Professional Documents
Culture Documents
شرح قواعد الإعراب 3
شرح قواعد الإعراب 3
g
2 h
e f شرح قواعد اإلعراب
3 h
g
1440هـ– 2019م
k
e f شرح قواعد اإلعراب
5 h
g
ٍ
محمد وعلى آله وصحبه ومن بسم اهلل والصالة والسالم على رسول اهلل نبينا
وااله .أما بعد:
فهذه ترجمة موجزة لفضيلة الشيخ األستاذ الدكتور /سليمان بن عبد العزيز
العيوين األستاذ يف قسم النحو والصرف بجامعة اإلمام محمد بن سعود اإلسالمية
يف الرياض.
وفضيلته -حفظه اهلل -له جهو ٌد مبارك ٌة طيب ٌة نافع ٌة يف التدريس ،والتأليف
والتحقيق.
فمن مؤلفاته -حفظه اهلل:-
-١متن النحو الصغير وفتحه وشرحه.
-٢متن الصرف الصغير وفتحه وشرحه.
-٣متن الموطأ يف اإلعراب وفتحه وشرحه.
ومن تحقيقاته:
-١تحقيق ألفية ابن مالك يف النحو.
-٢تحقيق ٍ
جزء من كتاب إرشاد الطالب إلى لفظ اللباب ألحمد الغنيمي.
-٣تحقيق منظومة الزمزمي يف علوم القرآن.
شرح قواعد اإلعراب e f
g
6h
وله من الشروح الصوتية والمرئية:
-١شرح اآلجرومية
-٢شرح النحو الصغير
-٣شرح الصرف الصغير
-٤شرح قواعد اإلعراب
-5شرح الموطأ يف اإلعراب
-6شرح ملحة اإلعراب
-7شرح المقدمة األزهرية
-8شرح قطر الندى
-9شرح ألفية ابن مالك
-١0إعراب سورة اإلنسان
-١١محاضرة اإلعراب أركانه ومصطلحاته وبعض ضوابطه
وغيرها الكثير نفع اهلل بعلمه.
وقد درس فضيلته -حفظه اهلل -على مشايخ وعلماء أجالء ،فعلى رأسهم:
-١سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز.
-٢الشيخ العالمة الفقيه محمد بن صالح العثيمين.
-٣الشيخ العالمة عبد اهلل بن عبد الرحمن بن جبرين.
-٤الشيخ صالح بن فوزان – حفظه اهلل تعالى.-
ومن مشايخه يف اللغة العربية:
-١الدكتور النحوي /محمد المفدى.
-٢الدكتور /ناصر الطريف.
-٣وكذلك سيادة األستاذ الدكتور /حسن الحفظي.
-٤وكذلك األستاذ الدكتور /عبد اهلل سالم الدوسري.
¹
e f شرح قواعد اإلعراب
7 h
g
الحمد هلل والصالة والسالم على رسول اهلل ثم أما بعد:
وتعليمها ونشرها من أولى الخطوات يفَ إن االهتمام باللغة العربية وتع ُّل َمها
هنضة األمة اإل سالمية ذلك ألن اللغة العربية هي مفتاح العلوم اإلسالمية كلها ،اها
نفهم القرآن الكريم ،واألحاديث النبوية الشريفة ،والسيرة العطرة وكتب الفقه
والتفسير ،والتاريخ اإلسالمي وكل تراث األمة وحضارهتا.
ويعد المحافظة على اللغة العربية وتعلمها من الدين ،وهي خصيصة عظيمة
لهذه األمة:
قال عمر بن الخطاب◙« :تع َّلموا العربيةَ؛ فإنَّها من دينِكم» ،وقال ُ
شيخ
فرض واجب؛ فإن نفس اللغة العربية من الدِّ ين ،ومعرفتها ٌفإن َ
اإلسالم ابن تيميةَّ « :
فهم الكتاب والسنة فرض ،وال يفهم إال بفه ِم اللغة العربية ،وما ال ُّ
يتم الواجب إال
به فهو واجب».
ِ
فروض أن علم اللغة من الدين؛ ألنه من شك َّ ويقول السيوطي׃ «وال َّ
ُعرف معاين ألفاظ القرآن والسنة».
الكفايات ،وبه ت ُ
فقه اللغة وسنن العرب يف كالمها» :فلذلك وقال ابن فارس يف «الصاحبي يف ِ
ُ
ِ
إن علم اللغة كالواجب َع َلى أهل العلم ،لئال يحيدوا في تأليفهمَ ،أ ْو ُفتياهم "قلناّ :
عن َسنن االستواء ،وكذلك الحاجة إِ َلى علم العربية فإن اإلعراب هو الفارق َب ْي َن
يفرق َب ْي َن التعجبالمعاين أال ترى أن القائل إذا قال« :ما أحسن زيد» َل ْم ّ
ال باإلعراب وكذلك إِ َذا قال« :ضرب أخوك أخانا»َ ،و َما واالستفهام والذ ّم إِ َّ
شرح قواعد اإلعراب e f
g
8 h
لهذا كان على األمة أن تعرف حقهم وتقوم بما يجب لهم ،وذلك بالدعاء لهم،
ونشر علمهم بين شباب األمة حتى يستفيدَ منه العام والخاص ،وإن علم النحو من
أشرف علوم العربية على االطالق فقد قال ابن األنباري :إن األئمة من السلف
شرط يف رتبة االجتهاد ،وأن المجتهد لو جمع كل ٌ والخلف أجمعوا قاطب ًة على أنه
العلوم لم يبلغ رتبة االجتهاد حتى يتعلم النحو فيعرف به المعاين التي ال سبيل
لمعرفتها بغيره فرتبة االجتهاد متوقفة عليه ال تتم إال به.
وتدريسا ،ولعل من
ً وشرحا
ً ولقد اهتم العلماء بالمختصرات النحوية تألي ًفا
هذه المختصرات التى ما زالت تحظى باهتمام العلماء وطلبة العلم حتى اآلن:
«شرح قواعد اإلعراب» لإلمام العالمة ابن هشام رحمه اهلل ،وقد تناولها كثير من
العلماء بالشرح والدرس والتفسير ،منهم فضيلة الشيخ الدكتور /سليمان بن عبد
العزيز العيوين فقد قام بشرحها لطلبة العلم ،وكانت عبارة عن دروس صوتية وتم
تفريغها(.)١
ولقد كان لمكتب دار ابن سالم للبحث العلمي وتحقيق الرتاث ،عظيم
الشرف يف التدقيق والمراجعة اللغوية ،فقد قمنا بتصحيح األخطاء النحوية
واإلمالئية التي وقعت من مفرغ الصوت ،كما قمنا بالتفقير والرتقيم للكتاب،
وضبط الكلمات التي يشتبه على القارئ نطقها ،فقد تميز شرح الشيخ الدكتور /
سليمان بن عبد العزيز العيوين ،باألسلوب السهل الواضح ،فهو يمتاز عن سابقيه
بمواكبته لغة العصر ومصطلحات العلم ،ومناسبته للمبتدئين من طلبة العلم
وغيرهم ،فقد جاء الشرح واضح العبارة سهل األلفاظ بعيد عن التعقيد والتكلف.
ومما يزيد من أهمية هذا الشرح أنه تناول معظم أبواب علم النحو حتى أنه
( )١هذا رابط المادة الصوتية المفرغة ،قام بإعدادها مكتب ابن سالم للبحث العلمي والتفريغ
الصويت:
https://youtu.be/JYNbNArSR-o
https://youtu.be/T4X1lamdRSs
https://youtu.be/MMtL87Um9ng
شرح قواعد اإلعراب e f
g
10 h
استدرك بعض األبواب التي فاتت على النامم نفسه.
وكان لحسن أدب الشيخ مع طالبه وعفة لسانه ،أثره الواضح يف إقبال طلبة
العلم على الدرس ،واستيعابه للشرح وأنا أدعو طالب العلم ومريدي العربية،
وكل صاحب غيرة على هويته العربية أن يحرص على اقتناء هذا الكتاب الطيب.
اهلل العظيم أن ينفع به وأن يجزل لصاحبه المثوبة واألجر وأن يرزقنا
وأسأل َ
االخالص ،كما أسأله سبحانه أن ينفع به مؤلفه وكل من يقرأه ،وكل من ساهم يف
عمال
ً إخراج هذا العمل للنور ،وانفعنا اللهم به وإخواننا المسلمين ،واجعله
خالصا لوجهك الكريم وتقبله منا وبارك لنا فيه ،وأنت يا رب أعلم وأعلى،
ً
وماهرا وباطنًا ،وصلى اهلل على نبينا محمد وعلى آله
ً والحمد لك ً
أوال وآخ ًرا
وصحبه وسلم.
كتبه
امسه ،ونسبه.
أبو محمد جمال الدين عبد اهلل بن يوسف بن أحمد بن عبد اهلل بن يوسف بن
األنص ِ
ار ّي. َ هشام النحوى
مولده :
ولد ابن هشام يف عام ( 708ه) يف عصر كانت فيه مصر حر ًما آمنًا آوت إليها
الخالفة اإلسالمية ،ولجأ إليها من استطاع الفرار من المحن التي حدقت
بالمسلمين يف الشرق والغرب ففي الشرق سقطت الخالفة اإلسالمية ببغداد على
أيدي المغول سنة 656ه بعد تخريبهم للديار ،وتقتيلهم يف العباد ،ومحوهم آلثار
كثيرا من العلماء بعدما
الحضارة الزاهرة فعاثوا فسا ًدا يف البالد وأهليها ،وقتلوا ً
أباحوها أربعين يو ًما....وقضى اهلل قضاءه.
ويف الغرب توالى سقوط اإلمارات اإلسالمية يف األندلس يف أيدي النصارى،
وكثر اضطهادهم للمسلمين ففروا منها إلى بالد المغرب ،وكثير منهم جاء إلى
مصر ،التي اعتصم اها من أفلت من تلك المحن ،وخلفت القاهرة بغداد
فأصبحت مقر الخليفة العباسي ،وعاذ اها العلماء الذين خلصوا من أهوال الفزع
واالضطراب ،فصارت معقد آمال المسلمين ،يؤمها كل قاصد ،وينهل منها كل
وارد ،يف مل المماليك الشجعان أباة الضيم وناشري العلم.
شرح قواعد اإلعراب e f
g
12 h
فكان المماليك جد حريصين على تخليد ذكراهم فتنافسوا يف إقامة المساجد،
وإنشاء المدارس والمعاهد إلقامة الشعائر الدينية ،وإحياء ما درس من العلوم
الشرعية والعربية ،فكانوا اهذا لإلسالم نعم العون فقد عوضه اهلل بعملهم يف مصر
. ما فاته يف كثير من بالد اهلل ()١
مشاخيه ،وتالميذه:
لزم الشيخ شهاب الدين عبد اللطيف ابن المرحل ،وتال على ابن السراج،
وسمع من أبى حيان ،ديوان زهير بن أبي سلمى ،ولم يالزمه وال قرأ عليه ،وحضر
دروس الشيخ تاج الدين التربيزي ،وقرأ على الشيخ تاج الدين الفاكهاين ،جميع
شرح اإلشارة له إال الورقة األخيرة ،وتفقه للشافعي ،ثم تحنبل ،فحفظ مختصر
الخرقي يف دون أربعة أشهر ،وحدث جماعة بالشاطبية وتخرج به جماعة من أهل
مصر وغيرهم ،اشتهر يف حياته ،فأقبل الناس عليه من كل مكان فكانت دروسه
يحضرها الكثير ،فأخذ عنه جماعة من المصريين وغيرهم.
( )١ينظر:ابن هشام وأثره يف النحو العربي يوسف الضبع ( )٢٣بتصرف كبير.
( )٢ينظر" :الدرر الكامنة يف أعيان المائة الثامنة" (.)9٤ /٣
e f شرح قواعد اإلعراب
13 h
g
من التعبير عن مقصوده بما يريد مسهبا وموجزا مع التواضع والرب والشفقة ودماثة
الخلق ورقة القلب»(.)1
وقال السيوطي «:وكان أوحد عصره يف تحقيق النحو ،سمعت شيخنا
قاضي القضاة علم الدين البلقيني يقول :كان والدي يقول :هو أنحى من أبيه»(.)٢
َان كثير ا ْل ُم َخال َفة ألبي َح َّيان َش ِديد االنحراف َعن ُه وقال الشوكاين َ «:وك َ
َان ُمنْ َفردا بِ َه َذا ا ْل َف ّن يف َذل ِك ا ْل َع ْصر غير
َو َل َع َّل َذلِك َواهلل ا ْع َلم ل َكون َأبى َح َّيان ك َ
َان ا ْل ُمنْ َفرد بعده ابن هشام َوكَثِ ًيرا َما ينافس الرجل من ثم ك َ ِ ِ
السبق فيه َّمدافع َعن َّ
َان قبله يف رتبته ا َّلتِى َصار اليها إمهار ًا لفضل نَفسه باالقتدار على مزاحمته لمن ك َ
َان قبله َأو بالتمكن من ا ْلب ُلوغ إلى َما لم يبلغ اليه واال َف َأ ُبو َح َّيان ُه َو من الت ََّم ُّكن ك َ
بم َكان َولم يكن للمتأخرين مثله َومثل ابن هشام َو َه َك َذا نافس َأ ُبو من َه َذا ا ْل َف ّن َ
َح َّيان الزمخشري َفأكْثر من ِاال ْعتِ َراض َع َل ْي ِه يف الن َّْحو َوالنّهر الماد ل َكون
الش ْأن وإن لم يكن عصره ُم َّت ِصال بعصره َو َه ِذه دقيقة الزمخشري مِ َّمن تفرد بِ َه َذا َّ
ينبغي لمن َأ َرا َد إخالص ا ْل َع َمل َأن ي َتنَ َّبه َل َها فإهنا كَثِ َيرة ا ْل ُو ُقوع بعيدَ ة اإلخالص َوقد
تصدر ابن هشام للتدريس وانتفع بِ ِه النَّاس َوتفرد بِ َه َذا ا ْل َف ّن وأحاط بدقائقه
يه مالم يكن لغيره واشتهر صيته يف األقطار وطارت وحقائقه وصار َله من الملكة فِ ِ
َ َ َ ُ
مصنّفاته يف َغالب الديار»(.)٣
وفاته :
مات يف رجب سنة تسع وتسعين وسبعمائة.
َوله نظم َ ف ِمنْ ُه:
يخطننب ا ْل َح ْس ننَاء يصننرب علننى َومننن ْ َومنننن يصنننطرب ل ْلعلنننم يظفنننر بنيلنننه
أخنناذل ننويال َ
ط ً
ا دهننر عننر ي ننيرا سيِ يذل الننَّفس يف طلنب ا ْل َ
عنال َومن لم ّ
ا َْل َبننننننننننننننننننننننننننننننننننننننننننننننننننننننننذل
ْ َ
ورثاه ا ْبن نباتة َف َق َال:
نننر علننننى مثننننواه ذيننننل غمننننام
تجن ّ سقى ا ْبن ِه َشام يف الثرى نور َر ْح َمنة
َفما زلت اروي سيرة ابنن ِه َشنام()١ سأروي َل ُه من سنيرة ا ْل َمندْ ح ُم ْسنندً ا
ْ َ
¹
( )١ينظر :بغية الوعاة يف طبقات اللغويين والنحاة مضاف لخدمة الرتاجم (،)١٤8 /١والبدر
الطالع بمحاسن من بعد القرن السابع (.)٤0١ /١
شرح قواعد اإلعراب e f
g
16 h
شرح املنت
بسم اهلل الرحمن ا لرحيم ،الحمد هلل رب العالمين ،والصالة والسالم على نبينا
محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.
أما بعدُ ؛ فسالم اهلل عليكم ورحمته وبركاته ،وحياكم اهلل وبياكم ،يف الدرس
األول من دروس شرح كتاب اإلعراب عن قواعد اإلعراب البن هشا ٍم .
ٍ
ثمان وثالثين ونحن يف عصر يوم السبت ،الثامن من جمادى األولى ،من سنة
مئة وألف ،يف جامع عبد اهلل بن مسعود ◙ بحي الغريب بمدينة وأربع ٍ
الرياض.
طويال ،فقد ال ننتهي ،سنحتاج إلى عشاء الغد ،إذا كان
ً وقت هذه الدورة ليس
ذلك ممكنًا كي ننتهي من الكتاب ،فلهذا ال نريد أن نضيع شي ًئا من الوقت ،وإال
فإين أحب أن أتوسع معكم ،وأن آخذ وأعطي معكم ،لكن الوقت أقصر من
الدرس.
الكتاب كما تعرفون ،واطلعتم عليه ،أنا أريدُ نسخ ًة من النسخ التي معكم،
الكتاب ا َّلذي سنشرحه إن شاء اهلل هو كتاب اإلعراب ،أو قواعد اإلعراب البن
هشام.
المصنف معروف ومشهور ،ال يحتاج إلى تعريف ،ابن هشا ٍم األنصاري،
e f شرح قواعد اإلعراب
17 h
g
صاحب أوضح المسالك يف شرح ألفية بن مالك ،وصاحب مغني اللبيب عن كتب
األعاريب ،وصاحب قطر الندى وبل الصدى وشرحه ،وشذور الذهب وشرحه،
وهو غير محتاج إلى تعريف.
أما الكتاب فاسمه اإلعراب عن قواعد اإلعراب ،وقد نص ابن هشا ٍم
على اسم كتابه يف مقدمة الكتاب كما سنقرأ إن شاء اهلل.
وبعضهم يختصره على عادة بعض العلماء باختصار أسماء الكتب ،فيقول:
قواعد اإلعراب ،وإال فإن اسمه اإلعراب ،أو قواعد اإلعراب.
ويظهر أن ابن هشا ٍم ،وهو ممن اشتهر بكذا يف التدريس للطالب،
يدرس متنه
ُ كثيرا ،فغير فيه وبدل وزاد ونقص ،كعادة من
درس هذا المتن لطالبه ً
ٍ
وزيادات ٍ
ونقص، ٍ
زيادة كثيرا بين
لطالبه ،فلهذا نجد أن نسخ هذا الكتاب اختلفت ً
حريصا على هذه النسخة التي ٍ
واختالفات ليست قليلة ،ولهذا كنت ليست قليلة،
ً
كثيرا عن هذه النسخة ،ناقصة
مثال مطبوعة ،تختلف ً
معكم ،ال جلب نسخة أخرى ً
كثيرا عن هذه النسخة.
ً
فالنسخة التي اختارها اإلخوة نسخة طيبة ،وهي تكاد تكون أوىف النسخ ،وقد
تكون هناك زيادات قد نرتكها لضيق الوقت ،لكن نحتاج أن ننبه إلى ذلك.
أيضا
واضح أن يف كثير من المتون ،من ذلك ألفية بن مالك المشهورة ،وهي ً
متن تعليمي علمي ،غ َّير فيه ابن مالك ،وبدَّ ل إلى أن تويف ،وقد ذكرت
ذلك يف أول دراستي ،يف تحقيق ألفية ابن مالك.
هذا الكتاب ،ما منهج ابن هشا ٍم يف تأليفه؟
تفصيال،
ً من المهم أن الطالب يعرف منهج الكتاب قبل أن يبدأ بدراسته
مختصر ،عبارة ابن هشا ٍم فيه جاءت مرتاوح ًة
ٌ وجيز
ٌ كتاب
ٌ الكتاب كما رأيتم
شرح قواعد اإلعراب e f
g
18 h
متفاوتةً ،بين العبارة العلمية الجادة ،كعبارات علماء المتون العلمية المختصرة،
وبين العبارة التعليمية المتسامحة الواضحة.
وستمر علينا عبارات غامضة تحتاج إلى ٍّ
فك ُّ ستمر علينا عبارات واضحة،
ُّ أي
وشرحٍ .
الكتاب ليس نحو ًّيا وال صرف ًّيا ،وإنما خصه ابن هشا ٍم للكالم على
صالحا من
ً حصل جز ًءا
النحوي بعد أن ُي ِّ
ُّ بعض الضوابط المهمة التي يحتاج إليها
مثال كتا ًبا يف مبادئ النحو للمبتدئين
النحو ،أي بعد أن يدرس مبادئ النحوً ،
كاآلج ُّرومية ،أو النحوي الصغير ،ويدرس كتا ًبا متوس ًطا يف النحو ،كقطر الندى
ُ
األزهري ،فيحس ُن به أن يدرس هذا المتن ،لدراسة هذه الضوابط المهمة
ِّ مثال ،أو
ً
التي يحتاج إليها بعد ذلك.
فلهذا ال يستفيد من هذا الكتاب من لم يتقن مبادئ النحو ألن هذا الكتاب
مبني على أن الطالب فاهم لمبادئ النحو ،فال يشرح هذه المبادئ التي س َيبني
ٌّ
كثيرا من األحكام المذكورة يف هذا الكتاب ،وإنما سيبني األحكام عليها
عليها ً
مباشرةً.
الكتاب َخ َّص ُه ابن هشا ٍم للكالم عن الجملة وأحكامها ،وشبه الجملة
ٍ
عبارات يستعملها كثيرا ،وعلى ٍ
وأحكامها ،وعلى كلمات يحتاج إليها المعرب ً
المعرب حررها ابن هشام ،فهذا ا َّلذي اهتم به ابن هشا ٍم يف هذا الكتاب.
ابن هشام ،لم يشرح كتابه بعد ،كما شرح قطر الندى ،وكما شرح
كتاب له مكانته ،وخاص ًة يف النحو
ٌ شذور الذهب ،لكن شرحه كثيرون بعده ألنه
التعليمي.
e f شرح قواعد اإلعراب
19 h
g
أهم شروحه شرحان:
ِ
الكافية ،هذا الشيخ السيوطي، ِ
الكافية، شرح محيي الدين الشرح األول:
ُ
ُسب إليه هذا الشرح، ِ
الكافية نسبة إلى الكافية ،كتاب الكافية يف النحو ،اهتم به ،فن َ
اسمه شرح اإلعراب أو قواعد اإلعراب.
لكن المحقق فخر الدين قدره وحققه تحقي ًقا جيدً ا ،حققه باسم شرح قواعد
اإلعراب ،وإال فإن الكافي َة ذكر يف المقدمة أن الكتاب اسمه اإلعراب عن قواعد
اإلعراب.
ٍ
خالد األزهري ،واسم كتابه موصل الطالب إلى قواعد وشرح آخر هو شرح
ٌ
اإلعراب ،هذه النسخة ليست جيدة للكتاب ،هي التي عندي ،وكتبت موصل،
والصوابُ :م َو ِّصل الطالب إلى قواعد اإلعراب.
منظومات كثيرة
ٌ نظما ،وهناك
كثيرا اهذا الكتاب فنظموه ً
وكذلك اهتم العلماء ً
شرحا
ً اهذا الكتاب ،منها شبيهة بمنظومة الزواوي ،وهي مطبوعة ومشروحة اآلن
وشرحا مكتو ًبا.
ً صوت ًّيا
قال :بسم اهلل الرمحن الرحيم ،البسملة من كالم ابن هشا ٍم
قال :قضى الشيخ اإلمام العامل العابد مجال الدين ابن هشامٍ نفع اهلل املسلمني
كثيرا يف بدايات
بربكته ،هذه العبارة يا إخوان ليست من كالم ابن هشام ،وكثر ذلك ً
الكتب ،الناسخ أو الراوي يذكر مثل هذه العبارة يف أول الكتاب ،فلنتنبه أهنا ليست
من كالم المصنف.
أما كالم ابن هشا ٍم فيبدأ بعد البسملة من قوله:
أما بعد محد اهلل حق محده ،والصالة والسالم على سيدنا وعبده ،حممدٍ وآله من
بعده ،فهذه فوائدُ جليلةٌ يف قواعد اإلعراب ،تقتضي مبتأملها جادة الصواب ،وتطلعه يف
األمد القصري على نكت كثريٍ من األبواب ،عملتها عمل من طَبَّ ملن حَبَّ.
e f شرح قواعد اإلعراب
21 h
g
ب :مروي ٌة عن العرب ،فلهذا تجدها يف هذه العبارة :عمل من َط َّ
ب لمن َح َّ
المعاجم اللغوية ،معناها :استنفاذ الجهد يف إجادة العمل ،كعمل الطبيب إذا أراد
أن يعالج من يحب ،فإنه يستنفذ كل ما عنده من علم يف هذا العالج ،من َط َّ
ب لمن
ب.
َح َّ
وقال ابن هشام :ومسيتها باإلعراب عن قواعد اإلعراب.
نص على اسم كتابه.
قال :ومن اهلل أستمد التوفيق واهلداية إىل أقوم طريق مبنه وكرمه ،وتنحصر
مرتب على
ٌ يف أربعةِ أبواب ،بدأ كتابه ببيان طريقة ترتيبه ،فذكر أن الكتاب
أربعة أبواب ،ذكرناها قبل قليل ،سيأيت عليها إن شاء اهلل با ًبا با ًبا.
¹
شرح قواعد اإلعراب e f
g
22 h
ٍ
لكثير من كتبه القبول واالنتشار ،سواء كانت كت ًبا ابن هشا ٍم كتب اهلل
علمية ،كمغني اللبيب ،وأوضح المسالك ،أو كت ًبا تعليمية ،كقطر الندى ،وشذور
الذهب.
من أهم األسباب يف ذلك جودة التصنيف ،وحسن الرتتيب ،كما رأيتم هنا،
مرتب الباب ترتي ًبا جيدً ا.
قال :الكتاب ينحصر يف أربعة أبواب ،بدأ بالباب األول ،قال :الباب األول يف
أربع مسائل ،فرتب هذه األمور لنا ترتي ًبا جيدً ا.
ما هذه المسائل األربعة؟ ألنه سيذكر مثل ثم يشرحها ،ثم ينتقل للثانية ،وهكذا
يف الثالثة والرابعة ،نريد أن نتعرف على هذه المسائل األربعة قبل أن يشرحها ابن
هشامٍ.
المسألة األولى :قال :يف شرح الجملة ،سيعرب الجملة ،ويبين أقسامها.
المسألة الثانية :قال :يف الجمل التي لها ٌّ
محل من اإلعراب.
المسألة الثالثة :يف الجمل التي ليس لها ٌّ
محل من اإلعراب.
e f شرح قواعد اإلعراب
23 h
g
المسألة الرابعة :يف إعراب الجمل.
إذن فالمسألة األولى يف تعريف الجملة ،والمسألة الثانية والثالثة والرابعة كلها
يف إعراب الجمل.
قال ابن هشا ٍم عليه رمحة اهلل :املسألة األوىل يف شرحها:
قلنا يف هذه المسألة تكلم على شيئين أو ثالثة أشياء:
-سيتكلم على تعريف الجملة ،والعالقة بين الجملة والكالم.
ٍ
اسمية ،وفعلية. -ويتكلم عل انقسامها إلى
-ويتكلم على انقسامها إلى كربى وصغرى.
إذن يف هذه المسألة ثالث مسائل :المسالة األولى فيها :الكالم على تعريف
ِ
واصطالحات النحويين: ِ
تعريفات الجملة ،والعالقة بين الجملة وبين الكالم يف
قال يف ذلك :أي يف تعريف الجملة ،والعالقة بين الجملة والكالم:
اعلم أن اللفظ املفيد يُسَمَّى كالمًا ومجلة ،ونعين باملفيدِ ما يَحْ ُسنُ السكوتُ عليه،
وأما اجلملةُ
أعم من الكالمُّ ،
فكل كال ٍم جملة وال أي واعلم أن الجملةَ ،وأن الجمل َة ُّ
بالعكس.
ٍ
ومسند إليه ،هذا تعريف ٍ
مسند الجملة يف اصطالح النحويين :كل ما تركب من
ٍ
ومسند إليه. ٍ
مسند الجملة عند النحويين ،كل ما تركب من
نظرية اإلسناد هي النظرية التي تقوم عليها كل اللغات العالمية ،طبيعة اللغات
العربية والعالمية تقوم على إسناد ألن اإلفادة ،تمام المعنى ،ال تكون إال بحدوث
شرح قواعد اإلعراب e f
g
24 h
اإلسناد ،أي أن تسند شي ًئا إلى شيء.
الطالب ،أسندت
ُ مثال :تريد أن تسند النجاح إلى الطالب ،فماذا تقول؟ نجح
ً
النجاح إلى الطالب ،فالنجاح هو المسند ،الشيء ا َّلذي أسندته ،والطالب مسندٌ
إليه ،مسند النجاح ،ومسند إليه الطالب.
اللغة العربية من عظمتها وثرائها تستطيع ،فيها أن تأتي باإلسناد مطلقًا على
صورتني:
ينجح
ُ -إما على صورة جملة فعلية :بأن تبدأ بفعل ،فتقول :نجح محمد ،أو
محمد ،أو انجح.
ٍ
جملة اسمية ،أي تبدأ باسم ،فتقول :الطالب -أو تأتي باإلسناد على صورة
ينجح.
ُ الطالب
ُ ناجح ،أو
ٌ الطالب
ُ نجح ،أو
َ
اإلسناد واحد يف كل واحد يف كل ذلك ،وهو إسناد النجاح إلى الطالب.
ويف أغ لب اللغات العالمية ال تأيت باإلسناد إال على صورة الجملة االسمية،
أي ال بدَّ أن تبدأ باسم ،ال بدَّ أن تقول :الطالب نجح ،وال يصح فيها أن تقول نجح
الطالب فتبدأ بالفعل كاللغة اإلنجليزية ،واللغات األوروبية ،والعربية ،والصينية،
واألفريقية ،واألمريكية ...إلخ.
كلها ال بدَّ أن تبدأ باالسم ،وال تبدأ عندهم بالفعل.
ٍ
ومسند إليه، ٍ
مسند ومهما يكن األمر ،فكل الجمل هي قائم ٌة على اإلسناد ،من
ٍ
ومسند إليه ،فإذا تم اإلسناد وقلنا :نجح فالجملة يف اللغة ما تركب من م ٍ
سند ُ
ناجح ،فإن تمام اإلسناد سيجعلها ،أي الجملة مفيدةً، ٌ الطالب
ُ الطالب ،أو
سيجعلها مفيدة.
يف الشرح النحوي للمبتدئين والمتوسطين يبتدئون بشرح الكالم ،ويقولون :هو
e f شرح قواعد اإلعراب
25 h
g
اللفظ المهم ،كما قال ابن مالك كالمنا ٌ
لفظ مفيدٌ .
اللفظ :عرف المراد باللفظ ،اللفظ الحروف الملفومة من الفم ،هذا اللفظ،
المفيد :أي المعنى التام ،أي أنه يدل على معنى تام ألن المعنى إما أن يكون
ناقص ،وإما أن يكون تا ًما.
تفهم شي ًئا؟ تفهم أنه إنسان ذكر فقط،
ُ فأنت إذا قلت :محمد تفهم شيء أم ال
لكن ما باله ،أي أين المسند إليه ،أخربت عنه بماذا؟ أسندت إليه ماذا؟ ال شيء،
ستفهم شي ًئا لكنه فهم ناقص ،معنى ناقص.
ُ
المعنى التام ال يكون إال بجملة ،ال بدَّ أن تـأتي بمسند ومسند إليه ،تقول :نجح
ناجح ،فإذا أتيت بمسند ومسند إليه تم المعنى وصار مفيدً ا،
ٌ محمد ،أو محمدٌ
فالمفيد كما تعرفون هو المعنى التام ،أو كما يعرب عنه النحويون وكما عرب عنه ابن
يحسن السكوت عليه ،هذه عالمة اإلبانة ،ليست
ُ هشا ٍم هنا ،قال :ونريد بالمفيد ما
اإلفادة ،اإلفادة المعنى التام.
وكيف تعرف أن المعنى تام؟ أنه يحسن السكوت عليه ،تقول :نجح الطالب،
تم المعنى ،فيحسن أن تقف هنا.
فاألصل يف الجملة ،التي عرفنا أهنا تتكون من مسند ومسند إليه ،األصل يف
الجملة أن تكون مفيدةً ،أي تامة المعنى يحسن السكوت عليها ،هذا هو األصل.
مسند وم ٍ
سند إليه ،وأما الكالم فهو ٍ فإلى اآلن عرفنا أن الجملة ما تركب من
ُ
اللفظ المفيد ،واألصل يف الجملة قد تكون مفيدة ،أي أن تكون كال ًما ،الكالم هو
بشيء خارجها ،قدٍ اللفظ المفيد ،إال أن الجملة قد يعرتيها ما يقيد معناها التام
ٍ
شيء خارجها ،كأن تقول يف :نجح ُ
يجعل معناها التام مرتت ًبا على يعرتيها ما
محمدٌ :هذا جملة وكالم تام ،كأن تقول :إن نجح محمدٌ ،فلو قلت نجح محمدٌ
شرح قواعد اإلعراب e f
g
26 h
نجح محمدٌ يف األصل جملة مسند ومسند إليه تام ،لكن عندما قلت :إن نجح
محمد بقي اإلسناد مسندا ومسندا إليه ،لكن ذهب تمام المعنى لوجود التقييد بن
إن ألن «إن» تحتاج إلى جواب.
مثال ،إذن فالجملة بقيت على إسنادها
إن نجح محمد ماذا سيكون؟ أكرمه ً
مسند ومسند إليه ،لكن ذهب تمام الفائدة لوجود هذا األمر ا َّلذي اعرتاها ،إذن
فاألصل يف الجملة أن تكون تام ًة ،فلهذا
أال ترى أن حنو :قام زيدٌ من قولك :إن قام زيدٌ قام عمرٌو تسمى مجلة؟ تسمى مجلة
لوجود اإلسناد ،وال تسمى كالمًا لعدم اإلفادة ،قال :ألنه ال حيسن السكوت عليه ،وكذا
القول جبملة اجلواب
عمرو :هذه جملة
يعني يف جملة الجواب ،قولك يف الجملة السابقة :قام ٌ
لوجود اإلسناد ،وليست كال ًما لعدم اإلفادة.
أقسام اجلملة
ثم انتقل إلى الكالم على انقسام الجملة إلى ا ٍ
سمية وفعلية فقال :
ثم اجلملةُ تسمى امسية إن بُدئت باسمٍ ،كزيدٌ قائمٌ ،وإن زيدًا قائمٌ ،وهل زيدٌ
قائمٌ؟ ،وما زيدٌ قائمًا ،وفعليةً إن بُدئت بفعلٍ ،كقام زيدٌ ،وهل قام زيدٌ؟ وزيدٌ ضربته،
ويا عبد اهلل؛ ألن التقدير ضربتُ زيدًا ضربته ،وأدعو عبد اهلل.
بني أن اجلمل يف اللغة العربية قسمان نوعان:
-اسمية إن ُبدئت باسمٍ.
ٍ
بفعل. -وفعلية إن ُبدئت
وذكرنا قبل قليل أن هذا من عظمة اللغة العربية ،وثرائها ألن كل معنى ،وكل
يندر يف بقية اللغات. ٍ
إسناد يمكن أن تعرب عنه باسمية أو بفعلية ،وهذا ُ
قائمُ ،بدئت بزيدٌ ، ٍ
باسم ،م َّثل بذلك بقوله ،زيدٌ ٌ -االسمية :قال :التي ُبدئت
بحرف ناسخ إن ،لكن الحرف ال يخرج االسم بعده عن ٍ قائم ،هذه ُبدئت
وإن زيدً ا ٌ
قائم؟ كذلك ،هل: كونه يف ابتداء الجملة ،فلهذا قيل إن الجملة اسمية ،وهل زيدٌ ٌ
أدخل معنى االستفهام ،لكنه لم يخرج االسم بعده عن االبتداء.
شرح قواعد اإلعراب e f
g
28 h
قائم ،ثم أدخلت بعدها االستفهام على الجملة ،قال :وما زيدٌ
ألن األصل :زيدٌ ٌ
قائم،
قائما ،والتميمية ال تعمل ما زيدٌ ٌ
قائما ،هذه ما النافية ،الحجازية تعمل ما زيدٌ ً
ً
وكالهما الحجازية والتميمية ال ُتخرج االسم بعدها عن كونه يف أول الجملة.
قال :ومن اجلملة الفعلية النداء ،يا عبدَ اهللِ ،يا :حرف ،وعبد اهلل :اسم،
ومع ذلك جعلوا جملة النداء من الجمل الفعلية ألن حرف النداء هنا يقوم مقام
الفعل أدعو أو أنادي.
تقول :لماذا فعلوا ذلك؟ الجواب ألن العرب جعلوا المنادى من المنصوبات،
نقول:
يا عبدَ اهللِ ،اسم منصوب ،والمنصوب ال بدَّ أن تنصبه بناصب ،والناصب هنا
فعال نحو أنادي أو أدعو ،فلهذا جعلوا جملة النداء من المنصوبات ،ويف
سيكون ً
e f شرح قواعد اإلعراب
29 h
g
النحو يدرسون المنادى من المنصوبات.
بل إن التحقيق أن المنادى يدخل يف باب المفعول به ،كما يفعل ذلك
النحويون يكون المنادى تبع المفعول به ،لكن يف كتب النحو التعليمي ،أو حتى
وأيضا لكثرة أحكامه ،نجعله يف ً
إشكاال للطالبً ، المتوسط يفصلونه لكيال يحدث
خاص به.
ٍّ باب واحد ،يف باب
قائما ،نعرف أن
ومننت زيدً ا ً
ُ قائما،
فإن سألت بعد ذلك عن نحو :كان زيدٌ ً
الجملة االسمية :زيدٌ قائم :جملة اسمية ،فإن دخل عليها ناسخ سيختلف حكمها
اإلعرابي ،لكن هل يبقى نوعها جمل ًة اسمية؟ أم يختلف وينتقل إلى الجملة
الفعلية؟
أما المنسوخة بظن وأخواهتا هذه فعلية اتفا ًقا ،فلهذا درستم يف النحو أن من
ً
أفعاال ناقصة ،ناسخة أي أهنا تخرج المبتدأ ٌ
أفعال ناسخة ،ولكنها ليست وأخواهتا
والخرب عن حكم االبتداء والخرب المرفوعين وتنصبهما ،نسخت الحكم السابق
ً
أفعاال ناقصة؟ أي ال بدَّ لها من فاعل، ً
أفعاال ناقصة ،ما معنى ليست الرفع ،وليست
فلهذا كله ال بدَّ أن تستويف فاعلها قبل أن تنصب المبتدأ والخرب ،فإذا كان لها فاعل
فعل تام ،الفعل التام هو ا َّلذي له فاعل ،والفعل الناقص هو ا َّلذي
فمعنى ذلك أهنا ٌ
ليس له فاعل ،له اسم وخرب ،فظن وأخواهتا أفعال تامة ،فال شك أن فاعلها مسندٌ
إليها.
إذا قلت :من محمدٌ الباب مغل ًقا ،أسندت الظن إلى من؟ إلى محمد ،إذن
اإلسناد هنا حدث بين ماذا وماذا؟ بين فعل واسم ،إذن فالجملة مبدوءة بفعل ألن
الفعل هو المسند ،ومحمد هو المسند إليه.
قائما ،فالمنسوخ بن كان
ً وأما المنسوخة بـ كان وأخواتها ،مثل :كان محمدٌ
شرح قواعد اإلعراب e f
g
30 h
وأخواهتا فيه خالف ،فالنحويون يرون أنه من الجمل الفعلية ،والبيانيون اللغويون
خالف آخر ،وهو هل كان ٍ يرون أنه من الجمل االسمية ،والخالف يعود إلى
وأخواهتا ٌ
أفعال حقيقية أم ال؟
ما معنى أفعال حقيقية؟ أي هل كان مسندة إلى مرفوعها ،إذا قلت :كان محمدٌ
قائما ،هل أسندت كان ،الكون إلى محمد؟ ما ا َّلذي أسندته إلى محمد يف قولك:
ً
قائما؟
كان محمدٌ ً
الكون ،أم القيام؟ النحويون يقولون :الكون ،والبالغيون يقولون :القيام ،فعلى
قول البالغيين صار اإلسناد بين القيام ومحمد ،فصارت جملة اسمية ،وأما كان:
فدخلت لبيان الزمان فقط ،أي قيد للخرب ،وأما على قول النحويين ،فيرون أن
الكون هو المسند إلى محمد ،فاإلسناد حدث بين الفعل واالسم ،فهي فعلية.
وبال طول يف المسألة ،هذا ال يهمنا اآلن.
ثم انتقل إلى المسألة الثالثة ،أقصد يف المسألة األولى ،ونقول األمر
الثالث ،األمر الثالث ا َّلذي ذكره يف المسألة األولى ،وهو انقسام الجملة إلى كربى
وصغرى ،فقال :
وإذا قيل :زيدٌ أبوه غالمه منضبطٌ ،قال يف انقسام الجملة إلى كربى
وصغرى ،وإذا قيل زيدٌ أبوه غالمُهُ منضبطٌ ،زيدٌ :مبتدأ أول ،وأبوه :مبتدأ ٍ
ثان،
ٌ
ومنضبط :خرب الثالث ،والثالث هو خربه خرب الثاين ،والثاين وغالمه :مبتدأ ثالث،
هو خربه خرب األول ،ويسمى المجموع جمل ًة كربى.
ٌ
منضبط :جمل ٌة كربى بالنسبة إلى ٌ
منضبط :جمل ٌة صغرى ،وأبوه غالمه وغالمه
غالمه منضبط ،وصغرى بالنسبة إلى زيد.
الجملة يسميها النحويون كربى إذا كان خربها جملة ،ما المراد بالجملة
e f شرح قواعد اإلعراب
31 h
g
الكربى عند النحويين؟ هي الجملة التي خربها جملة.
درستم يا إخوان يف النحو أن الخرب قد يكون مفر ًدا ،وقد يكون جملةً ،جمل ًة
اسمية أو جمل ًة فعلية ،فإذا كان الخرب جمل ًة اسمية أو فعلية فيسمي النحويون
حينئذ بالجملة الكربى ،كقولك :محمدٌ يقوم ،أخربت عن محمد بالجملة ٍ الجملة
قائم" أخربت عن محمد بالجملة االسمية :أبوهالفعلية :يقوم هو ،أو محمدٌ أبوه ٌ
ٍ
حينئذ تسمى كربى ،كلها تسمى جمل ًة كربى. قائم ،فالجملة
ٌ
ٍ
حينئذ جملة صغرى. وأما الخرب ،جملة الخرب ،فتسمى
وقال ابن هشام :إن اجلملة قد توصف بأنها كربى وصغرى يف الوقت نفسه.
نظيف ،فمحمدٌ إلى آخر
ٌ مثال :محمدٌ أبوه ثوبه
كالمثال السابق ،وكما لو قلت ً
نظيف :فهي كربى بالنسبة
ٌ نظيف :صغرى ،وأما أبوه ثوبه
ٌ الجملة :كربى ،وثوبه
نظيف ،وصغرى بالنسبة إلى المبتدأ السابق :محمد.
ٌ إلى خربها ،ثوبه
فإذا لم تكن الجملة الصغرى خربًا ،أي لو كانت غير خرب ،لو كانت ً
حاال ،لو
قلت :جاء محمدٌ يركض ،يركض :جملة فعلية ودخلت يف الجملة السابقة جاء
محمدٌ جملة فعلية ،جاء محمدٌ يركض ،صارت جاء محمدٌ إلى آخره جملة فعلية،
ويركض :هذه جملة فعلية ووقعت ً
حاال ،هل نسمي يركض جملة صغرى ،وجاء
محمد إلى آخره جملة كربى؟ فعند النحويين ال تسمى هذه جملة كربى وصغرى.
ألن األمر يرتبط بال ُع َمد ،ال ُعمدة كما تعرفون الفعل والفاعل يف الجملة
الفعلية ،والمبتدأ والخرب يف الجملة االسمية ،ولهذا ال بدَّ أن يكون الخرب جملة
ٍ
حينئذ مكونة ٍ
حينئذ ،فيدخل يف أتكوين الجملة ،فنقول الجملة لكي يكون عمدة
من جملتين ،فصارت صغرى وكربى ،لكن جملة الحال هذه فضلة ،كما يقول
المتقدمون ،أو تكملة ،فال تعد من صلب الجملة.
شرح قواعد اإلعراب e f
g
32 h
إذ قال ابن هشام :ومثله( :ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ) [الكهف ]38:يف األصل هو:
لكن أنا هو اهلل ربي ،وإال لقيل :لكنه.
هذه الزيادة ليست موجودة يف النسخة الصغيرة ،وكأنه مما زاد ابن هشام ،هذه
اآلية يف سورة الكهف( :ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ) [الكهف.]38:
يف تخريجها كال ٌم طويل يف أهل اإلعراب ،من أشهر هذه التخريجات ،وهو
ُ َّ
الذي نصره ابن هشا ٍم هنا ،أن أصل اآلية :لكن أنا هو اهلل ربي ،وبذلك قرأ أ ُّ
بي بن
كعب ◙ ،لكن :فيه نون خفيفة ،أنا :ضمير المتكلم ،هو اهلل ربي ،فصارت:
نظيف.
ٌ أنا هو اهلل ربي ،كقولك :محمد أبوه ثوبه
منطلق ،أنا ،أخربت عن نفسك بماذا؟ أنا
ٌ أو المثال المذكور :زيدٌ أبوه غالمه
هو اهلل ربي ،أين خرب أنا؟ هو اهلل ربي ،وجملة الخرب ال بدَّ أن يكون بينها وبين
المبتدأ إما رابط أو باتفاق المعنى ،أين الرابط؟ هو ،هل يعود إلى أنا؟ ال ،ياء
المتكلم يف :ربي ،الرابط ياء المتكلم يف :ربي ،هو :مبتدأ ،وخربه جملة :اهلل ربي،
ما العالقة بين هو ،واهلل ربي؟ ا َّلذي يظهر اتفاق المعنى ،اهلل ربي هو هو.
واهلل ربي ،اهلل :مبتدأ ،وربي :الخرب ،إذن فربي :خرب اهلل ،واهلل ربي :خرب هو،
وهو اهلل ربي :خرب أنا فصارت كالمثال المذكور.
قال :وإال ،أي لو لم يقل بذلك لكان واج ًبا أن يقال :لكنه اهلل ربي ،أي لو
لكن المشددة.
قيل :إن لكن التي يف اآلية ليست لكن المخففة ،لكن ،ولكنها َّ
ٍ
حينئذ ال بدَّ أن يتصل اها اسمها ،تقول :لكنَّه ،لكنَّك، لكن المشدد
لو كانت َّ
ال ينفصل اسمها عنها ،ال تقول لكن :لك َّن هو زيدٌ ،لك َّن أنت زيدٌ ،ال ينفصل
اسمها عنها ،يتصل اها ،فبان بذلك أن األصل لكن أنا ثم ُح ِذفت الهمزة من أنا
تقري ًبا فصارت لك ْن ،مختومة بنون ساكنة ،ونا :مبدوءة بنون مفتوحة ،بحيث َش َّك َل
e f شرح قواعد اإلعراب
33 h
g
إدغا ًما ،فأدخلت النون يف نون ،لكنَّا هو اهلل ربي.
قلت كال ًما ،ثم كل ٍ
لفظ مفيد ،لو قلت أنت شي ًئا مفيدً ا ،أقول لكَ : الكالم :هو ُّ
لو أردت أن أعرفه لسبب من أسباب التعريف قلت :الكالم ا َّلذي قلته مفيد ،فهذه
مسألة نحوية ،أما التعريف فهو واحد.
ننتقل يا إخواين للمسألة الثانية.
قال :إحداها واقعةٌ خربًا ،وموضعها رفعٌ يف بابي املبتدأ ،وإن حنو :زيدٌ قام
أبوه ،وإن زيدًا أبوه قائمٌ ،ونصبٌ ،أي موضعهما أو موضعها اجلملة الواقعة خربًا،
وموضعها نصبٌ يف بابي كان وكاد ،حنو :إنهم كانوا يظلمون ،وما كادوا يفعلون.
الجملة األولى :زيدٌ قام أبوه :زيدٌ مبتدأ ،وقام أبوه :جملة وقعت خربًا،
قائم مكان
قائم ،يمكن أن تجعل ٌ
واألصل يف الخرب أن يكون للمفرد ،تقول :زيدٌ ٌ
قائم ،أبوه قائم :خرب إن يف محل رفع ،األصل يف
قام أبوه ،وكذلك يف :إن زيدً ا أبوه ٌ
قائم.
خرب إن اإلفراد ،إن زيدً ا ٌ
تقول :كانوا يظلمون ،كانوا مالمين ،فتجعل الخرب هنا مفر ًدا ،فلما وقعت
الجملة ،قلنا لها ٌّ
محل من اإلعراب ،وهو نصب خربُ كان ،وما كادوا يفعلون،
يفعلون :خرب كاد يف محل نصب.
ً
مفعوال به ،وإذا ً
مفعوال يعني والجملة الثانية والثالثة الواقعة ً
حاال ،والواقعة
أطلق المفعول يف النحو فيراد المفعول به ألنه أصل المفاعيل.
شرح قواعد اإلعراب e f
g
36 h
قال ابن هشام :وحملهما النصب.
معلوم أن الحال حكمه النصب ،والمفعول به حكمه النصب ،لكن هذه أشياء
للعلم فقط من باب التأكيد.
قال :واملفعوليةُ تقع يف أربعة مواضع ،حمكيةً بالقول حنو :قال :إني عبد اهلل،
وثانيةً للمفعول األول يف باب ظن حنو :ظننت زيدًا يقراُ ،وثانيةً للمفعول الثالث يف
باب أعلم حنو :أعلمتُ زيدًا عمروًا أبوه قائمٌ ،ومعلقًا عنها العامل حنو :لنعلمُ أي احلزبني
أحصى ،فلينظر أيها أزكى.
أعلم،
َ أعلم ،وهذا خطأ ،والصحيح
ُ قوله :باب أعلم :المحقق ضبطها عندي
أعلم فهي متعدية إلى اثنين.
أعلم تعدت إلى ثالثة ،وإذا قلت ُ
إذا قلتَ :
يقول :الموضع األول إذا كانت الجملة محكي ًة بالقول ،مسبوق ًة بقول ،قال،
القول تحكي به ما شئت ،واألصل أن تحكي به المفردات ،تقول :قال محمدٌ ح ًّقا،
وقال محمدٌ كلمةً ،مفعول به منصوب ،فإن حكيت اها جمل ًة صارت يف موضع
ٌ
مفعول به ألنه المقول يعني إعرابي ،وهو النصب ألنه حكم
ٌ المفرد ،فصار لها
ٌّ
ٌ
مفعول به. الشيء ا َّلذي قلته ،ا َّلذي وقع عليه القول ،هو
ناجح ،أنا أقول :قال الطالب:
ٌ مثال ،محمدٌ
مثال :إن قلت لي أنت ً
كقولك ً
ناجح :هذه جملة اسمية مبتدأ
ٌ ناجح ،قال الطالب :فعل وفاعل ،محمدٌ
ٌ محمدٌ
ٌ
مفعول به يف محل نصب. وخرب ،لكن هنا مرفوع من القول،
كي قوله ،قال :فإين عبد اهلل ،هذه َّ
قال إين عبد اهلل ،الذي قاله إين عبد اهلل ،ثم ُح َ
e f شرح قواعد اإلعراب
37 h
g
ٌ
مفعول به يف محل نصب. إن واسمها وخربها ،وهو مقول بقول المحل،
الموضع الثاين :قال :وثاني ًة للمفعول األول يف باب من ،نحو :مننت زيدً ا
مننت عرفنا من قبل أهنا بعد أن تستويف فاعلها ماذا تنصب؟ مفعولين ،ما
ُ يقرأ ُه،
أصلهما؟ المبتدأ والخرب ،نعود إلى باب المبتدأ والخرب.
قارئ ،وقد يقع
ٌ يف باب المبتدأ والخبر عرفنا أن الخبر قد يقع مفر ًدا :محمدٌ
قارئ ،انتقل هذا
ٌ جمل ًة فعلية :محمدٌ يقر ُأ ،وقد يقع جمل ًة اسمية ،محمدٌ أبوه
الحكم من الخرب إلى المفعول الثاين ألن المفعول الثاين أصله الخرب ،فلهذا نقول:
مننت محمدً ا يقرأ :المفعول الثاين جملة
ُ مننت محمدً ا قارئًا المفعول الثاين مفرد،
ُ
فعلية ،فكان لها إعراب يف محل نصب.
مننت محمدً ا مفعول به أول ،أبوه
ُ قارئ،
ٌ مننت محمدً ا أبوه
ُ ويمكن أن تقول:
ٌ
ثالث يف محل ٌ
مفعول قارئ مبتد ٌأ وخربٌ ،والجملة االسمية من المبتدأ والخرب
ٌ
نصب.
قال:املضاف إليها وحملها اجلر ،معروف أن المضاف إليه حكمه الجر ،نحو:
ينفع الصادقين صدقهم ،يو َم هم بارزون.
هذا يو ُم ُ
هذا :مبتدأ ،ويو ٌم :خرب المبتدأ مرفوع وعالمة رفعه الضمة وهو المضاف،
مفعول اهم مقدم ،وصدقهمُ :
فاعل ينفع ٌ ينفعٌ :
فعل مضارع مرفوع ،والصادقين: ُ
مضاف إليه
ٌ ينفع الصادقين صدقهم ،الفعل والمفعول به هو الفاعل
مؤخر ،وجملة ُ
يف محل جر.
بارزون( :يو َم) هذا مرف زمان منصوب وعالمة نصبه الفتحة،
َ كذلك :يوم هم
وهو مضاف ،وهم بارزون :هم مبتدأ ،وبارزون خربه ،والجملة االسمية هم
مضاف إليه يف محل جر.
ٌ بارزون:
هذا يف باب اإلضافة ،يف باب اإلضافة ترى أن األصل يف اإلضافة أهنا تقع بين
اسمين.
ِ
الوزير ،إذن فاألصل يف المضاف إليه أنه من ٍ
محمد ،وسيار ُة قلم
تقولُ :
مواضع المفرد ،إال أن المضاف إليه يف نحو المتوسطين ،تدرسون أن المضاف إليه
قد يقع جمل ًة يف موقع واحد ،وهو إذا كان المفرد مر ًفا ،مرف زمان بمعنى إذ ،فإن
المضاف إليه قد يكون جملة اسمية أو فعلية.
شرح قواعد اإلعراب e f
g
40 h
ٍ
فحينئذ يكون للجملة ٌّ
محل من اإلعراب ،وهو الجر.
قال ابن هشام :وكلُ مجلةٍ وقعت بعد إذ ،أو إذا ،أو حيثُ ،أو ملا الوجودية ،عند
من قال بامسيتها ،أو بينما ،أو بني؛ فهي يف موضع ظرفٍ بإضافتهن إليها.
هذا يمكن أن نقول أنه ضابط من ضوابط اإلعراب المبنية.
مضاف إليه يف
ٌ إذا وجدت هذه الكلمات وبعدها جملة فتعرف أن هذه الجملة
محل جر ،إن عرفنا أهنا مرف زمان لماضي ،وإذا مرف زمان للمستقبل ،إذا وقع
مريض ،إن :مرف زمان،
ٌ بعدهما جملة اسمية وفعلية ،كأن تقولُ :ز َ
رتك إن محمدٌ
مسافرا ،صارت جملة
ً مضاف إليه ،أو زر ُت َك إن كنت
ٌ مريض :جملة اسمية
ٌ محمدٌ
مضاف إليه يف محل جر.
ٌ مسافرا بعد إن ،فهي جملة فعلية
ً فعلية ،كنت
مضاف
ٌ وأما إذا تقول :سأزورك إذا نجحت ،فوقعت جملة فعلية بعد إذا ،فهي
حيث تشاء ،أو اجلس ُ
حيث ئت أو ُحيث ِش َ
حيث تقول :اجلس ُإليه يف محل جرُ ،
جالس.
ٌ زيدٌ
لما الوجودية ،ويقال لما الحينية ،يعني لما الدالة على الزمان ،تقولُ :ز َ
رتك
نجحت ،فلما عند قول هؤالء أهنا مرف زمان ،فالجملة
َ نجحت ،يعني حين
َ لما
مضاف إليه.
ٌ بعدها
قولهم عند من قال باسميتها ألن بعض النحويين يرون أهنا حرف ،ومعلوم أن
المضاف ال يقع حر ًفا ،بل يجب أن يكون ً
اسما ،قال :أو بينما ،أو بين ،كأن تقول:
بينما نحن جالسون جاء محمد ،أو بين نحن جالسون جاء محمد ،بين نحن
خرج علينا رجل.
جلوس َ
ٌ
e f شرح قواعد اإلعراب
41 h
g
قال ابن هشام :واخلامسةُ.
أي الجملة الخامسة من الجمل التي لها ٌّ
محل ،لها محل أم ليس لها محل؟ لها
ٌّ
محل من اإلعراب.
ٍ
ماض ،والتاء :فاعل ،عندما اتصلت ئت) :من شا َء فعل فائدة :وإعرابِ :
(ش َ
التاء بن شاء حذفنا األلف ألن التاء ضمير متكلم ،فضمير مخاطب متحرك،
ذهبِ ،صله بالتاء ،ست َُس ِّكن آخره،
َ والفعل الماضي إذا اتصل بضمير متحرك مثل:
ذهب ُت ،أو ذهب َت ،ذهب ِ
ت ،ال بدَّ أن تسكن اآلخر ،شاء آخره همزة اتصلت به التاء، ْ ْ ْ
َست َُّسكن الهمزة ،صارت الهمزة ساكنة ،وقبلها ألف واأللف ساكنة تبقى ساكنة
على ذلك ،تقول :ما ِش ْئ َت.
نعود إلى الجملة الخامسة:
قال :حملها اجلزم إذا كانت مقرونةً بالفاء ،أو بـ إذا الفجائية
يعني جملة الجواب إذا وقعت يف جواب جازم واقرتنت بالفاء ،مثل :إن
ناجح ألن الجواب قد يقرتن بالفاء يف مواضع ،وقد ال يقرتن بالفاء،
ٌ فأنت
تجتهد َ
شرح قواعد اإلعراب e f
g
42 h
فتقول :إن تجتهد تنجح يف مواضع ،فإذا اقرتنت بالفاء أو إذا الفجائية.
طبعًا األصل واألكثر أن تقرتن بالفاء إذا اقرتنت ،واقرتانها بـ إذا الفجائية
قليل ،سيمثل:
قال :يف األوىل ،أي المقرتنة بالفاء حنو( :ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨﯩ
ﯪ) [األعراف( ،]186:ﯪ) ،وهلذا قلنا باجلزم ويَذْرهُم عطفًا على حمل
اجلملة .والثانية حنو( :ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ)
[الروم( ]36:ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨﯩ) [األعراف]186:
أين أداة الشرط؟ َمن ،فعل الشرط :يضلل ،مجزوم وعالمة جزمه السكون،
الظاهر أم المقدر؟ المقدر ،ما ا َّلذي منع من مهوره؟ حركة التقاء الساكنين ،أين
ادي له ،هذا الجواب ،أما الفاء فداخل ٌة على
جواب الشرط؟ يقول :الجواب :ال ه َ
الجواب ،أي ليست من الجواب ،وإنما داخلة ومقرتنة بالجواب.
هادي:
َ هادي له؟ ال :نافية للجنس،
َ هادي له ،ما إعراب ال
َ إذن الجواب :ال
اسمها،
ٍ
حينئذ اسمية أم فعلية؟ اسمية ألن الحرف ال يخرج ما له :خربها ،صارت الجملة
بعده عن كونه يف أول الجملة ،فالجملة هنا وقعت اسمية ،فوقعت جمل ٌة اسمي ُة
ٍ
فحينئذ ما محل هذه الجملة؟ الجزم. ٍ
لشرط جازمَ ،من مقرتن ًة بالفاء، جوا ًبا
لماذا قلنا إن هذه الجملة لها محل من الجزم؟ ألن األصل يف جواب الشرط
فعال مضار ًعا مجزو ًما ،والمضارع مفرد ،انتبهوا لهذه المسألة يا إخوان
أن يكون ً
ألنه لن نعيد شرحها ألهنا طويلة.
األصل يف جواب الشرط أن يكون ماذا؟ مضار ًعا.
كقولكَ :من يجتهد ينجح ،فجواب الشرط هنا ماذا؟ ينجح ،الجزم وقع على
e f شرح قواعد اإلعراب
43 h
g
الفعل المضارع ينجح أم على جملته؟ الجزم هنا وقع على الفعل نفسه فانجزم أم
على كل الجمل َة؟ على الفعل نفسه ،فلهذا انجزم لفظه ،ا َّلذي انجزم هنا لفظ الفعل
أم محل الفعل؟ لفظ ُه ينجح ،بالجزم.
جواب ٍ
حينئذ :إن ا َّلذي وقع إذن فالجزم هنا وقع على لفظ الفعل ،فنقول
ً
تابع له ألن الجزم لو وقع على
للشرط الفعل المضارع نفسه ال جملت ُه ،والفاعل ٌ
ٍ
حينئذ مرفو ًعا ،ونقول إن الجزم وقع الجملة ال على اللفظ لبقي الفعل المضارع
على الفعل والفاعل ،ال ،لكن ا َّلذي يف العربية أن الجزم يقع على لفظ المضارع.
وسيأيت كال ٌم آخر على هذه المسألة.
فدل ذلك على أن األصل يف هذا الموضع أن يكون للمفرد أم الجملة؟
محال من اإلعراب
ً للمفرد .فلما وقعت الجملة االسمية هنا موقعه قيل إن لها
وهو الجزم
قال ابن هشام :فأما حنو :إن قام أخوك قامَ عمرٌو.
عمرو :جواب الشرط ،معي يا
فعل الشرط ،قام ٌ َ
أخوكُ : إن :أداة الشرط ،قام
إخوان؟ أين جواب الشرط؟
عمرو يعني جملة ،إذا قلت :قام يعني مفرد،
عمرو أم قام؟ إن قلت :قام ٌ
قا َم ٌ
يعني الفعل قا َم ،واضح؟
قال ابن هشام :فأما حنو :إن قام أخوكَ قام عمروُ.
ِ
للجملة بأسرها ،يعني أن الجواب قام فمحل الجزم محكو ٌم به للفع ِل وحده ال
أم قام عمرو؟ قا َم ،الجزم واقع على الفعل نفسه.
قال ابن هشام :تقول العرب وحنو ذلك :إن قاما ويقعدا أخواك.
يعني لو تركنا كل ذلك ،وأتينا بفعل الشرط مضار ًعا ،لو قلت إن تجتهد تنجح،
أين فعل الشرط؟ الفعل المضارع تجتهد أم جملته؟ الفعل المضارع ،فلهذا وقع
الجزم على لفظه ،فدل ذلك على أن فعل الشرط مفرد أم جملة؟ مفرد فعل
مضارع ،هذا أصل المسألة.
قال ابن هشام :تنبيهٌ! إذا قلت :إن قامَ زيدٌ أقومُ.
ما محل :أقوم؟
إن قا َم زيدٌ أقو ُم :هذا اسمه أسلوب الشرط ،يقول يف أسلوب الشرط ،إذا وقع
ٍ
حينئذ أن تجزم فعال مضار ًعا فيجوز لك
فعال ماض ًيا ،وجواب الشرط ً ِ
الشرط ً فعل
جواب الشرط ،فتقول :إن قام زيدٌ أقم ،وهذا هو األكثر واألحسن ،ويجوز لك أن
ترفع الفعل المضارع ،وهو الجواز الحسن ،يعني ليس قريب أو بعيد ،جواز
حسن ،فتقول :إن قام زيدٌ أقو ُم.
ــر ِم ِ ِ َي ُقـ ُ ـــــأ َل ٍة
ـــــو َم َم ْس َ َوإِ ْن َأتَـــــا ُه َخ ِل ٌ
ــب َمـــالي َو َال َحـ َ
ــولَ :ال غَائـ ٌ يـــــل َي ْ
هذه مسألة مذكورة يف كتب النحو ،وليس عن ذلك يتكلم ابن هشا ٍم هنا ،وإنما
يتكلم عن هذا الجواب إن ُرفع ،فقلت :إن قام زيدٌ أقو ُم ،فرفعت الفعل المضارع،
ما إعراب جملة أقوم؟
ٍ
حينئذ ما إعرااها؟ هل هي نقول :فعل مضارع مرفوع ،والفاعل هو ،والجملة
جواب الشرط؟ أم ال؟
شرح قواعد اإلعراب e f
g
48 h
قال ابن هشام :فاجلواب قيل.
إذن المسألة فيها خالف ،قيل :هي دليل الجواب ،يعني ليس فيها الجواب،
وإنما هي دليل الجواب ،والجواب محذوف ،يعني إن قام زيدٌ أقم ،أقوم ،فأقوم
دليل الجواب ،والجواب محذوف.
وقيل على إضمان الفاء ،يعني األصل :إن قام زيدٌ أقو ُم ،فإذا أتيت بالفاء الفعل
ٍ
حينئذ. المضارع يرتفع
فعلى األول ،يعني أن هذه الجملة ليس هي جواب الشرط ،ولكنها دليل على
جواب الشرط المحذوف ،فعلى األول :ال محل له ألنه مستأنف ،الجملة هذه
جملة مستأنفة دالة على الجواب المحذوف.
وعلى الثاين ،يعني أهنا جواب الشرط ،ولكن دخلت عليها فاء محذوفة ،وعلى
ٍ
لشرط جاز ٍم الثاين محله الجزم ،لما سبق قبل قليل ،من أن الجملة إذا وقعت جوا ًبا
واقرتنت اها الفاء أو إذا فمحلها الجزم.
هذا اقرتنت اها الفاء ،لكنها محذوفة.
قال :التابعة ملفرد ،يعني الجملة التي تبعت مفر ًدا ،وعلمنا أن المفرد
االسم من المضارع ال بدَّ له من حكم إعرابي.
قال :فاجلملة املنعوت بها ،هو حلها بحسب منعوهتا ،فهي موضع رفعٍ يف حنو:
(ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ) [البقرة ،]254:ونصبٍ لنحو( :ﯸ ﯹ ﯺ
ﯻ) [البقرة ،]281:وجرٍ لنحو( :ﰀ ﰁ ﰂ ﰃﰄ) [آل عمران.]9:
أيضا على وقوع الجملة نعتًا يف المسألة األخيرة ،ويف إعراب
سيأيت كال ٌم آخر ً
الجمل بعد المعارف ،وبعد النكرات.
والجملة هنا كما رأيتم وقعت بعد نكرة ،فصارت نعتًا ،ومعلوم أن النعت من
التوابع ،وهذا ال يحتاج إلى شرح.
قال ابن هشام :ولو قدرت العطف على اجلملةِ االمسيةِ مل يكن للمعطوفةِ حملٌ.
يعني لو قيل أن :قعد أخوه ليست معطوفة على قام أبوه ،وإنما معطوف ٌة على
زيدٌ قام أبوه ،زيدٌ قام أبوه ،هذه جملة ابتدائية ،والجمل االبتدائية كما سيأيت من
شرح قواعد اإلعراب e f
g
50 h
الجمل التي ال محل لها من اإلعراب.
فلو قلنا أن :قعد أخوه معطوفة على زيدٌ قام أبوه لصارت من الجمل
المعطوفة على جمل ليس لها محل من اإلعراب ،فصارت مثل هذا ال محل لها
من اإلعراب.
قال :ول و قدرت الواوَ واوَ احلالِ؛ كانت اجلملة يف حمل نصبٍ ،وكانت قد فيها
مضمرةً.
سالم اهلل عليكم ورحمته وبركاته ،وحياكم اهلل وبياكم يف الدرس الثاين من
دروس شرح كتاب اإلعراب عن قواعد اإلعراب البن هشا ٍم .
نحن يف مغرب مساء السبت الثامن من جمادي األولى ،من سنة ثمان وثالثين
وأربع مئة وألف ،يف جامع عبد اهلل بن مسعود ◙ بحي الغريب بمدينة
الرياض.
وكنا قد توقفنا يف آخر الكالم على الجمل التي لها ٌّ
محل من اإلعراب.
توقفنا عند الجملة األخيرة ،وهي الجملة المعطوفة على جملة لها ٌّ
محل من
اإلعراب.
م َّثل ابن هشا ٍم لها بقوله :زيدٌ قام أبوه وقعد أخوه.
نعرب :زيدٌ :مبتدأ ،أين خرب هذا المبتدأ؟ جملة قام أبوه ،ثم قال :وقعد :الواو
حرف عطف ،قعد أخوه :جملة معطوفة ،إما أن تعطف على جملة الخرب قام أبوه،
فتقول :مثلها يف محل رفع ،وإما أن تعطف على الجملة االبتدائية :زيدٌ قام أبوه،
فتقول ال محل لها من اإلعراب مثلها.
e f شرح قواعد اإلعراب
51 h
g
ٍ
أتى ابن هشا ٍم باحتمال َ
آخر فقال:
ولو قدرت الواوَ واو احلالِ؛ كانت اجلملة يف موضع نصبٍ ،وكانت قد فيها مضمرةً.
واوا
يعني قال يصح ،من باب بيان االحتماالت لطالب العلم أن تجعل الواو ً
ٍ
حينئذ جملة حالية ،والجملة الحالية هي يف محل نصب، حالية ،فالجملة بعدها
ويف باب الحال يقال إن الحال قد تكون جملة ،فإن كانت جمل ًة فعلي ًة مبدوءة بفع ٍل
ماض متصرف وجب أن ُيسبق الفعل الماضي بن قد.ٍ
قال ابن هشام :وإذا قلتَ :قال زيدٌ :عبد اهللِ منطلق وعمرٌو مقيمٌ ،فليس من هذا
القبيل ،بل الَّذي حمله النصب جمموعُ اجلملتني؛ ألن اجملموع هو املقول ،فكلٌّ منهما جزء
مقول ،كان قولٌ.
هنا الجملة :قال زيدٌ إلى آخره فيها قال ،وزيدٌ فاعل ،أين المقول ،ما ا َّلذي قاله
شرح قواعد اإلعراب e f
g
52 h
مقيم ،كل ذلك هو المقول،
ٌ وعمرو
ٌ منطلق
ٌ زيد؟ ا َّلذي قاله زيد مجموع عبد اهلل
ٌ
مقول واحدٌ وليس يعني لم يقل قولين ،وقال ً
قوال واحدً ا وهو جملتان ،إذن فهو
مقولين ،فبهذا
قال ابن هشام :ليس هذا من باب العطف املذكور سابقًا ،بل اجلملتان هنا
كالهما مقول القول.
نقول يف اإلعراب:
منطلق،
ٌ مقيم :معطوفة على عبد اهلل
ٌ وعمرو
ٌ عبد اهلل منطلق :مبتدأ وخرب،
والمعطوف ولمعطوف عليه كالهما مقول القول يف محل نصب.
ٌّ
محل من اإلعراب، انتهينا من المسألة الثانية وكانت يف الجمل التي لها
وضابطها أهنا الجمل التي تحل محل المفرد ،أو يحل محلها المفرد.
مقيم :عندنا جملة قال زيدٌ إلى آخره ،ما نوع
وعمرو ٌ
ٌ منطلق
ٌ قال زيدٌ :عبد اهلل
هذه الجملة؟
ابتدائية ،ال محل لها من اإلعراب.
مقيم :كل هذه الجملة ،هذه مقول القول ،نفس مقول
وعمرو ٌ
ٌ ٌ
منطلق عبد اهلل
القول هذه يف محل نصب ،مقول القول يتكون من ماذا؟ يتكون من جملتين،
منطلق ،هذه جملة ابتدائية ،يعني قبل أن تكون مقول
ٌ الجملة األولى :عبد اهلل
منطلق ،فأنت ابتدأت اهذه الجملة،
ٌ القول ،ماذا قال زيد؟ أنت قلت لي :عبد اهلل
مقيم معطوفة على هذه
ٌ وعمرو
ٌ منطلق ابتدائية،
ٌ وهي من القائل ابتدائية ،فعبد هلل
االبتدائية ،إذ ال محل لها من اإلعراب ،ثم إن مجموع الجملتين بعد أن وضعتا
مقول القول صارت مقول القول يف محل نصب.
ننتقل إلى المسألة الثالثة.
e f شرح قواعد اإلعراب
53 h
g
قال ابن هشامٍ املسألة الثالثة يف بيان اجلمل اليت ال حمل هلا من اإلعراب وهي
سبعٌ
عرفنا أن ضابطها أهنا الجمل التي ال يحل محلها المفرد ،أو التي ال تحل محل
المفرد ،وهذا هو األصل يف الجمل ،أهنا ال محل لها من اإلعراب.
يقول ابن هشام :واالبتدائية قد تكون يف أول الكالم مطلقًا ،مثل :إنا أعطيناك
الكوثر ،وقد تُسبق بكالمٍ سابق ال ترتبط به ارتباطًا صناعيًا لفظيًا ،كقوله تعاىل:
(ﭳ ﭴ ﭵﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺﭻ) [يونس.]64:
قال ابن هشام :وال يصح أن تكون حمكيةً للقول الَّذي نُهي النيب
عن احلزن بسببه؛ ألنه ليس هو القول الَّذي حيزن.
يعني ليس المعنى :وال يحزنك قولهم ،ماذا قالوا؟ قالوا( :ﭷ ﭸ ﭹ
ﭺﭻ) [يونس ،]64:ولم يقولوا ذلك.
قال :إذا نصبت تكون مثل :ما لقيته مذ يومان ،يعني أن جاء القوم جملة
مكونة من فعل وفاعل ،وخال زيدً ا :صارت جملة فعلية مكونة من الفعل الماضي:
خال ،والفاعل مسترت تقديره هو ،وزيدً ا :مفعول به ،صاروا جملتان ،الجملة األولى
فعلية ،والثانية فعلية.
أما ما لقيته مذ يومان :جملتان ،ما لقيته :فعلية ،ومذ يومان :اسمية.
أيضا ناشئة عن سؤال مفهوم من الجملة السابقة،
وقال بعضهم :إن خال زيدً ا ً
بسبب ،عندما قلت :جاء القوم ،وكأنه س ُئل :هل جاءوا جمي ًعا؟ ألم يتخلف منهم
ٍ
سؤال مفهو ٍم سابق. أحد؟ فقلت :خال زيدً ا أو عدا زيدً ا ،فصارت ناشئة من
شرح قواعد اإلعراب e f
g
60 h
قال ابن هشام :ومن مثلهما.
قوله :كذا يف النسخة التي عندنا ،والذي يف شرح الجربية ويف شرح األزهري:
ومن مُثُلِهاُ .م ُثل جمع مثال ،بمعنى أمثلة ،يعني ومن أمثلة هذه الجملة ،وهي
أوضح.
ثم قال :حتى ماءُ دجلةَ أشكلُ :يعني تغير لونه بسبب كثرة الدم.
الناس حتى األنبيا ُء،
ُ حتى :معروف أهنا تأيت حرف عطف ،درستم ذلك ،مات
الفجر ،درستمِ وقد تأيت حرف جر إذا وقع بعدها اسم مجرور مثل :حتى مطلع
ذلك.
قالوا حتى هنا يف البيت ليست بحرف جر ،وليست بحرف عطف ،فما هي؟
قالوا :حتى هنا ابتدائية ،نسميها ابتدائية إذا دخلت على جملة اسمية ،ما ُء دجل َة
ُ
أشكل ،ماء دجلة :مبتدأ ،أشكل :خرب.
لماذا ال نجعل :حتى جارة؟ ونجعل الجملة بعدها جملة يف محل جر؟
e f شرح قواعد اإلعراب
61 h
g
ألن المعنى يفسد ،ثم أن حتى لم يثبت دخولها على الجملة ،حتى الجارة لم
يثبت دخولها على الجملة ،المعروف إن حروف الجر تدخل على اسم ،وهكذا
الحكم يف حروف الجر ،تدخل على جملة ،فجعلك حتى داخل ًة على جملة
إخراجا لحروف الجر عن أصلها بغير دليل مسلم.
ً
بخالف لو قلت :إن حتى ابتدائية ،والجملة هذه جملة استفهامية ابتدائية
جديدة.
ُ
أشكل :فهذا ال يخرج حروف الجر عن أصلها. حتى ماء دجلة
قال ابن هشام :وعن الزجََّاجِ وابن ذو السري أن اجلملة بعد حتى االبتدائية يف
موضع جر بـ حتى.
الزجاج من كبار تالميذ المنُربَّد ،المنُربَّد هو خاتمة البصريين .تويف يف أواخر
َّ
والزجاج تويف ٣١١من الكبار تالميذ المنُربَّد.
َّ القرن الثالث ،٢85
الزجاج وابن ذو السري :جاء عنهما أن الجملة إذا وقعت بعد حتى فهي يف
محل جر ،ما عدا ذلك أهنم جعلوا حتى يف محل جر ،هذا قولهم.
وأما رأي الجمهور ،فقالوا :ابتدائية ،فلهذا
(ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ) [الحء.]6:
إذن فالجملة إذا كانت مبدوءة بـ إن ،تقول :إن محمدً ا قائم ،هذه جملة ،فإذا
ُسبقت بحرف جر ُتفتح أن.
ومع ذلك فإن العرب إذا جاءت إن بعد حتى فإهنم يفتحوهنا أم يكسروهنا؟
فإهنم يكسرون إِن كقولهم :مرض زيدٌ حتى إهنم ال يرجونه.
إنهم ال يرجونه :هذه جملة جديدة ابتدائية سببية ،وأما حتى لو كانت حرف
جر لقالوا :حتى أهنم ،فلما قالوا :حتى إهنم ،يعني استأنفوا كالم جديد.
وكل ذلك يدل لقول الجمهور.
e f شرح قواعد اإلعراب
63 h
g
إن هذه الجملة األولى من الجمل التي ال محل لها من اإلعراب وهي
االبتدائية.
الجملة الثانية من الجمل التي ال محل لها من اإلعراب:
قال ابن هشام :الثانيةً الواقعةَ صلةً السمٍ ،حنو :جاء الَّذي قام أبوه ،أو حلرفٍ
حنو :عجبتُ مما قمتَ :أي من قيامكَ ،فما وقمت :يف موضع جرٍ مبن ،وأما قمت وحدها:
فال حمل هلا.
الجملة الواقعة صلة :الكالم اآلن على صالت الموصول ،نذهب إلى باب
الموصول.
الموصوالت :وهذا قد يدرس يف النحو المتوسط ،ولكن غال ًبا يدرس يف النحو
المتوسع.
الموصوالت إما أن تكون اسمية ،وهي األسماء الموصولة ،واألسماء
الموصولة ،كما تعرفون ،نوعان:
-نصية :ا َّلذي وإخوانه.
-مشتركة :مثل :من وما.
ومن الموصوالت ،الموصوالت الحرفية ،وهي التي تسمى بالحروف
المصدرية ،التي ينسبك منها ومن صلتها مصدر ،مثل :أن ،ما ،فإذا قلت :أعجبني
أنك مجتهدٌ ،هذه أن ،وصلتها اسمها وخربها ،وينسبك منها جمي ًعا مصدر ،يعني
يعجبني اجتهادك.
فن أن نسميها حرف مصدري أو حرف موصول.
عملت ،إذا أردت أن تقول :أعجبني
َ وكذلك ما ،كأن تقول :أعجبني ما
عملك ألن ما الموصولة قد تشتبه بن ما المصدرية ،يعني ما التي هي اسم مصدر،
شرح قواعد اإلعراب e f
g
64 h
اسم موصول بمعنى الذي ،قد تشتبه بن ما التي هي حرف مصدري.
فإذا أردت ما اسم موصول بمعنى الذي؛ فكما يقول التقدير :يعجبني ما
عملت ،يعني ا َّلذي عملتَه ،وتقدر الهاء ،أو إذا أردت بن ما حرف مصدري ينسبك
منه ومن صلته مصدر فتقدير يعجبني ما عملت :يعني عملك ،فهذا محتمل ،وهذا
محتمل.
نحن نريد أن نجعل ما هنا حر ًفا مصدر ًّيا ينسبك منه أو من صلته مصدر.
ثم قال ابن هشام :وجيوز االعرتاض من أكثر من مجلةٍ واحدةٍ خالفًا ألبي علي.
علي الفارسي ،المتوىف سنة سب ٍع
إذا قيل :أبو علي يف النحو فالمراد به أبو ٍّ
وسبعين وثالث مئة ،وهو شيخ ابن ِجنِّي ،وهو من كبار الناقدين لعلم البصريين،
ويعد من النحويين البغداديين ،الذين نشئوا يف بغداد ،بعد اجتماع البصريين
والكوفيين يف بغداد ،أخذ عنه البصريين والكوفيين يف بغداد عدد من العلماء ،من
علي الفارسي.
أكابرهم أبو ٍّ
علي الفارسي ينسب إليه أنه ال يجوز االعرتاض بأكثر من جملة ،وابن
أبو ٍّ
هشام يقول :ال ،أنه الصحيح أنه يجوز أن تعرتض بأكثر من جملة.
من الشواهد على ذلك ،ذكره ابن هشا ٍم يف المغني ،ومثل له بقوله تعالى:
e f شرح قواعد اإلعراب
67 h
g
(ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣﯤ ﯥ ﯦ ﯧ) [آل
عمران.]36:
هذه أم مريم ،يحكي عنها أهنا قالت :رب إين وضعتها أنثى وإين
سميتها مريم ،عند جمهور المفسرين أن ا َّلذي قالته امرأة عمران ،أم مريم ،أهنا
قالت هاتين الجملتين ،إين وضعتها أنثى وإين سميتها مريم ،وما بينهما معرتض،
وما بينهما قوله تعالى( :ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ) [آل عمران :]36:جملة اسمية،
(ﯡ ﯢ ﯣﯤ) [آل عمران :]36:جملة اسمية أم فعلية؟ على الخالف ،مع
إن الخالف فيه ليس قوي ،حتى الجمهور الذين قالوا إن كان أفعال حقيقية ،قال
كثير من المحققين :إال ليس ،هناك خالف فيها.
على كل حالُ ،اعترض بين قولي :امرأة عمران بجملتين ،فال مانع لالعرتاض
بأكثر من جملة.
قال ابن هشام :وليس منه هذه اآلية ،خالفًا للزخمشري ،ذكره يف سورة آل
عمران.
يف آل عمران يعني هذه اآلية التي قرأناها ،خال ًفا للزمخشري ،الزمخشري
عظيم
ٌ كتاب
ٌ معروف هو أبو القاسم الزمخشري من كبار علماء النحو والبالغة ،له
يف النحو اسمه المفصل يف علم العربية ،يعد من أهم وأعظم كتب النحو ،يسمونه
كتاب سيبويه الصحيح ألن أغلبه بألفاظ كتاب سيبويه.
كثيرا ،وأعظم شروحه ،وأعظم شروحه الشرح المفصل البن وقد ُشرح ً
أيضا من كبار أهل البالغة ،وبالغته مهرت يف تفسيره للقرآن الكريم،
يعير ،وهو ً
التفسير ا َّلذي سماه بالكشاف ،وهو أعظم من فسر وبين البالغة التي يف القرآن
العظيم.
شرح قواعد اإلعراب e f
g
68 h
إال أنه مصيبته أنه كان معتزل ًّيا محرت ًقا ،وهو من كبار المعتزلة ،ولهذا
يحذر من قراءة تفسيره لمن ال يعرف مداخل المعتزلة.
الزمخشري يف الكشاف يف تفسيره لهذه اآليات التي قرأناها قبل قليل ،ذكر يف
هذه اآلية أن االعرتاض وقع يف جملتين ،وهذا ال إشكال فيه ،صحيح ،ثم قال:
ومثله ما جاء يف قوله تعالى يف السورة السابقة التي قرأناها ،سورة الواقعة( :ﯼ
ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ ﭑ ﭒ ﭓ)
[الواقعة ]77-75 :قال إن االعرتاض الواقع هنا بين المقسم به والمقسم عليه
أيضا جملتان:
ً
عظيم.
ٌ لقسم
ٌ الجملة األولى :إنه
الجملة الثانية :الجملة الشرطية :لو تعلمون.
أيضا يف جملتين.
فجعل االعرتاض هنا ً
ابن هشام يقول :ال ،ليس من االعرتاض جبملتني آية الواقعة ،لماذا؟
ثم قال ابن هشا ٍم :الرابعة أي الجملة الرابعة التي ال محل لها من
اإلعراب :التفسريية ،وهي الكاشفة حلقيقة ما تليه وليست عمدةً.
الجملة التفسيرية ،وتسمى الجملة المفسرة ،والجملة المفسرة هي الجملة
ٍ
لشيء قبلها ،يأيت يف الكالم ا َّلذي قبلها كلمة التي تأيت مفسر ًة موضح ًة كاشف ًة
مبهمة ،أو كلمة غير مبهمة ،لكن تحتاج إلى مزيد بيان ،فتأيت هذه الجملة بعدها
كاشف ًة وموضح ًة ومفسر ًة لما قبلها.
ٍ
حينئذ إن هذه الجملة التي فسرت شيئًا مما قبلها :إهنا جملة تفسيرية أو فيقال
مفسرة ،وال محل لها من اإلعراب.
واشرتط يف هذه الجملة التي تفسر شي ًئا قبلها أال تكون عمدة ،لن الجملة
المفسرة قد تكون عمدة ،وسيعود ويتكلم عن ذلك.
اآلية ( :ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟﯠ ﯡ
ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ
ﯳ) [البقرة.]214:
اآلية( :ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ
ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ
ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪﯫ ﯬ ﯭ ﯮ) [الصف.]12-11 :
كل هذا تريدهم.
قال ابن هشام :وقيل :مستأنفة ،مبعنى آمنوا ،بدليل :يغفر لكم باجلزم.
ٍ
حينئذ ،إذا قلنا أهنا وقيل :مستأنفة :سبق الكالم على الجملة المستأنفة ،فتكون
جواب يف سؤال مفهو ٌم مما تقدم ،كأنه عندما قال( :ﮢ ﮣ ﮤ
ٌ مستأنفة ،يعني أهنا
ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ) :قيل :ما هي التجارة؟ فقال( :ﮫ ﮬ ) ،فصارت
جملة ابتدائية مستأنفة ،لبيان هذه التجارة.
ٍ
حينئذ :آمنوا إذا كانت مستأنفة صار ال محل لها من اإلعراب ،ويكون معناها
ألنه إذا قيل له :ما التجارة؟ قال :التجارة آمنوا باهلل ورسوله.
يدل على ذلك أنه قال يف اآلية التالية :يغفر لكم ذنوبكم بجزم يغفر ،فالفعل
المضارع هنا منصوب ،ال بدَّ له من جازم ،وهو كما ترون جواب ،جواب تقدم ،إذا
قيل جواب يف النحو فالجواب يعني ما ترتب على شيء سأله ،ما ترتب ،يعني
جزاءه وجوابه ،يعني كلمة الشرط جواب تسمى جزاء ،وكذلك هناك أبواب كثيرة
يف الجواب ،الجواب يعني كل ما ترتب على ما تقدم.
(ﯝ ﯞ ﯟ) :هذا مرتتب على ما تقدم ،مرتتب على ماذا؟ كوهنا مرتتب
على اإليمان ،ال شك المغفرة مرتتبة على اإليمان.
اآلية بلفظها( :ﮫ ﮬ ) :تؤمنون فعل مضارع ليس له جواب ،األجوبة ال
تكون إال على أشياء ثمانية ،وهي اإلنشائية الطلبية ،وهي :األمر والنهي،
واالستفهام والدعاء ،والعرض والتحقيق ،والتمني والرجاء.
اجتهد تنجح الجواب :تنجح ،ال هتمل تنجح ،هل تجتهد تنجح؟ وهكذا.
e f شرح قواعد اإلعراب
73 h
g
تؤمنون :هذا فعل مضارع ،كيف تقول إن يغفر جواب له؟
تؤمنون :هنا فعل مضارع لكم ،ولكنه بمعنى آمنوا ،يعني فعل مضارع بلفظ
الخرب مرا ٌد به فعل األمر ا َّلذي هو إنشاء آمنوا ،وهذا موجود يف اللغة ،كقوله تعالى:
(ﭸ ﭹ ﭺ) [البقرة]228:؛ يرتبصن :أمر ،وكذلك:
(ﮪ ﮫ) [البقرة ]233:يرضعن :أمر.
(ﯝ ﯞ) :جواب لقوله :هل أدلكم ألن االستفهام يأيت له جواب ،ال
إشكال يف ذلك.
شرح قواعد اإلعراب e f
g
74 h
فإن قيل :هذا خالف المعنى ألن مجرد الداللة ليس سب ًبا للمغفرة ،هل أدلكم
على الخير؟ مجرد الداللة على الخير ليس سب ًبا للمغفرة ألهنا قد تقبل وقد ال
تقبل ،المغفرة متسببة عن اإليمان ،فكيف كان ذلك.
سبب إليماهنم،
ٌ سبب لإليمان ،داللتهم إلى اإليمان
ٌ فقالوا :إن الداللة هنا
سبب ِ
سبب المغفرة؟ ُ سبب
سبب للمغفرة ،إذن فالداللة سبب المغفرة أم ُ
وإيماهنم ٌ
سبب المغفرة ،ف ُأنزل سبب السبب منزلة السبب.
ِ
فلهذا يقول جمهور النحويين :االسم إذا وقع بعد أداة الشرط مثل( :ﭜ ﭝ
ﭞ) [االنشقاق ،]1:ومثل :نحن يف (فمن نحن) ليس مبتد ًأ ،وإنما فاعل لفعل
ٍ
حينئذ مطلوبة بفعل أم باسم؟ بفعل ،فمن نؤمنه، محذوف ،قد تكون أداة الشرط
هذه األصل.
ثم حذف الفعل نؤمن ،أين فاعل نؤمنه؟ مسترت تقديره نحن ،فلما حذف الفعل
مهر فاعله وبرز.
ونؤمنه المذكورة هي التي رفعت الفاعل أم ُيفسر الفعل محذوف؟ ُيفسر
الفعل محذوف ،صارت جملة مفسرة.
إذن الجملة المفسرة هنا مرفوعة أم مجزومة؟ مجزومة.
ٍ
حينئذ مرفوعة ،فلماذا ُجزمت؟ لو أن ال محل لها من اإلعراب لصارت
استدلوا فقالوا ُجزمت ألهنا تابع ٌة يف اإلعراب للجملة المفسرة المحذوفة ،فهذا
دليلهم .ورد عليهم الجمهور بما ال مجال للحديث بذكره اآلن .ال بد أن نقف.
¹
e f شرح قواعد اإلعراب
79 h
g
الباب الثالث
ِ
المعرب ،وذكر ٍ
كلمات يحتاج إليها كما ذكر ابن هشام كان يف تفسير
أن هذه الكلمات عشرون كلمة ،وقد قسمها إلى ثمانية أنواع ،بحسب عدد معانيها،
وأوجه استعمالها.
فالنوع األول :كان يف الكلمات التي لها وج ٌه واحدٌ ،وقرأناه.
والنوع الثاين :كان يف الكلمات التي لها وجهان ،وقرأناه.
واليوم إن شاء اهلل نبدأ يف النوع الثالث :وهي الكلمات التي لها ثالثة أوجه.
قال ابن هشام يف الصفحة التاسعة والستين« :النوع الثالث :ما جاء
على ثالثة أوجه» ،يعني ما كان له ثالثة معان ،أو ثالثة استعماالت.
قال« :وهي سبعٌ» ،سبع كلمات وهي( :إذ – َل َّما – نعم -أي – حتى – كال –
ال).
يبدأ بالكلمة األوىل فقال« :إحداها (إذ) :فيقال فيها تار ًة مرف لما مضى من
الزمان» ،هذا هو المعنى أو االستعمال األول لها ،أن تكون مرف زمان ،مرف
ٍ
زمان يف الماضي ،قال« :ظرف ملا مضى من الزمان».
(إذ) إذا كانت اهذا المعنى فما أحكامها؟
شرح قواعد اإلعراب e f
g
80 h
قال« :ويدخل على اجلملتني» ،يعني االسمية والفعلية ،نحو( :ﭑ ﭒ
ﭓ ﭔ) [األنفال( – ]26:ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ) [األعراف.]86:
ومعناها ،واستعمالها الثالث ،قال« :وتارةً حرف تعليل» ،إذا معنى (إذ) الثالث:
حينئذ حرف ،كقوله تعالى( :ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ٍ الداللة على التعليل ،وهي
ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ) [الزخرف.]39:
شرح قواعد اإلعراب e f
g
82 h
كيف كانت (إذ) هنا دالة على التعليل؟
قال ابن هشام« :أي :ألجل ظلمكم».
يقول المعنى( :ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ)
[الزخرف]39:؛ المعنى ،واهلل أعلم ،لن ينفعكم اليوم بسبب ملمكم ،أنكم يف
العذاب مشرتكون ،يعني كونكم مشرتكين ومجتمعين ،هذا االشرتاك واالجتماع
لن ينفعكم يف ذلك اليوم بسبب أنكم كنتم مالمين مستحقين للعذاب.
فالخالصة :أن (إذ) تأيت على ثالثة معان واستعماالت:
اسما ،وهي مرف للزمان الماضي.
األول :أن تكون ً
ٍ
حينئذ حرف. الثاين :أن تكون للمفاجأة ،وهي
ٍ
حينئذ حرف. الثالث :أن تكون للتعليل ،وهي
الكلمة الثانية:
قال ابن هشام« :الثانية( :لَمَّا) :يقال فيها يف حنو :ملا جاء زيدٌ جاء عمرٌ:
حرف وجودٍ لوجود» ،ثم ب َّين شي ًئا من أحكامها فقال« :وختتص باملاضي» ،يعني :ال
عمرو.
ٌ يأيت بعدها إال الفعل الماضيَ ،ل َّما جاء زيدٌ جاء
ما نوعها؟ ابن هشام يقول« :حرف» ،على ذلك نقول يف إعرااهاَ :ل َّما :حرف
e f شرح قواعد اإلعراب
83 h
g
وجود لوجود ،مبني على السكون ،ال محل لها من اإلعراب ،وما بعده جملة
ابتدائية.
وعند الفارسي ومتابعيه ،يرون أهنا مرف زمان ،فعلى قولهم ،نقول يف إعرااها
ماذا؟
( َل َّما) :مرف زمان مبني على السكون يف محل نصب.
قول الفارسي ،هل له وجه ،من حيث المعنى والداللة؟ حين جاء زيد جاء
عمرو ،كقولك :جاء عمرو حين جاء زيد ،هذا الملمح الذي ألمح إليه الفارسي
ومتابعوه ،ولهذا كثيرون بن« َل َّما» الحينية .لكن قوله فيه ضعف من حيث المعنى،
وهذا الذي استدل به القائلون بحرفيتها ،وهم سيبويه والجمهور.
يقولون :لو ق لنا إن (لما) مرف معنى ذلك أن الثاين واألول كالهما قد وقع يف
ٍ
واحد ،كما تدل على ذلك بقية الظروف. ٍ
زمن
قلت :جاء محمد يوم جاء زيد ،معنى ذلك :أن مجيئهما كان يف زمن
أنت إذا َ
واحد ،وإن ترتب مجيء على مجيء ،لكن المجيئين كانا من حيث الزمان يف زمان
واحد ،فهل ( َل َّما) يف اللغة تستلزم هذا المعنى؟ جاء زيد لما جاء عمرو؟ أم أن
المجيء األول قد يكون يف ٍ
زمن آخر غير زمن المجيء الثاين؟ نعم ،قد يكون هذا،
قد يكون.
ولهذا قال سيبويه :أن (لما) بمعنى الالم ،يعني :جاء عمرو من أجل مجيء
زيد ،أو بسبب مجيء زيد.
تأخرت ذهب األستاذ ،أو :لما تأخرتم ذهب األستاذ ،يعني :ذهب
ُ يقول :لما
األستاذ من أجل بسبب تأخركم.
فالخالف بينهم هو قائم على الخالف يف هذا المعنى ،هل هي مرفية تدل على
شرح قواعد اإلعراب e f
g
84 h
اتحاد الزمان أم ال؟ والظاهر يف اللغة ،أهنا ال تدل على اتحاد الزمان ،قد تأيت
لمطلق التعليل.
كأن تقول مثال :لما كفروا ،عاقبهم اهلل يوم القيامة يف النار ،فكفرهم كان
يف الدنيا ،وعقااهم كان يف اآلخرة ،وهكذا.
ولهذا كان قول الجمهور هو األحرى بموافقة المعنى.
هذا المعنى األول لها.
المعنى الثاين لـ(لما):
قال ابن هشام :ويقال فيها بنحو( :ﮦ ﮧ ﮨ) [ص :]8:حرف جزمٍ لنفي
املضارع ،وقلبه ماضيًا متصالً نفيه باحلال ،متوقعًا ثبوته.
أال ُيرى أن المعنى :أهنم لم يذوقوه إلى اآلن ،وأن ذوقهم له متوقع؟
المعنى الثاين لـ(لما) :أن تكون أختًا لن(لم) ،فلهذا يذكران يف أدوات جزم
المضارع.
تقول :محمد لم يذهب ،ومحمد لما يذهب ،كالهما يعمالن الجزم يف
المضا رع ،وكالهما يدالن على نفي وقوع المضارع ،وعلى قلب زمانه إلى
الماضي.
قالوا :الفرق بينهما أن (لم) تدل على مطلق النفي ،وال تدل على شيء آخر.
وأما (لما) :فتدل على شيئين ،على نفي الفعل ،وعلى توقع حدوثه.
فأنت إذا قلت :لما أذهب د َّل ْلت على أن الذهاب لم يحدث ،وعلى أن ذهابك
أو فعلك للذهاب متوقع وقليل الحصول ،ولهذا لو تأملت يف استعماالت (لم)
و(لما) يف القرآن الكريم وجدت مراعا ًة لهذا المعنى.
e f شرح قواعد اإلعراب
85 h
g
قال ابن هشام :واملعنى الثالث لـ(ملا) :ويقال فيها :حرف استثناء ،يف حنو:
أنشدك اهلل ملا فعلت ،أي :ما أسألك إال فعلك .ومنه( :ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ)
[الطارق .]4:يف قراءة التشديد"
تشديد ماذا؟ تشديد (لمنَّا).
ٍ
وحينئذ ال يتصور أن تكون لمنَّا ،فال يتصور يف هذا والقراءة األخرى( :ﮂ)،
المعنى.
لكن يف قراءة التشديد (لمـَّا) قالوا :إن (لمنَّا) هنا دالة على االستثناء ،يعني:
شرح قواعد اإلعراب e f
g
86 h
بمعنى َّإال.
قال« :أال يُرى أن املعنى :ما كل نفسٍ إال عليها حافظ؟ وال التفات إىل إنكار
اجلوهري ذلك».
مجيء (لمـَّا) دالة على االستثناء ،يعني :بمعنى َّإالَّ ،
قل يف اللغة ،حتى أنكره
الجوهري ،الجوهري ،ما كتابه؟
(الص َحاح) ،ليس (المختار)( ،مختار الصحاح) هذا مختصر للصحاح،
كتابهِّ :
بكر الرازي ،لكن كتاب الجوهري ،واسمه :إسماعيل بن حماد ،اسمه ألبي ٍ
(الص َحاح) ،ويقال
(الصحاح) ،واسمه الكامل (صحاح اللغة وتاج العربية) ،يقال ِّ
(الص َّحاح) ،كالهما صواب.
َّ
ويقال :إن كتابه بمنزلة صحيح البخاري يف كتب الحديث ،وكتابه (الصحاح)
هو أصح كتب اللغة ألنه اشرتط فيه أال يذكر إال ما صح يف اللغة ،يعني المعاين
غير الثابتة ،وا لمعاين المختلف فيها ،والضعيفة ،والقليلة ،ونحو ذلك ،لم يكن
يذكره ،وكان يكتفي بالصحيح المتفق عليه ،فلهذا قيل :إن كتابه أصح كتب أهل
اللغة.
لكنه ذكر هذا المعنى وأنكره ،لو سكت عنه فقط لقلنا سكت عنه مثال ألنه
قليل ،أو نحو ذلك ،لكن ذكره وأنكره ،فردوا عليه بأنه ثابت يف نقل غيره وحفظه،
ومن َح ِف َظ حجة على من لم يحفظ ،وممن نقل هذا المعنى سيبويه.
ويكفيك به ثق ًة وحج ًة يف نقل اللغة.
إال أنه ،أي هذا المعنى ،قليل ،كمثل قولهم :أسألك اهلل لمنَّا فعلت ،يعني:
أسألك اهلل إال فعلت كذا وكذا.
الخالصة :أن (لما) لها ثالثة معان:
e f شرح قواعد اإلعراب
87 h
g
األول :أهنا حرف وجود لوجود.
ٍ
وقلب. الثاين :أهنا حرف جز ٍم ٍ
ونفي
الثالث :أهنا حرف استثناء.
الكلمة الثالثة:
قال :نعم :فيقال فيها حرف تصديقٍ ،إذا وقعت بعد اخلرب ،حنو :قام زيدٌ ،أو ما
قام زيدٌ .وحرف إعالمٍ ،إذا وقعت بعد االستفهام ،حنو :أقام زيدٌ؟ وحرف وعدٍ إذا وقعت
بعد كالم الطلب ،حنو :أَحْ ِسنْ إىل فالن".
نعم :يجمع هذه المعاين التي ذكرها ابن هشام ،أهنا حرف جواب ،فكل هذه
المواضع الثالثة ،والمعاين الثالثة ،هي حرف جواب ،إال أنك إذا أجبت اها الخرب،
ٍ
حينئذ حرف تصديق ،كما لو قلت مثال :قام محمد، يعني الجمل الخربية فهي
كثيرا يف الكالم ،فتقول :جاء محمد .نعم .ذهب
ذهب محمد ،وهذه يستعمل ً
محمد .نعم ..،ونحو ذلك.
قال« :وهذا املعنى مل ينبه عليه سيبويه» ،يعني :إعالم المستخرب« ،فإنه قال:
عد ٌة وتصديق ،ولم يزد على ذلك».
يعني :سيبويه أدرج با ًبا لمعاين الحروف ،فذكر منها :نعم ،وقال :إهنا عدة
وتصديق ،تصديق :عرفنا أنه تصديق المخبِر ،فماذا يريد بقوله :عدة؟ يعني :وعد،
يقالَ :و َعدَ – َي ِعدُ – َوعدً ا – ِعدَ ةً.
العدة :هي الوعد ،نفسها ،كقولكَ :و َز َن – َي ِز ُن – َوزنًا – ِز َنةَ ،ونحو ذلك.
الكلمة الرابعة:
ي :بكسر الهمزة وسكون الياء ،وهي بمنزلة (نعم)"، ِ
قال" :الرابعة :أ ْ
يعني :مثل نعم يف هذه المعاين السابقة ،تكون لتصديق املخرب ،وإعالم املستخرب ،ووعد
الطالب.
قال :إال أنها ختتص بالقسم ،حنو( :ﰍ ﰎ ﰏ ﰐ ﰑﰒ) [يونس.]53:
قال :أي :ألهنا جاءت مع قسم.
(أي) لها ثالثة استعماالت ،لكن هذا االستعمال خاص بالقسم ،ال بد أن
e f شرح قواعد اإلعراب
89 h
g
تكون مع قسم.
أما (نعم) فال يشرتط فيها ذلك ،تكون مع القسم ،وتكون من دون قسم.
تقول :نعم واهلل ،أو تقول :نعم ،ال تحتاج أن تكون مصاحب ًة لقسم.
الكلمة اخلامسة:
قال« :حتى» وحتى تحتاج إلى شيء من االنتباه يا إخوان ،حتى يسندُ إلى
بعض أهل اللغة أنه قال« :أموت ويف نفسي شيءٌ من حتى»؛ ألهنا مرة تجر ،ومرة
تنصب ،ومرة ترفع.
قال :وعلى االسم املؤول من (أن) مضمرةً ،ومن الفعل املضارع ،فتكون تارةً مبعنى
(إىل) (ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ) [طه:]91:
يرجع ،أي :إلى رجوعه ،أي :إلى زمن رجوعه.
َ األصل :حتى أن
وتار ًة بمعنى( :كي) ،نحو :أسلم حتى تدخل الجن َة".
(حتى) إذا دخلت على فع ٍل مضارع ،فإن الفعل المضارع بعدها ،ماذا يكون يا
إخوان؟
يكون منصو ًبا ،فلهذا يذكرون (حتى) من المواضع التي ينتصب المضارع
بعدها.
أتعلم ،ونحو ذلك.
َ يرجع ،جئت حتى
َ حتى
هل المضارع منصوب بن (حتى) نفسها أم ال؟
خالف مشهور بين النحويين ،فالكوفيون يقولون :إن المضارع منصوب بن
منصوب بن (أن)
ٌ (حتى) نفسها ،والبصريون والجمهور يقولون :ال ،بل هو
مضمرة ،يعني محذوفة.
لماذا لم يقولوا :إن المضارع منصوب بن (حتى) نفسها؟
قالوا :ألن (حتى) من حروف الجر ،وال يعرف حرف من حروف الجر ينصب
المضارع.
e f شرح قواعد اإلعراب
91 h
g
يعني :ال تجعل هذا الحرف له أكثر من استعمال ،هو استعماله ،أنه حرف جر
ٍ
حينئذ من حروف قلت :الكتاب ٍ
لزيد ،فالالم فقط ،ومثل ذلك :الالم الجارة ،لو َ
َ
الجر ،فإذا دخلت على مضارع ،فإن المضارع بعدها سينتصب ،كقولك :جئت
ألتعلم.
َ
الكوفيون قالوا :إن المضارع منصوب بالالم نفسها.
والبصريون قالوا :الالم حرف جر ،ال تنصب المضارع ،وإنما المضارع
منصوب بن (أن) مضمرة محذوفة هنا .لماذا ُحذفت؟ كيف ُتقدر؟ هذا ٌ
أمر آخر.
اسما أم حر ًفا ٍ
فإذا قدرنا (أن) قبل المضارع فن(أن) والمضارع حينئذ يكونان ً
أم فعالً؟
اسما ألن االسم إما صريح وإما مؤول ،والمراد باالسم المؤول :ما
يكونان ً
مصدري وصلته ،والحروف المصدرية هي( :أن – أما – ما). ٍ
حرف تركب من
ٍّ
والقول الصحيح يف هذه المسألة هو قول الجمهور ،بال شك.
فهذا قول ابن هشام هنا« :وعلى االسم املؤول من (أن) مضمرةً» ،يعني :المحذوفة،
«ومن الفعل املضارع».
ماذا إذا دخلت (حتى) على االسم المؤول من المضارع وأن المحذوفة؟
فماذا يكون معناها؟
يقول :مر ًة تأيت بمعنى (إلى) كمعناها مع االسم ،ومر ًة تأيت بمعنى (كي) ،ماذا
يريد بمعنى كي؟ يعني :التعليل ،مرة يعرب بالتعليل ،ومرة يعرب بن (كي) ،والمعنى
واحد.
نقول مثال :انتظرين حتى يؤذن المغرب .ما معنى حتى هنا؟ بمعنى :إلى.
شرح قواعد اإلعراب e f
g
92 h
وإذا قلت مثال :انتظرين حتى أفهمك المسألة ،أو ال تسرع حتى ال يحدث
حادث .هنا بمعنى :كي.
إذا فحتى إذا دخلت على االسم المؤول ،تأيت بالمعنيين.
يقول :ال تسرع حتى تصل سالمنًا .هنا تكون بمعنى( :كي).
(حتى) يف كل هذه المواضع حرف ،إما أن تكون حرف جر ،وإما أن تكون
حرف تعليل ،هذا الذي ورد حتى اآلن ،لكنها يف الجميع جارة ،عملها الجر ،هي
عملها يف كل هذه المواضع الجر ،ما معناها؟
إذا كانت بمعنى (إلى) فمعناها :الغائية أو الغاية ،وإذا كانت بمعنى (كي)
فمعناها :التعليل ،فهي حرف جر يف كل ذلك.
إذا دخلت على اس ٍم صريحٍ ( :ﭰ ﭱ) [القدر :]5:هذا جار ومجرور ،وإذا
ٍ
مؤول( :ﮂ ﮃ) [طه :]91:نقول :حتى :حرف جر وغاية، دخلت على ٍ
اسم
يرجع :فعل مضارع منصوب بأن مضمرة ،واالسم المؤول من أن والمضارع يف
محل جر ،هنا اسم ليس جملة« ،يرجع» هذا اسم مؤول ليس جملةً.
ولهذا لو قلت مثال :يعجبني أن تجتهد .أين فاعل يعجبني؟
الفاعل :أن تجتهد ،ليس الفاعل اجتهادك ،الفاعل :االسم المؤول نفسه :أن
تجتهد ،لو أردت أن تؤوله باسم صريح فاالسم الصريح الذي قابله «اجتهادك»،
لكن ما الفاعل المذكور يف هذه الجملة :يعجبني أن تجتهد؟ هو «أن تجتهد»،
فتنتبه لذلك :يقول :أن تجتهد :اسم مؤول الجتهادك ،وهو الفاعل ،ليس الفاعل
«اجتهادك» ،لكن الفاعل نفسه المذكور يف الكالم:
ً
مؤوال. صريحا وقد يكون
ً أن تجتهد ألن االسم قد يكون
e f شرح قواعد اإلعراب
93 h
g
قال ابن هشام« :وقد حتتملهما»
يعني :الغائية والتعليلية ،يف قوله تعالى( :ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ)
[الحجرات.]9:
إذا كانت بمعنى (إلى)؛ يعني :فقاتلوا إلى أن تفيء إلى فيئها رجوعها.
وإذا كانت للتعليل؛ يعني :قاتلوها كي تفيء ،يعني :من أجل فيئها.
ثم قال ابن هشام« :وزعم ابن هشام اخلضراوي ،وابن مالك»
ابن هشام الخضراوي من النحويين المتقدمين األندلسيين ،وابن مالك
معروف ،ماذا زعما؟
(إال)» ،يعني :تأيت بمعنى االستثناء. زعما «أهنا قد تكون بمعنى َّ
ك َق ِل ُ ـن ال ُف ُض ِ ِ
يـــل َحتَّـــى ت َُجـــو َد َو َمـــا َلـــدَ ْي َ اح ًة
ـول َس َـم َ َل ْي َس ال َع َطا ُء م َ
يقول :ليس العطاء الصحيح الكريم اهذه الصورة ،إال أن تجو َد وما لديك
ُ
قليل ،يعني :هذا العطاء الحقيقي ،إال.
وواضح من عبارة ابن هشام ،أن هذا المعنى ال يوافق عليه جمهور النحويين،
ويعيدون (حتى) هنا إلى المعاين السابقة.
( ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟﯠ ﯡ
ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ
ﯳ) [البقرة.]214:
إذا وقع المضارع بعد (حتى) فيكون فيه الرفع ،ويكون فيه النصب ،على
تفصي ٍل مذكور يف كتب النحو المتوسعة.
خالصته من دون تفصيل :أنك إذا أردت بالمضارع االستقبال نصبت ،وإذا
أردت به الحال رفعت.
معلوم أن المضارع يكون يف زمانين :إما الحال زمن التكلم ،أو االستقبال.
أي مضارع
والمضارع المنصوب ،ال ُينصب إال إذا كان يف زمن االستقبالُّ .
منصوب ،فهو يف زمن االستقبال.
فإذا قلت مثال :سافرت إلى مكة حتى أطوف بالكعبة ،أو حتى أعتمر.
أعتمر ،هنا االستقبال ٍ
فحينئذ لك أن تنصب ،تقول :سأسافر إلى مكة حتى
َ
ٍ
حينئذ أن تنصب. واضح ،فاألنسب
سافرت إلى مكة حتى
ُ لكن لو قلت :سافرت إلى مكة ،بالفعل الماضي،
أعتمر هنا يحتمل معنى االستقبال ،فيقولون االستقبال هنا على معنى الحكاية،
يعني تحكي األمر الذي حدث ،تقول :سافرت يف مكة من أجل أنك تريد أن
تعتمر .ولهذا ،االعتمار بعد السفر ،فتنصب.
شرح قواعد اإلعراب e f
g
98 h
ٍ
فحينئذ يكون الزمن واحد، أما إذا أردت أن تقول :سافرت إلى مكة واعتمرت
واعتمرت.
ُ سافرت
ُ أعتمر ،يعني كأنك قلت:
ُ ال ترفع ،سافرت إلى مكة حتى
فالمضارع بعد (حتى) عمو ًما ،يجوز أن تنصب وأن ترفع ،من حيث المعنى
العام ،على هذين المعنيين ،إال أن األكثر واألنسب غال ًبا للمعنى أن تنصب ألن
المعنى المستعمل غال ًبا يف هذا األسلوب ،أنك تريد االستقبال.
نجرب (ﭮ ﯦ) :يقول هذا عن الحكاية ،يعني يحكي لنا األمر ويصوره،
زمن واحد،
يقول :حدث هذا األمر ،وحدث هذا األمر يف زمن الماضي ،وكالهما ٌ
زمن الماضي زمن واحد ،ومعنى ذلك :أنه كان يصف األمر الذي حدث كأننا
موجودون معهم ،فكأنه يحكي الذي حدث لنا ،ونحن نستمع.
كما لو قلت مثال :ذهبت إلى فالن ،هذا يف الماضي ،ذهبت إليه ،يعني :تخربنا
أنك فعل ت األمر منذ مدة ،ذهبت إلى فالن فأطلب منه أن يساعدين فيرفض ،كيف
تقول :فأطلب منه أن يساعدين فيرفض؟ هذه أفعال مضارعة ،وأنت ذهبت
وانتهيت! ألنك أخربت أنك ذهبت يف الماضي ،ثم أردت أن تحكي ،يعني تقص
التصور الذي حدث ،كأنك وصلنا نحن معك يف الماضي ،وتحكي لنا الذي
ٍ
فحينئذ ترفع. حدث ،فتسمى حكاية يف اللغة،
انتصب المضارع بعد (حتى) فهذا الذي شرحناه من قبل أنه منصوب يف
الحقيقة بن (أن) مضمرة ،و(أن) المضمرة والمضارع ،اسم مؤول يف محل جر لن
e f شرح قواعد اإلعراب
99 h
g
(حتى).
الذي يف محل جر ،هو الفعل المضارع و(أن) المضمرة.
و(أن) المضمرة والمضارع ،كالهما اسم مؤول ،لكن (أن) محذوفة مضمرة،
وهذا يف النصب.
أما هنا يف الرفع ،فال ،هنا يف الرفع (حتى) ليست حرف جر ،وإنما حرف
ابتداء ،وحرف االبتداء ال إشكال ،يدخل على المضارع ،ويدخل على االسم،
ويدخل على الماضي ،والجملة بعده ابتدائية ،ال محل لها من اإلعراب.
ُ
أشكل» .هذا البيت سبق بيانه من والجملة االسمية كقوله« :حتى ما ُء دجل َة
قبل.
قال ابن هشام« :وقيل :هي مع املاضي جارة ،و(أن) بعدها مضمرة .وقد مضى
خالف الزجَّاج وابن درستويه فيهن».
ذكر هنا ثالثة أقوال يف المسألة:
ٍ
ماض أو القول األول :أن (حتى) يف هذه المواضع الثالثة ،إذا تالها فعل
مضارع مرفوع أو جملة اسمية فإهنا حرف ابتداء ،وما بعدها جملة ابتدائية ،ال
محل لها من اإلعراب.
القول الثاين :أن (حتى) مع الماضي حرف جر.
ومع المضارع المرفوع والجملة االسمية حرف ابتداء.
فمعنى ذلك أن (حتى) إذا دخلت على فعل ماض( :ﰀ ﰁ)
[األعراف :]95:سينقلون هذا الموضع إلى المعنى األول ،حرف جر.
للزجاج وابن درستويه ،أهنم
َّ القول الثالث :وهو الذي مضى معنا من قبل
شرح قواعد اإلعراب e f
g
100 h
قالوا :إن (حتى) هنا يف كل المواضع حرف جر ،حتى إذا دخلت على ماضي أو
مضارع أو على جملة اسمية ،والتعليق كان يف البيت على جملة اسمية فإهنم
يروهنا حرف جر ،وسبق هناك تضعيف هذا القول من وجهين.
قد قال" :ومبعنى (حقًّا) أو (أال) االستفتاحية ،على خالفٍ يف ذلك .حنو( :ﯱ ﯲ
ﯳ) [العلق.]19:
وال يتحتم عملها عمل ليس ،إال إذا مهر خربها وهو منصوب ،كما يف البيت:
ض َباقِيا].
[ َت َع َّز َف َال َش ْي ٌء َع َلى ْاألَ ْر ِ
يقول :تأتي حرف امتناع لوجود ،وحرف حتضيض وعرض ،وحرف توبيخ ،وحرف
استفهام.
معنى.
معنى ً
ً نأخذ هذه المعاين
e f شرح قواعد اإلعراب
105 h
g
قال« :فيقال فيها تارةً :حرفٌ يقتضي امتناع جوابه لوجود شرطه».
حرف يقتضي» ،ما معنى يقتضي؟
ٌ وانتبه لدقة تعبيرات ابن هشام ،يقول« :
يعني :يوجب ،المقتضي هو الموجب ،يقتضي امتناع جوابه ،يعني جوابه ،جواب
(لوال) ممتنع ،لماذا ممتنع؟ قال« :لوجود شرطه» ،بسبب أن شرطه موجود.
ِ
المحذوفة ِ
االسمية ب َّين شيئًا من أحكام (لوال) هذه فقال" :وتختص بالجملة
الخربِ غال ًبا ،نحو:
لوال زيدٌ ألكرمتك"( ،لوال) هنا ،التي يقال فيها حرف امتناع لوجود ،يعني
امتنع جوااها لوجود شرطها ،زيدٌ ما إعرابه؟ مبتدأ ،أين خربه؟ محذوف وجو ًبا يف
دائما ،ألكرمتك :جواب (لوال).
الغالب ،وعند الجمهور يوجبون حذفه ً
قال« :ومنه :لوالي لكان كذا ،أي :لوال أنا موجودٌ» .وهذا سبب شرحه يف
حروف الجر.
قال ابن هشام« :وتارةً» -هذا المعنى الثاين – «وتارةً حرف حتضيضٍ وعرضٍ،
أي :طلبٌ بإزعاجٍ أو برفقٍ».
التحضيض معروف ،التحضيض :هو الطلب ،يقول بإزعاج ،يعني :بإلحاح،
وأما العرض :هو الطلب برفق.
فتأيت (لوال) عندما تطلب اها شي ًئا ،سواء تطلب بشدة وإلحاح ،أو تطلب بخفة
ورفق.
أحكامها :قال« :فتختص بالمضارع» ،سابقها (لوال) امتناعية ،تختص بالجملة
االسمية ،وأما (لوال) التحضيضية :قال تختص بماذا؟ "بالفعل المضارع أو بما هو
يف تأويله ،نحو( :ﭧ ﭨ ﭩ) [النمل( ،]46:ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭﮮ)
[النساء.]77:
شرح قواعد اإلعراب e f
g
106h
(ﭧ ﭨ) [النمل :]46:بعدها فعل مضارع ،أما (ﮩ ﮪ)
ٍ
ماض يف اللفظ ،ولكنه يف المعنى :يطلب منه [النساء :]77:أخرتنا أخر :هذا فعل
أن يؤخرهم ،ولم يؤخرهم ،ويطلب منه ،يعني :لم يقع ،ليس ماض ًيا ،يطلب منه أن
يؤخرهم( :ﮩ ﮪ) [النساء.]77:
قيل :وقد تكون حرف استفهام« ،وهذا المعنى الرابع» ،نحو( :ﯝ ﯞ ﯟ
ﯠ ﯡ) [المنافقون( ،]11:ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ) [الفرقان.]7:
قاله الهروي" ،وهو من علماء اللغة ،أمنه تويف يف القرن الخامس ،عاش يف
الرابع ،ومات يف أول سنة يف الخامس ،له كتاب مشهور يف حروف المعاين ،اسمه
(اليسرية) ،هذا هو كتابه المعروف ،فذكر فيه أن (لوال) تكون حرف استفهام ،من
ٍ
قريب؟ ،والثانية :هل اآليتين ،يقول المعنى يف اآلية األولى :هل أخرتني إلى أج ٍل
ُأنزل إليه ملك؟.
قال ابن هشام« :والظاهر أنها يف األوىل للعرض ،ويف الثانية للتحضيض».
معنى ذلك :أنه أعاد اآليتين إلى معنى التحضيض والعرض.
يعني الهروي" ،وهو أن تكون نافي ًة بمنزلة (لم) ،وجعل منه( :ﭑ ﭒ ﭓ
e f شرح قواعد اإلعراب
107h
g
ﭔ) [يونس]98:؛ أي" ،هذا تقدير الهروي« ،لم تكن قري ٌة آمنت».
قال" :الثانية( :إن) املكسورة اخلفيفة ،فيقال فيها :شرطية ،يف حنو( :ﯼ
ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄﰅ) [آل عمران.]29:
وحكمها أن تجزم فعلين" ،هذا واضح.
قال ابن هشام« :وأهل العالية» يعني أعلى نجم ،أو أهل الحجاز ،على
خالف" ،وأهل العالية يعملونها عمل ليس ،حنو قول بعضهم :إن أحدٌ خريًا من أحدٍ إال
بالعافية .وقد اجتمعا يف قوله تعاىل( :ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠﮡ)
[فاطر.]41:
اجتمعت (إن) الشرطية و(إن) النافية يف هذه اآلية.
أين (إن) الشرطية؟ «إن زالتا» ،ودخلت الالم على (إن) الشرطية ،وكتبت
الهمزة على كسرة «إن زالتا» .و(إن) النافية يف قوله( :ﮛ ﮜ) [فاطر،]41:
يعني :إن زالتا ،لن يمسكهما أحدٌ من بعد اهلل .
إنَّ ،
إن هي الحرف الناسخ قال« :وخمففة من الثقيلة» ،ما تدقيق إن؟ َّ
قائم ،قد تخفف َّ
إن المعروف ،الذي ينصب اسمه ويرفع خربه ،كقولكَّ :
إن زيدً ا ٌ
هذه ،فيقال فيهاْ :
(إن) ،فتختلف بعض أحكامها ،وهذا مدروس يف النحو ،يف باب
e f شرح قواعد اإلعراب
109h
g
(إن) وأخواهتا.
قال" :وزائدة ،يف حنو :ما إن زيدٌ قائمٌ ،وحيث اجتمعت (ما) و(إن) ،فإن تقدمت
(ما) فهي نافي ة ،و(إن) زائدة ،وإن تقدمت (إن) فهي شرطية ،و(ما) زائدة ،حنو:
(ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ) [األنفال.]58:
شرح قواعد اإلعراب e f
g
110 h
إذا مهما اجتمعت (ما) و(إن) فإحداهما زائدة.
قائم ،ثم تدخل
قائما أو ٌ
إن تقدمت وقلنا :ما إن فزائدة (إن) ،مثل :ما زيدٌ ً
ٍ
فحينئذ يجب أن تبطل عمل ما الحجازية ،فتقول :ما إن (إن) ،فتقول :ما إن زيدٌ ،
قائم .وهذا مدروس يف إعمال (ما) الحجازية.
زيدٌ ٌ
ٍ
حينئذ اإلدغام فتقول( :إما)، ولو عكست فقلت :إن ما فالزائدة (ما) ،ويجب
كقولك :إن تجتهد تنجح ،ثم تزيد (ما) ،فتقول :إما تجتهد تنجح ،فتكون (ما)
حينئذ زائدة للتوكيد ،مثل اآلية( :ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ) [األنفال]58: ٍ
قال" :والثالثة( :أن) املفتوحة اخلفيفة ،ويقال فيها :حرف ٌمصدريٌّ ينصب
املضارع ،حنو( :ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣﭤ) [النساء]28:؛ وهي الداخلة على املاضي ،يف
حنو :أعجبين أن صُمْتَ ،ال غريها خالفًا البن طاهر".
أيضا من علماء األندلس المشهورين ،لكن ليس له كتاب
ابن طاهر هذا ،هو ً
معروف ،يعني وصلنا وهو مطبوع.
(أن) هذه ،إذا دخلت على مضارع :يعجبني أن تجتهد ،تحب أن تسافر فهي
حرف مصدري ،يعني :يعجبني اجتهادك ،أريد سفرك.
أيضا مصدري ،الصحيح أهنا
وإذا دخلت على ماض :يعجبني أن صمت ،يقول ً
حرف مصدري خال ًفا البن طاهر ،ألن معنى يعجبني أن صمتً ،
أيضا يعجبني
صيامك.
إال أهنا إذا دخلت على فعل مضارع ،فهي حرف مصدري ينصب المضارع،
ٍ
حينئذ ال تكون حر ًفا وإذا دخلت على الماضي ،فهي حرف مصدري ،ولكنها
e f شرح قواعد اإلعراب
111 h
g
ناص ًبا.
المعنى الثاين لـ (أن) المفتوحة:
لماذا؟ قال« :ألن املقدم عليها غري مجلة» ،المقدم عليها قوله( :آخر دعواهم)،
وهذا مضاف ومضاف إليه ،والجمل كما عرفنا إما :مبتدأ وخرب جملة اسمية ،أو
فعل وفاعل جملة فعلية.
(أن) :هنا مفسرة" ،إن ُحمل على أهنا مفسرة لن (ﯓ) دون (ﮫ) منع
منه :أنه ال يصح أن يكون( :ﭵ ﭶ ﭷ ﭸﭹ) [المائدة ]72:مقرونًا باهلل
تعالى" ،يعني :المانع منها المعنى.
أو لو ُحمل على أهنا مفسر ٌة لن (ﮫ) فالذي يمنع من ذلك قولك:
«وحروف القول تأباه» ألن (أن) المفسرة ،ال يكون يف الجملة التي قبلها حروف
القول.
قال« :ألن تقدير إسقاط الضمري ،خيلي الصلة من عائد»( ،الصلة) :يعني صلة
ماذا؟
الدرس السادس
بسم اهلل الرحمن الرحيم ،الحمد هلل رب العالمين ،والصالة والسالم على نبينا
محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين،
أما بعد؛
فحياكم اهلل وبياكم يف هذا الدرس السادس ،وهو األخير من دروس شرح
كتاب اإلعراب عن قواعد اإلعراب ،البن هشام .
نحن يف مساء اليوم التاسع من شهر جمادى األولى ،من سنة ثمانية وثالثين
وأربعمائة وألف ،يف جامع عبد اهلل بن مسعود ◙ بحي الغريب بمدينة ٍ
الرياض.
توقفنا يف أثناء الكالم على معاين ْ
(أن) ،المفتوحة الهمزة ،الخفيفة النون ،ذكر
ٍ
معان واستعماالت. ابن هشام أن لها أربع َة
ينصب المضارع.
ُ األول :أن تكون حر ًفا مصدر ًيا
والثاين :أن تكون زائدة.
والثالث :أن تكون مفسرة.
ووقفنا عند كالمنا على مجيئها مفسرة ،قال يف آخر كالمه عن مجيئها مفسرةً:
شرح قواعد اإلعراب e f
g
116h
وال يمتنع يف( :ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ) [النحل ]68:أن تكون مفسرةً ،مثلها
يف( :ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ) [المؤمنون ]27:خال ًفا لمن منع ذلك ألن
اإللها َم يف معنى القول".
قال" :فتكون شرطيةً يف حنو( :من يعمل سوءا يجز به) [النساء.]123:
قال« :مررتُ مبن مُعْجِبٍ لك ،يعين بإنسانٍ معجبٍ لك» ،واضح أنه َف َّس َر ( َم ْن)
بإنسان ألن ( َم ْن) األصل فيها أن تستعمل لعاقل.
« وأجاز الفارسيُّ أن تقع نكرةً تامة» ،ما معنى نكرة تامة؟ نكرة ،يعني شيء،
معنى شيء ،ما معنى تامة؟ يعني غير محتاجة إلى وصف ،و«حَمَلَ عليه قوله» هذا
الضبط الصحيح ،و«محلَ عليه قوله» ،يعني الفارسي ،حمل على ذلك قول
الشاعر:
ننننننننننننال ِن
َ ٍّ فِننننننننننننني ِسن
ننننننننننننر َوإِ ْعن َونِ ْعن
ننننننننننننننم َمننننننننننننننن ْن ُهننننننننننننننن َو
َ
شخصا» ،جعل الفارسي تقدير البيت هكذا :نِ ْع َم َم ْن ،تقدير َم ْن: ً «أي :ونِ ْع َم
حينئذ نكرة ،لكنها تامة غير محتاجة ٍ شخصا أو إنسانًا ،فصارت ( َم ْن) بمعنى
ً
لوصف.
انتهى النوع الرابع ،وهي الكلمات التي لها أربعة أوجه.
ِ
خمسة أوجه ،وهو شيئان: النوع الخامس :قال" :ما يأيت على
أحدهماَ ( :أ ٌّي) المشدد ُة الياءَ ( :أ ٌّي) قال لها كم وجه؟ خمسة أوجه ،ما هي
ً
إجماال؟
شرح قواعد اإلعراب e f
g
120 h
أن تكون شرطيةً ،واستفهاميةً ،وموصولةً ،هذه واضحة.
وتأيت كمالية ،يعني دال ًة على معنى الكمال ،وتأيت ُموص َل ًة لنداء ما فيه (أل)،
ُموص َلة :يعني ِص َلة.
قال ابن هشام :وقال من رأى أن املوصولةَ ال تُبنى :هي هنا استفهاميةٌ مبتدأ،
و(ﮠ)َ :خبَرُه.
ً
موصوال؟ اسما
أي المشددة ،هل تأيت ً
ّ
الجواب عند جماهير النحويين :نعم ،وخالف يف ذلك ثعلب ،انتهينا من تعلم
e f شرح قواعد اإلعراب
121h
g
[أظنها :ثعلب].
نأيت إلى جماهير النحويين الذين أثبتوا مجيئها موصولة.
(أي) الموصولة عند الجماهير ،هل تأيت مبنية؟
معلوم أن (أي) معربة ،األسماء الموصولة مبنية ،نستثني من ذلك المثنى،
ونستثني من ذلك (أي) ،فن(أي) عادت إلى اإلعراب ألهنا تضاف ،واإلضافة من
فقوى ذلك جانب االسمية اها ،فعادت إلى أصل األسماء
خصائص األسماءَّ ،
اإلعراب.
فن(أي) معربة ،ال شك أهنا معربة ،انتهينا.
لكن؛ هل يمكن أن تبنى؟
وم ْن َتبِ َعه :إهنا قد ُتبنى يف حالة واحدة ،وهذه مذكورة
نعم ،قال سيبويه َ
ومفصلة يف باب الموصول ،وخالف يف ذلك آخرون قالوا :إهنا ال ُتبنى أبدً ا.
« أن تكون حرف شرطٍ ...،يقتضى امتناع ما يليه ،واستلزامه لتاليه»،
سنشرح ذلك.
ٍ
شرط يف المستقبل ،مثل( :إن). حرف
َ َ
تكون المعنى الثاين :أن
تكون حر ًفا مصدر ًّيا ،يعني :مثل ْ
(أن). َ المعنى الثالث :أن
(ليت).
المعنى الرابع :أن تكون حرف تمني ،يعني :مثل َ
المعنى الخامس :أن تكون حرف عرض ،يعني :مثل (أال).
قال ابن هشام« :وأحدُ أوجهها :أن تكونَ حرفَ شرطٍ يف املاضي -وهذا هو
أغلب أقسامها -فيقال فيها»
يعني :فيقال يف بيان معناها إذا كانت شر ًطا يف الماضيٌ « :
حرف يقتضي امتناع
ما يليه ،واستلزا َم ُه لتاليه» ،هذه (لو) الشرطية يف الماضي ،هي أشهر أنواع (لو)،
وأكثر استعماالهتا يف اللغة ،والكالم عليها طويل جدًّ ا ،ال يف النحو وال عندُ
األصوليين ،يف تحرير معناها .ويف رسائل خاصة ُأ ِّل َفت فيها ،فابن هشام يحرر ذلك
حرف يقتضي امتناع ما يليه ،واستلزا َم َه لِتَالِيه ،نحو( :ﮩ ﮪ
ٌ فيقول(« :لو):
ﮫ ﮬ) [األعراف ،» ]176:هذه (لو) أداة الشرط ،وفعل الشرط (ﮪ)،
َ
حدث أم لم يحدث؟ لم يحدث، وجواب الشرط (رفعناه اها) ،هذا الوضع
فالمشيئة حدثت أم لم تحدث؟ لم تحدث ،فلهذا يقول كثير من المعربين يف (لو)
حرف امتنا ٍع لوجود،
ُ حرف امتنا ٍع المتناع ،بخالف (لوال) السابقة ،التي هي
ُ هذه:
شرح قواعد اإلعراب e f
g
124 h
حرف امتناع المتناع.
ُ أما (لو) هنا،
قال ابن هشام« :ألنه ال يلز ُم من انتفاءِ (مل خيف) انتفاءُ (مل يعصِ)».
اإلنسان يمكن أن يرتك المعصية ،ال يفعل المعصية ،ومع َ
ذلك هو لم يخف
اهلل ،يعني :العصاة ،يفعلون كل المعاصي؟ ال ،فيه معاصي ال يفعلوهنا ،ومع ذلك
هم ال يخافون اهلل.
إذا انتفاء الخوف ال يعني انتفاء المعاصي ،فالخوف ال يعنى انتفاء المعاصي،
إنسان ال يخاف اهلل ،ال يعني أنه يعمل كل المعاصي.
والمرا ُد أن صهي ًبا ◙ من هذا القسم الثاين ،وأنه لو ُقدِّ َر خلوه عن
ٌ
حاصل له؟! ِ
الخوف ،لم يقع منه معصية ،فكيف والخوف
المراد أن يقول :ننظر إلى جواب الشرط ،جواب الشرط إن كان متوق ًفا على
سبب واحد ،ماله يف الوجود إال هذا السبب ،وأتيت أنت اهذا السبب ،وجعلته فعل
الشرط ،فمعنى ذلك أنه متى انتفى فعل الشرط ،وهو السبب الوحيد فسينتفي
الجواب.
غر َبت الشمس صلينا المغرب.
مثال :لو َ
ك ً كقولِ َ
وأما إذا كان الجواب له أكثر من سبب ،وذكرت سب ًبا من هذه األسباب،
شرح قواعد اإلعراب e f
g
126h
ٍ
حينئذ ،فهذا السبب المذكور من وجعلته فعال لشرط ،ثم نفيته ،فانتهى الجواب
جملة أسباب ،أنت نفيته ،وال ما نفيته؟ أنت يف كالمك اآلن نفيت ُه ،انتهى.
نفس ِه يف حقيقته ،غير منتفي ألنه له سبب آخر،
والجواب ،منتفي وال غير منتفي؟ ِ
قال :فن(لو) هاهنا دال ٌة على أمرين ،ونتحدث عن داللة (لو) عمو ًما ،لكن
مثلت اآلية وتكلم عن اآلية.
e f شرح قواعد اإلعراب
127h
g
ثبوت المشيئة
َ ِ
المثال المذكور ،أن واألمر الثاين :مما دلت عليه (لو) يف -
ُ
والرفع ُم َس َّبب ،وهذان المعنيان
ُ سبب،
ٌ مستلز ٌم لثبوت الرف ِع ضرور ًة َّ
ألن المشيئة
قد تضمنتهما العبار ُة المذكورة".
يعني :يقول :إن هذا الجواب ،ليس له إال هذا الفعل ،فلما انتفى انتفى
وسبق ُ
بيان ذلك. َ الجواب قط ًعا،
المعنى الثاين لـ(لو):
« فيقال فيها :حرفُ شرط مرادفٌ لـ(إن) ،إال أنها ال جتزم» -يعني :حرف
شرط غير جازم " -كقولِه تعالى( :ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ) [النساء]9:؛ أي :إن
تركوا ،أي :شارفوا أن يرتكوا.
وقول الشاعر:
بض َس ْب َس ُ ون َر ْم َس ْينَا ِم َن األَ ْر َِو ِم ْن ُد ِ ـــو َت ْلت َِقــــي َأ ْصــــدَ اؤُ نَا َب ْعــــدَ َم ْوتِنَــــا
َو َلـ ْ
ـْ َو َي ْطـ َـر ُب
ت َصــدَ ى َل ْي َلــى َي َهـ ُّ لِصــو ِ ــوتِي َوإِ ْن ُكن ُ
ْــت ِر َّمــ ًة َل َظ َّ
َ ْ ــل َصــدَ ى َص ْ
وهذه من األبيات سيئة المعنى ،فإن اإلنسان بعد الموت يف القرب قط ًعا ،ال
ُ
يكون مثل ذلك ،ولكنه من المبالغات السيئة.
والشاهد يف قوله :ولو تلتقي ،يعني :إن تلتقي.
والمعنى الثالث:
قال« :أن تكون حرفًا مصدريًا مرادفًا لـ (َأنْ)» ،إذا ينسبك منها ومن صلتها
مصدر.
شرح قواعد اإلعراب e f
g
128h
قال« :إال أنها ال تنصب ،وأكثر وقوعها بعد (وَدَّ)»َ ،و َّد :يعني سوا ًء كانت
على صورة الماضي أو المضارع أو المصدر ،أو نحو ذلك ،أو اسم فاعل ،نحو:
(ﯗ ﯘ ﯙ) [القلم]9:؛ يعني :ودوا إدهانكم ،أو (يود)( :ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ)
أحدُ ُهم َت ْع ِم َير ُه.
[البقرة]96:؛ يعنيَ :ي َو ُّد َ
قال ابنُ هشام« :وأكثرهم ال يُ ْث ِبتُ هذا القسم»
أكثر أهل اللغة لم يكثر مجيء (لو) مصدريةً،
يعنيُ :
َرجُ اآليةَ وحنوها على حذفِ مفعول الفعلِ قبلها ،واجلوابِ بعدها»
« ويُخ ِّ
ألف سنة َل َس َّر ُه
التعمير ،لو يعمر َ
َ أي - :يعني ُي َقدِّ ر اآلية بقولهَ « :ي َو ُّد َ
أحدُ ُه ُم
شك أن جعلها حر ًفا مصدر ًيا ،أوضح يف المعنى وأبعد عن التكلف. ذلك» .وال َّ
المعنى الرابع لـ ( َل ْو):
قال" :أن تكون للتمين مبنزلةِ (ليت) ،إال أنها ال تنصبُ وال ترفع ،حنو( :ﯘ
ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ) [الشعراء]112:؛ أي :فليس لنا ك ََّرةً.
(ليت)، ِ
جواب َ (فأفوز) يف َ
(فتكون) يف جوااها ،كما انتصب ب ِ
َ قيل :ولهذا نُص َ
قوله تعالى( :ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ) [النساء ،]73:وال َ
دليل يف هذا". يف ِ
فيقول ابن هشام :يمكن أن نحمل اآلية على ذلك ،يعني( :ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ
ﯜ) [الشعراءَ ( ،]112:ن ُك َ
ون) يقول :هذا فعل مضارع معطوف على ك ََّرة ،وك ََّرة
ليت لنا أن نَكر َفنَ ُك َ
ون. مصدر ،يعنيَ :
شرح قواعد اإلعراب e f
g
130 h
المعنى الخامس لـ (لو):
قال« :أن تكونَ للعرض» ،يعني :بمنزلة (أال)« ،حنو :لو َتنْ ِزلُ عندنا فَتُصيبَ
ُ
التسهيل ،ماذا ُيقصدُ به هنا؟ راحةً» ،يعني :أال ُ
تنزل عندنا« ،ذكره يف التسهيل».
ُي ْق َصد به (تسهيل الفوائد) البن مالك ،أعظم كتب ابن مالك.
قال ابنُ هشام« :وذكرَ هلا ابنُ هشامٍ اللخميُّ معن ًى آخر»
أيضا هو من علماء األندلس" ،وهو أن تكون للتقليل ،نحوَ ( :ت َصدَّ ُقوا ولو ً
ِ ٍ
َقل هذا المعنى عن ابن هشام بشق تمرة»" ،ن َ
حرق)« ،واتقوا النار ولو ِّ بِظ ْلف ُم َ
اللخمي ،ولم ُي َع ِّلق عليه.
نحو ذلكَ ،أ َّن (لو) هنا شرطية ،يعني :تصدقوا بأي شيء،
والمشهور يف تخريءِ َ
قليال.
وتصدقوا بأي شيء ،ولو كان هذا المت ََصدَّ ق ً
¹
e f شرح قواعد اإلعراب
131h
g
ُ
النوع السادس
قال" :النوعُ السادس :ما يأتي على سبعة أوجه ،وهو (قد)".
ِ
سبعة أوجه ،كلمة واحدة ،وهي( :قد). إذا فالكلمة التي تأيت على
قال« :تكونُ امسًا مبعنى (حَسْبُ)»« ،واسمَ فعلٍ مبعنى (يكفي)» ،وتأتي حرفَ
حتقيق ،وتأتي حرفَ توقُّع ،وتأتي حرفَ تقريبٍ للماضي إىل احلال ،وتأتي حرف
تقليل ،وتأتي حرف تكثري؛ سبعة.
قال" :فأحدُ أوجهها أن تكونَ امسًا مبعنى (حَسْب) ،فيقال( :قَدِي) بغريِ نونٍ،
كما يقال :حسبِي".
إذا قال لك أحد شيئًا :هل تريد كذا ،أو تفضل كذا؟ تقول :حسبي ،يعني:
يكفيني ،أو تقولَ :قدي ،فهو اسم ،ليس اسم فعل ،وال فعل ،وال مصدر ،هو اسم
جامد بمعنى حسبي.
المعنى الثاين ،أو االستعمال الثاين:
قال" :أن تكونَ اسمَ فعلٍ مبعنى (يكفي) ،فيقال( :قَدْنِي) ،كما يقال :يكفيين".
والشاهد المشهور يف َ
ذلك قوله:
حـ ِ
ــــد ــــحيحِ الم ْل ِ
الشـ ِ َلـــــ ْي َس ِ
اإل َمـــــا ُم بِ َّ َقــــدْ نِي ِمــــن نَصــــرِ الخَ بِيبــــي ِن َق ِ
ــــدي
ُ َ ْ ْ ْ
المعنى الرابع« :أن تكون حرفَ توَقُّع» ،يعني :تدل على توقع قرب حدوث
الفعل المذكور بعدها ،يعني أنه لم يحدث ،ولكن تتوقع أن يحدث،
التقليل :أن الفعل قليل حدوثه ،كنجاحِ المهمل ،أو َت َصدُّ ِق البخيل .قد َ
ينج ُح
المهمل ،هذا تقليل ،لكن إذا كان ال – يعني -تتوقع أن يحدث ،وهذا األكثر يف
فعله ،لكنه إلى اآلن لم يفعل هذا الفعل ،قد يأيت المدير ،انتظر قد يأيت المدير ،فتَدُ ُّل
َظر ُمت ََو َّقع.
الخروج ُمنت ٌ
َ على أن
انتظار الوقوع يف
ُ التوقع
َ وزعم بعضهم أهنا ال تكون للتوق ِع مع الماضي ألن
المستقبل ،والماضي قد وقع يف الماضي ،وقال الذين أثبتوا معنى التوقع مع
منتظرا.
ً الماضي :إهنا تدل على أنه كان
َ
ويتوقعون الفعل .أناس ب األمير ،لقو ٍم ينتظرون هذا الخرب، ِ
تقول :قد َرك َ
e f شرح قواعد اإلعراب
133h
g
يسألون مثال :ترشح فالن ،أو فاز فالن ،أو نجح فالن؟ ما كانوا يتوقعون هذا
ترشح فالن،
َ نجح أخي .فجاء هنا معنى التوقع ،أو قد
األمر ،تقول :نعم أخي ،قد َ
فاز فالن .أنت ال تريد أن تخربهم اهذا األمر ،أو أن تؤكد الحدوث ،وإنما
أو قد َ
هم كانوا ينتظرون ،هل فعل أم لم يفعل؟
فأنت تخربهم بأن هذا الذي كانوا يتوقعونه حدث ،نعم قد جاء ،قد حضر،
َ
مثال :هل جاء المدرس؟ قد جاء المدرس ،يخربكم أن هذا األمر الذي كنتم
تقول ً
تتوقعونه حدث.
(قد) هنا تكون دالة على التحقيق أكثر؟ وذلك بحسب المعنى المستعمل،
نجح أخي) عبارة واحدة ،قد تكون للتحقيق إذا كنت َ واإلجابة واحدة( ،قد
نجح أخي) ،تخربنا اهذا األمر .لكن لو كنا نحن َ تخربنا باألمر ابتدا ًء( ،قد
المنتظرين لنجاحه ،أو منتظرين لمجيئِه ،أو نتوقع أنه يأيت ،أو ال نعرف أنه سيأيت،
فأنت تخربنا بأن توقعنا هذا حدث.
أي :قد جاء وال ما جاء؟ َ
قد جاء المدرس ،أدخل ،قد جاء المدرس ،فهنا للتوقع ،وهنا للتحقيق،
فالتفريق بين هذه المعاين ،ال بد فيه من النظر إلى السياق واللحاق والمعنى.
المعنى الخامس لـ (قد):
قال« :تقريب املاضي من احلال» ،الماضي معروف أنه للزمان الذي مضى،
والحال يعني يف زمن التكلم ،يقول :إن (قد) إذا دخلت على الفعل الماضي فإهنا
تقربه إلى الحال ،يعني :تجعله يف أقرب وقت من الماضي إلى الحال.
قال" :التقليل ،وهو ضربان :تقليل وقوع الفعل ،حنو :قد يصدُق الكذوب ،وقد
جيودُ البخيل ،وتقليلُ متعََّلقِهِ ،حنو( :ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ) [النور]64:؛ أي أن
ما هم عليه ،هو أقل معلوماته" ،افهموا ذلك.
مع أن الجماهير يجعلون قد يف اآلية للتحقيق ،كما سبق يف المعنى السابق.
قال" :وزعم بعضهم أنها يف ذلك للتحقيق كما تقدم ،وأن التقليل يف املثالني
األولني مل يُس َتفَد من (قد) ،بل من قوله :البخيل جيود ،والكذوبُ يصدق ،فإنه إن مل
يُحمل على أن صدور ذلك من البخيل والكذوب قليلٌ؛ كان متناقضًا؛ ألن آخر الكالم يدفع
أوله".
يريد أن يقول :إن معنى التقليل ليس مأخو ًذا من (قد) ،وإنما مأخوذ من قلة
معنى أصل ًّيا لن (قد)،
ً صدق الكذوب ،وتصدق البخيل .يعني :أن هذا المعنى ليس
والجمهور على أنه معنى أصلي.
قال« :وواو اجلمعِ» ،يعني واو المعية ،التي نسميها واو المعية ،وواو المعية
"الداخلة على املضارع املسبوق بنفيٍ أو طلب ،حنو( :ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ
ﭣ ﭤ) [آل عمران.]142:
e f شرح قواعد اإلعراب
137h
g
هذا مدروس يف إعراب الفعل المضارع.
وقول أبي األسود:
ــــيمــــك إِ َذا َفع ْل َ ِ
ــــار َع َل ْي َ ـــأتِ َي ِم ْث َلــــ ُه
ـــق َو َتـ ْ
ـــن ُخ ُلـ ٍ
ــــت َعظ ُ َ َع ٌ َال َتنْــــ َه َعـ ْ
والكوفيون يسمون هذه واو الصرف" ،والمشهور أهنا تسمى واو المعية.
قال ابن هشام :وواوين ينجرُ ما بعدَهُما ،وهما :واو القسم ،حنو( :ﭑ
ﭒ) [التين ]1:هذا ما يميز حروف الجر ،وواو رُبَّ ،كقولهِ:
ــــــــــيس إِ َّال اليعـــــــــــافِير وإِ َّال ِ
العـ ــــــيسوب ْلــــــدَ ٍة َلــــــيس فِيهــــــا َأنِ
ُ ُ َ ََ ُ ْ َ َ ََ
من حروف الجرُ :ر َّب ،تقولُ :ر َّب أخٍ لك لم تلده ُأ ُمك ،ثم إن ُ
(ر َّب) يجوز أن
ُتحذف وينوب عنها أو يقوم مقامها واو ،تسمى واو ُر َّب ،كأن تقول :وأخٍ لك لم
ٍ
(وبلدة). تلده أمك .وكهذا البيت:
(و َل ْي ٍل ك ََم ْوجِ ال َب ْح ِر َأ ْر َخى ُسدُ و َل ُه) ،يعنيُ :ر َّب ليلٍ.
وكقول أمرئ القيسَ :
قال ابن هشام« :وواوًا يكون ما بعدها على حسبِ ما قبلها ،وهي واو العطف».
هذه معروفة ومشهورة.
قال ابن هشام« :وواوًا يكون دخوهلا يف الكالمِ كخروجها ،وهي الواو الزائدة».
عرفنا أنه يعني بدخولها كخروجها يف اللفظ ال يف المعنى ،نحو( :ﯜ ﯝ
ﯞ ﯟ ﯠ) [الزمر ]73:يقول :الواو يف اآلية زائدة ،والمعنى -واهلل
أعلم :-حتى إذا جاءوها فتحت أبوااها ،قال« :بدليل اآلية األخرى» ،يعني اآلية
المذكورة مع النار( :ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ) [الزمر.]71:
قال« :وقيل :إنها عاطِفةٌ ،واجلواب حمذوف ،والتقدير :كان كيت وكيت».
أيضا :إن هذه الواو حالية ،وقد مقدرة ،يعني أن التقدير :حتى إذا
وقيل ً
شرح قواعد اإلعراب e f
g
138h
جاءوها:
فعل ماض ،ثم عطفت عليه وقلت :وفتحت أبوااها .ثم الجواب محذوف ،حتى إذا
جاءوها وفتحت أبوااها – مثال -استقبلهم خزنتها ،ورحبوا اهم ،وقالوا لهم طبتم،
بداللة اآلية األخرى ،وهكذا ،وحذف الجواب هنا للتعظيم ،ونحو ذلك.
وإذا كانت حالية ،يعني :حتى إذا جاءوها حال َة كوهنا مفتح ًة أبوااها ،وهذا يدل
عليه اآليات األخرى.
قالوا :إن الواو هنا واو الثمانية ،قال" :وإن منها( :ﮂ ﮃﮄ)
[الكهف.]22:
اآلية( :ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ
ﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝ
ﭞﭟ) [التوبة.]112:
بم تعدوهنا يف أسلوب البالغة؟ وكيف لكم ذلك؟
لماذا جاءت الواو؟ َ
¹
e f شرح قواعد اإلعراب
141 h
g
النوع الثامن
وهو األخير:
قال ابن هشام :فإنها على ضربني :امسية ،وأوجهها سبعة :معرفة تامة"
ما معنى معرفة؟ يعني أهنا بمعنى الشيء ،يعني أمر عام لكنه معرفة ،مثل
الشيء ،تامة :يعني غير محتاجة إلى صفة" ،نحو( :ﭥ ﭦﭧ) [البقرة،]271:
وبئس ،إذا جاءت ِ
نعم وبعدها ما ،ثم بعد ذلك ضمير أو جملة َ يعني أسلوب ِ
نعم
نعم ما لك فيها لغتان :إما أن تبقي
نعما هو .إذا قلتَ :
نعم ما هو ،أو َّ
فعلية ،مثلَ :
شرح قواعد اإلعراب e f
g
142 h
نعم ما،كقوله
نعما :يعني َ
نعما هوَّ ،
نعم ما هو ،أو تدغمَّ :
(نعم) على فتحها ،فتقولَ :
َ
تعالى( :ﭥ ﭦﭧ) [البقرة( .]271:ما) هنا قلت :معرفة تامة ،بمعنى :الشيء ،ما
نعم الشيء هي ،ما المراد اهي؟ يعني :إبداء الصدقات( :ﭢ
التقدير؟ يعنيَ :
ﭣ ﭤ ﭥ ﭦﭧ) [البقرة ]271:يعنيَ :
فنعم الشيء إبداؤها.
« ومعرفةٌ ناقصةٌ ،وهي املوصولة» ،يعني اسم موصول ،حنو( :ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ
ﮇ ﮈ ﮉ ﮊﮋ) [الجمعة ،]11:يعني :الذي عند اهلل خير ،واضح.
قال :إن (ما) فيه نكرة تامة ،التقدير :أي :إني خملوقٌ من أمرٍ ،هو فعل كذا
وكذا« .إني مما أن أفعل»( ،مما) أي :من ما ،من :حرف جر ،ما :يقول :هذه نكرة
أمر. ٍ
شيء ،أو :إين من ٍ ٍ
شيء ،يعني :إين من بمعنى
ما هذا األمر؟
بينه بالبدل فقال :أن أفعل ،يعني فعلي ،فأن أفعل :هذا اسم مؤول بدل من
(ما) ،التي هي نكرة تامة.
أمر؟ كيف إين من ٍ
أمر. ما معنى :إين من ٍ
هو من أمرٍ ،وهو فعله .يقول" :وذلك على سبيل المبالغة ،مثل قوله تعالى:
(ﭣ ﭤ ﭥ ﭦﭧ) [األنبياء.]37:
هل اإلنسان خلق من عجل؟ اإلنسان خلق من طين ،لكن العجلة صفة من
صفاته ،كيف اإلنسان خلق من هذه الصفة ،ال ،ليس هذا المعنى اللفظي ،وإنما
بداعي المبالغة .كذلك هنا من داعي المبالغة ،هو ليس من فعله ،وليس من هذا
الشيء ،ولكن من باب المبالغة ،جعله من شدة فعله لهذا األمر ،كأنه مخلوق من
هذا الفعل.
قال« :ومنه -يف قولٍ :-نعم ما صنعتَ ،أي :نعم شيئًا صنعتَه .وما أحسن زيدًا!
أي :شيءٌ موصوفٌ بأنه حسَّن زيدًا ،عظيمٌ ،حبذف اخلرب».
(ما) نكرة موصوفة ،نكرة :يعني بمعنى شيء ،موصوفة :يعني تحتاج إلى
صفة.
ٍ
معجب لك. ٍ
بشيء ٍ
معجب ،يعني: يقول :مثل :مررت بما
قال« :ومنه أيضًا :نعم ما صنعت» ،هذا سبق المثال قبل قليل ،لكن فسره
هناك بنكرة تامة ،فقال :نعم ما صنعت ،يعني نعم الشي ُء شي ٌء صنعته ،فجعل (ما)
المذكورة بمعنى الشيء ،وصنعته :صفة للمحذوف ،نعم الشيء شي ٌء صنعته.
من هنا قال بعضهم ،يعني فيه خالف يف التقدير ،قال بعضهم :ال ،ما يف قولك:
نعم ما صنعت ،هذه نكرة موصوفة ،يعني :نعم شي ٌء صنعته ،أو نعم شي ًئا صنعته،
يعني فعلك هذا الذي فعلته :نعم شي ًئا صنعته ،فصارت (ما) :شي ًئا ،وصنعته :صف ًة
لهذه النكرة.
قال :وأيضًا :ما أحسن زيدًا! هذا أسلوب التعجب ،سبب قلب قول سيبويه،
سيبويه جعلها نكرة تامة ،بمعنى :شي ٌء ،هذا الشيء حسن زيدً ا ،شي ٌء حسن زيدا.
يف قول آخر لألخفْ وغيره ،قالوا :ال( ،ما) هنا نكرة موصوفة ،ما معنى:
عظيم ،يقول :فيه شيء حسن زيدا ،هذا
ٌ أحسن زيدً ا؟ يقول :شيء أحسن زيدً ا
عظيم.
ٌ الشيء الذي حسن زيدا ،ما باله؟
عظيم ،الخرب محذوف مقدر.
ٌ شي ٌء :نكرة ،حسن زيدا :صفة للنكرة ،والخرب:
شرح قواعد اإلعراب e f
g
146h
وقال األخفْ وغيره :يجوز يف (ما) أن تكون اسم الصلة موصولة ،ما أحسن
زيدً ا! يعني :الذي أحسن زيدً ا :هو خرب محذوف ،يعني :الذي أحسن زيدً ا ،شي ٌء
عظيم.
فعرفت ،لماذا لم يكن التأويل مشهورا وهو قول سيبويه ،أنه نكرة تامة عن
ٍ
حينئذ. (شي ٌء حسن زيدً ا)؟ لكي يصح معنى التعجب
أما لو جعلناها اسما موصوال ،وال صفة نكرة موصوفة انقلب الكالم إلى
مجرد إخبار ،ال يوجد تعجب.
قال فيه :قَلَّ ،وطال ،وكثر ،قد تصل بها (ما) فتكفها عن طلب الفاعل ،ال
يكون هلا فاعل.
تقول :قلما يجيء زيدٌ ( ،قلما) :ماذا جاء بعد (قلما)؟ يجيء زيد جملة فعلية،
الفاعل ال يكون جملة ،أين فاعل ( َق َّل) يف :قلما يجيء زيدٌ ؟ ليس لها فاعل( ،ما)
هنا كفت ( َق َّل) عن طلب الفاعل ،ليس لها فاعل( ،قلما)( ،كثر ما)( ،طالما):
قلت لك ذلك.
طالما ُ
فطال ،و َق َّل ،وكثر ،الثالثة إذا اتصلوا بن (ما) كفتها عن طلب الفاعل.
وكذلك يف البيت( :وقلما).
ٌ
فن(وصال) بعدها ،ليست فاعال لها ،وإنما فاعل لفعل محذوف ،دلت عليه
ٌ
وصال ،وهذا شرح كالم ابن هشام اآليت: الجملة األخيرة ،يعني :وقلما يدوم
قال" :وكافةٌ عن عمل النصب والرفع ،وذلك يف (إن) وأخواتها ،حنو( :ﭸ ﭹ
ﭺ ﭻﭼ) [النساء ،]171:وكافةٌ عن عمل اجلر ،حنو( :ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ)
[الحجر.]2:
وتبقى يف قراءة الجمهور ،ويف قراءة :ربما.
شرح قواعد اإلعراب e f
g
148h
وقوله:
ِ
نننننننننننار ُبهنننننننننننم َت ُخنْنننننننننننن ُه َم َضن
ْ َلن ٍ
ننننننننننننروف َع ْم
ك ََمننننننننننننا َسنننننننننننن ْي ُ
كله موجود يف النحو.
¹