You are on page 1of 115

‫الثمر الداني‬

‫يف امليقات املكاني‬

‫جعمم َمو متَرتم م‬


‫يبم‬ ‫َم‬
‫أمحدمبنمحممدمبنمطاهرمبنمحسنيمالكافم‬
‫عفاماهللمعنهمم‬

‫(‪)1‬‬
)2(
‫﷽‬

‫مقدمة‬
‫سهل لعباده أسباب املغفرة‪ ،‬وجعل من املغفرة‪ ..‬فعل‬
‫احلمد هلل الذي َّ‬
‫الدال عليها سيد أهل امللة‪،‬‬‫املناسك التي هي احلج والعمرة‪ ،‬وجعل َّ‬
‫والصالة والسالم عل سيدنا حممد القائل‪ُ « :‬خ ُذوا عنِّي من ِ‬
‫َاسكَكُم» فهو‬ ‫َ َ‬ ‫ى‬
‫وعل آله وأصحابه‬‫ى‬ ‫إمام أهل القدوة واهلداية‪ ،‬املبعوث للعاملي رمحة‪،‬‬
‫ومن تبعهم بإحسان من أهل النور واخلشية‪ ..‬أما بعد‪:‬‬
‫فهذه رسالة مجعتها ـ بتوفيق اهلل ـ فيام يتعلق بأحد واجبات حج‬
‫بيت اهلل احلرام‪ ..‬وهو اإلحرام من امليقات‪ ،‬وجيب يف العمرة كذلك‪.‬‬
‫ومن املعلوم أن امليقات زماين ومكاين‪ ،‬فالكالم يف هذه الرسالة حول‬
‫عل مذهب اإلمام الشافعي رمحه اهلل‪.‬‬ ‫امليقات املكاين‪ ،‬وهو ى‬
‫ِ‬
‫الر َسا َلة املسامة بـ«الثمر الداني يف امليقات‬
‫ِِ‬
‫ب َج ِع َهـٰذه ِّ‬
‫َو َس َب ُ‬
‫املكاني» هو تشعب مسألة اإلحرام من امليقات املكاين سواء كان‬
‫للمقيم بمكة أو خارجها‪ ،‬أو احلج عن نفسه أو عن غريه‪ ،‬وغري‬
‫ذلك مما هو موجود يف هذه الرسالة‪ ،‬فرأيت أن األو ىل مجع مسائلها‬

‫(‪)3‬‬
‫عل طالب العلم ال َف ْهم واملعرفة‪،‬‬
‫وحواصلها ومل َّ شتاهتا؛ كي يسهل ى‬
‫عل الوجه‬
‫وإيصاهلا بعد ذلك للحجاج واملعتمرين وغريهم ى‬
‫الصحيح‪.‬‬
‫أسأل اهلل الكريم املنان أن يوفق املسلمي ألداء احلج والعمرة‬
‫وييرسها هلم ويقبلها منهم‪ ،‬وأن يكتب يف هذه الرسالة القبول‪،‬‬
‫ويبارك فيها‪ ،‬ويعم النفع هبا‪ ،‬وأن يكتب التوفيق لكل من قرأها أو‬
‫عل نرشها بأي أسلوب كان‪ ،‬وما كان يف هذه الرسالة من‬ ‫قام ى‬
‫صواب‪ ..‬فمن اهلل‪ ،‬وإرشاد مشاخيي‪ ،‬وما كان من خطأ‪ ..‬فمن‬
‫ِ ِ‬ ‫يقي إِ َّل بِاهلل َع َل ْي ِه ت ََو َك ْل ُ‬
‫نفيس‪﴿ ،‬وما تَوفِ ِ‬
‫ت َوإِ َل ْيه ُأن ُ‬
‫يب﴾‪.‬‬ ‫ََ ْ‬
‫وجز ىى اهلل خري ًا كل من ساعدين وأعانني ى‬
‫عل إخراج هذه‬
‫الرسالة خصوص ًا مشاخيي بارك اهلل فيهم وأطال يف عمرهم‪ ،‬وهلم‬
‫من اهلل الفضل والثواب العظيم‪ ،‬إنه جواد كريم‪ ،‬رؤوف رحيم‪.‬‬
‫وعل آله‬
‫ى‬ ‫عل سيدنا وموالنا حممد خاتم النبيي‪،‬‬ ‫َّ ى‬
‫وصل اهلل تعا ىل ى‬
‫وصحبه وس َّلم أمجعي‪ ،‬واحلمد هلل رب العاملي‪.‬‬
‫*** *** ***‬

‫(‪)4‬‬
‫اإلحرام من امليقات‬

‫تعريف اإلحرام‪ :‬هو نية الدخول يف النسك‪.‬‬


‫تعريف امليقات‪ :‬لغة‪ :‬احلد‪.‬‬
‫ورشع ًا‪ :‬زمن العبادة ومكاهنا‪.‬‬
‫واملقصود باإلحرام من امليقات‪ :‬أي كون اإلحرام منه؛ ألنه‬
‫الواجب‪ ،‬وأما أصل اإلحرام‪ ..‬فركن‪.‬‬
‫(حتفة املحتاج ‪ ،33/4‬إعانة الطالبني ‪)341/2‬‬

‫مر يف التعريف‪ ،‬أن امليقات ينقسم إ ىل قسمي‪:‬‬


‫فعلم مما َّ‬
‫‪ -1‬ميقات زماين‪.‬‬
‫‪ -2‬وميقات مكاين‪.‬‬
‫والكالم يف هذه الرسالة حول امليقات املكاين فقط‪.‬‬

‫(‪)5‬‬
‫واألصل فيها‪ :‬قول حرب األمة سيدنا عبداهلل بن عباس ريض اهلل‬
‫ت(‪ِ )1‬ألَ ْه ِل املَ ِدين َِة‪َ ..‬ذا‬ ‫عنه‪« :‬إِ َن النَبِي ـ ص َّل اهللُ ع َل ِ‬
‫يه َو َس َل َم ـ َو َق َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ٰ‬
‫َاز ِل‪َ ،‬و ِألَ ْه ِل‬
‫اجل ْح َف َة‪َ ،‬و ِألَ ْه ِل ن َْجد‪َ ..‬ق ْر َن ا َملن ِ‬ ‫احل َل ْي َف ِة‪َ ،‬و ِألَ ْه ِل َ‬
‫الش ْأ ِم‪ُ ..‬‬ ‫ُ‬
‫َْي ِه َن ِِم َ ْن‬
‫ال َي َم ِن‪َ ..‬ي َل ْم َل َم‪[ ،‬وقال‪ُ ]:‬ه َن ََُل َن(‪َ ،)2‬و َمل ِ ْن َأت َٰى َع َل ْي ِه َن ِم ْن غ ْ ِ‬

‫ث َأن َْش َأ‪َ ،‬حت َٰى‬ ‫ك‪َ ..‬ف ِم ْن َح ْي ُ‬ ‫ون َذلِ َ‬ ‫َان ُد َ‬ ‫َأ َرا َد َ‬
‫احل َج َوال ُع ْم َر َة(‪َ ،)3‬و َم ْن ك َ‬
‫َأ ْه ُل َم َك َة‪ِ ..‬م ْن َم َك َة(‪( »)4‬أخرجه البخاري ‪ ،134/2‬ومسلم ‪،)839/2‬‬
‫ات ِعرق»‪.‬‬ ‫هل ِ‬
‫الع َر ِاق‪َ ..‬ذ ُ‬ ‫وعند النسائي يف «سننه» (‪َ « :)123/5‬وألَ ِ‬

‫(‪ )1‬قوله «و َق َ‬
‫ت»‪ :‬أي‪ :‬جعلها مواقيت‪ ،‬وذلك يف حجة الوداع كام قال اإلمام أمحد‪،‬‬
‫وكان يف السنة العارشة‪( .‬حاشية اجلمل ‪)402/2‬‬

‫(‪ )2‬قوله « ُه َن»‪ :‬أي‪ :‬هذه املواقيت‪َ « ،‬لـ ُه َن»‪ :‬أي‪ :‬هلذه النواحي‪ ،‬أي‪ :‬ألهلهن ى‬
‫عل‬
‫هل ا َمل ِدينَ ِة»‪ ،‬أو الضمري يف هلن لألهل‬
‫ت ألَ ِ‬
‫تقدير املضاف املدلول عليه بقوله « َو َق َ‬
‫وأ َّن َثه ملشاكلة ما قبله‪ ،‬أو ألنه اكتسب التأنيث من املضاف إليه‪ ،‬ورواية أيب داود « ُه َن‬

‫َُل ْم»‪ ،‬قال السيوطي‪ :‬وهي الوجه‪( .‬حاشية البجْيمي ٰ‬


‫عّل املنهج ‪)112/2‬‬

‫عل جواز دخول مكة بغري إحرام‪( .‬فتح‬ ‫(‪ )3‬قوله «ِم َْن َأ َرا َد َ‬ ‫ِ‬
‫احل َج َوال ُع ْم َر َة»‪ :‬فيه داللة ى‬
‫الباري ‪)386/3‬‬

‫(‪ )4‬قوله « َحت َٰى َأ ْه ُل َم َك َة‪ِ ..‬م ْن َم َك َة»‪ :‬أي‪ :‬حيرمون من مكة‪ ،‬وحمله يف اإلحرام‬
‫ح‬
‫باحلج؛ ألن العمرة من احلل‪( .‬حاشية البجْيمي عّل املنهج ‪)112/2‬‬
‫ٰ‬

‫(‪)6‬‬
‫اإلحرام من امليقات باحلج والعمرة‪ ..‬نوعان‪:‬‬

‫األول‪ :‬اإلحرام عن نفسه‪.‬‬


‫الثاين‪ :‬اإلحرام عن غريه(‪.)1‬‬

‫النوع األول‪ :‬اإلحرام عن نفسه‪:‬‬

‫وله قسامن‪:‬‬
‫القسم األول‪ :‬املقيم بمكة‬
‫القسم الثاين‪ :‬املقيم خارج مكة‪.‬‬

‫ما يتعلق بالقسم األول‪ :‬وهو املقيم بمكة(‪:)2‬‬

‫وهو إما أن حيرم باحلج‪،‬‬


‫وإما أن حيرم العمرة‪،‬‬
‫وإما أن حيرم باحلج والعمرة مع ًا‪.‬‬

‫(‪ )1‬سيأيت ذكره يف صفحة (‪.)93‬‬


‫(‪ )2‬أي‪ :‬وهو يريد أن حيرم عن نفسه‪( .‬حاشية الرتميس ‪)97/6‬‬

‫(‪)7‬‬
‫األول‪ :‬اإلحرام باحلج للمقيم بمكة ـ سواء كان مكي ًا أم ال(‪)1‬ـ‪..‬‬
‫من نفس مكة(‪ ،)2‬ولو قارن ًا أو متمتع ًا أو آفاقي ًا(‪ ،)3‬وجيوز أن حيرم من‬
‫مجيع نواحي مكة ال من خارجها ولو حماذي ًا هلا ـ عند ابن حجر ـ؛‬
‫يه َو َس َّل َم‪َ « :‬حت َٰى َأ ْه ُل َم َك َة‪ِ ..‬م ْن َم َك َة»‪.‬‬
‫لقوله ص َّل اهلله َع َل ح‬
‫َ ى‬

‫(‪ )1‬والغريب ـ وهو مقابل املكي ـ إذا كان حيرم من مكة متمتع ًا‪ ،‬أو اتفق هلبثه هبا سنة‪،‬‬
‫فأراد اإلحرام‪ ..‬فسبيله سبيل املكي‪ ،‬أي‪ :‬فيحرم من مكة‪ ،‬وأما من مسكنه بعد‬
‫امليقات ولو يف احلرم‪ ..‬يكون حمله ميقاته‪( .‬هناية املطلب ‪ ،213/4‬هناية املحتاج ‪)258/3‬‬

‫(‪ )2‬وذكر يف الروضة‪ :‬أما املقيم بمكة مكي ًا كان أو غريه‪ ،‬ففي ميقاته للحج وجهان‪:‬‬
‫أصحهام‪ :‬نفس مكة‪ .‬والثاين‪ :‬مكة وسائر احلرم‪.‬‬
‫فعل األول‪ :‬لو فارق بنيان مكة وأحرم يف احلرم‪ ..‬فهو ميسء يلزمه الدم وإن مل‬
‫ى‬
‫وعل الثاين‪ :‬حيث أحرم يف احلرم‪ ..‬فال إساءة‪ ،‬أما إذا‬
‫ى‬ ‫يعد كمجاوزة سائر املواقيت‪.‬‬
‫أحرم خارج احلرم‪ ..‬فميسء قطع ًا‪ ،‬فيلزمه الدم‪ ،‬إال أن يعود قبل الوقوف بعرفة إ ىل‬
‫عل الثاين‪( .‬روضة الطالبني ‪)38/3‬‬
‫عل األصح أو احلرم ى‬
‫مكة ى‬
‫(‪ )3‬اآلفاقي‪ :‬هو من مسكنه فوق امليقات الرشعي‪( .‬روضة الطالبني ‪)38/3‬‬

‫(‪)8‬‬
‫وعند الرميل‪ :‬فلو أحرم من حماذاة مكة‪ ..‬فال إساءة وال دم‪ ،‬كام لو‬
‫أحرم من حماذاة سائر املواقيت(‪.)1‬‬
‫أما لو فارق حدود مكة وأحرم يف حد احلرم أو خارج احلرم‪..‬‬
‫فقد أساء ويلزمه الدم إن مل يعد إ ىل مكة قبل وقوف عرفة‪ ،‬كام لو‬
‫جاوز خطة قرية هي ميقاته ثم أحرم‪.‬‬
‫مسألة‪ :‬هل األفضل للمقيم بمكة أن حيرم من باب داره‪ ،‬أو من‬
‫عل‬
‫املسجد احلرام؟ املعتمد أن حيرم من باب داره ‪ ،‬لكن يسن له ى‬
‫(‪)2‬‬

‫نحو هذا الرتتيب‪:‬‬


‫‪ .1‬أن يصيل ركعتا اإلحرام باملسجد‪.‬‬

‫(‪ )1‬الذي وافق ابن حجر يف عدم جواز اإلحرام بمحاذاة مكة‪ :‬تلميذه عبد الرؤوف‬
‫الزمزمي‪ ،‬والذي وافق الرميل بجواز املحاذاة‪ :‬املحب الطربي وشيخ اإلسالم‬
‫الكربى للكُردي ‪)399/4‬‬
‫ٰ‬ ‫واخلطيب الرشبيني‪( .‬احلاشية‬

‫عل األغلب‪ ،‬أما من ال دار له‪ ..‬فظاهر أنه حيرم من‬


‫جرى ى‬
‫ى‬ ‫(‪ )2‬قوله (من باب داره)‪:‬‬
‫املسجد بعد فعل الركعتي فيه‪ ،‬وعند إرادة التوجه لعرفة ثم يطوف للوداع‪ ،‬وظاهر‬

‫أيض ًا أن من بخلوة من رباط‪ ..‬حيرم من باهبا ال بابه‪( .‬حاشية ابن حجر ٰ‬


‫عّل اإليضاح‬

‫ص‪)168‬‬
‫(‪)9‬‬
‫‪ .2‬ثم يأيت إ ىل باب داره فيحرم عند أخذه يف السري بنفسه أو‬
‫دابته؛ إذ اإلحرام ال يسن له عقب الركعتي‪ ،‬بل عند اخلروج‬
‫إ ىل عرفة أو إ ىل من ىى(‪.)1‬‬
‫‪ .3‬ثم يدخل املسجد حمرم ًا لطواف الوداع املسنون له(‪.)2‬‬
‫وال يسن للمقيم بمكة أن حيرم من الطرف األبعد عن مقصده‬
‫عل ميقات أو ميقاته قريته أو‬‫مر ى‬‫ليقطع الباقي حمرم ًا‪ ،‬بخالف من َّ‬
‫حح َّلته‪ ..‬فإنه حيرم من الطرف األبعد من مكة؛ ليقطع الباقي حمرم ًا‪.‬‬

‫عل ميقات أو ميقاته قريته أو حلته‪ ..‬يقصد‬


‫مر ى‬
‫والفرق‪ :‬أن من َّ‬
‫مكان ًا أرشف مما هو به ـ أي يقصد مكة ـ واملقيم بمكة إذا خرج من‬

‫(‪ )1‬قال الشافعي‪ :‬أحب ملن أحرم يف بلده أن خيرج متوجه ًا يف طريق حجه عقب‬
‫إحرامه وال يقيم بعد إحرامه‪ ،‬قال الشافعي‪ :‬وكذا لو كان إحرامه من جوف مكة‪.‬‬
‫(جمموع اإلمام النووي ‪)210/7‬‬

‫(‪ )2‬قال ابن حجر‪ :‬وإنام مل يعد ندب هذا التعريج صارف ًا عن قصد التوجه لعرفة؛ ألنه‬
‫من متعلقاته‪( .‬فتح اجلواد ‪)243/1‬‬

‫(‪)10‬‬
‫مكة إ ىل عرفات‪ ..‬فهو منتقل من األفضل إ ىل غري األفضل‪ ،‬فكيف‬
‫يقاس احلل باحلرم حت ىى يستحب قصده من األماكن البعيدة‪.‬‬
‫عّل أسن ٰى الطالب ‪،459/1‬‬
‫(جمموع اإلمام النووي ‪ ،210/7‬فتح العزيز ‪ ،78/7‬حاشية الرميل ٰ‬
‫ى الكريم‬
‫حتفة املحتاج وحاشية الرشواين ‪ ،37/4‬هناية املحتاج وحاشية الشربامليس ‪ ،258/3‬برش ٰ‬
‫ص‪ ،608‬إعانة الطالبني ‪ ،341/2‬اإلقناع ‪ ،442/2‬حاشية الرتميس ‪)98/6‬‬

‫(‪)11‬‬
‫[من كان مقي ًام بمكة ثم أحرم خارج بنياهنا]‪:‬‬

‫من كان مقي ًام بمكة ثم أحرم خارج بنيان مكة‪ ..‬فله حالتان‪:‬‬
‫األول‪ :‬إذا وصل إ ىل مرحلتي فأكثر‪ ..‬فلها ثالث صور‪:‬‬
‫ٰ‬ ‫احلالة‬
‫‪ .1‬أنه إذا كان ميقات اجلهة التي خرج إليها أبعد من مرحلتي‪..‬‬
‫فيتعي هنا الوصول مليقات اآلفاقي أو حماذاته يمين ًا أو شامالً‬
‫وإن َب هعد عنه أو مثل مسافته‪ ،‬وإال‪ ..‬أساء ولزمه دم؛ ألنه ملا‬
‫بلغ مرحلتي أو أكثر‪ ..‬صار بمنزلة األجنبي عن مكة‪.‬‬
‫بخالف‪:‬‬
‫عل مرحلتي‪،‬‬
‫‪ .2‬ما إذا كان ميقات جهة خروجه ى‬
‫‪ .3‬أو إذا مل يكن هلا ميقات‪ ..‬فيكفي الوصول إ ىل مرحلتي وإن‬
‫مل يصل إ ىل عي امليقات‪.‬‬
‫وعّل كال املسألتني‪ :‬إذا وصل إ ىل عي امليقات أو حماذاته أو مثل‬
‫ٰ‬
‫مسافته يف املسألة األو ىل‪ ،‬أو وصل إ ىل مرحلتي يف املسألة الثانية‪..‬‬
‫سقط الدم‪.‬‬

‫(‪)12‬‬
‫وأما قضية اإلثم‪ ..‬فننظر‪ :‬إن قصد ابتداء عند اخلروج من مكة‬
‫الوصول إ ىل امليقات أو العود إ ىل مكة لإلحرام منها أو حمرم ًا‪ ..‬فال‬
‫إثم‪ ،‬بخالف ما إذا فارقها بقصد اإلحرام خارجها من غري قصد‬
‫الوصول مليقات وال قصد العود إليها‪ ..‬فينبغي حتريمه وإن وصل‬
‫بعد ذلك مليقات أو عاد إليها‪ ،‬نعم ينبغي عدم التحريم عند‬
‫اإلطالق‪ ،‬أي‪ :‬بأن مل يقصد شيئ ًا‪.‬‬
‫احلالة الثانية‪ :‬إذا وصل إ ىل أقل من مرحلتي‪.‬‬
‫فاحلكم فيها‪ :‬أنه إن مل يرجع إ ىل مكة قبل الوقوف بعرفة(‪ ..)1‬أساء‬
‫ولزمه دم‪ ،‬بخالف إذا رجع إ ىل مكة قبل الوقوف‪ ..‬فإنه يسقط الدم‪.‬‬

‫(‪ )1‬وجه اعتبارهم للوقوف هنا دون غريه ـ بخالف ما يأيت يف نحو امليسء بمجاوزة‬
‫امليقات ـ بأنه ال يتصور هنا فعل نسك واجب وال مندوب غريه؛ ألن الفرض أن‬
‫املكي أحرم خارج مكة وأراد سقوط الدم بعوده إليها قبل أن يبعد عنها مرحلتي‬
‫وقبل أن يقف‪ ،‬فبدخوله إليها حينئذ‪ ..‬يسقط الدم‪ ،‬بخالف ما لو بعد عنها مرحلتي‬
‫ومل يصل مليقات؛ لتقرر الدم عليه بمصريه كاألجنبي منها‪ ،‬وبأنه عاد إليها بعد‬
‫منى نسك‪ ،‬فه َّ‬
‫ال أحلق‬ ‫قلت‪ :‬نحو مبيت ى‬
‫الوقوف فلم يمكن اعتبار نسك غريه‪ ،‬فإن َ‬
‫=‬ ‫عل صورة الركن‪ ..‬فأحلق به‪،‬‬
‫فرق بأن هذا ى‬
‫قلت‪ :‬هي َّ‬
‫بنحو طواف القدوم‪ ،‬ه‬
‫(‪)13‬‬
‫هذا كله يف دم ترك اإلحرام من مكة؛ ملا فيها من اإلساءة؛ وألنه‬
‫ببعده عن مكة مرحلتي‪ ..‬انقطعت نسبته إليها فصار كاآلفاقي‬
‫فتعي ميقات جهته أو حماذيه أو مثل مسافته‪( .‬جمموع اإلمام النووي ‪،180/7‬‬

‫حتفة املحتاج وحاشية الرشواين ‪ 37/4‬ـ ‪ ،38‬حاشية الرتميس ‪)100/6‬‬

‫والثاين(‪ :)1‬اإلحرام بالعمرة‪ :‬من أراد اإلحرام بالعمرة فقط فمن‬


‫كان باحلرم من مكة وغريها‪ ..‬يلزمه اخلروج إل أدنى ح‬
‫احلل(‪ )2‬من أي‬ ‫ى ى‬
‫جانب شاء يقين ًا أو ظن ًا بأن جيتهد ويعمل بام غلب ى‬
‫عل ظنه بالنسبة‬ ‫( ‪)3‬‬

‫عل صورة ركن‪ ..‬فلم يعترب‪ .‬اهـ رشح العباب‬


‫بخالف نحو املبيت فإنه ليس ى‬ ‫=‬
‫عّل الغرر البهية ‪)114/4‬‬ ‫البن حجر‪( .‬تقرير الرشبيني ٰ‬
‫عّل حاشية ابن قاسم ٰ‬
‫(‪ )1‬تابع لألول وهو اإلحرام باحلج صفحة (‪.)8‬‬
‫(‪ )2‬سبب وجوب اخلروج‪ :‬أنه ـ َص َّ ىل اهلله َع َل حيه َو َس َّل َم ـ أرسل عائشة مع أخيها عبد‬
‫الرمحن إ ىل التنعيم فاعتمرت منه‪ ،‬ولو مل جيب ذلك ملا أرسلها مع ضيق الوقت برحيل‬
‫احلجاج؛ وليحصل له فيها اجلمع بي احلرم واحلل‪ ،‬كام يف احلج فإنه فيه اجلمع بي‬
‫(برشى الكريم ص‪ ،609‬حاشية الرشواين ‪ ،49/4‬إعانة الطالبني ‪)342/2‬‬
‫ٰ‬ ‫احلرم واحلل بعرفة‪.‬‬
‫(‪ )3‬أي‪ :‬إن مل جيد خمرب ًا عن علم‪ ،‬وإال لزمه اتباعه‪ ،‬والظاهر ـ أخذ ًا مما ذكروه يف‬
‫عل االجتهاد‪ ..‬مل جيز له التقليد‪ ،‬وإال لزمه‪( .‬حاشية‬
‫أنه حيث قدر ى‬ ‫االجتهاد يف القبلة ـ‬
‫الرشواين ‪)49/4‬‬

‫(‪)14‬‬
‫ملا مل يتعرضوا لتحديد احلرم فيه‪ ،‬فإن مل يظهر له يشء أو مل جيد عالمة‬
‫لالجتهاد‪ ..‬تعي عليه االحتياط بأن يصل إ ىل أبعد حدٍّ عن يمينه أو‬
‫يساره‪ ،‬ولو أخرج إحد ىى رجليه عن احلرم واعتمد عليها وأحرم‪..‬‬
‫كفاه‪.‬‬

‫[حكم من كان باحلرم وأحرم بالعمرة فيها]‪:‬‬

‫ولو أحرم يف احلرم ومل خيرج إ ىل احلل وأت ىى بأفعال العمرة‪ ..‬لزمه‬
‫اإلثم والدم واحلط عن األجرة إن كانت العمرة لغريه؛ لرتكه‬
‫اإلحرام من امليقات‪ ،‬وكذلك أجزأته عن عمرة اإلسالم وغريها؛‬
‫النعقاد إحرامه اتفاق ًا وإتيانه بعده بالواجبات‪.‬‬
‫ال ومل ح‬
‫ينو اخلروج عند‬ ‫وحمل اإلثم‪ :‬إذا كان مكلف ًا عامل ًا عامد ًا مستق ً‬
‫اإلحرام‪.‬‬
‫فلو خرج إل ح‬
‫احلل بعد إحرامه وقبل الرشوع يف طوافها(‪ ..)1‬فحكمه‬ ‫ى‬
‫كالتايل‪:‬‬

‫(‪ )1‬أي‪ :‬قبل جماوزته احلجر‪ ،‬فال عربة بام تقدم عليها‪( .‬حاشية الرشواين ‪)50/4‬‬

‫(‪)15‬‬
‫‪ .1‬أنه ال إثم عليه إن كان عند اإلحرام عازم ًا ى‬
‫عل اخلروج وإال‪..‬‬
‫أثم(‪.)1‬‬
‫‪ .2‬وال دم(‪ )2‬عليه وإن مل ينو اخلروج إ ىل احلل حالة اإلحرام‪.‬‬
‫‪ .3‬وال حط عن األجرة‪.‬‬
‫عل اخلروج‬
‫فإن أراد سقوط اإلثم الذي حصل بسبب عدم عزمه ى‬
‫إ ىل احلل حالة اإلحرام‪ ..‬فليخرج إ ىل احلل بقصد التدارك ألجل‬
‫الواجب‪ ،‬أما إذا خرج وكانت نيته لغرض آخر كشغل أو تنزه‪ ..‬فال‬
‫يسقط اإلثم‪.‬‬

‫(‪ )1‬ويف (حاشية الرشواين ‪ )50/4‬نق ً‬


‫ال عن الشربامليس‪ :‬أما اإلثم‪ ..‬فالوجه أنه إذا أحرم‬

‫هبا قبل اخلروج عازم ًا ى‬


‫عل اخلروج بعد اإلحرام‪ ..‬فال إثم‪ ،‬وإال‪ ..‬أثم‪ ،‬وظني أن النفل‬
‫عل املنهج)‪.‬‬
‫كذلك‪ ،‬فلرياجع‪ .‬اهـ (ابن قاسم ى‬
‫انتهى إ ىل امليقات‬
‫ى‬ ‫(‪ )2‬أي‪ :‬كام لو جاوز امليقات ثم عاد إليه حمرم ًا‪ ،‬والفرق أن ذاك قد‬
‫عل قصد النسك ثم جاوزه فكان مسيئ ًا حقيقة‪ ،‬وهذا املعن ىى غري موجود ههنا‪ ،‬فكان‬
‫ى‬
‫شبيه ًا بمن أحرم قبل امليقات‪( .‬هناية املحتاج ‪)236/3‬‬

‫(‪)16‬‬
‫وأما بالنسبة لسقوط الدم‪ ..‬فيسقط بمجرد اخلروج إ ىل احلل‪ ،‬ولو‬
‫كان خروجه لغرض آخر كاحتطاب أو ال لغرض أص ً‬
‫ال(‪.)1‬‬
‫والثالث‪ :‬إن أراد اإلحرام باحلج والعمرة مع ًا ـ أي‪ :‬ح‬
‫الق َران ـ ‪..‬‬
‫فمن مسكنه أو من مكة‪ ،‬ومل يلزمه اخلروج إ ىل أدن ىى احلل(‪)2‬؛ تغليب ًا‬
‫للحج‪.‬‬

‫عل الوقوف حيث ال يرض فيه الصارف‪ ،‬إذ القصد قطع املسافة حمرم ًا‪ .‬اهـ‬
‫(‪ )1‬قياس ًا ى‬
‫عل نظم ابن املقري لدماء احلج‪( .‬حاشية اجلمل ‪)399/2‬‬
‫جل َّامل املكي ى‬
‫من رشح ابن ا َ‬
‫أدنى احلل كام لو أراد العمرة‬
‫(‪ )2‬وقيل‪ :‬إن أراد القران‪ ..‬لزمه إنشاء اإلحرام من ى‬
‫عل اإليضاح‬
‫وحدها‪( .‬اإليضاح يف مناسك احلج ص‪ ،)168‬وقال ابن حجر يف حاشيته ى‬
‫عل األصح يسن له ذلك؛ خروج ًا من هذا اخلالف‪.‬‬
‫(ص‪ :)168‬يؤخذ منه أنه ى‬
‫(‪)17‬‬
‫[أفضل بقاع ِ‬
‫احل ِّل لإلحرام بالعمرة]‪:‬‬
‫‪ .1‬ح‬
‫اجل ْعرانة(‪.)1‬‬
‫‪ .2‬ثم التنعيم‪ ،‬املعروف اآلن بـ"مساجد عائشة"(‪ ،)2‬واملعترب يف‬
‫بأعل اجلبل(‪.)3‬‬
‫ى‬ ‫حده‪ :‬ما باألرض‪ ،‬ال ما‬

‫وحكي‬
‫عل األفصح‪ ،‬ه‬ ‫ِ‬
‫(‪ )1‬اجلعرانة‪ :‬وهي بكرس اجليم وسكون العي وختفيف الراء ى‬
‫كرس العي وتثقيل الراء وعليه أكثر املحدثي‪ ،‬سميت باسم امرأة كانت تسكنها‪ ،‬قيل‪:‬‬
‫اعتمر منها ثالثامئة نبي عليهم الصالة والسالم‪ ،‬قال باعشن يف «برش ىى الكريم»‪:‬‬
‫"واستشكل تقديم اجلعرانة يف األفضلية؛ ألنه َص َّ ىل اهلله َع َل حيه َو َس َّل َم أحرم منها يف‬
‫رجوعه من غزوة حني‪ ،‬ومل يكن يف احلرم‪ ،‬والكالم يف األفضل ملن هو فيه‪ ،‬وهو‬
‫ظاهر"‪ ،‬وقال الواقدي‪ :‬إنه َص َّ ىل اهلله َع َل حيه َو َس َّل َم أحرم من اجلعرانة من املسجد‬
‫قصوى يف ليلة األربعاء لثنتي عرشة بقيت من‬
‫ى‬ ‫األقص الذي حتت الوادي بالعدوة ال‬
‫ى‬
‫برشى الكريم ص‪ ،609‬حاشية قليويب ‪/2‬‬
‫ٰ‬ ‫تهى اهـ (ونائي)‪( .‬إعانة الطالبني ‪،343/2‬‬
‫ذي القعدة ان ى‬
‫‪ ،121‬حاشية اجلمل ‪ ،398/2‬حاشية الرشواين ‪)50/4‬‬

‫(‪ )2‬أي‪ :‬زوجة النبي َص َّ ىل اهلله َع َل حيه َو َس َّل َم ‪ ،‬هنسب إليها؛ إلحرامها بالعمرة منه بأمره‬
‫ح‬
‫ل اهلله َع َليه َو َس َّل َم‪( .‬حاشية قليويب ‪)121/2‬‬‫َص َّ ى‬
‫وعل شامله جبل يقال له ناعم‪،‬‬
‫ى‬ ‫(‪ )3‬سمي بذلك‪ :‬ألن يمينه جبل يقال له نعيم‪،‬‬
‫والوادي نعامن‪( .‬خمترص تشييد البنيان ص‪)230‬‬

‫(‪)18‬‬
‫‪ .3‬ثم احلديبية(‪ ،)1‬وفيها مسجده َص َّ ىل اهلله َع َل حيه َو َس َّل َم الذي بويع‬
‫فيه حتت الشجرة‪.‬‬
‫وسبب كون األفضل يف اإلحرام يف هذه الثالثة‪:‬‬
‫‪ .1‬لالتباع يف األول‪ ،‬وهو أنه َص َّ ىل اهلله َع َل حيه َو َس َّل َم (اِ ْعت ََم َر ِمن َْها‬
‫وع ِه ِم ْن ُحن َْني َسنَ َة َث َامن َبعدَ‬ ‫ك ِيف رج ِ‬
‫ُ ُ‬ ‫َل ْي ًال‪ُ ،‬ث َم َأ ْص َب َح(‪َ )2‬ك َبائِت َو َذلِ َ‬
‫َفتْحِ َم َك َة) [متفق عليه]‪ ،‬قال ابن حجر‪ :‬واجلعرانة أو ىل؛ ألنه َص َّ ىل اهلله‬
‫َع َل حيه َو َس َّل َم اعتمر منها مرة‪ ،‬فمن قال مرتي‪ ..‬فقد غلط‪.‬‬
‫‪ .2‬وألمر عائشة باالعتامر يف الثاين(‪.)3‬‬

‫(‪ )1‬احلديبية خم َّففة الياء‪ ،‬وقيل‪ :‬مشددة‪ :‬اسم بئر ـ أي‪ :‬مكان مشتمل ى‬
‫عل بئر ـ بي‬
‫طريق ححدة‪ ،‬ح‬
‫وحدة باحلاء يف طريق جدة واملدينة‪ ،‬يقال‪ :‬أهنا املعروفة ببئر شمس‪،‬‬
‫سميت بذلك ألن عندها شجرة حدباء‪ ،‬كانت بيعة الرضوان حتتها فصغرت‪( .‬إعانة‬

‫الطالبني ‪ ،343/2‬برش ٰى الكريم ص‪ ،610‬حاشية البجْيمي ع ّٰل املنهج ‪ ،111/2‬حاشية اجلمل ‪)398/2‬‬

‫(‪ )2‬قوله (ثم أصبح) أي‪ :‬ثم عاد بعد االعتامر إ ىل اجلعرانة فأصبح فيها‪ ،‬فكأنه بات‬
‫فيها ومل خيرج منها‪( .‬حاشية الرشواين ‪)50/4‬‬

‫(‪ )3‬وذهب معها أخيها عبدالرمحن ريض اهلل عنهام‪ ،‬وقدَّ م النبي َص َّ ىل اهلله َع َل حيه َو َس َّل َم‬
‫عل يمينه‬
‫عل اجلعرانة؛ لضيق الوقت أو لبيان اجلواز‪ ،‬سمي بذلك؛ ألن ى‬
‫احلديبية ى‬
‫(‪)19‬‬
‫‪ .3‬وهلم حه باالعتامر منه يف الثالث(‪.)1‬‬
‫قال ابن حجر يف التحفة‪ :‬وسبب فضل اإلحرام بالعمرة من‬
‫صل هبا وأراد الدخول لعمرته‬ ‫ى‬ ‫احلديبية أنه َص َّ ىل اهلله َع َل حيه َو َس َّل َم‬
‫هم باالعتامر منها‪ ..‬فقد وهم( ‪)2‬؛ ألنه لحـام أحرم من‬ ‫منها‪ ،‬ومن قال‪َّ :‬‬
‫ذي احلليفة‪.‬‬
‫ح‬ ‫ح‬
‫وقال الرميل‪ :‬ف هقدم فع هله َص َّ ىل اهلله َع َليه َو َس َّل َم(‪ )3‬ثم َأ ه‬
‫مره ثم ََهه‪،‬‬
‫عل الفاضل‪.‬‬
‫وإن زادت مسافة املفضول ى‬

‫وعل يساره جب ً‬
‫ال يقال له‪ :‬ناعم‪ ،‬والوادي نعامت (هناية ومغني)‪.‬‬ ‫ى‬ ‫جب ً‬
‫ال يقال له‪ :‬نعيم‬
‫(حاشية الرشواين ‪ ،50/4‬حاشية اجلمل ‪)397/2‬‬

‫(‪ )1‬وَهه بذلك مع متكنه من الدخول من غريه املساوي له من حيث إنه من بقاع‬
‫عل غريه فتأمل‪( .‬حاشية قليويب ‪)121/2‬‬
‫عل أفضليته ى‬
‫احلرم‪ ..‬دليل ى‬
‫(‪ )2‬التعبري باهلم املذكور‪ ..‬قاله الغزايل‪ ،‬وصوب يف املجموع أنه أحرم من ذي احلليفة‬
‫وإنام هم بالدخول إ ىل مكة من احلديبية‪ ،‬وجياب بإمكان اجلمع بينهام بأنه هم أوال‬
‫باالعتامر منها ثم بعد إحرامه هم بالدخول منها‪( .‬هناية املحتاج ‪)264/3‬‬

‫(‪ )3‬قوله ( َف هقدم فعله‪ :)...‬وال ينافيه ذا قاعدة الشافعي يف األصول أنه إذا تعارض‬
‫القول والفعل وعهلحم التاريخ‪ ..‬كان املتأخر ناسخ ًا؛ ألن أمره باالعتامر من التنعيم وإن‬
‫(‪)20‬‬
‫فائدة‪ :‬يندب ملن مل حيرم من أحد هذه الثالثة‪ ..‬أن جيعل بينه وبي‬
‫احلرم بطن واد ـ أي‪ :‬أي واد كان ـ‪ ،‬ثم حيرم‪.‬‬
‫(حتفة املحتاج وحاشية الرشواين ‪ ،49/4‬فتح اجلواد ‪ ،243/1‬هناية املحتاج ‪ ،264/3‬حاشية‬
‫ى الكريم ص‪)609‬‬
‫قليويب ‪ ،120/2‬حاشية اجلمل ‪ ،399/2‬برش ٰ‬

‫والقسم الثاين‪ :‬املقيم خارج مكة‪:‬‬

‫عل حالتي‪ ،‬فإما أن يكون يف طريقه إ ىل مكة ميقات‪ ،‬أو ال‬


‫وهو ى‬
‫ميقات له يف طريقه‪ ،‬سواء كان طريقه بالرب أو البحر أو اجلو‪..‬‬
‫فاحلكم فيه واحد‪ ،‬إال أن اآليت بطريق البحر أو اجلو لن يمر بعي‬
‫امليقات ولكن سيحاذيه‪.‬‬

‫حتى يكون ناسخ ًا له‪.‬‬ ‫ح‬


‫كان متأخر ًا‪ ..‬عهلم أنه لضيق الوقت فلم يكن معارض ًا لفعله ى‬
‫اهـ‪ .‬رشح العباب البن حجر‪( .‬حاشية الرشبيني ٰ‬
‫عّل الغرر البهية ‪)118/4‬‬

‫(‪)21‬‬
‫إل مكة ميقات]‪:‬‬
‫األول‪[ :‬أن يكون يف طريقه ٰ‬
‫ٰ‬ ‫احلالة‬

‫إل مكة ميقات ـ سواء كان من آفاقي أو مكي ـ‬


‫فمن كان يف طريقه ى‬
‫وقصد مكة للنسك حج ًا أو عمرة‪ ..‬حيرم باحلج والعمرة من عي‬
‫امليقات التي أ َّقتها النبي َص َّ ىل اهلله َع َل حيه َو َس َّل َم أو ما حياذهيا أو مثل‬
‫مسافتها‪ ،‬وال يتعي سلوك نفس املواقيت‪.‬‬
‫والعربة يف هذه املواقيت‪ ..‬بالبقعة‪ ،‬ال بام هبنح َي ولو قريب ًا منها‬
‫بنقضها‪ ،‬وإن هسمي باسمها‪.‬‬
‫[املواقيت التي أ َقتها النبي ص َّل اهللُ ع َل ِ‬
‫يه َو َس َل َم]‪:‬‬ ‫َ‬ ‫َ ٰ‬
‫‪ .1‬ذو احلليفة(‪ ،)1‬املسامة بـ"أبيار عيل"(‪ ،)2‬وهو ميقات املتوجه من‬
‫املدينة والشام ـ كام هي عادهتم اآلن ـ‪ ،‬لكن برشط أن‬
‫يسلكوا طريقها‪.‬‬

‫حل ْلفاء نبات معروف‪ ،‬وهي أبعد املواقيت من‬


‫حل َلفة بفتح أوله واحدة ا َ‬
‫(‪ )1‬تصغري ا َ‬
‫برشى الكريم ‪)611‬‬
‫ٰ‬ ‫مكة‪( .‬حتفة املحتاج وحاشية الرشواين ‪،39/4‬‬

‫(‪ )2‬تزعم العامة أهنا نسبت لسيدنا عيل ‪-‬كرم اهلل وجهه‪-‬؛ ألنه قا َت َل اجلن فيها‪ ،‬وال‬
‫أصل له‪ ،‬بل تنسب إليه؛ لكونه حفرها‪( .‬حتفة املحتاج وحاشية الرشواين ‪)39/4‬‬

‫(‪)22‬‬
‫وأما إن مل يسلكوا طريقها وسلكوا طريق اجلحفة أو ذات عرق‪..‬‬
‫فام سلكوا طريقه فهو ميقاهتم وإن حاذوا ميقات ًا قبله؛ ألن عي‬
‫مر بميقات فهو من أهله‪ ،‬كام إذا‬
‫امليقات أقو ىى من حماذاته‪ ،‬فكل من َّ‬
‫ومر بعي اجلحفة‪.‬‬
‫حاذ ىى ذا احلليفة َّ‬
‫‪ .2‬اجلحفة(‪ ،)1‬وهو ميقات املتوجه من الشام ـ الذين ال يمرون‬
‫بذي احلليفة ـ وأهل مرص واملغرب‪.‬‬
‫واإلحرام من رابغ أفضل من اجلحفة بأحد رشطي‪:‬‬
‫أ‪ .‬إن جهلت اجلحفة‪.‬‬
‫ب‪ .‬أو تعذر هبا فعل السنن(‪.)2‬‬

‫(‪ )1‬اجلحفة‪ :‬وهي قرية خربة‪ ،‬سميت بذلك؛ ألن السيل نزل عليها فأجحفها‪ ،‬أي‪:‬‬
‫(برشى الكريم ‪ ،610‬حاشية اجلمل ‪)401/2‬‬
‫ٰ‬ ‫أزاهلا وأذهبها‪ ،‬وهي أوسط املواقيت‪.‬‬
‫(‪ )2‬واإلحرام من رابغ ـ وهي قبل اجلحفة بيسري ـ الذي اعتيد ليس مفضوالً لكونه‬
‫عل أكثر احلجاج‪ ،‬فلو عرف‬
‫قبل امليقات؛ بل لعلتي‪ :‬األول‪ :‬لرضورة انبهام اجلحفة ى‬
‫واحد عينها يقين ًا‪ ..‬كان توجهه إ ىل اإلحرام منها أفضل‪.‬‬
‫مستثنى من‬
‫ى‬ ‫والثاين‪ :‬لعدم ماء هبا يغتسلون به لإلحرام‪ .‬قال احلفني‪ :‬ويكون هذا‬
‫=‬ ‫مفضولية اإلحرام قبل امليقات ملن بطريقه ميقات‪.‬‬
‫(‪)23‬‬
‫والسنن‪ :‬كغسل اإلحرام‪ ،‬وكالتنظف بقص شارب وأخذ شعر‬
‫اإلبط والعانة واألظفار ـ إال يف عرش ذي احلجة ملريد التضحية ـ‬
‫وإزالة الريح الكرهية واألوساخ‪ ،‬وغسل الرأس بسدر ونحوه‪ ،‬ويكون‬
‫عل الغسل‪ ،‬ويندب أيض ًا أن يلبد َّ‬
‫الذ َكر شعره‬ ‫تقديم هذه األمور ى‬
‫بصمغ ونحوه؛ لئ َّ‬
‫ال يتولد فيه القمل‪ ،‬وال يتشعث يف مدة اإلحرام‪،‬‬
‫ويكون التلبيد بعد الغسل‪ ،‬ويسن كذلك تطييب البدن قبل اإلحرام‪،‬‬
‫إل الكوع فقط‪،‬‬
‫وأن ختضب املرأة غري املحدَّ ة قبل اإلحرام يدهيا ى‬
‫يصل ركعتي لإلحرام‪،‬‬
‫ى‬ ‫ومتسح وجهها بيشء منه‪ ،‬ويسن كذلك أن‬
‫يصل يف مسجد امليقات إن كان َث َّم مسجد‪.‬‬
‫ى‬ ‫واألفضل أن‬

‫قلت‪ :‬كيف هجعلت ميقات ًا مع نقل مح ىَّى املدينة إليها أوائل اهلجرة بدعائه‬ ‫= فإن َ‬
‫لت‪ :‬ما عهلحم‬ ‫ح‬
‫مر هبا طائر هح َّم؟ ق ُ‬ ‫َص َّ ىل اهلله َع َليه َو َس َّل َم ؛ لكوهنا مسكن اليهود‪ ،‬ى‬
‫حتى لو َّ‬
‫عل‬ ‫يه َو َس َّل َم ال يأمر بام فيه رضر‪ ..‬يوجب ه‬‫من قواعد الرشع أنه ص َّل اهلله َع َل ح‬
‫محل ذلك ى‬ ‫َ ى‬
‫أهنا انتقلت إليها مدة مقام اليهود هبا ثم زالت بزواهلم من احلجاز‪ ،‬أو قبله حي‬
‫التوقيت هبا‪ ،‬وقد أ َّق َت النبي ص َّل اهلله َع َل ح‬
‫يه َو َس َّل َم املواقيت‪ ..‬عام حجه‪( .‬حتفة املحتاج‬ ‫َ ى‬
‫عّل املنهج ‪)111/2‬‬
‫وحاشية الرشواين ‪ ،39/4‬حاشية البجْيمي ٰ‬
‫(‪)24‬‬
‫ـم َل هم ويرمرم‪ ،‬مشهور يف زماننا‬ ‫‪َ .3‬ي َل ْم َلم(‪ ،)1‬ويقال له‪ :‬أ َل ْ‬
‫بالسعدية‪ ،‬وهو ميقات املتوجه من حهتامة اليمن(‪.)2‬‬
‫‪َ .4‬ق ْرن املنازل(‪ ،)3‬وهو ميقات املتوجه من نجد اليمن ونجد‬
‫احلجاز(‪.)4‬‬
‫‪ .5‬ذات ِع ْرق(‪ ،)5‬وهو ميقات املتوجه من املرشق كالعراق‬
‫وخراسان‪.‬‬

‫ح‬
‫(‪ )1‬قال الكردي‪ :‬جبل من جبال هتامة جنويب مكة مشهور بـ"السعدية"‪( .‬برش ٰ‬
‫ى‬

‫الكريم ص‪)610‬‬

‫(‪ )2‬أي‪ :‬من األرض املنخفضة من أرض اليمن‪ ،‬فالتهامة اسم لألرض املنخفضة‪،‬‬
‫ويقابلها نجد‪ ،‬فإن معناه األرض املرتفعة‪ ،‬وقال النووي‪ :‬قال أصحابنا‪ :‬وحيث جاء‬
‫يف احلديث وغريه أن يلملم ميقات أهل اليمن‪ ..‬املراد‪ :‬ميقات حهتامة ال كل اليمن‪،‬‬
‫فإن نجد اليمن ميقاهتم ميقات نجد احلجاز‪( .‬حاشية الرشواين ‪ ،39/4‬اإليضاح يف مناسك‬

‫احلج ص‪)171‬‬

‫(برشى الكريم ص‪)610‬‬


‫ٰ‬ ‫عل مرحلتي من مكة‪.‬‬
‫(‪ )3‬قرن‪ :‬جبل عند الطائف ى‬
‫(‪ )4‬احلجاز واليمن مشتمالن عل نجد ح‬
‫وهتامة‪ ،‬فإذا أطلق نجد‪ ..‬فاملراد به نجد‬ ‫ى‬
‫احلجاز‪( .‬حاشية ابن حجر ٰ‬
‫عّل اإليضاح ص‪)171‬‬

‫عل العقيق‪ ،‬وهو واد‪.‬‬ ‫ح‬


‫(برشى الكريم ص‪)610‬‬
‫ٰ‬ ‫(‪ )5‬ع ْرق‪ :‬اجلبل الصغري املرشف ى‬
‫(‪)25‬‬
‫ويسن للمتوجه من املرشق‪ ..‬اإلحرام من العقيق‪ ،‬وهو هقبيل‬
‫عرق؛ ألنه أبعد من مكة‪ ،‬وألنه ورد أنه ميقات أهل‬
‫ذات ْ‬
‫املرشق(‪.)1‬‬
‫وأ َّما توقيت عمر بن اخلطاب ريض اهلل عنه ذات عرق‪ ..‬فاجتهاد‬
‫ح‬
‫ل اهلله َع َليه َو َس َّل َم‪:‬‬
‫مر عند النسائي قوله َص َّ ى‬
‫منه وافق النص‪ ،‬وهو كام َّ‬
‫ات ِع ْرق»‪.‬‬
‫« َو ِألَ ْه ِل ا ْل ِع َر ِاق‪َ ..‬ذ َ‬
‫وقال بعضهم شعر ًا‪:‬‬
‫حل َل َيفــ حة هحيــ حر هم َاملــدَ حين‬ ‫ح‬ ‫ح ح‬ ‫ح‬
‫عــ ْر هق العــ َراق‪َ ،‬ي َل ْم َلــ هم الــ َي َم حن َو حبــذي ا ه‬
‫هــل َنجــد َقــ ْر َن َف ْاســ َتبح حن‬ ‫حف ـ هة إح ْن َم ـ َر ْر َ‬
‫ت ح َهب ـا َوألَ ح‬ ‫الش ـا هم هج َ‬
‫َو َّ‬
‫(حتفة املحتاج وحاشية الرشواين ‪ 39/4‬ـ ‪ ،41‬فتح اجلواد ‪ ،243/1‬املنهج القويم وحاشية‬
‫ى الكريم‬
‫الرتميس ‪ 171/6‬ـ ‪ ،172‬هناية املحتاج ‪ ،260/3‬مغني املحتاج ‪ 233/2‬ـ ‪ ،237‬برش ٰ‬
‫ص‪ ،610‬حاشية اجلمل ‪ 400/2‬ـ ‪)402‬‬

‫(‪ )1‬وذكر مغني املحتاج (‪ :)225/2‬واإلحرام من العقيق ـ وهو واد فوق ذات عرق ـ‬
‫روى ابن عباس‪:‬‬‫ألهل العراق وخراسان‪ ..‬أفضل من ذات عرق؛ ألنه أحوط‪ ،‬وملا ى‬
‫ِ‬ ‫« َأ َن ُه َص َ ّٰل اهللُ َع َل ِيه َو َس َل َم َو َق َ‬
‫رش ِق‪ ..‬ال َعق َيق» رواه الرتمذي َ‬
‫وح َّسنه‪ ،‬لكن‬ ‫ت ألَ ْه ِل املَ ْ ِ‬

‫رده يف املجموع ففيه ضعف‪ ،‬وهلذا مل جيب العمل به‪ ،‬لكن يستحب الحتامل صحته‪.‬‬
‫(‪)26‬‬
‫[زوال معامل امليقات]‪:‬‬

‫إذا كان امليقات قرية فخربت‪ ،‬وانتقل أهلها عنها‪ ..‬كان امليقات‬
‫موضع القرية األو ىل وإن انتقل االسم إ ىل الثانية‪ ،‬سواء انتقلوا إ ىل‬
‫أقرب من األو ىل إ ىل مكة‪ ،‬أو إ ىل أبعد منها‪.‬‬
‫ى رج ً‬
‫ال يريد أن حيرم من‬ ‫وقد روي‪( :‬أن سعيد بن جبْي رأ ٰ‬
‫ميقات ذات عرق‪ ،‬فأخذ بيده حت ٰى أخرجه من البيوت وقطع به‬
‫األول)‪.‬‬
‫ٰ‬ ‫الوادي وأت ٰى به املقابر ثم قال‪ :‬هذه ذات عرق‬
‫ِ‬
‫سعيد بن جبْي اإلما ُم الشافعي يف األم ‪)152/2‬‬ ‫(البيان للعمراين ‪ ،110/4‬أخرج أثر‬

‫[من مسكنه بني ميقاتني]‪:‬‬

‫وأ َّما من مسكنه بي ميقاتي‪ ،‬كأهل بدر والصفراء‪ ..‬فميقاته‬


‫الثاين‪ ،‬والثاين هو اجلحفة(‪)1‬؛ ألن أهل بدر والصفراء بعد ذي احلليفة‬
‫وقبل اجلحفة‪ ،‬وقيل‪ :‬أن ميقاته مسكنه‪.‬‬
‫ى الكريم ص‪)612‬‬
‫(حتفة املحتاج وحاشية الرشواين ‪ ،43/ 4‬برش ٰ‬

‫(‪ )1‬وبه يندفع ما قيل‪( :‬بدر ميقات ألهلها) أي‪ :‬فتكون ميقات ًا ملن يأيت عليها كأهل‬
‫مرص فكيف َّ‬
‫أخر املرصيون إحرامهم عنه‪( .‬حتفة املحتاج وحاشية الرشواين ‪)43 / 4‬‬

‫(‪)27‬‬
‫[األفضل كون اإلحرام من امليقات]‪:‬‬

‫واألفضل أن حيرم من امليقات ال من قبله(‪)1‬؛ لالتباع‪ ،‬وهو أنه‬


‫َص َّ ىل اهلله َع َل حيه َو َس َّل َم َّ‬
‫أخر إحرامه من املدينة إ ىل ذي احلليفة يف احلج‬
‫عل زيادة املشقة بالبعد؛ وألنه أقل‬
‫والعمرة ‪ ،‬ويف االتباع ما يربو ى‬
‫( ‪)2‬‬

‫تغرير ًا بالعبادة ملا يف املحافظة ى‬


‫عل واجبات اإلحرام من املشقة‪.‬‬

‫عل امليقات املكاين‪ ..‬سائغ ـ أي‪ :‬جائز ـ ‪ ،‬وال‬


‫(‪ )1‬قال ابن الرفعة‪ :‬أن تقديم اإلحرام ى‬
‫عل االختالف يف حق الناس وال‬
‫كذلك امليقات الزماين‪ ،‬والفرق‪ :‬أن املكاين مبني ى‬
‫كذلك الزماين اهـ‪ .‬أقول ـ أي‪ :‬عمرية ـ‪ :‬وألن تعلق العبادة بالزمان أشد من تعلقها‬
‫باملكان؛ لدليل بطالن الصالة يف األوقات املكروهة دون األماكن املكروهة‪ ،‬وأيض ًا‬

‫امليقات املكاين خمتلف بالنواحي‪( .‬حاشية عمْية ٰ‬


‫عّل املحيل ‪ ،120/2‬حاشية قليويب ‪)121/2‬‬

‫(‪ )2‬وقيل ـ وهو قول احلاوي كالرافعي ـ‪ :‬األفضل أن حيرم من دويرة أهله ـ أي‪ :‬من‬
‫بلده ـ؛ ألنه أكثر عمالً؛ وألن عمر وعلي ًا ريض اهلل عنهام فرسا به إمتام احلج والعمرة‬
‫احل َج َوا ْل ُع ْم َر َة﴾ [البقرة‪ ،]196:‬وقد فعله مجاعة من الصحابة‬ ‫يف قوله تعا ىل ﴿ َو َأ ِِتوا َ‬
‫والتابعي‪ ،‬واألظهر‪ :‬األول‪ ،‬فإنه َص َّ ىل اهلله َع َل حيه َو َس َّل َم َّ‬
‫أخر إحرامه من املدينة إ ىل‬
‫احلليفة إمجاع ًا يف حجة الوداع‪ ،‬وكذا يف عمرة احلديبية‪ ..‬رواه البخاري؛ وألنه أقل‬
‫=‬ ‫تغرير ًا بالعبادة؛ ملا يف املحافظة ى‬
‫عل واجبات اإلحرام من املشقة‪.‬‬
‫(‪)28‬‬
‫عل امليقات‪،‬‬
‫قال الدمريي‪ :‬أطلق مجاعة الكراهة يف تقديم اإلحرام ى‬
‫ولو قيل‪ :‬إنه خالف األو ىل‪ ..‬لكان أو ىل ـ أي‪ :‬وهو املعتمد ـ‪.‬‬

‫= لكن األو ىل أن حيرم عند أخذه يف السري ال مع إقامة ببلده‪ ،‬فإن إحرامه حينئذ‬
‫خالف األو ىل عند الكل‪.‬‬
‫يستثنى من حمل اخلالف صور‪ :‬منها‪ :‬احلائض والنفساء‪ ،‬فاألفضل هلام أن‬
‫ى‬ ‫(تنبيه)‪:‬‬
‫عل النص‪ ،‬ومثلهام اجلنب‪ ،‬ومنها‪ :‬ما لو شك يف امليقات خلراب‬
‫حيرما من امليقات ى‬
‫مكانه‪ ،‬فاالحتياط أن يستظهر ندب ًا‪ ،‬وقيل‪ :‬وجوب ًا‪ ،‬ومنها‪ :‬مسألة النذر‪.‬‬
‫قوله‪( :‬من دويرة أهله)‪ :‬أي‪ :‬من بلده‪ ،‬فإذا أحرم من بلده‪ ..‬حرم عليه مجيع‬
‫حمرمات اإلحرام من حي إحرامه إ ىل فراغ حجه‪ ،‬ودويرة تصغري دار‪ .‬قال اإلسنوي‪:‬‬
‫راعى الرافعي طول اإلحرام هنا‪ ،‬ومل يراعه فيمن أراد اإلحرام‬
‫ى‬ ‫لك أن تقول كيف‬
‫عل أن اخلروج إ ىل التنعيم أفضل من احلديبية‪.‬‬
‫بالعمرة وهو بمكة‪ ،‬حيث وافق ى‬
‫(فتح اجلواد ‪ ،244/1‬مغني املحتاج ‪ 228/2‬ـ ‪ ،229‬حاشية الشربامليس ‪ ،262/2‬حاشية‬
‫عّل املنهج ‪ ،112/2‬حاشية‬
‫عّل املحيل ‪ ،120/2‬حاشية اجلمل ‪ ،403/2‬حاشية البجْيمي ٰ‬
‫عمْية ٰ‬
‫عّل الغرر البهية ‪)128/4‬‬
‫الرتميس ‪ ،122/6‬حاشية الرشبيني ٰ‬
‫(‪)29‬‬
‫وقد جيب اإلحرام قبل امليقات‪ :‬كأن نذره من دويرة أهله ـ كام‬
‫جيب امليش بالنذر ـ وإن كان مفضوالً(‪ ،)1‬وكاإلحرام من ميقات‬
‫املحجوج عنه وكان ميقاته أبعد من ميقات احلاج عن غريه‪ ،‬أو‬
‫عل األجري ميقات أبعد‪.‬‬
‫رشط ى‬
‫املستأجر َ َ‬
‫طرو حيض‬
‫وقد يسن اإلحرام قبل امليقات‪ :‬كام لو خشيت املرأة َّ‬
‫أو نفاس عند امليقات‪ ،‬وكام لو َق َصدَ احلج أو العمرة من املسجد‬
‫األقص فيحرم منه(‪.)2‬‬
‫ى‬

‫(‪ )1‬وال يقال‪ :‬إن هذا مفضول بالنسبة للميقات فكيف انعقد؟ ألنا نقول‪ :‬املانع من‬
‫االنعقاد‪ ..‬هو املكروه‪ ،‬ال ما كان غريه أفضل منه‪( .‬حاشية الشربامليس ‪)263/2‬‬

‫ج ِد‬
‫ج ِد ْاألَ ْق َص إِ َل املَ ْس ِ‬
‫(‪ )2‬وذلك للخرب الضعيف‪َ « :‬م ْن َأ َه َل بِ َحج َأ ْو ُع ْم َرة ِم َن املَ ْس ِ‬

‫شك الراوي‪( .‬حاشية‬ ‫اجلنَ ُة ـ» َّ‬ ‫ت َل ُه َ‬ ‫احل َرا ِم‪ ..‬غ ُِف َر َل ُه َما َت َقدَ َم ِم ْن َذ ْنبِ ِه َو َما ت ََأ َخ َر‪ ،‬ـ َو َو َج َب ْ‬
‫َ‬

‫اجلمل ‪ ،)403/2‬واحلديث أخرجه الدارقطني يف «سننه» (‪ )343/3‬والفاكهي يف‬


‫«أخبار مكة» (‪.)410/1‬‬
‫(‪)30‬‬
‫مسألة‪ :‬األفضل أن حيرم من أول امليقات ـ وهو الطرف األبعد‬
‫من مكة ـ ال من وسطه وال من آخره؛ ليقطع الباقي حمرم ًا‪ ،‬ولكن‬
‫جيوز اإلحرام من آخر امليقات؛ لوقوع االسم عليه‪.‬‬
‫نعم؛ امليقات الذي به مسجد‪ ..‬األفضل أن يصيل به سنة‬
‫اإلحرام باملسجد‪ ،‬ثم إن قرب طرف امليقات األبعد من مكة‪..‬‬
‫توجه إليه وأح رم منه‪ ،‬وإن بعد بحيث يطول الفصل بي اإلحرام‬
‫وركعتيه ـ حت ىى مل تنسبا إليه عرف ًا ـ ‪ ..‬توجه إ ىل ما دونه وأحرم(‪.)1‬‬
‫ويستثن ىى ذو احلليفة‪ ..‬فاألفضل أن حيرم من املسجد الذي أحرم‬
‫منه ص َّل اهلله َع َل ح‬
‫يه َو َس َّل َم(‪ ،)2‬قال األذرعي‪ :‬وهذا حق إن هعلحم أن‬ ‫َ ى‬
‫ذلك املسجد هو املوجود آثاره اليوم‪ ،‬والظاهر أنه هو‪.‬‬

‫(‪ )1‬هذا كالم ابن قاسم‪ ،‬أما احللبي فقال‪ :‬كل ميقات وجد به مسجد‪ ..‬األفضل أن‬

‫حيرم من ذلك املسجد‪( .‬حاشية البجْيمي ٰ‬


‫عّل املنهج ‪ ،112/2‬حاشية الرشواين ‪)41/4‬‬

‫(‪ )2‬وقيل‪ :‬من البيداء‪ ،‬أي‪ :‬الذي قدام ذي احلليفة‪( .‬حاشية الرشواين ‪)41/4‬‬

‫قال الشيخ زكريا األنصاري يف احلاشية‪ :‬وكأن السبكي اعتمد يف إحرامه من‬
‫املسجد الذي أحرم منه َص َّ ىل اهلله َع َل حيه َو َس َّل َم‪ ..‬رواية ابن عباس‪ ،‬لكن األحاديث‬
‫(‪)31‬‬
‫(النجم الوهاج ‪ ،437/3‬حتفة املحتاج وحاشية الرشواين ‪ 41/4‬و‪ ،49‬هناية املحتاج ‪،260/3‬‬
‫ى الكريم ص‪ ،611‬حاشية اجلمل ‪ ،403/2‬حاشية الرتميس ‪)122/6‬‬
‫مغني املحتاج‪ ،224/2‬برش ٰ‬

‫احلالة الثانية‪[ :‬من مل يكن يف طريقه ميقات]‪:‬‬

‫فمن مل يكن يف طريقه ميقات‪ ،‬فهو إما أن حياذي ميقات ًا‪ ،‬أو حياذي‬
‫ميقاتي‪ ،‬أو ال حياذي ميقات ًا‪ ،‬أو يكون مسكنه بي مكة وامليقات‪.‬‬

‫ى ميقات ًا ـ أي سامته ووازاه ـ بأن كان ى‬


‫عل يمينه أو‬ ‫‪ .1‬فإن حاذ ٰ‬
‫يساره(‪ ..)1‬أحرم من حماذاته‪ ،‬وال عربة بام أمامه أو خلفه(‪.)1‬‬

‫عل أنه إنام أحرم عند انبعاث راحلته‪ ،‬ومنها‪ :‬حديث أنس بن‬ ‫الكثرية الشهرية تدل ى‬
‫ِ‬
‫مالك يف صحيح البخاري‪( :‬ثم ركب َص َ ّٰل اهللُ َع َليه َو َس َل َم ٰ‬
‫حتى استوت به راحلته‬
‫عل أن رواية ابن‬ ‫عّل البيداء ثم محد اهلل عز وجل وس َبح‪ ،‬ثم َ‬
‫أهل باحلج والعمرة)‪ ،‬ى‬ ‫ٰ‬
‫عباس ضعيفة‪ ،‬وحينئذ ففي استثناء ذي احلليفة‪ ..‬نظر‪ ،‬بل األقرب عدم االستثناء‪،‬‬
‫نعم‪ ..‬ينبغي استثناؤها من وجه آخر وهو اإلحرام من البيداء أفضل من بقيتها‪ ،‬وإن‬
‫فرض أنه ليس األبعد من مكة؛ اتباع ًا له ص َّل اهلله َع َل ح‬
‫يه َو َس َّل َم‪( .‬حاشية اجلمل ‪)403/2‬‬ ‫َ ى‬
‫عل الطائرة‪ ،‬قال العالمة الشيخ حسن‬
‫عل كالراكب ى‬
‫(‪ )1‬وكذلك املحاذاة تكون من أ ى‬
‫بن حممد املشاط‪ :‬األَو ىل لركاب الطائرة أن ال يركبوها إال بعد أن يتجردوا من املحيط‬
‫واملخيط‪ ،‬ويرتدوا مالبس اإلحرام من غري نية إحرام‪ ،‬فيتمكنوا عند املحاذاة‬
‫للميقات من نية أحد النسكي (العمرة أو احلج) فال هتبط هبم الطائرة جلدة إال وقد‬
‫(‪)32‬‬
‫فإن اشتبه عليه امليقات أو موضع املحاذاة‪ ..‬أخذ بقول من خيربه‬
‫عن علم(‪ ،)2‬فإن مل جيده‪ ..‬اجتهد إن علم أدلة املحاذاة‪ ،‬ويسن أن‬
‫حيتاط(‪)3‬؛ ليتيقن املحاذاة أو فوقه‪ ،‬فإن حتري‪ ..‬قلد جمتهد ًا(‪.)4‬‬

‫نووا اإلحرام‪ ،‬وال جيوز هلم التأخري باإلحرام جلدة؛ ألن جدة ليست ميقات ًا رشعي ًا‬
‫ألهل اآلفاق‪( .‬إسعاف أهل اإلسالم ص‪)41‬‬
‫(‪ )1‬ألن املحاذاة بال َّظهر‪ ..‬صف هة املجاوزين‪ ،‬واملحاذاة بالوجه‪ ..‬صفة من مل ح‬
‫ينته بعده‬
‫ل امليقات‪ ،‬وهو مار إليه‪( .‬هناية املطلب ‪)211/4‬‬
‫إ ى‬
‫جرى عليه الرميل يف النهاية وابن حجر يف حاشية اإليضاح وهو ظاهر كالم شيخ‬
‫ى‬ ‫(‪)2‬‬
‫اإلسالم يف رشحي البهجة‪ ،‬وأما عبارة ابن حجر يف التحفة‪( :‬فإن اشتبه عليه موضع‬
‫املحاذاة‪ ..‬اجتهد)‪ ،‬ومل يذكر (أخذ بقول من خيربه عن علم)‪ ،‬ومثله يف اإلمداد وفتح‬
‫اجلواد‪ ،‬ووافقه عليه شيخ اإلسالم يف رشحي املنهج والروض واخلطيب الرشبيني يف‬
‫الكربى للكُردي‬
‫ٰ‬ ‫رشحي املنهاج والتنبيه واجلامل الرميل يف رشح نظم الزبد‪( .‬احلاشية‬
‫‪)406/4‬‬
‫حاذى امليقات أو فوقه‪( .‬حاشية الرتميس‬
‫ى‬ ‫حتى يتيقن أنه قد‬
‫(‪ )3‬أي‪ :‬بأن يستظهر ى‬
‫‪)112/6‬‬
‫عل التحري‪ ..‬مل جيز له التقليد‪،‬‬
‫(‪ )4‬قال ابن حجر يف حاشية اإليضاح‪ :‬أنه حيث قدر ى‬
‫الكربى للكُردي ‪)406/4‬‬
‫ٰ‬ ‫وإال‪ ..‬لزمه‪( .‬احلاشية‬

‫(‪)33‬‬
‫تعي االحتياط برشوط‪:‬‬
‫فإن فقد من يقلده‪َّ ..‬‬
‫أ‪ .‬إن خاف فوت احلج‪ ،‬أو كان قد تضيق عليه احلج يف هذه‬
‫السنة(‪.)1‬‬
‫أما لو تضيق عليه وكان االحتياط يؤدي إ ىل تفويته‪ ..‬كان عذر ًا يف‬
‫عدم وجوبه حينئذ؛ ألن األصل براءة الذمة وعدم العصيان؛ لعدم‬
‫تيقن املجاوزة‪.‬‬
‫ب‪ .‬إذا مل خيش فوت رفقة‪.‬‬
‫عل حمرتم‪.‬‬
‫ت‪ .‬إذا أمن ى‬
‫ى الكريم ص‪ ،611‬حاشية الرتميس ‪112/6‬ـ‬
‫(حتفة املحتاج وحاشية الرشواين ‪ ،41/4‬برش ٰ‬
‫‪)113‬‬

‫(‪ )1‬وفيه‪ :‬أن الفرض أنه إ ىل اآلن مل هحيرم‪ ،‬فال يلزمه االستظهار ـ أي‪ :‬االحتياط ـ إال‬
‫إن خاف الفوت وكان قد تضيق عليه احلج يف هذه السنة؛ ألنه ال يمكنه حتصيل‬
‫الواجب الذي خوطب بأدائه فور ًا إال باالستظهار‪ ،‬وما مل يتم الواجب املطلق إال به‪..‬‬
‫فهو واجب‪ ،‬أما إذا مل يتضيق عليه‪ ..‬فهو بسبيل من اإلحرام أو الرتك‪ ،‬فكيف يلزمه‬
‫بمعنى‬
‫ى‬ ‫االستظهار ألجل يشء مل يلزمه؟! ولعل (أو) يف قوله (أو كان قد تضيق عليه)‬
‫الواو‪( .‬حاشية الرتميس ‪ 112/6‬ـ ‪)113‬‬

‫(‪)34‬‬
‫ى ميقاتني(‪ ..)1‬فلها حالتان‪:‬‬
‫‪ .2‬وإن حاذ ٰ‬
‫إما أن تكون دفعة (أي‪ :‬متوازيي)‪،‬‬
‫وإما أن تكون مرتبة (أي‪ :‬متواليي)‪.‬‬
‫األول‪ :‬إن كانت املحاذاة دفعة ـ كأن يكون أحدَها عن‬
‫ٰ‬ ‫فاحلالة‬
‫يمينه واآلخر عن شامله ـ ‪ ..‬فلها أربع صور(‪:)2‬‬

‫(‪ )1‬املراد بمحاذاة امليقاتني‪ :‬أي‪ :‬حماذاهتام ولو فيام يئول إليه احلال‪ ،‬وأما االعتذار بأنه‬
‫فاملعنى‪ :‬أنه حاذاَها واحد ًا بعد‬
‫ى‬ ‫حياذي بصدره‪ ..‬فال جيوز؛ ألن املراد هنا يمنة ويرسة‪،‬‬

‫واحد ال َها مع ًا‪( .‬حاشية البجْيمي ٰ‬


‫عّل املنهج ‪)113/2‬‬

‫حاذى ميقاتي منها بأن كان طريقه بينهام‪ .‬فذكر عمرية يف‬
‫ى‬ ‫وعبارة كنز الراغبي‪ :‬أو‬
‫عل كنز الراغبي (‪ :)119/2‬قوله (بأن كان طريقه بينهام)‪ :‬خرج ما لو كانا يف‬
‫حاشيته ى‬
‫جهة واحدة‪ ،‬وهو ظاهر‪ ،‬لكن عبارة اإلسنوي‪ :‬سواء كان أحدَها عن يمينه واآلخر‬
‫عن شامله‪ ،‬أو كانا مع ًا يف جهة واحدة‪.‬‬
‫وعل ٍّ‬
‫كل‪ :‬إما أن يستويا يف القرب‬ ‫(‪ )2‬ألنه إما أن يستويا يف القرب إ ىل مكة أو خيتلفا‪ ،‬ى‬
‫إليه أو خيتلفا‪( .‬حاشية الرتميس ‪)113/6‬‬

‫(‪)35‬‬
‫أ‪ .‬إن استو ىى امليقاتان يف القرب إ ىل مكة واستويا يف القرب إ ىل‬
‫الشخص‪ ..‬فميقاته حماذاهتام‪.‬‬

‫أ‬

‫‪ 50‬كلم‬
‫‪ 100‬كلم‬

‫ب‬

‫ب‪ .‬إن استو ىى امليقاتان يف القرب إ ىل مكة واختلفا يف القرب إ ىل‬


‫الشخص‪ ..‬فميقاته حماذاهتام‪.‬‬

‫‪ 100‬كلم‬
‫أ‬
‫‪ 20‬كلم‬
‫‪ 80‬كلم‬

‫‪ 100‬كلم‬

‫ب‬

‫(‪)36‬‬
‫ت‪ .‬إن اختلف امليقاتان يف القرب إ ىل مكة واستويا يف القرب إ ىل‬
‫الشخص‪ ..‬فميقاته األبعد إ ىل مكة(‪.)1‬‬

‫‪ 170‬كلم‬
‫أ‬

‫‪ 50‬كلم‬
‫‪ 50‬كلم‬
‫‪ 100‬كلم‬

‫ب‬

‫ث‪ .‬إن اختلف امليقاتان يف القرب إ ىل الشخص واختلفا يف‬


‫القرب إ ىل مكة‪ ..‬فميقاته األقرب إ ىل الشخص وإن كان‬
‫هذا امليقات أقرب إ ىل مكة‪.‬‬

‫(‪ )1‬صورة حماذاهتام مع ًا مع كون أحدَها أبعد من مكة بالنسبة لآلخر‪ :‬انحراف أحد‬
‫الطريقي لوعورة ونحوها‪( .‬فتح العالم ‪)251/4‬‬

‫(‪)37‬‬
‫وفائدة ذلك‪ :‬أنه لو جاوز بغري إحرام وأراد الرجوع وقد جهل‬
‫حمل املحاذاة‪ ..‬رجع لألبعد إ ىل مكة يف الثالثة(‪ ،)1‬ولألقرب إ ىل‬
‫الشخص يف الرابعة‪.‬‬

‫‪ 100‬كلم‬

‫أ‬

‫‪ 20‬كلم‬
‫‪ 80‬كلم‬
‫‪ 170‬كلم‬

‫ب‬

‫(‪ )1‬واستشكل بأنه إذا رجع إ ىل أهيام‪ ..‬فقد حاذاَها؛ ألن الغرض من حماذاهتام دفعة‪،‬‬
‫حتى يمتنع الرجوع إ ىل‬
‫فمع الرجوع إ ىل أحدَها كيف يمكن اجلهل بموضع املحاذاة ى‬
‫غري األبعد؟ وأجيب‪ :‬بأنه ليس املمنوع جمرد الرجوع إليه‪ ،‬بل مع سلوك طريقه عند‬
‫التوجه منه إ ىل مكة لكوهنا أقرص‪ ،‬بخالف ما لو رجع إليه ثم سلك طريق األبعد أو‬

‫طريق ًا بينهام ى‬
‫عل مثل مسافته التي سلكها عند املجاوزة‪ ..‬فإنه جيوز كام جيوز ابتداء‪،‬‬
‫تأمل‪( .‬حاشية الرتميس ‪)114/6‬‬

‫(‪)38‬‬
‫واحلالة الثانية‪ :‬إن كانت املحاذاة مرتب ًا ـ كأن يكون كل من‬
‫امليقاتي عن يمي الشخص‪ ،‬أو عن شامله‪ ،‬أو أحدَها عن يمينه‬
‫واآلخر عن شامله ـ ‪ ..‬فلها تسع صور(‪:)1‬‬
‫أ‪ ،.‬ب‪ ،.‬ت‪ .‬إذا كان امليقات األول أبعد إ ىل مكة من امليقات‬
‫الثاين‪ ،‬سواء كان امليقات األول أبعد إ ىل الشخص أو أقرب أو‬
‫استو ىى امليقاتان إليه(‪.)2‬‬

‫‪ 100‬كلم‬
‫أ‬
‫‪ 90‬كلم‬

‫ب‬

‫(‪ )1‬ألنه إما أن يكون امليقات األول أبعد إ ىل مكة من الثاين‪ ،‬أو َها إ ىل مكة سواء‪ ،‬أو‬
‫وعل ٍّ‬
‫كل‪ :‬امليقاتان إ ىل الشخص سواء‪ ،‬أو األول أقرب‬ ‫ى‬ ‫الثاين أبعد إ ىل مكة من األول‪،‬‬
‫ل الشخص من الثاين وبالعكس‪( .‬حاشية الرتميس ‪)113/6‬‬
‫إ ى‬
‫عل ٍّ‬
‫كل تكون املسافة منه إليه واحدة‪ ،‬كام‬ ‫مر ى‬
‫(‪ )2‬املراد باستوائهام إليه‪ :‬أن يكون إذا َّ‬
‫عّل الغرر البهية ‪)125/4‬‬ ‫قاله ابن حجر‪( .‬تقرير الرشبيني ٰ‬
‫عّل حاشية ابن قاسم ٰ‬
‫(‪)39‬‬
‫ث‪ .‬إذا كان امليقاتان مستويي إ ىل مكة‪ ،‬وامليقات األول أقرب إ ىل‬
‫الشخص‪.‬‬

‫‪ 100‬كلم‬
‫أ‬

‫‪ 20‬كلم‬
‫‪ 100‬كلم‬

‫‪ 80‬كلم‬
‫ب‬

‫ج‪ .‬إذا كان امليقات األول أقرب إ ىل مكة وإ ىل الشخص‪.‬‬

‫‪ 100‬كلم‬
‫أ‬
‫‪ 20‬كلم‬

‫‪ 170‬كلم‬
‫‪ 80‬كلم‬

‫ب‬

‫فاحلكم يف هذه اخلمس الصور‪ :‬أنه هحي حرم من امليقات الذي حاذاه‬
‫أوالً‪.‬‬

‫(‪)40‬‬
‫إل الشخص‪ ،‬سواء كان‬
‫ح‪ ،‬خ‪ ،‬د‪ .‬إذا كان امليقات الثاين أقرب ى‬
‫إل مكة‪ ،‬أو أقرب(‪ ،)1‬أو استو ىى امليقاتان إليها‪.‬‬
‫امليقات الثاين أبعد ى‬
‫‪ 100‬كلم‬
‫أ‬

‫‪80‬كلم‬
‫‪ 170‬كلم‬

‫‪ 20‬كلم‬
‫ب‬

‫‪ 100‬كلم‬
‫أ‬
‫‪80‬كلم‬
‫‪ 70‬كلم‬

‫‪ 20‬كلم‬

‫ب‬

‫‪ 100‬كلم‬
‫أ‬
‫‪ 80‬كلم‬
‫‪ 100‬كلم‬

‫‪ 20‬كلم‬

‫ب‬

‫(‪ )1‬فائدة‪ :‬إذا كان امليقات أقرب إ ىل مكة وإ ىل الشخص‪ ..‬فاإلحرام يكون منه‪ ،‬سواء‬
‫كان امليقات األول أو الثاين‪.‬‬
‫(‪)41‬‬
‫ذ‪ .‬إذا استو ىى امليقاتان إ ىل الشخص وكان الثاين أبعد إ ىل مكة(‪.)1‬‬

‫‪ 100‬كلم‬
‫أ‬

‫‪50‬كلم‬
‫‪ 50‬كلم‬
‫‪ 170‬كلم‬

‫ب‬

‫فاحلكم يف هذه األربع الصور‪ :‬أنه هحي حرم من امليقات الثاين‪.‬‬


‫عّل الغرر البهية ‪ 121/4‬ـ ‪ ،122‬حاشية الرتميس ‪ 113/6‬ـ ‪ ،114‬فتح‬
‫(حاشية الرشبيني ٰ‬
‫العالم ‪)251/4‬‬

‫(‪ )1‬أي‪ :‬كأن كان األبعد إ ىل مكة منحرف ًا أو وعر ًا‪ ،‬فلو جاوزَها مريد ًا للنسك ومل‬
‫يعرف موضع املحاذاة ثم رجع إ ىل األبعد أو مثل مسافته‪ ..‬سقط الدم‪ ،‬أو إ ىل اآلخر‬
‫ل مكة ‪ ..-‬مل يسقط (هناية ومغني)‪( .‬حاشية الرشواين ‪)42/4‬‬
‫‪-‬أي‪ :‬األقرب إ ى‬
‫(‪)42‬‬
‫ِ‬
‫‪ .3‬ومن مل حياذ ميقات ًا ‪ ..‬أحرم ى‬
‫عل مرحلتي من مكة(‪)2‬؛ إذ ال‬ ‫( ‪)1‬‬

‫ميقات أقل مسافة من مرحلتي(‪ ،)3‬كاجلائي من البحر من‬

‫(‪ )1‬واملراد من قوهلم‪( :‬ومن مل ِ‬


‫حياذ ميقات ًا)‪ :‬أي‪ :‬من مل حياذه قبل مرحلتي من مكة‪،‬‬
‫وإال‪ ..‬فعدم املحاذاة حمال؛ الكتناف املواقيت ملكة‪ ،‬لذلك ال يقال‪ :‬املواقيت مستغرقة‬
‫جلهات مكة فكيف يتصور عدم حماذاته مليقات فينبغي أن املراد عدم املحاذاة يف ظنه‬
‫دون نفس األمر؛ ألنا نقول‪ :‬يتصور باجلائي من سواكن إ ىل جدة من غري أن يمر برابغ‬
‫عل مرحلتي من‬
‫وال بيلملم؛ ألهنام حينئذ أمامه فيصل جدة قبل حماذاهتام‪ ،‬وهي ى‬
‫مكة‪ ..‬فتكون هي ميقاته‪ ،‬وقوله‪( :‬ألهنام حينئذ أمامه)‪ :‬أي‪ :‬وقد تقدم أن كون امليقات‬

‫عل يمينه أو يساره‪( .‬حتفة املحتاج ‪ ،42/3‬برش ٰ‬


‫ى الكريم‬ ‫أمامه ال يعترب‪ ،‬وإنام املعترب كونه ى‬
‫ص‪ ،612‬حاشية اجلمل ‪)404/2‬‬

‫عّل مرحلتني)‪ :‬قال ابن الرفعة‪ :‬هذا احلكم من ختريج اإلمام ـ أي‪:‬‬
‫(‪ )2‬قوله‪( :‬أحرم ٰ‬
‫إمام احلرمي ـ رمحه اهلل‪ ،‬وحتصل معرفة املرحلتني من مكة‪ :‬بأن كان عنده من يعرف‬

‫تلك املسافة أو بأن جيتهد فيها‪( .‬حاشية عمْية ٰ‬


‫عّل املحيل ‪ ،119/2‬حاشية الشربامليس‬

‫‪)261/3‬‬

‫(‪ )3‬هبذا يندفع ما قيل‪ :‬قياس ما يأيت يف حارضي احلرم أن املسافة منه ال من مكة‪ :‬أن‬
‫تكون هنا كذلك‪ ،‬ووجه اندفاعه‪ :‬أن اإلحرام من املرحلتي هنا بدل عن أقرب‬
‫عل مرحلتي منها ال من احلرم‪ ،‬فاعتربت‬
‫ميقات إ ىل مكة‪ ،‬وأقرب ميقات إليها ى‬
‫املسافة من مكة ال من احلرم‪( .‬حتفة املحتاج ‪)42/3‬‬

‫(‪)43‬‬
‫غريب جدة مثل من خرج من سواكن ـ ميناء السودان ـ إ ىل‬
‫عل حماذاة رابغ وال يلملم‪ ،‬فإنه‬
‫جدة من غري أن ينحرف ى‬
‫يصل جدة قبل أن حياذي ميقات ًا‪ ،‬وجدة مرحلتان إ ىل مكة(‪،)1‬‬
‫فتكون هي ميقاته‪ ..‬وبام تقرر ُيعلم‪ :‬أن املحاذاة بعد‬
‫املرحلتي‪ ..‬ال تعترب ‪( .‬برش ٰ‬
‫ى الكريم ص‪ ،611‬حاشية الرتميس ‪)115/6‬‬ ‫( ‪)2‬‬

‫‪ .4‬ومن مسكنه بني مكة وامليقات كأهل جدة‪ ..‬فميقاته للنسك‬


‫القرية التي يسكنها أو ح‬
‫احل َّلة التي ينزهلا البدوي أو منزله إن‬
‫ون‬ ‫كان مفرد ًا(‪)3‬؛ لقوله َص َّ ىل اهلله َع َل حيه َو َس َّل َم‪َ « :‬و َم ْن ك َ‬
‫َان ُد َ‬
‫ث َأن َْش َأ» [متفق عليه]‪ ،‬لكن املستحب له‪ :‬أن حيرم‬ ‫ك‪َ ،‬ف ِم ْن َح ْي ُ‬
‫َذلِ َ‬

‫(‪ )1‬أي‪ :‬جدة القديمة‪ ،‬أما جدة احلديثة‪ ..‬فهي أقل من مرحلتي إ ىل مكة‪.‬‬
‫(‪ )2‬وقال ابن قاسم‪ :‬ه َّ‬
‫ال اعتربت املحاذاة ولو بعد املرحلتي‪ ،‬وربام أيده إطالقهم‬
‫(برشى الكريم ص‪)612‬‬
‫ٰ‬ ‫املحاذاة‪.‬‬
‫(‪ )3‬أي‪ :‬إن كان يف برية ساكن ًا منفرد ًا بي مكة وامليقات‪ ..‬أحرم من منزله ال يفارقه‬
‫غري حمرم‪ ،‬وقال جماهد‪ :‬إن كان داره بي مكة وامليقات‪َّ ..‬‬
‫أهل من مكة‪( .‬جمموع اإلمام‬

‫النووي ‪ ،203/7‬البيان للعمراين ‪)110/4‬‬

‫(‪)44‬‬
‫من أبعد طرفيها من مكة‪ ،‬فإن أحرم من أقرب طرفيها إ ىل‬
‫مكة‪ ..‬جاز‪.‬‬
‫وإن كان من أهل خيام‪ ..‬استحب أن حيرم من أبعد أطراف اخليام‬
‫إل‬
‫إل مكة‪ ،‬وال جيوز أن يفارقها ى‬
‫إل مكة‪ ،‬وجيوز من الطرف األدن ىى ى‬
‫ى‬
‫جهة مكة غري حمرم‪.‬‬
‫وإن كان يف واد‪ ..‬استحب أن يقطع طرفيه حمرم ًا‪ ،‬فإن أحرم من‬
‫الطرف األقرب إ ىل مكة‪ ..‬جاز‪.‬‬
‫فإن أحرم بعد جماوزة قريته وفارق العمران إ ىل جهة احلرم ومل‬
‫يرجع إليه‪ ..‬أساء ولزمه الدم‪ ،‬سواء أحرم من مرحلتي أو أكثر أو‬
‫أقل إ ىل مكة أو احلرم؛ ألن هذا دم إساءة‪ ،‬فال يسقط عن حارضي‬
‫املسجد احلرام(‪ )1‬وال غريه‪ ،‬بخالف دم التمتع أو القران‪.‬‬
‫فإن عاد إ ىل قريته قبل التلبس بنسك‪ ..‬سقط الدم‪.‬‬

‫(‪ )1‬أهل حارضي املسجد احلرام‪ :‬من استوطنوا احلرم‪ ،‬أو حم ً‬


‫ال دون مرحلتي من‬
‫برشى الكريم ص‪)654‬‬
‫ٰ‬ ‫احلرم‪( .‬البيان للعمراين ‪،81/4‬‬

‫(‪)45‬‬
‫ومن ترك قريته وفارق العمران وقصد ميقات ًا من املواقيت فأحرم‬
‫منه‪ ..‬جاز وال دم عليه‪ ،‬كاملكي إذا خرج إ ىل امليقات فأحرم منه‪.‬‬
‫(البيان للعمراين ‪ ،110/4‬روضة الطالبني ‪ ،40/3‬جمموع اإلمام النووي ‪ ،203/7‬النجم‬
‫ى الكريم ص‪ ،612‬فتح العالم‬
‫الوهاج ‪ ،433/3‬حتفة املحتاج وحاشية الرشواين ‪ ،42/4‬برش ٰ‬
‫‪)251/4‬‬

‫(‪)46‬‬
‫[امليقات املعنوي]‪:‬‬

‫ومن جاوز ميقات ًا منصوص ًا أو حماذيه أو جاوز حمله الذي هو‬


‫ميقاته وإن مل يكن ميقات ًا أصلي ًا غري مريد نسك ًا ثم أراده(‪ )1‬ـ أي‪َ :‬ع َّن‬
‫له النسك ـ ‪ ..‬أحرم من موضع إرادته؛ ألن ذلك ميقاته‪ ،‬ويسم ىى‪:‬‬
‫امليقات املعنوي‪ ،‬أو العنْوي‪ ،‬أو اإلرادي‪.‬‬
‫وال يكلف الرجوع إ ىل امليقات؛ ملفهوم قوله َص َّ ىل اهلله َع َل حيه َو َس َّل َم‪:‬‬
‫ك»‪.‬‬ ‫ون َذلِ َ‬ ‫َان ُد َ‬ ‫« ِِم َ ْن َأ َرا َد َ‬
‫احل َج َوال ُع ْم َر َة» مع قوله‪َ « :‬و َم ْن ك َ‬
‫ومعلوم أن من أراد العمرة وهو باحلرم‪ ..‬لزمه اخلروج إ ىل أدن ىى‬
‫احلل مطلق ًا من أي جهة كان‪ ،‬وإن مل خيطر له قصد العمرة إال‬
‫حينئذ؛ لوجوب اجلمع بي احلل واحلرم‪.‬‬

‫(‪ )1‬قوله (ثم أراده)‪ :‬وتنرصف إرادته احلج بإرادة زيارة أهل أو جتارة‪( .‬حاشية قليويب‬

‫‪)119/2‬‬
‫(‪)47‬‬
‫قال ابن قاسم ع ىل أيب شجاع‪ :‬وأهل النجعة(‪ )1‬املنتقلون فيام بي‬
‫عل األشبه كام‬
‫املواقيت اخلمسة وبي مكة‪ ..‬ميقاهتم موضع إرادهتم ى‬
‫يف اخلادم‪ ،‬قال‪ :‬ولو أقاموا بموضع ولو يوم ًا‪ ..‬اعترب‪ ،‬ولو أراده‬
‫حالة السري إ ىل جهة مكة‪ ..‬أحرم من حيث أراده‪ ،‬فإن تقدم ولو‬
‫بخطوة ومل حيرم‪ ..‬كان مسيئ ًا‪ .‬اهـ‪.‬‬
‫ى الكريم ص‪،612‬‬
‫(حتفة املحتاج وحاشية الرشواين ‪ ،43/ 4‬هناية املحتاج ‪ ،261/3‬برش ٰ‬
‫عّل الغرر البهية ‪ ،126/4‬حاشية الرتميس ‪)116/6‬‬
‫عّل حاشية ابن قاسم ٰ‬
‫تقرير الرشبيني ٰ‬

‫مر بامليقات]‪:‬‬
‫[حكم من َ‬

‫مر بامليقات‪ ..‬فله ثالثة أقسام‪:‬‬


‫َمن َّ‬
‫أحدها‪ :‬أن يريد اإلحرام بنسك من حج أو عمرة‪.‬‬
‫والثاين‪ :‬أن ال يريد اإلحرام بنسك ولكن يريد دخول مكة‪.‬‬
‫والثالث‪ :‬أن ال يريد اإلحرام بنسك وال يريد دخول مكة‪.‬‬

‫(‪ )1‬النجعة‪ :‬هو اإلبعاد يف الذهاب لطلب الرعي‪( .‬حتفة املحتاج ‪ ،)215/6‬ويف‬
‫ح‬
‫الكإل يف موضعه‪.‬‬ ‫القاموس املحيط (‪ :)765/1‬النجعة‪ :‬طلب‬
‫(‪)48‬‬
‫فأما القسم األول‪ :‬وهو أن يريد اإلحرام بنسك من حج أو‬
‫عمرة‪ ،‬فاحلكم فيه‪:‬‬
‫أنه مت ىى وصل(‪ )1‬إ ىل امليقات وهو يريد العمرة مطلق ًا ـ أي‪ :‬سواء‬
‫يف عامه أو يف غري عامه وإن طال الزمن ـ أو احلج يف عامه‪ ،‬وكذا يف‬
‫غري عامه عند ابن حجر(‪ ..)2‬وجب عليه اإلحرام قبل املجاوزة‬

‫(‪ )1‬أي‪ :‬وهو مكلف حر ولو كافر ًا ثم أسلم ال جمنون وعبد وصبي وإن كملوا قبل‬
‫الوقوف‪( .‬حاشية قليويب ‪)119/2‬‬

‫(‪ )2‬خالف ًا للنهاية واملغني ولشيخ اإلسالم يف رشحي املنهج والروض‪ ،‬قال باعشن‪:‬‬
‫واعتمد ما قاله الرميل‪ ..‬الزيادي واحللبي‪ ،‬وظاهر كالم السيد عمر البرصي يميل‬
‫إليه‪ ،‬واستظهره ابن اجلَ َّامل يف رشح نظم الدماء‪.‬‬
‫وى الشهاب الرميل ما نصه‪ُ ( :‬سئل) الشهاب الرميل عمن قصد النسك يف‬
‫ويف فتا ى‬
‫العام القابل ودخل مكة هبذا القصد فهل جيب عليه أن حيرم بنسك للدخول أو ال؟‬
‫عل‬
‫فأجاب‪ :‬بأن الداخل إ ىل مكة بالقصد املذكور‪ ..‬يستحب له أن حيرم بنسك ى‬
‫عل مقابله‪ .‬اهـ‪ ،‬هكذا رأيته أطلق النسك املقصود يف القابل ومل يقيده‬
‫األصح‪ ،‬وجيب ى‬
‫باحلج فليتأمل (برصي)‪.‬‬
‫قال ابن اجلَ َّامل يف رشح اإليضاح‪ :‬ومل يقيد النسك باحلج والبد من تقييده؛ إذ‬
‫الكربى للكُردي ‪ ،409/4‬حاشية الرشواين ‪)43/4‬‬
‫ٰ‬ ‫العمرة ال تتأ َّقت‪( .‬احلاشية‬

‫(‪)49‬‬
‫بالنسك الذي أراده(‪ )1‬وإن أراد إقامة طويلة(‪ )2‬كشهر بموضع قبل‬
‫مكة‪ ،‬خالف ًا للشهاب الرميل(‪.)3‬‬

‫(‪( )1‬تنبيه)‪ :‬قال اجلرداين‪ :‬ويؤخذ منه‪ :‬أن ما يفعله بعض الناس من إنشاء سفره‬
‫لقصد احلج والعمرة‪ ،‬وإذا وصل إ ىل امليقات يقول‪ :‬أنا قاصد اإلقامة بجدة أو بمكة‬
‫جمرد ختيل إلسقاط مشقة اإلحرام من امليقات عنه‪ ،‬والظاهر‪ :‬أن ذلك ال ينفعه؛ ألن‬
‫َّ‬
‫خيفى عليه الزيف ـ أي‪ :‬الرديء ـ‪( .‬فتح العالم ‪)252/4‬‬
‫الناقد بصري ال ى‬
‫(‪ )2‬قوله (وإن أراد إقامة طويلة‪ :)...‬لعل حمله فيمن أنشأ السفر بقصد مكة أو احلرم‪،‬‬
‫مر بذي احلليفة للنسك مع إنشاء‬
‫عل من َّ‬
‫وإال فهو مشكل القتضائه وجوب اإلحرام ى‬
‫السفر إ ىل غري جهة احلرم كجدة والطائف‪ ،‬وهو بعيد جد ًا وحرج تأباه حماسن‬
‫الرشيعة‪( .‬حاشية الرشواين ‪)43/4‬‬

‫فتاوى الشهاب الرميل ما نصه‪ُ ( :‬سئل) عمن خرج من بلده مريد ًا للنسك مع‬
‫ى‬ ‫(‪ )3‬ويف‬
‫نية اإلقامة ببندر جدة شهر ًا أو نحوه للبيع والرشاء‪ ،‬فهل تباح له جماوزة امليقات من‬
‫غري إحرام لتخلل نية اإلقامة بجدة أم ال تباح له املجاوزة؟‬
‫فأجاب‪ :‬من بلغ ميقات ًا مريد ًا نسك ًا‪ ..‬مل جتز له جماوزته بغري إحرام‪ ،‬وإن قصد‬
‫اإلقامة ببندر بعد امليقات شهر ًا مث ً‬
‫ال للبيع ونحوه‪ ،‬إال أن يقصد اإلقامة بالبندر‬
‫=‬ ‫املذكور قبل اإلحرام‪ .‬اهـ‪.‬‬
‫(‪)50‬‬
‫(تنبيه)‪ :‬قال اجلرهزي‪ :‬ظاهر كالمهم‪ :‬أن الوصول إ ىل ذات‬
‫امليقات‪ ..‬غري موجب االلتزام حكمه‪ ،‬بخالف املجاوزة‪ ،‬فلو وصل‬
‫شخص إ ىل ذي احلليفة ثم مل جياوزها ورجع إ ىل طريق أخر ىى إ ىل‬
‫اليمن‪ ..‬جاز؛ لعدم املجاوزة‪ ،‬وهو الظاهر‪.‬‬

‫جل َّامل يف رشح اإليضاح‪ :‬وينبغي أن هيق َّيد بام إذا مل يكن البندر يف جهة‬
‫= قال ابن ا َ‬
‫مر بذي احلليفة قاصد ًا اإلحرام باحلج ناوي ًا‬
‫احلرم‪ ،‬وإال فهو مشكل؛ القتضائه أن من َّ‬
‫اإلقامة ببندر الصفراء أو بدر أن له التأخري إ ىل ذلك وليس كذلك‪ .‬اهـ‪.‬‬
‫جل َّامل املوافق ملا قاله الشارح ـ أي‪ :‬ابن‬
‫خيفى أن ما قاله ابن ا َ‬
‫قال الرشواين‪ :‬وال ى‬
‫نوى اإلقامة يف نحو الصفراء نحو سنة‪.‬‬
‫حجر ـ ‪ ..‬فيه حرج شديد‪ ،‬ال سيام فيام إذا ى‬
‫قال العالمة الشيخ عبداهلل بن أمحد باسودان عن السيد أمحد مجل الليل ـ مفتي‬
‫فتوى له جواز‬
‫ى‬ ‫املدينة املنورة ـ يف جواب سؤال يف ذلك‪ :‬أن الشهاب الرميل ذكر يف‬
‫عل اإلقامة ببلد قبل مكة برشطي‪:‬‬
‫تأخري اإلحرام إذا عزم ى‬
‫‪ .1‬أن يقصد اإلقامة باملوضع املذكور قبل اإلحرام‪.‬‬
‫‪ .2‬وأن يكون مدة اإلقامة به شهر ًا أو نحوه‪.‬‬
‫وذلك أن مصابرة اإلحرام تشق إذا كان فوق مخسة عرش يوم ًا‪ ،‬ومن َث َّم أحلق‬
‫الكربى‬
‫ٰ‬ ‫فتوى‪( .‬احلاشية‬
‫ى‬ ‫شيخنا حممد بن سليامن الكردي العرشين اليوم بالشهر يف‬
‫للكُردي ‪ 409/4‬ـ ‪ ،410‬حاشية الرشواين ‪ ،43/4‬عدة املسافر وعمدة احلاج والزائر ص‪)131‬‬
‫(‪)51‬‬
‫[أن يكون قاصد ًا للحج والعمرة مع ًا أو يقصد احلج فقط أو‬
‫العمرة فقط ثم حيرم من امليقات بخالف ما قصد]‪:‬‬
‫‪ .1‬أن يكون قاصد ًا للحج والعمرة مع ًا عل وجه ح‬
‫القران‪ :‬فلو‬ ‫ى‬
‫كان قاصد ًا حج السنة األو ىل مع اإلحرام بعمرة عند جماوزة‬
‫امليقات يف أشهر احلج فأحرم بعمرة وحدها‪ ،‬ثم بعد جماوزة‬
‫عل العمرة‪ ..‬لزمه الدم لإلساءة(‪.)1‬‬
‫امليقات أدخل احلج ى‬
‫وجيب عليه الرجوع فور ًا لسقوط دم جماوزة امليقات ال لسقوط‬
‫دم القران‪ ،‬فإن رجع بعد دخول مكة وقبل التلبس بالنسك‪ ..‬سقط‬
‫الدمان‪ ،‬فإن رجع بعد أن تلبس بنسك غري عرفة ـ كطواف قدوم ـ‪..‬‬
‫سقط دم القران فقط‪.‬‬
‫وأما إن كان قد أحرم بالعمرة من امليقات ومل يطرأ له قصد‬
‫اإلحرام باحلج إال بعد جماوزة امليقات‪ ،‬فأحرم باحلج من مكان ما‬
‫قصده‪ ..‬فال يلزمه دم‪.‬‬

‫(‪ )1‬وأما عند النشييل‪ ..‬فال دم عليه؛ ألن املحذور جماوزة امليقات غري هحم حرم وهذا‬
‫هحم حرم‪( .‬حاشية الرشواين ‪)44/4‬‬

‫(‪)52‬‬
‫‪ .2‬أن يكون قاصد ًا للحج فقط‪ :‬فلو أراد حج السنة األو ىل‬
‫ومر بامليقات يف أشهر احلج فأحرم بعمرة وحدها‪..‬‬
‫وحده َّ‬
‫وجب الدم إن مل يرجع يف إحرام احلج للميقات‪.‬‬
‫‪ .3‬أن يكون قاصد ًا للعمرة فقط‪ :‬فلو أراد العمرة وحدها‬
‫فأحرم بحج وحده يف السنة األو ىل يف أشهر احلج‪ ..‬وجب‬
‫يف إحرام العمرة بعد ذلك احلج من امليقات‪ ،‬فإن أحرم هبا‬
‫عل‬
‫من أدن ىى احلل‪ ..‬لزمه الدم ؛ ألنه مل حيرم بام أراده ى‬
‫(‪)1‬‬

‫الوجه الذي أراده‪.‬‬


‫مر إن أمكن ما نواه‪ ،‬وإال فإن مل يمكن كأن نو ىى‬
‫وهذا كله مما َّ‬
‫احلج يف العام القابل أو يف غري أشهر احلج‪ ..‬فال يلزمه دم وتعينت‬
‫العمرة‪.‬‬
‫مسألة (أ)‪ :‬إذا أحرم شخص يف السنة األو ىل بحج يف وقته أو‬
‫بعمرة‪ ..‬فميقاته للحج يف السنة الثانية وما بعدها من مكة‪.‬‬

‫(‪ )1‬وخالف عبدالرؤوف الزمزمي والنَّشييل يف هذه املسألة والتي قبلها بأنه ال دم‪.‬‬
‫(حاشية الرشواين ‪)44/4‬‬

‫(‪)53‬‬
‫مسألة (ب)‪ :‬من أحرم باحلج أوالً من ميقات بلده‪ ،‬ثم بعد‬
‫الفراغ من أعامل احلج أحرم بالعمرة من أدن ىى احلل‪ ..‬فال دم عليه‪.‬‬
‫الكربى للكُردي‬
‫ٰ‬ ‫(احلاوي الكبْي ‪ ،72/4‬حتفة املحتاج وحاشية الرشواين ‪ ،44/4‬احلاشية‬
‫املحربة لبافضل ص‪)69‬‬
‫املحررة والفوائد َ‬
‫ى الكريم ص‪ ،612‬املسائل َ‬
‫‪ ،412/4‬برش ٰ‬

‫[ميقات املتمتع]‪:‬‬

‫املتمتع له حالتان‪ :‬إما أن يكون آفاقي ًا‪ ،‬أو غري آفاقي‪.‬‬


‫ول‪ :‬إذا كان آفاقي ًا‪:‬‬
‫احلالة األ ٰ‬
‫فإذا جاوز اآلفاقي امليقات مريد ًا للنسك ثم أحرم بالعمرة متمتع ًا‬
‫وبينه وبي مكة مرحلتان أو دون مرحلتي‪ ..‬لزمه دمان(‪ ،)1‬دم للتمتع‬
‫ودم لإلساءة وإن مل ينو التمتع‪ ،‬فإن فعل العمرة‪ ،‬هثم بعد ذلك أحرم‬
‫باحلج من خارج مكة ومل يعد إ ىل امليقات وال إ ىل مثل مسافته وال إ ىل‬
‫مكة‪ ..‬لزمه دم ثالث؛ لإلساءة احلاصلة بخروجه من مكة بال إحرام‬
‫مع عدم عوده‪.‬‬

‫(‪ )1‬والدم هنا وحيث أطلق‪ :‬شاة‪ ،‬أو هسبع بدنة‪ ،‬أو [ هسبع] بقرة مما جيزيء أضحية‪.‬‬
‫(حتفة املحتاج ‪ )150/4‬بترصف‬

‫(‪)54‬‬
‫وأما إذا جاوز امليقات غري مريد للنسك ثم أحرم بالعمرة‪ ..‬فعليه‬
‫دم التمتع وال جيب عليه دم اإلساءة‪ ،‬سواء كانت املسافة مرحلتي أو‬
‫أكثر أو أقل(‪.)1‬‬
‫عل اآلفاقي الذي متتع وهو ناوي االستيطان بمكة‬
‫تنبيه‪ :‬يلزم الدم ى‬
‫ولو بعد العمرة؛ ألن االستيطان ال حيصل بمجرد النية(‪)1‬؛ ألنه التزم‬
‫بمجاوزة امليقات‪.‬‬

‫(‪ )1‬قال ابن الص َّباغ‪ :‬ذكر الشيخ أبو حامد [اإلسفراييني]‪ :‬أن الشافعي قال يف‬
‫حتى صار بينه وبي مكة مسافة ال‬
‫القديم‪( :‬إذا مر بامليقات‪ ،‬ومل حيرم بالعمرة منه ى‬
‫تقرص فيها الصالة‪ ،‬فأحرم بالعمرة من هناك‪ ..‬مل يلزمه دم التمتع)؛ ألنه صار من‬
‫حارضي املسجد احلرام‪ ،‬وإنام جيب عليه دم لرتك امليقات‪( .‬البيان للعمراين ‪)79/4‬‬

‫وقال اإلمام الغزايل‪ :‬إذا دخل اآلفاقي مكة غري مريد للنسك‪ ،‬فكام دخل مكة‬
‫اعتمر ثم حج‪ ،‬فال يكون متمتع ًا؛ ألنه صار من حارضي املسجد‪ ،‬إذ ال يعترب فيه قصد‬
‫اإلقامة‪ ،‬قال الرافعي‪ :‬وهذه املسألة موضع توقفه‪ ،‬ومل أرها لغريه‪ ،‬وما ذكره من عدم‬
‫اعتبار اإلقامة مما ينازع فيه كالم عامة األصحاب‪ ،‬ونقلهم عن النص‪ ،‬فإنه ظاهر يف‬
‫اعتبارها بل يف اعتبار االستيطان‪ ،‬وقال النووي‪" :‬املختار أنه متمتع ليس بحارض‪ ،‬بل‬
‫يلزمه الدم"‪ ،‬واختار السبكي مقالة الغزايل‪( .‬حاشية عمْية ‪)61/2‬‬

‫(‪)55‬‬
‫أما العود إ ىل امليقات أو الدم يف إحرام سنته‪ ..‬فال يسقط بنية‬
‫اإلقامة‪.‬‬
‫(كنز الراغبني مع حاشية عمْية ‪ ،161/2‬أسن ٰى املطالب وحاشية الرميل ‪ ،465/1‬مغني‬
‫املحتاج ‪ ،289/2‬هناية املحتاج ‪)327/3‬‬

‫وأما إذا اعتمر املتمتع(‪ )2‬ومل يرد العود إ ىل امليقات‪ ..‬لزمه أن حيرم‬
‫باحلج من نفس مكة‪ ،‬وهي يف حقه كهي يف حق املكي‪ ،‬لكن عليه دم‬

‫(‪ )1‬قوله (ال حيصل بمجرد النية)‪ :‬قال الكردي‪ :‬ضابط اّلستيطان‪ :‬هو الذي ال‬
‫يظعن شتا ًء وال صيف ًا إال حلاجة‪ ،‬فيؤخذ منه أنه البد من اإلقامة بمكة أو قرهبا بحيث‬
‫يميض عليها شتاء وصيف ومل خيرج فيهام إال حلاجة‪ ،‬مع عدم قصد اخلروج مما ذكر‬
‫لغري حاجة فيام بقي من عمره؛ ألهنم رصحوا أن جمرد النية ال حيصل هبا االستيطان بل‬
‫البد من وجوده بالفعل‪ ،‬وقبل ميض تلك املدة‪ ..‬فليس متوطن ًا بالفعل بل بالنية وهي‬
‫نوى اخلروج لغري حاجة ولو بعد سني متطاولة‪ ..‬فإنه ال يكون‬
‫ال تكفي‪ ،‬وكذا لو ى‬
‫متوطن ًا‪( .‬حاشية الرشواين ‪)151/4‬‬

‫(‪ )2‬يشرتط أن تقع عمرته ـ أي‪ :‬نية اإلحرام هبا وما بعدها من األعامل ـ يف أشهر‬
‫وأتى‬
‫نوى اإلحرام بالعمرة مع آخر جزء من رمضان ى‬
‫ثم لو ى‬
‫احلج من سنة احلج‪ ،‬ومن َّ‬
‫أتى هبا كلها قبل أشهر احلج‬
‫بأعامهلا كلها يف شوال‪ ..‬مل يلزمه دم مع أنه متمتع‪ ،‬كمن ى‬
‫(‪)56‬‬
‫س ِم َن‬ ‫التمتع(‪)1‬؛ لقوله تعا ىل‪َ ﴿ :‬ف َم ْن ِتَ َت ََع بِا ْل ُع ْم َر ِة إِ َ ٰل َْ‬
‫احل ِّج َف َام ْاس َت ْي َ َ‬
‫[البقرة‪.]196 :‬‬ ‫َاَلدْ ِي﴾‬
‫وإن خرج من مكة إ ىل احلل‪ ،‬وأحرم باحلج من هنالك‪ ..‬فقد ترك‬
‫ميقاته‪ ،‬فإن عاد إ ىل مكة حمرم ًا قبل الوقوف بعرفة‪ ..‬كان كام لو أحرم‬
‫مض إ ىل عرفات قبل أن يعود إ ىل مكة‪ ..‬فيجب عليه‬
‫من مكة‪ ،‬وإن ى‬
‫دمان‪ :‬دم التمتع‪ ،‬ودم لرتك اإلحرام من مكة‪.‬‬
‫وإن أحرم باحلج من موضع من احلرم خارج مكة‪ ،‬ومل يعد إ ىل‬
‫مكة قبل الوقوف بعرفة‪ ..‬فهل هو كمن أحرم من مكة؟‬

‫أخرى‪ ..‬فال دم؛ كام جاء عن الصحابة ريض‬


‫ى‬ ‫عل املشهور‪ ،‬ولو اعتمر يف سنة وحج يف‬
‫ى‬
‫اهلل عنهم بسند حسن‪( .‬حتفة املحتاج ‪)152/4‬‬

‫واملعنى يف إجياب الدم‪ :‬كونه ربح ميقات ًا‪ ،‬إذ لوكان أحرم باحلج أوالً من ميقات‬
‫ى‬ ‫(‪)1‬‬
‫بلده لكان حيتاج بعد فراغه من احلج إ ىل خروجه إ ىل أدن ىى احلل ليحرم بالعمرة‪ ،‬وإذا‬
‫استغنى عن اخلروج لكونه حيرم باحلج من جوف مكة‪( .‬هناية املحتاج ‪)326/3‬‬
‫ى‬ ‫متتع‪..‬‬
‫(‪)57‬‬
‫اجلواب‪ :‬ال‪ ،‬بل هو كمن أحرم من احلل فهو ميسء؛ ألن مكة‬
‫صارت ميقات ًا له‪ ،‬فهو كمن لزمه اإلحرام من قرية‪ ،‬فخرج عنها‬
‫وأحرم‪.‬‬
‫فلو عاد إ ىل امليقات الذي أحرم بالعمرة منه‪ ،‬أو إ ىل مسافة مثله‬
‫وأحرم باحلج‪ ..‬فال دم‪ ،‬وهو متمتع‪ ،‬ووجه التسمية باملتمتع‪..‬‬
‫استمتاعه بمحظورات اإلحرام بي العمرة واحلج‪ ،‬ومثله ما لو‬
‫أحرم باحلج من مكة‪ ،‬ثم ذهب إ ىل امليقات حمرم ًا قبل التلبس بيشء‬
‫من أفعال احلج‪ ..‬فال دم أيض ًا‪.‬‬
‫ولو عاد إ ىل ميقات أقرب منه إ ىل مكة من ميقات عمرته وأحرم‬
‫منه ـ بأن كان ميقات عمرته اجلحفة فعاد إ ىل ذات عرق ـ فهل هو‬
‫كالعود إ ىل ميقات عمرته؟ األصح‪ :‬نعم؛ ألنه أحرم من موضع‬
‫ليس ساكنوه من حارضي املسجد احلرام‪.‬‬
‫واآلفاقي إذا جاوز ميقات بلده غري مريد للنسك ثم ع َّن له‬
‫النسك وهو يف أدن ىى احلل فأحرم بالعمرة منه ثم عاد إليه عند‬
‫اإلحرام باحلج‪ ..‬سقط عنه الدم؛ ألن ذلك املحل ميقاته‪ ،‬بخالف ما‬

‫(‪)58‬‬
‫إذا كان مقي ًام بمكة وأحرم بالعمرة من أدن ىى احلل‪ ..‬فال يسقط عنه‬
‫الدم بالعود إليه؛ ألنه ليس ميقاته‪.‬‬
‫(البيان للعمراين ‪ 80/4‬ـ ‪ ،81‬جمموع اإلمام النووي ‪ ،179/7‬روضة الطالبني ‪ ،48/3‬كنز‬
‫الراغبني ‪ ،161/ 2‬هناية املحتاج ‪ ،326/3‬فتح العالم ‪)177/4‬‬

‫مسألة‪ :‬أن اآلفاقي املتمتع لو دخل مكة وفرغ من أعامل عمرته ثم‬
‫خرج إ ىل حمل بينه وبي مكة مرحلتان‪ ،‬فإن كان ميقات اجلهة التي‬
‫خرج إليها أبعد من مرحلتي‪ ..‬فيتعي هنا الوصول مليقات اآلفاقي‬
‫أو حماذاته يمين ًا أو شامالً وإن بعد عنه أو مثل مسافته‪.‬‬
‫فإن وصل إليها‪ ..‬سقط عنه الدمان ـ أي دم التمتع ودم اإلساءة‬
‫برتكه اإلحرام من امليقات وهو مكة ـ ‪ ،‬وإن مل يصل إليها فأحرم من‬
‫عل مرحلتي من مكة‪ ..‬سقط دم التمتع دون دم‬
‫دون امليقات ى‬
‫اإلساءة‪.‬‬
‫عل مرحلتي أو مل يكن هلا‬
‫وإذا كان ميقات جهة خروجه ى‬
‫ميقات‪ ..‬فيكفي الوصول إ ىل مرحلتي وإن مل يصل لعي امليقات‪.‬‬

‫(‪)59‬‬
‫وإذا خرج إ ىل حمل دون مرحلتي ثم أراد اإلحرام باحلج‪ ..‬جاز‬
‫له تأخريه إ ىل أن يدخل مكة‪ ،‬بل لو أحرم من حمله‪ ..‬لزمه دخول‬
‫مكة قبل الوقوف بعرفة أو الوصول إ ىل امليقات أو حماذيه أو مثل‬
‫مسافته‪ ،‬فإن مل يفعل ما هأ حمر به‪ ..‬لزمه دمان(‪ ،)1‬أي‪ :‬دم التمتع‪ ،‬ودم‬
‫اإلساءة برتكه اإلحرام من امليقات وهو مكة‪.‬‬
‫وإن أحرم املتمتع من موضع من احلرم خارج مكة ومل يعد إ ىل‬
‫مكة‪ ..‬فهو كمن أحرم من احلل(‪)2‬؛ ألن مكة صارت ميقاته‪ ،‬فهو‬
‫كمن لزم اإلحرام من قريته التي بي مكة وامليقات فجاوزها‬
‫وأحرم‪.‬‬
‫(جمموع اإلمام النووي ‪ ،180/7‬حتفة املحتاج وحاشية الرشواين ‪ 37/4‬ـ ‪ ،38‬حاشية الرتميس‬
‫‪)100/6‬‬

‫(‪ )1‬وقيل‪ :‬كمن أحرم من مكة؛ ألهنام سواء يف اإلحرام وحتريم الصيد وغريه‪( .‬جمموع‬

‫اإلمام النووي ‪)180/7‬‬

‫(‪ )2‬قال ابن الص َّباغ‪ :‬ال جيب عليه إال دم واحد؛ ألن دم التمتع إنام وجب لرتك‬
‫اإلحرام باحلج من ميقات بلده‪ ،‬وال فرق بي أن يرتك من امليقات مسافة قليلة أو‬
‫كثرية‪ ،‬فإنه ال جيب عليه إال دم واحد‪( .‬البيان للعمراين ‪)81/4‬‬

‫(‪)60‬‬
‫احلالة الثانية‪ :‬إذا كان غري آفاقي‪ :‬فإما أن يكون مكي ًا أو من‬
‫حارضي املسجد احلرام‪ ،‬وإما أن يكون من غري حارضي املسجد‬
‫احلرام‪.‬‬
‫فاألول‪ :‬إن كان مكي ًا أو كان من حارضي املسجد احلرام (وهم‬
‫من استوطنوا احلرم أو حم ً‬
‫ال دون مرحلتي من احلرم)‪ :‬فإن متتع أو‬
‫قرن‪ ..‬صح متتعه وقرانه‪ ،‬ولكن ال جيب عليه دم(‪)1‬؛ لقوله تعا ىل‪:‬‬
‫ج ِد َ‬
‫احل َرا ِم﴾ [البقرة‪ ]196:‬واملعن ىى‬ ‫ك ملَ ِن َمل ْ َيك ُْن َأ ْه ُل ُه َح ِ ِ‬
‫ارضي املَ ْس ِ‬ ‫﴿ َذلِ َ‬

‫يف ذلك‪ :‬أهنم مل يربحوا ميقات ًا(‪ )2‬عام ًا ألهله وملن َّ‬
‫مر بامليقات(‪.)3‬‬

‫(‪ )1‬عبارة هناية املطلب (‪ :)173/4‬من قربت مسافته‪ ،‬إذا أحرم بالعمرة من وطنه‪ ،‬ثم‬
‫أحرم باحلج من جوف مكة‪ ..‬فال يلزمه يشء‪.‬‬
‫(‪ )2‬قوله‪( :‬مل يربحوا ميقات ًا) أي‪ :‬مل يستفيدوا ترك ميقات‪ ،‬أي‪ :‬مل يسقط عنهم ميقات‬
‫عام كان يلزمهم اإلحرام منه‪ ،‬بخالف اآلفاقي فإنه ربح ميقات ًا أي‪ :‬اكتسب راحة‬
‫فمتى ربح امليقات‪ ..‬ربح‬
‫واكتفى منه باإلحرام من مكة‪ ،‬ى‬
‫ى‬ ‫بسقوط اإلحرام من امليقات‬
‫(حاشية اجلمل‬ ‫الراحة برتك اإلحرام منه واالكتفاء باإلحرام من مكة‪ .‬اهـ (عزيزي)‪.‬‬
‫‪)493/2‬‬

‫عن له النسك ثم‬


‫(‪ )3‬فال يشكل بمن بينه وبي مكة أو احلرم دون مسافة القرص إذا َّ‬
‫=‬ ‫فاته وإن ربح ميقات ًا بتمتعه لكنه ليس ميقات ًا عام ًا ألهله وملن َّ‬
‫مر به‪.‬‬
‫(‪)61‬‬
‫ومن كان مستوطن ًا بمكة وأحرم بالعمرة من ميقات بلد قدم منها‬
‫ثم أحرم باحلج من مكة يف عامه‪ ..‬فال دم عليه؛ ألهنا وطنه؛ وألن‬
‫من ال يلزمه الدم إذا متتع من بلده‪ ..‬مل يلزمه الدم وإن متتع من غري‬
‫بلده‪ ،‬كام لو مل حيج من سنته‪.‬‬
‫وإن كان مولده ومنشؤه مكة‪ ،‬فانتقل عنها إ ىل غريها‪ ،‬ثم عاد إ ىل‬
‫مكة متمتع ًا أو قارن ًا‪ ..‬لزمه الدم؛ ألنه خرج باالنتقال عن أن يكون‬
‫من أهلها‪( .‬البيان للعمراين ‪ ،83/4‬هناية املحتاج ‪ ،326/3‬حاشية اجلمل ‪)494/2‬‬

‫= وال يشكل أيضا بأهنم جعلوا ما دون مسافة القرص كاملوضع الواحد يف هذا ومل‬
‫جيعلوه يف مسألة اإلساءة‪ ،‬وهو إذا كان مسكنه دون مسافة القرص من احلرم وجاوزه‬
‫حتى ال يلزمه الدم كاملكي إذا أحرم من سائر بقاع مكة‪ ،‬بل‬
‫وأحرم كاملوضع الواحد ى‬
‫ألزموه الدم وجعلوه مسيئ ًا كاآلفاقي؛ ألن ما خرج عن مكة مما ذكر تابع هلا‪ ،‬والتابع‬
‫بمقتض الدليل يف املوضعي‪ ،‬فهنا‬
‫ى‬ ‫يعطى حكم املتبوع من كل وجه؛ وألهنم عملوا‬
‫ى‬ ‫ال‬
‫بمقتض اآلية‪ ،‬وهناك‬ ‫ى‬ ‫ال يلزمه دم؛ لعدم إساءته لعدم عوده؛ ألنه من احلارضين‬
‫ك‪َ ،‬ف ِم ْن‬
‫ون َذلِ َ‬
‫َان ُد َ‬
‫يلزمه دم إلساءته بمجاوزته ما عي له بقوله يف اخلرب‪َ « :‬و َم ْن ك َ‬
‫ِ‬ ‫َ‬
‫عل أن املسكن املذكور كالقرية بمنزلة‬ ‫ث َأن َْشأ َحت َٰى َأ ْه ُل َم َك َة م ْن َم َك َة» [متفق عليه]‪ ،‬ى‬
‫َح ْي ُ‬
‫مكة يف جواز اإلحرام من سائر بقاعه وعدم جواز جماوزته بال إحرام ملريد النسك‪.‬‬
‫(هناية املحتاج ‪)326/3‬‬

‫(‪)62‬‬
‫والثاين‪ :‬إن كان من غري حارضي املسجد احلرام‪:‬‬
‫فإن كان من غري حارضي املسجد احلرام‪ ،‬فخرج من بيته يقصد‬
‫مكة متمتع ًا ناوي ًا للمقام بمكة بعد فراغه من احلج‪ ،‬فتمتع أو قرن‪..‬‬
‫مل يسقط عنه الدم؛ ألنه ال يصري مقي ًام إال بالنية والفعل‪.‬‬
‫فإذا استوطنها ثم متتع بعد ذلك‪ ،‬أو قرن‪ ..‬فال دم عليه؛ ألنه صار‬
‫من حارضي املسجد احلرام‪( .‬البيان للعمراين ‪)83/4‬‬

‫[للمتمتع مسكنان]‪:‬‬

‫ومن له مسكنان قريب من احلرم وبعيد منه‪ ،‬فهل هيعد من القريب‬


‫فيكون من حارضي املسجد احلرام أم بعيد فيكون من غري‬
‫حارضيه؟ حاصل ما هذكر صور‪:‬‬
‫األول‪ :‬وحتتها اثنان‪ :‬أن االعتبار بكثرة اإلقامة كخمسة بجدة‬
‫وسبعة بمرص سواء كان له ٍّ‬
‫بكل أهل(‪ )1‬ومال أم ال‪.‬‬

‫(‪ )1‬املراد باألهل‪ :‬الزوجة واألوالد الذين حتت حجره دون اآلباء واإلخوة‪( .‬مغني‬

‫املحتاج ‪)289/2‬‬

‫(‪)63‬‬
‫فإن كان مقامه بالقريب أكثر‪ ..‬فال يلزمه دم التمتع‪ ،‬وإن أحرم‬
‫من البعيد‪ ،‬وباألو ىل ال دم إذا كان له مسكن واحد قريب وأحرم من‬
‫مكان بعيد يذهب إليه حلاجة(‪.)1‬‬
‫الثانية‪ :‬وحتتها اثنان أيض ًا‪ :‬وهو ما إذا استوت إقامته هبام كستة‬
‫وستة‪ ..‬فالعربة بام به أهله وماله دائ ًام حيث كان أهله فقط يف اآلخر‪،‬‬
‫فإن مل يالزموه دائ ًام‪ ..‬فاألكثر كسبعة ومخسة‪.‬‬
‫الثالثة‪ :‬وحتتها اثنان أيض ًا‪ :‬وهو ما إذا استوت إقامته هبام لكن‬
‫بأحدَها أهله وباآلخر ماله‪ ..‬فاالعتبار بام به أهله دائ ًام أو أكثر‪.‬‬
‫الرابعة‪ :‬وحتتها اثنان‪ :‬وهو ما إذا استوت إقامته‪ ،‬وله بكل أهل‬
‫ومال‪ ..‬فاالعتبار بام هبامله األكثر بأحدَها دائ ًام أو أكثر‪.‬‬

‫وعل هذا فاملكي إذا ذهب إ ىل املدينة حلاجة ثم أحرم بالعمرة من‬
‫ى‬ ‫(‪ )1‬قال ابن قاسم‪:‬‬
‫ذي احلليفة‪ ..‬ال يلزمه دم التمتع‪ ،‬فسقوط الدم عن احلارض‪ ..‬يكفي فيه استيطانه‬
‫مكان ًا حارض ًا‪ ،‬وال يقدح فيه خروجه عن احلضور واإلحرام من مكان بعيد‪،‬‬

‫فليتأمل‪( .‬حاشية ابن قاسم ٰ‬


‫عّل التحفة ‪)185/4‬‬

‫(‪)64‬‬
‫عل‬
‫اخلامسة‪ :‬وهي ما إذا استوت إقامته وأهله وماله‪ ..‬فام عزم ى‬
‫الرجوع‪.‬‬
‫السادسة‪ :‬وهي ما إذا استو ىى مجيع ما ذكر‪ ،‬وهو اإلقامة واألهل‬
‫عل الرجوع‪ ..‬فاالعتبار بام خرج منه‪.‬‬
‫واملال والعزم ى‬
‫عل‬
‫السابعة‪ :‬وهي ما إذا استوت اإلقامة واألهل واملال والعزم ى‬
‫الرجوع واخلروج بأن خرج من كل منهام‪ ..‬فام أحرم به منه(‪.)1‬‬
‫عّل التحفة ‪)185/4‬‬
‫(حاشية الرشواين ‪ ،185/4‬حاشية ابن قاسم ٰ‬

‫[من لوطنه طريقان‪ ..‬فهل يعد من حارضي املسجد احلرام؟]‪:‬‬


‫َ‬

‫عل دون‬
‫و َمن لوطنه طريقان إ ىل احلرم (كأهل الطائف) أحدَها ى‬
‫مرحلتي‪ ..‬ال يعد من حارضي املسجد احلرام‪ ،‬كام نص عليه ابن‬
‫جل َّامل‬
‫حجر يف التحفة يف باب صالة املسافر‪ ،‬وأما الونائي وابن ا َ‬

‫(‪ )1‬هذا ما ذكر هنا‪ ،‬وزاد يف اإليعاب‪ :‬وعن الفوراين ينظر إ ىل أهيام ينسبه الناس‪..‬‬
‫فهو منه‪ ،‬وله وجه ظاهر‪ ،‬ويف املجموع عن النص‪ :‬ويسن أن يريق دم ًا بكل حال‪،‬‬
‫والظاهر أنه دم متتع‪ ،‬ويؤخذ من ذلك أن كل ما قيل بوجوبه‪ ..‬يسن إخراج دم يف‬
‫تركه ويكون كدم التمتع‪( .‬حممد صالح الرئيس)‪( .‬حاشية الرشواين ‪)151/4‬‬

‫(‪)65‬‬
‫فعندَها‪ :‬أنه يعد من حارضي املسجد احلرام؛ إذ األصل براءة الذمة‬
‫من الدم(‪( .)1‬حتفة املحتاج ‪ ،383/2‬حاشية الرشواين ‪ ،185/4‬حاشية اجلمل ‪)493/2‬‬

‫[تكرير العمرة من املتمتع]‪:‬‬

‫كرر املتمتع العمرة يف أشهر احلج‪ ..‬فالوجه أنه ال يتكرر عليه‬


‫لو َّ‬
‫الدم(‪ ،)2‬وإن أخرج الدم قبل التكرر؛ ألن ربحه امليقات باملعن ىى الذي‬
‫تقرر مل يتكرر‪( .‬حتفة املحتاج ‪)150/4‬‬

‫[نية التمتع]‪:‬‬

‫وهل يشرتط نية التمتع؟ األوجه‪ :‬أهنا ليست برشط(‪)1‬؛ ألن الدم إنام‬
‫وجب عليه لرتكه اإلحرام باحلج من ميقات بلده‪ ،‬وهذا املعن ىى موجود‬
‫وإن مل ينو التمتع‪.‬‬

‫رأيت عن بعضهم تفصي ً‬


‫ال‪ :‬وهو أنه يعترب ما يكون سلوكه به‬ ‫(‪ )1‬قال ابن اجلَ َّامل‪ :‬ثم ه‬
‫أكثر‪ ،‬أخذ ًا مما إذا كان له مسكنان وكانت إقامته بأحدَها أكثر‪( .‬حاشية اجلمل ‪)493/2‬‬

‫الر ْيمي صاحب «التفقيه» الذي هو رشح التنبيه‪ ..‬بالتكرر‪.‬‬


‫وأفتى مجال الدين َّ‬
‫ى‬ ‫(‪)2‬‬
‫(هناية املحتاج ‪)327/3‬‬

‫(‪)66‬‬
‫وهل يشرتط يف التمتع أن تكون العمرة واحلج من شخص‬
‫(البيان للعمراين ‪ ،84/4‬هناية املحتاج‬ ‫واحد؟ األصح‪ :‬ال يشرتط ذلك(‪.)2‬‬
‫‪)327/3‬‬

‫[لزوم الدم عند جماوزة امليقات بغْي إحرام]‪:‬‬

‫من جاوز امليقات(‪ )3‬غري حمرم وهو يريد عمرة أو حج ًا(‪ )1‬ولو يف‬
‫العام القابل (عند ابن حجر) ثم أحرم بعمرة مطلق ًا ـ أي ولو كان يف‬

‫(‪ )1‬والوجه الثاين‪ :‬أهنا رشط يف وجود الدم؛ ألنه مجع بي العبادتي يف وقت‬
‫إحداَها‪ ،‬فافتقرت إ ىل النية‪ ،‬كاجلمع بي الصالتي‪.‬‬
‫فإذا قلنا بالثاين‪ :‬فهل من رشط هذه النية أن تكون عند اإلحرام بالعمرة‪ ،‬أو‬
‫عل‬
‫يكفي أن ينوي ذلك يف نية اجلمع قبل الفراغ من أفعال العمرة؟ فيه وجهان‪ ،‬بناء ى‬
‫ل‪( .‬البيان للعمراين ‪)85/4‬‬
‫القولي يف نية اجلمع بي الصالتي يف وقت األو ى‬
‫(‪ )2‬والوجه الثاين‪ :‬قال اخلرضي‪ :‬يشرتط ذلك‪( .‬البيان للعمراين ‪)85/4‬‬

‫حتى يشمل‪ .1 :‬ما لو نذره من‬ ‫(‪ )3‬املراد بـ"امليقات"‪ :‬كل ٍّ‬
‫حمل يلزمه اإلحرام منه‪ ،‬ى‬
‫دويرة أهله‪ .2 ،‬وما لو أحرم منها مث ً‬
‫ال ثم أفسده فإنه جيب عليه اإلحرام يف القضاء‬
‫منها أو من مثل مسافتها ـ كام سيأيت تفصيله ـ ‪ .3 ،‬واملحل املحاذي مليقات‪ .4 ،‬أو‬
‫=‬ ‫الذي َع َّن له اإلحرام منه‪ .5 ،‬أو من الساكن فيه وهو بي مكة وامليقات‪.‬‬
‫(‪)67‬‬
‫غري سنته ـ أو بحج يف السنة التي أراد النسك فيها ولو غري السنة‬
‫ال من العمرة مطلق ًا‬
‫األو ىل (عند ابن حجر)(‪ ..)2‬فعليه دم(‪)3‬؛ ألن ك ً‬
‫واحلج يف السنة التي أراد النسك فيها ويف السنة القابلة‪ ..‬تأ َّدت‬
‫بإحرام ناقص‪.‬‬

‫= واملراد بـ "املجاوزة" يف نحو الصورة األو ىل أو األخرية‪ :‬أن ينتهي إ ىل املحل‬


‫الذي تقرص فيه الصالة‪ ،‬أخذا من تعبري املجموع بمفارقة العمران أو اخليام أو‬

‫الوادي‪ ،‬فال أثر ملجاوزة ما دونه‪( .‬حاشية ابن حجر ٰ‬


‫عّل اإليضاح ‪)178‬‬

‫(‪ )1‬وإن كان حال املجاوزة يف غري أشهر احلج‪( .‬حاشية ابن حجر ٰ‬
‫عّل اإليضاح ‪)177‬‬

‫(‪ )2‬أي‪ :‬أن عند ابن حجر‪ :‬لو جاوز امليقات مريد ًا حج السنة الثانية وأقام بمكة‬
‫وأحرم منها فيها ـ أي من مكة يف السنة الثانية ـ ‪ ..‬وجب الدم‪( .‬حاشية الرشواين ‪)44/4‬‬

‫عل من ترك اإلحرام من‬


‫(‪ )3‬وقال عطاء واحلسن البرصي والنخعي‪ :‬ال يشء ى‬
‫امليقات‪ ،‬وقال املاوردي‪ :‬أي أنه مستحب وليس بواجب‪ ،‬ومن تركه‪ ..‬فال يشء عليه‪،‬‬
‫وهذا مذهب شاذ واضح الفساد‪ ،‬يبطل بام تقدم ذكره من أمر رسول اهلل َص َّ ىل اهلله‬
‫َع َل حيه َو َس َّل َم وفعله؛ ألن اإلحرام ركن ال يصح احلج إال به‪ ،‬وأركان احلج مقدرة‬
‫بالرشع‪ ،‬والرشع قد ورد بتقدير اإلحرام يف امليقات‪ ،‬فدل ع ىل وجوبه لتقدير اإلحرام‬
‫به‪( .‬البيان للعمراين ‪ ،114/4‬احلاوي الكبْي ‪)72/4‬‬

‫(‪)68‬‬
‫وأما عند الرميل واخلطيب‪ :‬إن أحرم باحلج يف سنة أخر ىى غري‬
‫سنة املجاوزة‪ ..‬فال يلزمه دم؛ ألن إحرام هذه السنة ال يصلح‬
‫إلحرام غريها‪ ،‬ولو أراد احلج يف السنة األو ىل فحج يف السنة‬
‫الثانية‪ ..‬فال دم عليه‪.‬‬
‫ويشرتط لوجوب الدم‪ ..‬اثنان‪:‬‬
‫‪ .1‬أن يكون قاصد ًا للنسك عند جماوزة امليقات‪.‬‬
‫‪ .2‬أن ال يرجع بعد إحرامه إ ىل ذلك امليقات أو مثل مسافته ـ وإن‬
‫مل تكن ميقات ًا(‪ )1‬ـ قبل التلبس بنسك‪ ،‬سواء دخل مكة أم ال‪.‬‬
‫فإن رجع بعد التلبس بنسك بأن كان ركن ًا كالوقوف بعرفة أو‬
‫عل صورة الركن كطواف القدوم أو‬
‫ى‬
‫( ‪)2‬‬
‫طواف العمرة‪ ،‬أو سنة‬
‫طواف الوداع املسنون عند اخلروج لعرفة‪ ..‬مل يسقط عنه الدم‪.‬‬

‫وعرب مجع متقدمون‪( :‬بمثل مسافته من ميقات آخر)‪ ،‬وأخذ بمقتضاه غري واحد‪،‬‬
‫(‪َّ )1‬‬
‫منهم الشيخ زكريا يف رشح املنهج واخلطيب يف املغني‪( .‬حتفة املحتاج وحاشية الرشواين ‪)46/4‬‬

‫(حاشية الرتميس‬ ‫(‪ )2‬وبعض األصحاب ـ كام يف الرافعي ـ من مل جيعل للسنة تأثري ًا‪.‬‬
‫‪)121/6‬‬

‫(‪)69‬‬
‫عل صورة الواجب‬ ‫بخالف ما إذا رجع بعد تلبسه بمسنون ى‬
‫عل صورة يشء كاإلقامة بنمرة يوم‬
‫كمبيت من ىى ليلة التاسع ‪ ،‬أو ال ى‬
‫(‪)1‬‬

‫التاسع‪ ..‬فيسقط عنه الدم‪.‬‬

‫واملعترب يف التلبس بالطواف‪ :‬إذا كان بعد جماوزته احلجر األسود‪،‬‬


‫فال عربة بام تقدم عليها من النية قبل حماذاة احلجر ثم حماذاته‬
‫واستالمه وتقبيله ووضع اجلبهة عليه‪.‬‬
‫إل امليقات قبل التلبس بنسك‪ ..‬سقوط الدم‬
‫( ‪)2‬‬
‫وفائدة الرجوع ٰ‬
‫مطلق ًا‪ ،‬سواء نو ىى الرجوع أو ال؛ لقطعه املسافة من امليقات حمرم ًا‪.‬‬

‫عل صورة الواجب‪ :)...‬أي كام رجحه العالمة‬ ‫(‪ )1‬قوله (بخالف مسنون ى‬
‫عبدالرؤوف الزمزمي وابن اجلَ َّامل‪ ،‬وخالفهام الونائي‪( .‬حاشية الرشواين ‪ 48/4‬ـ ‪)49‬‬

‫(‪ )2‬وقضيته‪ :‬أن الدم وجب ثم سقط بالعود‪ ،‬وهو وجه‪ ،‬والذي صححه الشيخ أبو‬
‫عيل والبندنيجي‪ ..‬أنه موقوف‪ ،‬فإن عاد‪ ..‬بان أنه مل جيب عليه‪ ،‬وإال‪ ..‬بان أنه وجب‬
‫عليه‪ .‬واملاوردي‪ :‬أنه ال جيب أصالً‪ ،‬وتظهر فائدة اخلالف‪ :‬فيام لو دفع الدم للفقري‬
‫ورشط الرجوع إن مل جيب عليه‪( .‬حتفة املحتاج ‪)48/4‬‬
‫وذكر الرشواين يف حاشيته (‪ :)48/4‬قوله (واملاوردي‪ :‬أنه ال جيب أصالً)‪ :‬أي‪:‬‬
‫=‬ ‫ألن وجوبه تع َّل َق بفوات ال َعود ومل يفت‪ ،‬وهذا هو املعتمد (مغني وهناية)‪.‬‬
‫(‪)70‬‬
‫وهل يشرتط يف سقوط دم املجاوزة بالرجوع أن ّل يرصفه لفرض‬
‫آخر أو ّل يرض الصارف فيكفي الرجوع إ ٰل حمل املجاوزة ولو‬
‫لفرض آخر أو ّل لفرض؟ أفت ىى ابن حجر بعدم الرضر كالوقوف‪.‬‬
‫(حاشية اجلمل ‪)407/2‬‬

‫تنبيه‪ :‬إذا كان الشخص بعد جماوزته امليقات مل حيرم بحج أو‬
‫عمرة‪ ،‬أو أحرم بحج يف غري السنة التي أراد النسك فيها‪ ..‬فال دم‬
‫عليه؛ ألن لزوم الدم إنام هو لنقص النسك‪ ،‬ومع عدم اإلحرام‪ ..‬ال‬
‫نسك‪ ،‬وبه يتضح أن املجاوزة وحدها‪ ..‬غْي موجبة للدم‪ ،‬وإنام‬
‫املوجب له‪ ..‬النقص‪.‬‬
‫وفارقت العمرة احلج‪ :‬يف كون اإلحرام بالعمرة يلزمه الدم ولو‬
‫يف غري تلك السنة؛ إذ اإلحرام بالعمرة ال يتأ َّقت‪ ،‬بخالف اإلحرام‬
‫باحلج يف سنة فإنه ال يصلح لغريها‪.‬‬

‫= أقول ـ أي‪ :‬الرشواين ـ ‪ :‬قضية هذا التعليل أنه ال فرق بي ما صححه الشيخ أبو‬
‫عيل والبندنيجي وبي ما صححه املاوردي؛ ألن حدوث العود بعده غري معلوم عند‬
‫َش َط الر ُج َ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫وعل الوجه‬
‫ى‬ ‫وع‪ :)...‬أي‪:‬‬ ‫املجاوزة‪ ،‬وقوله (ف َيام َل ْو َد َف َع الدَ َم ل ْل َفقْي َو َ َ‬
‫صححه الشيخ أبو عيل والبندنيجي واملاوردي‪ ..‬يرجع‪ .‬اهـ‬ ‫وعل ما َّ‬ ‫األول‪ ..‬ال يرجع‪ ،‬ى‬
‫(‪)71‬‬
‫ولو تكررت املجاوزة املحرمة ومل حيرم إال من آخرها‪ ..‬مل يلزمه‬
‫إال دم واحد‪ ،‬وإن أثم يف كل مرة‪.‬‬
‫ولو جاوزه كافر مريد ًا للنسك ثم أسلم وأحرم ومل يرجع‪ ..‬لزمه‬
‫دم؛ ألنه مكلف بالفروع؛ خالف ًا للمزين‪.‬‬

‫[حكم جماوزة العبد والصبي واملجنون والزوجة للميقات]‪:‬‬

‫مر بامليقات غري حمرم مريد ًا للنسك ثم عتق قبل‬


‫أما العبد(‪ :)1‬فلو َّ‬
‫الوقوف‪ ..‬فال دم عليه إذا مل يأذن له السيد؛ ألن العبد عند املجاوزة‬
‫غري أهل لإلرادة؛ ألنه حمجور عليه‪ ،‬فإذا أذن السيد‪ ..‬وجب الدم‪.‬‬
‫وأما الصبي أو املجنون أو العبد الصغْي‪ :‬فلو نو ىى نحو الويل أن‬
‫حيرم عن موليه الصبي أو املجنون أو العبد الصغري فجاوز به‬
‫امليقات ثم أحرم عنه بعده أو أذن ملميز فأحرم عن نفسه‪ ..‬وجب‬

‫(‪ )1‬أي‪ :‬وإن ع َّلق السيد عتقه بصفة يمكنه فعلها حال املجاوزة‪ ،‬خالف ًا ملن وهم فيه؛‬

‫ألن هذا اإلمكان ال يقتيض خماطبته بالوجوب كام هو جيل‪( .‬حاشية ابن حجر ٰ‬
‫عّل اإليضاح‬

‫ص‪)178‬‬

‫(‪)72‬‬
‫الدم يف مال الويل(‪ )1‬إن مل يرجع به إ ىل امليقات قبل التلبس بنسك ولو‬
‫بوكيله معه‪.‬‬
‫أما لو ع َّن ـ أي‪ :‬أراد ـ للنسك بعد املجاوزة فأحرم عنه أو أذن‬
‫له‪ ..‬فال يشء عليه‪.‬‬
‫أما إذا جاوز املو ىل مريد ًا للنسك بغري إذن الويل‪ ..‬فال اعتبار به؛‬
‫إذ ال يصح إحرامه بغري إذن الويل‪ ،‬فإرادته ذلك قبل إذنه‪ ..‬لغو‪ ،‬فإن‬
‫كمل بعد املجاوزة‪ ..‬فميقاته حيث ع َّن له ولو بعرفة‪.‬‬
‫ه‬
‫ووكيل الويل إن قرص بعد اإلذن يف اإلحرام له من امليقات‪..‬‬
‫عل الويل‪.‬‬
‫فالدم عليه‪ ،‬وإن أذن له الويل يف املجاوزة‪ ،‬وال رجوع له ى‬
‫عل‬
‫وويل الكافر مع موليه‪ ..‬كهو يف إرادته لنفسه؛ لقدرته ى‬
‫اإلسالم ليتبعه فيحرم عنه‪.‬‬

‫نوى الويل أن يعقد اإلحرام للصبي فجاوز امليقات ومل يعقده‬


‫(‪ )1‬قال ابن قاسم‪ :‬ولو ى‬
‫له ثم عقده له‪ ..‬ففي الدم وجهان‪ :‬أحدَها‪ :‬يلزمه ويكون يف مال الويل‪ ،‬والثاين‪ :‬ال‬
‫عل اإليضاح نحوه‪ ،‬ورجح‬
‫عل واحد منهام‪ .‬اهـ‪ .‬وذكر ابن حجر يف حاشيته ى‬
‫جيب ى‬
‫األول من هذين الوجهي‪( .‬حاشية ابن قاسم ٰ‬
‫عّل التحفة ‪)48/4‬‬

‫(‪)73‬‬
‫وأما الزوجة‪ :‬فلو جاوزت امليقات مريدة للنسك بغري إذن‬
‫عل أنه ال جيوز‬
‫الزوج‪ ..‬فال دم عليها وإن طلقت قبل الوقوف؛ بناء ى‬
‫هلا أن حترم بغري إذن الزوج‪ ،‬كام نص عليه ابن قاسم‪ ،‬و َق َّيدَ الونائي‬
‫نهسكَها بالنفل‪.‬‬

‫[حصول املعصية يف جماوزة امليقات بغْي إحرام]‪:‬‬

‫عص إمجاع ًا(‪ ،)1‬ولكن‬


‫ى‬ ‫إذا جاوز امليقات بغري إحرام‪ ..‬فقد‬
‫برشوط‪:‬‬
‫‪ .1‬أن يكون مكلف ًا‪ :‬أما إذا كان غري مكلف كالصبي واملجنون‪..‬‬
‫فال إثم‪.‬‬
‫عل إذن غريه كالرقيق مع السيد‬
‫‪ .2‬أن ال يتوقف جواز إحرامه ى‬
‫والزوجة مع الزوج يف النفل‪.‬‬
‫ال أو ناسي ًا‪ ..‬فال إثم‬
‫‪ .3‬أن يكون عامل ًا عامد ًا‪ :‬فإذا كان جاه ً‬
‫فيهام‪.‬‬

‫(حاشية‬ ‫معرتض‪ ،‬كذا يف اإليعاب‪.‬‬


‫ادعى اإلمجاع اإلمام النووي‪ ،‬لكنه َ‬
‫ى‬ ‫(‪ )1‬الذي‬
‫الرتميس ‪)117/6‬‬

‫(‪)74‬‬
‫(تنبيه)‪ :‬استشكل ما قيل يف حق النايس لإلحرام ـ ومثله النائم‬
‫من باب أو ىل ـ بأنه يستحيل أن يكون حينئذ مريد ًا للنسك عند‬
‫جماوزة امليقات‪.‬‬
‫فأجاب الرميل واخلطيب‪ :‬بأنه ربام يتصور بمن أنشأ سفره من‬
‫بلده قاصد ًا للنسك وقصده مستمر فسها عنه حي املجاوزة‪ ،‬فعليه‬
‫الدم‪.‬‬
‫وأجاب ابن حجر‪ :‬بأن العربة يف لزوم الدم وعدمه‪ ..‬بحاله عند‬
‫آخر جزء من امليقات‪ ،‬وحينئذ فالسهو إن طرأ عند ذلك اجلزء‪ ..‬فال‬
‫دم‪ ،‬أو بعده‪ ..‬فالدم‪.‬‬

‫عل جواب ابن حجر‪ :‬حمل‬


‫قال السيد عمر البرصي والونائي ى‬
‫تأمل‪ ،‬والذي يظهر من تتبع كالمهم يف هذا املقام أنه مت ىى حتققت‬
‫اإلرادة يف جزء من امليقات‪ ..‬وجب اإلحرام‪ ،‬وهذا ال ينايف السهو‬
‫يف جزء آخر‪.‬‬

‫(‪)75‬‬
‫قال الرشواين‪ :‬وقضية هذا‪ :‬أن نحو النايس يف مجيع أجزاء‬
‫امليقات‪ ..‬ال يلزمه عود وال دم باتفاق‪.‬‬

‫مسألة (أ)‪ :‬لو جاوز امليقات مغم ىى عليه‪ ..‬فاألوجه أنه ال دم‬
‫عليه؛ خلروجه باإلغامء عن أهلية العبادة فسقط أثر اإلرادة السابقة‬
‫رأس ًا(‪.)1‬‬

‫مسألة (ب)‪ :‬ال يتصور اإلكراه هنا؛ إذ حمل النية القلب‪ ،‬فإن‬
‫عل فعل املحرمات‪ ..‬أخربه باإلحرام حيث أمن غائلته‪ ،‬وإال‬
‫أكرهه ى‬
‫عل امل ح‬
‫كره إن علم‬ ‫املكره ويرجع به ى‬
‫عل َ‬ ‫فال‪ ،‬والدم يف املحرمات ى‬
‫بإحرامه‪.‬‬

‫‪ .4‬أن ال ينوي الرجوع إ ىل امليقات أو إ ىل مثل مسافته‪.‬‬

‫(‪ )1‬هذا عند ابن قاسم‪ ،‬قال الرشواين‪ :‬وهذا هو الظاهر‪ ،‬وإن قال الونائي‬
‫(حاشية‬ ‫كاملغمى عليه اهـ‪.‬‬
‫ى‬ ‫والبرصي‪ :‬ومثل الساهي‪ ..‬النائم وغري األهل للعبادة‬
‫الرشواين ‪)46/4‬‬

‫(‪)76‬‬
‫فإذا جاوز امليقات مريد الرجوع إليه أو إ ىل مثل مسافته قبل‬
‫التلبس بنسك يف تلك السنة‪ ..‬فإنه ال يأثم باملجاوزة إن رجع(‪)1‬؛ ألن‬
‫حكم اإلساءة ارتفع برجوعه وتوبته بخالف ما إذا مل يرجع حيث ال‬
‫عذر(‪ ،)2‬فإن كان مل يرجع لعذر كمرض وغريها كام يأيت‪ ..‬فال إثم‬
‫وإن وجب عليه الدم‪.‬‬
‫‪ .5‬أن يكون قاصد ًا بسفره هذا دخول مكة أو احلرم‪.‬‬
‫‪ .6‬أن يكون قاصد ًا للنسك عند جماوزة امليقات‪.‬‬
‫‪ .7‬أن جياوز امليقات إ ىل جهة احلرم‪.‬‬

‫(‪ )1‬أي‪ :‬كام يف التحفة‪ .‬اهـ‪ .‬وقال الكردي‪ :‬ويف النهاية واملغني نحوه‪ ،‬ويف رشحي‬
‫وى العود عند املجاوزة‪ ..‬ال إثم مطلق ًا‪،‬‬
‫اإليضاح للجامل الرميل وابن عالن‪ :‬أنه إذا ن ى‬

‫ثم إن عاد‪ ..‬فال دم أيض ًا‪ ،‬وإال لزمه الدم من غري عصيان‪ ،‬وإذا ى‬
‫عص وذبح الدم‪ ،‬فإنام‬
‫عل بافضل)‪( .‬حاشية‬
‫انتهى (كردي ى‬
‫ى‬ ‫يقطع دوام اإلثم ال أصله‪ ،‬فال بد فيه من التوبة‪.‬‬
‫الرشواين ‪)44/4‬‬

‫(‪ )2‬قال السيد عمر البرصي‪ :‬إذا أحرم ومل يعد من غري عذر يأثم من حينئذ‪ .‬ويف‬
‫يوافقه‪( .‬حاشية الرشواين‬ ‫رشحي اإليضاح للرميل وابن عالن وابن قاسم والونائي ما‬
‫‪ 44/4‬ـ ‪)45‬‬

‫(‪)77‬‬
‫أ َّما لو جاوز امليقات ال إ ىل جهة احلرم بل يمنة أو يرسه‪ ..‬فله أن‬
‫يؤخر إحرامه‪ ،‬لكن برشط أن حيرم من حمل مثل مسافة ميقاته إ ىل‬
‫مكة أو أبعد‪.‬‬
‫وذلك مثل أهل اليمن يزورون النبي َص َّ ىل اهلله َع َلي حه َو َس َّل َم بعد‬
‫احلج‪ ،‬ويمرون يف رجوعهم بذي احلليفة قاصدين النسك يف عامهم‬
‫بعد إقامتهم ببلدهم‪ ..‬فال جيب عليهم اإلحرام؛ ألن جماوزهتم‬
‫امليقات يف غري جهة احلرم‪ ،‬بخالف املكي إذا رجع بعد زيارة النبي‬
‫َص َّ ىل اهلله َع َل حيه َو َس َّل َم إ ىل مكة وكان قاصد ًا للنسك‪ ..‬فيجب عليه‬
‫اإلحرام‪.‬‬
‫(تنبيه)‪ :‬من خرج من مكة لزيارة رسول اهلل َص َّ ىل اهلله َع َل حيه َو َس َّل َم‪،‬‬
‫فزار ثم وصل ذا احلليفة‪ ،‬فإن كان عند امليقات قاصد ًا نسك ًا حاالً أو‬
‫مستقبالً‪ ..‬لزمه اإلحرام من امليقات بذلك النسك إن أمكن‪ ،‬أو‬
‫بنظريه إن مل يمكن‪ ،‬وإال‪ ..‬لزمه الدم إن مل يرجع قبل التلبس‬
‫بالنسك‪.‬‬

‫(‪)78‬‬
‫وإن كان عند امليقات قاصد ًا وطنه أو غريه ومل خيطر له قصد مكة‬
‫لنسك‪ ..‬مل يلزمه اإلحرام من امليقات بيشء‪ ،‬وإن كان يعلم أنه إذا‬
‫جاء احلج وهو بمكة‪ ..‬حج‪ ،‬أو أنه ربام خطرت له العمرة وهو‬
‫بمكة فيفعلها؛ ألنه حينئذ ليس قاصد ًا احلرم بام وضع له من‬
‫النسك‪ ،‬وإنام هو قاصده ألمر آخر‪ ،‬واحتامل وقوع ذلك منه‪ ..‬هبعد‬
‫ال نظر إليه‪.‬‬
‫بخالف ما إذا قصده عند املجاوزة لنسك حارض أو مستقبل‪..‬‬
‫فإنه قاصده ملا وضع له‪ ،‬فلزمه تعظيمه به أو بنظريه؛ لوجود املعن ىى‬
‫الذي وجب اإلحرام ألجله من امليقات فيه‪.‬‬
‫ى‬
‫ى الفقهية الكرب ٰ‬
‫(حتفة املحتاج وحاشية الرشواين وحاشية ابن قاسم ‪ 44/4‬ـ ‪ ،49‬الفتاو ٰ‬
‫‪ ،124/2‬هناية املحتاج ‪ 261/3‬ـ ‪ ،262‬مغني املحتاج ‪ 227/2‬ـ ‪ ،228‬حاشية اجلمل ‪،407/2‬‬
‫ى الكريم ص‪،612‬‬
‫الكربى للكُردي ‪ ،410/4‬برش ٰ‬
‫ٰ‬ ‫عّل املنهج ‪ ،113/2‬احلاشية‬
‫حاشية البجْيمي ٰ‬
‫عّل املنهج القويم ‪ ،435/2‬عدة املسافر وعمدة‬
‫حاشية الرتميس ‪ 117/6‬ـ ‪ ،121‬حاشية اجلرهزي ٰ‬
‫احلاج والزائر ص‪)132‬‬

‫(‪)79‬‬
‫إل مكة؟]‪:‬‬
‫إل مكة تساوي مسافة جدة ٰ‬
‫[هل مسافة يلملم ٰ‬

‫قال ابن حجر يف التحفة‪ :‬أن اجلائي من اليمن يف البحر له أن‬


‫يؤخر إحرامه من حماذاة يلملم إ ىل جدة؛ ألن مسافتها إ ىل مكة‬
‫كمسافة يلملم كام رصحوا به‪ ،‬بخالف اجلائي فيه من مرص ليس له‬
‫أن يؤخر إحرامه عن حماذاة اجلحفة؛ ألن كل حمل من البحر بعد‬
‫اجلحفة أقرب إ ىل مكة منها‪ ،‬فتنبه لذلك فإنه مهم‪.‬‬
‫وذكر الرشواين يف حاشيته‪ :‬قوله (أن اجلائي من اليمن يف البحر‬
‫له أن يؤخر‪ :)...‬وممن قال باجلواز‪ :‬النَّشييل ـ مفتي مكة ـ‪ ،‬والفقيه‬
‫أمحد َب ْلحاج‪ ،‬وابن زياد اليمني‪ ،‬وغريهم‪.‬‬
‫وممن قال بعدم اجلواز‪ :‬العالم هة عبداهلل بن عمر باخمرمة‪ ،‬وحممد‬
‫ه‬
‫وتلميذ الشارح عبده الرؤوف [بن حيي ىى‬ ‫بن أيب بكر األشخر‪،‬‬
‫الزمزمي] قال‪ :‬ألن جدة أقل مسافة بنحو الربع كام هو مشاهد‪،‬‬
‫وقال ابن ع َّ‬
‫الن يف «رشح اإليضاح»‪ :‬وليس هذا مما يرجع لنظر يف‬
‫املدارك حت ىى يعمل فيه بالرتجيح‪ ،‬بل هو أمر حمسوس يمكن‬
‫عل بافضل‪.‬‬
‫التوصل ملعرفته بذرع حبل طويل‪ .‬إلخ‪ .‬اهـ كردي ى‬
‫(‪)80‬‬
‫وقال الونائي‪ :‬فله أن يؤخر إحرامه من حماذاة يلملم إ ىل رأس‬
‫املعروف قبل مرس ىى جدة‪ ،‬وهو حال توجه السفينة إ ىل جهة احلرم‪،‬‬
‫وليس له أن يؤخره إ ىل جدة؛ ألهنا أقرب من يلملم بنحو الربع‪،‬‬
‫وقوهلم‪ :‬إن جدة ويلملم مرحلتان‪ ..‬مرادهم أن ك ً‬
‫ال ال ينقص عن‬
‫مرحلتي‪ ،‬وإن تفاوتت املسافتان كام حققه من سلك الطريقي وهم‬
‫عدد كادوا أن يتواتروا‪ ،‬فام يف «التحفة» من جواز التأخري إ ىل جدة‬
‫فهو لعدم معرفته املسافة فال يغرت به‪ ،‬كام نبه عليه تلميذه‬
‫عبدالرؤوف بن حيي ىى الزمزمي‪.‬‬
‫وقال حممد بن احلسن‪ :‬ولو هأخرب الشيخ ـ رمحه اهلل تعا ىل ـ حتقيقه‬
‫اجلامل‪ :‬وما يف التحفة مبني‬
‫األمر ما أفت ىى به‪ ،‬وقال الشيخ عيل بن َّ‬
‫عل احتاد املسافة الظاهر من كالمهم‪ ،‬فإذا حتقق التفاوت‪ ..‬فهو قائل‬
‫ى‬
‫بعدم اجلواز قطع ًا؛ بدليل صدر كالمه النص يف ذلك‪ .‬انته ىى‪.‬‬
‫وأيض ًا كل حمل من البحر بعد رأس العلم أقرب إ ىل مكة من‬
‫يلملم وقد قال بذلك يف اجلحفة‪ ،‬ونص عبارته‪" :‬بخالف اجلائي‬

‫(‪)81‬‬
‫فيه من مرص ليس له أن يؤخر إحرامه من حماذاة اجلحفة؛ ألن كل‬
‫حمل من البحر بعد اجلحفة أقرب إ ىل مكة منها"‪ .‬اهـ‪.‬‬
‫وعبارة باعشن‪ :‬وال وجه ملا يف التحفة إال إن قيل‪ :‬إن مبن ىى‬
‫عل التقريب‪ ،‬وهو الذي كان يعلل به الشيخ حممد صالح‬
‫املواقيت ى‬
‫الريس تبع ًا لشيخه إدريس الصعيدي جواز تأخري اإلحرام إ ىل جدة‬
‫ويفت ىى به‪ ،‬أو يكون جبل يلملم ممتد ًا بعد السعدية بحيث يكون بي‬
‫سمعت من بعض الثقات أن الشيخ‬
‫ه‬ ‫آخره وبي مكة مرحلتان‪ ،‬وقد‬
‫علمت أن يلملم جبل‬
‫ه‬ ‫حممد صالح املذكور كان يقول بذلك‪ ،‬وقد‬
‫وسمعت أن بحذاء السعدية جبلي‪:‬‬
‫ه‬ ‫حماذ للسعدية‪،‬‬
‫أحدمها‪ :‬بي طرفه املحاذي ملكة وبي مكة أكثر من مرحلتي‪،‬‬
‫والثاين‪ :‬ممتد جلهة مكة وبينه وبي مكة باعتبار طرفه الذي بجهتها‬
‫مرحلتان فأقل(‪.)1‬‬

‫وسمعت أن يلملم جبل طويل وأن آخره إ ىل مكة‬


‫ه‬ ‫برشى الكريم ص‪:)613‬‬
‫ٰ‬ ‫(‪ )1‬ويف (‬

‫كجدة إليها أو أقل‪ ،‬فإن صح ذلك‪ ..‬اجته‪ ،‬بل اتضح ما يف التحفة؛ ألن العربة من‬
‫=‬ ‫حيث الوجوب يف املواقيت‪ ..‬بآخرها‪ .‬اهـ‪،‬‬
‫(‪)82‬‬
‫فإن حتقق أنه األخري‪ ..‬فال شك يف جواز اإلحرام من جدة‪َ ،‬ف َحر ْر‬
‫جبل يلملم‪ ،‬فإن حتقق وحتققت املفارقة التي يقولوهنا‪ ..‬فال وجه ملا‬
‫قاله يف التحفة‪ ،‬بل هيشعر بذلك قول التحفة؛ ألن مسافتها ـ أي‪ :‬جدة‬
‫ـ كمسافة يلملم إ ىل مكة‪ .‬اهـ‬
‫فإذا حتقق التفاوت‪ ..‬بطل املساواة وبطل ما بني عليها من جواز‬
‫التأخري إ ىل جدة‪ ،‬وهو واضح‪ ،‬إال إن ثبت واحد من األمرين للذين‬
‫سقناَها‪ .‬اهـ‪.‬‬
‫أقول ـ أي‪ :‬الرشواين ـ ‪:‬‬
‫عل التقريب‪ ،‬كالم التحفة‬
‫األمر األول‪ :‬وهو أن مبن ىى املواقيت ى‬
‫والنهاية واملغني وغريهم‪ ..‬رصيح يف خالفه‪.‬‬

‫عل منسك الونائي‪ :‬قوله‪( :‬يلملم جبل من هتامة)‪ :‬مل َأر من‬
‫= ويف حاشية باعشن ى‬
‫عل يساره‪ ،‬وهل هو املمتد إ ىل‬
‫عل يمي الذاهب إ ىل مكة أو ى‬
‫ضبط هذا اجلبل‪ ،‬وهو ى‬
‫مكة من السعدية أو املعرتض‪ ،‬فإن كان هو املمتد‪ ..‬فال يبعد أنه مساو جلدة إ ىل مكة‬
‫باعتبار آخره‪ ،‬بل ربام أنه أقرب‪ ،‬وعليه فجدة ميقات ألهل اليمن‪ ،‬فليحرر هذا‬
‫املوضع‪ .‬اهـ‪( .‬يلملم ميقات أهل اليمن ص‪)3‬‬

‫(‪)83‬‬
‫واألمر الثاين‪ :‬وهو كون جبل يلملم ممتد ًا بعد السعدية‪ ..‬إلخ‪،‬‬
‫مبني ع ىل كونه األخري من اجلبلي اللذين بحذاء السعدية الذي بي‬
‫طرفه وبي مكة مرحلتان فأقل‪ ،‬وقد نص التحفة والنهاية واملغني‬
‫عل أنه "ّل ميقات أقل من مرحلتني"‪ ،‬فتبي أنه ليس جبل‬
‫وغريهم ى‬
‫يلملم‪ ،‬وإنام هو األول من اجلبلي املذكورين الذي بي طرفه وبي‬
‫مكة أكثر من مرحلتي‪ .‬انته ىى من حاشية الرشواين‪.‬‬
‫وخالصة أقوال العلامء يف ذلك‪:‬‬
‫فممن قال باجلواز‪ :‬ابن حجر اهليتمي‪ ،‬وإدريس الصعيدي‪،‬‬
‫وحممد صالح الرئيس‪ ،‬والنشييل "مفتي مكة"‪ ،‬وأمحد َب ْلحاج‪ ،‬وابن‬
‫همطري‪ ،‬وابن زياد‪ ،‬وحممد بن حسي احلبيش "مفتي الشافعية بمكة"‪.‬‬
‫وممن قال بعدم اجلواز‪ :‬عبد اهلل بن عمر باخمرمة‪ ،‬وحممد بن أيب بكر‬
‫األشخر‪ ،‬وعبدالرؤوف بن حيي ىى الزمزمي‪ ،‬وزين الدين املليباري‬
‫جل َّامل‪ ،‬والبطاح‪ ،‬وسليامن بن‬
‫صاحب فتح املعي‪ ،‬والونائي‪ ،‬وابن ا َ‬
‫حيي ىى بن عمر مقبول األهدل‪.‬‬
‫(حتفة املحتاج وحاشية الرشواين ‪ ،45/4‬فتح املعني وترشيح املستفيدين ص‪ ،182‬إعانة‬
‫الطالبني ‪)344/2‬‬

‫(‪)84‬‬
‫إل امليقات]‪:‬‬
‫[لزوم الرجوع ٰ‬

‫ويلزم من ليس له عذر‪ ..‬الرجوع إ ىل امليقات(‪ )1‬أو إ ىل مثل‬


‫مسافته(‪ ،)2‬حت ىى لو أخر إحرامه عن املوضع الذي أراد اإلحرام فيه‬
‫‪-‬أي‪ :‬امليقات املعنوي‪ -‬بعد امليقات‪ ..‬أجزأه الرجوع إليه أو إ ىل مثل‬

‫(‪ )1‬أي‪ :‬بقصد تدارك الواجب (ونائي)‪ ،‬أي‪ :‬ال متنزه ًا أو أطلق‪ ،‬وهذا رشط لدفع‬
‫اإلثم دون الدم (باعشن)‪( .‬حاشية الرشواين ‪)46/4‬‬

‫(سمعت الرشيف العثامين من أصحابنا يقول‪ :‬إذا جاوز‬


‫ه‬ ‫(‪ )2‬قال صاحب البيان‪:‬‬
‫املدين ذا احلليفة غري حمرم وهو مريد للنسك فبلغ مكة غري حمرم‪ ،‬ثم خرج منها إ ىل‬
‫ميقات بلد آخر كذات عرق أو يلملم وأحرم منه‪ ..‬فال دم عليه بسبب جماوزة ذي‬
‫احلليفة؛ ألنه ال حكم إلرادته النسك ملا بلغ مكة غري حمرم‪ ،‬فصار كمن دخل مكة غري‬
‫حمرم ـ وقلنا‪ :‬جيب اإلحرام لدخوهلا ـ ‪ ..‬فإنه الدم عليه)‪ ،‬قال النووي‪ :‬هذا نقل‬
‫صاحب البيان وهو حمتمل وفيه نظر‪ .‬قال السبكي‪ :‬وهو خمالف لقضية كالم القايض‬
‫والبغوي واملتويل‪ ،‬وكالمهم أصح‪ .‬وقال باقشري‪ :‬فلو كان كام يف «البيان»‪ ..‬لسقط‬
‫انتهى إليها‪ ،‬وقد َحكَم بنسخ إرادته‬
‫ى‬ ‫الدم وإن أحرم به من مكة؛ ألهنا ميقات من‬
‫السابقة‪( .‬البيان ‪ ،115/4‬جمموع اإلمام النووي ‪ ،208/7‬قالئد اخلرائد ‪)263/1‬‬

‫(‪)85‬‬
‫مسافته‪ ،‬إال من ع َّن له ـ أي‪ :‬أراد ـ العمرة وهو باحلرم‪ ..‬فيلزمه‬
‫اخلروج إ ىل أدن ىى احلل مطلق ًا‪.‬‬
‫فإن رجع‪ ..‬فال دم عليه‪ ،‬ومل تكن جماوزته حمرمة إن نو ىى الرجوع‬
‫عند املجاوزة‪ ،‬وإال لزم اإلثم للمجاوزة ولو يف صورة العذر؛ ألن‬
‫العذر إنام يسقط وجوب الرجوع ال إثم املجاوزة‪.‬‬

‫أما لو رجع إ ىل ميقات آخر دون مسافة ميقاته‪ ..‬فال يسقط به‬
‫فوته بإساءته؛ ألنه‬
‫الدم عنه‪ ،‬وإن سقط به دم التمتع؛ ألنه قضاء ملا َّ‬
‫دم إساءة بخالف دم التمتع‪ ،‬فإن مل يرجع وكان مكلف ًا عامد ًا عامل ًا‬
‫عص‪.‬‬
‫ى‬ ‫باحلكم(‪ )1‬ومل يكن له عذر‪..‬‬

‫وال فرق يف املجاوزة بي العمد والسهو والعلم واجلهل يف كونه‬


‫يلزمه الرجوع؛ تدارك ًا إلثمه يف حق املكلف العامل العامد‪ ،‬أو‬

‫ح‬
‫(‪ )1‬أي‪ :‬ال عامل بامليقات أو جاهل به؛ ألن امل ْقس َم ى‬
‫يأبى ذلك‪ ،‬إذ هو فيمن جاوز‬

‫(برماوي)‪( .‬حاشية البجْيمي ٰ‬


‫عّل‬ ‫امليقات مريد ًا للنسك فال يتصور فيه اجلهل بامليقات‬
‫املنهج ‪)113/2‬‬

‫(‪)86‬‬
‫لتقصريه يف حق اجلاهل املعذور والنايس وإن كان ال إثم فيهام؛ إذ ال‬
‫فرق يف املأمورات بي العامل العامد وغريه إال يف اإلثم‪.‬‬
‫أما من كان معذور ًا كأن ضاق الوقت عن الرجوع بأن خيش‬

‫فوت احلج لو رجع‪ ،‬أو كان الطريق خموف ًا بأن خاف فيه ى‬
‫عل نفسه‬
‫( ‪)1‬‬

‫أو ماله(‪ )2‬وإن َّ‬


‫قل أو بضع‪ ،‬أو خاف انقطاع ًا عن الرفقة ـ واألصح‬
‫أن جمرد الوحشة هنا ال تعترب(‪ )3‬ـ ‪ ،‬أو كان به مرض يشق معه‬

‫عل نفسه همؤثر وإن مل تكن حمرتمة ـ كزان حمصن ـ؛ إذ ال يؤمر بمبارشته‬
‫(‪ )1‬خوفه ى‬
‫قتل نفسه‪( .‬احلاشية الكرب ٰ‬
‫ى ‪)412/4‬‬

‫(‪ )2‬ودخل يف املال‪ :‬ما لو كان القدر الذي خياف عليه يف رجوعه‪ ..‬بقدر قيمة الدم‬
‫عل مال‬
‫الذي يلزمه حيث مل يعد أو دوهنا‪ ،‬وقياس ما يف التيمم من أنه لو خاف ى‬
‫يساوي ثمن ماء الطهارة ال يعترب أنه هنا كذلك‪ ،‬فيجب العود وإن خاف‪ ،‬وقد يفرق‪:‬‬
‫بأن ما هنا إسقاط ملا ارتكبه‪ ،‬وما يف التيمم طريق للطهارة التي هي رشط لصحة‬
‫الصالة‪ ،‬وهي أضيق مما هنا‪ ،‬فال جيب العود وال إثم بعدمه‪( .‬حاشية الشربامليس ‪)262/3‬‬

‫الكربى ‪ 411/4‬ـ ‪ :)412‬ويف حاشية اإليضاح‪ :‬أهنم عدوا‬


‫ٰ‬ ‫(‪ )3‬وذكر الكردي يف (احلاشية‬

‫الوحشة هنا عذر ًا‪ ،‬فام فيها خمالف للتحفة‪ ،‬وقال يف رشح العباب‪ :‬وقضية قول‬
‫املجموع‪( :‬وانقطاع عن رفقة أنه عذر وإن مل خيف منه ولو مل حيصل له وحشة بفراقه)=‬
‫(‪)87‬‬
‫الرجوع مشقة ال حتتمل عادة وإن مل يبح التيمم‪ ،‬أو خاف ع ىل حمرتم‬
‫عل نفسه‪ ..‬فال يلزمه الرجوع إ ىل‬
‫يرتكه أو يستصحبه أو بضع أو ى‬
‫امليقات وال إ ىل مثل مسافته يف كل ذلك؛ للرضر‪.‬‬
‫بل حيرم عليه يف األو ىل وهي خشية فوات احلج ولو ظن ًا‪ ،‬وكذا‬
‫عل حمرتم وذلك إن أد ىى إ ىل تفويت حمرتم‬
‫األخرية وهي اخلوف ى‬
‫كعضو‪.‬‬
‫ومن األعذار كذلك‪ :‬أن يكون ساهي ًا عن لزوم الرجوع أو‬
‫جاه ً‬
‫ال به‪.‬‬
‫ومع عدم لزوم الرجوع بسبب العذر‪ ..‬يلزمه دم إن أحرم يف تلك‬
‫السنة؛ إلساءته برتك اإلحرام من امليقات‪ ،‬ولقول ابن عباس ريض‬
‫َيس ِم ْن ن ُُسكِ ِه َش ْيئ ًا َأ ْو ت ََر َ‬
‫ك ُه‪َ ..‬ف ْل ُي ْه َر ْق َدم ًا) أخرجه مالك‬
‫ِ‬
‫اهلل عنهام‪َ ( :‬م ْن ن َ‬
‫يف املوطأ‪.‬‬

‫مر أوائل الباب أنه البد من خوف أو وحشة يشق‬


‫= ويف إطالقه نظر‪ ،‬وقياس ما َّ‬
‫عليه حتملها مشقة شديدة‪ .‬اهـ‪ ،‬قال الكردي‪ :‬وهبذا جيمع بي ما يف التحفة وحاشية‬
‫اإليضاح‪ ،‬وقد يشري إليه قول التحفة جمرد الوحشة‪ ،‬أي‪ :‬من غري مشقة شديدة هبا‪.‬‬
‫(‪)88‬‬
‫وال جيب تأخري اإلحرام إ ىل الرجوع؛ ألنا إذا قلنا باألصح أن‬
‫الرجوع بعد اإلحرام يسقط الدم‪ ..‬كان له اإلحرام ثم يرجع إ ىل‬
‫امليقات حمرم ًا؛ ألن املقصود قطع املسافة حمرم ًا‪ ،‬كاملكي لو أراد‬
‫عل‬
‫االعتامر فإنه جيوز له اإلحرام من مكة ثم خيرج إ ىل احلل ى‬
‫الصحيح‪.‬‬
‫عل الرجوع ماشي ًا بال‬ ‫ولو قدر تارك امليقات ولو ناسي ًا أو جاه ً‬
‫ال ى‬
‫مشقة‪ ،‬أو بمشقة لكنها حتتمل عادة‪ ..‬لزمه الرجوع ولو مرحلتي فأكثر‬
‫عل األوجه؛ ألنه قضاء ملا تعد ىى فيه فأشبه وجوب قضاء احلج الفاسد‬
‫ى‬
‫وإن بعدت املسافة‪ ،‬لكن الغاية يف كون امليش ولو ملرحلتي فأكثر‪ ..‬إن‬
‫كان قد تعد ىى بمجاوزة امليقات‪ ،‬وإال‪ ..‬فال يلزمه امليش‪.‬‬
‫عل مرحلتي من مكة فسلك طريق ًا ال ميقات‬
‫مسألة‪َ :‬من ميقاته ى‬
‫هلا وجاوز مسيئ ًا وقدر ى‬
‫عل الرجوع إ ىل امليقات‪ ،‬فاحلكم فيها‪ :‬إما أن‬
‫يرجع إ ىل امليقات أو إ ىل مرحلتي من مكة‪.‬‬
‫(حتفة املحتاج وحاشية الرشواين ‪ 46/4‬ـ ‪ ،48‬هناية املحتاج وحاشية الشربامليس ‪ 261/3‬ـ ‪،262‬‬
‫ى الكريم ص‪ ،613‬حاشية اجلمل‬
‫الكربى للكُردي ‪ ،410/4‬برش ٰ‬
‫ٰ‬ ‫مغني املحتاج ‪ ،228/2‬احلاشية‬
‫‪ 406/2‬ـ ‪ ،407‬حاشية الرتميس ‪ 118/6‬ـ ‪)120‬‬

‫(‪)89‬‬
‫[ميقات قضاء نسك أفسده]‪:‬‬

‫(جيب عليه يف القضاء ـ أي‪ :‬قضاء نسك أفسده ـ‪ ..‬أن حيرم من‬
‫أبعد املوضعي ـ وَها امليقات الرشعي واملوضع الذي أحرم منه يف‬
‫األداء ـ أو مثل مسافته)‪.‬‬
‫ورشح هذه العبارة‪ :‬أنه إن كان أحرم يف األداء من امليقات‬
‫الرشعي‪ ..‬أحرم منه يف القضاء‪ ،‬وإن كان أحرم قبل امليقات من‬
‫دويرة أهله أو غريها‪ ..‬لزمه أن حيرم يف هذا القضاء من ذلك‬
‫املوضع‪ ،‬فإن جاوزه غري حمرم‪ ..‬لزمه الدم كام يلزمه بمجاوزة‬
‫امليقات الرشعي‪.‬‬
‫وإن كان أحرم يف األداء بعد جماوزة امليقات الرشعي‪ ..‬نظر‪ :‬إن‬
‫جاوزه مسيئ ًا‪ ..‬لزمه يف القضاء اإلحرام من امليقات الرشعي‪ ،‬وليس‬
‫له أن ييسء ثاني ًا‪ ،‬وهذا مما يدخل يف قوهلم‪( :‬حيرم يف القضاء من‬
‫أبعد املوضعي)‪.‬‬
‫وإن جاوزه غري ميسء ـ بأن مل يرد النسك ثم بدا له بعد جماوزته‬
‫فأحرم ثم أفسده ـ‪ ..‬فوجهان‪:‬‬
‫أصحهام‪ :‬يلزمه أن حيرم يف القضاء من امليقات الرشعي‪.‬‬

‫(‪)90‬‬
‫والوجه الثاين‪ :‬له أن حيرم من ذلك املوضع ليسلك بالقضاء مسلك‬
‫األداء(‪.)1‬‬
‫فلو اعتمر من امليقات ثم أحرم باحلج من مكة وأفسده‪ ..‬كفاه يف‬
‫القضاء أن حيرم باحلج من نفس مكة بال خالف‪.‬‬

‫(‪ )1‬قال الرافعي وغريه‪ :‬والوجهان فيمن مل يرجع يف األداء إ ىل امليقات‪ ،‬أما من كان‬
‫رجع ثم عاد‪ ..‬فيلزمه يف القضاء اإلحرام من امليقات وجه ًا واحد ًا‪ ،‬واهلل أعلم‪،‬‬
‫عل أنه ال جيب أن هحي حرم يف القضاء يف الزمن الذي أحرم منه يف األداء‪،‬‬
‫واتفق أصحابنا ى‬
‫بل له التأخري عنه‪ ،‬بخالف املكان الذي أحرم منه يف األداء‪ ،‬وممن رصح باملسألة‬
‫القايض حسي والبغوي والرافعي‪ ،‬وفرقوا بأن اعتناء الرشع بامليقات املكاين أكمل‪،‬‬
‫حتى لو نذر اإلحرام يف‬
‫وهلذا يتعي مكان اإلحرام بالنذر وال يتعي زمانه بالنذر‪ ،‬ى‬
‫شوال له تأخريه‪ ،‬هكذا ذكر هذا االستشهاد القايض حسي والرافعي وغريَها‪.‬‬
‫قال القايض حسي‪ :‬وهو استشهاد مشكل؛ ألن طول اإلحرام عبادة‪ ،‬وما كان‬
‫عبادة‪ ..‬لزمه بالنذر‪ ،‬قال‪ :‬وأصل هذه املسألة أنه لو نذر الصوم يف أيام طوال له أن‬
‫يصوم يف قصار‪ ،‬ولو نذر أن يصوم أطول أيام السنة‪ ..‬لزمه؛ ألنه متعي‪ ،‬وكذا قال‬
‫(جمموع اإلمام النووي‬ ‫الرافعي‪ ،‬وأظن هذا االستشهاد ال خيلوا من نزاع‪ ،‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫‪)390/7‬‬

‫(‪)91‬‬
‫ومثله‪ :‬لو أفرد احلج ثم أحرم بالعمرة من أدن ىى احلل ثم‬
‫أفسدها‪ ..‬كفاه أن حيرم يف قضائها من أدن ىى احلل بال خالف‪ ،‬وال‬
‫يلزمه يف القضاء الطريق الذي سلكه يف األداء‪ ،‬بل له سلوك طريق‬
‫آخر ولكن برشط‪ :‬أن حيرم من قدر مسافة اإلحرام يف األداء‪.‬‬
‫ى الكريم ص‪)608‬‬
‫(جمموع اإلمام النووي ‪ 389/7‬ـ ‪ ،390‬هناية املحتاج ‪ ،342/3‬برش ٰ‬

‫(‪)92‬‬
‫النوع الثاين‪ :‬اإلحرام عن غْيه بحج أو عمرة‪:‬‬

‫من أراد احلج أو العمرة عن غريه سواء كان أجري ًا أو جماع ً‬


‫ال عليه‬
‫أو متربع ًا(‪ ..)1‬فإنه يلزمه اإلحرام من ميقات املحجوج عنه(‪ )2‬أو ما‬
‫حياذيه أو مثل مسافته‪ ،‬إن كان ميقات املحجوج عنه أبعد من ميقات‬
‫احلاج عن غريه‪.‬‬
‫ومثله‪ :‬لو استأجر وارث عن ميته‪ ..‬اعترب بلد امليت ـ أي‬
‫املحجوج عنه ـ ال بلد العقد وال بلد املستأجر‪.‬‬
‫فإن كان ميقات املحجوج عنه أقرب من ميقات احلاج عن‬
‫غريه‪ ..‬فال يعترب ميقات املحجوج عنه‪ ،‬بل يعترب ميقات احلاج عن‬
‫غريه‪.‬‬
‫مثاله‪ :‬لو كان املحجوج عنه مرصي ًا واحلاج عن غريه مدني ًا‪ ..‬فإنه‬
‫عل احلاج عن غريه املدين اإلحرام من ذي احلليفة‪ ،‬وال جيوز‬
‫جيب ى‬

‫(‪ )1‬قال باعشن‪ :‬لو تربع مكي بنسك عن آفاقي وأحرم به من مكة‪ ..‬استوجه يف‬
‫(برشى الكريم ص‪)609‬‬
‫ٰ‬ ‫ورط نفسه‪.‬‬
‫عل املتربع؛ ألنه الذي َّ‬
‫«املنح»‪ :‬وجوب الدم ى‬
‫(‪ )2‬ومثله‪ :‬املهعت َمر عنه‪.‬‬
‫(‪)93‬‬
‫له جماوزهتا ليحرم من رابغ ميقات املحجوج عنه؛ إذ ال جيوز له‬
‫انتهاك حرمة امليقات الرشعي باملرور عليه من غري إحرام ليحرم من‬
‫غريه؛ مراعاة جلانب املحجوج عنه‪.‬‬
‫عل ذي احلليفة‪ ،‬أما لو‬
‫مر من طريق املدينة ى‬
‫والفرض أن املدين‪َّ ..‬‬
‫مر من طريق مرص كأن جاء منها وسلك طريقها‪ ..‬فيحرم من رابغ‬
‫َّ‬
‫من غري شبهة؛ ألهنا كام هي ميقات املحجوج عنه‪ ..‬هي ميقات‬
‫احلاج عن غريه أيض ًا يف هذه احلالة؛ ألنه من قبيل قوله يف احلديث‪:‬‬
‫َْي َأ ْهلِ ِه َن»‪.‬‬
‫« َو َمل ِ ْن َأت َٰى َع َل ْي ِه َن ِم ْن غ ْ ِ‬

‫ومثاله أيض ًا‪ :‬ما لو استؤجر مرصي بمرص عن مكي مات بمكة‬
‫عل املرصي احلاج عن غريه‬
‫أو عضب هبا وهو مقيم هبا‪ ..‬فيمتنع ى‬
‫جماوزة اجلحفة ليحرم من مكة التي هي ميقات املحجوج عنه؛ ملا‬
‫سبق‪.‬‬

‫(‪)94‬‬
‫فإن أحرم من ميقات أقرب من ميقات املحجوج عنه(‪ ..)1‬أساء‬
‫ولزمه الرجوع إ ىل ميقات املحجوج عنه أو ما حياذيه أو مثل مسافته‪،‬‬
‫كام رجحه البغوي والغزايل واعتمده ابن حجر يف معظم كتبه وشيخ‬
‫جل َامل الرميل وغريهم‪.‬‬
‫اإلسالم زكريا واخلطيب الرشبيني وا َ‬
‫فإن مل يرجع إليه ولو لعذر‪ ..‬فعليه الدم‪ ،‬وحيط من األجرة إذا‬
‫مستأجر ًا‪ ..‬قدر أجرة املثل‪ ،‬وذلك بام يقابل املسافة املرتوكة‬
‫َ‬ ‫كان‬
‫باعتبار السري واألعامل‪ ،‬فمث ً‬
‫ال إن كان اإلحرام من ميقات املحجوج‬
‫عنه أجرة مثله َع َرشة‪ ،‬ومن املوضع الذي أحرم منه تسعة‪َّ ..‬‬
‫حط من‬
‫رش هه‪.‬‬
‫املسم ىى هع ْ َ‬

‫(حاشية اجلمل‬ ‫(‪ )1‬صورته‪ :‬كام لو كان املنيب مدني ًا والنائب مرصي ًا فأحرم من رابغ‪.‬‬
‫‪)402/2‬‬

‫(‪)95‬‬
‫[أقوال فيام يتعلق باإلحرام بميقات أقرب من ميقات املحجوج‬
‫عنه]‪:‬‬

‫هناك وجه آخر‪ :‬باالكتفاء بميقات آفاقي يمر عليه األجري وإن‬
‫كان أقرب من ميقات املحجوج عنه‪ ،‬وال إثم وال دم عليه وال َّ‬
‫حط‬
‫من األجرة‪ ،‬وعليه األكثرون‪ ،‬و هن حقل عن نص الشافعي وأنه علله بأن‬
‫سو ىى بي املواقيت‪ ،‬وجوزه صاحب املهذب والتتمة والشامل‬
‫الرشع َّ‬
‫والبيان وغريها‪ ،‬ورجحه األذرعي واعتمده ابن حجر يف مواضع من‬
‫حاشية اإليضاح واإليعاب وابن قاسم يف رشح أيب شجاع(‪.)1‬‬

‫(‪ )1‬قال يف «املهامت»‪" :‬وما هذكر من جواز اإلحرام من امليقات األقرب من ميقات‬
‫املحجوج عنه‪ ..‬مناف للتعيي الذي نحن نفرع عليه"‪ ،‬وقال الرشواين‪ :‬إنام يظهر‬
‫الرتجيح بذلك ـ أي باإلحرام من ميقات أقرب من ميقات املحجوج عنه ـ فيام إذا‬
‫كان التعيي لفظي ًا بأن عينوا يف العقد ميقات املحجوج عنه‪ ،‬بخالف ما إذا كان رشعي ًا‬
‫بأن مل يتعرضوا للميقات‪ ..‬فإنه ال عدول حينئذ‪ ،‬فإن ميقات األجري ميقات رشعي‬

‫أيض ًا‪ٰ ( .‬‬


‫أسنى املطالب ‪ 453/1‬ـ ‪ ،454‬حاشية الرشواين ‪)40/4‬‬

‫(‪)96‬‬
‫وهو وإن كان غري معتمد عند أكثر املتأخرين‪ ..‬فيه فسحة كبرية‪،‬‬
‫وجيوز تقليده والعمل به لألجري؛ ألن هذا من عمل النفس‪.‬‬
‫وقضية ما تقرر من جواز العدول لألقرب‪ :‬أن املكي لو استؤجر‬
‫للحج عن آفاقي‪ ..‬جاز اإلحرام من مكة وال حط من األجرة وال‬
‫جل َامل الطربي(‪.)1‬‬
‫دم عليه‪ ،‬واعتمده ا َ‬
‫والذي اعتمده املحب الطربي‪ :‬لزوم خروج املكي إ ىل امليقات ولو‬
‫عل ما تقدم من جواز العدول‬
‫أقرب من ميقات املحجوج عنه ى‬
‫لألقرب‪ ،‬فإن خالف‪ ..‬لزمه الدم واحلط من األجرة(‪ ،)2‬و هفرق بي‬
‫مكة وغريها من املواقيت بأن املستأجر لو أت ىى غريها من املواقيت‪..‬‬

‫(‪ )1‬قال الرشواين‪ :‬وال يسع ألهل مكة إال تقليد ما اعتمده اجلامل الطربي‪ ،‬وإال‬
‫ل امليقات برتك الدم وترك احلط‪( .‬حاشية الرشواين ‪)41/4‬‬
‫فيأثمون عند عدم اخلروج إ ى‬
‫(‪ )2‬ألن مكة ليست ميقات ًا لغري َمن فيها‪( .‬حاشية الرشواين ‪)41/4‬‬

‫(‪)97‬‬
‫كان ميقاته‪ ،‬ولو أت ىى إ ىل مكة بال إحرام مع إرادة النسك ثم أحرم‬
‫منها‪ ..‬لزمه الدم‪ ،‬فأجريه كذلك فيهام(‪ .)1‬اهـ‪.‬‬

‫[إذا َ َ‬
‫َشط املستأجر ميقات معني]‪:‬‬

‫عل األجري ميقات أبعد من ميقات‬ ‫ح‬


‫واملستأجر قد يرشط ى‬
‫املحجوج عنه أو مثل مسافته أو أقرب‪:‬‬
‫عل األجري ميقات أبعد(‪ ..)2‬فيلزمه‬
‫‪ .1‬أن يرشط املستأجر ى‬
‫اإلحرام منه اتفاق ًا‪ ،‬فإذا جاوز األبعد بال إحرام‪ ..‬فعليه الدم‪،‬‬
‫إال إن رجع إ ىل مثله وأحرم منه‪ ..‬فال دم عليه‪.‬‬

‫أتى إ ىل مكة بال‬


‫تى غريها من املواقيت‪ ..‬كان ميقاته‪ ،‬ولو ى‬
‫(‪ )1‬أي‪ :‬لو أن األجري أ ى‬
‫إحرام مع إرادة النسك ثم أحرم منها‪ ..‬لزمه الدم‪ ،‬أي فيلزم لألجري املكي اخلروج إ ىل‬
‫امليقات ولو أقرب من ميقات املحجوج عنه‪ ،‬فإن أحرم من مكة‪ ..‬لزمه الدم واحلط‬
‫عل ما اعتمده املحب الطربي‪.‬‬
‫من األجرة‪ ،‬ى‬
‫(‪ )2‬احلاصل‪ :‬أن العربة باألبعد من ميقات األجري وميقات املناب عنه وما رشطه‪،‬‬
‫فيجب األبعد من هذه الثالثة‪ ،‬وأنه يتخري يف حالة االستواء‪ ،‬وأن له العدول عام =‬
‫(‪)98‬‬
‫أما لو عي له مكان ليس ميقات ًا ألحد‪ ،‬كأن قيل له‪ :‬أحرم من‬
‫مرص‪ ،‬فهل يلزمه دم بمجاوزته أم ال؟‬
‫فيه نظر‪ ،‬والظاهر‪ :‬عدم اللزوم إذا أحرم من ميقات املحجوج‬
‫وعل كل حال‬
‫ى‬ ‫عنه أو ما حياذيه أو مثله يف املسافة وإال فعليه دم‪،‬‬
‫حيط قسط من املسم ىى باعتبار أجرة املثل(‪.)1‬‬
‫‪ .2‬أن يرشط عليه ميقات مثل ميقات املحجوج عنه‪ ..‬فال يتعي‪،‬‬
‫فله اإلحرام من امليقات وأبعد منه‪.‬‬
‫‪ .3‬أن يرشط عليه أن حيرم من ميقات أقرب من ميقات‬
‫املحجوج عنه‪ ..‬فيفسد عقد اإلجارة؛ حلرمة جماوزة امليقات‬
‫عل مريد النسك‪.‬‬
‫بال إحرام ى‬

‫= وجب من ميقات رشعي أو نذري أو رشطي‪ ..‬إ ىل مثله يف املسافة فيحرم منه وإن‬
‫مل يكن ميقات ًا (باعشن)‪( .‬حاشية الرشواين ‪)41/4‬‬

‫(‪ )1‬أي‪ :‬فإن كانت أجرة مثال ملدة بتاممها من ذلك األبعد مثال ع ََرشة ومن املوضع‬
‫هرش هه‪( .‬حاشية اجلمل‪)403/2‬‬
‫املسمى ع ْ َ‬
‫ى‬ ‫الذي أحرم منه تسعة‪َّ ..‬‬
‫حط من‬
‫(‪)99‬‬
‫صح بأجرة املثل؛ ألنه أذن له‪،‬‬
‫فإن أحرم من امليقات األقرب‪َّ ..‬‬
‫عل املعضوب أو الويل املستأجر عن امليت؛ إذ هو مقرص‬
‫والدم ى‬
‫بتعيي ذلك‪.‬‬
‫(أسن ٰى املطالب ‪ 453/1‬ـ ‪ ،454‬حتفة املحتاج وحاشية الرشواين ‪ 40/4‬ـ ‪ ،41‬مغني املحتاج‬
‫ى الكريم ص ‪ ،608‬حاشية‬
‫‪ ،225/2‬حاشية الشربامليس ‪ ،260/3‬حاشية اجلمل ‪ ،403/2‬برش ٰ‬
‫الرتميس ‪)100/6‬‬

‫[ّل يشرتط يف صحة اّلستئجار ذكر امليقات]‪:‬‬

‫عل ميقات‬
‫ال يشرتط يف صحة االستئجار‪ ..‬ذكر امليقات‪ ،‬وحيمل ى‬
‫تلك البلدة يف العادة الغالبة‪ ،‬فإن كان للبلد طريقان خمتلفا امليقات‪،‬‬
‫أو طريق يفيض إ ىل ميقاتي ‪-‬كالعقيق وذات عرق ألهل العراق‪،‬‬
‫وكاجلحفة وذي احلليفة ألهل الشام فإهنم تارة يمرون هبذا‪ ،‬وتارة‬
‫عل ميقات‬
‫يمرون هبذا‪ ..-‬فالراجح‪ :‬اليشرتط ذكر امليقات‪ ،‬وحيمل ى‬
‫بلد املحجوج عنه يف العادة الغالبة‪ ،‬ويبق ىى الكالم يف حال االستواء‪،‬‬
‫وحيتمل أنه يتخري وأن يعترب ما سلكه بالفعل‪ ،‬ومن هنا يعلم حكم‬
‫عل الشام‪.‬‬
‫عل مرص وتارة ى‬
‫أجري أهل الروم الذين تارة يمرون ى‬
‫عّل التحفة ‪)41/4‬‬
‫(حاشية ابن قاسم ٰ‬

‫(‪)100‬‬
‫[األجْي إذا حج واعتمر عن غْيه]‪:‬‬

‫لو أحرم األجري باحلج عن غريه من امليقات ثم اعتمر عنه من‬


‫أدن ىى احلل‪ ..‬فال دم عليه‪.‬‬
‫أما لو متتع أو قرن عنه من امليقات ثم أحرم عنه بالعمرة من أدن ىى‬
‫احلل‪ ..‬مل جيب عليه غري دم التمتع أو القران؛ ألن عمل األجري‬
‫كعمل املستأجر‪( .‬البيان للعمراين ‪ 85/4‬ـ ‪)86‬‬

‫[األجْي إذا أحرم عن غْيه ثم أراد اإلحرام عن نفسه]‪:‬‬

‫إذا حج األجري عن غريه من امليقات ثم اعتمر لنفسه من أدن ىى‬


‫احلل‪ ،‬أو اعتمر عن غريه من امليقات ثم حج عن نفسه من مكة‪..‬‬
‫يلزمه الدم؛ ألن اإلحرامي إذا كانا عن شخصي‪ ..‬فإنه يستحق‬
‫فعلهام مجيع ًا من امليقات‪ ،‬فإذا ترك امليقات ألحدَها‪ ..‬وجب عليه‬
‫الدم ألجله‪ ،‬كمن مر بامليقات مريد ًا للنسك‪ ،‬فلم حيرم منه‪ ،‬وأحرم‬
‫من دونه‪ ،‬ومل يعد إليه قبل التلبس بنسك‪.‬‬

‫(‪)101‬‬
‫صورته‪ :‬إن استأجر رجل ً‬
‫رجال من اليمن ليحرم عنه باحلج من‬
‫امليقات‪ ،‬فلام بلغ األجري امليقات‪ ،‬أحرم بعمرة عن نفسه‪ ،‬فلام حتلل‬
‫عنها‪ ،‬أحرم عن املستأجر بحجة من مكة‪ ..‬لزم األجري الدم‪ ،‬ال‬
‫ألجل املنفعة ـ أي‪ :‬بأن احلج والعمرة عن شخصي ـ ولكن ألجل‬
‫أنه ترك اإلحرام عن املستأجر من امليقات‪.‬‬
‫وهل بإلزامه الدم ينجرب به اخللل حت ٰى ّل حيط يشء من األجرة؟‬
‫األصح أنه حيط من األجرة يشء‪.‬‬
‫فإن فرغ املعتمر من عمرته‪ ،‬ورجع إ ىل امليقات‪ ،‬فأحرم منه بحجة‬
‫عن املستأجر‪ ..‬فال دم وال حيط من األجرة يشء‪.‬‬
‫وإن كان مل َي حع َّن له ـ أي‪ :‬مل يرد ـ أن يعتمر عن نفسه إال بعد‬
‫فراغه من احلج عن الغري‪ ..‬فالقياس أنه ال جيب الدم‪ ،‬كام قاله‬
‫القايض حسي‪ ،‬بخالف البندنيجي‪.‬‬
‫مسألة‪ :‬لو أحرم بالعمرة عن املستأجر من امليقات‪ ،‬فإذا حتلل منها‬
‫أقام يعتمر عن نفسه من أدن ىى احلل‪ ،‬ثم حيرم باحلج عن املستأجر من‬
‫مكة‪ ..‬فيجب عليه للعمرة األو ىل عن نفسه من أدن ىى احلل دم؛ ملا‬

‫(‪)102‬‬
‫ذكرناه فيام قبلها‪ ،‬وال جيب عليه الدم ألجل ما بعدها من ال هع َمر؛‬
‫ألن املأجور عليه أن حيرم عن نفسه من امليقات بنسك واحد ال غري‪.‬‬
‫(البيان للعمراين ‪ 86/4‬و ‪ ،394/7‬جمموع اإلمام النووي ‪ ،130/7‬النجم الوهاج ‪)436/3‬‬

‫وأما القسم الثاين‪ :‬وهو أن ال يريد اإلحرام بنسك ولكن يريد‬


‫دخول مكة‪ ،‬فاحلكم فيه‪:‬‬
‫أنه إن أراد دخول مكة حلاجة ال تتكرر كزيارة أو جتارة أو رسالة‬
‫أو كان مكي ًا مسافر ًا فأراد دخوهلا عائد ًا من سفره ونحو ذلك‪ ..‬ففيه‬
‫قوالن‪ :‬أحدمها‪ :‬يستحب دخوهلا حمرم ًا وال جيب‪ ،‬والثاين‪ :‬جيب‪.‬‬
‫واختلفوا يف أصحهام‪:‬‬
‫فصحح ابن القاص واملسعودي والبغوي وآخرون‪ ..‬وجوب‬

‫دخول مكة حمرم ًا‪ٰ ،‬‬


‫فعّل هذا‪ :‬يلزم اإلحرام من امليقات‪.‬‬
‫وصحح الشيخ أبو حامد [اإلسفراييني] وأصحابه والشيخ أبو حممد‬
‫اجلويني والغزايل والرافعي يف املحرر واألكثرون‪ ..‬استحباب دخول‬
‫مكة حمرم ًا‪ ،‬قال البندنيجي‪ :‬وهو نص الشافعي يف عامة كتبه‪ ،‬قال‬

‫(‪)103‬‬
‫وعّل هذا‪ :‬يكره الدخول بغري إحرام‪ ،‬وعليه فال يلزم اإلحرام‬
‫املتويل‪ٰ :‬‬
‫من امليقات‪.‬‬
‫قال ال هكردي‪ :‬وأما غري القاصد للنسك‪ ..‬فيسن له اإلحرام من‬
‫امليقات ويكره تركه؛ خروج ًا من خالف من أوجبه‪.‬‬
‫وأما إن أراد دخول مكة حلاجة تتكرر كاحلطاب واحلشاش‬
‫والصياد والسقا ونحوهم‪ ،‬أو أراد دخول موضع دون احلرم‪ ..‬مل‬
‫يلزمه اإلحرام‪.‬‬
‫(احلاوي الكبْي ‪ 72/4‬و‪ ،74‬البيان للعمراين ‪ ،112/4‬جمموع اإلمام النووي ‪ ،11/7‬احلاشية‬
‫الكربى للكُردي ‪)403/4‬‬
‫ٰ‬

‫وأما القسم الثالث‪ :‬وهو أن ال يريد دخول مكة‪ ،‬وال يشء من‬
‫احلرم‪ ،‬وال يريد اإلحرام بنسك‪ ..‬فال حكم بمجاوزته للميقات‪،‬‬
‫وهو كسائر املنازل ال يلزمه اإلحرام منه‪.‬‬
‫فإن جاوزه ثم أراد اإلحرام بحج أو عمرة‪ ..‬أحرم من موضعه‬
‫مر عليه؛‬
‫الذي حدثت إرادته فيه‪ ،‬ومل يلزمه العود إ ىل امليقات الذي َّ‬
‫ألن العود إ ىل امليقات إنام جيب عليه من لزمه اإلحرام من امليقات‪،‬‬

‫(‪)104‬‬
‫وهذا مل يكن اإلحرام من امليقات واجب ًا عليه‪ ،‬فلم يكن العود واجب ًا‬
‫عليه‪( .‬احلاوي الكبْي ‪)75/4‬‬

‫تعال ورمحته وقدرته وتوفيقه‬


‫تم ختم الرسالة بفضل اهلل ٰ‬
‫َ‬
‫يوم األربعاء ‪ 17‬ذي القعدة ‪1433‬هـ‬
‫وِتت املراجعة والتعديل يوم السبت ‪ 17‬ذي احلجة ‪1443‬هـ‬

‫وعّل آله وصحبه وس َلم‬


‫ٰ‬ ‫عّل سيدنا حممد‬ ‫َٰ‬
‫وصّل اهلل ٰ‬
‫واحلمد هلل رب العاملني‬
‫*** *** ***‬

‫(‪)105‬‬
)106(
‫املراجع‬

‫‪ )1‬األم‪ ،‬إمام املذهب حممد بن إدريس الشافعي‪ ،‬دار املعرفة‪.‬‬


‫‪ )2‬هناية املطلب‪ ،‬عبدامللك بن عبداهلل اجلويني امللقب بـ "إمام‬
‫احلرمي"‪ ،‬دار املنهاج‪.‬‬
‫‪ )3‬احلاوي الكبري‪ ،‬عيل بن حممد البرصي البغدادي الشهري‬
‫بـ"املاوردي"‪ ،‬دار الكتب العلمية‪.‬‬
‫‪ )4‬البيان‪ ،‬حيي ىى بن أيب اخلري بن سامل العمراين‪ ،‬دار املنهاج‪.‬‬
‫‪ )5‬فتح العزيز‪ ،‬عبد الكريم بن حممد الرافعي‪ ،‬دار الفكر‪.‬‬
‫‪ )6‬املجموع‪ ،‬حيي ىى بن رشف النووي‪ ،‬دار الفكر‪.‬‬
‫‪ )7‬روضة الطالبي‪ ،‬حيي ىى بن رشف النووي‪ ،‬املكتب اإلسالمي‪.‬‬
‫‪ )8‬اإليضاح يف مناسك احلج‪ ،‬حيي ىى بن رشف النووي‪ ،‬مكتبة‬
‫األسدي‪.‬‬
‫‪ )9‬النجم الوهاج‪ ،‬حممد بن موس ىى الدمريي‪ ،‬دار املنهاج‪.‬‬

‫(‪)107‬‬
‫‪ )10‬كنز الراغبي بحاشية قليويب وعمرية‪ ،‬جالل الدين املحيل‪،‬‬
‫دار الفكر‪.‬‬
‫‪ )11‬فتح الباري‪ ،‬احلافظ أمحد ابن حجر العسقالين‪ ،‬دار املعرفة‪.‬‬
‫‪ )12‬أسن ىى املطالب‪ ،‬شيخ اإلسالم زكريا بن حممد األنصاري‪،‬‬
‫دار الكتاب اإلسالمي‪.‬‬
‫‪ )13‬فتح الوهاب بحاشية البجريمي‪ ،‬شيخ اإلسالم زكريا بن‬
‫حممد األنصاري‪ ،‬دار الفكر‪.‬‬
‫عل أسن ىى الطالب‪ ،‬شهاب الدين أمحد بن‬
‫‪ )14‬حاشية الرميل ى‬
‫محزة الرميل‪ ،‬دار الكتاب اإلسالمي‪.‬‬
‫‪ )15‬حتفة املحتاج‪ ،‬أمحد بن حممد بن عيل بن حجر اهليتمي‪ ،‬دار‬
‫إحياء الرتاث العريب‪.‬‬
‫‪ )16‬فتح اجلواد برشح اإلرشاد‪ ،‬أمحد بن حممد بن عيل بن حجر‬
‫اهليتمي‪ ،‬مطبعة احللبي‪.‬‬
‫‪ )17‬الفتاو ىى الفقهية الكرب ىى‪ ،‬أمحد بن حممد بن عيل بن حجر‬
‫اهليتمي‪ ،‬دار الفكر‪.‬‬

‫(‪)108‬‬
‫عل اإليضاح‪ ،‬أمحد بن حممد بن عيل بن‬
‫‪ )18‬حاشية ابن حجر ى‬
‫حجر اهليتمي‪ ،‬مكتبة األسدي‪.‬‬
‫‪ )19‬مغني املحتاج‪ ،‬حممد بن أمحد اخلطيب الرشبيني‪ ،‬دار الكتب‬
‫العلمية‪.‬‬
‫‪ )20‬اإلقناع بحاشية البجريمي‪ ،‬حممد بن أمحد اخلطيب‬
‫الرشبيني‪ ،‬دار الفكر‪.‬‬
‫‪ )21‬هناية املحتاج‪ ،‬حممد بن أمحد بن محزة الرميل‪ ،‬دار الفكر‪.‬‬
‫عل التحفة‪ ،‬أمحد بن قاسم العبادي‪ ،‬دار‬
‫‪ )22‬حاشية ابن قاسم ى‬
‫إحياء الرتاث العريب‪.‬‬
‫عل املحيل‪ ،‬أمحد سالمة القليويب‪ ،‬دار الفكر‪.‬‬
‫‪ )23‬حاشية قليويب ى‬
‫عل املحيل‪ ،‬أمحد الربليس عمرية‪ ،‬دار الفكر‪.‬‬
‫‪ )24‬حاشية عمرية ى‬
‫عل النهاية‪ ،‬نور الدين الشربامليس‪ ،‬دار‬
‫‪ )25‬حاشية الشربامليس ى‬
‫الفكر‪.‬‬
‫‪ )26‬حاشية اجلمل‪ ،‬سليامن بن عمر بن منصور العجييل‪ ،‬دار‬
‫الفكر‪.‬‬

‫(‪)109‬‬
‫عل املنهج‪ ،‬سليامن بن حممد بن عمر‬
‫‪ )27‬حاشية البجريمي ى‬
‫ال هب َج ْ َري حمي‪ ،‬مطبعة احللبي‪.‬‬
‫‪ )28‬إعانة الطالبي‪ ،‬أبوبكر بن حممد شطا (املشهور بـ‬
‫"البكري")‪ ،‬دار الفكر‪.‬‬
‫‪ )29‬احلاشية الكرب ىى حممد بن سليامن الكردي‪ ،‬مطبعة العامرية‬
‫الرشفية‪.‬‬
‫‪ )30‬حاشية الرشواين‪ ،‬عبداحلميد الرشواين‪ ،‬دار إحياء الرتاث‬
‫العريب‪.‬‬
‫‪ )31‬برش ىى الكريم‪ ،‬سعيد بن حممد باعشن‪ ،‬دار املنهاج‪.‬‬
‫الرتميس‪ ،‬حممد حمفوظ الرتميس‪ ،‬دار املنهاج‪.‬‬
‫‪ )32‬حاشية َّ‬
‫عل املنهج القويم‪ ،‬عبد اهلل بن سليامن‬
‫‪ )33‬حاشية اجلرهزي ى‬
‫اجلرهزي‪ ،‬دار املنهاج‪.‬‬
‫‪ )34‬فتح العالم‪ ،‬حممد بن عبد اهلل اجلرداين‪ ،‬ابن حزم‪.‬‬
‫عل الغرر البهية‪ ،‬دار‬
‫‪ )35‬حاشية الشيخ عبدالرمحن الرشبيني ى‬
‫الكتب العلمية‪.‬‬

‫(‪)110‬‬
‫‪ )36‬عدة املسافر وعمدة احلاج والزائر‪ ،‬عبداهلل بن أمحد‬
‫باسودان‪ ،‬مطبعة املدين‪.‬‬
‫‪ )37‬إسعاف أهل اإلسالم بوظائف احلج إ ىل بيت اهلل احلرام‪،‬‬
‫حسن بن حممد املشاط‪ ،‬مطبعة األنوار‪.‬‬
‫‪ )38‬املسائل املحررة والفوائد املحربة‪ ،‬فضل بن عبدالرمحن‬
‫بافضل‪.‬‬
‫‪ )39‬يلملم ميقات أهل اليمن‪ ،‬أبوبكر بن زين بافضل‪.‬‬

‫(‪)111‬‬
)112(
‫الفهرس‬
‫مقدمة ‪3 ..............................................................................‬‬
‫اإلحرام من امليقات ‪5 ..................................................................‬‬
‫اإلحرام من امليقات باحلج والعمرة‪ ..‬نوعان‪7 ......................................... :‬‬
‫النوع األول‪ :‬اإلحرام عن نفسه‪7 ..................................................... :‬‬
‫ما يتعلق بالقسم األول‪ :‬وهو املقيم بمكة‪7 ............................................ :‬‬
‫[من كان مقي ًام بمكة ثم أحرم خارج بنياهنا]‪12........................................ :‬‬
‫[حكم من كان باحلرم وأحرم بالعمرة فيها]‪15........................................ :‬‬
‫[أفضل بقاع ِ‬
‫احل ِّل لإلحرام بالعمرة]‪18............................................... :‬‬
‫والقسم الثاين‪ :‬املقيم خارج مكة‪21....................................................:‬‬
‫إل مكة ميقات]‪22.................................. :‬‬ ‫األول‪[ :‬أن يكون يف طريقه ٰ‬ ‫ٰ‬ ‫احلالة‬
‫[املواقيت التي أ َقتها النبي ص َّل اهللُ ع َل ِ‬
‫يه َو َس َل َم]‪22..................................... :‬‬ ‫َ‬ ‫َ ٰ‬
‫[زوال معامل امليقات]‪27.............................................................. :‬‬
‫[من مسكنه بني ميقاتني]‪27.......................................................... :‬‬
‫[األفضل كون اإلحرام من امليقات]‪28................................................ :‬‬
‫احلالة الثانية‪[ :‬من مل يكن يف طريقه ميقات]‪32......................................... :‬‬
‫[امليقات املعنوي]‪47................................................................. :‬‬
‫مر بامليقات]‪48............................................................ :‬‬
‫[حكم من َ‬
‫[ميقات املتمتع]‪54................................................................... :‬‬

‫(‪)113‬‬
‫[للمتمتع مسكنان]‪63................................................................ :‬‬
‫[ َمن لوطنه طريقان فهل يعد من حارضي املسجد احلرام؟]‪65......................... :‬‬
‫[تكرير العمرة من املتمتع]‪66......................................................... :‬‬
‫[نية التمتع]‪66....................................................................... :‬‬
‫[لزوم الدم عند جماوزة امليقات بغْي إحرام]‪67......................................... :‬‬
‫[حكم جماوزة العبد والصبي واملجنون والزوجة للميقات]‪72.......................... :‬‬
‫[حصول املعصية يف جماوزة امليقات بغْي إحرام]‪74.................................... :‬‬
‫إل مكة؟]‪80........................... :‬‬
‫إل مكة تساوي مسافة جدة ٰ‬
‫[هل مسافة يلملم ٰ‬
‫إل امليقات]‪85........................................................ :‬‬
‫[لزوم الرجوع ٰ‬
‫[ميقات قضاء نسك أفسده]‪90....................................................... :‬‬
‫النوع الثاين‪ :‬اإلحرام عن غْيه بحج أو عمرة‪93....................................... :‬‬
‫[أقوال فيام يتعلق باإلحرام بميقات أقرب من ميقات املحجوج عنه]‪96................ :‬‬

‫[إذا َ َ‬
‫َشط املستأجر ميقات معني]‪98.................................................. :‬‬
‫[ّل يشرتط يف صحة اّلستئجار ذكر امليقات]‪100 ..................................... :‬‬
‫[األجْي إذا حج واعتمر عن غْيه]‪101 ............................................... :‬‬
‫[األجْي إذا أحرم عن غْيه ثم أراد اإلحرام عن نفسه]‪101 ............................. :‬‬
‫املراجع ‪107 ..........................................................................‬‬
‫الفهرس ‪113 .........................................................................‬‬

‫(‪)114‬‬

You might also like