You are on page 1of 4

‫احملاضرة الثانية‪ :‬املوسوعات ودوائر املعارف‬

‫أوال‪ :‬املؤلفات املوسوعية يف اللغة العربية‪ :‬يرجع اشتقاق املصطلح يف اللسان العربي اىل"الوسع"الذي هوعكس الضيق‪،‬‬

‫فهي موسوعة أي مفعولة‪ ،‬وهي مسة تضفى على منهج التأليف طابع الشمولية واإلحاطة‪ ،‬أما املصطلح الغربي الشائع‬

‫فهو"أنسيكلوبيديا" ‪ ،"Encyclopedia‬فيعود اشتقاقه إىل مجلة إغريقية(‪ ،)Egkuklis paideia‬ومعناها(تعليم كامل) أو( الرتبية‬

‫الشاملة لكل املعارف)(‪. )1‬‬

‫فاملوسوعة هبذه احلال يعرفها ابن حويلي األخضر ميدني بقوله‪( :‬مؤلف مرجعي يقدم جمموعة معارف عامة‪ ،‬ويرتبها‬

‫بطريقة ألفبائية أو موضوعاتية‪ ،‬فتكون بذلك "موسوعة عامة"‪ ،‬أو خيتص مبعاجلة مجلة معارف خاصة مبيدان معريف معني‪،‬‬

‫كالفلسفة أو العلوم‪ ،‬أو الشعر‪ ...‬فيكون بذلك "موسوعة متخصصة"‪ ،‬وكلها هتدف ‘ىل التعريف بالتطورات العلمية والفكرية‬
‫(‪)2‬‬
‫يف شتى ميادين املعرفة اإلنسانية مع بيان نتائجها التقنية واالقتصادية‪)...‬‬

‫واملوسوعة اجناز معجمي قديم‪ ،‬عرف عند العرب على الرغم من أنّها مل ترق اىل العمل املوسوعي املمنهج‪ ،‬إالّ أنّ أصحاهبا‬

‫كانوا يهدفون إىل مراعاة الشمولية واالحاطة‪ ،‬جند ذلك واضحا يف أعمال أصحاب كتب الطبقات‪ ،‬والفنون األدبية‪ ،‬والعلمية‪،‬‬

‫والتارخيية‪ ،‬واجلغرافية‪ ،‬والفلسفية‪ ،‬والفكرية‪ ،‬ومن هؤالء املوسوعيني جند‪ :‬اجلاحظ‪ ،‬والقلقشندي‪ ،‬وابن خلدون‪...‬‬

‫وهبذا يعترب العمل املوسوعي أصيال يف الثقافة العربية كما هو يف الثقافة اإلنسانية ولعل املوسوعات اإلجنليزية واإليطالية‬

‫والفرنسية والعربية امليسرة شاهدة على ذلك وهي متداولة(‪.)3‬‬

‫(‪voir mot (Encyclopedie) in Dictionnaire ((petit larousse)) )1‬‬


‫(‪ )2‬ابن حويلي األخضر ميدني‪ ،‬المعجمية العربية‪ ،‬ص‪100‬‬
‫(‪ )3‬ينظر‪ ،‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪102‬‬
‫وكانت بداية املوسوعة املعاصرة يعود إىل عصر النهضة‪ ،‬وإن تأخرت املوسوعة العربية عن نظرياهتا‪ ،‬حيث ظهرت‬

‫املوسوعة الفرنسية بشكلها احلديث يف القرن الثامن عشر مع ظهور موسوعة ديدرو "‪ .)4("Diderot‬يف عام ‪1871‬م‪ ،‬طبعته جمموعة‬

‫الناشرين (بانكوك) الفرنسية‪.‬‬

‫أمّا املوسوعة العربية فلم ترق إىل مصاف املوسوعات األخرى على الرّغم من احملاوالت اليت قام هبا بعض االفراد‬

‫واملؤسسات يف القرن العشرين من أمثال البستاني (‪1819-1883‬م) يف "دائرة املعارف"‪ ،‬وأمحد فريد وجدي يف "دائرة معارف‬

‫القرن العشرين"‪ ،‬واليت ظهرت سنة ‪1938‬م يف ‪ 20‬جملدا‪ ،‬و"املوسوعة العربية امليسرة" يف جملد واحد‪ ،‬باشراف شفيق غربال‬

‫ظهرت يف حدود ‪1960‬م عن الدار القومية للطباعة والنشر مبصر(‪.)5‬‬

‫‪ .1‬دوائر املعارف‪ :‬دوائر املعارف هي نوع من أنواع املعاجم لكنها ختتلف عنها من حيث أنّها سجل للعلوم والفنون وغريمها من‬

‫مظاهر النشاط العقلي عند اإلنسان‪.‬‬

‫فإن كان املعجم يفسر مادة النحو مثال بإظهار معانيها واشتقاقاهتا؛ فإنّ دائرة املعارف‪ ،‬أو املوسوعة‪ ،‬تعرّف بعلم النحو ونشأته‬

‫وتطوره وأهم رجاالته ومصادره ومراجعه‪ .‬فهي إذا مرجع للتعريف باألعالم والشعوب والبلدان والوقائع احلربية(‪ ،)6‬وهناك دوائر‬

‫معارف متخصصة كدائرة املعارف اإلسالمية‪ ،‬ودائرة املعارف الطبية‪...‬اخل‪.‬‬

‫‪ .2‬أمثلة من دوائر املعارف عربية‪:‬‬

‫أ‪ .‬دائرة املعارف لبطرس البستاني‪ :‬فكر بطرس البستاني يف تأليف دائرة معارف يسد هبا النقص املوجود يف املكتبة العربية‬

‫ملثل هذه املوسوعات على غرار ماهو موجود عند األمم األخرى‪ ،‬لكن اخلوف من العبء املادي جعل هذا الكتاب يتاخر(‪.)7‬‬

‫(‪ )4‬ينظر‪ ،‬المعجمات العربية دراسة منهجية‪ ،‬ص ‪31‬‬


‫(‪ )5‬ينظر‪ ،‬ابن حويلي األخضر ميدني‪ ،‬المعجمية العربية في ضوء مناهج البحث‪ ،‬ص‪102‬‬
‫(‪ )6‬المعجم العربي تطور وتاريخ‪ ،‬الدكتور البدراوي زهران‪ ،‬ص‪26‬‬
‫(‪ )7‬عيسى برهومة‪ ،‬ذاكرة المعنى‪ ،‬ط‪ ،1‬المؤسسة العربية للدراسات والنشر‪ ،‬بيروت لبنان‪ ،2005 ،‬ص‪269‬‬
‫‪ .3‬مادة املوسوعة(‪ - :)8‬النقل عن األمم األخرى‪ ،‬فقد نقل املؤلف أحسن ماعند األمم األخرى مع إضافة أرآء أخرى مل تكن‬

‫موجودة عند االخرين‪.‬‬

‫‪ -‬جتنب ماهو قبيح أو خمل باحلياء فيتم هتذيبه أو حذفه‪.‬‬

‫‪ -‬االبتعاد عن احلزبيات فكان كتابا عاما لكل املذاهب‪.‬‬

‫‪ -‬ذكر فيه أطيب أشعار العرب‪ ،‬وترمجة لبعض أشعار اليونان والسريان واألفرنج‪ ،‬وغري ذلك من احلكم واألمثال‪.‬‬

‫‪ -‬تضمن علوما إهلية وفلسفية وسياسية وفقهية‪ ،‬وحقوقية‪ ،‬وجنائية‪ ،‬وغريها وعلوم تارخيية‪ ،‬وجغرافيا‪ ،‬وعلم التاريخ القديم‪،‬‬

‫والكنائسي‪ ،‬واحلديث‪ ...‬وغريها‪.‬‬

‫‪ .2.2‬املنهج املتبع يف دائرة املعارف(‪:)9‬‬

‫‪ -‬تطلب الكلمة يف احلرف األول سواء كان من أصول الكلمة أم مزيدا فيها‪ - .‬إن كانت كلمة مركّبة من كلمتني أعتربت كلمة‬

‫واحدة من حيث الرتتيب‪ - .‬احلرف املشدّد يعترب حرفني‪.‬‬

‫‪ -‬اهلمزة حتسب واوا إن كتبت بصورة واو أو ياء والف إن كتبت بصورة األلف‪ ،‬واأللف بصورة ياء تعترب ياء والتاء املربوطة هاء‪.‬‬

‫‪ -‬األمساء املالزمة للقب يعد اللقب معها كلمة واحدة‪ :‬أمحد باشا‪ ،‬إبراهيم بك‪ -.‬اإلمسان املتضايفان أطلبهما يف احلرف‬

‫املضاف اليه حنو‪ :‬هنر إبراهيم جندها يف إبراهيم‪ - .‬يف ترمجات األعالم املتأخرين يذكر أسم العائلة عنوانا ثمّ يتبع أمساء األفراد‪.‬‬

‫‪ -‬ضبط املواد دفعا للبس‪.‬‬

‫‪ -‬ايراد االصطالحات اليت تربط اللفظ العربي بغريه من اللغات‪ - .‬جتنب االختصار(‪.)10‬‬

‫(‪ )8‬ينظر المصدر نفسه‪ ،‬ص‪269‬‬


‫(‪ )9‬عيسى برهومة‪ ،‬ذاكرة المعنى‪ ،‬ص‪270‬‬
‫(‪ )10‬عيسى برهومة‪ ،‬ذاكرة المعنى‪ ،‬ص‪270‬‬

You might also like