You are on page 1of 15

‫املعاجم قبل كتاب العني‬

‫تعترب املعاجم والقواميس اللغوية والعلمية من لوازم عمل املرتجم واألديب الضرورية والدارس‬

‫الذي يغور يف حبر االدب واللغة‪ .‬ففيها جيد معاني ومفاهيم املفردات‪ ،‬وفيها يعثر على ما‬

‫يعادل املصطلحات‪ .‬ولقد اهتم العرب منذ القدم بتأليف املعاجم والقواميس بالعربية ‪ ،‬فالفوا‬

‫معاجم عربية‪.‬‬

‫املعجم اسم مشتق من فعل ( أعجَمَ )‪ ،‬أي أزال العُجمة‪ .‬وا ُمل ْعجَم كتاب يشتمل على عدد‬

‫كبري من مفردات اللغة‪ ،‬مرتبة ترتيبا معينا‪ ،‬مقرونة بطريقة نطقها وشرحها وتفسري معانيها‪.‬‬

‫كان اهلاجس االول لالهتمام باملفردات العربية ومجعها وتصنيفها‪ ،‬هو معرفة مفردات القرآن‬

‫الكريم‪ ،‬وقد اهتم العرب منذ النصف االول من القرن الثاني اهلجري بتدوين غريب القرآن‪،‬‬

‫فصنَّف ابو سعيد أبان بن تغلب (املتويف عام ‪141‬هـ) اول كتاب ذكره املؤرخون يف هذا‬

‫املوضوع‪( ،‬نصار بال تاريخ) (القيسي‪1401 ،‬هـ ‪1981 -‬م)‬

‫وهكذا بدأت حركة التأليف املعجمية واتسعت‪ ،‬وظهرت معاجم خاصة بالنباتات‬

‫واحليوانات‪ ،‬واخرى ختص البلدان واالماكن واالعالم‪.‬‬

‫ترجع أهمية املعاجم إىل أنها حتمل العديد من ألفاظ اللغة ومعانيها‪ ،‬وهذا ما ال ميكن أن حييط‬

‫به أي شخص مهما كان واسع االطالع‪ ،‬كما ان مفردات اللغة ختتلف بني أبنائها حبسب‬

‫ثقافتهم‪ ،‬فهناك الكلمات اليت تستخدم بشكل عامي ويومي‪ ،‬وهناك الكلمات األدبية‬

‫والكلمات املتخصصة‪ ،‬كما أن االحتكاك والتداخل مع اللغات األخرى حتت أي ظرف‪ ،‬يولد‬
‫مفردات جديدة مل تكن يف أصل اللغة‪ ،‬وميكن اجلزم بأنه ال توجد لغة حية يف عصرنا احلاضر‬

‫إال وقد استعارت مفردات من لغات أخرى‪.‬‬

‫فكان البد من وجود املعاجم ألجل ترتيب وتصنيف مفردات اللغة وتبيني معانيها يف أسلوب‬

‫سهل وميسر على أبناء اللغة نفسها‪ ،‬وعلى من حيب ان يستفيد منها من أصحاب اللغات‬

‫االخرى‪.‬‬

‫ختتلف طرق االستفادة من املعاجم اللغوية تبعاً الختالف ترتيب مفرداتها‪ ،‬فبعضها قد رتّب‬

‫حسب احلرف األخري من الكلمة‪ ،‬وبعضها اآلخر وفقاً للحرف االول‪ ،‬ومعاجم رتّبت‬

‫مفرداتها حسب جذورها االصلية‪.‬‬

‫رتبت معظم املعاجم العربية على اساس من اصول املفردات ثالثية كانت أو رباعية‪ .‬فتم‬

‫ترتيبها يف املعاجم تارة وفق احلرف االخري من الكلمة‪ ،‬وتارة وفق احلرف األول للكلمة‪.‬‬

‫ويلزم املرتجم الذي يروم االستفادة من هذه املعاجم أن يعرف خالصة عن علم الصرف‬

‫واالشتقاق ليميّز أصول الكلمات ومشتقاتها‪،‬‬

‫مل يعرف الباحثون متى أطلق على وجه التحديد اسم املعاجم ‪ ،‬و جند يف صحيح البخاري‬

‫﴿ابو عبد اهلل حممد ابن امسعيل ‪256-194‬هـ﴾باباأطلق عليه‪ :‬باب تسمية من مسى من أهل‬

‫بدر يف اجلامع الذي وضعه أبو عبد اهلل على حروف املعجم‪ ( ،‬صحيح البخاري بشرح‬

‫الكرماني – كتاب املغازي ‪ ،198/15:‬ط املطبعة البهية املصرية)‬


‫و(اجلامع) أحد كتيب البخاري الذي رتب فيه امساء الرجال على حروف املعجم مبتدئا‬

‫باحملمدين(هدية العارفني امساء املؤلفني إلمساعيل باشا البغدادي‪( )16/2:‬اهلابط‪1413 ،‬هـ‪-‬‬

‫‪1992‬م)‬

‫أما ابتداء املعاجم العربية‪:‬‬

‫‪ -1‬املعاجم العربية‬

‫وكانت بدايات التأليف اللغوي بسيطة كأي بداية‪ ،‬ومل تكن منظَّمة وذات منهج كاملراحل‬

‫الالحقة‪ ،‬فظهرت رسائل لغوية صغرية تُعنى جبمع األلفاظ وشرحها دون أيِّ تبويب‪ ،‬مثل كتاب‬

‫"النوادر يف اللغة" ألبي زيد األنصاري (‪215-119‬هـ)‪ ،‬وظهرت كتبٌ أخرى أكثر حتديدًا‬

‫معينٌ يف الرتتيب أو املوضوع‪ ،‬مثل كتاب "املطر"‪،‬‬


‫يف موضوعها‪ ،‬فجمعت ألفاظًا يضمُّها نسقٌ َّ‬

‫وكتاب "اللِّبأ واللنب"‪ ،‬وكتاب "اهلمز" ألبي زيد األنصاري‪ ،‬وكتاب "اخليل"‪ ،‬و"الشاء"‬

‫لألصمعي (ت ‪216‬هـ)‪ ،‬كما ظهرت بداية التفكري يف التأليف املعجمي الشامل عند اخلليل بن‬

‫أمحد الفراهيدي (ت ‪175‬هـ) يف معجمه "العني"‪ ،‬ثم تتاىل التأليف املعجمي حتى العصر‬

‫احلاضر‪( .‬سكني‪1402 ،‬هـ‪ 1982 -‬م)‬

‫وجتدر اإلشارة إىل أنَّ املؤلفني العرب قدميًا وحديثًا مل يلتزموا طريقة واحدة يف تأليف معامجهم‬

‫وترتيب األلفاظ فيها‪ ،‬بل تفرقوا على مناهج خمتلفة‪ ،‬على أنَّه من احلقِّ القول‪ :‬إنَّ اختالفهم‬

‫هذا كان بسبب اجتهادهم يف سبيل حفظ اللغة وحصر مفرداتها كاملة من دون نقص أو‬

‫تكرار‪ .‬وأبرز هذه املناهج‪:‬‬


‫أ‪ -‬ترتيب األلفاظ حسب خمارج احلروف‪:‬‬

‫يتم يف هذه الطريقة ترتيب األلفاظ حبسب ترتيب خمارج حروفها من الفم‪ ،‬ويُبحث بعد ذلك‬

‫يف تقاليب هذه الكلمة‪ ،‬فكلمة (بدع) تُستخرَج يف باب العني يف (عبد)؛ ألنَّها أسبق أحرف‬

‫هذه الكلمة من حيث خمارج احلروف‪ ،‬وتُقسَّم األلفاظ يف كلِّ بابٍ إىل فئاتٍ حسب بنيتها‬

‫وعدد حروفها‪ ،‬فهناك قسم للثالثي الصحيح‪ ،‬وآخر للمعتل‪ ،‬وللرباعي‪ ،‬واخلماسي‪،‬‬

‫واملضاعف‪ .‬وترتيب احلروف يف هذه احلالة صوتيًّا خمتلف عن ترتيبها هجائيًّا؛ فرتتيبها‬

‫حبسب خمارجها يكون على النحو اآلتي‪( :‬ع‪ ،‬ح‪ ،‬هـ‪ ،‬خ‪ ،‬غ‪ ،‬ق‪ ،‬ك‪ ،‬ج‪ ،‬ش‪ ،‬ض‪ ،‬ص‪ ،‬س‪،‬‬

‫ز‪ ،‬ط‪ ،‬د‪ ،‬ت‪ ،‬ظ‪ ،‬ذ‪ ،‬ث‪ ،‬ر‪ ،‬ل‪ ،‬ن‪ ،‬ف‪ ،‬ب‪ ،‬م‪ ،‬و‪ ،‬أ‪ ،‬ي)‪ .‬وأول من ألَّف وفق هذه‬

‫الطريقة اخلليل بن أمحد الفراهيدي يف معجمه "العني" وقد أمساه هذا االسم نسبةً إىل أسبق‬

‫احلروف العربية خمرجًا وهو حرف (العني)‪ ،‬وتبعه على هذا النهج أو ما يُشابهه عددٌ من‬

‫العلماء‪ ،‬وأبرز هؤالء‪ :‬حممد بن أمحد األزهري (ت ‪370‬هـ) يف معجمه "تهذيب اللغة"‪ ،‬وابن‬

‫سيده علي ابن إمساعيل (ت ‪458‬هـ) يف معجمه "احملكم"‪.‬‬

‫ب‪ -‬الرتتيب حسب أواخر األلفاظ‪:‬‬

‫ويتم ترتيب الكلمات هجائيًّا بالنظر إىل احلرف األخري من الكلمة ثم احلرف األول منها‪،‬‬

‫ويكون احلرف األخري يف باب‪ ،‬واألول يف فصل؛ فكلمة (بدع) تُستخرج يف باب العني فصل‬

‫الباء‪ .‬وأوَّل من ألَّف على هذا النمط أبو بشر اليمان بن أبي اليمان البَنْدنيجي (ت ‪284‬هـ)‬

‫يف معجمه "التقفية يف اللغة"‪ ،‬وهو أول معجم عربي يتم فيه ترتيب األلفاظ بالنظر إىل احلرف‬
‫األخري من األصل (قافية اللفظ)‪ ،‬وهو بذلك أسبق من اجلوهري صاحب "الصحاح" بأكثر‬

‫من قرن‪ ،‬ثم تبعه على هذا املنهج عددٌ من العلماء‪ ،‬منهم اجلوهري إمساعيل بن محاد (ت‬

‫‪393‬هـ) يف معجمه " تاج اللغة وصحاح العربية"‪ ،‬وابن منظور يف معجم "لسان العرب"‪ ،‬وهو‬

‫من أشهر املعاجم العربية‪ ،‬والفريوز أبادي يف معجم "القاموس احمليط"‪ ،‬والزبيدي يف "تاج‬

‫العروس" وهو شرح للقاموس احمليط‪.‬‬

‫ج‪ -‬ترتيب األلفاظ حسب أوائلها‪:‬‬

‫يُنظر إىل الكلمة حسب احلرف األول فالثاني فالثالث ‪ ،..‬وأوَّل من سلك هذا املنهج ابن‬

‫دريد حممد بن احلسن (ت ‪321‬هـ) يف معجم "مجهرة اللغة"‪ ،‬وقد أضاف إىل هذا الرتتيب‬

‫النظر يف كلِّ بابٍ إىل تقاليب األصل الواحد كما فعل الفراهيدي؛ ففي كلِّ حرفٍ بابٌ للثنائي‬

‫الصحيح‪ ،‬وبابٌ للثنائي امللحق بالرباعي‪ ،‬وآخر للثالثي الصحيح‪ ،‬وللثالثي املعتل‪ ،‬وللرباعي‪.‬‬

‫ثم ألَّف الزخمشري حممود بن عمر (ت ‪538‬هـ) معجم "أساس البالغة" على هذه الطريقة‪،‬‬

‫وقد تفرَّد من بني املعاجم العربية باحلديث عن املعاني اجملازية وبعض األساليب‪ ،‬ولذلك قد‬

‫ال يوجد ذكرٌ لكلماتٍ فيه ألنَّها مل تُستخدم استخدامًا جمازيًّا‪ ،‬وممَّا هو قريبٌ من هذه الطريقة‬

‫معجما "مقاييس اللغة" و"اجململ" ألمحد بن فارس (ت ‪395‬هـ)‪ ،‬ومتيَّز هذان املعجمان من‬

‫مادةٍ يف باب احلرف‬


‫"مجهرة اللغة" بأنَّ ابن فارس "مل يراعِ تقلُّبات األصل الواحد؛ بل ذكر كلَّ َّ‬

‫األوَّل منها‪ ...‬ومل يُقسِّم كال معجميه إىل أبوابٍ كثرية تبعًا لعدد احلروف اليت تتألف منها‬
‫األصول العربية‪ ...‬ولكنَّه قسَّم كلًّا منها إىل كتب بعدد حروف املعجم‪ ،‬ثم قسَّم كل كتاب‬

‫بدوره إىل أبواب ثالثة‪ :‬الثنائي املضاعف‪ ،‬الثالثي‪ ،‬ما فوق الثالثي"‪.‬‬

‫وقد حفلت املكتبة العربية قدميًا بعددٍ كبريٍ من املعاجم اليت رُتِّبت وفق أحد املناهج‬

‫السابقة‪ ،‬مع احتفاظها خبصوصيَّات وغايات أخرى‪ ،‬ومن أشهر هذه املعاجم‪:‬‬

‫‪" -‬اجليم"‪ :‬ألبي عمرو إسحاق بن مِرار الشيباني (ت حنو ‪216‬هـ)‪ ،‬وهو منط متميز جيمع بني‬

‫شرح غريب اللغة‪ ،‬ورواية أشعار القبائل‪.‬‬

‫‪" -‬احمليط يف اللغة"‪ :‬إلمساعيل بن عباد (ت ‪385‬هـ)‪.‬‬

‫‪" -‬مشس العلوم ودواء كالم العرب من الكلوم"‪ :‬لنشوان بن سعيد احلمريي (ت ‪ 573‬هـ)‪.‬‬

‫‪" -‬املـُغرِب"‪ :‬لناصر الدين املطرِّزي (ت ‪610‬هـ)‪.‬‬

‫واهتمَّ اللغويُّون العرب املعاصرون منذ القرن التاسع عشر امليالدي بالتأليف املعجمي‪،‬‬

‫فصدرت جمموعة من املعاجم‪ ،‬منها‪:‬‬

‫‪" -‬حميط احمليط"‪ :‬لبطرس البستاني (ت ‪1883‬م)‪ ،‬مجع فيه ما جاء يف القاموس احمليط‪،‬‬

‫وحذف ما رأى أنه ميكن االستغناء عنه‪ ،‬وأضاف إليه ألفاظًا جديدة؛ ومصطلحات علمية‬

‫مل ترد يف القاموس‪ ،‬ورتَّبه على أوائل األلفاظ‪.‬‬

‫‪" -‬أقرب املوارد يف فصح العربية والشوارد"‪ :‬لسعيد الشرتوني (ت ‪1912‬م)‪ ،‬معجم كبري‬

‫أفاد من املعاجم القدمية وأضاف ما رآه ضروريًّا‪ ،‬وقسَّمه إىل قسمني‪ :‬األول للمفردات‪،‬‬

‫والثاني للمصطلحات العلمية واأللفاظ املولدة واألعالم‪ ،‬ثم صنع له ملحقًا حوى إضافات‬

‫جديدة‪.‬‬
‫‪" -‬املنجد"‪ :‬لألب لويس معلوف (ت ‪1947‬م)‪ ،‬وهو معجم حاول أن يذكر األلفاظ األكثر‬

‫استخدامًا‪ ،‬مع إضافةٍ أللفاظ ومصطلحات جديدة وتراجم لألعالم‪ ،‬ووضَّح بعض املعاني من‬

‫خالل إيراد صورٍ هلا‪ ،‬إال أنَّه يُؤخَذ عليه أنَّه مل يكن موضوعيًّا يف بعض األحيان‪.‬‬

‫‪" -‬املعجم الوسيط"‪ :‬أصدره جممع اللغة العربية يف القاهرة‪ ،‬وكان اهلدف منه "أن يرجع إليه‬

‫القارئ املثقَّف ليُسعفه مبا يسدُّ احلاجة إىل حترير الداللة للفظٍ شائع أو مصطل ٍح متعارفٍ‬

‫عليه‪ ،‬وأن يرجع إليه الباحث والدارس إلسعافهما مبا متس احلاجة إليه من فهم نصٍّ قديمٍ من‬

‫املنثور أو املنظوم"‪ .‬ولذلك فإنَّ هذا املعجم سلك منهجًا خاصًّا يف التأليف‪ ،‬فأهمل األلفاظ‬

‫املهجورة‪ ،‬وبعض املرتادفات‪ ،‬وعين بإثبات احليِّ والسهل واملأنوس من الكلمات والصيغ‪ ،‬مع‬

‫بعض األلفاظ املولَّدة واحملدَّثة واملعرَّبة والدخيلة اليت أقرَّها جممع القاهرة‪ ،‬ويتَّضح من امسه أنَّه‬

‫غري شامل‪ ،‬وهذا ما أكَّده جممع اللغة العربية يف القاهرة عندما بدأ بإصدار "املعجم‬

‫الكبري"‪.‬‬

‫‪" -‬املعجم الكبري"‪ :‬وهو معجم أمشل من املعجم الوسيط‪ ،‬صدرت بعض أجزائه عن جممع‬

‫اللغة العربية يف القاهرة‪.‬‬

‫‪" -‬منت اللغة"‪ :‬للشيخ أمحد رضا‪ ،‬وقد أراد له أن يكون معجمًا يستند إىل الرتاث‪ ،‬ويُواكب‬

‫احلاضر‪ ،‬فتجنَّب سرد أقوال القدماء يف االستدالل على املعاني‪ ،‬وأشار إىل االستخدامات‬

‫اجملازية‪ ،‬وأدخل الكلمات اليت أقرَّها جممعا اللغة العربية يف دمشق والقاهرة‪ ،‬والكلمات‬

‫العامِّيَّة اليت يُمكن ردُّها إىل الفصيح‪ ،‬وحرص على ألَّا يُغفل كلمةً وردت يف "لسان العرب"‪.‬‬
‫‪ -‬وهناك معاجم أخرى لكلٍّ منها هدفٌ من حيث املضمون‪ ،‬أو من حيث مستوى القارئ‬

‫له‪ ،‬ومن هذه املعاجم‪" :‬مُعجمي احلَيُّ"‪ :‬لسهيل مساحة‪ ،‬و"املعجم العربي األساسي"‪ :‬صدر‬

‫عن املنظمة العربية للرتبية والثقافة والعلوم‪ ،‬و"املعجم املدرسي" حملمد خري أبو حرب‪،‬‬

‫وغريها‪( .‬املوسوعة العربية‪2007 ،‬م)‬

‫‪ -2‬معاجم املعاني‬

‫وهو منطٌ من التأليف املعجمي يكاد يكون من مميِّزات التأليف املعجمي للعرب‪ ،‬وتكاد تتفرَّد‬

‫أهميةً عن معاجم األلفاظ‪ ،‬وال يتعارض معها وال يُغين عنها؛‬


‫به املكتبة العربية‪ ،‬وهو ال يقل َّ‬

‫فلكلٍّ وجهةٌ وغاية‪ .‬ويُميِّز هذا النوع من املعاجم أنَّه ال يشرح األلفاظ للباحث؛ بل يُقدِّم‬

‫األلفاظ الدقيقة ملن غابت عنه‪ ،‬فالبحث فيه يكون إلجياد "لفظٍ ملعنى من املعاني يدور‬

‫خبلدنا وال ندري كيف نُعبِّر عنه تعبريًا دقيقًا‪ ،‬وهي فائدةٌ جليلةٌ يُقدِّرها حقَّ قدرها كلُّ من‬

‫مارس الكتابة أو الشعر أو اخلطابة أو الرتمجة أو البحث العلمي"‪ .‬ومل يكن التأليف يف هذا‬

‫النوع من املعاجم كثريًا كما يف معاجم األلفاظ‪ ،‬إلَّا أنَّه يوجد عددٌ مقبولٌ منه قدميًا وحديثًا‪.‬‬

‫أ‪ -‬عند القدماء‪:‬‬

‫اشتهر عند القدماء عدد من معاجم املعاني على اختالف مشوهلا واتساعها‪ ،‬أو حتديدها‬

‫وضيق مقاصدها‪ ،‬وأهم هذه املعاجم‪:‬‬

‫‪" -‬كتاب األلفاظ"‪ :‬ليعقوب بن السِّكِّيت (ت ‪ 244‬هـ)‪.‬‬

‫‪" -‬األلفاظ الكتابية"‪ :‬لعبد الرمحن ابن عيسى اهلمذاني (ت ‪ 325‬هـ)‪.‬‬


‫‪" -‬فقه اللغة"‪ :‬لعبد امللك بن حممد الثعاليب (ت ‪ 430‬هـ)‪.‬‬

‫‪" -‬املخصص"‪ :‬البن سِيدَه األندلسي (ت ‪ 458‬هـ)‪.‬‬

‫ويَنْظم هذه املعاجم أنَّها موزَّعة على أبواب وفصول وأقسام على املعارف العامَّة وجزئيَّاتها‪،‬‬

‫ب‪ -‬عند املعاصرين‪:‬‬

‫مل تتوقَّف جهود علماء العربية يف معاجم املعاني عند القدماء؛ بل التفت املعاصرون إىل هذا‬

‫النوع من املعاجم وعملوا على التأليف فيه وتطويره‪ ،‬ويكفي اإلشارة يف هذا البحث إىل‬

‫معجمني‪:‬‬

‫‪" -1‬خمتصر آللئ العرب"‪ :‬لسامل خليل رزق (ت ‪1943‬م)‪ ،‬وهو معجمٌ كبري َعمَد فيه املؤلِّف‬

‫إىل ترتيب املعاني على ألفاظٍ حمدَّدةٍ يندرج حتتها كلُّ ما له عالقةٌ بهذا املعنى‪ ،‬ثم رتَّب هذه‬

‫األلفاظ على حروف اهلجاء بالنظر إىل أوائلها‪ ،‬وممَّا جاء يف مقدِّمة التحقيق‪" :‬وقد بنى‬

‫املؤلِّف معجمه خمتصر آللئ العرب على نهجٍ خيتلف عمَّا هو معروف من معاجم املعاني اليت‬

‫وضعها القدماء‪ ،‬فقد مجع فيه (‪ )1093‬مادة ما بني اس ٍم ومصدر‪ ،‬ورتَّبها على حروف‬

‫اهلجاء‪ ،‬وجعل املادَّة عنوانًا‪ ،‬أدرج حتته معاني االسم أو املصدر‪ ،‬ثم ينتقل بعد ذكر املعاني‬

‫املختلفة باختالف وجوه استعماالت هذه املادة إىل ذكر مواد أخرى تتَّصل بهذه املعاني ال‬

‫على سبيل الرتادف‪ ،‬بل على سبيل اإلحاطة بالوجوه املختلفة للمعنى‪ ،‬ثم ما يتشقَّق منه أو‬

‫مادةٍ وافرةٍ من ألفاظ املعاني‪ ،‬ويسلك‬


‫ما يتَّصل به أو ما يلزمه"‪ .‬وهذا املعجم يشتمل على َّ‬
‫متميزًا يف ترتيبها لتيسري العودة إليه؛ فمثلًا‪ :‬كلُّ ما يتعلَّق باإلبل يُستخرج يف مادة (إبل)‪،‬‬
‫منهجًا ِّ‬

‫وكلُّ ما يتعلَّق باألجر وما إليه يُستخرج يف (أجر)‪.‬‬

‫‪" -2‬جنعة الرائد وشِرعة الوارد يف املرتادف واملتوارد"‪ :‬إلبراهيم اليازجي‪ :‬قسَّمه إىل أبواب‬

‫عامَّة تنضوي على فصولٍ حمدَّدة تشتمل على األلفاظ اليت تُعبِّر عن هذا املعنى بدقَّةٍ‬

‫ومرادفاتها‪ ،‬وهو ينهج منهجًا جديدًا بعض اجلدة ‪-‬على قربه من مناهج القدماء‪ -‬ألنَّه‬

‫يُضيف أساليب جديدة‪ ،‬وينحو حنو الدِّقَّة والتيسري يف ترتيب املوادِّ؛ فقد بدأ بالباب األول‬

‫"يف اخللق وذكر أحوال الفطرة وما يتَّصل بها"‪ ،‬وتضمَّن هذا الباب عدَّة أقسام‪ ،‬منها "يف‬

‫اخللق" و"يف قوة البنية وضعفها" و"يف حسن املنظر وقبحه" و"يف السمن واهلزال"‪ ،‬وممَّا جاء‬

‫يف هذا الفصل‪" :‬يُقال‪ :‬رجلٌ مسني‪ ،‬تار‪ ،‬عبل‪ ،‬حليم‪ ،‬شحيم‪ ،‬ربيل‪ ،‬جسيم‪ ،‬حادر‪ ،‬خدل‪،‬‬

‫بدين‪ ،‬وبادن‪ ،‬ومبدان‪ ،‬متداخل اخللق‪ ،‬مرتاكب اللحم‪ ،‬مكتنز العضل‪ ،‬غليظ الربالت‪ ،‬ضخم‬

‫اجلثة‪ ،‬ممتلئ البدن‪ ،‬مسني الضواحي"‪( .‬الرمحن‪1403 ،‬هـ‪1982 -‬م)‬

‫جهود معجمية أخرى‬

‫مل تقتصر اجلهود على ما تقدَّم من تأليفٍ معجمي؛ بل هناك معاجمٌ أخرى كان هلا جانبٌ من‬

‫الفائدة‪ ،‬وغاياتٌ أخرى حمدَّدة؛ ففي باب معاجم األلفاظ هناك‪" :‬النهاية يف غريب‬

‫احلديث" البن األثري املبارك بن حممد (ت ‪606‬هـ)‪ ،‬وهو معجم يُفسِّر األلفاظ الغريبة اليت‬

‫وردت يف األحاديث الشريفة‪ .‬و"معجم مفردات ألفاظ القرآن"‪ :‬للراغب األصفهاني (ت‬

‫‪503‬هـ)‪ ،‬ويتَّضح من امسه أنَّه يُفسِّر ألفاظ القرآن الكريم‪ ،‬و"الزاهر يف غريب ألفاظ الشافعي"‪:‬‬

‫لألزهري صاحب (تهذيب اللغة) وهو معجم لغوي لتفسري ما ورد من ألفاظ غريبة يف كتب‬
‫الفقه الشافعي‪ .‬ويف معاجم املعاني هناك "جواهر األلفاظ"‪ :‬لقدامة بن جعفر (بعد ‪297‬هـ)‪،‬‬

‫و"كفاية املتحفظ يف اللغة"‪ :‬البن األجدابي (من علماء القرن اخلامس اهلجري)‪ ،‬و"نظام‬

‫الغريب يف اللغة"‪ :‬لعيسى بن إبراهيم الربعي (ت ‪480‬هـ)‪.‬‬

‫‪ -3‬معاجم املصطلحات‬

‫وهي معاجم ال تهتمُّ بشرح غريب األلفاظ أو البحث عن لفظٍ ملعنى؛ إنَّما تعمد إىل توضيح‬

‫خاصةٌ به‪ ،‬وقد تنبَّه‬


‫الكلمات اليت خرجت عن معانيها احلقيقية لتُصبح مصطلحًا له داللةٌ َّ‬

‫القدماء واحملدَثون إىل أهميَّة هذا النمط من املعاجم‪ ،‬ومدى احتياج الباحثني وطلَّاب العلم‬

‫إىل مثل هذه املعاجم‪ ،‬فألَّفوا عددًا كبريًا من هذه املعاجم‪ ،‬ومن أبرزها‪:‬‬

‫‪" -‬كتاب التعريفات"‪ :‬للجرجاني علي بن حممد (ت ‪816‬هـ)‪ ،‬وجاء يف مقدِّمته‪" :‬هذه‬

‫تعريفات مجعتها‪ ،‬واصطالحات أخذتها من كتب القوم‪ ،‬ورتَّبتها على حروف اهلجاء من‬

‫األلف والباء إىل الياء؛ تسهيلًا تناوهلا للطالبني‪ ،‬وتيسريًا تعاطيها للراغبني"‪ .‬وممَّا جاء فيه‪:‬‬

‫"الزهد‪ :‬يف اللغة ترك املَيل إىل الشيء‪ .‬ويف اصطالح أهل احلقيقة‪ :‬هو بغض الدنيا واإلعراض‬

‫عنها‪ ،‬وقيل‪ :‬هو ترك راحة الدنيا طلبًا لراحة اآلخرة‪ ،‬وقيل‪ :‬هو أن خيلو قلبك مما خلت منه‬

‫يدك"‪.‬‬

‫‪" -‬الكلِّيَّات"‪ :‬ألبي البقاء أيوب بن موسى الكفوي (ت ‪1094‬هـ)‪ ،‬وهو معجم مصطلحات‪،‬‬

‫"أفاد منه كلُّ من عين من املتأخرين بدراسة الفلسفة بعامَّة‪ ،‬والفلسفة اإلسالمية بشكلٍ‬

‫خاص‪ ،‬ومبعرفة مصطلحات أصحاب كلٍّ من الفلسفتني‪ ...‬ثم هو آلةٌ طيِّعةٌ للعاملني يف‬
‫ميادين العلوم النحوية والصرفية والبالغية والعروضية‪ ،‬ويف العلوم الفلكية‪ ،‬واحلكمة الطبيعية‬

‫(الفيزياء)‪ ،‬والطب‪ ،‬والرياضيات‪ ،‬والعمران‪ ،‬وغري ذلك من الفنون والعلوم منذ نشأتها عند‬

‫العرب حتى عصر املؤلِّف يف القرن احلادي عشر للهجرة"‪.‬‬

‫وقد حظي تأليف معاجم املصطلحات بعناية الباحثني املعاصرين‪ ،‬ولعلَّ من أبرز ما يُميِّز‬

‫حركة التأليف املعجمي املعاصرة اهتمامها مبعاجم املصطلحات‪ ،‬فظهرت جمموعة من املعاجم‬

‫ملعظم العلوم والفنون‪ ،‬منها‪:‬‬

‫‪" -‬الشذور الذهبية يف املصطلحات الطبية"‪ :‬حملمد بن عمر التونسي (ت ‪1857‬م)‪.‬‬

‫‪" -‬قاموس طيب فرنساوي عربي"‪ :‬حملمد رشدي البقلي‪ ،‬صدر يف باريس ‪1870‬م‪.‬‬

‫‪" -‬قاموس طيب إنكليزي عربي"‪ :‬خلليل خري اهلل‪ ،‬صدر يف القاهرة ‪1898‬م‪.‬‬

‫‪" -‬قاموس اإلدارة والقضاء"‪ :‬لفيليب جالل‪ ،‬صدر يف اإلسكندرية ‪1900‬م‪.‬‬

‫‪" -‬معجم األلفاظ الزراعية"‪ :‬لألمري مصطفى الشهابي‪ ،‬صدر يف دمشق ‪1943‬م‪.‬‬

‫‪" -‬معجم املصطلحات األثرية" (فرنسي عربي)‪ ،‬ليحيى الشهابي‪ ،‬صدر يف دمشق‬

‫‪1967‬م‪.‬‬

‫‪" -‬املعجم العسكري املوحد"‪ :‬صدر عن اجلامعة العربية ‪1970‬م‪.‬‬

‫‪" -‬معجم تعويض األسنان"‪ :‬مليشيل خوري‪ ،‬صدر يف دمشق ‪1970‬م‪.‬‬

‫‪" -‬مصطلحات طب األسنان"‪ :‬لقتيبة الشهابي‪ ،‬صدر يف دمشق ‪1987‬م‪.‬‬


‫ومثَّة معاجم أخرى مشلت كثريًا من العلوم مثل‪:‬‬

‫‪" -‬املعجم املوحد ملصطلحات النفط"‪.‬‬

‫‪" -‬املعجم املوحد ملصطلحات البيئة"‪.‬‬

‫‪" -‬املعجم املوحد ملصطلحات اهلندسة امليكانيكية"‪.‬‬

‫‪" -‬املعجم املوحد ملصطلحات التقنيات الرتبوية"‪.‬‬

‫‪" -‬املعجم املوحد ملصطلحات الفنون التشكيلية"‪.‬‬

‫‪" -‬املعجم املوحد ملصطلحات األرصاد اجلوية"‪.‬‬

‫والبُدَّ من اإلشارة هنا إىل أنَّ هذه املعاجم مجيعًا مَئوفةٌ بثالث آفات على األقل‪ ،‬مع التقدير‬

‫الكبري ملا بُذل فيها من جهود‪:‬‬

‫أ‪ :‬أنَّها حصيلة جهودٍ فردية‪ ،‬وهي بذلك مظِنَّة النقص‪.‬‬

‫ب‪ :‬أنَّها يف الغالب شبه قُطريَّة وليست عامَّة‪ ،‬ولذلك تعدَّدت املصطلحات أحيانًا ملوضوعٍ‬

‫واحد‪.‬‬

‫ج‪ :‬أنَّ معظم املصطلحات العلميَّة الواردة فيها غري مُجمَعٍ عليها يف البالد العربية‪( .‬الدليمي‪،‬‬

‫‪)2016‬‬

‫‪ -4‬معاجم يف التطور الداللي‬


‫مثَّة كتاب فريد يف املكتبة العربية التفت فيه املؤلِّف أبو حامت أمحد بن محدان الرازي (ت‬

‫‪322‬هـ) إىل تطوُّر داللة بعض األلفاظ من زمنٍ إىل آخر‪ ،‬وإىل املسمَّيات اليت تفرَّدت بها‬

‫احلضارة العربية اإلسالمية‪ ،‬فجمع ما وقف عليه يف كتابٍ مساه‪" :‬الزينة"‪ ،‬وقد نبَّه حمقِّق هذا‬

‫الكتاب على طبيعته الفريدة وأهميَّته فقال‪" :‬حاول املؤلِّف يف هذا الكتاب أن جيمع من شتَّى‬

‫األلفاظ العربية ألفاظًا تغيَّرت مدلوالتها ومعانيها يف العصر اإلسالمي عمَّا كانت عليه يف العصر‬

‫اجلاهلي‪ ،‬وبعمله هذا وضع اللَّبِنَة األوىل يف علم معاني األمساء العربية واملصطلحات‬

‫اإلسالمية"‪.‬‬

‫س متقدِّمٍ عند القدماء بفكرة التطوُّر‬


‫وممَّا ال ريب فيه أنَّ هذه االلتفاتة كانت تُعبِّر عن إحسا ٍ‬

‫الداللي لأللفاظ‪ ،‬ولو توبعت من بعدُ ألثْرتِ املكتبة العربية جبانب من التأليف املعجمي يُفتقد‬

‫إليه اليوم‪ ،‬وتكثر الدعوات الستدراكه‪.‬‬

‫‪ -5‬معاجم أخرى‬

‫ختص األلفاظ‬
‫مل يقتصر التأليف املعجمي عند هذه املعاجم؛ بل هناك معاجمٌ أخرى ال ُّ‬

‫واملعاني والداللة واملصطلح‪ ،‬وإنَّما تتَّجه وجهةً أخرى‪ ،‬مثل‪ :‬معاجم البلدان‪ ،‬ومعاجم‬

‫الشعراء‪ ،‬واألدباء‪ ،‬والعلماء‪ ،‬وغري ذلك‪.‬‬


‫‪Bibliography‬‬

‫الدليمي ‪,‬د ‪.‬ح ‪. (2016).‬دراسات يف املعاجم واللهجات والداللة ‪.‬عمان ‪:‬دار االيام‪.‬‬

‫الرمحن ‪,‬د ‪.‬ش‪. (1403‬هـ‪- 1982‬م ‪).‬املعجم العربي درساة ونقدا ‪.‬شربا ‪-‬القاهرة ‪:‬‬

‫مطبعة االمانة‪.‬‬

‫القيسي ‪,‬ا ‪.‬م‪. (1401‬هـ ‪- 1981‬م ‪).‬العمدة يف غريب القران ‪.‬بريوت ‪:‬مؤسسة الرسالة‪.‬‬

‫املوسوعة العربية‪. (2007‬م ‪).‬دمشق ‪:‬دار العلم‪.‬‬

‫اهلابط ‪,‬ف ‪.‬ي‪. (1413‬هـ‪- 1992‬م ‪).‬املعاجم العربية موضوعات والفاظ ‪.‬شبني الكوم ‪:‬‬

‫الوال للطبع والتوزيع‪.‬‬

‫سكني ‪,‬د ‪.‬ع‪. (1402‬هـ ‪- 1982‬م ‪).‬املعاجم العربية ‪-‬مدارسها ومناهجها ‪.‬شربا ‪:‬‬

‫مطبعة االمانة‪.‬‬

‫نصار ‪,‬ح ‪. (n.d.).‬كتب غريب القران ‪.‬‬

You might also like