You are on page 1of 4

‫الدِّين النَّصيحة‬

‫الحديث‬ ‫‪.1‬‬
‫عن أيب رقية متيم بن ٍ‬
‫أوس الداري رضي اهلل عنه‪ :‬أن النيب صلى اهلل عليه وسلم قال‪(( :‬الدِّين‬
‫النصيحة))‪ ،‬قلنا‪ :‬لِ َمن؟ قال‪(( :‬هلل‪ ،‬ولكتابه‪ ،‬ولرسوله‪ ،‬وألئمة املسلمني‪ ،‬وعامتهم))؛ رواه مسلم‪.‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪ .2‬ترجمة الراوي‬
‫ه و ص احب رس ول اهلل ص لى اهلل علي ه وس لم‪ ،‬أب و رقي ة متيم بن أوس بن خارج ة بن س ود‬
‫اللخمي ِ‬
‫الفلَس طيين‪ ،‬أس لم س نة تس ع ه و وأخ وه نعيم‪ ،‬وهلم ا ص حبة‪ ،‬فح دث عن ه الن يب ص لى اهلل‬
‫عليه وسلم على املنرب بقصة اجلساسة يف أمر الدجال‪ ،‬وكان راهب عصره وعابد أهل فلسطني‪،‬‬
‫وه و أول من أس رج الس راج يف املس جد‪ ،‬ق ال ابن ج ريج‪ :‬ق ال عكرم ة‪ :‬ملا أس لم متيم‪ ،‬ق ال‪ :‬ي ا‬
‫رس ول اهلل‪ ،‬إن اهلل مظه رك على األرض كله ا‪ ،‬فهب يل قري يت من بيت حلم‪ ،‬ق ال‪(( :‬هي ل ك))‪،‬‬
‫وكتب له هبا‪ ،‬قال‪ :‬فجاء متيم بالكتاب إىل عمر‪ ،‬فقال‪ :‬أنا شاهد لك فأمضاه‪ ،‬وذكر الليث أن‬
‫النيب صلى اهلل عليه وسلم قال له‪(( :‬ليس لك أن تبيع))‪ ،‬قال‪ :‬فهي يف أيدي أهله إىل اليوم‪ ،‬وكان‬
‫خيتم الق رآن يف س بع‪ ،‬وق ال ابن س ريين‪ :‬ك ان متيم يق رأ الق رآن يف ركع ة‪.‬م ات س نة أربعني‪ ،‬ودفن‬
‫‪1‬‬
‫ببيت جربين (قرية من قرى اخلليل بفلسطني) ‪.‬‬
‫‪ ‬‬
‫منزلة الحديث‬ ‫‪.3‬‬
‫ه ذا ح ديث عظيم الش أن‪ ،‬وعلي ه م دار اإلس الم ال جياوزه؛ لك ثرة معاني ه‪ ،‬ب ل ق الوا‪ :‬ليس يف‬
‫‪2‬‬
‫كالم العرب كلمة مفردة يستوىف هبا املعىن املراد هنا غري النصيحة‪.‬‬
‫ق ال الط ويف ‪ -‬رمحه اهلل ‪ :-‬واعلم أن ه ذا احلديث وإن أوج ز يف العب ارة فلق د أع رض يف‬
‫الفائ دة‪ ،‬وه ذه األح اديث األربع ون وس ائر الس نن داخل ة حتت ه‪ ،‬ب ل حتت كلم ة من ه‪ ،‬وهي‬

‫‪ 1‬السري (‪ )442 /2‬اإلصابة (‪ 183 /1‬رقم ‪ )837‬أسد الغابة (‪ 256 /1‬رقم ‪ )515‬طبقات ابن سعد (‪ 254 /6‬رقم ‪ )1274‬و(‪412 /9‬‬
‫رقم ‪ )4552‬االستيعاب (‪.)184 /1‬‬
‫‪ 2‬اجملالس السنية (‪.)55‬‬
‫وفرع ا واعتق ًادا‪ ،‬ف إذا آمن ب ه‬
‫ً‬ ‫مجيع ا‪ ،‬أص اًل‬
‫((ولكتاب ه))؛ ألن الكت اب مش تمل على أم ور ال دين ً‬
‫‪3‬‬
‫وعمل مبا يضمنه على ما ينبغي فقد مجع الكل‬
‫‪4‬‬
‫قال العلماء‪ :‬إنه من أحد األحاديث األربعة اليت يدور عليها اإلسالم‪.‬‬
‫ق ال الن ووي ‪ -‬رمحه اهلل ‪ :-‬ه ذا ح ديث عظيم الش أن‪ ،‬وعلي ه م دار اإلس الم‪ ،‬وأم ا م ا قال ه‬
‫مجاعات من العلماء‪ :‬إنه أحد أرباع اإلسالم؛ أي‪ :‬األحاديث األربعة اليت جتمع أمور اإلسالم ‪-‬‬
‫‪5‬‬
‫فليس كما قالوا‪ ،‬بل املدار على هذا وحده‪.‬‬
‫‪ ‬‬
‫المفردات‬ ‫‪.4‬‬
‫ِّين ِعْن َد اللَّ ِه اِإْل ْساَل ُم‪( ﴾ ‬آل عمران‪)19 :‬‬ ‫ِإ‬
‫الدين‪ :‬دين اإلسالم‪َّ  ﴿ :‬ن الد َ‬
‫الوسع يف إرادة اخلري‪.‬‬ ‫النصيحة‪ :‬هي اإلخالص‪ ،‬وبذل ُ‬
‫أئمة املسلمني‪ :‬العلماء واألمراء‪ ،‬وأهل احلل والعقد‪.‬‬
‫عامتهم‪ :‬سائر املسلمني‪.‬‬
‫‪ ‬‬
‫شرح الحديث‬ ‫‪.5‬‬
‫((ال دين))؛ أي‪ :‬دين اإلس الم‪(( ،‬النص يحة)) أص ل النص ح يف اللغ ة‪ :‬اخلل وص‪ ،‬يق ال‪ :‬نص حته‬
‫ونصحت له‪ ،‬وهي إرادة اخلري للمنصوح‪ ،‬وهي هنا عامة حبسب معناها اللغوي‪ .‬‬
‫((قلنا‪ :‬لـمن؟)) يا رسول اهلل‪(( ،‬قال‪ :‬هلل)) فالنصيحة هلل‪ :‬اإلخالص له؛ باالعرتاف بوحدانيته‪،‬‬
‫وتف ُّرده بص فات الكم ال على وج ه ال يش اركه فيه ا مش ارك بوج ه من الوج وه‪ ،‬والقي ام بعبوديت ه‬
‫اهرا وباطنً ا‪ ،‬واإلناب ة إلي ه يف ك ل وقت بالعبودي ة والطلب‪ ،‬رغب ة ورهب ة‪ ،‬م ع التوبة واالس تغفار‬
‫ظ ً‬
‫الدائم‪.6‬‬
‫((ولكتابه))‪ :‬حبفظه وتدبره‪ ،‬وتعلم ألفاظه ومعانيه‪ ،‬واالجتهاد يف العمل به يف نفسه وغريه‪.‬‬

‫‪ 3‬التعيني شرح األربعني للطويف (‪.)105‬‬


‫‪ 4‬التعيني شرح األربعني للطويف (‪.)105‬‬
‫‪5‬شرح مسلم للنووي (‪ 32 /2‬ح ‪.)55‬‬
‫‪6‬هبجة قلوب األبرار (‪.)18‬‬
‫((ولرس وله))‪ :‬بالتص ديق بنبوت ه‪ ،‬وقب ول م ا ج اء ب ه ودع ا إلي ه‪ ،‬وب ذل الطاع ة ل ه فيم ا أم ر وهنى‪،‬‬
‫واالنقياد له فيما حكم وأمضى‪ ،‬وترك التقدمي بني يديه‪ ،‬وإعظام حقه وتعزيره وتوقريه ومؤازرته‪،‬‬
‫وإحياء طريقته يف بث الدعوة وإشاعة السنة‪ 7.‬‬

‫((وألئمة املسلمني)) واألئمة هم الوالة من اخللفاء الراشدين فمن بعدهم ممن يلي أمر هذه‬
‫األم ة ويق وم ب ه‪ ،‬فمن نص يحتهم ب ذل الطاع ة هلم يف املع روف‪ ،‬وجه اد الكف ار معهم‪ ،‬وأداء‬
‫أيض ا يف األئمة ال ذين هم علماء الدين‪،‬‬
‫الص دقات إليهم‪ ،‬وت رك اخلروج عليهم‪ ،‬وقد يتأول ذلك ً‬
‫‪8‬‬ ‫ِ‬
‫فمن نصيحتهم قَبول ما رووه إذا انفردوا‪ ،‬وتقليدهم ومتابعتهم على ما رووه إذا اجتمعوا‪.‬‬
‫((وعامتهم)) بأن حيب هلم ما حيب لنفسه‪ ،‬ويكره هلم ما يكره لنفسه‪ ،‬وإرشادهم وإصالحهم؛‬
‫من تعليم م ا جيهلون ه من أم ر ال دين‪ ،‬وأم رهم ب املعروف وهنيهم عن املنك ر‪ ،‬وك ف األذى عنهم‪،‬‬
‫وسرت عوراهتم‪ ،‬وتوقري كبريهم‪ ،‬والشفقة على صغريهم‪.‬‬
‫‪ ‬‬
‫الفوائد من الحديث‬ ‫‪.6‬‬
‫‪ -‬الدين اإلسالمي كله قائم على التناصح والنصيحة‪.‬‬
‫‪ -‬النصيحة من اإلميان‪.‬‬
‫‪ -‬النصيحة كلمة جامعة خلريي الدنيا واآلخرة‪ ،‬بل هي رسالة األنبياء إىل أممهم‪ ،‬فما من نيب إال‬
‫ص َح أمته‪.‬‬
‫نَ َ‬
‫‪  -‬احنصار الدين يف النصيحة؛ لقول النيب صلى اهلل عليه وسلم‪(( :‬الدين النصيحة))‪.‬‬
‫‪ -‬حترمي الغش؛ ألنه إذا كانت النصيحة الدين فالغش ضد النصيحة‪ ،‬فيكون على خالف الدين‪،‬‬
‫‪9‬‬
‫وقد ثبت عن النيب صلى اهلل عليه وسلم أنه قال‪(( :‬من غشنا فليس منا)) ‪.‬‬

‫‪ 7‬شرح السنة للبغوي (‪.)95 /13‬‬


‫‪ 8‬نفس املصدر السابق‬
‫‪ 9‬رواه مسلم (‪ )101‬وأبو داود (‪ )3452‬وابن ماجه (‪.)2224‬‬
‫مصادرالبحث‬
‫حيىي بن شرف النووي‪,‬األربعون النووية‪,‬مكتبة تشرتبيت‪,4226‬نوي حوارن بالد الشام‬
‫عبدالعال سعد السلية‪,‬مقاالت متعلقة (شرح احلديث‪:‬الدين النصيحة)‪,‬تاريخ االضافة‪:‬‬
‫‪ 5/12/2015‬ميالدي‬

You might also like