You are on page 1of 288

‫اصدارات انصار االاما اهمدد ‪ / ‬العدد (‪)89‬‬

‫شبيه عيسى‬
‫أو‬

‫من هو املصلوب‬

‫تأليف الدكتور‬
‫عبد الرزاق هاشم حممد الديراوي‬
‫اصدارات انصار االاما اهمدد ‪‬‬ ‫‪2‬‬
‫‪3‬‬ ‫شبيه عيسى أو امن هو اهمصلوب؟!‬

‫شبيه عيسى‬
‫أو امن هو اهمصلوب؟!‬
‫شبيه عيسى أو من هو المصلوب‬ ‫عنوان الكتاب‪:‬‬
‫د‪ .‬عبد الرزاق هاشم محمد الديراوي‬ ‫المؤلف‪:‬‬
‫شركة نجمة الصباح‬ ‫الناشر‪:‬‬
‫الرابعة (‪2017‬م – ‪1439‬هـ)‬ ‫الطبعة‪:‬‬
‫‪ 1000‬نسخة‬ ‫العدد‪:‬‬
‫‪ 1244‬لسنة ‪ 2011‬بغداد‬ ‫رقم اإليداع‪:‬‬

‫وكالء شركة نجمة الصباح‬


‫لبنان‬
‫مكتبة نجمة الصباح‪ /‬جنوب لبنان‪ /‬صور‪ /‬برج الشمالي‪ /‬مفرق المؤسسة‬
‫‪Tel.: 0096170621437 / 009617346015‬‬
‫‪lebanon@najmatalsabah.com‬‬ ‫جميع حقوق الطبع والنشر محفوظة‬
‫أمريكا‬ ‫لشركة نجمة الصباح المحدودة‬
‫‪Straight Path Library 24142‬‬ ‫العراق‪ /‬بغداد‪ /‬هاتف ‪+9647815643684‬‬
‫‪B. Warren Street. Dearborn Heights. Michigan. 48127 USA‬‬ ‫‪contact@najmatalsabah.com‬‬
‫‪Tel. (313)914-3397 / (313)919-1977,‬‬
‫‪E-mail: usa@najmatalsabah.com‬‬
‫السويد‬
‫‪Byggmästargatan 3. 80324 Gävle. Sweden‬‬
‫‪Tel.: +46737297728 , E-mail: sweden@najmatalsabah.com‬‬
‫لمعرفة المزيد حول دعوة السيد أحمد الحسن‬
‫أستراليا‬ ‫يمكنكم الدخول إلى الموقع التالي‪:‬‬

‫‪Antwerp Street, Auburn, NSW 2144. Australia 15‬‬ ‫‪www.almahdyoon.org‬‬


‫‪Tel.:+61406009043 , E-mail: australia@najmatalsabah.com‬‬
‫‪5‬‬ ‫شبيه عيسى أو امن هو اهمصلوب؟!‬
‫اصدارات انصار االاما اهمدد ‪‬‬ ‫‪6‬‬
‫‪7‬‬ ‫شبيه عيسى أو امن هو اهمصلوب؟!‬

‫إهداء‬

‫‪‬‬

‫‪‬‬
‫الحمد هلل رب العاملين‪ ،‬وصلى هللا على محمد وآل محمد ألائمة واملهديين وسلم‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫تسليما كثيرا‪.‬‬
‫م‬
‫بشرت الديانات الثالثة؛ اليهودية واملسيحية وإلاسالمية باملخلص الذي يأتي في آخر‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫الزمان ليمأل ألارض عدل وقسطا كما مملئت ظلما وجورا‪ .‬ولكن أتباع هذه الديانات ‪-‬‬
‫وألسباب شتى ليس هنا مجال بيانها ‪ -‬اختلفوا في كل ش يء بعد هذا املقدار العام ‪-‬‬
‫ً‬
‫واملهم جدا بطبيعة الحال ‪ -‬الذي اتفقوا عليه‪.‬‬
‫بل إن الواقع يدفع بنتيجة مرعبة تتمثل بجهل أتباع الديانات املذكورة بكل ش يء‬
‫يتعلق بحقيقة أو هوية املنقذ‪ ،‬باستثناء ضئيل يتصل باعتقاد كل فريق منهم بانتساب‬
‫املنقذ لهم دون سواهم‪.‬‬
‫ولكن حيث إن الدين إلالهي الحق واحد ل يتعدد؛ ألنه صادر عن الحق الواحد‪،‬‬
‫ً‬
‫كان باإلمكان دائما إيجاد الخيط الرابط الذي ينتظم النصوص املنتشرة في مصادر‬
‫الديانات الثالثة مليؤلف منها صورة حقيقية مكتملة‪.‬‬
‫ً‬
‫ولكن هذه الصورة املكتملة تأخرت كما بات معلوما‪ ،‬ولم يكن هذا التأخر دون‬
‫دللة على إلاطالق‪ .‬فاملشيئة إلالهية رتبت موعد إلاعالن عن الحقيقة املكتملة ليتزامن‬
‫ً‬
‫مع حضور شخص املنقذ بيننا متمثال بالسيد أحمد الحسن ‪ ،‬ولينطلق إلاعالن من‬
‫ً‬
‫فمه الطاهر تحديدا‪.‬‬
‫إذن يتعلق ألامر آلان باإلصغاء لهذه الحقيقة‪ ،‬وتأمل لوحتها التي استجمع تفاصيلها‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫السيد أحمد الحسن ‪ ،‬ول شك في أننا نحتاج في هذا الصدد مقدارا مناسبا من‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫سالمة النية‪ ،‬وقلبا قادرا على إلاصغاء‪.‬‬
‫اصدارات انصار االاما اهمدد ‪‬‬ ‫‪01‬‬

‫الكالم عن املنقذ باملناسبة هو كالم عن املصلوب‪ ،‬أو شبيه عيس ى كما تسميه‬
‫املصادر إلاسالمية‪.‬‬
‫بطبيعة الحال أفهم إن ألامر يحتاج إلى كلمات أكثر من أجل أن تتكرس هذه‬
‫صلب ويظنه‬ ‫الحقيقة‪ ،‬أو حتى تتوضح لألذهان‪ .‬ما أريد قوله آلان هو أن من م‬
‫املسيحيون عيس ى ‪ ‬لم يكن سوى السيد أحمد الحسن ‪ ‬قائم آل محمد واملنقذ‬
‫املنتظر‪ ،‬الذي ظهرت دعوته منذ سنوات في العراق‪.‬‬
‫إذن‪ ،‬ليكتفي القارئ بهذا املقدار آلان على أنه الهدف الذي يحاول الكتاب إثباته‬
‫وإيضاحه من خالل مباحثه‪.‬‬
‫أما آلان فال بأس من التذكير بأن الخالف على شخص املصلوب يمثل واحدة من‬
‫أهم نقاط الخالف بين املسيحية وإلاسالم‪ .‬ففي الوقت الذي ينادي به املسيحيون بأن‬
‫عيس ى ‪ ‬هو من صعد على خشبة الصلب‪ ،‬ويبنون على هذا ألاساس املحوري كامل‬
‫عقيدتهم املتعلقة بتصورهم للتوحيد من جهة‪ ،‬ولحركة البشرية من جهة أخرى‪ ،‬التي‬
‫انطلقت ‪ -‬بحسبهم ‪ -‬من نقطة الخطيئة ألاصلية التي أوقع البشرية فيها أبوها آدم‬
‫‪ ،‬وبقيت تالزمها العمر كله‪ ،‬حتى أرسل هللا ‪ -‬كما يقولون ‪ -‬ابنه ليخلص البشرية‬
‫عبر فعل الصلب‪ ،‬في هذا الوقت ينادي القرآن الكريم بما يمثل النقيض بالنسبة‬
‫وه َو َما‬‫الله َو َما َق َت ُل ُ‬
‫َ ْ َ َ ََ ُ َ ّ‬ ‫َ َ ْ ْ َّ َ َ ْ َ ْ َ َ‬
‫للمسيحيين‪﴿ :‬وقو ِل ِهم ِإنا قتلنا اْل ِسيح ِعيس ى ابن م ْريم َرسول ِ‬
‫ْ َّ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ ّ َ َ ُ ْ َ َّ َّ َ ْ َ َ ُ ْ‬ ‫ََُ ُ َ‬
‫يه ل ِفي ش ٍّّك ِّمن ُه َما ل ُهم ِب ِه ِم ْن ِعل ٍّم ِإال‬
‫ين اختلفوا ِف ِ ِ‬ ‫وه َول ِكن ش ِبه لهم و ِإن ال ِذ‬ ‫صلب‬
‫الظ ّن َو َما َق َت ُل ُ‬
‫وه َي ِقيناِ﴾(‪.)1‬‬
‫ّ َ َ َّ‬
‫ِاتباع ِ‬
‫ولكن املسلمين الذين يمثلون جهة تقابل املسيحيين على مستوى القول بأن من‬
‫ً‬ ‫م‬
‫صلب هو آخر وليس عيس ى‪ ،‬هؤلء أيضا يمثلون بعد هذه املقولة جهات كثيرة‪.‬‬
‫ً‬
‫فمنهم من يقول تبعا لبعض الروايات‪ ،‬ولإلنجيل املسمى بـ (إنجيل برنابا) إن من‬
‫صلب هو يهوذا إلاسخريوطي‪ ،‬التلميذ الذي تواطئ مع اليهود على تسليم عيس ى‪‬‬ ‫م‬
‫ً‬ ‫مقابل ثمن بخس‪ .‬فهذا الشخص أوقع هللا عليه شبه عيس ى م‬
‫وعلق بدل منه على خشبة‬

‫‪ -1‬النساء‪.151 :‬‬
‫‪00‬‬ ‫شبيه عيسى أو امن هو اهمصلوب؟!‬

‫الصلب‪ .‬ومن املسلمين من يقول إن املصلوب هو سمعان القيرواني (‪ ،)1‬الرجل الذي‬


‫تقول بعض روايات ألاناجيل أنه سخر لحمل الصليب‪.‬‬
‫بل إن بعض (‪ )2‬من جرب أن يدس أنفه فيما ل طاقة له به قال بأن عيس ى هو من‬
‫ً‬ ‫م‬
‫صلب ولكنه لم يمت حقا‪ ،‬ويقترح وجود مؤامرة دبرها التالميذ مع بعض ألاشخاص‪،‬‬
‫تقض ي بإيصال عيس ى إلى حالة إلاغماء‪ ،‬وإيهام العسكر بموته‪.‬‬
‫ً‬
‫الذين أمرنا هللا بالتزامهم‬ ‫طبعا على مستوى الروايات الواردة عن آل محمد‬
‫وألاخذ عنهم يوجد ما يدل على أن املصلوب هو مهدي ألامم أو املنقذ‪ ،‬ولكن مع ذلك‬
‫كان حل هذا اللغز ينتظر مجيء صاحبه (املصلوب نفسه) ليضع النقاط على الحروف ‪-‬‬
‫كما يقال ‪ -‬ويجلي الحقيقة بما ل مزيد عليه‪.‬‬
‫في فترة إعدادي لهذا الكتاب‪ ،‬وبعد ما قرأته وعرفته من مقولت متباينة للمسلمين‬
‫واملسيحيين تتعلق بمسألة الصلب وغيرها من املسائل‪ ،‬ارتأيت أن السبيل ألامثل‬
‫إليصال هذه الحقيقة الشائكة لذهن القارئ تستوجب خطة تبدأ بمناقشة التصور‬
‫املسيحي للتوحيد والالهوت‪ ،‬وتمر بتجلية البشارات املهمة التي وردت في مصادر ألاديان‬
‫الثالثة‪ ،‬ولسيما ما يتعلق منها باملنقذ أو املسيح املنتظر‪ ،‬لتنتهي إلى الهدف الذي يحدده‬
‫عنوان الكتاب نفسه‪.‬‬
‫إذن أود في الختام توجيه الكلمة التالية للقارئ‪:‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫عزيزي القارئ‪ ،‬ل يريد هذا الكتاب أن يكون رقما جديدا في دائرة صراع فكري‬
‫عقيم النتائج‪ ،‬فهو يحمل في طياته البشرى التي تطلع إليصالها آلف ألانبياء واملرسلين‪،‬‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫م‬
‫وقد كتب برجاء أن يصادف قلبا عاشقا أضناه الشوق لطلعة املنقذ املنتظر‪.‬‬

‫الدكتور عبد الرزاق هاشم الديراوي‬


‫‪0262 / 4 / 61‬‬

‫‪ -1‬يقول بهذا الرأي بعض الكتاب المعاصرين‪ ،‬ويالحظ على بحوثهم سمة العجلة والتساهل‪.‬‬
‫‪ -2‬انظر مسألة صلب المسيح بين الحقيقة واالفتراء‪ :‬أحمد ديدات‪.‬‬
‫اصدارات انصار االاما اهمدد ‪‬‬ ‫‪02‬‬
‫عقيدة التثليثِ‬
‫يؤمن املسيحيون اليوم بعقيدة التثليث‪ ،‬فاإلله – بحسبهم – يتشكل من أقانيم‬
‫ثالثة هي‪ :‬آلاب والابن والروح القدس‪ ،‬وهذه الثالثة هي ثالثة حقيقية يتمتع أفرادها‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫بالستقالل الذاتي‪ ،‬وهي في الوقت ذاته واحد حقيقي! ألامر الذي يشكل افتراقا واضحا‬
‫عن مسيرة التوحيد التي عرفتها ألاديان إلالهية السابقة والالحقة‪ ،‬من هنا كان من‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫الالئق جدا أن أضع بين يدي القارئ تصورا صحيحا – وإن كان مختصرا – لحقيقة‬
‫التوحيد‪ ،‬ثم العبور بعد ذلك ملناقشة عقيدة التثليث املسيحية‪.‬‬

‫التصور الصحيح للتوحيد‪ِ:‬‬


‫إن الاسم (هللا) هو اسم للذات إلالهية التي تجمع كل الصفات الكمالية‪ ،‬فهو صفة‬
‫جامعة للصفات‪ .‬ومعنى (هللا) هو الذي يؤله إليه في الحوائج مويقصد لسد النقص من‬
‫كل جهة (‪ ،)1‬فالخلق يألهون إليه من أجل أن يكملوا ويدفعوا النقص عن صفحات‬
‫وجودهم‪ .‬ومعنى الرب أي الذي ميفيض الكمال على الخلق ويسد نقصهم‪ .‬فهو إله من‬
‫جهة أن الخلق املفتقرين يألهون له لسد نقصهم‪ ،‬وهو رب من جهة أنه الكامل الذي‬
‫يفيض عليهم الكمال ويسد نقصهم (‪.)2‬‬
‫وإلالوهية والربوبية ليستا كنهه أو حقيقته سبحانه وتعالى بل هما صفاته‪ ،‬فهو‬
‫سبحانه وتعالى تجلى لخلقه الفقراء بالكمال املطلق فكان هو إلاله املطلق (هللا سبحانه‬
‫وتعالى) الذي يألهون إليه لسد نقصهم‪ ،‬وتجلى لخلقه الفقراء بالربوبية فأفاض على‬
‫نقصهم الكمال ليعرفوه ويعبدوه حق عبادته‪ ،‬فالعبادة دون معرفة فارغة عن املعنى‬
‫فضال عن الحقيقة (‪ ،)3‬فحيث أن هوية الخلق هي الفقر فالبد أن تكون املواجهة بالغنى‬

‫‪ -1‬انظر كتاب التوحيد‪ ،‬السيد أحمد الحسن‪ :‬ص‪.22‬‬


‫‪ -2‬انظر نفسه‪ :‬ص‪.1‬‬
‫‪ -2‬كتاب التوحيد‪ ،‬السيد أحمد الحسن‪ :‬ص‪.1‬‬
‫اصدارات انصار االاما اهمدد ‪‬‬ ‫‪01‬‬

‫(‪ ،)1‬فواجه سبحانه وتعالى الظلمة والنقص والعدم بالنور والوجود والكمال (‪.)2‬أي واجه‬
‫خلقه بالذات (هللا) أو مدينة الكمالت إلالهية‪.‬‬
‫إن غاية معرفة الكنه أو الحقيقة هي أن يعرف الخلق أنهم عاجزون عن معرفتها‪،‬‬
‫ومن هنا تجلى سبحانه وتعالى لخلقه باإللوهية التي هي الكمال املطلق املواجه لنقصهم‬
‫والذي يحثهم بالتالي على التأله له‪ ،‬ليحصلوا على املعرفة في هذه املرتبة‪ ،‬وهي معرفة‬
‫تؤهلهم ملعرفة العجز عن معرفته في مرتبة الكنه والحقيقة التي ميشار لها بضمير الغائب‬
‫(هو) (‪.)3‬‬
‫فاملعرفة إذن محدودة بمعرفة الذات إلالهية ل الكنه والحقيقة‪ ،‬ومعرفة الذات‬
‫إلالهية تكون بمعرفة (ألاسماء والصفات)(‪ ،)4‬أي معرفة إن هللا راحم برحمة والرحمة‬
‫ذاته‪ ،‬وقادر بقدرة والقدرة ذاته (‪ ،)5‬وهكذا‪.‬‬
‫وألاسماء والصفات فانية في الذات إلالهية (هللا) وهي عين الذات‪ ،‬كما أن الذات‬
‫إلالهية فانية في الكنه والحقيقة التي هي املطلب واملقصود الحقيقي في العبادة‪ ،‬ومن‬
‫هنا فال يوجد انفصال عن الذات إلالهية كما أن الذات إلالهية أو هللا ليست منفصلة‬
‫عن الحقيقة‪ ،‬بل هي تجلي وظهور للكنه والحقيقة (‪.)6‬‬
‫وهكذا يكون التوحيد في مرتبته ألاولى هو معرفة انطواء جميع ألاسماء في الذات‬
‫إلالهية‪ ،‬وإنها غير منفكة عن الذات بل هي الذات عينها‪ ،‬ومعرفة أن جميع هذه ألاسماء‬
‫والصفات هي لجهة حاجة الخلق إليها‪ .‬فوجودها من جهة افتقار الخلق ل من جهة‬
‫متعلقة به سبحانه وتعالى بل إنه سبحانه وتعالى تجلى بالذات للخلق مليعرف‪ ،‬ومعرفته‬
‫سبحانه وتعالى بمعرفة الذات أو هللا‪ .‬أما تمام معرفته فبالعجز عن معرفته سبحانه‬
‫وتعالى عما يشركون‪ ،‬أي العجز عن معرفته في مرتبة الكنه أو الحقيقة (‪.)7‬‬

‫‪ -1‬انظر كتاب التوحيد‪ ،‬السيد أحمد الحسن‪ :‬ص‪.22‬‬


‫‪ -2‬المصدر نفسه‪ :‬ص‪.22 – 22‬‬
‫‪ -2‬كتاب التوحيد‪ :‬ص‪.1‬‬
‫‪ -4‬المصدر نفسه‪ :‬ص‪.22‬‬
‫‪ -5‬المصدر نفسه‪ :‬ص‪.21‬‬
‫‪ -6‬المصدر نفسه‪ :‬ص‪.22‬‬
‫‪ -1‬المصدر نفسه‪ :‬ص‪.22‬‬
‫‪05‬‬ ‫شبيه عيسى أو امن هو اهمصلوب؟!‬

‫من هنا فإن التوحيد الحقيقي هو التوجه إلى الحقيقة والكنه والتخلي عن أي‬
‫معرفة والاعتراف بالعجز املطلق عن أي معرفة سوى إثبات الثابت الذي يشير له ضمير‬
‫الغائب (هو)‪ .‬فالذين يعبدون الذات أو (هللا) نسبة إلى هذه املرتبة هم مشركون من‬
‫ً‬
‫حيث ل يشعرون فضال عمن سواهم‪ ،‬فيجب أن تكون الذات أو هللا قبلة للكنه‬
‫والحقيقة فهي املقصود بالعبادة دون من سواها (‪.)1‬‬
‫فالذات هي حجاب الكنه والحقيقة ول يعرف ما بعد الحجاب إل باختراق الحجاب‬
‫ول يخترق الحجاب إل باملعرفة‪ ,‬فإذا عرف الخلق فناء ألاسماء إلالهية في الذات أو هللا‪،‬‬
‫وعرف أحدية الذات ونظر فيها ومن خاللها باعتبارها حجاب الكنه والحقيقة عرف أن‬
‫تمام معرفة الحقيقة هي العجز عن املعرفة (‪.)2‬‬

‫تجلي إلالوهية في الخلق‪ِ :‬‬


‫إن معنى الرب هو املربي‪ ،‬ومعنى إلاله هو الذي يؤله إليه في سد النقص وتحصيل‬
‫الكمال‪ ،‬وكما أن الرب يمكن أن يصدق على ألاب بالنسبة ألبنائه فيقال رب ألاسرة إذا‬
‫كان املنظور من عالقته مع أبنائه هو وما يفيضه عليهم‪ ،‬كذا يمكن أن تصدق صفة‬
‫إلاله على ألاب إذا كان املنظور من عالقة أبنائه به هم وما يطلبونه منه‪.‬‬
‫من هنا يمكن أن يصدق إطالق إلاله على خاصة من أنبياء هللا ورسله الذين كانوا‬
‫بحق صورة هللا سبحانه وتعالى في الخلق (‪ ،)3‬أي إنهم تحلوا بصفات هللا‪ ،‬وكل بحسبه‪.‬‬
‫فاهلل تعالى فطر إلانسان ليصل إلى هذه املرتبة‪ ،‬أي مرتبة (هللا في الخلق) فوصلها‬
‫وعيس ى ‪.‬‬ ‫خاصة من خلق هللا سبحانه وتعالى كمحمد‬

‫‪ -1‬المصدر نفسه‪ :‬ص‪.22‬‬


‫‪ -2‬كتاب التوحيد‪ :‬ص‪.21‬‬
‫‪ -2‬المصدر نفسه‪ :‬ص‪.126‬‬
‫اصدارات انصار االاما اهمدد ‪‬‬ ‫‪06‬‬

‫ولكن إلوهية هؤلء الخلق إلوهية فقيرة إليه سبحانه وتعالى‪ ،‬أي إنهم يؤله إليهم في‬
‫قضاء الحوائج وسد النقص وتحصيل الكمال‪ ،‬وهم يقضون الحوائج ويسدون النقص‬
‫ويكملون الخلق ولكن بحول وقوة وبإذن هللا فال حول ول قوة لهم إل باهلل‪ ،‬كما أنهم ل‬
‫يقدرون على تحريك ساكن إل بإذن هللا‪ .‬فألوهيتهم ليست من نوع ألوهيته سبحانه‪ .‬بلى‬
‫هم صورته سبحانه وأسماؤه الحسنى‪ ،‬وهم وجه هللا الذي واجه به خلقه‪ ،‬فبصفة‬
‫الالهوت التي اتصفوا بها تعرف ألوهية هللا الحقيقية سبحانه وتعالى‪.‬‬
‫م‬
‫وأيضا هم ليسوا آلهة تعبد من دونه ول آلهة تعبد معه سبحانه كما تبين‪ ،‬بل هم‬
‫عباد مخلوقون يسدون النقص ويهبون الكمال باهلل وبإذن هللا سبحانه‪ ،‬وهذا معنى‬
‫ً‬
‫اتصافهم بصفة إلالوهية‪ ،‬فهم ليسوا شيئا من دون هللا‪ ،‬بل خلق من خلقه قائمون به‬
‫سبحانه فليس لهم مرتبة ألالوهية الحقيقية‪ ،‬وإنما هم تجلي ألالوهية الحقيقية في‬
‫الخلق‪ ،‬أي إن ألوهيتهم في مرتبة الخلق‪ ،‬وهذا هو معنى ألوهيتهم وهو معنى أنهم هللا في‬
‫الخلق ومعنى أنهم صورة هللا ومعنى أنهم وجه هللا وأسماؤه الحسنى وأيضا معنى أن هللا‬
‫معنا‪ .‬فمن عرفهم إذن يكون قد عرف هللا‪ ،‬ومن جهلهم جهل هللا؛ ألن هللا سبحانه‬
‫‪ ،‬وألنهم الصورة التي تحاكي الالهوت الحقيقي (‪.)1‬‬ ‫واجه سواهم من الخلق بهم‬
‫إن عطاء هللا سبحانه وتعالى يصل مع عبده املخلص إلى درجة أن يعطيه كله‬
‫فيخاطب عبده‪( :‬أنا حي ال أموت وقد جعلتك حيا ال تموت‪ ،‬أنا أقول للش يء كن‬
‫فيكون وقد جعلتك تقول للش يء كن فيكونِ)(‪ ،)2‬وهذا هو الاتصاف بصفة ألالوهية‬
‫في الخلق‪ .‬فالعبد يوصف ببعض أوصاف ألالوهية‪ ،‬ولكن مع مالحظة فقره‪ ،‬فهذا العبد‬
‫حي ل يموت ويقول للش يء كن فيكون وهي صفات ألالوهية‪ ،‬ولكن الذي جعله هكذا هو‬
‫هللا سبحانه وتعالى وهو يحتاج ويفتقر إلى هللا ليبقى هكذا‪ ،‬أما هللا سبحانه وتعالى فقد‬
‫ً‬
‫كان ول يزال وسيبقى حيا ل يموت ويقول للش يء كن فيكون دون أن يحتاج أو يفتقر إلى‬
‫أحد‪ ،‬وهذا يميز بوضوح الفرق بين ألالوهية في الخلق (أو وجه هللا أو يد هللا أو طلعة‬

‫‪ -1‬كتاب التوحيد‪ :‬ص‪.121‬‬


‫‪ -2‬ال يُفهم من هذا الحياة بالمعنى المادي‪ ،‬أي حياة الجسد المادي الذي هو أدنى مرتبات الوجود‪.‬‬
‫‪07‬‬ ‫شبيه عيسى أو امن هو اهمصلوب؟!‬

‫هللا في ساعير أو ظهور هللا في فاران) (‪ )1‬التي مثلها خاصة أوليائه كمحمد‬
‫وعيس ى‪ ‬وبين ألالوهية الحقيقية املطلقة املحصورة باهلل سبحانه وتعالى (‪.)2‬‬

‫فقرة من رؤيا يوحنا‪ِ:‬‬


‫َ‬ ‫َ َّ‬ ‫اب َم ْف مت ٌ‬ ‫هذا َن َظ ْر مت َوإ َذا َب ٌ‬ ‫ََْ َ‬
‫الص ْو مت ألا َّو مل ال ِذي َس ِم ْع مت مه ك مبوق‬ ‫الس َم ِاء‪َ ،‬و َّ‬ ‫وح في َّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫(‪ 1‬بعد‬
‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫م‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َي َت َك َّل مم َمعي قائال‪ْ :‬‬
‫ً‬ ‫َ‬
‫اص َع ْد ِإلى مه َنا فأ ِرَي َك َما ل مب َّد أ ْن َي ِص َير َب ْع َد هذا‪َ 2 .‬وِلل َوق ِت ِص ْر مت ِفي‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َْْ َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫س‪َ 3 .‬وكان ال َج ِال م‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫الس َم ِاء‪َ ،‬و َعلى ال َع ْرش َج ِال ٌ‬ ‫ٌ‬
‫ش َم ْوضوع في َّ‬ ‫م‬ ‫َ‬
‫الروح‪َ ،‬وإذا َع ْر ٌ‬ ‫ُّ‬
‫س ِفي املنظ ِر‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫س مق َز َح َح ْو َل ْال َع ْرش في ْاملَ ْن َظر ش ْب مه ُّ‬
‫الز مم ُّر ِد‪َ 4 .‬و َح ْو َل‬ ‫ِش ْب َه َح َجر ْال َي ْشب َو ْال َع ِقيق‪َ ،‬و َق ْو م‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ين َش ْي ًخا َجالسينَ‬ ‫ون َع ْر ًشا‪َ .‬و َر َأ ْي مت َع َلى ْال مع مروش َأ ْرَب َع ًة َوع ْشر َ‬ ‫ْال َع ْرش َأ ْ َب َع ٌة َوع ْش مر َ‬
‫ِ ر‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫(‪)3‬‬ ‫َ‬ ‫ْ ََ م ْ َ‬ ‫َ ََ مم‬ ‫َ‬ ‫مَ َ ْ َ‬
‫وس ِهم أك ِاليل ِمن ذه ٍب) ‪.‬‬ ‫يض‪ ،‬وعلى رؤ ِ‬ ‫اب ِب ٍ‬ ‫متسرِب ِلين ِب ِثي ٍ‬
‫ً‬
‫هؤلء ألاربعة وعشرون شيخا هم ألائمة إلاثنا عشر‪ ،‬واملهديون إلاثنا عشر من‬
‫كما ذكر السيد أحمد الحسن ‪ ،)4( ‬أما الجالس على‬ ‫ذرية رسول هللا محمد‬
‫العرش فهو رسول هللا ‪ .‬وألائمة واملهديون سالم هللا عليهم نصت عليهم روايات‬
‫كثيرة‪ ،‬منها رواية الوصية التي وردت عن الباقر ‪ ،‬عن أبيه ذي الثفنات سيد‬
‫العابدين‪ ،‬عن أبيه الحسين الزكي الشهيد‪ ،‬عن أبيه أمير املؤمنين (عليهم سالم هللا)‪،‬‬
‫في الليلة التي كانت فيها وفاته لعلي ‪ :‬يا أبا الحسن‬ ‫قال‪( :‬قال رسول هللا‬
‫وصيته حتى انتهى الى هذا اْلوضع‪،‬‬ ‫أحضر صحيفة ودواة‪ ،‬فأمال رسول هللا‬
‫فقال‪ :‬يا علي إنه سيكون بعدي اثنا عشر إماما‪ ،‬ومن بعدهم اثنا عشر مهدياِ‪ ،‬فأنت‬
‫يا علي أول إلاثني عشر إماماِ‪ ،‬سماك هللا تعالى في سمائه عليا اْلرتض ى وأمير اْلؤمنين‬
‫والصديق ألاكبر والفاروق ألاعظم واْلأمون واْلهدي‪ ،‬فال تصح هذه ألاسماء ألحد‬ ‫ّ‬
‫غيرك‪ .‬يا علي أنت وص ّي على أهل بيتي حيهم وميتهم‪ ،‬وعلى نسائي فمن ّثبتها لقيتني‬

‫‪ -1‬سيأتي الحديث عن هذه الفقرة الحقاً‪.‬‬


‫‪ -2‬انظر نفسه‪ :‬ص‪.11‬‬
‫‪ -2‬رؤيا يوحنا‪.4:‬‬
‫‪ -4‬انظر كتاب رسالة الهداية للسيد أحمد الحسن ‪ ‬وهو من إصدارات أنصار اإلمام المهدي ‪.‬‬
‫اصدارات انصار االاما اهمدد ‪‬‬ ‫‪09‬‬

‫غداِ‪ ،‬ومن طلقتها فأنا برئ منها لم ترني ولم أرها في عرصة القيامة‪ ،‬وأنت خليفتي‬
‫على أمتي من بعدي‪ِ.‬‬
‫ّ‬
‫فسلمها إلى ابني الحسن البر الوصو ِل‪ ،‬فإذا حضرته الوفاة‬
‫فإذا حضرتك الوفاة ِ‬
‫الزكي اْلقتولِ‪ ،‬فإذا حضرته الوفاة فليسلمها إلى‬‫فليسلمها إلى ابني الحسين الشهيد ِ‬
‫ابنه سيد العابدين ذي الثفنات علي‪ ،‬فإذا حضرته الوفاة فليسلمها إلى ابنه محمد‬
‫الباقر‪ ،‬فإذا حضرته الوفاة فليسلمها إلى ابنه جعفر الصادق‪ ،‬فإذا حضرته الوفاة‬
‫فليسلمها إلى ابنه موس ى الكاظم‪ ،‬فإذا حضرته الوفاة فليسلمها إلى ابنه علي الرضا‪،‬‬
‫فإذا حضرته الوفاة فليسلمها إلى ابنه محمد الثقة التقي‪ ،‬فإذا حضرته الوفاة‬
‫فليسلمها إلى ابنه علي الناصح‪ ،‬فإذا حضرته الوفاة فليسلمها إلى ابنه الحسن‬
‫الفاضل ‪ ،‬فإذا حضرته الوفاة فليسلمها إلى ابنه م ح م د اْلستحفظ من آل محمد‬
‫‪ ،‬فذلك اثنا عشر إماماِ‪ .‬ثم يكون من بعده اثنا عشر مهدياِ‪ ،‬فإذا حضرته‬
‫الوفاة فليسلمها إلى ابنه أول اْلقربين‪ ،‬له ثالثة أسامي‪ ,‬اسم كاسمي واسم أبي وهو‬
‫عبدهللا وأحمد‪ ،‬والاسم الثالث اْلهدي‪ ،‬وهو أول اْلؤمنين) (‪.)1‬‬
‫ً‬
‫وجدير باإلشارة أن أيا من علماء املسيحية أو إلاسالم لم يسبق له أن بين املقصود‬
‫من هؤلء الشيوخ ألاربعة والعشرين‪ ،‬فأمرهم أحد ألاسرار التي لم يفض ختمها سوى‬
‫قائم آل محمد السيد أحمد الحسن‪.‬‬
‫ولكي يتضح املطلب لنتذكر أننا قلنا فيما تقدم إن إلالوهية باملعنى ألاعم تشمل‬
‫الكامل الذي يأله الخلق إليه في تحصيل كمالهم وسد نقصهم‪ ،‬فكما أن الربوبية تشمل‬
‫ألاب باعتباره رب ألاسرة‪ ،‬كذلك ألالوهية تشمل خاصة من خلق هللا سبحانه وتعالى‬
‫حصل لهم الكمال في أعلى الدرجات املمكنة للخلق وهم محمد وآل محمد ‪ .‬وقد‬
‫ورد في الدعاء‪( :‬قل وأنت ساجد يا هللا يا ِرحمن [يا رحيم] يا رب ألارباب وإله‬
‫آلالهة‪.)2( )...‬‬

‫‪ -1‬الغيبة للطوسي‪ :‬ص‪ ،152‬بحار األنوار‪ :‬ج‪ 52‬ص‪.141‬‬


‫‪ -2‬الكافي‪ :‬ج‪ 2‬ص‪.566‬‬
‫‪08‬‬ ‫شبيه عيسى أو امن هو اهمصلوب؟!‬

‫وعن أبي عبد هللا ‪ ،‬قال‪ …( :‬قل‪ :‬يا رب ألارباب ويا ملك اْللوك ويا سيد‬
‫السادات ويا جبار الجبابرة ويا إله آلالهة‪ ،‬صل على محمـد وآل محمـد وافعل بي كذا‬
‫وكذا …)(‪ .)1‬وفي الدعاء القدس ي‪ …( :‬بسم هللا مخرجي …‪ ،‬توكلت على إلاله ألاكبر‪،‬‬
‫مفوض إليه …) (‪.)2‬‬ ‫َ‬
‫توكل‬
‫ٍّ‬
‫وهذا هو الاتصاف بصفة ألالوهية في الخلق‪ ،‬أي إنهم عباد هللا سبحانه وتعالى‬
‫وبأمره يعملون‪ ،‬وهم على درجة عالية من الكمال بحيث إنهم يقومون بخالفة هللا‬
‫سبحانه وتعالى حق خالفته‪ ،‬فإذا تم بعثهم واستخالفهم في هذا العالم فهم يقومون‬
‫مقام هللا سبحانه وتعالى بحوله وقوته وبإذنه‪ ،‬فهم يدبرون هذا العالم بقوة هللا ووفق‬
‫ما علمهم هللا‪ ،‬فهم ل يشاءون إل ما يشاء هللا وقلوبهم أوعية ملشيئته سبحانه وتعالى‬
‫(‪.)3‬‬
‫أما كيف بلغ محمد وآل محمد هذا املقام دون سواهم‪ ،‬فيبينه السيد أحمد‬
‫الحسن ‪ ‬في كتاب املتشابهات بقـوله‪( :‬ملا نشر هللا سبحانـه وتعالى بني آدم بين يديه‬
‫ََ ُ ُ‬
‫سبحانه وخاطبهم‪ …﴿ :‬أل ْست ِب َرِّبك ِْم …﴾؟ انقسموا إلى جماعات بحسب أجابتهم‪.‬‬
‫ِ‬
‫الجماعة ألاولى‪ِِ :‬‬
‫هم الذين رأوا النور من وراء الحجب‪ ،‬فأجابوا بـ (بلى)‪ ،‬قبل أن يصل السؤال إلى‬
‫أسماعهم‪ .‬وتنقسم هذه املجموعة إلى جماعات عديدة بحسب عدد الحجب التي رأوا‬
‫من ورائها النور‪.‬‬
‫وهؤلء هم‪ :‬الذين خرقوا حجب النور ووصلوا إلى معدن العظمة‪.‬‬

‫‪ -1‬الكافي‪ :‬ج‪ 2‬ص‪.222‬‬


‫‪ -2‬إقبال األعمال ‪ -‬السيد ابن طاووس الحسني‪ :‬ج‪ 2‬ص‪.191‬‬
‫‪ -2‬انظر كتاب التوحيد‪ :‬ص‪.41‬‬
‫اصدارات انصار االاما اهمدد ‪‬‬ ‫‪21‬‬

‫قال أمير املؤمنين ‪( :‬إلهي هب لي كمال الانقطاع إليك‪ ،‬وأنر أبصار قلوبنا‬
‫بضياء نظرها إليك حتى تخرق أبصار القلوب حجب النور فتصل إلى معدن العظمة‬
‫وتصير أرواحنا معلقة بعز قدسك) (‪.)1‬‬
‫والجماعة الثانية‪ِ:‬‬
‫هم الذين رأوا النور بعد أن اخترق الحجب‪ ،‬فأجابوا بـ (بلى) بعد أن وصل السؤال‬
‫إلى أسماعهم‪ .‬وأيضا تنقسم هذه الجماعة إلى جماعات عديدة‪ ،‬بحسب (سرعة السماع‬
‫وإلاجابة)‪ .‬وهاتان الجماعتان هما (ألاحرار)‪.‬‬
‫ثم تأتي جماعة العبيد‪ِ:‬‬
‫وهم الذين قالوا (بلى) بعد سماع كلمة (بلى) من غيرهم‪.‬‬
‫ثم جماعة اْلنافقين‪ِِ :‬‬
‫قالوا (بلى) ولكن في قلوبهم شك مما سمعوا‪.‬‬
‫ثم جماعة الكافرين‪ِِ :‬‬
‫وهم الذين لم يقولوا بلى‪.‬‬
‫من الجماعة ألاولى‪ ،‬وقد رأوا النور من وراء‬ ‫وألانبياء واملرسلون وألائمة‬
‫ً‬
‫الحجب؛ ألنهم لم يلتفتوا يمينا أو شمال‪ ،‬بل تعلقت أرواحهم باملأل ألاعلى وقصروا‬
‫أيضا‬ ‫نظرهم على جهة الفيض إلالهي‪ ،‬فلم يغفلوا عن هللا سبحانه وتعالى‪ .‬وهم‬
‫درجات‪ ،‬فمنهم من ركز كل وجوده في النظر إلى جهة الفيض إلالهي‪ ،‬ومنهم من هو أقل‬
‫َ‬ ‫م‬
‫أعطي بحسب ما أعطى‪ ،‬ورأى من آيات ربه بحسب ما‬ ‫من ذلك‪ ،‬وكل واحد منهم‬
‫سعى بالنظر لها‪.‬‬
‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫﴿ َو َأ ْن َل ـ ْـي َ‬
‫ـان ِإال َم ــا َس ـ َـُى و َوأ َّن َسـ ـ ْـع َي ُه َس ـ ْـوَ ُي ـ َـر و ث ـ َّـم ُي ْج ـ َـز ُاه ال َجـ ـ َـز َاء‬ ‫ِ‬ ‫ـ‬ ‫س‬‫ْل لسن َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫(‪)2‬‬ ‫ْ َ ْ َ َ َ َّ َ َ ّ َ ْ ُ ْ َ‬
‫ألاوفى و وأن ِإلى رِبك اْلنتهَى﴾ ‪.‬‬
‫ه ـ ــم ال ـ ــذين اخت ـ ــاروا هللا س ـ ــبحانه‪ ،‬فف ـ ــي ذلـ ــك‬ ‫فاألنبيـ ــاء واملرس ـ ــلون وألائم ـ ــة‬
‫العــالم كــان جميــع بنــي آدم مختــارين‪ ،‬وكــل واحــد مــنهم يمتلــك فطــرة هللا التــي فطــر النــاس‬

‫‪ -1‬المناجاة الشعبانية‪.‬‬
‫‪ -2‬النجم‪.42 – 29 :‬‬
‫‪20‬‬ ‫شبيه عيسى أو امن هو اهمصلوب؟!‬

‫ص َر نظـ َـره علــى النــور فأصــبح مــن املقــربين‪ ،‬أو علــى الظلمــات‬ ‫عليهــا‪ ،‬وكــل واحــد بإرادتــه ق َـ َ‬
‫فأمس ى من أصحاب الجحيم‪.‬‬
‫وقصروا نظرهم على النور فاصطفاهم هللا سبحانه) (‪.)1‬‬
‫ً‬
‫كان الفائز في هذا الاختبار‪ ،‬إذ كان ذاهال عن أنـاه‪ ،‬وكـان‬ ‫إذن رسول هللا محمد‬
‫ً‬
‫علي‪ ‬الفائز به بعـد رسـول هللا ‪ ،‬فقـد كـان ملتفتـا ألنـاه بمقـدار مـا‪ ،‬وهـو مقـدار مـن‬
‫الص ــغر بدرج ــة ل يمكنن ــا حت ــى أن نتص ــورها‪ ،‬وم ــن بع ــده ألائم ــة وامله ــديون وألانبي ــاء وك ــل‬
‫بحسبه‪.‬‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ َ َ‬ ‫َ‬
‫يقـول السـيد أحمـد الحسـن ‪ ‬فـي تفسـير قولـه تعـالى‪ِ ﴿ :‬إنـا فت ْحنـا ل َـك فتحـا ُم ِبينـا‬
‫َ َ‬ ‫َ َ َّ‬ ‫َْ‬ ‫ََ‬ ‫َّ‬ ‫ْ َ‬
‫و ِل َيغ ِف ـ َـر ل ـ َـك الل ـ ُـه َم ــا تق ـ َّـد َم ِم ـ ْـن ذن ِب ـ َـك َو َم ــا ت ـأخ َر َو ُي ـ ِت َّم ِن ْع َمت ـ ُـه َعل ْي ـ َـك َو َِ ْه ـ ِـد َي َك ِص ـ َـراطا‬
‫َ‬
‫ُم ْست ِقيماِ﴾(‪ .)2‬ما مضمونه‪:‬‬
‫وهو إماطة ش يء من‬ ‫الفتح حصل في عالم الالهوت بين الذات إلالهية ومحمد‬
‫م‬ ‫م‬
‫الحجاب‪ ،‬فقد فتح له مثل سم إلابرة وكشف له ش يء من حجاب الالهوت فرأى من‬
‫آيات ربه الكبرى(‪.)3‬‬
‫أمــا الــذنب املشــار إليــه فــي آلايــة فهــو (ألانــا)‪ ،‬أو شــائبة الظلمــة والعــدم التــي ل تفــارق‬
‫إلانسان؛ ألنه بإزالتها يفنى ول يبقى له وجود‪.‬‬
‫بسبب هذا الفتح يخفق‪ ،‬فساعة ل يبقى محمد ‪ ،‬بل ل يبقى إل‬ ‫ومحمد‬
‫العبد ألاول والنور ألاول والعقل ألاول‬ ‫هللا الواحد القهار‪ ،‬وساعة يعود محمد‬
‫والفائز بالسباق (صلوات هللا عليه وسالمه) (‪.)4‬‬
‫ورد عن إلامام الصادق ‪ ‬قوله‪( :‬فأوقفه جبرائيل موقفاِ‪ ،‬فقال له‪ :‬مكانك يا‬
‫محمد ‪ -‬أي هذا هو مقامك فجبرائيل ل يستطيع الوصول إلى مقام النبي ‪ ،‬فأشار له‬
‫‪ -‬فلقد وقفت موقفا ما وقفه ملك قط وال نبي أن ربك يصلي‪،‬‬ ‫بالعروج إلى مقامه‬

‫‪ -1‬كتاب المتشابهات‪ :‬ج‪ 1‬ص‪ 22‬وما بعدها‪.‬‬


‫‪ -2‬الفتح‪.2 – 1 :‬‬
‫‪ -2‬انظر المتشابهات‪ :‬ج‪ 1‬ص‪.1‬‬
‫‪ -4‬انظر المتشابهات‪ :‬ج‪ 1‬ص‪.22 – 22‬‬
‫اصدارات انصار االاما اهمدد ‪‬‬ ‫‪22‬‬

‫فقال‪ :‬يا جبرائيل وكيف يصلي؟ قال‪ :‬يقول سبوح قدوس أنا رب اْلالئكة والروح‬
‫سبقت رحمتي غضبي‪ ،‬فقال ‪ :‬اللهم عفوك عفوك‪ ،‬قال ‪ :‬وكان كما قال هللا‬
‫قاب قوسين أو أدنى‪ ،‬قيل‪ :‬وما قاب قوسين أو أدنى؟ قال ‪ :‬ما بين أستها إلى‬
‫رأسها‪ ،‬قال ‪ :‬وكأن بينهما حجاب يتأللىء ويخفق‪ ،‬ول اعلمه إل وقد قال‪ :‬زبرجد‪،‬‬
‫فنظر في مثل سم إلابرة إلى ما شاء هللا من نور العظمة فقال هللا تبارك وتعالى …)(‪.)1‬‬
‫يفسر السيد أحمد الحسن ‪ ‬هذا الحديث بقوله‪( :‬هذا الحجاب الزبرجد ألاخضر‬
‫الذي يخفق هو إشارة إلى حجب الظلمة وحجب النور‪ ،‬وارتفاع حجب الظلمة بالفتح في‬
‫مثل سم إلابرة‪ ،‬وارتفاع حجب النور بالخفق الحاصل للحجاب‪ ،‬فحجب الظلمة تخرق‬
‫بالتخلي عن جنود الجهل وألانا‪ ،‬وحجب النور يحتويها إلانسان ويفنى فيها عندما يتحلى‬
‫بجنود العقل وألاخالق الكريمة‪ ،‬وهكذا إلانسان في مسيرته التكاملية يسعى إلى أن‬
‫يصل إلى رفع ألانا عن صفحة وجوده والتحلي بجميع جنود العقل‪ ،‬وهذا هو الفتح‬
‫َّ َ َ َ َ َ ْ‬
‫املبين‪ِ ﴿ :‬إنا فت ْحنا ل َك فتحا ُم ِبيناِ﴾ (‪.)3())2‬‬
‫والفتح املبين (هو املقام املحمود (‪ )4‬الذي وصل إليه الرسول الكريم محمد‬
‫في آنات (وكان بينهما حجاب‬ ‫وقد تجلى هللا سبحانه وتعالى في هذا املقام ملحمد‬
‫يتأللىء ويخفق) أي إن الحجاب يرتفع في آن ويعود في آن آخر‪ ،‬وحال ارتفاعه ل يبقى‬
‫‪ ،‬بل يفنى ويحترق‪ ،‬بل ل يبقى إل هللا الواحد القهار) (‪.)5‬‬ ‫محمد‬
‫والذنب كما مر هو تشوبه بالظلمـة التـي ل يخلـوا منهـا مخلـوق؛ ألنـه هـو سـبحانه‬
‫وتعالى فقط نور ل ظلمة فيه‪.‬‬

‫‪ -1‬تفسير الصافي سورة النجم‪ :‬مج‪ 5‬ص‪.11‬‬


‫‪ -2‬الفتح‪.1 :‬‬
‫‪ -2‬المتشابهات‪ :‬ج‪ 2‬ص‪.61 – 61‬‬
‫ق اللَّيْ ِل َوقُ ْرآنَ ا ْلفَ ْج ِر إِنَّ قُ ْرآنَ ا ْلفَ ْج ِر َكانَ َم ْ‬
‫ش ُهودا‬ ‫ِ‬ ‫س‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫غ‬ ‫ى‬‫َ‬ ‫ل‬ ‫إ‬ ‫س‬‫م‬
‫ْ ِ ِ‬ ‫ش‬
‫َّ‬ ‫ال‬ ‫ك‬
‫ِ‬ ‫و‬‫ُ‬ ‫ل‬ ‫د‬
‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ل‬ ‫َ‬ ‫ة‬‫َ‬ ‫ال‬‫ص‬ ‫َّ‬ ‫‪ -4‬إشارة إلى قوله تعالى‪( :‬أَقِ ِم ال‬
‫َ‬
‫سى أن يَ ْب َعث َك َربُّ َك َمقَاما َّم ْح ُمودا) اإلسراء‪.19 – 11 :‬‬ ‫َ‬ ‫* َو ِمنَ الل َّ ْي ِل فَتَ َه َّج ْد بِ ِه نَافِلَة لَّ َك َع َ‬
‫‪ -5‬المتشابهات‪ :‬ج‪ 2‬ص‪.61‬‬
‫‪23‬‬ ‫شبيه عيسى أو امن هو اهمصلوب؟!‬

‫فع ــن هش ــام ب ــن س ــالم‪ ،‬ق ــال‪( :‬دخل ــت عل ــى أب ــي عب ــد هللا ‪ ،‬فق ــال‪ :‬أتنع ــت هللا؟‬
‫فقلت‪ :‬نعم‪ .‬قال ‪ :‬هات‪ ،‬فقلت‪ :‬هو السميع البصير‪ .‬فقـال ‪ :‬هـذه صـفة ششـكرك‬
‫فيها اْلخلوقين‪ .‬قلت‪ :‬فكيف تنعته؟ فقال‪ :‬هو نور ال ظلمة فيه‪.)1()...‬‬
‫وبسبب إماطة الحجاب والفتح املبين وفناء الرسـول الكـريم فـي الـذات إلالهيـة أصـبح‬
‫هــو وجــه هللا وكلمتــه التامــة‪ ،‬وبتعبيــر آخــر أصــبح هــو اســم هللا فــي خلقــه وأســماءه الحســنى‬
‫في خلقه‪.‬‬
‫دون سواه من الخلق أهله لئن يكون‬ ‫إن انكشاف الغطاء لرسول هللا محمد‬
‫م‬ ‫(‪)2‬‬
‫عرف الخلق‬ ‫هو وحده من عرف هللا حق معرفته ‪ ،‬وأهله بالنتيجة لئن يكون هو من ي ِ‬
‫باهلل تعالى‪.‬‬
‫تفيض املعرفة على الخلق أجمعين‪.‬‬ ‫فمن خالل محمد‬
‫هو هللا في الخلق وهو مدينة الكمالت إلالهية في الخلق‪ ،‬فإن‬ ‫وإذا كان محمد‬
‫(‪)3‬‬ ‫ً‬
‫عليا ‪ ‬وصيه هو باب املدينة‪ ،‬فقد ورد عنه ‪( :‬أنا مدينة العلم وعلي بابها) ‪.‬‬
‫وورد عنه ‪( :‬أنا مدينة الحكمة وعلي بابها) (‪.)4‬‬
‫فعلي ممسوس بذات هللا‪ ،‬فعندما ل يبقى محمد ول يبقى إل هللا الواحد القهار في‬
‫آنات يكون علي عليه صلوات ربي هو تجلي هللا سبحانه في الخلق‪ ،‬وفاطمة عليها صلوات‬
‫ربي معه‪ .‬ولهذا قال علي ‪( :‬لو كشف لي الغطاء ْلا ازددت يقيناِ)(‪)5‬؛ ألنه وأن لم‬
‫‪،‬‬ ‫يكشف له الغطاء‪ ،‬ولكنه بمقام من كشف له الغطاء؛ ألنه ممسوس برسول هللا‬
‫أو هللا في الخلق‪.‬‬

‫‪ -1‬توحيد الصدوق‪ :‬ص‪91‬‬


‫‪ -2‬انظر النبوة الخاتمة‪ :‬ص‪.21‬‬
‫‪ -2‬التوحيد‪ -‬الشيخ الصدوق‪ :‬ص‪.221‬‬
‫‪ -4‬األمالي‪ -‬الشيخ الصدوق‪ :‬ص‪.619‬‬
‫‪ -5‬المناقب البن شهر اشوب‪ :‬ج‪ 1‬ص‪.211‬‬
‫اصدارات انصار االاما اهمدد ‪‬‬ ‫‪21‬‬

‫وهكذا فـي آلانـات التـي يفنـى فيهـا رسـول هللا ول يبقـى منـه اسـم ول رسـم ول يبقـى‬
‫ً‬
‫إل هللا الواح ــد القه ــار‪ ،‬يك ــون الب ــاب أو عل ــي ‪ ‬ممسوس ـا ب ــذات هللا‪ ،‬وبمق ــام ص ــاحب‬
‫الفتح املبين(‪.)1‬‬
‫إنما يفيض من خالل بابه علي ‪،‬‬ ‫وبالنتيجة فما يفيض من رسول هللا‬
‫ً‬
‫‪.‬‬ ‫وأيضا من خالل أبواب علي ‪ ‬وهم ألائمة واملهديون‬
‫ً‬
‫وحتــى إرســال ألانبيــاء‪ ،‬فهــو وإن كــان مــن هللا ســبحانه وتعــالى ولكنــه أيضــا مــن محمــد‬
‫‪ ،‬فه ــو الحج ــاب ب ــين هللا س ــبحانه وب ــين ألانبي ــاء‪ ،‬فالرس ــالت من ــه تترش ــح وم ــن خالل ــه‬
‫ه ـو صــاحب رســالت ألانبيــاء الســابقين كونهــا تن ـزلت مــن‬ ‫تتن ــزل إلــى ألانبيــاء‪ .‬فمحمــد‬
‫خالله‪ ،‬وهو الحجاب ألاقرب إلى هللا سبحانه (‪.)2‬‬

‫ظهور هللا من فاران‪ِ:‬‬


‫َ ْ َ‬ ‫َ ْ َ َ‬
‫ورد فـي ســفر التثنيــة‪َ ( :‬جـ َـاء ال َّـر ُّب ِمـ ْـن ِسـ َـين َاء‪َ ،‬وأشـ َـرق ل مهـ ْـم ِم ْـن َسـ ِع َير‪َ ،‬وتــألأل ِمـ ْـن َج َبـ ِـل‬
‫َ م َ َ َ‬
‫يع ٍة ل مه ْم)(‪.)3‬‬ ‫ات ال مق ْد ِس‪َ ،‬و َع ْن َي ِمي ِن ِه نار ش ِر‬
‫ْ‬
‫و‬‫َفا َر َان‪َ ،‬و َأ َتى م ْن رْب َ‬
‫ِ ِ ِ‬
‫وهذه العبارة وردت في دعاء السمات املروي عـن العمـري سـفير إلامـام املهـدي محمـد‬
‫بــن الحســن ‪( :‬وبمجــدك الــذي ظهــر علــى طــور ســيناء فكلمــت بــه عبــدك ورســولك‬
‫موس ـ ـ ى ب ـ ــن عم ـ ـران‪ ،‬وبطلعت ـ ــك ف ـ ــي س ـ ــاعير‪ ،‬وظه ـ ــورك ف ـ ــي جب ـ ــل ف ـ ــاران برب ـ ــوات‬
‫اْلقدسين وجنود اْلالئكة الصافين وخشوع اْلالئكة اْلسبحين) (‪.)4‬‬
‫وقد بين السيد أحمد الحسن ‪ ‬املراد بقوله‪( :‬ساعير هي أرض العبادة والتوحيد‬
‫وهي ألارض املقدسة‪ ،‬أي بيت املقدس وما حوله‪ ،‬وفاران ملجأ الاستغفار والتوبة وهي‬
‫مكة وما حولها‪ .‬والنبي الذي بعث في ساعير هو عيس ى ‪ ‬والذي بعث في فاران هو‬
‫محمد ‪.‬‬

‫‪ -1‬انظر المتشابهات‪ :‬ج‪ 1‬ص‪.6‬‬


‫‪ -2‬لفهم هذا األمر بصورة واضحة يرجى مراجعة كتاب‪ :‬النبوة الخاتمة للسيد أحمد الحسن‪ ،‬وهو من‬
‫إصدارات أنصار اإلمام المهدي ‪.‬‬
‫‪ -2‬تثنية‪.2 / 22 :‬‬
‫‪ -4‬مصباح المتهجد‪ -‬الشيخ الطوسي‪ :‬ص‪.419‬‬
‫‪25‬‬ ‫شبيه عيسى أو امن هو اهمصلوب؟!‬

‫أما املجـد الـذي ظهـر علـى طـور سـيناء فكلـم بـه هللا سـبحانه وتعـالى موسـ ى ‪ ،‬فهـو‬
‫عل ــي‪ ،‬وه ــو بــاب الف ــيض ف ــي الخلــق‪ ،‬فعل ــي ‪ ‬مكل ـم موس ـ ى‪ ،‬وعل ــي ‪ ‬عص ــا‬
‫موس ـ ى‪ ،‬فحقيقــة عصــا موس ـ ى لــم تكــن تلــك العصــا‪ ،‬بــل إن عصــا موس ـ ى الحقيقيــة‬
‫َ َّ‬
‫ين﴾ وهــي اليقــين الراس ـ فــي‬ ‫التــي شــق بهــا البحــر هــي كلمــات هللا ﴿كــال ِإ َّن َم ُِـ َـي َرِّبــي َسـ َـي ْه ِد ِ ِ‬
‫قلب موس ى ‪ ‬وكلمات هللا واليقين علي بن أبي طالب‪.‬‬
‫وأما (وبطلعتك في ساعير)‪:‬‬
‫أي طلعــت هللا ســبحانه فــي ســاعير‪ ،‬وهللا ســبحانه وتعــالى طلــع فــي ســاعير بعيسـ ى ابــن‬
‫مريم‪ ،‬والطلعة أي إلاطاللة والظهور الجزئي غير املكتمل‪ ،‬فعيسـ ى ‪ ‬مثـل هللا سـبحانه‬
‫َ‬ ‫م‬
‫وتعــالى فــي الخلــق ولكــن بشــكل غيــر تــام ولهــذا كــان بعث ـ مه طلعــة هللا ســبحانه وتعــالى‪ ،‬وبهــذا‬
‫ً‬
‫كان عيس ى ممهدا لبعث محمد ؛ ألن الطلعة تسبق الظهور (وظهورك في جبـل فـاران)‬
‫أي ظهــور هللا ســبحانه وتعــالى‪ ،‬وكــان هــذا الظهــور ببعــث محمــد ‪ ،‬فالرســول ألاعظــم‬
‫محم ــد ه ــو هللا ف ــي الخل ــق‪ ،‬وله ــذا عب ــر إلام ــام ‪ ‬ف ــي ال ــدعاء ع ــن بع ــث محم ــد‬
‫ً‬
‫بظه ــور هللا س ــبحانه‪ ،‬فاإلم ــام ‪ ‬يري ــد أن يق ــول ف ــي ال ــدعاء أن محم ــدا ه ــو هللا ف ــي‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫عـرف هللا‪ ،‬ومـن رأى محمـدا رأى‬ ‫الخلق وأن بعثه هو ظهور هللا‪ ،‬فمـن عـرف محمـدا‬
‫هللا‪ ،‬ومن نظر إلى محمد نظر إلى هللا)(‪.)1‬‬
‫وقـ ــال السـ ــيد أحمـ ــد الحسـ ــن فـ ــي كتـ ــاب (النبـ ــوة الخاتمـ ــة)‪( :‬لبـ ــد مـ ــن الالتفـ ــات إن‬
‫ً‬
‫عبارات الدعاء مرتبة تصاعديا‪ ،‬فمـن نبـي (كلمـه هللا) هـو موسـ ى ‪ ‬إلـى نبـي (مثـل طلعـة‬
‫هللا) وهـ ــو عيس ـ ـ ى‪ ،‬إلـ ــى نبـ ــي (مث ـ ـل ظهـ ــور هللا) هـ ــو محمـ ــد ‪ .‬والفـ ــرق بـ ــين الطلعـ ــة‬
‫والظه ــور ه ــو أن الطلع ــة ه ــي إلاطالل ــة والظه ــور الجزئ ــي‪ ،‬أي أن الطلع ـة ه ــي تجل ــي بمرتب ــة‬
‫أدنــى مــن الظهــور‪ ،‬فكالهم ــا أي عيس ـ ى ‪ ‬ومحمــد (م ــثال هللا ســبحانه فــي الخل ــق)‪،‬‬
‫ً‬
‫ولكـن عيسـ ى ‪ ‬بمرتبــة أدنـى مــن محمــد ‪ ،‬وبعـث عيسـ ى ‪ ‬كـان ضــروريا للتمهيــد‬
‫ً‬ ‫َّ‬
‫ال ــذي مث ــل هللا فــي الخل ــق فك ــان محم ــد خليف ــة هللا حق ــا‪،‬‬ ‫لظهــور وبع ــث محم ــد‬

‫‪ -1‬كتاب المتشابهات‪ :‬ج‪ 2‬ص‪ 126‬وما بعدها‪.‬‬


‫اصدارات انصار االاما اهمدد ‪‬‬ ‫‪26‬‬

‫ّ‬
‫وإذا رجعن ــا إل ــى أص ــل وبداي ــة الخل ــق وج ــدنا هللا س ــبحانه وتع ــالى يخاط ــب املالئك ــة‪ِ ﴿ :‬إ ِن ــي‬
‫َ َ‬ ‫َْ‬
‫ألا ْ‬ ‫َ‬
‫ض خ ِليفةِ﴾ (‪.)1‬‬‫ِ‬ ‫ر‬ ‫اع ٌل ِفي‬
‫ج ِ‬
‫كذلك ولكن الهدف‬ ‫فإنه وإن كان آدم خليفة هللا وباقي ألانبياء وألاوصياء‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫الذي يراد الوصول إليه هو خليفة هللا حقا‪ ،‬أي الشخص الذي يكون خليفة كامال هلل‬
‫سبحانه وتعالى‪ ،‬فيعكس الالهوت في مرآة وجوده بشكل أكمل وأتم من كل ألانبياء‬
‫‪ .‬فاملراد الوصول إليه هو شخص يخفق بين (ألانا وإلانسانية)‪ ،‬وبين‬ ‫وألاوصياء‬
‫(الالهوت والذات إلالهية)(‪.)2‬‬

‫نتيجة‪ِ:‬‬
‫مما تقدم يتضح أن محل النزاع بيننا وبين املسيحيين يتحدد بقولهم إن‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫عيس ى ‪ ‬يمثل إلها مطلقا أو لهوتا مطلقا‪ ،‬فهذا القول هو ما نرفضه أشد الرفض‬
‫دون ما سواه‪ ،‬كما تبين مما تقدم‪.‬‬

‫مناقشة عقيدة التثليث‪ِ:‬‬


‫يتصور املسيحيون إلاله من خالل فكرة ألاقانيم الثالثة‪ ،‬فالالهوت برأيهم أقانيم‬
‫ثالثة أو أصول ثالثة؛ آلاب والابن والروح القدس‪ ،‬وكل من هؤلء الثالثة هو لهوت‬
‫مطلق‪ ،‬فاآلب لهوت مطلق وكذلك الابن والروح القدس‪ ،‬وهذه الثالثة أقانيم هي ثالثة‬
‫حقيقية يستقل كل منها عن آلاخر‪ ،‬وهي في الوقت ذاته واحد حقيقي‪ ،‬كما سبق القول‪.‬‬
‫واملسيحيون في الغالب ل يستطيعون تقديم جواب مقنع عن التناقض الواضح في‬
‫قولهم أن الثالثة الحقيقية هي واحد حقيقي‪ ،‬وعادة ما يكون جوابهم املفضل‪ :‬إن فهم‬
‫هذه املعادلة التي تناقض مبادئ الرياضيات البسيطة أمر يفوق قدرة العقول البشرية‬
‫املحدودة‪ ،‬وألامر يحتاج بالنتيجة إلى عون خاص يقدمه الروح القدس كما يزعمون(‪.)3‬‬

‫‪ -1‬البقرة‪.22:‬‬
‫‪ -2‬كتاب النبوة الخاتمة‪ :‬ص‪.26 – 25‬‬
‫‪ -2‬يقول القديس سان أوغسطين‪ :‬أنا مؤمن؛ ألن ذلك ال يتفق مع العقل! ويقول كيركجارد‪" :‬إن كل محاولة يراد بها‬
‫جعل المسيحية ديانة معقولة البد أن تؤدي إلى القضاء عليها"! وجاء في "التعليم المسيحي"‪ :‬ال يجوز التدخل في‬
‫‪27‬‬ ‫شبيه عيسى أو امن هو اهمصلوب؟!‬

‫ولو سألنا املسيحيين عن كيفية نشوء كل من الابن والروح القدس‪ ،‬ألجابونا‪ :‬إن‬
‫الابن والروح القدس قد صدرا أو انبثقا كالهما عن آلاب‪ ،‬أو إن الابن انبثق عن آلاب‬
‫ثم انبثق الروح القدس عن كليهما‪.‬‬
‫وعلى الرغم من أنهم ل ميعرفون معنى الانبثاق بصورة واضحة‪ ،‬إل أننا نعرف‬
‫ً‬
‫بالبداهة أن انبثاق ش يء عن ش يء يجعل املنبثق متأخرا عن املنبثق عنه ولو بآن أو‬
‫ً‬
‫القدم‪ ،‬فال يكون في هذه الحالة لهوتا‬ ‫لحظة‪ ،‬ألامر الذي يسلب عنه صفة ألازلية أو ِ‬
‫ً‬
‫مطلقا‪.‬‬
‫يمثل مفكرو املسيحية لفكرة الانبثاق بأمثلة من قبيل الضوء الصادر عن‬
‫الشمس‪ ،‬والكلمة التي ينطق بها املتكلم‪ ،‬ولكن ضوء الشمس كما هو واضح متأخر عن‬
‫وجودها ولو بلحظة‪ ،‬وكذلك الكلمة متأخرة عن املتكلم‪.‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫إذن بالنتيجة ل يمكن أن يكون كل من الابن والروح القدس لهوتا مطلقا كما هو‬
‫آلاب‪.‬‬
‫كما أننا نعلم أن التمايز والاختالف ل يمكن تصوره في الحقيقة البسيطة غير‬
‫املركبة‪ ،‬فإذا كانت ألاقانيم الثالثة مستقلة على الحقيقة كما يقولون فال يمكن أن‬
‫تكون حقيقة واحدة؛ ألنه لبد من وجود جهة اختالف حتمت استقالل كل منها عن‬
‫آلاخر‪ ،‬وجهة الاختالف تقتض ي أن يكون في بعضها نقص هو علة التمايز‪ ،‬وبالتالي لبد‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫أن يكون أحدها لهوتا مطلقا وآلاخران مفتقران له وليسا لهوتا مطلقا‪.‬‬
‫إن القول بأن الابن قد صدر عن آلاب وإن الابن لهوت مطلق‪ ،‬أي إنه كامل ل‬
‫يفتقر لغيره‪ ،‬قول متناقض وأقرب ما يكون إلى السفه؛ ألنه إن كان قد صدر عن آلاب‬
‫ً‬
‫وحده فهو مطابق له تماما؛ ألن هللا سبحانه وتعالى حقيقة لها جهة واحدة‪ ،‬فهو غني‬
‫وغير مركب‪ ،‬فأي معنى وأي حكمة من هذا الصدور مع عدم وجود أي تمايز أو اختالف‬

‫أسرار هللا؛ ألننا ال نستطيع إدراك أسرار اإليمان! ويقول اسكندر جديد في كتابه‪ :‬وحدانية الثالوث في المسيحية‬
‫واإلسالم‪ :‬وخالصة ما تقدم أن هللا في المسيحيّة واحد‪ ,‬وإن كان الالهوت ثالثة أقانيم‪ :‬اآلب واالبن والروح القدس‪,‬‬
‫أي جوهر واحد وثالثة أقانيم‪,‬غير أن الجوهر غير مقسوم‪ .‬فليس لك ٍل من األقانيم جزء خاص منه‪ ,‬بل لكل أقنوم‬
‫كمال الجوهر الواحد نظير اآلخر‪ .‬وأن ما بينهم من النسب س ّر ال يقدر العقل البشري أن يدركه‪.‬‬
‫اصدارات انصار االاما اهمدد ‪‬‬ ‫‪29‬‬

‫ً‬
‫أو تغاير يمكن تصوره؟ هل تقولون إن آلاب غير حكيم ليصدر أو ليلد ابنا له ل فائدة‬
‫له سبحانه ول لغيره من صدوره؟‬
‫الحقيقة أنهم لبد أن يقولوا بوجود اختالف أو تمايز بين آلاب والابن‪ ،‬وهذا‬
‫ثان مختلف عن آلاب ويسبق الابن‪ ،‬ليكون‬ ‫يقتض ي بدوره أن يقولوا بوجود لهوت ٍ‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫الابن صادرا عنهما معا فال يطابق أحدهما‪ ،‬فهل يقولون بمثل هذا الالهوت الثاني الذي‬
‫يسبق الابن؟‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫وبطبيعة الحال لبد أن يكون الالهوت الثاني أقل كمال من ألاول وليس لهوتا‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫مطلقا ليكون متمايزا عنه‪.‬‬
‫إن هللا نور ل ظلمة فيه‪ ،‬وكل عوالم الخلق هي نور مختلط بالظلمة وموجودات‬
‫ظهرت بتجلي نوره سبحانه في الظلمات‪ ،‬ولذا فال يمكن اعتبار أن هللا قد حل في‬
‫ً ً‬
‫مخلوق أو ظهر في مخلوق ظهورا تاما في عوالم الخلق ‪ -‬كما يدعون أنه سبحانه ظهر‬
‫بعيس ى وروح القدس‪-‬؛ ألن معنى هذا أنها ل تبقى بل تفنى ول يبقى إل نور ل ظلمة فيه‪،‬‬
‫أي ل يبقى خلق بل فقط هللا سبحانه وهو نور ل ظلمة فيه‪.‬‬
‫والحق أن هللا سبحانه وتعالى رد في القران الكريم على الذين قالوا إن هلل سبحانه‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫ص َد َر عنه‪ ،‬بمعنى أن لهوتا مطلقا قد صدر عن لهوت‬ ‫ابن انفصل عنه أو مول َد منه أو َ‬
‫ِ‬
‫ً‬
‫مطلق‪ ،‬أو الذين يقولون إن إلانسان املخلوق يمكن أن يرتقي حتى يكون موصول‬
‫بالالهوت املطلق‪ ،‬أي إن حقيقة هذا إلانسان تكون هي الالهوت املطلق؛ ألنه اتحد‬
‫بالالهوت املطلق وبهذا حسب تفكيرهم يكون الالهوت املطلق قد نزل في الناسوت‬
‫وبالجسد‪ ،‬أو بين الناس في إنسان منهم وهذا إلانسان يكون ابن هللا‪.‬‬
‫َ ُ َّ َ َ َ ْ َ ْ َ َّ َ ُ ُ َ ُ َ َ ٌ َ َ ْ َ ُ ْ َ ُ َ َ ٌ َ َ ََ‬
‫احبة وخلق‬ ‫ض أنى يكون له ولد ولم تكن له ص ِ‬ ‫ات وألار ِ‬ ‫قال تعالى‪﴿ :‬ب ِدشع السماو ِ‬
‫ُ َ‬ ‫ُ َ‬
‫ك َّل ش ْي ٍّء َو ُه َو ِبك ِ ّل ش ْي ٍّء ع ِل ِ‬
‫َ ٌ (‪)1‬‬
‫يم﴾ ‪.‬‬
‫ً‬
‫هذا النقض القرآني يعني أنكم تقولون إن هلل ولدا وهذا الولد لهوت مطلق‪ ،‬فإن‬
‫ً‬
‫كانا متطابقين تماما فال حكمة من صدور الولد‪ ،‬وإن قلتم بوجود تمايز بينهما فهذا‬

‫‪ -1‬األنعام‪.121 :‬‬
‫‪28‬‬ ‫شبيه عيسى أو امن هو اهمصلوب؟!‬

‫ً‬ ‫ً‬
‫يحتم وجود لهوت ثان (صاحبة) ليكون الابن صادرا عن الاثنين معا فال يطابق‬
‫أحدهما (‪.)1‬‬
‫ويدحض السيد أحمد الحسن ‪ ‬القول بأن عيس ى لهوت مطلق بقوله‪ :‬إن‬
‫عيس ى يقول عن نفسه إنه يجهل الساعة التي تكون فيها القيامة الصغرى (‪( )2‬وأما ذلك‬
‫اليوم وتلك الساعة فال يعلم بهما أحد ول املالئكة الذين في السماء ول الابن إل‬
‫آلاب)(‪.)3‬‬
‫والجهل نقص بينما الالهوت املطلق كامل مطلق ل يعتريه نقص أو جهل؛ ألنه نور‬
‫ل ظلمة‪ ،‬فالجهل يعتري املخلوق لوجود الظلمة في صفحة وجوده‪ ،‬إذن عيس ى ‪ ‬نور‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫وظلمة وهذا يثبت املطلوب إن عيس ى ليس لهوتا مطلقا بل عبد مخلوق من ظلمة‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫ونور‪ ،‬وليس نورا ل ظلمة فيه تعالى هللا علوا كبيرا وفي هذا فصل الخطاب وبيان‬
‫وموعظة ألولي ألالباب‪.‬‬

‫‪ -1‬انظر كتاب التوحيد‪ :‬ص‪ 12‬وما بعدها‪.‬‬


‫‪ -2‬المقصود من القيامة الصغرى هو يوم القائم أو المنقذ ‪ ،‬وليس القيامة الكبرى حيث يُحشر الناس للحساب‪.‬‬
‫‪ -2‬مرقس‪.22 :12‬‬
‫ِ‬
‫أدلة اْلسيحيين على عقيدة التثليثِ‬
‫ِ‬

‫كلمة البد منها‪ِ:‬‬


‫ً‬
‫لبد أن يكون واضحا للقارئ إن عقيدة التثليث بالصورة التي يعتقد بها‬
‫املسيحيون اليوم ل يوجد في الكلمات التي نطق بها عيس ى ‪ ‬ما يدل عليها‪ ،‬وإنها‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫موضوع نزاع وخالف كبيرين في العالم املسيحي‪ ،‬وإن املسيحيين لبثوا زمنا طويال ل‬
‫يعتقدون بها كما يعتقد مسيحيو اليوم‪.‬‬
‫ولبد في هذا الصدد من التذكير بآريوس املوحد الذي كان ينكر إلوهية يسوع‬
‫ً‬
‫(عيس ى) ويعتقد بأنه مخلوق رفيع القدر ولكن هللا تعالى قد صنعه‪ .‬ويرى أيضا أن الروح‬
‫القدس هو بدوره من مخلوقات هللا عز وجل‪.‬‬
‫وكان آلريوس الكثير من املشايعين‪ ,‬فقد كانت الكنيسة في أسيوط على رأيه‪ ,‬وكان له‬
‫أنصار أقوياء في إلاسكندرية ومثلهم في فلسطين ومقدونيه والقسطنطينية‪.‬‬
‫ولكن توحيدية آريوس تم وأدها في املجمع املسكوني املنعقد في نيقية‪ ،‬فقد عقد‬
‫هذا املجمع جلساته في (‪ 22‬مايو ‪325‬م) بناء على تعليمات من إلامبراطور قسطنطين‬
‫ألاول لدراسة الخالفات في كنيسة إلاسكندرية بين آريوس وأتباعه من جهة وبين‬
‫الكسندروس ألاول (بابا إلاسكندرية) و أتباعه من جهة أخرى حول طبيعة يسوع‪ ،‬هل‬
‫هي نفس طبيعة الرب أم طبيعة البشر‪.‬‬
‫وكانت الغلبة لرأي الكسندروس ألاول (بابا إلاسكندرية) بالقتراع‪ ،‬ولكن آريوس‬
‫واثنين من القساوسة رفضوا بإصرار التوقيع فتم نفيهم إلى اليرا (حاليا البلقان)‪،‬‬
‫وسمي مذهبه ببدعة آريوس ووصم أتباعه إلى اليوم بلقب أعداء‬ ‫وحرقت كتب آريوس م‬
‫املسيحية‪.‬‬
‫‪30‬‬ ‫شبيه عيسى أو امن هو اهمصلوب؟!‬

‫ونتج عن مجمع نيقية أول أشكال قانون إلايمان املسيحي‪ ،‬وكان من أهم مقرراته‪:‬‬
‫(أن السيد املسيح مولود من آلاب قبل كل الدهور (أزلي)‪ ،‬إله من إله‪ ،‬نور من‬
‫مساو لآلب في الجوهر)‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫نور‪ ،‬إله حق من إله حق‪ ،‬مولود غير مخلوق‪،‬‬
‫وقام جميع ألاساقفة الحاضرين بالتوقيع على قانون إلايمان هذا فيما عدا اثنين‬
‫منهم باإلضافة طبعا إلى آريوس وجماعته (‪.)1‬‬
‫ولكن املعارضة لم تنتهي عند هذا الحد‪ ،‬فلقد ظهر في القسطنطينية سنة ‪431‬م‬
‫بطريرك ميدعى (نسطور)‪ ،‬مثل مذهبه (محاولة للعودة إلى التوحيد أو للقرب منه‪ ،‬ويقول‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫نسطور شارحا مذهبه‪ :‬إن مريم لم تلد إلها؛ ألن ما يولد من الجسد ليس إل جسدا؛‬
‫ً‬
‫وألن املخلوق ل يلد الخالق‪ ،‬فمريم ولدت إنسانا ولكن كان آلة لالهوت‪ .‬وعلى هذا‬
‫فمريم ل تسمى والدة إلاله بل والدة املسيح إلانسان‪ ،‬وقد جاء الالهوت لعيس ى بعد‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫ولدته‪ ،‬أي اتحد عيس ى بعد الولدة باألقنوم الثاني اتحادا مجازيا فمنحه هللا املحبة‬
‫ووهبه النعمة) (‪.)2‬‬
‫ومن أجل أفكار نسطور تم عقد مجمع أفسس ألاول سنة ‪431‬م الذي (تقرر فيه‬
‫ً‬
‫أن املسيح طبيعة واحدة ومشيئة واحدة‪ ،‬وأن العذراء ولدت إلها وتدعى لذلك أم إلاله)‬
‫(‪.)3‬‬
‫وهكذا يتضح القول بإلوهية الابن قد تقرر كعقيدة مسيحية بعد عشرات السنين‬
‫من رفع عيس ى ‪ .‬أما ألاقنوم الثالث (الروح القدس) فقد تأخر نصف قرن أخرى‬
‫ليكمل الضلعين السابقين لإلله املثلث!‬
‫ومن أجله تم عقد مجمع القسطنطينية ألاول سنة ‪381‬م‪ .‬وكان سبب عقد املجمع‬
‫ً‬
‫مجاهرة مقدونيوس بأن الروح القدس ليس إلها‪ ،‬وإنما هو مخلوق مصنوع‪.‬‬
‫ً‬
‫ولكن املجمع قرر ألوهية الروح القدس بحجة أنه ليس شيئا آخر (غير روح هللا‪،‬‬
‫ً‬
‫وليس روح هللا شيئا غير حياته‪ .‬فإذا قلنا أن روح القدس مخلوق فقد قلنا أن حياته‬

‫‪ -1‬انظر موسوعة ويكيبديا العالمية ومحاضرات في النصرانية‪ :‬محمد أبو زهرة ص‪ 122‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪ -2‬المسيحية ‪ -‬الدكتور أحمد الشلبي‪ :‬ص‪.165 – 164‬‬
‫‪ -2‬نفسه‪ :‬ص‪.169‬‬
‫اصدارات انصار االاما اهمدد ‪‬‬ ‫‪32‬‬

‫مخلوقة‪ ،‬وإذا قلنا أن حياته مخلوقة فقد زعمنا انه غير حي‪ ،‬وإذا زعمنا انه غير حي‬
‫فقد كفرنا به ومن كفر به وجب عليه اللعن) (‪.)1‬‬
‫أ ‪ -‬ألادلة العقلية‪:‬‬
‫تفتقر عقيدة التثليث إلى النصوص التي تدل عليها‪ ،‬لهذا يلجأ فقهاء املسيحية إلى‬
‫طريقة ضرب ألامثال للتدليل عليها من جهة‪ ،‬وتقريبها لألذهان من جهة أخرى‪.‬‬
‫ومن ألامثلة التي يسوقونها في هذا الصدد قولهم أن الشمس تتشكل من جسم‬
‫ً‬
‫وضوء وحرارة وهذه الثالثة تشكل ثالوثا‪ ،‬فال يمكن فصل الشمس عن جسمها ول عن‬
‫ضوئها أو حرارتها‪ .‬فهذه الثالثة إذن ش يء واحد وثالثة في وقت واحد!‬
‫وكذلك ألامر بالنسبة لجسم التفاحة و طعمها و رائحتها‪.‬‬
‫ولكنهم يتغافلون عن حقيقة أن الحرارة والطعم والضوء والرائحة ليست سوى‬
‫أعراض أو صفات ل تقوم ول تستقل بذاتها‪ ،‬بينما ألاقانيم الثالثة بالنسبة لهم حقيقية‬
‫ومستقلة بعضها عن ألاخر‪ .‬فاملساواة التي يزعمونها في ألاقانيم الثالثة منعدمة هنا‪.‬‬
‫ً‬
‫ويضربون مثال آخر للثالوث‪ ،‬فيقولون‪ :‬إلانسان يتكون من ذات وعقل وروح وهو‬
‫واحد‪.‬‬
‫هنا لبد أن نعرف أن الذات تحتاج إلى الروح من أجل الحياة‪ ،‬وتحتاج إلى العقل‬
‫من أجل التعقل‪ ،‬فنحن إذن بإزاء أجزاء يحتاج بعضها لبعض وهي ليست مستقلة‪،‬‬
‫كما يقولون بشأن ألاقانيم‪.‬‬
‫والكالم نفسه ميقال بشأن مثل املثلث؛ فاملثلث يتشكل من ثالثة أضالع وهو واحد‪،‬‬
‫ً‬
‫ولكن ليس كل ضلع بمفرده مثلثا‪ ،‬بل انضمامه لألضالع ألاخرى ينتج منه املثلث‪.‬‬
‫ب‪ -‬ألادلة النصوصية‪:‬‬
‫من نافلة القول أن الاستدلل على قضية ما لبد أن يتم بنصوص محكمة‬
‫وقطعية الدللة على املطلوب‪ ،‬أما الاستدلل بنصوص متشابهة أو متعددة الدللة فال‬
‫يعدو عن كونه مغالطة ومحاولة لخداع املتلقي‪.‬‬

‫‪ -1‬محاضرات في النصرانية‪ :‬ص‪.122‬‬


‫‪33‬‬ ‫شبيه عيسى أو امن هو اهمصلوب؟!‬

‫وسنرى أن جميع ما استدل به املسيحيون على عقيدة التثليث يقع في خانة‬


‫املتشابه غير القطعي الدللة على مطلوبه‪ .‬وعلى الرغم من كفاية الطعن في دليلهم‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫املزعوم بوصفه دليال متشابها ل يمكن الاطمئنان إلى دللته على موضوعه‪ ،‬إل أننا‬
‫ً‬
‫سنحاول جاهدين تقديم نقوض ليتوضح للقارئ أن ما يحسبه املسيحيون دليال على‬
‫عقيدة التثليث ما هو في الحقيقة إل وهم‪.‬‬
‫أما النصوص التي استدلوا بها فهي كالتالي‪:‬‬
‫‪( -1‬الحق الحق أقول لكم قبل أن يكون إبراهيم أنا كائن) (‪.)1‬‬
‫هذه العبارة يفهمها بعض الكتاب املسيحيين على أنها تعادل عبارة (أنا هللا) أو (أنا‬
‫الرب) أو (أنا يهوه) الذي هو اسم الجاللة بحسب التوراة العبرية‪.‬‬
‫وعلى الرغم من إمكانية حسم الجدال بشأن هذه املسألة بكلمة واحدة هي القول‬
‫تجل هلل في ألارض‬ ‫بأن عبارة (أنا هللا) أو (أنا الرب) ل تعني سوى أن املسيح ‪ٍ ‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫ولهوته ليس لهوتا مطلقا‪ ،‬غير أننا يمكن أن نفهم من العبارة التي يستدلون بها‬
‫دللت كثيرة ل عالقة لها على إلاطالق بما يذهب إليه املسيحيون‪ .‬وسنكتفي هنا بدللة‬
‫واحدة محتملة ليسقط استدللهم؛ ألنه طاملا كان يوجد احتمال لفهم آخر غير الفهم‬
‫كاف لسقوط فهمهم؛ ألن بقائه والركون إليه يعتمد بالضرورة‬ ‫الذي قرروه يكون هذا ٍ‬
‫على ركيزة كونه الدللة الوحيدة التي يمكن أن نفهم كالم عيس ى ‪ ‬على وفقها‪ ،‬ومع‬
‫ً‬
‫ورود احتمال آخر يستحيل كالم عيس ى متشابها أو متعدد الدللت‪ ،‬وبالتالي ل يمكن‬
‫القطع بدللة معينة حتى لو وجدنا الكثير الكثير مما يقويها‪ ،‬لحتمال أن يكون املتكلم‬
‫ً‬
‫قصد غيرها‪ ،‬ولحتمال أن تكون هناك قرائن ترجح فهما آخر ولكن هذه القرائن غائبة‬
‫عنا‪ .‬إذن يمكن أن نفهم كالم عيس ى ‪ - ‬على سبيـل املثال املحتمل ‪ -‬بأنه أراد أن‬
‫ميفهم مستمعيه أن روحه وحقيقته مخلوقة قبل زمان إبراهيم ‪ ،‬أو قبل وجود‬
‫إبراهيم في هذا العالم املادي‪ ،‬فاألرواح مخلوقة قبل هذا العالم املادي‪.‬‬
‫ويمكن أن نقوي هذه الدللة بمالحظة السياق الذي وردت فيه هذه الكلمة‪،‬‬
‫فعيس ى‪ ‬كان يخاطب اليهود ويسعى للفت أذهانهم إلى الحقائق امللكوتية البعيدة عن‬
‫‪ -1‬يوحنا ‪.51 :1‬‬
‫اصدارات انصار االاما اهمدد ‪‬‬ ‫‪31‬‬

‫الحس واملادة‪ ،‬فالحياة الحقيقية واملوت الحقيقي ليسا حياة وموت الجسد بقدر ما‬
‫هما حياة وموت الروح‪ ،‬وهذا ما لم يكونوا يفهمونه‪ ،‬فاعترضوا عليه بأن نبي هللا‬
‫ً‬
‫إبراهيم ‪ ‬وألانبياء جميعا قد ماتوا‪ ،‬فكيف تقول إن من يحفظ كالمك ل يموت‪،‬‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫هل أنت أعظم من إبراهيم وألانبياء‪(َ ،‬م ْن ت ْج َع مل ن ْف َس َك؟) أي إنك ‪ -‬بزعمهم ‪ -‬تخالف‬
‫ً‬
‫ألانبياء وتمنح نفسك مجدا‪ ،‬فقال لهم‪ :‬هللا هو مجدني ولم أمجد نفس ي‪ ،‬وطريقي هو‬
‫ً‬
‫طريق ألانبياء السابقين‪ ،‬ولكنه هنا استخدم تعبيرا يكشف من خالله عن حقيقة غفلوا‬
‫عنها‪ ،‬وهي أن الحياة باملعنى املادي ليست هي كل الحياة‪ ،‬بل الحياة الحقيقية هي حياة‬
‫ألارواح‪ ،‬فاملوت الجسدي ليس نهاية املطاف‪ ،‬وألارواح تشهد ما يجري كما تشهدون‬
‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ م م ْ ْ َ م َّ َ‬
‫يم َت َهل َل ِبأ ْن َي َرى َي ْو ِمي ف َرأى َوف ِر َح)‪ .‬لم يفهم اليهود هذا الكالم‬ ‫أنتم‪( :‬أبوكم ِإبر ِاه‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫م‬
‫س لك خ ْم مسون َسنة ب ْعد‪ ،‬أف َرأ ْيت إ ْب َراه َ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫فاعترضوا قائلين‪( :‬لي َ‬
‫يم؟)‪ ،‬وهنا قال لهم‪:‬‬ ‫ِ ِ‬
‫ْ َ َّ ْ َ َّ َ م م َ م ْ َ ْ َ َ ْ َ م َ ْ َ م َ َ َ‬
‫يم أنا ك ِائ ٌن)‪ .‬أي إن روحي مخلوقة قبل زمن‬ ‫(الحق الحق أقول لكم‪ :‬قبل أن يكون ِإبر ِاه‬
‫آلان َم ِج ْد ِني‬ ‫إبراهيم ووجوده على هذه ألا ض‪ ،‬بل قبل خلق هذا العالم املادي‪َ 5( :‬و َ‬
‫ر‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ َ‬ ‫امل ْجد َّالذي َك َ‬ ‫م ْ َ َ َ َْ‬ ‫َْ َ‬
‫ان ِلي ِع ْن َد َك ق ْب َل ك ْو ِن ال َعال ِم) (‪.)1‬‬ ‫آلاب ِعند ذا ِتك ِب ِ ِ‬ ‫أن َت أ ُّي َها‬
‫م‬ ‫م َ م م ََ‬ ‫م م َ‬ ‫م م م َ َّ م َ َّ َ َ َ‬ ‫َ‬
‫ين أ ْعط ْي َت ِني َيكونون َم ِعي َح ْيث أكون أنا‪ِ ،‬ل َي ْنظ مروا‬ ‫(‪ 24‬أ ُّي َها آلاب أ ِريد أن هؤل ِء ال ِذ‬
‫َ ْ َ ْ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َّ َ َ‬
‫َم ْج ِدي ال ِذي أ ْعط ْي َت ِني‪ ،‬أل َّن َك أ ْح َب ْب َت ِني ق ْب َل ِإنش ِاء ال َعال ِم) (‪.)2‬‬
‫وهذا هو سياق العبارة التي يستدلون بها‪:‬‬
‫َ ْ َ َّ ْ َ َّ َ م م َ م ْ ْ َ َ َ َ ٌ َ ْ َ م َ َ َ َ ْ َ َ ْ َ ْ َ َ ََ‬
‫(‪ 51‬الحق الحق أقول لكم‪ِ :‬إن كان أحد يحفظ كال ِمي فلن يرى املوت ِإلى ألاب ِد‪52 .‬‬
‫َ َ َ َ م ْ َ م م َ َ ْ َ َ َّ َ َ ْ َ ً َ ْ َ َ ْ َ م َ َ‬
‫ألا ْنب َي ماء‪َ ،‬و َأ ْن َت َت مقو مل‪:‬إ ْن َك َ‬
‫ان‬ ‫ِ‬ ‫َفقال له ال ميهود‪:‬آلان َع ِلمنا أن ِب ْك شي َطانا‪َ .‬قد مات ِإبر ِاهيم و ِ‬
‫َ َ َ َّ َ َ ْ َ م ْ َ َ ْ َ َ َّ‬ ‫م َ َ‬ ‫َ َ َ َ‬
‫أ َح ٌد َي ْحفظ كال ِمي فل ْن َيذوق امل ْو َت ِإلى ألا َب ِد‪ 53 .‬ألعلك أعظم ِمن أ ِبينا ِإبر ِاهيم ال ِذي‬
‫وع‪ :‬إ ْن مك ْن مت مأ َمج مد َن ْف ِس ي َف َل ْي َ‬ ‫اب َي مس م‬ ‫ألا ْنب َي ماء َم ماتوا‪َ .‬م ْن َت ْج َع مل َن ْف َس َك؟ ‪َ 54‬أ َج َ‬ ‫َ َ َ َ‬
‫س‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫مات؟ و ِ‬
‫َ‬ ‫م‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫م‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫م‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫َ‬
‫َم ْج ِدي ش ْيئا‪ .‬أ ِبي مه َو ال ِذي مي َم ِج مد ِني‪ ،‬ال ِذي ت مقولون أن مت ْم ِإ َّن مه ِإ ملهك ْم‪َ 55 ،‬ول ْس مت ْم ت ْع ِرفون مه‪.‬‬
‫َ م َ َ م‬ ‫َ م َ م م َْ م َ ً‬ ‫َ‬ ‫مْ‬ ‫َ ََ ََ م‬
‫َوأ َّما أنا فأ ْع ِرف مه‪َ .‬وِإ ْن قل مت ِإ ِني ل ْس مت أ ْع ِرف مه أكون ِمثلك ْم ك ِاذبا‪ِ ،‬لك ِني أ ْع ِرف مه َوأ ْحفظ‬
‫َ َ َ َ م َْم م َ ْ َ َ‬ ‫َ َ َ‬ ‫َ م م ْ ْ َ م َّ َ‬ ‫َ َ‬
‫س ل َك‬ ‫يم َت َهل َل ِبأ ْن َي َرى َي ْو ِمي ف َرأى َوف ِر َح»‪ 57 .‬فقال له اليهود‪ :‬لي‬ ‫ق ْول مه‪ 56 .‬أبوكم ِإبر ِاه‬

‫‪ -1‬يوحنا‪.11 :‬‬
‫‪ -2‬يوحنا‪.11 :‬‬
‫‪35‬‬ ‫شبيه عيسى أو امن هو اهمصلوب؟!‬

‫ْ َم َم َ َ‬ ‫َ َ َم ْ َ م م ْ‬ ‫َخ ْم مسو َن َس َن ًة َب ْع مد‪َ ،‬أ َف َ َرأ ْي َت إ ْب َراه َ‬


‫وع‪ :‬ال َح َّق ال َح َّق أقو مل لك ْم‪ :‬ق ْب َل أ ْن‬ ‫يم؟ ‪ 58‬قال لهم يس‬ ‫ِ ِ‬
‫َ َ ً َ ْ م م م َ َّ َ م م َ ْ َ َ َ َ َ َ َ ْ َ ْ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ م َ ْ َ م ََ َ‬
‫يم أنا كا ِئ ٌن‪ 55 .‬ف َرف معوا ِحجارة ِليرجموه‪ .‬أما يسوع فاختفى وخرج ِمن الهيك ِل‬ ‫يكون ِإبر ِاه‬
‫َ َ‬ ‫ً‬
‫مم ْج َتازا ِفي َو ْس ِط ِه ْم َو َم َض ى هكذا) (‪.)1‬‬
‫صورتك في البطن م‬ ‫َ‬ ‫ً‬
‫عرفتك‪ ،‬وقبلما‬ ‫وورد في أرميا‪( :‬فكانت كلمة الرب إلي قائال‪ :‬قبلما‬
‫ً‬ ‫م‬ ‫َ‬
‫قدستك‪ ،‬جعلتك نبيا للشعوب) (‪.)2‬‬ ‫خرجت من الرحم‬
‫م ْ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫وورد في سفر ألامثال‪( :‬ا َّلر ُّب ق َنا ِني أ َّو َل ط ِر ِيق ِه‪ِ ،‬م ْن ق ْب ِل أ ْع َم ِال ِه‪ ،‬مم ْنذ ال ِق َد ِم‪23 .‬‬
‫ْ َ َم‬ ‫ْ َ م َ م ْ‬ ‫َ‬ ‫ألا َزل ممس ْح مت‪ ،‬مم ْن مذ ْال َب ْدء‪ ،‬مم ْن مذ َأ َ‬ ‫مْم َ‬
‫ض‪ِ 24 .‬إذ ل ْم َيك ْن غ ْم ٌر أ ْب ِدئ مت‪ِ .‬إذ ل ْم تك ْن‬ ‫ِ‬ ‫ر‬ ‫ألا ْ‬ ‫ل‬ ‫ِ‬ ‫ئ‬
‫ِ‬ ‫ا‬‫و‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫منذ‬
‫ال‪َ ،‬ق ْب َل الت َالل مأ ْبد ْئ مت‪ 26 .‬إ ْذ َل ْم َي مكنْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫َي َناب ميع ك ِث َيرة ِامل َي ِاه‪ِ 25 .‬من ق ْبل أن تق َّر َر ِت الج َب م‬
‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫م‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الس َم َاوات مك ْنتم‬ ‫َّ‬ ‫امل ْس مك َونة‪َ 27 .‬ملَّا َث َّبتَ‬ ‫َ ْ َ َ َ َ ْ َ َ ْ م َ َ ْ َ َ َّ َ َ َ َّ َ َ ْ َ ْ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫قد صنع ألارض بعد ول البر ِاري ول أول أعف ِار‬
‫َ م َ َّ َ َ‬
‫الس مح َب ِم ْن ف ْوق‪ .‬ملا تش َّد َد ْت‬ ‫اك َأ َنا‪َّ َ .‬ملا َر َس َم َد ِائ َر ًة َع َلى َو ْج ِه ْال َغ ْمر‪َّ َ 28 .‬ملا َأ ْث َب َت ُّ‬ ‫مه َن َ‬
‫َ َّ َ َ َ ْ َ ْ َ َّ م َ َ َ َ َ َّ ْ َ م م ْ َ م َ َّ َ َ َ م م َ َ‬ ‫ِ‬
‫َْ‬
‫ض‪32 ،‬‬ ‫ِ‬ ‫ر‬‫ألا ْ‬ ‫َي َن ِاب ميع الغ ْم ِر‪ 25 .‬ملا وضع ِللبح ِر حده فال تتعدى ِاملياه تخمه‪ ،‬ملا رسم أسس‬
‫م َ‬ ‫َ ً‬ ‫م‬ ‫َ َّ َ َ ً‬ ‫م‬ ‫مْ م َْم َ ً م‬
‫صا ِنعا‪َ ،‬وك ْن مت ك َّل َي ْو ٍم لذت مه‪ ،‬ف ِر َحة َدا ِئ ًما ق َّد َام مه‪ 31 .‬ف ِر َحة ِفي َم ْسكون ِة‬ ‫كنت ِعنده‬
‫َ َ (‪)3‬‬ ‫َ َّ‬ ‫َ‬
‫أ ْر ِض ِه‪َ ،‬ولذا ِتي َم َع َب ِني آدم) ‪.‬‬
‫وكل هذه تدل على حقيقة واحدة‪ ،‬هي‪ :‬أن ألارواح واملالئكة مخلوقة قبل خلق‬
‫ً‬
‫العالم املادي‪ ،‬ول يعني ذلك إنها آلهة‪ ،‬بل إن الحوادث أيضا حاضرة في علم هللا تعالى‬
‫ً‬
‫قبل وقوعها‪ ،‬فمن يقرأ رؤيا يوحنا على سبيل املثال يجد هناك حديثا عن حوادث‬
‫ً‬
‫ستقع على هذه ألارض‪ ،‬أي إنها لم تقع بعد‪ ،‬ومع ذلك يتم تصويرها وكأنها وقعت فعال‬
‫ً‬
‫إشارة إلى حتمية وقوعها؛ ألنها قد تم تقديرها مسبقا في علم هللا‪.‬‬
‫وأتساءل‪ :‬إذا كان املسيحيون يفهمون إلالوهية من النص أعاله‪ ،‬فلماذا لم‬
‫يفهموها من النص التالي‪:‬‬
‫اس َت ْق َب َل إ ْب َراه َ‬ ‫َّ‬ ‫ْ‬
‫يم‪َ ،‬كاه َن هللا ال َعلي‪ ،‬الذي ْ‬ ‫هذا‪َ ،‬مل َك َسال َ‬ ‫َ َ َ َ‬ ‫َ ْ‬
‫يم‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫(‪ 1‬أل َّن َمل ِكي صادق‬
‫ْ مَ‬ ‫م َ‬ ‫َ َ َ َم َْ م ْ ً‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫ً ْ َ ْ ْ مم‬
‫يم معشرا ِم ْن ك ِل ش ْي ٍء‪ .‬املت ْر َج َم‬ ‫وك َو َب َارك مه‪ 2 ،‬ال ِذي قسم له ِإبر ِاه‬ ‫َر ِاجعا ِمن كس َر ِة املل ِ‬

‫‪ -1‬يوحنا‪.1 :‬‬
‫‪ -2‬أرميا‪.5 – 4/ 1 :‬‬
‫‪ -2‬أمثال‪.1 :‬‬
‫اصدارات انصار االاما اهمدد ‪‬‬ ‫‪36‬‬

‫َ‬ ‫ََ‬ ‫َم‬ ‫ََ‬ ‫َ َّ ً َ َ ْ م َّ َ ْ ً َ َ َ َ َ ْ َ َ َّ َ‬


‫السال ِم) ‪ِ 3‬بال أ ٍب‪ِ ،‬بال أ ٍم‪ِ ،‬بال ن َس ٍب‪ .‬ل‬ ‫أول «م ِلك ال ِب ِر» ثم أيضا (م ِلك س ِاليم) أي (م ِلك‬
‫َ َ َ َ َ َّ َ م َ َ َ َ َ َ َ م َ م َ ٌ ْ‬
‫بداءة أي ٍام له ول ِن َهاية حي ٍاة‪ .‬ب ْل هو مش َّبه ِباب ِن ِ‬
‫(‪)1‬‬
‫هللا) ؟‬
‫ً‬
‫‪ -2‬النصوص التي ورد فيها لفظ الابن أو ابن هللا‪ ،‬وهي كثيرة أذكر بعضا منها‪:‬‬
‫(لكي يكرم الجميع الابن كما يكرمون آلاب)(‪ ،)2‬ومثله‪ 22( :‬ألن آلاب يحب الابن‬
‫ويريه جميع ما هو يعلمه‪ .‬وسيريه أعمال أعظم من هذه لتتعجبوا أنتم‪ 21 .‬ألنه كما أن‬
‫ً‬
‫آلاب يقيم ألاموات ويحيي كذلك الابن أيضا يحيي من يشاء‪ 22 .‬ألن آلاب ل يدين أحدا‬
‫بل قد أعطى كل الدينونة لالبن‪ 23 .‬لكي يكرم الجميع الابن كما يكرمون آلاب‪ .‬من ل‬
‫يكرم الابن ل يكرم آلاب الذي أرسله) (‪.)3‬‬
‫ً‬
‫ومثله‪( :‬فتقدم يسوع وكلمهم قائال‪ :‬دفع إلي كل سلطان في السماء وعلى ألارض‪،‬‬
‫فاذهبوا وتلمذوا جميع ألامم وعمدوهم باسم آلاب والابن وروح القدس‪ ،‬وعلموهم أن‬
‫يحفظوا جميع ما أوصيتكم به‪ .‬وها أنا معكم كل ألايام إلى انقضاء الدهر‪ .‬آمين)(‪،)4‬‬
‫وكذلك‪ 16( :‬فلما اعتمد يسوع صعد للوقت من املاء‪ .‬وإذا السماوات قد انفتحت له‬
‫فرأى روح هللا نازل مثل حمامة وآتيا عليه‪ 17 .‬وصوت من السماوات قائال هذا هو ابني‬
‫الحبيب الذي به سررت)(‪ .)5‬وكذلك‪ 1( :‬تكلم يسوع بهذا و رفع عينيه نحو السماء و قال‬
‫ً‬
‫أيها آلاب قد أتت الساعة مجد ابنك ليمجدك ابنك أيضا * ‪ 2‬إذ أعطيته سلطانا على‬
‫كل جسد ليعطي حياة أبدية لكل من أعطيته * ‪ 3‬وهذه هي الحياة ألابدية أن يعرفوك‬
‫أنت إلاله الحقيقي وحدك و يسوع املسيح الذي أرسلته * ‪ 4‬أنا مجدتك على ألارض‬
‫العمل الذي أعطيتني ألعمل قد أكملته * ‪ 5‬وآلان مجدني أنت أيها آلاب عند ذاتك‬
‫باملجد الذي كان لي عندك قبل كون العالم)(‪.)6‬‬
‫ً‬
‫للرد على الاستدلل بهذه النصوص لبد من التذكير أول أن محل النزاع بيننا وبين‬
‫املسيحيين ‪ -‬كما سلف القول ‪ -‬يتحدد برفضنا القاطع لقول املسيحيين بإلوهية عيس ى‬

‫‪ -1‬الرسالة إلى العبرانيين‪.1‬‬


‫‪ -2‬يوحنا ‪.22 :5‬‬
‫‪ -2‬يوحنا‪.5 :‬‬
‫‪ -4‬متى‪.22 – 11 :21‬‬
‫‪ -5‬متى‪.2 :‬‬
‫‪ -6‬يوحنا‪.11 :‬‬
‫‪37‬‬ ‫شبيه عيسى أو امن هو اهمصلوب؟!‬

‫‪ ‬ألوهية مطلقة‪ ،‬ومن الواضح أن هذه النصوص ل تسعف زعم املسيحيين‬


‫باأللوهية املطلقة‪.‬‬
‫وآلان يمكننا أن ندفع بنصوص كثيرة وردت في العهدين القديم والجديد على حد‬
‫سواء تنسب أبوة هللا جل وعال لغير عيس ى ‪ ،‬فعلى سبيل املثال جاء في سفر ألايام‬
‫ألاول إلاصحاح السابع عشر‪ 11( :‬ويكون متى كملت أيامك لتذهب مع آبائك إني أقيم‬
‫ً‬
‫بعدك نسلك الذي يكون من بنيك واثبت مملكته * ‪ 12‬هو يبني لي بيتا وأنا اثبت كرسيه‬
‫ً‬
‫إلى ألابد * ‪ 13‬أنا أكون له أبا وهو يكون لي ابنا ول انزع رحمتي عنه كما نزعتها عن الذي‬
‫كان قبلك)(‪.)1‬‬
‫وفي متى ولوقا‪( :‬طوبى لصانعي السالم‪ ،‬ألنهم أبناء هللا يدعون)(‪.)2‬‬
‫وكذلك‪( :‬فصلوا انتم هكذا أبانا الذي في السماوات ليتقدس اسمك * ‪ 12‬ليأت‬
‫ملكوتك لتكن مشيئتك كما في السماء كذلك على ألارض * ‪ 11‬خبزنا كفافنا أعطنا‬
‫ً‬
‫اليوم * ‪ 12‬واغفر لنا ذنوبنا كما نغفر نحن أيضا للمذنبين إلينا * ‪ 13‬ول تدخلنا في‬
‫تجربة لكن نجنا من الشرير لن لك امللك والقوة واملجد إلى ألابد آمين * ‪ 14‬فانه إن‬
‫غفرتم للناس زلتهم يغفر لكم أيضا أبوكم السماوي) (‪.)3‬‬

‫وجاء في سفر التكوين‪( :‬وحدث ملا ابتدأ الناس يكثرون على ألارض‪ ،‬وولد لهم بنات‬
‫أن أبناء هللا رأوا بنات الناس أنهن حسنات فاتخذوا ألنفسهم نساء من كل ما اختاروا)‬
‫(‪.)4‬‬
‫ْ ْ‬ ‫ََم م َْْ َ َ‬
‫هك َذا َي مقو مل َّ‬
‫يل ْاب ِني ال ِبك مر‪23 .‬‬
‫الر ُّب‪ :‬إ ْس َرا ِئ م‬
‫ِ‬ ‫وفي سفر الخروج‪ 22( :‬فتقول ِل ِفرعون‪:‬‬
‫ْ ْ‬ ‫ََ َ ْ‬ ‫َ م ْ َ‬ ‫ََ‬ ‫َ ْ َ َ ْ‬
‫ف مقل مت ل َك‪ :‬أط ِل ِق ْاب ِني ِل َي ْع مب َد ِني‪ ،‬فأ َب ْي َت أ ْن تط ِلق مه‪َ .‬ها أنا أق مت مل ْاب َن َك ال ِبك َر) (‪.)5‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫وفي املزامير‪( :‬هو يدعوني‪ :‬أنت أبي وإلهي وصخرة خالص ي‪ ،‬وأنا أيضا أجعله بكرا‪،‬‬

‫‪ -1‬سفر األيام األول‪.11 :‬‬


‫‪ -2‬متى‪ ,9 / 5 :‬لوقا‪.26 / 22:‬‬
‫‪ -2‬متى‪.14 – 9/ 6 :‬‬
‫‪ -4‬التكوين‪.2 – 1 /6:‬‬
‫‪ -5‬الخروج‪.4 :‬‬
‫اصدارات انصار االاما اهمدد ‪‬‬ ‫‪39‬‬

‫ً‬
‫فوق ملوك ألارض عليا) (‪.)1‬‬
‫ولئن قيل في املسيح أنه ابن هللا العلي‪ ،‬فكذلك سائر بني إسرائيل‪( :‬وبنو العلي‬
‫ً‬
‫كلكم) (‪ .)2‬وتالميذ عيس ى ‪ ‬أيضا هم بنو العلي‪ ،‬ففي لوقا‪( :‬أحبوا أعداءكم‪ ...‬فيكون‬
‫ً‬
‫أجركم عظيما‪ ،‬وتكونوا بني العلي) (‪.)3‬‬
‫ً‬
‫بــل كــل مــن يــؤمن يكــون مولــودا مــن هللا‪( :‬كــل مــن يــؤمن أن يســوع هــو املســيح‪ ،‬فقــد‬
‫ولد من هللا)(‪ .)4‬وكل من يصنع البر يكون مولود من هللا‪( :‬من يصنع البر مولود منه)(‪.)5‬‬

‫ً‬
‫وورد أيض ـ ــا‪( :‬آدم اب ـ ــن هللا)(‪ ،)6‬ومثل ـ ــه داود ال ـ ــذي قي ـ ــل ل ـ ــه‪( :‬أن ـ ــت ابن ـ ــي‪ ،‬أن ـ ــا الي ـ ــوم‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫ولــدتك)(‪ ،)7‬وس ــليمان أيض ــا اب ــن هللا‪( :‬ه ــو يبن ــي ل ــي بيتــا … أن ــا أك ــون ل ــه أب ــا‪ ،‬وه ــو يك ــون ل ــي‬
‫ً‬ ‫َ‬ ‫ً‬
‫ابن ــا)(‪ ،)8‬واملالئك ــة (أبن ــاء هللا) (مث ـ َـل املالئك ـ ِـة وه ــم أبن ــاء هللا)(‪ ،)5‬والحواري ــون أيض ــا‪( :‬ق ــولي‬
‫لهــم‪ :‬إنــي أصــعد إلــى أبــي وأبــيكم وإلهــي وإلهكــم)(‪( ،)12‬فكونــوا أنــتم كــاملين‪ ،‬كمــا أن أبــاكم‬
‫الـذي فـي السـماوات هـو كامـل)(‪ ،)11‬بـل كـل النـاس‪ ،‬أو املسـيحيين علـى ألاقـل‪( :‬فصـلوا أنـتم‬
‫هكذا‪ :‬أبانا الذي في السماوات‪ ،‬ليتقدس اسمك‪ .)12()..‬وتوجد نصـوص كثيـرة أخـرى لسـنا‬
‫بصدد استقصائها‪.‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫إذن مــا الــذي يجعــل ورود تعبيــر البنــوة مقترنــا بعيس ـ ى ‪ ‬دالا علــى ألوهيتــه‪ ،‬ومــا‬
‫الذي يمنع من القول بإلوهية غيره إذا ما اقترن به التعبير بالبنوة ذاته؟‬
‫إن أي شـ يء يمكــن أن يتقــدم بــه املســيحيون علــى أنــه مــائز يرشــح عيسـ ى لنيــل مرتبــة‬

‫‪ -1‬المزمور‪.21 – 26 / 19 :‬‬
‫‪ -2‬المزمور‪.6 / 12 :‬‬
‫‪ -2‬لوقا‪.25 / 6 :‬‬
‫‪ -4‬يوحنا‪.1 / 5 – 1 :‬‬
‫‪ -5‬يوحنا‪.29 / 2 – 1 :‬‬
‫‪ -6‬لوقا‪.21 / 2 :‬‬
‫‪ -1‬المزمور‪.1 / 2:‬‬
‫‪ -1‬األيام‪.12 – 12 / 11 – 1 :‬‬
‫‪ -9‬لوقا‪.26 / 22 :‬‬
‫‪ -12‬يوحنا‪.11 / 22 :‬‬
‫‪ -11‬متى‪.41 / 5 :‬‬
‫‪ -12‬متى‪.9 / 6 :‬‬
‫‪38‬‬ ‫شبيه عيسى أو امن هو اهمصلوب؟!‬

‫ألالوهي ــة ويمنعه ــا ع ــن غي ــره كفي ــل بإس ــقاط اس ــتدللهم به ــذه النص ــوص؛ ألن ــه ف ــي ه ــذه‬
‫الحالــة لــن يكــون نفــس النصــوص هــذه‪ ،‬ونفــس التعبيــر بــالبنوة املقتــرن فيهــا بعيس ـ ى ‪‬‬
‫ه ــو ال ــدال عل ــى ألوهيت ــه وإنم ــا ذل ــك امل ــائز املفت ــرض‪ ،‬إذن ليتق ــدموا ب ــذلك امل ــائز املفت ــرض‬
‫لننظر فيه‪.‬‬
‫والحق أن عبارة (ابن هللا) يمكن أن نجد لها دللت كثيرة غير ما يزعمه‬
‫ً‬
‫املسيحيون‪ ،‬فمن املمكن أن نقول إنها ل تعني شيئا سوى املديح وإلاشادة‪ ،‬أي إنها تعبير‬
‫مجازي‪ ،‬فكما إننا نسمي الشرير أو الرجل غير الصالح بأنه ابن إبليس‪ ،‬أو ابن ألافعى‬
‫كما ورد في إنجيل متى‪( :‬يا أولد ألافاعي‪ ،‬كيف تقدرون أن تتكلموا بالصالحات وأنتم‬
‫أشرار)(‪ ،)1‬وكذلك في يوحنا‪( :‬أنتم من أب هو إبليس وشهوات أبيكم تريدون أن تعملوا‪.‬‬
‫ذاك كان قتال للناس من البدء ولم يثبت في الحق ألنه ليس فيه حق‪ .‬متى تكلم بالكذب‬
‫فإنما يتكلم مما له ألنه كذاب وأبو الكذاب) (‪ .)2‬أقول كذلك يمكن أن نسمي الصالح‬
‫ابن هللا‪.‬‬
‫ورد في متى‪ 44( :‬وأما أنا فأقول لكم أحبوا أعداءكم باركوا لعنيكم أحسنوا إلى‬
‫مبغضيكم وصلوا ألجل الذين يسيئون إليكم ويطردونكم * ‪ 45‬لكي تكونوا أبناء أبيكم‬
‫الذي في السماوات فانه يشرق شمسه على ألاشرار والصالحين ويمطر على ألابرار‬
‫والظاملين * ‪ 46‬ألنه إن أحببتم الذين يحبونكم فأي أجر لكم أليس العشارون أيضا‬
‫يفعلون ذلك * ‪ 47‬وإن سلمتم على إخوتكم فقط فأي فضل تصنعون أليس العشارون‬
‫ً‬
‫أيضا يفعلون هكذا * ‪ 48‬فكونوا انتم كاملين كما أن أباكم الذي في السماوات هو‬
‫كامل) (‪.)3‬‬
‫من هذا النص يتبين أن ابن هللا يراد منه إلانسان البار الصالح‪ .‬ويؤكده ما ورد في‬
‫إنجيل مرقس‪( :‬وملا رأى قائد املائة الواقف مقابلة أنه صرخ هكذا وأسلم الروح‪ ،‬قال‪:‬‬
‫ً‬
‫حقا كان هذا إلانسان ابن هللا)(‪ .)4‬هنا نقل مرقس كلمة قائد املائة بتعبير (ابن هللا)‬

‫‪ -1‬متى‪.24 / 12 :‬‬
‫‪ -2‬يوحنا‪.44 / 1 :‬‬
‫‪ -2‬متى‪.5 :‬‬
‫‪ -4‬مرقس‪.29 / 15 :‬‬
‫اصدارات انصار االاما اهمدد ‪‬‬ ‫‪11‬‬

‫بينما نقلها لوقا بكلمة (بار)‪ ،‬ألامر الذي يفيد تساوي الكلمتين أو التعبيرين‪( :‬بالحقيقة‬
‫ً‬
‫كان هذا إلانسان بارا)(‪ .)1‬أم إن املسيحيين يقولون إن خطأ ما قد وقع فيه لوقا؟‬
‫وعندها عليهم أن يعذرونا إذا ما قلنا لهم‪ :‬إذن ابحثوا لكم عن أدلة أخرى فنصوصكم‬
‫ل يسعنا الوثوق بها على إلاطالق‪.‬‬
‫ً‬
‫بل إن عيس ى ‪ ‬يقول إن معنى البنوة هو طاعة هللا وعمل أعماله‪( :‬إن قال‪ :‬آلهة‬
‫ألولئك الذين صارت إليهم كلمة هللا‪ ..‬فالذي قدسه آلاب وأرسله إلى العالم‪ ،‬أتقولون له‪:‬‬
‫إنك تجدف‪ ،‬ألني قلت‪ :‬إني ابن هللا؟ إن كنت لست أعمل أعمال أبي فال تؤمنوا بي‪.)2()..‬‬
‫فقوله‪( :‬إن كنت لست أعمل أعمال أبي فال تؤمنوا بي) تفسير ملعنى قوله (ابن‬
‫هللا)‪ ،‬فهو ابن هللا؛ ألنه يعمل أعمال هللا‪ ،‬أي يطيع أوامره وينتهي عن نواهيه‪ .‬أي إنه‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫يقول لهم‪ :‬كما وصفكم كتابكم بأنكم آلهة مجازا فأنا كذلك ابن هللا مجازا‪ ،‬سواء‬
‫بسواء‪.‬‬
‫ومثله‪َ 31( :‬ف َج َاء ْت ح َينئذ إ ْخ َو مت مه َو مأ ُّم مه َو َو َق مفوا َخا ج ًا َو َأ ْ َس ملوا إ َل ْيه َي ْد مع َون مه‪َ 32 .‬و َكانَ‬
‫ِ ِ‬ ‫ِر ر‬ ‫ِ ٍِ ِ‬
‫ً‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫م‬ ‫ْ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫م‬ ‫ْ‬ ‫م‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ً َ ََ م‬ ‫ْ‬
‫ال َج ْم مع َج ِالسا َح ْول مه‪ ،‬فقالوا له‪ :‬هوذا أ ُّمك وِإخوتك خا ِرجا يطلبونك‪ 33 .‬فأجاب مهم ِقا ِئال‪:‬‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫م‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫م‬ ‫م‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫م‬ ‫َم ْن مأ ِمي َوإ ْخ َو ِتي؟ ‪ 34‬مث َّم َن َظ َر َح ْو َل مه إ َلى ْال َج ِال ِس َين َو َق َ‬
‫ال‪َ :‬ها أ ِمي َوِإخ َو ِتي‪ 35 ،‬أل َّن َم ْن‬ ‫م ِ‬ ‫ِ‬
‫(‪)3‬‬ ‫َ‬ ‫م َ َ َم ْ‬ ‫َ َْم َ ََ‬
‫هللا هو أ ِخي وأخ ِتي وأ ِمي) ‪.‬‬ ‫يصنع م ِشيئة ِ‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫ويمكن أيضا أن نحمل تعبير البنوة وألابوة على دللة أخرى هي أن الناس جميعا هم‬
‫عيال هللا أو ابناؤه‪ ،‬بمعنى أنه تعالى يرعاهم ويرزقهم ويربيهم وينعم عليهم كما يفعل‬
‫الوالد لولده‪.‬‬
‫وهذا تدل عليه نصوص كثيرة من قبيل ما ورد في متى‪( :‬أبوكم الذي في السماوات يهب‬
‫خيرات للذين يسألونه)(‪ ،)4‬وفي رسالة يوحنا ألاولى‪( :‬انظروا أية محبة أعطانا آلاب حتى‬
‫ندعى أولد هللا)(‪.)5‬‬

‫‪ -1‬لوقا‪.21 / 22 :‬‬
‫‪ -2‬يوحنا‪.21 / 12:‬‬
‫‪ -2‬مرقس‪.2 :‬‬
‫‪ -4‬متى‪.11 / 6 :‬‬
‫‪ -5‬يوحنا‪.1 – 2 – 1 :‬‬
‫‪10‬‬ ‫شبيه عيسى أو امن هو اهمصلوب؟!‬

‫ورد في سفر التثنيه‪( :‬أليس هو أباك ومقتنيك‪ .‬هو عملك وأنشأك)(‪ ،)1‬أو كما قال النبي‬
‫أشعياء‪( :‬يا رب أنت أبونا)(‪.)2‬‬
‫م‬
‫ص َر َد َع ْو مت ْاب ِني‪ 2 .‬ك َّل َما‬ ‫يل مغ َالم ًا َأ ْح َب ْب مت مه‪َ ،‬وم ْن م ْ‬ ‫ان إ ْس َرا ِئ م‬ ‫وفي سفر هوشع‪(َ :‬ملَّا َك َ‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫ََ‬ ‫َْ َ‬ ‫َد َع ْو مه ْم َذ َه مبوا م ْن َأ َمامه ْم َي ْذ َب محو َن ل ْل َب ْعليم‪َ ،‬و مي َبخ مر َ‬
‫ون ِل َّلت َما ِث ِيل امل ْن محوت ِة‪َ 3 .‬وأنا َد َّر ْج مت‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬
‫َ ْ َ َ م ْ ً َّ م ْ َ ْ م ْ َ َ ْ َ ْ م َ َ َ ْ م م ْ م ْ م َ ْ م م ْ َ ْ َ َ‬
‫أفر ِايم مم ِسكا ِإياهم ِبأذر ِع ِهم‪ ،‬فلم يع ِرفوا أ ِني شفيتهم‪ 4 .‬كنت أج ِذبهم ِب ِحب ِال البش ِر‪،‬‬
‫ْ ً‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ب مرمبط ْاملَ َح َّبة‪َ ،‬و مك ْن مت َل مه ْم َك َم ْن َي ْر َف م‬
‫الن َير َع ْن أ ْع َنا ِق ِه ْم‪َ ،‬و َم َد ْد مت ِإل ْي ِه ممط ِعما ِإ َّي ماه) (‪.)3‬‬
‫ِ‬ ‫ع‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫َ ْ َ ْ َ ْ َ ْ َ م َ َ َ َ َ َ ْ َ َ ْ َ َ ْ َ َ َّ م َ َ ْ َ ْ َ َ َ َ‬
‫وفي إشعياء‪ 15( :‬هل تنس ى املرأة ر ِضيعها فال ترحم ابن بط ِنها؟ حتى هؤل ِء ينسين‪ ،‬وأنا‬
‫اك)(‪.)4‬‬ ‫َل َأ ْن َ‬
‫س‬
‫ِ‬
‫ً‬
‫واستعمال كلمة الابن بهذا املعنى يبدو معروفا لليهود‪ ،‬فقد قالوا لعيس ى ‪...( :‬‬
‫إننا لم نولد من زنا‪ .‬لنا أب واحد‪ ،‬وهو هللا)(‪.)5‬‬
‫يقول السيد أحمد الحسن ‪( :‬هذه الكلمات التي جاءت في التوراة أو إلانجيل‬
‫واشتبهت في موارد على جاهلها وتأولها العلماء غير العاملين‪ ،‬ليدعوا بنوة إنسان هلل‬
‫سبحانه أو ليدعوا ألالوهية املطلقة إلنسان ل تعني بأي شكل من ألاشكال ألوهية‬
‫إنسان ألوهية مطلقة‪ ،‬بل هي بمجموعها تنفي البنوة الحقيقية ألي إنسان‪ ،‬وإذا التفت‬
‫ً‬
‫إليها إلانسان بقلب مفتوح طالبا معرفة الحقيقة كما أرادها هللا سبحانه وتعالى الذي‬
‫خلقه لرأى أن عيس ى ‪ ‬يحمد هللا ويثني عليه قبل أن ينطق بهذه الكلمات‪ ،‬ولو نظر‬
‫إلانس ان بعين إلانصاف لعرف أن هذه الكلمات منطبقة على كل ألانبياء واملرسلين‬
‫وألاوصياء الذين كانوا حجج هللا على خلقه وخلفاءه في أرضه‪.‬‬
‫فكل حجة من حجج هللا هو أعرف أهل زمانه باهلل‪ ،‬فيصدق عليه انه من يعرف‬
‫ً‬
‫هللا دون من سواه من أهل زمانه‪ ،‬وأيضا يصدق أنه ل يعرف خليفة هللا وحجة هللا حق‬
‫معرفته إل هللا الذي خلقه (وليس أحد يعرف من هو الابن إل آلاب ول من هو آلاب إل‬

‫‪ -1‬التثنيه‪.6 / 22 :‬‬
‫‪ -2‬أشعيا‪.1 / 64 :‬‬
‫‪ -2‬هوشع‪.11 :‬‬
‫‪ -4‬أشعياء‪.15 / 49 :‬‬
‫‪ -5‬يوحنا‪.41 / 1 :‬‬
‫اصدارات انصار االاما اهمدد ‪‬‬ ‫‪12‬‬

‫لوصيه علي‬ ‫الابن ومن أراد الابن أن يعلن له) وهذا تجده في قول رسول هللا محمد‬
‫بن أبي طالب ‪( :‬يا علي ما عرَ هللا إال أنا وأنت‪ ،‬وما عرفني إال هللا وأنت‪ ،‬وما‬
‫ً‬
‫عرفك إال هللا وأنا)‪ ،‬وأيضا لعرف إلانسان الحقيقة‪ ،‬وهي أن الخلق كلهم عيال هللا‬ ‫ِ‬
‫سبحانه وتعالى‪ ،‬فهو يرحمهم كما يرحم ألاب أبناءه بل هو أرحم بالخلق من ألام بولدها‬
‫أحب الخلق إلى هللا‬ ‫الوحيد‪ ،‬وأكيد أن املخلصين من ألانبياء وألاوصياء وألاولياء‬
‫سبحانه‪ ،‬فهم أولى بأن يكون هللا سبحانه وتعالى أبوهم بهذا املعنى‪ ،‬وألنهم أطاعوه ولم‬
‫يعصوه سبحانه كما يطيع ويبر الابن الصالح أباه فيصح أنهم أبناء هللا بهذا املعنى‪ ،‬وهم‬
‫َ‬ ‫مطلقا بل عباد مكرمون؛ ألنهم شاكرون ﴿ َو َق ُالوا َّات َخ َذ َّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫الر ْح َم ُن َولدا‬ ‫ليسوا لهوتا‬
‫ُْ‬ ‫ْ ََ‬ ‫َّ َ ْ َّ َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫الصطفى ِم َّما َيخل ُق َما‬ ‫ن﴾‪﴿ ،‬ل ْو أ َر َاد الل ُه أن َيت ِخذ َولدا‬ ‫ُس ْب َحان ُه َب ْل ِع َبا ٌد ُمك َر ُمو ِ‬
‫َْ‬ ‫َ َ ُ ُ ْ َ َ ُ ُ َ َّ ُ ْ َ‬
‫اح ُد الق َّه ُِ‬
‫ار﴾ (‪.)1‬‬ ‫ششاء سبحانه هو الله الو ِ‬
‫ور‬‫وقد بين القرآن أنهم (سالم هللا عليهم)‪َ ﴿ :‬ي َك ُاد َزْي ُت َها ُيض ُيء َو َل ْو َل ْم َت ْم َس ْس ُه َن ٌار ُن ٌ‬
‫ِ‬
‫َ ُ‬
‫ور﴾(‪،)2‬أي إنهم هللا في الخلق‪ ،‬أي تجلي هللا وصورة هللا كما في الحديث عنهم‬ ‫َعلى ن ٍِّ‬
‫‪( :‬أن هللا خلق آدم على صورته)‪ 26( ،‬وقال هللا نعمل إلانسان على صورتنا‬
‫كشبهنا)(‪ ،)3‬وليسوا هللا سبحانه وتعالى‪ ،‬وبالتالي فان النظر إليهم هو نظر إلى هللا‬
‫ومعاينتهم هي معاينة هللا‪ ،‬وفي إلانجيل (طوبى لألنقياء القلب‪ .‬ألنهم يعاينون هللا‪5 .‬‬
‫طوبى لصانعي السالم‪ .‬ألنهم أبناء هللا يدعون)‪ ،‬وفي القرآن تجد نفس الكالم ﴿ ُو ُج ٌ‬
‫وه‬
‫َ ْ َ َ َ ٌ َ ََّ َ ٌ‬
‫اظ َر ِة﴾(‪ ،)4‬عن أبى الصلت الهروي‪ ،‬عن إلامام الرضا ‪،‬‬ ‫اضرة و ِإلى رِبها ن ِ‬ ‫يوم ِئ ٍّذ ن ِ‬
‫قال‪( :‬قال النبي ‪ :‬من زارني في حياتي أو بعد موتي فقد زار هللا تعالى‪ ،‬ودرجة النبي‬
‫في الجنة أرفع الدرجات‪ ،‬فمن زاره في درجته في الجنة من منزله فقد زار هللا‬
‫فما معنى الخبر الذي رووه إن ثواب‬ ‫تبارك وتعالى‪ ،‬قال‪ :‬فقلت له‪ :‬يا بن رسول هللا‬
‫ل اله إل هللا النظر إلى وجه هللا تعالى؟ فقال ‪ :‬يا أبا الصلت‪ ،‬من وصف هللا تعالى‬
‫بوجه كالوجوه فقد كفر‪ ،‬ولكن وجه هللا تعالى أنبياؤه ورسله وحججه صلوات هللا‬

‫‪ -1‬الزمر‪.4:‬‬
‫‪ -2‬النور‪.25 :‬‬
‫‪ -2‬التوراة‪ :‬سفر التكوين اإلصحاح األول‪.‬‬
‫‪ -4‬القيامة‪.22 – 22:‬‬
‫‪13‬‬ ‫شبيه عيسى أو امن هو اهمصلوب؟!‬

‫ُ‬
‫عليهم هم الذين بهم يتوجه إلى هللا عز وجل وإلى دينه ومعرفته‪ ،‬وقال هللا تعالى‪﴿ :‬ك ُّل‬
‫ُ َ‬ ‫ْ ْ‬ ‫ُ ْ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬
‫ام﴾‪ ،‬وقال عز وجل‪﴿ :‬ك ُّل ش ْي ٍّء‬ ‫ال ِل َو ِإلاك َر ِ ِ‬ ‫ان و َو َي ْبقى َو ْج ُه َرِّب َك ذو ال َج ِ‬ ‫َم ْن َعل ْي َها ف ٍّ ِ‬
‫َّ‬
‫َه ِال ٌك ِإال َو ْج َه ُِه﴾) (‪.)1‬‬
‫َ َََ َ ْ‬ ‫ُ ْ َ َ‬
‫قال تعالى‪﴿ :‬ق ْل ِإن كان ِل َّلر ْح َم ِن َول ٌد فأنا أ َّو ُل ال َع ِاب ِد َ ِ‬
‫ين﴾ (‪.)2‬‬
‫ً‬ ‫ْ‬ ‫َ َََ َ‬ ‫ُ ْ َ َ‬
‫أقرب ش يء إلى‬ ‫ين﴾‪ :‬أي إن محمدا‬ ‫﴿ق ْل ِإن كان ِل َّلر ْح َم ِن َول ٌد فأنا أ َّو ُل ال َع ِاب ِد َ ِ‬
‫هللا سبحانه‪ ،‬وأول مخلوق خلقه هللا سبحانه وتعالى‪ ،‬وأول من عبد هللا سبحانه وتعالى‬
‫ً‬
‫فلو كان هلل سبحانه وتعالى ولد (تعالى هللا عن ذلك) لكان محمدا ؛ ألنهم يقولون إن‬
‫الذي يقول أنا أقرب‬ ‫أول ما صدر منه سبحانه وتعالى الولد أو الكلمة‪ ،‬فمحمد‬
‫الخلق إلى هللا سبحانه وتعالى‪ ،‬لم يقل أنا ابن انفصل عن هللا سبحانه وتعالى‪ ،‬لم يقل‬
‫َ‬ ‫أنا لهوت مطلق بل قال أنا عبد هللا وابن عبد هللا ﴿ َو َق ُالوا َّات َخ َذ َّ‬
‫الر ْح َم ُن َولدا‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫ن﴾(‪ ،)3‬فمن يبحث عن الحقيقة لبد له من تحري الدقة‬ ‫ُس ْب َحان ُه َب ْل ِع َب ٌاد ُمك َر ُمو ِ‬
‫وإلاخالص في البحث ليصل إلى الحقيقة وينجي نفسه من سخط هللا سبحانه وتعالى‪،‬‬
‫ُ َ َ َّ َ ْ‬
‫الس َم َاوات َيتفط ْرن ِمن ُه‬ ‫الر ْح َم ُن َو َلدا و َل َق ْد ج ْئ ُت ْم َش ْيئا إ ّدا و َت َك ُاد َّ‬ ‫﴿ َو َق ُالوا َّات َخ َذ َّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َْ‬ ‫ْ‬ ‫َ َ ْ َ ُّ ْ َ ْ ُ َ َ ُّ ْ َ ُ َ ّ َ ْ َ َ ْ َّ ْ َ َ‬
‫ن َولدا و َو َما َين َب ِغي ِل َّلر ْح َم ِن أن‬ ‫وتنشق ألارض وت ِخر ال ِجبال هدا و أن دعوا ِللرحم ِ ِ‬
‫َّ َ َ‬
‫َيت ِخذ َولداِ﴾ (‪.)5())4‬‬
‫ويرى الدكتور شارل جنيبير أن اليهود كانوا يطلقون لقب (خادم يهوا) على كل إنسان‬
‫ً‬
‫يظنون لديه إلهاما‪ ،‬وإن الكلمة التي استعملتها الترجمة السبعينية تعني (خادم)‬
‫ً‬
‫و(طفل) وقد تطورت لحقا لتكون (ابن)(‪.)6‬‬
‫وقد جرت محاورة بين عيس ى وأحد الفريسيين توضح معنى البنوة والولدة من غير‬
‫َ‬ ‫َ ْ م م م م م َ ٌ ْ‬ ‫َ َ ْ َ ٌ َ َْ‬
‫ود‪ 2 .‬هذا‬ ‫يس ِلل َي مه ِ‬ ‫وديموس‪ ،‬رِئ‬ ‫يس ِيين اسمه ِنيق ِ‬ ‫طريق الجسد‪1( :‬كان ِإنسان ِمن الف ِر ِ‬

‫‪ -5‬عيون أخبار الرضا‪ :‬ج‪ 2‬ص‪.126‬‬


‫‪ -6‬الزخرف‪.11 :‬‬
‫‪ -1‬األنبياء‪.26 :‬‬
‫‪ -2‬مريم‪.92 – 11 :‬‬
‫‪ -5‬كتاب التوحيد‪ :‬ص‪ 94‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪ -6‬انظر المسيحية تطورها ونشأتها‪ :‬شارل جنيبير‪ .‬ترجمة الدكتور عبدالحليم محمود‪ :‬ص‪ .126‬المكتبة العصرية‬
‫صيدا– بيروت‪.‬‬
‫اصدارات انصار االاما اهمدد ‪‬‬ ‫‪11‬‬

‫م َ ً َْ َْ َ َ‬ ‫وع َل ْي ًال َو َق َ َ م َ م َ م َ ْ َ م َ َّ َ َ ْ َ َ ْ َ َ‬ ‫َج َاء إ َلى َي مس َ‬


‫س أ َح ٌد‬ ‫هللا مع ِلما‪ ،‬ألن لي‬ ‫ال له‪« :‬يا مع ِلم‪ ،‬نعلم أنك قد أتيت ِمن ِ‬ ‫ِ‬
‫وع َو َقالَ‬ ‫اب َي مس م‬ ‫هللا َم َع مه»‪َ 3 .‬أ َج َ‬ ‫آلايات َّالتي َأ ْن َت َت ْع َم مل إ ْن َل ْم َي مكن م‬ ‫َي ْقد مر َأ ْن َي ْع َم َل هذه َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫َ م ْ َ َّ ْ َ َّ َ م م َ َ ْ َ َ َ َ ٌ َ م َ م ْ َ ْ م َ َ ْ م َ ْ َ َ َ َ م‬
‫هللا»‪4 .‬‬ ‫له‪« :‬الحق الحق أقول لك‪ِ :‬إن كان أحد ل يولد ِمن فوق ل يق ِدر أن يرى ملكوت ِ‬
‫َ َ َ م م م م َ ْ َ م ْ م ْ َ َ َ ْ م َ َ َ م َ َ ْ ٌ َ َ َ َّ م َ ْ م َ ْ َ ْ َم‬
‫وديموس‪« :‬كيف يم ِكن ِإلانسان أن يولد وهو شيخ؟ ألعله يق ِدر أن يدخل‬ ‫قال له ِنيق ِ‬
‫ان َأ َح ٌد َل مي َول مد منَ‬ ‫وع‪ْ « :‬ال َح َّق ْال َح َّق َأ مقو مل َل َك‪ :‬إ ْن َك َ‬ ‫اب َي مس م‬ ‫َ‬
‫َب ْط َن مأمه َثان َية َو ميولد؟» ‪ 5‬أ َج َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ً‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ ِ‬
‫ود منَ‬ ‫ود م َن ْال َج َسد َج َس ٌد مه َو‪َ ،‬و ْاملَ ْو مل م‬ ‫وت هللا‪َ 6 .‬ا ْملَ ْو مل م‬ ‫الروح َل َي ْقد مر َأ ْن َي ْد مخ َل َم َل مك َ‬ ‫ْاملَ ِاء َو ُّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ْ َ ْ مق َ م َ م ُّ َ ْ م‬ ‫م‬ ‫َ َ َ َ َّ ْ َ م ْ م َ َ َ ْ َ َ ْ م َ‬
‫وح مه َو روح‪ 7 .‬ل تتعجب أ ِني قلت لك‪ :‬ينب ِغي أن تولدوا ِمن فو ‪ 8 .‬ا ِلريح تهب حيث‬ ‫ٌ‬ ‫م‬
‫ِ‬ ‫الر‬‫ُّ‬
‫َ َ م‬ ‫َ َ َ َْ‬ ‫َ َْ‬ ‫َ َ َ‬ ‫َت َش ماء‪َ ،‬و َت ْس َم مع َ‬
‫ص ْو َت َها‪ِ ،‬لك َّن َك ل ت ْعل مم ِم ْن أ ْي َن تأ ِتي َول ِإلى أ ْي َن تذ َه مب‪ .‬هكذا ك ُّل َم ْن موِل َد‬
‫اب َي مس م‬
‫وع‬ ‫هذا؟ ‪َ 12‬أ َج َ‬ ‫َ َ َ م م م ََ َ َم َْ َ مْ م َْ َم َ َ‬
‫وديموس وقال له‪« :‬كيف يم ِكن أن يكون‬ ‫ِم َن ُّ‬
‫وح‪ 5 .‬أجاب ِنيق ِ‬ ‫ِ‬ ‫الر‬
‫َ َ َّ‬ ‫ْ َم َ‬ ‫َْ‬ ‫َ َ َ‬ ‫َ َ َ َ م َْ َ م َ م ْ َ َ َ‬
‫يل َول ْس َت ت ْعل مم هذا! ‪ 11‬ال َح َّق ال َح َّق أقو مل ل َك‪ِ :‬إ َّن َنا ِإ َّن َما ن َتكل مم‬ ‫وقال له‪ :‬أنت مع ِلم ِإسرا ِئ‬
‫َ‬ ‫م‬ ‫َ‬ ‫م‬ ‫ْ‬ ‫م‬ ‫ْ ْ م‬ ‫م‬ ‫َ َََ‬ ‫َ‬ ‫م‬ ‫ََْ َ م َ ْ‬ ‫َ‬ ‫َ َْ ََ ْ م‬
‫ات‬ ‫ِب َما نعل مم ونش َهد ِب َما َرأينا‪ ،‬ول ْست ْم تق َبلون ش َهادتنا‪ِ 12 .‬إن كنت قلت لك مم ألا ْر ِض َّي ِ‬
‫َ‬
‫ص ِع َد ِإلى‬ ‫س َأ َح ٌد َ‬ ‫ات؟ ‪َ 13‬و َل ْي َ‬ ‫ف مت ْؤم منو َن إ ْن مق ْل مت َل مك مم َّ‬ ‫َ َ ْ م ْ م ْ م َن َ َ ْ َ‬
‫الس َم ِاو َّي ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ولستم تؤ ِمنو ‪ ،‬فكي‬
‫ْ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬
‫الس َم ِاء‪ْ ،‬اب من إلا ْن َسان ال ِذي مه َو في َّ‬ ‫الس َم ِاء إ َّل َّال ِذي َن َز َل م َن َّ‬
‫الس َم ِاء‪ 31.‬ال ِذي َيأ ِتي ِم ْن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َّ‬
‫ْ‬
‫ض َي َتكل مم‪ .‬ال ِذي َيأ ِتي ِم َن‬
‫َ َّ َ َّ‬ ‫ألا ْر م َ َ ْ ٌّ َ َ َ ْ‬ ‫َ َ‬ ‫َّ‬ ‫َ َ ْ‬
‫ف ْوق مه َو ف ْوق ال َج ِم ِيع‪َ ،‬وال ِذي ِمن‬
‫َ م‬
‫ض هو أر ِض ي‪ ،‬و ِمن ألار ِ‬ ‫ِ‬
‫َ َ ْ‬
‫ال َّس َم ِاء مه َو ف ْوق ال َج ِم ِيع)(‪.)1‬‬
‫هذا النص أنموذج تعليمي ممتاز يوجه عيس ى ‪ ‬من خالله ألاذهان إلى الابتعاد‬
‫ً‬
‫عن الفهم الحرفي املادي لكلماته‪ ،‬الذي يبدو إنه كان راسخا في أذهان اليهود‪ ،‬نتيجة‬
‫انغماسهم باملادة‪.‬‬
‫في محاججته للنصارى‪( :‬فقال بعضهم لبعض‪ :‬وفي الكتب‬ ‫وورد عن رسول هللا‬
‫املنزلة إن عيس ى قال‪( :‬أذهب إلى أبي وأبيكم)‪ ،‬فقال رسول هللا ‪ :‬فإن كنتم بذلك‬
‫الكتاب تعملون فإن فيه (أذهب إلى أبي وأبيكم)‪ ،‬فقولوا إن جميع الذين خاطبهم‬
‫عيس ى كانوا أبناء هللا كما كان عيس ى ابنه من الوجه الذي كان عيس ى ابنه‪ ،‬ثم إن ما‬
‫في هذا الكتاب مبطل عليكم هذا الذي زعمتم أن عيس ى من وجهة الاختصاص كان‬
‫ابناِ له؛ ألنكم قلتم إنما قلنا إنه ابنه؛ ألنه اختصه بما لم يختص به غيره‪ ،‬وأنتم‬

‫‪ -1‬يوحنا‪.2 :‬‬
‫‪15‬‬ ‫شبيه عيسى أو امن هو اهمصلوب؟!‬

‫تعلمون أن الذي خص به عيس ى لم يخص به هؤالء القوم الذين قال لهم عيس ى‬
‫(أذهب إلى أبي وأبيكم)‪ ،‬فبطل أن يكون الاختصاص لعيس ى؛ ألنه قد ثبت عندكم‬
‫بقول عيس ى ْلن لم يكن له مثل اختصاص عيس ى‪ ،‬وأنتم إنما حكيتم لفظة عيس ى‬
‫وتأولتموها على غير وجهها؛ ألنه إذا قال (أذهب إلى أبي وأبيكم) فقد أراد غير ما‬
‫ذهبتم إليه ونحلتموه‪ ،‬وما يدريكم لعله عنى أذهب إلى آدم أو إلى نوح‪ ،‬وأن هللا‬
‫يرفعني إليهم ويجمعني معهم وآدم أبي وأبيكم وكذلك نوح‪ ،‬بل ما أراد غير هذا)(‪.)1‬‬
‫ً‬
‫ومعناه‪ :‬إنكم إذا ما قلتم إن هللا تعالى سمى عيس ى ابنا لش يء يختص به‪ ،‬فإن‬
‫عليكم إذا أن تفهموا ما ورد في كتبكم على غير ما تفهمونه؛ ألن غيره قد شاركه‬
‫بالتسمية‪ ،‬ولم يكن له الاختصاص الذي تزعمونه‪.‬‬
‫ً‬
‫أخيرا يقول شارل جنيبير‪ :‬أما بالنسبة لالبن فإنه على أي وضع تصورته‪ ،‬يكون إما‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫مولودا وإما مخلوقا‪ ،‬فهو ل مناص قد سبقه عدم وأنه وجد بعد عدم‪ ،‬إذا فال يكون‬
‫َ‬
‫إلها؛ ألنه حادث(‪.)2‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫أقول‪ :‬أي ل يكون إلها مطلقا‪.‬‬
‫يقول البابا شنودا الثالث‪ِ:‬‬
‫(الابــن فــي املســيحية لــيس نتيجــة تناســل جســداني‪ .‬حاشــا أن تن ـادي املســيحية بهــذا‪،‬‬
‫فــاهلل روح (يــو‪ .)24 :4‬و هــو منــزه عــن التناســل الجســدي‪ .‬و الابــن فــي املســيحية هــو عقــل‬
‫هللا الناطق‪ ،‬أو نطـق هللا العاقـل‪ .‬و بنـوة الابـن مـن آلاب فـي الثـالوث املسـيحي‪ ،‬مثلمـا نقـول‬
‫ً‬
‫(العقـ ــل يلـ ــد فك ـ ـرا) ومـ ــع ذلـ ــك فالعقـ ــل وفكـ ــره كيـ ــان واحـ ــد‪ .‬ول عالقـ ــة لهمـ ــا بالتناسـ ــل‬
‫الجس ــداني‪ ...‬الفك ــر يخ ــرج م ــن العق ــل و يظ ــل في ــه‪ ،‬غي ــر منفص ــل عن ــه‪ .‬أم ــا ف ــي التناس ــل‬
‫الجســداني‪ ،‬فــالبن لــه كيــان مســتقل قــائم بذاتــه منفصــل عــن أبيــه وأمــه‪ .‬وكــل مــن ألاب‬
‫ً‬
‫وألام له كيان قائم بذاته منفصل عن آلاخر‪ .‬و هنـا نجـد خالفـا مـع الثـالوث املسـيحي‪ .‬هللا‬

‫‪ -1‬االحتجاج‪ :‬ج‪ ،1‬الشيخ الطبرسي‪ :‬ص‪.19‬‬


‫‪ -2‬انظر المسيحية نشأتها وتطورها‪ :‬ص‪.1‬‬
‫اصدارات انصار االاما اهمدد ‪‬‬ ‫‪16‬‬

‫فــي الثــالوث املســيحي فهــو كــائن منــذ ألازل‪ ،‬وعقلــه فيــه منــذ ألازل‪ ،‬وروحــه فيــه منــذ ألازل‪.‬‬
‫لم يمر وقت كان فيه أحد هذه ألاقانيم غير موجود)(‪.)1‬‬
‫ً‬
‫واضــح إن البابــا يحــاول جاهــدا تضــليل قارئــه بــافتراض أن ولدة ألاقنــوم الثــاني علــى‬
‫حد تعبيرهم شبيهة بولدة الفكر مـن العقـل‪ ،‬ويتناسـ ى أن وجـود الفكـر هـو وجـود اعتبـاري‬
‫ل حقيقــي‪ .‬ث ــم إن البابــا يت ــرك فكرتــه مض ــطربة‪ ،‬متناقضــة‪ ،‬ول أدري كي ــف لــم يش ــعر أن‬
‫ً‬
‫سياقها يناقض ما يريده تماما‪ ،‬بل لعله شعر بذلك فتركها مبتورة دون إكمال‪.‬‬
‫فه ـ ــو يقاب ـ ــل ب ـ ــين ولدة الفك ـ ــر م ـ ــن العق ـ ــل وال ـ ــولدة الجس ـ ــدية‪ ،‬ويق ـ ــرر أن ال ـ ــولدة‬
‫الجسـدية تقتضـ ي اســتقالل املولـود‪ ،‬وهـذا يعنــي أن عليـه أن يقـول بعــدم اسـتقالل الفكــر‬
‫املولود عن العقل‪ ،‬ويناقض بذلك قولهم باستقاللية ألاقانيم‪.‬‬
‫ً‬
‫ويقول أيضا‪( :‬املالحظة ألاخرى التي أوردها القديس أوغسـطينوس هـي‪ ،‬قـال‪ :‬إلـى أبـى‬
‫ً‬
‫وأب ـيكم‪ ،‬ول ــم يق ــل إل ــى أبين ــا‪ .‬وق ــال‪ :‬إل ــى إله ــي وإلهك ــم‪ ،‬ول ــم يق ـل إلهن ــا مفرق ــا ب ــين عالقت ــه‬
‫باآلب‪ ،‬وعالقتهم به‪.‬‬
‫فهــو أبــي مــن جهــة الجــوهر والطبيع ــة والالهــوت‪ ،‬حســبما قلــت مــن قبــل (أن ــا وآلاب‬
‫واحد)‬
‫(يــو‪ .)12:32‬واح ـد فــي الالهــوت والطبيعــة والجــوهر‪ .‬لــذلك دعيــت فــي إلانجيــل بــالبن‬
‫الوحيــد (يــو‪1( )18 ،16 :3‬يــو‪ .)5 :4‬أمــا أنــتم قــد دعيــتم أبنــاء مــن جهــة إلايمــان (وأمــا كــل‬
‫ً‬
‫ال ــذين قبل ــوه‪ ،‬فأعط ــاهم س ــلطانا أن يص ــيروا أولد هللا أي امل ــؤمنين باس ــمه) (ي ــو‪.)12 :1‬‬
‫وكــذلك أبنــاء مــن جهــة املحبــة كمــا قــال يوحنــا الرســول (انظــروا أيــة محبــة أعطانــا آلاب‪،‬‬
‫حت ــى ن ــدعي أولد هللا) (‪1‬ي ــو‪ .)1 :3‬و باختص ــار ه ــي بن ــوة م ــن ن ــوع التبن ــي‪ ،‬كم ــا ق ــال ب ــولس‬
‫ً‬
‫الرســول‪( :‬إذ لــم تأخــذوا روح العبوديــة أيضــا للخــوف‪ ،‬بــل أخــذتم روح التبنــي‪ ،‬الــذي بــه‬
‫نص ــرخ ي ــا أبان ــا‪ ،‬آلاب) (رو‪ .)15 :8‬و قي ــل (ليفت ــدي ال ــذين تح ــت الن ــاموس لنن ــال التبن ــي)‬
‫ً‬
‫(غــل ‪ [ )5 :4‬أنظــر أيضــا (رو ‪( ،)5:5‬أف ‪.] )5 :1‬إذن هــو أبــي بمعنــي‪ ،‬وأبــوكم بمعنــي آخــر)‬
‫(‪.)2‬‬

‫‪ -1‬البابا شنودا الثالث ‪ -‬سنوات مع أسئلة الناس‪ :‬السؤال رقم ‪.2‬‬


‫‪ -2‬البابا شنودا الثالث ‪ -‬سنوات مع أسئلة الناس‪ :‬سؤال رقم‪.11‬‬
‫‪17‬‬ ‫شبيه عيسى أو امن هو اهمصلوب؟!‬

‫ً‬
‫أقول‪ :‬إن كالم القديس أوغسـطينوس غريـب حقـا‪ ،‬فقولـه‪( :‬إلهـي وإلهكـم) هـو نفسـه‬
‫القول‪( :‬إلهنا)‪ ،‬فالتفريق فـي الضـمير املضـاف إليـه‪ ،‬أي (يـاء املـتكلم) و (وكـاف املخاطـب) ل‬
‫يتضمن أية دللة على أنه إله لعيس ى ‪ ‬بكيفية تختلف عن ألوهيته لهم‪.‬‬
‫أما كالم البابا شنودا فهو من نوع املصادرة والتحكم كما هـو واضـح‪ ،‬وعلـى البابـا أن‬
‫يقدم دليله على أن أبوة هللا لعيس ى هي من جهة الجوهر والطبيعة والالهوت كما يـزعم‪.‬‬
‫وإذا كــان مقصــودهم أن إلــه عيس ـ ى يختلــف عــن إلههــم‪ ،‬فإلــه عيس ـ ى هــو هللا أو آلاب كمــا‬
‫ً‬
‫يعبرون‪ ،‬فهل يقولـون أن آلاب لـيس إلهـا لهـم وأن إلههـم هـو الابـن فقـط؟ ثـم أل يشـعرون‬
‫أنهــم بهــذا القــول يــدمرون املثلــث إلالهــي الــذي يؤمنــون بــه؟ فــاآلب لــم يعــد أحــد ألاقــانيم‬
‫الثالثة لإلله الذي يؤمنون به‪ ،‬وكذلك الابن لم يعد ينتمي للدائرة ألاقنومية‪.‬‬
‫ول ينفعـ ــه فـ ــي هـ ــذا الصـ ــدد استشـ ــهاده بقـ ــول عيس ـ ـ ى ‪( :‬أنـ ــا وآلاب واحـ ــد)؛ ألن‬
‫املقصـود منـه هـو إن هـدفنا واحـد ونحـن بالتـالي نمثـل جهـة واحـدة‪ ،‬أي إن عيسـ ى ‪ ‬ل‬
‫َ َ َّ َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ َ َم ْ َ م م َ‬
‫ـوع‪« :‬ط َعـ ِـامي أ ْن أ ْع َمـ َـل َم ِشــيئة الـ ِـذي أ ْر َســل ِني‬ ‫يعمــل ســوى مشــيئة آلاب‪ 34( :‬قــال لهــم يسـ‬
‫َ‬ ‫مَ‬
‫َوأت ِم َم َع َمل مه)(‪ .)1‬كما أن هنا واحدية (أنا وآلاب واحد)‪ ،‬بينما تقتض ي البنوة إثنينية‪.‬‬
‫أم ــا قول ــه‪( :‬ل ــذلك دعي ــت ف ــي إلانجي ــل ب ــالبن الوحي ــد) فه ــو يعتم ــد عل ــى تحري ــر معن ــى‬
‫ً‬
‫البنــوة قبــل كــل شـ يء‪ ،‬فالوحيــد صــفة للبنــوة ودللتهــا تتقــرر بالنتيجــة تبعــا لدللــة البنــوة‪.‬‬
‫أما بقية كالمه واستشهاداته فال قيمة لها دون تحرير دللة ما تقدم‪.‬‬
‫َ‬ ‫م‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ ً‬
‫وع ‪ 42‬قائال‪َ ( :‬ماذا تظ ُّنون ِفي‬ ‫ان ْال َفريس ُّيو َن مم ْج َتمع َين َس َأ َل مه ْم َي مس م‬ ‫‪َ 41( -3‬وف َيما َك َ‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫َ َ َ م ْ َ َ ْ َ َ ْ م م َ م م ُّ َ ً‬
‫وح ربا؟‬ ‫الر‬ ‫ب‬ ‫د‬‫او‬ ‫د‬ ‫وه‬ ‫ع‬‫د‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫ي‬ ‫ك‬ ‫ف‬ ‫‪:‬‬ ‫م‬ ‫ه‬ ‫ل‬ ‫ال‬ ‫ق‬ ‫‪43‬‬ ‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫د‬ ‫او‬‫ْاملَسيح؟ ْاب من َم ْن مه َو؟ قالوا له‪ْ :‬اب من د م‬
‫َ‬ ‫م‬ ‫َ‬ ‫م‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ ًِِ‬
‫َ َّ َ َ َ َ ْ َ َ َ َ ْ ً َ َ َ ْ َ (‪)2‬‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫الر ُّب ِل َربي‪ :‬اج ِل ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫قا ِئال‪ 44 :‬قال َّ‬
‫س عن ي ِميني حتى أضع أعداءك مو ِطئا ِلقدميك) ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫في هذا النص يقولون أن داود ‪ ‬سمى املسيح ‪ ‬ربي‪ ،‬ألامر الذي يعني برأيهم‬
‫أن عيس ى بالنتيجة لهوت مطلق‪.‬‬

‫‪ -1‬يوحنا‪.4 :‬‬
‫‪ -2‬متى‪.45 – 42 :22‬‬
‫اصدارات انصار االاما اهمدد ‪‬‬ ‫‪19‬‬

‫أقول‪ :‬هذه الكلمة ترجمتها نس أخرى بصورة (قال الرب لسيدي)(‪ )1‬ألامر الذي‬
‫يقوض استدللهم من ألاساس‪ ،‬فالسيد تعني الشخص ذو املكانة الرفيعة‪ ،‬ول تعني‬
‫إلاله بالضرورة‪ ،‬فكيف باإلله املطلق؟‬
‫بل إن مجرد اختالفهم في الترجمة يدل على أنهم ل يملكون ما يجعلهم يقطعون‬
‫بدللة محددة للعبارة‪ ،‬فكيف إذن يستدلون بها على مراد محدد؟ أليس هذا من قبيل‬
‫التعسف‪ ،‬بل املجازفة والاستهتار؟‬
‫ولكن حتى لو قلنا إن داود ‪ ‬نطق بكلمة (قال الرب لربي)‪ ،‬فال ضرورة تحملنا‬
‫على أن نفهم منها معنى أن عيس ى ‪ ‬هذا‪ ،‬بعد التنزل وموافقتهم على أن املعني هو‬
‫ً‬
‫عيس ى وليس شخصا آخر؛ ألننا نعتقد أن املعني شخص آخر‪.‬‬
‫أقول‪ :‬ما هي الضرورة التي تدفعنا إلى أن نفهم منها أن عيس ى هو إله؟ أليس من‬
‫معاني الرب هو املربي أو املعلم؟ فلماذا نتجاهل هذه الدللة وننساق وراء فهم ل دليل‬
‫ً‬
‫عليه؟ ثم لو تنزلنا عن هذه الدللة ألاخيرة جدل وقلنا إن الرب تعني إلاله‪ ،‬فهل من‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫الضرورة أن يكون هذا إلاله إلها مطلقا ولهوته لهوتا مطلقا؟‬
‫‪ -4‬استدلوا بكلمة إلوهيم الواردة في التوراة‪ ،‬على أنها تدل على مجموعة من‬
‫آلالهة‪.‬‬
‫ولو قبلنا قولهم بدللة الكلمة على الجمع فليس بالضرورة أن يكون كل من آلالهة‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫هؤلء لهوتا مطلقا‪ ،‬هذا من جهة‪ ،‬ومن جهة أخرى فإن الجمع يدل على تعدد في‬
‫آلالهة ل على تعدد في ألاقانيم‪ ،‬ول يدل بالتالي على الثالوث‪.‬‬
‫َ‬
‫وقد ورد في املزامير ما يدل على أن املقصود هو تعدد آلهة ل تعدد أقانيم‪ 1( :‬اهللم‬
‫ضو َن َج ْور ًا َو َت ْر َف معو َن مو مج َ‬
‫وه‬ ‫َقائ ٌم في َم ْج َمع هللا‪ .‬في َو ْسط آلال َهة َي ْقض ي‪َ 2 :‬ح َّتى َم َتى َت ْق م‬
‫ِ ِ ِ ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫َِ ِ‬
‫س‪َ 4 .‬ن ُّجوا ْامل ْسكينَ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َْ م ْ ْ َ َ ْ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ‬ ‫َّ‬ ‫م‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫ِ ِ‬ ‫ألاش َر ِار؟ ِساله‪ِ 3 .‬اقضوا ِللذ ِل ِيل وِللي ِت ِيم‪ .‬أن ِصفوا ِاملس ِكين والب ِائ‬
‫م‬ ‫َّ َ َ َ‬ ‫ُّ ْ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ َ‬ ‫َ ْ َْ م‬ ‫َْ‬
‫َوالف ِق َير‪ِ .‬م ْن َي ِد ألاش َر ِار أن ِقذوا‪« 5.‬ل َي ْعل ممون َول َي ْف َه ممون‪ِ .‬في الظل َم ِة َي َت َمش ْون‪ .‬تت َز ْع َز مع ك ُّل‬

‫‪ -1‬انظر على سبيل المثال نسخة الكتاب المقدس لدار المشرق (‪1994‬م)‪.‬‬
‫‪18‬‬ ‫شبيه عيسى أو امن هو اهمصلوب؟!‬

‫ْ ْ َ َّ َ م َ َ َ‬ ‫َ‬
‫ألا ْرض‪َ 6 .‬أ َنا مق ْل مت‪ :‬إ َّن مك ْم آل َه ٌة َو َب منو ْال َعلي مك ُّل مك ْ‬ ‫مأ م‬
‫اس ت مموتون َوكأ َح ِد‬ ‫م ِ‬‫الن‬ ‫ل‬ ‫ث‬ ‫م‬
‫ِ ِ‬ ‫ن‬ ‫ك‬ ‫ل‬ ‫‪7‬‬ ‫‪.‬‬ ‫م‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫س‬‫ِ‬ ‫س‬
‫(‪)1‬‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َ ْ َ َ َّ َ َ ْ َ َ ْ َ م م‬ ‫ُّ َ َ َ ْ م م َ م ْ َ َ‬
‫الرؤس ِاء تسقطون‪ 8 .‬قم يا اهللم‪ِ .‬د ِن ألارض‪ ،‬ألنك أنت تمت ِلك كل ألام ِم) ‪.‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫ومن النص يتبين أيضا أن كال من هؤلء آلالهة ‪ -‬باستثناء هللا جل وعال ‪ -‬ل يمثل‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫إلها مطلقا فهم يموتون‪ ،‬فهم إذن مفتقرون هلل جل وعال‪.‬‬
‫كما أن التعبير بصيغة الجمع يفهم منه كذلك التفخيم والتعظيم‪ ،‬وهو معروف في‬
‫اللغة العبرية وغيرها‪ ،‬فقد ورد في سفر الخروج‪( :‬فقال الرب ملوس ى‪ :‬انظر‪ .‬أنا جعلتك‬
‫ً‬
‫إلها (إلوهيم) لفرعون و هرون اخوك يكون نبيك)(‪ .)2‬فهنا الكلمة ل يمكن أن يراد منها‬
‫ً‬
‫الجمع‪ ،‬فاملخاطب بها واحد وهو موس ى ‪ ،‬وكون الرب هو من جعل موس ى إلها‬
‫ََ‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫(إلوهيم) يدل على أنه ليس لهوتا مطلقا‪ .‬ومثله ما ورد في صموئيل ألاول‪ 12( :‬فل َّما‬
‫َ ً َ َ َ‬ ‫َْ م َ‬ ‫َ َّ‬
‫ص ْو ٍت َع ِظ ٍيم‪َ ،‬وكل َم ِت امل ْرأة ش ماو مل قا ِئلة‪ِ :‬ملاذا خ َد ْع َت ِني‬ ‫ص َر َخ ْت ب َ‬ ‫يل َ‬ ‫امل ْ َرأ مة َ‬
‫ص ممو ِئ َ‬ ‫ََ َْ‬
‫رأ ِت‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬
‫ً‬ ‫َ م َ‬ ‫ْ‬ ‫ََ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ َ َ‬ ‫ْ‬
‫ََ َ َ َ‬ ‫َْ َ‬
‫ال ل َها امل ِل مك‪ :‬ل تخ ِافي‪ .‬ف َماذا َرأ ْي ِت؟ فقال ِت امل ْرأة ِلش ماو َل‪َ :‬رأ ْي مت ِآل َهة‬ ‫َوأن َت ش ماو مل؟ ‪ 13‬فق‬
‫م َمم ََ َ ْ م َ ٌْ َ‬ ‫ََ َ َ‬ ‫َ ْ َم َ َ َ‬
‫اع ٌد َو مه َو‬‫ال ل َها‪« :‬ما ِه َي صورته؟ فقالت‪َ :‬رج ٌل شيخ ص ِ‬
‫َ‬ ‫ض‪ 14 .‬فق‬ ‫ِ‬ ‫ر‬ ‫ألا ْ‬ ‫يصعدون ِمن‬
‫َ‬
‫م َ ًّ م َّ َ َ َ َ م م َّ م َ م م َ َ َّ َ َ َ ْ َ ْ‬ ‫َ‬
‫ض َو َس َج َد) (‪.)3‬‬ ‫مغطى ِبجب ٍة‪ .‬فع ِلم شاول أنه صمو ِئيل‪ ،‬فخر على وج ِه ِه ِإلى ألار ِ‬
‫فهي تقول رأيت آلهة بالجمع بينما يقول لها‪ :‬ما هي صورته! أي إنه فهم منها أنه‬
‫واحد وليس جماعة‪ ،‬فأجابته‪( :‬رجل شيخ)‪ ،‬أي شخص واحد‪.‬‬
‫تجل هلل في ألارض‪( :‬ألنه يوجد إله‬ ‫وقد ورد في تيماوثاوس ما يدل على أن عيس ى ٍ‬
‫وسيط واحد بين هللا والناس إلانسان يسوع املسيح) (‪.)4‬‬
‫‪ -5‬من إلاشارات التوراتية التي استدلوا بها على التثليث قول املالئكة‪( :‬قدوس‪،‬‬
‫قدوس‪ ،‬قدوس‪ ،‬رب الجنود)(‪ ،)5‬فقد كرر ذكر كلمة قدوس ثالث مرات‪ ،‬ومثله قالت‬

‫‪ -1‬المزمور‪.12 :‬‬
‫‪ -2‬الخروج‪.1 / 1 :‬‬
‫‪ -2‬صموئيل األول‪.21 :‬‬
‫‪ -4‬تيماوثاوس‪.15 :2‬‬
‫‪ -5‬إشعياء‪.2 / 6 :‬‬
‫اصدارات انصار االاما اهمدد ‪‬‬ ‫‪51‬‬

‫الحيوانات التي رآها يوحنا في رؤياه‪( :‬قدوس‪ ،‬قدوس‪ ،‬قدوس‪ ،‬الرب إلاله القادر على كل‬
‫ش يء)(‪.)1‬‬
‫فهم يزعمون أن تكرار كلمة (قدوس) ثالث مرات إشارة إلى الثالوث‪ ،‬بينما معروف‬
‫أن التكرار يراد منه التأكيد كما في نصوص إنجيلية وتوراتية كثيرة‪ ،‬منها قول اليهود‪:‬‬
‫(فصرخوا قائلين‪ :‬اصلبه‪ ،‬اصلبه) (‪.)2‬‬
‫والحقيقة أن الاستدلل بمثل هذه النصوص يدل بال شك على العجز الذي‬
‫يستشعره املسيحيون في إثبات عقيدة التثليث‪.‬‬
‫‪ -6‬استدلوا بنص الشهود الثالثة على التثليث‪ ،‬وهو ما جاء في رسالة يوحنا ألاولى‪،‬‬
‫فقد قال‪( :‬فإن الذين يشهدون في السماء هم ثالثة‪ :‬آلاب والكلمة والروح القدس‬
‫وهؤلء الثالثة هم الواحد)(‪.)3‬‬
‫هذا النص يرد عليه أنه غير منسوب لعيس ى ‪ ،‬وهو بالنتيجة يمثل فهم من‬
‫كتبه‪ ،‬وفهمه يحتاج إلى الدليل‪ ،‬فالدين ل يؤخذ من الناس‪ ،‬بل من رب الناس ومن‬
‫أرسله‪.‬‬
‫وكذلك فإن النص لم يصف الثالثة بأنهم آلهة ول أنهم أقانيم‪ ،‬بل قال إنهم ثالثة‬
‫ً‬
‫وإنهم يشهدون‪ ،‬أما كونهم واحدا كما قال فال يدل على فكرة ألاقانيم التي ل يمكن أن‬
‫ً‬
‫تتبادر إل لذهن معبأ بها مسبقا‪.‬‬
‫إذن يمكن أن نفهم النص على أن املراد منه أن هؤلء الثالثة يشهدون على‬
‫الناس‪ ،‬وإنهم واحد بمعنى أنهم يمثلون جهة واحدة هي جهة الحق‪.‬‬
‫على أن من الضروري أن يعرف القارئ أن هذا النص غير موجود في سائر‬
‫املخطوطات القديمة للكتاب املقدس‪ ،‬بل وغير موجود حتى في أول نص مطبوع‪ ،‬فقد‬
‫ً‬
‫أضيف لحقا‪ ،‬وقد اعترف بإضافته علماء النصرانية ومحققوها ومنهم جامعو تفسير‬
‫هنري واسكات‪ ،‬وحذفته النسخة القياسية املنقحة (‪ )R S V‬من نسختها إلانجليزية‪ ،‬كما‬
‫ً‬
‫حذفته بعض التراجم العاملية‪ ،‬ولكنه ل يزال موجودا في غالب التراجم‪ ،‬ومنها العربية‪.‬‬

‫‪ -1‬الرؤيا‪.1 / 4 :‬‬
‫‪ -2‬لوقا‪.21 / 22 :‬‬
‫‪ -2‬يوحنا األولى‪.1 / 5 :‬‬
‫‪50‬‬ ‫شبيه عيسى أو امن هو اهمصلوب؟!‬

‫يقول بنيامين ولسن مترجم املخطوطات اليونانية‪( :‬إن هذه آلاية التي تشمل على‬
‫الشهادة باأللوهية غير موجودة في أي مخطوط إغريقي مكتوب قبل القرن الخامس‬
‫عشر‪ ،‬إنها لم تذكر بواسطة أي كاتب إكليركي أو أي من آلاباء الالتينيين ألاولين حينما‬
‫يكون املوضوع الذي يتناولونه يتطلب بطبيعته الرجوع إليها‪ ،‬لذلك فهي بصراحة‬
‫مختلقة) (‪.)1‬‬
‫بل حتى في بعض الترجمات العربية وردت محاطة بقوسين دللة على الشك فيها‪،‬‬
‫وقد اعترف بهذا البابا شنودا الثالث (‪.)2‬‬
‫يقول أحد البحوث املنشورة على الانترنيت‪( :‬النص السابق موجود بترجمة امللك‬
‫جيمس وهي التي كان أغلب النصارى يأخذون عنها للغات ألاخرى‪ .‬وثبت بما ل يدع‬
‫ً‬
‫مجال للشك أن هذا النص دخيل وغير موجود إل في بعض املخطوطات الحديثة و غير‬
‫موجود في املخطوطات ألاقدم‪ ،‬قرر ذلك الكثير من علماء الالهوت مما أدى إلى حذف‬
‫كل من‪:‬‬‫النص من التراجم الجديدة للكتاب املقدس فحذف هذا النص ٌ‬
‫‪ -1‬الترجمة الكاثوليكية الحديثة أو الرهبانية اليسوعية (العربية) (منشورات دار‬
‫املشرق ‪ -‬بيروت)‪.‬‬
‫‪ -2‬الترجمة العربية املشتركة‪.‬‬
‫‪ -3‬الترجمة التفسيرية للكتاب املقدس ‪( -‬كتاب الحياة) ‪ -‬وضعته بين قوسين هكذا‬
‫م َ‬ ‫وح ْال مق مد م‬
‫س‪َ .‬و َهؤل ِء‬ ‫الس َم ِاء مه ْم َث َال َث ٌة‪ :‬آلاب‪َ ،‬و ْال َك ِل َم مة‪َ ،‬و ُّ‬
‫الر م‬ ‫ين َي ْش َه مدو َن في َّ‬ ‫[ َفإ َّن َّالذ َ‬
‫ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ٌ‬ ‫َ‬ ‫م‬ ‫م‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬
‫الثالثة ه ْم و ِاحد]‪ ،‬وكتبت باملقدمة أن ما بين ألاقواس عبارة عن شرح وتفسير و غير‬
‫موجود بالنص ألاصلي‪.‬‬
‫هذا باإلضافة إلى أن التراجم ألاجنبية الشهيرة حذفت النص وكما ذكرنا النص غير‬
‫موجود في الترجمات الحديثة مثل‪ISV, ESV, ASV,.... Etc :‬‬
‫وهذه أقوال بعض املعاجم في النص السابق مقتبسه من كتاب (القول الصحيح‬
‫فيما نسب لعيس ى املسيح ‪ -‬مشعل بن عبد هللا القاض ي)‪:‬‬

‫‪ -1‬نقالً عن بحث منشور على شبكة االنترنيت‪.‬‬


‫‪ -2‬انظر كتابه سنوات مع أسئلة الناس‪ :‬السؤال رقم‪.4‬‬
‫اصدارات انصار االاما اهمدد ‪‬‬ ‫‪52‬‬

‫(إن النص املتعلق بالشهود الثالثة في السماء (يوحنا ألاولى ‪ 7 :5‬نسخة امللك‬
‫ً‬ ‫جيمس) ليس ً‬
‫جزء حقيقيا من العهد الجديد)‪.‬‬
‫معجم مفسري الكتاب املقدس ‪ -‬إلاصدار الرابع ص ‪ - 711‬مطابع أبينغدون‪:‬‬
‫‪The Interpreter’s Dictionary of the Bible, Vol. 4, p.711, Abingdon Press‬‬
‫(إن العدد [رسالة يوحنا ألاولى ‪ ]7 :5‬يقول‪(َ :‬فإ َّن َّالذ َ‬
‫ين َي ْش َه مدو َن في َّ‬
‫الس َم ِاء مه ْم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ٌ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫م‬ ‫م َ ْ َ َ م َ ُّ م ْ م م م َ َ م َ َّ َ َ م‬ ‫َ ََ ٌ‬
‫ثالثة‪ :‬آلاب‪ ،‬والك ِلمة‪ ،‬والروح القدس‪ .‬وهؤل ِء الثالثة هم و ِاحد)‪ .‬إل أنه إضافة على‬
‫ألاصل حيث ل أثر له قبل أواخر القرن الرابع بعد امليالد)‪.‬‬
‫معجم مفسري الكتاب املقدس ‪ -‬إلاصدار الرابع ص ‪ - 871‬مطابع أبينغدون‪:‬‬
‫‪The Interpreter’s Dictionary of the Bible, Vol. 4, p.871, Abingdon Press‬‬
‫الجديد ‪Textus‬‬ ‫(إن العدد [رسالة يوحنا ألاولى ‪ ]7 :5‬في النص اليوناني ألاول للعهد‬
‫‪ Receptus‬واملوجودة في نسخة امللك جيمس يوضح كيف أن يوحنا قد توصل إلى عقيدة‬
‫الثالوث في هيئتها الواضحة (آلاب و الكلمة و الروح القدس)‪ ،‬إل أن هذا النص وبكل‬
‫وضوح هو إضافة على ألاصل باعتبار أنه غير موجود في املخطوطات اليدوية اليونانية‬
‫ألاصلية)‪.‬‬
‫قاموس إردمانز للكتاب املقدس‪ ،‬تحرير آلن ميرز ‪ -‬ص ‪:1222‬‬
‫‪ .)1222‬انتهى‪The Eerdmans Bible Dictionary, Edited by Allen C. Myers, p. .‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫بطبيعة الحال أن نصا بمثل هذه ألاهمية لو كان صادرا عن عيس ى ‪ ‬لكنا‬
‫وجدناه في أكثر من إنجيل على ألاقل‪ ،‬بينما الواقع يقول إنه غير موجود حتى في إنجيل‬
‫يوحنا نفسه! ول أدري كيف يبرر املسيحيون عدم وجود هذا النص في إنجيل يوحنا‪،‬‬
‫بينما يوجد في بعض نس رسالته؟‬
‫ً‬
‫‪ -7‬احتجوا أيضا بنصوص من قبيل‪« :‬قلت لكم ولستم تؤمنون‪ ..‬ألنكم لستم من‬
‫خرافي‪ ..‬خرافي تسمع صوتي وأنا أعرفها فتتبعني‪ ،‬وأنا أعطيها حياة أبدية‪ ،‬ولن تهلك إلى‬
‫ألابد‪ ..‬أبي الذي أعطاني إياها هو أعظم من الكل‪ ،‬ول يقدر أحد أن يخطف من يد أبي‪.‬‬
‫أنا وآلاب واحد» (‪.)1‬‬

‫‪ -1‬يوحنا‪.22 – 25 :12‬‬
‫‪53‬‬ ‫شبيه عيسى أو امن هو اهمصلوب؟!‬

‫َ َ م َ م َْ َ م َ َم َ َ َ َ َ م م َ‬
‫وع‪ :‬ل ْس مت ْم‬ ‫وما ورد في إنجيل يوحنا‪ 15( :‬فقالوا له‪ :‬أين هو أبوك؟ أجاب يس‬
‫َت ْعر مف َونني َأ َنا َو َل َأبي‪َ .‬ل ْو َع َر ْف مت مموني َل َع َر ْف مت ْم َأبي َأ ْي ً‬
‫ضا)(‪.)1‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬

‫َ َ َ م َ م م ََ‬ ‫ً‬ ‫مْ م مْ م َ َ ً‬ ‫َ َّ‬


‫وع‪ :‬أنا‬ ‫ض أ ِبي أ ْيضا)(‪ ،)2‬وأيضا‪ 5( :‬قال له يس‬ ‫وكذلك‪ 23( :‬ال ِذي يب ِغض ِني يب ِغ‬
‫َ ََْ َ‬ ‫ََ َ‬ ‫م َّ م م َ َ ْ َ ْ ْ َ م ُّ م َ َّ‬ ‫َ َ م ََ ً‬
‫ف َت مقو مل‬ ‫س! ال ِذي َرآ ِني فق ْد َرأى آلاب‪ ،‬فكي‬ ‫هذ ِه مدته ولم تع ِرف ِني يا ِفيلب‬ ‫معك ْم زمانا ِ‬
‫َ ْ‬ ‫الاب َن َك َما مي ْكر ممو َن َ‬
‫آلاب‪َ .‬م ْن ل ميك ِر مم‬ ‫َأ ْن َت‪َ :‬أرَنا َ‬
‫آلاب؟)(‪ .)3‬وأخي ًرا‪ 23( :‬ل َك ْي مي ْكر َم ْال َجم ميع ْ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ ْ َ َ م (‪)4‬‬ ‫ْ َ َ م ْ م َ َّ‬
‫الابن ل يك ِرم آلاب ال ِذي أرسله) ‪.‬‬
‫هذه النصوص يستدلون منها ألوهية عيس ى ألوهية مطلقة‪ ،‬على الرغم من دللتها‬
‫الواضحة على أن عيس ى نبي مرسل من هللا سبحانه وتعالى وهو ممثل هلل في ألارض‪.‬‬
‫فطاملا كان خليفة هلل في ألارض يكون من رآه قد رأى هللا تعالى‪ ،‬ومن أحبه أحب‬
‫هللا‪ ،‬ومن أبغضه أبغض هللا‪ ،‬فهو تجلي هللا في ألارض‪ ،‬أو هللا في الخلق ل إنه هو هللا‬
‫سبحانه وتعالى‪ ،‬أو إنه هو الالهوت املطلق‪.‬‬
‫ً‬
‫وكذلك يكون هو وهللا واحد‪ ،‬ولكن أيضا ل بمعنى أنه هو هللا‪ ،‬بل بمعنى أنه يمثل‬
‫هللا تعالى وأهدافه‪ ،‬فيكون من هذه الجهة مع هللا وهللا معه‪ ،‬أي يكون مع هللا جهة‬
‫واحدة‪.‬‬
‫وقد ورد عن عيس ى‪( :‬لكي يكرم الجميع الابن كما يكرمون آلاب‪ .‬من ل يكرم‬
‫الابن ل يكرم آلاب الذي أرسله)(‪ .)5‬أي إن الابن وآلاب جهة واحدة؛ ألن الابن رسول هللا‬
‫وممثله‪.‬‬
‫وجاء في رسالة يوحنا ألاولى‪( :‬من اعترف بأن يسوع هو ابن هللا‪ ،‬فاهلل يثبت فيه‪،‬‬
‫وهو في هللا‪ ،‬ونحن قد عرفنا وصدقنا املحبة التي هلل فينا‪ ،‬ومن يثبت في املحبة يثبت في‬

‫‪ -1‬يوحنا‪.19 – 1 :‬‬
‫‪ -2‬يوحنا‪.15 :‬‬
‫‪ -2‬يوحنا‪.14 :‬‬
‫‪ -4‬يوحنا‪.5 :‬‬
‫‪ -5‬يوحنا‪.22 – 5 :‬‬
‫اصدارات انصار االاما اهمدد ‪‬‬ ‫‪51‬‬

‫هللا‪ ،‬وهللا فيه)(‪.)1‬‬


‫فاهلل تعالى في املؤمنين؛ ألنهم آمنوا‪ ،‬وليس ألنهم آلهة‪ .‬ومعنى أنهم في هللا وهللا فيهم‬
‫هو أن إلايمان به تعالى يغمر قلوبهم‪ ،‬بل كل كيانهم‪ ،‬وهذا ما عبر عنه بولس بقوله‪:‬‬
‫(فإنكم أنتم هيكل هللا الحي‪ ،‬كما قال هللا‪ :‬إني سأسكن فيهم‪ ،‬وأسير بينهم‪ ،‬وأكون لهم‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫إلها‪ ،‬وهم يكونون لي شعبا)(‪ ،)2‬وبقوله‪( :‬إله وآب واحد للكل‪ ،‬الذي على الكل وبالكل‪،‬‬
‫وفي كلكم)(‪.)3‬‬
‫ويقول عيس ى لتالميذه‪( :‬أنا الكرمة‪ ،‬وأنتم ألاغصان‪ ،‬الذي يثبت في‪ ،‬وأنا فيه‪ ،‬هذا‬
‫يأتي بثمر كثير)(‪ .)4‬أي من يحبني ويطيعني ويؤمن بي فهذا يأتي بثمر كثير‪.‬‬
‫َ ْ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫م م‬ ‫َْ‬ ‫ََ‬
‫ويقول‪ 23( :‬أنا ِف ِيه ْم َوأن َت ِف َّي ِل َيكونوا ممك َّم ِل َين ِإلى َو ِاح ٍد‪َ ،‬وِل َي ْعل َم ال َعال مم أ َّن َك‬
‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ‬
‫أ ْر َسل َت ِني‪َ ،‬وأ ْح َب ْب َت مه ْم ك َما أ ْح َب ْب َت ِني)(‪.)5‬‬
‫فاملعنى الصحيح لقوله‪( :‬لكي تعرفوا وتؤمنوا أن آلاب في‪ ،‬وأنا فيه)(‪ ،)6‬هو أن هللا‬
‫تجل هلل وصورة له ل إنه هو ذاته‪.‬‬ ‫في عيس ى بمعنى أن عيس ى ٍ‬
‫ُّ‬
‫ويقــول بــولس‪( :‬أنــا غرســت‪ ،‬وأبلــوس ســقى‪ ...‬الغــارس والســاقي همــا واحــد‪ ..‬فإننــا نحــن‬
‫عامالن مع هللا)(‪ ،)7‬فوحدة بولس مع أبلوس وحدة الهدف املشترك‪ ،‬ل الجوهر والذات‪.‬‬
‫ً‬
‫وورد ف ـ ــي الت ـ ــوراة‪( :‬يت ـ ــرك الرج ـ ــل أب ـ ــاه وأم ـ ــه‪ ،‬ويلتص ـ ــق بامرأت ـ ــه‪ ،‬ويكون ـ ــان جس ـ ــدا‬
‫ً‬
‫واحدا)(‪ .)8‬أي يصبحان جهة واحدة‪ ،‬وهدف واحد‪.‬‬
‫ك ــل ه ــذه ألامثل ــة ت ــدل عل ــى أن ق ــول عيس ـ ى ‪( :‬أن ــا وآلاب واح ــد) يعن ــي أن عيس ـ ى‬
‫‪ ‬هدفــه هــو هــدف هللا وإرادتــه هــي إرادة هللا تعــالى‪ ،‬ل مــا يفهمــه املســيحيون مــن أنهمــا‬
‫واحد‪ ،‬وإن عيس ى بالتالي هو هللا جل وعال‪.‬‬

‫‪ -1‬يوحنا‪.16 – 15 – 4 )1( :‬‬


‫‪ -2‬كورنثوس‪.11 – 16 – 6 )2( :‬‬
‫‪ -2‬أفسس‪.6 – 4 :‬‬
‫‪ -4‬يوحنا‪.5 / 15 :‬‬
‫‪ -5‬يوحنا‪.11 :‬‬
‫‪ -6‬يوحنا‪.21 / 12 :‬‬
‫‪ -1‬كورنثوس‪.9 – 6 – 2 )1( :‬‬
‫‪ -1‬التكوين‪.24 / 2 :‬‬
‫‪55‬‬ ‫شبيه عيسى أو امن هو اهمصلوب؟!‬

‫نعم ل يسعهم أن يحملوا كالم عيس ى ‪ ‬على الحقيقة‪ ،‬ولبد لهم من تأويله على‬
‫أن املراد منه ما ذكرته أو غيره‪ ،‬والتأويل مفهوم ووارد حتى في كتبهم فقد جاء في متى‪:‬‬
‫َ‬
‫(ثم يقول امللك للذين عن يمينه‪ :‬تعالوا يا مباركي أبي‪ِ ،‬رثوا امللكوت املعد لكم منذ‬
‫ً‬
‫تأسيس العالم‪ ،‬ألني جعت فأطعمتموني‪ ،‬عطشت فسقيتموني‪ ،‬كنت غريبا فآويتموني‪..‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫فيجيبه ألابرار حينئذ قائلين‪ :‬يا رب‪ ،‬متى رأيناك جائعا فأطعمناك أو عطشانا‬
‫َ‬ ‫ً‬
‫فسقيناك‪ ،‬ومتى رأيناك غريبا فآويناك‪ ..‬فيجيب امللك‪ ،‬ويقول لهم‪ :‬الحق أقول لكم‪ :‬بما‬
‫أنكم فعلتموه بأحد إخوتي هؤلء ألاصاغر‪ ،‬فبي فعلتم)(‪.)1‬‬
‫ومثل ــه م ــا ورد ع ــن ب ــولس‪" :‬ش ــاول ش ــاول‪ ،‬مل ــاذا تض ــطهدني‪ ..‬أن ــا يس ــوع ال ــذي أن ــت‬
‫تضطهده"(‪ ،)2‬فبولس الذي اضطهد تالميذ املسيح يكون كمن اضطهد عيس ى ‪.‬‬
‫إن عــدم قبــولهم بتأويــل بعــض النصــوص يقتض ـ ي أن يقولــوا إنهــم كلهــم آلهــة‪ ،‬فقــد‬
‫م م‬ ‫ْم‬ ‫َ ْم‬ ‫ْ م َّ‬
‫آب َو ِاح ٌد ِللك ِل‪ ،‬ال ِذي َعلى الك ِل َو ِبالك ِـل َو ِفـي ك ِلك ْـم‪َ 7 .‬و ِلك ْـن‬ ‫ورد في رسالة بولس‪ 6( :‬إ ٌله َو ٌ‬
‫ِ‬
‫(‪)3‬‬ ‫َ َْ‬
‫اس ِهب ِة امل ِس ِيح) ‪.‬‬ ‫ي‬ ‫َ‬ ‫ق‬ ‫َ‬
‫ب‬ ‫َ‬
‫س‬ ‫ح‬‫َ‬ ‫َْ م‬
‫ة‬ ‫م‬ ‫ع‬ ‫الن‬ ‫ت‬‫ِ‬ ‫ل مكل َواح ٍد م َّنا مأ ْعط َ‬
‫ي‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ ِ‬
‫ً‬
‫أيضــا ورد عــن عيسـ ى ‪ ‬يــدل بوضــوح علــى أن هللا تعــالى لــيس هــو عيسـ ى‪ ،‬بــل هــو‬
‫ََ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َّ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫م َ ْ‬
‫آخر‪ِ 31( :‬إ ْن ك ْن مت أش َه مد ِل َن ْف ِسـ ي فش َـه َاد ِتي ل ْي َس ْـت َحقـا‪ 32 .‬ال ِـذي َيش َـه مد ِلـي مه َـو آخ مـر‪َ ،‬وأنـا‬
‫ْ‬ ‫َْ م ْ َْ َ ْم ْ َ م َ َ َ‬ ‫ْ‬ ‫َ َ َ َ َ َّ‬
‫وح َّنــا فشـ ِـه َد ِلل َحـ ِـق‪34 .‬‬ ‫أ ْعلـ مـم أ َّن شـ َـه َادت مه ال ِتــي َيشـ َـه مد َها ِلــي ِهـ َـي َحــق‪ 33 .‬أنــتم أرســلتم ِإلــى ي‬
‫َ ََ َ َ ٌ‬ ‫َ م مل َ َ ْ م م َ ْ‬ ‫ْ‬ ‫ََ َ َ ْ َ ً‬
‫صــوا أنـ مـت ْم‪َ 36 .‬وأ َّمــا أنــا ف ِلــي شـ َـه َادة‬ ‫َوأنــا ل أق َبـ مـل شـ َـه َادة ِمـ ْـن ِإن َسـ ٍـان‪َ ،‬و ِلك ِنــي أقــو هــذا ِلتخل‬
‫َّ َ َ‬ ‫َ‬
‫ألا ْع َم ـ م‬ ‫م مَ َ‬ ‫َ ْ َ م ْ م َ َّ َ َّ َ ْ َ َ َّ َ َ‬
‫ـال ِب َع ْي ِن َهــا ال ِتــي أن ـا‬ ‫آلاب ألك ِمل َهــا‪ ،‬هـ ِـذ ِه‬ ‫ـال ال ِتــي أ ْعط ــا ِني‬ ‫أعظــم ِمــن يوحن ــا‪ ،‬ألن ألاعمـ‬
‫َ‬ ‫م‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫م‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َأ ْع َم مل َه ــا ه ـ َـي َت ْش ـ َـه مد ل ــي َأ َّن َ‬
‫آلاب نف مس ــه ال ـ ِـذي أ ْر َس ــل ِني َيش ـ َـهد ِل ــي‪ .‬ل ـ ْـم‬ ‫آلاب ق ــد أ ْر َس ــلني‪َ 37 .‬و م‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ ْ َ م َ ُّ َ َ َ ْ َ ْ م ْ َ ْ َ َ م (‪)4‬‬ ‫َ‬
‫ت ْس َم معوا صوته قط‪ ،‬ول أبصرتم هيئته) ‪ِ .‬‬
‫الذي يشهد لعيس ى هو آخر‪ ،‬وآلاب نفسه يشهد له‪ ،‬إذن آلاب آخر وليس هو عيس ى‪.‬‬

‫‪ -1‬متى‪.42 – 24 – 25 :‬‬
‫‪ -2‬أعمال‪.15 – 14 – 26 :‬‬
‫‪ -2‬أفسس‪.4 :‬‬
‫‪ -4‬يوحنا‪.5 :‬‬
‫اصدارات انصار االاما اهمدد ‪‬‬ ‫‪56‬‬

‫وخاتمـة املسـك قـول عيسـ ى ‪ ‬الـذي يؤكـد أن اسـتدللهم ل محـل لـه‪( :‬أبـي أعظــم‬
‫مني)(‪.)1‬‬
‫‪( -8‬ل تتعجبوا من هذا فانه تأتي ساعة فيها يسمع جميع الذين في القبور صوته *‬
‫فيخرج الذين فعلوا الصالحات الى قيامة الحياة و الذين عملوا السيئات إلى قيامة‬
‫الدينونة)(‪.)2‬‬
‫جاء هذا النص في سياق هو آلاتي‪ 15( :‬فأجاب يسوع وقال لهم الحق الحق أقول‬
‫لكم ل يقدر الابن أن يعمل من نفسه شيئا إل ما ينظر آلاب يعمل ألن مهما عمل ذاك‬
‫فهذا يعمله الابن كذلك * ‪ 22‬لن آلاب يحب الابن ويريه جميع ما هو يعمله وسيريه‬
‫ً‬
‫أعمال أعظم من هذه لتتعجبوا انتم * ‪ 21‬ألنه كما إن آلاب يقيم ألاموات ويحيي كذلك‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫الابن أيضا يحيي من يشاء * ‪ 22‬ألن آلاب ل يدين أحدا بل قد أعطى كل الدينونة لالبن‬
‫* ‪ 23‬لكي يكرم الجميع الابن كما يكرمون آلاب من ل يكرم الابن ل يكرم آلاب الذي‬
‫أرسله * ‪ 24‬الحق الحق أقول لكم إن من يسمع كالمي ويؤمن بالذي أرسلني فله حياة‬
‫أبدية ول يأتي إلى دينونة بل قد انتقل من املوت إلى الحياة * ‪ 25‬الحق الحق أقول لكم‬
‫انه تأتي ساعة وهي آلان حين يسمع ألاموات صوت ابن هللا والسامعون يحيون * ‪26‬‬
‫ألنه كما إن آلاب له حياة في ذاته كذلك أعطي الابن أيضا أن تكون له حياة في ذاته *‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫‪ 27‬وأعطاه سلطانا أن يدين أيضا ألنه ابن إلانسان * ‪ 28‬ل تتعجبوا من هذا فانه تأتي‬
‫ساعة فيها يسمع جميع الذين في القبور صوته * ‪ 25‬فيخرج الذين فعلوا الصالحات إلى‬
‫قيامة الحياة والذين عملوا السيئات إلى قيامة الدينونة * ‪ 32‬أنا ل اقدر أن افعل من‬
‫ً‬
‫نفس ي شيئا كما اسمع أدين ودينونتي عادلة ألني ل اطلب مشيئتي بل مشيئة آلاب الذي‬
‫أرسلني)(‪.)3‬‬
‫ً‬
‫من هذا السياق يتوضح أن الابن ل يقدر أن يعمل شيئا من نفسه‪ ،‬وآلاب هو من‬
‫يقيم ألاموات‪ ،‬وإذا كان لالبن ش يء من ذلك فهو بسلطان من آلاب‪ ،‬فالبن من هذه‬

‫‪ -1‬يوحنا‪.21 / 14 :‬‬
‫‪ -2‬يوحنا‪21 / 5 :‬و‪.29‬‬
‫‪ -2‬يوحنا‪.5 :‬‬
‫‪57‬‬ ‫شبيه عيسى أو امن هو اهمصلوب؟!‬

‫الجهة تبع لآلب وهو ل ينفذ مشيئته بل مشيئة آلاب‪ .‬ويتفرع عن هذا املعنى أن الابن‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫غير مستقل عن آلاب وهو محتاج له‪ ،‬فليس هو لهوتا مطلقا‪.‬‬
‫والنص كما يتضح من سياقه ل يتحدث عن عيس ى ‪ ‬بل عن ابن إلانسان‪،‬‬
‫ً‬
‫وسيأتي لحقا أن املقصود منه شخص آخر ليس هو عيس ى ‪.‬‬
‫وكذلك فإن القيامة والدينونة يراد منها ‪ -‬كما سنبينه بعون هللا ‪ -‬زمن ظهور املنقذ‬
‫الذي سنعرف أنه يمثل القيامة الصغرى‪ ،‬وهي حدث يقع على هذه ألارض وليس في‬
‫عالم آلاخرة‪.‬‬
‫وغيـر هـذا توجـد نصـوص ميفهـم منهـا معنـى مغـاير للدينونـة‪ ،‬مـن قبيـل‪( :‬ألنـه لـم يرسـل‬
‫هللا ابنه إلى العالم ليدين العالم‪ ،‬بل ليخلص بـه العـالم‪ ،‬الـذي يـؤمن بـه ل يـدان‪ ،‬والـذي‬
‫ل يؤمن قد دين‪ ،‬ألنه لم يؤمن باسم ابن هللا الوحيد)(‪.)1‬‬
‫واملعنى هنا هو أن من ل يؤمن بعيس ى ‪ ‬يكون قد ثبت كفره باهلل تعالى؛ ألنه هو‬
‫َ م َ م َّ‬ ‫ْ‬ ‫َْ‬
‫أرسل عيس ى ‪ ،‬وهذا ما قاله عيس ى ‪ 22( :‬ال َح َّق ال َح َّق أقو مل لك مم‪ :‬ال ِذي َي ْق َب مل‬
‫َّ َ َ‬ ‫م‬ ‫َّ‬ ‫م‬ ‫م م‬
‫َم ْن أ ْر ِسل مه َي ْق َبل ِني‪َ ،‬وال ِذي َي ْق َبل ِني َي ْق َب مل ال ِذي أ ْر َسل ِني)(‪.)2‬‬
‫وكذلك‪( :‬وإن سمع أحد كالمي ولم يؤمن فأنا ل أدينه‪ ،‬ألني لم آت ألديـن العـالم بـل‬
‫ألخلــص العــالم‪ ،‬مــن رذلنــي ولــم يقبــل كالمــي فلــه مــن يدينــه؛ الكــالم الــذي تكلمــت بــه هــو‬
‫يدينه في اليوم ألاخير)(‪.)3‬‬
‫وم ــن قول ــه‪( :‬الك ــالم ال ــذي تكلم ــت ب ــه ه ــو يدين ــه ف ــي الي ــوم ألاخي ــر) يتض ــح أن عيس ـ ى‬
‫يدين الناس ل بمعنى أنه هو يفعل وأنه هو هللا‪ ،‬وإنمـا بمعنـى أن الـدين الحـق الـذي نطـق‬
‫ب ــه والرس ــالة الص ــحيحة ه ــي الت ــي ي ــدينهم به ــا هللا تعــالى‪ ،‬وحي ــث إن عيس ـ ى ‪ ‬ه ــو ممبل ـغ‬
‫هذه الرسالة يكون كأنه هو من يدينهم‪.‬‬
‫ً‬
‫ويمكــن أيضــا أن نفهــم مــن مجمــوع النصــوص أن عيس ـ ى يــدينهم بمعنــى أن هللا تعــالى‬
‫يخولــه ذلــك‪ ،‬ول ضــرورة تقتض ـ ي هنــا أن يكــون هــو هللا جــل وعــال‪ .‬بــل ورد أن التالميــذ أو‬

‫‪ -1‬يوحنا‪.11 / 2 :‬‬
‫‪ -2‬يوحنا‪.12 :‬‬
‫‪ -2‬يوحنا‪.41 – 41 – 12 :‬‬
‫اصدارات انصار االاما اهمدد ‪‬‬ ‫‪59‬‬

‫ً‬
‫أمثالهم أيضا يدينون‪( :‬فقال لهم يسـوع‪ :‬الحـق أقـول لكـم‪ :‬إنكـم أنـتم الـذين تبعتمـوني فـي‬
‫ً‬
‫التجديد‪ ،‬متى جلس ابن إلانسان على كرسـ ي مجـده؛ تجلسـون أنـتم أيضـا علـى اثنـي عشـر‬
‫ً‬
‫كرسيا‪ ،‬تدينون أسباط إسرائيل الاثني عشر)(‪.)1‬‬
‫(ألس ــتم تعلم ــون أن القديس ــين س ــيدينون الع ــالم؟‪ ...‬ألس ــتم تعلم ــون أنن ــا سـ ــندين‬
‫مالئكة)(‪.)2‬‬
‫وإذا قيــل‪ :‬إن التالميــذ يــدينون بتخويــل مــن عيس ـ ى ‪ ،‬نقــول‪ :‬ومــا الــذي يمنــع أن‬
‫يكون عيس ى ‪ ‬يدين بتخويل من هللا تعالى؟‬
‫‪ -5‬قول املسيح لليهود‪( :‬فقال لهم أنتم من أسفل‪ ،‬أما أنا فمن فوق‪ .‬أنتم من هذا‬
‫العالم‪ ،‬أما أنا فلست من هذا العالم)(‪ .)3‬وهو عين ما أكده لنيقوديموس قبل ذلك‪:‬‬
‫(وليس أحد صعد إلى السماء‪ ،‬إل الذي نزل من السماء‪ ،‬ابن إلانسان الذي هو في‬
‫السماء)(‪.)4‬‬
‫ومثله ما نطق به يوحنا املعمدان‪( :‬الذي من ألارض هو أرض ي‪ ،‬ومن ألارض يتكلم‪،‬‬
‫الذي يأتي من السماء هو فوق الجميع)(‪.)5‬‬
‫املقصود هنا ليس هو ما يفهمه من يستدل بهذه النصوص على ألوهية املسيح‬
‫أ لوهية مطلقة‪ ،‬فاملسيح ليس من هذا العالم كما قال بمعنى أنه ليس مثل من نسميهم‬
‫أبناء الدنيا‪ ،‬أي نمط الناس الذي يحصرون همهم كله في الدنيا أو املادة فقط‪ ،‬ول‬
‫أن يرتقوا لها‪ ،‬وهذا هو‬ ‫يلتفتون إلى الروح والحياة الحقيقية التي يريد لهم ألانبياء‬
‫ما قاله عيس ى ‪ ‬لنيقوديموس‪ 3( :‬أجاب يسوع وقال له الحق الحق أقول لك إن‬
‫كان أحد ل يولد من فوق ل يقدر أن يرى ملكوت هللا‪ 4 .‬قال له نيقوديموس كيف‬
‫يمكن إلانسان أن يولد وهو شيخ‪ .‬ألعله يقدر أن يدخل بطن أمه ثانية ويولد‪ 5 .‬أجاب‬
‫يسوع الحق الحق أقول لك إن كان أحد ل يولد من املاء والروح ل يقدر أن يدخل‬

‫‪ -1‬متى‪ ،21 / 19 :‬ولوقا‪.22 / 22 :‬‬


‫‪ -2‬كورنثوس‪.2 – 2 – 6 )1( :‬‬
‫‪ -2‬يوحنا‪.22 / 1 :‬‬
‫‪ -4‬يوحنا‪.12 / 2 :‬‬
‫‪ -5‬يوحنا‪.21 / 2 :‬‬
‫‪58‬‬ ‫شبيه عيسى أو امن هو اهمصلوب؟!‬

‫ملكوت هللا‪ 6 .‬املولود من الجسد جسد هو واملولود من الروح هو روح‪ 7 .‬ل تتعجب أني‬
‫قلت لك ينبغي أن تولدوا من فوق‪ 8 .‬الريح تهب حيث تشاء وتسمع صوتها لكنك ل‬
‫تعلم من أين تأتي ول إلى أين تذهب‪ .‬هكذا كل من ولد من الروح ‪ 5‬أجاب نيقوديموس‬
‫وقال له كيف يمكن أن يكون هذا‪ 12 .‬أجاب يسوع وقال له أنت معلم إسرائيل ولست‬
‫تعلم هذا‪ 11 .‬الحق الحق أقول لك إننا إنما نتكلم بما نعلم ونشهد بما رأينا ولستم‬
‫تقبلون شهادتنا‪ 12 .‬إن كنت قلت لكم ألارضيات ولستم تؤمنون فكيف تؤمنون إن‬
‫قلت لكم السماويات‪ 13 .‬وليس أحد صعد إلى السماء إل الذي نزل من السماء ابن‬
‫إلانسان الذي هو في السماء)(‪.)1‬‬
‫فالناس كل الناس قد ولدوا من الجسد‪ ،‬ومع ذلك عيس ى ‪ ‬يريد منهم أن‬
‫يولدوا ولدة جديدة‪ ،‬أي أن يتساموا بأرواحهم فوق متطلبات الجسد والحياة املادية‬
‫الضيقة ليدخلوا في رحاب ملكوت هللا‪ ،‬أو ما يسميه النص بـ (السماويات)‪.‬‬
‫فاملراد هو الاستعداد الروحي لتقبل عطاء السماء كما قال يوحنا املعمدان‪27( :‬‬
‫أجاب يوحنا وقال ل يقدر إنسان أن يأخذ شيئا إن لم يكن قد أعطي من السماء)(‪.)2‬‬
‫وبالنتيجة عيس ى ‪ ‬من فوق؛ ألنه يتكلم بكالم هللا كما في هذا النص الذي قاله‬
‫يوحنا‪ 31( :‬الذي يأتي من فوق هو فوق الجميع‪ .‬والذي من ألارض هو أرض ي ومن ألارض‬
‫يتكلم‪ .‬الذي يأتي من السماء هو فوق الجميع‪ 32 .‬وما رآه وسمعه به يشهد وشهادته‬
‫ليس أحد يقبلها‪ 33 .‬ومن قبل شهادته فقد ختم أن هللا صادق‪ 34 .‬ألن الذي أرسله‬
‫هللا يتكلم بكالم هللا‪ .‬ألنه ليس بكيل يعطي هللا الروح)(‪.)3‬‬
‫والذي يوضح ما قلناه هو أن عيس ى ‪ ‬ليس هو وحده الذي ل ينتمي لهذا‬
‫ً‬
‫العالم‪ ،‬بل التالميذ أيضا‪ ،‬يقول عيس ى ‪ 14( :‬أنا قد أعطيتهم كالمك والعالم‬
‫أبغضهم ألنهم ليسوا من العالم كما أني أنا لست من العالم‪ 15 .‬لست أسأل أن‬

‫‪ -1‬يوحنا‪.2 :‬‬
‫‪ -2‬يوحنا‪.2 :‬‬
‫‪ -2‬يوحنا‪.2 :‬‬
‫اصدارات انصار االاما اهمدد ‪‬‬ ‫‪61‬‬

‫تأخذهم من العالم بل أن تحفظهم من الشرير‪ 16 .‬ليسوا من العالم كما أني أنا لست‬
‫من العالم)(‪.)1‬‬
‫ومثل ــه‪( :‬ل ــو كن ــتم م ــن الع ــالم لك ــان الع ــالم يح ــب خاص ــته‪ ،‬لك ــن ألنك ــم لس ــتم م ــن‬
‫العالم‪ ،‬بل أنا اخترتكم من العالم‪ ،‬لذلك يبغضكم العالم)(‪.)2‬‬
‫وإذا كان (ليس أحد صعد إلى السـماء إل الـذي نـزل مـن السـماء‪ ،‬ابـن إلانسـان الـذي‬
‫هو في السماء)(‪ ،)3‬فإن أخنوخ صـعد إلـى السـماء ولبـد إذن أن يكـون قـد نـزل مـن السـماء‪:‬‬
‫(وسار أخنوخ مع هللا‪ ،‬ولم يوجد‪ ،‬ألن هللا أخذه)(‪ ،)4‬فهل يقولون بإلوهيته؟‬
‫والكـالم نفسـه يقــال بالنسـبة إليليــا الـذي صـعد إلــى السـماء‪( :‬ففصــلت بينهمـا فصــعد‬
‫إيليا في العاصفة إلى السماء)(‪.)5‬‬
‫بــل لــو قلنــا إن عيس ـ ى ‪ ،‬أو ابــن إلانســان إل ــه فهــل يعنــي ه ــذا إن ـه إلالــه املطلــق؟‬
‫الجواب هو كال‪.‬‬
‫‪ - 12‬قال املسيح لليهود‪ ( :‬ليس أحد يأخذها (نفس ي) مني‪ ،‬بل أضعها أنا من ذاتي‪.‬‬
‫أيضا أن آخذها)(‪.)6‬‬ ‫لي سلطان أن أضعها ولي سلطان ً‬
‫يستدلون بهذا النص على أن عيس ى ‪ ‬إله مطلق طاملا كانت له السلطة على‬
‫نفسه‪ ،‬ويسندون هذا الاستدلل بما ورد في الكتاب املقدس (ليس إلنسان سلطان على‬
‫الروح)(‪.)7‬‬
‫ً‬
‫ولو أنهم تمنعوا قليال في النص الوارد في العهد القديم لعلموا أن املقصود منه هو‪:‬‬
‫أن الروح أي الاعتقاد أو الفكر ل يستطيع أحد أن يتحكم به‪ ،‬وليس له سلطان عليه‬
‫غير صاحبه‪ ،‬فالطواغيت يستطيعون قتل الجسد بالعنف ولكنهم ل يستطيعون قتل‬
‫الاعتقاد بالعنف‪.‬‬

‫‪ -1‬يوحنا‪.11 :‬‬
‫‪ -2‬يوحنا‪.19 / 15 :‬‬
‫‪ -2‬يوحنا‪.12 / 2 :‬‬
‫‪ -4‬التكوين‪.24/ 5 :‬‬
‫‪ -5‬الملوك‪.11 / 2 )2( :‬‬
‫‪ -6‬يوحنا‪.11 / 12:‬‬
‫‪ -1‬جامعة‪.1 / 1 :‬‬
‫‪60‬‬ ‫شبيه عيسى أو امن هو اهمصلوب؟!‬

‫أما النص الذي يستدلون به فقد ورد في السياق آلاتي‪ 11( :‬أنا هو الراعي الصالح‪.‬‬
‫والراعي الصالح يبذل نفسه عن الخراف‪ 12 .‬وأما الذي هو أجير وليس راعيا الذي‬
‫ليست الخراف له فيرى الذئب مقبال ويترك الخراف ويهرب‪ .‬فيخطف الذئب الخراف‬
‫ويبددها‪ 13 .‬وألاجير يهرب ألنه أجير ول يبالي بالخراف‪ 14 .‬أما أنا فإني الراعي الصالح‬
‫وأعرف خاصتي وخاصتي تعرفني ‪ 15‬كما أن آلاب يعرفني وأنا أعرف آلاب‪ .‬وأنا أضع‬
‫ً‬
‫نفس ي عن الخراف‪ 16 .‬ولي خراف أخر ليست من هذه الحظيرة ينبغي أن آتي بتلك أيضا‬
‫فتسمع صوتي وتكون رعية واحدة وراع واحد‪ 17 .‬لهذا يحبني آلاب ألني أضع نفس ي‬
‫ً‬
‫آلخذها أيضا‪ 18 .‬ليس أحد يأخذها مني بل أضعها أنا من ذاتي‪ .‬لي سلطان أن أضعها‬
‫ولي سلطان أن آخذها أيضا‪ .‬هذه الوصية قبلتها من أبي)(‪.)1‬‬
‫ً‬
‫ويتضح من هذا السياق أن مقصود عيس ى ‪ ‬هو أنه يبذل نفسه ل مرغما وإنما‬
‫من منطلق حرصه وشعوره باملسؤولية وبحرية كاملة‪ ،‬وليس في كالمه أي ش يء يمكن‬
‫أن ميستدل منه على إلوهية عيس ى املطلقة‪.‬‬
‫‪( -11‬أنا هو نور العالم‪ .‬من يتبعني فال يمش ي في الظلمة بل يكون له نور الحياة)(‪.)2‬‬
‫هذا مه َو ْال َخ َب مر َّالذي َسم ْع َن ماه م ْن مه َو من ْخب مر مك ْم به‪ :‬إ َّن َ‬
‫هللا‬
‫َ َ‬
‫وورد في رسالة يوحنا ألاولى‪ 5( :‬و‬
‫ِِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫س ِف ِيه ظل َمة ال َب َّتة)(‪ .)3‬وفي العهد القديم قال داود‪( :‬الرب نوري وخالص ي) ‪.‬‬
‫(‪)4‬‬ ‫مْ ٌ ْ َ‬ ‫ور َو َل ْي َ‬
‫من ٌ‬
‫واملسيحيون يجمعون هذه النصوص ليخرجوا بمعنى هو أن عيس ى ‪ ‬هو هللا‪.‬‬
‫ً‬
‫هذا الدليل أيضا ل يفيدهم بش يء‪ ،‬فعيس ى ‪ ‬نور العالم بمعنى أنه مرسل من‬
‫هللا سبحانه ونوره من نور هللا وعلمه من علم هللا تعالى ومن يتبعه يهتدي بنور هللا‬
‫الذي يمثله هو ويدعو له‪ .‬فالنور والحق في ألاصل والحقيقة هو هللا تعالى (هللا نور)(‪،)5‬‬
‫ً‬
‫ومن يدعو لنور هللا ويلتزم نور هللا يكون نورا بالتبع‪ .‬وقول عيس ى ‪( :‬أنا هو نور‬

‫‪ -1‬يوحنا‪.12 :‬‬
‫‪ -2‬يوحنا‪.11 / 1 :‬‬
‫‪ -2‬يوحنا‪.5 / 1:‬‬
‫‪ -4‬مزمور‪.1 / 21:‬‬
‫‪ -5‬ورد في رسالة يوحنا األولى اإلصحاح األول‪َ 5( :‬وه َذا هُ َو ْال َخبَ ُر الَّ ِذي َس ِم ْعنَاهُ ِم ْنه ُ َونُ ْخبِ ُر ُك ْم بِ ِه‪ :‬إِ َّن هللاَ نُو ٌر‬
‫ْس فِي ِه ظُ ْل َمةٌ ْالبَتَّةَ)‪.‬‬
‫َولَي َ‬
‫اصدارات انصار االاما اهمدد ‪‬‬ ‫‪62‬‬

‫فكل منهم هو نور العالم في زمانه‪.‬‬ ‫العالم) يصح على كل أنبياء هللا سبحانه وتعالى ٌ‬
‫والنور بمعنى الحق والصواب والهداية‪.‬‬
‫(ما دمت في العالم فأنا نور العالم)(‪.)1‬‬
‫واملهم في ألامر إن قول عيس ى ‪( :‬أنا نور العالم) ل يعني إنه نور ل ظلمة فيه‪،‬‬
‫بل هو نور مشوب بالظلمة‪ ،‬وهذه الظلمة ضرورية لوجوده‪.‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫وعلى أي حال ورد عن عيس ى ‪ ‬بحق حواريه قوله‪ 14( :‬أ ْن مت ْم من م‬
‫ور ال َعال ِم‪ .‬ل‬
‫مْ م َْ م َْ َ ٌَ َْ م ٌَ َ‬
‫وعة َعلى َج َبل)(‪.)2‬‬ ‫يم ِكن أن تخفى م ِدينة موض‬
‫فهل يعني هذا إنهم كلهم آلهة؟‬
‫‪( -12‬أنا هو الراعي الصالح‪ ،‬والراعي الصالح يبذل نفسه عن الخراف)(‪.)3‬‬
‫يستدلون بهذه آلاية بعد جمعها بقول داود‪( :‬الرب راعي فال يعوزني ش يء)(‪ ،)4‬وقول‬
‫إشعياء النبي عن الرب‪( :‬كر ٍاع يرعى قطيعه‪ ،‬بذراعه يجمع الحمالن‪ ،‬وفي حضنه‬
‫يحملها‪ ،‬ويقود املرضعات)(‪ .)5‬ثم يستنتجون إن عيس ى هو هللا!‬
‫الحق إن الراعي الصالح هو هللا وحده كما قال عيس ى ‪ ،‬ولكن هذا ل يعني‬
‫عدم وجود ر ٍاع صالح من خلقه تعالى‪ ،‬بل املقصود أن هؤلء يكونون رعاة صالحين متى‬
‫أطاعوا هللا واهتدوا بهديه‪ ،‬وارشدوا الناس إلى طريقه الحق‪.‬‬
‫وحين قال عيس ى‪( :‬أنا هو الراعي الصالح) كان يريد هذا املعنى‪ ،‬أي إنه نبي مرسل‬
‫من هللا ويهتدي بهدي هللا ومن هنا يمكنه أن يقود الناس إلى بر ألامان‪.‬‬
‫ََ َ َ َ َ َ‬ ‫ً‬
‫ال ل مه‪ِ :‬ملاذا ت ْد معوني‬ ‫الشاب الذي سماه صالحا بقوله‪ 17( :‬فق‬ ‫َ‬ ‫وقد أجاب عيس ى‬
‫َّ‬
‫صال ًحا إل َواح ٌد َو مه َو م‬
‫هللا)(‪.)6‬‬ ‫س َأ َح ٌد َ‬
‫ص ِال ًحا؟ َل ْي َ‬
‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ً‬
‫ول أظن عاقال ل يفهم من هذا النص أن هللا تعالى ليس هو عيس ى؛ ألن عيس ى بعد‬
‫ً‬
‫أن أنكر على الشاب أن يدعوه صالحا‪ ،‬لفت انتباهه إلى أن هللا هو الصالح‪ ،‬ول يمكن‬

‫‪ -1‬يوحنا‪.5 / 9 :‬‬
‫‪ -2‬متى‪.5 :‬‬
‫‪ -2‬يوحنا‪.14 / 12 :‬‬
‫‪ -4‬مزمور‪.1 / 22 :‬‬
‫‪ -5‬إشعياء‪.11 / 42 :‬‬
‫‪ -6‬متى‪.19 :‬‬
‫‪63‬‬ ‫شبيه عيسى أو امن هو اهمصلوب؟!‬

‫للمسيحيين أن يقولوا هنا إن هللا هو عيس ى نفسه؛ ألنهم بذلك يوقعونه بالتناقض‪ ،‬إذ‬
‫يكون قد نفى وأثبت في وقت واحد(‪.)1‬‬
‫وعلينا آلان أن نفهم أن كالم عيس ى مع الشاب ل يعني أنه ليس بصالح‪ ،‬بل أراد أن‬
‫ميفهم الشاب أن الصالح من هللا‪ ،‬والصالح على الحقيقة والاستقالل هو هللا تعالى‪ ،‬وكل‬
‫متأت من صالحه؛ ألنهم يعبرون‬ ‫املخلوقين إنما يكونوا صالحين بفضل هللا‪ ،‬وصالحهم ٍ‬
‫عن إرادته‪ ،‬وهم بالتالي بحاجة إليه تعالى‪.‬‬
‫‪ -13‬قال ملرثا‪( :‬أنا هو القيامة والحياة‪ ،‬من آمن بي ولو مات فسيحيا‪ ،‬وكل من كان‬
‫(‪)2‬‬ ‫ً‬
‫حيا وآمن بي فلن يموت إلى ألابد) ‪.‬‬
‫ً‬
‫من الواضح تماما أن عيس ى ‪ ‬ل يتحدث في هذا النص عن املوت والحياة‬
‫باملعنى املادي لهاتين الكلمتين؛ أي موت وحياة الجسد‪ ،‬وإنما عن موت وحياة بمعنى‬
‫ً‬
‫آخر‪ ،‬فمن يؤمن بعيس ى وإن مات فسيحيا‪ ،‬ومن كان حيا لن يموت إلى ألابد‪.‬‬
‫يتحدث إذن عن حياة خالدة تنتج عن إلايمان به‪ ،‬فمن يؤمن بعيس ى يحظى‬
‫بالخلود‪ ،‬ومن ل يؤمن به لن يناله‪.‬‬
‫وطاملا كان ألامر هكذا فعيس ى من هذه الجهة يمثل القيامة‪ ،‬أي يمثل الحد‬
‫أذكر اسم (عيس ى) من باب املجاز وأريد به إلايمان‬ ‫الفاصل بين حياة الخلود وعدمها‪ .‬م‬
‫بعيس ى أو عدمه‪ ،‬وهذا التعبير املجازي هو نفسه ألاسلوب الذي استعمله عيس ى ‪.‬‬
‫السؤال آلان هل يعني هذا أن عيس ى إله مطلق؟‬
‫ً‬
‫إن من ل يؤمن بعيس ى هو ببساطة ل يؤمن باهلل الذي أرسله‪ ،‬تماما كمن ل يؤمن‬
‫ً‬
‫بموس ى فهو أيضا ل يؤمن باهلل الذي أرسله‪ ،‬فاملحك الذي يحدد من يستحق الخلود‬
‫ومن ل يستحقه هو في الحقيقة إلايمان باهلل تعالى‪.‬‬
‫فموس ى وعيس ى هم رسل من هللا وهللا تعالى أمر بطاعتهم وإلايمان بهم‪ ،‬ومن ل‬
‫ً‬
‫يؤمن بهم إذن يكون قد عص ى هللا تعالى‪ .‬إنهم (ألانبياء والرسل عموما) يمثلون الوسيلة‬

‫‪ -1‬يلجأ المسيحيون عادة للعبة الناسوت والالهوت‪ ،‬فيقولون على سبيل المثال‪ :‬إنه قال هذا وعنى ناسوته ال‬
‫الهوته‪ .‬نرجو أن ال يمارسوا هنا هذه اللعبة‪ ،‬إذ ال نص عليها هنا وال في أي موضع آخر‪.‬‬
‫‪ -2‬يوحنا‪.26 – 24 – 11:‬‬
‫اصدارات انصار االاما اهمدد ‪‬‬ ‫‪61‬‬

‫التي اختبر هللا بها الناس‪ ،‬ليرى من منهم يؤمن به تعالى ومن يكفر؟ ومن هنا كانوا هم‬
‫املحك‪ ،‬وهم املحك بمعنى أنهم وسيلة الكشف‪.‬‬
‫وإذا كان عيس ى قد قال‪( :‬أنا هو القيامة والحياة)‪ ،‬فإن موس ى وإبراهيم ويوسف‬
‫وكل ألانبياء يمكنهم أن يقولوا مثل قوله‪ ،‬دون أن يعني قولهم هذا أنهم آلهة‪.‬‬
‫إذ ليس املراد من القيامة هنا سوى النتيجة النهائية التي يحصل عليها إلانسان‪،‬‬
‫وهذه النتيجة يمكن أن تنسب لعيس ى وموس ى وغيرهما من ألانبياء طاملا كان إلايمان بهم‬
‫يعني النجاح وعدمه يعني الفشل‪.‬‬
‫والكالم نفسه يقال بالنسبة لقوله‪ :‬أنا الحياة‪.‬‬
‫ألم يقل عيس ى ‪( :‬وهذه هي الحياة ألابدية أن يعرفوك أنت إلاله الحقيقي‬
‫وحدك ويسوع املسيح الذي أرسلته)(‪.)1‬‬
‫َ َ ْ َ َ َْم ْ ْ َ‬
‫ذل َك‬
‫‪ -14‬قول عيس ى ‪ ‬لتالميذه في حديث العلية‪ 13( :‬ومهما سألتم ِباس ِمي ِ‬
‫ف‬
‫َ َ م‬ ‫َْ‬ ‫َأ ْف َع مل مه ل َي َت َم َّج َد م‬
‫الب ِن‪ِ 14 .‬إ ْن َسأل مت ْم َش ْي ًئا ِب ْاس ِمي ف ِإ ِني أ ْف َعل مه)(‪.)2‬‬
‫آلاب ب ْ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫هم واسطة بين هللا وخلقه‪ ،‬وإلايمان بهم ينفع املؤمنين‬ ‫كل ألانبياء واملرسلين‬
‫لتحل عليهم البركات من هللا تعالى‪ ،‬ويستطيع املؤمنون أن يجعلوا منهم واسطة فيسألون‬
‫هللا بهم؛ ألنهم عباد مكرمون‪ ،‬وبفضل صالحهم يستجيب هللا لسؤال املؤمنين؛ ألنه‬
‫دليل على إلايمان بهم ودليل بالتالي على إلايمان بمن أرسلهم‪ .‬وأما قول عيس ى ‪:‬‬
‫(فإني أفعله) فال يدل على أنه هو هللا كما يريد من يستدل بهذا النص‪ ،‬وإنما غايته هي‬
‫أنه يتوسط للمؤمنين به‪ .‬ومثل هذا الكالم ميقال بالنسبة لقول عيس ى ‪( :‬ألنكم‬
‫ً‬
‫بدوني ل تقدرون أن تفعلوا شيئا)(‪.)3‬‬
‫فعيس ى هنا ل يدعي أنه قادر على كل ش يء بالستقالل عن هللا‪ ،‬ولكنه يقول للناس‬
‫أنهم بحاجة لإليمان به؛ ألنه الواسطة بينهم وبين هللا تعالى‪.‬‬

‫‪ -1‬يوحنا‪.2 / 11 :‬‬
‫‪ -2‬يوحنا‪.14 – 12 – 14 :‬‬
‫‪ -2‬يوحنا‪.5 / 15 :‬‬
‫‪65‬‬ ‫شبيه عيسى أو امن هو اهمصلوب؟!‬

‫ً‬
‫وأيضا يمكن أن نقول إن عيس ى ‪ ‬وموس ى ‪ ‬يفعلون هم ما يطلبه املؤمنون‪،‬‬
‫ولكن على أن نفهم أن هللا تعالى هو من خول لهم ذلك ومكنهم منه‪ ،‬ل أنهم يفعلونه‬
‫بالستقالل أو دون إرادة من هللا‪.‬‬
‫ً‬
‫‪ -15‬استدلوا أيضا بقول عيس ى ‪( :‬كل ما لآلب هو لي)(‪ ،)1‬وقوله‪( :‬كل ما هو لي‬
‫(‪)2‬‬
‫فهو لك‪ ،‬وما هو لك فهو لي) ‪.‬‬
‫ويذكر بعضهم تعليق القديس لوثر على هذه آلاية بالقول‪( :‬قد يمكن ألي مؤمن أن‬
‫يقول الجزء ألاول من هذه آلاية العظيمة‪( :‬كل ما هو لي فهو ‪ -‬لآلب‪ ،)-‬ولكن من ذا‬
‫ً‬
‫الذي يقدر أن يضيف قائال‪( :‬وما هو – لآلب ‪ -‬هو لي)؟‬
‫وبرأيهم أن كلمة عيس ى هذه تعني ضمن ما تعنيه أن لعيس ى أزلية آلاب وقداسته‬
‫وكماله ومجده وصفاته وعرشه‪ ،‬ولكن ما معنى كل ما هو لآلب هو لي؟ وما معنى ما هو‬
‫لك فهو لي؟ هل يمكن أن نفهم من هذه الكلمات أن عيس ى ‪ ‬لهوت مطلق؟‬
‫تجل هلل في ألارض‪ ،‬أو إنه‬ ‫من الواضح إننا نستطيع أن نفهم منها أن عيس ى هو ٍ‬
‫ً‬
‫خليفة هلل‪ ،‬وإن هللا قد منحه سلطانا‪ ،‬فيكون ما هلل من سلطان هو لعيس ى ‪‬؛ ألن‬
‫هللا تعالى قد فوض له هذا‪.‬‬
‫ً‬
‫وليس في هذا ما يدل على أنه لهوت مطلق‪ ،‬فهو يبقى فقيرا نسبة إلى هللا تعالى‬
‫الذي فوضه ومنحه السلطان‪ ،‬ولهذا في الحقيقة قال‪( :‬وهذه هي الحياة ألابدية أن‬
‫يعرفوك أنت إلاله الحقيقي وحدك ويسوع املسيح الذي أرسلته)(‪.)3‬‬
‫فاإلله الحقيقي هو هللا تعالى‪.‬‬
‫إن (كل ما لآلب هو لي) أي بموجب التفويض إلالهي له فقط‪ ،‬فاهلل هو الذي‬
‫أعطاه اسمه كما يقول عيس ى‪ ...( :‬أيها آلاب القدوس احفظهم في اسمك الذين أعطيتني‬
‫ً‬
‫ليكونوا واحدا كما نحن)(‪ .)4‬فعيس ى وهللا واحد؛ ألن عيس ى يعبر عن إرادة هللا‪ ،‬وألن هللا‬
‫ً‬
‫فوضه سلطانا‪.‬‬

‫‪ -1‬يوحنا ‪.15 :16‬‬


‫‪ -2‬يوحنا ‪.12 :11‬‬
‫‪ -2‬يوحنا‪.2 / 11 :‬‬
‫‪ -4‬يوحنا‪.11 / 11 :‬‬
‫اصدارات انصار االاما اهمدد ‪‬‬ ‫‪66‬‬

‫ول ننس ى أن عيس ى قال هذه الكلمات في حال الدعاء والتضرع إلى هللا تعالى‪،‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫والدعاء فضال على كونه يدل على وجود اثنين منفصلين‪ ،‬يدل أيضا على أن عيس ى أقل‬
‫ً‬
‫شأنا‪ ،‬بل هو فقير هلل الذي يتضرع له‪.‬‬
‫‪( -16‬وآلان مجدني أنت أيها آلاب عند ذاتك‪ ،‬باملجد الذي كان لي عندك قبل كون‬
‫العالم)(‪.)1‬‬
‫إن هللا تعالى هو من يمجد عيس ى ‪ ،‬فالعالقة بينهما هي عالقة غني هو هللا‬
‫وفقير هو عيس ى‪ ،‬أما كون مجد عيس ى عند هللا قبل كون العالم فال يعني هذا أن‬
‫عيس ى ‪ ‬أزلي‪ ،‬بل املقصود أن عيس ى ممجد أي إنه من عباد هللا الصالحين‪ ،‬وهو نبي‬
‫في علم هللا تعالى حتى قبل أن يخلق هللا الخلق‪ ،‬فعلم هللا هو ألازلي ل عيس ى‪.‬‬
‫على أن قوله‪( :‬قبل كون العالم)‪ ،‬يعني قبل خلق هذا العالم‪ ،‬وهذا العالم ليس‬
‫ً‬
‫أزليا‪ ،‬وكلمة (قبل) ل تعني ألازلية بالضرورة‪.‬‬
‫‪( -17‬كثيرون سيقولون لي في ذلك اليوم‪( :‬يا رب يا رب‪ :‬أليس باسمك تنبأنا؟‬
‫وباسمك أخرجنا شياطين؟ وباسمك صنعنا قوات كثيرة؟) حينئذ أصرح لهم إني ما‬
‫أعرفكم)(‪.)2‬‬
‫هذا النص يمكن أن نستدل به على نقيض مرادهم فنقول إن املقصود منه أن‬
‫عيس ى ‪ ‬سينكر من يسميه ربي بمعنى إلاله املطلق‪ ،‬ول يمكن ألحد أن يقول إنه‬
‫ينكرهم؛ ألنهم ل يؤمنون به‪ ،‬وكيف ل يؤمنون به وهم يسمونه‪ :‬رب؟‬
‫ولكن مع ذلك نقول إن قولهم‪ :‬يا رب‪ ،‬يا رب‪ ،‬ل يعني سوى أنهم يرونه مربيهم أي‬
‫ً‬
‫معلمهم‪ ،‬فقولهم منشؤه التعبير املتعارف بين الناس وهو إطالق لفظ رب ألاسرة مثال‬
‫على ألاب‪ ،‬ألنه يربي ألاولد ويعلمهم‪ ،‬فربي هنا بمعنى معلمي‪ ،‬وربما كانت في ألاصل‬
‫( ِربوني) بكسر الراء‪ ،‬وهو لقب يعني املعلم‪ .‬فقد ورد في يوحنا‪ 16( :‬قال لها يسوع يا‬
‫مريم‪ .‬فالتفتت تلك وقالت له ربوني الذي تفسيره يا معلم‪ 17 .‬قال لها يسوع ل‬
‫تلمسيني ألني لم أصعد بعد إلى أبي‪ .‬ولكن اذهبي إلى إخوتي وقولي لهم إني أصعد إلى أبي‬

‫‪ -1‬يوحنا‪.5 / 11 :‬‬
‫‪ -2‬متى‪.22 / 1 :‬‬
‫‪67‬‬ ‫شبيه عيسى أو امن هو اهمصلوب؟!‬

‫وأبيكم وإلهي وإلهكم‪ 18 .‬فجاءت مريم املجدلية وأخبرت التالميذ أنها رأت الرب وأنه‬
‫قال لها هذا)(‪.)1‬‬
‫ً‬
‫وفي يوحنا أيضا‪( :‬فالتفت يسوع ونظرهما يتبعان فقال لهما ماذا تطلبان‪ .‬فقال ربي‬
‫الذي تفسيره يا معلم أين تمكث)(‪.)2‬‬
‫ً‬
‫وبهذا املعنى أيضا استخدمها بولس في رسالته إلى أهل أفسس على ما يبدو‪( :‬كي‬
‫الحكمة وإلاعالن في معرفته)(‪.)3‬‬ ‫روح‬ ‫َ‬
‫يسوع املسيح‪ ،‬أبو املجد‪َ ،‬‬ ‫يعطيكم م‬
‫إله رِبنا‬
‫ِ‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫إذ ل معنى لقوله (إله ربنا) إذا كان يقصد أن عيس ى إلها مطلقا كما هو هللا‪.‬‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫وحتى لو قلنا إن املراد من الرب هو إلاله‪ ،‬فال دليل فيه أيضا على كونه ربا مطلقا‪،‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫أو إلها مطلقا‪.‬‬
‫‪ -18‬واستدلوا بقول املسيح‪( :‬تعالوا إلي يا جميع املتعبين والثقيلي ألاحمال وأنا‬
‫أريحكم)(‪.)4‬‬
‫والنص ل دللة فيه على ألوهية عيس ى ‪ ،‬فهو يريح املتعبين وثقيلي ألاحمال‪،‬‬
‫أي املخطئين من خالل إسماعهم كلمات هللا تعالى وإرشادهم إلى طريق هللا‪ ،‬وحملهم‬
‫على التوبة من ذنوبهم التي أثقلت كواهلهم‪.‬‬
‫وحتى لو كان املراد أنه يغفر لهم ذنوبهم‪ ،‬فهو بتخويل من هللا تعالى‪.‬‬
‫ً‬
‫‪ -15‬واستدلوا بهذا النص‪( :‬إن ابن إلانسان هو رب السبت أيضا)(‪.)5‬‬
‫ً‬
‫سنعرف لحقا أن ابن إلانسان شخص آخر غير عيس ى ‪ ،‬ومع ذلك فالرب هنا‬
‫بمعنى السيد‪ ،‬وابن إلانسان هو سيد يوم السبت بمعنى أن ثمة خصوصية تربطه‬
‫بالسبت‪.‬‬
‫وفي كل ألاحوال ل يدل النص على أن عيس ى أو ابن إلانسان لهوت مطلق‪ ،‬وهو‬
‫محل النزاع‪.‬‬

‫‪ -1‬يوحنا‪.22 :‬‬
‫‪ -2‬يوحنا‪.21 / 1 :‬‬
‫‪ -2‬أفسس‪.11/ 1 :‬‬
‫‪ -4‬متى‪.21 / 11 :‬‬
‫‪ -5‬متى‪.1 / 12 :‬‬
‫اصدارات انصار االاما اهمدد ‪‬‬ ‫‪69‬‬

‫‪ -22‬واستدلوا بقول عيس ى ‪( :‬ألنه حيثما اجتمع اثنان أو ثالثة باسمي فهناك‬
‫أكون في وسطهم) (‪.)1‬‬
‫أقول من املمكن أن يكون املقصود من هذا النص أن هللا يرعاهم أو يسددهم‬
‫كرامة لعيس ى‪ ،‬فيكون حضوره بينهم من باب املجاز‪ ،‬لذلك قال لهم قبلها‪18( :‬‬
‫َ ُّ َ‬ ‫م‬ ‫ألا ْرض َي مكو من َم ْرمبوط ًا في َّ‬ ‫َ ْ َ َّ َ م م َ م ْ م ُّ َ َ ْ م َ م َ َ َ‬
‫الس َم ِاء‪َ ،‬وك ُّل َما ت محلون مه‬ ‫ِ‬ ‫َِ‬ ‫الحق أقول لكم‪ :‬كل ما ترِبطونه على‬
‫م َ‬ ‫َ ْ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫م‬ ‫َ‬ ‫م‬ ‫َ َ َ ْ َ م من َ ْ م ً‬
‫الس َم ِاء‪َ 15 .‬وأقو مل لك ْم أ ْيضا‪ِ :‬إ ِن َّاتف َق اث َن ِان ِم ْنك ْم َعلى‬ ‫ول في َّ‬
‫ض يكو محل ِ‬ ‫ع َلى ألار ِ‬
‫َّ مَ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫م‬ ‫م‬
‫ألا ْرض في أي ش ْيء َيطل َبانه فإ َّن مه َيكون ل مه َما م ْن ق َبل أبي الذي في َّ َ‬ ‫َ‬ ‫م‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ات‪ 22 ،‬ألنه‬ ‫الس َماو ِ‬ ‫َ ِ ِ ِ ِ ِ ِ‬ ‫ِ ِ ِ ٍ َ ِِ ِ‬
‫َ‬ ‫م‬
‫اس ِمي ف مهناك أكون ِفي و ْس ِط ِهم) ‪.‬‬
‫ْ (‪)2‬‬ ‫م‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫اج َت َم َع ْاث َنان أ ْو َث َال َث ٌة ب ْ‬
‫َح ْي مث َما ْ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫فتسديد هللا لهم من خالل املالئكة يكون بمثابة حضور عيس ى ‪ ‬نفسه‬
‫ً‬
‫لتسديدهم‪ ،‬فاملقصود هنا هو بقاء التسديد للمؤمنين الذي كان موجودا أيام حياة‬
‫عيس ى‪ ،‬حتى كأن عيس ى نفسه بينهم يسددهم ويرعاهم‪ ،‬وكل ذلك بفضل إيمانهم‬
‫بعيس ى ‪.‬‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫م‬ ‫َ‬ ‫م‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫‪ -21‬واستدلوا بالنص التالي‪ِ ( :‬لذ ِلك ها أنا أ ْر ِس مل ِإل ْيك ْم أن ِب َي َاء َو محك َم َاء َوكت َبة ف ِمن مه ْم‬
‫َ‬ ‫م َ ْ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ م م َن َ َ ْ َ‬
‫ص ِل مبون َو ِم ْن مه ْم ت ْج ِل مدون ِفي َم َج ِام ِعك ْم َوتط مر مدون ِم ْن َم ِد َين ٍة ِإلى َم ِد َين ٍة)(‪ .)3‬نعم‬ ‫تقتلو وت‬
‫ً‬
‫وتجل أو صورة له‪ ،‬يمكنه أن يرسل رسال؛ ألن هللا‬ ‫ٍ‬ ‫عيس ى بوصفه خليفة هلل في ألارض‬
‫فوض له هذا‪ ،‬ل ألنه هو هللا تعالى‪ ،‬وقد سبق أن بينا هذا‪.‬‬
‫‪ -22‬واستدلوا بقوله‪( :‬السماء وألارض تزولن ولكن كالمي ل يزول)(‪.)4‬‬
‫ل يزول كالم عيس ى ‪‬؛ ألنه حق ومن هللا تعالى‪ ،‬ل ألن عيس ى هو هللا تعالى‪.‬‬
‫وكالم عيس ى ‪ ‬وحي من هللا‪ ،‬فهو من هذه الجهة مينسب إلى هللا‪ ،‬أي إنه كالم هللا‪،‬‬
‫وكالم هللا ل يزول‪.‬‬
‫ورد في إنجيل يوحنا‪:‬‬

‫‪ -1‬متى‪.22 / 11 :‬‬
‫‪ -2‬متى‪.11 :‬‬
‫‪ -2‬متى‪.24 / 22 :‬‬
‫‪ -4‬متى‪.25 / 24 :‬‬
‫‪68‬‬ ‫شبيه عيسى أو امن هو اهمصلوب؟!‬

‫ٌَ َ َ‬ ‫َ‬ ‫(‪َ 32‬أ َنا َل َأ ْقد مر َأ ْن َأ ْف َع َل م ْن َن ْفس ي َش ْيئ ًا‪َ .‬ك َما َأ ْس َم مع َأد م‬
‫ين‪َ ،‬و َد ْي منون ِتي َع ِادلة‪ ،‬أل ِني ل‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ ْ َ َ (‪)1‬‬ ‫َّ‬ ‫َ ْم م َ َ َ ْ َ َ َ‬
‫آلاب ال ِذي أرسل ِني) ‪.‬‬ ‫أطلب م ِشيئ ِتي بل م ِشيئ َة ِ‬
‫َْ َ َ م َ َ ْ َ‬ ‫َ َّ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ً‬
‫وفيه أيضا‪ 45( :‬أل ِني ل ْم أتكل ْم ِمن نف ِس ي‪ِ ،‬لك َّن آلاب ال ِذي أرسل ِني هو أعط ِاني‬
‫ٌ َ ٌ َ َ َ َ َّ َ َ‬ ‫ََ َ َ َ‬ ‫َ َ َ َ َّ‬ ‫ً َ َم‬
‫َو ِص َّية‪َ :‬ماذا أقو مل َو ِب َماذا أتكل مم‪َ 52 .‬وأنا أ ْعل مم أ َّن َو ِص َّي َت مه ِه َي َح َياة أ َب ِد َّية‪ .‬ف َما أتكل مم أنا‬
‫م َ َ َ َ َ َّ‬ ‫ب ِه‪َ ،‬ف َك َما َق َ‬
‫آلاب هكذا أتكل مم)(‪.)2‬‬ ‫ال ِلي‬ ‫ِ‬
‫‪ -23‬استدلوا بقول عيس ى ‪( :‬دفع إلي كل سلطان في السماء وعلى ألارض)(‪.)3‬‬
‫يكفي أن نقول هنا إن عيس ى ‪ ‬يصرح بأن كل هذا قد مدفع له‪ ،‬أي إن هللا هو‬
‫من منحه هذا وخوله فيه‪ ،‬فهو فقير من هذه الجهة ملن دفعه له ومنحه إياه‪ .‬وعليه‬
‫فإن القول بدللة هذا النص على إلوهيته لبد أن يتبعه تقييد بأنها إلوهية فقيرة هلل‬
‫تعالى‪ ،‬وليست مطلقة‪.‬‬
‫‪ -24‬استدلوا بقول عيس ى ‪( :‬اذهبوا وتلمذوا جميع ألامم‪ ،‬وعمدوهم باسم‬
‫آلاب والابن والروح القدس) (‪.)4‬‬
‫ً‬
‫قبل كل ش يء لم ينص هذا القول على أن كال من هؤلء الثالثة هو إله‪ ،‬بل ول‬
‫يمكن ألحد أن يزعم إننا ل نستطيع أن نفهم منه التالي‪ :‬عمدوهم باسم هللا ورسوله‬
‫عيس ى ‪ ‬والروح القدس‪ ،‬بل حتى لو قلنا إن النص يدل على ألالوهية‪ ،‬فال دليل فيه‬
‫على أنها ألوهية مطلقة‪ ،‬أي إنه ل يقتض ي أن يكون الثالثة متساوون وكل منهم لهوت‬
‫مطلق‪.‬‬
‫ً‬
‫وأيضا ل دليل في النص على أن هؤلء الثالثة واحد كما يزعمون في شأن التثليث‪،‬‬
‫نعم استدلوا بأن عيس ى قال (باسم) ولم يقل (بأسماء) وزعموا أنه يدل على أنهم واحد‪.‬‬
‫يقول البابا شنودا‪( :‬هنا يقول (باسم) و لم يقل (بأسماء) مما يدل علي أن الثالثة‬
‫هم واحد)(‪.)5‬‬

‫‪ -1‬يوحنا‪.5 :‬‬
‫‪ -2‬يوحنا‪.12 :‬‬
‫‪ -2‬متى‪.21 / 11 :‬‬
‫‪ -4‬متى‪.21 / 22 :‬‬
‫‪ -5‬سنوات مع أسئلة الناس‪ :‬السؤال رقم ‪.4‬‬
‫اصدارات انصار االاما اهمدد ‪‬‬ ‫‪71‬‬

‫هذا الكالم فيه مغالطة؛ ألن من املعروف على مستوى اللغة أن من الجواز إفراد‬
‫ُ َ َ َ ََ ّ‬ ‫ُ َ‬
‫املضاف وتعدد املضاف إليه‪ ،‬كما في قوله تعالى‪﴿ :‬أ ْول ِئ َك َج َزآؤ ُه ْم أ َّن َعل ْي ِه ْم ل ْعنة الل ِه‬
‫َ‬ ‫َ ْ َ َ َ َّ َ‬
‫ين﴾(‪.)1‬‬ ‫اس أ ْج َم ِع ِ‬ ‫واْلآل ِئك ِة والن ِ‬
‫َ َ ً َْ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫النب ُّي الذي ميطغي‪ ،‬ف َي َتكل مم ب ْ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬
‫وأيضا ورد في سفر التثنية‪َ 22( :‬وأ َّما َّ‬ ‫ً‬
‫اس ِمي كالما لم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َّ ُّ (‪)2‬‬ ‫َ‬ ‫م‬
‫اس ِم ِآله ٍة أخرى‪ ،‬فيموت ِذلك الن ِبي) ‪.‬‬ ‫م‬ ‫َ‬ ‫َ م َْ َ‬ ‫مأوصه َأ ْن َي َت َك َّل َم به‪َ ،‬أو َّالذي َي َت َك َّل مم ب ْ‬
‫ِ‬ ‫ِِ ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫الرب‪َ .‬وإلالهم‬‫َّ‬ ‫ْ‬ ‫م‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫م‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫م‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫م‬
‫ِ‬ ‫وفي سفر امللوك ألاول‪ 24( َ:‬ثم تدعون ِباس ِم ِآله ِتكم وأنا أدعو ِباس ِم ِ‬
‫َ م َْ َ‬ ‫َّ‬ ‫هللا‪َ .‬فأ َج َ‬ ‫يب ب َنار َف مه َو م‬ ‫َّ م م‬
‫اب َج ِم ميع الش ْع ِب َوقالوا‪ :‬الكال مم َح َس ٌن)(‪.)3‬‬ ‫ال ِذي ي ِج ِ ٍ‬
‫ً‬
‫وهذه النصوص أيضا تضيف الجمع إلى املفرد‪ ،‬فهل يقولون إن آلالهة الوثنية‬
‫املتعددة هي إله واحد وليس في الوثنية تعددية‪ ،‬أم أن إضافتهم إلى املفرد (اسم) منشؤه‬
‫إنهم يمثلون جهة واحدة؟‬
‫نعم إن إضافة (آلاب والابن والروح القدس) إلى (اسم) يدل على أنهم جهة واحدة‪،‬‬
‫ل إنهم واحد‪.‬‬
‫ً‬
‫أيضا وردت صيغة للتعميد في أعمال الرسل تعارض الصيغة املستدل بها‪ ،‬ألامر‬
‫الذي يشير إلى إمكانية أن تكون يد التالعب بالنصوص قد امتدت إليها من أجل تثبيت‬
‫اسم َي مس َ‬
‫وع‬ ‫ْ م ْ ََ ْ‬ ‫َ َ َ َ م ْ م ْ م م م م َ ْ َ ْ َ ْ م ُّ َ‬
‫عقيدة التثليث‪ 38( :‬فقال لهم بطرس‪ :‬توبوا وليعت ِمد كل و ِاح ٍد ِمنكم على ِ‬
‫ْ‬
‫وح ال مق مد ِس)(‪.)4‬‬ ‫الر‬‫ْاملَ ِسيح ِل مغ ْف َران ْال َخ َط َايا‪َ ،‬ف َت ْق َب ملوا َع ِط َّي َة ُّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫‪ -25‬واستدلوا بقوله‪( :‬وها أنا معكم كل ألايام إلى انقضاء الدهر)(‪.)5‬‬
‫ً‬
‫هذه النصوص ورد عن عيس ى ‪ ‬ما يتعارض معها تماما‪ ،‬من قبيل قوله‪:‬‬
‫ً‬
‫(الفقراء معكم في كل حين‪ ،‬وأما أنا فلست معكم في كل حين)(‪ ،)6‬وقال‪( :‬أنا معكم زمانا‬
‫يسي ًرا م‬
‫بعد‪ ،‬ثم أمض ي إلى الذي أرسلني)(‪.)7‬‬

‫‪ -1‬سورة آل عمران‪.11 :‬‬


‫‪ -2‬تثنية‪.11:‬‬
‫‪ -2‬ملوك األول‪.11 :‬‬
‫‪ -4‬أعمال الرسل‪.21 / 2 :‬‬
‫‪ -5‬متى‪.22 / 21 :‬‬
‫‪ -6‬متى‪.11 / 26 :‬‬
‫‪ -1‬يوحنا‪.22 / 1 :‬‬
‫‪70‬‬ ‫شبيه عيسى أو امن هو اهمصلوب؟!‬

‫بعد في العالم)(‪.)1‬‬ ‫ولست أنا م‬ ‫م‬ ‫وقال‪( :‬‬


‫ألامر الذي يقتض ي رفع التعارض بينها من خالل إيجاد التأويل املناسب لها‪.‬‬
‫وفي هذا الصدد نقول‪ :‬ممكن أن يكون املقصود من النص املستدل به إن عيس ى‬
‫‪ ‬لم يمت‪ ،‬بل رفعه هللا تعالى وإنه سينزل في آخر الزمان‪ ،‬كما هو ثابت في مصادر‬
‫املسلمين‪ .‬ومعنى (معكم) هو إنه باق في هذه الحياة‪ ،‬أما عبارة (إلى انقضاء الدهر) فيراد‬
‫منها املدة الطويلة‪.‬‬
‫ً‬
‫أما النصوص ألاخرى فيراد منها إنه وإن كان حيا ولكنه في مكان آخر بعيد عن‬
‫ألارض(‪ ،)2‬وليس بين الناس‪.‬‬
‫وكذلك يمكن أن نفهم من النص املستدل به إن عيس ى معهم بمعنى أنه يرعاهم‪،‬‬
‫كما سبق أن قلنا في النقطة (‪ ،)22‬أو إن ذكره يبقى في قلوب املؤمنين به‪ ،‬وخلوده من‬
‫قبيل خلود الحقائق‪ ،‬فاهلل سبحانه وتعالى ينتصر للحق ويمنحه الخلود‪.‬‬
‫ً‬
‫فكونه معهم إذن يعني أنه معهم مجازا ل حقيقة‪.‬‬
‫وه ــذا الن ــوع م ــن املعي ــة املجازي ــة ل تك ــاد تحص ـ ى نصوص ــها‪ ،‬ومنه ــا ق ــول يحزيئي ــل ب ــن‬
‫ً‬
‫زكريـ ــا مثبتـ ــا اليهـ ــود فـ ــي حـ ــربهم‪( :‬قفـ ــوا اثبتـ ــوا‪ ،‬وانظـ ــروا خـ ــالص الـ ــرب معكـ ــم‪ ،‬يـ ــا يهـ ــوذا‬
‫ً‬
‫وأورشليم ل تخافوا ول ترتاعوا‪ ،‬غدا اخرجوا للقائهم‪ ،‬والرب معكم)(‪.)3‬‬
‫ومثلـ ــه قـ ــول موس ـ ـ ى‪( :‬ألن الـ ــرب إلهكـ ــم سـ ــائر معكـ ــم‪ ،‬لكـ ــي يحـ ــارب عـ ــنكم أعـ ــداءكم‬
‫ليخلصــكم)(‪ ،)4‬وقــال عزريــا بــن عوديــد‪( :‬الــرب معكــم مــا كنــتم معــه‪ ،‬وإن طلبتمــوه يوجــد‬
‫لكم‪ ،‬وإن تركتموه يترككم)(‪.)5‬‬
‫فحضوره معهم حضور روحي معنوي‪ ،‬كما فـي قـول بـولس ألهـل كولوسـ ي‪( :‬فـإني وإن‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫كنــت غائبــا فــي الجســد‪ ،‬لكنــي معكــم ف ــي الــروح فرحــا ونــاظرا تــرتيبكم ومتانــة إيمــانكم ف ــي‬

‫‪ -1‬يوحنا‪.11/ 11 :‬‬
‫‪ -2‬سيأتي توضيح لهذه المسألة في موضع آخر من الكتاب‪.‬‬
‫‪ -2‬األيام‪.11 / 22 )2( :‬‬
‫‪ -4‬التثنية‪.4 / 22 :‬‬
‫‪ -5‬األيام‪.2 / 15 )2( :‬‬
‫اصدارات انصار االاما اهمدد ‪‬‬ ‫‪72‬‬

‫املســيح)(‪ ،)1‬ومثلــه‪( :‬فــإني أنــا كــأني غائــب بالجســد ولكــن حاضــر بــالروح قــد حكمــت كــأني‬
‫حاضر في الذي فعل هذا هكذا)(‪.)2‬‬
‫‪ -26‬استدلوا بقوله بعد أن خلص مجنون كورة الجدريين‪( :‬اذهب إلى بيتك وإلى‬
‫أهلك واخبرهم كم صنع الرب بك ورحمك)(‪.)3‬‬
‫هنا يقال ملن يستدل بهذا النص‪ :‬إن عيس ى ‪ ‬ينسب الفعل هلل تعالى‪ ،‬فاهلل هو‬
‫من خلص املجنون على يدي عيس ى‪ ،‬وبعبارة أخرى إن هذه املعجزة أو الكرامة قد جرت‬
‫على يد عيس ى بإذن هللا تعالى‪ ،‬وكم مثلها وأكبر منها قد جرت على أيدي ألانبياء بإذن هللا‬
‫تعالى‪.‬‬
‫فالستدلل بمثل هذا النص ينبني على تحكم في فهم النصوص لألسف الشديد‪.‬‬
‫فعيس ى حين ينسب الفعل هلل تعالى يأتي املستدل ويقول إنه قال عن نفسه إنه الرب!‬
‫‪ -27‬واستدلوا بقوله‪( :‬لستما تعلمان من أي روح أنتما ألن ابن إلانسان لم يأت‬
‫ليهلك أنفس الناس بل ليخلص)(‪ .)4‬ومثله قوله‪( :‬ألن ابن إلانسان قد جاء لكي يطلب‬
‫ويخلص ما قد هلك)(‪ .)5‬وقوله لليهود‪( :‬أنا هو الباب‪ .‬إن دخل بي أحد فيخلص ويدخل‬
‫ويخرج ويجد مرعي)(‪.)6‬‬
‫ً‬
‫مخلصا ل يعني أنه إله مطلق‪ ،‬فاألنبياء جاءوا جميعهم لتخليص‬ ‫إن كون عيس ى ِ‬
‫ً‬
‫أقوامهم وتخليص البشرية من ذل عبودية غير هللا تعالى‪ ،‬وكان هدفهم دائما العودة‬
‫بالناس إلى هللا سبحانه تعالى‪ .‬وإذا كان املراد من التخليص هو حط الذنوب فقد تقدم‬
‫ً‬
‫الكالم فيه‪ .‬أما إذا كانوا يرمون إلى عقيدة الفداء وفقا لفهمهم املغلوط فعليهم أن يأتوا‬
‫بنصوص قطعية الدللة عليها‪.‬‬

‫‪ -1‬كولوسي‪.5 –2 :‬‬
‫‪ -2‬كورنثوس‪.2 – 5 )1( :‬‬
‫‪ -2‬مرقس‪.19 – 5:‬‬
‫‪ -4‬لوقا‪.56 – 55 –9:‬‬
‫‪ -5‬لوقا‪.12 –19:‬‬
‫‪ -6‬يوحنا‪.9 –12:‬‬
‫‪73‬‬ ‫شبيه عيسى أو امن هو اهمصلوب؟!‬

‫‪ -28‬واستدلوا بهذه النصوص الواردة في رؤيا يوحنا‪( :‬ل تخف أنا هو ألاول‬
‫ميتا فعاش)(‪ .)2‬وكذلك‪( :‬قال لي‬‫وآلاخر)(‪ .)1‬وكذلك‪( :‬هذا يقوله ألاول وآلاخر‪ .‬الذي كان ً‬
‫قد تم‪ .‬أنا هو ألالف والياء‪ ،‬البداية والنهاية‪ .‬أنا أعطي العطشان من ينبوع ماء الحياة‬
‫مجانا)(‪ .)3‬وكذلك‪( :‬وها أنا آتي سريعا وأجرتي معي ألجازي كل واحد كما يكون عمله‪ .‬أنا‬ ‫ً‬
‫ألالف والياء‪ ،‬البداية والنهاية‪ ،‬ألاول وآلاخر)(‪ .)4‬وكذلك‪( :‬الحي‪ .‬وكنت ً‬
‫ميتا‪ ،‬وها أنا حي‬
‫إلى أبد آلابدين)(‪ .)5‬وكذلك‪( :‬فستعرف جميع الكنائس أني أنا هو الفاحص الكلى‬
‫ً‬
‫والقلوب‪ ،‬وسأعطي كل واحد منكم بحسب أعماله)(‪ .)6‬وأخيرا (أنا أصل وذرية داود‪،‬‬
‫كوكب الصبح املنير)(‪.)7‬‬
‫بصرف النظر عن هوية قائل هذه الكلمات وهل هو عيس ى أم غيره‪ ،‬فهي ل تدل‬
‫على أنه إله مطلق‪ ،‬بل قد علمنا من مبحث سابق أن قائل هذه الكلمات هو أحد‬
‫الشيوخ ألاربعة والعشرين‪ ،‬وكان هو أحد الذين سجدوا للجالس على العرش‪ ،‬فكيف‬
‫يكون هو إلاله املطلق؟‬
‫‪ -25‬واستدلوا بما ورد في إنجيل يوحنا‪( :‬في البدء كان الكلمة‪ ،‬والكلمة كان عند‬
‫(‪)8‬‬
‫هللا‪ ،‬وكان الكلمة هللا) ‪.‬‬
‫هذا النص بدوره ل يدل على أن عيس ى إله مطلق‪ ،‬فالكلمة لبد أن تتأخر في‬
‫وجودها عن املتكلم ولو بلحظة‪ ،‬وبالنتيجة هي حادثة وليست أزلية‪.‬‬
‫ً‬
‫وألوهيته ل تعني شيئا أكثر من كونه هللا في الخلق‪ ،‬أو صورة هللا في الخلق‪.‬‬
‫يقول السيد أحمد الحسن‪( :‬في كتاب لهوت املسيح لشنودة الثالث (بابا‬
‫ألارثذوكس)‬

‫‪ -1‬رؤيا‪.11 – 1:‬‬
‫‪ -2‬رؤيا‪.1 – 2 :‬‬
‫‪ -2‬رؤيا‪ 5 – 21 :‬و‪.6‬‬
‫‪ -4‬رؤيا‪ 12 – 22 :‬و‪.12‬‬
‫‪ -5‬رؤيا‪.11 – 1 :‬‬
‫‪ -6‬رؤيا‪.22 – 2 :‬‬
‫‪ -1‬رؤيا‪.16 – 22 :‬‬
‫‪ -1‬يوحنا‪.1 – 1 :‬‬
‫اصدارات انصار االاما اهمدد ‪‬‬ ‫‪71‬‬

‫قال شنودة الثالث‪:‬‬


‫الفصل ألاول‪ :‬لهوته من حيث مركزه في الثالوث القدوس ‪ -‬هو اللوجوس (الكلمة)‬
‫(يو‪( -1 :1‬في البدء كان الكلمة والكلمة عند هللا‪ .‬وكان الكلمة هللا) وهنا الحديث‬
‫ً‬
‫عن لهوته واضح تماما)‪ ...‬تفسير هذا النص‪:‬‬
‫(في البدء كان الكلمة)‪ :‬الالهوت املطلق سبحانه ل بداية له ليقال في البدء‪ ،‬بل‬
‫الذي في البدء هو املخلوق‪ ،‬إذن فيسوع (عيس ى ‪ )‬مخلوق وهذه آلاية تبين بوضوح‬
‫انه مخلوق‪ .‬نعم يمكن أن يقال إن املراد هنا املخلوق ألاول أو العقل ألاول فيتم نقاش‬
‫هذا ألامر هل أن يسوع (عيس ى‪ )‬هو الكلمة ألاولى‪ ،‬أم أن يسوع (عيس ى ‪ )‬كلمة‬
‫من كلمات هللا املتأخرة عن الكلمة ألاولى‪.‬‬
‫(والكلمة عند هللا)‪ :‬الالهوت املطلق حقيقة غير مركبة‪ ،‬والقول بتركيبها أو ما يلزم‬
‫من قوله تركيبها باطل‪ ،‬فالعتقاد بأن املراد بقوله (والكلمة عند هللا) إن الكلمة هي‬
‫الالهوت املطلق نفسه يعني أن الالهوت املطلق مركب‪ .‬أما الاعتقاد بأن الكلمة هي هللا ‪-‬‬
‫ً‬
‫وخال من أي‬ ‫أي هو هي وهي هو بال تمايز ‪ -‬مع انه غير مركب يجعل هذا القول سفيها ٍ‬
‫حكمة‪ ،‬فال معنى للقول بأن الش يء عند نفسه‪.‬‬
‫(وكان الكلمة هللا)‪ :‬هنا موضع الشبهة وهنا املتشابه الذي وقع فيه شنودة كما وقع‬
‫فيه من كان قبله‪ .‬والحقيقة بعد أن تبين أن الكلمة هو مخلوق ول يمكن أن يكون هو‬
‫يبق إل أن هللا هنا ليس هو الالهوت املطلق‪ ،‬بل املراد هللا‬ ‫نفسه الالهوت املطلق فلم َ‬
‫في الخلق أي صورة هللا كما ورد في التوراة أو العهد القديم‪ 26( ،‬وقال هللا نعمل‬
‫إلانسان على صورتنا كشبهنا)(‪( ،)1‬فخلق هللا إلانسان على صورته‪ .‬على صورة هللا‬
‫خلقه)(‪.)3())2‬‬
‫‪ -32‬كما احتجوا بما اعتبروه نبوءة عن عيس ى ‪ ‬فـي سـفر إشـعياء‪( :‬ألنـه يولـد لنـا‬
‫ً ً‬ ‫ً ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫ولــد‪ ،‬ونعطــى ابنــا‪ ،‬وتكــون الرياســة علــى كتفــه‪ ،‬ويــدعى اســمه ًجيبــا مشــيرا إلهــا قــديرا أبــا‬
‫ً‬
‫أب ــديا رئ ــيس الس ــالم‪ ،‬لنم ــو رياس ــته وللس ــالم‪ ،‬ل نهاي ــة عل ــى كرسـ ـ ي داود وعل ــى مملكت ــه‪،‬‬

‫‪ -1‬التوراة‪ :‬سفر التكوين اإلصحاح األول‪.‬‬


‫‪ -2‬التوراة‪ :‬سفر التكوين اإلصحاح األول‪.‬‬
‫‪ -2‬كتاب التوحيد‪ :‬ص‪ 11‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪75‬‬ ‫شبيه عيسى أو امن هو اهمصلوب؟!‬

‫ليثبتها ويعضدها بالحق والبر من آلان إلى ألابد غيرة رب الجنود تصنع هذا)(‪.)1‬‬
‫ه ــذه النب ــوءة ل يمك ــن تطبيقهــا عل ــى عيس ـ ى ‪‬؛ ألن ــه ل ــم يمل ــك‪ ،‬بعكــس م ــن يــرث‬
‫ً‬
‫عرش داود كما هو معلوم‪ ،‬وسيأتي بحث هذه املسألة لحقا‪.‬‬
‫ً‬
‫وعلى أي حال نقول أيضا إن ألالوهية هنا ل يـراد منهـا ألالوهيـة املطلقـة‪ ،‬وفـي الـنص‬
‫إن من يصنع له هذا هو رب الجنود‪.‬‬
‫‪ -31‬واس ــتدلوا بم ــا ورد ف ــي املزامي ــر‪( :‬ق ــال ال ــرب لرب ــي‪ :‬اجل ــس ع ــن يمين ــي حت ــى أض ــع‬
‫ً‬
‫أع ــداءك موطئ ــا لق ــدميك‪ ،‬يرس ــل ال ــرب قضـ ــيب ع ــزك م ــن ص ــهيون‪ ،‬تس ــلط ف ــي وسـ ــط‬
‫أع ــدائك‪ ،‬ش ــعبك منت ــدب ف ــي ي ــوم قوت ــك‪ ،‬ف ــي زين ــة مقدس ــة‪ ،‬م ــن رح ــم الفج ــر ل ــك ط ــل‬
‫حداثتك‪ ،‬أقسم الرب ولن يندم‪ :‬أنت كاهن إلى ألابد على رتبة ملكي صادق)(‪.)2‬‬
‫وبهذا الصـدد يقـول القـس الـدكتور إبـراهيم سـعيد‪( :‬كـل مـن يلقـي نظـرة علـى املزمـور‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫‪ 112‬ول يقتنــع بالهــوت املســيح؛ لبــد أن يكــون واحــدا مــن اثنــين‪ :‬إمــا أن يكــون جــاهال قــد‬
‫ً‬
‫بسطت الغباوة غشاوة على عينيه فال يقدر أن يرى‪ ،‬أو أن يكون مكـابرا قـد طمـس العنـاد‬
‫قلبه فال يريد أن يرى)(‪.)3‬‬
‫ً‬
‫كلم ــة (الـ ــرب) التـ ــي ت ــرد كثي ـ ـرا فـ ــي التـ ـراجم العربيـ ــة كلقـ ــب للمس ــيح هـ ــي فـ ــي الت ـ ـراجم‬
‫ألاجنبية بمعنى‪( :‬السيد) أو (املعلم)‪ ،‬فاملقابـل لهـا فـي الترجمـة إلانجليزيـة هـو كلمـة‪،)lord( :‬‬
‫ومعناه ــا‪ :‬الس ــيد‪ ،‬وف ــي الترجم ــة الفرنس ــية‪ ،)le mait( :‬ومعناه ــا‪ :‬املعل ــم‪ ،‬وهك ــذا ف ــي س ــائر‬
‫التراجم كاألملانية وإلايطالية وألاسبانية‪.‬‬
‫يقول القمص عبداملسيح بسيط‪:‬‬
‫(أن الكلمة (ربي) املستخدمة في قول داود النبي في املزمور‪:1/112‬‬ ‫َّ‬
‫ـال ال َّـر ُّب (יהוה ‪َ – yehovah -‬ي ْه َـوه ‪ِ )yeh-ho-vaw -‬ل َرِبـي (אדן אדון ‪- ,adon adon -‬‬ ‫( َق َ‬
‫ً َ‬ ‫َ َّ َ َ َ‬
‫ض َع أ ْع َد َاء َك َم ْو ِطئا ِلق َد َم ْي َك)‪.‬‬ ‫س َع ْن َي ِم ِيني حتى أ‬ ‫ألدوناي ‪ْ :)Adonai -‬‬
‫اج ِل ْ‬
‫‪- adon,‬‬ ‫(לדוד מזמור נאם יהוה (‪َ – yehovah‬ي ْه ـ ـ ـ ـ َـوه ‪ )yeh-ho-vaw -‬לאדני (‪adon‬‬

‫‪ -1‬إشعياء‪.6 – 9 :‬‬
‫‪ -2‬المزمور‪.4 – 1 –112 :‬‬
‫‪ -2‬شرح بشارة لوقا‪ -‬د إبراهيم سعيد‪ :‬ص‪.524‬‬
‫اصدارات انصار االاما اهمدد ‪‬‬ ‫‪76‬‬

‫أدوناي) ׁשב לימיני עד־אׁשית איביך הדם לרגליך)‬


‫(‪( The LORD‬יהוה ‪َ - yehovah -‬ي ْه َـوه ‪ -( yeh-ho-vaw) said: unto my Lord -‬אדן אדון‬
‫‪adon, adon‬آدوناي ‪.)Sit thou at my right hand, until I make thine enemies thy footstool , )-‬‬
‫هــي (אדן אדון ‪ - ,adon adon -‬ألدونــاي ‪ ،)Adonai -‬مــن لقــب (آدون ‪ -‬אדן – ‪)Adon‬‬
‫ف ـ ــي العبري ـ ــة‪ ،‬وتعن ـ ــي (رب ‪ -‬س ـ ــيد ‪ ،)Lord -‬وجمعه ـ ــا (آدون ـ ــيم ‪- Adonim -‬أرب ـ ــاب ‪،)Lords -‬‬
‫وتستخدم كجمع تعظيم للمفرد)(‪.)1‬‬
‫ً‬
‫أقول‪ :‬من الواضح إن كلمة (سيد) ل تساوق معنى الـرب‪ ،‬فـالرب وإن كـان سـيدا غيـر‬
‫ً‬
‫أن كلمة (سيد) ميعبر بها أيضا عن املكانة الرفيعة التي ل تبلغ الربوبية‪.‬‬
‫ً‬
‫بل لو اتفقنا مع املسيحيين على أن املراد هـو الـرب بمعنـى هللا‪ ،‬فإننـا نقـول أيضـا إنـه‬
‫ً‬
‫إلــه مفتقــر ولــيس مطلقــا‪ ،‬وفــي نفــس الــنص مــا يــدل علــى هــذا‪ ،‬فقولــه‪( :‬قــال الــرب لربــي‪...‬‬
‫الـ ) يــدل علــى أن الــرب أو هللا جــل وعــال هــو مــن يضــع أعــداء املســيح(‪ )2‬تحــت قدميــه‪ ،‬أي‬
‫إنــه هــو مــن يخولــه الســلطان‪ .‬إذن ل دليــل فــي العبــارة علــى مــا يقولونــه مــن ألوهيــة املســيح‬
‫املطلقة‪.‬‬
‫ورد في كتاب بيان معتقدات إلايمان املسيحي‪:‬‬
‫ألاشياء تحـت السـيد املس ِـيح‪ ،‬إنـه الواضـح أن هللا توقـع أنـه هـو‬ ‫ضع كل‬ ‫(عندما هللا َو َ‬
‫ِ‬
‫املسيح (‪ 1‬كو ‪.)27 :15‬‬ ‫السيد‬ ‫قدمى‬ ‫تحت‬ ‫ألاشياء‬ ‫َي مكو من الواحد الذي َو َ‬
‫ضع‬
‫َ م نم‬ ‫ِ‬
‫م‬
‫ـياء إذن الســيد املســيح نفســه ســيكو خاضــع‬ ‫م‬ ‫م‬
‫عنــدما الســيد املســيح يخضــع كــل ألاشـ ِ‬
‫ـيح لكــى يكــون هللا الكـل فــي الكــل ( ‪panta en‬‬ ‫َ َ‬
‫ـياء تحــت الســيد املسـ ِ‬ ‫هللِ الــذي وضــع كــل ألاشـ ِ‬
‫‪( )pasin‬كورنثـ ـ ــوس ألاول ـ ـ ــى ‪ 28 :15‬ل ـ ـ ــيس كم ـ ـ ــا فـ ـ ــي النس ـ ـ ــخة املنقح ـ ـ ــة)‪ .‬هك ـ ـ ــذا العقائ ـ ـ ــد‬
‫ـاقض الكت ـ ــاب‬ ‫ـ‬ ‫ـ‬ ‫ن‬‫ت‬
‫م‬
‫ـالوث‬ ‫ـ‬ ‫ـ‬ ‫الث‬ ‫ـي‬ ‫ـ‬ ‫ـ‬ ‫ف‬ ‫ـيح‬ ‫ـ‬ ‫ـ‬ ‫س‬‫امل‬ ‫ـيد‬ ‫ـ‬ ‫ـ‬ ‫س‬ ‫وال‬ ‫هللا‬ ‫الافالطوني ـ ــة الت ـ ــي َت ْطل ـ ـ مـب َأ ْن َت ـ ـ ْـد َ‬
‫مج‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫س)(‪.)3‬‬ ‫املقد َ‬

‫‪ -1‬هل تنبأ الكتاب المقدس عن نبي يأتي بعد المسيح‪ :‬القمص عبد المسيح بسيط‪ .‬كتاب الكتروني‪.‬‬
‫‪ -2‬سنعرف فيما بعد أن المقصود من النص هو المسيح المنتظر أو ابن اإلنسان أو قائم آل محمد ‪ ‬وليس عيسى‬
‫ابن مريم‪.‬‬
‫‪ -2‬كتاب بيان معتقدات اإليمان المسيحي الصادر عن كنائس هللا المسيحية‪.‬‬
‫‪77‬‬ ‫شبيه عيسى أو امن هو اهمصلوب؟!‬

‫‪ -32‬يســتدلون كــذلك بقــول إشــعياء‪( :‬لكــن يعطــيكم الســيد نفســه آيــة‪ ،‬هــا العــذراء‬
‫ً‬
‫تحبل وتلد ابنا‪ ،‬وتدعو اسمه‪ :‬عمانوئيل)(‪ ،)1‬وكلمة (عمانوئيل) تعني‪ :‬هللا معنا‪.‬‬
‫ويعتقـ ــد املسـ ــيحيون أن هـ ــذه البشـ ــارة قـ ــد تحققـ ــت بعيس ـ ـ ى ‪ ‬كمـ ــا قـ ــال املـ ــالك‬
‫ً‬
‫ليوس ــف النج ــار‪( :‬فس ــتلد ابن ــا وت ــدعو اس ــمه يس ــوع‪ ،‬ألن ــه يخل ــص ش ــعبه م ــن خطاي ــاهم‪.‬‬
‫ً‬
‫وهــذا كلــه كــان لكــي يــتم مــا قيــل مــن الــرب بــالنبي القائــل‪ :‬هــوذا العــذراء تحبــل وتلــد ابنــا‪،‬‬
‫ويــدعون اســمه عمانوئيــل‪ ،‬الــذي تفســيره هللا معنــا)(‪ ،)2‬وتســمية املســيح (هللا معنــا) دليــل‬
‫عندهم على ألوهية عيس ى‪.‬‬
‫ً‬
‫وقــد تقــدم فــي هــذا الكتــاب أن الكلمــة ل تحمــل مــن املعنــى شــيئا أكثــر مــن أن خليفــة‬
‫هللا معنا‪ ،‬أو إن هللا قد تجلى ‪ -‬وليس تجسـد ‪ -‬فـي عيسـ ى ‪ ،‬أي إن عيسـ ى مثـل صـورة‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫هللا في الخلق‪ ،‬وبالنتيجة فهو ليس إلها مطلقا‪.‬‬
‫وورد فــي ســفر إشــعياء‪( :‬لــذلك هــو ذا الســيد يصــعد علــيهم ميــاه النهــر القويــة والكثيــرة‬
‫مل ــك أش ــور وك ــل مج ــده فيص ــعد ف ــوق جمي ــع مجاري ــه ويج ــري ف ــوق جمي ــع ش ــطوطه ‪8‬‬
‫وينــدفق إلــى يهــوذا‪ .‬يفــيض ويعبــر‪ .‬يبلــغ العنــق ويكــون بســط جناحيــه مــلء عــرض بــالدك يــا‬
‫عمانوئي ــل ‪ 5‬هيج ــوا أيه ــا الش ــعوب وانكس ــروا وأص ــغي ي ــا جمي ــع أقاص ـ ي ألارض‪ .‬احتزم ــوا‬
‫وانكســروا‪ .‬احتزمــوا وانكســروا‪ 12 .‬تشــاوروا مشــورة فتبطــل‪ .‬تكلمــوا كلمــة فــال تقــوم‪ .‬ألن‬
‫هللا معنا)(‪.)3‬‬
‫ً‬
‫ومعنى (هللا معنا) هنا هو أن هللا مع الشعب املؤمن دائما‪ ،‬فهو يسددهم وينصرهم‪.‬‬
‫يقول السيد أحمد الحسن ‪:‬‬
‫(عمانوئي ـ ــل أو هللا معن ـ ــا‪( :‬ل ـ ــذلك ه ـ ــو ذا الس ـ ــيد يص ـ ــعد عل ـ ــيهم مي ـ ــاه النه ـ ــر القوي ـ ــة‬
‫والكثيرة ملك أشور وكل مجده فيصـعد فـوق جميـع مجاريـه ويجـري فـوق جميـع شـطوطه‬
‫‪ 8‬وينــدفق إلــى يهــوذا‪ .‬يفــيض ويعبــر‪ .‬يبلــغ العنــق ويكــون بســط جناحيــه مــلء عــرض بــالدك‬
‫يــا عمانوئيــل ‪ 5‬هيجــوا أيهــا الشــعوب وانكســروا وأصــغي يــا جميــع أقاص ـ ي ألارض‪ .‬احتزمــوا‬

‫‪ -1‬إشعياء‪.14 – 1 :‬‬
‫‪ -2‬متى‪.22 – 11 – 1 :‬‬
‫‪ -2‬اشعياء‪.1 :‬‬
‫اصدارات انصار االاما اهمدد ‪‬‬ ‫‪79‬‬

‫وانكســروا‪ .‬احتزمــوا وانكســروا‪ 12 .‬تشــاوروا مشــورة فتبطــل‪ .‬تكلمــوا كلمــة فــال تقــوم‪ .‬ألن‬
‫هللا معنا)(‪.)1‬‬
‫نعم فاهلل مع الشعب املؤمن املوالي لخليفة هللا في كل زمان‪( ،‬وهذا كله كان لكي‬
‫يتم ما قيل من الرب بالنبي القائل‪ 23 .‬هو ذا العذراء تحبل وتلد ابنا ويدعون اسمه‬
‫عمانوئيل الذي تفسيره هللا معنا)(‪.)2‬‬
‫خليفة هللا في أرضه هو ممثل هللا وإذا كان هو يد هللا ووجه هللا فهو هللا في الخلق‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫ولكنه ليس لهوتا مطلقا بل هو مخلوق فقير محتاج وهو ليس نورا ل ظلمة فيه بل هو‬
‫نور وظلمة‪.‬‬
‫م‬ ‫م‬
‫وحتى لو ق ِب َل كل ما أضيف إلى العهد الجديد من رسائل وأعمال لن يتمكن العلماء‬
‫ً‬
‫غير العاملين من إثبات أن إنسانا هو لهوت مطلق إل أنهم يتبعون ما تشابه عليهم‬
‫معناه ويأولونه بما يوافق أهواءهم وإل فهو معارض في نفس هذه الرسائل وألاعمال بما‬
‫ل يقبل الشك ومحكم وبين أن عيس ى‪ ‬أو يسوع‪ ‬عبد مخلوق بل ومعارض‬
‫بالعهد القديم الذي يؤمنون به وبأقوال كل ألانبياء السابقين الذين يدعون ألايمان بهم‬
‫يدع عيس ى‪( ‬يسوع) ول ادعى له ألاوائل انه لهوت مطلق بل إن ألامر طارئ‬ ‫ولم ِ‬
‫وجاء بعد مئات السنين وثبت في مجمع نيقيه عام ‪325‬م وقد عارضه كثيرون في حينها‪،‬‬
‫وبعد أن تم إقراره في مجمع نيقية وإلى اليوم هناك من املسيحيين من ل يقبل به ول‬
‫يقر بهذا الانحراف العقائدي)(‪.)3‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫‪ -33‬ويستدلون بقول بولس‪( :‬املسيح حسب الجسد الكائن على الكل إلهـا مباركـا إلـى‬
‫ألابــد)(‪ ،)4‬ومثلــه قــول تومــا للمســيح‪( :‬ربــي وإلهــي)(‪ .)5‬وقــول بطــرس لــه‪( :‬حاشــاك يــا رب)(‪،)6‬‬
‫ً‬
‫وأيضا‪( :‬هذا هو رب الكل)(‪.)7‬‬

‫‪ -1‬التوراة‪ :‬اشعيا االصحاح الثامن (العهد القديم والجديد‪ :‬ج‪ 1‬مجمع الكنائس الشرقية‪.‬‬
‫‪ -2‬انجيل متى االصحاح االول (العهد القديم والجديد‪ :‬ج‪ 2‬مجمع الكنائس الشرقية‪.‬‬
‫‪ -2‬كتاب التوحيد‪ :‬ص‪ 11‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪ -4‬رومية‪.5 – 9 :‬‬
‫‪ -5‬يوحنا‪.21 – 22 :‬‬
‫‪ -6‬متى‪.22 – 16 :‬‬
‫‪ -1‬أعمال‪.26 – 12 :‬‬
‫‪78‬‬ ‫شبيه عيسى أو امن هو اهمصلوب؟!‬

‫قد تقدم في نقاط سابقة أن لفظ (إله) قد أطلق على كثيرين ل يدعي املسيحيون‬
‫ً‬
‫ألالوهية لهم‪ ،‬بل نضيف أيضا أن هذا النص وسواه ل يدل على ألالوهية املطلقة التي‬
‫هي محل النزاع‪.‬‬
‫ً‬
‫أما لفظ (ربي) و (رب) فهو يرادف كما سبق لفظ (معلم)‪ ،‬ويرد على اللفظ أيضا ما‬
‫ورد على لفظ (إله) من انعدام دللة ألالوهية أو الربوبية املطلقة فيه‪.‬‬
‫‪ -34‬استدلوا بتسمية عيس ى بـ (يسوع)‪ ،‬ومعناه (هللا خلص)‪.‬‬
‫وجوابه إن إسماعيل ‪ ‬سمي بهذا الاسم العبراني‪ ،‬ومعناه‪( :‬هللا يسمع)‪ ،‬ومثله‬
‫امللك يهوياقيم أي‪( :‬هللا يرفع)‪ ،‬ويهوشع أي (الرب خلص)‪ ،‬وغيرهم‪ ،‬فهل كل هؤلء آلهة‬
‫بالنسبة للمسيحيين؟‬
‫‪ -35‬استدلوا بقول بولس عن عيس ى‪( :‬مجد املسيح الذي هو صورة هللا)(‪ ،)1‬وفي‬
‫ً‬
‫فيلبي‪( :‬املسيح يسوع أيضا الذي إذا كان في صورة هللا لم يحسب خلسة أن يكون‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫معادل هلل‪ ،‬لكنه أخلى نفسه آخذا صورة عبد صائر في صورة الناس)(‪ ،)2‬وفي كولوس ي‪:‬‬
‫(الذي هو صورة هللا غير املنظور‪ ،‬بكر كل خليقة)(‪.)3‬‬
‫ليس في تعبير (صورة هللا) دللة أكثر من كون عيس ى ‪ٍ ‬‬
‫تجل هلل تعالى في الخلق‪،‬‬
‫كما سبق بيانه‪.‬‬
‫ورد في سفر التكوين‪ 26( :‬وقال هللا نعمل الانسان على صورتنا كشبهنا‪.‬‬
‫فيتسلطون على سمك البحر وعلى طير السماء وعلى البهائم وعلى كل ألارض وعلى جميع‬
‫الدبابات التي تدب على ألارض‪ 27 .‬فخلق هللا الانسان على صورته‪ .‬على صورة هللا‬
‫خلقه‪ .‬ذكرا وأنثى خلقهم)(‪.)4‬‬
‫إن معنى أن هللا تعالى خلق إلانسان أو آدم على صورته‪ ،‬يبينه السيد أحمد‬
‫الحسن ‪ ‬بقوله‪( :‬إلانسان أوسع املخلوقات قدرة على (معرفة أسماء هللا سبحانه‬
‫وتعالى)‪ .‬ففطرة إلانسان هي الفطرة ألاوسع وألاعظم‪ ،‬وكما ورد في الحديث إن هللا خلق‬

‫‪ -1‬كورنثوس‪.4 – 4 )2( :‬‬


‫‪ -2‬فيلبي‪.1 – 6 / 2:‬‬
‫‪ -2‬كولوسي‪.15 – 1 :‬‬
‫‪ -4‬التكوين‪.1 :‬‬
‫اصدارات انصار االاما اهمدد ‪‬‬ ‫‪91‬‬

‫آدم على صورته‪ ،‬أي إن إلانسان مفطور على التحلي بأسماء هللا سبحانه‪ ،‬حتى يصبح‬
‫هو وجه هللا سبحانه في خلقه‪ ،‬وأسمائه الحسنى في الخلق)(‪.)1‬‬
‫ورد في الروايات إلاسالمية عن أبى الصلت الهروي‪ ،‬عن إلامام الرضا ‪ ،‬قال‪:‬‬
‫(قال النبي ‪ :‬من زارني في حياتي أو بعد موتى فقد زار هللا تعالى‪ ،‬ودرجه النبي‬
‫في الجنة أرفع الدرجات‪ ،‬فمن زاره في درجته في الجنة من منزله فقد زار هللا تبارك‬
‫وتعالى‪ ،‬قال‪ :‬فقلت له‪ :‬يا بن رسول هللا ‪ ،‬فما معنى الخبر الذي رووه‪ :‬إن ثواب ل‬
‫اله إل هللا النظر إلى وجه هللا تعالى؟ فقال ‪ :‬يا أبا الصلت‪ ،‬من وصف هللا تعالى‬
‫بوجه كالوجوه فقد كفر‪ ،‬ولكن وجه هللا تعالى أنبياؤه ورسله وحججه صلوات هللا‬
‫ُ‬
‫عليهم هم الذين بهم ُِيتوجه إلى هللا عز وجل وإلى دينه ومعرفته‪ ،‬وقال هللا تعالى‪﴿ :‬ك ُّل‬
‫ُ َ‬ ‫ْ ْ‬ ‫ُ ْ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬
‫ام﴾‪ ،‬وقال عز وجل‪﴿ :‬ك ُّل ش ْي ٍّء‬ ‫َم ْن َعل ْي َها ف ٍّان و َو َي ْبقى َو ْج ُه َرِّب َك ذو ال َجال ِل َو ِإلاك َر ِ ِ‬
‫َّ‬
‫َه ِال ٌك ِإال َو ْج َه ُِه﴾)(‪.)2‬‬
‫‪ -36‬اس ــتدلوا بنص ــوص الس ــجود م ــن قبي ــل‪( :‬فيم ــا ه ــو يكلمه ــم به ــذا إذا رئ ــيس ق ــد‬
‫جــاء‪ ،‬فســجد لــه)(‪( ،)3‬إذا أبــرص قــد جــاء وســجد لــه)(‪ ،)4‬وســجد لــه املجــوس فــي طفولتــه‪:‬‬
‫(فخروا وسجدوا له‪ ،‬ثم فتحوا كنوزهم)(‪.)5‬‬
‫ودليلهم فيها أن السجود عبادة ل تنبغي لغيـر هللا‪ ،‬فبطـرس رفـض سـجود كرنيليـوس‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫له‪ ،‬قائال‪( :‬قم أنا أيضا إنسان)(‪.)6‬‬
‫الـ ــذي يبـ ــدو مـ ــن هـ ــذه النصـ ــوص أن السـ ــجود فـ ــي ذلـ ــك الزمـ ــان لـ ــم يكـ ــن ي ـ ـراد منـ ــه‬
‫ً‬
‫العبـادة‪ ،‬وإنمــا الاحتـرام والتعظــيم والطاعــة‪ ،‬فقــد ســجد إبـراهيم إكرامــا لبنــي حــث كمــا فــي‬
‫سفر التكوين‪( :‬فقام إبراهيم وسجد لشعب ألارض لبني حث) (‪.)7‬‬

‫‪ -1‬المتشابهات‪ :‬ج‪ 4‬ص‪.15‬‬


‫‪ -2‬عيون أخبار الرضا ‪ :‬ج‪ 2‬ص‪.126‬‬
‫‪ -2‬متى‪.11 – 9 :‬‬
‫‪ -4‬متى‪.2 – 1 :‬‬
‫‪ -5‬متى‪.11 – 2 :‬‬
‫‪ -6‬أعمال‪.25 – 12 :‬‬
‫‪ -1‬التكوين‪.1 – 22:‬‬
‫‪90‬‬ ‫شبيه عيسى أو امن هو اهمصلوب؟!‬

‫وسجد يعقوب وأزواجه وبنيه لعيسـو بـن إسـحاق‪( :‬وأمـا هـو فاجتـاز قـدامهم‪ ،‬وسـجد‬
‫إلى ألارض سبع مرات‪ ،‬حتى اقترب إلى أخيه‪ ..‬فاقتربت الجاريتـان همـا وأولدهمـا وسـجدتا‪،‬‬
‫ً‬
‫ثم اقتربت ليئة أيضـا وأولدهـا وسـجدوا‪ ،‬وبعـد ذلـك اقتـرب يوسـف وراحيـل‪ ،‬وسـجدا)(‪،)1‬‬
‫وســجد موس ـ ى لوالــد زوجتــه‪( :‬فخــرج موسـ ى لســتقبال حميــه‪ ،‬وســجد‪ ،‬وقبلــه)(‪ ،)2‬وســجد‬
‫إخــوة يوســف ألخــيهم‪( :‬أتــى إخــوة يوســف‪ ،‬وســجدوا لــه بوجــوههم إلــى ألارض)(‪ ،)3‬فــاألمر ل‬
‫يعدو عن كونه عـادة عنـد بنـي إسـرائيل (وبعـد مـوت يهويـاداع جـاء رؤسـاء يهـوذا‪ ،‬وسـجدوا‬
‫للملك)(‪.)4‬‬
‫ولعل رفض بطرس لسجود الوثنين سببه أن السجود عند هؤلء يعني العبادة‪.‬‬
‫وورد في القرآن الكريم أن هللا تعالى أمر املالئكة بالسجود آلدم ‪ ،‬قال تعالى‪:‬‬
‫ين﴾ (‪ .)5‬أي أطيعوه وأتمروا‬ ‫اج ِد َ ِ‬ ‫ََ ُ َُ َ‬ ‫ْ ُ‬ ‫َ َ َ َّ ْ ُ ُ َ َ َ ْ ُ‬
‫وحي فقعوا له س ِ‬ ‫﴿ف ِإذا سويته ونفخت ِف ِيه ِمن ر ِ‬
‫بأمره ألنه خليفتي‪ ،‬كما بينه السيد أحمد الحسن ‪.)6( ‬‬
‫َ َ‬ ‫َّ ْ َ ْ َ ْ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ َ َ ُ ُ ُّ َ‬ ‫َ‬
‫استك َب َر َوكان ِم َن‬ ‫وقال تعالى‪﴿ :‬ف َس َجد اْلال ِئكة كل ُه ْم أ ْج َم ُعون و ِإال ِإب ِليْل‬
‫َْ‬
‫ين﴾ (‪.)7‬‬ ‫الكا ِف ِر َ ِ‬
‫قد يقول بعض املسيحيين إن السجود لعيس ى يختلف عن السجود لغيره‪ ،‬فنقول‬
‫لهم‪ :‬إذن الدليل في علة الاختالف املزعومة وليس في نصوص السجود‪ ،‬فتسقط دليلية‬
‫هذه النصوص على ما تزعمون‪ ،‬وننتظر منكم بيان علة الاختالف لننظر فيها‪.‬‬
‫ً‬
‫وأخيرا أقول إن السجود إن دل على ألوهية املسجود له‪ ،‬فليس من ضرورة على‬
‫أن هذه ألالوهية مطلقة‪.‬‬
‫‪ -37‬واستدلوا كذلك بامليالد العذراوي لعيس ى‪.‬‬
‫وهذا امليالد وإن كان معجزة إلهية إل أنه ل يدل بالتأكيد على ألوهية عيس ى‪،‬‬

‫‪ -1‬التكوين‪.1 – 2 / 22 :‬‬
‫‪ -2‬الخروج‪.1 / 11 :‬‬
‫‪ -2‬التكوين‪.6 / 42 :‬‬
‫‪ -4‬األيام‪.1 / 24 )2( :‬‬
‫‪ -5‬الحجر‪.29 :‬‬
‫‪ -6‬الجهاد باب الجنة‪ :‬ص‪.56‬‬
‫‪ -1‬ص‪.14 – 12:‬‬
‫اصدارات انصار االاما اهمدد ‪‬‬ ‫‪92‬‬

‫وأتساءل ما عس ى املسيحيون يقولون في خلق آدم من غير أم ول أب‪ ،‬هل يقتض ي هذا‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫أن يكون إلها؟ وهل يعتبرون ملكي صادق كاهن ساليم في عهد إبراهيم إلها؟ فهو كما‬
‫ينقل بولس ل أب له ول أم‪ 1( :‬ألن ملكي صادق هذا ملك ساليم كاهن هللا العلي الذي‬
‫استقبل إبراهيم راجعا من كسرة امللوك وباركه ‪ 2‬الذي قسم له إبراهيم عشرا من كل‬
‫ش ئ‪ .‬املترجم أول ملك البر ثم أيضا ملك ساليم أي ملك السالم ‪ 3‬بال أب بال أم بال‬
‫نسب‪ .‬ل بداءة أيام له ول نهاية حياة بل هو مشبه بابن هللا هذا يبقى كاهنا إلى ألابد)(‪.)1‬‬
‫ُْ‬
‫بعيس ى‪ ،‬قال تعالى‪َ ﴿ :‬واذك ْر‬ ‫وقد ورد في القرآن الكريم ذكر لقصة حمل مريم‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ْ‬ ‫ْ َ‬
‫اب َم ْرَي َم ِإ ِذ انت َبذت ِم ْن أ ْه ِل َها َمكانا ش ْر ِق ًّيا و فاتخذت ِمن د ِون ِه ْم ِحجابا‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬ ‫ِفي ال ِكت‬
‫ُ َ‬ ‫الر ْح َمن م َ‬ ‫َّ‬ ‫َ َ ْ َ ْ َ َ ْ َ ُ َ َ َ َ َ َّ َ َ َ َ َ َ ًّ َ َ ْ ّ َ ُ ُ‬
‫نك ِإن كنت‬ ‫ِ‬ ‫ب‬‫فأرسلنا ِإليها روحنا فتمثل لها بشرا س ِويا و قالت ِإ ِني أع ِ‬
‫وذ‬
‫ُ َ ٌ َ َْ‬ ‫َ ًّ َ َ َّ َ َ َ َ ُ ُ َ ّ َ َ َ َ ُ َ َ ًّ َ َ ْ َ َّ َ ُ ُ‬
‫ت ِقيا و قال ِإنما أنا رسول رِب ِك ِألهب ل ِك غالما ز ِكيا و قالت أنى يكون ِلي غالم ولم‬
‫َ َ َ ُّ ُ َ َ َ َّ َ ّ ٌ َ َ ْ َ َ ُ َ َّ‬ ‫َ ْ َ ْ َ َ ٌ َ َ ْ َ ُ َ ًّ َ َ َ َ‬
‫اس‬ ‫ِْ ِ‬ ‫لن‬ ‫ل‬ ‫ة‬ ‫آي‬ ‫ه‬ ‫ل‬ ‫ع‬ ‫ج‬ ‫ن‬ ‫ل‬ ‫و‬
‫ِ ِ‬ ‫ن‬ ‫ي‬ ‫ه‬ ‫ي‬ ‫ل‬ ‫ع‬ ‫و‬ ‫ه‬ ‫ك‬ ‫ِ‬ ‫ب‬ ‫ر‬ ‫ال‬ ‫ق‬ ‫ك‬
‫يمسس ِني بشر ولم أك ب ِغيا و قال ك ِ ِ‬
‫ل‬ ‫ذ‬
‫اض‬ ‫اءها اْلخ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ان َأ ْمرا َّم ْقض ًّيا و َف َح َم َل ْت ُه فانت َبذ ْت به َمكانا قص ًّيا و فأ َج َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َر ْ َ ّ َّ َ َ َ‬
‫و حمة ِمنا ِوك‬
‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ َّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ َ‬ ‫َ‬ ‫ُّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫َ ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ ْ‬ ‫َ ْ‬
‫نس ًّيا و فناداها ِمن تح ِت َها‬ ‫ِإلى ِجذ ِع النخل ِة قالت يا ليت ِني ِمت قبل هذا وكنت نسيا م ِ‬
‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َّ َ‬
‫أال ت ْح َزِني ق ْد َج َع َل َرُِّب ِك ت ْحت ِك َس ِرًّيا﴾(‪.)2‬‬
‫اها َو ْاب َن َها َآية‬ ‫ص َن ْت َف ْر َج َها َف َن َف ْخ َنا ف َيها من ُّروح َنا َو َج َع ْل َن َ‬ ‫وقال تعالى‪َ ﴿ :‬و َّالتي َأ ْح َ‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫ّْ َ َ َ‬
‫ين﴾(‪.)3‬‬
‫اْل ِ‬
‫ِللع ِ‬
‫قال السيد أحمد الحسن ‪( :‬النفخ هو إيصال النطفة النفسية املتعلقة‬
‫بالنفس إلى رحم مريم‪ ،‬وهي غير النطفة املادية ول يحتاج إيصالها إلى الزواج‪ ،‬بل هي‬
‫نطفة لطيفة منها تتشكل صورة إلانسان ويمكن أن تدخل من أي مكان؛ من الفم‪،‬‬
‫ألانف‪ ،‬البطن‪ ،‬فهي ليست مادية ليعارض ولوجوها املادة‪.‬‬
‫عيس ى ‪ ‬ولد من أم ومن غير أب‪ ،‬أي إنه ‪ ‬يختلف عن آدم ‪ ‬الذي خلق‬
‫من غير أب وأم‪ ،‬فعيس ى ‪ ‬خلقه هللا في هذا العالم الجسماني من خلية كاملة‬
‫وبالصورة الطبيعية‪ ،‬أي إنها بويضة وجاءت من املبيض‬ ‫أوجدها هللا في رحم مريم‬

‫‪ -1‬عبرانيين‪.2 – 1 / 1 :‬‬
‫‪ -2‬مريم‪.24 –16 :‬‬
‫‪ -2‬األنبياء‪.91 :‬‬
‫‪93‬‬ ‫شبيه عيسى أو امن هو اهمصلوب؟!‬

‫ولكنها امتازت بأنها كاملة ول تحتاج التلقيح‪ .‬فقط تحتاج الاتصال بنطفة نفسية وقد‬
‫بينتها في أكثر من موضع‪ ،‬والروح جاء بهذه النطفة النفسية وأوصلها إلى الاتصال‬
‫بالخلية الكاملة التي خلق منها عيس ى‪ .‬فالحالة الطبيعية أن النطفة املادية‬
‫الجسمانية متصلة بالنطفة النفسية والنفس تلحق النطفة النفسية وتتصل بها عند‬
‫ً‬
‫الشهر الرابع من الحمل تقريبا ‪.‬أما في حالة عيس ى ‪ ‬فلم تكن هناك نطفة جسمانية‬
‫ولذا جاء الروح بالنطفة النفسية ليوصلها بالبويضة املتكاملة (التي ل تحتاج التلقيح)‬
‫ليتسنى بعد ذلك للنفس املتعلقة بهذه النطفة النفسية الاتصال بها وبالتالي الاتصال‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫بهذا الجسم املخلوق الجديد‪ .‬ومدة الحمل تسعة أشهر ولكن هللا جعله حمال خفيفا‪،‬‬
‫ً‬
‫فلم يكن ظاهرا بوضوح ليميزه الناس إل في الساعات ألاخيرة ولذا خرجت من محرابها‬
‫َ َ‬ ‫َ َْ َ َْ َ ْ‬
‫ومكان عبادتها وخلوتها باهلل سبحانه ﴿ف َح َملت ُه فان ِت َبذت ِب ِه َمكانا ق ِص ّياِ﴾)(‪.)1‬‬
‫‪ -38‬واستدلوا بأقوال من قبيل‪( :‬فإن فيه خلق الكل‪ :‬ما في السماوات وما على‬
‫ً‬
‫ألارض‪ ،‬ما يرى وما ل يرى‪ ،‬سواء أن كان عروشا أم رياسات أم سالطين‪ ،‬الكل به وله‬
‫قد خلق)(‪( ،)2‬هللا خالق الجميع بيسوع املسيح)(‪ ،)3‬وما جاء في مقدمة يوحنا‪( :‬كان في‬
‫وكون العالم به‪ ،‬ولم يعرفه العالم)(‪ ،)4‬وغيرها‪.‬‬ ‫العالم‪ِ ،‬‬
‫على الرغم من الغموض والتشابه البادي على هذه النصوص‪ ،‬فإنها مع ذلك تدل‬
‫على أن من خلق العالم وكل ما فيه هو هللا تعالى‪.‬‬
‫وعلى أية حال قلنا في ما تقدم إن هللا تعالى يمكن أن يخول لبعض خلقه‪،‬‬
‫ويمنحهم صالحيات واسعة من بينها أن يخلقوا‪ ،‬وقلنا إن هذا كله ل يدل على أنهم هم‬
‫تجل لصورة هللا في خلقه‪.‬‬‫إلاله املطلق‪ ،‬بل ٍ‬
‫‪ -35‬استدلوا بما ورد في رسالة بولس (‪ 16‬وبالجماع عظيم هو سر التقوى هللا‬
‫ظهر في الجسد تبرر في الروح تراءى ملالئكة كرز به بين ألامم أومن به في العالم رفع في‬

‫‪ -1‬الجواب المنير‪ :‬ج‪.2‬‬


‫‪ -2‬كولوسي‪.11 – 16 – 1 :‬‬
‫‪ -2‬أفسس‪.9 – 2 :‬‬
‫‪ -4‬يوحنا‪.12 – 1 :‬‬
‫اصدارات انصار االاما اهمدد ‪‬‬ ‫‪91‬‬

‫املجد) (‪.)1‬‬
‫هذه الرسالة ورد في مطلعها‪ 1( :‬بولس رسول يسوع املسيح بحسب أمر هللا‬
‫مخلصنا وربنا يسوع املسيح رجائنا ‪ 2‬إلى تيموثاوس الابن الصريح في إلايمان نعمة‬
‫ورحمة وسالم من هللا أبينا واملسيح يسوع ربنا)(‪.)2‬‬
‫وفي الجواب عن هذه الشبهة‪ ،‬يقول السيد أحمد الحسن‪:‬‬
‫ً‬
‫يعط عيس ى ‪ ‬غير صفة الربوبية وهي‬ ‫(أول‪ :‬إلاصحاح ألاول من الرسالة لم ِ‬
‫مربو الناس وأولى بهذه الصفة‬ ‫صفة ل اشكال أن يتصف بها نبي ورسول‪ ،‬فهم‬
‫ً‬
‫من الاب الذي يتصف بها ويسمى نسبة ألسرته ربا‪.‬‬
‫ً‬
‫بل أيضا بين إلاصحاح إن إلارسال ل يكون الا بأمر هللا سبحانه‪ ،‬وإن عيس ى مأمور‬
‫(بحسب أمر هللا)‪ ،‬إذن عيس ى ‪ ‬مأمور ويأتمر بأمر هللا‪ ،‬هذا يعني إن هللا فوقه وأعلم‬
‫منه وأقدر منه‪ ،‬فيثبت إن عيس ى ‪ ‬يحتاج لغيره ويعتري صفحة وجوده النقص وإل‬
‫ً‬
‫فال معنى أن يكون مأمورا وهو كامل مطلق‪ ،‬فهذا مخالف للحكمة‪ ،‬فماذا يمكن أن‬
‫ينتفع الكامل املطلق من سواه؟!‬
‫أما ما ورد في هذه الرسالة نفسها في إلاصحاح الثالث‪ ،‬فاملفروض بعد أن افتتحت‬
‫ً‬
‫بما رأينا أن يفهم من ظهور هللا في الجسد هو تماما كظهوره في كل العوالم املخلوقة‬
‫وتجليه فيها وظهورها به سبحانه‪ ،‬نعم هناك خصوصية لهذا القول هنا؛ ألنه يعني أن‬
‫عيس ى مثل (طلعة هللا في ساعير)‪ ،‬اي إنه يد هللا ووجه هللا وصورة هللا ولكنه عبد‬
‫ً‬
‫مخلوق وليس هللا سبحانه وتعالى‪ ،‬هناك فرق كبير بين الحقيقة والصورة تماما كالفرق‬
‫بين الش يء والالش يء‪.‬‬
‫ً‬
‫فاهلل كما بينت سابقا تجلى في عوالم الخلق وظهر فيها وأظهرها‪ ،‬وليس هذا يعني‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫أنه حل بها أو أنها اصبحت لهوتا مطلقا أو أن بعضها ممكن أن يكون لهوتا مطلقا‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫مهما عظم نوره؛ ألنه يبقى مخلوقا ويبقى نورا مختلطا بالظلمة‪ ،‬فاعلى مرتبة يمكن أن‬
‫يرتقيها الانسان هي أن يكون هللا في الخلق)(‪.)3‬‬

‫‪ -1‬رسالة بولس الرسول األولى إلى تيموثاوس األصحاح الثالث‪.‬‬


‫‪ -2‬رسالة بولس الرسول األولى إلى تيموثاوس‪.1 :‬‬
‫‪ -2‬تفسير سورة التوحيد ‪ -‬السيد أحمد الحسن ‪ :‬ص‪ 91‬وما بعدها‪.‬‬
‫املسيح نبي مرسل من هللا‬
‫شأنه شأن موس ى وإبراهيم‬

‫حتى لو صرفنا النظر عن كل ما ورد في العهد القديم من نصوص تؤكد بصورة ل‬


‫الي ْو َم َو َر ِد ْد ِفي‬
‫اعلم َ‬ ‫َ ْ‬
‫تقبل َالجدل أن هللا تعالى خالق الخلق هو إله واحد ل َشريك له‪( َ ،‬ف ِ‬
‫س ِس َو ماه)(‪.)1‬‬ ‫لس َم ِاء ِم ْن َف ْو مق َو َعلى َألا ْرض ِم ْن أ ْس َف مل‪ْ .‬لي َ‬ ‫َقلب َك أ َّن َا َّلر َّب مه َو َإلا مله في َا َّ‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫ٌ (‪)2‬‬ ‫َ‬ ‫ٌّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫م‬ ‫ُّ‬ ‫َّ‬ ‫َ ْ َ م َ‬
‫(أسمع يا ِإسرا ِئيل‪ :‬الرب ِإلهنا رب و ِاحد) ‪.‬‬
‫أقول‪ :‬فإن في العهد الجديد من إلاشارات والنصوص ما يمكننا أن نطمئن منها على‬
‫جاب يسوع‪:‬‬ ‫شيئا من تصور العهد القديم هلل عز وجل‪َ ( :‬فأ َ‬ ‫ً‬
‫أن املسيح ‪ ‬لم يبدل‬
‫َ َ (‪)3‬‬ ‫َّ‬
‫سم ْع يا إسرائيل إن َّ‬ ‫هي‪ِ :‬ا َ‬ ‫َ َّ م م‬
‫الر ُّب ألاحد) ‪.‬‬
‫الر َّب إ َلهنا هو َّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ألاولى َ‬ ‫الو ِصية‬
‫فاملسيح في الحقيقة لم يكن سوى امتداد ألنبياء بني إسرائيل‪ ،‬فهو نبي مرسل من‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫هللا تعالى‪ .‬والنصوص في هذا الصدد من الكثرة بدرجة تثير استغرابا وتساؤل ل يجد‬
‫ً‬
‫الباحث جوابا له سوى القول بأن عدم التفات املسيحيين لهذه النصوص منشؤه أنهم‬
‫ل يعتمدون على النصوص في تقرير العقائد‪ ،‬بل ينطلقون من عقيدة تم تقريرها‬
‫َ‬ ‫ً‬
‫بصورة غامضة ويعمدون إلى تأويل النصوص‪ ،‬وأحيانا كثيرة ل َّيها لتوافق العقيدة‪.‬‬

‫‪ -1‬تثنية‪.29 – 4 :‬‬
‫‪ -2‬ثنية‪.4 – 6 :‬‬
‫‪ -2‬مرقس‪.29 / 12 :‬‬
‫اصدارات انصار االاما اهمدد ‪‬‬ ‫‪96‬‬

‫سأسطر آلان مجموعة من النصوص التي تخبرنا بأن عيس ى ‪ ‬مرسل من هللا‬
‫تعالى‪ ،‬بعد تأطيرها بالسؤال التالي الذي أرجو أن يفكر كل مسيحي به‪ :‬ملاذا تم تجاهل‬
‫كل هذه النصوص وغيرها من قبل لهوتيي املسيحية؟؟‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ََ َ َ‬ ‫اسمي َه َذا ْال َو َل َد َّ‬ ‫َ ْ َ‬
‫الص ِغ َير‪ ،‬فق ْد ق ِبل ِني؛ َو َم ْن ق ِبل ِني‪َ ،‬ي ْق َب مل ال ِذي أ ْر َسل ِني)(‪.)1‬‬ ‫ْ‬
‫(من ق ِب َل ِب ِ‬
‫(ألني قد نزلت من السماء ليس ألعمل مشيئتي‪ ،‬بل مشيئة الذي أرسلني)(‪.)2‬‬
‫(ل تظنوا أني جئت ألنقض الناموس أو ألانبياء‪ .‬ما جئت ألنقض بل ألكمل)(‪.)3‬‬
‫(من يقبلكم يقبلني ومن يقبلني يقبل الذي أرسلني)(‪.)4‬‬
‫ً‬
‫(من قبل واحدا من أولد مثل هذا باسمي يقبلني ومن قبلني فليس يقبلني أنا بل‬
‫الذي أرسلني) (‪.)5‬‬
‫(روح الرب علي ألنه مسحني ألبشر املساكين أرسلني ألشفي املنكسري القلوب‬
‫ألنادي للمأسورين باإلطالق وللعمي بالبصر وأرسل املنسحقين في الحرية)(‪.)6‬‬
‫(الذي يسمع منكم يسمع مني‪ .‬والذي يرذلكم يرذلني‪ .‬والذي يرذلني يرذل الذي‬
‫أرسلني)(‪.)7‬‬
‫(قال لهم يسوع طعامي أن أعمل مشيئة الذي أرسلني وأتمم عمله)(‪.)8‬‬
‫(‪ 23‬لكي يكرم الجميع الابن كما يكرمون آلاب‪ .‬من ل يكرم الابن ل يكرم آلاب الذي‬
‫أرسله ‪ 24‬الحق الحق أقول لكم إن من يسمع كالمي ويؤمن بالذي أرسلني فله حياة‬
‫أبدية ول يأتي إلى دينونة بل قد انتقل من املوت إلى الحياة)(‪.)5‬‬
‫ً‬
‫(أنا ل أقدر أن أفعل من نفس ي شيئا‪ .‬كما أسمع أدين ودينونتي عادلة ألني ل أطلب‬
‫مشيئتي بل مشيئة آلاب الذي أرسلني)(‪.)1‬‬

‫‪ -1‬لوقا‪.41 / 9 :‬‬
‫‪ -2‬يوحنا‪.21 / 6 :‬‬
‫‪ -2‬متى‪.11 / 5 :‬‬
‫‪ -4‬متى‪.42 / 12:‬‬
‫‪ -5‬مرقس‪.21 / 9 :‬‬
‫‪ -6‬لوقا‪.11 / 4 :‬‬
‫‪ -1‬لوقا‪.16 /12 :‬‬
‫‪ -1‬يوحنا‪.24 /4 :‬‬
‫‪ -9‬يوحنا‪.5 :‬‬
‫‪97‬‬ ‫شبيه عيسى أو امن هو اهمصلوب؟!‬

‫(‪ 36‬وأما أنا فلي شهادة أعظم من يوحنا‪ .‬ألن ألاعمال التي أعطاني آلاب ألكملها‬
‫هذه ألاعمال بعينها التي أنا أعملها هي تشهد لي أن آلاب قد أرسلني‪ 37 .‬وآلاب نفسه‬
‫الذي أرسلني يشهد لي‪ .‬لم تسمعوا صوته قط ول أبصرتم هيئته)(‪.)2‬‬
‫(‪ 35‬وهذه مشيئة آلاب الذي أرسلني أن كل ما أعطاني ل أتلف منه شيئا بل أقيمه‬
‫في اليوم ألاخير‪ 42 .‬ألن هذه هي مشيئة الذي أرسلني أن كل من يرى الابن ويؤمن به‬
‫تكون له حياة أبدية وأنا أقيمه في اليوم ألاخير)(‪.)3‬‬
‫(ل يقدر أحد أن يقبل إلي إن لم يجتذبه آلاب الذي أرسلني وأنا أقيمه في اليوم‬
‫ألاخير)(‪.)4‬‬

‫(كما أرسلني آلاب الحي وأنا حي باآلب فمن يأكلني فهو يحيا بي)(‪.)5‬‬
‫(‪ 16‬أجابهم يسوع وقال تعليمي ليس لي بل للذي أرسلني‪ 17 .‬إن شاء أحد أن‬
‫يعمل مشيئته يعرف التعليم هل هو من هللا أم أتكلم أنا من نفس ي‪ 18 .‬من يتكلم من‬
‫نفسه يطلب مجد نفسه‪ .‬وأما من يطلب مجد الذي أرسله فهو صادق وليس فيه‬
‫ظلم)(‪.)6‬‬
‫(‪ 28‬فنادى يسوع وهو يعلم في الهيكل قائال تعرفونني وتعرفون من أين أنا من‬
‫نفس ي لم آت بل الذي أرسلني هو حق الذي أنتم لستم تعرفونه‪ 25 .‬أنا أعرفه ألني منه‬
‫وهو أرسلني)(‪.)7‬‬
‫(فقال لهم يسوع أنا معكم زمانا يسيرا بعد ثم أمض ي إلى الذي أرسلني)(‪.)8‬‬
‫(وإن كنت أنا أدين فدينونتي حق ألني لست وحدي بل أنا وآلاب الذي أرسلني)(‪.)1‬‬

‫‪ -1‬يوحنا‪.22 /5 :‬‬
‫‪ -2‬يوحنا‪.5 :‬‬
‫‪ -2‬يوحنا‪.6:‬‬
‫‪ -4‬يوحنا‪.44 / 6 :‬‬
‫‪ -5‬يوحنا‪.51 / 6 :‬‬
‫‪ -6‬يوحنا‪.1 :‬‬
‫‪ -1‬يوحنا‪.1 :‬‬
‫‪ -1‬يوحنا‪.22 / 1 :‬‬
‫اصدارات انصار االاما اهمدد ‪‬‬ ‫‪99‬‬

‫(أنا هو الشاهد لنفس ي ويشهد لي آلاب الذي أرسلني)(‪.)2‬‬


‫(إن لي أشياء كثيرة أتكلم وأحكم بها من نحوكم‪ .‬لكن الذي أرسلني هو حق‪ .‬وأنا ما‬
‫سمعته منه فهذا أقوله للعالم)(‪.)3‬‬
‫(والذي أرسلني هو معي ولم يتركني آلاب وحدي ألني في كل حين أفعل ما يرضيه)(‪.)4‬‬
‫(فقال لهم يسوع لو كان هللا أباكم لكنتم تحبونني ألني خرجت من قبل هللا وأتيت‪.‬‬
‫ألني لم آت من نفس ي بل ذاك أرسلني)(‪.)5‬‬
‫(ينبغي أن أعمل أعمال الذي أرسلني ما دام نهار‪ .‬يأتي ليل حين ل يستطيع أحد أن‬
‫يعمل)(‪.)6‬‬
‫(‪ 44‬فنادى يسوع وقال‪ .‬الذي يؤمن بي ليس يؤمن بي بل بالذي أرسلني‪ 45 .‬والذي‬
‫يراني يرى الذي أرسلني)(‪.)7‬‬
‫(ألني لم أتكلم من نفس ي لكن آلاب الذي أرسلني هو أعطاني وصية ماذا أقول‬
‫وبماذا أتكلم) (‪.)8‬‬
‫(الحق الحق أقول لكم الذي يقبل من أرسله يقبلني‪ .‬والذي يقبلني يقبل الذي‬
‫أرسلني)(‪.)5‬‬
‫(الذي ل يحبني ل يحفظ كالمي‪ .‬والكالم الذي تسمعونه ليس لي بل لآلب الذي‬
‫أرسلني)(‪.)12‬‬
‫(لكنهم إنما يفعلون بكم هذا كله من أجل اسمي ألنهم ل يعرفون الذي أرسلني)(‪.)11‬‬
‫(وأما آلان فأنا ماض إلى الذي أرسلني وليس أحد منكم يسألني أين تمض ي)(‪.)1‬‬

‫‪ -1‬يوحنا‪.16 / 1 :‬‬
‫‪ -2‬يوحنا‪.11 / 1 :‬‬
‫‪ -2‬يوحنا‪.26 / 1 :‬‬
‫‪ -4‬يوحنا‪.29 / 1 :‬‬
‫‪ -5‬يوحنا‪.42 / 1 :‬‬
‫‪ -6‬يوحنا‪.4 / 9 :‬‬
‫‪ -1‬يوحنا‪.12:‬‬
‫‪ -1‬يوحنا‪.49 / 12 :‬‬
‫‪ -9‬يوحنا‪.22 / 12 :‬‬
‫‪ -12‬يوحنا‪.24 / 14 :‬‬
‫‪ -11‬يوحنا‪.21 / 15 :‬‬
‫‪98‬‬ ‫شبيه عيسى أو امن هو اهمصلوب؟!‬

‫(فقال لهم يسوع أيضا سالم لكم‪ .‬كما أرسلني آلاب أرسلكم أنا)(‪.)2‬‬
‫(وهذه هي الحياة الحقيقية أن يعرفوك أنت إلاله الحقيقي وحدك‪ .‬ويسوع املسيح‬
‫الذي أرسلته)(‪.)3‬‬
‫(الكالم الذي اعطيتني قد اعطيتهم) و (انا قد اعطيتهم كالمك)(‪.)4‬‬
‫ترى ما عس ى تكون وظيفة الرسول غير إيصال الرسالة التي يحمله املرسل‬
‫مسؤولية إيصالها؟‬
‫أعتقد هذا املقدار يكفي‪ ،‬وإن كان يوجد نصوص أخرى‪ ،‬ولكن آلان أود تقديم‬
‫نصوص من العهد القديم تؤكد إن معنى إرسال هللا تعالى لعيس ى ‪ ‬هو نفسه معنى‬
‫إرساله تعالى ملوس ى ‪ ،‬بال فرق‪:‬‬
‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ مََ مَ م‬
‫ض ِاي مق مه ْم‬ ‫ضا الضيقة التي مي َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫يل ق ْد أتى إل َّي‪َ ،‬و َرأ ْي مت أ ْي ً‬
‫ِ‬
‫اخ َبني إ ْس َرا ِئ َ‬
‫(‪ 5‬وآلان هوذا صر ِ مِ‬
‫يل م ْن م ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ ْ َ َم ْ م َ ْ َ‬ ‫َ َ َم َ م َ َ‬ ‫ْ ْ ُّ َ‬
‫ص َر‪.‬‬ ‫ِب َها ِاملص ِريون‪ 12 ،‬فاآلن هل َّم فأ ْر ِسلك ِإلى ِف ْرعون‪ ،‬وتخ ِرج شع ِبي ب ِني ِإس َرا ِئ َ ِ ِ‬
‫يل م ْن م ْ‬ ‫َ ْ َ َ َ َّ م ْ َ َ ْ‬ ‫َ ْ َ َ َ َّ َ ْ َ َ َ‬ ‫‪َ 11‬ف َق َ م َ‬
‫ص َر؟‬ ‫ال موس ى ِهللِ‪ :‬من أنا حتى أذهب ِإلى ِف ْرعون‪ ،‬وحتى أخ ِرج ب ِني ِإس َرا ِئ َ ِ ِ‬
‫َّ‬ ‫م ْ‬ ‫َم م َ ْ َ م َ َ ْ‬ ‫ال‪« :‬إني َأ مكو من َم َع َك‪َ ،‬‬ ‫ََ‬
‫هذ ِه تكون ل َك ال َعال َمة أ ِني أ ْر َسل مت َك‪ِ :‬ح َين َما تخ ِر مج الش ْع َب‬ ‫ِ‬ ‫و‬ ‫‪ 12‬فق َ ِ ِ‬
‫يل‬‫وس ى ِهللِ‪َ :‬ها َأ َنا آ ِتي إ َلى َبني إ ْس َرا ِئ َ‬ ‫ال مم َ‬ ‫هذا ْال َج َبل‪َ 13 .‬ف َق َ‬ ‫ْ ْ َ َ ْم م َ َ ََ َ‬
‫ِمن ِمصر‪ ،‬تعبدون هللا على‬
‫َِ ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫م‬
‫اس مم مه؟ ف َماذا أقو مل ل مه ْم؟ ‪14‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َو َأ مقو مل َل مه ْم‪ :‬إ مله َآبائ مك ْم َأ ْر َسلني إل ْيك ْم‪ .‬فإذا قالوا لي‪َ :‬ما ْ‬
‫م‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫م‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ْ َ َ َ ْ َ ْ َ ْ َ َ َ ْ ْم‬ ‫م‬ ‫م‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َّ‬
‫هللا ملموس ى‪ :‬أه َي ِه ال ِذي أه َيه‪ .‬وق َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ال م‬ ‫َف َق َ‬
‫ال‪ :‬هكذا تقول ِل َب ِني ِإسرا ِئيل‪ :‬أهيه أرسل ِني ِإليكم‪.‬‬ ‫ِ‬
‫يم َوِإ مله‬ ‫يل‪َ :‬ي ْه َو ْه إ مله َآبائ مك ْم‪ ،‬إ مله إ ْب َراه َ‬ ‫هك َذا َت مقو مل ِل َبني إ ْس َرا ِئ َ‬ ‫َ‬
‫ى‪:‬‬ ‫ضا ملم َ‬
‫وس‬ ‫هللا َأ ْي ً‬ ‫ال م‬ ‫‪َ 15‬و َق َ‬
‫ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ َ ْ َ َ ْ (‪)5‬‬ ‫َ ََ َ َ ْ‬ ‫هذا ْ‬ ‫ْ َ َ َ م َ ْم َ َْ َ َ َْ م ْ َ‬
‫اس ِمي ِإلى ألاب ِد وهذا ِذك ِري ِإلى دو ٍر فدو ٍر) ‪.‬‬ ‫ِإسحاق وِإله يعقوب أرسل ِني ِإليكم‪.‬‬
‫ً‬
‫وأخيرا أود أن أضع هذه النصوص أمام القارئ‪ ،‬وبرأيي إنها كفيلة بإقناعه بأن‬
‫ً‬
‫معاصري عيس ى وتالمذته أيضا كانوا ينظرون له على أنه نبي كسائر أنبياء بني إسرائيل‪:‬‬

‫‪ -1‬يوحنا‪.5 / 16 :‬‬
‫‪ -2‬يوحنا‪.21 / 22:‬‬
‫‪ -2‬يوحنا‪.11 :‬‬
‫‪ -4‬يوحنا‪.14 ،1 / 11 :‬‬
‫‪ -5‬خروج‪.2 :‬‬
‫اصدارات انصار االاما اهمدد ‪‬‬ ‫‪81‬‬

‫يم ِس ِت َين‬ ‫يد ٍة َع ْن مأو مر َشل َ‬ ‫(‪َ 13‬وإ َذا ْاث َنان م ْن مه ْم َك َانا مم ْن َطل َق ْين في ذل َك ْال َي ْوم إ َلى َق ْرَية َبع َ‬
‫ِ‬ ‫ٍ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫م‬ ‫م‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫م‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َْ َ ً ْ م‬
‫هذ ِه الحو ِاد ِث‪.‬‬ ‫ض عن ج ِم ِيع ِ‬ ‫غلوة‪ ،‬اسمها ( ِعمواس)‪ 14 .‬وكانا يتكلم ِان بعضهما مع بع ٍ‬
‫ان َي ْم ِش ي َم َع مه َما‪16 .‬‬ ‫وع َن ْف مس مه َو َك َ‬ ‫‪َ 15‬وف َيما مه َما َي َت َك َّل َمان َو َي َت َح َاو َران‪ْ ،‬اق َت َر َب إ َل ْيه َما َي مس م‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ َ م َ َ َ ْ َ َ م َّ َ َ َ‬ ‫َ ْ م ْ َ ْ َ ْ ممم َ َ ْ َ ْ َ‬
‫و ِلكن أم ِسكت أعينهما عن مع ِرف ِت ِه‪ 17 .‬فقال لهما‪ :‬ما هذا الكالم ال ِذي تتطارح ِان ِب ِه‬
‫ْ م م َ ْم َ م َ َ َ َ‬ ‫َّ‬ ‫ََ َ َ َ‬ ‫َو َأ ْن مت َما َ‬
‫ال ل مه‪َ :‬ه ْل‬ ‫اب أ َح مد مه َما‪ ،‬ال ِذي اسمه ك ِِليوباس وق‬ ‫اش َي ِان َع ِاب َس ْي ِن؟ ‪ 18‬فأج‬ ‫ِ‬ ‫م‬
‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫م م َ َ َ َ ْ َ ْ َ م م َ َّ َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ٌ‬ ‫َْ َ م َ َ‬
‫هذ ِه ألاي ِام؟ ‪15‬‬ ‫أنت متغ ِرب وحدك ِفي أورش ِليم ولم تعل ِم ألامور ال ِتي حدثت ِفيها ِفي ِ‬
‫ً‬
‫ان ِإن َسانا ن ِبيا مم ْق َت ِدرا ِفي‬
‫َ َ ْ ً َ ً‬ ‫َّ‬
‫النا ِص ِر ِي‪ ،‬ال ِذي ك‬ ‫وع َّ‬ ‫ص مة ب َي مس َ‬ ‫َ َ َ َ م َ َ َ َ َ َ َ ْ م ْ َ َّ‬
‫فقال لهما‪ :‬وماَ ِهي؟ فقال‪ :‬املخت ِ‬
‫َّ‬
‫هللا َو َج ِم ِيع الش ْع ِب)(‪.)1‬‬ ‫ْ ْ َ َْْ َ َ‬
‫ال ِفع ِل والقو ِل أمام ِ‬
‫ً‬
‫هذان شخصان من أتباع عيس ى ‪ ‬واملؤمنين به يقولن عنه إنه نبي‪ ،‬علما إن‬
‫هذه الحادثة جرت بعد الصلب‪ ،‬فأين الكالم عن ألالوهية املطلقة والتثليث املزعوم؟‬
‫ً‬
‫بطبيعة الحال لم يثقفهم عيس ى عنها أبدا‪ ،‬وإنما ابتدعت في زمن لحق‪.‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ م‬ ‫(‪َ 54‬و َملَّا َج َاء إ َلى َو َطنه َك َ‬
‫ان مي َع ِل مم مه ْم ِفي َم ْج َم ِع ِه ْم َح َّتى مب ِه متوا َوقالوا‪ِ « :‬م ْن أ ْي َن ِلهذا‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬
‫الن َّجار؟ َأ َل ْي َس ْت مأ ُّم مه مت ْد َعى َم ْرَي َم‪َ ،‬وإ ْخ َو متهم‬ ‫هذا ْاب َن َّ‬ ‫ََْ َ َ‬
‫س‬ ‫ي‬ ‫ل‬ ‫أ‬ ‫‪55‬‬ ‫؟‬ ‫ات‬‫م‬ ‫و‬ ‫هذه ْال ِح ْك َم مة َو ْال مق َّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬
‫َ َ َ ْ َ ْ َ َ َ م م َ م م َّ ْ َ َ َ ْ َ ْ َ َ‬ ‫َ ْ َ َ ََم َ‬ ‫َ ْم َ َم‬
‫وس ي و ِسمعان ويهوذا؟ ‪ 56‬أوليست أخواته ج ِميعهن ِعندنا؟ ف ِمن أين ِلهذا‬ ‫يعقوب وي ِ‬
‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َ َ‬ ‫َ َ َّ َ م م َ َ َ َ م ْ َ ْ َ َ‬ ‫هذه مك ُّل َها؟» ‪َ 57‬ف َك مانوا َي ْع مث مر َ‬
‫س ن ِب ٌّي ِبال ك َر َام ٍة ِإل ِفي َوط ِن ِه‬ ‫ون ِب ِه‪ .‬وأما يسوع فقال لهم‪« :‬لي‬ ‫ِِ‬
‫ْ (‪)2‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ْ َ ْ َ ْ م َ َ م َّ َ َ ً‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ات ك ِثيرة ِلعد ِم ِإيما ِن ِهم) ‪.‬‬ ‫و ِفي بي ِت ِه»‪ 58 .‬ولم يصنع هناك قو ٍ‬
‫َْ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َ َ‬ ‫َ َ َ َم ْ َ م م َْ َ َ‬
‫س ن ِب ٌّي ِبال ك َر َام ٍة ِإل ِفي َوط ِن ِه َو َب ْي َن أق ِرَب ِائ ِه َو ِفي َب ْي ِت ِه)(‪.)3‬‬ ‫(‪ 4‬فقال لهم يسوع‪ :‬لي‬
‫ً‬
‫بالتأكيد من يسمع كالم عيس ى هذا يفهم أنه يقول عن نفسه إنه نبي ل إلها‬
‫ً‬
‫مطلقا‪ .‬واعتقد أن يوحنا يؤيد هذا الفهم‪:‬‬
‫َ‬ ‫َ َّ َ م َ َ‬ ‫َ ْ‬ ‫(‪َ 43‬و َب ْع َد ْال َي ْو َم ْين َخ َر َج م ْن مه َن َ‬
‫وع ن ْف َس مه ش ِه َد‬ ‫اك َو َم َض ى ِإلى ال َج ِل ِيل‪ 44 ،‬ألن يس‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ َ (‪)4‬‬
‫س ِل َن ِب ٍي ك َر َامة ِفي وط ِن ِه) ‪.‬‬
‫َ ٌ‬ ‫َأ ْن‪َ « :‬ل ْي َ‬

‫‪ -1‬لوقا‪.24 :‬‬
‫‪ -2‬متى‪.12 :‬‬
‫‪ -2‬مرقس‪.6 :‬‬
‫‪ -4‬يوحنا‪.4 :‬‬
‫‪80‬‬ ‫شبيه عيسى أو امن هو اهمصلوب؟!‬

‫ْ‬ ‫م َ َ َ َّ َ‬ ‫َ َ َ َ‬ ‫َ َ َّ َ َ م َ َ م ْ َ َ َ ْ َ‬
‫يس ُّيون أ ْمثال مه‪َ ،‬ع َرفوا أ َّن مه تكل َم َعل ْي ِه ْم‪َ 46 .‬وِإذ‬ ‫(‪ 45‬وملا س ِمع رؤساء الك َهن ِة والف ِر ِ‬
‫ْ َ‬ ‫وه‪َ ،‬خ مافوا م َن ْال مج مموع‪َ ،‬أل َّن مه َك َ‬
‫ان ِع ْن َد مه ْم ِمث َل ن ِب ٍي)(‪.)1‬‬ ‫َك مانوا َي ْط مل مبو َن َأ ْن مي ْمس مك م‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الفريسيون يعلمون أن الناس ينظرون لعيس ى على أنه نبي‪ ،‬وهذه معلومة يعرفها‬
‫ً‬
‫متى‪ ،‬ولو كان متى سمع شيئا من الفريسيين يتعلق بإله مطلق أو ما شابه ملا تردد قيد‬
‫أنملة في قوله‪.‬‬
‫َ ْ َ َ‬ ‫َ ْ َ ْ َّ َ َ َ َ َ م ْ َ َ َ َ َ َ َ َ م َ‬
‫يذ ِه‬ ‫(‪ 11‬و ِفي اليو ِم الت ِالي ذه َب ِإلى م ِدين ٍة تدعى ن ِايين‪ ،‬وذه َب معه ك ِث ميرون ِمن تال ِم ِ‬
‫َ َْ ٌ َ ْم ٌ ٌْ َ ٌ م‬ ‫َْ‬ ‫َ َ َّ ْ َ َ َ َ َ‬ ‫َ ٌَْ َ ٌ‬
‫يد أل ِم ِه‪َ ،‬و ِه َي‬ ‫اب امل ِد َين ِة‪ِ ،‬إذا ميت محمول‪ ،‬ابن و ِح‬ ‫َوجمع ك ِثير‪ 12 .‬فلما اقترب ِإلى ب ِ‬
‫َ َ‬ ‫َ َ َّ َ َ َّ ُّ َ َ َّ َ َ َ ْ َ َ َ َ َ‬ ‫َْ‬ ‫َ‬ ‫ٌَ‬
‫ال ل َها‪« :‬ل ت ْب ِكي‪.‬‬ ‫أ ْر َملة َو َم َع َها َج ْم ٌع ك ِث ٌير ِم َن امل ِد َين ِة‪ 13 .‬فلما رآها الرب تحنن عليها‪ ،‬وق‬
‫م‬ ‫م َّ َ َ َّ َ َ َ َ َ َّ ْ َ َ َ َ َ ْ َ م َ َ َ َ َ ُّ َ َّ ُّ َ َ م‬
‫اب‪ ،‬ل َك أقو مل‪ :‬ق ْم!»‪15 .‬‬ ‫‪ 14‬ثم تقدم وملس النعش‪ ،‬فوقف الح ِاملون‪ .‬فقال‪ :‬أيها الش‬
‫س ْاملَ ْي مت َو ْاب َت َد َأ َي َت َك َّل مم‪َ ،‬ف َد َف َع مه إ َلى مأمه‪َ 16 .‬ف َأ َخ َذ ْال َجم َيع َخ ْو ٌف‪َ ،‬و َم َّج مدوا َ‬
‫هللا‬ ‫َف َج َل َ‬
‫ِ‬ ‫ِ ِِ‬
‫َ َ َ ْ َ َ َ َ ٌّ َ ٌ َ ْ َ َ َ م َ‬
‫هللا ش ْع َب مه)(‪.)2‬‬ ‫قا ِئ ِلين‪ :‬قد قام ِفينا ن ِبي ع ِظيم‪ ،‬وافتقد‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫أهالي مدينة نايين يسمون عيس ى ‪ ‬نبيا عظيما‪ ،‬هو إذن نبي عظيم بنظر من‬
‫عرفه‪ ،‬وبالتأكيد لو كان جزء من رسالته يتعلق بإفهام الناس إنه إله مطلق ملا توانى‬
‫عن تصحيح اعتقادهم‪ ،‬بصورة أو بأخرى‪.‬‬
‫َ َ َ ْ م َ ْ َ َ َ َّ َ ْ ً َ م َ م م نَ‬ ‫(‪َ 7‬ف َسم َع ه مير م‬
‫الرْب ِع ِب َج ِم ِيع ما كان ِمنه‪ ،‬وارتاب‪ ،‬ألن قوما كانوا يقولو ‪:‬‬ ‫س َرِئ م‬
‫يس ُّ‬ ‫ود م‬ ‫ِ ِ‬
‫ين‪ :‬إ َّن َنبي ًا م َن ْال مق َد َم ِاء َقام‪َ.‬‬ ‫آخر َ‬ ‫َ َ ْ ً َّ َّ َ َ َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َّ م َ َّ َ ْ َ َ َ َ‬
‫ات‪ 8 .‬وقوما‪ِ :‬إن ِإ ِيليا ظهر‪ .‬و ِ ِ ِ ِ‬ ‫ِإن يوحنا قد قام ِمن ألامو ِ‬
‫َ َ َ م م م م َ َّ َ َ َ َ ْ م َ ْ َ م َ َ ْ م َ َ َّ َ ْ َ م َ ْ م ْ َ َ‬
‫‪ 5‬فقال ِهيرودس‪ :‬يوحنا أنا قطعت رأسه‪ .‬فمن هو هذا ال ِذي أسمع عنه ِمثل هذا؟‬
‫َ َ َ ْم َ‬
‫ان َيطل مب أ ْن َي َر ماه)(‪.)3‬‬ ‫وك‬
‫ً‬
‫على ألاقل يمكننا اعتبار ما تناقله جلساء هيرودس من الناس نوعا من الاستفتاء‪،‬‬
‫والنتيجة واضحة‪ :‬عيس ى نبي بنظر الناس‪.‬‬

‫‪ -1‬متى‪.21 :‬‬
‫‪ -2‬لوقا‪.1 :‬‬
‫‪ -2‬لوقا‪.9 :‬‬
‫اصدارات انصار االاما اهمدد ‪‬‬ ‫‪82‬‬

‫هذا مه َو ب ْال َحق َيقة َّ‬ ‫َّ َ‬ ‫ََ ََ َ م م َ م‬ ‫َّ م َ َ َّ‬ ‫ََ َ‬
‫الن ِب ُّي‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫وع قالوا‪ِ :‬إن‬ ‫آلاية ال ِتي صنعها يس‬ ‫(‪ 14‬فل َّما َرأى الناس‬
‫وه ل َي ْج َع مل م‬ ‫َ َ َ م م َ ْ َ َ َ َّ ْ م ْ م َ َ ْ َ ْ م َ َ ْ َ م م‬ ‫َ َْ َ‬
‫وه‬ ‫آلا ِتي ِإلى العال ِم! ‪ 15‬وأ َّما يسوع ف ِإذ ع ِلم أن مهم مز ِمعون أن يأتوا ويخت ِطف ِ‬
‫َ ً ْ َ َ َ ً َ ْ‬
‫ص َرف أ ْيضا ِإلى ال َج َب ِل َو ْح َد مه)(‪.)1‬‬ ‫م ِلكا‪ ،‬ان‬
‫يستدل بعض املسيحيين باملعاجز وآلايات التي جرت على يد عيس ى على أنها تدل‬
‫م‬
‫على أنه إله مطلق‪ ،‬وها هم معاصرو عيس ى من اليهود يحيبون هذا املستدل‪ :‬ل إن‬
‫ألانبياء يفعلون معاجز‪ ،‬وتأريخ أنبياء بني إسرائيل حافل باألمثلة‪.‬‬
‫حتى ألاعمى الذي سنقرأ خبره آلان سمع بهذه الحقيقة‪ :‬ألانبياء يفعلون املعاجز‪:‬‬
‫وع‬ ‫ص َن َع َي مس م‬ ‫ان َس ْب ٌت ح َين َ‬ ‫ان َق ْب ًال َأ ْع َمى‪َ 14 .‬و َك َ‬ ‫(‪َ 13‬ف َأ َت ْوا إ َلى ْال َفريسي َين ب َّالذي َك َ‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫ً ََ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫م‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُّ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ََ م ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ َ ََ َ ََْ‬
‫يسيون أيضا كيف أبصر‪ ،‬فقال لهم‪ :‬وضع ِطينا على‬ ‫الطين وفتح عيني ِه‪ 15 .‬فسأله الف ِر ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫يسيين‪ :‬هذا إلان َسان لي َ‬ ‫م‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ ٌ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ م‬ ‫م‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫م‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫َ ْ َّ‬
‫هللا‪،‬‬‫س ِمن ِ‬ ‫َِ‬ ‫َعيني واغتسلت‪ ،‬فأنا أب ِصر‪ 16 .‬فقال قوم ِمن الف ِر ِ ِ‬
‫ْ‬ ‫ان َخ ٌ ْ َ ْ‬ ‫ف َي ْقد مر إ ْن َس ٌ‬ ‫َّ م َ َ ْ َ م َّ ْ َ َ م َ َ م َ ْ َ‬
‫هذ ِه‬ ‫اطئ أن يع َم َل ِمث َل ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ألنه ل يحفظ السبت‪ .‬آخرون قالوا‪ :‬كي‬
‫اق‪َ 17 .‬ق مالوا َأ ْيض ًا ل َأل ْع َمى‪َ :‬م َاذا َت مقو مل َأ ْن َت َع ْن مه م ْن َح ْي مث إ َّنهم‬ ‫ان َب ْي َن مه مم ْانش َق ٌ‬ ‫آلايات؟ َو َك َ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬
‫ال‪ِ :‬إ َّن مه ن ِب ٌّي!)(‪.)2‬‬ ‫َف َت َح َع ْي َن ْي َك؟ َف َق َ‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫طبعا اليهود لم يقبلوا كالم ألاعمى‪ ،‬ولم يكونوا يرغبون أبدا أن يؤمن الناس‬
‫بعيس ى ‪ ‬على أنه نبي‪ ،‬لذلك كانت لهم مجادلة ساخنة مع ألاعمى‪:‬‬
‫ص َر َح َّتى َد َع ْوا َأ َب َوي الذي أ ْب َ‬
‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ان َأ ْع َمى َف َأ ْب َ‬ ‫ود َع ْن مه َأ َّن مه َك َ‬ ‫صدق ْال َي مه م‬ ‫ََ م َ‬
‫ص َر‪15 .‬‬ ‫ِ ِ‬ ‫(‪ 18‬فل ْم ي ِِ‬
‫ف مي ْبص مر َ‬ ‫َ م َ َّ م م َ َ ْ َ َ َ ْ َ‬ ‫َ َ َ م م َ َ َ َ َ ْ م م َ َّ‬
‫آلان؟ ‪22‬‬ ‫ِ‬ ‫ي‬ ‫ك‬ ‫ف‬ ‫؟‬ ‫ى‬ ‫م‬ ‫ع‬ ‫أ‬ ‫د‬ ‫ل‬ ‫و‬
‫ِ ِ ِ‬ ‫ه‬ ‫ن‬ ‫إ‬ ‫ن‬ ‫ول‬ ‫ق‬ ‫ت‬ ‫ي‬ ‫ذ‬
‫فسألوهما قا ِئ ِلين‪ :‬أهذا ابنكما ِ‬
‫ال‬
‫َ َّ َ ْ َ م ْ م َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ م‬ ‫َ َ َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫آلان فال‬ ‫أ َج َاب مه ْم أ َب َو ماه َوقال‪ :‬ن ْعل مم أ َّن هذا ْابن َنا‪َ ،‬وأ َّن مه موِل َد أ ْع َمى‪ 21 .‬وأما كيف يب ِصر‬
‫ال‬ ‫وه َف مه َو َي َت َك َّل مم َع ْن َن ْف ِس ِه‪َ 22 .‬ق َ‬ ‫اس َأ مل م‬ ‫َن ْع َل مم‪َ .‬أ ْو َم ْن َف َت َح َع ْي َن ْيه َف َال َن ْع َل مم‪ .‬مه َو َكام مل السن‪ْ .‬‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اع َت َر َف َأ َحدٌ‬ ‫ود َك مانوا َق ْد َت َع َاه مدوا َأ َّن مه إن ْ‬ ‫هذا َأل َّن مه َما َك َانا َي َخ َافان م َن ْال َي مهود‪َ ،‬أل َّن ْال َي مه َ‬ ‫ََ َ م َ‬
‫أبواه‬
‫َِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫اسأل م‬ ‫م‬ ‫ال أ َب َو ماه‪« :‬إ َّن مه كام مل السن‪ْ ،‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ذل َك ق َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫يح مي ْخ َر مج م َن امل ْج َ‬ ‫ب َأ َّن مه املس م‬
‫َ‬ ‫ْ‬
‫وه‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ل‬ ‫ِ‬ ‫‪23‬‬ ‫‪.‬‬ ‫ع‬‫ِ‬ ‫م‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ان َأ ْع َمى‪َ ،‬و َق مالوا َل مه‪َ :‬أ ْعط َم ْج ًدا ِهللِ‪َ .‬ن ْح من َن ْع َل مم َأنَّ‬ ‫ان َّالذي َك َ‬ ‫‪َ 24‬ف َد َع ْوا َثان َي ًة إلا ْن َس َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫ال‪َ :‬أ َخاط ٌئ مه َو؟ َل ْس مت َأ ْع َل مم‪ .‬إ َّن َما َأ ْع َل مم َش ْيئاً‬ ‫َ‬ ‫ََ َ َ َ َ َ َ‬
‫اط ٌئ‪ 25 .‬فأجاب ذاك وق‬
‫َ ْ َ َ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫هذا ِإلانسان خ ِ‬

‫‪ -1‬يوحنا‪.6 :‬‬
‫‪ -2‬يوحنا‪.9 :‬‬
‫‪83‬‬ ‫شبيه عيسى أو امن هو اهمصلوب؟!‬

‫َ َ َ‬
‫ص َن َع ِب َك؟ ك ْيف ف َت َح‬ ‫آلان مأ ْبص مر‪َ 26 .‬ف َق مالوا َل مه َأ ْيض ًا‪َ « :‬م َاذا َ‬ ‫َواح ًدا‪َ :‬أني مك ْن مت َأ ْع َمى َو َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َع ْي َن ْي َك؟ ‪َ 27‬أ َج َاب مه ْم‪َ :‬ق ْد مق ْل مت َل مك ْم َو َل ْم َت ْس َم معوا‪ .‬ملَ َاذا متر ميدو َن َأ ْن َت ْس َم معوا َأ ْيض ًا؟ َأ َل َع َّل مكمْ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اك‪َ ،‬و َأ َّما َن ْحنم‬ ‫يذ َذ َ‬ ‫َ َ َ م م َ َ م َْ َ ْ م‬ ‫َ َ َ َ‬
‫أن مت ْم ت ِر ميدون أ ْن ت ِص ميروا ل مه تال ِميذ؟» ‪ 28‬فشتموه وقالوا‪ :‬أنت ِتل ِم‬
‫َ َ َ‬ ‫َْ م‬
‫َ‬ ‫َ َ َ َ‬ ‫َ ْ م َ ْ َ م َ َّ م َ َ َّ َ م م َ‬ ‫َ َّ َ َ َ م‬
‫هللا‪َ ،‬وأ َّما هذا ف َما ن ْعل مم ِم ْن أ ْي َن‬ ‫وس ى‪ 25 .‬نحن نعلم أن موس ى كلمه‬ ‫يذ مم َ‬ ‫ف ِإننا تال ِم‬
‫مه َو)(‪.)1‬‬
‫بطبيعة الحال لو كان عيس ى ‪ ‬قد قال إنه إله مطلق‪ ،‬بل لو كان أشار ولو من‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫بعيد لهذا ألامر‪ ،‬لكانت هذه املقولة سالحا مفضال لليهود في معركتهم غير الشريفة مع‬
‫عيس ى‪ ،‬فما ظنكم بالناس حين يقال لهم‪ :‬هذا الرجل الناصري يزعم إنه هللا؟‬
‫ً‬
‫فاليهود كما تخبرنا كل ألاناجيل كانوا يخوضون حربا شرسة ضد عيس ى ‪ ،‬ولم‬
‫يتوانوا لحظة عن استخدام سالح الكذب‪ ،‬فما بالك بغيره؟‬
‫بل إن اليهود كانوا يراقبون فم عيس ى‪ ،‬عس ى أن يصطادوا كلمة من هنا أو كلمة‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫من هناك يمكن توظيفها ضده‪ ،‬وكان هو واعيا تماما لخبثهم هذا‪ .‬ولو تأملنا النص آلاتي‬
‫لعلمنا منه كيف يحاولون استغالل بعض كلمات عيس ى متشابهة الدللة ليركبوا لها‬
‫دللت يدينوا بها عيس ى أمام الناس‪:‬‬
‫ََْْ‬ ‫َ َ َ َ م م َ َ َ َّ‬
‫يم‪َ ،‬وكان ِشت ٌاء‪ 23 .‬وكان يسوع يتمش ى ِفي الهيك ِل‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫الت ْجديد في مأو مرشل َ‬
‫َ‬ ‫يد َّ‬‫ان ع م‬ ‫ََ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫(‪ 22‬وك ِ‬
‫م َْ‬ ‫َْ‬ ‫م‬ ‫َْم م َ م َ َ‬ ‫َ ْ َ‬ ‫في ر َواق مس َل ْي َم َ‬
‫ود َوقالوا ل مه‪ِ :‬إلى َم َتى ت َع ِل مق أن مف َس َنا؟ ِإ ْن ك ْن َت أن َت‬ ‫اح َتاط ِب ِه اليه‬ ‫ان‪ 24 ،‬ف‬ ‫ِ ِ ِ‬
‫م ْ م َ م ْ َ َ ْ م ْ م ْ م َن َ َ ْ َ م َّ َ َ‬ ‫م‬ ‫م‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫م‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َْ َ َ م ْ َ َ َ ْ ً‬
‫امل ِسيح فقل لنا جهرا‪ 25 .‬أجابهم يسوع‪ِ :‬إ ِني قلت لكم ولستم تؤ ِمنو ‪ .‬ألاعمال ال ِتي أنا‬
‫َ‬ ‫مْ َ َ م َ‬ ‫م َ‬ ‫َ ْ‬ ‫َ َْمَ ْ َ‬
‫اس ِم أ ِبي ِه َي تش َه مد ِلي‪َ 26 .‬و ِلك َّنك ْم ل ْس مت ْم تؤ ِم منون أل َّنك ْم ل ْس مت ْم ِم ْن ِخ َر ِافي‪ ،‬ك َما‬ ‫أعملها ِب‬
‫ً‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫م‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫م َ ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫مق ْل مت َل مك ْم‪ 27 .‬خ َرافي َت ْس َم مع َ‬
‫ص ْو ِتي‪َ ،‬وأنا أ ْع ِرف َها ف َتت َب مع ِني‪َ 28 .‬وأنا أ ْع ِط َيها َح َياة أ َب ِد َّية‪،‬‬ ‫َِ ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫م‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫َول ْن َت ْه ِل َك ِإلى ألا َب ِد‪َ ،‬ول َيخطف َها أ َح ٌد ِم ْن َي ِدي‪ 25 .‬أ ِبي ال ِذي أ ْعطا ِني ِإ َّي َاها مه َو أ ْعظ مم ِم َن‬
‫ضا‬ ‫ود َأ ْي ً‬ ‫آلاب َواح ٌد‪َ 31.‬ف َت َن َاو َل ْال َي مه م‬ ‫ف م ْن َي ِد َأبي‪َ 32 .‬أ َنا َو م‬ ‫ْم َ َ َْ م َ َ ٌ َْ َ ْ َ َ‬
‫ِ‬ ‫الك ِل‪ ،‬ول يق ِدر أحد أن يخط ِ‬
‫ََ َ‬ ‫َ َ َم ْ َ م م َ ْ َ ًِ َ َ ً َ َ َ ً َ َْ م م ْ ْ ْ َ‬ ‫ح َجا َر ًة ل َي ْر مج مم م‬
‫وه‪ 32 .‬أجابهم يسوع‪ :‬أعمال ك ِثيرة حسنة أريتكم ِمن ِعن ِد أ ِبي‪ِ .‬بسب ِب أ ِي‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ َ َ م ْ َ م م َ َ َ ْ َ َ ْ م م َ َ ْ َ َ َ َ َ ْ َْ‬ ‫َ َ َْ َ ْ م م َ‬
‫عمل ِمنها ترجمون ِني؟ ‪ 33‬أجابه اليهود قا ِئ ِلين‪ :‬لسنا نرجمك ألج ِل عمل حس ٍن‪ ،‬بل ألج ِل‬
‫َ َ َم ْ َ م م ََْ َ ْ ً‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫َ َّ َ َ َ ْ َ ْ َ ٌ َ‬ ‫َ ْ‬
‫س َمك متوبا ِفي‬ ‫ان ت ْج َع مل ن ْف َس َك ِإلها ‪ 34‬أجابهم يسوع‪ :‬ألي‬ ‫يف‪ ،‬ف ِإنك وأنت ِإنس‬ ‫تج ِد ٍ‬
‫‪ -1‬يوحنا‪.9 :‬‬
‫اصدارات انصار االاما اهمدد ‪‬‬ ‫‪81‬‬

‫َ‬ ‫ْ َ َ ٌ م َ َّ َ َ ْ َ ْ َ َ م‬ ‫ٌ‬ ‫م‬ ‫َ م م ََ مْ‬


‫هللا‪َ ،‬ول‬ ‫ال ِآل َهة ألول ِئك ال ِذين صا َرت ِإل ْي ِهم ك ِلمة ِ‬ ‫وسك ْم‪ :‬أنا قل مت ِإ َّنك ْم ِآل َهة؟ ‪ِ 35‬إن ق‬ ‫نام ِ‬
‫آلاب َو َأ ْ َس َل مه إ َلى ْال َع َالم‪َ ،‬أ َت مق مولو َن َل مه‪ :‬إ َّنكَ‬ ‫م‬
‫وب‪ 36 ،‬فال ِذي ق َّد َسه م‬‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫ض املكت م‬‫م‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫مي ْمك من أن مينق َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫َ ِ‬ ‫َر َِ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫م‬ ‫َ َمْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫هللا؟ ‪ 37‬إن كنت لست أعم مل أعم َ‬ ‫م‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫م‬ ‫ْ‬ ‫م‬ ‫ْ‬ ‫م‬ ‫ْ‬ ‫م‬ ‫ْ‬ ‫م‬ ‫م‬ ‫م َ‬
‫ال أ ِبي فال تؤ ِمنوا ِبي‪38 .‬‬ ‫ِ‬ ‫تج ِدف‪ ،‬أل ِني قلت‪ِ :‬إ ِني ابن ِ‬
‫آلاب‬‫األ ْع َمال‪ ،‬ل َك ْي َت ْعر مفوا َو مت ْؤم منوا َأ َّن َ‬ ‫َ‬
‫ب‬ ‫وا‬ ‫َولك ْن إ ْن مك ْن مت َأ ْع َم مل‪َ ،‬فإ ْن َل ْم مت ْؤم منوا بي َفآم م‬
‫ن‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫َِ ِ‬
‫َ‬
‫ِف َّي َوأنا ِف ِيه) ‪.‬‬
‫(‪)1‬‬

‫ً‬
‫عيس ى كما هو واضح من النص لم يقل إنه إله‪ ،‬فلقد كان يشير إلى كونه مرسال‬
‫من هللا تعالى‪ ،‬وإن هدفه هو هدف هللا تعالى‪ ،‬وغايته أن يعمل ألاعمال التي يرتضيها هللا‬
‫(أنا وآلاب واحد) ولكنه لخبث طويتهم حرفوا كالمه‪ ،‬زاعمين أنه يدعي ألالوهية‪ ،‬ولكن‬
‫ً‬
‫عيس ى ‪ ‬لم يدع لهم مجال إلضالل الناس‪ ،‬بل احتج عليهم بما هو مسطر في كتبهم‪،‬‬
‫وأوضح أنه إنما يعني وحدة الهدف وألاعمال ل غير‪.‬‬
‫وبظني أن الفهم املسيحي لكلمات عيس ى ‪ ‬هو امتداد للفهم اليهودي‪ ،‬فكال‬
‫الفهمين تحريف لكالم عيس ى‪ ،‬غاية ما في ألامر أن اليهود حرفوا بنية حرب عيس ى‬
‫ً‬
‫والقضاء عليه‪ ،‬بينما حرف املسيحيون وهم ربما يظنون أنهم يحسنون صنعا‪.‬‬
‫والعجيب أن املسيحيين يعدون البشرى التي قال بها موس ى عن النبي الذي يأتي‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫من إخوتهم تبشيرا بعيس ى ‪ ،‬ومع ذلك ل يعتبرون عيس ى نبيا كما هو حال موس ى!!‬
‫م‬ ‫َ‬ ‫ْ َ َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫يم َل َك َّ‬
‫الر ُّب ِإ مله َك ن ِب ًّيا ِم ْن َو َس ِط َك ِم ْن ِإخ َو ِت َك ِمث ِلي‪ .‬ل مه ت ْس َم معون‪َ 16 .‬ح َس َب ك ِل‬ ‫م(يق م‬
‫ِ‬
‫ص ْوت َّ‬ ‫َ‬ ‫ود أ ْس َم مع َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ً‬
‫الاجت َماع قائال‪ :‬ل أ مع م‬ ‫َ‬ ‫الرب إله َك في محور َ َ ْ َ ْ‬ ‫َما َط َل ْبت ِم َن َّ‬ ‫َ‬
‫الر ِب ِإ ِلهي‬ ‫يب يوم ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ َ َّ‬ ‫َ َ َ َّ َ َ‬ ‫الن َار ْال َعظ َيم َة َأ ْيض ًا ل َئ َّال َأ مم َ‬ ‫َو َل َأ َرى هذه َّ‬
‫الر ُّب‪ :‬ق ْد أ ْح َس منوا ِفي َما تكل مموا‪.‬‬ ‫وت‪ 17 .‬قال ِلي‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬
‫يم َل مه ْم َنبي ًا م ْن َو َسط إ ْخ َوته ْم م ْث َل َك‪َ ،‬و َأ ْج َع مل َك َالمي في َفمه‪َ ،‬ف مي َكل مم مه ْم ب مكل ماَ‬ ‫‪ 18‬مأق م‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ْ ََ‬ ‫َ َ َ مَّ‬ ‫َ َ ْ َ م َ َ َّ‬ ‫َ َ م م َ َّ ْ َ َ َّ‬ ‫م‬
‫وص ِيه ِب ِه‪ 15 .‬ويكون أن ِإلانسان ال ِذي ل يسمع ِلكال ِمي ال ِذي يتكلم ِب ِه ِباس ِمي أنا‬ ‫ِ‬ ‫أ‬
‫م َ م م (‪)2‬‬
‫أط ِالبه) ‪.‬‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫أخيرا ل أظن منصفا يقرأ ألاناجيل بعيدا عن العقيدة املقررة سلفا من قبل فقهاء‬
‫املسيحية إل ويردد مع القرآن الكريم‪:‬‬

‫‪ -1‬يوحنا‪.12 :‬‬
‫‪ -2‬تثنية‪.11 :‬‬
‫‪85‬‬ ‫شبيه عيسى أو امن هو اهمصلوب؟!‬

‫َ ٌ َ َ‬ ‫ُ‬ ‫ت ِمن َق ْب ِل ِه ُّ‬‫َ ََ ْ‬ ‫َّ‬ ‫َّ ْ َ‬


‫الر ُس ُل َوأ ُّم ُه ِص ِّديقة كانا‬ ‫يح ْاب ُن َم ْرَي َم ِإال َر ُسو ٌل ق ْد خل ِ‬
‫اْلس ُ‬
‫﴿ما ِ‬
‫ُ َ َّ ْ َ ُ َ‬ ‫َّ َ َ ُ ْ َ ْ َ ُ َ ّ ُ َ ُ ُ َ ُ‬ ‫َْ ُ َ‬
‫ن﴾(‪.)1‬‬‫ات ث َّم انظ ْر أنى ُيؤفكو ِ‬‫يأكال ِن الطعام انظر كيف نب ِين لهم آلاي ِ‬
‫***‬

‫‪ -1‬المائدة‪.15 :‬‬
‫اصدارات انصار االاما اهمدد ‪‬‬ ‫‪86‬‬

‫ِ‬
‫ِ‬
‫ِ‬
‫ِ‬
‫ِ‬
‫ِ‬
‫ِ‬
‫ِ‬
‫‪87‬‬ ‫شبيه عيسى أو امن هو اهمصلوب؟!‬

‫ِ‬
‫اْلسيحية تبشر باْللكوت القادمِ‬
‫يأت عيس ى ‪ ‬لينقض أو ينس الشريعة التي سبق أن جاء بها موس ى‬ ‫لم ِ‬
‫وألانبياء من قبله‪ ،‬فهو يقول في هذا الصدد‪( :‬ل تظنوا إني جئت ألنقض الناموس أو‬
‫ألانبياء‪ .‬ما جئت ألنقض بل ألكمل)(‪.)1‬‬
‫وحتى على مستوى التصور هلل تعالى كان عيس ى يردد ما جاء في العهد القديم دون‬
‫ً‬
‫زيادة أو نقصان‪( :‬فجاء واحد من الكتبة وسمعهم يتحاورون فلما رأى أنه أجابهم حسنا‬
‫سأله أية وصية هي أول الكل؟ فأجابه يسوع إن أول كل الوصايا هي اسمع يا إسرائيل‬
‫الرب إلهنا رب واحد)(‪ .)2‬وهذا هو نفسه الذي ورد في سفر التثنية‪( :‬اسمع يا إسرائيل‬
‫الرب إلهنا رب واحد)(‪.)3‬‬
‫الحق أن قراءة ألاناجيل تضع القارئ أمام موضوعات أخرى غير التي يتداولها‬
‫لهوتيو املسيحية أو فقهاؤها‪ ،‬بل إن هذه املوضوعات التي تشغل بال فقهاء املسيحية‬
‫ً‬
‫تبدو غريبة تماما عن الواقع إلانجيلي‪.‬‬
‫نعم يمكن للقارئ أن يلمح بعض الخيوط الواهية للغاية تربط بين الواقع إلانجيلي‬
‫وألادبيات املسيحية‪ ،‬ولكن عليه أن يالحظ أن هذه ألادبيات التي تبرر عاملها الوهمي‬
‫ً‬
‫بدعوى أن ثمة عمقا في النصوص إلانجيلية ل يسبر غوره غير عتاة املتفلسفة‬
‫املسددين بالروح القدس ‪ -‬على حد زعمهم ‪ -‬سرعان ما تتبدد‪ ،‬لتظهر في النهاية بوصفها‬

‫‪ -1‬متى‪.11 / 5 :‬‬
‫‪ -2‬مرقس‪.29 – 21 / 12 :‬‬
‫‪ -2‬تثنية‪.4 / 6 :‬‬
‫اصدارات انصار االاما اهمدد ‪‬‬ ‫‪89‬‬

‫سوء قراءة للنصوص أنتجتها عقول تشبعت بثقافات أجنبية عن روح نفس‬
‫النصوص(‪.)1‬‬
‫ً‬
‫ما أن يجعل القارئ من النص إلانجيلي نفسه قائدا يوجه حركة وعيه حتى تبدو‬
‫املنظومات الفكرية التي شيدتها أقالم الفقهاء املسيحيين أشبه ما يكون بطفيليات‬
‫ً‬
‫العقل التي ل تجد مكانا لها إل عبر تخريب نظام املعرفة‪.‬‬
‫نعم يمكن للقارئ أن يهتدي بسهولة بالغة لطبيعة املسيحية إلانجيلية‪ ،‬ما أن ينبذ‬
‫الوصايا التضليلية التي يصر عليها فقهاء املسيحية‪ ،‬واملتمثلة بقراءة ألاناجيل على‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫الضوء الكابي للعقائد املقررة سلفا‪ ،‬حيث تستحيل القراءة بحثا عن نتيجة تم تقريرها‬
‫ً‬
‫سلفا وبصورة غامضة من قبل املؤسسة الكهنوتية‪ .‬وبقدر تعلق ألامر بقراءتي كانت‬
‫ً‬
‫مالحظة تكرر ذاتها أمامي دائما متمثلة بتبشير عيس ى ‪ ‬بامللكوت القادم (‪.)2‬‬
‫هذا املوضوع الذي يمكنني أن أقول بثقة بالغة أن عين القارئ ل يمكن أن تخطئه‬
‫ً‬
‫يشكل حتما جوهر الدعوة التي باشرها عيس ى ‪ ،‬ولكن حتى على مستوى هذا‬
‫املوضوع سيالحظ القارئ أن ألادبيات املسيحية قد عملت بدهاء على تعكير صفوه‬
‫ووضوحه ملصلحة العقيدة املسبقة‪.‬‬
‫ً‬ ‫م‬
‫فلم يعد هذا املوضوع ‪ -‬الذي يعد واحدا من أهم الخيوط التي تربط املسيحية‬
‫ً‬
‫بحركة ألانبياء السابقة لها ‪ -‬أقول لم يعد تعبيرا عن تخطيط إلهي ملسيرة الواقع‬
‫البشري على ألارض‪ ،‬بعد أن رحلته ألادبيات املسيحية إلى عالم آخر ل أرض ي من أجل‬
‫أن تستقيم العقيدة املسيحية‪ ،‬وإن بصورة غامضة شديدة التعقيد‪.‬‬
‫ً‬
‫إذن لكي نفهم املسيحية جيدا‪ ،‬لبد أن نعيد الحصان إلى مكانه الطبيعي أمام‬
‫العربة‪ ،‬لبد أن يكون النص إلانجيلي هو القائد ل املقود‪.‬‬

‫‪ -1‬هل هي مصادفة أن بطل فكرة التثليث من مواليد مدينة اإلسكندرية التي تغذت طويالً بميتافيزيقيا أفلوطين؟‬
‫‪ -2‬ثمة موضوعات أخرى من قبيل الصراع الشرس مع علماء اليهود‪ ،‬وإنذار األمة اليهودية‪ ،‬وكذلك تحرير‬
‫الوعي الديني للجمهور من ربقة الفهم المادي الحرفي للشريعة‪ ،‬وهذه الموضوعات كما يعرف من أطلع على العهد‬
‫القديم تمثل استمرارية لجهود أنبياء بني إسرائيل المتأخرين على نحو الخصوص‪ .‬بيد أن ما يميز المسيحية حقا ً‬
‫فضالً عن تبشيرها بالملكوت‪ ،‬هو تلك المقدمات المهمة التي ترشحت عنها فيما يتعلق بمسألة تجلي اإللوهية في‬
‫الخلق‪ .‬فعلى الرغم من كل التحريف الذي لحق بالمسألة إال أنها أنتجت مقدمات قوية كما سلف القول‪.‬‬
‫‪88‬‬ ‫شبيه عيسى أو امن هو اهمصلوب؟!‬

‫لنشرع إذن بالبداية الصحيحة‪ ،‬ونترك للمالحظات التي يخطها النص إلانجيلي على‬
‫صفحات وعينا مهمة ألاخذ بأيدينا إلى الهدف‪.‬‬
‫لنالحظ إذن هذا التركيز على موضوع امللكوت القادم‪ ،‬فمنذ أن باشر عيس ى مهمته‬
‫بعد استشهاد يوحنا املعمدان (يحيى)(‪ )1‬أطلق الشعار الذي سيشكل محور حركته‪( :‬من‬
‫ذلك الزمان ابتدأ يسوع يكرز ويقول توبوا ألنه قد اقترب ملكوت السماوات)(‪.)2‬‬
‫م‬
‫(منذ ذلك الزمان) أي بعد أن أسلم يوحنا املعمدان لطاغية عصره هيرودس‪ .‬ولو‬
‫قرأنا ما في متى لوجدنا يوحنا يردد نفس الكلمات التي كررها عيس ى فيما بعد‪:‬‬
‫(و في تلك ألايام جاء يوحنا املعمدان يكرز في برية اليهودية قائال توبوا ألنه قد‬
‫م‬
‫اقترب ملكوت السماوات)(‪ .)3‬وقريب مما ذكره متى قال مرقس‪ 14( :‬وبعدما أسلم يوحنا‬
‫جاء يسوع إلى الجليل يكرز ببشارة ملكوت هللا‪ 15 .‬ويقول قد كمل الزمان واقترب‬
‫ملكوت هللا‪ .‬فتوبوا وآمنوا باإلنجيل) (‪.)4‬‬
‫ً‬
‫قبل أن نخوض في بيان معنى امللكوت القادم‪ ،‬لنتعرف أول على معنى امللكوت على‬
‫إلاجمال‪ ،‬ثم نحاول التعرف بعد ذلك على الرسالة التي أراد عيس ى ‪ ‬أن يكرس‬
‫مفهومها في أذهان مستمعيه‪.‬‬
‫م‬
‫امللكوت من الكلمات ذات الدللت املتعددة‪ ،‬ولكنها تستخدم على إلاجمال لتدل‬
‫ً‬ ‫م‬
‫على امللك أو الوجود الذي يمكن أن يتصرف في غيره بصورة ما‪ .‬فالسماء ألاولى مثال‬

‫‪ -1‬الفارق العمري بين عيسى ويحيى(عليهما السالم) أشهر قليلة‪ ،‬ومع ذلك كان على عيسى كما هو واضح أن‬
‫ينتظر صامتا ً ريثما يُكمل يحيى الرسالة المكلف بها‪ ،‬وهي رسالة شبيهة إلى حد التطابق برسالة عيسى ‪ ‬من‬
‫حيث محورية التبشير بالملكوت القادم وتحذير األمة اليهودية ومواجهة العلماء الذين حرفوا الشريعة‪ .‬إن انتظار‬
‫عيسى ‪ ‬يدل بال شك على أنه نبي كما هو حال يحيى‪ ،‬ورسالته مهتمة جداً باستثمار البناء الذي أنجزه يحيى‪.‬‬
‫ولعل بعض تالمذة عيسى كانوا من تالمذة يحيى‪ ،‬بل إن تالمذة يحيى كانوا كما هو واضح من اقرب الناس إلى‬
‫دعوة عيسى‪.‬‬
‫‪ -2‬متى‪.11 :4‬‬
‫‪ -2‬متى‪.2 – 1 / 2:‬‬
‫‪ -4‬مرقس‪.1 :‬‬
‫اصدارات انصار االاما اهمدد ‪‬‬ ‫‪011‬‬

‫متصرفة في السماء الجسمانية فهي بالتالي ملكوت بالنسبة لها‪ ،‬والسماء الثانية ملكوت‬
‫بالنسبة للسماء ألاولى؛ ألنها متصرفة فيها‪ ،‬والثالثة بالنسبة للثانية‪ ،‬وهكذا دواليك (‪.)1‬‬
‫ولكي تتكون لدينا فكرة أوضح أنقل بعض ما كتبه السيد أحمد الحسن ‪‬‬
‫وص ي ورسول إلامام املهدي ‪ ،‬يقول ‪:‬‬
‫(اعلموا أيها ألاحبة من املؤمنين واملؤمنات إن املخلوق ألاول هو العقل وهو العالم‬
‫ألاول الروحاني وهو عالم كلي‪ ،‬املوجودات فيه مستغرقة بعضها في بعض ول تنافي بينها‪.‬‬
‫وأهله على درجات أعالها املس بعالم الالهوت سبحانه وهي درجه خاصة بمحمد وعلي‬
‫َ َ َ‬ ‫َ َ َ َ َ َّ َ َ َ َ َ َ‬
‫اب ق ْو َس ْي ِن أ ْو أ ْدنى﴾(‪ .)2‬وعلي ‪ ‬نفسه‪ ،‬قال‬ ‫﴿دنا فتدلىو فكان ق‬ ‫‪ .‬فمحمد‬
‫َْ ُ َ ْ ُ ُ‬
‫َ‬
‫‪ ،‬ودونهما‬ ‫تعالى‪َ ﴿ :‬وأنف َسنا َوأنف َسكم﴾(‪ .)3‬وعلي ممسوس بذات هللا كما ورد عنه‬
‫درجات‪.‬‬
‫فهما (عليهما السالم) محيطان ويعلمان بكل من دونهما‪ ،‬ومن دونهما يعلم منهما‬
‫بقدر درجته ول يعرفهما أحد بتمام معرفتهما غير خالقهما‪ ،‬كما ل يعرف هللا سبحانه‬
‫ما‬ ‫أحد غيرهما بتمام معرفته املمكنة لإلنسان‪ .‬ورد عن صاحب املقام املحمود‬
‫معناه‪( :‬يا علي ما عرَ هللا إال أنا وأنت‪ ،‬وما عرفني إال هللا وأنت‪ ،‬وما عرفك إال هللا‬
‫وأنا)‪ .‬أما العالم الثاني فهو عالم امللكوت‪ ،‬وهو عالم مثالي صوري‪ ،‬وهو عالم ألانفس‬
‫شبيه بما يراه النائم‪ .‬وذلك أن النائم غفل عن وجوده املادي فالتفت إلى وجوده‬
‫امللكوتي‪ ،‬ولك أن تقول املثالي أو النفس ي‪.‬‬
‫أما العالم الثالث فهو العالم املادي وهو عالم شبيه بالعدم ليس له حظ من‬
‫الوجود‪ ،‬إل قابليته للوجود‪ ،‬وهو آخر درجات التنزل)(‪.)4‬‬
‫فالعوالم ثالثة ‪ -‬كما كتب السيد أحمد الحسن ‪ ‬في موضع آخر‪ -‬هي‪:‬‬
‫أ ‪ -‬عالم اْللك‪ِ :‬‬

‫‪ -1‬من كالم للسيد احمد الحسن ‪ ‬ويوجد في كتاب‪ :‬حجة الوصي وأوهام المدعي‪ :‬ص‪ 21‬وما بعدها كالم شبيه‬
‫به‪.‬‬
‫‪ -2‬النجم‪.9 – 1 :‬‬
‫‪ -2‬آل عمران‪.61 :‬‬
‫‪ -4‬العجل‪ :‬ج‪ 1‬ص‪.21 – 26‬‬
‫‪010‬‬ ‫شبيه عيسى أو امن هو اهمصلوب؟!‬

‫أو هذا العالم الجسماني الذي نعيش فيه ويتكون مـن املـادة ‪ -‬الشـبيهة بالعـدم والتـي‬
‫لـيس لهـا حـظ مــن الوجـود إل قابليتهـا للوجــود ‪ -‬ومـن الصـورة املظهــرة لهـا واملـادة متقومــة‬
‫بالصورة‪.‬‬
‫ب ‪ -‬عالم اْللكوت‪ِ :‬‬
‫وهــو عــالم مثــالي مجــرد عــن املــادة شــبيه بمــا يـراه النــائم‪ ،‬وهــو أشــرف مــن هــذا العــالم‬
‫الجســماني‪ ،‬بــل ومســيطر عليــه ويتصــرف فيــه‪ .‬ولكــل جســم فــي عــالم امللــك صــورة فــي عــالم‬
‫امللكوت وهي حقيقته‪.‬‬
‫وصــورة إلانســان فــي عــالم امللكــوت هــي نفســه أو الناطقــة املغروســة فــي الجنــان وهــي‬
‫املـدبرة للجســم فــي هـذا العــالم املــادي‪ ،‬وهـذه الــنفس أو الناطقــة املغروسـة فــي الجنــان هــي‪:‬‬
‫(ظل العقل)‪.‬‬
‫جـ ‪ -‬العالم العقلي‪ِ :‬‬
‫وه ــو الع ــالم الثال ــث أش ــرف م ــن (ع ــالم امللك ــوت)‪ .‬وه ــو ع ــالم كل ــي‪ ،‬املوج ــودات في ــه‬
‫مستغرقة بعضها فـي بعـض ول تنـافي بينهـا كمـا هـو الحـال فـي عـالمي امللكـوت وامللـك‪ ،‬وغايـة‬
‫إلانسان هي الوصول إلى هـذا العـالم‪ ،‬والغـرض مـن هـذا الوصـول هـو معرفـة هللا سـبحانه‬
‫وتعالى على ما قدمت من أنها ليست معرفة كنهه وحقيقته سبحانه)(‪.)1‬‬
‫إذن امللك ــوت يعتب ــر املقاب ــل بالنس ــبة للع ــالم الجس ــماني ال ــذي نع ــيش في ــه‪ ،‬ويش ــمل‬
‫ع ــالم آلاخ ــرة‪ ،‬وق ــد تح ــدث عيس ـ ى ‪ ‬ع ــن ه ــذا الع ــالم ف ــي نص ــوص كثي ــرة متن ــاثرة ف ــي‬
‫ألاناجيل ألاربعة‪ ،‬منها على سبيل املثال‪:‬‬
‫(‪ 1‬وملا رأى الجموع صعد إلى الجبل‪ .‬فلما جلس تقدم إليه تالميذه‪ 2 .‬ففتح فاه‬
‫ً‬
‫وعلمهم قائال‪ 3 .‬طوبى للمساكين بالروح‪ .‬ألن لهم ملكوت السماوات‪ 4 .‬طوبى للحزانى‪.‬‬
‫ألنهم يتعزون‪ 5 .‬طوبى للودعاء‪ .‬ألنهم يرثون ألارض‪ 6 .‬طوبى للجياع والعطاش إلى البر‪.‬‬
‫ألنهم يشبعون‪ 7 .‬طوبى للرحماء‪ .‬ألنهم يرحمون‪ 8 .‬طوبى لألنقياء القلب‪ .‬ألنهم يعاينون‬

‫‪ -1‬شيء من تفسير سورة الفاتحة‪ :‬ص‪ 21‬وما بعدها‪.‬‬


‫اصدارات انصار االاما اهمدد ‪‬‬ ‫‪012‬‬

‫هللا‪ 5 .‬طوبى لصانعي السالم‪ .‬ألنهم أبناء هللا يدعون‪ 12 .‬طوبى للمطرودين من أجل‬
‫البر‪ .‬ألن لهم ملكوت السماوات) (‪.)1‬‬
‫ً‬
‫لبد هنا من التنويه على أن هذا النص قد تضمن أيضا إشارة واضحة إلى امللكوت‬
‫ً‬
‫باملعنى الثاني‪ ،‬فضال عن املعنى ألاول املتعلق باآلخرة وانفتاح العوالم للروح‪ ،‬ومنه ميعلم‬
‫مقدار التركيز الكبير على املعنى الثاني دون ألاول‪.‬‬
‫والحق أن املعنى ألاول الذي يعني الفوز في آلاخرة‪ ،‬وكذلك الارتقاء باملعرفة‬
‫تخل منه رسالة من رسالت السماء‪.‬‬ ‫الروحية الحقيقية لم م‬
‫أما املعنى آلاخر للملكوت الذي تكلم عنه عيس ى ‪ ‬بتركيز واضح فيقصد منه‬
‫مملكة هللا أو دولة العدل إلالهي التي تقوم في آخر الزمان‪ ،‬وفيها يحكم الصالحون‪،‬‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫ويرثون ألارض وتمتلئ بهم عدل وقسطا‪ ،‬كما ملئها الظاملون ظلما وجورا‪ .‬وكان هذا‬
‫ً‬
‫املعنى ‪ -‬كما سلف القول ‪ -‬هو ألاكثر جريانا على لسان عيس ى ‪ ،‬ومن أقواله في هذا‬
‫الصدد‪:‬‬
‫(‪ 11‬ثم تركه إبليس وإذا مالئكة قد جاءت فصارت تخدمه‪ 12 .‬وملا سمع يسوع أن‬
‫يوحنا أسلم انصرف إلى الجليل‪ 13 .‬وترك الناصرة وأتى فسكن في كفر ناحوم التي عند‬
‫البحر في تخوم زبولون ونفتاليم‪ 14 .‬لكي يتم ما قيل بإشعياء النبي القائل‪ 15 .‬أرض‬
‫زبولون وأرض نفتاليم طريق البحر عبر ألاردن جليل ألامم‪ 16 .‬الشعب الجالس في ظلمة‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫أبصر نورا عظيما‪ .‬والجالسون في كورة املوت وظالله أشرق عليهم نور‪ 17 .‬من ذلك‬
‫الزمان ابتدأ يسوع يكرز ويقول توبوا ألنه قد اقترب ملكوت السماوات)(‪.)2‬‬
‫(وكان يسوع يطوف كل الجليل‪ ،‬يعلم في مجامعهم ويكرز ببشارة امللكوت‪.)3()...‬‬
‫(ويقول‪ :‬قد كمل الزمان واقترب ملكوت هللا)(‪.)4‬‬

‫‪ -1‬متى‪.5 :‬‬
‫‪ -2‬متى‪.4 :‬‬
‫‪ -2‬متى‪.22 / 4 :‬‬
‫‪ -4‬مرقص‪.1/ 14 :‬‬
‫‪013‬‬ ‫شبيه عيسى أو امن هو اهمصلوب؟!‬

‫ً‬
‫(‪ 5‬هؤلء إلاثنا عشر أرسلهم يسوع وأوصاهم قائال‪ :‬إلى طريق أمم ل تمضوا وإلى‬
‫مدينة للسامرين ل تدخلوا ‪ 6‬بل اذهبوا بالحري إلى خراف بيت إسرائيل الضالة ‪7‬‬
‫وفيما انتم ذاهبون اكرزوا قائلين أنه قد اقترب ملكوت السموات)(‪.)1‬‬
‫ً‬
‫(‪1‬ودعا تالميذه إلاثني عشر وأعطاهم قوة وسلطانا على جميع الشياطين وشفاء‬
‫أمراض ‪2‬وأرسلهم ليكرزوا بملكوت هللا ويشفوا املرض ى)(‪.)2‬‬
‫بل إن املسيح ذكر أن التبشير بمملكة هللا هو الهدف من إرساله إلى بني اسرائيل‪:‬‬
‫ً‬
‫(فقال لهم ينبغي لي أن أبشر املدن ألاخر أيضا بملكوت هللا‪ ،‬فإني لهذا قد أرسلت)(‪.)3‬‬
‫قول عيس ى‪ :‬اقترب ملكوت السماوات‪ ،‬يمثل إشارة إلى دولة العدل إلالهي التي‬
‫يحكم فيها الصالحون كما سبق القول‪ .‬والحق أنه ل معنى للقول إن امللكوت اقترب غير‬
‫هذا املعنى‪ ،‬فعالم امللكوت عالم مستقل ومغاير لعالم املادة‪ ،‬وحقيقته تختلف عن‬
‫حقيقة هذا العالم‪ .‬فاملقصود إذن هو اقتراب زمن املنقذ أو املخلص‪ ،‬أي اقتراب أهل‬
‫امللكوت‪ ،‬وهم الشيوخ ألاربعة والعشرون كما سبق القول‪.‬‬
‫يقول د‪ .‬نصرالله عبدالرحمن أبو طالب‪( :‬والواقع أن الظاهر من ألاناجيل الحالية‬
‫أن قضية التبشير هذه بمملكة هللا القادمة وإعداد بني إسرائيل لإليمان بها والانضواء‬
‫تحت لوائها عند قيامها كانت هي الهدف ألاول للمسيح ‪ ،‬هذا كما يتضح من‬
‫ألاناجيل الحالية‪ .‬وإن كانت التراجم العربية قد اختارت لفظ ملكوت هللا مما يبعدها‬
‫عن مفهوم اململكة ألارضية‪ ،‬ذلك املعنى البين من خالل ما نناقش من بشارات‪ .‬إل أن‬
‫النس غير العربية ما زالت تسميها مملكة هللا (‪ )kingdom of God‬بنفس تسمية دانيال‬
‫‪ ‬لها‪ ..‬ويوافق أكثرية من الباحثين‪ ،‬بل ومن‬
‫املتدينين النصارى ‪ -‬إضافة إلى اليهود ‪ -‬على أن املقصود بمملكة هللا هو مملكة‬
‫أرضية سيقيمها املسيا املنتظر)(‪.)4‬‬

‫‪ -1‬متّى‪.1 :‬‬
‫‪ -2‬لوقا‪.9 :‬‬
‫‪ -2‬لوقا‪.4 / 42 :‬‬
‫‪ -4‬تباشير اإلنجيل والتوراة باإلسالم ورسوله محمد‪ :‬ص‪.95‬‬
‫اصدارات انصار االاما اهمدد ‪‬‬ ‫‪011‬‬

‫وسنجلي هذا ألامر أكثر بقراءة بعض ألامثال التي ضربها عيس ى ‪ ‬للملكوت الذي‬
‫يتحدث عنه‪:‬‬

‫املثل ألاول‪:‬‬
‫ً‬
‫(‪ 33‬اسمعوا مثال آخر‪ .‬كان إنسان رب بيت غرس كرما وأحاطه بسياج وحفر فيه‬
‫معصرة وبنى برجا وسلمه إلى كرامين وسافر‪ 34 .‬وملا قرب وقت ألاثمار أرسل عبيده إلى‬
‫الكرامين ليأخذ أثماره‪ 35 .‬فأخذ الكرامون عبيده وجلدوا بعضا وقتلوا بعضا ورجموا‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫بعضا‪ 36 .‬ثم أرسل أيضا عبيدا آخرين أكثر من ألاولين‪ .‬ففعلوا بهم كذلك‪ 37 .‬فأخيرا‬
‫ً‬
‫أرسل إليهم ابنه قائال يهابون ابني‪ 38 .‬وأما الكرامون فلما رأوا الابن قالوا فيما بينهم‬
‫هذا هو الوارث‪ .‬هلموا نقتله ونأخذ ميراثه‪ 35 .‬فأخذوه وأخرجوه خارج الكرم‪ .‬وقتلوه‪.‬‬
‫‪ 42‬فمتى جاء صاحب الكرم ماذا يفعل بأولئك الكرامين‪ 41 .‬قالوا له‪ .‬أولئك ألاردياء‬
‫ً ً‬
‫يهلكهم هالكا رديا ويسلم الكرم إلى كرامين آخرين يعطونه ألاثمار في أوقاتها‪ 42 .‬قال لهم‬
‫يسوع أما قرأتم قط في الكتب‪ .‬الحجر الذي رفضه البناؤون هو قد صار رأس الزاوية‪.‬‬
‫من قبل الرب كان هذا وهو ًجيب في أعيننا‪ 43 .‬لذلك أقول لكم إن ملكوت هللا ينزع‬
‫منكم ويعطى ألمة تعمل أثماره‪ 44 .‬ومن سقط على هذا الحجر يترضض ومن سقط هو‬
‫عليه يسحقه ‪ 45‬وملا سمع رؤساء الكهنة والفريسيون أمثاله عرفوا أنه تكلم عليهم‪46 .‬‬
‫وإذ كانوا يطلبون أن يمسكوه خافوا من الجموع ألنه كان عندهم مثل نبي)(‪.)1‬‬
‫واضح من هذا املثل أن مجيء صاحب بستان العنب سيحدث في هذا العالم‬
‫املادي‪ ،‬وليس في عالم آلاخرة ‪ -‬كما يقول املسيحيون بخصوص امللكوت ‪ -‬فإن إرسال‬
‫الرسل وقتلهم يتناسب مع هذا العالم‪ ،‬ومثله تسليم البستان إلى كرامين آخرين‪.‬‬
‫املثل الثاني‪:‬‬
‫ً ً‬ ‫ً‬
‫(‪ 1‬وجعل يسوع يكلمهم أيضا بأمثال قائال‪ 2 .‬يشبه ملكوت السماوات إنسانا ملكا‬
‫ً‬
‫صنع عرسا لبنه‪ 3 .‬وأرسل عبيده ليدعوا املدعوين إلى العرس فلم يريدوا أن يأتوا‪4 .‬‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫فأرسل أيضا عبيدا آخرين قائال قولوا للمدعوين هو ذا غدائي أعددته‪ .‬ثيراني ومسمناتي‬

‫‪ -1‬متى‪ ,21:‬لوقا‪.19 - 9 / 22:‬‬


‫‪015‬‬ ‫شبيه عيسى أو امن هو اهمصلوب؟!‬

‫قد ذبحت وكل ش يء معد‪ .‬تعالوا إلى العرس‪ 5 .‬ولكنهم تهاونوا ومضوا واحد إلى حقله‬
‫وآخر إلى تجارته‪ 6 .‬والباقون أمسكوا عبيده وشتموهم وقتلوهم‪ 7 .‬فلما سمع امللك‬
‫غضب وأرسل جنوده وأهلك أولئك القاتلين وأحرق مدينتهم‪ 8 .‬ثم قال لعبيده أما‬
‫العرس فمستعد وأما املدعوون فلم يكونوا مستحقين‪ 5 .‬فاذهبوا إلى مفارق الطرق وكل‬
‫من وجدتموه فادعوه إلى العرس‪ 12 .‬فخرج أولئك العبيد إلى الطرق وجمعوا كل الذين‬
‫ً‬
‫وجدوهم أشرارا وصالحين‪ .‬فامتأل العرس من املتكئين‪ 11 .‬فلما دخل امللك لينظر‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫املتكئين رأى هناك إنسانا لم يكن لبسا لباس العرس‪ 12 .‬فقال له يا صاحب كيف‬
‫دخلت إلى هنا وليس عليك لباس العرس‪ .‬فسكت‪ 13 .‬حينئذ قال امللك للخدام اربطوا‬
‫رجليه ويديه وخذوه واطرحوه في الظلمة الخارجية‪ .‬هناك يكون البكاء وصرير ألاسنان‪.‬‬
‫‪ 14‬ألن كثيرين يدعون وقليلين ينتخبون)(‪.)1‬‬
‫ً‬
‫وهذا املثل يناسب أيضا مملكة في هذا العالم يمكن أن تستأنف فيها الدعوة‬
‫ويتحقق الاختبار بعد وقوع العذاب‪( ،‬فلما سمع امللك غضب وأرسل جنوده وأهلك‬
‫أولئك القاتلين وأحرق مدينتهم)‪ ،‬فلو كان هذا عذاب آلاخرة ما كان يمكن أن تعقبه‬
‫دعوة‪.‬‬
‫ً‬
‫ويالحظ أن املثلين كليهما يدلن بقوة على أن استبدالا سيقع‪ ،‬وأن بني إسرائيل لن‬
‫يكونوا هم القادة في دولة العدل إلالهي‪ ،‬أو مملكة هللا‪ ،‬وإن أمة أخرى ستأخذ مكانهم‪،‬‬
‫وسيأتي تفصيل أكثر إن شاء هللا‪.‬‬
‫ولعل هذه النبوءة بأخذ أمة أخرى مكان بني إسرائيل من أهم ‪ -‬إن لم تكن ألاهم‬
‫على إلاطالق ‪ -‬ألاسباب التي دفعت اليهود للتفكير بقتل عيس ى ‪ .‬فقد ورد في إنجيل‬
‫متى‪ 45( :‬وملا سمع رؤساء الكهنة والفريسيون أمثاله عرفوا أنه تكلم عليهم‪ 46 .‬وإذ‬
‫كانوا يطلبون أن يمسكوه خافوا من الجموع ألنه كان عندهم مثل نبي)(‪ .)2‬وفي لوقا‪15( :‬‬

‫‪ -1‬متى‪.22 :‬‬
‫‪ -2‬متى‪.21:‬‬
‫اصدارات انصار االاما اهمدد ‪‬‬ ‫‪016‬‬

‫فطلب رؤساء الكهنة والكتبة أن يلقوا ألايادي عليه في تلك الساعة ولكنهم خافوا‬
‫الشعب‪ .‬ألنهم عرفوا أنه قال هذا املثل عليهم) (‪.)1‬‬
‫ً‬
‫وفي لوقا أيضا‪ 5( :‬وإذ كان قوم يقولون عن الهيكل إنه مزين بحجارة حسنة وتحف‬
‫قال ‪ 6‬هذه التي ترونها ستأتي أيام ل يترك فيها حجر على حجر ل ينقض‪ 7 .‬فسألوه‬
‫قائلين يا معلم متى يكون هذا وما هي العالمة عندما يصير هذا‪ 8 .‬فقال انظروا ل‬
‫تضلوا‪ .‬فإن كثيرين سيأتون باسمي قائلين إني أنا هو والزمان قد قرب‪ .‬فال تذهبوا‬
‫وراءهم‪ 5 .‬فإذا سمعتم بحروب وقالقل فال تجزعوا ألنه لبد أن يكون هذا أول‪ .‬ولكن‬
‫ل يكون املنتهى سريعا‪ 12 .‬ثم قال لهم تقوم أمة على أمة ومملكة على مملكة‪11 .‬‬
‫وتكون زلزل عظيمة في أماكن ومجاعات وأوبئة‪ .‬وتكون مخاوف وعالمات عظيمة من‬
‫السماء‪ 12 .‬وقبل هذا كله يلقون أيديهم عليكم ويطردونكم ويسلمونكم إلى مجامع‬
‫وسجون وتساقون أمام ملوك وولة ألجل اسمي‪ 13 .‬فيؤول ذلك لكم شهادة‪14 .‬‬
‫فضعوا في قلوبكم أن ل تهتموا من قبل لكي تحتجوا‪ 15 .‬ألني أنا أعطيكم فما وحكمة‬
‫ل يقدر جميع معانديكم أن يقاوموها أو يناقضوها‪ 16 .‬وسوف تسلمون من الوالدين‬
‫وألاخوة وألاقرباء وألاصدقاء‪ .‬ويقتلون منكم‪ 17 .‬وتكونون مبغضين من الجميع من‬
‫أجل اسمي‪ 18 .‬ولكن شعرة من رؤوسكم ل تهلك‪ 15 .‬بصبركم اقتنوا أنفسكم‪22 .‬‬
‫ومتى رأيتم أورشليم محاطة بجيوش فحينئذ اعلموا أنه قد اقترب خرابها‪ 21 .‬حينئذ‬
‫ليهرب الذين في اليهودية إلى الجبال‪ .‬والذين في وسطها فليفروا خارجا‪ .‬والذين في الكور‬
‫فال يدخلوها‪ 22 .‬ألن هذه أيام انتقام ليتم كل ما هو مكتوب‪ 23 .‬وويل للحبالى‬
‫واملرضعات في تلك ألايام ألنه يكون ضيق عظيم على ألارض وسخط على هذا الشعب‪.‬‬
‫‪ 24‬ويقعون بفم السيف ويسبون إلى جميع ألامم‪ .‬وتكون أورشليم مدوسة من ألامم‬
‫حتى تكمل أزمنة ألامم ‪ 25‬وتكون عالمات في الشمس والقمر والنجوم‪ .‬وعلى ألارض كرب‬
‫أمم بحيرة‪ .‬البحر وألامواج تضج‪ 26 .‬والناس يغش ى عليهم من خوف وانتظار ما يأتي على‬
‫ً‬
‫املسكونة ألن قوات السماوات تتزعزع‪ 27 .‬وحينئذ يبصرون ابن إلانسان آتيا في سحابة‬
‫بقوة ومجد كثير‪ 28 .‬ومتى ابتدأت هذه تكون فانتصبوا وارفعوا رؤوسكم ألن نجاتكم‬

‫‪ -1‬لوقا‪.22 :‬‬
‫‪017‬‬ ‫شبيه عيسى أو امن هو اهمصلوب؟!‬

‫ً‬
‫تقترب‪ 25 .‬وقال لهم مثال‪ .‬أنظروا إلى شجرة التين وكل ألاشجار‪ 32 .‬متى أفرخت‬
‫ً‬
‫تنظرون وتعلمون من أنفسكم أن الصيف قد قرب‪ 31 .‬هكذا أنتم أيضا متى رأيتم هذه‬
‫ألاشياء صائرة فاعلموا أن ملكوت هللا قريب‪ 32 .‬الحق أقول لكم إنه ل يمض ي هذا‬
‫الجيل حتى يكون الكل‪ 33 .‬السماء وألارض تزولن ولكن كالمي ل يزول‪ 34 .‬فاحترزوا‬
‫ألنفسكم لئال تثقل قلوبكم في خمار وسكر وهموم الحياة فيصادفكم ذلك اليوم بغتة‪.‬‬
‫‪ 35‬ألنه كالفخ يأتي على جميع الجالسين على وجه كل ألارض‪ 36 .‬اسهروا إذا وتضرعوا‬
‫في كل حين لكي تحسبوا أهال للنجاة من جميع هذا املزمع أن يكون وتقفوا قدام ابن‬
‫إلانسان)(‪.)1‬‬
‫وهذا النص واضح في أن مملكة هللا التي سيكون عيس ى أحد أركانها كما سيأتي‬
‫ستتحقق في هذا العالم‪ .‬فالهيكل سينقض والكاذبون الذين سيأتون مدعين أنهم‬
‫عيس ى‪ ،‬وقيام أمة على أمة‪ ،‬والزلزل وغيرها من ألاحداث ستقع كلها في هذا العالم‪،‬‬
‫وكذلك مجيء ابن إلانسان‪.‬‬
‫ولنقرأ النص التالي ليتأكد لنا املعنى‪:‬‬
‫(‪ 32‬وحينئذ تظهر عالمة ابن إلانسان في السماء‪ .‬وحينئذ تنوح جميع قبائل ألارض‬
‫ويبصرون ابن إلانسان آتيا على سحاب السماء بقوة ومجد كثير‪ 31 .‬فيرسل مالئكته‬
‫ببوق عظيم الصوت فيجمعون مختاريه من ألاربع الرياح من أقصاء السماوات إلى‬
‫أقصائها‪ 32 .‬فمن شجرة التين تعلموا املثل‪ .‬متى صار غصنها رخصا وأخرجت أوراقها‬
‫ً‬
‫تعلمون أن الصيف قريب‪ 33 .‬هكذا أنتم أيضا متى رأيتم هذا كله فاعلموا أنه قريب‬
‫على ألابواب‪ 34 .‬الحق أقول لكم ل يمض ي هذا الجيل حتى يكون هذا كله‪ 35 .‬السماء‬
‫وألارض تزولن ولكن كالمي ل يزول‪ 36 .‬وأما ذلك اليوم وتلك الساعة فال يعلم بهما‬
‫أحد ول مالئكة السماوات إل أبي وحده‪ 37 .‬وكما كانت أيام نوح كذلك يكون أيضا‬
‫مجيء ابن إلانسان‪ 38 .‬ألنه كما كانوا في ألايام التي قبل الطوفان يأكلون ويشربون‬
‫ويتزوجون ويزوجون إلى اليوم الذي دخل فيه نوح الفلك ‪ 35‬ولم يعلموا حتى جاء‬
‫الطوفان وأخذ الجميع‪ .‬كذلك يكون أيضا مجئ ابن إلانسان‪ 42 .‬حينئذ يكون اثنان في‬

‫‪ -1‬لوقا‪.21:‬‬
‫اصدارات انصار االاما اهمدد ‪‬‬ ‫‪019‬‬

‫الحقل‪ .‬يؤخذ الواحد ويترك آلاخر‪ 41 .‬اثنتان تطحنان على الرحى‪ .‬تؤخذ الواحدة وتترك‬
‫ألاخرى ‪ 42‬اسهروا إذا ألنكم ل تعلمون في أية ساعة يأتي ربكم)(‪.)1‬‬
‫فمجيء ابن إلانسان كما يدل هذا النص حدث أرض ي ‪ -‬إن صح هذا التعبير ‪-‬‬
‫تعيشه قبائل ألارض والتشبيه بأيام نوح ‪ ‬إشارة بليغة لهذا املعنى‪.‬‬
‫أما قوله‪( :‬الحق أقول لكم ل يمض ي هذا الجيل حتى يكون هذا كله)‪ ،‬فليس معناه‬
‫أن هذه ألاحداث ستحصل في زمن حوارييه‪ ،‬فعيس ى ‪ ‬لم يرجع في زمنهم كما هو‬
‫معلوم‪ ،‬بل يراد منه على ألارجح إلاشارة إلى أن هذا سيحدث في عمر ألارض‪.‬‬
‫وقوله‪( :‬وأما ذلك اليوم وتلك الساعة فال يعلم بهما أحد ول مالئكة السماوات إل‬
‫أبي وحده)‪ ،‬فهو دليل على أن عيس ى لم يكن يقصد في قوله ألاول (ل يمض ي هذا‬
‫الجيل‪ ..‬ال ) تحديد زمن معين أو التوقيت ملجيء ابن إلانسان‪ ،‬وعلى مثل هذا يدل‬
‫قوله‪( :‬اسهروا إذا ألنكم ل تعلمون في أية ساعة يأتي ربكم)‪ ،‬وعلى هذا ل تبقى دللة‬
‫متيقنة لقوله ألاول سوى أنه أراد إلاشارة إلى أن ألاحداث املروعة التي ذكرها‪ ،‬ستبدأ‬
‫بالحدوث بعد رفعه‪ ،‬وإلى أن يظهر املنقذ‪.‬‬

‫ملكوت هللا ُشعطى ألمة أخر ‪ِ:‬‬


‫تقدم القول أن عيس ى ‪ ‬ومن قبله يوحنا‪ ،‬بل كثير من أنبياء بني إسرائيل كانوا‬
‫قد حذروا قومهم من أن امللكوت سينتزع منهم مويعطى ألمة أخرى‪ ،‬بعد أن فسد بنو‬
‫ً‬
‫إسرائيل وفرطوا باألمانة امللقاة على عاتقهم‪ ،‬وملئوا ألارض فسادا‪.‬‬
‫(‪ 42‬قال لهم يسوع أما قرأتم قط في الكتب‪ .‬الحجر الذي رفضه البناؤون هو قد‬
‫صار رأس الزاوية‪ .‬من قبل الرب كان هذا وهو ًجيب في أعيننا‪ 43 .‬لذلك أقول لكم إن‬
‫ملكوت هللا ينزع منكم ويعطى ألمة تعمل أثماره‪ 44 .‬ومن سقط على هذا الحجر‬
‫يترضض ومن سقط هو عليه يسحقه)(‪.)2‬‬

‫‪ -1‬متى‪.24:‬‬
‫‪ -2‬متى‪.21 :‬‬
‫‪018‬‬ ‫شبيه عيسى أو امن هو اهمصلوب؟!‬

‫ً‬
‫في هذا النص يخاطب عيس ى ‪ ‬رؤساء الكهنة وشيوخ الشعب اليهودي‪ ،‬قائال‬
‫لهم‪ :‬إن ملكوت هللا ينزع منكم ويعطى ألمة أخرى‪ ،‬فمن هي هذه ألامة؟‬
‫هذا السؤال يحيلنا إلى مسائل كثيرة‪ ،‬سيجري البحث فيها على وفق العناوين‬
‫التالية‪:‬‬

‫العهد والبركة إلسماعيل‪ِ:‬‬


‫جاء في سفر التكوين‪ 1( :‬وقال الرب إلبرام اذهب من أرضك ومن عشيرتك ومن‬
‫بيت أبيك إلى ألارض التي أريك‪ 2 .‬فأجعلك أمة عظيمة وأباركك وأعظم اسمك‪ .‬وتكون‬
‫بركة‪ 3 .‬وأبارك مباركيك ولعنك ألعنه‪ .‬وتتبارك فيك جميع قبائل ألارض)(‪.)1‬‬
‫في هذا النص يبارك الرب إبراهيم (إبرام) ‪ ،‬ويجعله أمة عظيمة‪ ،‬وتتبارك فيه‬
‫جميع قبائل ألارض‪ ،‬فهل تختص هذه البركة بإسحق دون إسماعيل أم تشمل الاثنين‬
‫ً‬
‫معا‪ ،‬وبعبارة أكثر دقة وأكثر مالئمة لطبيعة هذا البحث‪ ،‬هل تشمل البركة إسماعيل‬
‫‪ ،‬أم ل؟‬
‫يجب أن نالحظ أن هللا عز وجل قد بارك إبراهيم هذه البركة قبل أن تكون له‬
‫ذرية‪ ،‬والبركة كما هو واضح تتمثل بتكثير إبراهيم وجعله أمة عظيمة تتبارك فيها جميع‬
‫قبائل ألارض‪ .‬وحيث إن إسماعيل هو الابن البكر إلبراهيم فمن املؤكد الذي ل يجادل‬
‫ً‬
‫فيه غير معاند أن يكون مشمول بهذه البركة‪ ،‬إن لم نقل إنه هو املتبادر إلى الذهن منها‬
‫بوصفة الابن البكر كما سلف القول‪.‬‬
‫َ‬
‫ََ َ َ م َْ َ م‬
‫يس الك َهن ِة‪ :‬أت َرى ِ‬
‫هذ ِه‬ ‫وتوجد في أعمال الرسل شهادة على ما نقول هنا‪ 1( :‬فقال رِئ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ال إلا ْخ َو مة َو َ‬ ‫ال‪َ :‬أ ُّي َها الر َج م‬
‫هك َذا ه َي؟ ‪َ 2‬ف َق َ‬ ‫مم م َ‬
‫اس َم معوا! ظ َه َر ِإ مله امل ْج ِد أل ِب َينا‬ ‫آلاب ماء‪ْ ،‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ألامور‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫م‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫الن ْه َرْين‪ ،‬ق ْبل َما َسك َن في َحا َران ‪َ 3‬وق َ‬ ‫َ‬
‫يم َو مه َو في َما َب ْين َّ‬
‫ال له‪ :‬اخ مر ْج ِم ْن أ ْر ِضك َو ِم ْن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫إ ْب َراه َ‬
‫ِ‬
‫َ‬ ‫ْ َْ َ َ َ َ َ‬ ‫ْ َْ‬ ‫َ َََ َ‬ ‫َ‬ ‫َّ م‬ ‫ِ‬ ‫ِ َ َ َ َ َ م َّ َ َْ‬
‫ض الكلدا ِن ِيين وسكن ِفي‬ ‫ض ال ِتي أ ِريك‪ 4 َ .‬فخرج ِحين ِئ ٍ َذ ِمن أر ِ‬ ‫ع ِشيرِتك‪ ،‬وهلم ِإلى ألار ِ‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬
‫وه‪ ،‬إلى هذه ألا ْ ض التي أن مت مم َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ َ ْ مَ َ َََم َ َْ َ َ َ م م‬
‫آلان َس ِاك منون ِف َيها‪.‬‬ ‫ِِ ر ِ ِ‬ ‫حاران‪ .‬و ِمن هناك نقله‪ ،‬بعد ما مات أب ِ‬

‫‪ -1‬التكوين‪.12 :‬‬
‫اصدارات انصار االاما اهمدد ‪‬‬ ‫‪001‬‬

‫ْ ً َ َ‬ ‫َ‬ ‫ً َ َْ َ َ‬ ‫َ‬
‫‪َ 5‬ول ْم مي ْع ِط ِه ِف َيها ِم َيراثا َول َوطأة ق َد ٍم‪َ ،‬و ِلك ْن َو َع َد أ ْن مي ْع ِط َي َها مملكا ل مه َوِلن ْس ِل ِه ِم ْن َب ْع ِد ِه‪،‬‬
‫َ‬ ‫َ م َ‬
‫َول ْم َيك ْن ل مه َب ْع مد َول ٌد)(‪.)1‬‬
‫وقد تأكدت البركة إلبراهيم بعد فترة فكلمه هللا تعالى من خالل الرؤيا‪َ 1( :‬ب ْع َد‬
‫ُّ ْ َ َ ً َ َ َ ْ َ َ ْ َ م َ َ م ْ ٌ َ‬ ‫َ َ َ َ م َّ َ َ‬ ‫م‬
‫س ل َك‪.‬‬ ‫الر ِب ِإلى أ ْب َر َام ِفي الرؤيا ق ِائال‪ :‬ل تخف يا أبرام‪ .‬أنا تر‬ ‫ور صار كالم‬ ‫ِ‬ ‫هذ ِه ألا مم‬ ‫ِ‬
‫الر ُّب‪َ ،‬م َاذا مت ْعطيني َو َأ َنا َماض َعقيم ًا‪َ ،‬و َمالكم‬ ‫َّ‬ ‫م‬
‫د‬ ‫ي‬ ‫َّ‬
‫الس‬ ‫ا‬ ‫ه‬‫َ‬ ‫ي‬‫ُّ‬ ‫َ‬
‫أ‬ ‫‪:‬‬ ‫ام‬
‫َ‬
‫ال أ ْب َر م‬‫َ‬ ‫َ‬
‫ق‬ ‫ف‬
‫َ‬
‫‪2‬‬ ‫‪.‬‬ ‫ا‬
‫ً‬
‫د‬ ‫ج‬ ‫ير‬‫ٌ‬ ‫ث‬ ‫ك‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ك‬ ‫ر‬ ‫م‬ ‫ج‬ ‫َأ ْ‬
‫ِ‬ ‫ٍ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫َِ ِ‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫م‬ ‫ْ‬ ‫َ ْ ً َمََ‬ ‫ْ‬ ‫َ َ َ َ ْ َ م َ ْ ً َّ َ َ ْ م‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫م‬ ‫َ‬ ‫َْ م َ َ‬
‫الدمش ِق ُّي؟ ‪ 3‬وقال أبرام أيضا‪ِ :‬إنك لم تع ِط ِني نسال‪ ،‬وهوذا ابن بي ِتي‬ ‫بي ِتي هو أ ِليعازر ِ‬
‫َ َ‬ ‫ْ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ َ م َّ َ َ ً َ م‬ ‫ٌ‬
‫الر ِب ِإل ْي ِه قا ِئال‪ :‬ل َي ِرث َك هذا‪َ ،‬ب ِل ال ِذي َيخ مر مج ِم ْن أ ْحش ِائ َك مه َو‬ ‫َوا ِرث ِلي‪ 4 .‬ف ِإذا كالم‬
‫َ‬ ‫ْ َ‬ ‫ََ َ ْ م َ‬ ‫َ َ‬ ‫م َ ْ‬ ‫م‬
‫اس َتط ْع َت أ ْن‬ ‫وم ِإ ِن‬‫الن مج َ‬ ‫الس َماء َو مع َّد ُّ‬
‫ال‪ :‬انظ ْر ِإلى َّ ِ‬ ‫َي ِرث َك‪ 5 .‬ث َّم أخ َر َج مه ِإلى خ ِار ٍج وق‬
‫الر ُّب‬‫ال َل مه‪َ :‬أ َنا َّ‬ ‫الرب َف َح ِس َب مه َل مه ب ًرا‪َ 7 .‬و َق َ‬ ‫َ َ َ َّ‬ ‫َ م َّ َ َ َ َ َ م َ َ َ م م َ ْ م َ‬
‫ِ‬ ‫تعده َا‪ .‬وقال له‪ :‬مهكذا يكون نسلك‪ 6 .‬فآمن ِب َ ِ‬
‫ْ َ َ َ‬
‫ض ِلت ِرث َها)(‪.)2‬‬ ‫ْ َْ َ َ م ْ َ َ‬ ‫ْ َ َ ْ‬ ‫َّ‬
‫هذ ِه ألار‬ ‫ال ِذي أخ َرجك ِمن أو ِر الكلدا ِن ِيين ِليع ِطيك ِ‬
‫ً‬
‫وهنا أيضا لم تكن إلبراهيم ذرية‪ ،‬وكان إبراهيم يخش ى أن يكون وارثه أليعازر‬
‫م‬ ‫َ َ‬ ‫ْ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ م‬
‫الدمشقي‪ ،‬فجاءه كالم الرب‪( :‬ل َي ِرث َك هذا‪َ ،‬ب ِل ال ِذي َيخ مر مج ِم ْن أ ْحشا ِئ َك مه َو َي ِرث َك)‪.‬‬
‫فمن عس ى أن يكون هذا الذي يخرج من أحشائه غير إسماعيل ولده البكر؟‬
‫إن صرف ألامر عن إسماعيل عناد واضح ل يستسيغه عقل سليم على إلاطالق‪.‬‬
‫نعم كان يمكن أن يقال بهذا لو أن ثمة نص يجرد إسماعيل من هذه البركة‪ ،‬ومثل هذا‬
‫النص غير موجود‪ ،‬وإن حاولت يد التالعب بالنصوص أن تجده‪.‬‬
‫وحتى بعد أن بلغ إبراهيم سن التاسعة والتسعين‪ ،‬فإن البركة التي تجددت لم‬
‫تستثن إسماعيل‪ ،‬بل هي أظهر فيه من أخيه إسحق الذي لم يكن قد ولد بعد‪.‬‬
‫ً‬
‫بطبيعة الحال ل أريد أن يفهم كالمي هذا إني أقول مثال إنه ل بركة إلسحق‪ ،‬بل‬
‫كل ما أحاول إثباته أن البركة كما تشمل إسحق تشمل إسماعيل بالتأكيد؛ ألنه نسل‬
‫إبراهيم‪.‬‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫م‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫م‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫الر ُّب أل ْب َر َام وق َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫(‪ 1‬وملا كان أ ْب َر مام ْابن ِت ْسع و ِت ْس ِعين َسنة ظ َه َر َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ال له‪ :‬أنا هللا الق ِد مير‪.‬‬
‫ط َأ ْب َرامم‬ ‫ً َ َ َ َ‬ ‫َ َ ْ ٍَ َ َ ْ َ ْ َ َ ْ َ َ َ م َ َ َ َ‬ ‫م َ ً‬ ‫َ‬
‫ِس ْر أ َم ِامي َوك ْن ك ِامال‪ 2 ،‬فأجعل عه ِدي بي ِني وبينك‪ ،‬وأك ِثرك ك ِثيرا ِجدا‪ 3 .‬فسق‬
‫ً‬

‫‪ -1‬أعمال الرسل‪.1 :‬‬


‫‪ -2‬تكوين‪.15 :‬‬
‫‪000‬‬ ‫شبيه عيسى أو امن هو اهمصلوب؟!‬

‫ور ِم َن‬ ‫هللا َم َع مه َقا ِئ ًال‪َ 4 :‬أ َّما َأ َنا َف مه َو َذا َع ْه ِدي َم َع َك‪َ ،‬و َت مكو من َأ ًبا ِل مج ْم م‬
‫ه‬ ‫َع َلى َو ْجهه‪َ .‬و َت َك َّل َم م‬
‫ِ‬
‫ٍ‬
‫م‬ ‫ْ‬ ‫م‬ ‫ً‬ ‫ِ َ َ م ْ َ ْ م َ َ ْ م َْ َ َ َ ْ َ م م ْ م َ ْ َ َ َ َ ْ َم َ َ‬ ‫مَ‬
‫ألام ِم‪ 5 ،‬فال يدعى اسمك بعد أبرام بل يكون اسمك ِإبر ِاهيم‪ ،‬أل ِني أجعلك أبا ِلجمه ٍ‬
‫ور‬
‫وك م ْن َك َي ْخ مر مجو َن‪َ 7 .‬و مأق م‬ ‫يرا جد ًا‪َ ،‬و َأ ْج َع مل َك مأ َمم ًا‪َ ،‬و مم مل ٌ‬‫َمْ م َ َ ً‬ ‫َ م‬
‫يم َع ْه ِدي‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ث‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫ر‬ ‫م‬
‫ِ‬ ‫ث‬ ‫أ‬‫و‬ ‫‪6‬‬ ‫‪.‬‬ ‫م‬ ‫ألا َ‬
‫ِمن ِ‬
‫م‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫م َ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫َب ْي ِني َو َب ْي َن َك‪َ ،‬و َب ْي َن ن ْس ِل َك ِم ْن َب ْع ِد َك ِفي أ ْج َي ِال ِه ْم‪َ ،‬ع ْهدا أ َب ِد ًيا‪ ،‬ألكون ِإلها ل َك َوِلن ْس ِل َك ِم ْن‬
‫ََْ َ ْ ً َ ً‬ ‫َ َ َ َ ْ َ ْ َ ْ َ َ ْ َ م ْ َ َ م َّ َ ْ‬ ‫َم ْ‬ ‫َْ َ‬
‫ان مملكا أ َب ِديا‪.‬‬ ‫ض كنع‬ ‫ب َع ِدك‪ 8 .‬وأع ِطي لك وِلنس ِلك ِمن بع ِدك أرض غرب ِتك‪ ،‬كل أر ِ‬
‫م م‬
‫َوأكون ِإ َله مه ْم)(‪.)1‬‬
‫بل حتى بعد أن ولد إسحق وتجدد العهد إلبراهيم ‪ -‬ولعل تجدده هنا من أجل أن‬
‫ً‬
‫يشمل إسحق كما سبق أن شمل إسماعيل ‪ -‬أقول هنا أيضا لم يحدث استثناء‬
‫ً‬
‫إلسماعيل‪ ،‬بل ورد أنه أيضا سيجعل هللا منه أمة؛ ألنه نسل إبراهيم‪ ،‬والنص على أنه‬
‫نسل إبراهيم ل شك يحملنا على الربط بين العهد هنا وما سبق أن عهد هللا إلبراهيم‪:‬‬
‫(‪ 5‬ورأت سارة ابن هاجر املصرية الذي ولدته إلبراهيم يمزح‪ 12 .‬فقالت إلبراهيم‬
‫اطرد هذه الجارية وابنها‪ .‬ألن ابن هذه الجارية ل يرث مع ابني إسحق‪ 11 .‬فقبح الكالم‬
‫ً‬
‫جدا في عيني إبراهيم لسبب ابنه‪ 12 .‬فقال هللا إلبراهيم ل يقبح في عينيك من أجل‬
‫الغالم ومن أجل جاريتك‪ .‬في كل ما تقول لك سارة اسمع لقولها‪ .‬ألنه بإسحق يدعى لك‬
‫ً‬
‫نسل‪ 13 .‬وابن الجارية أيضا سأجعله أمة ألنه نسلك)(‪.)2‬‬
‫وفي سفر التكوين يتأكد العهد إلسماعيل وهذه املرة من خالل حديث مالك الرب‬
‫مع أمه هاجر‪ 1( :‬وأما ساراي امرأة إبرام فلم تلد له‪ .‬وكانت لها جارية مصرية اسمها‬
‫هاجر‪ 2 .‬فقالت ساراي إلبرام هو ذا الرب قد أمسكني عن الولدة‪ .‬داخل على جاريتي‪.‬‬
‫لعلي أرزق منها بنين‪ .‬فسمع أبرام لقول ساراي‪ 3 .‬فأخذت ساراي امرأة أبرام هاجر‬
‫املصرية جاريتها من بعد عشر سنين إلقامة أبرام في أرض كنعان وأعطتها إلبرام رجلها‬
‫زوجة له‪ 4 .‬فدخل على هاجر فحبلت‪ .‬وملا رأت أنها حبلت صغرت مولتها في عينيها‪5 .‬‬
‫فقالت ساراي إلبرام ظلمي عليك‪ .‬أنا دفعت جاريتي إلى حضنك‪ .‬فلما رأت إنها حبلت‬
‫صغرت في عينيها‪ .‬يقض ي الرب بيني وبينك‪ 6 .‬فقال أبرام لساراي هوذا جاريتك في يدك‪.‬‬

‫‪ -1‬التكوين‪.1 – 1 / 11 :‬‬
‫‪ -2‬تكوين‪.21 :‬‬
‫اصدارات انصار االاما اهمدد ‪‬‬ ‫‪002‬‬

‫افعلي بها ما يحسن في عينيك‪ .‬فأذلتها ساراي‪ .‬فهربت من وجهها ‪ 7‬فوجدها مالك الرب‬
‫على عين املاء في البرية‪ .‬على العين التي في طريق شور‪ 8 .‬وقال يا هاجر جارية ساراي من‬
‫أين أتيت وإلى أين تذهبين‪ .‬فقالت أنا هاربة من وجه مولتي ساراي‪ 5 .‬فقال لها مالك‬
‫ً‬
‫الرب ارجعي إلى مولتك واخضعي تحت يديها‪ 12 .‬وقال لها مالك الرب تكثيرا أكثر‬
‫ً‬
‫نسلك فال يعد من الكثرة‪ 11 .‬وقال لها مالك الرب هاأنت حبلى فتلدين ابنا‪ .‬وتدعين‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫اسمه إسماعيل ألن الرب قد سمع ملذلتك‪ 12 .‬وإنه يكون إنسانا وحشيا‪ .‬يده على كل‬
‫واحد ويد كل واحد عليه‪ .‬وأمام جميع إخوته يسكن‪ 13 .‬فدعت اسم الرب الذي تكلم‬
‫ً‬
‫معها أنت إيل رئي‪ .‬ألنها قالت أههنا أيضا رأيت بعد رؤية‪ 14 .‬لذلك دعيت البئر بئر لحي‬
‫ً‬
‫رئي‪ .‬هاهي بين قادش وبارد ‪ 15‬فولدت هاجر إلبرام ابنا‪ .‬ودعا أبرام اسم ابنه الذي‬
‫ولدته هاجر إسماعيل‪ 16 .‬كان أبرام ابن ست وثمانين سنة ملا ولدت هاجر إسماعيل‬
‫إلبرام)(‪.)1‬‬
‫في هذه البشارة لهاجر يتكرر العهد بتكثير نسل إسماعيل حتى ل يعد من الكثرة‪،‬‬
‫وكون البشارة من مالك الرب تدل بال شك على عناية إلهية فائقة بإسماعيل‪.‬‬
‫اج َر م َن َّ‬ ‫َ َ‬ ‫هللا مب َك َاء َّ َ َ َ َ َ م‬ ‫أيضا‪(َ :‬و َسم َع م‬ ‫ً‬
‫الس َم ِاء‬ ‫هللا ه ِ‬ ‫الص ِب ِي فنادى مالك ِ‬ ‫ِ‬ ‫ومثله في التكوين‬
‫م‬ ‫هللا َق ْد َسم َع مب َك َاء َّ‬ ‫َ‬
‫اج مر َل َت َخافي أل َّن َ‬ ‫ال َل َها‪َ :‬ما َّالذي مي ْزً مجك َيا َه َ‬ ‫َو َق َ‬
‫الص ِب ِي ِم ْن َح ْيث مه َو‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫ً‬ ‫َ م م ً‬ ‫َ‬ ‫َّ َ َ‬ ‫مم ْل ًقى‪ .‬مقومي َو ْ‬
‫الص ِب َّي َوتش َّب ِثي ِب ِه أل َّن ِني َسأ ْج َعل مه أ َّمة َع ِظ َيمة)(‪.)2‬‬ ‫اح ِم ِلي‬ ‫ِ‬
‫وحتى بعد أن يولد إسحق ويباركه هللا عز وجل‪ ،‬يبارك معه أخاه إسماعيل ويخبر‬
‫ً‬
‫إبراهيم بأنه سيكثر إسماعيل حتى يلد إثنا عشر رئيسا‪:‬‬
‫م‬
‫اس مم َها َسا َرة‪16 .‬‬ ‫اي‪َ ،‬بل ْ‬ ‫اس َم َها َسا َر َ‬ ‫اي ْام َ َرأ مت َك َل َت ْد معو ْ‬ ‫هللا إلبراهيم‪َ :‬سا َر م‬ ‫ال م‬ ‫(‪َ 15‬و َق َ‬
‫ِ‬
‫م م َ‬
‫وب ِم ْن َها َيكونون‪17 .‬‬ ‫ع‬‫وك مش م‬ ‫يك َأ ْيض ًا م ْن َها ْابن ًا‪ .‬مأ َبار مك َها َف َت مكو من مأ َمم ًا‪َ ،‬و مم مل م‬ ‫َو مأ َبار مك َها َو مأ ْعط َ‬
‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬
‫لبن مئة َس َنة؟ َو َه ْل تلدم‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ال في قلبه‪َ :‬ه ْل ميول مد ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ضح َك‪ ،‬وقَ‬ ‫يم َعلى َو ْجهه َو َ‬‫َ‬ ‫م‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ َ َ َ‬
‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫ِ ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫فسقط ِإبر ِاه‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ً‬
‫َسا َر مة َوه َي ب ْنت ت ْسعين َسنة؟‪ 18.‬وق َ ْ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫م‬
‫يش أ َم َامك!‪15 .‬‬ ‫يل ي ِع م‬ ‫اع َ‬ ‫ْ‬ ‫م‬
‫ال ِإب َر ِاهيم ِهللِ‪ :‬ليت ِإسم ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫َ َم َْ ً‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫م‬ ‫َ َ َ م َِ ْ َ َ م ْ َ َ م َ َ م َ َ ْ ً َ َ ْ م ْ َ م ْ َ َ َ م‬
‫فقال هللا‪ :‬بل سارة امرأتك ت ِلد لك ابنا وتدعو اسمه ِإسحاق‪ .‬وأ ِقيم عه ِدي معه عهدا‬

‫‪ -1‬التكوين‪.16 :‬‬
‫‪ -2‬تكوين‪.21 – 11 / 21:‬‬
‫‪003‬‬ ‫شبيه عيسى أو امن هو اهمصلوب؟!‬

‫ََ م م مْ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َّ ْ َ م َ َ‬ ‫َأ َبدي ًا ل َن ْسله م ْن َب ْ‬


‫يل فق ْد َس ِم ْع مت ل َك ِف ِيه‪َ .‬ها أنا أ َب ِارك مه َوأث ِم مر مه‬ ‫اع‬
‫ِ‬ ‫م‬ ‫س‬ ‫إ‬‫ِ‬ ‫ا‬‫م‬ ‫أ‬‫و‬ ‫‪22‬‬ ‫‪.‬‬ ‫ه‬ ‫د‬
‫ِِ‬ ‫ع‬ ‫ِ ِ ِِ ِ‬
‫يرا جد ًا‪ِ .‬ا ْث َن ْي َع َش َر َرئيس ًا َيل مد‪َ ،‬و َأ ْج َع مل مه مأ َّم ًة َكب َير ًة‪َ 21 .‬ولك ْن َع ْهدي مأق ميم مه َمعَ‬ ‫َم َ مم َ ً‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وأك ِثره ك ِث ِ‬
‫َ َ َّ َ َ َ َ ْ َ َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫اق َّال ِذي ت ِلد مه لك َسا َرة في هذا ال َوق ِت في َّ‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫م‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫م‬ ‫َ‬ ‫إ ْس َح َ‬
‫السن ِة آلا ِت َي ِة‪ 22 .‬فلما فرغ ِمن الكال ِم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ََ َ َ ْ َ م ْ َ َ َْ م َ َ َ ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫م‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫م‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫اعيل ابنه‪ ،‬وج ِميع ِولد ِان بي ِت ِه‪،‬‬ ‫معه ص ِعد هللا عن ِإب َر ِاهيم ‪ 23‬فأخذ ِإبر ِاهيم ِإسم ِ‬
‫م َ‬ ‫م َّ َ َ ْ َ ْ َ ْ ْ َ َ َ َ َ‬ ‫َو َجم َيع ْاملم ْب َتاع َين بف َّ‬
‫يم‪َ ،‬وخت َن ل ْح َم غ ْرل ِت ِه ْم ِفي ِذل َك‬ ‫ض ِت ِه‪ ،‬كل ذك ٍر ِمن أه ِل بي ِت ِإبر ِاه‬ ‫ِ ِِ‬ ‫ِ‬
‫ْ‬ ‫ََ َ َْ م ْ َ ْ َ ْ َ َ ًَ َ م َ َ‬ ‫م‬ ‫م‬ ‫ْ َ ْ َ ْ َ َ َ ََّ‬
‫اليو ِم عي ِن ِه كما كلمه هللا‪ 24 .‬وكان ِإبر ِاهيم ابن ِتس ٍع و ِتس ِعين سنة ِحين خ ِتن ِفي لح ِم‬
‫م َ‬ ‫َ‬ ‫م‬ ‫َ ََ َ َ ً‬ ‫ََ َ ْ َ‬ ‫م َ‬
‫يل ْاب من مه ْاب َن ثالث َعش َرة َس َنة ِح َين خ ِت َن ِفي ل ْح ِم غ ْرل ِت ِه‪ِ 26 .‬في‬ ‫اع م‬ ‫غ ْرل ِت ِه‪ 25 ،‬وكان ِإسم ِ‬
‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫م‬ ‫م َ ْ‬ ‫َ َْْ َْ‬
‫يل ْاب من مه‪َ 27 .‬وك ُّل ِر َج ِال َب ْي ِت ِه ِول َد ِان ال َب ْي ِت‬ ‫اع م‬ ‫م َ ْ َ‬
‫ِذلك اليو ِم عي ِن ِه خ ِتن ِإب َر ِاهيم وِإسم ِ‬
‫يب خ ِت منوا َم َع مه)(‪.)1‬‬
‫م‬
‫ر‬
‫ْ َْ‬
‫غ‬ ‫ال‬ ‫ن‬ ‫اب‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫ة‬ ‫َو ْاملم ْب َتاع َين ب ْالف َّ‬
‫ض‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬
‫إن البركة كما يدل النص آلاتي سببها أو أحد أهم أسبابها على ألاقل هو استجابة‬
‫إبراهيم ألمر هللا بذبح ولده الوحيد‪ ،‬ونجاحه في هذا الامتحان إلالهي الصعب‪1( :‬‬
‫وحدث بعد هذه ألامور أن هللا امتحن إبراهيم‪ .‬فقال له يا إبراهيم‪ .‬فقال هأنذا‪ 2 .‬فقال‬
‫خذ ابنك وحيدك الذي تحبه إسحق واذهب إلى أرض املريا وأصعده هناك محرقة على‬
‫ً‬
‫أحد الجبال الذي أقول لك‪ 3 .‬فبكر إبراهيم صباحا وشد على حماره وأخذ اثنين من‬
‫ً‬
‫غلمانه معه وإسحق ابنه وشقق حطبا ملحرقة وقام وذهب إلى املوضع الذي قال له هللا‪.‬‬
‫‪ 4‬وفي اليوم الثالث رفع إبراهيم عينيه وأبصر املوضع من بعيد‪ 5 .‬فقال إبراهيم لغالميه‬
‫اجلسا أنتما ههنا مع الحمار‪ .‬وأما أنا والغالم فنذهب إلى هناك ونسجد ثم نرجع إليكما‪.‬‬
‫‪ 6‬فأخذ إبراهيم حطب املحرقة ووضعه على إسحق ابنه وأخذ بيده النار والسكين‪.‬‬
‫ً‬
‫فذهبا كالهما معا‪ 7 .‬وكلم إسحق إبراهيم أباه وقال يا أبي‪ .‬فقال هأنذا يا ابني‪ .‬فقال‬
‫هو ذا النار والحطب ولكن أين الخروف للمحرقة‪ 8 .‬فقال إبراهيم هللا يرى له الخروف‬
‫ً‬
‫للمحرقة يا ابني‪ .‬فذهبا كالهما معا ‪ 5‬فلما أتيا إلى املوضع الذي قال له هللا بنى هناك‬
‫إبراهيم املذبح ورتب الحطب وربط إسحق ابنه ووضعه على املذبح فوق الحطب‪12 .‬‬
‫ثم مد إبراهيم يده وأخذ السكين ليذبح ابنه‪ 11 .‬فناداه مالك الرب من السماء وقال‬
‫ً‬
‫إبراهيم إبراهيم‪ .‬فقال هأنذا‪ 12 .‬فقال ل تمد يدك إلى الغالم ول تفعل به شيئا‪ .‬ألني‬

‫‪ -1‬تكوين‪.11 :‬‬
‫اصدارات انصار االاما اهمدد ‪‬‬ ‫‪001‬‬

‫آلان علمت أنك خائف هللا فلم تمسك ابنك وحيدك عني‪ 13 .‬فرفع إبراهيم عينيه‬
‫ً‬
‫ونظر وإذا كبش وراءه ممسكا في الغابة بقرينة‪ .‬فذهب إبراهيم وأخذ الكبش وأصعده‬
‫محرقة عوضا عن ابنه‪ 14 .‬فدعا إبراهيم اسم ذلك املوضع يهوه يراه‪ .‬حتى إنه يقال‬
‫اليوم في جبل الرب يرى ‪ 15‬ونادى مالك الرب إبراهيم ثانية من السماء ‪ 16‬وقال بذاتي‬
‫أقسمت يقول الرب إني من أجل أنك فعلت هذا ألامر ولم تمسك ابنك وحيدك ‪17‬‬
‫أباركك مباركة و أكثر نسلك تكثيرا كنجوم السماء وكالرمل الذي على شاطئ البحر‪.‬‬
‫ويرث نسلك باب أعدائه‪ 18 .‬ويتبارك في نسلك جميع أمم ألارض‪ .‬من أجل أنك سمعت‬
‫لقولي)(‪.)1‬‬
‫ولكن هنا اختالف معروف في شخص الذبيح بين املسلمين من جهة‪ ،‬واليهود‬
‫ً‬
‫واملسيحيين تبعا لهم من جهة أخرى‪ ،‬فاملسلمون يقولون أن الذبيح هو إسماعيل‪ ،‬بينما‬
‫يقول آلاخرون إنه إسحق‪.‬‬
‫والحقيقة أنه على الرغم من أن النص أعاله أقحم اسم إسحق‪ ،‬إل أن ثمة دلئل‬
‫قوية تؤكد ما يقوله املسلمون‪ ،‬منها أن إسحق ل يصدق عليه أنه الابن الوحيد‬
‫إلبراهيم؛ ألن إسماعيل ولد قبله‪ ،‬فهو الابن البكر‪ ،‬ومنها إن من عادة اليهود أن يقدموا‬
‫ً‬
‫في قرابينهم البكور من كل إنسان أو بهيمة‪ 1( ،‬وكلم الرب موس ى قائال‪ 2 .‬قدس لي كل‬
‫بكر كل فاتح رحم من بني إسرائيل من الناس ومن البهائم‪ .‬إنه لي)(‪.)2‬‬
‫والبكورية ل يسقطها كون البكر من امرأة مكروهة‪ ،‬فقد ورد في سفر التثنية‪15( :‬‬
‫إذا كان لرجل امرأتان إحداهما محبوبة وألاخرى مكروهة فولدتا له بنين املحبوبة‬
‫واملكروهة‪ .‬فإن كان الابن البكر للمكروهة ‪ 16‬فيوم يقسم لبنيه ما كان له ل يحل له‬
‫ً‬
‫أن يقدم ابن املحبوبة بكرا على ابن املكروهة البكر ‪ 17‬بل يعرف ابن املكروهة بكرا‬
‫ليعطيه نصيب اثنين من كل ما يوجد عنده ألنه هو أول قدرته له حق البكورية)(‪.)3‬‬
‫ومنها إن هللا قد بشر إبراهيم ‪ ‬بتكثير نسل إسحق‪ ،‬وبالتالي ل يمكن ألحد أن‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫يقول إن الامتحان بذبحه كما يزعم اليهود واملسيحيون يمثل اختبارا حقيقيا‪ ،‬فقد ورد‬

‫‪ -1‬تكوين‪.22 :‬‬
‫‪ -2‬خروج‪.12:‬‬
‫‪ -2‬تثنية‪.21 :‬‬
‫‪005‬‬ ‫شبيه عيسى أو امن هو اهمصلوب؟!‬

‫في سفر التكوين‪( :‬فقال هللا بل سارة امرأتك تلد لك ابنا وتدعو اسمه إسحق‪ .‬وأقيم‬
‫عهدي معه عهدا أبديا لنسله من بعده)(‪.)1‬‬
‫فإسحق بحسب هذا النص سيعيش ويكون له نسل‪ ،‬فأين الامتحان إذا كان هو‬
‫الذبيح؟ أما ورد بحق إسماعيل في (تكوين‪ )17:‬من وعد بتكثير نسله‪ ،‬فهو لحق‬
‫لالمتحان إلالهي‪ ،‬الذي ل شك في أنه ‪ -‬أي الامتحان ‪ -‬قد سبق ولدة إسحق‪.‬‬
‫بقي أن النص ألاخير يصف العهد إلسحاق بأنه عهد أبدي‪ ،‬فهل يقتض ي ذلك أن‬
‫ل يكون إلسماعيل نصيب من العهد؟‬
‫ً‬
‫إن قراءة في سفر ألايام تدلنا على أن كلمة (أبد) تعني املدة الطويلة أيضا‪( :‬وقال لي‪:‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫إن سليمان ابنك‪ ،‬هو يبني بيتي ودياري‪ ،‬ألني اخترته لي ابنا‪ ،‬وأنا أكون له أبا‪ ،‬وأثبت‬
‫مملكته إلى ألابد)(‪.)2‬‬
‫وقد انتهت هذه اململكة ولم تبق إلى ألابد‪.‬‬
‫وفي سفر التثنية ما يدل على أن ألابد مدة محدودة (عشرة أجيال)‪( :‬ل يدخل‬
‫عموني ول موآبي في جماعة الرب‪ ،‬حتى الجيل العاشر‪ ،‬ل يدخل منهم أحد في جماعة‬
‫الرب إلى ألابد‪ ،‬من أجل أنهم لم يالقوكم بالخبز واملاء)(‪.)3‬‬
‫بل ربما أقل من هذا كما في قول دانيال لنبوخذ نصر‪( :‬فتكلم دانيال مع امللك‪ :‬يا‬
‫أيها امللك عش إلى ألابد)(‪.)4‬‬
‫ً‬
‫والحق أنه ل تعارض في كون العهد أبديا في ذرية إسحق وكونه في ذرية إسماعيل‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫أيضا‪ .‬فالعهد وإن كان أبديا في ذرية إسحق إل أن ذلك ل يمنع من انقطاعه فترة من‬
‫الزمن تطول أو تقصر لينتقل إلى ذرية إسماعيل‪ ،‬ثم يعود ليلتقي العهدان في املنقذ‬
‫ً‬
‫وذريته التي ستكون نقطة التقاء الفرع إلاسماعيلي وإلاسحاقي‪ ،‬كما سنعلم لحقا‪.‬‬
‫والواقع أن املسيحيين يعترفون بحصول بركة إلسماعيل ولكنهم يقولون إنها‬
‫مختصة بأن يكون في ذريته ملوك ل أنبياء‪.‬‬

‫‪ -1‬تكوين‪.19 – 11 :‬‬
‫‪ -2‬األيام األول‪.6 / 21 :‬‬
‫‪ -2‬تثنية‪.4 – 2 / 22 :‬‬
‫‪ -4‬دانيال‪.21/ 6 :‬‬
‫اصدارات انصار االاما اهمدد ‪‬‬ ‫‪006‬‬

‫وكالمهم هذا فيه مغالطة يمكن بيانها من خالل النقاط التالية‪:‬‬


‫‪ -1‬إن البركة التي نالها إسماعيل هي نفسها التي نالها إسحق‪ ،‬فلماذا تكون هنا نبوة‬
‫وهناك ل تكون؟‬
‫‪ -2‬ل يسع أحد أن يقول إن البشرى يمكن أن تكون بأناس غير صالحين‪ .‬ومن‬
‫الواضح أن امللوك إذا لم يكونوا منصبين من هللا تعالى‪ ،‬ولم يكن شرع إلهي ينتظم‬
‫حركتهم يكونوا من الطواغيت‪ ،‬فأي بشرى بمثل هؤلء الناس؟‬
‫‪ -3‬إن وجود ملوك أو رؤساء في قوم من ألاقوام مسألة تقتضيها طبيعة النظام‬
‫الاجتماعي‪ ،‬فكل قوم لبد أن يسودهم ملوك أو رؤساء وبنو إسماعيل ليسوا استثناء‪،‬‬
‫فإن لم يكن هؤلء امللوك ممن نصبهم هللا كانوا من الطواغيت الذين يسودون أقوامهم‬
‫بطرق شتى‪.‬‬
‫يقول عبد ألاحد داود‪( :‬إن العهد كان بين هللا وبين إبراهيم وإسماعيل قبل ولدة‬
‫اسحق ولول تكرار الوعد (من خالل ذريتك سوف تتبارك كل ألامم على وجه ألارض)‬
‫ً‬
‫بصيغ مختلفة وأيضا (ذلك الذي سوف يخرج من أحشائك سوف يرثك) وتحقق هذا‬
‫الوعد بولدة إسماعيل (سفر التكوين‪ )16 :‬مما كان عزاء إلبراهيم؛ ألن كبير الخدم‬
‫أليعازر لم يعد وريثه‪ ،‬لول كل ذلك لكان العهد وتشريع الختان غير ذي معنى ول قيمة‪،‬‬
‫ولذلك وجب أن نعترف بإن إسماعيل كان الوارث الحقيقي والشرعي لمتيازات ومكانة‬
‫أبيه الروحية‪ ،‬وإن هذا إلارث الذي استحقه إسماعيل وذريته لكونه الابن ألاكبر لم يكن‬
‫خيمة والده ول مواشيه‪ ،‬وإنما كان إخضاع كل ألارض املمتدة من النيل إلى الفرات‬
‫وسكانها إلى ألابد (سفر التكوين‪ ،)22 :17 ،18 :15‬وبالفعل فإن تلك البالد لم تخضع‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫قط لذرية إسحاق ولكنها خضعت لذرية إسماعيل‪ ،‬مما يعتبر تحققا حرفيا وفعليا ألحد‬
‫نقاط العهد) (‪.)1‬‬
‫‪ -4‬إن أبناء إبراهيم من زوجته قنطورا لم يكونوا مشمولين بالعهد ومع ذلك كان‬
‫منهم ملوك‪ ،‬فتحديد بركة إسماعيل والعهد به على أن املراد منه أن يكون في ذريته‬
‫ملوك يراد منه إذن تجريد إسماعيل من هذه البركة والعهد كما ل يخفى‪.‬‬

‫‪ -1‬محمد في كتاب التوراة واالنجيل‪ :‬ص‪.45 – 44‬‬


‫‪007‬‬ ‫شبيه عيسى أو امن هو اهمصلوب؟!‬

‫‪ -5‬أطلقت البشرى وصف ألامة العظيمة على ذرية إسماعيل‪ ،‬ومثل هذا الوصف‬
‫إلالهي ل يمكن أن يحظى به غير الصالحين‪ .‬والصالح يقتض ي وجود نبوة وشرع ينظم‬
‫حياتهم‪.‬‬
‫‪ -6‬كان الختان هو عالمة العهد وقد ختن إبراهيم ابنه إسماعيل قبل إن يولد‬
‫إسحق على ما يظهر من النص التالي‪( :‬فتختنون في لحم غرلتكم‪ .‬فيكون عالمة عهدي‬
‫بيني وبينكم)(‪ .)1‬وختن إبراهيم وإسماعيل قبل ولدة اسحق‪( :‬فلما فرغ من الكالم‪ ...‬في‬
‫ذلك اليوم عينه ختن إبراهيم وإسماعيل ابنه) (‪.)2‬‬
‫‪ - 7‬إن عدم شمول إسماعيل بالعهد يعني أن هللا سبحانه وتعالى وحاشاه من قول‬
‫ً‬
‫السوء‪ ،‬يكون قد خدع إبراهيم مدة أربعة عشر عاما هي الفترة الفاصلة بين ولدة‬
‫ً‬
‫إسماعيل وولدة أخيه إسحق‪ ،‬وهو أمر مستهجن ول يمكن ملؤمن أبدا أن يظن باهلل‬
‫ً‬
‫مثل هذا الظن السيئ‪ ،‬ويزداد ألامر استهجانا إذا علمنا أن إبراهيم لم يكن يتوقع أن‬
‫ً‬
‫ميرزق بمولود من سارة‪ ،‬بحسب التوراة طبعا‪.‬‬
‫‪ - 8‬قد يقال إن سارة رغبت بطرد هاجر من أجل أن ل يرث مع ابنها‪ ،‬وإن إبراهيم‬
‫َّ‬
‫ص ِرَّي ِة ال ِذي‬ ‫اج َر ْ ِامل ْ‬ ‫قد امتثل لرغبتها كما ورد في سفر التكوين‪َ 5( :‬و َر َأ ْت َسا َر مة ْاب َن َه َ‬
‫هذ ِه‬ ‫ن‬ ‫اط مر ْد هذه ْال َجارَي َة َو ْاب َن َها‪َ ،‬أل َّن ْاب َ‬ ‫ََ َ ْ َْ َ ْ‬
‫يم َي ْم َز مح‪ 12 ،‬فقالت ِإلبر ِاهيم‪:‬‬ ‫َو َل َد ْت مه إل ْب َراه َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫م‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫ال َجا ِرَي ِة ل َي ِرث مع اب ِني ِإسحاق‪ 11 .‬فقبح الكالم ِجدا ِفي عين ْي ِإب َر ِاهيم ِلسب ِب اب ِن ِه‪12 .‬‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫م‬ ‫َ‬ ‫م‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫م‬ ‫َ‬ ‫ْ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ََ َ م َْ َ َ‬
‫يم‪ :‬ل َي ْق مب مح ِفي َع ْين ْي َك ِم ْن أ ْج ِل ال مغال ِم َو ِم ْن أ ْج ِل َجا ِرَي ِت َك‪ِ .‬في ك ِل َما َت مقو مل‬ ‫فقال هللا ِإلبر ِاه‬
‫م‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬
‫اس َم ْع ل َق ْول َها‪ ،‬أل َّن مه بإ ْس َح َ‬ ‫َل َك َسا َر مة ْ‬
‫اق مي ْد َعى ل َك ن ْس ٌل‪َ 13 .‬و ْاب من ال َجا ِرَي ِة أ ْيضا َسأ ْج َعل مه‬ ‫ِِ‬ ‫ِ ِ‬
‫م ً َ َ م‬
‫أ َّمة أل َّن مه ن ْسل َك‪.‬‬
‫اضعا ِإ َّي ماه َما‬
‫ً‬
‫و‬‫اج َر‪َ ،‬‬ ‫ص َباح ًا َو َأ َخ َذ مخ ْب ًزا َوق ْرَب َة َماء َو َأ ْع َط ماه َما ل َه َ‬ ‫يم َ‬ ‫‪َ 14‬ف َب َّك َر إ ْب َراه م‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫ض ْت َو َت َاه ْت في َبرَّية ب ْئر َس ْبع‪َ 15 .‬و َملَّا َف َر َغ ْاملَ ماء منَ‬ ‫ص َر َف َها‪َ .‬ف َم َ‬ ‫َع َلى َكتف َها‪َ ،‬و ْال َو َل َد‪َ ،‬و َ‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ ِ َِ ٍ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ِِ‬
‫يدا ن ْح َو َر ْم َي ِة‬
‫َ‬ ‫م‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ضت َو َجل َست ممقابله َبع ً‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْالق ْرَبة ط َر َحت ال َولد ت ْحت إ ْحدى ألاش َجار‪َ 16 ،‬و َم َ‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫ص ْو َت َها َو َب َك ْت‪َ 17 .‬ف َسمعَ‬ ‫َق ْوس‪َ ،‬أل َّن َها َق َال ْت‪َ :‬ل َأ ْن مظ مر َم ْو َت ْال َو َلد‪َ .‬ف َج َل َس ْت مم َقاب َل مه َو َر َف َع ْت َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬

‫‪ -1‬تكوين‪.11 / 11 :‬‬
‫‪ -2‬تكوين‪.11 :‬‬
‫اصدارات انصار االاما اهمدد ‪‬‬ ‫‪009‬‬

‫َ‬
‫اج مر؟ ل‬ ‫ال َل َها‪َ :‬ما َلك َيا َه َ‬ ‫الس َم ِاء َو َق َ‬
‫اج َر م َن َّ‬ ‫ص ْو َت ْال مغ َالم‪َ ،‬و َن َادى َم َال مك هللا َه َ‬ ‫هللا َ‬ ‫م‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ْم َ م‬
‫اح ِم ِلي الغال َم َوش ِدي َي َد ِك‬ ‫ص ْوت ْال مغ َالم َح ْي مث مه َو‪ 18 .‬مقومي ْ‬ ‫َ َّ َ َ ْ َ َ َ‬ ‫َ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫تخ ِافي‪ ،‬ألن هللا قد س ِمع ِل ِ‬
‫ً‬ ‫َ م م ً‬ ‫َ‬
‫ِب ِه‪ ،‬أل ِني َسأ ْج َعل مه أ َّمة َع ِظ َيمة) (‪.)1‬‬
‫هذا الكالم ل يستقيم ألمور منها؛ إن املشيئة إلالهية ل تنتقض بغيرة النساء! ومنها‬
‫يرتض كالم سارة‪ ،‬ول يوجد في النص ما يدل على أن إبعاد هاجر عن‬ ‫ِ‬ ‫إن إبراهيم لم‬
‫سارة كان تلبية ملطلب سارة املتعلق باإلرث‪ ،‬بل ربما كان بسبب وضع حد لنزاع متوقع‬
‫ً‬
‫بين الضرتين ل أكثر‪ .‬أيضا من املمكن أن تكون سارة ‪ -‬وهي املؤمنة ‪ -‬قد عنت من‬
‫كالمها إلارث املادي ل الروحي‪ .‬كما أن في النص ذاته تجديد لعهد إسماعيل‪.‬‬
‫‪ - 5‬وردت نصوص كثيرة تدل على أن ذرية إسماعيل سيخرج منهم نبي‪ ،‬سيأتي‬
‫ً‬ ‫م ْ ً‬ ‫َ‬ ‫ً‬
‫الحديث عنها لحقا‪ ،‬ولكن نكتفي آلان بهذا النص‪ 12( :‬غ ُّنوا ِل َّلر ِب أغ ِن َية َج ِد َيدة‪،‬‬
‫َ َ‬ ‫َّ‬ ‫ْم ْ‬ ‫ْ‬ ‫ألا ْ ض‪َ .‬أ ُّي َها ْاملم ْن َحد مر َ‬ ‫َ‬ ‫يح مه م ْن َأ ْق َ‬ ‫َت ْسب َ‬
‫ون ِفي ال َب ْح ِر َو ِملؤ مه َوال َج َز ِائ مر َو مسك مان َها‪ِ 11 ،‬لت ْرف ِع‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ر‬ ‫ى‬ ‫ص‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ م َ َ َ َّ ْ م َّ م َ َ ْ م م‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ م َّ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫م‬ ‫م‬ ‫م‬ ‫َ‬ ‫ْ َ َّ م‬
‫وس ال ِجب ِال‬ ‫الديار ال ِتي سكنها ِقيدار‪ِ .‬لتترنم سكان س ِالع‪ِ .‬من رؤ ِ‬ ‫الب ِرية ومدنها صوتها‪ِ ،‬‬
‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َّ َ‬ ‫ْ‬ ‫َ ْ‬ ‫َّ َ ْ ً َ م ْ‬ ‫م‬
‫الر ُّب كال َج َّب ِار َيخ مر مج‪.‬‬ ‫يح ِه ِفي ال َج َزا ِئ ِر‪13 .‬‬ ‫الر َّب مجدا ويخ ِب مروا ِبتس ِب ِ‬ ‫ِل َي ْه ِت مفوا‪ِ 12 .‬ل مي ْعطوا‬
‫َ َ‬ ‫َ َ م م م مْ م َْ ََ م َْ م‬
‫ص مر مخ َو َي ْق َوى َعلى أ ْع َدا ِئه)(‪.)2‬‬ ‫ف َو َي ْ‬ ‫وب ين ِهض غيرته‪ .‬يه ِت‬ ‫كرج ِل حر ٍ‬
‫ومعلوم إن قيدار من أبناء إسماعيل ‪ ،‬والتسبيحة سواء كانت تدل على ألاذان‬
‫ً‬
‫الذي يرفعه املسلمون إيذانا بوقت الصالة‪ ،‬أو كانت تدل على شريعة‪ ،‬فهي تدل‬
‫بالنتيجة على شمولية أبناء إسماعيل بالعهد‪.‬‬
‫وقد قص القرآن الكريم حال إبراهيم منذ أن كان في بالد الرافدين‪ ،‬وتبشيره‬
‫بإسماعيل وقضية الذبح بقوله تعالى‪:‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫يم و إ ْذ َجاء َرَّب ُه ب َق ْلب َس ِليم و إ ْذ َق َ‬ ‫يعته َإل ْب َراه َ‬ ‫َ‬ ‫َ َّ‬
‫ال ِأل ِب ِيه َوق ْو ِم ِه َماذا‬ ‫ٍّ ِ‬ ‫ِ ٍّ‬ ‫ِ‬ ‫﴿و ِإن ِمن ِش ِ ِ ِ ِ‬
‫َ ُ َ َّ ُ ُ َ َ َ َ ُّ ُ َ ّ ْ َ َ َ َ َ َ َ ْ‬ ‫َ ُْ ُ َ َ ْ‬
‫اْلين و فنظ َر نظ َرة ِفي‬ ‫تعبدون و أ ِئفكا ِآلهة دون الل ِه ت ِريدون و فما ظنكم ِبر ِب الع ِ‬
‫َ َ َ ّ َ ٌ َ َ َ َّ ْ َ ْ ُ ُ ْ َ َ َ َ َ َ ْ َ َ َ َ َ َ ْ ُ ُ َ‬ ‫ُّ‬
‫ال أال تأكلون و‬ ‫وم و فقال ِإ ِني س ِقيم و فتولوا عنه مد ِب ِرين و فراغ ِإلى ِآله ِت ِهم فق‬ ‫ِ‬ ‫الن ُج‬
‫َ‬ ‫َ َ ْ َ ُ َ ْ َ ُّ َ َ َ َ َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ َُ ْ َ َ ُ َ َ َ َ‬
‫ال أت ْع ُب ُدون‬ ‫نطقون و ف َراغ َعل ْي ِه ْم ض ْربا ِبال َي ِم ِين و فأقبلوا ِإلي ِه ي ِزفون و ق‬ ‫ما لكم ال ت ِ‬

‫‪ -1‬تكوين‪.21 :‬‬
‫‪ -2‬أشعياء‪.42:‬‬
‫‪008‬‬ ‫شبيه عيسى أو امن هو اهمصلوب؟!‬

‫وه ِفي ال َج ِح ِيم و‬


‫ْ‬ ‫الل ُِه َخ َل َق ُك ْم َو َما َت ْع َم ُلو َن و َق ُالوا ْاب ُنوا َل ُه ُب ْن َيانا َف َأ ْل ُق ُ‬ ‫َ َ ْ ُ َ َ َّ‬
‫ما تن ِحتون و و‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫اه ُم ألا ْسف ِل َين و َوق َ‬ ‫ْ‬ ‫َف َأ َ ُادوا به َك ْيدا ف َج َعلن ُ‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫ال ِإ ِني ذ ِاه ٌب ِإلى َرِّبي َس َي ْه ِد ِين و َر ِ ّب َه ْب ِلي‬ ‫ر ِِ‬
‫َ َ َّ َ َ َ َ َ ُ َّ ْ َ َ َ َ ُ َ َّ ّ ََ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ َّ ْ َ ُ ُ َ‬ ‫م َن َّ‬
‫ين و فبشرناه ِب ِغال ٍّم ح ِل ٍّيم و فلما بلغ معه السُي قال يا بني ِإ ِني أر ِفي‬ ‫الص ِال ِح ِ‬ ‫ِ‬
‫اللهُ‬‫َّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ َ ْ َ َُُْ َ َ‬ ‫َ‬ ‫ََْ َ ّ َ ْ َ ُ َ َ ُ ْ َ َ َ َ َ َ َ َ‬
‫اْلن ِام أ ِني أذبحك فانظر ماذا تر قال يا أب ِت افعل ما تؤمر ست ِجد ِني ِإن شاء‬
‫َ َ َ ْ َ ُ َ ْ َ ْ َ ُ َ ْ َ َّ ْ َ ُّ َْ‬ ‫َّ َ َ َ َ َ َ َّ ْ‬
‫ين و فل َّما أ ْسل َما َوتل ُه ِل ِل َج ِب ِين ووناديناه أن يا ِإبر ِاهيم و قد صدقت الرؤيا‬ ‫ِم َن الص ِاب ِر‬
‫َ َْ‬ ‫ََ َ‬ ‫َ َ ْ َ ُْ ُ‬ ‫َ‬ ‫ُْ‬ ‫َّ َ َ َ‬
‫ِإنا كذ ِل َك ن ْج ِزي اْل ْح ِس ِنين و ِإ َّن َهذا ل ُه َو ال َبالء اْل ِبين و َوفد ْين ُاه ِب ِذ ْب ٍّح َع ِظ ٍّيم و َوت َرك ِنا‬
‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫ُْ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ٌ ََ ْ َ َ َ َ‬ ‫َع َل ْيه في ْآلاخر َ‬
‫يم و كذ ِل َك ن ْج ِزي اْل ْح ِس ِنين و ِإن ُه ِم ْن ِع َب ِادنا‬ ‫ين و سالم على ِإبر ِاه ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫الص ِال ِحين و َوب َاركنا عل ْي ِه َوعلى ِإ ْسحاق َو ِمن‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْاْلُ ْؤمنين و َوبش ْرناه بإ ْسحاق نب ًّيا ّمن َّ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ِ ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِِ‬
‫ُ ٌ (‪)1‬‬ ‫ُ ّ َّ َ ُ ْ ٌ َ َ ٌ ّ َ ْ‬
‫ين﴾ ‪.‬‬ ‫ذ ِري ِت ِهما مح ِسن وظ ِالم ِلنف ِس ِه م ِب ِ‬
‫وورد في بيان من هو الذبيح في كتاب معاني ألاخبار‪:‬‬
‫(حدثنا محمد بن موس ى بن املتوكل‪ ،‬قال‪ :‬حدثنا عبد هللا بن جعفر الحميري‪ ،‬عن‬
‫أحمد بن محمد بن عيس ى‪ ،‬عن الحسن بن محبوب‪ ،‬عن داود بن كثير الرقي‪ ،‬قال‪ :‬قلت‬
‫ألبي عبد هللا‪ :‬أيهما كان أكبر‪ ،‬إسماعيل أو إسحاق؟ وأيهما كان الذبيح؟ فقال‪ :‬كان‬
‫إسماعيل أكبر من إسحاق بخمْل سنين‪ ،‬وكان الذبيح إسماعيل‪ ،‬وكانت مكة منزل‬
‫إسماعيل‪ ،‬وإنما أراد إبراهيم أن يذبح إسماعيل أيام اْلوسم بمنى‪ .‬قال‪ :‬وكان بين‬
‫بشارة هللا إلبراهيم بإسماعيل وبين بشارته بإسحاق خمْل سنين‪ ،‬أما تسمع لقول‬
‫َ‬ ‫إبراهيم ‪ ‬حيث يقول‪َ ﴿ :‬ر ّب َه ْب لي م َن َّ‬
‫ين﴾‪ ،‬إنما سأل هللا عز وجل أن‬ ‫الص ِال ِح ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫َ َ َّ ْ َ ُ ُ َ‬
‫يم﴾ شعني‬ ‫يرزقه غالماِ من الصالحين‪ ،‬وقال في سورة الصافات‪﴿ :‬فبشرناه ِبغال ٍّم ح ِل ٍّ ِ‬
‫إسماعيل من هاجر‪ ،‬فقال‪ :‬ففدي إسماعيل بكبش عظيم‪ .‬فقال أبو عبد هللا ‪:‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َْ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َّ َ‬
‫اق﴾ شعني‬ ‫ين و َو َب َاركنا َعل ْي ِه َو َعلى ِإ ْس َح ِ‬ ‫الص ِال ِح ِ‬ ‫ثم قال‪َ ﴿ :‬و َبش ْرن ُاه ِب ِإ ْس َحاق ن ِب ّيا ِّم َن َِّ‬
‫بذلك إسماعيل قبل البشارة بإسحاق‪ ،‬فمن زعم أن إسحاق أكبر من إسماعيل وأن‬
‫الذبيح إسحاق فقد كذب بما أنزل هللا عز وجل في القرآن من نبائهما)(‪.)2‬‬

‫‪ -1‬الصافات‪.112 – 12 :‬‬
‫‪ -2‬معاني األخبار‪ -‬الشيخ الصدوق‪ :‬ص‪.291‬‬
‫اصدارات انصار االاما اهمدد ‪‬‬ ‫‪021‬‬

‫وورد في بحار ألانوار‪:‬‬


‫(وروى العياش ي بإسناده عن بريد بن معاوية العجلي‪ ،‬قال‪ :‬قلت ألبي عبد هللا‬
‫‪ :‬كم كان بين بشارة إبراهيم بإسماعيل وبين بشارته بإسحاق؟ قال‪ :‬كان بين‬
‫َ َّ َ ُ َ‬
‫يم﴾ شعني إسماعيل‪،‬‬ ‫البشارتين خمْل سنين‪ ،‬قال هللا سبحانه‪﴿ :‬ف َبش ْرن ُاه ِبغال ٍّم َح ِل ٍّ ِ‬
‫وهي أول بشارة بشر هللا بها إبراهيم في الولد‪ ،‬وْلا ولد إلبراهيم إسحاق من سارة وبلغ‬
‫إسحاق ثالث سنين‪ ،‬أقبل إسماعيل إلى إسحاق وهو في حجر إبراهيم فنحاه وجلْل‬
‫في مجلسه فبصرت به سارة‪ ،‬فقالت‪ :‬يا إبراهيم‪ ،‬ينحي ابن هاجر ابني من حجرك‬
‫ويجلْل هو مكانه! ال وهللا ال يجاورني هاجر وابنها في بالد أبداِ‪ ،‬فنحهما عني‪ ،‬وكان‬
‫إبراهيم مكرماِ لسارة شعزها ويعرَ حقها‪ ،‬وذلك أنها كانت من ولد ألانبياء وبنت‬
‫خالته‪ِ.‬‬
‫فشق ذلك على إبراهيم واغتم لفراق إسماعيل‪ ،‬فلما كان في الليل أتى إبراهيم‬
‫آت من ربه فأراه الرؤيا في ذبح ابنه إسماعيل بموسم مكة‪ ،‬فأصبح إبراهيم حزيناِ‬
‫للرؤيا التي رآها‪ ،‬فلما حضر موسم ذلك العام حمل إبراهيم هاجر وإسماعيل في ذي‬
‫الحجة من أرض الشام فانطلق بهما إلى مكة ليذبحه في اْلوسم‪ ،‬فبدأ بقواعد البيت‬
‫الحرام‪ ،‬فلما رفع قواعده وخرج إلى منى حاجاِ وقض ى نسكه بمنى رجع إلى مكة‪،‬‬
‫فطافا بالبيت أسبوعاِ ثم انطلق إلى السُي‪ ،‬فلما صارا في اْلسُى قال إبراهيم‬
‫إلسماعيل‪ :‬يا بني إني أر في اْلنام أني أذبحك في اْلوسم عامي هذا‪ ،‬فماذا تر ِ؟‬
‫قال‪ :‬يا أبت افعل ما تؤمر‪ ،‬فلما فرغا من سعيهما انطلق به إبراهيم إلى منى وذلك‬
‫يوم النحر‪ ،‬فلما انتهى به إلى الجمرة الوسطى وأضجعه لجنبه ألاشسر وأخذ السكين‬
‫َ ْ َ ْ َ ُ َ ْ َ َّ ْ َ ُّ ْ‬
‫الرؤ َيا﴾ إلى آخره‪ ،‬و فدي إسماعيل‬ ‫يم و قد صدقت‬ ‫ليذبحه نودي‪﴿ :‬أن يا ِإبر ِاه ِ‬
‫بكبش عظيم‪ ،‬فذبحه وتصدق بلحمه على اْلساكين) (‪.)1‬‬

‫‪ -1‬بحار األنوار‪ :‬ج‪ 12‬ص‪.121 – 126‬‬


‫‪020‬‬ ‫شبيه عيسى أو امن هو اهمصلوب؟!‬

‫زوال البركة عن بني إسرائيل‪ِ:‬‬


‫وردت نصوص كثيرة في العهدين القديم والجديد على حد سواء تدل على زوال‬
‫البركة عن بني إسرائيل‪ ،‬واستبدال قوم آخرين بهم‪.‬‬
‫من هذه النصوص ما ورد في مالخي‪( :‬وآلان إليكم هذه الوصية أيها الكهنة‪ ،‬إن‬
‫ً‬
‫كنتم ل تسمعون ول تجعلون في القلب لتعطوا مجدا لسمي‪ ،‬قال رب الجنود‪ :‬فإني‬
‫أرسل عليكم اللعن‪ ،‬وألعن بركاتكم‪ ،‬بل قد لعنتها ألنكم لستم جاعلين في القلب‪ ،‬ها أنا‬
‫ذا أنتهر لكم الزرع‪ ،‬وأمد الفرث على وجوهكم)(‪.)1‬‬
‫هذا النص يكشف بوضوح أن اللعن يلحق بني إسرائيل إن هم عصوا هللا ولم‬
‫يمجدوه‪ ،‬بل قد تحقق اللعن‪.‬‬
‫ومثله ما ورد في إشعياء‪ 11( :‬أما أنتم الذين تركوا الرب ونسوا جبل قدس ي ورتبوا‬
‫ً‬
‫للسعد ألاكبر مائدة ومألوا للسعد ألاصغر خمرا ممزوجة ‪ 12‬فإني أعينكم للسيف‬
‫وتجثون كلكم للذبح ألني دعوت فلم تجيبوا‪ .‬تكلمت فلم تسمعوا بل عملتم الشر في‬
‫عيني واخترتم ما لم أسر به‪ 13 .‬لذلك هكذا قال السيد الرب‪ .‬هو ذا عبيدي يأكلون‬
‫وأنتم تجوعون‪ .‬هو ذا عبيدي يشربون وأنتم تعطشون‪ .‬هو ذا عبيدي يفرحون وأنتم‬
‫تخزون‪ 14 .‬هو ذا عبيدي يترنمون من طيبة القلب وأنتم تصرخون من كآبة القلب‬
‫ومن انكسار الروح تولولون‪ 15 .‬وتخلفون اسمكم لعنة ملختاري فيميتك السيد الرب‬
‫ويسمي عبيده اسما آخر‪ 16 .‬فالذي يتبرك في ألارض يتبرك بإله الحق والذي يحلف في‬
‫ألارض يحلف بإله الحق ألن الضيقات ألاولى قد نسيت وألنها استترت عن عيني ‪ 17‬ألني‬
‫ً‬
‫هأنذا خالق سماوات جديدة وأرضا جديدة فال تذكر ألاولى ول تخطر على بال)(‪.)2‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫السماوات الجديدة وألارض الجديدة ل تعني سوى أن أمة أخرى ودينا جديدا‬
‫ستأخذ مكان بني إسرائيل الذين فرطوا بفروض إلايمان والطاعة‪.‬‬

‫‪ -1‬مالخي‪.2 – 1 / 2 :‬‬
‫‪ -2‬إشعياء‪.65 :‬‬
‫اصدارات انصار االاما اهمدد ‪‬‬ ‫‪022‬‬

‫فهذا الشرط (إلايمان والطاعة) يمثل ألاساس بالنسبة لديمومة البركة والعهد‪،‬‬
‫فهذا الشرط كما يخبرنا سفر مالخي كان السبب في العهد مع لوي‪( :‬إني أرسلت إليكم‬
‫هذه الوصية‪ ،‬لكون عهدي مع لوي قال رب الجنود‪ .‬كان عهدي معه للحياة والسالم‪،‬‬
‫وأعطيته إياهما للتقوى‪ ،‬فاتقاني‪ ،‬ومن اسمي ارتاع هو‪ ،‬شريعة الحق كانت في فيه‪،‬‬
‫وإثم لم يوجد في شفتيه‪ ،‬سلك معي في السالم والاستقامة‪ ،‬وأرجع كثيرين عن إلاثم)(‪.)1‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫وهذا الشرط نجده واضحا تماما في سفر التثنية‪:‬‬
‫( انظر‪ .‬أنا واضع أمامكم اليوم بركة ولعنة‪ ،‬البركة إذا سمعتم لوصايا الرب إلهكم‬
‫التي أنا أوصيكم بها اليوم‪ ،‬واللعنة إذا لم تسمعوا لوصايا الرب إلهكم وزغتم عن‬
‫الطريق التي أنا أوصيكم بها اليوم‪ ،‬لتذهبوا وراء آلهة أخرى لم تعرفوها) (‪.)2‬‬
‫ومثله‪ ( :‬فاحفظ الوصايا والفرائض وألاحكام التي أنا أوصيك اليوم لتعملها‪ ،‬ومن‬
‫أجل أنكم تسمعون هذه ألاحكام وتحفظون وتعملونها‪ ،‬يحفظ لك الرب إلهك العهد‬
‫وإلاحسان اللذين أقسم آلبائك‪ ،‬ويحبك ويباركك ويكثرك‪ ،‬ويبارك ثمرة بطنك وثمرة‬
‫أرضك)(‪.)3‬‬
‫وكذلك‪ 1( :‬وإن سمعت سمعا لصوت الرب إلهك لتحرص أن تعمل بجميع وصاياه‬
‫التي أنا أوصيك بها اليوم يجعلك الرب إلهك مستعليا على جميع قبائل ألارض‪5 ...‬‬
‫يقيمك الرب لنفسه شعبا مقدسا كما حلف لك إذا حفظت وصايا الرب إلهك وسلكت‬
‫في طرقه‪ 15 ...‬ولكن إن لم تسمع لصوت الرب إلهك لتحرص أن تعمل بجميع وصاياه‬
‫ً‬
‫وفرائضه التي أنا أوصيك بها اليوم تأتي عليك جميع هذه اللعنات وتدركك‪ 16 .‬ملعونا‬
‫ً‬
‫تكون في املدينة وملعونا تكون في الحقل‪ 17 .‬ملعونة تكون سلتك ومعجنك‪ 18 .‬ملعونة‬
‫تكون ثمرة بطنك وثمرة أرضك نتاج بقرك وإناث غنمك‪ 15 .‬ملعونا تكون في دخولك‬
‫وملعونا تكون في خروجك‪ 22 .‬يرسل الرب عليك اللعن والاضطراب والزجر في كل ما‬
‫تمتد إليه يدك لتعمله حتى تهلك وتفنى سريعا من أجل سوء أفعالك إذ تركتني)(‪.)4‬‬

‫‪ -1‬مالخي‪.1 – 4 / 2 :‬‬
‫‪ -2‬التثنية‪.21 – 26 / 11 :‬‬
‫‪ -2‬التثنية‪.12 – 11 / 1 :‬‬
‫‪ -4‬التثنية‪.21 :‬‬
‫‪023‬‬ ‫شبيه عيسى أو امن هو اهمصلوب؟!‬

‫قد يرى القارئ أني أطلت في سرد النصوص املنذرة‪ ،‬وربما أكون فعلت‪ ،‬ولكن ليس‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫دون غاية أو هدف أبتغيه‪ .‬فالحق أن ما سردته ل يعدو عن كونه نزرا يسيرا من‬
‫ً‬
‫نصوص تثير بكثرتها العجب‪ ،‬وتدفع القارئ دفعا إلى التساؤل عن دللتها‪.‬‬
‫بالتأكيد أن كثرة هذه النصوص‪ ،‬من جهة وصراحتها الجلية من جهة أخرى تدل‬
‫على أن الحديث عن الاستبدال لم يكن الغرض منه تخويف بني إسرائيل ليستقيموا‪،‬‬
‫بل كان نبوءة بواقع ل شك في تحققه‪.‬‬
‫بل ملاذا نذهب إلى التحليل طاملا كانت النصوص هي من تصرح بهذه الحقيقة‪:‬‬
‫فعت الشجرة الوضيعة‪ ،‬وأيبستم‬ ‫وضعت الشجرة الرفيعة‪ ،‬ور م‬ ‫م‬ ‫(إني أنا الرب‪،‬‬
‫وأفرخت الشجرة اليابسة‪ ،‬أنا م‬
‫الرب تكلمت وفعلت)(‪.)1‬‬ ‫م‬ ‫الشجرة الخضراء‪،‬‬
‫وهذا هو ما قاله يوحنا املعمدان‪:‬‬
‫ً‬
‫(وفي تلك ألايام جاء يوحنا املعمدان يكرز في برية اليهودية‪ ،‬قائال توبوا ألنه قد‬
‫صوت‬ ‫ٌ‬ ‫اقترب ملكوت السماوات‪ ،‬فإن هذا هو الذي قيل عنه بإشعياء النبي القائل‬
‫صارخ في البرية أعدوا طريق الرب‪ ،‬اصنعوا مس مبله مستقيمة‪ ..‬فلما رأى كثيرين من‬ ‫ٌ‬
‫الفريسيين والصدوقيين يأتون إلى معموديته قال لهم يا أولد ألافاعي من أراكم أن‬
‫ً‬
‫تهربوا من الغضب آلاتي‪ ،‬فاصنعوا ثمارا تليق بالتوبة‪ ،‬ول تفتكروا أن تقولوا في‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫أنفسكم لنا إبراهيم أبا‪ ،‬ألني أقول لكم أن هللا قادر أن يقيم من هذه الحجارة أولدا‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫إلبراهيم‪ ،‬وآلان قد م‬
‫وضعت الفأس على أصل الشجرة فكل شجرة ل تصنع ثمرا جيدا‬
‫م‬ ‫م‬
‫تقطع وتلقى في النار)(‪.)2‬‬
‫وبعد يوحنا كرره عيس ى‪ 6( :‬وقال هذا املثل‪ .‬كانت لواحد شجرة تين مغروسة في‬
‫ً‬
‫كرمه‪ .‬فأتى يطلب فيها ثمرا ولم يجد‪ 7 .‬فقال للكرام هو ذا ثالث سنين آتي أطلب ثمرا‬
‫ً‬
‫في هذه التينة ولم أجد‪ .‬إقطعها‪ .‬ملاذا تبطل ألارض أيضا‪ 8 .‬فأجاب وقال له يا سيد‬

‫‪ -1‬حزقيال‪.22 / 11 :‬‬
‫‪ -2‬متى‪.11 – 1 / 2 :‬‬
‫اصدارات انصار االاما اهمدد ‪‬‬ ‫‪021‬‬

‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬


‫اتركها هذه السنة أيضا حتى أنقب حولها وأضع زبال‪ 5 .‬فإن صنعت ثمرا وإل ففيما بعد‬
‫تقطعها)(‪.)1‬‬
‫ول نعدو الحقيقة‪ ،‬بل نكون باألحرى قد أصبنا كبدها‪ ،‬إذا قلنا‪ :‬إن أنبياء بني‬
‫إسرائيل املتأخرين منهم على نحو الخصوص‪ ،‬ثم يوحنا وعيس ى املعمدان بنحو أخص‬
‫كانوا يمثلون الفرصة ألاخيرة التي أعطيت لبني إسرائيل‪ ،‬ولكنهم فرطوا بها فحق عليهم‬
‫القول‪ ،‬واستبدل هللا بهم أمة أخرى‪.‬‬
‫وهذا ما قاله عيس ى ‪( :‬فأجاب وقال لم أرسل إل إلى خراف بيت إسرائيل‬
‫الضالة)(‪.)2‬‬
‫ً‬
‫(‪ 5‬هؤلء إلاثنا عشر أرسلهم يسوع وأوصاهم قائال‪ .‬إلى طريق أمم ل تمضوا وإلى‬
‫مدينة للسامريين ل تدخلوا‪ 6 .‬بل اذهبوا بالحري إلى خراف بيت إسرائيل الضالة)(‪.)3‬‬

‫أمة غبية وشفة نقية‪ِ:‬‬


‫ً‬
‫وردت إشارات في العهد القديم تبين بعضا من مالمح ألامة الجديدة التي ينتقل‬
‫إليها امللكوت سنتكلم هنا عن إشارتين منها‪ ،‬وكما يلي‪:‬‬
‫(فرأى الرب ورذل من الغيظ بنيه وبناته وقال‪ :‬أحجب وجهي عنهم وانظر ماذا‬
‫ً‬
‫تكون آخرتهم إنهم جيل متقلب أولد ل أمانة فيهم هم أغاروني بما ليس إلها أغاظوني‬
‫ً‬
‫بأباطيلهم فأنا أغيرهم بما ليس شعبا بأمة جاهلة أغيظهم)(‪.)4‬‬
‫إذن سينتقل امللكوت إلى أمة أخرى غير بني إسرائيل‪ ،‬أمة موصوفة بأنها جاهلة‬
‫ً‬
‫وليست َب ْع مد شعبا‪ ،‬وهذه الحقيقة يعبر عنها كذلك ما ورد في سفر أشعياء‪ 12( :‬ألنه أمر‬
‫على أمر‪ .‬أمر على أمر‪ .‬فرض على فرض‪ .‬فرض على فرض‪ .‬هنا قليل هناك قليل ‪ 11‬إنه‬
‫بشفة لكناء وبلسان آخر يكلم هذا الشعب)(‪.)5‬‬

‫‪ -1‬لوقا‪.12 :‬‬
‫‪ -2‬متى‪.24 /15 :‬‬
‫‪ -2‬متى‪.12:‬‬
‫‪ -4‬تثنية‪.21 – 19 / 22:‬‬
‫‪ -5‬إشعياء‪.21 :‬‬
‫‪025‬‬ ‫شبيه عيسى أو امن هو اهمصلوب؟!‬

‫أحول الشعوب إلى شفة نقية‪ ،‬ليدعو كلهم باسم‬ ‫ألنى حينئذ ِ‬ ‫وفي سفر صفنيا‪ِ ( :‬‬
‫الرب‪ ،‬ليعبدوه بكتف واحدة)(‪.)1‬‬
‫ً‬
‫إن التحويل أو التبديل الذي يترتب على سخط هللا يعني بالضرورة أن شعبا آخر‬
‫غير الشعب إلاسرائيلي سيكون محل رحمة وبركة هللا تعالى‪.‬‬
‫وهذه الحقيقة هي ما عبر عنها بولس بقوله‪( :‬لكني أقول‪ :‬ألعل إسرائيل لم يعلم‬
‫ً‬
‫أول موس ى يقول أنا أغيركم بما ليس أمة بأمة غبية أغيظكم ثم إشعياء يتجاسر ويقول‪:‬‬
‫ً‬
‫وجدت من الذين لم يطلبوني وصرت ظاهرا للذين لم يسألوا عني أما من جهة إسرائيل‬
‫فيقول‪ :‬طول النهار بسطت يدي إلى شعب معاند ومقاوم)(‪.)2‬‬
‫وجاء في الرسالة ألاولى إلى أهل كورنثوس‪( :‬مكتوب في الناموس أني بذوي ألسنة‬
‫أخرى وبشفاة أخرى سأكلم هذا الشعب ول هكذا يسمعون لي‪ ،‬يقول الرب)(‪.)3‬‬
‫ْ‬
‫هللا مين َز مع‬ ‫ثم أليس هذا هو ما قاله عيس ى ‪ 43( :‬لذل َك َأ مقو مل َل مك ْم‪ :‬إ َّن َم َل مك َ‬
‫وت‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫َْ‬ ‫َ م َ‬ ‫م‬
‫ِم ْنك ْم َو مي ْعطى أل َّم ٍة ت ْع َم مل أث َما َر مه)(‪.)4‬‬
‫لبد أن نفهم آلان ما هو املقصود من الشفة النقية؟ إن القدر املتيقن ‪ -‬ول نريد‬
‫هنا أن نتكهن ونرجم بالغيب ‪ -‬هو لغة أخرى وبالنتيجة أمة أخرى غير بني إسرائيل؛ ألنه‬
‫ً‬
‫طاملا كان التهديد موجها لبني إسرائيل‪ ،‬فاملهدد به لبد أن يكون سواهم‪.‬‬
‫أما ألامة الغبية‪ ،‬فاملسيحيون يقولون إن املقصود بها هي ألامم التي تم نشر‬
‫املسيحية في ربوعها‪.‬‬

‫ويرد عليهم‪:‬‬
‫‪ -1‬إن النصوص تحدثت عن أمة معينة ل عن أمم متعددة‪.‬‬

‫‪ -1‬صفنيا‪.9 / 2:‬‬
‫‪ -2‬رومية‪.21 – 12 / 12:‬‬
‫‪ -2‬كورنثوس‪.21 / 14 :‬‬
‫‪ -4‬متى‪.42 / 21 :‬‬
‫اصدارات انصار االاما اهمدد ‪‬‬ ‫‪026‬‬

‫‪ -2‬إن ألامة التي ينتقل لها امللكوت لبد أن تكون مشمولة بالعهد والبركة‪ ،‬وهما‬
‫منحصران في ذرية إبراهيم ‪ ‬وفي إسماعيل وإسحق على وجه الخصوص‪ ،‬فاألمة التي‬
‫ينتقل لها امللكوت لبد أن تكون إسماعيلية‪ ،‬بعد تجريد بني إسرائيل من البركة‪.‬‬
‫‪ -3‬إن عالمة العهد هي الختان وألامم التي تم تبشيرها بامللكوت تم استثناؤهم من‬
‫مسألة الختان كما هو معروف‪.‬‬
‫ً‬
‫‪ - 4‬النصوص تحدثت عن أمة أو شعب غير منظم (بما ليس شعبا كما في سفر‬
‫م‬
‫التثنية‪ ،)21-15 :32‬وهذا ل يتناسب مع الرومان واليونانيين الذين نشرت فيهم‬
‫املسيحية‪ ،‬بل ل يتناسب إل مع العرب الذين لم يكونوا منتظمين في إطار دولة‪.‬‬
‫‪ - 5‬ل يصح وصف اليونانيين ول الرومان باألمة الغبية‪ ،‬فلقد كانوا أهل حضارة‬
‫مادية ل يمكن مقارنتها بحال العرب بأية حال‪ .‬وإذا قيل إن املراد هو أنهم وثنيون‬
‫فالعرب كانوا كذلك‪.‬‬
‫‪ -6‬ل يحق للمسيحيين الادعاء بأن امللكوت قد انتقل لهم؛ ألنهم بذلك يناقضون‬
‫أنفسهم‪ ،‬فالصالة التي علمهم عيس ى تشهد بأن عليهم أن يعتقدوا أن امللكوت لم يأت‬
‫الس َم َاوات‪ ،‬ل َي َت َق َّدس ْ‬
‫اس مم َك‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ص َّل ْي مت ْم َف مق مولوا‪َ :‬أ َب َانا َّال ِذي في َّ‬
‫ال َل مه ْم‪َ « :‬م َتى َ‬
‫بعد‪َ 2( :‬ف َق َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َّ َ َ َ َ َ َ‬
‫ألا ْ ض‪ 3 .‬مخ ْب َزَنا َك َف َاف َنا َأ ْعطناَ‬ ‫ى‬ ‫ل‬ ‫ع‬ ‫ك‬‫ذل‬ ‫ك‬ ‫اء‬ ‫م‬ ‫الس‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫ا‬‫م‬‫َ‬ ‫َْ ََ م م َ َ م ْ َ َم َ َ‬
‫ك‬ ‫ِليأ ِت ملكوتك‪ِ ،‬لتكن م ِشيئتك‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ر‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫َ ْ ْ َ َ َ َ َ َ َ َّ َ َ ْ م َ ْ ً َ ْ م م َ ْ م ْ م َ ْ َ َ َ م ْ َْ‬ ‫م‬
‫ك َّل َي ْو ٍم‪ 4 ،‬واغ ِفر لنا خطايانا ألننا نحن أيضا نغ ِفر ِلك ِل من يذ ِنب ِإلينا‪ ،‬ول تد ِخلنا ِفي‬
‫الش ِر ِير)(‪.)1‬‬ ‫ْ َ َ َ‬ ‫َ ْ َ‬
‫تج ِرب ٍة ِلكن ن ِجنا ِمن ِ‬

‫‪ -1‬لوقا‪.11 :‬‬
‫‪027‬‬ ‫شبيه عيسى أو امن هو اهمصلوب؟!‬

‫نبي أرض فاران‪ِ:‬‬


‫هللا َبني إ ْس َرا ِئ َ‬ ‫َ ْ َ َ َ م َّ َ َ َ َ م َ َ م م‬ ‫َ‬
‫يل‬ ‫ورد فيَ سفر التثنية‪( :‬ه ِذ ِه ِهي َ البركة ال ِتي بارك ِبها موس َى رجل ِ ِ ِ‬
‫َ‬ ‫َ َّ‬
‫اع َير َوتأل َق ِفي َج َب ِل فا َر َان َج َاء‬ ‫َ َ َ ْ َ ََ ْ ْ َ‬ ‫ْ‬ ‫َق ْب َل َم ْو ِت ِه أ ْق َب َل َّ‬
‫الر ُّب ِمن ِسيناء وأش َرف عل ْي ِهم ِمن س ِ‬
‫ً َ‬
‫مم َحاطا ِب َعشرة آلف من الرجال القديسين)(‪.)1‬‬
‫وفي ترجمة أخرى‪( :‬و تألأل من جبل فاران و أتى من ربوات القدس و عن يمينه نار‬
‫شريعة لهم)‪.‬‬
‫هذا النص يضعنا أمام نبوات أو رسالت ثالثة؛ أولها تشرق في سيناء‪ ،‬والثانية في‬
‫ساعير‪ ،‬والثالثة في فاران‪.‬‬
‫وقد سبق أن تحدثنا عن هذا النص فيما تقدم‪ ،‬ما يهمنا آلان هو الحديث عن‬
‫النبوة الثالثة التي تنطلق من فاران‪ ،‬والنتيجة التي نريد التوصل إليها هي أن املقصود‬
‫من فاران هو مكة‪ ،‬والنبوة هي نبوة رسول هللا محمد بن عبد هللا ‪.‬‬
‫إن محل النزاع كما هو معلوم يتحدد ببيان املراد من (فاران) فهل هي مكة‪ ،‬أم‬
‫مكان آخر يقع في أرض سيناء؟‬
‫وعلى الرغم من أنني ل أريد استعجال الوصول إلى النتيجة‪ ،‬إل أنه ل بأس بقول‬
‫ً‬
‫كلمة برجاء أن تكون محفزا ملزيد من اهتمام القارئ‪ ،‬وهي أن النص نفسه يذكر سيناء‬
‫ثم يذكر ساعير ومن بعدها فاران‪ ،‬ألامر الذي يشير بال شك إلى أن هذه مواضع ثالثة‬
‫مختلفة‪ ،‬وإن فاران بالنتيجة ليست في سيناء كما ذهب إليه البعض‪.‬‬
‫ً‬
‫لنتذكر أول أن فاران هي البرية التي سكنها إسماعيل وأمه هاجر كما ورد في سفر‬
‫التكوين‪:‬‬
‫(‪ 17‬فسمع هللا صوت الغالم‪ .‬ونادى مالك هللا هاجر من السماء وقال لها مالك يا‬
‫هاجر‪ .‬ل تخافي ألن هللا قد سمع لصوت الغالم حيث هو‪ 18 .‬قومي احملي الغالم‬
‫وشدي يدك به‪ .‬ألني سأجعله أمة عظيمة‪ 15 .‬وفتح هللا عينيها فأبصرت بئر ماء‪.‬‬

‫‪ -1‬التثنية‪.22 / 1 :‬‬
‫اصدارات انصار االاما اهمدد ‪‬‬ ‫‪029‬‬

‫فذهبت ومألت القربة ماء وسقت الغالم‪ 22 .‬وكان هللا مع الغالم فكبر‪ .‬وسكن في البرية‬
‫وكان ينمو رامي قوس‪ 21 .‬وسكن في برية فاران)(‪.)1‬‬
‫ولو تحرينا عن املوضع الذي سكنه إسماعيل وذريته بدقة أكبر ألسعفنا سفر‬
‫التكوين بالنص التالي‪( :‬وهذه أسماء بني إسماعيل بأسمائهم حسب مواليدهم‪ :‬نبايوت‬
‫بكر إسماعيل‪ ،‬وقيدار وأدبئيل ومبسام ومشماع ودومة ومسا وحدار وتيما ويطور‬
‫ونافيش وقدمة‪ ،‬هؤلء بنو إسماعيل وهذه أسماؤهم بديارهم وحصونهم اثن عشر‬
‫رئيسا حسب قبائلهم‪ ،‬وهذه سن حياة إسماعيل مائة وسبع وثالثون سنة وأسلم روحه‬
‫ومات وأنضم إلى قومه‪ ،‬وسكنوا من حويلة إلى شور التي أمام مصر حينما تجيء نحو‬
‫آشور)(‪.)2‬‬
‫ولنتذكر إن هاجر سلكت الطريق املتجهة لشور‪:‬‬
‫الرب َع َلى َع ْين ْاملَاء في ْال َبرَّية‪َ ،‬على ال َع ْين التي في طريق مش َ‬
‫ور)(‪.)3‬‬
‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫(‪َ 7‬ف َو َج َد َها َم َال مك َّ‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫إذن منطقة سكن أبناء إسماعيل هي املنطقة املمتدة بين حويلة و شور‪ ،‬وقد حدد‬
‫النص موضع شور في شمال الجزيرة العربية قبالة مصر‪ ،‬في الطريق بين مصر والعراق‬
‫ً‬
‫(آشور)‪ ،‬وأما حويلة فقد ورد ذكرها في سفر التكوين اسما ألحد أبناء يقطان (قحطان)‬
‫َ‬
‫أبي اليمنيين من العرب‪( :‬ويقطان َولد املوداد وشالف وحضرموت ويارح وحادورام‬
‫وأوزال ودقلة وعوبال وأبيمايل وشبأ وأوفير وحويلة ويوباب‪ ،‬جميع هؤلء بنو يقطان‪،‬‬
‫وكان مسكنهم من ميشا حينما تجئ نحو سفار (صفر) جبل املشرق)(‪.)4‬‬
‫ومعلوم أن أسماء سبأ وحضرموت وآزال (الاسم القديم ملدينة صنعاء‪ ،‬والذي‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫مازال مشهورا ومتداول حتى آلان بمدينة صنعاء) وصليف (شالف) ودقلة وجباب‬
‫(جبوب منطقة بـ (إب) ضمن منطقة ذي السفال في اليمن) وصفار (صافر موقع‬
‫ً‬
‫استخراج للبترول حاليا) وأوبال (منطقة على طريق صنعاء ‪ -‬الحديدة‪82 ،‬ا كم صنعاء‪،‬‬
‫من بعد الحيمة) وجيرة (قرية بحجة باليمن) وحظور (منطقة جنوب صنعاء بحوالي‬

‫‪ -1‬التكوين‪.21 :‬‬
‫‪ -2‬التكوين‪.11 – 12 / 25 :‬‬
‫‪ -2‬تكوين‪.16 :‬‬
‫‪ -4‬التكوين‪.26 :12‬‬
‫‪028‬‬ ‫شبيه عيسى أو امن هو اهمصلوب؟!‬

‫‪22‬كم) وغيرها‪ ،‬كلها أسماء ملواضع معروفة باليمن حتى الوقت الحاضر‪ .‬إذن حويلة ل‬
‫بد أن تكون واقعة في بالد اليمن حيث أقام القحطانيون (اليقطانيون)‪ ،‬والواقع أن‬
‫ً‬
‫موضعها لزال موجودا حتى الوقت الحاضر‪ ،‬وبهذا الاسم في منطقة ضمن منطقة‬
‫الحيمة الداخلية‪ .‬وهذا في الواقع ما يعرفه املطلعون‪ ،‬فقد جاء في معجم الكتاب‬
‫املقدس ويكليف ‪ :Wyclieffe Bible Dictionary‬أن معظم الباحثين ‪most authorities‬‬
‫يقررون أن حويلة بوسط العربية بشمال اليمن‪ ،‬وذلك لرتباط ذكرها مع حضرموت‬
‫وسبأ وأجزاء من جنوب العربية في سفر التكوين‪ 26( :‬ويقطان ولد أملوداد وشالف‬
‫وحضرموت ويارح ‪ 27‬وهلورام وأوزال ودقلة ‪ 28‬وعويال وأبيمايل وشبا ‪ 25‬وأوفير‬
‫وحويلة ويوباب‪ .‬جميع هؤلء بنو يقطان)(‪.)2( ،)1‬‬
‫ً‬
‫إذن تكون منطقة انتشار أبناء إسماعيل طبقا للعهد القديم هي املنطقة املمتدة‬
‫بين اليمن (حيث تقع حويلة)‪ ،‬أو من شمال عسير التي هي امتداد ملناطق القحطانين‬
‫باليمن إلى جنوب ألاردن (حيث يغلب وجود شور كما يفهم من النص أعاله)‪.‬‬
‫وعليه تكون فاران واقعة ضمن املنطقة التي كانت وما تزال تدعى منطقة الحجاز‪،‬‬
‫ومركز هذه املنطقة هي مدينة مكة كما هو معلوم(‪.)3‬‬
‫وورد في قاموس الكتاب املقدس‪( :‬حويلة‪ :‬اسم سامي معناه (رملية) قارن العبرية‪،‬‬
‫حول (رمل)‪ )1( .‬رجل من بني كوش (تك ‪ )2( .)7 :12‬رجل من بني يقطان (تك ‪.)25 :12‬‬
‫(‪ )3‬مقاطعة في بالد العرب‪ ،‬يسكن بعضها الكوشيون ويسكن البعض آلاخر‬
‫اليقطانيون‪ ،‬وهم شعب سامي (تكوين ‪ 7 :12‬و ‪ 25‬و ‪ 1‬أخبار ‪ 5 :1‬و ‪ .)23‬والصلة بين‬
‫حويلة وحضرموت وأماكن أخرى تشير إلى موقع في وسط البالد العربية أو جنوبها‪ .‬وفي‬
‫حويلة نهر قيشون‪ ،‬واملنطقة غنية بالذهب واملقل ‪ -‬وهو صمغ عطري طبي‪ ،‬وألاحجار‬
‫الكريمة (تكوين ‪ 11 :2‬و ‪ .)12‬ويفضل البعض أن يحققها بمنطقة خولن في القسم‬

‫‪ -1‬التكوين‪.12 :‬‬
‫‪ -‬د نصر هللا عبد الرحمن أبو طالب‪ :‬ص‪.261‬‬ ‫‪ -2‬تباشير التوراة واإلنجيل باإلسالم ورسوله محمد‬
‫د نصر هللا عبد الرحمن أبو طالب‪ :‬ص‪261‬وما‬ ‫‪ -2‬انظر‪ :‬تباشير اإلنجيل والتوراة باإلسالم ورسوله محمد‬
‫بعدها‪.‬‬
‫اصدارات انصار االاما اهمدد ‪‬‬ ‫‪031‬‬

‫ً‬
‫الغربي من بالد العرب شمالي اليمن‪ .‬ول يعرف إلى أي حد كانت تمتد الحويلة شمال‪،‬‬
‫ً‬
‫ومن قصة محاربة شاول مع العمالقة قد نستنتج أن قسما من الصحراء العربية يمتد‬
‫عدة مئات ألاميال شمال اليمامة ويحمل اسم حويلة (‪ 1‬صموئيل ‪ 7 :15‬وقارن تكوين‬
‫‪.)1())18 :25‬‬
‫وجاء في دائرة معارف زندرفان ألامريكية للكتاب املقدس َّأن معظم املخطوطات‬
‫القديمة تضع موقع حويلة في الجزء الغربي من شبه الجزيرة العربية شمالي اليمن(‪.)2‬‬
‫ويقول صاحب كتاب نبي أرض الجنوب‪( :‬أذكر هنا ملن أراد البحث والتنقيب ورائي‬
‫ً‬
‫َّأن هناك نسخا عربية قديمة قد جاءت فيها الكلمات العربية صريحة‪ ،‬منها على سبيل‬
‫املثال نسخة سعادية وهي التي قام بترجمتها إلى العربية الحبر اليهودي املصري الفيومي‬
‫سعادية بن يوسف (‪ 542 - 852‬م) املوافق (‪ 331 - 265‬هـ) والتي كانت الترجمة‬
‫القياسية لكل يهود ألاقطار العربية كما قالت دائرة املعارف البريطانية‪ .‬هذه النسخة‬
‫طبعت ألول مرة بحروف عبرية في باريس سنة ‪1853‬م ثم في القدس في سنة ‪1521‬م‪.‬‬
‫تقول كال املوسوعتين اليهودية والبريطانية َّأن هذه النسخة العربية سعادية قد‬
‫بدل من العبرية‪ ،‬مثل‪َ :‬مكة قبال َّ‬ ‫ً‬
‫القبلة قبال‬
‫مسا‪ .‬وبالد ِ‬ ‫جاءت فيها ألاسماء العربية‬
‫أرض الجنوب (هـ نجب)‪ .‬والحجاز قبالة شور و‪ ...‬ال ‪.‬‬
‫ً‬
‫وهذا مما تميزت به ترجمة سعادية دون سواها من الترجمات الالحقة ‪ ..‬نقال عن‬
‫املوسوعة البريطانية‪.)3()saadia ben josef( 743pp 11Enc. Brit. mic.vol v( :‬‬
‫ورد في سفر التكوين‪( :‬لنسلك أعطى هذه ألارض من نهر مصر إلى النهر الكبير نهر‬
‫الفرات‪ .‬الفينيقيين والقتريين والقدمونيين والحيثيين والفرزيين والرفائيين وألاموريين‬
‫والكنعانيين والجرجاثيين واليبوسيين)(‪ .)4‬وهذه ألارض لم يمتلكها بنو إسرائيل من نسل‬
‫إسحاق في أي يوم من ألايام‪ .‬وإنما امتلكها العرب من نسل إسماعيل‪.‬‬

‫‪ -1‬قاموس الكتاب المقدس ‪ -‬مجمع الكنائس الشرقية‪ :‬ص‪.222 – 229‬‬


‫‪ -2‬نبي أرض الجنوب ‪ -‬جمال الدين شرقاوي‪ :‬ص‪.12‬‬
‫‪ -2‬نبي أرض الجنوب ‪ -‬جمال الدين شرقاوي‪ :‬ص‪.129‬‬
‫‪ -4‬التكوين‪.19 – 11 / 15 :‬‬
‫‪030‬‬ ‫شبيه عيسى أو امن هو اهمصلوب؟!‬

‫يعود بنسبه إلى جده‬ ‫ومن املعلوم الذي ل مينكر في التاريخ أن الرسول‬
‫إسماعيل ‪.‬‬
‫ورد في كتاب الخصال‪ِ:‬‬
‫(حدثنا علي بن الحسن بن علي بن فضال‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬قال‪ :‬سألت أبا الحسن علي ‪-‬‬
‫ابن موس ى الرضا (عليهما السالم) ‪ -‬عن معنى قول النبي ‪ :‬أنا ابن الذبيحين‪ ،‬قال‪:‬‬
‫شعني إسماعيل ابن إبراهيم الخليل (عليهما السالم) وعبد هللا بن عبد اْلطلب)(‪ِ.)1‬‬
‫ومن الحقائق القطعية التي كانت محور تأريخ العرب‪ ،‬والتي على أساسها قامت‬
‫حياتهم الاجتماعية في سلمهم وحربهم‪ ،‬وأكدها علم ألانساب لديهم كأساس ل يقبل‬
‫التشكيك هي حقيقة أن إسماعيل ‪ ‬عاش مع والدته بمكة املكرمة وأنهما أول من‬
‫استوطناها‪ ،‬وأن قبيلة قريش تميزت عن باقي العرب بانتسابها إليه ‪ .‬ول يجادل أهل‬
‫الكتاب في حقيقة أن إسماعيل‪ ‬هو أبو مجموعة كبيرة من القبائل العربية‪ ،‬ول أن‬
‫الرسول صلى هللا عليه وسلم كان من أبنائه‪ .‬وعلى هذا فإن فاران يجب أن تكون مكة؛‬
‫ألن الدليل التاريخي قد جزم بسكنى إسماعيل في مكة‪ ،‬والتوراة تسمي موضع سكنه‬
‫فاران‪ .‬فوجب أن تكون فاران هي مكة‪ .‬وقد ورد فيما ذكره املؤرخون املسلمون أن اسم‬
‫فاران منسوب إلى بعض العمالقة الذين سكنوا بمكة‪ ،‬وأنه أحد ألاسماء التاريخية ملكة‬
‫(‪.)2‬‬
‫ً‬
‫يقول شموئيل بن يهوذا بن أيوب اليهودي الذي أسلم تعليقا على هذا النص‪( :‬وفي‬
‫إلاشارة إلى هذه ألاماكن الثالثة التي كانت مقام نبوة هؤلء ألانبياء للعقالء أن يبحثوا‬
‫عن تأويله املؤدي إلى ألامر بإتباع مقالتهم‪ .‬فأما الدليل الواضح من التوراة على أن جبل‬
‫فاران هو جبل مكة فهو‪ :‬إن إسماعيل ملا فارق أباه الخليل (عليهما السالم) سكن‬
‫إسماعيل في برية فاران ونطقت التوراة بذلك‪( :‬وأقام في برية فاران وانكحنه أمه امرأة‬
‫من ارض مصر)(‪ ،)3‬فقد ثبت من التوراة أن جبل فاران سكن آلل إسماعيل‪ .‬وإذا كانت‬

‫‪ -1‬الخصال‪ :‬ص‪.56 – 55‬‬


‫‪ :‬ص‪.262‬‬ ‫‪ -2‬تباشير اإلنجيل والتوراة باإلسالم ورسوله محمد‬
‫‪ -2‬تكوين ‪.21 :21‬‬
‫اصدارات انصار االاما اهمدد ‪‬‬ ‫‪032‬‬

‫التوراة قد أشارت في آلاية التي تقدم ذكرها إلى نبوة تنزل على جبل فاران‪ ،‬لزم أن تلك‬
‫النبوة على آل إسماعيل؛ ألنهم سكان فاران)(‪.)1‬‬
‫ويقول كاظم النصيري‪( :‬ومما يجدر ذكره ‪ -‬هنا ‪ -‬أن املؤرخ ألارمني سبيوس ‪Debeos‬‬
‫وهو من رجال القرن السابع للميالد‪ ،‬من أوائل املؤرخين الذين أشاروا إلى الرسول‪ ،‬وقد‬
‫ً‬
‫ذكر‪ :‬أن محمدا كان من (إلاسماعيليين) (‪ ،)Lshmaelites‬وقد أنذر قومه بالعودة إلى‬
‫دين آبائهم (إبراهيم ‪ )Abraham‬ووعدهم بالفوز)(‪.)2‬‬
‫وجدير بالذكر إنه قد ورد في املزامير‪:‬‬
‫َ َّ َ ْ‬
‫الر ِب‪ .‬قل ِبي‬
‫َ‬ ‫َ م َ‬ ‫(‪َ 1‬ما َأ ْح َلى َم َساك َن َك َيا َ َّب ْال مج منود! ‪َ 2‬ت ْش َت م‬
‫اق َب ْل ت متوق ن ْف ِس ي ِإلى ِدي ِار‬ ‫ِ‬ ‫ر‬ ‫ِ‬
‫ْ م ْ م م َ ْ ً َ َ َ َ ْ ً َ ُّ م َ م م ً َ ْ َ َ ْ م‬ ‫َْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫اإل ِله الح ِي‪ 3 .‬العصفور أيضا وجد بيتا‪ ،‬والسنونة عشا ِلنف ِسها حيث‬ ‫ِ‬ ‫َول ْح ِمي َي ْه ِتف ِان ِب‬
‫َ‬ ‫ود‪َ ،‬م ِل ِكي َوإلهي‪ 4 .‬مط َوبى ِل َّ‬ ‫َ َم ََْ َ‬
‫اخ َها‪َ ،‬م َذاب َح َك َيا َ َّب ْال مج م‬
‫لس ِاك ِن َين ِفي َب ْي ِت َك‪ ،‬أ َب ًدا‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ن‬ ‫ر‬ ‫ِ‬ ‫تضع أفر‬
‫َْ‬ ‫َ‬
‫مي َس ِب محون َك‪ِ .‬ساله‪.‬‬
‫ْ َ‬
‫ين ِفي َو ِادي ال مبك ِاء‪،‬‬ ‫‪ 5‬مط َوبى مأل َناس ع ُّز مه ْم ب َك‪ .‬مط مر مق َب ْيت َك في مق ملوبه ْم‪َ 6 .‬عابر َ‬
‫ِِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ ِ‬
‫َ‬ ‫َّ‬ ‫م َ م َ م َ ْ م ً َ ْ ً َ َ َ م َ ُّ َ م َ َ َ ْ َ م َ ْ م َّ َ م َّ م َ ْ َ م‬
‫ات يغطون مورة‪ 7 .‬يذهبون ِمن قو ٍة ِإلى قو ٍة‪ .‬يرون قدام ِ‬
‫هللا‬ ‫يص ِيرونه ينبوعا‪ .‬أيضا ِببرك ٍ‬
‫َ‬
‫ِفي ِص ْه َي ْون)(‪.)3‬‬
‫وعبارة (وادي البكاء) هي ترجمة لسم مكان‪ ،‬وحيث إن ألاسماء ل تترجم فقد‬
‫وردت في الترجمات الانكليزية للعهد القديم هكذا‪:‬‬
‫)‪ )THE Valley Of Baca‬أي وادي بكة (‪.)4‬‬
‫وبكة هي مكة املكرمة‪ ،‬كما ورد في القرآن الكريم‪﴿ :‬إن أول بيت وضع للناس‬
‫للذي ببكة مباركا وهد ورحمة﴾(‪.)5‬‬
‫لكن علماء الكتاب املقدس لن يسلموا لنا بأن املقصود من وادي البكاء وادي مكة‬
‫(بكة)‪ ،‬فقد أحالوا وادي البكاء من اسم جغرافي إلى فكرة تجريدية‪ ،‬لن تستطيع أن‬

‫‪ -1‬بذل المجهود في افحام اليهود نقالً عن‪ :‬البشارة بني اإلسالم في التوراة واإلنجيل ‪ -‬د أحمد حجازي السقا‪ :‬ج‪1‬‬
‫ص‪.262‬‬
‫في الكتاب المقدس ‪ -‬كاظم النصيري‪ :‬ص‪.62‬‬ ‫‪ -2‬أهل البيت‬
‫‪ -2‬مزمور‪.14 :‬‬
‫‪ -4‬انظر محمد في الترجوم والتلمود والتوراة ‪ -‬هشام محمد طلبة‪ :‬ص‪.114 – 112‬‬
‫‪ -5‬آل عمران‪.96 :‬‬
‫‪033‬‬ ‫شبيه عيسى أو امن هو اهمصلوب؟!‬

‫ً‬
‫تعرف لها مكانا على الخارطة‪ ،‬فقالوا‪( :‬أما وادي البكاء املذكور في (املزمور ‪ )6 :84‬فربما‬
‫ً‬
‫يكون بقعة جغرافية‪ .‬ولكن يرجح أنه مجرد فكرة تحمل معنى عميقا‪ ،‬فإن أولئك الذين‬
‫لهم اختبار طيب مع الرب‪ ،‬بنعمته تتحول املآس ي في حياتهم إلى أفراح)(‪.)1‬‬
‫لكن ترجمات عربية وعاملية تخلصت من اسم (بكا ووادي البكاء)‪ ،‬واستبدلتها‬
‫بكلمة (وادي البلسان) كما في ترجمة الرهبانية اليسوعية وغيرها‪ ،‬وقد اعتمدوا في ذلك‬
‫على مخطوطات قديمة‪ ،‬كما يقولون‪.‬‬
‫ً‬
‫يقول آلاباء اليسوعيون في نسخة الرهبانية اليسوعية تعليقا على استخدامهم‬
‫لفظة (وادي البلسان)‪( :‬في الترجمات القديمة وفي بعض املخطوطات "وادي البكاء"‪،‬‬
‫ولفظ الكلمتين واحد)(‪.)2‬‬
‫ورغم ما يكتنف تغيير اسم (بكا) إلى (البكاء والبلسان) من تحريف متعمد‪ ،‬فإن‬
‫ثمة دللة واضحة يمكن اقتناصها من كال الكلمتين‪( :‬البكاء والبلسان) الالئي درجت‬
‫النس والتراجم على استعمالهما‪ ،‬فكالهما يدل على مكة املكرمة دون غيرها‪ .‬فإن بكا‬
‫سميت كذلك نسبة إلى شجر البلسان الذي يخرج منه مادة صمغية تشبه دموع البكاء‪،‬‬
‫م‬
‫وهو شجر ينبت ‪ -‬حسب اعتراف علماء الكتاب املقدس ‪ -‬في مكة املكرمة‪ ،‬يقول كتاب‬
‫قاموس الكتاب املقدس عن أشجار البكا‪( :‬ربما يقصد به شجر البلسم أو ما يشبهه‪.‬‬
‫ففي بالد العرب‪ ،‬قرب مكة شجر بهذا الاسم‪ ،‬يشبه شجر البلسم أو البلسان‪ ،‬وله‬
‫البكا نسبة ألن تلك ألاشجار تنضج بالصموغ‪ ،‬أو‬ ‫عصارة بيضاء لسعة‪ ،‬وقد سمى شجر م‬
‫نسبة لقطرات الندى التي تقع عليه)(‪.)3‬‬
‫ً‬
‫وتزيدنا دائرة املعارف الكتابية يقينا بأن وادي البلسان هو وادي مكة املكرمة‪،‬‬
‫فتقول‪( :‬أما البلسان الحقيقي الذي ذكره املؤلفون القدماء فهو (بلسم مكة) الذي‬
‫ً‬
‫مازالت مصر تستورده من شبه الجزيرة العربية ‪ -‬كما كان ألامر قديما ‪ -‬وهو عصير‬
‫ً‬
‫الشجرة املعروفة علميا باسم (‪ )Balsamo Dendron Apabatsmum‬والتي تنمو في جنوب‬

‫‪ -1‬انظر دائرة المعارف الكتابية‪ ،111 / 2 :‬وقاموس الكتاب المقدس‪ :‬ص‪.521‬‬


‫‪ -2‬وفي قاموس الكتاب المقدس ورد أن "كلمة ‪( Baca‬بكا) قد تعني بلسان"‪ .‬انظر‪ :‬ص‪.111‬‬
‫‪ -2‬قاموس الكتاب المقدس‪ :‬ص ‪ ،521‬وانظر دائرة المعارف الكتابية‪.111 / 2 :‬‬
‫اصدارات انصار االاما اهمدد ‪‬‬ ‫‪031‬‬

‫الجزيرة العربية وفي الحبشة‪ ،‬وهي شجرة صغيرة غير منتظمة الشكل‪ ،‬قشرتها ضاربة إلى‬
‫الصفرة في لون شجرة الدلب)(‪.)1‬‬
‫ً‬
‫وبربط ما تقدم بمسألة الذبح‪ ،‬نتذكر أول مع الدكتور حجازي أن أورشليم كانت‬
‫منطقة مأهولة باليبوسيين (قبيلة كنعانية) وقت إبراهيم ‪ ،‬ولم تصل إلى أيدي بني‬
‫إسرائيل إل بعصر داود ‪ ،‬ألامر الذي يقلل من احتمال أن ميقدم إبراهيم ‪ ‬على‬
‫مشروع ذبح ابنه بمكان معمور بقلب أورشليم القديمة (‪.)2‬‬
‫حري بنا آلان أن نستعيد ما ورد في سفر التكوين‪:‬‬
‫يم!‪َ .‬ف َق َ‬ ‫ال َل مه‪َ :‬يا إ ْب َراه م‬ ‫يم‪َ ،‬ف َق َ‬ ‫هللا ْام َت َح َن إ ْب َراه َ‬ ‫ألا ممور َأ َّن َ‬ ‫م‬ ‫َ َ َ َ ََْ‬
‫ال‪:‬‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫هذ ِه‬ ‫(‪ 1‬وحدث بعد ِ‬
‫ض امل ِرَّيا‪،‬‬
‫ْم‬
‫ر‬ ‫اق‪َ ،‬و ْاذ َه ْب إ َلى َأ ْ‬ ‫يد َك‪َّ ،‬الذي متح ُّب مه‪ ،‬إ ْس َح َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ال‪ :‬مخذ ْاب َن َك َوح َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫هأ َن َذا‪َ 2 .‬ف َق َ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ص َباح ًا َو َشدَّ‬ ‫يم َ‬ ‫اك مم ْح َر َق ًة َع َلى َأ َح ِد ْالج َبال َّال ِذي َأ مقو مل َل َك‪َ 3 .‬ف َب َّك َر إ ْب َراه م‬ ‫صع ْد مه مه َن َ‬ ‫َو َأ ْ‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫اق ْاب َن مه‪َ ،‬و َش َّق َق َح َطب ًا ملم ْح َر َق ٍة‪َ ،‬و َقامَ‬ ‫َع َلى ح َما ه‪َ ،‬و َأ َخ َذ ْاث َن ْين م ْن غ ْل َمانه َم َع مه‪َ ،‬وإ ْس َح َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ ِِ‬ ‫ِ ِر ِ‬
‫َ‬
‫يم َع ْين ْيه َوأ ْب َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬
‫هللا‪َ 4 .‬وفي ال َي ْوم الثال ِث َرف َع إ ْب َراه م‬ ‫ْ‬ ‫ال له م‬ ‫م‬ ‫َ‬ ‫َو َذ َه َب إ َلى امل ْوضع ال ِذي ق َ‬
‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫ص َر‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫َ َ َّ َ َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫م‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫يم ِلغالم ْي ِه‪ :‬اج ِلسا أنت َما م‬‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫م‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْاملَ ْوض َ‬
‫ههنا مع ال ِح َم ِار‪ ،‬وأما أنا‬ ‫ال إب َراه م‬
‫ِ ِ‬
‫يد‪ 5 ،‬فق َ‬ ‫ٍ‬ ‫ع‬ ‫ِ‬ ‫ب‬ ‫ن‬ ‫م‬
‫ِ ِ‬ ‫ع‬
‫ََ َ َ ْ َ م َ َ َ ْم ْ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ م َ م َ َ ْ َ م َ م َ َ َ َ ْ م م م َّ َ ْ م َ ْ م‬
‫والغالم فنذهب ِإلى هناك ونسجد‪ ،‬ثم نرجع ِإليكما‪ 6 .‬فأخذ ِإبر ِاهيم حطب املحرق ِة‬
‫َ َّ‬
‫الس ِك َين‪ .‬فذ َه َبا ِكال مه َما َم ًعا‪َ 7 .‬وكل َم‬
‫َ‬ ‫ََ‬
‫و‬‫الن َار َ‬ ‫اق ْابنه‪َ ،‬و َأ َخ َذ ب َيده َّ‬ ‫ض َع مه َع َلى إ ْس َح َ‬ ‫َو َو َ‬
‫ِ‬ ‫ِ ِِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬
‫َ َ َ َ َ َ َ ْ َ َ َ م َ َ َّ ْ َ‬ ‫َ‬ ‫يم َأب ماه َو َق َ‬ ‫إ ْس َح م ْ َ َ‬
‫الن مار َوال َحط مب‪،‬‬ ‫ال‪َ :‬يا أ ِبي!‪ .‬فقال‪ :‬هأنذا يا اب ِني‪ .‬فقال‪ :‬هو ذا‬ ‫اق ِإبر ِاه ِ‬ ‫ِ‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ََ َ َْ م م ََ َم ْ َ م َ ْم ْ ََ‬ ‫َ ْ َْ َ ْ َ م م ْ م ْ َ َ‬
‫و ِلكن أين الخروف ِللمحرق ِة؟ ‪ 8‬فقال ِإبر ِاهيم‪ :‬هللا يرى له الخروف ِللمحرق ِة يا اب ِني‪.‬‬
‫َ َ َ م م َ َ م َ َ ْ َ م َْْ‬ ‫َّ‬ ‫ً ََ ََ َ َْ‬ ‫َ‬ ‫ََ‬
‫يم املذ َب َح‬ ‫فذ َه َبا ِكال مه َما َمعا‪ 5 .‬فل َّما أت َيا ِإلى امل ْو ِض ِع ال ِذي قال له هللا‪ ،‬بنى هناك ِإبر ِاه‬
‫يم‬‫ض َع مه َع َلى ْاملَ ْذ َبح َف ْو َق ْال َح َطب‪ 12 .‬مث َّم َم َّد إ ْب َراه م‬ ‫اق ْاب َن مه َو َو َ‬ ‫ط إ ْس َح َ‬ ‫َ َ َّ َ ْ َ َ َ َ َ َ َ‬
‫ورتب الحطب ورب‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫يم!‬ ‫ال‪ :‬إ ْب َراه م‬ ‫الس َم ِاء َو َق َ‬ ‫الرب م َن َّ‬ ‫َّ‬ ‫ك‬ ‫َي َد مه َو َأ َخ َذ السك َين ل َي ْذ َب َح ْاب َن مه‪َ 11 .‬ف َن َاد ماه َم َال م‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬
‫ال‪َ :‬ل َت مم َّد َي َد َك إ َلى ْال مغ َالم َو َل َت ْف َع ْل به َش ْيئ ًا‪َ ،‬ألني آلانَ‬ ‫َ‬ ‫ق‬
‫ََ‬
‫ف‬ ‫‪12‬‬ ‫ا‬ ‫ذ‬
‫ْ َ م َ َ َ ََ َ‬
‫ِإبر ِاهيم!‪ .‬فقال‪ :‬هأن‬
‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ َ َ َ ْ َ م َ ْ َ ْ َ َ ََ‬ ‫م‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ ٌ‬ ‫َ‬
‫َع ِل ْم مت أ َّن َك خا ِئف هللا‪ ،‬فل ْم ت ْم ِس ِك ْابنك َو ِحيدك َع ِني‪ 13 .‬فرفع ِإبر ِاهيم عيني ِه ونظر‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ًَ‬
‫ص َع َد مه مم ْح َرقة‬ ‫ش َو َأ ْ‬ ‫يم َو َأ َخ َذ ْال َك ْب َ‬ ‫ش َو َر َاء مه مم ْم َسك ًا في ْال َغ َابة ب َق ْرَن ْيه‪َ ،‬ف َذ َه َب إ ْب َراه م‬ ‫َوإ َذا َك ْب ٌ‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬

‫‪ -1‬دائرة المعارف الكتابية‪.119 / 2 :‬‬


‫‪ -‬د نصر هللا عبد الرحمن أبو طالب‪ :‬ص‪.256‬‬ ‫‪ -2‬تباشير اإلنجيل والتوراة باإلسالم ورسوله محمد‬
‫‪035‬‬ ‫شبيه عيسى أو امن هو اهمصلوب؟!‬

‫َ ْ َ ْ ْ َ ْ َ َّ َّ م م َ م ْ‬ ‫َْ‬ ‫ع َوض ًا َعن ْابنه‪َ 14 .‬ف َد َعا إ ْب َراه م‬


‫ال ال َي ْو َم‪ِ :‬في‬ ‫اس َم ِذل َك امل ْو ِض ِع يهوه ِيرأه‪ .‬حتى ِإنه يق‬ ‫يم ْ‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ ِِ‬ ‫ِ‬
‫ََ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ َ َ م َّ ْ َ َ َ َ ً‬ ‫َ‬ ‫م‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫جب ِل الر ِب يرى‪ 15 .‬ونادى مالك الر ِب ِإبر ِاهيم ث ِانية ِمن السم ِاء ‪ 16‬وقال‪ِ :‬بذا ِتي‬
‫ألا ْم َر‪َ ،‬و َل ْم مت ْمسك ْاب َن َك َوح َ‬ ‫ْ َ ْ َ َّ َ َ َ ْ َ َ َ‬ ‫َ ْ َ ْ م َ م م َّ ُّ َ‬
‫يد َك‪17 ،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ا‬ ‫هذ‬ ‫ت‬ ‫ل‬ ‫ع‬ ‫ف‬ ‫ك‬ ‫ن‬ ‫أ‬ ‫ل‬ ‫ِ‬ ‫ج‬ ‫أ‬ ‫ن‬ ‫م‬‫أقسمت يقول الرب‪ِ ِ ،‬‬
‫ي‬ ‫ن‬ ‫أ‬
‫ْ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫الس َم ِاء َو َك َّ ْ‬ ‫مَ م َ م َ ََ ً َم َ م َ ْ َ َ َ ْ ً‬
‫يرا َك من مجوم َّ‬
‫اط ِئ ال َب ْح ِر‪،‬‬‫الرم ِل ال ِذي على ش ِ‬ ‫أب ِاركك مباركة‪ ،‬وأك ِثر نسلك تك ِث‬
‫ألا ْ ض‪ ،‬م ْن َأ ْجل َأ َّنكَ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ َ َ م ِ َ ْ َ َ م َم‬ ‫ََ م َ ْ م َ َ َ َ ْ َ‬
‫ِ‬ ‫وي ِرث نسلك باب أعد ِائ ِه‪ 18 ،‬ويتبارك ِفي نس ِلك ج ِميع أم ِم ر ِ ِ‬
‫َ‬ ‫َ ْ‬ ‫َ‬ ‫ََ‬ ‫م َّ َ َ َ ْ َ م َ م َ‬ ‫َ‬
‫يم ِإلى غال َم ْي ِه‪ ،‬فق ماموا َوذ َه مبوا َم ًعا ِإلى ِبئ ِر َس ْب ٍع‪َ .‬و َسك َن‬ ‫َس ِم ْع َت ِلق ْو ِلي‪ 15 .‬ثم رجع ِإبر ِاه‬
‫َْ م ْ‬
‫يم ِفي ِبئ ِر َس ْب ٍع)(‪.)1‬‬‫ِإبر ِاه‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫يقول الدكتور أحمد حجازي‪( :‬مريا‪ ،‬جبل في بالد الشام وهو لم يعين مكانا مقدسا‬
‫ً‬
‫إل بعد زمن داود ‪ ‬أي بعد إبراهيم بألف عام تقريبا‪ .‬وقول الكاتب‪( :‬حتى إنه يقال‬
‫اليوم‪ :‬في جبل الرب يرى) يدل على أن التوراة محرفة ومكتوبة بعد زمان داود وسليمان‬
‫(عليهما السالم)؛ ألن جبل الرب الذي هو موضع هيكل سليمان في أورشليم ‪ -‬كما يقول‬
‫العبرانيون ‪ -‬لم يعين قبلة‪ ،‬ولم يسم بجبل الرب إل في عهد داود‪ .‬يقول الدكتور جورج‬
‫بوست في قاموس الكتاب املقدس‪( :‬مريا‪ ،‬الجبل الذي بنى سليمان عليه الهيكل في‬
‫أورشليم (أخبار الايام الثاني‪ )1 :3‬وكان في القسم الشرقي من املدينة ويشرف على وادي‬
‫قدرون ويظن ألاكثرون أن موضع الهيكل هو نفس املوضع الذي فيه أمر إبراهيم أن‬
‫يستعد لتقديم إسحق غير أن التقليد السامري‪ ،‬يقول‪ :‬إن موضع الذبح إلسحق كان‬
‫على جبل جزريم‪ .‬وبعض العلماء يوافقونهم على ذلك)(‪.)2‬‬
‫إذن حتى اليهود مختلفين فيما بينهم في تحديد موقع الذبح‪ ،‬فالسامريون يقولون‬
‫ً‬
‫شيئا والعبرانيون يقولون غيره‪.‬‬
‫وبالنسبة للمصادر إلاسالمية فهي تحدد مكان الذبح بأنه بكة أو مكة‪ .‬ويرى‬
‫الدكتور أحمد حجازي أن قول إبراهيم لغالميه‪( :‬اجلسا أنتما ههنا مع الحمار‪ ،‬وأما أنا‬

‫‪ -1‬تكوين‪.19 – 1 /22 :‬‬


‫‪ -2‬البشارة بنبي االسالم في التوراة واالنجيل ‪ -‬الدكتور أحمد حجازي‪ :‬ص‪.94‬‬
‫اصدارات انصار االاما اهمدد ‪‬‬ ‫‪036‬‬

‫ً‬
‫والغالم فنذهب إلى هناك ونسجد ثم نرجع إليكما) دليل على أن مكانا للعبادة كان‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫ممقاما ومعدا للسجود والناس جميعا يعرفونه(‪.)1‬‬
‫ً‬
‫والحق إن بيت هللا في مكة كان مشادا من قبل‪ ،‬فقد ورد في كتاب الكافي‪:‬‬
‫(علي بن محمد‪ ،‬عن صالح بن أبي حماد‪ ،‬عن الحسين بن يزيد‪ ،‬عن الحسن بن‬
‫علي بن أبي حمزة‪ ،‬عن أبي إبراهيم‪ ،‬عن أبي عبد هللا (عليهما السالم) قال‪ :‬إن هللا عز‬
‫وجل ْلا أصاب آدم وزوجته الحنطة أخرجهما من الجنة وأهبطهما إلى ألارض‪،‬‬
‫فأهبط آدم على الصفا وأهبطت حواء على اْلروة‪ ،‬وإنما سمى صفا؛ ألنه شق له من‬
‫ُ‬ ‫َّ ّ َ ْ َ َ‬
‫اصطفى َآد َم َونوحاِ﴾‪،‬‬ ‫اسم آدم اْلصطفى وذلك لقول هللا عز وجل‪﴿ :‬إ ِِ ِ‬
‫ن الله‬
‫وسميت اْلروة مروة؛ ألنه شق لها من اسم اْلرأة‪ ،‬فقال آدم‪ :‬ما فرق بيني وبينها‪ ،‬إال‬
‫أنها ال تحل لي ولو كانت تحل لي هبطت مُي على الصفا ولكنها حرمت علي من أجل‬
‫معكزال حواء‪ ،‬فكان يأتيها نهاراِ فيتحدث عندها‬ ‫ِ‬ ‫ذلك وفرق بيني وبينها‪ ،‬فمكث آدم‬
‫على اْلروة فإذا كان الليل وخاَ أن تغلبه نفسه يرجع إلى الصفا فيبيت عليه‪ ،‬ولم‬
‫يكن آلدم أنْل غيرها ولذلك سمين النساء من أجل أن حواء كانت أنساِ آلدم ال‬
‫يكلمه هللا وال يرسل إليه رسوالِ‪ِ.‬‬
‫من عليه بالتوبة وتلقاه بكلمات فلما تكلم بها تاب هللا عليه‬ ‫ثم إن هللا عز وجل ّ ِ‬
‫وبعث إليه جبرئيل ‪ ،‬فقال‪ :‬السالم عليك يا آدم التائب من خطيئته الصابر‬
‫لبليته‪ ،‬إن هللا عز وجل أرسلني إليك ألعلمك اْلناسك التي تطهر بها‪ ،‬فأخذ بيده‬
‫فانطلق به إلى مكان البيت وأنزل هللا عليه غمامة فأظلت مكان البيت‪ ،‬وكانت‬
‫الغمامة بحيال البيت اْلعم ِورِ‪ ،‬فقال‪ :‬يا آدم خط برجلك حيث أظلت عليك هذه‬
‫الغمامة فإنه سيخرج لك بيتاِ من مهاة يكون قبلتك وقبلة عقبك من بعدك‪ ،‬ففعل‬
‫آدم ‪ِ ‬وأخرج هللا له تحت العمامة بيتاِ من مهاة‪ِ.‬‬
‫وأنزل هللا الحجر ألاسود وكان أشد بياضاِ من اللبن وأضوء من الشمْل‪ ،‬وإنما‬
‫اسود؛ ِألن اْلشركين تمسحوا به فمن نجْل اْلشركين اسود الحجر‪ ،‬وأمره جبرئيل‬
‫‪ ‬أن شستغفر هللا من ذنبه عند جميع اْلشاعر ويخبره أن هللا عز وجل قد غفر‬

‫‪ -1‬انظر حجازي نفسه‪ :‬ص‪.96 – 95‬‬


‫‪037‬‬ ‫شبيه عيسى أو امن هو اهمصلوب؟!‬

‫له‪ ،‬وأمره أن يحمل حصيات الجمار من اْلزدلفة‪ ،‬فلما بلغ موضع الجمار تعرض له‬
‫إبليْل‪ ،‬فقال له‪ :‬يا آدم أين تريد؟ فقال له جبرئيل ‪ :‬ال تكلمه وارمه بسبع‬
‫وكبر مع كل حصاة‪ ،‬ففعل آدم ‪ ‬حتى فرغ من رمي الجمار‪ ،‬وأمره أن‬ ‫حصيات ِ‬
‫يقرب القربان وهو الهدي قبل رمي الجمار‪ ،‬وأمره أن يحلق رأسه تواضعاِ هلل عز‬
‫وجل ففعل آدم ذلك‪ ،‬ثم أمره بزيارة البيت وأن يطوَ به سبعاِ ويسُى بين الصفا‬
‫واْلروة أسبوعاِ يبدء بالصفا ويختم باْلروة‪ ،‬ثم يطوَ بعد ذلك أسبوعاِ بالبيت وهو‬
‫طواَ النساء ال يحل للمحرم أن يباضع حتى يطوَ طواَ النساء‪ ،‬ففعل آدم ‪‬‬
‫فقال له جبرئيل‪ :‬إن هللا عز وجل قد غفر ذنبك وقبل توبتك وأحل لك زوجتك‪،‬‬
‫فانطلق آدم وغفر له ذنبه وقبلت منه توبته وحلت له زوجته)(‪.)1‬‬
‫من هذا النص يتضح أن البيت الذي قصده إبراهيم لم يكن سوى البيت الذي‬
‫ً‬
‫ببكة أو مكة‪ ،‬وكان مشيدا حتى على زمن آدم ‪ ،‬وأن (املريا) ليست سوى (املروة)‪.‬‬
‫ً‬
‫ومن الغريب حقا أن يظن اليهود واملسيحيون أن ألانبياء السابقين على إبراهيم لم‬
‫تكن لهم قبلة!‬
‫يقول محققو نسخة الرهبانية اليسوعية‪( :‬يطابق سفر ألاخبار الثاني (‪ )1 / 3‬بين‬
‫موريا وبين الرابية التي سيشاد عليها هيكل أورشليم‪ ..‬غير أن النص يشير إلى أرض باسم‬
‫ً‬
‫موريا ل يأتي ذكرها في مكان آخر‪ ،‬ويبقى مكان الذبيحة مجهول)؟!‬
‫ً‬
‫وبالعودة إلى الخالف بين العبرانيين والسامريين نجد نصا في العهد الجديد يحسم‬
‫فيه عيس ى‪ ‬النزاع باإلشارة إلى مكان سجود آخر‪( :‬قالت له املرأة‪ :‬يا سيد أرى أنك‬
‫نبي‪ ،‬آباؤنا سجدوا في هذا الجبل‪ ،‬وأنتم تقولون أن في أورشليم املوضع الذي ينبغي أن‬
‫يسجد فيه‪ ،‬قال لها يسوع‪ :‬يا امرأة صدقيني‪ ،‬إنه تأتي ساعة ل في هذا الجبل ول في‬
‫أورشليم تسجدون لآلب‪ ،‬أنتم تسجدون ملا لستم تعلمون‪ ،‬أما نحن فنسجد ملا نعلم‪،‬‬
‫ألن الخالص هو من اليهود‪ .‬ولكن تأتي ساعة‪ ،‬وهي آلان‪ ،‬حين الساجدون الحقيقيون‬

‫‪ -1‬الكافي ‪ -‬الشيخ الكليني‪ :‬ج‪ 4‬ص‪.191 – 192‬‬


‫اصدارات انصار االاما اهمدد ‪‬‬ ‫‪039‬‬

‫يسجدون لآلب بالروح والحق‪ ،‬ألن آلاب طالب مثل هؤلء الساجدين له‪ ،‬هللا روح‪،‬‬
‫والذين يسجدون له فبالروح والحق ينبغي أن يسجدوا) (‪.)1‬‬
‫ً‬
‫عيس ى إذن في هذا النص يشير إلى مكان آخر‪ ،‬ولبد أن يكون هذا املكان مشادا‪،‬‬
‫فلم يحدث أن أشيد مكان بعد عيس ى كقبلة للناس‪ ،‬ول عبرة بما يقوله بعض‬
‫املسيحيون من أن املراد هو كنائسهم؛ ألنهم هم بدورهم مختلفون‪ .‬يقول البابا شنودا‬
‫الثالث بخصوص اختالفهم في القبلة‪( :‬كنائس البروتستانت ل تتجه إلى الشرق‪ ،‬مثل‬
‫كنائسنا‪ ،‬كذلك إذا وقفوا للصالة‪ ،‬ل يتجهون إلى الشرق‪ ،‬بل في أي اتجاه‪ ،‬حسب‬
‫موضع كل منهم)(‪.)2‬‬
‫ً‬
‫أقول‪ :‬كان على البابا شنودا ‪ -‬بدل من النص املجرد على الخالف ‪ -‬أن يتذكر أن‬
‫ض‬‫شيئا من ناموس موس ى ‪َ 17( :‬ل َت مظ ُّنوا َأني ج ْئ مت َأل ْن مق َ‬ ‫ً‬
‫عيس ى‪ ‬لم يغير‬
‫ِ ِ‬ ‫م‬ ‫َ‬ ‫َّ م َ َ َ‬
‫َ‬ ‫ألا ْنب َي َاء‪َ .‬ما ج ْئ مت أل ْن مق َ‬
‫ض َب ْل ألك ِم َل)(‪.)3‬‬ ‫ِ‬ ‫الناموس أ ِو ِ‬
‫كاف على أنه لم يحدد‬ ‫بل إن حديث عيس ى نفسه الذي استشهدنا به يدل بوضوح ٍ‬
‫قبلة مغايرة‪ ،‬بل حياته كلها تشهد أنه كان يتخذ قبلة اليهود ذاتها‪.‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫ول أدري حقا ملاذا لم يصرف البابا شنودا قليال من وقته في تأمل ما قاله عيس ى‬
‫‪ ‬ويبحث بالتالي عن القبلة التي تحدث عنها‪ ،‬بدل الانشغال بالقبلة الشرقية التي‬
‫يبدو أنها إحدى القبلتين الالتي أشار عيس ى إلى استبدالهما؟‬
‫أما قول عيس ى ‪( :‬ولكن تأتي ساعة وهي آلان) فهو يفيد اقتراب هذه الساعة ل‬
‫ً‬
‫حلولها‪ ،‬كما ورد في متى‪( :‬أقول لكم‪ :‬من آلان تبصرون ابن إلانسان جالسا عن يمين‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫القوة‪ ،‬وآتيا على سحاب السماء)(‪ ،)4‬وقد مات املخاطبون وفنوا‪ ،‬ولم يروه آتيا على‬
‫سحاب السماء‪.‬‬
‫ولو كان عيس ى قد غير القبلة أو أشار بش يء بهذا الخصوص لنقلت ألاناجيل هذا‪.‬‬

‫‪ -1‬يوحنا‪.24 – 19 / 4 :‬‬
‫‪ -2‬كتاب الالهوت المقارن‪ :‬فصل مجمل خالفاتنا مع البروتستانت‪.‬‬
‫‪ -2‬متى‪.5 :‬‬
‫‪ -4‬متى‪.64 / 26 :‬‬
‫‪038‬‬ ‫شبيه عيسى أو امن هو اهمصلوب؟!‬

‫عيس ى يبشر بأنبياء قادمين‪ِ:‬‬


‫ورد في إنجيل متى‪ 15( :‬احترزوا من ألانبياء الكذبة الذين يأتونكم بثياب الحمالن‬
‫ً‬
‫ولكنهم من داخل ذئاب خاطفة‪ 16 .‬من ثمارهم تعرفونهم‪ .‬هل يجتنون من الشوك عنبا‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫أو من الحسك تينا‪ 17 .‬هكذا كل شجرة جيدة تصنع أثمارا جيدة‪ .‬وأما الشجرة الردية‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫فتصنع أثمارا ردية‪ 18 .‬ل تقدر شجرة جيدة أن تصنع أثمارا ردية ول شجرة ردية أن‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫تصنع أثمارا جيدة‪ 15 .‬كل شجرة ل تصنع ثمرا جيدا تقطع وتلقى في النار‪ 22 .‬فإذا من‬
‫ثمارهم تعرفونهم) (‪.)1‬‬
‫هذا النص فيه دللة على أن ثمة أنبياء صادقين سيأتون بعد عيس ى ‪ ،‬فهو‬
‫وإن كان حذر من أنبياء كذبة‪ ،‬غير أنه لم يقل كذبوا كل من يأتي‪ ،‬بل قال امتحنوهم‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫واعرفوهم من ثمارهم‪ ،‬فمن كان ثمره جيدا كان نبيا من هللا حقا‪.‬‬
‫وجاء مثله في رسالة يوحنا ألاولى‪( :‬أيها ألاحباء ل تصدقوا كل روح بل امتحنوا‬
‫ألارواح هل هي من هللا ألن أنبياء كذبة كثيرين قد خرجوا إلى العالم‪ ،‬بهذا تعرفون روح‬
‫هللا كل روح يعترف بيسوع املسيح أنه قد جاء في الجسد فهو من هللا وكل روح ل يعترف‬
‫أنه جاء في الجسد فليس من هللا وهذا هو روح ضد املسيح الذي سمعتم أنه يأتي‬
‫وآلان هو في العالم)(‪.)2‬‬
‫أما ما ورد في تيماوثاوس‪( :‬ألنه يوجد إله وسيط واحد بين هللا والناس إلانسان‬
‫يسوع املسيح)(‪ .)3‬فهو ل يتعارض مع ما تقدم؛ ألننا نقول إن كل ألانبياء هم وسطاء بين‬
‫هللا والناس‪ ،‬وكل منهم في زمانه هو الوسيط الوحيد‪.‬‬

‫‪ -1‬متى‪.1 :‬‬
‫‪ -2‬يوحنا‪ :‬األولى ‪ 1 / 4‬ـ ‪.2‬‬
‫‪ -2‬تيماوثاوس‪.15 / 2 :‬‬
ِ
‫‪010‬‬ ‫شبيه عيسى أو امن هو اهمصلوب؟!‬

‫ِ‬
‫ِ‬

‫اْلسيح واْلسيح اْلنتظرِ‬


‫ً‬
‫لبد أن نقرر قبل كل ش يء أن لقب املسيح يمثل مفهوما يشترك فيه الكثير من‬
‫ْم‬ ‫الر ُّب إلا مله‪َ ،‬ل َت مر َّد َو ْج َه َ‬ ‫َ‬
‫يح َك‪ .‬اذك ْر َم َر ِاح َم‬ ‫ِ ِ‬ ‫س‬ ‫م‬ ‫ِ‬
‫َّ‬ ‫ا‬ ‫ه‬ ‫َ‬ ‫ي‬‫ُّ‬ ‫أ‬ ‫ألاشخاص‪ ،‬فداود ‪ ‬مسيح‪42( :‬‬
‫َد ماو َد َع ْب ِد َك)(‪.)1‬‬
‫َ َ‬ ‫َ َ ْ‬
‫ض َرَب مه َعلى قط ِع ِه ط َرف مج َّب ِة‬ ‫ان َب ْع َد ذل َك َأ َّن َق ْل َب َد ماو َد َ‬ ‫وشاول مسيح‪َ 5( :‬و َك َ‬
‫ِ‬
‫َ َ‬ ‫َّ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َش ماو َل‪َ 6 ،‬ف َق َ‬
‫الر ِب أ ْن أ ْع َم َل هذا ألا ْم َر ِب َس ِي ِدي‪ِ ،‬ب َم ِس ِيح‬ ‫ال ِل ِر َج ِال ِه‪َ « :‬حاشا ِلي ِم ْن ِق َب ِل‬
‫الر ِب مه َو)(‪.)2‬‬ ‫يح َّ‬‫الرب‪َ ،‬ف َأ مم َّد َيدي إ َل ْيه‪َ ،‬أل َّن مه َمس م‬ ‫َّ‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫م َ َ َّ‬ ‫َ َ َ م م َّ َ‬
‫ش ال ِذي‬ ‫يح ِه‪ِ ،‬لكور‬ ‫الر ُّب ِمل ِس ِ‬ ‫بل حتى كورش ملك الفرس مسيح‪ 1( :‬هكذا يقول‬
‫اع ْي ِن‪،‬‬ ‫ص َر َ‬ ‫وك َأ مح ُّل‪ ،‬ألف َت َح أ َم َام مه ِامل ْ‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫م‬ ‫َم َ َ م م ً ََ ْ َ‬
‫وس أ َم َامه أ َمما‪ ،‬وأحق َاء ممل ٍ‬
‫َ ْ‬
‫أ ْم َسك مت ِب َي ِم ِين ِه ألد‬
‫َ َْ َ م َ م ْ َ‬
‫اب ل تغل مق)(‪.)3‬‬ ‫وألابو‬
‫فاملسيح هو الذي ميمسح بالدهن املقدس الذي وصفه سفر الخروج‪:‬‬
‫س‬ ‫اط ًرا َخ ْم َ‬ ‫م ً َ‬ ‫ََْ َ َْ م م َ َ َ ْ َ َ َ َْ‬ ‫َ َ َّ َ َّ ُّ م َ َ ً‬
‫اب‪ :‬مرا ق ِ‬ ‫(‪ 22‬وكلم الرب موس ى ق ِائال‪ 23 :‬وأنت تأخذ لك أفخر ألاطي ِ‬
‫َ‬ ‫َّ‬
‫ص َب الذ ِر َير ِة ِمئ َت ْي ِن‬ ‫ف ذل َك‪ :‬م َئ َت ْين َو َخ ْمس َين‪َ ،‬و َق َ‬ ‫َ َْ ً َ ًَ ْ َ‬
‫ِمئ ِة شا ِقل‪ ،‬و ِقرفة ع ِطرة ِنص‬
‫َ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫ص َن مع مه‬ ‫الزْي متون هين ًا‪َ 25 .‬و َت ْ‬ ‫س م َئة ب َشاقل ْال مق ْدس‪َ ،‬وم ْن َزْيت َّ‬ ‫َ َ َ ً َْ َ‬ ‫َ َْ َ‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫وخم ِسين‪ 24،‬وس ِليخة خم ِ ٍ ِ ِ ِ‬
‫ً َ ً ْ‬
‫مد ْهنا ممق َّدسا ِلل َم ْس َح ِة)(‪.)4‬‬

‫‪ -1‬أخبار األيام‪.6 – )2( :‬‬


‫‪ -2‬صموئيل األول‪.24 :‬‬
‫‪ -2‬إشعياء‪.45 :‬‬
‫‪ -4‬خروج‪.22:‬‬
‫اصدارات انصار االاما اهمدد ‪‬‬ ‫‪012‬‬

‫وحيث أن الهارونيين من سبط لوي تم تخصيصهم لعمل الكهانة‪ ،‬فكان يجب‬


‫َْ م‬ ‫ون َو َبنيه إ َلى َباب َخ ْي َمة ْ‬
‫الاج ِت َم ِاع َوتغ ِسل مه ْم ِب َم ٍاء‪.‬‬ ‫مسحهم بهذا الزيت‪َ 12( :‬و مت َقد مم َه مار َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫َ مْ م َ م َ َ َ ْم‬
‫امل َق َّد َس َة َو َت ْم َس مح مه َو مت َق ِد مس مه ل َي ْك َه َن لي‪َ 14 .‬و مت َق ِد مم َبنيه َو مت ْلب مس مهمْ‬
‫َِ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الثياب‬
‫‪ 13‬وتل ِبس هارون ِ‬
‫م‬ ‫م‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َْ ًَ‬
‫صة‪َ 15 .‬وت ْم َس مح مه ْم ك َما َم َس ْح َت أ َب ماه ْم ِل َيك َه منوا ِلي‪َ .‬و َيكون ِذل َك ِل َت ِصي َر ل مه ْم َم ْس َح مت مه ْم‬ ‫أق ِم‬
‫َ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫َ‬
‫ك َه منوتا أ َب ِديا ِفي أ ْج َي ِال ِهم) ‪.‬‬
‫ْ (‪)1‬‬

‫إذن لقب املسيح ل ينطبق على عيس ى ابن مريم ‪ ‬فقط‪ ،‬بل يشمل غيره كذلك‪.‬‬
‫وعلى الرغم من هذا الاشتراك‪ ،‬فإن للفظ املسيح خصوصية ل تنكر‪ ،‬ويراد بها في‬
‫العهد القديم ذلك الشخص الذي يأتي في آخر الزمان ليعيد العدل والقسط إلى ألارض‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫التي تكون قد امتألت ظلما وفسادا حتى زمن مجيئه‪.‬‬
‫ومن هذه الخصوصية وذلك الاشتراك قد يتبادر للذهن أن الخلط الذي وقع فيه‬
‫املسيحيون يمكن حل لغزه ببساطة ويسر‪ ،‬ولكن ألامر في الحقيقة أعقد من هذا بكثير‪.‬‬
‫الفكرة التي يتبناها البحث تتمثل بالقول‪ :‬إن عيس ى ‪ ‬يصح أن نطلق عليه‬
‫لقب املسيح املنتظر‪ ،‬ولكن باعتباره صورة للمسيح املنتظر‪ ،‬ل أنه هو نفسه املسيح‬
‫املنتظر‪.‬‬
‫ولكي ابتعد بالبحث عن التعقيد‪ ،‬وربما إساءة التعبير عن الفكرة‪ ،‬أقول‪ :‬إن عيس ى‬
‫‪ ‬جسد في حياته شخصية املسيح املنتظر كنوع من التمهيد لهذه الشخصية‬
‫العظيمة‪ ،‬ومن هنا نرى ذلك التداخل أو التماهي بين شخصيته من جهة وشخصية‬
‫املسيح املنتظر‪ ،‬أو قل املهدي املنتظر‪.‬‬
‫إذن ربما ل أكون قد وفقت في بيان فكرتي‪ ،‬وخشية من إضافة تعقيد آخر عليها‬
‫سأحاول بيانها بطريقة أعتقد أنها أبسط وأقرب إلى ألاذهان‪.‬‬
‫سأحاول في البداية بيان حدود شخصية املسيح املنتظر من خالل الصور التي‬
‫ً‬
‫يقدمها العهد القديم وربما الجديد أيضا‪ ،‬وأقارن بين هذه الصور وبين شخصية‬
‫املسيح عيس ى ابن مريم ‪ ،‬بقصد إثبات الاختالف الواضح بين الشخصيتين‪ .‬وإذا‬

‫‪ -1‬الويين‪.42:‬‬
‫‪013‬‬ ‫شبيه عيسى أو امن هو اهمصلوب؟!‬

‫ثبت الاختالف سنحاول على ضوئه تقديم تفسير مناسب لذلك التماهي العجيب بين‬
‫الشخصيتين الذي يصوره لنا العهد الجديد‪ ،‬ولن يكون هذا التماهي بحسب أطروحة‬
‫البحث سوى ما سبق أن أشرنا له‪ ،‬وهو أن عيس ى‪ ‬جسد دور املسيح املنتظر كنوع‬
‫من التمهيد له وتعريف الناس به‪.‬‬

‫حدود شخصية اْلسيح اْلنتظر‪ِ:‬‬


‫من الضروري في البدء أن نعلم أن شخصية املسيح املنتظر أو املسيا قد تم‬
‫الحديث عنها بمسميات وعناوين كثيرة‪ ،‬سنقتصر هنا على البعض الكافي منها دون‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫استقصائها جميعا الذي قد يتطلب صفحات تطول كثيرا‪.‬‬
‫ً‬
‫عليه إذن سأتبع نظام الترقيم في إلاشارة إلى أن الفقرات جميعا تنطوي تحت‬
‫عنوان واحد‪ ،‬قصده بيان حدود شخصية املسيح املنتظر‪ ،‬وكما يلي‪:‬‬

‫‪ -1‬ابن إلانسان‪ِ:‬‬
‫بقدر تعلق ألامر بالتعرف على شخصية (ابن إلانسان) لبد من العودة لسفر دانيال‬
‫من العهد القديم‪ ،‬حيث نجد في إلاصحاح السابع منه النص التالي‪:‬‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َّ َ م َ َ ْ ْ َ َّ َ َ َ َ َ َ َ م ْ ً َ‬
‫يآل محلما َو مرؤى َرأ ِس ِه َعلى ِف َر ِاش ِه‪.‬‬ ‫(‪ِ 1‬في السن ِة ألاولى ِلبيلشاصر م ِل ِك ب ِابل‪ ،‬رأى دا ِن‬
‫َ َ َ َ م َ َ َ م ْ م َى م ْ َ َ َ ً‬‫َ‬ ‫ْ ْ َ ْ ْ َْ َ‬ ‫َ َ‬
‫اي ل ْيال‬ ‫ِحين ِئ ٍذ ك َت َب ال محل َم َوأخ َب َر ِب َرأ ِس الكال ِم‪ 2 .‬أجاب دا ِنيآل وقال‪ :‬كنت أر ِفي رؤي‬
‫َ َ َ َ ْ ْ َ َ م َ َ‬ ‫َْ‬ ‫َ ْ‬ ‫َوإ َذا ب َأ ْرَبع رَياح َّ‬
‫ات‬ ‫ص ِعد ِمن ال َبح ِر أ ْرب َعة ح َي َوان ٍ‬ ‫الس َم ِاء َه َج َم ْت َعلى ال َب ْح ِر الك ِب ِير‪ 3 .‬و‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫َ َّ مل َ َ َ َ َ م َ َ َ َ ْ َ م ْ م َ ْ م م َ َّ ْ َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ِ َ ِم َ ٌ َ‬
‫ع ِظيم ٍة‪ ،‬هذا مخ ِالف ذاك‪ 4 .‬ألاو كاألس ِد وله جناحا نس ٍر‪ .‬وكنت أنظر حتى انتتف‬
‫َ‬ ‫َْ ْ‬ ‫م‬ ‫َ َ ْ‬ ‫م َ َ‬ ‫ََ َ م َ َْ َ َ َ َ‬
‫ض‪َ ،‬وأو ِقف َعلى ِر ْجل ْي ِن ك ِإن َس ٍان‪َ ،‬وأ ْع ِط َي قل َب ِإن َس ٍان‪َ 5 .‬وِإذا‬ ‫ِ‬ ‫ر‬ ‫ألا ْ‬ ‫جناحاه وانتصب ع ِن‬
‫َ‬ ‫َ َ َ َ م َ ْ م َ ْ َ َْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫آخ َر َثان َشبيه ب ُّ‬ ‫َ‬
‫الد ِب‪ ،‬فا ْرتف َع َعلى َجن ٍب َو ِاح ٍد و ِفي ف ِم ِه ثالث أضل ٍع بين أسنا ِن ِه‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ٍ ِ ٍ‬ ‫ِب َح َي َو ٍان‬
‫َ َ م َ م َ َ م ْ م ْ َ ْ ً َ ً َ َ ْ َ َ م ْ م َ َ َ َ َ َ ْ َّ َ َ‬
‫الن ِم ِر َول مه َعلى‬ ‫فقالوا له هكذا‪ :‬قم كل لحما ك ِثيرا‪ 6 .‬وبعد هذا كنت أرى وِإذا ِبآخر ِمث ِل‬
‫م‬ ‫َ‬ ‫ْ َ ً‬ ‫م‬ ‫َ ْ َ َْ َ م َ ْ َ َ َ َ َ ْ َ َ َ َ َْ َ م م م‬
‫وس‪َ ،‬وأ ْع ِط َي مسلطانا‪َ 7 .‬ب ْع َد هذا ك ْن مت‬ ‫ؤ‬
‫َظه ِر ِه أربعة أج ِنح ِة طا ِئ ٍر‪ .‬وكان ِللحيو ِان أربعة ر ٍ‬
‫ٌ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫م‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫الل ْيل َوإ َذا ب َح َي َوان َ‬ ‫َّ‬ ‫مَ‬
‫ابع َها ِئل َوق ِو ٍي َوش ِد ٍيد ِجدا‪َ ،‬وله أ ْسنان ِمن َح ِد ٍيد‬
‫ْ‬
‫ٍ‬ ‫ر‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ى‬ ‫ؤ‬‫أ َرى ِفي ر‬
‫َّ َ َ َ َ‬ ‫َْ ََ َ َ ً م ْ َ َ َ‬ ‫َ ٌَ ََ َ َ َ َ َ َ َ َ ْ‬
‫ين ق ْبل مه‪َ ،‬ول مه‬ ‫ات ال ِذ‬ ‫اس ال َب ِاق َي ِب ِرجل ْي ِه‪ .‬وكان ممخ ِالفا ِلك ِل الح َيوان ِ‬ ‫ك ِبيرة‪ .‬أكل وسحق ود‬
‫اصدارات انصار االاما اهمدد ‪‬‬ ‫‪011‬‬

‫َ ََ ٌ‬
‫ص ِغ ٍير طل َع َب ْي َن َها‪َ ،‬وق ِل َع ْت ثالثة ِم َن‬
‫م‬ ‫ََ‬ ‫آخ َر َ‬ ‫َ َ َ ْن َ‬
‫ون‪ ،‬وِإذا ِبقر ٍ‬ ‫ر‬ ‫َع َش َر مة مق مرون‪ 8 .‬مك ْن مت مم َت َأ ِم ًال ب ْال مق م‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫َ َْْ ََ مََ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫م َ ْ م‬ ‫ْ‬
‫ون ألاولى ِمن قد ِام ِه‪ ،‬وِإذا ِبعيو ٍن كعيو ِن ِإلانس ِان ِفي هذا القر ِن‪ ،‬وف ٍم متك ِل ٍم‬ ‫َ‬ ‫م‬ ‫م‬ ‫م‬ ‫م‬ ‫َّ‬
‫ِ‬ ‫ال مق مر‬
‫َ م م َ ْ َ م َ َّ ْ‬ ‫م ْ م َ َ َ َّ م م َ ْ م م ٌ َ َ َ َ ْ َ م َ‬ ‫َ‬
‫ض كالثل ِج‪،‬‬ ‫يم ألا َّي ِام‪ِ .‬لباسه أبي‬ ‫ِب َعظا ِئ َم‪ 5 .‬كنت أرى أنه و ِضعت عروش‪ ،‬وجلس الق ِد‬
‫يب َن ٍار‪َ ،‬و َبك َر مات مه َن ٌار مم َّت ِق َد ٌة‪َ 12 .‬ن ْه مر َن ٍار َج َرى‬
‫َ‬ ‫الن ِقي‪َ ،‬و َع ْر مش مه َله م‬ ‫الصوف َّ‬
‫ِ‬ ‫َو َش ْع مر َ ْرأس ِه َك ُّ‬
‫ِ‬ ‫م ِ‬ ‫ِ‬
‫س الدين‪،‬م‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫م‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫م‬ ‫ٌ‬ ‫م‬ ‫َو َخ َر َج م ْن قدامه‪ .‬ألوف ألوف تخد ممه‪َ ،‬و َر َب َوات َرَب َو ٍ م‬
‫م‬ ‫م‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫م‬ ‫م‬ ‫م‬ ‫م‬ ‫َّ‬ ‫م‬
‫ات وقوف قدامه‪ .‬فجل َ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬
‫ات ْال َع ِظ َيم ِة َّالتي َت َك َّل َم بهاَ‬ ‫َ‬ ‫ْ َ ْ َْ َْ‬ ‫م ْ م َْ م م َ‬ ‫م‬ ‫َْ َ‬ ‫َو مفت َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫م‬ ‫ل‬‫ِ‬ ‫ك‬ ‫ال‬ ‫ت‬ ‫ِ‬ ‫و‬ ‫ص‬ ‫ل‬ ‫ِ‬ ‫ج‬ ‫أ‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫ِ‬ ‫ذ‬ ‫ٍ‬ ‫ئ‬ ‫ِ‬ ‫ين‬ ‫ح‬ ‫ِ‬ ‫ر‬ ‫ظ‬ ‫ن‬ ‫أ‬ ‫ت‬ ‫ن‬ ‫ك‬ ‫‪11‬‬ ‫‪.‬‬ ‫ار‬ ‫ف‬ ‫س‬ ‫ألا‬ ‫ت‬ ‫ِ‬ ‫ح‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َم َ َ‬ ‫م‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َََ َ‬ ‫م‬ ‫ْ‬ ‫م‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫م‬ ‫ْ‬ ‫م‬ ‫م‬ ‫َْ‬
‫يد الن ِار‪ 12 .‬أ َّما َب ِاقي‬ ‫الق ْرن‪ .‬كنت أ َرى ِإلى أن ق ِت َل الحيوان وهلك ِجس ممه ود ِفع ِلو ِق ِ‬
‫ْ‬
‫م َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫م م م‬ ‫ْ َ‬ ‫ْ َ َ َ َ َم‬
‫ات فن ِز َع َع ْن مه ْم مسلط مان مه ْم‪َ ،‬و ِلك ْن أ ْعطوا طو َل َح َي ٍاة ِإلى َز َم ٍان َو َوق ٍت‪ 13.‬ك ْن مت أ َرى ِفي‬ ‫الحيوان ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬
‫الس َم ِاء ِمث مل ْاب ِن ِإن َس ٍان أتى َو َج َاء ِإلى الق ِد ِيم ألا َّي ِام‪ ،‬فق َّرمبو مه‬ ‫الل ْيل َوإذا َم َع مس محب َّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫مرؤى‬
‫َْ‬ ‫م‬ ‫َ م ْ َ م ْ َ ً َ َ ْ ً َ َ َ م ً َ َ َ َّ َ َ م م ُّ ُّ‬ ‫م‬
‫وب َوألا َم ِم َوألال ِس َن ِة‪.‬‬ ‫َ َِ‬
‫الش م‬
‫ع‬ ‫ق َّد َام مه‪ 14 .‬فأع ِطي سلطانا ومجدا وملكوتا ِلتتعبد له كل‬
‫َّ َ َ َ َ َ‬
‫يآل ف َح ِزن ْت‬ ‫ض‪ 15 .‬أما أنا دا ِن‬ ‫ول‪َ ،‬و َم َل مك موت مه َما َل َي ْن َقر م‬ ‫ان َأ َب ِد ٌّي َما َل ْن َي مز َ‬ ‫مس ْل َط مان مه مس ْل َط ٌ‬
‫ِ‬
‫مروحي في َو َسط ج ْسمي َو َأ ْف َز َع ْتني مر َؤى َ ْأس ي‪َ 16 .‬ف ْاق َت َرْب مت إ َلى َواحد م َن ْال مو مقوف َو َط َل ْبتم‬
‫ِ‬ ‫ِ ٍ ِ‬ ‫رِ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫م َ ْ َََ َ م َْ َ م‬
‫ِ‬ ‫َ َ َ ْ َِ َ َ َ َّ َ َ ْ َ مم‬ ‫ْم ْ َ َ َ م‬
‫ور‪ 17 :‬هؤل ِء الحيوانات الع ِظيمة‬ ‫ِمنه الح ِق َيقة ِفي ك ِل َ هذا‪ .‬فأخبرِني وعرف ِني تف ِس َير ألام ِ‬
‫م ْ َ َ َ ْ م م نَ‬ ‫ََّ‬ ‫َم م َ ََ‬ ‫ََم م‬ ‫ٌََ‬ ‫َّ‬
‫ض‪ 18 .‬أما ِق ِديسو الع ِل ِي فيأخذو‬ ‫ْ‬
‫وك َ يقومو َن على ألار ِ‬ ‫ال ِتي ِه َي أ ْربعة ِه َي أ ْربعة ممل ٍ‬
‫ْ َ َ‬
‫ين‪ِ 15 .‬حين ِئ ٍذ مر ْم مت ال َح ِقيقة ِم ْن ِج َه ِة‬
‫َ‬ ‫ْاملَ ْم َل َك َة َو َي ْم َتل مكو َن ْاملَ ْم َل َك َة إ َلى ألا َبد َوإ َلى أ َبد آلابد َ‬
‫ِ ِِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ان مم َخال ًفا ل مكل َها‪َ ،‬و َهائ ًال جد ًا َو َأ ْس َن مان مه م ْن َحديد َو َأ ْظ َفا مر مه منْ‬ ‫الرابع َّالذي َك َ‬ ‫ْ َََ‬
‫ِ‬ ‫ِ ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫الحيو ِان َّ ِ ِ‬
‫ْ‬
‫ون ال َعش َر ِة ال ِتي ِب َرأ ِس ِه‪،‬‬
‫ْ َ َّ‬
‫ر‬ ‫اس ْال َباق َي بر ْج َل ْي ِه‪َ 22 ،‬و َعن ْال مق م‬ ‫من َحاس‪َ ،‬و َق ْد َأ َك َل َو َس َح َق َو َد َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِِ‬ ‫ٍ‬
‫هذا ْال َق ْر من َل مه مع ميو ٌن َو َف ٌم مم َت َكل ٌم ب َع َظائمَ‬ ‫َ َ َ َ َ َ َ ْ م َّ َ م َ َ َ ٌ َ َ‬
‫َو َع ِن آلاخ ِر ال ِذي طلع فسقطت قدامه ثالثة‪ .‬و‬
‫َ َّ‬
‫ِ ِ ِ‬
‫َ ََ‬ ‫َ م ْ م َْ م َ َ َ ْ َ م م َ م ْ‬ ‫َ َ ْ َ م َ َ ُّ ْ َ َ‬
‫يس َين فغل َب مه ْم‪22 ،‬‬ ‫ومنظ مره أشد ِمن مرفقا ِئ ِه‪ 21 .‬وكنت أنظ مر وِإذا هذا الق ْرن يحا ِرب ال ِق ِد ِ‬
‫ين لقديس ي ْال َعلي‪َ ،‬و َب َل َغ ْال َو ْق مت‪َ ،‬ف ْام َت َل َك ْالقد م‬ ‫ألا َّيام‪َ ،‬و مأ ْعط َي الد م‬ ‫َ َّ َ َ ْ َ م َ‬
‫يسو َن‬ ‫ِِ‬ ‫ِ ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫حتى جاء الق ِديم ِ‬
‫َ َ َ َ َ َ َّ ْ َ َ َ م ْ َّ م َ َ م من َ ْ َ َ ٌ َ َ ٌ َ َ َ ْ م َ َ ٌ‬ ‫َْْ َ َ َ‬
‫ض مخ ِالفة‬ ‫ِ‬ ‫ر‬ ‫ألا‬ ‫ى‬ ‫ل‬‫ع‬ ‫ة‬ ‫ع‬ ‫اب‬ ‫ِ‬ ‫ر‬ ‫ة‬ ‫ك‬ ‫ل‬ ‫م‬ ‫م‬ ‫و‬ ‫ك‬ ‫ت‬ ‫ف‬ ‫ابع‬ ‫ر‬ ‫ال‬ ‫ان‬ ‫و‬ ‫ي‬ ‫ح‬ ‫ال‬ ‫ا‬ ‫م‬ ‫أ‬ ‫ا‪:‬‬ ‫ذ‬ ‫هك‬ ‫ال‬ ‫ق‬ ‫ف‬ ‫‪23‬‬ ‫‪.‬‬ ‫ة‬ ‫اململك‬
‫ْ‬ ‫َ ْم م م ْ َ َ َم‬ ‫م‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫م‬ ‫م‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫م‬ ‫َ‬
‫ل َسائر امل َمالك‪ ،‬فتأك مل ألا ْر َ‬ ‫م‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫هذ ِه‬ ‫ض كل َها وتدوس َها وتسحق َها‪ 24 .‬والقرون العشرة ِمن ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ ِِ‬
‫ْ َ ْ َ َ َ َ َ َ م م م َ م م َ َ َ م م َ ْ َ م ْ َ م َ م َ م َ ٌ َ َّ َ َ م ُّ َ َ َ َ‬
‫وك يقومون‪ ،‬ويقوم بعدهم آخر‪ ،‬وهو مخ ِالف ألاوِلين‪ ،‬وي ِذل ثالثة‬ ‫اململك ِة ِهي عشرة مل ٍ‬
‫ْ َ َ َ م ُّ َ َّ م م َ م َ ْ َ َ َ ُّ َّ َ‬ ‫ْ‬ ‫َ َّ َ َ‬ ‫م‬
‫وك‪َ 25 .‬و َي َتكل مم ِبكال ٍم ِضد ال َع ِل ِي َو مي ْب ِلي ِق ِد ِيس ي الع ِل ِي‪ ،‬ويظن أنه يغ ِير ألاوقات والسنة‪،‬‬ ‫َّ‬
‫ممل ٍ‬
‫ْ َ َ‬
‫ين َو َين ِز معون َع ْن مه مسلطان مه‬
‫م ْ َ‬
‫الد‬ ‫ف َز َمان‪َ 26 .‬ف َي ْج ِل م‬ ‫َو مي َس َّل ممو َن ل َيده إ َلى َز َمان َو َأ ْزم َن ٍة َون ْ‬
‫س ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ص‬ ‫ٍ ِ ِ‬ ‫ِ ِِ ِ‬
‫‪015‬‬ ‫شبيه عيسى أو امن هو اهمصلوب؟!‬

‫ان َو َع َظ َم مة ْاملَ ْم َل َك ِة َت ْح َت مكل َّ‬


‫الس َم ِاء‬ ‫امل ْن َت َهى‪َ 27 .‬و ْاملَ ْم َل َك مة َو ُّ‬
‫الس ْل َط م‬ ‫َ ْ َ ْ َ َ م َ ْم‬
‫ِليفنوا وي ِبيدوا ِإلى‬
‫ِ‬
‫َّ م َ ْ م م نَ‬ ‫ْ َ َ َ م م م َ َ م ٌ َ َ ٌّ َ َ م َّ َ‬ ‫م َ َ‬
‫ت ْعطى ِلش ْع ِب ِق ِد ِيس ي الع ِل ِي‪ .‬ملكوته ملكوت أب ِدي‪ ،‬وج ِميع السال ِط ِين ِإياه يعبدو‬
‫َ‬ ‫َ ً ََ‬ ‫َْ‬ ‫ََ ْ َ‬ ‫م َ َ ََ‬ ‫َ‬ ‫َم م َ‬
‫يعون‪ِ 28 .‬إلى مه َنا ِن َه َاية ألا ْم ِر‪ .‬أ َّما أنا َدا ِنيآ َل‪ ،‬فأفك ِاري أف َز َع ْت ِني ك ِثيرا‪َ ،‬وتغ َّي َر ْت َعل َّي‬ ‫وي ِط‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫َه ْيئ ِتي‪َ ،‬و َح ِفظ مت ألا ْم َر ِفي قل ِبي) (‪.)1‬‬
‫كنموذج للتفسير املسيحي لهذه الرؤيا‪ ،‬أنقل تفسير القمص عبد املسيح بسيط‪،‬‬
‫الذي يعرف لنا ابن إلانسان بقوله‪:‬‬
‫(يقول لنا الكتاب َّأنه الرب يسوع املسيح الذي سوف يأتي على السحاب‪...‬‬
‫وبخصوص الوحوش‪ ،‬يقول‪ :‬أوضح هللا لدانيال النبي ومن خالله لنبوخذ نصر أنه قد‬
‫رمز في هذا الحلم وهذه الرؤيا باملعادن ألاربعة ألربع ممالك‪ ،‬إمبراطوريات ستقوم على‬
‫كوت‬ ‫ألا ض بالتتابع إلى أن يأتي في ألايام ألاخيرة‪ ،‬وليس بعدها كما يظن البعض مل م‬
‫ر‬
‫املسيح واملوصوف بالحجر الذي قطع بدون يدين‪ .‬وقد رمز إلى كل إمبراطورية بمعدن‬
‫خاص يبين جوهرها ويخلع عليها بعض الصفات التي ستكون السمة املعروفة بها ورمز‬
‫للمسيح بحجر قطع بدون يدين‪.‬‬
‫‪ -1‬إلامبراطورية ألاولى (بابل ‪ 535-626‬ق‪ .‬م)‪.‬‬
‫‪ -2‬إلامبراطورية الثانية (مادي وفارس ‪ 331 - 535‬ق‪ .‬م)‪ ...‬وهذا ما جاء بتفسيره‬
‫كل من القديس جيروم والقديس هيبوايتوس وما قاله املؤرخ والكاهن اليهودي‬
‫نظرا لسيادة الفرس‪ ،‬كما جاء في سفر‬ ‫يوسيفوس‪ .‬ويصفها البعض باململكة الفارسية ً‬
‫ألاخبار (إلى أن ملكت مملكة فارس)(‪ ،)2‬وكما يقول القدس هيبوليتوس ً‬
‫أيضا‪.‬‬
‫‪ -3‬إلامبراطورية الثالثة (اليونان ‪ 323 - 331‬ق‪ .‬م)‪ ...‬وهذا ما قال به القديس‬
‫هيبوليتوس‪ ،‬والقديس جيروم وغيره من املفسرين‪.‬‬
‫‪ -4‬إلامبراطورية الرابعة (روما ‪ 58‬ق‪ .‬م – ‪ 476‬م)‪ ...‬وكان هذا هو رأى أقدم آلاباء‬
‫الذين وصلتنا كتاباتهم عن سفر دانيال‪ ،‬مثل القديس إيريناؤس في القرن الثاني‬
‫امليالدي‪ ،‬والقديس هيبوليتوس في القرن الثالث‪ ،‬والقديس جيروم في القرن الرابع‬

‫‪ -1‬دانيال‪.1 :‬‬
‫‪ 2 -2‬أخبار‪.22 / 26 :‬‬
‫اصدارات انصار االاما اهمدد ‪‬‬ ‫‪016‬‬

‫ً‬
‫وذهبي الفم في القرن الرابع أيضا (‪423 - 347‬م)‪ ،‬ويقول أحد املفسرين مويدعى جوزيف‬
‫ميدى ‪( Joseph Mede‬اعتقدت الكنيسة اليهودية قبل زمن مخلصنا َّأن إلامبراطورية‬
‫الرابعة في سفر دانيال هي إلامبراطورية الرومانية‪ ،‬وهذا املعتقد تسلمه تالميذ الرسل‬
‫وكل الكنيسة املسيحية ملدة ‪322‬سنة)‪.‬‬
‫‪ -5‬اململكة الخامسة‪ ،‬مملكة القديسين‪ :‬ثم جاءت اململكة الخامسة في أيام الرابعة‬
‫ً‬
‫روحيا!!‬ ‫وليس بعدها‪ ،‬وهي مملكة غزت جميع هذه إلامبراطوريات وسادت عليها‪ ،‬ولكن‬
‫فلم تدمر هذه إلامبراطوريات وتلغي حكوماتها وسيطرتها كما فعلت كل إمبراطورية مع‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫سابقتها‪ ،‬بل غزتهم جميعا روحيا‪ .‬إنها مملكة املسيا‪ ،‬املسيح املنتظر‪ ،‬والتي بدأت في أيام‬
‫ً‬
‫إلامبراطورية الرابعة واستمرت في وجودها أيضا‪ ...‬إنها مملكة املسيح الروحية التي‬
‫انتشرت بالكرازة باإلنجيل للخليقة كلها وليس بقوة السيف والجيوش ( َأل َّن مك َّل َّالذ َ‬
‫ين‬ ‫ِ‬
‫م َ‬ ‫َ ْ م م َن َّ ْ َ‬
‫الس ْي ِف َي ْه ِلكون!)(‪ .)1‬وليست مثل املمالك ألاخرى التي انتشرت‬ ‫ف ب َّ‬
‫يأخذو السي ِ‬
‫(‪)2‬‬
‫بالغزوات واملعارك الحربية وقوه الجيوش) ‪.‬‬
‫وينتهي إلى هذه النتيجة‪:‬‬
‫(يعني ملكوت السموات أو ملكوت هللا في املسيحية مملكة هللا الروحية وملكها هو‬
‫َ م ْ م م َ َ ُّ َ‬
‫ألا ْرَ‬
‫اب)(‪ ،)3‬ول يقصد به أي مملكة عاملية على إلاطالق‪...‬‬ ‫ِ‬ ‫ب‬ ‫وك ورب‬‫الرب يسوع (م ِلك املل ِ‬
‫َّأن ملكوت هللا هو ملكوت املسيح‪ ،‬ويتصف في نبوة دانيال النبي بالصفات التالية‪( :‬أن‬
‫ملكها هو الرب يسوع املسيح‪ ،‬ملك امللوك ورب ألارباب)(‪ ،)4‬والذي قال عن نفسه َّأنه‬
‫(رِئيس ملوك ألارض)(‪ ،)5‬والذي لن يحكم بالسيف أو القوة كما قال هو‪ ،‬بل بالروح‬
‫َ ْ َ‬ ‫ََ َ‬
‫والحق ( َم ْملك ِتي ل ْي َس ْت ِم ْن َهذا ال َعال ِم)(‪ .)6‬هذه اململكة لم تؤسس بالقوة ولم ميؤسسها‬
‫َ َْ َ ً َ ْ ََْ َ َ ً‬
‫ض أ َبدا)‪ ،‬وملكها وحاكمها هو ابن‬ ‫بشر‪ ،‬بل مؤسسها هو إله السموات (مملكة لن تنق ِر‬
‫إلانسان آلاتي على سحاب السماء كما رآه دانيال‪ ...‬هذه اململكة وامللكوت الذي تنبأ عنها‬

‫‪ -1‬متي‪.52 / 26 :‬‬
‫‪ -2‬انظر كتاب‪ :‬هل تنبأ الكتاب المقدس عن نبي آخر يأتي بعد المسيح ‪ -‬القمص عبد المسيح بسيط‪ :‬الفصل العاشر‪.‬‬
‫‪ -2‬رؤيا‪.16 / 19 :‬‬
‫‪ -4‬رؤيا‪.16 / 19 :‬‬
‫‪ -5‬رؤيا‪.5 / 1 :‬‬
‫‪ -6‬يوحنا‪.26 / 11 :‬‬
‫‪017‬‬ ‫شبيه عيسى أو امن هو اهمصلوب؟!‬

‫يم إ َل مه َّ َ‬
‫م م‬ ‫وت َّ َ‬ ‫دانيال النبي هو‪َ ( :‬م َل مك م‬
‫ات‬ ‫الس َماو ِ‬ ‫ات) في العهد الجديد‪ .‬فقوله‪( :‬ي ِق ِ‬ ‫السماو ِ‬
‫َ َْ َ ً َ ْ ََْ َ َ ً‬
‫ض أ َبدا) تحول في تعبير علماء اليهود إلى (ملكوت هللا) أو (ملكوت‬ ‫مملكة لن تنق ِر‬
‫السموات)‪ ،‬إذ َّأن كل مواصفات هذه اململكة كما بينا تؤكد أن أصلها سماوي وأنَّ‬
‫مؤسسها هو هللا)(‪.)1‬‬
‫أما التفسير الذي يذهب إليه الكثير من الكتاب املسلمين‪ ،‬فمن املمكن أن نمثل له‬
‫باألنموذج التالي لتفسير الرؤيا‪:‬‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫م‬
‫مثل أربع ممالك ستقوم متتابعة على ألارض بدءا من زمانه‬ ‫الوحوش في الرؤيا (ت ِ‬
‫أثناء عصر مملكة الكلدانيين أو البابليين (فهي اململكة ألاولى ‪ 535 - 612‬قبل امليالد)‬
‫ً‬
‫هذه التي تمت خاللها الرؤيا‪ ..‬والتي تلتها تأريخيا مملكة الفرس ‪ /‬املاديين (اململكة‬
‫الثانية‪ 331 - 535 ،‬قبل امليالد) التي قضت على حكم البابليين‪ ..‬ويتضح من تمثيل‬
‫الثالثة بنمر على ظهره أربعة أجنحة وله أربعة رؤوس أنها دولة إلاغريق بال شك (‪- 331‬‬
‫ً‬
‫‪ 63‬قبل امليالد)‪ ،‬فهي التي قضت تاريخيا على اململكة الفارسية (الثانية)‪ ،‬ثم تلي دولة‬
‫إلاغريق دولة رابعة هي بال شك دولة الروم التي قضت على اليونانيين (إلاغريق) وتم لها‬
‫انتزاع ألارض املباركة منها عام ‪ 63‬ق‪.‬م‪ ،‬وظلت حاكمة لألرض املباركة حتى عام ‪638‬م‪،‬‬
‫حين انتزعتها منها دولة إلاسالم)(‪.)2‬‬
‫إذن يتفق الطرفان على أن املمالك ألاربعة املقصودة في رؤيا دانيال هي‪ :‬الدولة‬
‫ً‬
‫البابلية‪ ،‬ومن بعدها املادية أو الفارسية‪ ،‬ثم اليونانية فالرومانية أخيرا‪.‬‬
‫ولكنهما يختلفان في أن املسيحيين يقولون أن ابن إلانسان هو عيس ى ‪ ،‬بينما‬
‫‪ ،‬ويختلف الفريقان كذلك في أن املسيحيين يرون‬ ‫يقول املسلمون أنه محمد‬
‫اململكة التي مينشؤها ابن إلانسان مملكة روحية‪ ،‬بينما يرى املسلمون أنها مملكة أرضية‪.‬‬
‫سنؤجل آلان الحديث عن املقصود من املمالك ألاربعة‪ ،‬وهل هي املمالك املذكورة‬
‫أعاله أم غيرها‪ ،‬فالحديث عنها خارج عن موضوعنا آلان طاملا كنا في بيان املفهوم دون‬

‫‪ -1‬كتاب‪ :‬هل تنبأ الكتاب المقدس عن نبي آخر يأتي بعد المسيح ‪ -‬القمص عبد المسيح بسيط‪ :‬الفصل العاشر‪.‬‬
‫‪ :‬ص‪ 12‬وما بعدها‪.‬‬ ‫‪ -2‬تباشير اإلنجيل والتوراة باإلسالم ورسوله محمد‬
‫اصدارات انصار االاما اهمدد ‪‬‬ ‫‪019‬‬

‫املصداق‪ ،‬إذ لسنا آلان في صدد بيان هوية ابن إلانسان‪ ،‬ولكننا بطبيعة الحال سنعود‬
‫ً‬
‫لحقا لتحديد شخصيته‪.‬‬
‫وبقدر تعلق ألامر بتوضيح حدود شخصية ابن إلانسان ستكون املعطيات التي‬
‫يوفرها لنا النص موجها لحركة بحثنا‪ ،‬فأقول‪:‬‬
‫واضح أن الحيوانات ألاربعة أو املمالك ألاربعة كلها تقوم على ألارض‪ ،‬وإن اململكة‬
‫ً‬ ‫م‬
‫الرابعة التي تدفع إلى وقيد النار ستحل بدل منها مملكة القديسين املوعودة‪ ،‬فالبد‬
‫والحال هذه أن تكون هذه اململكة التي يقودها ابن إلانسان مملكة أرضية‪.‬‬
‫وبرأيي أن هذا الفهم هو املتبادر إلى الذهن‪ ،‬وإن القول بأن مملكة القديسين هي‬
‫مملكة روحية يحتاج من قائله إلى دليل وهو مفقود في النص‪.‬‬
‫والواقع ‪ -‬كما يظهر من كالم القمص عبداملسيح ‪ -‬أن املسيحيين قد وقعوا في‬
‫ً‬ ‫ْ َ ً‬ ‫َم‬
‫سوء فهم لبعض العبارات الواردة في الرؤيا من قبيل‪ 14( :‬فأ ْع ِط َي مسلطانا َو َم ْجدا‬
‫ان َأ َب ِد ٌّي َما َل ْن َي مز َ‬
‫ألا ْلس َنة‪ .‬مس ْل َط مان مه مس ْل َط ٌ‬ ‫َ مَ َ َ‬ ‫ُّ‬ ‫َ م‬ ‫َم ً‬
‫ول‪،‬‬ ‫وب وألام ِم و ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫َو َملكوتا ِل َت َت َع َّب َد ل مه ك ُّل الش مع‬
‫م‬ ‫َْ َ َ َ‬ ‫َ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫َ‬ ‫َو َم َل مك موت مه َما َل َي ْن َقر م‬
‫يسو ال َع ِل ِي ف َيأ مخ مذو َن امل ْملكة َو َي ْم َت ِلكو َن‬ ‫ض)‪ ،‬ومن قبيل‪ 18( :‬أ َّما ِق ِد‬
‫َ ْ َ ْ َ َ م َ ُّ ْ َ م َ َ َ َ م ْ َ ْ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ َ ْ َ َ َ َ َ َ َ َِ َ‬
‫آلاب ِدين)‪ ،‬ومن قبيل‪ 27( :‬واململكة والسلطان وعظمة اململك ِة‬ ‫اململكة ِإلى ألاب ِد وِإلى أب ِد ِ‬
‫َ‬
‫ْ َ َ َ م م م َ َ م ٌ َ ٌّ َ َ م َّ َ‬ ‫م َ َ‬ ‫َت ْح َت مكل َّ‬
‫السال ِط ِين‬ ‫الس َم ِاء ت ْعطى ِلش ْع ِب ِق ِد ِيس ي الع ِل ِي‪ .‬ملكوته ملكوت أب ِدي‪ ،‬وج ِميع‬ ‫ِ‬
‫َّ م َ ْ م م َن َ م م نَ‬
‫ِإياه يعبدو وي ِطيعو )‪.‬‬
‫ً‬
‫هذه العبارات يمكن أن نقدم لها فهما يناسب ما قلنا به من ملك أرض ي‪ ،‬وعليه‬
‫يسقط استدللهم ويبقى الفهم املتبادر هو الراجح ويبقى افتقارهم لدليل على ما قالوا‬
‫به‪.‬‬
‫فالسلطان ألابدي يراد منه أن الدولة أو اململكة التي يتسيدها ابن إلانسان وشعب‬
‫القديسين ستكون هي املسيطرة إلى أن يرث هللا ألارض ومن عليها‪ ،‬وستنتهي وتزول دولة‬
‫الظاملين إلى ألابد‪ ،‬ولن تقوم لها قائمة بعد هذا‪.‬‬
‫فدولة العدل إلالهي التي وعد هللا املستضعفين بها ستكون هي الخاتمة التي تؤول‬
‫إليها حركة التاريخ البشري على ألارض‪.‬‬
‫‪018‬‬ ‫شبيه عيسى أو امن هو اهمصلوب؟!‬

‫وأهل بيته‬ ‫وقد ورد هذا املعنى في أحاديث كثيرة صدرت عن النبي محمد‬
‫‪ .‬وهو على أي حال واضح من حديث الرؤيا عن كون القديسون يأخذون اململكة بعد‬
‫أن كانت تحت سلطان اململكة الرابعة وهي مملكة تقوم على ألارض كما يعترف‬
‫املسيحيون‪.‬‬
‫ولعل املسيحيين قد شعروا بحرج كبير وهم يرون عيس ى الذي جاء إلى ألارض دون‬
‫أن يحقق كل هذا‪ ،‬فبادروا إلى اقتراح فكرة اململكة الروحية‪ ،‬مع أنهم يرون بأعينهم أن‬
‫هذه اململكة الروحية املزعومة لم تبسط السيطرة على كل ألارض‪ ،‬ويعلمون علم‬
‫ً‬
‫اليقين أن سالطين ألارض ل تعبد هللا‪ ،‬بل ورد عن بولس أن هناك ارتدادا سيحدث‪،‬‬
‫ْ م‬ ‫م َ َم م َ‬ ‫ً‬
‫وهو بال شك يشمل املسيحيين أيضا‪ 1( :‬ث َّم ن ْسألك ْم أ ُّي َها ِإلاخ َوة ِم ْن ِج َه ِة َم ِج ِيء َرِب َنا‬
‫وح‬ ‫ر‬‫اعوا‪َ ،‬ل ب م‬ ‫اجت َماع َنا إ َل ْيه‪َ 2 ،‬أ ْن َل َت َت َز ْع َز معوا َسريع ًا َع ْن ذ ْهن مك ْم‪َ ،‬و َل َت ْرَت م‬ ‫وع ْاملَسيح َو ْ‬ ‫َي مس َ‬
‫ٍَ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫ٌ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ْ َ َ َّ م ْ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ َ َ ِ َ َ َ َ َ َّ َ َّ َ ْ َ َّ َ ْ َ ْ َ‬
‫ول ِبك ِلم ٍة ول ِب ِرسال ٍة كأنها ِمنا‪ :‬أي أن يوم امل ِس ِيح قد حضر‪ 3 .‬ل يخدعنكم أحد على‬
‫ْ َ م َ َّ ً َ م ْ َ ْ َ ْ ْ َ م ْ َ‬ ‫َ ْ‬ ‫َ َ ْ‬ ‫َ َ‬
‫ان الخ ِط َّي ِة‪ْ ،‬اب من‬ ‫ط ِريق ٍة َما‪ ،‬أل َّن مه ل َيأ ِتي ِإ ْن ل ْم َيأ ِت الارِتداد أول‪ ،‬ويستعلن ِإنس‬
‫ْ َ‬
‫ال َهال ِك)(‪.)1‬‬
‫ً‬
‫وإنه ملا يثير الاستغراب حقا أن يتجاهل املسيحيون ذلك الوصف الواضح الجلي‬
‫الذي قدمه لهم عيس ى ‪ ‬وسطرته أناجيلهم حول مجيء ابن إلانسان‪.‬‬
‫َ‬ ‫ََ‬ ‫س َع َلى َج َبل َّ‬
‫الزْي متو ِن‪ ،‬تق َّد َم ِإل ْي ِه‬ ‫ِ‬
‫فقد ورد في إنجيل متى‪ ،‬وغيره‪َ 3( :‬و ِف َيما مه َو َج ِال ٌ‬
‫هذا؟ َو َما ه َي َع َال َم مة َمجيئ َك َو ْانق َ‬ ‫َّ َ م َ َ ْ َ َ َ م ْ َ َ َ َ َ م م َ‬
‫ض ِاء‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫التال ِميذ على ان ِفر ٍاد قا ِئ ِلين‪ :‬قل لنا متى يكون‬
‫ْ‬ ‫َ‬
‫ال َل مه ْم‪ْ :‬ان مظ مروا! َل ميض َّل مك ْم أ َح ٌد‪َ 5 .‬فإ َّن َكثير َ‬ ‫ََ َ َ َ م م َ َ‬
‫ين َس َيأ متو َن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫ق‬ ‫الد ْه ِر؟ ‪ 4‬فأجاب يسوع و‬ ‫َّ‬
‫َ ْ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫يح! َو ميض ُّلو َن َكثير َ‬ ‫َ َ ََ م َ َْ‬
‫ين‪َ 6 .‬و َس ْوف ت ْس َم معون ِب مح مروب َوأخ َب ِار‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫املس م‬
‫ِ‬ ‫اس ِمي قا ِئ ِلين‪ :‬أنا هو‬ ‫ب ْ‬
‫ِ‬
‫س ْاملم ْن َت َهى َب ْع مد‪َ 7 .‬أل َّنهم‬ ‫هذ ِه مك ُّل َها‪َ ،‬و ِلك ْن َل ْي َ‬ ‫َ َ ْ َ م َ َّ م َ م َّ َ ْ َ م نَ‬ ‫م‬ ‫مْ م‬ ‫م‬ ‫م‬
‫وب‪ .‬انظروا‪ ،‬ل ترتاعوا‪ .‬ألنه ل بد أن تكو ِ‬ ‫حر ٍ‬
‫َ‬ ‫ٌَ َ َ‬ ‫َ‬ ‫اع ٌ‬ ‫م‬
‫وم أ َّم ٌة َع َلى أ َّمة َو َم ْم َل َك ٌة َع َلى َم ْم َل َكة‪َ ،‬و َت مكو من َم َج َ‬ ‫م‬ ‫َت مق م‬
‫ات َوأ ْو ِبئة َوزل ِز مل ِفي أ َم ِاك َن‪8 .‬‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫م‬ ‫م م‬ ‫م َ‬ ‫َ‬ ‫م َ‬ ‫م َّ‬
‫هذ ِه كل َها مم ْب َت َدأ ألا ْو َج ِاع‪ِ 5 .‬حين ِئ ٍذ مي َس ِل مم َونك ْم ِإلى ِضيق َو َي ْق متل َونك ْم‪َ ،‬و َتك مونو َن‬ ‫و ِلكن ِ‬
‫َ َّ‬
‫ً‬ ‫ون َو مي َسل ممو َن َب ْع م‬ ‫اسمي‪َ 12 .‬وح َينئذ َي ْع مث مر َكث مير َ‬ ‫ألا َمم َأل ْجل ْ‬ ‫م‬ ‫َ‬
‫ض مه ْم َب ْعضا‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫مم ْبغ ِض َين ِم ْن َج ِم ِيع‬
‫َْ‬
‫ين‪َ 12 .‬وِلكث َر ِة‬ ‫ون َو ميض ُّلو َن َكثير َ‬ ‫وم َأ ْنب َي ماء َك َذ َب ٌة َكث مير َ‬ ‫ض مه ْم َب ْعض ًا‪َ 11 .‬و َي مق م‬ ‫ضو َن َب ْع م‬ ‫َو مي ْبغ م‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫‪ -1‬رسالة بولس الثانية إلى أهل تسالونيكي‪.2 :‬‬
‫اصدارات انصار االاما اهمدد ‪‬‬ ‫‪051‬‬

‫ْ‬ ‫هذا َي ْخ مل م‬ ‫َ ْ م َ ْمْ َ َ َ َ‬ ‫َّ‬ ‫إلا ْثم َت ْب مر مد َم َح َّب مة ْال َكثير َ‬


‫ص‪َ 14 .‬و ميك َر مز‬ ‫ين‪َ 13 .‬و ِلك ِن ال ِذي يص ِبر ِإلى املنتهى ف‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫ألا َمم‪ .‬مث َّم َي ْأتي ْاملم ْن َت َهى‪َ 15 .‬ف َمتىَ‬ ‫م‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫م‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫م‬ ‫َ َ ْ ََ م‬
‫ِ‬ ‫هذ ِه ِفي ك ِل املسكون ِة شهادة ِلج ِم ِيع ِ‬ ‫وت ِ‬ ‫ِب ِبشار ِة امللك ِ‬
‫مَ‬ ‫ْ‬ ‫ََ‬ ‫ْ‬ ‫َّ َ َ َ ْ َ َ م َّ َ ً‬ ‫َ َ ْم ْ ْ َ َ ْ َ َ‬
‫الن ِب ُّي قا ِئ َمة ِفي املك ِان املق َّد ِس ‪ِ -‬ل َي ْف َه ِم‬ ‫اب ال ِتي قال عنها د ِانيآل‬ ‫نظرتم ِرجسة الخر ِ‬
‫َّ ْ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َ ْ‬ ‫ْ‬ ‫َّ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َْ م‬
‫السط ِح فال‬ ‫ود َّي ِة ِإلى ال ِج َب ِال‪َ 17 ،‬وال ِذي َعلى‬ ‫الق ِارئ – ‪ 16‬ف ِحين ِئ ٍذ ِل َي ْه مرب ال ِذين ِفي ال َي مه ِ‬
‫ْ م َ‬ ‫ْ َْ َ َ َْ ْ َ‬ ‫َّ‬ ‫َ ً‬ ‫ْ م َ‬ ‫ْ‬
‫جع ِإلى َو َرا ِئ ِه ِل َيأخذ ِث َي َاب مه‪15 .‬‬ ‫َين ِز ْل ِل َيأخذ ِم ْن َب ْي ِت ِه ش ْيئا‪َ 18 ،‬وال ِذي ِفي الحق ِل فال ير‬
‫َ‬ ‫م‬ ‫َ َ ُّ َ َ م َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ َ ْ ْ َ َ َ ْم َ‬
‫صلوا ِلك ْي ل َيكون َه َرمبك ْم ِفي ِش َت ٍاء َول ِفي‬ ‫ات ِفي ِتل َك ألا َّي ِام! ‪ 22‬و‬ ‫ووي ٌل ِللح َبالى وامل ْر ِضع ِ‬
‫َ َ‬ ‫ْ َ َ‬ ‫م‬ ‫ٌ َ ٌ َ م ْم‬ ‫َ م م َ‬
‫آلان َول ْن‬ ‫يم ل ْم َيك ْن ِمثل مه مم ْنذ ْاب ِت َد ِاء ال َعال ِم ِإلى‬ ‫َس ْب ٍت‪ 21 ،‬أل َّن مه َيكون ِحين ِئ ٍذ ِضيق ع ِظ‬
‫َ َ ْ َ ْ م َ َّ ْ ْ َ َ َّ م َ ْ َ ْ م ْ َ َ ٌ َ ْ َ ْ ْ م ْ َ َ م َ َّ ْ‬ ‫م َ‬
‫ص مر ِتل َك‬ ‫َيكون‪ 22 .‬ولو لم تقصر ِتلك ألايام لم يخلص جسد‪ .‬و ِلكن ألج ِل املختا ِرين تق‬
‫َ‬ ‫ْ َ َ َ م ْ َ َ ٌ م َ َ َْ م م َ َ ْ م َ َ َ َ م َ م‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ص ِدقوا‪ 24 .‬أل َّن مه‬ ‫ألا َّي مام‪ِ 23 .‬حين ِئ ٍذ ِإن قال لكم أحد‪ :‬هو ذا امل ِسيح هنا! أو‪ :‬هناك! فال ت‬
‫ُّ َ‬ ‫ً‬ ‫َ َ ٌ َم م َ‬ ‫َ َ َ ٌ ََْ‬ ‫َس َي مق م‬
‫ات َع ِظ َيمة َو ًَ َج ِائ َب‪َ ،‬ح َّتى مي ِضلوا ل ْو‬ ‫وم مم َسح ماء كذ َبة وأن ِب َي ماء كذ َبة وي ْعطون َآي ٍ‬
‫َ َ م َم‬ ‫َ ْ مم‬ ‫ََ َ‬ ‫َ ْ َ َ ْم ْ َ َ َ ً‬
‫ين أ ْيضا‪َ 25 .‬ها أنا ق ْد َس َب ْق مت َوأخ َب ْرتك ْم‪ 26 .‬ف ِإ ْن قالوا لك ْم‪َ :‬ها مه َو ِفي‬ ‫أمكن املختا ِر‬
‫صد مقوا‪َ 27 .‬أل َّن مه َك َما َأ َّن ْال َب ْر َق َي ْخ مر مج منَ‬ ‫َ‬ ‫م‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫م‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ ْ م‬ ‫َْ‬
‫ِ‬ ‫الب ِرَّي ِة! فال تخ مرجوا‪ .‬ها هو ِفي املخ ِاد ِع! فال ت ِ‬
‫م َم‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫هك َذا َي مكو من َأ ْي ً‬ ‫َ‬ ‫َْ َ ق َ َ َْ م َ َْ َ‬
‫يء ْاب ِن ِإلان َس ِان‪ 28 .‬أل َّن مه َح ْيث َما تك ِن‬ ‫ضا َمج م‬
‫ِ‬ ‫‪،‬‬ ‫ب‬ ‫املش ِار ِ ويظهر ِإلى امل ِ ِ‬
‫ر‬ ‫ا‬ ‫غ‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َّ‬ ‫ْ‬ ‫م‬
‫ور‪َ « 25 .‬وِلل َوق ِت َب ْعد ِضيق ِتلك ألا َّيام تظ ِل مم الش ْم م‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ م َّ م َ م َ َ َ ْ َ م ُّ‬
‫س‪َ ،‬والق َم مر‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الن مس م‬ ‫الجثة‪ ،‬فهناك تجت ِمع‬
‫َ‬ ‫َ ْ َ م َ ُّ م م َ ْ م م َ َّ َ َ م َّ م َّ َ َ َ َ‬ ‫َ مْ‬
‫ات تت َز ْع َز مع‪َ 32 .‬و ِحين ِئ ٍذ‬ ‫ل يع ِطي ضوءه‪ ،‬والنجوم تسقط ِمن السم ِاء‪ ،‬وقوات السماو ِ‬
‫ألا ْ ض‪َ ،‬و مي ْبص مر َ‬ ‫َ‬ ‫وح َجم ميع َق َ‬ ‫الس َماء‪َ .‬وح َينئذ َت من م‬ ‫َت ْظ َه مر َع َال َم مة ْابن إلا ْن َسان في َّ‬
‫ون ْاب َن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ر‬ ‫ل‬ ‫ِ‬ ‫ئ‬‫ِ‬ ‫ا‬ ‫ب‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ ِ‬
‫َ‬ ‫م‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫الس َم ِاء ِبق َّو ٍة َو َم ْج ٍد ك ِث ٍير‪ 31 .‬في ْر ِس مل َمال ِئكته ِب مبوق ع ِظ ِيم‬ ‫م‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫م‬ ‫إلا ْن َسان آ ِت ًيا َع َلى َس َحاب َّ‬
‫َ َ‬ ‫ِ ِ‬
‫َ‬ ‫َ َْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ َْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ْ َ م َن م ْ‬
‫ات ِإلى أقص ِائها‪32 .‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫الري ِاح‪ِ ،‬من أقص ِاء السماو ِ‬ ‫َّ‬
‫ِ‬ ‫الص ْو ِت‪ ،‬فيجمعو مختا ِر ِيه ِمن ألارب ِع‬
‫ْ‬ ‫َّ‬
‫َ َ َ َ َ َ‬ ‫ْ ً َ ْ‬ ‫ص َار مغ ْ‬ ‫َفم ْن َش َج َرة التين َت َع َّل مموا ْاملَ َث َل‪َ :‬م َتى َ‬
‫ص من َها َرخصا َوأخ َر َج ْت أ ْو َراق َها‪ ،‬ت ْعل ممون أ َّن‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َّ ْ َ َ ٌ ِ َ َ َ ْ م ْ َ ْ ً َ َ َ َ ْ م ْ َ م َّ م َ ْ َ م َ َّ م َ ٌ َ َ َ‬
‫اب‪.‬‬ ‫الصيف ق ِ َريب‪ 33 .‬هكذا أنتم أيضا‪ ،‬متى رأيتم هذا كله فاعلموا أنه ق ِريب على ألاب َو ِ‬
‫هذا مك ُّل مه‪َ 35 .‬ا َّ‬ ‫َ ْ م َ َّ َ م َ َ‬ ‫َ‬ ‫م َم‬ ‫َْ‬
‫ض‬ ‫لس َم ماء َوألا ْر م‬ ‫‪ 34‬ال َح َّق أقو مل لك ْم‪ :‬ل َي ْم ِض ي هذا ال ِجيل حتى يكون‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ َ ْ م َ ْ َ َّ َ م َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫ولن َو ِلك َّن َك َال ِمي َل َي مز م‬ ‫َم َ‬
‫اعة فال َي ْعل مم ِب ِه َما أ َح ٌد‪َ ،‬ول‬ ‫ول‪َ 36 .‬وأ َّما ِذلك اليوم و ِتلك الس‬ ‫ِ‬ ‫تز‬
‫ً‬
‫ذل َك َيكو من أ ْيضا َمج م‬ ‫َ‬ ‫م‬ ‫َ‬ ‫م‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫م‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫يء ْاب ِن‬ ‫ِ‬ ‫وح ك ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ات‪ِ ،‬إل أ ِبي َو ْح َد مه‪َ 37 .‬وك َما كان ْت أ َّي مام ن‬ ‫َمالئكة َّ َ‬
‫الس َماو ِ‬ ‫ِ‬
‫َ َّ َّ َ ْ َ ُّ َ َ ْ م م َن َ َ ْ َ م َن َ َ َ َ َّ م نَ‬ ‫َ َّ م َ َ َ م‬ ‫ْ‬
‫ِإلان َس ِان‪ 38 .‬ألنه كما كانوا ِفي ألاي ِام ال ِتي قبل الطوف ِان يأكلو ويشربو ويتزوجو‬
‫َ َ ْ َ ْ َ م َ َّ َ َ ُّ َ‬ ‫م ٌ ْ ْ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َ َ ْ‬
‫ان‬ ‫وف م‬ ‫وح ال مفل َك‪ 35 ،‬ولم يعلموا حتى جاء الط‬ ‫َو مي َز ِو مجون‪ِ ،‬إلى ال َي ْو ِم ال ِذي َدخ َل ِف ِيه ن‬
‫‪050‬‬ ‫شبيه عيسى أو امن هو اهمصلوب؟!‬

‫ْ‬ ‫َ م م ْ‬
‫يء ْاب ِن ِإلان َس ِان‪ِ 42 .‬حين ِئ ٍذ َيكون اث َن ِان ِفي ال َح ْق ِل‪،‬‬
‫ْ‬ ‫ضا َمج م‬ ‫َو َأ َخ َذ ْال َجم َيع‪َ ،‬كذل َك َي مكو من َأ ْي ً‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الر َحى‪ ،‬مت ْؤ َخ مذ ْال َواح َد مة َو مت ْت َركم‬ ‫َّ‬ ‫ََ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ََْ َ ْ‬
‫يؤخذ الو ِاحد ويترك آلاخر‪ِ 41 .‬اثنت ِان تطحن ِان على‬ ‫م‬ ‫َ‬ ‫م‬ ‫َ‬ ‫م ْ َ م ْ َ م َمْ‬
‫ِ‬
‫َ َ َّ م َْ‬ ‫َ ْ مَ‬ ‫ْ َ م ً َ َّ م ْ َ َ ْ َ م َ َ َّ َ َ َ ْ َ ُّ ْم‬ ‫مْ‬
‫ألاخ َرى‪ِ 42 .‬اسهروا ِإذا ألنكم ل تعلمون ِفي أي ِة ساع ٍة يأ ِتي ربكم‪ 43 .‬واعلموا هذا‪ :‬أنه لو‬
‫م م‬ ‫َّ م َ َ َ َ ْ َ َ ْ َ ْ َ م م ْ َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫ذل َك كونوا‬ ‫الس ِارق‪ ،‬لس ِه َر ولم يدع بيته ينق مب‪ِ 44 .‬ل ِ‬ ‫َع َرف َر ُّب ال َب ْي ِت ِفي أ ِي َه ِز ٍيع َيأ ِتي‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ َ َ َ م َ ْ‬ ‫َْم ْ َْ ً م ْ َ َ َ‬
‫اع ٍة ل تظ ُّنون َيأ ِتي ْاب من ِإلان َس ِان‪ 45 .‬ف َم ْن مه َو ال َع ْب مد‬ ‫ين‪ ،‬أل َّن مه ِفي س‬ ‫أنتم أيضا مست ِع ِد‬
‫الط َع َام في حينه؟ ‪ 46‬مط َ‬ ‫م ْ َ م م َّ‬ ‫َ‬
‫يم َّالذي أ َق َام مه َسي مد مه َع َلى َخ َ‬ ‫ألام مين ْال َ‬‫َ‬
‫ذل َك‬ ‫ِ ِ‬ ‫ل‬ ‫ى‬ ‫وب‬ ‫ِ ِ ِِ‬ ‫م‬ ‫ه‬ ‫ي‬ ‫ط‬ ‫ع‬
‫ِِ ِ ِ‬ ‫ي‬ ‫ل‬ ‫ه‬ ‫م‬ ‫د‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫م‬ ‫ك‬
‫ِ‬ ‫ح‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫َ ْ َ َّ َ م م َ م ْ َّ م م م م َ َ‬ ‫َ َ َ َ مم َ مم َْ َ م َ َ‬ ‫ْ َ ْ َّ‬
‫العب ِد ال ِذي ِإذا جاء س ِيده ي ِجده يفعل هكذا! ‪ 47‬الحق أقول لكم‪ِ :‬إنه ي ِقيمه على ج ِم ِيع‬
‫َ‬ ‫م‬ ‫َْ‬
‫الر ِد ُّي ِفي قل ِب ِه‪َ :‬س ِي ِدي مي ْب ِط مئ ق مد َوم مه‪ 45 .‬ف َي ْب َت ِد مئ‬ ‫ال ِذل َك ْال َع ْب مد َّ‬ ‫َأ ْم َو ِال ِه‪َ 48 .‬و ِلك ْن إ ْن َق َ‬
‫ِ‬
‫َْ َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َْ َ م َ ْ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ م ْ َ َ م َ َ َ م َ َ ْ م م َ َ ْ َ م َ َ ُّ َ‬
‫يض ِرب الع ِبيد رفقاءه ويأكل ويشرب مع السكارى‪ 52 .‬يأ ِتي س ِيد ِذلك العب ِد ِفي يو ٍم ل‬
‫َ م َ م م َ َ ْ َ م َ َ م َ َ ْمَ َ م َ َ م م ْ َ‬ ‫ََْ مم َ َ َ َ م‬
‫اك َيكون ال مبك ماء‬ ‫اع ٍة ل َي ْع ِرف َها‪ 51 ،‬فيق ِطعه ويجعل ن ِصيبه مع املرا ِئين‪ .‬هن‬ ‫ينت ِظره و ِفي س‬
‫َ‬
‫ص ِر مير ألا ْس َن ِان)(‪.)1‬‬ ‫َو َ‬
‫هذا النص يبين بجالء ل لبس فيه إن ما أخبر عنه دانيال النبي ‪ ‬في رؤياه‬
‫سيقع كله على هذه ألارض وفي هذا العالم الذي نعيشه‪ ،‬فالحروب واملجاعات وألاوبئة‬
‫كلها تناسب عاملنا هذا‪ ،‬وكذلك نزول رجسة الخراب‪ ،‬أي اململكة الحديدية أو اململكة‬
‫ً‬
‫الرابعة في املكان املقدس‪ ،‬وأيضا بالتأكيد مجيء ابن إلانسان كل ذلك يحدث في عاملنا‬
‫هذا‪ ،‬ولذلك نصح عيس ى الناس بأن يسهروا ويترقبوا مجيء ابن إلانسان أو املسيح‪.‬‬
‫ً‬
‫والسهر أو الترقب ل يكون له معنى إذا كان متعلقا بأمر أخروي أو بدينونة الناس التي لن‬
‫يفلح إنسان في إلافالت منها أو تضييعها‪ ،‬وليس من شك في أن التحفيز على الترقب‬
‫ً‬
‫والانتظار يناسب أمرا يمكن تضييعه‪.‬‬
‫ً‬
‫والنصوص أيضا تبين أن مجيء ابن إلانسان ومختاريه سيرافقه إلقاء رجسة‬
‫الخراب إلى وقيد النار وتأسيس دولة العدل إلالهي‪ ،‬أي اململكة التي يحكم فيها‬
‫املختارون‪.‬‬
‫وهذا ما توضحه رؤيا أخرى وردت في سفر دانيال‪ ،‬كما يلي‪:‬‬

‫‪ -1‬متى‪ ،24 :‬وانظر مرقس‪.12 :‬‬


‫اصدارات انصار االاما اهمدد ‪‬‬ ‫‪052‬‬

‫ً‬ ‫َْ م َْ م ْ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َْ َ َ َْ م م ْ َ َ ْ م َ َ‬


‫يم ال َب ِه ُّي ِجدا‬ ‫التمثال الع ِظ‬ ‫(‪ 31‬أنت أ ُّي َها امل ِلك كنت تنظ مر وِإذا ِب ِت ْمثال ع ِظ ٍيم‪ .‬هذا ِ‬
‫هذا الت ْم َثال م ْن َذ َهب َجي ٍد‪َ .‬‬ ‫َْ م َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ م َ‬
‫اع ماه ِم ْن‬ ‫ص ْد مر مه َوذ َر َ‬
‫ِ‬ ‫ٍ ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫َوقف ق َبال َت َك‪َ ،‬و َم ْنظ مر مه َه ِائ ٌل‪ 32 .‬رأس‬
‫ض مه َما ِم ْن َح ِد ٍيد‬ ‫ضة‪َ .‬ب ْط من مه َو َف ْخ َذ ماه م ْن من َحاس‪َ 33 .‬س َاق ماه م ْن َحديد‪َ .‬ق َد َم ماه َب ْع م‬ ‫َّ‬
‫ِ ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِف ٍ‬
‫م ْ َ َْ م م َ َ ْ م َ َ َ ٌ َْ َ َ ْ َ َ َ َ ْ َ َ َ‬ ‫َو ْال َب ْع م ْ َ َ‬
‫ال َعلى‬ ‫التمث‬ ‫ض ِمن خز ٍف‪ 34 .‬كنت تنظر ِإلى أن ق ِطع حجر ِبغي ِر يدي ِن‪ ،‬فضرب ِ‬
‫ْ َ م‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬
‫ق َد َم ْي ِه الل َت ْي ِن ِم ْن َح ِد ٍيد َوخ َز ٍف ف َس َحق مه َما‪ 35 .‬فان َس َح َق ِحين ِئ ٍذ ال َح ِد ميد َوالخ َزف‬
‫الر ميح‬ ‫ا‬ ‫ه‬ ‫ف‪َ ،‬ف َح َم َل ْت َ‬ ‫ِ‬
‫الص ْ‬
‫ي‬ ‫ص َاف ِة ْال َب ْي َدر في َّ‬ ‫صا َر ْت َك مع َ‬ ‫الذ َه مب َمع ًا‪َ ،‬و َ‬ ‫َ ُّ َ م َ ْ َّ م َ َّ‬
‫والنحاس وال ِفضة و‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫َ َ َ ْ َ َ َ َ َ َ َ ً َ ً َ َ َ َ ْ َ م ََّ‬ ‫َ َ ْ م َ ْ َ َ َ َ ٌ َ َّ ْ َ َ م َّ‬
‫التمثال فصار جبال ك ِبيرا ومأل ألارض كلها‪.‬‬ ‫فلم يوجد لها مكان‪ .‬أما الحجر ال ِذي ضرب ِ‬
‫َ‬ ‫م م‬ ‫َ م‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ َ‬ ‫َ‬ ‫م َّ ْ َ‬ ‫َ م َ ْ مْ َم ْ َ ْ‬
‫وك‪ ،‬أل َّن ِإ َله‬ ‫‪ 36‬هذا هو الحل مم‪ .‬فنخ ِب مر ِبتع ِب ِير ِه قد َام امل ِل ِك‪ 37 .‬أنت أ ُّي َها امل ِلك َم ِلك ممل ٍ‬
‫ْ َ‬ ‫م‬
‫اك َم ْملكة َواق ِت َدارا َو مسلطانا َوفخرا‪َ 38 .‬و َح ْيث َما َي ْسك من َب منو ال َبش ِر‬
‫م‬ ‫ْ َ ً َ ْ ً‬ ‫ََ ً ْ ً‬ ‫الس َم َاوات َأ ْع َط َ‬ ‫َّ‬
‫ِ‬
‫َ م م م ْ َ َ م م م َّ َ َ َ َ َ َ َ َ َ َّ َ َ َ َ ْ َ َ َ َ َ ْ َ َ َّ ْ‬
‫س ِم ْن‬ ‫الرأ م‬ ‫ووحوش الب ِر وطيور السم ِاء دفعها ِلي ِدك وسلطك عليها ج ِمي ِعها‪ .‬فأنت هذا‬
‫اس‬ ‫ص َغ مر م ْن َك َو َم ْم َل َك ٌة َثال َث ٌة مأ ْخ َرى م ْن من َ‬
‫ح‬ ‫وم َم ْم َل َك ٌة مأ ْخ َرى َأ ْ‬ ‫َذ َهب‪َ 35 .‬و َب ْع َد َك َت مق م‬
‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫ص ْل َب ٌة َك ْال َحديد‪َ ،‬أل َّن ْال َحد َيد َي مدقُّ‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫َ‬
‫َف َت َت َسلط َعلى كل ألا ْرض‪َ 42 .‬وتكون َم ْملكة َراب َعة َ‬
‫َ‬ ‫م‬ ‫م‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫م‬ ‫َ‬ ‫م‬ ‫َّ‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫هؤ َلء‪َ 41 .‬وب َما َ َأ ْيتَ‬ ‫م َ م َ ْ َ م َ م َ م م َّ م‬
‫ويسحق كل ش ي ٍء‪ .‬وكالح ِد ِيد ال ِذي يك ِسر تسحق وتك ِسر كل‬
‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ْ َ م م َّ َ ْ َ َ ْ‬
‫ر‬ ‫ِ‬
‫َ ْ َ ْ َ َ م َ م م مِ ْ َ َ ً‬ ‫ض َها م ْن َخ َز ٍف َو ْال َب ْع م‬ ‫صاب َع َب ْع م‬ ‫َْ َ َْ َ َ‬
‫ض ِم ْن َح ِد ٍيد‪ ،‬فاململكة تكون منق ِسمة‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ألا َ‬ ‫القدمي ِن و‬
‫َ‬
‫َو َي مكو من ف َيها مق َّو مة ْال َحديد م ْن َح ْي مث إ َّن َك َرأ ْي َت ْال َحد َيد مم ْخ َتل ًطا ب َخ َزف الطين‪َ 42 .‬وأ َ‬ ‫َ‬
‫ص ِاب مع‬ ‫ِ ِ ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫ض ْاملَ ْم َل َك ِة َي مكو من َقوي ًا َو ْال َب ْعضم‬ ‫ض م ْن َخ َز ٍف‪َ ،‬ف َب ْع م‬ ‫ض َها م ْن َح ِد ٍيد َو ْال َب ْع م‬ ‫ْال َق َد َم ْين َب ْع م‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َّ‬ ‫َ َّ م ْ َ ْ َ م َ َْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ََ ْ َ ْ َ َ م ْ َ ً‬ ‫َ ً‬
‫اس‪،‬‬ ‫س ِل الن ِ‬ ‫الط ِين‪ ،‬ف ِإنهم يخت ِلطون ِبن‬ ‫ق ِصما‪ 43 .‬و ِبما رأيت الح ِديد مخت ِلطا ِبخز ِف ِ‬
‫م َ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ م ْ َ‬ ‫َ ْ َ ََ َ َ م َ َ َ َ َ ْ‬
‫اك‪ ،‬ك َما أ َّن ال َح ِد َيد ل َيخ َت ِلط ِبالخ َز ِف‪َ 44 .‬و ِفي أ َّي ِام هؤل ِء‬ ‫و ِلكن ل يتالصق هذا ِبذ‬
‫ََ‬ ‫َ‬ ‫م‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫م‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫ات َم ْملكة ل ْن تنقر َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫يم إ مله َّ َ‬ ‫ْاملم ملوك‪ ،‬ميق م‬
‫ض أ َبدا‪َ ،‬و َم ِلك َها ل ميت َرك ِلش ْع ٍب آخر‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫الس َماو ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫م‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫م‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫م‬ ‫م‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫م‬ ‫ْ‬ ‫م‬ ‫ََ ْ َ م َ‬
‫هذ ِه املم ِال ِك‪ ،‬و ِه َي تثبت ِإلى ألاب ِد‪ 45 .‬ألنك َرأيت أنه قد ق ِطع حج ٌر‬ ‫وتسحق وتف ِني ك َّل ِ‬
‫ْ َ َ َ َ َ ْ َ َ َ َ ْ َ َ َ ُّ َ َ َ ْ َ َ َ َ ْ َّ َ َ َّ َ َ َ ْ َ م َ‬
‫يم ق ْد‬ ‫هلل الع ِظ‬ ‫ِمن جبل ل ِبيدي ِن‪ ،‬فسحق الح ِديد والنحاس والخزف وال ِفضة والذهب‪ .‬ا م‬
‫َ‬ ‫َ َْ ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ َْ‬
‫َع َّرف امل ِل َك َما َس َيأ ِتي َب ْع َد هذا‪ .‬ال محل مم َح ٌّق َوت ْع ِب مير مه َي ِق ٌين) (‪.)1‬‬
‫إذن اململكة الرابعة في نص الرؤيا السابق هي نفسها اململكة الحديدية في هذه‬
‫بدل منها (مملكة القديسين‪ ،‬أو مملكة العدل إلالهي) ستكون‬ ‫ً‬
‫الرؤيا‪ ،‬واململكة التي تحل‬

‫‪ -1‬دانيال‪.2 :‬‬
‫‪053‬‬ ‫شبيه عيسى أو امن هو اهمصلوب؟!‬

‫َ َ َ ْ َ َ َ َ َ َ َ ً َ ً َ َ َ َ ْ َ م َّ‬ ‫َ َّ ْ َ َ م َّ‬
‫ض كل َها)‪.‬‬ ‫التمثال فصار جبال ك ِبيرا ومأل ألار‬ ‫ِ‬ ‫ب‬ ‫ر‬‫ض‬ ‫ي‬ ‫ذ‬
‫على هذه ألارض‪( :‬أما الحجر ِ‬
‫ال‬
‫وكونه مأل ألارض كلها يعني انتشاره في كل ألارض‪.‬‬
‫ً‬
‫من هنا يتبين أن ما قال به املسيحيون تفسيرا للرؤيا الواردة في سفر دانيال‪ ،‬من‬
‫أن املقصود باململكة الحديدية هي دولة الرومان أمر واضح البطالن‪ ،‬فمملكة هللا لم‬
‫تقم بعد دولة الرومان‪ ،‬والظلم ل زال إلى يوم الناس هذا يعم ألارض(‪.)1‬‬
‫سأنقل آلان نصين عن قاموس الكتاب املقدس يتبين منهما الخلط وسوء الفهم‬
‫الذي وقع فيه املسيحيون فيما يتعلق بأحداث آخر الزمان‪:‬‬
‫النص ألاول‪:‬‬
‫(وقد استعملت عبارة (ابن إلانسان) في السفر غير القانوني املنسوب إلى أخنوخ‬
‫(ص‪ 2 :46‬و ‪ 7 :62 ،2 :48 ،3‬و ‪ 5‬و ‪ 26 :65 ،11 :63 ،14‬و ‪)17 :71 ،1 :72 ،27‬‬
‫للدللة على املسيا كما يأتي في يوم القضاء والانتصار)(‪.)2‬‬
‫النص الثاني‪:‬‬
‫ً‬
‫(ويقول كاتب سفر أخنوخ أن (ابن إلانسان) كان موجودا قبل خلق العالم أنظر‪:‬‬
‫"ص‪ 2 :48‬و‪ ."3‬وأنه سيدين العالم أنظر "ص‪ ."27 :65‬وأنه سيملك على الشعب البار‬
‫أنظر ص‪.)3()6-62:1‬‬
‫في هذين النصين إشارة إلى يوم الدينونة الصغرى أو القيامة الصغرى كما تسميها‬
‫املصادر إلاسالمية‪ ،‬واملقصود منها أن مجيء املسيح املنتظر سيرافقه‪ ،‬كما تحدث عيس ى‬
‫في النص املنقول أعاله عن إنجيل متى‪ ،‬زلزل وبراكين وحروب والكثير من آلايات إلالهية‬
‫التي ميصب من خاللها العذاب على أهل ألارض املتمردين على خالقهم عز وجل‪ ،‬ويكون‬
‫فيه الفصل بين الحق والباطل‪ ،‬ولكل هذا مسمي بيوم القيامة الصغرى‪ .‬وألن الحوادث‬
‫م‬
‫فيه تشبه الحوادث التي تجري في يوم القيامة الكبرى أو الدينونة الكبرى‪ ،‬أو اليوم آلاخر‬
‫فإن املسيحيين قد وقعوا في اللبس وظنوا هذا اليوم ألارض ي هو نفسه اليوم آلاخر‪.‬‬

‫‪ -1‬سيأتي تفسير رؤيا دانيال في محله من هذا الكتاب‪.‬‬


‫‪ -2‬قاموس الكتاب المقدس ‪ -‬مجمع الكنائس الشرقية‪ :‬ص‪.124‬‬
‫‪ -2‬نفسه‪ :‬ص‪.22‬‬
‫اصدارات انصار االاما اهمدد ‪‬‬ ‫‪051‬‬

‫توضيح من رؤيا يوحنا‪:‬‬


‫ولو عدنا إلى رؤيا يوحنا ‪ -‬وأعتقد أن القارئ لن تفوته مالحظة التقارب املضموني‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫الواضح بين هذه الرؤيا والرؤى الواردة في سفر دانيال ‪ -‬فهي تلقي ضوءا باهرا يكشف‬
‫ً‬
‫كل ما عس ى أن يكون غامضا في رؤى سفر دانيال‪ ،‬أقول في رؤيا يوحنا ما يؤكد أن كل‬
‫ما وصفته رؤى سفر دانيال سيقع في زمن لحق لزمن عيس ى ‪ ،‬وبالنتيجة ل يمكن‬
‫أن تكون رجسة الخراب هي الدولة الرومانية كما ذهب له بعض املفسرين‪ ،‬فقد ورد في‬
‫إلاصحاح الرابع‪:‬‬
‫(بعد هذا نظرت وإذا باب مفتوح في السماء والصوت ألاول الذي سمعته كبوق‬
‫ً‬
‫يتكلم معي قائال‪ :‬اصعد إلى هنا فأريك ما ل بد أن يصير بعد هذا)(‪.)1‬‬
‫فاألحداث التي تسردها رؤيا يوحنا ‪ -‬وهي ألاحداث ذاتها التي صورتها رؤى دانيال ‪-‬‬
‫ً‬
‫ستقع في زمن لحق لزمن الرؤيا نفسها وهي متأخرة زمنيا عن عيس ى ‪ ‬كما هو‬
‫معلوم‪.‬‬
‫وللتدليل على أن ألاحداث هنا وهناك واحدة‪ ،‬نقتبس من الرؤيا ما يلي‪:‬‬
‫َ ْ م م ْ ً‬
‫ـوك ل ـ ْـم َيأخ ــذوا مملكـ ـا َب ْع ـ مـد‪ِ ،‬لك ـ َّـن مه ْم‬
‫َ َ م م‬ ‫(‪َ 12‬و ْال َع َش ـ َـر مة ْال مق ـ مـر َّ َ ْ َ‬
‫ون ال ِت ــي َرأي ــت ِه ـ َـي عش ـ َـرة ممل ـ ٍ‬ ‫ِ‬
‫م َ َ م ْ َ ْ ٌ َ ٌ َ م ْ م نَ‬ ‫ْ‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫ـاعة َواح َـدة َم َـع ال َـو ْ‬ ‫َي ْأ مخ مذو َن مس ْل َط َان مه ْم َك مم ملـوك َس َ‬
‫ش‪ 13 .‬هـؤل ِء لهـم رأي و ِاحـد‪ ،‬ويعطـو‬ ‫ِ‬ ‫ح‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫َّ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫م‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫م‬ ‫ْ َ‬ ‫ْ َ ْ َ م‬
‫ش قـ ْـد َرَت مه ْم َو مســلط َان مه ْم‪ 14 .‬هــؤل ِء َسـ مـيحا ِرمبون الخـ مـروف‪َ ،‬والخـ مـروف يغ ِلـ مـب مه ْم‪ ،‬ألنــه َر ُّب‬
‫م‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫الــوح‬
‫َ َّ َ َ َ م َ ْ م ُّ َ َ م ْ َ م َ ْ َ‬ ‫َْ َ َ َ م ْ مم‬
‫ون َو ممؤ ِم منون)(‪.)2‬‬ ‫وك‪ ،‬وال ِذين معه مدعوون ومختار‬ ‫اب وم ِلك املل ِ‬ ‫ألارب ِ‬
‫َ‬ ‫َم‬ ‫َ‬ ‫ْ َ ْ َ َ َّ م ْ َ ْ َ‬ ‫َ َّ م‬ ‫ً‬
‫وف ق ْد َج َاء‪َ ،‬و ْام َرأت مه َه َّيأ ْت‬ ‫س الخ مر ِ‬ ‫وأيضا‪ِ 7( :‬ل َن ْف َر ْح َون َت َهل ْل َون ْع ِط ِه املجد! ألن عر‬
‫يس َين»‪َ 5 .‬و َق َ‬ ‫َ م ْ َ ْ َ ْ َ ْ َ َ َ ً َ ً َ ً َ َّ ْ َ َّ م َ َ َ َ م ْ‬ ‫َ‬
‫ال ِل َي‪:‬‬ ‫س بزا ن ِقيا ب ِهيا‪ ،‬ألن البز هو تب ُّررات ال ِق ِد ِ‬ ‫ن ْف َس َها‪ 8 .‬وأع ِطيت أن تلب‬
‫م َّ َ َ ْ م َّ َ َ َ ْ م َ ً َ‬ ‫ْ َ‬ ‫م َ َْ ْ م َ َ َ َ م‬ ‫ْم‬
‫وحة‪َ ،‬وِإذا‬ ‫وف‪ 11 ...‬ثم رأيت السماء مفت‬ ‫«اكت ْب‪ :‬طوبى ِللمدع ِوين ِإلى عش ِاء ع ْر ِس الخ مر ِ‬
‫م‬ ‫َ َ ٌ ََْ م َ ْ َ م ََْ م ْ َ َ ً َ َ ً ْ‬
‫ص ِادقا‪َ ،‬و ِبال َع ْد ِل َي ْحك مم َو مي َحا ِر مب)(‪.)3‬‬ ‫فرس أبيض والج ِالس علي ِه يدعى أ ِمينا و‬

‫‪ -1‬رؤيا يوحنا‪.1 / 4 :‬‬


‫‪ -2‬رؤيا‪.11 :‬‬
‫‪ -2‬رؤيا‪.19 :‬‬
‫‪055‬‬ ‫شبيه عيسى أو امن هو اهمصلوب؟!‬

‫إذن ابن إلانسان أو املسيح املنتظر أو الخروف سيحارب ملوك ألارض وسيغلبهم‪،‬‬
‫والحرب هذه حدث أرض ي‪ .‬ومما يؤكده أن املختارين يتم جمعهم‪ ،‬أي تكون هناك دعوة‬
‫محورها نصرة املسيح املنتظر أو ابن إلانسان‪ ،‬والبعض يفشل في الاختبار ويمتنع عن‬
‫الحضور ويأخذ مكانه غيره‪ ،‬ومن بين من ينجحون في الامتحان أناس كانوا مخطئين ثم‬
‫يتوبون‪ ،‬والتوبة ل تتناسب إل مع الوجود على ألارض وفي الحياة الدنيا‪ ،‬أما في آلاخرة‬
‫وبعد أن ينتهي الامتحان إلالهي فال مكان للتوبة‪ ،‬وهذا ما يقوله إنجيل متى‪:‬‬
‫ْ ً ً‬
‫ات ِإن َسانا َم ِلكا‬ ‫وت َّ َ‬ ‫ضا ب َأ ْم َثال َقائ ًال‪ « 2 :‬مي ْشب مه َم َل مك م‬ ‫وع مي َكل مم مه ْم َأ ْي ً‬ ‫(‪َ 1‬و َج َع َل َي مس م‬
‫الس َماو ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ ْم‬ ‫ََ‬ ‫ََ ْ َ َ َ َ م َ ْ م َْْ م َ َ ْ‬ ‫ص َن َع مع ْرس ًا ْ‬
‫ين ِإلى ال مع ْر ِس‪ ،‬فل ْم مي ِر ميدوا أ ْن َيأتوا‪4 .‬‬ ‫لب ِن ِه‪ 3 ،‬وأرسل ع ِبيده ِليدعوا املدع ِو‬ ‫َ‬
‫َ م‬ ‫َ َ‬ ‫ين َقائ ًال‪ :‬مق مولوا ل ْل َم ْد معو َ‬ ‫ََْ َ َ َْ ً َ ً َ‬
‫ين‪ :‬مه َوذا غ َدا ِئي أ ْع َد ْدت مه‪ِ .‬ث َيرا ِني‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫آخر َ‬
‫فأرسل أيضا ع ِبيدا ِ‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫َو مم َس َّم َناتي َق ْد مذب َح ْت‪َ ،‬و مك ُّل َش ْيء مم َع ٌّد‪ .‬ت َعال ْوا إلى ال مع ْرس! ‪َ 5‬ولك َّن مه ْم َت َه َاو منوا َو َم َ‬
‫َ‬
‫ض ْوا‪َ ،‬و ِاح ٌد‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫وه ْم‪ 7 .‬فل َّما َس ِم َع‬
‫م‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫وه ْم َوقتل م‬ ‫إ َلى َح ْقله‪َ ،‬وآخ مر إلى ت َجا َرته‪َ 6 ،‬وال َباقون أ ْم َسكوا َعبيد مه َوشت مم م‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫م‬ ‫َ‬ ‫م‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ ِِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫م‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫امل ِلك غضب‪ ،‬وأ ْرس َل جنوده وأهلك أول ِئك القا ِت ِلين وأح َرق م ِدينت مهم‪ 8 .‬ث َّم ق َ‬‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫م‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫م‬ ‫َ‬ ‫م‬ ‫م‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫م‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫يد ِه‪:‬‬‫ال ِلع ِب ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َْم َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫م‬ ‫م‬ ‫َ َّ ْ م ْ م َ م ْ َ َ ٌّ َ َ َّ ْ َ ْ م ُّ َ َ َ ْ َ م‬
‫أما العرس فمستعد‪ ،‬وأما املدعوون فلم يكونوا مست ِح ِقين‪ 5 .‬فاذهبوا ِإلى مف ِار ِق‬
‫ُّ‬ ‫َ َََ م َ َْ م َ‬ ‫ُّ م َ م ُّ َ ْ َ َ ْ م م م َ ْ م م َ ْ‬
‫يد ِإلى الط مر ِق‪،‬‬ ‫وه ِإلى ال مع ْر ِس‪ 12 .‬فخرج أول ِئك الع ِب‬ ‫الطر ِق‪ ،‬وكل من وجدتموه فادع‬
‫ْم‬
‫س ِم َن امل َّت ِك ِئ َين)(‪.)1‬‬ ‫ص ِال ِح َين‪َ .‬ف ْام َت َأل ْال مع ْر م‬ ‫وه ْم َأ ْش َرا ًرا َو َ‬ ‫ين َو َج مد م‬ ‫َو َج َم معوا مك َّل َّالذ َ‬
‫ِ‬
‫وبودي آلان أن أختم ببعض كلمات فقهاء املسيحية حول املوضوع لنرى فيها‬
‫تخبطهم الواضح في مقاربته‪ ،‬وسأبدأ باألنبا إثناسيوس الذي يعلق على نص إنجيل متى‬
‫َم َم َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ مْ‬ ‫َ‬ ‫َْ‬ ‫َََ َ م م‬
‫هذ ِه امل ِد َين ِة ف ْاه مرمبوا ِإلى ألاخ َرى‪ .‬ف ِإ ِني ال َح َّق أقو مل لك ْم‪ :‬ل‬ ‫التالي‪ 23( :‬ومتى ط َردوك ْم ِفي ِ‬
‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫مت َكم ملو َن مم مد َن إ ْس َرا ِئ َ‬
‫يل َح َّتى َيأ ِت َي ْاب من ِإلان َس ِان‪ ،)2().‬بقوله‪( :‬ل تكملون مدن إسرائيل حتى‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫يأتي ابن إلانسان) لها أحد معنيين‪:‬‬
‫‪ -1‬إن الرب ل يصل إلى أورشليم حتى يكون الرسل قد انتهوا من نشر دعوته في جميع‬
‫مدن إسرائيل‪.‬‬

‫‪ -1‬متى‪.22 :‬‬
‫‪ -2‬متى‪.12 :‬‬
‫اصدارات انصار االاما اهمدد ‪‬‬ ‫‪056‬‬

‫‪ -2‬إن الدينونة ل تجيء قبل أن تتم الكرازة لجميع إسرائيل الجديد الذي هو‬
‫الكنيسة وتخلص آخر نفس من أولد هللا) (‪.)1‬‬
‫يقصد ألانبا في املعنى ألاول أن عيس ى قبل رفعه ل يدخل أورشليم إل بعد أن يبلغ‬
‫التالميذ كامل مدن إسرائيل‪ ،‬وهو ما لم يحصل بدليل استمرارية تبليغهم في هذه املدن‬
‫ً‬
‫بعد رفع عيس ى‪ ،‬وعليه ل يمكن أن يكون هذا املعنى مقصودا لكلمة عيس ى ‪.‬‬
‫وعلينا أن نالحظ هنا أن ألانبا يفهم مجيء ابن إلانسان في هذا املعنى ألاول على أنه‬
‫حدث أرض ي‪ ،‬ولكنه يحدده على أنه الدخول ألاول لعيس ى ‪ ‬إلى أورشليم‪ ،‬على‬
‫الرغم من وضوح النص في إلاشارة إلى أحداث مستقبلية تتحقق بعد رفع عيس ى عن‬
‫ألارض‪.‬‬
‫وهذا هو السياق الذي ورد فيه حديثه‪:‬‬
‫َ م َ ََ‬ ‫َ َ‬‫ْ‬ ‫َم م م َ‬ ‫َ‬ ‫(‪َ 16‬ها َأ َنا مأ ْرس مل مك ْم َك َغ َنم في َو ْ‬
‫ات وبسطاء‬ ‫اب‪ ،‬فكونوا حك َم َاء كالح َّي ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ئ‬ ‫ذ‬‫ِ‬ ‫ط‬ ‫ِ‬ ‫س‬ ‫ٍ ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫م‬ ‫َ‬
‫الناس‪ ،‬أل َّن مه ْم َس مي ْس ِل ممونك ْم إلى َم َج ِال َ‬ ‫َ‬ ‫احذ مروا م َن َّ‬ ‫َ‬ ‫َك ْال َح َمام‪َ 17 .‬ولكن ْ‬
‫س‪َ ،‬و ِفي َم َج ِام ِع ِه ْم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬
‫َي ْجل مد َون مك ْم‪َ 18 .‬و مت َس ماقو َن َأ َم َام مو َلة َو مم ملوك م ْن َأ ْجلي َش َه َاد ًة َل مه ْم َول مأل َمم‪َ 15 .‬ف َمتىَ‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫َ ْ َ م م ْ َ َ َ ْ َ ُّ َ ْ َ َ ْ َ َ َ َ َّ م َن َ َّ م ْ م ْ َ ْ َن ْ َ َّ َ َ َ َ َ َّ م نَ‬
‫أسلموكم فال تهتموا كيف أو ِبما تتكلمو ‪ ،‬ألنكم تعطو ِفي ِتلك الساع ِة ما تتكلمو‬
‫َ َم ْ م َ‬
‫ألاخم‬ ‫م‬ ‫َ َّ‬ ‫َ ْ َ ْ م ْ َ ْ م م ْ م َ َ َ َ ْ م م َ م َّ‬
‫وح أ ِبيك مم ال ِذي َي َتكل مم ِفيك ْم‪ 21 .‬وسيس ِلم‬ ‫ِب ِه‪ 22 ،‬ألن لستم أنتم املتك ِل ِمين بل ر‬
‫م‬ ‫م‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ألا مب َو َل َد مه‪َ ،‬و َي مق م‬‫َ َ‬ ‫َ َ َ َْ‬
‫وم ألا ْول مد َعلى َو ِال ِد ِيه ْم َو َي ْق متل َون مه ْم‪َ 22 ،‬و َتك مونو َن‬ ‫أخ ماه ِإلى امل ْو ِت‪ ،‬و‬
‫ص‪23 .‬‬ ‫هذا َي ْخ مل م‬ ‫َ ْ م َ ْمْ َ َ َ َ‬ ‫َّ‬
‫اس ِمي‪َ .‬و ِلك ِن ال ِذي يص ِبر ِإلى املنتهى ف‬ ‫مم ْب َغض َين م َن ْال َجميع م ْن َأ ْجل ْ‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ألا ْخ َرى‪َ .‬فإني ْال َح َّق َأ مقو مل َل مك ْم‪َ :‬ل مت َكم ملو َن مم مدنَ‬ ‫ِ ْ َ َ َِ ْ م م َ م‬ ‫ْ‬ ‫َََ ََم م‬
‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫هذ ِه امل ِدين ِة فاهربوا ِإلى‬ ‫ومتى طردوكم ِفي ِ‬
‫ْ‬ ‫ْ‬
‫يل َح َّتى َيأ ِت َي ْاب من ِإلان َس ِان)(‪.)2‬‬
‫إ ْس َرا ِئ َ‬
‫ِ‬
‫م‬ ‫م‬
‫ولو سألنا ألانبا‪ :‬متى أسلم التالميذ‪ ،‬ومتى حدث إن ألاخ يسلم أخاه إلى املوت‪،‬‬
‫وألاب ولده؟ أليس كل هذا حدث بعد رفع عيس ى؟‬

‫‪ -1‬تفسير متى‪ :‬ص‪ ،162‬نقالً عن حجازي المصدر السابق‪ :‬ج‪2‬ص‪.161 – 161‬‬


‫‪ -2‬متى‪.12 :‬‬
‫‪057‬‬ ‫شبيه عيسى أو امن هو اهمصلوب؟!‬

‫ً‬
‫طبعا عيس ى ‪ ‬كان يتحدث عن ألاوقات الصعبة التي سيمر بها العالم قبل أن‬
‫يأذن هللا بتحقق دولة العدل إلالهي‪ ،‬ولكن ألانبا ل يقرأ النصوص كما يفعل الناس‪،‬‬
‫فهو لديه عقيدة مسبقة يريد إخضاع النصوص لها‪.‬‬
‫ومن هنا هو يضع احتمالين لفهم النص على الرغم من معرفته بأن ما قاله في‬
‫املعنى ألاول ل يعدو عن كونه مغالطة واضحة‪.‬‬
‫أما املعنى الثاني فيقصد منه أن مجيء ابن إلانسان يحدث بعد أن يتم التكريز أو‬
‫الدعوة والتبشير بين ألامم الذين سيدخلون املسيحية ويصبحون بديل إسرائيل أي‬
‫ً‬
‫إسرائيل مجازا‪ ،‬وتكون الكنيسة هي أورشليم الجديدة!‬
‫ليقرأ ألانبا معي هذا النص‪:‬‬
‫َ‬ ‫ً َ‬ ‫َ‬ ‫م‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ضا َم َث ًال في أنه َين َبغي أن مي َ‬
‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫م‬ ‫َّ‬ ‫ال َل مه ْم َأ ْي ً‬ ‫(‪َ 1‬و َق َ‬
‫صلى ك َّل ِح ٍين َول مي َم َّل‪ِ 2 ،‬قا ِئال‪ :‬كان ِفي‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ َ ٌ َ َ َْ َ‬ ‫ْ َْ‬ ‫اب إ ْن َسان ًا‪َ 3 .‬و َك َ‬ ‫َ َ َ م َ َ َ ََ م‬ ‫َ َ َ‬
‫ان ِفي ِتل َك امل ِد َين ِة أ ْر َملة‪َ .‬وكان ْت تأ ِتي ِإل ْي ِه‬ ‫اض ل يخاف هللا ول يه ِ‬ ‫م ِدين ٍة َق ٍ‬
‫ََ َ َ َ َ م َ ََ َ ْ َ ْ َ َ َ َ َ‬ ‫َقائ َل ًة‪ :‬أ ْنص ْفني م ْن َخ ْ‬
‫ال ِفي ن ْف ِس ِه‪َ :‬وِإ ْن‬ ‫ص ِمي!‪ 4 .‬وكان ل يشاء ِإلى زم ٍان‪ .‬و ِلكن بعد ِذلك ق‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫َ ْ َ َ َ م ْ م م ْ م َ َ َّ‬ ‫َّ‬ ‫َْ َ‬ ‫َ‬ ‫مْ م ََ َ م َ َ َََ م ْ َ ً‬
‫هذ ِه ألارملة تز ًِج ِني‪ ،‬أن ِصفها‪ِ ،‬لئال‬ ‫كنت ل أخاف هللا ول أهاب ِإنسانا‪ 5 ،‬ف ِإ ِني ألج ِل أن ِ‬
‫َ مْ م‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُّ‬ ‫َ َ َ َّ ُّ ْ َ م َ َ م م َ‬ ‫َ‬ ‫َْ‬
‫ف م‬
‫هللا‬ ‫اض ي الظل ِم‪ 7 .‬أفال ين ِص‬ ‫الرب‪ :‬اسمعوا ما يقول ق ِ‬ ‫تأ ِت َي َدا ِئ ًما ف َت ْق َم َع ِني!‪ 6 .‬وقال‬
‫َم َم‬ ‫َ‬ ‫ً َ ً‬ ‫َ‬ ‫مم ْخ َتار ِيه‪َّ ،‬‬
‫الصا ِر ِخ َين ِإل ْي ِه َن َهارا َول ْيال‪َ ،‬و مه َو مم َت َم ِه ٌل َعل ْي ِه ْم؟ ‪ 8‬أقو مل لك ْم‪ِ :‬إ َّن مه مي ْن ِص مف مه ْم‬ ‫ِ‬
‫(‪)1‬‬ ‫َ َ َ َّ م َ م َ َ َ َ َْ‬ ‫َ‬ ‫َ ً َ ْ ََ َ َ ْم ْ‬
‫ض؟) ‪.‬‬ ‫س ِريعا! و ِلكن متى جاء ابن ِإلانس ِان‪ ،‬ألعله ي ِجد ِإلايمان على ألار ِ‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫وآلان أسأله‪ :‬أليس هؤلء املختارون الصارخون نهارا وليال هم من أبناء ألارض؟‬
‫ً‬
‫أليس عيس ى ‪ ‬قال إن هللا ينصفهم سريعا‪ ،‬فكيف يظن ألانبا أن هذا إلانصاف‬
‫سيتأخر إلى ما بعد عالم الدنيا؟ ثم عن أي أورشليم مجازية يتحدث ألانبا؟ ألعله يظن‬
‫ً‬
‫أن ابن إلانسان متى جاء يجد إيمانا على ألارض؟ نعم‪ ،‬على ألارض وليس في عالم آخر‪.‬‬
‫كان أجدر باألنبا أن يتحلى بشجاعة الدكتور وليم أدي الذي يقول عن (رجسة‬
‫الخراب)‪:‬‬

‫‪ -1‬لوقا‪.11 :‬‬
‫اصدارات انصار االاما اهمدد ‪‬‬ ‫‪059‬‬

‫(ل ريب إن الرسل ‪ -‬أي التالميذ ‪ -‬عرفوا ما أراد املسيح برجسة الخراب لكن يعسر‬
‫علينا آلان معرفته)(‪.)1‬‬
‫ً‬
‫ومثله يقول متى هنري‪ :‬إن النصارى ل يجدون تبريرا للمراد من رجسة الخراب(‪.)2‬‬
‫نعم‪ ،‬هم يجهلون ولكنهم مع ذلك ل يعترفون؛ ألن الاعتراف يكلفهم مراجعة‬
‫عقيدتهم كما ل يخفى‪ ،‬وإل لو تساءلنا‪ :‬كيف يتصور املسيحيون مجيء ابن إلانسان مع‬
‫ً‬
‫مالئكته؟ هل يعتقدون مثال إنه ينزل من السماء بموكب مهيب نوراني تضج فيه‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫املالئكة؟ وكيف ل يكون مثل هذا املنظر مرئيا ومتيقنا من الناس ليأتي عيس ى ‪‬‬
‫ويقول من قال لكم إنه هنا أو هناك ل تصدقوه؟ أليس الكلمة ألاخيرة دالة على انه‬
‫يكون في ألارض كرجل عادي؟‬

‫‪ -2‬حجر الزاوية‪ِ:‬‬
‫في إحدى رؤى سفر دانيال موصف املنقذ أو املسيا املنتظر بالحجر‪:‬‬
‫(ألنك رأيت أنه قد قطع حجر من جبل ل بيدين فسحق الحديد والنحاس والخزف‬
‫والفضة والذهب‪ .‬هللا العظيم قد عرف امللك ما سيأتي بعد هذا‪ .‬الحلم حق وتعبيره‬
‫يقين)(‪.)3‬‬
‫والحديث عن هذا الحجر ورد في املزامير‪ ،‬كما يلي‪:‬‬
‫اب ِل َّلر ِب‪.‬‬ ‫هذا ْال َب م‬‫َ‬ ‫اب ْالبر‪َ .‬أ ْد مخ ْل ِف َيها َو َأ ْح َم ِد َّ‬
‫الر َّب‪22 .‬‬ ‫(‪ِ 15‬ا ْف َت محوا لي َأ ْب َو َ‬
‫ِِ‬ ‫ِ‬
‫اس َت َج ْب َت لي َو ِص ْر َت لي َخ َالص ًا‪ْ 22 .‬ال َح َجرم‬ ‫الصد ميقو َن َي ْد مخ ملو َن فيه‪َ 21 .‬أ ْح َم مد َك َأل َّن َك ْ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫م‬ ‫َ‬
‫الرب كان هذا‪َ ،‬وه َو ًَج ٌ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ َ َّ‬ ‫َ َ َ َ َّ َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫م‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫م‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ َ‬
‫يب ِفي‬ ‫ِ‬ ‫َال ِذي رفضه البناؤون قد صار رأس الز ِاوي ِة‪ِ 23 .‬من ِقب ِل ِ‬
‫ص! ِآه َيا‬ ‫الر ُّب‪َ ،‬ن ْب َته مج َو َن ْف َر مح ِف ِيه‪ 25 .‬آه َيا َر ُّب َخ ِل ْ‬ ‫هذا مه َو ْال َي ْو مم َّالذي َ‬
‫ص َن مع مه َّ‬ ‫َ‬
‫أ ْع مي ِن َنا‪24 .‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َّ ُّ م َ م َ َ َ‬ ‫الرب‪َ .‬ب َار ْك َن ماك ْم ِم ْن َب ْي ِت َّ‬ ‫َ ُّ َ ْ ْ‬
‫هللا َوق ْد أن َار‬ ‫الر ِب‪ 27 .‬الرب هو‬ ‫َّ‬ ‫ْ‬ ‫مَ َ ٌ‬
‫رب أن ِقذ! ‪ 26‬مبارك آلا ِتي ِباس ِم ِ‬

‫‪ -1‬الكنز الجليل‪ :‬ج‪ 1‬ص‪ ،226‬نقالً عن حجازي المصدر السابق‪ :‬ج‪ 2‬ص‪.221‬‬
‫‪ -2‬تفسير انجيل متى‪ :‬ج‪ 4‬ص‪ ،142‬نقالً عن حجازي‪ :‬ج‪2‬ص‪.221‬‬
‫‪ -2‬دانيال‪.45 / 2 :‬‬
‫‪058‬‬ ‫شبيه عيسى أو امن هو اهمصلوب؟!‬

‫ََ َ‬ ‫َْ ََ‬ ‫َْْ‬ ‫يح َة ب مرمب ٍط إ َلى مق م‬ ‫َّ‬ ‫َل َنا‪َ .‬أ ْوث م‬
‫ون املذ َب ِح‪ِ 28 .‬إ ِلهي أن َت فأ ْح َم مد َك‪ِ ،‬إ ِلهي فأ ْرف مع َك‪25 .‬‬ ‫ِ‬ ‫ر‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الذب َ‬
‫ِ‬ ‫وا‬ ‫ق‬ ‫ِ‬
‫َ َ َ ْ َ َ م (‪)1‬‬ ‫َّ َّ َ َّ م َ ٌ َ َّ َ‬
‫اح َم مدوا الرب ألنه ص ِالح‪ ،‬ألن ِإلى ألاب ِد رحمته) ‪.‬‬ ‫ْ‬
‫وتحدث عنه عيس ى ‪ ‬في مثل بستان الكرم الشهير كما يلي‪:‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ َ م َ َ ً َ َ َ َ ْ َ ٌ َ ُّ َ ْ َ َ َ َ ً َ‬
‫س ك ْرما‪َ ،‬وأ َحاط مه ِب ِس َي ٍاج‪َ ،‬و َحف َر ِف ِيه‬ ‫(‪ِ 33‬اسمعوا مثال آخر‪ :‬كان ِإنسان رب بي ٍت غر‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬
‫ص َر ًة‪َ ،‬و َب َنى مب ْرج ًا‪َ ،‬و َس َّل َم مه إ َلى َك َّرام َين َو َس َاف َر‪َ 34 .‬وملا ق مر َب َوق مت ألاث َمار أ ْ َس َل َعب َ‬
‫يد مه‬ ‫ِ‬ ‫ِ ر‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َم ْع َ‬
‫ً‬ ‫ً َ م‬
‫يد مه َو َجل مدوا َب ْعضا َوق َتلوا َب ْعضا‬
‫َ‬ ‫إ َلى ْال َك َّرام َين ل َي ْأ مخ َذ َأ ْث َما َ مه‪َ 35 .‬ف َأ َخ َذ ْال َك َّر مامو َن َعب َ‬
‫َ ِ‬ ‫ر‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫م‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫َ َ َ َ َّ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫م َّ َ‬ ‫ََ َ م َ ْ ً‬
‫ذلك‪37 .‬‬ ‫ورجموا بعضا‪ 36 .‬ثم أرسل أيضا ع ِبيدا آخ ِرين أكثر ِمن ألاوِلين‪ ،‬ففعلوا ِب ِهم ك ِ‬
‫َ َ َّ ْ َ َّ م َ َ َ َّ َ َ ْ ْ َ م‬ ‫َ‬ ‫َ ً‬ ‫َ‬ ‫ََ ً َ‬
‫الاب َن قالوا ِف َيما‬ ‫فأ ِخيرا أ ْر َس َل ِإل ْي ِه مم ْاب َن مه ق ِائال‪َ :‬ي َه مابون ْاب ِني! ‪ 38‬وأما الكرامون فلما رأوا‬
‫َْ‬ ‫ََ َ م م ََ ْ َ م م َ‬ ‫َ‬ ‫ْ م م َ ْ َْ م ْ‬ ‫َ‬
‫وه خ ِار َج الك ْر ِم‬ ‫َب ْي َن مه ْم‪ :‬هذا مه َو ال َوا ِرث! َهل ُّموا ن ْق متل مه َونأخذ ِم َيراث مه! ‪ 35‬فأخذوه وأخرج‬
‫َ م َ م‬ ‫َْ‬ ‫م َ‬ ‫َ‬ ‫َْ‬ ‫وه‪َ 42 .‬ف َم َتى َج َاء َ‬ ‫َو َق َت مل م‬
‫ص ِاح مب الك ْر ِم‪َ ،‬ماذا َي ْف َع مل ِبأول ِئ َك الك َّر ِام َين؟ ‪ 41‬قالوا ل مه‪ :‬أول ِئ َك‬
‫َ َ‬ ‫م َ َْ‬ ‫َ ْ َ م م ْ م م ْ َ َ ً َ ً َ م َ م ْ َ ْ َ َ َ َّ َ َ‬
‫ين مي ْعطون مه ألاث َم َار ِفي أ ْوق ِات َها‪42 .‬‬ ‫آخر َ‬
‫ألار ِدياء يه ِلكهم َهالكا ر ِْديا‪ ،‬ويس ِلم الكرم ِإلى كر ِامين ِ‬
‫ْ‬
‫ص َار َرأ َ‬ ‫ون مه َو ق ْد َ‬‫َ‬ ‫م‬
‫ض مه ال َب َّناؤ َ‬ ‫ْ‬ ‫ط في ْال مك متب‪ْ :‬ال َح َج مر َّالذي َ ف َ‬
‫َ‬ ‫َ َ َ م ْ َ م م َ َ َ م ْ َ ُّ‬
‫س‬ ‫ِ ر‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫قال لهم يسوع‪ :‬أما قرأتم ق‬
‫يب في َأ ْع مين َنا! ‪ 43‬لذل َك َأ مقو مل َل مك ْم‪ :‬إ َّن َم َل مكوتَ‬ ‫ٌ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫م‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫ْ َ‬ ‫َّ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫الز ِاوي ِة؟ ِمن ِقب ِل ا َّلر ِب مكان هذا َوهو ً ِج ِ‬
‫هذا ْال َح َجر َي َت َر َّ‬ ‫َ َ ْ َ َ َ ََ َ‬ ‫هللا مي ْن َز مع م ْن مك ْم َو مي ْع َطى أل َّمة َت ْع َم مل أ ْث َما َر م‬
‫ض‪َ ،‬و َم ْن‬ ‫ض م‬
‫ِ‬ ‫ى‬ ‫ل‬ ‫ع‬ ‫ط‬ ‫ق‬ ‫س‬ ‫ن‬ ‫م‬‫و‬ ‫‪44‬‬ ‫‪.‬‬ ‫ه‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ط مه َو َع َل ْيه َي ْس َح مق مه! ‪َ 45‬و َملَّا َسم َع مر َؤ َس ماء ْال َك َه َنة َو ْال َفريس ُّيو َن َأ ْم َث َال مه‪َ ،‬ع َر مفوا َأ َّنهم‬ ‫َ َ َ‬
‫سق‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ْ‬ ‫َ‬
‫وه‪َ ،‬خ مافوا م َن ْال مج مموع‪ ،‬أل َّن مه َك َ‬ ‫َ‬
‫َت َك َّل َم َع َل ْيه ْم‪َ 46 .‬وإ ْذ َك مانوا َي ْط مل مبو َن أ ْن مي ْمس مك م‬
‫ان ِع ْن َد مه ْم ِمث َل‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬
‫ن ِب ٍي)(‪.)2‬‬
‫من كالم عيس ى ‪ ‬نتبين أن املسيا أو املسيح املنتظر أو ابن إلانسان املعبر عنه‬
‫هنا بحجر الزاوية من أمة أخرى غير ألامة اليهودية‪ ،‬من أمة سبق لعيس ى أن وصفها‬
‫ً‬
‫باألمة التي تعطي ثمارا‪ ،‬وهذا ما يبدو أن الكهنة والفريسيين قد فهموه‪ ،‬وقرروا على إثره‬
‫أن يتخلصوا من عيس ى‪.)3(‬‬

‫‪ -1‬مزمور‪.111 :‬‬
‫‪ -2‬متى‪ ،21 :‬وانظر مرقس‪ ،12 – 1 / 12 :‬ولوقا‪.19 – 9 / 22:‬‬
‫‪ -2‬نقل األستاذ عبد المجيد الجندي في " ملكوت هللا في النصرانية واليهودية واإلسالم"‪ :‬ص‪ 52‬من طبعة دار‬
‫الدعوة عام ‪ :1912‬نقل لزلي مكامر في تفسير هذه اآلية ‪ -‬أي المذكورة أعاله وبها ذكر حجر الزاوية وتعجب‬
‫داود ‪ - ‬في تفسير جماعة الالهوتيين عن الحجر رأس الزاوية‪ " :‬الذي يظن أنه أعلى حجر في البناية وسواء‬
‫اصدارات انصار االاما اهمدد ‪‬‬ ‫‪061‬‬

‫وبطبيعة الحال ل يمكن للمسيحيين أن يزعموا أن املسيا املنتظر هو عيس ى ‪،‬‬


‫إذ لم يكن عيس ى ‪ ‬سوى رجل من بني إسرائيل‪ ،‬رجل أرسل إليهم وحدهم‪ ،‬ألم ميقل‪:‬‬
‫َ ً َ َ‬ ‫ْ َ َ َّ َّ‬ ‫َ ْ م ْ َ ْ َّ َ‬
‫الضال ِة؟ أليس قد أوص ى تالمذته قا ِئال‪ِ :‬إلى ط ِر ِيق‬ ‫اف َب ْي ِت ِإسرا ِئيل‬ ‫َ‬
‫(لم أرسل ِإل ِإ ِ ِ‬
‫ر‬ ‫خ‬ ‫ى‬ ‫ل‬
‫اف َب ْي ِت‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َم‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫م‬ ‫َ َْ م‬ ‫َ‬ ‫ضوا‪َ ،‬وإ َلى َم ِد َين ٍة ِل َّ‬ ‫مأ َمم َل َت ْم م‬
‫لس ِام ِرِيين ل تدخلوا‪ 6 .‬ب ِل اذهبوا ِبالح ِر ِي ِإلى ِخ َر ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫م‬ ‫َ َ َ ْ م ْ َ م َ ْ م َ َ َّ م َ ْ َ َ َ َ َ م‬ ‫ْ َ َ َّ َّ‬
‫ات)‪.‬‬ ‫ِإسرا ِئيل الضال ِة‪ 7 .‬و ِفيما أنتم ذ ِاهبون اك ِرزوا قا ِئ ِلين‪ِ :‬إنه ق ِد اقترب ملكوت السماو ِ‬
‫ثم هل أهلك عيس ى ‪ ‬ألاردياء؟ هل ألقى رجسة الخراب إلى وقيد النار؟ هل‬
‫ً‬
‫أقام مملكة هللا التي ستبقى إلى ألابد‪ ،‬أي إلى نهاية الدنيا؟ لم يفعل شيئا من هذا‪،‬‬
‫فكيف يكون هو املسيا املنتظر؟‬
‫أقول هذا؛ ألنه لبد أن يكون قد اتضح من كالم عيس ى أن ابن إلانسان سيقيم‬
‫ً‬ ‫ًَ‬ ‫م‬ ‫َ‬ ‫م‬
‫مملكة على ألارض‪ ،‬وإل كيف يمكن أن نفهم قوله‪( :‬أول ِئ َك ألا ْر ِد َيا مء مي ْه ِلك مه ْم َهالكا َر ِديا‪،‬‬
‫َ َ‬ ‫م َ َْ‬ ‫َ م َ م ْ َ ْ َ َ َ َّ َ َ‬
‫ين مي ْعطون مه ألاث َم َار ِفي أ ْوق ِات َها)؟ إن تسليم الكرم إلى كرامين‬ ‫آخر َ‬
‫ويس ِلم الكرم ِإلى كر ِامين ِ‬
‫آخرين يتناسب مع عالم ألارض؛ ألنه يشير إلى قيام دولة‪ ،‬ولكنها عادلة هذه املرة‪.‬‬
‫إذن كيف يكون املقصود هو عيس ى ‪ ،‬وعيس ى نفسه قال‪:‬‬
‫َّ مَ‬ ‫َ م َ م‬ ‫َ‬ ‫يح مه َنا! َأ ْو‪ :‬مه َن َ‬ ‫ال َل مك ْم َأ َح ٌد‪ :‬مه َو َذا ْاملَس م‬ ‫(‪ِ 23‬ح َين ِئ ٍذ إ ْن َق َ‬
‫ص ِدقوا‪ 24 .‬ألنه‬ ‫اك! فال ت‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ات َعظ َيم ًة َو ًَ َجائ َب‪َ ،‬ح َّتى ميض ُّلوا َلوْ‬ ‫َ‬ ‫َ َ م م م َ َ م َ َ َ ٌ َ َ ْ َ م َ َ َ ٌ َ م ْ م نَ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫سيقوم مسحاء كذبة وأن ِبياء كذبة ويعطو آي ٍ ِ‬
‫َ َ م َم‬ ‫َ ْ مم‬ ‫ََ َ‬ ‫َ ْ َ َ ْم ْ َ َ َ ً‬
‫ين أ ْيضا‪َ 25 .‬ها أنا ق ْد َس َب ْق مت َوأخ َب ْرتك ْم‪ 26 .‬ف ِإ ْن قالوا لك ْم‪َ :‬ها مه َو ِفي‬ ‫أمكن املختا ِر‬
‫م‬ ‫م‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫ْال َبرَّية! َف َال َت ْخ مر مجوا‪َ .‬ها مه َو في املخادع! فال ت َ‬
‫ص ِدقوا)؟ (‪.)1‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫م‬ ‫ِ م َ َ ْ َ م م َ َْ‬
‫ملاذا ل نصدق أن أخبرنا أحد‪( :‬هوذا امل ِسيح هنا أو‪ :‬هناك)؟ السبب؛ ألنه سيقوم‬
‫مسحاء كذبة وأنبياء كذبة‪ .‬ولكن أين عس ى يقوم هؤلء‪ ،‬أليس في ألارض؟‬

‫أكان هذا الحجر قد أهمله البناؤون لضرورة أو الحتقار إلى أن دعت الحاجة إليه ليُتوج البناء‪ ،‬فإن الموضوع‬
‫أُستخدم مجازيا ً ليُبين أن هؤالء العرب أبناء إسماعيل قد احتقرهم وأهملهم وأساء إليهم الشعوب اآلخرون حتى جاء‬
‫البناء العظيم ووضعهم في مكانهم العالي كجزء جوهري في مسكنه بين الناس"‪.‬‬
‫‪ -1‬متى‪.24 :‬‬
‫‪060‬‬ ‫شبيه عيسى أو امن هو اهمصلوب؟!‬

‫ِ‬
‫كالم للسيد أحمد الحسن حول ِ‬
‫حجر الزاوية‪ِ:‬‬
‫م‬
‫الدين كله هو العهد وامليثاق الذي أخذ على العباد بإطاعة خلفاء هللا‪ ،‬وأودعه هللا‬
‫؛‬ ‫في حجر ألاساس أو الحجر ألاسود أو حجر الزاوية أو الحجر املقتطع من محمد‬
‫لهدم حاكمية الشيطان والطاغوت‪ ،‬وقد ذكر هذا الحجر في الكتب السماوية وفي‬
‫الروايات‪ ...‬الحجر الذي تكلم عنه عيس ى ‪ ‬هو في أمة أخرى غير ألامة التي كان‬
‫يخاطبها‪ ،‬فامللكوت ينزع من ألامة التي كان يخاطبها عيس ى ‪ ‬وهم بنو إسرائيل والذين‬
‫امنوا بعيس ى ‪ - ‬ألنه كان يخاطب بهذا الكالم تالميذه املؤمنين به وغيرهم من بقية‬
‫الناس ‪ -‬ويعطى لألمة املرتبطة بالحجر التي تعمل أثمار امللكوت (‪ ،)1‬فكالم عيس ى ‪‬‬
‫واضح كل الوضوح أنه في بيان فضل حجر الزاوية وأن امللكوت سينزع في النهاية ممن‬
‫‪ ،‬فعيس ى ‪‬‬ ‫يدعون إتباع عيس ى‪ ،‬ويعطى ألمة الحجر وهم أمة محمد وآل محمد‬
‫ً‬
‫ربط بحكمة بين الحجر وبين ألامة التي تعطى امللكوت في النهاية وأيضا قابل هذه ألامة‬
‫ببني إسرائيل ومن يدعون إتباعه وبين أنهم لن يناولوا امللكوت في النهاية‪ ،‬فعيس ى ‪‬‬
‫جعل الحجر علة إعطاء امللكوت ألمة أخرى غير ألامة التي تدعي إتباع موس ى‪‬‬
‫وعيس ى ‪ ،‬أي إن من يشهد لهم الحجر بأداء العهد وامليثاق ومن ينصرونه هم من‬
‫سيرثون امللكوت سواء كان في هذه ألارض بإقامة حاكمية هللا‪ ،‬أم في السماوات عندما‬
‫يكشف هللا لهم عن ملكوته ويجعلهم ينظرون فيه‪ ،‬أم في النهاية عندما يسكنهم هللا‬
‫الجنان في امللكوت‪.‬‬
‫ومن يريد أن يفسر هذا الكالم بصورة أخرى ويقول إن عيس ى أراد بهذا الكالم‬
‫نفسه ويصر على هذا القول فإنه يغالط ول يطلب معرفة الحقيقة‪ ،‬وإل فليقرأ أصل‬

‫‪( -1‬قال لهم يسوع أما قرأتم قط في الكتب الحجر الذي رفضه البناؤون هو قد صار رأس الزاوية ومن قبل الرب‬
‫كان هذا وهو عجيب في أعيننا لذلك أقول لكم إن ملكوت هللا ينزع منكم ويعطى األمة التي تعمل أثماره ومن سقط‬
‫عليه هذا الحجر يترضض ومن سقط هو عليه يسحقه) إنجيل متى‪ :‬اإلصحاح الحادي والعشرون‪.‬‬
‫اصدارات انصار االاما اهمدد ‪‬‬ ‫‪062‬‬

‫ً‬
‫القول وهو لداود‪ ‬في املزامير‪ .‬فأيضا يمكن أن يقول اليهود إن داود قصد نفسه‬
‫وهكذا ل ينتهي الجدل‪ ،‬ولكن الحقيقة إن داود ‪ ‬وعيس ى ‪ ‬أرادوا املخلص الذي‬
‫يأتي باسم الرب في آخر الزمان‪ ،‬وقد بشر به عيس ى ‪ ‬في مواضع أخرى في إلانجيل‬
‫وسماه املعزي والعبد الحكيم وهنا سماه حجر الزاوية‪ ،‬فيكون السؤال‪ :‬من هو الذي‬
‫عرف أو يمكن أن يعرف بأنه حجر الزاوية؟ هل أن داود أو عيس ى (عليهما السالم) عرفوا‬
‫بأنهم حجر الزاوية في بيت الرب‪ ،‬أو ذكروا في موضع آخر على أنهم حجر الزاوية في بيت‬
‫الرب‪ ،‬وهل هناك حجر موضوع في زاوية بيت الرب أو الهيكل عند اليهود والنصارى يدل‬
‫على داود أو عيس ى (عليهما السالم)؟ الحقيقة أن هذا غير موجود ولكنه موجود في ألامة‬
‫ألاخرى من ولد إبراهيم ‪ ‬وفي بيت الرب الذي بناه إبراهيم ‪ ‬وإسماعيل ‪‬‬
‫ابنه‪ ،‬وموجود في الزاوية وبالذات الزاوية التي اسمها الركن العراقي‪ ،‬وكل هذه ألامور‬
‫تشير إلى أمر واحد‪ ،‬هو املخلص الذي يأتي في آخر الزمان أو الذي أشار إليه داود في‬
‫املزامير إنه حجر الزاوية وآلاتي باسم الرب‪:‬‬
‫(‪ 15 ...‬افتحوا لي أبواب البر‪ .‬أدخل فيها وأحمد الرب‪ 22 .‬هذا الباب للرب‪.‬‬
‫ً‬
‫الصديقون يدخلون فيه‪ 21 .‬أحمدك ألنك استجبت لي وصرت لي خالصا‪ 22 .‬الحجر‬
‫الذي رفضه البناؤون قد صار رأس الزاوية‪ 23 .‬من قبل الرب كان هذا وهو ًجيب في‬
‫أعيننا ‪ 24‬هذا هو اليوم الذي صنعه الرب‪ .‬نبتهج ونفرح فيه‪ 25 .‬آه يا رب خلص‪ .‬آه يا‬
‫رب أنقذ‪ 26 .‬مبارك آلاتي باسم الرب‪ .‬باركناكم من بيت الرب)(‪.)1‬‬
‫وللتأكيد أكثر على أن املراد بحجر الزاوية في التوراة وفي إلانجيل هو املخلص الذي‬
‫يأتي في آخر الزمان وفي العراق وهو قائم الحق‪ ،‬أورد هذه الرؤيا التي رآها ملك العراق‬
‫في زمن دانيال النبي ‪ ‬وفسرها دانيال النبي ‪ ‬وهي تكاد ل تحتاج إلى توضيح‪.‬‬
‫وهذا قول دانيال النبي ‪ ‬مللك العراق وهو يخبره برؤياه وتفسيرها كما في‬
‫التوراة املوجود‪ 31( :‬أنت أيها امللك كنت تنظر وإذا بتمثال عظيم هذا التمثال العظيم‬
‫ً‬
‫البهي جدا وقف قبالتك ومنظره هائل‪ 32 .‬رأس هذا التمثال من ذهب جيد‪ .‬صدره‬
‫وذراعاه من فضة‪ .‬بطنه وفخذاه من نحاس‪ 33 .‬ساقاه من حديد‪ .‬قدماه بعضهما من‬

‫‪ -1‬المزمور‪.111 :‬‬
‫‪063‬‬ ‫شبيه عيسى أو امن هو اهمصلوب؟!‬

‫حديد والبعض من خزف‪ 34 .‬كنت تنظر إلى أن قطع حجر بغير يدين فضرب التمثال‬
‫على قدميه اللتين من حديد وخزف فسحقهما‪ 35 .‬فانسحق حينئذ الحديد والخزف‬
‫ً‬
‫والنحاس والفضة والذهب معا وصارت كعصافة البيدر في الصيف فحملتها الريح فلم‬
‫ً ً‬
‫يوجد لها مكان‪ .‬أما الحجر الذي ضرب التمثال فصار جبال كبيرا ومأل ألارض كلها‪36 .‬‬
‫هذا هو الحلم‪ .‬فنخبر بتعبيره قدام امللك ‪ 37‬أنت أيها امللك ملك ملوك ألن إله‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫السموات أعطاك مملكة واقتدارا وسلطانا وفخرا‪ 38 .‬وحيثما يسكن بنو البشر‬
‫ووحوش البر وطيور السماء دفعها ليدك وسلطك عليها جميعها‪ .‬فأنت هذا الرأس من‬
‫ذهب‪ 35 .‬وبعدك تقوم مملكة أخرى أصغر منك ومملكة ثالثة أخرى من نحاس‬
‫فتتسلط على كل ألارض‪ 42 .‬وتكون مملكة رابعة صلبة كالحديد ألن الحديد يدق‬
‫ويسحق كل ش ئ وكالحديد الذي يكسر تسحق وتكسر كل هؤلء‪ 41 .‬وبما رأيت القدمين‬
‫وألاصابع بعضها من خزف والبعض من حديد فاململكة تكون منقسمة ويكون فيها قوة‬
‫الحديد من حيث إنك رأيت الحديد مختلطا بخزف الطين‪ 42 .‬وأصابع القدمين بعضها‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫من حديد والبعض من خزف فبعض اململكة يكون قويا والبعض قصما‪ 43 .‬وبما رأيت‬
‫الحديد مختلطا بخزف الطين فإنهم يختلطون بنسل الناس ولكن ل يتالصق هذا بذاك‬
‫كما أن الحديد ل يختلط بالخزف‪ 44 .‬وفي أيام هؤلء امللوك يقيم إله السموات مملكة‬
‫ً‬
‫لن تنقرض أبدا وملكها ل يترك لشعب آخر وتسحق وتفني كل هذه املمالك وهي تثبت‬
‫إلى ألابد‪ 45 .‬ألنك رأيت أنه قد قطع حجر من جبل ل بيدين فسحق الحديد والنحاس‬
‫والخزف والفضة والذهب‪ .‬هللا العظيم قد غرف امللك ما سيأتي بعد هذا‪ .‬الحلم حق‬
‫وتعبيره يقين)(‪.)1‬‬
‫إذن فالحجر أو املخلص الذي ينقض هيكل الباطل وحكم الطاغوت والشيطان‬
‫على هذه ألارض ويكون في ملكه نشر الحق والعدل في ألارض يأتي في آخر الزمان ويأتي في‬
‫العراق (‪ )2‬كما هو واضح في رؤيا دانيال‪ ،‬وهو الحجر الذي ينسف الصنم أو حكم‬
‫الطاغوت وألانا بينما ل عيس ى ‪ ‬ول داود ‪ ‬أرسلوا في العراق وفي آخر الزمان فال‬

‫‪ -1‬دانيال‪.2 :‬‬
‫‪ -2‬سيأتي إثبات هذا األمر إن شاء هللا تعالى‪.‬‬
‫اصدارات انصار االاما اهمدد ‪‬‬ ‫‪061‬‬

‫يمكن أن يكون أي منهما هو حجر الزاوية املذكور‪ ،‬بل تبين بوضوح من كل ما تقدم أن‬
‫حجر الزاوية في اليهودية والنصرانية هو نفسه الحجر ألاسود املوضوع في زاوية بيت هللا‬
‫الحرام في مكة‪.‬‬
‫فالحجر ألاسود املوضوع في ركن بيت هللا والذي هو تجلي ورمز للموكل بالعهد‬
‫وامليثاق هو نفسه حجر الزاوية الذي ذكره داود وعيس ى (عليهما السالم)‪ ،‬وهو نفسه‬
‫الحجر الذي يهدم حكومة الطاغوت في سفر دانيال‪ ،‬وهو نفسه قائم آل محمد أو‬
‫وأهل بيته‬ ‫املهدي ألاول الذي يأتي في آخر الزمان كما روي عن رسول هللا محمد‬
‫‪.‬‬
‫وقال السيد أحمد الحسن ‪ ‬في موضع آخر‪:‬‬
‫قريش عندما اختلفوا فيمن يحمل الحجر كانوا يعلمون أن هذا الحجر يشير إلى أمر‬
‫ً‬
‫هو من حمل‬ ‫عظيم ولهذا اختلفوا فيمن يحمله‪ ،‬وكانت مشيئة هللا أن محمدا‬
‫الحجر ووضعه في مكانه لتتم آية هللا‪ ،‬وإشارته سبحانه إلى أن قائم الحق والعبد الذي‬
‫الذي حمل‬ ‫أودعه هللا العهد وامليثاق الذي يشير له هذا الحجر سيخرج من محمد‬
‫الحجر‪.‬‬
‫ْ‬ ‫َّ َُ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫يد ْبن َع ْب ِد الل ِه ألا ْع َرج‪َ ،‬عن أبي َع ْب ِد الل ِه‪ ،‬ق َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َّ‬ ‫َ َ‬ ‫ْ‬
‫ال‪ِ ( :‬إن قريشا ِفي‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫عن س ِع ِ‬
‫َ َ َُْ ْ َ َ ْ َ ُ َ ُْ‬ ‫َ‬ ‫ْ َ ََ َ‬ ‫َ‬ ‫ْ َ‬
‫ب‪،‬‬ ‫الر ْع ُ ِ‬ ‫وعه ُم ُّ‬ ‫ُ‬
‫يل بينهم ِوبين ِه ِوأل ِق َي ِفي ر ِِ‬ ‫اه ِل َّي ِة َهد ُموا ال َب ْيت فل َّما أ َر ُاد ِوا ِبن َاء ُه ِح‬ ‫الج ِ‬
‫وه ِم ْن‬ ‫ل م ْن ُك ْم ب َأ ْط َيب َماله‪َِ ،‬وَال َت ْأ ُتوا ب َمال ْاك َت َس ْب ُت ُم ُ‬ ‫ُْ ْ َ َْ ُ َ ُ‬ ‫َ َّ َ َ َ‬
‫ِ ٍّ‬ ‫ِ ِِ‬ ‫ِ‬ ‫حتى قال قا ِئ ٌل ِمنهم ليأ ِتي ك ُّل رج ٍّ ِ ِ‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ َ‬ ‫َ ُ ّ َ َ َُْ ْ َ َْ َ َ‬ ‫ََ ُ‬ ‫َ‬ ‫َقط َ‬
‫ن ِبنا ِئ ِه ف َبن ْو ُه َح َّتى ان َت َه ْوا ِإلى َم ْو ِض ِع‬ ‫ام‪ ،‬فف َعلوا‪ ،‬فخ ِلي بينهم ِوبي ِ‬ ‫يع ِة َر ِح ٍّم أ ْو َح َر ٍّ ِ‬ ‫ِ‬
‫َ َّ َ َ َ ْ َ ُ َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ ُّ ُ ْ َ َ ُ ْ َ َ َ ْ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ َ َ َْ ْ َ ََ َ‬
‫الحج ِر ألاسو ِد فتشاجروا ِف ِيه أِهم يضع الحجر ألاسود ِفي مو ِض ِع ِه حتى كاد أن يكون‬
‫فل َّما‬
‫ََ‬ ‫َّ‬ ‫ََ َ‬
‫اب اْل ْس ِج ِ ِد‪ِ ،‬فدخ َل َر ُسو ُل الل ِه‬
‫َْ‬
‫ب‬ ‫َب ْي َن ُه ْم َشرِ‪َ ،‬ف َح َّك ُموا َأ َّو َل َم ْن َي ْد ُخ ُل م ْن َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َّ‬ ‫ُ َّ َ َ َ ْ َ‬ ‫َ ْ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ‬ ‫ََ ُ َ َ‬
‫اه ْم أ َم َر ِبث ْو ٍّب ف َب َسط ث َّم َوض َع ال َحجر ِفي وس ِط ِه ثم أخذ ِت القبا ِئل ِبجوا ِن ِب الثو ِب‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫أت‬
‫ُ‬ ‫َ َ َّ ُ َّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َف َرف ُع ُ‬
‫َ‬
‫ف َوض َعه ِفي َم ِْو ِض ِع ِه فخصه الله ِب ِِه) ‪.‬‬
‫(‪)1‬‬
‫وه ث َّم تن َاوله‬
‫حمل الحجر ألاسود‪ ،‬وهذه إشارة إلى أن القائم وحامل الخطيئة‬ ‫فمحمد‬
‫ً‬
‫هو‬ ‫وحامل الراية السوداء التي تشير إليها سيخرج من محمد ‪ ،‬وأيضا محمد‬

‫‪ -1‬الكافي‪ :‬ج‪ 4‬ص‪.211‬‬


‫‪065‬‬ ‫شبيه عيسى أو امن هو اهمصلوب؟!‬

‫ولذا يكون حامل الخطيئة‬ ‫من يحمله في صلبه؛ ألنه مستودع في فاطمة بنت محمد‬
‫الحقيقي هو رسول هللا محمد ‪.‬‬
‫أما اللون ألاسود الذي شاء هللا أن يكتس ي به هذا الحجر فهو يشير إلى ذنوب العباد‬
‫ويذكرهم بخطاياهم لعلهم يتوبون ويستغفرون وهم في بيت هللا‪ ،‬وهو نفسه لون رايات‬
‫قائم الحق قائم آل محمد السوداء‪ ،‬فالرايات السود تشير إلى الحجر والحجر يشير إليها‬
‫وكالهما يشيران بلونهما ألاسود إلى خطيئة نقض العهد وامليثاق املأخوذ على الخلق في‬
‫ً‬
‫الذر‪ ،‬وأيضا يشيران إلى ما يتحمله من عناء حامل هذه الخطيئة ‪ -‬وحامل الراية‬
‫السوداء التي تشير إلى الخطيئة ‪ -‬العبد الذي أوكل بكتاب العهد وامليثاق وهو الحجر‬
‫ألاسود وهو قائم آل محمد‪.‬‬
‫والحجر مرتبط بمسألة الفداء املوجودة في الدين إلالهي وعلى طول املسيرة املباركة‬
‫لهذا الدين‪ ،‬فدين هللا واحد؛ ألنه من عند واحد‪ ،‬والفداء قد ظهر في إلاسالم بأجلى‬
‫صوره في الحسين‪ ،‬وقبل إلاسالم تجد الفداء في الحنيفية دين إبراهيم ‪‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫بإسماعيل‪ ،‬وتجده أيضا بعبد هللا والد الرسول محمد ‪ ،‬وأيضا تجده في اليهودية‬
‫دين موس ى ‪ ‬بيحيى بن زكريا‪ ،‬وتجده في النصرانية باملصلوب وبغض النظر عن‬
‫كون النصارى يتوهمون أن املصلوب هو عيس ى ‪ ‬نفسه‪ ،‬فإنهم يعتقدون بأن‬
‫املصلوب هو حامل الخطيئة ومعتقداتهم وإن كان بها تحريف ولكن هذا ل يعني أنها‬
‫ً‬
‫جميعا جاءت من فراغ تام وليس لها أي أصل في دين هللا سبحانه حرفت عنه‪ ،‬بل كثير‬
‫من العقائد املنحرفة في الحقيقة هي تستند إلى أصل ديني أخذه علماء الضالل غير‬
‫العاملين وحرفوه وبنوا عليه عقيدة فاسدة‪ ،‬فقضية كون الرسل يتحملون بعض‬
‫تأت من فراغ‪،‬‬ ‫خطايا أممهم ليسيروا باألمة ككل إلى هللا موجودة في دين هللا ولم ِ‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫ويمكنك مراجعة نصوص التوراة مثال لالطالع على تحمل موس ى ‪ ‬عناء إضافيا ملا‬
‫تحمل خطايا املؤمنين‪ ،‬قال تعالى‪:‬‬ ‫يقترفه قومه من الخطايا‪ ،‬ورسول هللا محمد‬
‫َ َ‬ ‫َ َ َّ‬ ‫َ‬ ‫ََ‬ ‫َّ‬ ‫ْ َ‬
‫﴿ ِل َيغ ِف َر ل َك الل ُه َما تق َّد َم ِمن ذ ِنب َك َو َما تأخ َر َو ُي ِت َّم ِن ْع َمت ُه َعل ْي َك َو َِ ِْه ِد َي َك ِص َراطا‬
‫َ‬
‫ُّم ْست ِقيماِ﴾(‪ ،)1‬وتفسيرها في الظاهر أنه تحمل خطايا أمته وغفرها هللا له‪:.‬‬
‫‪ -1‬الفتح‪.2 :‬‬
‫اصدارات انصار االاما اهمدد ‪‬‬ ‫‪066‬‬

‫عن عمر بن يزيد بياع السابري‪ ،‬قال‪ :‬قلت ألبي عبد هللا ‪( :‬قول هللا في كتابه‪:‬‬
‫َ َ َّ‬ ‫َ‬ ‫ََ‬ ‫َّ‬ ‫ْ َ‬
‫﴿ ِل َيغ ِف َر ل َك الل ُه َما تق َّد َم ِمن ذ ِنب َك َو َما تأخ َِر﴾‪ ،‬قال‪ :‬ما كان له من ذنب ِوال ِّ‬
‫هم‬
‫حمله ذنوب شيعته ثم غفرها له)(‪.)1‬‬ ‫بذنب‪ِ ،‬ولكن هللا ِّ‬
‫وتحمل الرسل لخطايا أممهم ل يعني أنهم يتحملون خطيئة نقض العهد وامليثاق‬
‫عن منكري خلفاء هللا الذين يموتون على هذا إلانكار‪ ،‬بل هم يتحملون خطيئة من‬
‫غفل عن تذكر العهد وامليثاق ونقضه مدة من الزمن في هذه الحياة الدنيا‪ ،‬كما أن‬
‫ً‬
‫تحملهم لخطايا أممهم ل يعني أنهم يصبحون أصحاب خطيئة عوضا عن أممهم‪ ،‬بل‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫معناه أنهم يتحملون أثقال إضافية وعناء إضافيا في تبليغ رسالتهم في هذه الدنيا‬
‫ً‬
‫للناس‪ ،‬وهذا طبعا بإرادتهم هم؛ ألنهم هم من يطلب هذا‪ ،‬فاألب الرحيم بأبنائه يتحمل‬
‫نتائج أخطائهم في كثير من ألاحيان وإن كانت تسبب له عناء ومشقة وربما آلالم وقتل‬
‫في سبيل هللا كما هو الحال في الحسين ‪ ،‬وذلك ألن ألاب يرجو صالح أبنائه في‬
‫ً‬
‫النهاية‪ ،‬وربما كثيرون ل يتذكرون العهد حتى يراق دم أبيهم ولي هللا فيكون سببا‬
‫ً‬
‫لتذكرهم العهد وامليثاق‪ ،‬ولهذا تجد الحسين ‪ ‬الذي شاء هللا أن يجعله سببا‬
‫لتذكر عدد كبير من الخلق قد ترك الحج وأقبل يحث الخطى إلى مكان ذبحه ‪.‬‬
‫بيانه‪ ،‬وإن‬ ‫أما عالقة الحجر بخطيئة آدم ‪ ‬فهذا أمر قد تكفل ألائمة‬
‫كان ربما خفي فيما مض ى على الناس لعلة أرادها هللا سبحانه‪ ،‬بل وعالقة الحجر‬
‫ً‬
‫بأوضح‬ ‫بخطايا الخلق أيضا قد تكفلوا بيانه وقد بين هذا ألامر رسول هللا محمد‬
‫بيان بالعمل ‪ -‬عندما قبل الحجر ‪ -‬ولكنه بيان ملن لهم قلوب ويعون أفعال محمد‬
‫الحكيم الذي يعمل الحكمة‪ ،‬ل كعمر بن الخطاب الذي يصرح إنه ل يفهم ملاذا رسول‬
‫قبل الحجر‪ ،‬ويصرح أن نفسه وحقيقته ل تتقبل تقبيل الحجر ولكنه‬ ‫هللا محمد‬
‫ً‬
‫يفعل ذلك أمام آلف املسلمين ول يمكنه‬ ‫يفعله فقط ألنه رأى رسول هللا محمدا‬
‫ويستن به‬ ‫مخالفة محمد ؛ ألنه يدعي أنه خليفته‪ ،‬فهو يسفه فعل محمد‬
‫مجبرا فأي مكر هذا؟‬

‫‪ -1‬تفسير القمي‪ :‬ج‪ 2‬ص‪.214‬‬


‫‪067‬‬ ‫شبيه عيسى أو امن هو اهمصلوب؟!‬

‫روى البخاري ومسلم وأحمد‪( :‬أن عمر جاء إلى الحجر فقبله‪ ،‬وقال‪ :‬إني ألعلم أنك‬
‫حجر ل تضر ول تنفع‪ ،‬ولول أني رأيت رسول هللا صلى هللا عليه وسلم يقبلك ما‬
‫قبلتك)(‪.)1‬‬
‫وروى أحمد بسنده عن سويد بن غفلة‪ ،‬قال‪( :‬رأيت عمر يقبل الحجر ويقول‪ :‬إني‬
‫ألعلم أنك حجر ل تضر ول تنفع‪ ،‬ولكني رأيت أبا القاسم صلى هللا عليه وسلم بك‬
‫ً‬
‫حفيا)(‪.)2‬‬
‫فعمر بن الخطاب عندما قبل الحجر صرح بأنه كاره لهذا الفعل ومنكر له‬
‫ومستخف بهذا الحجر‪ ،‬وكونه الشاهد على العباد بالوفاء بالعهد وامليثاق املأخوذ عليهم‬
‫ََ ُ‬ ‫َ َ ُ‬ ‫َ ْ َ‬ ‫ُ‬ ‫في الذر ﴿ َوإ ْذ َأ َخ َذ َرُّب َك من َبني َآد َم من ُظ ُ‬
‫ور ِه ْم ذ ّ ِرَّي َت ُه ْم َوأش َهد ُه ْم َعلى أنف ِس ِه ْم أل ْست‬
‫ِ‬ ‫ه‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫َ (‪)3‬‬ ‫َ ّ ُ ْ َ ُ ْ َ َ َ ْ َ َ َ ُ ُ ْ َ ْ َ ْ َ َ َّ ُ َّ َ ْ َ َ َ‬
‫ين﴾ ‪.‬‬ ‫ش ِهدنا أن تقولوا يوم ال ِقيام ِة ِإنا كنا عن هذا غا ِف ِل ِ‬ ‫ِبرِبكم قالوا بلى ِ‬
‫وهذه إشارة جلية ملن لهم قلوب يفقهون بها‪ ،‬بأن عمر بن الخطاب منكر للعهد‬
‫وامليثاق املأخوذ‪ ،‬ولذا فنفسه تشمئز من الحجر الشاهد وبالتالي يحاول عمر إنكار كون‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫الحجر شاهدا حقيقيا فيخاطب عمر بن الخطاب الحجر الشاهد والحجر ألاساس‬
‫والحجر ألاسود بقوله‪( :‬إني ألعلم أنك حجر ل تضر ول تنفع)‪ ،‬وبما أن الناس الذين‬
‫ً‬
‫حفي بهذا الحجر‬ ‫كانوا يحيطون بعمر في هذا املوقف قد رأوا رسول هللا محمدا‬
‫شديد الاهتمام به ويقبل هذا الحجر ويسجد عليه‪ ،‬بل هم أنفسهم قد ورثوا عن‬
‫حنيفية إبراهيم ‪ ‬تقديس هذا الحجر والاهتمام به‪ ،‬لذا تدارك عمر قوله بفعله‬
‫فقبل الحجر ولكن بعد ماذا؟! بعد أن سفه عمر تقبيل الحجر ألاسود بأنه حجر ل يضر‬
‫ول ينفع وبالتالي فال حكمة في تقبيله‪ ،‬وبالتالي فإن عمر بقوله وفعله أراد أن يهمش‬
‫ً‬
‫للحجر وسجوده عليه‬ ‫الحجر ألاسود وينفي كونه شاهدا ويجعل تقبل رسول هللا‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫أمرا مبهما غير مفهوم خاليا من الحكمة‪ ،‬والحقيقة إنه لو كان الحجر ألاسود ل يضر ول‬
‫ً‬
‫وحاشاه خاليا من الحكمة‪ ،‬ول يمكن أن يكون فعل‬ ‫ينفع لكان فعل رسول هللا‬

‫‪ -1‬صحيح البخاري‪ :‬ج‪ 2‬ص‪ ،162‬صحيح مسلم‪ :‬ج‪ 4‬ص‪ ،66‬مسند أحمد‪ :‬ج‪ 1‬ص‪.11 – 16‬‬
‫‪ -2‬مسند أحمد‪ :‬ج‪ 1‬ص‪.29‬‬
‫‪ -2‬األعراف‪.112 :‬‬
‫اصدارات انصار االاما اهمدد ‪‬‬ ‫‪069‬‬

‫له معنى وحكيم إن لم يكن هذا الحجر يضر وينفع بأذن هللا وبحوله‬ ‫رسول هللا‬
‫وقوته سبحانه‪ ،‬إذن فمشيئة هللا أن يظهر ما يبطنه عمر من موقف تجاه الحجر أو‬
‫ً‬
‫العبد املوكل بالعهد وامليثاق أو قائم آل محمد‪ ،‬وسبحان هللا ل يضمر إلانسان سوءا إل‬
‫أظهره هللا في فلتات لسانه‪.‬‬
‫بيان أهمية الحجر ألاسود وفضله بأقواله‬ ‫وقد تكفل رسول هللا محمد‬
‫قبله وسجد عليه ولم يسجد رسول هللا‬ ‫وأفعاله‪ ،‬ويكفي أن تعرف أن رسول هللا‬
‫على جزء من الكعبة غير الحجر ألاسود‪ ،‬وبلغ عظيم هذا ألامر وأهميته أن رسول‬
‫قال‪ ( :‬استلموا الركن‪ ،‬فإنه يمين هللا في خلقه‪ ،‬يصافح بها خلقه مصافحة‬ ‫هللا‬
‫العبد أو الدخيل‪ ،‬ويشهد ْلن استلمه باْلوافاة)(‪.)1‬‬
‫نهج رسول‬ ‫واملراد بالركن أي الحجر ألاسود؛ ألنه موضوع فيه‪ ،‬وتابع ألائمة‬
‫في بيان أهمية الحجر بأقوالهم وأفعالهم‪ ،‬فبينوا أن الحجر هو حامل كتاب‬ ‫هللا‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫العهد وامليثاق‪ ،‬وأن آدم قد بكي أربعين يوميا ونصب مجلسا للبكاء بقرب الحجر ليكفر‬
‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫ََ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫ََ‬
‫عن خطيئته في نقض العهد ﴿ َولق ْد َع ِه ْدنا ِإلى َآد َم ِمن ق ْب ُل فن ِس ِ َي َول ْم ن ِج ْد ل ُه‬
‫َع ْزماِ﴾(‪ ،)2‬وإن الحجر كان درة بيضاء تض يء ولكنه في ألارض تحول للسواد بسبب‬
‫خطايا العباد‪ ،‬فهذه الكلمات وألافعال املباركة التي كرروها مرات أمام أصحابهم كلها‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫تأكيدا وبيانا ألهمية الحجر ألاسود ولعالقة الحجر بالخطيئة ألاولى‪ ،‬بل والخطايا على‬
‫طول مسيرة إلانسانية في هذه ألارض‪.‬‬
‫ْ‬ ‫َّ َ َ َّ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ م َْ ْ َ َْ َ َ َ َْ‬
‫ض َع الل مه ال َح َج َر ِفي‬ ‫ال‪َ :‬سأل مت أ َبا َع ْب ِد الله ِِ‪(ِ :‬أل ِي ِعل ٍة و‬ ‫عن بكي ِر ب ِن أعين‪ ،‬ق‬
‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫م‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫م‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫الر ْكن َّالذي مه َو فيه َو َل ْم مي َ‬
‫وض ْع ِفي غ ْي ِر ِه؟ َوِأل ِي ِعل ٍة تق َّب مل‪َ ،‬وِأل ِي ِعل ٍة أخ ِر َج ِم َن ال َج َّن ِة‪،‬‬ ‫ِ ِ‬ ‫ُّ ِ ِ‬
‫َ‬
‫الس َب مب ِفي ذ ِل َك‬ ‫ف َّ‬ ‫َْ َ َ ْ َ‬
‫وض ْع ِفي غي ِر ِه‪ ،‬وكي‬ ‫اق ْالع َباد َو ْال َع ْه مد فيه َو َل ْم مي َ‬ ‫َو َألي ع َّلة موض َع م َيث م‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ ِ ٍ ِ ِ‬
‫َ َ َ ٌ َ َ َ َ َ َ َْ َ ََ ْ َْ َ‬ ‫ُّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫م ْ م َ َ َ َ َّ م َ َ َ‬
‫تخ ِبرِني جعل ِني الله ِفداك ف ِإن تفك ِري ِف ِيه لعجب‪ ،‬قال‪ :‬فقال‪ :‬سألت ِوأعضلت ِِفي‬
‫َّ‬ ‫ْ َ‬ ‫ُ ْ‬
‫ص ِغ َس ْم َع َك أخ ِب ْر َك ِإن ش َاء الل ُِه‪،‬‬ ‫اب َو َف ّر ْغ َق ْل َب َك َِو َأ ْ‬ ‫ص ْي َت َف ْاف َهم ْال َج َو َ‬ ‫ْاْلَ ْس َأ َلة‪َِ ،‬و ْ‬
‫اس َت ِْق َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َّ َّ َ َ َ َ َ َ َ َ َ َ َ َ ْ َ َ َ ْ َ ِ ْ َ َ َ َ َ ْ َ َ ٌ ُ ْ َ ْ َ ْ َ َّ َ‬
‫ِإن الله تبارك ِوتعالى وضع الحجر ألاسود ِو ِهي جوهرة أخ ِرجت ِمن الجن ِة ِإلى‬

‫‪ -1‬المحاسن‪ :‬ج‪ 1‬ص‪.65‬‬


‫‪ -2‬طه‪.115 :‬‬
‫‪068‬‬ ‫شبيه عيسى أو امن هو اهمصلوب؟!‬

‫َ َ َّ َ َّ َ َ َ‬ ‫َّ ْ َ‬ ‫َ َ ُّ ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬


‫اق َِوذ ِل َك أن ُه ْلا أخذ ِم ْن َب ِني َآد َم ِم ْن‬ ‫الرك ِن ِل ِعل ِة ِاْليث ِ‬ ‫َآد َِم‪ ،‬ف ُو ِض َعت ِفي ذ ِلك ِ‬
‫َ َ ََْ َ َ َ ََْ َ‬ ‫ُ ُ ور ْ ُ ّ َّ َ ُ ْ َ َ َ َ َّ ُ َ َ ْ ُ ْ َ َ‬
‫ك اْلك ِان ت َر َاء‬ ‫اْليثاق ِفي ذ ِلك اْلك ِان ِو ِفي ذ ِل ِ‬ ‫ظه ِ ِهم ذ ِريتهم ِحين أخذ الله علي ِهم ِ‬
‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ َّ َ ْ‬ ‫ََْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ل ُه ْم‪َِ ،‬و ِم ْن ذ ِل َك اْلك ِان َِ ْه ِبط الط ْي ُر َعلى القا ِئ ِ ِم ‪ ‬فأ َّو ُل َم ْن ُي َب ِاش ُعه ذ ِلك الطا ِئ ُر َو ُه َو‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫َ َ َ َ ْ َ َ ُ ْ ُ ْ َ ُ َ ْ َ ُ َ ُ َ ْ ُ َّ ُ َ َّ ُ َ‬ ‫َّ‬
‫يل َعلى‬ ‫يل‪ِ ،‬و ِإلى ذ ِلك اْلق ِام شس ِند القا ِئم ظهره وهو الحجة والد ِل‬ ‫َِوالل ِه َج ْب َرِئ ُِ‬
‫َ ْ َ َ‬ ‫َ َ ْ َ َ َ َّ ُ َ َ َ ْ َ‬ ‫الش ُ َ ْ َ َ ُ‬ ‫َ ُ َ َّ‬ ‫َْ‬
‫ن أ َّد ِإل ْي ِه ِاْليثاق‬ ‫اهد على م ِ‬ ‫اهد ِْلن وافاه ِفي ذ ِلك اْلك ِان ِوالش ِ‬ ‫ِ‬ ‫القا ِئ ِم‪ِ ،‬وهو‬
‫َ ْ‬ ‫ْ َ َّ َ َ َ َّ‬
‫اد‪ِ.‬‬ ‫َِوال َع ْهد ال ِذي ِأخذ الل ُه َع َّز َِو َج َّل َعلى ال ِع َب ِِ‬
‫َ‬ ‫ْ َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َّ ْ‬ ‫َ‬ ‫َ ُْ َُ‬
‫اق‪َِ ،‬وت ْج ِديدا‬ ‫َوأ َّما الق ْبلة َ ِو ِالا ْس ِتال ُِم‪ ،‬ف ِل ِعل ِة ال َع ْه ِد ِت ْج ِديدا ِلذ ِل َك ال َع ْه ِد َِو ِاْليث ِ ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ َ َ َُْ ُ ُ‬ ‫َ ْ َ َّ َ َ َ َّ َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫وه ِفي ك ِ ّل َسن ٍّة َِو ُيؤ ُِّدوا‬ ‫اق فيأت‬ ‫ِلل َب ْي َع ِة ِل ُيؤ ُّدوا ِإل ْي ِه ال َع ْهد ال ِذي أخذ الل ُه َعل ْي ِه ْم ِفي ِاْليث ِ ِ‬
‫َ‬ ‫َ َ َ َ َّ َ ُ َ َ َ‬ ‫ْ َ ْ َ َ َ َّ َ ُ َ َ‬ ‫َ َ‬
‫ِإل ْي ِه ذ ِل َك ال َع ْهد َ ِوألا َمانة اللذ ْي ِن أ ِخذا َعل ْي ِه ِْم‪ ،‬أ ال ت َر أن َك تقو ُل أ َمان ِتي أ َّد ْي ُت َها َِو ِميث ِاقي‬
‫َ َ‬ ‫َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ُْ َ‬ ‫َ َ َ ُُْ َ ْ َ‬
‫يع ِتنا َِوال َح ِفظ ذ ِل َك‬ ‫ش َهد ِلي ِباْل َواف ِاة‪َ ،‬و َ ِوالل ِه َما ُيؤ ِ ّدي ذ ِل َك أ َح ٌد غ ْي ُر ِش‬ ‫تعاهدته ِلت ِ‬
‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ٌ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ َ ْ َ‬
‫ال َع ْهد َِو ِاْليثاق أحد غي ُر ِشيع ِتنا‪َِ ،‬و ِإن ُه ِْم ل َيأتوه ف َيع ِرف ُه ْم َِو ُيص ِِدق ُه ْم َِو َيأ ِتي ِه غي ُره ْم‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َّ ْ‬ ‫َ ُ ََ ُ‬ ‫َ ُ ْ ُ ُ ْ َ ُ َ ّ ُ ُ ْ َ َ َ َ َّ ُ َ ْ َ ْ َ ْ َ‬
‫ظ ذ ِل َك غ ْي ُِرك ْم فلك ْم َوالل ِه َشش َه ُد َو َعل ْي ِه ْم َوالل ِه‬ ‫فين ِكرهم ِويك ِذبه ِم‪ِ ،‬وذ ِلك أنه لم يحف ِ‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ُْْ‬ ‫َ ْ ُ ْ َْ َ ْ ُ ُ‬
‫ود َوالكف ِِر‪َِ ،‬و ُه َو ال ُح َّجة ال َب ِالغة ِمن الل ِه َعل ْي ِه ْم َي ْو َم ال ِق َي َام ِة‬ ‫َ‬
‫شش َهد ِبالخف ِر ِوالجح ِ‬
‫ُ ْ َْ َ ْ‬ ‫ُ َ ُْ َ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ ََ ُ َ ٌ َ‬
‫ألاولى َش ْع ِرف ُِه الخل ُق َِوال ُين ِك ُر ُِه‪ِ.‬‬ ‫اط ٌق َِو َع ْين ِان ِفي صور ِت ِه ِ‬ ‫ي ِجيِء وله ِلسان ِ‬
‫ن‬
‫ْ َ ْ َ ْ َ ََ َ ََْ َ‬ ‫َ ْ َ ُ َ ْ َ َ ُ َ َ َّ َ ْ َ ْ َ َ ْ َ َ ْ َ ُ ْ‬
‫اق ِوأد ِاء ألامان ِِة‪،‬‬ ‫اق ِعنده ِب ِحف ِظ العه ِد و ِاْليث ِ‬ ‫ششهد ِْلن وافاه وجدد العهد ِو ِاْليث ِ‬
‫ار‪َ ،‬ف َأ َِّما ع َّل ُة َما َأ ْخ َر َجهُ‬ ‫ََ ْ َ ُ ََ ُ ّ َ ْ َْ َ َ َ َ َ َ ََ َ ْ َ َ ْ ُ ْ َ ْ ْ َ‬
‫ِويش ِهد على ك ِل من أنكر ِوجحد وِن ِس ي ِاْليثاق ِبالكفر ِو ِإلانك ِِ‬
‫ِ‬
‫ْ ُ َ َ ْ ََ َ‬ ‫َّ ُ َ ْ َ َّ َ َ ْ َ ْ َ َ َ ْ َ َ ُ م ْ م َ َ ِ َ َ َ َ َ‬
‫الله ِمن الجن ِة فهل تد ِري ما كان الحج ِر؟ قلت‪ :‬ل‪ ،‬قال‪ :‬كان ملكا ِمن عظم ِاء اْلال ِئك ِة‬
‫ْ ََ‬ ‫ََ َ‬ ‫ْ ََ َ ْ َ َ َ َ َ‬ ‫ْ َ َّ َ َ َ َ َ َّ‬
‫ِعند الل ِِه‪ ،‬فل َّما أخذ الل ُه ِم َن اْلال ِئك ِة ِاْليثاق ِكان أ َّو َل َم ْن َآم َن ِب ِه َِوأ ِق َّر ذ ِل َك اْلل ُك‬
‫ََْ َ َ ُ ْ َ َ ََْ َ َ ُ ْ َ ُ َ ْ َ َ ْ َْ‬ ‫َْ‬ ‫َ‬ ‫َ َّ َ َ َّ َ‬
‫است ْع َبد الخل َق‬ ‫فاتخذ ُه الل ُه أ ِمينا َعلى َج ِم ِيع خل ِِق ِه‪ ،‬فألقمه ِاْليثاق وأودعه ِعنده ِو‬
‫َ‬ ‫َّ َ َ َ َّ‬ ‫ْ‬ ‫َُْ ُ ّ َ َ ْ َْ َ ْ َ‬ ‫َْ ُ َ ّ ُ‬
‫اق َِوال َع ْه ِد ال ِذي أخذ الل ُه َع َّز َِو َج َّل َعل ْي ِه ِْم‪،‬‬ ‫اْليث ِ‬ ‫أن يج ِددوا ِعنده ِفي ك ِل سن ٍِّة ِإلاقرار ِب ِ‬
‫َ ََ‬ ‫ُ‬ ‫َْ ْ ْ‬ ‫ْ َّ َ ّ ْ َ َ‬ ‫َ َّ‬ ‫ُ‬
‫ث َّم َج َعل ُه الل ُه َم َع َآد َم ِفي ال َجن ِة ُيذ ِك ُر ُه ِاْليثاق َو ُي َج ِّد ُد ِعند ُه ِإلاق َر َار ِفي ك ِ ّل َسن ٍِّة‪ ،‬فل َّما‬
‫َ‬ ‫َ َ َ َّ َ‬ ‫َّ ْ َ ْ َ َ َّ‬ ‫ْ َّ َ ْ‬ ‫ُ ْ‬
‫َع َص ى َآد ُم َِوأخ ِر َج ِم َن ال َجن ِة أن َس ُاه الل ُه ال َع ْهد َو ِاْليثاق ِال ِذي أخذ الل ُه َعل ْي ِه َِو َعلى‬
‫َ ْ َ َ َ َ َّ َ َ َّ َ‬ ‫َ َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬
‫اب الل ُه َعلى َآد َم َح َّو َل‬ ‫َو ِل َو ِص ِّي ِِه ‪َِ ،‬و َج َعل ُه ت ِائها حيران فلما ت‬ ‫ُول ِد ِه ِْل َح َّم ٍّد‬
‫ْ ْ ََ‬
‫ض ال ِهن ِِد‪ ،‬ف ِل َّما‬ ‫ر‬ ‫ض َاء َف َر َم ُاه ِم َن ْال َج َّن ِة إ َلى َآد َِم ‪َِ ‬و ُه َو ب َأ ْ‬ ‫ور ُ َّ َ ْ َ‬
‫ي‬ ‫ب‬ ‫ة‬ ‫ر‬
‫ِ ٍّ‬ ‫د‬ ‫ة‬ ‫ص َ‬ ‫َذل َك ْاْلَ َل َك في ُ‬
‫ِ‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الل ُه َع َّز َِو َج َّل َف َقالَ‬ ‫َ َ َ َ ْ َ َ َ ْ َ ُ َ َ َ ْ ُ ُ َ ْ َ َ ْ َ َّ ُ َ ْ َ َ ٌ َ َ ْ َ َ ُ َّ‬
‫ِنظر ِإلي ِه آنْل ِإلي ِه ِوهو ال شع ِرفه ِبأ ِكثر ِمن أنه جوهرة‪ ،‬وأنطقه‬
‫اصدارات انصار االاما اهمدد ‪‬‬ ‫‪071‬‬

‫َ َ َ َ َ َ َ ْ ْ َ ْ َ َ َ َ ْ َ َّ ْ َ ُ َ َ ْ َ َ ْ‬ ‫ََ ُ‬ ‫َ‬
‫ك‪،‬‬ ‫اك ِذك َر َرِّب َ ِ‬ ‫ل‪ ،‬استحوذ عليك الشيطان فأنس‬ ‫ال‪ :‬أج ِ‬ ‫ال‪ِ :‬ال‪ ،‬ق ِ‬ ‫ل ُِه‪َ :‬يا َآد ُم ِأت ْع ِرف ِني؟ ق ِ‬
‫ْ َ ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ان َم َع َآد َم في ْال َج َّن ِِة‪َ ،‬ف َق َ‬ ‫ور َّ َ َ‬ ‫ُث َّم َت َح َّو َل إ َلى ُ‬
‫اق؟‬ ‫ال ِآل َد َِم‪ :‬أ ْي َن ال َع ْه ُد َِو ِاْليث ِ‬ ‫ِ‬ ‫ص َ ِت ِه ال ِتي ك‬ ‫ِ‬
‫اق‪ُِ ،‬ث ِمَّ‬ ‫َ َ َ َ َ ْ َ ُ َ َ َ َ ْ َ َ َ َ َ َ َ َ َ َ ُ َ َ َّ َ ُ َ َ َّ َ ْ ْ َ َ ْ َ ْ َ ْ َ‬
‫آدم وذكر ِاْليثاق وبكى وخضع له وقبله ِوج ِدد ِإلاقرار ِبالعه ِد ِو ِاْليث ِ ِ‬ ‫فوثب ِإلي ِه ِ‬
‫ُ‬ ‫َ ْ َ َ َ َ ُ َّ َ ْ َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ َّ‬
‫صا ِف َية ت ِض يِ ُِء‪ِ.‬‬ ‫ض َاء َ‬ ‫َح َّول ُه الل ُه َع َّز َِو َج َّل ِإلى جوهر ِة الحج ِر درة بي‬
‫َ ْ‬ ‫ََ َ َ َ‬ ‫َْ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬
‫جالال ل ُه َِوت ْع ِظيما فكان ِإذا أ ْع َيا َح َمل ُه َعن ُه َج ْب َرِئ ُِ‬
‫يل‬ ‫ف َح َمل ُه َآد ُِم ‪َ ‬على َعا ِت ِق ِه ِإ ِ‬
‫َ َ ُ‬
‫إلاق َر َار ل ُه ك َّل َي ْو ٍّم َِول ْي ِل ٍّة ث َّم ِإ َّن‬
‫َ َّ َ َ ُ َ ّ ُ ْ ْ َ ُ‬
‫ْل ِب ِه ِبمكة ِويج ِدد ِ ِ‬ ‫ال َي ْأ َن ُ‬ ‫َّ َ َ‬
‫‪َ ‬ح َّتى َوافى ِب ِه َمك ِة‪ ،‬ف َما َِز َِ‬
‫َ‬
‫َ َ َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ َّ َ‬ ‫ََْ‬ ‫َ‬ ‫َ َّ َ ْ َ َ َ ْ‬ ‫َّ َ‬
‫ان؛ ِألن ُه ت َبا َر َك َِوت َعالى ِحين أخذ‬ ‫الله َع َّز َِو َج َّل ْلا َبنى الك ْع َبة َوض َع ال َح َج َر ِفي ذ ِل َك اْلك ِ ِ‬
‫ْ َ َ َ ْ َ ْ ََ ْ َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫ََْ‬ ‫َ‬ ‫ْ َ َ ْ ُْ َ َ َ َ َ‬
‫خذ ُه ِفي ذ ِل َك اْلك ِان‪ِ َ ،‬و ِفي ذ ِل َك اْلك ِان ِألق َم اْلل َك ِاْليثاق َِو ِلذ ِل َك‬ ‫ِاْليثاق ِمن ول ِد آدم ِأ ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫ن‪َ ،‬ون َّحى َآد َم م ْن َم ِكان ال َب ْيت إلى َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ُّ ْ‬ ‫َ ََ‬
‫الصفا َو َح َّو َاء ِإلى اْل ْر َو ِة َِو َوض َع‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وضع ِفي ذ ِلك الر ِ‬
‫ك‬
‫ُّ ْ َ َّ َ‬ ‫ْ‬ ‫َّ َ َ‬ ‫ْ َ َ َ َ َ ُّ ْ َ َ َ َ‬
‫الرك ِن ك َّب َر الله‬ ‫الصفا َِوق ْد ُو ِض َع ال َح َج ُر ِِفي‬ ‫ن‪ ،‬فل َِّما نظ َر َآد ُم ِم َن‬ ‫الحجر ِفي ذ ِلك الرك ِ ِ‬
‫ْ‬ ‫َّ‬ ‫ُّ ْ‬ ‫َّ ْ َ ْ ْ‬ ‫ُ‬ ‫ُّ َّ‬ ‫َ َ َ‬ ‫َّ َ‬
‫الرك ِن ال ِذي ِف ِيه ال َح َج ُر ِم َن‬ ‫اس ِتق َب ِال‬ ‫السنة ِبالتك ِب ِير و‬ ‫َو َهلل ُه َِو َم َّجد ُِه‪ ،‬ف ِلذ ِل َك َج َر ِت‬
‫َ َّ‬ ‫َ َّ َ‬ ‫ْ ََ َ‬ ‫ْ َ َ ْ َ َ َ‬ ‫َّ َ َ‬ ‫َّ َ َ‬
‫الصفا‪ ،‬ف ِإ َّن الله أ ْو َد َع ُه ِاْليثاق َِوال َع ْهد ُدون غ ْي ِر ِه ِم َن اْلال ِئك ِِة؛ ِأل َّن الله َع َّز َِو َج َّل ْلا‬
‫اص َط َّك ْت َف َرائ ُ‬ ‫الن ُب َّوة َِول َعل ِّي ‪ ‬ب ْال َوص َّي ِة‪ْ ،‬‬ ‫ُّ‬ ‫َّ‬ ‫الرُبوب َّية َِوْلُ َ‬ ‫ُّ‬ ‫اق َل ُ‬ ‫َ َ َ ْ َ َ‬
‫ص‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫ِ ْ َ ِ ِ َ ٍّ‬ ‫ب‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫د‬ ‫م‬
‫ِ ِ ِ ٍّ‬ ‫ح‬ ‫ب‬‫ِ‬ ‫ه‬ ‫أخذ ِاْليث‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ ََ َ‬
‫إلاق َر ِار ذ ِل َك اْلل ُك ل ْم َيك ْن ِف ِيه ِْم أش ُّد ُح ّبا ِْل َح َّم ٍّد َِو ِآل‬ ‫اْلال ِئك ِة فأ َّو ُل َم ْن أ ْس َرع ِإلى ِ ِ‬
‫ْ‬ ‫ْ َ َ‬ ‫َْ َ‬ ‫َّ‬ ‫َْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫ن َب ْي ِن ِه ْم َوألق َم ُه ِاْليثاق َِو ُه َو َي ِجيِ ُء َي ْو َم ال ِق َي َام ِة‬ ‫ِمن ُه‪َِ ،‬و ِلذ ِل َك اختا َر ُه الل ُه ِم ْ ِ‬ ‫ُم َح َّم ٍّد‬
‫َ ْ َ َ‬ ‫ََْ‬ ‫َ َ َ‬ ‫ُ‬ ‫ََ ُ َ ٌ َ ٌ َ َْ ٌ َ ٌ ْ‬
‫اق)(‪.)1‬‬ ‫اظ َرة َشش َه ُِد ِلك ِ ّل َم ْن َواف ُاه ِإلى ذ ِل َك اْلك ِان َِو َح ِفظ ِاْليث ِ‬ ‫اطق ِوعين ن ِ‬ ‫وله ِلسان ن ِ‬
‫دخل بيت هللا فبدأ بالحجر وختم بالحجر وأمر أصحابه أن‬ ‫ورسول هللا محمد‬
‫يكون آخر عهدهم بالبيت استالم الحجر‪ ،‬بل ويستحب أن يستلم الحجر في كل طواف‬
‫ومس الحجر يسبب غفران الذنوب وحط الخطايا‪ ،‬بل وسجد رسول هللا محمد‬
‫على الحجر ألاسود ووضع جبهته عليه بعد أن قبله‪ ،‬فماذا يمكن أن تفهم من هذا غير‬
‫أن الحجر هو أهم ما في البيت‪.‬‬
‫ْ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫الل ِه ْبن ِس َنان‪ ،‬ق َ‬ ‫َ ْ َ ْ َّ‬
‫ال َح َِّج‪،‬‬ ‫ال أ مبو َع ْب ِد الل ِه ‪( :‬ذك َر َر ُسو ُل الل ِه‬ ‫ال‪ :‬ق َ‬
‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫عن عب ِد‬
‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫ْ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ‬ ‫َََ َ‬
‫ُي ِر ُيد ال َح َّج ُيؤ ِذ ُن ُه ْم‬ ‫فكت َب ِإلى َم ْن َبلغ ُه ِكت ُاب ُه ِم َّم ْن َدخ َل ِفي ِإلا ْسال ِم أ َّن َر ُسو َل الل ِه‬
‫َْ َ ََ‬ ‫ْ َْ‬ ‫َْ‬ ‫اق ْال َح َِّج‪َ ...‬ف َل َّما ْان َتهَى إ َلى َ‬ ‫َ َ َ ُ َّ َ ْ َ َ َ‬
‫استق َب َل الك ْع َبة ‪َ -‬وذك َر ْاب من‬ ‫س ِج ِد‬ ‫اب اْل ْ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ب‬ ‫ِ‬ ‫ِبذ ِلك ِليحج من أط‬

‫‪ -1‬الكافي‪ :‬ج‪ 4‬ص‪ ،116 – 114‬عللالشرائع‪ :‬ج‪ 2‬ص‪.421 – 429‬‬


‫‪070‬‬ ‫شبيه عيسى أو امن هو اهمصلوب؟!‬

‫ْ َ َ ُ ََ‬ ‫َ َ َّ م َ م َ َ ْ َ َ َ َ َ َّ َ َ َ ْ َ َ َ ْ َ َ َّ َ َ‬
‫يم‪ ،‬ث َّم أتى‬ ‫صلى َعلى أ ِب ِيه ِإبر ِاه ِ‬ ‫ِسن ٍان أنه باب ب ِني شيبة ‪ -‬فح ِمد الله وأثنى علي ِه ِو‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫ص َّلى َر ْك َع َت ْين َخلف َم َقام إ ْب َراه َ‬ ‫اَ ب ْال َب ْيت َ‬ ‫ْ َ َ َ َ ْ َ َ َ ُ َ َ َّ َ َ‬
‫يم ‪َِ ‬و َدخ َل‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الحج َر فاستلمه فلما ط ِ‬
‫ْ ُّ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َز ْم َز َم ف َشر َب م ْن َها‪ُ ،‬ث َّم َق َِ َّ َّ‬
‫اسعاِ و ِشفاء ِمن ك ِل‬ ‫ال‪ :‬الل ُهم ِإ ِني أسألك ِعلما نا ِفعا ِو ِرزقا و ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫َد ٍّاء َِو ُس ْق ِم‪َ ،‬فجع َل يقول ذ ِلك وهو مستقب مل الكعب ِة‪ ،‬ث َّم ق َ‬
‫َ‬ ‫م‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫م‬ ‫َ‬ ‫م‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫م‬ ‫م‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫آخ ُر‬
‫ال ِألصح ِاب ِه‪ِ :‬ليكن ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍّ‬
‫َّ َ (‪)1‬‬ ‫َ ْ ُ ْ ْ َ ْ َ ْ َ َ ْ َ َ َ ْ َ َ َ م م َّ َ َ َ َ‬
‫حج ِِر‪ ،‬فاستلمه ثم خرج ِإلى الصفا) ‪.‬‬ ‫عه ِدكم ِبالكعب ِة اس ِتالم ال ِ‬

‫‪ -3‬شيلون أو من تخضع له الشعوب‪ِ:‬‬


‫جاء في سفر التكوين‪:‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫م‬
‫اجتم معوا ألنبئك ْم ب َما ميص ميبك ْم في آخر ألا َّيام‪ْ 2 .‬‬ ‫م‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫م‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ََ َ َْم م َ َ َ ْ‬
‫اجت ِم معوا‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫(‪ 1‬ودعا يعقوب ب ِن ِيه وقال‪ِ :‬‬
‫َ‬ ‫م‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫م‬ ‫َ ْ َ م َ َ َْم َ َ ْ َْ َ ْ َ َ َ م‬
‫يل أ ِبيك ْم‪َ 3 :‬رأ َوب ْي من‪ ،‬أ ْن َت ِبك ِري‪ ،‬ق َّو ِتي َوأ َّو مل‬ ‫واسمعوا يا ب ِني يعقوب‪ ،‬واصغوا ِإلى ِإسرا ِئ‬
‫َ‬
‫صع ْدت َعلى َم ْ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫مَْ َ ْ م ْ َ ََ ْ ْ‬
‫ض َج ِع‬ ‫الرفع ِة وفض مل ال ِع ِز‪ 4 .‬فا ِئ ًرا كامل ِاء ل تتفض مل‪ ،‬ألنك ِ‬ ‫َقدرِتي‪ ،‬فضل ِ‬
‫م‬ ‫َ مْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫م َ‬ ‫يك‪ .‬ح َينئ ٍذ َد َّن ْس َت مه‪َ .‬ع َلى ف َراش ي َ‬
‫ص ِع َد‪ِ 5 .‬ش ْم معون َول ِوي أخ َو ِان‪ ،‬آل مت ظل ٍم مس ميوف مه َما‪6 .‬‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫أب َ‬
‫ِ‬
‫َ َ َ ََ َ ْ َ ً‬ ‫َ‬ ‫م‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ َ َ َ َ َّ م َ‬ ‫ْ‬ ‫َ َ َْ م م َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫ِفي مج ِل ِس ِهما ل تدخل نف ِس ي‪ِ .‬بمجم ِع ِهما ل تت ِحد كرام ِتي‪ .‬ألنهما ِفي غض ِب ِهما قتال ِإنسانا‪،‬‬
‫مَ‬ ‫َ م َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ض ماه َما َع ْر َق َبا َث ْور ًا‪َ 7 .‬م ْل معو ٌن َغ َ‬
‫اس‪ .‬أق ِس مم مه َما‬ ‫ٍ‬ ‫ض مب مه َما ف ِإ َّن مه ش ِد ٌيد‪َ ،‬و َسخط مه َما ف ِإ َّن مه ق‬ ‫َوفي َ‬
‫ِ ِر‬
‫َ‬ ‫ََ‬ ‫َ‬ ‫ْ م‬ ‫ْ َ َ َم َ‬ ‫م‬
‫َْم َ َ م‬
‫اك َي ْح َم مد ِإخ َوت َك‪َ ،‬ي مد َك َعلى قفا أ ْع َدا ِئ َك‪،‬‬ ‫وذا‪ ،‬إ َّي َ‬
‫ِ‬ ‫وب‪َ ،‬وأف ِرق مه َما ِفي ِإسرا ِئيل‪ 8 .‬يه‬ ‫ِفي يعق‬
‫َ َ َ َ َ َ َ ََ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫َ م َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫م‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ م م‬
‫ص ِعدت َيا ْاب ِني‪ ،‬جثا وربض كأس ٍد‬ ‫يسة َ‬ ‫َ‬
‫ي ْسجد لك بنو أ ِبيك‪َ 5 .‬ي مهوذا ج ْرو أس ٍد‪ِ ،‬من ف ِر ٍ‬
‫َ‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َْ‬ ‫َ‬ ‫ول َق ِض ٌ‬ ‫ض مه؟ ‪َ 12‬ل َي مز م‬ ‫َو َك َل ْب َوة‪َ .‬م ْن مي ْنه م‬
‫يب ِم ْن َي مهوذا َو ممشت ِر ٌع ِم ْن َب ْي ِن ِر ْجل ْي ِه َح َّتى َيأ ِت َي‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫م م م‬‫م‬ ‫م‬ ‫م‬ ‫م‬ ‫َ‬
‫م َ م َ‬ ‫م‬
‫وب)(‪.)2‬‬ ‫ِشيلون وله يكون خضوع شع ٍ‬
‫هذا النص هو وصية يعقوب ألبنائه عندما حضرته الوفاة‪ ،‬وفيه بشارة ببقاء‬
‫الحكم في ذرية يهوذا حتى يأتي املنتظر الذي تخضع له الشعوب‪.‬‬

‫‪ -1‬الكافي‪ :‬ج‪ 4‬ص‪.249‬‬


‫‪ -2‬تكوين‪.49 :‬‬
‫اصدارات انصار االاما اهمدد ‪‬‬ ‫‪072‬‬

‫ول بأس بأن نبدأ بما أورده قاموس الكتاب املقدس‪( :‬حار العلماء في تفسير شيلون‬
‫وفهم املقصود منها‪ .‬وفي ذلك ثالثة آراء‪:‬‬
‫أ ‪ -‬إن شيلون اسم يشير إلى املسيا الذي يأتي من نسل يهوذا‪ .‬فإن يعقوب في‬
‫نبوءته رأى أن رأوبين بسبب خطيئته قد فقد البركة والبكورية‪ .‬ثم شمعون ولري‬
‫ً‬
‫فقداها أيضا بسبب خطيئتهما‪ .‬فنقلت البركة والبكورية ليهوذا‪ .‬أما البركة فهي التي وعد‬
‫بها آدم لنتصار نسل املرأة الذي يسحق رأس الحية (تك‪ ،)15 :3‬والبركة املمنوحة لسام‬
‫(تك‪ 26 :5‬و ‪ )27‬بركة الرئاسة على أخويه‪ ،‬والبركة املوعود بها إلبراهيم بوجود نسل‬
‫روحي وميراث أرض املوعد (تك‪ .)17‬كل هذه منحت ليهوذا‪ .‬لهذا نرى انتقال السلطة من‬
‫يد موس ى الالوي‪ ،‬ويشوع ألافرايمي‪ ،‬وشاول امللك البنياميني‪ ،‬إلى داود الذي من يهوذا‪،‬‬
‫والذي من نسله جاء املسيا املوعود به‪.‬‬
‫ب ‪ -‬جاء ترجمة (تك ‪ )12 :45‬في بعض الترجمات هكذا‪( :‬ل يزول قضيب من يهوذا‬
‫ومشترع من بين رجليه حتى يأتي إلى شيلوه)‪ .‬وهذه الترجمة مشكوك فيها‪ .‬رغم أن فكر‬
‫ً‬
‫العلماء الذين ينادون بها يرجع إلى استخدام شيلوه مركزا للتابوت أيام يشوع‪ .‬وهي‬
‫إشارة لراحة شعب هللا بعد هزيمة كنعان‪.‬‬
‫ج ‪ -‬تنقسم الكلمة (شيلوه) إلى ثالثة مقاطع (ش ئ) و (ل) و (وه)‪ .‬ومعنى العبارة هو‪:‬‬
‫ً‬
‫(الذي له) كما يظهر أيضا من (حز‪ .)27 :21‬وتتفق هذه مع الترجمة السبعينية‪ .‬وهذا‬
‫ً‬
‫الرأي أيضا يعود بنا إلى فكرة انتظار املسيا‪ .‬وترجمتها التفسيرية هي‪ :‬حتى يأتي املسيا إلى‬
‫ما يخصه)(‪ .)1‬يتضح من هذا النص أن املفهوم من كلمة (شيلون) هو إلاشارة إلى املسيا‬
‫املنتظر‪ ،‬أو املخلص(‪ ،)2‬وهذا هو كل ما يهمنا من اقتباس هذا النص‪ ،‬أما إلاشارة إلى‬
‫سفر حزقيال فيراد منها النص التالي‪:‬‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬
‫يل‪ ،‬ال ِذي ق ْد َج َاء َي ْو مم مه ِفي َز َم ِان ِإث ِم‬
‫يس إ ْس َرا ِئ َ‬
‫الشر مير‪َ ،‬رِئ م‬ ‫(‪َ 25‬و َأ ْن َت َأ ُّي َها َّ‬
‫النج م‬
‫س‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ ْ َ َْ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ْ ََ َ َ َْ‬ ‫َ َ َ َ َّ م َّ ُّ ْ‬ ‫َ‬
‫هذ ِه ل ِتلك‪ .‬ارف ِع‬ ‫الن َهاي ِة‪ 26 ،‬هكذا قال الس ِيد الرب‪ :‬ان ِز ِع العمامة‪ .‬ارف ِع التاج‪ِ .‬‬ ‫ِ‬

‫‪ -1‬قاموس الكتاب المقدس ‪ -‬مجمع الكنائس الشرقية‪ :‬ص‪.526‬‬


‫‪ -2‬ويؤيد هذا المعنى ما عثر عليه بين لفائف قمران ـ البحر الميت ـ المكتشفة حديثا حيث أطلق اليهود األسينيون‬
‫كلمة شيلوه كلقب مميز على ِمسِّـيَّـا الحق المنتظر صاحب الحكم والشرع (‪ )The rightful Messiah‬الذي كانوا‬
‫ينتظرون ظهوره ليقيم العدل‪.‬‬
‫‪073‬‬ ‫شبيه عيسى أو امن هو اهمصلوب؟!‬

‫ْ‬ ‫َ َ ً َ م م‬ ‫َ ً َ ً َ م‬ ‫َ‬ ‫ْال َوض َيع‪َ ،‬و َ‬


‫الر ِف َيع‪ 27 .‬مم ْنق ِل ًبا‪ ،‬مم ْنق ِلبا‪ ،‬مم ْنق ِلبا أ ْج َعل مه! هذا أ ْيضا ل َيكون َح َّتى َيأ ِت َي‬ ‫ضع َّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ م ْ م ْ م َ م ْ َ م َّ م (‪)1‬‬ ‫َّ‬
‫ال ِذي له الحكم فأع ِطيه ِإياه) ‪.‬‬
‫وفي هذا النص ألاخير دللة ل تخفى على الاستبدال الذي تحدثنا عنه فيما تقدم‪،‬‬
‫وفيه بطبيعة الحال تأكيد قوي على أن شيلون اسم لشخص ل ملكان‪ ،‬وهذا الشخص‬
‫سيحكم (‪.)2‬‬
‫ولبد هنا من التنويه إلى أن بعض الكتاب املسلمين يحاول أن يفهم النص‬
‫م‬
‫املستدل به على أن فيه إشارة إلى أن شيلون آلاتي ليس من سبط يهوذا‪ ،‬وهو ما ل يدل‬
‫عليه النص كما هو واضح‪.‬‬
‫ومن جهة أخرى مهمة لبد أن نفهم كذلك أن النص ل دللة فيه بشكل قطعي‬
‫على أن الحكم لن يزول قبل مجيء شيلون من سبط يهوذا‪ ،‬فالحق أن النص ل يدل‬
‫على ش يء أكثر من أن شيلون هو من سبط يهوذا‪ ،‬أما أن امللك قد يزول منهم في فترات‬
‫وربما عاد لهم في أخرى‪ ،‬فال يمنعه النص‪.‬‬
‫وبقدر تعلق ألامر بعيس ى ‪ ‬فإن انتسابه إلى سبط يهوذا مشكوك للغاية‪،‬‬
‫وسنتقدم ببعض ألادلة في مبحث لحق على أنه من سبط لوي‪ ،‬كما أن عيس ى ‪ ‬لم‬
‫يحكم ولم تخضع له الشعوب ألبتة‪ ،‬بل كان يرفض أن ينظر له الناس على أنه ملك‪.‬‬
‫هذا مه َو ب ْال َحق َيقة َّ‬
‫َّ َ‬ ‫ََ ََ َ م م َ م‬ ‫َّ م َ َ َّ‬ ‫َ َ َّ َ َ‬
‫الن ِب ُّي‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫ن‬ ‫إ‬‫َِ‬ ‫وا‪:‬‬ ‫ال‬ ‫ق‬ ‫وع‬ ‫س‬ ‫ي‬ ‫ا‬ ‫ه‬‫ع‬ ‫ن‬‫ص‬ ‫ي‬ ‫ت‬ ‫ِ‬ ‫ال‬ ‫ة‬ ‫آلاي‬ ‫اس‬ ‫الن‬ ‫ى‬ ‫أ‬
‫ر‬ ‫(‪ 14‬فلما‬
‫م‬
‫وه ل َي ْج َعل م‬ ‫ْ َ م ََ َْ م م‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫َ َ َّ ْ م ْ م‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ َ م م‬ ‫َ‬ ‫َ َْ َ‬
‫وه‬ ‫آلا ِتي ِإلى العال ِم! ‪ 15‬وأ َّما يسوع ف ِإذ ع ِلم أن مهم مز ِمعون أن يأتوا ويخت ِطف ِ‬
‫َ ً ْ َ َ َ ً َ ْ‬
‫ص َرف أ ْيضا ِإلى ال َج َب ِل َو ْح َد مه)(‪.)3‬‬ ‫م ِلكا‪ ،‬ان‬
‫ً‬
‫كما أن عيس ى صرح بوضوح أن رسالته لم تكن عاملية‪ ،‬ولم يكن أبدا بصدد حكم‬
‫العالم‪:‬‬
‫(ما جئت إل لخراف بني إسرائيل الضالة)‪.‬‬

‫‪ -1‬حزقيال‪.21 :‬‬
‫‪ -2‬حاول مؤسسا الطائفة البروتستانتية (مارتن لوثر وكلفن) ترجمة الكلمة على أنها تعني (ابن)‪ ،‬لكن العلماء‬
‫رفضوا هذه الترجمة‪.‬‬
‫‪ -2‬يوحنا‪.6 :‬‬
‫اصدارات انصار االاما اهمدد ‪‬‬ ‫‪071‬‬

‫نعم‪ ،‬بقي أن املسيحيين يقولون إن سلطته في مجيئه الثاني ستكون سلطة مهيمنة‬
‫يدين فيها العالم‪ ،‬ولكنهم يقولون كما سلف إنها سلطة روحية وإن دولته ليست في‬
‫ألارض‪ ،‬إذن علينا أن نثبت أن مملكة العدل إلالهي ستكون على هذه ألارض لينتقض‬
‫ً‬
‫زعم املسيحيين كليا‪.‬‬
‫ولكن قبل هذا ل بأس أن نسمع لرأي أحد علماء اليهود في النص‪ ،‬والعالم‬
‫املقصود هو ابن كمونة الذي ينقل رأيه الدكتور أحمد حجازي سقا‪ ،‬يقول ابن كمونة‪:‬‬
‫(وألاظهر أن البشارة بداود ‪ ‬بمعنى‪ :‬أنه ل يزول السبط من يهوذا ول الرئاسة من‬
‫بين ظهرانيهم إلى أن تبلغ رئاستهم في الزيادة إلى أن يملك داود ويتفق على تمليكه جميع‬
‫شعوب إسرائيل)(‪.)1‬‬
‫ويقول أحمد حجازي‪ :‬إن ابن كمونة ينتقد رأي املسيحيين بأمور‪ ،‬منها إن امللك زال‬
‫من بني إسرائيل قبل مجيء عيس ى‪ ،‬وإن عيس ى ليس من سبط يهوذا‪ ،‬ويرى كذلك أن‬
‫(شيلون) اسم ملدينة ل لشخص (‪.)2‬‬
‫قبل كل ش يء لبد أن نالحظ أن بني إسرائيل شعب واحد ل شعوب متعددة‪ ،‬فال‬
‫وب) لهم دون سواهم‪،‬‬ ‫ََ م َ م م م م م م م‬
‫يصح من هذه الجهة صرف عبارة (وله يكون خضوع شع ٍ‬
‫فالظاهر من العبارة وكما دلت عليه نصوص كثيرة سقنا بعضها فيما تقدم وسيأتي‬
‫بعض آخر منها‪ ،‬هو إلاشارة إلى كل شعوب ألارض‪ ،‬وبهذا تسقط دللة النص على داود‬
‫ً‬
‫‪ .‬هذا فضال على أن التعبير بكلمة (شعوب) جاء على نحو التنكير‪ ،‬فيكون املراد‬
‫أقوى فيما ذهبنا إليه‪ ،‬بل لو كان املقصود هو ما زعمه ابن كمونة لكان على ألاقل‬
‫أضاف إلى الكلمة لم التعريف؛ ألننا عندها نقول على ألاقل يمكن حمل الالم على‬
‫ً‬
‫العهدية ونجد وجها لكالم ابن كمونة‪ ،‬على الرغم من ضعفه بحد ذاته؛ ألن الالم قد ل‬
‫تكون للعهد‪ ،‬بل لإلستغراق‪ .‬وكذلك ميسقط الدللة على داود ما ورد في سفر إشعياء‪:‬‬
‫ً َ ً‬ ‫ً‬ ‫( َأل َّن مه مي َول مد َل َنا َو َل ٌد َو من ْع َطى ْاب ًنا َو َت مكو من الرَي َ‬
‫اس مة َع َلى َكتفه َو مي ْد َعى ْ‬
‫اس مم مه ًَ ِجيبا مم ِشيرا ِإلها‬ ‫ِِِ‬ ‫ِ‬

‫‪ -1‬تنقيح األبحاث‪ :‬ص‪ ،64 – 62‬نقال عن‪ :‬كتاب البشارة بنبي اإلسالم‪ -‬أحمد حجازي سقا‪ :‬ج‪ 1‬ص‪.156‬‬
‫‪ -2‬انظر كتاب البشارة‪ :‬ج‪ 1‬ص‪.151‬‬
‫‪075‬‬ ‫شبيه عيسى أو امن هو اهمصلوب؟!‬

‫َ‬ ‫َ َ م‬ ‫َ ً َ ً َ َ ً َ َ َّ َ م م َ َ َ َّ َ َ‬
‫لسال ِم ل ِن َه َاية َعلى ك ْر ِس ِي َد ماو َد َو َعلى‬ ‫ق ِديرا أبا أب ِديا رِئيس السال ِم‪ِ ،‬لنم ِو ِرياس ِت ِه وِل‬
‫َ‬ ‫م‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫آلان إ َلى ألا َبد‪ .‬غ ْي َرة َرب ال مج منود َت ْ‬
‫ْ‬ ‫ض َد َها ب ْال َحق َو ْالبر م َن َ‬ ‫َم ْم َل َكته ل مي َثب َت َها َو َي ْع م‬
‫ص َن مع َهذا) (‪.)1‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ ِِ‬ ‫ِِ ِ ِ‬
‫فالنص هذا يقول إن املسيح املنتظر سيرث كرس ي داود‪ ،‬وهذا يعني أنه شخص‬
‫آخر غير داود نفسه‪ ،‬ويدل بعد هذا على أن مملكته ستبقى ول تندثر‪.‬‬
‫ً‬
‫وأخيرا ل يخفى أن القول بأن (شيلون) اسم مدينة يكذبه نص (حزقيال‪،)27 :21‬‬
‫ً‬
‫وهذا النقض كاف تماما‪.‬‬
‫أما ما يتعلق بدللة النص على أن مملكة املسيح املنتظر ستكون على ألارض فهي‬
‫ً‬
‫ظاهرة من خضوع الشعوب له‪ ،‬والخضوع ل يحصل عفوا وإنما يستدعي قهر طواغيت‬
‫ممالك ألارض كما هو معلوم‪ .‬وكذلك فإن وراثته لكرس ي داود يؤشر هذه الحقيقة بال‬
‫شك‪.‬‬
‫َ‬
‫َ َ م م َ َ ْ َ ْ َّ ْ َ َ َّ ْ َ َ َ َ ً ُّ م‬ ‫َ‬
‫وب‬‫نعم ور مد في سفر إشعياء‪( :‬ويكون ِفي ذ ِلك اليو ِم أن أصل يس ى القا ِئم راية ِللشع ِ‬
‫ً‬ ‫م م ُّ‬ ‫َ ْم‬
‫ِإ َّي ماه تطل مب ألا َم مم َو َيكون َم َحل مه َم ْجدا)(‪.)2‬‬
‫ولكننا علمنا من نصوص متقدمة أن املسيح املنتظر يقاتل عدة ممالك‪ ،‬وعليه‬
‫لبد أن نحمل طلب الشعوب له على معنى أنها تتطلع للمنقذ الذي ينتشلها من الواقع‬
‫املتردي الذي تعيشه نتيجة الظلم‪.‬‬
‫َ َ ْ َ َ َْ َ ََ َ ْ ً َم َ َ م َ م َ َ‬ ‫َ‬
‫وع‪َ .‬هذا‬ ‫أما ما ورد في إنجيل لوقا‪( :‬وها أن ِت ستحب ِلين وت ِل ِدين ِابنا وتس ِمينه يس‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ م‬ ‫َ‬ ‫َْ‬ ‫ً‬ ‫م م‬
‫َيكون َع ِظيما َوِا ْب َن ال َع ِل ِي مي ْد َعى َو مي ْع ِط ِيه ا َّلر ُّب ِ ِإلال مه ك ْر ِس َّي َد ماو َد أ ِب ِيه َو َي ْم ِل مك َعلى َب ْي ِت‬
‫ٌ‬ ‫َ م م مْ‬ ‫َْم َ َ َ َ‬
‫وب ِإلى ألا َب ِد َول َيكون ِملل ِك ِه ِن َه َاية)(‪.)3‬‬ ‫ي عق‬
‫بصرف النظر عدم ثقتنا بأن لوقا قد سمع هذا من املالك‪ ،‬وعدم الثقة هذه لها‬
‫ً‬
‫ما يبررها بطبيعة الحال‪ ،‬إذ لم مينقل أن عيس ى أو مريم قال هذا الكالم‪ ،‬كما أن أيا من‬
‫ألاناجيل ألاخرى لم ينقله‪ ،‬بل إن رواية إنجيل متى تختلف عن هذه الرواية‪ ،‬فهو يقول‪:‬‬

‫‪ -1‬إشعياء‪.1 – 6 / 9 :‬‬
‫‪ -2‬أشعيا‪ .12 – 11 :‬ويسى هو أبو داود النبي‪.‬‬
‫‪ -2‬لوقا‪.22 – 21 / 1 :‬‬
‫اصدارات انصار االاما اهمدد ‪‬‬ ‫‪076‬‬

‫َ َ َ ْ َ َ َ َّ َ َ ْ َ ْ َ م م ُّ م َ ْ م َ ً م م َ‬ ‫َ َّ َ َ م َ م َ ْ َ‬
‫وسف‪،‬‬ ‫وع امل ِس ِيح فكانت هكذا‪ :‬ملا كانت مريم أمه مخطوبة ِلي‬ ‫(‪ 18‬أما ِولدة يس‬
‫َ م م م َ م م َ ْ َ َ َ ً َ َْ‬
‫وح القد ِس‪ 15 .‬فيوسف رجلها ِإذ كان بارا‪ ،‬ولم‬ ‫م‬ ‫م‬ ‫ْ‬ ‫َق ْب َل َأ ْن َي ْج َت ِم َعا‪ ،‬موج َدت مح ْبلى ِم َن ُّ‬
‫الر‬
‫َ‬ ‫ْ‬
‫م‬ ‫ِ‬ ‫َ ِ‬
‫ألا ممور‪ ،‬إ َذا َم َالكم‬ ‫ه‬ ‫هذ‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫ر‬‫ٌ‬ ‫ك‬
‫َ‬
‫ف‬ ‫ت‬ ‫َ‬ ‫م‬ ‫م‬ ‫و‬ ‫َ‬ ‫ه‬ ‫م‬ ‫ا‬‫يم‬ ‫َ‬ ‫ف‬ ‫ن‬ ‫ْ‬ ‫لك‬ ‫و‬ ‫َ‬ ‫‪22‬‬ ‫‪.‬‬ ‫ا‬ ‫ر‬
‫ً‬
‫س‬ ‫ا‬ ‫ه‬‫َ‬ ‫ت‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ي‬ ‫ل‬
‫ْ‬
‫خ‬
‫َ‬
‫ت‬ ‫َ‬
‫د‬ ‫ا‬ ‫ر‬‫َ‬ ‫أ‬ ‫ا‪،‬‬‫ه‬‫َي َش ْأ َأ ْن مي ْشه َر َ‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ف َأ ْن َت ْأ مخ َذ َم ْرَي َم ْام َ َرأ َت َك‪َ .‬ألنَّ‬ ‫َّ َ ْ َ َ َ َ م م ْ َ ً َ م م م ْ َ َ م َ َ َ َ ْ‬
‫الر ِب قد ظهر له ِفي حل ٍم ق ِائال‪« :‬يا يوسف ابن داود‪ ،‬ل تخ‬
‫وع‪َ .‬أل َّنهم‬‫اس َم مه َي مس َ‬ ‫الروح ْال مق مدس‪َ 21 .‬ف َس َتل مد ْابنا َوتدعو ْ‬
‫م‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫َّال ِذي محب َل ب ِه ِف َيها مه َو ِم َن ُّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫َّ ْ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ص َش ْع َبه ِمن خطاياهم‪ 22 .‬وهذا كله كان ِلك ْي ي ِتم ما ِقيل ِمن َّ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫م‬ ‫ُّ‬ ‫م‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫م‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫م‬ ‫مي َخ ِل م‬
‫الر ِب ِبالن ِب ِي القا ِئ ِل‪:‬‬
‫َ‬ ‫م َ َ ْ َ ْ َ م َ ْ َ م َ َ م ْ ً َ َ ْ م َن ْ َ م َّ م َ َّ َ‬
‫يل ال ِذي ت ْف ِس مير مه‪ :‬اهللم َم َع َنا)(‪.)1‬‬ ‫‪ 23‬هوذا العذراء تحبل وت ِلد ابنا‪ ،‬ويدعو اسمه ِعما نو ِئ‬
‫وهنا ل حديث عن إعطائه كرس ي داود‪.‬‬
‫إذن يمكن نفض اليد من نص لوقا بداعي أنه يعبر عن ثقافة مسيحية ظنية‪،‬‬
‫تحاول توجيه النصوص بما يتالئم مع مقرراتها املسبقة‪ ،‬ولكن هذه النتيجة قد تبدو‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫مستعجلة من وجهة نظر ما‪ .‬إذ طاملا أمكن أن نجد توجيها مناسبا فما الذي يمنعنا من‬
‫الذهاب إليه؟‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫نعم‪ ،‬نستطيع أن نجد توجيها مناسبا لهذا النص بأن نقول‪ :‬إن الوعد فيه يتحقق‬
‫ً‬
‫في دولة العدل إلالهي حين ينزل عيس ى ‪ ‬ليكون وزيرا للمهدي ‪ ،‬كما ورد في‬
‫الروايات إلاسالمية‪ ،‬وبالنتيجة يكون عيس ى قد جلس على كرس ي داود‪ ،‬وإن كان على‬
‫نحو الوزارة ل الرئاسة‪.‬‬
‫ً‬
‫وهذا على أي حال محتمل بذاته‪ ،‬وإن كان ضعيفا‪ ،‬وألاقوى هو أن يكون املراد أن‬
‫عيس ى‪ ‬بما هو صورة للمسيح املنتظر ‪ -‬كما نريد أن نبرهن ‪ -‬فيصح أن يقال عنه‬
‫إنه وارث لكرس ي داود بهذا الاعتبار‪.‬‬
‫جدير باملالحظة أن الكثير من الروايات إلاسالمية قد ورد التعبير فيها بنحو قريب‬
‫ً‬
‫جدا ملا ورد هنا‪ ،‬فتعبير (الذي له الحكم) يشبه إلى حد بعيد تعبير (صاحب ألامر)‪.‬‬
‫ورد عن إلامام الرضا ‪ِ…( :‬إنا لو أعطيناكم ما تريدون لكان شرا لكم ِوأخذ‬
‫برقبة صاحب هذا ألامر ‪.)2()‬‬

‫‪ -1‬متى‪.1 :‬‬
‫‪ -2‬قرب اإلسناد‪ :‬ص‪.212‬‬
‫‪077‬‬ ‫شبيه عيسى أو امن هو اهمصلوب؟!‬

‫وعن الحسين بن مختار‪ ،‬قال‪ :‬حدثني ابن أبي يعفور‪ ،‬قال‪ :‬قال لي أبو عبد هللا‬
‫‪( :‬أمسك بيدك هالك الفالني ‪ -‬اسم رجل من بني العباس ‪ -‬وخروج السفياني‪،‬‬
‫وقتل النفْل‪ ،‬وجيش الخسف والصوت‪ ،‬قلت‪ :‬وما الصوت‪ ،‬هو املنادي؟ فقال‪ :‬نعم‪،‬‬
‫وبه شعرَ صاحب هذا ألامر‪ ،‬ثم قال‪ :‬الفرج كله هالك الفالني من بني العباس)(‪.)1‬‬
‫وعن إلامام الباقر ‪( :‬كأني بقوم قد خرجوا باْلشرق يطلبون الحق فال‬
‫شعطونه‪ ،‬ثم يطلبونه فال شعطونه‪ ،‬فإذا رأوا ذلك وضعوا سيوفهم على عواتقهم‬
‫فيعطون ما سألوه فال يقبلونه حتى يقوموا‪ ،‬وال يدفعونها إال إلى صاحبكم‪ ،‬قتالهم‬
‫شهداء‪ ،‬أما إني لو أدركت صاحب ذلك الستبقيت نفس ي لصاحب هذا ألامر)(‪.)2‬‬
‫ً‬
‫والروايات كثيرة جدا أكتفي منها بهذا املقدار‪.‬‬

‫‪ -4‬مشتهى ألامم‪ِ :‬‬


‫ََ م َ ْ‬ ‫م‬ ‫م‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫م‬ ‫م ْ م‬
‫ورد في سفر حجى‪(َ :‬وأ َزل ِز مل ك َّل ألا َم ِم‪َ .‬و َيأ ِتي ممش َت َهى ك ِل ألا َم ِم‪ ،‬فأ ْمأل هذا ال َب ْي َت‬
‫ْ مم‬ ‫َم ْج ًدا‪َ ،‬ق َ‬
‫ود) (‪.)3‬‬ ‫ال َر ُّب الجن ِ‬
‫َ َ‬ ‫َ‬
‫ألا ْ‬ ‫صف مر َل مه ْم م ْن َأ ْق َ‬ ‫يد‪َ ،‬و َي ْ‬ ‫وفي إشعياء‪َ 26( :‬ف َي ْر َف مع َر َاي ًة ل مأل َمم م ْن َ‬
‫ض‪ ،‬ف ِإذا‬ ‫ِ‬ ‫ر‬ ‫ى‬ ‫ص‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ع‬ ‫ب‬
‫ِ ِ ِ ِ ٍ‬
‫س ِفيه ْم َراز ٌح َو َل َعا ِث ٌر‪َ .‬ل َي ْن َع مسو َن َو َل َي َن مامو َن‪َ ،‬و َل َت ْن َحلُّ‬ ‫مه ْم ب ْال َع َج َل ِة َي ْأ متو َن َسريع ًا‪َ 27 .‬ل ْي َ‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ين س َه مام مه ْم َم ْس من َون ٌة‪َ ،‬و َجم ميع قسيهمْ‬ ‫ور َأ ْحذ َيتهم مِ‪َّ 28 .‬الذ َ‬ ‫مح مز مم َأ ْح َقائه ْم‪َ ،‬و َل َت ْن َقط مع مس مي م‬
‫ِ ِ ِ ِِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ ِِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ م ْ َ ْ َ َ ٌ َ َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َّ‬ ‫ََ َ َ مم ْ َ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫َْ م ٌَ ََ م َْ ْ م ْ َ م َ‬
‫ممدودة‪ .‬حوا ِفر خي ِل ِهم تحسب كالصو ِان‪ ،‬وبكراتهم كالزوبع ِة‪ 25 .‬لهم زمجرة كاللبو ِة‪،‬‬
‫ون‬‫ص َون َها َو َل مم ْنق َذ‪َ 32 .‬يه ُّر َ‬ ‫يس َة َو َي ْس َت ْخل م‬ ‫ون َو مي ْمس مكو َن ْال َفر َ‬ ‫ون َكالش ْبل‪َ ،‬و َيه ُّر َ‬ ‫َو مي َز ْمج مر َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ور َقدْ‬ ‫ُّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫َع َل ْيه ْم في ذلك ال َي ْوم ك َهدير ال َبحر‪ .‬فإن نظ َر إلى ألا ْرض ف مه َو ذا ظال مم الضيق‪ ،‬والن م‬
‫َ‬ ‫م‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬
‫َ ْ َ َ م م َ (‪)4‬‬
‫أظلم ِبسح ِبها) ‪.‬‬
‫َ ْ (‪)5‬‬ ‫َْ‬ ‫َ َ َ ً م ْ َ م َْ‬ ‫َ ْ َْ َ َ‬
‫وفي املزامير‪ 4( :‬أعطيت خ ِائ ِفيك راية ترفع ألج ِل الح ِق‪ِ .‬ساله) ‪.‬‬

‫‪ -1‬الغيبة للنعماني‪ :‬ص‪.266‬‬


‫‪ -2‬الغيبة للنعماني‪ :‬ص‪.211‬‬
‫‪ -2‬حجى‪.1 – 2 :‬‬
‫‪ -4‬إشعياء‪.5 :‬‬
‫‪ -5‬مزمور‪.62 :‬‬
‫اصدارات انصار االاما اهمدد ‪‬‬ ‫‪079‬‬

‫ً‬
‫مر بنا في مباحث متقدمة أن ألامم تطلب املنقذ بعد أن تنفض يدها تماما من‬
‫ً‬
‫حكوماتها التي تحكم بغير ما أنزل هللا‪ ،‬فتملئ ألارض فسادا‪ ،‬وهذا ما يصفه النص ألاول‬
‫بزلزلة ألامم‪.‬‬
‫إن تزلزل ألامم سيكون نتيجة طبيعية لفسادها ألاخالقي الديني وغفلتها‪ ،‬بل تمردها‬
‫على خالقها جل وعال‪ ،‬وهذه الزلزلة التي تعيشها ألامم واقع أرض ي كما ل يخفى‪ ،‬ومثله‬
‫طلبها للمنقذ الذي سيرفع راية لألمم كناية عن الدعوة التي يبشر من خاللها الناس‬
‫بكونه املنقذ املدخر‪.‬‬
‫م‬ ‫َ‬
‫هذا الواقع العالمي تحدث عنه عيس ى ‪ ‬بقوله‪َ 22( :‬و َم َتى َرأ ْي مت ْم أو مر َشل َ‬
‫يم‬ ‫ِ‬
‫ين ِفي‬ ‫اع َل مموا َأ َّن مه َقد ْاق َت َر َب َخ َر ماب َها‪ 21 .‬ح َينئذ ل َي ْه مرب َّالذ َ‬ ‫اط ًة ب مج ميوش‪َ ،‬فح َينئذ ْ‬ ‫م َ َ‬
‫مح‬
‫ِ ٍِ ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ٍِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫ْمَ َ َ َْ مم‬ ‫َ‬ ‫َ َّ َ َ ْ َ َ ْ َ ُّ َ ً َ َّ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫ود َّي ِة ِإلى ال ِج َب ِال‪ ،‬وال ِذين ِفي وس ِطها فلي ِفروا خا ِرجا‪ ،‬وال ِذين ِفي الكو ِر فال يدخلوها‪،‬‬ ‫ال َي مه ِ‬
‫ْ‬
‫ات ِفي ِتل َك‬ ‫َ َ ْ ْ َ َ َ ْم َ‬
‫وب‪ 23 .‬ووي ٌل ِللح َبالى وامل ْر ِضع ِ‬ ‫هذ ِه َأ َّي مام ْان ِت َقام‪ِ ،‬ل َي ِت َّم مك ُّل َما مه َو َم ْك مت ٌ‬ ‫ِ‬ ‫ن‬ ‫‪َ 22‬أل َّ‬
‫ٍ‬
‫َ َ َ م َن َ‬ ‫ْ‬ ‫ٌ َ ٌ َ َ َ ْ َ م ْ ٌ َ َ َ َّ‬ ‫َ َّ م َ م م‬
‫ن‬
‫َ‬
‫ألا َّ‬
‫ض وسخط على هذا الشع ِب‪ 24 .‬ويقعو ِبف ِم‬ ‫ر‬ ‫ألا‬ ‫ى‬ ‫ل‬ ‫ع‬ ‫يم‬ ‫ظ‬ ‫ِ‬ ‫ع‬ ‫يق‬‫ض‬ ‫ِ‬ ‫و‬ ‫ك‬ ‫ي‬ ‫ه‬ ‫ن‬ ‫أل‬ ‫!‬ ‫ام‬ ‫ِ‬ ‫ي‬
‫َ َّ م َ َّ َ َ ْ َ م‬ ‫َ‬ ‫مَ َ َ م مِ م م َ م َ م َ ً َ م‬ ‫َ‬ ‫َم ْ َْ َ َ‬ ‫ْ‬ ‫َّ‬
‫ف‪ ،‬ويسبون ِإلى ج ِم ِيع ألام ِم‪ ،‬وتكون أورش ِليم مدوسة ِمن ألام ِم‪ ،‬حتى تكمل أز ِمنة‬ ‫السي ِ‬
‫ألا ْرض َك ْر مب مأ َمم َ‬ ‫َ ََ َ‬ ‫الش ْمس َو ْال َق َمر َو ُّ‬ ‫َّ‬ ‫ألا َمم‪َ 25 .‬و َت مكو من َع َال َم ٌ‬ ‫م‬
‫بح ْي َر ٍة‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ى‬ ‫ل‬ ‫ع‬ ‫و‬ ‫‪،‬‬ ‫وم‬ ‫ِ‬
‫الن م‬
‫ج‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ي‬ ‫ف‬‫ِ‬ ‫ات‬ ‫ِ‬
‫َ َّ م م ْ َ َ َ ْ ْ ْ َ ْ َ ْ َ َ َ ْ َ َ ْ َ ْ م َ‬ ‫َ ْ َ ْ م َ َْ َ م َ‬
‫اج ت ِض ُّج‪ 26 ،‬والناس يغش ى علي ِهم ِمن خو ٍف وان ِتظ ِار ما يأ ِتي على املسكون ِة‪،‬‬ ‫البحر وألامو‬
‫ً‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫الس َم َاوات َتت َز ْع َز مع‪َ 27 .‬وحينئذ مي ْبص مر َ‬ ‫َ‬ ‫َ َّ م‬
‫ون ْاب َن ِإلان َس ِان آ ِتيا ِفي َس َح َاب ٍة ِب مق َّو ٍة‬ ‫ِ ٍِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ات َّ‬ ‫ألن ق َّو ِ‬
‫َم م َ َْ م َ َْ م مم َ م َ َ َ م‬ ‫َو َم ْجد َكثير‪َ 28 .‬و َم َتى ْاب َت َد َأ ْ‬
‫وسك ْم أل َّن ن َجاتك ْم‬ ‫هذ ِه تكون‪ ،‬فانت ِصبوا وارفعوا رؤ‬ ‫ِ‬ ‫ت‬ ‫ٍ ِ ٍ‬
‫َ َ‬
‫ت ْقت ِر مب)(‪.)1‬‬
‫َْ‬ ‫ََ ْ َ‬ ‫ْ َ‬ ‫ََ َ َ ً م‬ ‫ً‬
‫ص ِف مر ل مه ْم ِم ْن أق َص ى‬ ‫يد‪ ،‬وي‬ ‫ول أظن منصفا ينكر أن قوله‪( :‬في ْرف مع َراية ِلأل َم ِم ِمن ب ِع ٍ‬
‫ً‬ ‫ْ َ ْم َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬
‫ض‪ ،‬ف ِإذا مه ْم ِبال َع َجل ِة َيأتون َس ِريعا)‪ ،‬يدل على واقع أرض ي‪ .‬وهذا املعنى يدل عليه‬ ‫ِ‬ ‫ر‬ ‫ألا ْ‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َّ‬ ‫م‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫م‬ ‫م‬ ‫م‬ ‫م‬ ‫ْ‬ ‫َّ َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫مَ َ‬ ‫ً‬
‫أيضا نص إشعياء التالي‪( :‬هو ذا عب ِدي ال ِذي أعضده‪ ،‬مخت ِاري ال ِذي سرت ِب ِه نف ِس ي‪.‬‬
‫َ َ‬ ‫َّ‬ ‫ََ م َ َ َ‬ ‫م‬ ‫َ َ ْ ْ‬ ‫َ َ ْ م‬
‫ص ْوت مه‪.‬‬ ‫يح َول َي ْرف مع َول مي ْس ِم مع ِفي الش ِار ِع‬ ‫وحي َعل ْي ِه ف ميخ ِر مج ال َح َّق ِلأل َم ِم‪ 2 .‬ل ي ِص‬ ‫وضعت مر ِ‬

‫‪ -1‬لوقا‪.21 :‬‬
‫‪078‬‬ ‫شبيه عيسى أو امن هو اهمصلوب؟!‬

‫َ‬ ‫ْ ْ‬ ‫َ َ‬ ‫م َ ًَ َ ً َ ْ‬ ‫َ ًََ َْ م ًَ َ‬
‫وضة ل َي ْق ِصف‪َ ،‬وف ِتيلة خ ِام َدة ل ميط ِف مئ‪ِ .‬إلى ألا َم ِان ميخ ِر مج ال َح َّق‪ 4 .‬ل َي ِك ُّل‬ ‫‪ 3‬قصبة مرض‬
‫َ َ م (‪)1‬‬ ‫ََ َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬
‫ََ َ‬ ‫َ‬
‫ض َع ال َح َّق في ألا ْ‬ ‫ْ‬ ‫َو َل َي ْن َكس مر َح َّتى َي َ‬
‫ظ مر الجزا ِئ مر ش ِريعته) ‪ِ.‬‬ ‫ض‪ ،‬وتنت ِ‬ ‫ِ‬ ‫ر‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫إذن املختار أو املسيح املنتظر ميخرج الحق لألمم‪ ،‬ول يكل ول ينكسر حتى يضع‬
‫الحق في ألارض‪ ،‬وتكون الجزائر ‪ -‬أي ألامم ‪ -‬منتظرة لشريعته‪ ،‬أي متطلعة ومتشوقة‬
‫للحق والعدل بعد أن أحاط بها الظلم من كل مكان‪.‬‬
‫م‬ ‫َ ْ ْ‬
‫وباملناسبة إن قوله‪( :‬ف ميخ ِر مج ال َح َّق ِلأل َم ِم) ل ينصرف لعيس ى‪ ،‬بل للمعزي‪ ،‬فعيس ى‬
‫قال لهم عندي كالم كثير‪ ،‬ولم يقله؛ ألنهم ل يحتملون‪ ،‬أما متى جاء ذلك أي املعزي‬
‫فهو يخبركم بكل الحق‪ .‬وسيأتي الحديث عن املعزي‪.‬‬
‫م‬ ‫َ‬
‫وب في ال َباطل؟ ‪ 2‬ق َام ممل م‬ ‫ْ‬ ‫الش مع م‬ ‫م َ م َ َ َ َّ َ ُّ‬ ‫وفي املزمور الثاني‪َ 1( :‬مل َاذا ا ْرَت َّ‬
‫وك‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ر‬ ‫ك‬ ‫ف‬ ‫ت‬ ‫و‬ ‫‪،‬‬ ‫م‬ ‫م‬ ‫ألا‬ ‫ت‬ ‫ِ‬ ‫ج‬ ‫ِ‬
‫ود مه َما‪َ ،‬و ْل َن ْط َرحْ‬ ‫الرب َو َع َلى َمسيحه‪َ ،‬قائل َين‪ 3 :‬ل َن ْق َط ْع مق مي َ‬ ‫َّ‬ ‫َ َ َ َ ُّ َ َ م َ ً َ َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ى‬ ‫ل‬ ‫ع‬ ‫ا‬ ‫ع‬ ‫م‬ ‫اء‬ ‫س‬ ‫ؤ‬ ‫الر‬ ‫ر‬ ‫آم‬ ‫ت‬ ‫و‬ ‫‪،‬‬ ‫ض‬ ‫ِ‬ ‫ر‬ ‫ألا‬
‫الر ُّب َي ْس َت ْهز مئ به ْم‪ 5 .‬ح َينئ ٍذ َي َت َك َّل مم َع َل ْيهمْ‬ ‫ات يضحك‪َّ .‬‬ ‫م‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫لس ِاكن في َّ‬ ‫م‬ ‫َ‬
‫َع َّنا مربط مهما‪ 4 .‬ا َّ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫م‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ ِِ‬ ‫السماو ِ‬ ‫ِ‬
‫م‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ ََ َ َ‬ ‫َ‬ ‫ب َغ َ‬
‫ض ِب ِه‪َ ،‬و َي ْر مج مف مه ْم ِبغ ْي ِظ ِه‪ 6 .‬أ َّما أنا فق ْد َم َس ْح مت َم ِل ِكي َعلى ِص ْه َي ْون َج َب ِل ق ْد ِس ي‪ِ 7 .‬إ ِني‬ ‫ِ‬
‫ألا َممَ‬ ‫ْ َْ َم ْ َ َ م‬ ‫َ‬ ‫َّ َ َ َ ْ َ ْ َ َ ْ َ ْ َ َ َ ْ م‬ ‫َ‬ ‫م ْ م ْ َ َ‬
‫أخ ِبر ِمن ِجه ِة قض ِاء الر ِب‪ ،‬قال ِلي‪ :‬أنت اب ِني‪ ،‬أنا اليوم ولدتك‪ 8 .‬اسأل ِني فأع ِطيك‬
‫ْ َ َ َّ‬ ‫ْ َ‬ ‫م َ مم ْ َ‬ ‫ألا ْ م ْ ً َ َ‬ ‫َ ً َ َ ََ َ َ َ‬
‫اف‬ ‫يب ِمن ح ِد ٍيد‪ِ .‬مث َل ِإن ِاء خز ٍ‬ ‫ض ملكا لك‪ 5 .‬تح ِطمهم ِبق ِض ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ر‬ ‫اص ي‬ ‫ِميراثا لك‪ ،‬وأق ِ‬
‫مَ‬
‫تك ِس مر مه ْم)(‪.)2‬‬
‫امللك إذن يكون على ألارض‪ ،‬واملسيح املنتظر يسلطه هللا على أعدائه الطواغيت‪،‬‬
‫ألا َّيام َأ َّن َج َب َل َب ْي ِت َّ‬ ‫َ‬ ‫ََم م‬
‫الر ِب‬ ‫املظلومين ويمنع الظلم والطغيان‪ 2( :‬ويكون ِفي ِآخ ِر مِ‬ ‫ْ‬
‫فينصف‬
‫الت َالل‪َ ،‬و َت ْجري إ َل ْي ِه مك ُّل ألا َمم‪َ 3 .‬و َت ِس مير مش مع ٌ‬ ‫َ َ َْ م َ ْ َ‬ ‫ْ َ‬ ‫َم م َ ً َ‬
‫وب‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫يكون ث ِابتا ِفي رأ ِس ال ِجب ِال‪ ،‬ويرت ِفع فوق ِ ِ‬
‫م‬ ‫َْم َ َ‬ ‫َ‬ ‫ص َع ْد إ َلى َج َبل َّ‬ ‫َكث َير ٌة‪َ ،‬و َي مق مولو َن‪َ « :‬ه مل َّم َن ْ‬
‫وب‪ ،‬ف مي َع ِل َم َنا ِم ْن ط مر ِق ِه‬ ‫الر ِب‪ِ ،‬إلى َب ْي ِت ِإ ِله يعق‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ْ‬ ‫ََ‬ ‫م‬
‫يم ك ِل َمة َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫يعة‪َ ،‬ومن أو مرشل َ‬ ‫م‬ ‫ْ‬ ‫م‬ ‫َو َن ْسلك في مس مبله»‪ .‬ألنه من ص ْه َي ْون تخ مر مج الشر َ‬
‫َّ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫م‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫م‬
‫الر ِب‪ 4 .‬فيق ِض ي‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِِ‬ ‫م ِ‬
‫اح مه ْم َم َناج َل‪َ .‬ل َت ْر َفعم‬ ‫وف مه ْم س َكك ًا َور َم َ‬ ‫َ َ ََ َْ م َ م م َ‬ ‫م‬ ‫م‬ ‫م‬ ‫ْ‬ ‫م‬ ‫َ‬ ‫َْ َ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وب ك ِث ِيرين‪ ،‬فيطبعون سي‬ ‫بين ألام ِم وين ِصف ِلشع ٍ‬
‫ً َ َّ َ ْ‬ ‫م ٌ َ م‬
‫أ َّمة َعلى أ َّم ٍة َس ْيفا‪َ ،‬ول َي َت َعل ممون ال َح ْر َب ِفي َما َب ْع مد)(‪.)3‬‬

‫‪ -1‬أشعياء‪.42 :‬‬
‫‪ -2‬مزمور‪.2 :‬‬
‫‪ -2‬إشعياء‪.2 :‬‬
‫اصدارات انصار االاما اهمدد ‪‬‬ ‫‪091‬‬

‫ومثله النص التالي وهي نصوص ل يجادل غير معاند في دللتها على مملكة تقوم‬
‫على ألارض‪ ،‬هي مملكة العدل إلالهي‪:‬‬
‫صوله‪َ 2 ،‬و َي مح ُّل َع َل ْيه مر م‬ ‫م‬
‫ََْم م م ْ ٌ ْ م‬ ‫(‪َ 1‬و َي ْخ مر مج َقض ٌ ْ ْ َ‬
‫وح‬ ‫ِ‬ ‫يب ِمن ِجذ ِع ي َّس ى‪ ،‬وينبت غصن ِمن أ ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫الرب‪َ 3 .‬و َل َّذ متهم‬ ‫وح ْاملَ ْعر َف ِة َو َم َخ َاف ِة َّ‬ ‫ورة َو ْال مق َّوة‪ ،‬مر م‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وح ْاملَ مش َ‬ ‫وح ْالح ْك َمة َو ْال َف ْهم‪ ،‬مر م‬
‫ِ ِ‬
‫الرب‪ ،‬مر م‬ ‫َّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ممَ‬ ‫َ م‬ ‫َ َ َ‬ ‫َ م م َ َ َ َّ َ َ‬
‫الر ِب‪ ،‬فال َي ْق ِض ي ِب َح َس ِب نظ ِر َع ْين ْي ِه‪َ ،‬ول َي ْحك مم ِب َح َس ِب َس ْم ِع أذن ْي ِه‪4 ،‬‬ ‫تكون ِفي مخاف ِة‬
‫ضر مب ألا ْر َ‬ ‫َ‬ ‫صاف ل َبائس ي ألا ْرض‪َ ،‬و َي ْ‬ ‫َ‬ ‫َب ْل َي ْقض ي ب ْال َع ْدل لل َم َساكين‪َ ،‬و َي ْحك مم باإل ْن َ‬
‫م‬ ‫ْ‬
‫ض‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫َ َ م م ْ ُّ ْ َ َ َ َ ْ َ ْ َ َ َ َ م‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫م‬ ‫ْ‬ ‫م‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫يب ف ِم ِه‪َ ،‬و مي ِميت املنا ِف َق ِبنفخ ِة شفت ْي ِه‪ 5 .‬ويكون ال ِبر ِمنطقه متني ِه‪ ،‬وألامانة‬ ‫ِبق ِض ِ‬
‫ْ‬
‫الن ِم مر َم َع ال َج ْد ِي‪َ ،‬وال ِع ْج مل‬
‫ْ‬ ‫ض َّ‬ ‫وف‪َ ،‬و َي ْرمب م‬ ‫ْ ََ ْ َ‬ ‫ََ ْ م م‬ ‫ْ ََ َ َ ْ َْ‬
‫الذئ مب مع الخ مر ِ‬ ‫ِمنطقة حقوي ِه‪ 6 .‬فيسكن ِ‬
‫َ ْ َ َ َ م َ ُّ َّ م َ ْ َ َ َ ْ م م َ َ‬ ‫م‬ ‫َوالش ْب مل َو ْاملم َس َّم من َمع ًا‪َ ،‬و َ‬
‫ض أ ْول مد مه َما‬ ‫ص ِغ ٌير َي مسوق َها‪ 7 .‬والبقرة والدبة ترعيا ِن‪ .‬ترب‬ ‫صب ٌّي َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫يم َي َدهم‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُّ‬
‫الرض ميع على َس َرب الصل‪ ،‬و َي ممد الفط م‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ م‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫ْ‬ ‫َ َ م‬‫م‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫م‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ ً‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫معا‪ ،‬وألاسد كالبق ِر يأكل ِتبنا‪ 8 .‬ويلعب َّ ِ‬
‫َ َّ َ ْ َ َ‬ ‫مْ‬ ‫م َ َ ْ م َ م‬ ‫َ‬ ‫مْ‬ ‫َ‬
‫ض ت ْم َت ِل مئ ِم ْن‬ ‫َعلى مج ْح ِر ألاف مع َو ِان‪ 5 .‬ل َي مسوؤون َول ميف ِسدون ِفي ك ِل َج َب ِل قد ِس ي‪ ،‬ألن ألار‬
‫ً‬
‫ص َل َي َّس ى القا ِئ َم َر َاية‬
‫َْ‬ ‫الرب َك َما مت َغطي ْ ِامل َي ماه ْال َب ْح َر‪َ 12 .‬و َي مكو من في ذل َك ْال َي ْوم َأ َّن َأ ْ‬ ‫َم ْعر َف ِة َّ‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫السيدَ‬ ‫ألا َم مم‪َ ،‬و َي مكو من َم َح ُّل مه َم ْجد ًا‪َ 11 .‬و َي مكو من في ِذل َك ْال َي ْوم َأ َّن َّ‬ ‫َّ م َ ْ م م م‬ ‫م‬ ‫ُّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وب‪ِ ،‬إياه تطلب‬ ‫ِ‬ ‫ِللشع‬
‫وس‪،‬‬ ‫ص َر‪َ ،‬و ِم ْن َف ْت مر َ‬ ‫ور‪َ ،‬وم ْن م ْ‬ ‫يد َي َد مه َثان َي ًة ل َي ْق َتن َي َبق َّي َة َش ْعبه‪َّ ،‬التي َبق َي ْت‪ ،‬م ْن َأ ُّش َ‬ ‫ميع م‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ ِ ِ‬ ‫ِ ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫َََْم َ َ ً‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ََ َ ْ ْ َ َ َ ْ َ َ َ َ ْ َ َ ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َو ِمن ك َ‬ ‫م‬ ‫ْ‬
‫وش‪ ،‬و ِمن ِعيالم‪ ،‬و ِمن ِشنعار‪ ،‬و ِمن حماة‪ ،‬و ِمن جز ِائ ِر البح ِر‪ 12 .‬ويرفع راية‬
‫ألا ْرض‪َ 13 .‬ف َي مز م‬ ‫َ‬ ‫وذا ِم ْن َأ ْرَب َع ِة َأ ْط َ‬ ‫ْ َ َ َ َ م ُّ م َ َّ َ م َ‬ ‫ل مأل َمم‪َ ،‬و َي ْج َم مع َم ْ‬
‫ول‬ ‫ِ‬ ‫اف‬ ‫ِ‬ ‫ر‬ ‫ه‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ت‬ ‫ِ‬ ‫ت‬ ‫ش‬ ‫م‬ ‫م‬ ‫ض‬ ‫ي‬‫و‬ ‫‪،‬‬ ‫يل‬ ‫ئ‬‫ِ‬ ‫ا‬ ‫ر‬ ‫س‬ ‫إ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫ِ‬ ‫ن‬ ‫ِ ِ‬
‫ضايقم‬ ‫وذا َل مي َ‬ ‫َ َ م َ ْ َ َ َ َ ْ َ م ْم َ م َ ْ َم َ َ ْ َ م َ َ ْ م َم َ ََم َ‬
‫ِ‬ ‫حسد أفر ِايم‪ ،‬وينق ِرض املض ِايقون ِمن يهوذا‪ .‬أفر ِايم ل يح ِسد يهوذا‪ ،‬ويه‬
‫م‬ ‫ً‬ ‫َْ‬
‫اف ال ِف ِل ْس ِطي ِن ِي َين َغ ْربا‪َ ،‬و َي ْن َه مبو َن َب ِني امل ْش ِر ِق َمعا‪َ .‬يكو من‬
‫ً‬ ‫ْ‬ ‫ََ َ ْ َ‬ ‫َ َ ْ َ َّ‬ ‫َْ َ‬
‫أف َر ِايم‪ 14 .‬وينقض ِان على أكت ِ‬
‫الر ُّب ل َس َ‬ ‫َم م‬ ‫َ َ َ‬ ‫ََ َ م َ َ م َ ْ َ م َ َ ََم َ َ‬
‫ان َب ْح ِر‬ ‫على أدوم وموآب ام ِتداد ي ِد ِهما‪ ،‬وبنو ع ُّمون ِفي طاع ِت ِهما‪ 15 .‬وي ِبيد َّ ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫الن ْهر ب مق َّوة ريحه‪َ ،‬و َي ْ‬ ‫ْ َ َ ُّ َ َ م َ َ َّ‬
‫ض ِرمب مه ِإلى َس ْب ِع َس َواق‪َ ،‬و مي ِج ميز ِف َيها ِباأل ْح ِذ َي ِة‪16 .‬‬ ‫ِمص َر‪ ،‬وي مهز يده على ِ ِ ِ ِ ِ ِ‬
‫ض‬ ‫ر‬ ‫ود ِه ِم ْن َأ ْ‬ ‫ِ‬ ‫ع‬‫صم‬ ‫يل َي ْو َم م‬ ‫ان إل ْس َرا ِئ َ‬ ‫ور‪َ ،‬ك َما َك َ‬ ‫َو َت مكو من س َّك ٌة ل َبق َّية َش ْعبه َّالتي َبق َي ْت م ْن َأ ُّش َ‬
‫ِِ ِ ِ ِ‬ ‫ِ ِ ِ ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ص َر)(‪.)1‬‬ ‫م ْ‬
‫ِ‬
‫وسيكون هناك رؤساء في كل ألارض لدور فدور‪:‬‬

‫‪ -1‬إشعياء‪.11:‬‬
‫‪090‬‬ ‫شبيه عيسى أو امن هو اهمصلوب؟!‬

‫ً‬ ‫م ْ‬ ‫َ‬ ‫م ْ ُّ َ َ َ َ َ ْ ُّ م ور َ م ْ َ‬
‫يب ممل ِك َك‪ِ 16 ...‬ع َوضا َع ْن‬ ‫اس ِتق َام ٍة ق ِض‬ ‫هلل ِإلى ده ِر الده ِ ‪ .‬ق ِضيب‬
‫(‪ 6‬كر ِسيك يا ا م‬
‫َ‬ ‫م‬ ‫م‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫م‬ ‫َ‬
‫وك‪ ،‬متق ميم مه ْم مرؤ َس َاء في كل ألا ْرض‪ 17 .‬أذك مر ْ‬‫َآبائ َك َي مكو من َب من َ‬
‫اس َم َك ِفي ك ِل َد ْو ٍر ف َد ْو ٍر‪ِ .‬م ْن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َّ ْ َ َ َ (‪)1‬‬ ‫َ َ ْ َ م َ ُّ م م َ‬ ‫َ‬
‫أ ْج ِل ِذلك تحمدك الشعوب ِإلى الده ِر وألاب ِد) ‪.‬‬

‫‪ -5‬اْلـع ـزي‪ِ:‬‬
‫ورد في إنجيل يوحنا‪ ،‬في مواضع متعددة تبشير عيس ى ‪ ‬باملعزي‪ ،‬ففي (يوحنا‬
‫‪:)14‬‬
‫َ م َ م َ م م ْ َّم‬ ‫آلاب ب ْ‬ ‫م‬
‫س‪ ،‬ال ِذي َس مي ْرسل مه م‬ ‫َّ‬ ‫ْ‬
‫وح ال مق مد م‬ ‫الر م‬ ‫م‬ ‫ْ‬
‫(‪َ 26‬وأ َّما امل َعزي‪ُّ ،‬‬ ‫َ‬
‫اس ِمي‪ ،‬فهو يع ِلمكم كل‬ ‫مِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ْ‬ ‫م‬ ‫َ‬ ‫ْ م ْ َْ َ َ‬ ‫َ ْ َم َ مم ْ م َ مْم م َ م ْ َ َ ً َْ م م َ م ْ َ َ‬
‫ش ي ٍء‪ ،‬ويذ ِكركم ِبك ِل ما قلته لكم‪ .‬سالما أترك لكم‪ .‬سال ِمي أع ِطيكم‪ .‬ليس كما يع ِطي‬
‫َ مْ َ م ََ َ ْ‬ ‫َ َ‬ ‫ْ َ َ م م ْ م ْ ََ َ َ ْ َ مم م‬
‫ضط ِر ْب قل موبك ْم َول ت ْر َه ْب‪َ 28 .‬س ِم ْع مت ْم أ ِني قل مت لك ْم‪ :‬أنا أذ َه مب‬ ‫العالم أع ِطيكم أنا‪ .‬ل ت‬
‫َ َّ َ َ ْ مَ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ م ْ َ ْ م ْ م ْ م ُّ َ َ م ْ م ْ َ ْ َ م َ َ م ْ م َْ‬ ‫م‬
‫آلاب‪ ،‬ألن أ ِبي أعظم‬ ‫ِ‬ ‫ث َّم آ ِتي ِإليكم‪ .‬لو كنتم ت ِحبون ِني لكنتم تفرحون أل ِني قلت أم ِض ي ِإلى‬
‫م‬
‫ضا َم َعك ْم‬ ‫ان مت ْؤم منو َن‪َ 32 .‬ل َأ َت َك َّل مم َأ ْي ً‬ ‫آلان َق ْب َل َأ ْن َي مكو َن‪َ ،‬ح َّتى َم َتى َك َ‬ ‫مني‪َ 25 .‬و مق ْل مت َل مك مم َ‬
‫ِ‬ ‫ِِ‬
‫س َل مه ف َّي َش ْي ٌء‪َ 31 .‬و ِلك ْن ِل َي ْف َه َم ْال َع َال مم َأ ِني مأ ِحبُّ‬ ‫هذا ْال َع َالم َي ْأ ِتي َو َل ْي َ‬ ‫َ ً َ َّ َ َ َ‬
‫ك ِثيرا‪ ،‬ألن رِئيس‬
‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬
‫ههنا)‪.‬‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫وموا ننط ِلق ِمن م‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫م‬ ‫ْ‬
‫آلاب هكذا أف َع مل‪ .‬ق م‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫صاني م‬ ‫آلاب‪َ ،‬و َك َما َأ ْو َ‬‫َ‬
‫ِ‬
‫وح‬‫وفي (يوحنا‪َ 26( :)15‬و َم َتى َج َاء ْاملم َعزي َّالذي َس مأ ْرس مل مه َأ َنا إ َل ْي مك ْم م َن آلاب‪ ،‬مر م‬
‫َ ِ َ ِ َ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ضا ألنك ْم َمعي منَ‬ ‫م‬ ‫َّ‬ ‫ْال َحق‪َّ ،‬الذي م ْن ع ْند آلاب َي ْن َبث مق‪َ ،‬ف مه َو َي ْش َه مد لي‪َ 27 .‬وتش َهدون أنت ْم أ ْي ً‬
‫م‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫م‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ ِ ِ ِ ِ‬
‫الاب ِت َد ِاء)‪.‬‬
‫ْ‬
‫َْ‬ ‫ْ َم‬ ‫َ َ ََ م‬ ‫َ َ َّ م‬
‫وفي (يوحنا‪ 1( :)16‬ق ْد كل ْم متك ْم ِبهذا ِلك ْي ل ت ْعث مروا‪َ 2 .‬س ميخ ِر مجونك ْم ِم َن امل َج ِام ِع‪َ ،‬ب ْل‬
‫م َ َ م َ‬ ‫ً‬ ‫مم َ َ‬ ‫م م‬ ‫َْ َ َ ٌ‬
‫اعة ِف َيها َيظ ُّن ك ُّل َم ْن َي ْق متلك ْم أ َّن مه ميق ِد مم ِخ ْد َمة ِهللِ‪َ 3 .‬و َس َي ْف َعلون هذا ِبك ْم أل َّن مه ْم‬ ‫تأ ِتي س‬
‫ون‬
‫م‬
‫اعة َت ْذك مر َ‬ ‫م‬ ‫الس َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫م‬
‫آلاب َول َع َرفو ِني‪ِ 4 .‬لكني ق ْد كل ْم متك ْم بهذا َح َّتى إذا َج َاء ِت َّ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫م‬ ‫َ‬ ‫َل ْم َي ْعرفوا َ‬
‫م‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َّ َ َ َ َ‬ ‫ْ‬ ‫َ ََ مْم م َ م ْ ََ ْ َ م ْ َ م ْ َ ْ َ َ َ م ْ م َ َ م‬
‫اض ِإلى‬ ‫أ ِني أنا قلته لكم‪ .‬ولم أقل لكم ِمن ال ِبداي ِة أل ِني كنت معكم‪« 5 .‬وأما آلان فأنا م ٍ‬

‫‪ -1‬المزمور‪.45 :‬‬
‫اصدارات انصار االاما اهمدد ‪‬‬ ‫‪092‬‬

‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ مْ َ م‬ ‫َم َ َ‬ ‫م‬ ‫َّ َ ْ َ َ َ َ ْ َ َ‬


‫س أ َح ٌد ِم ْنك ْم َي ْسأل ِني‪ :‬أ ْي َن ت ْم ِض ي؟ ‪ِ 6‬لك ْن أل ِني قل مت لك ْم هذا ق ْد َمأل‬ ‫ال ِذي أرسل ِني‪ ،‬ولي‬
‫َ م م َ م م ْ َ َّ َّ م َ ْ ٌ َ م ْ َ ْ َ ْ َ َ َ َّ م ْ َ ْ َ ْ َ ْ َ‬ ‫ْ م مم م‬
‫ال مح ْزن قل َوبك ْم‪ِ 7 .‬لك ِني أقول لكم الحق‪ِ :‬إنه خير لكم أن أنط ِلق‪ ،‬ألنه ِإن لم أنط ِلق ل‬
‫ْ َ َ َ‬
‫اك مي َب ِك مت ال َعال َم َعلى خ ِط َّي ٍة‬ ‫يك مم ْاملم َعزي‪َ ،‬ولك ْن إ ْن َذ َه ْب مت مأ ْ س مل مه إ َل ْي مك ْم‪َ 8 .‬و َم َتى َج َاء َذ َ‬ ‫َْ م‬
‫يأ ِت‬
‫ِ ِ‬ ‫ر‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫َ َ‬ ‫َ َ َّ َ َ‬ ‫َ َّ َ َ َ َّ َ َ َّ م ْ َ م ْ م نَ‬ ‫َ ََ َْم َ‬ ‫َ ََ‬
‫وعلى ِبر وعلى دينون ٍة‪ 5 :‬أما على خ ِطي ٍة فألنهم ل يؤ ِمنو ِبي‪ 12 .‬وأما على ِبر فأل ِني‬
‫هذا ْال َع َالم َق ْد د َ‬ ‫َ َ َّ َ َ َ ْ م َ َ َ َّ َ َ َ‬ ‫َذاه ٌب إ َلى َأبي َو َل َت َر ْو َنني َأ ْي ً‬
‫ين‪12 .‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫يس‬ ‫ئ‬ ‫ِ‬ ‫ر‬ ‫ن‬ ‫أل‬ ‫ف‬ ‫ة‬ ‫ٍ‬ ‫ون‬ ‫ن‬ ‫ي‬ ‫د‬ ‫ى‬ ‫ل‬ ‫ع‬ ‫ا‬ ‫م‬ ‫أ‬‫و‬ ‫‪11‬‬ ‫ا‪.‬‬ ‫ض‬ ‫ِ‬ ‫ِ مِ ِ‬
‫آلان‪َ 13 .‬و َأ َّما َمتىَ‬ ‫يعو َن َأ ْن َت ْح َتم ملوا َ‬ ‫ورا َكث َير ًة َأ ْيض ًا َأل مقو َل َل مك ْم‪َ ،‬ولك ْن َل َت ْس َتط م‬ ‫إ َّن لي أ مم ً‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫وح ْال َحق‪َ ،‬ف مه َو مي ْرش مد مك ْم إ َلى َجميع ْال َحق‪َ ،‬أل َّن مه َل َي َت َك َّل مم م ْن َن ْفسه‪َ ،‬ب ْل مك ُّل ماَ‬ ‫اك‪ ،‬مر م‬ ‫َج َاء َذ َ‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ْ‬ ‫َم ْ مم‬ ‫م‬ ‫م‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫م‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫م‬ ‫َ‬ ‫م‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫م‬ ‫م‬ ‫ْ‬ ‫م‬ ‫َم م‬ ‫ْ‬ ‫َ ْ َ م َ َ َ َّ م‬
‫ور آ ِتي ٍة‪ 14 .‬ذاك يم ِجد ِني‪ ،‬ألنه يأخذ ِم َّما ِلي ويخ ِبركم‪15 .‬‬ ‫يسمع يتكلم ِب ِه‪ ،‬ويخ ِبركم ِبأم ٍ‬
‫َ م‬ ‫َ م‬ ‫َ‬ ‫ْ م‬ ‫ْ م م‬ ‫َ مْ‬ ‫م‬
‫آلب مه َو ِلي‪ِ .‬لهذا قل مت ِإ َّن مه َيأخذ ِم َّما ِلي َو ميخ ِب مرك ْم‪َ 16 .‬ب ْع َد ق ِليل ل ت ْب ِص مرون ِني‪ ،‬ث َّم‬ ‫ِ‬ ‫ك ُّل َما ِل‬
‫ال َق ْو ٌم م ْن َت َالميذه‪َ ،‬ب ْع م‬ ‫ََ‬ ‫َ َ ٌ َ‬ ‫َ ْ ً َ َ ْو َ‬ ‫َ‬
‫ض مه ْم‬ ‫ِ ِِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ق‬ ‫ف‬ ‫‪17‬‬ ‫‪.‬‬ ‫آلاب‬
‫ِ‬ ‫ى‬ ‫ل‬ ‫إ‬ ‫ِ‬ ‫ب‬ ‫اه‬‫ِ‬ ‫ذ‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫ِ‬ ‫أل‬ ‫ي‪،‬‬ ‫ن‬ ‫ِ‬ ‫ن‬ ‫َب ْع َد ق ِليل أيضا تر‬
‫َ م ْ م َ م َّ َ ْ َ َ َ ْ ً َ َ‬ ‫َ‬ ‫م َ‬ ‫َ َّ‬
‫ضا ت َر ْون ِني‪،‬‬ ‫ض‪َ :‬ما مه َو هذا ال ِذي َي مقول مه ل َنا‪َ :‬ب ْع َد ق ِليل ل تب ِصرون ِني‪ ،‬ثم بعد ق ِليل أي‬ ‫َْ‬
‫ِلب َع ٍ‬
‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ م َ م َ َ ْ َ م َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫يل ال ِذي َي مقو مل َع ْن مه؟ ل ْس َنا ن ْعل مم ِب َماذا‬ ‫آلاب؟‪ 18 .‬فقالوا‪ :‬ما هو هذا الق ِل‬ ‫ِ‬ ‫َوأل ِني ذ ِاه ٌب ِإلى‬
‫َ َ م‬ ‫َ َ َ َ م م َ َّ م ْ َ م م م َ َ ْ َ ْ َ م م َ َ َ َ َ‬ ‫َ َّ‬
‫ال ل مه ْم‪ :‬أ َع ْن هذا َتت َس َاءلو َن‬ ‫َي َتكل مم!‪ 15 .‬فع ِلم يسوع أنهم كانوا ي ِريدون أن يسألوه‪ ،‬فق‬
‫َْ‬ ‫َ ً َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ م‬ ‫َ م‬ ‫َ‬ ‫َ مْ‬ ‫م‬
‫ِف َيما َب ْي َنك ْم‪ ،‬أل ِني قل مت‪َ :‬ب ْع َد ق ِليل ل ت ْب ِص مرون ِني‪ ،‬ث َّم َب ْع َد ق ِليل أ ْيضا ت َر ْون ِني ‪ 22‬ال َح َّق‬
‫َم‬ ‫م َ‬ ‫َْ‬ ‫ْ َ َّ َ م م َ م ْ َّ م ْ َ َ ْ م َ َ َ م م َ ْ َ‬
‫وحون َوال َعال مم َي ْف َر مح‪ .‬أن مت ْم َس َت ْح َزنون‪َ ،‬و ِلك َّن مح ْزنك ْم‬ ‫الحق أقول لكم‪ِ :‬إنكم ستبكون وتن‬
‫الط ْف َل‬ ‫َ ْ َ َ م َ َ م َ ْ َ َّ َ َ َ ْ َ َ ْ َ ْ َ َ َ َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫م‬ ‫ََ َ م َ َ‬
‫يتح َّول ِإلى ف َر ٍح‪ 21 .‬امل ْرأة و ِه َي ت ِلد تحزن ألن ساعت َها قد جاءت‪ ،‬و ِلكن متى ولد ِت ِ‬
‫ََْم ْ َ‬ ‫َْ َ‬ ‫ود َت ْذ مك مر الش َّد َة ل َس َبب ْال َف َرح‪َ ،‬أل َّن مه َق ْد مول َد إ ْن َس ٌ‬ ‫َل َت مع م‬
‫ذل َك‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ك‬ ‫م‬ ‫ت‬ ‫ن‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫‪22‬‬ ‫‪.‬‬ ‫م‬ ‫َ ِ‬‫ال‬ ‫ع‬ ‫ال‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫ِ‬ ‫ان‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ َ َ م ْ َِ ْ ً َ َ ْ َ م م م م م ْ َ َ َ ْ م َ ٌ َ َ َ م ْ ْ م‬ ‫ٌ‬ ‫ع ْن َد مك مم َ‬
‫آلان مح ْزن‪َ .‬و ِلك ِني سأراكم أيضا فتفرح قلوبكم‪ ،‬ول ين ِزع أحد فرحكم ِمنكم ‪23‬‬
‫ْ‬
‫ِ‬
‫ْ ْ َ‬ ‫م‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ َ‬ ‫م‬ ‫َّ‬ ‫م‬
‫م ْ‬ ‫َ‬ ‫م‬ ‫َ‬ ‫َ َّ َ َّ‬‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫م‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫و ِفي ِذلك اليو ِم ل تسألون ِني شيئا‪ .‬الحق الحق أقول لكم‪ِ :‬إن ْكل ما طلبتم ِمن ِ‬
‫آلاب‬
‫م َ َ م‬
‫اس ِمي‪ .‬اطل مبوا تأخذوا‪ِ ،‬ل َيكون ف َر محك ْم‬
‫م ْم َ م م‬ ‫آلان َل ْم َت ْط مل مبوا َش ْيئ ًا ب ْ‬ ‫يك ْم‪ 24 .‬إ َلى َ‬ ‫ْ مْ م‬
‫ِباس ِمي يع ِط‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ ً‬
‫ك ِامال)‪.‬‬
‫هذه البشارة ترتبط في الحقيقة باملنقذ املخلص الذي يخرج في آخر الزمان‪ ،‬ولكن‬
‫املسيحيين يقولون إن املقصود منها هو الروح القدس ألاقنوم الثالث بحسب التصور‬
‫املسيحي هلل الذي سبق أن ناقشناه‪.‬‬
‫‪093‬‬ ‫شبيه عيسى أو امن هو اهمصلوب؟!‬

‫يقول ألانبا أثناسيوس في تفسيره إلنجيل يوحنا‪ :‬البارقليط هو روح هللا القدوس‬
‫نفسه املعزي‪ ،‬البارقليط‪ :‬املعزي (الروح القدس الذي يرسله ألاب باسمي) (يوحنا‬
‫‪ ،)26/14‬وهو الذي نزل عليهم يوم الخمسين (أعمال ‪ )4 - 1/2‬فامتألوا به وخرجوا‬
‫للتبشير‪ ،‬وهو مع الكنيسة وفي املؤمنين‪ ،‬وهو هبة مالزمة لإليمان والعماد (‪.)1‬‬
‫ولكن التأمل البسيط في النصوص يدلنا على غير ما يذهب له املسيحيون‪.‬‬
‫وسنسجل مالحظاتنا بشكل نقاط مرقمة كما يلي‪:‬‬
‫أ ‪ -‬لنالحظ أن عيس ى ‪ ‬يقول‪( :‬إن لم أنطلق ل يأتيكم املعزي)‪ ،‬ألامر الذي يعني‬
‫أن املعزي وعيس ى ‪ ‬ل يجتمعان‪ ،‬فطاملا كان عيس ى ‪ ‬بينهم ل يأتيهم املعزي‪ ،‬أي‬
‫أن املعزي ل وجود له ليس أثناء حياة عيس ى‪ ،‬بل ربما قبله كذلك‪.‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫لكننا نعلم أن الروح القدس كان دائما مع عيس ى ‪ ،‬وكان موجودا قبله وبعده‬
‫ََ َ‬ ‫ْ‬ ‫على حد سواء‪ ،‬فقد ورد في إنجيل لوقا‪َ 67( :‬و ْام َت َأل َز َكرَّيا َأ مب م‬
‫وح ال مق مد ِس‪َ ،‬وتن َّبأ‬ ‫ِ‬
‫وه ِم َن ُّ‬
‫الر‬ ‫ِ‬
‫َ ْ (‪)2‬‬
‫صنع ِفداء ِلشع ِب ِه) ‪ .‬هنا الروح‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫يل َأل َّن مه ْاف َت َق َد َو َ‬ ‫َقا ِئ ًال‪ « 68 :‬مم َبا َر ٌك َّ‬
‫الر ُّب إ مله إ ْس َرا ِئ َ‬
‫ِ ِ‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫القدس موجود مع زكريا ‪ ،‬وفيه أيضا أن أليصابات امتألت أيضا من الروح‬
‫ض‬ ‫ات َس َال َم َم ْرَي َم ا ْرَت َك َ‬ ‫يص َاب م‬ ‫القدس أثناء حملها بيوحنا (يحيى)‪َ 41( :‬ف َل َّما َسم َع ْت َأل َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وح ال مق مد ِس) ‪.‬‬
‫(‪)3‬‬ ‫ْ‬ ‫ات ِم َن ُّ‬
‫الر‬ ‫يص َاب م‬ ‫ْال َجن مين في َب ْطن َها‪َ ،‬و ْام َت َأل ْت َأل َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫َْ َ َم م َ‬ ‫ِ َ َ َ ْ َ َْ م ْ َ َ‬
‫وكذلك مريم حل عليها الروح القدس‪ 34( :‬فقالت مريم ِللمال ِك‪« :‬كيف يكون هذا‬
‫م م‬ ‫َ‬
‫س َي ِح ُّل َعل ْي ِك‪َ ،‬وق َّوة‬ ‫وح ْال مق مد م‬ ‫ال َلها‪َ :‬ا ُّلر م‬ ‫اب ْاملَ َال مك َو َق َ‬ ‫َو َأ َنا َل ْس مت َأ ْعر مف َر مج ًال؟» ‪َ 35‬ف َأ َج َ‬
‫ِ‬
‫(‪)4‬‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫م‬ ‫ْ‬ ‫م‬ ‫ْ َ م َ م َ َ َ ْ ً ْ م ُّ م ْ َ ْ م‬
‫هللا) ‪.‬‬ ‫ذلك أيضا القدوس املولود ِمن ِك يدعى ابن ِ‬ ‫الع ِل ِي تظ ِلل ِك‪ ،‬ف ِل ِ‬
‫َ‬ ‫ْ‬
‫ََ َ َ َ َ‬
‫ال ل مه املال مك‪« :‬ل‬ ‫وامتأل يحيى (يوحنا) من الروح القدس وهو في بطن أمه‪ 13( :‬فق‬
‫َ َ ْ َ َ َ َّ َ َّ ْ َ َ َ َ ْ م َ ْ َ ْ َ َ م َ َ َ َ م َ َ م َ َ ْ ً َ َم‬
‫تخف يا زك ِريا‪ ،‬ألن ِطلبتك قد س ِمعت‪ ،‬وامرأتك أ ِليصابات ست ِلد لك ابنا وتس ِم ِيه‬

‫‪ -1‬تفسير إنجيل يوحنا ‪ -‬األنبا أثناسيوس‪ :‬ص‪.111‬‬


‫‪ -2‬لوقا‪.1 :‬‬
‫‪ -2‬لوقا‪.1 :‬‬
‫‪ -4‬لوقا‪.1 :‬‬
‫اصدارات انصار االاما اهمدد ‪‬‬ ‫‪091‬‬

‫ً‬ ‫َ م م‬ ‫َ َ‬ ‫اج‪َ ،‬و َكث مير َ‬ ‫وح َّنا‪َ 14 .‬و َي مكو من َل َك َف َر ٌح َو ْابت َه ٌ‬
‫ون َس َي ْف َر محون ِب ِول َد ِت ِه‪ 15 ،‬أل َّن مه َيكون َع ِظيما‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫مي َ‬
‫ْ‬
‫وح ال مق مد ِس)(‪.)1‬‬ ‫الرب‪َ ،‬و َخ ْم ًرا َو مم ْس ِك ًرا َل َي ْش َر مب‪َ ،‬و ِم ْن َب ْطن مأ ِم ِه َي ْم َت ِل مئ ِم َن ُّ‬
‫الر‬ ‫َأ َم َام َّ‬
‫َ َّ َ م م َ َ َ َ ِ َ م‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ألا ْر مدن مم ْم َتلئ ًا منَ‬ ‫وعيس ى ‪ ‬كان ممتلئا من الروح القدس‪( :‬أما يسوع فرجع ِمن‬
‫ً‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫ْ‬ ‫ان مي ْق َت ماد ب ُّ‬‫الروح ْال مق مدس‪َ ،‬و َك َ‬
‫وح ِفي ال َب ِرَّي ِة)(‪.)2‬‬ ‫ِ ِ‬ ‫الر‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ُّ‬
‫ً‬
‫وأيضا‪( :‬وعاد يسوع إلي منطقة الجليل بقدرة الروح)(‪ ،)3‬ومثله‪( :‬وكان الطفل ينمو‬
‫ويتقوى بالروح)(‪.)4‬‬
‫بل كان الروح القدس على سمعان قبل بعثة عيس ى ‪ ،‬كما يظهر من النص‬
‫َ َ‬ ‫َ َ َ َ م ٌ م م َ َ ْ م م ْ َ م َ َ َ َّ م م َ َ ً َ ً ْ‬
‫ان َبارا ت ِقيا َين َت ِظ مر ت ْع ِزَية‬ ‫التالي‪ 25( :‬وكان رجل ِفي أورش ِليم اسمه ِسمعان‪ ،‬وهذا الرجل ك‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫وح َي إ َل ْي ِه ب ُّ‬ ‫ََ َ َْ م‬ ‫ان َع َل ْ‬ ‫س َك َ‬ ‫وح ْال مق مد م‬
‫وح ال مق مد ِس أ َّن مه ل َي َرى‬ ‫الر‬
‫ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫أ‬ ‫د‬ ‫ق‬ ‫ان‬‫ك‬‫و‬ ‫‪26‬‬ ‫‪.‬‬ ‫ه‬
‫ِ‬ ‫ي‬ ‫الر م‬‫يل‪َ ،‬و ُّ‬ ‫إ ْس َرا ِئ َ‬
‫َّ (‪)5‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َِْْ َ َ ْ َ َ‬
‫املوت قبل أن يرى م ِسيح الر ِب) ‪.‬‬
‫م‬
‫وألاهم من كل ما تقدم أن الروح القدس أعطي للتالميذ في حياة عيس ى ‪22( :‬‬
‫ََ م َ َ مَْ َ‬ ‫وح ْال مق مد َ‬ ‫ال َل مه مم‪ْ « :‬اق َب ملوا ُّ‬ ‫هذا َن َف َخ َو َق َ‬ ‫َ َ َّ َ َ َ‬
‫س‪َ 23 .‬م ْن غف ْرت ْم خط َاي ماه تغف مر ل مه‪،‬‬ ‫الر َ‬ ‫وملا قال‬
‫َ‬ ‫م‬ ‫َ ْ َ َ‬
‫َو َم ْن أ ْم َسك مت ْم خط َاي ماه أ ْم ِسك ْت)(‪.)6‬‬
‫فالروح القدس ل يمكن أن يكون هو املعزي‪ ،‬الذي ميشترط مجيئه للتالميذ ‪ -‬على‬
‫ألاقل ‪ -‬بمض ي عيس ى‪.‬‬
‫ب ‪ -‬ل شك في أن كلمات من قبيل‪( :‬يتكلم ‪ -‬يسمع ‪ -‬يخبر ‪ -‬يوبخ) تدل على أوصاف‬
‫حسية تناسب البشر ل الروح القدس الذي تصفه النصوص بصورة ألسنة نارية تنزل‬
‫ً‬
‫على التالميذ‪ .‬ولعل املسيحيين يعلمون أن الروح القدس يناسبه إلالهام القلبي مثال ل‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫الكالم الذي يحتاج جهازا صوتيا‪.‬‬
‫يقول موريس بوكاي بعد تحليل لغوي لفقرة‪( :‬لن يتكلم بإرادته وإنما سيقول ما‬
‫يسمع)‪ ،‬يعود فيه إلى ألاصل اليوناني لفعلي (يسمع) و(يتكلم) يقول‪( :‬يبدو إذن أن‬

‫‪ -1‬لوقا‪.1 :‬‬
‫‪ -2‬لوقا‪.1 / 4 :‬‬
‫‪ -2‬لوقا‪.14 / 4 :‬‬
‫‪ -4‬لوقا‪.12 / 1 :‬‬
‫‪ -5‬لوقا‪.2:‬‬
‫‪ -6‬يوحنا‪.22 :‬‬
‫‪095‬‬ ‫شبيه عيسى أو امن هو اهمصلوب؟!‬

‫ً‬
‫الاتصال بالناس املقصود هنا ل يكمن مطلقا في الهام عمل الروح القدس‪ ،‬إنما هو‬
‫اتصال ذو طابع مادي واضح وذلك بسبب مفهوم إصدار الصوت‪ ...‬فالفعالن اليونانيان‬
‫ً‬
‫(‪ )Laleo(،)Akouo‬يعبران عن فعلين ماديين ل يمكن أن يخصا إل كائنا يتمتع بجهاز‬
‫للسمع وآخر للكالم‪ .‬وبالتالي فتطبيق هذين الفعلين على الروح القدس أمر غير ممكن‪.‬‬
‫إن نص هذه الفقرة من إنجيل يوحنا كما تسلمه لنا املخطوطات اليونانية غير‬
‫مفهوم باملرة إذا ما قابلناه في تمامه مع كلمتي (الروح القدس) في آلاية ‪ 26‬من‬
‫إلاصحاح‪ ،14‬وهي‪ Paraclet( :‬الروح القدس الذي سيرسله الاب باسمي‪ )...‬ال ‪ .‬إنها‬
‫ً‬
‫الجملة الوحيدة في إنجيل يوحنا التي تثبت تطابقا بين الـ ‪ Paraclet‬والروح القدس‪.‬‬
‫ولكن إذا حذفنا كلمتي الروح القدس (‪ )to pneuma to agion‬من هذه الجملة فإن نص‬
‫ً‬
‫يوحنا يقدم عندئذ دللة شديدة الوضوح‪ .‬ويضاف إلى ذلك أن هذه الدللة تتخذ شكال‬
‫ً‬
‫ماديا وذلك من خالل نص آخر ليوحنا وهو نص الرسالة ألاولى حيث يستخدم نفس‬
‫هذه الكلمة ‪ Paraclet‬لإلشارة ببساطة إلى املسيح باعتباره الوسيط لدى هللا‪ .‬وعندما‬
‫يقول املسيح حسب إنجيل يوحنا (‪( :)14 ،16‬سأصلي هلل وسيرسل لكم ‪ Paraclet‬آخر‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫فهو يريد بالفعل أن يقول إنه سيرسل إلى البشر وسيطا (آخر) كما كان هو وسيطا لدى‬
‫هللا وفي صالح البشر في أثناء حياته على ألارض)(‪.)1‬‬
‫ج ‪ -‬ومما يدل على بشرية الروح القدس أنه من نفس نوع املسيح‪ ،‬واملسيح كان‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫بشرا‪ ،‬وهو يقول عنه‪( :‬وأنا أطلب من آلاب فيعطيكم معزيا آخر)‪ .‬والنص اليوناني‬
‫يستعمل كلمة ‪ allon‬وهي تستخدم للدللة على آلاخر من نفس النوع‪ ،‬فيما تستخدم‬
‫كلمة ‪ hetenos‬للدللة على آخر من نوع مغاير (‪.)2‬‬
‫َّ‬
‫د ‪ -‬واضح من النصوص أن املعزي آلاتي قد ميكذب‪ ،‬وبهذا وحده نفهم ملاذا أوص ى‬
‫مْ‬
‫اي)‪ ،‬ويقول‪َ ( :‬وقل مت‬ ‫اح َف مظوا َو َ‬
‫ص َاي َ‬ ‫عيس ى‪ ‬باإليمان به وإتباعه‪( :‬إ ْن مك ْن مت ْم متح ُّب َونني َف ْ‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫َ م م َ َ ْ َ َ ْ َ م َن َ َّ َ َ َ َ م ْ م نَ‬
‫لكم آلان قبل أن يكو ‪ ،‬حتى متى كان تؤ ِمنو )‪.‬‬

‫‪ -1‬القرآن والتوراة واإلنجيل والعلم‪ ،‬دراسة الكتب المقدسة في ضوء المعارف الحديثة ‪ -‬موريس بوكاي‪ :‬ص‪122‬‬
‫– ‪.124‬‬
‫‪ -2‬انظر‪ :‬بشارة أحمد في اإلنجيل ‪ -‬إعداد وتأليف محمد الحسيني الريس‪ :‬ص‪.14‬‬
‫اصدارات انصار االاما اهمدد ‪‬‬ ‫‪096‬‬

‫َ َ ََ م‬ ‫َ َ َّ م‬
‫(ق ْد كل ْم متك ْم ِب َهذا ِلك ْي ل ت ْعث مروا)(‪.)1‬‬
‫َّ َ م َ ْ م م َ َ َ َ م ْ َ م َ َ م‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َّ م‬ ‫َ‬
‫ون أ ِني أنا قل مت مه لك ْم‪َ .‬ول ْم أق ْل‬‫(ل ِك ِني ق ْد كل ْم متك ْم ِب َهذا َح َّتى ِإذا َج َاء ِت الساعة تذكر‬
‫م‬ ‫َ م‬ ‫ْ‬ ‫َم‬
‫لك ْم ِم َن ال ِب َد َاي ِة أل ِني ك ْن مت َم َعك ْم)(‪.)2‬‬
‫بينما الروح القدس بالنسبة للمسيحيين هو أحد أطراف الثالوث‪ ،‬وينبغي وفق‬
‫عقيدتهم أن يكون التالميذ مؤمنين به‪ ،‬بل إن قوله‪( :‬ل يتكلم من نفسه‪ ،‬بل كل ما‬
‫ً‬
‫يسمع يتكلم به) يبدو غامضا للغاية بالنسبة ألقنوم هو ذاته آلاب وإلابن‪ ،‬فما عس ى أن‬
‫يكون املصدر الذي يمده بالكالم؟‬
‫بل ما معنى أن يوصيهم باإليمان بالروح القدس إذا كان الروح القدس هو الذي‬
‫يقود غير املؤمنين إلى إلايمان‪( :‬ليس أحد يقدر أن يقول يسوع رب‪ ،‬إل بالروح‬
‫القدس)(‪ .)3‬والروح القدس كما في أعمال الرسل تستقر على كل واحد منهم كألسنة‬
‫النار‪( :‬صار بغتة من السماء صوت كما من هبوب ريح عاصفة‪ ،‬ومأل كل البيت حيث‬
‫كانوا جالسين‪ ،‬وظهرت لهم ألسنة منقسمة كأنها من نار‪ ،‬واستقرت على كل واحد‬
‫منهم‪ ،‬وامتأل الجميع من الروح القدس‪ ،‬وابتدءوا يتكلمون بألسنة أخرى كما أعطاهم‬
‫الروح أن ينطقوا)(‪.)4‬‬
‫ً‬
‫فقبولهم الروح القدس إما أن يكون قهريا‪ ،‬وإما أن يكونوا مؤمنين فقبلوه‪ ،‬وعلى‬
‫َّ‬
‫أي نحو كان فهو يدل على أن املعزي الذي يمكن أن ميكذب ليس هو الروح القدس التي‬
‫يرى املسيحيون أنه ألاقنوم الثالث‪.‬‬
‫هـ ‪ -‬إن املعزي يبكت العالم‪( :‬متى جاء ذاك يبكت العالم على خطية‪ ،‬وعلى بر‪،‬‬
‫ً‬
‫وعلى دينونة)‪ ،‬فهل فعل الروح القدس شيئا من هذا‪ ،‬ل شك أنهم ل يستطيعون ادعاء‬
‫ش يء من هذا إل بمزيد من التمحل واملغالطة‪.‬‬
‫ً‬
‫و ‪ -‬إن قول عيس ى‪( :‬فهو يشهد لي‪ ،‬وتشهدون أنتم أيضا) يدل بالضرورة على‬
‫أن شهادة املعزي تختلف عن شهادة التالميذ‪ ،‬ألامر الذي ل يستقيم إذا فهمنا أن‬

‫‪ -1‬يوحنا‪.1 / 16 :‬‬
‫‪ -2‬يوحنا‪.4 / 16 :‬‬
‫‪ -2‬رسالة بولص األولى إلى أهل كورنثوس‪.2 / 12 :‬‬
‫‪ -4‬أعمال‪.4 – 1 / 2 :‬‬
‫‪097‬‬ ‫شبيه عيسى أو امن هو اهمصلوب؟!‬

‫املعزي هو الروح القدس؛ ألن حلوله في التالميذ يجعل شهادتهم شهادته نفسها‪ ،‬أي‬
‫شهادة واحدة‪.‬‬
‫َم ْ م ْ م َ ً َ َ َْ م َ‬ ‫َ‬ ‫م‬ ‫م‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫آلاب فيع ِطيكم مع ِزيا آخر ِليمكث‬ ‫املعزي يبقى معهم إلى ألابد‪( :‬وأنا أطلب ِمن ِ‬ ‫ز‪-‬‬
‫َ َ م ْ َ ََ‬
‫معكم ِإلى ألاب ِد) فهل يدعي أحد املسيحيين آلان أن الروح القدس معه‪ ،‬وإذا كان يوجد‬
‫من يدعي فهل ينفرد هو وحده بهذا ألامر وملاذا ينفرد به دون سواه من املسيحيين‪ ،‬وهل‬
‫وح‬ ‫س َي َد ْي ِه َع َل ْيه ْم َح َّل ُّ‬
‫الر م‬ ‫يعرف هو كل اللغات كما ورد في أعمال الرسل‪َ ( :‬و َ َّملا َو َ‬
‫ض َع مب مول م‬
‫ِ‬
‫َ م َ‬ ‫َ َ م َ َ َّ َ م َ‬ ‫ْم م م ََ‬
‫ات َو َي َتن َّبأون)؟ (‪.)1‬‬ ‫س عل ْي ِه ْم‪ ،‬فط ِفقوا َيتكل ممون ِبلغ ٍ‬ ‫القد‬
‫ح ‪ -‬يرى إسرائيل نول هذا إن لفظ باراكليت (املعزي) هو ترجمة لالسم العبري‬
‫مناحم‪ ،‬وذلك أن أحد املسحاء من قبل كان اسمه مناحم‪ ،‬وأن هذا الاسم بعد ذلك‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫أصبح مرادفا للفظ مسيا أو مسيح أو مختار‪ ،‬تماما مثل ما أصبح اسم قيصر لقبا‬
‫ألباطرة الروم من بعده‪ ،‬ويرى بالتالي أن عبارة (سيرسل ألاب باركليت آخر) تدل على‬
‫نظرة عيس ى لنفسه كمسيا سيعقبه مسيا آخر(‪.)2‬‬
‫ط ‪ -‬فهم املسيحيون ألاوائل ما ورد في إنجيل يوحنا من حديث عن املعزي بأنه‬
‫بشارة بكائن بشري‪ ،‬فقد ادعى مونتنوس في القرن الثاني (‪187‬م) أنه املعزي القادم‪،‬‬
‫ً‬
‫ومثله صنع ماني في القرن الرابع‪ ،‬وتشبه باملسيح فاختار اثنا عشر تلميذا وسبعون‬
‫ً‬
‫أسقفا أرسلهم إلى بالد املشرق‪ ،‬وهذا دون شك يدل على ثقافة تفهم من لفظ (املعزي)‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫كائنا بشريا‪ .‬ولو كانوا يفهمون أنه ألاقنوم الثالث ملا تجرؤوا على مثل هذه الدعوى(‪.)3‬‬
‫ي ‪ -‬يقول الدكتور القس فهيم عزيز عن لفظ البارقليط (املعزي)‪:‬‬

‫‪ -1‬أعمال الرسل‪.6 / 19 :‬‬


‫‪The Messiah before Jesus: The suffering Servant of the -2‬‬
‫‪Sea scrolls, chapter three: Another Paraclete, Ed 2000. Dead‬‬
‫‪ -2‬انظر الجواب الفسيح لما لفقه عبد المسيح ‪ -‬خير الدين األلوسي‪ ،291 – 216 / 1 :‬محمد في الكتاب المقدس ‪-‬‬
‫عبد األحد داود‪ :‬ص‪ ،225 – 224‬البشارة بنبي اإلسالم في التوراة واإلنجيل ‪ -‬أحمد حجازي السقا‪– 216 / 2 :‬‬
‫‪.211‬‬
‫اصدارات انصار االاما اهمدد ‪‬‬ ‫‪099‬‬

‫(وهذه الكلمة تختلف عن كلمة الروح القدس في َّأن هذه ألاخيرة تأتي في صيغة‬
‫املحايد اليوناني‪ ،‬أي الذي ل هو ممذكر ول هو مؤنث (‪َّ .)neuter‬أما اللفظ بارقليط فإنه‬
‫يأتي في املمذكر‪ ،‬وهذا يعنى أنه شخصية مم َّ‬
‫حددة)(‪.)1‬‬
‫ك ‪ -‬موصف املعزي بأنه‪( :‬روح الحق الذي من عند آلاب ينبثق)(‪ ،)2‬ولكنهم مختلفين‬
‫ً‬
‫فأكثرهم يقولون بانبثاق الروح القدس من آلاب والابن معا‪ ،‬وأقلهم يقولون بانبثاقه‬
‫ً‬
‫من آلاب وحده؟ واختالفهم‪ ،‬بل ذهاب ألاكثرية إلى القول بانبثاقه من آلاب والابن معا‬
‫يدل على أنهم ل يفهمون (روح الحق) على أنه روح القدس‪ ،‬ل سيما بعد علمنا بكون‬
‫ً‬
‫النص معروفا لهم‪ .‬وقد ورد أن الروح تعبر عن النبي‪.‬‬
‫ل ‪ -‬ل يحتمل أن يكون الذي وعد املسيح بمجيئه بعده قد جاء في زمن الحواريين؛‬
‫ألنه لو كان قد جاء في زمنهم لكان ملكوت هللا قد أتى‪ ،‬وملا دامت الاستغاثة والدعاء إلى‬
‫ً‬
‫هذا اليوم (ليأت ملكوتك) وملا أمكن إطالق (كنيسة) عوضا عن الاسم املبجل (ملكوت‬
‫هللا)‪ ،‬ثم أن ألامر الذي ينقض هذه الفكرة‪ ،‬قول املسيح للحواريين‪( :‬ها أنا معكم دائم‬
‫ألاوقات إلى انقضاء العالم)(‪ ،)3‬ولكن كيف يمكن التأليف بين وعده هذا وبين وعده‬
‫بأنه سيأتي الباراقيطوس؟ (‪.)4‬‬
‫م ‪ -‬يقول ألاب متى مسكين‪( :‬أما لفظ الباركليت فيأتي كاسم علم شخص مذكر‪،‬‬
‫ً‬
‫لذلك يعتبر إنجيل يوحنا هو إلانجيل الوحيد الذي أعطى للروح القدس ‪ -‬لغويا من‬
‫جهة النحو ‪ -‬صفته الشخصية إذ نقله من دائرة املجردات كقوة إلى ذات مشخصة‪،‬‬
‫وبهذا يكون إنجيل يوحنا قد مهد بهذا اللقب ملفهوم الثالوث املقدس)(‪.)5‬‬
‫يعترف ألاب متى مسكين بأن لفظ الباركليت أو املعزي يعبر عن اسم علم مذكر‪،‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫وهو ما يطيح تماما بزعم املسيحيين‪ ،‬لكنه بدل من مالحظة هذه النتيجة يندفع وراء‬
‫ً‬
‫مسبقاته‪ ،‬زاعما أن يوحنا بنصه هذا يكون قد نقل الروح املجردة إلى ذات مشخصة‬
‫ً‬
‫ممهدا بذلك ملفهوم الثالوث!‬
‫‪ -1‬الروح القدس ‪ -‬للدكتور القس فهيم عزيز‪ :‬ص‪.11‬‬
‫‪ -2‬يوحنا‪.26 / 15 :‬‬
‫‪ -2‬متى‪.22 / 21 :‬‬
‫‪ -4‬اإلنجيل والصليب‪ :‬ج‪.1‬‬
‫ً‬
‫‪ -5‬المدخل لشرح إنجيل يوحنا‪ :‬ص‪ ،241‬نقال عن المؤيد القراني ‪ -‬جمال الدين شرقاوي‪ :‬ص‪.59‬‬
‫‪098‬‬ ‫شبيه عيسى أو امن هو اهمصلوب؟!‬

‫وهذه الحركة البهلوانية تكشف عن مقدار الحرج والتخبط الكبير الذي يعيشه‬
‫فقهاء املسيحية‪ ،‬أكثر من كونها نتيجة معقولة يمكن أن يفض ي إليها التعبير‪.‬‬
‫ن ‪ -‬من جملة تفسيراتهم لكلمة (املعزي أو الباركليت) قالوا بأنها تعني (املحامي)‪.‬‬
‫وحيث إن املحامي هو شخص يدافع عن شخص آخر أمام شخص ثالث‪ ،‬فهو يستوجب‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫أن يكون متجسدا ومنظورا من الجميع‪ ،‬وبالنتيجة لبد أن يكون إنسانا‪ ،‬لكنهم ‪ -‬ويا‬
‫ً‬
‫للغرابة ‪ -‬جعلوه مدافعا أمام آلاب فقط وتخلصوا من املشكلة‪ .‬ولكننا نسألهم‪ :‬أل‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫تالحظون أنكم بقولكم هذا تجعلون آلاب ميقيم حوارا داخليا (مونولوجا)‪ ،‬أي يكلم‬
‫نفسه!؟ وكيف ل وأنتم تقولون أن الثالثة واحد!؟‬
‫َ َ ْ َ م ْ َ ْ َ م َ َ َ ْ َ م َ َّ َ َّ َّ‬
‫س ‪ -‬املرأة السامرية قالت لعيس ى‪ 25( :‬قالت له املرأة‪ :‬أنا أعلم أن م ِسيا‪ ،‬ال ِذي‬
‫م َ م َ م َْ م َْ َ َ َ َ َ َ َ ْ َ م َ‬
‫اك ميخ ِب مرنا ِبك ِل ش ْي ٍء)(‪.)1‬‬ ‫يقال له امل ِسيح‪ ،‬يأ ِتي‪ .‬فمتى جاء ذ‬
‫وهذه الكلمة‪( :‬يخبرنا بكل ش يء) هي نفسها التي استعملها عيس ى بشأن املعزي‪:‬‬
‫م م َ‬
‫م(ي َع ِل ممك ْم ك َّل ش ْي ٍء)‪ ،‬ألامر الذي يدل على أن املعزي هو املسيا‪.‬‬
‫َ‬ ‫ْ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫م م ْ‬
‫وح ال َح ِق ال ِذي ل َي ْس َت ِط ميع ال َعال مم أ ْن َي ْق َبل مه) هو نفسه القول الذي ورد‬ ‫ع ‪ -‬قوله‪( :‬ر‬
‫س َّ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫ون ق ْد َ‬ ‫ْ‬
‫ض مه ال َب َّن ماؤ َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ْ‬
‫بشأن املسيح املنتظر (ال َح َج مر الذي َ ف َ‬
‫الز ِاو َي ِة) ألامر الذي‬ ‫ص َار َرأ َ‬ ‫ِ ر‬
‫يدل على أن املعزي هو املسيح املنتظر‪.‬‬
‫م‬ ‫َ‬
‫(لك ِني أقو مل‬‫ق ‪ -‬ورد في النصوص ما يدل على أفضلية املعزي على عيس ى ‪ِ :‬‬
‫َ‬ ‫َ َْ َ َ ْ م ْم‬ ‫َ‬ ‫َ َ م َ َْ َ‬ ‫َم ْ‬
‫لك مم ال َح َّق‪ِ :‬إ َّن مه خ ْي ٌر لك ْم أ ْن أنط ِل َق‪ ،‬أل َّن مه ِإ ْن ل ْم أنط ِل ْق ل َيأ ِتيك مم امل َع ِزي‪َ ،‬و ِلك ْن ِإ ْن ذ َه ْب مت‬
‫م م َ م‬
‫أ ْر ِسل مه ِإل ْيك ْم)‪ ،‬فمن الواضح إن قوله‪( :‬خير لكم) تدل على أفضلية املعزي‪ ،‬وهذه‬
‫الحقيقة ل تستقيم إل إذا فهمنا املراد من املعزي على أنه شخص آخر؛ ألنه غير هذا‬
‫الاحتمال هناك احتمالن آخران؛ أولهما أن يكون املعزي هو الروح القدس كما يتصوره‬
‫املسيحيون‪ ،‬أي بوصفه ألاقنوم الثالث وألاقانيم كما يفهمونها متساوية ل يفضل‬
‫ً‬
‫بعضها على بعض‪ ،‬وثانيهما أن يكون مخلوقا من مخلوقات هللا غير البشرية‪ ،‬وفي هذه‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫الحالة أيضا ل يمكن أن يكون وجوده خيرا لهم من وجود عيس ى ‪ ‬بينهم‪ ،‬فعيس ى‬

‫‪ -1‬يوحنا‪.4 :‬‬
‫اصدارات انصار االاما اهمدد ‪‬‬ ‫‪081‬‬

‫على ألاقل هو بدوره مسدد بالروح القدس‪ ،‬كما أن الروح القدس بهذا املعنى ألاخير ل‬
‫يتعارض وجوده مع وجود عيس ى ‪ ،‬ليتعلق مجيئه بذهاب عيس ى عنهم‪.‬‬
‫ر ‪ -‬إن إبالغ عيس ى ‪ ‬بانتقال امللكوت إلى أمة أخرى‪ ،‬وإشارته إلى مجيء أنبياء‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫من بعده يدل بال شك على أن املعزي سيكون شخصا إنسانيا من ألامة التي سينتقل لها‬
‫ً‬ ‫م‬
‫امللكوت وتعمل ثماره كما ذكر سابقا‪ ،‬ول يمكن أن يكون املراد منه هو الروح القدس‪،‬‬
‫كما يفهم املسيحيون‪.‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫فانتقال امللكوت يعني فيما يعني شريعة جديدة وعلما جديدا ول يمكن أن يقال‬
‫هنا إن الروح القدس هو من سيأتي بها‪.‬‬
‫م‬
‫ش ‪ -‬ورد في إنجيل لوقا‪( :‬فإن كنتم وأنتم أشرار تعرفون أن تعطوا أولدكم عطايا‬
‫َج َّيدة‪ ،‬فكم بالحري آلاب الذي ِمن السماء ميعطى الروح القدس للذين يسألونه)(‪.)1‬‬
‫وهذا النص يدل على أن هللا تعالى يمكن أن يهب الروح القدس ملن يستحق‪ ،‬دون‬
‫تقييد بزمان محدد‪ ،‬وبالنتيجة ل يمكن أن يكون مقصود عيس ى ‪ ‬من املعزي الذي‬
‫ل يجيء إل بمضيه‪ ،‬ل يمكن أن يكون هو الروح القدس‪.‬‬

‫شبهات وردود عليها‪ِ:‬‬


‫‪ -1‬قد ميقال إنه قد ورد وصف املعزي بتعبير (روح الحق) وهو تعبير مرادف لتعبير‬
‫(الروح القدس)‪ ،‬أقول ورد‪( :‬فال تؤمنوا أيها ألاحباء بكل روح من ألارواح‪ ،‬بل امتحنوا‬
‫ألارواح حتى تعلموا هل هي من عند هللا أم ل؟ ألن كثيرين من ألانبياء الكذبة برزوا إلى‬
‫هذا العالم) (‪.)2‬‬
‫(بهذا تعرفون روح هللا‪ :‬كل روح يعترف بيسوع املسيح أنه قد جاء في الجسد فهو‬
‫من هللا‪ ،‬وكل روح ل يعترف بيسوع املسيح أنه قد جاء في الجسد فليس من هللا‪ ،‬وهذا‬
‫هو روح ضد املسيح الذي سمعتم أنه يأتي‪ ،‬وآلان هو في العالم) (‪.)3‬‬
‫ً‬
‫فالتعبير بالروح إذن ينصرف إلى ألانبياء أيضا كما هو واضح‪.‬‬

‫‪ -1‬لوقا‪.12 / 11:‬‬
‫‪ -2‬يوحنا‪.2 – 1 / 4 )1( :‬‬
‫‪ -2‬يوحنا‪.6 – 2 / 4 )1( :‬‬
‫‪080‬‬ ‫شبيه عيسى أو امن هو اهمصلوب؟!‬

‫‪ -2‬قد ميقال إن الخطاب في إنجيل يوحنا توجه للحواريين كما في قوله (يعلمكم) و‬
‫(أرسله إليكم)‪ .‬وعليه فينبغي أن يوجد املعزي في زمنهم‪.‬‬
‫ً‬
‫أقول‪ :‬قد ورد (أقول لكم‪ :‬من آلان تبصرون ابن إلانسان جالسا عن يمين القوة‪،‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫وآتيا على سحاب السماء)(‪ ،)1‬وقد مات املخاطبون وفنوا‪ ،‬ولم يروه آتيا على سحاب‬
‫السماء‪.‬‬
‫ومثله‪( :‬وقال له‪ :‬الحق الحق أقول لكم‪ :‬من آلان ترون السماء مفتوحة‪ ،‬ومالئكة‬
‫هللا يصعدون وينزلون على ابن إلانسان) (‪.)2‬‬
‫آلاب‬ ‫ن‬ ‫‪ -3‬يقولون إن املعزي ل يراه العالم ول يعرفه‪ ،‬فقد جاء‪َ 16( :‬و َأ َنا َأ ْط مل مب م َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وح ْال َحق َّالذي َل َي ْس َتط ميع ْال َع َال مم َأنْ‬
‫ألا َبد‪ 17 ،‬مر م‬ ‫َم ْ م م َ ً َ َ م َ َ َم َ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫فيع ِطيك ْم مع ِزيا آخ َر ِلي ْمكث معك ْم ِإلى ِ‬
‫م م م‬ ‫ٌ م‬ ‫َ م َ َْ َ م َ َ‬ ‫َ َ َ‬
‫َي ْق َبل مه‪ ،‬أل َّن مه ل َي َر ماه َول َي ْع ِرف مه‪َ ،‬وأ َّما أن مت ْم ف َت ْع ِرفون مه أل َّن مه َم ِاكث َم َعك ْم َو َيكون ِفيك ْم)(‪.)3‬‬
‫ً‬
‫وبالنتيجة ل يمكن أن يكون بشرا‪.‬‬
‫يقول البابا شنودا الثالث‪( :‬قال السيد املسيح عن الروح القدس إنه (يمكث‬
‫معكم إلى ألابد‪ ،‬روح الحق الذي ل يستطيع العالم أن يقبله ألنه ل يراه ول يعرفه)(‪ .)4‬و‬
‫ً‬
‫طبعا ل يمكن أن ينطبق هذا الكالم علي نبي؛ ألنه ل يمكث مع الناس إلى ألابد‪ ،‬كما أن‬
‫الناس يمكن أن يروه و يعرفوه‪ ،‬و بالتالي ل يمكن أن ينطبق على مالك؛ ألنه ل يمكث‬
‫مع جميع املؤمنين إلى ألابد؛ ألنه محدود‪.‬‬
‫ويتابع الكتاب قوله‪( :‬أما أنتم فتعرفونه‪ ،‬ألنه ماكث معكم و يكون فيكم)(‪( ،)5‬فمن‬
‫هو هذا املالك أو النبي‪ ،‬الذي يمكث مع جميع الناس ويكون فيهم‪ ،‬إلى ألابد)(‪.)6‬‬
‫أقول‪ :‬إذا كان املقصود من قضية ل يراه العالم هو الرؤية البصرية فهي لم‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫تتحقق للتالميذ؛ ألن الروح القدس ليس شيئا ماديا‪ ،‬أما الرؤية القلبية أو إلايمان فهي‬

‫‪ -1‬متى‪.64 / 26 :‬‬
‫‪ -2‬يوحنا‪.51 / 1:‬‬
‫‪ -2‬يوحنا‪.14 :‬‬
‫‪ -4‬يو ‪.11 – 16 :15‬‬
‫‪ -5‬يو‪.11 / 15 :‬‬
‫‪ -6‬سنوات مع أسئلة الناس‪ :‬السؤال رقم ‪.14‬‬
‫اصدارات انصار االاما اهمدد ‪‬‬ ‫‪082‬‬

‫ل تفيد املسيحيين بش يء كما هو واضح؛ ألنهم يريدون نفي الصفة البشرية عن املعزي‪،‬‬
‫والرؤية القلبية أو إلايمان قد ل يتحقق لكثير من الناس فال يؤمنوا حتى بالنبي البشر‪،‬‬
‫وقد ورد أن من يجهل الحق وألانبياء يكون كالذي يبصر ول يبصر‪ ،‬ويسمع ول يسمع‪،‬‬
‫أي إن قلبه ل يعي الحق ول يدركه؛ (ألنهم مبصرين ل يبصرون‪ ،‬وسامعين ل يسمعون‬
‫ول يفهمون)(‪.)1‬‬
‫ومثله ما جاء في يوحنا‪( :‬أجاب يسوع‪ :‬لستم تعرفونني أنا‪ ،‬ول أبي‪ ،‬لو عرفتموني‬
‫ً‬
‫لعرفتم أبي أيضا)(‪ ،)2‬والكثير غيرها‪.‬‬
‫وألارجح أن يكون املراد هو أن املعزي من أمة أخرى فال يعرفه غير من يتبعه بالحق‬
‫َ َْ‬
‫ويؤمن به‪ ،‬وقد أشار إلى التالميذ على أنهم أنموذج للمؤمنين‪ ،‬فقوله‪(َ :‬وأ َّما أن مت ْم‬
‫م م م‬ ‫ٌ م‬ ‫َ م َ َ‬
‫ف َت ْع ِرفون مه أل َّن مه َم ِاكث َم َعك ْم َو َيكون ِفيك ْم)‪ ،‬يعني ألنكم تؤمنون به‪.‬‬
‫ويبدو من النص آلاتي أن اليهود لديهم ثقافة تؤكد على عدم معرفة املسيح الذي‬
‫َ َ َ َ ْ ٌ ْ َ ْ م م َ َ ََْ َ َ‬
‫س هذا مه َو‬ ‫يأتي في آخر الزمان من قبل الناس‪ 25( :‬فقال قوم ِمن أه ِل أورش ِليم‪ :‬ألي‬
‫َ َ م َ َ َ َ َّ م َ ً َ َ َ م م َ َ م َ ْ ً َ َ َ َّ ُّ َ‬ ‫َّالذي َي ْط مل مبو َن َأ ْن َي ْق مت مل م‬
‫الرؤ َس َاء‬ ‫وه؟ ‪ 26‬وها هو يتكلم ِجهارا ول يقولون له شيئا! ألعل‬ ‫ِ‬
‫يح َف َمتىَ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫يح َحقا؟ ‪َ 27‬ولك َّن هذا ن ْعل مم م ْن أ ْي َن مه َو‪َ ،‬وأ َّما املس م‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫َع َرفوا َيقينا أ َّن هذا مه َو املس م‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫م‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ْ َ ْ َ م َ (‪)3‬‬ ‫ٌ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ََْ م َ‬
‫جاء ل يع ِرف أحد ِمن أين هو) ‪.‬‬
‫أما قول عيس ى ‪( :‬مقيم عندكم وثابت فيكم)‪ ،‬فهو ل يدل على وجوده مع‬
‫ً‬
‫التالميذ‪ ،‬بل املراد أنه سيكون مع املؤمنين به‪ ،‬ويراد أيضا أن مملكته ستبقى إلى‬
‫النهاية‪ ،‬كما ورد في نصوص كثيرة‪.‬‬
‫ألا ْم َواتم‬‫َ َ ْ َم َ‬ ‫َ‬ ‫ٌ‬ ‫وقد ورد‪َ 25( :‬ا ْل َح َّق ْال َح َّق َأ مقو مل لك ْم‪ :‬إنه تأتي َس َ‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫م‬ ‫َّ‬ ‫م‬ ‫َ‬
‫اعة َو ِه َي آلان‪ِ ،‬حين يسمع‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َْ َ ْ‬
‫الس ِام معون َي ْح َي ْون)(‪ .)4‬والساعة التي تحدث عنها لم تأت حتى آلان‪.‬‬ ‫هللا‪َ ،‬و َّ‬ ‫صوت اب ِن ِ‬
‫ص َار‪َ ،‬ي مقو مل‬ ‫وورد في حزقيال النبوءة عن جوج وكأنها قد وقعت‪َ ( :‬ها مه َو َق ْد َأ َتى َو َ‬
‫َّ َ َ َّ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫الر ُّب‪ .‬هذا مه َو ال َي ْو مم ال ِذي تكل ْم مت َع ْن مه) (‪.)5‬‬ ‫السي مد َّ‬
‫ِ‬
‫َّ‬

‫‪ -1‬متى‪.12 / 12 :‬‬
‫‪ -2‬يوحنا‪.19 / 1 :‬‬
‫‪ -2‬يوحنا‪.1 :‬‬
‫‪ -4‬يوحنا‪.5 :‬‬
‫‪ -5‬حزقيال‪.1 / 29 :‬‬
‫‪083‬‬ ‫شبيه عيسى أو امن هو اهمصلوب؟!‬

‫َ‬
‫‪ -4‬يقول بعضهم إن مجيء املعزي مرتبط بصعود املسيح وتالي له مباشرة‪( :‬ل ِك ِني‬
‫َ‬ ‫َ ْ م ْم‬ ‫َ َْ َ‬ ‫َ َ م َ َْ َ َ‬ ‫َم َم ْ‬
‫أقو مل لك مم ال َح َّق ِإ َّن مه خ ْي ٌر لك ْم أ ْن أنط ِل َق أل َّن مه ِإ ْن ل ْم أنط ِل ْق ل َيأ ِتيك مم امل َع ِزي َول ِك ْن ِإ ْن‬
‫م م َ م‬ ‫َ‬
‫ذ َه ْب مت أ ْر ِسل مه ِإل ْيك ْم)(‪.)1‬‬
‫وهذا يدل برأيهم على أنه هو املسيح نفسه باعتبار وحدة الابن والروح القدس‪.‬‬
‫أقول‪ :‬ل دليل في النص على أنه يرسل املعزي فور أن يصعد‪ ،‬أما كونهم هم‬
‫املخاطبين مباشرة فال يقتض ي أنهم هم املقصودون من الخطاب‪ ،‬وقد تقدمت أمثلة‬
‫على هذا‪.‬‬

‫كلمة عن الروح القدس‪ِ :‬‬


‫يستغل فقهاء املسيحية غموض مفهوم الروح القدس لدى الناس في خداعهم‪،‬‬
‫وتصوير كل مساءلة عقالنية ملفاهيم العقيدة املسيحية على أنه هرطقة سببها ابتعادهم‬
‫عن إلايمان وابتعاد الروح القدس عنهم‪ ،‬فاإليمان بحسب فقهاء املسيحية أصبح‬
‫ً‬
‫مرادفا لشل حركة التفكير وتلقي مفاهيم العقيدة بطريقة التلقين الببغاوية‪.‬‬
‫حين يكتب بعض فقهاء املسيحية عن الروح القدس يتعمدون الكتابة بلغة‬
‫مجازية غامضة ل تكاد تستطيع القبض على دللة محددة فيها‪ ،‬وليس ذلك سوى‬
‫نتيجة طبيعية لغموض املسألة في أذهانهم‪ ،‬وخلو أيديهم من أي معنى إيجابي يمكن أن‬
‫ً‬
‫يقدموه‪ ،‬فيلجئون إلى لغة املجاز التي يمكن أن تحرك وهم املتلقي وتقوده بعيدا عن كل‬
‫ما هو معقول ومفهوم‪.‬‬
‫لنقتبس آلان فقرات من حديث ألاب ليف جيلله (‪( :)2‬الروح القدس مجهول كبير‪.‬‬
‫ً‬ ‫َ‬ ‫أجاب ٌ‬
‫الرسل عندما سألوهم يوما (هل تقبلتم الروح القدس)؟ (ل نعلم بوجود‬ ‫قوم‬
‫الروح القدس)‪.‬‬
‫أما نحن فلنتذكر ما جرى يوم العنصرة فندرك بوضوح ما هو الروح القدس‪:‬‬

‫‪ -1‬يوحنا‪.4 / 16 :‬‬
‫‪ -2‬الحديث ألقاه األب المذكسور في طرابلس يوم ‪ 9‬حزيران ‪ ،1961‬ونقله إلى العربية األستاذ سليم البيطار ونشر‬
‫في مجلة النور‪ ،‬وتم نشره بصورة مقدمة لمجموعة بحوث عن الروح القدس على صفحات اإلنترنيت‪.‬‬
‫اصدارات انصار االاما اهمدد ‪‬‬ ‫‪081‬‬

‫(وكانت ريح عاصفة)‪ .‬إن الروح القدس هبوب عاصف يهزنا فيولد فينا هزة‬
‫داخلية عظيمة‪ .‬عندما قصدت حامالت الطيب القبر تساءلن‪ :‬من يدحرج لنا الحجر؟‬
‫وقد تم هذا بزلزال‪ .‬هكذا يفعل الروح القدس‪ ،‬يسكن فينا بهزة داخلية)‪.‬‬
‫إذن على الرغم من غموض الهزة التي يتحدث عنها ألاب جيلله‪ ،‬لكنها على أي حال‬
‫هزة عنيفة أو زلزال حين يحدث لنا نعلم أن الروح القدس قد حل فينا! أليس كذلك؟‬
‫ولكن في العهد القديم ما ل يتفق مع هذا الزلزال‪ ،‬فماذا يفعل ألاب جيلله؟ الحل‬
‫بسيط‪ :‬يعدل التصور كما يلي‪:‬‬
‫(من جهة ثانية تبدو حادثة من حوادث العهد القديم مخالفة لهذه الصورة‬
‫ً‬
‫العاصفة للروح القدس‪ :‬فبينما كان إيليا منتظرا إعالن هللا هبت ريح عاتية عاصفة ثم‬
‫ً‬
‫أعقبتها هزة أرضية ولم يكن هللا ل في هذه ول تلك‪ .‬أخيرا مر نسيم وكان هللا في هذا‬
‫النسيم الخفيف الهادئ‪ .‬إن هذا التناقض بين الصورتين ظاهري فقط إذ يجب أن‬
‫يعلن الروح القدس كريح عاصفة ليحركنا وحينئذ يمكن أن يتكشف لنا كالهمس)‪.‬‬
‫ً‬
‫ولكن يتذكر ألاب جيلله‪( :‬وقد أعلن الروح القدس نفسه أيضا بشكل ألسنة‪ .‬هذا‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫يعني أنه يعطي لسانا جديدا ليتكلم عن هللا)‪ .‬وآلان ما عالقة ألسنة النار بالعاصفة‬
‫والنسيم الذي يعقبها؟ ل يجرب ألاب جيلله إفهامنا‪ ،‬لكنه يقول‪( :‬الروح القدس هو‬
‫اللغة املشتركة التي يمكن أن تصلح كارثة برج بابل(‪ .)1‬فقد فهم جميع الذين سمعوا‬
‫الرسل يتكلمون على اختالف لغاتهم‪ ،‬يوم العنصرة)‪.‬‬
‫َ‬ ‫م‬ ‫َ‬
‫هل يشير ألاب جيلله إلى ما ورد في أعمال الرسل‪َ 6( :‬وملَّا َو َ‬
‫س َي َد ْي ِه َعل ْي ِه ْم‬
‫ض َع مبول م‬
‫َ م َ‬ ‫َ َ م َ َ َّ َ م َ‬ ‫َ َّ ُّ م ْ م م م َ َ‬
‫ات َو َي َتن َّبأون)(‪.)2‬‬
‫س عل ْي ِه ْم‪ ،‬فط ِفقوا َيتكل ممون ِبلغ ٍ‬ ‫حل الروح القد‬

‫َث فِي ارْ تِ َحالِ ِه ْم شَرْ قًا أَنَّهُ ْم‬ ‫ت األَرْ ضُ ُكلُّهَا لِ َسانا ً َوا ِحداً َولُ َغةً َوا ِح َدةً‪َ 2 .‬و َحد َ‬ ‫‪ -1‬إشارة لما ورد في تكوين‪َ 1( :11‬و َكانَ ِ‬
‫ْض‪« :‬هَلُ َّم نَصْ نَ ُع لِ ْبنًا َونَ ْش ِوي ِه َشيًّا»‪ .‬فَ َكانَ لَهُ ُم اللِّبْنُ‬
‫ضهُ ْم لِبَع ٍ‬ ‫ض ِش ْن َعا َر َو َس َكنُوا هُنَاكَ‪َ 2 .‬وقَا َل بَ ْع ُ‬ ‫َو َجدُوا بُ ْق َعةً فِي أَرْ ِ‬
‫َم َكانَ ْال َح َج ِر‪َ ،‬و َكانَ لَهُ ُم ْال ُح َم ُر َم َكانَ الطِّي ِن‪َ 4 .‬وقَالُوا‪« :‬هَلُ َّم نَ ْب ِن ألَ ْنفُ ِسنَا َم ِدينَةً َوبُرْ جًا َر ْأ ُسهُ بِال َّس َما ِء‪َ .‬ونَصْ نَ ُع ألَ ْنفُ ِسنَا‬
‫ض»‪5 .‬فَنَ َز َل الرَّبُّ لِيَ ْنظُ َر ْال َم ِدينَةَ َو ْالبُرْ َج اللَّ َذ ْي ِن َكانَ بَنُو آ َد َم يَ ْبنُونَهُ َما‪َ 6 .‬وقَا َل‬ ‫اسْما ً لِئَالَّ نَتَبَ َّد َد َعلَى َوجْ ِه ُك ِّل األَرْ ِ‬
‫َ‬ ‫ْ‬
‫ان َوا ِح ٌد لِ َج ِمي ِع ِه ْم‪َ ،‬وه َذا ا ْبتِدَا ُؤهُ ْم بِال َع َم ِل‪َ .‬واآلنَ الَ يَ ْمتَنِ ُع َعلَ ْي ِه ْم ُكلُّ َما يَ ْنوُونَ أ ْن‬ ‫الرَّبُّ ‪« :‬هُ َو َذا َشعْبٌ َوا ِح ٌد َولِ َس ٌ‬
‫ُ‬
‫ك َعلى َوجْ ِه ك ِّل‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬
‫ْض»‪1 .‬فبَد َدهُ ُم الرَّبُّ ِمن هُنَا َ‬ ‫ضهُ ْم لِسَانَ بَع ٍ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫يَ ْع َملُوهُ‪1 .‬هَلُ َّم نَ ْن ِزلْ َونُبَ ْلبِلْ هُنَا َ‬
‫ك لِ َسانَهُ ْم َحتى ال يَ ْس َم َع بَ ْع ُ‬
‫ض‪َ .‬و ِم ْن هُنَاكَ‬ ‫ك بَ ْلبَ َل لِ َسانَ ُك ِّل األَرْ ِ‬ ‫ك ُد ِع َي ا ْس ُمهَا «بَابِ َل» ألَ َّن ال َّربَّ هُنَا َ‬ ‫ض‪ ،‬فَ َكفُّوا ع َْن بُ ْنيَا ِن ْال َم ِدينَ ِة‪9 ،‬لِذلِ َ‬‫األَرْ ِ‬
‫ض)‪.‬‬ ‫َ‬
‫بَ َّد َدهُ ُم الرَّبُّ َعلَى َوجْ ِه ُك ِّل األرْ ِ‬
‫‪ -2‬أعمال‪.19 :‬‬
‫‪085‬‬ ‫شبيه عيسى أو امن هو اهمصلوب؟!‬

‫لشك في أنه يشير إليه‪ ،‬ولكن املسيحيين آلان ل يستطيعون التكلم بكل اللغات‪،‬‬
‫ول بكثير منها! ل يستطيع هذا حتى ألاب جيلله‪ ،‬فالبد من التعديل آلاتي‪( :‬يهبنا الروح‬
‫ً‬
‫القدس اللغة التي بواسطتها نلج القلوب كلها‪ .‬قد ل نالمس أحيانا قلوب آلاخرين بكالمنا‬
‫بينما يسمح لنا الروح القدس أن نتجرد عن أنفسنا لنصل إلى آلاخرين‪ .‬يظهر الروح‬
‫القدس كنار؛ ألن لغة الروح مشتعلة محبة فتالمس القلوب)‪.‬‬
‫هل نفهم من هذا أن الروح القدس يحملنا على أن نمارس لغة املجاز البعيدة عن‬
‫مراقبة العقل لنلج القلوب الغافلة بخلسة كسراق الليل؟‬
‫ً‬
‫لنسمع ما يقوله ألاب جيلله‪( :‬يمحى الروح القدس دائما أمام السيد‪ .‬إنه يتوارى إن‬
‫جربنا أن نطلبه دون املسيح‪ .‬ولكن حين نسمع كلمة للمسيح في داخلنا تكشف لنا قوة‬
‫ً‬ ‫م‬
‫هذه الكلمة الروح القدس‪ .‬الروح القدس هبة نعطاها‪ .‬ول يدع مجال لتأكيد نفسه فينا‬
‫خارج املسيح الذي يعطينا إياها)‪.‬‬
‫إذن هل يمكن أن نفهم كالم ألاب جيلله بفهم آخر غير أن الروح القدس يحضر‬
‫ً‬
‫فينا إذا ما آمنا سلفا بمعتقدات املسيحية التي سطروها؟ وإل كيف نفهم قوله‪( :‬ولكن‬
‫حين نسمع كلمة للمسيح في داخلنا تكشف لنا قوة هذه الكلمة الروح القدس)؟ ل‬
‫ً‬
‫تتصوروا أن ألاب جيلله يقصد بقوله‪( :‬كلمة للمسيح) شيئا آخر غير الاعتقاد بأن‬
‫املسيح طرف في تصور إلاله املثلث‪.‬‬
‫أليس هذا ما قاله القمص تادرس يعقوب ملطي‪( :‬ماذا يعني (إن لم أنطلق ل‬
‫يأتيكم الروح القدس) سوى أنكم ل تقدرون أن تقبلوا الرب ما دمتم مستمرين في‬
‫معرفة املسيح حسب الجسد؟)(‪.)1‬‬
‫ً‬
‫إذن حين نعتقد سلفا ودون شرط بقانون إلايمان الكنس ي يمكننا أن نخدع أنفسنا‬
‫بنيل الجائزة وهي أن الروح القدس قد حل فينا!!‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫أخيرا يتوصل ألاب جيلله إلى‪( :‬إن ثمة آلما للروح القدس‪ .‬إنه‪ ،‬وهو فينا غير‬
‫منظور‪ ،‬يلهمنا وقلما نصغي إليه)‪.‬‬

‫‪ -1‬تفسير العهد الجديد القمص تادرس يعقوب ملطي‪ ،‬كتاب الكتروني‪ :‬عند تفسيره األية المذكورة في متن حديثه‪.‬‬
‫اصدارات انصار االاما اهمدد ‪‬‬ ‫‪086‬‬

‫إذن يمكننا آلان أن نعتبر الحديث عن العاصفة والنسيم وألالسنة النارية كلمات‬
‫ل معنى لها‪ ،‬فالروح القدس فينا ويلهمنا ولكننا ل نصغي عادة ملا يقول‪ .‬هذه النتيجة‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫بطبيعة الحال يمكن ألصغر قس في أبعد منطقة في العالم أن يستل منها جوابا مفحما!!‬
‫ً‬
‫فما أن يسأله إنسان تأمل للحظة في الثالوث غير املعقول‪ ،‬حتى يبادره القس قائال‪:‬‬
‫(ولكنك ل تصغي لصوت الروح القدس)‪.‬‬
‫لنرى هل يسعفنا ألاب هنري بولد اليسوعي الذي يقول في كتابه منطق الثالوث‪:‬‬
‫(في إطار قصتنا‪ ،‬تحدثنا عن صوت خافت ْيه ِمس داخل آلاب ليدفعه إلى ْأن يحب‬
‫ً‬
‫وينطلق‪ ...‬ووجدنا نفس الصوت ْيه ِمس أيضا داخل الابن ليدفعه هو بدوره إلى ْأن ميعيد‬
‫الهبة التي نالها إلى مصدرها‪ ...‬فنستطيع آلان ْأن نكشف اسم هذا الصوت الخافت‪:‬‬
‫فهو الروح القدس الذي يمثل نزعة العطاء في ألالوهية إن الروح القدس بمثابة سهم‬
‫َ‬
‫املتبادل بينهما‪ .‬وهو‬ ‫ذي اتجاهين‪ ،‬يمثل دينامية الحب بين آلاب والابن وحركة العطاء‬
‫ً‬
‫السهم الذي يدفع كال منهما نحو آلاخر‪ ...‬فالروح القدس شرط لتحقيق املحبة إلالهية‪،‬‬
‫بل هو املحبة بالذات)(‪.)1‬‬
‫إذن نحن بإزاء اللغة إلانشائية الغامضة ذاتها‪ ،‬فالروح القدس هو ذلك الصوت‬
‫ً‬
‫الخافت الذي همس داخل آلاب والابن معا‪ ،‬ليمثل دينامية الحب بينهما‪.‬‬
‫ولكن هل هذا تعريف؟ هل يريد ألاب هنري أن يخبرنا بش يء؟ لنستمع له‪:‬‬
‫( َّإن الروح في الكتاب املقدس له شخصية غامضة وشبه متناقضة‪ .‬فنجده على‬
‫شكل طير يرفرف على وجه املياه في بداية الخليقة‪ ،‬أو على شكل حمامة تحلق فوق نهر‬
‫مزا للخصب َ‬ ‫ً‬
‫ولبث الحياة)(‪.)2‬‬ ‫ألاردن يوم عماد املسيح‪ .‬وقد يكون هذا ر‬
‫ََ َ‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫ويقول أيضا‪( :‬ونجده أيضا على شكل نسمة نفخ بها هللا في أنف آدم‪ ،‬عندما خلقه‬
‫ً‬
‫(تكوين ‪ .)7/2‬وأيضا على شكل نسيم خافت حين كان إيليا النبي على جبل الكرمل (‪1‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫ملوك ‪ .)15‬ولكنه ظهر أيضا بشكل مخالف تماما يوم العنصرة‪ ،‬حيث تحول النسيم‬

‫‪ -1‬منطق الثالوث‪ :‬األب هنري بوالد اليسوعي‪ .‬الجزء الرابع (الروح القدس)‪ ،‬كتاب الكتروني‪ .‬علما ً إن كل‬
‫االقتباسات الالحقة من الجزء ذاته‪.‬‬
‫‪ -2‬تكوين‪ ،1 / 1 :‬متى‪.16 / 2 :‬‬
‫‪087‬‬ ‫شبيه عيسى أو امن هو اهمصلوب؟!‬

‫الخفيف إلى ريح عاصفة هزت البيت على قواعده‪ .‬ثم نزل الروح على شكل ألسنة من‬
‫ً‬
‫النار أشعلت التالميذ غيرة وشجاعة وأطلقتهم إلى الخارج (أعمال ‪.)2‬‬
‫ً‬
‫وسم َي أيضا الروح في إلانجيل (الباركليت) وهي كلمة تعني املعزي أو املحامي أو‬
‫مْ‬
‫امللهم (يوحنا من ‪ 26/15‬إلى ‪.)15/16‬‬
‫وبولس الرسول يتكلم عن الروح كالمه عن العنصر الجامع واملوحد في الكنيسة‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫التي‪ ،‬رغم اختالف املواهب والوظائف فيها‪ ،‬تشكل جسدا واحدا (‪ 1‬كورنتس ‪ .)12‬وهذا‬
‫ً‬
‫الدور في الكنيسة يشابه تماما الدور الذي يقوم به الروح في داخل الثالوث)‪.‬‬
‫هذه لشك نتيجة مؤسفة‪ ،‬فاألب هنري يكرر على مسامعنا ما يمكن أن نقرأه في‬
‫ً‬
‫الكتاب املقدس دون توضيح ميذكر‪ ،‬ثم ها هو يعترف أخيرا‪:‬‬
‫ً‬
‫(عندما يحاول إلانسان ْأن يتصور الروح‪ ،‬يجد نفسه عاجزا‪ .‬فما هو الروح‪ ،‬وما‬
‫شكله وما هو كيانه؟ وملاذا ل يمكن تحديده؟ في استطاعتنا ْأن نتصور ألابوة في هللا‬
‫مقارنة باألبوة البشرية‪ ،‬وكذلك يمكننا ْأن نتصور كيان الابن من خالل إلانجيل‪َّ .‬أما‬
‫ألنه مصدر الفهم‪ ،‬ول نعرفه ألنه‬ ‫الروح القدس‪ ،‬فال نعرف عنه الكثير‪ .‬وقد ل نفهمه؛ َّ‬
‫ألنه مصدر الرؤية‪ .‬أنت ل ترى عينيك؛ ألنها‬ ‫منبع املعرفة‪ ،‬تمام ًا كما َّأن النور ل ميرى َّ‬
‫جهاز البصر في جسمك‪ .‬والروح هو عنصر يقيم في داخلنا ويجعلنا نفهم كل ش يء‪ ،‬دون‬
‫ْأن نفهمه‪ .‬وهو الذي ينير كل ش يء فال نستطيع ْأن نراه‪َّ .‬إنه مصدر الفهم والبصر‬
‫َّ‬
‫انطالقية‪ ،‬تجعل‬ ‫والرؤية‪ .‬وله في الانسان نفس الوظيفة التى يمارسها في هللا‪ ،‬وظيفة‬
‫إلانسان يبذل نفسه ويهب ذاته‪ .‬هو حركة الحياة‪ ،‬حركة الانبثاق)؟؟!!‬
‫لعل القارئ ‪ -‬كما أفترض ‪ -‬قد لحظ التبرير املأساوي الذي يسوقه ألاب هنري في‬
‫خاتمة اعترافه‪ .‬وهو بال شك التفاف على املسألة وتحريض على إلغاء العقل‪.‬‬
‫سأقتبس آلان ما كتبه السيد أحمد الحسن ‪ ،‬ليتبين للقارئ حقيقة الروح‬
‫القدس‪:‬‬
‫(روح القدس هو‪( :‬روح الطهارة أو العصمة)‪ .‬فإذا أخلص العبد بنيته هلل سبحانه‬
‫ً‬
‫وتعالى وأراد وجه هللا أحبه هللا ووكل هللا به ملكا يدخله في كل خير ويخرجه من كل شر‬
‫ويسلك به إلى مكارم ألاخالق‪ ،‬ويكون الروح القدس واسطة لنقل العلم لإلنسان املوكل‬
‫اصدارات انصار االاما اهمدد ‪‬‬ ‫‪089‬‬

‫ً‬
‫به‪ ،‬وأرواح القدس كثيرة وليست واحدا والذي مع عيس ى ‪ ‬ومع ألانبياء دون الذي‬
‫‪ ،‬وهذا هو الروح القدس ألاعظم‬ ‫وألائمة‬ ‫وعلي ‪ ‬وفاطمة‬ ‫مع محمد‬
‫ثم بعدهم‬ ‫لم ينزل إل مع محمد وانتقل بعد وفاته إلى علي ‪ ‬ثم إلى ألائمة‬
‫إلى املهدين إلاثني عشر‪.‬‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫عن أبي بصير‪ ،‬قال‪ :‬سألت أبا عبد هللا ‪ ‬عن قول هللا تبارك وتعالى‪َ ﴿ :‬وكذ ِل َك‬
‫ان﴾(‪ ،)1‬قال ‪:‬‬
‫ْ ُ‬
‫اب َو ِال ِألا َيم ِ‬ ‫َأ ْو َح ْي َنا إ َل ْي َك ُروحا م ْن َأ ْمرَنا َما ُك ْن َت َت ْدري َما ْالك َت ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫(خلق من خلق هللا عز وجل أعظم من جبرائيل وميكائيل‪ ،‬كان مع رسول هللا‬
‫يخبره ويسدده وهو مع ألائمة من بعده)‪.‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫عن أبي بصير‪ ،‬قال‪ :‬سألت أبا عبد هللا ‪ ‬عن قوله عز وجل‪َ ﴿ :‬وي ْسألونك َع ِن‬
‫َ‬ ‫الروح ُقل ُّ‬
‫وح ِم ْن أ ْم ِر َرِّبي﴾(‪ ،)2‬قال‪( :‬خلق أعظم من جبرائيل وميكائيل (عليهما‬ ‫الر ُ‬
‫ِ ِ‬
‫ُّ‬
‫وهو مع ألائمة وهو من امللكوت)‪.‬‬ ‫السالم)‪،‬كان مع رسول هللا‬
‫وعن أبي حمزة‪ ،‬قال‪ :‬سألت أبا عبد هللا ‪ ‬عن العلم‪ ،‬أهو علم يتعلمه العالم‬
‫من أفواه الرجال أم في الكتاب عندكم تقرءونه فتعلمون منه؟ قال ‪( :‬ألامر أعظم‬
‫َ َ‬ ‫َ َ َ َ َ‬
‫من ذلك وأوجب‪ ،‬أم سمعت قول هللا عز وجل‪َ ﴿ :‬وكذ ِل َك أ ْو َح ْينا ِإل ْي َك ُروحا ِم ْن أ ْم ِرنا‬
‫ان﴾(‪ ،)3‬ثم قال‪ :‬أي ش يء يقول أصحابكم في هذه‬
‫ْ ُ‬
‫اب َوال ِألا َيم ِ‬ ‫َما ُك ْن َت َت ْدري َما ْالك َت ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫آلاية‪ ،‬أيقرون أنه كان في حال ال يدري ما الكتاب وال ألايمان؟ فقلت‪ :‬ل ادري جعلت‬
‫فداك ما يقولون‪ ،‬فقال لي ‪ :‬بلى‪ ،‬قد كان في حال ال يدري ما الكتاب وال ألايمان‬
‫حتى بعث هللا تعالى الروح التي ذكر في الكتاب‪ ،‬فلما أوحاها إليه علم بها العلم‬
‫والفهم وهي الروح التي شعطها هللا تعالى من شاء فإذا أعطاها عبدا علمه الفهم)‪.‬‬
‫ملا نزل إلى هذا العالم الجسماني ليخوض الامتحان الثاني بعد‬ ‫فرسول هللا محمد‬
‫الامتحان ألاول في عالم الذر حجب بالجسم املادي‪ ،‬فلما اخلص هلل سبحانه وتعالى‬

‫‪ -1‬الشورى‪.52 :‬‬
‫‪ -2‬اإلسراء‪.15 :‬‬
‫‪ -2‬الشورى‪.52 :‬‬
‫‪088‬‬ ‫شبيه عيسى أو امن هو اهمصلوب؟!‬

‫ً‬
‫إخالصا ما عرفت ألارض مثله أحبه هللا ووكل به الروح القدس ألاعظم فكان الفائز‬
‫بالسباق في هذا العالم‪ ،‬كما كان الفائز بالسباق في الامتحان ألاول في عالم الذر) (‪.)1‬‬

‫عود على بدء‪ِ:‬‬


‫مما تقدم اتضح لنا إذن أن املسيح املنتظر أو ابن إلانسان ليس هو عيس ى‪،‬‬
‫وأنه رجل سيأتي في آخر الزمان‪ ،‬ليؤسس لدولة العدل إلالهي في كل أرجاء املعمورة‪،‬‬
‫ولكننا آلان سنقتبس مجموعة من أحاديث عيس ى ‪ ‬التي يظهر منها الاتصال‬
‫ً‬
‫والانفصال‪ ،‬أو التماهي والتمايز معا بين شخصيته وشخصية املسيح املنتظر‪ .‬بمعنى إننا‬
‫م‬
‫سنرى كلمات عيس ى املشار إليها ذات دللة مزدوجة‪ ،‬فهي تفهم على أنها إشارة لشخص‬
‫عيس ى ‪ ‬نفسه وفي الوقت ذاته يمكن أن نفهم منها أنها تشير لشخص آخر‪ .‬وسنرى‬
‫أن دللة الكلمات على أحد الشخصين تتفاوت من حيث القرب والقوة‪ ،‬فربما كانت‬
‫دللتها ألاقوى على عيس ى‪ ،‬وربما كانت على الشخص آلاخر املشار إليه‪.‬‬
‫على أننا سنعقب بعد ذلك بما يدل على أن عيس ى ليس هو املسيح املنتظر من‬
‫خالل وقائع وأدلة مبثوثة في العهد الجديد‪.‬‬

‫نماذج من كلمات عيس ى ‪:‬‬


‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ ْ‬ ‫َّ‬ ‫َ َ َّ َ َ َ م م م م ً َ ً َ َ‬
‫وعا ك ِث َيرة َح ْول مه‪ ،‬أ َم َر ِبالذ َهاب ِإلى ال َع ْب ِر‪ 15 .‬ف َتق َّد َم ك ِات ٌب‬ ‫(‪ 18‬وملا رأى يسوع جم‬
‫َ‬ ‫ال َل مه َي مس م‬
‫وع‪ :‬ل َّلث َعالب أ ْوج َر ٌة َول مط م‬ ‫َ‬ ‫ََ‬ ‫ْ‬ ‫َ َ َ َ م َ م َ م ََْ م َ ََْ َ َ‬
‫ور‬
‫ِ ِ‬ ‫ي‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ق‬ ‫ف‬ ‫‪22‬‬ ‫ي‪.‬‬ ‫ض‬
‫وقال له‪ :‬يا مع ِلم‪ ،‬أتبعك أينما ِ‬
‫م‬ ‫ت‬
‫ََ َ َم َم ْ َ َ‬ ‫الس َماء َأ ْو َك ٌار‪َ ،‬و َأ َّما ْاب من إلا ْن َسان َف َل ْي َ م ْ َ م ْ م َ م‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫س له أين يس ِند َرأسه‪ 21 .‬وقال له آخر ِمن تال ِم ِ‬
‫يذ ِه‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ ِ‬
‫َْ َ‬ ‫ََ َ َم َ م م ْ‬ ‫َ‬ ‫َ ً َ‬ ‫َ َ‬ ‫َْ‬
‫وع‪ :‬ات َب ْع ِني‪َ ،‬و َد ِع امل ْوتى‬ ‫َيا َس ِي مد‪ ،‬ائذ ْن ِلي أ ْن أ ْم ِض َي أ َّول َوأ ْد ِف َن أ ِبي‪ 22 .‬فقال له يس‬
‫َ َ‬
‫َي ْد ِف منون َم ْوت ماه ْم)(‪.)2‬‬
‫ْ‬ ‫َ‬
‫هنا كاتب يسأل عيس ى ‪ ‬أن يسمح له بإتباعه‪ ،‬فيقول له‪(َ :‬وأ َّما ْاب من ِإلان َس ِان‬
‫ْ‬ ‫ََْ َ َ َ‬
‫س ل مه أ ْي َن مي ْس ِن مد َرأ َسه) ومن الواضح أن املستمع سيفهم من كالم عيس ى أن ابن‬ ‫فل ي‬

‫‪ -1‬المتشابهات‪ :‬ج‪ 2‬ص‪.195 – 194‬‬


‫‪ -2‬متى‪.1 :‬‬
‫اصدارات انصار االاما اهمدد ‪‬‬ ‫‪211‬‬

‫ً‬
‫إلانسان هو عيس ى نفسه‪ .‬ولكن جوابه لتلميذه يلقي شكا على فهمنا هذا‪ ،‬فهو يقول له‪:‬‬
‫َ َ‬ ‫َْ َ‬ ‫ْ‬
‫(ات َب ْع ِني‪َ ،‬و َد ِع امل ْوتى َي ْد ِف منون َم ْوت ماه ْم)‪ ،‬فإذا كان عيس ى ليس لديه مكان (أين) وعلى هذا‬
‫ألاساس رفض طلب الكاتب‪ ،‬فكيف يطلب من التلميذ أن يتبعه؟‬
‫ْ َ َّ َ م م َ م ْ َ‬ ‫َ‬ ‫َ مْ‬ ‫َ‬ ‫َْ‬ ‫َََ َ م م‬
‫هذ ِه امل ِد َين ِة ف ْاه مرمبوا ِإلى ألاخ َرى‪ .‬ف ِإ ِني الحق أقول لكم‪ :‬ل‬ ‫(‪ 23‬ومتى ط َردوك ْم ِفي ِ‬
‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫مت َكم ملو َن مم مد َن إ ْس َرا ِئ َ‬
‫يل َح َّتى َيأ ِت َي ْاب من ِإلان َس ِان)(‪.)1‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الخطاب في هذا النص كيف يمكن للتالميذ أن يفهموه؟ ل شك في أنهم يعلمون‬
‫بعد قول غريب‪ ،‬إل إذا حملنا املعنى على‬ ‫أن عيس ى بينهم‪ ،‬وأن القول بأنه لم يأت م‬
‫شخص آخر غير عيس ى‪ .‬أما القول بأن املقصود هو ذهاب عيس ى إلى أورشليم فهو تأويل‬
‫متكلف‪ ،‬وقد سبق أن ناقشناه‪.‬‬
‫يذ مه قائ ًال‪َ :‬م ْن َي مقو مل َّ‬ ‫َ‬
‫َ ْ َ َّ م ُّ َ َ َ َ َ‬ ‫َ َ َّ َ َ َ م م َ َ‬
‫اس‬‫الن م‬ ‫س سأ َل تال ِم ِ ِ‬ ‫وع ِإلى ن َو ِاحي قيص ِري ِة ِفيلب‬ ‫(‪ 13‬وملا جاء يس‬
‫َ َ م َ ْ ٌ م َ َّ ْ َ ْ َ َ م َ َ م َ َّ َ َ م َ ْ َ َْ‬ ‫ْ‬ ‫ََ‬
‫ِإ ِني أنا ْاب من ِإلان َس ِان؟ ‪ 14‬فقالوا‪ :‬قوم‪ :‬يوحنا املعمدان‪ ،‬وآخرون‪ِ :‬إ ِيليا‪ ،‬وآخرون‪ِ :‬إر ِميا أو‬
‫ان مب ْط مر م‬ ‫ال َل مه ْم‪َ :‬و َأ ْن مت ْم‪َ ،‬م ْن َت مق مولو َن إني َأ َنا؟ ‪َ 16‬ف َأ َج َ‬
‫اب س ْم َع م‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ألا ْنب َِ‬ ‫َ ٌ َ َ‬
‫س‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ق‬ ‫‪15‬‬ ‫‪.‬‬ ‫اء‬ ‫ي‬ ‫و ِاحد َ ِمن ِ‬
‫َ‬ ‫م‬
‫ال ل مه‪ :‬ط َوبى ل َك َيا س ْم َع م‬‫َ‬ ‫وع َو َق َ‬‫اب َي مس م‬ ‫ْ‬
‫يح ْاب من هللا ال َحي!‪َ 17 .‬ف َ‬ ‫ْ‬
‫ََ َ ْ َ مَ َ‬
‫ان ْب َن‬ ‫ِ‬
‫أج َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫املس م‬
‫ال‪ :‬أنت هو ِ‬ ‫وق‬
‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ً‬
‫ميونا‪ ،‬إ َّن ل ْحما َو َدما ل ْم مي ْعل ْن لك‪ ،‬لك َّن أبي الذي في َّ َ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫الس َماو ِ‬
‫(‪)2‬‬
‫ات) ‪.‬‬ ‫ِ ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫يسأل عيس ى تالميذه عما إذا كان الناس يقولون عنه إنه ابن إلانسان‪ ،‬والسؤال‬
‫هذا بحد ذاته يشير إلى املشكلة التي نحن بصددها؛ هل عيس ى هو ابن إلانسان‪ ،‬أم ل؟‬
‫ً‬
‫بل واضح من جواب التالميذ له أن أحدا من الناس لم يقل عنه إنه ابن إلانسان‪،‬‬
‫فلماذا السؤال من قبل عيس ى إذن؟ ما الذي حمل عيس ى على طرح هذا السؤال؟ أليس‬
‫فيه دللة على أنه يريد التنبيه على أنه ليس هو ابن إلانسان؟ ثم أليس هذا هو‬
‫مقتض ى إشادته بسمعان بطرس؟ فبطرس لم يقل له نعم أنت هو ابن إلانسان‪ ،‬بل‬
‫قال‪ :‬أنت هو املسيح‪ ،‬مع أن محور السؤال هو هل ينطبق عليه لقب ابن إلانسان أم‬
‫ل؟‬

‫‪ -1‬متى‪.12:‬‬
‫‪ -2‬متى‪.16 :‬‬
‫‪210‬‬ ‫شبيه عيسى أو امن هو اهمصلوب؟!‬

‫َ َ م م َ ً‬ ‫ْ َ َْ َ‬ ‫َْ َ‬ ‫َ َ َ ْ َ ْ‬
‫(‪ 27‬أل َّن مه ك َما أ َّن ال َب ْرق َيخ مر مج ِم َن املش ِار ِق َو َيظ َه مر ِإلى املغا ِر ِب‪ ،‬هكذا َيكون أ ْيضا‬
‫الن مس م‬ ‫َ َّ م َ ْ م َ َ م ْ م َّ م َ م َ َ َ ْ َ م ُّ‬ ‫ْ‬
‫ور)(‪.)1‬‬ ‫يء ْاب ِن ِإلان َس ِان‪ 28 .‬ألنه حيثما تك ِن الجثة‪ ،‬فهناك تجت ِمع‬ ‫َمج م‬
‫ِ‬
‫لو تركنا لعقلنا أن يفهم هذا النص دون تدخل من مسبقاتنا‪ ،‬ماذا يمكن أن نفهم منه؟‬
‫ل شك أننا نفهم أن عيس ى يتحدث عن واقعة لم تحدث‪ ،‬ولكنها ستحدث فيما‬
‫ً‬
‫بعد‪ ،‬وسنفهم منه بالتالي أن ابن إلانسان ليس هو عيس ى حتما‪.‬‬
‫َ َ‬ ‫م‬ ‫ْ‬
‫اس‪َ ،‬ي ْعت ِرف ِب ِه ْاب من ِإلان َس ِان ق َّد َام َمال ِئك ِة‬
‫َ م‬ ‫اع َت َر َف بي مق َّد َام َّ‬
‫الن‬ ‫(‪َ 8‬و َأ مقو مل َل مك ْم‪ :‬مك ُّل َمن ْ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ْ‬ ‫َ م ُّ َ ْ َ َ َ َ ً َ َ‬ ‫م ْ ِ َ م م َّ َ َ َ َ‬ ‫َّ‬ ‫هللا‪َ 5 .‬و َم ْن َأ ْن َك َرني مق َّد َ‬
‫هللا‪ 12 .‬وكل من قال ك ِلمة على اب ِن‬ ‫اس‪ ،‬ينكر قدام مال ِئك ِة ِ‬ ‫ِ‬ ‫الن‬ ‫ام‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ َ م ْ َ م َ م (‪)2‬‬ ‫م‬ ‫م‬ ‫ْ‬ ‫ُّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َ َّ َ َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫م‬ ‫َ‬ ‫م‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫م‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫وح القد ِس فال يغفر له) ‪.‬‬ ‫ِإلانس ِان يغفر له‪ ،‬وأما من جدف على الر ِ‬
‫لو كان عيس ى هو ابن إلانسان‪ ،‬فلماذا لم يقل‪ :‬كل من اعترف بي قدام الناس‬
‫اعترف به قدام مالئكة هللا؟‬
‫إذن أليس من حقنا أن نفكر في أن ابن إلانسان شخص آخر؟‬
‫َ‬
‫وع َوق َ‬ ‫اب َي مس م‬ ‫َ‬
‫هذا؟ ‪ 12‬أ َج َ‬ ‫َ َ َ م م م ََ َ َم َْ َ مْ م َْ َم َ َ‬
‫ال‬ ‫وديموس وقال له‪« :‬كيف يم ِكن أن يكون‬ ‫(‪ 5‬أجاب ِنيق ِ‬
‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫م‬ ‫م‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َل مه‪َ « :‬أ ْن َت مم َع ِل مم إ ْس َرا ِئ َ‬
‫يل ول ْست ت ْعل مم هذا! ‪ 11‬الحق الحق أقول لك‪ِ :‬إننا ِإن َما نتكل مم ِب َما‬ ‫ِ‬
‫ألا ْرض َّيا ِت َو َل ْس متمْ‬ ‫ْ م ْ م مْ م َ م م َ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ َ م َ َ ْ َ م َ َ َ ْ َ َ َ ْ م ْ َ ْ َ م َن َ َ َ َ‬
‫نعلم ونشهد ِبما رأينا‪ ،‬ولستم تقبلو شهادتنا‪ِ 12 .‬إن كنت قلت لكم ِ‬
‫َّ‬
‫الس َم ِاء ِإل‬
‫َ‬
‫ص ِع َد إلى َّ‬ ‫س َأ َح ٌد َ‬ ‫ات؟ ‪َ 13‬و َل ْي َ‬ ‫ف مت ْؤم منو َن إ ْن مق ْل مت َل مك مم َّ‬ ‫م ْ م َن َ َ ْ َ‬
‫ِ‬ ‫الس َم ِاو َّي ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫تؤ ِمنو ‪ ،‬فكي‬
‫الس َم ِاء)(‪.)3‬‬ ‫الس َم ِاء‪ْ ،‬اب من إلا ْن َسان َّال ِذي مه َو في َّ‬ ‫َّال ِذي َن َز َل م َن َّ‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫حدث فيه عيس ى‬ ‫م‬
‫ابن إلانسان الذي هو في السماء‪ ،‬أي آلان‪ ،‬في الوقت الذي ي ِ‬
‫نيقوديموس‪ ،‬إذن ليس هو عيس ى‪.‬‬
‫م‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َّ‬ ‫ْ‬ ‫م َ َّ‬
‫(‪ِ 27‬ا ْع َملوا ل ِللط َع ِام ال َب ِائ ِد‪َ ،‬ب ْل ِللط َع ِام ال َب ِاقي ِلل َح َي ِاة ألا َب ِد َّي ِة ال ِذي مي ْع ِطيك مم ْاب من‬
‫ال‬ ‫آلاب َق ْد َخ َت َم مه»‪َ 28 .‬ف َق مالوا َل مه‪َ « :‬م َاذا َن ْف َع مل َح َّتى َن ْع َم َل َأ ْع َم َ‬ ‫هللا م‬ ‫هذا م‬ ‫َ َّ َ‬
‫ِإلان َس ِان‪ ،‬ألن‬
‫ْ‬
‫َ َ‬ ‫َّ‬ ‫َ مْ‬ ‫وع َو َق َ َ ْ َ م َ َ َ‬ ‫هللا؟ ‪َ 25‬أ َج َ‬
‫هللا‪ :‬أ ْن تؤ ِم منوا ِبال ِذي مه َو أ ْر َسل مه‪32 .‬‬ ‫ال ل مهم‪ :‬هذا هو عم مل ِ‬
‫اب َي مس م‬
‫ِ‬

‫‪ -1‬متى‪.24 :‬‬
‫‪ -2‬لوقا‪.12 :‬‬
‫‪ -2‬يوحنا‪.2 :‬‬
‫اصدارات انصار االاما اهمدد ‪‬‬ ‫‪212‬‬

‫ْ‬ ‫م َ َ َم َْ‬ ‫َ َ‬ ‫مْ‬ ‫َ َ م َ م َ َ َّ َ َ َ ْ َ‬


‫ص َن مع ِلن َرى َونؤ ِم َن ِب َك؟ َماذا ت ْع َم مل؟ ‪َ 31‬آباؤنا أكلوا امل َّن ِفي ال َب ِرَّي ِة‪،‬‬ ‫فقالوا له‪ :‬فأية آي ٍة ت‬
‫َ ْ م م (‪)1‬‬ ‫وب‪َ :‬أ َّن مه َأ ْعط ماه ْم خ ْب ًزا م َن َّ‬
‫الس َم ِاء ِليأكلوا) ‪.‬‬
‫م‬ ‫َ‬ ‫َك َما مه َو َم ْك مت ٌ‬
‫ِ‬
‫الطعام هنا بال شك يرمز للعلم‪ ،‬ولكن السؤال ليس هنا‪ ،‬بل ملاذا لم يقل لهم‬
‫عيس ى ‪( :‬للطعام الذي أنا أعطيكم إياه)؟ إن ما قاله عيس ى يحتمل ‪ -‬ول يمكن‬
‫ألحد أن ينكر ‪ -‬معنى أن يكون ابن إلانسان ليس هو عيس ى‪.‬‬
‫ثم أليس كالم عيس ى هذا يذكر بما ورد بشأن املعزي‪:‬‬
‫َ م َ م َ م م ْ َّم‬
‫اس ِمي‪ ،‬فهو يع ِلمكم كل‬ ‫س‪َّ ،‬ال ِذي َس مي ْرس مل مه م‬
‫آلاب ب ْ‬
‫ِ‬ ‫وح ْال مق مد م‬ ‫الر م‬ ‫(‪َ 26‬و َأ َّما ْاملم َعزي‪ُّ ،‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ م ْ م م َ م ْ (‪)2‬‬ ‫َ م م‬ ‫َ‬
‫ش ْي ٍء‪َ ،‬و ميذ ِك مرك ْم ِبك ِل ما قلته لكم) ‪.‬‬
‫فابن إلانسان هو املعزي وليس عيس ى‪ ،‬أما عبارة (الروح القدس) فقد تم حشرها‬
‫هنا من قبل بعض من ل يتقي هللا‪.‬‬
‫وورد في إنجيل متى‪ِ:‬‬
‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫م‬ ‫م‬ ‫َ‬
‫ههنا ق ْوما ل َيذوقون امل ْوت َحتى َي َر موا ْاب َن‬
‫ً‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫(‪َ 28‬ا ْل َح َّق َأ مقو مل َل مك ْم‪ :‬إن ِم َن ال ِق َيام م‬
‫ْ‬ ‫َّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َم‬ ‫ْ‬
‫ِإلان َس ِان آ ِت ًيا ِفي َملك ِوت ِه)(‪.)3‬‬
‫ومن ل يذوق املوت هو عيس ى؛ ألنه مرفوع‪ ،‬أما التالميذ فكلهم موتى آلان‪ ،‬إذن ابن‬
‫ً‬
‫إلانسان ليس هو عيس ى حتما‪.‬‬
‫ل أريد إلاطالة بسرد النصوص(‪ ،)4‬سأكتفي بما تقدم‪ ،‬وأضيف له هذه النصوص‬
‫التي تتحدث عن واقعة ستحدث في املستقبل‪ ،‬ومع ذلك لم يرد فيها ما ينص على أن‬
‫عيس ى هو ابن إلانسان‪:‬‬

‫‪ -1‬يوحنا‪.6 :‬‬
‫‪ -2‬يوحنا‪.14 :‬‬
‫‪ -2‬متى‪.16 :‬‬
‫ب) متى‪:‬‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫‪ -4‬وهذه نصوص للقارئ أن يتأمل فيها‪ 2( :‬تَ ْعلَ ُمونَ أنَّهُ بَ ْع َد يَوْ َم ْي ِن يَ ُكونُ الفِصْ حُ‪َ ،‬وابْنُ ا ِإل ْن َسا ِن يُ َسلَّ ُم لِيُصْ لَ َ‬
‫‪.26‬‬
‫ث‬
‫ِ ِ‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫َّ‬ ‫ث‬‫ال‬ ‫م‬
‫ِ‬ ‫َوْ‬ ‫ي‬‫ال‬ ‫ي‬ ‫ف‬
‫َِ‬‫و‬ ‫ُ‪،‬‬ ‫ه‬‫َ‬ ‫ن‬‫و‬‫ُ‬ ‫ل‬‫ُ‬ ‫ت‬‫ق‬‫ْ‬ ‫ي‬‫َ‬
‫ِ َ‬ ‫ف‬ ‫اس‬‫َّ‬ ‫ن‬‫ال‬ ‫ي‬ ‫د‬
‫ِ‬ ‫ْ‬
‫ي‬ ‫َ‬ ‫أ‬ ‫ى‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫إ‬ ‫م‬‫َّ‬
‫َ ُ ِ‬ ‫ل‬‫س‬‫ُ‬ ‫ي‬ ‫فَ‬ ‫س‬
‫َوْ‬ ‫ن‬ ‫ا‬‫س‬
‫ِ َ ِ‬‫ْ‬
‫ن‬ ‫إل‬ ‫ا‬ ‫ْنُ‬
‫ب‬ ‫ا‬ ‫ُ‪:‬‬ ‫ع‬‫ُو‬‫س‬ ‫ي‬ ‫م‬‫ُ‬ ‫ه‬‫َ‬ ‫ل‬
‫َِ ِ َ ْ َ‬ ‫ل‬ ‫ا‬‫َ‬ ‫ق‬ ‫ل‬‫ي‬‫ل‬‫ج‬ ‫ال‬ ‫ي‬‫ِ‬ ‫ف‬ ‫ونَ‬ ‫ُ‬
‫د‬ ‫َّ‬
‫د‬ ‫ر‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫(فِي َم ْ َ َ‬
‫ت‬‫ي‬ ‫م‬ ‫ه‬ ‫ا‬
‫يَقُو ُم) اإلنجيل بحسب متّى‪ 22/ 11 :‬و‪.22‬‬
‫ب)‬ ‫َ‬ ‫َّ‬
‫ان يُ َسل ُم لِيُصْ ل َ‬ ‫ع ه ِذ ِه األَ ْق َوا َل ُكلَّهَا قَا َل لِت ََال ِمي ِذ ِه‪ :‬تَ ْعل ُمونَ أنهُ بَ ْع َد يَوْ َم ْي ِن يَكونُ الفِصْ حُ‪َ ،‬وا بْنُ ا ِإلن َس ِ‬
‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫( َولَ َّما أَ ْك َم َل يَسُو ُ‬
‫اإلنجيل بحسب متّى‪ 1/ 26 :‬و‪.2‬‬
‫ْ‬
‫ُوخ َو ُر َؤ َسا ِء ال َكهَنَ ِة َوال َكتَبَ ِة‪َ ،‬ويُقتَ َل‪َ ،‬وبَ ْع َد‬ ‫ض ِمنَ ال ُّشي ِ‬ ‫( َوا ْبتَدَأَ يُ َعلِّ ُمهُ ْم أَ َّن ا ْبنَ ا ِإل ْن َسا ِن يَ ْنبَ ِغي أ ْن يَتَأل َم َكثِيرا‪َ ،‬ويُرْ فَ َ‬
‫ً‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ثَ َالثَ ِة أَي ٍَّام يَقُو ُم) اإلنجيل بحسب مرقس‪.21/ 1 :‬‬
‫‪213‬‬ ‫شبيه عيسى أو امن هو اهمصلوب؟!‬

‫الن مج م‬ ‫ض ْو َء مه‪َ ،‬و ُّ‬ ‫س‪َ ،‬و ْال َق َم مر َل مي ْعطي َ‬ ‫م‬ ‫ْ‬ ‫ْ َ َ َّ م ْ م َّ‬ ‫َ َْْ ََْ‬
‫وم‬ ‫ِ‬ ‫م‬ ‫الش‬ ‫يق ِتلك ألاي ِام تظ ِلم‬ ‫(‪ 25‬وِللوق ِت بعد ِض ِ‬
‫ْ‬ ‫َ م‬ ‫َ َ ْ‬ ‫َ ْ م م َ َّ َ َ م َّ م َّ َ َ َ َ‬
‫ات تت َز ْع َز مع‪َ 32.‬و ِحين ِئ ٍذ تظ َه مر َعال َمة ْاب ِن ِإلان َس ِان ِفي‬ ‫تسقط ِمن السم ِاء‪ ،‬وقوات السماو ِ‬
‫َ‬ ‫ً‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ َ َ َ َ م م َ م َ َ‬
‫ض‪َ ،‬و مي ْب ِص مرون ْابن ِإلان َس ِان آ ِتيا َعلى َس َحاب‬ ‫ْ‬
‫السم ِاء‪ .‬و ِحين ِئ ٍذ تنوح ج ِميع قبا ِئ ِل ألار ِ‬
‫َ‬
‫الس َم ِاء ِب مق َّو ٍة َو َم ْج ٍد ك ِث ٍير)(‪.)1‬‬
‫َّ‬
‫َ َ َ م‬ ‫َ‬ ‫َّ َ م َ َ َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫اعة فال َي ْعل مم ِب ِه َما أ َح ٌد‪َ ،‬ول َمال ِئكة‬ ‫ومثله‪َ 36( :‬وأ َّما ِذل َك ال َي ْو مم َو ِتل َك الس‬
‫يء ْاب ِن‬ ‫ذل َك َي مكو من َأ ْيض ًا َمج م‬ ‫َ‬
‫ك‬ ‫وح‬
‫َ َ َ َ َ ْ َ َّ م م‬
‫ن‬ ‫ام‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫ت‬ ‫ان‬ ‫ك‬ ‫ا‬ ‫م‬ ‫ك‬‫و‬ ‫‪37‬‬ ‫‪.‬‬ ‫الس َم َاوات‪ ،‬إ َّل َأبي َو ْح َد م‬
‫ه‬ ‫َّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ ِ ِ‬
‫ْ‬
‫ِإلان َس ِان)(‪.)2‬‬
‫َ‬ ‫َ َْ‬ ‫م‬ ‫ْ َ م ً َ َّ م ْ َ َ ْ َ م َ َ َّ َ َ ْ‬
‫اعل مموا هذا‪:‬‬ ‫اع ٍة َيأ ِتي َرُّبك ْم‪ 43 .‬و‬ ‫وكذلك‪ِ 42( :‬اسهروا ِإذا ألنكم ل تعلمون ِفي أي ِة س‬
‫َّ م َ َ َ ْ َ َ ْ َ ْ َ م م ْ َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬
‫ذل َك‬ ‫الس ِارق‪ ،‬لس ِه َر ولم يدع بيته ينق مب‪ِ 44 .‬ل ِ‬ ‫أ َّن مه ل ْو َع َرف َر ُّب ال َب ْي ِت ِفي أ ِي َه ِز ٍيع َيأ ِتي‬
‫ْ‬ ‫م م َ ْ م ْ َ ْ ً م ْ َ َ َ َّ م َ َ َ َ م َ ْ‬
‫اع ٍة ل تظ ُّنون َيأ ِتي ْاب من ِإلان َس ِان)(‪.)3‬‬ ‫كونوا أنتم أيضا مست ِع ِدين‪ ،‬ألنه ِفي س‬
‫ْ‬ ‫َ ْ َ م ً َ َّ م ْ َ َ ْ م َ ْ َ ْ َ َ َ َّ َ َ َّ‬
‫اعة ال ِتي َيأ ِتي ِف َيها ْاب من‬ ‫وكذلك‪ 13( :‬فاسهروا ِإذا ألنكم ل تع ِرفون اليوم ول الس‬
‫ْ‬
‫ِإلان َس ِان)(‪.)4‬‬
‫َ َ َ م‬ ‫َ َ‬ ‫َ ْ‬ ‫وع ْال مج مم َ‬ ‫ص َر َف َي مس م‬ ‫وأخي ًرا‪ 36( :‬ح َينئ ٍذ َ‬
‫وع َو َج َاء ِإلى ال َب ْي ِت‪ .‬ف َتق َّد َم ِإل ْي ِه تال ِميذ مه‬ ‫ِ ِ‬
‫الز ْر َع ْال َجي َد مه َو ْابنم‬ ‫ال َل مه ْم‪َ :‬ا َّلزار مع َّ‬ ‫اب َو َق َ‬ ‫َقائل َين‪َ :‬فس ْر َل َنا َم َث َل َز َوان ْال َح ْقل‪َ 37 .‬ف َأ َج َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬
‫م‬ ‫َ َ‬ ‫م‬ ‫م‬ ‫َ َّ َ‬ ‫م‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫م‬ ‫َ َ‬ ‫م‬ ‫م‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫م‬ ‫َ َّ ْ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫ْ‬ ‫م‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬
‫َ َ‬ ‫ْ َ‬
‫الش ِر ِير‪.‬‬‫وت‪ .‬والزوان هو بنو ِ‬ ‫ِإلانس ِان‪ 38 .‬والحق مل هو العال مم‪ .‬والزرع الج ِيد هو بنو امللك ِ‬
‫َ َ َ م م َ ْ م َ ْ َ َ م م َ ْ َ م ْ َ َ َ ْ َ َّ َ‬ ‫َّ‬ ‫ْ‬
‫ص مادون مه مم‬ ‫‪َ 35‬وال َع مد ُّو ال ِذي زرعه هو ِإب ِليس‪ .‬والحصاد هو ان ِقضاء العال ِم‪ .‬والح‬

‫ث)‬ ‫اس فَيَ ْقتُلُونَهُ‪َ ،‬وبَ ْع َد أَ ْن يُ ْقتَ َل يَقُو ُم فِي اليَوْ ِم الثَّالِ ِ‬ ‫( َكانَ يُ َعلِّ ُم ت ََال ِمي َذهُ َويَقُو ُل لَهُ ْم إِ َّن ابْنَ ا ِإل ْن َسا ِن يُ َسلَّ ُم إِلَى أَ ْي ِدي النَّ ِ‬
‫اإلنجيل بحسب مرقس‪.21/ 9 :‬‬
‫ت‪َ ،‬ويُ َسلِّ ُمونَه ُ‬ ‫م‬ ‫ال‬ ‫ب‬ ‫ه‬‫ي‬‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ل‬‫ع‬ ‫و‬ ‫م‬
‫َ ِ َ َ ِ َ ُ نَ َ ِ ِ َ وْ ِ‬ ‫ك‬‫ُ‬ ‫حْ‬ ‫ي‬‫َ‬ ‫ف‬ ‫‪،‬‬ ‫ة‬ ‫ب‬ ‫َ‬ ‫ت‬‫ك‬‫َ‬ ‫ال‬ ‫و‬ ‫ة‬ ‫َ‬ ‫ن‬‫ه‬ ‫ك‬ ‫َ‬ ‫ال‬ ‫ء‬ ‫ا‬
‫َ َ ِ‬‫س‬ ‫ؤ‬ ‫ر‬
‫ُ‬ ‫ى‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫إ‬ ‫م‬‫َّ‬
‫ِ َ ِ َ ُ ِ‬‫ل‬ ‫س‬ ‫ُ‬ ‫ي‬ ‫ن‬‫ا‬‫س‬ ‫ْ‬
‫ن‬ ‫إل‬ ‫ا‬ ‫ْنُ‬‫ب‬‫ا‬‫و‬‫صا ِع ُدونَ إِلَى أُو ُر َشلِي َ َ‬
‫‪،‬‬‫م‬ ‫(هَا نَحْ نُ َ‬
‫ث يَقُو ُم) اإلنجيل بحسب مرقس‪22 / 12 :‬‬ ‫إِلَى األُ َم ِم‪ ،‬فَيَ ْهزَأونَ بِ ِه َويَجْ لِدُونَه ُ َويَ ْتفُلُونَ َعلَ ْي ِه َويَ ْقتُلُونَهُ‪َ ،‬وفِي اليَوْ ِم الثَّالِ ِ‬ ‫ُ‬
‫– ‪.24‬‬
‫ث يَقُو ُم)‬ ‫ِ ِ‬ ‫ل‬ ‫ا‬‫َّ‬ ‫ث‬‫ال‬ ‫م‬
‫ِ‬ ‫َوْ‬ ‫ي‬‫ال‬ ‫ي‬ ‫ف‬
‫َِ‬ ‫و‬ ‫ُ‪،‬‬
‫ل‬ ‫َ‬ ‫ت‬‫ق‬‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ي‬ ‫و‬ ‫‪،‬‬ ‫ة‬
‫َ ِ َ َِ َ‬‫ب‬‫َ‬ ‫ت‬‫ك‬‫َ‬ ‫ال‬ ‫و‬ ‫ة‬ ‫َ‬ ‫ن‬‫ه‬ ‫َ‬
‫ك‬ ‫ال‬ ‫ء‬
‫َ ِ‬ ‫ا‬‫س‬ ‫ؤ‬‫َ‬ ‫ر‬‫ُ‬ ‫و‬‫ِ َ‬‫ُوخ‬ ‫ي‬ ‫ش‬‫ُّ‬ ‫ال‬ ‫نَ‬‫م‬‫ِ‬ ‫ضُ‬ ‫َ‬ ‫ف‬ ‫ُرْ‬ ‫ي‬ ‫و‬
‫َ‬ ‫‪،‬‬ ‫ً‬ ‫ا‬‫ير‬ ‫ث‬‫ك‬‫َ‬ ‫م‬‫َّ‬ ‫ل‬
‫ِ َ ِ َ ُ ِ‬‫َ‬ ‫َأ‬ ‫ت‬‫ي‬ ‫ن‬‫ا‬‫س‬ ‫ْ‬
‫ن‬ ‫إل‬ ‫ا‬ ‫نَ‬ ‫ْ‬
‫ب‬ ‫ا‬ ‫َّ‬
‫ن‬ ‫َ‬ ‫أ‬ ‫(يَ ْنبَ ِغي‬
‫اإلنجيل بحسب لوقا‪.22/ 9 :‬‬
‫ك ُكلُّ َم ْن ي ُْؤ ِمنُ بِ ِه بَلْ تَ ُكونُ له َُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫اإلن َسا ِن‪ ،‬لِك ْي ال يَ ْهلِ َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫( َو َك َما َرفَ َع ُمو َسى ال َحيَّةَ فِي البَ ِّريَّ ِة هكذا يَنبَ ِغي أن يُرْ ف َع ابْنُ ِ‬
‫َ‬
‫ال َحيَاةُ األَبَ ِديَّةُ) اإلنجيل بحسب يوحنّا‪.15 – 14 / 2 :‬‬
‫‪ -1‬متى‪.24 :‬‬
‫‪ -2‬متى‪.24 :‬‬
‫‪ -2‬متى‪.24 :‬‬
‫‪ -4‬متى‪.25 :‬‬
‫اصدارات انصار االاما اهمدد ‪‬‬ ‫‪211‬‬

‫ض ِاء هذا ال َعال ِم‪41 :‬‬


‫َ ْ َ‬ ‫هك َذا َي مكو من في ْانق َ‬ ‫َ‬
‫الن ِار‪،‬‬ ‫الز َو مان َو مي ْح َر مق ب َّ‬ ‫ْاملَ َالئ َك مة‪َ 42 .‬ف َك َما مي ْج َم مع َّ‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ْ‬ ‫َ َ َْ َ َ َ‬ ‫َ َ ََم ََ ْ َ م َ ْ ََم‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْم‬ ‫م‬
‫اع ِلي ِإلاث ِم‪42 ،‬‬ ‫ي ْر ِس مل ابن ِإلانس ِان مال ِئكته فيجمعون ِمن ملكو ِت ِه ج ِميع املع ِاث ِر وف ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫اك َي مكو من ْال مب َك ماء َو َ‬ ‫َو َي ْط َر مح َون مه ْم في َأ متون َّ‬
‫ص ِر مير ألا ْس َن ِان‪ِ 43 .‬حين ِئ ٍذ مي ِض ميء ألا ْب َر مار‬ ‫النار‪ .‬مه َن َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ ْ َ ْ َ ْ (‪)1‬‬ ‫ْ‬ ‫َّ‬ ‫ََم َ ْ َ ْ َ م ممَ‬ ‫الش ْ‬ ‫َ َّ‬
‫وت أ ِب ِيهم‪ .‬من له أذن ِان ِللسم ِع‪ ،‬فليسمع) ‪.‬‬ ‫س ِفي ملك ِ‬ ‫ِ‬ ‫م‬ ‫ك‬
‫ولكن غير هذه النصوص توجد نصوص أخرى ل شك في أن القارئ سيرى أن‬
‫باإلمكان صرفها لعيس ى ‪ ‬دون عناء ميذكر‪ ،‬منها على سبيل املثال‪:‬‬
‫ألا ْس َواق مي َن مادو َن إ َلى َأ ْ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ْ م َ م َ ْ َ ْ َ َ ً‬
‫ص َح ِاب ِه ْم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫يل؟ ميش ِب مه أ ْولدا َج ِال ِس َين ِفي‬ ‫(‪ 16‬و ِبمن أش ِبه هذا ال ِج‬
‫ْ‬
‫َّ م َ َ م َ َ م‬ ‫َ‬ ‫َ َ م م َ َ َّ ْ َ َ م ْ َ َ ْ َ ْ م م م َ م َ َ َ ْ‬
‫وح َّنا ل َيأك مل‬ ‫صوا! ن ْح َنا لك ْم فل ْم تل ِط مموا! ‪ 18‬ألنه جاء ي‬ ‫‪ 17‬ويقولون‪ :‬زمرنا لكم فلم ترق‬
‫َ َ ْ م ْ َ َْ م م ََ ْ َ م َ َ م م َ م َ َ‬ ‫َو َل َي ْش َر مب‪َ ،‬ف َي مق مولو َن‪ :‬فيه َش ْي َط ٌ‬
‫ان‪ 15 .‬جاء ابن ِإلانس ِان يأكل ويشرب‪ ،‬فيقولون‪ :‬هوذا‬ ‫ِ ِ‬
‫ْ َ َ (‪)2‬‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫م‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫م‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ْ‬ ‫م َ‬ ‫ْ َ ٌ َم‬
‫يب خ ْم ٍر‪ ،‬مم ِح ٌّب ِلل َعشا ِرين َوالخط ِاة‪َ .‬وال ِحك َمة تب َّر َرت ِمن ب ِنيها) ‪.‬‬ ‫ان أكو ٌل َو ِش ِر‬ ‫ِإنس‬
‫َ َ َ م‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫الس ْبت َب ْي َن ُّ‬ ‫َ َ م‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ َ‬‫ْ‬
‫اع تال ِميذ مه‬ ‫الز مر ِوع‪ ،‬فج‬ ‫وكذلك‪ِ 1( :‬في ِدلك الوق ِت ذه َب ي مسوع ِفي َّ ِ‬
‫َ َ َ م‬ ‫َ م َ‬ ‫َ َ َّ َ َ‬ ‫َ َْ‬ ‫ََْ مم َ‬ ‫َ َْ َم َْ م َ َ َ‬
‫يس ُّيون ملا نظ مروا قالوا ل مه‪ :‬مه َوذا تال ِميذ َك‬ ‫وابتدأوا يق ِطفون سن ِاب َل ويأكلون‪ 2 .‬فالف ِر ِ‬
‫اع مه َو‬ ‫ال َل مه ْم‪َ :‬أ َما َق َ ْرأ مت ْم َما َف َع َل مه َد ماو مد ح َين َج َ‬ ‫الس ْب ِت! ‪َ 3‬ف َق َ‬ ‫َي ْف َع ملو َن َما َل َي ِح ُّل ِف ْع مل مه في َّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الت ْقد َمة َّالذي َل ْم َيح َّل َأ ْك مل مه َل مه َو َل ل َّلذينَ‬ ‫ف َد َخ َل َب ْي َت هللا َو َأ َك َل مخ ْب َز َّ‬ ‫َْ َ‬
‫ين َم َع مه؟ ‪ 4‬كي‬ ‫َو َّالذ َ‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ْ َ ْ َ م َ م نَ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬
‫َم َعه‪َ ،‬ب ْل ِللك َهن ِة فقط‪ 5 .‬أو َما ق َرأت ْم في الت ْو َراة أن الك َهنة في َّ‬‫َّ‬ ‫م‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫م‬
‫السب ِت ِفي الهيك ِل يد ِنسو‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫هه َنا َأ ْع َظ َم م َن ْال َه ْي َكل! ‪َ 7‬ف َل ْو َعل ْم مت ْم َما مهو‪َ:‬‬ ‫م‬ ‫الس ْب َت َو مه ْم َأ ْبرَي ماء؟ ‪َ 6‬ولك ْن َأ مقو مل َل مك ْم‪ :‬إنَّ‬ ‫َّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ألا ْبرَي ِاء! ‪َ 8‬فإ َّن ْاب َن إلا ْن َسان مه َو َر ُّب َّ‬ ‫م م َ ْ َ ً َ َ َ ً ََ َ َ ْ م ْ ََ َ‬
‫الس ْب ِت‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫َِإ ِني أ ِريد رحمة ل ذ ِبيحة‪ ،‬ملا حكمتم على ِ‬
‫ً‬
‫أ ْيضا)(‪.)3‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ َ َْ َ ْ َََ َ َْ‬
‫يس ِي َين قا ِئ ِل َين‪َ :‬يا مم َع ِل مم‪ ،‬من ِر ميد أ ْن َن َرى‬ ‫ومثله‪ِ 38( :‬حين ِئ ٍذ أجاب قو ٌم ِمن الكتب ِة والف ِر ِ‬
‫ً َ م َ َ ٌ َّ َ‬ ‫ْم‬ ‫ٌ ََ‬ ‫ال َل مه ْ‬ ‫ََ َ َ َ‬ ‫ً‬
‫اس ٌق َيطل مب َآية‪َ ،‬ول ت ْعطى ل مه َآية ِإل َآية‬ ‫ِ‬ ‫ف‬ ‫و‬ ‫ير‬ ‫ر‬
‫ِ‬ ‫ش‬ ‫ِ‬ ‫ٌ‬
‫يل‬ ‫ج‬ ‫ِ‬ ‫‪:‬‬ ‫م‬ ‫َ‬ ‫ق‬ ‫ِم ْن َك َآية‪ 35 .‬فأجاب و‬
‫َ َ م‬ ‫َ َ َ‬ ‫َ ََ َ َ‬ ‫َ َّ م َ َ َ م َ م َ ْ ْ م‬
‫وت ثالثة أ َّي ٍام َوثال َث ل َيال‪ ،‬هكذا َيكو من‬ ‫يونان الن ِب ِي‪ 42 .‬ألنه ك َما كان يونان ِفي بط ِن الح ِ‬
‫م َ َ َّ‬
‫َ ََ َ‬ ‫َْ َ َ َ َ َ‬ ‫َْ‬ ‫ْم ْ َ‬
‫ض ثالثة أ َّي ٍام َوثالث ل َيال)(‪.)4‬‬ ‫ابن ِإلانس ِان ِفي قلب ألار ِ‬

‫‪ -1‬متى‪.12 :‬‬
‫‪ -2‬متى‪.11 :‬‬
‫‪ -2‬متى‪.12 :‬‬
‫‪ -4‬متى‪.12 :‬‬
‫‪215‬‬ ‫شبيه عيسى أو امن هو اهمصلوب؟!‬

‫َ‬ ‫َ َ م ْ َ م َ َ ْ َ َ َْ َ م ْ َ م م َ ً َ م‬
‫وع قا ِئال‪ :‬ل ت ْع ِل مموا أ َح ًدا ِب َما‬ ‫ومثله‪ 5( :‬و ِفيما هم نا ِزلون ِمن الجب ِل أوصاهم يس‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ات‪َ 12 .‬و َسأل مه َتال ِميذ مه قا ِئ ِل َين‪ :‬ف ِل َماذا َي مقو مل‬
‫َ‬ ‫م‬ ‫َ‬ ‫ََ‬ ‫َ َ َ‬ ‫َ َرأ ْي مت ْم َح َّتى َي مق َ ْ م ْ َ‬
‫وم ابن ِإلانس ِان ِمن ألا ْمو ِ‬
‫ْ َ ً‬ ‫ََ َ َ َ م م َ َ َ َ‬ ‫ْ َ ْ َ ً‬ ‫َْ م‬
‫ال ل مه ْم‪ِ :‬إ َّن ِإ ِيل َّيا َيأ ِتي أ َّول َو َي مر ُّد‬ ‫الك َت َبة‪ِ :‬إ َّن ِإ ِيل َّيا َين َب ِغي أ ْن َيأ ِت َي أ َّول؟ ‪ 11‬فأجاب يسوع وق‬
‫َ‬ ‫م‬ ‫م‬ ‫مك َّل َش ْيء‪َ 12 .‬ولكني َأ مقو مل َل مك ْم‪ :‬إ َّن إيل َّيا َق ْد َج َاء َو َل ْم َي ْعر مف م‬
‫وه‪َ ،‬ب ْل َع ِملوا ِب ِه ك َّل َما أ َر مادوا‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ٍ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫م‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫م‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ضا َس ْوف َيتأل مم م ْن مه ْم‪ 13 .‬حينئذ فه َم َّ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫َكذل َك ْاب من إلان َسان أ ْي ً‬
‫ْ‬
‫ال ل مه ْم َع ْن‬ ‫التال ِميذ أنه ق َ‬
‫ِ ٍِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬
‫ميوحنا املع َمد ِان) ‪.‬‬
‫(‪)1‬‬ ‫ْ‬
‫ً م‬ ‫َم َم‬ ‫َ َ م ْ َْ مم َ َ َ ْ‬
‫ال‪ :‬ال َح َّق أقو مل لك ْم‪ِ :‬إ َّن َو ِاحدا ِم ْنك ْم مي َس ِل مم ِني‪22 .‬‬ ‫ومثله‪ 21( :‬و ِفيما هم يأكلون ق‬
‫َ َ َ َ َ َ َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ م‬ ‫ً‬ ‫َ م‬
‫ال‪ :‬ال ِذي‬ ‫ف َح ِزنوا ِجدا‪َ ،‬و ْاب َت َدأ ك ُّل َو ِاح ٍد ِم ْن مه ْم َي مقو مل ل مه‪َ :‬ه ْل أنا مه َو َيا َر ُّب؟ ‪ 23‬فأجاب وق‬
‫وب‬ ‫الص ْح َف ِة مه َو مي َس ِل ممني! ‪ 24‬إ َّن ْاب َن إلا ْن َسان َماض َك َما مه َو َم ْك مت ٌ‬ ‫س َي َد مه َم ِعي في َّ‬ ‫َي ْغم م‬
‫ٍ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ َّ م َ ْ َْ‬ ‫َ َ َْ ً‬ ‫َْ‬ ‫م َ م ْم‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫َع ْنه‪َ ،‬ولك ْن َو ْي ٌل لذلك َّ م‬
‫َ‬ ‫م‬
‫ذلك الرج ِل لو لم‬ ‫الرج ِل ال ِذي ِب ِه يسلم ابن ِإلانس ِان‪ .‬كان خيرا ِل ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬
‫ميول ْد!)(‪.)2‬‬
‫َّ َ َ‬ ‫َ م‬ ‫َ ً َ َ َ َّ َ م‬ ‫َ ْ‬ ‫ً‬
‫وأخيرا‪ِ 26( :‬إ َّن ِلي أش َي َاء ك ِث َيرة أتكل مم َوأ ْحك مم ِب َها ِم ْن ن ْح ِوك ْم‪ِ ،‬لك َّن ال ِذي أ ْر َسل ِني مه َو‬
‫َ‬
‫ان َي مقو مل ل مه ْم َع ِن‬ ‫هذا َأ مق مول مه ل ْل َع َالم‪َ 27 .‬و َل ْم َي ْف َه مموا َأ َّن مه َك َ‬ ‫َ َََ َ َ ْم م ْ م َ َ‬
‫حق‪ .‬وأنا ما س ِمعته ِمنه‪ ،‬ف‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ِ ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ال َل مه ْم َي مس م‬ ‫آلاب‪َ 28 .‬ف َق َ‬
‫وع‪َ :‬م َتى َرف ْع مت مم ْاب َن ِإلان َس ِان‪ ،‬ف ِحين ِئ ٍذ ت ْف َه ممون أ ِني أنا مه َو‪َ ،‬ول ْس مت‬ ‫ِ‬
‫َأ ْف َع مل َش ْيئ ًا م ْن َن ْفس ي‪َ ،‬ب ْل َأ َت َك َّل مم ب َهذا َك َما َع َّل َمني َأبي‪َ 25 .‬و َّال ِذي َأ ْر َس َلني مه َو َمعي‪َ ،‬و َلمْ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫م‬ ‫َ‬ ‫َي ْت مر ْكني م‬
‫آلاب َوح ِدي‪ ،‬أل ِني ِفي ك ِل ِح ٍين أفع مل ما ي ْر ِض ِيه) ‪.‬‬
‫(‪)3‬‬ ‫م‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫ِ‬
‫ل أظن أنه يمكن ألحد أن يزعم أن القارئ لن يصاب بنوع من الحيرة والارتياب‬
‫فيما يتعلق بدللة النصوص التي عرضناها‪.‬‬
‫ولبد لنا آلان أن نطل على نصوص أخرى‪ ،‬يمكننا من خالل ضمها إلى ما تقدم من‬
‫نصوص‪ ،‬ومنها بطبيعة الحال نصوص العهد القديم التي سبق أن عرضنا لها‪ ،‬أقول‬
‫يمكننا أن نحسم املسألة لجهة أن عيس ى ‪ ‬ليس هو املسيح املنتظر‪ ،‬وسنبدأ بالنص‬
‫التالي‪:‬‬

‫‪ -1‬متى‪.11 :‬‬
‫‪ -2‬متى‪.26 :‬‬
‫‪ -2‬يوحنا‪.1 :‬‬
‫اصدارات انصار االاما اهمدد ‪‬‬ ‫‪216‬‬

‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ََ‬ ‫ان مم ْزمع ًا َأ ْن َي مم َ‬ ‫يرا إ َلى َأ َّية م َيتة َك َ‬ ‫ً‬ ‫َ َ َ‬
‫وت‪ 34 .‬فأ َج َاب مه ال َج ْم مع‪ :‬ن ْح من‬ ‫ِ‬ ‫ال هذا مم ِش ِ ِ ِ ٍ‬ ‫‪ 33( -1‬ق‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫م‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫م‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫الن ماموس أ َّن املس َ‬ ‫َسم ْع َنا م َن َّ‬
‫يح َي ْبقى ِإلى ألا َب ِد‪ ،‬فك ْيف تقو مل أنت ِإنه َين َب ِغي أن َي ْرت ِف َع‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ َ َ َ م ْ َ م م ُّ م َ َ م ْ َ َ ً َ ً‬ ‫َ‬ ‫َ ْ مَ َ ْم ْ‬ ‫َ‬ ‫ْم ْ‬
‫ابن ِإلانس ِان؟ من هو هذا ابن ِإلانس ِان؟ ‪ 35‬فقال لهم يسوع‪ :‬النور معكم زمانا ق ِليال‬
‫َّ َ َ َ َ‬ ‫َّ َ َّ‬ ‫َ ْ م َ م َ َ َ َ م م ُّ م َ َّ َ م‬
‫ور ِلئال مي ْد ِركك مم الظال مم‪َ .‬وال ِذي َي ِس مير ِفي الظال ِم ل َي ْعل مم ِإلى‬ ‫بعد‪ ،‬ف ِسيروا ما دام لكم الن‬
‫ُّ َ م َ ْ َ َ ُّ َ َ َّ َ َ م م َ َّم‬ ‫م‬ ‫َأ ْي َن َي ْذ َه مب‪َ 36 .‬ما َد َام َل مك مم الن م‬
‫ُّ‬
‫ور‪ .‬تكلم يسوع ِبهذا ثم‬ ‫ِ‬ ‫الن‬ ‫اء‬ ‫ن‬ ‫ب‬ ‫أ‬ ‫وا‬ ‫ير‬ ‫ص‬ ‫ت‬ ‫ل‬
‫ِ ِ ِ ِ ِ‬‫ر‬‫و‬ ‫الن‬‫ب‬ ‫وا‬ ‫ن‬ ‫آم‬ ‫ور‬
‫ْ َ‬
‫َم َض ى َواخ َتفى َع ْن مه ْم)(‪.)1‬‬
‫بدأنا بهذا النص لنشير إلى مسألة مهمة‪ ،‬هي إن تالميذ عيس ى لم يكونوا يعرفون ما‬
‫يقصده عيس ى من حديثه عن ابن إلانسان‪ .‬فالنص الذي بين أيدينا قاله عيس ى كما‬
‫هو واضح في أخريات أيامه‪ ،‬ومع ذلك يتساءل التالميذ‪ :‬من هو هذا ابن إلانسان؟‬
‫س‬ ‫اب مب ْط مر م‬ ‫ال َل مه ْم‪َ :‬و َأ ْن مت ْم‪َ ،‬م ْن َت مق مولو َن إني َأ َنا؟ َف َأ َج َ‬ ‫‪ -2‬ورد في إنجيل مرقس‪َ 25( :‬ف َق َ‬
‫ِِ‬
‫َ َ م َ‬ ‫َ ْ‬ ‫َ َ َ َ م َْ َ َْ‬
‫يح! ‪ 32‬فان َت َه َر مه ْم ك ْي ل َي مقولوا أل َح ٍد َع ْن مه)(‪.)2‬‬ ‫املس م‬
‫ال له‪« :‬أنت ِ‬ ‫وق‬
‫ً‬
‫ما معنى أن ينتهرهم ألنهم قالوا له‪ :‬أنت املسيح؟ بطبيعة الحال لبد أن نفهم أول‬
‫إن مقصودهم من كلمة املسيح هو أن عيس ى املسيا أو املسيح املنتظر الذي يأتي في آخر‬
‫الزمان‪ ،‬وليس مجرد كاهن ممسوح بالزيت‪.‬‬
‫ً‬
‫وليس من شك في أن انتهاره لهم يعني رفضا لقولهم‪ ،‬ول يمكن تفسير هذا الرفض‬
‫سوى بالقول أن عيس ى ليس هو املسيح املنتظر‪.‬‬
‫قد يقال هنا إن عبارة‪( :‬كي ل يقولوا ألحد عنه) تش ي بمعنى مغاير‪ ،‬وهو إن عيس ى‬
‫‪ ‬كان ل يريد أن يعرف أعداءه بهذه الحقيقة‪ .‬ولكن مثل التبرير ل يصمد لنقاش‪،‬‬
‫فإذا كان هو املسيح املنتظر‪ ،‬فاألحرى أن يعرف الناس كل الناس بهذا ألامر‪ ،‬فهو على‬
‫ً‬
‫أية حال الحقيقة‪ ،‬وهو أيضا دوره الذي ينبغي أن يضطلع به ووظيفته التي يؤديها‪.‬‬
‫َ‬ ‫َ َ َّ َ َ َّ م َ َ َّ َ َ َ َ َ م م َ م‬
‫وع قالوا‪ِ :‬إ َّن هذا‬ ‫‪ -3‬ورد في إنجيل يوحنا‪ 14( :‬فلما رأى الناس آلاية التي صنعها يس‬
‫َ َ َّ َ م م َ ِ ْ َ َ َ َّ م ْ م ْ م َ َ ْ َ مْ‬ ‫َ ْ َ‬ ‫مه َو ب ْال َحق َيقة َّ‬
‫الن ِب ُّي آلا ِتي ِإلى ال َعال ِم! ‪ 15‬وأما يسوع ف ِإذ ع ِلم أنهم مز ِمعون أن يأتوا‬ ‫ِ ِ ِ‬
‫َ َ ْ َ م م َ ْ َ م م َ ً ْ َ َ َ َ ْ ً َ ْ َ َ َ ْ َ م (‪)3‬‬
‫ويخت ِطفوه ِليجعلوه م ِلكا‪ ،‬انصرف أيضا ِإلى الجب ِل وحده) ‪.‬‬

‫‪ -1‬يوحنا‪.12 :‬‬
‫‪ -2‬مرقس‪.1 :‬‬
‫‪ -2‬يوحنا‪.6 :‬‬
‫‪217‬‬ ‫شبيه عيسى أو امن هو اهمصلوب؟!‬

‫ً‬
‫ل شك في أن عيس ى ‪ ‬حاكم وملك‪ ،‬ولو أنه وجد أنصارا ملا توانى عن أخذ‬
‫ً‬ ‫م‬
‫امللك‪ ،‬وانصرافه عن الجموع التي أرادت تنصيبه ملكا ل يعني أنه يرفض هذا املبدأ‪،‬‬
‫وهو أن يتولى زمام ألامر‪ ،‬فأنبياء هللا جميعهم كانوا يتطلعون للحظة التي يمكنهم من‬
‫خاللها تحقيق العدالة إلالهية في ألارض‪ ،‬ولكن الناس لم يكونوا ينصرونهم‪.‬‬
‫ً‬
‫إن رفض عيس ى املتمثل بانصرافه ل يعني شيئا سوى أنه ليس هو املسيح املنتظر‬
‫َ‬
‫الذي يتطلعون له‪ ،‬وهذا ما يمكن الاستدلل عليه من النص‪ .‬فقولهم‪ِ :‬إ َّن هذا مه َو‬
‫َ ْ َ‬ ‫ب ْال َحق َيقة َّ‬
‫الن ِب ُّي آلا ِتي ِإلى ال َعال ِم! واضح في أنهم اعتقدوا بعيس ى أنه هو املسيح املنتظر‪.‬‬ ‫ِ ِ ِ‬
‫ومن املفيد بطبيعة الحال أن نتذكر هنا أن بني إسرائيل يترقبون حضور املسيح‬
‫املوعود‪.‬‬
‫ول بأس أن نقتبس آلان نصين من يوحنا كدللة على ثقافة التطلع للمسيح املنتظر‬
‫َّ‬ ‫َ َ َ َ ْ ٌ ْ َ ْ م م َ َ ََْ َ َ‬
‫س هذا مه َو ال ِذي‬ ‫املوجودة لدى بني إسرائيل‪ 25( :‬فقال قوم ِمن أه ِل أورش ِليم‪ :‬ألي‬
‫َ َ م َ َ َ َ َّ م َ ً َ َ َ م م َ َ م َ ْ ً َ َ َ َّ ُّ َ َ َ َ َ م‬ ‫َي ْط مل مبو َن َأ ْن َي ْق مت مل م‬
‫وه؟ ‪ 26‬وها هو يتكلم ِجهارا ول يقولون له شيئا! ألعل الرؤساء عرفوا‬
‫َ‬ ‫َ َّ َ َ ْ َ م ْ َ ْ َ م َ َ َ َّ ْ َ م َ‬ ‫َ ً َ َّ َ م َ ْ َ م ً‬
‫يح ف َم َتى َج َاء ل‬ ‫يح َحقا؟ ‪ 27‬و ِلكن هذا نعلم ِمن أين هو‪ ،‬وأما امل ِس‬ ‫ي ِقينا أن هذا هو امل ِس‬
‫َ‬ ‫م َ‬
‫َي ْع ِرف أ َح ٌد ِم ْن أ ْي َن مه َو)(‪.)1‬‬
‫هذا ب ْال َحق َيقة مه َو َّ‬ ‫َ‬ ‫َ َْ َ َ م‬ ‫َ َّ‬ ‫ْ‬ ‫(‪َ 42‬ف َكث مير َ‬
‫الن ِب ُّي‪41 .‬‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫ون ِم َن ال َج ْم ِع ملا َس ِم معوا هذا الكال َم قالوا‪:‬‬ ‫ِ‬
‫م‬ ‫َ‬ ‫َ َْ‬ ‫َ م َ ْ َ م َ َ م َ َ م َ َ َ َّ ْ َ َ َ ْ َ َ ْ‬ ‫َم َ َ م‬
‫ون قالوا‪ :‬هذا هو امل ِسيح! وآخرون قالوا‪ :‬ألعل امل ِسيح ِمن الج ِل ِيل يأ ِتي؟ ‪ 42‬ألم يق ِل‬ ‫آخر‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬
‫ان َد ماو مد ف َيها‪َ ،‬يأتي املس م‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫اب إ َّن مه م ْن ن ْسل َد ماو َد‪َ ،‬وم ْن َب ْيت ل ْحم‪،‬ال َق ْرَية التي ك َ‬ ‫ْ َ م‬
‫يح؟ ‪43‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ال ِكت ِ ِ‬
‫ْ‬ ‫َف َح َد َث ْانش َق ٌ‬
‫اق ِفي ال َج ْم ِع ِل َس َب ِب ِه)(‪.)2‬‬ ‫ِ‬
‫م‬ ‫ً‬
‫علما أن إنجيل يوحنا على سبيل املثال يعلمنا أن عيس ى قال لهم إنه املسيح كما‬
‫في هذا النص‪:‬‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َّ‬ ‫ان ش َت ٌاء‪َ 23 .‬و َك َ‬ ‫م َ َ ََ َ‬ ‫م‬ ‫َ َ َ م َّ ْ‬
‫وع َي َت َمش ى ِفي ال َه ْيك ِل‬ ‫ان َي مس م‬
‫(‪ 22‬وكان ِعيد التج ِد ِيد ِفي أورش ِليم‪ ،‬وك ِ‬
‫م َْ‬ ‫َْ‬ ‫م‬ ‫َْم م َ م َ َ‬ ‫َ ْ َ‬ ‫في ر َواق مس َل ْي َم َ‬
‫ود َوقالوا ل مه‪ِ :‬إلى َم َتى ت َع ِل مق أن مف َس َنا؟ ِإ ْن ك ْن َت أن َت‬ ‫اح َتاط ِب ِه اليه‬ ‫ان‪ 24 ،‬ف‬ ‫ِ ِ ِ‬

‫‪ -1‬يوحنا‪.1 :‬‬
‫‪ -2‬يوحنا‪.1 :‬‬
‫اصدارات انصار االاما اهمدد ‪‬‬ ‫‪219‬‬

‫م ْ م َ م ْ َ َ ْ م ْ م ْ م َن َ َ ْ َ م َّ َ َ‬ ‫يح َف مق ْل َل َنا َج ْه ًرا‪َ 25 .‬أ َج َاب مه ْم َي مس م‬ ‫ْاملَس َ‬


‫ال ال ِتي أنا‬ ‫وع‪ِ :‬إ ِني قلت لكم ولستم تؤ ِمنو ‪ .‬ألاعم‬ ‫ِ‬
‫(‪)1‬‬ ‫م‬ ‫َ َ َْ‬ ‫َ َْمَ ْ َ‬
‫أعملها ِباس ِم أ ِبي ِهي تشهد ِلي) ‪.‬‬
‫نعم‪ ،‬قد يقال إن هؤلء الذين أرادوا تنصيبه كانوا مندفعين بفورة عاطفية‬
‫ً‬
‫سرعان ما تتبدد ويخذلوا عيس ى ‪ ،‬وإنه كان واعيا لهذه الحقيقة فلم يعبأ بنواياهم‬
‫غير الصادقة‪.‬‬
‫ويقوي هذا أن عيس ى يعرف من يؤمن به‪ ،‬فهو يعرف خرافه كما قال‪:‬‬
‫َْم م َ َ م‬ ‫َ ْ َ‬ ‫وع َي َت َم َّش ى في ْال َه ْي َكل في ر َواق مس َل ْي َم َ‬ ‫(‪َ 23‬و َك َ‬
‫اح َتاط ِب ِه اليهود وقالوا‬ ‫ان‪ 24 ،‬ف‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ان َي مس م‬
‫وع‪ِ :‬إ ِني‬ ‫يح َف مق ْل َل َنا َج ْه ًرا‪َ 25 .‬أ َج َاب مه ْم َي مس م‬ ‫َل مه‪ :‬إ َلى َم َتى مت َعل مق َأ ْن مف َس َنا؟ إ ْن مك ْن َت َأ ْن َت ْاملَس َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اسم َأبي ه َي َت ْش َه مد لي‪َ 26 .‬ولك َّن مكمْ‬ ‫ال َّالتي َأ َنا َأ ْع َم مل َها ب ْ‬ ‫م‬ ‫م ْ م ِ َ م ْ َ َ ْ م ْ م ْ م َ َِ َ‬
‫ألا ْعمَ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫قلت لكم ولستم تؤ ِمنون‪.‬‬
‫َ ََ‬ ‫َل ْس مت ْم مت ْؤم منو َن َأل َّن مك ْم َل ْس مت ْم م ْن خ َرافي‪َ ،‬ك َما مق ْل مت َل مك ْم‪ 27 .‬خ َرافي َت ْس َم مع َ‬
‫ص ْو ِتي‪ ،‬وأنا‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫َ ْ م َ َ َ ْ َ م (‪)2‬‬
‫أع ِرفها فتتبع ِني) ‪.‬‬
‫أقول‪ :‬ولكن هذه الحقيقة دليل على أنه ليس املسيح املنتظر‪ ،‬فاملسيح املنتظر له‬
‫م‬
‫ِخراف مه التي يعرفها كذلك‪ ،‬واملهم هو أن عدم تحقيق عيس ى ما يحققه املسيح املنتظر‬
‫ً‬
‫يدل قطعا على أنه ليس املسيح املنتظر‪.‬‬
‫وقد ورد في رسالة بولس إلى أهل رومية‪:‬‬
‫َ َ َ َ َ ْ م م َ م ْ َ َ َ َ م َ َ ْ م ٌ َ َ ْ م م ْ ْ َ ْ َن ْ م ْ م‬
‫(‪ 26‬وهكذا سيخلص ج ِميع ِإسرا ِئيل‪ .‬كما هو مكتوب‪ :‬سيخرج ِمن ِصهيو املن ِقذ‬
‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َو َي مر ُّد ْال مف مج َ‬
‫وب‪َ 27 .‬وهذا مه َو ال َع ْه مد ِم ْن ِق َب ِلي ل مه ْم َم َتى ن َز ْع مت خط َاي ماه ْم)(‪.)3‬‬ ‫ور َع ْن َي ْع مق َ‬
‫(في أيامه يخلص يهوذا ويسكن إسرائيل آمنا وهذا هو اسمه الذي يدعونه به الرب‬
‫برنا)(‪.)4‬‬
‫ً‬
‫وعيس ى كما هو معروف لم يفعل شيئا من هذا‪ ،‬فإن قال املسيحيون إنه سيفعله‬
‫في مجيئه الثاني‪ ،‬فنجيبهم‪ :‬أنتم تقولون إن سلطانه في املجيء الثاني روحي‪ ،‬وهو خالف‬
‫ما تصرح به النصوص‪ ،‬وإذا عدلتم إلى السلطان ألارض ي لتوافقوا النصوص‪ ،‬فاإلشكال‬

‫‪ -1‬يوحنا‪.12:‬‬
‫‪ -2‬يوحنا‪.12 :‬‬
‫‪ -2‬رومية‪.11 :‬‬
‫‪ -4‬ارمياء‪.22 / 6 :‬‬
‫‪218‬‬ ‫شبيه عيسى أو امن هو اهمصلوب؟!‬

‫يكون‪ :‬ملاذا لم يفعله أثناء مجيئه ألاول؟ بل ورد في أعمال الرسل ما يدل على أن‬
‫التالميذ كانوا يتوقعون من عيس ى أن يرد امللك إلسرائيل‪:‬‬
‫يم‪َ ،‬ب ْل َين َت ِظ مروا َم ْو ِع َد‬
‫ْ‬ ‫ص ماه ْم َأ ْن َل َي ْب َر محوا م ْن أو مر َشل َ‬
‫م‬ ‫(‪َ 4‬وف َيما مه َو مم ْج َتم ٌع َم َع مه ْم َأ ْو َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫م‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫م‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬
‫آلاب َّال ِذي س ِمعتموه ِم ِني‪ 5 ،‬ألن يوحنا عمد بامل ِاء‪ ،‬وأما أنتم فستتعمدون ب ُّ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫م‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫م‬ ‫م‬ ‫م‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫وح‬ ‫ِ ِ‬ ‫الر‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َّ م م ْ م ْ َ م َ َ َ َ م م َ‬ ‫َ َّ َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫م‬ ‫ْم‬
‫هذ ِه ألاي ِام ِبك ِث ٍير‪ 6 .‬أما هم املجت ِمعون فسألوه قا ِئ ِلين‪ :‬يارب‪ ،‬هل ِفي‬ ‫القد ِس‪ ،‬ليس بعد ِ‬
‫ألا ْو َق َ‬ ‫َْ َ َ َ َ‬ ‫َ َ َ َم ْ َْ َ َ م َ َ م‬ ‫هذا ْال َو ْق ِت َت مر ُّد ْاملم ْل َك إ َلى إ ْس َرا ِئ َ‬ ‫َ‬
‫ات‬ ‫س لك ْم أ ْن ت ْع ِرفوا ألاز ِمنة و‬ ‫يل؟ ‪ 7‬فقال لهم‪ :‬لي‬ ‫ِ ِ‬
‫ْ َ‬ ‫َّالتي َج َع َل َها م‬
‫آلاب ِفي مسلطا ِن ِه)(‪.)1‬‬ ‫ِ‬
‫عيس ى لم يقل لهم على سبيل املثال‪ :‬سيفعل هذا في مجيئه الثاني‪ ،‬بل لم يقل لهم‬
‫‪ -‬على إلاطالق‪ -‬إنه هو من سيفعل هذا‪ ،‬فجوابه كما هو واضح يكفي إلسكات أسئلتهم‬
‫من جهة‪ ،‬مويبقي املسألة مفتوحة من جهة أخرى لحتمالت الفهم من خالل الربط‬
‫ً‬
‫بمجمل ما ورد عن قضية املخلص‪ ،‬بل ملاذا نذهب بعيدا‪ ،‬فقد ورد في إنجيل لوقا ما‬
‫ً‬
‫يدل على أن عيس ى من شأنه أن يأخذ امللك لنفسه‪ ،‬لول أنه لم يجد أنصارا يمكن أن‬
‫يحقق بهم هذا ألامر‪:‬‬
‫َ‬ ‫م‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫(‪َ 27‬أ َّما َأ ْع َدائي‪ ،‬أولئ َك الذ َ‬
‫َّ‬ ‫م‬
‫ين ل ْم مي ِر ميدوا أ ْن أ ْم ِل َك َعل ْي ِه ْم‪ ،‬فأتوا ِب ِه ْم ِإلى مه َنا‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ َْ م م م‬
‫وه ْم ق َّد ِامي) ‪.‬‬
‫(‪)2‬‬
‫واذبح‬
‫‪ -4‬إن املسيح املنتظر سيأتي برسالة عاملية‪ ،‬فهدفه هو إقامة دولة العدل إلالهي‬
‫على جميع ألارض‪ ،‬وليست رسالته لقوم دون قوم‪ ،‬ولكننا وجدنا عيس ى ‪ ‬يقول‪5( :‬‬
‫َ‬
‫ضوا‪َ ،‬وِإلى َم ِد َين ٍة‬ ‫ص ماه ْم َقائ ًال‪ :‬إ َلى َطريق مأ َمم َل َت ْم م‬ ‫وع َو َأ ْو َ‬ ‫الاث َنا َع َش َر َأ ْ َس َل مه ْم َي مس م‬
‫ر‬
‫م َ ْ‬
‫هؤل ِء‬
‫ِ ِ ٍ‬ ‫ِ ِ‬
‫َّ‬ ‫يل َّ‬ ‫اف َب ْي ِت إ ْس َرا ِئ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َم‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫م‬ ‫َ َْ م‬ ‫َ‬ ‫ِل َّ‬
‫الضال ِة)(‪.)3‬‬ ‫ِ‬ ‫لس ِام ِرِيين ل تدخلوا‪ 6 .‬ب ِل اذهبوا ِبالح ِر ِي ِإلى ِخ َر ِ‬
‫بينما السامريون ينتظرون املسيح املنتظر (املسيا)‪ ،‬كما يتضح من كالم املرأة‬
‫السامرية‪:‬‬

‫‪ -1‬أعمال الرسل‪.1 :‬‬


‫‪ -2‬لوقا‪.19 :‬‬
‫‪ -2‬متى‪.12 :‬‬
‫اصدارات انصار االاما اهمدد ‪‬‬ ‫‪201‬‬

‫يح‪َ ،‬ي ْأتي‪َ .‬ف َم َتى َج َاء َذ َ‬


‫اك‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫امل ْ َرأ مة‪َ :‬أ َنا َأ ْع َل مم َأ َّن َم ِس َّيا‪َّ ،‬ال ِذي مي َق م‬
‫ال َل مه ْاملَس م‬ ‫َ َ ْ َ م َْ‬
‫(‪ 25‬قالت له‬
‫َ‬ ‫م‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫م‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫مي ْخب مرَنا ب مكل َش ْي ٍء‪ 26 .‬ق َ‬
‫ال ل َها َي مسوع‪ :‬أنا ال ِذي أك ِل مم ِك هو) ‪.‬‬
‫م َ (‪)1‬‬
‫ِ ِ ِ‬
‫قد يقال إن هذا املنع كان لفترة محدودة ولظروف معينة‪ ،‬فالبابا شنودا الثالث‬
‫يقول‪:‬‬
‫(عبارة (إلي طريق أمم ل تمضوا‪ ،‬ومدينة للسامرين ل تدخلوا)‪ ،‬قالها السيد املسيح‬
‫ً‬
‫لتالميذه في بدء إرساليتهم في دورة تدريبية‪ .‬وذلك ألن تبشير السامريين كان صعبا عليهم‬
‫في بادئ ألامر‪ ،‬ألن اليهود ما كانوا يعاملون السامريين (يو‪ .)5 :4‬حتى أن السيد املسيح‬
‫نفسه‪ ،‬في إحدى املرات أغلقت إحدى قرى السامرة بابها في وجهه‪ ،‬ملجرد أن وجهه كان‬
‫ً‬
‫متجها نحو إسرائيل‪ .‬حتى قال له تلميذاه يعقوب و يوحنا (أتريد يا رب أن تنزل نار من‬
‫السماء فتفنيهم) (لو‪.)54 ،53 :5‬‬
‫ولكن فيما بعد‪ ،‬حينما بدأ السيد يعمل في السامرة وقبلوه وآمن كثيرون‪ ،‬حينئذ‬
‫قال لتالميذه‪( :‬ارفعوا عيونكم وانظروا الحقول‪ ،‬إنها قد ابيضت للحصاد‪ ...‬أنا أرسلتكم‬
‫لتحصدوا ما لم تتعبوا فيه) (يو‪ .)38 ،35 :4‬وقبل صعوده إلي السماء قال لهم‪( :‬و‬
‫ً‬
‫لكنكم ستنالون قوة متي حل الروح القدس عليكم‪ .‬و حينئذ تكونون لي شهودا في‬
‫أورشليم و في كل اليهودية و السامرة و إلى أقص ي ألارض) (أع‪.)8 :1‬‬
‫وعبارة (إلى أقص ى ألارض) تعني إلى العالم كله‪.‬‬
‫وهكذا قال لهم‪( :‬اذهبوا و تلمذوا جميع ألامم‪ ،‬و عمدوهم باسم آلاب والابن و‬
‫ً‬
‫الروح القدس‪ .‬و علموهم جميع ما أوصيتكم به) (مت‪ .)22 ،15 :28‬و قال لهم أيضا‪:‬‬
‫(اذهبوا إلي العالم أجمع‪ ،‬و أكرزوا باإلنجيل للخليقة كلها‪ .‬من آمن و اعتمد خلص)‬
‫ً‬
‫(مر‪ .)16 ،15 :16‬ولكن في بادئ ألامر‪ ،‬كان الذهاب إلى ألامم صعبا عليهم‪ .‬ألن ألامم‬
‫سيرفضون‪ ،‬كما أن اليهود أنفسهم كانوا يرفضون ألامميين‪ ،‬فال داعي ألن يبدأوا‬
‫بصعوبة تجعلهم يفشلون‪ .‬إذن عبارة‪( :‬إلى طريق أمم ل تمضوا) كانت نصيحة أو وصية‬

‫‪ -1‬يوحنا‪.4 :‬‬
‫‪200‬‬ ‫شبيه عيسى أو امن هو اهمصلوب؟!‬

‫مرحلية مؤقتة‪ ،‬إلى حين أن يمهد لهم املسيح من جهة‪ ،‬و إلى أن ينالوا الروح القدس‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫من جهة أخري‪ .‬أما الذهاب إلى اليهود فكان أمرا سهال)(‪.)1‬‬
‫ََ م م م َ َ‬
‫أتساءل هل قرأ البابا كالم عيس ى بأكمله‪ ،‬فإن فيه َ(ها أنا أ ْر ِسلك ْم كغ َن ٍم ِفي َو ْس ِط‬
‫َ‬
‫اب)‪ ،‬أليس يعني هذا أن مهمتهم تكتنفها الصعاب؟‬ ‫ِذئ ٍ‬
‫ثم ما عس ى أن تكون املصاعب التي يواجهونها في السامرة‪ ،‬وهل هي أدهى وأمر مما‬
‫يمكن أن يواجهونه في أورشليم واليهودية؟ أليست أوشليم هي قاتلة ألانبياء وراجمة‬
‫َ‬ ‫َ َ َ َْ‬ ‫يم‪َ ،‬يا مأو مر َشل م‬
‫املرسلين كما قال عيس ى‪َ 37( :‬يا مأو مر َشل م‬
‫يم! َيا قا ِتلة ألان ِب َي ِاء َو َر ِاج َمة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ْم‬
‫امل ْر َس ِل َين)(‪.)2‬‬
‫إذن لدينا آلان واقع هو التالي‪:‬‬
‫أ ‪ -‬عيس ى وجه تالميذه بعدم الذهاب إلى السامرة‪ ،‬وهؤلء ينتظرون املسيا كما بني‬
‫إسرائيل سواء بسواء‪.‬‬
‫ب ‪ -‬عيس ى نفسه ذهب إلى السامرة وكرز هناك‪.‬‬
‫ً‬
‫ج ‪ -‬التالميذ أيضا كرزوا في السامرة بعد رفع عيس ى‪.‬‬
‫ً‬
‫إذن كيف نجمع ما يبدو متضاربا هنا؟‬
‫لنالحظ أن عيس ى مر بالسامرة وهو في طريقه إلى الجليل‪:‬‬
‫َ‬
‫َ َ َ َ م َّ َ م ْ َ ْ َ َ َّ َ‬ ‫َ ً َ ْ‬ ‫َ َ َ َْم َ‬
‫الس ِام َرة)(‪.)3‬‬ ‫ود َّية َو َم َض ى أ ْيضا ِإلى ال َج ِل ِيل‪ 4 .‬وكان ل بد له أن يجتاز‬‫(‪ 3‬ترك اليه ِ‬
‫ولم يمكث في السامرة سوى يومين‪ ،‬وعلى الرغم من أن عبارة‪( :‬وكان لبد له أن‬
‫يجتاز السامرة) توحي بأن مروره بها أمر تحتمه الجغرافية‪ ،‬ول ينم بالنتيجة عن رغبة‬
‫باملرور بها وتبشير أهلها‪ ،‬ولكن كالم عيس ى مع املرأة السامرية وكالمه مع غيرها‪ ،‬يدل‬
‫ً‬
‫بالتأكيد على أن عيس ى‪ ‬كان راغبا بتبليغهم بالرسالة التي يحملها‪.‬‬
‫بطبيعة الحال نحن ل نعلم ما الذي قاله عيس ى لهم‪ ،‬إذ لم مينقل لنا هذا‪ ،‬ولكننا‬
‫نعلم من مجمل كالم عيس ى أنه ل يمكن أن يكون قد قال لهم إنه املسيح املخلص‪.‬‬

‫‪ -1‬سنوات مع أسئلة الناس‪ :‬السؤال رقم ‪.25‬‬


‫‪ -2‬متى‪.22 :‬‬
‫‪ -2‬يوحنا‪.4 :‬‬
‫اصدارات انصار االاما اهمدد ‪‬‬ ‫‪202‬‬

‫ولكن على أي أساس إذن آمنوا به على أنه املسيح املخلص‪ ،‬كما يقول يوحنا‪35( :‬‬
‫َ َ ْ َ َ َّ َ َ َ ْ َ‬ ‫ْ ْ َ َْ َ َ‬ ‫َ َ َ‬
‫الس ِام ِرِي َين ِب َس َب ِب كال ِم امل ْرأ ِة ال ِتي كان ْت تش َه مد أ َّن مه‪:‬‬ ‫ون م َن َّ‬ ‫َ‬
‫فآمن ِب ِه ِمن ِتلك امل ِدين ِة ك ِث مير ِ‬
‫َ َ َ‬ ‫م َ‬ ‫َّ ُّ َ َ َ م م َ‬ ‫َ‬ ‫ََ‬ ‫َ ْ‬ ‫َ َ م‬
‫وه أ ْن َي ْمكث ِع ْن َد مه ْم‪ ،‬ف َمكث‬ ‫ال ِلي ك َّل َما ف َعل مت‪ 42 .‬فل َّما َج َاء ِإل ْي ِه الس ِام ِريون سأل‬ ‫ق‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫م‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫اك َي ْو َم ْي ِن‪ 41 .‬ف َآم َن ِب ِه أكث مر ِجدا ِب َس َب ِب كال ِم ِه‪َ 42 .‬وقالوا ِلل َم ْرأ ِة‪ِ :‬إ َّن َنا ل ْس َنا َب ْع مد‬ ‫مه َن َ‬
‫يح مم َخ ِل م‬ ‫هذا مه َو ب ْال َحق َيقة ْاملَس م‬ ‫َ َ َ َ م ْ م َ َّ َ َ ْ م َ ْ َ ْ َ َ َ ْ َ م َ َّ َ‬
‫ص‬ ‫ِ ِ ِ ِ‬ ‫ِبسب ِب كال ِم ِك نؤ ِمن‪ ،‬ألننا نحن قد س ِمعنا ونعلم أن‬
‫ْ َ‬
‫ال َعال ِم)(‪.)1‬‬
‫ل شك في أن إيمانهم به على أنه املخلص نابع من تمنيهم أن يكون كذلك‪ ،‬ولو كان‬
‫قال لهم إنه املخلص لهتمت ألاناجيل به وركزت على نقله‪ .‬ولعل تجربة عيس ى هذه‬
‫معهم هي السبب في منع التالميذ من التوجه إلى السامرة‪ ،‬فهؤلء ل يريدون أن يؤمنوا‬
‫بعيس ى إل على أنه هو املخلص‪ ،‬وهو ما لم يكنه عيس ى (‪.)2‬‬
‫أما توجيه التالميذ بعد حادثة الصلب للتبشير بين ألامم؛ فألن الرسالة آلان‬
‫اقتصرت على ش يء واحد هو التبشير باقتراب امللكوت فقط‪ .‬بينما كانت على عهد عيس ى‬
‫ً‬
‫ووجوده بينهم تتضمن فضال على التبشير باقتراب امللكوت‪ ،‬الدعوة لعيس ى على أنه نبي‬
‫وأنه ملك اليهود‪ .‬أليست هذه ألاخيرة هي تهمة الصلب؟‬
‫ََ َ َ َ َ َ َ ْ َ‬
‫َ‬ ‫َ َ ََ م َ م م ََْ َ َ م ْ‬
‫ال ل مه‪ :‬أن َت ت مقو مل)(‪.)3‬‬ ‫ود؟ فأجاب وق‬ ‫ِ‬ ‫ه‬ ‫م‬ ‫ي‬ ‫َ‬ ‫ال‬ ‫(‪ 2‬فسأله ِبيالطس‪ :‬أأنت م ِلك‬
‫َ َ‬ ‫َّ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫م‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫س َأ ْيض ًا َوق َ‬
‫َ‬ ‫يال مط م‬
‫َ َ َ َ‬
‫ال ل مه ْم‪ :‬ف َماذا ت ِر ميدون أ ْن أف َع َل ِبال ِذي ت ْد معون مه َم ِل َك‬ ‫(‪ 12‬فأجاب ِب‬
‫َ ََْم‬ ‫َ َ ْ َ م م م ْ م َ ً َ َ َ م ْ ً ْ َ ْ َ َ َ م م َ َْ‬ ‫ْ‬
‫ود؟)(‪ 17( .)4‬وألبسوه أرجوانا‪ ،‬وضفروا ِإك ِليال ِمن شو ٍك ووضعوه علي ِه‪ 18 ،‬وابتدأوا‬ ‫ال َي مه ِ‬
‫م َ م َ َ َ ْ َ َ َّ َ م َ َ َ ْ‬
‫ود!)(‪.)5‬‬ ‫السالم يا م ِلك ال َي مه ِ‬ ‫يس ِلمون علي ِه قا ِئ ِلين‪:‬‬
‫(‪)6‬‬ ‫َ َ َ م ْ َ م َّ َ ْ م ً َ م َ مْ‬
‫ود) ‪.‬‬ ‫(‪ 26‬وكان عنوان ِعل ِت ِه مكتوبا‪ :‬م ِلك اليه ِ‬

‫‪ -1‬يوحنا‪.4 :‬‬
‫‪ -2‬الحقيقة أن الغالبية العظمى من الناس الذين أظهروا اإليمان بعيسى‪ ،‬ومنهم المئات بل اآلالف ‪ -‬بحسب األناجيل‬
‫‪ -‬الذين حصلت معهم أو على مرأى منهم معاجز كثيرة‪ ،‬ربما لم يكونوا صادقين في إيمانهم‪ ،‬وعلى األرجح أنهم‬
‫نظروا لعيسى على أنه المخلص وحين تبينوا أنه لم يكن كذلك نكصوا على أعقابهم‪ ،‬أو على األقل لم يفعلوا شيئا ً‬
‫لنصرته‪ .‬أليس مما يثير التساؤل والحيرة أن أحداً لم يحتج أو يبادر لعمل ثوري أثناء وبعد عملية الصلب؟‬
‫‪ -2‬مرقس‪.15 :‬‬
‫‪ -4‬مرقس‪.15 :‬‬
‫‪ -5‬مرقس‪.15 :‬‬
‫‪ -6‬مرقس‪.15 :‬‬
‫‪203‬‬ ‫شبيه عيسى أو امن هو اهمصلوب؟!‬

‫ً‬ ‫ً‬
‫بقيت مسألتان أختم بهما هذا الفصل‪ ،‬سأفرز لكل منهما عنوانا خاصا كما يلي‪:‬‬

‫يوحنا ال شعرَ عيس ى على أنه اْلخلص‪ِ:‬‬


‫كان يوحنا املعمدان يبشر باملسيح املنتظر املخلص‪:‬‬
‫َ‬ ‫ْ‬
‫وح َّنا ل َعل مه املس م‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫ون في قلوبه ْم َع ْن مي َ‬ ‫م‬ ‫م‬ ‫الش ْع مب َي ْن َتظ مر‪َ ،‬و ْال َجم ميع مي َفك مر َ‬ ‫َ ْ َ َ َّ‬
‫يح‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫(‪ 15‬وِإذ كان‬
‫َّ‬ ‫ً َ َ م َ م م ْ َ َ ْ َ ْ َ ْ م َ َ َْ‬ ‫ْ‬ ‫‪َ 16‬أ َج َ‬
‫وح َّنا ال َج ِم َيع ِقا ِئال‪ :‬أنا أع ِمدكم ِبم ٍاء‪ ،‬و ِلكن يأ ِتي من هو أقوى ِم ِني‪ ،‬ال ِذي‬ ‫اب مي َ‬
‫ْ م‬ ‫َّ‬
‫وح ال مق مد ِس َون ٍار‪ 17 .‬ال ِذي َرفش مه ِفي‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ور ِح َذا ِئ ِه‪ .‬مه َو َس مي َع ِم مد مك ْم ب ُّ‬
‫الر‬ ‫َل ْس مت َأ ْه ًال َأ ْن َأ مح َّل مس مي َ‬
‫ِ‬
‫َ م ْ َ م (‪)1‬‬ ‫َ‬ ‫م‬ ‫َ َ َ م َ َ ْ َ َ م َ َ ْ َ م ْ َ ْ َ َ َ ْ َ َ َ َّ ِْ م َ م ْ م‬
‫التبن فيح ِرقه ِبن ٍار ل تطفأ) ‪.‬‬ ‫ي ِد ِه‪ ،‬وسين ِقي بيدره‪ ،‬ويجمع القمح ِإلى مخزِن ِه‪ ،‬وأما ِ‬
‫وفي إنجيل يوحنا‪ِ:‬‬
‫م‬ ‫َ‬
‫يم ك َه َنة َولوي َين ل َي ْسأل م‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ود م ْن أو مرشل َ‬ ‫م‬ ‫م‬ ‫ْ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ م َ َّ‬ ‫م‬ ‫َ‬
‫وه‪:‬‬ ‫ِِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫هذ ِه ِه َي ش َهادة يوحنا‪ِ ،‬حين أ ْرس َل ال َي مه ِ‬ ‫(‪ 15‬و ِ‬
‫َ َ َم م ً َ‬ ‫املس َ‬ ‫َ ْ م ََ َْ‬ ‫َ ََْ َ ََ ْ مْ ْ ََ َ‬ ‫َم ْن َأ ْن َ‬
‫وه‪ِ :‬إذا َماذا؟ ِإ ِيل َّيا‬ ‫يح‪ 21 .‬فسأل‬ ‫ِ‬ ‫ا‬ ‫ن‬ ‫أ‬ ‫ت‬ ‫س‬ ‫ل‬ ‫ي‬ ‫ن‬
‫ِِ‬ ‫إ‬ ‫‪:‬‬ ‫ر‬‫َّ‬ ‫ق‬ ‫أ‬ ‫و‬ ‫‪،‬‬ ‫ر‬ ‫ك‬
‫ِ‬ ‫ن‬‫ي‬ ‫م‬ ‫ل‬‫و‬ ‫ف‬ ‫ر‬ ‫ت‬ ‫اع‬‫ف‬ ‫‪22‬‬ ‫؟‬ ‫ت‬
‫َ َ م َ م َ ْ َْ َ م ْ َ َ َ ً‬ ‫َ ْ َ َ َ َ َ ْ م َ َ َ َّ ُّ َ ْ َ َ َ َ َ َ‬
‫أنت؟ فقال‪ :‬لست أنا‪ .‬ألن ِبي أنت؟ فأجاب‪ :‬ل‪ 22 .‬فقالوا له‪ :‬من أنت‪ِ ،‬لنع ِطي جوابا‬
‫صارخ في ْال َبرَّية‪َ :‬قو مموا َطر َ‬ ‫َ َ ََ َ ْ م َ‬ ‫َّ َ َ ْ َ م َ َ َ َ م م َ ْ َ ْ َ‬
‫يق‬ ‫ِ‬ ‫ِ َِ ِ‬ ‫ِلل ِذين أرسلونا؟ ماذا تقول عن نف ِسك؟ ‪ 23‬قال‪ :‬أنا صوت ِ ٍ ِ‬
‫َ َ م م َ م َ‬ ‫َ َ َ ْ م ْ َ م َن َ ْ َ‬ ‫الرب‪َ ،‬ك َما َق َ َ ْ َ م َّ‬
‫وه َوقالوا ل مه‪:‬‬ ‫يس ِي َين‪ 25 ،‬فسأل‬ ‫ال ِإشعياء الن ِب ُّي‪ 24 .‬وكان املرسلو ِمن ال ِ ِ‬
‫ر‬ ‫ف‬ ‫ِ‬
‫َّ‬
‫ً ََ‬ ‫النب َّي؟ ‪َ 26‬أ َج َاب مه ْم مي َ‬ ‫يح‪َ ،‬و َل إيل َّيا‪َ ،‬و َل َّ‬ ‫َف َما َب مال َك مت َعم مد إ ْن مك ْن َت َل ْس َت ْاملَس َ‬
‫وح َّنا ِقا ِئال‪ :‬أنا‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫َّ‬ ‫ْ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫م‬ ‫َ‬ ‫م‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫م‬ ‫م‬
‫أ َع ِم مد ِب َم ٍاء‪َ ،‬و ِلك ْن ِفي و ْس ِطك ْم قا ِئ ٌم ال ِذي ل ْست ْم ت ْع ِرفونه‪ 27 .‬ه َو ال ِذي َيأ ِتي ب ْع ِدي‪ ،‬ال ِذي‬
‫َ‬ ‫م‬ ‫م‬ ‫َ‬
‫َّ َ ْ م م ْ َ َ ْ َ م َّ م م َ َ‬ ‫َ م‬
‫ور ِحذا ِئ ِه)(‪.)2‬‬ ‫ص َار ق َّد ِامي‪ ،‬ال ِذي لست ِبمست ِحق أن أحل سي‬
‫شهادة يوحنا هذه صرفها املسيحيون لجهة عيس ى ‪ ،‬على الرغم من وضوح‬
‫عدم انطباقها عليه‪.‬‬
‫فعيس ى ‪ ‬لم يعمد بالنار كما هو معروف‪ ،‬والتعميد بالنار هو تطهير ألارض من‬
‫ْ م‬ ‫َّ‬
‫أعداء هللا‪ ،‬كما يستشف من قول يوحنا‪( :‬ال ِذي َرفش مه ِفي َي ِد ِه‪َ ،‬و َس مي َن ِقي َب ْي َد َر مه‪َ ،‬و َي ْج َم مع‬
‫َم َْم‬ ‫َ م‬ ‫َْ َ َ َ ْ َ ََ‬
‫الت ْب من ف مي ْح ِرق مه ِب َن ٍار ل تطفأ)‪.‬‬ ‫الق ْمح ِإلى مخزِن ِه‪ ،‬وأ َّما ِ‬

‫‪ -1‬لوقا‪.2 :‬‬
‫‪ -2‬يوحنا‪.1 :‬‬
‫اصدارات انصار االاما اهمدد ‪‬‬ ‫‪201‬‬

‫وإذا كان يوحنا قد تحدث عن التعميد بالروح القدس والنار كمقابل للتعميد باملاء‬
‫ً‬
‫الذي كان يمارسه‪ ،‬فإن عيس ى بدوره كان يعمد باملاء أيضا‪:‬‬
‫اك‪َ ،‬و َك َ‬ ‫يذ مه إ َلى َأ ْ ض ْال َي مهود َّية‪َ ،‬و َم َك َث َم َع مه ْم مه َن َ‬ ‫م َ َ م‬ ‫َ َ‬
‫ان‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫(‪َ 22‬و َب ْعد هذا َج َاء َي مسوع َوتال ِم ِ ر‬
‫َ ٌ‬
‫اك ِم َي ٌاه ك ِث َيرة‪،‬‬ ‫ان مه َن َ‬ ‫يم‪َ ،‬أل َّن مه َك َ‬ ‫وح َّنا َأ ْيض ًا مي َعم مد في َع ْين منون ب مق ْرب َسال َ‬ ‫ان مي َ‬ ‫مي َعم مد‪َ 23 .‬و َك َ‬
‫ِ ٍ ِ ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫َ ْ م َ َ َ ْ َ م َ (‪)1‬‬ ‫م‬ ‫َ‬
‫َوكانوا يأتون ويعت ِمدون) ‪.‬‬
‫بل إن يوحنا نفسه صدر منه ما يستدل منه على أنه لم يكن يعني عيس ى بكالمه‬
‫املتقدم‪:‬‬
‫ْ َ‬ ‫ص َر َف م ْن مه َن َ‬ ‫الاث َن ْي َع َش َر‪ْ ،‬ان َ‬ ‫ْ‬ ‫َ َّ ْ َ م م ْ م َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫اك ِل مي َع ِل َم َو َيك ِرز ِفي‬ ‫ِ‬ ‫يذ ِه‬ ‫(‪ 1‬وملا أك َم َل يسوع أم َره ِلتال ِم ِ‬
‫َ َ َْْ ْ َ َ‬ ‫َْ‬ ‫ْ َ ْ‬ ‫م م ْ َ م َ َّ َ َ َ َ‬
‫يذ ِه‪3 ،‬‬ ‫السج ِن ِبأع َم ِال امل ِس ِيح‪ ،‬أ ْرس َل اثني ِن ِمن تال ِم ِ‬ ‫مد ِن ِهم‪ 2 .‬أ َّما يوحنا فل َّما س ِمع ِفي ِ‬
‫وح َّنا‬ ‫ال َل مه َما‪ْ :‬اذ َه َبا َو َأ ْخب َرا مي َ‬ ‫وع َو َق َ‬ ‫اب َي مس م‬ ‫آخ َر؟ ‪َ 4‬ف َأ َج َ‬ ‫َ ْ ََْ م َ‬
‫ر‬ ‫ظ‬ ‫ت‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫أ‬ ‫ي‬ ‫ت‬ ‫آلا‬ ‫و‬‫ال َل مه‪َ :‬أ ْن َت مه َ‬ ‫َو َق َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الص ُّم‬ ‫ون‪َ ،‬و ُّ‬ ‫ص مي َط َّه مر َ‬ ‫ون‪َ ،‬و ْال مع ْر مج َي ْم مشو َن‪َ ،‬و ْال مب ْر م‬ ‫ب َما َت ْس َم َعان َو َت ْن مظ َران‪َ 5 :‬ا ْل مع ْم مي مي ْبص مر َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫امل َس ِاكين ميبش مرون‪َ 6 .‬وطوبى ملن ل ي ْعث مر ف َّي‪َ 7 .‬و َبين َما ذهبَ‬ ‫م‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫م‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫م‬ ‫َ ْ َ م َ َ َْْ َ َ م م َ َ َْ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫يسمعون‪ ،‬واملوتى يقومون‪ ،‬و‬
‫َ َ ً‬ ‫َ‬ ‫م‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫وع َي مقو مل ل ْل مج مموع َع ْن مي َ‬ ‫هذان ْاب َت َد َأ َي مس م‬ ‫َ‬
‫ص َبة‬ ‫وح َّنا‪َ :‬ماذا خ َر ْج مت ْم ِإلى ال َب ِرَّي ِة ِل َت ْنظ مروا؟ أق‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ين‬ ‫مت َحر مك َها الر ميح؟ ‪ 8‬لك ْن َم َاذا َخ َر ْج مت ْم ل َت ْن مظ مروا؟ َأإ ْن َسان ًا َلبس ًا ث َياب ًا َناع َم ًة؟ مه َو َذا َّالذ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫م‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫م‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫م‬ ‫م‬ ‫ْ‬ ‫م‬ ‫م‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫م‬ ‫ََْ‬
‫وك‪ِ 5 .‬لكن ماذا خ َرجت ْم ِلتنظ مروا؟ أن ِبيا؟ نع ْم‪،‬‬ ‫وت املل ِ‬ ‫اع َمة ه ْم ِفي ب مي ِ‬ ‫الثياب الن ِ‬
‫َ‬
‫يلبسون ِ‬
‫َ‬ ‫ََ م‬ ‫م‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َأ مقو مل َل مك ْم‪َ ،‬و َأ ْف َ‬
‫ض َل ِم ْن ن ِب ٍي‪ 12 .‬ف ِإ َّن هذا مه َو ال ِذي ك ِت َب َع ْن مه‪َ :‬ها أنا أ ْر ِس مل أ َم َام َو ْج ِه َك‬
‫الن َس ِاء‬ ‫ن‬‫ين م َ‬ ‫َم َالكي َّالذي مي َه مئ َطر َيق َك مق َّد َام َك‪َ 11 .‬ا ْل َح َّق َأ مقو مل َل مك ْم‪َ :‬ل ْم َي مق ْم َب ْي َن ْاملَ ْو ملود َ‬
‫ِ ِ ِ‬ ‫َ ِ ِ ِ ِْ‬
‫َّ‬ ‫َ ْ َ‬ ‫م‬ ‫ْ‬ ‫م‬ ‫َّ َ َ َ ْ َ‬ ‫َ َّ َ ْ َ َ َ َ م‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ َ ْ م َ َّ َ‬
‫ات أعظم ِمنه‪ 12 .‬و ِمن أي ِام‬ ‫وت السماو ِ‬ ‫أعظ مم ِمن يوحنا املعمد ِان‪ ،‬و ِلكن ألاصغر ِفي ملك ِ‬ ‫َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ‬ ‫َ َ َ م م َّ َ َ م ْ َ م َ ْ َ‬ ‫َ‬ ‫م َ َّ ْ َ ْ َ‬
‫اص مبون َيخ َت ِط مفون مه‪ 13 .‬أل َّن‬ ‫ات يغصب‪ ،‬والغ ِ‬ ‫يوحنا املع َمد ِان ِإلى آلان ملكوت السماو ِ‬
‫ْم‬ ‫َ م َ َ م َ َ‬ ‫َ َ َ ْ َ َ َّ م َ َ م َ َ َ م‬
‫وح َّنا تن َّبأوا‪َ 14 .‬وِإ ْن أ َر ْدت ْم أ ْن ت ْق َبلوا‪ ،‬فهذا مه َو ِإ ِيل َّيا امل ْز ِم مع‬ ‫ج ِميع ألان ِبي ِاء والناموس ِإلى ي‬
‫لس ْم ِع فل َي ْس َم ْع)(‪.)2‬‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َأ ْن َي ْأ ِت َي‪َ 15 .‬م ْن َل مه مأ مذ َنان ِل َّ‬
‫ِ‬
‫َ ْ َ ْ َ م ََ‬ ‫م‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫يوحنا يسأل عيس ى‪ :‬أنت ه َو آلا ِتي أم ننت ِظر آخر؟ هذا يعني أنه لم يكن يتحدث‬
‫عن عيس ى‪ .‬وحتى جواب عيس ى لتالمذة يوحنا يتسم بالغموض البالغ‪ ،‬على الرغم من‬

‫‪ -1‬يوحنا‪.2 :‬‬
‫‪ -2‬متى‪.11 :‬‬
‫‪205‬‬ ‫شبيه عيسى أو امن هو اهمصلوب؟!‬

‫وضوح السؤال‪ .‬ولكن عيس ى بطبيعة الحال لم يقل إنه ليس هو آلاتي! وهنا لبد أن‬
‫نتوقف لنتبين دللة موقف عيس ى‪ ،‬لسيما وهو يخبر تالمذته بعد انصراف تالمذة‬
‫َ َ‬ ‫َ َّ‬ ‫َ‬ ‫ََ م‬ ‫م‬ ‫َّ‬ ‫ً َ‬
‫يوحنا قائال‪( :‬هذا مه َو ال ِذي ك ِت َب َع ْن مه‪َ :‬ها أنا أ ْر ِس مل أ َم َام َو ْج ِه َك َمال ِكي ال ِذي مي َ ِه مئ ط ِريق َك‬
‫م‬
‫ق َّد َام َك)‪.‬‬
‫الطر َ‬ ‫َ َ َ م ْ م َ َ َ م َ م َّ‬
‫يق‬ ‫َ كالمْ عيس ى هذا إشارة ملا ورد في سفر مالخي‪ 1( :‬هأنذا أر ِسل مال ِكي في ِهئ ِ‬
‫َ‬ ‫السي مد َّالذي َت ْط مل مب َون مه‪َ ،‬و َم َال مك ْال َع ْهد َّالذي مت َس ُّر َ‬ ‫ََ َ َْ ً َ ََْ‬
‫ون ِب ِه‪ .‬مه َوذا‬ ‫ِ ِ‬ ‫أم ِامي‪ .‬ويأ ِتي بغتة ِإلى هيك ِل ِه َّ ِ ِ‬
‫َ‬
‫َ ْ َ‬ ‫َ َ ْ َْم م ْ َ مم‬ ‫ََ ْ َ َْ م َْ َ َ‬ ‫ْ مم‬ ‫َي ْأ ِتي‪َ ،‬ق َ‬
‫ور ِه؟ أل َّن مه ِمث مل ن ِار‬ ‫ود ‪ 2‬ومن يحت ِمل يوم م ِج ِيئ ِه؟ ومن يثبت ِعند ظه ِ‬ ‫ال َر ُّب الجن ِ‬
‫َ‬
‫ض ِة‪ .‬ف مي َن ِقي َب ِني ل ِوي‬
‫ً َ م َ ً ْ َّ َ‬
‫س مم َم ِحصا ومن ِقيا ِلل ِف‬ ‫صار‪َ 3 .‬ف َي ْج ِل م‬ ‫ْاملم َم ِحص‪َ ،‬وم ْث مل َأ ْش َنان ْال َق َّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫ََ م م َ ْ َ م َم َ‬ ‫َ م َ ْ َ َّ َ َ ْ َّ َ م م م َ َّ َ َّ َ ْ َ ً ْ‬
‫ويص ِف ِيهم كالذه ِب وال ِفض ِة‪ِ ،‬ليكونوا مقرِبين ِللر ِب‪ ،‬تق ِدمة ِبال ِب ِر‪ 4 .‬فتكون تق ِدمة يهوذا‬
‫َْ‬
‫الس ِن َين الق ِد َيم ِة)(‪.)1‬‬ ‫َ َ َ َّ ْ َ َ َ َ‬ ‫ً‬ ‫َم م َ َ َ‬
‫وأورش ِليم م ْر ِض َّية ِل َّلر ِب كما ِفي أي ِام ال ِقد ِم وكما ِفي ِ‬
‫وهذا النص ل ينطبق على عيس ى بأية حال‪ ،‬فهو لم يكن مثل نار املمحص‪.‬‬
‫ً‬
‫أيضا هذا النص ميقصد منه إيليا النبي الذي يتوقع اليهود عودته بعد أن رفعه هللا‬
‫تعالى في الحادثة التوراتية املشهورة‪:‬‬
‫َ ْ مَ‬ ‫َْ‬ ‫َْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫النب َّي ق ْب َل َم ِج ِيء َي ْوم َّ‬ ‫هأ َن َذا مأ ْرس مل إ َل ْي مك ْم إيل َّيا َّ‬ ‫َ‬
‫وف‪6 ،‬‬ ‫الر ِب‪ ،‬اليو ِم الع ِظ ِيم واملخ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫(‪5‬‬
‫َ ْ َ َ ْ (‪)2‬‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َف َي مر ُّد َق ْل َب َ‬
‫آلاب ِاء َعلى ألا ْبن ِاء‪َ ،‬وقل َب ألا ْبن ِاء َعلى َآب ِائ ِه ْم‪ِ .‬لئال آ ِت َي َوأض ِر َب ألارض ِبلع ٍن) ‪.‬‬
‫عيس ى ‪ ‬يعرف هذه الحقيقة بالتأكيد‪ ،‬ولكن علينا أن نفهم كالمه على الوجه‬
‫الذي أراده‪.‬‬
‫عيس ى ‪ ‬قال عن يوحنا إنه إيليا املزمع أن يأتي وعقب بعبارة ذات مدلول غني‬
‫َّ َ ْ‬ ‫َ ممَ‬
‫لس ْم ِع فل َي ْس َم ْع)‪ .‬هذه العبارة ل شك في أنها تحرض العقول على التفكر‪،‬‬ ‫َ(م ْن ل مه أذن ِان ِل‬
‫فما الذي أراده عيس ى من القول بأن إيليا هو يوحنا املعمدان‪.‬‬
‫وح َّنا‪ِ ،‬ح َين‬ ‫في البدء لبد أن نعلم أن يوحنا أنكر كونه إيليا‪َ 15( :‬وهذه ه َي َش َه َاد مة مي َ‬
‫ِِ ِ‬
‫اع َت َر َف َو َل ْم مي ْن ِك ْر‪َ ،‬و َأ َقر‪َّ:‬‬
‫وه‪َ :‬م ْن َأ ْن َت؟ ‪َ 22‬ف ْ‬ ‫يم َك َه َن ًة َو َلوي َين ل َي ْس َأ مل م‬
‫ِِ ِ‬
‫ود م ْن مأو مر َشل َ‬
‫ِ‬
‫َ َ ْ م‬
‫أ ْرس َل ال َي مه ِ‬
‫َْ‬ ‫ََ َ‬ ‫َّ َ ْ َ َ َ َ َ‬ ‫َ َ َم م ً َ‬ ‫َ ْ م ََ َْ‬
‫ال‪ :‬ل ْس مت أنا‪ .‬أ َّلن ِب ُّي أن َت؟‬ ‫وه‪ِ :‬إذا َماذا؟ ِإ ِيليا أنت؟ فق‬ ‫يح‪ 21 .‬فسأل‬ ‫املس َ‬
‫ِإ ِني لست أنا ِ‬

‫‪ -1‬مالخي‪.2 :‬‬
‫‪ -2‬مالخي‪.4 :‬‬
‫اصدارات انصار االاما اهمدد ‪‬‬ ‫‪206‬‬

‫َ َ‬ ‫َ َ م َ م َ ْ َ ْ َ م ْ َ َ َ ً َّ َ َ م َ‬ ‫ََ َ َ َ‬
‫ين أ ْر َسلونا؟ َماذا ت مقو مل َع ْن‬ ‫اب‪ :‬ل‪ 22 .‬فقالوا له‪ :‬من أنت‪ِ ،‬لنع ِطي جوابا ِلل ِذ‬ ‫فأج‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َّ‬ ‫ْ‬ ‫م‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َْ‬
‫ال ِإش ْع َي ماء‬ ‫الرب‪ ،‬ك َما ق َ‬ ‫م‬ ‫َ‬
‫نف ِسك؟ ‪ 23‬قال‪ :‬أنا صوت ص ِار ٍخ ِفي الب ِري ِة‪ :‬ق ِوموا ط ِريق ِ‬
‫َْ‬ ‫َ‬
‫َّ‬
‫الن ِب ُّي)(‪.)1‬‬
‫وبطبيعة الحال هو أنكر أن يكون نفس إيليا النبي ‪ ‬الذي ينتظره اليهود‪ ،‬ولكن‬
‫عيس ى لم يكن يقصد من كالمه أن يوحنا هو نفس إيليا‪ ،‬بل كان يريد أن يقول إن‬
‫يوحنا ممهد له كما إن إيليا ممهد للمخلص‪ .‬وعيس ى استخدم النصوص التوراتية ليدل‬
‫على أنه ممهد للمسيح املنتظر وصورة له‪ .‬وهذا ما يوضحه النص التالي‪:‬‬
‫ً‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َْ م‬ ‫َ َ‬ ‫ََ َ َ م َ‬
‫(‪َ 12‬و َسأل مه تال ِميذ مه قا ِئ ِل َين‪ :‬ف ِل َماذا َي مقو مل الك َت َبة‪ِ :‬إ َّن ِإ ِيل َّيا َين َب ِغي أ ْن َيأ ِت َي أ َّول؟ ‪11‬‬
‫َم َم‬ ‫م َ‬ ‫ْ َ ً‬ ‫ََ َ َ َ م م َ َ َ َ‬
‫ال ل مه ْم‪ِ :‬إ َّن ِإ ِيل َّيا َيأ ِتي أ َّول َو َي مر ُّد ك َّل ش ْي ٍء‪َ 12 .‬و ِلك ِني أقو مل لك ْم‪ِ :‬إ َّن ِإ ِيل َّيا‬ ‫فأجاب يسوع وق‬
‫م َّ َ َ َ م َ َ ْ م ْ َ َ ْ ً َ ْ َ َ َ َ مَّ‬ ‫َ ْ َ َ ََ ْ َ ْ م م َ ْ َ م‬
‫ذلك ابن ِإلانس ِان أيضا سوف يتألم‬ ‫قد جاء ولم يع ِرفوه‪ ،‬بل ع ِملوا ِب ِه كل ما أرادوا‪ .‬ك ِ‬
‫َ‬ ‫ْ‬
‫وح َّنا امل ْع َم َد ِان)(‪.)2‬‬ ‫يذ َأ َّن مه َق َ‬
‫ال َل مه ْم َع ْن مي َ‬ ‫َ َ َ َّ َ م‬
‫ِم ْن مه ْم‪ِ 13 .‬حين ِئ ٍذ ف ِهم التال ِم‬
‫ً‬
‫في هذا النص يخبر عيس ى تالميذه بأن إيليا سيأتي في حينه‪ ،‬وأيضا يمكن أن‬
‫ينظروا ليوحنا على أنه إيليا‪ ،‬أي إن دوره صورة لدور إيليا‪.‬‬
‫بالنتيجة يتضح إذن أن عيس ى ليس هو املخلص وإنما هو مثيل له‪ ،‬وممهد‪ ،‬ومبشر‬
‫به‪.‬‬

‫عيس ى هاروني من سبط الوي‪ِ:‬‬


‫م‬
‫يخبرنا الكتاب املقدس أن املخلص من نسل داود ‪ ،‬ومن سبط يهوذا‪َ ( :‬و َيكو من‬
‫ُّ‬ ‫م م‬ ‫م‬ ‫َ ْم‬ ‫َ َ ْ َ ْ َ َّ َ ْ َ َ َّ ْ َ َ َ َ ً ُّ م‬
‫وب ِإ َّي ماه تطل مب ألا َم مم َو َيكون َم َحل مه‬
‫ِفي ذ ِلك اليو ِم أن أصل يس ى القا ِئم راية ِللشع ِ‬
‫ً‬
‫َم ْجدا)(‪ .)3‬ويس ى هو أب داود‪.‬‬

‫‪ -1‬يوحنا‪.1 :‬‬
‫‪ -2‬متى‪.11 :‬‬
‫‪ -2‬أشعيا‪.12 / 11 :‬‬
‫‪207‬‬ ‫شبيه عيسى أو امن هو اهمصلوب؟!‬

‫َ َّ م َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ َ‬
‫الد ْه ِر أث ِب مت‬ ‫وفي املزامير‪ 3( :‬قط ْع مت َع ْه ًدا َم َع ممخ َت ِاري‪َ ،‬حل ْف مت ِل َد ماو َد َع ْب ِدي‪ِ 4 :‬إلى‬
‫م‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ َ‬
‫ن ْسل َك‪َ ،‬وأ ْب ِني ِإلى َد ْو ٍر ف َد ْو ٍر ك ْر ِس َّي َك)(‪.)1‬‬
‫السؤال آلان‪ :‬هل أن عيس ى من سبط يهوذا‪ ،‬ومن نسل داود؟‬
‫بقدر تعلق ألامر بالعهد الجديد يعرض علينا متى جردة النسب التالية‪:‬‬
‫يم َو َل َد إ ْسحاق‪َ.‬‬ ‫يم‪ 2 :‬إ ْبراه م‬ ‫املسيح ْابن َد ماو َد ْابن إ ْبراه َ‬ ‫َ َ م َ َْ‬ ‫َ م‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫(‪ِ 1‬كتاب ِميال ِد يسوع ِ ِ ِ‬
‫َ‬ ‫َ ْ م ََ َ َ ْ م َ ََ ْ م م ََ َ َم َ َ ْ ََ م ََم َ ََ َ َ َ َ‬
‫ص َوز َار َح ِم ْن ث َام َار‪.‬‬ ‫وِإسحاق ولد يعقوب‪ .‬ويعقوب ولد يهوذا وِإخوته‪ 3 .‬ويهوذا ولد فا ِر‬
‫َ َ َ م َ َ َ َ َ َ َ َ َ َ َ م َ ََ‬ ‫َ َ م ََ َ َ ْ م َ َ َ ْ م م َ َ‬
‫ون َول َد أ َر َام‪ 4 .‬وأرام ولد ع ِميناداب‪ .‬وع ِميناداب ولد‬ ‫وفا ِرص ولد حصرون‪ .‬وحصر‬
‫يد منْ‬ ‫وع مز َو َل َد معوب َ‬ ‫اب‪َ .‬و مب َ‬ ‫اح َ‬ ‫َن ْح مشو َن‪َ .‬و َن ْح مشو من َو َل َد َس ْل ممو َن‪َ 5 .‬و َسل ممون َولد مبوعز من َر َ‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫م‬ ‫ْ‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫َ َ َّ َ َ َ َ م َ ْ َ َ َ َ م م ْ َ م َ َ َ م َ ْ َ َ َ َّ‬ ‫َ م َ َ م م َ‬
‫يد َول َد َي َّس ى‪ 6 .‬ويس ى ولد داود امل ِلك‪ .‬وداود امل ِلك ولد سليمان ِمن ال ِتي‬ ‫راعوث‪ .‬وع ِوب‬
‫َ َ ََ َ َم َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫مألور َّيا‪َ 7 .‬و مس َل ْي َمان َولد َر َح ْب َع َام‪َ .‬و َر َح ْب َع مام َولد أب َّيا‪َ .‬وأب َّيا َولد َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫م‬
‫آسا‪ 8 .‬وآسا ولد يهوشافاط‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ور مام َو َل َد معزَّيا‪َ 5 .‬و معزَّيا َو َل َد مي َوث َام‪َ .‬و مي َوث مام َو َل َد َأ َح َاز‪َ .‬و َأ َح ماز َو َلدَ‬ ‫ور َام‪َ .‬و مي َ‬ ‫اط َو َل َد مي َ‬ ‫ََم َ َ م‬
‫ويهوشاف‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ م َّ َ ََ‬ ‫َ م َ َ م‬ ‫َ‬ ‫م‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫َ ْ َ َ َ َّ َ َ َّ َ َ م‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫وشيا ولد‬ ‫وش َّيا‪ 11 .‬وي ِ‬ ‫ِحز ِق َّيا‪ 12 .‬و ِحز ِق َّيا ولد منس ى‪ .‬ومنس ى ولد آمون‪ .‬وآمون ولد ي ِ‬
‫ََ ْ َ َ ْ َ َ َ م َْ ََ َ َ َْ َ َ َ َْ م َ‬ ‫ْ َ‬ ‫م‬
‫يل َول َد‬ ‫َيك ْن َيا َوِإخ َوت مه ِع ْن َد َس ْب ِي َب ِاب َل‪ 12 .‬وبعد سب ِي ب ِابل يكنيا ولد شأل ِت ِئيل‪ .‬وشأل ِت ِئ‬
‫َ َ م م َ‬
‫ور َول َد‬ ‫ور‪ 14 .‬وعاز‬ ‫يم َو َل َد َعا مز َ‬ ‫يم‪َ .‬و َأل َياق م‬ ‫ود َو َل َد َأل َياق َ‬ ‫ود‪َ .‬و َأب ميه م‬ ‫َز مر َّباب َل‪َ 13 .‬و َز مرَّباب مل َو َل َد َأب ميه َ‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫يع َاز مر َو َلدَ‬ ‫يع َاز َر‪َ .‬و َأل َ‬ ‫ود َو َل َد َأل َ‬ ‫ود‪َ 15 .‬و َأل مي م‬ ‫يم َو َل َد َأل مي َ‬ ‫يم‪َ .‬و َأخ م‬ ‫ص مادو مق َو َل َد َأخ َ‬ ‫ص مادو َق‪َ .‬و َ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ َ ْ م م َ َ َ م م َ َ م َ َ ْ َ َ َّ م َ ْ َ َ م م َّ‬ ‫ان َو َل َد َي ْع مق َ‬ ‫ان‪َ .‬و َم َّت م‬‫َم َّت َ‬
‫وع ال ِذي‬ ‫وب‪ 16 .‬ويعقوب ولد يوسف رجل مريم ال ِتي وِلد ِمنها يس‬
‫املس َ‬ ‫م ْ َ َْ‬
‫يح)(‪.)2‬‬ ‫يدعى ِ‬
‫أما لوقا فيقدم جردة مختلفة بعض الش يء‪:‬‬
‫َ َ َّ ْ َ َ َ َ م م َ َ َ م َ ْ م َ َ َ َ َ ً َ م َ َ َ َ َ َ م َ ُّ ْ َ م م َ‬
‫(‪ 23‬وملا ابتدأ يسوع كان له نحو ثال ِثين سنة‪ ،‬وهو على ما كان يظن ابن يوسف‪،‬‬
‫ْ َ َّ ْ م م َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْبن َهالي‪ْ 24 ،‬بن َم ْت َث َ‬
‫وسف‪ْ 25 ،‬ب ِن َم َّتا ِث َيا‪ْ ،‬ب ِن‬ ‫ات‪ْ ،‬ب ِن ل ِوي‪ْ ،‬ب ِن َمل ِكي‪ ،‬ب ِن ينا‪ ،‬ب ِن ي‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ َ َ‬ ‫َّ‬ ‫ْ َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫م‬ ‫َ م َ ْ َ‬
‫اي‪ 26 ،‬ب ِن مآث‪ ،‬ب ِن متا ِثيا‪ ،‬ب ِن ِشم ِعي‪ ،‬ب ِن‬ ‫عاموص‪ ،‬ب ِن ناحوم‪ ،‬ب ِن حس ِلي‪ ،‬ب ِن نج ِ‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫يسا‪ْ ،‬بن ز مر َّباب َل‪ْ ،‬بن شأل ِتي ِئ َ‬ ‫َ‬ ‫وح َّنا‪ْ ،‬بن ر َ‬ ‫وذا‪ْ 27 ،‬بن مي َ‬ ‫م م َ ْ َم َ‬
‫يل‪ْ ،‬ب ِن ِن ِيري‪ْ 28 ،‬ب ِن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫يوسف‪ ،‬ب ِن يه‬
‫يع َاز َر‪ْ ،‬بن ميور َ‬ ‫َ‬
‫ود َام‪ْ ،‬بن عير‪ْ 25 ،‬بن ميوس ي‪ْ ،‬بن أل َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫ص َم‪ْ ،‬بن أملم َ‬ ‫َم ْلكي‪ْ ،‬بن َأدي‪ْ ،‬بن مق َ‬
‫يم‪،‬‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬

‫‪ -1‬مزمور‪.19 :‬‬
‫‪ -2‬متى‪.1 :‬‬
‫اصدارات انصار االاما اهمدد ‪‬‬ ‫‪209‬‬

‫يم‪31 ،‬‬ ‫ان‪ْ ،‬بن َأل َياق َ‬ ‫ف‪ْ ،‬بن مي َون َ‬ ‫ْ م َن ْ َ م َ ْ م م َ‬


‫ات‪ْ ،‬ب ِن ل ِوي‪ْ 32 ،‬ب ِن ِشمعو ‪ ،‬ب ِن يهوذا‪ ،‬ب ِن يوس‬
‫َ‬ ‫ْبن َم ْت َث َ‬
‫ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وعز‪َ،‬‬ ‫يد‪ْ ،‬بن مب َ‬ ‫ان‪ْ ،‬بن َد ماو َد‪ْ 32 ،‬بن َي َّس ى‪ْ ،‬بن معوب َ‬ ‫ان‪ْ ،‬بن َم َّت َاثا‪ْ ،‬بن َن َاث َ‬ ‫ْبن َم َل َيا‪ْ ،‬بن َم ْي َن َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ َ َ َ َ ْ َ َ َ ْ َ ْ م َ ِْ َ‬ ‫ْ َ ْ م َن ْ َ ْ م نَ‬
‫ب ِن سلمو ‪ ،‬ب ِن نحشو ‪ 33 ،‬ب ِن ع ِميناداب‪ ،‬ب ِن أرام‪ ،‬ب ِن حصرون‪ ،‬ب ِن فا ِرص‪ ،‬ب ِن‬
‫ور‪ْ 35 ،‬بن َس مر َ‬ ‫اح َ‬ ‫يم‪ْ ،‬بن َت َار َح‪ْ ،‬بن َن م‬ ‫وب‪ْ ،‬بن إ ْس َح َ‬ ‫وذا‪ْ 34 ،‬بن َي ْع مق َ‬ ‫َم َ‬
‫وج‪ْ ،‬ب ِن‬ ‫ِ‬ ‫َ ِ‬ ‫ِ‬
‫اق‪ْ ،‬بن إ ْب َراه َ‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫يه‬
‫م‬ ‫ْ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫م‬
‫وح‪ْ ،‬ب ِن‬ ‫ْ‬ ‫ْ ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ ْ‬
‫ر َعو‪ ،‬ب ِن فالج‪ ،‬ب ِن َ ع َ ِابر‪ ،‬ب ِن َ شالح‪ 36 ،‬ب ِن ِقينان‪َ ،‬ب ْ ِن أرفكشاد‪ ،‬ب ِن س ِام‪ ،‬ب ِ َن ن ِ‬
‫ْ‬ ‫َ‬
‫وش‪ْ ،‬ب ِن‬ ‫ان‪ْ 38 ،‬بن أ من َ‬ ‫يل‪ْ ،‬بن ق َين َ‬ ‫َ ْ ْم َ ْ َ َ ْ َ‬ ‫ْ َم‬ ‫َ َ‬
‫ِ‬ ‫لمك‪ 37 ،‬ب ِن متوشالح‪ ،‬ب ِن أخنوخ‪ ،‬ب ِن يا ِرد‪ ،‬ب ِن م ْهلل ِئ َ ِ ِ‬
‫هللا)(‪.)1‬‬ ‫ْ َ َ ْ‬
‫يت‪ ،‬ب ِن آدم‪ ،‬اب ِن ِ‬ ‫ِش ِ‬
‫بصرف النظر عن الاختالف بين القائمتين‪ ،‬وهو اختالف كفيل بجعلنا نشك‬
‫ً‬
‫بصحتهما معا‪ ،‬غير أن ألامر املهم الذي نريد التركيز عليه آلان هو أن هاتين القائمتين ل‬
‫ً‬
‫عالقة لهما بعيس ى‪ ،‬فهما ل تثبتان سوى نسب يوسف‪ ،‬ويوسف ليس أبا لعيس ى كما‬
‫هو معلوم‪.‬‬
‫ً‬
‫ولكن فقهاء املسيحية ‪ -‬وهو أمر محزن للغاية ‪ -‬يعمدون دائما إلى طالء الواقع‬
‫الذي يفضح عقيدتهم بكلمات منمقة‪ ،‬لتضييع أثره‪ .‬في هذا الصدد يقول القمص‬
‫تادرس يعقوب ملطي‪:‬‬
‫(اختالف النسب في القائمتين مرجعه أن متى وهو ميعلن عن السيد املسيح كحامل‬
‫لخطايانا يذكر النسب الطبيعي‪ ،‬حسب اللحم والدم‪ ،‬أما لوقا إذ ميعلن عن بنوتنا هلل في‬
‫املسيح يسوع يذكر النسب الشرعي حيث يمكن إلنسان أن مينتسب ألب لم ميولد منه‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫جسديا‪ .‬نذكر على سبيل املثال كان القديس يوسف ابنا ليعقوب جسديا‪ ،‬لكنه ابن‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫هالي شرعا‪ ،‬ألن هالي مات دون أن ينجب ابنا‪ ،‬فتزوج يعقوب امرأته لينجب له نسال فال‬
‫ميمحى اسمه من إسرائيل (تث‪6-5 :25‬؛ مت‪ .)24 :22‬وكأن القديس يوسف خطيب‬
‫القديسة مريم هو ابن لداود امللك حسب القائمتين‪ :‬سواء النسب الطبيعي أو الشرعي‪،‬‬
‫بالرغم من اختالفهما)(‪.)2‬‬

‫‪ -1‬لوقا‪.2 :‬‬
‫‪ -2‬تفسير العهد الجديد ‪ -‬كتاب الكتروني‪.‬‬
‫‪208‬‬ ‫شبيه عيسى أو امن هو اهمصلوب؟!‬

‫إذن لدينا واقع متناقض يمثله نصا متى ولوقا‪ ،‬ولدينا نص يزعم أنه يقرأ هذا‬
‫الواقع‪ ،‬فهل هو يقرأ الواقع‪ ،‬أم يغير خرائطه ويضيع معامله؟‬
‫ً‬
‫هل يقرأه حقا‪ ،‬أم يحجب العيون عنه ويستبدله بواقع آخر؟ القمص في الحقيقة‬
‫ل يقرأ‪ ،‬وإنما يضلل‪.‬‬
‫إذن قائمتا متى ولوقا تفشالن في إثبات نسب لعيس ى ينتهي إلى داود‪ ،‬ولكن ماذا‬
‫عن مريم ‪ ،‬هل تنتسب لسبط يهوذا؟‬
‫ً‬
‫أعتقد أننا نستطيع أن نرى في اعتمادهم نسب يوسف دليال على أن مريم ل‬
‫تتصل بنسب إلى داود‪ ،‬ولكننا لن نكتفي بهذا سنعتمد دلئل أخرى‪.‬‬
‫م‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ْ َ َ َ م م َ َ َ‬ ‫ََ َ‬
‫ورد في إنجيل لوقا‪ 34( :‬فقال ْت َم ْرَي مم ِلل َمال ِك‪ :‬ك ْيف َيكون هذا َوأنا ل ْس مت أ ْع ِرف‬
‫م َ م‬ ‫م م ْ‬ ‫َ‬
‫س َي ِح ُّل َعل ْي ِك‪َ ،‬وق َّوة ال َع ِل ِي تظ ِلل ِك‪،‬‬ ‫وح ْال مق مد م‬‫ال َلها‪َ :‬ا ُّلر م‬ ‫اب ْاملَ َال مك َو َق َ‬‫َر مج ًال؟ ‪َ 35‬ف َأ َج َ‬
‫َمَ َ َ َ َ م َ‬ ‫َفلذل َك َأ ْيض ًا ْال مق ُّد م ْ َ ْ م م ْ م ْ َ ْ َ‬
‫ات ن ِس َيب مت ِك ِه َي‬ ‫هللا‪ 36 .‬وهو ذا أ ِليصاب‬ ‫وس املولود ِمن ِك يدعى ابن ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫ً (‪)1‬‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫م‬ ‫ْ‬ ‫َ ْ م َ َ َ َ م َ َّ ْ م َّ م ْ َ ْ َ‬ ‫ْ‬ ‫َْ ً م َْ‬
‫أيضا حبلى ِباب ٍن ِفي شيخوخ ِتها‪ ،‬وهذا هو الشهر الس ِادس ِل ِتلك املدعو ِة ع ِاقرا) ‪.‬‬
‫إذن أليصابات نسيبة مريم‪ ،‬أي إنها قريبتها‪ ،‬فالنسب هو القرابة كما يقول‬
‫الدكتور فريدريك فارار (‪ ،)2‬وكما ميستدل من كالم بولس التالي‪:‬‬
‫َْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َْ‬ ‫ً‬ ‫َ َ َ م م ََ َ‬ ‫م‬ ‫َ‬
‫(‪ 3‬ف ِإ ِني ك ْن مت أ َو ُّد ل ْو أكون أنا ن ْف ِس ي َم ْح مروما ِم َن امل ِس ِيح أل ْج ِل ِإخ َو ِتي أن ِس َب ِائي‬
‫َ َْ ْ م َ ْ م م َ ْ‬
‫الاشت َر م‬ ‫َّ‬ ‫َ ََ‬ ‫ْ‬ ‫َّ َ م‬ ‫ْ َ َ‬ ‫َ َ‬
‫اع‬ ‫حس َب الجس ِد‪ 4 ،‬ال ِذين ه ْم ِإس َرا ِئ ِيل ُّيون‪ ،‬ول مه مم الت َب ِني واملجد والع مهود و ِ‬
‫امل َواع م‬ ‫َ ْ َ َ م َ َْ‬
‫يد)(‪.)3‬‬ ‫وال ِعبادة و ِ‬
‫م م‬ ‫َ ََ‬ ‫م‬ ‫َ َم َم َ‬
‫وقوله‪ 13( :‬ف ِإ ِني أقو مل لك ْم أ ُّي َها ألا َم مم‪ِ :‬ب َما أ ِني أنا َر مسو ٌل ِلأل َم ِم أ َم ِج مد ِخ ْد َم ِتي‪14 ،‬‬
‫َل َعلي مأ ِغ مير َأ ْنس َبا ِئي َو مأ َخ ِل م‬
‫ص مأ َن ً‬
‫اسا ِم ْن مه ْم)(‪.)4‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫في هذا النص يسمي بولس إلاسرائيليين أنسباءه‪ ،‬أي ذوي قرابته بحسب الدم أو‬ ‫م‬
‫الجسد كما يعبر‪ .‬وملا كان بولس يخاطب ألامم فإنه يعتبر قومه إلاسرائيليين أقاربه‬

‫‪ -1‬لوقا‪.1 :‬‬
‫‪ -2‬حياة بولس ‪ -‬الدكتور فريدريك فارار‪ :‬ج‪ 1‬ص‪ ،62‬نقال عن البشارة بنبي اإلسالم في التوراة واإلنجيل ‪-‬‬
‫الدكتور أحمد حجازي سقا‪ :‬ج‪ 2‬ص‪.14‬‬
‫‪ -2‬رومية‪.9 :‬‬
‫‪ -4‬رومية‪.11 :‬‬
‫اصدارات انصار االاما اهمدد ‪‬‬ ‫‪221‬‬

‫نسبة لألمم‪ ،‬وعليه تتحدد صلة النسب في إطار القوم الواحد بالنظر للسبط‪ .‬فكل‬
‫ً‬
‫سبط يمثل دائرة قرابة قياسا بغيره من ألاسباط‪.‬‬
‫ً‬
‫هذا ألامر ‪ -‬في الحقيقة ‪ -‬ينبغي أن يكون واضحا بقدر تعلقه ببني إسرائيل‪ ،‬إذ إن‬
‫شريعتهم تمنع زواج الرجل بامرأة‪ ،‬إل إذا كانت من سبطه‪ ،‬فقد ورد في سفر العدد‪:‬‬
‫م َ‬ ‫َ‬ ‫َ ً‬ ‫َم‬ ‫هذا َما َأ َم َر به ا َّلر ُّب َع ْن َب َ‬‫َ‬
‫صل ْف َح َاد قا ِئال‪َ :‬م ْن َح مس َن ِفي أ ْع مي ِن ِه َّن َيك َّن ل مه‬ ‫ات‬‫ِ‬ ‫ن‬ ‫ِِ‬ ‫(‪6‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫م‬
‫ِن َس ًاء‪َ ،‬و ِلك ْن ِل َع ِش َير ِة ِس ْب ِط َآب ِائه َّن َيك َّن ِن َس ًاء‪ 7 .‬فال َي َت َح َّو مل َن ِص ٌ‬
‫يل ِم ْن‬ ‫يب ِل َبني إ ْس َرا ِئ َ‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫يب س ْبط َآبائه‪َ 8 .‬و مك ُّل ب ْنت َو َر َثتْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُّ‬ ‫ْ َ ْ َ ْ م َ م َم ْ َ َ م‬
‫ِ ٍ‬ ‫ِسب ٍط ِإلى ِسب ٍط‪ ،‬بل يال ِزم بنو ِإسرا ِئيل كل و ِاح ٍد ن ِص ِ ِ ِ ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ َ َ َم م ًَ‬ ‫َ ً ْ َ ْ َ‬
‫يل تكون ْام َرأة ِل َو ِاح ٍد ِم ْن َع ِش َير ِة ِس ْب ِط أ ِب َيها‪ِ ،‬لك ْي َي ِرث َب منو‬ ‫اط َب ِني ِإسرا ِئ‬ ‫ن ِصيبا ِمن أسب ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫يب َآبا ِئ ِه‪َ 5 ،‬ف َال َي َت َح َّو ْل َن ِص ٌ‬ ‫يل مك ُّل َو ِاح ٍد َنص َ‬
‫يب ِم ْن ِس ْب ٍط ِإلى ِس ْب ٍط آخ َر‪َ ،‬ب ْل ميال ِز مم‬ ‫ِ‬
‫إ ْس َرا ِئ َ‬
‫ِ‬
‫َ م (‪)1‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ َ م َ ْ َ َ ُّم‬
‫أسباط ب ِني ِإسرا ِئيل كل و ِاح ٍد ن ِصيبه) ‪.‬‬
‫وفي طوبيا‪( :‬ولعله ألجل ذلك ساقكما هللا إلي حتى تتزوج هذه بذي قرابتها على‬
‫حسب شريعة موس ى)(‪.)2‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫وفي طوبيا أيضا‪( :‬وملا أن صار رجال اتخذ له امرأة من سبطه اسمها حنة)(‪.)3‬‬
‫على هذا تكون مريم من السبط ذاته الذي تنتمي له أليصابات‪ ،‬بصرف النظر عن‬
‫كون صلة القرابة بينهما من جهة ألاب كانت أم من جهة ألام‪ .‬إذ طاملا كان الزواج‬
‫ً‬
‫منحصرا بالسبط فالنتيجة إن كال الزوجين من سبط واحد‪.‬‬
‫وجدير بالذكر أن القس سيداروس يقول‪ :‬إن أليصابات إمرأة زكريا هي أخت لحنة‬
‫أم مريم(‪.)4‬‬
‫وآلان إذا حددنا السبط الذي تنتمي له أليصابات سنكون قد حددنا السبط الذي‬
‫‪ ،‬وبالنتيجة عيس ى ‪ ،‬وسنحدده كما يلي‪:‬‬ ‫تنتمي له مريم‬
‫أليصابات هي زوجة نبي هللا زكريا ‪ ،‬وزكريا هاروني أي من سبط لوي‪ ،‬كما هو‬
‫معروف‪ ،‬إذن أليصابات من سبط لوي ومثلها مريم وعيس ى (عليهما السالم)‪.‬‬

‫‪ -1‬عدد‪.26 :‬‬
‫‪ -2‬طوبيا‪.14 / 1 :‬‬
‫‪ -2‬طوبيا‪.9 / 1 :‬‬
‫‪ -4‬مريم العذراء في التاريخ والطقس والعقيدة‪ :‬ص‪ ،22‬نقال عن حجازي – السابق‪ :‬ج‪ 2‬ص‪.25‬‬
‫‪220‬‬ ‫شبيه عيسى أو امن هو اهمصلوب؟!‬

‫َ‬
‫اس مم مه َزك ِرَّيا ِم ْن‬ ‫س َملك ْال َي مهود َّية َكاه ٌن ْ‬ ‫َ‬ ‫ود‬‫ان في َأ َّيام ه مير م‬ ‫ورد في إنجيل لوقا‪َ 5( :‬ك َ‬
‫ِ ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫يص َاب م‬ ‫اس مم َها َأل َ‬ ‫ون َو ْ‬ ‫هار َ‬ ‫َ َ َ َم م ْ ََ‬
‫ات)(‪.)1‬‬ ‫ِ‬ ‫ات م‬ ‫ِف ْرق ِة أ ِب َّيا‪ ،‬و ْام َرأته ِمن بن ِ‬
‫وهذه الفرقة هي من فرق بني هارون كما ينص سفر ألايام ألاول‪:‬‬
‫اب‬ ‫ات َن َاد م‬ ‫اب َو َأب ميهو‪َ ،‬أل َعا َ مار َوإ َيث َام مار‪َ 2 .‬و َم َ‬ ‫ون‪َ :‬ن َاد م‬ ‫ون‪َ :‬ب منو َه مار َ‬ ‫(‪َ 1‬وهذه ف َر مق َبني َه مار َ‬
‫ِ ز ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ ِ ِ‬
‫َ َ م َ ْ َ َ َ َ َ ْ َ م ْ َ م َ َ م َن َ َ َ َ َ َ َ م َ َ َ م َ َ َ َ م ْ َ م م َ َ م قم‬
‫وأ ِبيهو قبل أ ِب ِيهما ولم يكن لهما بنو ‪ ،‬فكهن أ ِلعازار وِإيثامار‪ 3 .‬وقسمهم داود وصادو‬
‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ِم ْن َب ِني أ ِل َعا َز َار‪َ ،‬وأ ِخ َيم ِال َك ِم ْن َب ِني ِإيث َام َار‪َ ،‬ح َس َب َوكال ِت ِه ْم ِفي ِخ ْد َم ِت ِه ْم‪َ 4 .‬و مو ِج َد ِل َب ِني‬
‫َ‬
‫وسا ِل َب ْي ِت َآب ِائ ِه ْم ِس َّتة‬ ‫وس ر َجال َأ ْك َث َر م ْن َبني إ َيث َام َار‪َ ،‬ف ْان َق َس مموا ل َبني َأل َعا َز َار مر مؤ ً‬ ‫َأ ِل َعا َز َار مر مؤ م‬
‫ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫هؤ َلء‪َ ،‬ألنَّ‬ ‫م َ ََ م‬ ‫ْ‬ ‫م‬ ‫ْ‬ ‫َ َْ‬ ‫َ َ َ َْ َ ْ َ َ َ ٌ‬
‫َعش َر‪َ ،‬وِل َب ِني ِإيثامار ِلبي ِت آب ِائ ِهم ثما ِنية‪ 5 .‬وانقسموا ِبالقرع ِة‪ ،‬هؤل ِء مع‬
‫َ‬ ‫م‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ م‬ ‫َ َ َ ْم ْ َم َ َ َ َْ‬
‫هللا كانوا ِم ْن َب ِني أ ِل َعا َز َار َو ِم ْن َب ِني ِإيث َام َار‪َ 6 .‬وك َت َب مه ْم ش َم ْع َيا‬ ‫مرؤساء القد ِس ورؤساء بي ِت ِ‬
‫َ‬ ‫ْ م َ َ ْ َ ْ َ م َ َّ َ َ َ َ ْ َ َ ُّ َ َ َ َ َ ْ َ‬
‫ص مادوق الك ِاه ِن َوأ ِخ َيم ِال َك ْب ِن‬ ‫بن نثن ِئيل الكا ِتب ِمن الال ِو ِيين أمام امل ِل ِك والرؤس ِاء و‬
‫َ‬ ‫م‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َم َ‬ ‫َّ‬ ‫َ َْ‬ ‫َ َ َ َ َ مر م‬
‫آلاب ِاء ِللك َه َن ِة َوالال ِو ِي َين‪ .‬فأ ِخذ َب ْي مت أ ٍب َو ِاح ٍد أل ِل َعا َز َار‪َ ،‬وأ ِخذ َو ِاح ٌد‬ ‫وس‬ ‫أ ِبياثار و ِ‬
‫ؤ‬
‫َّ َ م َ َ َّ َ م‬ ‫م‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫م‬ ‫م‬ ‫ْ‬
‫إل َيث َام َار‪َ 7 .‬فخ َر َج ِت ال مق ْر َعة ألاولى ِل َي مه َويار َ‬
‫َ‬
‫يب‪ .‬الثا ِن َية ِل َي ْد ِع َيا‪ 8 .‬الث ِالثة ِلحا ِريم‪ .‬الر ِابعة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َّ َ م َ َّ (‪)2‬‬ ‫ُّ‬
‫الساب َعة ل مهق َ‬ ‫م‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫م‬ ‫ْ‬
‫يم‪ 5 .‬الخام َسة مللك َّيا‪َ َّ .‬‬‫َ‬ ‫م‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ل َس معور َ‬
‫وص‪ .‬الث ِامنة أل ِبيا) ‪.‬‬ ‫الس ِادسة ِمل َّي ِامين‪ِ ِ َّ 12 .‬‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ َ‬
‫ويقول قاموس الكتاب املقدس بشأن ِفرقة أ ِبيا‪:‬‬
‫(ورد ذكر هذه الفرقة في (لو‪ )5 :1‬وفي هذا إشارة إلى تنظيم الكهنة والالويين‬
‫وعملهم في أيام داود امللك‪ .‬كما جاء في (‪ 1‬أخبار ص‪ )24‬الذي يذكر أن داود قسم‬
‫الكهنة إلى أربع وعشرين فرقة وكان على كل فرقة من هذه أن تقوم بالخدمة في الهيكل‬
‫مدة أسبوع ما عدا أيام ألاعياد الكبرى التي كانت تشترك فيها كل الفرق‪ ...‬وقد كان زكريا‬
‫أبو يوحنا املعمدان من فرقة ابيا التي كانت الفرقة الثامنة)(‪.)3‬‬
‫***‬
‫يمكن أن نضيف إلى ما تقدم دلئل أخرى‪ ،‬منها إن عيس ى ‪ ‬كان يعلم في الهيكل‬
‫ً‬
‫وكان كاهنا‪ ،‬والكهانة كما هو معروف من اختصاص بني هارون الالويين‪:‬‬

‫‪ -1‬لوقا‪.1 :‬‬
‫‪ -2‬أخبار األيام األول‪.24 :‬‬
‫‪ -2‬قاموس الكتاب المقدس‪ :‬ص‪.25‬‬
‫اصدارات انصار االاما اهمدد ‪‬‬ ‫‪222‬‬

‫َ َ َ م َ َ َْم َْ َ ً ََ َْم َم ْ ََ َ ََ َْم َم ْ َ َ َ ْ‬


‫س ِلل َم ْج ِد‬ ‫اطق‪ ،‬وتصنع لهم قال ِن‬ ‫(‪ 42‬وِلب ِني هارون تصنع أق ِمصة‪ ،‬وتصنع لهم من ِ‬
‫َ‬ ‫م‬ ‫َ‬ ‫م‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ون َأ َخ َ‬ ‫س َه مار َ‬ ‫َو ْال َب َه ِاء‪َ 41 .‬و مت ْلب م‬
‫اك ِإ َّي َاها َو َب ِن ِيه َم َع مه‪َ ،‬وت ْم َس مح مه ْم‪َ ،‬وت ْمأل أ َي ِاد ِيه ْم‪َ ،‬وتق ِد مس مه ْم‬ ‫ِ‬
‫َ ْ َ َ َْ َ َْ ْ َ‬ ‫َْ ْ‬ ‫ََ َْم َم ْ َ َ َ ْ َ‬ ‫ْ‬
‫ِل َيك َه منوا ِلي‪ 42 .‬وتصنع لهم سر ِاويل ِمن كت ٍان ِلست ِر العور ِة‪ِ .‬من الحقوي ِن ِإلى الفخذي ِن‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ون َو َبنيه ع ْن َد مد مخوله ْم إ َلى َخ ْي َمة ْ‬ ‫َت مكو من‪َ 43 .‬ف َت مكو من َع َلى َه مار َ‬
‫الاج ِت َم ِاع‪ ،‬أ ْو ِع ْن َد اق ِت َر ِاب ِه ْم ِإلى‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫يض ًة َأ َبد َّي ًة َل مه َول َن ْسله منْ‬ ‫ْاملَ ْذ َبح ل ْلخ ْد َمة في ْال مق ْدس‪ ،‬ل َئ َّال َي ْحم ملوا إ ْث ًما َو َي مم موتوا‪َ .‬فر َ‬
‫ِ ِِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ ِ ِ ِ‬
‫َب ْع ِد ِه)(‪.)1‬‬
‫ْ‬ ‫مَ‬ ‫(‪َ 32‬و َت ْم َس مح َه مار َ‬
‫ون َو َب ِن ِيه َوتق ِد مس مه ْم ِل َيك َه منوا ِلي)(‪.)2‬‬
‫مَ‬ ‫ْ‬ ‫مَ‬ ‫َ مْ م َ م َ َ َ ْمَ َ َ‬
‫اب املق َّد َسة َوت ْم َس مح مه َوتق ِد مس مه ِل َيك َه َن ِلي‪َ 14 .‬وتق ِد مم َب ِن ِيه‬ ‫الثي‬
‫(‪ 13‬وتل ِبس هارون ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫م‬ ‫م‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َمْ م م ْ َ ْ َ ً‬
‫صة‪َ 15 .‬وت ْم َس مح مه ْم ك َما َم َس ْحت أ َب ماه ْم ِل َيك َه منوا ِلي‪َ .‬و َيكون ِذل َك ِلت ِص َير ل مه ْم‬ ‫وتل ِبسهم أق ِم‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫َم ْس َح مت مه ْم ك َه من ًوتا أ َب ِد ًّيا ِفي أ ْج َي ِال ِه ْم)(‪.)3‬‬
‫والواقع أن عمل عيس ى ككاهن ربما يمثل التفسير الوحيد لتواجده وتعليمه في‬
‫الهيكل‪ ،‬على الرغم من عدائه املعلن لعلماء بني إسرائيل‪.‬‬
‫ً‬
‫وسنورد هنا نصا من رسالة بولس للعبرانيين كدللة على ما نقول‪:‬‬
‫َ َ َ‬ ‫َّ ْ م َ َ َ َّ م َ َ‬ ‫وت ال َالوي َك َم ٌ‬ ‫ََ َ َ ْ َ م‬
‫وس َعل ْي ِه ‪َ -‬ماذا كان ِت‬ ‫ال ‪ِ -‬إ ِذ الشعب أخذ النام‬ ‫ِ ِ‬ ‫(‪ 11‬فل ْو كان ِبالك َهن ِ‬
‫ال َع َلى م ْت َبة َه مار َ‬ ‫م‬ ‫َ َ َ َ َ مَ‬ ‫ْ َ َ م َ ْ م َ َ ْ َ م َ َ ٌ َ م ََ مْ َ َ ْ‬
‫ون‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ر‬ ‫ق‬ ‫ي‬ ‫ل‬ ‫و‬ ‫؟‬ ‫ق‬ ‫اد‬ ‫ص‬ ‫ي‬ ‫ك‬
‫الحاجة بعد ِإلى أن يقوم ك ِاهن آخر على رتب ِة م ِ‬
‫ل‬
‫َّ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫َ‬
‫الض مرو َر ِة َيصي مر َت َغ ُّي ٌر ِل َّلن ماموس أ ْيضا‪ 13 .‬أل َّن ال ِذي مي َق م‬ ‫وت‪َ ،‬فب َّ‬ ‫‪َ 12‬أل َّن مه إ ْن َت َغ َّي َر ْال َك َه من م‬
‫ال َع ْن مه‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫آخ َر َل ْم مي َالز ْم َأ َح ٌد م ْن مه ْاملَ ْذ َب َح‪َ 14 .‬فإ َّن مه َواض ٌح َأ َّن َرَّب َنا َق ْد َط َلعَ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫هذا كان ش ِريكا ِفي ِسب ٍط‬
‫َ َ َ َ ً‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ َ َ ْ مَ‬ ‫م‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ً‬ ‫َْم َ َ ْ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫ََ‬ ‫َ‬ ‫َ َّ‬ ‫ْ‬
‫وت‪ 15 .‬و ِذلك أكثر‬ ‫ِمن ِس ْب ِط َي مهوذا‪ ،‬ال ِذي ل ْم يتكل ْم عنه مموس ى شيئا ِمن ِج َه ِة الك َهن ِ‬
‫ص َار َل ْي َ‬ ‫آخ مر‪َ 16 ،‬ق ْد َ‬ ‫َ َ َ َم م َ ٌ َ‬ ‫ْ‬ ‫م م ً َْ ً ْ َ َ َ‬
‫س ِب َح َس ِب‬ ‫ان َعلى ِش ْب ِه َمل ِكي صادق يقوم ك ِاهن‬ ‫وضوحا أيضا ِإن ك‬
‫َ َّ م َ ْ َ م َ َّ َ َ ٌ َ‬ ‫َن ماموس َوص َّي ٍة َج َس ِد َّي ٍة‪َ ،‬ب ْل ب َح َسب مق َّو ِة َح َي ٍاة َل َت مز م‬
‫ول‪ 17 .‬ألنه يشهد أنك‪ :‬ك ِاهن ِإلى‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫ض ْع ِفهاَ‬ ‫الساب َقة م ْن َأ ْجل َ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ َّ م َ م ْ َ م ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ََ َ َ مْ َ َ ْ‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫ألاب ِد على رتب ِة مل ِكي صادق»‪ 18 .‬ف ِإنه ي ِصير ِإبطال الو ِصي ِة‬
‫َ‬
‫َو َع َد ِم ن ْف ِع َها)(‪.)4‬‬

‫‪ -1‬خروج‪.21 :‬‬
‫‪ -2‬خروج‪.22 :‬‬
‫‪ -2‬الويين‪.42 :‬‬
‫‪ -4‬العبرانيين‪.11 / 1 :‬‬
‫‪223‬‬ ‫شبيه عيسى أو امن هو اهمصلوب؟!‬

‫ً‬
‫هذا النص نستفيد منه اعتراف كاتب الرسالة بكون عيس ى كاهنا‪ ،‬على الرغم من‬
‫ً‬
‫قوله إن عيس ى كان من سبط يهوذا‪ ،‬وتقديمه تبريرات ل تصمد لنقد أبدا‪ .‬لقد كان على‬
‫كاتب الرسالة أن يضع نصب عينيه العداء املستحكم بين عيس ى وعلماء اليهود‪،‬‬
‫ً‬
‫وعندها سيجزم أنهم ما كان ممكنا أن يسمحوا له بالكهانة لول أنه من هاروني سبط‬
‫ً‬
‫لوي‪ ،‬وما كان ممكنا أن يبطلوا الوصية من أجله‪.‬‬
‫ولعل حادثة الصلب تفيدنا في إثبات هذا ألامر‪ ،‬فعلى الرغم من قولنا بأن‬
‫املصلوب لم يكن عيس ى ‪ ،‬وسيأتي إثبات هذا ألامر‪ ،‬إل أننا نقول إن الشبيه الذي‬
‫بدل منه سيتحرى بالتأكيد كل ما يجعل القوم يظنون أنه عيس ى‪ ،‬وعلى مستوى‬ ‫ً‬
‫صلب‬
‫الزي سيختار الزي املعروف عن عيس ى‪:‬‬
‫م َّ َّ ْ َ ْ َ َ َ َّ َ م َ ْ َ َ م َ م َ َ َ م َ َ م َ َ َ م َ َ ْ َ َ َ َ َْ‬
‫(‪ 23‬ثم ِإن العسكر ملا كانوا قد صلبوا يسوع‪ ،‬أخذوا ِثيابه وجعلوها أربعة أقس ٍام‪،‬‬
‫ً م ُّ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫م َ‬ ‫َ َْ ً َ َ َ ْ َ‬ ‫ً َ َ م َْ‬ ‫َ‬ ‫م‬
‫يص ِبغ ْي ِر ِخ َياط ٍة‪َ ،‬من مسوجا كل مه‬ ‫ان الق ِم‬ ‫ِلك ِل َع ْسك ِر ٍي ِق ْسما‪َ .‬وأخذوا الق ِميص أيضا‪ .‬وك‬
‫َ م‬
‫ِم ْن ف ْوق)(‪.)1‬‬
‫وهذا القميص على ألارجح هو الزي الذي أشار إليه نص سفر الخروج آنف الذكر‪.‬‬
‫يقول قاموس الكتاب املقدس‪:‬‬
‫(ثياب الكهنة‪ :‬تتكون بالنسبة لهارون من صدرة ورداء وجبة وقميص مخرم‬
‫وعمامة ومنطقة‪( .‬خر‪ )4 :28‬وبالنسبة لبنيه من أقمصة ومناطق وقالنس للمجد‬
‫والبهاء وسراويل من كتان (خر‪.)2())43 - 42 :28‬‬
‫ومن الدلئل التي يمكن أن نقدمها تلك الواقعة املشهورة التي حدثت أثناء تعليم‬
‫عيس ى في الهيكل‪ ،‬وقد رواها متى ومرقس ولوقا باختالف يسير بينهم‪.‬‬
‫َْ َ َم م َََْ م‬ ‫ْ َ‬
‫ال َو مه َو مي َع ِل مم ِفي ال َه ْيك ِل‪« :‬كيف يقول الكتبة‬ ‫وع َو َق َ‬
‫اب َي مس م‬ ‫يقول مرقس‪ 35( :‬مث َّم َأ َج َ‬
‫س‬ ‫اج ِل ْ‬‫الر ُّب ل َربي‪ْ :‬‬
‫ِ‬ ‫ال َّ‬ ‫الروح ْال مق مدس‪َ :‬ق َ‬ ‫ال ب ُّ‬‫يح ْاب من َد ماو َد؟ ‪َ 36‬أل َّن َد ماو َد َن ْف َس مه َق َ‬ ‫إ َّن ْاملَس َ‬
‫ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬

‫‪ -1‬يوحنا‪.19 :‬‬
‫‪ -2‬قاموس الكتاب المقدس ‪ -‬مجمع الكنائس الشرقية‪ :‬ص ‪.221‬‬
‫اصدارات انصار االاما اهمدد ‪‬‬ ‫‪221‬‬

‫ََ مم َْ م م َْ م م ً َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َّ َ َ َ‬
‫وه َربا‪ .‬ف ِم ْن أ ْي َن مه َو‬ ‫ض َع أ ْع َد َاء َك َم ْو ِط ًئا ِلق َد َم ْي َك‪ 37 .‬فداود نفسه يدع‬ ‫َع ْن َي ِم ِيني‪ ،‬حتى أ‬
‫ور)(‪.)1‬‬ ‫ْم م ََ َ ْ َ ْ م ْ َ م َ ْ َ م م م م‬
‫ابنه؟» وكان الجمع الك ِثير يسمعه ِبسر ٍ‬
‫أقول‪ :‬من الواضح أ ن عيس ى هنا يتحدث عن شخص آخر‪ ،‬وهذا ما يفهمه كل من‬
‫ً‬
‫يصغي لدللت النص دون مسبقات‪ ،‬ولعل رواية متى تلقي ضوءا أكثر على املسألة‪ ،‬فهو‬
‫يقدمها في سياق نظري تعليمي‪ ،‬ل أثر لالحتجاج أو الخالف الفكري فيه‪ ،‬ومنه يتبين أنه‬
‫ل يتحدث عن نفسه‪:‬‬
‫َ ً َ َ َ م ُّ نَ‬ ‫م‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ َ َ َ‬
‫يس ُّيون مم ْجت ِم ِعين َسأل مه ْم َي مسوع ‪ 42‬قائال‪ :‬ماذا تظنو ِفي‬ ‫(‪ 41‬و ِفيما كان الف ِر ِ‬
‫ً‬
‫وح َربا؟‬ ‫وه َد ماو مد ب ُّ‬
‫الر‬ ‫ف َي ْد مع م‬ ‫َ َ َم ْ َ َْ َ‬
‫ي‬ ‫ك‬ ‫ف‬ ‫‪:‬‬ ‫م‬ ‫ه‬‫ل‬ ‫ال‬ ‫ق‬ ‫‪43‬‬ ‫‪.‬‬ ‫ْاملَسيح؟ ْاب من َم ْن مه َو؟ َق مالوا َل مه‪ْ :‬اب من َد ماو َ‬
‫د‬
‫َ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ ًِِ‬
‫َ‬
‫ض َع أ ْع َد َاء َك َم ْو ِطئا ِلق َد َم ْي َك‪ 45 .‬ف ِإ ْن‬ ‫س َع ْن َيميني َح َّتى أ َ‬
‫ِ‬
‫اج ِل ْ‬ ‫الر ُّب ل َربي‪ْ :‬‬
‫ِ‬ ‫ال َّ ِ‬ ‫قا ِئال‪ 44 :‬ق َ‬
‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫ََ‬ ‫َ َ َ مم َْ م م ً ََ َ م م‬
‫وه َربا‪ ،‬فك ْيف َيكون ْاب َن مه؟ ‪ 46‬فل ْم َي ْس َت ِط ْع أ َح ٌد أ ْن مي ِج َيب مه ِبك ِل َم ٍة‪َ .‬و ِم ْن‬ ‫كان داود يدع‬
‫ً‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ َ‬
‫ِذل َك ال َي ْو ِم ل ْم َي ْج مس ْر أ َح ٌد أ ْن َي ْسأل مه َب َّتة)(‪.)2‬‬
‫ومن ألادلة التي يمكن أن نسوقها‪ ،‬ما ورد في إنجيل يوحنا‪:‬‬
‫هذا بال َحق َيقة مه َو َّ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ َْ ََ َ م‬ ‫َ َ ْ َ َ َّ َ م‬ ‫ََ‬
‫الن ِب ُّي‪41 .‬‬ ‫(‪ 42‬فك ِث ميرون ِمن الج ْم ِع ملا س ِمعوا هذا الكالم قالوا‪ِ ِ ِ « :‬‬
‫ََ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ون َق مالوا‪َ « :‬أ َل َع َّل ْاملَس َ‬ ‫آخ مر َ‬ ‫َ م َ َْ م َ َ‬ ‫َم َ َ م‬
‫يح ِم َن ال َج ِل ِيل َيأ ِتي؟ ‪ 42‬أل ْم‬ ‫ِ‬ ‫ون قالوا‪ :‬هذا هو امل ِسيح!‪ .‬و‬ ‫آخر‬
‫املس م‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ م ْ َ م َّ م ْ َ ْ َ م َ َ ْ َ ْ َ ْ ْ َ َ َّ َ َ َ م م‬
‫يح؟‬ ‫يق ِل ال ِكتاب ِإنه ِمن نس ِل داود‪ ،‬و ِمن بي ِت لح ٍم‪،‬الق ْري ِة ال ِتي كان داود ِف َيها‪ ،‬يأ ِتي ِ‬
‫َ‬
‫وه‪َ ،‬و ِلك ْن ل ْم‬ ‫ان َق ْو ٌم م ْن مه ْم مير ميدو َن َأ ْن مي ْمس مك م‬ ‫اق في ْال َج ْمع ل َس َببه‪َ 44 .‬و َك َ‬ ‫‪َ 43‬ف َح َد َث ْانش َق ٌ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ (‪)3‬‬ ‫م ْ َ َ ٌ َ َ ْ ََ‬
‫يل ِق أحد علي ِه ألاي ِادي) ‪.‬‬
‫هذا النص يتضمن في الحقيقة شهادة من معاصري عيس ى على أنه ليس من نسل‬
‫داود‪.‬‬
‫أكتفي بما تقدم من أدلة‪ ،‬وهي ربما كانت أكثر من هذا املقدار بكثير‪ ،‬ولكني أظن ما‬
‫كاف إن شاء هللا تعالى‪ .‬ومنه تبين بجالء أن عيس ى ليس هو املخلص أو املسيح‬ ‫أثبته ٍ‬
‫ً‬
‫املنتظر‪ ،‬وإنه كان ممهدا له‪.‬‬

‫‪ -1‬مرقس‪.12 :‬‬
‫‪ -2‬متى‪.22 :‬‬
‫‪ -2‬يوحنا‪.1 :‬‬
‫‪225‬‬ ‫شبيه عيسى أو امن هو اهمصلوب؟!‬

‫ول بأس أن أختم بهذه الشهادة التي يقدمها القس الدكتور فهيم عزيز‪( :‬إن كثيرين‬
‫من علماء الغرب ينكرون أن يسوع كان يتصرف ويتكلم كمسيح اليهود أو املسيا الذي‬
‫كان ينتظره العهد القديم)(‪.)1‬‬
‫***‬

‫ِ‬

‫‪ -1‬ملكوت هللا‪ ،162 :‬نقال عن حجازي ‪ -‬المصدر نفسه‪ :‬ج‪ 1‬ص‪.212‬‬


‫اصدارات انصار االاما اهمدد ‪‬‬ ‫‪226‬‬
‫‪227‬‬ ‫شبيه عيسى أو امن هو اهمصلوب؟!‬

‫ِ‬
‫ّ‬ ‫ُ‬
‫ش ِبه لهمِ‬‫ولكن ِ‬
‫لشك في أن الاختالف بين املسلمين واملسيحيين في مسألة الصلب من ألامور‬
‫املعروفة آلان‪ ،‬ولعلها واحدة من أهم مسائل الخالف العقائدي بين الفريقين‪.‬‬
‫ولكن ما يحاول هذا البحث أن يثبته ليس أن املسيحيين وحدهم لم يتمكنوا من‬
‫تحديد هوية املصلوب فحسب‪ ،‬بل إن املسلمين بدورهم ‪ -‬وأقصد على وجه التحديد‬
‫املفسرين والكتاب الذين تناولوا هذه املسألة ‪ -‬ألنهم في الحقيقة قد ابتعدوا عن آل‬
‫الذين أمر هللا تعالى باألخذ منهم‪ ،‬وكذلك ألن هذه املسألة من ألاسرار التي‬ ‫محمد‬
‫أراد لها هللا تعالى أن تبقى مخفية عن ألاذهان حتى يأتي املنقذ نفسه الذي بشر به‬
‫ً‬ ‫عيس ى والذي م‬
‫صلب بدل منه ليكشف عنها اللثام‪.‬‬
‫ً‬
‫وسوف أبدأ البحث باقتباس ما خطته يد إلامام أحمد الحسن ‪ ‬جوابا على‬
‫سؤال موجه له حول آلاية الكريمة (‪:)1‬‬
‫ص َل ُب ُ‬‫وه َو َما َ‬ ‫الله َو َما َق َت ُل ُ‬‫َ ْ َ َ ْ َ َ َ ُ َ َّ‬ ‫َ َ ْ ْ َّ َ َ ْ َ ْ َ‬
‫اْلس َ‬
‫وه‬ ‫ِ‬ ‫ل‬ ‫و‬ ‫س‬ ‫ر‬ ‫م‬‫ي‬ ‫ر‬‫م‬ ‫ن‬ ‫اب‬ ‫ى‬ ‫يس‬ ‫ع‬
‫ِ‬ ‫يح‬ ‫﴿وقو ِل ِهم ِإنا قتلنا ِ‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َّ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َو َلك ْن ُش ّب َه َل ُه ْم َوإ َّن َّالذ َ‬
‫ين اختلفوا ِف ِيه ل ِفي ش ٍّّك ِمن ُه َما ل ُه ْم ِب ِه ِم ْن ِعل ٍّم ِإال ِات َباع‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫(‪)2‬‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َّ ّ َ َ َ َ ُ‬
‫الظ ِن وما قتلوه ي ِقيناِ﴾ ‪.‬‬

‫‪ -1‬المتشابهات‪ :‬ج‪ 4‬ص‪ 144‬وما بعدها‪.‬‬


‫‪ -2‬النساء‪.151 :‬‬
‫اصدارات انصار االاما اهمدد ‪‬‬ ‫‪229‬‬

‫فأجاب ‪( :‬عيس ى ‪ ‬في الليلة التي رفع فيها واعد حوارييه‪ ،‬فحضروا عنده‪،‬‬
‫إل يهوذا الذي دل علماء اليهود على عيس ى ‪ ،‬فقد ذهب إلى املرجع ألاعلى لليهود‬
‫وقايضه على تسليم عيس ى ‪ ‬لهم‪.‬‬
‫وكان بعد منتصف الليل أن نام الحواريون وبقي عيس ى ‪ ،‬فرفعه هللا وانزل‬
‫ً‬ ‫(شبيهه الذي م‬
‫صلب وقتل)‪ ،‬فكان درعا له وفداء‪ ،‬وهذا الشبيه هو من (ألاوصياء من آل‬
‫م‬ ‫‪ ،‬م‬
‫صلب وقتل وتحمل العذاب ألجل قضية إلامام املهدي ‪.‬‬ ‫محمد)‬
‫وعيس ى ‪ ‬لم يصلب ولم يقتل‪ ،‬بل مرفع فنجاه هللا من أيدي اليهود وعلمائهم‬
‫يس ى ْاب َن َم ْرَي َم‬ ‫َ َ ْ ْ َّ َ َ ْ َ ْ َ َ‬
‫يح ع َ‬
‫الضالين املضلين (لعنهم هللا)‪ ،‬قال تعالى‪﴿ :‬وقو ِل ِهم ِإنا قتلنا اْل ِس ِ‬
‫ُ َ َ‬ ‫َ ُ َ َّ َ َ َ َ ُ ُ َ َ َ َ ُ ُ َ‬
‫وه َول ِك ْن ش ِّبه ل ُه ِْم﴾ (‪.)1‬‬ ‫رسول الل ِه وما قتلوه وما صلب‬
‫وفي الرواية في تفسير علي بن إبراهيم عن أبي جعفر ‪ ،‬قال‪( :‬إن عيس ى ‪‬‬
‫جال‬
‫وعد أصحابه ليلة رفعه هللا إليه فاجتمعوا عند اْلساء‪ ،‬وهم اثنا عشر ر ِ‬
‫فأدخلهم بيتاِ ثم خرج عليهم من عين في زا ِوية البيت وهو ينفض رأسه من اْلاء‪،‬‬
‫فقال‪ :‬إن هللا رافُي إليه الساعة ومطهري من اليهود فأيكم يلقي عليه شبحي فيقتل‬
‫ويصلب ويكون مُي في درجتي؟ قال شاب منهم‪ :‬أنا يا روح هللا‪ ،‬قال‪ :‬فأنت ُه َو ذا …‬
‫ثم قال ‪ :‬إن اليهود جاءت في طلب عيس ى ‪ ‬من ليلتهم … ِوأخذوا الشاب الذي‬
‫ألقي عليه شبح عيس ى ‪ ‬فقتل وصلب)(‪.)2‬‬
‫فاإلمام الباقر ‪ ‬يقول‪( :‬اجتمع اثنا عشر)‪ ،‬بينما الذين جاءوا من الحواريين‬
‫يأت‪ ،‬بل ذهب إلى علماء اليهود ليسلم عيس ى ‪ ،‬وهذا‬ ‫هم (أحد عشر)‪ ،‬فيهوذا لم ِ‬
‫من املتواترات التي ل تنكر‪ ،‬فالثاني عشر الذي جاء أو قل الذي نزل من السماء‪ ،‬هو‬
‫م‬ ‫م‬
‫ص ِل َب وق ِت َل‪ ،‬بعد أن ش ِب َه بصورة عيس ى ‪.‬‬ ‫‪ ،‬الذي م‬ ‫الوص ي من آل محمد‬
‫وكانت آخر كلمات هذا الوص ي عند صلبه هي‪( :‬إيليا‪ ،‬إيليا ملا شبقتني)‪ ،‬وفي إنجيل‬
‫متى‪ …( :‬صرخ يسوع بصوت عظيم إيلي إيلي ملا شبقتني أي الهي‪ ،‬الهي ملاذا تركتني‪ .‬فقوم‬

‫‪ -1‬النساء‪.151 :‬‬
‫‪ -2‬قصص األنبياء للجزائري‪ :‬ص‪.412‬‬
‫‪228‬‬ ‫شبيه عيسى أو امن هو اهمصلوب؟!‬

‫من الواقفين هناك ملا سمعوا‪ ،‬قالوا‪ :‬انه ينادي إيليا … وأما الباقون فقالوا أترك لنرى‬
‫ً‬
‫هل يأتي إيليا يخلصه‪ .‬فصرخ يسوع أيضا بصوت عظيم وأسلم الروح‪.‬‬
‫وإذا حجاب الهيكل قد انشق إلى اثنين من فوق إلى أسفل‪ .‬وألارض تزلزلت‬
‫والصخور تشققت …)(‪ .)1‬والحقيقة أن ترجمة الكلمات التي قالها هكذا (يا علي يا علي‬
‫ملاذا أنزلتني)‪ ،‬والنصارى يترجمونها هكذا (الهي‪ ،‬الهي ملاذا تركتني) كما تبين لك من‬
‫النص السابق من إلانجيل‪.‬‬
‫وإلانزال أو إلالقاء في ألارض من السماء قريب من الترك‪.‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫ولم يقل هذا الوص ي هذه الكلمات جهال منه بسبب إلانزال‪ ،‬أو اعتراضا على أمر‬
‫هللا سبحانه وتعالى‪ ،‬بل هي سؤال يستبطن جوابه‪ ،‬وجهه إلى الناس‪ :‬أي افهموا واعرفوا‬
‫قتلت‪ ،‬لكي ل تفشلوا في الامتحان مرة أخرى إذا أعيد‬ ‫م‬ ‫م‬
‫صلبت وملاذا‬ ‫ملاذا نز م‬
‫لت وملاذا‬
‫نفس السؤال‪ ،‬فإذا رأيتم الرومان (أو أشباههم) يحتلون ألارض‪ ،‬وعلماء اليهود (أو‬
‫أشباههم) يداهنونهم‪ ،‬فسأكون في تلك ألارض فهذه سنة هللا التي تتكرر‪ ،‬فخذوا عبرتكم‬
‫وانصروني إذا جئت ول تشاركوا مرة أخرى في صلبي وقتلي‪.‬‬
‫ص م‬
‫لبت‬ ‫(البين لكل عاقل نقي الفطرة)‪ :‬م‬ ‫كان يريد أن يقول في جواب السؤال َّ‬
‫وق م‬‫م‬ ‫وتحم م‬
‫تلت ألجل القيامة الصغرى‪ ،‬قيامة إلامام‬ ‫لت العذاب وإهانات علماء اليهود‪،‬‬
‫املهدي ‪ ،‬ودولة الحق والعدل إلالهي على هذه ألارض‪.‬‬
‫وهذا الوص ي عندما سأله علماء اليهود والحاكم الروماني‪ :‬هل أنت َم ِلك اليهود؟‬
‫كان يجيب‪ :‬أنت قلت‪ ،‬أو هم يقولون‪ ،‬أو انتم تقولون‪ ،‬ولم يقل نعم‪ ،‬جواب غريب على‬
‫من يجهل الحقيقة‪ ،‬ولكنه آلان توضح‪.‬‬
‫فلم يقل‪ :‬نعم؛ ألنه ليس هو َم ِلك اليهود‪ ،‬بل عيس ى ‪ ‬الذي رفعه هللا‪ ،‬وهو‬
‫ً‬
‫الشبيه الذي نزل مليصلب مويقتل بدل عن عيس ى ‪.‬‬

‫‪ -1‬متى‪.21 :‬‬
‫اصدارات انصار االاما اهمدد ‪‬‬ ‫‪231‬‬

‫م‬
‫وهذا نص جوابه ‪ -‬بعد أن ال ِق َي عليه القبض ‪ -‬من إلانجيل‪( :‬فأجاب رئيس الكهنة‬
‫وقال له استحلفك باهلل الحي أن تقول لنا هل أنت املسيح‪ .‬قال له يسوع‪ :‬أنت‬
‫قلت‪.)1()...‬‬
‫ً‬
‫(‪ ...‬فوقف يسوع أمام الوالي فسأله الوالي قائال أأنت َم ِلك اليهود‪ .‬فقال له يسوع‪:‬‬
‫أنت تقول‪.)2()...‬‬
‫(‪ ...‬فسأله بيالطس أنت ملك اليهود فأجاب وقال له أنت تقول‪.)3()...‬‬
‫(‪ ...‬فقال الجميع أفأنت املسيح فقال لهم انتم تقولون أني أنا هو‪.)4()...‬‬
‫ً‬
‫(‪ ...33‬ثم دخل بيالطس أيضا إلى دار الولية ودعا يسوع‪ ،‬وقال له أنت ملك اليهود‪.‬‬
‫‪ 34‬أجابه يسوع أمن ذاتك تقول هذا أم آخرون قالوا لك عني‪ 35 .‬أجابه بيالطس ألعلي‬
‫أنا يهودي‪ .‬أمتك ورؤساء الكهنة أسلموك إلي‪ .‬ماذا فعلت‪ 36 .‬أجاب يسوع مملكتي‬
‫ليست من هذا العالم‪ .‬لو كانت مملكتي من هذا العالم لكان خدامي يجاهدون لكي ل‬
‫م َّ‬
‫أ َسلم إلى اليهود‪ .‬ولكن آلان ليست مملكتي من هنا‪ 37 .‬فقال له بيالطس أفأنت إذا‬
‫َم ِلك‪ .‬أجاب يسوع أنت تقول إني ملك‪ .‬لهذا قد ولدت أنا‪ ،‬ولهذا قد أتيت إلى العالم‬
‫ألشهد للحق …)(‪.)5‬‬
‫وفي هذا النص ألاخير َّبي َن الوص ي إنه ليس من أهل ألارض في ذلك الزمان‪ ،‬بل نزل‬
‫إليها إلنجاز مهمة وهي فداء عيس ى ‪ ،‬حيث ترى أن هذا الوص ي يقول‪( :‬مملكتي‬
‫ليست من هذا العالم)‪( ،‬ولكن آلان ليست مملكتي من هنا)‪( ،‬ولهذا قد أتيت إلى العالم‬
‫ألشهد للحق)‪.‬‬
‫قال‪( :‬ينزل عيس ى ابن مريم ‪ ‬عند انفجار الصبح مابين‬ ‫عن رسول هللا‬
‫مهرودين وهما ثوبان أصفران من الزعفران‪ ،‬أبيض الجسم‪ ،‬أصهب الرأس‪ ،‬أفرق‬
‫الشعر‪ ،‬كأن رأسه يقطر دهناِ‪ ،‬بيده حربة‪ ،‬يكسر الصليب ويقتل الخنزير وِهلك‬
‫الدجال ويقبض أموال القائم ويمش ي خلفه أهل الكهف‪ ،‬وهو الوزير ألايمن للقائم‬
‫‪ -1‬متى‪.26 :‬‬
‫‪ -2‬متى‪.21 :‬‬
‫‪ -2‬مرقس‪.15 :‬‬
‫‪ -4‬لوقا‪.22 :‬‬
‫‪ -5‬يوحنا‪.11 :‬‬
‫‪230‬‬ ‫شبيه عيسى أو امن هو اهمصلوب؟!‬

‫وحاجبه ونائبه‪ ،‬ويبسط في اْلغرب واْلشرق ألامن من كرامة الحجة بن‬


‫الحسن‪.)1()‬‬
‫وعن أمير املؤمنين علي بن أبي طالب ‪ …( :‬ويعود دار اْللك إلى الزوراء وتصير‬
‫ألامور شور من غلب على ش يء فعله‪ ،‬فعند ذلك خروج السفياني فيركب في ألارض‬
‫تسعة أشهر شسومهم سوء العذاب‪ ،‬فويل ْلصر وويل للزوراء وويل للكوفة والويل‬
‫لواسط‪ ،‬كأني انظر إلى واسط وما فيها مخبر يخبر وعند ذلك خروج السفياني‪ ،‬ويقل‬
‫الطعام ويقحط الناس ويقل اْلطر فال أرض تنبت وال سماء تنزل‪ ،‬ثم يخرج اْلهدي‬
‫الهادي اْلهتدي الذي يأخذ الراية من يد عيس ى بن مريم …) (‪.)2‬‬
‫وتوجد أحاديث كثيرة تدل على أن عيس ى ‪ ‬لم يصلب ولم يقتل‪ ،‬بل الذي‬
‫م‬ ‫م‬
‫صلب وقتل هو شبيه عيس ى ‪.‬‬
‫عن أبي عبد هللا ‪ ‬قال‪( :‬رفع عيس ى ابن مريم ‪ ‬بمدرعة من صوَ من‬
‫ومن خياطة مريم‪ ،‬فلما انتهى إلى السماء نودي يا عيس ى بن مريم‬ ‫غزل مريم‬
‫ألق عنك زينة الدنيا)(‪.)3‬‬
‫ُ َ‬
‫للناس إال‬ ‫وعن الرضا ‪ ‬قال‪( :‬ما ش ِبه أمر أحد من أنبياء هللا و حججه‬
‫ُ‬
‫أمر عيس ى بن مريم ‪ ‬وحده؛ ألنه رفع من ألارض حياِ ِوقبض روحه بين السماء‬
‫ْ َ َّ‬
‫قال الل ُه يا‬ ‫وألارض‪ ،‬ثم ُِرفع إلى السماء ِورد إليه روحه‪ِ ،‬وذلك قوله عز و جل‪ِ ﴿ :‬إذ‬
‫َ‬ ‫عيس ى إ ّني ُم َت َو ّف َ‬
‫يك َو را ِف ُع َك ِإل َِّي﴾)(‪.)4‬‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬
‫(‪)5‬‬
‫اجع إليكم قبل يوم القيامة) ‪.‬‬ ‫قال‪( :‬عيس ى ‪ ‬لم يمت‪ ،‬وإنه ر ٌ‬ ‫وعن النبي‬
‫والت ْف ْت إلى‪:‬‬ ‫َ‬
‫إن عيس ى نبي مرسل وقد طلب من هللا سبحانه وتعالى أن ميعفى مويصرف عنه‬
‫الصلب والعذاب والقتل‪ ،‬وهللا سبحانه وتعالى ل يرد دعاء نبي مرسل‪ ،‬فاهلل استجاب له‬

‫‪ -1‬غاية المرام‪ :‬ج‪ 1‬ص‪.92‬‬


‫‪ -2‬المالحم والفتن‪ :‬ص‪.124‬‬
‫‪ -2‬قصص األنبياء ‪ -‬نعمة هللا الجزائري‪.‬‬
‫‪ -4‬عيون أخبار الرضا ‪ :‬ج‪ 2‬ص‪.192‬‬
‫‪ -5‬بحار االنوار‪ :‬ج‪ 14‬ص‪.244‬‬
‫اصدارات انصار االاما اهمدد ‪‬‬ ‫‪232‬‬

‫ً‬
‫صلب وقتل بدل عنه‪ ،‬وفي إلانجيل عدة نصوص فيها دعاء‬
‫م‬ ‫ورفعه موأنزل الوص ي الذي م‬
‫عيس ى ‪ ‬بأن ميصرف عنه الصلب والقتل‪.‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫وهي‪ …( :‬ثم تقدم قليال وخر على وجهه وكان يصلي قائال يا أبتاه إن أمكن فلتعبر‬
‫عني هذه الكأس …)(‪.)1‬‬
‫ً‬
‫(… ثم تقدم قليال وخر على ألارض وكان يصلي لكي تعبر عنه الساعة إن أمكن *‬
‫وقال يا أبا آلاب كل ش ئ مستطاع لك فاجز عني هذه الكأس …)(‪.)2‬‬
‫ً‬
‫(… وانفصل عنهم نحو رمية حجر وجثا على ركبتيه وصلى * قائال يا أبتاه إن شئت‬
‫م‬
‫أن تـجز عني هذه الكأس …)(‪.)3‬‬
‫وفي التوراة سفر إشعيا وفي إلانجيل أعمال الرسل إلاصحاح الثامن هذا النص‪…( :‬‬
‫مثل شاة سيق إلى الذبح‪ ،‬ومثل خروف صامت أمام الذي يجزره هكذا لم يفتح فاه …)‪.‬‬
‫وكل ألانبياء وألاوصياء املرسلين تكلموا‪ ،‬لم يذهب أحد منهم صامت إلى الذبح‪ ،‬بل‬
‫َّ‬ ‫م‬
‫هم أرسلوا ليتكلموا مويبكتوا ويعظوا الناس‪ ،‬وعيس ى ‪ ‬بالخصوص كم َبك َت العلماء‬
‫ً‬
‫صد مق عليه أنه ذهب إلى الذبح صامتا‪ ،‬بل هذا الذي ذهب‬ ‫َ‬
‫والناس‪ .‬وكم وعظهم فال ي ِ‬
‫صلب وقتل دون أن يتكلم‪ ،‬أو يطلب‬
‫م‬ ‫إلى الذبح صامت ًا هو الوص ي‪( :‬شبيه عيس ى) الذي م‬
‫من هللا أن ميصرف عنه العذاب والصلب والقتل‪ ،‬ودون أن يتكلم مع الناس‪ .‬بل إذا‬
‫الحوا عليه وسألوه بإلحاح من أنت هل أنت املسيح؟ لم يكن يجيبهم إل بكلمة‪ :‬أنت‬
‫قلت‪.‬‬
‫ً م‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫وهكذا ذهب إلى العذاب والصلب والقتل صامتا راضيا بأمر هللا‪ ،‬منفذا ملا أنزل له‪،‬‬
‫ً‬
‫وهو أن ميصلب مويقتل بدل من عيس ى ‪.‬‬
‫ً‬
‫وألنه أصال لم يكن وقته قد حان مليرسل مويبلغ الناس ويتكلم معهم‪ ،‬ذهب هكذا‪:‬‬
‫مثل شاة سيق إلى الذبح‪ ،‬مثل خروف صامت أمام الذي يجزره هكذا لم يفتح فاه‪.‬‬
‫أرجو أن يستفيد كل مؤمن يريد معرفة الحقيقة من هذا املوقف‪ ،‬فهذا إلانسان‬
‫م‬
‫وصلب وقتل ول أحد يعرفه‪ ،‬لم يطلب أن ميذكر أو أن ميعرف‪ ،‬نزل‬ ‫نزل إلى ألارض‪ ،‬م‬

‫‪ -1‬متى‪.26 :‬‬
‫‪ -2‬مرقس‪.14 :‬‬
‫‪ -2‬لوقا‪.22 :‬‬
‫‪233‬‬ ‫شبيه عيسى أو امن هو اهمصلوب؟!‬

‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً م‬ ‫ً‬


‫صامتا‪ ،‬وصلب صامتا‪ ،‬وقتل صامتا‪ ،‬وصعد إلى ربه صامتا‪ ،‬هكذا إن أردتم أن تكونوا‬
‫فكونوا)‪ .‬انتهى جواب السيد أحمد الحسن ‪.‬‬
‫هذا الجواب الذي يتضمن الكثير من ألادلة يمكن أن نؤكد مضمونه‪ ،‬بما يلي‪:‬‬
‫ً‬
‫‪ -1‬إن عيس ى ‪ ‬لم يقل يوما لتالميذه إنه سيتعرض للصلب‪ ،‬بل كان يقول‬
‫ً‬
‫دائما إن من ميصلب هو ابن إلانسان‪ ،‬وقد عرفنا فيما تقدم أن ابن إلانسان هو املنقذ‬
‫آلاتي في آخر الزمان‪.‬‬
‫ومعلوم أن إصرار املسيحيين على كون املصلوب هو عيس ى ‪ ‬يرتبط بعقيدة‬
‫الفداء التي تمثل العمود الفقري للعقيدة املسيحية‪ ،‬ولو أن عيس ى ‪ ‬كانت مهمته‬
‫هي أن يصلب من أجل تخليص العالم من خطيئة آدم كما يزعمون‪ ،‬لكان بين هذا ألامر‬
‫ً‬
‫ونص على أنه قد جاء من أجل هذه املهمة‪ ،‬والحال إن شيئا من هذا لم يصدر عنه‪.‬‬
‫َّ َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ‬
‫ان مي َع ِل مم تال ِميذ مه َو َي مقو مل ل مه ْم‪ِ :‬إ َّن ْاب َن ِإلان َس ِان مي َسل مم ِإلى‬ ‫ورد في مرقس‪َ 31( :‬أل َّن مه َك َ‬
‫ََ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ْ‬ ‫الناس َف َي ْق مت مل َون مه‪َ .‬و َب ْع َد َأ ْن مي ْق َت َل َي مق م‬ ‫َأ ْيِدي َّ‬
‫وم ِفي ال َي ْو ِم الث ِال ِث‪َ 32 .‬وأ َّما مه ْم فل ْم َي ْف َه مموا‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫م‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ْال َق ْو َل‪َ ،‬وخافوا أ ْن َي ْسأل م‬
‫م‬ ‫َ‬
‫وه)(‪.)1‬‬
‫َْ‬ ‫َّ َ َ‬ ‫ْ‬
‫يم‪َ ،‬و ْاب من ِإلان َس ِان مي َسل مم ِإلى مرؤ َس ِاء الك َه َن ِة‬ ‫صاع مدو َن إ َلى مأو مر َشل َ‬ ‫ً َ َ ْ م َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وفيه أيضا‪( :‬ها نحن ِ‬
‫م‬ ‫َ م‬ ‫َ م‬ ‫َْ‬ ‫َ‬ ‫َ م‬ ‫َْ‬
‫َوالك َت َب ِة‪ ،‬ف َي ْحك ممو َن َعل ْي ِه ِبامل ْو ِت‪َ ،‬و مي َس ِل مم َون مه ِإلى ألا َم ِم‪ 34 ،‬ف َي ْه َزأو َن ِب ِه َو َي ْج ِل مد َون مه َو َي ْت مفلو َن‬
‫وم)(‪ .)2‬وتوجد نصوص كثيرة من هذا القبيل‪،‬‬ ‫الثال ِث َي مق م‬ ‫َّ‬ ‫ََْ ََ ْ مم َ م َ َْ ْ‬
‫علي ِه ويقتلونه‪ ،‬و ِفي اليو ِم ِ‬
‫ويالحظ عليها أنها لم تستعمل ضمير املتكلم‪ ،‬فلم يحدث أن قال عيس ى ‪ ‬على سبيل‬
‫املثال‪( :‬لبد أن أصلب) أو ما شابه من تعبيرات‪.‬‬
‫ولبد أن نالحظ بعقل متأمل أن التالميذ لم يكونوا يفهمون ما يتحدث عنه‬
‫عيس ى‪ ،‬ول استشعروا من كالمه إنه يتحدث عن نفسه‪ ،‬بل كانت ظنونهم تتجه‬
‫َ م‬ ‫َ َْ َ‬ ‫َ َْ‬
‫ض معوا أن مت ْم هذا الكال َم ِفي آذا ِنك ْم‪:‬‬ ‫نحو شخص آخر فهموا من عيس ى إنه املقصود‪44( :‬‬

‫‪ -1‬مرقس‪.9 :‬‬
‫‪ُ -2‬مرقس‪.12 :‬‬
‫اصدارات انصار االاما اهمدد ‪‬‬ ‫‪231‬‬

‫هذا ْال َق ْو َل‪َ ،‬و َك َ‬


‫َ‬ ‫ََ‬ ‫َ‬ ‫إ َّن ْاب َن إلا ْن َسان َس ْو َف مي َس َّل مم إ َلى َأ ْيدي َّ‬
‫ان‬ ‫اس‪َ 45 .‬وأ َّما مه ْم فل ْم َي ْف َه مموا‬ ‫َِ‬ ‫الن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫َ ْ َ ْ (‪)1‬‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫م‬ ‫م‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫م ْ ً َ ْم ْ َ ْ َ َ ْ َ م م َ َ م‬
‫مخفى عنهم ِلكي ل يفهموه‪ ،‬وخافوا أن يسألوه عن هذا القو ِل) ‪.‬‬
‫أما النص التالي الوارد في مرقْل‪ِ:‬‬
‫َ َ‬ ‫م َّ َ َ َ َ َ َ َ م ْ َ ْ ً َ ً ْ َ َ ْ َ ْ م م م ْ َ َ ً َ َ ْ َ ْ مَ‬
‫(‪ 42‬ثم رجع ووجدهم أيضا ِنياما‪ِ ،‬إذ كانت أعينهم ث ِقيلة‪ ،‬فلم يعلموا ِبماذا‬
‫َّ َ م‬ ‫َ ََ‬ ‫ْ‬ ‫اس َتر م‬
‫َ َ ْ‬ ‫م َّ َ َ َ َ ً َ َ َ َ م ْ َ م‬ ‫م م َم‬
‫اعة! مه َو‬ ‫يحوا! َيك ِفي! ق ْد أت ِت الس‬ ‫ي ِجيبونه‪ 41 .‬ثم جاء ث ِالثة َوقال لهم‪ :‬ناموا آلان و ِ‬
‫َ‬ ‫َ َّ‬
‫وموا ِل َنذ َه َب! مه َو ذا ال ِذي مي َس ِل مم ِني ق ِد‬
‫ْ‬ ‫َذا ْاب من إلا ْن َسان مي َس َّل مم إ َلى أ ْيدي ْال مخ َطاة‪ 42 .‬مق م‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫َْ‬
‫اقت َر َب!)(‪.)2‬‬
‫هذا النص في الحقيقة لم يصدر عن عيس ى‪ ،‬بل عن شبيهه املصلوب‪ ،‬ولهذا قال‪:‬‬
‫َ َْ‬ ‫َ َّ‬
‫م(ه َو ذا ال ِذي مي َس ِل مم ِني ق ِد اقت َر َب)‪ .‬وعلينا أن نالحظ أنه النص الوحيد الذي ميستعمل‬
‫ً‬
‫فيه ضمير املتكلم‪ ،‬ومن يحاول أن يجعل هذا النص حاكما على سواه فهو ميغالط في‬
‫الحقيقة‪ ،‬بل يصادر أصل البحث‪.‬‬
‫فالبحث آلان يتعلق بتحديد هوية املصلوب‪ ،‬هل هو عيس ى كما يقول املسيحيون‪،‬‬
‫ً‬
‫أم هو شخص آخر‪ .‬ومن يريد أن يثبت شيئا عليه أن يجيب على كل ألاسئلة‪،‬‬
‫صلب ل يسعهم التمسك بهذا النص‬ ‫فاملسيحيون الذين يدعون أن عيس ى هو من م‬
‫فقط‪ ،‬بل عليهم تقديم أجوبة على كل ما نطرحه من نقاط‪.‬‬
‫ومنها هذه النقطة التي لحظنا فيها أن عيس ى يتكلم عن ابن إلانسان املصلوب‬
‫بأسلوب يتضح منه بجالء أنه يتحدث عن شخص غائب‪ ،‬أو آخر‪ .‬ومن جهتنا نحن‬
‫ً‬
‫قدمنا جوابا على النص املذكور وقلنا إنه صادر عن شبيه عيس ى املصلوب‪ ،‬وبالنتيجة ل‬
‫توجد ثغرة في طرحنا‪.‬‬
‫‪ -2‬الحق أن عيس ى ‪ ‬كان يكلمهم عن رفعه ل عن صلبه‪ ،‬واملقصود هنا هو أنه‬
‫َ م َ‬ ‫َ َْ‬ ‫ََ َ ْ‬
‫ال‪ :‬اذ َه مبوا ِإلى امل ِد َين ِة‪ِ ،‬إلى فال ٍن‬ ‫سوف ميرفع دون أن ميصلب‪ ،‬ففي إنجيل متى‪ 18( :‬فق‬
‫ََ‬ ‫َ م م َ م ْ م َ م َ م م َّ َ ْ َ ٌ ْ َ َ َ ْ َ م ْ ْ َ َ َ َ َ‬
‫يذي‪ 15 .‬فف َع َل‬ ‫وقولوا له‪ :‬املع ِلم يقول‪ِ :‬إن وق ِتي ق ِريب‪ِ .‬عندك أصنع ال ِفصح مع ت ِ ِ‬
‫م‬ ‫ال‬
‫ص َح)(‪.)3‬‬ ‫وع َو َأ َع ُّدوا ْالف ْ‬
‫يذ َك َما َأ َم َر مه ْم َي مس م‬‫َّ َ م‬
‫التال ِم‬
‫ِ‬

‫‪ -1‬لوقا‪.9 :‬‬
‫‪ -2‬مرقس‪.14 :‬‬
‫‪ -2‬متى‪.26:‬‬
‫‪235‬‬ ‫شبيه عيسى أو امن هو اهمصلوب؟!‬

‫ً‬
‫وكان يقول لهم أيضا‪:‬‬
‫يس َم َع مه ْم؟ َما َد َام‬ ‫وموا َو ْال َعر م‬ ‫ص م‬ ‫وع‪َ :‬ه ْل َي ْس َتط ميع َب منو ْال مع ْرس َأ ْن َي م‬ ‫ال َل مه ْم َي مس م‬‫(‪َ 15‬ف َق َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وموا‪َ 22 .‬و ِلك ْن َس َت ْأ ِتي َأ َّي ٌام ِح َين مي ْر َف مع ْال َعريسم‬ ‫ص م‬ ‫يعو َن َأ ْن َي م‬ ‫يس َم َع مه ْم َل َي ْس َتط م‬
‫ِ‬ ‫ْال َعر م‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ َّ (‪)1‬‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ ْ م ْ َ َ َ م م نَ‬
‫عنهم‪ ،‬ف ِحين ِئ ٍذ يصومو ِفي ِتلك ألاي ِام) ‪.‬‬
‫وفي لوقا‪:‬‬
‫َ َ م‬ ‫ََ‬ ‫َ ْ‬ ‫َ َ م َ م َ َ َ م م َ َ م َ َّ َ ً َ َ‬
‫ذل َك تال ِميذ‬ ‫ات‪ ،‬وك ِ‬ ‫وم تال ِميذ ميوحنا ك ِثيرا و ميق ِد ممون ِطل َب ٍ‬ ‫(‪ 33‬وقالوا له‪ِ :‬ملاذا يص‬
‫َ َ َ َم ْ ََ ْ م َ َ ْ َ ْ َم‬ ‫َ َ ْ ً َ َ َّ َ َ م َ َ َ ْ م م َن َ َ ْ َ م نَ‬ ‫َْ‬
‫يس ِيين أيضا‪ ،‬وأما تال ِميذك فيأكلو ويشربو ؟ ‪ 34‬فقال لهم‪ :‬أتق ِدرون أن تجعلوا‬ ‫الف ِر ِ‬
‫يس‬ ‫يس َم َع مه ْم؟ ‪َ 35‬و ِلك ْن َس َت ْأ ِتي َأ َّي ٌام ِح َين مي ْر َف مع ْال َعر م‬ ‫ومو َن َما َد َام ْال َعر م‬ ‫ص م‬ ‫َبني ْال مع ْرس َي م‬
‫ِ‬ ‫َِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َّ (‪)2‬‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ ْ م ْ َ َ َ م م نَ‬
‫عنهم‪ ،‬ف ِحين ِئ ٍذ يصومو ِفي ِتلك ألاي ِام) ‪.‬‬
‫َ (‪)3‬‬ ‫ْ َ َ ْ م َ َ ْ َ ْ م َ َّ َْ‬ ‫َََ‬
‫ض أج ِذب ِإلي الج ِميع) ‪ .‬وما ورد بعد هذا‬ ‫وفي يوحنا‪ 32( :‬وأنا ِإ ِن ارتفعت ع ِن ألار ِ‬
‫العدد في يوحنا يشير إلى أن التالميذ كانوا يدركون أن عيس ى سيرتفع وهذا هو معنى‬
‫موتا وإنما ابتعاد عنهم يرفعه هللا من خالله إلى السماء‪َ 33( ،‬ق َ‬ ‫ً‬
‫ال‬ ‫موته‪ ،‬فموته ليس‬
‫َ َ َ م ْ ً َ ْ َ م َ (‪)4‬‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬
‫هذا مم ِش ًيرا ِإلى أ َّي ِة ِميت ٍة كان مز ِمعا أن يموت) ‪.‬‬
‫ألا َّي مام ل ْرت َفاعه َث َّب َت َو ْج َه مه ل َي ْن َطل َق إ َلى مأو مر َشل َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫يم)(‪.)5‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وفي لوقا‪َ 51( :‬و ِح َين ت َّم ِت‬
‫‪ -3‬ومما يدل على أن عيس ى قد مرفع ولم ميصلب ما ورد من نصوص كثيرة أخبر‬
‫عيس ى من خاللها اليهود في آخر مجلس ضمهم بأنهم لن يروه بعد هذا املجلس‪ ،‬أي إنهم‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫لن يروه مقبوضا عليه ول مصلوبا‪:‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ ْم‬ ‫َ م مر َ م َ م مر َ م َ َ َ َ ْ‬
‫يم! َيا قا ِتلة ألان ِب َي ِاء َو َر ِاج َمة امل ْر َس ِل َين ِإل ْي َها‪ ،‬ك ْم َم َّر ٍة أ َر ْد مت أ ْن‬ ‫(يا أو ش ِليم‪ ،‬يا أو ش ِل‬
‫م َ َ َ ْ م ْم‬ ‫م‬ ‫َ‬ ‫اخ َها َت ْح َت َج َن َ‬ ‫َ ْ َ َ َ ْ َ َ َ َ َ ْ َ م َّ َ َ َ َ‬
‫م‬
‫اح ْي َها‪َ ،‬ول ْم ت ِر ميدوا! ‪ 38‬هوذا بيتكم‬ ‫أجمع أولد ِك كما تجمع الدجاجة ِفر‬

‫‪ -1‬مرقس‪.2:‬‬
‫‪ -2‬لوقا‪.5 :‬‬
‫‪ -2‬يوحنا‪.12 :‬‬
‫‪ -4‬يوحنا‪.12 :‬‬
‫‪ -5‬لوقا‪.9 :‬‬
‫اصدارات انصار االاما اهمدد ‪‬‬ ‫‪236‬‬

‫َ م‬
‫آلان َح َّتى ت مقولوا‪ :‬مم َبا َر ٌك آلا ِتي‬ ‫مي ْت َر مك َل مك ْم َخ َراب ًا‪َ 35 .‬ألني َأ مقو مل َل مك ْم‪ :‬إ َّن مك ْم َل َت َر ْو َنني م َن َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اسم َّ‬
‫الر ِب!)(‪.)1‬‬ ‫ْ‬
‫ِب ِ‬
‫إن املكان الذي سيمض ي له عيس ى ‪ ‬لن يستطيع اليهود أن يذهبوا إليه‪ ،‬فهو‬
‫ً‬
‫ليس القبر حتما‪ ،‬على الرغم من سوء فهم اليهود لكالمه‪:‬‬
‫م‬ ‫َ م‬ ‫َ م َ‬ ‫ْم َ‬ ‫َ َ َم ْ َ م م َ ً ََ َ‬
‫وع أ ْيضا‪ :‬أنا أ ْم ِض ي َو َس َتطل مبون ِني‪َ ،‬وت مموتون ِفي خ ِط َّي ِتك ْم‪َ .‬ح ْيث‬ ‫(‪ 21‬قال لهم يس‬
‫م‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫َ َ َ َ م م َّ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬
‫َ م‬ ‫َ‬ ‫ََ َ َ ْ م َ َْ‬ ‫َ‬
‫ود‪ :‬أل َعل مه َي ْق مت مل ن ْف َس مه َح َّتى َي مقو مل‪َ :‬ح ْيث‬ ‫ون أن مت ْم أ ْن تأتوا ‪ 22‬فقال اليه‬ ‫أ ْم ِض ي أنا ل تق ِدر‬
‫ََ َ َ ْ م َ َْ َ َْم‬ ‫َ‬
‫ون أن مت ْم أ ْن تأتوا؟)(‪.)2‬‬ ‫أ ْم ِض ي أنا ل تق ِدر‬
‫ل يمكن ألحد أن يقول إن عيس ى ‪ ‬كان يعني أنه سيصلب ويموت‪ ،‬وإن هذا هو‬
‫ََ َ َ ْ م َ َْ َ َْم‬ ‫َ م َ‬
‫ون أن مت ْم أ ْن تأتوا)‪ ،‬فالقبر يمكن أن يبلغه‬ ‫(ح ْيث أ ْم ِض ي أنا ل تق ِدر‬ ‫املقصود من قوله‪:‬‬
‫امليت بطبيعة الحال‪ ،‬فالبد أن يكون مقصوده أنه سيذهب إلى مكان ل يمكن لكل‬
‫إنسان أن يصل إليه‪.‬‬
‫ً‬
‫بل حتى التالميذ ‪ -‬كما في نص آخر في يوحنا ‪ -‬لن يروا عيس ى مصلوبا‪ ،‬وبعضهم‬
‫سيرفع إلى‬ ‫بطبيعة الحال شاهد املصلوب‪ ،‬ولكنه لم يكن عيس ى ‪‬؛ ألن عيس ى ‪ ‬م‬
‫مكان ل يستطيعون هم بدورهم أن يصلوا إليه‪:‬‬
‫م‬ ‫َ َ َ مْ م ْ‬ ‫ََ َ َ م ْ َ َ ً َ ً َ ْ م َ َ ْم م َ‬ ‫َ َْ َ‬
‫ود‪َ :‬ح ْيث‬ ‫ِ ِ‬ ‫ه‬‫م‬ ‫َ‬
‫ي‬ ‫ل‬ ‫ل‬ ‫ت‬ ‫ل‬ ‫ق‬ ‫ا‬‫م‬ ‫ك‬ ‫و‬ ‫ي‪،‬‬ ‫ن‬‫ِ‬ ‫ون‬ ‫ب‬ ‫ل‬ ‫ط‬ ‫ت‬ ‫س‬ ‫‪.‬‬ ‫د‬ ‫ع‬ ‫ب‬ ‫يال‬ ‫ل‬‫ِ‬ ‫ق‬ ‫ا‬‫ان‬ ‫م‬‫ز‬ ‫م‬ ‫ك‬ ‫ع‬ ‫م‬ ‫ا‬ ‫ن‬ ‫أ‬ ‫ي‪،‬‬ ‫د‬‫(‪ 33‬يا أو ِ‬
‫ل‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫ون أ ْن مت ْم أ ْن َتأ متوا‪ ،‬أ مقو مل ل مك ْم أ ْن مت مم َ‬ ‫َ‬ ‫َأ ْذ َه مب َأ َنا َل َت ْقد مر َ‬
‫آلان)(‪.)3‬‬ ‫ِ‬
‫هذه النصوص لبد أن تفهم كما هي‪ ،‬فكما قال عيس ى لليهود ما مضمونه‬
‫ستطلبوني ولن تجدوني‪ ،‬وهو ما يتضمن معنى أنكم لن تلقوا القبض علي ولن‬
‫ً‬
‫تصلبوني‪ ،‬يكون املعنى بالنسبة للتالميذ هو أنهم لن يشاهدوه مصلوبا‪ .‬وأما قوله‬
‫ً َ ً‬ ‫م‬ ‫ََ‬
‫للتالميذ‪( :‬أنا َم َعك ْم َز َمانا ق ِليال َب ْع مد) فهذا الزمن ل يمكن أن يمتد ليشمل رؤيتهم له‬
‫َ ْم َ‬ ‫ً‬
‫(س َتطل مبون ِني)! فال معنى للطلب بعد الصلب‪ ،‬إذ‬ ‫مصلوبا؛ ألنه يتناقض مع طلبهم له‬
‫الطلب يكون ملفقود أو مجهول املكان‪ ،‬واملصلوب ليس كذلك‪.‬‬

‫‪ -1‬متى‪.22 :‬‬
‫‪ -2‬يوحنا‪.1 :‬‬
‫‪ -2‬يوحنا‪.12 :‬‬
‫‪237‬‬ ‫شبيه عيسى أو امن هو اهمصلوب؟!‬

‫وكذلك ل يستقيم القول إن املقصود هو ترقب قيامه بعد الصلب‪ ،‬فهذا الترقب‬
‫ً‬
‫عالوة على أنه لم يحدث‪ ،‬هو أيضا طلب ألمر متوقع‪ ،‬والوصول إليه مفروغ منه باعتبار‬
‫َ َ مْ م ْ‬
‫ود‪:‬‬‫وجود موعد مضروب له‪ ،‬فال يمكن من هذه الناحية أن يقال فيه‪( :‬وك َما قلت ِلل َي مه ِ‬
‫َ ْ م َ ْ َ م ََ َ َ ْ م َ َْ َ َْم‬
‫ون أن مت ْم أ ْن تأتوا)! إذن ألامر يتعلق برفع عيس ى وعدم صلبه‪ ،‬ول‬ ‫حيث أذهب أنا ل تق ِدر‬
‫وجود بالنتيجة ملوعد مضروب‪ ،‬ول ش يء مما يظن املسيحيون‪.‬‬
‫ً‬
‫ثم ما هو وجه الغرابة حقا في رفع عيس ى ‪‬؟ أليس قد ورد في املزامير ما يدل‬
‫َ‬ ‫ْ ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ مْ َْ‬
‫على أنه ممكن على ألاقل‪ 5( :‬أل َّن َك قل َت‪ :‬أن َت َيا َر ُّب َمل َج ِإي‪َ .‬ج َعل َت ال َع ِل َّي َم ْسك َن َك‪12 ،‬‬
‫وك ِفي‬ ‫ض ْرَب ٌة م ْن َخ ْي َمت َك‪َ 11 .‬أل َّن مه ميوص ي َم َالئ َك َت مه ب َك ل َك ْي َي ْح َف مظ َ‬ ‫يك َش ٌّر‪َ ،‬و َل َت ْد منو َ‬ ‫َل مي َالق َ‬
‫ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ََ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ ْ َ ْ م َ َ َ َّ َ ْ َ َ َ ْ َ‬ ‫َ‬ ‫م م‬
‫الص ِل‬ ‫ك ِل ط مر ِقك‪ 12 .‬على ألاي ِدي يح ِملونك ِلئال تص ِدم ِبحج ٍر ِرجلك‪ 13 .‬على ألاس ِد و ِ‬
‫اس ِمي‪15 .‬‬ ‫وس‪َ 14 .‬أل َّن مه َت َع َّل َق بي مأ َنجيه‪ .‬مأ َرف مع مه َأل َّن مه َع َر َف ْ‬ ‫ان َت مد م‬ ‫ْ َ َ ُّ‬
‫الث ْع َب َ‬ ‫و‬ ‫ل‬ ‫ب‬ ‫الش‬ ‫‪.‬‬ ‫أ‬
‫َ َم‬
‫تط‬
‫ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ْ‬ ‫م‬ ‫َ‬ ‫م‬ ‫م‬ ‫ْ ْ م‬ ‫م‬ ‫َ‬
‫َ ْ َ م َم َ َم َ‬ ‫َ‬
‫يق‪ ،‬أن ِقذ مه َوأ َم ِج مد مه‪ِ 16 .‬م ْن طو ِل ألا َّي ِام أش ِب مع مه‪،‬‬ ‫الض‬
‫يدعو ِني فأست ِجيب له‪ ،‬معه أنا ِفي ِ‬
‫َْ م‬
‫م َ َ‬
‫َوأ ِر ِيه خال ِص ي)(‪.)1‬‬
‫َ َ ً َ َ‬ ‫َ م‬ ‫َ م‬ ‫َ‬
‫‪ -4‬ورد في إنجيل يوحنا‪َ 16( :‬ب ْع َد ق ِليل ل ت ْب ِص مرون ِني‪ ،‬ث َّم َب ْع َد ق ِليل أ ْيضا ت َر ْون ِني‪،‬‬
‫م‬ ‫َ َّ‬
‫ض‪َ :‬ما مه َو هذا ال ِذي َي مقول مه‬ ‫ض مه ْم ل َب ْ‬
‫ع‬ ‫ِ‬
‫ال َق ْو ٌم م ْن َت َالميذه‪َ ،‬ب ْع م‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َأل ِني َذاه ٌب إ َلى آلاب ‪َ 17‬ف َق َ‬
‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫َ َ َ ٌ َ‬ ‫َ ْ ً َ َ ْو َ‬ ‫َ م ْ م َ م َّ َ ْ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫آلاب؟‪18 .‬‬ ‫ِ‬ ‫ل َنا‪َ :‬ب ْع َد ق ِليل ل تب ِصرون ِني‪ ،‬ثم بعد ق ِليل أيضا تر ن ِني‪ ،‬وأل ِني ذ ِاهب ِإلى‬
‫َ َ َ َ م م َ‬ ‫َ َ َّ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ م َ م َ َ ْ َ م َّ‬
‫وع أ َّن مه ْم‬ ‫يل ال ِذي َي مقو مل َع ْن مه؟ ل ْس َنا ن ْعل مم ِب َماذا َي َتكل مم! ‪ 15‬فع ِلم يس‬ ‫فقالوا‪ :‬ما هو هذا الق ِل‬
‫ْ‬ ‫م‬ ‫َ‬ ‫م‬ ‫َ‬ ‫م‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫وه‪ ،‬ف َق َ‬ ‫َك مانوا مير ميدو َن َأ ْن َي ْس َأ مل م‬
‫ال ل مه ْم‪ :‬أ َع ْن هذا تت َس َاءلون ِف َيما َب ْي َنك ْم‪ ،‬أل ِني قل مت‪َ :‬ب ْع َد‬ ‫ِ‬
‫َ ْ َ َّ ْ َ َّ َ م مل َ م ْ َّ م ْ َ َ ْ م نَ‬ ‫َ م ْ م َ م َّ َ ْ َ َ َ ْ ً َ َ ْو َ‬ ‫َ‬
‫ق ِليل ل تب ِصرون ِني‪ ،‬ثم بعد ق ِليل أيضا تر ن ِني ‪ 22‬الحق الحق أقو لكم‪ِ :‬إنكم ستبكو‬
‫َ َ‬ ‫َم‬ ‫م َ‬ ‫َْ‬ ‫ََم م َ ْ َ‬
‫وحون َوال َعال مم َي ْف َر مح‪ .‬أن مت ْم َس َت ْح َزنون‪َ ،‬و ِلك َّن مح ْزنك ْم َي َت َح َّو مل ِإلى ف َر ٍح) (‪.)2‬‬ ‫وتن‬
‫َ م ْ م َ م َّ َ ْ َ َ َ ْ ً َ َ ْو َ‬ ‫َْ َ‬
‫هذا الكالم الذي حيرهم (بعد ق ِليل ل تب ِصرون ِني‪ ،‬ثم بعد ق ِليل أيضا تر ن ِني)‪ ،‬لبد‬
‫أن نفك مغاليقه‪ .‬وفي هذا الصدد أعتقد أن بإمكاننا أن ل نقع في الوهم الذي وقع فيه‬
‫ً‬
‫التالميذ حين ظنوا عيس ى ‪ ‬يتكلم عن واقعة واحدة‪ ،‬وبالتالي يكون كالمه متناقضا‪.‬‬

‫‪ -1‬المزمور‪.91 :‬‬
‫‪ -2‬يوحنا‪.16 :‬‬
‫اصدارات انصار االاما اهمدد ‪‬‬ ‫‪239‬‬

‫َ‬ ‫ْ َ‬
‫(بع َد ق ِليل ل‬ ‫إن عيس ى ‪ -‬في الحقيقة ‪ -‬يتحدث عن واقعتين؛ ألاولى يعبر عنها قوله‪:‬‬
‫َ‬ ‫م‬
‫ت ْب ِص مرون ِني) وهو هنا يشير إلى أنهم لن يروه بعد مجلسهم هذا‪ ،‬وهو كالم يتضمن معنى‬
‫ً‬
‫أنهم لن يروه مصلوبا بالتأكيد‪ ،‬وبالتالي سيكون غيره هو املصلوب‪ .‬وبكلمة أخرى يشير‬
‫َ َ ٌ َ‬ ‫م‬
‫آلاب) يشير لهذا كما هو واضح‪ ،‬فهذه‬ ‫عيس ى هنا إلى أنه سيرفع‪ ،‬وقوله‪( :‬أل ِني ذ ِاهب ِإلى ِ‬
‫َ‬ ‫َم‬ ‫ْ َ‬
‫(بع َد ق ِليل ل ت ْب ِص مرون ِني)‪.‬‬ ‫العبارة متعلقة بقوله‪:‬‬
‫ْ ً َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫م‬
‫ضا ت َر ْون ِني) فهو إما يشير إلى أنه سيظهر لهم بعد رفعه‪،‬‬ ‫أما قوله‪( :‬ث َّم َب ْع َد ق ِليل أي‬
‫وبعد أن تتم حادثة الصلب شبيهه‪ ،‬وإما أنهم سيرون شبيهه الذي يمثله‪ ،‬وبالتالي‬
‫يكونون قد رأوه هو‪ ،‬وإما أن يكون املعنى هو أنه سيأتي بعد رفعه في يوم القيامة‬
‫الصغرى‪ ،‬أي عند ظهور املخلص أو املعزي‪ ،‬فيكون املراد من رؤيته هو رؤية العالم أو‬
‫رؤية أمثال التالميذ له‪ .‬ويقوي هذا الاحتمال ألاخير أن كالم عيس ى ورد في سياق حديثه‬
‫َْ‬
‫عن املعزي‪ ،‬وكذلك ما ورد من كلمات أخرى قالها عيس ى ‪ ‬من قبيل‪ 22( :‬ال َح َّق‬
‫َم‬ ‫م َ‬ ‫َْ‬ ‫ْ َ َّ َ م م َ م ْ َّ م ْ َ َ ْ م َ َ َ م م َ ْ َ‬
‫وحون َوال َعال مم َي ْف َر مح‪ .‬أن مت ْم َس َت ْح َزنون‪َ ،‬و ِلك َّن مح ْزنك ْم‬ ‫الحق أقول لكم‪ِ :‬إنكم ستبكون وتن‬
‫الط ْف َل‬ ‫َ ْ َ َ م َ َ م َ ْ َ م َّ َ َ َ َ ْ َ َ ْ َ ْ َ َ َ َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ََ َ م َ َ‬
‫يتح َّول ِإلى ف َر ٍح‪ 21 .‬امل ْرأة و ِه َي ت ِلد تحزن ألن ساعت َها قد جاءت‪ ،‬و ِلكن متى ولد ِت ِ‬
‫ََْم ْ َ‬ ‫َْ َ‬ ‫َ َّ م َ ْ م َ ْ َ ٌ‬ ‫َّ َ َ َ ْ َ‬ ‫َ َم م َْم‬
‫ذل َك‪،‬‬ ‫الشدة ِلسب ِب الف َر ِح‪ ،‬ألنه قد وِلد ِإنسان ِفي العال ِم‪ 22 .‬فأنتم ك ِ‬ ‫ل تعود تذك مر ِ‬
‫م‬ ‫َ م‬ ‫َ ْ َ‬ ‫مم م‬ ‫َ م َ ً َ‬ ‫ٌ‬ ‫ع ْن َد مك مم َ‬
‫آلان مح ْزن‪َ .‬و ِلك ِني َسأ َراك ْم أ ْيضا ف َت ْف َر مح قل موبك ْم‪َ ،‬ول َين ِز مع أ َح ٌد ف َر َحك ْم ِم ْنك ْم ‪23‬‬ ‫ِ‬
‫َ ْ ً (‪)1‬‬ ‫َ َْ ْ َ َ ْ َم َ‬
‫َو ِفي ِذلك اليو ِم ل تسألون ِني شيئا) ‪.‬‬
‫ً‬
‫هذا الكالم ل أظن أحدا يسعه القول إنه لم يستوحي منه معنى وجود شدائد‬
‫ً‬
‫ستمر بالتالميذ وباملؤمنين عموما إلى أن تأتي ساعة الفرح أو الفرج بظهور املنقذ الذي‬
‫سيرافقه نزول عيس ى‪ ،‬بل إن إلاصحاح السادس عشر هذا كله يتمحور حول موضوع‬
‫ً‬
‫رفع عيس ى من جهة وما يعقبه من شدة تقع على املؤمنين‪ ،‬ثم أخيرا وقوع الفرج بظهور‬
‫املعزي أو املنقذ‪.‬‬
‫لنقرأ مقاطع من هذا إلاصحاح للتأكيد على ما قلنا‪:‬‬
‫َ ٌَ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ َم‬ ‫َ َ َ َ م‬ ‫َ َ َّ م‬
‫اعة ِف َيها‬ ‫(ق ْد كل ْم متك ْم ِبهذا ِلك ْي ل ت ْعث مروا‪َ 2 .‬س ميخ ِر مجونك ْم ِم َن امل َج ِام ِع‪َ ،‬ب ْل تأ ِتي س‬
‫ً‬ ‫مم َ َ‬ ‫م م‬
‫َيظ ُّن ك ُّل َم ْن َي ْق متلك ْم أ َّن مه ميق ِد مم ِخ ْد َمة ِهللِ)‪.‬‬

‫‪ -1‬يوحنا‪.16 :‬‬
‫‪238‬‬ ‫شبيه عيسى أو امن هو اهمصلوب؟!‬

‫َم َ َ‬ ‫م‬ ‫َ َّ َ ْ َ َ َ َ ْ َ َ‬ ‫آلان َف َأ َنا َ‬


‫(‪َ 5‬و َأ َّما َ‬
‫س أ َح ٌد ِم ْنك ْم َي ْسأل ِني‪ :‬أ ْي َن ت ْم ِض ي؟ ‪6‬‬ ‫اض ِإلى ال ِذي أرسل ِني‪ ،‬ولي‬ ‫ٍ‬ ‫م‬
‫هذا َق ْد َم َأل ْال مح ْز من مق مل َوب مك ْم‪ 7 .‬لكني َأ مقو مل َل مك مم ْال َح َّق‪ :‬إ َّن مه َخ ْي ٌر َل مك ْم َأنْ‬ ‫ْ َ مْ م َ م ْ َ‬
‫ِلكن أل ِني قلت لكم‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ ْ ْ َ َ ْ م م ْ م م َ ْ ْم‬ ‫َ ْ َ َ َ َّ م ْ َ ْ َ ْ َ ْ َ َ ْ م م َْ‬
‫م‬
‫أنط ِلق‪ ،‬ألنه ِإن لم أنط ِلق ل يأ ِتيكم املع ِزي‪ ،‬و ِلكن ِإن ذهبت أر ِسله ِإليكم)‪.‬‬
‫آلان‪13 .‬‬ ‫يعو َن َأ ْن َت ْح َتملوا َ‬
‫م‬ ‫(‪ 12‬إ َّن لي مأ ممور ًا َكث َير ًة َأ ْيض ًا َأل مقو َل َل مك ْم‪َ ،‬ولك ْن َل َت ْس َتط م‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫ْ‬ ‫َ َّ م َ َ َ َ َّ م ْ َ‬ ‫َْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫م‬ ‫م‬ ‫ْ‬ ‫م‬ ‫َ‬ ‫م‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫م‬ ‫م‬ ‫َ‬ ‫َ َ َّ َ َ َ َ َ‬
‫وأما متى جاء ذاك‪ ،‬روح الح ِق‪ ،‬فهو ير ِشدكم ِإلى ج ِم ِيع الح ِق‪ ،‬ألنه ل يتكلم ِمن نف ِس ِه‪،‬‬
‫ور آ ِت َي ٍة)‪.‬‬ ‫م‬ ‫َب ْل مك ُّل َما َي ْس َم مع َي َت َك َّل مم به‪َ ،‬و مي ْخب مر مك ْم ب مأ م‬
‫ِ ِ ٍ‬ ‫ِِ‬
‫بقي علينا التنويه إلى أمر مهم هو أن كالم عيس ى ‪ ‬أشار إلى زمن لن يكون فيه‬
‫ً‬
‫مرئيا من قبل التالميذ‪ ،‬وهذا الزمن يقع بين زمنهم الحاضر الذي وقع فيه الكالم‪ ،‬وبين‬
‫زمن آخر سيرونه فيه‪ .‬هذا الزمن الذي يغيب عنهم فيه هو ما يهمنا في الحقيقة‪ ،‬وغيبته‬
‫فيه هي رفعه كما ورد في نصوص كثيرة سبق أن سقنا بعضها‪ .‬أما ما عدا ذلك فكالمنا‬
‫فيه جاء من باب املبالغة في رفع الشبهات التي قد تعترض بعض ألاذهان ل أكثر‪.‬‬
‫ً‬
‫يوجد نص في إنجيل يوحنا قد يرى فيه البعض معارضا ملا قلناه‪ ،‬والنص هو‪:‬‬
‫َ‬ ‫َ َ ََ‬ ‫َ َ َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ال َل مه ْم َي مس م‬ ‫(‪َ 28‬ف َق َ‬
‫وع‪َ :‬م َتى َرف ْع مت مم ْاب َن ِإلان َس ِان‪ ،‬ف ِحين ِئ ٍذ ت ْف َه ممون أ ِني أنا مه َو‪َ ،‬ول ْس مت‬
‫َّ َ‬ ‫َ َ َ َّ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ ً‬ ‫َْ‬
‫أف َع مل ش ْيئا ِم ْن ن ْف ِس ي‪َ ،‬ب ْل أتكل مم ِبهذا ك َما َعل َم ِني أ ِبي)(‪.)1‬‬
‫وهنا قد يقول املستدل‪ :‬إن عيس ى قال إنه هو ابن إلانسان‪ ،‬وهو إذن املرفوع على‬
‫الصليب‪.‬‬
‫ولكننا نقول إن عيس ى قال إن املرفوع على خشبة الصلب هو ابن إلانسان‪ ،‬أما‬
‫كونه هو ‪ -‬أي عيس ى ‪ -‬ابن إلانسان؛ فألنه صورة منه فيصح بهذا الاعتبار أن يقول أنه‬
‫ابن إلانسان‪.‬‬
‫ولنالحظ أن معنى كالمه هو أن اليهود ‪ -‬وهو يخاطبهم ‪ -‬سيفهمون أن عيس ى هو‬
‫ً‬
‫ابن إلانسان متى صلبوا ابن إلانسان‪ ،‬وهذا ما لم يحدث أبدا‪.‬‬
‫إذن يجب أن نفهم كالم عيس ى على أنه غير موجه للمخاطبين من اليهود‪ ،‬بل لكل‬
‫من يبلغه الكالم‪ ،‬ويتبع هذا بطبيعة الحال أن نجرده من القيد الزمني الذي لم يتحقق‬
‫وهو املعبر عنه بكلمة (متى)‪.‬‬

‫‪ -1‬يوحنا‪.1 :‬‬
‫اصدارات انصار االاما اهمدد ‪‬‬ ‫‪211‬‬

‫وعليه سنفهمه على أنه إشارة لعالقة ما تربط بين عيس ى وبين ابن إلانسان‪ ،‬وهذه‬
‫إلاشارة سبق أن حددنا مضمونها بأن عيس ى ممهد وصورة من ابن إلانسان‪ ،‬فيصح‬
‫بناء عليه أن يقول إنه ابن إلانسان‪.‬‬
‫ولكي نذكر القارئ بالنصوص الكثيرة التي تدل على أن عيس ى ليس هو ابن إلانسان‬
‫نأتي بنص آخر هو قول عيس ى‪( :‬ليس أحد صعد إلي السماء‪ ،‬إل الذي نزل من السماء‪،‬‬
‫ابن إلانسان الذي هو في السماء)(‪.)1‬‬
‫ومعنى هذا النص إن ابن إلانسان في الوقت الذي يتحدث فيه عيس ى هو في‬
‫السماء‪ ،‬فليس هو عيس ى إذن‪.‬‬
‫‪ -5‬ويتفرع عن النقطة ألاولى دليل آخر على أن عيس ى ‪ ‬لم يصلب‪ ،‬ولم يأت‬
‫َّ‬ ‫ْ‬ ‫َ َ َ َّ ْ م َ َ َ َ‬
‫ض‪ .‬ال َع َم َل ال ِذي‬ ‫ِ‬ ‫ر‬ ‫ألا ْ‬ ‫لهذا العالم من أجل أن ميصلب‪ ،‬وهو قوله ‪( :‬أنا مجدتك على‬
‫َ َْ ْ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬
‫أ ْعط ْي َت ِني أل ْع َم َل ق ْد أك َمل مت مه)(‪.)2‬‬
‫وهذا الكالم قاله عيس ى ‪ ‬قبل أن ميلقى عليه القبض‪ ،‬وهو واضح في أنه قد‬
‫أكمل عمله‪ ،‬وليس من ضمنه الصلب وما أسسوا عليه من عقيدة الفداء كما يفهمونها‪.‬‬
‫بل إن نص لوقا التالي يوضح أن عيس ى ما جاء إل للتبشير بملكوت هللا آلاتي‪:‬‬
‫(فقال لهم انه ينبغي لي أن ابشر املدن ألاخرى أيضا بملكوت هللا ألني لهذا قد‬
‫أرسلت)(‪.)3‬‬
‫ً‬
‫ولنتذكر أن الصالة املسيحية قد اتخذت من امللكوت آلاتي محورا تدور عليه‪:‬‬
‫(ليأت ملكوتك)‪.‬‬
‫ْ‬ ‫َّ‬ ‫ْ‬ ‫م‬
‫ال‪ :‬ق ْد أكم َل َو َنك َ‬‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫س َرأ َس مه‬ ‫ِ‬
‫نعم يوجد في إنجيل يوحنا‪ 32( :‬فل َّما أخذ َي مس م‬
‫وع الخ َّل ق َ‬
‫وح)(‪.)4‬‬‫الر َ‬ ‫َو َأ ْس َل َم ُّ‬
‫ً‬
‫ولكن هذا النص ل يصلح معارضا ملا تقدم‪ ،‬لغموض دللته وتشابهها‪ ،‬بعكس‬
‫النص ألاول‪ .‬إذ ربما كان املراد إن إجرامهم قد بلغت نهايته‪ ،‬وربما كان املقصود إن‬

‫‪ -1‬يو‪.12 / 2:‬‬
‫‪ -2‬يوحنا‪.5 / 11 :‬‬
‫‪ -2‬لوقا‪.42 / 4 :‬‬
‫‪ -4‬يوحنا‪.19 :‬‬
‫‪210‬‬ ‫شبيه عيسى أو امن هو اهمصلوب؟!‬

‫العمل الذي قام به شبيه عيس ى قد تم إنجازه‪ ،‬ولسيما أنه بعد أن قال هذه العبارة‬
‫أسلم الروح‪.‬‬
‫ثم إننا استشهدنا بنص واضح النسبة لعيس ى ول خالف عليه‪ ،‬بينما النص ألاخير‬
‫محل نزاع‪ ،‬فنحن نقول إن شبيه عيس ى هو من نطق بالعبارة ألاخيرة‪ ،‬ولبد أن تحقق‬
‫نسبة القول قبل الاستشهاد أو الاحتجاج به‪ ،‬فالحتجاج بقول فرع ثبوت القول لقائله‪.‬‬
‫َ مْ‬
‫ويمكن أن نضيف أن عبارة «ق ْد أك ِم َل» مما انفرد يوحنا بنقله‪ ،‬وعدم نقل‬
‫ألاناجيل ألاخرى يلقي بظالل شك عليها‪ ،‬لسيما إنها من الكلمات املهمة بالنسبة ملن‬
‫ً‬
‫يستدل بها على أن الصلب جزء‪ ،‬بل كل رسالة عيس ى ‪ ،‬ومعلوم أيضا أن إنجيل‬
‫يوحنا أكثر ألاناجيل عرضة لهجمات املشككين(‪.)1‬‬
‫‪ -6‬تنقل لنا ألاناجيل تضرعات عيس ى ‪ ‬وتوسالته الحارة من أجل أن يخلصه‬
‫هللا تعالى من التجربة؛ تجربة الصلب‪ ،‬ففي إنجيل متى‪:‬‬
‫َ َ َ َّ َ‬ ‫َ َ ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ض ْي َع ٍة مي َق م‬ ‫وع إ َلى َ‬ ‫(‪ 36‬ح َينئذ َج َاء َم َع مه ْم َي مس م‬
‫يذ‪:‬‬‫ال ل َها جثسي َما ِني‪ ،‬فقال ِللتال ِم ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ٍِ‬
‫َ َْ ََ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫م‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫م‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫م‬ ‫م‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫اجل مسوا م َ َ‬
‫س َو ْابن ْي زْب ِدي‪ ،‬وابتدأ‬ ‫صل َي هناك‪ 37 .‬ث َّم أخذ َم َعه مبط مر َ‬ ‫َ َ‬ ‫ْ‬
‫ههنا حتى أم ِض َي وأ ِ‬ ‫ِ‬
‫ْ‬
‫اس َه مروا َم ِعي‪.‬‬‫هه َنا َو ْ‬ ‫ال َل مه ْم‪َ :‬ن ْف ِس ي َحز َين ٌة جد ًا َح َّتى ْاملَ ْو ِت‪ .‬ما ْم مك مثوا م‬ ‫َي ْح َز من َو َي ْك َت ِئ مب‪َ 38 .‬ف َق َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ َ َ م َ َ ً َ َََ م ْ َ ْ َ َ ََْ ْم َ‬ ‫م َ َ َّ َ َ ً َ َ َ َ َ ْ‬
‫‪ 35‬ث َّم تقدم ق ِليال وخ َّر على وج ِه ِه‪ ،‬وكان يص ِلي قا ِئال‪ :‬يا أبتاه‪ِ ،‬إن أمكن فلتعب ْر ع ِني ِ‬
‫هذ ِه‬
‫َ‬
‫يذ ف َو َج َد مه ْم‬ ‫م‬
‫م َّ َ َ َ َّ َ‬
‫ال‬ ‫ت‬ ‫ال‬ ‫ى‬ ‫ل‬ ‫إ‬ ‫اء‬ ‫ج‬ ‫م‬ ‫ث‬ ‫‪42‬‬ ‫‪.‬‬ ‫ت‬ ‫س َك َما مأ ميد َأ َنا َب ْل َك َما متر ميد َأ ْن َ‬ ‫َ‬ ‫س‪َ ،‬ولك ْن َل ْ‬
‫ي‬ ‫م‬ ‫َْْ‬
‫أ‬‫الك‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ر‬
‫َ ِ‬ ‫ِ‬
‫ْ َ م َ َ ُّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫س‪ :‬أهكذا َما ق َد ْرمت ْم أ ْن ت ْس َه مروا َمعي َس َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ً‬
‫ِن َياما‪ ،‬ف َق َ‬
‫اعة َو ِاح َدة؟ ‪ِ 41‬اسهروا وصلوا‬ ‫ِ‬ ‫ال ِل مبط مر َ‬
‫َ ً َ ً‬ ‫َ‬ ‫ٌ َ َ َّ ْ َ َ م َ َ ٌ‬ ‫َ ْ َ َ َّ ُّ م َ َ‬ ‫َ َّ َ م م‬
‫ض ِعيف‪ 42 .‬ف َم َض ى أ ْيضا ثا ِن َية‬ ‫وح فن ِشيط وأما الجسد ف‬ ‫ِلئال ت ْدخلوا ِفي تج ِرب ٍة‪ .‬أما الر‬
‫َْ م‬ ‫ْ َ ْ م َّ َ َ ْ‬ ‫َ َ َّ َ ً َ َ َ َ م ْ َ م ْ َ ْ َ ْ م َ‬
‫س ِإل أ ْن أش َ َرب َها‪ ،‬فل َتك ْن‬ ‫هذ ِه الكأ‬ ‫وصلى قا ِئال‪ :‬يا أبتاه‪ِ ،‬إن ل ْم ي ْم ِكن أن تعب َر ع ِني ِ‬
‫ََ َ‬ ‫َ ًَ‬ ‫ً ْ َ َ َ‬ ‫َ ً‬ ‫َ‬ ‫م‬ ‫َ‬
‫َم ِشيئ مت َك‪ 43 .‬ث َّم َج َاء ف َو َج َد مه ْم أ ْيضا ِن َياما‪ِ ،‬إذ كان ْت أ ْع مي من مه ْم ث ِقيلة‪ 44 .‬فت َرك مه ْم َو َم َض ى‬

‫‪ -1‬يشكك بعض علماء العهد الجديد في صحة نسبة هذا اإلنجيل إلى يوحنا‪ ،‬إذ ينقل (برطشنيدر) إن هذا اإلنجيل‬
‫كله وكذا رسائل يوحنا ليست من تصنيفه‪ ،‬بل إنما صنفه بعضهم في ابتداء القرن الثاني ونسبه إلى يوحنا ليعتبره‬
‫الناس‪ .‬ورجح البعض اآلخر أن هذا اإلنجيل هو من تأليف طالب من طلبة اإلسكندرية‪ .‬وأما زمن كتابة هذا اإلنجيل‬
‫فيحتمل أنه كتب بين سنة ‪ 122 - 96‬ميالدية‪ .‬وإذا عرف زمان شهادة يوحنا الرسول ألمكن معرفة صحة انتساب‬
‫هذا اإلنجيل إليه أو ال‪ ،‬ولكن في زمن شهادته اختالف أيضا‪ ،‬إذ يقول البعض أنه استشهد سنة ‪ 122‬ميالدية‪ ،‬بينما‬
‫يعتقد آخرون أنه كان سنة ‪ 12‬ميالدية‪ .‬هبة السماء‪ ،‬رحلتي من المسيحية إلى اإلسالم ‪ -‬علي الشيخ‪ :‬ص‪.21 – 26‬‬
‫اصدارات انصار االاما اهمدد ‪‬‬ ‫‪212‬‬

‫ال َل مه ْم‪َ :‬ن ماموا َ‬ ‫يذ ِه َو َق َ‬ ‫م َ َ َ َ‬ ‫َ ْ ً َ َ َّ َ َ ً َ ً َ ْ َ َ َ َ ْ‬


‫آلان‬ ‫أيضا وصلى ث ِالثة قا ِئال ِذلك الكالم ِبعي ِن ِه‪ 45 .‬ث َّم ج َاء ِإلى تال ِم ِ‬
‫وموا‬ ‫اع مة َقد ْاق َت َرَب ْت‪َ ،‬و ْاب من إلا ْن َسان مي َس َّل مم إ َلى َأ ْيدي ْال مخ َطاة‪ 46 .‬مق م‬ ‫الس َ‬ ‫يحوا! مه َو َذا َّ‬ ‫اس َتر م‬ ‫َ ْ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫و ِ‬
‫َ َْ‬ ‫َ َّ‬ ‫َ َ‬
‫ن ْنط ِل ْق! مه َو ذا ال ِذي مي َس ِل ممني ق ِد اقت َر َب!)(‪.)1‬‬
‫ِ‬
‫ِ‬
‫وفي مرقْل‪:‬‬
‫هه َنا َحتىَّ‬ ‫اج ِل مسوا م‬ ‫ال لتالميذه‪ْ :‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫َْ ْ م َ َ َْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ م‬
‫(‪ 32‬وجاءوا ِإلى ضيع ٍة اسم َها جثسيما ِني‪ ،‬فق َ ِ ِ ِ ِ‬
‫ََ َ َ‬ ‫م َّ َ َ َ َ َ م م ْ م َ َ َ ْ م َ َ م َ َّ َ ْ َ َ َ َ ْ َ م ْ‬ ‫مأ َ‬
‫ال ل مه ْم‪:‬‬ ‫ش َو َيك َت ِئ مب‪ 34 .‬فق‬ ‫ص ِل َي‪ 33.‬ثم أخذ معه بطرس ويعقوب ويوحنا‪ ،‬وابتدأ يده‬
‫م َّ َ َ َّ َ َ ً َ َ َّ َ َ َ‬
‫ألا ْ‬ ‫َن ْفس ي َحز َين ٌة جد ًا َح َّتى ْاملَ ْوت! ما ْم مك مثوا مه َنا َو ْ‬
‫اس َه م‬
‫ض‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ر‬ ‫ى‬ ‫ل‬ ‫ع‬ ‫ر‬‫خ‬ ‫و‬ ‫يال‬ ‫ل‬ ‫ِ‬ ‫ق‬ ‫م‬ ‫د‬ ‫ق‬ ‫ت‬ ‫م‬ ‫ث‬ ‫‪35‬‬ ‫وا‪.‬‬ ‫ر‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫آلاب‪ ،‬مك ُّل َش ْيء مم ْس َت َطاعٌ‬ ‫ال‪َ :‬يا أ َبا م‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫الساعة إن أ ْمكن‪ 36 .‬وق َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫م‬ ‫َ‬ ‫صلي ِل َك ْي ت ْعب َر عنه َّ‬
‫م‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫م‬ ‫َ‬ ‫ََ َ م َ‬
‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫وكان ي ِ‬
‫م‬ ‫م َْ‬ ‫م َ م ََ‬ ‫هذ ِه ْال َك ْأ َ‬ ‫َ َ ََ ْ َ‬
‫س‪َ .‬و ِلك ْن ِل َيك ْن ل َما أ ِر ميد أنا‪َ ،‬ب ْل َما ت ِر ميد أن َت‪ 37 .‬ث َّم َج َاء‬ ‫لك‪ ،‬فأ ِجز ع ِني ِ‬
‫ً‬ ‫َ َ َ َ م ْ َ ً َ َ َ م ْ م َ َ ْ َ م َْ َ َ ٌ َ َ َ َ ْ َ َ ْ َ ْ َ َ َ َ ً‬
‫اعة َو ِاح َدة؟‬ ‫ووجدهم ِنياما‪ ،‬فقال ِلبطرس‪ :‬يا ِسمعان‪ ،‬أنت نا ِئم! أما قدرت أن تسهر س‬
‫ٌ َ َ َّ ْ َ َ م َ َ ٌ‬ ‫َ ْ َ َ َّ ُّ م َ َ‬ ‫ْ َ م َ َ ُّ َ َّ َ م م‬
‫ض ِعيف‪35 .‬‬ ‫وح فن ِشيط‪ ،‬وأما الجسد ف‬ ‫صلوا ِلئال ت ْدخلوا ِفي تج ِرب ٍة‪ .‬أما الر‬ ‫‪ِ 38‬اسهروا و‬
‫ص َّلى َقائ ًال ذل َك ْال َك َال َم ب َع ْينه‪ 42 .‬مث َّم َ َج َع َو َو َج َد مه ْم َأ ْيض ًا ن َيام ًا‪ ،‬إ ْذ َك َانتْ‬ ‫َو َم َض ى َأ ْيض ًا َو َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ر‬ ‫ِ ِِ‬ ‫ِ ِ‬
‫ال َل مه ْم‪َ « :‬ن ماموا َ‬
‫آلان‬ ‫َأ ْع مي من مه ْم َث ِق َيل ًة‪َ ،‬ف َل ْم َي ْع َل مموا ب َم َاذا ميج ميب َون مه‪ 41 .‬مث َّم َج َاء َث ِال َث ًة َو َق َ‬
‫ْ م َ‬ ‫َ ْ َ َ ِ َّ َ م ِ م َ َ ْ م ْ َ م َ َّ م َ َ‬ ‫ْ‬ ‫اس َتر م‬ ‫َ ْ‬
‫يحوا! َيك ِفي! قد أت ِت الساعة! هو ذا ابن ِإلانس ِان يسلم ِإلى أي ِدي الخط ِاة‪42 .‬‬
‫ْ‬
‫و ِ‬
‫َ َْ‬ ‫َ َّ‬ ‫ْ‬ ‫مق م‬
‫وموا ِل َنذ َه َب! مه َو ذا ال ِذي مي َس ِل مم ِني ق ِد اقت َر َب!)(‪.)2‬‬
‫وفي لوقا‪:‬‬
‫َ َ َّ َ َ َ‬ ‫َّ ْ م ن َ َ َ م َ ْ ً َ َ مم‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫(‪َ 35‬وخ َر َج َو َمض ى كال َع َاد ِة ِإلى َج َب ِل الزيتو ِ ‪ ،‬وت ِبعه أيضا تال ِميذه‪ 42 .‬وملا صار ِإلى‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ص َل َع ْن مه ْم ن ْح َو َر ْم َي ِة َح َج ٍر َو َجثا‬ ‫ص ُّلوا ل َك ْي َل َت ْد مخ ملوا في َت ْجرَبة‪َ 41 .‬و ْان َف َ‬
‫ِ ٍ‬ ‫ِ‬
‫ال َل مه ْم‪َ :‬‬ ‫ْاملَ َكان َق َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َْْ َ َ ْ َم ْ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ ً َ َََ م ْ ْ َ َ ْ م‬ ‫َ َ م ْ َ َ ْ َ َ َّ‬
‫هذ ِه الكأس‪ .‬و ِلكن ِلتكن ل‬ ‫على ركبتي ِه وصلى ‪ 42‬قا ِئال‪ :‬يا أبتاه‪ِ ،‬إن ِشئت أن ت ِجيز ع ِني ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫الس َماء مي َقويه‪َ 44 .‬وإ ْذ كان في ج َه ٍاد كان مي َ‬ ‫َ َ َم َ َ ٌ َ‬ ‫َم َ‬ ‫َ َ‬
‫ص ِلي‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِإ َراد ِتي ب ْل ِإ َرادتك‪ 43 .‬وظ َه َر له مالك ِمن َّ ِ ِ ِ‬
‫م َّ َ َ َ َّ َ‬ ‫َ َ َ َ َ َ َ َ َ َم م َ َ ََ َ َ َ ََ َ‬
‫الصال ِة َو َج َاء‬ ‫ض‪ 45 .‬ثم قام ِمن‬ ‫ِ‬ ‫ر‬‫ألا ْ‬ ‫ات د ٍم نا ِزل ٍة على‬ ‫ِبأش ِد لجاج ٍة‪ ،‬وصار عرقه كقطر ِ‬

‫‪ -1‬متى‪.26 :‬‬
‫‪ -2‬مرقس‪.14 :‬‬
‫‪213‬‬ ‫شبيه عيسى أو امن هو اهمصلوب؟!‬

‫َ َ َ َ م ْ َ َ َ ْ م ْ َ ٌ م م َ َ ُّ َ َّ‬ ‫ْ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ‬


‫صلوا ِلئال‬ ‫يذ ِه‪ ،‬ف َو َج َد مه ْم ِن َياما ِم َن ال مح ْز ِن‪ 46 .‬فقال لهم‪ِ :‬ملاذا أنتم ِنيام؟ قوموا و‬ ‫ِإلى تال ِم ِ‬
‫َ‬ ‫َ مم‬
‫ت ْدخلوا ِفي ت ْج ِرَب ٍة)(‪.)1‬‬
‫وفي يوحنا‪:‬‬
‫م َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ْ َ ْ ََ َ م م‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َْ‬
‫اع ِة؟‪َ .‬و ِلك ْن‬ ‫الس َ‬ ‫هذه َّ‬ ‫ْ‬
‫(‪ 27‬آلان نف ِس ي ق ِد اضط َربت‪ .‬وماذا أقول؟ أ ُّي َها آلاب ن ِج ِني ِمن ِ ِ‬
‫ص ْو ٌت م َن َّ‬ ‫اس َم َك!‪َ .‬ف َج َاء َ‬ ‫َ‬ ‫هذا َأ َت ْي مت إ َلى هذه َّ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫الس َم ِاء‪:‬‬ ‫ِ‬
‫آلاب َمجد ْ‬
‫الساع ِة ‪ 28‬أ ُّي َها م ِ ِ‬ ‫ِِ‬ ‫َِ‬ ‫أل ْج ِل‬
‫َ‬
‫ال‪ :‬ق ْد َح َدث َر ْع ٌد!‪.‬‬
‫َ َ َ ً َ َ َ َ َ َ‬
‫ضا!‪ 25 .‬فال َج ْم مع ال ِذي كان و ِاقفا وس ِمع‪ ،‬ق‬
‫َّ‬ ‫َ ْ‬ ‫َم َّج ْد مت‪َ ،‬و مأ َمج مد أ ْي ً‬
‫َ َ َ َ م م َ َ َْ َ ْ َ‬ ‫ِ‬
‫َ َ َ‬ ‫ْ‬ ‫ٌ‬ ‫َ َ م َ َ م َ ْ َ َّ َ م َ َ‬
‫وآخرون قالوا‪ :‬قد كلمه مالك!‪ 32 .‬أجاب يسوع وقال‪ :‬ليس ِمن أج ِلي صار هذا‬
‫َ َ َْم َ م َ ْ َ َ َ َ م َْ م َ م َ ْ َ‬ ‫َ م‬
‫يس هذا ال َعال ِم‬ ‫الص ْو مت‪َ ،‬ب ْل ِم ْن أ ْج ِلك ْم‪ 31 .‬آلان دينونة هذا العال ِم‪ .‬آلان يطرح رِئ‬ ‫َّ‬
‫ً َ َ‬ ‫َ َ َ‬ ‫َ ْ‬ ‫َْ َ‬ ‫َخارج ًا‪َ 32 .‬و َأ َنا إن ا ْرَت َف ْع مت َ‬
‫ال هذا مم ِشيرا ِإلى أ َّي ِة‬ ‫ض أ ْج ِذ مب ِإل َّي ال َج ِم َيع‪ 33 .‬ق‬ ‫ر‬‫ألا‬ ‫ن‬ ‫ع‬
‫املسيحَ‬ ‫َ َّ ْ َ‬ ‫م‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫م‬ ‫ْ‬ ‫ََ َ َ م ْ َ ْ م َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫م‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ ِ َ َ م ْ ً ِ َِ‬
‫وس أن ِ‬ ‫ِميت ٍة كان َمز ِمعا أن يموت‪ 34َ .‬فأجابه الجم َع‪ :‬نحن س ِمعنا ِمن النام ِ‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ََ َ َ‬ ‫َ َ‬
‫َي ْبقى ِإلى ألا َب ِد‪ ،‬فك ْيف ت مقو مل أن َت ِإ َّن مه َين َب ِغي أ ْن َي ْرت ِف َع ْاب من ِإلان َس ِان؟ َم ْن مه َو هذا ْاب من‬
‫ور‬ ‫الن م‬ ‫يال َب ْع مد‪َ ،‬فسي مروا َما َد َام َل مك مم ُّ‬ ‫َ َ َ َ م ْ َ م م ُّ م َ َ م ْ َ َ ً َ ً‬
‫ِإلان َس ِان؟ ‪ 35‬فقال لهم يسوع‪ :‬النور معكم زمانا ق ِل‬
‫ْ‬
‫ِ‬
‫ور‬ ‫الن م‬ ‫الظ َالم َل َي ْع َل مم إ َلى َأ ْي َن َي ْذ َه مب‪َ 36 .‬ما َد َام َل مك مم ُّ‬ ‫َّ‬ ‫َّ َ َّ‬
‫ِلئال مي ْد ِركك مم الظال مم‪َ .‬وال ِذي َي ِس مير ِفي‬
‫َ َّ َ م‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ْ َ‬ ‫ُّ َ م َ ْ َ َ ُّ َ َ َّ َ َ م م َ م‬
‫وع ِبهذا ث َّم َم َض ى َواخ َتفى َع ْن مه ْم)(‪.)2‬‬ ‫ور‪ .‬تكلم يس‬ ‫ور ِلت ِصيروا أبناء الن ِ‬ ‫ِآمنوا ِبالن ِ‬
‫م‬
‫كل هذه التضرعات تدل بال شك على أن عيس ى ‪ ‬لم تكن رسالته هي ما يقول‬
‫ً‬
‫به املسيحيون من صلب وتكفير عن الخطيئة ألاولى ‪ -‬كما يعبرون ‪ -‬ول أحسب أحدا‬
‫يشك في أن هللا تعالى سيستجيب لهذا النبي الصالح وينجيه من خطة املوت التي رسمها‬
‫له اليهود‪.‬‬
‫فقد ورد في املزامير‪:‬‬
‫صن معَ‬ ‫َ‬ ‫م‬
‫الر ُّب لي فال أخاف‪َ .‬ماذا َي ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫الر ْحب‪َّ 6 .‬‬ ‫الر َّب فأ َج َاب ِني ِم َن ُّ‬‫َ‬ ‫َ‬ ‫م‬
‫الضيق َد َع ْوت َّ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫َِ‬ ‫ِ‬ ‫(‪ِ 5‬من ِ‬
‫ْ َ م َّ َ‬ ‫ََ َ‬ ‫بي إلا ْن َس م‬
‫الر ِب خ ْي ٌر ِم َن‬ ‫الر ُّب ِلي َب ْي َن مم ِع ِين َّي‪َ ،‬وأنا َسأ َرى ِبأ ْع َدا ِئي‪ 8 .‬الاح ِتماء ِب‬ ‫ان؟ ‪َّ 7‬‬
‫ِ ِ‬
‫م ُّ م َ َ َ م‬ ‫َ‬ ‫ْ َ م َّ َ ْ ٌ َ َّ َ ُّ َ َ ُّ َ‬ ‫َ‬ ‫َّ َ ُّ َ َ ْ‬
‫التوك ِل على ِإنس ٍان‪ 5 .‬الاح ِتماء ِبالر ِب خير ِمن التوك ِل على الرؤس ِاء‪ 12 .‬كل ألام ِم أحاطوا‬
‫َ م‬ ‫الرب مأب م‬ ‫اطوا بي َو ْاك َت َن مفوني‪ .‬ب ْ‬ ‫َ َ م‬ ‫الرب مأب م‬
‫يد مه ْم‪ 12 .‬أ َحاطوا ِبي‬ ‫ِ ِ‬
‫اسم َّ‬
‫ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ح‬ ‫أ‬ ‫‪11‬‬ ‫‪.‬‬ ‫م‬ ‫يد مه ْ‬ ‫َّ‬
‫ِبي‪ِ .‬باس ِم ِ ِ‬
‫ْ‬

‫‪ -1‬لوقا‪.22 :‬‬
‫‪ -2‬يوحنا‪.12:‬‬
‫اصدارات انصار االاما اهمدد ‪‬‬ ‫‪211‬‬

‫ً َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫الرب مأب م‬ ‫َّ‬ ‫الن ْحل‪ْ .‬ان َط َف مأوا َك َ‬ ‫م ْث َل َّ‬


‫يد مه ْم‪َ 13 .‬د َح ْرت ِني مد محورا أل ْس مقط‪ ،‬أ َّما‬ ‫ِ ِ‬
‫اسم َّ‬
‫ِ ِ‬
‫الش ْوك‪ .‬ب ْ‬
‫ِ‬ ‫ار‬
‫ِ‬ ‫ن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ ْ م َ َ ُّ َ َ َ‬ ‫َّ ُّ َ َ ْ َ َ َ َ ً‬ ‫ُّ‬ ‫م َّ َ ََ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ ُّ ََ‬
‫ص ِفي‬ ‫الرب فعضد ِني‪ 14 .‬قو ِتي وترن ِمي الرب‪ ْ ،‬وقد صار ِلي خالصا‪ 15 .‬صوت ترن ٍم وخال ٍ‬
‫َ ٌ‬ ‫الرب مم ْرَت ِف َع ٌة‪َ .‬ي ِم مين َّ‬ ‫صا ِن َع ٌة ب َبأس‪َ 16 .‬ي ِم مين َّ‬ ‫الص ِد ِيق َين‪َ :‬ي ِم مين َّ‬
‫صا ِن َعة‬ ‫الر ِب‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫الرب َ‬
‫ِ‬ ‫ِخي ِام ِ‬
‫َ‬
‫َ َْ َ‬
‫الر ُّب‪َ ،‬وِإلى امل ْو ِت ل ْم‬ ‫الرب‪َ 18 .‬ت ْأ ِديب ًا َأ َّد َب ِني َّ‬ ‫َّ‬ ‫َ َم م َ ْ َ ْ َ َم َ م َ ْ َ‬ ‫َْ‬
‫ِببأ ٍس‪ 17 .‬ل أموت بل أحيا وأح ِدث ِبأعم ِال ِ‬
‫مي ْس ِل ْم ِني)(‪.)1‬‬
‫بل بعد هذه التوسالت أل يمكن أن نفسر النص آلاتي على أن هللا استجاب‬
‫لعيس ى طلبه باإلعفاء من التجربة؟‬
‫َ‬
‫الس َم ِاء ميق ِو ِيه)(‪.)2‬‬ ‫يقول إنجيل لوقا‪َ 43( :‬و َظ َه َر َل مه َم َال ٌك م َن َّ‬
‫ِ‬
‫ً‬
‫ولنتأمل في السياق قليال‪:‬‬
‫َ َ َّ َ َ‬ ‫َ ً َ َ م‬ ‫َ‬ ‫(‪َ 35‬و َخ َر َج َو َم َض ى َك ْال َع َادة إ َلى َج َبل َّ‬
‫ص َار ِإلى‬ ‫الزْي متو ِن‪َ ،‬وت ِب َع مه أ ْيضا تال ِميذ مه‪ 42 .‬وملا‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ ْ َ َ َ َ ْم ْ َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ َ َ َ َ َ م ْ َ ُّ َ ْ َ َ ْ م م‬
‫املك ِان قال لهم‪ :‬صلوا ِلكي ل تدخلوا ِفي تج ِرب ٍة »‪ 41 .‬وانفصل عنهم نحو رمي ِة حج ٍر‬
‫س‪َ .‬و ِلك ْن‬ ‫هذ ِه ْال َك ْأ َ‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫ع‬‫ص َّلى ‪َ 42‬قائ ًال‪َ :‬يا َأ َب َت ماه‪ ،‬إ ْن ش ْئ َت َأ ْن متج َيز َ‬ ‫َو َج َثا َع َلى مر ْك َب َت ْيه َو َ‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫م‬ ‫م َ‬
‫ِل َتك ْن ل ِإ َر َاد ِتي َبل ِإ َرادتك‪ 43 .‬وظ َه َر له مالك ِمن السم ِاء يق ِو ِيه‪ 44 .‬وِإذ كان ِفي ِج َه ٍاد‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫م‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫ٌ‬ ‫َ‬ ‫م‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫م َ‬ ‫َ َ َ َ‬ ‫َ َ م َ َ َ َ َ َ َ َ َ مم ََ َ‬
‫ض‪ 45 .‬ث َّم ق َام ِم َن‬ ‫ِ‬ ‫ات َد ٍم نا ِزل ٍة َعلى ألا ْر‬ ‫كان يص ِلي ِبأش ِد لجاج ٍة‪ ،‬وص َار ع َرقه كقط َر ِ‬
‫َ َ َْ‬ ‫ََ َ َ‬ ‫ْ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫َّ َ َ َ َ َ َ‬
‫ال ل مه ْم‪ِ :‬ملاذا أن مت ْم ِن َي ٌام؟‬ ‫يذ ِه‪ ،‬ف َو َج َد مه ْم ِن َياما ِم َن ال مح ْز ِن‪ 46 .‬فق‬ ‫الصال ِة وج َاء ِإلى تال ِم ِ‬
‫َ‬ ‫م م َ َ ُّ َ َّ َ م م‬
‫صلوا ِلئال ت ْدخلوا ِفي ت ْج ِرَب ٍة) (‪.)3‬‬ ‫قوموا و‬
‫َ‬ ‫م‬ ‫م‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫ُّ‬ ‫م‬
‫صلوا ِلئال تدخلوا ِفي ت ْج ِرَب ٍة)؟ أليس هذا حديث َمن‬ ‫وموا َو َ‬ ‫لحظوا قوله للتالميذ‪( :‬ق م‬
‫يريد أن يؤكد على أن الصالة والتوسل تنفع املؤمن في الخالص من التجارب الصعبة؟‬
‫ً‬
‫إذن أليس فيه دليال على أن هللا استجاب لعيس ى توسالته‪ ،‬وجنبه التجربة الصعبة؟‬
‫ولننظر في هذا النص‪:‬‬
‫ْ َ َ َ َ َ َ ْ ٌ َ َّ َ َ َّ ْ م َ م َ م َ ْ ً‬ ‫(‪َ 28‬أ ُّي َها م‬
‫آلاب َم ِج ِد اسمك!‪ .‬فجاء صوت ِمن السم ِاء‪ :‬مجدت‪ ،‬وأم ِجد أيضا!‪25 .‬‬
‫َ‬ ‫َ َ َ ً َ َ َ َ َ َ ْ َ َ َ َ ْ ٌ َ َ م َ َ م َ َ َّ‬ ‫َّ‬ ‫َ ْ‬
‫ون قالوا‪ :‬ق ْد كل َم مه َمال ٌك!‪.‬‬ ‫فال َج ْم مع ال ِذي كان وا ِقفا وس ِمع‪ ،‬قال‪ :‬قد حدث رعد!‪ .‬وآخر‬
‫َ‬ ‫َ م‬ ‫َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫ال‪َ « :‬ل ْي َ‬ ‫َ َ َ َ م م َ‬
‫الص ْو مت‪َ ،‬ب ْل ِم ْن أ ْج ِلك ْم‪ 31 .‬آلا َن‬ ‫هذا َّ‬ ‫س ِم ْن أ ْج ِلي صار‬ ‫وق َ‬ ‫‪ 32‬أجاب يسوع‬

‫‪ -1‬مزمور‪.111 :‬‬
‫‪ -2‬لوقا‪.22 :‬‬
‫‪ -2‬لوقا‪.22 :‬‬
‫‪215‬‬ ‫شبيه عيسى أو امن هو اهمصلوب؟!‬
‫َْ َ ْ م َ َ‬
‫ألا ْ‬ ‫َََ‬ ‫َْم َ م َ ْ َ َ َ َ م َْ م َ م َ ْ َ َ َ ً‬
‫ض‬‫ِ‬ ‫ر‬ ‫ن‬‫ِ‬ ‫ع‬ ‫ت‬ ‫ع‬ ‫ف‬ ‫ت‬
‫ر‬ ‫ا‬ ‫ن‬ ‫َدينونة هذا العال ِم‪ .‬آلان يطرح رِئيس هذا العال ِم خا ِرجا‪ 32 .‬وأ ِ ِ‬
‫إ‬ ‫ا‬‫ن‬
‫َ ْ‬
‫أ ْج ِذ مب ِإل َّي ال َج ِم َيع)(‪.)1‬‬
‫َ م‬ ‫َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫ما معنى قول عيس ى‪(َ :‬ل ْي َ‬
‫الص ْو مت‪َ ،‬ب ْل ِم ْن أ ْج ِلك ْم)؟‬ ‫هذا َّ‬ ‫س ِم ْن أ ْج ِلي صار‬
‫إذا كان املالك قد قواه بمعنى إنه شد من عزمه على تحمل الصلب والتعذيب‪،‬‬
‫فالصوت يكون من أجله (أي عيس ى)‪ .‬إذن هذا القول ل ميفهم إل بوصفه إشارة من‬
‫عيس ى ‪ ‬إلى التالميذ وإلى من يبلغه كالمه مضمونها إن هللا استجاب له وأنزل شبيهه‬
‫ً‬
‫مليصلب بدل منه‪.‬‬
‫ولهذا تحدث بعده عيس ى عن رفعه‪ ،‬ولم ينطق بحرف واحد ميتوهم منه أنه‬
‫سيصلب‪.‬‬ ‫م‬
‫َ ْ َ‬ ‫ََ‬ ‫َ ْ َ َ َ َ‬ ‫ََ َ‬
‫‪ -7‬قول املصلوب‪َ ( :‬م ْملك ِتي ل ْي َس ْت ِم ْن هذا ال َعال ِم‪ .‬ل ْو كان ْت َم ْملك ِتي ِم ْن هذا ال َعال ِم‪،‬‬
‫ََ‬ ‫َ َ‬ ‫َ َ َ م َّ م َ م َ َ ْ َ م َ َّ َ َ ْ‬
‫آلان ل ْي َس ْت َم ْملك ِتي ِم ْن مه َنا) (‪.)2‬‬ ‫ود‪َ .‬و ِلك ِن‬
‫ِ‬ ‫ه‬‫م‬ ‫َ‬
‫ي‬ ‫ال‬ ‫لكان خد ِامي يج ِاهدون ِلكي ل أسلم ِإلى‬
‫إشارة إلى أن املصلوب ليس هو عيس ى ‪‬؛ ألن عيس ى ‪ ‬كانت رسالته أن يبشر‬
‫بامللكوت في زمن بعثته‪.‬‬
‫وإذا كان املسيحيون يحاولون تأويل العبارة على أن املراد منها هو إلاشارة إلى‬
‫اململكة الروحانية أو امللكوتية التي يزعمون أن عيس ى ‪ ‬سيكون الحاكم فيها فقد‬
‫تبين مما تقدم من بحوث أنهم مخطئون في زعمهم‪ ،‬وإن اململكة املشار إليها ستتحقق‬
‫في ألارض بقيادة املنقذ املنتظر‪ ،‬إذن علينا أن نفهم هذه العبارة دون تأويالت مغلوطة‪،‬‬
‫وهي بال شك تدل على أن املصلوب هو صاحب اململكة املوعودة‪.‬‬
‫م َ م َ َ َ م َ َّ َ َ ْ‬ ‫َ َ َ م َّ‬
‫ود) يشير إلى جهاد ونضال وهو‬ ‫وقوله‪( :‬لكان خد ِامي يج ِاهدون ِلك ْي ل أسلم ِإلى ال َي مه ِ‬
‫ما ل يتفق مع سلطان روحي مهيمن يرافق عودة عيس ى الثانية كما يقولون‪ ،‬بل إن‬
‫ً‬ ‫ََ‬ ‫َ َ‬
‫آلان ل ْي َس ْت َم ْملك ِتي ِم ْن مه َنا) دليال على أن اململكة‬ ‫بمستطاعنا أن نرى في قوله‪(َ :‬و ِلك ِن‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫(آلان) مي ْح ِكم مراده من قوله (ل ْي َس ْت ِم ْن هذا‬ ‫التي يشير لها مملكة أ ضية‪ ،‬فقوله َ‬
‫ر‬

‫‪ -1‬يوحنا‪.12 :‬‬
‫‪ -2‬يوحنا‪.11 :‬‬
‫اصدارات انصار االاما اهمدد ‪‬‬ ‫‪216‬‬

‫ْ َ‬
‫ال َعال ِم)‪ ،‬فيكون املعنى إنها ليست في هذا الزمن وبالتالي هي في زمن آخر‪ ،‬وهو بال شك‬
‫زمن أرض ي‪.‬‬
‫‪ -8‬إنكار بطرس معرفته للمصلوب يضعنا أمام تساؤل كبير لسيما إذا علمنا أن‬
‫ال‬ ‫بطرس من مقربي عيس ى ‪ ،‬بل إنه خليفته ومعروف بإخالصه وشجاعته‪َ 33( :‬ف َق َ‬
‫َ َْ‬ ‫م ْ َ ٌّ َ ْ َ ْ َ َ َ َ َ َّ َ‬ ‫َم َ‬
‫الس ْج ِن َوِإلى امل ْو ِت!)(‪.)1‬‬ ‫له‪ :‬يا َر ُّب‪ِ ،‬إ ِني مست ِعد أن أم ِض ي معك حتى ِإ ِ‬
‫ى‬ ‫ل‬
‫بل إن قول عيس ى ‪ ‬لتالميذه إنهم سيشكون فيه الليلة كلهم‪ ،‬قول يحرك في‬
‫َ َ َ َ م ْ َ م م م ُّ م َ‬
‫وع‪ :‬كلك ْم ت مش ُّكو َن‬ ‫أذهاننا فكرة غير التي تفهم من ظاهر النص‪ِ 31( :‬حين ِئ ٍذ قال لهم يس‬
‫م‬
‫َّ ْ َ َ َّ م َ ْ م ٌ َ َ ْ م َّ َ َ َ َ َ َّ م َ م‬
‫الر ِع َّي ِة‪َ 32 .‬و ِلك ْن َب ْع َد‬ ‫اف َّ‬ ‫هذ ِه الليل ِة‪ ،‬ألنه مكتوب‪ :‬أ ِني أض ِرب الر ِاعي فتتبدد ِخر‬ ‫ِف َّى ِفي ِ‬
‫َََ َ‬ ‫َ ْ‬ ‫َ‬ ‫ََ َ َ م ْم م َ َ َ َ‬ ‫م َ ْ‬ ‫َ‬
‫يك ال َج ِم ميع فأنا ل‬ ‫ال ل مه‪َ :‬وِإ ْن ش َّك ِف‬ ‫ِق َي ِامي أ ْس ِب مقك ْم ِإلى ال َج ِل ِيل‪ 33 .‬فأجاب بطرس وق‬
‫يك‬ ‫يح د ٌ‬ ‫الل ْي َلة َق ْب َل َأ ْن َيص َ‬ ‫َّ‬
‫ه‬ ‫هذ‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫ك‬‫وع‪ْ :‬ال َح َّق َأ مقو مل َل َك‪ :‬إ َّن َ‬ ‫ال َل مه َي مس م‬ ‫َ‬ ‫ق‬
‫َ‬
‫‪34‬‬ ‫‪.‬‬
‫َ م ُّ َ َ ً‬
‫ا‬ ‫أشك أبد‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ ِِ‬
‫َ َ‬ ‫َ ْ‬ ‫م‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫اضطر ْر مت أ ْن أ مم َ‬ ‫م‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ات‪َ 35 .‬ق َ‬ ‫َ ََ‬ ‫مْ‬
‫وت َم َع َك ل أن ِك مر َك! هكذا‬ ‫ِ‬
‫س‪َ :‬ولو ْ‬
‫ِ‬
‫ال ل مه مبط مر م‬ ‫تن ِك مرني ثالث َم َّر ٍ‬
‫َ َ َ ْ ً َ م َّ َ‬
‫يذ)(‪.)2‬‬ ‫ال أيضا ج ِميع التال ِم ِ‬ ‫ق‬
‫إن إنكار بطرس الذي نعرفه من النص التالي‪ ،‬يضع أمامنا احتمال قوي أن يكون‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫منشؤه هو إن املصلوب لم يكن هو عيس ى ‪ ،‬وبالتالي يكون بطرس صادقا تماما‬
‫َْ‬ ‫َ ْ َ م م ْ م م َ َ َ ً َ ْ َ َ َ م َ ََ‬
‫صط ِلي‪ .‬فقالوا ل مه‪ :‬أل ْس َت أن َت‬ ‫بقوله إنه ل يعرفه‪ 25( :‬و ِسمعان بطرس كان و ِاقفا ي‬
‫يس الك َه َن ِة‪،‬‬
‫َ‬ ‫ْ‬
‫ئ‬
‫ِ‬ ‫ر‬ ‫يد َ‬
‫ِ‬ ‫ب‬ ‫ع‬‫ال َواح ٌد م ْن َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ال‪َ :‬ل ْس مت َأ َنا!‪َ 26 .‬ق َ‬ ‫اك َو َق َ‬ ‫َأ ْيض ًا م ْن َت َالميذه؟ َف َأ ْن َك َر َذ َ‬
‫ِ ِِ‬ ‫ِ‬
‫َ ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫م‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫س أذن مه‪ :‬أ َما َرأ ْيت َك أنا َم َع مه في ال مب ْستان؟ ‪ 27‬فأنك َر مبط مر م‬‫ْ‬ ‫َ‬ ‫م‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫يب ال ِذي قط َع مبط مر م‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َو مه َو َن ِس م‬
‫س‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫يك) (‪.)3‬‬ ‫اح الد م‬ ‫ص َ‬ ‫َأ ْيض ًا‪َ .‬ول ْل َو ْقت َ‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫ض َر مموا َنارا في َو ْسط َّ‬ ‫ً‬ ‫َ‬
‫(‪َ 55‬و َملَّا أ ْ‬
‫س َب ْي َن مه ْم‪ 56 .‬ف َرأت مه‬ ‫س مبط مر م‬ ‫الدار َو َجل مسوا َمعا‪َ ،‬جل َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ان َم َع مه!‪َ 57 .‬ف َأ ْن َك َر مه َقائ ًال‪َ :‬ل ْستم‬ ‫هذا َك َ‬ ‫ََ َ ْ َ َ‬ ‫َ َ ٌ َ ً ْ َ َّ َ َ َ َ ْ‬
‫ِ‬ ‫فيه وقالت‪ :‬و‬ ‫جا ِرية ج ِالسا ِعند الن ِار فتف َّرست ِ‬
‫َم‬ ‫َ م‬
‫أ ْع ِرف مه َيا ْام َرأة!)(‪.)4‬‬

‫‪ -1‬لوقا‪.22 :‬‬
‫‪ -2‬متى‪.26 :‬‬
‫‪ -2‬يوحنا‪.11 :‬‬
‫‪ -4‬لوقا‪.22 :‬‬
‫‪217‬‬ ‫شبيه عيسى أو امن هو اهمصلوب؟!‬

‫املرأة تتحدث عن عيس ى ‪ ،‬وبطرس يقول عن املصلوب ليس أعرفه؛ ألنه ليس‬
‫عيس ى‪.‬‬
‫‪ -5‬ورد في بعض النصوص ما يدل على أن من ذهبوا إلى إلقاء القبض على عيس ى‬
‫‪ ‬لم يتعرفوا عليه‪:‬‬
‫َ‬
‫وذا ْال مج ْن َد َوخ َّد ًاما م ْن ع ْند مرؤ َساء الك َه َنة َوال َفريسي َين‪َ ،‬و َج َاء إلى مه َن َ‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫م‬ ‫ََ َ َ َم َ‬
‫اك‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِْ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫(‪ 3‬فأخذ يه‬
‫ال َل مه ْم‪َ :‬منْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫م‬ ‫َ‬
‫يح َو ِسالح‪ 4 .‬فخ َر َج ي مسوع َوه َو ع ِال ٌم بكل َما َيأ ِتي عل ْي ِه‪َ ،‬وق َ‬ ‫م‬ ‫م‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫صاب َ‬ ‫ب َم َشاع َل َو َم َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َّ َ َ َ م ْ َ َ م َ َ َ َ َ م َ م َ م م َ ْ ً َ ً‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫م‬ ‫َ‬ ‫م‬ ‫م‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫م‬ ‫َ ْم‬
‫اص ِري‪ .‬قال لهم‪ :‬أنا هو‪ .‬وكان يهوذا مس ِلمه أيضا وا ِقفا‬ ‫تطلبون؟ ‪ 5‬أجابوه‪ :‬يسوع الن ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫م‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ََ‬ ‫َ َ َّ َ َ َ‬
‫ض‪ 7 .‬ف َسأل مه ْم‬ ‫ِ‬ ‫ال ل مه ْم‪ِ :‬إ ِني أنا مه َو‪َ ،‬ر َج معوا ِإلى ال َو َر ِاء َو َسقطوا َعلى ألا ْر‬ ‫َم َع مه ْم‪ 6 .‬فلما ق‬
‫ََ‬ ‫َ مْ َ م‬ ‫الناصر َّي‪َ 8 .‬أ َج َ‬ ‫َأ ْيض ًا‪َ :‬م ْن َت ْط مل مبو َن؟ َف َق مالوا‪َ :‬ي مس َ‬
‫اب َي مسوع‪« :‬ق ْد قل مت لك ْم‪ِ :‬إ ِني أنا مه َو‪.‬‬ ‫ِ ِ‬
‫وع َّ‬
‫َ‬ ‫َ َ م َّ َّ َ َ ْ َ‬ ‫َ َّ ْ َ ْ م َّ‬ ‫م َ ْ َ‬ ‫َ ْم َ َ‬ ‫َ م‬
‫ف ِإ ْن ك ْن مت ْم تطل مبون ِني ف َد معوا هؤل ِء َيذ َه مبون‪ِ 5 .‬لي ِتم القول ال ِذي قاله‪ِ :‬إن ال ِذين أعطيت ِني‬
‫ْ‬
‫َ ً‬ ‫َ م‬
‫ل ْم أ ْه ِل ْك ِم ْن مه ْم أ َحدا)(‪.)1‬‬
‫ً‬
‫لنتذكر أن عيس ى ‪ ‬كان يعلم في الهيكل وكان موجودا بينهم‪ ،‬فهو معروف لهم‪:‬‬
‫َّ‬ ‫ْ‬ ‫الل ْيل َي ْخ مر مج َو َيب م‬ ‫َّ‬ ‫ََْْ َ‬ ‫ََ َ‬
‫يت ِفي ال َج َب ِل ال ِذي مي ْد َعى‬ ‫ِ‬ ‫(‪ 37‬وكان ِفي النه ِار يع ِلم ِفي الهيك ِل‪ ،‬و ِفي ِ‬
‫َّ َ م َ م‬
‫وه)(‪.)2‬‬ ‫ون إ َل ْيه في ْال َه ْي َكل ل َي ْس َم مع م‬ ‫َ َ َ م ُّ َّ ْ م َ م َ‬ ‫َ َ َ َّ ْ م‬
‫ِ ِ‬ ‫جبل الزيتو ِن‪ 38 .‬وك َان كل الشع ِب يب ِكر ِ ِ ِ‬
‫الش ْعب َف َج َل َ‬ ‫ُّ ْ َ َ َ َ ْ َ م َّ‬ ‫ً َ ْ َ‬ ‫(‪ 2‬مث َّم َح َ‬
‫س‬ ‫ِ‬ ‫ض َر أ ْيضا ِإلى ال َه ْيك ِل ِفي الصب ِح‪ ،‬وجاء ِإلي ِه ج ِميع‬
‫مي َع ِل مم مه ْم)(‪.)3‬‬
‫إذن كونهم لم يتعرفوا عليه يمكن أن ميستدل منه إن املصلوب شخص مختلف‬
‫عن الذي سبق لهم أن عرفوه‪.‬‬
‫‪ -12‬لو أن املقربين من عيس ى كانوا يعلمون أن عيس ى ميصلب ويقوم من موته بعد‬
‫ً‬
‫أيام ‪ -‬كما يقول املسيحيون ‪ -‬فهل من املعقول أن تأتي النساء حامالت معهن حنوطا؟‬
‫َ َّ َ َ‬ ‫َ ْ‬ ‫ََ َ ْ َ‬ ‫َ َْ‬ ‫م‬ ‫َ‬ ‫م‬
‫(‪ 1‬ث َّم ِفي أ َّو ِل ألا ْس مب ِوع‪ ،‬أ َّو َل الف ْج ِر‪ ،‬أت ْي َن ِإلى الق ْب ِر َح ِامال ٍت ال َح منوط ال ِذي أ ْع َد ْدن مه‪،‬‬
‫الر ِب‬‫اس‪َ 2 .‬ف َو َج ْد َن ْال َح َج َر مم َد ْح َرج ًا َعن ْال َق ْبر‪َ 3 ،‬ف َد َخ ْل َن َو َل ْم َيج ْد َن َج َس َد َّ‬ ‫َو َم َع مه َّن مأ َن ٌ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬

‫‪ -1‬يوحنا‪.11 :‬‬
‫‪ -2‬لوقا‪.21 :‬‬
‫‪ -2‬يوحنا‪.1 :‬‬
‫اصدارات انصار االاما اهمدد ‪‬‬ ‫‪219‬‬

‫ْ م‬ ‫َ‬ ‫ات في ذل َك‪ ،‬إ َذا َر مج َالن َو َق َفا به َّن بث َ‬ ‫َ َ م َّ م ْ َ ٌ‬ ‫َ م َ‬


‫اب َب َّراق ٍة‪َ 5 .‬وِإذ ك َّن‬ ‫ٍ‬ ‫ي‬ ‫ِِ ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫يسوع‪ 4 .‬و ِفيما هن محتا َر ِ ِ‬
‫ات؟ ‪َ 6‬ل ْي َ‬ ‫َ َ َ َّ َ َ َ ْ م ْ َ ْ َ َ ْ َ َ َ‬ ‫َ َ‬
‫وه مه َّن ِإلى ألا ْر‬ ‫َخائ َفات َو مم َنك َسات مو مج َ‬
‫س‬ ‫ض‪ ،‬قال ل مهن‪ِ :‬ملاذا تطلبن الح َّي بين ألا ْمو ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ٍ‬ ‫ِ ٍ‬
‫ف َك َّل َم مك َّن َو مه َو َب ْع مد في ْال َجليل ‪َ 7‬قائ ًال‪ :‬إ َّن مه َي ْن َبغي َأ ْن مي َس َّلمَ‬ ‫َّ م َ َ م ْ م ْ َن َ ْ َ‬
‫هه َنا‪ِ ،‬لكنه قام! اذكر كي‬ ‫مه َو م‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫َ م م َ َ َّ َ َ َ‬ ‫َّ‬ ‫ْ‬ ‫م َ َم َْ‬ ‫مَ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫وم‪ 8 .‬ف َتذك ْرن كال َم مه‪،‬‬ ‫صل َب‪َ ،‬و ِفي ال َي ْو ِم الث ِال ِث يق‬ ‫اس خط ٍاة‪ ،‬وي‬ ‫ٍ‬ ‫ْاب من ِإلان َس ِان ِفي أ ْي ِدي أن‬
‫َ َ‬ ‫َ م‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ َ َ‬ ‫َْ‬
‫‪َ 5‬و َر َج ْع َن ِم َن الق ْب ِر‪َ ،‬وأخ َب ْرن ألا َح َد َعش َر َو َج ِم َيع ال َبا ِق َين ِبهذا ك ِل ِه‪َ 12 .‬وكان ْت َم ْرَي مم‬
‫ََ‬
‫ات َم َع مه َّن‪ ،‬الل َوا ِتي قل َن هذا ِل ُّلر مس ِل‪ 11 .‬فت َر َاءى‬
‫َ‬ ‫مْ‬ ‫َّ‬ ‫وب َو ْال َباق َي م‬ ‫ْاملَ ْج َدل َّي مة َو مي َو َّنا َو َم ْرَي مم مأ ُّم َي ْع مق َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ َ ْ م َ م م َّ (‪)1‬‬ ‫َ َ م م َّ َ م ْ َ ْ َ ََ‬
‫كالمهن لهم كالهذي ِان ولم يص ِدقوهن) ‪.‬‬
‫وملاذا لم يصدق التالميذ إن عيس ى ‪ -‬كما يزعمون ‪ -‬سوف ميصلب ويقوم بعد ثالثة‬
‫أيام؟‬
‫يد ٍة َع ْن أو مر َشل َ‬ ‫م‬ ‫(‪َ 13‬وإ َذا ْاث َنان م ْن مه ْم َك َانا مم ْن َطل َق ْين في ذل َك ْال َي ْوم إ َلى َق ْرَية َبع َ‬
‫يم ِس ِت َين‬ ‫ِ‬ ‫ٍ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫م‬ ‫م‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ َ َ َ َّ‬ ‫م‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫اس م‬ ‫َغ ْل َو ًة‪ْ ،‬‬
‫هذ ِه الحو ِاد ِث‪.‬‬ ‫ض عن ج ِم ِيع ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ع‬ ‫ب‬ ‫ع‬ ‫م‬ ‫ا‬ ‫م‬ ‫ه‬ ‫ض‬ ‫ع‬ ‫ب‬ ‫ان‬ ‫ِ‬ ‫م‬ ‫ل‬ ‫ك‬ ‫ت‬ ‫ي‬ ‫ا‬ ‫ان‬ ‫ك‬ ‫و‬ ‫‪14‬‬ ‫‪.‬‬ ‫اس‬ ‫و‬ ‫م‬ ‫ع‬‫ِ‬ ‫ا‬ ‫ه‬ ‫م‬
‫ََْ َ َْ َ َ م م َ ْ م م َ َ‬ ‫َ َّ‬
‫‪َ 15‬و ِف َيما مه َما َي َتكل َم ِان َو َي َت َح َاو َر ِان‪ ،‬اقترب ِإلي ِهما يسوع نفسه وكان يم ِش ي معهما‪16 .‬‬
‫َ‬ ‫م‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫َ ْ َ َ َّ َ َ‬ ‫ََ َ َ‬ ‫َ‬ ‫م َ َ‬
‫ال ل مه َما‪َ « :‬ما هذا الكال مم ال ِذي ت َتطا َر َح ِان ِب ِه‬ ‫َو ِلك ْن أ ْم ِسك ْت أ ْع مي من مه َما َع ْن َم ْع ِرف ِت ِه‪ 17 .‬فق‬
‫ْ م م َ ْم َ م َ َ َ َ‬ ‫َّ‬ ‫ََ َ َ َ‬ ‫ََْم َ َ‬
‫ال ل مه‪َ :‬ه ْل‬ ‫اب أ َح مد مه َما‪ ،‬ال ِذي اسمه ك ِِليوباس وق‬ ‫اش َي ِان َع ِاب َس ْي ِن؟» ‪ 18‬فأج‬ ‫وأنتما م ِ‬
‫َ‬ ‫ور َّالتي َح َد َث ْ‬ ‫ألا مم َ‬ ‫م م َ َ ََ ْ َ َْ م‬ ‫َأ ْن َت مم َت َغر ٌب َو ْح َد َ‬
‫هذ ِه ألا َّي ِام؟ ‪15‬‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫ا‬ ‫يه‬‫َ‬ ‫ف‬ ‫ت‬ ‫ِ‬ ‫م‬ ‫ِ‬ ‫ل‬ ‫ع‬ ‫ت‬ ‫م‬ ‫ل‬‫و‬ ‫يم‬ ‫ل‬‫ِ‬ ‫ش‬ ‫ر‬ ‫و‬‫أ‬ ‫ي‬ ‫ف‬‫ِ‬ ‫ك‬ ‫ِ‬
‫َ َ ْ َ ً َ ً مَْ ً‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫م‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ َ م َ َ َ َ َ َ َ ْ م ْ َ َّ م‬
‫فقال لهما‪ :‬وما ِهي؟ فقال‪ :‬املختصة ِبيسوع النا ِص ِر ِي‪ ،‬ال ِذي كان ِإنسانا ن ِبيا مقت ِدرا ِفي‬
‫ض ِاء‬ ‫ف َأ ْس َل َم مه مر َؤ َس ماء ْال َك َه َنة َو مح َّك مام َنا ل َق َ‬ ‫َْ َ‬
‫ي‬ ‫ك‬ ‫‪22‬‬ ‫‪.‬‬ ‫ب‬ ‫ع‬ ‫الش ْ‬ ‫َّ‬
‫يع‬ ‫م‬ ‫ج‬ ‫ْالف ْعل َو ْال َق ْول َأ َم َام هللا َو َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫َ َ ْ م م َّ ِ َ ْ م َ َّ م م َ ْ م ْ م َ ْ َ ْ َ ْ َ َ َ ْ َ َ َ م‬ ‫م‬ ‫م‬ ‫َْْ َ َ َ‬
‫املو ِت وصلبوه‪ 21 .‬ونحن كنا نرجو أنه هو املز ِمع أن يف ِدي ِإسرا ِئيل‪ .‬و ِلكن‪ ،‬مع هذا ك ِل ِه‪،‬‬
‫ً‬ ‫َ ْ م‬
‫الن َس ِاء ِم َّنا َح َّي ْرن َنا ِإذ ك َّن َب ِاكرا ِع ْن َد‬ ‫ض ِ‬ ‫ْال َي ْو َم َل مه َث َال َث مة َأ َّيام مم ْن مذ َح َد َث ِذل َك‪َ 22 .‬ب ْل َب ْع م‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ٍ‬
‫م‬ ‫َّ‬ ‫م‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ َّ َ‬ ‫َْ‬
‫الق ْب ِر‪َ 23 ،‬وملا ل ْم ي ِجدن جسده أتين قا ِئال ٍت‪ِ :‬إن مهن َرأين منظ َر مال ِئك ٍة قالوا ِإنه ح ٌّي‪24 .‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َّ‬ ‫ْ‬ ‫م‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫َ‬ ‫َ َ َ َ َ َ ْ َْ ً‬ ‫َ َ َ َ ْ َ َّ َ َ َ َ َ ْ َ ْ َ َ َ م‬
‫الن َس ماء‪َ ،‬وأ َّما مه َو‬ ‫ومض ى قو ٌم ِمن ال ِذين معنا ِإلى القب ِر‪ ،‬فوجدوا هكذا كما قالت أيضا ِ‬
‫َ َ َّ‬ ‫َ َ َ َ م َ َ ُّ َ ْ َ َّ َ ْ َ َ ْ م م‬ ‫ََ ْ َ َْ م‬
‫وب ِفي ِإلا َيم ِان ِب َج ِم ِيع َما تكل َم ِب ِه‬ ‫فلَم يروه‪ 25َ .‬فقال لهما‪ َ :‬أيها الغ ِبي ِان َ والب ِطيئا الق ِ‬
‫ل‬
‫م َ‬ ‫َّ ْ َ َ َّ َ‬ ‫َ َ َ ْ‬ ‫ْ‬
‫يح َي َتأل مم ِبهذا َو َي ْدخ مل ِإلى َم ْج ِد ِه؟)(‪.)2‬‬ ‫ان َين َب ِغي أن امل ِس‬ ‫ألان ِب َي ماء! ‪ 26‬أما ك‬

‫‪ -1‬لوقا‪.24 :‬‬
‫‪ -2‬لوقا‪.24 :‬‬
‫‪218‬‬ ‫شبيه عيسى أو امن هو اهمصلوب؟!‬

‫لو كان عيس ى ‪ ‬قد تحدث عن صلبه وقيامه‪ ،‬ملا فكر هذان الشخصان‬
‫بالطريقة التي يفكران بها‪ ،‬فمن الواضح أنهما لم يكونا قد سمعا على إلاطالق بكل ما‬
‫يتعلق بالصلب والقيامة‪.‬‬
‫وفيما يلي نصوص تدل على أن التالميذ لم يخطر في بالهم أن عيس ى سوف‬
‫ً‬
‫ميصلب؛ ألن عيس ى ‪ ‬لم يكن قد قال لهم شيئا من هذا‪ ،‬بل كان يتكلم بطريقة‬
‫غامضة بالنسبة لهم‪:‬‬
‫َ ْ َ م َ َّ م َ َْ‬ ‫ْ‬ ‫َ م‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َْ‬
‫ض معوا أن مت ْم هذا الكال َم ِفي آذا ِنك ْم‪ِ :‬إ َّن ْاب َن ِإلان َس ِان سوف يسلم ِإلى أي ِدي‬ ‫(‪َ 44‬‬
‫َ ْ َ ْ َ َ َ َ م ْ ً َ ْم ْ َ ْ َ َ ْ َ م م َ م‬ ‫ََ‬ ‫َ‬
‫وه‪َ ،‬وخافوا‬ ‫اس‪َ 45 .‬وأ َّما مه ْم فل ْم َي ْف َه مموا هذا القول‪ ،‬وكان مخفى عنهم ِلكي ل يفهم‬ ‫َالن َِ‬
‫َّ‬
‫َ َْ‬ ‫أ ْن َي ْسأ مل م‬
‫وه َع ْن هذا الق ْو ِل)(‪.)1‬‬
‫ل يخفى أن اللجوء ملثل هذه الطريقة في التعبير يشير إلى أن هم املتكلم غير متعلق‬
‫ً‬
‫بجعلهم يفهمون كل الرسالة التي ينطوي عليها كالمه ‪ -‬طبعا ل يسعنا القول إنهم لم‬
‫ً‬
‫يفهموا شيئا على إلاطالق ‪ -‬ربما ألن كالمه ينطوي على معلومات ل يحتملون سماعها أو‬
‫يعو َن‬ ‫ورا َكث َير ًة َأ ْيض ًا َأل مقو َل َل مك ْم‪َ ،‬ولك ْن َل َت ْس َتط م‬‫معرفتها‪ ،‬كما ورد في يوحنا‪( :‬إ َّن لي مأ مم ً‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫وح ْال َحق‪َ ،‬ف مه َو مي ْرش مد مك ْم إ َلى َجميع ْال َحق‪َ ،‬أل َّنهم‬ ‫اك‪ ،‬مر م‬ ‫آلان‪َ 13 .‬و َأ َّما َم َتى َج َاء َذ َ‬
‫َأ ْن َت ْح َتم ملوا َ‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ (‪)2‬‬ ‫م‬ ‫َ م ِْ م م ْ م‬ ‫م‬ ‫َ ْ م ُّ َ َ ْ َ م َ َ َ َّ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ َ َ َ َّ م‬
‫ور آ ِتي ٍة) ‪.‬‬ ‫ل يتكلم ِمن نف ِس ِه‪ ،‬بل كل ما يسمع يتكلم ِب ِه‪ ،‬ويخ ِبركم ِبأم ٍ‬
‫وبطبيعة الحال يمكن أن يكون مراد عيس ى ‪ ‬وصول كالمه إلى أناس سيأتون‬
‫بعدهم‪ ،‬يمكنهم أن يفهموا رسالته ويحتملوا مضمونها‪.‬‬
‫(‪)3‬‬
‫النتيجة التي يمكننا القبض عليها ‪ -‬من النص على أية حال ‪ -‬تتمثل بعدم وجود‬
‫إرادة لدى عيس ى تتعلق بإفهام التالميذ الحقائق املتعلقة بالصلب‪ ،‬ألامر الذي نستدل‬
‫منه أن املسألة برمتها خارجة عن حدود رسالته؛ ألنها لو كانت كذلك لصرح بها‬
‫ً‬
‫لتالميذه‪ ،‬وإذا كانت خارج إطار رسالته تكون عملية صلبه عبثا يستحيل على هللا‪.‬‬

‫‪ -1‬لوقا‪.9 :‬‬
‫‪ -2‬يوحنا‪.16 :‬‬
‫‪ -2‬ربما كنا نعتقد أن التالميذ أو بعضهم على األقل يعرف الحقيقة كاملة‪ ،‬ولكننا اآلن نتكلم في إطار ما وصلنا من‬
‫نصوص ال أكثر‪ ،‬وهي نصوص نتعامل معها من منطلق إلزام من يلتزم بها‪.‬‬
‫اصدارات انصار االاما اهمدد ‪‬‬ ‫‪251‬‬

‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬


‫أيضا كالم عيس ى ليس كالما عبثيا بال معنى‪ ،‬بل هو كما سلف موجه بالضرورة‬
‫ً‬
‫ألناس يستوعبونه ويتحملونه‪ ،‬ولبد أن يكون منطويا على رسالة خفيت على الناس‪،‬‬
‫ً‬
‫وستكشف يوما ما بحسب إلارادة والحكمة إلالهية‪ ،‬وعليه يكون كشفها من قبل السيد‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫أحمد الحسن ‪ ‬دليال إضافيا على كونه هو املعزي‪.‬‬
‫‪ -11‬وعدهم عيس ى ‪ ‬بآية شبيهة بآية النبي يونان (نبي هللا يونس ‪ ،)‬فكما‬
‫غاب يونس في بطن الحوت ثالثة أيام سيغيب عيس ى عنهم ثالثة أيام بلياليها‪ ،‬ولكن‬
‫املصلوب لم يلبث في قبره هذه املدة‪ ،‬بحسب ما ورد في ألاناجيل‪ ،‬بل مكث أقل من هذه‬
‫م‬
‫املدة‪ ،‬فقد مدفن غروب ليلة الجمعة وفقدت جثته قبل فجر يوم ألاحد‪ .‬ألامر الذي يدل‬
‫على أن آية عيس ى هي غيابه عنهم برفعه ل بصلبه‪.‬‬
‫بل إن التالميذ لم يكونوا يعرفون ما هو املقصود بالقيام من ألاموات‪ ،‬كما في نص‬
‫مرقس التالي‪:‬‬
‫ص مروا‪ ،‬إ َّل َمتىَ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫م‬ ‫َ‬
‫صا مه ْم أن ل مي َحدثوا أ َحدا ب َما أ ْب َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫م‬ ‫َ‬
‫(‪َ 5‬وف َيما مه ْم نازلون م َن ال َج َبل‪ ،‬أ ْو َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫م‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫م‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫م‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫م‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ ْم‬
‫ات‪ 12 .‬فح ِفظوا الك ِل َمة ألنف ِس ِه ْم يتس َاءلون‪« :‬ما هو ال ِقي مام‬ ‫ق َام ابن ِإلانس ِان ِمن ألا ْمو ِ‬
‫َ َ َ‬
‫ات؟)(‪.)1‬‬ ‫ِمن ألا ْمو ِ‬
‫ً‬
‫ومعنى أنهم ل يعرفون القيام من ألاموات ليس أنهم ل يعرفون معنى أن إنسانا‬
‫يحيى بعد أن يموت‪ ،‬فهذا حدث أمامهم‪ ،‬عند إحياء عيس ى ‪ ‬لبعض ألاموات‪ ،‬بل‬
‫ً‬
‫إن الثقافة اليهودية التي تمثل خلفية لهم تعرف هذا ألامر جيدا‪ .‬إن املقصود هو أنهم‬
‫يتساءلون ما معنى أن يقوم ابن إلانسان من ألاموات‪ ،‬فابن إلانسان كما يعلمون ليس‬
‫ً‬
‫موجودا بينهم بعد؟‬
‫وبكلمة أخرى يدل حديثهم على أنهم لم يكن يخطر ببالهم ما يقوله مسيحيو اليوم‬
‫من أن عيس ى ميصلب ثم يبعث‪.‬‬
‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬
‫‪ -12‬فسر متى قول املصلوب‪ِ :‬إ ِيلي‪ِ ،‬إ ِيلي‪ِ ،‬ملا ش َب ْق َت ِني؟ بقوله‪ :‬أ ْي ِإ ِلهي‪ِ ،‬إ ِلهي‪ِ ،‬ملاذا‬
‫َ ْ‬
‫ت َرك َت ِني؟‪ .‬وكلمة متى هذه تذكر بما ورد في املزامير‪:‬‬

‫‪ -1‬مرقس‪.9 :‬‬
‫‪250‬‬ ‫شبيه عيسى أو امن هو اهمصلوب؟!‬

‫َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫ً‬ ‫َ َ َ ْ‬
‫(‪ِ 1‬إ ِلهي‪ِ ،‬إ ِلهي‪ِ ،‬ملاذا ت َرك َت ِني‪َ ،‬ب ِعيدا َع ْن خال ِص ي‪َ ،‬ع ْن كال ِم َز ِف ِيري؟) (‪.)1‬‬
‫ومنها نستطيع أن ندرك املعنى الذي فهمه متى من كلمة املصلوب‪ ،‬فمتى كما يبدو‬
‫ً‬
‫يعتقد أن املصلوب كان ساخطا على مصيره‪ ،‬وهو أمر بالتأكيد ل يليق بمؤمن يعتقد أن‬
‫املوت في سبيل هللا تعالى غاية سامية‪ ،‬فكيف بنبي‪ ،‬بل ما بالك بمن تنحصر رسالته في‬
‫تخليص البشر من خطيئة أبيهم عبر الصعود على الخشبة‪ ،‬كما يدعي املسيحيون!؟‬
‫ً‬
‫ويبدو أن لوقا شعر باملأزق الذي وقع به متى فأغفل تماما ذكر الفقرة الصعبة‪،‬‬
‫ً‬
‫مكتفيا بالقول‪( :‬ونادى يسوع بصوت عظيم وقال يا أبتاه في يديك أستودع روحي وملا‬
‫قال هذا أسلم الروح)(‪.)2‬‬
‫ََ‬ ‫ً‬
‫ومثل لوقا فعل يوحنا فإنه لم ينقل شيئا عن تلك الصرخة العظيمة‪ 32( :‬فل َّما‬
‫الر َ‬
‫وح)(‪.)3‬‬ ‫س َ ْرأ َس مه َو َأ ْس َل َم ُّ‬‫ال‪َ « :‬ق ْد مأ ْكم َل»‪َ .‬و َن َّك َ‬
‫ِ‬
‫وع ْال َخ َّل َق َ‬ ‫َأ َخ َذ َي مس م‬
‫ً‬
‫أما مرقس فإنه يتابع متى باختالف يسير ولكنه مهم للغاية‪ ،‬فبدل من (إيلي) يضع‬
‫َ‬ ‫م‬ ‫َ ً م‬ ‫ص َر َخ َي مس م‬ ‫كلمة (إلوي)‪َ 34( :‬وفي َّ َ َّ‬
‫ص ْو ٍت َع ِظ ٍيم قا ِئال‪ِ :‬إل ِوي‪ِ ،‬إل ِوي‪ِ ،‬ملا‬ ‫وع ب َ‬
‫ِ‬
‫التاس َعة َ‬
‫الساع ِة ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫َ َ َّ‬ ‫َ‬ ‫ََ َ َْ ٌ َ ْ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ََْ‬ ‫م‬ ‫َْ‬ ‫َ َّ‬ ‫َ ََْ‬
‫اض ِرين ملا‬ ‫شبقت ِني؟ ال ِذي تف ِس ميره‪ِ :‬إ ِلهي‪ِ ،‬إ ِلهي‪ِ ،‬ملاذا تركت ِني؟ ‪ 35‬فقال قوم ِمن الح ِ‬
‫ص َب ٍة‬ ‫ض َواح ٌد َو َم َأل إ ْسف ْن َج ًة َّخ ًال َو َج َع َل َها َع َلى َق َ‬ ‫َسم معوا‪ :‬مه َو َذا مي َن ِادي إيل َّيا‪َ 36 .‬ف َر َك َ‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َّ م ْ َ م (‪)4‬‬ ‫َ َ َ م َ ً ْ مم َََِ ْ َْ‬
‫وسقاه قا ِئال‪ :‬اتركوا‪ِ .‬لنر هل يأ ِتي ِإ ِيليا ِلين ِزله!) ‪.‬‬
‫َ‬
‫ولكن مرقس ميبقي على ما يبدو أنه ف ْه مم الجماهير التي سمعت الصرخة لإلسم‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫الذي نطق به املصلوب فأبقى على كلمة (إيليا)‪ :‬مه َو ذا مي َن ِادي ِإ ِيل َّيا‪ِ ،‬لن َر َه ْل َيأ ِتي ِإ ِيل َّيا‬
‫ْ َ‬
‫ِل مين ِزل مه!‪.‬‬
‫لننظر ماذا يقول قاموس الكتاب املقدس‪:‬‬
‫(ألوي ألوى ملا شبقتني؟‪ :‬هذه كلمات أرامية نطق بها املسيح وهو على الصليب (مر‬
‫‪ )34 :15‬ومعناها‪( :‬إلهي إلهي ملاذا تركتني؟) وقد وردت هذه العبارة في (متى ‪)46 :27‬‬
‫على هذه الصورة (إيلي إيلي ملا شبقتني؟) وهي في معناها كالعبارة السابقة‪ .‬وقد وردت‬

‫‪ -1‬مزمور‪.1 / 22 :‬‬
‫‪ -2‬لوقا‪.41 – 45 / 22 :‬‬
‫‪ -2‬يوحنا‪.19 :‬‬
‫‪ -4‬مرقس‪.15 :‬‬
‫اصدارات انصار االاما اهمدد ‪‬‬ ‫‪252‬‬

‫هذه العبارة في الترجوم‪ .‬وهي الترجمة ألارامية ملزمور ‪ ،1 :22‬وتظهر هذه العبارة مقدار‬
‫ألالم الروحي الذي عاناه املسيح على الصليب‪ ،‬وقد قال بعضهم بأن املسيح كان في تلك‬
‫اللحظة يحمل خطية العالم بأسره‪ ،‬ولذا فقد شعر بالنفصال الوقتي عن آلاب‬
‫السماوي)(‪.)1‬‬
‫الكلمة إذن (إيلي أو إلوي) أرامية بحسب القاموس‪ ،‬ول توجد مالحظة في القاموس‬
‫عن سبب الاختالف بين متى ومرقس في لفظها أو كتابتها‪.‬‬
‫ً‬
‫والقاموس أيضا يعتقد أن الصرخة تنطوي على سخط‪ ،‬ولكنه يبرر بعبارة تبعث‬
‫على الرثاء‪ ،‬وتوحي باملأزق الذي يشعر به القاموس‪( :‬املسيح كان في تلك اللحظة يحمل‬
‫خطية العالم بأسره‪ ،‬ولذا فقد شعر بالنفصال الوقتي عن آلاب السماوي)!‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫طبعا ما كتبه القاموس يخالف تماما ما يعتقده املؤمنون‪ ،‬إذ أنهم يعتقدون بقوة‬
‫إن لحظات كهذه تدفع ألانبياء والصالحين عادة إلى الالتصاق باهلل تعالى‪ .‬واعتقد أن‬
‫ً‬
‫املسيحي البسيط املتشبع بعقيدة الفداء سيصاب بخيبة أمل كبيرة حين يسمع مسيحيا‬
‫يحترمه يتحدث عن عيس ى بمثل هذه الطريقة غير الالئقة‪.‬‬
‫ً‬
‫املالحظة التي أغفل ذكرها القاموس املذكور‪ ،‬وربما الكثير من املسيحيين أيضا‬
‫ً‬ ‫م‬
‫سم إلهه يوما باسم (إيلي)‪ ،‬أو (إلوي)‪ ،‬كما أن‬ ‫سأطرحها آلان‪ :‬إن عيس ى ‪ ‬لم ي ِ‬
‫ً‬
‫املؤمنين باملسيحية ل يستعملون أيا من هذين اللفظين باملعنى الذي ذكره متى ومرقس‪،‬‬
‫ً‬
‫أي (إلهي)‪ ،‬ومعلوم أنهم كانوا سيستعملون هذين اللفظين كثيرا‪ ،‬بل ربما سيكونا آثر‬
‫ألالفاظ إلى نفوسهم لسيما وهما مرتبطان بذكرى غالية عليهم هي ذكرى الصلب‪ ،‬كما‬
‫ً‬
‫أنهما آخر ما نطق به عيس ى ‪ ،‬ولكن شيئا من هذا ل نجده‪.‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫وهنا مالحظة أخرى مرتبطة بسابقتها‪ ،‬بل هي على ألارجح تلقي ضوءا كاشفا عليها‪،‬‬
‫هي إن معاصري عيس ى الذين شهدوا الصلب لحظوا قرب ما نطق به املصلوب من‬
‫ً‬
‫لفظة (إيليا) التي يعرفها اليهود جيدا‪.‬‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫لبد أن نسجل إن املصلوب لم يكن يستنجد أصال‪ ،‬فلقد قطع شوطا بعيدا في‬
‫ً‬
‫الصمود منقطع النظير‪ ،‬ولم يعد ثمة متسع لتذكر ش يء يتعلق بالدنيا أصال‪ ،‬كان املوت‬

‫‪ -1‬قاموس الكتاب المقدس ‪ -‬مجمع الكنائس الشرقية‪ :‬ص‪.129‬‬


‫‪253‬‬ ‫شبيه عيسى أو امن هو اهمصلوب؟!‬

‫هو وحده املتوقع‪ .‬بل الحري بمثل تلك الساعة أن تطلق صرخة انتصار ل استغاثة‪ ،‬أن‬
‫تطلق كلمة أخيرة لتمر من خالل شهود الصلب إلى كل من تبلغ‪ ،‬أما الاستغاثة فلعل من‬
‫م‬
‫املمكن أن تكون محتملة لو أن الصرخة قد أطلقت في لحظة قبل اللحظة التي أطلقت‬
‫فيها‪.‬‬
‫إذن ل يمكن أن تكون اللفظة التي نطق بها املصلوب هي (إيليا)‪ ،‬ولنتذكر هنا‬
‫اختالف ألاناجيل فيها‪ ،‬فهو دليل على عدم اقتناعهم بأنه نطق كلمة إيليا‪.‬‬
‫ليس هذا فحسب‪ ،‬بل إن الصرخة لبد أن تكون منطوية على رسالة مهمة‪ ،‬ومن‬
‫ً‬
‫يستطيع أن يحل رموزها لشك سيكون متصال بالسماء‪ ،‬وهذا ما فعله املصلوب نفسه‪،‬‬
‫أي السيد أحمد الحسن ‪.‬‬
‫‪ -13‬تفيدنا املصادر التاريخية بأن ثمة ثقافة واسعة بين املسيحيين القدماء تؤكد‬
‫على أن عيس ى ‪ ‬لم يكن هو املصلوب‪ ،‬وعلى الرغم من اختالفنا معهم في شأن‬
‫ً‬
‫تحديد هوية املصلوب‪ ،‬إل أننا نعتقد أن هذه الثقافة لم تكن وليدة الفراغ حتما‪ ،‬بل‬
‫لبد أن تكون قد اعتمدت على معطيات ما‪ .‬أما مصادرة هذه الثقافة بكلمة باردة من‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫خالل نعتها بأنها هرطقات‪ ،‬فال أحسب أن إنسانا موضوعيا يقبل به‪.‬‬
‫واملالحظ أن بعض الفرق التي كانت تنادي بهذا ألامر كانت قريبة من عصر عيس ى‬
‫‪ .‬ومن الفرق التي قالت بصلب رجل آخر غير عيس ى ‪ :‬الركوسية‪ ،‬وآلارسوسية‪،‬‬
‫والباسيليديون‪ ،‬والكورنثيون‪ ،‬والكاربوكرايتون‪ ،‬والساطرينوسية‪ ،‬واملاركونية‪،‬‬
‫والبارديسيانية‪ ،‬والسيرنثييون‪ ،‬والبولسية‪ ،‬والبارسكاليونية‪ ،‬واملاينسية‪،‬‬
‫والتايتابيسيون‪ ،‬والدوسيتية‪ ،‬واملارسيونية‪ ،‬والفلنطانيائية‪ ،‬والهرمسيون‪.‬‬
‫ً‬
‫وكذلك قال الدوكيتيون‪ :‬إن املسيح لم ميصلب مطلقا إنما بدا أو تراءى لليهود أنهم‬
‫صلبوه‪ .‬واسم الدوكيتيين مشتق من فعل يوناني معناه (يظهر) أو (يتراءى)‪ ،‬وهو رمز‬
‫ملجمل عقيدتهم في الصلب‪.‬‬
‫وفي سنة (‪ 185‬م) ادعت طائفة من نسل كهنة طيبة الذين اعتنقوا املسيحية أنه‬
‫ً‬
‫(حاشا للمسيح أن ميصلب‪ ،‬بل مرفع إلى السماء ساملا)‪ .‬وفي سنة (‪ 372‬م) ظهرت إحدى‬
‫م‬
‫الفرق الغنوسية الهرموسية التي أنكرت صلب املسيح وقالت‪( :‬إنه لم ميصلب بل شبه‬
‫اصدارات انصار االاما اهمدد ‪‬‬ ‫‪251‬‬

‫للناظرين أنهم صلبوه)‪ .‬وفي سنة (‪ 522‬م) فر ساويرس أسقف سوريا إلى إلاسكندرية‬
‫م‬
‫فوجد فيها فئة من الفالسفة يعلمون أن املسيح لم ميصلب بل شبه للناس أنهم صلبوه‪.‬‬
‫وفي سنة (‪ 562‬م) أنكر الراهب تيودورس طبيعة املسيح البشرية وبالتالي أنكر صلبه‪.‬‬
‫ً‬
‫وفي سنة (‪ 612‬م) شرع ألاسقف يوحنا ابن حاكم قبرص ينادي مدعيا بأن املسيح لم‬
‫م‬
‫يصلب بل شبه للناظرين أنهم صلبوه‪.‬‬
‫ومن جملة الذين نادوا بعدم صلب عيس ى ماني املتنبئ الفارس ي (‪ 27‬م) فقد ادعى‬
‫صلب هو ابن أرملة نايين الذي كان املسيح قد أقامه‬ ‫أن يسوع هو ابن أرملة‪ ،‬وأن الذي م‬
‫من بين ألاموات‪.‬‬
‫وورد في إنجيل بطرس (‪ )1‬ما يلي‪( :‬رأيته يبدو كأنهم يمسكون به‪ ،‬وقلت‪ :‬ما هذا‬
‫ً‬
‫الذي أراه يا سيد؟ هل هو أنت حقا من يأخذون؟‪ ..‬أم أنهم يدقون قدمي ويدي شخص‬
‫آخر؟‪ ..‬قال لي املخلص‪ ..‬من ميدخلون املسامير في يديه وقدميه هو البديل‪ ،‬فهم يضعون‬
‫الذي بقي في شبهة في العار! انظر إلي‪ ،‬وانظر إليه)‪.‬‬
‫وفي إنجيل توما قول عيس ى‪( :‬لم أخضع لهم كما أرادوا‪ .‬وأنا لم أمت في الواقع بل‬
‫في الظاهر لكيال يلحقوا بي العار‪ .‬ألن موتي الذي ظنوا أنهم أوقعوه بي إنما أوقعوه‬
‫ً‬
‫بأنفسهم في خطئهم والعمى‪ .‬إذ مسمروا رجلهم على موتهم‪ .‬لقد كان شخصا آخر الذي‬
‫ً‬
‫شرب املر والخل‪ .‬لم يكن إياي‪ .‬ضربوني بالقصب! لقد كان شخصا آخر هو شمعون‪.‬‬
‫ً‬
‫الذي حمل الصليب على كتفه‪ .‬لقد كان شخصا آخر الذي وضعوا على رأسه التاج‬
‫والشوك‪ .‬و أنا كنت أضحك من جهلهم)‪.‬‬
‫ان َقدْ‬ ‫امل ْج َدل َّية‪َّ ،‬التي َك َ‬‫َ َ َ َ َّ ً َ ْ َ َ ْ َ‬ ‫م‬ ‫ً َ‬ ‫َ‬
‫ِ ِ ِ‬ ‫‪َ 5( -14‬و َب ْع َد َما ق َام َب ِاكرا ِفي أ َّو ِل ألا ْس مب ِوع ظهر أول ِملريم‬
‫وحو َن‬ ‫ين َك مانوا َم َع مه َو مه ْم َي من م‬ ‫َأ ْخ َر َج م ْن َها َس ْب َع َة َش َياط َين‪َ 12 .‬ف َذ َه َب ْت هذه َو َأ ْخ َب َرت َّالذ َ‬
‫ِ ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬
‫ص ِدقوا‪َ 12 .‬و َب ْع َد ِذل َك ظ َهرَ‬ ‫م‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫م‬
‫َو َي ْب مكو َن‪َ 11 .‬ف َل َّما َسم َع أولئ َك أ َّن مه َح ٌّي‪َ ،‬وق ْد نظ َرت مه‪ ،‬ل ْم مي َ‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ م ْ‬
‫ِب َه ْيئ ٍة أخ َرى لث َن ْي ِن ِمن مه ْم‪ ،‬وه َما َي ْم ِش َي ِان ممنط ِلقي ِن ِإلى الب ِرَّي ِة‪ 13 .‬وذه َب هذ ِان وأخب َرا‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫م‬ ‫َ‬ ‫ْ‬

‫‪ -1‬إنجيل بطرس وإنجيل توما اآلتي من األناجيل التي ال تعترف بها الكنيسة وتسميها (أبوكريفيا)‪ ،‬أو األناجيل‬
‫المنحولة‪ ،‬أو المزورة‪ ،‬أو غير الرسمية‪ ،‬ربما ألنها تخالف عقيدتها‪.‬‬
‫‪255‬‬ ‫شبيه عيسى أو امن هو اهمصلوب؟!‬

‫َ‬ ‫م َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ ً َ‬ ‫َ َ‬ ‫َْ َ ََ ْ م َ م‬


‫ص ِدقوا َول هذ ْي ِن‪ 14 .‬أ ِخيرا ظ َه َر ِلأل َح َد َعش َر َو مه ْم مم َّت ِكئون‪َ ،‬و َو َّبخ َع َد َم‬ ‫البا ِقين‪ ،‬فلم ي‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ين َنظ مر م‬ ‫َّ‬ ‫م‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫م‬ ‫م‬ ‫َ‬ ‫ََ َ َ‬
‫وه ق ْد ق َام)(‪.)1‬‬ ‫صدقوا الذ َ‬
‫ِ‬
‫م َ‬ ‫َّ‬
‫ِإ َيم ِان ِه ْم وقساوة قل ِوب ِه ْم‪ ،‬ألن مه ْم ل ْم ي ِ‬
‫ً‬
‫إن بكاءهم وعدم تصديقهم يدل حتما على أنهم ليس لديهم سابق معرفة بأن‬
‫عيس ى سيصلب‪ ،‬ولكن ليس هذا موضوع هذه النقطة‪.‬‬
‫أريد آلان أن أتساءل عن هذا الذي قام من هو؟‬
‫لنقرأ رواية إنجيل يوحنا‪ِ :‬‬
‫َ َ ََ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫م‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫م‬ ‫َ‬
‫(‪َ 1‬و ِفي أ َّو ِل ألا ْس مب ِوع َج َاء ْت َم ْرَي مم امل ْج َد ِل َّية ِإلى الق ْب ِر َب ِاكرا‪َ ،‬والظال مم َباق‪ .‬فنظر ِت‬
‫َ َّ‬ ‫َََ َ ْ َ َ َ ْ َ ْ َ َ م ْم َ َ َ ْ‬ ‫ْ َ َ َ م ً َ َْْ‬
‫يذ آلاخ ِر ال ِذي‬ ‫الحج َر م ْرفوعا ع ِن القب ِر‪ 2 .‬فركضت وجاءت ِإلى ِسمعان بطرس وِإلى ِ‬
‫التل ِم ِ‬
‫وه!»‪3 .‬‬ ‫ض مع م‬‫السي َد م َن ْال َق ْبر‪َ ،‬و َل ْس َنا َن ْع َل مم َأ ْي َن َو َ‬ ‫وع مي ِح ُّب مه‪َ ،‬و َق َال ْت َل مه َما‪َ « :‬أ َخ مذوا َّ‬ ‫ان َي مس م‬ ‫َك َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ََ َ َْ َْم َ َ ً َ َ َ َ ْ م‬ ‫س َو ْ م َ َ َ َ َ َ ْ َ ْ‬ ‫َ َ َ م ْ‬
‫التل ِميذ‬ ‫التل ِميذ آلاخ مر وأتيا ِإلى القب ِر‪ 4 .‬وكان الاثن ِان يركض ِان معا‪ .‬فسبق ِ‬ ‫فخ َرج بط مر م ِ‬
‫م‬ ‫َ‬ ‫َ ْ ََ ََ ََ َْ َ َ َ ْ م ًَ‬ ‫َ ً َ َْ‬ ‫آلاخ مر مب ْط مر َ‬
‫َ‬
‫وعة‪َ ،‬و ِلك َّن مه ل ْم َي ْدخ ْل‪6 .‬‬ ‫س َو َج َاء أ َّول ِإلى الق ْب ِر‪ 5 ،‬وانحنى فنظر ألاكفان موض‬
‫َ ْ ْ َ َّ‬ ‫م َّ َ َ ْ َ م م ْ م م َ ْ َ م م َ َ َ َ ْ َ ْ َ َ َ َ َ َ ْ َ َ َ ْ م َ ً‬
‫يل ال ِذي‬ ‫وعة‪ 7 ،‬و ِاملن ِد‬ ‫ثم جاء ِسمعان بطرس يتبعه‪ ،‬ودخل القبر ونظر ألاكفان موض‬
‫َ ْ َ م َ َ َ ََ‬ ‫ْ ً‬ ‫ََْ‬ ‫َ َ َ َ َْ َ ْ َ َ ْ م ً‬
‫ضوعا َم َع ألاكف ِان‪َ ،‬ب ْل َمل مفوفا ِفي َم ْو ِض ٍع وحده‪ 8 .‬ف ِحين ِئ ٍذ دخل‬ ‫كان على رأ ِس ِه ليس مو‬
‫َ َّ م ْ َ ْ َ م م َ ْ م َ ْ م نَ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫َ ْ ً ْ م َ َّ‬
‫التل ِميذ آلاخ مر ال ِذي َج َاء أ َّول ِإلى الق ْب ِر‪َ ،‬و َرأى ف َآم َن‪ 5 ،‬ألنهم لم يكونوا بعد يع ِرفو‬ ‫أيضا ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫م‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫اب‪ :‬أنه َين َبغي أن َيق َ‬ ‫ْ‬ ‫م‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫ْالك َت َ‬
‫وم ِمن ألا ْمو ِ‬
‫(‪)2‬‬
‫ات) ‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫هنا أيضا يمكننا أن نستدل بسهولة على أن الصلب والقيام لم يكونا جزءا من‬
‫رسالة عيس ى‪ ،‬وإل لكان أخبرهم بهذا‪ ،‬ومن الواضح أنه لم يخبرهم‪ ،‬بل كان ينبغي لهم‬
‫أن يعرفوا هذا من الكتاب!‬
‫إذن ماذا كان حديثه عن صلب ابن إلانسان وقيامه‪ ،‬وهو حديث كثير؟‬
‫نعم من الواضح أنهم ‪ -‬أو على ألاقل بعضهم ‪ -‬لم يكونوا يفهمون ما يقول عيس ى‪:‬‬

‫‪ -1‬مرقس‪.16 :‬‬
‫‪ -2‬يوحنا‪.22:‬‬
‫اصدارات انصار االاما اهمدد ‪‬‬ ‫‪256‬‬

‫اس‬ ‫يذ مه َو َي مقو مل َل مه ْم‪« :‬إ َّن ْاب َن إلا ْن َسان مي َس َّل مم إ َلى َأ ْيدي َّ‬
‫الن‬
‫َ َّ م َ َ م َ م َ َ َ‬
‫(‪ 31‬ألنه كان يع ِلم تال ِم‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫َ َ َّ م ْ َ َ ْ َ ْ َ م ْ َ ْ َ َ َ م‬ ‫َّ‬ ‫ْ‬ ‫َف َي ْق مت مل َون مه‪َ .‬و َب ْع َد َأ ْن مي ْق َت َل َي مق م‬
‫وم ِفي ال َي ْو ِم الث ِال ِث‪ 32 .‬وأما هم فلم يفهموا القول‪ ،‬وخافوا‬
‫وه)(‪.)1‬‬‫َأ ْن َي ْس َأ مل م‬
‫خافوا أن يسألوا وبقي عليهم أن يعرفوا من الكتاب‪ ،‬أي العهد القديم بالتأكيد‪.‬‬
‫لنستمع إلى يوحنا‪:‬‬
‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ال َل َها َي مس م‬ ‫(‪َ 16‬ق َ‬
‫وع‪َ :‬يا َم ْرَي مم فال َتف َت ْت ِتل َك َوقال ْت ل مه‪َ :‬رُّبو ِني! ال ِذي ت ْف ِس مير مه‪َ :‬يا مم َع ِل مم‪.‬‬
‫م‬ ‫َ ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ َ‬ ‫وع‪َ :‬ل َت ْلمسيني َألني َل ْم َأ ْ‬ ‫ال َل َها َي مس م‬ ‫‪َ 17‬ق َ‬
‫ص َع ْد َب ْع مد ِإلى أ ِبي‪َ .‬و ِلك ِن اذ َه ِبي ِإلى ِإخ َو ِتي َوق ِولي‬ ‫ِ ِ ِ ِ‬
‫م َ ْ‬ ‫َْ‬ ‫َ‬ ‫م‬ ‫َ م‬ ‫َ َ‬ ‫َل مه ْم‪ :‬إني َأ ْ‬
‫ص َع مد ِإلى أ ِبي َوأ ِبيك ْم َوِإ ِلهي َوِإ ِلهك ْم‪ 18 .‬ف َج َاء ْت َم ْرَي مم امل ْج َد ِل َّية َوأخ َب َر ِت‬ ‫ِِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫الر َّب‪َ ،‬وأ َّن مه ق َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫الت َال ِميذ أ َّن َها َرأ ِت َّ‬
‫َ‬ ‫َّ‬
‫ال ل َها هذا)(‪.)2‬‬
‫إذن الذي كلم مريم‪ ،‬طلب منها أن ل تلمسه‪ ،‬فهل هو املصلوب أم هو عيس ى؟‬
‫وبالنتيجة هل املصلوب هو عيس ى أم آخر‪.‬‬
‫يروي يوحنا‪:‬‬
‫َ‬
‫وع َوألا ْب َو م‬ ‫وما َم َع مه ْم‪َ .‬ف َج َاء َي مس م‬ ‫يذ مه أ ْيضا َداخ ًال َو مت َ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫َ َ ْ َ َ َ َ َّ َ َ َ َ م‬ ‫َ‬
‫اب‬ ‫ِ‬ ‫(‪ 26‬وبعد ثما ِني ِة أي ٍام كان تال ِم‬
‫صب َع َك إ َلى مهناَ‬ ‫وما‪َ :‬ه ِ ْ‬ ‫م‬
‫ال لت َ‬ ‫َ‬ ‫م‬ ‫ْ‬ ‫م‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ف في ْال َو ْسط َو َق َ َ‬ ‫م َ َّ َ ٌ َ َ َ َ‬
‫ِ‬ ‫ات ِإ ِ‬ ‫ال‪ :‬سال ٌم لكم!‪ 27 .‬ث َّم ق َ ِ‬ ‫ِ‬ ‫م َغلقة‪ ،‬ووق ِ‬
‫ْ ً‬ ‫ََم َ ْ‬ ‫َوأ ْبص ْر َي َد َّي‪َ ،‬و َهات َي َد َك َو َ‬
‫ض ْع َها ِفي َج ْن ِبي‪َ ،‬ول تك ْن غ ْي َر ممؤ ِم ٍن َب ْل ممؤ ِمنا)(‪.)3‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫هذا الذي كلم توما هو املصلوب بالتأكيد‪ ،‬وهو هنا يطلب من توما أن يلمسه‪ ،‬فهل‬
‫هو نفسه الذي طلب من مريم أن ل تلمسه؟ إجابتي إن هنا شخصين‪.‬‬
‫‪ -15‬كان عيس ى كما عرفنا مما تقدم يرفض أن يسموه املسيح وكان يأمر تالميذه‬
‫أن ل يقولوا عنه هذا‪:‬‬
‫ْ‬ ‫َ‬
‫ال ل مه‪ :‬أ ْن َت املَس م‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ َ م ْم م ََ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ََ َ َم ْ َ ْم ْ َ ْ َم م َ‬ ‫َ‬
‫يح!‬ ‫ِ‬ ‫ق‬‫و‬ ‫س‬ ‫ر‬ ‫ط‬ ‫ب‬ ‫اب‬ ‫ج‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫؟‬ ‫ا‬‫ن‬ ‫أ‬ ‫ي‬ ‫ن‬
‫ِ‬ ‫إ‬ ‫ن‬
‫(‪ 25‬فقال لهم‪ :‬وأنتم َ‪ ،‬من تقولو ِ‬
‫َ َ م‬ ‫َ ْ‬
‫‪ 32‬فان َت َه َر مه ْم ك ْي ل َي مقولوا أل َح ٍد َع ْن مه)(‪.)4‬‬
‫ولكن املصلوب كان يقول إنه املسيح‪:‬‬

‫‪ -1‬مرقس‪.9 :‬‬
‫‪ -2‬يوحنا‪.22:‬‬
‫‪ -2‬يوحنا‪.22:‬‬
‫‪ -4‬مرقس‪.1 :‬‬
‫‪257‬‬ ‫شبيه عيسى أو امن هو اهمصلوب؟!‬

‫َ َّ م َ َ َ َ َ ً َ َ ْ م ْ َ ْ َ َ َ َ م َ م ْ َ َ َ َ ْ ً َ َ َ َ َ َ ْ‬
‫ال ل مه‪ :‬أأن َت‬ ‫(‪ 61‬أما هو فكان س ِاكتا ولم ي ِجب ِبش ي ٍء‪ .‬فسأله رِئيس الكهن ِة أيضا وق‬
‫ً‬
‫ون ْاب َن ِإلان َس ِان َج ِالسا َع ْن‬
‫ْ‬ ‫وع‪َ :‬أ َنا مه َو‪َ .‬و َس ْو َف مت ْبص مر َ‬ ‫ال َي مس م‬ ‫يح ْاب من ْاملم َبا َر ِك؟ ‪َ 62‬ف َق َ‬ ‫ْاملَس م‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ً‬
‫َيمين الق َّوة‪َ ،‬وآ ِتيا في َس َحاب َّ‬ ‫م‬ ‫ْ‬
‫الس َم ِاء) ‪.‬‬
‫(‪)1‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫ً‬
‫وأيضا عيس ى كان يتصرف على أنه ملك اليهود‪:‬‬
‫ين َل ْم مير ميدوا َأ ْن َأ ْمل َك َع َل ْيه ْم‪َ ،‬ف ْأ متوا به ْم إ َلى مهناَ‬ ‫(‪َ 27‬أ َّما َأ ْع َدائي‪ ،‬مأولئ َك َّالذ َ‬
‫ِِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ َْ م م م‬
‫وه ْم ق َّد ِامي) ‪.‬‬
‫(‪)2‬‬
‫واذبح‬
‫َ ْ َ م نَ‬ ‫َّ َ‬ ‫م‬
‫ْ َ َ ُّ م ْ م‬ ‫َ‬ ‫َّ ْ م‬ ‫م َ َْ مْ َ َ ََ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫يذ يفرحو‬ ‫ور التال ِم ِ‬ ‫(‪ 37‬وملا قرب ِعند منح َد ِر جب ِل الزيتو ِن‪ ،‬ابتدأ كل جمه ِ‬
‫َْ‬ ‫َ‬ ‫َّ َ َ‬ ‫ْم‬ ‫َم َ م َ َ َ‬
‫ات ال ِتي نظ مروا‪ 38 ،‬قا ِئ ِل َين‪ :‬مم َبا َر ٌك امل ِل مك‬ ‫ْ َ‬
‫ويس ِبحون هللا ِبص ْو ٍت ع ِظ ٍيم‪ ،‬ألج ِل ج ِم ِيع الق َّو ِ‬
‫َ‬
‫يس ِي َين ِم َن‬
‫ََ َ ْ م َْ‬ ‫ََ‬ ‫َّ َ َ َ ْ ٌ‬ ‫َ َ‬ ‫آلاتي ب ْ‬
‫الر ِب! سال ٌم ِفي السم ِاء ومجد ِفي ألاع ِالي! ‪ 35‬وأ َّما بعض الف ِر ِ‬ ‫اسم َّ‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫ال َل مه ْم‪َ :‬أ مقو مل َل مك ْم‪ :‬إ َّن مه إ ْن َس َكتَ‬ ‫َ‬
‫اب َوق َ‬ ‫َ‬
‫ْال َج ْمع فقالوا له‪َ :‬يا مم َعل مم‪ ،‬ان َته ْر تالميذك!‪ 42‬فأ َج َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫م‬ ‫َ‬ ‫م‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫م َ َ ْ َ َ م َ ْ م م (‪)3‬‬
‫هؤل ِء فال ِحجارة تصرخ!) ‪.‬‬
‫بينما املصلوب لم يقل عن نفسه إنه ملك اليهود‪:‬‬
‫م َّ َ َ َ َ م م َ ْ ً َ َ ْ َ َ َ َ َ َ م َ َ َ َ َ م ْ َ َ م َ مْ‬
‫ود؟‬ ‫(‪ 33‬ثم دخل ِبيالطس أيضا ِإلى د ِار ال ِولي ِة ودعا يسوع‪ ،‬وقال له‪ :‬أنت م ِلك اليه ِ‬
‫يال مط م‬ ‫َ َ َم َ‬ ‫َ َ َم َ م م َ ْ َ َ َم م َ َْ َم َ َ م َ‬
‫س‪:‬‬ ‫ون قالوا ل َك َع ِني؟ ‪ 35‬أجابه ِب‬ ‫‪ 34‬أجابه يسوع‪ :‬أ ِمن ذ ِاتك تقول هذا‪ ،‬أم آخر‬
‫اب َي مس م‬ ‫َ‬
‫وك إ َل َّي‪َ .‬م َاذا َف َع ْل َت؟ ‪ 36‬أ َج َ‬ ‫َأ َل َعلي َأ َنا َي مهود ٌّي؟ مأ َّم مت َك َو مر َؤ َس ماء ْال َك َه َنة َأ ْس َل مم َ‬
‫وع‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫م َ م نَ‬ ‫َّ‬ ‫ْ َ َْ َ ََ َ م‬ ‫َ َْ َ َْ َ ْ ْ َ ْ َ َ َْ َ َ ْ َ َْ َ‬
‫مملك ِتي ليست ِمن هذا العال ِم‪ .‬لو كانت مملك ِتي ِمن هذا العال ِم‪ ،‬لكان خد ِامي يج ِاهدو‬
‫س‪َ :‬أ َف َأ ْنتَ‬ ‫ََ َ َم َ‬
‫يال مط م‬ ‫ََ‬
‫آلان ل ْي َس ْت َم ْملك ِتي ِم ْن مه َنا‪ 37 .‬فقال له ِب‬
‫َ َ‬
‫ود‪َ .‬و ِلك ِن‬
‫َ َ م َ َّ َ َ ْ‬
‫ِلك ْي ل أسلم ِإلى ال َي مه ِ‬
‫َ‬ ‫َ َ ََ‬ ‫ََ‬ ‫َ َ‬ ‫ً َ ٌ َ َ َ َ م م َْ َ‬
‫وع‪ :‬أن َت ت مقو مل‪ِ :‬إ ِني َم ِل ٌك‪ِ .‬لهذا ق ْد موِل ْد مت أنا‪َ ،‬وِلهذا ق ْد أت ْي مت ِإلى‬ ‫ِإذا م ِلك؟ أجاب يس‬
‫ص ْو ِتي)(‪.)4‬‬ ‫ْال َع َالم َأل ْش َه َد ل ْل َحق‪ .‬ك ُّل َم ْن مه َو م َن ال َحق َي ْس َم مع َ‬
‫ْ‬ ‫م‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫‪ -16‬قال عيس ى لتالميذه في آخر عشاء‪:‬‬

‫‪ -1‬مرقس‪.14 :‬‬
‫‪ -2‬لوقا‪.19 :‬‬
‫‪ -2‬لوقا‪.19 :‬‬
‫‪ -4‬يوحنا‪.11 :‬‬
‫اصدارات انصار االاما اهمدد ‪‬‬ ‫‪259‬‬

‫ْ‬ ‫َ َ‬ ‫َْ‬ ‫َ َ ََ ْ‬ ‫َم َم‬


‫آلان ل أش َر مب ِم ْن ِن َت ِاج الك ْر َم ِة هذا ِإلى ِذل َك ال َي ْو ِم ِح َين َما‬ ‫(‪َ 25‬وأقو مل لك ْم‪ِ :‬إ ِني ِمن‬
‫َ ْ َم م َ َ م ْ َ ً َ َ م َ‬
‫وت أ ِبي)(‪.)1‬‬ ‫أشربه معكم ج ِديدا ِفي ملك ِ‬
‫ً‬
‫بينما املصلوب سقوه خال وهو نتاج الكرمة‪:‬‬
‫ض َواح ٌد م ْن مه ْم َو َأ َخ َذ إ ْسف ْن َج ًة َو َم َأل َها َّخ ًال َو َج َع َل َها َع َلى َق َ‬
‫ص َب ٍة‬ ‫(‪َ 48‬ول ْل َو ْق ِت َر َك َ‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬
‫َو َسق ماه)(‪.)2‬‬
‫َ َ ً ْ م َ‬
‫ص َب ٍة َو َسق ماه قا ِئال‪ :‬ات مركوا‪ِ .‬لن َر‬ ‫ض َواح ٌد َو َم َأل إ ْسف ْن َج ًة َّخ ًال َو َج َع َل َها َع َلى َق َ‬ ‫(‪َ 36‬ف َر َك َ‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫ْ َ‬ ‫ْ‬
‫َه ْل َيأ ِتي ِإ ِيل َّيا ِل مين ِزل مه!)(‪.)3‬‬
‫َ‬ ‫َ َ َ َ ٌ َ ْ م ً َ ْ م ً َّ ً َ َ م ْ ْ َ ً َ ْ َ َ َ َ م َ َ‬
‫وها َعلى مزوفا‬ ‫(‪ 25‬وكان ِإناء موضوعا مملوا خال‪ ،‬فمألوا ِإس ِفنجة ِمن الخ ِل‪ ،‬ووضع‬
‫َ َ َّ َ َ َ َ م م ْ َ َّ َ َ َ ْ م ْ َ َ َ َّ َ َ ْ َ م َ َ ْ ََ‬ ‫َ َ َّ م َ َ َ‬
‫وها ِإلى ف ِم ِه‪ 32 .‬فلما أخذ يسوع الخل قال‪« :‬قد أك ِمل»‪ .‬ونكس رأسه وأسلم‬ ‫وقدم‬
‫وح)(‪.)4‬‬ ‫الر َ‬
‫ُّ‬
‫***‬

‫‪ -1‬متى‪.26 :‬‬
‫‪ -2‬متى‪.21 :‬‬
‫‪ -2‬مرقس‪.15 :‬‬
‫‪ -4‬يوحنا‪.19 :‬‬
‫‪258‬‬ ‫شبيه عيسى أو امن هو اهمصلوب؟!‬

‫ِ‬

‫السيد أحمد الحسن هو اْلخلصِ‬


‫ِ‬
‫مقدمة عامة‪ِ :‬‬
‫بدأت دعوة السيد أحمد الحسن ‪ ‬منذ سنوات ليست بالقليلة‪ ،‬ومحور‬
‫الدعوة يتلخص في أن السيد أحمد الحسن ‪ ‬هو املنقذ الذي بشرت به ألاديان‬
‫السماوية‪ ،‬فهو ابن إلانسان واملسيح املنتظر‪ ،‬وهو املعزي‪ ،‬وهو املهدي ‪ .‬وهذا ألامر‬
‫تم إثباته من خالل الكتب التي يؤمن بها أصحاب هذه الديانات (‪ .)1‬وقد تحدى السيد‬
‫أحمد الحسن علماء الديانات الثالث بأنه أعلم من كل أهل كتاب بكتابهم‪ ،‬وفيما يلي‬
‫دلئل على أن السيد أحمد الحسن ‪ ‬هو املنقذ وهو املصلوب‪.‬‬

‫‪ -1‬ابن إلانسان‪ِ:‬‬
‫فسر السيد أحمد الحسن ‪ ‬رؤيا دانيال‪ ،‬بقوله‪:‬‬
‫(ألاسد وله جناحان يرمز إلى إلامبراطورية إلانجليزية التي قامت في أوربا وشعارها‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫هو ألاسد وله جناحان‪ ،‬وأما الدب فهو شعار السوفيت‪ ،‬وأكل لحما كثيرا ًِ أي قتل كثير‬
‫من الناس‪ ...‬أما الحيوان الرابع الذي من الحديد فهو إلامبراطورية ألامريكية التي داست‬
‫آلان كل ألارض وهيمنت على كل ألارض بالسالح واملال)(‪.)2‬‬
‫ومعنى هذا التفسير هو أن رجسة الخراب التي تحدث عنها دانيال النبي‪ ،‬أو اململكة‬
‫الحديدية التي داست كل املمالك هي أمريكا‪.‬‬

‫‪ -1‬يحسن مراجعة كتاب وصي ورسول اإلمام المهدي في التوراة واإلنجيل والقرآن‪ ،‬وكتاب رسالة الهداية‪ ،‬وهما‬
‫للسيد أحمد الحسن ‪ ،‬وكتب اإلخوة األنصار للتعرف على الدعوة المباركة‪ ،‬وهي من إصدار أنصار اإلمام‬
‫المهدي‪.‬‬
‫‪ -2‬وصي ورسول اإلمام المهدي في التورة واإلنجيل والقرآن‪ :‬ص‪.22‬‬
‫اصدارات انصار االاما اهمدد ‪‬‬ ‫‪261‬‬

‫َ َ‬ ‫م‬
‫وهذا التفسير يدل على صحته ما ورد في رؤيا يوحنا الالهوتي‪ 1( :‬ث َّم َب ْع َد هذا َرأ ْي مت‬
‫َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ً َ َ َ ً َ َّ َ َ م م ْ َ ٌ َ ٌ َ ْ َ‬
‫ص َرخ‬ ‫ض ِم ْن َب َها ِئ ِه‪ 2 .‬و‬‫ألا ْر م‬ ‫است َنا َر ِت‬ ‫مالكا آخر ن ِازل ِمن السم ِاء‪ ،‬له سلطان ع ِظيم‪ .‬و‬
‫اط َين‪،‬‬ ‫َْ َ م َ َ ْ َ ْ َ ً َ َ‬ ‫َ ً َ َ َ ْ َ َ َ ْ َ‬ ‫َْ َ‬ ‫َّ‬
‫ِب ِشد ٍة ِبصو ٍت ع ِظ ٍيم قا ِئال‪ :‬سقطت! سقطت ب ِاب مل الع ِظيمة! وصا َرت مسكنا ِلشي ِ‬
‫َو َم ْح َرس ًا ل مكل مروح َنجس‪َ ،‬و َم ْح َرس ًا ل مكل َطائر َنج َ م‬
‫وت)(‪.)1‬‬‫س و َم ْمق ٍ‬ ‫ِ ِ ٍِ ِ ٍ‬ ‫ِ ِ ٍ ِ ٍ‬
‫الطائر النجس كما قال السيد أحمد الحسن ‪ ‬هي الطائرات الحربية ألامريكية‬
‫(‪ ،)2‬و(بابل تشير إلى العراق؛ ألن بابل كانت عاصمة العراق في ذلك الزمن‪ .‬فكل املالحم‬
‫بالرايات التي‬ ‫والفتن تجري في العراق وعلى أرض العراق‪ .‬وخراب بغداد ذكروه‬
‫تأتيها من دول العالم وبالفتن‪.‬‬
‫قال الصادق ‪ ‬عن بغداد‪ …( :‬في لعنة هللا وسخطه تخربها الفكن وتكركها‬
‫جماء‪ ،‬فالويل لها وْلن بها كل الويل من الرايات الصفر ورايات اْلغرب‪ ،‬ومن يجلب‬
‫الجزيرة ومن الرايات التي تسير إليها من كل قريب أو بعيد‪ .‬وهللا لينزلن بها من‬
‫صنوَ العذاب ما نزل بسائر ألامم اْلتمردة من أول الدهر إلى آخره‪ ،‬ولينزلن بها من‬
‫العذاب ما ال عين رأت وال أذن سمعت بمثله وال يكون طوفان أهلها إال بالسيف‪،‬‬
‫فالويل ْلن اتخذ بها مسكناِ‪ ،‬فان اْلقيم بها يبقى لشقائه‪ ،‬والخارج منها برحمة هللا‪ِ .‬‬
‫وهللا ليبقــى مــن أهلهــا فــي الــدنيا حتــى يقــال‪ :‬إنهــا هــي الــدنيا‪ ،‬وإن دورهــا وقصــورها‬
‫هــي الجنــة‪ ،‬وإن بناههــا هــن الحــور العــين‪ ،‬وإن ولــدانها هــم ال ِولــدان‪ ،‬وليظــنن أن هللا لــم‬
‫يقسـ ــم رزق العبـ ــاد إال بهـ ــا‪ ،‬وليظهـ ــرن فيهـ ــا مـ ــن الافك ـ ـراء علـ ــى هللا وعلـ ــى رسـ ــوله ‪،‬‬
‫والحك ــم بغي ــر كتاب ــه‪ ،‬وم ــن ش ــهادات ال ــزور‪ ،‬وش ــرب الخم ــور و [إتي ــان] الفج ــور‪ ،‬وأك ــل‬
‫الس ــحت وس ــفك ال ــدماء م ــا ال يك ــون ف ــي ال ــدنيا كله ــا إال دون ــه‪ ،‬ث ــم ليخربه ــا هللا بتل ــك‬
‫الفــكن وتلــك الرايــات‪ ،‬حتــى ليمــر عليهــا اْلــار فيقــول‪ :‬ههنــا كانــت الــزوراء)(‪ .))3‬انتهــى كــالم‬
‫السيد أحمد الحسن (‪.)4‬‬

‫‪ -1‬رؤيا يوحنا الالهوتي‪.11 :‬‬


‫‪ -2‬انظر‪ :‬رسالة الهداية‪ :‬ص‪.16‬‬
‫‪ -2‬بحار األنوار‪ :‬ج‪ 52‬ص‪.14‬‬
‫‪ -4‬رسالة الهداية‪ :‬ص‪.11‬‬
‫‪260‬‬ ‫شبيه عيسى أو امن هو اهمصلوب؟!‬

‫وق ــد ورد التعبي ــر ع ــن أمريك ــا ف ــي بع ــض الرواي ــات إلاس ــالمية بكلم ــة (ال ــدجال)‪ ،‬فف ــي‬
‫الح ــديث الـ ــذي يصـ ــف دخـ ــول الـ ــدجال إلـ ــى العـ ـراق مـ ــن جهـ ــة جبـ ــل سـ ــنام املعـ ــروف فـ ــي‬
‫ـرده الــدجال ســنام؛ جبــل مشــرَ علــى البصــرة‬ ‫البصــرة‪ ،‬قــال رســول هللا ‪( :‬أول مــا يـ ُ‬
‫يرد ُه الدجال)(‪.)1‬‬ ‫هو أول ما ُ‬
‫ومع ــروف أن الق ــوات ألامريكي ــة دخل ــت العـ ـراق قادم ــة م ــن دول ــة الكوي ــت م ــن جه ــة‬
‫الجبل املذكور املحاذي لها‪.‬‬
‫َ َ َ َ َ ْ م ْ ْ َ َ ْ َ َ َّ‬
‫اب ال ِتي‬ ‫وقد تحدث عيس ى ‪ ‬عن رجسة الخراب‪ 15( :‬فمتى نظرتم ِرجسة الخر ِ‬
‫النب ُّي َقائ َم ًة في ْاملَ َكان ْاملم َق َّدس ‪ -‬ل َي ْف َهم ْال َقار مئ‪َ 16 -‬فح َينئذ ل َي ْه مرب َّالذينَ‬ ‫َ َ َ ْ َ َ م َّ‬
‫ِ‬ ‫ِ ٍِ ِ‬ ‫ِ ِ ِ ْ ِ‬ ‫ِ‬ ‫قال عنها دا ِنيآل ِ ِ ِ‬
‫َّ‬ ‫َ ً‬ ‫م َ‬ ‫َّ ْ َ َ ْ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َ ْ‬ ‫ْ‬
‫السط ِح فال َين ِز ْل ِل َيأخذ ِم ْن َب ْي ِت ِه ش ْيئا‪َ 18 ،‬وال ِذي‬ ‫ود َّي ِة ِإلى ال ِج َب ِال‪َ 17 ،‬وال ِذي َعلى‬ ‫ِفي ال َي مه ِ‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ َ ْ ْ َ َ َ ْم َ‬ ‫ْ م َ َم‬ ‫ْ َْ َ َ َ ْ َ ََ‬
‫ات ِفي ِتل َك ألا َّي ِام!‬ ‫ِفي الحق ِل فال ي ْرجع ِإلى ورا ِئ ِه ِل َيأخذ ِث َيابه‪ 15 .‬ووي ٌل ِللح َبالى وامل ْر ِضع ِ‬
‫يم‬ ‫يق َع ِظ ٌ‬ ‫ص ُّلوا ل َك ْي َل َي مكو َن َه َرمب مك ْم في ش َتاء َو َل في َس ْبت‪َ 21 ،‬أل َّن مه َي مكو من ح َينئذ ض ٌ‬ ‫‪َ 22‬و َ‬
‫ِ ٍِ ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ ٍ‬ ‫ِ‬
‫َ َ‬ ‫َ َ ْ َ ْ م َ َّ ْ‬ ‫َ َ م َ‬ ‫ْ َ َ‬ ‫م‬ ‫ْم‬ ‫َ م‬
‫ص ْر ِتل َك ألا َّي مام ل ْم‬ ‫آلان َول ْن َيكون‪ 22 .‬ولو لم تق‬ ‫ل ْم َيك ْن ِمثل مه مم ْنذ ْاب ِت َد ِاء ال َعال ِم ِإلى‬
‫ْ َ َ َم َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ م ْ َ َ ٌ َ ْ َ ْ ْ م ْ َ َ م َ َّ ْ‬
‫ال لك ْم أ َح ٌد‪:‬‬ ‫ص مر ِتل َك ألا َّي مام‪ِ 23 .‬حين ِئ ٍذ ِإن ق‬ ‫يخلص جسد‪ .‬و ِلكن ألج ِل املختا ِرين تق‬
‫َ ٌ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫َ ٌ ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫صد مقوا‪ 24 .‬أل َّن مه َس َي مق م‬ ‫م َ َ َْ م م َ َ ْ م َ َ َ َ م َ‬
‫وم مم َس َح ماء كذ َبة َوأن ِب َي ماء كذ َبة‬ ‫هوذا امل ِسيح هنا! أو‪ :‬هناك! فال ت ِ‬
‫ََ َ‬ ‫َ َ ً َ َ َ َ َ َّ م ُّ َ ْ َ ْ َ َ ْ م ْ َ َ َ ً‬ ‫َم م َ‬
‫ين أ ْيضا‪َ 25 .‬ها أنا ق ْد‬ ‫ات ع ِظيمة وًجا ِئب‪ ،‬حتى ي ِضلوا لو أمكن املختا ِر‬ ‫وي ْعطون َآي ٍ‬
‫َ َ‬ ‫َْ َ‬ ‫َ ََ ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ َ م َم‬ ‫َ ْ مم‬
‫َس َب ْق مت َوأخ َب ْرتك ْم‪ 26 .‬ف ِإ ْن قالوا لك ْم‪َ :‬ها مه َو ِفي ال َب ِرَّي ِة! فال تخ مر مجوا‪َ .‬ها مه َو ِفي املخ ِاد ِع! فال‬
‫ضا‬ ‫هك َذا َي مكو من َأ ْي ً‬ ‫َ‬ ‫ْ َ َْ َ‬ ‫َْ َ‬ ‫َ َ َ ْ َ ْ‬
‫ص ِدقوا‪ 27 .‬أل َّن مه ك َما أ َّن ال َب ْرق َيخ مر مج ِم َن املش ِار ِق َو َيظ َه مر ِإلى املغا ِر ِب‪،‬‬
‫م َ م‬
‫ت‬
‫َْ‬
‫يء ْاب ِن ِإلانس ِان) ‪.‬‬
‫(‪)2‬‬ ‫َمج م‬
‫ِ‬
‫وفي النص أمور كثيرة تدل على صدق دعوة السيد أحمد الحسن ‪ ،‬فقوله‪:‬‬
‫يء‬‫ضا َمج م‬ ‫هك َذا َي مكو من َأ ْي ً‬ ‫َ‬ ‫ْ َ َْ َ‬ ‫َْ َ‬ ‫َ َ َ ْ َ ْ‬
‫(‪ 27‬أل َّن مه ك َما أ َّن ال َب ْرق َيخ مر مج ِم َن املش ِار ِق َو َيظ َه مر ِإلى املغا ِر ِب‪،‬‬
‫ِ‬
‫ْ‬
‫ْاب ِن ِإلان َس ِان)‪ ،‬يشير إلى أن ظهور ابن إلانسان يبدأ من جهة املشرق‪ ،‬واملشرق نسبة‬

‫‪ -2‬الفتن ‪ -‬ابن حماد‪ :‬ص‪ ،152‬معجم أحاديث اإلمام المهدي‪ :‬ج‪ 2‬ص‪.62‬‬
‫‪ -2‬متى‪.14 :‬‬
‫اصدارات انصار االاما اهمدد ‪‬‬ ‫‪262‬‬

‫ملكان عيس ى هو العراق‪ ،‬والبرق الذي خرج من املشرق وظهر في املغرب هو إبراهيم ‪،‬‬
‫الذي خرج من العراق وظهر في ألارض املقدسة (‪.)1‬‬
‫ْ َ َ َ م ْ َ َ ٌ م َ َ َْ م م َ َ ْ م َ َ َ َ م َ م‬ ‫َ‬
‫ص ِدقوا)‪.‬‬ ‫(حين ِئ ٍذ ِإن قال لكم أحد‪ :‬هوذا امل ِسيح هنا! أو‪ :‬هناك! فال ت‬ ‫أما قوله‪ِ :‬‬
‫ً‬
‫فهو ل يتفق ظاهريا مع قوله‪:‬‬
‫َ َ َّ م َْ‬ ‫َ ْ مَ‬ ‫ْ َ م ً َ َّ م ْ َ َ ْ َ م َ َ َّ َ َ َ ْ َ ُّ ْم‬
‫(‪ِ 42‬اسهروا ِإذا ألنكم ل تعلمون ِفي أي ِة ساع ٍة يأ ِتي ربكم‪ 43 .‬واعلموا هذا‪ :‬أنه لو‬
‫م م‬ ‫َّ م َ َ َ َ ْ َ َ ْ َ ْ َ م م ْ َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫ذل َك كونوا‬ ‫الس ِارق‪ ،‬لس ِه َر ولم يدع بيته ينق مب‪ِ 44 .‬ل ِ‬ ‫َع َرف َر ُّب ال َب ْي ِت ِفي أ ِي َه ِز ٍيع َيأ ِتي‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ َ َ َ م َ ْ‬ ‫َْم ْ َْ ً م ْ َ َ َ‬
‫اع ٍة ل تظ ُّنون َيأ ِتي ْاب من ِإلان َس ِان‪ 45 .‬ف َم ْن مه َو ال َع ْب مد‬ ‫ين‪ ،‬أل َّن مه ِفي س‬ ‫أنتم أيضا مست ِع ِد‬
‫الط َع َام في حينه؟ ‪ 46‬مط َ‬ ‫م ْ َ م م َّ‬ ‫َ‬
‫يم َّالذي أ َق َام مه َسي مد مه َع َلى َخ َ‬ ‫ألام مين ْال َ‬‫َ‬
‫ذل َك‬ ‫ِ ِ‬ ‫ل‬ ‫ى‬ ‫وب‬ ‫ِ ِ ِِ‬ ‫م‬ ‫ه‬ ‫ي‬ ‫ط‬ ‫ع‬ ‫ي‬
‫ِِ ِ ِ‬‫ل‬ ‫ه‬ ‫م‬ ‫د‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫م‬ ‫ك‬
‫ِ‬ ‫ح‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫َ ْ َ َّ َ م م َ م ْ َّ م م م م َ َ‬ ‫َ َ َ َ مم َ مم َْ َ م َ َ‬ ‫ْ َ ْ َّ‬
‫العب ِد ال ِذي ِإذا جاء س ِيده ي ِجده يفعل هكذا! ‪ 47‬الحق أقول لكم‪ِ :‬إنه ي ِقيمه على ج ِم ِيع‬
‫َ‬
‫أ ْم َو ِال ِه)(‪.)2‬‬
‫فكيف يتفق قوله لهم اسهروا وترقبوا مجيء ابن إلانسان‪ ،‬وفي الوقت ذاته يقول‬
‫لهم ل تصدقوا من يقول لكم‪( :‬هوذا املسيح هنا أو هناك)؟‬
‫من الواضح أنه يريد أن يقول لهم من خالل هذين القولين أن املسيح ليس من‬
‫تظنون‪ ،‬أي عيس ى ‪ ،‬وإنما هو شخص آخر‪ ،‬وهذا ما يتفق مع السهر والترقب‪،‬‬
‫فالسهر يراد منه هنا اليقظة والتنبه والبحث وعدم الركون إلى ما ألفه إلانسان من‬
‫ً‬
‫مسبقات فكرية قد تكون مغلوطة تماما‪.‬‬
‫ولنتذكر أن عيس ى سمى يوحنا املعمدان بإيليا‪:‬‬
‫م‬ ‫َ‬ ‫م‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ََ َ َ َ م م َ َ َ َ‬
‫ال ل مه ْم‪ِ « :‬إ َّن ِإ ِيل َّيا َيأ ِتي أ َّو ًل َو َي مر ُّد ك َّل َش ْي ٍء‪َ 12 .‬و ِلك ِني أقو مل‬ ‫(‪ 11‬فأجاب يسوع وق‬
‫م َّ َ َ َ م َ َ ْ م ْ َ َ ْ ً‬ ‫َ م ْ َّ َّ َ ْ َ َ َ َ ْ َ ْ م م َ ْ َ م‬
‫ذلك ابن ِإلانس ِان أيضا‬ ‫لكم‪ِ :‬إن ِإ ِيليا قد جاء ولم يع ِرفوه‪ ،‬بل ع ِملوا ِب ِه كل ما أرادوا‪ .‬ك ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫وح َّنا امل ْع َمد ِان) ‪.‬‬
‫(‪)3‬‬ ‫ال َل مه ْم َع ْن مي َ‬ ‫يذ َأ َّن مه َق َ‬ ‫َ َ َ َّ َ م‬ ‫َ َ َّ‬
‫َس ْوف َي َتأل مم ِم ْن مه ْم‪ِ 13 .‬حين ِئ ٍذ ف ِهم التال ِم‬
‫ألام مين ْال َحك م‬ ‫َ َ ْ م َ ْ َْ م َ‬
‫يم‬ ‫ِ‬ ‫والشخص آلاخر هو ما عبر عنه عيس ى ‪ ‬بقوله‪( :‬فمن هو العبد ِ‬
‫َّ‬ ‫َ َ‬ ‫َّ َ َ‬
‫ال ِذي أق َام مه َس ِي مد مه َعلى خ َد ِم ِه ِل مي ْع ِط َي مه مم الط َع َام ِفي ِحي ِن ِه)؟‬
‫م م َ‬ ‫ً‬
‫والطعام هو العلم‪ ،‬كما ذكرنا آنفا‪ :‬م(ي َع ِل ممك ْم ك َّل ش ْي ٍء) (‪.)1‬‬

‫‪ -1‬انظر‪ :‬وصي ورسول اإلمام المهدي في التوراة واإلنجيل والقرآن ‪ -‬السيد أحمد الحسن‪ :‬ص‪.21‬‬
‫‪ -2‬متى‪.24 :‬‬
‫‪ -2‬متى‪.11 :‬‬
‫‪263‬‬ ‫شبيه عيسى أو امن هو اهمصلوب؟!‬

‫أما الزلزل وألاوبئة وألامراض والحروب التي تحدث عنها عيس ى كعالمات تسبق‬
‫ً‬
‫ظهور ابن إلانسان فال أظن أحدا ل يعترف بأنها عنوان هذا العصر الذي نعيشه‪:‬‬
‫م‬ ‫َ‬ ‫َ َ م َ َ ٌ َ َ َ َ َّ ْ م ن َ َ َّ َ َ ْ َّ َ م َ ْ‬
‫التال ِميذ َعلى ان ِف َر ٍاد قا ِئ ِل َين‪ :‬ق ْل‬ ‫(‪ 3‬و ِفيما هو ج ِالس على جب ِل الزيتو ِ ‪ ،‬تقدم ِإلي ِه‬
‫َ‬ ‫وع َو َق َ‬
‫اب َي مس م‬ ‫َ‬
‫الد ْهر؟ ‪َ 4‬فأ َج َ‬ ‫ضاء َّ‬ ‫هذا؟ َو َما ه َي َع َال َم مة َمجيئ َك َو ْانق َ‬ ‫ََ َ َ َم م َ‬
‫ال ل مه ْم‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫لنا متى يكون‬
‫َ َ َ َ م َ ْ َ م َ م ُّ نَ‬ ‫َ‬
‫ين َس َيأتون ب ْ‬‫م‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ْان مظ مروا! َل ميضلك ْم أ َح ٌد‪ 5 .‬فإ َّن كثير َ‬
‫َ‬ ‫م‬ ‫َّ‬
‫اس ِمي قا ِئ ِلين‪ :‬أنا هو امل ِسيح! وي ِضلو‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫اعوا‪َ .‬أل َّن مه َل مب َّد َأنْ‬‫ين‪َ 6 .‬و َس ْو َف َت ْس َم معو َن ب مح مروب َو َأ ْخ َبار مح مروب‪ .‬ما ْن مظ مروا‪َ ،‬ل َت ْرَت م‬ ‫َكثير َ‬
‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫َ َّ م َ م م م َّ ٌ َ َ م َّ َ َ ْ َ َ ٌ َ َ َ ْ َ َ‬ ‫م‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫م ُّ َ َ ْ َ ْ َ ْ م‬ ‫َ م نَ‬
‫هذ ِه كلها‪ ،‬و ِلكن ليس املنتهى بعد‪ 7 .‬ألنه تقوم أمة على أم ٍة ومملكة على مملك ٍة‪،‬‬ ‫تكو ِ‬
‫َ‬ ‫م‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫م‬ ‫َ َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ٌ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ٌ‬ ‫َ‬ ‫ََم م َ َ‬
‫هذ ِه كل َها مم ْبتدأ ألا ْو َج ِاع) ‪.‬‬
‫(‪)2‬‬ ‫َ‬
‫وتكون مجاعات وأو ِبئة وزل ِزل ِفي أم ِاكن‪ 8 .‬و ِلكن ِ‬
‫َ ْ َ م‬
‫وفي هذا النص كما هو واضح ذكر لبعض العالمات التي تسبق نزول عيس ى ‪ ‬في‬
‫ضاء َّ‬ ‫َ َ ْ َ‬ ‫َ َ م‬
‫الد ْه ِر) دال على هذا‪ ،‬كما أنه‬ ‫آخر الزمان‪ ،‬فقولهم‪( :‬و َما ِه َي عال َمة َم ِجي ِئك وان ِق ِ‬
‫َ‬
‫يدل على أن مجيئه يسبق انقضاء الدهر‪ ،‬أي سيكون في هذه الحياة الدنيا‪ ،‬وبالنتيجة‬
‫تكون مملكة العدل إلالهي على هذه ألارض‪.‬‬
‫وقد وردت أحاديث كثيرة في املصادر إلاسالمية بشأن املهدي ‪ ،‬وإن عيس ى حين‬
‫ينزل سوف يصلي خلفه‪ ،‬منها‪:‬‬
‫‪( :‬يا بنية‪ ،‬إنا أعطينا أهل البيت سبعاِ لم‬ ‫وسلم لفاطمة‬ ‫قال رسول هللا‬
‫شعطها أحد قبلنا‪ ،‬نبينا خير ألانبياء وهو أبوك‪ ،‬ووصينا خير ألاوصياء وهو بعلك‪،‬‬
‫وشهيدنا خير الشهداء وهو عم أبيك حمزة‪ ،‬ومنا من له جناحان خضيبان يطير بهما‬
‫في الجنة وهو ابن عمك جعفر‪ ،‬ومنا سبطا هذه ألامة وهما ابناك الحسن والحسين‪،‬‬
‫ألامة‪ ،‬الذي يصلي خلفه عيس ى بن مريم)(‪.)3‬‬ ‫ومنا وهللا الذي ال إله إال هو مهدي هذه ِ‬
‫ً‬
‫ومنها‪ :‬عن الزهري‪ ،‬عن أنس بن مالك‪ ،‬أنه قال‪ :‬كنا قعودا عند رسول هللا‬
‫وحوله أصحابه إذ ضحك رسول هللا‪ ،‬فقالوا‪ :‬يا رسول هللا‪ ،‬أضحكت؟ زادك هللا‬
‫ً‬
‫سرورا‪ ،‬قال‪( :‬إن جبرئيل أتاني فبشرني ببشارة لم يبشرني بمثلها فيما مض ى‪ ،‬أخبرني‬

‫‪ -1‬يوحنا‪.26 /14:‬‬
‫‪ -2‬متى‪.24 :‬‬
‫‪ -2‬الغيبة ‪ -‬الشيخ الطوسي‪ :‬ص‪.191‬‬
‫اصدارات انصار االاما اهمدد ‪‬‬ ‫‪261‬‬

‫أن من فتيان بني هاشم سبعاِ لم يخلق هللا مثلهم فيما مض ى‪ ،‬ولم يخلق مثلهم فيما‬
‫بقي‪ :‬أنا محمد رسول هللا سيد ألانبياء‪ ،‬وعلي وصيي سيد ألاوصياء‪ ،‬وحمزة عمي‬
‫سيد الشهداء‪ ،‬وجعفر ابن عمي الطيار في الجنة‪ ،‬وابناي الحسن والحسين سيدا‬
‫شباب أهل الجنة‪ ،‬ومنا القائم الذي يصلي خلفه عيس ى بن مريم‪ ،‬وهو اْلهدي؛‬
‫وجهه كالكوكب الدري‪ ،‬اللون لون عربي والجسم جسم إسرائيلي‪ ،‬على خده ألايمن‬
‫خال‪ ،‬يرض ى بخالفته أهل ألارض والسماء والطير في الهواء) (‪.)1‬‬
‫يقول‪( :‬ليهبطن هللا عيس ى ابن مريم‬ ‫وعن أبي هريرة‪ ،‬قال‪ :‬سمعت رسول هللا‬
‫عدال وإماماِ مقسطاِ‪ ،‬يكسر الصليب‪ ،‬ويقتل الخنزير‪ ،‬ويضع الجزية‪ ،‬ويفيض‬ ‫حكماِ ِ‬
‫اْلال حتى ال يجد من يأخذه‪ ،‬وليسلكن الروحاء حاجاِ أو معتمراِ‪ ،‬أو يدين بهما‬
‫جميعاِ)(‪.)2‬‬
‫ً‬
‫وعن أبي هريرة أيضا‪ ،‬أنه قال‪ :‬قال رسول هللا ‪( :‬كيف أنتم إذا نزل ابن مريم‬
‫فيكم وإمامكم منكم)(‪.)3‬‬
‫***‬
‫بطبيعة الحال لبد أن نربط بين كل هذه العالمات التي تسبق ظهور املخلص (ابن‬
‫إلانسان) وبين تأويل رؤيا دانيال‪ ،‬فالتأويل املناسب لبد أن يستوعب كل الظواهر التي‬
‫ترافق مجيء املخلص ليمكن بالتالي أن يقال عنه إنه تأويل حصيف‪ ،‬ويحظى باملقبولية‪.‬‬
‫وبقدر تعلق ألامر بتفسير الدارسين املسلمين واملسيحيين على حد سواء يتبين بجالء‬
‫قصور نظرتهم‪ ،‬وإغفالها بالكامل للكثير من الظواهر التي أشرنا إليها‪.‬‬
‫فإذا كان مجيء ابن إلانسان سيترافق مع الكثير من العالمات من قبيل الزلزل‬
‫وألاوبئة والحروب‪ ،‬وانتشار الفوض ى على مستوى املسرح العالمي‪ ،‬سواء بانهيار النظام‬
‫الاقتصادي‪ ،‬أو بتمرد ألامم والشعوب‪:‬‬
‫ورد في سفر زكريا‪:‬‬

‫‪ -1‬العقد النضيد والدر الفريد ‪ -‬محمد بن الحسن القمي‪ :‬ص‪.22 – 29‬‬


‫‪ -2‬جامع البيان ‪ -‬إبن جرير الطبري‪ :‬ج‪ 2‬ص‪.296‬‬
‫‪ -2‬صحيح البخاري‪ ،225 / 4 :‬صحيح مسلم‪.126 / 1 :‬‬
‫‪265‬‬ ‫شبيه عيسى أو امن هو اهمصلوب؟!‬

‫هذا ْال َب ْي َت َم ْجد ًا‪َ ،‬ق َ‬‫مَ َ َ ْ م َ‬ ‫م‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫م‬ ‫م ْ م‬
‫ال َر ُّب‬ ‫(‪َ 7‬وأ َزل ِز مل ك َّل ألا َم ِم‪َ .‬و َيأ ِتي ممش َت َهى ك ِل ألام ِم‪ ،‬فأمأل‬
‫ود)(‪.)1‬‬ ‫ْ مم‬
‫الجن ِ‬
‫أقول‪ :‬فإن هذا لم يسبق زمن عيس ى ول زمن رسول هللا ‪ ،‬بل لم يحدث أن‬
‫بسط أحدهم سيطرته على كل العالم‪ ،‬كما سيفعل ابن إلانسان‪:‬‬
‫م م‬ ‫َْ َ َ َ ْ َ‬ ‫َ‬ ‫م‬
‫ض‪ ،‬أل َّن َك أن َت ت ْم َت ِل مك ك َّل ألا َم ِم)(‪.)2‬‬ ‫(‪ 8‬ق ْم َيا اهللم‪ِ .‬د ِن ألار‬
‫ْ‬ ‫ْ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬
‫وفي القرآن الكريم قوله تعالى‪ُ ﴿ :‬ه َو ال ِذي أ ْر َس َل َر ُسول ُه ِبال ُهد َو ِد ِين ال َح ِ ّق‬
‫ُ ْ َ ُ ََ ّ ُ ّ َ َ ُْ ْ ُ َ‬
‫ن﴾(‪.)3‬‬ ‫الد ِين ك ِل ِه َول ْو ك ِر َه اْلش ِركو ِ‬
‫ِليظ ِهره على ِ‬
‫وإذا املسيحيون يقولون آلان بأن عيس ى هو مصداق ابن إلانسان‪ ،‬ويرون أن‬
‫رجسة الخراب هي الرومان‪ ،‬فكيف يمكنهم تفسير مخالفة أسالفهم لهذا التفسير؟ فقد‬
‫ورد في قاموس الكتاب املقدس‪( :‬وقد أنذر السيد املسيح بأنه متى رأى املؤمنون في‬
‫اليهودية رجسة الخراب التي تكلم عنها دانيال قائمة في املكان املقدس أن يهربوا إلى‬
‫الجبال‪ .‬وعندما اقتربت الجيوش الرومانية بشاراتها ورموزها الوثنية في سنة ‪72‬‬
‫ميالدية رأى املؤمنون املسيحيون في هذا تحذيرا لهم فهربوا إلى فحل في شرق ألاردن‬
‫قبل خراب أورشليم‪ .‬وفي هذه النبوات إنذار ضد العبادة الوثنية والخراب الذي تحدث‬
‫نتيجة ملمارستها)(‪.)4‬‬
‫أي إن هؤلء املؤمنين املسيحيين ل يرون رأي مسيحيي اليوم من أن عيس ى هو‬
‫مصداق ابن إلانسان‪ ،‬فالحادثة التي يرويها القاموس وقعت بعد رفع عيس ى ‪.‬‬

‫ْلاذا ابن إلانسان‪ِ:‬‬


‫تسمية ابن إلانسان فيها دليل على أن املخلص املعني هو السيد أحمد الحسن‬
‫‪ ،‬ولعل الاضطراب الحاصل في فهمها من قبل الباحثين إشارة مهمة على محورية‬

‫‪ -1‬زكريا‪.2 :‬‬
‫‪ -2‬مزمور‪.12 :‬‬
‫‪ -2‬التوبة‪.22 :‬‬
‫‪ -4‬قاموس الكتاب المقدس ‪ -‬مجمع الكنائس الشرقية‪ :‬ص‪.299‬‬
‫اصدارات انصار االاما اهمدد ‪‬‬ ‫‪266‬‬

‫كال من املسيحيين واملسلمين حاول‬ ‫ً‬


‫هذه التسمية التي تلفت ألانظار‪ .‬والالفت للنظر أن‬
‫توظيف التسمية بما يتالئم مع مجمل التصور الديني الذي يعتقد به‪ ،‬دون اكتراث كبير‬
‫بحقيقة هذه التسمية‪.‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫فالباحثون املسلمون رأوا فيها دليال على بشرية عيس ى‪ ،‬وكانوا يدفعون بها دائما‬
‫كحجة نقض كلما تحدث املسيحيون عن عيس ى ‪ ‬بوصفه ابن هللا‪ .‬أما املسيحيون‬
‫ً‬
‫فكانوا دائما ما يلجأون إلى الفكرة التي اخترعها فقهاؤهم‪ ،‬فيتأولون التسمية على أنها‬
‫إشارة على ناسوت عيس ى دون لهوته‪ ،‬وبهذه الطريقة يظنون أنهم قد استطاعوا‬
‫ً‬
‫التخلص من املشكلة عبر دفنها في املتاهات الالهوتية التي ل يبدو أن أحدا يملك‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫خرائطها‪ .‬فلعبة الالهوت والناسوت غير املنضبطة كان توفر لهم دائما مهربا سهال حين‬
‫يعترضهم مأزق نصوص ي ما‪.‬‬
‫لو عدنا آلان إلى ما كتبه السيد أحمد الحسن ‪ ‬لوجدناه يقول‪:‬‬
‫(إن املوجودات املخلوقة أما نور مشوب بالظلمة‪ ،‬وأما ظلمة مشوبة بالنور‪،‬‬
‫بحسب الغالب عليها الظلمة أو النور‪ .‬ولكل موجود مخلوق مقام ثابت ل يتغير‪ ،‬إل‬
‫املكلفين كـ (ألانس والجن)‪ ،‬فلكل واحد منهم الاختيار أن يقترب من النور بالطاعة هلل‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫سبحانه‪ ،‬حتى يصبح نورا مشوبا بالظلمة‪ ،‬وكل بحسبه‪ .‬أو أن يقترب من الظلمة‬
‫بمعصية هللا سبحانه‪ ،‬حتى يصبح ظلمة مشوبة بالنور‪ ،‬وكل بحسبه‪ .‬ويتميز إلانسان‬
‫ً‬
‫بأن له قابلية الارتقاء في النور‪ ،‬حتى ل يدانيه ملك مقرب‪ ،‬ويصبح فوق املالئكة‪ ،‬وأيضا‬
‫ََ‬
‫له قابلية التسافل في الظلمات‪ ،‬حتى ل يدانيه إبليس (لعنه هللا) وجنده ألارجاس‪﴿ :‬لق ْد‬
‫َ‬ ‫َ َ َ‬ ‫ُ‬ ‫َْ‬ ‫َََْ ْ ْ َ َ‬
‫خلقنا إلان َسان ِفي أ ْح َس ِن تق ِو ٍّيم و ث َّم َر َد ْدن ُاه أ ْسف َل َسا ِف ِل ِ‬
‫ين﴾‪.‬‬
‫ومن املعلوم أن أرقى موجود مخلوق في عوالم النور هو‪ :‬إنسان‪ ،‬وهو‪ :‬محمد‬
‫ً‬
‫أو (العقل ألاول)‪ .‬وأسفل موجود مخلوق في عوالم الظلمة هو أيضا إنسان‪ ،‬وهو‪:‬‬
‫(الثاني) (لعنه هللا وأخزاه)‪ ،‬وهو‪( :‬الجهل) فقد أدبر ولم يقبل كما في الحديث عنهم‬
‫)(‪.)1‬‬

‫‪ -1‬المتشابهات‪ :‬ج‪ 1‬ص‪.11‬‬


‫‪267‬‬ ‫شبيه عيسى أو امن هو اهمصلوب؟!‬

‫ً‬
‫إن رسول هللا محمدا ‪ ،‬استطاع أن يبلغ إلى أقص ى كمال يمكن للمخلوق أن‬
‫يبلغه‪ ،‬وبفضل هذا الارتقاء حصل له الفتح املبين‪.‬‬
‫يقول السيد أحمد الحسن ‪ ‬في تفسير قوله تعالى‪:‬‬
‫َ‬
‫َ َّ‬ ‫َْ‬ ‫ََ‬ ‫َّ‬ ‫ْ َ‬ ‫َّ َ َ َ َ َ ْ‬
‫﴿ ِإنا فت ْحنا ل َك فتحا ُم ِبينا و ِل َيغ ِف َر ل َك الل ُه َما تق َّد َم ِم ْن ذن ِب َك َو َما تأخ َِر﴾ (‪:)1‬‬
‫(الذنب هنا هو (ألانا)‪ ،‬أو شائبة الظلمة والعدم‪ ،‬التي ل تفارق العبد‪ .‬ومحمد‬
‫بسبب هذا الفتح يخفق‪ ،‬فساعة ل يبقى محمد ‪ ،‬بل ل يبقى إل هللا الواحد القهار‪،‬‬
‫وساعة يعود محمد العبد ألاول والنور ألاول والعقل ألاول والفائز بالسباق)(‪.)2‬‬
‫ويقول ‪ ‬في كتاب التوحيد‪:‬‬
‫(فشائبة الظلمة والعدم بدونها ل يبقى لإلنسان إنسانيته ول يبقى إل هللا الواحد‬
‫بعد الفتح أخذ يخفق بين فناء فال يبقى إل هللا الواحد القهار وبين‬ ‫القهار‪ ،‬ومحمد‬
‫عوده إلى ألانا والشخصية‪ ،‬فهو صلوات هللا عليه حجاب بين الخلق والحق‪ ،‬وهو البرزخ‬
‫بين هللا وخلقه)(‪.)3‬‬
‫يخفق بين الحق وبين الخلق‪ ،‬وفي آنات يفنى في الذات إلالهية‬ ‫إذن رسول هللا‬
‫فال يبقى منه اسم ول رسم‪ ،‬بل ل يبقى إل هللا الواحد القهار‪ ،‬وحيث إن علي بن أبي‬
‫كان هو املصداق ألاكمل‬ ‫طالب ‪ ‬هو الفائز بالسباق بعد رسول هللا محمد‬
‫وألاوفى لإلنسان‪.‬‬
‫يقول السيد أحمد الحسن ‪:‬‬
‫بسبب هذا الفتح يخفق‪ ،‬فساعة ل يبقى محمد ‪ ،‬بل ل يبقى إل‬ ‫(ومحمد‬
‫العبد ألاول والنور ألاول والعقل ألاول‬ ‫هللا الواحد القهار‪ ،‬وساعة يعود محمد‬
‫ً‬
‫والفائز بالسباق (صلوات هللا عليه وسالمه)‪ ،‬وبما أن عليا ‪ ‬باب محمد ‪،‬‬
‫ومحمد صاحب الفتح املبين‪ ،‬وفي آنات ل يبقى منه اسم ول رسم إل هللا الواحد القهار‪،‬‬

‫‪ -1‬سورة الفتح‪.2 – 1 :‬‬


‫‪ -2‬المتشابهات‪ :‬ج‪ 1‬ص‪.22‬‬
‫‪ -2‬التوحيد‪ :‬ص‪.22‬‬
‫اصدارات انصار االاما اهمدد ‪‬‬ ‫‪269‬‬

‫ً‬
‫فيكون الباب أو علي ‪ ‬ممسوسا بذات هللا‪ ،‬وبمقام صاحب الفتح املبين‪ ،‬ولذا قال‪:‬‬
‫ً‬
‫لو كشف لي الغطاء ملا ازددت يقينا)(‪.)1‬‬
‫ُ‬ ‫ْ ْ َ َ‬ ‫ويقول في تفسير قوله تعالى‪َ ﴿ :‬و ْال َع ْ‬
‫ص ِر و ِإ َّن ِإلان َسان ل ِفي خ ْس ٍِّر﴾ (‪( ،)2‬أمير‬
‫املؤمنين علي ‪ ‬هو إلانسان‪ ،‬وهو في خسر نسبة إلى محمد ‪ ،‬فمقام الرسول‬
‫هو مدينة الكمالت‬ ‫أعلى وأعظم من مقام إلامام علي ‪ ،‬فالرسول محمد‬
‫صاحب املقام‬ ‫إلالهية في الخلق أو مدينة العلم وعلي ‪ ‬هو الباب‪ ،‬والرسول‬
‫من فتح له مثل سم إلابرة‬ ‫املحمود وصاحب مقام ألقاب قوسين أو أدنى‪ ،‬وهو‬
‫وأخذ يخفق بين الحق والخلق وأمير املؤمنين ‪ ‬دون هذه املرتبة‪ ،‬وقد قال ‪( :‬لو‬
‫كشف لي الغطاء ْلا ازددت يقيناِ) أي غطاء وحجاب الالهوت الذي كشف ملحمد‬
‫)(‪.)3‬‬
‫إذن علي بن أبي طالب ‪ ‬هو إلانسان‪ ،‬ويمكن أن نفهم بالنتيجة أن تسمية ابن‬
‫إلانسان تعني ابن علي ‪.)4( ‬‬

‫‪ -1‬المتشابهات‪ :‬ج‪ 1‬ص‪.22‬‬


‫‪ -2‬العصر‪.2 – 1 :‬‬
‫‪ -2‬المتشابهات‪ :‬ج‪ 2‬ص‪.111‬‬
‫‪ -4‬روي عن أهل البيت (عليهم السالم) تفسير بعض اآليات التي تذكر (اإلنسان) بعلي بن أبي طالب ‪ :‬تفسير‬
‫القمي‪ :‬ج‪ 2‬ص‪.426 – 425‬‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫سانُ َما أكف َره ُ) قال‪ :‬هو أمير المؤمنين‪ ،‬قال‪َ ( :‬ما أكف َرهُ) أي ماذا فعل فأذنب حتى قتلوه‪،‬‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫(‪ِ ( ...‬ك َر ٍام بَ َر َر ٍة * قُتِ َل ْ ِ‬
‫اْلن َ‬
‫س َرهُ) قال‪ :‬يسر له طريق الخير‪( ،‬ثُ َّم أَ َماتَه ُ‬ ‫طفَ ٍة َخلَقَهُ فَقَ َّد َرهُ * ثُ َّم ال َّ‬
‫سبِي َل يَ َّ‬ ‫َي ٍء َخلَقَهُ * ِمن نُّ ْ‬ ‫يش ْ‬ ‫ثم قال‪ِ ( :‬منْ أَ ِّ‬
‫ش َرهُ) قال‪ :‬في الرجعة (كال لما يقض ما أمره) أي لم يقض علي أمير المؤمنين عليه السالم‬ ‫فَأ َ ْقبَ َرهُ * ثُ َّم إِ َذا شَاء أن َ‬
‫َ‬
‫ما قد أمره وسيرجع حتى يقضي ما أمره‪ .‬أخبرنا أحمد بن إدريس عن أحمد بن محمد عن ابن أبي نصر (أبي‬
‫بصير ط) عن جميل بن دراج عن أبي اسامة عن أبي جعفر عليه السالم قال سألته عن قول هللا " قتل االنسان ما‬
‫أكفره " قال‪ :‬نعم نزلت في أمير المؤمنين عليه السالم‪ ،‬ما أكفره‪ ،‬يعنى بقتلكم إياه ثم نسب أمير المؤمنين عليه‬
‫السالم فنسب خلقه وما أكرمه هللا به فقال‪( :‬من أي شئ خلقه) يقول من طينة األنبياء خلقه (فقدره) للخير (ثم السبيل‬
‫يسره) يعنى سبيل الهدى (ثم أماته) ميتة األنبياء (ثم إذا شاء أنشره) قلت ما قوله‪ :‬ثم إذا شاء أنشره قال‪ :‬يمكث بعد‬
‫قتله في الرجعة فيقضي ما امره‪.)...‬‬
‫وعن المجلسي في البحار ج ‪ 25‬ص ‪ ،255 – 254‬نقالً عن ابن شهرآشوب‪:‬‬
‫مناقب ابن شهرآشوب‪ :‬في تفسير أهل البيت عليهم السالم‪ :‬أن قوله‪( :‬هل أتى على االنسان حين من الدهر) يعني‬
‫به عليا ً عليه السالم وتقدير الكالم‪ :‬ما أتى على االنسان زمان من الدهر إال و كان فيه شيئا مذكورا‪ ،‬وكيف لم يكن‬
‫مذكورا وإن اسمه مكتوب على ساق العرش وعلى باب الجنة‪ ،‬والدليل على هذا القول قوله‪( :‬إنا خلقنا االنسان من‬
‫نطفة) ومعلوم أن آدم عليه السالم لم يخلق من النطفة)‪.‬‬
‫مناقب آل أبي طالب‪ :‬ج‪ 1‬ص‪:224‬‬
‫‪268‬‬ ‫شبيه عيسى أو امن هو اهمصلوب؟!‬

‫ً‬
‫وقد سبق أن ذكرنا عند قراءتنا لرؤيا يوحنا أن ألاربعة وعشرين شيخا ل تنطبق‬
‫‪ ،‬وألائمة‬ ‫على غير ألائمة إلاثني عشر واملهديين إلاثني عشر أوصياء رسول هللا‬
‫واملهديون كلهم أبناء علي ‪ ،‬ومنهم السيد أحمد الحسن ‪ ،‬أو املخلص‪.‬‬

‫نصوص تؤكد أن السيد أحمد الحسن‪ ‬هو اْلخلص‪ِ:‬‬


‫ولكي يزداد القارئ ثقة بأن السيد أحمد الحسن ‪ ‬هو املخلص‪ ،‬أنقل النصوص‬
‫التالية‪:‬‬
‫ً‬
‫يقول ألانبا أثناسيوس‪( :‬إن لفظ بارقليط إذا حرف نطقه قليال يصير بيركليت‬
‫ومعناه الحمد أو الشكر وهو قريب من لفظ أحمد)(‪.)1‬‬
‫ويقول صاحب كتاب (الكتاب املقدس تحت املجهر)‪( :‬عند مراجعتي ألحد ألاناجيل‬
‫إلاسكندنافية املتداولة اليوم‪ ،‬والتي طبعت قبل حقبة من الزمن بالنرويجية‪ ،‬وجدت أن‬
‫كلمة أحمد ل زالت موجودة بالشكل التالي (‪ ،)amat‬وهذا الاسم ل زال يستعمل إلى‬
‫يومنا هذا من قبل ألامريكيين نرويجيي ألاصل‪ ،‬ويكتب بالشكل التالي‪ ،Amodt :‬وهذه‬
‫الكلمة موجودة في نفس إلاصحاح املذكور أعاله بالنرويجية)(‪.)2‬‬
‫وبخصوص ما ورد في سفر زكريا‪:‬‬
‫هذا ْال َب ْي َت َم ْجد ًا‪َ ،‬ق َ‬
‫َ‬ ‫م‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫م‬ ‫م‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫م‬ ‫م ْ م‬
‫ال َر ُّب‬ ‫(‪َ 7‬وأ َزل ِز مل ك َّل ألا َم ِم‪َ .‬و َيأ ِتي ممش َت َهى ك ِل ألا َم ِم‪ ،‬فأ ْمأل‬
‫ً‬
‫ود)(‪ .)3‬يقول الدكتور عبد ألاحد داود ‪ -‬وهو قس مسيحي أسلم لحقا ‪ -‬يقول‪ :‬في‬ ‫ْ مم‬
‫الجن ِ‬
‫م‬
‫اللغة العبرية (في يا فو ِح ْم َده كول هاجوييم)‪ ،‬أي (وسوف يأتي حمده لكل ألامم)(‪.)4‬‬
‫وحمده تعني أحمد‪.‬‬

‫‪ ...( :‬وكان االنسان‪ :‬يعني علي بن أبي طالب‪ ،‬أكثر شئ جدالً‪ :‬يعني متكلماً‬ ‫ينقل ابن شهراشوب عن النبي‬
‫بالحق والصدق)‬
‫‪ -1‬تفسير يوحنا االنبا اثناسيوس‪ :‬ص‪ ،119‬نقال عن حجازي ‪ -‬المصدر نفسه‪ :‬ج‪ 2‬ص‪.212‬‬
‫‪ -2‬الكتاب المقدس تحت المجهر ‪ -‬عودة مهاوش‪ :‬في هامش ص‪.42‬‬
‫‪ -2‬زكريا‪.2 :‬‬
‫‪ -4‬محمد كما ورد في كتاب اليهود والنصارى – عبد األحد داود‪ :‬ص‪.21‬‬
‫اصدارات انصار االاما اهمدد ‪‬‬ ‫‪271‬‬

‫السيد أحمد الحسن من نسل داود‪ِ:‬‬


‫َ ْ َ ْ َ َّ َ ْ َ َ َّ ْ َ َ َ َ ً ُّ‬ ‫م م‬
‫وب‪،‬‬ ‫ِ‬
‫لش م‬
‫ع‬ ‫ورد في سفر أشعياء‪َ 12( :‬و َيكون ِفي ِذلك اليو ِم أن أصل يس ى القا ِئم راية ِل‬
‫ً‬ ‫م م ُّ‬ ‫م‬ ‫َ ْم‬
‫ِإ َّي ماه تطل مب ألا َم مم‪َ ،‬و َيكون َم َحل مه َم ْجدا)(‪ِ.)1‬‬
‫ويس ـ ى ه ــو أب ــو داود ‪ ،‬أم ــا عالق ــة الس ــيد أحم ــد الحس ــن ‪ ‬ب ــداود فم ــن جه ــة‬
‫مــن ذريــة‬ ‫أم أبيــه إلامــام املهــدي محمــد بــن الحســن‪ ،‬ونــرجس‬ ‫الســيدة نــرجس‬
‫داوود ‪ ،‬وه ــي (أمي ــرة ج ــدها قيص ــر ال ـروم رأت ف ــي املن ــام نب ــي هللا عيس ـ ى ‪ ‬ووص ـيه‬
‫مـن عيسـ ى‪ ‬لولـده‬ ‫شمعون الصفا والرسول محمد ‪ ،‬وخطبها الرسول محمـد‬
‫إلام ــام الحس ــن العس ــكري ‪ ،‬فق ــال عيس ـ ى ‪ ‬لش ــمعون الص ــفا أو س ــمعان بط ــرس‪:‬‬
‫قــد جــاءك شــرف عظــيم؛ ألنهــا مــن ذريــة شــمعون الصــفا (ســمعان بطــرس) وص ـ ي عيس ـ ى‬
‫‪ ،‬ورأت بع ــد ذل ــك رؤى كثي ــرة وعرض ــت نفس ــها للس ـبي وحص ــلت له ــا معج ـزات كثي ــرة‬
‫حتــى وصــلت إلــى دار إلامــام علــي الهــادي ‪ ،‬فزوجهــا مــن ابنــه إلامــام الحســن العســكري‬
‫‪ ،‬وولـ ــدت لـ ــه إلامـ ــام محمـ ــد بـ ــن الحسـ ــن املهـ ــدي‪ ،‬فاإلمـ ــام املهـ ــدي محمـ ــد بـ ــن‬
‫الحسن العسكري ‪ ‬من ذرية إسرائيل (يعقوب ‪ )‬من جهة ألام‪ ،‬ومـن ذريـة محمـد‬
‫مــن جهــة ألاب‪ .‬فيصــدق عليــه إنــه قضــيب مــن جــذع يس ـ ى‪ .‬كمــا يصــدق علــى املهــدي‬
‫ألاول مــن املهــديين ألاثنــي عشــر إنــه غصــن يخــرج مــن ذاك القضــيب مــن جــذع يسـ ى؛ ألنــه‬
‫من ذرية إلامام املهدي ‪.)2()‬‬

‫السيد أحمد الحسن هو اْلصلوب‪ِ:‬‬


‫اضطربت كلمات الكتاب املسلمون في تحديد هوية املصلوب‪ ،‬بعد اتفاقها على أنه‬
‫ليس عيس ى ‪ ،‬والسبب الكامن وراء إضرابهم يتمثل باعتمادهم على أشخاص من‬

‫‪ -1‬أشعياء‪.11 :‬‬
‫‪ -2‬وصي ورسول اإلمام المهدي في التوراة واإلنجيل والقران‪ :‬ص‪ .25 – 24‬وانظر قصتها في‪ :‬كمال الدين‬
‫وتمام النعمة للشيخ الصدوق‪ :‬ص‪ 411‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪270‬‬ ‫شبيه عيسى أو امن هو اهمصلوب؟!‬

‫قبيل وهب بن منبه(‪ )1‬وتميم الداري وكعب ألاحبار‪ ،‬الذين ملئوا كتب العامة برواياتهم‬
‫م‬
‫إلاسرائيلية‪ ،‬كما اصطلح عليها (‪.)2‬‬
‫وفي العصر الحديث بعد اكتشاف إنجيل برنابا وإنجيل يهوذا اغترف منهما الكثير‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫من الكتاب املسلمين ما حسبوه مؤيدا لعتقادهم بمسألة الشبيه املصلوب بدل من‬
‫ً‬
‫عيس ى‪ ،‬ولم يكونوا يبالون بعد ما ظنوه ظفرا على مستوى أصل املسألة‪ ،‬بما قد‬
‫يجره خطأهم في تحديد شخص املصلوب من نتائج خطيرة ل تخطر لهم على بال‪.‬‬
‫وإذا كان أصل املشكلة يمتد بجذره إلى ألاصل العقدي الذي تجاهلوه ‪ -‬لألسف‬
‫الشديد ‪ -‬وهو املتعلق باملصدر الذي كان ينبغي أن يقتصروا في ألاخذ منه‪ ،‬وأعني به‬
‫محمد وآل محمد (عليهم الصالة والسالم)‪ ،‬فإن البحث في هذا ألاصل خارج عن‬
‫م‬
‫موضوع هذا الكتاب‪ ،‬ولكن التنويه عنه من الضروريات التي ينبغي أن تعلم؛ ألننا رأينا‬
‫الكتاب املسيحيين يحاولون إلزامنا بتقولت من يسمون أنفسهم فقهاء أو مفسرين‪ ،‬أو‬
‫كتاب مسلمين‪ ،‬زاعمين أن اختالفهم دليل على حيرة املسلمين في إثبات ما نص عليهم‬
‫كتابهم‪.‬‬
‫وعلى الرغم من منطق املغالطة الذي ينطوي عليه كالم الكتاب املسيحيين‪،‬‬
‫باعتبار أن املسلمين املشار إليهم ل يختلفون في أصل املسألة‪ ،‬بل في تفاصيل تقع وراء‬

‫‪ -1‬كان وهب هذا يقول‪" :‬لقد رأيت اثنين وتسعين كتابا ً كلها من السماء‪ :‬اثنان وسبعون منها في الكنائس وفي أيدي‬
‫الناس‪ ،‬وعشرون ال يعلمها إال القليل"!!‬
‫‪ -2‬وقد جمع المتقدمون في ذلك وأوعوا إال أن كتبهم ومنقوالتهم تشتمل على الغث والسمين والمقبول والمردود‪.‬‬
‫والسبب في ذلك أن العرب لم يكونوا أهل كتاب وال علم وإنما غلبت عليهم البداوة واألمية‪ .‬فإذا تشوقوا إلى معرفة‬
‫شيء مما تتشوق إليه النفوس البشرية في أسباب المكونات وبدء الخليقة وأسرار الوجود فإنما يسألون عنه أهل‬
‫الكتاب قبلهم ويستفيدونه منهم‪ ،‬وهم أهل التوراة من اليهود ومن تبع دينهم من النصارى ‪ .‬وأهل التوراة الذين بين‬
‫العرب يومئذ! بادية مثلهم وال يعرفون من ذلك إال ما تعرفه العامة من أهل الكتاب‪ ،‬ومعظمهم من حمير الذين‬
‫أخذوا بدين اليهودية‪ .‬فلما أسلموا بقوا على ما كان عندهم مما ال تعلق له باألحكام الشرعية التي يحتاطون لها مثل‬
‫أخبار بدء الخليقة وما يرجع إلى الحدثان والمالحم وأمثال ذلك‪ .‬وهؤالء مثل كعب األحبار ووهب بن منبه وعبد هللا‬
‫بن سالم وأمثالهم‪ .‬فامتألت التفاسير من المنقوالت عندهم في أمثال هذه األغراض إخبارا موقوفة عليهم وليست‬
‫مما يرجع إلى األحكام فيتحرى في الصحة التي يجب بها العمل‪ .‬وتساهل المفسرون في مثل ذلك وملئوا كتب‬
‫التفسير بهذه المنقوالت‪ .‬وأصلها كما قلناه عن أهل التوراة الذين يسكنون البادية وال تحقيق عندهم بمعرفة ما‬
‫ينقلونه من ذلك‪ ،‬إال أنهم بعد صيتهم وعظمت أقدارهم لما كانوا عليه من المقامات في الدين والملة فتلقيت بالقبول‬
‫من يومئذ‪ .‬تاريخ ابن خلدون‪ :‬ج‪ 1‬ص‪.442 – 429‬‬
‫اصدارات انصار االاما اهمدد ‪‬‬ ‫‪272‬‬

‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬


‫هذا ألاصل‪ ،‬بل تثبته من جهة كون بنائها مرتكزا عليه ومؤكدا له‪ ،‬ويحاول ‪ -‬انطالقا من‬
‫تسليمه ‪ -‬البحث عما ميظهره مكتمل التفاصيل‪.‬‬
‫ً‬
‫أقول‪ :‬على الرغم من مغالطتهم فإننا نقول أيضا أن آراء من كتب في هذا املوضوع‬
‫ً‬
‫ل تمثل العقيدة إلاسالمية ول تلزم أحدا غير كتابها‪ ،‬إن شاءوا الالتزام بما ل دليل‬
‫حقيقي لديهم عليه!‬
‫لقد كان على هؤلء املسلمين أن يالحظوا بعين الحكمة أن القرآن الكريم‬
‫وألاحاديث النبوية قد تعمدت التوقف عند حد البيان الذي توقفت عنده‪ ،‬وأن هذا‬
‫ً‬
‫التوقف كان منبنيا على رصانة وحصافة وحكمة اقتضته‪ ،‬وأن يكفوا ألسنتهم عن‬
‫النطق بما ل طاقة لهم به‪.‬‬
‫ولعلهم آلان‪ ،‬وبعد أن صدع السيد أحمد الحسن ‪ ‬بالدعوة املباركة وبين هوية‬
‫ً‬
‫املصلوب‪ ،‬يستطيعون أن يتفهموا ولو شيئا من تلك الحكمة‪.‬‬
‫يستطيعون أن يفهموا على ألاقل أن الكشف عن هذا السر هو أحد ألادلة على‬
‫َ‬
‫اس ِمي‪ ،‬ف مه َو‬‫آلاب ب ْ‬
‫ِ‬ ‫وح ْال مق مد م‬
‫س‪َّ ،‬ال ِذي َس مي ْرس مل مه م‬ ‫الر م‬ ‫صدق دعوته املباركة‪َ 26( :‬و َأ َّما ْاملم َعزي‪ُّ ،‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫م م َ‬
‫مي َع ِل ممك ْم ك َّل ش ْي ٍء)(‪.)1‬‬
‫وإليكم آلان ما ورد في إنجيل برنابا‪:‬‬
‫ً‬ ‫م‬
‫(‪ 1‬ودخل يهوذا بعنف إلى الغرفة التي أصعد فيها يسوع ‪ 2‬وكان التالميذ كلهم نياما‬
‫ً‬
‫بأمر ًجيب ‪ 4‬فتغير يهوذا في النطق وفي الوجه فصار شبها بيسوع‬ ‫‪ 3‬فأتي هللا ألعجيب ٍ‬
‫َ م‬
‫حتى اعتقدنا أنه َيسوع ‪ 5‬أما هو(يهوذا) فبعد أن أيقظنا أخذ يفتش لينظر أين كان‬
‫هو ممعلمنا ‪ 7‬أنسيتنا آلان؟ ‪ 8‬أما هو فقال‬ ‫املمعلم؟ لذلك َتعجبنا وأجبنا‪ :‬أنت يا سيد َ‬
‫ً‬
‫مبتسما‪ :‬أنتم أغبياء حتى ل تعرفون يهوذا الاسخريوطي ‪ 5‬وبينما كان يقول هذا دخلت‬
‫شبيها بيسوع من كل وجه ‪ 12‬أما م‬ ‫ً‬
‫نحن فلما‬ ‫الجنود والقوا بأيديهم على يهوذا ألنه كان‬
‫م ً‬ ‫سمعنا قول يهوذا ورأينا مجمهور م‬
‫الجنود هربنا كاملجانين ‪ 11‬ويوحنا الذي كان ملتفا‬

‫‪ -1‬يوحنا‪.14 :‬‬
‫‪273‬‬ ‫شبيه عيسى أو امن هو اهمصلوب؟!‬

‫بملحفه من الكتان استيقظ وهرب ‪ 12‬وملا امسكه مجندي بملحفة الكتان ترك ملحفة‬
‫ً‬
‫الكتان وهرب معريانا ‪ 13‬ألن هللا سمع مدعاء يسوع وخلص ألاحد عشر من الشر)(‪.)1‬‬
‫هنا الذي وقع عليه الشبه هو يهوذا الاسخريوطي‪ ،‬وفي ألاحاديث الواردة من طريق‬
‫العامة توجد روايات تنص على املعنى نفسه‪ ،‬أو تشير إليه‪ ،‬من قبيل‪:‬‬
‫(قيل‪ :‬إن هللا ‪ -‬تعالى ‪ -‬ألقى شبه عيس ى على الذي دلهم عليه‪ ،‬فقتلوه وقيل‪ :‬إنهم‬
‫ً‬
‫كانوا حبسوا عيس ى في بيت‪ ،‬وجعلوا عليه رقيبا‪ ،‬فألقى هللا تعالى شبه عيس ى على‬
‫الرقيب فقتلوه‪ ،‬وقيل‪ :‬إنهم ما كانوا يعرفون عيس ى بعينه‪ ،‬وكانوا يعرفونه باسمه وكانوا‬
‫ً‬
‫يطلبونه‪ ،‬فقال لهم يهوذا ‪ -‬وهو واحد من أصحاب عيس ى ‪ :-‬أعطوني شيئا أدلكم على‬
‫عيس ى‪ ،‬فأعطوه ثالثين درهما فدلهم على غيره‪ ،‬فقتلوا ذلك الغير) (‪.)2‬‬
‫ُ َ َ‬ ‫َ َ ََُ ُ َ َ ََُ ُ َ‬
‫وه َول ِكن ش ِّبه ل ُه ِْم﴾ بصاحبهم الذي قتلوه‪ ،‬وكان‬ ‫وكذلك‪﴿( :‬وما قتلوه وما صلب‬
‫هللا عز وجل قد جعله على صورة عيس ى فقتلوه‪ ،‬وكان املقتول لطم عيس ى‪ ،‬وقال‬
‫لعيس ى حين لطمه‪ :‬أتكذب على هللا حين تزعم أنك رسوله؟ فلما أخذه اليهود ليقتلوه‪،‬‬
‫قال لليهود‪ :‬لست بعيس ى‪ ،‬أنا فالن‪ ،‬واسمه يهوذا‪ ،‬فكذبوه وقالوا له‪ :‬أنت عيس ى‪ ،‬وكانت‬
‫ً‬
‫اليهود جعلت املقتول رقيبا على عيس ى صلى هللا عليه وسلم‪ ،‬فألقى هللا تعالى ذكره‬
‫شبهه على الرقيب فقتلوه)(‪.)3‬‬
‫هذه الروايات ل يمكن قبولها ألسباب منها؛ إنها مرسلة وغير منسوبة لرسول هللا‬
‫‪ ،‬كما أنها معارضة بروايات أخرى سيأتي ذكر بعضها‪ ،‬وألاكثر من كل ذلك أنها ل‬
‫تستطيع تفسير املوقف الباسل الذي وقفه الشبيه املصلوب كما دلت روايات ألاناجيل‬
‫ً‬
‫والكثير من الروايات إلاسالمية أيضا‪.‬‬
‫ِ‬
‫ورد في إنجيل لوقا‪ِ:‬‬

‫‪ -1‬برنابا‪.216 :‬‬
‫‪ -2‬تفسير السمعاني – السمعاني‪ :‬ج‪ 1‬ص‪.499‬‬
‫‪ -2‬تفسير مقاتل بن سليمان ‪ -‬مقاتل بن سليمان‪ :‬ج‪ 1‬ص‪.269‬‬
‫اصدارات انصار االاما اهمدد ‪‬‬ ‫‪271‬‬

‫ً‬ ‫ْمْ‬ ‫ص َل مب م‬
‫وه مه َنا َك َم َع املذ ِن َب ْي ِن‪َ ،‬و ِاحدا‬ ‫(‪َ 33‬و َملَّا َم َ‬
‫ض ْوا به إ َلى ْاملَ ْوضع َّالذي مي ْد َعى مج ْم مج َم َة َ‬
‫ِ ِ ِ‬ ‫ِ ِِ‬
‫َ َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫ْ َ‬ ‫ََ َ َ م م َ‬ ‫َ‬
‫وع‪َ :‬ياأ َب َت ماه‪ ،‬اغ ِف ْر ل مه ْم‪ ،‬أل َّن مه ْم ل َي ْعل ممون َماذا‬ ‫َع ْن َي ِمي ِن ِه َوآلاخ َر َع ْن َي َسا ِر ِه‪ 34 .‬فقال يس‬
‫م َ‬
‫َي ْف َعلون)(‪.)1‬‬
‫بل إن على من يقبل بمثل هذه الروايات أن يضيف مقولة أخرى على مقولة‬
‫الشبه‪ ،‬فيقول إن هللا تعالى ألقى الشبه على يهوذا إلاسخريوطي‪ ،‬وأجبره على أن ل‬
‫ً‬
‫يقول ما يمكن لليهود أن يستخدمونه في التشنيع على عيس ى‪ ،‬من قبيل أن ميظهر سلوكا‬
‫ً‬
‫كفريا‪ ،‬أو يتفوه بكلمات ل تليق بنبي‪ ،‬بل ل تليق بإنسان سوي‪ .‬ول يمكنهم أن يمنعوا‬
‫إمكانية أن يتفوه مثل يهوذا الذي باع نبي هللا بدراهم بمثل ما أشرنا إليه‪.‬‬
‫وربما كان مؤلف إنجيل يهوذا قد التفت ملثل هذا‪ ،‬فرأى أن املخرج منه هو أن‬
‫يزعم وجود اتفاق مسبق بين يهوذا وبين عيس ى ‪.‬‬
‫ً‬
‫ومما ميسقط قولهم بأن املصلوب هو يهوذا ما رووه أيضا من أن اسم املصلوب‬
‫(جرجس) أو (ططيانوس) أو (يودس زكريا يوطأ) أو (إيشوع بن مدين)‪.‬‬
‫روى ابن جرير الطبري في جامع البيان‪:‬‬
‫ً‬
‫(حدثنا ابن حميد‪ ،‬قال‪ :‬ثنا سلمة‪ ،‬عن ابن إسحاق‪ ،‬قال‪ :‬ثني رجل كان نصرانيا‬
‫فأسلم أن عيس ى حين جاءه من هللا إني رافعك إلي‪ ،‬قال‪ :‬يا معشر الحواريين‪ ،‬أيكم‬
‫يحب أن يكون رفيقي في الجنة حتى يشبه للقوم في صورتي فيقتلوه مكاني؟ فقال‬
‫سرجس‪ :‬أنا يا روح هللا‪ ،‬قال‪ :‬فاجلس في مجلس ي‪ .‬فجلس فيه‪ ،‬ورفع عيس ى صلوات هللا‬
‫عليه‪ ،‬فدخلوا عليه فأخذوه‪ ،‬فصلبوه‪ ،‬فكان هو الذي صلبوه وشبه لهم به‪ .‬وكانت‬
‫عدتهم حين دخلوا مع عيس ى معلومة‪ ،‬قد رأوهم فأحصوا عدتهم‪ ،‬فلما دخلوا عليه‬
‫ً‬
‫ليأخذوه وجدوا عيس ى فيما يرون وأصحابه وفقدوا رجال من العدة‪ ،‬فهو الذي اختلفوا‬
‫فيه‪ .‬وكانوا ل يعرفون عيس ى‪ ،‬حتى جعلوا ليودس زكريا يوطأ ثالثين درهما على أن‬
‫يدلهم عليه ويعرفهم إياه‪ ،‬فقال لهم‪ :‬إذا دخلتم عليه فإني سأقبله‪ ،‬وهو الذي أقبل‬
‫فخذوه فلما دخلوا عليه وقد رفع عيس ى‪ ،‬رأى سرجس في صورة عيس ى‪ ،‬فلم يشك أنه‬
‫هو عيس ى‪ ،‬فأكب عليه فقبله‪ ،‬فأخذوه فصلبوه‪ .‬ثم إن يودس زكريا يوطأ ندم على ما‬

‫‪ -1‬لوقا‪.22 :‬‬
‫‪275‬‬ ‫شبيه عيسى أو امن هو اهمصلوب؟!‬

‫صنع‪ ،‬فاختنق بحبل حتى قتل نفسه‪ ،‬وهو ملعون في النصارى‪ ،‬وقد كان أحد‬
‫املعدودين من أصحابه‪ .‬وبعض النصارى يزعم أن يودس زكريا يوطأ هو الذي شبه لهم‬
‫فصلبوه‪ ،‬وهو يقول‪ :‬إني لست بصاحبكم أنا الذي دللتكم عليه‪ ،‬وهللا أعلم أي ذلك‬
‫كان) (‪.)1‬‬
‫وروى الثعلبي في تفسيره‪:‬‬
‫(قال محمد بن مروان‪ :‬ويقال أن هللا وضع في شبه من عيس ى على وجه ططيانوس‬
‫ولم يلق عليه شبه جسده وخلقه‪ ،‬فلما قتلوه نظروا إليه‪ ،‬فقالوا‪ :‬إن الوجه وجه‬
‫عيس ى وإنما هو ططيانوس‪ ،‬وقد قيل إن الذي شبه لعيس ى وصلب مكانه رجل إسرائيلي‬
‫وكان يقال له إيشوع بن مدين) (‪.)2‬‬
‫وقد لخص ابن عطية ألاندلس ي اختالفهم بقوله‪:‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫(اختلفت الرواة في هذه القصة وكيفيتها اختالفا شديدا‪ ،‬أنا أختصر عيونه إذ ليس‬
‫في جميعه ش يء يقطع بصحته؛ ألنه لم يثبت عن النبي (صلى هللا عليه وسلم) فيه‬
‫ش يء‪ ،‬وليس لنا متعلق في ترجيح ش يء منه إل ألفاظ كتاب هللا‪ ،‬فالذي ل نشك فيه أن‬
‫عيس ى ‪ ‬كان يسيح في ألارض ويدعو إلى هللا‪ ،‬وكانت بنو إسرائيل تطلبه وملكهم في‬
‫ذلك الزمان يجعل عليه الجعائل‪ ،‬وكان عيس ى قد انضوى ويدعو إليه الحواريون‬
‫يسيرون معه حيث سار‪ ،‬فلما كان في بعض ألاوقات شعر بأمر عيس ى فروي أن أحد‬
‫الحواريين رش ي عليه فقبل الرشوة ودل على مكانه فأحيط به ثم ندم ذلك الحواري‬
‫ً‬
‫وخنق نفسه‪ ،‬وروي أن رجال من اليهود جعل له جعل فما زال ينقر عليه حتى دل على‬
‫ً‬
‫مكانه‪ ،‬فلما أحس عيس ى وأصحابه بتالحق الطالبين بهم دخلوا بيتا بمرأى من بني‬
‫ً‬
‫إسرائيل‪ ،‬فروي أنهم عدوهم ثالثة عشر وروي ثمانية عشر وحصروا ليال‪ ،‬فروي أن‬
‫عيس ى فرق الحواريين عن نفسه تلك الليلة ووجههم إلى آلافاق وبقي هو ورجل معه‬
‫فرفع عيس ى وألقي شبهه على الرجل‪ ،‬فصلب ذلك الرجل‪ ،‬وروي أن الشبه ألقي على‬
‫اليهودي الذي دل عليه فصلب‪ ،‬وروي أن عيس ى ‪ ‬ملا أحيط بهم قال ألصحابه‪ :‬أيكم‬

‫‪ -1‬جامع البيان ‪ -‬إبن جرير الطبري‪ :‬ج‪ 6‬ص‪.21 – 22‬‬


‫‪ -2‬تفسير الثعلبي – الثعلبي‪ :‬ج‪ 2‬ص‪.412‬‬
‫اصدارات انصار االاما اهمدد ‪‬‬ ‫‪276‬‬

‫يلقى شبهي عليه فيقتل ويخلص هؤلء وهو رفيقي في الجنة؟ فقال سرجس‪ :‬أنا‪ ،‬وألقي‬
‫عليه شبه عيس ى‪ ،‬ويروى أن شبه عيس ى ‪ ‬ألقي على الجماعة كلها فلما أخرجهم بنو‬
‫ً‬
‫إسرائيل نقص واحد من العدة فأخذوا واحدا ممن ألقي عليه الشبه حسب هذه‬
‫الروايات التي ذكرتها فصلب ذلك الشخص‪ ،‬وروي أن امللك واملتناولين لم يخف عليهم‬
‫أمر رفع عيس ى ملا رأوه من نقصان العدة واختالط ألامر‪ ،‬فصلب ذلك الشخص وأبعد‬
‫ً‬
‫الناس عن خشبته أياما حتى تغير ولم تثبت له صفة وحينئذ دنا الناس منه‪ ،‬ومض ى‬
‫ً‬
‫الحواريون يحدثون باآلفاق أن عيس ى صلب فهذا أيضا يدل على أنه فرقهم وهو في‬
‫البيت أو على أن الشبه ألقي على الكل‪ ،‬وروي أن هذه القصة كلها لم يكن فيها إلقاء‬
‫شبه شخص عيس ى على أحد وإنما املعنى)(‪.)1‬‬
‫ً‬
‫ولشك في أن القارئ قد لحظ أن شيئا من املرويات لم مينسب لقائل معلوم ألبتة‪،‬‬
‫وأن ابن عطية قد أكثر من كلمة (روي) و(يروى)‪.‬‬
‫الذين‬ ‫وغير هذه الروايات لديهم روايات أخرى قريبة مما ورد عن آل محمد‬
‫أمرنا هللا ورسوله باألخذ عنهم دون سواهم‪ ،‬فقد روى الصنعاني‪:‬‬
‫ُ َّ‬ ‫َ َ ََُ ُ َ َ ََُ ُ َ‬
‫وه َول ِكن ش ِب ِه﴾‪ ،‬قال‪ :‬ألقى شبهه‬ ‫(عن قتادة‪ ،‬في قوله تعالى‪﴿ :‬وما قتلوه وما صلب‬
‫على رجل من الحواريين فقتل‪ ،‬وكان عيس ى عرض ذلك عليهم‪ ،‬فقال‪ :‬أيكم ألقي عليه‬
‫شبهي وله الجنة؟ فقال رجل منهم‪َّ :‬‬
‫علي) (‪.)2‬‬
‫ومثله روى الطبري‪:‬‬
‫(حدثنا القاسم‪ ،‬قال‪ :‬ثنا الحسين‪ ،‬قال‪ :‬ثني حجاج‪ ،‬قال‪ :‬قال ابن جريج‪ :‬بلغنا أن‬
‫عيس ى ابن مريم قال ألصحابه‪ :‬أيكم ينتدب فيلقى عليه شبهي فيقتل؟ فقال رجل من‬
‫أصحابه‪ :‬أنا يا نبي هلل‪ .‬فألقي عليه شبه فقتل‪ ،‬ورفع هللا نبيه إليه)(‪.)3‬‬
‫وكذلك ابن زمنين‪:‬‬

‫‪ -1‬المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز‪ -‬ابن عطية األندلسي‪ :‬ج‪ 2‬ص‪.122‬‬
‫‪ -2‬تفسير القرآن ‪ -‬عبد الرزاق الصنعاني‪ :‬ج‪ 1‬ص‪.111‬‬
‫‪ -2‬جامع البيان ‪ -‬إبن جرير الطبري‪ :‬ج‪ 6‬ص‪.21‬‬
‫‪277‬‬ ‫شبيه عيسى أو امن هو اهمصلوب؟!‬

‫(قال قتادة‪ :‬ذكر لنا أن عيس ى قال ألصحابه‪ :‬أيكم يقذف عليه شبهي؛ فإنه‬
‫مقتول؟ قال رجل من أصحابه‪ :‬أنا يا رسول هللا‪ .‬فقتل ذلك الرجل‪ ،‬ومنع هللا نبيه‬
‫(ورفعه إليه))(‪.)1‬‬
‫‪:‬‬ ‫أما ما ورد من طريق آل محمد‬
‫في الكافي علي بن إبراهيم حدثني أبي‪ ،‬عن ابن أبي عمير‪ ،‬عن جميل بن صالح‪ ،‬عن‬
‫حمران بن أعين‪ ،‬عن أبي جعفر ‪ ،‬قال‪( :‬إن عيس ى ‪ ‬وعد أصحابه ليلة رفعه‬
‫هللا إليه فاجتمعوا إليه عند اْلساء وهم اثني عشر رجالِ‪ ،‬فأدخلهم بيتاِ ثم خرج‬
‫عليهم من عين في زاوية البيت وهو ينفض رأسه من اْلاء‪ ،‬فقال‪ :‬إن هللا أوحى إلي أنه‬
‫رافُي إليه الساعة ومطهري من اليهود‪ ،‬فأيكم يلقى عليه شبحي فيقتل ويصلب‬
‫ويكون مُي في درجتي؟ فقال شاب منهم‪ :‬أنا يا روح هللا‪ ،‬فقال‪ :‬فأنت هو ذا‪ ،‬فقال‬
‫لهم عيس ى‪ ،‬أما إن منكم ْلن يكفر بي قبل أن يصبح اثني عشرة كفرة‪ ،‬فقال له رجل‬
‫منهم‪ :‬أنا هو يا نبي هللا؟ فقال عيس ى‪ :‬أتحْل بذلك في نفسك؟ فلتكن هو‪ .‬ثم قال‬
‫لهم عيس ى‪ :‬أما إنكم ستفكرقون بعد على ثلث فرقِ‪ ،‬فرقتين مفكريتين على هللا في‬
‫النار‪ ،‬وفرقة تتبع شمعون صادقة على هللا في الجنة‪ ،‬ثم رفع هللا عيس ى من زاوية‬
‫البيت وهم ينظرون إليه‪.‬‬
‫ثم قال أبو جعفر ‪ :‬إن اليهود جاءت في طلب عيس ى من ليلتهم فأخذوا الرجل‬
‫الذي قال له عيس ى‪ :‬إن منكم ْلن يكفر بي قبل أن يصبح اثنتي عشرة كفرة‪ ،‬واخذوا‬
‫الشاب الذي ألقي عليه شبح عيس ى ‪ ‬فقتل وصلب‪ .‬وكفر الذي قال له عيس ى‪،‬‬
‫تكفر قبل أن تصبح اثنتي عشرة كفرة)(‪.)2‬‬
‫ويوجــد فــي كتــب العامــة مثــل هــذه الروايــة‪ ،‬فقــد أخــرج ســعيد بــن منصــور والنســائي‬
‫واب ــن أب ــي ح ــاتم واب ــن مردوي ــه‪ ،‬ع ــن اب ــن عب ــاس‪ :‬ق ــال‪( :‬مل ــا أراد هللا أن يرف ــع عيسـ ـ ى إل ــى‬
‫ً‬
‫السماء خرج إلى أصحابه وفي البيت اثنا عشر رجال مـن الحـواريين‪ ،‬فخـرج علـيهم مـن عـين‬
‫فــي البيــت ورأســه يقطــر مــاء‪ ،‬فقــال‪ :‬إن مــنكم مــن يكفــر لــي اثنتــي عشــرة مــرة بعــد أن آمــن‬

‫‪ -1‬تفسير ابن زمنين ‪ -‬أبي عبد هللا محمد بن عبد هللا بن أبي زمنين‪ :‬ج‪ 1‬ص‪.419‬‬
‫‪ -2‬تفسير نور الثقلين ‪ -‬الشيخ الحويزي‪ :‬ج‪ 1‬ص‪ ،569‬وقصص األنبياء – الجزائري‪ :‬ص‪.412‬‬
‫اصدارات انصار االاما اهمدد ‪‬‬ ‫‪279‬‬

‫بي‪ ،‬ثم قال‪ :‬أيكم يلقى عليه شبهي فيقتـل مكـاني ويكـون معـي فـي درجتـي؟ فقـام شـاب مـن‬
‫ً‬
‫أحدثهم سنا فقال له‪ :‬اجلس‪ ،‬ثم أعاد عليهم فقام الشاب فقال‪ :‬اجلـس‪ ،‬ثـم أعـاد علـيهم‬
‫فقام الشاب فقال‪ :‬أنا‪ ،‬فقال‪ :‬أنت ذاك‪ ،‬فألقى عليه شبه عيس ى ورفـع عيسـ ى مـن روزنـة‬
‫في البيت إلى السماء‪ ،‬قال‪ :‬وجاء الطلب من اليهود فأخذوا الشبه فقتلوه ثم صلبوه)(‪.)1‬‬
‫يستدل منها على أن شبيه عيس ى ‪ ‬هو‬ ‫وقد وردت روايات عن آل محمد‬
‫القائم أو املهدي ‪.‬‬
‫فقد روى الشيخ النعماني في كتاب الغيبة‪ ،‬قال‪( :‬أخبرنا أحمد بن محمد بن سعيد‬
‫بن عقدة الكوفي‪ ،‬قال‪ :‬حدثنا أحمد بن محمد الدينوري‪ ،‬قال‪ :‬حدثنا علي بن الحسن‬
‫الكوفي‪ ،‬عن عميرة بنت أوس‪ ،‬قالت‪ :‬حدثني جدي الحصين بن عبد الرحمن‪ ،‬عن أبيه‪،‬‬
‫ً‬
‫عن جده عمرو بن سعد‪ ،‬عن أمير املؤمنين علي بن أبي طالب ‪ ،‬أنه قال يوما‬
‫لحذيفة بن اليمان‪( :‬يا حذيفة‪ ،‬ال تحدث الناس بما ال شعرفون فيطغوا ويكفروا‪ ،‬إن‬
‫من العلم صعباِ شديداِ محمله لو حملته الجبال عجزت عن حمله‪ ،‬إن علمنا أهل‬
‫البيت سينكر ويبطل‪ ،‬وتقتل رواته‪ ،‬ويساء إلى من يتلوه بغياِ وحسداِ ْلا فضل هللا به‬
‫عكرة الوص ي وص ي النبي ‪ِ.‬‬
‫تفل في فمي وأمر يده على صدري‪ ،‬وقال‪ :‬اللهم أعط‬ ‫يا بن اليمان‪ ،‬إن النبي‬
‫خليفتي ووصيي‪ ،‬وقاض ي ديني‪ ،‬ومنجز وعدي وأمانتي‪ ،‬ووليي وناصري على عدوك‬
‫وعدوي‪ ،‬ومفرج الكرب عن وجهي ما أعطيت آدم من العلم‪ ،‬وما أعطيت نوحاِ من‬
‫الحلم‪ ،‬وإبراهيم من العكرة الطيبة والسماحة‪ ،‬وما أعطيت أيوب من الصبر عند‬
‫البالء‪ ،‬وما أعطيت داود من الشدة عند منازلة ألاقران‪ ،‬وما أعطيت سليمان من‬
‫الفهم‪ ،‬اللهم ال تخف عن علي شيئاِ من الدنيا حتى تجعلها كلها بين عينيه مثل‬
‫اْلائدة الصغيرة بين يديه‪ ،‬اللهم أعطه جالدة موس ى‪ ،‬واجعل في نسله شبيه‬
‫عيس ى)(‪.)2‬‬
‫أي إن شبيه عيس ى بحسب هذه الرواية من نسل علي‪.‬‬

‫‪ -1‬الدر المنثور ‪ -‬جالل الدين السيوطي‪ :‬ج‪ 2‬ص‪.221‬‬


‫‪ -2‬كتاب الغيبة ‪ -‬محمد بن إبراهيم النعماني‪ :‬ص‪.145 – 144‬‬
‫‪278‬‬ ‫شبيه عيسى أو امن هو اهمصلوب؟!‬

‫وعن أبي سعيد الخراساني‪ ،‬قال‪( :‬قلت ألبي عبد هللا ‪ :‬ألي ش ئ سمي القائم؟‬
‫قال‪ :‬ألنه يقوم بعدما يموت‪ ،‬إنه يقوم بأمر عظيم يقوم بأمر هللا سبحانه)‪.‬‬
‫وعن أبي بصير‪ ،‬قال‪( :‬سمعت أبا جعفر ‪ ‬يقول‪ :‬مثل أمرنا في كتاب هللا مثل‬
‫صاحب الحمار أماته هللا مائة عام ثم بعثه)‪.‬‬
‫وعن مؤذن مسجد ألاحمر‪ ،‬قال‪( :‬سألت أبا عبد هللا ‪ :‬هل في كتاب هللا مثل‬
‫للقائم‪‬؟ فقال‪ :‬نعم‪ ،‬آية صاحب الحمار أماته هللا (مائة عام) ثم بعثه)‪.‬‬
‫هذه الروايات التي نقلها الطوس ي في غيبته (‪ ،)1‬تدل على أن القائم يقوم بعدما‬
‫يموت‪ ،‬أي يبعثه هللا‪ ،‬كما ورد في رواية الشيخ النعماني‪:‬‬
‫عن أبي جعفر ‪ ،‬وقد مسئل عما إذا كان هو صاحب ألامر‪ ،‬فقال‪ ..( :‬ال وهللا ما‬
‫أنا بصاحبكم‪ ،‬وال ششار إلى رجل منا باألصابع‪ ،‬ويمط إليه بالحواجب إال مات قتيال‪،‬‬
‫أو حتف أنفه‪ .‬قلت‪ :‬وما حتف أنفه؟ فقال‪ :‬يموت بغيظه على فراشه حتى يبعث هللا‬
‫من ال يؤبه لوالدته‪ .‬قلت‪ :‬ومن ل يؤبه لولدته؟ فقال‪ :‬انظر من ال يدري الناس أنه ولد‬
‫أم ال‪ ،‬فذاك صاحبكم)(‪.)2‬‬
‫وهذا القيام بعد املوت هو مقتض ى تشبيه القائم بصاحب الحمار الذي أحياه هللا‬
‫بعد أن أماته‪.‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫ولكن كلمات القوم ملا لم تدرك مغزى هذه الروايات ذهبت يمينا وشمال‪،‬‬
‫واضطربت كما تضطرب ألارشية في الطوى البعيدة‪.‬‬
‫ً‬
‫فبعد أن ينقل الشيخ الطوس ي هذه ألاخبار يعلق قائال‪( :‬الوجه في هذه ألاخبار وما‬
‫شاكلها أن نقول‪ :‬يموت ذكره‪ ،‬ويعتقد أكثر الناس أنه بلي عظامه‪ ،‬ثم يظهره هللا كما‬
‫أظهر صاحب الحمار بعد موته الحقيقي‪ .‬وهذا وجه قريب في تأويل هذا ألاخبار‪ ،‬على أنه‬
‫ً‬
‫ل يرجع بأخبار آحاد ل توجب علما عما دلت العقول عليه‪ ،‬وساق الاعتبار الصحيح‬
‫إليه وعضده ألاخبار املتواترة التي قدمناها‪ ،‬بل الواجب التوقف في هذه والتمسك بما‬

‫‪ -1‬الغيبة للطوسي‪ :‬ص‪.422 – 422‬‬


‫‪ -2‬الغيبة للنعماني‪ :‬ص‪.112‬‬
‫اصدارات انصار االاما اهمدد ‪‬‬ ‫‪291‬‬

‫هو معلوم‪ ،‬وإنما تأولناها بعد تسليم صحتها على ما يفعل في نظائرها ويعارض هذه‬
‫ألاخبار ما ينافيها)(‪.)1‬‬
‫ً‬
‫توجيه الشيخ الطوس ي كما يدرك كل بصير يخالف تماما ما نصت عليه ألاحاديث‪،‬‬
‫فهي قد تحدثت عن موت حقيقي ل موت مجازي أو موت ِذكر كما يقول‪ ،‬وأفضل ما في‬
‫كالمه هو قوله بأن عليه أن يتوقف عن القول فيها بعد أن خفيت عليه دللتها‪.‬‬
‫ً‬
‫وبمثل تعليق الطوس ي يعلق صاحب البحار قائال‪( :‬بيان‪ :‬قوله ‪( ‬بعدما يموت)‬
‫أي ذكره أو يزعم الناس)(‪.)2‬‬
‫وبمثل قول املجلس ي يقول الشيخ علي اليزدي الحائري في كتبه (إلزام الناصب في‬
‫إثبات الحجة الغائب ج‪ 1‬ص‪.)161‬‬
‫َ َ َ َّ ََ‬ ‫َ َ ُّ َ َّ َ َ َ ُ ُ‬
‫وفي تفسير القمي في تفسير قوله تعالى‪﴿ :‬يا أِها ال ِذين آمنوا كونوا أنصار الل ِه كما‬
‫َ َّ َ َ ْ َ َ ُّ َ َ ْ ُ َ َ َّ‬ ‫يس ى ْاب ُن َم ْرَي َم ل ْل َح َوارّي َين َم ْن َأ َ‬ ‫ال ع َ‬ ‫َق َ‬
‫نص ُار الل ِه‬ ‫نص ِاري ِإلى الل ِه قال الحوا ِرِيون نحن أ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ين َآ َم ُنوا َع َلى َع ُد ّوهمْ‬‫يل َو َك َف َرت َّطائ َف ٌة َف َأ َّي ْد َنا َّالذ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ َ ٌ‬
‫فآ َمنت طا ِئفة ِّمن َب ِني ِإ ْسرا ِئ‬
‫ََ َ‬
‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َّ َ ْ َ‬ ‫ونها َن ْ‬ ‫َ (‪َ ُّ ُ ْ ُ َ )3‬‬ ‫ََ َْ ُ َ‬
‫يب﴾(‪ )4‬يعني في الدنيا‬ ‫ص ٌر ِم َن الل ِه َوفت ٌح ق ِر ٌ ِ‬ ‫ين﴾ ‪﴿ ،‬وأخر ت ِحب‬ ‫اه ِر ِ‬ ‫فأصبحوا ِ‬
‫ظ‬
‫ً‬
‫بفتح القائم وأيضا قال‪ :‬فتح مكة‪.‬‬
‫َ ٌ‬ ‫َ َ ْ‬ ‫َ ُّ َ َّ َ َ ُ ُ ُ ْ َ َّ‬
‫َ‬
‫صار الل ِِه﴾ إلى قوله‪﴿ :‬ف َآمنت طا ِئفة ِم ْن َب ِني‬ ‫قوله‪﴿ :‬يا أِها ال ِذين آمنوا كونوا أن‬
‫َ ٌ‬ ‫َ ََ ْ‬
‫يل َو كف َرت طا ِئف ِة﴾‪ ،‬قال‪ :‬التي كفرت هي التي قتلت شبيه عيس ى ‪ ‬وصلبته‪،‬‬ ‫ِإ ْسرا ِئ‬
‫والتي آمنت هي التي قبلت شبيه عيس ى حتى ل يقتل فقتلت الطائفة التي قتلته وصلبته‪،‬‬
‫ص َب ُحوا ظاهرين﴾(‪.)5‬‬ ‫ين َآم ُنوا َعلى َع ُد ّوه ْم َف َأ ْ‬ ‫وهو قوله‪َ ﴿ :‬ف َأ َّي ْد َنا َّالذ َ‬
‫ِِ‬ ‫ِ‬
‫وفي هذه الرواية سر ًجيب‪ ،‬فهي تقول إن الطائفة التي آمنـت هـي التـي قبلـت شـبيه‬
‫عيس ـ ى‪ ‬حت ــى ل يقت ــل فقتل ــت الطائف ــة الت ــي قتلت ــه وص ــلبته‪ ،‬وم ــن الواض ــح الجل ــي أن‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫أح ــدا ل ــم ينص ــر أو يقب ــل املص ــلوب ب ــدل عيس ـ ى ‪ ،‬وأيض ــا ل ــم يح ــدث أن قتل ــت ه ــذه‬

‫‪ -1‬الغيبة للطوسي‪ :‬ص‪.422‬‬


‫‪ -2‬بحار األنوار‪ :‬ج‪ 51‬ص‪.22‬‬
‫‪ -2‬الصف‪.14:‬‬
‫‪ -4‬الصف‪.12 :‬‬
‫‪ -5‬تفسير القمي‪ :‬ص‪.226‬‬
‫‪290‬‬ ‫شبيه عيسى أو امن هو اهمصلوب؟!‬

‫الطائفة التي قبلت شبيه عيس ى تلك الطائفة التي قتلته وصـلبته! إذن املقصـود بالتأكيـد‬
‫طائفة غير تلك التي شهدت حادثة الصلب‪ ،‬وفي زمن غير ذلك الزمن‪.‬‬
‫أي إن فـ ـ ـ ــي الروايـ ـ ـ ــة بكلمـ ـ ـ ــة أدق إشـ ـ ـ ــارة إلـ ـ ـ ــى شـ ـ ـ ــبيه عيس ـ ـ ـ ـ ى ‪ ‬السـ ـ ـ ــيد أحمـ ـ ـ ــد‬
‫الحســن‪ ،‬وإن الفئــة التــي تنصــره فــي آخــر الزمــان ســتقتل فقهــاء الســوء الخونــة أشــباه‬
‫صلب فيه‪ ،‬والحمد هلل رب العاملين‪.‬‬ ‫فقهاء اليهود في ذلك الزمان الذي م‬
‫بـل إن فـي الروايـات إلاسـالمية مـا يشـير إلـى حقيقـة أن الشـبيه املصـلوب هـو املهــدي أو‬
‫القائم‪ ،‬فقد ورد في مستدرك الحاكم وغيره حديث‪( :‬ال مهدي إال عيس ى)(‪.)1‬‬
‫وه ــذا الح ــديث ل يمك ــن أن نفهم ــه إل إذا قلن ــا إن ــه عب ــر بعيس ـ ى وأراد ش ــبيهه‪ ،‬إش ــارة‬
‫ً‬
‫منه للحقيقة التي ذكرناها آنفا‪.‬‬
‫ولكن للقوم محاولت في تأويله‪ ،‬فقد ذكر ابن خلدون في تأريخه‪:‬‬
‫(قد قيل أن ل مهدي إل عيس ى‪ ،‬أي ل يتكلم في املهد إل عيس ى)! (‪.)2‬‬
‫وه ــو س ــخيف كم ــا ه ــو واض ــح‪ ،‬ف ــإن الس ــياق ي ــدل أن امل ـراد ه ــو مه ــدي آخ ــر الزم ــان‪،‬‬
‫وليس النسبة إلى املهد‪.‬‬
‫روى العجلوني في كشف الخفاء قال‪( :‬رواه املـالقي فـي أربعينـه عـن أنـس بلفـظ‪ ،‬قـال‬
‫رســول هللا صــلى هللا عليــه وســلم‪ :‬ال يــزداد ألامــر إال شــدة‪ ،‬والــدنيا إال إدبــارا‪ ،‬والنــاس إال‬
‫شــحا‪ ،‬ال مهــدي إال عيسـ ى بــن مــريم‪ ،‬وال تقــوم الســاعة إال علــى شـرار النــاس‪ ،‬وفــي لفــظ‬
‫لغيره‪ :‬ال يأتيكم عام بدل زمان)(‪.)3‬‬
‫فالسياق يحكم كما هو واضح بأن املراد هو مهدي آخر الزمان‪.‬‬
‫ً‬
‫وتأولوه أيضا بقولهم‪( :‬وأما ما ورد ل مهدي إل عيس ى بـن مـريم فـال ينـافي ذلـك لجـواز‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫أن يكون املراد ل مهدي كامال معصوما إل عيس ى بن مريم عليه الصالة والسالم)(‪.)4‬‬

‫‪ -1‬مستدرك الحاكم‪ :‬ج‪ 4‬ص‪ ،442‬نقالً عن معجم أحاديث اإلمام المهدي ‪ - ‬الشيخ علي الكوراني العاملي‪ :‬ج‪1‬‬
‫ص‪ ،562‬وأخرجه ابن ماجه أيضاً‪.‬‬
‫‪ -2‬تاريخ ابن خلدون‪ :‬ج‪ 1‬ص‪.222‬‬
‫‪ -2‬كشف الخفاء ‪ -‬العجلوني‪ :‬ج‪ 2‬ص‪.122 – 122‬‬
‫‪ -4‬السيرة الحلبية‪ :‬ج‪ 1‬ص‪.215‬‬
‫اصدارات انصار االاما اهمدد ‪‬‬ ‫‪292‬‬

‫ه ــذه الت ــأويالت وغيره ــا مم ــا ل ــم ن ــذكره يمك ــن دفعه ــا بم ــا أثبتن ــاه م ــن إلاش ــارة إل ــى أن‬
‫املراد هو شبيه عيس ى ل عيس ى نفسه‪.‬‬
‫وليت شعري ماذا يقولون في الحديث الوارد عن أمير املؤمنين علي بن أبي‬
‫طالب‪( :‬شعود دار اْللك إلى الزوراء وتصير ألامور شور ‪ ،‬من غلب على ش يء‬
‫فعله‪ ،‬فعند ذلك خروج السفياني فيركب في ألارض تسعة أشهر شسومهم سوء‬
‫العذاب‪ ...‬إلى أن يقول‪ :‬ثم يخرج اْلهدي الهادي اْلهتدي الذي يأخذ الراية من يد‬
‫عيس ى ابن مريم)(‪.)1‬‬
‫فاملتواتر هو أن عيس ى ‪ ‬ينزل بعد ظهور املهدي بزمن ويصلي خلفه‪ ،‬ولكن هنا‬
‫يقول إن عيس ى يظهر قبل املهدي‪ ،‬ويتسلم الراية منه؟‬
‫أقول‪ :‬ل يمكنهم العثور على توجيه مناسب للحديث إل بما ذكرنا‪ ،‬من أن التعبير‬
‫م‬
‫ورد بعبارة عيس ى بن مريم‪ ،‬وأريد به شبيهه املصلوب وهو مهدي آخر الزمان وقائم آل‬
‫محمد السيد أحمد الحسن ‪ ،‬الذي يسلم الراية ألبيه إلامام املهدي محمد بن‬
‫الحسن ‪.)2( ‬‬
‫ومثله‪ :‬ما ورد في إلزام الناصب عن علي‪ ،‬قال ‪( :‬بعد ذلك يموت اْلهدي‬
‫ويدفنه عيس ى بن مريم في اْلدينة بقرب قبر جده رسول هللا ‪ ،‬يقبض اْللك روحه‬
‫من الحرمين وكذلك يموت عيس ى ويموت أبو محمد الخضر ويموت جميع أنصار‬
‫اْلهدي ووزراؤه وتبقى الدنيا إلى حيث ما كانوا عليه من الجهاالت والضالالت‪،‬‬
‫وترجع الناس إلى الكفر فعند ذلك يبدأ هللا بخراب اْلدن والبلدان‪.)3()....‬‬

‫‪ -1‬المالحم والفتن ‪ -‬ابن طاووس‪ :‬ص‪.266‬‬


‫‪ -2‬يحسن بالقارئ هنا أن يطلع على ما كتبه اإلخوة األنصار ليستطيع التمييز بين اإلمام المهدي محمد بن‬
‫الحسن‪ ‬والمهدي األول من المهديين اإلثني عشر الذين يحكمون بعده في دولة العدل اإللهي‪ ،‬وهو السيد أحمد‬
‫الحسن ابن اإلمام المهدي محمد بن الحسن‪ ،‬والممهد له‪ ،‬والذي تجري على يديه المالحم ويُنادى باسمه من السماء‪.‬‬
‫‪ -1‬إلزام الناصب في إثبات الحجة الغائب ‪ -‬الشيخ علي اليزدي الحائري‪ :‬ج‪ 2‬ص‪.121‬‬
‫‪293‬‬ ‫شبيه عيسى أو امن هو اهمصلوب؟!‬

‫عيس ى بن مريم املذكور في هذه الرواية هو وص ي إلامام املهدي محمد بن الحسن‬


‫الذي يتكفل غسله ودفنه (‪.)1‬‬
‫أرجو أن أكون قد وفقت في عرض فكرتي‪ ،‬وأرجو من هللا تعالى أن يعذر تقصيري‬
‫وقصوري‪ ،‬وأن ينفع بهذا الكتاب إنه نعم املولى الغفور الرحيم‪.‬‬
‫والحمد هلل الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لول أن هدانا هللا لقد جاءت رسل ربنا‬
‫بالحق‪.‬‬

‫‪ -1‬صرحت الروايات بأن اإلمام ال يغسله ويدفنه إال اإلمام والوصي من بعده‪ ،‬ومن المعلوم أن عيسى بن مريم‬
‫ليس إماما ً بعد اإلمام المهدي ‪ ‬وليس وصيه‪ ،‬بل إن اإلمام والوصي بعد اإلمام المهدي ‪ ‬هو أحمد أول‬
‫المهديين‪ ،‬بل إن عيسى ‪ ‬مأموم وليس إماما ً سواء كان في حياة اإلمام المهدي ‪ ‬أم بعد وفاته‪.‬‬
‫فإذا فيها‪:‬‬ ‫عن موسى بن جعفر ‪ ‬قال‪( :‬قال لي أبي‪ :‬قال علي ‪ :‬لما قرأت صحيفة وصية رسول هللا‬
‫‪ :‬بأبي أنت وأمي‪ ،‬أنا أقوى على غسلك وحدي؟‬ ‫يا علي غسلني وال يغسلني غيرك‪ ،‬قال‪ :‬فقلت لرسول هللا‬
‫قال‪ :‬بذا أمرني جبرئيل‪ ،‬وبذلك أمره هللا تبارك وتعالى‪ ،‬قال‪ :‬فقلت له‪ :‬فإن لم أقو على غسلك وحدي فأستعين‬
‫بغيري يكون معي؟ فقال جبرئيل‪ :‬يا محمد قل لعلي ‪ :‬إن ربك يأمر أن تغسل ابن عمك‪ ،‬فإن هذا السنة ال‬
‫يغسل األنبياء غير األوصياء‪ ،‬وإنما يغسل كل نبي وصيه من بعده) بحار األنوار‪ :‬ج‪ 22‬ص‪.546‬‬
‫وكذا في خبر هرثمة بن أعين‪ ،‬وفيه أنه قال الرضا ‪ ‬لهرثمة‪( :‬فإنه سيشرف عليك المأمون ويقول لك‪ :‬يا‬
‫هرثمة أليس زعمتم أن اْلمام ال يغسله إال إمام مثله؟ فمن يغسل أبا الحسن علي بن موسى‪ ،‬وابنه محمد بالمدينة‬
‫من بالد الحجاز ونحن بطوس؟ فإذا قال ذلك فأجبه وقل له‪ :‬إنا نقول‪ :‬إن اْلمام يجب أن يغسله اْلمام‪ ،‬فان تعدى‬
‫متعد فغسل اْلمام لم تبطل إمامة اْلمام لتعدي غاسله‪ ،‬وال بطلت إمامة اْلمام الذي بعده بأن غلب على غسل أبيه‪،‬‬
‫ولو ترك أبا الحسن علي بن موسى بالمدينة لغسله ابنه محمد ظاهرا مكشوفا وال يغسله اآلن أيضا إال وهو من‬
‫حيث يخفى) بحار األنوار‪ :‬ج‪ 21‬ص‪.211‬‬
‫هبط جبرئيل ومعه المالئكة والروح الذين كانوا يهبطون في‬ ‫عن أبي عبد هللا ‪ ‬قال‪( :‬لما قبض رسول هللا‬
‫ليلة القدر‪ ،‬قال‪ :‬ففتح ألمير المؤمنين بصره فرآهم في منتهى السماوات إلى األرض يغسلون النبي معه ويصلون‬
‫معه عليه ويحفرون له‪ ،‬وهللا ما حفر له غيرهم حتى إذا وضع في قبره نزلوا مع من نزل فوضعوه‪ ،‬فتكلم وفتح‬
‫ألمير المؤمنين ‪ ‬سمعه فسمعه يوصيهم به فبكا وسمعهم يقولون‪ :‬ال نألوه جهدا‪ ،‬و إنما هو صاحبنا بعدك إال‬
‫أنه ليس يعايننا ببصره بعد مرتنا هذه‪ ،‬حتى إذا مات أمير المؤمنين ‪ ‬رأى الحسن والحسين مثل ذلك الذي‬
‫أيضا يعين المالئكة مثل الذي صنعوا بالنبي‪ ،‬حتى إذا مات الحسن رأى منه الحسين مثل‬ ‫رأى‪ ،‬ورأيا النبي‬
‫ذلك‪ ،‬ورأي النبي وعليا يعينان المالئكة‪ ،‬حتى إذا مات الحسين رأى علي بن الحسين منه مثل ذلك‪ ،‬ورأي النبي‬
‫وعليا والحسن يعينون المالئكة‪ ،‬حتى إذا مات علي بن الحسين رأى محمد بن علي مثل ذلك ورأي النبي وعليا‬
‫والحسن والحسين يعينون المالئكة‪ ،‬حتى إذا مات محمد بن علي رأى جعفر مثل ذلك ورأي النبي وعليا والحسن‬
‫والحسين وعلي بن الحسين يعينون المالئكة‪ ،‬حتى إذا مات جعفر رأى موسى منه مثل ذلك هكذا يجري إلى‬
‫آخرنا) بصائر الدرجات‪ :‬ص‪.245‬‬
‫عن أبي بصير‪ ،‬قال الصادق ‪( :‬فيما أوصاني به أبي ‪ ‬أن قال‪ :‬يا بني إذا أنا مت فال يغسلني أحد غيرك‪،‬‬
‫فان االمام ال يغسله إال إمام) بحار األنوار‪ :‬ج‪ 21‬ص‪.292‬‬
‫اصدارات انصار االاما اهمدد ‪‬‬ ‫‪291‬‬

‫اصدارات انصار االاما اهمدد ‪‬‬ ‫‪296‬‬

‫‪‬‬

‫واحلمد هلل رب العاملني‬


‫‪297‬‬ ‫شبيه عيسى أو امن هو اهمصلوب؟!‬
‫اصدارات انصار االاما اهمدد ‪‬‬ ‫‪299‬‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬

You might also like