You are on page 1of 36

‫إصدارات أنصار اإلمام املهدي ‪)31( ‬‬

‫نصيحة‬
‫إىل طلبة احلوزات العلمية‬
‫وإىل كل من يطلب احلق‬

‫أحمد الحسن‬
‫نصيحة إىل طلبة احلوزات العلمية‬ ‫عنوان الكتاب‪:‬‬
‫أمحد احلسن‬ ‫املؤلف‪:‬‬
‫شركة جنمة الصباح‬ ‫الناشر‪:‬‬
‫الثالثة (‪2015‬م – ‪1436‬هـ)‬ ‫الطبعة‪:‬‬
‫‪ 1000‬نسخة‬ ‫العدد‪:‬‬
‫‪ 2257‬لسنة ‪2010‬‬ ‫رقم اإليداع‪:‬‬

‫وكالء شركة نجمة الصباح‬


‫لبنان‬
‫مكتبة نجمة الصباح‪ /‬جنوب لبنان‪ /‬صور‪ /‬برج الشمالي‪ /‬مفرق المؤسسة‬
‫‪Tel.: 0096170621437 / 009617346015‬‬
‫‪lebanon@najmatalsabah.com‬‬ ‫جميع حقوق الطبع والنشر محفوظة‬
‫أمريكا‬ ‫لشركة نجمة الصباح المحدودة‬
‫‪Straight Path Library 24142‬‬ ‫العراق‪ /‬بغداد‪ /‬هاتف ‪+9647815643684‬‬
‫‪B. Warren Street. Dearborn Heights. Michigan. 48127 USA‬‬ ‫‪contact@najmatalsabah.com‬‬
‫‪Tel. (313)914-3397 / (313)919-1977,‬‬
‫‪E-mail: usa@najmatalsabah.com‬‬
‫السويد‬
‫‪Byggmästargatan 3. 80324 Gävle. Sweden‬‬
‫‪Tel.: +46737297728 , E-mail: sweden@najmatalsabah.com‬‬
‫لمعرفة المزيد حول دعوة السيد أحمد الحسن‬
‫أستراليا‬
‫يمكنكم الدخول إلى الموقع التالي‪:‬‬
‫‪Antwerp Street, Auburn, NSW 2144. Australia 15‬‬
‫‪Tel.:+61406009043 , E-mail: australia@najmatalsabah.com‬‬
‫‪www.almahdyoon.org‬‬
‫بسم اهلل الرمحن الرحيم‬
‫ً‬
‫وصىل اهلل ىلع حممد وآهل الطاهرين األئمة واملهديني وسلم تسليما كثريا‬
‫الكاتب في سطور‬
‫السيد أمحد احلسن‪ ..‬هو أمحد بن إمساعيل بن صاحل بن حسني بن سلمان بن حممد بن احلسن بن‬
‫علي بن حممد بن علي بن موسى بن جعفر بن حممد بن علي بن احلسني بن علي بن أيب طالب عليهم‬
‫الصالة والسالم‪.‬‬
‫هو وصي ورسول اإلمام املهدي حممد بن احلسن ‪ ‬إىل الناس كافة‪ ،‬اليماين املوعود عند الشيعة‪،‬‬
‫يف آخر الزمان على وفق الفهم السين للمهدي‪ ،‬واملعزي‬ ‫واملهدي الذي بشر بوالدته رسول هللا‬
‫ألنبياء هللا ورسله الذي وعد به نيب هللا عيسى ‪ ‬كما ورد يف اإلجنيل‪ ،‬واملنقذ الذي وعد إبرساله نيب‬
‫هللا إيليا ‪ ‬عند اليهود‪.‬‬
‫إنطلق بدعوته اإلهلية الكربى عام ‪1999‬م يف العراق عاصمة دولة العدل اإلهلي‪ ،‬ومنه انتشرت إىل‬
‫العامل كله‪ ،‬جاء الناس حمتجاً عليهم مبا احتج به أنبياء هللا ورسله على أقوامهم‪ ،‬النص (الذي متثله وصية‬
‫املذكور فيها ابمسه ومنزلته وعشرات النصوص الثابتة عند املسلمني والنصارى‬ ‫جده رسول هللا‬
‫واليهود)‪ ،‬والعلم الذي به حتدى كبار علماء األداين والطوائف كلها‪ ،‬وراية البيعة هلل والدعوة إىل‬
‫حاكمية هللا‪ ،‬إضافة إىل أتييد هللا سبحانه له ابمللكوت عرب مئات الرؤى الصادقة ابألنبياء واألوصياء‬
‫اليت تشهد له‪.‬‬
‫وكان قد خط بيمينه جمموعة من الكتب اليت حتوي جوانب كبرية من املعرفة اإلهلية اليت بدأ ببثها‬
‫إىل الناس كان منها‪ :‬كتاب التوحيد‪ ،‬واملتشاهبات‪ ،‬واضاءات من دعوات املرسلني‪ ،‬ورحلة موسى إىل‬
‫جممع البحرين‪ ،‬والنبوة اخلامتة‪ ،‬والعجل‪ ،‬واجلهاد ابب اجلنة‪ ،‬وحاكمية هللا ال حاكمية الناس‪ ،‬و وهم‬
‫اإلحلاد‪ ،‬وغريها‪.‬‬
‫أما هدف دعوته فهو اهلدف من دعوة نوح وإبراهيم وموسى وعيسى وحممد صلوات هللا عليهم‬
‫أمجعني‪ ،‬أن ينتشر التوحيد على كل بقعة يف هذه األرض هدف األنبياء واألوصياء هو هدفه‪ ،‬وبيان‬
‫التوراة واإلجنيل والقرآن وما أختلف فيه‪ ..‬أن متتلئ األرض قسطاً وعدالً كما ملئت ظلماً وجوراً‪ ,‬أن‬
‫يشبع اجلياع وال يبقى الفقراء يف العراء‪ ،‬أن يفرح األيتام بعد حزهنم الطويل وجتد األرامل ما يسد‬
‫حاجتها املادية بعز وكرامة‪ ،‬أن‪ ...‬وأن‪ ،...‬أن يطبق أهم ما يف الشريعة العدل والرمحة والصدق‪.‬‬
‫وقد التحق بركب هذه الدعوة املباركة الكثري من املؤمنني املنتشرين على مناطق كثرية من العامل‪..‬‬
‫وللمزيد من املعلومات‪ ،‬يرجى زايرة املوقع الرمسي ألنصار اإلمام املهدي ‪:‬‬
‫‪www.almehdyoon.org‬‬
‫أو بزايرة الصفحة الشخصية للسيد أمحد احلسن على موقع الفيسبوك‪:‬‬
‫‪www.facebook.com/Ahmed.Alhasan.10313‬‬
‫(أمحد احلسن)‬
‫قال اإلمام الصادق ‪:‬‬
‫‪‬‬

‫‪ -1‬بحار األنوار‪ :‬ج‪ 52‬ص‪ ،387‬إلزام الناصب‪ :‬ج‪ 1‬ص‪ ،103‬معجم أحاديث اإلمام المهدي ‪ :‬ج‪4‬‬
‫ص‪.43‬‬
‫نصيحة‬
‫إىل طلبة احلوزات العلمية وإىل كل من يطلب احلق‬

‫أرجو من طلبة احلوزات العلمية يف النجف ويف قم ويف كل مكان أن يقبلوا مين هذه‬
‫النصيحة بني يدي عذاب أليم‪ ،‬وأن ينزلوا كالم آل حممد حيث أمرهم هللا وال يذروا‬
‫احلكمة اليمانية ذرو الريح للهشيم فيندموا والت حني ندم‪.‬‬
‫ني﴾(‪ ،)1‬وال أقل فلينصفوا أنفسهم‬ ‫االت رِّيب وأ َََن لَكم ََن ِّ ِّ‬ ‫اي قوم ﴿أبـلِِّغكم ِّرس ِّ‬
‫ص ٌح أَم ٌ‬ ‫ْ‬ ‫َِ َ‬ ‫َ ْ َ‬
‫الرِّح ِّيم﴾(‪.)2‬‬
‫الر ْمحَ ِّن َّ‬ ‫كملكة سبأ ﴿إِّنَّه ِّمن سلَيما َن وإِّنَّه بِّس ِّم َِّّ‬
‫اَّلل َّ‬ ‫ْ َْ َ ْ‬
‫روى أبو خدجية عن أيب عبد هللا ‪ ،‬قال‪( :‬إذا قام القائم ‪ ‬جاء أبمر جديد‪،‬‬
‫يف بدو اإلسالم إىل أمر جديد) (‪.)3‬‬ ‫كما دعا رسول هللا‬

‫عندما يقرأ هذه الرواية أي إنسان يطلب احلق فالبد أن يهيأ نفسه الستقبال أمر‬
‫جديد غري ما هو مألوف عنده‪ ،‬بل إن بعض الرواايت وصفت أمر القائم ابلغريب‬
‫وأصحابه ابلغرابء (بدأ اإلسالم غريباً وسيعود غريباً كما بدأ فطوىب للغرابء) (‪.)4‬‬
‫ولكن مع األسف‪ ،‬كل فئة تريد أن أييت اإلمام ‪ ‬وفق ما تريد هي وحبسب اخلطة‬
‫اليت قرروها لقيامه ‪ ،‬بل والبد أن أييت اإلمام ‪ ‬عن طريق من قرروا أتباعه‪،‬‬
‫‪ -1‬األعراف‪.68 :‬‬
‫‪ -2‬النمل‪.30 :‬‬
‫‪ -3‬اإلرشاد‪ :‬ج‪ 2‬ص‪ ،384‬بحار األنوار‪ :‬ج‪ 52‬ص‪ ،338‬معجم أحاديث اإلمام المهدي ‪ :‬ج‪ 4‬ص‪.53‬‬
‫‪ -4‬نيل األوطار للشوكاني‪ :‬ج‪ 9‬ص‪ ،229‬معجم أحاديث اإلمام المهدي ‪ :‬ج‪ 1‬ص‪ ،274‬موسوعة‬
‫‪ :‬ج‪ 4‬ص‪.138‬‬ ‫أحاديث أهل البيت‬
‫‪‬‬

‫ب ِّمبَا لَ َديْ ِّه ْم فَ ِّرحو َن﴾(‪ ،)1‬فإذا جاء اإلمام من طريق آخر ﴿قَالوا لَ ْوال‬ ‫وهكذا‪﴿ :‬ك ُّل ِّح ْز ٍ‬
‫نـ ِِّز َل َه َذا الْق ْرآن َعلَى َرج ٍل ِّم َن الْ َق ْريَـتَـ ْ ِّ‬
‫ني َع ِّظ ٍيم﴾(‪.)2‬‬
‫وإذا جاء خبطة مل ختطر بباهلم وأبمر جديد فهذا ال يكون اإلمام عندهم‪ ،‬والبد أن‬
‫يواجه ابلتكذيب والسخرية واالستهزاء‪ ،‬وكأن قوله تعاىل‪:‬‬
‫اد َما َيْتِّ ِّيهم ِّم ْن رس ٍ‬
‫ول إَِّّال َكانوا بِّ ِّه يَ ْستَـ ْه ِّزئو َن﴾(‪ ،)3‬مل يقرع‬ ‫﴿اي حسرًة َعلَى ال ِّْعب ِّ‬
‫َ‬
‫َ‬ ‫َ ْ‬ ‫َ َ َْ‬
‫أمساعهم وال يعنيهم‪ ،‬وهكذا حىت ينتهي هبم األمر إىل قتال اإلمام املهدي ‪.‬‬
‫فعن الباقر ‪( :‬إذا قام القائم ‪ ‬سار إىل الكوفة فيخرج منها بضعة ألف‬
‫نفس يدعون البرتية عليهم السالح‪ ،‬فيقولون له‪ :‬إرجع من حيث جئت فال حاجة لنا‬
‫يف بين فاطمة‪ ،‬فيضع فيهم السيف حىت َييت على آخرهم‪ ،‬مث يدخل الكوفة فيقتل هبا‬
‫عز وعال) (‪.)4‬‬
‫كل منافق مراتب ويهدم قصورها ويقتل مقاتليها حىت يرضى هللا ِ‬
‫وهذه نصيحة لكل من خياف املعاد وال يريد أن يواجه اإلمام بقول‪( :‬إرجع ايبن‬
‫فاطمة)‪.‬‬

‫‪ -1‬المؤمنون‪.53 :‬‬
‫‪ -2‬الزخرف‪.31:‬‬
‫‪ -3‬يـس‪.30 :‬‬
‫‪ -4‬إرشاد المفيد‪ :‬ج‪ 2‬ص‪ ،384‬بحار األنوار‪ :‬ج‪ 52‬ص‪ ،338‬معجم أحاديث اإلمام المهدي ‪ :‬ج‪3‬‬
‫ص‪.308‬‬
‫بسم هللا الرمحن الرحيم‬
‫واحلمد هللا رب العاملني‪ ،‬وصلى هللا على حممد وآل حممد األئمة واملهديني‪....‬‬
‫قال تعاىل‪:‬‬
‫اب‬ ‫ات ه َّن أ ُّم ال ِّ‬
‫ْكتَ ِّ‬ ‫ت ْحم َك َم ٌ‬ ‫آاي ٌ‬ ‫ه‬ ‫ن‬
‫ْ‬ ‫م‬‫ْكتاب ِّ‬ ‫ك ال ِّ‬ ‫َ‬ ‫ي‬ ‫ل‬
‫َ‬ ‫ع‬ ‫ل‬‫َ‬ ‫ز‬ ‫ـ‬‫ْ‬‫ن‬‫َ‬‫أ‬ ‫ي‬ ‫﴿هو الَّ ِّ‬
‫ذ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ِّ ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِِّّ‬ ‫َّ ِّ‬ ‫َوأ َخر متَ َش ِّاهبَ ٌ‬
‫ين ِّيف قـلوهب ْم َزيْ ٌغ فَـيَـتَّبعو َن َما تَ َشابَهَ م ْنه ابْتغَ َ‬
‫اء‬ ‫ات فَأ ََّما الذ َ‬
‫اسخو َن ِّيف ال ِّْعل ِّْم يَـقولو َن‬‫الر ِّ‬ ‫اء َأت ِّْويلِّ ِّه َوَما يَـ ْعلَم َأت ِّْويلَه إَِّّال َّ‬
‫اَّلل َو َّ‬ ‫غ‬
‫َ‬
‫َ َ‬
‫ال ِّْف ْتـنَ ِّة وابْتِّ‬
‫اب﴾(‪.)10‬‬ ‫آمنَّا بِّ ِّه كلٌّ ِّم ْن ِّع ْن ِّد َربِِّنَا َوَما يَ َّذ َّكر إَِّّال أولو ْاألَلْبَ ِّ‬ ‫َ‬

‫كالمهم فيه متشابه كما أن كالم هللا سبحانه وتعاىل فيه متشابه‪ ،‬وهذا ورد عنهم‬
‫للمتشابه فيما خيص صاحب هذا األمر ‪ ،‬وكما عب‬ ‫(‪ ،)11‬وما أحوجهم‬
‫شراً لكم وأخذ برقبة‬
‫اإلمام الرضا ‪ .....( :‬إَن لو أعطيناكم ما تريدون لكان ِ‬
‫صاحب هذا األمر ‪.)12()‬‬

‫‪ -10‬آل عمران‪.7 :‬‬


‫إن لكالمهم سبعين وجهاً‪ ،‬فقد روى الصفار في بصائر الدرجات‪ ،‬قال‪ :‬حدثنا محمد‬ ‫ّ‬ ‫‪ -11‬فلقد روي عنهم‬
‫بن عيسى‪ ،‬عن محمد بن أبي عمير‪ ،‬عن جميل‪ ،‬عن أيوب أخي أديم‪ ،‬عن حمران بن أعين‪ ،‬عن أبي عبد‬
‫هللا ‪ ،‬قال‪( :‬قال إني أتكلم على سبعين وجها ً لي من كلها المخرج) بصائر الدرجات‪ :‬ص ‪.349‬‬
‫وروى أيضاً‪ :‬حدثنا عبد هللا عن الحسن بن الحسين اللؤلؤي‪ ،‬عن ابن سنان‪ ،‬عن علي بن أبي حمزة‪ ،‬قال‪:‬‬
‫دخلت أنا وأبو بصير على أبي عبد هللا ‪ ‬فبينا نحن قعود إذ تكلم أبو عبد هللا ‪ ‬بحرف‪ ،‬فقلت أنا في‬
‫نفسي‪ :‬هذا مما أحم له إلى الشيعة‪ ،‬هذا وهللا حديث لم أسمع مثله قط‪ .‬قال‪ :‬فنظر في وجهي‪ ،‬ثم قال‪( :‬إني‬
‫ألتكلم بالحرف الواحد لي فيه سبعون وجها ً إن شئت أخذت كذا وإن شئت أخذت كذا) بصائر الدرجات‪ :‬ص‬
‫‪.349‬‬
‫وروى أيضاً‪ :‬حدثنا محمد بن عيسى‪ ،‬عن محمد بن أبي عمير‪ ،‬عن محمد بن حمران‪ ،‬عن محمد بن مسلم‪،‬‬
‫عن أبي عبد هللا ‪ ،‬قال‪( :‬إنّا لنتكلم بالكلمة بها سبعون وجها لنا من كلها المخرج) بصائر الدرجات‪ :‬ص‬
‫‪.349‬‬
‫حدثنا أحمد بن محمد‪ ،‬عن الحسن بن محبوب‪ ،‬عن األحول‪ ،‬عن أبي عبد هللا ‪( :‬قال أنتم أفقه الناس ما‬
‫إن كالمنا لينصرف على سبعين وجهاً) بصائر الدرجات‪ :‬ص‪.349‬‬ ‫عرفتم معاني كالمنا ّ‬
‫‪ -12‬قرب اإلسناد‪ :‬ص‪ ،380‬بحار األنوار‪ :‬ج‪ 52‬ص‪.110‬‬
‫‪‬‬

‫وعن الرضا ‪( :‬من رد متشابه القرآن إىل حمكمه فقد هدي إىل صراط مستقيم‪،‬‬
‫مث قال ‪ ‬إ ِن يف أخبارَن حمكم كمحكم القرآن ومتشابه كمتشابه القرآن فر ِدوا‬
‫متشاهبها إىل حمكمها‪ ،‬وال تتبعوا متشاهبها دون حمكمها فتضلوا) (‪.)13‬‬
‫فاإلنسان غري املعصوم لو أخلص نيته هلل سبحانه وتعاىل وأراد اخلوض يف فهم كالمهم‬
‫وابخلصوص يف ما ورد عن قضية صاحب األمر ‪ ‬لرمبا وقع يف سوء الفهم مجلة‬
‫وتفصيالا‪ ،‬وإذا أصاب فهم أمر ما فقطع ا سيقع اخلطأ منه يف فهم أمر آخر؛ لورود الباطل‬
‫على عقله كونه غري معصوم‪ ،‬فما ابلك فيمن يتعصب ألمر ويتحامل على أمر وهو‬
‫جيهلهما معا؟!‬
‫ولعل من خاض يف رواايهتم يعلم أنه حدث يف يوم أن أحد الذين ظلموا أنفسهم‬
‫كتب كتاابا يف تفنيد القرآن الكرمي‪ ،‬فأرسل إليه اإلمام ‪( ‬لعل املتكلم أراد شيئاً من‬
‫كالمه غري الذي فهمته أنت)(‪ ،)14‬فاتعظ هذا الشخص ومزق كتابه الباطل‪.‬‬
‫فاسأل هذا السؤال أيضا لكل من يكتب يف قضية اإلمام املهدي ‪( ‬لعل املتكلم‬
‫‪ -‬أراد شيئاً من كالمه غري الذي فهمته أنت)‪.‬‬ ‫‪ -‬وهم الرسول واألئمة‬

‫‪ -13‬عيون أخبار الرضا‪ :‬ج‪ 2‬ص‪ ،261‬وسائل الشيعة (آل البيت)‪ :‬ج‪ 27‬ص‪ ،115‬مستدرك الوسائل‪:‬‬
‫ج‪17‬ص‪.345‬‬
‫إن إسحاق الكندي كان فيلسوف‬ ‫‪ -14‬روى ابن شهر آشوب‪ ،‬قال‪( :‬أبو القاسم الكوفي في كتاب التبديل ّ‬
‫العراق في زمانه أخذ في تأليف تناقض القرآن وشغل نفسه بذلك وتفرّد به في منزله وأن بعض تالمذته‬
‫دخل يوما ً على اإلمام الحسن العسكري فقال له أبو محمد ‪ :‬أما فيكم رجل رشيد يردع أستاذكم الكندي‬
‫عما أخذ فيه من تشاغله القرآن‪ ،‬فقال التلميذ‪ :‬نحن من تالمذته كيف يجوز منا االعتراض عليه في هذا أو‬
‫في غيره‪ ،‬فقال له أبو محمد‪ :‬أتؤدي إليه ما ألقيه إليك؟ قال‪ :‬نعم‪ ،‬قال‪ :‬فصر إليه وتلطف في مؤانسته‬
‫ومعونته على ما هو بسبيله‪ ،‬فإذا وقعت األنسة في ذلك فقل قد حضرتني مسألة أسألك عنها فإنه يستدعي‬
‫ذلك منك فقل له أن أتاك هذا المتكلم بهذا القرآن‪ ،‬هل يجوز أن يكون مراده بما تكلم منه غير المعاني التي‬
‫قد ظننتها إنك ذهبت إليها؟ فإنه سيقول لك إنه من الجائز ألنه رجل يفهم إذا سمع‪ ،‬فإذا أوجب ذلك فقل له‪:‬‬
‫فما يدريك لعله قد أراد غير الذي ذهبت أنت إليه فيكون واضعا ً لغير معانيه‪ .‬فصار الرجل إلى الكندي‬
‫وتلطف إلى أن ألقى عليه هذه المسألة فقال له‪ :‬أعد علي‪ ،‬فأعاد عليه فتف ّكر في نفسه ورأى ذلك محتمالً في‬
‫اللغة وسائغا ً في النظر‪ ،‬فقال‪ :‬أقسمت عليك إالّ أخبرتني من أين لك؟ فقال‪ :‬إنه شيء عرض بقلبي فأوردته‬
‫عليك‪ ،‬فقال‪ :‬كال ما مثلك من اهتدى إلى هذا وال من بلغ هذه المنزلة‪ ،‬فعرفني من أين لك هذا؟ فقال‪ :‬أمرني‬
‫به أبو محمد‪ ،‬فقال‪ :‬اآلن جئت به وما كان ليخرج مثل هذا إالّ من ذلك البيت‪ ،‬ثم إنه دعا بالنار وأحرق‬
‫جميع ما كان ألفه) مناقب آل أبي طالب‪ :‬ج‪ 3‬ص‪ ،525‬بحار األنوار‪ :‬ج‪ 10‬ص‪.392‬‬
‫وهل أرجعت اي من تكتب يف قضية اإلمام ‪ ‬متشابه كالمهم إىل حمكم كالمهم؟‬
‫واآلن أسال هل أن رواية علي بن حممد السمري حمكمة أم متشاهبة؟ فإن قلت حمكمة‬
‫بينة املعىن‪ ،‬أقول‪ :‬لقد صنف كثري من العلماء معان كثرية يف فهمها‪ ،‬منهم السيد مصطفى‬
‫الكاظمي (رمحه هللا)‪ ،‬والسيد الصدر (رمحه هللا) وغريهم‪.‬‬
‫وهذا يدل على عدم وضوح معناها هلم بشكل ال يقبل اللبس فال تكون حمكمة بل‬
‫متشاهبة‪ ،‬فهل ميكن أنك وقعت يف فهم خاطئ للرواية؟ مث أال تعلم أنه توجد رواايت‬
‫حمكمة بينة املعىن دالة على وجود سفري قبل قيام اإلمام‪ ،‬وهي كثرية جدا وهذا مثال منها‪،‬‬
‫فقط للذكرى‪ ،‬عن الباقر ‪( :‬يكون لصاحب هذا األمر غيبة يف بعض هذه‬
‫الشعاب ‪ -‬وأومأ بيده إىل انحية ذي طوى ‪ -‬حىت إذا كان قبل خروجه أتى املوىل‬
‫الذي كان معه حىت يلقى بعض أصحابه‪ ،‬فيقول‪ :‬كم أنتم هاهنا؟ فيقولون‪ :‬حنو من‬
‫أربعني رجالً‪ ،‬فيقول‪ :‬كيف أنتم لو رأيتم صاحبكم؟ فيقولون‪ :‬وهللا لو َنوى بنا اجلبال‬
‫لناويناها معه‪ ،‬مث َيتيهم من القابلة ويقول‪ :‬أشريوا إىل رؤسائكم أو خياركم عشرة‪،‬‬
‫فيشريون له إليهم‪ ،‬فينطلق هبم حىت يلقوا صاحبهم‪ ،‬ويعدهم الليلة اليت تليها) (‪.)15‬‬
‫ويف قصة اجلزيرة اخلضراء اليت نقلها ثقاة من علماء الشيعة‪ ،‬ورواها كبار علماء الشيعة‬
‫يف مصنفاهتم‪ ،‬منهم‪:‬‬
‫‪ -‬املريزا النوري يف (النجم الثاقب‪ :‬ج‪ 2‬ص‪.)172‬‬
‫‪ -‬والسيد نور هللا التسرتي يف (جمالس املؤمنني‪ :‬ج‪ 1‬ص‪.)78‬‬
‫‪ -‬والشيخ علي احلائري يف (إلزام الناصب‪ :‬ج‪ 2‬ص‪.)85‬‬
‫‪ -‬واملقدس األردبيلي يف (حديقة الشيعة‪ :‬ص‪.)729‬‬
‫‪ -‬والفيض الكاشاين يف (نوادر األخبار‪ :‬ص‪.)300‬‬

‫‪ -15‬غيبة النعماني‪ :‬ص‪ ،187‬تفسير العياشي‪ :‬ج‪ 2‬ص‪ ،56‬عنه بحار األنوار‪ :‬ج‪ 52‬ص‪ ،341‬معجم‬
‫أحاديث اإلمام المهدي‪ :‬ج‪ 5‬ص‪.2‬‬
‫‪‬‬

‫‪ -‬والشهيد األول حممد بن مكي‪.‬‬


‫‪ -‬والسيد هاشم البحراين يف (تبصرة الوايل يف من رأى القائم املهدي ‪.)‬‬
‫‪ -‬ومنهم العالمة املريزا الرضا األصفهاين يف تفسري األئمة هلداية األمة‪.‬‬
‫‪ -‬ومنهم احلر العاملي يف (إثبات اهلداة‪ :‬ج‪ 7‬ص‪.)371‬‬
‫‪ -‬ومنهم احملقق الكركي‪.‬‬
‫‪ -‬ومنهم مؤسس املدرسة األصولية الوحيد البهبهاين يف (حبث صالة اجلمعة‪:‬‬
‫ص‪.)221‬‬
‫‪ -‬والسيد عبد هللا شب يف جالء العيون‪.‬‬
‫‪ -‬ومنهم السيد مهدي حبر العلوم صاحب الكرامات واملقامات يف (الفوائد الرجالية‪:‬‬
‫ج‪ 3‬ص‪.)136‬‬
‫ينقل بيان لرواية علي بن حممد السمري عن اإلمام املهدي ‪ ‬هذا نصه‪( :‬فقلت اي‬
‫سيدي‪ ،‬قد روينا عن مشاخينا أنه روي عن صاحب األمر ‪ ‬أنه قال‪ :‬ملا أمر ابلغيبة‬
‫الكبى من رآين بعد غيبيت فقد كذب فكيف وفيكم من يراه؟ فقال‪ :‬صدقت‪ ،‬إنه ‪‬‬
‫إمنا قال ذلك يف ذلك الزمان لكثرة أعدائه من أهل بيته وغريهم من فراعنة بين العباس‬
‫حىت إن الشيعة مينع بعضها بعضا عن التحدث بذكره‪ ،‬ويف هذا الزمان تطاولت املدة‬
‫وآيس منه األعداء وبالدان انئية عنهم وعن ظلمهم وعنائهم‪ ،‬وببكته ‪ ‬ال يقدر أحد‬
‫من األعداء على الوصول إلينا)(‪.)16‬‬
‫وإذا مل تكتف هبذا‪ ،‬أقول من ابب ألزموهم مبا ألزموا به أنفسهم‪ :‬إن القاعدة العقلية‬
‫اليت يقرها القوم يف املنطق واألصول هي‪( :‬إن القضية املهملة بقوة اجلزئية)‪ ،‬والقضية‬
‫املوجودة يف رواية السمري وهي (فمن ادعى املشاهدة قبل خروج السفياين والصيحة‬
‫فهو كذاب مفرت) قضية مهملة‪ ،‬فهي بقوة اجلزئية‪ ،‬أي تكون هكذا‪( :‬فبعض من ادعى‬

‫‪ -16‬بحار األنوار‪ :‬ج‪ 52‬ص‪ ،171‬إلزام الناصب‪ :‬ج‪ 2‬ص‪.82‬‬


‫املشاهدة قبل خروج السفياين والصيحة فهو كذاب مفرت)‪ ،‬وال توجد قرينة خارجية‬
‫تفيد كليتها‪ ،‬بل توجد قرينة خارجية دالة على جزئيتها‪ ،‬وهي الرواايت الدالة على إرسال‬
‫اإلمام املهدي ‪ ‬من ميثله يف فرتة ما قبل القيام‪ ،‬ومنها الرواية اليت مرت (‪ ،)17‬ورواية‬
‫اليماين وغريها كثري(‪.)18‬‬
‫وليتضح األمر أكثر وخصوصا ملن مل يطلع على املنطق واألصول أقول‪ :‬إن القضية إما‬
‫تكون مسورة أو مهملة‪ ،‬واملسورة إما كلية أو جزئية‪( ،‬فإذا قلت‪ :‬كل من يدعي املشاهدة‬
‫… فهو كاذب)‪ ،‬فهذه قضية كلية؛ ألنك بدأهتا بكل‪( .‬وإذا قلت‪ :‬بعض من يدعي‬
‫املشاهدة … فهو كاذب)‪ ،‬فهذه قضية جزئية؛ ألنك بدأهتا ببعض‪ .‬أما إذا أمهلت‬
‫القضية ومل جتعل هلا سور كل أو بعض فهي تكون بقوة اجلزئية‪ ،‬فال تفيد الكلية إال إذا‬
‫كانت هناك قرينة خارجية دالة على كليتها‪ ،‬فإن مل توجد هذه القرينة ووجدت قرينة على‬
‫جزئيتها أصبحت هذه القضية جزئية‪ ،‬والقضية أعاله (‪ )19‬مهملة‪ ،‬وال توجد قرينة تدل‬
‫على كليتها‪ ،‬بل توجد قرينة تدل على جزئيتها (وهي رواايت األئمة ) (‪ .)20‬فيتحصل‬
‫أهنا جزئية‪ ،‬وهبذا ال تدل رواية السمري على انقطاع السفارة ال من قريب وال من بعيد‪،‬‬
‫واحلمد هلل وحده‪.‬‬
‫فكيف يرجع احملكم إىل املتشابه؟!!! وكيف يضرب ابحملكم عرض اجلدار؟!!!‬
‫وهبِّم َزيْ ٌغ فَـيـتَّبِّعو َن ما تَ َشابهَ ِّم ْنه ابْتِّغَاء ال ِّْف ْتـنَ ِّة وابْتِّ‬
‫ِّ‬ ‫َّ ِّ‬
‫اء‬
‫َ َ‬‫غ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ين ِّيف قـل ْ‬
‫قال تعاىل‪﴿ :‬فَأ ََّما الذ َ‬
‫َأت ِّْويلِّ ِّه﴾(‪.)21‬‬
‫مث اسأل هل اليماين بعد الصيحة كما صرح بعض من كتب عن قضية اإلمام ‪‬؟ (‪.)22‬‬

‫‪ -17‬وهي الرواية المتق ّدمة المروية عن اإلمام الباقر ‪.‬‬


‫‪ -18‬راجع إصدارات أنصار اإلمام المهدي ‪ ،‬ككتاب اليماني حجة هللا‪ ،‬والوصية والوصي أحمد الحسن‪،‬‬
‫وجامع األدلة‪ ،‬وغيرها من الكتب التي يجدها الباحث في موقع أنصار اإلمام المهدي ‪.‬‬
‫‪ -19‬أي قوله ‪( :‬فمن ادعى المشاهدة قبل خروج السفياني والصيحة فهو ّ‬
‫كذاب مفتر)‪.‬‬
‫‪ -20‬راجع كتاب الرد القاصم على منكري رؤية القائم ‪ ،‬وكتاب قراءة جديدة في رواية السمري‪ ،‬وغيره‬
‫من إصدارات أنصار اإلمام المهدي ‪ ،‬فقد أورد اإلخوة حفظهم هللا الروايات في ذلك‪.‬‬
‫‪ -21‬آل عمران‪.7 :‬‬
‫‪‬‬

‫إذن التفت‪ :‬إن الصيحة يف رمضان‪ ،‬وخروج اليماين‪ -‬أي قيامه ‪ -‬يف رجب‪ .‬فإذا كان‬
‫بعد الصيحة ‪ -‬أي يف رجب الذي بعدها ‪ -‬يكون خروج اليماين بعد قيام اإلمام ‪‬‬
‫على أساس هذا الفهم اخلاطئ؛ ألن قيام اإلمام ‪ ‬يف حمرم‪ ،‬وشهر رجب أييت بعد‬
‫حمرم‪ ،‬وهذا بني‪.‬‬
‫وسبحان هللا بعضهم يقول‪ :‬إننا مأمورون أن نكذب رسول اإلمام املهدي ‪ ‬مهما‬
‫بينوا أن الذي أييت‬ ‫أويت من العلم حبسب رواية السمري (‪ ،)23‬متناسني أن األئمة‬
‫يعرف ابلعلم‪.‬‬

‫‪ -22‬ومن ذلك البعض هو الشيخ إسحاق الفياض حيث قال‪( :‬وكذا ينبغي عليهم تكذيب من يدعي أنّه اليماني‬
‫أو الخراساني أو صاحب النفس الزكية فإن تلك الشخصيات المباركة ال تظهر إالّ بعد الصيحة)‪ ،‬راجع‬
‫كتاب (لعلكم تهتدون) من إصدارات أنصار اإلمام المهدي‪ ،‬زادهم هللا توفيقاً‪.‬‬
‫وكما صرّح بذلك الشيخ محمد السند في كتابه فقه عالئم الظهور‪ :‬ص‪ ،15‬حيث قال تعليقا ً على رواية‬
‫اليماني المروية عن اإلمام الباقر‪( :‬وفي الرواية جملة نقاط‪ :‬األولى‪ :‬أنّها تح ّدد عالمة اليماني بعالمة‬
‫الظهور الحتميّة‪ ،‬وهي الصيحة السماوية‪ ،‬وقد ذكر في أوصاف تلك الصيحة‪ ،‬والتي هي نداء جبرئيل من‬
‫السماء أنّه يسمعه أهل األرض‪ ،‬ك ّل أهل لغة بلغتهم‪ ،‬واستيالء السفياني على الشام‪ ،‬وهكذا التحديد‬
‫للخراساني الذي قد يعبّر عنه في روايات اُخرى بالحسني‪ .‬وهذا التحديد يقطع الطريق على أدعياء هذين‬
‫االسمين قبل الصيحة والنداء من السماء‪ ،‬وقبل استيالء السفياني على الشام)‪.‬‬
‫‪ -23‬ومن ذلك البعض هو السيد كاظم الحائري في جوابه لسؤال وجه إليه‪ ،‬وإليك أيها القارئ الكريم نص‬
‫السؤال والجواب‪( :‬إلى مكتب المرجع الديني سماحة آية هللا العظمى السيد كاظم الحسيني الحائري‬
‫سالم عيكم ورحمة هللا وبركاته‬
‫لدينا سؤال نطرحه عليكم وهو‪ :‬ظهر في العراق شخص يسمى (أحمد الحسن) من أهالي البصرة يدعي أنه‬
‫ابن اإلمام المهدي ‪ ‬ورسوله إلى الناس‪ ،‬ويأخذ البيعة لإلمام ‪ ،‬ودليله على دعواه لقاءه باإلمام ‪‬‬
‫وإحياء الموتى وفلق القمر‪ ،‬وشعاره النجمة اإلسرائيلية‪ ،‬واتبعه بعض الناس فما ردكم عليه؟ علما ً أنه يدعو‬
‫كل العلماء للمباهلة ومنهم جناب السيد‪.‬‬
‫جمع من مقلديكم ‪ /1‬رجب ‪ 1426 /‬هـ‬
‫الجواب‬
‫بسم هللا الرحمن الرحيم‬
‫ثبت بالقطع واليقين إن اإلمام ‪ ‬أناب عنه السفراء األربعة‪ ،‬األول عثمان بن سعيد العمري‪ ،‬الثاني محمد‬
‫بن عثمان العمري‪ ،‬الثالث أبو القاسم الحسين ابن روح‪ ،‬الرابع علي بن محمد السمري (رضوان هللا‬
‫عليهم)‪ ،‬وقبل وفاة السمري بستة أيام خرج كتاب بخط اإلمام ‪ ‬وإمضاءه يقول فيه‪( :‬أعظم هللا أجر‬
‫إخوانك فيك‪ ،‬فإنك ميت لست‪ ،‬وقد وقعت الغيبة التامة فال توص إلى أحد من بعدك‪ ،‬وال ظهور تقع الصيحة‬
‫ويظهر السفياني‪ ...‬وسيأتي من شيعتي من يدعي المشاهدة فمن ادعى المشاهدة قبل الصيحة وظهور‬
‫السفياني فكذبوه‪.)...‬‬
‫كما وأفتى السيستاني بتكذيب مدعي المشاهدة لإلمام المهدي ‪ ‬في زمن الغيبة الكبرى‪ ،‬وإليك نص تلك‬
‫إن الموقف الشرعي تجاه من يزعم اللقاء بإمام العصر أرواحنا فداه‪ ،‬مباشرة أو عن‬ ‫الفتوى‪( :‬بسمه تعالى؛ ّ‬
‫طريق الرؤيا في زمن الغيبة الكبرى يتمثل في عدم تصديقه فيما يدعيه وعدم األخذ بما ينسبه إليه عليه‬
‫عن املفضل بن عمر قال مسعت أاب عبد هللا ‪ ‬يقول‪( :‬إ ِن لصاحب هذا األمر‬
‫غيبتني‪ :‬يرجع يف إحدامها إىل أهله‪ ،‬واألخرى يقال هلك يف أي ٍ‬
‫واد سلك‪ .‬قلت‪:‬‬
‫كيف نصنع إذا كان ذلك؟ قال‪ :‬إ ِن ادعى مدع فاسألوه عن تلك العظائم اليت جييب‬
‫فيها مثله) (‪.)24‬‬
‫وعن أيب اجلارود‪ ،‬قال‪ :‬قلت أليب جعفر ‪( :‬إذا مضى اإلمام القائم من أهل‬
‫البيت فبأي شيء يعرف من جييء بعده؟ قال‪ :‬ابهلدى واإلطراق وإقرار آل حممد له‬
‫ابلفضل وال يسأل عن شيء بني صدفيها إالِ أجاب) (‪.)25‬‬
‫والشيخ علي الكوراين عندما سأله أحدهم يف قناة سحر الفضائية عن هذه الرواية (عن‬
‫أيب بكر احلضرمي‪ ،‬قال‪ :‬دخلت أان وأابن على أيب عبد هللا ‪ ،‬وذلك حني ظهرت‬
‫الراايت السود خبراسان فقلنا ما ترى فقال‪ :‬اجلسوا يف بيوتكم فإذا رأيتموَن قد اجتمعنا‬
‫على رجل فاهندوا إلينا ابلسالح) (‪.)26‬‬
‫وقال ذلك الشخص‪ :‬حنن نعلم أن الذي يقوم ابلسيف هو اإلمام أو من ميثله مباشرة‪،‬‬
‫واألئمة إىل احلسن العسكري ‪ ‬كلهم متوف يف زمن الظهور‪ ،‬فالظاهر أنه ال يكون‬
‫اجتماعهم على صاحب احلق إال ابلرؤاي‪ ،‬فهل هذه الرؤى اليت يراها كثري من الناس‬
‫ابلرسول والزهراء واألئمة ‪ ،‬ويقولون فيها إن أمحد احلسن حق متثل اجتماعهم‬
‫على صاحب احلق‪ ،‬وابلتايل جيب نصرة أمحد احلسن؟‬

‫السالم من أوامر وغيرها‪ .‬بل واإلنكار عليه فيما يحكيه عنه صلوات هللا وسالمه عليه من األمور المعلومة‬
‫بطالنها كبعض ما ذكر أعاله‪ ،‬ونحن نهيب بإخواننا المؤمنين وفقهم هللا لمراضيه أن ال ينساقوا وراء مثل‬
‫هذه الدعاوي وال يساهموا في نشرها والترويج لها بأي نحو من األنحاء وننصحهم بالتحرّز عن أصحابها‬
‫وأتباعهم ما لم يتركوا هذا السبيل‪ ،‬ونتضرّع إلى هللا تبارك وتعالى أن يعجل في فرج إمامنا صاحب العصر‬
‫‪ ‬ويجعلنا من أنصاره وأعوانه‪ 21.‬رمضان ‪ 1422‬هـ)‪.‬‬
‫‪ -24‬غيبة النعماني‪ :‬ص‪ ،178‬عنه بحار األنوار‪ :‬ج‪ 52‬ص‪.157‬‬
‫‪ -25‬غيبة النعماني‪ :‬ص‪ ،250‬اإلمامة والتبصرة‪ :‬ص‪ ،137‬الخصال‪ :‬ص‪ ،200‬بحار األنوار‪ :‬ج‪25‬‬
‫ص‪.139‬‬
‫‪ -26‬غيبة النعماني‪ :‬ص‪ ،203‬عنه‪ :‬بحار األنوار‪:‬ج‪ 52‬ص‪ ،138‬معجم أحاديث اإلمام المهدي ‪ :‬ج‪3‬‬
‫ص‪.465‬‬
‫‪‬‬

‫فأجاب الشيخ علي الكوراين‪ :‬إن اجتماعهم‪ ،‬أي اجتماع بين فاطمة وهم السادة‬
‫اهلامشيني!!‬
‫سبحان هللا‪ ،‬وكأن الشيخ الكوراين ال يعلم أن كثريا من السادة اهلامشيني ال ينصرون‬
‫اإلمام ‪ ‬كما نصت رواايت على ذلك (‪ ،)27‬وهذا مثال منها فقط‪:‬‬
‫عن أيب خالد الكابلي‪ ،‬قال‪( :‬ملا مضى علي بن احلسني ‪ ‬دخلت على حممد بن‬
‫علي الباقر ‪ ،‬فقلت له‪ :‬جعلت فداك قد عرفت انقطاعي إىل أبيك وأنسي به‬
‫ووحشيت من الناس‪ .‬قال‪ :‬صدقت اي أاب خالد فرتيد ماذا؟ قلت‪ :‬جعلت فداك لقد‬
‫وصف يل أبوك صاحب هذا األمر بصفة لو رأيته يف بعض الطريق ألخذت بيده‪ .‬قال‪:‬‬
‫فرتيد ماذا اي أاب خالد؟ قلت‪ :‬أريد أن تسميه يل حىت أعرفه ابمسه‪ .‬فقال‪ :‬سألتين و هللا‬
‫اي أاب خالد عن سؤال جمهد‪ ،‬ولقد سألتين عن أمر ما كنت حمدثً به أحداً ولو كنت‬
‫حم ِدثً به أحداً حلدثتك‪ ،‬ولقد سألتين عن أمر لو أ ِن بين فاطمة عرفوه حرصوا على أن‬
‫يقطعوه بضعة بضعة) (‪.)28‬‬
‫وأكمل الشيخ علي الكوراين إجابته أنه ال يعتمد على ظن‪ ،‬فالظاهر أن الرؤاي‬
‫ابملعصوم ‪ ‬عند الشيخ علي الكوراين يف أحسن أحواهلا ظن !!!‬
‫سبحان هللا‪ ،‬هم ال جيعلون البحث عن احلقيقة هدفهم‪ ،‬بل حياولون التكذيب أبي‬
‫طريقة حىت وإن كانوا غري مقتنعني هبا !!‬
‫فمع أن قضية اإلمام املهدي ‪ ‬مرتبطة ارتباطا وثيقا ابلرؤاي‪ ،‬وكما تبني من الرواية‬
‫السابقة (‪ ،)29‬وكما صرح اإلمام الرضا ‪ ‬بذلك‪:‬‬

‫‪ -27‬علما ً أنّه روى ذلك في كتابه معجم أحاديث اإلمام المهدي ‪ ‬كما يأتي تخريج الرواية في الهامش‬
‫اآلتي‪.‬‬
‫‪ -28‬الغيبة للنعماني‪ :‬ص ‪ ،299‬عنه بحار األنوار‪ :‬ج‪ 51‬ص‪ ،31‬معجم أحاديث اإلمام المهدي‪ :‬ج‪3‬‬
‫ص‪.229‬‬
‫‪ -29‬يعني ‪ ‬رواية اإلمام الصادق ‪ ‬التي يقول فيها‪( :‬فإذا رأيتمونا قد اجتمعنا على رجل فانهدوا إلينا‬
‫بالسالح)‪.‬‬
‫فعن البيزنطي‪ ،‬قال‪( :‬سألت الرضا ‪ ‬عن مسالة الرؤاي فأمسك‪ ،‬مث قال ‪( :‬إَن‬
‫شراً لكم وأخذ برقبة صاحب هذا األمر ‪.)30( )‬‬
‫لو أعطيناكم ما تريدون لكان ِ‬
‫فاإلمام إذا يربط الرؤاي برقبة صاحب هذا األمر‪ ،‬ومع ذلك حياولون بكل طريقة إمهال‬
‫هذا الدليل امللكويت العظيم‪ ،‬وهو الرؤاي واليت صدقها واعتمدها القرآن والرسول واألئمة‬
‫‪ ،‬ويف القرآن‪:‬‬
‫اف وس ْبع س ْنـب ٍ‬
‫الت‬ ‫ج‬ ‫ان َيْكله َّن سبع ِّ‬
‫ع‬ ‫ات ِّمسَ ٍ‬‫ال الْملِّك إِِِّّين أَرى س ْبع بـ َقر ٍ‬
‫َ ََ َ‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َََ‬ ‫‪َ ﴿ -‬وقَ َ َ‬
‫لرْؤاي تَـ ْعبـرو َن﴾(‪.)31‬‬ ‫ايي إِّ ْن ك ْنـت ْم لِّ ُّ‬ ‫ِّ ٍ‬
‫ض ٍر َوأ َخ َر َايب َسات َاي أَيُّـ َها ال َْم ََل أَفْـت ِّوين ِّيف رْؤ َ‬ ‫خ ْ‬
‫اف َو َس ْب ِّع‬‫ان ََيْكله َّن َس ْب ٌع ِّع َج ٌ‬ ‫ات ِّمسَ ٍ‬ ‫الص ِِّديق أَفْتِّنَا ِّيف س ْب ِّع بـ َقر ٍ‬ ‫‪ -‬و﴿يوسف أَيُّـ َها ِِّ‬
‫َ ََ‬
‫َّاس لَ َعلَّه ْم يَـ ْعلَمو َن﴾(‪.)32‬‬ ‫ات لَ َعلِِّي أ َْرِّجع إِّ َىل الن ِّ‬ ‫ض ٍر وأ َخر ايبِّس ٍ‬
‫س ْنـبالت خ ْ َ َ َ َ‬
‫ٍ‬
‫ك فَانْظ ْر َما َذا‬ ‫َين أَ ْذ ََب َ‬ ‫ين إِِِّّين أ ََرى ِّيف ال َْمنَ ِّام أِِّ‬ ‫ال َاي بـ ََّ‬
‫الس ْع َي قَ َ‬ ‫‪ -‬و﴿فَـلَ َّما بَـلَ َغ َم َعه َّ‬
‫اَّلل ِّمن َّ ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫ين﴾(‪.)33‬‬ ‫الصاب ِّر َ‬ ‫اء َّ َ‬ ‫ال َاي أَبَت افْـ َع ْل َما تـ ْؤَمر َستَجدِّين إِّ ْن َش َ‬ ‫تَـ َرى قَ َ‬
‫ال ْاْل َخر إِِِّّين‬ ‫صر ََخْراً َوقَ َ‬ ‫ال أَحدمهَا إِِِّّين أَر ِّاين أَ ْع ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫َ‬ ‫الس ْج َن فَـتَـيَان قَ َ َ‬ ‫‪ -‬و﴿ َو َد َخ َل َم َعه ِ‬
‫اك ِّم َن‬ ‫َمحل فَـ ْو َق َرأْ ِّسي خ ْبزاً َأتْكل الطَّْيـر ِّم ْنه نَـبِِّْئـنَا بِّتَأ ِّْويلِّ ِّه إِّ ََّن نَـ َر َ‬ ‫أَر ِّاين أ ِّْ‬
‫َ‬
‫ِّ‬
‫ني﴾(‪.)34‬‬ ‫الْم ْحسنِّ َ‬
‫اك إَِّّال فِّ ْتـنَةً‬‫الرْؤاي الَِّّيت أ ََريْـنَ َ‬ ‫َّاس َوَما َج َعلْنَا ُّ‬ ‫َحا َط ِّابلن ِّ‬ ‫ك أَ‬ ‫ك إِّ َّن َربَّ َ‬ ‫‪ -‬و﴿ َوإِّ ْذ قـلْنَا لَ َ‬
‫آن َوُنَِِّوفـه ْم فَ َما يَ ِّزيده ْم إَِّّال ط ْغيَاَنً َكبِّرياً﴾(‪.)35‬‬ ‫الشجرَة الْملْعونَةَ ِّيف الْقر ِّ‬
‫ْ‬ ‫َّاس َو َّ َ َ َ‬ ‫لِّلن ِّ‬
‫وهللا سبحانه وتعاىل ميدح األنبياء والصاحلني لتصديقهم الرؤاي‪:‬‬
‫ني﴾(‪.)36‬‬ ‫ِّ‬
‫ك َْجن ِّزي الْم ْحسنِّ َ‬ ‫الرْؤاي إِّ ََّن َك َذلِّ َ‬
‫ت ُّ‬ ‫ص َّدقْ َ‬ ‫ِّ‬
‫‪َ ﴿ -‬وََن َديْـنَاه أَ ْن َاي إِّبْـ َراهيم ‪ ‬قَ ْد َ‬
‫‪ -30‬الكافي‪ :‬ج‪ 2‬ص‪ ،224‬قرب اإلسناد‪ :‬ص‪ ،380‬مختصر بصائر الدرجات‪ :‬ص‪.104‬‬
‫‪ -31‬يوسف‪.43 :‬‬
‫‪ -32‬يوسف‪.46 :‬‬
‫‪ -33‬الصافات‪.102 :‬‬
‫‪ -34‬يوسف‪.36 :‬‬
‫‪ -35‬اإلسراء‪.60 :‬‬
‫‪ -36‬الصافات‪.105 – 104 :‬‬
‫‪‬‬

‫ِّ‬ ‫ِّ ِّ ِّ‬ ‫‪﴿ -‬ومرََي ابـن َ ِّ‬


‫ص َّدقَ ْ‬
‫ت‬ ‫ت فَـ ْر َج َها فَـنَـ َف ْخنَا فيه م ْن روحنَا َو َ‬ ‫ت ع ْم َرا َن الَِّّيت أَ ْح َ‬
‫صنَ ْ‬ ‫َ َ ْ َ َْ‬
‫بِّ َكلِّم ِّ‬
‫ات َرِِّهبَا﴾(‪.)37‬‬ ‫َ‬
‫الص ِِّديق﴾(‪.)38‬‬ ‫‪ -‬و﴿يوسف أَيُّـ َها ِِّ‬
‫الم َوَما َْحنن بِّتَأ ِّْو ِّ‬
‫يل‬ ‫َح ٍ‬ ‫ويذم من كذهبا ومساها أضغاث أحالم‪﴿ :‬قَالوا أَ ْ‬
‫ضغَاث أ ْ‬
‫ْاألَح ِّ ِّ‬
‫الم بِّ َعال ِّم َ‬
‫ني﴾(‪.)39‬‬ ‫ْ‬
‫وهللا سبحانه وتعاىل شهد للمؤمنني وعرض نفسه شاهدا للذين كفروا برساالت‬
‫الرسل‪ ،‬ومن خري الطرق اليت يعرفها الناس لشهادة هللا سبحانه وتعاىل هي الرؤاي‪:‬‬
‫ِّ‬
‫ني أَ ْن آمنوا ِّيب َوبَِّرس ِّوِل قَالوا َ‬
‫آمنَّا َوا ْش َه ْد ِّأبَنَّـنَا‬ ‫‪َ ﴿ -‬وإِّ ْذ أ َْو َح ْيت إِّ َىل ا ْحلََو ِّاريِِّ َ‬
‫م ْسلِّمو َن﴾(‪.)40‬‬
‫اَّلل َش ِّهي ٌد بَـ ْي ِّين َوبَـ ْيـنَك ْم﴾(‪.)41‬‬ ‫اد ًة ق ِّل َّ‬ ‫‪﴿ -‬قل أ ُّ ٍ‬
‫َي َش ْيء أَ ْكبَـر َش َه َ‬ ‫ْ‬
‫ت مرسالً قل َك َفى ِّاب َِّّ‬
‫َّلل َش ِّهيداً بَـ ْي ِّين َوبَـ ْيـنَك ْم﴾(‪.)42‬‬ ‫َ‬ ‫س‬ ‫ل‬
‫َ‬ ‫وا‬‫ر‬ ‫ف‬
‫َ‬ ‫ك‬
‫َ‬ ‫ين‬ ‫‪﴿ -‬ويـقول الَّ ِّ‬
‫ذ‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ ْ‬ ‫َ‬ ‫ََ‬
‫‪﴿ -‬أَم يـقولو َن افْـتـراه قل إِّ ِّن افْـتـريـته فَال متَْلِّكو َن ِِّل ِّمن َِّّ‬
‫اَّلل َش ْيئاً ه َو أَ ْعلَم ِّمبَا‬ ‫َ‬ ‫َ َْ‬ ‫ََ ْ‬ ‫ْ َ‬
‫الرِّحيم﴾(‪.)43‬‬ ‫ت ِّفيضو َن فِّ ِّيه َك َفى بِّ ِّه َش ِّهيداً بَـ ْي ِّين َوبَـ ْيـنَك ْم َوه َو الْغَفور َّ‬
‫صرياً﴾(‪.)44‬‬ ‫اد ِّه َخبِّرياً ب ِّ‬‫َّلل َش ِّهيداً بـي ِّين وبـيـنَكم إِّنَّه َكا َن بِّ ِّعب ِّ‬ ‫‪﴿ -‬قل َك َفى ِّاب َِّّ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َْ ََْ ْ‬ ‫ْ‬

‫َح َس َن‬
‫ك أْ‬ ‫ص َعلَْي َ‬ ‫ومسى سبحانه الرؤاي أحسن القصص‪ ،‬قال تعاىل‪َْ ﴿ :‬حنن نَـق ُّ‬
‫ِّ ِّ‬ ‫ك ه َذا الْقرآ َن وإِّ ْن ك ْن َ ِّ ِّ ِّ‬
‫ني ‪ ‬إِّ ْذ قَ َ‬
‫ال‬ ‫ت م ْن قَـ ْبله لَ ِّم َن الْغَافل َ‬ ‫ْ َ‬ ‫ص ِّمبَا أ َْو َح ْيـنَا إِّلَْي َ َ‬
‫ص ِّ‬
‫الْ َق َ‬
‫‪ -37‬التحريم‪.12 :‬‬
‫‪ -38‬يوسف‪.46 :‬‬
‫‪ -39‬يوسف‪.44 :‬‬
‫‪ -40‬المائدة‪.111 :‬‬
‫‪ -41‬األنعام‪.19 :‬‬
‫‪ -42‬الرعد‪.43 :‬‬
‫‪ -43‬األحقاف‪.8 :‬‬
‫‪ -44‬اإلسراء‪.96 :‬‬
‫س َوالْ َق َم َر َرأَيْـتـه ْم ِِّل‬ ‫م‬ ‫َّ‬
‫الش‬‫و‬ ‫ً‬‫ا‬ ‫ب‬ ‫ك‬
‫َ‬‫و‬ ‫ك‬‫َ‬ ‫ر‬ ‫ش‬
‫َ‬ ‫ع‬
‫َ‬ ‫د‬
‫َ‬ ‫َح‬‫أ‬ ‫ت‬ ‫َي‬
‫ْ‬ ‫أ‬
‫ر‬ ‫ين‬
‫ِ‬ ‫يوسف َألَبِّ ِّيه اي أَب ِّ‬
‫ت إِِّّ‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬
‫ين﴾(‪.)45‬‬ ‫اج ِّ‬
‫ِّ‬
‫َس َ‬
‫د‬
‫ب لِّلن ِّ‬
‫َّاس‬ ‫وتدبر هذه اآلايت لتعرف من هم املكذبون ابلرؤاي‪ ،‬قال تعاىل‪﴿ :‬اقْـتَـ َر َ‬
‫استَ َمعوه‬‫ث إَِّّال ْ‬ ‫ِّحسابـهم وهم ِّيف غَ ْفلَ ٍة م ْع ِّرضو َن ‪ ‬ما َيْتِّ ِّيهم ِّمن ِّذ ْك ٍر ِّمن رِِّهبِّم ْحم َد ٍ‬
‫ْ َ ْ‬ ‫َ َ ْ ْ‬ ‫َ ْ َ ْ‬
‫ين ظَلَموا َه ْل َه َذا إَِّّال بَ َش ٌر ِّمثْـلك ْم‬ ‫َّ ِّ‬
‫َّج َوى الذ َ‬ ‫َس ُّروا الن ْ‬
‫ِّ‬
‫َوه ْم يَـل َْعبو َن ‪ ‬الهيَةً قـلوبـه ْم َوأ َ‬
‫ض َوه َو‬ ‫الس َم ِّاء َو ْاأل َْر ِّ‬‫ال َرِِّيب يَـ ْعلَم الْ َق ْو َل ِّيف َّ‬ ‫صرو َن ‪ ‬قَ َ‬ ‫ِّ‬
‫الس ْحر وأَنْـتم تـ ْب ِّ‬
‫أَفَـتَأْتو َن ِ َ َ ْ‬
‫الم ب ِّل افْـتـراه بل هو َش ِّ‬
‫اع ٌر فَـلْيَأْتِّنَا ِِّبيٍَة َك َما‬ ‫الس ِّميع ال َْعلِّيم ‪ ‬بَ ْل قَالوا أَ ْ‬
‫َح ٍ َ َ َ َ ْ َ‬ ‫ضغَاث أ ْ‬ ‫َّ‬
‫أ ْر ِّس َل ْاأل ََّولو َن﴾(‪.)46‬‬
‫إذن‪ ،‬يف القرآن يقص علينا هللا سبحانه رؤى كثرية وكلها صادقة بعضها ألنبياء‬
‫وبعضها لفراعنة وبعضها … وبعضها …‬
‫وإبراهيم ‪ ‬يصدق الرؤاي‪ ،‬وفرعون يصدق الرؤاي‪ ،‬وأم موسى تصدق الرؤاي‪ ،‬وملكة‬
‫سبأ تصدق الرؤاي‪ ،‬فقد عرفت ابلرؤاي أن كتاب سليمان ‪ ‬كتاب كرمي … و…‬
‫و… وهللا سبحانه وتعاىل يسميها أحسن القصص‪ ،‬فما ابلكم أنتم وأي صنف من الناس‬
‫أنتم؟ وكيف وصل بكم األمر إىل موافقة املاديني الذين ال يؤمنون بوجود هللا يف تكذيب‬
‫يقول‪( :‬من رآين يف املنام فقد رآين‪ ،‬فإين أرى يف كل صورة) (‪.)47‬‬ ‫الرؤاي؟! والرسول‬
‫ومما يضحك الثكلى أنكم تقولون البد أن يكون صاحب الرؤاي ابلرسول قد رآه‬
‫يف هذا العامل اجلسماين لتصدق رؤايه‪ .‬سبحان هللا‪ ،‬يف احلديث أعاله يبني الرسول أن‬
‫من رآه فقد رآه حقيقة‪ ،‬حىت وإن كانت الصورة اليت رأى الرسول هبا ختتلف عن‬
‫صورته يف هذا العامل اجلسماين‪.‬‬

‫‪ -45‬يوسف‪.4 – 3 :‬‬
‫‪ -46‬األنبياء‪.5 – 1 :‬‬
‫‪ -47‬بحار األنوار‪ :‬ج‪ 58‬ص‪.235‬‬
‫‪‬‬

‫مث إن اإلمام الصادق ‪ ‬يوجه الناس إىل الدعاء لرؤية رسول هللا يف املنام‪ ،‬فهل‬
‫يف زمن اإلمام الصادق ‪ ‬يوجد من شاهد رسول هللا يف هذا العامل اجلسماين؟!‬
‫(‪)48‬‬
‫ودع عنك هنبا صيح يف حجراته‪ ...‬ولكن حديثا ما حديث الرواحل‬
‫وهلم معي إىل هذه الطامة الكبى حيث إن السيد حممود احلسين يقول البد أن أييت‬
‫رسول اإلمام املهدي ‪ ‬بعلم األصول‪ ،‬مع العلم أنه علم ظين‪ ،‬وكأنه مل يقرأ قوله تعاىل‪:‬‬
‫يم ِّمبَا‬‫﴿وما يـتَّبِّع أَ ْكثَـرهم إَِّّال ظَنِاً إِّ َّن الظَّ َّن ال يـ ْغ ِّين ِّمن ا ْحل ِِّق َشيئاً إِّ َّن َّ ِّ‬
‫اَّللَ َعل ٌ‬ ‫َ َ ْ‬ ‫ْ‬ ‫ََ َ‬
‫يَـ ْف َعلو َن﴾(‪.)49‬‬
‫اَّلل ِّهبا ِّمن س ْلطَ ٍ‬ ‫وقوله تعاىل‪﴿ :‬إِّ ْن ِّه َي إَِّّال أ ْ‬
‫ان‬ ‫آابؤك ْم َما أَنْـ َز َل َّ َ ْ‬ ‫وها أَنْـت ْم َو َ‬ ‫َمسَاءٌ َمسَّْيـتم َ‬
‫اءه ْم ِّم ْن َرِِّهبِّم ا ْهل َدى﴾(‪.)50‬‬ ‫َّ‬ ‫ِّ‬
‫إِّ ْن يَـتَّبعو َن إَِّّال الظ َّن َوَما تَـ ْه َوى ْاألَنْـفس َولََق ْد َج َ‬
‫وقوله تعاىل‪َ ﴿ :‬وَما َهل ْم بِّ ِّه ِّم ْن ِّعل ٍْم إِّ ْن يَـتَّبِّعو َن إَِّّال الظَّ َّن َوإِّ َّن الظَّ َّن ال يـ ْغ ِّين ِّم َن ا ْحلَ ِِّق‬
‫َش ْيئاً﴾(‪.)51‬‬
‫ومع أن أحد إصدارات مكتبه وهو (إرجع اي ابن فاطمة هذه عقائد)‪ ،‬وهو من تقدمي‬
‫السيد حممود احلسين يقول الكاتب‪( :‬هكذا املمهدون للدجال والسفياين من أئمة‬
‫الضاللة يسعون جاهدين حملاربة املعصوم ‪ ‬مبحاربة أدلته بتهيئة األذهان والنفوس‬
‫واألرواح لرفض دليل جده املصطفى ‪ ،‬وال خيفى على اجلميع انقياد الناس حنو املرجعية‬
‫ورمبا أن املراجع وأذانهبم الضالني املضلني تعودوا وعودوا الناس على رفض أي دعوى‬
‫تكشف زيفهم وكذهبم وخداعهم ابدعاء أن تلك الدعوة ليست من الفقه وال من‬
‫األصول‪ ،‬وادعاء أن ذلك الدليل يف العقائد وال جيري يف الفقه واألصول‪ ،‬وادعاء أن‬
‫التقييم حيصل من أهل اخلبة من يدعو لصاحب احلق‪ ،‬وادعاء أن صاحب احلق متوهم‪،‬‬

‫‪ -48‬بحار األنوار‪ :‬ج‪ 38‬ص‪.159‬‬


‫‪ -49‬يونس‪.36 :‬‬
‫‪ -50‬النجم‪.23 :‬‬
‫‪ -51‬النجم‪.28 :‬‬
‫وال تسأل عن دليل تومهه؛ ألنك ال تفهم الدليل‪ ،‬وادعاء أن صاحب احلق لو كان على‬
‫حق فإنه سينتصر؛ ألن ما كان هلل ينمو فعليكم تركه وحيدا يف الساحة واالنتظار‪ ،‬فإذا‬
‫كان هلل فسينمو وإذا منى فسيقول لك اتركه فإهنا مرجعية أو قيادة فاسدة‪ ،‬وإن قلت له‪:‬‬
‫كيف وهو اإلمام ‪ ،‬فسيقولون لك األصل عدم كونه إماما أو انئبا لإلمام‪ ،‬أصبحت‬
‫يف حرية أيها املكلف املسكني‪.‬‬
‫واآلن تسأل ما هو احلل؟ احلل يف مقامني‪:‬‬
‫األول‪ :‬يف هذا الوقت‪ ،‬وهذه الظروف عليك إظهار كذبه وخداعه أبسلوب علمي‬
‫وأخالقي ببيان التناقضات واإلكذوابت اليت وقع وأوقعك هبا وعليك كشف خداعه أمام‬
‫الناس‪ ،‬وهذا األمر واجب عليك الحتمالية الظهور املقدس يف أي حلظة‪ ،‬فيكون مثل هذا‬
‫من مصاديق الدجال والسفياين أو من أتباعهما فيتفق ابلعداء املباشر ضد املعصوم ‪.‬‬
‫الثاين‪ :‬يف وقت الظهور املقدس‪ ،‬فاألمر واحلكم سيكون للمعصوم ‪ ،‬وقد أشارت‬
‫الرواايت إىل وضع السيف وقتل مثل هؤالء‪ .‬ومن املتعني أن القتل ال حيصل إال بعد خلع‬
‫الزي الديين الذي تسرتوا به وخدعوا الناس به‪ ،‬ذكرت ما ذكرت خلطورة املوقف وعظمته؛‬
‫ألنه سيتكرر مع املعصوم ‪ ‬ومن نفس النجف ومن املخادعني من العلماء حيث‬
‫يطرح احملاججة واملناظرة ابهلل واألنبياء والنيب األكرم وابلقرآن‪ ،‬ومن الواضح عندك أن‬
‫مثل هذه الدعوة للمناظرة ترد أبهنا عقائد وال عالقة لنا هبا رمبا يرجع قوهلم إىل معىن (ارجع‬
‫اي أبن فاطمة هذه عقائد) ودعوتك للعقائد وال حاجة لنا ابلعقائد‪ ،‬فإن الدين والفقه‬
‫واألصول خبري‪.‬‬
‫فقد ورد عن اإلمام الباقر ‪( :‬يقدم القائم حيث َييت النجف فيخرج إليه من‬
‫الكوفة جيش السفياين وأصحابه والناس معهم‪ ...‬فيدعوهم اإلمام ويناشدهم حقه‬
‫وخيربهم إنه مظلوم مقهور ويقول اي أيها الناس أال من حاجين يف هللا فأَن أوىل الناس‬
‫ابهلل‪ ،‬ومن حاجين يف آدم فاَن أوىل الناس ِبدم‪ ،‬ومن حاجين‪ .....‬ومن حاجين يف‬
‫‪‬‬

‫حممد فأَن أوىل الناس مبحمد‪ ،‬ومن حاجين يف كتاب هللا فأَن أوىل الناس بكتاب‬
‫هللا‪.).....‬‬
‫فسيقولون اي ابن فاطمة ارجع من حيث جئت ال حاجة لنا فيك قد خبانك واختبانك‬
‫فيضع السيف فيهم على ظهر النجف‪ ...‬فيقتلهم‪ ،‬واحلمد هلل رب العاملني وصلى هللا على‬
‫نبينا حممد وعلى آله الطيبني الطاهرين) انتهى(‪.)52‬‬
‫إذن‪ ،‬قرر السيد حممود احلسين أن اإلمام ‪ ‬أو انئبه اخلاص ترد دعوته؛ ألهنا قرآنية‬
‫عقائدية ابتداءا ويرد عليه أئمة الضالل أبن ما جئت به عقائد وقرآن وحنن نريد أن أتتينا‬
‫ابألصول؛ (حيث إن تقدميه للكتاب يعين قبول الفكرة اليت بين عليها الكتاب وإال ملا‬
‫قدمه أو لسجل حتفظه على الفكرة يف التقدمي)‪.‬‬
‫مث ملا جاءت هذه الدعوة اليمانية احلقة وقع السيد حممود احلسين فيما حذر منه!!‬
‫فسبحانك ال إله إال أنت تضل من تشاء وهتدي من تشاء‪ ،‬ومع أن مركز الدراسات‬
‫التخصصية يف اإلمام املهدي ‪ ‬برعاية السيد السيستاين محل على عاتقه مواجهة هذه‬
‫الدعوة اليمانية احلقة وإبصدار كتب ال هم لكتاهبا إال حماولة صرف أنظار الناس عن‬
‫الدعوة اليمانية احلقة وحماولة حرف الناس عن احلق أبي صورة‪ ،‬فمرة يقولون توقيع‬
‫السمري قطعي الصدور‪ ،‬كما صرح الشيخ حممد السند (‪ ،)53‬مع أن عندهم قطعي‬
‫الصدور هو املتواتر وتوقيع السمري يف أحسن أحواله خب آحاد (‪ .)54‬ومرة يقولون اليماين‬
‫بعد الصيحة‪ ،‬سبحان هللا وقد تبني هذا الفهم اخلاطئ فلو كان كذلك لكان خروج‬
‫اليماين بعد قيام اإلمام املهدي ‪ ،‬وهذا ابطل قطعا‪ ،‬ومرة‪ ..‬ومرة‪..‬‬
‫أقول‪ :‬ومع ذلك فقد كتب هللا احلق يف مواضع من كتبهم شاءوا أم أبوا‪:‬‬

‫‪ -52‬كتاب أرجع يا ابن فاطمة هذه عقائد تقديم السيد محمود الحسني (من السلسلة الوافية)‪.‬‬
‫‪ -53‬فقه عالئم الظهور‪ :‬ص‪.5‬‬
‫‪ -54‬راجع كتاب قراءة جديدة في رواية السمري من إصدارات أنصار اإلمام المهدي ‪ ،‬فقد بيّن المؤلف‬
‫أن التوقيع مرسل أو ضعيف السند‪.‬‬ ‫وفقه هللا ّ‬
‫ب َعلَى أ َْم ِّرِّه َولَ ِّك َّن أَ ْكثَـ َر الن ِّ‬
‫َّاس ال يَـ ْعلَمو َن﴾(‪ ،)55‬كما أهنم أصروا على‬ ‫﴿و َّ ِّ‬
‫اَّلل غَال ٌ‬ ‫َ‬
‫كتابة الباطل يف مواضع أخرى‪ ،‬وأنقل لك هذه األمثلة‪:‬‬
‫يف كتاب (فقه عالئم الظهور) للشيخ حممد السند الصادر من هذا املكتب التابع‬
‫للسيد السيستاين‪ ،‬يقرر الكاتب أن اليماين يدعو إىل التنصيب اإلهلي‪ ،‬وال يقبل غريه‪.‬‬
‫وبينما سواه يقعون يف حفرة الدميقراطية واالنتخاابت فيقول‪( :‬وبعبارة أخرى‪ :‬إن احلسين‬
‫واخلراساين يتبىن اإلمامة ابلتصدي لألمور واإلصالح العلين‪ ،‬بينما يتبىن اليماين إن اإلمامة‬
‫ابلنص اإلهلي على أثين عشر أخرهم املهدي ‪.)56( )‬‬
‫واآلن‪ ،‬انظر بدقة هلذا القول واستقرئ الساحة اليوم بعد أن تبني لك من رواايت أهل‬
‫البيت أن هذا الوقت هو وقت الظهور‪ ،‬فقد تكالبت األمم على املسلمني‪ ،‬وعلى‬
‫العراق ابخلصوص‪ ،‬كتكالب األكلة على قصعتها وقد دخلت الراايت (قوات االحتالل)‬
‫إىل بغداد ومن كل مكان وهي خترب يوم بعد يوم ابلفنت وابلراايت اليت جاءهتا من كل‬
‫مكان‪ ،‬وحصل يف زمن الطاغية لعنه هللا أن العراق يكاد ال جيىب له قفيز وال درهم‪ ،‬ونقص‬
‫الثمرات وقلة البكة‪ ،‬وأصبحت السنة كالشهر والشهر كاألسبوع واألسبوع كاليوم …‬
‫و… و … كما أخبوا (‪.)57‬‬

‫‪ -55‬يوسف‪.21 :‬‬
‫‪ -56‬فقه عالئم الظهور‪ :‬ص‪ ،16‬في بحثه عن اليماني والحسني‪.‬‬
‫‪ -57‬روى النعماني في الغيبة‪( :‬عن محمد بن مسلم‪ ،‬عن أبي عبد هللا جعفر بن محمد (عليهما السالم) أنه‬
‫قال‪ّ :‬‬
‫إن قدام قيام القائم عالمات بلوى من هللا تعالى لعباده المؤمنين‪ .‬قلت‪ :‬وما هي؟ قال‪ :‬ذلك قول هللا عز‬
‫وجل‪﴿ :‬و لنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من األموال واألنفس والثمرات وبشر الصابرين﴾‪ ،‬قال‪:‬‬
‫لنبلونكم يعني المؤمنين بشيء من الخوف ملك بني فالن في آخر سلطانهم‪ ،‬والجوع بغالء أسعارهم‪ ،‬ونقص‬
‫من األموال فساد التجارات وقلة الفضل فيها‪ ،‬واألنفس قال‪ :‬موت ذريع‪ ،‬والثمرات قلة ريع ما يزرع وقلة‬
‫بركة الثمار‪ ،‬وبشر الصابرين عند ذلك بخروج القائم) غيبة النعماني‪ :‬ص ‪.258‬‬
‫وعن أبي سعيد الخدري‪ ،‬عن جابر بن عبد هللا األنصاري‪ ،‬قال‪( :‬رقى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب‬
‫‪ ‬منبر البصرة خطيبا ً فخطب خطبة بليغة‪ ،‬فحمد هللا وأثنى عليه‪ ،‬ثم قال‪ :‬يا أهل العراقين الكوفة‬
‫والبصرة أغنياءكم بالشام وفقراءكم بالبصرة‪ .‬قال جابر‪ :‬يا أمير المؤمنين ومتى يكون ذلك؟ قال‪ :‬إذا ظهر‬
‫في المشاجرة ستون خصلة‪ ...‬إلى أن قال‪ :‬إذا وقع الموت في الفقهاء والعلماء وعمرت‬ ‫في أمة محمد‬
‫الصلوات واتبعت الشهوات وقلت األمانات وكثرت الخيانات‬ ‫األشرار والسفهاء وضيعت أمة محمد‬
‫وشربوا القهوات ولعبوا بالشامات وناموا عن العتمات وتفاكهوا بشتم األباء واألمهات ورفعوا األصوات في‬
‫المساجد بالخصومات وجعلوها مجالس للتجارات وغشوا في البضاعات ولم يخشوا النقمات‪ ،‬وأكثروا من‬
‫‪‬‬

‫أقول‪ :‬ماذا ترى يف الساحة الكل يدعوا إىل تنصيب الناس‪ ،‬وحاكمية الناس بشكل أو‬
‫آبخر‪ .‬ويف إيران (خراسان) يتصدى السيد اخلامنئي لإلصالح العلين‪ ،‬وابعتبار أنه الويل‬
‫الفقيه (أي يتبىن اإلمامة ابلتصدي لألمور …)‪ ،‬ويف العراق السيد حممود احلسين كذلك‬
‫والسيد السيستاين يدعو إىل االنتخاابت و… و … والكل يدعوا إىل حاكمية الناس‪.‬‬
‫فقط هذه الدعوة اليمانية املباركة هي الداعية إىل التنصيب اإلهلي ال غري وأقول ال غري‪.‬‬
‫وأحتدى أي شخص أن أييت مبثال واحد غري ما موجود يف هذه الدعوة اليمانية املباركة‪،‬‬
‫وهو يدعو إىل التنصيب اإلهلي ابلنص والوصية من رسول هللا حممد ‪ ،‬وهذه حجة اتمة‬
‫على الكاتب إن كان متيقن ا من كتابه ورأيه‪.‬‬
‫مث يستطرد الكاتب يف التعليق على رواية اليماين‪ ،‬فيعلق على قول اإلمام ‪( ‬وإذا‬
‫خرج اليماين فاهنض إليه فإن رايته راية هدى‪ ،‬وال حيل ملسلم أن يلتوي عليه‪ ،‬فمن‬
‫فعل ذلك فهو من أهل النار‪ ،‬ألنه يدعو إىل احلق وإىل طريق مستقيم)‪ ،‬فيقول‪( :‬بعبارة‬
‫أدق الرواية تدل على حرمة العمل املضاد حلركته إلفشاهلا‪ ،‬ففرق بني التعبري اباللتواء عليه‬
‫وااللتواء عنه‪.)58( )..‬‬
‫السيئات وأقلوا من الحسنات وعصوا رب السماوات وصار مطرهم قيظا ً وولدهم غيظا ً وقبلت القضاة‬
‫الرشاء‪ ،‬وأدت الحقوق النساء وقل الحياء وبرح الخفاء وانكشف الغطاء‪ ،‬وأظلم الهواء واسود األفق وخيفت‬
‫الطرق واشتد البأس وأنفسد الناس وقربت الساعة وشنئت القناعة وكثرت األشرار وقلت األخيار وانقطعت‬
‫األسفار وظهرت األسرار وكثر اللواط وجارت السالطين واستحوذت الشياطين وضعف الدين وأكلوا مال‬
‫اليتيم ونهروا المساكين وصارت المداهنة في القضاة والحروب في السالطين والسفاهة في سائر الناس‪،‬‬
‫وتكافى الرجال بالرجال والنساء بالنساء وزخرفوا الجدارات وعلوا على القصور وشهدوا بالزور وضاقت‬
‫المكاسب وعزت المطالب واستصغروا العظائم وعلت الفروج على السروج فحينئذ تصير السنة كالشهر‬
‫والشهركاألسبوع واألسبوع كاليوم واليوم كالساعة والساعة ال قيمة لها‪ .‬قال‪ :‬جابر قلت‪ :‬ومتى يكون ذلك يا‬
‫أمير المؤمنين؟ قال‪ :‬إذا عمرت الزوراء إلى أن قال فحينئ ٍذ يظهر في آخر الزمان أقوام وجوههم وجوه‬
‫اآلدميين وقلوبهم قلوب الشياطين سفاكون الدماء أمثال الذئاب الضواري إن تابعتهم عيبوك وإن غبت عنهم‬
‫اغتابوك‪ ،‬والحليم فيهم غاوي والغاوي فيهم حليم والمؤمن فيهم مستضعف والفاسق فيهم شريف صبيهم‬
‫عارم وشابهم شاطر وشيخهم منافق ال يوقر صغيرهم كبيرهم وال يعود غنيهم فقيرهم وااللتجاء إليهم خزي‬
‫وطلب ما في أيديهم فقر والعز بهم ذل اخوان العالنية أعداء السريرة‪ ،‬فحينئذ يسلط هللا عليهم أشرارهم‬
‫ويدعو خيارهم فال يستجاب لهم دعائهم فعند ذلك تأخذ السالطين باألقاويل والقضاة بالبراطيل والفقهاء بما‬
‫يحكمون بالتأويل والصالحون يأكلون الدنيا بالدين‪ )...‬جامع أحاديث الشيعة‪ :‬ج‪ 13‬ص‪ .375‬وقد تعرّض‬
‫السيد أحمد الحسن ‪ ‬إلى كثير من العالمات في كتاب العجل‪:‬ج‪ 2‬فراجع إن أردت المزيد‪.‬‬
‫‪ -58‬فقه عالئم الظهور‪ :‬ص‪ ،16‬في بحثه عن اليماني والحسني‪.‬‬
‫فالكاتب يريد أنه حىت وإن تبني للناس اليماين فاحملرم هو الوقوف ضده ال اإلعراض‬
‫عنه وترك مناصرته‪ ،‬سبحان هللا‪ ،‬سبحان هللا‪ ،‬سبحان هللا‪.‬‬
‫مع أن يف هناية الرواية تعليل حرمة االلتواء؛ وهو بسبب أنه يدعو إىل احلق‪ ،‬فإذا كان‬
‫اإلعراض عنه وترك مناصرته جائزا‪ ،‬فأقول‪ :‬إذا كان هو احلق والداعي إىل احلق واحلق‬
‫واحد ال يتعدد فماذا بعد احلق إال الضالل‪ ،‬فأين يتاه بكم وأين تذهبون‪ ،‬وإن املعىن األول‬
‫املتبادر لكلمة االلتواء هو االستدارة وإعطاءه ظهرك وإعراضك عنه‪ ،‬فكلمة (عن)‬
‫تتضمنها نفس كلمة االلتواء‪ ،‬فاملراد ابلرواية (وال حيل ملسلم أن يلتوي عنه أو عليه)‪.‬‬
‫وكلمة يدعو إىل احلق تعين أنه يدعو إىل احلق مجلة وتفصيالا‪ ،‬فلو أنه دعا إىل احلق يف‬
‫أمر ومل يدع إىل احلق يف أمر آخر ال يقول عنه املعصوم ‪( :‬وال حيل ملسلم أن يلتوي‬
‫عليه‪ ،‬فمن فعل ذلك فهو من أهل النار؛ ألنه يدعو إىل احلق وإىل طريق مستقيم)‪،‬‬
‫وابلتايل يوجه الناس إىل إتباعه (والقاعدة العقائدية اليت تقرها احلوزات العلمية يف النجف‬
‫وقم و‪ ..‬إنه ال يصح األمر إبتباع غري املعصوم‪ ،‬وإال لكان األمر إبتباع من خيطئ‬
‫ويعصي؛ لورود اخلطأ واملعصية من غري املعصوم‪ ،‬وابلتايل يكون األمر إبتباع غري املعصوم‬
‫أمرا ابملعصية‪ ،‬وهذا ابطل قطعا)‪.‬‬
‫فاملراد إذا أنه ال يدخل الناس يف ابطل وال خيرجهم من حق وهذا يعين العصمة‪ ،‬ومن‬
‫هنا تعلم أن اليماين انئب خاص وسفري عن اإلمام املهدي ‪.‬‬
‫هذا مع العلم إنه املهدي األول الوارد يف وصية رسول هللا ‪ ،‬واملهدي األول حجة من‬
‫حجج هللا ومعصوم منصوص العصمة‪ ،‬كما أن املستفاد من (وال حيل ملسلم أن يلتوي‬
‫عليه‪ ،‬فمن فعل ذلك فهو من أهل النار) هو أن اليماين صاحب والية إهلية‪ ،‬فأما أن‬
‫يتواله اإلنسان ويتبأ من عدوه‪ ،‬وإال فالنار‪.‬‬
‫‪‬‬

‫ويف موضع آخر يعلق هذا الكاتب على قول الباقر ‪( :‬كأين بقوم قد خرجوا‬
‫ابملشرق يطلبون احلق فال يعطونه‪ .....‬وال يدفعوهنا إالِ إىل صاحبكم‪ ،‬قتالهم شهداء‪،‬‬
‫ِأما أين لو أدركت ذلك ألبقيت نفسي لصاحب هذا األمر) (‪.)59‬‬
‫فيقول‪ …( :‬إنه دال على أرجحية ادخار النفس والنصرة إىل خروج املهدي ‪ ‬من‬
‫مكة على االلتحاق براية اليماين …) (‪.)60‬‬

‫وبعد أن اتضح مما سبق سذاجة هذا الرأي وضحالة تفكري من يطرح هكذا رأي‪،‬‬
‫أسأل فقط هذا السؤال هل على الناس أن تطيعك أم أن يطيعوا األئمة ‪ ،‬فاألئمة‬
‫أمروهم ابلنهوض إىل اليماين ونصرته وأنت أتمر الناس خبذالن اليماين وترك نصرته‪ ،‬مدعيا‬
‫أن قوله ‪( ‬ألبقيت نفسي لصاحب هذا األمر) دال على ذلك‪ ،‬مع أنه متشابه وال‬
‫يدل على توجيه الناس إىل خذالن اليماين من بعيد وال من قريب‪ ،‬بل ما يدل عليه هو‬
‫احلفاظ على النفس حىت تبدأ حركة اإلمام ‪ ،‬وحركة اإلمام تبدأ ابليماين فأين يتاه‬
‫بكم وأين تذهبون‪ ،‬وملاذا هذا التعمد يف إضالل الناس وتوجيههم إىل خذالن اليماين مع‬
‫أنه وزير اإلمام املهدي ‪ ،‬وكما تبني أنه وصي اإلمام املهدي ‪ ‬واملهدي األول‬
‫وأبو املهديني الذين حيكمون يف دولة العدل اإلهلي‪.‬‬
‫ال إله إال هللا وال حول‪ ،‬وال قوة إال ابهلل العلي العظيم‪ ،‬أليس اليماين هو وزير اإلمام‬
‫املهدي ‪ ‬وحامل رايته‪ ،‬فكل وزير حيمل راية القائد‪ ،‬فراية اليماين هي راية اإلمام‬
‫املهدي ‪ ‬ذاهتا‪ ،‬فالراية واحدة وحاملها اليماين‪ ،‬كما محل علي ابن أىب طالب ‪‬‬
‫راية رسول هللا ‪.‬‬

‫‪ -59‬غيبة النعماني‪ :‬ص‪ ،281‬عنه بحار األنوار‪ :‬ج‪ 52‬ص‪ ،234‬معجم أحاديث اإلمام المهدي ‪ :‬ج‪3‬‬
‫ص‪.269‬‬
‫‪ -60‬فقه عالئم الظهور‪ :‬ص‪ ،19‬في بحثه عن اليماني والحسني‪.‬‬
‫والرواايت ابلنهوض لليماين ونصرته ووجوب بيعته واملتخلف عن بيعته من أهل النار‬
‫كثرية وحمكمة‪ ،‬والظاهر أن الشيخ السند ال هم له إال ختذيل الناس عن نصرة اليماين‬
‫وحماولة صرفهم عنه‪ ،‬مع أن اإلمام ‪ ‬قال عن اليماين‪( :‬وال حيل ملسلم أن يلتوي‬
‫عليه‪ ،‬فمن فعل ذلك فهو من أهل النار)‪.‬‬
‫وموقف هذا الكاتب يذكرين مبوقف أيب موسى األشعري (‪ )61‬عندما خذل الناس‬
‫وصرفهم عن نصرة علي بن أيب طالب ‪ ‬مبا تيسر له من املتشاهبات واملغالطات‪ ،‬وما‬
‫هذا إال جلنب انطوت عليه نفسه‪ ،‬ووهللا ما هي إال األان اليت أردت إبليس (لعنه هللا) فهي‬
‫اليوم تردي من تبعه‪ ،‬فقد ثقلت عليهم شهادة أن املهدي واملهديني من ولده حجج هللا‬
‫كما ثقلت شهادة أن علي ا واألئمة من ولده حجج هللا على من سبقهم‪.‬‬
‫فهؤالء بعد أن أخذت حجية هذه الدعوة أبعناقهم بدأوا ينظرون إىل ترك مناصرة‬
‫اليماين حىت وإن ثبت أنه اليماين ابلدليل‪ ،‬وأان أحذر الناس من اختاذ هكذا موقف‪،‬‬
‫فاإلنسان إذا اختذ هذا املوقف يكون نظري إبليس (لعنه هللا) عندما قبل عبادة هللا ولكنه‬
‫رفض السجود آلدم ‪ ‬فهم يقبلون اإلمام ‪ ‬ابدعائهم وال يقبلون وصيه ورسوله‬
‫واملهدي األول واليماين املوعود‪.‬‬
‫ومثلهم كمثل من قبل رسول هللا ورفض والية علي ‪ ،‬وبعبارة أخرى‪ :‬نعرفك‬
‫ابن اإلمام واملهدي األول والوصي واليماين املوعود ولكن ال ننصرك‪ ،‬أي‪( :‬ارجع اي ابن‬
‫فاطمة) أو (قلوبنا معك وسيوفنا عليك)‪.‬‬

‫‪ -61‬ذكر الشيخ النمازي بعضا ً من ترجمة هذا الرجل الخبيث الملعون‪ ،‬قال‪( :‬أبو موسى األشعري‪ :‬خبيث‬
‫ملعون‪ .‬اسمه عبد هللا بن قيس‪ .‬قال‪ :‬أشهد أن الحق مع علي ‪ ‬ولكن مالت الدنيا بأهلها‪ .‬ولقد سمعت النبي‬
‫يقول‪ :‬يا علي أنت مع الحق والحق بعدي معك) جد‪ :‬ج‪ ،34 / 38‬وكمبا‪ :‬ج‪ .267 / 9‬يظهر منه أنه‬
‫من أصحاب النبي ‪ ،‬كما قاله جمع من العامة‪ .‬وبالجملة هو خبيث وعداوته لموالنا أمير المؤمنين ‪‬‬
‫وكفره أشهر من كفر إبليس‪ .‬وقضاياه في نصب الحكمين مشهورة‪ .‬وكان يلعنه أمير المؤمنين ‪ ‬في‬
‫قنوته وقال‪ :‬إنه جاثليق هذه األمة‪ .‬وسقط في الهاوية سنة ‪ )...44‬مستدركات علم رجال الحديث‪ :‬ج‪ 8‬ص‬
‫‪.459‬‬
‫‪‬‬

‫وأنقل هذه الرواية اليت نقلها حممد السند لتكون حجة عليه لعله يتعض هبا (‪.)62‬‬
‫عن الباقر ‪ ،‬قال‪ ......( :‬مث خيرج من مكة هو ومن معه الثالمثائة وبضعة عشر‬
‫ورايته‪ ،‬وسالحه‪ ،‬ووزيره معه‪ ،‬فينادي‬ ‫يبايعونه بني الركن واملقام‪ ،‬معه عهد نيب هللا‬
‫املنادي مبكة ابمسه وأمره من السماء‪ ،‬حىت يسمعه أهل األرض كلهم‪ ،‬امسه امسه نيب‪،‬‬
‫ورايته وسالحه‪ ،‬والنفس الزكية‬ ‫ما أشكل عليكم فلم يشكل عليكم عهد نيب هللا‬
‫من ولد احلسني‪ ،‬فإن أشكل عليكم هذا فال يشكل عليكم الصوت من السماء ابمسه‬
‫فإ ِن ْلل حممد وعلي راية ولغريهم راايت‪ ،‬فإلزم‬ ‫وأمره‪ .‬وإايك وشذاذ من آل حممد‬
‫األرض وال تتبع منهم رجالً أبداً حىت ترى رجالً من ولد احلسني‪ ،‬معه عهد نيب هللا‬
‫ورايته وسالحه‪ ،‬فإ ِن عهد نيب هللا صار عند علي بن احلسني مث صار عند حممد بن‬
‫علي‪ ،‬ويفعل هللا ما يشاء‪ .‬فإلزم هؤالء أبداً‪ ،‬وإايك ومن ذكرت لك‪ ،‬فإذا خرج رجل‬
‫منهم معه ثالث مائة وبضعة عشر رجالً‪ ،‬ومعه راية رسول هللا عامداً إىل املدينة‬
‫مير ابلبيداء حىت يقول‪ :‬هذا مكان القوم الذين خيسف هبم وهي اْلية اليت قال‬
‫حىت ِ‬
‫هللا ﴿أفأمن الذين مكروا السيئات أن خيسف هللا هبم األرض أو َيتيهم العذاب من‬
‫حيث ال يشعرون أو َيخذهم يف تقلبهم فما هم مبعجزين‪.)63( )﴾...‬‬
‫فاإلمام الباقر ‪ ‬بعد أن بني يف أول الرواية اإلمام املهدي ‪ ‬ووزيره أخذ يف هناية‬
‫الرواية يبني حركته التمهيدية‪ ،‬ووجه الناس إىل رجل من ولد احلسني ‪ ‬وهو املهدي‬
‫األول‪ ،‬كما تبني من بيان اليماين وإصدارات األنصار‪ ،‬وكما هو بني من نفس هذه الرواية‬
‫فهو يوصف أبن (معه عهد نيب هللا) والعهد هو الوصية‪ ،‬واملهدي األول مذكور يف وصية‬
‫رسول هللا وامسه أمحد‪ ،‬وهو أول مؤمن ابإلمام ‪ ‬يف بداية ظهوره كما وصفه رسول‬

‫‪ -62‬فقه عالئم الظهور ص‪ ،23‬في بحثه عن ذي النفس الزكية وشعيب بن صالح وغيرهما‪.‬‬
‫‪ -63‬تفسير العياشي‪ :‬ج‪ 1‬ص‪ ،65‬بحار األنوار‪ :‬ج ‪ 52‬ص‪.223‬‬
‫هللا‪( ،‬ورايته) راية رسول هللا البيعة هلل‪ ،‬أي‪ :‬الدعوة إىل التنصيب اإلهلي ورفض ما‬
‫سواه‪( ،‬وسالح رسول هللا) وهو القرآن والعلم‪.‬‬
‫وهذه الدعوة اليمانية املباركة جيتمع فيها كل ما ذكره اإلمام الباقر ‪ ‬فأين يتاه بكم‬
‫وأين تذهبون‪.‬‬
‫مث إن اإلمام الباقر‪ ‬بني أن هذا الذي أييت خيرج ومعه ثالث مائة وبضعة عشر‬
‫رجالا ويذهب إىل املدينة‪ ،‬بينما اإلمام املهدي ‪ ‬جيتمع له الثالث مائة وثالثة عشر يف‬
‫مكة‪ ،‬فهم الذي جيتمعون عليه يف مكة كما هو بني يف الكالم املتقدم من الرواية‪.‬‬
‫أما هذا املذكور يف الرواية (حىت ترى رجالً من ولد احلسني‪ ،‬معه عهد نيب هللا ورايته‬
‫وسالحه)‪ ،‬فهو الذي جيمع األنصار ويتوىل البيعة لإلمام ‪ ‬وهو وزير اإلمام ‪‬‬
‫ووصيه؛ املهدي األول واليماين املوعود‪ ،‬واإلمام ‪ ‬جعل هذا الرجل مع عالمات اإلمام‬
‫‪ ‬وجعل الدليل عليه العهد والراية والسالح كما جعلها الدليل على اإلمام املهدي‬
‫‪ ‬يف أول الكالم؛ وذلك ألنه حجة من حجج هللا‪ ،‬فاملهديون حجج كما ثبت‬
‫ابلنصوص املتواترة (‪ ،)64‬وأمر اإلمام الباقر ‪ ‬الناس إبتباعه كما أمرهم إبتباع اليماين‪،‬‬
‫وكما أمرهم إبتباع عابر الفرات (أمحد) وأمرهم الرسول يف وصيته إبتباع املهدي األول‬
‫(أمحد)‪ ،‬وهؤالء هم شخص واحد هو اليماين ووصي ورسول اإلمام ‪ ‬إىل الناس‪.‬‬
‫ويف كتاب (اليماين راية هدى) للسيد حممد علي احللو الصادر من نفس املكتب الذي‬
‫يرعاه السيد السيستاين تستقرئ هذا املعىن‪ ،‬أن اليماين حق حمض فهو يدعو للوالية اإلهلية‬
‫وحاكمية هللا دون حساب للمعادالت السياسية املوجودة يف الساحة اليت يسيطر عليها‬
‫الفكر الدميقراطي واالنتخاابت‪ ،‬أي‪ :‬حاكمية الناس‪ ،‬أي أن اليماين حامل راية البيعة هلل‬

‫‪ -64‬راجع كتاب المهدي والمهديين في القرآن والسنة‪ ،‬وكتاب جامع األدلة وغيرهما من إصدارات أنصار‬
‫اإلمام المهدي ‪.‬‬
‫‪‬‬

‫حقيقة‪ ،‬وهو الداعي إليها بدعوته إىل حاكمية هللا ورفضه لالنتخاابت والدميقراطية‬
‫وحاكمية الناس‪.‬‬
‫حيث يقول‪ ...( :‬وال تعين الوالية أو الباءة املدعاة قوالا فقط أو شعارا براقا دون أن‬
‫تكون هلذه الوالية أو الباءة أثرها على جممل وتفاصيل احلركة‪ ،‬فرمبا يدعى ابلوالية أو‬
‫الباءة دون أن يرتتب على ذلك ما يعزز هذه الدعوى‪ ،‬بل للوالية والباءة مسحتها املتميزة‬
‫ومعاملها املشخصة اليت حيكم عليها اآلخرون أبهنا والية هللا ورسوله وأهل بيته حقا‬
‫دون أن تكون للمعادالت السياسية وتوجهاهتا أثر يف التعاطي مع األحداث العامة‪ ،‬بل‬
‫أن تكون مجيع التحركات تدور حول حمور الوالية والباءة‪ ،‬وخالف ذلك ميكن أن يعب‬
‫عن تلك احلركات أبهنا حركات ال تتعدى عن كوهنا حركات (والئية مرجتلة)‪ ،‬أي‪ :‬مل تكن‬
‫انبعة عن ضمري الوالء بقدر ما هي توجهات سياسية حمضة‪.)65( )...‬‬
‫ويقول‪ …( :‬وسيكون لليماين شأن يف هذه التوجهات اإلصالحية والتغريات الفكرية‬
‫مستقطبا يف حركته أولئك الذين قرروا انتمائهم من جديد بعد قراءات خاضوها يف هذا‬
‫الشأن ليعلنوا عن انتمائهم بكل قوة‪ ،‬وسيكون هؤالء أبداالا توابني متطهرين ‪ -‬حسب‬
‫الرواية ‪ -‬فالتوبة والتطهر إشارة لتحررهم عن كل ما كانوا يعتقدونه خالف احلق وتوانيهم‬
‫عن نصرته؛ لذا فإهنم سيشعرون حبقيقة خذالهنم للحق يوم كانوا على خالفه‪ ،‬وستحدث‬
‫املالحم القادمة هزة يف ضمائرهم ووجداهنم فيطلبون التوبة من هللا تعاىل‪ ،‬ويعلنون انتمائهم‬
‫ألية حركة من شأهنا أن تقف مع احلق ويف نصرته‪ ،‬وال جتد هذه التوجيهات سوى حركة‬
‫اليماين القادمة ملواجهة انتهاكات السفياين وبطشه …) (‪.)66‬‬
‫وهنا فقط أريد أن أشري إىل أن الكاتب وقع يف خطأ عندما تصور أن اليماين أييت من‬
‫بالد اليمن‪ ،‬وأن الزيدية املذكورين يف الرواايت هم زيدية اليمن‪.‬‬

‫‪ -65‬اليماني راية هدى‪ :‬ص‪.67‬‬


‫‪ -66‬اليماني راية هدى‪ :‬ص‪.71‬‬
‫ولست يف هذا املختصر أريد أن أانقش أخطاء من كتبوا يف قضية اإلمام ‪ ،‬ويف‬
‫اإلخوة األنصار من طلبة احلوزة املهدية كفاية وهم متصدون إن شاء هللا لبيان احلقيقة‬
‫ابلتفصيل‪ .‬وأنصح هؤالء الذين يكتبون حول قضية اإلمام املهدي ‪ ‬أن يقرأوا كتب‬
‫األنصار‪ ،‬ومنها (الرد القاصم) و(الرد احلاسم)‪ ،‬و(النور املبني)‪ ،‬و(البالغ املبني)‪،‬‬
‫و(اليماين املوعود حجة هللا) و(طالع املشرق) و(دابة األرض) … وغريها‪ ،‬ليفهموا شيئا‬
‫عن قضية اإلمام املهدي ‪ ‬ولعلهم إذا جتردوا عن اهلوى واألان يدركون احلقيقة‪.‬‬
‫وسيتصدى اإلخوة األنصار إن شاء هللا لبيان اخللط املوجود يف كتبكم فأنصفوا أنفسكم‬
‫وتبينوا احلق‪.‬‬
‫واعلموا أنه على مر السنني وعلى طول اتريخ دين احلق‪ ،‬دين اإلسالم احملمدي‬
‫احلقيقي املتمثل آبل حممد ‪ ،‬أي‪ :‬منذ الغيبة إىل اليوم مل تبني قضية اإلمام املهدي‬
‫اليت ختص اإلمام املهدي ‪ ‬كما حصل‬ ‫‪ ‬وتوضح رواايت الرسول واألئمة‬
‫اليوم؛ حيث بينت هذه الرواايت وأحكمت فتبني املراد منها بفضل هللا وبفضل هذه‬
‫الدعوة اليمانية احلقة‪ ،‬وهذه عالمة وآية من آايت هذه الدعوة‪.‬‬
‫فعن مالك اجلهين‪ ،‬قال‪( :‬قلت أليب جعفر ‪ :‬إان نصف صاحب هذا األمر‬
‫ابلصفة اليت ليس هبا أحد من الناس‪ ،‬فقال ‪ :‬ال وهللا ال يكون ذلك أبداً حىت‬
‫يكون هو الذي حيتج عليكم بذلك ويدعوكم إليه) (‪.)67‬‬
‫اليت ختص اإلمام املهدي ‪‬‬ ‫أي إنكم مهما حاولتم فهم رواايت آل حممد‬
‫وقضيته وفهم تفاصيل قضية اإلمام املهدي ‪ ‬وكيفية قيامه وما يرافق سنني إرهاصات‬
‫الظهور وفهم بداايت ظهوره ‪ ‬فلن تقدروا كما قال ‪( ‬ال وهللا ال يكون ذلك‬
‫أبداً) وأقسم على ذلك‪ .‬والصفة أراد منها اجلهين صفة الشخص وصفة قضيته وكل ما‬
‫يتعلق هبا‪ ،‬وخصوص ا قبل القيام يف فرتة الدعوة ابحلسىن اليت يدعو هبا اإلمام ‪ ‬الناس‬

‫‪ -67‬غيبة النعماني‪ :‬ص‪ ،377‬بحار األنوار‪ :‬ج‪ 52‬ص‪.366‬‬


‫‪‬‬

‫إىل البيعة‪ ،‬وكالم اإلمام الباقر ‪ ‬يوضح هذا األمر حيث يقول (هو الذي حيتج‬
‫عليكم بذلك ويدعوكم إليه)‪ ،‬أي‪ :‬هو الذي يعرفكم خبطابه وبيانه حقيقة هذا األمر‪ ،‬إذا‬
‫فاإلمام يقرر أن األمر يلتبس على الناس والذي أييت هو الذي يبني احلقيقة‪ ،‬وهبذا البيان‬
‫يعرف صاحب احلق‪.‬‬
‫‪ ،‬قال‪ ...( :‬له علم إذا حان وقت خروجه انتشر ذلك‬ ‫ويف رواية عن رسول هللا‬
‫العلم من نفسه‪ ،‬وانطقه هللا ‪ ‬فناداه العلم‪ :‬أخرج اي وِل هللا اقتل أعداء هللا وله‬
‫رايتان وعالمتان‪.)68( ).....‬‬
‫وهذا العلم اليوم ينتشر بني الناس بفضل هللا وبفضل هذه الدعوة اليمانية املباركة احلقة‪،‬‬
‫فعلم الناس بعد جهل طويل أن احلجج من آل حممد هم أربعة وعشرون ال اثنا عشر‬
‫كما يظن الناس‪ ،‬وهم اثنا عشر إماما واثنا عشر مهدايا كما يف وصية رسول هللا لعلي‬
‫بن أيب طالب ‪ ‬ليلة وفاته‪.‬‬
‫وعلم الناس أن املهدي األول منهم هو اليماين؛ وهبذا تبني سر توجيه األئمة الناس‬
‫إىل اليماين من جهة‪ ،‬ومن جهة أخرى وصف املهدي األول بدقة متناهية‪ ،‬حبيث ال‬
‫خيطئه من أراد احلق‪ ،‬فبمجرد االلتفات إىل أن اليماين قائد الثالث مائة وثالثة عشر‪،‬‬
‫واملهدي األول كذلك وهو أول الثالث مائة وثالثة عشر وسابقهم إىل اإلميان‪ ،‬وهو من‬
‫البصرة‪ ،‬وأمسه أمحد و … و … تعلم أن اليماين واملهدي األول وأول األنصار هم‬
‫شخص واحد‪ ،‬وهو شعار أهل الطلقان‪ ،‬حيث إن شعارهم كما ورد يف الرواية (أمحد‪،‬‬
‫أمحد)‪.‬‬
‫ونصيحيت إىل كل من يكتب يف قضية اإلمام املهدي ‪ ،‬وإىل كل طلبة احلوزات‬
‫العلمية أن يكونوا منصفني وينصفوا أنفسهم‪ ،‬ويعطفوا قلوهبم على احلكمة اليمانية‪ ،‬وأن ال‬

‫‪ -68‬عيون أخبار الرضا‪:‬ج‪ 2‬ص‪ ،65‬كمال الدين‪ :‬ص‪ ،155‬بحار األنوار‪ :‬ج‪ 52‬ص‪ ،311‬إلزام‬
‫الناصب‪:‬ج‪ 1‬ص‪.189‬‬
‫يدونوا ظنوهنم يف الكتب مث يقرروا أن ما كتبوه هو احلق املبني والصراط املستقيم فيضلوا‬
‫الناس بعد أن ضلوا هم فيكونوا بذلك أئمة ضالل‪ ،‬فإن احلساب قريب وقريب جدا‬
‫وأقرب مما تتصورون بني يدي سيدي وموالي وأيب اإلمام املهدي ‪ ‬وعندها سيندم‬
‫املبطلون‪ ،‬وبعد ذلك نعم احلكم هللا واملوعد القيامة‪ ،‬وليضع كل من يكتب حرفا نصب‬
‫عينيه قوله تعاىل‪:‬‬
‫يب َعتِّي ٌد﴾(‪.)69‬‬ ‫ِّ ِّ‬ ‫ِّ ِّ‬
‫﴿ َما يَـلْفظ م ْن قَـ ْو ٍل إَِّّال لَ َديْه َرق ٌ‬
‫وأان وأعوذ ابهلل من األان أنصح السيد السيستاين وهؤالء الكتاب أن ينظروا بعني‬
‫اإلنصاف إىل هذه الدعوة اليمانية املباركة‪ ،‬وأن ينصفوا أنفسهم ابلبحث عن احلق وأهله‬
‫وإال فليعلم اجلميع أن من يقف اليوم ابلضد من هذه احلركة اليمانية املباركة سيلعنه التالون‬
‫كما يلعن اليوم من وقف ضد رسول هللا حممد بن عبد هللا ‪.‬‬
‫ويف هناية كتب هذا املركز الذي هو برعاية السيد السيستاين‪ ،‬كتب أمحد احلسن على‬
‫الغالف اخلارجي دون التفات منهم لذلك (‪ ،)70‬فلرياجعوا ما كتب على غالف الكتب‪،‬‬

‫‪ -69‬ق‪.18 :‬‬
‫‪‬‬

‫وهذه آية أخرى لصاحب احلق ظهرت رغما عنهم‪ ،‬فما رأيت شيئا إال رأيت هللا قبله‬
‫ومعه وبعده كما قال ‪ ،)71( ‬والعاقبة للمتقني‪.‬‬
‫ب َعلَى أ َْم ِّرِّه َولَ ِّك َّن أَ ْكثَـ َر الن ِّ‬
‫َّاس ال يَـ ْعلَمو َن﴾(‪.)72‬‬ ‫﴿و َّ ِّ‬
‫اَّلل غَال ٌ‬ ‫َ‬

‫‪‬‬

‫‪ -70‬وإلى القارئ الكريم صورة غالف الكتاب الذي كتبوا عليه اسم السيد أحمد الحسن ‪ ،‬وفي ذلك آيات‬
‫للمتوسمين‪:‬‬

‫‪ -71‬شرح أصول الكافي للمازندراني‪:‬ج‪ 3‬ص‪ ،83‬والقائل هو أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ‪.‬‬
‫‪ -72‬يوسف‪.21 :‬‬

You might also like