You are on page 1of 148

‫شرح قواعد اإلعراب‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬

‫‪g‬‬
‫‪2‬‬ ‫‪h‬‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح قواعد اإلعراب‬
‫‪3‬‬ ‫‪h‬‬
‫‪g‬‬

‫مجيع حقوق الطبع حمفوظة‬

‫‪1440‬هـ– ‪2019‬م‬

‫‪ -‬الطبعة األوىل ‪-‬‬

‫مت الصف واإلخراج بإشراف‬


‫دار ابن سالم للبحث العلمي‬
‫‪00201098546682‬‬
‫شرح قواعد اإلعراب‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪4‬‬ ‫‪h‬‬

‫‪k‬‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح قواعد اإلعراب‬
‫‪5‬‬ ‫‪h‬‬
‫‪g‬‬

‫ترمجة موجزة لفضيلة الشيخ األستاذ‬


‫الدكتور سليمان بن عبد العزيز العيوني‬

‫ٍ‬
‫محمد وعلى آله وصحبه ومن‬ ‫بسم اهلل والصالة والسالم على رسول اهلل نبينا‬
‫وااله‪ .‬أما بعد‪:‬‬
‫فهذه ترجمة موجزة لفضيلة الشيخ األستاذ الدكتور‪ /‬سليمان بن عبد العزيز‬
‫العيوين األستاذ يف قسم النحو والصرف بجامعة اإلمام محمد بن سعود اإلسالمية‬
‫يف الرياض‪.‬‬
‫وفضيلته‪ -‬حفظه اهلل‪ -‬له جهو ٌد مبارك ٌة طيب ٌة نافع ٌة يف التدريس‪ ،‬والتأليف‬
‫والتحقيق‪.‬‬
‫فمن مؤلفاته‪ -‬حفظه اهلل‪:-‬‬
‫‪ -١‬متن النحو الصغير وفتحه وشرحه‪.‬‬
‫‪ -٢‬متن الصرف الصغير وفتحه وشرحه‪.‬‬
‫‪ -٣‬متن الموطأ يف اإلعراب وفتحه وشرحه‪.‬‬
‫ومن تحقيقاته‪:‬‬
‫‪-١‬تحقيق ألفية ابن مالك يف النحو‪.‬‬
‫‪-٢‬تحقيق ٍ‬
‫جزء من كتاب إرشاد الطالب إلى لفظ اللباب ألحمد الغنيمي‪.‬‬
‫‪-٣‬تحقيق منظومة الزمزمي يف علوم القرآن‪.‬‬
‫شرح قواعد اإلعراب‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪6h‬‬
‫وله من الشروح الصوتية والمرئية‪:‬‬
‫‪ -١‬شرح اآلجرومية‬
‫‪ -٢‬شرح النحو الصغير‬
‫‪ -٣‬شرح الصرف الصغير‬
‫‪ -٤‬شرح قواعد اإلعراب‬
‫‪ -5‬شرح الموطأ يف اإلعراب‬
‫‪ -6‬شرح ملحة اإلعراب‬
‫‪ -7‬شرح المقدمة األزهرية‬
‫‪ -8‬شرح قطر الندى‬
‫‪ -9‬شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪ -١0‬إعراب سورة اإلنسان‬
‫‪ -١١‬محاضرة اإلعراب أركانه ومصطلحاته وبعض ضوابطه‬
‫وغيرها الكثير نفع اهلل بعلمه‪.‬‬
‫وقد درس فضيلته‪ -‬حفظه اهلل‪ -‬على مشايخ وعلماء أجالء‪ ،‬فعلى رأسهم‪:‬‬
‫‪-١‬سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز‪.‬‬
‫‪-٢‬الشيخ العالمة الفقيه محمد بن صالح العثيمين‪.‬‬
‫‪-٣‬الشيخ العالمة عبد اهلل بن عبد الرحمن بن جبرين‪.‬‬
‫‪-٤‬الشيخ صالح بن فوزان – حفظه اهلل تعالى‪.-‬‬
‫ومن مشايخه يف اللغة العربية‪:‬‬
‫‪-١‬الدكتور النحوي‪ /‬محمد المفدى‪.‬‬
‫‪-٢‬الدكتور‪ /‬ناصر الطريف‪.‬‬
‫‪-٣‬وكذلك سيادة األستاذ الدكتور‪ /‬حسن الحفظي‪.‬‬
‫‪-٤‬وكذلك األستاذ الدكتور‪ /‬عبد اهلل سالم الدوسري‪.‬‬

‫‪¹‬‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح قواعد اإلعراب‬
‫‪7‬‬ ‫‪h‬‬
‫‪g‬‬

‫مقدمة دار ابن سالم‬

‫الحمد هلل والصالة والسالم على رسول اهلل‪ ‬ثم أما بعد‪:‬‬
‫وتعليمها ونشرها من أولى الخطوات يف‬‫َ‬ ‫إن االهتمام باللغة العربية وتع ُّل َمها‬
‫هنضة األمة اإل سالمية ذلك ألن اللغة العربية هي مفتاح العلوم اإلسالمية كلها‪ ،‬اها‬
‫نفهم القرآن الكريم‪ ،‬واألحاديث النبوية الشريفة‪ ،‬والسيرة العطرة وكتب الفقه‬
‫والتفسير‪ ،‬والتاريخ اإلسالمي وكل تراث األمة وحضارهتا‪.‬‬
‫ويعد المحافظة على اللغة العربية وتعلمها من الدين‪ ،‬وهي خصيصة عظيمة‬
‫لهذه األمة‪:‬‬
‫قال عمر بن الخطاب◙‪« :‬تع َّلموا العربيةَ؛ فإنَّها من دينِكم»‪ ،‬وقال ُ‬
‫شيخ‬
‫فرض واجب؛ فإن‬ ‫نفس اللغة العربية من الدِّ ين‪ ،‬ومعرفتها ٌ‬‫فإن َ‬
‫اإلسالم ابن تيمية‪َّ « :‬‬
‫فهم الكتاب والسنة فرض‪ ،‬وال يفهم إال بفه ِم اللغة العربية‪ ،‬وما ال ُّ‬
‫يتم الواجب إال‬
‫به فهو واجب»‪.‬‬
‫ِ‬
‫فروض‬ ‫أن علم اللغة من الدين؛ ألنه من‬ ‫شك َّ‬ ‫ويقول السيوطي׃ «وال َّ‬
‫ُعرف معاين ألفاظ القرآن والسنة»‪.‬‬
‫الكفايات‪ ،‬وبه ت ُ‬
‫فقه اللغة وسنن العرب يف كالمها»‪ :‬فلذلك‬ ‫وقال ابن فارس يف «الصاحبي يف ِ‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫إن علم اللغة كالواجب َع َلى أهل العلم‪ ،‬لئال يحيدوا في تأليفهم‪َ ،‬أ ْو ُفتياهم‬ ‫"قلنا‪ّ :‬‬
‫عن َسنن االستواء‪ ،‬وكذلك الحاجة إِ َلى علم العربية فإن اإلعراب هو الفارق َب ْي َن‬
‫يفرق َب ْي َن التعجب‬‫المعاين أال ترى أن القائل إذا قال‪« :‬ما أحسن زيد» َل ْم ّ‬
‫ال باإلعراب وكذلك إِ َذا قال‪« :‬ضرب أخوك أخانا»‪َ ،‬و َما‬ ‫واالستفهام والذ ّم إِ َّ‬
‫شرح قواعد اإلعراب‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪8‬‬ ‫‪h‬‬

‫ْأش َبه َذل ِ َك من الكالم ْ‬


‫المشتَبه"‪.‬‬
‫مصدر ع ٍّز لألمة‪:‬‬
‫َ‬ ‫وتعدُ اللغة العربية‬
‫النظر إلى اللغة العربية على أهنا لغ ُة القرآن الكريم والسنة‬ ‫ِ‬ ‫فال بد من‬
‫اعتزازا باإلسالم‪،‬‬
‫ً‬ ‫االعتزاز اها‬
‫ُ‬ ‫المطهرة‪ ،‬ولغ ُة التشريع اإلسالمي بحيث يكون‬
‫ِ‬
‫مقومات األمة اإلسالمية‬ ‫عنصر أساسي من‬ ‫وتراثه الحضاري العظيم‪ ،‬فهي‬
‫ٌ‬
‫بكل جوانبها‪،‬‬ ‫ِ‬
‫للمعرفة والثقافة ِّ‬ ‫والشخصية اإلسالمية‪ ،‬والنظر إليها على أهنا وعاء‬
‫مادة مستقلة بذاهتا للدراسة َّ‬
‫ألن األ َّم َة التي هتمل لغتَها أم ٌة تحتقر‬ ‫وال تكون مجرد ٍ‬
‫َ‬
‫وتفرض على ِ‬
‫نفسها التبعية الثقافية‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫نفسها‪،‬‬
‫َ‬
‫ال ُذ َّل‪،‬‬ ‫ٍ‬
‫شعب إ َّ‬ ‫يقول مصطفى صادق الرافعي‪ ‬مبينًا هذا‪" :‬ما ُذ َّلت لغ ُة‬
‫األجنبي المستعمر‬ ‫يفرض‬‫ُ‬ ‫ٍ‬
‫وإدبار‪ ،‬ومن هذا‬ ‫أمره يف َذ ٍ‬
‫هاب‬ ‫وال انح َّطت إال كان ُ‬
‫ُّ‬
‫المستعمرة‪ ،‬ويركبهم اها‪ ،‬و ُيشعرهم عظمتَه فيها‪،‬‬ ‫َ‬ ‫فرضا على األ َّم ِة‬
‫ً‬ ‫لغتَه‬
‫واحد أ َّما األول‪:‬‬‫ٍ‬ ‫ويستلح ُقهم من ناحيتِها‪ ،‬فيحكم عليهم أحكا ًما ثالث ًة يف عم ٍل‬ ‫ِ‬
‫فالحكم على ماضيهم بالقت ِل ً‬
‫محوا‬ ‫ُ‬ ‫فح ْبس لغتهم يف لغته سجنًا مؤ َّبدً ا‪ ،‬وأ َّما الثاين‪:‬‬ ‫َ‬
‫فأمرهم من بعدها‬ ‫ِ‬
‫ونسيانًا‪ ،‬وأ َّما الثالث‪ :‬فتقييد مستقبلهم يف األغالل التي يصنعها‪ُ ،‬‬
‫ألمره َت َب ٌع"‪.‬‬
‫يعرف العربي َة أال يتك َّلم ِ‬
‫بغيرها‪ ،‬وكره الشافعي ذلك‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫وعلى هذا ينبغي لمن‬
‫ِ‬
‫األعاجم أن يتع َّل َم العربية‪.‬‬ ‫وينبغي لمن دخل اإلسال َم من‬
‫يعرف أهمي َة هذه اللغة ومكانتها‪ ،‬وأنه ال غنى‬
‫َ‬ ‫لذلك يجب على المسلم أن‬
‫ِ‬
‫بعض‬ ‫يعتز اها ال بغيرها من اللغات كما هو الحاصل عند‬ ‫يجب أن َّ‬
‫ُ‬ ‫لنا عنها‪ ،‬كما‬
‫بحر ال تكفي السباحة فيه‪ ،‬بل أن‬‫أن اللغ َة ٌ‬ ‫نعلم َّ‬
‫َ‬ ‫َّاس مع األسف‪ ،‬وعلينا أن‬‫الن ِ‬
‫نغوص يف مكنونِه‪ ،‬ونستخرج منه المعاين الجميلة والبديعة التي تصنعه وتلبسه‬ ‫َ‬
‫لباسا جذا ًبا‪.‬‬
‫ً‬
‫وإن من نعم اهلل على األمة اإلسالمية أن حفظ لها هذا الدين برجاله‬
‫المخلصين‪ ،‬وعلمائه العاملين الذين كانوا أعال ًما يهتدى اهم‪ ،‬وأئم ًة يقتدى اهم‪،‬‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح قواعد اإلعراب‬
‫‪9‬‬ ‫‪h‬‬
‫‪g‬‬

‫لهذا كان على األمة أن تعرف حقهم وتقوم بما يجب لهم‪ ،‬وذلك بالدعاء لهم‪،‬‬
‫ونشر علمهم بين شباب األمة حتى يستفيدَ منه العام والخاص‪ ،‬وإن علم النحو من‬
‫أشرف علوم العربية على االطالق فقد قال ابن األنباري‪ :‬إن األئمة من السلف‬
‫شرط يف رتبة االجتهاد‪ ،‬وأن المجتهد لو جمع كل‬ ‫ٌ‬ ‫والخلف أجمعوا قاطب ًة على أنه‬
‫العلوم لم يبلغ رتبة االجتهاد حتى يتعلم النحو فيعرف به المعاين التي ال سبيل‬
‫لمعرفتها بغيره فرتبة االجتهاد متوقفة عليه ال تتم إال به‪.‬‬
‫وتدريسا‪ ،‬ولعل من‬
‫ً‬ ‫وشرحا‬
‫ً‬ ‫ولقد اهتم العلماء بالمختصرات النحوية تألي ًفا‬
‫هذه المختصرات التى ما زالت تحظى باهتمام العلماء وطلبة العلم حتى اآلن‪:‬‬
‫«شرح قواعد اإلعراب» لإلمام العالمة ابن هشام رحمه اهلل ‪ ،‬وقد تناولها كثير من‬
‫العلماء بالشرح والدرس والتفسير‪ ،‬منهم فضيلة الشيخ الدكتور‪ /‬سليمان بن عبد‬
‫العزيز العيوين فقد قام بشرحها لطلبة العلم‪ ،‬وكانت عبارة عن دروس صوتية وتم‬
‫تفريغها(‪.)١‬‬
‫ولقد كان لمكتب دار ابن سالم للبحث العلمي وتحقيق الرتاث‪ ،‬عظيم‬
‫الشرف يف التدقيق والمراجعة اللغوية‪ ،‬فقد قمنا بتصحيح األخطاء النحوية‬
‫واإلمالئية التي وقعت من مفرغ الصوت‪ ،‬كما قمنا بالتفقير والرتقيم للكتاب‪،‬‬
‫وضبط الكلمات التي يشتبه على القارئ نطقها‪ ،‬فقد تميز شرح الشيخ الدكتور ‪/‬‬
‫سليمان بن عبد العزيز العيوين‪ ،‬باألسلوب السهل الواضح‪ ،‬فهو يمتاز عن سابقيه‬
‫بمواكبته لغة العصر ومصطلحات العلم‪ ،‬ومناسبته للمبتدئين من طلبة العلم‬
‫وغيرهم‪ ،‬فقد جاء الشرح واضح العبارة سهل األلفاظ بعيد عن التعقيد والتكلف‪.‬‬
‫ومما يزيد من أهمية هذا الشرح أنه تناول معظم أبواب علم النحو حتى أنه‬

‫(‪ )١‬هذا رابط المادة الصوتية المفرغة‪ ،‬قام بإعدادها مكتب ابن سالم للبحث العلمي والتفريغ‬
‫الصويت‪:‬‬
‫‪https://youtu.be/JYNbNArSR-o‬‬
‫‪https://youtu.be/T4X1lamdRSs‬‬
‫‪https://youtu.be/MMtL87Um9ng‬‬
‫شرح قواعد اإلعراب‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪10 h‬‬
‫استدرك بعض األبواب التي فاتت على النامم نفسه‪.‬‬
‫وكان لحسن أدب الشيخ مع طالبه وعفة لسانه‪ ،‬أثره الواضح يف إقبال طلبة‬
‫العلم على الدرس‪ ،‬واستيعابه للشرح وأنا أدعو طالب العلم ومريدي العربية‪،‬‬
‫وكل صاحب غيرة على هويته العربية أن يحرص على اقتناء هذا الكتاب الطيب‪.‬‬
‫اهلل العظيم أن ينفع به وأن يجزل لصاحبه المثوبة واألجر وأن يرزقنا‬
‫وأسأل َ‬
‫االخالص‪ ،‬كما أسأله سبحانه أن ينفع به مؤلفه وكل من يقرأه‪ ،‬وكل من ساهم يف‬
‫عمال‬
‫ً‬ ‫إخراج هذا العمل للنور‪ ،‬وانفعنا اللهم به وإخواننا المسلمين‪ ،‬واجعله‬
‫خالصا لوجهك الكريم وتقبله منا وبارك لنا فيه‪ ،‬وأنت يا رب أعلم وأعلى‪،‬‬
‫ً‬
‫وماهرا وباطنًا‪ ،‬وصلى اهلل على نبينا محمد وعلى آله‬
‫ً‬ ‫والحمد لك ً‬
‫أوال وآخ ًرا‬
‫وصحبه وسلم‪.‬‬

‫كتبه‬

‫للبحث العلمي وحتقيق الرتاث‬


‫‪00٢0١0985٤668٢‬‬
‫جمهورية مصر العربية‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح قواعد اإلعراب‬
‫‪11 h‬‬
‫‪g‬‬

‫ترمجة ابن هشام ‪‬‬

‫‪ ‬امسه‪ ،‬ونسبه‪.‬‬
‫أبو محمد جمال الدين عبد اهلل بن يوسف بن أحمد بن عبد اهلل بن يوسف بن‬
‫األنص ِ‬
‫ار ّي‪.‬‬ ‫َ‬ ‫هشام النحوى‬

‫‪ ‬مولده ‪:‬‬
‫ولد ابن هشام يف عام ( ‪708‬ه) يف عصر كانت فيه مصر حر ًما آمنًا آوت إليها‬
‫الخالفة اإلسالمية‪ ،‬ولجأ إليها من استطاع الفرار من المحن التي حدقت‬
‫بالمسلمين يف الشرق والغرب ففي الشرق سقطت الخالفة اإلسالمية ببغداد على‬
‫أيدي المغول سنة ‪656‬ه بعد تخريبهم للديار‪ ،‬وتقتيلهم يف العباد‪ ،‬ومحوهم آلثار‬
‫كثيرا من العلماء بعدما‬
‫الحضارة الزاهرة فعاثوا فسا ًدا يف البالد وأهليها‪ ،‬وقتلوا ً‬
‫أباحوها أربعين يو ًما‪....‬وقضى اهلل قضاءه‪.‬‬
‫ويف الغرب توالى سقوط اإلمارات اإلسالمية يف األندلس يف أيدي النصارى‪،‬‬
‫وكثر اضطهادهم للمسلمين ففروا منها إلى بالد المغرب‪ ،‬وكثير منهم جاء إلى‬
‫مصر‪ ،‬التي اعتصم اها من أفلت من تلك المحن‪ ،‬وخلفت القاهرة بغداد‬
‫فأصبحت مقر الخليفة العباسي‪ ،‬وعاذ اها العلماء الذين خلصوا من أهوال الفزع‬
‫واالضطراب‪ ،‬فصارت معقد آمال المسلمين‪ ،‬يؤمها كل قاصد‪ ،‬وينهل منها كل‬
‫وارد‪ ،‬يف مل المماليك الشجعان أباة الضيم وناشري العلم‪.‬‬
‫شرح قواعد اإلعراب‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪12 h‬‬
‫فكان المماليك جد حريصين على تخليد ذكراهم فتنافسوا يف إقامة المساجد‪،‬‬
‫وإنشاء المدارس والمعاهد إلقامة الشعائر الدينية‪ ،‬وإحياء ما درس من العلوم‬
‫الشرعية والعربية‪ ،‬فكانوا اهذا لإلسالم نعم العون فقد عوضه اهلل بعملهم يف مصر‬
‫‪.‬‬ ‫ما فاته يف كثير من بالد اهلل (‪)١‬‬

‫‪ ‬مشاخيه‪ ،‬وتالميذه‪:‬‬
‫لزم الشيخ شهاب الدين عبد اللطيف ابن المرحل‪ ،‬وتال على ابن السراج‪،‬‬
‫وسمع من أبى حيان‪ ،‬ديوان زهير بن أبي سلمى‪ ،‬ولم يالزمه وال قرأ عليه‪ ،‬وحضر‬
‫دروس الشيخ تاج الدين التربيزي‪ ،‬وقرأ على الشيخ تاج الدين الفاكهاين‪ ،‬جميع‬
‫شرح اإلشارة له إال الورقة األخيرة‪ ،‬وتفقه للشافعي‪ ،‬ثم تحنبل‪ ،‬فحفظ مختصر‬
‫الخرقي يف دون أربعة أشهر‪ ،‬وحدث جماعة بالشاطبية وتخرج به جماعة من أهل‬
‫مصر وغيرهم‪ ،‬اشتهر يف حياته‪ ،‬فأقبل الناس عليه من كل مكان فكانت دروسه‬
‫يحضرها الكثير‪ ،‬فأخذ عنه جماعة من المصريين وغيرهم‪.‬‬

‫‪ ‬ثناء العلماء عنه‪:‬‬


‫قال ابن خلدون ‪«:‬ما زلنا ونحن بالمغرب نسمع أنه مهر بمصر عالم‬
‫بالعربية يقال له ابن هشام أنحى من سيبويه» (‪.)٢‬‬
‫وقال ابن حجر ‪«:‬وتصدر الشيخ جمال الدين لنفع الطالبين وانفرد‬
‫بالفوائد الغربية والمباحث الدقيقة واالستدراكات العجيبة والتحقيق البالغ‬
‫واالطالع المفرط واالقتدار على التصرف يف الكالم والملكة التي كان يتمكن اها‬

‫(‪ )١‬ينظر‪:‬ابن هشام وأثره يف النحو العربي يوسف الضبع (‪ )٢٣‬بتصرف كبير‪.‬‬
‫(‪ )٢‬ينظر‪" :‬الدرر الكامنة يف أعيان المائة الثامنة" (‪.)9٤ /٣‬‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح قواعد اإلعراب‬
‫‪13 h‬‬
‫‪g‬‬
‫من التعبير عن مقصوده بما يريد مسهبا وموجزا مع التواضع والرب والشفقة ودماثة‬
‫الخلق ورقة القلب»(‪.)1‬‬
‫وقال السيوطي ‪«:‬وكان أوحد عصره يف تحقيق النحو‪ ،‬سمعت شيخنا‬
‫قاضي القضاة علم الدين البلقيني يقول‪ :‬كان والدي يقول‪ :‬هو أنحى من أبيه»(‪.)٢‬‬
‫َان كثير ا ْل ُم َخال َفة ألبي َح َّيان َش ِديد االنحراف َعن ُه‬ ‫وقال الشوكاين ‪َ «:‬وك َ‬
‫َان ُمنْ َفردا بِ َه َذا ا ْل َف ّن يف َذل ِك ا ْل َع ْصر غير‬
‫َو َل َع َّل َذلِك َواهلل ا ْع َلم ل َكون َأبى َح َّيان ك َ‬
‫َان ا ْل ُمنْ َفرد بعده ابن هشام َوكَثِ ًيرا َما ينافس الرجل من‬ ‫ثم ك َ‬ ‫ِ ِ‬
‫السبق فيه َّ‬‫مدافع َعن َّ‬
‫َان قبله يف رتبته ا َّلتِى َصار اليها إمهار ًا لفضل نَفسه باالقتدار على مزاحمته لمن‬ ‫ك َ‬
‫َان قبله َأو بالتمكن من ا ْلب ُلوغ إلى َما لم يبلغ اليه واال َف َأ ُبو َح َّيان ُه َو من الت ََّم ُّكن‬ ‫ك َ‬
‫بم َكان َولم يكن للمتأخرين مثله َومثل ابن هشام َو َه َك َذا نافس َأ ُبو‬ ‫من َه َذا ا ْل َف ّن َ‬
‫َح َّيان الزمخشري َفأكْثر من ِاال ْعتِ َراض َع َل ْي ِه يف الن َّْحو َوالنّهر الماد ل َكون‬
‫الش ْأن وإن لم يكن عصره ُم َّت ِصال بعصره َو َه ِذه دقيقة‬ ‫الزمخشري مِ َّمن تفرد بِ َه َذا َّ‬
‫ينبغي لمن َأ َرا َد إخالص ا ْل َع َمل َأن ي َتنَ َّبه َل َها فإهنا كَثِ َيرة ا ْل ُو ُقوع بعيدَ ة اإلخالص َوقد‬
‫تصدر ابن هشام للتدريس وانتفع بِ ِه النَّاس َوتفرد بِ َه َذا ا ْل َف ّن وأحاط بدقائقه‬
‫يه مالم يكن لغيره واشتهر صيته يف األقطار وطارت‬ ‫وحقائقه وصار َله من الملكة فِ ِ‬
‫َ َ َ ُ‬
‫مصنّفاته يف َغالب الديار»(‪.)٣‬‬

‫(‪ )١‬ينظر‪:‬الدرر الكامنة يف أعيان المائة الثامنة (‪.)9٣ /٣‬‬


‫(‪ )٢‬ينظر‪":‬بغية الوعاة" (‪.)١٤8 /١‬‬
‫(‪ )٣‬ينظر‪:‬البدر الطالع بمحاسن من بعد القرن السابع (‪.)٤0١ /١‬‬
‫شرح قواعد اإلعراب‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪14 h‬‬
‫‪ ‬مصنفاته ‪:‬‬
‫‪ -1‬مغني اللبيب عن كتب األعاريب‪.‬‬
‫‪ -2‬عمدة الطالب يف تحقيق تصريف ابن الحاجب‪.‬‬
‫‪ -3‬رفع الخصاصة عن قراء الخالصة‪.‬‬
‫‪ -4‬الجامع الصغير‪.‬‬
‫‪ -5‬الجامع الكبيرز‬
‫‪ -6‬شذور الذهب‪.‬‬
‫‪ -7‬اإلعراب عن قواعد اإلعراب‪.‬‬
‫‪ -8‬قطر الندى‪.‬‬
‫‪ -9‬التحصيل والتفصيل لكتاب التذييل والتكميل‪.‬‬
‫‪ -11‬أوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك‪.‬‬
‫‪ -11‬نزهة الطرف يف علم الصرف‪.‬‬
‫‪ -12‬موقد األذهان‪.‬‬
‫‪ -13‬يف األلغاز النحوية‪.‬‬

‫‪ -14‬شرح الشواهد ا ْل ُك ْب َرى َو ُّ‬


‫الصغ َْرى‪.‬‬
‫‪ -15‬الكوكب الدرية شرح اللمحة البدرية ألبي َح َّيان‪.‬‬
‫َت سعاد‪.‬‬
‫‪ -16‬شرح َبان ْ‬
‫‪ -17‬شرح ا ْلبر َدة‪.‬‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح قواعد اإلعراب‬
‫‪15 h‬‬
‫‪g‬‬
‫‪ -18‬التذكرة فِي َخ ْم َسة عشر مجلد ًا‪.‬‬
‫‪ -19‬شرح التسهيل َولم يبيضه‪.‬‬
‫‪ -21‬إقامة الدليل على صحة النحيل‪.‬‬

‫‪ ‬وفاته ‪:‬‬
‫مات يف رجب سنة تسع وتسعين وسبعمائة‪.‬‬
‫َوله نظم ‪َ ‬ف ِمنْ ُه‪:‬‬
‫يخطننب ا ْل َح ْس ننَاء يصننرب علننى‬ ‫َومننن ْ‬ ‫َومنننن يصنننطرب ل ْلعلنننم يظفنننر بنيلنننه‬
‫أخنناذل‬ ‫ننويال‬ ‫َ‬
‫ط‬ ‫ً‬
‫ا‬ ‫دهننر‬ ‫عننر‬ ‫ي‬ ‫ننيرا‬ ‫س‬‫يِ‬ ‫يذل الننَّفس يف طلنب ا ْل َ‬
‫عنال‬ ‫َومن لم ّ‬
‫ا َْل َبننننننننننننننننننننننننننننننننننننننننننننننننننننننننذل‬
‫ْ‬ ‫َ‬
‫ورثاه ا ْبن نباتة َف َق َال‪:‬‬
‫نننر علننننى مثننننواه ذيننننل غمننننام‬
‫تجن ّ‬ ‫سقى ا ْبن ِه َشام يف الثرى نور َر ْح َمنة‬
‫َفما زلت اروي سيرة ابنن ِه َشنام(‪)١‬‬ ‫سأروي َل ُه من سنيرة ا ْل َمندْ ح ُم ْسنندً ا‬
‫ْ‬ ‫َ‬

‫‪¹‬‬

‫(‪ )١‬ينظر‪ :‬بغية الوعاة يف طبقات اللغويين والنحاة مضاف لخدمة الرتاجم (‪،)١٤8 /١‬والبدر‬
‫الطالع بمحاسن من بعد القرن السابع (‪.)٤0١ /١‬‬
‫شرح قواعد اإلعراب‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪16 h‬‬

‫شرح املنت‬

‫بسم اهلل الرحمن ا لرحيم‪ ،‬الحمد هلل رب العالمين‪ ،‬والصالة والسالم على نبينا‬
‫محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين‪.‬‬
‫أما بعدُ ؛ فسالم اهلل عليكم ورحمته وبركاته‪ ،‬وحياكم اهلل وبياكم‪ ،‬يف الدرس‬
‫األول من دروس شرح كتاب اإلعراب عن قواعد اإلعراب البن هشا ٍم ‪.‬‬
‫ٍ‬
‫ثمان وثالثين‬ ‫ونحن يف عصر يوم السبت‪ ،‬الثامن من جمادى األولى‪ ،‬من سنة‬
‫مئة وألف‪ ،‬يف جامع عبد اهلل بن مسعود ◙ بحي الغريب بمدينة‬ ‫وأربع ٍ‬

‫الرياض‪.‬‬
‫طويال‪ ،‬فقد ال ننتهي‪ ،‬سنحتاج إلى عشاء الغد‪ ،‬إذا كان‬
‫ً‬ ‫وقت هذه الدورة ليس‬
‫ذلك ممكنًا كي ننتهي من الكتاب‪ ،‬فلهذا ال نريد أن نضيع شي ًئا من الوقت‪ ،‬وإال‬
‫فإين أحب أن أتوسع معكم‪ ،‬وأن آخذ وأعطي معكم‪ ،‬لكن الوقت أقصر من‬
‫الدرس‪.‬‬
‫الكتاب كما تعرفون‪ ،‬واطلعتم عليه‪ ،‬أنا أريدُ نسخ ًة من النسخ التي معكم‪،‬‬
‫الكتاب ا َّلذي سنشرحه إن شاء اهلل هو كتاب اإلعراب‪ ،‬أو قواعد اإلعراب البن‬
‫هشام‪.‬‬
‫المصنف معروف ومشهور‪ ،‬ال يحتاج إلى تعريف‪ ،‬ابن هشا ٍم األنصاري‪،‬‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح قواعد اإلعراب‬
‫‪17 h‬‬
‫‪g‬‬
‫صاحب أوضح المسالك يف شرح ألفية بن مالك‪ ،‬وصاحب مغني اللبيب عن كتب‬
‫األعاريب‪ ،‬وصاحب قطر الندى وبل الصدى وشرحه‪ ،‬وشذور الذهب وشرحه‪،‬‬
‫وهو غير محتاج إلى تعريف‪.‬‬
‫أما الكتاب فاسمه اإلعراب عن قواعد اإلعراب‪ ،‬وقد نص ابن هشا ٍم ‪‬‬
‫على اسم كتابه يف مقدمة الكتاب كما سنقرأ إن شاء اهلل‪.‬‬
‫وبعضهم يختصره على عادة بعض العلماء باختصار أسماء الكتب‪ ،‬فيقول‪:‬‬
‫قواعد اإلعراب‪ ،‬وإال فإن اسمه اإلعراب‪ ،‬أو قواعد اإلعراب‪.‬‬
‫ويظهر أن ابن هشا ٍم ‪ ،‬وهو ممن اشتهر بكذا يف التدريس للطالب‪،‬‬
‫يدرس متنه‬
‫ُ‬ ‫كثيرا‪ ،‬فغير فيه وبدل وزاد ونقص‪ ،‬كعادة من‬
‫درس هذا المتن لطالبه ً‬
‫ٍ‬
‫وزيادات‬ ‫ٍ‬
‫ونقص‪،‬‬ ‫ٍ‬
‫زيادة‬ ‫كثيرا بين‬
‫لطالبه‪ ،‬فلهذا نجد أن نسخ هذا الكتاب اختلفت ً‬
‫حريصا على هذه النسخة التي‬ ‫ٍ‬
‫واختالفات ليست قليلة‪ ،‬ولهذا كنت‬ ‫ليست قليلة‪،‬‬
‫ً‬
‫كثيرا عن هذه النسخة‪ ،‬ناقصة‬
‫مثال مطبوعة‪ ،‬تختلف ً‬
‫معكم‪ ،‬ال جلب نسخة أخرى ً‬
‫كثيرا عن هذه النسخة‪.‬‬
‫ً‬
‫فالنسخة التي اختارها اإلخوة نسخة طيبة‪ ،‬وهي تكاد تكون أوىف النسخ‪ ،‬وقد‬
‫تكون هناك زيادات قد نرتكها لضيق الوقت‪ ،‬لكن نحتاج أن ننبه إلى ذلك‪.‬‬
‫أيضا‬
‫واضح أن يف كثير من المتون‪ ،‬من ذلك ألفية بن مالك المشهورة‪ ،‬وهي ً‬
‫متن تعليمي علمي‪ ،‬غ َّير فيه ابن مالك‪ ،‬وبدَّ ل إلى أن تويف ‪ ،‬وقد ذكرت‬
‫ذلك يف أول دراستي‪ ،‬يف تحقيق ألفية ابن مالك‪.‬‬
‫هذا الكتاب‪ ،‬ما منهج ابن هشا ٍم يف تأليفه؟‬
‫تفصيال‪،‬‬
‫ً‬ ‫من المهم أن الطالب يعرف منهج الكتاب قبل أن يبدأ بدراسته‬
‫مختصر‪ ،‬عبارة ابن هشا ٍم فيه جاءت مرتاوح ًة‬
‫ٌ‬ ‫وجيز‬
‫ٌ‬ ‫كتاب‬
‫ٌ‬ ‫الكتاب كما رأيتم‬
‫شرح قواعد اإلعراب‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪18 h‬‬
‫متفاوتةً‪ ،‬بين العبارة العلمية الجادة‪ ،‬كعبارات علماء المتون العلمية المختصرة‪،‬‬
‫وبين العبارة التعليمية المتسامحة الواضحة‪.‬‬
‫وستمر علينا عبارات غامضة تحتاج إلى ٍّ‬
‫فك‬ ‫ُّ‬ ‫ستمر علينا عبارات واضحة‪،‬‬
‫ُّ‬ ‫أي‬
‫وشرحٍ ‪.‬‬
‫الكتاب ليس نحو ًّيا وال صرف ًّيا‪ ،‬وإنما خصه ابن هشا ٍم ‪ ‬للكالم على‬
‫صالحا من‬
‫ً‬ ‫حصل جز ًءا‬
‫النحوي بعد أن ُي ِّ‬
‫ُّ‬ ‫بعض الضوابط المهمة التي يحتاج إليها‬
‫مثال كتا ًبا يف مبادئ النحو للمبتدئين‬
‫النحو‪ ،‬أي بعد أن يدرس مبادئ النحو‪ً ،‬‬
‫كاآلج ُّرومية‪ ،‬أو النحوي الصغير‪ ،‬ويدرس كتا ًبا متوس ًطا يف النحو‪ ،‬كقطر الندى‬
‫ُ‬
‫األزهري‪ ،‬فيحس ُن به أن يدرس هذا المتن‪ ،‬لدراسة هذه الضوابط المهمة‬
‫ِّ‬ ‫مثال‪ ،‬أو‬
‫ً‬
‫التي يحتاج إليها بعد ذلك‪.‬‬
‫فلهذا ال يستفيد من هذا الكتاب من لم يتقن مبادئ النحو ألن هذا الكتاب‬
‫مبني على أن الطالب فاهم لمبادئ النحو‪ ،‬فال يشرح هذه المبادئ التي س َيبني‬
‫ٌّ‬
‫كثيرا من األحكام المذكورة يف هذا الكتاب‪ ،‬وإنما سيبني األحكام عليها‬
‫عليها ً‬
‫مباشرةً‪.‬‬
‫الكتاب َخ َّص ُه ابن هشا ٍم للكالم عن الجملة وأحكامها‪ ،‬وشبه الجملة‬
‫ٍ‬
‫عبارات يستعملها‬ ‫كثيرا‪ ،‬وعلى‬ ‫ٍ‬
‫وأحكامها‪ ،‬وعلى كلمات يحتاج إليها المعرب ً‬
‫المعرب حررها ابن هشام‪ ،‬فهذا ا َّلذي اهتم به ابن هشا ٍم يف هذا الكتاب‪.‬‬
‫ابن هشام ‪ ،‬لم يشرح كتابه بعد‪ ،‬كما شرح قطر الندى‪ ،‬وكما شرح‬
‫كتاب له مكانته‪ ،‬وخاص ًة يف النحو‬
‫ٌ‬ ‫شذور الذهب‪ ،‬لكن شرحه كثيرون بعده ألنه‬
‫التعليمي‪.‬‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح قواعد اإلعراب‬
‫‪19 h‬‬
‫‪g‬‬
‫‪ ‬أهم شروحه شرحان‪:‬‬
‫ِ‬
‫الكافية‪ ،‬هذا الشيخ السيوطي‪،‬‬ ‫ِ‬
‫الكافية‪،‬‬ ‫شرح محيي الدين‬ ‫الشرح األول‪:‬‬
‫ُ‬
‫ُسب إليه هذا الشرح‪،‬‬ ‫ِ‬
‫الكافية نسبة إلى الكافية‪ ،‬كتاب الكافية يف النحو‪ ،‬اهتم به‪ ،‬فن َ‬
‫اسمه شرح اإلعراب أو قواعد اإلعراب‪.‬‬

‫لكن المحقق فخر الدين قدره وحققه تحقي ًقا جيدً ا‪ ،‬حققه باسم شرح قواعد‬
‫اإلعراب‪ ،‬وإال فإن الكافي َة ذكر يف المقدمة أن الكتاب اسمه اإلعراب عن قواعد‬
‫اإلعراب‪.‬‬
‫ٍ‬
‫خالد األزهري‪ ،‬واسم كتابه موصل الطالب إلى قواعد‬ ‫وشرح آخر هو شرح‬
‫ٌ‬
‫اإلعراب‪ ،‬هذه النسخة ليست جيدة للكتاب‪ ،‬هي التي عندي‪ ،‬وكتبت موصل‪،‬‬
‫والصواب‪ُ :‬م َو ِّصل الطالب إلى قواعد اإلعراب‪.‬‬

‫أشهر منه يف النحو‪ ،‬وهو شرحه أوضح‬


‫ُ‬ ‫كتاب آخر‬
‫ٌ‬ ‫األزهري خالدٌ هذا له‬
‫المسالك‪ ،‬سمى كتابه التصريح بمضمون التوضيح‪ ،‬وهو زميل وقديم السيوطي‪،‬‬
‫تويف قبله بقليل يف أول القرن العاشر‪.‬‬

‫منظومات كثيرة‬
‫ٌ‬ ‫نظما‪ ،‬وهناك‬
‫كثيرا اهذا الكتاب فنظموه ً‬
‫وكذلك اهتم العلماء ً‬
‫شرحا‬
‫ً‬ ‫اهذا الكتاب‪ ،‬منها شبيهة بمنظومة الزواوي‪ ،‬وهي مطبوعة ومشروحة اآلن‬
‫وشرحا مكتو ًبا‪.‬‬
‫ً‬ ‫صوت ًّيا‬

‫مختصر للشيخ ابن‬


‫ٌ‬ ‫شرح‬
‫ٌ‬ ‫أيضا مطبوعة وعليها‬ ‫وهناك منظومة البن مهيرة ً‬
‫ومنظومات أخرى‪ ،‬ابن هشا ٍم نفسه اختصر هذا الكتاب‪ ،‬ويسمى‬
‫ٌ‬ ‫ٌ‬
‫ومتون‪،‬‬ ‫السعدي‪،‬‬
‫مختصر ُه القواعد الصغرى‪.‬‬
‫شرح قواعد اإلعراب‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪20 h‬‬
‫قبل أن نبدأ بقراءة الكتاب‪ ،‬أنبه إلى أن ابن هشا ٍم رتب كتابه على أربعة أقسام‪،‬‬
‫على أربعة أبواب‪:‬‬
‫الباب األول‪ :‬يف الجملة وأحكامها‪ :‬وسنحاول إن شاء اهلل أن ننتهي منه اليوم‪.‬‬
‫ِ‬
‫الجملة وأحكامها‪.‬‬ ‫الباب الثاين‪ :‬يف شبه‬
‫ٍ‬
‫كلمات يحتاج إليها المعرب‪ :‬قال‪ :‬وهي عشرون‬ ‫الباب الثالث‪ :‬يف تفسير‬
‫كلمة‪.‬‬
‫ٍ‬
‫مستوفاة موجزة‪ :‬هذه‬ ‫ٍ‬
‫محررة‬ ‫ٍ‬
‫عبارات‬ ‫الباب الرابع‪ :‬وهو األخير يف اإلشارة إلى‬
‫عرب‪ ،‬فحررها ابن هشا ٍم وبين األصوب منها‪.‬‬ ‫الم ِ‬
‫العبارات يستعملها ُ‬
‫بعد ذلك سنبدأ إن شاء اهلل يف قراءة الكتاب وشرح ما تيسر منه‪.‬‬
‫فلنقرأ يا إخوان‪.‬‬

‫‪ ‬قال ‪ :‬بسم اهلل الرمحن الرحيم‪ ،‬البسملة من كالم ابن هشا ٍم ‪‬‬

‫‪ ‬قال‪ :‬قضى الشيخ اإلمام العامل العابد مجال الدين ابن هشامٍ نفع اهلل املسلمني‬
‫كثيرا يف بدايات‬
‫بربكته‪ ،‬هذه العبارة يا إخوان ليست من كالم ابن هشام‪ ،‬وكثر ذلك ً‬
‫الكتب‪ ،‬الناسخ أو الراوي يذكر مثل هذه العبارة يف أول الكتاب‪ ،‬فلنتنبه أهنا ليست‬
‫من كالم المصنف‪.‬‬
‫أما كالم ابن هشا ٍم فيبدأ بعد البسملة من قوله‪:‬‬

‫‪ ‬أما بعد محد اهلل حق محده‪ ،‬والصالة والسالم على سيدنا وعبده‪ ،‬حممدٍ وآله من‬
‫بعده‪ ،‬فهذه فوائدُ جليلةٌ يف قواعد اإلعراب‪ ،‬تقتضي مبتأملها جادة الصواب‪ ،‬وتطلعه يف‬
‫األمد القصري على نكت كثريٍ من األبواب‪ ،‬عملتها عمل من طَبَّ ملن حَبَّ‪.‬‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح قواعد اإلعراب‬
‫‪21 h‬‬
‫‪g‬‬
‫ب‪ :‬مروي ٌة عن العرب‪ ،‬فلهذا تجدها يف‬ ‫هذه العبارة‪ :‬عمل من َط َّ‬
‫ب لمن َح َّ‬
‫المعاجم اللغوية‪ ،‬معناها‪ :‬استنفاذ الجهد يف إجادة العمل‪ ،‬كعمل الطبيب إذا أراد‬
‫أن يعالج من يحب‪ ،‬فإنه يستنفذ كل ما عنده من علم يف هذا العالج‪ ،‬من َط َّ‬
‫ب لمن‬
‫ب‪.‬‬
‫َح َّ‬
‫‪ ‬وقال ابن هشام‪ :‬ومسيتها باإلعراب عن قواعد اإلعراب‪.‬‬
‫نص على اسم كتابه‪.‬‬

‫‪ ‬قال‪ :‬ومن اهلل أستمد التوفيق واهلداية إىل أقوم طريق مبنه وكرمه‪ ،‬وتنحصر‬
‫مرتب على‬
‫ٌ‬ ‫يف أربعةِ أبواب‪ ،‬بدأ كتابه ‪ ‬ببيان طريقة ترتيبه‪ ،‬فذكر أن الكتاب‬
‫أربعة أبواب‪ ،‬ذكرناها قبل قليل‪ ،‬سيأيت عليها إن شاء اهلل با ًبا با ًبا‪.‬‬

‫‪¹‬‬
‫شرح قواعد اإلعراب‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪22 h‬‬

‫قال ابن هشام‪ :‬الباب األول‬


‫ُ‬
‫يف اجلملة وأحكامها‪ :‬وفيه أربع مسائل‪.‬‬

‫ٍ‬
‫لكثير من كتبه القبول واالنتشار‪ ،‬سواء كانت كت ًبا‬ ‫ابن هشا ٍم كتب اهلل ‪‬‬
‫علمية‪ ،‬كمغني اللبيب‪ ،‬وأوضح المسالك‪ ،‬أو كت ًبا تعليمية‪ ،‬كقطر الندى‪ ،‬وشذور‬
‫الذهب‪.‬‬
‫من أهم األسباب يف ذلك جودة التصنيف‪ ،‬وحسن الرتتيب‪ ،‬كما رأيتم هنا‪،‬‬
‫مرتب الباب ترتي ًبا جيدً ا‪.‬‬

‫‪ ‬قال‪ :‬الكتاب ينحصر يف أربعة أبواب‪ ،‬بدأ بالباب األول‪ ،‬قال‪ :‬الباب األول يف‬
‫أربع مسائل‪ ،‬فرتب هذه األمور لنا ترتي ًبا جيدً ا‪.‬‬
‫ما هذه المسائل األربعة؟ ألنه سيذكر مثل ثم يشرحها‪ ،‬ثم ينتقل للثانية‪ ،‬وهكذا‬
‫يف الثالثة والرابعة‪ ،‬نريد أن نتعرف على هذه المسائل األربعة قبل أن يشرحها ابن‬
‫هشامٍ‪.‬‬
‫المسألة األولى‪ :‬قال‪ :‬يف شرح الجملة‪ ،‬سيعرب الجملة‪ ،‬ويبين أقسامها‪.‬‬
‫المسألة الثانية‪ :‬قال‪ :‬يف الجمل التي لها ٌّ‬
‫محل من اإلعراب‪.‬‬
‫المسألة الثالثة‪ :‬يف الجمل التي ليس لها ٌّ‬
‫محل من اإلعراب‪.‬‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح قواعد اإلعراب‬
‫‪23 h‬‬
‫‪g‬‬
‫المسألة الرابعة‪ :‬يف إعراب الجمل‪.‬‬
‫إذن فالمسألة األولى يف تعريف الجملة‪ ،‬والمسألة الثانية والثالثة والرابعة كلها‬
‫يف إعراب الجمل‪.‬‬
‫‪‬‬
‫‪ ‬قال ابن هشا ٍم عليه رمحة اهلل‪ :‬املسألة األوىل يف شرحها‪:‬‬
‫قلنا يف هذه المسألة تكلم على شيئين أو ثالثة أشياء‪:‬‬
‫‪ -‬سيتكلم على تعريف الجملة‪ ،‬والعالقة بين الجملة والكالم‪.‬‬
‫ٍ‬
‫اسمية‪ ،‬وفعلية‪.‬‬ ‫‪ -‬ويتكلم عل انقسامها إلى‬
‫‪ -‬ويتكلم على انقسامها إلى كربى وصغرى‪.‬‬
‫إذن يف هذه المسألة ثالث مسائل‪ :‬المسالة األولى فيها‪ :‬الكالم على تعريف‬
‫ِ‬
‫واصطالحات النحويين‪:‬‬ ‫ِ‬
‫تعريفات‬ ‫الجملة‪ ،‬والعالقة بين الجملة وبين الكالم يف‬
‫قال يف ذلك‪ :‬أي يف تعريف الجملة‪ ،‬والعالقة بين الجملة والكالم‪:‬‬

‫اعلم أن اللفظ املفيد يُسَمَّى كالمًا ومجلة‪ ،‬ونعين باملفيدِ ما يَحْ ُسنُ السكوتُ عليه‪،‬‬
‫وأما اجلملةُ‬
‫أعم من الكالم‪ُّ ،‬‬
‫فكل كال ٍم جملة وال‬ ‫أي واعلم أن الجملةَ‪ ،‬وأن الجمل َة ُّ‬
‫بالعكس‪.‬‬
‫ٍ‬
‫ومسند إليه‪ ،‬هذا تعريف‬ ‫ٍ‬
‫مسند‬ ‫الجملة يف اصطالح النحويين‪ :‬كل ما تركب من‬
‫ٍ‬
‫ومسند إليه‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫مسند‬ ‫الجملة عند النحويين‪ ،‬كل ما تركب من‬
‫نظرية اإلسناد هي النظرية التي تقوم عليها كل اللغات العالمية‪ ،‬طبيعة اللغات‬
‫العربية والعالمية تقوم على إسناد ألن اإلفادة‪ ،‬تمام المعنى‪ ،‬ال تكون إال بحدوث‬
‫شرح قواعد اإلعراب‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪24 h‬‬
‫اإلسناد‪ ،‬أي أن تسند شي ًئا إلى شيء‪.‬‬
‫الطالب‪ ،‬أسندت‬
‫ُ‬ ‫مثال‪ :‬تريد أن تسند النجاح إلى الطالب‪ ،‬فماذا تقول؟ نجح‬
‫ً‬
‫النجاح إلى الطالب‪ ،‬فالنجاح هو المسند‪ ،‬الشيء ا َّلذي أسندته‪ ،‬والطالب مسندٌ‬
‫إليه‪ ،‬مسند النجاح‪ ،‬ومسند إليه الطالب‪.‬‬

‫‪ ‬اللغة العربية من عظمتها وثرائها تستطيع‪ ،‬فيها أن تأتي باإلسناد مطلقًا على‬
‫صورتني‪:‬‬
‫ينجح‬
‫ُ‬ ‫‪ -‬إما على صورة جملة فعلية‪ :‬بأن تبدأ بفعل‪ ،‬فتقول‪ :‬نجح محمد‪ ،‬أو‬
‫محمد‪ ،‬أو انجح‪.‬‬
‫ٍ‬
‫جملة اسمية‪ ،‬أي تبدأ باسم‪ ،‬فتقول‪ :‬الطالب‬ ‫‪ -‬أو تأتي باإلسناد على صورة‬
‫ينجح‪.‬‬
‫ُ‬ ‫الطالب‬
‫ُ‬ ‫ناجح‪ ،‬أو‬
‫ٌ‬ ‫الطالب‬
‫ُ‬ ‫نجح‪ ،‬أو‬
‫َ‬
‫اإلسناد واحد يف كل واحد يف كل ذلك‪ ،‬وهو إسناد النجاح إلى الطالب‪.‬‬
‫ويف أغ لب اللغات العالمية ال تأيت باإلسناد إال على صورة الجملة االسمية‪،‬‬
‫أي ال بدَّ أن تبدأ باسم‪ ،‬ال بدَّ أن تقول‪ :‬الطالب نجح‪ ،‬وال يصح فيها أن تقول نجح‬
‫الطالب فتبدأ بالفعل كاللغة اإلنجليزية‪ ،‬واللغات األوروبية‪ ،‬والعربية‪ ،‬والصينية‪،‬‬
‫واألفريقية‪ ،‬واألمريكية‪ ...‬إلخ‪.‬‬
‫كلها ال بدَّ أن تبدأ باالسم‪ ،‬وال تبدأ عندهم بالفعل‪.‬‬
‫ٍ‬
‫ومسند إليه‪،‬‬ ‫ٍ‬
‫مسند‬ ‫ومهما يكن األمر‪ ،‬فكل الجمل هي قائم ٌة على اإلسناد‪ ،‬من‬
‫ٍ‬
‫ومسند إليه‪ ،‬فإذا تم اإلسناد وقلنا‪ :‬نجح‬ ‫فالجملة يف اللغة ما تركب من م ٍ‬
‫سند‬ ‫ُ‬
‫ناجح‪ ،‬فإن تمام اإلسناد سيجعلها‪ ،‬أي الجملة مفيدةً‪،‬‬ ‫ٌ‬ ‫الطالب‬
‫ُ‬ ‫الطالب‪ ،‬أو‬
‫سيجعلها مفيدة‪.‬‬
‫يف الشرح النحوي للمبتدئين والمتوسطين يبتدئون بشرح الكالم‪ ،‬ويقولون‪ :‬هو‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح قواعد اإلعراب‬
‫‪25 h‬‬
‫‪g‬‬
‫اللفظ المهم‪ ،‬كما قال ابن مالك كالمنا ٌ‬
‫لفظ مفيدٌ ‪.‬‬
‫اللفظ‪ :‬عرف المراد باللفظ‪ ،‬اللفظ الحروف الملفومة من الفم‪ ،‬هذا اللفظ‪،‬‬
‫المفيد‪ :‬أي المعنى التام‪ ،‬أي أنه يدل على معنى تام ألن المعنى إما أن يكون‬
‫ناقص‪ ،‬وإما أن يكون تا ًما‪.‬‬
‫تفهم شي ًئا؟ تفهم أنه إنسان ذكر فقط‪،‬‬
‫ُ‬ ‫فأنت إذا قلت‪ :‬محمد تفهم شيء أم ال‬
‫لكن ما باله‪ ،‬أي أين المسند إليه‪ ،‬أخربت عنه بماذا؟ أسندت إليه ماذا؟ ال شيء‪،‬‬
‫ستفهم شي ًئا لكنه فهم ناقص‪ ،‬معنى ناقص‪.‬‬
‫ُ‬
‫المعنى التام ال يكون إال بجملة‪ ،‬ال بدَّ أن تـأتي بمسند ومسند إليه‪ ،‬تقول‪ :‬نجح‬
‫ناجح‪ ،‬فإذا أتيت بمسند ومسند إليه تم المعنى وصار مفيدً ا‪،‬‬
‫ٌ‬ ‫محمد‪ ،‬أو محمدٌ‬
‫فالمفيد كما تعرفون هو المعنى التام‪ ،‬أو كما يعرب عنه النحويون وكما عرب عنه ابن‬
‫يحسن السكوت عليه‪ ،‬هذه عالمة اإلبانة‪ ،‬ليست‬
‫ُ‬ ‫هشا ٍم هنا‪ ،‬قال‪ :‬ونريد بالمفيد ما‬
‫اإلفادة‪ ،‬اإلفادة المعنى التام‪.‬‬
‫وكيف تعرف أن المعنى تام؟ أنه يحسن السكوت عليه‪ ،‬تقول‪ :‬نجح الطالب‪،‬‬
‫تم المعنى‪ ،‬فيحسن أن تقف هنا‪.‬‬
‫فاألصل يف الجملة‪ ،‬التي عرفنا أهنا تتكون من مسند ومسند إليه‪ ،‬األصل يف‬
‫الجملة أن تكون مفيدةً‪ ،‬أي تامة المعنى يحسن السكوت عليها‪ ،‬هذا هو األصل‪.‬‬
‫مسند وم ٍ‬
‫سند إليه‪ ،‬وأما الكالم فهو‬ ‫ٍ‬ ‫فإلى اآلن عرفنا أن الجملة ما تركب من‬
‫ُ‬
‫اللفظ المفيد‪ ،‬واألصل يف الجملة قد تكون مفيدة‪ ،‬أي أن تكون كال ًما‪ ،‬الكالم هو‬
‫بشيء خارجها‪ ،‬قد‬‫ٍ‬ ‫اللفظ المفيد‪ ،‬إال أن الجملة قد يعرتيها ما يقيد معناها التام‬
‫ٍ‬
‫شيء خارجها‪ ،‬كأن تقول يف‪ :‬نجح‬ ‫ُ‬
‫يجعل معناها التام مرتت ًبا على‬ ‫يعرتيها ما‬
‫محمدٌ ‪ :‬هذا جملة وكالم تام‪ ،‬كأن تقول‪ :‬إن نجح محمدٌ ‪ ،‬فلو قلت نجح محمدٌ‬
‫شرح قواعد اإلعراب‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪26 h‬‬
‫نجح محمدٌ يف األصل جملة مسند ومسند إليه تام‪ ،‬لكن عندما قلت‪ :‬إن نجح‬
‫محمد بقي اإلسناد مسندا ومسندا إليه‪ ،‬لكن ذهب تمام المعنى لوجود التقييد بن‬
‫إن ألن «إن» تحتاج إلى جواب‪.‬‬
‫مثال‪ ،‬إذن فالجملة بقيت على إسنادها‬
‫إن نجح محمد ماذا سيكون؟ أكرمه ً‬
‫مسند ومسند إليه‪ ،‬لكن ذهب تمام الفائدة لوجود هذا األمر ا َّلذي اعرتاها‪ ،‬إذن‬
‫فاألصل يف الجملة أن تكون تام ًة‪ ،‬فلهذا‬

‫‪ ‬قال ابن هشام‪ :‬اعلم أن اللفظ املفيد يُسَمَّى كالمًا ومجلةً‬


‫فالكالم هو اللفظ المفيد‪ ،‬والجملة األصل فيها أن تكون كال ًما مفيدةً‪ ،‬لكن‬
‫هل هذا يعني أن الكالم هو الجملة‪ ،‬والجملة هي الكالم؟ ال‪.‬‬
‫الجملة هي المسند والمسند إليه‪ ،‬واألصل أن تكون تامة المعنى‪ ،‬لكن قد‬
‫تخرج عن ذلك ألم ٍر يعرتيها‪.‬‬
‫فلهذا بين العالقة بين الجملة وبين الكالم‪ ،‬فقال يف بيان هذه العالقة‪ُ :‬‬
‫فكل كال ٍم‬
‫جملة وال ينعكس‪.‬‬
‫وخصوص مطلق‪ ،‬العموم للجملة أم‬
‫ٌ‬ ‫يقول األصوليون‪ :‬العالقة بينهما عمو ٌم‬
‫للكالم؟ للجملة‪ ،‬والخصوص للكالم‪.‬‬
‫وكل كالم ال بدَّ أن يكون جمل ًة أو أكثر من جملة‪ ،‬لو يكون جملة األصل فيها‬
‫ٍ‬
‫بشيء خارجها‪ ،‬فإذا‬ ‫أن تكون كال ًما‪ ،‬لكن قد تخرج عن ذلك إذا ُقيد تمام معناها‬
‫قلت‪ :‬نجح محمدٌ ‪ :‬كالم ألنه تام المعنى‪ ،‬وجملة يف وجود المسند والمسند إليه‪،‬‬
‫وإن قلت‪ :‬إن نجح محمدٌ ‪ :‬فجملة لبقاء اإلسناد‪ ،‬وليس كال ًما لذهاب اإلفادة‪،‬‬
‫تقول تمام المعنى أو اإلفادة‪.‬‬
‫ولو قلت‪ :‬إن محمدً ا‪ ،‬هل هي جملة؟ ليست جملة لعدم اإلسناد‪ ،‬إذن كالم؟‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح قواعد اإلعراب‬
‫‪27 h‬‬
‫‪g‬‬
‫ليست كال ًما لعدم اإلفادة‪ ،‬فهذه العالقة بين الجملة وبين الكالم‪.‬‬
‫فلهذا قال ابن هشا ٍم يف توضيح هذه العالقة‪:‬‬

‫أال ترى أن حنو‪ :‬قام زيدٌ من قولك‪ :‬إن قام زيدٌ قام عمرٌو تسمى مجلة؟ تسمى مجلة‬
‫لوجود اإلسناد‪ ،‬وال تسمى كالمًا لعدم اإلفادة‪ ،‬قال‪ :‬ألنه ال حيسن السكوت عليه‪ ،‬وكذا‬
‫القول جبملة اجلواب‬
‫عمرو‪ :‬هذه جملة‬
‫يعني يف جملة الجواب‪ ،‬قولك يف الجملة السابقة‪ :‬قام ٌ‬
‫لوجود اإلسناد‪ ،‬وليست كال ًما لعدم اإلفادة‪.‬‬

‫أقسام اجلملة‬
‫ثم انتقل إلى الكالم على انقسام الجملة إلى ا ٍ‬
‫سمية وفعلية فقال ‪:‬‬

‫‪ ‬ثم اجلملةُ تسمى امسية إن بُدئت باسمٍ‪ ،‬كزيدٌ قائمٌ‪ ،‬وإن زيدًا قائمٌ‪ ،‬وهل زيدٌ‬
‫قائمٌ؟‪ ،‬وما زيدٌ قائمًا‪ ،‬وفعليةً إن بُدئت بفعلٍ‪ ،‬كقام زيدٌ‪ ،‬وهل قام زيدٌ؟ وزيدٌ ضربته‪،‬‬
‫ويا عبد اهلل؛ ألن التقدير ضربتُ زيدًا ضربته‪ ،‬وأدعو عبد اهلل‪.‬‬
‫‪ ‬بني أن اجلمل يف اللغة العربية قسمان نوعان‪:‬‬
‫‪ -‬اسمية إن ُبدئت باسمٍ‪.‬‬
‫ٍ‬
‫بفعل‪.‬‬ ‫‪ -‬وفعلية إن ُبدئت‬
‫وذكرنا قبل قليل أن هذا من عظمة اللغة العربية‪ ،‬وثرائها ألن كل معنى‪ ،‬وكل‬
‫يندر يف بقية اللغات‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫إسناد يمكن أن تعرب عنه باسمية أو بفعلية‪ ،‬وهذا ُ‬
‫قائم‪ُ ،‬بدئت بزيدٌ ‪،‬‬ ‫ٍ‬
‫باسم‪ ،‬م َّثل بذلك بقوله‪ ،‬زيدٌ ٌ‬ ‫‪ -‬االسمية‪ :‬قال‪ :‬التي ُبدئت‬
‫بحرف ناسخ إن‪ ،‬لكن الحرف ال يخرج االسم بعده عن‬ ‫ٍ‬ ‫قائم‪ ،‬هذه ُبدئت‬
‫وإن زيدً ا ٌ‬
‫قائم؟ كذلك‪ ،‬هل‪:‬‬ ‫كونه يف ابتداء الجملة‪ ،‬فلهذا قيل إن الجملة اسمية‪ ،‬وهل زيدٌ ٌ‬
‫أدخل معنى االستفهام‪ ،‬لكنه لم يخرج االسم بعده عن االبتداء‪.‬‬
‫شرح قواعد اإلعراب‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪28 h‬‬
‫قائم‪ ،‬ثم أدخلت بعدها االستفهام على الجملة‪ ،‬قال‪ :‬وما زيدٌ‬
‫ألن األصل‪ :‬زيدٌ ٌ‬
‫قائم‪،‬‬
‫قائما‪ ،‬والتميمية ال تعمل ما زيدٌ ٌ‬
‫قائما‪ ،‬هذه ما النافية‪ ،‬الحجازية تعمل ما زيدٌ ً‬
‫ً‬
‫وكالهما الحجازية والتميمية ال ُتخرج االسم بعدها عن كونه يف أول الجملة‪.‬‬

‫ناقصا‪ ،‬جامدً ا أو‬


‫‪ ‬قال‪ :‬وفعلية إن بُدئت بفعلٍ‪ ،‬أ ًيا كان هذا الفعل‪ ،‬تا ًما أو ً‬
‫متصر ًفا‪ً ،‬‬
‫فضال عن كونه ثالث ًيا أو رباع ًيا أو خماس ًيا أو سداس ًيا‪ ،‬ماض ًيا أو مضار ًعا‬
‫أمرا‪.‬‬
‫أو ً‬
‫‪ ‬قال‪ :‬كقام زيدٌ‪ ،‬واضح‪ ،‬وهل قام زيدٌ ؟ قلنا‪ :‬إن الحرف ال يخرج ما بعده‬
‫عن كونه يف أول الجملة‪.‬‬

‫اسما‪ ،‬فكيف جعلها‬


‫‪ ‬قال‪ :‬وزيدًا ضربته‪ ،‬الجملة هنا مبدوءة بن زيدً ا‪ ،‬وزيدً ا ً‬
‫فعلية؟ هنا درستم يف النحو المتوسط أن هذا األسلوب ُي َس َّمى أسلوب االشتغال‪،‬‬
‫محذوف قبله دل عليه المذكور بعده‪ ،‬أي‬‫ٍ‬ ‫منصوب بفع ٍل‬ ‫فاالسم المنصوب‬
‫ٌ‬
‫ضربت زيدً ا ضربته‪ ،‬فأسلوب االشتغال من أساليب المبالغة‪.‬‬
‫بدل أن نقول‪ :‬ضربت زيدً ا ضربت زيدً ا‪ ،‬مرتين تحذف الضرب األول لداللة‬
‫ضربت زيدً ا‪.‬‬
‫ُ‬ ‫الثاين عليه‪ ،‬تقول‪ :‬زيدً ا ضربته‪ ،‬صار ضربت زيدً ا‬

‫‪ ‬قال‪ :‬ومن اجلملة الفعلية النداء‪ ،‬يا عبدَ اهللِ‪ ،‬يا‪ :‬حرف‪ ،‬وعبد اهلل‪ :‬اسم‪،‬‬
‫ومع ذلك جعلوا جملة النداء من الجمل الفعلية ألن حرف النداء هنا يقوم مقام‬
‫الفعل أدعو أو أنادي‪.‬‬
‫تقول‪ :‬لماذا فعلوا ذلك؟ الجواب ألن العرب جعلوا المنادى من المنصوبات‪،‬‬
‫نقول‪:‬‬
‫يا عبدَ اهللِ‪ ،‬اسم منصوب‪ ،‬والمنصوب ال بدَّ أن تنصبه بناصب‪ ،‬والناصب هنا‬
‫فعال نحو أنادي أو أدعو‪ ،‬فلهذا جعلوا جملة النداء من المنصوبات‪ ،‬ويف‬
‫سيكون ً‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح قواعد اإلعراب‬
‫‪29 h‬‬
‫‪g‬‬
‫النحو يدرسون المنادى من المنصوبات‪.‬‬
‫بل إن التحقيق أن المنادى يدخل يف باب المفعول به‪ ،‬كما يفعل ذلك‬
‫النحويون يكون المنادى تبع المفعول به‪ ،‬لكن يف كتب النحو التعليمي‪ ،‬أو حتى‬
‫وأيضا لكثرة أحكامه‪ ،‬نجعله يف‬ ‫ً‬
‫إشكاال للطالب‪ً ،‬‬ ‫المتوسط يفصلونه لكيال يحدث‬
‫خاص به‪.‬‬
‫ٍّ‬ ‫باب واحد‪ ،‬يف باب‬
‫قائما‪ ،‬نعرف أن‬
‫ومننت زيدً ا ً‬
‫ُ‬ ‫قائما‪،‬‬
‫فإن سألت بعد ذلك عن نحو‪ :‬كان زيدٌ ً‬
‫الجملة االسمية‪ :‬زيدٌ قائم‪ :‬جملة اسمية‪ ،‬فإن دخل عليها ناسخ سيختلف حكمها‬
‫اإلعرابي‪ ،‬لكن هل يبقى نوعها جمل ًة اسمية؟ أم يختلف وينتقل إلى الجملة‬
‫الفعلية؟‬
‫أما المنسوخة بظن وأخواهتا هذه فعلية اتفا ًقا‪ ،‬فلهذا درستم يف النحو أن من‬
‫ً‬
‫أفعاال ناقصة‪ ،‬ناسخة أي أهنا تخرج المبتدأ‬ ‫ٌ‬
‫أفعال ناسخة‪ ،‬ولكنها ليست‬ ‫وأخواهتا‬
‫والخرب عن حكم االبتداء والخرب المرفوعين وتنصبهما‪ ،‬نسخت الحكم السابق‬
‫ً‬
‫أفعاال ناقصة؟ أي ال بدَّ لها من فاعل‪،‬‬ ‫ً‬
‫أفعاال ناقصة‪ ،‬ما معنى ليست‬ ‫الرفع‪ ،‬وليست‬
‫فلهذا كله ال بدَّ أن تستويف فاعلها قبل أن تنصب المبتدأ والخرب‪ ،‬فإذا كان لها فاعل‬
‫فعل تام‪ ،‬الفعل التام هو ا َّلذي له فاعل‪ ،‬والفعل الناقص هو ا َّلذي‬
‫فمعنى ذلك أهنا ٌ‬
‫ليس له فاعل‪ ،‬له اسم وخرب‪ ،‬فظن وأخواهتا أفعال تامة‪ ،‬فال شك أن فاعلها مسندٌ‬
‫إليها‪.‬‬
‫إذا قلت‪ :‬من محمدٌ الباب مغل ًقا‪ ،‬أسندت الظن إلى من؟ إلى محمد‪ ،‬إذن‬
‫اإلسناد هنا حدث بين ماذا وماذا؟ بين فعل واسم‪ ،‬إذن فالجملة مبدوءة بفعل ألن‬
‫الفعل هو المسند‪ ،‬ومحمد هو المسند إليه‪.‬‬
‫قائما‪ ،‬فالمنسوخ بن كان‬
‫ً‬ ‫وأما المنسوخة بـ كان وأخواتها‪ ،‬مثل‪ :‬كان محمدٌ‬
‫شرح قواعد اإلعراب‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪30 h‬‬
‫وأخواهتا فيه خالف‪ ،‬فالنحويون يرون أنه من الجمل الفعلية‪ ،‬والبيانيون اللغويون‬
‫خالف آخر‪ ،‬وهو هل كان‬ ‫ٍ‬ ‫يرون أنه من الجمل االسمية‪ ،‬والخالف يعود إلى‬
‫وأخواهتا ٌ‬
‫أفعال حقيقية أم ال؟‬

‫ما معنى أفعال حقيقية؟ أي هل كان مسندة إلى مرفوعها‪ ،‬إذا قلت‪ :‬كان محمدٌ‬
‫قائما‪ ،‬هل أسندت كان‪ ،‬الكون إلى محمد؟ ما ا َّلذي أسندته إلى محمد يف قولك‪:‬‬
‫ً‬
‫قائما؟‬
‫كان محمدٌ ً‬
‫الكون‪ ،‬أم القيام؟ النحويون يقولون‪ :‬الكون‪ ،‬والبالغيون يقولون‪ :‬القيام‪ ،‬فعلى‬
‫قول البالغيين صار اإلسناد بين القيام ومحمد‪ ،‬فصارت جملة اسمية‪ ،‬وأما كان‪:‬‬
‫فدخلت لبيان الزمان فقط‪ ،‬أي قيد للخرب‪ ،‬وأما على قول النحويين‪ ،‬فيرون أن‬
‫الكون هو المسند إلى محمد‪ ،‬فاإلسناد حدث بين الفعل واالسم‪ ،‬فهي فعلية‪.‬‬
‫وبال طول يف المسألة‪ ،‬هذا ال يهمنا اآلن‪.‬‬
‫ثم انتقل ‪ ‬إلى المسألة الثالثة‪ ،‬أقصد يف المسألة األولى‪ ،‬ونقول األمر‬
‫الثالث‪ ،‬األمر الثالث ا َّلذي ذكره يف المسألة األولى‪ ،‬وهو انقسام الجملة إلى كربى‬
‫وصغرى‪ ،‬فقال ‪:‬‬

‫‪ ‬وإذا قيل‪ :‬زيدٌ أبوه غالمه منضبطٌ‪ ،‬قال ‪ ‬يف انقسام الجملة إلى كربى‬
‫وصغرى‪ ،‬وإذا قيل زيدٌ أبوه غالمُهُ منضبطٌ‪ ،‬زيدٌ ‪ :‬مبتدأ أول‪ ،‬وأبوه‪ :‬مبتدأ ٍ‬
‫ثان‪،‬‬
‫ٌ‬
‫ومنضبط‪ :‬خرب الثالث‪ ،‬والثالث هو خربه خرب الثاين‪ ،‬والثاين‬ ‫وغالمه‪ :‬مبتدأ ثالث‪،‬‬
‫هو خربه خرب األول‪ ،‬ويسمى المجموع جمل ًة كربى‪.‬‬
‫ٌ‬
‫منضبط‪ :‬جمل ٌة كربى بالنسبة إلى‬ ‫ٌ‬
‫منضبط‪ :‬جمل ٌة صغرى‪ ،‬وأبوه غالمه‬ ‫وغالمه‬
‫غالمه منضبط‪ ،‬وصغرى بالنسبة إلى زيد‪.‬‬
‫الجملة يسميها النحويون كربى إذا كان خربها جملة‪ ،‬ما المراد بالجملة‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح قواعد اإلعراب‬
‫‪31 h‬‬
‫‪g‬‬
‫الكربى عند النحويين؟ هي الجملة التي خربها جملة‪.‬‬
‫درستم يا إخوان يف النحو أن الخرب قد يكون مفر ًدا‪ ،‬وقد يكون جملةً‪ ،‬جمل ًة‬
‫اسمية أو جمل ًة فعلية‪ ،‬فإذا كان الخرب جمل ًة اسمية أو فعلية فيسمي النحويون‬
‫حينئذ بالجملة الكربى‪ ،‬كقولك‪ :‬محمدٌ يقوم‪ ،‬أخربت عن محمد بالجملة‬ ‫ٍ‬ ‫الجملة‬
‫قائم" أخربت عن محمد بالجملة االسمية‪ :‬أبوه‬‫الفعلية‪ :‬يقوم هو‪ ،‬أو محمدٌ أبوه ٌ‬
‫ٍ‬
‫حينئذ تسمى كربى‪ ،‬كلها تسمى جمل ًة كربى‪.‬‬ ‫قائم‪ ،‬فالجملة‬
‫ٌ‬
‫ٍ‬
‫حينئذ جملة صغرى‪.‬‬ ‫وأما الخرب‪ ،‬جملة الخرب‪ ،‬فتسمى‬

‫‪ ‬وقال ابن هشام‪ :‬إن اجلملة قد توصف بأنها كربى وصغرى يف الوقت نفسه‪.‬‬
‫نظيف‪ ،‬فمحمدٌ إلى آخر‬
‫ٌ‬ ‫مثال‪ :‬محمدٌ أبوه ثوبه‬
‫كالمثال السابق‪ ،‬وكما لو قلت ً‬
‫نظيف‪ :‬فهي كربى بالنسبة‬
‫ٌ‬ ‫نظيف‪ :‬صغرى‪ ،‬وأما أبوه ثوبه‬
‫ٌ‬ ‫الجملة‪ :‬كربى‪ ،‬وثوبه‬
‫نظيف‪ ،‬وصغرى بالنسبة إلى المبتدأ السابق‪ :‬محمد‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫إلى خربها‪ ،‬ثوبه‬
‫فإذا لم تكن الجملة الصغرى خربًا‪ ،‬أي لو كانت غير خرب‪ ،‬لو كانت ً‬
‫حاال‪ ،‬لو‬
‫قلت‪ :‬جاء محمدٌ يركض‪ ،‬يركض‪ :‬جملة فعلية ودخلت يف الجملة السابقة جاء‬
‫محمدٌ جملة فعلية‪ ،‬جاء محمدٌ يركض‪ ،‬صارت جاء محمدٌ إلى آخره جملة فعلية‪،‬‬
‫ويركض‪ :‬هذه جملة فعلية ووقعت ً‬
‫حاال‪ ،‬هل نسمي يركض جملة صغرى‪ ،‬وجاء‬
‫محمد إلى آخره جملة كربى؟ فعند النحويين ال تسمى هذه جملة كربى وصغرى‪.‬‬
‫ألن األمر يرتبط بال ُع َمد‪ ،‬ال ُعمدة كما تعرفون الفعل والفاعل يف الجملة‬
‫الفعلية‪ ،‬والمبتدأ والخرب يف الجملة االسمية‪ ،‬ولهذا ال بدَّ أن يكون الخرب جملة‬
‫ٍ‬
‫حينئذ مكونة‬ ‫ٍ‬
‫حينئذ‪ ،‬فيدخل يف أتكوين الجملة‪ ،‬فنقول الجملة‬ ‫لكي يكون عمدة‬
‫من جملتين‪ ،‬فصارت صغرى وكربى‪ ،‬لكن جملة الحال هذه فضلة‪ ،‬كما يقول‬
‫المتقدمون‪ ،‬أو تكملة‪ ،‬فال تعد من صلب الجملة‪.‬‬
‫شرح قواعد اإلعراب‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪32 h‬‬
‫‪ ‬إذ قال ابن هشام‪ :‬ومثله‪( :‬ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ) [الكهف‪ ]38:‬يف األصل هو‪:‬‬
‫لكن أنا هو اهلل ربي‪ ،‬وإال لقيل‪ :‬لكنه‪.‬‬
‫هذه الزيادة ليست موجودة يف النسخة الصغيرة‪ ،‬وكأنه مما زاد ابن هشام‪ ،‬هذه‬
‫اآلية يف سورة الكهف‪( :‬ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ) [الكهف‪.]38:‬‬
‫يف تخريجها كال ٌم طويل يف أهل اإلعراب‪ ،‬من أشهر هذه التخريجات‪ ،‬وهو‬
‫ُ‬ ‫َّ‬
‫الذي نصره ابن هشا ٍم هنا‪ ،‬أن أصل اآلية‪ :‬لكن أنا هو اهلل ربي‪ ،‬وبذلك قرأ أ ُّ‬
‫بي بن‬
‫كعب ◙‪ ،‬لكن‪ :‬فيه نون خفيفة‪ ،‬أنا‪ :‬ضمير المتكلم‪ ،‬هو اهلل ربي‪ ،‬فصارت‪:‬‬
‫نظيف‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫أنا هو اهلل ربي‪ ،‬كقولك‪ :‬محمد أبوه ثوبه‬
‫منطلق‪ ،‬أنا‪ ،‬أخربت عن نفسك بماذا؟ أنا‬
‫ٌ‬ ‫أو المثال المذكور‪ :‬زيدٌ أبوه غالمه‬
‫هو اهلل ربي‪ ،‬أين خرب أنا؟ هو اهلل ربي‪ ،‬وجملة الخرب ال بدَّ أن يكون بينها وبين‬
‫المبتدأ إما رابط أو باتفاق المعنى‪ ،‬أين الرابط؟ هو‪ ،‬هل يعود إلى أنا؟ ال‪ ،‬ياء‬
‫المتكلم يف‪ :‬ربي‪ ،‬الرابط ياء المتكلم يف‪ :‬ربي‪ ،‬هو‪ :‬مبتدأ‪ ،‬وخربه جملة‪ :‬اهلل ربي‪،‬‬
‫ما العالقة بين هو‪ ،‬واهلل ربي؟ ا َّلذي يظهر اتفاق المعنى‪ ،‬اهلل ربي هو هو‪.‬‬
‫واهلل ربي‪ ،‬اهلل‪ :‬مبتدأ‪ ،‬وربي‪ :‬الخرب‪ ،‬إذن فربي‪ :‬خرب اهلل‪ ،‬واهلل ربي‪ :‬خرب هو‪،‬‬
‫وهو اهلل ربي‪ :‬خرب أنا فصارت كالمثال المذكور‪.‬‬

‫‪ ‬قال‪ :‬وإال‪ ،‬أي لو لم يقل بذلك لكان واج ًبا أن يقال‪ :‬لكنه اهلل ربي‪ ،‬أي لو‬
‫لكن المشددة‪.‬‬
‫قيل‪ :‬إن لكن التي يف اآلية ليست لكن المخففة‪ ،‬لكن‪ ،‬ولكنها َّ‬
‫ٍ‬
‫حينئذ ال بدَّ أن يتصل اها اسمها‪ ،‬تقول‪ :‬لكنَّه‪ ،‬لكنَّك‪،‬‬ ‫لكن المشدد‬
‫لو كانت َّ‬
‫ال ينفصل اسمها عنها‪ ،‬ال تقول لكن‪ :‬لك َّن هو زيدٌ ‪ ،‬لك َّن أنت زيدٌ ‪ ،‬ال ينفصل‬
‫اسمها عنها‪ ،‬يتصل اها‪ ،‬فبان بذلك أن األصل لكن أنا ثم ُح ِذفت الهمزة من أنا‬
‫تقري ًبا فصارت لك ْن‪ ،‬مختومة بنون ساكنة‪ ،‬ونا‪ :‬مبدوءة بنون مفتوحة‪ ،‬بحيث َش َّك َل‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح قواعد اإلعراب‬
‫‪33 h‬‬
‫‪g‬‬
‫إدغا ًما‪ ،‬فأدخلت النون يف نون‪ ،‬لكنَّا هو اهلل ربي‪.‬‬
‫قلت كال ًما‪ ،‬ثم‬ ‫كل ٍ‬
‫لفظ مفيد‪ ،‬لو قلت أنت شي ًئا مفيدً ا‪ ،‬أقول لك‪َ :‬‬ ‫الكالم‪ :‬هو ُّ‬
‫لو أردت أن أعرفه لسبب من أسباب التعريف قلت‪ :‬الكالم ا َّلذي قلته مفيد‪ ،‬فهذه‬
‫مسألة نحوية‪ ،‬أما التعريف فهو واحد‪.‬‬
‫ننتقل يا إخواين للمسألة الثانية‪.‬‬

‫‪ ‬املسألة الثانية‪ :‬يف اجلمل اليت هلا حملٌّ من اإلعراب‪.‬‬


‫‪ ‬واملسألة الثالثة‪ :‬يف اجلمل اليت ليس هلا حملٌّ من اإلعراب‪.‬‬
‫هاتان المسألتان يا إخوان إن فهمنا أصلهما َس ُهال‪ ،‬وإن تتبعنا مواضعهما‬
‫ٍ‬
‫واحد‪.‬‬ ‫َص ُعبا‪ ،‬هاتان المسألتان تعودان إلى أص ٍل‬
‫األصل يف اإلعراب أن يقع على المفردات‪ ،‬ال على الجمل‪.‬‬

‫يذهب‪ ،‬محمدٌ‬ ‫ٍ‬


‫محمد‪ ،‬محمدٌ‬ ‫أكرمت محمدً ا‪ ،‬سلمت على‬
‫ُ‬ ‫تقول‪ :‬جاء محمدٌ ‪،‬‬
‫ُ‬
‫يذهب‪ ،‬فاألصل يف اإلعراب أنه يقع على المفردات‪ ،‬وأنتم‬
‫ْ‬ ‫يذهب‪ ،‬محمدٌ لم‬
‫َ‬ ‫لن‬
‫عرفتم أن المعربات منحصرة يف األسماء المعربة‪ ،‬ويف المضارع المعرب‪.‬‬
‫وأما الجمل‪ ،‬فاألصل يف الجمل‪ ،‬أن اإلعراب يقع عليها أو ال يقع؟ إهنا ال يقع‬
‫نصب‪،‬‬
‫ٌ‬ ‫رفع‪ ،‬وال‬
‫عليها‪ ،‬األصل يف الجمل أن اإلعراب ال يقع عليها‪ ،‬ال يقع عليها ٌ‬
‫جر‪ ،‬وال جزم‪ ،‬فلهذا نقول‪ :‬ال محل لها من اإلعراب‪ ،‬هذا األصل فيها‪ ،‬إال أن‬
‫وال ٌ‬
‫بعض الجمل وقعت موقع المفرد‪ ،‬ف ُأعطيت حكمه‪.‬‬
‫ٍ‬
‫منصوب‬ ‫ٍ‬
‫مفرد مرفو ٍع فحكمها الرفع‪ ،‬أو‬ ‫حكم‪ ،‬إن وقعت موقع‬ ‫ٍ‬
‫حينئذ‬ ‫صار لها‬
‫ٌ‬
‫ٍ‬
‫مجرور فحكمها الجر‪ ،‬أو مجزو ٍم فحكمها حكم الجزم‪ ،‬ما‬ ‫فحكمها النصب‪ ،‬أو‬
‫معنى هذه القاعدة؟‬
‫شرح قواعد اإلعراب‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪34 h‬‬
‫مثال‪ :‬الحال‪ :‬عرفنا أن الحال حكمه النصب‪ ،‬النصب حكم إعرابي‪ ،‬إذن‬
‫ً‬
‫فاألصل أن يكون له مفر ًدا‪ ،‬نقول جاء محمدٌ راك ًبا‪ ،‬أو ذهب محمدٌ ماش ًيا‪ ،‬ونحو‬
‫ذلك‪ ،‬هنا جاء يف اللغة وقوع اللغة وقوع الجملة موقع المفرد‪ ،‬فتقول العرب‪ :‬جاء‬
‫يركض‪.‬‬
‫ُ‬ ‫راكضا‪ ،‬وجاء محمدٌ‬
‫ً‬ ‫محمدٌ‬
‫يركض‪ :‬فعل‪ ،‬والفاعل‪ :‬هو‪ ،‬صارت جملة وقعت موقع المفرد‪ ،‬فنقول‪ :‬إن‬
‫محل من اإلعراب‪ ،‬ومحلها النصب ألهنا وقعت ً‬
‫حاال‪ ،‬والحال‬ ‫ٍ‬
‫عندئذ لها ٌّ‬ ‫الجملة‬
‫حكمه النصب‪.‬‬
‫ركض محمد‬
‫يركض محمد‪ ،‬هل تجعل مكان َ‬
‫ُ‬ ‫ركض محمد‪ ،‬أو‬
‫لكن لو قلت‪َ :‬‬
‫أو يركض محمد راكض؟ ال‪ ،‬إذن فالجملة هنا لم تقع موقع المفرد‪ ،‬فيقول إهنا‬
‫على أصلها ال محل لها من اإلعراب‪ ،‬إذن فاألصل يف الجمل أهنا ال محل لها من‬
‫اإلعراب‪.‬‬
‫إال أن العرب أوقعتها يف محال إعرابية إذا وقعت موقع المفرد‪.‬‬
‫إذن فالقاعدة‪ :‬الجمل التي لها ٌّ‬
‫محل من اإلعراب‪ ،‬أهنا الجملة التي يمكن أن‬
‫ُت ِ‬
‫حل المفرد محلها‪ ،‬أن تحذفها وأن تضع مكاهنا مفرد‪.‬‬
‫األصل يف المفرد أن يكون وص ًفا من الحدث المذكور فيها‪ ،‬أي ليس الفاعل‪،‬‬
‫أو مفعول‪ ،‬أو صفة مشبهة‪ ،‬من الحدث المذكور فيها‪.‬‬
‫والجم ل التي ليس لها محل من اإلعراب‪ ،‬هي الجمل التي ال يحل المفرد‬
‫محلها‪ ،‬لو حذفتها أو وضعت مكاهنا مفرد‪ ،‬وصف من الحدث المذكور فيها فإن‬
‫ٍ‬
‫حينئذ‪ ،‬فسنحاول أن نطبق ذلك يف هذه الجمل‪ ،‬لو طبقنا‬ ‫يفسد‬
‫المعنى يختلف‪ُ ،‬‬
‫هذا األمر على الجمل لوجدنا أن الجمل بعضها ليس له محل من اإلعراب‪،‬‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح قواعد اإلعراب‬
‫‪35 h‬‬
‫‪g‬‬
‫‪ ‬قال ابن هشام‪ :‬سبع‪ ،‬ومجل هلا حمل من اإلعراب‪.‬‬
‫قال‪ :‬وهي سبعٌ إحداها الواقعة خربًا‪ ،‬عرفنا أن األصل يف الخرب أن يكون‬
‫نافع‪ ،‬إال أن الجملة قد تقع موقع الخرب‪،‬‬
‫العلم ٌ‬
‫ُ‬ ‫قائم‪ ،‬محمدٌ مجتهدٌ ‪،‬‬
‫للمفرد‪ :‬محمدٌ ٌ‬
‫فتأخذ حكمه اإلعرابي وهو الرفع يف المبتدأ‪ ،‬ويف باب إن‪ ،‬لكن الخرب يف باب كان‬
‫نصب‪ ،‬وكذلك ما أصله الخرب يف باب من‪ ،‬سينتقل للنصب‪ ،‬نصب المفعول به‪،‬‬
‫هذه درستموها من قبل‪.‬‬
‫اآلن فقط نريد أن نستفيد منها‪ ،‬يعني ابن هشا ٍم هنا سيفصل كذا‪ ،‬وتجدون أهنا‬
‫مسألة صعبة‪ ،‬ليست صعبة‪ ،‬هي تفصيل لما درسناه من قبل فقط‪ ،‬استفادة مما‬
‫درسناه من قبل‪.‬‬

‫‪ ‬قال‪ :‬إحداها واقعةٌ خربًا‪ ،‬وموضعها رفعٌ يف بابي املبتدأ‪ ،‬وإن حنو‪ :‬زيدٌ قام‬
‫أبوه‪ ،‬وإن زيدًا أبوه قائمٌ‪ ،‬ونصبٌ‪ ،‬أي موضعهما أو موضعها اجلملة الواقعة خربًا‪،‬‬
‫وموضعها نصبٌ يف بابي كان وكاد‪ ،‬حنو‪ :‬إنهم كانوا يظلمون‪ ،‬وما كادوا يفعلون‪.‬‬
‫الجملة األولى‪ :‬زيدٌ قام أبوه‪ :‬زيدٌ مبتدأ‪ ،‬وقام أبوه‪ :‬جملة وقعت خربًا‪،‬‬
‫قائم مكان‬
‫قائم‪ ،‬يمكن أن تجعل ٌ‬
‫واألصل يف الخرب أن يكون للمفرد‪ ،‬تقول‪ :‬زيدٌ ٌ‬
‫قائم‪ ،‬أبوه قائم‪ :‬خرب إن يف محل رفع‪ ،‬األصل يف‬
‫قام أبوه‪ ،‬وكذلك يف‪ :‬إن زيدً ا أبوه ٌ‬
‫قائم‪.‬‬
‫خرب إن اإلفراد‪ ،‬إن زيدً ا ٌ‬
‫تقول‪ :‬كانوا يظلمون‪ ،‬كانوا مالمين‪ ،‬فتجعل الخرب هنا مفر ًدا‪ ،‬فلما وقعت‬
‫الجملة‪ ،‬قلنا لها ٌّ‬
‫محل من اإلعراب‪ ،‬وهو نصب خربُ كان‪ ،‬وما كادوا يفعلون‪،‬‬
‫يفعلون‪ :‬خرب كاد يف محل نصب‪.‬‬
‫ً‬
‫مفعوال به‪ ،‬وإذا‬ ‫ً‬
‫مفعوال يعني‬ ‫والجملة الثانية والثالثة الواقعة ً‬
‫حاال‪ ،‬والواقعة‬
‫أطلق المفعول يف النحو فيراد المفعول به ألنه أصل المفاعيل‪.‬‬
‫شرح قواعد اإلعراب‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪36 h‬‬
‫‪ ‬قال ابن هشام‪ :‬وحملهما النصب‪.‬‬
‫معلوم أن الحال حكمه النصب‪ ،‬والمفعول به حكمه النصب‪ ،‬لكن هذه أشياء‬
‫للعلم فقط من باب التأكيد‪.‬‬

‫قوله تعالى‪( :‬ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ) [يوسف‪ ]16 :‬أين الجملة الواقع ُة‬


‫ً‬
‫حاال؟‬
‫يبكون‪ ،‬تجعل مكانه مفر ًدا‪ :‬جاءوا أباهم باكين‪.‬‬

‫‪ ‬قال‪ :‬واملفعوليةُ تقع يف أربعة مواضع‪ ،‬حمكيةً بالقول حنو‪ :‬قال‪ :‬إني عبد اهلل‪،‬‬
‫وثانيةً للمفعول األول يف باب ظن حنو‪ :‬ظننت زيدًا يقراُ‪ ،‬وثانيةً للمفعول الثالث يف‬
‫باب أعلم حنو‪ :‬أعلمتُ زيدًا عمروًا أبوه قائمٌ‪ ،‬ومعلقًا عنها العامل حنو‪ :‬لنعلمُ أي احلزبني‬
‫أحصى‪ ،‬فلينظر أيها أزكى‪.‬‬
‫أعلم‪،‬‬
‫َ‬ ‫أعلم‪ ،‬وهذا خطأ‪ ،‬والصحيح‬
‫ُ‬ ‫قوله‪ :‬باب أعلم‪ :‬المحقق ضبطها عندي‬
‫أعلم فهي متعدية إلى اثنين‪.‬‬
‫أعلم تعدت إلى ثالثة‪ ،‬وإذا قلت ُ‬
‫إذا قلت‪َ :‬‬
‫يقول‪ :‬الموضع األول إذا كانت الجملة محكي ًة بالقول‪ ،‬مسبوق ًة بقول‪ ،‬قال‪،‬‬
‫القول تحكي به ما شئت‪ ،‬واألصل أن تحكي به المفردات‪ ،‬تقول‪ :‬قال محمدٌ ح ًّقا‪،‬‬
‫وقال محمدٌ كلمةً‪ ،‬مفعول به منصوب‪ ،‬فإن حكيت اها جمل ًة صارت يف موضع‬
‫ٌ‬
‫مفعول به ألنه المقول يعني‬ ‫إعرابي‪ ،‬وهو النصب ألنه‬ ‫حكم‬
‫ٌ‬ ‫المفرد‪ ،‬فصار لها‬
‫ٌّ‬
‫ٌ‬
‫مفعول به‪.‬‬ ‫الشيء ا َّلذي قلته‪ ،‬ا َّلذي وقع عليه القول‪ ،‬هو‬
‫ناجح‪ ،‬أنا أقول‪ :‬قال الطالب‪:‬‬
‫ٌ‬ ‫مثال‪ ،‬محمدٌ‬
‫مثال‪ :‬إن قلت لي أنت ً‬
‫كقولك ً‬
‫ناجح‪ :‬هذه جملة اسمية مبتدأ‬
‫ٌ‬ ‫ناجح‪ ،‬قال الطالب‪ :‬فعل وفاعل‪ ،‬محمدٌ‬
‫ٌ‬ ‫محمدٌ‬
‫ٌ‬
‫مفعول به يف محل نصب‪.‬‬ ‫وخرب‪ ،‬لكن هنا مرفوع من القول‪،‬‬
‫كي قوله‪ ،‬قال‪ :‬فإين عبد اهلل‪ ،‬هذه‬ ‫َّ‬
‫قال إين عبد اهلل‪ ،‬الذي قاله إين عبد اهلل‪ ،‬ثم ُح َ‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح قواعد اإلعراب‬
‫‪37 h‬‬
‫‪g‬‬
‫ٌ‬
‫مفعول به يف محل نصب‪.‬‬ ‫إن واسمها وخربها‪ ،‬وهو مقول بقول المحل‪،‬‬
‫الموضع الثاين‪ :‬قال‪ :‬وثاني ًة للمفعول األول يف باب من‪ ،‬نحو‪ :‬مننت زيدً ا‬
‫مننت عرفنا من قبل أهنا بعد أن تستويف فاعلها ماذا تنصب؟ مفعولين‪ ،‬ما‬
‫ُ‬ ‫يقرأ ُه‪،‬‬
‫أصلهما؟ المبتدأ والخرب‪ ،‬نعود إلى باب المبتدأ والخرب‪.‬‬
‫قارئ‪ ،‬وقد يقع‬
‫ٌ‬ ‫يف باب المبتدأ والخبر عرفنا أن الخبر قد يقع مفر ًدا‪ :‬محمدٌ‬
‫قارئ‪ ،‬انتقل هذا‬
‫ٌ‬ ‫جمل ًة فعلية‪ :‬محمدٌ يقر ُأ‪ ،‬وقد يقع جمل ًة اسمية‪ ،‬محمدٌ أبوه‬
‫الحكم من الخرب إلى المفعول الثاين ألن المفعول الثاين أصله الخرب‪ ،‬فلهذا نقول‪:‬‬
‫مننت محمدً ا يقرأ‪ :‬المفعول الثاين جملة‬
‫ُ‬ ‫مننت محمدً ا قارئًا المفعول الثاين مفرد‪،‬‬
‫ُ‬
‫فعلية‪ ،‬فكان لها إعراب يف محل نصب‪.‬‬
‫مننت محمدً ا مفعول به أول‪ ،‬أبوه‬
‫ُ‬ ‫قارئ‪،‬‬
‫ٌ‬ ‫مننت محمدً ا أبوه‬
‫ُ‬ ‫ويمكن أن تقول‪:‬‬
‫ٌ‬
‫ثالث يف محل‬ ‫ٌ‬
‫مفعول‬ ‫قارئ مبتد ٌأ وخربٌ‪ ،‬والجملة االسمية من المبتدأ والخرب‬
‫ٌ‬
‫نصب‪.‬‬

‫‪ ‬قال ابن هشام‪ :‬وثانيةً للمفعول الثاني يف بابِ أعلمَ‪.‬‬


‫وعلم‪ ،‬ورأى‪ ،‬وأرى‪ ،‬وخربَ إلى آخره‪،‬‬
‫َ‬ ‫أعلم‪،‬‬
‫َ‬ ‫أعلم وأخواهتا‪،‬‬
‫َ‬ ‫أعلم‪،‬‬
‫َ‬ ‫باب‬
‫أعلم‬
‫تنصب ثالثة مفاعيل‪ ،‬المفعول الثاين والثالث أصلهما المبتدأ والخرب‪ ،‬كقوله‪َ :‬‬
‫أعلم محمدٌ ‪ :‬فاعل‪ ،‬خالدً ا‪ :‬مفعول به أول‪ ،‬زيدً ا مفعول به‬
‫محمدٌ خالدً ا زيدً ا يقرأ‪َ ،‬‬
‫قارئ‪ ،‬أو زيدٌ يقرأ‪ ،‬أو زيدٌ‬
‫ٌ‬ ‫ثاين مفعول به ٍ‬
‫ثان‪ ،‬يقرأ‪ ،‬مفعول به ثالث‪ ،‬األصل زيدٌ‬
‫قارئ تقول أخرب محمدٌ خالدً ا زيدً ا قارئًا‪ ،‬زيدٌ يقر ُأ‪:‬‬‫ٌ‬ ‫قارئ‪ ،‬وإذا قلت‪ :‬زيدٌ‬ ‫ٌ‬ ‫أبوه‬
‫قارئ‪،‬‬
‫ٌ‬ ‫رب محمدٌ خالدً ا زيدً ا أبوه‬‫قارئ‪ :‬أخ َ‬
‫ٌ‬ ‫رب محمدٌ خالدً ا زيدً ا يقر ُأ‪ ،‬زيدٌ أبوه‬ ‫أخ َ‬
‫أعلم‪ ،‬وأرى فيكون لها‬ ‫ٍ‬
‫فحينئذ تنتقل الجملة من الخرب إلى المفعول الثالث يف باب َ‬
‫محل من اإلعراب‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫حينئذ ٌّ‬
‫شرح قواعد اإلعراب‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪38 h‬‬
‫مننت زيدً ا يقرأ‪ ،‬ومثل بالجملة الفعلية‬
‫ُ‬ ‫تلحظون أن ابن هشا ٍم يف باب من‪ ،‬قد‬
‫ً‬
‫مفعوال ثان ًيا‪.‬‬ ‫الواقعة خربًا أو‬
‫قائم‪ ،‬فمثل بالجملة االسمية‬
‫عمروا أبوه ٌ‬
‫ً‬ ‫أعلمت زيدً ا‬
‫ُ‬ ‫أعلم‪ :‬قد‬
‫َ‬ ‫ويف باب‬
‫مفعوال ثال ًثا‪ ،‬يعني طب ًعا من باب التنويع‪ ،‬وإال فإن الجملة االسمية تقع هنا‬
‫ً‬ ‫الواقعة‬
‫وهنا‪ ،‬والجملة الفعلية تقع هنا وهنا‪.‬‬
‫ً‬
‫مفعوال به‪،‬‬ ‫قال يف الموضع الرابع‪ :‬مما يقع فيه الجملة‬

‫‪ ‬قال‪ :‬ومعلقًا عنها بعامل‬


‫معل ًقا عنها العامل‪ ،‬هذا درستموه يف نحو المتوسطين يف باب من وأخواهتا‪،‬‬
‫من وأخواهتا بعد أن تستويف فاعلها تنصب مفعولين أصلهما المبتدأ والخرب‪ ،‬إال أن‬
‫عملها قد ُيعلق‪ ،‬أي ُيعلق يف اللفظ دون المحل إذا وجد شيء يفصل بين‬
‫المفعولين‪ ،‬وبين من وأخواهتا‪ ،‬هذا الفاصل ُي َس َّمى معلق‪ ،‬معلقات‪ ،‬االستفهام‪ ،‬أو‬
‫قائم‪ :‬مبتدأ وخرب‪ ،‬ثم أدخلت عليها‬
‫مثال‪ :‬زيدٌ ٌ‬
‫الم االبتداء‪ ،‬أو ما النافية‪ ،‬فإذا قلت ً‬
‫قائم‪ ،‬فأتيت بالم االبتداء‪،‬‬
‫ٌ‬ ‫قائما‪ ،‬لكن لو قلت‪ :‬لزيدٌ‬
‫مننت زيدً ا ً‬
‫ُ‬ ‫مننت‪ ،‬تقول‪:‬‬
‫قائم‪ ،‬فال تعمل‬
‫مننت لزيدٌ ٌ‬
‫ُ‬ ‫مننت‪ ،‬فتقول‪:‬‬
‫ُ‬ ‫والم االبتداء لها الصدارة‪ ،‬ثم أدخلت‬
‫ٍ‬
‫حينئذ يف الجملة االسمية لوجود المعلق‪ ،‬هذا الفاصل‪ ،‬فهذا المعلق‬ ‫مننت‬
‫ُ‬
‫مننت وأخواهتا‪ ،‬علق العمل يف اللفظ دون‬
‫ُ‬ ‫الفاصل ماذا فعل؟ علق العمل‪ ،‬عمل‬
‫المحل‪.‬‬
‫لظننت‬
‫ُ‬ ‫قائم‪ :‬باقية يف محل نصب‪ ،‬إال أن لفظها لم يتأثر‪ ،‬إذن‬
‫إذن فالجملة‪ :‬زيدٌ ٌ‬
‫قائم‪َ ،‬ت ُقول‪ :‬زيدٌ ٌ‬
‫قائم‪ :‬مبتدأ وخرب‪ ،‬جملة اسمية هذه الجملة ما إعرااها؟‬ ‫ال زيدٌ ٌ‬
‫تقول‪ :‬سدت مسد المفعولين يف محل نصب‪ ،‬يف محل نصب ألهنا سدت مسد‬
‫علمت لزيدٌ‬
‫ُ‬ ‫المفعولين‪ ،‬فلهذا لو عطفت عليها فإنك تعطف عليها بالنصب‪ ،‬تقول‪:‬‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح قواعد اإلعراب‬
‫‪39 h‬‬
‫‪g‬‬
‫مثال‪ ،‬فتعطف يف النصب‪.‬‬
‫مسافر ً‬
‫ٌ‬ ‫قائم ومحمدٌ‬
‫ٌ‬
‫لنعلم أي الحزبين أحصى‪ ،‬أي الحزبين أحصى هنا استفهام‪،‬‬
‫َ‬ ‫وم َّثل ذلك بقوله‪:‬‬
‫فدخلت عليه نعلم فعلق عملها ألن االستفهام مما له صدارة‪.‬‬
‫فلينظر أيها أزكى؟ كذلك أيها أزكى استفهام له الصدارة فعلق عمل ينظر‪.‬‬

‫‪ ‬قال‪ :‬والرابعة‪ ،‬الجملة الرابعة من الجمل التي لها ٌّ‬


‫محل من اإلعراب‪،‬‬

‫قال‪:‬املضاف إليها وحملها اجلر‪ ،‬معروف أن المضاف إليه حكمه الجر‪ ،‬نحو‪:‬‬
‫ينفع الصادقين صدقهم‪ ،‬يو َم هم بارزون‪.‬‬
‫هذا يو ُم ُ‬
‫هذا‪ :‬مبتدأ‪ ،‬ويو ٌم‪ :‬خرب المبتدأ مرفوع وعالمة رفعه الضمة وهو المضاف‪،‬‬
‫مفعول اهم مقدم‪ ،‬وصدقهم‪ُ :‬‬
‫فاعل ينفع‬ ‫ٌ‬ ‫ينفع‪ٌ :‬‬
‫فعل مضارع مرفوع‪ ،‬والصادقين‪:‬‬ ‫ُ‬
‫مضاف إليه‬
‫ٌ‬ ‫ينفع الصادقين صدقهم‪ ،‬الفعل والمفعول به هو الفاعل‬
‫مؤخر‪ ،‬وجملة ُ‬
‫يف محل جر‪.‬‬
‫بارزون‪( :‬يو َم) هذا مرف زمان منصوب وعالمة نصبه الفتحة‪،‬‬
‫َ‬ ‫كذلك‪ :‬يوم هم‬
‫وهو مضاف‪ ،‬وهم بارزون‪ :‬هم مبتدأ‪ ،‬وبارزون خربه‪ ،‬والجملة االسمية هم‬
‫مضاف إليه يف محل جر‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫بارزون‪:‬‬
‫هذا يف باب اإلضافة‪ ،‬يف باب اإلضافة ترى أن األصل يف اإلضافة أهنا تقع بين‬
‫اسمين‪.‬‬
‫ِ‬
‫الوزير‪ ،‬إذن فاألصل يف المضاف إليه أنه من‬ ‫ٍ‬
‫محمد‪ ،‬وسيار ُة‬ ‫قلم‬
‫تقول‪ُ :‬‬
‫مواضع المفرد‪ ،‬إال أن المضاف إليه يف نحو المتوسطين‪ ،‬تدرسون أن المضاف إليه‬
‫قد يقع جمل ًة يف موقع واحد‪ ،‬وهو إذا كان المفرد مر ًفا‪ ،‬مرف زمان بمعنى إذ‪ ،‬فإن‬
‫المضاف إليه قد يكون جملة اسمية أو فعلية‪.‬‬
‫شرح قواعد اإلعراب‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪40 h‬‬
‫ٍ‬
‫فحينئذ يكون للجملة ٌّ‬
‫محل من اإلعراب‪ ،‬وهو الجر‪.‬‬

‫‪ ‬قال ابن هشام‪ :‬وكلُ مجلةٍ وقعت بعد إذ‪ ،‬أو إذا‪ ،‬أو حيثُ‪ ،‬أو ملا الوجودية‪ ،‬عند‬
‫من قال بامسيتها‪ ،‬أو بينما‪ ،‬أو بني؛ فهي يف موضع ظرفٍ بإضافتهن إليها‪.‬‬
‫هذا يمكن أن نقول أنه ضابط من ضوابط اإلعراب المبنية‪.‬‬
‫مضاف إليه يف‬
‫ٌ‬ ‫إذا وجدت هذه الكلمات وبعدها جملة فتعرف أن هذه الجملة‬
‫محل جر‪ ،‬إن عرفنا أهنا مرف زمان لماضي‪ ،‬وإذا مرف زمان للمستقبل‪ ،‬إذا وقع‬
‫مريض‪ ،‬إن‪ :‬مرف زمان‪،‬‬
‫ٌ‬ ‫بعدهما جملة اسمية وفعلية‪ ،‬كأن تقول‪ُ :‬ز َ‬
‫رتك إن محمدٌ‬
‫مسافرا‪ ،‬صارت جملة‬
‫ً‬ ‫مضاف إليه‪ ،‬أو زر ُت َك إن كنت‬
‫ٌ‬ ‫مريض‪ :‬جملة اسمية‬
‫ٌ‬ ‫محمدٌ‬
‫مضاف إليه يف محل جر‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫مسافرا بعد إن‪ ،‬فهي جملة فعلية‬
‫ً‬ ‫فعلية‪ ،‬كنت‬
‫مضاف‬
‫ٌ‬ ‫وأما إذا تقول‪ :‬سأزورك إذا نجحت‪ ،‬فوقعت جملة فعلية بعد إذا‪ ،‬فهي‬
‫حيث تشاء‪ ،‬أو اجلس ُ‬
‫حيث‬ ‫ئت أو ُ‬‫حيث ِش َ‬
‫حيث تقول‪ :‬اجلس ُ‬‫إليه يف محل جر‪ُ ،‬‬
‫جالس‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫زيدٌ‬
‫لما الوجودية‪ ،‬ويقال لما الحينية‪ ،‬يعني لما الدالة على الزمان‪ ،‬تقول‪ُ :‬ز َ‬
‫رتك‬
‫نجحت‪ ،‬فلما عند قول هؤالء أهنا مرف زمان‪ ،‬فالجملة‬
‫َ‬ ‫نجحت‪ ،‬يعني حين‬
‫َ‬ ‫لما‬
‫مضاف إليه‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫بعدها‬
‫قولهم عند من قال باسميتها ألن بعض النحويين يرون أهنا حرف‪ ،‬ومعلوم أن‬
‫المضاف ال يقع حر ًفا‪ ،‬بل يجب أن يكون ً‬
‫اسما‪ ،‬قال‪ :‬أو بينما‪ ،‬أو بين‪ ،‬كأن تقول‪:‬‬
‫بينما نحن جالسون جاء محمد‪ ،‬أو بين نحن جالسون جاء محمد‪ ،‬بين نحن‬
‫خرج علينا رجل‪.‬‬
‫جلوس َ‬
‫ٌ‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح قواعد اإلعراب‬
‫‪41 h‬‬
‫‪g‬‬
‫‪ ‬قال ابن هشام‪ :‬واخلامسةُ‪.‬‬
‫أي الجملة الخامسة من الجمل التي لها ٌّ‬
‫محل‪ ،‬لها محل أم ليس لها محل؟ لها‬
‫ٌّ‬
‫محل من اإلعراب‪.‬‬
‫ٍ‬
‫ماض‪ ،‬والتاء‪ :‬فاعل‪ ،‬عندما اتصلت‬ ‫ئت)‪ :‬من شا َء فعل‬ ‫فائدة‪ :‬وإعراب‪ِ :‬‬
‫(ش َ‬
‫التاء بن شاء حذفنا األلف ألن التاء ضمير متكلم‪ ،‬فضمير مخاطب متحرك‪،‬‬
‫ذهب‪ِ ،‬صله بالتاء‪ ،‬ست َُس ِّكن آخره‪،‬‬
‫َ‬ ‫والفعل الماضي إذا اتصل بضمير متحرك مثل‪:‬‬
‫ذهب ُت‪ ،‬أو ذهب َت‪ ،‬ذهب ِ‬
‫ت‪ ،‬ال بدَّ أن تسكن اآلخر‪ ،‬شاء آخره همزة اتصلت به التاء‪،‬‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬
‫َست َُّسكن الهمزة‪ ،‬صارت الهمزة ساكنة‪ ،‬وقبلها ألف واأللف ساكنة تبقى ساكنة‬
‫على ذلك‪ ،‬تقول‪ :‬ما ِش ْئ َت‪.‬‬
‫نعود إلى الجملة الخامسة‪:‬‬

‫‪ ‬قال‪ :‬الواقعة جوابًا لشرطٍ جازم‪.‬‬


‫غير‬
‫الشرط كما تعرفون له أدوات‪ ،‬وأدوات الشرط بعضها جازم‪ ،‬وبعضها ُ‬
‫إن وأخواهتا‪ْ ،‬‬
‫إن‪ ،‬وإنما‪،‬‬ ‫جازم‪ ،‬الجازمة مشهورة‪ ،‬وهي تدرس يف النحو‪ ،‬وهي‪ْ :‬‬
‫و َمن‪ ،‬وما‪ ،‬ومهما إلى آخره‪.‬‬
‫إن تستذكر تنجح‪َ ،‬من يأيت يكرم ُه‪ ،‬وهكذا‪.‬‬
‫وهناك أدوات شرط غير جازمة‪ ،‬أي أهنا ال تجزم فعلها وال جوااها‪ ،‬مثل‪ :‬إذا‪،‬‬
‫لشرط جازم‪ ،‬ومحلها الجزم‪ ،‬هذا‬‫ٍ‬ ‫لو‪ ،‬لوال‪ ،‬ونحو ذلك‪ ،‬فلهذا قال‪ :‬الواقع ُة جوا ًبا‬
‫معروف لكنه تأكيد‪.‬‬

‫‪ ‬قال‪ :‬حملها اجلزم إذا كانت مقرونةً بالفاء‪ ،‬أو بـ إذا الفجائية‬
‫يعني جملة الجواب إذا وقعت يف جواب جازم واقرتنت بالفاء‪ ،‬مثل‪ :‬إن‬
‫ناجح ألن الجواب قد يقرتن بالفاء يف مواضع‪ ،‬وقد ال يقرتن بالفاء‪،‬‬
‫ٌ‬ ‫فأنت‬
‫تجتهد َ‬
‫شرح قواعد اإلعراب‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪42 h‬‬
‫فتقول‪ :‬إن تجتهد تنجح يف مواضع‪ ،‬فإذا اقرتنت بالفاء أو إذا الفجائية‪.‬‬

‫‪ ‬طبعًا األصل واألكثر أن تقرتن بالفاء إذا اقرتنت‪ ،‬واقرتانها بـ إذا الفجائية‬
‫قليل‪ ،‬سيمثل‪:‬‬
‫‪ ‬قال‪ :‬يف األوىل‪ ،‬أي المقرتنة بالفاء حنو‪( :‬ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨﯩ‬
‫ﯪ) [األعراف‪( ،]186:‬ﯪ)‪ ،‬وهلذا قلنا باجلزم ويَذْرهُم عطفًا على حمل‬
‫اجلملة‪ .‬والثانية حنو‪( :‬ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ)‬
‫[الروم‪( ]36:‬ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨﯩ) [األعراف‪]186:‬‬

‫أين أداة الشرط؟ َمن‪ ،‬فعل الشرط‪ :‬يضلل‪ ،‬مجزوم وعالمة جزمه السكون‪،‬‬
‫الظاهر أم المقدر؟ المقدر‪ ،‬ما ا َّلذي منع من مهوره؟ حركة التقاء الساكنين‪ ،‬أين‬
‫ادي له‪ ،‬هذا الجواب‪ ،‬أما الفاء فداخل ٌة على‬
‫جواب الشرط؟ يقول‪ :‬الجواب‪ :‬ال ه َ‬
‫الجواب‪ ،‬أي ليست من الجواب‪ ،‬وإنما داخلة ومقرتنة بالجواب‪.‬‬
‫هادي‪:‬‬
‫َ‬ ‫هادي له؟ ال‪ :‬نافية للجنس‪،‬‬
‫َ‬ ‫هادي له‪ ،‬ما إعراب ال‬
‫َ‬ ‫إذن الجواب‪ :‬ال‬
‫اسمها‪،‬‬
‫ٍ‬
‫حينئذ اسمية أم فعلية؟ اسمية ألن الحرف ال يخرج ما‬ ‫له‪ :‬خربها‪ ،‬صارت الجملة‬
‫بعده عن كونه يف أول الجملة‪ ،‬فالجملة هنا وقعت اسمية‪ ،‬فوقعت جمل ٌة اسمي ُة‬
‫ٍ‬
‫فحينئذ ما محل هذه الجملة؟ الجزم‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫لشرط جازم‪َ ،‬من مقرتن ًة بالفاء‪،‬‬ ‫جوا ًبا‬
‫لماذا قلنا إن هذه الجملة لها محل من الجزم؟ ألن األصل يف جواب الشرط‬
‫فعال مضار ًعا مجزو ًما‪ ،‬والمضارع مفرد‪ ،‬انتبهوا لهذه المسألة يا إخوان‬
‫أن يكون ً‬
‫ألنه لن نعيد شرحها ألهنا طويلة‪.‬‬
‫األصل يف جواب الشرط أن يكون ماذا؟ مضار ًعا‪.‬‬
‫كقولك‪َ :‬من يجتهد ينجح‪ ،‬فجواب الشرط هنا ماذا؟ ينجح‪ ،‬الجزم وقع على‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح قواعد اإلعراب‬
‫‪43 h‬‬
‫‪g‬‬
‫الفعل المضارع ينجح أم على جملته؟ الجزم هنا وقع على الفعل نفسه فانجزم أم‬
‫على كل الجمل َة؟ على الفعل نفسه‪ ،‬فلهذا انجزم لفظه‪ ،‬ا َّلذي انجزم هنا لفظ الفعل‬
‫أم محل الفعل؟ لفظ ُه ينجح‪ ،‬بالجزم‪.‬‬
‫جواب‬ ‫ٍ‬
‫حينئذ‪ :‬إن ا َّلذي وقع‬ ‫إذن فالجزم هنا وقع على لفظ الفعل‪ ،‬فنقول‬
‫ً‬
‫تابع له ألن الجزم لو وقع على‬
‫للشرط الفعل المضارع نفسه ال جملت ُه‪ ،‬والفاعل ٌ‬
‫ٍ‬
‫حينئذ مرفو ًعا‪ ،‬ونقول إن الجزم وقع‬ ‫الجملة ال على اللفظ لبقي الفعل المضارع‬
‫على الفعل والفاعل‪ ،‬ال‪ ،‬لكن ا َّلذي يف العربية أن الجزم يقع على لفظ المضارع‪.‬‬
‫وسيأيت كال ٌم آخر على هذه المسألة‪.‬‬
‫فدل ذلك على أن األصل يف هذا الموضع أن يكون للمفرد أم الجملة؟‬
‫محال من اإلعراب‬
‫ً‬ ‫للمفرد‪ .‬فلما وقعت الجملة االسمية هنا موقعه قيل إن لها‬
‫وهو الجزم‬

‫وكذلك‪ ( :‬ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ) [الروم‪ ،]36:‬أداة‬


‫الشرط‪ :‬إن‪ ،‬وفعل الشرط‪ :‬تصبهم‪ ،‬وجواب الشرط‪ :‬هم يقنطون جملة اسمية‬
‫اقرتنت بن إذا‪ ،‬فنقول‪ :‬إن الجملة االسمية هنا يف محل جزم‪ ،‬نقول‪ :‬جواب الشرط‬
‫يف محل جزم‪.‬‬

‫‪ ‬قال ابن هشام‪ :‬فأما حنو‪ :‬إن قام أخوك قامَ عمرٌو‪.‬‬
‫عمرو‪ :‬جواب الشرط‪ ،‬معي يا‬
‫فعل الشرط‪ ،‬قام ٌ‬ ‫َ‬
‫أخوك‪ُ :‬‬ ‫إن‪ :‬أداة الشرط‪ ،‬قام‬
‫إخوان؟ أين جواب الشرط؟‬
‫عمرو يعني جملة‪ ،‬إذا قلت‪ :‬قام يعني مفرد‪،‬‬
‫عمرو أم قام؟ إن قلت‪ :‬قام ٌ‬
‫قا َم ٌ‬
‫يعني الفعل قا َم‪ ،‬واضح؟‬

‫لو قلنا‪ :‬إن َي ُقم أخوك يقم ٌ‬


‫عمرو‪ ،‬أين الجواب؟‬
‫شرح قواعد اإلعراب‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪44 h‬‬
‫عمرو؟ َي ُقم‪.‬‬
‫يقم أم يقم ٌ‬
‫عمرو‬
‫عمرو‪ ،‬إن قلت إن الجواب‪ :‬قام ٌ‬ ‫ٍ‬
‫ماض‪ ،‬إن قام أخوك قام ٌ‬ ‫ٍ‬
‫بفعل‬ ‫ولو أتينا‬
‫ٍ‬
‫حينئذ يف محل جزم‪ ،‬وإن قلت‬ ‫فقد جعلت الجواب جملةً‪ ،‬فصارت الجملة‬
‫الجواب‪ :‬قام فقط فقد جعلت الجواب مفر ًدا‪ ،‬فصار الجزم للفعل الماضي‪،‬‬
‫سنأخذ هذه‪ ،‬سيشرح ابن هشام‪.‬‬

‫‪ ‬قال ابن هشام‪ :‬فأما حنو‪ :‬إن قام أخوكَ قام عمروُ‪.‬‬
‫ِ‬
‫للجملة بأسرها‪ ،‬يعني أن الجواب قام‬ ‫فمحل الجزم محكو ٌم به للفع ِل وحده ال‬
‫أم قام عمرو؟ قا َم‪ ،‬الجزم واقع على الفعل نفسه‪.‬‬

‫‪ ‬قال ابن هشام‪ :‬وكذلك القول يف فعل الشرط‪.‬‬


‫أين فعل الشرط يف الجملة؟ قام أخوه الجملة أم قام فقط؟ قام فقط‪ ،‬ما الدليل‬
‫على ذلك يا ابن هشام؟ قال‪ :‬ولهذا تقول‪ :‬إذا أضفت عليه مضار ًعا وأهملت األول‬
‫عمرو‪ ،‬يعني لو جعلت الفاعل يف فعل الشرط مؤن ًثا‪،‬‬
‫نحو‪ :‬إن قام ويقعدَ أخواك قام ٌ‬
‫كأخواك‪ ،‬يف أسلوب التنازع‪ ،‬التنازع يدرس يف كتب النحو المتوسطة‪.‬‬
‫وجلس زيدٌ ‪،‬‬
‫َ‬ ‫معموال واحدً ا‪ ،‬كما لو قلت‪ :‬جاء‬
‫ً‬ ‫التنازع أن يتنازع عامالن‬
‫جلس أم فاعل جا َء؟ هذه‬
‫َ‬ ‫ٍ‬
‫ماض‪ ،‬زيدٌ ‪ :‬فاعل‪ ،‬فاعل‬ ‫جلس‪ٌ :‬‬
‫فعل‬ ‫َ‬ ‫ٍ‬
‫ماض‪،‬‬ ‫جا َء‪ٌ :‬‬
‫فعل‬
‫ابتدا ًء‪ ،‬لكل فعل‪ ،‬اسم كالهما‪ ،‬إال على قول الفراء‪ ،‬وهو قول مردود‪ ،‬النحويون‬
‫ً‬
‫معموال واحدً ا‪:‬‬ ‫يقولون هذا باب التنازع‪ ،‬أن يتنازع عامالن متقدمان‪ :‬جاء وجلس‪،‬‬
‫محمد‪.‬‬
‫اتفقوا على أنه لك أن تجعل المعمول «محمد» أو «زيد» لألول وتضمر يف‬
‫فاعال للثاين‪ ،‬وتضمر يف‬
‫ضميرا مسترتًا‪ ،‬أو تجعل «زيد» ً‬
‫ً‬ ‫الثاين‪ ،‬يعني تجعل فاعله‬
‫األول‪ ،‬اتفقوا على ذلك‪ ،‬لكن اختلفوا أيهما أولى‪ ،‬فالبصريون يقولون األولى‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح قواعد اإلعراب‬
‫‪45 h‬‬
‫‪g‬‬
‫إعمال الثاين‪ ،‬والثاين أولى عند أهل البصرة‪ ،‬والكوفيون يقولون األولى‪ :‬األول‬
‫عكسا غيرهم ذا أسرة‪ ،‬كما يقول ابن مالك‪.‬‬
‫لتقدمه‪ ،‬واختار ً‬
‫يف التنازع يف قولك‪ :‬إن قام ويقعد أخواك‪ ،‬أخواك‪ :‬هذا الفاعل جعلناه لألول‪،‬‬
‫قام أخواك‪ ،‬ويقعد‪ :‬فإذن ال بدَّ له من فاعل‪ ،‬إن كان مفر ًدا معروف أن الضمير‬
‫المفرد يسترت‪ ،‬تقول للواحد‪ :‬اجلس‪ ،‬لكن لو كان مثنًّى أو جم ًعا يربز‪ ،‬اجلسا‪،‬‬
‫اجلسوا‪ ،‬هنا الضمير صار ضمير تثنية ال بدَّ أن يربز‪ ،‬إن قلنا‪ :‬يقعدَ ا ليس هو‬
‫يقعدان فرتفع بثبوت النون‪ ،‬أو اقعدا فتحذف النون‬‫ِ‬ ‫الشاهد‪ ،‬الشاهد هل تقول‬
‫دليال على أنه مجزو ٌم له؟‬ ‫ٍ‬
‫حينئذ ً‬ ‫فيكون‬

‫‪ ‬قال ابن هشام‪ :‬تقول العرب وحنو ذلك‪ :‬إن قاما ويقعدا أخواك‪.‬‬
‫يعني لو تركنا كل ذلك‪ ،‬وأتينا بفعل الشرط مضار ًعا‪ ،‬لو قلت إن تجتهد تنجح‪،‬‬
‫أين فعل الشرط؟ الفعل المضارع تجتهد أم جملته؟ الفعل المضارع‪ ،‬فلهذا وقع‬
‫الجزم على لفظه‪ ،‬فدل ذلك على أن فعل الشرط مفرد أم جملة؟ مفرد فعل‬
‫مضارع‪ ،‬هذا أصل المسألة‪.‬‬

‫‪ ‬ثم هنا قال‪ :‬فإذا قلتَ إن قامَا ويقعدَا‬


‫فالجزم هنا وقع على لفظ يقعدا أم على جملة يقعدا؟ على لفظ يقعدا فانجزم‪،‬‬
‫فدل ذلك على أن يقعدا معطوف على لفظ قاما أم على جملة قاما؟ مفرد معطوف‬
‫على مفرد‪ ،‬إذن ففعل الشرط هو قام المفرد وليس قام و فاع ُله الجملة‪ ،‬فهذا ا َّلذي‬
‫يدل عليه ابن هشا ٍم يف أن الفعل الماضي إذا وقع فعل شرط‪ ،‬أو جواب شرط فإن‬
‫واقع على لفظه‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫واقع على جملته؟ ٌ‬
‫واقع على لفظه أم ٌ‬ ‫الجز َم حينئذ ٌ‬
‫‪ ‬قال‪ :‬فتجزمُ املعطوف قبل أن تكمل اجلملة‬
‫ٍ‬
‫مفرد مثله‪،‬‬ ‫معطوف على‬
‫ٌ‬ ‫المعطوف يقعدَ ‪ ،‬فانجزم لفظه‪ ،‬فدل ذلك على أنه‬
‫شرح قواعد اإلعراب‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪46 h‬‬
‫عمرو‪ ،‬إن‪ :‬أداة الشرط‪ ،‬قا َم‪ٌ :‬‬
‫فعل‬ ‫ٍ‬
‫فعندئذ ماذا نقول يف اإلعراب؟ إن قا َم أخوك قام ٌ‬
‫مبني على الفتح يف محل الجزم‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫ماض ٌّ‬
‫أن «يقعد» معطوف على لفظ‪ :‬قام‪ ،‬أو على جملة‪ :‬قام‪ ،‬مفرد‬
‫فدل ذلك على َّ‬
‫معطوف على مفرد‪ ،‬إذن ففعل الشرط هو قام‪ ،‬المفرد وليس قام وفاعله الجملة‪،‬‬
‫فهذا ا َّلذي يكون عليه ابن هشا ٍم يف أن الفعل الماضي إذا وقع فعل شرط أو جواب‬
‫واقع على لفظه‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫واقع على جملته؟ ٌ‬
‫واقع على لفظه أم ٌ‬ ‫شرط فإن الجزم حينئذ ٌ‬
‫فأنت تجزم المعطوف قبل أن تكمل الجملة‪ ،‬المعطوف‪ :‬تقعدَ ‪ ،‬فالجزم لفظه‪،‬‬
‫ٍ‬
‫مفرد مثله‪.‬‬ ‫فدل ذلك على أنه معطوف على‬
‫ٍ‬
‫فحينئذ ماذا نقول يف اإلعراب؟ إن قام أخوك قام عنهم‪ :‬إن أداة الشرط‪ ،‬قام‪:‬‬
‫فعل ماض مبني على الفتح يف محل جزم‪.‬‬
‫درستم من قبل أن الفعل الماضي يف األصل ال محل له من اإلعراب‪ ،‬هو‬
‫واألمر والحروف‪ ،‬أما الحروف باتفاق‪ ،‬وأما األمر فاختالف‪ ،‬وكونه ال محل له من‬
‫اإلعراب هذا قول البصريين والجمهور‪ ،‬وهو الصحيح‪ ،‬والكوفيون يرون أهنا‬
‫أفعال مضارعة مجزومة ألن ُحلت منها الالم‪.‬‬
‫ٍ‬
‫باتفاق إال يف هذا المحل‪ ،‬إال‬ ‫والفعل الماضي ال محل لها من اإلعراب‪ ،‬هذا‬
‫إذا وقع فعل شرط أو جواب شرط‪ ،‬فهي عند الجمهور كما رأيتم‪ ،‬عند ابن هشام‪،‬‬
‫ٍ‬
‫حينئذ يف محل جزم‪.‬‬ ‫واقع على لفظها‪ ،‬فهي‬
‫عند الجمهور يرون أن الجزم ٌ‬
‫ٍ‬
‫ماض مبني على الفتح يف محل جزم‪ ،‬وهو فعل الشرط‪،‬‬ ‫فتقول‪ :‬إن قام‪ٌ :‬‬
‫فعل‬
‫ٍ‬
‫ماض‬ ‫أخوك‪ :‬فاعل‪ ،‬والجواب‪ :‬قام عمرو‪ :‬نقول فيه كذلك‪ ،‬فنقول‪ :‬قام‪ :‬هذا ٌ‬
‫فعل‬
‫مبني على الفتح يف محل جزم‪ ،‬وهو جواب الشرط‪ ،‬عمرو‪ :‬فاعله‪ ،‬هذا قول‬
‫الجمهور‪.‬‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح قواعد اإلعراب‬
‫‪47 h‬‬
‫‪g‬‬
‫ِ‬
‫جملة الفعل الماضي مع‬ ‫واقع على‬ ‫وقال بعض النحويين‪ :‬بل إن الجزم هنا‬
‫ٌ‬
‫فاعله‪ ،‬الجملة كلها وقع عليها الجزم‪ ،‬كما وقع على الجملة االسمية‪ ،‬يف قوله‪ :‬فال‬
‫هدية له‪.‬‬
‫وهذا باتفاق أن الجزم وقع على الجملة االسمية وليس على ٍ‬
‫فرد من أفرادها‪.‬‬
‫والمسألة فيها كالم طويل‪ ،‬لكن هذا قول الجمهور‪ ،‬أن الجزم واقع على‬
‫المفرد‪ ،‬وقول بعض النحويين أنه واقع على الجملة‪.‬‬

‫‪ ‬قال ابن هشام‪ :‬تنبيهٌ! إذا قلت‪ :‬إن قامَ زيدٌ أقومُ‪.‬‬
‫ما محل‪ :‬أقوم؟‬
‫إن قا َم زيدٌ أقو ُم‪ :‬هذا اسمه أسلوب الشرط‪ ،‬يقول يف أسلوب الشرط‪ ،‬إذا وقع‬
‫ٍ‬
‫حينئذ أن تجزم‬ ‫فعال مضار ًعا فيجوز لك‬
‫فعال ماض ًيا‪ ،‬وجواب الشرط ً‬ ‫ِ‬
‫الشرط ً‬ ‫فعل‬
‫جواب الشرط‪ ،‬فتقول‪ :‬إن قام زيدٌ أقم‪ ،‬وهذا هو األكثر واألحسن‪ ،‬ويجوز لك أن‬
‫ترفع الفعل المضارع‪ ،‬وهو الجواز الحسن‪ ،‬يعني ليس قريب أو بعيد‪ ،‬جواز‬
‫حسن‪ ،‬فتقول‪ :‬إن قام زيدٌ أقو ُم‪.‬‬
‫ــر ِم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َي ُقـ ُ‬ ‫ـــــأ َل ٍة‬
‫ـــــو َم َم ْس َ‬ ‫َوإِ ْن َأتَـــــا ُه َخ ِل ٌ‬
‫ــب َمـــالي َو َال َحـ َ‬
‫ــول‪َ :‬ال غَائـ ٌ‬ ‫يـــــل َي ْ‬
‫هذه مسألة مذكورة يف كتب النحو‪ ،‬وليس عن ذلك يتكلم ابن هشا ٍم هنا‪ ،‬وإنما‬
‫يتكلم عن هذا الجواب إن ُرفع‪ ،‬فقلت‪ :‬إن قام زيدٌ أقو ُم‪ ،‬فرفعت الفعل المضارع‪،‬‬
‫ما إعراب جملة أقوم؟‬
‫ٍ‬
‫حينئذ ما إعرااها؟ هل هي‬ ‫نقول‪ :‬فعل مضارع مرفوع‪ ،‬والفاعل هو‪ ،‬والجملة‬
‫جواب الشرط؟ أم ال؟‬
‫شرح قواعد اإلعراب‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪48 h‬‬
‫‪ ‬قال ابن هشام‪ :‬فاجلواب قيل‪.‬‬
‫إذن المسألة فيها خالف‪ ،‬قيل‪ :‬هي دليل الجواب‪ ،‬يعني ليس فيها الجواب‪،‬‬
‫وإنما هي دليل الجواب‪ ،‬والجواب محذوف‪ ،‬يعني إن قام زيدٌ أقم‪ ،‬أقوم‪ ،‬فأقوم‬
‫دليل الجواب‪ ،‬والجواب محذوف‪.‬‬
‫وقيل على إضمان الفاء‪ ،‬يعني األصل‪ :‬إن قام زيدٌ أقو ُم‪ ،‬فإذا أتيت بالفاء الفعل‬
‫ٍ‬
‫حينئذ‪.‬‬ ‫المضارع يرتفع‬
‫فعلى األول‪ ،‬يعني أن هذه الجملة ليس هي جواب الشرط‪ ،‬ولكنها دليل على‬
‫جواب الشرط المحذوف‪ ،‬فعلى األول‪ :‬ال محل له ألنه مستأنف‪ ،‬الجملة هذه‬
‫جملة مستأنفة دالة على الجواب المحذوف‪.‬‬
‫وعلى الثاين‪ ،‬يعني أهنا جواب الشرط‪ ،‬ولكن دخلت عليها فاء محذوفة‪ ،‬وعلى‬
‫ٍ‬
‫لشرط جاز ٍم‬ ‫الثاين محله الجزم‪ ،‬لما سبق قبل قليل‪ ،‬من أن الجملة إذا وقعت جوا ًبا‬
‫واقرتنت اها الفاء أو إذا فمحلها الجزم‪.‬‬
‫هذا اقرتنت اها الفاء‪ ،‬لكنها محذوفة‪.‬‬

‫‪ ‬قال‪ :‬ويظهر أثر ذلك يف التابع‬


‫لو قلت‪ :‬إن قام زيدٌ أقو ُم وأكر ُمه‪ ،‬فإن قلت أهنا ال محل لها من اإلعراب ألنه‬
‫مستأنفة تقول‪ :‬أقو ُم وأكر َمه‪ ،‬وإن قلت إهنا يف محل جزم قلت‪ :‬أقو ُم وأكر ُمه‪.‬‬
‫يبدو الخالف هنا مهر لعدم وجود الشواهد‪ ،‬لو وجدت شواهد وجاءت‬
‫بالرفع على أقل أهنا مستأنفة‪ ،‬ولو جاءت شواهد بالجزم لقيل إهنا جواب الشرط‪،‬‬
‫ولو جاءت شواهد على هذا‪ ،‬وشواهد على هذا لقيل أن هذا جائز وهذا جائز‪ ،‬فلما‬
‫ٍ‬
‫عندئذ‪.‬‬ ‫لم يأيت اختلفوا‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح قواعد اإلعراب‬
‫‪49 h‬‬
‫‪g‬‬
‫‪ ‬قال‪ :‬والسادسة‪ ،‬الجملة السادسة من الجمل التي ليس لها محل من‬
‫اإلعراب‪ ،‬هذه سهلة‪ ،‬انتبهوا لها يا إخوان‪ ،‬هذه سهلة‪ ،‬ليست صعبة‪،‬‬

‫‪ ‬قال‪ :‬التابعة ملفرد‪ ،‬يعني الجملة التي تبعت مفر ًدا‪ ،‬وعلمنا أن المفرد‬
‫االسم من المضارع ال بدَّ له من حكم إعرابي‪.‬‬

‫‪ ‬قال‪ :‬فاجلملة املنعوت بها‪ ،‬هو حلها بحسب منعوهتا‪ ،‬فهي موضع رفعٍ يف حنو‪:‬‬
‫(ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ) [البقرة‪ ،]254:‬ونصبٍ لنحو‪( :‬ﯸ ﯹ ﯺ‬
‫ﯻ) [البقرة‪ ،]281:‬وجرٍ لنحو‪( :‬ﰀ ﰁ ﰂ ﰃﰄ) [آل عمران‪.]9:‬‬
‫أيضا على وقوع الجملة نعتًا يف المسألة األخيرة‪ ،‬ويف إعراب‬
‫سيأيت كال ٌم آخر ً‬
‫الجمل بعد المعارف‪ ،‬وبعد النكرات‪.‬‬
‫والجملة هنا كما رأيتم وقعت بعد نكرة‪ ،‬فصارت نعتًا‪ ،‬ومعلوم أن النعت من‬
‫التوابع‪ ،‬وهذا ال يحتاج إلى شرح‪.‬‬

‫‪ ‬قال‪ :‬والسابعة‪ ،‬الجملة السابعة من الجمل لها محل من اإلعراب‪ :‬التابعة‬


‫جلملة هلا حمل‪ ،‬هذه الجملة شبيهة بالجملة السابقة‪ ،‬إال أن الجملة السابقة تابع ٌة‬
‫ألخرى لها محل من اإلعراب‪ ،‬والسابعة تابعة لجملة لها محل من اإلعراب‪.‬‬

‫‪ ‬قال ابن هشام‪ :‬حنو‪ :‬زيدٌ قام أبوه وقعد أخوه‪.‬‬


‫فجملة قام أبوه يف موضع رفع‪ ،‬لماذا؟ ألهنا خرب المبتدأ‪ ،‬وكذلك جملة‪ :‬قعد‬
‫العطف من التوابع‪.‬‬
‫ُ‬ ‫أخوه ألهنا معطوفة عليها‪ ،‬ومعلو ٌم أن‬

‫‪ ‬قال ابن هشام‪ :‬ولو قدرت العطف على اجلملةِ االمسيةِ مل يكن للمعطوفةِ حملٌ‪.‬‬
‫يعني لو قيل أن‪ :‬قعد أخوه ليست معطوفة على قام أبوه‪ ،‬وإنما معطوف ٌة على‬
‫زيدٌ قام أبوه‪ ،‬زيدٌ قام أبوه‪ ،‬هذه جملة ابتدائية‪ ،‬والجمل االبتدائية كما سيأيت من‬
‫شرح قواعد اإلعراب‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪50 h‬‬
‫الجمل التي ال محل لها من اإلعراب‪.‬‬
‫فلو قلنا أن‪ :‬قعد أخوه معطوفة على زيدٌ قام أبوه لصارت من الجمل‬
‫المعطوفة على جمل ليس لها محل من اإلعراب‪ ،‬فصارت مثل هذا ال محل لها‬
‫من اإلعراب‪.‬‬

‫‪ ‬قال‪ :‬ول و قدرت الواوَ واوَ احلالِ؛ كانت اجلملة يف حمل نصبٍ‪ ،‬وكانت قد فيها‬
‫مضمرةً‪.‬‬
‫سالم اهلل عليكم ورحمته وبركاته‪ ،‬وحياكم اهلل وبياكم يف الدرس الثاين من‬
‫دروس شرح كتاب اإلعراب عن قواعد اإلعراب البن هشا ٍم ‪.‬‬
‫نحن يف مغرب مساء السبت الثامن من جمادي األولى‪ ،‬من سنة ثمان وثالثين‬
‫وأربع مئة وألف‪ ،‬يف جامع عبد اهلل بن مسعود ◙ بحي الغريب بمدينة‬
‫الرياض‪.‬‬
‫وكنا قد توقفنا يف آخر الكالم على الجمل التي لها ٌّ‬
‫محل من اإلعراب‪.‬‬
‫توقفنا عند الجملة األخيرة‪ ،‬وهي الجملة المعطوفة على جملة لها ٌّ‬
‫محل من‬
‫اإلعراب‪.‬‬

‫م َّثل ابن هشا ٍم لها بقوله‪ :‬زيدٌ قام أبوه وقعد أخوه‪.‬‬
‫نعرب‪ :‬زيدٌ ‪ :‬مبتدأ‪ ،‬أين خرب هذا المبتدأ؟ جملة قام أبوه‪ ،‬ثم قال‪ :‬وقعد‪ :‬الواو‬
‫حرف عطف‪ ،‬قعد أخوه‪ :‬جملة معطوفة‪ ،‬إما أن تعطف على جملة الخرب قام أبوه‪،‬‬
‫فتقول‪ :‬مثلها يف محل رفع‪ ،‬وإما أن تعطف على الجملة االبتدائية‪ :‬زيدٌ قام أبوه‪،‬‬
‫فتقول ال محل لها من اإلعراب مثلها‪.‬‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح قواعد اإلعراب‬
‫‪51 h‬‬
‫‪g‬‬
‫ٍ‬
‫أتى ابن هشا ٍم باحتمال َ‬
‫آخر فقال‪:‬‬

‫ولو قدرت الواوَ واو احلالِ؛ كانت اجلملة يف موضع نصبٍ‪ ،‬وكانت قد فيها مضمرةً‪.‬‬
‫واوا‬
‫يعني قال يصح‪ ،‬من باب بيان االحتماالت لطالب العلم أن تجعل الواو ً‬
‫ٍ‬
‫حينئذ جملة حالية‪ ،‬والجملة الحالية هي يف محل نصب‪،‬‬ ‫حالية‪ ،‬فالجملة بعدها‬
‫ويف باب الحال يقال إن الحال قد تكون جملة‪ ،‬فإن كانت جمل ًة فعلي ًة مبدوءة بفع ٍل‬
‫ماض متصرف وجب أن ُيسبق الفعل الماضي بن قد‪.‬‬‫ٍ‬

‫جالسا‪ ،‬أو شاهدت محمدً ا قد جلس‪،‬‬


‫ً‬ ‫فتقول‪ :‬رأيت محمدً ا قد جلس‪ ،‬يعني‬
‫جالسا‪.‬‬
‫ً‬ ‫يعني شاهدته حال كونه‬
‫فهذا قول الجمهور‪ ،‬أن قد ال بدَّ أن تقرتن بالجملة الحالية إذا كانت مبدوءة‬
‫ٍ‬
‫ماض متصرف‪.‬‬ ‫بفع ٍل‬
‫وبعض النحويين ال يوجب ذلك‪ ،‬فمن أوجب قد قال إن «قد» قد ُتحذف‪ ،‬وقد‬
‫ُتضمر وذكر لذلك بعض الشواهد واألمثلة‪ ،‬فعلى ذلك لو جعلنا الواو واو الحال‬
‫ٍ‬
‫ماض‪ ،‬فوجب أن‬ ‫لصارت جملة الحال يف‪ :‬قعد أخوه جمل ًة حالي ًة مبدوء ًة بفع ٍل‬
‫نضمر‪ ،‬أن نقدر قبلها قد‪ ،‬فلهذا قال‪ :‬وكانت قد فيها مضمرة‪.‬‬
‫طب ًعا المعنى سيختلف‪ ،‬معنى الجملة إذا جعلتها واو حالية يختلف عن معناها‬
‫لو جعلتها عاطفة‪ ،‬هو يتكلم عن االحتماالت النحوية الجاهزة‪ ،‬أما المعنى فال بد‬
‫من النظر إليه من حيث اإلعراب الصحيح‪.‬‬

‫‪ ‬قال ابن هشام‪ :‬وإذا قلتَ‪ :‬قال زيدٌ‪ :‬عبد اهللِ منطلق وعمرٌو مقيمٌ‪ ،‬فليس من هذا‬
‫القبيل‪ ،‬بل الَّذي حمله النصب جمموعُ اجلملتني؛ ألن اجملموع هو املقول‪ ،‬فكلٌّ منهما جزء‬
‫مقول‪ ،‬كان قولٌ‪.‬‬
‫هنا الجملة‪ :‬قال زيدٌ إلى آخره فيها قال‪ ،‬وزيدٌ فاعل‪ ،‬أين المقول‪ ،‬ما ا َّلذي قاله‬
‫شرح قواعد اإلعراب‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪52 h‬‬
‫مقيم‪ ،‬كل ذلك هو المقول‪،‬‬
‫ٌ‬ ‫وعمرو‬
‫ٌ‬ ‫منطلق‬
‫ٌ‬ ‫زيد؟ ا َّلذي قاله زيد مجموع عبد اهلل‬
‫ٌ‬
‫مقول واحدٌ وليس‬ ‫يعني لم يقل قولين‪ ،‬وقال ً‬
‫قوال واحدً ا وهو جملتان‪ ،‬إذن فهو‬
‫مقولين‪ ،‬فبهذا‬

‫‪ ‬قال ابن هشام‪ :‬ليس هذا من باب العطف املذكور سابقًا‪ ،‬بل اجلملتان هنا‬
‫كالهما مقول القول‪.‬‬
‫نقول يف اإلعراب‪:‬‬
‫منطلق‪،‬‬
‫ٌ‬ ‫مقيم‪ :‬معطوفة على عبد اهلل‬
‫ٌ‬ ‫وعمرو‬
‫ٌ‬ ‫عبد اهلل منطلق‪ :‬مبتدأ وخرب‪،‬‬
‫والمعطوف ولمعطوف عليه كالهما مقول القول يف محل نصب‪.‬‬
‫ٌّ‬
‫محل من اإلعراب‪،‬‬ ‫انتهينا من المسألة الثانية وكانت يف الجمل التي لها‬
‫وضابطها أهنا الجمل التي تحل محل المفرد‪ ،‬أو يحل محلها المفرد‪.‬‬
‫مقيم‪ :‬عندنا جملة قال زيدٌ إلى آخره‪ ،‬ما نوع‬
‫وعمرو ٌ‬
‫ٌ‬ ‫منطلق‬
‫ٌ‬ ‫قال زيدٌ ‪ :‬عبد اهلل‬
‫هذه الجملة؟‬
‫ابتدائية‪ ،‬ال محل لها من اإلعراب‪.‬‬
‫مقيم‪ :‬كل هذه الجملة‪ ،‬هذه مقول القول‪ ،‬نفس مقول‬
‫وعمرو ٌ‬
‫ٌ‬ ‫ٌ‬
‫منطلق‬ ‫عبد اهلل‬
‫القول هذه يف محل نصب‪ ،‬مقول القول يتكون من ماذا؟ يتكون من جملتين‪،‬‬
‫منطلق‪ ،‬هذه جملة ابتدائية‪ ،‬يعني قبل أن تكون مقول‬
‫ٌ‬ ‫الجملة األولى‪ :‬عبد اهلل‬
‫منطلق‪ ،‬فأنت ابتدأت اهذه الجملة‪،‬‬
‫ٌ‬ ‫القول‪ ،‬ماذا قال زيد؟ أنت قلت لي‪ :‬عبد اهلل‬
‫مقيم معطوفة على هذه‬
‫ٌ‬ ‫وعمرو‬
‫ٌ‬ ‫منطلق ابتدائية‪،‬‬
‫ٌ‬ ‫وهي من القائل ابتدائية‪ ،‬فعبد هلل‬
‫االبتدائية‪ ،‬إذ ال محل لها من اإلعراب‪ ،‬ثم إن مجموع الجملتين بعد أن وضعتا‬
‫مقول القول صارت مقول القول يف محل نصب‪.‬‬
‫ننتقل إلى المسألة الثالثة‪.‬‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح قواعد اإلعراب‬
‫‪53 h‬‬
‫‪g‬‬
‫‪ ‬قال ابن هشامٍ املسألة الثالثة يف بيان اجلمل اليت ال حمل هلا من اإلعراب وهي‬
‫سبعٌ‬
‫عرفنا أن ضابطها أهنا الجمل التي ال يحل محلها المفرد‪ ،‬أو التي ال تحل محل‬
‫المفرد‪ ،‬وهذا هو األصل يف الجمل‪ ،‬أهنا ال محل لها من اإلعراب‪.‬‬

‫‪ ‬قال ابن هشام‪ :‬إحداها املبتدأةُ‪.‬‬


‫يعني المبتدأ اها‪ ،‬وتسمى االبتدائية‪ ،‬الجملة االبتدائية‪.‬‬
‫الجملة االبتدائية يا إخوان‪ ،‬هي األصل يف الجمل‪ ،‬أن تبتدئ الكالم بجملة‪،‬‬
‫الجمل االبتدائية يعني متنوعة ومختلفة‪ ،‬لكن يحيط اها ويضبطها أهنا الجملة التي‬
‫ال ترتبط بشيء قبلها ارتبا ًطا اصطالح ًيا‪ ،‬يعني لفظ ًيا‪ ،‬ال ترتبط بما قبلها ارتبا ًطا‬
‫لفظ ًيا صناع ًيا‪ ،‬قد ترتبط بما قبلها ارتبا ًطا معنو ًيا‪ ،‬ال إشكال يف ذلك‪ ،‬لكن ليس‬
‫بينهم ارتباط صناعي‪.‬‬
‫مثال خربًا لما قبلها‪ ،‬حال لما قبلها‪ ،‬جواب لما قبلها‪ ،‬يعني بينهما رابط‬
‫يعني ً‬
‫صناعي‪ ،‬أي ليس بينهما رابط صناعي‪ ،‬هذه جملة‪ ،‬وهذه جملة‪ ،‬وليس بينهما رابط‬
‫صناعي لفظي‪.‬‬
‫وقد يكون بينهما رابط معنوي‪ ،‬ال إشكال يف ذلك‪.‬‬
‫الجملة الواقعة يف بداية كالم‪ ،‬هذه ال شك أنها ابتدائية‪ ،‬كأن تقول‪ :‬العلم نافع‪،‬‬
‫إنا أعطيناك الكوثر‪ ،‬هذه جملة يف ابتداء الكالم‪ ،‬ال شك أهنا ابتدائية‪.‬‬
‫تعليال لما سبق‪ ،‬كأن تقول‪ :‬استغفر اهلل‬
‫ً‬ ‫من الجمل االبتدائية الجمل التي تأتي‬
‫رحيم‪ ،‬تستغفر اهلل جملة‪ ،‬تأمر فيها المخاطب بأن يستغفر اهلل‪ ،‬ثم أتيت‬
‫ٌ‬ ‫غفور‬
‫ٌ‬ ‫إنه‬
‫رحيم‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫غفور‬
‫ٌ‬ ‫بجملة جديدة‪ ،‬ابتدأت جملة جديدة‪ ،‬فقلت‪ :‬إن اهلل‬
‫ليس بينهما عالقة صناعية لفظية‪ ،‬أي ليس خربًا لما سبق‪ ،‬أو نحو ذلك‪ ،‬ال‪،‬‬
‫شرح قواعد اإلعراب‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪54 h‬‬
‫وإنما جملة تعلل الجملة السابقة‪ ،‬فهي جملة ابتدائية لعدم وجود رابط صناعي‬
‫بينهما‪.‬‬
‫قد تكون الجملة االبتدائية جملة قائمة وناشئة من سؤال نشأ من الجملة‬
‫مبكرا‪ ،‬ا َّلذي يتأخر ال يفهم ً‬
‫فهما‬ ‫ً‬ ‫مثال‪َ :‬‬
‫تعال إلى الدرس‬ ‫السابقة‪ ،‬كأن تقول ً‬
‫صحيحا‪ ،‬كأنه يقول‪ :‬لماذا؟ وما فائدة ذلك؟ أو نحو ذلك‪ ،‬فتقول‪ :‬ا َّلذي يتأخر ال‬
‫ً‬
‫كامال‪.‬‬
‫فهما ً‬
‫يفهم ً‬
‫صحيحا‪.‬‬
‫ً‬ ‫مبكرا‪ ،‬ا َّلذي يتأخر ال يفهم ً‬
‫فهما‬ ‫فهما جملتان‪َ :‬‬
‫تعال إلى الدرس ً‬
‫صحيحا‪ :‬هي ناشئة من جواب السؤال المفهوم من‬
‫ً‬ ‫فهما‬
‫والذي يتأخر ال يفهم ً‬
‫الكالم المتقدم‪ ،‬والجملة الناشئة من الكالم‪ ،‬والجملة الناشئة من السؤال المفهوم‬
‫المتقدم تسمى عند البيانيين مستأنفة‪ ،‬وتسمى عند النحويين ابتدائية‪.‬‬
‫فالجملة االبتدائية هي الجملة التي ال تربط بما قبلها ارتبا ًطا صناع ًّيا لفظ ًّيا‪.‬‬

‫‪ ‬قال ابن هشام‪ :‬وتسمى املستأنفة أيضًا‪.‬‬


‫فكل هذه تسمى عند النحويين ابتدائية‪ ،‬وتسمى مستأنفة‪ ،‬والبيانيون يخصون‬
‫ٍ‬
‫سؤال متقدم‪.‬‬ ‫المستأنفة‪ ،‬كما قلنا قبل قليل‪ ،‬بالجملة الناشئة عن‬

‫ما حكم‪( :‬ﮆ ﮇ ﮈ) [الكوثر‪]1:‬؟ ونحو‪( :‬ﭷ ﭸ ﭹ‬


‫ﭺﭻ) بعد‪( :‬ﭳ ﭴ ﭵﭶ )؟ وليست محكي ًة بالقول لفساد المعنى‪.‬‬

‫‪ ‬يقول ابن هشام‪ :‬واالبتدائية قد تكون يف أول الكالم مطلقًا‪ ،‬مثل‪ :‬إنا أعطيناك‬
‫الكوثر‪ ،‬وقد تُسبق بكالمٍ سابق ال ترتبط به ارتباطًا صناعيًا لفظيًا‪ ،‬كقوله تعاىل‪:‬‬
‫(ﭳ ﭴ ﭵﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺﭻ) [يونس‪.]64:‬‬

‫(ﭳ ﭴ ﭵﭶ ) هذه جملة‪ ،‬ينهى اها ‪ ‬نبيه ‪‬‬


‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح قواعد اإلعراب‬
‫‪55 h‬‬
‫‪g‬‬
‫أن يحزن لشيء من قولهم‪.‬‬
‫ثم ابتدأ جمل ًة جديدة‪ ،‬استأنفها فقال‪ :‬إن العزة هلل جمي ًعا‪.‬‬

‫‪ ‬قال ابن هشام‪ :‬وال يصح أن تكون حمكيةً للقول الَّذي نُهي النيب ‪‬‬
‫عن احلزن بسببه؛ ألنه ليس هو القول الَّذي حيزن‪.‬‬
‫يعني ليس المعنى‪ :‬وال يحزنك قولهم‪ ،‬ماذا قالوا؟ قالوا‪( :‬ﭷ ﭸ ﭹ‬
‫ﭺﭻ) [يونس‪ ،]64:‬ولم يقولوا ذلك‪.‬‬

‫فلهذا هنا وقف (ﭳ ﭴ ﭵﭶ) [يونس‪ ]64:‬ثم تبتدئ بالجملة‬


‫الجديدة االبتدائية‪( :‬ﭷ ﭸ ﭹ ﭺﭻ) [يونس‪.]64:‬‬

‫‪ ‬قال ابن هشام‪ :‬وحنو‪( :‬ﮖ ﮗ) بعد‪( :‬ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ)‬


‫[الصافات‪ ،]7:‬وليست صفةً للنكرةِ وال حالًا منها مقدرةً بوصفها لفساد املعنى‪.‬‬
‫ابن هشام له عناي ًة كبير ًة بالتفسير وما يرتتب عليه من إعراب‪ ،‬ولهذا يف كتابه‬
‫العظيم المغني اللبيب أعظم كتب ابن هشام‪ ،‬مغني اللبيب عن كتب األعاريب‪،‬‬
‫قال يف مقدمته‪ ،‬ولقد صنفته للنحويين والمفسرين‪ ،‬ولهذا أغلب ما فيه قرآن‬
‫وتفسير‪ ،‬وما يرتتب على ذلك من أعاريب‪ ،‬ولهذا تجدونه يهتم بالتفسير وما‬
‫يرتتب عليه من إعراب‪.‬‬

‫قال يف قوله تعالى يف سورة الصافات‪( :‬ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ‬


‫ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ) [الصافات‪.]8-7 :‬‬
‫يتحدث ‪ ‬عن حفظ السماوات‪ ،‬قال‪ :‬وحف ًظا‪ ،‬يعني وحفظنا‬
‫ٍ‬
‫مارد‪ ،‬ثم قال‪ :‬ال‬ ‫ٍ‬
‫شيطان‬ ‫السماوات حف ًظا‪ ،‬حفظ السماوات من ماذا؟ من كل‬
‫يس َّمعون‪ ،‬أي ال يتسمعون‪ ،‬يعني يتكلفون التسمع‪ ،‬ويف قراءة الجمهور ال‬
‫َّ‬
‫شرح قواعد اإلعراب‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪56 h‬‬
‫يسمعون‪ ،‬قراءةً‪ ،‬المعنى متقارب‪.‬‬
‫يس َّمعون أو ال يسمعون‪ ،‬هل هي صفة للشيطان المارد ا َّلذي‬
‫قولهم‪ :‬ال َّ‬
‫ُح ِف َظت السماوات منه؟‬
‫ابن هشام يقول‪ :‬ال‪ ،‬هذه جملة استئنافية‪ ،‬يقول‪ :‬حفظنا السماوات من كل‬
‫يس َّمعون إلى‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫شيطان مارد‪ ،‬ثم استأنف كال ًما جديدً ا‪ ،‬قال‪ :‬إن هؤالء شياطين ال َّ‬
‫المأل األعلى و ُيقذفون من كل جانب‪ ،‬لكن هل هذا الشيطان المارد ا َّلذي ُح ِف َظ‬
‫ِ‬
‫يس َّمع إلى المأل األعلى؟!‬ ‫الشيطان منه يخرب أنه ُحف َظ من هذا الشيطان ا َّلذي َّ‬
‫يقول‪ :‬ال‪ ،‬يفسد المعنى ألنه ال فائدة من أن تحفظ السماوات عن شيطان ال‬
‫يسمع‪.‬‬
‫وإنما هو يخرب أن الشياطين كانت تتسمع‪ ،‬ثم يخرب أن الشياطين ُح ِف َظت من‬
‫هذا الشيطان المارد‪.،‬‬
‫يس َّمعون ليست صف ًة للنكرة‪ ،‬وإنما جملة استئنافية‪.‬‬
‫إذن‪ :‬فال َّ‬
‫‪ ‬قال‪ :‬وليست صفةً للنكرة‪ ،‬هذا واضح‪ ،‬أي ليس المعنى حف ًظا من كل‬
‫ٍ‬
‫شيطان‬ ‫يس َّمع ألنه ال فائدة من أن ُتحفظ السماوات عن‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫شيطان مارد موصوف بأنه َّ‬
‫ال يسمع‪.‬‬

‫‪ ‬قال‪ :‬وال حالًا منها مقدرةً بوصفها‪.‬‬


‫يس َّمعون ً‬
‫حاال من شيطان والشيطان نكرة؟!‬ ‫أوال‪ :‬كيف تكون الجملة‪ :‬ال َّ‬ ‫ً‬
‫فصاحب الحال ال بدَّ أن يكون معرفة؟!‬
‫قالوا يف الحال‪ :‬إن الحال ال بدَّ أن يكون من معرفة‪ ،‬أو من نكرة متخصصة‪،‬‬
‫ٍ‬
‫حينئذ تقرب‬ ‫والنكرة إذا تخصصت‪ ،‬تخصصت بإضافة أو تخصصت بنعت فإهنا‬
‫من المعرفة‪ ،‬ال تكون معرفة‪ ،‬لكن ال تكون نكرة محضة‪ ،‬تكون يف حالة بين‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح قواعد اإلعراب‬
‫‪57 h‬‬
‫‪g‬‬
‫الحالتين‪ ،‬ولهذا تأخذ بعض أحكام المعرفة وبعض أحكام النكرة‪ ،‬فيجوز هنا أن‬
‫تجعلها نعتًا أو تجعلها ً‬
‫حاال‪.‬‬
‫لو جعلناها ً‬
‫حاال من الشيطان ألنه يوصف بالمارد‪ ،‬فلهذا تخصص إاهامه‪،‬‬
‫فصح أن تأيت الحال منها‪.‬‬
‫لو قلنا أهنا حال من الشيطان‪ ،‬المارد هذا‪ ،‬هنا فيه إشكال آخر‪ ،‬وهو أن‬
‫السماوات ُح ِف َظت من الشيطان المارد‪ ،‬كون الشيطان يسمع للمأل األعلى‪ ،‬يسمع‬
‫يف أثناء حفظ السماوات منه؟ أو يحفظ يف وقت آخر؟ آسف‪ ،‬هل ُح ِف َظت‬
‫السماوات من هذا الشيطان حالة كونه يسمع؟ أي يف وقت تسمعه‪ُ ،‬ح ِف َظت‬
‫السماوات منه؟ هذا خطأ يف المعنى‪ ،‬تقول إنه يسمع عنده‪ ،‬والسماوات ُح ِف َظت‬
‫منه؟! جمعت بين متناقضين‪ ،‬كيف ُح ِف َظت وهو يسمع؟ ما ُح ِف َظت‪.‬‬
‫قالوا‪ :‬وما محله؟ حال مقدرة‪ ،‬والحال المقدرة هي الحال التي ال توافق‬
‫صاحبها يف الوقت‪ ،‬األصل يف الحال أهنا تدل على صفة يف صاحبها وقت الفعل‪.‬‬
‫مثال‪ :‬جاء محمدٌ ضاح ًكا‪ :‬يعني أنك تصف محمد بالضحك وقت المجيء‪.‬‬
‫وفيه حال تسمى الحال المقدرة‪ ،‬وهي التي تخالف صاحبها يف الزمان‪.‬‬
‫مسافرا‬
‫ً‬ ‫مسافرا غدً ا‪ ،‬متى المشاهدة؟ اآلن‪،‬‬
‫ً‬ ‫مثال‪ :‬شاهدت محمدً ا‬
‫كأن تقول ً‬
‫غدً ا‪ ،‬متى السفر؟ غدً ا‪ ،‬فزمن الحال غدً ا‪ ،‬وزمن المشاهدة اآلن‪ ،‬فاختلف الزمان‪،‬‬
‫إذا اختلف الزمان يسمون الحال ً‬
‫حاال مقدرة‪ ،‬وهذه على شواهد قليلة من اللغة‪،‬‬
‫قال‪ :‬والحكم‪ :‬حال مقدرة‪ ،‬بالحكم يف هذا التناقض‪.‬‬
‫حتى لو قلنا إن الحال مقدرة‪ ،‬سيفيد أنه ال فائدة من أن تخرب عن السماوات‬
‫وقت آخر ألن كونه يسمع يف ٍ‬
‫وقت آخر معنى‬ ‫ح ِف َظت من شيطان وهو يسمع يف ٍ‬
‫ُ‬
‫ذلك أهنا لم تحفظ منه‪.‬‬
‫شرح قواعد اإلعراب‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪58 h‬‬
‫‪ ‬قال ابن هشام‪ :‬وتقول‪ :‬ما رأيته مذ يومان‬
‫هذا يدخل يف باب الجر بحروف الجر‪ ،‬حروف الجر عشرون حر ًفا‪ ،‬منها مذ‪،‬‬
‫منذ‪ ،‬مذ ومنذ األكثر فيهما أهنما يكونان حريف جر‪ ،‬فينجر االسم بعدهما‪.‬‬
‫تقول‪ :‬ما رأيته منذ يومين أو مذ يومين‪.‬‬
‫وجاء عن العرب أهنم يرفعون االسم بعد منذ ومذ‪.‬‬
‫فيقولون‪ :‬ما رأيته منذ يومان أو مذ يومان‪.‬‬
‫فإذا ُرفع االسم بعدهما‪ ،‬ال يمكن أن يجعال حريف جر‪ ،‬فكيف يكون إعرااهما‬
‫ٍ‬
‫حينئذ؟‬ ‫وإعراب ما بعدهما‬
‫المشهور أن مذ يومان بالرفع جملة اسمية‪ ،‬فمذ‪ :‬مبتدأ بمعنى األمد‪ ،‬ويومان‪:‬‬
‫الخرب‪ ،‬يقول‪ :‬ما رأيته مذ يومان‪ ،‬يعني ما رأيته‪ ،‬مدة عدم رؤيتي إياه يومان‪ ،‬فمذ‬
‫صار مبتدأ‪ ،‬ويومان‪ :‬خرب‪.‬‬
‫وبعدهم عكس‪ ،‬قال‪ :‬مذ‪ :‬خرب مقدم‪ ،‬ويومان‪ :‬مبتدأ مؤخر‪ ،‬لكن جملة اسمية‪،‬‬
‫مبتدأ وخرب‪ ،‬هذا ا َّلذي يتكلم عليه ابن هشا ٍم اآلن‪.‬‬

‫‪ ‬قال‪ :‬ونقول‪ :‬ما لقيته منذ يومان‪:‬‬


‫على هذه اللغة‪ ،‬وهي لغة فصيحة‪ ،‬تكون هذه العبارة تكون جملة ماذا؟ هذا‬
‫الكالم تضمن جملتين مستأنفتين‪ ،‬فعلية مقدمة‪ :‬ما لقيته‪ ،‬واسمية مؤخرة‪ :‬منذ‬
‫يومين‪ ،‬يعني أمد عدم رؤيتي يومان‪ ،‬يعني مبتدأ وخرب‪.‬‬
‫وهي يف التقدير جواب سؤال مقدر‪ ،‬كأنك لما قلت‪ :‬ما لقيته قيل لك ما أمد‬
‫ذلك؟ يعني كم أمد ذلك؟ فقلت‪ :‬أمده يومان‪.‬‬
‫ٍ‬
‫حينئذ تكون جمل ًة‬ ‫وأما على جعل مذ حرف جر‪ ،‬ما رأيته مذ يومين فالعبارة‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح قواعد اإلعراب‬
‫‪59 h‬‬
‫‪g‬‬
‫واحدةً‪.‬‬
‫ما رأيته‪ :‬فعل وفاعل ومفعول به‪ ،‬ومذ يومين‪ :‬شبه جملة متعلقة بالفعل‬
‫ِ‬
‫والمتعلق يتبع المت َعلق به‪.‬‬ ‫المتقدم‪،‬‬

‫‪ ‬قال ابن هشام‪:‬‬


‫ِ‬
‫ْـــــــرا‬
‫ـــــــروا َو َعـــــــدَ ا َبك ً‬ ‫َو َح َ‬
‫اشـــــــا َع ْم ً‬ ‫ـــال َز ْيــــدً ا‬ ‫َوم ْث ُل ُه َمــــا‪َ :‬قــــا َم ا ْل َقـ ْ‬
‫ـــو ُم َخـ َ‬
‫إال أنهما فعليتان‪ ،‬هذا يف باب االستثناء‪ ،‬إذن أدوات االستثناء‪ :‬االستثناء بن عدا‬
‫وخال وحاشا‪ ،‬فيظهر فيها لغتان عند العرب‪ ،‬بعضهم يجر االسم بعدها‪.‬‬
‫ِ‬
‫فحينئذ تكون حروف جر‪ ،‬وما بعدها اسم مجرور‪،‬‬ ‫فيقول‪ :‬جاء القوم عدا ٍ‬
‫زيد‪،‬‬
‫وتكون العبارة جمل ًة واحدةً‪ ،‬جاء القوم‪ :‬فعل وفاعل‪ ،‬عدا ٍ‬
‫زيد‪ :‬جار ومجرور‬
‫متعلقان بالفعل‪.‬‬
‫واللغة الثانية أنهم ينصبون ما بعدها‪ :‬جاء القو ُم عدا زيدً ا وخال زيدً ا وحاشا‬
‫زيدً ا‪ ،‬الكالم على هذه اللغة‪.‬‬

‫‪ ‬قال‪ :‬إذا نصبت تكون مثل‪ :‬ما لقيته مذ يومان‪ ،‬يعني أن جاء القوم جملة‬
‫مكونة من فعل وفاعل‪ ،‬وخال زيدً ا‪ :‬صارت جملة فعلية مكونة من الفعل الماضي‪:‬‬
‫خال‪ ،‬والفاعل مسترت تقديره هو‪ ،‬وزيدً ا‪ :‬مفعول به‪ ،‬صاروا جملتان‪ ،‬الجملة األولى‬
‫فعلية‪ ،‬والثانية فعلية‪.‬‬
‫أما ما لقيته مذ يومان‪ :‬جملتان‪ ،‬ما لقيته‪ :‬فعلية‪ ،‬ومذ يومان‪ :‬اسمية‪.‬‬
‫أيضا ناشئة عن سؤال مفهوم من الجملة السابقة‪،‬‬
‫وقال بعضهم‪ :‬إن خال زيدً ا ً‬
‫بسبب‪ ،‬عندما قلت‪ :‬جاء القوم‪ ،‬وكأنه س ُئل‪ :‬هل جاءوا جمي ًعا؟ ألم يتخلف منهم‬
‫ٍ‬
‫سؤال مفهو ٍم سابق‪.‬‬ ‫أحد؟ فقلت‪ :‬خال زيدً ا أو عدا زيدً ا‪ ،‬فصارت ناشئة من‬
‫شرح قواعد اإلعراب‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪60 h‬‬
‫‪ ‬قال ابن هشام‪ :‬ومن مثلهما‪.‬‬
‫قوله‪ :‬كذا يف النسخة التي عندنا‪ ،‬والذي يف شرح الجربية ويف شرح األزهري‪:‬‬
‫ومن مُثُلِها‪ُ .‬م ُثل جمع مثال‪ ،‬بمعنى أمثلة‪ ،‬يعني ومن أمثلة هذه الجملة‪ ،‬وهي‬
‫أوضح‪.‬‬

‫ومن مُثُلِها قوله‪:‬‬


‫بِ ِد ْج َلـــــ َة َح َّتـــــى َمـــــا ُء ِد ْج َلـــــ َة َأ ْشـــــك َُل‬ ‫ـــء ِد َما َء َهــــا‬ ‫ِ‬
‫َو َمــــا زَا َلــــت ا ْل َق ْت َلــــى ت َُمـ ُّ‬
‫تمج دما َءها‪ ،‬دما َءها‪ :‬مفعول به‪ ،‬يعني همزة على‬
‫هذا الضبط الصحيح للبيت‪ُّ :‬‬
‫السطر‪ ،‬ليست «دماؤها»‪ ،‬هذا خطأ الضم هنا‪.‬‬
‫تمء دماءها‪ :‬ما زالت‪ :‬هذه جملة فعلية مبدوءة بفعل ناقص‬
‫فما زالت القتلى ُّ‬
‫ناسخ زالت‪ ،‬القتلى‪ :‬اسم زالت‪ ،‬تمج دماءها‪ :‬جملة فعلية خرب زالت‪ ،‬تمج‪ :‬أي‬
‫تقذف الدم من فمها‪ ،‬تمج دماءها‪ :‬أي تقذف الدم من فمها‪ ،‬أين تقذف؟ بدجلة‪ ،‬ما‬
‫زالت القتلى تمج دماءها بدجلةَ‪.‬‬

‫‪ ‬ثم قال‪ :‬حتى ماءُ دجلةَ أشكلُ‪ :‬يعني تغير لونه بسبب كثرة الدم‪.‬‬
‫الناس حتى األنبيا ُء‪،‬‬
‫ُ‬ ‫حتى‪ :‬معروف أهنا تأيت حرف عطف‪ ،‬درستم ذلك‪ ،‬مات‬
‫الفجر‪ ،‬درستم‬‫ِ‬ ‫وقد تأيت حرف جر إذا وقع بعدها اسم مجرور مثل‪ :‬حتى مطلع‬
‫ذلك‪.‬‬
‫قالوا حتى هنا يف البيت ليست بحرف جر‪ ،‬وليست بحرف عطف‪ ،‬فما هي؟‬
‫قالوا‪ :‬حتى هنا ابتدائية‪ ،‬نسميها ابتدائية إذا دخلت على جملة اسمية‪ ،‬ما ُء دجل َة‬
‫ُ‬
‫أشكل‪ ،‬ماء دجلة‪ :‬مبتدأ‪ ،‬أشكل‪ :‬خرب‪.‬‬
‫لماذا ال نجعل‪ :‬حتى جارة؟ ونجعل الجملة بعدها جملة يف محل جر؟‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح قواعد اإلعراب‬
‫‪61 h‬‬
‫‪g‬‬
‫ألن المعنى يفسد‪ ،‬ثم أن حتى لم يثبت دخولها على الجملة‪ ،‬حتى الجارة لم‬
‫يثبت دخولها على الجملة‪ ،‬المعروف إن حروف الجر تدخل على اسم‪ ،‬وهكذا‬
‫الحكم يف حروف الجر‪ ،‬تدخل على جملة‪ ،‬فجعلك حتى داخل ًة على جملة‬
‫إخراجا لحروف الجر عن أصلها بغير دليل مسلم‪.‬‬
‫ً‬
‫بخالف لو قلت‪ :‬إن حتى ابتدائية‪ ،‬والجملة هذه جملة استفهامية ابتدائية‬
‫جديدة‪.‬‬
‫ُ‬
‫أشكل‪ :‬فهذا ال يخرج حروف الجر عن أصلها‪.‬‬ ‫حتى ماء دجلة‬

‫‪ ‬قال ابن هشام‪ :‬وعن الزجََّاجِ وابن ذو السري أن اجلملة بعد حتى االبتدائية يف‬
‫موضع جر بـ حتى‪.‬‬
‫الزجاج من كبار تالميذ المنُربَّد‪ ،‬المنُربَّد هو خاتمة البصريين‪ .‬تويف يف أواخر‬
‫َّ‬
‫والزجاج تويف ‪ ٣١١‬من الكبار تالميذ المنُربَّد‪.‬‬
‫َّ‬ ‫القرن الثالث ‪،٢85‬‬
‫الزجاج وابن ذو السري‪ :‬جاء عنهما أن الجملة إذا وقعت بعد حتى فهي يف‬
‫محل جر‪ ،‬ما عدا ذلك أهنم جعلوا حتى يف محل جر‪ ،‬هذا قولهم‪.‬‬
‫وأما رأي الجمهور‪ ،‬فقالوا‪ :‬ابتدائية‪ ،‬فلهذا‬

‫‪ ‬قال ابن هشام‪ :‬وخالفهما اجلمهور‬


‫أي هنا ليست حتى ابتدائية‪.‬‬
‫لماذا خالفهم الجمهور؟ ولم يسلموا أهنا حرف جر هنا؟‬

‫‪ ‬قال‪ :‬ألن حروف اجلر ال تُعَلق عن العمل‪.‬‬


‫لكن التعليق درسنا من قبل أنه خاص بظن وأخواهتا إذا وقع بينها وبين‬
‫مفعوليها شيء مما له صدر الكالم‪ ،‬فيفصل ويمنع انتقال العمل يف اللفظ ويبقى‬
‫شرح قواعد اإلعراب‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪62 h‬‬
‫المحل‪ ،‬ويبقى يف المحل‪ ،‬هذا ثابت يف من وأخواهتا‪ ،‬لكنه لم يأيت يف حروف‬
‫ٍ‬
‫حينئذ ستكون مجرور ًة اللفظ‪ ،‬أم‬ ‫الجر‪ ،‬ونحن إذا قلنا إن حتى حرف جر فالجملة‬
‫ستكون مجرور ُة المحل؟ مجرور المحل‪ .‬فلماذا لم يجر لفظها؟ هل تعلق عمل‬
‫حرف الجر؟ التعليق ال ُيعرف يف حروف الجر‪ ،‬وقولهم هذا سيؤدي بنا إلى القول‪:‬‬
‫إن حرف الجر هنا ُعلق عمله يف اللفظ‪ ،‬وهذا أمر ال يعرف يف حروف الجر‪.‬‬
‫أيضا دليل آخر للجمهور‪ ،‬قالوا‪ :‬بوجوب كسر إن يف النحو‪.‬‬
‫ً‬
‫مرض زيدٌ حتى إهنم ال يرجونه‪.‬‬
‫وإذا دخل الجار على إن ُفتحت همزهتا‪.‬‬

‫نحو ذلك‪( :‬ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ) [الحء‪.]6:‬‬


‫يف‪ :‬إن وأن‪ :‬إِن‪ :‬تُكسر يف مواضع‪َ ،‬‬
‫وأن‪ُ :‬تفتح يف مواضع‪ ،‬فمن المواضع التي‬
‫مثال‪ :‬عجبت من َأنك مهمل‪،‬‬
‫ُتفتح فيها همزة َأن إذا سبقت بحرف جر‪ ،‬كأن تقول ً‬
‫ال يمكن أن تقول إِنك‪.‬‬

‫(ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ) [الحء‪.]6:‬‬
‫إذن فالجملة إذا كانت مبدوءة بـ إن‪ ،‬تقول‪ :‬إن محمدً ا قائم‪ ،‬هذه جملة‪ ،‬فإذا‬
‫ُسبقت بحرف جر ُتفتح أن‪.‬‬
‫ومع ذلك فإن العرب إذا جاءت إن بعد حتى فإهنم يفتحوهنا أم يكسروهنا؟‬
‫فإهنم يكسرون إِن كقولهم‪ :‬مرض زيدٌ حتى إهنم ال يرجونه‪.‬‬
‫إنهم ال يرجونه‪ :‬هذه جملة جديدة ابتدائية سببية‪ ،‬وأما حتى لو كانت حرف‬
‫جر لقالوا‪ :‬حتى أهنم‪ ،‬فلما قالوا‪ :‬حتى إهنم‪ ،‬يعني استأنفوا كالم جديد‪.‬‬
‫وكل ذلك يدل لقول الجمهور‪.‬‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح قواعد اإلعراب‬
‫‪63 h‬‬
‫‪g‬‬
‫إن هذه الجملة األولى من الجمل التي ال محل لها من اإلعراب وهي‬
‫االبتدائية‪.‬‬
‫الجملة الثانية من الجمل التي ال محل لها من اإلعراب‪:‬‬

‫‪ ‬قال ابن هشام‪ :‬الثانيةً الواقعةَ صلةً السمٍ‪ ،‬حنو‪ :‬جاء الَّذي قام أبوه‪ ،‬أو حلرفٍ‬
‫حنو‪ :‬عجبتُ مما قمتَ‪ :‬أي من قيامكَ‪ ،‬فما وقمت‪ :‬يف موضع جرٍ مبن‪ ،‬وأما قمت وحدها‪:‬‬
‫فال حمل هلا‪.‬‬
‫الجملة الواقعة صلة‪ :‬الكالم اآلن على صالت الموصول‪ ،‬نذهب إلى باب‬
‫الموصول‪.‬‬
‫الموصوالت‪ :‬وهذا قد يدرس يف النحو المتوسط‪ ،‬ولكن غال ًبا يدرس يف النحو‬
‫المتوسع‪.‬‬
‫الموصوالت إما أن تكون اسمية‪ ،‬وهي األسماء الموصولة‪ ،‬واألسماء‬
‫الموصولة‪ ،‬كما تعرفون‪ ،‬نوعان‪:‬‬
‫‪ -‬نصية‪ :‬ا َّلذي وإخوانه‪.‬‬
‫‪ -‬مشتركة‪ :‬مثل‪ :‬من وما‪.‬‬
‫ومن الموصوالت‪ ،‬الموصوالت الحرفية‪ ،‬وهي التي تسمى بالحروف‬
‫المصدرية‪ ،‬التي ينسبك منها ومن صلتها مصدر‪ ،‬مثل‪ :‬أن‪ ،‬ما‪ ،‬فإذا قلت‪ :‬أعجبني‬
‫أنك مجتهدٌ ‪ ،‬هذه أن‪ ،‬وصلتها اسمها وخربها‪ ،‬وينسبك منها جمي ًعا مصدر‪ ،‬يعني‬
‫يعجبني اجتهادك‪.‬‬
‫فن أن نسميها حرف مصدري أو حرف موصول‪.‬‬
‫عملت‪ ،‬إذا أردت أن تقول‪ :‬أعجبني‬
‫َ‬ ‫وكذلك ما‪ ،‬كأن تقول‪ :‬أعجبني ما‬
‫عملك ألن ما الموصولة قد تشتبه بن ما المصدرية‪ ،‬يعني ما التي هي اسم مصدر‪،‬‬
‫شرح قواعد اإلعراب‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪64 h‬‬
‫اسم موصول بمعنى الذي‪ ،‬قد تشتبه بن ما التي هي حرف مصدري‪.‬‬
‫فإذا أردت ما اسم موصول بمعنى الذي؛ فكما يقول التقدير‪ :‬يعجبني ما‬
‫عملت‪ ،‬يعني ا َّلذي عملتَه‪ ،‬وتقدر الهاء‪ ،‬أو إذا أردت بن ما حرف مصدري ينسبك‬
‫منه ومن صلته مصدر فتقدير يعجبني ما عملت‪ :‬يعني عملك‪ ،‬فهذا محتمل‪ ،‬وهذا‬
‫محتمل‪.‬‬
‫نحن نريد أن نجعل ما هنا حر ًفا مصدر ًّيا ينسبك منه أو من صلته مصدر‪.‬‬

‫‪ ‬فقال ابن هشام‪ :‬إن صلة املوصول‪.‬‬


‫اسما‪ ،‬كقولك‪ :‬يعجبني ا َّلذي عملتَه‪ ،‬أو كان‬
‫سواء كان هذا الموصول ً‬
‫وعملت‬
‫َ‬ ‫عملت فإن عملتَه بعد الذي‪ :‬صلة‪،‬‬
‫َ‬ ‫الموصول حر ًفا‪ ،‬كقولك‪ :‬يعجبني ما‬
‫بعد ما‪ :‬صلة‪ ،‬وصلة الموصول من الجمل التي ليس لها محل من اإلعراب‪ ،‬اسمية‬
‫كانت أم فعلية‪.‬‬

‫لو فعلية‪ :‬يعجبني ا َّلذي عملتَه‪ ،‬واسمية‪ :‬يعجبني ا َّلذي أبوه ٌ‬


‫قائم‪.‬‬

‫‪ ‬ثم قال ابن هشام‪ :‬الثالثة‪:‬‬


‫أي الجملة الثالثة من الجمل التي ال محل لها من اإلعراب‪:‬‬

‫املعرتضة اللفظ بني شيئني‪ ،‬يف التسديد أو يف التبيني‪.‬‬


‫الجملة المعرتضة بين شيئين ُيراد اها الجمل التي تعرتض بين متالزمين‪.‬‬
‫هناك أشياء متالزمة يف اللغة‪ ،‬مثل‪ :‬الصفة والموصوف‪ ،‬الجار والمجرور‪،‬‬
‫المبتدأ والخرب‪ ،‬فعل الشرط وجواب الشرط‪ ،‬القسم عن المقسم به والمقسم عليه‪،‬‬
‫وهكذا‪.‬‬
‫هناك أشياء متالزمة‪ ،‬فإذا جاء بينهما شيء قلنا إن هذا لشيء قد اعرتض بين‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح قواعد اإلعراب‬
‫‪65 h‬‬
‫‪g‬‬
‫هذين المتالزمين‪.‬‬
‫لماذا يعرتض هذا الشيء بين المتالزمين؟‬

‫‪ ‬قال‪ :‬للتسديد أو للتبيني‪.‬‬


‫التسديد‪ :‬يعني إما أن المعنى مفهوم قبله‪ ،‬فتأيت هذه الجملة مقوية لهذا المعنى‬
‫المفهوم‪ ،‬أو للتبيين‪ :‬يعني لتبيين معنى لم يكن معرو ًفا من قبل‪ ،‬لكن تأيت هذه‬
‫الجملة المعرتضة لتبينه وتوضحه‪.‬‬

‫أمثلة‪ :‬قال نحو قوله تعالى‪ ( :‬ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ) [الواقعة‪.]75:‬‬

‫وذلك ألن قوله تعالى‪( :‬ﭑ ﭒ ﭓ) [الواقعة‪ ]77:‬جواب ( ﯼ ﯽ‬


‫ﯾ ﯿ) [الواقعة‪ ]75:‬وما بينهما اعرتاض ال محل‪ ،‬ويف أثناء هذا‬
‫اعرتاض آخر‪ ،‬وهو‪ :‬لو تعلمون‪ ،‬فإنه معرتض بين الموصوف والصفة‪،‬‬
‫ٌ‬ ‫االعرتاض‬
‫لقسم عظيم‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫وهو‪:‬‬

‫اآلية كما تعرفون‪( :‬ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ‬


‫ﰅ ﰆ ﭑ ﭒ ﭓ) [الواقعة‪.]77-75 :‬‬
‫قوله‪ :‬فال أقسم بمواقع النجوم‪ :‬هذا قسم‪ ،‬والمعنى عند الجمهور‪ :‬أقسم‬
‫بمواقع النجوم‪.‬‬
‫أقسم ‪ ‬بمواقع النجوم على ماذا؟ هذا المقسم به‪ ،‬أين المقسم‬
‫عليه؟‬
‫ٌ‬
‫لقرآن القرآن‪.‬‬ ‫المقسم عليه قوله‪ :‬إنه‬
‫ٌ‬
‫لقرآن كريم‪.‬‬ ‫يعني‪ :‬أقسم بمواقع النجوم‬
‫شرح قواعد اإلعراب‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪66 h‬‬
‫لقسم لو تعلمون عظيم‪ :‬فمعرتض بين المقسم به والمقسم‬
‫ٌ‬ ‫وأما عبارة‪ :‬وإنه‬
‫عليه‪.‬‬
‫لقسم لو تعلمون عظيم‪ ،‬إن‪ :‬هذه‬
‫ٌ‬ ‫ننظر إلى هذا المعترض‪ ،‬المعترض‪ :‬وإنه‬
‫قسم‪.‬‬
‫قسم‪ ،‬إنه ٌ‬
‫الناسخة لها اسم وخرب‪ ،‬اسمها الهاء‪ ،‬والخرب‪ٌ :‬‬
‫عظيم‪ :‬صفة‪ ،‬ثم‬
‫ٌ‬ ‫قسم‪ :‬موصوف‪،‬‬
‫عظيم‪ٌ ،‬‬
‫ٌ‬ ‫قسم‬
‫ثم وصف القسم بأنه عظيم‪ٌ ،‬‬
‫فصل بين الصفة والموصوف بقوله‪ :‬لو تعلمون‪ ،‬لو تعلمون هذه جملة شرطية‪،‬‬
‫ولو‪ :‬أداة شرط غير جازمة‪.‬‬
‫فاعترض بالجملة الشرطية‪ :‬لو تعلمون بين الصفة والموصوف‪.‬‬
‫فهذا قول ابن هشام‪ :‬أنه اعرتض بين المقسم به‪ :‬فال أقسم بمواقع النجوم‪،‬‬
‫ٌ‬
‫لقرآن كريم‪ ،‬اهذه العبارة‪.‬‬ ‫والمقسم عليه‪ :‬إنه‬
‫أيضا حدث يف أثنائها اعرتاض‪ ،‬لكن هذا االعرتاض ا َّلذي يف‬
‫وهذه العبارة ً‬
‫أثنائها بين ماذا وماذا؟ بين الصفات والموصوف‪.‬‬

‫‪ ‬ثم قال ابن هشام‪ :‬وجيوز االعرتاض من أكثر من مجلةٍ واحدةٍ خالفًا ألبي علي‪.‬‬
‫علي الفارسي‪ ،‬المتوىف سنة سب ٍع‬
‫إذا قيل‪ :‬أبو علي يف النحو فالمراد به أبو ٍّ‬
‫وسبعين وثالث مئة‪ ،‬وهو شيخ ابن ِجنِّي‪ ،‬وهو من كبار الناقدين لعلم البصريين‪،‬‬
‫ويعد من النحويين البغداديين‪ ،‬الذين نشئوا يف بغداد‪ ،‬بعد اجتماع البصريين‬
‫والكوفيين يف بغداد‪ ،‬أخذ عنه البصريين والكوفيين يف بغداد عدد من العلماء‪ ،‬من‬
‫علي الفارسي‪.‬‬
‫أكابرهم أبو ٍّ‬
‫علي الفارسي ينسب إليه أنه ال يجوز االعرتاض بأكثر من جملة‪ ،‬وابن‬
‫أبو ٍّ‬
‫هشام يقول‪ :‬ال‪ ،‬أنه الصحيح أنه يجوز أن تعرتض بأكثر من جملة‪.‬‬
‫من الشواهد على ذلك‪ ،‬ذكره ابن هشا ٍم يف المغني‪ ،‬ومثل له بقوله تعالى‪:‬‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح قواعد اإلعراب‬
‫‪67 h‬‬
‫‪g‬‬

‫(ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣﯤ ﯥ ﯦ ﯧ) [آل‬
‫عمران‪.]36:‬‬
‫هذه أم مريم‪ ،‬يحكي عنها ‪ ‬أهنا قالت‪ :‬رب إين وضعتها أنثى وإين‬
‫سميتها مريم‪ ،‬عند جمهور المفسرين أن ا َّلذي قالته امرأة عمران‪ ،‬أم مريم‪ ،‬أهنا‬
‫قالت هاتين الجملتين‪ ،‬إين وضعتها أنثى وإين سميتها مريم‪ ،‬وما بينهما معرتض‪،‬‬
‫وما بينهما قوله تعالى‪( :‬ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ) [آل عمران‪ :]36:‬جملة اسمية‪،‬‬
‫(ﯡ ﯢ ﯣﯤ) [آل عمران‪ :]36:‬جملة اسمية أم فعلية؟ على الخالف‪ ،‬مع‬
‫إن الخالف فيه ليس قوي‪ ،‬حتى الجمهور الذين قالوا إن كان أفعال حقيقية‪ ،‬قال‬
‫كثير من المحققين‪ :‬إال ليس‪ ،‬هناك خالف فيها‪.‬‬
‫على كل حال‪ُ ،‬اعترض بين قولي‪ :‬امرأة عمران بجملتين‪ ،‬فال مانع لالعرتاض‬
‫بأكثر من جملة‪.‬‬

‫‪ ‬قال ابن هشام‪ :‬وليس منه هذه اآلية‪ ،‬خالفًا للزخمشري‪ ،‬ذكره يف سورة آل‬
‫عمران‪.‬‬
‫يف آل عمران يعني هذه اآلية التي قرأناها‪ ،‬خال ًفا للزمخشري‪ ،‬الزمخشري‬
‫عظيم‬
‫ٌ‬ ‫كتاب‬
‫ٌ‬ ‫معروف هو أبو القاسم الزمخشري من كبار علماء النحو والبالغة‪ ،‬له‬
‫يف النحو اسمه المفصل يف علم العربية‪ ،‬يعد من أهم وأعظم كتب النحو‪ ،‬يسمونه‬
‫كتاب سيبويه الصحيح ألن أغلبه بألفاظ كتاب سيبويه‪.‬‬
‫كثيرا‪ ،‬وأعظم شروحه‪ ،‬وأعظم شروحه الشرح المفصل البن‬ ‫وقد ُشرح ً‬
‫أيضا من كبار أهل البالغة‪ ،‬وبالغته مهرت يف تفسيره للقرآن الكريم‪،‬‬
‫يعير‪ ،‬وهو ً‬
‫التفسير ا َّلذي سماه بالكشاف‪ ،‬وهو أعظم من فسر وبين البالغة التي يف القرآن‬
‫العظيم‪.‬‬
‫شرح قواعد اإلعراب‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪68 h‬‬
‫إال أنه مصيبته ‪ ‬أنه كان معتزل ًّيا محرت ًقا‪ ،‬وهو من كبار المعتزلة‪ ،‬ولهذا‬
‫يحذر من قراءة تفسيره لمن ال يعرف مداخل المعتزلة‪.‬‬
‫الزمخشري يف الكشاف يف تفسيره لهذه اآليات التي قرأناها قبل قليل‪ ،‬ذكر يف‬
‫هذه اآلية أن االعرتاض وقع يف جملتين‪ ،‬وهذا ال إشكال فيه‪ ،‬صحيح‪ ،‬ثم قال‪:‬‬
‫ومثله ما جاء يف قوله تعالى يف السورة السابقة التي قرأناها‪ ،‬سورة الواقعة‪( :‬ﯼ‬
‫ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ ﭑ ﭒ ﭓ)‬
‫[الواقعة‪ ]77-75 :‬قال إن االعرتاض الواقع هنا بين المقسم به والمقسم عليه‬
‫أيضا جملتان‪:‬‬
‫ً‬
‫عظيم‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫لقسم‬
‫ٌ‬ ‫الجملة األولى‪ :‬إنه‬
‫الجملة الثانية‪ :‬الجملة الشرطية‪ :‬لو تعلمون‪.‬‬
‫أيضا يف جملتين‪.‬‬
‫فجعل االعرتاض هنا ً‬

‫ابن هشام يقول‪ :‬ال‪ ،‬ليس من االعرتاض جبملتني آية الواقعة‪ ،‬لماذا؟‬

‫يقول‪ :‬ألن االعرتاض بآية الواقعة مجلة‪ ،‬وهي‪( :‬ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ ﰅ)‪،‬‬


‫اعرتاض بين‬
‫ٌ‬ ‫اعرتاضا بين المقسم به والمقسم عليه‪ ،‬ولكنه‬
‫ً‬ ‫لو تعلمون‪ :‬ليس‬
‫ٌ‬
‫داخل اعرتاض‪ ،‬ومثل ذلك ال يعد اعرتاضين‪،‬‬ ‫اعرتاض‬
‫ٌ‬ ‫الصفة والموصوف‪ ،‬يعني‬
‫اعرتاض واحدٌ داخله اعرتاض‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫هو‬
‫ٍ‬
‫حينئذ ترابط بجملتين مستقلتين‪ ،‬بحيث يستطيع‬ ‫أما االعرتاضان‪ ،‬فأن يكون‬
‫المتحدث حذف جملة واحدة‪ ،‬وتبقى الثانية معرتضة‪ ،‬أو تحذف األولى وتبقي‬
‫الثانية معرتضة‪.‬‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح قواعد اإلعراب‬
‫‪69 h‬‬
‫‪g‬‬
‫لقسم عظيم‪ ،‬لن تبقى‬
‫ٌ‬ ‫لقسم لو تعلمون عظيم‪ :‬لو حذفت جملة‪ :‬وإنه‬
‫ٌ‬ ‫أما وإنه‬
‫ٍ‬
‫حينئذ معرتضة بين المقسم به والمقسم‬ ‫الجملة المعرتضة بين الصفة والموصوف‬
‫عليه‪.‬‬

‫ثم قال ابن هشا ٍم ‪ :‬الرابعة أي الجملة الرابعة التي ال محل لها من‬
‫اإلعراب‪ :‬التفسريية‪ ،‬وهي الكاشفة حلقيقة ما تليه وليست عمدةً‪.‬‬
‫الجملة التفسيرية‪ ،‬وتسمى الجملة المفسرة‪ ،‬والجملة المفسرة هي الجملة‬
‫ٍ‬
‫لشيء قبلها‪ ،‬يأيت يف الكالم ا َّلذي قبلها كلمة‬ ‫التي تأيت مفسر ًة موضح ًة كاشف ًة‬
‫مبهمة‪ ،‬أو كلمة غير مبهمة‪ ،‬لكن تحتاج إلى مزيد بيان‪ ،‬فتأيت هذه الجملة بعدها‬
‫كاشف ًة وموضح ًة ومفسر ًة لما قبلها‪.‬‬
‫ٍ‬
‫حينئذ إن هذه الجملة التي فسرت شيئًا مما قبلها‪ :‬إهنا جملة تفسيرية أو‬ ‫فيقال‬
‫مفسرة‪ ،‬وال محل لها من اإلعراب‪.‬‬
‫واشرتط يف هذه الجملة التي تفسر شي ًئا قبلها أال تكون عمدة‪ ،‬لن الجملة‬
‫المفسرة قد تكون عمدة‪ ،‬وسيعود ويتكلم عن ذلك‪.‬‬

‫مثل بقوله‪ :‬نحو‪( :‬ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰﭱ)‬


‫[األنبياء‪.]3:‬‬
‫فجملة االستفهام مفسر ٌة للنجوى‪ ،‬وقيل ً‬
‫بدال منها‪.‬‬

‫(ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ)‪ :‬يقول إن الذين ملموا أسروا النجوى‪ ،‬ما هذه‬


‫النجوى التي أسروها؟‬

‫فسرها بقوله‪( :‬ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰﭱ)‪.‬‬


‫بشر مثلكم‪ :‬جملة استفهامية فسرت النجوى‪ ،‬فنقول‬
‫إذن جملة‪ :‬هل هذا إال ٌ‬
‫شرح قواعد اإلعراب‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪70 h‬‬
‫إهنا جملة مفسرة أو جملة تفسيرية ال محل لها من اإلعراب‪.‬‬

‫‪ ‬قال ابن هشام‪ :‬وقيل‪ :‬بدلًا منها‪.‬‬


‫ٍ‬
‫فحينئذ سيكون هذا من بدل الجملة من المفرد‪ ،‬من‬ ‫فإن قلنا إهنا ً‬
‫بدال منها‬
‫بشر مثلكم‪ ،‬من المفرد‪ ،‬من النجوى‪.‬‬
‫إبدال الجملة‪ :‬ما هذا إال ٌ‬
‫ٍ‬
‫فحينئذ سيكون له محلق من اإلعراب ألن‬ ‫كثيرا‪،‬‬
‫وهذا موجود‪ ،‬لكنه ليس ً‬
‫البدل يف حكم المبدل منه يف اإلعراب‪ ،‬فيكون يف محل نصب‪.‬‬

‫‪ ‬قال ابن هشام‪ :‬وحنو‪( :‬ﯡ ﯢ ﯣ) [البقرة‪ ]214:‬فإنه تفسري‬


‫لـ‪( :‬ﯛ ﯜ ﯝ) [البقرة‪ ،]214:‬وقيل حاهلم‪ :‬من الذين‪ .‬انتهى‪.‬‬

‫اآلية‪ ( :‬ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟﯠ ﯡ‬
‫ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ‬
‫ﯳ) [البقرة‪.]214:‬‬

‫وعندما قال‪( :‬ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ‬


‫ﯟﯠ) [البقرة‪]214:‬؛ ما هذا المثل؟‬

‫فسر هذا المثل بقوله‪( :‬ﯡ ﯢ ﯣ) [البقرة‪.]214:‬‬

‫وعندما قال‪( :‬ﯡ ﯢ ﯣ) عرفنا أن هذا المثل المذكور هو ما‬


‫مسهم من البأساء والضراء‪ ،‬ومستهم البأسا ُء والضرا ُء جملة مفسرة للمثل‪ ،‬ال محل‬
‫لها من اإلعراب‪.‬‬
‫وقيل‪ٌ :‬‬
‫حال من الذين‪ ،‬يعطيك هذا االحتمال ليفتق عندك القدرة النحوية‪.‬‬
‫وقيل‪ٌ :‬‬
‫حال من الذين‪ ،‬الحال تبين الصفة يف صاحبها وقت الفعل‪ ،‬فيكون‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح قواعد اإلعراب‬
‫‪71 h‬‬
‫‪g‬‬
‫مثل الذين خلوا من‬ ‫ٍ‬
‫حينئذ‪ :‬أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يأتكم ُ‬ ‫معنى اآلية‬
‫قبلكم حالة كوهنم مستهم البأساء والضراء‪.‬‬
‫إذن ما إعراب‪ :‬مستهم البأساء والضراء؟ جملة حالية يف محل نصب‪ ،‬لكن‬
‫ٍ‬
‫ماض‪ ،‬مستهم‪ :‬هنا ستقدم قد‪ ،‬يعني بدل ا َّلذي خلوا من‬ ‫جملة حالية مبدوءة بفعل‬
‫قبلكم قد مستهم‪ ،‬يعني حالة كوهنم قد مستهم‪.‬‬

‫‪ ‬قال ابن هشام‪ :‬وحنو‪( :‬ﮫ ﮬﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ)‬


‫[آل عمران‪.]59 :‬‬
‫فجملة خلقه‪ :‬تفسير للمثل‪.‬‬

‫قال تعالى‪( :‬ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ‬


‫ﯖ) [آل عمران‪.]59:‬‬
‫يقول‪ :‬عيسى عند اهلل كمثل آدم‪.‬‬
‫التمثيل هنا بينهما من حيث ماذا؟ قد خلقه من تراب‪ ،‬فخلقه من تراب بيان‬
‫لمتنية آدم‪ ،‬فصارت جملتان مفسران‪.‬‬

‫ثم قال‪ :‬ونحو‪( :‬ﮫ ﮬ ﮭ) بعد‪( :‬ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ)‪.‬‬

‫اآلية‪( :‬ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ‬
‫ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ‬
‫ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪﯫ ﯬ ﯭ ﯮ) [الصف‪.]12-11 :‬‬
‫كل هذا تريدهم‪.‬‬

‫فقوله‪( :‬ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ)‪ :‬فسر هذه التجارة بقوله‪( :‬ﮫ‬


‫شرح قواعد اإلعراب‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪72 h‬‬
‫ٍ‬
‫حينئذ هذه الجملة جملة مفسرة ال محل لها من‬ ‫ﮬ‪ ) ...‬إلى آخره‪ ،‬فصارت‬
‫اإلعراب‪.‬‬

‫‪ ‬قال ابن هشام‪ :‬وقيل‪ :‬مستأنفة‪ ،‬مبعنى آمنوا‪ ،‬بدليل‪ :‬يغفر لكم باجلزم‪.‬‬
‫ٍ‬
‫حينئذ‪ ،‬إذا قلنا أهنا‬ ‫وقيل‪ :‬مستأنفة‪ :‬سبق الكالم على الجملة المستأنفة‪ ،‬فتكون‬
‫جواب يف سؤال مفهو ٌم مما تقدم‪ ،‬كأنه عندما قال‪( :‬ﮢ ﮣ ﮤ‬
‫ٌ‬ ‫مستأنفة‪ ،‬يعني أهنا‬
‫ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ)‪ :‬قيل‪ :‬ما هي التجارة؟ فقال‪( :‬ﮫ ﮬ ) ‪ ،‬فصارت‬
‫جملة ابتدائية مستأنفة‪ ،‬لبيان هذه التجارة‪.‬‬
‫ٍ‬
‫حينئذ‪ :‬آمنوا‬ ‫إذا كانت مستأنفة صار ال محل لها من اإلعراب‪ ،‬ويكون معناها‬
‫ألنه إذا قيل له‪ :‬ما التجارة؟ قال‪ :‬التجارة آمنوا باهلل ورسوله‪.‬‬
‫يدل على ذلك أنه قال يف اآلية التالية‪ :‬يغفر لكم ذنوبكم بجزم يغفر‪ ،‬فالفعل‬
‫المضارع هنا منصوب‪ ،‬ال بدَّ له من جازم‪ ،‬وهو كما ترون جواب‪ ،‬جواب تقدم‪ ،‬إذا‬
‫قيل جواب يف النحو فالجواب يعني ما ترتب على شيء سأله‪ ،‬ما ترتب‪ ،‬يعني‬
‫جزاءه وجوابه‪ ،‬يعني كلمة الشرط جواب تسمى جزاء‪ ،‬وكذلك هناك أبواب كثيرة‬
‫يف الجواب‪ ،‬الجواب يعني كل ما ترتب على ما تقدم‪.‬‬

‫(ﯝ ﯞ ﯟ)‪ :‬هذا مرتتب على ما تقدم‪ ،‬مرتتب على ماذا؟ كوهنا مرتتب‬
‫على اإليمان‪ ،‬ال شك المغفرة مرتتبة على اإليمان‪.‬‬

‫اآلية بلفظها‪( :‬ﮫ ﮬ )‪ :‬تؤمنون فعل مضارع ليس له جواب‪ ،‬األجوبة ال‬
‫تكون إال على أشياء ثمانية‪ ،‬وهي اإلنشائية الطلبية‪ ،‬وهي‪ :‬األمر والنهي‪،‬‬
‫واالستفهام والدعاء‪ ،‬والعرض والتحقيق‪ ،‬والتمني والرجاء‪.‬‬
‫اجتهد تنجح ‪ ‬الجواب‪ :‬تنجح‪ ،‬ال هتمل تنجح‪ ،‬هل تجتهد تنجح؟ وهكذا‪.‬‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح قواعد اإلعراب‬
‫‪73 h‬‬
‫‪g‬‬
‫تؤمنون‪ :‬هذا فعل مضارع‪ ،‬كيف تقول إن يغفر جواب له؟‬
‫تؤمنون‪ :‬هنا فعل مضارع لكم‪ ،‬ولكنه بمعنى آمنوا‪ ،‬يعني فعل مضارع بلفظ‬
‫الخرب مرا ٌد به فعل األمر ا َّلذي هو إنشاء آمنوا‪ ،‬وهذا موجود يف اللغة‪ ،‬كقوله تعالى‪:‬‬
‫(ﭸ ﭹ ﭺ) [البقرة‪]228:‬؛ يرتبصن‪ :‬أمر‪ ،‬وكذلك‪:‬‬
‫(ﮪ ﮫ) [البقرة‪ ]233:‬يرضعن‪ :‬أمر‪.‬‬

‫(ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ) [النور‪ :]31:‬هذا واضح أنه أمر‪،‬‬


‫فالمضارع قد يأيت بلفظ المضارع مرا ًدا به األمر‪.‬‬
‫قلنا‪ :‬من قال إن تؤمنون باهلل ورسوله مستأنفة قال إهنا على معنى‪ :‬آمنوا‪ ،‬فلهذا‬
‫مضارعا مجزو ًما‪.‬‬
‫ً‬ ‫جاء الجواب‬
‫فإن قلت‪ :‬وعلى القول بأن تؤمنون باهلل واليوم اآلخر تفسيرية‪ ،‬وهو القول‬
‫ا َّلذي قدمه ابن هشام‪ ،‬تفسيرية معنى ذلك أهنا خربية‪ ،‬فسر التجارة بأمر خربي‪،‬‬
‫ٍ‬
‫حينئذ أن يكون‪ :‬يغفر لكم ذنوبكم جوا ًبا‬ ‫أخربنا ما هي‪ ،‬فإذا كانت خربية لم يصح‬
‫لها‪.‬‬
‫فتلك يصح أن يقال إهنا استمرارية‪ ،‬وبالقول إهنا مفسرة‪ ،‬يعني يغفر يكون‬
‫جوا ًبا لماذا؟‬

‫‪ ‬قال ابن هشام‪ :‬وعلى األول‪.‬‬


‫يعني على من قال أن الجملة مفسرة‪ ،‬وعلى األول هو‪ ،‬أي يغفر لكم‪ ،‬هذا الفعل‬
‫المضارع المجزوم هو جواب االستفهام المذكور يف قوله‪( :‬ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ )‪.:‬‬

‫(ﯝ ﯞ)‪ :‬جواب لقوله‪ :‬هل أدلكم ألن االستفهام يأيت له جواب‪ ،‬ال‬
‫إشكال يف ذلك‪.‬‬
‫شرح قواعد اإلعراب‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪74 h‬‬
‫فإن قيل‪ :‬هذا خالف المعنى ألن مجرد الداللة ليس سب ًبا للمغفرة‪ ،‬هل أدلكم‬
‫على الخير؟ مجرد الداللة على الخير ليس سب ًبا للمغفرة ألهنا قد تقبل وقد ال‬
‫تقبل‪ ،‬المغفرة متسببة عن اإليمان‪ ،‬فكيف كان ذلك‪.‬‬
‫سبب إليماهنم‪،‬‬
‫ٌ‬ ‫سبب لإليمان‪ ،‬داللتهم إلى اإليمان‬
‫ٌ‬ ‫فقالوا‪ :‬إن الداللة هنا‬
‫سبب‬ ‫ِ‬
‫سبب المغفرة؟ ُ‬ ‫سبب‬
‫سبب للمغفرة‪ ،‬إذن فالداللة سبب المغفرة أم ُ‬
‫وإيماهنم ٌ‬
‫سبب المغفرة‪ ،‬ف ُأنزل سبب السبب منزلة السبب‪.‬‬
‫ِ‬

‫‪ ‬قال ابن هشام‪ :‬وصح ذلك‪.‬‬


‫تنزيال لسبب السبب‪ ،‬وهو‬
‫ً‬ ‫يعني لو قيل االعرتاض السابق‪ ،‬قال‪ :‬وصح ذلك‬
‫الداللة‪ ،‬منزلة السبب وهو االمتثال‪ ،‬يعني اإليمان‪ ،‬إذ الداللة سبب االمتثال‪.‬‬

‫‪ ‬قال ابن هشام‪ :‬وخرج بقوله وليس عمدةً‪.‬‬


‫هذا ا َّلذي أشرنا إليه من قبل‪ ،‬الجملة المنُخرب اها عن ضمير الشأن‪ ،‬فإهنا مفسر ٌة‬
‫له‪ ،‬ولها محل باالتفاق ألهنا عمدة‪ ،‬ال يصح االستغناء عنها وهي حال ٌة محل‬
‫المفرد‪.‬‬
‫يعني يف ضمير الشأن خربه الجملة‪ ،‬ال يكون خربه إال جملة‪ ،‬كأن أقول لكم‬
‫نافع‪ :‬هذا ضمير ال يعود إلى‬
‫اآلن‪ ،‬وأنتم جالسون اآلن‪ ،‬وأقول لكم‪ :‬هو النحو ٌ‬
‫متقدم‪ ،‬يعني ال يعود إلى النحو أو غيره‪ ،‬وإنما‪)١( ...‬الشأن‪ ،‬فاألمر ا َّلذي أريد أ ن‬
‫نافع‪ :‬جملة اسمية مجموعها خرب‪ :‬هو ا َّلذي هو ضمير‬‫العلم ٌ‬
‫ٌ‬ ‫أخربكم عنه هو‪:‬‬
‫الشأن‪ ،‬المراد بالشأن يعني هو الشأن أو األمر والحديث ا َّلذي يريد أن يخربكم‬
‫عنه‪.‬‬

‫(‪ )١‬غير واضحة من كالم الشيخ‪.‬‬


‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح قواعد اإلعراب‬
‫‪75 h‬‬
‫‪g‬‬
‫مثال‪ :‬إهنا الحروب المدمرة للبلدان‪.‬‬
‫أو أقول لكم ً‬
‫الحروب مدمرةٌ‪ ،‬وهكذا‪.‬‬
‫ُ‬ ‫يعني القصة التي أريد أن أخربكم عنها‪:‬‬

‫ومن ذلك قوله تعالى‪( :‬ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ) [اإلخالص‪.]1:‬‬

‫هو‪ :‬يعني الشأن ا َّلذي سألتم عنه‪ُ ،‬‬


‫اهلل أحدٌ ‪ :‬جملة اسمية خرب لضمير الشأن‪.‬‬

‫(ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ) [الحء‪ :]46:‬إهنا‪ :‬هذا ضمير القصة‪ ،‬يقول إن القصة‬


‫الحقيقية ال تعمى األبصار‪ ،‬ال تعمى األبصار‪ :‬جملة فعلية تفسير لضمير الشأن‪.‬‬
‫اهلل أحد‪ ،‬أو إهنا ال‬
‫الحروب مدمرةٌ‪ ،‬أو هو ُ‬
‫ُ‬ ‫نافع‪ ،‬أو هي‬
‫العلم ٌ‬
‫ُ‬ ‫فإذا قلنا‪ :‬هو‬
‫تعمى األبصار‪ :‬الجملة المفسرة هنا‪ ،‬الجملة هنا جاءت مفسرة لضمير الشأن‪ ،‬ال‬
‫شك‪ ،‬فسرته وبينته ووضحته‪ ،‬لكنها وقعت خربًا‪ ،‬والخرب عمدة أو فضلة؟ عمدة‪،‬‬
‫وصدق أن الخرب األصل فيها أنه مفرد‪ ،‬فحلت هذه الجملة محل المفرد‪ ،‬فصارت‬
‫من الجمل التي لها محل من اإلعراب وهو الرفع‪ ،‬فلهذا استثنى فقال‪ :‬وليس‬
‫عمد ًة إلخراج المفسرة لضمير الشأن‪.‬‬

‫‪ ‬قال ابن هشام‪ :‬وكون اجلملة املفسرة ال حمل هلا هو املشهور‪.‬‬


‫يعني قول الجمهور‪.‬‬
‫وقال الشلوبين من نحويي األندلس‪ :‬التحقيق أن الجملة المفسرة بحسب ما‬
‫تفسر به‪ ،‬فإن كان لها ٌّ‬
‫محل فهي كذلك‪ ،‬وإال فال‪ ،‬كان لها محل‪ ،‬فالجملة المفسرة‬
‫لها محل‪ ،‬وإن كانت الجملة المفسرة ليس لها محل فالجملة المفسرة ليس لها‬
‫محل‪.‬‬
‫‪‬‬
‫‪‬‬
‫شرح قواعد اإلعراب‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪76 h‬‬
‫‪ ‬قال ابن هشام‪ :‬كالتالي‪.‬‬
‫يعني التي ليس لها محل‪ ،‬نحو‪ :‬ضربته من نحو زيدً ا ضربته‪ ،‬هذا يف االشتغال‪.‬‬
‫ما التقدير؟ التقدير‪ :‬ضربت زيدً ا ضربته‪.‬‬
‫أين الجملة المفسرة المحذوفة؟ ضربته‪.‬‬
‫أين الجملة المفسرة المذكورة؟ ضربته‪.‬‬
‫الجملة المفسرة المحذوفة‪ :‬ضربته‪ ،‬فعل وفاعل‪ ،‬زيدً ا‪ :‬مفعول به‪ ،‬أقول‬
‫الجملة المفسرة المذكورة؟ ضربته‪ ،‬والجملة المفسرة المحذوفة‪ :‬ضربت‪ ،‬لها‬
‫محل أم ليس لها محل؟ ليس لها محل ألهنا ابتدائية‪ ،‬إذن فالجملة المفسرة‪:‬‬
‫أيضا ليس لها محل‪.‬‬
‫ضربته على هذا القول‪ً ،‬‬

‫‪ ‬قال ابن هشام‪ :‬فال حمل للجملة املقدرة‪.‬‬


‫يعني المحذوفة ألهنا مستأنفة‪ ،‬ابتدائية‪ ،‬فكذلك تفسيرها‪.‬‬

‫‪ ‬قال ابن هشام‪ :‬واألول‪.‬‬


‫يعني التي لها محل من اإلعراب‪ ،‬نحو‪( :‬ﰌ ﰍ ﰎ ﰏ ﰐ) [القمر‪.]49:‬‬
‫ٍ‬
‫شيء‬ ‫ٍ‬
‫شيء خلقناه‪ ،‬ما زال الكالم يف االشتغال‪ ،‬إنا كل‬ ‫والتقدير‪ :‬إنا خلقنا كل‬
‫شيء‪ :‬هذا اسم منصوب على االشتغال‪ ،‬يعني لفعل محذوف من‬ ‫ٍ‬ ‫خلقناه بقدر‪ ،‬كل‬
‫ٍ‬
‫شيء خلقناه‪ ،‬ثم حذف األول لداللة الثاين‪.‬‬ ‫جنس المذكور‪ ،‬يعني‪ :‬إنا خلقنا كل‬
‫إذن المحذوف‪ :‬خلقنا‪ ،‬والمذكور المفسر‪ :‬خلقناه‪.‬‬
‫المحذوف المفسر‪ :‬جملة خلقنا‪ ،‬لها محل أم ليس لها محل؟‬
‫إنا خلقنا‪ :‬لها محل ألهنا خرب إن يف محل رفع‪.‬‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح قواعد اإلعراب‬
‫‪77 h‬‬
‫‪g‬‬
‫أيضا‪ :‬لها محل وهو الرفع‬
‫إذن فالجملة المفسرة‪ :‬خلقناه‪ ،‬يقول الشلوبين ً‬
‫ٍ‬
‫حينئذ‪.‬‬

‫‪ ‬قال ابن هشام‪ :‬فخلقناه املذكورة مفسرةٌ لـ خلقنا املقدرة‪.‬‬


‫يعني المحذوفة‪ ،‬وتلك يف موضع رفع ألهنا خرب إلن‪ ،‬فكذلك المذكورة‪.‬‬

‫‪ ‬قال ابن هشام‪ :‬ومن ذلك‪ :‬زيدٌ اخلبزَ يأكلَه‪.‬‬


‫زيدٌ ‪ :‬مبتدأ‪ ،‬الخبز‪ :‬منصوب على االشتغال‪ ،‬يعني زيدٌ يأكل الخبز يأكله‪،‬‬
‫ٍ‬
‫حينئذ عند‬ ‫فالمحذوف يأكل‪ :‬خرب زيد‪ ،‬والمفسر المذكور يأكله‪ :‬يف حكمه‬
‫الشلوبين‪ ،‬قد تكون يف محل رفع‪.‬‬

‫‪ ‬قال ابن هشام‪ :‬فيأكله‪.‬‬


‫يعني المذكورة‪ ،‬يف موضع رف ٍع ألهنا مفسرة للجملة المحذوفة‪ ،‬يعني يف‪ٍ :‬‬
‫زيد‬
‫يأكل الخبز‪ ،‬وهي يف محل رف ٍع خربية‪.‬‬
‫واستدل على ذلك بعضهم بقول الشاعر‪:‬‬
‫ــس ِم َّنـــا ُم َر َّو ًعـــا‬
‫ــر ُه ُي ْمـ ِ‬ ‫ــن َال ن ِ‬
‫ُجـ ْ‬ ‫َو َمـ ْ‬ ‫ـن‬ ‫ِ‬ ‫ـن ن ُْؤ ِم ْن ـ ُه َيبِـ ْ‬
‫ـت َو ْهـ ُـو آمـ ُ‬ ‫َف َمـ ْ‬
‫ـن ن َْحـ ُ‬
‫فظهر الجزم يف الفعل المفسر للفعل المحذوف‪.‬‬
‫األسلوب هنا أسلوب شرط‪.‬‬
‫أين أداة الشرط؟‬
‫من‪.‬‬
‫أين جواب الشرط؟‬
‫يجد‪.‬‬
‫شرح قواعد اإلعراب‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪78 h‬‬
‫أين فعل الشرط؟‬
‫الذي جاء بعد أداة الشرط فعل أم اسم؟‬
‫اسم‪ ،‬والشرط ال يأيت بعده إال فعل‪.‬‬

‫فلهذا يقول جمهور النحويين‪ :‬االسم إذا وقع بعد أداة الشرط مثل‪( :‬ﭜ ﭝ‬
‫ﭞ) [االنشقاق‪ ،]1:‬ومثل‪ :‬نحن يف (فمن نحن) ليس مبتد ًأ‪ ،‬وإنما فاعل لفعل‬
‫ٍ‬
‫حينئذ مطلوبة بفعل أم باسم؟ بفعل‪ ،‬فمن نؤمنه‪،‬‬ ‫محذوف‪ ،‬قد تكون أداة الشرط‬
‫هذه األصل‪.‬‬
‫ثم حذف الفعل نؤمن‪ ،‬أين فاعل نؤمنه؟ مسترت تقديره نحن‪ ،‬فلما حذف الفعل‬
‫مهر فاعله وبرز‪.‬‬
‫ونؤمنه المذكورة هي التي رفعت الفاعل أم ُيفسر الفعل محذوف؟ ُيفسر‬
‫الفعل محذوف‪ ،‬صارت جملة مفسرة‪.‬‬
‫إذن الجملة المفسرة هنا مرفوعة أم مجزومة؟ مجزومة‪.‬‬
‫ٍ‬
‫حينئذ مرفوعة‪ ،‬فلماذا ُجزمت؟‬ ‫لو أن ال محل لها من اإلعراب لصارت‬
‫استدلوا فقالوا ُجزمت ألهنا تابع ٌة يف اإلعراب للجملة المفسرة المحذوفة‪ ،‬فهذا‬
‫دليلهم‪ .‬ورد عليهم الجمهور بما ال مجال للحديث بذكره اآلن‪ .‬ال بد أن نقف‪.‬‬

‫‪¹‬‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح قواعد اإلعراب‬
‫‪79 h‬‬
‫‪g‬‬

‫الباب الثالث‬

‫ِ‬
‫المعرب‪ ،‬وذكر‬ ‫ٍ‬
‫كلمات يحتاج إليها‬ ‫كما ذكر ابن هشام ‪ ‬كان يف تفسير‬
‫أن هذه الكلمات عشرون كلمة‪ ،‬وقد قسمها إلى ثمانية أنواع‪ ،‬بحسب عدد معانيها‪،‬‬
‫وأوجه استعمالها‪.‬‬
‫فالنوع األول‪ :‬كان يف الكلمات التي لها وج ٌه واحدٌ ‪ ،‬وقرأناه‪.‬‬
‫والنوع الثاين‪ :‬كان يف الكلمات التي لها وجهان‪ ،‬وقرأناه‪.‬‬
‫واليوم إن شاء اهلل نبدأ يف النوع الثالث‪ :‬وهي الكلمات التي لها ثالثة أوجه‪.‬‬

‫‪ ‬قال ابن هشام ‪ ‬يف الصفحة التاسعة والستين‪« :‬النوع الثالث‪ :‬ما جاء‬
‫على ثالثة أوجه»‪ ،‬يعني ما كان له ثالثة معان‪ ،‬أو ثالثة استعماالت‪.‬‬

‫قال‪« :‬وهي سبعٌ»‪ ،‬سبع كلمات وهي‪( :‬إذ – َل َّما – نعم‪ -‬أي – حتى – كال –‬
‫ال)‪.‬‬

‫‪ ‬يبدأ بالكلمة األوىل فقال‪« :‬إحداها (إذ)‪ :‬فيقال فيها تار ًة مرف لما مضى من‬
‫الزمان»‪ ،‬هذا هو المعنى أو االستعمال األول لها‪ ،‬أن تكون مرف زمان‪ ،‬مرف‬
‫ٍ‬
‫زمان يف الماضي‪ ،‬قال‪« :‬ظرف ملا مضى من الزمان»‪.‬‬
‫(إذ) إذا كانت اهذا المعنى فما أحكامها؟‬
‫شرح قواعد اإلعراب‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪80 h‬‬
‫قال‪« :‬ويدخل على اجلملتني»‪ ،‬يعني االسمية والفعلية‪ ،‬نحو‪( :‬ﭑ ﭒ‬
‫ﭓ ﭔ) [األنفال‪( – ]26:‬ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ) [األعراف‪.]86:‬‬

‫اآلية األولى‪( :‬ﭒ ﭓ ﭔ) [األنفال‪ :]26:‬جاء بعد (إذ) جملة اسمية‪:‬‬


‫(ﭓ ﭔ) [األنفال‪ ،]26:‬هذه الجملة االسمية‪ ،‬ما محلها من اإلعراب؟ محلها‬
‫مضاف إليه‪ ،‬والمضاف‪ :‬إذ‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫الجر ألهنا‬

‫واآلية األخرى‪( :‬ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ) [األعراف‪ :]86:‬وقع بعد‬


‫(إذ) جملة فعلية‪( :‬ﮭ ﮮ) [األعراف‪ً :]86:‬‬
‫أيضا مضاف إليه يف محل‬
‫جر‪.‬‬

‫‪ ‬قال ابن هشام‪« :‬وقد تستعمل للمستقبل»‪.‬‬


‫قوله‪« :‬وقد تستعمل» يعني‪ :‬أهنا‪ ..‬أن هذا االستعمال لها قليل‪ ،‬فلهذا أتى‬
‫بالمضارع المسبوق بن (قد)‪ :‬الدالة هنا على التقليل ألن األصل فيها أن تكون‬
‫للماضي‪ .‬قال‪ :‬وحنو قوله تعاىل‪( :‬ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥﭦ ﭧ‬
‫ﭨ ﭩ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ) [غافر‪ :]71:‬هذه اآلية‬
‫تتحدث عن المجرمين يف جهنم‪ ،‬أعاذنا اهلل وإياكم منها‪ ،‬وهذا مستقبل‪ ،‬قال‪:‬‬
‫(ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ‬
‫ﮚ ﮛ) [الحجر‪ ،]71-3:‬وكان قائل أن يقول‪( :‬ﮖ ﮗ)‬
‫[غافر‪ ،]71:‬لماذا استعمل (إذ) يف المستقبل؟ هذا أمر بالغي‪ ،‬راجعوه‪ ،‬فبان من‬
‫ذلك يا إخوان‪ ،‬أن (إذ) الظرفية‪ ،‬عكس (إذا) الظرفية‪ ،‬يف المعنى ويف االستعمال‪.‬‬
‫بمعنى‪( :‬إذا) مرف زمان للمستقبل‪ ،‬آتيك إذا طلعت الشمس‪( ،‬إذ)‪ :‬مرف‬
‫مريضا‪.‬‬
‫زمان للماضي‪ ،‬جئتك إذ كنت ً‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح قواعد اإلعراب‬
‫‪81 h‬‬
‫‪g‬‬
‫ويف االستعمال كذلك‪ ،‬فن(إذا) ال تليها إال الجملة الفعلية ألهنا تتضمن‬
‫الشرط‪ ،‬وأما (إذ) تليها الجملة االسمية والجملة الفعلية‪.‬‬
‫قليال‪ ،‬كما‬
‫كثيرا‪ ،‬وقد تستعمل يف الماضي ً‬
‫وأيضا (إذا) تستعمل يف االستقبال ً‬
‫ً‬
‫ذكر ابن هشام‪ ،‬وم َّثل بقوله‪( :‬ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ) [الجمعة‪.]11:‬‬
‫قليال يف‬
‫و(إذ) بالعكس‪ ،‬استعمالها الكثير أن تكون يف الماضي‪ ،‬وقد تستعمل ً‬
‫المستقبل‪.‬‬
‫(إذ) انتهينا من معناها األول‪ ،‬وهو كوهنا مرفي ًة للزمان الماضي‪« ،‬قالوا فيها‬
‫تارةً‪ :‬حرف مفاجأة»‪ ،‬إ ًذا إذا جاءت (إذ) حر ًفا‪ ،‬إذا جاءت (إذ) للمفاجأة‪ ،‬دال ًة‬
‫على المفاجأة‪ ،‬فهي حرف‪ ،‬تعرب وتستعمل وتعامل معاملة الحروف‪ ،‬بخالف‬
‫(إذ) الظرفية‪.‬‬
‫فقوله‪« :‬ظرفية» أهنا اسم أم حرف؟ أهنا اسم‪ ،‬وتعرب أهنا منصوبة على‬
‫الظرفية‪.‬‬

‫‪ ‬قال‪ :‬حرف مفاجأة كقوله‪:‬‬


‫ِ‬ ‫َفاســـ َت ْق ِد ِر اهلل َخيـــرا وار َضـــين بِ ِ‬
‫ـــر إِ ْذ َد َارت َم َياس ُ‬
‫ــــير‬ ‫َف َب ْين ََمــــا ال ُع ْسـ ُ‬ ‫ـــه‬ ‫َ َّ‬ ‫َ ْ ً َ ْ‬ ‫ْ‬
‫فبانت (إذ) هنا على المفاجأة‪ ،‬واضحة‪ ،‬فتعرب‪ :‬حرف مفاجأة مبني على‬
‫السكون‪ ،‬ال محل لها من اإلعراب‪ ،‬وما بعده جملة فعلية ابتدائية‪.‬‬

‫ومعناها‪ ،‬واستعمالها الثالث‪ ،‬قال‪« :‬وتارةً حرف تعليل»‪ ،‬إذا معنى (إذ) الثالث‪:‬‬
‫حينئذ حرف‪ ،‬كقوله تعالى‪( :‬ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ‬ ‫ٍ‬ ‫الداللة على التعليل‪ ،‬وهي‬
‫ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ) [الزخرف‪.]39:‬‬
‫شرح قواعد اإلعراب‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪82 h‬‬
‫‪ ‬كيف كانت (إذ) هنا دالة على التعليل؟‬
‫‪ ‬قال ابن هشام‪« :‬أي‪ :‬ألجل ظلمكم»‪.‬‬
‫يقول المعنى‪( :‬ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ)‬
‫[الزخرف‪]39:‬؛ المعنى‪ ،‬واهلل أعلم‪ ،‬لن ينفعكم اليوم بسبب ملمكم‪ ،‬أنكم يف‬
‫العذاب مشرتكون‪ ،‬يعني كونكم مشرتكين ومجتمعين‪ ،‬هذا االشرتاك واالجتماع‬
‫لن ينفعكم يف ذلك اليوم بسبب أنكم كنتم مالمين مستحقين للعذاب‪.‬‬
‫فالخالصة‪ :‬أن (إذ) تأيت على ثالثة معان واستعماالت‪:‬‬
‫اسما‪ ،‬وهي مرف للزمان الماضي‪.‬‬
‫األول‪ :‬أن تكون ً‬
‫ٍ‬
‫حينئذ حرف‪.‬‬ ‫الثاين‪ :‬أن تكون للمفاجأة‪ ،‬وهي‬
‫ٍ‬
‫حينئذ حرف‪.‬‬ ‫الثالث‪ :‬أن تكون للتعليل‪ ،‬وهي‬

‫‪ ‬الكلمة الثانية‪:‬‬
‫‪ ‬قال ابن هشام‪« :‬الثانية‪( :‬لَمَّا)‪ :‬يقال فيها يف حنو‪ :‬ملا جاء زيدٌ جاء عمرٌ‪:‬‬
‫حرف وجودٍ لوجود»‪ ،‬ثم ب َّين شي ًئا من أحكامها فقال‪« :‬وختتص باملاضي»‪ ،‬يعني‪ :‬ال‬
‫عمرو‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫يأيت بعدها إال الفعل الماضي‪َ ،‬ل َّما جاء زيدٌ جاء‬

‫«وزعم الفارسي ومتابعوه أنها ظرفٌ مبعنى حنيٍ»‬


‫فب َّين أن يف نوع ( َل َّما) هذه تفصيل‪.‬‬
‫ٍ‬
‫وجود لوجود‪ ،‬يعني‪ :‬أن الجواب يوجد‬ ‫أوال‪ :‬ما معنى ( َل َّما) هنا؟ حرف‬
‫ً‬
‫لوجود الفعل الثاين يوجد لوجود األول‪ ،‬لو قلنا‪ :‬حين جاء زيد جاء عمرو‪ ،‬مجيء‬
‫عمرو حدث َو ُو ِجد بسبب وجود مجيء زيد‪.‬‬

‫ما نوعها؟ ابن هشام يقول‪« :‬حرف»‪ ،‬على ذلك نقول يف إعرااها‪َ :‬ل َّما‪ :‬حرف‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح قواعد اإلعراب‬
‫‪83 h‬‬
‫‪g‬‬
‫وجود لوجود‪ ،‬مبني على السكون‪ ،‬ال محل لها من اإلعراب‪ ،‬وما بعده جملة‬
‫ابتدائية‪.‬‬
‫وعند الفارسي ومتابعيه‪ ،‬يرون أهنا مرف زمان‪ ،‬فعلى قولهم‪ ،‬نقول يف إعرااها‬
‫ماذا؟‬
‫( َل َّما)‪ :‬مرف زمان مبني على السكون يف محل نصب‪.‬‬
‫قول الفارسي‪ ،‬هل له وجه‪ ،‬من حيث المعنى والداللة؟ حين جاء زيد جاء‬
‫عمرو‪ ،‬كقولك‪ :‬جاء عمرو حين جاء زيد‪ ،‬هذا الملمح الذي ألمح إليه الفارسي‬
‫ومتابعوه‪ ،‬ولهذا كثيرون بن« َل َّما» الحينية‪ .‬لكن قوله فيه ضعف من حيث المعنى‪،‬‬
‫وهذا الذي استدل به القائلون بحرفيتها‪ ،‬وهم سيبويه والجمهور‪.‬‬
‫يقولون‪ :‬لو ق لنا إن (لما) مرف معنى ذلك أن الثاين واألول كالهما قد وقع يف‬
‫ٍ‬
‫واحد‪ ،‬كما تدل على ذلك بقية الظروف‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫زمن‬
‫قلت‪ :‬جاء محمد يوم جاء زيد‪ ،‬معنى ذلك‪ :‬أن مجيئهما كان يف زمن‬
‫أنت إذا َ‬
‫واحد‪ ،‬وإن ترتب مجيء على مجيء‪ ،‬لكن المجيئين كانا من حيث الزمان يف زمان‬
‫واحد‪ ،‬فهل ( َل َّما) يف اللغة تستلزم هذا المعنى؟ جاء زيد لما جاء عمرو؟ أم أن‬
‫المجيء األول قد يكون يف ٍ‬
‫زمن آخر غير زمن المجيء الثاين؟ نعم‪ ،‬قد يكون هذا‪،‬‬
‫قد يكون‪.‬‬
‫ولهذا قال سيبويه‪ :‬أن (لما) بمعنى الالم‪ ،‬يعني‪ :‬جاء عمرو من أجل مجيء‬
‫زيد‪ ،‬أو بسبب مجيء زيد‪.‬‬
‫تأخرت ذهب األستاذ‪ ،‬أو‪ :‬لما تأخرتم ذهب األستاذ‪ ،‬يعني‪ :‬ذهب‬
‫ُ‬ ‫يقول‪ :‬لما‬
‫األستاذ من أجل بسبب تأخركم‪.‬‬
‫فالخالف بينهم هو قائم على الخالف يف هذا المعنى‪ ،‬هل هي مرفية تدل على‬
‫شرح قواعد اإلعراب‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪84 h‬‬
‫اتحاد الزمان أم ال؟ والظاهر يف اللغة‪ ،‬أهنا ال تدل على اتحاد الزمان‪ ،‬قد تأيت‬
‫لمطلق التعليل‪.‬‬
‫كأن تقول مثال‪ :‬لما كفروا‪ ،‬عاقبهم اهلل ‪ ‬يوم القيامة يف النار‪ ،‬فكفرهم كان‬
‫يف الدنيا‪ ،‬وعقااهم كان يف اآلخرة‪ ،‬وهكذا‪.‬‬
‫ولهذا كان قول الجمهور هو األحرى بموافقة المعنى‪.‬‬
‫هذا المعنى األول لها‪.‬‬
‫المعنى الثاين لـ(لما)‪:‬‬

‫‪ ‬قال ابن هشام‪ :‬ويقال فيها بنحو‪( :‬ﮦ ﮧ ﮨ) [ص‪ :]8:‬حرف جزمٍ لنفي‬
‫املضارع‪ ،‬وقلبه ماضيًا متصالً نفيه باحلال‪ ،‬متوقعًا ثبوته‪.‬‬
‫أال ُيرى أن المعنى‪ :‬أهنم لم يذوقوه إلى اآلن‪ ،‬وأن ذوقهم له متوقع؟‬
‫المعنى الثاين لـ(لما)‪ :‬أن تكون أختًا لن(لم)‪ ،‬فلهذا يذكران يف أدوات جزم‬
‫المضارع‪.‬‬
‫تقول‪ :‬محمد لم يذهب‪ ،‬ومحمد لما يذهب‪ ،‬كالهما يعمالن الجزم يف‬
‫المضا رع‪ ،‬وكالهما يدالن على نفي وقوع المضارع‪ ،‬وعلى قلب زمانه إلى‬
‫الماضي‪.‬‬
‫قالوا‪ :‬الفرق بينهما أن (لم) تدل على مطلق النفي‪ ،‬وال تدل على شيء آخر‪.‬‬
‫وأما (لما)‪ :‬فتدل على شيئين‪ ،‬على نفي الفعل‪ ،‬وعلى توقع حدوثه‪.‬‬
‫فأنت إذا قلت‪ :‬لما أذهب د َّل ْلت على أن الذهاب لم يحدث‪ ،‬وعلى أن ذهابك‬
‫أو فعلك للذهاب متوقع وقليل الحصول‪ ،‬ولهذا لو تأملت يف استعماالت (لم)‬
‫و(لما) يف القرآن الكريم وجدت مراعا ًة لهذا المعنى‪.‬‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح قواعد اإلعراب‬
‫‪85 h‬‬
‫‪g‬‬

‫‪ ‬قال‪ :‬كقوله تعاىل‪( :‬ﮦ ﮧ ﮨ) [ص‪.]8:‬‬


‫هذا الكالم موجه لمن؟ للكفار‪ ،‬مع أن العذاب الذي ُهددوا به يف اآلخرة‪،‬‬
‫وإخبار لهم‪ ،‬بأن عذاب اآلخرة قريب‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫فكأنه توعدٌ لهم‪،‬‬

‫ومن ذلك قوله تعالى‪( :‬ﮍ ﮎ ﮏﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ‬


‫ﮘ ﮙ ﮚ ﮛﮜ) [الحجرات‪.]14:‬‬
‫فانظر كيف أتت ( َل َّما) يف مكاهنا المناسب‪ ،‬لو أن اهلل ‪ ‬قال‪« :‬لم يدخل‬
‫اإليمان يف قلوبكم» فقط لكان هذا األمر محزنًا لهؤالء فهم مسلمون‪ ،‬وتخربهم‬
‫أهنم ليسوا مؤمنين‪ ،‬فقط‪ ،‬وتسكت‪ ،‬هذا سيحزهنم جدًّ ا‪ ،‬لكن لما تخربهم أهنم‬
‫قريب منهم‪ ،‬إذا استمروا على متابعة النبي‬
‫ٌ‬ ‫ليسوا مؤمنين إلى اآلن‪ ،‬ولكن اإليمان‬
‫‪ ‬واجتهدوا يف ذلك‪ ،‬فال شك أن هذا مثل البشرى لهم‪ ،‬قالوا‪:‬‬
‫و(لما) يعني قليل‪ ،‬لماذا جعله قليل؟ اشتغلوا يف ذلك‪ ،‬ودعوا ما ينافيه كالمن‬
‫باإلسالم‪ ،‬ونحو ذلك‪.‬‬
‫وهكذا يف بقية مواضع استعمالهما‪ ،‬أي‪( :‬لم) و(لما)‪.‬‬

‫‪ ‬قال ابن هشام‪ :‬واملعنى الثالث لـ(ملا)‪ :‬ويقال فيها‪ :‬حرف استثناء‪ ،‬يف حنو‪:‬‬
‫أنشدك اهلل ملا فعلت‪ ،‬أي‪ :‬ما أسألك إال فعلك‪ .‬ومنه‪( :‬ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ)‬
‫[الطارق‪ .]4:‬يف قراءة التشديد"‬
‫تشديد ماذا؟ تشديد (لمنَّا)‪.‬‬
‫ٍ‬
‫وحينئذ ال يتصور أن تكون لمنَّا‪ ،‬فال يتصور يف هذا‬ ‫والقراءة األخرى‪( :‬ﮂ)‪،‬‬
‫المعنى‪.‬‬
‫لكن يف قراءة التشديد (لمـَّا) قالوا‪ :‬إن (لمنَّا) هنا دالة على االستثناء‪ ،‬يعني‪:‬‬
‫شرح قواعد اإلعراب‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪86 h‬‬
‫بمعنى َّإال‪.‬‬

‫‪ ‬قال‪« :‬أال يُرى أن املعنى‪ :‬ما كل نفسٍ إال عليها حافظ؟ وال التفات إىل إنكار‬
‫اجلوهري ذلك»‪.‬‬
‫مجيء (لمـَّا) دالة على االستثناء‪ ،‬يعني‪ :‬بمعنى َّإال‪َّ ،‬‬
‫قل يف اللغة‪ ،‬حتى أنكره‬
‫الجوهري‪ ،‬الجوهري‪ ،‬ما كتابه؟‬
‫(الص َحاح)‪ ،‬ليس (المختار)‪( ،‬مختار الصحاح) هذا مختصر للصحاح‪،‬‬
‫كتابه‪ِّ :‬‬
‫بكر الرازي‪ ،‬لكن كتاب الجوهري‪ ،‬واسمه‪ :‬إسماعيل بن حماد‪ ،‬اسمه‬ ‫ألبي ٍ‬
‫(الص َحاح)‪ ،‬ويقال‬
‫(الصحاح)‪ ،‬واسمه الكامل (صحاح اللغة وتاج العربية)‪ ،‬يقال ِّ‬
‫(الص َّحاح)‪ ،‬كالهما صواب‪.‬‬
‫َّ‬
‫ويقال‪ :‬إن كتابه بمنزلة صحيح البخاري يف كتب الحديث‪ ،‬وكتابه (الصحاح)‬
‫هو أصح كتب اللغة ألنه اشرتط فيه أال يذكر إال ما صح يف اللغة‪ ،‬يعني المعاين‬
‫غير الثابتة‪ ،‬وا لمعاين المختلف فيها‪ ،‬والضعيفة‪ ،‬والقليلة‪ ،‬ونحو ذلك‪ ،‬لم يكن‬
‫يذكره‪ ،‬وكان يكتفي بالصحيح المتفق عليه‪ ،‬فلهذا قيل‪ :‬إن كتابه أصح كتب أهل‬
‫اللغة‪.‬‬
‫لكنه ذكر هذا المعنى وأنكره‪ ،‬لو سكت عنه فقط لقلنا سكت عنه مثال ألنه‬
‫قليل‪ ،‬أو نحو ذلك‪ ،‬لكن ذكره وأنكره‪ ،‬فردوا عليه بأنه ثابت يف نقل غيره وحفظه‪،‬‬
‫ومن َح ِف َظ حجة على من لم يحفظ‪ ،‬وممن نقل هذا المعنى سيبويه‪.‬‬
‫ويكفيك به ثق ًة وحج ًة يف نقل اللغة‪.‬‬
‫إال أنه‪ ،‬أي هذا المعنى‪ ،‬قليل‪ ،‬كمثل قولهم‪ :‬أسألك اهلل لمنَّا فعلت‪ ،‬يعني‪:‬‬
‫أسألك اهلل إال فعلت كذا وكذا‪.‬‬
‫الخالصة‪ :‬أن (لما) لها ثالثة معان‪:‬‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح قواعد اإلعراب‬
‫‪87 h‬‬
‫‪g‬‬
‫األول‪ :‬أهنا حرف وجود لوجود‪.‬‬
‫ٍ‬
‫وقلب‪.‬‬ ‫الثاين‪ :‬أهنا حرف جز ٍم ٍ‬
‫ونفي‬
‫الثالث‪ :‬أهنا حرف استثناء‪.‬‬

‫‪ ‬الكلمة الثالثة‪:‬‬
‫‪ ‬قال‪ :‬نعم‪ :‬فيقال فيها حرف تصديقٍ‪ ،‬إذا وقعت بعد اخلرب‪ ،‬حنو‪ :‬قام زيدٌ‪ ،‬أو ما‬
‫قام زيدٌ‪ .‬وحرف إعالمٍ‪ ،‬إذا وقعت بعد االستفهام‪ ،‬حنو‪ :‬أقام زيدٌ؟ وحرف وعدٍ إذا وقعت‬
‫بعد كالم الطلب‪ ،‬حنو‪ :‬أَحْ ِسنْ إىل فالن"‪.‬‬
‫نعم‪ :‬يجمع هذه المعاين التي ذكرها ابن هشام‪ ،‬أهنا حرف جواب‪ ،‬فكل هذه‬
‫المواضع الثالثة‪ ،‬والمعاين الثالثة‪ ،‬هي حرف جواب‪ ،‬إال أنك إذا أجبت اها الخرب‪،‬‬
‫ٍ‬
‫حينئذ حرف تصديق‪ ،‬كما لو قلت مثال‪ :‬قام محمد‪،‬‬ ‫يعني الجمل الخربية فهي‬
‫كثيرا يف الكالم‪ ،‬فتقول‪ :‬جاء محمد‪ .‬نعم‪ .‬ذهب‬
‫ذهب محمد‪ ،‬وهذه يستعمل ً‬
‫محمد‪ .‬نعم‪ ..،‬ونحو ذلك‪.‬‬

‫تصديق للمخبِر لما‬


‫ٌ‬ ‫فيقول‪« :‬حرف تصديق»‪ ،‬ما معنى حرف تصديق؟ يعني‪:‬‬
‫أخرب به‪.‬‬
‫والثاين‪ :‬حرف إعالم إذا وقع بعد استفهام‪ ،‬واالستعمال مشهور له‪ ،‬هل جاء‬
‫محمد؟ تقول‪ :‬نعم‪ ،‬هل نجح محمد؟ تقول‪ :‬نعم‪ ،‬ويقولون‪ :‬إعالم المستخبِر‪،‬‬
‫استخربك‪ ،‬يعني استفهمك فأعلمته بذلك‪.‬‬
‫المعنى الثالث‪ :‬حرف وعد‪ ،‬إذا وقعت بعد كالم الطلب‪ ،‬مثل‪ :‬أحسن إلى‬
‫فالن‪ .‬تقول‪ :‬نعم‪ .‬يعني‪ :‬سأفعل ذلك‪ ،‬اجتهد يف دروسك‪ .‬تقول‪ :‬نعم‪ ،‬سأفعل‬
‫ذلك‪.‬‬
‫يقولون‪ :‬وعدٌ للطالب‪ ،‬إذا طلب منك أحدٌ شي ًئا‪ ،‬فإنك تعده بتحقيق هذا األمر‬
‫شرح قواعد اإلعراب‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪88 h‬‬
‫بقولك‪ :‬نعم‪.‬‬
‫الخالصة‪ :‬أن (نعم) حرف جواب‪ ،‬تقوم بتصديق المخرب للكالم الخربي‪،‬‬
‫وبإعالم المستخرب يف االستخبار يعني االستفهام‪ ،‬ولوعد الطالب يف الكالم‬
‫الطلبي‪.‬‬

‫‪ ‬قال ابن هشام‪ :‬ومن جميئها لإلعالم‪( :‬ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢﭣ ﭤ ﭥﭦ)‬


‫[األعراف‪.]44:‬‬
‫أراد أن يمثل ٍ‬
‫بآية على هذه المعاين‪.‬‬

‫‪ ‬قال‪« :‬وهذا املعنى مل ينبه عليه سيبويه»‪ ،‬يعني‪ :‬إعالم المستخرب‪« ،‬فإنه قال‪:‬‬
‫عد ٌة وتصديق‪ ،‬ولم يزد على ذلك»‪.‬‬
‫يعني‪ :‬سيبويه أدرج با ًبا لمعاين الحروف‪ ،‬فذكر منها‪ :‬نعم‪ ،‬وقال‪ :‬إهنا عدة‬
‫وتصديق‪ ،‬تصديق‪ :‬عرفنا أنه تصديق المخبِر‪ ،‬فماذا يريد بقوله‪ :‬عدة؟ يعني‪ :‬وعد‪،‬‬
‫يقال‪َ :‬و َعدَ – َي ِعدُ – َوعدً ا – ِعدَ ةً‪.‬‬
‫العدة‪ :‬هي الوعد‪ ،‬نفسها‪ ،‬كقولك‪َ :‬و َز َن – َي ِز ُن – َوزنًا – ِز َنةَ‪ ،‬ونحو ذلك‪.‬‬

‫‪ ‬الكلمة الرابعة‪:‬‬
‫ي‪ :‬بكسر الهمزة وسكون الياء‪ ،‬وهي بمنزلة (نعم)"‪،‬‬ ‫ِ‬
‫‪ ‬قال‪" :‬الرابعة‪ :‬أ ْ‬
‫يعني‪ :‬مثل نعم يف هذه المعاين السابقة‪ ،‬تكون لتصديق املخرب‪ ،‬وإعالم املستخرب‪ ،‬ووعد‬
‫الطالب‪.‬‬
‫قال‪ :‬إال أنها ختتص بالقسم‪ ،‬حنو‪( :‬ﰍ ﰎ ﰏ ﰐ ﰑﰒ) [يونس‪.]53:‬‬
‫قال‪ :‬أي‪ :‬ألهنا جاءت مع قسم‪.‬‬
‫(أي) لها ثالثة استعماالت‪ ،‬لكن هذا االستعمال خاص بالقسم‪ ،‬ال بد أن‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح قواعد اإلعراب‬
‫‪89 h‬‬
‫‪g‬‬
‫تكون مع قسم‪.‬‬
‫أما (نعم) فال يشرتط فيها ذلك‪ ،‬تكون مع القسم‪ ،‬وتكون من دون قسم‪.‬‬
‫تقول‪ :‬نعم واهلل‪ ،‬أو تقول‪ :‬نعم‪ ،‬ال تحتاج أن تكون مصاحب ًة لقسم‪.‬‬

‫‪ ‬الكلمة اخلامسة‪:‬‬
‫‪ ‬قال‪« :‬حتى» وحتى تحتاج إلى شيء من االنتباه يا إخوان‪ ،‬حتى يسندُ إلى‬
‫بعض أهل اللغة أنه قال‪« :‬أموت ويف نفسي شيءٌ من حتى»؛ ألهنا مرة تجر‪ ،‬ومرة‬
‫تنصب‪ ،‬ومرة ترفع‪.‬‬

‫مجرورا مثل‪( :‬ﭰ ﭱ ﭲ) [القدر‪.]5:‬‬


‫ً‬ ‫يعني الذي بعدها يكون مر ًة‬
‫أتعلم‪.‬‬
‫َ‬ ‫ومر ًة منصو ًبا مثل‪ :‬جئت حتى‬
‫ُ‬
‫أشكل‪.‬‬ ‫ومر ًة مرفو ًعا مثل‪ :‬حتى ما ُء دجل َة‬
‫فاستشكلها هو‪ ،‬أما عند النحويين غيره‪ ،‬فليست مشكلة‪ ،‬بل منضبطة‪.‬‬

‫‪ ‬قال ابن هشام‪« :‬حتى‪ :‬فأحد أوجهها أن تكون جارةً»‪.‬‬


‫ماذا يريد بقوله‪ :‬جارةً؟‬
‫يعني‪ :‬أن تكون حر ًفا من حروف الهجاء‪ ،‬أم أن تكون من حروف الجر؟ فلهذا‬
‫يذكروهنا يف حروف الجر العشرين‪.‬‬

‫فتدخل على االسم الصريح‪ ،‬بمعنى (إلى)‪ ،‬نحو‪( :‬ﭰ ﭱ ﭲ)‬


‫[القدر‪( ،]5:‬ﮱ ﯓ)‪.‬‬
‫وعلى االسم المؤول‪ "...‬إلى آخره‪.‬‬
‫ما معنى أن تدخل على االسم الصريح بمعنى (إلى)؟‬
‫شرح قواعد اإلعراب‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪90 h‬‬
‫ٍ‬
‫حينئذ يكون معنى‬ ‫يعني‪ :‬أهنا إذا دخلت على االسم الصريح فإن معناها‬
‫(إلى)‪.‬‬

‫(ﭰ ﭱ ﭲ) [القدر‪ :]5:‬معناها‪ :‬إلى مطلع الفجر‪.‬‬


‫بمعنى واحد‪.‬‬
‫ً‬ ‫انتظرين إلى صالة العصر‪ ،‬أو حتى صالة العصر‬

‫‪ ‬قال‪ :‬وعلى االسم املؤول من (أن) مضمرةً‪ ،‬ومن الفعل املضارع‪ ،‬فتكون تارةً مبعنى‬
‫(إىل) (ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ) [طه‪:]91:‬‬
‫يرجع‪ ،‬أي‪ :‬إلى رجوعه‪ ،‬أي‪ :‬إلى زمن رجوعه‪.‬‬
‫َ‬ ‫األصل‪ :‬حتى أن‬
‫وتار ًة بمعنى‪( :‬كي)‪ ،‬نحو‪ :‬أسلم حتى تدخل الجن َة"‪.‬‬
‫(حتى) إذا دخلت على فع ٍل مضارع‪ ،‬فإن الفعل المضارع بعدها‪ ،‬ماذا يكون يا‬
‫إخوان؟‬
‫يكون منصو ًبا‪ ،‬فلهذا يذكرون (حتى) من المواضع التي ينتصب المضارع‬
‫بعدها‪.‬‬
‫أتعلم‪ ،‬ونحو ذلك‪.‬‬
‫َ‬ ‫يرجع‪ ،‬جئت حتى‬
‫َ‬ ‫حتى‬
‫هل المضارع منصوب بن (حتى) نفسها أم ال؟‬
‫خالف مشهور بين النحويين‪ ،‬فالكوفيون يقولون‪ :‬إن المضارع منصوب بن‬
‫منصوب بن (أن)‬
‫ٌ‬ ‫(حتى) نفسها‪ ،‬والبصريون والجمهور يقولون‪ :‬ال‪ ،‬بل هو‬
‫مضمرة‪ ،‬يعني محذوفة‪.‬‬
‫لماذا لم يقولوا‪ :‬إن المضارع منصوب بن (حتى) نفسها؟‬
‫قالوا‪ :‬ألن (حتى) من حروف الجر‪ ،‬وال يعرف حرف من حروف الجر ينصب‬
‫المضارع‪.‬‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح قواعد اإلعراب‬
‫‪91 h‬‬
‫‪g‬‬
‫يعني‪ :‬ال تجعل هذا الحرف له أكثر من استعمال‪ ،‬هو استعماله‪ ،‬أنه حرف جر‬
‫ٍ‬
‫حينئذ من حروف‬ ‫قلت‪ :‬الكتاب ٍ‬
‫لزيد‪ ،‬فالالم‬ ‫فقط‪ ،‬ومثل ذلك‪ :‬الالم الجارة‪ ،‬لو َ‬
‫َ‬
‫الجر‪ ،‬فإذا دخلت على مضارع‪ ،‬فإن المضارع بعدها سينتصب‪ ،‬كقولك‪ :‬جئت‬
‫ألتعلم‪.‬‬
‫َ‬
‫الكوفيون قالوا‪ :‬إن المضارع منصوب بالالم نفسها‪.‬‬
‫والبصريون قالوا‪ :‬الالم حرف جر‪ ،‬ال تنصب المضارع‪ ،‬وإنما المضارع‬
‫منصوب بن (أن) مضمرة محذوفة هنا‪ .‬لماذا ُحذفت؟ كيف ُتقدر؟ هذا ٌ‬
‫أمر آخر‪.‬‬
‫اسما أم حر ًفا‬ ‫ٍ‬
‫فإذا قدرنا (أن) قبل المضارع فن(أن) والمضارع حينئذ يكونان ً‬
‫أم فعالً؟‬
‫اسما ألن االسم إما صريح وإما مؤول‪ ،‬والمراد باالسم المؤول‪ :‬ما‬
‫يكونان ً‬
‫مصدري وصلته‪ ،‬والحروف المصدرية هي‪( :‬أن – أما – ما)‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫حرف‬ ‫تركب من‬
‫ٍّ‬
‫والقول الصحيح يف هذه المسألة هو قول الجمهور‪ ،‬بال شك‪.‬‬

‫فهذا قول ابن هشام هنا‪« :‬وعلى االسم املؤول من (أن) مضمرةً»‪ ،‬يعني‪ :‬المحذوفة‪،‬‬
‫«ومن الفعل املضارع»‪.‬‬
‫ماذا إذا دخلت (حتى) على االسم المؤول من المضارع وأن المحذوفة؟‬
‫فماذا يكون معناها؟‬
‫يقول‪ :‬مر ًة تأيت بمعنى (إلى) كمعناها مع االسم‪ ،‬ومر ًة تأيت بمعنى (كي)‪ ،‬ماذا‬
‫يريد بمعنى كي؟ يعني‪ :‬التعليل‪ ،‬مرة يعرب بالتعليل‪ ،‬ومرة يعرب بن (كي)‪ ،‬والمعنى‬
‫واحد‪.‬‬
‫نقول مثال‪ :‬انتظرين حتى يؤذن المغرب‪ .‬ما معنى حتى هنا؟ بمعنى‪ :‬إلى‪.‬‬
‫شرح قواعد اإلعراب‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪92 h‬‬
‫وإذا قلت مثال‪ :‬انتظرين حتى أفهمك المسألة‪ ،‬أو ال تسرع حتى ال يحدث‬
‫حادث‪ .‬هنا بمعنى‪ :‬كي‪.‬‬
‫إذا فحتى إذا دخلت على االسم المؤول‪ ،‬تأيت بالمعنيين‪.‬‬
‫يقول‪ :‬ال تسرع حتى تصل سالمنًا‪ .‬هنا تكون بمعنى‪( :‬كي)‪.‬‬
‫(حتى) يف كل هذه المواضع حرف‪ ،‬إما أن تكون حرف جر‪ ،‬وإما أن تكون‬
‫حرف تعليل‪ ،‬هذا الذي ورد حتى اآلن‪ ،‬لكنها يف الجميع جارة‪ ،‬عملها الجر‪ ،‬هي‬
‫عملها يف كل هذه المواضع الجر‪ ،‬ما معناها؟‬
‫إذا كانت بمعنى (إلى) فمعناها‪ :‬الغائية أو الغاية‪ ،‬وإذا كانت بمعنى (كي)‬
‫فمعناها‪ :‬التعليل‪ ،‬فهي حرف جر يف كل ذلك‪.‬‬

‫إذا دخلت على اس ٍم صريحٍ ‪( :‬ﭰ ﭱ) [القدر‪ :]5:‬هذا جار ومجرور‪ ،‬وإذا‬
‫ٍ‬
‫مؤول‪( :‬ﮂ ﮃ) [طه‪ :]91:‬نقول‪ :‬حتى‪ :‬حرف جر وغاية‪،‬‬ ‫دخلت على ٍ‬
‫اسم‬
‫يرجع‪ :‬فعل مضارع منصوب بأن مضمرة‪ ،‬واالسم المؤول من أن والمضارع يف‬
‫محل جر‪ ،‬هنا اسم ليس جملة‪« ،‬يرجع» هذا اسم مؤول ليس جملةً‪.‬‬
‫ولهذا لو قلت مثال‪ :‬يعجبني أن تجتهد‪ .‬أين فاعل يعجبني؟‬
‫الفاعل‪ :‬أن تجتهد‪ ،‬ليس الفاعل اجتهادك‪ ،‬الفاعل‪ :‬االسم المؤول نفسه‪ :‬أن‬
‫تجتهد‪ ،‬لو أردت أن تؤوله باسم صريح فاالسم الصريح الذي قابله «اجتهادك»‪،‬‬
‫لكن ما الفاعل المذكور يف هذه الجملة‪ :‬يعجبني أن تجتهد؟ هو «أن تجتهد»‪،‬‬
‫فتنتبه لذلك‪ :‬يقول‪ :‬أن تجتهد‪ :‬اسم مؤول الجتهادك‪ ،‬وهو الفاعل‪ ،‬ليس الفاعل‬
‫«اجتهادك»‪ ،‬لكن الفاعل نفسه المذكور يف الكالم‪:‬‬
‫ً‬
‫مؤوال‪.‬‬ ‫صريحا وقد يكون‬
‫ً‬ ‫أن تجتهد ألن االسم قد يكون‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح قواعد اإلعراب‬
‫‪93 h‬‬
‫‪g‬‬
‫‪ ‬قال ابن هشام‪« :‬وقد حتتملهما»‬
‫يعني‪ :‬الغائية والتعليلية‪ ،‬يف قوله تعالى‪( :‬ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ)‬
‫[الحجرات‪.]9:‬‬
‫إذا كانت بمعنى (إلى)؛ يعني‪ :‬فقاتلوا إلى أن تفيء إلى فيئها رجوعها‪.‬‬
‫وإذا كانت للتعليل؛ يعني‪ :‬قاتلوها كي تفيء‪ ،‬يعني‪ :‬من أجل فيئها‪.‬‬

‫‪ ‬ثم قال ابن هشام‪« :‬وزعم ابن هشام اخلضراوي‪ ،‬وابن مالك»‬
‫ابن هشام الخضراوي من النحويين المتقدمين األندلسيين‪ ،‬وابن مالك‬
‫معروف‪ ،‬ماذا زعما؟‬
‫(إال)»‪ ،‬يعني‪ :‬تأيت بمعنى االستثناء‪.‬‬ ‫زعما «أهنا قد تكون بمعنى َّ‬
‫ك َق ِل ُ‬ ‫ـن ال ُف ُض ِ‬ ‫ِ‬
‫يـــل‬ ‫َحتَّـــى ت َُجـــو َد َو َمـــا َلـــدَ ْي َ‬ ‫اح ًة‬
‫ـول َس َـم َ‬ ‫َل ْي َس ال َع َطا ُء م َ‬
‫يقول‪ :‬ليس العطاء الصحيح الكريم اهذه الصورة‪ ،‬إال أن تجو َد وما لديك‬
‫ُ‬
‫قليل‪ ،‬يعني‪ :‬هذا العطاء الحقيقي‪ ،‬إال‪.‬‬
‫وواضح من عبارة ابن هشام‪ ،‬أن هذا المعنى ال يوافق عليه جمهور النحويين‪،‬‬
‫ويعيدون (حتى) هنا إلى المعاين السابقة‪.‬‬

‫‪ ‬قال ابن هشام‪« :‬أي‪ :‬إال أن جتود‪ ،‬وهو استثناء منقطع»‪.‬‬


‫الذي تلخص من كل ما سبق يف (حتى)‪ ،‬أن (حتى) تكون حرف جر‪ ،‬وهي‬
‫ٍ‬
‫حينئذ تدخل على اسم صريح‪ ،‬أو تدخل على اسم مؤول‪.‬‬
‫ثم قال يف المعنى الثاين‪ ،‬أو االستعمال الثاين لن (حتى)‬
‫‪‬‬
‫‪‬‬
‫شرح قواعد اإلعراب‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪94 h‬‬
‫‪ ‬قال‪« :‬والثاني‪ :‬أن تكون حرف عطف»‪.‬‬
‫‪ ‬ما معنى حرف العطف هذا؟‬
‫أن تكون حرف عطف تفيد اجلمع املطلق بالواو‪ ،‬إال أن املعطوف بها مشروط بأمرين‪:‬‬
‫بعضا من المعطوف عليه‪.‬‬
‫‪ -‬أحدهما‪ :‬أن يكون ً‬
‫ٍ‬
‫شيء‪.‬‬ ‫‪ -‬الثاين‪ :‬أن يكون غاي ًة له يف‬
‫ِ‬
‫للناس يف شرف‬ ‫الناس حتى األنبيا ُء‪ ،‬فإن األنبياء ‪ ‬غاي ٌة‬
‫ُ‬ ‫نحو‪ :‬مات‬
‫الناس حتى الحجامون‪.‬‬
‫المقدار‪ ،‬وعكسه‪ :‬زارين ُ‬
‫الناس حتى األنبيا ُء‪ ،‬من ُيعرب يا إخوان؟‬
‫قلت‪ :‬مات ُ‬
‫إذا َ‬
‫مات‪ :‬فعل ماض‪ ،‬الناس‪ :‬فاعل‪ ،‬حتى‪ :‬حرف عطف‪ ،‬األنبياء‪ :‬معطوف عليه‪.‬‬
‫ما معنى حرف العطف هنا‪ :‬حتى؟‬
‫يقول‪ :‬معناه مطلق الجمع‪ ،‬مثل‪ :‬الواو‪ ،‬يعني ال تقتضي الرتتيب ليس المعنى‬
‫أن الناس ماتوا ً‬
‫أوال واألنبياء ماتوا بعد ذلك‪ ،‬ال‪ ،‬مطلق الجمع‪ ،‬يعني‪ :‬أن هؤالء‬
‫أيضا ماتوا‪ ،‬هذا معنى أهنا تدل على مطلق الجمع المماثل‪ ،‬تدل‬
‫ماتوا‪ ،‬وأن هؤالء ً‬
‫على ترتيب‪.‬‬
‫إال أن العطف اها مشروط بالشرطين المذكورين‪ ،‬وهما واضحان‪.‬‬

‫‪ ‬قال ابن هشام‪ :‬وقال الشاعر‪:‬‬


‫تَهابو َننَــــا ح َّتــــى بنِينَــــا األَصـ ِ‬
‫ـــاغ َرا‬ ‫َق َه ْرنَــــاك ُُم َحتَّــــى ا ْلك َُمــــا َة َف َ‬
‫ــــأ ْنت ُُم‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ‬
‫حتى الكماةَ‪ :‬لماذا نصب الكما َة؟ ألهنا معطوفة على المفعول به‪( :‬كُم) يف‬
‫(قهرناكم)‪( ،‬كُم)‪ :‬مفعول به‪ ،‬ثم عطف الكماة‪ ،‬يقول‪ :‬قهرناكم حتى كما َت ُكم‪.‬‬
‫األصاغر‪ ،‬فنصب ألنه معطوف على هتابوننا‪ ،‬على (نا)‬
‫َ‬ ‫وقال‪ :‬حتى بنينا‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح قواعد اإلعراب‬
‫‪95 h‬‬
‫‪g‬‬
‫المتكلمين‪ ،‬وهذا مفعول به‪.‬‬
‫فالكما ُة غاي ٌة يف القوة‪ ،‬والبنون األصاغر غاي ٌة يف الضعف‪.‬‬
‫وتقول‪ :‬أعجبتني الجاري ُة حتى كال ُمها ألن الكالم كجزئيها‪ ،‬ويمتنع‪ :‬حتى‬
‫ولدُ ها‪ .‬والضابط‪ :‬ما صح استثناؤه‪ ،‬صح دخول حتى عليه‪.‬‬

‫ألنه ذكر أن (حتى) ال تعطف إال بشرطني‪:‬‬


‫الشرط األول‪ :‬أن تكون دالة على الغاية‪.‬‬
‫بعضا من المعطوف عليه‪.‬‬
‫الشرط الثاين‪ :‬أن يكون المعطوف ً‬
‫أراد أن يبين ضابط هذه البعضية‪ ،‬فيقول‪ :‬البعضية قد تكون حقيقية‪ ،‬مثل‪ :‬مات‬
‫الناس حتى األنبياء‪ ،‬وقد تكون مجازية‪ ،‬مثل‪ :‬أعجبتني الجارية حتى كالمها ألن‬
‫بعضا وجز ًءا من الجارية‪ ،‬لكنه كالبعض‪ ،‬لعدم انفكاكه عن‬
‫الكالم يف الحقيقة ليس ً‬
‫الجارية‪ .‬بخالف‪ :‬أعجبتني الجارية حتى ولدها‪ .‬هذا ال يصح ألن الولد ليس‬
‫ٍ‬
‫كبعض من الجارية‪ ،‬والضابط ما ذكرت‪« ،‬ما صح استثناؤه صح دخول‬ ‫بعضا أو‬
‫ً‬
‫(حتى) عليه»‪.‬‬
‫هذا المعنى الثاين لن (حتى) أن تكون حرف عطف‪.‬‬
‫المعنى الثالث لن (حتى)‪ :‬قال‪« :‬والثالث‪ :‬أن تكون حرف ابتداء»‪.‬‬

‫ما معنى قوله‪ :‬أن تكون حرف ابتداء؟‬


‫هناك أكثر من حرف ابتداء‪ ،‬ما معنى الحكم على حرف‪ ،‬بأنه حرف ابتداء؟‬
‫يعني‪ :‬أن الواقع بعده جملة‪ ،‬وليس مفر ًدا‪ ،‬وأن هذه الجملة ليست متعلق ًة بما‬
‫قبلها تعل ًقا صناع ًّيا‪ ،‬يعني لفظ ًّيا‪.‬‬
‫عرفن ا الجملة االبتدائية‪ ،‬أن الذي بعدها جملة ابتدائية‪ ،‬فما يبقى بعدها‪ ،‬إال‬
‫شرح قواعد اإلعراب‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪96 h‬‬
‫جملة‪ ،‬وهذه الجملة ابتدائية‪.‬‬

‫‪ ‬قال‪" :‬فتدخل على ثالثة أشياء‪:‬‬


‫‪ -‬الفعل الماضي‪ :‬نحو‪( :‬ﰀ ﰁ ﰂ) [األعراف‪.]95:‬‬

‫‪ -‬والمضارع المرفوع‪ :‬نحو‪( :‬ﯥ ﯦ ﯧ) [البقرة‪ .]214:‬يف قراءة من‬


‫رفع‪.‬‬
‫ُ‬
‫أشكل"‪.‬‬ ‫‪ -‬والجملة االسمية‪ :‬كقوله‪ :‬حتى ما ُء دجل َة‬
‫إذا َف َح َكم على (حتى) بأهنا حرف ابتداء‪ ،‬يف ثالثة مواضع‪:‬‬
‫ٍ‬
‫ماض‪ ،‬طب ًعا يعني الجملة الفعلية‬ ‫الموضع األول‪ :‬إذا دخلت على‪ ،‬نقول فعل‬
‫ٍ‬
‫ماض‪ ،‬كقوله‪( :‬ﰀ ﰁ) [األعراف‪.]95:‬‬ ‫التي ُبدأت‬
‫نقول مثال‪ :‬درسته حتى فهم الدرس‪ ،‬فتكون حتى‪ :‬ابتدائية‪ ،‬فهم الدرس‪ :‬بعده‬
‫جملة ابتدائية‪.‬‬
‫الموضع الثاين‪ :‬أن يكون بعد (حتى) فعل مضارع مرفوع‪ ،‬يعني جملة مبدوءة‬
‫بفعل مضارع مرفوع‪.‬‬

‫مثال ذلك‪ :‬كقوله تعالى‪( :‬ﯥ ﯦ ﯧ) [البقرة‪.]214:‬‬

‫اآلية‪( :‬ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭﯮ) [البقرة‪.]214:‬‬


‫وهذا يف قصة األحزاب على ما أمن‪.‬‬
‫‪‬‬ ‫‪‬‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح قواعد اإلعراب‬
‫‪97 h‬‬
‫‪g‬‬
‫‪ ‬يف اآلية قراءتان مسعيتان مشهورتان‪:‬‬
‫األولى‪ :‬بالنصب‪( :‬ﭮ ﯦ)‪.‬‬

‫الثانية‪ :‬بالرفع‪( :‬ﭮ ﯦ)‪.‬‬

‫( ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟﯠ ﯡ‬
‫ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ‬
‫ﯳ) [البقرة‪.]214:‬‬
‫إذا وقع المضارع بعد (حتى) فيكون فيه الرفع‪ ،‬ويكون فيه النصب‪ ،‬على‬
‫تفصي ٍل مذكور يف كتب النحو المتوسعة‪.‬‬
‫خالصته من دون تفصيل‪ :‬أنك إذا أردت بالمضارع االستقبال نصبت‪ ،‬وإذا‬
‫أردت به الحال رفعت‪.‬‬
‫معلوم أن المضارع يكون يف زمانين‪ :‬إما الحال زمن التكلم‪ ،‬أو االستقبال‪.‬‬
‫أي مضارع‬
‫والمضارع المنصوب‪ ،‬ال ُينصب إال إذا كان يف زمن االستقبال‪ُّ .‬‬
‫منصوب‪ ،‬فهو يف زمن االستقبال‪.‬‬
‫فإذا قلت مثال‪ :‬سافرت إلى مكة حتى أطوف بالكعبة‪ ،‬أو حتى أعتمر‪.‬‬
‫أعتمر‪ ،‬هنا االستقبال‬ ‫ٍ‬
‫فحينئذ لك أن تنصب‪ ،‬تقول‪ :‬سأسافر إلى مكة حتى‬
‫َ‬
‫ٍ‬
‫حينئذ أن تنصب‪.‬‬ ‫واضح‪ ،‬فاألنسب‬
‫سافرت إلى مكة حتى‬
‫ُ‬ ‫لكن لو قلت‪ :‬سافرت إلى مكة‪ ،‬بالفعل الماضي‪،‬‬
‫أعتمر هنا يحتمل معنى االستقبال‪ ،‬فيقولون االستقبال هنا على معنى الحكاية‪،‬‬
‫يعني تحكي األمر الذي حدث‪ ،‬تقول‪ :‬سافرت يف مكة من أجل أنك تريد أن‬
‫تعتمر‪ .‬ولهذا‪ ،‬االعتمار بعد السفر‪ ،‬فتنصب‪.‬‬
‫شرح قواعد اإلعراب‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪98 h‬‬
‫ٍ‬
‫فحينئذ يكون الزمن واحد‪،‬‬ ‫أما إذا أردت أن تقول‪ :‬سافرت إلى مكة واعتمرت‬
‫واعتمرت‪.‬‬
‫ُ‬ ‫سافرت‬
‫ُ‬ ‫أعتمر‪ ،‬يعني كأنك قلت‪:‬‬
‫ُ‬ ‫ال ترفع‪ ،‬سافرت إلى مكة حتى‬
‫فالمضارع بعد (حتى) عمو ًما‪ ،‬يجوز أن تنصب وأن ترفع‪ ،‬من حيث المعنى‬
‫العام‪ ،‬على هذين المعنيين‪ ،‬إال أن األكثر واألنسب غال ًبا للمعنى أن تنصب ألن‬
‫المعنى المستعمل غال ًبا يف هذا األسلوب‪ ،‬أنك تريد االستقبال‪.‬‬

‫ومن ذلك اآلية‪( :‬ﯤ ﯥ ﯦ) [البقرة‪.]214:‬‬


‫إن كان المراد أن اآلية تبين أهنم قد زلزلوا‪ ،‬وبعد الزلزلة‪ ،‬وبعد ما حصل لهم‬
‫من هذه األمور الشديدة‪ ،‬قال الرسول ومن معه‪( :‬ﯫ ﯬ ﯭﯮ) [البقرة‪،]214:‬‬
‫فمعنى ذلك‪ :‬أن قولهم كان بعد الزلزلة‪ ،‬فهو استقبال‪ ،‬فنصب‪ ،‬حتى َ‬
‫يقول‪.‬‬

‫نجرب (ﭮ ﯦ)‪ :‬يقول هذا عن الحكاية‪ ،‬يعني يحكي لنا األمر ويصوره‪،‬‬
‫زمن واحد‪،‬‬
‫يقول‪ :‬حدث هذا األمر‪ ،‬وحدث هذا األمر يف زمن الماضي‪ ،‬وكالهما ٌ‬
‫زمن الماضي زمن واحد‪ ،‬ومعنى ذلك‪ :‬أنه كان يصف األمر الذي حدث كأننا‬
‫موجودون معهم‪ ،‬فكأنه يحكي الذي حدث لنا‪ ،‬ونحن نستمع‪.‬‬
‫كما لو قلت مثال‪ :‬ذهبت إلى فالن‪ ،‬هذا يف الماضي‪ ،‬ذهبت إليه‪ ،‬يعني‪ :‬تخربنا‬
‫أنك فعل ت األمر منذ مدة‪ ،‬ذهبت إلى فالن فأطلب منه أن يساعدين فيرفض‪ ،‬كيف‬
‫تقول‪ :‬فأطلب منه أن يساعدين فيرفض؟ هذه أفعال مضارعة‪ ،‬وأنت ذهبت‬
‫وانتهيت! ألنك أخربت أنك ذهبت يف الماضي‪ ،‬ثم أردت أن تحكي‪ ،‬يعني تقص‬
‫التصور الذي حدث‪ ،‬كأنك وصلنا نحن معك يف الماضي‪ ،‬وتحكي لنا الذي‬
‫ٍ‬
‫فحينئذ ترفع‪.‬‬ ‫حدث‪ ،‬فتسمى حكاية يف اللغة‪،‬‬
‫انتصب المضارع بعد (حتى) فهذا الذي شرحناه من قبل أنه منصوب يف‬
‫الحقيقة بن (أن) مضمرة‪ ،‬و(أن) المضمرة والمضارع‪ ،‬اسم مؤول يف محل جر لن‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح قواعد اإلعراب‬
‫‪99 h‬‬
‫‪g‬‬
‫(حتى)‪.‬‬
‫الذي يف محل جر‪ ،‬هو الفعل المضارع و(أن) المضمرة‪.‬‬
‫و(أن) المضمرة والمضارع‪ ،‬كالهما اسم مؤول‪ ،‬لكن (أن) محذوفة مضمرة‪،‬‬
‫وهذا يف النصب‪.‬‬
‫أما هنا يف الرفع‪ ،‬فال‪ ،‬هنا يف الرفع (حتى) ليست حرف جر‪ ،‬وإنما حرف‬
‫ابتداء‪ ،‬وحرف االبتداء ال إشكال‪ ،‬يدخل على المضارع‪ ،‬ويدخل على االسم‪،‬‬
‫ويدخل على الماضي‪ ،‬والجملة بعده ابتدائية‪ ،‬ال محل لها من اإلعراب‪.‬‬
‫ُ‬
‫أشكل»‪ .‬هذا البيت سبق بيانه من‬ ‫والجملة االسمية كقوله‪« :‬حتى ما ُء دجل َة‬
‫قبل‪.‬‬

‫‪ ‬قال ابن هشام‪« :‬وقيل‪ :‬هي مع املاضي جارة‪ ،‬و(أن) بعدها مضمرة‪ .‬وقد مضى‬
‫خالف الزجَّاج وابن درستويه فيهن»‪.‬‬
‫ذكر هنا ثالثة أقوال يف المسألة‪:‬‬
‫ٍ‬
‫ماض أو‬ ‫القول األول‪ :‬أن (حتى) يف هذه المواضع الثالثة‪ ،‬إذا تالها فعل‬
‫مضارع مرفوع أو جملة اسمية فإهنا حرف ابتداء‪ ،‬وما بعدها جملة ابتدائية‪ ،‬ال‬
‫محل لها من اإلعراب‪.‬‬
‫القول الثاين‪ :‬أن (حتى) مع الماضي حرف جر‪.‬‬
‫ومع المضارع المرفوع والجملة االسمية حرف ابتداء‪.‬‬

‫فمعنى ذلك أن (حتى) إذا دخلت على فعل ماض‪( :‬ﰀ ﰁ)‬
‫[األعراف‪ :]95:‬سينقلون هذا الموضع إلى المعنى األول‪ ،‬حرف جر‪.‬‬
‫للزجاج وابن درستويه‪ ،‬أهنم‬
‫َّ‬ ‫القول الثالث‪ :‬وهو الذي مضى معنا من قبل‬
‫شرح قواعد اإلعراب‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪100 h‬‬
‫قالوا‪ :‬إن (حتى) هنا يف كل المواضع حرف جر‪ ،‬حتى إذا دخلت على ماضي أو‬
‫مضارع أو على جملة اسمية‪ ،‬والتعليق كان يف البيت على جملة اسمية فإهنم‬
‫يروهنا حرف جر‪ ،‬وسبق هناك تضعيف هذا القول من وجهين‪.‬‬

‫هذا احلرف اخلامس‪ ،‬وهو (حتى)‪ ،‬وخالصته؛ أن له ثالثة معان واستعماالت‪:‬‬


‫األول‪ :‬أن تكون حرف جر‪.‬‬
‫الثاين‪ :‬أن تكون حرف عطف‪.‬‬
‫الثالث‪ :‬أن تكون حرف ابتداء‪.‬‬

‫‪ ‬ننتقل إىل الكلمة السادسة وهي‪( :‬كال)‪:‬‬


‫‪ ‬قال ابن هشام‪ :‬السادسة (كال)‪ ،‬ويقال فيها حرف ردعٍ وزجرٍ‪ ،‬بنحو‪( :‬ﮟ ﮠ ﮡ‬
‫ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ) [الفجر‪]17-16:‬‬
‫أي‪ :‬انته عن هذه املقالة"‪.‬‬
‫والمعنى الثاين‬

‫قال‪" :‬وحرف جواب وتصديق‪ ،‬يف حنو‪( :‬ﯫ ﯬ) [المدثر‪.]32:‬‬


‫والمعنى‪ :‬أي والقمر‪ ،‬يعني‪ :‬نعم والقمر"‪.‬‬
‫قلت‪ :‬لماذا قال هنا مع (كال)‪ :‬إهنا حرف جواب وتصديق‪ ،‬ولم يقل‪ :‬إهنا‬
‫فإن َ‬
‫حرف تصديق فقط‪ ،‬ويسكت‪ ،‬كما قال يف (نعم)؟‬
‫نعم‪ :‬قال أهنا لها ثالثة معان‪ ،‬ولم يذكر يف كل الكالم على (نعم) أهنا حرف‬
‫جواب‪.‬‬
‫ومن المعلوم أهنا حرف جواب‪ ،‬وإنما أراد أن يفصل كيف تكون حرف‬
‫جواب‪.‬‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح قواعد اإلعراب‬
‫‪101 h‬‬
‫‪g‬‬
‫أما (كال) يف األصل‪ ،‬فال تكون حرف جواب‪ ،‬فلهذا من باب التبيين والتوضيح‬

‫‪ ‬قال‪« :‬حرف جواب وتصديق»‬


‫لو قال‪ :‬حرف تصديق فقط‪ ،‬لعلمنا أنه حرف جواب ألن التصديق إنما يكون‬
‫يف الجواب‪.‬‬

‫قد قال‪" :‬ومبعنى (حقًّا) أو (أال) االستفتاحية‪ ،‬على خالفٍ يف ذلك‪ .‬حنو‪( :‬ﯱ ﯲ‬
‫ﯳ) [العلق‪.]19:‬‬

‫ما معنى اآلية‪( :‬ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ) [العلق‪ ]19:‬على هذا القول؟‬


‫إما أنها على معنى (ح ًّقا)‪ ،‬يعني‪ :‬ح ًّقا ال تطعه واسجد واقرتب‪ ،‬أو بمعنى (أال)‬
‫االستفتاحية‪ ،‬فتكون‪ :‬أال ال تطعه واسجد واقرتب‪.‬‬

‫ذكر خالف‪ ،‬إذا؛ من أرجح يف هذين القولني؟‬


‫‪ ‬قال ابن هشام‪« :‬والصواب الثاني»‬
‫يعني أهنا يف هذا الموضع بمعنى‪( :‬أال) االستفتاحية‪.‬‬
‫ما الدليل؟‬

‫قال‪" :‬لكسر الهمزة يف نحو‪( :‬ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ) [العلق‪.]6:‬‬


‫ما وجه االستفهام؟‬
‫(إن) المكسورة‪ ،‬إنما تكون يف أول الجملة االبتدائية‪ ،‬فمعنى ذلك أن جملة‪:‬‬
‫(ﮕ ﮖ ﮗ) [العلق‪ ]6:‬جملة ابتدائية‪ ،‬فلو جعلنا‪( :‬كال) التي قبلها بمعنى‬
‫(ح ًّقا) فإن (ح ًّقا) تأيت بعدها (أن) المفتوحة‪.‬‬
‫لو قلت‪ :‬ح ًّقا أنك مهمل‪ ،‬ألن لها موضع من اإلعراب‪ ،‬إما فاعل وإما مبتدأ‪،‬‬
‫شرح قواعد اإلعراب‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪102 h‬‬
‫فلما جاءت مكسورة‪ُ ،‬علم أهنا ليست بمعنى (ح ًّقا)‪ ،‬بل بمعنى (أال) التي ال تخرج‬
‫الجملة بعدها عن االبتداء‪.‬‬
‫الخالصة يف (كال) أهنا تكون حرف ردع وزجر‪ ،‬وهذا أكثر استعماالهتا‪،‬‬
‫وتكون حرف جواب وتصديق‪ ،‬وتكون بمعنى (أال) االستفتاحية‪.‬‬

‫‪ ‬احلرف السابع وهو األخري‪:‬‬


‫‪ ‬قال‪ :‬الكلمة السابعة‪( :‬ال)‪ :‬فتكون نافيةً وناهيةً وزائدةً‪.‬‬
‫كثيرا‪ ،‬نحو‪ :‬ال إله إال اهلل‪ ،‬وعمل (ليس)‬
‫فالنافية‪ :‬تعمل يف النكرات عمل (إن) ً‬
‫قليال‪ ،‬كقوله‪:‬‬
‫ً‬
‫َو َال َوز ٌَر ِم َّمـــــا َق َضـــــى اهللُ َو ِاق ًيـــــا‬ ‫ضب ِ‬
‫اقيــا‬ ‫ـي ٌء َع َلــى األَ ْر ِ َ‬
‫َت َع ـ َّز َفـ َـال َشـ ْ‬
‫بدأ بالنافية‪ ،‬بعد أن ذكر معانيها الثالثة أهنا تكون للنفي والنهي والزيادة‪ ،‬بدأ‬
‫بالنفي‪.‬‬
‫مختص بالدخول على األسماء؟ أم بالدخول على‬
‫ٌّ‬ ‫حرف‬
‫ٌ‬ ‫(ال) النافية‬
‫األفعال؟ أم يدخل على القبيلين؟ يدخل على األسماء وعلى األفعال‪ ،‬على‬
‫األفعال الماضية‪( :‬ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ) [القيامة‪ ،]31:‬وعلى األفعال المضارعة‪:‬‬
‫محمدٌ ال يهمل دروسه‪.‬‬
‫حرف مهمل‪ ،‬هامل‪ ،‬ال عمل له باتفاق‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫فإن دخلت (ال) النافية على فع ٍل فهي‬
‫وإن دخلت على ٍ‬
‫اسم فإما أن تكون نافي ًة للجنس‪ ،‬إذا قصدت نفي الجنس‪،‬‬
‫وهذا الذي درستموه يف معنى نفي الجنس‪ ،‬فإذا أردت اها نفي الجنس فإهنا تعمل‬
‫ِ‬
‫البيت‪ ،‬ال إل َه إال اهلل‪.‬‬ ‫عمل (إن)‪ ،‬لكن بال تنوين السمها‪ :‬ال َ‬
‫رجل يف‬
‫فحينئذ إما أن ُتهمل‪ ،‬فتقول‪ :‬ال ُ‬
‫رجل يف البيت‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫وإذا لم تقصد نفي الجنس‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح قواعد اإلعراب‬
‫‪103h‬‬
‫‪g‬‬
‫فن(ال) حرف نفي هامل‪ ،‬رجل‪ :‬مبتدأ‪ ،‬يف البيت‪ :‬خربه‪ ،‬أو تجعل (ال) عامل ًة عمل‬
‫رجل يف البيت‪ ،‬فن(ال) عملت عمل ليس‪ٌ ،‬‬
‫رجل‪ :‬اسمها‪ ،‬يف البيت‪ :‬خربها‪.‬‬ ‫ليس‪ :‬ال ٌ‬

‫وال يتحتم عملها عمل ليس‪ ،‬إال إذا مهر خربها وهو منصوب‪ ،‬كما يف البيت‪:‬‬
‫ض َباقِيا]‪.‬‬
‫[ َت َع َّز َف َال َش ْي ٌء َع َلى ْاألَ ْر ِ‬

‫كيف نقرأ البيت؟‬


‫هل نقول‪[ :‬باق ًيا] يف آخر الشطر األول أم [باقيا]؟‬
‫ِ‬
‫األرض باق ًيا‪ ،‬أم باقيا؟ باقيا‪ ،‬هنا ال تنون‪.‬‬ ‫تعز فال شي ٌء على‬
‫مثال‪:‬‬
‫لو قرأت ً‬
‫َّـك ُم ْر ِج ِل ِ‬
‫ـي‬ ‫ك ا ْل َو ْي َال ُت إِن َ‬
‫ت‪َ :‬ل َ‬
‫َف َقا َل ْ‬ ‫الخــدْ َر ِخــدْ َر ُعنَ ْي ـ َز ٍة‬
‫ـت ِ‬‫َو َيـ ْـو َم َد َخ ْلـ ُ‬
‫ٍ‬
‫عنيزة‪،‬‬ ‫وأنت تقرأ القصيدة‪ ،‬كيف تقف على الشطر األول؟ ال بد من التنوين‪:‬‬
‫لماذا وقفنا بالتنوين هنا؟ وجب أن تقف بالتنوين؟ يعني البيت ال ينكسر‪ ،‬باقيا –‬
‫باق ًيا ال ينكسر‪ ،‬الوزن واحد؟‬
‫ألن البيت بدأ هنا مـُصرع‪ ،‬البيت المـُصرع‪ :‬يعني الذي يف أوله قصيدة‪ ،‬الذي‬
‫الشطر األول ال بد أن تقف عليه بالسكون‪ ،‬لكن بقية األشطر‪ ،‬بقية القصيدة فإنك‬
‫تعامل البيت من أوله إلى آخره معاملة الوصل‪ ،‬حتى ولو وقفت‪ ،‬ألنك تعامله‬
‫معاملة الوصل‪ ،‬وال تقف إال يف القافية‪.‬‬
‫القافية‪ :‬هي التي تعاملها معاملة الوقف‪ ،‬بقية البيت‪ ،‬سواء وقفت يف أثناءه أو‬
‫وصلت فإنك تعامله معاملة الوصل‪.‬‬
‫فلذا الذي ال يعرف كيف يلقي الشعر‪ ،‬يقع يف مثل هذه األخطاء‪.‬‬
‫بل بعضهم يظنها الصواب‪ ،‬يقول‪ :‬الوقف حين السكون‪ ،‬ويقف يف وسط‬
‫شرح قواعد اإلعراب‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪104 h‬‬
‫هدى‪ ،‬وهو ليس على صواب‪.‬‬
‫البيت‪ ،‬وأحيانًا يقف فينكسر البيت‪ ،‬فيظن أنه على ً‬
‫‪ ‬قال ابن هشام يف المعنى الثاين يف (ال)‪ ،‬قال‪" :‬والناهية جتزم املضارع‪ ،‬حنو‪:‬‬
‫(ﯜ ﯝ ﯞ) [المدثر‪( ،]6:‬ﮤ ﮥ ﮦ ﮧﮨ) [اإلسراء‪.]33:‬‬

‫والزائدة‪ :‬دخولها كخروجها‪ ،‬نحو‪( :‬ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ) [األعراف‪.]12:‬‬


‫أي‪ :‬أن تسجدَ ‪ ،‬كما جاء يف موض ٍع آخر"‪.‬‬
‫ما معنى قول ابن هشام‪ :‬والزائدة دخولها كخروجها؟‬
‫يعني دخولها كخروجها يف التقييم اللفظي أم يف المعنى؟‬
‫يف التقييم اللفظي‪ ،‬كما شرحناه باألمس‪ ،‬أما من حيث المعنى‪ ،‬فكل زائد فإن‬
‫معناه ماذا؟‬
‫كل زائدٌ معناه التوكيد‪.‬‬
‫انتهينا اآلن من النوع الثالث‪ ،‬وقلنا‪ :‬له ثالثة أوجه‪.‬‬
‫ننتقل إلى النوع الرابع ما يأيت على أربعة أوجه‪.‬‬

‫‪ ‬قال ابن هشام‪« :‬وهو أربعة»‬


‫أربع‪ ،‬أي‪ :‬أربع كلمات‪:‬‬
‫وكان األفضل أن يقال‪ :‬وهو ٌ‬
‫«أحدها‪( :‬لوال)»‪ ،‬و(لوال) يكون لها أربعة معان‪ ،‬أو أربعة أساليب‪ ،‬سنذكرها‬
‫إجماال‪:‬‬
‫ً‬

‫يقول‪ :‬تأتي حرف امتناع لوجود‪ ،‬وحرف حتضيض وعرض‪ ،‬وحرف توبيخ‪ ،‬وحرف‬
‫استفهام‪.‬‬
‫معنى‪.‬‬
‫معنى ً‬
‫ً‬ ‫نأخذ هذه المعاين‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح قواعد اإلعراب‬
‫‪105 h‬‬
‫‪g‬‬
‫‪ ‬قال‪« :‬فيقال فيها تارةً‪ :‬حرفٌ يقتضي امتناع جوابه لوجود شرطه»‪.‬‬
‫حرف يقتضي»‪ ،‬ما معنى يقتضي؟‬
‫ٌ‬ ‫وانتبه لدقة تعبيرات ابن هشام‪ ،‬يقول‪« :‬‬
‫يعني‪ :‬يوجب‪ ،‬المقتضي هو الموجب‪ ،‬يقتضي امتناع جوابه‪ ،‬يعني جوابه‪ ،‬جواب‬
‫(لوال) ممتنع‪ ،‬لماذا ممتنع؟ قال‪« :‬لوجود شرطه»‪ ،‬بسبب أن شرطه موجود‪.‬‬
‫ِ‬
‫المحذوفة‬ ‫ِ‬
‫االسمية‬ ‫ب َّين شيئًا من أحكام (لوال) هذه فقال‪" :‬وتختص بالجملة‬
‫الخربِ غال ًبا‪ ،‬نحو‪:‬‬
‫لوال زيدٌ ألكرمتك"‪( ،‬لوال) هنا‪ ،‬التي يقال فيها حرف امتناع لوجود‪ ،‬يعني‬
‫امتنع جوااها لوجود شرطها‪ ،‬زيدٌ ما إعرابه؟ مبتدأ‪ ،‬أين خربه؟ محذوف وجو ًبا يف‬
‫دائما‪ ،‬ألكرمتك‪ :‬جواب (لوال)‪.‬‬
‫الغالب‪ ،‬وعند الجمهور يوجبون حذفه ً‬
‫‪ ‬قال‪« :‬ومنه‪ :‬لوالي لكان كذا‪ ،‬أي‪ :‬لوال أنا موجودٌ»‪ .‬وهذا سبب شرحه يف‬
‫حروف الجر‪.‬‬

‫‪ ‬قال ابن هشام‪« :‬وتارةً» ‪ -‬هذا المعنى الثاين – «وتارةً حرف حتضيضٍ وعرضٍ‪،‬‬
‫أي‪ :‬طلبٌ بإزعاجٍ أو برفقٍ»‪.‬‬
‫التحضيض معروف‪ ،‬التحضيض‪ :‬هو الطلب‪ ،‬يقول بإزعاج‪ ،‬يعني‪ :‬بإلحاح‪،‬‬
‫وأما العرض‪ :‬هو الطلب برفق‪.‬‬
‫فتأيت (لوال) عندما تطلب اها شي ًئا‪ ،‬سواء تطلب بشدة وإلحاح‪ ،‬أو تطلب بخفة‬
‫ورفق‪.‬‬
‫أحكامها‪ :‬قال‪« :‬فتختص بالمضارع»‪ ،‬سابقها (لوال) امتناعية‪ ،‬تختص بالجملة‬
‫االسمية‪ ،‬وأما (لوال) التحضيضية‪ :‬قال تختص بماذا؟ "بالفعل المضارع أو بما هو‬
‫يف تأويله‪ ،‬نحو‪( :‬ﭧ ﭨ ﭩ) [النمل‪( ،]46:‬ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭﮮ)‬
‫[النساء‪.]77:‬‬
‫شرح قواعد اإلعراب‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪106h‬‬
‫(ﭧ ﭨ) [النمل‪ :]46:‬بعدها فعل مضارع‪ ،‬أما (ﮩ ﮪ)‬
‫ٍ‬
‫ماض يف اللفظ‪ ،‬ولكنه يف المعنى‪ :‬يطلب منه‬ ‫[النساء‪ :]77:‬أخرتنا أخر‪ :‬هذا فعل‬
‫أن يؤخرهم‪ ،‬ولم يؤخرهم‪ ،‬ويطلب منه‪ ،‬يعني‪ :‬لم يقع‪ ،‬ليس ماض ًيا‪ ،‬يطلب منه أن‬
‫يؤخرهم‪( :‬ﮩ ﮪ) [النساء‪.]77:‬‬

‫«وتارةً»‪ ،‬هذا المعنى الثالث لن (لوال)‪" ،‬وتار ًة حرف توبيخ‪ ،‬فتختص‬


‫بالماضي‪ ،‬نحو‪( :‬ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁﰂ)‬
‫[األحقاف‪.]28:‬‬
‫فن(لوال) التوبيخية تختص بماذا؟ بالماضي‪ ،‬و(لوال) التحضيضية بالمضارع‪،‬‬
‫و(لوال) االمتناعية بالجملة االسمية‪.‬‬

‫قيل‪ :‬وقد تكون حرف استفهام«‪ ،‬وهذا المعنى الرابع‪» ،‬نحو‪( :‬ﯝ ﯞ ﯟ‬
‫ﯠ ﯡ) [المنافقون‪( ،]11:‬ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ) [الفرقان‪.]7:‬‬
‫قاله الهروي" ‪ ،‬وهو من علماء اللغة‪ ،‬أمنه تويف يف القرن الخامس‪ ،‬عاش يف‬
‫الرابع‪ ،‬ومات يف أول سنة يف الخامس‪ ،‬له كتاب مشهور يف حروف المعاين‪ ،‬اسمه‬
‫(اليسرية)‪ ،‬هذا هو كتابه المعروف‪ ،‬فذكر فيه أن (لوال) تكون حرف استفهام‪ ،‬من‬
‫ٍ‬
‫قريب؟‪ ،‬والثانية‪ :‬هل‬ ‫اآليتين‪ ،‬يقول المعنى يف اآلية األولى‪ :‬هل أخرتني إلى أج ٍل‬
‫ُأنزل إليه ملك؟‪.‬‬

‫‪ ‬قال ابن هشام‪« :‬والظاهر أنها يف األوىل للعرض‪ ،‬ويف الثانية للتحضيض»‪.‬‬
‫معنى ذلك‪ :‬أنه أعاد اآليتين إلى معنى التحضيض والعرض‪.‬‬

‫‪ ‬قال ابن هشام‪« :‬وزاد معنىً آخر»‪،‬‬

‫يعني الهروي‪" ،‬وهو أن تكون نافي ًة بمنزلة (لم)‪ ،‬وجعل منه‪( :‬ﭑ ﭒ ﭓ‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح قواعد اإلعراب‬
‫‪107h‬‬
‫‪g‬‬

‫ﭔ) [يونس‪]98:‬؛ أي"‪ ،‬هذا تقدير الهروي‪« ،‬لم تكن قري ٌة آمنت»‪.‬‬

‫‪ ‬قال ابن هشام‪« :‬والظاهر أن املراد‪ :‬فهال»‪.‬‬


‫ماذا يقصد أن المعنى المراد هال؟‬
‫أعادها إلى معنى التحضيض‪ ،‬ألن حرف التحضيض األصلي هو‪( :‬هال)‪،‬‬
‫وحرف العرض األصلي‪( :‬أال)‪« ،‬وهو قول األخفر والكسائي والفراء»‪.‬‬
‫األخفر قلنا هو األوسط‪ ،‬والكسائي معروف مشهور‪ ،‬ومن القراء السبعة‪،‬‬
‫معاصرا لسيبويه‪ ،‬وتويف بعده بتسع سنوات‪،‬‬
‫ً‬ ‫ومن اللغويين‪ ،‬ومن النحوييين‪ ،‬عاش‬
‫سيبويه ‪ ،١80‬والكسائي ‪.١89‬‬
‫والفراء هو تلميذ الكسائي‪ ،‬ويسمى غالم الكسائي‪ ،‬وأشهر كتبه كتاب معاين‬
‫القرآن‪ ،‬مطبوع‪.‬‬

‫‪ ‬قال ابن هشام‪« :‬ويؤيده»‬


‫يعني‪ :‬أن المعنى هال هنا‪" :‬أن يف حرف أ‬
‫ُبي وعبد اهلل بن مسعود‪« :‬فهال»‪ ،‬ويلزم من‬
‫ٍّ‬
‫ذلك معنى النفي الذي ذكره اهلروي؛ ألن اقرتان التوبيخ بالفعل املاضي‪ ،‬يُشْعِرُ بانتفاء‬
‫وقوعه"‪.‬‬
‫ابن هشام ألمح إلى أمر مهم‪ ،‬وهو أن معنى الحرف غير ما يلتزم‪ ،‬المعنى قد‬
‫معنى الز ًما‪.‬‬
‫ً‬ ‫معنى أصل ًيا‪ ،‬وقد يكون‬
‫يكون ً‬
‫الكالم كله على المعاين األصلية‪ ،‬أما المعاين الالزمة‪ ،‬والمعاين المجازية‪،‬‬
‫والمعاين الذلقية هذه كثيرة جدًّ ا‪ ،‬ال تكاد أن تنضبط ألهنا تختلف باختالف‬
‫األساليب‪ ،‬والمعاين المرادة‪ ،‬والكالم هنا ليس يف هذه المعاين‪ ،‬وإنما يف المعاين‬
‫األصلية‪ .‬انتهينا من الكالم عن (لوال)‪.‬‬
‫شرح قواعد اإلعراب‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪108h‬‬
‫الكلمة التالية التي لها أربعة معاين‪:‬‬

‫‪ ‬قال‪" :‬الثانية‪( :‬إن) املكسورة اخلفيفة‪ ،‬فيقال فيها‪ :‬شرطية‪ ،‬يف حنو‪( :‬ﯼ‬
‫ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄﰅ) [آل عمران‪.]29:‬‬
‫وحكمها أن تجزم فعلين"‪ ،‬هذا واضح‪.‬‬

‫المعنى الثاين‪" :‬ونافية‪ ،‬يف حنو‪( :‬ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤﯥ)‬


‫[يونس‪.]68:‬‬
‫يعني‪ :‬المعنى الثاين أن (إن) تكون حرف نفي‪ ،‬بمعنى (ما)‪ ،‬كاآلية‪ ،‬يعني‪ :‬ما‬
‫عندكم سلطان اهذا‪.‬‬

‫‪ ‬قال ابن هشام‪« :‬وأهل العالية» يعني أعلى نجم‪ ،‬أو أهل الحجاز‪ ،‬على‬
‫خالف‪" ،‬وأهل العالية يعملونها عمل ليس‪ ،‬حنو قول بعضهم‪ :‬إن أحدٌ خريًا من أحدٍ إال‬
‫بالعافية‪ .‬وقد اجتمعا يف قوله تعاىل‪( :‬ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠﮡ)‬
‫[فاطر‪.]41:‬‬
‫اجتمعت (إن) الشرطية و(إن) النافية يف هذه اآلية‪.‬‬
‫أين (إن) الشرطية؟ «إن زالتا»‪ ،‬ودخلت الالم على (إن) الشرطية‪ ،‬وكتبت‬
‫الهمزة على كسرة «إن زالتا»‪ .‬و(إن) النافية يف قوله‪( :‬ﮛ ﮜ) [فاطر‪،]41:‬‬
‫يعني‪ :‬إن زالتا‪ ،‬لن يمسكهما أحدٌ من بعد اهلل ‪.‬‬

‫‪ ‬قال ابن هشام يف المعنى الثالث‪ :‬لن (إن)‬

‫إن‪َّ ،‬‬
‫إن هي الحرف الناسخ‬ ‫‪ ‬قال‪« :‬وخمففة من الثقيلة»‪ ،‬ما تدقيق إن؟ َّ‬
‫قائم‪ ،‬قد تخفف َّ‬
‫إن‬ ‫المعروف‪ ،‬الذي ينصب اسمه ويرفع خربه‪ ،‬كقولك‪َّ :‬‬
‫إن زيدً ا ٌ‬
‫هذه‪ ،‬فيقال فيها‪ْ :‬‬
‫(إن)‪ ،‬فتختلف بعض أحكامها‪ ،‬وهذا مدروس يف النحو‪ ،‬يف باب‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح قواعد اإلعراب‬
‫‪109h‬‬
‫‪g‬‬
‫(إن) وأخواهتا‪.‬‬

‫‪ ‬قال ابن هشام‪" :‬وخمففة من الثقيلة يف حنو‪( :‬ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ)‬


‫[هود‪ ]111:‬يف قراءة من خفف النون‪.‬‬
‫يعني‪ :‬يف اآلية قراءتان‪« ،‬إن كال لمنا»‪ ،‬و«إن كال لما»‪ ،‬و(إن) يف القراءتين‬
‫مخففة من الثقيلة‪.‬‬

‫‪ ‬قال ابن هشام يف بيان شيء من أحكام هذه المخففة عن الثقيلة‪،‬‬

‫قال‪« :‬ويقل إعماهلا عمل املشددة‪ ،‬كهذه القراءة»‪.‬‬


‫(إن) فقيل‪( :‬إن)‪ ،‬جاز إعمالها وجاز‬
‫(إن) المخففة من الثقيلة‪ ،‬إذا خففت َّ‬
‫إهمالها‪ ،‬واألكثر إهمالها‪ ،‬فلهذا قال‪« :‬ويقل إعمالها عمل المشددة كهذه القراءة»‪.‬‬
‫و«إن كال»‪ ،‬فكال‪ :‬اسم إن‪.‬‬

‫"ومن إهمالها‪( :‬ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ) [الطارق‪]4:‬؛ يف قراءة من خفف‬


‫ٍ‬
‫حينئذ أهنا‬ ‫(لما)"‪ ،‬نعم‪ ،‬يف (لما) قراءتان‪َ ( :‬ل َما)‪( ،‬لمنَّا)‪ ،‬إن كانت (لمنَّا) فسبق‬
‫ٍ‬
‫نفس إال‬ ‫و(إن) قبلها حرف نفي‪ ،‬بمعنى السابق‪ ،‬النافية‪ ،‬يعني‪ :‬ما كل‬ ‫ْ‬ ‫بمعنى َّ‬
‫(إن)‪،‬‬
‫عليها حافظ‪ ،‬سبق ذلك‪ ،‬يف (ما) التي بمعنى (إال)‪.‬‬
‫أما المخففة ( َل َما) فن(إن) فيها مخففة من الثقيلة‪ ،‬والمعنى‪ ،‬واهلل أعلم‪ :‬إن كل‬
‫نفس لما عليها حافظ‪ ،‬فخففت َّ‬
‫(إن)‪ ،‬فزال عملها‪.‬‬ ‫ٍ‬

‫المعنى الرابع لـ (إن)‪:‬‬

‫‪ ‬قال‪" :‬وزائدة‪ ،‬يف حنو‪ :‬ما إن زيدٌ قائمٌ‪ ،‬وحيث اجتمعت (ما) و(إن)‪ ،‬فإن تقدمت‬
‫(ما) فهي نافي ة‪ ،‬و(إن) زائدة‪ ،‬وإن تقدمت (إن) فهي شرطية‪ ،‬و(ما) زائدة‪ ،‬حنو‪:‬‬
‫(ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ) [األنفال‪.]58:‬‬
‫شرح قواعد اإلعراب‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪110 h‬‬
‫إذا مهما اجتمعت (ما) و(إن) فإحداهما زائدة‪.‬‬
‫قائم‪ ،‬ثم تدخل‬
‫قائما أو ٌ‬
‫إن تقدمت وقلنا‪ :‬ما إن فزائدة (إن)‪ ،‬مثل‪ :‬ما زيدٌ ً‬
‫ٍ‬
‫فحينئذ يجب أن تبطل عمل ما الحجازية‪ ،‬فتقول‪ :‬ما إن‬ ‫(إن)‪ ،‬فتقول‪ :‬ما إن زيدٌ ‪،‬‬
‫قائم‪ .‬وهذا مدروس يف إعمال (ما) الحجازية‪.‬‬
‫زيدٌ ٌ‬
‫ٍ‬
‫حينئذ اإلدغام فتقول‪( :‬إما)‪،‬‬ ‫ولو عكست فقلت‪ :‬إن ما فالزائدة (ما)‪ ،‬ويجب‬
‫كقولك‪ :‬إن تجتهد تنجح‪ ،‬ثم تزيد (ما)‪ ،‬فتقول‪ :‬إما تجتهد تنجح‪ ،‬فتكون (ما)‬
‫حينئذ زائدة للتوكيد‪ ،‬مثل اآلية‪( :‬ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ) [األنفال‪]58:‬‬ ‫ٍ‬

‫يعني‪ :‬إن خفت من قو ٍم خيانة‪.‬‬


‫الحرف الثالث‪ ،‬أو الكلمة الثالثة‪ ،‬لعلنا ننتهي منها يا إخوان‪:‬‬

‫‪ ‬قال‪" :‬والثالثة‪( :‬أن) املفتوحة اخلفيفة‪ ،‬ويقال فيها‪ :‬حرف ٌمصدريٌّ ينصب‬
‫املضارع‪ ،‬حنو‪( :‬ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣﭤ) [النساء‪]28:‬؛ وهي الداخلة على املاضي‪ ،‬يف‬
‫حنو‪ :‬أعجبين أن صُمْتَ‪ ،‬ال غريها خالفًا البن طاهر"‪.‬‬
‫أيضا من علماء األندلس المشهورين‪ ،‬لكن ليس له كتاب‬
‫ابن طاهر هذا‪ ،‬هو ً‬
‫معروف‪ ،‬يعني وصلنا وهو مطبوع‪.‬‬
‫(أن) هذه‪ ،‬إذا دخلت على مضارع‪ :‬يعجبني أن تجتهد‪ ،‬تحب أن تسافر فهي‬
‫حرف مصدري‪ ،‬يعني‪ :‬يعجبني اجتهادك‪ ،‬أريد سفرك‪.‬‬
‫أيضا مصدري‪ ،‬الصحيح أهنا‬
‫وإذا دخلت على ماض‪ :‬يعجبني أن صمت‪ ،‬يقول ً‬
‫حرف مصدري خال ًفا البن طاهر‪ ،‬ألن معنى يعجبني أن صمت‪ً ،‬‬
‫أيضا يعجبني‬
‫صيامك‪.‬‬
‫إال أهنا إذا دخلت على فعل مضارع‪ ،‬فهي حرف مصدري ينصب المضارع‪،‬‬
‫ٍ‬
‫حينئذ ال تكون حر ًفا‬ ‫وإذا دخلت على الماضي‪ ،‬فهي حرف مصدري‪ ،‬ولكنها‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح قواعد اإلعراب‬
‫‪111 h‬‬
‫‪g‬‬
‫ناص ًبا‪.‬‬
‫المعنى الثاين لـ (أن) المفتوحة‪:‬‬

‫‪ ‬قال‪" :‬وزائدة‪ ،‬يف حنو‪( :‬ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ) [يوسف‪ .]96:‬وكذا حيث جاءت‬


‫بعد (لَمَّا)"‪.‬‬
‫أن ْ‬
‫(أن) كلما جاءت بعد (لمنَّا)‪ ،‬فهي حرف زائد‪ ،‬هذه من وضع الزيادة‬ ‫يريد َّ‬
‫المضطردة‪ْ ،‬‬
‫(أن) بعد (لمنَّا) حرف زائد‪ .‬ومن ذلك قولهم‪:‬‬
‫َمننننننننننننا َب ْعنننننننننننندَ (إِ َذا) َزائِنننننننننننندَ ة‬ ‫ننننننننذ َفائِننننننننندَ ة‬
‫َينننننننننا َطال ِ ًبنننننننننا ُخن ْ‬
‫تقول‪ :‬إذا ما جئت أكرمتك‪ ،‬أو‪ :‬إذا جئت أكرمتك‪ ،‬فهذه من مواضع زيادة‬
‫الحروف‪.‬‬
‫المعنى الثالث‪ :‬هي أن‪:‬‬

‫‪ ‬قال‪" :‬ومفسِّرَة‪ ،‬يف حنو‪( :‬ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ) [المؤمنون‪.]27:‬‬

‫أوحي إليه؟ ما السبب؟‬


‫َ‬ ‫(ﯭ ﯮ) [المؤمنون‪ :]27:‬ما هذا األمر الذي‬
‫الفلك‪ ،‬يف قوله‪( :‬ﯯ ﯰ ﯱ) [المؤمنون‪.]27:‬‬
‫مفسرة ألهنا فسرت ما قبلها‪.‬‬ ‫فنقول‪ :‬إن ْ‬
‫(أن) هذه ِّ‬
‫‪ ‬قال ابن هشام‪« :‬وكذلك حيث وقعت بعد مجلةٍ فيها معنى القول‪ ،‬دون حروفه‪،‬‬
‫ومل تقرتن خبافض»‬
‫هذا شرط وقوع (أن) مفسرة‪ ،‬أن تكون بعد جملة‪ ،‬ليس بعد مفرد‪ ،‬هذه الجملة‬
‫فيها معنى القول‪ ،‬ال حروف القول‪ ،‬يعني‪ :‬من قال أو يقول أو قل‪ ،‬وإنما فيها كلمة‬
‫أخرى فيها القول‪ ،‬مثل‪ :‬أوحينا‪ ،‬طلبنا‪ ،‬نادينا‪ ،‬ونحو ذلك‪.‬‬

‫‪« ‬ومل تقرتن خبافض» يعني‪ :‬يدخل عليها حرف جر‪.‬‬


‫شرح قواعد اإلعراب‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪112 h‬‬
‫‪ ‬قال‪" :‬فليس منها‪( :‬ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ) [يونس‪.]11:‬‬

‫لماذا؟ قال‪« :‬ألن املقدم عليها غري مجلة»‪ ،‬المقدم عليها قوله‪( :‬آخر دعواهم)‪،‬‬
‫وهذا مضاف ومضاف إليه‪ ،‬والجمل كما عرفنا إما‪ :‬مبتدأ وخرب جملة اسمية‪ ،‬أو‬
‫فعل وفاعل جملة فعلية‪.‬‬

‫‪ ‬قال ابن هشام‪« :‬وال حنو‪ :‬كتبت إليه بأن افعل»‬


‫الهمزة هنا همزة وصل يف (افعل)‪ ،‬ليس قطع كما كتبها المحقق‪ ،‬كتبت إليه بأن‬
‫افعل لدخول الخافض‪.‬‬
‫قال ابن هشام ‪-‬سنقرأ ذلك بسرعة –‬

‫‪ ‬وقال ابن هشام‪ :‬وقول بعض العلماء يف قوله تعاىل‪( :‬ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ‬


‫ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙﯚ) [المائدة‪.]117:‬‬

‫(أن)‪ :‬هنا مفسرة‪" ،‬إن ُحمل على أهنا مفسرة لن (ﯓ) دون (ﮫ) منع‬
‫منه‪ :‬أنه ال يصح أن يكون‪( :‬ﭵ ﭶ ﭷ ﭸﭹ) [المائدة‪ ]72:‬مقرونًا باهلل‬
‫تعالى"‪ ،‬يعني‪ :‬المانع منها المعنى‪.‬‬

‫أو لو ُحمل على أهنا مفسر ٌة لن (ﮫ) فالذي يمنع من ذلك قولك‪:‬‬
‫«وحروف القول تأباه» ألن (أن) المفسرة‪ ،‬ال يكون يف الجملة التي قبلها حروف‬
‫القول‪.‬‬

‫ُولَ (قلتُ) بـ (أمرتُ)»‪ ،‬يعني‪ :‬جوز هذا القول‪ ،‬لو‬


‫‪ ‬قال‪« :‬وجوز الزخمشري إن أ ِّ‬
‫ٍ‬
‫فحينئذ دخلت‪ ،‬ذهب‬ ‫أمرت‪،‬‬
‫ُ‬ ‫قلت‪ ،‬لكن بمعنى‬ ‫(قلت) ليس بمعنى ُ‬ ‫ُ‬ ‫قلنا‪َّ :‬‬
‫إن‬
‫القول‪.‬‬

‫مفسرا‪ ،‬وإنما‬ ‫ٍ‬


‫حينئذ أال تكون حر ًفا‬ ‫‪ ‬قال‪« :‬وجوز مصدريتها» – يعني‪ :‬جوز‬
‫ً‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح قواعد اإلعراب‬
‫‪113h‬‬
‫‪g‬‬
‫تكون حر ًفا مصدر ًّيا‪« ،‬على أن املصدر بيانٌ للهاء»‪« ،‬بيان»‪ :‬يعني عطف بيان للهاء‪،‬‬
‫أي‪ :‬الهاء التي يف قوله‪( :‬ﯮ) يف‪( :‬ﯓ ﯔ) [المائدة‪.]117:‬‬

‫(ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙﯚ) [المائدة‪ :]117:‬صارت هذه اسم مؤول ألن (أن)‬


‫مصدرية عنده‪ ،‬وهذا االسم المؤول ما إعرابه؟ يقول‪ :‬بدل من الهاء التي يف قوله‪:‬‬
‫(ﯓ ﯔ)‪ ،‬يعني أمرتني بعباديت ربي وربكم؟ «ال بدل»‪ ،‬يقولون‪ :‬عطف بيان‪ ،‬ال‬
‫بدل‪ .‬لماذا جعله عطف بيان؟ الزمخشري جعله عطف بيان‪ ،‬قال‪ :‬وال يكون بدال؟‬

‫‪ ‬قال‪« :‬ألن تقدير إسقاط الضمري‪ ،‬خيلي الصلة من عائد»‪( ،‬الصلة)‪ :‬يعني صلة‬
‫ماذا؟‬

‫الموصول‪ ،‬أين الموصول هنا؟ الموصول‪( :‬ما) يف قوله‪( :‬ﮱ ﯓ)‬


‫[المائدة‪ ،]117:‬يعني‪ :‬الذي أمرتني‪ ،‬يقول‪ :‬يخلي هذه الصلة من العائد‪ ،‬يعني من‬
‫الضمير الذي يف الصلة يعود إلى هذا الموصول (ما)‪ ،‬ألنه قال‪( :‬ﮱ ﯓ ﯔ)‪،‬‬
‫الذي‪ :‬موصول‪ ،‬أمرتني به‪ :‬الصلة‪ ،‬أين العائد من الصلة؟ الموصول العائد‪.‬‬

‫لو جعلنا‪( :‬ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙﯚ) [المائدة‪ ]117:‬عطف بيان من الهاء؟‬


‫عند الزمخشري يجوز‪ ،‬ولو جعلنا‪( :‬ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙﯚ) بدال من الهاء؟‬
‫فالبدل‪ ،‬كما يقولون‪ ،‬على نية حذف المبدل منه‪ ،‬يعني‪ :‬أن الهاء يف الكالم ‪ -‬هذا‬
‫إذا قلت أنه بدل ‪ -‬على نية الحذف‪.‬‬
‫فكيف يكون الكالم‪ ،‬ومعنى الكالم‪ ،‬وتقدير الكالم‪ ،‬إذا قلنا أنه بدل؟ كأنك‬
‫قلت‪:‬‬
‫حذفت ا ْل ُم ْبدَ ل منه‪ ،‬فإذا حذفت المبدل‬
‫َ‬ ‫قلت لهم إال ما أمرتني بأن اعبدوا اهلل‪،‬‬
‫ما ُ‬
‫منه‪ ،‬وهو الهاء فقد حذفت العائد من الصلة إلى الموصول‪.‬‬
‫شرح قواعد اإلعراب‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪114 h‬‬
‫‪ ‬قال ابن هشام‪« :‬والصوابُ العكس»‬
‫(أن) حرف مصدري ‪ -‬أن نقول‪ :‬إن هذا االسم‬‫ألن الصواب ‪ -‬على َأ َّن ْ‬
‫المؤول من ( َأ ْن) وصلته‪ ،‬بدل‪ ،‬كما منع الزمخشري‪ ،‬ال عطف بيان‪ ،‬كما قال‬
‫َ‬
‫عطف‬
‫ُ‬ ‫الزمخشري‪« ،‬الصواب العكس» كالمه‪ ،‬لماذا؟ قال‪« :‬ألن البيان كالصفة»‬
‫الضمير»‪.‬‬
‫َ‬ ‫يتبع‬
‫البيان مثل النعت‪« ،‬فال ُ‬
‫عرفنا من قبل‪ ،‬أن عطف البيان مثل النعت‪ .‬والضمير‪ ،‬هل ُين َعت الضمير؟ ال‬
‫أيضا ال ُيع َطف عليه عطف بيان‪ ،‬فهذا ُيضعف قول‬
‫ُينعت‪ .‬إذا كان ال ينعت‪ ،‬فهو ً‬
‫الزمخشري‪ .‬وإذا جعلناه بدل؟ توجد مشكلة‪ ،‬لكن ذكرها الزمخشري‪ ،‬وهو حذف‬
‫العائد من الصلة‪.‬‬

‫‪ ‬قال ابن هشام‪« :‬والعائدُ املقدرُ احلذفِ موجو ٌد ال معدوم»‪.‬‬


‫وهذا المحذوف‪ ،‬نعم محذوف‪ ،‬وبكونه محذو ًفا‪ ،‬ال يعني أنه معدوم‪ ،‬هناك‬
‫فرق بين المحذوف والمعدوم المعدوم‪ :‬هو الذي لم يوجد من األصل‪ ،‬أما‬
‫المحذوف‪ :‬فإن قولك محذوف‪ُّ ،‬‬
‫يدل أنه موجود ألن الحذف ال يقع إال على‬
‫موجود‪ ،‬لكن حذفناه لسبب من األسباب‪.‬‬
‫يصح أن ُيبدل من (ما) ألن العباد َة ال يعمل فيها القول‪ ،‬نعم يجوز إن ُقبل‬
‫وال ُ‬
‫بن (أمرت)‪ ،‬وال يمتنع يف‪....‬‬
‫نقف هنا‪ ،‬ونكمل إن شاء اهلل يا إخوان بعد الصالة‪.‬‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح قواعد اإلعراب‬
‫‪115 h‬‬
‫‪g‬‬

‫الدرس السادس‬

‫بسم اهلل الرحمن الرحيم‪ ،‬الحمد هلل رب العالمين‪ ،‬والصالة والسالم على نبينا‬
‫محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين‪،‬‬
‫أما بعد؛‬
‫فحياكم اهلل وبياكم يف هذا الدرس السادس‪ ،‬وهو األخير من دروس شرح‬
‫كتاب اإلعراب عن قواعد اإلعراب‪ ،‬البن هشام ‪.‬‬
‫نحن يف مساء اليوم التاسع من شهر جمادى األولى‪ ،‬من سنة ثمانية وثالثين‬
‫وأربعمائة وألف‪ ،‬يف جامع عبد اهلل بن مسعود ◙ بحي الغريب بمدينة‬ ‫ٍ‬

‫الرياض‪.‬‬
‫توقفنا يف أثناء الكالم على معاين ْ‬
‫(أن)‪ ،‬المفتوحة الهمزة‪ ،‬الخفيفة النون‪ ،‬ذكر‬
‫ٍ‬
‫معان واستعماالت‪.‬‬ ‫ابن هشام أن لها أربع َة‬
‫ينصب المضارع‪.‬‬
‫ُ‬ ‫األول‪ :‬أن تكون حر ًفا مصدر ًيا‬
‫والثاين‪ :‬أن تكون زائدة‪.‬‬
‫والثالث‪ :‬أن تكون مفسرة‪.‬‬
‫ووقفنا عند كالمنا على مجيئها مفسرة‪ ،‬قال يف آخر كالمه عن مجيئها مفسرةً‪:‬‬
‫شرح قواعد اإلعراب‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪116h‬‬
‫وال يمتنع يف‪( :‬ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ) [النحل‪ ]68:‬أن تكون مفسرةً‪ ،‬مثلها‬
‫يف‪( :‬ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ) [المؤمنون‪ ]27:‬خال ًفا لمن منع ذلك ألن‬
‫اإللها َم يف معنى القول"‪.‬‬

‫قوله‪( :‬ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ) [المؤمنون‪( ،]27:‬أن)‪ :‬هنا مفسرة‬


‫نبي‬ ‫ِ‬
‫باتفاق ألهنا فسرت معنى اإليحاء المذكور يف الجملة السابقة‪ ،‬وهو إيحا ٌء إلى ٍّ‬
‫من أنبياء اهلل‪ ،‬وهو نوح ♠‪.‬‬

‫وأما يف قوله‪( :‬ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ) [النحل‪ ،]68:‬فقال ابن هشام‬


‫أيضا مفسرة‪ ،‬فإذا كانت مفسرةً‪ ،‬فماذا‬ ‫أن ْ‬
‫(أن) هنا ً‬ ‫ٍ‬
‫ككثير من المفسرين اللغويين‪َ :‬‬
‫أيضا اإليحاء‪.‬‬
‫فسرت؟ فسرت ً‬
‫بعضهم منع ذلك تمس ًكا بقصر اإليحاء على األنبياء‪ ،‬وبعضهم قال‪ :‬إن‬
‫اإليحاء إذا استعمل مع غير األنبياء فإنه يكون على معنى مطلق اإللهام‪ ،‬وهذا‬
‫وارد يف كالم الشارع‪ ،‬ويف القرآن الكريم‪ ،‬كما هنا‪ ،‬وكما يف قوله يف أ ِّم موسى‪:‬‬
‫(ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ) [القصص‪ ]7:‬والمعنى ال شك اإللهام‪ ،‬وليس هو اإليحاء‬
‫الخاص باألنبياء‪.‬‬

‫ثم ذكر المعنى الرابع‪ :‬وهو األخير يف ْ‬


‫(أن) فقال‪« :‬مُ َخ ّففَة من الثَّقِيلَة»‪.‬‬
‫إن وأخواهتا‪ ،‬و ُذكِ َر يف ذلك الباب أهنا‬
‫أيضا مذكورة يف باب َ‬ ‫الثقيلة َّ‬
‫(أن)‪ ،‬وهي ً‬
‫ٍ‬
‫واحد‪ ،‬وإنما تعمل يف‬ ‫فتختلف أحكامها‪ ،‬فال تعمل ٍ‬
‫اسم‬ ‫ُ‬ ‫أيضا‪ ،‬فيقال‪ْ :‬‬
‫(أن)‬ ‫تخفف ً‬
‫ُ‬
‫يكون جملةً‪ ،‬وتفصيل ذلك يف النحو‪.‬‬ ‫ضمير شأن‪ ،‬وخربها‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح قواعد اإلعراب‬
‫‪117h‬‬
‫‪g‬‬

‫‪ ‬قال ابن هشام‪ :‬يف (ﭴ ﭵ ﭶ) [المزمل‪( ،]21:‬ﭑ ﭒ‬


‫ُزلَ مَنزلةَ‬ ‫ﭓ) [المائدة‪ ]71:‬يف قراءةِ الرفعِ‪ ،‬وكذا حيثُ وقَ َعتْ بعدَ علمٍ‪ ،‬أو ظن‬
‫ٍّ ن ِّ‬
‫العلمِ‪.‬‬
‫(أن) عندما يتكلمون عليها يقولون‪ْ :‬‬
‫(أن) إذا وقعت بعد علم‪ ،‬فهي المخففة‬ ‫ْ‬
‫من الثقيلة قط ًعا‪ ،‬أي‪ :‬ال تحتمل غير ذلك‪ ،‬فإذا كانت مخففة عن الثقيلة‪ ،‬فمعنى‬
‫ذلك أن أصلها ( َأ َّن)‪ ،‬واسمها ضمير شأن محذوف‪ ،‬وما بعدها جملة واقعة خربًا لن‬
‫ِ‬
‫جملة جواب خربها فعل مضارع فإنه سيكون مرفو ًعا‪.‬‬ ‫( َأ ْن)‪ ،‬فلهذا لو وقع يف ِ‬
‫أول‬

‫كقوله‪( :‬ﭴ ﭵ ﭶ) [المزمل‪.]21:‬‬


‫علمت أن الشأن قولك لي‬
‫ُ‬ ‫يت ْ‬
‫أن ستقول لي كذا وكذا‪ ،‬أي‬ ‫مثال‪َ :‬د َر ُ‬
‫كأن تقول ً‬
‫كذا وكذا‪ ،‬فلهذا ارتفعت‪( :‬ﭴ ﭵ ﭶ) يف ك ِل القراءات‪ ،‬ألن ْ‬
‫(أن) هنا ليست‬
‫المخ َّف َفة من الثقيلة‪.‬‬
‫َ‬ ‫هي المصدرية الناصبة للمضارع‪ ،‬ولكنها‬
‫ظن وأخواتها التي بمعنى الظن‪ :‬م َّن‪،‬‬
‫(أن) بعدَ ظن‪ ،‬يعني بعد َّ‬
‫فإن وقعت ْ‬
‫ب‪َ ،‬‬
‫خال فيجوز أن تجعلها مخففة من الثقيلة‪ ،‬ويجوز أن تجعلها المصدري َة‬ ‫ِ‬
‫حس َ‬
‫الناصب َة للمضارع‪ ،‬وهذا هو األكثر‪.‬‬
‫َ‬
‫قولك‪.‬‬ ‫مننت‬
‫ُ‬ ‫أن َ‬
‫تقول‪ ،‬يعني‬ ‫مننت ْ‬
‫ُ‬ ‫مننت ْ‬
‫أن تقول كذا وكذا‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫تقول‪:‬‬
‫مننت الشأن َ‬
‫أنك‬ ‫ُ‬ ‫ولو جعلتها ْ‬
‫(أن) المخففة من الثقيلة‪ ،‬لكان المعنى‪ :‬حين‬
‫ترفع‬ ‫ْ‬
‫فن(أن) بعد الظن‪ ،‬لك أن َ‬ ‫أن ُ‬
‫تقول كذا وكذا‪.‬‬ ‫مننت ْ‬
‫ُ‬ ‫تقول كذا وكذا‪ ،‬فرتفع‪:‬‬
‫المضارع بعدها أو تنصبه‪ ،‬إن نصبته فالظن هنا ٍ‬
‫باق على معنى الظن المعروف‪،‬‬
‫وهو عدم التيقن‪ ،‬وإن رفعت المضارع بعد الظن فمعنى ذلك أنك أجريت الظ َّن‬
‫مجرى ِ‬
‫العلم‪ ،‬وم َّن قد تأيت بمعنى َعلِ َم‪ ،‬وإذا جاءت ْ‬
‫(أن) بعد غير العلم‪ ،‬وبعد غير‬
‫الظن‪ ،‬بعد األفعال األخرى‪ ،‬فهي الناصبة المصدرية‪.‬‬
‫شرح قواعد اإلعراب‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪118h‬‬
‫أن تجلِ َس‪ ،‬هنا ليس فيها إال أن تكون المصدرية‬ ‫ِ‬
‫تذهب‪ ،‬ال بدَّ ْ‬
‫َ‬ ‫ب ْ‬
‫أن‬ ‫ُأح ُّ‬
‫الناصبة‪.‬‬

‫‪ ‬اخلالصة‪ :‬أنَّ (أنْ) املخففة‪ ،‬ذكر هلا أربعة معانٍ واستعماالت‪:‬‬


‫المعنى األول يا إخوان‪ :‬أن تكون المصدرية‪.‬‬
‫والمعنى الثاين‪ :‬أن تكون زائدة‪.‬‬
‫والمعنى الثالث‪ :‬أن تكون مفسرة‪.‬‬
‫مخ َّف َفة من الثقيلة‪.‬‬
‫المعنى الرابع‪ :‬أن تكون َ‬

‫‪ ‬الكلمة الرابعة‪ :‬قال‪َ « :‬منْ»‪ :‬هلا أيضًا أربعة معا ٍن سيذكرها‪:‬‬


‫أن تكون شرطية‪ ،‬أو تكون موصولة‪ ،‬أو تكون استفهامية‪ ،‬أو تكون نكر ًة‬
‫موصوفة‪.‬‬

‫‪ ‬قال‪" :‬فتكون شرطيةً يف حنو‪( :‬من يعمل سوءا يجز به) [النساء‪.]123:‬‬

‫وموصولةً‪ ،‬يف حنوِ‪( :‬ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ) [البقرة‪.]8:‬‬

‫واستفهاميةً‪ ،‬يف حنوِ‪( :‬ﯪ ﯫ ﯬ ﯭﯮﯯ) [يس‪.]52:‬‬


‫هذه المعاين واضحة ومشهورة‪.‬‬

‫أيضا نكرة موصوفة‪ ،‬ما معنى قوله نكرة؟‬


‫‪ ‬قال‪« :‬ونكرةً موصوفة»‪ ،‬تأيت ( َم ْن) ً‬
‫يعني‪ :‬أهنا بمعنى أهنا نكرة مطلقة مثل شيء‪ ،‬تكون بمعنى شيء‪ ،‬موصوفة‪ :‬يعني‬
‫أهنا ليست نكرة تامة مستغنية عن الوصف‪ ،‬بل محتاجة إلى وصف‪ ،‬وإال ال يتم‬
‫معناها‪.‬‬
‫ٍ‬
‫معجب لك‪ ،‬هذا‬ ‫ٍ‬
‫بشيء‬ ‫مررت‬
‫ُ‬ ‫‪ ‬قال‪« :‬يف‪ :‬مررتُ بِ َمنْ مُع ِجبٍ لك»‪ ،‬يعني‪:‬‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح قواعد اإلعراب‬
‫‪119h‬‬
‫‪g‬‬
‫عج ُبني‪،‬‬ ‫مررت مثال بإنسان ي ِ‬
‫َ‬ ‫الشيء قد يكون إنسانًا أو حيوانًا‪ ،‬أو غير ذلك‪ ،‬فإذا‬
‫ُ‬
‫مررت بِ َم ْن‬
‫ُ‬ ‫عج ُبني‪ ،‬تقول‪:‬‬ ‫ٍ‬
‫بإنسان ي ِ‬ ‫مررت‬
‫َ‬ ‫عج ُبني‪ ،‬أنت‬ ‫فإذا مررت مثالً بإنسان ي ِ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫مررت بما‬ ‫ُ‬ ‫ب لك‪ ،‬ولو كان غير عاقل ستقول‪:‬‬ ‫ج ٍ‬‫ب لك‪ ،‬يعني بإنسان م ْع ِ‬ ‫ج ٍ‬‫م ْع ِ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫أيضا تأيت نكرة موصوفة‪.‬‬ ‫ب لك‪ ،‬سيأيت أن (ما) ً‬ ‫ج ٍ‬‫م ْع ِ‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫معجب لك‪ ،‬يعني المحل‬ ‫مررت بما‬
‫ُ‬ ‫فقلت‪:‬‬
‫َ‬ ‫مررت بمحل مثال يعجبني‪،‬‬
‫أيضا من أساليب العرب‪ ،‬واستعماالهتم لمن‪.‬‬
‫ب لك‪ ،‬فهذا ً‬ ‫الم ْع ِ‬
‫ج ٍ‬

‫‪ ‬قال‪« :‬مررتُ مبن مُعْجِبٍ لك‪ ،‬يعين بإنسانٍ معجبٍ لك»‪ ،‬واضح أنه َف َّس َر ( َم ْن)‬
‫بإنسان ألن ( َم ْن) األصل فيها أن تستعمل لعاقل‪.‬‬

‫‪« ‬وأجاز الفارسيُّ أن تقع نكرةً تامة»‪ ،‬ما معنى نكرة تامة؟ نكرة‪ ،‬يعني شيء‪،‬‬
‫معنى شيء‪ ،‬ما معنى تامة؟ يعني غير محتاجة إلى وصف‪ ،‬و«حَمَلَ عليه قوله» هذا‬
‫الضبط الصحيح‪ ،‬و«محلَ عليه قوله»‪ ،‬يعني الفارسي‪ ،‬حمل على ذلك قول‬
‫الشاعر‪:‬‬
‫ننننننننننننال ِن‬
‫َ‬ ‫ٍّ‬ ‫فِننننننننننننني ِسن‬
‫ننننننننننننر َوإِ ْعن‬ ‫َونِ ْعن‬
‫ننننننننننننننم َمننننننننننننننن ْن ُهننننننننننننننن َو‬
‫َ‬
‫شخصا»‪ ،‬جعل الفارسي تقدير البيت هكذا‪ :‬نِ ْع َم َم ْن‪ ،‬تقدير َم ْن‪:‬‬ ‫ً‬ ‫«أي‪ :‬ونِ ْع َم‬
‫حينئذ نكرة‪ ،‬لكنها تامة غير محتاجة‬ ‫ٍ‬ ‫شخصا أو إنسانًا‪ ،‬فصارت ( َم ْن)‬ ‫بمعنى‬
‫ً‬
‫لوصف‪.‬‬
‫انتهى النوع الرابع‪ ،‬وهي الكلمات التي لها أربعة أوجه‪.‬‬
‫ِ‬
‫خمسة أوجه‪ ،‬وهو شيئان‪:‬‬ ‫النوع الخامس‪ :‬قال‪" :‬ما يأيت على‬
‫أحدهما‪َ ( :‬أ ٌّي) المشدد ُة الياء‪َ ( :‬أ ٌّي) قال لها كم وجه؟ خمسة أوجه‪ ،‬ما هي‬
‫ً‬
‫إجماال؟‬
‫شرح قواعد اإلعراب‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪120 h‬‬
‫أن تكون شرطيةً‪ ،‬واستفهاميةً‪ ،‬وموصولةً‪ ،‬هذه واضحة‪.‬‬
‫وتأيت كمالية‪ ،‬يعني دال ًة على معنى الكمال‪ ،‬وتأيت ُموص َل ًة لنداء ما فيه (أل)‪،‬‬
‫ُموص َلة‪ :‬يعني ِص َلة‪.‬‬

‫‪ ‬قال ابن هشام‪" :‬أَي‪ ،‬فتقعُ شرطية‪ ً،‬حنو‪( :‬ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ‬


‫ﰁﰂ) [القصص‪.]28:‬‬

‫واستفهاميةً‪ ،‬نحو‪( :‬ﭪ ﭫ ﭬ ﭭﭮ) [التوبة‪.]124:‬‬

‫و َم ْو ُصو َل ًة ‪ -‬خال ًفا لثعلب ‪ -‬نحو‪( :‬ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ)‬


‫[مريم‪.]69:‬‬
‫ما معنى أيهم أشدُّ ؟‬

‫‪ ‬قال ابن هشام‪« :‬أي‪ :‬الذي هو أشدُّ»‬


‫ً‬
‫موصوال‪.‬‬ ‫اسما‬
‫ففسر (أي) بالذي‪ ،‬فجعلها ً‬
‫َج ُ‬
‫عل (أي) موصول ًة فيه خالف‪ ،‬فلهذا قال‪« :‬خال ًفا لثعلب»‪َ ،‬‬
‫فم ْن الذي أثبت‬
‫كوهنا موصول ًة؟‬

‫‪ ‬قال ابن هشام‪« :‬قاله سيبويه ومن تابعه»‬


‫تابعه جماهير النحويين يف ذلك‪ ،‬وخالف ثعلب‪.‬‬

‫‪ ‬قال ابن هشام‪ :‬وقال من رأى أن املوصولةَ ال تُبنى‪ :‬هي هنا استفهاميةٌ مبتدأ‪،‬‬
‫و(ﮠ)‪َ :‬خبَرُه‪.‬‬
‫ً‬
‫موصوال؟‬ ‫اسما‬
‫أي المشددة‪ ،‬هل تأيت ً‬
‫ّ‬
‫الجواب عند جماهير النحويين‪ :‬نعم‪ ،‬وخالف يف ذلك ثعلب‪ ،‬انتهينا من تعلم‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح قواعد اإلعراب‬
‫‪121h‬‬
‫‪g‬‬
‫[أظنها‪ :‬ثعلب]‪.‬‬
‫نأيت إلى جماهير النحويين الذين أثبتوا مجيئها موصولة‪.‬‬
‫(أي) الموصولة عند الجماهير‪ ،‬هل تأيت مبنية؟‬
‫معلوم أن (أي) معربة‪ ،‬األسماء الموصولة مبنية‪ ،‬نستثني من ذلك المثنى‪،‬‬
‫ونستثني من ذلك (أي)‪ ،‬فن(أي) عادت إلى اإلعراب ألهنا تضاف‪ ،‬واإلضافة من‬
‫فقوى ذلك جانب االسمية اها‪ ،‬فعادت إلى أصل األسماء‬
‫خصائص األسماء‪َّ ،‬‬
‫اإلعراب‪.‬‬
‫فن(أي) معربة‪ ،‬ال شك أهنا معربة‪ ،‬انتهينا‪.‬‬
‫لكن؛ هل يمكن أن تبنى؟‬
‫وم ْن َتبِ َعه‪ :‬إهنا قد ُتبنى يف حالة واحدة‪ ،‬وهذه مذكورة‬
‫نعم‪ ،‬قال سيبويه َ‬
‫ومفصلة يف باب الموصول‪ ،‬وخالف يف ذلك آخرون قالوا‪ :‬إهنا ال ُتبنى أبدً ا‪.‬‬

‫سيبويه احتج اهذه اآلية‪( :‬ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ) [مريم‪.]69:‬‬


‫أي‪ ،‬يعني الذي‪ ،‬فهو مفعول‬ ‫(أي) هنا‪ :‬مفعول به‪َ ،‬لنَن ِْزع‪َ ،‬م ْن ننزع؟ َنن ِْزع ّ‬
‫قال‪ُّ :‬‬
‫به‪ ،‬ومع ذلك جاء مضمو ًما‪ ،‬ولو كان معر ًبا لكان منصو ًبا بالفتحة‪َ ،‬أ َّي ُهم‪ ،‬ومع ذلك‬
‫ال يجوز أن تقول َأ َّي ُهم ألن البناء ليس بواجب‪ ،‬هنا جائز‪ ،‬فقال سيبويه‪( :‬أ ُّيهم)‬
‫هنا‪ ،‬معرب ألن صل َت ُه جملة محذوف ُة الصلة‪ ،‬يعني‪ :‬الذي هو أشد‪( ،‬هو) هذه‬
‫محذوفة‪.‬‬
‫اسما منصو ًبا‪ ،‬لكن‬
‫اسما منصو ًبا‪ ،‬هم يقولون ً‬
‫بعض الذين أثبتوا مجيء (أي) ً‬
‫ال ُيبنى‪ ،‬فماذا تفعلون اهذه اآلية ونحوها؟‬

‫قالوا‪( :‬أي) هنا استفهامية‪ ،‬األصل كأنه يستفهم‪( :‬ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ)‬


‫شرح قواعد اإلعراب‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪122h‬‬
‫[مريم‪ ،]69:‬ثم أدخل الفعل بعد ذلك‪ ،‬فحدث التعليق ألن االستفهام من‬
‫أي باب؟ يف‬
‫المعلقات‪ ،‬االستفهام أليس من المعلقات؟ بلى‪ ،‬لكن المعلقات يف ّ‬
‫باب من وأخواهتا‪ ،‬هل (ننزع) من باب من وأخواهتا؟‬
‫قالوا‪ :‬هنا أخذت حكم م َّن‪ ،‬فاضطروا إلى ذلك‪ ،‬وأما على قول سيبويه‪ ،‬فقال‪:‬‬
‫أهنا مبنية‪ ،‬وانتهينا‪.‬‬
‫(أي)‪ ،‬قال‪" :‬ودال ًة على معنى الكمال‪ ،‬وتسمى‪ :‬أي الكمالية‪،‬‬
‫المعنى الرابع لـ ّ‬
‫ٌ‬
‫كامل يف صفات‬ ‫ٌ‬
‫رجل‬ ‫أي رجلٍ‪ ،‬أي‪ :‬هذا‬ ‫ٌ‬
‫رجل ُّ‬ ‫فتقع صف ًة لنكرة نحو‪ :‬هذا‬
‫ُ‬
‫أي رج ٍل"‪.‬‬
‫مررت بعبد اهلل َّ‬
‫ُ‬ ‫ً‬
‫وحاال للمعرفة‪ ،‬نحو‪:‬‬ ‫الرجال‪.‬‬
‫ٍ‬
‫طالب‪،‬‬ ‫أي‬
‫طالب ُّ‬
‫ٌ‬ ‫ٍ‬
‫كتاب‪ ،‬وجاءين‬ ‫أي‬
‫قرأت كتا ًبا َّ‬
‫ُ‬ ‫هذه (أي) الكمالية‪ ،‬تقول‪:‬‬
‫فتأخذ حكم النعت‪ ،‬يعني تكون نعتًا لهذه النكرة ألهنا نكرة‪ ،‬وجاءت بعد نكرة‪،‬‬
‫ٍ‬
‫حينئذ ستنقلب إلى حال‪ ،‬ألهنا نكرة بعد‬ ‫فصارت نعتًا‪ .‬لكن لو جاءت بعد معرفة‪،‬‬
‫ٍ‬
‫كتاب‪ ،‬ونحو ذلك‪.‬‬ ‫أي‬ ‫ِ‬
‫وقرأت الكتاب َّ‬
‫ُ‬ ‫أي رجلٍ‪،‬‬
‫معرفة‪ ،‬كأن تقول‪ :‬جاء عبد اهلل َّ‬

‫وو ْصل ًة إلى نداء ما فيه األلف والالم‪ ،‬نحو‪( :‬ﭧ‬


‫المعنى الخامس‪ :‬قال‪َ " :‬‬
‫ﭨ) [االنفطار‪.]6:‬‬
‫«وصلة» يعني‪ِ :‬ص َلة‪ ،‬معروف يف أحكام النداء‪ ،‬أن (ال) ال يدخل عليها حرف‬
‫النداء‪ ،‬إذا قلت‪ :‬الرجل‪ ،‬الطالب‪ ،‬اإلنسان‪ ،‬ال تباشرها أدا ُة النداء‪ ،‬ال تقول‪ :‬يا‬
‫طالب‪،‬‬
‫ُ‬ ‫الطالب‪ ،‬إذا ماذا تفعل؟ إما أن تحذف (ال)‪ ،‬فتقول‪ :‬يا ُ‬
‫رجل‪ ،‬يا‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫الرجل‪ ،‬يا‬
‫وإذا أبقيت (ال)‪ ،‬تأيت بأي هذه لكي تتوصل اها إلى نداء ما به (ال)‪ِ ،‬ص َلة‪ ،‬أو‬
‫ُو ْص َلة‪.‬‬
‫األلف والالم‪.‬‬
‫ُ‬ ‫يا أيها الرجل‪ ،‬فن(أي) هنا صارت ُوص َل ًة إلى نداء ما فيه‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح قواعد اإلعراب‬
‫‪123h‬‬
‫‪g‬‬
‫‪ ‬وكلمة ثانية مما هلا مخسة معانٍ‪:‬‬
‫‪ ‬قال‪« :‬لو»‪( ،‬لو) أيضًا هلا مخسة معانٍ‪:‬‬
‫المعنى األول‪:‬‬

‫‪« ‬أن تكون حرف شرطٍ‪ ...،‬يقتضى امتناع ما يليه‪ ،‬واستلزامه لتاليه»‪،‬‬
‫سنشرح ذلك‪.‬‬
‫ٍ‬
‫شرط يف المستقبل‪ ،‬مثل‪( :‬إن)‪.‬‬ ‫حرف‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫تكون‬ ‫المعنى الثاين‪ :‬أن‬
‫تكون حر ًفا مصدر ًّيا‪ ،‬يعني‪ :‬مثل ْ‬
‫(أن)‪.‬‬ ‫َ‬ ‫المعنى الثالث‪ :‬أن‬
‫(ليت)‪.‬‬
‫المعنى الرابع‪ :‬أن تكون حرف تمني‪ ،‬يعني‪ :‬مثل َ‬
‫المعنى الخامس‪ :‬أن تكون حرف عرض‪ ،‬يعني‪ :‬مثل (أال)‪.‬‬

‫‪ ‬قال ابن هشام‪« :‬وأحدُ أوجهها‪ :‬أن تكونَ حرفَ شرطٍ يف املاضي ‪ -‬وهذا هو‬
‫أغلب أقسامها ‪ -‬فيقال فيها»‬
‫يعني‪ :‬فيقال يف بيان معناها إذا كانت شر ًطا يف الماضي‪ٌ « :‬‬
‫حرف يقتضي امتناع‬
‫ما يليه‪ ،‬واستلزا َم ُه لتاليه»‪ ،‬هذه (لو) الشرطية يف الماضي‪ ،‬هي أشهر أنواع (لو)‪،‬‬
‫وأكثر استعماالهتا يف اللغة‪ ،‬والكالم عليها طويل جدًّ ا‪ ،‬ال يف النحو وال عند‬‫ُ‬
‫األصوليين‪ ،‬يف تحرير معناها‪ .‬ويف رسائل خاصة ُأ ِّل َفت فيها‪ ،‬فابن هشام يحرر ذلك‬
‫حرف يقتضي امتناع ما يليه‪ ،‬واستلزا َم َه لِتَالِيه‪ ،‬نحو‪( :‬ﮩ ﮪ‬
‫ٌ‬ ‫فيقول‪(« :‬لو)‪:‬‬
‫ﮫ ﮬ) [األعراف‪ ،» ]176:‬هذه (لو) أداة الشرط‪ ،‬وفعل الشرط (ﮪ)‪،‬‬
‫َ‬
‫حدث أم لم يحدث؟ لم يحدث‪،‬‬ ‫وجواب الشرط (رفعناه اها)‪ ،‬هذا الوضع‬
‫فالمشيئة حدثت أم لم تحدث؟ لم تحدث‪ ،‬فلهذا يقول كثير من المعربين يف (لو)‬
‫حرف امتنا ٍع لوجود‪،‬‬
‫ُ‬ ‫حرف امتنا ٍع المتناع‪ ،‬بخالف (لوال) السابقة‪ ،‬التي هي‬
‫ُ‬ ‫هذه‪:‬‬
‫شرح قواعد اإلعراب‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪124 h‬‬
‫حرف امتناع المتناع‪.‬‬
‫ُ‬ ‫أما (لو) هنا‪،‬‬

‫جئت ألكرمتُك‪ ،‬امتنع اإلكرام المتناع المجيء‪ ،‬لو ِج َ‬


‫ئت ألكرمتُك‪ ،‬ابن‬ ‫َ‬ ‫لو‬
‫هشام يقول‪ :‬ال‪ ،‬قولهم حرف امتنا ٍع المتناع هذه كلمة مشهورة عند المعربين‪،‬‬
‫حرف امتناع‪ ،‬يعني‪ :‬الجواب ممتنع‪ ،‬لماذا؟ المتناع‬
‫ُ‬ ‫نقول‪ :‬هذه الناس الدقيقة‪،‬‬
‫الفعل‪ ،‬معنى ذلك على كالمهم‪ :‬أن من يقول حرف امتناع المتناع‪ ،‬يعني الجواب‬
‫حرف‬
‫ٌ‬ ‫ممتنع‪ ،‬ووقوع الشرط ممتنع‪ ،‬يقول‪ :‬ال‪ ،‬الدقيق سنشرح ذلك‪ ،‬أن تقول‪:‬‬
‫يقتضي‪ ،‬أي يستلزم امتناع ما يليه‪.‬‬
‫إذا ففعل الشرط الذي يليه‪ ،‬هذا ممتنع‪ ،‬أكيد ليس فيه إشكال‪ ،‬وجواب‬
‫ٍ‬
‫شرط يقتضي امتناع ما يليه‪ ،‬واستلزامه‬ ‫حرف‬
‫ُ‬ ‫الشرط واستلزامه لتاليه‪ ،‬يقول‪:‬‬
‫لتاليه‪ ،‬يعني أن الذي يليه‪ ،‬الفعل‪ ،‬هذا امتنع‪ ،‬لو أنه حدث‪ ،‬الستلز َم وجود‬
‫الجواب‪.‬‬

‫نحو‪( :‬ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ) [األعراف‪.]176:‬‬


‫فـ(لو) هاهنا‪ ،‬دال ٌة على أمرين‪:‬‬
‫‪-‬األمر األول‪ :‬أن مشيئة اهللِ تعالى برفع هذا المنسلخ منتفية‪ ،‬ويلز ُم من هذا أن‬
‫ِ‬
‫لرفعه إال المشيئة‪ ،‬وقد انتفت‪ ،‬وهذا بخالف‪ :‬لو لم‬ ‫يكون رفعه منتف ًيا‪ ،‬إذ ال سبب‬
‫عصه‪ ،‬هذا جاء يف حديث عن ُص َهيب‪ ،‬المقصود به صهيب‪ ،‬واألكثر‬ ‫ي َخف اهلل لم ي ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫يجعله موقو ًفا بكال ِم عمر‪ ،‬ومهر أنه ال يجوز ال حدي ًثا وال موقو ًفا‪.‬‬

‫َص َهيب ◙‪،‬‬ ‫ٍ‬


‫لكن على كل حال‪ ،‬لو قيل ذلك‪ ،‬لو قيل عن إنسان صالح‪ ،‬ك ُ‬
‫صهيب لو لم يخف اهلل لم يعصه‪ ،‬أداة الشرط‪ :‬لو‪ ،‬وفعل الشرط‪ :‬عدم الخوف‪ ،‬لم‬
‫يخف اهلل عدم الخوف‪ ،‬والجواب المنفي‪ :‬لم ِ‬
‫يعصه‪ ،‬عدم المعصية‪ ،‬أو يقول‪:‬‬
‫ُص َهيب هذا ◙‪ ،‬لم يعص‪ ،‬لماذا؟ ألنه لم َي َخف‪ ،‬لما انتفى عدم الخوف –‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح قواعد اإلعراب‬
‫‪125h‬‬
‫‪g‬‬
‫آسف ‪ -‬لما ُو ِجدَ الخوف انتفت المعصية‪.‬‬
‫المعصية‪ ،‬أال يمكن أن توجد بسبب آخر؟ أو ال يمكن أن توجد بسبب آخر؟‬
‫هذا الذي يختلفون فيه‪.‬‬

‫‪ ‬قال ابن هشام‪« :‬ألنه ال يلز ُم من انتفاءِ (مل خيف) انتفاءُ (مل يعصِ)»‪.‬‬
‫اإلنسان يمكن أن يرتك المعصية‪ ،‬ال يفعل المعصية‪ ،‬ومع َ‬
‫ذلك هو لم يخف‬
‫اهلل‪ ،‬يعني‪ :‬العصاة‪ ،‬يفعلون كل المعاصي؟ ال‪ ،‬فيه معاصي ال يفعلوهنا‪ ،‬ومع ذلك‬
‫هم ال يخافون اهلل‪.‬‬
‫إذا انتفاء الخوف ال يعني انتفاء المعاصي‪ ،‬فالخوف ال يعنى انتفاء المعاصي‪،‬‬
‫إنسان ال يخاف اهلل‪ ،‬ال يعني أنه يعمل كل المعاصي‪.‬‬

‫‪ ‬حتى يكون قد خافَ وعصى‪ ،‬كذلك ألن انتفاء العصيان له سببان‪:‬‬


‫طريق العوام‪.‬‬
‫ُ‬ ‫وف العقاب‪ ،‬وهو‬
‫األول‪ :‬خ ُ‬
‫طريق الخواص‪.‬‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫اإلجالل واإلعظام‪ ،‬وهي‬ ‫الثاين‪:‬‬

‫والمرا ُد أن صهي ًبا ◙ من هذا القسم الثاين‪ ،‬وأنه لو ُقدِّ َر خلوه عن‬
‫ٌ‬
‫حاصل له؟!‬ ‫ِ‬
‫الخوف‪ ،‬لم يقع منه معصية‪ ،‬فكيف والخوف‬
‫المراد أن يقول‪ :‬ننظر إلى جواب الشرط‪ ،‬جواب الشرط إن كان متوق ًفا على‬
‫سبب واحد‪ ،‬ماله يف الوجود إال هذا السبب‪ ،‬وأتيت أنت اهذا السبب‪ ،‬وجعلته فعل‬
‫الشرط‪ ،‬فمعنى ذلك أنه متى انتفى فعل الشرط‪ ،‬وهو السبب الوحيد فسينتفي‬
‫الجواب‪.‬‬
‫غر َبت الشمس صلينا المغرب‪.‬‬
‫مثال‪ :‬لو َ‬
‫ك ً‬ ‫كقولِ َ‬

‫وأما إذا كان الجواب له أكثر من سبب‪ ،‬وذكرت سب ًبا من هذه األسباب‪،‬‬
‫شرح قواعد اإلعراب‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪126h‬‬
‫ٍ‬
‫حينئذ‪ ،‬فهذا السبب المذكور من‬ ‫وجعلته فعال لشرط‪ ،‬ثم نفيته‪ ،‬فانتهى الجواب‬
‫جملة أسباب‪ ،‬أنت نفيته‪ ،‬وال ما نفيته؟ أنت يف كالمك اآلن نفيت ُه‪ ،‬انتهى‪.‬‬
‫نفس ِه يف حقيقته‪ ،‬غير منتفي ألنه له سبب آخر‪،‬‬
‫والجواب‪ ،‬منتفي وال غير منتفي؟ ِ‬

‫فاالنتفاء هنا لم يأت من (لو)‪ ،‬وإنما جاء من قائل الكالم‪.‬‬


‫مثال‪ :‬لو جا َء زيدٌ أكرمته‪ ،‬انتفى اإلكرام لعدم المجيء‪ ،‬فهل يمكن‬
‫كما لو قلت ً‬
‫منتف‪ ،‬قد يحدث منك‪ ،‬لكن هنا‬ ‫ٍ‬ ‫أن ُت ْك ِر َمه وهو لم يجئ؟ يمكن‪ ،‬إذا‪ ،‬فاإلكرام غير‬
‫نفيته فقط لقائل الكالم‪ ،‬الذي انتفى حقيقةً‪ ،‬يعني الذي نفت ُه (لو) هو المجيء‪.‬‬
‫لو جاء فالن‪ ،‬هذا أكيد ما جاء‪ ،‬قط ًعا أنه ما جاء‪ ،‬واإلكرام انتفى هنا بقوائل‬
‫الكالم‪ ،‬لكنه قد يحدث منك يف مجال آخر‪ ،‬يف مكان آخر‪ ،‬يف حالة أخرى‪.‬‬
‫حرف امتنا ٍع المتناع‪،‬‬
‫ُ‬ ‫قال‪" :‬ومن هنا يتبين فسا َد قول المعربين‪ :‬أن (لو)‬
‫والصواب أهنا ال َت َع ُّر َض لها إلى امتناع الجواب"‪ ،‬يعني ال تقتضيه‪ ،‬ال توجبه‪" ،‬وال‬
‫سبب سوى ذلك‬ ‫ِ‬ ‫ثبوته‪ ،‬وإنما لها َت َع ُّر ٌض المتناع الشرط‪ ،‬فإن لم يكن‬ ‫ِ‬
‫للجواب ٌ‬ ‫إلى‬
‫انتفاؤ ُه"‪ .‬إذا النزول بالعقل‪.‬‬
‫ُ‬ ‫الشرط‪َ ،‬ل ِز َم من انتفائِ ِه‬
‫ِ‬

‫سبب آخر لم‬‫ٌ‬ ‫النهار موجو ًدا‪ ،‬فإن كان له‬


‫ُ‬ ‫الشمس طالعةً‪ ،‬كان‬
‫ُ‬ ‫نحو‪ :‬لو كانت‬
‫يلزم من انتفائِ ِه انتفا ُء الجواب‪ ،‬وال ثبو ُت ُه‪ ،‬نحو‪ :‬لو كانت الشمس طالع ًة كان الضو ُء‬
‫موجو ًدا" ‪ ،‬الضوء قد يأيت من الشمس‪ ،‬قد يأيت من مصدر آخر غير الشمس‪ ،‬كالذي‬
‫عندنا اآلن‪.‬‬
‫ومنه‪ :‬لو لم ي َخف اهلل لم ي ِ‬
‫عصه‪.‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫األمر الثاين‪ ،‬مما دلت عليه (لو) يف المثال المذكور" – يعني‪ :‬لو لم يخف اهلل‬
‫ُ‬
‫يعصه‪ ،‬نذكر اآلية‪( :‬ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ) [األعراف‪.]176:‬‬ ‫لم ِ‬

‫قال‪ :‬فن(لو) هاهنا دال ٌة على أمرين‪ ،‬ونتحدث عن داللة (لو) عمو ًما‪ ،‬لكن‬
‫مثلت اآلية وتكلم عن اآلية‪.‬‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح قواعد اإلعراب‬
‫‪127h‬‬
‫‪g‬‬
‫ثبوت المشيئة‬
‫َ‬ ‫ِ‬
‫المثال المذكور‪ ،‬أن‬ ‫واألمر الثاين‪ :‬مما دلت عليه (لو) يف‬ ‫‪-‬‬
‫ُ‬
‫والرفع ُم َس َّبب‪ ،‬وهذان المعنيان‬
‫ُ‬ ‫سبب‪،‬‬
‫ٌ‬ ‫مستلز ٌم لثبوت الرف ِع ضرور ًة َّ‬
‫ألن المشيئة‬
‫قد تضمنتهما العبار ُة المذكورة"‪.‬‬
‫يعني‪ :‬يقول‪ :‬إن هذا الجواب‪ ،‬ليس له إال هذا الفعل‪ ،‬فلما انتفى انتفى‬
‫وسبق ُ‬
‫بيان ذلك‪.‬‬ ‫َ‬ ‫الجواب قط ًعا‪،‬‬
‫المعنى الثاين لـ(لو)‪:‬‬

‫‪ ‬قال‪« :‬أن تكونَ حرفَ شرطٍ يف املستقبل»‪.‬‬


‫األول حرف شرط األول شرط يف الماضي‪ ،‬وهذا شرط يف المستقبل‬

‫‪« ‬فيقال فيها‪ :‬حرفُ شرط مرادفٌ لـ(إن)‪ ،‬إال أنها ال جتزم» ‪ -‬يعني‪ :‬حرف‬
‫شرط غير جازم ‪ " -‬كقولِه تعالى‪( :‬ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ) [النساء‪]9:‬؛ أي‪ :‬إن‬
‫تركوا‪ ،‬أي‪ :‬شارفوا أن يرتكوا‪.‬‬
‫وقول الشاعر‪:‬‬
‫ب‬‫ض َس ْب َس ُ‬ ‫ون َر ْم َس ْينَا ِم َن األَ ْر ِ‬‫َو ِم ْن ُد ِ‬ ‫ـــو َت ْلت َِقــــي َأ ْصــــدَ اؤُ نَا َب ْعــــدَ َم ْوتِنَــــا‬
‫َو َلـ ْ‬
‫ـْ َو َي ْطـ َـر ُب‬
‫ت َصــدَ ى َل ْي َلــى َي َهـ ُّ‬ ‫لِصــو ِ‬ ‫ــوتِي َوإِ ْن ُكن ُ‬
‫ْــت ِر َّمــ ًة‬ ‫َل َظ َّ‬
‫َ ْ‬ ‫ــل َصــدَ ى َص ْ‬
‫وهذه من األبيات سيئة المعنى‪ ،‬فإن اإلنسان بعد الموت يف القرب قط ًعا‪ ،‬ال‬
‫ُ‬
‫يكون مثل ذلك‪ ،‬ولكنه من المبالغات السيئة‪.‬‬
‫والشاهد يف قوله‪ :‬ولو تلتقي‪ ،‬يعني‪ :‬إن تلتقي‪.‬‬
‫والمعنى الثالث‪:‬‬

‫‪ ‬قال‪« :‬أن تكون حرفًا مصدريًا مرادفًا لـ (َأنْ)»‪ ،‬إذا ينسبك منها ومن صلتها‬
‫مصدر‪.‬‬
‫شرح قواعد اإلعراب‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪128h‬‬
‫‪ ‬قال‪« :‬إال أنها ال تنصب‪ ،‬وأكثر وقوعها بعد (وَدَّ)»‪َ ،‬و َّد‪ :‬يعني سوا ًء كانت‬
‫على صورة الماضي أو المضارع أو المصدر‪ ،‬أو نحو ذلك‪ ،‬أو اسم فاعل‪ ،‬نحو‪:‬‬
‫(ﯗ ﯘ ﯙ) [القلم‪]9:‬؛ يعني‪ :‬ودوا إدهانكم‪ ،‬أو (يود)‪( :‬ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ)‬
‫أحدُ ُهم َت ْع ِم َير ُه‪.‬‬
‫[البقرة‪]96:‬؛ يعني‪َ :‬ي َو ُّد َ‬
‫‪ ‬قال ابنُ هشام‪« :‬وأكثرهم ال يُ ْث ِبتُ هذا القسم»‬
‫أكثر أهل اللغة لم يكثر مجيء (لو) مصدريةً‪،‬‬
‫يعني‪ُ :‬‬
‫َرجُ اآليةَ وحنوها على حذفِ مفعول الفعلِ قبلها‪ ،‬واجلوابِ بعدها»‬
‫‪« ‬ويُخ ِّ‬
‫ألف سنة َل َس َّر ُه‬
‫التعمير‪ ،‬لو يعمر َ‬
‫َ‬ ‫أي‪ - :‬يعني ُي َقدِّ ر اآلية بقوله‪َ « :‬ي َو ُّد َ‬
‫أحدُ ُه ُم‬
‫شك أن جعلها حر ًفا مصدر ًيا‪ ،‬أوضح يف المعنى وأبعد عن التكلف‪.‬‬ ‫ذلك»‪ .‬وال َّ‬
‫المعنى الرابع لـ ( َل ْو)‪:‬‬

‫‪ ‬قال‪" :‬أن تكون للتمين مبنزلةِ (ليت)‪ ،‬إال أنها ال تنصبُ وال ترفع‪ ،‬حنو‪( :‬ﯘ‬
‫ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ) [الشعراء‪]112:‬؛ أي‪ :‬فليس لنا ك ََّرةً‪.‬‬
‫(ليت)‪،‬‬ ‫ِ‬
‫جواب َ‬ ‫(فأفوز) يف‬ ‫َ‬
‫(فتكون) يف جوااها‪ ،‬كما انتصب‬ ‫ب‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫قيل‪ :‬ولهذا نُص َ‬
‫قوله تعالى‪( :‬ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ) [النساء‪ ،]73:‬وال َ‬
‫دليل يف هذا"‪.‬‬ ‫يف ِ‬

‫فنكون‪ :‬هذا فعل مضارع‬ ‫َ‬ ‫ما اآلية؟ (ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ) [الشعراء‪:]112:‬‬


‫َ‬
‫فنكون‪ ،‬بعد الفاء‪ ،‬هذه الفاء ماذا يسموهنا؟ فاء السببية‪ ،‬المضارع متى‬ ‫منصوب‪.‬‬
‫ينت َِصب بعدَ فاء السببية؟ ِ‬
‫ينتصب بعدَ فاء السببية‪ ،‬إذا وقع يف جواب األمور الثمانية‪،‬‬ ‫َ‬
‫رض‪ ،‬والرجاء‪،‬‬ ‫نعم‪ ،‬وهي‪ :‬األمر‪ ،‬والنهي‪ ،‬واالستفهام‪ ،‬والدعاء‪ ،‬والتمني‪ ،‬وال َع ْ‬
‫والتحضيض‪.‬‬
‫صبَ (فتكونَ) يف جوابها»‪ ،‬يعني‪« :‬لو أن لنا كرة فنكون»‪ ،‬لماذا‬
‫‪ ‬قال‪« :‬وهلذا نُ ِ‬
‫ن ُِصب (يكون) وما قبله شيء من هذه الثمانية؟ قالوا‪ :‬إن (لو) بمعنى َ‬
‫(ليت)‪ ،‬فصار‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح قواعد اإلعراب‬
‫‪129h‬‬
‫‪g‬‬
‫فيها معنى التمني‪.‬‬

‫(ليت) يف قوله تعالى‪( :‬ﯠ ﯡ ﯢ‬ ‫ِ‬


‫جواب َ‬ ‫"كما انتصب ( َف َأ ُف َ‬
‫وز) يف‬
‫ﯣ) [النساء‪.]73:‬‬
‫‪ ‬قال ابنُ هشام‪« :‬وال دليلَ يف هذا»‬
‫هو ال ينفي كون (لو) تفيد التمني‪ ،‬وإنما ينفي هذا االستدالل‪ ،‬وهذا‬
‫(فأفوز)‬
‫َ‬ ‫النصب يف‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫يكون‬ ‫جواز أن‬ ‫دليل فيه‪ ،‬لماذا؟ "ل ِ ِ‬ ‫ليس قاط ًعا‪ ،‬ال َ‬ ‫االستدالل َ‬
‫مِث َل ُه يف قوله‪:‬‬
‫الشـــ ُف ِ‬ ‫ِ‬ ‫ـــــر َع ْينِــــــي‬ ‫ٍ‬
‫وف‬ ‫س ُّ‬ ‫َأ َحـ ُّ‬
‫ــب إِ َلـــ َّي مـ ْ‬
‫ــن ُلـــ ْب ِ‬ ‫َو ُلــــــ ْب ُس َع َبــــــا َءة و َت َقـ َّ‬
‫ِ‬
‫وقوله تعالى‪( :‬ﰅ ﰆ ﰇ) [الشورى‪.]51:‬‬
‫ماذا يقصد؟ المضارع هنا منتصب بعد الواو‪ ،‬و َت َق َّر‪ ،‬والواو هنا َع َط َف ْت على‬
‫ماذا؟ َع َطفت على مصدر صريح‪.‬‬

‫فأول اآلية‪( :‬ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ‬


‫وكذلك (ﰅ ﰆ ﰇ) [الشورى‪ُ ،]51:‬‬
‫ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ) [الشورى‪ ]51:‬هذا مصدر‪( ،‬ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ)‬
‫[الشورى‪]51:‬؛ فلما عطف المضارع على مصدر صريح‪ ،‬انت ََصب‪ .‬نعم‪ ،‬المضارع‬
‫مصدر صريح فإنك َتن ِْص ُب ُه‪،‬‬
‫ٍ‬ ‫إذا ُعطِف بالفاء أو بالواو أو بن (أو)‪ ،‬فإذا ُعطِف على‬
‫يعج ُبني اجتها ُد َك و َت ْخ ِد َم ُزمالئ َ‬
‫َك‪ ،‬ونحو ذلك‪.‬‬ ‫كأن تقول‪ِ :‬‬

‫فيقول ابن هشام‪ :‬يمكن أن نحمل اآلية على ذلك‪ ،‬يعني‪( :‬ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ‬
‫ﯜ) [الشعراء‪َ ( ،]112:‬ن ُك َ‬
‫ون) يقول‪ :‬هذا فعل مضارع معطوف على ك ََّرة‪ ،‬وك ََّرة‬
‫ليت لنا أن نَكر َفنَ ُك َ‬
‫ون‪.‬‬ ‫مصدر‪ ،‬يعني‪َ :‬‬
‫شرح قواعد اإلعراب‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪130 h‬‬
‫المعنى الخامس لـ (لو)‪:‬‬

‫‪ ‬قال‪« :‬أن تكونَ للعرض»‪ ،‬يعني‪ :‬بمنزلة (أال)‪« ،‬حنو‪ :‬لو َتنْ ِزلُ عندنا فَتُصيبَ‬
‫ُ‬
‫التسهيل‪ ،‬ماذا ُيقصدُ به هنا؟‬ ‫راحةً»‪ ،‬يعني‪ :‬أال ُ‬
‫تنزل عندنا‪« ،‬ذكره يف التسهيل»‪.‬‬
‫ُي ْق َصد به (تسهيل الفوائد) البن مالك‪ ،‬أعظم كتب ابن مالك‪.‬‬

‫‪ ‬قال ابنُ هشام‪« :‬وذكرَ هلا ابنُ هشامٍ اللخميُّ معن ًى آخر»‬
‫أيضا هو من علماء األندلس‪" ،‬وهو أن تكون للتقليل‪ ،‬نحو‪َ ( :‬ت َصدَّ ُقوا ولو‬ ‫ً‬
‫ِ ٍ‬
‫َقل هذا المعنى عن ابن هشام‬ ‫بشق تمرة»"‪ ،‬ن َ‬
‫حرق)‪« ،‬واتقوا النار ولو ِّ‬ ‫بِظ ْلف ُم َ‬
‫اللخمي‪ ،‬ولم ُي َع ِّلق عليه‪.‬‬
‫نحو ذلك‪َ ،‬أ َّن (لو) هنا شرطية‪ ،‬يعني‪ :‬تصدقوا بأي شيء‪،‬‬
‫والمشهور يف تخريءِ َ‬
‫قليال‪.‬‬
‫وتصدقوا بأي شيء‪ ،‬ولو كان هذا المت ََصدَّ ق ً‬

‫‪¹‬‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح قواعد اإلعراب‬
‫‪131h‬‬
‫‪g‬‬

‫ُ‬
‫النوع السادس‬

‫‪ ‬قال‪" :‬النوعُ السادس‪ :‬ما يأتي على سبعة أوجه‪ ،‬وهو (قد)"‪.‬‬
‫ِ‬
‫سبعة أوجه‪ ،‬كلمة واحدة‪ ،‬وهي‪( :‬قد)‪.‬‬ ‫إذا فالكلمة التي تأيت على‬

‫‪ ‬قال‪« :‬تكونُ امسًا مبعنى (حَسْبُ)»‪« ،‬واسمَ فعلٍ مبعنى (يكفي)»‪ ،‬وتأتي حرفَ‬
‫حتقيق‪ ،‬وتأتي حرفَ توقُّع‪ ،‬وتأتي حرفَ تقريبٍ للماضي إىل احلال‪ ،‬وتأتي حرف‬
‫تقليل‪ ،‬وتأتي حرف تكثري؛ سبعة‪.‬‬
‫‪ ‬قال‪" :‬فأحدُ أوجهها أن تكونَ امسًا مبعنى (حَسْب)‪ ،‬فيقال‪( :‬قَدِي) بغريِ نونٍ‪،‬‬
‫كما يقال‪ :‬حسبِي"‪.‬‬
‫إذا قال لك أحد شيئًا‪ :‬هل تريد كذا‪ ،‬أو تفضل كذا؟ تقول‪ :‬حسبي‪ ،‬يعني‪:‬‬
‫يكفيني‪ ،‬أو تقول‪َ :‬قدي‪ ،‬فهو اسم‪ ،‬ليس اسم فعل‪ ،‬وال فعل‪ ،‬وال مصدر‪ ،‬هو اسم‬
‫جامد بمعنى حسبي‪.‬‬
‫المعنى الثاين‪ ،‬أو االستعمال الثاين‪:‬‬

‫‪ ‬قال‪" :‬أن تكونَ اسمَ فعلٍ مبعنى (يكفي)‪ ،‬فيقال‪( :‬قَدْنِي)‪ ،‬كما يقال‪ :‬يكفيين"‪.‬‬
‫والشاهد المشهور يف َ‬
‫ذلك قوله‪:‬‬
‫حـ ِ‬
‫ــــد‬ ‫ــــحيحِ الم ْل ِ‬
‫الشـ ِ‬ ‫َلـــــ ْي َس ِ‬
‫اإل َمـــــا ُم بِ َّ‬ ‫َقــــدْ نِي ِمــــن نَصــــرِ الخَ بِيبــــي ِن َق ِ‬
‫ــــدي‬
‫ُ‬ ‫َ ْ‬ ‫ْ ْ‬

‫فتدخ ُل على الماضي‪ ،‬نحو‪( :‬ﭰ‬


‫ُ‬ ‫حرف تحقيق‪،‬‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫تكون‬ ‫المعنى الثالث‪" :‬أن‬
‫شرح قواعد اإلعراب‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪132h‬‬
‫ﭱ ﭲ ﭳ) [الشمس‪ ،]9:‬وعلى المضارع‪ ،‬نحو‪( :‬ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ)‬
‫[النور‪.]64:‬‬
‫حرف تحقيق؛ التحقيق‪ :‬المراد به نوع من التوكيد والتقوية للفعل‪ ،‬فإذا دخلت‬
‫ُ‬
‫يكون‬ ‫وتأكيد حدوثِ ِه‪ ،‬وهذا كثير جدًّ ا يف الماضي‪ ،‬وقد‬
‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫ماض فهي لتحقيقه‪،‬‬ ‫على‬
‫ِ‬
‫كقوله‪( :‬ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ)‬ ‫ذلك يف المضارع‪ ،‬إن َد َّل المعنى عليه‪،‬‬
‫[النور‪( ،]64:‬ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧﯨ) [الصف‪ ،]5:‬ونحو ذلك‪.‬‬

‫المعنى الرابع‪« :‬أن تكون حرفَ توَقُّع»‪ ،‬يعني‪ :‬تدل على توقع قرب حدوث‬
‫الفعل المذكور بعدها‪ ،‬يعني أنه لم يحدث‪ ،‬ولكن تتوقع أن يحدث‪،‬‬

‫‪ ‬قال‪« :‬فتدخل عليهما أيضًا»؛ أي الماضي والمضارع‪« ،‬فتقول‪ :‬قد خي ُرجُ‬


‫مثال‪:‬‬
‫زيدٌ»‪ ،‬هنا اآلن أنت ال تريد أن تخرب أنه خرج‪ ،‬وإنما لو قلنا ً‬
‫سيخر ُج زيدٌ اليوم؟ هل سيأيت المدير اليوم؟ فتقول‪ :‬قد يأيت اليوم‪ ،‬هذا من‬
‫ُ‬ ‫هل‬
‫باب التوقع‪ ،‬قد يأيت المدير‪ ،‬هذا بخالف التقليل الذي سيأيت‪.‬‬

‫التقليل‪ :‬أن الفعل قليل حدوثه‪ ،‬كنجاحِ المهمل‪ ،‬أو َت َصدُّ ِق البخيل‪ .‬قد َ‬
‫ينج ُح‬
‫المهمل‪ ،‬هذا تقليل‪ ،‬لكن إذا كان ال – يعني ‪ -‬تتوقع أن يحدث‪ ،‬وهذا األكثر يف‬
‫فعله‪ ،‬لكنه إلى اآلن لم يفعل هذا الفعل‪ ،‬قد يأيت المدير‪ ،‬انتظر قد يأيت المدير‪ ،‬فتَدُ ُّل‬
‫َظر ُمت ََو َّقع‪.‬‬
‫الخروج ُمنت ٌ‬
‫َ‬ ‫على أن‬
‫انتظار الوقوع يف‬
‫ُ‬ ‫التوقع‬
‫َ‬ ‫وزعم بعضهم أهنا ال تكون للتوق ِع مع الماضي ألن‬
‫المستقبل‪ ،‬والماضي قد وقع يف الماضي‪ ،‬وقال الذين أثبتوا معنى التوقع مع‬
‫منتظرا‪.‬‬
‫ً‬ ‫الماضي‪ :‬إهنا تدل على أنه كان‬
‫َ‬
‫ويتوقعون الفعل‪ .‬أناس‬ ‫ب األمير‪ ،‬لقو ٍم ينتظرون هذا الخرب‪،‬‬ ‫ِ‬
‫تقول‪ :‬قد َرك َ‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح قواعد اإلعراب‬
‫‪133h‬‬
‫‪g‬‬
‫يسألون مثال‪ :‬ترشح فالن‪ ،‬أو فاز فالن‪ ،‬أو نجح فالن؟ ما كانوا يتوقعون هذا‬
‫ترشح فالن‪،‬‬
‫َ‬ ‫نجح أخي‪ .‬فجاء هنا معنى التوقع‪ ،‬أو قد‬
‫األمر‪ ،‬تقول‪ :‬نعم أخي‪ ،‬قد َ‬
‫فاز فالن‪ .‬أنت ال تريد أن تخربهم اهذا األمر‪ ،‬أو أن تؤكد الحدوث‪ ،‬وإنما‬
‫أو قد َ‬
‫هم كانوا ينتظرون‪ ،‬هل فعل أم لم يفعل؟‬
‫فأنت تخربهم بأن هذا الذي كانوا يتوقعونه حدث‪ ،‬نعم قد جاء‪ ،‬قد حضر‪،‬‬
‫َ‬
‫مثال‪ :‬هل جاء المدرس؟ قد جاء المدرس‪ ،‬يخربكم أن هذا األمر الذي كنتم‬
‫تقول ً‬
‫تتوقعونه حدث‪.‬‬
‫(قد) هنا تكون دالة على التحقيق أكثر؟ وذلك بحسب المعنى المستعمل‪،‬‬
‫نجح أخي) عبارة واحدة‪ ،‬قد تكون للتحقيق إذا كنت‬ ‫َ‬ ‫واإلجابة واحدة‪( ،‬قد‬
‫نجح أخي)‪ ،‬تخربنا اهذا األمر‪ .‬لكن لو كنا نحن‬ ‫َ‬ ‫تخربنا باألمر ابتدا ًء‪( ،‬قد‬
‫المنتظرين لنجاحه‪ ،‬أو منتظرين لمجيئِه‪ ،‬أو نتوقع أنه يأيت‪ ،‬أو ال نعرف أنه سيأيت‪،‬‬
‫فأنت تخربنا بأن توقعنا هذا حدث‪.‬‬
‫أي‪ :‬قد جاء وال ما جاء؟ َ‬
‫قد جاء المدرس‪ ،‬أدخل‪ ،‬قد جاء المدرس‪ ،‬فهنا للتوقع‪ ،‬وهنا للتحقيق‪،‬‬
‫فالتفريق بين هذه المعاين‪ ،‬ال بد فيه من النظر إلى السياق واللحاق والمعنى‪.‬‬
‫المعنى الخامس لـ (قد)‪:‬‬

‫‪ ‬قال‪« :‬تقريب املاضي من احلال»‪ ،‬الماضي معروف أنه للزمان الذي مضى‪،‬‬
‫والحال يعني يف زمن التكلم‪ ،‬يقول‪ :‬إن (قد) إذا دخلت على الفعل الماضي فإهنا‬
‫تقربه إلى الحال‪ ،‬يعني‪ :‬تجعله يف أقرب وقت من الماضي إلى الحال‪.‬‬

‫حاال‪ ،‬إما ماهرةً‪ ،‬نحو‪( :‬ﭚ ﭛ ﭜ‬


‫"ولهذا تلز ُم (قد) مع الماضي الواق ِع ً‬
‫ﭝ ﭞ ﭟ) [األنعام‪ ،]119:‬أو مقدر ًة نحو‪( :‬ﭲ ﭳ ﭴ ﭵﭶ)‬
‫الرد حدث يف‬
‫[يوسف‪ ]65:‬هذه البضاعة التي أمامنا يف هذا الوقت ردت إلينا‪َ ،‬‬
‫شرح قواعد اإلعراب‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪134 h‬‬
‫الماضي‪ ،‬والبضاعة اآلن عندنا‪ ،‬فكيف تجعل الماضي هذا الموجود عند تدخل‬
‫عليه قد؟ قد‪َّ ،‬‬
‫فدل ذلك على أن الرد كان قري ًبا من هذه البضاعة التي نتحدث عنها‪،‬‬
‫ٍ‬
‫موجود ُمتَك َّل ٍم عنه‪.‬‬ ‫حاال من ٍ‬
‫أمر‬ ‫فلهذا صحح ذلك وقوع الماضي ً‬

‫أجبت‬ ‫ف"‪ ،‬ما معنى‬ ‫مثبت متَصر ٍ‬


‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫بماض‬ ‫القسم‬ ‫ابن عصفور‪ :‬إذا َأ َج َ‬
‫بت‬
‫َ‬ ‫ُ َ ِّ‬ ‫َ‬ ‫"وقال ُ‬
‫ٍ‬
‫ماض‪« ،‬فإن كان قري ًبا من الحال»‪،‬‬ ‫جعلت جواب القسم مبتد ًأ بفع ٍل‬ ‫َ‬ ‫القسم؟ يعني‪:‬‬
‫يعني‪ :‬قري ًبا من زمن التكلم حدو ُث ُه كان قري ًبا من زمن التكلم‪« ،‬جئت بالالم وقد‪،‬‬
‫نحو‪ :‬باهلل لقد قا َم زيدٌ »‪ ،‬فإذا كان قيام زيد قريب‪ ،‬ماذا تقول؟ تقول‪ :‬واهلل لقد قام‬
‫زيد‪« ،‬وإن كان بعيدً ا‪ ،‬جئت بالالم»‪ ،‬إن كان قام قبل مدة طويلة‪ ،‬تقول‪ :‬واهلل لقا َم‬
‫زيدٌ ‪ ،‬الالم وحدها‪ ،‬واهلل لقام زيدٌ ‪ ،‬وإن كان قيامه قريب جدًّ ا‪ ،‬تأيت بالالم وقد‪ :‬واهلل‬
‫لقد قام زيدٌ ‪.‬‬
‫ِ‬
‫لقوله‪:‬‬ ‫فقط‬
‫يث َو َال َصـالِي‬
‫َلنَاموا َفما إِ ْن ِمـن ح ِـد ٍ‬
‫ْ َ‬ ‫ُ َ‬ ‫ـــت َل َهــــا بِــــاهلل ِ ِح ْل َفــــ َة َفـ ِ‬
‫ـــاجرٍ‬ ‫َح َل ْفـ ُ‬
‫أكثر اطمئنانًا‪ ،‬يقول لها‪ :‬ناموا من‬
‫هذا للفرزدق‪ ،‬فقال‪ :‬يعني يريد أن يجعلها َ‬
‫ٍ‬
‫كتاب له آخر‪ ،‬أن الواضح من كالم ابن عصفور‬ ‫زمان‪ ،‬فاطمئني‪ .‬ابن هشام قال يف‬
‫العكس‪ ،‬يعني أن البيت للقريب ناموا قري ًبا‪ ،‬هذا خالف البالغة ألهنم لو قد ناموا‬
‫قري ًبا‪ ،‬لقال‪ :‬نصرب حتى يغرقوا يف النوم‪ .‬وطب ًعا هذا الفرزدق معروف بفجوره مع‬
‫النساء‪ ،‬وهذا من مشاكله‪ ،‬يريد أن يراودها عن نفسها‪ ،‬ناموا من زمان‪ ،‬انتهوا‪،‬‬
‫فنستطيع أن نفعل ما نشاء‪.‬‬

‫‪ ‬قال‪« :‬وزعمَ الزخمشري عندما تكلم على قولهِ تعاىل‪ ،»..‬انظر؛‬


‫‪ ‬قال ابن هشام‪ :‬تكلم عليها‬
‫نعم هذا الفصيح الوارد يف اللغة َّ‬
‫أن التكلم يتعدى بن(عنها)‪ ،‬تقول‪ :‬الكالم‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح قواعد اإلعراب‬
‫‪135h‬‬
‫‪g‬‬
‫على الصالة‪ ،‬نتكلم على هذه المسألة‪ .‬أما تعديته بن (عن) ال يكون إال بتكلف‬
‫تضمينه معنى التحدث‪ ،‬تكلمت عن كذا‪ ،‬يعني‪ :‬تحدثت عن كذا‪.‬‬
‫فاألصل أن كل كلمة ُتعطى حقها الوارد يف اللغة‪.‬‬

‫‪ ‬قال‪" :‬وزعم الزخمشري عندما تكلم على قوله تعاىل‪( :‬ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ‬


‫ﭩ) [األعراف‪]59:‬؛ أن (قد) للتوقع‪ ،‬ألن السامع يتوقع اخلرب عند مساع املقسم‬
‫به"‪.‬‬
‫هذا التعليق على مجيء (قد) للتوقع‪ ،‬فال ينبغي أن يقدم هنا‪.‬‬
‫المعنى السادس لـ (قد)‪:‬‬

‫‪ ‬قال‪" :‬التقليل‪ ،‬وهو ضربان‪ :‬تقليل وقوع الفعل‪ ،‬حنو‪ :‬قد يصدُق الكذوب‪ ،‬وقد‬
‫جيودُ البخيل‪ ،‬وتقليلُ متعََّلقِهِ‪ ،‬حنو‪( :‬ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ) [النور‪]64:‬؛ أي أن‬
‫ما هم عليه‪ ،‬هو أقل معلوماته" ‪ ،‬افهموا ذلك‪.‬‬
‫مع أن الجماهير يجعلون قد يف اآلية للتحقيق‪ ،‬كما سبق يف المعنى السابق‪.‬‬

‫‪ ‬قال‪" :‬وزعم بعضهم أنها يف ذلك للتحقيق كما تقدم‪ ،‬وأن التقليل يف املثالني‬
‫األولني مل يُس َتفَد من (قد)‪ ،‬بل من قوله‪ :‬البخيل جيود‪ ،‬والكذوبُ يصدق‪ ،‬فإنه إن مل‬
‫يُحمل على أن صدور ذلك من البخيل والكذوب قليلٌ؛ كان متناقضًا؛ ألن آخر الكالم يدفع‬
‫أوله"‪.‬‬
‫يريد أن يقول‪ :‬إن معنى التقليل ليس مأخو ًذا من (قد)‪ ،‬وإنما مأخوذ من قلة‬
‫معنى أصل ًّيا لن (قد)‪،‬‬
‫ً‬ ‫صدق الكذوب‪ ،‬وتصدق البخيل‪ .‬يعني‪ :‬أن هذا المعنى ليس‬
‫والجمهور على أنه معنى أصلي‪.‬‬

‫السابع‪ :‬قال‪ :‬التكثري‪ ،‬قاله سيبويه يف قوله‪:‬‬


‫ــــــت بِ ِفرصـ ِ‬ ‫َكـ َ‬ ‫القر َن مص َفرا َأن ِ‬
‫ِ‬
‫ــــــاد‬ ‫ــــــأ َّن َأ ْث َوا َبـــــــ ُه ُم َّجـ ْ ْ َ‬ ‫َام ُل ُه‬ ‫َقدْ َأت ُْر ُك ْ ُ ْ ًّ‬
‫شرح قواعد اإلعراب‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪136h‬‬
‫وقاله الزمخشري يف قوله تعالى‪( :‬ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ) [البقرة‪.]144:‬‬
‫التكثير قريب من التحقيق‪ ،‬إال أن التحقيق هو اكتمال األمر‪ ،‬وأما التكثير فهو‬
‫المبالغة فيه‪.‬‬

‫‪ ‬قال‪" :‬النوع السابع‪ :‬ما يأتي على مثانية أوجه"‬


‫ِ‬
‫ثمانية أوجه‪ ،‬كلم ٌة واحدة وهي الواو‪.‬‬ ‫والذي يأيت على‬
‫سيذكر عنها‪ :‬تأيت واو استئناف‪ ،‬واو حال‪ ،‬واو المفعول معه‪ ،‬واو المعية قبل‬
‫المضارع‪ ،‬واو قسم‪ ،‬واو ُر َّب‪ ،‬واو العطف‪ ،‬والواو الزائدة‪.‬‬

‫‪ ‬قال ابن هشام‪ :‬وذلك أنَّ لنا واوينِ يرتفعُ ما بَعدَهُما‪:‬‬


‫وهما‪ :‬واو االستئناف"‪ ،‬واو االستئناف‪ :‬يعني داخلة على جملة ابتدائية‪،‬‬
‫"نحو‪( :‬ﮤ ﮥﮦ ﮧ ﮨ ﮩ) [الحء‪ .]5:‬فإهنا لو كانت واو العطف‪،‬‬
‫النتصب الفعل‪ ،‬واختلف المعنى‪.‬‬
‫والشمس طالعةٌ‪،‬‬
‫ُ‬ ‫أيضا‪ ،‬نحو‪ :‬جاءين زيدٌ‬
‫وواو الحال‪ ،‬وتسمى واو االبتداء ً‬
‫وسيبويه ُي َقدِّ رها بن (إذ)"‪.‬‬
‫واو الحال معروفة‪ ،‬الداخلة على جملة حالية‪.‬‬

‫‪ ‬قال‪« :‬وواوين ينتصبُ ما بعدهما» ‪ -‬اكتبوا ما سقطت من التحقيق ‪« ،-‬وواين‬


‫ينتصب ما بعدهما؛ وهما واو املفعولِ معه‪ ،‬حنو‪ :‬صِرتُ والنيلَ»‬
‫هذا مدروس يف باب المفعول معه‪،‬‬

‫‪ ‬قال‪« :‬وواو اجلمعِ»‪ ،‬يعني واو المعية‪ ،‬التي نسميها واو المعية‪ ،‬وواو المعية‬
‫"الداخلة على املضارع املسبوق بنفيٍ أو طلب‪ ،‬حنو‪( :‬ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ‬
‫ﭣ ﭤ) [آل عمران‪.]142:‬‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح قواعد اإلعراب‬
‫‪137h‬‬
‫‪g‬‬
‫هذا مدروس يف إعراب الفعل المضارع‪.‬‬
‫وقول أبي األسود‪:‬‬
‫ــــيم‬‫ــــك إِ َذا َفع ْل َ ِ‬
‫ــــار َع َل ْي َ‬ ‫ـــأتِ َي ِم ْث َلــــ ُه‬
‫ـــق َو َتـ ْ‬
‫ـــن ُخ ُلـ ٍ‬
‫ــــت َعظ ُ‬ ‫َ‬ ‫َع ٌ‬ ‫َال َتنْــــ َه َعـ ْ‬
‫والكوفيون يسمون هذه واو الصرف"‪ ،‬والمشهور أهنا تسمى واو المعية‪.‬‬

‫‪ ‬قال ابن هشام‪ :‬وواوين ينجرُ ما بعدَهُما‪ ،‬وهما‪ :‬واو القسم‪ ،‬حنو‪( :‬ﭑ‬
‫ﭒ) [التين‪ ]1:‬هذا ما يميز حروف الجر‪ ،‬وواو رُبَّ‪ ،‬كقولهِ‪:‬‬
‫ــــــــــيس‬ ‫إِ َّال اليعـــــــــــافِير وإِ َّال ِ‬
‫العـ‬ ‫ــــــيس‬‫وب ْلــــــدَ ٍة َلــــــيس فِيهــــــا َأنِ‬
‫ُ‬ ‫ُ َ‬ ‫ََ‬ ‫ُ‬ ‫ْ َ َ‬ ‫ََ‬

‫من حروف الجر‪ُ :‬ر َّب‪ ،‬تقول‪ُ :‬ر َّب أخٍ لك لم تلده ُأ ُمك‪ ،‬ثم إن ُ‬
‫(ر َّب) يجوز أن‬
‫ُتحذف وينوب عنها أو يقوم مقامها واو‪ ،‬تسمى واو ُر َّب‪ ،‬كأن تقول‪ :‬وأخٍ لك لم‬
‫ٍ‬
‫(وبلدة)‪.‬‬ ‫تلده أمك‪ .‬وكهذا البيت‪:‬‬
‫(و َل ْي ٍل ك ََم ْوجِ ال َب ْح ِر َأ ْر َخى ُسدُ و َل ُه)‪ ،‬يعني‪ُ :‬ر َّب ليلٍ‪.‬‬
‫وكقول أمرئ القيس‪َ :‬‬
‫‪ ‬قال ابن هشام‪« :‬وواوًا يكون ما بعدها على حسبِ ما قبلها‪ ،‬وهي واو العطف»‪.‬‬
‫هذه معروفة ومشهورة‪.‬‬

‫‪ ‬قال ابن هشام‪« :‬وواوًا يكون دخوهلا يف الكالمِ كخروجها‪ ،‬وهي الواو الزائدة»‪.‬‬
‫عرفنا أنه يعني بدخولها كخروجها يف اللفظ ال يف المعنى‪ ،‬نحو‪( :‬ﯜ ﯝ‬
‫ﯞ ﯟ ﯠ) [الزمر‪ ]73:‬يقول‪ :‬الواو يف اآلية زائدة‪ ،‬والمعنى ‪ -‬واهلل‬
‫أعلم ‪ :-‬حتى إذا جاءوها فتحت أبوااها‪ ،‬قال‪« :‬بدليل اآلية األخرى»‪ ،‬يعني اآلية‬
‫المذكورة مع النار‪( :‬ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ) [الزمر‪.]71:‬‬

‫قال‪« :‬وقيل‪ :‬إنها عاطِفةٌ‪ ،‬واجلواب حمذوف‪ ،‬والتقدير‪ :‬كان كيت وكيت»‪.‬‬
‫أيضا‪ :‬إن هذه الواو حالية‪ ،‬وقد مقدرة‪ ،‬يعني أن التقدير‪ :‬حتى إذا‬
‫وقيل ً‬
‫شرح قواعد اإلعراب‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪138h‬‬
‫جاءوها‪:‬‬
‫فعل ماض‪ ،‬ثم عطفت عليه وقلت‪ :‬وفتحت أبوااها‪ .‬ثم الجواب محذوف‪ ،‬حتى إذا‬
‫جاءوها وفتحت أبوااها – مثال ‪ -‬استقبلهم خزنتها‪ ،‬ورحبوا اهم‪ ،‬وقالوا لهم طبتم‪،‬‬
‫بداللة اآلية األخرى‪ ،‬وهكذا‪ ،‬وحذف الجواب هنا للتعظيم‪ ،‬ونحو ذلك‪.‬‬
‫وإذا كانت حالية‪ ،‬يعني‪ :‬حتى إذا جاءوها حال َة كوهنا مفتح ًة أبوااها‪ ،‬وهذا يدل‬
‫عليه اآليات األخرى‪.‬‬

‫‪ ‬وقال ابن هشام‪« :‬وقولُ مجاعةٍ‪ :‬إنها واو الثمانية»‬


‫يعني المذكورة يف أبواب الجنة‪( :‬ﯟ ﯠ) [الزمر‪ ،]73:‬هذا قول قاله‬
‫بعض األدباء‪ ،‬وضعفاء النحويين كابن خالويه‪ ،‬وبعض المفسرين كالثعلبي‪،‬‬
‫وغيرهم‪.‬‬

‫قالوا‪ :‬إن الواو هنا واو الثمانية‪ ،‬قال‪" :‬وإن منها‪( :‬ﮂ ﮃﮄ)‬
‫[الكهف‪.]22:‬‬

‫‪ ‬قال ابن هشام‪« :‬ال يرضاه نَحوِيٌَّ»‬


‫ليس هناك نحوي من النحويين المعتبرين‪ ،‬يقول بواو الثمانية هذه‪ ،‬هذه واو ال‬
‫حقيقة لها يف اللغة‪.‬‬
‫وقد خرجنا‪ :‬أن الواو هناك زائدة أو عاطفة أو حالية‪ ،‬وكذلك يف قوله‪:‬‬
‫(ﮂ ﮃﮄ) [الكهف‪]22:‬؛ هذه واضح أهنا عاطفة (ﮁ ﮂ)‬
‫[الكهف‪]22:‬؛ هذه عاطفة‪.‬‬

‫"والقول بذلك يف هذه‪ ،‬ويف‪( :‬ﭙ ﭚ ﭛ) [التوبة‪]112:‬‬


‫أبعدُ منه يف آية الزمر"‪ ،‬نسخ الكتاب ‪ -‬كما ذكر المحقق ‪ -‬اضطربت يف ذلك‪ ،‬لكن‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح قواعد اإلعراب‬
‫‪139h‬‬
‫‪g‬‬
‫أقرب ما يكون منها‪ ،‬واهلل أعلم‪ ،‬يف مراجعة الشروح المتوسعة‪ ،‬كشرح العزبي‬
‫عندكم‪ ،‬وأوسع منه شرح الكافية‪ ،‬أن صحة العبارة‪ :‬والقول بذلك يف‬
‫أقرب منه يف آية الزمر السابقة‪:‬‬
‫ُ‬ ‫(ﭙ ﭚ ﭛ) [التوبة‪]112:‬‬
‫(ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ) [الزمر‪ .]73:‬هذا بعيد جدًّ ا أن تكون واو‬
‫الحالية‪ ،‬واو الثمانية‪ ،‬بنفسه ما ذكر ثمانية‪ ،‬غلقت أبواب‪ ،‬وكلمة أبواب تدل على‬
‫أبواب‪ ،‬ما تدل على ثمانية‪ ،‬أبواب قد تكون سبعة‪ ،‬عشرة‪ ،‬مائة‪ ،‬كوهنا ثمانية‬
‫معروف من شيء آخر‪ ،‬يعني من دليل آخر‪.‬‬

‫أما القول اها يف هذه اآلية‪( :‬ﭙ ﭚ ﭛ) [التوبة‪،]112:‬‬


‫نقول أقرب‪ ،‬هو ال يصح وال ينبغي عن األول‪ ،‬ولكنه يقارن بين هذه األمور‬
‫الضعيفة‪ ،‬وهذا أقرب من هذا‪ ،‬ألن اآلية‪( :‬ﭑ ﭒ ﭓ‬
‫ﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚ‬
‫ﭛ ﭜ ﭝ ﭞﭟ) [التوبة‪.]112:‬‬

‫فجاء قوله‪( :‬الناهون عن المنكر)‪ :‬نعتًا ً‬


‫كامال‪ ،‬فجاءت معه الواو‪ ،‬يقول‪ :‬هذا‬
‫أقرب‪ ،‬نعم هم يعني ثمانية صفات‪ ،‬والواو جاءت يف الصفة الثامنة‪ ،‬يقول أقرب‪،‬‬
‫لكن قولهم غير صحيح ٌ‬
‫قول غير صحيح‪.‬‬

‫ماهر الفساد"‪ ،‬يف قوله‪( :‬ﮨ‬


‫ُ‬ ‫"والقول به يف‪( :‬ﯘ ﯙ) [التحريم‪،]5:‬‬
‫ﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗ‬
‫ﯘ ﯙ) [التحريم‪.]5:‬‬
‫أيضا صفة‪،‬‬
‫خيرا ً‬
‫وأبكارا الصفة التاسعة‪ً ،‬‬
‫ً‬ ‫(أزواجا)‪،‬‬
‫ً‬ ‫ثم بدأ بالموصوف بعد‬
‫ونقول هذا فاسد‪ ،‬ماهر الفساد من حيث اللفظ ألن الصفة التاسعة ليست الثامنة‪.‬‬
‫شرح قواعد اإلعراب‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪140 h‬‬
‫ومن حيث المعنى فالواو هنا لم تدخل من هذا االعتبار أبدً ا‪ ،‬وإنما دخلت لعدم‬
‫إمكان اجتماع صفة الثيوبة والبكورة لألنثى‪ ،‬إما ثيب وإما بكر‪ ،‬ال يمكن أن تكون‬
‫بكرا يف نفس الوقت‪ ،‬بخالف الصفات األخرى‪ ،‬التي قد تجتمع ويمكن أن‬
‫ثي ًبا ً‬
‫تفرتق‪.‬‬

‫اآلية‪( :‬ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ‬
‫ﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝ‬
‫ﭞﭟ) [التوبة‪.]112:‬‬
‫بم تعدوهنا يف أسلوب البالغة؟ وكيف لكم ذلك؟‬
‫لماذا جاءت الواو؟ َ‬

‫هذه الصفات قد تجتمع وقد تفرتق يف اإلنسان‪ ،‬لكن (ﭗ ﭘ‬


‫ﭙ ﭚ ﭛ) [التوبة‪ ،]112:‬يقول‪ :‬هذا صرف من العبارة‪ ،‬يعني‬
‫أتت المعروف مجرورة‪( :‬ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ)‬
‫[التوبة‪ ،]112:‬ولهذا صار صرف العبارة ثابت‪ ،‬لم يتغير‪ ،‬ثم إن الذي يأمر‬
‫بالمعروف غال ًبا سينهى عن المنكر‪ ،‬صارا صفتين شبه متالزمتين‪ ،‬فصارت كأهنا‬
‫حكاية عبارة‪ ،‬واهلل أعلم‪.‬‬

‫‪¹‬‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح قواعد اإلعراب‬
‫‪141 h‬‬
‫‪g‬‬

‫النوع الثامن‬

‫وهو األخير‪:‬‬

‫‪ ‬قال‪« :‬النوع الثامن‪ :‬ما يأتي على اثين عشر وجهًا»‪.‬‬


‫وجها‪ ،‬كلم ًة واحدةً‪ ،‬وهي كلمة (ما)‪ ،‬سيذكر أهنا‬
‫ً‬ ‫والذي يأيت على اثني عشر‬
‫تأيت اسمي ًة معرف ًة تامةً‪ ،‬واسمي ًة معرف ًة ناقصةً‪ ،‬يعني اسم موصول‪ ،‬وتأيت اسمي ًة‬
‫شرطيةً‪ ،‬واسمي ًة استفهاميةً‪ ،‬واسمية نكر ًة تامةً‪ ،‬واسمي ًة نكر ًة موصوفة‪ ،‬واسمي ًة‬
‫نكر ًة موصو ًفا اها‪ ،‬وتأيت حرفي ًة نافيةً‪ ،‬وحرفي ًة مصدري ًة غير مرفية‪ ،‬وحرفي ًة‬
‫مصدري ًة مرفيةً‪ ،‬وحرفي ًة كاف ًة عن العمل‪ ،‬وحرفي ًة زائدةً‪.‬‬
‫اسما‪ ،‬وقد تأيت حر ًفا‪.‬‬
‫معنى ذلك‪ :‬أهنا قد تأيت ً‬
‫اسما‪ ،‬فهي على سبعة أوجه‪ ،‬وإذا كانت حر ًفا‪ ،‬فهي على خمسة‬
‫إذا كانت ً‬
‫أوجه‪.‬‬

‫‪ ‬قال ابن هشام‪ :‬فإنها على ضربني‪ :‬امسية‪ ،‬وأوجهها سبعة‪ :‬معرفة تامة"‬
‫ما معنى معرفة؟ يعني أهنا بمعنى الشيء‪ ،‬يعني أمر عام لكنه معرفة‪ ،‬مثل‬
‫الشيء‪ ،‬تامة‪ :‬يعني غير محتاجة إلى صفة‪" ،‬نحو‪( :‬ﭥ ﭦﭧ) [البقرة‪،]271:‬‬
‫وبئس‪ ،‬إذا جاءت ِ‬
‫نعم وبعدها ما‪ ،‬ثم بعد ذلك ضمير أو جملة‬ ‫َ‬ ‫يعني أسلوب ِ‬
‫نعم‬
‫نعم ما لك فيها لغتان‪ :‬إما أن تبقي‬
‫نعما هو‪ .‬إذا قلت‪َ :‬‬
‫نعم ما هو‪ ،‬أو َّ‬
‫فعلية‪ ،‬مثل‪َ :‬‬
‫شرح قواعد اإلعراب‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪142 h‬‬
‫نعم ما‪،‬كقوله‬
‫نعما‪ :‬يعني َ‬
‫نعما هو‪َّ ،‬‬
‫نعم ما هو‪ ،‬أو تدغم‪َّ :‬‬
‫(نعم) على فتحها‪ ،‬فتقول‪َ :‬‬
‫َ‬
‫تعالى‪( :‬ﭥ ﭦﭧ) [البقرة‪( .]271:‬ما) هنا قلت‪ :‬معرفة تامة‪ ،‬بمعنى‪ :‬الشيء‪ ،‬ما‬
‫نعم الشيء هي‪ ،‬ما المراد اهي؟ يعني‪ :‬إبداء الصدقات‪( :‬ﭢ‬
‫التقدير؟ يعني‪َ :‬‬
‫ﭣ ﭤ ﭥ ﭦﭧ) [البقرة‪ ]271:‬يعني‪َ :‬‬
‫فنعم الشيء إبداؤها‪.‬‬

‫‪« ‬ومعرفةٌ ناقصةٌ‪ ،‬وهي املوصولة»‪ ،‬يعني اسم موصول‪ ،‬حنو‪( :‬ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ‬
‫ﮇ ﮈ ﮉ ﮊﮋ) [الجمعة‪ ،]11:‬يعني‪ :‬الذي عند اهلل خير‪ ،‬واضح‪.‬‬

‫‪ ‬قال‪ :‬وشرطية‪ ،‬حنو‪( :‬ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧﭨ) [البقرة‪.]197:‬‬


‫واستفهامية‪ ،‬حنو‪( :‬ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ) [طه‪ .]17:‬وجيب حذف ألفها إذا‬
‫كانت جمرورة‪ ،‬حنو‪( :‬ﭑ ﭒ) [النبأ‪( .]1:‬ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ)‬
‫[النمل‪.]35:‬‬

‫ولهذا رد الكسائي على المفسرين قولهم يف‪( :‬ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ) [يس‪.]27:‬‬


‫وبهذا رد الكسائي على المفسرين‪ ،‬يعني‪ :‬على من قال من المفسرين هذا‬
‫القول‪ ،‬وال يعني أن المفسرين جمي ًعا قالوا هذا القول‪ ،‬هذا من األمور‪ ،‬تفهمها من‬
‫أساليب العلماء‪ ،‬يعني‪ :‬ال يأيت إنسان يقول‪ :‬ال واهلل‪ ،‬فالن ما قال هذا من‬
‫المفسرين‪ ،‬وفالن ما قال كذا‪ ،‬ليس كل المفسرين قالوا هذا‪ ،‬ال‪ ،‬األسلوب ال يدل‬
‫أصال‪.‬‬
‫على ذلك ً‬
‫وإنما يدل‪ ،‬أن الكسائي رد على من قال اهذا القول من المفسرين‪.‬‬

‫قالوا‪ :‬إن (ما) هنا استفهامية‪( :‬ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ) [يس‪.]27:‬‬


‫بم غفر لي ربي؟ ألنه قيل أهنا مصدرية‪،‬‬
‫قالوا‪ :‬لو أن (ما) هنا استفهامية لقيل‪َ :‬‬
‫يعني بمغفرة ربي لي‪ ،‬وفيه أقوال أخرى‪.‬‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح قواعد اإلعراب‬
‫‪143h‬‬
‫‪g‬‬
‫‪ ‬قال ابن هشام‪« :‬وإمنا جاز حنو‪ :‬ملاذا فعلتَ؟‪ ،‬بأن ألفها صارت حشوًا يف الرتكيب‬
‫مع ذا‪ ،‬فأشبهت املنصوب له»‪.‬‬
‫يعني‪ :‬لو قيل‪ :‬لماذا لم تحذف ألف ما‪ ،‬وهي مسبوقة بحرف الجر الالم؟‬
‫لماذا؟ قيل‪ :‬ألهنا صارت داخل حشو الكلمة‪ ،‬بسبب تركبها مع ذا‪.‬‬

‫‪ ‬قال ابن هشام‪« :‬ونكرةٌ تامةٌ»‬


‫يعني‪ :‬تأيت نكرة تامة‪ ،‬ما معنى نكرة؟ يعني بمعنى شيء‪ ،‬ومعنى تامة؟ غير‬
‫محتاجة لصفة‪" ،‬وذلك يف ثالثة مواضع‪ ،‬يف كل منها خالف‪ :‬أحدها‪ :‬حنو‪( :‬ﭥ‬
‫ﭦﭧ) [البقرة‪ .]271:‬املوضع السابق‪« ،‬وحنو‪ :‬نعمَ ما صنعت»‪.‬‬
‫وبئس إذا جاءت بعدها (ما)‪ ،‬وبعدها جملة فعلية‪ :‬نعم ما صنعت‪،‬‬
‫َ‬ ‫نعم‬
‫يعني‪َ :‬‬
‫نعم ما قلت‪ ،‬نعم ما فعلت‪.‬‬

‫‪" ‬التقدير‪ :‬أي‪ :‬فنعم شي ًئا هي‪ ،‬ونعم شيئًا شي ٌء صنعته"‪.‬‬

‫(ﭥ ﭦﭧ)‪ :‬ذكر ابن هشام فيها قولين‪:‬‬


‫القول األول‪ :‬أهنا نكرة تامة‪ ،‬نعم الشي ُء إبداؤها‬
‫القول الثاين‪ :‬أهنا نكرة تامة‪ ،‬نعم شي ًئا إبداؤها‪.‬‬
‫إن قلت‪ :‬نعم الشي ُء فالشي ُء صار فاعلها‪ ،‬وإبداؤها هذا المخصوص‬
‫بالمدح‪ ،‬إما مبتدأ مؤخر‪ ،‬يعني‪ :‬إبداؤها نعم الشيء‪ ،‬أو خرب مبتدأ محذوف‪ ،‬يعني‪:‬‬
‫نعم الشيء هو‪ ،‬تعلموها‪ ،‬إعراب أسلوب نعم وبئس‪.‬‬
‫وإن قلنا أن (ما) نكرة تامة‪ ،‬يعني‪ :‬نعم شي ًئا إبداؤها‪ ،‬فنعم شي ًئا‪ :‬هذا تمييز‪،‬‬
‫وفاعلها محذوف‪ ،‬دل عليه الكالم‪ ،‬وإبداؤها‪ :‬هو المخصوص بالمدح‪ ،‬يعني‪:‬‬
‫إبداؤها نعم هو شي ًئا‪ ،‬فهو‪ ،‬ضمير عائد إلى المفعول‪.‬‬
‫شرح قواعد اإلعراب‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪144 h‬‬
‫‪ ‬قال‪ :‬والثاني‪ ،‬مما تكون فيه (ما) نكرةً تامةً‪" ،‬قوهلم‪ :‬إني ملـََّا أن أفعل‪ .‬هذا‬
‫مثال وارد عن العرب‪ ،‬فأراد النحويون أن خيرجوه‪ ،‬فاختلفوا يف خترجيه‪.‬‬
‫ما تخريجه عند ابن هشام؟‬

‫‪ ‬قال‪ :‬إن (ما) فيه نكرة تامة‪ ،‬التقدير‪ :‬أي‪ :‬إني خملوقٌ من أمرٍ‪ ،‬هو فعل كذا‬
‫وكذا‪« .‬إني مما أن أفعل»‪( ،‬مما) أي‪ :‬من ما‪ ،‬من‪ :‬حرف جر‪ ،‬ما‪ :‬يقول‪ :‬هذه نكرة‬
‫أمر‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫شيء‪ ،‬أو‪ :‬إين من ٍ‬ ‫ٍ‬
‫شيء‪ ،‬يعني‪ :‬إين من‬ ‫بمعنى‬
‫ما هذا األمر؟‬
‫بينه بالبدل فقال‪ :‬أن أفعل‪ ،‬يعني فعلي‪ ،‬فأن أفعل‪ :‬هذا اسم مؤول بدل من‬
‫(ما)‪ ،‬التي هي نكرة تامة‪.‬‬
‫أمر؟ كيف إين من ٍ‬
‫أمر‪.‬‬ ‫ما معنى‪ :‬إين من ٍ‬

‫هو من أمرٍ‪ ،‬وهو فعله‪ .‬يقول‪" :‬وذلك على سبيل المبالغة‪ ،‬مثل قوله تعالى‪:‬‬
‫(ﭣ ﭤ ﭥ ﭦﭧ) [األنبياء‪.]37:‬‬
‫هل اإلنسان خلق من عجل؟ اإلنسان خلق من طين‪ ،‬لكن العجلة صفة من‬
‫صفاته‪ ،‬كيف اإلنسان خلق من هذه الصفة‪ ،‬ال‪ ،‬ليس هذا المعنى اللفظي‪ ،‬وإنما‬
‫بداعي المبالغة‪ .‬كذلك هنا من داعي المبالغة‪ ،‬هو ليس من فعله‪ ،‬وليس من هذا‬
‫الشيء‪ ،‬ولكن من باب المبالغة‪ ،‬جعله من شدة فعله لهذا األمر‪ ،‬كأنه مخلوق من‬
‫هذا الفعل‪.‬‬

‫حسنَ زيدًا‪ ،‬هذا‬


‫‪ ‬قال‪« :‬والثالث‪ :‬قوهلم يف التعجب‪ :‬ما أحسن زيدًا!‪ ،‬أي‪ :‬شيءٌ َّ‬
‫قول سيبويه»‪.‬‬
‫ٍ‬
‫بشيء‪ ،‬يعني‪ :‬بنكرة‪ ،‬مثل‪( :‬ما)‪.‬‬ ‫إذا فسر (ما) بماذا؟‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح قواعد اإلعراب‬
‫‪145 h‬‬
‫‪g‬‬
‫أيضا قد تأيت (ما) االسمية‪ ،‬نكر ًة موصوفة‪،‬‬
‫‪ ‬قال‪« :‬ونكرة موصوفة»‪ً ،‬‬
‫ٍ‬
‫معجب‪ ،‬وهذا كنا ذكرناه من قبل يف‬ ‫ٍ‬
‫بشيء‬ ‫ٍ‬
‫معجب لك‪ ،‬أي‪:‬‬ ‫كقولهم‪ :‬مررت بما‬
‫(من)‪.‬‬

‫قال‪« :‬ومنه ‪ -‬يف قولٍ ‪ :-‬نعم ما صنعتَ‪ ،‬أي‪ :‬نعم شيئًا صنعتَه‪ .‬وما أحسن زيدًا!‬
‫أي‪ :‬شيءٌ موصوفٌ بأنه حسَّن زيدًا‪ ،‬عظيمٌ‪ ،‬حبذف اخلرب»‪.‬‬
‫(ما) نكرة موصوفة‪ ،‬نكرة‪ :‬يعني بمعنى شيء‪ ،‬موصوفة‪ :‬يعني تحتاج إلى‬
‫صفة‪.‬‬
‫ٍ‬
‫معجب لك‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫بشيء‬ ‫ٍ‬
‫معجب‪ ،‬يعني‪:‬‬ ‫يقول‪ :‬مثل‪ :‬مررت بما‬

‫‪ ‬قال‪« :‬ومنه أيضًا‪ :‬نعم ما صنعت»‪ ،‬هذا سبق المثال قبل قليل‪ ،‬لكن فسره‬
‫هناك بنكرة تامة‪ ،‬فقال‪ :‬نعم ما صنعت‪ ،‬يعني نعم الشي ُء شي ٌء صنعته‪ ،‬فجعل (ما)‬
‫المذكورة بمعنى الشيء‪ ،‬وصنعته‪ :‬صفة للمحذوف‪ ،‬نعم الشيء شي ٌء صنعته‪.‬‬
‫من هنا قال بعضهم‪ ،‬يعني فيه خالف يف التقدير‪ ،‬قال بعضهم‪ :‬ال‪ ،‬ما يف قولك‪:‬‬
‫نعم ما صنعت‪ ،‬هذه نكرة موصوفة‪ ،‬يعني‪ :‬نعم شي ٌء صنعته‪ ،‬أو نعم شي ًئا صنعته‪،‬‬
‫يعني فعلك هذا الذي فعلته‪ :‬نعم شي ًئا صنعته‪ ،‬فصارت (ما)‪ :‬شي ًئا‪ ،‬وصنعته‪ :‬صف ًة‬
‫لهذه النكرة‪.‬‬

‫‪ ‬قال‪ :‬وأيضًا‪ :‬ما أحسن زيدًا! هذا أسلوب التعجب‪ ،‬سبب قلب قول سيبويه‪،‬‬
‫سيبويه جعلها نكرة تامة‪ ،‬بمعنى‪ :‬شي ٌء‪ ،‬هذا الشيء حسن زيدً ا‪ ،‬شي ٌء حسن زيدا‪.‬‬
‫يف قول آخر لألخفْ وغيره‪ ،‬قالوا‪ :‬ال‪( ،‬ما) هنا نكرة موصوفة‪ ،‬ما معنى‪:‬‬
‫عظيم‪ ،‬يقول‪ :‬فيه شيء حسن زيدا‪ ،‬هذا‬
‫ٌ‬ ‫أحسن زيدً ا؟ يقول‪ :‬شيء أحسن زيدً ا‬
‫عظيم‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫الشيء الذي حسن زيدا‪ ،‬ما باله؟‬
‫عظيم‪ ،‬الخرب محذوف مقدر‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫شي ٌء‪ :‬نكرة‪ ،‬حسن زيدا‪ :‬صفة للنكرة‪ ،‬والخرب‪:‬‬
‫شرح قواعد اإلعراب‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪146h‬‬
‫وقال األخفْ وغيره‪ :‬يجوز يف (ما) أن تكون اسم الصلة موصولة‪ ،‬ما أحسن‬
‫زيدً ا! يعني‪ :‬الذي أحسن زيدً ا‪ :‬هو خرب محذوف‪ ،‬يعني‪ :‬الذي أحسن زيدً ا‪ ،‬شي ٌء‬
‫عظيم‪.‬‬
‫فعرفت‪ ،‬لماذا لم يكن التأويل مشهورا وهو قول سيبويه‪ ،‬أنه نكرة تامة عن‬
‫ٍ‬
‫حينئذ‪.‬‬ ‫(شي ٌء حسن زيدً ا)؟ لكي يصح معنى التعجب‬
‫أما لو جعلناها اسما موصوال‪ ،‬وال صفة نكرة موصوفة انقلب الكالم إلى‬
‫مجرد إخبار‪ ،‬ال يوجد تعجب‪.‬‬

‫‪ ‬قال‪« :‬ونكرةٌ موصوف بها»‬


‫يعني‪ :‬أن (ما) االسمية‪ ،‬قد تأيت نكرة موصو ًفا اها‪" ،‬نحو‪( :‬ﮀ ﮁ)‬
‫ٍ‬
‫وألمر‬ ‫قصير أن َفه‪ ،‬أي‪ :‬مثال بال ًغا يف الحقارة‪،‬‬
‫ٌ‬ ‫[البقرة‪ ،]26:‬وقولهم‪ :‬ألمر ما‪ ،‬جدع‬
‫ٍ‬
‫عظيم‪.‬‬
‫وقيل‪ :‬إن (ما) يف هذه‪ ،‬حرف ال موضع لها"‪.‬‬
‫قليال‪،‬‬
‫هذا أسلوب‪ ،‬تأيت فيه (ما) للتقليل‪ ،‬فنقول لك‪ :‬قل شي ًئا ما‪( ،‬ما) يعني ً‬
‫قل أي شيء قليل‪ ،‬فما هنا للتقليل‪ ،‬هذا للتحقير‪.‬‬

‫‪ ‬قال‪" :‬وتأتي حرفيةً‪ ،‬وأوجهها مخسة‪:‬‬


‫‪ -‬مصدرية غري ظرفية‪ :‬حنو‪( :‬ﰒ ﰓ ﰔ ﰕ) [ص‪ ،]26:‬أي‪ :‬بنسياهنم‬
‫إياه‪.‬‬

‫‪ -‬مصدرية ظرفية‪ :‬حنو‪( :‬ﮚ ﮛ ﮜ) [مريم‪ ،]31:‬أي‪ :‬مدة دوامي ح ًّيا"‪.‬‬


‫وهذا كله مدروس يف النحو‪.‬‬

‫‪ ‬قال‪" :‬وكافة عن العمل‪ :‬وهي ثالثة أقسام‪:‬‬


‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح قواعد اإلعراب‬
‫‪147h‬‬
‫‪g‬‬
‫‪ -‬كافة عن عمل الرفع‪ ،‬كقوله‪:‬‬
‫ـول الصــدُ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ود َيــدُ و ُم‬ ‫ـال َع َلــى ُطـ ِ ُّ‬
‫ِو َصـ ٌ‬ ‫َصـــدَ ْدت َف َأ ْط َو ْلـــت ُّ‬
‫الصـــدُ و َد َو َق َّل َمـــا‬
‫متن يحتاج إلى شرح‪.‬‬

‫‪ ‬قال فيه‪ :‬قَلَّ‪ ،‬وطال‪ ،‬وكثر‪ ،‬قد تصل بها (ما) فتكفها عن طلب الفاعل‪ ،‬ال‬
‫يكون هلا فاعل‪.‬‬
‫تقول‪ :‬قلما يجيء زيدٌ ‪( ،‬قلما)‪ :‬ماذا جاء بعد (قلما)؟ يجيء زيد جملة فعلية‪،‬‬
‫الفاعل ال يكون جملة‪ ،‬أين فاعل ( َق َّل) يف‪ :‬قلما يجيء زيدٌ ؟ ليس لها فاعل‪( ،‬ما)‬
‫هنا كفت ( َق َّل) عن طلب الفاعل‪ ،‬ليس لها فاعل‪( ،‬قلما)‪( ،‬كثر ما)‪( ،‬طالما)‪:‬‬
‫قلت لك ذلك‪.‬‬
‫طالما ُ‬
‫فطال‪ ،‬و َق َّل‪ ،‬وكثر‪ ،‬الثالثة إذا اتصلوا بن (ما) كفتها عن طلب الفاعل‪.‬‬
‫وكذلك يف البيت‪( :‬وقلما)‪.‬‬
‫ٌ‬
‫فن(وصال) بعدها‪ ،‬ليست فاعال لها‪ ،‬وإنما فاعل لفعل محذوف‪ ،‬دلت عليه‬
‫ٌ‬
‫وصال‪ ،‬وهذا شرح كالم ابن هشام اآليت‪:‬‬ ‫الجملة األخيرة‪ ،‬يعني‪ :‬وقلما يدوم‬

‫‪ ‬قال‪" :‬وكافةٌ عن عمل النصب والرفع‪ ،‬وذلك يف (إن) وأخواتها‪ ،‬حنو‪( :‬ﭸ ﭹ‬
‫ﭺ ﭻﭼ) [النساء‪ ،]171:‬وكافةٌ عن عمل اجلر‪ ،‬حنو‪( :‬ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ)‬
‫[الحجر‪.]2:‬‬
‫وتبقى يف قراءة الجمهور‪ ،‬ويف قراءة‪ :‬ربما‪.‬‬
‫شرح قواعد اإلعراب‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪148h‬‬
‫وقوله‪:‬‬
‫ِ‬
‫نننننننننننار ُبه‬‫نننننننننننم َت ُخنْنننننننننننن ُه َم َضن‬
‫ْ‬ ‫َلن‬ ‫ٍ‬
‫ننننننننننننرو‬‫ف َع ْم‬
‫ك ََمننننننننننننا َسنننننننننننن ْي ُ‬
‫كله موجود يف النحو‪.‬‬

‫‪ ‬قال‪" :‬وزائدة‪ :‬وتسمى هي وغريها من احلروف الزائدة صلةً وتوكيدًا‪ ،‬حنو‪:‬‬


‫(ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞﭟ) [آل عمران‪( .]159:‬ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ)‬
‫[المؤمنون‪ .]41:‬أي‪ :‬فربمحةٍ‪ ،‬وعن قليلٍ‪ ،‬واهلل أعلم"‪.‬‬
‫وبذلك نكون قد انتهينا بأمر اهلل من شرح هذا الكتاب كتاب اإلعراب عن‬
‫كتاب مفيدٌ ‪ ،‬ويحتاج إلى تأمل ومراجعة‬
‫ٌ‬ ‫قواعد اإلعراب البن هشام ‪ ‬وهو‬
‫وضبط لبعض معلوماته‪ ،‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫وصلى اهلل وسلم على نبينا محمد‪ ،‬وعلى آله وأصحابه أجمعين‪.‬‬

‫‪¹‬‬

You might also like