّ‬ ‫َّ‬ ‫ُّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫آخ ُر يف مرثاة ِ َّ‬ ‫بيت َ‬‫وثم َة ٌ‬ ‫َّ‬
‫ف‬ ‫يوس َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الس ِّيد الشرَّ يف ُ‬
‫حلب َّ‬
‫َ‬ ‫(‪ 1778‬ـ ‪1779‬م) بمناس َبة وفاة مفتي‬
‫ِ‬
‫حل َس ِين ِّي احللبِ ِّي َ‬
‫ذكر فيها شيئ ًا مماثالً‪:‬‬ ‫ا ُ‬

‫(((   سورة الدّ خان (اآلية ‪.)54‬‬


‫الربيع‪.183 ،‬‬
‫اجلزائري‪ ،‬زهر ّ‬
‫ّ‬ ‫(((    سورة اإلنسان (اآلية ‪.)19‬‬
‫البوريني والقايض يناقشان قوله تعاىل‪:‬‬‫ّ‬ ‫البوريني‪ ،‬تراجم األعيان‪ .199 :2 ،‬كان‬ ‫ّ‬ ‫(((   ‬
‫أن املقصود باآلية‬ ‫األول ّ‬ ‫ّ‬ ‫وذكر‬ ‫‪)16‬‬ ‫اآلية‬ ‫الفرقان‪،‬‬ ‫(سورة‬ ‫خالدين)‬ ‫يشاؤن‬ ‫ما‬ ‫(هلم‬
‫الضمري املستك ّن يف‬ ‫أن خالدين حال من ّ‬ ‫أن املفتي ذكر يف تفسريه ّ‬ ‫النّعيم‪( ،‬وذلك ّ‬
‫الضمري املستك ّن راجع إىل ما‪ .‬وهي عبارة عن‬ ‫أن ّ‬ ‫شك ّ‬ ‫الظرف‪ ،‬وهو هلم‪ .‬وال ّ‬
‫استقر النّعيم هلم حال كون النّعيم خالدين‪ ،‬وذلك سهو‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫النّعيم‪ ،‬فيصري املعنى‪:‬‬
‫وأجاب عنه املوىل املذكور بام حاصله ّ‬
‫أن النّعيم مصدر بمعنى املتن ّعم به‪ .‬واملتن ّعم به‬
‫يف اجلنة أنواع منها األوالد‪ ،‬واحلور‪ ،‬وهي من العقالء‪ .‬فتوصف بخالدين‪ .‬فيكون‬
‫هناك تغليب العقالء عىل غريهم ممّا يتن ّعم به)‪.‬‬
‫لواط ُّي َ‬
‫ون‬ ‫الث‪ُّ :‬ال ِ‬ ‫الث ُ‬ ‫الفص ُل َّ‬ ‫ْ‬
‫‪357‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ٍ‬
‫ـــــراد أ َّمــــال‬ ‫َّ‬
‫كــــل ُم‬ ‫َ‬
‫نــال هبا‬ ‫ــات جن ٍ‬
‫َّات ع َل ْت‬ ‫روض ِ‬‫وحل َّيف َ‬

‫مـــا ًء ومخـر ًا وا َّللب َن والعســـال‬ ‫اشتهى‬


‫حيث َ‬‫ُ‬ ‫يشـرب ِم ْن ِ‬
‫أهنارها‬ ‫ُ‬
‫كا ُّل ِ‬
‫لؤلؤ مكنونـــ ًا ومنثور ًا حلـى‬ ‫ُ‬
‫لــــــــدان‬ ‫لمـان ِ‬
‫والو‬ ‫ُ‬ ‫وحو َله ِ‬
‫الغ‬
‫(*)‬
‫ُ‬

‫املرادي‪ ،‬سلك الدّ رر‪.308 :2 ،‬‬


‫ّ‬ ‫[*]‬

‫*****‬
‫سيِ‬
‫كان يدي ُن االت َِّص َال اجلن َّ‬‫القرآن َ‬
‫َ‬ ‫نفهم َّ‬
‫أن‬ ‫ُ‬ ‫ذكر ُه‪،‬‬
‫وبنا ًء عىل ما تقدَّ َم ُ‬
‫الح‬ ‫الغ َ ِ‬
‫اآلن عينِ ِه يصور ِ‬ ‫كان يف ِ‬ ‫ِ‬
‫العبارات‪ ،‬ولكنَّ ُه َ‬ ‫بني الر ِ‬
‫لامن امل َ‬ ‫َ ِّ ُ‬ ‫جال بأشدِّ‬ ‫َ ِّ‬
‫كور يف العالمَ ِ‬
‫الذ َ‬ ‫ني ُّ‬ ‫تنتظر املؤمنِ َ‬
‫ُ‬ ‫املكافآت التِي‬
‫ِ‬ ‫بوص ِف ِهم إحدَ ى‬
‫ويقدِّ ُم ُهم ْ‬
‫اآلخ ِر‪.‬‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫للفقهاء‬ ‫ٍ‬
‫واضح‬ ‫ٍ‬
‫وبيان‬ ‫ٍ‬
‫توكيد‬ ‫ِ‬
‫بمنزلة‬ ‫دون أدنَى ٍّ‬
‫شك‬ ‫ويعدُّ هذا ِمن ِ‬
‫ْ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫حب‬ ‫املتأ ِّث ِري َن بالنَّزعة ا َ‬
‫جلامل َّية فيام يتَّص ُل بتعزيز مشاعرهم املتعاط َفة مع ِّ‬
‫ِ‬
‫العذر ِّي‪.‬‬ ‫اجل ِ‬
‫امل‬ ‫َ‬
‫مع َنى ِّال ِ‬
‫لواط‬
‫والفقه َّي ِة املتشدِّ َد ِة‬
‫ِ‬ ‫باالستناد إىل األحكا ِم الدِّ ينِ َّي ِة‬ ‫ِ‬ ‫ يبدُ و مناسب ًا ومعقوالً‬
‫ِ‬
‫إقرار‬ ‫الرغ ِم ِم ْن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫حير ُم املثل َّي َة اجلنس َّي َة‪ .‬وعىل ُّ‬ ‫إن اإلسال َم َّ‬ ‫ُ‬
‫القول‪َّ :‬‬ ‫بشأن ا ِّل ِ‬
‫لواط‬ ‫ِ‬
‫ِ‬
‫اشتهاء‬ ‫ص التِي تدور َ‬
‫حول‬ ‫والقص ِ‬ ‫الش ِ‬
‫عر‬ ‫كثرة ِّ‬‫هذا التَّحري ِم‪ ،‬ثم َة من يرى يف ِ‬
‫َ‬ ‫َّ َ ْ َ‬
‫أن ِ‬ ‫ِ‬ ‫الش ِبق املثليِ ِّ يف‬
‫املامثِ ِل أو َّ‬
‫(املثل َّي َة‬ ‫اإلسالم ِّي؛ َيرى مؤشرِّ ًا إىل َّ‬ ‫األدب العربيِ ِّ‬‫ِ‬
‫املجتم َعاِت‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫(عمل َّي ًا) يف‬ ‫َّسامح معها‬ ‫ُ‬ ‫جيري الت‬ ‫َت تمُ َار ُس أو ِ‬ ‫ِ‬
‫اجلنس َّي َة) كان ْ‬
‫مثل هذا‪،‬‬ ‫أن تفسري ًا َ‬ ‫الرغ ِم ِم ْن هذا التَّحري ِم؛ إلاَّ َّ‬ ‫ِ ِ‬
‫العربِ َّية اإلسالم َّية ـ عىل ُّ‬
‫ِ‬
‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫أكثر‬ ‫تسهيل ُصورة َ‬ ‫سوى إىل‬ ‫راسة‪ ،‬لن يؤ ِّد َي َ‬ ‫مث َلام ب َّينَّا يف مطل ِع هذه الدِّ َ‬
‫الفقه َّي ِة مع َم ْف ُهو ِم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫املدارس‬ ‫تتعامل واحدَ ٌة ِم َن‬ ‫ْ‬ ‫ِ‬
‫تعقيد ًا يف جوهرها! إذ مل ْ‬
‫اإل ْسال ِم ِّي‬ ‫ال ال َع َر ِب ِّي ِ‬ ‫جل ْن ِس َّي ِة يِف ال َع مَ ِ‬ ‫َما َق ْب َل امل ِْثلِ َّي ِة ا ِ‬ ‫‪358‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫الفقه ِّي‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫املنظور الشرَّ ِع ِّي‬ ‫ِ‬ ‫ب‬‫بحس ِ‬ ‫ِ‬


‫(املثل َّية اجلنس َّية) مث َلام نعر ُف ُه‪ ،‬وا ِّللواط ُّي ْ‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫َّظر عن رغباتِ ِه وميولِ ِه التِي ال‬ ‫ف الن ِ‬ ‫ِ‬
‫ال حمدَّ د ًا بصرَ‬ ‫يقرتف فع ً‬ ‫ُ‬ ‫شخص‬ ‫ٌ‬ ‫هو‬
‫ارتكب هذا‬ ‫َ‬ ‫أقل (لواطِ َّي ًة) إذا‬ ‫يكون َّ‬ ‫َ‬ ‫فهو لن‬ ‫حيث املبدأ؛ َ‬ ‫ُ‬ ‫مه َّي ٍة ِم ْن‬ ‫حت َظى بأ ِّ‬
‫عل ِه؛‬ ‫املال‪ ،‬أو‪ ،‬ربام‪ ،‬إلشبا ِع فضولِ ِه فحسب أكثر منه رغب ًة يف فِ ِ‬
‫َ‬ ‫ْ ُ‬ ‫َّ‬ ‫الفعل لقاء ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ال‬ ‫اب يف االت َِّص ِ‬ ‫االغتص ِ‬ ‫َ‬ ‫عمل َّي ًا ـ عدُّ حتَّى ضح َّي ِة‬ ‫وزياد ًة عىل ذلِ َك‪ ،‬يمكن ـ ِ‬
‫ُ‬
‫الرغ ِم م ْن َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫فيِ‬ ‫ليِ‬ ‫ِ‬ ‫سيِ‬
‫أن‬ ‫اجلن ِّ املتخالف أو املث ِّ باملعنَى احلر ِّ زاني ًا أو لواط َّي ًا عىل ُّ‬
‫الفعل‪ .‬ولذلِ َك فقدْ أ َّكدَ‬ ‫ِ‬ ‫تعفيه ِم َن املسؤولِ َّي ِة القانونِ َّي ِة عن‬ ‫ِ‬ ‫اإلكراه شبه ٌة‬ ‫ِ‬ ‫حال‬ ‫َ‬
‫ثم َة ـ قانونِ َّي ًا ـ عقو َب ُة حدٍّ إذا ُأجبرِ َ ْت املرأ ُة البال َغ ُة‬ ‫ليس َّ‬‫احلنبيل البهوتيِ ُّ َ‬ ‫ُّ‬ ‫الفقي ُه‬
‫ِ (‪)1‬‬
‫املفعول به عىل ممُ َار َس ِة ا ِّللواط‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫الزنا أو ُأجبرِ ِ ا ِّللواطِ ُّي‬ ‫عىل ممُ َار َس ِة ِّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫املذهب‬ ‫فقهاء‬ ‫افرتاضها سلف ًا عندَ ما ا َّد َعى‬ ‫ُ‬ ‫جرى‬ ‫أن املسأ َل َة ذاتهَ ا َ‬ ‫ويبدُ و َّ‬
‫يعمل‬ ‫ُ‬ ‫ظاهر َّي ًا ـ‬ ‫ِ‬ ‫الزنا ُم َباح ًا؛ بل إ َّن ُه ـ‬ ‫جيعل ف َعل ِّ‬ ‫ِ‬ ‫أن اإلكرا َه ال ُ‬ ‫افع ِّي َّ‬ ‫الش ِ‬ ‫َّ‬
‫يتعذ ُر فيها‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫بسهو َلة عىل اإلعفاء م َن املسؤول َّية القانون َّية بال َّطري َقة ذاتهِ ا التي َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫ِ ِ (‪)2‬‬
‫الرغ ِم ِم ْن عد ِم جوازه‪.‬‬ ‫الفعل عىل ُّ‬ ‫ِ‬ ‫حماكم ُة القاصرِ ِ عىل هذا‬ ‫َ‬
‫احلنف ِّي‬ ‫ِ‬ ‫مشق ِّي‬ ‫الفقيه الدِّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫وفق‬ ‫بالزانيِ عىل ِ‬ ‫اب َّ‬ ‫االغتص ِ‬ ‫ف ضح َّي ِة‬ ‫وص َ‬ ‫َّ‬
‫َ‬ ‫إن ْ‬
‫اجلنس َّي ُة‬ ‫ِ‬ ‫بالقذف (أي العالق ُة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الكاذب‬ ‫عابدي َن‪ ،‬ال ُيعدُّ موازي ًا لالتهِّ ا ِم‬ ‫ابن ِ‬ ‫ِ‬
‫الفعل‪ ،‬ولكنَّ ُه ال‬ ‫ِ‬ ‫اآلثم َة عن‬ ‫ينفي الطبي َع َة‬ ‫ألن اإلكراه ِ‬ ‫املرشو َع ِة) َّ‬ ‫غري‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫ون‬ ‫صرِ‬
‫َّفق الفقها ُء املعا ُ َ‬ ‫عل زنا‪ .‬وتقليد َّي ًا‪ ،‬قد ال يت ُ‬ ‫ِ‬ ‫(‪)3‬‬ ‫ِ‬
‫يلغي [حقيق َة] أ َّن ُه ف ُ‬ ‫ِ‬
‫املالك ِّي عن عنصرُ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫املذهب‬ ‫ث فقها ُء‬ ‫عابدي َن‪ ،‬إذ حتدَّ َ‬ ‫مجيع ًا مع ما ذكره ابن ِ‬
‫َُ ُ‬
‫االغتصاب بأ َّن ُه‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫فإن اتهِّ ا َم ضح َّية‬ ‫لواط‪ ،‬وتبع ًا لذل َك‪َّ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫تعريف ِهم ا ِّل َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫القبول يف‬
‫َ‬
‫هذه املسأ َل ِة مبنِ ٌّي عىل‬ ‫ِّفاق يف ِ‬ ‫غياب االت ِ‬ ‫َ‬ ‫لواطِ ٌّي ُيعدُّ قذف ًا وتشهري ًا‪َّ )4(.‬‬
‫وإن‬
‫االضطرار [أي‬ ‫ِ‬ ‫تضمني عد ِم‬ ‫ِ‬ ‫حول‬‫باخلالف َ‬ ‫ِ‬ ‫ملتبس ٍة تت َِّص ُل‬ ‫مدرس َّي ٍة‬ ‫ِ‬ ‫حج ٍة‬
‫َ‬ ‫َّ‬
‫  البهويت‪ ،‬رشح املنتهى‪.348 :3 ،‬‬
‫ّ‬ ‫(((‬
‫ربامليس‪ ،‬حاشية‪.425 :7 ،‬‬
‫ّ‬ ‫الزواجر‪144-2:143 ،‬؛ ّ‬
‫الش‬ ‫  ابن حجر‪ّ ،‬‬ ‫(((‬
‫  ابن عابدين‪ ،‬ر ّد املحتار‪.174 :3 ،‬‬ ‫(((‬
‫البنيني)‪.‬‬
‫ّ‬ ‫رقاين‪ ،‬رشح املخترص‪( 88 :8 ،‬تعليقات‬
‫  الز ّ‬
‫ّ‬ ‫(((‬
‫لواط ُّي َ‬
‫ون‬ ‫الث‪ُّ :‬ال ِ‬ ‫الث ُ‬ ‫الفص ُل َّ‬ ‫ْ‬
‫‪359‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ُّعريف أو عد ِم تضمينِ ِه‪ ،‬ال عىل‬ ‫ِ‬ ‫لواط] يف الت‬ ‫عل ا ِّل ِ‬ ‫اإلراد ِّي يف فِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫االشرتاك‬
‫خص‬‫ِ‬ ‫أن (لواطِ َّي َة) َّ‬
‫الش‬ ‫األطراف مجيع ًا يف َّ‬ ‫ُ‬ ‫حقيق ٍّي يف ا َمل ْف ُهو ِم‪ .‬وتت ُ‬
‫َّفق‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫اختالف‬
‫ألجل‬‫ِ‬ ‫يامرس ُه‬
‫ُ‬ ‫آخ َر‬‫بقدر (لواطِ َّي ِة) َ‬ ‫ِ‬ ‫لواط لدوافِ َع مالِ َّي ٍة ِه َي‬ ‫يامرس ا ِّل َ‬ ‫ُ‬ ‫الذي‬ ‫ِ‬
‫الذي‬ ‫خص ِ‬ ‫ِ‬ ‫الفقهاء يقضيِ بعد ِم لواطِ َّي ِة َّ‬
‫الش‬ ‫ِ‬ ‫بني‬ ‫ِّفاق َ‬ ‫وثم َة ات ٌ‬ ‫ِ‬
‫آخ ُر َ‬ ‫املتعة‪َّ ،‬‬
‫ينوي‬ ‫يستجيب هلا‪ ،‬أو أ َّن ُه ِ‬ ‫لواط‪ ،‬لكنَّ ُه ال‬ ‫رغبات مكرور ٌة بمامرس ِة ا ِّل ِ‬ ‫ٌ‬ ‫ِ‬
‫تعرتيه‬
‫ُ‬ ‫ُ َ ُ َ َ‬
‫فرص ٍة‪.‬‬ ‫حيص ُل عىل َ‬ ‫الفعل لكنَّ ُه ال ُ‬ ‫َ‬ ‫يرتكب هذا‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫أن‬

‫آخ َر ِم ْن‬ ‫جانب َ‬ ‫ٍ‬ ‫اجلنس َّي ِة يف معن ًَى أو‬ ‫ِ‬ ‫املثل َّي ِة‬
‫أضيق [نطاق ًا] ِمن ِ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫وا ِّل ُ‬
‫لواط‬
‫ات‬ ‫باإلتيان يف الدُّ ِبر حتديد ًا ال بمامرس ِ‬ ‫ِ‬ ‫السنِّ َّي ِة األرب َع ِة‬ ‫ِ‬ ‫حيث تع ُّل ُق ُه يف‬ ‫ُ‬
‫ُ َ َ‬ ‫املذاهب ُّ‬
‫َت تُعدُّ‬ ‫كور كان ْ‬ ‫الذ ِ‬ ‫بني ُّ‬ ‫واملفاخ َذ ُة َ‬
‫َ‬ ‫لك‪،‬‬ ‫َّقبيل‪ ،‬والدَّ ُ‬ ‫اجلنس َّي ِة) بعا َّم ٍة‪ .‬فالت ُ‬ ‫ِ‬ ‫(املثل َّي ِة‬
‫ِ‬
‫ٍ‬
‫الكتابات‬ ‫ُ‬ ‫لواط‪ )1(.‬وكان ْ‬
‫َت‬ ‫َ‬
‫أفعال‬ ‫ليس ْت‬ ‫َّعزير لكنَّها َ‬ ‫تستحق الت َ‬ ‫ُّ‬ ‫قبيح ًة‬ ‫أفعاالً َ‬
‫ف‬ ‫عر َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫واضح ًة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫القياس َّي ُة‬
‫اجلانب؛ إذ َّ‬ ‫للغاية يف هذا‬ ‫َ‬ ‫اإلسالم ِّي‬ ‫للفقه‬ ‫املعتمدَ ُة‬
‫وأضاف‬ ‫َ‬ ‫فرج محُ َ َّر ٍم)‬‫كر يف ٍ‬ ‫الذ ِ‬ ‫(إيالج َّ‬ ‫ُ‬ ‫الزنا بـ‬ ‫املرجع َّي ِة ِّ‬
‫ِ‬ ‫افع َّي ِة‬ ‫الش ِ‬ ‫ادر َّ‬ ‫املص ِ‬ ‫أحدُ َ‬
‫الفرج عىل‬ ‫ِ‬ ‫إيالج ُه يف ال ُق ُب ِل ‪/‬‬
‫َ‬ ‫ذكر أو أن َثى ُ‬
‫يامثل‬ ‫كر يف ( ُد ُب ِر ٍ‬ ‫الذ ِ‬ ‫إيالج َّ‬ ‫َ‬ ‫أن‬‫َّ‬
‫املفاخ َذ ِة‬ ‫َ‬ ‫عقوبات احلدِّ ال ت َْصدُ ُق يف ِ‬
‫حال‬ ‫ِ‬ ‫القول‪َّ :‬‬
‫إن‬ ‫ِ‬ ‫املذهب) ومضىَ يف‬ ‫ِ‬
‫ِ (‪)2‬‬
‫بني النِّساء‪.‬‬ ‫ال [اجلنسيِ ِّ ] َ‬ ‫مثل االت َِّص ِ‬ ‫إيالج فيه) ِ‬ ‫َ‬ ‫األفعال (ممَّا ال‬ ‫ِ‬ ‫وغريها ِم َن‬ ‫ِ‬

‫املذهب احلنبليِ ِّ املعتبرَ َ ِة‪:‬‬


‫ِ‬ ‫مص ِ‬
‫ادر‬ ‫ِ‬
‫للزنا‪ ،‬ور َد يف أحد َ‬ ‫تعريف َ‬
‫آخ ُر ِّ‬ ‫ٌ‬ ‫وثم َة‬
‫َّ‬
‫احلديث ليحدِّ َد أ َّن ُه ِم َن‬
‫َ‬ ‫وواص َل‬
‫َ‬ ‫الفاحش ِة يف ُق ُب ٍل و ُد ُب ٍر)‬
‫َ‬ ‫الزنا هو ُ‬
‫(فعل‬ ‫ِّ‬
‫الفموي!‬
‫ّ‬ ‫اجلنيس‬
‫ّ‬ ‫ٍ‬
‫بنحو يثري االستغراب فيام يتّصل باالتّصال‬ ‫الصمت‬ ‫(((   تلتزم املصادر ّ‬
‫اجلامعي)‪ .‬ومل أعثر عىل إشارة واضحة واحدة إىل هذا الفعل‬
‫ّ‬ ‫ال س ّيام (لعق القضيب‬
‫وثمة إشارات‬
‫ّ‬ ‫احلقبة‪.‬‬ ‫هذه‬ ‫من‬ ‫آخر‬ ‫مصدر‬ ‫أي‬
‫ّ‬ ‫يف‬ ‫الواقع‬ ‫يف‬ ‫أو‬ ‫يف املصادر التّرشيع ّية‬
‫الشيخ إىل صباه) املنسوب إىل أمحد‬ ‫اجلامعي يف كتاب (رجوع ّ‬ ‫ّ‬ ‫إىل لعق القضيب‬
‫ّ‬
‫األقل يف‬ ‫ّيفايش (توفيّ سنة ‪ )1253‬وكان هذا العمل معروفا لكاتب واحد يف‬ ‫ّ‬ ‫الت‬
‫احلقبة العثامن ّية املبكرة (إسحاق‪ ،‬أخبار األول‪ .)115 ،‬لال ّطالع عىل إحاالت إىل‬
‫اخلريش‪ ،‬رشح خمترص‪:3 ،‬‬
‫ّ‬ ‫يت‪ ،‬رشح منتهى اإلرادة‘ ‪8 :3‬؛‬ ‫لعق البظر‪ ،‬انظر البهو ّ‬
‫العدوي)‪.‬‬
‫ّ‬ ‫‪( 166-165‬تعليقات‬
‫ميل‪ ،‬هناية املحتاج‪.424 :7 ،‬‬ ‫الر ّ‬
‫(((   شمس الدّ ين ّ‬
‫اإل ْسال ِم ِّي‬ ‫ال ال َع َر ِب ِّي ِ‬ ‫جل ْن ِس َّي ِة يِف ال َع مَ ِ‬ ‫َما َق ْب َل امل ِْثلِ َّي ِة ا ِ‬ ‫‪360‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(‪)1‬‬
‫َني‪.‬‬ ‫تغييب احلش َف ِة يف إحدَ ى الفتحت ِ‬ ‫ُ‬ ‫وط ا َّلالز َم ِة لعقو َب ِة احلدِّ هو‬ ‫ِ‬ ‫الشرُّ‬
‫(إيالج مسل ٍم بال ٍغ قانونِ َّي ًا‬ ‫ُ‬ ‫الزنا بأ َّن ُه‪:‬‬ ‫معتمدٌ ِّ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫مالك ٌّي‬ ‫مصدَ ٌر‬ ‫ف ْ‬ ‫وعر َ‬ ‫َّ‬
‫حاالت ممُ ارسةِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫َ َ‬ ‫ليس ْت م ْن حمارمه) وهذا يعني أ َّن ُه يستثني‬ ‫َذك ََر ُه يف ُق ُب ِل امرأة َ‬
‫فرج ك َبينْ َ‬ ‫غري ٍ‬ ‫الفخذي َن (ال َ‬ ‫َ‬ ‫ال اجلنسيِ ِّ َ‬
‫بني‬ ‫اإليالجي كاالت َِّص ِ‬
‫ِّ‬
‫ِ‬ ‫اجلنس ِ‬
‫غري‬ ‫ِ‬
‫الفتحة‪ ،‬وبنا ًء‬ ‫ِ‬ ‫(تغييب احلش َف ِة) يف‬ ‫اإليالج يعنِي‬ ‫أن‬ ‫در َّ‬ ‫فخذ ِ‬ ‫َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫املص ُ‬ ‫ين) وحدَّ َد ْ‬
‫أن‬‫املرجع َّ‬ ‫ُ‬ ‫وذكر‬‫َ‬ ‫كر)‬ ‫الذ ِ‬ ‫(إدخال [احلش َف ِة] يف ُد ُب ِر َّ‬ ‫َ‬ ‫لواط يعنِي‬ ‫فإن ا ِّل َ‬ ‫عليه َّ‬
‫ِ‬
‫اإليالج)‪.‬‬ ‫ِّساء (لعد ِم‬ ‫ال اجلنسيِ بني الن ِ‬ ‫عقوبات احلدِّ ال تُط َّب ُق عىل االت َِّص ِ‬ ‫ِ‬
‫(‪)2‬‬
‫ِّ َ‬
‫الفص ِل َّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬
‫األول‪ ،‬مل ْ‬ ‫املفر َدات مث َلام بينَّا يف ْ‬ ‫غري التَّقن َّي هلذه َ‬ ‫االستعامل َ‬ ‫َ‬ ‫إن‬‫َّ‬
‫آخ َر ـ قانونِ َّي ًا ـ‬ ‫شخص ًا َ‬ ‫َ‬ ‫الذي يت َِّهم‬ ‫فالشخص ِ‬
‫يك ْن هبذه الصرَّ امة والتَّقييد‪ُ َّ ،‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫فاخذ َصبِ َّي ًا؛‬ ‫َ‬ ‫داعب أو‬ ‫َ‬ ‫دلك أو‬ ‫بأ َّن ُه لواطِ ٌّي‪ ،‬ويبنِي اتهَّ ا َم ُه عىل أ َّن ُه قد َق َّب َل أو َ‬
‫غري مرشو َع ٍة‪،‬‬ ‫بعالقة ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫الباطل‬ ‫ام ِه‬ ‫ني جلدَ ًة التهِّ ِ‬ ‫للجلد ثامنِ َ‬ ‫ِ‬ ‫عرض ًة‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫سيكون‬
‫بني‬ ‫اإلتيان يف الدُّ ُب ِر َ‬ ‫ُ‬ ‫افع ِّي واحلنبليِ ِّ ‪َ ،‬‬
‫كان‬ ‫والش ِ‬ ‫احلنف ِّي َّ‬ ‫ِ‬ ‫املذاهب‬‫ِ‬ ‫وفق‬ ‫وعىل ِ‬
‫ني؛ ُيعدُّ‬ ‫بني رج َل ِ‬ ‫واإلتيان يف الدُّ ُب ِر َ‬ ‫ُ‬ ‫رس َّي َت ُه)‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫(ليس ْت زوج َت ُه أو ِّ‬ ‫رجل وامرأة َ‬
‫ويستحق مقرت ُفها تبع ًا لذلِ َك العقو َب َة ذاتهَ ا‪.‬‬ ‫ُّ‬ ‫أمثل ًة عىل النَّو ِع ذاتِ ِه ِم َن املخا َل َف ِة‪،‬‬
‫ِّساء ُيعدُّ خما َل َف ًة‬ ‫حاق أو االتِّص ُال اجلنسيِ بني الن ِ‬ ‫الس ُ‬ ‫مقابل ذلِ َك َ‬ ‫ِ‬
‫ُّ َ‬ ‫َ‬ ‫كان ِّ‬ ‫ويف‬
‫حدود العقوبةِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫املستعم َلة أو‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫غري متواف َقة جلهة ا ُّللغة‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫االصطالح َّية‬ ‫ْ‬ ‫مستق َّل ًة َ‬
‫بني الر ِ‬ ‫ِ‬
‫جال‪.‬‬ ‫مع اإلتيان يف الدُّ ُب ِر َ ِّ‬
‫مه َّي ًة‬ ‫ِ سيِ‬ ‫كان ُ‬ ‫اجلنس َّي ِة‪َ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫املعص َي ِة‬ ‫ِ‬ ‫تقيي ِم شدَّ ِة‬ ‫ويف ِ‬
‫أكثر أ ِّ‬ ‫نمط االت َِّصال اجلن ِّ َ‬
‫الفرج ا ُمل َح َّر ِم‬ ‫ِ‬ ‫فاإلتيان يف‬‫ُ‬ ‫أنفس ِهم‪،‬‬ ‫الفعل ِ‬ ‫ِ‬ ‫املشرتك َِة يف‬ ‫ِ‬ ‫األطراف‬‫ِ‬ ‫ِ‬
‫جنس‬ ‫ِم ْن‬
‫رب ِم َن الت ِ‬
‫َّقبيل‬ ‫ٍ‬
‫ب عليه بشدَّ ة أك َ‬ ‫وكان ُيعا َق ُ‬ ‫َ‬ ‫أشدَّ ‪،‬‬ ‫معص َي ًة َ‬ ‫كان ِ‬ ‫وامرأة َ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫رجل‬ ‫بني‬
‫َ‬
‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫سيِ‬ ‫جال‪ ،‬أو االت َِّص ِ‬ ‫بني الر ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫واألفعال‬ ‫بني النِّساء!‬ ‫ال اجلن ِّ َ‬ ‫واملفاخ َذة َ ِّ‬ ‫َ‬ ‫واملدا َع َبة‬
‫كر يف ال ُق ُب ِل أو الدُّ ُب ِر؛ مل ْ يك ْن الفقها ُء‬ ‫الذ ِ‬ ‫إيالج َّ‬ ‫تتضم ُن‬ ‫ِ‬
‫األخري ُة التي ال‬
‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬
‫  البهويت‪ ،‬كشف القناع‪89 :6 ،‬؛ ‪.95 :6‬‬
‫ّ‬ ‫(((‬
‫(((   الدّ ردير‪ ،‬الشرّ ح الكبري‪.324-321 :4 ،‬‬
‫لواط ُّي َ‬
‫ون‬ ‫الث‪ُّ :‬ال ِ‬ ‫الث ُ‬ ‫الفص ُل َّ‬ ‫ْ‬
‫‪361‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫افع ُّي‬ ‫الش ِ‬ ‫أضاف الفقي ُه َّ‬ ‫َ‬ ‫قط‪ )1(.‬وقدْ‬ ‫(الكبائر) ُّ‬ ‫ِ‬ ‫ظاهر َّي ًا ـ ِم َن‬ ‫ِ‬ ‫السنَّ ُة يعدُّ ونهَ ا ـ‬ ‫ُّ‬
‫ِ‬
‫أن بينَّ َ أحكا َم مذهبِه يف‬ ‫البجريم ُّي ( ُتوفيِّ َ سن َة ‪1806‬م) بعدَ ْ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬
‫سليامن‬ ‫املصرْ ِ ُّي‬
‫َ‬
‫مثل‬ ‫اإليالج َّي ِة َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫أن العالق َة اجلنس َّي َة َ‬
‫غري‬ ‫ِ‬
‫املثال َّ‬ ‫ِ‬
‫سبيل‬ ‫لواط يف‬ ‫الزنا وا ِّل ِ‬ ‫مسأ َلتَي ِّ‬
‫أن‬ ‫كبائر ما مل ْ تُدْ َم ْن ممُ َار َستُها‪ ،‬ويتعينَّ ُ ْ‬ ‫َ‬ ‫ليس ْت‬ ‫َّقبيل) َ‬ ‫(املفاخ َذ ِة واملعا َن َق ِة والت ِ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫أخف ِم ْن‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫َّعزير ِ‬ ‫ب عليها بالت ِ‬
‫عقوبة‬ ‫َّ‬ ‫العمو ِم ـ‬ ‫يكون ـ عىل وجه ُ‬ ‫الذي‬ ‫ُيعا َق َ‬
‫اخلطيب‬ ‫حممدُ‬ ‫البجريمي‪ ،‬رشح الفقيه َّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫احلدِّ األدنَى‪ )2(.‬وعىل‬
‫ُ‬ ‫الشافع ُّي َّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ِّ‬ ‫غرار‬
‫حاالت‬ ‫ِ‬ ‫الذي ُيط َّب ُق يف‬ ‫أن التَّعزير ال احلدَّ هو ِ‬ ‫الشرَّ بينِ ُّي ( ُتوفيِّ َ سن َة ‪1570‬م) َّ‬
‫َ‬
‫مثل السرُّ َّ ِة‪ ،‬زياد ًة‬ ‫الفرج أو الدُّ ُب ِر ِ‬ ‫ِ‬ ‫الفتحات عدا‬ ‫ِ‬ ‫كر يف‬ ‫الذ ِ‬ ‫وإيالج َّ‬ ‫ِ‬ ‫املفاخ َذ ِة‬ ‫َ‬
‫وء ما تقدَّ َم عىل‬ ‫تشتمل يف ض ِ‬ ‫ُ‬ ‫اجلنس َّي ِة (التِي‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫للعالقة‬ ‫املمهدَ ِة‬ ‫ِ‬
‫املراحل‬ ‫عىل‬
‫َ‬ ‫ِّ‬
‫ِ‬
‫احلاالت‬ ‫اهليتم ُّي املتشدِّ ُد يف‬ ‫ِ‬ ‫َّفق حتَّى‬ ‫حاق‪ )3(.‬ويت ُ‬ ‫َّقبيل واملدا َع َب ِة) أو الس ِ‬ ‫الت ِ‬
‫ِّ‬
‫بح ِم َن‬ ‫تص ُ‬ ‫غائر) ولكنَّها ْ‬ ‫واملفاخ َذ َة َص ُ‬ ‫َ‬ ‫َّقبيل واملدا َع َب َة‬ ‫أن (الت َ‬ ‫األخرى يف َّ‬ ‫َ‬
‫يوض ُح املبدأ‬ ‫خص مع زوجة جاره‪ ،‬وهذا ِّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫مارسها َّ‬ ‫بحسبِه إذا‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الش ُ‬ ‫َ‬ ‫الكبائر ْ‬
‫كبائر إذا‬ ‫اإليالج ِّي‪ ،‬تغدُ و‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫غري‬ ‫ِ سيِ‬ ‫غائر َ‬ ‫العا َّم يف َّ‬
‫َ‬ ‫مثل االت َِّصال اجلن ِّ‬ ‫الص َ‬ ‫أن َّ‬
‫اهليتم ُّي مؤكَّد ًا‬ ‫ِ‬ ‫ِ (‪)4‬‬
‫ثقة اجلار‪.‬‬ ‫مثل خيان َِة ِ‬ ‫أخرى ِ‬
‫وأردف‬
‫َ‬ ‫غائر َ‬ ‫اجتم َع ْت مع َص َ‬
‫جلهة قدرتِ ِه عىل‬ ‫ِ‬ ‫نيِ‬
‫وضع الفرد القانو ِّ‬
‫ِ‬
‫َ‬ ‫يبطل‬ ‫بشهوة إىل َصبِ ٍّي ال ُ‬ ‫ٍ‬ ‫َّظر‬
‫أن الن َ‬ ‫َّ‬
‫َ ِ (‪)5‬‬
‫فة (العدالة)‪.‬‬ ‫بص ِ‬ ‫هادة يف حمكم ٍة؛ بمعنَى احتفاظِ ِه ِ‬ ‫بالش ِ‬ ‫اإلدالء َّ‬ ‫ِ‬
‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫بن عر َف َة الدُّ سوق ُّي ( ُتوفيِّ َ‬ ‫وتناول الفقي ُه املصرْ ِ ُّي املالك ُّي َّ‬
‫حممدُ ب ُن أمحدَ ِ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫بني‬‫بشهوة إىل النِّساء أو ا ُمل ْر ِد َ‬
‫ٍ‬ ‫َّظر‬
‫إن الن َ‬ ‫سن َة ‪1815‬م) املسأ َل َة ذاتهَ ا‪ ،‬إذ ق َال‪َّ :‬‬
‫املحكم ِة‪ ،‬إلاَّ‬ ‫بالش ِ‬
‫هادة يف‬ ‫ِ‬
‫اإلدالء َّ‬ ‫حق‬ ‫جل ِم ْن ِّ‬
‫الر َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫واآلخر ال حتر ُم َّ‬ ‫احلني‬
‫ِ‬
‫مرحلة‬ ‫حير ُم ُه‪ .‬وهذا املبدأ َي ْصدُ ُق بعا َّم ٍة عىل ما حيدُ ُ‬
‫ث يف‬ ‫أن إدما َن ُه ذلِ َك ِ‬
‫َّ‬

‫  لفقهاء ّ‬
‫الشيعة اإلمام ّية رأي خمتلف مثلام ب ّينا يف أعاله‪ ،‬وهم ال يتّفقون مع هذا القول‪.‬‬ ‫(((‬
‫  البجريمي‪ ،‬حتفة احلبيب‪.153 :4 ،‬‬
‫ّ‬ ‫(((‬
‫بيني‪ ،‬مغني املحتاج‪.144 :4 ،‬‬ ‫  اخلطيب الشرّ ّ‬ ‫(((‬
‫الزواجر‪.7 :1 ،‬‬ ‫  ابن حجر‪ّ ،‬‬ ‫(((‬
‫الزواجر‪.5-4 :2 ،‬‬ ‫  ابن حجر‪ّ ،‬‬ ‫(((‬
‫اإل ْسال ِم ِّي‬ ‫ال ال َع َر ِب ِّي ِ‬ ‫جل ْن ِس َّي ِة يِف ال َع مَ ِ‬ ‫َما َق ْب َل امل ِْثلِ َّي ِة ا ِ‬ ‫‪362‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫اجلنس َّي ِة ِ‬
‫غري‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫األفعال‬ ‫أخرى‪َ :‬ي ْصدُ ُق هذا عىل مجي ِع‬ ‫ٍ‬
‫الزنا ـ وبكلامت َ‬ ‫قبل ِّ‬ ‫ما َ‬
‫ِ‬ ‫غرار ذلِ َك‪ ،‬أ َّكدَ الفقي ُه‬ ‫اإليالجي ِة‪ِ :‬‬
‫املالك ُّي‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اإليالج)‪ )1(.‬وعىل‬ ‫(وه َي ما عدا‬ ‫ِ َّ‬
‫الزرقانيِ ُّ ( ُتوفيِّ َ سن َة ‪1688‬م) يف‬ ‫ِ‬
‫بن أمحدَ َّ‬ ‫ف ِ‬ ‫يوس َ‬ ‫املصرْ ِ ُّي عبدُ الباقي ب ُن ُ‬
‫غائ ِر التِي ُيك َّف ُر‬
‫ني تُعدُّ ِمن الص ِ‬
‫َ َّ‬ ‫نظر َة ال َع ِ‬
‫أن َ‬‫َّظر إىل ا ُمل ْر ِد مب ِّين ًا َّ‬ ‫ِِ‬
‫سياق مناقشته الن َ‬
‫ِ‬
‫ِ ِ (‪)2‬‬ ‫ِ‬
‫ِ‬
‫الكامل للتَّعالي ِم الدِّ ين َّية‪.‬‬ ‫ِ‬
‫واالمتثال‬ ‫العبادات‬ ‫عنها باملداو َم ِة عىل‬

‫الكبائر تستلز ُم‬ ‫الزرقانيِ ُّ هنا‪ ،‬هو َّ‬


‫أن‬ ‫يفرتض ُه َّ‬ ‫ُ‬ ‫الذي‬ ‫واملبدأ املالزم ِ‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬ ‫احلس ِ‬ ‫صيِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫التَّوب َة عنها لكَي تمُ َس َح م ْن سج ِّل املعا‬
‫اب؛ يف حني ال‬ ‫يف يو ِم َ‬
‫الص ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫غائر‬ ‫َّكفري عن َّ‬ ‫غائر ذل َك‪ .‬وزياد ًة عىل ذل َك‪ ،‬باإلمكان الت ُ‬ ‫الص ُ‬ ‫ب َّ‬ ‫تتط َّل ُ‬
‫الص ِ‬
‫غائر‬ ‫ارتكاب َّ‬
‫َ‬ ‫ب‪ ،‬وحتَّى لو أدم َن الفر ُد‬ ‫فحس ُ‬ ‫ْ‬ ‫ِ‬
‫الكبائر‬ ‫َّب‬
‫طريق جتن ُ‬ ‫ِ‬ ‫عن‬
‫اختيار ِه‬
‫ِ‬ ‫َّوافل حتَّى يف ِ‬
‫حال‬ ‫ِ‬
‫بأداء الن ِ‬ ‫َّكفري عنها‬ ‫ِ‬ ‫(مع اإلصرْ ِار) َّ‬
‫فإن بقدرته الت َ‬
‫ون يمي ُل َ‬‫املسلم َ‬ ‫وح حتديد ًا‪َ ،‬‬ ‫الر ِ‬ ‫(‪ِ ِ )3‬‬ ‫ِ‬
‫ون إىل‬ ‫ُ‬ ‫كان الفقها ُء‬ ‫عد َم التَّوبة عنها‪ .‬وهبذه ُّ‬
‫ار و ُز َل ًفا من ال َّلي ِل إِ َّن الحْ سن ِ‬ ‫َفه ِم النَّص القرآنيِ ‪ِ :‬‬
‫َات‬ ‫ََ‬ ‫ِّ َ ْ‬ ‫ال َة َط َرفيَ ِ الن ََّه ِ َ‬ ‫الص َ‬ ‫(و َأق ِم َّ‬ ‫ِّ َ‬ ‫ِّ‬ ‫ْ‬
‫ِ‬
‫لذاك ِري َن)‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الس ِّي َئات ذل َك ذك َْرى ل َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ُي ْذه ْب َن َّ‬
‫(‪)4‬‬

‫ِ‬
‫ف املؤمنِ َ‬
‫ني‪:‬‬ ‫اآلية الكريم ِة يف وص ِ‬
‫ْ‬ ‫َ‬
‫أن (ا َّل َلمم) يف ِ‬
‫َ َ‬ ‫الفقهاء َّ‬ ‫بعض ِم َن‬
‫ويعتقدُ ٌ‬

‫سوقي‪ ،‬حاشية‪.170 :4 ،‬‬ ‫ّ‬ ‫  الدّ‬ ‫(((‬


‫رقاين‪ ،‬رشح املخترص‪.176 :1 ،‬‬ ‫  الز ّ‬‫ّ‬ ‫(((‬
‫الذنوب مجيعا أمرا واجبا‪.‬‬ ‫  ابن علاّن‪ ،‬دليل الفاحلني‪ .141 :2 ،‬ما تزال التّوبة من ّ‬ ‫(((‬
‫  ابن علاّن‪ ،‬دليل الفاحلني‪ .74-73 :4 ،‬سورة هود (اآلية ‪.)114‬‬ ‫(((‬
‫لغوي‪:‬‬
‫ّ‬ ‫املقوم ا ّل‬
‫إضافة ّ‬
‫للواحدي‪:‬‬
‫ّ‬ ‫ّزول)‬ ‫ن‬ ‫ال‬ ‫(أسباب‬ ‫جاء يف‬
‫ّ‬
‫ّبي صلىّ اهلل عليه وسلم‪ ،‬فجاء رجل‬ ‫‪ ....‬عن معاذ بن جبل أنّه كان قاعدا عند الن ّ‬
‫حتل له؛ فلم يدع شيئا يصيبه‬ ‫فقال‪ :‬يا رسول اهلل‪ :‬ما تقول يف رجل أصاب من امرأة ال ّ‬
‫ثم‬
‫توضأ وضوءا حسنا ّ‬ ‫الرجل من امرأته إلاّ قد أصابه منها إلاّ أنّه مل ْ جيامعها؟‪ .‬فقال‪ّ :‬‬ ‫ّ‬
‫الصالة طريف النّهار وزلفا من ا ّلليل‬
‫ّ‬ ‫وأقم‬ ‫اآلية‪:‬‬ ‫هذه‬ ‫تعاىل‬ ‫اهلل‬ ‫فأنزل‬ ‫قال‪:‬‬ ‫‪.‬‬ ‫ّ‬
‫فصل‬ ‫قم‬
‫خاصة أم للمسلمني عا ّمة؟‪ .‬فقال‬ ‫الس ّيئات‪ .‬فقال معاذ‪ :‬أهي له ّ‬ ‫إن احلسنات يذهبن ّ‬ ‫ّ‬
‫ّبي‪ :‬بل ِه َي للمسلمني عا ّمة‪.‬‬ ‫ال ّ‬ ‫ن‬
‫لواط ُّي َ‬
‫ون‬ ‫الث‪ُّ :‬ال ِ‬ ‫الث ُ‬ ‫الفص ُل َّ‬ ‫ْ‬
‫‪363‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫بنحو حمدَّ ٍد إىل‬‫ٍ‬ ‫تشري‬


‫ُ‬
‫(‪)1‬‬
‫اح َش إِالَّ ال َّل َم َم)‪.‬‬ ‫اإل ْث ِم وا ْل َفو ِ‬
‫ون َك َبائ َر ِ َ َ‬
‫(ا َّل ِذين تَنِب َ ِ‬
‫َ يجَْ ُ‬
‫صيِ‬ ‫ِ‬
‫َّدر ِج يف شدَّ ة املعا ‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ (‪)2‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫األفعال اجلنس َّية غري اإليالج َّية‪ .‬وعىل وفق هذا الت ُّ‬
‫أحد‬‫بارتكاب ِ‬‫ِ‬ ‫يكون فيها الفر ُد ُم َلزم ًا دينِ َّي ًا‬ ‫ُ‬ ‫مواقف‬ ‫يتص َّو ُر َ‬
‫ون‬ ‫َ‬
‫َ‬ ‫كان الفقها ُء َ‬
‫املثال‪ُ ،‬س ِئ َل الفقي ُه‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫سبيل‬ ‫ففي‬ ‫معصي ٍة أكرب! ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ُّب الوقو ِع يف ِ‬ ‫غائر ابتغا َء جتن ِ‬ ‫الص ِ‬ ‫َّ‬
‫الرم ُّ ( ُتوفيِّ َ سن َة ‪1550‬م) هل ُ‬
‫جيوز‬ ‫ليِ‬ ‫شهاب الدِّ ِ‬ ‫املصرْ ِ ُّي‬
‫ين أمحدُ ب ُن محز َة َّ‬ ‫ُ‬
‫نظر َّي ٍة ط ِّب َّي ٍة مق ُبو َل ٍة ـ‬ ‫َّوافق مع ِ‬ ‫أن يق ِّب َل امرأ ُة أجنبِ َّي ًة أو َصبِ َّي ًا إذا ـ بالت ِ‬ ‫لعاشق ْ‬ ‫ٍ‬
‫رف‬ ‫تقبيل ال َّط ِ‬
‫إن َ‬ ‫الرمليِ ُّ ‪َّ :‬‬ ‫يشبع عاط َف َت ُه؟‬ ‫املوت يف ِ‬ ‫كان َ‬ ‫َ‬
‫فأجاب َّ‬
‫َ‬ ‫حال مل ْ ْ‬ ‫َ‬ ‫خيشى‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫واجب يف الواقعِ‪،‬‬ ‫ٌ‬ ‫ب‪ ،‬بل إ َّن ُه‬ ‫فحس ُ‬‫ليس ُم َباح ًا ْ‬ ‫موضو ِع العاط َفة يف هذه احلالة َ‬ ‫ُ‬
‫(‪)3‬‬
‫امح له بذلِ َك‪.‬‬ ‫الصبِ ِّي َّ‬
‫الس ُ‬
‫ِ‬
‫وإ َّن ُه يتعينَّ ُ عىل املرأة أو َّ‬
‫ِ‬
‫اضطرار َّي ًا‪،‬‬ ‫حب َصبِ ٍّي ُيعدُّ فِع ً‬
‫ال‬ ‫الوقوع يف ِّ‬ ‫ُ‬ ‫العمو ِم‪َ ،‬‬
‫كان‬ ‫ِ‬
‫وعىل وجه ُ‬
‫إن مل ْ يك ْن‬ ‫وكان العديدُ ‪ْ ،‬‬ ‫َ‬ ‫اإلدانة الدِّ ينِ َّي ِة‪.‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫نطاق‬ ‫خارج‬
‫َ‬ ‫الس ِ‬
‫بب‬ ‫وهو ـ هلذا َّ‬
‫لصبِ ٍّي‬ ‫الشخص ِ‬ ‫ِ‬ ‫الفقهاء مستعدِّ ي َن لتق ُّب ِل‬ ‫ِ‬
‫يموت عشق ًا َ‬ ‫ُ‬ ‫الذي‬ ‫أن َّ َ‬ ‫فكرة َّ‬ ‫أكثر‬
‫ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ستضم ُن له مكان ًا يف‬ ‫َ‬ ‫الشهيد التي‬ ‫وصاله قد ُيمن َُح صف َة َّ‬ ‫عجز عن َن ْي ِل َ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫السابق الذي‬ ‫الفص ِل َّ‬ ‫ُور يف ْ‬ ‫احلب) املذك َ‬ ‫ِّ‬ ‫حديث (شهداء‬ ‫َ‬ ‫اجلنَّة‪ .‬ويبدُ و َّ‬
‫أن‬
‫خالف‪ ...‬يبدُ و‬ ‫ٍ‬ ‫زال َّ‬
‫حمل‬ ‫كان وما َ‬ ‫والذي َ‬ ‫قط‪ِ ،‬‬ ‫جاالت بشأنِ ِه ُّ‬ ‫الس‬ ‫مل ْ تتو َّق ْ‬
‫ُ‬ ‫ف ِّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫بني ِ‬
‫وقبول‬ ‫بتأييد‬ ‫احلديث‬ ‫حظي هذا‬ ‫َ‬ ‫الفقهاء؛ إذ‬ ‫أكثر‬ ‫كان ُيعدُّ مع َتبرَ ًا َ‬ ‫أ َّن ُه َ‬
‫الفضل‬‫ِ‬ ‫ين أبيِ‬ ‫شهاب الدِّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫اخلامس عشرَ َ ‪ِ ،‬‬
‫مثل‬ ‫ِ‬
‫القرن‬ ‫بارزي َن يف‬ ‫حديث ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫خرباء‬
‫َ‬
‫خاو ِّي‬ ‫الس ِ‬ ‫الر ِ‬ ‫ٍ ِ‬ ‫حجر العسقالنيِ ِّ ( ُتوفيِّ َ سن َة ‪1449‬م)‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫محن َّ‬ ‫وحممد عبد َّ‬ ‫َّ‬ ‫بن‬
‫وهو‬ ‫غري) َ‬ ‫الص ِ‬ ‫احلديث طري َق ُه إىل (اجلام ِع َّ‬ ‫ُ‬ ‫( ُتوفيِّ َ سن َة ‪1497‬م) ووجدَ هذا‬
‫ِ‬ ‫جالل الدِّ ِ‬‫ُ‬ ‫األحاد ِ‬
‫ِ‬ ‫جممو َع ٌة مع َتبرَ َ ٌة مؤ ِّث َر ٌة ِم َن‬
‫السيوط ُّي ( ُتوفيِّ َ‬ ‫ين َّ‬ ‫يث مج َعها‬
‫سن َة ‪1505‬م)‪.‬‬

‫(((   سورة النّجم (اآلية ‪.)32‬‬


‫وكاين‪ ،‬فتح القدير‪.110 :5 ،‬‬ ‫(((    ّ‬
‫الش ّ‬
‫الر ّ‬
‫ميل‪ ،‬فتاوى‪74 73- :4 ،‬؛ مجال‪ ،‬حاشية عىل رشح املنهاج‪:2 ،‬‬ ‫(((   شهاب الدّ ين ّ‬
‫‪.194-193‬‬
‫اإل ْسال ِم ِّي‬ ‫ال ال َع َر ِب ِّي ِ‬ ‫جل ْن ِس َّي ِة يِف ال َع مَ ِ‬ ‫َما َق ْب َل امل ِْثلِ َّي ِة ا ِ‬ ‫‪364‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫السيوطِ ِّي التِي‬ ‫لعمل َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫وعات‬ ‫املوض‬
‫ُ‬ ‫وفق‬ ‫تيب عىل ِ‬ ‫إعادة الترَّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫عمل َّي ِة‬
‫ويف ِ‬
‫اهلند ُّي‬ ‫ين ِ‬ ‫بن حسا ِم الدِّ ِ‬ ‫عيل املت َِّقي ِ‬ ‫املقيم يف م َّك َة عال ُء الدِّ ِ‬
‫ين ُّ‬ ‫ُ‬ ‫قا َم هبا الفقي ُه‬
‫يظهر هذا‬ ‫(كنز العماَّ ِل)‬ ‫وف بـ ُ‬ ‫عمل ِه ا َملعر ِ‬ ‫( ُتوفيِّ سن َة ‪ 1567‬ـ ‪1568‬م) يف ِ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫وتنزع‬ ‫املحمو َدةُ)‪.‬‬ ‫ُ‬
‫واألفعال‬ ‫فات‬ ‫(الص ُ‬ ‫ِ‬
‫احلديث يف القس ِم ا ُمل َعن َْون بـ‬ ‫ُ‬
‫ُ‬ ‫(‪)1‬‬
‫ُ‬ ‫ِّ‬
‫اإلعالن عن‬ ‫ِ‬ ‫املبكر ِة إىل‬ ‫َ‬ ‫احلقبة العثامنِ َّي ِة‬ ‫ِ‬ ‫احلديث يف‬‫ِ‬ ‫اخلاص ُة هبذا‬ ‫َّ‬ ‫ِّقاشات‬ ‫ُ‬ ‫الن‬
‫اجلوز َّي ِة ( ُتوفيِّ َ سن َة ‪1350‬م)‬ ‫ِ‬ ‫ابن ق ِّي ِم‬ ‫الضمنِ َّي ِة لرأي ِ‬ ‫حي ِة أو ِّ‬ ‫خمالفتها الصرَّ َ‬
‫ِ‬
‫ون‬‫الذي َن ُيعدُّ َ‬ ‫وكان الفقهاء ِ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫بوص ِف ِه تلفيق ًا َصارخا‪.‬‬
‫ً (‪)2‬‬
‫احلديث ْ‬ ‫َ‬ ‫رفض‬‫الذي َ‬ ‫ِ‬
‫ِ‬ ‫حمم ِد ِ‬ ‫ٍ‬ ‫عيل ِ‬ ‫املرب ِزي َن ِ‬ ‫احلديث ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِم ْن‬
‫اهلرو ِّي ( ُتوفيِّ َ‬ ‫القار ِّي‬ ‫بن سلطان َّ‬ ‫مثل ٍّ‬ ‫خرباء‬
‫وإسامعيل‬‫َ‬ ‫الزرقانيِ ِّ ( ُتوفيِّ َ سن َة ‪1720‬م)‬ ‫حمم ٍد َّ‬ ‫سن َة ‪1614‬م) واملصرْ ِ ِّي َّ‬
‫اهلند ِّي‬ ‫بيدي ِ‬ ‫ُّ ِ‬ ‫وحمم ٍد مرتضىَ‬ ‫مشق ِّي ( ُتوفيِّ َ سن َة ‪1749‬م)‬ ‫العجلونيِ الدِّ ِ‬
‫الز ِّ‬ ‫َّ‬ ‫ِّ‬
‫بعض م َن‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫الرغ ِم م ْن‬ ‫حيح عىل ّ‬ ‫احلديث َص ٌ‬ ‫َ‬ ‫ون َّ‬
‫أن‬ ‫املولِ ِد املصرْ ِ ِّي اإلقامة؛ َير َ‬
‫ِ‬
‫عيف)‪.‬‬ ‫(ض ٍ‬ ‫(ح َس ٍن) أو َ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫بسند ِه‬‫ِ‬ ‫كوك املتع ِّل َق ِة‬ ‫الش ِ‬ ‫ُّ‬
‫(‪)3‬‬
‫تصنيفه إ َّما إىل َ‬ ‫واحتامل ْ‬
‫بابن‬ ‫األخرى‪ِ ،‬‬ ‫ِ‬
‫اجلوانب‬ ‫الذي َن كانُوا متأ ِّث ِري َن يف‬ ‫ون ِ‬ ‫اآلخ ُر َ‬ ‫وحتَّى الفقها ُء َ‬
‫َ‬
‫الشوكانيِ ُّ ؛ كانُوا‬ ‫ِ‬ ‫مثل ٍ‬ ‫اجلوز َّي ِة ومع ِّل ِم ِه ِ‬ ‫ِ‬
‫وحممدٌ َّ‬ ‫السفارين ُّي َّ‬ ‫حممد َّ‬ ‫ابن تيم َي َة ُ َّ‬ ‫ق ِّي ِم‬
‫نفيها‬ ‫مفتوح ًة بدالً ِم ْن ِ‬ ‫َ‬ ‫[احلديث]‬‫ِ‬ ‫موثوق َّي ِة‬
‫ِ‬ ‫برتك مسأ َل ِة‬ ‫ِ‬ ‫ني عىل ما يبدُ و‬ ‫مقتنع َ‬‫ِ‬
‫ً (‪)4‬‬
‫نفي ًا قاطعا‪.‬‬
‫ِ‬
‫الفقهاء ِ‬ ‫بعض ِم َن‬
‫ِ‬
‫العشق‬ ‫الذي َن ك َت ُبوا عن‬ ‫وإضاف ًة إىل ذلِ َك‪ ،‬صرَ َّ َح ٌ‬

‫اهلندي‪ ،‬كنز العامل‪( 372 :3 ،‬احلديثان ‪.)7000-6999‬‬


‫ّ‬ ‫  املتّقي‬ ‫(((‬
‫  ابن ق ّيم اجلوز ّية‪.375-372 ،‬‬ ‫(((‬
‫رقاين‪ ،‬املخترص‪196 ،‬؛‬‫الز ّ‬
‫اهلروي‪ ،‬االرسار املرفوعة‪239-238 ،‬؛ ّ‬
‫ّ‬ ‫  القاري‬ ‫(((‬
‫السادة املتّقني‪:7 ،‬‬
‫بيدي‪ ،‬إحتاف ّ‬
‫الز ّ‬
‫العجلوين‪ ،‬كشف اخلفاء‪264-263 :2 ،‬؛ ّ‬‫ّ‬
‫الضعيف خمتلف عن املوضوع؛ وقد يستعمل يف األدبِي ِ‬
‫ات‬ ‫‪ .440-439‬واحلديث ّ‬
‫َّ‬
‫األخالق ّية والوعظ ّية ال لتحديد وجهة نظر أو رأي‪ .‬انظر روبسن‪( ،‬حديث)‪25 ،‬أ‪-‬‬
‫ب‪.‬‬
‫وكاين‪ ،‬الفوائد املجموعة‪،‬‬ ‫فاريني‪ ،‬نفثات صدر املكمد‪703-702 :2 ،‬؛ ّ‬
‫الش ّ‬ ‫ّ‬ ‫  الس‬
‫ّ‬ ‫(((‬
‫‪.320‬‬
‫لواط ُّي َ‬
‫ون‬ ‫الث‪ُّ :‬ال ِ‬ ‫الث ُ‬ ‫الفص ُل َّ‬ ‫ْ‬
‫‪365‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫مرع ِّي ِ‬ ‫ِ‬ ‫ليِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫ف‬ ‫يوس َ‬ ‫بن ُ‬ ‫مثل داو َد األنطاك ِّي ( ُتوفيِّ َ سن َة ‪1599‬م) والفقيه احلنب ِّ‬
‫السلطِ ِّي ( ُتوفيِّ َ سن َة ‪1702‬م)‪...‬‬ ‫ين َّ‬ ‫وحمي الدِّ ِ‬ ‫الكرمي ( ُتوفيِّ سن َة ‪1624‬م) ِ‬
‫َ‬ ‫ِّ‬
‫ِ‬
‫األو ِل وال َّثانيِ‬ ‫إشارة املؤ ِّل َف ِ‬ ‫ِ‬ ‫الرغ ِم ِم ْن‬ ‫َ‬ ‫صرَ َّ ُحوا بقبولهِِ م هذا‬
‫ني َّ‬ ‫احلديث عىل ُّ‬
‫آخ َر‪،‬‬ ‫جانب َ‬ ‫ٍ‬ ‫وم ْن‬ ‫جانب‪ِ )1(،‬‬ ‫ٍ‬ ‫ند‪ .‬هذا ِم ْن‬ ‫وص سلس َل ِة الس ِ‬
‫َّ‬ ‫بخص ِ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬
‫اجلدل‬ ‫إىل‬
‫ِ‬
‫املتخالف‬ ‫احلب‬ ‫كان َي ْصدُ ُق عىل‬ ‫احلديث َ‬ ‫َ‬ ‫أن‬ ‫املحاج َج ُة يف َّ‬ ‫َت متك ُن‬ ‫كان ْ‬
‫ِّ‬ ‫َ‬
‫بيد ُّي والفقي ُه املصرْ ِ ُّي‬ ‫الز ِ‬ ‫املوقف ِ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬
‫الذي تبنَّا ُه ُّ‬ ‫َ‬ ‫وكان هذا هو‬ ‫ب‪،‬‬ ‫فحس ُ‬ ‫جنس َّي ًا ْ‬
‫املناوي ( ُتوفيِّ سن َة ‪1622‬م) ا َّل ِ‬ ‫ِ‬
‫القول‬ ‫َ‬ ‫أن هذا‬ ‫لذان أكَّدا كالهمُ ا َّ‬ ‫َ‬ ‫الرؤوف ِ ُّ‬ ‫عبدُ َّ‬
‫اجلنس َّي ِة املرشو َع ِة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫العالقة‬ ‫وع‬
‫موض ُ‬ ‫تص ُّو ُر أ َّن ُه ُ‬ ‫ب عىل ما يمك ُن َ‬ ‫فحس ُ‬ ‫َي ْصدُ ُق ْ‬
‫رأي‬ ‫ِ‬
‫للصبِ ِّي‪ )2(.‬ومل ْ يك ْن ذل َك َ‬ ‫جل َّ‬ ‫الر ِ‬ ‫عشق َّ‬ ‫ِ‬ ‫اح ِة‪ ،‬وهذا يعنِي استثنا َء‬ ‫وا ُمل َب َ‬
‫ِ‬
‫رفض‬ ‫املواقف التِي صرَ َّ َح هبا العديدُ ِم َن الفقهاء؛ إذ َ‬ ‫ِ‬ ‫األكثر َّي ِة مث َلام يتبينَّ ُ ِم َن‬ ‫ِ‬
‫حممدٌ احلفنِ ُّي رفض ًا صرَ حي ًا وواضح ًا ( ُتوفيِّ َ سن َة ‪1767‬م) هذا‬ ‫األزهر َّ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬
‫شيخ‬
‫احلب) َي ْصدُ ُق‬ ‫ِ‬
‫(شهداء‬ ‫َ‬
‫حديث‬ ‫املناو ُّي‪ ،‬وأصرَ َّ عىل َّ‬
‫أن‬ ‫الذي وض َع ُه ِ‬ ‫التَّقييدَ ِ‬
‫ِّ‬
‫إعامل (الفروعِ) وخالف ًا‬ ‫ِ‬ ‫لصبِ ٍّي أ ْم َر َد‪ ،‬توافق ًا مع‬ ‫جل] َ‬ ‫الر ِ‬ ‫ِ‬ ‫حتَّى يف ِ‬
‫[عشق َّ‬ ‫حال‬
‫(‪)3‬‬
‫املناو ُّي]‪.‬‬‫َلمِا أور َد ُه املفسرِّ [أي ِ‬
‫ُ‬
‫املرجع َّي َة يف‬ ‫ِ‬ ‫ادر‬ ‫تعكس حقيق َة َّ‬ ‫إن إشار َة (احلفنِ ِّي) إىل الفرو ِع‬ ‫َّ‬
‫املص َ‬ ‫أن َ‬ ‫ُ‬
‫بمناقش ِة أنوا ِع‬ ‫َ‬ ‫مهتم ًة‬‫َّ‬ ‫َت‬‫ينتمي إليه الفقي ُه ‪ -‬كان ْ‬ ‫الذي ِ‬ ‫افعي ‪ِ -‬‬
‫الش ِّ‬
‫املذهب َّ ِ‬ ‫ِ‬
‫َّتيج ُة التِي‬ ‫َت الن َ‬ ‫هادة عىل ا ُملتوفىَّ ‪ ،‬وكان ْ‬ ‫الش ِ‬ ‫تسبغ ِص َف َة َّ‬ ‫ُ‬ ‫املوت املختل َف ِة التِي‬ ‫ِ‬
‫يموت‬ ‫الذي‬ ‫جل ِ‬ ‫الر ِ‬ ‫ثابت تقريب ًا‪ِ ،‬ه َي‬ ‫بنحو ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫وص َل إليها‬
‫ُ‬ ‫رضور َة عدِّ َّ‬ ‫َ‬ ‫املذهب‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫رأي‬ ‫َ‬ ‫لصبِ ٍّي‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫ِم ْن عشق متَّقد وعذر ٍّي شهيد ًا‪ ،‬سوا ٌء َ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫وكان ُ‬ ‫كان ح ُّب ُه المرأة أ ْم َ‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫اهليتمي ِ‬ ‫ِ‬
‫نظر‬‫املذهب يف احلقبة العثامن َّية املبكرة كاآلتيِ ‪ :‬إذا َ‬ ‫ِ‬ ‫فقهاء‬ ‫أحد ِ‬
‫أبرز‬ ‫ِّ‬

‫لطي‪ ،‬صبابة املعاين‪ ،‬صفحة‬ ‫الس ّ‬


‫  األنطاكي‪ ،‬تزيني األسواق‪30-29 :1 ،‬؛ ّ‬‫ّ‬ ‫(((‬
‫الكرمي‪ ،‬منية املح ّبني‪ ،‬صفحة ‪29‬أ؛ الفوائد املوضوعة يف األحاديث‬
‫ّ‬ ‫‪18‬ب‪-19‬أ؛‬
‫املوضوعة‪.109 ،‬‬
‫السادة املتّقني‪.439 :7 ،‬‬
‫بيدي‪ ،‬إحتاف ّ‬
‫الز ّ‬‫  املناوي‪ ،‬فيض القدير‪179 :6 ،‬؛ ّ‬
‫ّ‬ ‫(((‬
‫  احلفني‪ ،‬حاشية‪.373 :3 ،‬‬
‫ّ‬ ‫(((‬
‫اإل ْسال ِم ِّي‬ ‫ال ال َع َر ِب ِّي ِ‬ ‫جل ْن ِس َّي ِة يِف ال َع مَ ِ‬ ‫َما َق ْب َل امل ِْثلِ َّي ِة ا ِ‬ ‫‪366‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ونتج‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫دون خمال َف ٍة للشرَّ ِع كام يف ا ّل‬ ‫[رجل] إىل أمرد ِمن ِ‬ ‫ٌ‬
‫االضطرار َّية‪َ ،‬‬ ‫لمحة‬ ‫َْ َ ْ‬
‫الكتامن؛‬ ‫ِ‬ ‫احلب َط َّي‬ ‫ِّ‬ ‫جل عفيف ًا وحافظ ًا هلذا‬ ‫الر ُ‬ ‫َ‬
‫وكان َّ‬ ‫للصبِ ِّي‪،‬‬ ‫عشق َّ‬ ‫عن ذلِ َك ٌ‬
‫املعص َي ِة‪ )1(.‬وقدْ واف َق ُه‬ ‫وقوع ِه يف ِ‬ ‫ِ‬ ‫قال‪ :‬إ َّن ُه شهيدٌ لعد ِم‬ ‫أن ُي َ‬ ‫إذن‪ْ ،‬‬ ‫املعقول‪ْ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫فم َن‬
‫ين حممدٌ ليِ‬ ‫يواز ِيه مكا َن ًة‬ ‫الذي ِ‬ ‫افعي ِ‬ ‫أي الفقيه َّ ِ‬
‫الرم ُّ‬ ‫شمس الدِّ ِ َّ َّ‬ ‫ُ‬ ‫الش ُّ‬ ‫ُ‬ ‫الر ِ‬ ‫يف هذا َّ‬
‫الس ِ‬ ‫( ُتوفيِّ سن َة ‪1596‬م) ِ‬
‫أن‬ ‫ابق عىل َّ‬ ‫الفص ِل َّ‬ ‫ْ‬ ‫رشحنا يف‬ ‫ْ‬ ‫الذي أ َّكدَ ‪ ،‬مث َلام‬ ‫َ‬
‫كان اضطرار َّي ًا‪ :‬فإذا‬ ‫ِ‬ ‫الصبيان طاملا َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫حب ِّ‬ ‫احلب َي ْصدُ ُق عىل ِّ‬ ‫ُّ‬ ‫حديث شهداء‬ ‫َ‬
‫وضع‬
‫ُ‬ ‫ليس بقدرتِ ِه‬ ‫[العاشق] َ‬ ‫َ‬ ‫اضطرار َّي ًا‪ ،‬بمعنَى َّ‬
‫أن‬ ‫ِ‬ ‫احلب َ‬
‫كان‬ ‫َّ‬ ‫افرتضنا َّ‬
‫أن‬ ‫ْ‬
‫ِ‬ ‫هادة‪ ،‬أل َّنه مل يقع يف ِ‬ ‫الش ِ‬ ‫يمنع ني َل ُه مرت َب َة َّ‬
‫احلالة يف‬ ‫هذه‬ ‫ُ ْ ْ‬ ‫ثم َة ما ُ‬ ‫فليس َّ‬ ‫حدٍّ له‪َ ،‬‬
‫ِ‬ ‫َ‬ ‫بن سالم َة ِ‬ ‫سلطان ب ُن أمحدَ ِ‬ ‫ِ ِ (‪)2‬‬
‫املزاح ُّي ( ُتوفيِّ َ سن َة‬ ‫إسامعيل‬ ‫بن‬ ‫ُ‬ ‫وكر َر‬ ‫َّ‬ ‫املعص َية‪.‬‬
‫اح ًة‪:‬‬ ‫ٍ‬ ‫تالميذ ليِ‬ ‫ِ‬
‫وضوح ًا وصرَ َ‬ ‫أكثر ُ‬ ‫أي بعبارات َ‬ ‫الر َ‬ ‫الرم ِّ هذا َّ‬ ‫َّ‬ ‫‪1665‬م) أحدُ‬
‫حيث‬ ‫ُ‬ ‫وغري ِهم‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫بني ا ُمل ْر ِد‬ ‫الفرق َ‬ ‫ِ‬ ‫وغري ِه عد ُم‬ ‫ِ‬ ‫شيخنا ليِ‬
‫الرم ِّ‬ ‫َّ‬
‫ِ‬ ‫(واملعتمدُ عندَ‬
‫َ‬
‫َ (‪)3‬‬
‫الفرض الع َّف َة والكتامن)‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫كان‬
‫ِ‬
‫شهداء‬ ‫َ‬
‫حديث‬ ‫أن‬‫ني َّ‬‫آخري َن عن رأهيِم مب ِّينِ َ‬ ‫وعبرَّ َ ْت جممو َع ٌة ِم ْن فقها َء ِ‬
‫ِ‬
‫األزهر‬ ‫ِ‬
‫لشيخ‬ ‫بلحظ املقط ِع اآلتيِ‬‫ِ‬ ‫بيان كذلِ َك‪،‬‬ ‫احلب يصدُ ُق عىل حب الص ِ‬
‫(‪)4‬‬
‫ِّ ِّ‬ ‫ُّ َ ْ‬
‫بني‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫زمن االحتالل الفرن ِّ عبد اهللِ الشرَّ قاو ِّي ( ُتوفيِّ َ سن َة ‪1811‬م) َ‬ ‫سيِ‬ ‫ِ‬ ‫يف ِ‬
‫وحافظ‬ ‫َ‬ ‫خيالف الشرَّ ي َع َة‪...‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫يموت ِم َن‬ ‫الش ِ‬ ‫ُّ‬
‫ْ‬ ‫والصبا َبة ومل ْ‬ ‫َّ‬ ‫العشق‬ ‫ُ‬ ‫هداء‪َ ...‬م ْن‬
‫بح متاح ًا‬ ‫يص َ‬ ‫أن ْ‬ ‫أكان عش ُق ُه َلمِا يمك ُن ْ‬ ‫َ‬ ‫تامن‪ ...‬سوا ٌء‬ ‫عشق ِه َطي ِ‬
‫الك ِ‬
‫َّ‬
‫ِ‬ ‫عىل‬
‫وتأكيد‬‫ِ‬ ‫وفق األحكا ِم املعتبرَ َ ِة‪،‬‬ ‫مثل األ ْم َر ِد عىل ِ‬ ‫رشع َّي ٍة أ ْم ال‪َ ،‬‬
‫ِ‬ ‫جنس َّي ٍة‬
‫لعالقة ِ‬‫ٍ‬
‫يغدو متاح ًا‬ ‫جتاوز‪ ،‬وأ َّن ُه لن‬ ‫أن ح َّب ُه [أي األ ْم َر َد]‬‫[الفقهاء] عىل َّ‬ ‫ِ‬ ‫بعض ِم َن‬‫ٍ‬
‫َ‬ ‫ٌ‬
‫  ابن حجر‪ ،‬الفتاوى‪.15 :2 ،‬‬ ‫(((‬
‫الر ّ‬
‫ميل‪ ،‬هناية املحتاج‪.497 :2 ،‬‬ ‫  شمس الدّ ين ّ‬ ‫(((‬
‫الشربام ّل ّيس‪ ،‬حاشية‪.497 :2 ،‬‬
‫  منقول يف ّ‬ ‫(((‬
‫البجريمي‪ ،‬حتفة احلبيب‪،‬‬
‫ّ‬ ‫الباجوري‪ ،‬حاشية‪254 :1 ،‬؛‬
‫ّ‬ ‫  القليويب‪ ،‬حاشية‪339 :1 ،‬؛‬
‫ّ‬ ‫(((‬
‫بيني‪ ،‬مغني املحتاج‪:1 ،‬‬
‫ّ‬ ‫الشرّ‬ ‫اخلطيب‬ ‫‪539‬؛‬ ‫‪:1‬‬ ‫حاشية‪،‬‬ ‫‪،‬‬ ‫البجريمي‬
‫ّ‬ ‫‪261‬؛‬ ‫‪:2‬‬
‫شريواين)؛ مجال‪ ،‬حاشية عىل‬
‫ّ‬ ‫‪350‬؛ ابن حجر‪ ،‬حتفة املحتاج‪( 166 :3 ،‬رشوحات‬
‫رشح املنهاج‪.193 :2 ،‬‬
‫لواط ُّي َ‬
‫ون‬ ‫الث‪ُّ :‬ال ِ‬ ‫الث ُ‬ ‫الفص ُل َّ‬ ‫ْ‬
‫‪367‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫هادة؛‬ ‫الش ِ‬ ‫العاشق إىل َّ‬ ‫ِ‬ ‫موت‬


‫ثم ال يؤ ِّدي ُ‬ ‫ال اجلنسيِ ا ُملب ِ ِ‬ ‫قط [لالت َِّص ِ‬ ‫ُّ‬
‫اح] وم ْن َّ‬ ‫ِّ َ‬
‫احلب‬ ‫كان‬ ‫االضطرار ِّي‪ ،‬بينَام إذا َ‬ ‫ِ‬ ‫غري‬‫باحلب ِ‬ ‫نفهم منه أ َّن ُه يتع َّل ُق‬ ‫ينبغي ْ‬
‫أن‬ ‫ِ‬
‫ُّ‬ ‫ِّ‬ ‫َ‬
‫احلاالت التِي تؤ ِّدي‬ ‫ِ‬ ‫الكتامن يف‬‫ِ‬ ‫طي‬‫العاشق َّ‬ ‫ُ‬ ‫وحافظ عليه‬ ‫َ‬ ‫اضطرار َّي ًا وعفيف ًا؛‬ ‫ِ‬
‫َّظر‪ ،‬ويستحو ُذ‬ ‫[رشع َّي ًا] بالن ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫احلب‬ ‫ُّ‬ ‫سمح له‬ ‫حب األ ْم َرد‪ ،‬أو ُي ُ‬ ‫[قرس َّي َا] إىل ِّ‬ ‫به‬
‫ثم َة‬ ‫ليس َّ‬ ‫إذن َ‬ ‫اح‪ ،‬ويؤ ِّدي هذا إىل موتِ ِه؛ ْ‬ ‫غري ُم َب ٍ‬ ‫عىل قلبِه بال رغبة منه فيام هو ُ‬
‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫ستكون مقام ًا‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬
‫اخللد‬ ‫فإن جنَّ َة‬ ‫بعض ُهم‪َّ ،‬‬ ‫قال ُ‬ ‫الشهادةَ‪ ...‬ومث َّلام َ‬ ‫نيل ِه َّ‬ ‫خالف يف ِ‬ ‫ٌ‬
‫عذ ُبوا‬ ‫وه ْم لن ُي َّ‬ ‫ون جزا َء َص ِرب ِهم‪ُ ،‬‬ ‫ون ويتم َّت ُع َ‬ ‫يشته َ‬ ‫ُ‬ ‫ون فيها ما‬ ‫اق ينا ُل َ‬ ‫للعش ِ‬ ‫َّ‬
‫َ‬
‫يكون‬ ‫العذاب يف هذا العالمَ ِ‪ ،‬ول ْن‬ ‫ِ‬ ‫حس ُب ُهم ما ال َقو ُه ِم َن‬ ‫اآلخ ِر‪ْ ،‬‬ ‫قط يف العالمَ ِ َ‬ ‫ُّ‬
‫ٍ‬ ‫اآلخر ِة‪،‬‬ ‫َّعيم يف الدَّ ِار‬
‫ربوا‬ ‫وص ُ‬ ‫وهم قد أح ُّبوا بع َّفة َ‬ ‫وكيف ال ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫جزاؤ ُهم إلاَّ الن َ‬ ‫ُ‬
‫ِ (‪)1‬‬
‫وتلو َع ُهم كام يشهدُ به احلديث‪.‬‬ ‫وكت َُموا ح َّب ُهم ُّ‬
‫ولة العثامنِ َّي ِة‬ ‫املقتطفات األدبِي ِة التِي مجعها الصدر األعظم يف الدَّ ِ‬
‫ُ‬ ‫َّ ُ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬
‫ِ‬ ‫تظهر يف‬
‫ُ‬
‫احلب‬ ‫ِ‬
‫مناقش ُة حديث شهداء‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫تظهر‬ ‫راغب باشا ( ُتوفيِّ َ سن َة ‪1763‬م)‬ ‫حممدُ‬
‫ِّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬
‫احلب‬ ‫ِ‬
‫رشح ملاَ َصدرا املتعاطف مع طبيعة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫املأخوذ م ْن‬‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُم َبارش ًة بعدَ املقط ِع ُ‬
‫ِّ‬
‫الذي َن نز ُعوا‬ ‫احلديث كذلِ َك الفقهاء ِ‬ ‫ِ‬ ‫بيان‪ .‬وقدْ َّنو َه هبذا‬ ‫األفالطونيِ للص ِ‬
‫ُ‬ ‫ِّ ِّ‬
‫حممدُ َح َس ُن البورين ُّي وعبدُ‬ ‫ِ‬ ‫احلب املث ِّ العفيف ُ‬‫ِ‬ ‫ليِ‬ ‫وحتدَّ ُثوا بإجيابِ َّي ٍة عن‬
‫أمثال َّ‬ ‫ِّ‬
‫احلديث‬ ‫ِ‬ ‫أن هذا‬ ‫ون يف َّ‬ ‫افرتاض أنهَّ ُم كانُوا يعتقدُ َ‬ ‫ُ‬ ‫الغنِ ِّي النَّابلسيِ ُّ ‪ ،‬ويمك ُن‬
‫(‪)2‬‬
‫بيان كذلِ َك‪.‬‬ ‫يصدُ ُق عىل حب الص ِ‬
‫ِّ ِّ‬ ‫َ ْ‬
‫كان يف الواق ِع‬ ‫أن ُيعدَّ لواط ًا؛ بل َ‬ ‫الغزل املثليِ ِّ أبعدَ عن ْ‬ ‫ِ‬ ‫نظم ِ‬
‫شعر‬ ‫وكان ُ‬ ‫َ‬
‫َّتيج َة التِي‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫فقهاء َ‬ ‫ِ‬ ‫عمل َّي ًا ِم ْن ِق َب ِل ِ‬ ‫مباح ًا ِ‬
‫َت هذه ه َي الن َ‬ ‫احلقبة‪ ،‬وكان ْ‬ ‫تلك‬ ‫أكثر‬ ‫َُ‬
‫تلك‬ ‫وع يف َ‬ ‫والشافع ِّي الذي َن نا َق ُشوا ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ني احلنف ِّي َّ‬ ‫ِ‬ ‫وص َل إليها فقها ُء املذه َب ِ‬
‫املوض َ‬ ‫َ‬
‫الصبِ ِّي أو املرأة َ‬
‫كان‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫حكم ُهم َّ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬
‫املرحلة‪.‬‬
‫املوجه إىل َّ‬ ‫َّ‬ ‫شعر الغزل‬ ‫أن َ‬ ‫ُ‬ ‫وكان‬ ‫(‪)3‬‬

‫قاوي‪ ،‬حاشية‪.337 :1 ،‬‬


‫ّ‬ ‫(((   الشرّ‬
‫البوريني‪ ،‬رشح ديوان ابن الفارض‪:2 ،‬‬
‫ّ‬ ‫الراغب‪326-322 ،‬؛‬ ‫(((   راغب باشا‪ ،‬سفينة ّ‬
‫ّابليس‪ ،‬غاية املطلوب‪.19 ،‬‬
‫ّ‬ ‫‪65‬؛ الن‬
‫بيدي‪ ،‬إحتاف‬
‫الز ّ‬‫الزواجر‪211 :2 ،‬؛ ابن عابدين‪ ،‬ر ّد املحتار‪35 :1 ،‬؛ ّ‬
‫(((   ابن حجر‪ّ ،‬‬
‫اإل ْسال ِم ِّي‬ ‫ال ال َع َر ِب ِّي ِ‬ ‫جل ْن ِس َّي ِة يِف ال َع مَ ِ‬ ‫َما َق ْب َل امل ِْثلِ َّي ِة ا ِ‬ ‫‪368‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫جمهو َل ًة‪.‬‬
‫وق ُ‬‫املعش ِ‬
‫ُم َباح ًا ما بق َي ْت هو َّي ُة ُ‬

‫بن سال َم َة القليوبيِ ُّ ( ُتوفيِّ َ سن َة‬ ‫حمم ِد ِ‬


‫وقدْ ع َّل َق الفقي ُه املصرْ ِ ُّي أمحدُ ب ُن َّ‬
‫املرجع َّي ِة‬
‫ِ‬ ‫افع ِّي‬‫الش ِ‬ ‫ِ‬
‫املذهب َّ‬ ‫مص ِ‬
‫ادر‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫‪1658‬م) ع َّل َق عىل املقط ِع اآلتيِ م ْن أحد َ‬
‫أن‬‫وغري ِه وإنشا ُد ُه (إلاَّ ْ‬
‫ِ‬ ‫املحر ِر‬
‫َّ‬ ‫شعر) أي إنشاؤ ُه كام يف‬ ‫قول ٍ‬
‫باح ُ‬ ‫ِِ‬
‫بقوله‪( :‬و ُي ُ‬
‫احلاء (أو‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وكرس‬ ‫يفحش) فيه بضم ِ‬
‫الياء‬ ‫َ‬ ‫ادق فيه (أو‬ ‫هيجو) فيه ولو بام هو َص ٌ‬
‫َ ِّ‬ ‫َ‬
‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫فيحر ُم‪،‬‬ ‫ب فيه (بامرأة مع َّينَة) أو غال ٍم معينَّ ‪ُ ،‬‬ ‫وغريه يش ِّب ُ‬ ‫املحرر‬
‫يعر َض) ويف َّ‬ ‫ِّ‬
‫اعر‬‫الش ِ‬ ‫وغرض َّ‬ ‫َّشبيب َصنع ٌة‪،‬‬ ‫ألن الت‬‫ني‪َّ ،‬‬ ‫ِ‬
‫املبهم َ‬ ‫ِ‬ ‫وتُر ُّد به َّ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫الشهاد ُة بخالف َ‬
‫ِ (‪)1‬‬
‫حتقيق املذكُور)‪.‬‬
‫ُ‬ ‫حتسني ال‬
‫ُ‬
‫وع قائالً‪:‬‬ ‫بيد ُّي تناو َل ُه هذا ُ‬ ‫الز ِ‬ ‫ِ‬
‫املوض َ‬ ‫ُّ‬ ‫حممدُ مرتضىَ‬ ‫وختم الفقي ُه احلنف ُّي َّ‬‫َ‬
‫ذكر ُه الق َّف ُال‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬
‫قياس ما َ‬ ‫الرافع َّي] عىل‬ ‫الرافع ُّي [يقصدُ به عبدَ الكري ِم َّ‬ ‫(وقال َّ‬
‫ِ‬
‫بالعدالة‬ ‫تعيني ال ُّ‬
‫خيل‬ ‫ٍ‬ ‫لامن ِ‬
‫بغري‬ ‫والغ ِ‬ ‫ِ‬ ‫إن التَّشبيب بالن ِ‬
‫ِّساء‬ ‫والصيدالنيِ ُّ ‪َّ :‬‬
‫َ‬ ‫َّ‬
‫حتسني‬ ‫اعر‬‫الش ِ‬ ‫غرض َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫مؤه ٌل لإلدالء َّ‬
‫ُ‬ ‫املحكمة] اذ ُ‬ ‫َ‬ ‫بالشهادة يف‬ ‫[بمعنَى إ َّن ُه َّ‬
‫(اإلمتاع يف أحكا ِم‬ ‫احب‬ ‫ِ‬
‫الكال ِم ال حتقي ُق ُه [ال واقع َّي َة ما ُيذك َُر]‪َ .‬‬
‫ْ‬ ‫قال َص ُ‬
‫األدفو ُّي ( ُتوفيِّ َ سن َة‬‫ِ‬ ‫مطه ٍر‬
‫بن َّ‬ ‫الفضل ِ‬‫ِ‬ ‫ين وعدُ اهللِ أبو‬ ‫كامل الدِّ ِ‬‫امع) ُ‬ ‫الس ْ‬ ‫َّ‬
‫َّجه‪ ،‬وإذا س ْقت أشعار العلامءِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫ُ َ‬ ‫‪1349 -1348‬م)‪( :‬وهذا الذي بح َث ُه هو املت ُ‬
‫(‪)2‬‬
‫كان كثري ًا‪ ،‬واهللُ ُ‬
‫أعلم)‪.‬‬ ‫الذي َن ُيقتَدَ ى هبِم وسام َع ُهم لذلِ َك؛ َ‬ ‫ِ‬

‫افع ِّي يف ِ‬
‫عني‬ ‫والش ِ‬
‫َّ‬ ‫ِ‬
‫احلنف ِّي‬ ‫ني‬ ‫ِ‬
‫الفقهاء ِم َن املذه َب ِ‬ ‫ات‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫مناقش ُ‬ ‫وتأخذ‬
‫ني األقد ِم ِ‬
‫الذي َن‬ ‫فقهاء املذه َب ِ‬ ‫ِ‬ ‫بعض ِم ْن‬ ‫ِ‬
‫العادة رأي ًا بدي ً‬ ‫ِ‬
‫ال عبرَّ َ عنه ٌ‬ ‫احلسبان يف‬
‫تعيني هو َّياتهِ ِم أ ْم ال! ويبدُ و‬ ‫ِ‬
‫ف الن ِ‬
‫َّظر َأ َج َرى‬ ‫ِ‬ ‫حير ُم َ‬
‫ُ‬ ‫بالصبيان بصرَ‬
‫َّشبيب ِّ‬
‫َ‬ ‫ون الت‬ ‫ِّ‬
‫ميل‪ ،‬هناية املحتاج‪299 :8 ،‬؛‬ ‫الر ّ‬
‫السادة املتّقني‪509-508 :6 ،‬؛ شمس الدّ ين ّ‬ ‫ّ‬
‫اآللويس‪ ،‬روح املعاين‪.137 :19 ،‬‬
‫ّ‬ ‫‪321-320‬؛‬ ‫‪:4‬‬ ‫حاشية‪،‬‬ ‫‪،‬‬‫يب‬
‫ّ‬ ‫القليو‬
‫تغزال يف الغلامن فهو ترويج‬‫ً‬ ‫  القليويب‪ ،‬حاشية‪ .321-320 :4 ،‬فإن رأيت يل‬ ‫ّ‬ ‫(((‬
‫لبضاعتي وحتسني يف صناعتي‪...‬كام قال ابن الوردي‪ :‬تاهلل ما املرد مرادي وان‪...‬‬
‫نظمت فيها مثل عقد اجلامن (املرتمجة)‪.‬‬
‫السادة املتّقني‪.509 :6 ،‬‬
‫بيدي‪ ،‬إحتاف ّ‬‫  الز ّ‬ ‫((( ّ‬
‫لواط ُّي َ‬
‫ون‬ ‫الث‪ُّ :‬ال ِ‬ ‫الث ُ‬ ‫الفص ُل َّ‬ ‫ْ‬
‫‪369‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫فقهاء املذه َب ِ‬‫ِ‬ ‫ظاهري ًا ـ حي َظى بالت ِ‬


‫ني‬ ‫َّأييد عندَ‬ ‫ِ َّ‬ ‫األخري ال ُ‬
‫يزال ـ‬ ‫َ‬ ‫املوقف‬
‫َ‬ ‫أن هذا‬ ‫َّ‬
‫املناطق النَّاط َق ِة بالعربِ َّي ِة يف‬ ‫ِ‬ ‫ون أق ِّل َي ًة ضم َن‬ ‫الذي َن يؤ ِّل ُف َ‬ ‫واإلمامي ِة ِ‬
‫َّ‬
‫ِ‬ ‫ليِ‬
‫احلنب ِّ‬
‫َت‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫باملرأة إذا كان ْ‬ ‫َّشبيب‬
‫َ‬ ‫كهؤالء الت‬ ‫أباح فقها ُء‬ ‫اإلمرباطور َّية العثامن َّية؛ فقدْ َ‬
‫أن‬‫ون َّ‬ ‫اعر عن هو َّيتِها‪ ،‬إلاَّ أنهَّ ُم َير َ‬ ‫الش ُ‬ ‫يكشف َّ‬ ‫ْ‬ ‫الزوج ُة أو السرُّ ِّ َّي ُة‪ ،‬أو إذا مل ْ‬ ‫َّ‬
‫جدال‬ ‫َ‬ ‫كان خما َل َف ًة ب ِّينَ ًة للشرَّ ي َع ِة ال‬ ‫الغزل هبِم؛ َ‬ ‫ِ‬ ‫ونظم ِ‬
‫شعر‬ ‫َ‬
‫بالغ ِ‬
‫لامن‬ ‫التَّشبيب ِ‬
‫َ‬
‫ليِ‬
‫عيل العام ُّ ( ُتوفيِّ َ سن َة‬ ‫ِ‬
‫وأضاف الفقي ُه اإلمام ُّي زي ُن الدِّ ِ‬ ‫فيها‪.‬‬
‫ين ب ُن ٍّ‬ ‫َ‬ ‫(‪)1‬‬

‫َّغز ِل‬ ‫ِ‬


‫َّشبيب والت ُّ‬ ‫حتريم الت‬
‫ُ‬ ‫فقه ٍّي ور َد فيه‬ ‫در ِ‬ ‫مص ٍ‬ ‫تعليق له عىل ْ‬ ‫ٍ‬ ‫‪1558‬م) يف‬
‫ال اجلنسيِ ِّ الشرَّ ِع ِّي هبا‬ ‫متاح ٍة لالت َِّص ِ‬ ‫َ‬ ‫اعر أو‬ ‫للش ِ‬ ‫غري حم َّل َل ٍة َّ‬ ‫بامرأة مع َّين ٍَة ِ‬ ‫ٍ‬
‫الزوج ُة أو السرُّ ِّ َّي ُة‪ ،‬واملعنَى‬ ‫(غري حم َّل َل ٍة له) َّ‬ ‫العبارة ِ‬ ‫ِ‬ ‫قائالً‪( :‬ويست ْثنَى ِمن ِ‬
‫هذه‬ ‫ْ‬
‫ِ‬
‫بالصبيان محُ َ َّر ٌم باملط َلق‪،‬‬‫ِ‬
‫َّشبيب ِّ‬ ‫ُ‬ ‫اح‪ ...‬والت‬ ‫َّشبيب هب َّن ُم َب ٌ‬ ‫َ‬ ‫أن الت‬ ‫الضمنِ ُّي هنا هو َّ‬ ‫ِّ‬
‫ِ (‪)2‬‬ ‫ِ‬
‫للشاعر)‪.‬‬ ‫غري حم َّل ِل َّ‬ ‫الصبِ ُي] ُ‬ ‫العشق [أي َّ‬ ‫وع‬
‫موض َ‬
‫ألن ُ‬ ‫َّ‬

‫السفارينِ ُّي ( ُتوفيِّ َ سن َة‬ ‫حممدُ َّ‬


‫ليِ‬
‫وزياد ًة عىل ذل َك‪ ،‬شدَّ َد الفقي ُه احلنب ُّ َّ‬
‫ِ‬
‫بيان (سوا ٌء تع َّين َْت هو َّي ُة األ ْم َر ِد أ ْم ال)‪.‬‬ ‫َّشبيب بالص ِ‬
‫ِّ‬ ‫ِ‬ ‫‪1774‬م) عىل حتري ِم الت‬
‫َّشبيب (بـ) الن ِ‬
‫َّساء‬ ‫ِ‬ ‫عر اخلاليِ ِم َن (الت‬ ‫اح) يف أ َّن ُه ِّ‬ ‫(الش ِ‬
‫عر ا ُمل َب ِ‬ ‫مفر َد َة ِّ‬
‫الش ُ‬ ‫ورشح َ‬‫َ‬ ‫(‪)3‬‬

‫نحو وص ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫ف‬ ‫املحرمات م ْن ِ ْ‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬
‫سائر‬ ‫ف)‬ ‫(وص ُ‬ ‫(األجنبِ َّيات) املع َّينَات‪ ...‬وكذا ْ‬
‫َّشبيب ْهبم سوا ٌء‬‫ُ‬ ‫اخلبائث (و) (ا ُمل ْر ِد) جمَْ ُع أ ْم َر َد يعنِي الت‬ ‫ِ‬ ‫(اخلمرة) التِي ِه َي أ ُّم‬
‫ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫غري معينَّ ٍ ‪...‬‬
‫ِ‬
‫بمدح‬ ‫ب‬ ‫أفرط باهلجاء واملذ َّمة‪ ...‬أو ش َّب َ‬ ‫كان األ ْم َر ُد مع َّين ًا أو َ‬‫َ‬
‫ٍ (‪)4‬‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫حمر َمة)‪.‬‬
‫بم ْرد أو امرأة مع َّينَة َّ‬ ‫مخر أو ُ‬
‫َّشبيب بالص ِ‬
‫بيان‬ ‫ِ‬ ‫بني الت‬
‫ون َ‬ ‫ِ‬
‫واإلمام ُّي َ‬ ‫وتبع ًا لذلِ َك‪َ ،‬‬
‫قارن الفقها ُء احلناب َل ُة‬
‫ِّ‬
‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫ليس ْت زوج ًة وال سرً ِّ َّي ًة‪ .‬فاملسألتان كلتاهمُ ا ُ‬
‫غري‬ ‫َّشبيب بامرأة مع َّينَة َ‬‫وبني الت‬
‫َ‬
‫ّجفي‪،‬‬
‫ّغلبي‪ ،‬نيل املأرب ‪477 :2 ،‬؛ الن ّ‬
‫  البهويت‪ ،‬رشح منتهى اإلرادة‪592 :3 ،‬؛ الت ّ‬
‫ّ‬ ‫(((‬
‫جواهر الكلم‪.49 :41 ،‬‬
‫ّ‬
‫العاميل‪ ،‬مسالك اإلفهام‪.182 :14 ،‬‬ ‫  زين الدّ ين‬ ‫(((‬
‫فاريني‪ ،‬غذاء األلباب‪.170 :1 ،‬‬
‫ّ‬ ‫  الس‬
‫ّ‬ ‫(((‬
‫فاريني‪ ،‬غذاء األلباب‪.151 :1 ،‬‬
‫ّ‬ ‫  الس‬
‫ّ‬ ‫(((‬
‫اإل ْسال ِم ِّي‬ ‫ال ال َع َر ِب ِّي ِ‬ ‫جل ْن ِس َّي ِة يِف ال َع مَ ِ‬ ‫َما َق ْب َل امل ِْثلِ َّي ِة ا ِ‬ ‫‪370‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ٍ لمِ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍِ‬ ‫ِ‬ ‫ُم َباحت ِ‬
‫حب متَّقد وعاط َفة مشبو َبة َا هو ُ‬
‫غري‬ ‫ف ٍّ‬ ‫وص َ‬ ‫تتضمنان ْ‬ ‫َّ‬ ‫َني ألنهَّ ُام‬
‫(واقع َّي ًا) أو‬ ‫ِ‬ ‫املوقف اختزاالً‬ ‫ُ‬ ‫يتضم ُن هذا‬ ‫اجلنس َّي ِة‪ .‬وبداه ًة‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫العالقة‬ ‫حم َّل ٍل يف‬
‫َّ‬
‫وكان يمك ُن اال ِّدعا ُء مث َلام‬ ‫َ‬ ‫ب؛‬ ‫العاطفي إىل َّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫(انكامش َّي ًا)‬
‫فحس ُ‬ ‫الشهوة ْ‬ ‫ِّ‬ ‫للعشق‬
‫بالقول‪ :‬إ َّن ُه مل ْ يك ْن‬ ‫ِ‬ ‫أي‬ ‫الر ِ‬ ‫فعل عبدُ الغنِي النَّابلسيِ يف حماو َل ٍة ِ‬ ‫َ‬
‫للرد عىل هذا َّ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫ُّ‬ ‫ِّ‬
‫عشق‬ ‫ِ‬ ‫سياق الدِّ فا ِع عن‬ ‫ِ‬ ‫وذكر النَّابلسيِ ُّ يف‬ ‫َ‬ ‫عشق َصبِ ٍّي بع َّف ٍة‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ثم َة كراه ٌة يف‬ ‫َّ‬
‫ص‬ ‫ليِ‬
‫الشعر الغزليِ ِّ املث ِّ ‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫جواز ِّ‬ ‫ِ‬ ‫الصبيان العفيف يف (غاي ُة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وخص َ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫املطلوب)‬ ‫ِّ‬
‫والشيوخِ األجلاَّ ء الذي َن وق ُعوا يف‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الكتاب للحديث عن الفقهاء ُّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ال يف‬ ‫فص ً‬ ‫ْ‬
‫أن أكثر الفقهاءِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫قصائدهم‪ .‬إلاَّ َّ َ‬ ‫غرا ِم نساء أو صبيان وعبرَّ ُ وا عن ذل َك يف َ‬
‫(‪)1‬‬

‫فاع عن‬ ‫اختاروا الدِّ َ‬ ‫ُ‬ ‫الغزل ا ِّللواطِ ِّي‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫جواز نظ ِم ِ‬
‫شعر‬ ‫ِ‬ ‫حاج ُجوا يف‬ ‫َ‬ ‫الذي َن‬ ‫ِ‬
‫بالر ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫رأهيِم‬
‫أي‬ ‫منهم َّ‬ ‫الرغ ِم م ْن التزا ِم العديد ُ‬ ‫أخرى عىل ُّ‬ ‫أسس َ‬ ‫باالستناد إىل‬
‫لامن ال يم ِّث ُل خمال َف ًة للشرَّ ائ ِع الدِّ ينِ َّي ِة‪.‬‬ ‫للغ ِ‬ ‫االضطراري ِ‬
‫ِ ِّ‬ ‫احلب‬ ‫َّ‬ ‫إن‬‫يقول‪َّ :‬‬ ‫الذي ُ‬ ‫ِ‬
‫عر الغزليِ ِّ ا ِّللواطِ ِّي‬ ‫الش ِ‬ ‫الذي يفيدُ بتحري ِم ِّ‬ ‫رفض الرأي ِ‬
‫ِ َّ‬ ‫بعض ُهم حدَّ‬ ‫وذهب ُ‬ ‫َ‬
‫اإلحالة عىل ِصبيانٍ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫ليسوا بحاجة إىل‬ ‫أن ُّ‬ ‫ني باالعتقاد يف َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الشعرا َء ُ‬ ‫مستعين َ‬
‫أي‬ ‫الر ُ‬ ‫وأسهم هذا َّ‬ ‫َ‬ ‫عواطف حقيق َّي ٍة‪.‬‬ ‫َ‬ ‫الفعل َّي ِة أو إىل‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫احلياة‬ ‫موجودي َن يف‬ ‫ِ‬
‫عر‬ ‫الش ِ‬ ‫(نظم ِّ‬ ‫ِ‬
‫عبارة‬ ‫تفسري‬ ‫موقف ِهم‪ ،‬إذ يمك ُن‬ ‫تأويل ِ‬ ‫ِ‬ ‫الباب أما َم‬ ‫ِ‬ ‫رت ُح يف ِ‬
‫فتح‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫املق َ‬
‫بصبِ ٍّي‬ ‫عر الغزليِ ِّ َ‬ ‫الش ِ‬ ‫إمكان نظ ِم ِّ‬ ‫َ‬ ‫اح) عىل أ َّن ُه يعنِي‬ ‫غري معينَّ ٍ ُم َب ٌ‬ ‫بصبِ ٍّي ِ‬ ‫الغزليِ ِّ َ‬
‫ظاهر َّي ًا ـ‬ ‫ِ‬ ‫يبطل ـ‬ ‫رت َح ُ‬ ‫جمهو َل ًة‪ ،‬إلاَّ َّ‬ ‫ِ‬
‫َّفسري املق َ‬ ‫أن الت َ‬ ‫حقيق ٍّي طاملا بق َي ْت هو َّي ُت ُه ُ‬
‫عر ِّي‪.‬‬‫الش ِ‬ ‫ون ِّ‬ ‫االعتقاد بقص ِصي ِة املضم ِ‬ ‫ِ‬ ‫تكون اإلباح ُة مبنِ َّي ًة عىل‬ ‫ُ‬ ‫عندَ ما‬
‫ُ‬ ‫َ َّ‬
‫عر‬ ‫الكثري ِم َن ِّ‬
‫الش ِ‬ ‫الذي ُ‬
‫جيعل‬ ‫املوقف ِ‬ ‫ون‬ ‫ِ‬
‫الفقهاء يقاو ُم َ‬ ‫أكثر‬ ‫وبينَام َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫كان ُ‬
‫الوقت ذاتِ ِه‪ ،‬مل ْ يبدُ وا رغب ًة‬
‫ِ‬ ‫غري مرشوعٍ‪ ،‬إلاَّ أنهَّ ُم يف‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫املن ُظو ِم يف هذه احلقبة َ‬
‫يمنع ِم ْن‬
‫ثم َة ما ُ‬ ‫ليس َّ‬ ‫الذي ُ‬
‫يقول‪ :‬إ َّن ُه َ‬
‫أي ِ‬ ‫الر ِ‬ ‫ِ‬
‫املصا َد َقة عىل َّ‬ ‫ِ‬
‫ظاهر َّي ًا يف َ‬ ‫كبري ًة‬
‫َ‬
‫العشق‬ ‫َّشبيب أو‬ ‫يقول‪َّ :‬‬
‫إن الت‬ ‫ِ‬
‫أي الذي ُ‬ ‫الر ِ‬ ‫َّظر بأ ْم َر َد َح َس ٍن ٍ‬ ‫امتا ِع الن ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫مليح‪ ،‬أو َّ‬
‫املجر َدةَ‪.‬‬
‫َّ‬ ‫الشهو َة‬ ‫ال يشب ُه َّ‬

‫ّابليس‪ ،‬غاية املطلوب‪.153 ،‬‬


‫(((   الن ّ‬
‫لواط ُّي َ‬
‫ون‬ ‫الث‪ُّ :‬ال ِ‬ ‫الث ُ‬ ‫الفص ُل َّ‬ ‫ْ‬
‫‪371‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫العمو ِم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الفقهاء‬ ‫موقف‬ ‫تلخيص‬
‫ُ‬ ‫وبنا ًء عىل ذل َك‪ ،‬يمك ُن عىل وجه ُ‬
‫ِ‬ ‫الش ِ‬ ‫والش ِ‬ ‫ِ‬
‫كان استعراض ًا‬ ‫اح إذا َ‬ ‫عر ا ِّللواط ِّي ُم َب ٌ‬ ‫نظم ِّ‬‫أن َ‬ ‫ني يف َّ‬ ‫افع ِّي َ‬ ‫ني َّ‬ ‫احلنف ِّي َ‬
‫لصبِ ٍّي‬ ‫ٍ‬ ‫ِ ٍ‬ ‫ِ ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫أكثر منه تعبري ًا عن‬ ‫الش ِ ِ‬ ‫للمهارات ِّ‬ ‫ِ‬
‫ميول عاطف َّية حقيق َّية وج َّياشة َ‬ ‫عر َّية َ‬
‫واإلمام َّي ِة‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الفقهاء احلناب َل ِة‬ ‫ِ‬
‫ملوقف‬ ‫األقرب‬ ‫املوقف هو‬
‫ُ‬ ‫يكون هذا‬ ‫ُ‬ ‫حمدَّ ِد‪ .‬وقدْ‬
‫َ‬
‫َّشبيب‬ ‫َ‬ ‫أن الت‬ ‫رف ال َّثانيِ ِم ْن َّ‬ ‫يذكر ُه ال َّط ُ‬ ‫ُ‬
‫للوهلة األولىَ ؛ واملبدأ ِ‬
‫الذي‬ ‫ِ‬ ‫ممَّا يبدُ و‬
‫ور ِة‬ ‫يتنافر بالضرَّ َ‬ ‫ُ‬ ‫الصبِ ِّي أ ْم ال) ال‬ ‫ِ ِ‬
‫العاطف َّي بالغلامن محُ َ َّر ٌم (سوا ٌء تع َّين َْت هو َّي ُة َّ‬
‫ِ‬
‫ِ‬ ‫املوقف ِ‬ ‫ِ‬
‫ب‪،‬‬ ‫فحس ُ‬ ‫بصبِ ٍّي حقيق ٍّي هو ا ُمل َح َّر ُم ْ‬ ‫َّشبيب الغزليِ َّ َ‬ ‫َ‬ ‫أن الت‬ ‫الذي يفيدُ َّ‬ ‫مع‬
‫لصبِ ٍّي َ‬ ‫ِ‬
‫متخ َّي ٍل ُ‬
‫غري محُ َ َّر ٍم‪.‬‬ ‫ال َ‬ ‫يص ِّو ُر ح َّب ًا متخ َّي ً‬ ‫عر الغزليِ ُّ الذي َ‬ ‫الش ُ‬ ‫بينَام ِّ‬

‫ون‬ ‫يفهم َ‬ ‫ِ‬


‫الفقهاء احلناب َل ِة‬ ‫بعض ًا ِم َن‬ ‫ديق َّ‬‫لتص ِ‬ ‫وثم َة‬
‫ُ‬ ‫أن َ‬ ‫سبب يد ُعونا ْ‬ ‫ٌ‬ ‫َّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ف الكرم ُّي‬ ‫يوس َ‬ ‫نظم مرع ُّي ب ُن ُ‬ ‫موقف مذهبِ ِهم هبذه ال َّطري َقة أو الكيف َّية‪ ،‬إذ َ‬ ‫َ‬
‫خالل‬ ‫ِ‬ ‫املص َّو ِر ِم ْن‬ ‫وق َ‬ ‫املعش ِ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬
‫جنس‬ ‫كشف فيها عن‬ ‫َ‬ ‫األبيات اآلت َي َة التِي‬ ‫ِ‬
‫ِ‬
‫العذار‪:‬‬ ‫اإلشارة إىل‬‫ِ‬

‫والئم‬ ‫ٌ‬
‫عذول‬ ‫وكـــم لـــي يف هــوا ُه‬ ‫والئم‬ ‫ِ‬
‫بروحـــي َمـ ْن لـي يف لقـا ُه‬
‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫وردتـــان وخا ُلــ ُه‬ ‫ِ‬
‫باسم‬
‫ُ‬ ‫الوصف وال َّث ُ‬
‫غر‬ ‫ْ‬ ‫لطيف‬ ‫كمسك‬ ‫َيــــه‬
‫عىل وجنت‬

‫بواســم‬ ‫هنـــار تبـــدَّ ى وال َّثنايـــــا‬ ‫وجه ِ‬


‫ـــه‬ ‫ليـل وطلعــــ ُة ِ‬ ‫ِ‬
‫ذوائ ُبــــ ُه ٌ‬
‫ُ‬ ‫ٌ‬
‫ِ‬
‫لديـه مالز ُم‬ ‫ِ‬
‫العذر ِّي‬ ‫هـــوى‬ ‫عذار ًا‬ ‫فوق خـدِّ ِه‬ ‫مرس ٌ‬
‫ــــل َ‬ ‫بديـــع ال َّت َثنِّي ِ‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫عنــــــدي يف املحب ِ‬
‫ــــة الز ُم‬ ‫ِ‬ ‫وذلِ َك‬ ‫ـت ودا َد ُه‬ ‫ٍ‬
‫عجـــب أنِّــي حف ْظ ُ‬ ‫ِ‬
‫وم ْن‬
‫َّ‬
‫(*)‬ ‫الفص ِ‬
‫ــل منه تالز ُم‬ ‫ِ‬
‫وبينـي وبيــ َن ْ‬ ‫الوص ِ‬
‫ـــل منه تبايـــ ٌن‬ ‫وبينِي َ‬
‫وبني ْ‬

‫الرحيانة‪.261-260 :2 ،‬‬
‫[*] املح ّب ّي‪ ،‬خالصة األثر‪ .361-360 :4 ،‬املح ّب ّي‪ ،‬نفحة ّ‬

‫*****‬
‫اإل ْسال ِم ِّي‬ ‫ال ال َع َر ِب ِّي ِ‬ ‫جل ْن ِس َّي ِة يِف ال َع مَ ِ‬ ‫َما َق ْب َل امل ِْثلِ َّي ِة ا ِ‬ ‫‪372‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ومستمخ ٍر‬ ‫الفقهي كاآلتيِ ‪( :‬فال شهاد َة َ‬
‫ملصاف ٍع‬ ‫ُّ‬ ‫الكرم ِّي‬ ‫َ‬
‫وكان ُحك ُْم‬
‫ٍ‬
‫بإعطاء ويف ذ ٍّم بمنعٍ‪ ،‬أو‬ ‫يفرط يف ٍ‬
‫مدح‬ ‫ُ‬ ‫ٍ‬
‫لشاعر‬ ‫اص ومشعبِ ٍذ‪ )1(...‬وال‬ ‫ور َّق ٍ‬
‫ِ‬ ‫حمر َم ٍة‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫ويفس ُق بذل َك وال ُ‬
‫حتر ُم‬ ‫َّ‬ ‫بم ْرد أو بامرأة مع َّينَة َّ‬
‫بمدح مخرة أو ُ‬‫ِ‬ ‫ب‬ ‫يش ِّب ُ‬
‫(‪)2‬‬
‫رواي ُت ُه)‪.‬‬
‫ِ‬
‫ظهور‬ ‫حيول َ‬
‫دون‬ ‫أن َ‬ ‫للوهلة األوىل ْ‬ ‫ِ‬ ‫مثل هذا‬ ‫كان يتعينَّ ُ عىل ُح ْك ٍم ِ‬ ‫وقدْ َ‬
‫املقصو َد ِم ْن ُح ْك ِم التَّحري ِم‬ ‫ُ‬ ‫أن‬‫رج ُح َّ‬ ‫األبيات التي نق ْلناها للت َِّّو! ولك ْن ُي َّ‬
‫ِ ِ‬
‫شعر ِم ْن هذا النَّوعِ‪ ،‬ال‬ ‫ٍ‬ ‫نظم‬ ‫هذا هو اشتام ُله عىل ُّ ِ ِ‬
‫الشعراء الذي َن أد َمنُوا َ‬ ‫ُ‬
‫ائد ِهم ِم ْن هذا النَّو ِع الواحدَ َة أو االثنتَني‪ِ.‬‬ ‫يتجاوز عدد قص ِ‬
‫ُ َ‬ ‫ُ‬ ‫الذي َن ال‬ ‫الشعراء ِ‬
‫َّ َ‬
‫الكرم ِّي‬ ‫ِ‬ ‫َّقل عن‬ ‫اعر) يف الن ِ‬ ‫(الش ِ‬
‫كلمة َّ‬ ‫ِ‬ ‫املقصو ُد ِم ْن‬ ‫ُ‬ ‫وبكلامت َ‬‫ٍ‬
‫يكون ُ‬ ‫أخ َر‪ ،‬قد‬
‫عر‬ ‫ون ِّ‬ ‫ينظم َ‬ ‫ِ‬ ‫الش ِ‬ ‫ني يف كتا َب ِة ِّ‬ ‫املتمر ِس َ‬ ‫اإلحال َة إىل املحرتفِ َ‬
‫الش َ‬ ‫عر ال إىل الذي َن ُ‬ ‫ِّ‬ ‫ني‬
‫عابدي َن‬ ‫ِ‬ ‫احلنف ِّي ِ‬
‫ابن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الفقيه‬ ‫يتوافق مع ُح ْك ِم‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬
‫املثال‬ ‫ِ‬
‫سبيل‬ ‫اتِّفاق ًا؛ وهذا يف‬
‫عر الغزليِ ِّ ‪ ،‬وشدَّ َد‬ ‫الش ِ‬‫كتابة َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اإلدمان يف‬ ‫ِ‬
‫اإلفراط أو‬ ‫ِ‬
‫جواز‬ ‫قال بعد ِم‬ ‫الذي َ‬ ‫ِ‬
‫عر إذا‬ ‫الش ِ‬‫القليل ِم ْن هذا النَّو ِع ِم َن ِّ‬ ‫ِ‬ ‫بأس يف ال َقدْ ِر‬ ‫اعرتاض وال َ‬ ‫َ‬ ‫عىل أ َّن ُه ال‬
‫جلمي َل ِة‬ ‫ِ‬
‫واملقارنات ا َ‬ ‫َ‬ ‫رف والن ِ‬
‫َّوادر‬ ‫عرض ال ُّط ِ‬ ‫ِ‬ ‫ني ِم ْن‬ ‫َّحس َ‬‫كان املقصود منه الت ِ‬
‫ُ ُ‬ ‫َ‬
‫ِ (‪)3‬‬ ‫ِ‬
‫وجيوز‬ ‫ُ‬ ‫القدود واخلدود‪.‬‬ ‫َت عن‬ ‫َّعبريات ا َّللطي َف ِة‪ ،‬حتَّى لو كان ْ‬ ‫ِ‬ ‫البار َع ِة والت‬‫ِ‬
‫ٍ‬ ‫يقصدُ ِم ْن ملحو َظتِ ِه ْ‬ ‫الكرمي مل يكن ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬
‫ليس‬ ‫أن ت َْصدُ َق عىل حاالت َ‬ ‫َّ ْ ْ‬ ‫القول‪َّ :‬‬
‫إن‬
‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫فيها َصبِ ٌّي‬
‫الستعراض‬ ‫وسيلة‬ ‫سوى‬ ‫أن ال َقصيدَ َة مل ْ تك ْن َ‬ ‫قط‪ ،‬كام َّ‬ ‫حقيق ٌّي ُّ‬
‫مهارات العالمِ ِ األدبِ َّي ِة‪.‬‬ ‫ِ‬

‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬


‫ني)‬
‫العاشق َ‬ ‫ني وبغ َي ُة‬ ‫ث الكرم ُّي يف مؤ َّلفه ُ‬
‫املوسو ِم بـ (من َي ُة املح ِّب َ‬ ‫وحتدَّ َ‬
‫ث عن‬ ‫ِ‬
‫املعذري َن‪ ...‬حتدَّ َ‬ ‫ائد عن ا ُمل ْر ِد أو‬
‫بعدد ِمن القص ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫االستشهاد‬ ‫بعدَ‬

‫الريبة‬
‫حيب أن يفعل به‪ .‬واملستمخر‪ :‬نسبة للامخور وهو َب ْي ُت ّ‬ ‫الرجل الذي ّ‬ ‫(((   املصافع‪ّ :‬‬
‫البيت ويقود إِليه‪ .‬واملشعبذ‪ :‬املاهر يف االحتيال‬
‫الرجل الذي َييل ذلك َ‬ ‫ّ‬ ‫هو‬ ‫واملستمخر‬
‫لغوي)‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫(املقوم ال‬
‫ّ‬ ‫يريك الشيّ َء عىل غري حقيقته‪.‬‬
‫  الكرمي‪ ،‬غاية املنتهى‪.500 :3 ،‬‬
‫ّ‬ ‫(((‬
‫(((   ابن عبدين‪ ،‬ر ّد املحتار‪.35 :1 ،‬‬
‫لواط ُّي َ‬
‫ون‬ ‫الث‪ُّ :‬ال ِ‬ ‫الث ُ‬ ‫الفص ُل َّ‬ ‫ْ‬
‫‪373‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ات الدِّ ينِ َّي ِة املع َتبرَ َ ِة يف نظ ِم‬ ‫خصي ِ‬ ‫ِ‬


‫َّ‬
‫والش ِ‬ ‫ني َّ‬ ‫عروفِ َ‬ ‫الكثري م َن الفقهاء ا َمل ُ‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫اشتغال‬
‫ني عىل ُك ُت ُب ِهم‬ ‫وف للم َّط ِل ِع َ‬ ‫عر ٌ‬ ‫عر الغزليِ ِّ كام هو َم ُ‬ ‫الش ِ‬ ‫عر‪ ،‬أي َّ‬ ‫الش ِ‬ ‫هذا النَّو ِع ِم َن ِّ‬
‫ليس عيب ًا وال خطأ ِم ْن جانبِ ِهم‪ ،‬ألنهَّ ُم وأمثالهَ ُم ال تشوبهُ ُم‬ ‫ومؤ َّلفاتهِ ِم‪ ،‬وهذا َ‬
‫ف جزء ًا ِم ْن‬ ‫إن هذا يؤ ِّل ُ‬ ‫لل‪ ،‬بل َّ‬ ‫الز ِ‬ ‫وأرفع ِم َن الوقو ِع يف َّ‬ ‫ُ‬ ‫أجل‬ ‫وهم َّ‬ ‫شائ َب ٌة‪ُ ،‬‬
‫ِ‬ ‫الشعر هو فن الفص ِ‬ ‫وحمص َل ًة ملعرفتِ ِهم َّ‬ ‫طبيعتِ ِهم النَّبي َل ِة‬
‫َّجاعة‬ ‫احة والن‬ ‫َ‬ ‫ُّ‬ ‫أن ِّ َ‬ ‫ِّ‬
‫(‪)1‬‬
‫للقلب ممَّا يكابدُ ُه‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫وشفا ٌء‬
‫ِ‬
‫معايري‬ ‫ائد ِه الغزلِ َّي ِة املتوافِ َق ِة مع‬ ‫ببعض ِمن قص ِ‬
‫ٍ ْ َ‬ ‫ِ‬
‫ليستشهدَ‬ ‫ِ‬
‫الكرم ُّي‬ ‫ومضىَ‬
‫ِ (‪)2‬‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫العذر ِّي ِم ْن‬ ‫ِ‬ ‫تص ِ‬ ‫ِ‬
‫المرأة أو َصب ٍّي‪.‬‬ ‫واحد‬ ‫طرف‬ ‫احلب‬‫ِّ‬ ‫وير‬ ‫عصرْ ِ ه يف ْ‬
‫بصبِ ٍّي محُ َ َّر ٌم‬ ‫الش ِ‬ ‫الكرمي للمبدأ ِ‬ ‫ِ‬
‫عر الغزليِ ِّ َ‬ ‫قول ِّ‬ ‫أن َ‬ ‫الذي يفيدُ َّ‬ ‫ِّ‬ ‫إن َف ْه َم‬ ‫َّ‬
‫بعض ُهم‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫الذي تبنَّاه ٌ ِ‬ ‫يكون هو املبد َأ ذا َته ِ‬ ‫ُ‬
‫نظم ُ‬ ‫بعض م ْن فقهاء اإلمام َّية‪ ،‬إذ َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫قد‬
‫ين‬ ‫وشهاب الدِّ ِ‬‫ِ‬ ‫بن ُح َسينْ ٍ العام ِّ ( ُتوفيِّ َ سن َة ‪1621‬م)‬ ‫ليِ‬ ‫حممد ِ‬ ‫ٍ‬ ‫مثل هباء الدِّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬
‫ين َّ‬
‫معصو ٍم ( ُتوفيِّ َ سن َة ‪1708‬م)‬ ‫وابن ُ‬ ‫احلويز ِّي ( ُتوفيِّ َ سن َة ‪1676‬م) ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫معتوق‬ ‫ِ‬
‫بن‬
‫اهر ِّي‬ ‫الرغ ِم ِم َن احلك ِم ال َّظ ِ‬ ‫احلب ا ِّللواط ِّي عىل ُّ‬
‫ِ‬
‫ِّ‬ ‫نظموا شعر ًا يف‬ ‫تقريب ًا؛ ُ‬
‫ُور يف أعال ُه زي ُن الدِّ ِ‬ ‫َ ِ (‪)3‬‬ ‫ملذهبِ ِهم يف ِ‬
‫ين‬ ‫وخلص الفقي ُه املذك ُ‬ ‫َ‬ ‫هذه املسألة‪.‬‬
‫رأي يفيدُ‬ ‫عر الغزليِ ِّ إىل ٍ‬ ‫للش ِ‬ ‫الفقه َّي ِّ‬ ‫ِ‬ ‫الوض َع‬ ‫ْ‬ ‫مناقشتِ ِه‬ ‫َ‬ ‫العامليِ ُّ يف الواق ِع يف‬
‫ني الكال ِم‬ ‫اعر ْحت ِس ُ‬ ‫الش ِ‬ ‫وان غاي َة َّ‬ ‫بغري معينَّ ٍ ف ٌّن‪َّ ،‬‬ ‫َّشبيب ِ‬ ‫َ‬ ‫إن الت‬ ‫القول‪َّ :‬‬ ‫ِ‬ ‫َ‬
‫إمكان‬
‫واقع َّي ِة ما ُيذك َُر يف ذلِ َك الف ِّن‪ ،‬وبنا ًء عليه‪ ،‬ال يتعينَّ ُ‬ ‫حتقيق ِ‬ ‫ُ‬ ‫املهارة ال‬ ‫ِ‬ ‫وإظهار‬
‫ُ‬
‫رب‬ ‫اح‪َّ ،‬‬ ‫ِ‬
‫عدُّ هذا الف ِّن خمالف ًا لرشط العدالة‪ ،‬وعىل َف َر ِ‬ ‫ِ‬
‫فإن اجلز َء األك َ‬ ‫ض أ َّن ُه ُم َب ٌ‬
‫(‪)4‬‬
‫مكرو ٌه‪.‬‬ ‫منه ُ‬

‫  الكرمي‪ ،‬منية املح ّبني‪ ،‬صفحة ‪ 41‬ب‪.‬‬


‫ّ‬ ‫(((‬
‫  الكرمي‪ ،‬منية املح ّبني‪ ،‬صفحة ‪47‬ب‪-53‬ب‪.‬‬‫ّ‬ ‫(((‬
‫للحويزي وابن معصوم‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫املثيل‬ ‫احلب‬
‫ّ‬ ‫شعر‬ ‫عن‬ ‫بأمثلة‬ ‫ابق‬‫الس‬
‫ّ‬ ‫الفصل‬ ‫يف‬ ‫  استشهدنا‬ ‫(((‬
‫العاميل‪.90-88 ،‬‬
‫ّ‬ ‫ين‬ ‫الدّ‬ ‫هباء‬ ‫‪،‬‬‫تونجي‬
‫ّ‬ ‫انظر‬ ‫املوضوع‪،‬‬ ‫ولالستزادة عن هذا‬
‫ّ‬
‫العاميل‪ ،‬مسالك اإلفهام‪.182 :14 ،‬‬ ‫   زين الدّ ين‬ ‫(((‬
‫اإل ْسال ِم ِّي‬ ‫ال ال َع َر ِب ِّي ِ‬ ‫جل ْن ِس َّي ِة يِف ال َع مَ ِ‬ ‫َما َق ْب َل امل ِْثلِ َّي ِة ا ِ‬ ‫‪374‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫مر ًة أخ َرى‬ ‫ات َّ‬ ‫املَُث ُل واملُما َر َس ُ‬


‫وق‪ ،‬كام ب َّينَّا يف‬ ‫املعش ِ‬ ‫اعر هو َّي َة ُ‬ ‫الش ِ‬ ‫تعيني َّ‬ ‫ِ‬ ‫الذي يقضيِ بعد ِم‬ ‫كان الشرَّ ُط ِ‬ ‫َ‬
‫هلذ ِه احلقي َق ِة‪،‬‬ ‫ني ِ‬ ‫وكان القضا ُة ِ‬
‫واع َ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬
‫العادة‪،‬‬ ‫جتاه ُل ُه يف‬ ‫جيري ُ‬ ‫ابق ِ‬ ‫الس ِ‬ ‫الفص ِل َّ‬ ‫ْ‬
‫ب قرائ َن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫(ويقع لبعض َف َس َقة ُّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الشعراء ن َْص ُ‬ ‫ُ‬ ‫سبيل املثال‪:‬‬ ‫كتب اهليتم ُّي يف‬ ‫إذ َ‬
‫وق] وهذا ال‬ ‫املعش ِ‬ ‫ف عىل ُ‬ ‫إملاحات تؤدي إىل التَّعر ِ‬ ‫ٌ‬ ‫َّعيني [أي‬ ‫تدل عىل الت ِ‬ ‫ُّ‬
‫ُّ‬ ‫ِّ‬
‫ابق‬ ‫الس ُ‬ ‫الفص ُل َّ‬ ‫وق])‪ )1(.‬وقدْ قدَّ َم ْ‬ ‫املعش ِ‬ ‫تعيني هلو َّي ِة ُ‬ ‫ٌ‬ ‫شك يف أ َّن ُه معينِّ ٌ [أي‬ ‫َّ‬
‫نظم عبدُ‬ ‫مثل هذا‪ ،‬إذ َ‬ ‫بأنفس ِهم شعر ًا غزلِ َّي ًا َ‬ ‫ِ‬ ‫نظموا‬ ‫كذل َك أمثل ًة عن فقها َء ُ‬
‫ِ‬
‫فد ِّي كشفا فيها عن‬ ‫زميل ِه أمحدَ الص ِ‬ ‫باالشرتاك مع ِ‬ ‫ِ‬ ‫الغنِ ِّي النَّابلسيِ ُّ َق ِصيدَ ًة‬
‫َّ‬
‫العراقي عبدُ اهللِ الس ِ‬ ‫ِ‬ ‫(رباح اخلي ِ‬ ‫ِ‬ ‫هو َّي ِة‬
‫ويد ُّي إىل‬ ‫ُّ‬ ‫ُّ‬ ‫وأملح الفقي ُه‬ ‫َ‬ ‫اط)‬ ‫ٍ َّ‬ ‫املحبوب‬
‫(عرض ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫حال) مق َّف ًى نثر ًا‬ ‫َ‬ ‫الح ـ أهدَ ى له‬ ‫شاب م َن ا َمل ْوص ِل ‪ -‬هو َص ُ‬ ‫ٍّ‬ ‫اس ِم‬
‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫درس الفقي ُه‬ ‫أخرى؛ إذ َ‬ ‫وشعر ًا؛ ويمك ُن بسهو َلة بال َغة االستشها ُد بعدَّ ة أمث َلة َ‬
‫بن أمحدَ احلفنِ ِّي ( ُتوفيِّ َ سن َة ‪1764‬م) يف‬ ‫ف ب ُن ساملٍ ِ‬ ‫يوس ُ‬ ‫اعر املصرْ ِ ُّي ُ‬ ‫والش ُ‬ ‫َّ‬
‫حممد ًا‬ ‫ِ‬ ‫لشيخ ِ‬ ‫ِ‬ ‫وكان ُ‬ ‫َ‬ ‫القاهر ِة‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫جام َع ِة‬
‫املؤس َسة َّ‬ ‫َّ‬ ‫هذه‬ ‫غر‬
‫األص ُ‬ ‫ْ‬ ‫األخ‬ ‫َ‬ ‫األزهر يف‬
‫وق ِه‬ ‫معش ِ‬ ‫اسم ُ‬ ‫تذكر َ‬ ‫ُ‬ ‫قصائدَ‬ ‫ويتضم ُن ديوا ُن ُه عدَّ َة َ‬ ‫َّ‬ ‫احلفنِ َّي ( ُتوفيِّ َ سن َة ‪1767‬م)‬
‫بالقمر ِ‬ ‫ِ‬ ‫حيث ِ‬
‫فتك‬ ‫الذي َ‬ ‫اعر حمبو َب ُه (أمحدَ )‬ ‫الش ُ‬ ‫ف َّ‬ ‫يص ُ‬ ‫ُ‬ ‫وهو (أمحدُ )‬ ‫الذك َِر‪َ ،‬‬ ‫َّ‬
‫أن‬ ‫(باحلب) إليه ْ‬ ‫ِّ‬ ‫ويتوس ُل به‬ ‫َّ‬ ‫احلب واهليا ِم‪،‬‬ ‫ِّ‬ ‫كأس‬‫يتجر ُع َ‬ ‫َّ‬ ‫بفؤاد ِه وجع َل ُه‬ ‫ِ‬
‫يذوب شوق ًا إليه‬ ‫ُ‬ ‫الصدِّ والتَّمنُّ ِع أل َّن ُه‬ ‫سيوف َّ‬ ‫َ‬ ‫فيسحب‬
‫ُ‬ ‫يكون كري ًام معه‪،‬‬ ‫َ‬
‫َّحز ِن‬ ‫ِِ‬
‫ُّوج ِع والت ُّ‬ ‫اعر آه َة عمي َق ًة دالل ًة عىل الت ُّ‬ ‫الش ُ‬ ‫يطلق َّ‬ ‫ثم ُ‬ ‫وصاله‪َّ ،‬‬ ‫ورغب ًة يف َ‬
‫(‪)2‬‬
‫ليكون شفيع ًا عندَ أمحدَ ؟!)‪.‬‬ ‫َ‬ ‫يكفي ح ُّب ُه‬ ‫كاية‪ ،‬متسائالً‪( :‬أال ِ‬ ‫والش ِ‬ ‫ِّ‬

‫الر ّ‬
‫ميل‪ ،‬هناية املحتاج ‪.299 :8‬‬ ‫(((   ابن حجر‪ ،‬حتفة املحتاج‪224 :10 ،‬؛ شمس الدّ ين ّ‬
‫(املرادي)‬
‫ّ‬ ‫وللشاعر قصيدة أخرى أوردها‬ ‫احلفني‪ ،‬الدّ يوان‪ ،‬صفحة ‪ 46‬أ‪ّ .‬‬‫ّ‬ ‫(((   يوسف‬
‫خصصه له (‪ ،)245-241‬يقول فيها‪:‬‬ ‫ّ‬ ‫الذي‬ ‫الباب‬ ‫يف‬ ‫ابع‬ ‫الر‬
‫ّ‬ ‫اجلزء‬ ‫رر‪،‬‬ ‫الدّ‬ ‫سلك‬ ‫يف‬
‫ع�ل�ى م��ع��ن��ى يف احل����ب م��ف��رد‬ ‫يا واح��د العصـــر تــه دالال‬
‫وق���د ج��ف��اين صــحب وع��ود‬ ‫م��ا حيلتي م��ن ت�لاف جسمي‬
‫لواط ُّي َ‬
‫ون‬ ‫الث‪ُّ :‬ال ِ‬ ‫الث ُ‬ ‫الفص ُل َّ‬ ‫ْ‬
‫‪375‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫نظمها احلفنِ ُّي تو ِّف ُر أمثل ًة مناس َب ًة عىل ما سماَّ ُه اب ُن‬ ‫أخرى َ‬ ‫قصائدُ َ‬ ‫وثم َة َ‬
‫َّ‬
‫اسم‬‫يذكر َ‬ ‫َ‬ ‫حيث ُ‬
‫يقول فيها‪ :‬إ َّن ُه لن‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬
‫تدل عىل التَّعيني)‬ ‫ب قرائ َن ُّ‬ ‫(نص َ‬‫حجر ْ‬ ‫ٍ‬
‫َّضحية بالن ِ‬
‫َّفس‬ ‫ِ‬ ‫واستعداد ِه للت‬
‫ِ‬ ‫الرغ ِم ِم ْن َك َل ِف ِه به‬ ‫حبي َب َه خوف ًا ِم َن َّ ِ‬
‫العذال عىل ُّ‬
‫وق ِه‪:‬‬
‫معش ِ‬
‫يدل عىل اس ِم ُ‬ ‫البيت ال َّثانيِ ِضمن ًا ما ُّ‬‫ِ‬ ‫يذكر يف‬ ‫ِِ‬
‫م ْن أجله‪ ،‬ولكنَّ ُه ُ‬
‫ِ‬
‫ُّ ُ ِ (*)‬
‫واألخيــر يف حروفِ ِه عُشرْ ُ الثلث‬
‫ُ‬ ‫َّأو ُل ُه يف ِح ِ‬
‫ساب اجلُ َم ِل ُث ُم ُن اآلت‬

‫احلفني‪ ،‬الدّ يوان‪73 ،‬أ‪ -‬ب‪.‬‬


‫ّ‬ ‫[*] يوسف‬

‫*****‬
‫ٍ‬
‫حرف يف‬ ‫حيوز ُّ‬
‫كل‬ ‫حيث‬‫ُ‬ ‫ِ‬
‫اجلمل‪،‬‬ ‫حساب‬ ‫ِ‬ ‫اعر هنا نظا َم‬ ‫ُ‬
‫ويستعمل َّ‬
‫ُ‬ ‫الش ُ‬
‫اعر إىل اس ِم (أمحدَ )‬ ‫ويلمح َّ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫النِّظا ِم األبجد ِّي عىل قيمة رقم َّية تقليد َّية‪،‬‬
‫الش ُ‬ ‫ُ‬
‫القيم الر ِ‬
‫قم َّي ُة اآلت َي ُة عىل التَّواليِ ‪ :‬أ (‪ -)1‬ح‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫الذي ِ‬
‫حيوي أرب َع َة حروف هلا َ ُ َّ‬
‫(‪)1‬‬
‫(‪ -)8‬م (‪ -)40‬د (‪.)4‬‬
‫ني‪ ،‬إذ َ‬
‫كان َح َس ُن‬ ‫بعالقات صدا َق ٍة مع شعراء ِ‬
‫خمالف َ‬ ‫ِ‬ ‫آخ ُر َ‬
‫ون‬ ‫َ‬
‫وارتبط فقها ُء َ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫املسترشق والرح ِ‬
‫الة (ادوارد لني)‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫إقامة‬ ‫القاهر ِة أثنا َء‬ ‫ِ‬
‫األزهر يف‬ ‫الع َّط ُار ُ‬
‫شيخ‬
‫َّ َّ‬ ‫َ‬
‫ني ِم َن َّ‬
‫الش ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اب‬‫اخلش ِ‬ ‫َ‬
‫إسامعيل َّ‬ ‫اعر‬ ‫املقربِ َ‬
‫األصدقاء َّ‬ ‫ْ‬ ‫املثال أحدَ‬ ‫ِ‬
‫سبيل‬ ‫فيها يف‬
‫وف���رط وج���دي بكــى وع��دد‬ ‫وع���اذيل م��ذ رأى هيامـــــي‬

‫(املرتمجة)‪.‬‬
‫((( ْ  مل تكن األرقام املستعملة اليوم معروفة يوم نزل القرآن الكريم‪ ،‬بل كان ُيتَّبع نظام‬
‫عاملي للحساب يستعمل احلروف العرب ّية أو السرّ يان ّية أو العرب ّية أو اليونان ّية بدل‬
‫خاصة به هي القيمة العد ّدية له‪ ،‬وذلك عىل‬ ‫كل حرف قيمة عدد ّية ّ‬ ‫األرقام‪ ،‬وحيمل ّ‬
‫الشكل التّايل‪:‬‬‫ّ‬
‫(أ‪( )1‬ب‪( )2‬ت‪( )400‬ث‪( )500‬ج‪( )3‬ح‪( )8‬خ‪( )600‬د‪( )4‬ذ‪)200( )700‬‬
‫(ز‪( )7‬س‪ )60‬ش(‪( )300‬ص‪( )800‬ض‪( )800‬ط‪( )9‬ظ‪70( )900‬ع)‬
‫(غ‪( )1000‬ف‪( )80‬ق‪( )100‬ك‪( )20‬ل‪( )30‬م‪( )40‬ن‪( )50‬هـ ‪( )5‬و‪)6‬‬
‫(ي‪.)10‬‬
‫لغوي)‪.‬‬
‫ّ‬ ‫(املقوم ا ّل‬
‫ّ‬
‫اإل ْسال ِم ِّي‬ ‫ال ال َع َر ِب ِّي ِ‬ ‫جل ْن ِس َّي ِة يِف ال َع مَ ِ‬ ‫َما َق ْب َل امل ِْثلِ َّي ِة ا ِ‬ ‫‪376‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫العادة القيو َد التِي وض َعها‬ ‫ِ‬ ‫شعر ُه يف‬ ‫يتجاهل ُ‬ ‫ُ‬ ‫الذي‬‫( ُتوفيِّ سن َة ‪1815‬م) ِ‬
‫َ‬
‫(اخلش ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اب) يف‬ ‫َّ‬ ‫قصائدَ‬‫مجع َ‬‫وكان اب ُن الع َّطار يف الواقعِ‪ ،‬هو الذي َ‬ ‫َ‬ ‫الفقها ُء‪،‬‬
‫ابن الع َّط ِ‬ ‫ب ِ‬ ‫بحس ِ‬ ‫ٍ (‪)1‬‬ ‫ٍ‬
‫قصائدَ يعبرِّ ُ فيها‬ ‫ار عدَّ َة َ‬ ‫اب ْ‬ ‫نظم َّ‬
‫اخلش ُ‬ ‫جم َّلد واحد‪ .‬فقدْ َ‬
‫غرام ِه‪:‬‬
‫اخلشاب وقع يف ِ‬
‫َ‬ ‫أن َّ َ‬ ‫ب َّ‬‫ف) يحُ َس ُ‬ ‫اسم ُه (شرَ َ ُ‬
‫شاب ُ‬
‫ِِ‬ ‫ِ‬
‫عن ح ِّبه وهيامه يف ٍّ‬
‫يوف التِي‬
‫فهي كالس ِ‬
‫ُّ‬
‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫نظرات (شرَ َ ف) قات َل ٌة وناع َس ٌة‪ ،‬وعيو ُن ُه فتَّا َك ٌة ذاب َل ٌة‪َ ِ ،‬‬ ‫ُ‬
‫بان‪.‬‬‫تسلب األلباب‪ ،‬قدُّ ه مياس وقوامه غصن ٍ‬
‫ُُ ْ ُ‬ ‫ُ َّ ٌ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫األهيف األغيدَ ‪ ،‬وما َ‬
‫كان‬ ‫َ‬ ‫لطيف‬‫َ‬ ‫حيب هذا ا َّل‬ ‫اب إلاَّ ْ‬
‫أن َّ‬ ‫اخلش ُ‬ ‫ُ‬
‫يملك َّ‬ ‫وال‬
‫(‪)2‬‬
‫سوى‪( :‬قس ًام إ َّن ُه شرَ َ فيِ )‪.‬‬ ‫جوا ُب ُه لعاذلِ ِيه يف ِ‬
‫عشق هذا الفتَى َ‬
‫اب وأعا َد اب ُن الع َّط ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫ار‬ ‫نظمها َّ‬
‫اخلش ُ‬ ‫وليس ْت هذه ال َقصيدَ ُة الوحيدَ َة التي َ‬ ‫َ‬
‫بالشادنِ‬ ‫ِ‬
‫اسم ُه (وفا ُء) يص ُف ُه ِ‬ ‫ِ‬
‫فيهام َّ‬ ‫اب ملغ ٍّن ُ‬ ‫اخلش ُ‬ ‫فثم َة بيتان َ‬
‫نظم ُهام َّ‬ ‫تقديمها‪َّ ،‬‬‫َ‬
‫ِ‬
‫اجلراح املميتات) إذا‬ ‫املورد الذي ِ‬
‫(يرب ُئ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫والص ِ‬ ‫ِ‬
‫واملليح املؤن ِق‬
‫ِ‬ ‫الر ِ‬
‫َ‬ ‫بيح َّ‬ ‫َّ‬ ‫قيق‬ ‫َّ‬
‫اب ُ‬
‫يقول‬ ‫اخلش ِ‬
‫حاب َّ‬ ‫أص ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫يرشق هذا املغنِّي بطلعته ِ‬ ‫ُ‬ ‫وكان ك َّلام‬
‫َ‬
‫البه َّية عىل ْ‬ ‫غنَّى‪،‬‬
‫(‪)3‬‬
‫احلبيب [وفا ُء])‪.‬‬
‫ُ‬ ‫ظهر‬
‫(هناك! َ‬ ‫َ‬ ‫األخري‪:‬‬
‫ُ‬ ‫هلُم‬
‫وب‪َ ،‬‬
‫أبلغ‬ ‫اعر هو َّي َة املح ُب ِ‬ ‫ائد التِي مل ْ يعينِّْ فيها َّ‬
‫الش ُ‬
‫ويف إحدَ ى القص ِ‬
‫َ‬
‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫حممد الذي ها َم به‬ ‫ٍ‬ ‫القار َئ أنهَّ ا نُظِ َم ْت‬
‫ِ‬ ‫الع َّط ُار‬
‫عيل ب ُن َّ‬‫اسم ُه ُّ‬
‫شاب ُ‬‫ٍّ‬ ‫لناسخ‬
‫ً (‪)4‬‬
‫اب ح َّبا‪.‬‬
‫اخلش ُ‬ ‫َّ‬

‫الذي كنَّا‬‫ويبدُ و األمر مر ًة أخرى‪ ،‬كام لو أنَّنا ما ز ْلنا يف املوق ِع ذاتِ ِه ِ‬


‫َ‬ ‫ُ َّ‬
‫[بعض ِمن] املف ِ ين املع َت ِ ين للفقهِ‬ ‫إص ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫سرِّ َ برَ َ‬ ‫ٍ َ‬ ‫دار‬ ‫راسة! فبعدَ ْ‬ ‫فيه يف بداية الدِّ َ‬
‫أنفسنا أما َم‬ ‫عل مثالً‪ ،‬نجدُ‬‫الف ِ‬ ‫جواز هذا ِ‬ ‫ِ‬ ‫اإلسالم َّي ِة حك ًام بعد ِم‬
‫ِ‬ ‫والشرَّ ي َع ِة‬
‫َ‬
‫  اجلربيت‪ ،‬عجائب اآلثار‪.239 :4 ،‬‬
‫ّ‬ ‫(((‬
‫ّ‬
‫  اخلشاب‪ ،‬الدّ يوان‪.375 ،‬‬ ‫(((‬
‫الصفحة ذاهتا تتحدّ ث‬
‫وثمة قصيدة أخرى أطول قليال يف ّ‬
‫  اخلشاب الدّ يوان‪ّ .376 ،‬‬ ‫ّ‬ ‫(((‬
‫شاب ٍ‬
‫مليح اسمه أبيض‪.‬‬ ‫عن ّ‬
‫   ّ‬
‫اخلشاب‪ ،‬الدّ يوان‪.374 ،‬‬ ‫(((‬
‫لواط ُّي َ‬
‫ون‬ ‫الث‪ُّ :‬ال ِ‬ ‫الث ُ‬ ‫الفص ُل َّ‬ ‫ْ‬
‫‪377‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ِ‬
‫شخص َّي ٌة قو َّي ٌة‬ ‫عالقات‬ ‫ِ‬
‫الفقهاء‬ ‫وفرة ِم َن األد َّل ِة عىل ممُ َار َس ِة أدبا َء ترب ُط ُهم مع‬ ‫ٍ‬
‫ٌ‬
‫أخرى إىل ممُ َار َس ِة‬ ‫وتشري أد َّل ٌة َ‬
‫ُ‬ ‫الرغ ِم ِم ْن هذا احلك ِم ‪-‬‬ ‫عل علن ًا ‪ -‬عىل ُّ‬ ‫الف َ‬ ‫هذا ِ‬
‫مه َّي ِة مقاو َم َة‬ ‫عل‪ .‬وعىل الرغ ِم ِمن ذلِ َك‪ِ َّ ،‬‬
‫فإن م َن األ ِّ‬ ‫ْ‬ ‫ُّ‬ ‫الف َ‬‫ني هذا ِ‬ ‫فقها َء دين ِّي َ‬
‫خص ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫تارخي َّي ًا ِ‬ ‫توظيف م ْف ُهو ٍم ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ائص‬ ‫لوصف َ‬ ‫مثل (املثل َّي ُة اجلنس َّي ُة) ْ‬ ‫فارق‬ ‫َ‬ ‫إغراء‬
‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ال بام ِ‬ ‫املعص َي ِة املر َت َك َب ِة‪.‬‬ ‫ِ‬
‫بتاميزات‬ ‫لإلحاطة‬ ‫يكفي‬ ‫مفص ً‬ ‫وليس ا َمل ْف ُهو ُم ذا ُت ُه َّ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫احلقبة‬ ‫ني يف‬ ‫ني املتع ِّل ِم َ‬
‫احلرض ِّي َ‬‫ِ‬ ‫ِ‬
‫العرب‬ ‫ني‬ ‫ِ‬
‫املسلم َ‬ ‫ِ‬
‫موقف‬ ‫رضور َّي ٍة ل َف ْه ِم‬ ‫ِ‬ ‫دقي َق ٍة‬
‫لواط علن ًا‪ ،‬بل إنهَّ ُم‬ ‫ون ا ِّل َ‬‫يامرس َ‬ ‫ُ‬ ‫املبكر ِة‪ ،‬فاألدبا ُء والفقها ُء مل ْ يكونُوا‬ ‫َ‬ ‫العثامنِ َّي ِة‬
‫غري‬ ‫مكروه ًا أو َ‬ ‫ون يعدُّ و َن ُه ُ‬ ‫عرو ُف َ‬ ‫كان الفقها ُء ا َمل ُ‬ ‫ون شعر ًا غزلِ َّي ًا َ‬ ‫ينظم َ‬ ‫ُ‬ ‫كانُوا‬
‫ديق‬ ‫تص ُ‬
‫عب ْ‬ ‫ويص ُ‬ ‫ِ‬
‫الكبائر‪ْ ،‬‬ ‫بالكاد تُعدُّ ِم َن‬ ‫ِ‬ ‫املعص َي ُة كان ْ‬
‫َت‬ ‫َ‬ ‫وهذ ِه‬
‫ب؛ ِ‬ ‫مناس ٍ‬ ‫ِ‬
‫َّشبيب‬ ‫حني ُيعدُّ الت‬ ‫غائر يف ِ‬ ‫الص ِ‬ ‫ِ‬ ‫املفاخ َذ ِة مع َصبِ ٍّي كان ْ‬ ‫َ‬ ‫أن ممُ َار َس َة‬ ‫َّ‬
‫ُ‬ ‫َت تُعدُّ م َن َّ‬
‫ِ‬
‫الكبائر‪.‬‬ ‫بصبِ ٍّي معينَّ ٍ ِم َن‬ ‫العفيف َ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫خص‪،‬‬ ‫ِ‬
‫لعدالة َّ‬
‫الش‬ ‫غري ِة ناقض ًا‬ ‫ومث َلام أسل ْفنا ِّ‬
‫الص َ‬ ‫ارتكاب َّ‬ ‫ُ‬ ‫الذك َْر‪ ،‬مل ْ يك ْن‬
‫َّكفري عن‬ ‫ِ‬
‫بإمكان الت ِ‬ ‫وكان االعتقا ُد سائد ًا‬ ‫َ‬ ‫قبول شهادتِ ِه يف املحاك ِم‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫بمعنَى‬
‫الكامل لألحكا ِم الشرَّ ِع َّي ِة ما مل ْ يدم ْن الفر ُد ارتكابهَ ا‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫باالمتثال‬ ‫الص ِ‬
‫غائر‬ ‫ِ‬
‫هذه َّ‬
‫تبطل فيها أفعا ُل ُه التَّق َّي ُة‪.‬‬ ‫أو يصرِ َّ عليها إىل حدٍّ ُ‬

‫واجر‬
‫(الز ُ‬ ‫املعنو ِن بـ َّ‬‫َ‬ ‫عمل ِه‬ ‫ِّ‬
‫ِ‬
‫اهليتمي يف ِ‬ ‫وال بدَّ هنا ِم َن الت ِ‬
‫َّذكري بإصرْ ِار‬
‫غري مع َّين ٍَة)‬‫َت هو َّي ُت ُه َ‬ ‫بالصبِ ِّي حتَّى لو كان ْ‬
‫َّشبيب َّ‬‫َ‬ ‫أن (الت‬ ‫ِ‬
‫الكبائر) َّ‬ ‫ِ‬
‫اقرتاف‬ ‫عن‬
‫جلهة توجهاتِهِ‬ ‫اهليتمي ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫عمل‬ ‫ِ‬
‫الرغ ِم م ْن صرَ احة‬‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫يؤ ِّل ُ‬
‫ُّ‬ ‫ِّ‬ ‫الكبائر‪ ،‬وعىل ُّ‬ ‫ف إحدَ ى‬
‫ف مرجع ًا ِ‬
‫فقه َّي ًا‪.‬‬ ‫الوعظِ َّي ِة‪ ،‬إلاَّ أ َّن ُه ال يؤ ِّل ُ‬
‫تتطابق مع ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ صيِ‬
‫أحد‬ ‫ُ‬ ‫ب أنهَّ ا‬ ‫حجر املعا َ مجيع ًا التي يحُ َس ُ‬ ‫أدرج اب ُن‬
‫َ‬ ‫وقدْ‬
‫ِ‬
‫الكبائر يف‬ ‫ِ‬
‫عل املقترَ َ ف ضم َن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫لتصنيف الف ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫املعايري التي اعتمدَ ها الفقها ُء ْ‬
‫ني ِ‬
‫معص َي ًة‪ ،‬بينَام‬ ‫ِ‬
‫وسبع َ‬ ‫وست‬
‫ٍّ‬ ‫تعداد أرب ِع ٍ‬
‫مئة‬ ‫ِ‬ ‫كتاباتهِ ِم‪ ،‬وقدْ أ َّدى به هذا إىل‬
‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫اإلسالمي َ ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫يرتاوح‬
‫ُ‬ ‫بعدد‬ ‫الكبائر‬ ‫إحصا َء‬ ‫حاو ُلوا َ‬ ‫ني الذي َن َ‬ ‫ِّ‬ ‫الفقهاء‬ ‫أكثر‬
‫خلص ُ‬ ‫َ‬
‫اإل ْسال ِم ِّي‬ ‫ال ال َع َر ِب ِّي ِ‬ ‫جل ْن ِس َّي ِة يِف ال َع مَ ِ‬ ‫َما َق ْب َل امل ِْثلِ َّي ِة ا ِ‬ ‫‪378‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ملتزم ًا‬ ‫حجر مل يك ْن ِ‬


‫ْ‬
‫ٍ‬ ‫أن اب َن‬ ‫كبريةً‪ )1(.‬ويبدُ و واضح ًا َّ‬ ‫ني َ‬ ‫وبني ثالثِ َ‬ ‫بني سب ٍع َ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِّني مجيع ًا ضم َن‬ ‫ٍ‬ ‫صيِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الكبائر‪،‬‬ ‫والست َ‬ ‫والسب ِع ِّ‬ ‫وجوب عدِّ املعا األرب ِع مئة َّ‬ ‫بفكرة‬
‫الكبائر (رقم ‪)241‬‬ ‫ِ‬ ‫واج ضم َن‬ ‫الز ِ‬ ‫حجر التَّبت َُّل أو اإلحجا َم عن َّ‬ ‫ٍ‬ ‫أدرج اب ٌن‬ ‫إذ َ‬
‫واج‪ ،‬بينَام‬ ‫الز ِ‬ ‫ون عد َم َّ‬ ‫خيتار َ‬ ‫ألن قوالً منسوب ًا للنَّبي حمم ٍد يلعن املتبت ِِّل َ ِ‬ ‫َّ‬
‫ني الذي َن ُ‬ ‫ُ‬ ‫ِّ َّ‬
‫بالكبري ِة إلاَّ إذا ُل ِع َن فاع ُل ُه يف‬ ‫ف‬ ‫وص ُ‬ ‫أن ِ‬
‫الف َ‬ ‫ِ‬
‫الفقهاء َّ‬ ‫بعض ِم َن‬
‫َ‬ ‫عل ال ُي َ‬ ‫َيرى ٌ‬
‫ينتمي‬ ‫الذي ِ‬ ‫املذهب ِ‬ ‫ِ‬ ‫موقف‬‫َ‬ ‫حجر ذا ُت ُه َّ‬
‫أن‬ ‫ٍ‬ ‫احلديث؛ وقدْ بينَّ َ اب ُن‬ ‫ِ‬ ‫القرآن أو‬ ‫ِ‬
‫ناهيك عن‬ ‫َ‬ ‫معص َي ًة‪،‬‬ ‫يعامل (التَّبت َُّل) بوص ِف ِه ِ‬ ‫ُ‬ ‫افع ُّي ‪ -‬مل ْ يك ْن‬ ‫الش ِ‬ ‫إليه ‪ -‬أي َّ‬
‫ْ‬
‫بالكبري ِة (رقم‬ ‫ف َل ِعب الن ِ‬ ‫ف املؤ ِّل ُ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِِ‬
‫َ‬ ‫َّرد‬ ‫َ‬ ‫وص َ‬ ‫كبريةً‪ )2(.‬وعىل شاك َلة ذل َك‪َ ،‬‬ ‫كونه َ‬
‫بشأن هذا‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫القضاة‬ ‫بني‬
‫االختالف َ‬ ‫ِ‬ ‫الرغ ِم ِم ْن حديثِ ِه بعدَ ذلِ َك عن‬ ‫‪ )444‬عىل ُّ‬
‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫التَّقيي ِم القاسيِ‬
‫مر ًة‬ ‫ثم حديثه عنه َّ‬ ‫عل وامتناعه عن تأييد رأهيِم صرَ اح ًة‪َّ ،‬‬ ‫للف ِ‬
‫(م َن‬ ‫املنهاج) بوص ِف ِه ِ‬ ‫ِ‬ ‫رشح‬‫ِ‬ ‫املحتاج يف‬ ‫ِ‬ ‫األهم (حتف ُة‬ ‫الفقه ِّي‬ ‫ِ‬ ‫عمل ِه‬
‫أخرى يف ِ‬
‫ْ‬ ‫ِّ‬ ‫َ‬
‫َّظر إىل األمردِ‬ ‫ِ‬ ‫ابن حجر عن الن‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫األمر ذا ُت ُه عىل حديث ِ‬ ‫الصغائر)‪ .‬و َي ْصدُ ُق‬ ‫ِ‬
‫َْ‬ ‫ُ‬
‫(‪)3‬‬
‫َّ‬
‫(الزواجر)ِ‬ ‫بوصفه م َن الكبائر يف َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الزوجة أو السرُّ ِّ َّية بشهوة ْ‬ ‫أو املرأة غري َّ‬
‫ِ‬
‫للفقهاء‬ ‫أن اآلرا َء املعتبرَ َ َة‬ ‫رشح ِه َّ‬ ‫ِ‬ ‫الرغ ِم ِم ْن‬ ‫(احلديثان ‪ 242‬و ‪ )245‬عىل ُّ‬
‫حل ْك َم بأنهَّ ا ِم َن‬ ‫أن ا ُ‬ ‫غائر‪ ،‬وإضافتِ ِه َّ‬ ‫الص ِ‬ ‫ِ‬
‫الزنا) تُعدُّ م َن َّ‬ ‫مات ِّ‬ ‫وص (مقدَّ ِ‬ ‫بخص ِ‬ ‫ُ‬
‫ً (‪)4‬‬
‫تعديل إضا ٍّ (بعيدٌ جدَّ ا)‪.‬‬ ‫فيِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫الكبائر م ْن دون‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬

‫ِ‬
‫الكبائر يف‬ ‫غري معينَّ ٍ ضم َن‬ ‫بصبِ ٍّي ِ‬ ‫ِ‬
‫َّشبيب َ‬ ‫ِ‬
‫إدراج الت‬ ‫بب يف‬
‫الس ُ‬
‫ويعو ُد َّ‬
‫اعر ِص َف َة‬‫الش ِ‬ ‫ِ‬ ‫(الز ِ‬
‫ينزع عن َّ‬ ‫واجر) إىل رأي أدلىَ به أحدُ القضاة يفيدُ أ َّن ُه ُ‬ ‫ُّ‬
‫ِ‬ ‫ُ‬
‫احلرمان م ْن‬ ‫ف‬ ‫ِ‬
‫املحكمة؛ ويؤ ِّل ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫العدا َلة أو القدر َة عىل اإلدالء َّ‬
‫بالشهادة يف‬
‫َ‬
‫  انظر القوائم املدرجة يف املقالة املعنونة بـ (خطيئة) يف موسوعة اإلسالم‪ ،‬أو ابن‬ ‫(((‬
‫للزواجر‪ .12-9 :1 ،‬ويذكر (كتاب الكبائر) الذي أ ّلفه ّ‬
‫حممد‬ ‫حجر ذاته يف مقدّ مته ّ‬
‫هبي (توفيّ سنة ‪ )1348‬واعتمده ابن حجر أنموذجا له يف تأليف ّ‬
‫(الزواجر)‬ ‫ّ‬
‫الذ ّ‬
‫سبعني معصية‪.‬‬
‫الزواجر‪.3 :2 ،‬‬ ‫  ابن حجر‪ّ ،‬‬ ‫(((‬
‫الزواجر‪.199-198 :2 ،‬‬ ‫   ابن حجر‪ ،‬حتفة املحتاج‪216 :10 ،‬؛ ابن حجر‪ّ ،‬‬ ‫(((‬
‫الزواجر‪.4 :2 ،‬‬ ‫  ابن حجر‪ّ ،‬‬ ‫(((‬
‫لواط ُّي َ‬
‫ون‬ ‫الث‪ُّ :‬ال ِ‬ ‫الث ُ‬ ‫الفص ُل َّ‬ ‫ْ‬
‫‪379‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ِ‬
‫إلدراج‬ ‫املعايري املقترَ َ َح ِة‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫املحاك ِم أحدَ‬ ‫بالش ِ‬
‫هادة يف‬ ‫ِ‬
‫اإلدالء َّ‬ ‫ِ‬
‫العدالة أو‬ ‫ِص ِ‬
‫فة‬
‫ِ‬
‫الكبائر‪.‬‬ ‫عل يف خان َِة‬ ‫ِ‬
‫الف ِ‬
‫ٍ‬
‫بعدد‬ ‫الكتاب ليستشهدَ‬ ‫ِ‬ ‫آخ َر ِم َن‬
‫حجر حدي َث ُه يف موق ٍع َ‬ ‫ٍ‬ ‫واص َل اب ُن‬
‫ثم َ‬ ‫َّ‬
‫اح‪ ،‬ولذا‬ ‫ٍ‬ ‫بصبِ ٍّي ِ‬ ‫ِ‬
‫ني الذي َن ب َّينَوا َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِم َن القضاة َّ‬
‫ِ‬
‫غري معينَّ ُم َب ٌ‬ ‫َّشبيب َ‬
‫َ‬ ‫أن الت‬ ‫الشافع ِّي َ‬
‫ِ (‪)1‬‬
‫الصغائر‪.‬‬ ‫ِ‬
‫ال يمك ُن عدُّ ُه حتَّى م َن َّ‬
‫ِ‬
‫الكبائر يف‬ ‫ِ‬
‫خانة‬ ‫عل” ما يف‬ ‫إدراج “فِ ٍ‬ ‫ِ‬ ‫فإن حقيق َة‬ ‫وتأسيس ًا عىل ذلِ َك‪َّ ،‬‬
‫ني ‪ -‬أو حتَّى (اب ُن‬ ‫املسلم َ‬ ‫ِ‬ ‫إن القضا َة‬ ‫نقول‪َّ :‬‬ ‫واجر) ال ُيعدُّ كافي ًا لكَي َ‬ ‫(الز ُ‬ ‫َّ‬
‫حجر) لشدَّ ةِ‬ ‫ٍ‬ ‫تقييم ِ‬
‫(ابن‬ ‫ويظهر‬ ‫ِ‬
‫الكبائر؛‬ ‫ِ‬
‫حجر) ذا ُت ُه ‪ -‬كانُوا يعدُّ و َن ُه م َن‬ ‫ٍ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫آخ َر عن‬ ‫عمل َ‬ ‫ٍ‬ ‫خمتلف نسبِ َّي ًا يف‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫بنحو‬ ‫الش ِ‬
‫عر‬ ‫بصبِ ٍّي معينَّ ٍ يف ِّ‬ ‫ِ‬ ‫معص َي ِة الت‬ ‫ِ‬
‫َّشبيب َ‬
‫َّاء ( ُتوفيِّ َ سن َة‬ ‫بن البك ِ‬ ‫ني ب ُن أمحدَ ِ‬ ‫املع ِ‬ ‫املولد عبدُ ِ‬ ‫ِ‬ ‫العشق‪ ،‬ك َت َب ُه الفقي ُه مصرْ ِ ُّي‬ ‫ِ‬
‫واحد ِم ْن وفاتِ ِه‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫وقبل عا ٍم‬ ‫َ‬ ‫يف عام (‪1565‬م)‬ ‫ففي ص ِ‬
‫َ‬
‫‪ 1630‬ـ ‪1631‬م) ِ‬
‫رجل ها َم ح َّب ًا‬ ‫ٍ‬ ‫بقص ٍة عن‬ ‫ِِ‬ ‫ٍ‬ ‫زار ابن البك ِ‬
‫رب ُه َّ‬ ‫حجر يف بيته يف م َّك َة‪ ،‬وأخ َ‬ ‫َّاء اب َن‬ ‫َ ُ‬
‫َ‬
‫وكان‬ ‫القمر بدر ًا‪،‬‬ ‫كان فيها‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫املرض‪ ،‬و ُتوفيِّ َ يف ا َّلليلة التي َ‬ ‫ِ‬ ‫يع‬
‫ُ‬ ‫وقع صرَ َ‬ ‫بشاب َ‬ ‫ٍّ‬
‫القمر‬ ‫خياطب‬ ‫أن‬ ‫ِ‬
‫العاشق املحزون إلاَّ ْ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫كان م َن‬ ‫اب (بدر ًا) فام َ‬ ‫اسم هذا َّ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫الش ِّ‬ ‫ُ‬
‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫(اسم َك يف ِ‬
‫القمر‬
‫ُ‬ ‫قمر؟!) ولو َ‬
‫كان‬ ‫قربه‪ ،‬وما ز ْل َت مضيئ ًا م ْن بعده‪ ،‬آه ُ‬ ‫ُ‬ ‫قائالً‪:‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫بالسواد عىل َف ْقد حمبوبِه!‪.‬‬ ‫ِ‬
‫قد محُ َق‪ ،‬فأل َّن ُه ات ََّش َح َّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ٍ‬
‫العاشق‬
‫ُ‬ ‫للقمر يف ذل َك املساء ُتوفيِّ َ‬ ‫خسوف‬
‫ٌ‬ ‫حدث‬ ‫حجر أ َّن ُه‬ ‫ربنا اب ُن‬
‫وخي ُ‬
‫ِ ِ (‪)2‬‬
‫املغرو ُم عىل أثره‪.‬‬
‫ُ‬
‫عر ا ُملحر ِم ِ‬ ‫ِ‬
‫الذي‬ ‫بالش ِ َ َّ‬ ‫القضاة تشدُّ د ًا االستشها َد ِّ‬ ‫أكثر‬
‫يبيح حتَّى ُ‬‫وبداه ًة‪ُ ،‬‬
‫ِ‬ ‫ين ُر ِو َي ْت هبِام‬
‫لذ ِ‬
‫واألسلوب ا َّل َ‬ ‫ون‪ ،‬إلاَّ َّ‬
‫القص ُة توحي‬‫َّ‬ ‫َ‬ ‫أن النَّرب َة‬ ‫يقو ُل ُه ُ‬
‫آخر َ‬

‫الزواجر‪.212-211 :2 ،‬‬ ‫(((   ابن حجر‪ّ ،‬‬


‫القصة البن‬
‫ّ‬ ‫(((   ابن البكّاء‪ ،‬غواين األشواق‪ ،‬صفحة ‪53‬أ‪-54‬ب‪ .‬روى ابن حجر‬
‫املحرم يف العام ‪ 973‬هجر ّية (‪ 1565‬تقريبا) أي قبل سبعة أشهر‬
‫ّ‬ ‫البكّاء يف شهر‬
‫من وفاة ابن حجر‪.‬‬
‫اإل ْسال ِم ِّي‬ ‫ال ال َع َر ِب ِّي ِ‬ ‫جل ْن ِس َّي ِة يِف ال َع مَ ِ‬ ‫َما َق ْب َل امل ِْثلِ َّي ِة ا ِ‬ ‫‪380‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الش ِ‬ ‫ِ‬


‫العاشق‬ ‫َّعاطف مع‬ ‫عور بالت‬ ‫السام ِع إىل ُّ‬ ‫القار ِئ أو َّ‬ ‫دفع‬
‫القصدَ هو ُ‬ ‫بأن ْ‬ ‫َّ‬
‫الصبِ ِّي‪،‬‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫الت ِ‬
‫الكبائر يف إشارته إىل اس ِم َّ‬ ‫اقرتف إحدَ ى‬ ‫َ‬ ‫استنتاج أ َّن ُه قد‬
‫َ‬ ‫َّعيس‪ ،‬ال‬
‫هيام ِهم وح ِّب ِهم‬ ‫بسبب ِ‬‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫القص ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬
‫أشخاص ماتُوا‬ ‫ص عن‬ ‫وبعدَ روايته عدد ًا م َن َ‬
‫ِ‬
‫العاشق‬ ‫ستح َس ُن ويف الواق ِع ويتعينَّ ُ مساعدَ ُة‬ ‫ِ‬ ‫َّ ِ‬
‫الشديد‪ ،‬صرَ َّ َح اب ُن البكَّاء بأ َّن ُه ُي ْ‬
‫ِ‬
‫فاء‬ ‫وقيل أيض ًا‪َّ :‬‬ ‫ِ‬
‫نجدة امللتاعِ‪َ ،‬‬ ‫املسار َع ُة يف‬ ‫ِ‬ ‫ومدُّ ِ‬
‫واجب الشرُّ‬ ‫َ‬ ‫إن‬ ‫َ‬ ‫العون له أو‬ ‫يد‬
‫ِ (‪)1‬‬
‫فبالصالة‪.‬‬ ‫َّ‬ ‫تعذ َر ذلِ َك‪،‬‬ ‫ِ‬
‫واملال‪ ،‬وإذا َّ‬ ‫ِ‬
‫باملواساة‬ ‫املدنف‬
‫َ‬ ‫العاشق‬
‫َ‬ ‫يدعموا‬
‫ُ‬ ‫ْ‬
‫أن‬

‫نظم‬ ‫يضع َ‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫الفقه َّي ُة ذاتهُ ا‬ ‫ُ‬
‫األعامل‬ ‫اح ًة تقدِّ ُم ُه‬
‫أكثر صرَ َ‬
‫دليل ُ‬ ‫وثم َة يف الواق ِع ٌ‬ ‫َّ‬
‫ِ‬ ‫الص ِ‬ ‫ِ‬ ‫الش ِ‬
‫أن الفقي َه‬ ‫األغلب‪ ،‬ويبدُ و َّ‬ ‫األعم‬
‫ِّ‬ ‫غائر يف‬ ‫عر الغزليِ ِّ ا ُمل ُح َّر ِم يف خانة َّ‬ ‫ِّ‬
‫عر الغزليِ ِّ ما مل ْ يدمنْ ُه‬ ‫الش ِ‬
‫جواز نظ ِم ِّ‬ ‫ِ‬ ‫كان يعتقدُ يف‬ ‫احلنفي ابن ِ‬
‫عابدي َن َ‬ ‫مشقي ِ‬ ‫الدِّ ِ‬
‫َّ َ‬ ‫َّ‬
‫ِ‬
‫احلالة‬ ‫املعشو َق ِة أو الصبِي‪ ،‬فهو مكروه يف ِ‬
‫هذه‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬
‫املرأة‬ ‫اعر أو يعينِّْ هو َّي َة‬ ‫َّ‬
‫ُ ٌ‬ ‫َ‬ ‫َّ ِّ‬ ‫الش ُ‬
‫ِ (‪)2‬‬
‫نظمه‪.‬‬ ‫وقت َ‬ ‫الصبِ ُّي أحيا ًء َ‬‫َت املرأ ُة أو َّ‬ ‫الس َّيام إذا كان ْ‬

‫للكلمة‪ ،‬ولذلِ َك‪،‬‬


‫ِ‬ ‫ليس محُ َ َّرم ًا باملعنَى الدَّ ِ‬
‫قيق‬ ‫ُ ِ‬
‫والفعل الذي ُيعدُّ مكروه ًا َ‬
‫الص ِ‬
‫غائر‪.‬‬ ‫فإن ارتكابه ال يعدُّ ِ‬
‫معصي ًة ُّ‬ ‫َّ‬
‫َّف ضم َن َّ‬ ‫قط‪ ،‬وال ُي َصن ُ‬ ‫َُ ُ‬
‫نظم هذا النَّو ِع ِم َن‬ ‫أن َ‬ ‫الفقه َّي ِة األرب ِع َّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫املدارس‬ ‫وإذا أفت َْت واحدَ ٌة ِم َن‬
‫املذاهب‬ ‫تدرج ُه‬ ‫غري املحت ََم ِل ْ‬
‫أن‬ ‫فم ْن ِ‬ ‫وجه العمو ِم‪ِ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫مكرو ٌه عىل‬ ‫الش ِ‬ ‫ِّ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫عر ُ‬
‫الص ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫غائر‪ )3(.‬إذ بينَّ َ أحدُ املراج ِع‬ ‫أكثر منها يف خانة َّ‬ ‫األخرى يف خانة الكبائ ِر َ‬ ‫َ‬
‫أن‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫الشافع َّية املش ُفو َعة برشوحات للفقيه املصرْ ِ ِّي أمحدَ القليوبيِ ِّ مؤكِّد ًا َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الفقه َّية َّ‬
‫ِ‬
‫الكبائر وعد ِم‬ ‫ِ‬
‫اقرتاف‬ ‫املحكمة اإلحجا َم عن‬ ‫ِ‬ ‫هادة يف‬‫بالش ِ‬ ‫ِ‬
‫اإلدالء َّ‬ ‫ِ‬
‫رشوط‬ ‫ِم ْن‬
‫القتل‬ ‫الكبائر منها ُ‬‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫بأمثلة عن‬ ‫املرجع‬ ‫ويزو ُدنا‬ ‫الص ِ‬
‫غائر‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫اإلصرْ ِار عىل‬
‫ُ‬ ‫ِّ‬ ‫ارتكاب َّ‬

‫(((    ابن البكّاء‪ ،‬غواين األشواق‪ ،‬صفحة ‪ 59‬ب‪.‬‬


‫أن هذا هو املوقف الذي ّ‬
‫تدل عليه النّقول‬ ‫(((   ابن عابدين‪ ،‬ر ّد املحتار‪ .35 :1 ،‬ويبدو ّ‬
‫الرغم من أنّه مل ْ يصغ اخلامتة بكلامته‪.‬‬
‫التي استشهد هبا ابن عابدين عىل ّ‬
‫ّطرف يف االختالف فيام بينها‬ ‫(((   لالستزادة بشأن نزوع املذاهب األربعة إىل عدم الت ّ‬
‫اإلسالمي‪.68 67- ،‬‬
‫ّ‬ ‫بشأن تقييمها لألفعال‪ ،‬انظر شاشت‪ ،‬مقدّ مة إىل الفقه‬
‫لواط ُّي َ‬
‫ون‬ ‫الث‪ُّ :‬ال ِ‬ ‫الث ُ‬ ‫الفص ُل َّ‬ ‫ْ‬
‫‪381‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫الكذب‬ ‫ِ‬ ‫مثل‬ ‫غائر ِ‬ ‫الص ِ‬ ‫ٍ‬ ‫َ‬ ‫اخلمر والسرَّ َق ُة‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫والزنا وا ِّل ُ‬
‫مقابل أمثلة عن َّ‬ ‫ورشب‬ ‫ُ‬ ‫لواط‬ ‫ِّ‬
‫يواص ُل‬ ‫القذف‪ ،‬ثم ِ‬ ‫ِ‬ ‫تص ُل حدَّ‬ ‫والغيب ِة التِي ال ِ‬ ‫مات‪ِ ،‬‬ ‫َّظر إىل املحر ِ‬ ‫األبيض‪ ،‬والن ِ‬ ‫ِ‬
‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬
‫ف ِ‬ ‫املال‪ ،‬و َع ْز ِ‬ ‫ألجل ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫حتريم ِ‬
‫أكثر‬ ‫الش ِ‬
‫طرنج‬ ‫ب ِّ‬ ‫لعب النَّرد كام َلع ُ‬ ‫َ‬ ‫احلديث مب ِّين ًا‬ ‫ُ‬
‫سمعة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫تشويه‬ ‫يرمي إىل‬ ‫الذي ِ‬ ‫عر ِ‬ ‫الش ِ‬ ‫املوسيق َّي ِة أو االستام ِع هلا‪ ،‬ونظ ِم ِّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اآلالت‬
‫امرأة محُ َ َّر َم ٍة أو َصبِ ٍّي معينَّ ٍ ‪ .‬وقدْ ع َّل َق‬ ‫ٍ‬ ‫وير‬ ‫تص ِ‬ ‫َّعريض هبِم‪ ،‬أو ْ‬ ‫ِ‬ ‫ني أو الت‬ ‫املسلم َ‬ ‫ِ‬
‫كالذي بعدَ ُه ممَّا‬ ‫غائر ِ‬ ‫الص ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ال عىل حتري ِم ِ‬ ‫القليوبيِ ُّ مث ً‬
‫لعب النَّرد قائالً‪( :‬أي وم َن َّ‬
‫تشري عبار ُت ُه‬ ‫وغريب! إذ يمك ُن ْ‬ ‫ٍ‬ ‫بنحو حاس ٍم‬ ‫ٍ‬ ‫غامض ٌة‬ ‫ِ‬ ‫يأتيِ )‪.‬‬
‫أن َ‬ ‫َ‬ ‫وهذه العبار ُة‬ ‫(‪)1‬‬

‫ارش ًة بعدَ ُه‪،‬‬ ‫تيِ‬ ‫الذ ِ ِ‬ ‫َّرد‪ ،‬أو إىل َّ‬ ‫نوب التِي تليِ َل ِعب الن ِ‬ ‫الذ ِ‬ ‫إىل مجي ِع ُّ‬
‫نب الذي يأ ُم َب َ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫املال‪ .‬إلاَّ َّ‬ ‫ألجل ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اعتقاد‬ ‫تشري ضمن ًا إىل‬ ‫األخري َة ُ‬ ‫َ‬ ‫أن القراء َة‬ ‫الش ِ‬
‫طرنج‬ ‫ب ِّ‬ ‫أي َلع ُ‬
‫املوسيق َّي ِة واالستام ِع‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اآلالت‬ ‫ِ‬
‫عزف‬ ‫مثل‬ ‫األخرى ‪َ -‬‬ ‫َ‬ ‫نوب‬ ‫الذ َ‬ ‫أن ُّ‬ ‫القليوبيِ ِّ يف َّ‬
‫املرأة أو‬ ‫ِ‬ ‫ني أو تعيين ًا هلو َّي ِة‬ ‫املسلم َ‬ ‫ِ‬ ‫يتضم ُن طعن ًا بسم َع ِة‬ ‫الذي‬ ‫عر ِ‬ ‫الش ِ‬ ‫هلا‪ ،‬ونظ ِم ِّ‬
‫َّ‬
‫ِ‬ ‫بلحظ حتري ِم ِ‬ ‫ِ‬ ‫الص ِ‬ ‫ِ‬
‫الفقهاء‬ ‫أكثر‬ ‫حمتم ٍل متام ًا‪،‬‬ ‫غري َ‬ ‫غائر؛ وهذا ُ‬ ‫ليس ْت م َن َّ‬ ‫الصبِ ِّي‪َ -‬‬ ‫َّ‬
‫مقابل ذل َك‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬
‫خاص ًة اهلوائ َّي َة والوتر َّي َة‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫االستامع هلا َّ‬ ‫َ‬ ‫عزف اآلالت املوسيق َّية أو‬ ‫َ‬
‫غائر التِي ال حتر ُم َم ْن‬ ‫بالص ِ‬ ‫امر َسات َّ‬
‫ِ‬
‫ف هذه ا ُمل َ‬
‫ِ‬ ‫تص ُ‬ ‫فقهي ٌة أخرى ِ‬
‫َ‬ ‫ادر ِ َّ‬ ‫مص ُ‬ ‫ثم َة َ‬ ‫َّ‬
‫وكتب اب ُن حجرٍ‬ ‫بالشهادة ما مل ْ يدمنْها‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫يقرت ُفها م ْن صفة العدالة أو اإلدالء َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫(‪)2‬‬

‫تناول فيه حصرْ ًا‬ ‫َ‬ ‫كتب عم ً‬


‫ال‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ينتمي والقليوبيِ ُّ إىل‬ ‫الذي ِ‬ ‫ِ‬
‫الفقه ِّي ذاته‪َ ،‬‬ ‫املذهب‬
‫الكتاب‬ ‫ِ‬ ‫ول‬ ‫فص ِ‬ ‫ص أحدَ ُ‬ ‫وخص َ‬ ‫َّ‬ ‫املوسيق َّي ِة واالستام ِع هلا‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اآلالت‬ ‫عزف‬ ‫ِ‬ ‫أحكا َم‬
‫الص ِ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫نيف ِ‬ ‫ملناقش ِة تص ِ‬
‫غائر‪،‬‬ ‫مقابل َّ‬ ‫الكبائر‬ ‫إدراجها ضم َن‬ ‫ومعايري‬ ‫األفعال‬ ‫هذه‬ ‫َ ْ‬
‫ٍ‬ ‫وكان االستنتاج ِ‬
‫أن‬ ‫بإجياز ـ َّ‬ ‫وهو ـ‬ ‫لبس فيه‪َ ،‬‬ ‫الفص ُل قاطع ًا ال َ‬ ‫خلص إليه ْ‬ ‫َ‬ ‫الذي‬ ‫ُ‬ ‫َ‬

‫القليويب‪ ،‬حاشية‪.319 :4 ،‬‬


‫ّ‬ ‫(((   ‬
‫سوقي‪ ،‬حاشية‬‫ّ‬ ‫اوي)؛ الدّ‬
‫الص ّ‬
‫الصغري‪( 503 :2 ،‬رشوحات ّ‬ ‫(((   الدّ ردير‪ ،‬الشرّ ح ّ‬
‫العدوي)‪( .‬يقول البدر بن‬ ‫ّ‬ ‫اخلريش‪ ،‬رشح‪( 178 :5 ،‬رشوحات‬ ‫ّ‬ ‫‪،171 :4 ،‬‬
‫جمُ اعة‪( :‬تباينت ال ّطرق يف هذه املسألة تباينا ال يوجد يف غريها‪ ،‬وصنّف العلامء فيها‬
‫أن النّاس أربعة أقسام‪:‬‬ ‫وملخص القول فيها ّ‬
‫ّ‬ ‫تصانيف‪ ،‬ومل يرتكوا فيها لقائل مقاال‪.‬‬
‫وكل من هذه الفرقة‬ ‫حرمت‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬ ‫وفرقة‬ ‫كرهت‬ ‫وفرقة‬ ‫فرقة استحسنت‪ ،‬وفرقة أباحت‪،‬‬
‫عىل قسمني‪ :‬منهم من أطلق القول ومنهم من ق ّيده برشط)‪( .‬املصدر مقدّ مة املح ّقق‬
‫الرعاع‪ ،‬ص‪( .)5‬املرتمجة)‪.‬‬ ‫كف ّ‬ ‫لكتاب ّ‬
‫اإل ْسال ِم ِّي‬ ‫ال ال َع َر ِب ِّي ِ‬ ‫جل ْن ِس َّي ِة يِف ال َع مَ ِ‬ ‫َما َق ْب َل امل ِْثلِ َّي ِة ا ِ‬ ‫‪382‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫الص ِ‬
‫غائر ما مل ْ ُيد َم ْن فيغدُ و‬ ‫الف َ ِ‬
‫أن هذا ِ‬ ‫الش ِ‬
‫افع ِّي َّ‬ ‫ِ‬
‫للمذهب َّ‬ ‫ِ‬
‫عل م َن َّ‬ ‫املرجع َّي‬ ‫احلكم‬
‫َ‬
‫سينفي ِصفاتِ‬ ‫للكبائر أل َّنه ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫تتجاوز حدَّ االلتزا ِم بالشرَّ عِ‪ ،‬ويص ُري مماث ً‬
‫ال‬ ‫ُ‬ ‫خما َل َف ًة‬
‫ُ‬
‫ِ (‪)1‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫والعدالة ويؤ ِّدي إىل ر ِّد َّ‬
‫الشهادة‪.‬‬ ‫االستقامة‬

‫ويشو ُه‬ ‫ني‬ ‫ِ‬


‫املسلم َ‬ ‫ِ‬
‫أعراض‬ ‫الذي يطع ُن يف‬ ‫عر ِ‬ ‫الش ِ‬ ‫نظم ِّ‬ ‫ٍ‬
‫ِّ‬ ‫حجر َ‬ ‫وخص ابن‬ ‫َّ‬
‫ِ‬
‫الكبائر‬ ‫ِ‬
‫حيث وض َع ُه يف خانة‬ ‫ُ‬ ‫واجر)‬ ‫ِ‬
‫خاص يف كتابِه َّ‬ ‫ٍ‬
‫(الز ُ‬ ‫ٍّ‬ ‫سمعت َُهم بمبحث‬
‫الص ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬
‫غائر‬ ‫الرغ ِم م ْن إشارته ا َّلالح َقة إىل عدِّ ه ضم َن َّ‬ ‫(حديث رقم ‪ )456‬عىل ُّ‬
‫عر ال‬ ‫نظم هذا النَّو ِع ِم َن ِّ‬
‫الش ِ‬ ‫للفقهاء؛ وبنا ًء عليه‪َّ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫سيِ‬ ‫ِ‬ ‫بحس ِ‬
‫فإن َ‬ ‫ب املوقف القيا ِّ‬ ‫ْ‬
‫ِ‬
‫الشهادة باهلجو بعيدٌ ‪ ،‬إذ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬
‫(إطالق ر ِّد َّ‬ ‫ِ‬
‫حير ُم الفر َد م ْن صفة العدالة إلاَّ إذا أدمنَ ُه‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫أكثر منه أو ُع ِر َ‬ ‫ٍ‬
‫ف به أو هجا بام ُي َف َّس ُق‬ ‫إن َ‬ ‫قال‪ْ :‬‬ ‫أن ُي َ‬ ‫جيب ْ‬ ‫َّظم كالن َِّثر‪ ...‬وحينئذ ُ‬ ‫الن ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫عرف به‬ ‫يكثر ومل ْ ُي ْ‬ ‫كبري ًة ُر َّد ْت شهاد ُت ُه ال حما َل َة‪ ،‬أ َّما لو مل ْ ْ‬ ‫به لكَون التَّل ُّفظ به َ‬
‫يتضم َن ذلِ َك‬ ‫َّ‬ ‫كبريةٌ؛ أو‬ ‫قال‪ :‬الغيب ُة َ‬ ‫أن ُي َ‬ ‫لهم إلاَّ ْ‬ ‫كبري ًة فال؛ ا َّل َّ‬ ‫كان التَّل ُّف ُظ به َ‬ ‫وال َ‬
‫حمتم ٌل‬ ‫وقت‪ ،‬فيتأ َّذى به‬ ‫كل ٍ‬ ‫نشدُ َّ‬ ‫فظ عنه و ُي َ‬ ‫شيئ ًا مؤذي ًا يحُ ُ‬
‫املهجو وولدُ ُه‪ ،‬فهذا َ‬ ‫ُّ‬
‫وقال أيض ًا‪ :‬قض َّي ُة‬ ‫عاو ُد‪َ ...‬‬ ‫ِ‬ ‫عر يحُ َف ُظ‬ ‫ألن ِّ‬ ‫بخالف الن َِّثر‪َّ ،‬‬ ‫ِ‬
‫ويعلق باألذهان و ُي َ‬ ‫ُ‬ ‫الش َ‬
‫إنشاؤهمُ ا‪ ،‬وال‬ ‫ُ‬ ‫َّشبيب ا ُمل َح َّر ِم؛ كام حير ُم‬ ‫ِ‬ ‫اهلجو والت‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫إنشاد‬ ‫املنهاج حرم ُة‬ ‫ِ‬ ‫كال ِم‬
‫وص ِفها محُ َ َّر ٌم‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫َّشبيب بامرأة مع َّينَة باإلفراط يف ْ‬
‫ٍ‬
‫َ‬ ‫إن الت‬ ‫إطالق ِه‪َّ ...‬‬ ‫ِ‬ ‫بقاؤ ُه عىل‬‫يمك ُن ُ‬
‫يص ُّح‪.)...‬‬ ‫قائل ِه فصحيح‪ ،‬وأما عىل راويه فال ِ‬ ‫إن ُأريدَ به أ َّنه محُ َرم عىل ِ‬ ‫وهذا ْ‬
‫(‪)2‬‬
‫َّ‬ ‫َ ٌ‬ ‫ُ َّ ٌ‬
‫ونظم‬
‫ُ‬ ‫واالستامع هلا‬
‫ُ‬ ‫املوسيق َّي ِة‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اآلالت‬ ‫وعزف‬
‫ُ‬ ‫وبناء عليه‪ ،‬يعدُّ لعب الن ِ‬
‫َّرد‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ً‬
‫وألن أحدَ‬‫َّ‬ ‫الص ِ‬
‫غائر‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫املذهب َّ‬ ‫ِ‬ ‫بحس ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الشافع ِّي م َن َّ‬ ‫ب رأي فقهاء‬ ‫َّشبيب؛ ْ‬ ‫شعر الت‬
‫غري حم َّل َل ٍة‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫بصبِ ٍّي أو امرأة مع َّينَة َ‬ ‫َّشبيب َ‬‫ِ‬ ‫ث عن الت‬ ‫الش ِ‬
‫افع ِّي تتحدَّ ُ‬ ‫ِ‬
‫الفقه َّ‬ ‫مراج ِع‬
‫األخرى؛ يبدُ و معقوالً‬ ‫َ‬ ‫نوب ال َّثال َث ِة‬ ‫الذ ِ‬ ‫ث هبا عن ُّ‬ ‫بال َّطري َق ِة ذاتهِ ا التِي تتحدَّ ُ‬
‫غائر كذلِ َك‪.‬‬ ‫الص ِ‬ ‫ِ‬
‫كان ُيعدُّ م َن َّ‬ ‫الفعل َ‬ ‫َ‬ ‫أن هذا‬‫االستنتاج َّ‬
‫ُ‬
‫الرعاع‪.314 ،‬‬ ‫كف ّ‬
‫(((   ابن حجر‪ّ ،‬‬
‫األذرعي‬
‫ّ‬ ‫الزواجر‪ .213 :2 ،‬ينقل ابن حجر هنا الفقيه شهاب الدّ ين‬ ‫(((   ابن حجر‪ّ ،‬‬
‫(توفيّ سنة ‪ )1381‬ولكنّه النّقل األخري بشأن هذه املسألة املع ّينة‪ ،‬ويبدو أنّه يعكس‬
‫رأي ابن حجر‪.‬‬
‫لواط ُّي َ‬
‫ون‬ ‫الث‪ُّ :‬ال ِ‬ ‫الث ُ‬ ‫الفص ُل َّ‬ ‫ْ‬
‫‪383‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫املوسيق َّي ِة أو‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫اآلالت‬ ‫ِ‬
‫وعزف‬ ‫للعب الن ِ‬
‫َّرد‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الفقهاء‬ ‫ِ‬
‫استهجان‬ ‫إن حقيق َة‬ ‫َّ‬
‫أن ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّشبيب ِ‬ ‫ِ‬
‫األفعال‬ ‫َ‬ ‫هذه‬ ‫العمو ِم َّ‬ ‫بغري املح َّل ِل ال يعني عىل وجه ُ‬ ‫االستام ِع هلا والت‬
‫ِ‬ ‫قافة َّ ِ‬ ‫مل تكن جزء ًا مه ً وعلنِي ًا يف ال َّث ِ‬
‫ث‬ ‫حالت يتحدَّ ُ‬ ‫الر‬
‫أدب َّ‬ ‫هو ُ‬ ‫الشعبِ َّية‪ ،‬فها َ‬ ‫َّ‬ ‫ماَّ‬ ‫ْ ْ‬
‫ِ‬
‫املبكرة مث َلام ه َي‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫بصرَ احة عن شعب َّية هذه األفعال وشيوعها يف احلقبة العثامن َّية‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫َ‬
‫اآلن ـ قد مت َّكنُوا‬ ‫اك ـ مث َلام ُهم َ‬ ‫وقتذ َ‬ ‫ني َ‬ ‫العاد ِّي َ‬ ‫ِ‬ ‫ني‬‫أن املؤمنِ َ‬ ‫ويغلب ال َّظ ُّن َّ‬ ‫َ (‪)1‬‬
‫اآلن‪.‬‬
‫ُ‬
‫جهة ومقاو َم ِة‬ ‫ٍ‬ ‫الفقهاء الدِّ ينِ َّي ِة ِم ْن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫بسلطة‬ ‫ِ‬
‫اإلقرار‬ ‫ني‪:‬‬ ‫َّقيض ِ‬ ‫بني الن َ‬ ‫ِم َن اجلم ِع َ‬
‫ٍ‬ ‫ِ ِ‬ ‫وأساليب حيواتهِ ِم‬ ‫ِ‬ ‫امل لنظرتهِ ِم‬ ‫والش ِ‬
‫أخرى؛‬ ‫املتنسكَة م ْن جهة َ‬ ‫ِّ‬ ‫َّ‬ ‫التَّبنِّي الكليِّ ِّ‬
‫ادس عشرَ َ باستهجانهِ ِم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫الرغ ِم ِم ْن تصرْ ِ‬
‫الس َ‬ ‫يح العديد م َن الفقهاء يف القرن َّ‬ ‫فعىل ُّ‬
‫ني‬ ‫تدخ ِ‬ ‫القرن ال َّتاليِ انتشار ممُ ارس ِة ِ‬ ‫ِ‬ ‫نلحظ يف‬ ‫ُ‬ ‫القهوة املستحدَ َث ِة مثالً‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫رشب‬ ‫ِ‬ ‫عاد َة‬
‫َ َ َ‬
‫موقف‬ ‫َ‬ ‫رشب ال ُب ِّن ‪-‬‬ ‫ِ‬ ‫األوسط التِي وق ُفوا منها ‪ -‬مث َلام فع ُلوا مع‬ ‫ِ‬ ‫التَّب ِغ يف الشرَّ ِق‬
‫افض‪.‬‬ ‫والر ِ‬ ‫ِ‬
‫املتشكِّك َّ‬
‫للفقهاء فع ُل ُه‬ ‫ِ‬ ‫القليل ممَّا يمك ُن‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫هناك‬ ‫أن‬ ‫كلتيهام‪َّ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫ني‬‫ويبدُ و واضح ًا يف احلا َل ِ‬
‫كاتب‬ ‫ُ‬ ‫تعليق منه عىل ذلِ َك‪ ،‬قدَّ َم‬ ‫ٍ‬ ‫ات املستحدَ َث ِة‪ .‬ويف‬ ‫هذه ا ُملامرس ِ‬
‫َ َ‬
‫انتشار ِ‬ ‫ِ‬ ‫ملن ِع‬
‫محن اجلربتيِ ُّ ( ُتوفيِّ َ سن َة ‪1826 -1825‬م) رشح ًا بينَّ َ فيه‬ ‫الر ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫احلول َّيات عبدُ َّ‬
‫الفقهاء ِم ْن‬‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ورفض ِهم‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫جانب‬ ‫سلطة‬ ‫توقري‬‫ِ‬ ‫ني إىل اجلم ِع َ‬
‫بني‬ ‫العاد ِّي َ‬ ‫َم َيل املؤمنِ َ‬
‫ني‬
‫ب ما أور َد ُه‬ ‫وبحس ِ‬ ‫ْ‬ ‫آخ َر‪.‬‬ ‫جانب َ‬ ‫ٍ‬ ‫املسائل ِم ْن‬ ‫ِ‬ ‫مجلة ِم َن‬ ‫ٍ‬ ‫آلرائ ِهم يف‬ ‫ِ‬ ‫َ‬
‫االمتثال‬
‫العدو ُّي ( ُتوفيِّ َ سن َة‬ ‫ِ‬ ‫كر ٍم‬ ‫عيل ب ُن أمحدَ ِ‬ ‫ِ‬ ‫اجلربتيِ ُّ ‪َ ،‬‬
‫بن ُم َّ‬ ‫البارز ُّ‬ ‫ُ‬ ‫املالك ُّي‬ ‫كان الفقي ُه‬
‫َّهي عن املنك َِر)‬ ‫وف والن ِ‬ ‫(األمر با َملعر ِ‬ ‫ِ‬ ‫كيمة) مصرِ َّ ًا عىل‬ ‫الش ِ‬ ‫‪1775‬م) (شديدَ َّ‬
‫ُ‬
‫ِ‬ ‫ُون يسار ُع َ‬ ‫املدخن َ‬ ‫ني التَّبغِ‪ ،‬ولذلِ َك َ‬ ‫تدخ ِ‬ ‫وكان يرى حتريم ِ‬
‫إلقاء‬ ‫ون إىل‬ ‫ِّ‬ ‫كان‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬
‫احلاكم‬ ‫وجود ِهم؛ حتَّى‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫أماكن‬ ‫ون أ َّن ُه عىل مقر َب ٍة ِم ْن‬ ‫كائر بعيد ًا حالمَا يسم ُع َ‬ ‫الس ِ‬
‫ُ‬ ‫َّ‬
‫قبل دخولِ‬ ‫كائر َ‬ ‫الس ِ‬ ‫ِ‬ ‫بيك) َ‬ ‫(عيل ُ‬ ‫َ‬ ‫ليِ‬
‫يسارع إىل إخفاء َّ‬ ‫ُ‬ ‫كان‬ ‫ُّ‬ ‫آنذاك‪،‬‬ ‫الفع ُّ ملصرْ َ‬
‫ِ ِ (‪)2‬‬ ‫ِ‬
‫العدو ِّي إىل جملسه‪.‬‬

‫(((   لني‪ ،‬وصف سلوكات املرص ّيني‪ ،‬الفصالن ‪18 17-‬؛ راسل‪ ،‬تاريخ حلب ال ّط ّ‬
‫بيعي‬
‫[‪.156-150 ،142 :1 ،]1974‬‬
‫  اجلربيت‪ ،‬عجائب اآلثار‪.416-415 :1 ،‬‬
‫ّ‬ ‫(((‬
‫اإل ْسال ِم ِّي‬ ‫ال ال َع َر ِب ِّي ِ‬ ‫جل ْن ِس َّي ِة يِف ال َع مَ ِ‬ ‫َما َق ْب َل امل ِْثلِ َّي ِة ا ِ‬ ‫‪384‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫تبيان االحرتا ِم ِ‬ ‫القص ِة‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫الذي َ‬
‫كان الفقي ُه‬ ‫ُ‬ ‫إن غاي َة (اجلربتيِ ِّ ) م ْن رسد هذه َّ‬ ‫َّ‬
‫آخر‪ِ ،‬‬ ‫ٍ‬ ‫سواء‪ ،‬ولكنَّ ُه ِم ْن‬‫ٍ‬ ‫حي َظى به ِم ْن ع ِّل َّي ِة القو ِم وعوا ِّم ِهم عىل حدٍّ‬
‫وم ْن‬ ‫جانب َ َ‬
‫ِ‬
‫ون‬‫ينو َ‬ ‫واخلاص َة ِ‬
‫كليهام مل ْ يكونُوا ُ‬ ‫َّ‬ ‫هؤالء العا َّم َة‬ ‫كيف َّ‬
‫أن‬ ‫َ‬ ‫قص ٍد منه‪ ،‬بينَّ َ‬ ‫ِ‬
‫دون ْ‬
‫وجوب‬ ‫ِ‬
‫للغاية َير َ‬
‫ون‬ ‫ألن فقها َء متشدِّ ِدي َن‬ ‫ني بسهو َل ٍة‪َّ ،‬‬ ‫عادة الت ِ‬
‫َّدخ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ال َّتخليِّ َ عن‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫حتريمها‪.‬‬

‫ف التِي يدعو إليها‬ ‫َّقش ِ‬‫هد والت ُّ‬ ‫الز ِ‬ ‫بني ُم ُث ِل ُّ‬ ‫الشاس ِع َ‬ ‫ون َّ‬ ‫احلديث عن الب ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬
‫إن‬
‫مرشوع‬
‫ٌ‬ ‫وتقشف ًا بعا َّم ٍة‬
‫ُّ‬ ‫األقل تز ُّمت ًا‬ ‫ِّ‬ ‫املجتم ِع‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫حياة‬ ‫ِ‬
‫وأساليب‬ ‫الفقها ُء والقضا ُة‬
‫شعور ِ‬ ‫اآلخ ِر‬ ‫ِ‬ ‫فثم َة يف‬ ‫ٍ‬ ‫ليس هذا َّ‬ ‫ِ‬
‫يوازي‬ ‫ٌ‬ ‫اجلانب َ‬ ‫كل يشء‪َّ ،‬‬ ‫ومتو َّق ٌع للغاية‪ ،‬لك ْن َ‬
‫َّعجل يف معام َل ِة‬ ‫األمور والت ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫إمهال‬ ‫برضور ِة جتن ِ‬
‫ُّب‬ ‫َ‬ ‫مه َّيتِ ِه ُ‬
‫يقول‬ ‫احلديث يف أ ِّ‬ ‫َ‬ ‫هذا‬
‫ِ‬
‫اآلالت‬ ‫َّرد أو ِ‬
‫عزف‬ ‫ب الن ِ‬ ‫مماثل لتعا ُم ِلنا مع َل ِع ِ‬ ‫بأسلوب ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫اجلنس َّي ِة)‬
‫ِ‬ ‫(املثل َّي ِة‬
‫ممُ ارس ِة ِ‬
‫َ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫بوصفها نوع ًا َ‬‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫حير ُم ُه الدِّ ي ُن اإلسالم ُّي‬ ‫السلوك ِّ‬ ‫آخ َر م َن ُّ‬ ‫املوسيق َّية واالستام ِع هلا ْ‬
‫اإلسالمي ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬
‫نحو ُه‪.‬‬‫َّخذ موقف ًا متساحم ًا َ‬ ‫الذي يت ُ‬ ‫ِّ‬ ‫املجتم ِع‬ ‫َ‬ ‫مقابل‬

‫بعض‬ ‫ٍ‬ ‫املجتم ُع بعا َّم ٍة يتغاضىَ عن‬ ‫َ‬ ‫الساب َق ِة‪َ ،‬‬
‫كان‬ ‫ِ ِ‬
‫ومث َلام ب َّينَّا يف ا َمل َباحث َّ‬
‫مثل الوقو ِع يف غرا ِم َصبِ ٍّي‬ ‫ِ‬
‫اجلنس َّي َة) ِ‬ ‫ِ‬
‫(املثل َّي َة‬ ‫جوانب ما يمك ُن تسمي ُت ُه اليو َم‬ ‫ِ‬ ‫ِم ْن‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫مراهق والت ِ‬ ‫ٍ‬
‫الفروض‬ ‫أسوء‬ ‫ات تُعدُّ يف‬ ‫َت هذه ا ُمل َ‬
‫امر َس ُ‬ ‫َّعبري عن ح ِّب ُه شعر ًا‪ ،‬أو كان ْ‬
‫مثل اإلصرْ ِار عىل‬ ‫أخرى ُ‬ ‫ٌ‬ ‫وكان يمك ُن ْ‬ ‫َ‬ ‫ٍ‬
‫أفعال َ‬ ‫أن تؤ ِّد َي‬ ‫هفوات أو آثام ًا َص َ‬
‫غريةً‪.‬‬
‫ض مرتكبِيها‬ ‫تعر ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫فِ ِ‬
‫عل الشيَّ ء أو االستهزاء علن ًا بام هو محُ َ َّر ٌم دين َّي ًا وبسهو َلة إىل ُّ‬
‫ناهيك عن العقو َب ِة املشدَّ َد ِة أو حتَّى املميت َِة!‬ ‫َ‬ ‫ني ِم َن (العوا ِّم)‬ ‫انتقاد املؤمنِ َ‬
‫ِ‬ ‫إىل‬
‫َ‬
‫كانون‬ ‫ف‬ ‫دمشق يف منتص ِ‬ ‫َ‬ ‫لواط يف‬ ‫ين اتهُّ ِام بمامرس ِة ا ِّل ِ‬ ‫لذ ِ‬ ‫الشا َّب ِ‬
‫ني ا َّل َ‬ ‫وتُعدُّ قض َّي ُة َّ‬
‫َ‬ ‫ُ َ َ‬
‫ِ‬
‫الفعل‪ ،‬فبعدَ‬ ‫املحتم َل ِة هلذا‬
‫َ‬ ‫األو ِل ِم ْن عا ِم (‪1807‬م) تُعدُّ تذكري ًا مناسب ًا بالن ِ‬
‫َّتائج‬ ‫َّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫رميهام م ْن أعىل‬ ‫عليهام باملوت عن طريق‬ ‫قرار ُه‪ُ ،‬حك َم‬ ‫إصدار حاك ِم املدينَة َ‬ ‫ْ‬
‫(‪)1‬‬ ‫ِ‬
‫األمو ِّي!‪.‬‬ ‫منارة اجلام ِع‬ ‫ِ‬

‫(((   العبد‪ ،‬حوادث بالد ّ‬


‫الشام‪ .140 ،‬أدين بالفضل إىل مالك رشيف ألنّه لفت انتباهي‬
‫إىل هذا املقطع‪.‬‬
‫مَ َ‬
‫اخلاتة‬
‫ِ‬
‫األوسط‬ ‫موجود ًا يف الشرَّ ِق‬ ‫الذ ِ ِ‬ ‫اجلنس َّي ِة َّ‬
‫ِ‬ ‫املثل َّي ِة‬
‫مل يكن م ْفهوم ِ‬
‫كر َّية ُ‬ ‫ْ ْ َ ُ ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ثم َة يف الواق ِع َم ْف ُهو ٌم‬
‫املبكرة‪ .‬إذ مل ْ يك ْن َّ‬
‫َ‬ ‫اإلسالم ِّي يف احلقبة العثامن َّية‬ ‫العربيِ ِّ‬
‫بانجذاب جنسيِ ٍّ إىل‬
‫ٍ‬ ‫يشعر َ‬
‫ون‬ ‫ُ‬
‫حمليِّ َي ْصدُ ُق ح ًا عىل مجي ِع الر ِ‬
‫جال مم َّ ْن كانُوا‬ ‫ِّ‬ ‫صرْ‬ ‫ٌّ‬
‫نوع ِهم بدالً ِمن النِّساء‪ِ.‬‬ ‫أفراد ِمن ِ‬
‫ٍ‬
‫َ‬ ‫ْ‬
‫اجلنس َّي ِة ويسق ُطها ِم ْن حسابِ ِه‬‫ِ‬ ‫املثل َّي ِة‬
‫َّاميزات التِي يتجاه ُلها م ْفهوم ِ‬
‫َ ُ ُ‬
‫ِ‬ ‫َّ‬
‫إن الت‬
‫ِ‬
‫الفاعل‬ ‫بني ال َّط ِ‬
‫رف‬ ‫َّاميز َ‬ ‫مه َّي ِة للمعاصرِ ِ ي َن‪َ ،‬‬
‫مثل الت ِ‬ ‫قدر ٍ ِ‬
‫كبري م َن األ ِّ‬ ‫تبدُ و عىل ٍ‬
‫والعذري ِمن ٍ‬ ‫وبني احلب املت ِ‬ ‫ِ‬ ‫وبني ال َّط ِ‬
‫احلب‬ ‫ِّ‬ ‫وبني‬
‫جهة َ‬ ‫ِ ِّ ْ‬ ‫َّقد‬ ‫ُّ‬ ‫املفعول به‪َ ،‬‬ ‫رف‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫نيِ‬ ‫ِ‬
‫وبني‬‫َ‬ ‫احة‬‫وبني األفعال اجلنس َّية ا ُمل َب َ‬ ‫َ‬ ‫أخرى؛‬
‫الشهوا ِّ م ْن جهة َ‬ ‫اجلسد ِّي َّ‬
‫ا ُمل َح َّر َم ِة‪.‬‬
‫حموري ًا يف التَّوج ِ‬ ‫ِ‬ ‫متايز ِمن ِ‬
‫هات‬ ‫ُّ‬ ‫ِ َّ‬ ‫يشغل موقع ًا‬ ‫ُ‬ ‫َّاميزات‬ ‫هذه الت‬ ‫كل ٍ ْ‬ ‫إن َّ‬ ‫َّ‬
‫ِ‬
‫العالقة‬ ‫وير‬‫تص ِ‬ ‫هات املم ِّي َز ِة مث ً‬ ‫يميل أحدُ التَّوج ِ‬ ‫ال َّثقافِ َّي ِة املتباين َِة‪ ،‬إذ ُ‬
‫ال إىل ْ‬ ‫ُّ‬
‫كر) هيمنَ َت ُه عىل‬ ‫(الذ ُ‬ ‫املولج َّ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫الفاعل‬ ‫ال متقاطب ًا يؤ ِّكدُ فيها‬ ‫بوص ِفها فِع ً‬ ‫ِ ِ‬
‫اجلنس َّية ْ‬
‫واملفعول‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫الفاعل‬ ‫يميل ا ِّل ُ‬
‫لواط‬ ‫(األنثو ِّي) اخلاضعِ‪ .‬وتبع ًا لذلِ َك‪ُ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫املفعول به‬
‫ِ‬
‫وجهة‬ ‫بني األنوا ِع وعىل ِ‬
‫وفق‬ ‫املتعارض َ‬‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اجلوهر ِّي‬ ‫َّامهي مع التَّقسي ِم‬ ‫به إىل الت ِ‬
‫بالعار وتشو ُه سمع ُت ُه‬ ‫ِ‬ ‫وص ُم‬ ‫ُ‬ ‫رف َّ‬ ‫كان ال َّط ُ‬‫هذه‪َ ،‬‬ ‫َّظر ِ‬ ‫الن ِ‬
‫املفعول به ُي َ‬ ‫كر)‬‫(الذ ُ‬
‫الذي‬ ‫الفاعل ِ‬
‫ِ‬ ‫عمل األن َثى خالف ًا لل َّط ِ‬
‫رف‬ ‫بأداء ِ‬ ‫وجيري تنمي ُطه وقو َلب ُته لقبولِ ِه ِ‬ ‫ِ‬
‫َ ُ‬ ‫ُ‬
‫ِ ٍ ِ ٍ‬ ‫ِ‬
‫حب‬ ‫نحو إضفاء قيمة مثال َّية عىل ِّ‬ ‫ينزع َ‬ ‫آخ ُر ُ‬ ‫توج ٌه ثقافيِ ٌّ َ‬‫وثم َة ُّ‬ ‫ال يعانيِ ذل َك‪َّ .‬‬
‫ٍ‬ ‫احلس ِ‬‫ِ ِ‬ ‫الر ِ ِ ِ‬
‫فص ِل‬ ‫يح أو ُم ْض َم ٍر عىل ْ‬ ‫بنحو صرَ ٍ‬ ‫ُ‬
‫ويعمل‬ ‫ان‪،‬‬ ‫جل للغلامن والنِّساء َ‬ ‫َّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ائع الدِّ ين َّي ُة‪.‬‬
‫وحتر ُم ُه الشرَّ ُ‬ ‫الزنا أو ا ِّللواط الذي تدينُ ُه ِّ‬ ‫اهرة عن ِّ‬ ‫هذه ال َّظ َ‬
‫اإل ْسال ِم ِّي‬ ‫ال ال َع َر ِب ِّي ِ‬ ‫جل ْن ِس َّي ِة يِف ال َع مَ ِ‬ ‫َما َق ْب َل امل ِْثلِ َّي ِة ا ِ‬ ‫‪386‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫بوص ِف ِه جزء ًا‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬


‫البرش ِّي بقيمة عال َية إ َّما ْ‬ ‫للج ِ‬
‫امل‬ ‫احلب األفالطونيِ ُّ َ‬
‫ُّ‬ ‫وحي َظى‬
‫للحساسي ِة الرفيع ِة الر ِاقي ِة‪ ،‬أو بوص ِف ِه طري َق ًة حلب ٍ‬
‫إله ال حدَّ‬ ‫ِ‬ ‫أوسع‬ ‫ِم ْن ٍ‬
‫مثال‬
‫ِّ‬ ‫ْ‬ ‫َ َّ َ َّ َ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِِ‬
‫احلضور‪.‬‬ ‫جلامله وكليِّ ِّ‬
‫َ‬
‫األفعال مستثني ًا منها الر ِ‬
‫غبات‬ ‫ِ‬ ‫الفقه ُّي‪ -‬العدليِ ُّ عىل‬ ‫ِ‬ ‫الث‬‫ويرك ُِّز ال َّت َّي ُار ال َّث ُ‬
‫َّ‬
‫عرو َف ِة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الرجال جزء ًا م َن الفئة العا َّمة ا َمل ُ‬
‫ِ‬ ‫اجلنس َّي ُة َ‬
‫بني ِّ‬
‫ِ‬ ‫ُ‬
‫األفعال‬ ‫َت‬
‫وامليول‪ ،‬وكان ْ‬ ‫َ‬
‫ثم َة َم ْف ُهو ٌم عدليِ ٌّ واحدٌ وال عقو َب ٌة َ‬
‫مفر َد ٌة‬ ‫وليس َّ‬ ‫َ‬ ‫ال اجلنسيِ ِّ ا ُمل َح َّر ِم؛‬ ‫باالت َِّص ِ‬
‫أكثر بشاع ًة ِم َن‬ ‫إثم ُ‬ ‫فاإلتيان يف الدُّ ُب ِر هو ٌ‬
‫ُ‬ ‫ال اجلنسيِ ِّ املثليِ ِّ ؛‬ ‫جلمي ِع أنوا ِع االت َِّص ِ‬
‫األخري ُة يف الواق ِع‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫األفعال‬ ‫َت‬
‫احلار‪ ،‬وكان ْ‬ ‫َّقبيل ِّ‬ ‫ال أو املالط َف ِة أو الت ِ‬ ‫املفاخ َذ ِة مث ً‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ سيِ‬ ‫ٍ ِ‬ ‫ِ‬ ‫تُعدُّ َّ‬
‫فالوقوع يف‬
‫ُ‬ ‫املتخالف‪،‬‬ ‫خطور ًة م ْن أنوا ٍع مع َّينَة م َن االت َِّصال اجلن ِّ‬ ‫َ‬ ‫أقل‬
‫األفعال التِي‬‫ِ‬ ‫احلب شعر ًا مل ْ يك ْن ِم َن‬ ‫ِّ‬ ‫َّعبري عن هذا‬ ‫حب غال ٍم مراهق والت ُ‬
‫ٍ‬ ‫ِّ‬
‫ِ‬
‫ني ال مجيع ِهم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫بأس به م َن الفقهاء املسلم َ‬ ‫ب عليها بلحظ توكيد عدد ال َ‬ ‫ُيعا َق ُ‬
‫مثل هذا مل ْ يك ْن مرفوض ًا‪.‬‬ ‫أن سلوك ًا َ‬ ‫بال َّطب ِع َّ‬

‫متعارض ًة‬
‫َ‬ ‫وجتسدُ ُم ُث ً‬
‫ال‬ ‫ِّ‬ ‫مكتف َي ًة ذاتِ َّي ًا نسبِ َّي ًا‪،‬‬
‫ِ‬ ‫ارات ال َّثال َث ُة‬
‫َت ال َّت َّي ُ‬ ‫وكان ْ‬
‫ِ‬
‫الرفي َعة واالمتثال للتَّعالي ِم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫كمونِ َّي ًا‪ :‬إنهَّ ا ُم ُث ُل ُّ‬
‫كورة واحلساس َية اجلَامل َّية َّ‬ ‫الذ َ‬
‫األحيان‪ ،‬فام يبدُ و‬ ‫ِ‬ ‫بعض ِم َن‬
‫ٍ‬ ‫اع يتح َّق ُق عيانِ َّي ًا يف‬ ‫وكان هذا الصرِّ ُ‬ ‫َ‬ ‫الدِّ ينِ َّي ِة‪.‬‬
‫ِ‬ ‫بحس ِ‬ ‫ٍ‬ ‫َّظر فِ َ‬ ‫وجهات الن ِ‬‫ِ‬ ‫وفق ِ‬ ‫عىل ِ‬
‫وجهة‬ ‫ب‬ ‫عل (تثبيت) يبدُ و (لواط ًا) ْ‬ ‫أحد‬
‫ٍ‬ ‫نحو اجل ِ‬ ‫ِ‬ ‫الغ ِ‬‫أن (ا َمل َيل إىل ِ‬ ‫ٍ‬
‫بنحو‬ ‫امل)‬ ‫يكون (حساس َي ًة َ َ‬ ‫ُ‬ ‫لامن) قد‬ ‫أخرى؛ كام َّ‬ ‫نظر َ‬
‫طوع ٍّي للن ِ‬‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫امل اإللهِِ ِّي قد ُيعدُّ بمنز َل ِة‬ ‫ان اجل ِ‬ ‫متبا َد ٍل؛‬
‫َّفس‬ ‫تعريض‬ ‫واستحس ُ َ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫اإلغواء‪.‬‬ ‫ِ‬
‫خلطر‬

‫االجتامع َّي ِة‬


‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اجلامعات‬ ‫هلذ ِه ا ُمل ُث ِل َ‬
‫بني‬ ‫القيمة النِّسبِي ِة ِ‬
‫َّ‬
‫ِ‬ ‫تقدير‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫وباإلمكان‬
‫كبري ٍة‬ ‫ٍ‬ ‫املثال ال َّثانيِ َ َ‬
‫كان حي َظى بمكانَة َ‬ ‫أن َ‬ ‫ِ‬
‫املثال َّ‬ ‫ِ‬
‫سبيل‬ ‫املتنو َع ِة‪ ،‬إذ يظهر ِ‬
‫جل َّي ًا يف‬ ‫ُ‬ ‫ِّ‬
‫ِ‬
‫ني بوحدة الوجود؛ بينَام حي َظى ُ‬‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫املثال‬ ‫ني م َن املؤمن َ‬ ‫والصوف ِّي َ‬ ‫بني األدباء ُّ‬ ‫خاص ًة َ‬‫َّ‬
‫أن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ني الن َُّّساك‪ .‬وبقدرتنا ْ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ال َّث ُ‬
‫والصوف ِّي َ‬
‫رب للقضاة وفقهاء احلديث ُّ‬ ‫مه َّية أك َ‬
‫الث بأ ِّ‬
‫كان حمدُ ود ًا‬‫املتزه ِد‪َ ،‬‬
‫ِّ‬
‫ِ‬
‫األخالق ِّي‬ ‫َّنس ِك‬ ‫ِ ِ‬
‫الصوف َّية والت ُّ‬
‫ِ ِ‬
‫تأثري اجلَامل َّية ُّ‬ ‫أن َ‬ ‫نفرتض َّ‬‫َ‬
‫‪387‬‬ ‫مَ َ‬
‫اخلاتة‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫بنحو وا ٍع‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬


‫نخبو َّي ًة‬ ‫َت‬ ‫الصوفِ َّي َة كان ْ‬ ‫ألن ا ِ‬
‫جلامل َّي َة ُّ‬
‫ِ‬
‫املستوى االجتامع ِّي‪َ َّ ،‬‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫للغاية يف‬
‫ِ‬
‫وجه‬ ‫العابس ُة يف‬ ‫بفلسفة ُصوفِ َّي ٍة مع َّقدَ ٍة‪ ،‬أ َّما ال َّثانِ َي ُة‬ ‫ٍ‬ ‫َت مرتب َط ًة‬ ‫ذات َّي ًا‪ ،‬وكان ْ‬
‫َ‬
‫عر الدُّ ِ‬ ‫الش ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وتدخ ِ‬ ‫ِ‬
‫نيو ِّي الغزليِ ِّ‬ ‫القهوة ونظ ِم ِّ‬ ‫ورشب‬ ‫ني التَّب ِغ‬ ‫عزف املوسي َقى‬
‫املعتدل واملِت َِع ِّي‬
‫ِ‬ ‫َّوج ِه‬
‫وص ُف ُه بالت ُّ‬ ‫تناهض ما يمك ُن ْ‬ ‫ُ‬ ‫َت‬‫لامن؛ فكان ْ‬‫الغ ِ‬‫َّظر إىل ِ‬‫والن ِ‬
‫الشعبِ َّي ِة‪.‬‬
‫قافة َّ‬‫واملتواص ِل يف ال َّث ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫احلارض‬

‫مه َّي ٍة عىل ما يبدُ و‬ ‫ِ ِ‬


‫غري اجلامعة االجتامع َّية حت َظى بأ ِّ‬
‫ِ‬
‫أخرى ُ‬ ‫ات َ‬ ‫وثم َة متغيرِّ ٌ‬ ‫َّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫مناقشة ِ‬ ‫ِ‬
‫سبيل املثال أد َّل ٌة َ‬
‫كثري ٌة‬ ‫فثم َة يف‬ ‫املتنو َعة‪َّ .‬‬ ‫املنظورات ال َّثقاف َّية ِّ‬ ‫َ‬ ‫تأثري‬ ‫َ‬ ‫يف‬
‫أعامر ِهم‪َ ،‬‬
‫كان ُيتو َّق ُع‬ ‫ِ‬ ‫ات ِم ْن‬ ‫ات أو مطل ِع ال َّثالثينِي ِ‬
‫َّ‬
‫ان يف العرشينِي ِ‬
‫َّ‬ ‫الش َّب َ‬ ‫أن ُّ‬ ‫تبينِّ ُ َّ‬
‫ربونهَ ُم سنَّ ًا‪ ،‬ولذلِ َك‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ال للتَّم ُّت ِع بمباه ِج احلياة مم َّ ْن يك ُ‬ ‫أكثر مي ً‬ ‫أن يكونُوا َ‬ ‫منهم ْ‬ ‫ُ‬
‫تهِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫العمر َّية بال َّطري َقة ذا ا‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫يتعامل مع ميو م يف هذه املرحلة‬ ‫لهِ‬
‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫املجتم ُع‬ ‫مل ْ يك ْن‬
‫َ‬
‫َّغاض عنها إىل حدٍّ ما‪،‬‬ ‫جيري الت يِ‬ ‫كان ِ‬ ‫األكرب سنَّ ًا‪ ،‬بل َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ميول‬ ‫يتعامل هبا مع‬ ‫ُ‬ ‫التِي‬
‫بوص ِف ِه مؤشرِّ ُا‬
‫املشيب ْ‬ ‫ِ‬ ‫وير‬
‫تص ُ‬ ‫جيري ْ‬ ‫كان ِ‬ ‫سابق‪َ ،‬‬ ‫ب ما ب َّينَّا يف موض ٍع ٍ‬ ‫وبحس ِ‬ ‫ْ‬
‫عي وراء اجلاملِ‬ ‫والس ِ‬ ‫ِ‬
‫احلب املتَّقد والغرا ِم والتَّسل َية‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اقرتاب مرحلة‬ ‫ِ‬ ‫عىل‬
‫َ َ‬ ‫َّ‬ ‫ِّ‬
‫األشيب يف‬ ‫عر‬ ‫ران َّ‬ ‫ان يجُ ه ُل قائ ُلهام‪ ،‬يصو ِ‬ ‫بيتان شعري ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫الش َ‬ ‫َ ِّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫وثمة‬
‫م ْن هنايتها‪َّ .‬‬
‫وق‪:‬‬ ‫املعش ِ‬‫ُ‬ ‫لح َي ِة يف خدِّ‬ ‫املقابل لـ ا َّل ْ‬ ‫َ‬ ‫بوص ِف ِه‬
‫العاشق ْ‬ ‫ِ‬

‫��نْ��ـ��ت عنه‬
‫ُ‬ ‫وب��ـ��ـ��ان عنِّــي وبِ‬ ‫َ‬ ‫والتحى حبيبِي‬ ‫َ‬ ‫ِشــ ْب ُت أن��ا‬
‫(*)‬
‫البيـاض منه‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫ذاك‬ ‫واس���و ّد‬ ‫ال��س��وا ُد منِّـي‬
‫َّ‬ ‫واب��ي��ض َ‬
‫ذاك‬ ‫َّ‬

‫الرأس واألبيض هو اخلدّ ‪.‬‬


‫بالسواد شعر ّ‬
‫الربيع‪ .247 ،‬املقصود ّ‬
‫اجلزائري‪ ،‬زهر ّ‬
‫ّ‬ ‫[*]‬

‫*****‬

‫األمري ( ُتوفيِّ َ سن َة ‪1768‬م) عن‬ ‫َ‬


‫إسامعيل‬ ‫حممدُ ب ُن‬ ‫ِ‬ ‫وعبرَّ َ َّ‬
‫ُ‬ ‫اعر اليمن ُّي َّ‬
‫الش ُ‬
‫عر َّي ِة اآلت َي ِة‪:‬‬
‫الش ِ‬ ‫ِ‬
‫األبيات ِّ‬ ‫مشاعر مماث َل ٍة يف‬
‫َ‬
‫اإل ْسال ِم ِّي‬ ‫ال ال َع َر ِب ِّي ِ‬ ‫جل ْن ِس َّي ِة يِف ال َع مَ ِ‬ ‫َما َق ْب َل امل ِْثلِ َّي ِة ا ِ‬ ‫‪388‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫وللش ِ‬
‫ـعر‬ ‫ِّ‬ ‫ومن ِ‬
‫بعد ذا ما ُّ‬
‫للشـــيوخِ‬ ‫ِ‬ ‫والصبا‬ ‫ِ‬ ‫ــعر إلاَّ َّ‬ ‫وما ِّ‬
‫ْ‬ ‫للشــــبي َبة ِّ‬ ‫الش ُ‬
‫ِ‬
‫احلـرش‬ ‫تزر َك إىل‬ ‫ِ‬
‫بشعر َك شيب ًا مل ْ ْ‬ ‫عر إلاَّ كالغوانِـى إذا ر َأ ْت‬ ‫وما ِّ‬
‫الش ُ‬
‫ريــض أو الن َِّثر‬
‫ِ‬ ‫ُـوق إىل نظـ ِم ال َق‬
‫أت ُ‬ ‫ــم شبي َبتِي‬ ‫بعد نَثِ ِر َّ‬
‫الش ِ‬
‫يب َن ْظ َ‬
‫ِأمن ِ‬
‫ْ‬

‫اعتبــار َلمِـــ ْن يدري‬


‫ٌ‬ ‫وقـــار وفيه‬
‫ٌ‬ ‫ِ‬
‫ـــيب ذ َّم ًا فإنَّــــ ُه‬ ‫َّ‬
‫للش‬ ‫وال أرتَـضيِ‬

‫(*)‬ ‫لشـمس وال ِ‬


‫بدر‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫أشـتكي هجر ًا‬ ‫فال‬ ‫ٍ‬
‫وأغيد‬ ‫ِّ‬
‫كـــــل غيدا‬ ‫َس َل ْو ُت به عن‬

‫[*] ابن األمري‪ ،‬الدّ يوان‪.227 ،‬‬

‫*****‬

‫وليم ٍة ُيقدَّ ُم‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫واعتذر الفقي ُه الدِّ مشق ُّي َح َس ُن البورين ُّي عن تلبية دعوة إىل َ‬
‫َ‬
‫بالكلامت اآلتية‪ِ:‬‬
‫ِ‬ ‫اب‬
‫َ‬ ‫فيها الشرَّ ُ‬
‫ِ‬
‫الكأس‬ ‫والعمل بقولِ ِه ِم ْن َ‬
‫ارتضا ِع‬ ‫ُ‬ ‫قال أبو َّنو ٍ‬
‫اس‬ ‫أرشتُم إليه بام َ‬‫(وأ َّما ْ‬
‫ِ‬
‫العيش قاب َل ًة‪،‬‬ ‫ِ‬
‫لصفاء‬ ‫الش ِ‬
‫باب آه َل ًة‬ ‫ُ‬
‫منازل َّ‬ ‫فمق ُب ٌ‬
‫اهلوى َ‬ ‫وأوقات َ‬‫ُ‬ ‫َت‬ ‫ول لو كان ْ‬
‫جمال ملصا َفح ِة ِ‬ ‫واإلنذار ِم ْن عالمَ ِ ال َغ ِ‬
‫ِ‬ ‫الش ِ‬ ‫ِ‬
‫بنت‬ ‫يب‪ ،‬ال َ َ َ‬ ‫يب‬ ‫نزول ِّ‬ ‫ولك ْن بعدَ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫(‪)1‬‬
‫والسنان)‪.‬‬
‫فاح ِّ‬ ‫الدِّ نان‪ ،‬ولو أنهَّ ا بمشا َف َهة ِّ‬
‫الص ِ‬
‫ِ‬
‫القرتاف اآلثا ِم‬ ‫عرض ًة‬
‫أكثر َ‬ ‫إن َّ‬ ‫والفرض َّي ُة التِي تقول‪َّ :‬‬
‫ِ‬
‫باب كانُوا َ‬ ‫الش َ‬
‫والش ِ‬
‫َّبي‪ :‬منها‪( :‬ك َفى باإلسال ِم َّ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫يب‬ ‫واضح ٌة يف أقوال شائ َعة ُ‬
‫منسو َبة إىل الن ِّ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ليس له‬ ‫اب َ‬ ‫ب م َن َّ‬
‫الش ِّ‬ ‫ليعج ُ‬
‫َ‬ ‫آخر‪َّ :‬‬
‫(إن اهللَ‬ ‫للمرء ناهي ًا) ويف حديث َ‬
‫(‪)2‬‬

‫وثمة قصائد ال حرص هلا تتحدّ ث عن‬ ‫(((   منقول من املح ّب ّي‪ ،‬خالصة األثر‪ّ .53 :2 ،‬‬
‫املشيب منها‪:‬‬
‫مضت ّ‬
‫الشبيبة واحلبيبة فانربى دمعان يف األجفـان يزدمحـان‬
‫ما أنصفتني احلادثات رميننـي بمودعيــــن وليس يل قلبـــان (إضافة املرتمجة)‬
‫(((    مناوي‪ ،‬فيض القدير‪( 203 :5 ،‬حديث ‪.)6977‬‬
‫‪389‬‬ ‫مَ َ‬
‫اخلاتة‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫باب كانُوا‬ ‫أن َّ‬ ‫ِ‬


‫احلديث هو َّ‬ ‫ون َّ‬ ‫رشح املفسرِّ ُ َ‬
‫الش َ‬ ‫سبب هذا‬ ‫َ‬ ‫أن‬ ‫َ‬ ‫َص َبوةٌ)؛(‪ )1‬وقدْ‬
‫والش ِ‬ ‫امللح ِة‬ ‫وعرض ًة إىل االستسال ِم للر ِ‬ ‫ِ‬
‫هوة‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫غبات‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫أكثر َم ْي ً‬
‫ال‬ ‫بطبيعت ِهم َ‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ (‪)2‬‬
‫ذكر ما ذك ََر ُه (مايكل روك ـ ‪Michael‬‬ ‫السياق ُ‬ ‫وجدير يف هذا ِّ‬ ‫ٌ‬ ‫اجلنس َّية‪.‬‬
‫مدينة فلورنسا اإليطالِ َّي ِة‬ ‫ِ‬ ‫اجلنس َّي ِة يف‬
‫ِ‬ ‫املثل َّي ِة‬
‫‪ )Rocke‬يف دراستِ ِه القيم ِة عن ِ‬
‫ِّ َ‬
‫َّهض ِة التِي استندَ فيها إىل عدد كبري م ْن سجلاَّ ت املحاك ِم‪ ،‬إذ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫يف عصرْ ِ الن َ‬
‫تتضم ُن‬ ‫َّ‬ ‫القضايا التِي ُرفِ َع ْت أما َم املحاك ِم العدلِ َّي ِة كان ْ‬
‫َت‬ ‫أكثر َ‬‫أن َ‬ ‫حلظ (روك) َّ‬ ‫َ‬
‫عمر ِه‬‫ات ِم ْن ِ‬ ‫ات أو مطل ِع ال َّثالثينِي ِ‬
‫َّ‬
‫مراه ِق وشاب يف العرشينِي ِ‬
‫َّ‬ ‫ٍّ‬
‫تور ُط صبِي ِ‬
‫ُّ َ ٍّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫احلرض َّية يف‬ ‫انتشار نمط العالقة ذاته يف مراكز املدن‬ ‫ُ‬ ‫رج ُح‬‫يف عالقة‪ .‬و ُي َّ‬
‫(‪)3‬‬

‫بني األعوا ِم (‪ 1500‬و‪1800‬م)‪.‬‬ ‫احلقب املمتدَّ ِة َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫األوسط يف‬ ‫الشرَّ ِق‬
‫ِ‬
‫األجيال‬ ‫واجلامعات أو‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫املواقف‬ ‫بني‬ ‫ِ‬
‫االرتباط َ‬ ‫دفع هذا‬ ‫ِ‬
‫وباإلمكان ُ‬
‫َّاس ور َّبام‬ ‫بأس به ِم َن الن ِ‬ ‫أن عدد ًا ال َ‬ ‫حدود ِه‪ ،‬ويبدُ و َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫االجتامع َّية إىل أقصىَ‬
‫هذه ا ُمل ُث ِل ال َّثال َث ِة يف‬ ‫ون مع ِ‬ ‫احلرض َّي ِة‪ ،‬كانُوا يتعام ُل َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫املناطق‬ ‫كور يف‬ ‫الذ ِ‬ ‫أكثر ُّ‬ ‫ِ‬
‫ياق وال ُّظ ِ‬ ‫ب الس ِ‬ ‫وكان بقدرتهِ ِم‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫بني‬ ‫أن يتن َّق ُلوا َ‬ ‫روف ْ‬ ‫بحس ِ ِّ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫واحد‪،‬‬ ‫وقت‬
‫ور ِة حصرْ ِ َّي ًة‬ ‫املتنو َعة التي مل ْ تك ْن يف الواق ِع وبالضرَّ َ‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫هذه املنظورات ال َّثقاف َّية ِّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ِ‬ ‫جيري تصور ا ِّل ِ‬ ‫وكان ِمن ال َّث ِ‬ ‫بنحو متبا َد ٍل؛‬ ‫ٍ‬
‫واملفعول به‬ ‫ِ‬
‫الفاعل‬ ‫لواط‬ ‫أن ِ َ َ ُّ ُ‬ ‫ابت ْ‬ ‫َ َ‬
‫ِ‬ ‫احتقار ال َّط ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫بص َي ٍغ خمتل َف ٍة‬‫م ْفهوماتِي ًا ِ‬
‫املفعول‬ ‫رف‬ ‫جر ْت العاد ُة عىل‬ ‫جوهر َّي ًا‪ ،‬إذ َ‬ ‫َّ‬ ‫َ ُ‬
‫احلب‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫أكثر م َن ال َّطرف‬ ‫ِ‬ ‫به والت ُ‬
‫املتسامح مع ِّ‬ ‫موقف‬
‫َ‬ ‫الفاعل؛ والوقوف‬ ‫َّنكيل به َ‬
‫استهجان خمال َف ِة التَّعالي ِم الدِّ ينِ َّي ِة‬
‫ِ‬ ‫استحسانِ ِه! إضاف ًة إىل‬ ‫َ‬ ‫العفيف وحتَّى‬ ‫ِ‬
‫املث ِّ‬
‫ليِ‬
‫املرء هلا وجماهرتِ ِه هبا‪.‬‬ ‫إدمان ِ‬ ‫ِ‬ ‫وص ًا يف ِ‬
‫حال‬ ‫خص َ‬ ‫ُ‬
‫حيث‬ ‫ثل ِم ْن ُ‬ ‫هذه ا ُمل ِ‬‫بني ِ‬ ‫بتعذ ِر الت ِ‬
‫َّوفيق َ‬ ‫وال تت َِّص ُل املسأ َل ُة األساس َّي ُة هنا ُّ‬
‫ِ‬
‫االعرتاف‬ ‫ومقابل هذا‪ ،‬ال بدَّ ِم َن‬ ‫َ‬ ‫بعض ِهم ذلِ َك؛‬‫عاء ِ‬ ‫املبدأ عىل الرغ ِم ِمن اد ِ‬
‫ْ ِّ‬ ‫ُّ‬

‫(((   أي ليس له ميل إىل اهلوى وا ّللعب وا ّللهو (املرتمجة)‪.‬‬


‫  مناوي‪ ،‬فيض القدير‪( 263 :2 ،‬حديث ‪.)1799‬‬ ‫ّ‬ ‫(((‬
‫حمرمة‪.229-228 ،119-113 ،‬‬ ‫(((   روك‪ ،‬صداقات ّ‬
‫اإل ْسال ِم ِّي‬ ‫ال ال َع َر ِب ِّي ِ‬ ‫جل ْن ِس َّي ِة يِف ال َع مَ ِ‬ ‫َما َق ْب َل امل ِْثلِ َّي ِة ا ِ‬ ‫‪390‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ات دوام ًا‪،‬‬ ‫هذه ا ُمل ُث ِل أو وجودها مع ًا‪ ،‬مل يكن خي ُلو ِمن اإلشكالِي ِ‬ ‫تعايش ِ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬
‫بأن‬
‫َّ‬ ‫َ‬ ‫ْ ْ‬ ‫َ‬
‫أن‬ ‫ويظهر َّ‬ ‫ُ‬ ‫َّوفيق بينَها وحتدِّ ِيه كذلِ َك!‬ ‫باحتامل الت ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َّشكيك‬ ‫إمكان الت‬‫ِ‬ ‫ثم‬‫وم ْن َّ‬
‫ِ‬
‫بني ا ُمل ُث ِل‪،‬‬ ‫قيق َ‬ ‫َّوازن الدَّ ِ‬‫حال الت ِ‬ ‫ِ‬ ‫ظل‬ ‫للجدل يف ِّ‬ ‫ِ‬ ‫مثري ًة‬
‫َت َ‬ ‫املسائل التِي كان ْ‬ ‫َ‬
‫اجلنس َّي ِة‪،‬‬
‫ِ‬ ‫َّقد والر ِ‬
‫غبة‬ ‫َّ‬
‫بني احلب املت ِ‬
‫ِّ‬ ‫العالقة َ‬ ‫ِ‬ ‫الغالب َ‬
‫حول‬ ‫ِ‬ ‫تتمحور يف‬ ‫ُ‬ ‫َت‬
‫كان ْ‬
‫خص َّي َة‪.‬‬ ‫الش ِ‬ ‫عر التَّجر َب َة َّ‬ ‫يعكس فيه ِّ‬ ‫وتعيني احلدِّ ِ‬
‫الش ُ‬ ‫ُ‬ ‫الذي‬

‫تتعايش‬ ‫ُ‬ ‫بني (ممُ َار َس ٍة)‬ ‫هو ٌة سحي َق ٌة َ‬ ‫راس ُة احلال َّي ُة بام بدا كأ َّن ُه َّ‬
‫ِ‬
‫بد َأ ْت الدِّ َ‬
‫باحلديث عن تعدُّ ِد َّي ِة ا ُمل ُث ِل‬ ‫ْ‬ ‫وانته ْت‬ ‫َ‬ ‫(نظر َّي ٍة) تدينُها‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫اجلنس َّي ِة و‬
‫ِ‬ ‫املثل َّي ِة‬ ‫مع ِ‬
‫شك يف‬ ‫املبكر ِة‪ .‬وال ُي ُّ‬ ‫َ‬ ‫احلقبة العثامنِ َّي ِة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اإلسالم ِّي يف‬ ‫املتعايشة يف العاملِ العربيِ ِّ‬
‫َ ِ‬
‫َّارخي َّي ِة واألدبِ َّي ِة والدِّ ينِ َّي ِة‬ ‫احلقبة ‪ -‬الت ِ‬ ‫ِ‬ ‫ات ِ‬
‫هذه‬ ‫الذي أجريناه ألدبِي ِ‬
‫َّ‬ ‫ْ ُ‬
‫أن املسح ِ‬
‫َ‬ ‫َّ‬
‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫االكتفاء‬ ‫رب‬
‫بنحو كاف ع َ‬ ‫وير ُه‬
‫تص ُ‬ ‫ومنوع ًا ال يمك ُن ْ‬ ‫َّ‬ ‫يعكس واقع ًا مع َّقد ًا‬ ‫ُ‬ ‫‪-‬‬
‫مقابل (ممُ َار َس ٌة)‬ ‫َ‬ ‫ٌ‬
‫و(مثال)‬ ‫(رفض)‬ ‫ٌ‬ ‫َ‬
‫مقابل‬ ‫(تسامح)‬‫ٌ‬ ‫بتوظيف فِك ٍَر ِم ْن ِ‬
‫مثل‬ ‫ِ‬
‫ني مع‬ ‫متناقض ِ‬
‫َ‬ ‫دمشق بأسلو َب ِ‬
‫ني‬ ‫َ‬ ‫تعامل سك ُ‬
‫َّان‬ ‫َ‬ ‫األو ِل‪،‬‬
‫الفص ِل َّ‬ ‫فمث َلام حل ْظنا يف ْ‬
‫ِّساء أوالً ومع الدَّ ِ ِ‬ ‫األمري الدَّ ر ِزي املو َل ِع بالن ِ‬
‫أشار ْت إىل‬ ‫الئل التي َ‬ ‫َّ‬ ‫ِ َ ِّ‬ ‫اب‬ ‫اغتص ِ‬ ‫َ‬
‫عرو َفة ا ِّل َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫لواط!‪.‬‬ ‫الشخص َّيات الدِّ ين َّية ا َمل ُ‬ ‫ممُ َار َسة إحدَ ى َّ‬
‫ِ ِ‬ ‫ياق ذاتِ ِه‪ ،‬حتدَّ َ‬ ‫ويف الس ِ‬
‫بتعاطف عن‬ ‫ً‬ ‫وكاتب احلول َّيات اجلربتيِ ُّ‬ ‫ُ‬ ‫ث الفقي ُه‬ ‫ِّ‬
‫أصدقائه‪ ،‬ولكنَّ ُه‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫قص ِ‬
‫بعض م ْن ْ‬ ‫اشرتك فيها ٌ‬ ‫الرفي َعة التي‬ ‫احلب املثل َّية َّ‬‫ِّ‬ ‫ص‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الح (ر َّبام لفعله ذل َك‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫املبتذل) ملطاردته َّ‬ ‫ِ‬ ‫(اجللف َ‬ ‫ِ‬
‫باب امل َ‬ ‫الش َ‬ ‫َ‬ ‫مل ْ يرت َّدد يف إدانة‬
‫َت تُقا ُم يف مصرْ َ ‪ .‬ومل ْ تك ْن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫أقل رفع ًة) يف احتفاالت املوالد التي كان ْ‬ ‫ِ‬ ‫لدوافع َّ‬
‫(‪)1‬‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫التساوق أو ا َّلالعقالن َّي َة‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫مثل هذه مت ِّث ُل حاالت م َن ا َّل‬ ‫ِ‬ ‫واضح ٌة ُ‬ ‫ات‬
‫تناقض ٌ‬‫َ‬
‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫الر ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الح ال يعني‬ ‫بشباب م ٍ‬ ‫جل البال ِغ‬ ‫تغز َل َّ‬ ‫فإن ُّ‬ ‫ب‪ ،‬وعىل شاك َلة ذل َك‪َّ ،‬‬ ‫فحس ُ‬ ‫ْ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫امر َسة العمل َّية‪ ،‬بل ر َّبام يعني سلو ُك ُه أ َّن ُه َ‬
‫كان‬ ‫للم ُث ِل يف ا ُمل َ‬ ‫إخفا َق ُه يف االمتثال ُ‬
‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫يعيش عىل ِ‬
‫معقول‬ ‫لسبب‬ ‫جل‬ ‫الر ُ‬ ‫أخرى مستق َّلة‪ ،‬وقدْ يدَّ عي هذا َّ‬ ‫وفق ُم ُث ٍل َ‬ ‫ُ‬

‫اجلربيت‪ ،‬عجائب اآلثار‪ ،203-202 ،125-124 :1 ،‬مع ‪:4 ،260 :2‬‬


‫ّ‬ ‫(((    قارن‬
‫‪.241-238‬‬
‫‪391‬‬ ‫مَ َ‬
‫اخلاتة‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫أن سلو َك ُه مل يك ْن خمالف ًا لتعالي ِم الدِّ ِ‬


‫ين‪.‬‬ ‫ر َّبام‪َّ ،‬‬
‫ْ‬
‫تتوافر‬
‫ُ‬ ‫متنو َع ٍة‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫املقار َب َة التي تؤ ِّكدُ وجو َد ت َّيارات أو منظورات ِّ‬
‫ِ‬
‫َ‬ ‫َّ‬
‫إن‬
‫رات التِي شهدَ هْتا‬ ‫طبيعة التَّطو ِ‬
‫ُّ‬
‫ِ‬ ‫ثقافة مع َّين ٍَة‪ ،‬قد تفيدُ نا يف َف ْه ِم‬ ‫ٍ‬ ‫ني إىل‬ ‫ِ‬
‫للمنتم َ‬
‫والعرشي َن‪ .‬وما ُ‬
‫تزال‬ ‫ِ‬ ‫عرش‬ ‫املسائل يف القرن ِ‬ ‫ِ‬ ‫املواقف نحو ِ‬
‫َّاسع َ‬‫َني الت َ‬ ‫هذه‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫واألساليب التِي تغيرَّ َ ْت‬‫َ‬ ‫يرشح ال َّط َ‬
‫رائق‬ ‫ُ‬
‫ٍ ِ ليِ‬
‫وصف تفصي ٍّ‬
‫ِ‬
‫قائم ًة لكتابة ْ‬ ‫احلاج ُة َ‬
‫ِ‬
‫احلديث‪،‬‬ ‫املواقف ‪ -‬أو ِبق َي ْت عىل حالهِ ا بال تغيرُّ ٍ ‪ -‬يف العصرْ ِ‬ ‫ُ‬ ‫وفقها‬‫عىل ِ‬
‫ِ‬ ‫ط ِ‬ ‫تكون أكثر ِمن خم َّط ٍ‬ ‫امللحوظات اآلت َي ِة ْ‬
‫ِ‬ ‫القصدُ ِم َن‬
‫سيجري‬ ‫مبدئ ٍّي‬ ‫َ َ ْ‬ ‫أن‬ ‫وليس ْ‬ ‫َ‬
‫َ ِ (‪)1‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫راسات ا َّلالحقة‪.‬‬ ‫تطويره يف الدِّ َ‬ ‫العمل ـ وهذا ما آم ُل ُه ‪ -‬عىل‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫العقود‬ ‫َّاسع عشرَ َ حتَّى‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫شهدَ ْت احلقب ُة املمتدَّ ُة ِم ْن‬
‫منتصف القرن الت َ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫األوىل ِم َن‬
‫َّعايش مع‬ ‫ِ‬
‫َّسامح والت‬ ‫مرحلة الت‬ ‫بنهاية‬ ‫أنذر‬ ‫تطور ًا َ‬ ‫العرشي َن ُّ‬ ‫القرن‬
‫بب يف ذلِ َك‬ ‫الس َ‬ ‫أن َّ‬ ‫َت شائ َع ًة‪ .‬و ُيعتقد يف َّ‬ ‫وعشق ِهم التِي كان ْ‬ ‫ِ‬ ‫َّغز ِل بالص ِ‬
‫بيان‬ ‫ِّ‬ ‫الت ُّ‬
‫ِ‬
‫املتغر َبة التي تل َّق ْت‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫يعو ُد يف جزء منه يف ِّ‬ ‫ٍ‬
‫األقل إىل نزو ِع أفراد النُّخبة اجلديدَ ة ِّ‬
‫ذكرنا مس َّبق ًا‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫الڤكتور َّية األورو ِّب َّية‪ .‬وقدْ ْ‬ ‫املواقف‬ ‫نحو تبنِّي‬ ‫تعلي ًام حديث ًا َ‬
‫ني ِم ْن (‪1826‬م)‬ ‫السنِ َ‬‫باريس يف ِّ‬ ‫َ‬ ‫درس يف‬ ‫هطاو ِّي الذي َ‬
‫ِ‬ ‫ملحو َظ َة رفاع َة ال َّط ِ‬
‫ِ‬
‫األدب‬ ‫وعات ا ِّللواطِ َّي َة يف‬ ‫ِ‬ ‫املوض‬ ‫ُ‬ ‫ني‬ ‫ِ‬
‫الفرنس ِّي َ‬ ‫ِ‬
‫استهجان‬ ‫ِ‬
‫بشأن‬ ‫إىل (‪1831‬م)‬
‫ِ‬
‫املعشوق يف ترمجت ِهم املؤ َّلفات العربِ َّي َة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫جنس ُ‬ ‫بسبب ذل َك َ‬ ‫ِ‬ ‫وتغيريهم‬ ‫العربيِ ِّ‬
‫موقف ِهم‬ ‫ِ‬ ‫هطاو ِّي عىل‬ ‫مصاد َق ُة ال َّط ِ‬ ‫الفرنس َّي ِة‪ .‬وممَّا‬‫ِ‬
‫جتدر اإلشار ُة إليه َ‬ ‫ُ‬ ‫إىل‬
‫باريس‬ ‫ِّقاش اآلتيِ الذي يبدُ و أ َّن ُه سم َع ُه يف‬ ‫ِ‬ ‫واستحسا ُن ُه له‪ ،‬مث َلام يتبينَّ ُ يف الن ِ‬
‫َ‬
‫ون هذا‬ ‫(الكهرباء) األورو ِّب َّي ِة اجلديدَ ِة‪( :‬إنهَّ ُم َير َ‬ ‫ِ‬ ‫ظاهر ِة‬ ‫حلظ املقا َي َس َة مع‬ ‫‪ -‬اِ ْ‬
‫َ‬
‫معهم؛ وذلِ َك‬ ‫واحلق ُ‬ ‫ُّ‬ ‫ِ‬
‫األخالق‪،‬‬ ‫ِ‬
‫فساد‬ ‫َّغز َل هبِم] ِم ْن‬ ‫لامن والت ُّ‬ ‫الغ ِ‬ ‫عشق ِ‬ ‫[أي َ‬
‫يميل هبا إليه كخاصةِ‬ ‫اخلواص ُ‬ ‫ِ‬
‫خاص ٌة م َن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ني له يف ِ‬ ‫اجلنس ِ‬ ‫َّ‬
‫َّ‬ ‫ِّ‬ ‫غري جنسه َّ‬ ‫َ‬ ‫أن أحدَ‬
‫ِ‬
‫األشياء‪،‬‬ ‫ِ‬
‫جذب‬ ‫وكخاص َّي ِة الكهربا يف‬ ‫احلديد مثالً‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫جذب‬ ‫ِ‬
‫املغناطيس يف‬
‫ِّ‬
‫(((   جوزيف مسعد منهمك حال ّيايف إعداد دراسة عن املواقف حيال اجلنس يف األدب‬
‫َ‬
‫مناقشايت معه‬ ‫يب يف أواخر القرنني التّاسع عرش والعرشين‪ .‬وقد أفدت كثريا من‬ ‫العر ّ‬
‫تطور هذه املواقف أثناء احلقبة التّارخي ّية موضوع الدِّ راسة‪.‬‬
‫حول ّ‬
‫اإل ْسال ِم ِّي‬ ‫ال ال َع َر ِب ِّي ِ‬ ‫جل ْن ِس َّي ِة يِف ال َع مَ ِ‬ ‫َما َق ْب َل امل ِْثلِ َّي ِة ا ِ‬ ‫‪392‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ِ‬
‫احلالة‬ ‫وخرج ْت عن‬ ‫اخلاص ُة‪،‬‬ ‫اجلنس انعد َم ْت‬ ‫ونحو ذلِ َك؛ فإذا اتحَّ دَ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬
‫ذكرو ُه صرَ حي ًا‬ ‫ِ‬
‫الفواحش‪ ،‬حتَّى إ َّن ُه ق َّلماَ ُ‬ ‫األمر عندَ ُهم ِم ْن أشدِّ‬‫ُ‬ ‫بيع َّي ِة‪ .‬وهذا‬
‫ال َّط ِ‬
‫(‪)1‬‬
‫أصالً)‪.‬‬
‫ث به ْ‬ ‫سم ُح التَّحدُّ ُ‬
‫ُون عنه ما أمك َن‪ ،‬وال ُي َ‬ ‫يف كتبِ ِهم‪ ،‬بل ُي ْكن َ‬
‫ِ‬ ‫بارز َ ِ‬ ‫كاتب عربيِ ٌّ ٌ‬ ‫وثم َة‬
‫املوقف األوروبيِّ َّ‬ ‫َ‬ ‫َّاسع عشرَ َ تبنَّى‬ ‫آخ ُر م َن القرن الت َ‬ ‫ٌ‬ ‫َّ‬
‫األدب العربيِ ِّ هو ا ُللبنانيِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫للموضوعات ا ِّللواط َّية يف‬ ‫ِ‬ ‫افض‬ ‫الر َ‬ ‫ِ‬
‫ُّ‬ ‫ُ‬ ‫الڤكتور َّي َّ‬
‫حرص (البستانيِ ُّ ) يف‬ ‫َ‬ ‫بطرس البستانيِ ُّ ( ُتوفيِّ َ سن َة ‪1883‬م) إذ‬ ‫ُ‬ ‫الربوتستانِتِ ُّي‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫كتابِ ِه (أدبا ُء‬
‫األعامل‬ ‫أوائل‬ ‫وهو أحدُ‬ ‫العرب) الذي أ َّل َف ُه يف ثالث جم َّلدات‪َ ،‬‬
‫ين يف ِ‬ ‫حرص عىل الت ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫شعر‬ ‫بني ت َّي َار ِ‬ ‫َّمييز َ‬ ‫َ‬ ‫لألدب العربيِ ِّ ؛‬ ‫ِ‬ ‫تؤر ُخ‬ ‫العربِ َّية التي ِّ‬
‫والش ِ‬ ‫العفيف ِ‬ ‫ِ‬ ‫الش ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫عر‬ ‫ون‪ِّ ،‬‬ ‫الذي جاء به البدو ُّي َ‬ ‫عر الغزليِ ِّ‬ ‫املبكر‪ِّ :‬‬ ‫الغزل العربيِ ِّ‬
‫ِ‬
‫القرن‬ ‫ِ‬
‫األخري يف‬ ‫ازدهار ال َّت َّي ِ‬
‫ار‬ ‫ِ‬ ‫ث عن‬ ‫املدن‪ ،‬وحتدَّ َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫مراكز‬ ‫الغزليِ ِّ (اخلليعِ) يف‬
‫ونال املزيدَ ِم َن‬ ‫أكثر انتشار ًا؛ َ‬ ‫َ‬ ‫بح ال َّت َّي ُار ال َّثانيِ‬ ‫(أص َ‬ ‫حيث‪ْ :‬‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬
‫امليالد‬ ‫امن بعدَ‬ ‫ال َّث ِ‬
‫االنحالل‬ ‫ِ‬ ‫يعكس مدَ ى‬ ‫الذي َن اخرت ُعوا نوع ًا جديد ًا منه‬ ‫ار ِ‬ ‫واألنص ِ‬ ‫املريدي َن‬‫ِ‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫ِ ِ‬
‫بب يف‬ ‫سمى َغ َز ُل املذك َِّر‪َّ ،‬‬
‫والس ُ‬ ‫َّوع ُي َّ‬ ‫والتَّهتُّك الذي انحدَ ُروا إليه‪ ،‬وهذا الن ُ‬
‫الكبري ِم َن‬ ‫األثرياء والعد ُد‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫العرب‬ ‫العرب ِ‬
‫بغري‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬
‫اختالط‬ ‫بروز هذا النَّو ِع هو‬ ‫ِ‬
‫ُ‬
‫ِ ِ (‪)2‬‬
‫يلم َّي ِة والبيزنط َّية)‪.‬‬ ‫املناطق الترُّ ِكي ِة والدَّ ِ‬
‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫العبيد ِم َن‬ ‫ِ‬

‫األخالق ِّي‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫والفساد‬ ‫ُّك‬ ‫اخلالعة والتَّهت ِ‬ ‫ِ‬ ‫اعتقاد البستانيِ ِّ هبيمن َِة‬ ‫ِ‬ ‫يظهر ِ‬
‫جل َّي ًا‬ ‫ُ‬
‫الفص ِل‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الش ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫عر َّية‪ ،‬ويبدُ و ذل َك واضح ًا يف ْ‬ ‫املوضوعات ِّ‬ ‫ُ‬ ‫عىل هذا النَّو ِع م َن‬
‫وف بأبيِ َّنو ٍ‬ ‫ِ‬
‫اس ( ُتوفيِّ َ سن َة ‪815‬م) تقريب ًا‬ ‫عر ُ‬ ‫اعر املت ََهت ُِّك ا َمل ُ‬ ‫الش ُ‬ ‫خص به َّ‬ ‫الذي َّ‬
‫ِ‬
‫وحقيقة‬ ‫(املريض واخلليعِ)‬ ‫ِ‬ ‫الش ِ‬
‫اعر‬ ‫مكرور عن طب ِع َّ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫بنحو‬ ‫نيِ‬ ‫إذ حتدَّ َ‬
‫ث البستا ُّ‬
‫حيح)(‪ )3‬ومث َلام هو متو َّق ٌع‪،‬‬ ‫حو َلتْه بعيد ًا عن‬ ‫ِ‬
‫الص ِ‬ ‫احلب َّ‬ ‫ِّ‬ ‫(نفس ُه الفاس َق َة َّ‬ ‫أن َ‬ ‫َّ‬
‫األخرى‪ .‬وبداه ًة‪ ،‬مل ْ‬ ‫َ‬ ‫املوضو ِع‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬
‫جوانب‬ ‫َّعامل مع‬ ‫أحجم البستانيِ ُّ عن الت ِ‬ ‫َ‬ ‫فقدْ‬

‫هطاوي‪ ،‬ختليص اإلبريز‪.89 ،‬‬


‫ّ‬ ‫(((   ال ّط‬
‫  البستاين‪ ،‬أدباء العرب‪.27 :2 ،‬‬
‫ّ‬ ‫(((‬
‫  البستاين‪ ،‬أدباء العرب‪.80-75 :2 ،‬‬
‫ّ‬ ‫(((‬
‫‪393‬‬ ‫مَ َ‬
‫اخلاتة‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫ثم َة ٌ‬
‫تراث‬ ‫تاريخ البستانيِ ِّ األدبيِ ِّ لوحده يف أ َّن ُه َّ‬
‫ِ‬ ‫باالعتامد عىل‬ ‫َّ‬
‫ليشك‬ ‫يك ْن أحدٌ‬
‫العذري بالص ِ‬ ‫ِ‬ ‫أللف عا ٍم ِم َن ِّ‬ ‫ِ‬
‫بيان‪،‬‬ ‫ِّ‬ ‫ِ ِّ‬ ‫ِ‬
‫َّشبيب‬ ‫العفيف أو الت‬ ‫الش ِ‬
‫عر الغزليِ ِّ‬ ‫يمتدُّ‬
‫رضور َة حصرْ ِ ممُ َار َس ِة‬ ‫َ‬ ‫كان البستانيِ ُّ َيرى‬ ‫الڤكتور َّي ِة‪َ ،‬‬
‫ِ‬ ‫غرار أورو َّبا‬ ‫ِ‬ ‫وعىل‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ب‪.‬‬
‫فحس ُ‬
‫بحب النِّساء ْ‬ ‫ِّ‬ ‫احلب الغزليِ ِّ‬
‫ِّ‬ ‫متجيد‬

‫استمر‬ ‫ليلة وضحاها‪ ،‬إذ‬ ‫بني ٍ‬ ‫املواقف مل ْ تتغيرَّْ َ‬


‫َ‬ ‫أن‬ ‫ِ‬
‫القول َّ‬ ‫ِ‬
‫نافلة‬ ‫ِ‬
‫وم ْن‬
‫َّ‬
‫شهاب الدِّ ِ‬
‫ين ( ُتوفيِّ َ‬ ‫ِ‬ ‫حمم ٍد‬ ‫َّاسع عشرَ َ ُ‬
‫مثل َّ‬
‫ِ‬
‫ون م َن القرن الت َ‬
‫الشعراء امل ِ ي َ ِ‬
‫ُّ ُ صرْ ُّ‬
‫فكر ِّي‬ ‫وعبد اهللِ ِ‬‫ِ‬ ‫جمد ِّي بك ( ُتوفيِّ َ سن َة ‪1881‬م)‬ ‫سن َة ‪1857‬م) وصالح ِ‬
‫َ َ‬
‫إبراهيم‬ ‫ُ‬
‫حافظ‬ ‫ونظم حتَّى‬ ‫(‪)1‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َّشبيب بالغلامن‪.‬‬ ‫( ُتوفيِّ َ سن َة ‪1889‬م) يف الت‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َّاسع‬
‫أواخر القرن الت َ‬ ‫نجم ُه يف‬ ‫اعر املصرْ ِ ُّي الذي َ‬
‫ملع ُ‬ ‫( ُتوفيِّ َ سن َة ‪1932‬م) َّ‬
‫الش ُ‬

‫الرابع (يف اإلخوان والنّدمان واحلسان من‬


‫(((   ()ـ انظر شهاب الدّ ين‪ ،‬الدّ يوان‪ ،‬اجلزء ّ‬
‫الصفحات‪،241 ،123 ،118 ،88 ،‬‬ ‫اجلواري والغلامن)؛ جمدي بيك‪ ،‬الدّ يوان ّ‬
‫‪،335 ،320-319 ،318-317 ،314-313 ،306 ،284 ،248-247 ،242‬‬
‫الصفحات ‪.48 47- ،47 ،35 ،34 ،17‬‬ ‫فكري‪ ،‬اآلثار الفكر ّية‪ّ ،‬‬
‫ّ‬ ‫‪377 ،354‬؛‬
‫قال شهاب الدين‪:‬‬
‫وقد الط كه ً‬
‫ال وهو تيس سينطح‬ ‫فتى كان من قبل الشباب مؤاجر ًا‬
‫ينضح‬ ‫فيه‬ ‫بالذي‬ ‫اناء‬ ‫وكل‬ ‫يبع برأس املال بالسوق ما اشرتى‬
‫وقال‪:‬‬
‫بان‬ ‫صربي‬ ‫دونه‬ ‫قوام‬ ‫أم‬ ‫سمهري ينثني ام غصن بان‬
‫بان‬ ‫أنا‬ ‫ما‬ ‫هادم ًا‬ ‫وهتادى‬ ‫اللام‬ ‫معسول‬ ‫بالعسال‬ ‫صان‬
‫بان‬ ‫الشجو‬ ‫كتم‬ ‫حاول‬ ‫كلام‬ ‫بشج‬ ‫رفق ًا‬ ‫احلسن‬ ‫يامليك‬
‫رحت منه بني سيف وسنان‬ ‫ورنا‬ ‫تيه ًا‬ ‫ماس‬ ‫ان‬ ‫أهيف‬
‫ساكنان‬ ‫هواه‬ ‫حني‬ ‫من‬ ‫فيه‬ ‫كـرس القلب وما كان التقى‬
‫واحد ًا يف احلسن فرد ًا دون ثان‬ ‫يا له ثاين عطف قد غدا‬
‫وضياء البدر يبدو حيث كان‬ ‫انواره‬ ‫أرشقت‬ ‫بدر‬ ‫هو‬
‫اإل ْسال ِم ِّي‬ ‫ال ال َع َر ِب ِّي ِ‬ ‫جل ْن ِس َّي ِة يِف ال َع مَ ِ‬ ‫َما َق ْب َل امل ِْثلِ َّي ِة ا ِ‬ ‫‪394‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫مالح‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬


‫شباب‬ ‫غزل أقصرَ َ عن‬ ‫ٍ‬ ‫قصائدَ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫عشرَ َ ومطل ِع‬
‫(‪)1‬‬
‫نظم َ‬ ‫العرشي َن؛ َ‬ ‫القرن‬
‫اخلامس عشرَ َ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫القرن‬ ‫عمل ِم َن‬ ‫ٍ‬ ‫يزال ممكن ًا حتَّى عا ِم (‪1908‬م) ُ‬
‫نرش‬ ‫وكان ال ُ‬ ‫َ‬
‫احلس ِ‬
‫ان‬ ‫ِ‬ ‫بيان عنوا ُنه (جنَّ ُة ِ ِ‬ ‫َّغز ِل بالص ِ‬ ‫ص ك ُّل ُه للت ُّ‬ ‫القاهر ِة مخُ َّص ِ‬
‫الولدان يف َ‬ ‫ُ‬ ‫ِّ‬ ‫َ‬ ‫يف‬
‫ف‬ ‫يص ُ‬ ‫القرن الرابع عشرَ بالن َِّثر املق َّفى ِ‬ ‫ِ‬ ‫ف ِم َن‬ ‫لامن)(‪ )2‬و ُأعيدَ طبع مؤ َّل ٍ‬ ‫الغ ِ‬ ‫ِمن ِ‬
‫َّ َ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫الباكي) عدَّ َة مراتِ‬ ‫اكي ودمع ُة ِ‬ ‫الش ِ‬‫رجل وهيا َم ُه بغال ٍم عنوا ُن ُه (لوع ُة َّ‬ ‫ٍ‬ ‫تغز َل‬
‫ُّ‬
‫َّ‬ ‫َ‬
‫ف طب ُع ُه عىل ما يبدُ و‬ ‫ثم تو َّق َ‬ ‫بني األعوا ِم (‪ 1857‬و‪1929‬م) َّ‬
‫(‪)3‬‬
‫القاهر ِة َ‬ ‫َ‬ ‫يف‬
‫أخذ يف التَّالشيِ‬
‫يم ِة قد َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َّسامح مع هذه ال ِّث َ‬ ‫ِ‬ ‫أن الت‬‫ويظهر َّ‬
‫ُ‬ ‫األخري‪،‬‬ ‫بعدَ الت ِ‬
‫َّاريخ‬
‫ِ‬
‫العرشي َن‪.‬‬ ‫ِ‬
‫القرن‬ ‫العقود األوىل ِم َن‬
‫ِ‬ ‫يف‬

‫ويعرض‬
‫َ‬ ‫(((   ()ـ حافظ إبراهيم‪ ،‬الدّ يوان‪ .249-246 :1 ،‬وقال يتغزل يف مليح‬
‫باحتالل اإلنجليز‬
‫طيفكا‬ ‫الكرى‬ ‫يف‬ ‫رأينا‬ ‫إذا‬ ‫ظبي احلمى باهلل ما رضكا‬
‫عبدكا؟‬ ‫غدا‬ ‫قد‬ ‫فالن‬ ‫قالوا‬ ‫اهنم‬ ‫لو‬ ‫ختشاه‬ ‫الذي‬ ‫وما‬
‫عندكا‬ ‫اهلوى‬ ‫ِرق‬ ‫حرموا‬ ‫ما‬ ‫ولكنهم‬ ‫الرق‬ ‫حرموا‬ ‫قد‬
‫مراح لكا‬
‫ٌ‬ ‫وانت يف األحشاء‬ ‫وأصبحت مصـر مراح ًا هلم‬
‫حلظكا‬ ‫أسيافنا‬ ‫يف‬ ‫ان‬ ‫لو‬ ‫ما كان سه ً‬
‫ال ان يروا نيلها‬
‫(املرتمجة)‬
‫(((   نارص‪ ،‬الكتب العرب ّية التي نرشت يف مرص بني عامي ‪(1925 1900-‬رقم‬
‫(الذكور واإلناث‪ :‬وصف ومقارنة)‪،‬‬‫‪ .)235/8‬وعن هذا العمل‪ ،‬انظر‪ ،‬روزنثال‪ّ ،‬‬
‫‪.33‬‬
‫(((   نارص‪ ،‬الكتب العرب ّية التي نرشت يف مرص يف القرن التّاسع عرش‪ ،‬األعداد‬
‫‪1055-1051/8‬؛ نارص‪ ،‬الكتب العرب ّية التي نرشت يف مرص بني عامي ‪-1900‬‬
‫‪ ،1925‬العدد ‪1362/8‬؛ نارص‪ ،‬الكتب العرب ّية التي نرشت يف مرص بني عامي‬
‫‪50/8 ،1940-1926‬؛ منصور‪ ،‬دليل املطبوعات املرص ّية‪.1956-1940 :‬‬
‫ولالستزادة عن اإلصدارات املطبوعة بني ‪ 1857‬و ‪ 1929‬التي مل ْ يذكرها نارص‪،‬‬
‫انظر بروكلامن (‪Geschichte der arabischen Literatur )، 2: 32‬‬
‫الشاكي)‪ ،‬انظر راوسن‪،‬‬ ‫و(ملحق)‪ .‬ولال ّطالع عىل النّقاش بشأن حمتويات (لوعة ّ‬
‫اململوكي)‪ .‬اعتمدت عىل ترمجة راوسن للعنوان‪.‬‬
‫ّ‬ ‫(عمالن غزل ّيان رسد ّيان من العرص‬
‫‪395‬‬ ‫مَ َ‬
‫اخلاتة‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫زيدان‬‫ُ‬ ‫جرج ُّي‬ ‫ِ‬ ‫ور ُّي‬ ‫الس ِ‬ ‫للغاية ُأعدَّ ها‬ ‫ِ‬ ‫وثم َة طبع ٌة عربِ َّي ٌة شعبِ َّي ٌة‬
‫الكاتب ُّ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬
‫املسترش ِق األملانيِ (كارل بروكلامن) املعنْونِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫كتاب‬ ‫( ُتوفيِّ َ سن َة ‪1914‬م) عن‬
‫َ‬ ‫ِّ‬
‫مر ٍة يف (‪1914 -1911‬م) و ُأعيدَ‬ ‫األدب العربيِ ِّ ) ُطب َع ْت َّأو َل َّ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬
‫(تاريخ‬ ‫بـ‬
‫َت ِ‬
‫هذه‬ ‫لغة العربِ َّي ِة) وقدْ أدان ْ‬ ‫آداب ا ُّل ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬
‫(تاريخ‬ ‫ِ‬
‫بعنوان‬ ‫طبعها عدَّ َة مر ٍ‬
‫ات‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الشعر العربيِ ِّ‬ ‫بالصبيان يف ِّ‬ ‫َّغزل ِّ‬ ‫وع الت ُّ‬ ‫موض َ‬ ‫ال َّطبع ُة بأقصىَ درجات اإلدانة ُ‬
‫عر‬ ‫الش ِ‬ ‫بروز ِّ‬ ‫ِ‬ ‫بإجياز عن‬ ‫ٍ‬ ‫ُ‬
‫زيدان‬ ‫الكالسيك ِّي‪ .‬وحتدَّ َ‬
‫ث‬ ‫ِ‬ ‫الكالسيك ِّي وما بعدَ‬ ‫ِ‬
‫ِ‬ ‫سيِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫بوص ِف ِه‬ ‫ِ‬
‫القرن‬ ‫(أواخر‬
‫َ‬ ‫ظاهر ًة ثقاف َّي ًة وأدبِ َّي ًة يف بواكري العهد الع َّبا ِّ‬ ‫َ‬ ‫ا ِّللواط ِّي ْ‬
‫يم ِة‪،‬‬ ‫مناقشة ال ِّث َ‬
‫َ ِ‬ ‫ِ‬
‫اإلفاضة يف‬ ‫أحجم عن‬ ‫َ‬ ‫ني) ولكنَّ ُه‬ ‫اهلجر َّي ِ‬
‫ِ‬ ‫ام ِن والتَّاس ِع‬ ‫ال َّث ِ‬
‫األو ِل‪( :‬أ َّما‬ ‫سيِ‬ ‫للش ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫َّ‬ ‫عر يف العصرْ ِ الع َّبا ِّ‬ ‫خص َص ُه ِّ‬ ‫الباب الذي َّ‬ ‫كتب يف‬ ‫وهلذا َ‬
‫شاعر ِم ْن‬ ‫ٌ‬ ‫تعش ِق ِهم يف هذا العصرْ ِ ‪ ،‬ومل ْ َ‬
‫يبق‬ ‫لامن فقدْ تقدَّ َم ْت اإلشار ُة إىل ُّ‬ ‫الغ ُ‬ ‫ِ‬
‫اس‬ ‫ويتغز ُل به‪ ...‬أ َّما أبو َّنو ٍ‬ ‫يشتهر بغال ٍم يعش ُق ُه‬ ‫ِ‬ ‫شعرائ ِه‬
‫ِ‬
‫َّ‬ ‫ْ‬ ‫ني يف بغدا َد مل ْ‬ ‫املقيم َ‬
‫ألف‬ ‫لامن يسمو َنه ( َغ َز ُل املذك َِّر) فيه نحو ِ‬ ‫الغ ِ‬ ‫ف ِ‬ ‫ففي ديوانِ ِه باب خاص بوص ِ‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫ُّ ُ‬ ‫ْ‬ ‫ٌّ‬ ‫ٌ‬
‫للقارئ عن مطالعتِها‪ ،‬وقدْ أغض ْينا لذلِ َك‬ ‫ِ‬ ‫باإلشارة إليها تنزهي ًا‬ ‫ِ‬ ‫اكتف ْينا‬ ‫بيت ِ‬ ‫ٍ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫بغزل املذك َِّر ُّ‬ ‫ِ‬ ‫كثري ٍة تتع َّل ُق‬ ‫ٍ‬
‫تدل عىل ما بل َغ ُه القو ُم م َن التَّهتُّك‪ ،‬ومل ْ‬ ‫عن حادثات َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫بح‬ ‫وأص َ‬ ‫علم ُهم وال أدبهُ ُم وال مقا َم ُهم يف الدَّ ولة عن ارتكابِه‪ْ ...‬‬ ‫مهم ُ‬ ‫يعص ُ‬
‫ِ (‪)1‬‬
‫الشعر)‪.‬‬ ‫أبواب ِّ‬ ‫ِ‬ ‫لامن بعدَ هذا العصرْ ِ باب ًا ِم ْن‬ ‫بالغ ِ‬ ‫َّغز ُل ِ‬ ‫الت ُّ‬
‫الذي اعت ُِمدَ يف‬ ‫األدب العربيِ ِ‬
‫ِّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫بتاريخ‬ ‫اخلاص ِة‬
‫َّ‬ ‫ِ‬
‫املناهج‬ ‫ف أحدُ‬ ‫وص َ‬ ‫وقدْ َ‬
‫َّغز ِل‬ ‫ف ِ‬
‫شعر الت ُّ‬ ‫َني ال َّثانوي ِة والعليا يف م يف عا ِم (‪1925‬م) وص ِ‬ ‫املرحلت ِ‬
‫ْ‬ ‫صرْ َ‬ ‫َّ‬
‫عر العربيِ ِّ )‪.‬‬ ‫الش ِ‬
‫تاريخ ِّ‬‫ِ‬ ‫ِ‬
‫جبني‬ ‫عار يف‬ ‫ووصم ُة ٍ‬ ‫ِ‬ ‫(جريم ٌة ِضدَّ‬ ‫بالغ ِ‬‫ِ‬
‫األدب ْ‬ ‫َ‬ ‫لامن بـ‬
‫ٍ‬
‫عمل‬ ‫املوضو ِع يف‬‫باستهجان عن هذا ُ‬ ‫ٍ‬ ‫الكاتب املصرْ ِ ُّي أمحدُ ُ‬
‫أمني‬ ‫ث‬ ‫(‪ )2‬وحتدَّ َ‬
‫ُ‬
‫القرون األرب َع ِة‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫تاريخ‬ ‫الضو َء عىل‬ ‫وج َه فيه َّ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫ف م ْن عدَّ ة جم َّلدات َّ‬
‫بارز له يتأ َّل ُ ِ‬
‫ٍ‬
‫ِ‬
‫امليالد ِّي‬ ‫ِ‬
‫العارش‬ ‫ِ‬
‫القرن‬ ‫اإلسالم َّي ِة‪ ،‬وبينَّ َ يف حديثِ ِه عن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫احلضارة‬ ‫األوىل ِم َن‬

‫(((   زيدان‪ ،‬تاريخ أداب ا ّللغة العرب ّية‪.47 :2 ،‬‬


‫  الز ّيات‪ ،‬تاريخ اآلداب العرب ّية‪.268 ،‬‬
‫((( ّ‬
‫اإل ْسال ِم ِّي‬ ‫ال ال َع َر ِب ِّي ِ‬ ‫جل ْن ِس َّي ِة يِف ال َع مَ ِ‬ ‫َما َق ْب َل امل ِْثلِ َّي ِة ا ِ‬ ‫‪396‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ظهر‬ ‫وهو ما َ‬‫بمجتم ٍع ما‪َ ،‬‬ ‫َ‬ ‫تلحق‬


‫ُ‬ ‫الرزايا التِي‬ ‫ِ‬ ‫أن َ ِ ِ‬
‫عشق الغلامن ُيعدُّ م ْن أعظ ِم َّ‬ ‫َّ‬
‫ِ‬
‫األدب‪.‬‬ ‫ِ‬
‫جل َّي ًا يف‬

‫إضاف ًة إىل‬ ‫ِ‬


‫امليدان َ‬ ‫املرحلة الفرا َد ُة يف هذا‬‫ِ‬ ‫اس حتَّى ِ‬
‫هذه‬ ‫وكان ألبيِ َّنو ٍ‬ ‫َ‬
‫الش ِ‬ ‫آخرين‪ ،‬وشهدَ ْت ِ‬
‫وع‬ ‫املوض َ‬
‫ُ‬ ‫عراء هذا‬ ‫أكثر ُّ‬‫تناول ُ‬‫َ‬ ‫هذه احلقب ُة‬ ‫شعرا َء ِ َ‬
‫ظاهر ًة‬ ‫ظ أو االندفاعِ‪ ...‬وحل ْظنا‬ ‫بدرجات متباين ٍَة ِمن التَّح ُّف ِ‬
‫ٍ‬ ‫وانغامس ُهم فيه‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫اب السلطانِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫أمثال َّنو ِ ُّ‬
‫ني البارزي َن َ‬ ‫غري َب ًة ه َي عد ُم تر ُّدد ع ِّل َّية القو ِم واملسؤول َ‬
‫َ‬
‫استهجان‬ ‫يدل عىل َّ‬
‫أن‬ ‫املوضوع؛ ما ُّ‬ ‫اخلوض يف هذا ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اإلرساف يف‬ ‫اة ِم َن‬
‫والقض ِ‬ ‫َ‬
‫عر مثاالً لل َّطرافةِ‬‫الش ِ‬ ‫ِ‬
‫َّوع م َن ِّ‬ ‫الر ِ‬
‫أض َحى هذا الن ُ‬ ‫أصا َب ُه الوه ُن حتَّى َ‬ ‫أي العا ِّم قد َ‬ ‫َّ‬
‫ِّ َ ِ (‪)1‬‬ ‫ِ‬
‫املاجن‪ ،‬باستثناء يف األوساط املتحفظة‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫واملزاح‬ ‫ِ‬
‫البال َغة‬

‫ليلة وليل ٌة) يف‬ ‫(ألف ٍ‬ ‫ُ‬ ‫وصدَ َر ْت يف عا ِم (‪1930‬م) طبع ٌة جديدَ ٌة لـ‬ ‫َ‬
‫َني‬‫األسبق ا َّللت ِ‬
‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫وظهر ْت هذه ال َّطبع ُة بعا َّمة مطاب َق ًة لل َّطبعت ِ‬
‫َني‬ ‫ِ‬ ‫القاهر ِة‪،‬‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫لعملياتٍ‬ ‫ِ‬ ‫خض َع ْت‬ ‫ني (‪1835‬م) و (‪1890‬م) ولكنَّها َ‬ ‫درتا يف العا َم ِ‬
‫َّ‬ ‫َص َ‬
‫تروي‬ ‫ص التي ِ‬ ‫ِ‬ ‫القص ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫مهمة! إذ ُحذ َف ْت منها يف‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫بعض م َن َ‬ ‫سبيل املثال ٌ‬ ‫حذف َّ‬
‫ِ‬
‫در ْت بعد ذل َك بعا َم ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ص الغزل َّي َة ا ِّللواط َّي َة‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫ني‬ ‫وص َ‬ ‫َ‬ ‫(‪)2‬‬
‫القص َ‬‫بأسلوب متعاطف َ‬
‫القاهر ِة‪ ،‬خت َّل ْت ـ خالف ًا‬ ‫َ‬ ‫اس يف‬ ‫ديوان أبيِ َّنو ٍ‬ ‫ِ‬ ‫للغاية ِم ْن‬
‫ِ‬ ‫وخمتز َل ٌة‬
‫َ‬ ‫نسخ ٌة من َّق َح ٌة‬
‫وعات‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫املوض‬ ‫ب‬ ‫ِ‬ ‫تيب الت ِ‬ ‫َني ـ عن الترَّ ِ‬ ‫السابقت ِ‬ ‫لل َّطبعت ِ‬
‫ُ‬ ‫حس َ‬ ‫للقصائد ْ‬ ‫َ‬ ‫َّقليد ِّي‬ ‫َني َّ‬
‫ِ‬ ‫خص ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫(غزل‬ ‫ص لـ‬ ‫خلو طبعة العا ِم (‪1932‬م) م َن املبحث ا ُمل َّ‬ ‫وهذا يعني َّ‬
‫األخري ِة معرف ُة‬
‫َ‬
‫باالعتامد عىل مقدَّ م ِة املحر ِر لل َّط ِ‬
‫بعة‬ ‫ِّ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ويتعذ ُر يف الواق ِع‬ ‫َّ‬ ‫املذك َِّر)‬
‫ِ (‪)3‬‬
‫بالغلامن‪.‬‬ ‫تغز َل فيه ِ‬ ‫كتب شعر ًا َّ‬ ‫أن أبا َّنو ٍ‬ ‫َّ‬
‫اس قد َ‬

‫(((   األمني‪ ،‬ظهور اإلسالم‪.139-138 ،‬‬


‫ِ‬
‫الشاعر أيب ّنواس والغلامن ال ّثالثة‪ ،‬وكذلك ّ‬
‫قصة‬ ‫(((   وتبع ًا لذلك‪ ،‬فقد ُحذفت ّ‬
‫قصة ّ‬
‫املدرس ألخي بدر الدّ ين رئيس الوزارة يف اليمن من طبعة ‪ .1930‬قارن (ألف‬
‫حب ّ‬
‫ليلة وليلة) [‪ 562 :1 ،]1885‬وما بعدها؛ و (ألف ليلة وليلة [‪317 :2 ،]1930‬‬
‫وما بعدها‪.‬‬
‫(((   ديوان أيب ّنواس [‪ ،]1932‬قارن ديوان أيب ّنواس [‪ 436-402 ،]1898‬مع ديوانه‬
‫‪397‬‬ ‫مَ َ‬
‫اخلاتة‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫دخل َح ْي َز الت ِ‬
‫َّداول‬ ‫(الشذو ُذ اجلنسيِ ُّ ) قد َ‬ ‫مص َط َل َح ُّ‬ ‫أن ْ‬ ‫ويغلب ال َّظ ُّن َّ‬ ‫ُ‬
‫العرب يف‬ ‫َّاب‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫يف أربعينِي ِ‬
‫ُ‬ ‫رشع الكت ُ‬ ‫َ‬ ‫العرشي َن ومخسين َّياته؛ بعدَ ما‬ ‫ات القرن‬ ‫َّ‬
‫ِ‬
‫واحلديث عنها تقليد َّي ًا‬ ‫ُ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬
‫متييزها‬‫جرى ُ‬ ‫استعامله بانتظا ٍم للحديث عن ظاهرات َ‬
‫لامن‪،‬‬ ‫للغ ِ‬ ‫َّقد ِ‬ ‫والعشق املت ِ‬ ‫ِ‬ ‫اخلنثو َّي ِة‪،‬‬
‫ِ‬ ‫كور َّي ِة‬ ‫الذ ِ‬ ‫الفاعل‪ ،‬واالنفعالِ َّي ِة ُّ‬ ‫ِ‬ ‫مثل ا ِّل ِ‬
‫لواط‬ ‫ِ‬
‫واملثل َّي ِة‪.‬‬
‫ِ‬
‫ٍ‬
‫بحاجة‬ ‫املص َط َل ُح‬ ‫ِ‬ ‫َّاريخ الدَّ ِ ِ‬ ‫حتديد الت ِ‬ ‫ِ‬ ‫إن مسأ َل َة‬ ‫َّ‬
‫قيق الذي اعتُمدَ فيه هذا ْ‬
‫جل َّي ًا أ َّن ُه مل ْ يك ْن‬ ‫َّنقيب‪ ،‬وعىل الرغ ِم ِمن ذلِ َك يظهر ِ‬ ‫البحث والت ِ‬ ‫ِ‬ ‫مزيد ِم َن‬ ‫إىل ٍ‬
‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ُّ‬
‫وخ‬ ‫عمر ُّفر ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫متداوالً يف مطل ِع ثالثينِي ِ‬
‫خلو دراسة َ‬ ‫العرشي َن بلحظ ُّ‬ ‫القرن‬ ‫ات‬ ‫َّ‬ ‫َ‬
‫املص َط َل ِح عىل‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫لشعر أبيِ َّنو ٍ‬ ‫ِ‬
‫مرة يف عا ِم (‪1932‬م) م َن ْ‬ ‫اس التي َصدَ َر ْت َّأو َل َّ‬
‫َّغز ِل باملذك َِّر أو‬ ‫ستهج ِن ُ‬ ‫ِ‬ ‫الر ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ملوضو ِع الت ُّ‬ ‫افض وا ُمل‬ ‫الرغ ِم م ْن حديث املؤ ِّلف َّ‬ ‫ُّ‬
‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫العشق ا ِّللواط ِّي الذي‬ ‫ِ‬
‫نلحظ‬ ‫راسة‪،‬‬ ‫اعر‪ .‬وخالف ًا هلذه الدِّ َ‬ ‫الش ُ‬ ‫امتاز به َّ‬ ‫َ‬
‫(‪)1‬‬

‫اعر ذاتِ ِه‬ ‫الش ِ‬ ‫ات عن َّ‬ ‫سلسلة ِمن الدِّ راس ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ٍ‬ ‫املص َط َل ِح واعتام َد ُه يف‬ ‫توظيف ْ‬ ‫َ‬
‫ِ ِ ِ (‪)2‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫أواخر أربعينِي ِ‬ ‫ِ‬
‫العرشي َن ومطل ِع مخسين َّياته‪.‬‬ ‫القرن‬ ‫ات‬ ‫َّ‬ ‫در ْت يف‬ ‫َص َ‬
‫ذوذ اجلنسيِ ) قد اعت ُِمدَ للت ِ‬
‫َّعبري‬ ‫(الش ِ‬ ‫مص َط َل َح ُّ‬ ‫أن ْ‬ ‫ويظهر واضح ًا‪َّ ،‬‬ ‫ُ‬
‫ِّ‬
‫صرِ ِ (‪)3‬‬ ‫سيِ‬ ‫ِ‬ ‫سيِ‬ ‫ِ‬
‫(القلب اجلن ِّ ) األوروبيِّ ِّ املعا ‪.‬‬ ‫عن َم ْف ُهو ِم (االنحراف اجلن ِّ ) أو‬
‫ِ‬
‫طالح َّي ًا يبينِّ ُ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ سيِ‬ ‫َ‬
‫اص‬ ‫مفر َدة (جن ٍّ ) التَّكوين َّي َة ُيعدُّ يف ذاته ابتكار ًا ْ‬ ‫استعامل َ‬ ‫َّ‬
‫وإن‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫اجلديد‪.‬‬ ‫مار َس ُه َم ْف ُهو ُم (اجلنسان َّية) األوروبيِّ ِّ‬ ‫الكبري الذي َ‬ ‫َ‬ ‫بنحو قاط ٍع الت َ‬
‫َّأثري‬

‫[‪.439-398 ،]1905‬‬
‫  فروخ‪ ،‬أبو ّنواس‪.86-83 ،‬‬ ‫((( ّ‬
‫ّوهيي‪ ،‬نفس ّية أيب ّنواس‪99-54 ،‬؛ الع ّقاد‪ ،‬أبو‬
‫  صدقي‪ ،‬أحلان احلان‪292-270 ،‬؛ الن ّ‬‫ّ‬ ‫(((‬
‫ّنواس‪ 39 ،‬و ‪.51‬‬
‫اجلنيس) بنحوٍ‬
‫ّ‬ ‫(((   عىل شاكلة املصطلحات األوروب ّية املناظرة له‪ُ ،‬يستعمل ّ‬
‫(الشذوذ‬
‫رئيس تعبريا عن (املثل ّية اجلنس ّية)‪ .‬فأن تصف شخصا أنّه (شا ّذ جنس ّيا) يعني أنّه‬
‫استعرايض‪ ،‬مثالً‪.‬‬
‫ّ‬ ‫سادي أو‬
‫ّ‬ ‫(مثيل جنس ّيا) ال‬
‫ّ‬
‫اإل ْسال ِم ِّي‬ ‫ال ال َع َر ِب ِّي ِ‬ ‫جل ْن ِس َّي ِة يِف ال َع مَ ِ‬ ‫َما َق ْب َل امل ِْثلِ َّي ِة ا ِ‬ ‫‪398‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫َّوع) وأحيان ًا‬ ‫ِ‬ ‫لغة العربِ َّي ِة ما َ‬ ‫(جنس) يف ا ُّل ِ‬ ‫ٍ‬ ‫(‪ )1‬وتعنِي كلم ُة‬
‫قبل احلدي َثة (الن َ‬
‫(اجلندر) ولكنَّها ال تعنِي (اجلنسانِ َّي َة)‪ )2(.‬ويتعينَّ ُ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫البيولوج َّي) أو‬ ‫َّوع‬
‫(الن َ‬
‫يتاميز عن الر ِ‬
‫غبة‬ ‫ٍ‬
‫يشء‬ ‫يشري أحيان ًا إىل‬ ‫أن ا َمل ْف ُهو َم اجلديدَ‬ ‫علينا التَّوكيدُ عىل َّ‬
‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫الكاتب والنَّاقدُ‬
‫ُ‬ ‫جادل‬ ‫َ‬ ‫أكثر عاملِ َّي ًة منها؛ فعندَ ما‬ ‫كان َ‬ ‫الواع َي ِة باجلامعِ‪ ،‬ور َّبام َ‬ ‫ِ‬
‫كان‬ ‫اس َ‬ ‫إن أبا َّنو ٍ‬ ‫اس حممو ُد الع َّقا ُد يف العا ِم (‪1953‬م) قائالً‪َّ :‬‬ ‫املصرْ ِ ُّي ع َّب ُ‬
‫كان‬‫اعر َ‬ ‫بأن َّ‬ ‫يوح َي َّ‬ ‫أن ِ‬ ‫جنس َّي ًا) مل ْ يك ْن يف ن َّيتِ ِه ْ‬
‫(مثلي ًا ِ‬ ‫(نرجسي ًا) أكثر منه ِ‬ ‫ِ‬
‫الش َ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬
‫ِ‬ ‫سيِ‬ ‫ِ‬ ‫نفس ِه! وهلذا‪،‬‬ ‫يرغب يف مضاجع ِة ِ‬
‫أكثر‬ ‫حرص عىل تعريف (النَّرج ِّ ) بصي ٍغ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫ُ‬
‫بتضاريسهِ‬ ‫ِ‬ ‫جانب أبيِ َّنو ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫بوصفه افتتان ًا جاحم ًا وعشق ًا جارف ًا م ْن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اس‬ ‫عموم َّي ًة ْ‬
‫تضاريس‬ ‫ٍ‬
‫بأفراد هلُم‬ ‫الذي أ َّدى به إىل اهليا ِم‬ ‫اجلسدي ِة اخلاص ِة‪ ،‬وهو األمر ِ‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬
‫(‪)3‬‬ ‫بالرغ َب ِة ِ‬
‫نحو ُهم‪.‬‬ ‫عور َّ‬ ‫والش ُ‬ ‫جسد َّي ٌة مشا َهب ٌة ُّ‬ ‫ِ‬

‫تشغل‬‫ُ‬ ‫آخ ِري َن مل ْ تك ْن‬ ‫رجال َ‬ ‫ٍ‬ ‫رجل ملضاج َع ِة‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫الواع َي َة لدَ ى‬ ‫الرغب َة‬
‫إن َّ‬‫َّ‬
‫اجلنس َّي ِة) التِي‬
‫ِ‬ ‫(املثل َّي ِة‬
‫ِ‬ ‫ابة بـ‬‫حموري ًا يف مسأ َل ِة اإلص ِ‬
‫َ‬ ‫ِ َّ‬ ‫بأسلوب قياسيِ ٍّ موقع ًا‬ ‫ٍ‬
‫أكثر منه أفراد ًا ِم ْن‬ ‫اجلنس ذاته َ‬
‫ِ ِِ‬ ‫بأفراد ِم َن‬
‫ٍ‬ ‫نحو اهليا ِم‬‫يل َ‬ ‫عر َفها الع َّقا ُد بـ‪( :‬ا َمل ِ‬ ‫َّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اجلنس اآلخر)‪ .‬وبقدرة مداف ٍع عن العشق العفيف للغلامن يف مرحلة ما‬ ‫ِ‬ ‫َ ِ (‪)4‬‬ ‫ِ‬
‫عبد الغنِ ِّي النَّابلسيِ ِّ ‪ -‬اإلصرْ ُار عىل الت ِ‬
‫َّاميز‬ ‫الفقيه ِ‬ ‫ِ‬ ‫العرشي َن ‪ِ -‬‬
‫مثل‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫القرن‬ ‫قبل‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫(سوء‬ ‫اجلمع بين َُهام يؤ ِّدي إىل‬ ‫إن‬‫بالقول‪َّ :‬‬‫ِ‬ ‫فع‬ ‫ِ‬ ‫الش ِ‬ ‫بني َّ‬
‫َ‬ ‫واحلب املتَّقد‪ ،‬والدَّ ُ‬ ‫ِّ‬ ‫هوة‬ ‫َ‬
‫مناقشةِ‬
‫َ‬ ‫ِ‬
‫تعذر االستمرار يف‬ ‫ِ‬ ‫بب يف ُّ‬ ‫باآلخ ِري َن‪ ،‬ويفسرِّ ُ هذا‬ ‫َ‬ ‫ال َّظ ِّن)‬
‫الس َ‬ ‫األمر َّ‬‫ُ‬
‫وامللتبس ُة‪.‬‬
‫َ‬ ‫ومات (اجلنسانِ َّي ِة) احلدي َث ُة‬ ‫ُ‬ ‫بيئة شا َع ْت فيها َم ْف ُه‬ ‫هذه يف ٍ‬ ‫مثل ِ‬ ‫فِك ٍَر ِ‬

‫األورويب‬
‫ّ‬ ‫ّفيس‬
‫  لالستزادة بشأن تشكيل مفهوم (اجلنسان ّية) وتبلوره يف علم العالج الن ّ‬ ‫(((‬
‫يف أواخر القرن التّاسع عرش‪ ،‬انظر ديفدسن‪ ،‬بروز اجلنسان ّية‪ ،‬خصوصا الفصلني‬
‫األول وال ّثاين‪ .‬وخالفا ملفردة (اجلنسان ّية) حتوي ا ّللغة العرب ّية الكالسيك ّية مفردات‬
‫ّ‬
‫والقوة اجلنس ّية (الباه)‪.‬‬
‫ّ‬ ‫الرغبة باملجامعة مثل (شهوة الوقاع)‪،‬‬‫ّ‬ ‫عن‬ ‫تعبرّ‬
‫الرغبة‪.265 ،‬‬ ‫  طرح مسعد هذه املسألة يف كتابة‪ ،‬إعادة توجيه ّ‬ ‫(((‬
‫  الع ّقاد‪ ،‬أبو ّنواس‪ .36 ،‬وأو ّد يف هذا املقام أن أشكر جوزيف مسعد لتنبيهي إىل هذا‬ ‫(((‬
‫العمل‪.‬‬
‫   الع ّقاد‪ ،‬أبو ّنواس‪.39 ،‬‬ ‫(((‬
‫‪399‬‬ ‫مَ َ‬
‫اخلاتة‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ذوذ اجلنسيِ ِّ ) اجلديدُ َح ْي َز‬


‫(الش ِ‬ ‫ُ‬
‫دخول َم ْف ُهو ِم ُّ‬ ‫أسهم‬
‫َ‬ ‫وتأسيس ًا عىل ذلِ َك‪،‬‬
‫ِ‬
‫أشكال‬ ‫مجيع‬
‫أن َ‬ ‫َّظر النَّاش َئ ِة التِي تفيدُ َّ‬ ‫ِ‬
‫وجهة الن ِ‬ ‫ِ‬
‫تعزيز‬ ‫ِ‬
‫ظاهر َّي ًا يف‬ ‫ِ‬
‫االستعامل‬
‫ِ‬
‫“االنحراف” و‬ ‫ات عىل‬ ‫متساو مؤشرِّ ٍ‬
‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫بنحو‬ ‫التَّع ُّل ِق العاطِ ِفي بالص ِ‬
‫بيان تؤ ِّل ُ‬
‫ف‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫ِ‬
‫“املرض”‪.‬‬ ‫ِ‬
‫“الفسق” و‬

‫املؤر ُخ املصرْ ِ ُّي‬ ‫ِ‬ ‫ويرشح ذلِ َك عىل‬


‫سبب اهلجو ِم الذي شنَّ ُه ِّ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬
‫األرجح‬ ‫ُ‬
‫كان يعدُّ ُه انتشار ًا‬ ‫يكتب يف عا ِم (‪1946‬م) عىل ما َ‬ ‫ويل الذي َ‬
‫كان‬ ‫ِ‬ ‫توفيق ال َّط ُ‬ ‫ُ‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫ملحوظات‬ ‫هش ِة ِم ْن‬ ‫شعور ِه بالدَّ َ‬
‫ِ‬ ‫ذوذ اجلنسيِ ِّ يف مصرْ َ العثامنِ َّي ِة‪ ،‬وعبرَّ َ عن‬ ‫للش ِ‬ ‫ُّ‬
‫أدل عىل‬ ‫(وليس َّ‬‫َ‬ ‫لواط وعد ِم مق ُبولِ َّيتِ ِه يف فرنسا‪:‬‬ ‫إدانة ا ِّل ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫بشأن‬ ‫هطاو ِّي‬ ‫ال َّط ِ‬
‫ِ‬ ‫َّاس ِم ْن‬ ‫ِ‬
‫الطهطاو ُّي‬‫ِ‬ ‫بك‬ ‫دهشة رفاع َة ُ‬ ‫هؤالء الن ِ‬ ‫ذوذ اجلنسيِ ِّ َ‬
‫بني‬ ‫الش ِ‬ ‫شيو ِع ُّ‬
‫انتشار ُه‬ ‫أهلها‪َّ ،‬‬
‫كأن‬ ‫بني ِ‬ ‫سافر إىل فرنسا أل َّن ُه مل ْ جيدْ هذا الدَّ ا َء منترش ًا َ‬ ‫حني‬
‫َ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ث‬ ‫َّاس) وحتدَّ َ‬‫بني الن ِ‬ ‫يكون شائع ًا َ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬
‫وغري ال َّطبيع ِّي حق ًا ألاَّ‬ ‫ِ‬
‫هو الشيَّ ُء ال َّطبيع ُّي‪،‬‬
‫ُ‬
‫بوص ِفها أمثل ًة‬ ‫ِ ٍ‬
‫عالقات عاطف َّي ٌة مع صبيان ْ‬
‫ِ‬ ‫ٌ‬ ‫َت ترب ُط ُهم‬ ‫ويل) عن علام َء كان ْ‬ ‫(ال َّط ُ‬
‫كثري ٌة ال‬ ‫الث ُّ ِ سيِ‬ ‫ذوذ اجلنسيِ ‪( :‬واألمثل ُة عىل النَّو ِع ال َّث ِ‬ ‫الش ِ‬ ‫عىل ُّ‬
‫(الشذوذ اجلن ِّ ) َ‬ ‫ِّ‬
‫أن‬‫بقات َّ‬ ‫َّاريخ والترَّ اج ِم وال َّط ِ‬ ‫كتب الت ِ‬ ‫حيصيها العدُّ ‪ ،‬فكثري ًا ما َترى يف ِ‬ ‫يكاد ِ‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫مظاهر‬ ‫بعض‬ ‫عرضنا َ‬ ‫ْ‬ ‫لامن ساحم َ ُه اهللُ‪ ،‬وقدْ‬ ‫ِ‬
‫يعشق الغ َ‬ ‫ُ‬ ‫كان‬‫غريه َ‬‫ِ‬ ‫هذا العا أو ِ‬ ‫لمِ‬
‫َ‬
‫(‪)1‬‬
‫هذا النَّو ِع ِم ْن َق ْب ُل)‪.‬‬

‫غل‬ ‫الش ُ‬ ‫العدا َء َ‬


‫كان ُّ‬ ‫اجلنسي ِة) بأشكالهِ ا كا َّف ًة ِ‬ ‫ِ‬ ‫(املثل َّي ِة‬
‫ِ‬ ‫مناص َب َة‬ ‫ويبدُ و َّ‬
‫أن‬
‫َّ‬ ‫َ‬
‫ب‬ ‫وبحس ِ‬‫ْ‬ ‫العرشي َن‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫القرن‬ ‫ف ال َّثانيِ ِم َن‬ ‫العرب يف النِّص ِ‬
‫ْ‬ ‫ِ‬ ‫للمؤر ِخ َ‬
‫ني‬ ‫ِّ‬ ‫الش ُ‬
‫اغل‬ ‫َّ‬
‫ِ‬ ‫راس ِة احلالِ َّي ِة‪ ،‬بدا االستيا ُء واضح ًا يف‬ ‫ِ‬
‫مواقف‬ ‫الفص ِل ال َّثانيِ م َن الدِّ َ‬ ‫ما حل ْظنا يف ْ‬
‫وعات ا ِّللواطِ َّي ِة يف‬ ‫ِ‬ ‫املوض‬
‫ُ‬ ‫نحو‬
‫ني َ‬ ‫األدب العربيِ ِّ احلديثِ َ‬ ‫ِ‬ ‫مؤر ِخي‬ ‫العديد م ْن ِّ‬
‫ِ ِ‬
‫يشغل موقع ًا‬ ‫ُ‬ ‫وع‬ ‫ون كام لو َّ‬ ‫هؤالء يكت ُب َ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫تراثِ ِهم األدبيِ ِّ ‪،‬‬
‫املوض َ‬
‫ُ‬ ‫أن هذا‬ ‫وكان‬
‫افض ِة‬ ‫والر َ‬ ‫ِ‬
‫املستهجنَة َّ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫املواقف‬ ‫هبذ ِه‬
‫هامشي ًا أو مل يكن يوجدُ أصالً؛ ويت َِّص ُل ِ‬
‫ْ‬ ‫ْ ْ‬ ‫َّ‬
‫ِ‬
‫ِ‬
‫لألعامل‬ ‫خمتز َل ٍة‬
‫طبعات َ‬ ‫ٍ‬ ‫إص ِ‬
‫دار‬ ‫ِ‬
‫رشوع العديد م َن اجلهات يف ْ‬
‫ِ ِ‬
‫ُ‬ ‫املوضو ِع‬
‫ُ‬ ‫هلذا‬

‫(((   ال ّطويل‪ ،‬الت ّ‬


‫ّصوف يف مرص‪.157 ،‬‬
‫اإل ْسال ِم ِّي‬ ‫ال ال َع َر ِب ِّي ِ‬ ‫جل ْن ِس َّي ِة يِف ال َع مَ ِ‬ ‫َما َق ْب َل امل ِْثلِ َّي ِة ا ِ‬ ‫‪400‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫حال‬ ‫َّاسع عشرَ ‪ -‬مث َلام حل ْظنا يف ِ‬ ‫ِ‬ ‫مرحلة ما َ‬ ‫ِ‬ ‫املنشور ِة يف‬ ‫األدبِ َّي ِة‬
‫قبل القرن الت َ َ‬ ‫َ‬
‫اس‪.‬‬ ‫وديوان أبيِ َّنو ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ليلة وليل ٌة)‬ ‫(أ ُلف ٍ‬

‫(هز‬ ‫كتاب ُّ‬ ‫ِ‬ ‫إعادة طب ِع‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫باستمرار‬ ‫آخ ُر يمك ُن إيرا ُد ُه يت َِّص ُل‬ ‫مثال َ‬ ‫وثم َة ٌ‬ ‫َّ‬
‫يكتظ باإلشارات إىل‬ ‫ِ‬ ‫ُّ‬ ‫ِ‬
‫ابع عشرَ َ الذي‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الس ِ‬ ‫ِ‬
‫الس َ‬ ‫اخر م َن القرن َّ‬ ‫القحوف) َّ‬
‫األو ِل‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫القاهر ِة يف‬ ‫ا ِّل ِ‬
‫َّاسع عشرَ َ والعقد َّ‬ ‫األخرية م َن القرن الت َ‬ ‫َ‬ ‫العقود‬ ‫َ‬ ‫لواط يف‬
‫أكثر ِم ْن‬ ‫الكتاب دا َم َ‬ ‫ِ‬ ‫إعادة طب ِع‬ ‫ِ‬ ‫ف عن‬ ‫العرشين‪ )1(.‬وبعدَ تو ُّق ٍ‬
‫ِ َ‬
‫ِ‬
‫القرن‬ ‫ِم َن‬
‫للغاية عنه يف العا ِم (‪1963‬م)‬ ‫ِ‬ ‫نسخ ٌة ُمن َّق َح ٌة ومخُ تز َل ٌة‬ ‫در ْت َ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫نصف قرن‪َ ،‬ص َ‬ ‫ْ‬
‫ِ‬
‫مجيع اإلحاالت إىل املثل َّية اجلنس َّية (وبداه ًة ما يراف ُقها م َن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُحذ َف ْت منها‬ ‫ِ‬
‫ُ‬
‫َ َ ِ (‪)2‬‬
‫اجلنس َّي ِة واملبتذلة)‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫والعبارات‬ ‫ات‬‫املفرد ِ‬
‫َ َ‬
‫نيِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫األقل حت ُّفظ ًا إىل تبنِّي‬ ‫ُّ‬ ‫املؤر ُخ َ‬ ‫ُ‬
‫املتجاهل والعدوا ِّ‬ ‫املوقف‬ ‫ون‬ ‫ويميل ِّ‬
‫مايز‬ ‫العرشي َن وثالثينِ َّياتِ ِه‪ ،‬ولذلِ َك َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫القرن‬ ‫الذي تصدَّ ر املشهدَ يف عرشينِي ِ‬
‫ات‬ ‫َّ‬ ‫َ َ‬
‫ِ‬
‫عر‬ ‫الش ِ‬ ‫ارات يف ِّ‬ ‫الذي كتب يف العا ِم (‪1971‬م) عن ال َّتي ِ‬ ‫يوسف حس ُ بكَّار ِ‬
‫َّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ ُ َ ينْ‬
‫والش ِ‬ ‫الش ِ‬ ‫الش ِ‬ ‫الغزليِ ِّ العربيِ ِّ ؛ َ‬
‫عر‬ ‫ِّ‬ ‫الشا ِّذ‬ ‫عر َّ‬ ‫وبني ِّ‬ ‫َ‬ ‫عر الغزليِ ِّ احلسيِّ ِّ‬ ‫بني ِّ‬ ‫مايز َ‬
‫ِ‬ ‫لامن‪ ،‬ومسأ َل ُة‬ ‫بالغ ِ‬ ‫َّغز ِل ِ‬ ‫ِ‬
‫إمكان تقسي ِم‬ ‫شعر الت ُّ‬ ‫الشا ُّذ هو ُ‬ ‫عر َّ‬ ‫والش ُ‬ ‫العفيف‪ِّ )3(.‬‬
‫أصالً‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫لامن ذاتِ ِه إىل ٍ‬ ‫بالغ ِ‬ ‫َّغز ِل ِ‬ ‫ِ‬
‫مطروحة ْ‬ ‫َ‬ ‫غري‬
‫شعر (حسيِّ ٍّ ) و(عفيف) ُ‬ ‫شعر الت ُّ‬
‫(املثل َّي ِة‬
‫ِ‬ ‫(الزنا) و‬ ‫ٍ‬
‫حديث نسبِ َّي ًا عن ِّ‬ ‫ٍ‬
‫كتاب‬ ‫اخلطيب العدنانيِ ُّ يف‬
‫ُ‬ ‫وأدرج‬
‫َ‬
‫ُ‬
‫واالنفعال‬ ‫َّاريخ العربيِ ِّ ا ِّل ُ‬
‫لواط‬ ‫در يف العا ِم (‪1999‬م) يف الت ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫اجلنس َّية) َص َ‬

‫(((   نارص‪ ،‬الكتب العرب ّية التي نرشت يف مرص يف القرن التّاسع عرش‪ ،‬رقم ‪-95 :8‬‬
‫‪98‬؛ نارص‪ ،‬الكتب العرب ّية التي نرشت يف مرص بني عامي ‪:8 ،1925-1900‬‬
‫‪1638‬؛ نارص الكتب العرب ّية التي نرشت بني عامي ‪ 1926‬و ‪1940‬؛ منصور‪،‬‬
‫دليل املطبوعات املرص ّية‪.1956-1940 ،‬‬
‫هز القحوف‪ 26 ،‬و ‪ .31‬شهد العام ذاته صدور نسخة خمتزلة للغاية‬ ‫بيني‪ّ :‬‬
‫(((   بار‪ ،‬الشرّ ّ‬
‫احلموي)‪( .‬توفيّ سنة‬
‫ّ‬ ‫ة‬ ‫حج‬
‫ّ‬ ‫بن‬ ‫د‬ ‫حمم‬
‫ّ‬ ‫بن‬ ‫بكر‬ ‫(أيب‬ ‫ف‬‫ل‬‫ّ‬ ‫للمؤ‬ ‫األوراق)‬ ‫من (ثمرات‬
‫ّبي‪ ،‬املختار من كتاب (ثمرات األوراق)‪.‬‬
‫‪)1434‬؛ انظر عبد الن ّ‬
‫(((   بكّار‪ ،‬اتجّ اهات الغزل‪.‬‬
‫‪401‬‬ ‫مَ َ‬
‫اخلاتة‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(‪)1‬‬
‫ذوذ اجلنسيِ ِّ )‪.‬‬‫(الش ِ‬ ‫مص َط َل ِح ُّ‬ ‫حاق َّي ُة َ‬
‫حتت ْ‬
‫لامن والس ِ‬
‫َّ‬
‫الغ ِ‬ ‫اخلنثوي وحب ِ‬
‫ُّ‬ ‫ِ ُّ‬
‫ب (األيدز)‬ ‫ِ‬
‫املكتس ِ‬ ‫نقص املنا َع ِة‬ ‫ِ‬ ‫مرض‬ ‫نرشوا َ‬ ‫ِ‬ ‫أن ِ‬ ‫وا َّدعى َّ‬
‫ني ُ‬ ‫اجلنس ِّي َ‬ ‫ني‬‫املثل ِّي َ‬
‫الش ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬
‫يع ُّي‬ ‫اإلمام ُّي ِّ‬ ‫املذهب‬
‫ُ‬ ‫نص عليها‬ ‫مثل ال َّطاعون‪ ،‬وتبنَّى العقوبات التي َّ‬
‫اجلنس؛ وعبرَّ َ عن‬ ‫ِ‬ ‫أفراد متامثليِ‬‫ٍ‬ ‫ال اجلنسيِ ِّ َ‬
‫بني‬ ‫لواط واالت َِّص ِ‬ ‫حاالت ا ِّل ِ‬ ‫ِ‬ ‫يف‬
‫اجلنس َّي ِة يف العالمَ ِ الغربيِ ِّ ؛‬ ‫ِ‬ ‫املثل َّي ِة‬
‫َّسامح مع ِ‬ ‫ِ ِ لمِ‬
‫ِ‬ ‫إفراط يف الت‬ ‫ٌ‬ ‫ب أ َّن ُه‬ ‫استيائه َا يحُ َس ُ‬
‫أن م ْفهوم ُّ ِ سيِ‬
‫الشذوذ اجلن ِّ هو َم ْف ُهو ٌم غربيِ ٌّ‬ ‫أن العدنانيِ َّ مل ْ يك ْن واعي ًا َّ َ ُ َ‬ ‫ويظهر َّ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫دهشوا واشتكَوا م َن‬ ‫قبل قرنَني تقريب ًا‪ُ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫ني َ‬ ‫الر َّحال َة األورو ِّب ِّي َ‬ ‫األص ِل‪َّ ،‬‬
‫وأن َّ‬ ‫يف ْ‬
‫ون هبا‬ ‫اإلمرباطور َّي ِة العثامنِ َّي ِة يعبرِّ ُ َ‬
‫ِ‬ ‫الر ُ‬
‫جال يف‬ ‫كان ِّ‬ ‫واالنفتاح التِي َ‬ ‫ِ‬ ‫األرحي َّي ِة‬
‫ِ‬
‫مشاعر ِهم نحو الص ِ‬
‫بيان‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫عن‬
‫َ ِّ‬
‫قرن‪،‬‬ ‫أقل ِم ْن ْ‬ ‫ففي َّ‬ ‫للغاية ـ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اجلانب كبري ًا‬ ‫وكان ال َّتغيرُّ ُ ال َّثقافيِ ُّ يف هذا‬ ‫َ‬
‫الر ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫للحب‬ ‫ِّ‬ ‫افض‬ ‫الراق َي ُة يف تبنِّي املوقف َّ‬ ‫املجتم ِع العربيِ ِّ َّ‬ ‫َ‬ ‫طبقات‬
‫ُ‬ ‫بد َأ ْت‬
‫ارات‬ ‫ختتف ال َّت َّي ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الذي نس َب ُه ال َّط ِ‬ ‫ا ِّللواطِي ِ‬
‫ني! ومع هذا‪ ،‬مل ْ‬ ‫الفرنس ِّي َ‬ ‫هطاو ُّي إىل‬ ‫ِّ‬
‫اإلسالمي ُة ترى يف ا ِّللواطِ‬ ‫ِ‬ ‫تزال الشرَّ ي َع ُة‬ ‫ِ‬
‫األخرى م َن املشهد متام ًا‪ ،‬فام ُ‬ ‫ِ‬ ‫ال َّثقافِ َّي ُة‬
‫َّ َ‬ ‫َ‬
‫ومعص َي ًة‬ ‫ِ‬ ‫ني فِع ً‬
‫ال‬ ‫بني رج َل ِ‬ ‫اجلنس َّي َة الشرَّ ِج َّي َة َ‬ ‫ِ‬ ‫الذي يعنِي حتديد ًا العالق َة‬ ‫ِ‬
‫َّقليد ُّي بداه ًة‬ ‫املوقف الت ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫عليهام‪ ،‬مث ُل ُهام ُ‬ ‫ب ِ‬
‫ُ‬ ‫اخلمر‪ .‬وهذا‬ ‫ورشب‬ ‫الزنا‬
‫مثل ِّ‬ ‫يعا َق ُ‬
‫ٍ‬
‫عالقة‬ ‫ِ‬
‫إقامة‬ ‫الرغب َة يف‬ ‫تقول‪َّ :‬‬ ‫َّظر التِي ُ‬ ‫وجهة الن ِ‬‫ِ‬ ‫حال توت ٍُّر كُمونِ َّي ٍة مع‬ ‫يف ِ‬
‫إن َّ‬
‫َّاب ُ‬ ‫مر ِض َّي ٌة‪ .‬وهلذا‬ ‫ِ ِِ ِ‬ ‫فرد ِم َن‬‫جنسي ٍة مع ٍ‬ ‫ِ‬
‫أمثال‬ ‫اضطر كت ٌ‬ ‫َّ‬ ‫اجلنس ذاته ه َي عال َق ٌة َ‬ ‫َّ‬
‫اجلهد‬‫ِ‬ ‫املزيد ِم َن‬ ‫ِ‬ ‫كليهام إىل ِ‬
‫بذل‬ ‫ني ِ‬ ‫الذي أرا َد تبنِّي املوق َف ِ‬ ‫اخلطيب العدنانيِ ِ‬ ‫ِ‬
‫ِّ‬
‫(‪)2‬‬
‫للتَّوفِ ِيق بين َُهام‪.‬‬

‫اإلسالم َّي ِة‬


‫ِ‬ ‫لواط يف الشرَّ ي َع ِة‬ ‫عل ا ِّل ِ‬ ‫وص عليها ِلف ِ‬ ‫املنص ُ‬ ‫تزال العقو َب ُة ُ‬ ‫وما ُ‬
‫ِ‬
‫احتامل‬ ‫ابق ‪ِ -‬م ْن‬ ‫الس ِ‬ ‫الفص ِل َّ‬ ‫الرغ ِم ‪ -‬مث َلام حل ْظنا يف ْ‬ ‫كام ه َي مل ْ تتغيرَّْ عىل ُّ‬
‫ِ‬
‫رب ِم َن‬ ‫واملناهض َة للمدرس َّية قد دف َع ْت عدد ًا أك َ‬
‫ِ ِ‬ ‫َ‬ ‫الصحو َّي َة‬‫السلف َّي َة َّ‬
‫ِ‬
‫أن احلرك َة َّ‬ ‫َّ‬

‫الزنا ّ‬
‫والشذوذ‪.‬‬ ‫  العدناين‪ّ ،‬‬
‫ّ‬ ‫(((‬
‫الزنا ّ‬
‫والشذوذ‪.129-126 ،‬‬ ‫  العدناين‪ّ ،‬‬
‫ّ‬ ‫(((‬
‫اإل ْسال ِم ِّي‬ ‫ال ال َع َر ِب ِّي ِ‬ ‫جل ْن ِس َّي ِة يِف ال َع مَ ِ‬ ‫َما َق ْب َل امل ِْثلِ َّي ِة ا ِ‬ ‫‪402‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ف الن ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫َّظر‬ ‫السنَّة إىل تأييد إنزال عقوبة املوت يف احلاالت مجيع ًا؛ بصرَ‬ ‫القضاة ُّ‬
‫االجتامع َّي ِة‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫احلالة‬ ‫عن‬

‫الصوفِ َّي ِة‪،‬‬ ‫ِ‬


‫السلف َّية يف دف ِع احلركة ُّ‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫َّأثري املتنامي للحركة َّ‬
‫ِ‬
‫ونجح الت ُ‬ ‫َ‬
‫تهِ‬ ‫ِ‬
‫ابن عربيِ ٍّ إىل تبنِّي موقف دفاع ٍّي عن ذا ا‬‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫وحدة الوجود أو مدرسة ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الس َّيام‬
‫امل ِ‬ ‫استحسان اجل ِ‬ ‫ِ‬ ‫الرغ ِم ِم ْن ذلِ َك‪َّ ،‬‬ ‫ِ‬
‫اإلهل ِّي يف‬ ‫فإن فكر َة‬ ‫ووجودها‪ .‬وعىل َّ‬
‫(‪)1‬‬
‫َ‬
‫ويتعذ ُر‬‫َّ‬ ‫َّاسع عشرَ َ ‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫قطع َّي ًة ثاب َت ًة َ‬ ‫بالكاد شائع ًة أو ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫قبل القرن الت َ‬ ‫َ‬ ‫َت‬ ‫البرش كان ْ‬
‫املرحلة هو بمنز َل ِة ٍ‬
‫تعبري‬ ‫ِ‬ ‫الواحدي ِة يف ِ‬
‫هذه‬ ‫َّ‬
‫ِ‬ ‫الصوفِ َّي ِة‬ ‫ِ‬
‫إن تال َ حظوظ ُّ‬
‫القول‪ َّ :‬شيِ‬ ‫ُ‬
‫املواقف ال َّثقافِ َّي ِة‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫جوهر ٍّي يف‬ ‫ِ‬ ‫عن تغيرُّ ٍ‬
‫لإليالج القضيبِي مهيمنَ ٌة يف ال َّث ِ‬
‫قافة‬ ‫ِ‬ ‫الرؤي ُة (االستقطابِ َّي ُة)‬ ‫وما ُ‬
‫ِّ‬ ‫تزال ُّ‬
‫(الشذو ُذ اجلنسيِ ُّ ) التِي‬ ‫املفر َد ُة األدبِ َّي ُة اجلديدَ ُة ُّ‬ ‫تدخل َ‬ ‫ْ‬ ‫الشفاه َّية‪ ،‬ومل ْ‬
‫الشعبِي ِة َّ ِ ِ‬
‫َّ َّ‬
‫َّداول يف العربِ َّي ِة املنطو َق ِة‪ ،‬وما‬ ‫قط َح ْي َز الت ِ‬ ‫الفاعل وما يفع ُل ُه ُّ‬ ‫ِ‬ ‫هتمل مسأ َل َة‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫َّغريب‬ ‫ائح التِي مل ْ تتأ َّث ْر كثري ًا بالت‬ ‫بني الشرَّ ِ‬ ‫وص ًا َ‬ ‫خص َ‬ ‫ثم َة فرض َّي ٌة شائ َع ٌة ُ‬
‫ِ‬
‫تزال َّ‬ ‫ُ‬
‫عمل‬ ‫مثل َّي ٍة يؤ ِّدي فيها َ‬ ‫جنسي ٍة ِ‬
‫َّ‬
‫عالقة ِ‬ ‫ٍ‬ ‫الفرد يف‬ ‫ِ‬ ‫َ‬
‫اشرتاك‬ ‫أن‬ ‫املجتم ِع العربيِ ِّ ‪َّ ،‬‬ ‫َ‬ ‫يف‬
‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫تكشف عن حال تكوين َّية ِ‬
‫غري‬ ‫ٍ‬ ‫ُ‬ ‫ذكور َّيته‪ ،‬وال‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫(الفاعل) ال تؤ ِّث ُر يف‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ال َّطرف‬
‫طبيع َّي ٍة ‪.‬‬ ‫ِ‬

‫بني‬ ‫َّاميز ا َمل ْف ُهوماتيِ ِّ َ‬ ‫احلفاظ عىل الت ِ‬ ‫ُ‬ ‫جيري‬ ‫املنظور‪ِ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫وانطالق ًا ِم ْن هذا‬
‫الرغ ِم ِم ْن تبنِّي‬ ‫املفرتض عىل ُّ‬ ‫ِ‬ ‫املفعول به‬ ‫ِ‬ ‫َ‬
‫مقابل‬ ‫ض‬ ‫رت ِ‬ ‫الفاعل املف َ‬ ‫ِ‬ ‫رف‬‫ال َّط ِ‬
‫املوضوعِ‪.‬‬ ‫ات املعنِ َّي ِة هبذا ُ‬ ‫اجلديد واملائ ِع يف األدبِي ِ‬
‫َّ‬
‫ِ‬ ‫م ْفهو ِم ُّ ِ سيِ‬
‫الشذوذ اجلن ِّ‬ ‫َ ُ‬

‫(((   ترمنغهام‪ ،‬ال ّطرق ّ‬


‫الصوف ّية يف اإلسالم‪ ،‬ص ‪ 246‬وما بعدها‪.‬‬
‫املصادر واملراجع‬
‫املصادر العربية‬
‫•ابو نؤاس‪ .‬ديوان‪ .‬القاهرة‪.1905 ،‬‬
‫•ابو نؤاس‪ .‬ديوان‪ .‬حترير حممد كامل فريد‪ .‬القاهرة‪.1932 ،‬‬
‫•البجريمي‪ ،‬سليامن بن حممد‪ .‬حتفة احلبيب عىل رشح اخلطيب املعروف باالقناع يف‬
‫حل الفاظ أيب شجاع‪.‬‬
‫•البحراين‪ ،‬هاشم‪ .‬الربهان يف تفسري القرآن‪ .‬طهران‪ 1375 ،‬هـ‪.‬‬
‫•البكري‪ ،‬مصطفى‪ .‬السيوف احلداد يف أعناق أهل الزندقة واالحلاد‪ .‬خمطوطة‪،‬‬
‫مكتبة جامعة برنستن‪ ،‬السلسلة اجلديدة‪.1109 ،‬‬
‫•الباجوري‪ ،‬ابراهيم‪ .‬حاشية فتح القريب املجيب [يف رشح الفاظ التقريب]‪.‬‬
‫القاهرة‪ 1345 ،‬هـ‪.‬‬
‫•الرببري‪ ،‬أمحد بن حممد‪ .‬الرشح اجليل عىل بيت املوصيل‪ .‬بريوت‪.1303 ،‬‬
‫•البيتامين‪ ،‬حسني بن طعمة بن حممد الدمشقي امليداين الشافعي‪ ،‬اجلواب املطلوب‬
‫عن رشح موال الشيخ أيوب‪( ،‬خمطوطة تصوف‪ ،‬جامعة برنستون‪ ،‬جمموعة هيودا‬
‫‪.)509‬‬
‫•البديري احلالق‪ .‬حوادث دمشق اليومية‪ .‬حترير امحد عزت عبد الكريم‪ .‬القاهرة‪،‬‬
‫‪.1959‬‬
‫•البهويت‪ ،‬منصور بن يونس‪ .‬كشاف القناع عن متن اإلقناع‪ .‬حترير حامد هالل‪.‬‬
‫الرياض‪ ،‬بال تاريخ‪.‬‬
‫•البهويت‪ ،‬منصور‪ .‬رشح منتهى االرادة‪ .‬بريوت‪.1992 ،‬‬
‫اإل ْسال ِم ِّي‬ ‫ال ال َع َر ِب ِّي ِ‬ ‫جل ْن ِس َّي ِة يِف ال َع مَ ِ‬ ‫َما َق ْب َل امل ِْثلِ َّي ِة ا ِ‬ ‫‪404‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫•البجريمي‪ ،‬سليامن‪ .‬حاشية عىل رشح املنهج‪ .‬القاهرة‪ 1286 ،‬هـ‪.‬‬


‫•البجريمي‪ ،‬سليامن‪ .‬حتفة احلبيب عىل رشح اخلطيب‪ .‬القاهرة‪ 1284 ،‬هـ‪.‬‬
‫•البوريني‪ ،‬حسن‪ .‬رشح ديوان ابن الفارض‪ .‬حترير رشيد بن غالب الدحداح‪.‬‬
‫القاهرة‪ 1289 ،‬هـ‪.‬‬
‫•البوريني‪ ،‬حسن‪ .‬تراجم االعيان من ابناء الزمان‪ .‬حترير صالح الدين‪ .‬املنجد‪.‬‬
‫دمشق ‪.1963-1959‬‬
‫•الربساوي‪ ،‬مجال حقي‪ .‬تفسري روح البيان‪ .‬اسطنبول‪.1928 ،‬‬
‫•البستاين‪ ،‬بطرس‪ .‬أدباء العرب‪ .‬بريوت‪ ،‬بال تاريخ [دار صدير]‪.‬‬
‫•التمرتايش‪ ،‬حممد بن عبد اهلل‪ .‬تنوير األبصار وجامع البحار‪.‬‬
‫•احلموي‪ ،‬شهاب الدين احلسيني‪ .‬غمز عيون البصائر يف رشح كتاب األشباه‬
‫والنظائر‪.‬‬
‫•الدجاين‪ ،‬حممد أبن صالح‪ .‬العقد املفرد يف حكم األمرد‪ .‬خمطوطة‪ .‬مكتبة جامعة‬
‫برنستن‪ ،‬سلسلة ‪.1952‬‬
‫•الدردير‪ ،‬امحد‪ .‬الرشح الكبري عىل خمترص خليل‪[.‬مبوع عىل حوايش حاشية‬
‫دسوقي]‪.‬‬
‫•الدردير‪ ،‬أمحد بن حممد‪ .‬الرشح الصغري عىل اقرب املسالك إىل مذهب االمام مالك‪.‬‬
‫[مع رشوحات امحد الصاوي)‪ .‬حترير حممد وصفي‪ .‬القاهرة‪.1974-1972 ،‬‬
‫•الدسوقي‪ ،‬حممد ابن عرفة‪ .‬حاشية عىل الرشح الكبري عىل خمترص خليل‪ .‬القاهرة‪،‬‬
‫‪.1911‬‬
‫•العجلوين‪ ،‬اسامعيل بن حممد‪ .‬كشف اخلفاء ومزيل االلباس عام اشتبه من األحاديث‬
‫عىل ألسنة الناس‪ .‬القاهرة‪ 1351 ،‬هـ‪.‬‬
‫•العبد‪ ،‬حسن آغا‪ .‬حوادث بالد الشام [واالمرباطورية العثامنية]‪ .‬دمشق ‪.1986‬‬
‫•الف ليلة وليلة‪ .‬حترير حممد قطة العدوي‪.1835 .‬‬
‫‪405‬‬ ‫املصادر واملراجع‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫•الف ليلة وليلة‪ .‬القاهرة ‪ ،1890‬و‪.1930‬‬


‫•اآللويس‪ ،‬شهاب الدين حممود‪ .‬روح املعاين يف تفسري القرآن العظيم والسبع املثاين‪.‬‬
‫القاهرة‪ 1345 ،‬هـ‪.‬‬
‫•اآللويس‪ ،‬حممود شكري‪ .‬املسك األذفر يف نرش مزايا القرن الثاين عرش والثالث‬
‫عرش‪ .‬حترير عبد اهلل اجلبوري‪ .‬الرياض‪.1982 ،‬‬
‫•علوان احلموي‪ ،‬عيل ابن عطية‪ .‬عرائس الغرر وغرائس الفكر يف أحكام النظر‪.‬‬
‫حترير حممد فضل عبد العزيز املراد‪ .‬بريوت ودمشق‪.1990 ،‬‬
‫•العاميل‪ ،‬هباء الدين حممد بن احلسني‪ .‬الكشكول‪ .‬حترير طاهر امحد الزاوي‪ .‬القاهرة‪،‬‬
‫‪.1961‬‬
‫•العاميل‪ ،‬زين الدين‪ .‬مسالك اإلفهام إىل تنقيح رشائع اإلسالم‪ .‬قم‪-1413 ،‬‬
‫‪ 1419‬هـ‪.‬‬
‫•العاميل‪ ،‬زين الدين‪ .‬الروضة البهية يف رشح اللمعة الدمشقية‪ .‬النجف‪ 1336 ،‬هـ‪.‬‬
‫•احلر العاميل‪ ،‬حممد بن احلسن‪ .‬وسائل الشيعة ومستدركها‪.‬‬
‫•احلر العاميل‪ ،‬حممد‪ .‬وسائل الشيعة إىل حتصيل مسائل الرشيعة‪ .‬حترير عبد الرحيم‬
‫الرباين الشريازي‪ .‬بريوت [طبعة جديدة يف طهران‪ 1391 ،‬هـ]‪.‬‬
‫•العيدروس‪ ،‬عبد الرمحن بن مصطفى‪ .‬ديوان تنميق األسفار فيام جرى له مع إخوان‬
‫األدب يف بعض األسفار‪( ،‬القاهرة‪ :‬املطبعة اخلريية‪1304 ،‬هـ‪1886 /‬م)‪.‬‬
‫•العيدروس‪ ،‬عبد الرمحن‪ .‬ترويح البال وهتييج البلبال‪ .‬القاهرة ‪ 1283‬هـ‪.‬‬
‫•العزيزي البوالقي‪ ،‬عيل بن نور الدين‪ .‬الرساج املنري برشح اجلامع الصغري‪ .‬بوالق‪،‬‬
‫‪1304‬‬
‫•االنطاكي‪ ،‬داود‪ .‬النزهة املبهجة يف تشحيذ األذهان وتعديل األمزجة [مطبوعة عىل‬
‫حوايش تذكرة أويل األلباب لالنطاكي]‪.‬‬
‫•االنطاكي‪ ،‬داود‪ .‬تذكرة اويل األلباب واجلامع للعجب العجاب‪ .‬القاهرة‪،‬‬
‫اإل ْسال ِم ِّي‬ ‫ال ال َع َر ِب ِّي ِ‬ ‫جل ْن ِس َّي ِة يِف ال َع مَ ِ‬ ‫َما َق ْب َل امل ِْثلِ َّي ِة ا ِ‬ ‫‪406‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫‪1294‬هـ‪.‬‬
‫•االنطاكي‪ ،‬داود بن عمر‪ .‬تزيني األسواق بتفصيل أشواق العشاق‪ .‬حترير حممد‬
‫التونجي‪.1993 ،‬‬
‫•ابو نؤاس‪ .‬ديوان‪ .‬حترير حممود افندي وصيف‪ .‬القاهرة‪.1898 ،‬‬
‫•ديوان خدمة األسطى عثامن عند األمري بيربس‪( ،‬القاهرة‪ 1289 :‬هـ‪1872 /‬م)‪.‬‬
‫•الفيض الكاشاين‪ ،‬حممد محُ سن‪ .‬احلقائق يف حماسن األخالق‪ .‬بريوت‪.1989 ،‬‬
‫•الفيض الكاشاين‪ ،‬حممد محُ سن‪ .‬التفسري الصايف‪ .‬بريوت‪.1972 ،‬‬
‫•فكري‪ ،‬عبد اهلل‪ .‬األثار الفكرية‪ .‬بريوت‪.1897 ،‬‬
‫•الغزي‪ ،‬الشيخ كامل الدين حممد بن حممد رشيف الغزي العامري‪ ،‬الورد األنيس‬
‫والوارد القديس يف ترمجة العارف باهلل عبد الغني النابليس‪( ،‬اجلامعة األمريكية يف‬
‫بريوت‪ :‬خمطوطة‪ ،‬مكرو‪-‬خمطوطة ‪[ ،)243‬طبع طبعة حديثة علق عليها الشيخ‬
‫أمحد فريد املزيدي‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،2015 ،‬ونسخة حمققة أخرى من سامر‬
‫عكاش‪ ،‬ليدن‪ :‬بريل‪.]2012 ،‬‬
‫•الغزي‪ ،‬نجم الدين حممد‪ .‬الكواكب السائرة بأعيان املئة العارشة‪ .‬حترير جربائيل‬
‫جبور‪ .‬بريوت‪.1979 ،‬‬
‫•الغزي‪ ،‬نجم الدين حممد‪ .‬لطف السمر وقطف الثمر من تراجم اعيان الطبقة االوىل‬
‫من القرن احلادي عرش‪ .‬حترير حممود الشيخ‪ .‬دمشق ‪.1982-1981‬‬
‫•الغالمي‪ ،‬حممد‪ .‬شاممة العنرب والزهر املعنرب‪ .‬حترير سليم النعيمي‪ .‬بغداد‪.1977 :‬‬
‫•حافظ ابراهيم‪ .‬ديوان‪ .‬بال تاريخ‪ .‬دار العودة‪ ،‬طبعة ثانية‪.‬‬
‫•احلفني‪ ،‬حممد‪ .‬حاشية عىل رشح جامع الصغري‪ .‬مطبوعة عىل حوايش الرساج املنري‬
‫لـ (العزيزي البوالقي)‪.‬‬
‫•احلفني‪ ،‬يوسف‪ .‬ديوان‪ .‬خمطوطة‪ ،‬مكتبة جامعة كامربدج‪. Qq 49 .‬‬
‫•احلجاوي‪ ،‬موسى بن امحد بن موسى‪ .‬االقناع لطالب االنتفاع‪ .‬حترير عبد اهلل بن‬
‫‪407‬‬ ‫املصادر واملراجع‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫عبد املحسن الرتكي‪ .‬الرياض‪.1999 ،‬‬


‫•احلموي‪ ،‬أمحد‪ .‬غمز عيون البصائر رشح كتاب األشباه والنظائر‪ .‬القاهرة‪،‬‬
‫‪1290‬هـ‪.‬‬
‫•احلنبيل‪ ،‬ابو املواهب‪ .‬مشيخة‪ .‬حترير حممد مطيع احلافظ‪ .‬دمشق‪.1990 ،‬‬
‫•احلصكفي‪ ،‬عالء الدين حممد‪ .‬درر املختار رشح تنوير األبصار [وجامع البحار]‪.‬‬
‫[مطبوعة عىل حوايش أبن عابدين (رد املحتار)]‪.‬‬
‫•احلصكفي‪ ،‬عالء الدين حممد‪ .‬الدر املنتقى يف رشح امللتقى‪[ .‬مطبوع يف حوايش‬
‫(جممع)]‪.‬‬
‫•ابن عبد الباقي‪ ،‬حسن‪ .‬ديوان‪ .‬حترير حممد صديق اجللييل‪ .‬املوصل‪.1966 ،‬‬
‫•ابن عابدين‪ ،‬حممد امني‪ .‬منحة اخلالق عىل البحر الرائق [رشح كنزالدقائق] [مطبوع‬
‫يف حوايش البحر الرائق ألبن نُجيم]‪.‬‬
‫ابن عابدين‪ ،‬حممد امني‪ .‬رد املحتار عىل الدر املختار [حاشية ابن عابدين]‪.‬‬ ‫•• ‬
‫بوالق‪ 1272 ،‬هـ‪.‬‬
‫•ابن عابدين‪ ،‬حممد امني‪ .‬العقود الدرية يف تنقيح الفتاوى احلامدية‪ .‬القاهرة‪،‬‬
‫‪1278‬هـ‪.‬‬
‫•ابن عالن‪ ،‬حممد عيل‪ .‬دليل الفاحلني لطرق رياض الصاحلني‪ .‬القاهرة‪.1938 ،‬‬
‫•ابن االمري الصنعاين‪ ،‬حممد ابن اسامعيل‪ .‬ديوان‪ .‬املدينة‪.1986 ،‬‬
‫•ابن االمري الصنعاين‪ ،‬حممد بن اسامعيل‪ .‬سبل السالم رشح بلوغ املرام‪ .‬القاهرة‪،‬‬
‫‪ 1369‬هـ‪.‬‬
‫•ابن ايوب االنصاري‪ ،‬موسى‪ .‬نزهة اخلاطر وهبجة الناظر‪ .‬حترير عدنان حممد‬
‫ابراهيم‪ .‬دمشق‪.1991 ،‬‬
‫•موسى بن يوسف بن أمحد األيويب األنصاري النعامين الشافعي‪ ،‬الروض العاطر فيام‬
‫تيسرّ من أخبار القرن السابع إىل ختام القرن العارش‪ ،‬حمرر مشارك أ‪ .‬غونز‪ .‬برلني‪،‬‬
‫اإل ْسال ِم ِّي‬ ‫ال ال َع َر ِب ِّي ِ‬ ‫جل ْن ِس َّي ِة يِف ال َع مَ ِ‬ ‫َما َق ْب َل امل ِْثلِ َّي ِة ا ِ‬ ‫‪408‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫‪[ .1981‬ثمة نسخة حمفوظة يف‪ :‬برلني‪ ،‬مكتبة الدولة‪ ،‬مكونة من ‪ 313‬ورقة‪،‬‬
‫وتعرف كذلك عىل الغالف بعنوان آخر هو “التذكرة األيوبية”]‪ .‬حمرر مشارك أ‪.‬‬
‫غونز‪ .‬برلني‪.1981 ،‬‬
‫•ابن البكا‪ ،‬عبد املعني بن أمحد البلخي احلنفي‪ ،‬غواين األشواق يف معاين العشاق‪،‬‬
‫[ثمة نسخة أخرى حمققة من حتقيق‬
‫(خمطوطة‪ ،‬مكتبة جامعة كامربدج‪ّ .)1415 ،‬‬
‫وتقديم جورج قنازع‪( ،‬فيسبادن‪ :‬هاراسوفيتز للنرش‪.])2008 ،‬‬
‫•ابن حجر اهليتمي‪ ،‬عيل‪ .‬الفتاوى الفقهية الكربى‪ .‬القاهرة‪ 1308 ،‬هـ‪.‬‬
‫•ابن حجر اهليتمي‪ ،‬عيل‪ .‬كف الرعاع عن حمرمات اللهو والسامع‪ُ [ .‬اعيد طبعه يف‬
‫ملحق لكتاب ابن حجر (الزواجر)]‪.‬‬
‫•ابن حجر اهليتمي‪ ،‬عيل‪ .‬حترير املقال يف آداب وأحكام وفوائد حيتاج اليها مؤدبو‬
‫األطفال‪ .‬حترير حممد شهيل الدبس‪ .‬بريوت ودمشق‪.1987 ،‬‬
‫•ابن حجر اهليتمي‪ ،‬عيل‪ .‬حتفة املحتاج برشح املنهاج‪ .‬القاهرة‪ 1315 ،‬هـ‪.‬‬
‫•ابن حجر اهليتمي‪ ،‬عيل‪ .‬الزواجر عن اقرتاف الكبائر‪ .‬بريوت‪ ،‬بال تاريخ [دار‬
‫املعرفة]‪.‬‬
‫•ابن احلنبيل‪ ،‬رايض الدين‪ .‬درر احلبب يف تاريخ أعيان حلب‪ .‬حترير حممود محد‬
‫الفاخوري وحييى زكرياعبارة‪ .‬دمشق‪.1974-1972 ،‬‬
‫•ابن كنعان الصاحلي‪ ،‬حممد بن عيسى‪ .‬احلوادث اليومية من تاريخ احدى عرش‬
‫والف ومية‪ .‬حترير جزئي‪ ،‬عبد اهلل علبي [بعنوان يوميات شامية]‪ .‬دمشق‪.1994 ،‬‬
‫•ابن معصوم‪ ،‬عيل‪ .‬سالفة العرص يف حماسن الشعراء بكل مرص‪ .‬القاهرة‪1324 ،‬هـ‪.‬‬
‫•ابن معتوق احلويزي‪ ،‬شهاب الدين املوسوي‪ .‬ديوان‪ .‬حترير سعيد الرشتوين‪.‬‬
‫بريوت‪.1885 ،‬‬
‫•ابن نجيم‪ ،‬زين العابدين‪ .‬البحر الرائق رشح كنز الدقائق‪ .‬القاهرة‪ 1311 ،‬هـ‪.‬‬
‫•ابن قيم اجلوزيه‪ ،‬شمس الدين حممد‪ .‬الداء والدواء‪ .‬حترير عبداهلل االذري‪ .‬الدمام‪،‬‬
‫‪409‬‬ ‫املصادر واملراجع‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫‪.1999‬‬
‫•ابن السامن‪ ،‬حممد سعيد‪[ .‬تاريخ]‪ .‬خمطوطة‪ ،‬برلني ‪، Staatsbibliothek‬‬
‫‪.140 ،Wetzstein II‬‬
‫•ابن سينا‪ ،‬ابو عيل احلسني‪ .‬القانون يف الطب‪ .‬حترير سعيد اللحام‪ .‬بريوت ودمشق‪،‬‬
‫‪.1994‬‬
‫•ابن طولون‪ ،‬شمس الدين حممد‪ .‬مفاكهة اخلالن يف حوادث الزمان‪ .‬حترير حممد‬
‫مصطفى‪ .‬القاهرة‪.1964-1962 ،‬‬
‫•ابن طولون‪ ،‬شمس الدين حممد‪ .‬الثغر البسام فيمن ويل قضاء دمشق الشام‪ .‬حترير‬
‫صالح الدين ا ُملنجد‪ .‬دمشق‪.1956 ،‬‬
‫•بن الوكيل املالوي‪ ،‬يوسف‪ .‬بغية املسامر وغنية املسافر‪ .‬خمطوطة‪ ،‬مكتبة جامعة‬
‫كامربدج‪.194 Qq ،‬‬
‫•اخوان الصفا‪ .‬رسائل اخوان الصفا وخالن الوفا‪ .‬بريوت‪ .‬بال تاريخ‪[ .‬دار‬
‫الصدير]‪.‬‬
‫•العنايايت‪ ،‬امحد‪ .‬ديوان‪ .‬خمطوطة‪ ،‬املكتبة الربيطانية‪ ]i[ ،‬إضافة ‪19486‬؛ [‪]ii‬‬
‫إضافة ‪.19541‬‬
‫•االسحاقي‪ ،‬حممد‪ .‬اخبار االول فيمن ترصف يف مرص من أرباب الدول‪ .‬القاهرة‪،‬‬
‫‪ 1310‬هـ‪.‬‬
‫•اجلربيت‪ ،‬عبد الرمحن‪ .‬عجائب اآلثار يف الرتاجم واألخبار‪ .‬القاهرة‪ 1297 ،‬هـ‪.‬‬
‫•اجلاحظ‪ ،‬عمر‪ .‬رسائل‪ .‬حترير عبد السالم حممد هارون‪ .‬القاهرة‪.1965-1964 ،‬‬
‫•اجلمل‪ ،‬سليامن‪ .‬حاشية عىل رشح منهج الطالب[حاشية اجلمل عىل رشح املنهج =‬
‫فتوحات الوهاب بتوضيح رشح منهج الطالب]‪ .‬القاهرة‪ 1305 ،‬هـ‪.‬‬
‫•اجلمل‪ ،‬سليامن‪ .‬حاشية عىل تفسري اجلاللني‪ .‬القاهرة‪.1933 ،‬‬
‫•اجلزائري‪ ،‬نعمة اهلل‪ .‬األنوار النعامنية يف بيان معرفة النشأة اإلنسانية‪ .‬بريوت‪،‬‬
‫اإل ْسال ِم ِّي‬ ‫ال ال َع َر ِب ِّي ِ‬ ‫جل ْن ِس َّي ِة يِف ال َع مَ ِ‬ ‫َما َق ْب َل امل ِْثلِ َّي ِة ا ِ‬ ‫‪410‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫‪.1984‬‬
‫•اجلزائري‪ ،‬نعمة اهلل‪ .‬زهر الربيع يف الطرائف وامللح واملقال البديع‪ .‬بريوت‪،‬‬
‫‪[1990‬األرشد للطباعة والنرش]‪.‬‬
‫•اجلزري‪ ،‬حسني‪ .‬ديوان‪ .‬خمطوطة‪ ،‬مكتبة جامعة كامربدج‪.)8( 1464 .Or .‬‬
‫•اجلندي‪ ،‬أمني‪ .‬ديوان‪ .‬دمشق‪.1903 ،‬‬
‫•فروخ‪ ،‬عمر‪ .‬ابو نواس شاعر هارون الرشيد وحممد األمني‪ .‬ط‪ .3‬بريوت‪.1946 ،‬‬
‫•الكنجي‪ ،‬حممد بن أمحد بن حممود بن حممد بن جانبك العرصوين الدمشقي‪ ،‬بلوغ‬
‫املنى يف تراجم أهل الغنا يف القرن الثالث عرش اهلجري‪ ،‬حتقيق‪ :‬رياض عبد احلميد‬
‫مراد‪( ،‬دمشق‪ :‬دار املعرفة‪.)1988 ،‬‬
‫•الكرمي‪ ،‬مرعي بن يوسف‪ .‬الفوائد املوضوعة يف األحاديث املوضوعة‪ .‬حترير حممد‬
‫بن لطفي الصباغ‪ .‬بريوت‪.1977 ،‬‬
‫•الكرمي‪ ،‬مرعي بن يوسف‪ .‬غاية املنتهى يف اجلمع بني اإلقناع واملنتهى‪ .‬حترير حممد‬
‫الشطي وحممد الشاويش‪ .‬دمشق‪.1959 ،‬‬
‫•الكرمي‪ ،‬مرعي بن يوسف‪ .‬منية املحبني وبغية العاشقني‪ .‬خمطوطة‪ ،‬دار الكتب‬
‫املرصية‪ ،‬طلعت‪ ،‬آداب ‪[ .4648‬ثمة نسخة حققتها‪ :‬بسمة أمحد صدقي الدجاين‪،‬‬
‫(بريوت‪ :‬املؤسسة العربية للدراسات والنرش‪].)2016 ،‬‬
‫•الكواكبي‪ ،‬حممد ابن حسن‪ .‬الفوائد السمية رشح نظم الفرائد السنية‪ .‬القاهرة‪،‬‬
‫‪ 1328-1322‬هـ‪.‬‬
‫•الكوكباين‪ ،‬امحد‪ .‬حدائق النامم يف الكالم عىل ما يتعلق باحلامم‪ .‬حترير عبد اهلل حممد‬
‫حبيش‪ .‬بريوت‪.1986 ،‬‬
‫•الكيواين‪ ،‬امحد‪ .‬ديوان‪ .‬دمشق‪ 1301 ،‬هـ‪.‬‬
‫•الكازروين‪ ،‬ابو الفضل‪ .‬حاشية عىل تفسري البيضاوي‪ .‬القاهرة‪.1912 ،‬‬
‫•اخلفاجي‪ ،‬امحد‪ .‬رحيانة االلبا وزهرة احلياة الدنيا‪ .‬حترير عبد الفتاح حممد احللو‪.‬‬
‫‪411‬‬ ‫املصادر واملراجع‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫القاهرة‪.1967 ،‬‬
‫•اخلال‪ ،‬عبد احلي ابن الطويل‪ .‬ديوان‪ .‬خمطوطة‪،Berlin Staatsbibliothek ،‬‬
‫‪.179 ، Wetzstein II‬‬
‫•اخلريش‪ ،‬حممد‪ .‬رشح خمترص خليل‪[ .‬مع رشوحات عيل العوادي]‪ .‬القاهرة‪،‬‬
‫‪ 1316‬هـ‪.‬‬
‫•اخلشاب‪ ،‬اسامعيل‪ .‬ديوان‪ .‬اسطنبول‪ 1300 ،.‬هـ‪.‬‬
‫•اخلطيب الرشبيني‪ ،‬حممد‪ .‬مغني املحتاج ملعرفة معاين الفاظ املنهاج‪ .‬القاهرة‪،‬‬
‫‪.1933‬‬
‫•اخلطيب الرشبيني‪ ،‬حممد‪ .‬الرساج املنري يف اإلعانة عىل معرفة بعض معاين كالم ربنا‬
‫احلكيم اخلبري‪ .‬القاهرة‪ 1299 ،‬هـ‪.‬‬
‫•جمدي بيك‪ ،‬صالح‪ .‬ديوان‪ .‬القاهرة‪.1893 ،‬‬
‫•جمموعة املسائل والرسائل النجدية‪ .‬القاهرة‪.1928 ،‬‬
‫•املكي املوسوي‪ ،‬عباس‪ .‬نزهة اجلليس ومنية األديب األنيس‪ .‬النجف‪.1967 ،‬‬
‫•ماميه الرومي‪ ،‬حممد‪ .‬روضة املشتاق وهبجة االشواق‪ .‬خمطوطة‪ ،‬املكتبة الربيطانية‪،‬‬
‫قسم ‪.7581‬‬
‫•املنيني‪ ،‬أمحد بن عيل العدوي‪ .‬الفتح الوهبي عىل تاريخ أيب نرص العتبي‪ .‬القاهرة‪،‬‬
‫‪ 1286‬هـ‪.‬‬
‫•املحبي‪ ،‬حممد األمني‪ .‬ذيل نفحة الرحيانة‪ .‬حترير عبد الفتاح حممد احللو‪ .‬القاهرة‪،‬‬
‫‪.1971‬‬
‫•املحبي‪ ،‬حممد األمني‪ .‬خالصة األثر يف تراجم اهل القرن احلادي عرش‪ .‬القاهرة‪،‬‬
‫‪ 1284‬هـ‪.‬‬
‫•املحبي‪ ،‬حممد األمني‪ .‬نفحة الرحيانة ورشحة طالء احلانة‪ .‬حترير عبد الفتاح حممد‬
‫احللو‪ .‬القاهرة‪.1969-1967 ،‬‬
‫اإل ْسال ِم ِّي‬ ‫ال ال َع َر ِب ِّي ِ‬ ‫جل ْن ِس َّي ِة يِف ال َع مَ ِ‬ ‫َما َق ْب َل امل ِْثلِ َّي ِة ا ِ‬ ‫‪412‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫•املناوي‪ ،‬حممد عبد الرؤوف‪ .‬فيض القدير رشح اجلامع الصغري من أحاديث البشري‬
‫النذير‪ .‬القاهرة‪.1938 ،‬‬
‫•املناوي‪ ،‬حممد عبد الرؤوف‪ .‬الفيوض اإلهلية برشح األلفية الوردية‪ .‬خمطوطة‪،‬‬
‫برنستن‪ ،‬هيودا ‪.3280‬‬
‫•املناوي‪ ،‬حممد عبد الرؤوف‪ .‬النزهة الزهية يف أحكام احلامم الرشعية والطبية‪ .‬حترير‬
‫عبد احلميد صالح محدان‪ .‬القاهرة وبريوت‪.1987 ،‬‬
‫•املرادي‪ ،‬حممد خليل‪ .‬سلك الدرر يف أعيان القرن الثاين عرش‪ .‬القاهرة واسطنبول‪،‬‬
‫‪.1301-1291‬‬
‫•املتقي اهلندي‪ ،‬عيل‪ .‬كنز العامل يف سنن األقوال واألفعال‪ .‬حيدر آباد‪.1951 ،‬‬
‫•النابليس‪ ،‬عبد الغني‪ .‬ديوان احلقائق وجمموع الرقائق يف رصيح املواجيد اإلهلية‬
‫والتجليات الربانية والفتوحات األقدسية‪ .‬القاهرة‪ 1270 ،‬هـ‪.‬‬
‫•النابليس‪ ،‬عبد الغني‪ .‬غاية املطلوب يف حمبة املحبوب‪ .‬حترير س باغاين‪Revista( .‬‬
‫‪.))Degli Studi Orientali: Supplemento No.1 68 (1995‬‬
‫•النابليس‪ ،‬عبد الغني‪ .‬ايضاح الدالالت يف سامع اآلالت‪ .‬حترير أمحد راتب محوش‪.‬‬
‫دمشق‪.1981 ،‬‬
‫•النابليس‪ ،‬عبد الغني‪ .‬كشف الرس الغامض يف رشح ديوان ابن الفارض‪ .‬خمطوطة‪،‬‬
‫املكتبة الربيطانية‪ ،‬قسم ‪.7564‬‬
‫•النابليس‪ ،‬عبد الغني‪ .‬مخرة بابل وغناء البالبل‪ .‬حترير [بعنوان برج بابل وشدو‬
‫البالبل] امحد اجلندي‪ .‬دمشق‪.1988 ،‬‬
‫•النابليس‪ ،‬عبد الغني‪ .‬القول املعترب يف بيان النظر‪،Berlin Staatsbibliothek .‬‬
‫‪.1631 ،Wetzstein II‬‬
‫•النابليس‪ ،‬عبد الغني‪ .‬رسالة اجلواب عن األسئلة املائة واحدى وستني‪ .‬خمطوطة‪،‬‬
‫املكتبة الربيطانية‪.9768 .Or ،‬‬
‫‪413‬‬ ‫املصادر واملراجع‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫•النابليس‪ ،‬عبد الغني‪ .‬رشح ديوان ابن الفارض‪[ .‬مقتطفات مقتبسة من رشح‬
‫البوريني]‪.‬‬
‫•النابليس‪ ،‬عبد الغني‪ .‬تعطري االنام يف تعبري املنام‪ .‬القاهرة‪.1935 ،‬‬
‫•النفراوي‪ ،‬امحد‪ .‬الفواكه الدواين عىل رسالة ابن ايب زيد القريواين‪ .‬بريوت‪ ،‬بال‬
‫تاريخ‪.‬‬
‫•النجفي‪ ،‬حممد حسن‪ .‬جواهر الكالم يف رشح رشائع اإلسالم‪ .‬نجف‪ 1378 ،‬هـ‪.‬‬
‫•النجدي‪ ،‬عثامن‪ .‬هداية الراغب لرشح عمدة الطالب‪ .‬حترير حسنني حممد خملوف‪.‬‬
‫الطائف‪.1996 ،‬‬
‫•نزهة األدباء وسلوة الغرباء‪ ،)i( .‬خمطوطة‪ ،‬مكتبة جامعة كامربج‪1256 .Or ،‬‬
‫(‪)8‬؛ (‪ )ii‬خمطوطة‪ ،‬املكتبة الربيطانية‪.1357 .Or ،‬‬
‫•القليويب‪ ،‬امحد‪ .‬حاشية عىل رشح املنهاج‪ .‬القاهرة‪.1949 ،‬‬
‫•القيلويب‪ ،‬امحد‪ .‬التذكرة يف الطب‪[ .‬مطبوع عىل حوايش املخترص للشعراين]‪.‬‬
‫•القنوجي‪ ،‬حممد صديق بن حسن خان‪ .‬الروضة الندية رشح الدرر البهية‪ .‬القاهرة‪،‬‬
‫بال تاريخ‪.‬‬
‫•القاري اهلروي‪ ،‬عيل ابن سلطان‪ .‬األرسار املرفوعة يف األخبار املوضوعة‪ .‬حترير‬
‫حممد الصباغ‪ .‬بريوت ودمشق‪.1986 ،‬‬
‫•القاري اهلروي‪ ،‬عيل‪ .‬فتح باب العناية برشح النقاية‪ .‬حترير حممد نزار متيم وهـ نزار‬
‫متيم‪ .‬بريوت‪.1997 ،‬‬
‫•القاري اهلروي‪ ،‬عيل‪ .‬مرقاة املفاتيح رشح مشكاة املصابيح‪ .‬حترير صدقي حممد‬
‫مجيل العطار‪ .‬بريوت‪.1992 ،‬‬
‫•راغب باشا‪ ،‬سفينة الراغب ودفينة املطالب‪( ،‬القاهرة‪1282 :‬هـ‪.)1865 /‬‬
‫•الرميل‪ ،‬خري الدين‪ .‬الفتاوى اخلريية لنفع الربية‪ .‬القاهرة‪ 1300 ،‬هـ‪.‬‬
‫•الرميل‪ ،‬خري الدين‪ .‬نزهة النواظر عىل األشباه والنظائر‪[ .‬مطبوع يف شكل ملحق‬
‫اإل ْسال ِم ِّي‬ ‫ال ال َع َر ِب ِّي ِ‬ ‫جل ْن ِس َّي ِة يِف ال َع مَ ِ‬ ‫َما َق ْب َل امل ِْثلِ َّي ِة ا ِ‬ ‫‪414‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(برتقيم مستقل) يف كتاب احلموي‪ ،‬غمز عيون]‪.‬‬


‫•الرميل‪ ،‬شهاب الدين امحد‪ .‬الفتاوى‪[ .‬مطبوع يف حواش الفتاوى ألبن حجر‬
‫اهليتمي]‪.‬‬
‫•شمس الدين الرميل‪ ،‬هناية املحتاج إىل رشح املنهاج‪.497 :2 ،‬‬
‫•السفاريني‪ ،‬حممد‪ .‬غذاء األلباب يف رشح منظمة اآلداب‪ .‬القاهرة‪-1324 ،‬‬
‫‪1325‬هـ‪.‬‬
‫•السفاريني‪ ،‬حممد‪ .‬نفثات صدر املكمد وقرة عني ا ُملسعد لرشح ثالثية مسند اإلمام‬
‫امحد‪ .‬دمشق‪ 1380 ،‬هـ‪.‬‬
‫•السفاريني‪ ،‬حممد‪ .‬قرع السياط يف قمع اللواط‪ .‬خمطوطة‪ ،‬جسرت بيتي‪.AR ،‬‬
‫‪.4907‬‬
‫•السلطي‪ ،‬ايب بكر حميي الدين‪ .‬صبابة ا ُملعاين وصبابة املعاين‪Staatsbibliothek .‬‬
‫‪[ .219 ،Wetzstein II ،Berlin‬ثمة نسخة حققتها فاطمة بن حممد السويدي‪،‬‬
‫(الرياض‪ :‬مركز امللك فيصل للبحوث والدراسات اإلسالمية‪1426 ،‬هـ‪/‬‬
‫‪])2005‬‬
‫•الشربامليس‪ ،‬عيل‪ .‬حاشية عىل هناية املحتاج‪[ .‬مطبوع يف شمس الدين الرميل‪،‬‬
‫هناية]‪.‬‬
‫•الشرباوي‪ ،‬عبد اهلل‪ .‬ديوان‪ .‬القاهرة‪ 1282 ،‬هـ‪.‬‬
‫•الشعراين‪ ،‬عبد الوهاب‪ .‬األنوار القدسية يف معرفة قواعد الصوفية‪ .‬حترير طه عبد‬
‫الباقي رسور و حممد الشافعي‪ .‬القاهرة‪ ،‬بال تاريخ‪.‬‬
‫•الشعراين‪ ،‬عبد الوهاب‪ .‬لطائف املنن واألخالق‪ .‬القاهرة‪ 1321 ،‬هـ‪.‬‬
‫•الشعراين‪ ،‬عبد الوهاب‪ .‬امليزان الكربى الشعرانية‪ .‬القاهرة‪ 1306 ،‬هـ‪.‬‬
‫•الشعراين‪ ،‬عبد الوهاب‪ .‬خمترص تذكرة السويدي يف الطب‪ .‬القاهرة‪ 1304 ،‬هـ‪.‬‬
‫•الرشقاوي‪ ،‬عبد اهلل‪ .‬حاشية عىل رشح التحرير لالنصاري‪ .‬القاهرة‪ ،‬بال تاريخ‪.‬‬
‫‪415‬‬ ‫املصادر واملراجع‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫•الشوكاين‪ ،‬حممد‪ .‬البدر الطالع بمحاسن من بعد القرن السابع‪ .‬القاهرة‪1348 ،‬هـ‪.‬‬
‫فني الرواية والدراية من علم التفسري‪.‬‬
‫•الشوكاين‪ ،‬حممد‪ .‬فتح القدير اجلامع بني َ‬
‫القاهرة‪ 1349 ،‬هـ‪.‬‬
‫•الشوكاين‪ ،‬حممد‪ .‬الفوائد املجموعة يف األحاديث املوضوعة‪ .‬مكة‪ 1415 ،‬هـ‪.‬‬
‫•شيخي زاده‪ ،‬داماد افندي‪ .‬جممع األهنر يف رشح ملتقى األبحر‪ .‬القاهرة‪1276 ،‬هـ‪.‬‬
‫•الشريازي‪ ،‬مال صدر الدين‪ .‬احلكمة املتعالية يف األسفار العقلية األربعة‪.‬‬
‫النجف‪ 1387،‬هـ‪.‬‬
‫•الرشبيني‪ ،‬يوسف‪ .‬هز القحوف يف رشح قصيدة أيب شادوف‪ .‬القاهرة‪ 1322 ،‬هـ‪.‬‬
‫•سبط املرصفي‪ ،‬حممد الغمري‪ .‬البهجة األنسية يف الفراسة اإلنسانية‪ .‬خمطوطة‪،‬‬
‫‪[ .8878‬ثمة نسخة حققها حممد يارس بن حممد مجيل‬ ‫املكتبة الربيطانية‪.Or ،‬‬
‫زكور‪( ،‬بريوت‪ :‬دار الكتب العلمية‪.])2018 ،‬‬
‫•السويدي‪ ،‬عبد اهلل‪ .‬النفحة املسكية يف الرحلة املكية‪ .‬خمطوطة‪ ،‬املكتبة الربيطانية‪،‬‬
‫قسم ‪.18518‬‬
‫•السويدي‪ ،‬عبد الرمحن ابن عبد اهلل‪[ .‬رسالة يف املحبة]‪ .‬خمطوطة‪ ،‬مكتبة جامعة‬
‫كامربدج‪.)8( 51 .Or ،‬‬
‫•السيوطي‪ ،‬جالل الدين عبد الرمحن‪ .‬احلاوي للفتاوي‪ .‬القاهرة‪ 1352 ،‬هـ‪.‬‬
‫•التغلبي‪ ،‬عبد القادر‪ .‬نيل املأرب برشح دليل الطالب‪ .‬حترير حممد سليامن االشقر‪.‬‬
‫الكويت‪.1983 ،‬‬
‫•الطهطاوي‪ ،‬امحد‪ .‬حاشية عىل الدر املختار‪ .‬القاهرة‪ 1254 ،‬هـ‪.‬‬
‫•الطهطاوي‪ ،‬رفاعة الرافعي‪ .‬ختليص االبريز يف تلخيص باريز‪ .‬يف حممد عامرة‬
‫(املحرر)‪ .‬االعامل الكاملة لرفاعة افع الطهطاوي‪ .‬املجلد الثاين‪ .‬بريوت ‪-1973‬‬
‫‪.1981‬‬
‫•الطالوي‪ ،‬درويش‪ .‬سانحات دمى القرص يف مطارحات بني العرص‪ .‬حترير حممد‬
‫اإل ْسال ِم ِّي‬ ‫ال ال َع َر ِب ِّي ِ‬ ‫جل ْن ِس َّي ِة يِف ال َع مَ ِ‬ ‫َما َق ْب َل امل ِْثلِ َّي ِة ا ِ‬ ‫‪416‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫مريس اخلويل‪ .‬بريوت‪.1983 ،‬‬


‫•التيفايش‪ ،‬امحد‪ .‬نزهة األلباب فيام ال يوجد يف كتاب‪ .‬حترير مجال مجعة‪ .‬لندن‪،‬‬
‫‪.1992‬‬
‫•العمري‪ ،‬حممد أمني‪ .‬منهل األولياء ومرشب األصفياء من سادات املوصل احلدباء‪.‬‬
‫حترير سعيد الديوه جي‪ .‬املوصل‪.1968-1967 ،‬‬
‫•العمري‪ ،‬عثامن‪ .‬الروض النرض يف ترمجة ادباء العرص‪ .‬حترير سليم النعيمي‪ .‬بغداد‬
‫‪.1975-1974‬‬
‫•العمري‪ ،‬ياسني خري اهلل‪ .‬غاية املرام يف تاريخ حماسن بغداد دار السالم‪ .‬بغداد‪،‬‬
‫‪.1968‬‬
‫•العريض‪ ،‬ابوالوفا‪ .‬معادن الذهب يف األعيان املرشفة هبم حلب‪ .‬حترير حممد‬
‫التونجي‪ .‬حلب‪.1986 ،‬‬
‫•العشاري‪ ،‬حسن‪ .‬ديوان‪ .‬حترير وليد األعظمي‪ .‬بغداد‪.1977 ،‬‬
‫•العطيفي‪ ،‬رمضان‪ .‬رحلة من دمشق الشام إىل طرابلس الشام‪ .‬حترير س وايلد‪.‬‬
‫بريوت وفيزبادن‪.1979 ،‬‬
‫•الزبيدي‪ ،‬حممد مرتىض‪ .‬احتاف السادة املتقني برشح إحياء علوم الدين‪ .‬القاهرة‪،‬‬
‫‪ 1311‬هـ‪.‬‬
‫•الزبيدي‪ ،‬حممد مرتىض‪ .‬تاج العروس برشح جواهر القاموس‪ .‬الكويت‪-1965 ،‬‬
‫‪.2001‬‬
‫•زيدان‪ ،‬جورجي‪ .‬تاريخ آداب اللغة العربية‪ .‬القاهرة‪.1931-1914 ،‬‬
‫•زركازاده‪ ،‬حممد‪ .‬حاشية عىل األشباه والنظائر‪ .‬خمطوطة‪ ،‬مكتبة جامعة برنستن‪،‬‬
‫هيودا ‪.5470‬‬
‫•الزرقاين‪ ،‬عبد الباقي‪ .‬رشح خمترص اخلليل‪ .‬القاهرة‪ 1307 ،‬هـ‪.‬‬
‫•الزرقاين‪ ،‬حممد ابن عبد الباقي‪ .‬خمترص املقاصد احلسنة يف بيان كثري من األحاديث‬
‫‪417‬‬ ‫املصادر واملراجع‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫املشتهرة عىل األسنة‪ .‬حترير حممد بن لطفي الصباغ‪ .‬الرياض‪.1995 ،‬‬


‫•الكازروين‪ ،‬ابو الفضل‪ .‬حاشية عىل تفسري البيضاوي‪ .‬القاهرة‪.1912 ،‬‬
‫•عبد النبي‪ ،‬حييى‪ .‬حمقق‪ .‬املختار من كتاب ثمرة األوراق‪ .‬القاهرة‪.1963 ،‬‬
‫•العدناين‪ ،‬اخلطيب‪ .‬الزنا والشذوذ يف التاريخ العريب‪ .‬لندن وبريوت‪.1999 ،‬‬
‫•امني‪ ،‬امحد‪ .‬ظهور اإلسالم‪ .‬القاهرة‪.1945 ،‬‬
‫•امني‪ ،‬بكري شيخ‪ .‬مطالعات يف الشعر اململوكي والعثامين‪ .‬بريوت والقاهرة‪،‬‬
‫‪.1972‬‬
‫•عانويت‪ ،‬عثامن‪ .‬احلركة االدبية يف بالد الشام خالل القرن الثامن عرش‪ .‬بريوت‪،‬‬
‫‪.1971‬‬
‫•العقاد‪ ،‬عباس حممود‪ .‬ابو نؤاس‪ .‬يف موسوعة اعامل عباس حممود العقاد‪ .‬املجلد‬
‫‪ .16‬القاهرة وبريوت‪.1994 ،‬‬
‫•بكار‪ ،‬يوسف حسني‪ .‬اجتاهات الغزل يف القرن الثاين اهلجري‪ .‬القاهرة‪.1971 ،‬‬
‫•باشا‪ ،‬عمر موسى‪ .‬تاريخ األدب العريب‪ :‬العرص العثامين‪ .‬دمشق‪.1989 ،‬‬
‫•النوهيي‪ ،‬حممد‪ .‬نفسية ايب نؤاس‪ .‬طبعة ‪ .2‬القاهرة‪.1970 ،‬‬
‫•منصور‪ ،‬امحد حممد‪ .‬دليل املطبوعات املرصية‪ .‬القاهرة‪.1975 ،‬‬
‫•نارص‪ ،‬عيده ابراهيم‪ .‬الكتب العربية التي ُنشرِ ت يف مرص يف القرن التاسع عرش‪.‬‬
‫القاهرة‪.1990 ،‬‬
‫عامي ‪-1900‬‬
‫َ‬ ‫•نارص‪ ،‬عيده ابراهيم‪ .‬الكتب العربية التي ُنشرِ ت يف مرص بني‬
‫‪ .1925‬القاهرة‪.1983 ،‬‬
‫عامي ‪-1926‬‬
‫َ‬ ‫•نارص‪ ،‬عيده ابراهيم‪ .‬الكتب العربية التي ُنشرِ ت يف مرص بني‬
‫‪ .1940‬القاهرة‪.1969 ،‬‬
‫•الطويل‪ ،‬توفيق‪ .‬التصوف يف مرص ابان العرص العثامين‪ .‬القاهرة‪.1946 ،‬‬
‫•التونجي‪ ،‬حممد‪ .‬هباء الدين العاميل‪ :‬اديبان‪ ،‬شاعران‪ ،‬عاملان‪ .‬دمشق‪.1985 ،‬‬
‫اإل ْسال ِم ِّي‬ ‫ال ال َع َر ِب ِّي ِ‬ ‫جل ْن ِس َّي ِة يِف ال َع مَ ِ‬ ‫َما َق ْب َل امل ِْثلِ َّي ِة ا ِ‬ ‫‪418‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫•الزيات‪ ،‬امحد حسن‪ .‬تاريخ األدب العريب‪ .‬الطبعة السادسة‪ .‬القاهرة‪.1935 ،‬‬
‫•صدقي‪ ،‬عبد الرمحن‪ .‬احلان احلان‪ .‬القاهرة‪.1947 ،‬‬
‫•ابو السعود‪ ،‬حممد بن حممد‪ .‬إرشاد العقل السليم إىل مزايا الكتاب الكريم (تفسري‬
‫أبو السعود)‪ .‬القاهرة‪.1952 ،‬‬
‫‪419‬‬ ‫املصادر واملراجع‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫اإل ْسال ِم ِّي‬ ‫ال ال َع َر ِب ِّي ِ‬ ‫جل ْن ِس َّي ِة يِف ال َع مَ ِ‬ ‫َما َق ْب َل امل ِْثلِ َّي ِة ا ِ‬ ‫‪420‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪421‬‬ ‫املصادر واملراجع‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫اإل ْسال ِم ِّي‬ ‫ال ال َع َر ِب ِّي ِ‬ ‫جل ْن ِس َّي ِة يِف ال َع مَ ِ‬ ‫َما َق ْب َل امل ِْثلِ َّي ِة ا ِ‬ ‫‪422‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪423‬‬ ‫املصادر واملراجع‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫اإل ْسال ِم ِّي‬ ‫ال ال َع َر ِب ِّي ِ‬ ‫جل ْن ِس َّي ِة يِف ال َع مَ ِ‬ ‫َما َق ْب َل امل ِْثلِ َّي ِة ا ِ‬ ‫‪424‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪425‬‬ ‫املصادر واملراجع‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫احملتويات‬
‫مقدمة املرتمجة ‪7.........................................................‬‬
‫شك ٌر وتقديرٌ‪29............................................................‬‬

‫املقد َم ُة ‪33................................................................‬‬ ‫َّ‬


‫البنائ َّي ُة واجلوهرانِ َّي ُة‪45 ..............................................:‬‬
‫ِ‬ ‫‪.‬‬
‫احلقل‪49...................................................... :‬‬ ‫ِ‬ ‫حال‬ ‫ٌ‬
‫راس ِة احلالِ َّي ِة‪65...........................................:‬‬
‫عرض بالدِّ َ‬ ‫ٌ‬

‫لواط ُّيو َن َ‬
‫واملرضى‬ ‫ال َف ْص ُل َّ‬
‫األو ُل‪ِّ :‬ال ِ‬
‫بوص ِف ِه تقاطب ًا‪65..............................................‬‬ ‫اجلنس ْ‬‫ُ‬
‫رب األجيالِ َّي ِة ‪59.......................................‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫املثل َّي ُة اجلنس َّي ُة ع ُ‬
‫للمثل َّي ِة ‪113.......................................‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫االجتامع ُّي‬ ‫الس ُ‬
‫ياق‬ ‫ِّ‬

‫َّعليم ‪115........................................................‬‬ ‫الت ُ‬


‫الصوفِ َّي ُة ‪120...............................................‬‬ ‫ِ‬
‫ال َّطرائ ُق ُّ‬
‫ِ‬
‫والعبود َّية ‪128.................................................‬‬ ‫الر ُّق‬
‫ِّ‬
‫مات ‪132........................................‬‬ ‫ِ‬
‫بيوت القهوة واحلماَّ ُ‬ ‫ُ‬
‫وذوات ِ‬
‫مثل َّي ٌة ‪138.............................................‬‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬
‫أفعال‬
‫جلما ِل ُّيون‬ ‫الفص ُل َّ‬
‫الثا ِني‪ :‬ا َ‬ ‫ْ‬
‫لطف ال َّثقافيِ ُّ ‪157.................................‬‬ ‫احلرك ُة اجلَاملِ َّي ُة وا ُّل ُ‬
‫حب الغلماَ ِن يف األعماَ ِل األدبِ َّي ِة ‪176.................................‬‬ ‫ُّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الفعل َّية؟ ‪220...‬‬ ‫األعامل األدبِ َّي ُة ْ‬
‫مصدر ًا للمواقف احليات َّية‬ ‫ُ‬ ‫هل تؤ ِّل ُ‬
‫ف‬
‫احلب ‪248...................................................‬‬ ‫مثال ِّ‬ ‫ُ‬
‫الصوفِ َّي ُة ‪274..............................................‬‬ ‫ا ِ‬
‫جلامل َّي ُة ُّ‬
‫َ‬
‫العدو ُّي اخللوتيِ ُّ (‪ 1586‬ـ ‪1660‬م) ‪282...................‬‬ ‫ِ‬ ‫وب‬
‫أ ُّي ُ‬
‫عبدُ الغنِ ِّي النَّابلسيِ ُّ (‪1640-1731‬م) ‪284.......................‬‬
‫وس ‪295.......................................‬‬ ‫العيدر ُ‬
‫ُ‬ ‫الر ِ‬
‫محن‬ ‫عبدُ َّ‬

‫الث‪ُّ :‬ال ِ‬
‫لواط ُّيو َن‬ ‫الفص ُل َّ‬
‫الث ُ‬ ‫ْ‬
‫َّظر‪309...........................................‬‬ ‫بشأن الن ِ‬ ‫ِ‬ ‫اخلالف‬ ‫ُ‬ ‫ ‬
‫اإلسالم َّي ِة ‪322.................................‬‬
‫ِ‬ ‫لواط يف الشرَّ ي َع ِة‬ ‫ا ِّل ُ‬
‫احلنف ُّي ‪323..............................................‬‬ ‫املذهب ِ‬
‫ُ‬
‫الشافع ُّي ‪325............................................‬‬ ‫ِ‬ ‫املذهب َّ‬
‫ُ‬
‫املذهب احلنبليِ ُّ ‪327...............................................‬‬ ‫ُ‬
‫املالك ُّي ‪328..............................................‬‬ ‫ِ‬ ‫املذهب‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫الشيع ُة اإلمام َّي ُة ‪329..............................................‬‬ ‫ِّ‬
‫اث الدِّ ينِ ِّي ‪341................................‬‬
‫أوالً‪ :‬التَّوس ُل بالترُّ ِ‬
‫ُّ‬ ‫َّ‬
‫ثانِي ًا‪ :‬التَّوسل ببشا َع ِة ا ِّل ِ‬
‫لواط ‪341..................................‬‬ ‫ُّ‬ ‫َ‬
‫ثالِ َث ًا‪ :‬الت ََّو ُّس ُل بالن ِ‬
‫َّتائج ‪343........................................‬‬
‫لواط يف اجلن َِّة ‪344................................................‬‬
‫ٌ‬
‫معنَى ا ِّل ِ‬
‫لواط ‪357.................................................‬‬
‫أخرى‪374..................................‬‬
‫مر ًة َ‬
‫ات َّ‬ ‫ا ُمل َث ُل وا ُمل َ‬
‫امر َس ُ‬
‫مَ َ‬
‫اخلاتة ‪385.............................................................‬‬
‫املصادر واملراجع‪403.......................................................‬‬
‫املصادر العربية‪403.................................................‬‬
‫املصادر اإلنكليزية ‪418.............................................‬‬
‫سلسلة‬
‫اجلنس واجلندر يف املجتمعات اإلسالمية‬
‫صدر من هذه السلسلة حتى اآلن (‪ )2019‬الكتب اآلتية ‪:‬‬

‫البغاء السري يف بغداد‬


‫عدد الصفحات‪544 :‬‬
‫اسم املؤلف‪ :‬د‪ .‬كريم حممد محزة‬
‫القياس‪22 ×14.5 :‬‬
‫‪ISBN:978-1-927946-60-2‬‬
‫دراسة ومراجعة‪ :‬سوزان حممد زنكنه‪.‬‬

‫اجلندر ومباني السلطة التفسريية يف اإلسالم‬


‫عدد الصفحات‪560 :‬‬
‫اسم املؤلف‪ :‬عائشة جسنجر‬
‫القياس‪22 ×14.5 :‬‬
‫‪ISBN:978-1-927946-52-7‬‬
‫ترمجة وتقديم‪ :‬شريين حداد‪.‬‬

‫األخالق اجلنسية واإلسالم‬


‫عدد الصفحات‪397 :‬‬
‫اسم املؤلف‪ :‬كيشيا عيل‬
‫القياس‪22 ×14.5 :‬‬
‫‪ISBN:978-1-927946-33-6‬‬
‫املرتجم‪ :‬د‪ .‬نبيل فياض‪.‬‬

You might also like