You are on page 1of 147

‫األخالق اإلسالمية وأمهيتها للحياة اإلنسانية‬

‫‪www. alukah. net ‬‬

‫‪www. alukah. net ‬‬


‫األخالق اإلسالمية وأمهيتها للحياة اإلنسانية‬
‫‪www. alukah. net ‬‬

‫األخالق اإلسالمية‬
‫وأهميتها‬
‫للحياة اإلنسانية‬

‫تأليف‬

‫الطبعة األولى‬
‫‪1433‬هـ ـ ‪2012‬م‬
‫الردمك‬
‫جميع الحقوق محفوظة للمؤلف‬

‫‪www. alukah. net ‬‬


‫األخالق اإلسالمية وأمهيتها للحياة اإلنسانية‬
‫‪www. alukah. net ‬‬

‫‪www. alukah. net ‬‬


‫األخالق اإلسالمية وأمهيتها للحياة اإلنسانية‬
‫‪www. alukah. net ‬‬

‫مقدمةـ‬

‫احلمد هلل الذي بنعمته تتم الصاحلات‪ ،‬والصالة والسالم على سيدنا حممد الذي قال اهلل تعاىل يف حقه‪:‬‬
‫( وإنك لعلى خلق عظيم ) القلم ‪ 4‬وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد‪:‬‬
‫فقد ك ان موض وع األخالق مما ينشر يف الوعظ واإلرش اد‪ ،‬فغ دا وهلل احلمد‪ ،‬علم اً م درجاً مع املن اهج‬
‫املقررة يف الدراسات‪ ،‬لينهل اجليل من معني األخالق اليت جاء هبا القرآن الكرمي‪.‬‬
‫ورس ول اهلل ص لى اهلل عليه وس لم‪ ،‬هو الق دوة املثلى يف كل مكرمة‪ ،‬لتس عد األمة ب أخالق الق رآن‬
‫فكرا ومنهج حياة‪ ،‬إىل جانب كوهنا طبائع وسجايا ترتجم إىل سلوك يزينه بذل وعطاء‪ ،‬وجود‬ ‫الكرمي‪ً ،‬‬
‫ائص‪ ،‬وعما يشني النفس ويلوثها‪.‬‬ ‫رم‪ ،‬وترفع عن النق‬ ‫وك‬
‫وقد بعث صلى اهلل عليه وسلم‪ ،‬واإلنسانية ترزح حتت إصرين مها‪:‬‬
‫‪1‬ـ العبودية لغري اهلل تعاىل‪.‬‬
‫‪2‬ـ واإلسفاف اخللقي إىل أحط درجا ته‪.‬‬
‫وظهر( ماين ) يف بالد الفرس‪ ،‬القائل بوجود إهلني‪ ،‬إله النور وإله الظلمة‪ ،‬أو إله اخلري وإله الشر‪ ،‬وهو‬
‫الذي أدخل اإلباحية على ذلك اجملتمع‪ ،‬وقد اتبعه بعض األكاسرة وتزوج بنته اليت هي من صلبه‪ ،‬فقام‬
‫ه‪.‬‬ ‫اين وقتل معه مئة ألف من أتباع‬ ‫ه‪ ،‬وقتل م‬ ‫روان فقتل‬ ‫رى أنو ش‬ ‫ابنه كس‬
‫وكان الرومان على درجة كبرية من االحنالل اخللقي‪ ،‬حىت إهنم شكلوا فرق اً من جيشهم من األبناء غري‬
‫الشرعيني‬
‫و بعث صلى اهلل عليه وسلم يف البشرية‪ ،‬وكانت حالتها كما قال علي رضي اهلل عنه‪ ،‬شعارها اخلوف‬
‫ودثارها الرعب‪ ،‬فأنقذ العباد بإذن اهلل تعاىل من عبادة العباد إىل عبادة اهلل تعاىل‪ ،‬وقد قال صلى اهلل عليه‬
‫وسلم‪:‬‬
‫ارم األخالق )‪.‬‬ ‫( إمنا بعثت ألمتم مك‬
‫إن العقيدة اإلسالمية ذات رسالة أخالقية‪ ،‬وقد قال صلى اهلل عليه وسلم‪ " :‬أال أخربكم بأحبكم إيل‬
‫وأق ربكم مين جمالس ي وم القيامة‪ ،‬أحاس نكم أخالقاً‪ ،‬املوطؤون أكنافاً‪ ،‬ال ذين ي ألفون ويؤلف ون"‬
‫وقد أص بحت أمتنا اإلس المية خري أمة أخ رجت للن اس كما ق ال اهلل تع اىل يف كتابه العزيز ( كنتم خري‬
‫أمة أخرجت للناس تأمرون باملعروف وتنهون عن املنكر وتؤمنون باهلل) سورة آل عمران آية ‪.110‬‬
‫إن ه ذه حماض رات‪ ،‬ابتع دت يف تأليفها عن التنظري الفلس في اجلاف وتعقيدات ه‪ ،‬وأوردت طائفة من‬
‫اعر‪:‬‬ ‫ال الش‬ ‫احل وقد ق‬ ‫لفنا الص‬ ‫أخالق س‬

‫‪www. alukah. net ‬‬


‫األخالق اإلسالمية وأمهيتها للحياة اإلنسانية‬
‫‪www. alukah. net ‬‬

‫به بالكـرام فـالح‬ ‫وا مثلهم إن التش‬ ‫بهوا إن مل تكون‬ ‫فتش‬


‫ة‪.‬‬ ‫بيق العملي هلذه املعرف‬ ‫ذه املادة جمرد (املعرفة ) وإمنا اهلدف التط‬ ‫وليس اهلدف من ه‬
‫وقد ك ان الص حابة الك رام رض وان اهلل تع اىل عليهم أمجعني يس ألون الرس ول ص لى اهلل عليه وس لم عن‬
‫اخلري‪ ،‬وك ان حذيفة بن اليم ان رضي اهلل عنهم ا‪ ،‬يس أله عن الش ر‪ ،‬ويف ه ذا املعىن ق ال الش اعر‪:‬‬
‫ِه‬ ‫لكن لتوقِّي‬
‫رفت الشـر ال للشـر ْ‬ ‫ع‬
‫ِه‬ ‫ْع في‬ ‫رف اخلري من الشر يق‬ ‫فمن ال يع‬‫َ‬
‫يف ه ذه األوراق‪ ،‬نتع رف إن ش اء اهلل إىل بعض القيم العليا وإىل نقيض ها‪ ،‬ليس تبني لنا مجال الطاعة‬
‫ياء‪.‬‬ ‫يز األش‬ ‫دها تتم‬ ‫ا‪ ،‬وبض‬ ‫ية وآثاره‬ ‫ا‪ ،‬وقبح املعص‬ ‫وآثاره‬
‫واملسلمون اليوم حباجة ماسة إىل جتديد صلتهم بدينهم ليَسعدوا ويُسعِدوا‪ ،‬فاإلنسانية معذبة لبعدها عن‬
‫تع اليم اهلل تع اىل وعن أخالق اإلس الم‪ ،‬وال س عادة للمس لمني وال للبش رية إال هبذا ال دين‪ ،‬وبأخالقه‬
‫النبيلة‪ ،‬عسى أن يكون هذا الكتاب فتحاً جديداً يف هذا املوضوع‪.‬‬
‫وهم‬ ‫ات ال‬ ‫اللهم أخرجنا من ظلم‬
‫ور الفهم‪.‬‬ ‫وأكرمنا بن‬
‫ة‪.‬‬ ‫فاء املعرف‬ ‫وامنن علينا بص‬
‫برمحتك يا أرحم الرامحني‪.‬‬
‫املؤلف‬

‫‪www. alukah. net ‬‬


‫األخالق اإلسالمية وأمهيتها للحياة اإلنسانية‬
‫‪www. alukah. net ‬‬

‫أوالً‪:‬‬
‫أ ـ مفهوم األخالق‪ ،‬وعلم األخالق‬
‫معنى األخالق‪:‬‬
‫‪1‬‬
‫األخالق لغة ( مجع ُخُلقٍ‪ ،‬وهو السجية والطبع)‪.‬‬
‫واألخالق اص طالحاً‪( :‬حالة نفس ية ت رتجم باألفع ال)‪ ،‬أي أن األخالق‪ ،‬هلا جانب ان؛ (ج انب نفسي‬
‫باطين‪ ،‬وجانب سلوكي ظاهري )(‪ )2‬فالسجايا هي الطباع‪ .‬والسلوك هو الفعل املرتجم هلذه الطباع‪.‬‬
‫ات‪:‬‬ ‫وع األخالق ثالثة اجتاه‬ ‫وملوض‬
‫ان‪.‬‬ ‫فة اليون‬ ‫ـ األخالق يف نظر فالس‬
‫رب‪.‬‬ ‫فة الغ‬ ‫ـ األخالق يف نظر فالس‬
‫لمني‬ ‫فة املس‬ ‫ـ األخالق يف نظر الفالس‬

‫ان‪.‬‬ ‫فة اليون‬ ‫أوالً‪ :‬األخالق يف نظر الفالس‬

‫ة‪:‬‬ ‫ذهب املنفعة الفردي‬ ‫م‬


‫لقد أكثر الفالسفة اليونان من حماوراهتم الفلسفية يف موضوع األخالق‪ ،‬ومن أشهر فالسفتهم سقراط‪،‬‬
‫ع اش بني الق رن اخلامس والرابع ق‪ .‬م‪ ( .‬حنو ‪ 470‬ـ ‪ )399‬وهو فيلس وف يون اين ولد يف أثين ا‪ ،‬وعلَّم‬
‫فيها فأح دث ث ورة يف الفلس فة بأس لوبه وفك ره‪ ،‬أسس علم األخالق‪ ،‬ك ان تعليمه ش فهياً عن طريق‬
‫السؤال واجلواب )(‪.)1‬‬
‫ومفهوم املنفعة الفردية أن هذا املذهب ( دعا إىل اللذة احلسية الفردية العاجلة‪ ،‬وقال‪ :‬إن على املرء أن‬
‫يستعجلها ألن تأخريها يثري يف النفس البؤس والشقاء واحلرمان‪ ،‬وإن السلوك الذي حيقق هذه السعادة‬
‫القائمة على تلك اللذات هو سلوك أخالقي‪ ،‬واملبادئ السلوكية اليت حتققها هي مبادئ أخالقية )(‪.)2‬‬
‫ثانياً‪ :‬األخالق يف نظر فالسفة الغرب‬
‫ويسمى‪ :‬مذهب املنفعة العامة‪:‬‬

‫‪ ? 1‬القاموس احمليط‪ ،‬مادة‪ :‬خلق‪.‬‬


‫(‪ )2‬علم األخالق اإلسالمية أ د‪ .‬مقداد يلجن ط‪ 2‬نشر دار عامل الكتب ط دار الفكر بريوت ص‪.34‬‬
‫(‪ )1‬املنجد‪ :‬سقراط‪ .‬ط ‪.26‬‬
‫(‪ )2‬علم األخالق اإلسالمية أ‪ .‬د‪ .‬مقداد يلجن ط‪ 2‬ص ‪38 ،37‬‬

‫‪www. alukah. net ‬‬


‫األخالق اإلسالمية وأمهيتها للحياة اإلنسانية‬
‫‪www. alukah. net ‬‬

‫يف العصر احلديث‪ ،‬ظهر يف أوربا مذهب يدعو إىل املنفعة العامة‪ ،‬من هؤالء الفالسفة‪ ،‬بنتام و جون‬
‫ستيوارت مل وغريمها قالوا‪ :‬إن على اإلنسان أن ينشد منفعة البشر عامة‪ ،‬حىت احليوانات‪ ،‬وتقاس‬
‫أخالقية الفعل بنتائجها‪ ،‬ال ببواعثها‪ ،‬واجلزاء‪ ،‬هو العامل الوحيد لفعل اخلري‪ ،‬وجتنب الشر‪.‬‬
‫ويف أوربا فالسفة رأوا يف اإلنسان عاطفة إنسانية نبيلة من هؤالء‪ ،‬جان جاك روسو‪ ،‬الذي كان يرى‪،‬‬
‫أن الطبيعة اإلنسانية خرِّي ة‪ ،‬ولكن املدنية هي اليت تفسد هذه الطبيعة‪ ،‬ويقول أيضاً‪ :‬خيرج كل شيء من‬
‫يد اخلالق‬
‫صاحلاً‪ ،‬وكل شيء يف يد البشر يلحقه االضمحالل‪ .‬ويقول فولتري‪ ،‬وما هذا القانون الطبيعي‪ ،‬إال‬
‫القانون األخالقي الذي أودع اهلل يف غريزة جبلتنا حمبته والتقيد به واحلفاظ عليه)(‪.)1‬‬
‫ثالثاُ‪ :‬األخالق يف نظر الفالسفة املسلمني‪:‬‬
‫وهي اجتاهات ثالثة‪:‬‬
‫‪1‬ـ االجتاه العقلي‪.‬‬
‫‪2‬ـ االجتاه الروحي‪.‬‬
‫‪ 3‬ـ اجلمع بني االجتاهني السابقني‪.‬‬
‫االجتاه العقلي‪:‬‬
‫وميثله الفالسفة املسلمون كالفارايب وهو ( من أعظم فالسفة العرب ت ‪ ،950‬ولد يف فاراب‬
‫( تركستان) وتويف يف دمشق‪ ،‬أقام يف حلب يف بالط سيف الدولة احلمداين لقب ( باملعلم الثاين ) بعد‬
‫أرسطو‪.‬‬
‫وأمحد بن مسكويه‪ ،‬تويف (‪ )1030‬مفكر وأديب‪ ،‬انصرف إىل الفلسفة والطب والكيمياء‪ ،‬كان نفوذه‬
‫عظيماً يف البالط البويهي‪ ،‬له كتاب ( هتذيب األخالق ) يقول فيه‪ :‬الفضيلة وسط بني رذيلتني؛‬
‫الشجاعة وسط بني اجلنب والتهور‪ ،‬والكرم وسط بني البخل والتبذير‪. . .‬‬
‫وابن سينا ( أبو علي ‪ 980‬ـ ‪ )1037‬عُرف بالشيخ الرئيس ابن سينا‪ ،‬ولد يف أفشنة قرب خبارى‪،‬‬
‫وتويف يف مهذان‪ ،‬فيلسوف من كبار فالسفة العرب وأطبائهم‪ ،‬تعمق يف درس فلسفة أرسطو‪.‬‬
‫وابن رشد وهو( أبو الوليد حممد بن أمحد‪،‬‬
‫‪ 1126‬ـ ‪ 1198‬فيلسوف عريب‪ ،‬ولد يف مراكش‪ ،‬درس الكالم والفقه والشعر والطب والرياضيات‬
‫والفلك والفلسفة‪ ،‬مساه الغرب (الشارح) نظراً إىل شروحه الكثرية واملمتازة ألرسطو‪ ،‬حاول التوفيق‬

‫(‪ )1‬املصدر السابق ص ‪.42‬‬

‫‪www. alukah. net ‬‬


‫األخالق اإلسالمية وأمهيتها للحياة اإلنسانية‬
‫‪www. alukah. net ‬‬

‫بني الشريعة والفلسفة‪ ،‬كما دافع عن الفلسفة ضد الغزايل يف كتاب ( هتافت التهافت )(‪.)1‬‬
‫والطابع العام يف االجتاه العقلي يف الفلسفة اإلسالمية‪ ،‬هو‪ :‬تفسري املبادئ األخالقية بالعقل‪ ،‬وأن جُت عل‬
‫غايتها غاية عقلية ثابتة‪ ،‬ومقياسها األمسى‪ ،‬العقل‪ ،‬مث حصر الفضائل األخالقية وأساس الفضيلة‪ ،‬هو‬
‫التصرف مبقتضى العقل‪.‬‬
‫لقد قدم هؤالء الفالسفة‪ ،‬العقل على النقل‪.‬‬
‫االجتاه الثاين‪:‬‬
‫ميثله املتصوفون‪ ،‬وتتبلور األخالق يف االجتاه الصويف فيما يلي‪:‬‬
‫‪1‬ـ االهتمام الزائد بإصالح الباطن ويقوم على‪:‬‬
‫أ ـ معرفة النفس ونوازعها ورغباهتا‪ ،‬ووصف خلجاهتا وخطرات القلب‪ ،‬والصراع النفسي وأهوال هذا‬
‫الصراع‪.‬‬
‫ب ـ تطهري القلب‪ ،‬وتصفية الروح من الرذائل‪ ،‬عن طريق اجملاهدات والزهد‪.‬‬
‫جـ ـ التحلي بالفضائل واملكارم األخالقية‬
‫‪2‬ـ التفاين باإلخالص هلل يف مجيع األعمال‪.‬‬
‫‪3‬ـ إيثار الزهد يف الدنيا‪ ،‬والتقشف يف احلياة‪.‬‬
‫ومن أئمة التصوف‪ ( ،‬اجلنيد بن حممد ت ‪ 297‬هـ ‪ 910 /‬م صويف وزاهد بغدادي ولد وتويف ببغداد‪،‬‬
‫تلقى العلوم الفقهية على سفيان الثوري‪ ،‬والعلوم الصوفية على خاله السري سقطي‪ ،‬سيد الطريقة‬
‫(‪)1‬‬
‫الصوفية‪ ،‬حج ثالثني حجة ماشياً )‬
‫أما االجتاه الثالث‪ ،‬وهو‪ :‬اجلمع بني االجتاهني السابقني؛ العقلي والروحي‪ ،‬فيمثله اإلمام الغزايل (أبو‬
‫حامد حممد ت ‪ 505‬هـ‪1111 ،‬م متكلم‪ ،‬لقب حبجة اإلسالم‪ ،‬ولد بالقرب من طوس خبراسان‪ ،‬نشأ‬
‫أوالً نشأة صوفية‪ ،‬مث انصرف إىل دراسة الفقه والكالم والفلسفة وكتب ( هتافت الفالسفة ) ويعين‬
‫العنوان‪ :‬خطأ الفالسفة الفادح‪ .‬ويف هذا الكتاب كفر الفالسفة‪ ،‬أو بدَّعهم‪ .‬وسبب نقد الغزايل‬
‫للفالسفة؛ أهنم قدموا العقل على النقل‪ .‬وهو التشريع‪.‬‬

‫(‪ )1‬املنجد ط ‪.26‬‬


‫(‪ )1‬املصدر السابق ط ‪.26‬‬

‫‪www. alukah. net ‬‬


‫األخالق اإلسالمية وأمهيتها للحياة اإلنسانية‬
‫‪www. alukah. net ‬‬

‫مفهوم علم األخالق‪:‬‬


‫علم األخالق اإلسالمية‪:‬‬
‫هو علم اخلري والشر‪ ،‬واحلسن والقبيح‪.‬‬
‫ويطلق ه ذا التعري ف‪ ،‬على جمموعة األفك ار واألحك ام والعواطف والع ادات‪ ،‬كما يطلق على العلم‬
‫ذا العلم‪.‬‬ ‫ات ه‬ ‫واهر وعلى تطبيق‬ ‫ذه الظ‬ ‫درس ه‬ ‫ذي ي‬ ‫ال‬
‫ف األخالق ج وهر اإلس الم وروحه الس ارية يف مجيع جوانبه وقد قصر رس ول اهلل ص لى اهلل عليه وس لم‬
‫أه داف رس الته عليه يف قوله ( إمنا بعثت ألمتم مك ارم األخالق ) وقد ق ال ابن خل دون يف مقدمته‬
‫( الظلم مؤذن خبراب العمران )‪ ،‬فبقاء األمم ببقاء أخالقها‪ ،‬وهلذا قال شاعر النيل حافظ إبراهيم يرمحه‬
‫اىل‪:‬‬ ‫اهلل تع‬
‫بقيت‬ ‫ما‬ ‫األخالق‬ ‫األمم‬ ‫وإمنا‬
‫هم ذهبت أخالقهم ذهبوا‬‫فإ ْن ُ‬
‫إذاً‪ ،‬فه دف اإلس الم‪ ،‬ه دف أخالقي وقد ق ال اهلل تع اىل يف حقه ص لى اهلل عليه وس لم ( وإنك لعلى‬
‫ق عظيم)(‪.)1‬‬ ‫خل‬
‫دة‪:‬‬ ‫انب العقي‬ ‫األخالق يف ج‬
‫لم‪:‬‬ ‫لى اهلل عليه وس‬ ‫ا‪ :‬قوله ص‬ ‫دليله‬
‫اً)(‪.)2‬‬ ‫نهم أخالق‬
‫اً أحس‬ ‫نني إميان‬ ‫ل املؤم‬ ‫( أكم‬
‫واألخالق يف تربية الضمري‪ :‬دليلها‪ :‬قول اهلل تعاىل‪:‬‬
‫اء واملنكر )‪.‬‬ ‫الة تنهى عن الفحش‬ ‫( إن الص‬
‫ريف‪:‬‬ ‫ا‪ :‬احلديث الش‬ ‫اعي دليله‬ ‫واألخالق يف اجلانب االجتم‬
‫ه)‪.‬‬ ‫دكم حىت حيب ألخيه ما حيب لنفس‬ ‫ؤمن أح‬ ‫( ال ي‬
‫وقد ذكر للرس ول ص لى اهلل عليه وس لم أن فالنة تك ثر من ص الهتا وص دقتها وص يامها غري أهنا ت ؤذي‬
‫ار )‪.‬‬ ‫ال ( هي يف الن‬ ‫اهنا فق‬ ‫جرياهنا بلس‬
‫وقد بنَّي اإلسالم‪ ،‬أن األخالق تشمل غري اإلنسان؛ فقد بني رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم أن امرأة‬
‫دخلت الن ار يف ه رة حبس تها‪ ،‬ال هي أطعمتها وس قتها‪ ،‬وال هي تركتها تأكل من خش اش األرض‪.‬‬
‫فجوهر اإلسالم‪ ،‬حتقيق اخلري وجتنب الشر‪.‬‬

‫(‪ )1‬سورة القلم آية ‪.4‬‬


‫(‪ )2‬صحيح املستدرك للحاكم النيسابوري‪ :‬علم األخالق اإلسالمية أ‪ .‬د‪ .‬مقداد يلجن ط‪ 2‬ص ‪.50‬‬

‫‪www. alukah. net ‬‬


‫األخالق اإلسالمية وأمهيتها للحياة اإلنسانية‬
‫‪www. alukah. net ‬‬

‫ب ـ التفريق بني علم األخالق وبني غ ريه من العل وم املش اهبة له ك اآلداب واحلق وق اخلاص ة‪. .‬‬
‫هل ي دخل علم األخالق ب األمور الشخص ية ك آداب الطع ام والش راب واألمزجة وحنو ذل ك؟‬
‫إن األم ور الشخص ية اليت ذك رت بعض ها‪ ،‬ال تت دخل فيها األخالق‪ ،‬وال علم األخالق‪ ،‬فإنس ان حيب‬
‫لون اً معين اً من أل وان الطع ام‪ ،‬وال حيب لون اً آخ ر‪ ،‬وك ذلك أن واع األش ربة والعص ائر‪ ،‬وبعض الن اس‬
‫نب اتيون‪ ،‬ومنهم من يتن اول طعامه على مائ دة‪ ،‬ومنهم من يتن اول طعامه على األرض‪.‬‬
‫ويف احلق وق اخلاص ة‪ ،‬إنس ان ميلك مزرع ة‪ ،‬يغ رس فيها ما يش اء من الش جر‪ ،‬أو ي زرع فيها احملاص يل‪،‬‬
‫ويديرها كيف يشاء‪ ،‬ورجل عنده أرض‪ ،‬يبين فيها بناء خيتار له من اهلندسة ما يروق له‪ . . .‬فالعقيدة‬
‫ال تتدخل يف مثل هذه األمور الشخصية‪ ،‬وال ينضوي التصرف باألمالك على ما ذكرنا‪ ،‬حتت عنوان‪:‬‬
‫األخالق‪ ،‬أو علم األخالق‪.‬‬
‫لقد انصب موض وع األخالق وعلم األخالق على الس جايا وترمجتها يف عالقتها مع اخلالق ومع الن اس‬
‫ة‪.‬‬ ‫ومع الطبيع‬
‫وألمهية ه ذا املوض وع (ص درت يف اململكة العربية الس عودية خالل الس نوات املاض ية موس وعة (نض رة‬
‫النعيم) وهي موس وعة متخصصة يف أخالق النيب عليه الص الة والس الم‪ .‬كما ص درت موس وعة أخالقية‬
‫(‪)1‬‬
‫وموس وعة أخ رى بعن وان ( علم األخالق اإلس المية) لألس تاذ‬ ‫ش املة يغلب عليه ا الط ابع األديب)‬
‫الدكتور مقداد يلجن‪.‬‬
‫كما ص درت ( املوس وعة امليس رة يف التعريف بنيب الرمحة ص لى اهلل عليه وس لم) عن رابطة الع امل‬
‫المي‪.‬‬ ‫اإلس‬

‫(‪ )1‬املوسوعة اجلامعة يف األخالق واآلداب‪ .‬سعود بن عبد اهلل احلزميي ج‪.1‬‬

‫‪www. alukah. net ‬‬


‫األخالق اإلسالمية وأمهيتها للحياة اإلنسانية‬
‫‪www. alukah. net ‬‬

‫تدريباتـ‬
‫‪ -1‬ما تعريف (األخالق) لغة واصطالحاً؟‬
‫‪ -2‬ما الفرق بني السجايا والسلوك؟‬
‫‪ -3‬ما مفهوم املنفعة الفردية؟ وما رأيك هبذا املذهب‪.‬‬
‫‪ -4‬ما الطابع العام يف االجتاه العقلي لدى الفالسفة املسلمني؟‬
‫‪ -5‬ماذا يعين ( هتافت الفالسفة)؟ وما سبب نقد الغزايل للفالسفة املسلمني؟‬
‫‪ -6‬ما تعريف علم األخالق؟ وعلى أي شيء يطلق هذا التعريف؟‬
‫‪ -7‬هل األخالق تقتصر على العالقة بني اإلنسان والناس؟ بني ذلك‪.‬‬
‫‪ -8‬عدد اجتاهات األخالق يف الفلسفة اإلسالمية‪ ،‬واشرح واحداً منها‪.‬‬
‫‪9‬ـ إذا تعارض العقل مع النقل‪ ،‬ماذا تقدم؟‬
‫‪ 10‬ـ هات دليالً واحداً على كل نوع مما يلي‪:‬‬
‫دة‪.‬‬ ‫انب الفقي‬ ‫أ ـ األخالق يف ج‬
‫ب ـ األخالق يف تربية الضمري‪.‬‬
‫ج ـ األخالق يف اجلانب االجتماعي‪.‬‬

‫راهيم‪:‬‬ ‫رح بيت حافظ إب‬ ‫اش‬ ‫‪11‬ـ‬


‫بقيت‬ ‫ما‬ ‫األخالق‬ ‫األمم‬ ‫وإمنا‬
‫فإن هم ذهبت أخالقهم ذهبوا‬
‫ا‪.‬‬ ‫اخرت مكرمة من مك ارم األخالق‪ ،‬واكتب عنها قصة حتبب هبا‪ ،‬وتنفر من خالفه‬ ‫‪ 12‬ـ‬

‫األخالق اإلسالمية‬
‫وأهميتها للمجتمع اإلنساني‬

‫‪www. alukah. net ‬‬


‫األخالق اإلسالمية وأمهيتها للحياة اإلنسانية‬
‫‪www. alukah. net ‬‬

‫اجملتمع اإلنساين قبل اإلسالم‪:‬‬


‫إذا ألقينا نظرة على اجملتمع اإلنساين قبل اإلسالم‪ ،‬فماذا نرى يف أخالقه وسلوكه؟‪.‬‬
‫يف الدولة الرومانية‪:‬‬
‫كان الرومان يعتقدون؛ أهنم ولدوا من نسل رجل صاحل هو (إينيس) الطروادي الذي جنا‪ ،‬ومعه جمموعة‬
‫من المحاربني الذين مل يستطيعوا أن يدحروا اليونانيني يف حرب طروادة‪ ،‬وشق طريقه بصعوبة بالغة بني‬
‫قبائل وشعوب كانت يف خصام معه‪ ،‬وبعد حروب طاحنة‪ ،‬تفوق على أعدائه‪.‬‬
‫اعتقد الروم ان أهنم ول دوا من نسل إي نيس‪ ،‬ذلك احملارب التقي الش جاع‪ ،‬ل ذلك من حقهم أن‬
‫يسودوا العامل‪ ،‬ولذلك اجتهوا حنو القوة اجلسمية‪ ،‬والعنف والتدمري واإلحراق واإلبادة‪. . .‬‬
‫ك ان م درج روما‪ ،‬يش هد كل ع ام مواسم األلع اب الروماني ة‪ ،‬ويف ه ذه املدرجات يتجمع‬
‫األس رى العبي د‪ ،‬وتطلق عليهم األس ود اجلائعة فتم زقهم‪ ،‬والإم رباطور يش رب اخلمر ويض حك من ه ذه‬
‫املشاهد ( املسلية )‪ ،‬وحوله رجال البالط يرتعون كؤوس اخلمر لقيصرهم العظيم قاهر الشعوب‪.‬‬
‫وكانت حتفر يف ساحة املسرح حفر‪ ،‬وينزل األسرى إليها ويطمرون إىل أكتافهم‪ ،‬وال يظهر من احلفرة‬
‫عجلها سيوف‪ ،‬حينما متر‬ ‫إال الرأس والعنق‪ ،‬ومتر العربات احلربية جترها اجلياد املطهمة‪ ،‬وقد ركب على َ‬
‫على احلفر‪ ،‬حتصد الرؤوس حصد السنابل‪ ،‬فيصفق الرومان وتعلو صيحات البهجة‪ ،‬ويتبادلون األخناب‪.‬‬
‫وك ان الاحنالل اخللقي بالغاً أس فل درجات ه‪ ،‬حىت إن الفتي ات الل وايت ن ذرن أنفس هن للكنيس ة‪،‬‬
‫كان الرهبان يف األديرة يرون أهنن صيد مثني‪ ،‬وإذا محلت الفتاة الراهبة من سفاح‪ ،‬نقلت إىل روما‪ ،‬حىت‬
‫عجت روما بأولئك الفتي ات املعت دى على عفتهن‪ ،‬وك ثر أوالد الس فاح‪ ،‬حىت ش كلت منهم الف رق يف‬
‫ا‪.‬‬ ‫جيش روم‬
‫احلالة األخالقية يف الدولة الفارسية‪:‬‬
‫ومل تكن حالة اجملتمع الفارسي‪ ،‬بأفضل من اجملتمع الروم اين‪ .‬بل وص لت احلالة يف ذلك اجملتم ع‪ ،‬أهنم‬
‫ك انوا يعب دون الن ار‪ ،‬فأش ادوا هلا املعاب د‪ ،‬وخصص وا هلا الس دنة ال ذين يحرص ون على أن تبقى الن ار‬
‫مشتعلة ال تنطفئ‪ ،‬وأوحى رجال النار للشعب؛ أن األكاسرة من نسل اآلهلة‪.‬‬
‫وظهر يف ذلك اجملتمع رجل امسه‪ :‬م اين‪ ،‬دعا إىل اإلباحي ة‪ ،‬حىت إن كس رى ت زوج بنته اليت هي‬
‫من صلبه‪ ،‬وانتهز العابثون الفرصة فعاثوا يف البالد‪ ،‬وارتكبوا أقبح املوبقات‪ ،‬حىت إن الرجل الذي يدافع‬
‫عن عرضه كان يدان‪. . . .‬‬
‫إىل أن قام ولده كسرى أنو شروان‪ ،‬فقتل أباه الذي كان قد اتبع املانوية‪ ،‬وقتل ماين‪ ،‬و معه مئة ألف‬
‫ممن اتبعه‪.‬‬

‫‪www. alukah. net ‬‬


‫األخالق اإلسالمية وأمهيتها للحياة اإلنسانية‬
‫‪www. alukah. net ‬‬

‫احلالة األخالقية يف بالد العرب‪:‬‬


‫كانت بالد العرب أربعة أقسام‪:‬‬
‫القسم األول هو قلب اجلزيرة العربية‬
‫القسم الثاين بالد الشام و فيها الغساسنة‬
‫القسم الثالث العراق و فيها املناذرة‬
‫القسم الرابع اليمن وكان فيها التبابعة‬

‫قلب الجزيرة العربية‪:‬‬


‫مل يس يطر عليها ح اكم‪ ،‬وإمنا ك ان لكل قبيلة ش يخها ال ذي هو مبثابة احلاكم‪ ،‬واألب والقائد‬
‫احلاين على أفراد قبيلته‪ ،‬يسوسها ويرعاها‪ ،‬ويدافع عنها‪ ،‬وجيلب هلا ما ينفعها‪ ،‬وجينبها ما يضرها‪.‬‬
‫وك ان يف الع رب ع ادات س يئة كش رب اخلمر ووأد البن ات‪ ،‬ولعب امليس ر‪ . .‬ولكن ك ان إىل‬
‫جانب هذه العادات الرديئة‪ ،‬عادات كرمية‪ ،‬كالصدق والشجاعة ومحاية اجلار‪ ،‬وإكرام الضيف والكرم‬
‫وف‪. . .‬‬ ‫رض وإغاثة املله‬ ‫دفاع عن الع‬ ‫رف وال‬ ‫والش‬
‫فلما ج اء اإلس الم‪ ،‬أبطل الع ادات الذميمة‪ ،‬وع زز الع ادات الكرمية‪ ،‬ق ال رس ول اهلل ص لى اهلل عليه‬
‫وسلم‪ " :‬إمنا بعثت ألمتم مكارم األخالق "‬
‫وتتميم األخالق يعين ن احيتني‪ :‬احلض عليه ا‪ ،‬مث الارتف اع هبا‪ ،‬وربطها باملثل األعلى؛ أن تك ون‬
‫خالصة هلل ال تشوهبا شائبة من رياء أو مباهاة أو مسعة‪.‬‬
‫ك ان غ الب بن صعص عة جد الف رزدق كرمياً؛ ذبح لقومه مئة مجل‪ ،‬ولكن ه ذا الك رم اجلاهلي‬
‫للمف اخرة‪ ،‬ص عد به اإلس الم إىل مق ام أمسى‪ ،‬فتح ولت الني ة‪ ،‬من القيمة الشخص ية أو القبلي ة‪ ،‬إىل القيم‬
‫اإلميانية‪.‬‬
‫وكذلك الشجاعة‪ ،‬فقد ذكر ابن هشام يف سريته‪ ،‬أن قزمان كان يف جيش املسلمني يوم أحد‪،‬‬
‫رجال من املش ركني‪ ،‬فج اء بعض الص حابة إىل رس ول اهلل‪ ،‬يثن ون على‬ ‫وقد رمى عن قوسه أحد عشر ً‬
‫شجاعة قزمان‪ ،‬فقال‪( :‬هو يف النار)‪ ،‬فتعجب الصحابة وتتبعوا شأن قزمان‪ ،‬فجرح عدة جراحات مل‬
‫يتحمله ا‪ ،‬فما ك ان منه إال أن أخذ س هماً وحنر به نفس ه‪ ،‬فقيل ل ه‪ :‬إنك لبطل دافعت عن اإلس الم‪.‬‬
‫فقال‪ :‬إمنا كنت أدافع عن أحساب قومي‪.‬‬
‫واحلديث الشريف‪( :‬من قاتل لتكون كلمة اهلل هي العليا فهو يف سبيل اهلل)‪.‬‬
‫والعرب يف جاهليتهم‪ ،‬يف صحرائهم‪ ،‬كانوا أصفى فطرة وسلوكاً‪ ،‬إذا قيسوا بشعوب العامل املعاصرين‬

‫‪www. alukah. net ‬‬


‫األخالق اإلسالمية وأمهيتها للحياة اإلنسانية‬
‫‪www. alukah. net ‬‬

‫هلم‪.‬‬
‫أما عرب الشام؛ فقد كانوا مستعبَدين للرومان‪ ،‬وعرب العراق كانوا مستعبدين لكسرى‪ ،‬عرب هاتني‬
‫الدولتني أبناء عمومة‪ ،‬كانوا يف اليمن حول سد مأرب‪ ،‬فلما هتدم‪ ،‬قامت هجرات إىل الشمال؛ سكنت‬
‫خزاعة مكة‪ ،‬واألوس واخلزرج س كنا ي ثرب‪ ،‬وكن دة س كنت جنداً‪ ،‬وط يئ س كنت حائل‪ ،‬واألزد‬
‫انقسمت فرقتني؛ فرقة سكنت عمان‪ ،‬وأخرى سكنت عسري‪ ،‬والغساسنة يف الشام‪ ،‬واملناذرة يف العراق‪.‬‬
‫مل يصل وعي الغساس نة واملن اذرة‪ ،‬إىل أن يرتفع ف وق اخلص ومات‪ ،‬وأن يل تئم مشلهما وجيتمعا ضد‬
‫عدومها‪ ،‬بل كان كل منهما دريئة ملن يستعمره‪ ،‬وكان الفرس والروم قد اقتسما العامل الق دمي‪ ،‬وظال يف‬
‫حروب دائمة‪ ،‬وسادت هذه احلروب العرب‪ ،‬فكان العرب تتفانى حلساب األجنيب‪.‬‬
‫الغساسنة يف الشام‪:‬‬
‫مسي الغساس نة هبذا الاسم؛ ألهنم وردوا م اء لغس ان فس موا بامسه‪ ،‬وتوجه وا إىل الش ام فس كنوا‬
‫املزة يف أطراف دمشق‪ ،‬وأشهر ملوكهم احلارث بن أيب مشر الغساين‪ ،‬وكان أعرج‪ ،‬وكان قد قتل والد‬
‫املن ذر بن م اء الس ماء‪ ،‬ملك الع راق‪ ،‬فس ار املن ذر جبيشه ليث أر ألبيه‪ ،‬وك انت معركة حليمة أو‪ ،‬ي وم‬
‫حليمة‪ ،‬وضرب به املثل فقيل‪ ( :‬ما يوم حليمة بسر )‬
‫يوم حليمة(‪:)1‬‬
‫يضا‪ ،‬مث اش تبكوا يف القت ال‪ ،‬ومكثت‬
‫س ار املن ذر حىت ن زل مبرج حليم ة‪ ،‬وس ار إليه احلارث أ ً‬
‫أياما ينتصف بعضهم من بعض‪.‬‬ ‫احلرب بينهم ً‬
‫مث شد لبيد بن عمرو الغساين على املنذر فضربه ضربة ألقاه عن فرسه‪ ،‬واهنزم أصحاب املنذر‬
‫من كل وجه‪ ،‬ونزل لبيد فاحتز رأس املنذر‪ ،‬وأقبل به إىل احلارث فألقاه بني يديه‪.‬‬
‫املناذرة يف العراق‪:‬‬
‫جبارا يرعب احلجارة‪ .‬كان هذا فعله يف قومه العرب‪،‬‬
‫أشهر ملوكهم‪ :‬النعمان بن املنذر‪ ،‬وكان ً‬
‫ولنعرف موقفه من سادته الفرس يوم ذي قار‪.‬‬
‫غضب كس رى على النعم ان‪ ،‬فطلب ه‪ ،‬فحمل س الحه وما ق وي عليه‪ ،‬مث أقبل حىت ن زل يف ذي ق ار‪ ،‬يف‬
‫بين شيبان سراً‪ ،‬فلقي هانئ بن مسعود الشيباين‪ ،‬وكان سيداً منيعاً فاستجار به فأجاره‪.‬‬
‫استودع النعمان أهله بين شيبان‪ ،‬ومضى إىل كسرى‪ ،‬فقتله حتت أرجل الفيلة‪ ،‬وبعث يطلب ما‬
‫خلفه النعم ان‪ ،‬ف امتنع ه انئ‪ ،‬وغضب كس رى‪ ،‬وأرسل كتيبتي ه؛ الش هباء من الف رس‪ ،‬و الدوسر من‬
‫العرب‪.‬‬

‫(‪ )1‬أيام العرب يف اجلاهلية حممد أمحد جاد املوىل‪ . .‬ط دار الفكر ص‪54‬‬

‫‪www. alukah. net ‬‬


‫األخالق اإلسالمية وأمهيتها للحياة اإلنسانية‬
‫‪www. alukah. net ‬‬

‫وزع هانئ السالح على املقاتلني‪ ،‬فلما أصبحوا‪ ،‬أقبلت األعاجم ومعهم اجلنود واألفيال عليها‬
‫األساورة‪ ،‬وقطع سبعمائة رجل من شيبان أيدي أقبيتهم من مناكبها‪ ،‬لتخف أيديهم لضرب السيوف‪.‬‬
‫وقف اجليش ان متق ابلني‪ ،‬فخ رج أس وار من األع اجم يف أذنيه درت ان من كتيبة اهلامرز يتح دى‬
‫للمبارزة‪ ،‬فخرج له يزيد بن احلارث‪ ،‬فشد عليه بالرمح فطعنه‪ ،‬ودق صلبه وأخذ حليته وسالحه‪.‬‬
‫محي اهلامرز فخرج بنفسه يدعو إىل املبارزة‪ ،‬فخرج إليه احلوفزان فقتله‪.‬‬
‫مث نصب اجليش الع ريب كميناً‪ . . .‬ومحل كل فريق على من يقابله‪ ،‬وخ رج الكمني فشد على‬
‫قلب اجليش الفارسي‪ ،‬وفرت إياد منضمة إىل اجليش العريب‪ ،‬فاهنزم الفرس‪ ،‬وتبعتهم بكر وأحالفهم من‬
‫العرب‪ ،‬يقتلوهنم بقية يومهم وليلتهم حىت أصبحوا من الغد‪ ،‬فقال رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم عن‬
‫يوم ذي قار‪:‬‬
‫"هذا أول يوم انتصف فيه العرب من العجم ويب نُصروا"‪.‬‬
‫اليمن‪:‬‬
‫أهل حضارة وجيوش منظمة‪ ،‬ولكنهم ابتلوا أيض اً بالاستعمار احلبشي‪ ،‬مث بالاستعمار الفارسي‪،‬‬
‫إىل أن جاء اإلسالم فحررهم من الفرس‪ ،‬وأسلم ملكهم (باذان) وأسلم معه الفرس‪.‬‬
‫كانت األمة العربية اإلسالمية‪ ،‬أرقى ُخُلًقا من اإلمرباطوريتني الرومانية والفارسية‪ ،‬وقد استطاعت القوة‬
‫اإلس المية الفتية أن تقضي على ه اتني ال دولتني يف وقت واحـد‪ ،‬وك ان من رعايا ه اتني ال دولتني َمن‬
‫يساعد الفاتح اجلديد‪ ،‬كما فعل يوليان حاكم ( سبتة ) يف مشال أفريقيا ملا ساعد طارق بن زياد على‬
‫فتح األندلس‪ ،‬إذ قدم إليه السفن واملؤن‪ . . .‬وكما فعل كثري من شعوب الشرق يف تسهيل مهمة الفتح‬
‫حملمد بن القاسم يف فتح الس ند‪ ،‬ولقتيبة بن مس لم يف فتح الش رق إىل أن وصل إىل الص ني‪.‬‬
‫كانت الفتاة يف تلك البالد‪ ،‬ختاف على عفتها من أبيها‪ ،‬وال ختاف من هذا الفارس الفاتح‪ ،‬ألنه يتمتع‬
‫أيضا كان له أخالق صاحبه‪.‬‬ ‫باألخالق‪ ،‬وإن سيفه ً‬
‫عهد البشرية قبل اإلسالم؛ أن اجليش الفاتح يفعل يف البلدان املفتوحة األفاعيل‪ ،‬من سفك الدم‬
‫وشرب اخلمر واغتصاب النساء واحلرق والتدمري واإلبادة‪. . .‬‬
‫غريا وال ش يخا‬
‫طفال ص ً‬‫بينما يوصي القائد املس لم جيشه‪ ،‬قبل أن ينطلق إىل القت ال‪ :‬ال تقتل وا ً‬
‫كب رياً وال ام رأة‪ ،‬وال تقطع وا ش جرة وال ت ذحبوا ش اة وال بع رياً إال ملأكل ة‪.‬‬
‫فقال غوستاف لوبون املؤرخ الفرنسي الشهري‪:‬‬
‫" ما عرف التاريخ فاحتاً أرحم من العرب"‬
‫هذه هي األخالق اإلسالمية يف املواقف احلربية‪.‬‬

‫‪www. alukah. net ‬‬


‫األخالق اإلسالمية وأمهيتها للحياة اإلنسانية‬
‫‪www. alukah. net ‬‬

‫نُقلةٌ بعيدة‬
‫الته‪ :‬؟‬ ‫رب حلمل رس‬ ‫ار اهلل الع‬ ‫ملاذا اخت‬
‫ة‪:‬‬ ‫باباً ثالث‬ ‫دد يف ذلك أس‬ ‫نع‬
‫رين مها‪:‬‬ ‫امل حمكومة بإص‬ ‫عوب الع‬ ‫انت ش‬ ‫ك‬
‫اكم‪.‬‬ ‫وع للح‬ ‫‪1‬ـ اخلض‬
‫رتدي اخللقي‪.‬‬ ‫‪2‬ـ وال‬
‫فك ان الع ريب يف ص حرائه عزي زاً مل خيضع حلاكم‪ ،‬وك انت لديه أخالق كرمية متمها اإلس الم‪.‬‬
‫‪3‬ـ وأمر ثالث تفرد به اجملتمع العريب هو الفصاحة والبالغة‪.‬‬
‫فاخت ار اهلل تع اىل اللغة العربية لتك ون لغة بيانه وتش ريعاته ورس الته للن اس كاف ة‪.‬‬
‫كانت هذه النقلة البعيدة فتحاً للعرب وللعامل أمجع‪.‬‬
‫ولقد وصل اإلس الم إىل أندنوس يا‪ ،‬ومل يصل إليها س يف واح د‪ ،‬إمنا ك ان التج ار ال ذين انطلق وا من‬
‫اجلزيرة العربية بأخالقهم ومعاملتهم قد ملكوا القلوب‪ ،‬فأحبهم الناس وفتحوا قلوهبم هلذا الدين طائعني‪.‬‬
‫لقد كانت األخالق اإلسالمية تفتح القلوب والبلدان‪ ،‬قبل أن تصل إليها السيوف‪.‬‬
‫ا‪:‬‬ ‫المية وأمهيته‬ ‫مكانة األخالق اإلس‬
‫( إن األخالق اإلسالمية متيز بني سلوكني؛ أحدمها حيقق اخلري‪ ،‬وثانيهما جينب الشر‪.‬‬
‫ان‪:‬‬ ‫ان مهمت‬ ‫المية وظيفت‬ ‫ولألخالق اإلس‬
‫أوالمها‪ :‬املعرفة‪.‬‬
‫ة‪.‬‬ ‫ة‪ :‬الرتبي‬ ‫والثاني‬
‫وغاية األخالق اإلسالمية هي الوصول إىل حتقيق السعادة‪ ،‬واألخالق هي الطريق إىل السعادة)(‪.)1‬‬
‫الم‪:‬‬ ‫مكانة األخالق يف اإلس‬
‫لقد ك انت األخالق يف نظر الفالس فة اليون ان وغ ريهم‪ ،‬آراء نظري ة‪ ،‬مبع ىن‪ ،‬أهنا ك انت يف ح يز‬
‫ر‪.‬‬ ‫واب‪ ،‬ومعرفة اخلري‪ ،‬من الش‬ ‫د‪ ،‬بني اخلطأ والص‬ ‫احلوارات‪ ،‬والنق‬
‫بينما األخالق يف اإلسالم‪ ،‬علم ومعرفة وتطبيق وثواب وعقاب يف الدنيا ويف اآلخرة يوم القيامة قال‬
‫تعاىل ( إن األبرار لفي نعيم وإن الفجار لفي جحيم ) االنفطار ‪ 13‬و ‪ 14‬وقال صلى اهلل عليه وسلم (‬
‫املس لم من س لم املس لمون من لس انه وي ده)‪ ،‬والس بب يف اهتم ام اإلس الم ب األخالق ه ذا االهتم ام كله‬
‫هو‪ ،‬أن األخالق اإلسالمية‪ ،‬حمور احلياة وعمودها الفقري‪ ،‬وهي أمر ال بد منه لدوام احلياة االجتماعية‬

‫(‪ )1‬علم األخالق اإلسالمية أ‪ .‬د‪ .‬مقداد يلجن ط‪ 2‬ص ‪ 102‬ـ ‪106‬‬

‫‪www. alukah. net ‬‬


‫األخالق اإلسالمية وأمهيتها للحياة اإلنسانية‬
‫‪www. alukah. net ‬‬

‫وتقدمها من الناحية املادية واملعنوية )‪.‬‬


‫ات‪.‬‬ ‫ولكن لألخالق حتديات وآف‬
‫وأهم آف ات األخالق وحتدياهتا‪ ،‬أم ران مها‪ :‬اهلوى والتقليد األعمى‪ ،‬وه ذا ما ك ان عليه كل ش عب من‬
‫الش عوب القدمية ج اءهتم رس لهم خبلع األوث ان واإلق رار بوحدانية اهلل‪ ،‬فك ان ج واهبم ما ج اء يف الق رآن‬
‫الكرمي ( وإذا قيل هلم اتبعوا ما أنزل اهلل قالوا بل نتبع ما ألفينا عليه آباءنا َأو لو كان آباؤهم ال يعقلون‬
‫شيئاً وال يهتدون) البقرة ‪.170‬‬
‫الرسل قدوة هلداية البشر‪:‬‬
‫ليبص روهم طريق اخلري‬
‫إن اهلل سبحانه وتعاىل خلق اخللق‪ ،‬ومل يرتكهم ألنفسهم بل أرسل إليهم الرسل ِّ‬
‫فيتبعوه‪ ،‬وطريق الشر فيجتنبوه‪ ،‬والعاقل يعرف بفطرته اخلري من الشر‪ ( ،‬ولكن الناس ال يستطيعون أن‬
‫يتوصلوا إىل معرفة الفضائل اإلنسانية والكماالت اخللقية كلها‪ ،‬وهذا يكشف لنا حاجة الناس إىل رسل‬
‫من عند اهلل معلمني ومبشرين ومنذرين‪ ،‬ولذلك أرسل هلم الرسل حبكمته‪ ،‬فلم يبق هلم عذر به يعتذرون‬
‫)(‪.)1‬‬
‫وقد جاءت الرسل لتطبق األوامر اإلهلية والنواهي‪ ،‬ومهمة الرسل هي إجياد اجملتمع الفاضل‪ .‬هذا اجملتمع‬
‫الذي مل تستطع فلسفات العامل على مر التاريخ من إجياده بالعقل‪ ،‬بل وجد بالشرع نزلت التشريعات‬
‫لتنظم حياة البشر وفق منهاج اهلل تعاىل‪ ،‬وكانت رسل اهلل القدوة املثلى لألخالق ( فاإلنسان ال يستطيع‬
‫أن يستغين عن مثل أعلى يف سلوكه‪ ،‬وال ميكن أن يتصور املرء إنساناً يعيش بال ضمري حياسبه إذا أخطأ‬
‫ر )(‪.)1‬‬ ‫ادى يف الش‬ ‫أ ومت‬ ‫تمر يف اخلط‬ ‫ه إذا اس‬
‫ويلوم‬
‫رية‪:‬‬ ‫دواء البش‬
‫بعد أن عرفنا الداء‪ ،‬نريد أن نعرف الدواء‪.‬‬
‫لق د‪ ،‬س حقت احلض ارة الغربية املادية األخالق‪ ،‬نعم لقد أعطت احلض ارة احلديثة الكثري من وس ائل‬
‫الرتف‪ ،‬ولكنها سلبت أكثر مما أعطت؛ سلبت اإلنسان الراحة والاستقرار النفسي حىت مسي هذا العصر‬
‫بعصر القلق‪.‬‬
‫كما تخلت احلضارة املعاصرة‪ ،‬عن شرف العهد وصدق الكلمة‪ ،‬وحتولت العالقات من املبادئ‬
‫إىل املص احل‪ ،‬فالع امل الي وم حباجة ماسة إىل األخالق‪ ،‬واملس لم هو ص احبها ورائ دها وقائ دها وهو م دعو‬
‫لقا يعايش النفس فتنعم بالطمأنينة بعد الرعب واخلوف‪،‬‬
‫إىل أن يسعد البشرية بتقدميها إىل اإلنسانية؛ ُخ ً‬

‫(‪ )1‬الثقافة اإلسالمية‪ :‬للشيخ عبد الرمحن حبنكه والشيخ حممد الغزايل ط ‪ 1430‬ص ‪.84‬‬
‫(‪ )1‬األخالق يف اإلسالم د‪ .‬إميان عبد املؤمن سعد الدين ط ‪ 1428 .4‬ص ‪.36‬‬

‫‪www. alukah. net ‬‬


‫األخالق اإلسالمية وأمهيتها للحياة اإلنسانية‬
‫‪www. alukah. net ‬‬

‫وتنعم بالسالم يف ظلال اإلسالم‪ ،‬وليكن البدء من النقطة األوىل من الفرد‪.‬‬


‫رة‪:‬‬ ‫رد واألس‬ ‫دأ من الف‬ ‫اجع هو أن نب‬ ‫دواء الن‬ ‫وال‬
‫األب يف البيت قدوة‪ ،‬فإذا كان صاحلاً صلحت األسرة والعكس صحيح أيضاً‪ ،‬تصور أن والداً يتعاطى‬
‫الدخان أو اخلمر‪ ،‬أو أنه ال يصلي‪ ،‬فكيف تكون حال أسرته؟ يقول اهلل تعاىل ( يا أيها الذين آمنوا قوا‬
‫أنفسكم وأهليكم ناراً وقودها الناس واحلجارة )التحرمي ‪6‬‬
‫واألم‪ ،‬هلا دور كبري يف حي اة اجملتمع ات البش رية‪ ،‬فهي نصف اجملتم ع‪ ،‬وهي املعلم للطفل قبل أن يتوجه‬
‫إىل املدرسة‪ ،‬فإذا كانت األم واعية‪ ،‬قد ربيت على األخالق وجد البيت السعيد‪.‬‬
‫واألوالد‪ ،‬هم ال رباعم اليت متد اجملتمع مبواص لة احلي اة ف إذا ترب وا يف بيت ص احل‪ ،‬وجد اجملتمع الص احل‬
‫ع‪.‬‬ ‫رة هي احللقة األوىل يف اجملتم‬ ‫غري‪ ،‬فاألس‬ ‫الص‬
‫رد‬ ‫دءاً من الف‬ ‫ع‪ ،‬ب‬ ‫الم على األخالق التكاملية يف اجملتم‬ ‫رص اإلس‬ ‫ح‬
‫مث احلي‪:‬‬
‫وقد جعل اإلس الم اجتم اع احلي يف كل ي وم مخس م رات يف املس جد‪ ،‬يتفقد املص لون أح وال بعض هم‬
‫اً‪.‬‬ ‫بعض‬
‫ة‪.‬‬ ‫الة اجلمع‬ ‫اع يف ص‬ ‫بوع هلم اجتم‬ ‫ويف كل أس‬
‫ة‪:‬‬ ‫مث املدين‬
‫ويف العام اجتماعان للمدينة الواحدة‪ ،‬يف عيد الفطر اجتماع ويف عيد األضحى‪.‬‬
‫األمة اإلسالمية‪:‬‬
‫وجعل اهلل تعاىل لألمة اإلسالمية يف كل عام اجتماعاً هلم يف احلج‪ ،‬جيتمع فيه املسلمون من كل اللغات‬
‫وكل األجناس واألعراق فتزول الفوارق قال اهلل تعاىل ( إن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعب دون)‬
‫األنبياء ‪92‬وقال ( إن أكرمكم عند اهلل أتقاكم) احلجرات ‪.13‬‬
‫يف العصر احلديث‪ ،‬مزق الكفار األمة اإلسالمية إىل أقطار‪ ،‬فمن واجب املسلمني يف أمتهم أن يتحدوا‬
‫بأن يعمل وا على توحيد الثقافة املشرتكة بني ه ذه األقط ار‪ ،‬وأن يس تبعدوا عن عق ول اجليل‪ ،‬كل ما من‬
‫ش أنه أن يل وث ه ذه العق ول‪ ،‬من خراف ات وب دع وش رك وثقافة غربية ال تتناسب مع أخالق اإلس الم‬
‫وقيمه كخط وة أوىل‪ ،‬مث يوح دوا ه ذه األقط ار لتع ود أمتنا أمة واح دة‪.‬‬
‫ميكن أن تكون اللغة العربية اللغة الرمسية الثانية يف تلك األقٌطار‪ ،‬ألهنا لغة القرآن الكرمي‪ ،‬الذي يتعبد هبا‬
‫املسلمون يف العامل أمجع‪ ،‬وفيها العقيدة واألخالق القرآنية والثقافة اإلسالمية‪ ،‬وصوالً إىل اجملتمع املسلم‬
‫د‪.‬‬ ‫املوح‬

‫‪www. alukah. net ‬‬


‫األخالق اإلسالمية وأمهيتها للحياة اإلنسانية‬
‫‪www. alukah. net ‬‬

‫رب‪:‬‬ ‫حنن والغ‬


‫إذا س ألنا أنفس نا ه ذا الس ؤال‪ :‬أال ميكن لألخالق اإلس المية أن تس اعد الغ رب على االرتف اع به من‬
‫اخللقي؟‬ ‫احنطاطه‬
‫اجلواب‪ :‬طبع اً ميكن‪ ،‬بل هذه رسالة اإلسالم‪ ،‬جاءت للعامل كله قال اهلل تعاىل ( وما أرسلناك إال رمحة‬
‫اء ‪.107‬‬ ‫املني) األنبي‬ ‫للع‬
‫إن الغ رب فقد ش يئاً عزي زاً ج داً‪ ،‬يتمثل ه ذا الف ْق ُد يف نقط تني‪ ،‬مها س بب اهني اره‪:‬‬
‫ع‪:‬‬ ‫‪1‬ـ يلهث وراء اجملتم‬
‫إذا ك ثر اخلبث يف اجملتمع الغ ريب يص بح مباح اً‪ ،‬ك اخلمر؛ ك ثر ش اربوه‪ ،‬ف أبيح‪ .‬وال زىن ك ذلك‪.‬‬
‫‪2‬ـ والنقطة الثانية‪:‬‬
‫أن الغ رب ض رب مركز األس رة فتفتت اجملتم ع‪ ،‬وك ثر األوالد غري الش رعيني‪ ،‬وازدادت اجلرمية‪. . .‬‬
‫األخالق اإلسالمية ثابتة‪ ،‬إذا كثر اخلبث ال يباح‪ ،‬بل تعمل على إبطال املفاسد‪ ،‬وتطهري اجملتمع منها‪.‬‬
‫فالواجب على اجملتمع املسلم‪ ،‬أن يلفت نظر الغرب إىل وجوب سن القوانني اليت حتفظ سالمة اجملتمع‬
‫من املفاسد اليت خنرت يف عظمه‪ ،‬وأن تكون هذه القوانني ثابتة‪ ،‬وأن يعيد إىل األسرة وحدهتا وترابطها‬
‫بإعطاء األب حق القوامة على األوالد بقوة القانون‪ ،‬والقانون يعاقب الولد العاق إذا خرج على سلطة‬
‫األب‪.‬‬
‫ف األخالق اإلس المية ق ادرة على إنق اذ البش رية ب إذن اهلل تع اىل من ال رتدي يف محأة الرذيل ة‪ ،‬اليت تنشر‬
‫األم راض املادية واملعنوي ة‪ ،‬حىت تص بح خ رية فاض لة تنعم بالص حة والس عادة والس الم‪ ،‬وتش ارك يف بن اء‬
‫احلي اة اإلنس انية الس عيدة‪ ،‬وذلك إذا طبقناها حنن املس لمني على أنفس نا وعلى حياتن ا‪.‬‬

‫تطبيقاتـ‬
‫‪1‬ـ ملاذا اعتقد الرومان أن من حقهم أن يسودوا العامل؟‬
‫‪2‬ـ ما الذي دعا إليه ( ماين) يف الدولة الفارسية؟‬
‫‪3‬ـ ماذا يعين تتميم األخالق يف احلديث الشريف‪:‬‬

‫‪www. alukah. net ‬‬


‫األخالق اإلسالمية وأمهيتها للحياة اإلنسانية‬
‫‪www. alukah. net ‬‬

‫( إمنا بعثت ألمتم مكارم األخالق)؟‬


‫‪4‬ـ اختار اهلل تعاىل العرب حلمل رسالته ألسباب‪ ،‬فما هي؟‬
‫‪5‬ـ ملاذا كان بعض الشعوب تساعد املسلمني أن يفتحوا‬
‫بالدهم؟‬
‫‪6‬ـ األخالق اإلسالمية متيز بني سلوكني‪ ،‬فما مها؟‬
‫‪7‬ـ لألخالق اإلسالمية وظيفتان‪ ،‬فما مها؟‬
‫‪8‬ـ ما غاية األخالق اإلسالمية؟‬
‫‪9‬ـ ما مكانة األخالق اإلسالمية يف احلياة؟‬
‫‪ 10‬ـ لألخالق اإلسالمية حتديات وأفات تعرتض طريقها‪،‬‬
‫فما أمهها؟‬
‫‪ 11‬ـ هل يستغين اإلنسان يف حياته املثل األعلى؟‬
‫‪ 12‬ـ هل وجد اجملتمع الفاضل بالعقل أم بالشرع؟‬
‫‪ 13‬ـ فقد الغرب شيئاً عزيزاً يتمثل يف قضيتني‪ ،‬فما مها؟‬
‫‪ 14‬ـ هل ميكن لألخالق اإلسالمية أن تساعد الغرب على‬
‫االرتفاع باألخالق؟‬
‫‪15‬ـ مىت تكون األخالق اإلسالمية قادرة على إنقاذ احلياة اإلنسانية؟‪.‬‬

‫‪www. alukah. net ‬‬


‫األخالق اإلسالمية وأمهيتها للحياة اإلنسانية‬
‫‪www. alukah. net ‬‬

‫خصائص األخالق في اإلسالم‬


‫اء‪:‬‬ ‫دأ العط‬ ‫وم على مب‬ ‫المية تق‬ ‫األخالق اإلس‬ ‫‪1‬ـ‬
‫األخالق اإلسالمية أرحيية‪ ،‬ينكر املسلم ذاته وحظ نفسه يف سبيل اآلخرين‪ ،‬وقد أطلعنا القرآن الكرمي‬
‫على عينات رائعة من مناذج ليست مقصورة على أفراد‪ ،‬بل أصبحت صفة اجليل املسلم حيث قال اهلل‬
‫يف كتابه الكرمي‪:‬‬
‫"ويؤثرون على أنفسهم ولو كان هبم خصاصة" احلشر‪9 :‬‬
‫ويق ول تب ارك وتع اىل‪ " :‬ويطعم ون الطع ام على حبه مس كيناً ويتيماً وأس رياً إمنا نطعمكم لوجه‬
‫اهلل ال نريد منكم جزاء وال شكوراً " اإلنسان‪.9 :‬‬
‫ات‪ ،‬فلما ه اجر الرس ول من مكة املكرمة‪،‬‬ ‫لقد ضرب املسلمون أروع األمثلة يف العط اء أف راداً ومجاع ٍ‬
‫إىل املدينة املنورة وآخى بني املهاجرين واألنصار‪ ،‬كان األنصاري يشاطر أخاه املهاجر بنصف ماله‪.‬‬
‫ويف معركة الريموك‪ ،‬يقول حذيفة العدوي‪:‬‬
‫خرجت عصر يوم الريموك‪ ،‬ألتمس ابن عم يل بني اجلرحى‪ ،‬ومعي سقاء‪ ،‬فمررت بني القتلى فسمعت‬
‫صوت جريح يقول‪ :‬ماء‪ ،‬دنوت منه ألسقيه فإذا هوابن عمي‪ ،‬قربت من فمه الماء‪ ،‬فسمع صوت جريح‬
‫إىل جانبه يقول‪ :‬ماء‪ .‬فأشار إيل أن اسق ذاك اجلريح‪ ،‬فذهبت إليه فإذا هو هشام بن العاص‪ ،‬قربت من‬
‫فمه املاء‪ ،‬فس مع ص وت ج ريح قربه يق ول‪ :‬م اء‪ ،‬فأش ار إلي ه‪ ،‬ف ذهبت إلي ه‪ ،‬إذا هو عكرمة‪ ،‬وإذا هو قد‬
‫مات‪ ،‬عدت إىل هشام‪ ،‬فإذا هو قد مات‪ ،‬عدت إىل ابن عمي فإذا هو قد مات‪.‬‬
‫الفلسفات القدمية‪ ،‬والسيما الفلسفة اليونانية‪،‬‬
‫كانت تصوغ احلياة وفق اً ملا يراه عقل فالسفتهم؛ أرسطو وأفالطون وسقراط‪ . . .‬وقد كانت‬
‫السعادة يف رأي هذه الفلسفة تعين اللذة‪ ،‬وعلى هذه النظرة سارت احلضارة الرومانية‪ ،‬وقد ورثت هذه‬
‫النظرة احلضارة الغربية‪.‬‬
‫( يف احلض ارة الغربية احلديثة‪ ،‬س يطرت املادة على كل ش يء‪ ،‬فأص بح حتص يل املن افع الدنيوية اهلدف‬
‫األمسى‪ ،‬والغاية اليت تسوغ الوسيلة‪ ،‬فالقيم األخالقية ليس هلا أساس روحي‪ ،‬بل تتبع يف مضموهنا حتقيق‬
‫األرب اح‪ ،‬ول ذلك جند أن األخالق ليست ثابتة‪ ،‬بل تتغري تبع اً للمن افع واملكاسب الدنيوي ة‪ ،‬وحيل حملها‬
‫نظري ات وقيم جدي دة‪ ،‬ول ذلك جند أن الغ رب إذا اهتم ببعض األخالق والفض ائل‪ ،‬إمنا يهتم هبا لجلب‬
‫املكاسب‪ ،‬كاألمانة يف التجارة‪ ،‬والاهتمام بالوقت‪ ،‬والانضباط يف العمل‪ ،‬وال يعري أمهية للقيم األخالقية‬
‫الشخص ية والاجتماعية‪ ،‬كالعفة والش رف واحلي اء واإلخالص وبر الوال دين وحق وق األس رة‪. . .‬‬
‫فاإلنسان يف احلياة املادية ال يهتم إال بتحقيق الثراء املادي‪.‬‬

‫‪www. alukah. net ‬‬


‫األخالق اإلسالمية وأمهيتها للحياة اإلنسانية‬
‫‪www. alukah. net ‬‬

‫من هنا جاء فساد احلضارة الغربي ة‪ ،‬وانفصاهلا الكامل عن األخالق على مستوى العالقات بني الدول‪،‬‬
‫أو على مستوى العالقات بني األفراد)(‪.)1‬‬
‫فندقا‪ ،‬وجاءت ه‬
‫رجال ميلك ً‬ ‫إنك تسمع يف احلضارة الغربية قصصاً تكاد ال تصدق‪ .‬من ذلك‪ :‬أن ً‬
‫أمه من مدينة أخ رى ت زوره بعد عش رين عام اً من غياهبما عن بعض هما‪ ،‬ن زلت يف فن دق ول دها‪ ،‬وبعد‬
‫عدة أيام غادرت ولكن بعد أن دفعت فاتورة الطعام واملبيت‪.‬‬
‫ويف األسرة الغربية‪ ،‬يدفع الشاب أو الشابة مثن الطعام واملبيت‪ ،‬يف بيت والديهما‪ ،‬إذا بلغ أحدمها السن‬
‫القانونية وإال فهما معرضان للطرد‪ ،‬ولك أن تتصور املصري الغامض الذي ينتظر هذا اجليل …‬
‫هذه عيِّنة من أخالقيات تلك احلضارة‪ ،‬عدا عن أهنا حضارة تفتح األبواب على مصراعيها أمام اجلرمية‪،‬‬
‫ا‪.‬‬ ‫وانني حلمايته‬ ‫رياً ما تسن الق‬ ‫ل‪ ،‬كث‬ ‫ب‬
‫فاحلض ارة الغربية تق وم على مب دأ األخ ذ‪ ،‬واحلض ارة اإلس المية تق وم على مب دأ العط اء‪ .‬ولك أن ت درك‬
‫الفرق بني احلضارتني‪ ،‬حضارة األخذ مهددة بالفناء‪ ،‬وحضارة العطاء‪ ،‬مرشحة للبقاء‪.‬‬
‫‪2‬ـ واخلاصية الثانية من خصائص األخالق اإلسالمية‪:‬‬
‫الو ـسـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــطية‪:‬ـ‬
‫وهي قسمان‪:‬‬
‫أ ـ الوسطية يف املعتقد‪.‬‬
‫ب ـ الوسطية يف السلوك‪.‬‬
‫أ ـ وسطية املعتقد‪:‬‬

‫( جاء يف شرح الفقه األكرب‪ ،‬لإلمام أيب منصور املاتريدي قال اإلمام أبو حنيفة‪ :‬اخلَلق؛ فعل اهلل‪ ،‬وهو‬
‫إح داث االس تطاعة يف العب د‪ ،‬واس تعمال االس تطاعة‪ ،‬فعل العبد حقيقة ال جمازاً‪ ،‬فس لِموا ب ذلك من‬
‫ذهب اجلربية‬ ‫القدرية وم‬
‫وق ال‪ :‬إن االس تطاعة اليت يعمل هبا العبد املعص ية‪ ،‬هي بعينها تص لح لعمل الطاع ة‪ ،‬وهو مع اقب على‬
‫ص رف االس تطاعة اليت أح دثها اهلل في ه‪ ،‬وأم ره ب أن يس تعملها يف الطاعة ال يف املعص ية‪ ،‬فص رفها إىل‬
‫املعصية ) (‪.)1‬‬
‫ب ـ وسطية السلوك‪:‬‬

‫(‪ )1‬املوسوعة اجلامعة يف األخالق اآلداب ص‪23‬‬


‫(‪ )1‬الثقافة اإلسالمية‪ .‬للشيخ عبد الرمحن حبنكه والشيخ حممد الغزايل ط ‪ 1430‬ص ‪.110‬‬

‫‪www. alukah. net ‬‬


‫األخالق اإلسالمية وأمهيتها للحياة اإلنسانية‬
‫‪www. alukah. net ‬‬

‫ولإلسالم خصائص متيز هبا عن أخالقيات الديانتني اليهودية والنصرانية‪ ،‬وعن باقي الديانات‬
‫الوضعية‪ ،‬جاء اإلسالم بالوسطية‪ ،‬وهي فضيلة بني رذيلتني؛ بني تطرف املادة اليهودية‪ ،‬حىت إهنم عبدوا‬
‫املال‪ ،‬وعب ادة املال مل تع رف يف ش عوب األرض إال عند اليه ود‪ ،‬واحتق روا ال روح والقيم واألخالق‬
‫الفاضلة‪ ،‬كالصدق والوفاء بالعهد واحملافظة على الشرف‪ ،‬لقد ضرب اليهود هذه القيم وغريها من القيم‬
‫السامية ُعرض احلائط‪ ،‬فإن تكلموا كذبوا‪ ،‬وإن عاهدوا غدروا‪.‬‬
‫أما النص رانية؛ فإهنا أوج دت الرهبانية بص فتها رد فعل على املادية اليهودي ة‪ ،‬فالرهبنة مل تتعلق‬
‫بعب ادة املال‪ ،‬وإمنا تركز على تطهري اجلس د‪ ،‬ل رتتقي ال روح ب األخالق كما يزعم ون‪ ،‬ول ذلك حيرم على‬
‫ال راهب والراهبة ال زواج وه ذا تنكر ملتطلب ات اجلسد الفطري ة‪ ،‬ف الزواج تلبية حاج ات اجلسد اجلس مية‬
‫الغريزية عن طريق مش روع‪ .‬لقد وقع الرهب ان يف مفارقة خط رية؛ حيث إهنم يف الظ اهر ال ي تزوجون‪،‬‬
‫ولكنهم يف حقيقة األمر يصرفون هذه الطاقة عن طريق ال يدرى كنهها‪.‬‬
‫ج اء اإلس الم بالوس طية‪ ،‬ف أعطى اجلسم حقه من املتطلب ات الفطرية الغريزي ة‪ ،‬كأكل الطيب ات‬
‫احلالل؛ لقد حرم اإلسالم كل ما هو فاسد‪ ،‬وأحل كل ما هو طيب‪.‬‬
‫ج اء اإلس الم بالوس طية يف كل ش يء‪ ،‬يف معاملة اإلنس ان ربه و مع نفس ه‪ ،‬ويف معاملته من‬
‫الناس‪.‬‬
‫حرم اإلسالم التطرف حىت يف العبادة‪ ،‬فال غلو يف الدين‪ ،‬كما يف خرب ثالثة النفر الذين هجروا‬
‫الراحة فقال واحد منهم‪ :‬أنا أصلي وال أنام‪ ،‬وقال اآلخر‪ :‬أنا أصوم وال أفطر وقال الثالث‪ :‬أنا ال أتزوج‬
‫النساء‪.‬‬
‫فلما مسع هبم رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم أنكر هذا السلوك‪ ،‬ألنه خمالف للفطرة فقال‪ ( :‬أنا‬
‫أصلي وأنام‪ ،‬وأصوم وأفطر‪ ،‬وأتزوج النساء‪ ،‬فمن رغب عن سنيت فليس مين )‪.‬‬
‫الزواج س نة األنبي اء‪ ،‬ف إذا اعتق دت بعض املذاهب الفلس فية إمكانية االس تغناء عن ال زواج‬ ‫ف ِّ‬
‫كالرهبان وأمثاهلم فهذا تطرف‪ ،‬والتطرف مرض نفسي‪ ،‬بل رمبا غاىل بعض أصحاب هذه املذاهب يف‬
‫ذلك‪ ،‬ك الفكرة اليت تبناها أبو العالء املع ري‪ ،‬ومسي ش اعر الفالس فة وفيلس وف الش عراء إذ أض رب عن‬
‫الزواج‪ ،‬بل عد الزواج نوعاً من أنواع اجلنايات؛ فقد أوصى أن يكتب على قربه‪:‬‬
‫( هذا جناه أيب علي وما جنيت على أحد )‬

‫‪www. alukah. net ‬‬


‫األخالق اإلسالمية وأمهيتها للحياة اإلنسانية‬
‫‪www. alukah. net ‬‬

‫وقال يف لزومياته‪:‬‬
‫القين‬ ‫دين ف‬ ‫ريض العقل وال‬ ‫دوت م‬
‫َ‬ ‫غ‬

‫لتسمع أنباء األمور الصحائح‬


‫تأكلن ما أنبت املاء ظاملاً‬
‫ْ‬ ‫فال‬
‫وال تبغ قوتاً من غريض الذبائح‬
‫ضرب النحل الذي بكرت له‬ ‫ودع َ‬
‫كواسب من أزهار نبت فوائح‬
‫أصيب باجلدري ففقد بصره وهو ابن أربع سنني‪ ،‬مث لزم بيته بعد أن سافر إىل بغداد فزادت شكوكه‬
‫الفلسفية‪ ،‬وظل يف بيته ال خيرج منه مخسني عام اً‪ ،‬ومسي ) رهني احملبسني ) بل هو رهني حمابس ثالثة‪،‬‬
‫كما صرح هو بذلك يف شعره‪:‬‬
‫ُأراين يف الثالثة من سجوين‬
‫فال تسأل عن اخلرب النبيث‬
‫لفقدي ناظري ولزوم بييت‬
‫وكون النفس يف اجلسم اخلبيث‬

‫فلسفة كهذه‪ ،‬هل تصلح أن تكون منهج حياة لإلنسانية؟‬


‫الفلس فة عمل عقلي‪ ،‬وهلذا ض لت الرتبية اليوناني ة‪ ،‬ألهنا اعتم دت على العق ل‪ ،‬وقد ج اءت ش ريعة اهلل‬
‫لإلنسان‪ ،‬وبينت له طريق اخلري‪ ،‬ليسلكه ليسعد يف دنياه وآخرته‪ ،‬كما بينت له طريق الشر ليجتنبه حىت‬
‫ال يضل وال يشقى‪ .‬كان الصحابة الكرام يسألون الرسول صلى اهلل عليه وسلم عن اخلري‪ ،‬وكان حذيفة‬
‫بن اليمان رضي اهلل عنهما‪ ،‬يسأله عن الشر‪ ،‬كانوا حريصني على إرضاء اهلل تعاىل بالبعد عن التطرف‪.‬‬
‫فاإلسالم دين الوسطية قال اهلل تعاىل‬
‫( وكذلك جعلناكم أمة وسطاً ) البقرة ‪.143‬‬
‫‪-3‬الغريية‪:‬‬
‫الغريية‪ :‬هي حب اآلخرين‪ ،‬وأعلى مقاماهتا‪ :‬اإليثار‪.‬‬
‫ار‪.‬‬ ‫اذج عليا من اإليث‬ ‫المي حافل بنم‬ ‫وتارخينا اإلس‬
‫يف حروب الردة استفحل أمر مسيلمة الك ذاب‪ ،‬فانربى له الص ديق رضي اهلل عنه‪ ،‬ورم اه بسيف اهلل‬
‫خالد بن الوليد رضي اهلل عنه‪ ،‬ولقي الصحابة من مسيلمة األهوال وقتل من حفاظ القرآن الكثري‪ ،‬حىت‬

‫‪www. alukah. net ‬‬


‫األخالق اإلسالمية وأمهيتها للحياة اإلنسانية‬
‫‪www. alukah. net ‬‬

‫خيف من ض ياع الق رآن بفقد حفاظ ه‪ ،‬وه ذا ما نبه الص ديق رضي اهلل عنه إىل مجع الق رآن الك رمي‪ ،‬ويف‬
‫أثن اء املعركة ن ادى خالد جبيشه كلمة واح دة‪ ،‬قلبت م يزان الق وى لص احل املس لمني إذ ص اح جبيش ه‪:‬‬
‫(متيزوا) فانضم امله اجرون إىل امله اجرين‪ ،‬واألنص ار إىل األنص ار‪ ،‬وقاتل كل قبيل حتت رايت ه‪ ،‬حىت إذا‬
‫انكشفت راية عرف أصحاهبا‪ ،‬مما أجلأ مسيلمة الكذاب إىل احلديقة‪ ،‬وهي اليت عرفت فيما بعد حبديقة‬
‫املوت‪ ،‬وأغلق الباب ويف داخل احلديقة املقاتلون‪ .‬وهم عشرة آالف‪ ،‬ومل يستطع املسلمون أن يتسلقوا‬
‫الس ور‪ ،‬فتق دم األسد اهلص ور ال رباء بن مالك رضي اهلل عنه وقد قتل مئة مب ارزة غري من قتلهم يف‬
‫املعرك ة‪ ،‬فق ال للص حابة‪ :‬امحل وين على ال رتس‪ ،‬على رؤوس الرم اح‪ ،‬واق ذفوين عليهم من ف وق الس ور‪،‬‬
‫ففعلوا‪ ،‬ولنتصور هذا املشهد‪:‬‬
‫عش رة آالف‪ ،‬يهبط عليهم ش يء من الس ماء‪ ،‬ال ي درون للوهلة األوىل ما ه و؟ فيتفرق ون عن ه‪،‬‬
‫وملا ارتدت نفوسهم إليهم‪ ،‬ورأوه واحداً هجموا عليه‪ ،‬إذ كان قد ألقى عليهم نفسه ليفتح الباب‪ ،‬وما‬
‫زال يض رب فيهم ويض ربونه‪ ،‬وهو يتق دم حنو الب اب حىت وصل إىل السلس لة فض رهبا بالس يف حىت‬
‫قطعه ا‪ ،‬فت دفق املس لمون إىل احلديق ة‪ ،‬وش اهدوا مس يلمة الك ذاب ي رغي ويزب د‪ ،‬وقد نفخ الش يطان يف‬
‫أوداجه وامحر وجهه‪ ،‬وكان الرباء بني املوت واحلياة‪ ،‬بل إىل املوت أقرب‪ ،‬وظل خالد يعود الرباء شهراً‬
‫أبل من جراحه‪.‬‬
‫حىت َّ‬
‫تقدم الرباء ليكون فداء للمسلمني‪ ،‬ليموت هو‪ ،‬ولتحيا عقيدته اإلسالمية‪ ،‬هذا مثل واحد عن الغريية‪.‬‬
‫وما أكثر هذه النماذج يف جمتمعنا اإلسالمي يف كل جمال من جماالت احلياة‪.‬‬
‫‪ -4‬تعميق الصفة يف نفس صاحبها وثباهتا‪:‬‬
‫وال تظهر ه ذه الص فة بش كل جلي واضح إال يف موضع االمتح ان واالختب ار ومواقف اخلط ر‪،‬‬
‫فكل أحد يدعي صفة الثبات على املبدأ‪ ،‬ولكنه إذا تعرض للفتنة يف الدين‪ ،‬لسبب من األسباب‪ ،‬فرمبا‬
‫يبيع دينه بعرض من الدنيا قليل‪.‬‬
‫يف تارخينا اإلس المي اجملي د‪ ،‬أمثلة يص عب حص رها على عمق العقي دة يف نفس ص احبها‪ ،‬أق دم‬
‫على ذلك مثاالً واحداً‪:‬‬
‫أراد هرقل أن ين ال من أتب اع حممد ص لى اهلل عليه وس لم‪ ،‬فأوقد ن اراً حامية حتت قِ در عظيم ة‪،‬‬
‫جعلت تف ور وتغلي‪ ،‬وكأهنا فهمت م راد هرق ل؛ إما أن يرتد األسري املس لم عبد اهلل بن حذافة الس همي‬
‫رضي اهلل عنه عن اإلسالم وإما أن تتلقفه هذه القدر ليصبح كاهلالم‪ ،‬وقد ساخ حلمه بعد أن انسلخ عن‬
‫عظمه‪.‬‬
‫نظر هرقل إىل األسري املس لم‪ ،‬ف رأى دموعه تس يل على خدي ه‪ ،‬وقد بللت حليت ه‪ ،‬وس الت إىل‬

‫‪www. alukah. net ‬‬


‫األخالق اإلسالمية وأمهيتها للحياة اإلنسانية‬
‫‪www. alukah. net ‬‬

‫حنره‪ ،‬ووص لت إىل ص دره‪ ،‬فق ال هرقل يف نفس ه‪ :‬وص لت إىل ما أردت‪ ،‬إن ه ؤالء األس رى عن دي‪،‬‬
‫كلهم س يفتنون عن دينهم‪ ،‬س ريتدون عن اإلس الم‪ ،‬وس يظهر اإلس الم يف نظر النص رانية عن دي مبظهر‬
‫اهلزي ل‪ ،‬س تقوى املس يحية يف نف وس بط ارقيت‪ ،‬ويض عف اإلس الم يف املدينة وما حوهلا‪ ،‬بل سيض عف يف‬
‫اجلزي رة العربية كله ا‪ ،‬ويف بل دان الع امل اليت ستس مع هبذا اخلرب الس ار‪ ،‬خرب ارت داد املس لمني عن دينهم‪،‬‬
‫ومفارقتهم دين نبيهم‪.‬‬
‫تق دم هرقل فس اله‪ :‬ملاذا تبكي؟ فق ال‪ :‬أبكي؛ ألنين علمت أن يل نفس اً واح دة‪ ،‬وقد متنيت أن‬
‫تك ون يل مئة نفس تُقتل كلها يف س بيل اهلل‪ ،‬فقبل رأس ه‪ ،‬وأطلق له مجيع األس رى‪ ،‬وملا وصل إىل املدينة‬
‫املنورة ومسع أمري املؤمنني عمر بن اخلطاب رضي اهلل عنه من عبد اهلل ما كان‪ ،‬قام فقبل رأسه‪ ،‬وقام من‬
‫ه‪.‬‬ ‫وا رأس‬ ‫يف اجمللس وقبل‬
‫وكثري من املسلمني اليوم‪ ،‬يف كثري من البلدان يف امتحان وابتالء عظيمني‪ ،‬وقد تكون الفنت مصدر خري‬
‫ال أبو متام‪:‬‬ ‫عظيم كما ق‬
‫قد ينعم اهلل بالبلوى وإن عظمت‬
‫النعم‬ ‫وم ب‬ ‫ويبتلي اهلل بعض الق‬
‫فاحملنة قد تعود على صاحبها باخلري العظيم‪ ،‬مثل ذلك الذي كان يعزف على آلة اللهو(العود) فأخذ اهلل‬
‫بص ره‪ ،‬فرجع إىل اهلل تع اىل فت اب وأن اب‪ ،‬وأحيا اهلل قلب ه‪ ،‬فحفظ الق رآن الك رمي‪ ،‬وص ار ش يخاً يتتلمذ‬
‫ري‪.‬‬ ‫على يديه الكث‬
‫وما نراه اليوم‪ ،‬من فتنة املسلمني عن دينهم يف بعض البلدان واستيقاظ الشعور اإلسالمي بوجوب حرية‬
‫العبادة واحلياة الكرمية يف ظالل اإلسالم‪ ،‬وما يتبع ذلك من انتفاضات تطيح بالظلم والظاملني‪ ،‬وما ذلك‬
‫إال لعمق ه ذه الص فة يف نف وس أص حاهبا‪ .‬إن تعميق ص فة اإلميان يف نفس ص احبه يدفعه إىل التوبة بعد‬
‫كل ذنب‪ ،‬واهلل يقبل منه‪ ،‬والتوبة تقلب املوازين يف احلي اة‪ ،‬فبعد أن يك ون املس لم يف طريق الشر‪ ،‬يع ود‬
‫إىل طريق اخلري‪ ،‬وتعميق الصفة يف نفس املسلم تورثه السعادة يف احلياة‪.‬‬
‫‪ -5‬ال تقتصر األخالق اإلس المية على معاجلة الس لوك الظ اهر‪ ،‬بل تأخذ بعني االعتب ار‪ ،‬الني ات‬
‫واملقاصد‪:‬‬
‫إن الق انون ينظر إىل الس لوك الظ اهر‪ ،‬فيحاسب علي ه‪ ،‬إن ختط اه أحد عاقب ه‪ ،‬ورمبا خيالف اإلنس ان‬
‫القانون دون أن يراه أحد‪ ،‬من سرقة‪ ،‬وشرب املسكر‪ ،‬أو اإلضرار باآلخرين لسبب ما‪ ،‬فإذا مل يضبط‬
‫املخالف جنا من العقاب يف غفلة القانون عنه‪ ،‬ورمبا حيتاج العقاب إىل شاهد يشهد على اجلرمية‪ . . .‬أو‬
‫يق وم احملامي بال دفاع عن ه‪ ،‬وقد يتح ول احلق إىل باط ل‪ ،‬والباطل إىل حق يف نظر القض اء العتب ارات‬

‫‪www. alukah. net ‬‬


‫األخالق اإلسالمية وأمهيتها للحياة اإلنسانية‬
‫‪www. alukah. net ‬‬

‫متعددة‪.‬‬
‫أما األخالق اإلسالمية‪ ،‬فشأهنا خمتلف عن القانون‪ ،‬بأهنا تراعي الظاهر من السلوك‪ ،‬والتصرفات‬
‫واألق وال واألفع ال‪ ،‬وتتع دى ذلك كله إىل الني ات والب واعث واملقاص د‪ ،‬فيك ون فعل اخلري؛ ك اجلود‬
‫ومساعدة اآلخرين والتربع باملال أو بالدم‪ ،‬وقول احلق إلنصاف مظلوم جللب خري‪ ،‬أو دفع شر‪ . .‬إن‬
‫كل ه ذه الس لوكيات يف اإلس الم‪ ،‬ال تك ون ألجل املنفعة أو الري اء والس معة أو األمل مبكاف أة مادية أو‬
‫معنوية‪ ،‬وإمنا تكون بدافع النية اخلالصة هلل تعاىل‪ .‬فالنية مناط احلكم يف األعمال كلها‪ .‬عن أمري املؤمنني‬
‫أيب حفص عمر بن اخلط اب رضي اهلل عنه ق ال‪ :‬مسعت رس ول اهلل‪ ،‬ص لى اهلل عليه وس لم يق ول ( إمنا‬
‫األعم ال بالني ات‪ ،‬وإمنا لكل ام رئ ما ن وى‪ ،‬فمن ك انت هجرته إىل اهلل ورس وله‪ ،‬ومن ك انت هجرته‬
‫لدنيا يصيبها أو امرأة ينكحها فهجرته إىل ما هاجر إليه ) رواه البخاري ومسلم‪ .‬وهو أحد األحاديث‬
‫اليت عليها م دار اإلس الم‪ ،‬ق ال اإلم ام أمحد والش افعي رمحهما اهلل‪ :‬ي دخل يف ح ديث األعم ال بالني ات‬
‫ثلث العلم‪ ،‬وقال مجاعة من العلماء‪:‬‬
‫الم )(‪.)1‬‬ ‫ذا احلديث ثلث اإلس‬ ‫ه‬
‫والنية حتول الع ادة إىل عب ادة‪ ،‬فاملس لم يش رتك مع غ ريه يف الس لوك الي ومي بتحقيق متطلب ات اجلسد‬
‫كالطعام والشراب والدراسة والتعليم‪ ،‬فإذا نوى الطالب‪ ،‬أنه يتعلم هلل؛ لينشر العلم‪ ،‬ويفيد به اآلخرين‪،‬‬
‫إن املالئكة لتضع أجنحتها لط الب العلم‪ ،‬رضا مبا يص نع‪ . . . .‬فالنية أس اس الفع ل‪ ،‬فقد يطلب أح دهم‬
‫العلم للدنيا‪ ،‬ليصبح ثري اً‪ ،‬وآخر يطلب العلم لينصر احلق‪ ،‬وكالمها يأتيه رزقه‪ ،‬فواحد يثاب‪ ،‬واآلخر ال‬
‫ة‪.‬‬ ‫دار احلكم على ذلك هي الني‬ ‫اب‪ .‬وم‬ ‫يث‬

‫اب‪:‬‬ ‫واب والعق‬ ‫وم على الث‬ ‫‪6‬ـ أهنا تق‬

‫إن اهلل تعاىل يثيب على فعل اخلري باحلفظ والرعاية والعناية وتفريج الكروب والسعة يف الرزق‪ ،‬واملسلم‬
‫ال يفعل اخلري فلسفة حبب اخلري منقطع اً عن فكرة (الثواب) كما رأينا لدى بعض الفالسفة الذين قالوا‪:‬‬
‫حب اخلري للخري ال حباً بثواب وال خوفاً من عقاب‪ ،‬وهذه فلسفة جوفاء‪ ،‬بل هي سفسطة ال تقوم على‬
‫أساس‪ ،‬وقد تأثر بعض الشعراء العرب الذين تفلسفوا تقليداً‪ ،‬فلسفة عقلية بسبب عدم رسوخ العقيدة‬
‫اإلس المية يف قل وهبم‪ ،‬من ه ؤالء ال ذين ت أثروا هبذه الفلس فة املع ري إذ يق ول‪:‬‬

‫ولتفعل النفس اجلميل ألنه‬


‫(‪ )1‬األربعني حديثاً النووية ط دار الفكر ص ‪.9‬‬

‫‪www. alukah. net ‬‬


‫األخالق اإلسالمية وأمهيتها للحياة اإلنسانية‬
‫‪www. alukah. net ‬‬

‫خري وأبقى ال ألجل ثواهبا‬

‫اع عن وحي اهلل‪ ،‬وما‬ ‫ة‪ ،‬ألهنا انقط‬ ‫فة مريض‬ ‫ذه فلس‬ ‫وه‬
‫أعد اهلل من الثواب الكرمي ألهل طاعته‪ ،‬والعذاب األليم ألهل معصيته‪ ،‬فإذا خلت احلياة من العقاب‪ ،‬ال‬
‫ى‪.‬‬ ‫بح فوض‬ ‫تقيم‪ ،‬بل تص‬ ‫تس‬
‫فاإلميان باليوم اآلخر‪ ،‬هو اإلميان بالغيب‪ ،‬وهو أول صفة من صفات املتقني قال اهلل تعاىل ( أمل‪ .‬ذلك‬
‫الكت اب ال ريب فيه ه دى للمتقني‪ .‬ال ذين يؤمن ون ب الغيب )البق رة ‪1‬ـ‪.3‬‬
‫قال ابن سعدي يف تفسري هذه اآليات الكرمية‪:‬‬
‫( حقيقة اإلميان‪ ،‬هو التص ديق الت ام مبا أخ ربت به الرس ل‪ ،‬املتض من النقي اد اجلوارح‪ ،‬وليس الش أن يف‬
‫اإلميان باألشياء املشاهدة باحلس‪ ،‬فإنه ال يتميز هبا املسلم من الكافر‪ ،‬إمنا الشأن يف اإلميان بالغيب الذي‬
‫مل نره ومل نشاهده‪ ،‬وإمنا نؤمن به خلرب اهلل وخرب رسوله‪ . . .‬ويدخل يف اإلميان بالغيب‪ ،‬اإلميان جبميع ما‬
‫رة‪.)1() . . .‬‬ ‫وال اآلخ‬ ‫تقبلة وأح‬ ‫ية واملس‬ ‫وب املاض‬ ‫أخرب اهلل به من الغي‬
‫دل‬ ‫اهيم الع‬ ‫يها مف‬ ‫رورة تقتض‬ ‫اليوم اآلخر ض‬ ‫( إن اإلميان ب‬
‫اإلهلي‪ ،‬والفضل اإلهلي‪ ،‬وهبذا تغ دو قض ية اإلميان ب اليوم اآلخر ض رورة إنس انية حلل مش كلة اجلن وح‬
‫اإلنس اين‪ ،‬وملنح اجملتمع ات اإلنس انية أفضل ص ورة ممكنة من الس عادة اجلماعية يف ظ روف ه ذه احلي اة‪،‬‬
‫(‪)1‬‬
‫ولدفع اإلنسان إىل فعل اخلري‪ ،‬واالرتقاء يف سلم الفضائل الفردية واجلماعية )‬
‫ف الثواب والعق اب يف ال دنيا‪ ،‬وهو موص ول ب اآلخرة‪ ،‬وال انقط اع بينهم ا‪ ،‬واالنتق ال من ال دنيا إىل‬
‫اآلخرة‪ ،‬ليس بالنقلة البعيدة وإمنا هو كما قال اإلمام الغزايل يرمحه اهلل‪ ،‬إنه نقلة من هنا هلهنا‪.‬‬
‫‪ -7‬متتاز بالشمول‪:‬‬
‫كما يف احلديث الش ريف‪ ،‬ق ال رس ول اهلل ص لى اهلل عليه وس لم‪( :‬إن لنفسك عليك حق اً‬
‫وألهلك عليك حق اً ولربك عليك حق اً فأعط كل ذي حق حقه ) وه ذا احلديث الش ريف بالنس بة‬
‫للمسلم‪ ،‬منهج حياة كامل‪ .‬وهذا خالف الفلسفة القائلة (أعط ما لقيصر لقيصر‪ ،‬وما هلل هلل )‪.‬‬
‫فكل شيء هلل‪ .‬قال اهلل تعاىل ) إنا هلل )‪.‬‬
‫آل عمران‪ 173 :‬حنن وما منلك هلل‪.‬‬
‫( هذا الشمول الذي جيعل اإلسالم منه منهجاً كامالً يشمل مجيع مظاهر النشاط احليوي للفرد واجملتمع‬

‫(‪ )1‬تيسري الكرمي الرمحن يف تفسري كالم املنان‪ .‬لعبد احلمن بن سعدي ط‪ 1‬ص ‪.30‬‬
‫(‪ )1‬الثقافة اإلسالمية ص ‪. . .78‬‬

‫‪www. alukah. net ‬‬


‫األخالق اإلسالمية وأمهيتها للحياة اإلنسانية‬
‫‪www. alukah. net ‬‬

‫ومجيع عالق ات اإلنس ان‪ ،‬وكافة ج وانب حيات ه‪ ،‬ومجيع ج وانب ارتباطاته باحلي اة واألحي اء‪.‬‬
‫فاإلس الم يش مل العقي دة والعب ادات والق وانني والنظم واآلداب للس لوك واألخالق‪.‬‬
‫واألخالق اإلس المية تس تمد مشوليتها من مشولية ال دين اإلس المي ومبادئ ه‪ .‬فهي ب ذلك تعىن باجلانب‬
‫ال روحي والعقلي واجلس مي واخللقي واالجتم اعي واجلم ايل‪ ،‬وهي عن دما تتعهد ه ذه اجلوانب بالرتبي ة‪،‬‬
‫فإمنا تس تهدف يف ال وقت نفسه تكامله ا‪ ،‬وحركة منوها وتناس قها حبيث يص بح اإلنس ان ال ذي تع ده‬
‫متكامالً يف شخصية ذات نظرة مشولية لألمور يف احلياة وما بعد احلياة )(‪.)1‬‬
‫ة‪:‬‬ ‫‪ -9‬الدميوم‬
‫الدميوم ة‪ ،‬هي االس تمرار بال انقط اع‪ .‬وه ذه ص فة مس تمدة من اإلميان باهلل تع اىل‪ ،‬فالعالق ات‬
‫اإلنسانية متشعبة املقاصد والغايات‪ ،‬وإن العالقات يف اجملتمع املسلم لتتميز بأهنا تستظل بظالل هذه‬
‫العقي دة اليت ربطت أفرادها برب اط األخ وة ق ال اهلل عز وجل ( إمنا املؤمن ون إخ وة )‪ ،‬ف األخوة يف‬
‫النسب تبقى مدى احلياة‪ ،‬واألخوة يف العقيدة أقوى رابطة من أخوة النسب‪ ،‬حدثتنا كتب السرية‬
‫عن ت آخي قل وب امله اجرين واألنص ار كما ح دثتنا أن غ زوة ب در تقابل فيها األب مع ابنه مع‬
‫اختالف العقي دة‪ ،‬بينما نرى أن اإلسالم قد وحد قل وب املؤمنني؛ عرب اً وعجم اً حىت ق ال الرس ول‬
‫لم‪:‬‬ ‫لى اهلل عليه وس‬ ‫ص‬
‫( سلمان منا آل البيت )‪.‬‬
‫وما أكثر ما نشاهد صداقات جتمعها أسباب شىت كالتجارة وغريها‪ ،‬وما إن تزول أسباب الرابطة حىت‬
‫تض محل ه ذه الص لة‪ ،‬ما ك ان هلل فهو املتص ل‪ ،‬وما ك ان لغ ريه فهو املنقط ع‪.‬‬

‫(‪ )1‬االخالق يف اإلسالم د‪ .‬إميان عبد املؤمن سعد الدين ط ‪ 4‬ص ‪ 102‬ـ ‪.103‬‬

‫‪www. alukah. net ‬‬


‫األخالق اإلسالمية وأمهيتها للحياة اإلنسانية‬
‫‪www. alukah. net ‬‬

‫تطبيقات‬

‫من أين جاء فساد احلضارة الغربية‪ ،‬وانفصاهلا عن األخالق؟‪.‬‬ ‫‪-1‬‬


‫ما معىن قول أيب حنيفة ( العبد معاقب على صرف االستطاعة من الطاعة إىل املعصية)؟‪.‬‬ ‫‪-2‬‬
‫بني كيف جاء اإلسالم وسطاً بني املادية اليهودية‪ ،‬والرهبنة النصرانية؟‬ ‫‪-3‬‬
‫ما تعريف‪ :‬الغريية؟ وما أعلى مقاماهتا؟‪.‬‬ ‫‪-4‬‬
‫بنِّي كيف تأخذ األخالق اإلسالمية لعني االعتبار؛ املقاصد والنيات؟‪.‬‬ ‫‪-5‬‬
‫ه‪:‬‬ ‫ايل وبني رأيك ب‬ ‫بيت الت‬ ‫رح ال‬ ‫اش‬ ‫‪-6‬‬
‫ألنه‬ ‫اجلميل‬ ‫النفس‬ ‫ولتفعل‬
‫خري وأبقى ال ألجل ثواهبا‬
‫مىت يظهر عميق صفة األخالق يف نفس صاحبها؟‬ ‫‪-7‬‬
‫تكلم باختصار عن صفة مشول األخالق اإلسالمية‪.‬‬ ‫‪-8‬‬
‫ماذا تعين (الدميومة)؟ ومن أين تستمد صفتها هذه؟‬ ‫‪-9‬‬
‫اشرح فكرة الثواب والعقاب يف اإلسالم‪.‬‬ ‫‪-10‬‬
‫من أين تستمد األخالق اإلسالمية مشوليتها؟‪.‬‬ ‫‪-11‬‬
‫اة‪.‬‬ ‫اً يف احلي‬ ‫ون منهاج‬ ‫طية يك‬ ‫وعاً يف الوس‬ ‫اكتب موض‬ ‫‪-12‬‬

‫‪www. alukah. net ‬‬


‫األخالق اإلسالمية وأمهيتها للحياة اإلنسانية‬
‫‪www. alukah. net ‬‬

‫السلوك اإلرادي‬
‫مفهومه ‪ -‬أنواعه – أهدافهـ‬
‫مفهومه‪:‬‬
‫هو السلوك الذي يرتضيه الفرد طائعاً خمتاراً يف ممارسة فعلية‪ ،‬مع ميل النفس هلذه املمارسة‪.‬‬
‫فاإلنسان الذي ينام باكراً ويستيقظ باكراً‪ ،‬وقد أصبح هذا السلوك عادة له‪ ،‬فهذا غري اإلنسان الذي‬
‫يستيقظ مبكراً مرغم اً لسبب من األسباب‪ ،‬كمن يأتيه أمر‪ ،‬أو من يضطر لالستيقاظ مبكراً للسفر أو‬
‫ملوعد مهم‪ ،‬فهذا ينتهي استيقاظه مبكراً عند زوال السبب الطارئ‪ ،‬وهذا ال يسمى سلوكاً‪.‬‬
‫إمنا ال ذي يعت اد‪ ،‬أو يغلب عليه أن يس تيقظ مبك راً هو ال ذي يس مى ص احب ه ذا الس لوك‪ ،‬إذا‬
‫أصبح له عادة‪،‬‬
‫وقد يص در الفعل متك رراً‪ ،‬ولكن ال دخل لإلرادة في ه‪ ،‬كمن ين ام يف اجمللس أو‪ ،‬وهو ميش ي‪ .‬أو ميشي‬
‫وهو نائم‪ . . .‬فهذه سلوكيات ال إرادية‪.‬‬
‫أنواع السلوك‬
‫وللسلوك أنواع كثرية نقتصر منها على ما يلي(‪:)1‬‬
‫‪ -1‬السلوك الفطري‪ :‬وهو ما يصدر عن الطبع الذي جبل عليه اإلنسان‪ ،‬صدوراً طبيعي اً ال تكلف‬
‫فيه من الصفات املعنوية‪ ،‬كالكرم والشجاعة واحلياء‪ . . . .‬وكذلك أضدادها‪.‬‬
‫‪ -2‬والس لوك الغري زي‪ :‬وهو ما ك ان تلبية للغرائز اجلس دية احلس ية‪ .‬كاألكل عند الش عور ب اجلوع‬
‫والش رب عند العطش‪ ،‬والن وم عند النع اس‪ ،‬وال زواج تلبية للغري زة اجلنس ية بطريق مش روع‪،‬‬
‫واهلرب من اخلطر كاحلريق والسيل والدفاع عن النفس‪. .‬‬
‫‪ -3‬ومنها ما هو استجابة ملتطلبات احلياة املعاشية‪ ،‬كاختيار باب من أبواب الكسب الشريف‪.‬‬
‫‪ -4‬ومنها ما هو من قبيل اآلداب الشخصية واالجتماعية كآداب الطعام والشراب‪. . .‬‬
‫‪ -5‬ومنها ما هو من قبيل األع راف والتقالي د‪ ،‬كاملف اخرة باألحس اب واألنس اب‪ ،‬والتب ذير‬
‫واإلسراف‪. .‬‬
‫‪ -6‬ومنها ما تأصل بالسلوك الشخصي‪ ،‬كالسهر املفرط وشرب املفرت أو املسكر)‪.‬‬
‫إذاً‪ ،‬فهناك سلوك خلقي‪ ،‬وهو أثر من آثار النفس‪ ،‬سواء أكان هذا اخللق حمموداً أو مذموماً‪.‬‬
‫وهناك مظاهر السلوك اإلنساين وهو( االستجابة )‬
‫سواء أكانت استجابة عضوية‪ ،‬كاحلاجات الطبيعية للجسد من طعام وشراب ونوم‪. . .‬‬

‫(‪ )1‬املوسوعة اجلامعة يف األخالق واآلداب سعد بن عبد اهلل احلزميي ج‪ 1‬ص‪22‬‬

‫‪www. alukah. net ‬‬


‫األخالق اإلسالمية وأمهيتها للحياة اإلنسانية‬
‫‪www. alukah. net ‬‬

‫أو استجابة إرادية فكرية لسلوك منهج فكري معني أديب أو فلسفي أوعلمي‪.‬‬
‫(وحني نتتبع األحك ام الدينية جند أن كث رياً منها أحكام اً خلقي ة‪ ،‬ألن اإلس الم ي أمر مبك ارم األخالق‪،‬‬
‫وينهى عن رذائلها‬
‫ومن مكارم األخالق أصول ثالثة‪:‬‬
‫األصل األول‪:‬‬
‫ان ذا أثر خللق يف النفس‪.‬‬ ‫اين‪ :‬إذا ك‬ ‫لوك اإلنس‬ ‫الس‬

‫ومثال ه‪ :‬االع رتاف للخ الق العظيم بكم ال ألوهيته وربوبيته واإلذع ان إليه ب دافع ذايت‪.‬‬
‫ونقيض هذا األصل‪ ،‬هو أحد أصول الرذائل‪ ،‬كاإلحلاد بوجود اهلل تعاىل‪ ،‬وجحود ألوهيته وربوبيته مع‬
‫قيام األدلة يف نفس اإلنسان‪ ،‬وشعوره وفكره فذلك من أبرز أمثلة االحنطاط اخللقي‪.‬‬
‫ويدخل يف أمثلة فضائل األخالق‪ ،‬االعرتاف للوالدين بفض لهما‪ ،‬واالعرتاف للمعلم ولكل ذي‬
‫فضل بفضله‪.‬‬
‫أما رذائل األعمال فهي جحود الفضل وغمط احلق استجابة للشهوات واألنانية واحلسد‪.‬‬
‫األصل الثاين‪:‬‬
‫الدافع الذايت‪ :‬إذا دفع اإلنسان إىل الفضائل‪.‬‬
‫ونقيض هذا األصل‪ ،‬يعد أحد أصول الرذائل اخللقية‪.‬‬
‫ويتف رع من أص ل ال دافع ال ذايت للفض ائل‪ ،‬الكث ري من األمثل ة‪ ،‬ك أن يب ذل اإلنس ان املع روف بالعط اء‬
‫والكلمة الطيبة‪ ،‬أوالسعي لقضاء حوائج الناس‪ .‬قال الشاعر‪:‬‬
‫ومل أر كاملعروف؛ أما ُمذاقه‬
‫فحلو؛ وأما وجهه فجميل‬
‫ونقيض ه ذه التفرع ات‪ ،‬ما يقابلها من الرذائ ل‪ ،‬كاألنانية واحلسد وغمط الن اس حق وقهم‪ ،‬وعق وق‬
‫الوالدين‪. . .‬‬
‫األصل الثالث‪:‬‬
‫الرضا بقضاء اهلل وقدره‪.‬‬
‫ونقيض هذا األصل‪ ،‬أحد أصول الرذائل اخللقية وكلياهتا العامة‪.‬‬
‫وهلذا األصل تفريعات من مكارم األخالق‪ ،‬وله ما يقابله من الرذائل‪.‬‬

‫‪www. alukah. net ‬‬


‫األخالق اإلسالمية وأمهيتها للحياة اإلنسانية‬
‫‪www. alukah. net ‬‬

‫وهذه التفريعات تعود أساساً إىل أسس مكارم األخالق)(‪.)1‬‬


‫فاإلميان باإلسالم سلوك إرادي‪ ،‬توجبه فضائل األخالق اليت تدركها العقول وتستحسنها‪ ،‬كما‬
‫تستقبح أضدادها‪ ،‬ومتيل الفطرة الوجدانية السليمة إىل ممارستها‪ ،‬وتنفر وتشمئز من أضداها‪ ،‬فهي تنذر‬
‫بسخط اهلل وبعقابه األليم يف الدنيا ويف اآلخرة‪.‬‬
‫إن موضوع األخالق‪ ،‬شغل العقل اإلنساين منذ قدمي الزمان لدى األمم ذات احلضارة املتقدمة‬
‫يف حضارة الالتني‪.‬‬
‫ك انت الفلس فة يف زمن أفالط ون تبحث يف مصري اإلنسان يف عوامل ال مرئي ة‪ ،‬تبحث يف النفس‬
‫واملاهية واهليوىل‪ ،‬فلما جاء أرسطو انصبت فلسفته على العقل والنفس واألخالق فقيل‪ :‬إن أرسطو أنزل‬
‫األخالق من السماء إىل األرض أي حوهلا من امليتافيزيقا إىل الواقع‪.‬‬
‫حبث أرس طو يف األخالق‪ ،‬ومسي‪ :‬املعلم األول‪ ،‬وجاء الف ارايب‪ ،‬ومسي باملعلم الثاين‪( ،‬كانت األخالق‬
‫يف كل عص ور الت اريخ جمال حبث الفالسفة ودراس اهتم اليت أمثرت تراث اً ض خماً من النظري ات والقواعد‬
‫واملع ايري واملقاييس الزائفة‪ ،‬ومل تتغري القضايا األخالقية اليت يواصل الفالسفة حبثها منذ العهد اليوناين مث‬
‫العصر الوس يط‪ . .‬إىل العص ور احلديث ة‪ ،‬ويع ود ذلك إىل قي ام األفك ار والنظري ات الفلس فية على أسس‬
‫عقلية حمضة وإمهال العوامل الروحية والعاطفية والوجداني ة‪ ،‬وه ذا ما جعلها يف مع زل عن ت أثري ه ذه‬
‫العوامل يف س لوك اإلنس ان‪ .‬وب ذلك خيتلف احلكم على املس ائل األخالقية من فيلس وف إىل آخ ر‪ ،‬فلم‬
‫يتفق أولئك على مقياس أخالقي يقيسون به األخالق‪ ،‬وكان هلم يف األخالق ثالثة اجتاهات أو مذاهب‬
‫رئيسية هي‪:‬‬
‫المذهب األول‪:‬‬

‫مذهب اللذة الفردية‪:‬ـ‬


‫وتبناه تلميذه ارستبوس تلميذ سقراط‪.‬‬
‫كما ادعى هوبز‪ ،‬أن الطبيعة اإلنسانية أنانية تعمل ملصلحة الذات‪ ،‬وهو يرى أن األخالق توضع وسيلة‬
‫لتحقيق منفعته الشخصية‪ ،‬وليست األخالق طبيعة يف اإلنسان‪.‬‬
‫مذهب أرستبوس مذهب اللذة الفردية‬
‫ومذهب هوبز مذهب املنفعة الفردية‬

‫(‪ )1‬الثقافة اإلسالمية‪ .‬للشيخ عبد الرمحن حبنكة والشيخ حممد الغزايل ط‪ 1430‬ص ‪.185‬‬

‫‪www. alukah. net ‬‬


‫األخالق اإلسالمية وأمهيتها للحياة اإلنسانية‬
‫‪www. alukah. net ‬‬

‫(‪)1‬‬
‫جتمعهما صفة األنانية الشخصية )‬
‫يف م ذهب الل ذة الفردية يس تباح كل ش يء‪ ،‬فالغاية تس وغ الوس يلة‪ ،‬وأص حاب ه ذا االجتاه ال‬
‫يتورعون عن أن يسلكوا أقبح املوبقات يف سبيل اللذة‪ .‬ومن أصحاب هذا املذهب أبيقور‪ ،‬حنو( ‪341‬ـ‬
‫(‪)2‬‬
‫‪ 270‬ق‪ .‬م‪ .‬فيلسوف يوناين يقول‪ :‬إن اللذة سعادة اإلنسان )‬
‫مث جاء فرويد مبذهبه يف التحليل النفسي‪ ،‬وهو ال يبتعد كثرياً عن مذهب أبيقور‪ ،‬بل رمبا كان‬
‫أحط منه لسبب بسيط هو أن أبيقور جعل اللذة مطلب اً للبالغني من اجلنسني‪ .‬بينما فرويد جيعلها مطلب اً‬
‫منذ الطفولة وأن الطفل وهو يرضع من لنب أمه يتل ذذ جنس ياً(‪ .)3‬وه ذا الكالم علمي اً أو طبي اً باطل‬
‫لسبب بسيط أيضاً هو أن آلة اإلخصاب مل تكن قد نضجت‪ ،‬واللذة ناشئة عن الغريزة اجلنسية الناضجة‬
‫بنضج آلتها‪.‬‬
‫يف أوربا يه ود األش كنايزم يتبع ون ه ذا املذهب‪ ،‬م ذهب الل ذة وال ي رون له ح دوداً حىت إن‬
‫روتش يلد ت زوج من ابنة أخي ه‪ ،‬وه ذا حمرم يف دينهم‪ ،‬واألش كنايزم ي أتون أمه اهتم‪ ،‬ول ذلك متيزوا يف‬
‫جمتمع اهتم ب أن أص يبوا ب التورم ال ذي يع رف طبي اً ب داء الفي ل‪.‬‬
‫فجدير أن يعرف املسلم مهمته يف احلياة‪ ،‬وهذه املهمة تتجلى يف قوله تعاىل‪" :‬تبارك الذي بيده امللك‬
‫وهو على كل ش يء ق دير* ال ذي جعل املوت واحلي اة ليبل وكم أيكم أحسن عمالً" املل ك‪1 :‬و‪ 2‬فمهمة‬
‫اإلنسان يف احلياة هي اخلريية‪ ،‬وفيها يكون التنافس‪.‬‬

‫المذهب الثاني‬
‫مذهب املنفعة العامة‪:‬‬
‫ومفه وم ه ذا املذهب أن على اإلنس ان أن ينشد املنفعة العامة للبشر كاف ة‪ ،‬وللمخلوق ات األخ رى‪،‬‬
‫وتق اس أخالقية الفعل بنتائجها ال ببواعثها هلا‪ ،‬واجلزاء هو العامل الوحيد لفعل اخلري و الش ر‪.‬‬
‫ل‪.‬‬ ‫تيورات م‬ ‫ون س‬ ‫ام‪ ،‬وج‬ ‫(دعا إليه بنت‬
‫وقد وجد يف أوربا مص لحون ي رون أن يف اإلنس ان مي والً اجتماعية طبيعي ة‪ ،‬وعاطفة إنس انية نبيل ة‪،‬‬
‫ي دركها كل من ا‪ ،‬ومن أنص ار ه ذا االجتاه‪ ،‬آدم مسيث ال ذي أثبت أن يف اإلنس ان غري زة التع اطف‬
‫اإلنس اين‪ ،‬وجعلها منبع األخالق اإلنس انية‪ ،‬كما س ار على ه ذا ج ان ج اك روس و‪ ،‬ال ذي ي رى‪ ،‬أن‬

‫(‪ )1‬علم األخالق اإلسالمية أ‪ .‬د‪ .‬مقداد يلجن ط‪ 1‬ص ‪37‬‬


‫(‪ )2‬املنجد يف األعالم ط‪ .12‬حرف اهلمزة‪.‬‬
‫(‪ )3‬انظر كتاب ( الصحة النفسية ) لنعيم احلمصي‪ .‬فرويد وعلم النفس‪.‬‬

‫‪www. alukah. net ‬‬


‫األخالق اإلسالمية وأمهيتها للحياة اإلنسانية‬
‫‪www. alukah. net ‬‬

‫الطبيعة اإلنسانية طبيعة خرية‪ ،‬ولكن املدنية هي اليت أفسدت هذه الطبيعة‪ .‬يقول روسو‪ ( :‬إن يف قرارة‬
‫النفوس مبدأ فطري اً للعدل والفضيلة‪ ،‬نقيس عليه أفعالنا وأفعال سوانا من الناس‪ ،‬وحنكم عليها باخلريأو‬
‫الس وء‪ ،‬وه ذا املب دأ هو ال ذي أمسيه الض مري‪ .‬ويق ول أيض اً‪ :‬خيرج كل ش يء من يد اخلالق ص احلاً وكل‬
‫ش يء يف يد البشر يلحقه االض محالل‪ ،‬يقلب كل ش يء ويش وه كل ش يء" وه ذا ضد االجتاه املسيحي‬
‫ال ذي ي رى أن تلك الطبيعة اإلنس انية ش ريرة يف أص لها‪ .‬من أنص ار ه ذا االجتاه ش وبنهاور‪ ،‬ال ذي أع اد‬
‫أس اس عاطفة األخالق إىل غري زة التع اطف وال رتاحم فق ال‪ ( :‬إن التع اطف املباشر هو ش عور غري زي‬
‫يقصر وح ده عن بن اء األخالق وال بد من عاطفة الرمحة)‪ .‬ومن أنص ار ه ذا االجتاه فولت ري‪ ،‬ال ذي أرجع‬
‫قانون األخالق إىل الطبيعة اإلنسانية فقال‪( :‬وما هذا القانون الطبيعي إال القانون األخالقي الذي أودع‬
‫زة جبلتنا حمبته والتقيد به‬ ‫اهلل يف غري‬
‫(‪)1‬‬
‫ه)‬ ‫اظ علي‬ ‫واحلف‬
‫المذهب الثالث‪:‬ـ‬
‫ايت )‬ ‫ذهب املنفعة العملية ( املذهب الربغم‬ ‫م‬
‫غايته حتقيق رغبات شخصية‪ ،‬أكثر من كوهنا خدمة اجتماعية إنسانية‪.‬‬
‫ويتفق هذا املذهب‪ ،‬مع املنفعة العامة يف إرجاع األخالق إىل نتائج األعمال دون بواعثها‪.‬‬
‫وي‪.‬‬ ‫ون دي‬ ‫ذا املذهب ج‬ ‫ميثل ه‬

‫لوك اإلرادي‬ ‫دف الس‬ ‫ه‬


‫إن هدف السلوك اإلرادي هي السعادة‪ ،‬وتتحقق باإلحساس بوجوب اخلريية يف النفس اإلنسانية‪.‬‬
‫ومن السعادة ينبع أمران‪.‬‬
‫األول‪:‬‬
‫تجنب اإلثم الباطن‪:‬ـ‬
‫وهو يس تلزم جتنب كل ما من ش أنه أن يك ون التفكري ض اراً ب النفس اإلنس انية‪ ،‬وه ذا يتطلب س المة‬
‫الض مري أال يفكر بالش ر‪ ،‬أو متين الض رر لآلخ رين أو التفكري يف تص ورات منحرفة آمثة‪ ،‬إن مثل ه ذا‬
‫التص ور ي دفع إىل أحالم اليقظة حىت إذا متكنت ه ذه اخلي االت أص بحت خ واطر قابلة للتنفي ذ‪ ،‬فت دفع‬
‫ص احبها إىل اآلث ام‪ ،‬وقد ه ذب اهلل الض مري بقوله ( قل ح رم ريب الف واحش ما ظهر منها وما بطن )‬
‫راف ‪.33‬‬ ‫األع‬

‫(‪ )1‬علم األخالق د‪ .‬مقداد يلجن ص ‪.37‬‬

‫‪www. alukah. net ‬‬


‫األخالق اإلسالمية وأمهيتها للحياة اإلنسانية‬
‫‪www. alukah. net ‬‬

‫ق ال ابن س عدي يف تفسري ه ذه اآلية الكرمية ( أي الف واحش اليت تتعلق حبرك ات الب دن‪ ،‬واليت تتعلق‬
‫(‪)1‬‬
‫وب‪) . . .‬‬ ‫القل‬
‫والثاين‪:‬‬
‫لم عن الشر اجته إىل اخلري‪:‬‬ ‫رف املس‬ ‫إذا انص‬
‫فالنفس ال بد إال أن مُت أل مبا يشغلها‪ ،‬فإن مل تشغل بالشر شغلت باخلري‪ ،‬وحينما يكون القلب سليماً‪،‬‬
‫فإنه ي دفع ص احبه إىل فعل اخلري‪ ،‬وهبذا يك ون له ال َقب ول يف نف وس الن اس كما ق ال الش اعر‪:‬‬
‫واحش مسعُه‬
‫َ‬ ‫أحب الفىت ينفي الف‬
‫را‬ ‫أن به عن كل فاحشة وق‬ ‫ك‬
‫طاً أذى‬ ‫در ال باس‬ ‫ليم دواعي الص‬‫َ‬ ‫س‬
‫را‬ ‫ائالً ُهج‬ ‫رياً وال ق‬ ‫اً خ‬ ‫وال مانع‬
‫وصدق اهلل العظيم القائل يف كتابه الكرمي ( إن الذين آمنوا وعملوا الصاحلات سيجعل هلم الرمحن وداً)‬
‫مرمي ‪.96‬‬
‫فأهداف السلوك اإلرادي‪ ،‬هتذيب الضمري الداخلي الذي هو منبع السلوك اخلارجي‪ ،‬وذلك وصوالً إىل‬
‫دارين‪.‬‬ ‫لم يف ال‬ ‫ادة املس‬ ‫س‬

‫(‪ )1‬تيسري الكرمي الرمحن يف تفسري كالم املنان البن سعدي ط‪ 1‬ص‪.365‬‬

‫‪www. alukah. net ‬‬


‫األخالق اإلسالمية وأمهيتها للحياة اإلنسانية‬
‫‪www. alukah. net ‬‬

‫تطبيقاتـ‬
‫ما مفهوم السلوك اإلرادي؟‪.‬‬ ‫‪.1‬‬
‫ما تعريف السلوك الغريزي؟‪.‬‬ ‫‪.2‬‬
‫ما الفرق بني السلوك الفطري والسلوك الغريزي؟‬ ‫‪.3‬‬
‫ملاذا جند أن كثرياً من األحكام الدينية أحكام خلقية‪.‬‬ ‫‪.4‬‬
‫من مكارم األخالق أصول ثالثة‪ .‬عددها‪.‬‬ ‫‪.5‬‬
‫ما الذي جيمع بني مذهب اللذة الفردية واملنفعة الفردية؟‬ ‫‪.6‬‬
‫ما أهداف األخالق يف اإلسالم؟‪.‬‬ ‫‪.7‬‬
‫ما مفهوم املنفعة العامة ( املذهب الربيغمايت)؟‬ ‫‪.8‬‬
‫ما هدف السلوك اإلرادي؟ ومباذا يتحقق؟‪.‬‬ ‫‪.9‬‬
‫ة؟‬ ‫ذهب املنفعة العام‬ ‫ايت وم‬ ‫‪ .10‬ما الرابطة اجلامعة بني املذهب الربيغم‬
‫‪11‬ينبع من السعادة أمران؛ فما مها؟‬

‫‪www. alukah. net ‬‬


‫األخالق اإلسالمية وأمهيتها للحياة اإلنسانية‬
‫‪www. alukah. net ‬‬

‫السلوك األخالقي‬
‫تعريف السلوك األخالقي‬

‫(‪)1‬‬
‫اخلُلق صفة مستقرة يف النفس فطرية أو مكتسبة ذات آثار يف السلوك؛ حممودة أو مذمومة)‬
‫أما السلوك؛ فهو املظهر اخلارجي لصفة اخللق‪ .‬هو صورة النفس الظاهرة الذي يدرك بالبصر‪،‬‬
‫(‪)2‬‬
‫حيح)‬ ‫وداً والعكس ص‬ ‫لوكه حمم‬ ‫ان س‬ ‫وداً ك‬
‫فمن ك ان خلقه حمم‬
‫حملة تارخيبة‪:‬‬
‫إن موض وع األخالق وما ينتج عنه من س لوك؛ كأمنا اختص به وطننا الع ريب منذ األزمنة‬
‫السحيقة يف القدم‪ ،‬وذلك ألمر يري ده اهلل تعاىل؛ أن جيعل هذا ال وطن وطن األخالق الفاض لة والس لوك‬
‫القومي وطن مكارم األخالق‪،‬‬
‫( فقد ت نزلت يف أرض الع رب ديانة إب راهيم ‪ -‬عليه الس الم – وهي الديانة اليت دعت إىل التوحيد‬
‫ووطدت دعائمه‪ ،‬فكانت القاعدة األوىل القدمية واملستقر األول لعقائد العرب وأخالقها‪.‬‬
‫وبعد أن بعث اهلل املسيح عليه السالم يف فلسطني‪ ،‬وصلت أصداء رسالته إىل العرب فدان فريق‬
‫منهم هبا‪. .‬‬
‫وظهر اإلس الم مص دقاً ملا بني يديه من النب وات والكتب‪ ،‬وجمدداً ملة إب راهيم عليه الس الم‪،‬‬
‫وهك ذا ت والت ال ديانات واملثل الروحية واملب ادئ اخللقي ة‪ ،‬وتالحقت‪ ،‬وك ان ص عيد بالدنا ‪ -‬اجلزي رة‬
‫العربية ‪ -‬مسقطها ومستودعها وجمتمعها‪ ،‬وذلك بربط اإلنسان قلبه وعقله وشعوره باهلل اخلالق‪.‬‬
‫لقد ارتبطت مكارم األخالق عند العرب‪ ،‬وتفضيل القيم اخللقية عندهم‪ ،‬بأساس عقائدي عميق‬
‫اجلذور يف نفوسهم منذ عصور بعيدة جداً‪.‬‬
‫ولذلك؛ فإن الوثنية دخيلة طارئة على العرب يف فرتات قصرية قليلة من حياهتم‪.‬‬
‫لقد كانت معارك األمة العربية الكربى معارك يكون فيها اخلصم دوم اً عدو القيم اخللقية واملثل‬
‫الروحية‪ ،‬ويقف العرب دوماً مدافعني عنها‪.‬‬
‫إن العامل اليوم حباجة إلينا‪ ،‬حباجة إىل هذا الرتاث الذي حنرسه وحنن األوصياء عليه؛ أما العامل‬
‫الشرقي اإلسالمي فليصحح له العرب ما شوهه من تعاليم اإلسالم‪. .‬‬
‫وأما الع امل الغ ريب‪ ،‬فلنعد إليه روح اإلميان واألخالق ونبعث فيه العواطف اإلنس انية واملب ادئ اخللقية‬

‫(‪ )1‬الثقافة اإلسالمية للشيخ حسن حبنكة والشيخ حممد الغزايل ط‪ 1430‬ص ‪.181‬‬
‫(‪ )2‬املوسوعة اجلامعة يف األخالق واآلداب‪ .‬سعود بن عبد اهلل احلزميي ج‪ 1‬ص ‪.22‬‬

‫‪www. alukah. net ‬‬


‫األخالق اإلسالمية وأمهيتها للحياة اإلنسانية‬
‫‪www. alukah. net ‬‬

‫املنبعثة من هذا اإلميان‪ ،‬وقد نسيها كذلك وشوهها‪ ،‬بل مسخها وقلبها مث طردها بعد ذلك من أرضه‪.‬‬
‫لقد بشرت الفلسفة احلديثة باهنيار حضارة الغرب منهم‬
‫مالك بن نيب – اجلزائ ري – وخالصة فلس فته‪ :‬أن احلض ارة الغربية قد آلت إىل إفالس‪ . . ،‬واحلض ارة‬
‫(‪)1‬‬
‫اليوم تنتظر ظهور اإلنسان اجلديد‪ ،‬الذي رسالته التوفيق بني العلم والضمري‪ ،‬بني األخالق والصناعة)‬

‫اآلثار السلبية للثورة الصناعية في أوربا‪:‬‬


‫أوالً‪:‬‬
‫خروج املرأة عن احلشمة والتسرت‪.‬‬
‫يف عصر ما قبل الث ورة الصناعية يف الغرب ك انت املرأة الغربية حمتش مة يف لباس ها‪ ،‬يسرت جس مها كله‬
‫من مف رق رأس ها حىت أمخص ق دميها‪ ،‬وك انت أخالق سرت املرأة س ائدة يف البش رية كله ا‪ ،‬ومل يع رف‬
‫عنها أهنا كانت متبذلة حىت يف أحط اجملتمعات البشرية‪.‬‬
‫ولكن بعد الث ورة الص ناعية‪ ،‬ب دأت املرأة ت زاحم الرج ال يف املص انع ويف احلق ول تعمل وتكد‬
‫وتكدح جنباً إىل جنب مع الرجل‪ ،‬وخرجت عن التسرت‪.‬‬
‫ثانياً‪:‬‬
‫قوي دافع إنسانـ الغربـ إلى االنتحار‪:‬‬
‫(ويف عصر الص ناعة اس تجدت مفهوم ات‪ ،‬وان دثرت أخ رى‪ ،‬وتغ ريت أوض اع بقي ام املخرتع ات فتغري‬
‫نظ ام اإلنس ان يف الغ رب؛ ك ان يغفو مع الطبيع ة‪ ،‬ويس تيقظ مع تنفس الص بح وتبلج الض ياء‪ ،‬يس تقبل‬
‫الش مس على غن اء البالبل وبن ات اهلديل وزقزقة العص افري‪ ،‬يف مهرج ان الك ون الباس م‪ ،‬والف راش يت أنق‬
‫بأجنحته املخملية متنعم اُ ب دفء خي وط الن ور‪ ،‬ذلك ال دفء اللذيذ بعد ب رد الس َحر‪ ،‬والنحل ي زهى‬
‫جبناحيه كألوان الطيف‪ ،‬يقبل ثغر الرحيان الوسنان‪ ،‬ونسيم الصبا يعابث األزهار فيبعث باحليوية واحلياة‬
‫واحلب واألمل مع إشراقة كل صبح جديد‪.‬‬
‫ه ذه التجلي ات اجلمالية كلها مس خت من نفس إنس ان الغ رب‪ ،‬فتنفس ريح الس يارات‪ ،‬وصك‬
‫مس امعه ضوض اء املص انع‪ ،‬وحجب عنه اهلواء والش مس فتعكر مزاج ه‪ ،‬وقتل يف نفسه الص فاء‪ ،‬وذبل‬
‫روحه فه رب من واقعه إىل الطبيعة كما هتيأ هو نفسه أن يه رب من احلي اة لص دمة نفس ية‪ ،‬أو فقد‬
‫ح بيب‪ ،‬وي زداد الض غط على اإلنس ان يوم اً بعد ي وم حىت ق وي لديه ال دافع إىل االنتح ار بس بب ض غط‬
‫(‪)1‬‬
‫احلياة على نفسه وروحه )‬
‫(‪ )1‬أفكار من املدينة املنورة حممد كامل خجا ط‪1400‬هـ ص ‪28‬‬
‫(‪ )1‬ملحمة بدر د‪ .‬أمحد اخلاين ج‪ 1‬ط‪ 2‬ص‪13‬‬

‫‪www. alukah. net ‬‬


‫األخالق اإلسالمية وأمهيتها للحياة اإلنسانية‬
‫‪www. alukah. net ‬‬

‫ثالثاً‪:‬‬
‫ح ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاجزين‪:‬‬
‫ص ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــطدمت ب ـ‬
‫أن أوربا ا ـ‬
‫آـ العقل‪ :‬إذ أهلته وظهر هذا يف معاجم العلماء من مفردات تدل على الشطط يف تأليه العقل كقوهلم‪:‬‬
‫قاهر قمة إفرست وقوهلم‪( :‬شالنجر) للمركبة اليت صعدت إىل الفضاء‪ ،‬كان من اجلدير هبم أن يقولوا‪:‬‬
‫بفضل اهلل فعلنا ه ذا‪ ،‬وبع ون اهلل فعلنا ك ذا‪ ،‬ألن اهلل تع اىل س خر لنا ما يف األرض مجيع اً بس لطان العلم‬
‫ق ال تع اىل‪" :‬يا معشر اجلن واإلنس إن اس تطعتم أن تنف ذوا من أقط ار الس موات واألرض فانف ذوا ال‬
‫تنفذون إال بسلطان" الرمحن ‪ :33‬ويقول تعاىل"وما أوتيتم من العلم إال قليال"اإلسراء‪85 :‬‬
‫قاهر الطبيعة‪ ،‬قاهر الصحراء‪ . .‬عبارات فيها التحدي‪ ،‬ولذلك انفجر شالنجر بعد بضع ثواين‬
‫من إقالع ه‪ ،‬وك ذلك ب اخرة تايتن ك‪ ،‬اليت ق ال من ص نعها‪ :‬إن اهلل ال يس تطيع أن يغرقه ا‪ .‬ق ال بعض‬
‫العلماء‪ :‬إن جبل الثلج الذي اصطدمت به الباخرة قد بدأ بالتكوين مع صنع هذه الباخرة‪.‬‬
‫اجز األخالق‪:‬‬ ‫اين ح‬ ‫ب ـ احلاجز الث‬
‫فلما ق امت الث ورة الص ناعية يف أورب ا‪ ،‬ك انت األخالق س ائدة‪ ،‬فاص طدمت هبذا احلاجز الع نيف‪،‬‬
‫ال‪.‬‬ ‫اء والقتل والقت‬ ‫ثر البغ‬ ‫فك‬

‫في الحربـ العالميةـ األولى‪:‬‬


‫بدأ هذا التحول وبالتحديد‪،‬ـ بدأـ في السنة الثانية للحرب‬
‫‪1915‬م‪ ،‬وسبب ذلك يبينه النصـ التالي‪:‬ـ‬
‫( إن ميدان احلرب يقذف أموات اً ومشوهني‪ ،‬وإن هذا يستوجب التعويض عن املفقود‪ ،‬وكان يقذف‬
‫خراطيش فارغة‪ ،‬وهذه يف حاجة إىل التعويض عنها أيضاً‪ ،‬فهل هناك من يعوض؟ إن الرجال يستطيعون‬
‫القت ال‪ ،‬إذاً فعليهم باجلبهة وتع ويض اخلس ائر‪ ،‬أما النس اء؛ فينبغي أن يك ون يف مق دورهن التع ويض عن‬
‫اخلراطيش‪.‬‬
‫وهكذا مت‪ .‬لقد أدخلت املرأة العاملة إىل مصانع الذخرية‪ ،‬وهبذا‪ ،‬انقلبت من خملوق ناعم‪ ،‬كله رقة‪ ،‬إىل‬
‫عامل خشن الراح تني‪ ،‬يش تغل بص ناعة القت ل؛ لقد قصصن ش عورهن‪ ،‬وقص رن التن انري أك ثر ف أكثر‪،‬‬
‫وارتدين البنطون‪ ،‬وعملن يف نوبات الليل وصار (اخلاكي) هو الزي الرمسي لعامالت احلكومة‪ ،‬وهكذا‬
‫بدأ (اسرتجال) املرأة اإلنكليزية‪ ،‬استبدلت احلكومة يف أعمال املكاتب احلكومية املرأة بالرجل‪ ،‬فوظفت‬
‫آالف الضاربات على اآللة الكاتبة والسكرتريات وعامالت التلفون‪. . .‬‬

‫‪www. alukah. net ‬‬


‫األخالق اإلسالمية وأمهيتها للحياة اإلنسانية‬
‫‪www. alukah. net ‬‬

‫(‪)1‬‬
‫وحذت الدول املتحاربة حذو بريطانيا بعد وقت قصري)‬
‫لق د ذاق ( اإلنس ان ) يف ه ذه احلرب م ا مل تعه ده البش رية من ويالت‪ ،‬فق د ك انت قلع ة فيه ا عش رة‬
‫آالف‪ ،‬ويف بضع ثوان طارت يف السماء وصارت متطر حجارة ورؤوس اً وأكف اً وأقداماً ودماء‪ ،‬وكثر‬
‫إىل جانب القتل االنتحار‪ ،‬ومن مات قيل له‪ :‬السعيد‪ ،‬وقد خط أحد اجلنود يف خطوط النار‪ ،‬إىل أسرته‬
‫هذه الرسالة‪ ( :‬الرسالة)‬
‫وفم اجلرح قد تلظى التهابا‬ ‫اً‬ ‫يا حبييب أخط مين خطاب‬
‫رابا؟‬ ‫ا‪ ،‬أذقت الش‬ ‫يف (جحيم) أن‬ ‫ري‬ ‫ويت‪ ،‬حبيبة عم‬ ‫(روز) يا حل‬
‫خنْب قت ل‪ ،‬فهل ش ربت الس رابا؟‬ ‫ف ارتوائي من الس راب بك أس‬
‫ابا‬ ‫اء‪ ،‬وأنت ال ذقت ص‬ ‫من دم‬ ‫دمع‬ ‫إيه يا روز‪ ،‬واجلريح ب‬

‫راغي‬ ‫اص ف‬ ‫أكتب اآلن باقتن‬


‫كيف (س يلي)؟ أما ت زال تن اغي؟‬
‫الرواغ؟‬ ‫ور يزورنا ب‬ ‫يف بك‬
‫درين ما خيبّا إلينا‬ ‫أفت‬
‫بح به خميف بالغ‬ ‫كل ص‬
‫لعب املوت لعبة القتل فينا‬
‫اغي‬ ‫انثري الزهر والعين كل ب‬ ‫ف‬
‫ويل‬ ‫وك ي‬ ‫يلي‪ ،‬إذا أب‬ ‫إيه س‬
‫حوي وأنت هنلة مخري‬ ‫أنت ص‬
‫روز‪ ،‬روحي‪ ،‬أيا ش ريكة ده ري‬
‫ري‬ ‫يلي مع املواجد عط‬ ‫حب س‬
‫إن قضى املوت بيننا يا حبييب‬
‫ري‬ ‫اي وزه‬ ‫وهي ظلي ومقلت‬
‫فهي بعض ي‪ ،‬وخن دق املوت روضي‬
‫ل رتى بس مة ال دىن بعد عم ري‬
‫مة قلب‬ ‫دُّمى ببس‬ ‫فامنحيها ال‬
‫ل رتى ص وريت كطيف ن داها‬ ‫ُدماها‬ ‫كبعض‬ ‫هيئيت‬ ‫واجعلي‬
‫ص رت ذخ راً على رفيف ص باها‬ ‫حب‬ ‫بدمية‬ ‫بامساً‬ ‫كن‬
‫وأْل ْ‬
‫س وف ت ذوي إذا العُب وس رواها‬ ‫رباعم زهر‬ ‫روح وال‬ ‫تبسم ال‬
‫يم إن آذاها‬ ‫جنبيها النس‬ ‫دمع؟ لطفا‬ ‫هل دهتها مواجع ال‬
‫ً‬
‫ون يف دم قليب‬ ‫مثلها الالعب‬ ‫تلهت برمسي‬
‫يل) إن ّ‬‫ُ‬ ‫زدهي (س‬ ‫ت‬
‫رش يف كل درب‬ ‫ودمانا تُ‬ ‫دونا‬ ‫اة غ‬ ‫دمية حنن يف احلي‬

‫(‪ )1‬احلرب العاملية األوىل عمر الديراوي ص‪.147‬‬

‫‪www. alukah. net ‬‬


‫األخالق اإلسالمية وأمهيتها للحياة اإلنسانية‬
‫‪www. alukah. net ‬‬

‫تحب‬
‫َ‬ ‫اطر مس‬ ‫دياً بع‬ ‫ون‬ ‫دام درب اً طري اً‬
‫ُ‬ ‫لت دوس األق‬
‫كل ذنيب أ ْن ليس يل أي ذنب‬ ‫ايت‬ ‫اة حي‬ ‫دوا مع احلي‬ ‫مل يري‬

‫أغ دا املوت بالقت ال َخ ديين؟‬ ‫ديين‬ ‫أين أمي؟ يا ليت مل تل‬


‫ين؟‬ ‫ان ال يكوي‬ ‫أهليب اإلنس‬ ‫تل دين األزه ار للن ار حرق اً؟‬
‫اد‪ ،‬ال تنثريين‬ ‫فأنا والرم‬ ‫لن دن احلب‪ ،‬كيف ع افت بنيه ا؟‬
‫ان أدمع كفنيين‬ ‫وهبت‬ ‫وإىل الص در باحلن ان خ ذيين‬

‫امي‬ ‫ث ار منها مع ال دموع هي‬ ‫روز ض مي‪ ،‬رس الة املس تهام‬
‫امي‬ ‫وف احلبيب هتمي أم‬ ‫فطي‬ ‫وف ؤادي مع الرس الة ظ امي‬
‫امي‬ ‫ليت ت درين ما فُت ات طع‬ ‫ادي جوع اً؟‬
‫َ‬ ‫أفتش كني يف بع‬
‫ام‬ ‫اء على بقايا عظ‬ ‫ومس‬ ‫أنا أقت ات راغم اً كل ص بح‬

‫املالما‬ ‫ِ‬
‫وقيت‬ ‫قد‬ ‫ا؟‬ ‫لست أدري إىل م‬
‫هراً فعاما‬ ‫مث ش‬ ‫اً‬ ‫الت احلرب يوم‬ ‫ط‬
‫داما‬ ‫ربنا ُم‬ ‫وش‬ ‫داها‬ ‫درى م‬ ‫ليس يُ‬
‫دونا طعاما‬ ‫وغ‬ ‫كرنا‬ ‫دون مخر س‬

‫ومي‪ . .‬وأجنمي‬ ‫هلم‬


‫غت مخ أعظمي‬ ‫مض‬ ‫دامعي‬ ‫ربت من م‬ ‫ش‬
‫ْ‬
‫اعلمي‬ ‫أال‬ ‫حبييب‬ ‫يا‬ ‫الردى‬ ‫أنا إن مت ف‬
‫أملي‬ ‫راحيت من ت‬ ‫اليت‬ ‫إليكم رس‬ ‫ف‬
‫ُّ‬
‫غتها اآلن من دمي‬ ‫ص‬

‫‪www. alukah. net ‬‬


‫األخالق اإلسالمية وأمهيتها للحياة اإلنسانية‬
‫‪www. alukah. net ‬‬

‫وانربت بدعة السكرتريات بدل الرجال‪ ،‬وظهر اجلنس الثالث‪ .‬ال هم من الرجال‪ ،‬وال من النساء‪.‬‬
‫واسرتجلت النساء‬
‫قي ل‪ :‬نف ديك من جب ان س خيف‬ ‫ف‬ ‫مث ط ارت رس الة من عري ٍ‬
‫نيف‬ ‫دفاع ع‬ ‫دا القتل بان‬ ‫وب‬ ‫ال؟ ال من جميب‬ ‫أين منا الرج‬
‫س وف يفىن من الرج ال ن زيفي‬ ‫ف وتني‬‫(لن دن) احلرب يف نزي ِ‬
‫زود إىل ال ردى ب احلتوف‬ ‫َّ‬ ‫مل ت‬ ‫فخط وط القت ال أض حت س راباً‬

‫اء‬ ‫ل‪ :‬غب‬ ‫كرترياتنا‪ ،‬فقي‬ ‫س‬


‫س وف تغ دو مع الرج ال النس اءُ‬
‫اء؟‬ ‫كيف يض رى مع احلروب البه‬ ‫ومتادى النق اش فيهم ص راخاً‪:‬‬
‫اء؟‬ ‫قى مع البالء احلي‬ ‫كيف يش‬ ‫اء‬ ‫العطور حي‬ ‫إنه الزهر ب‬
‫اء؟‬ ‫كيف يغ دون‪ ،‬وال بيوت وق‬ ‫اة‬ ‫تلك ٌّأم وزوجة وفت‬
‫اهلوى احملراق‬ ‫يتهامسن ب‬ ‫ِ‬
‫للحالق‬ ‫باح‬ ‫وذهنب الص‬
‫والفس اتني يف أت ون اح رتاق‬ ‫وج ززن الش عور‪ ،‬ع دن رج االً‬
‫ال (التن انري) ب اهلوى امله راق‬ ‫ولبسن البنط ال (خ اكي) ش عار‬
‫دفاق‬ ‫اء بعنفه ال‬ ‫ال مس‬ ‫نوبة احلب والس هاد ص باحاً‬

‫وغ دت تزحف النس اء روي داً‬


‫اح اجملال بعد اجملال‬ ‫الكتس‬ ‫ع امالت إىل املص انع س الت‬
‫تص نع املوت يف خط وط القت ال‬ ‫ْدي‬ ‫اخلراطيش والقنابل ه‬ ‫ف‬
‫من نس اء ي زدن عنف النض ال‬ ‫أمه ات يل دن موت اً زؤام اً‬
‫ذاك فعل النس اء ش به الرج ال‬
‫دي بالنسا‬ ‫مر الث‬ ‫ض‬
‫دا احلب أخرسا‬ ‫فغ‬ ‫داً‬ ‫دا اخلد أجع‬ ‫وب‬
‫ان أملسا‬ ‫ال كما ك‬ ‫زرعه‬ ‫الوجه‬ ‫أنبت‬
‫وت أشرسا‬ ‫جلجل الص‬ ‫ارب‬ ‫َّر يف الوجه ش‬ ‫طُ‬
‫دا اجلنس أخنسا‬ ‫وب‬

‫‪www. alukah. net ‬‬


‫األخالق اإلسالمية وأمهيتها للحياة اإلنسانية‬
‫‪www. alukah. net ‬‬

‫‪www. alukah. net ‬‬


‫األخالق اإلسالمية وأمهيتها للحياة اإلنسانية‬
‫‪www. alukah. net ‬‬

‫لقد ضاقت آفاق نسيم احلياة يف أوربا‪ ،‬وحجبت سحب الدخان من مصانع القتل مشس النهار‪ ،‬وتغري‬
‫س لوك اإلنس ان‪ ،‬فال هو إنسان‪ ،‬وال هو آل ة‪ ،‬وإمنا ه و بني بني؛ هو إنسان ل ه حلم ودم‪ ،‬ولكن ليس له‬
‫إحساس اإلنسان بوجوده وآدميته وإنسانيته‪ ،‬بل له إحساس اآللة الصماء‪ ،‬وقد متىن أن يرى احلياة بعيدة‬
‫عن اإلرهاق واإلرهاب والقتل‪ ،‬ولو يف يوم واحد‪ ،‬يوم عطلته األسبوعية‪ ،‬فكان له هذا اليوم مستودع‬
‫ا‪.‬‬ ‫ه كله‬ ‫آمال‬

‫أحالم الشباب املكبوت‬


‫اء‬ ‫رت)‪ ،‬قد تعبت مس‬ ‫آه (روب‬ ‫اءً‬ ‫ال نس‬ ‫نع ضم للرج‬ ‫مص‬
‫ص ار ع زمي مع ال دوار خ واء‬ ‫ومي؟‬ ‫رى هلم‬ ‫يا رفيقي‪ ،‬فما ت‬
‫مل أر الي وم يف النه ار الس ماء‬ ‫حق روحي‬ ‫جلجالت اآلالت تس‬
‫يا ص ديقي‪ ،‬قد ص ار ع زمي عي اء‬ ‫اً‬ ‫علي‪ُ ،‬مد ذراع‬
‫وف يُغشى َّ‬ ‫س‬

‫رمي عينا‬ ‫اين أنوثة ال‬ ‫من مع‬ ‫ُد معىن‬ ‫قهقهت(وود)‪ :‬مل أعد بع‬
‫ُ‬
‫لرج ال‪ ،‬لس وف نق رع س نا‬ ‫بهاً‬ ‫دوت باجلسم ش‬ ‫وود‪ ،‬غ‬
‫أنا ٌ‬
‫يف ح روب‪ ،‬أننشد املوت ْأمن ا؟‬ ‫أنت أن ثى؟ أيا غ رام ح بيب!‬ ‫ِ‬
‫ا؟‬ ‫أتغِّين مواجد احلب فن‬ ‫اتت‬ ‫يس م‬ ‫ننشد احلب؟ فاألحاس‬

‫دا‪:‬‬ ‫روح منش‬ ‫وهفا ال‬ ‫ردى‬ ‫أوقفا آلة ال‬


‫عدا!‬ ‫ما أحيلى وأس‬ ‫وراحيت‬ ‫روحي‬ ‫آه‪،‬‬
‫دا‬ ‫دا القلب جلم‬ ‫إذ غ‬ ‫اً‬ ‫رى اجلو مشمس‬ ‫أن ن‬
‫ردا‬ ‫مع الطري غ‬ ‫نس‬ ‫اً‬ ‫رى املرج زاهي‬ ‫ون‬

‫اطر ومجيل‬ ‫دنا احلب؛ ع‬ ‫غ‬ ‫ٌل‬ ‫باح بَلي‬ ‫آه يا وود‪ ،‬والص‬
‫وم حنيل‬ ‫إن غصين من اهلم‬ ‫زهر روض اجلم ال ب احلرب ي ذوي‬
‫وم؛ حاسد وخبيل‬ ‫فهو الي‬ ‫ج ود ه ذا الزم ان ب احلرب وىل‬
‫ل؟!‬ ‫ملروج‪ ،‬وأين أين الرحي‬ ‫بحاً‬ ‫ان نرحل ص‬ ‫لو جيود الزم‬

‫تمل يل مليا‬ ‫رت‪ ،‬فاس‬ ‫ياً‪ :‬آه‪ ،‬روب‬ ‫مت وود للخي ال رض‬ ‫بس‬
‫بيب ب رعم الص خر يف وج ودي ن ديا‬ ‫ٌد) يف الوج ود عيد ح‬ ‫(أح‬

‫‪www. alukah. net ‬‬


‫األخالق اإلسالمية وأمهيتها للحياة اإلنسانية‬
‫‪www. alukah. net ‬‬

‫ال طريا‬ ‫راش مع اجلم‬ ‫لو ص حونا الص باح ُم دت خطانا ك َف‬
‫ذق ب احلروب نوم اً هنيا‬ ‫يا طي وف الس الم‪ ،‬زوري جف وين مل ن‬

‫ار هوايا‬ ‫حنو حبر البلطيق ط‬


‫الت‪ :‬رؤايا‬ ‫مت وود مث ق‬ ‫بس‬
‫رق قد هتيم خطايا‬ ‫لو إىل الش‬
‫آه يا وود‪ ،‬من جهنم نفح‬
‫وي املنايا‬ ‫وان تع‬ ‫ومشال األك‬
‫ق الت‪ :‬الش رق؟ نفحة الن ار ُجنت‬
‫ا؟‬ ‫أين هنمي؟ وأين وجه املطاي‬
‫عن دنا الغ رب للح روب أت ون‬

‫لو لـ(فين وس) عص َر ح ان أم ان‬


‫ان؟‬ ‫رت‪ . .‬ما يفيد البي‬ ‫ريان آه روب‬ ‫آه يا وود‪ ،‬إنين ح‬
‫ُ‬
‫ريان‬ ‫ول‪ ،‬وتفتك الن‬ ‫فكس ته ابتس امة نس ج روح‪ :‬وعق‬
‫ْ‬
‫ا ُن‬ ‫ُل حيثما اإلنس‬ ‫يف أع ايل األفالك ق امت ح روب أمنا القت‬
‫ظن الربايا‬
‫اة ُّ‬ ‫مل يكن يف احلي‬

‫في الحرب العالمية الثانية‪:‬ـ‬


‫ويف هناية احلرب العاملية الثانية‪ ،‬ألقيت قنبلتان ذريتان أزهقت أرواح أكثر من ربع مليون إنسان يف يف‬
‫بضع ثوان‪ ،‬وما زالت اآلثار اجلانبية هلذه اجلرمية ممتدة يف األجيال املتعاقبة يف اليابان حىت اليوم‪.‬‬
‫فاحلض ارة الغربية ال تع رف إال القت ل‪ ،‬وما ذلك إال ألهنا أفلست من األخالق‪ .‬بينما ن رى أن‬
‫احلض ارة اإلس المية ملا ارتقت يف أخالقها وس لوكها س اد األمن واألم ان واحلب والس الم يف اجملتمع‬
‫اإلسالمي واجملتمع اإلنساين على السواء‪.‬‬

‫‪www. alukah. net ‬‬


‫األخالق اإلسالمية وأمهيتها للحياة اإلنسانية‬
‫‪www. alukah. net ‬‬

‫تطبيقات‬

‫‪ -1‬ما تعريف اخللُق؟‬


‫‪2‬ـ ما تعريف السلوك؟‪.‬‬
‫درك؟‬
‫‪3‬ـ اخللق صفة من صفات النفس الباطنة‪ ،‬كيف يُ َ‬
‫‪4‬ـ ما خالصة نظرية مالك بن نيب‬
‫‪5‬ـ عدد اآلثار السلبية للثورة الصناعية يف أوربا‪.‬‬
‫‪6‬ـ بني كيف كان وضع املرأة يف أوربا قبل الثورة‬
‫الصناعية وبعدها‪.‬‬
‫‪ 7‬ـ ملاذا قوي دافع االنتحار لدى إنسان الغرب؟‬
‫‪ -8‬كيف أهَّل ت أوربا العقل؟‬
‫‪9‬ـ مباذا صارت احلضارة الغربية ال تعرف القتل؟‬
‫‪- 10‬اكتب مقاالً حتت عنوان‪:‬‬
‫(السلوك األخالقي )‪.‬‬

‫‪www. alukah. net ‬‬


‫األخالق اإلسالمية وأمهيتها للحياة اإلنسانية‬
‫‪www. alukah. net ‬‬

‫األسس التي يقوم عليها السلوك األخالقي‬


‫في اإلسالم‬
‫أوالً‪ :‬األساس االعتقادي الغيبي‪:‬‬
‫يف طفولة الش عوب‪ ،‬ك ان العقل البش ري‪ ،‬يبحث يف امليتافيزيق ا‪ ،‬مث ج اء أرس طو فبحث‬
‫يف( النفس ) حبث يف ماهيته ا‪ ،‬حبث يف العناصر املكونة للك ون‪ .‬اهلواء املاء ال رتاب الن ار‪ ،‬وحبث يف‬
‫األخالق‪ ،‬وأدى به تفك ريه إىل أن يتص ور بفلس فته ( املدينة الفاض لة)‪ ،‬ومل توجد إال يف األذه ان‪ ،‬وعلى‬
‫الورق‪.‬‬
‫وجاء اإلسالم هبذه العقيدة اإلهلية‪ ،‬وأول صفة من صفات املؤمنني هبا‪ ،‬اإلميان بالغيب قال اهلل‬
‫تعاىل ( أمل ذلك الكتاب ال ريب فيه هدى للمتقني‪ ،‬الذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصالة‪) . .‬البقرة‬
‫‪1‬ـ‪.3‬‬
‫(أركان األساس االعتقادي الغييب‪:‬‬
‫اإلميان بوجود اهلل تعاىل‪ :‬وهو يعلم كل شيء‪ ،‬يف املاضي واحلاضر واملستقبل‪ ،‬حىت إنه ليعلم ما‬ ‫‪-1‬‬
‫ي دور يف خلج ات األنفس من الني ات اخلرية والش ريرة ق ال س بحانه وتع اىل‪ )) :‬ولقد خلقنا‬
‫اإلنسان ونعلم ما توسوس به نفسه )) ص – ‪16‬‬
‫إن اهلل عرف اإلنسان طريق اخلري والشر‪ :‬برساالت أوحى هبا إىل من اختارهم من الناس رس الً‬ ‫‪-2‬‬
‫فق ال س بحانه (ونفس وما س واها فأهلمها فجورها وتقواها قد أفلح من زكاها وقد خ اب من‬
‫دساها )‪ .‬الشمس ‪10-7‬‬
‫اإلميان ب البعث بعد املوت‪ :‬وه ذه احلي اة؛ إما نعيم وإما جحيم؛ ف األوىل يكافأ هبا من اتبع احلق‬ ‫‪-3‬‬
‫وفعل اخلري واجتنب الشر واحملرمات يف هذه الدنيا‪.‬‬
‫والثانية جيازى هبا من اتبع الباطل وفعل الش ر‪ .‬ق ال س بحانه‪ ( :‬فمن يعمل مثق ال ذرة خ رياً ي ره ومن‬
‫يعمل مثقال ذرة شراً يره ) الزلزلة ‪8-7‬‬
‫أهمية األساس االعتقادي‪:‬‬
‫أوالً‪:‬‬
‫أنه أساس النظامـ الخلقي‪:‬‬
‫فبغري ه ذا األس اس تفقد األخالق قدس يتها وعظيم تأثريها يف اإلنس ان‪ ،‬إذ ال معىن للحي اة دون وج ود‬
‫هذا األساس‪ ،‬ودون االعتماد عليه‪.‬‬
‫فالعقيدة‪ ،‬وهي أساس األخالق‪ ،‬تؤدي أكرب دور يف احلياة األخالقية‪ ،‬ألهنا أكرب دافع يدفع اإلنسان إىل‬

‫‪www. alukah. net ‬‬


‫األخالق اإلسالمية وأمهيتها للحياة اإلنسانية‬
‫‪www. alukah. net ‬‬

‫هوات(‪.)1‬‬ ‫اع اهلوى والش‬ ‫وى رادع يكفه عن اتب‬ ‫ال اإلجيابية اخلرية‪ ،‬وأق‬ ‫األعم‬
‫ويق ول الش يخ عبد ال رمحن حبنكة ( ل دى التحليل لنا أن أسس األخالق عقلية وفطرية وجدانية وإميانية‬
‫(‪)1‬‬
‫تدعو إىل األخذ هبا )‬
‫ثان ـيـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـاً‪:‬ـ‬
‫أنه األساس الواقعي والعملي‪:‬‬

‫اإلس الم وسط بني تط رف املادية اليهودي ة‪ ،‬وتط رف الرهبنة النص رانية‪ ،‬واختالف املذاهب ي ؤدي إىل‬
‫اختالف األسس االعتقادية والواقعية العملية لدى معتقديها‪.‬‬
‫(ف إذا ك ان اإلس الم قد دعا إىل الس مو ب الروح‪ ،‬ف إن دعوته مل تكن متطرفة كبعض ال دعوات الروحية‬
‫األخرى اليت كانت تدعو اإلنسان إىل حماربة الطبيعة‪.‬‬
‫ك ذلك مل يكن اإلس الم متطرف اً يف دعوته إىل احلي اة مع الطبيع ة‪ ،‬ك الطبيعيني ال ذين دع وا إىل‬
‫اإلخالد إىل األرض)(‪.)2‬‬
‫وقد قسم الفالسفة المسلمون المذاهب إلى أربعة أقسام‪:‬‬
‫أ‪ -‬مذهب الطبيعيني‪:‬‬
‫يقول الطبيعيون‪ :‬إن الطبيعة خلقت نفسها دون خالق‪ ،‬وهؤالء هم املالحدة‪ ،‬ومنهم الدهريون‬
‫الذين يقولون‪ :‬ما يهلكنا إال الدهر‪ .‬دون االعرتاف بوجود اخلالق جل جالله‪.‬‬
‫ب‪ -‬مذهب العقليني‪:‬‬
‫يق ول العقلي ون‪ :‬إن بني األس باب ومس بَّباهتا مالزمة عقلية ال ميكن انفكاكها كتالزم اإلح راق‬
‫للنار‪ ،‬والذبح للسكني واإلغراق للبحر‪ ،‬والشبع للطعام والري للماء‪. .‬‬
‫وهذا مذهب فاسد يف اإلسالم؛ فقد وجدت النار ومل يوجد معها اإلحراق وذلك ملا ألقي نيب‬
‫اهلل إب راهيم يف الن ار‪ ،‬فلم حترقه ق ال اهلل تع اىل‪" :‬قلنا يا ن ار ك وين ب رداً وس الماً على إب راهيم"‪ .‬األنبي اء‪:‬‬
‫‪69‬‬
‫وك ذلك الس كني مل ت ذبح إمساعيل‪ ،‬والبحر مل يغ رق موسى على نبينا وعليهم وعلى مجيع األنبي اء‬
‫واملرسلني أفضل الصالة وأزكى السالم‪.‬‬

‫(‪ )1‬علم األخالق اإلسالمية د‪ .‬مقداد يلجن ط‪ 2‬ص ‪.124‬‬


‫(‪ )1‬الثقافة اإلسالمية للشيخ عبد الرمحن حبنكه والشيخ حممد الغزايل ط‪ 1430‬ص ‪.187‬‬
‫(‪ )2‬علم األخالق اإلسالمية ص ‪.130‬‬

‫‪www. alukah. net ‬‬


‫األخالق اإلسالمية وأمهيتها للحياة اإلنسانية‬
‫‪www. alukah. net ‬‬

‫جـ ‪ -‬ومذهب املعتزلة‪:‬‬


‫أصحاب القول بالقوة املودعة‪ ،‬يقولون‪ :‬إن اهلل هو خالق األشياء ولكنه أودع فيها قوهتا‪ ،‬أودع‬
‫يف الطعام خاصية الشبع‪ ،‬ويف املاء الري ويف السكني الذبح‪ . .‬وهذا مبدأ املبتدعة‪.‬‬
‫د‪ -‬مذهب أهل السنة واجلماعة‪:‬‬
‫وهم يقولون‪ :‬إن اهلل خالق كل شيء‪ ،‬خالق األسباب ومس بَّباهتا مع صحة التخلف‪ ،‬النار حترق‬
‫إذا أراد اهلل هلا أن حترق‪ ،‬وإذا مل تتعلق إرادة اهلل ب اإلحراق ف إن الن ار ال حترق وه ذا أمر مش اهد الي وم‬
‫ل دى بعض هم‪ ،‬حيث ي أكلون اجلم ر‪ ،‬وي دخلون يف الن ار امللتهبة وال يت أثرون‪ ،‬والس كني قد ال ت ؤثر‪،‬‬
‫وهناك أناس يضربون أنفسهم بالسكاكني وال تؤثر‪ ،‬إال إذا شاء هلا اهلل أن تؤثر‪ .‬إن اهلل يؤثر باألشياء‬
‫عندها ال هبا‪ .‬الطعام حيدث الشبع عندما يريد اهلل للطعام أن يشبع اإلنسان‪ ،‬وليس يف الطعام قوة ذاتية‬
‫حيصل هبا الشبع‪ .‬فذلك متعلق باملشيئة اإلهلية‪ .‬وهذا أصح املذاهب‬
‫ثالثاً‪ :‬مراعاة الطبيعة البشرية‪.‬‬
‫بطالن نظرية دارون علمياً‪:‬‬
‫تق ول نظرية دارون‪ :‬إن اإلنس ان هو آخر حلقة من حلق ات تط ور الكائن ات احلي ة‪ ،‬وهلذا فهو‬
‫أرقى ك ائن حي‪ .‬ولالس تدالل على ذل ك‪ ،‬يعتقد املقارنة بينه وبني الق ردة العليا مثل الش مبانزي‬
‫والغوريال‪ ،‬لوجود التشابه بينهما باعتبار أن القرد آخر سلم التطور احليواين قبل اإلنسان‪.‬‬
‫لقد نقد هذه النظرية كبار رجال العلم والفكر من حيث األسس اليت تقوم النظرية عليها‪ ،‬ومن‬
‫حيث األدلة اليت يستدل هبا على صحتها‪.‬‬
‫والمقارنةـ بين القردة العليا واإلنسان‪،‬ـ يمكن أن نقسمها إلى قسمين‪:‬‬
‫األول‪ :‬الجانب الجسمي‬
‫والثاني‪:‬ـ الجانب السيكولوجي أو الروحي‬
‫إن الف ارق ال روحي بني اإلنس ان والق ردة هو أهم ف ارق‪ ،‬وهو يعد حلقة من أهم احللق ات املفق ودة‪،‬‬
‫وأكرب فجوة من الفجوات اليت مل تستطع اآلثار والدراسات احلديثة حىت اآلن أن تكملها‪ ،‬أو متألها‪ ،‬ومل‬
‫يس تطع علم اء األحي اء أن يؤك دوا وج ود أصل حي واين ل روح اإلنس ان‪ ،‬مث إن داروين نفسه اع رتف‬
‫بوجود ثغرات واسعة يف نظريته تنتظر من يسد خللها‪ ،‬كما اعرتف بأنه يتكلم عن األطوار اليت تؤثر يف‬
‫جسم اإلنس ان وال ش أن له مبا ع دا ذلك من امللك ات الروحية اليت يقررها له ال دين‪.‬‬
‫وامللك ات الروحية أو النفس ية يف اإلنس ان كما يقررها علم اء النفس والرتبية هي‪ :‬اإلدراك والت ذكر‬
‫واخليال والشعور والالشعور والتوقع واإلحساس اخللقي واألديب‪. . .‬‬

‫‪www. alukah. net ‬‬


‫األخالق اإلسالمية وأمهيتها للحياة اإلنسانية‬
‫‪www. alukah. net ‬‬

‫واإلدراك‪ ،‬قد يك ون عن طريق الرم وز أو يك ون من غري واس طة كاحلدس مثالً واإلدراك عن‬
‫طريق الرم وز واحلدس خاص ان باإلنس ان‪ ،‬ف القرد ال يس تطيع أن ي درك مثالً أن العلَم رمز ال وطن‪،‬‬
‫وكذلك التذكر الذي هو إعادة املاضي إىل احلاضر‬
‫أما فيما يتعلق باخلي ال فهو ك ذلك ي تيح لإلنس ان أن حييا يف ع امل أوسع من ع امل الواقع حيث‬
‫يستطيع عن طريق اخليال أن يتصور عاملاً جيمع فيه املاضي واحلاضر واملستقبل‪.‬‬
‫وهذا (شامبان بنشر) من علماء التشريح يقول‪ :‬إنه ال احتمال لتسلسل اإلنسان من القردة‪ ،‬ألن القردة‬
‫منفردة برتكيب خاص يستحيل تشرحيياً أن يتطور منه تركيب اإلنسان‪.‬‬
‫واجلانب املعنوي يتحدث عن جمموعة أمور‪ ،‬هي‪ :‬النفس والروح والقلب والعقل اللب‪.‬‬
‫وآراء الفالسفة يف هذا‪ ،‬ثالثة اجتاهات‪:‬‬
‫االجتاه األول‪ :‬ميثله أفالطون وسقراط وهو يرى أن النفس جوهر مستقل عن اجلسم‪.‬‬
‫واالجتاه الث اين‪ :‬ميثله أرس طو ويرى أن النفس ص ورة منطبعة مع اجلسم ال ميكن فصل أحدمها عن اآلخر‬
‫ألنه ال وجود هلا إال مع اجلسم‪ ،‬وبناء على هذا فليس هناك تكوين بيولوجي وسيكولوجي مستقل كل‬
‫منهما عن اآلخر بل اإلنسان وحده يتكامل فيها جسمه وروحه‪.‬‬
‫والث الث‪ :‬حياول التوفيق بني االجتاهني الس ابقني وميثله الفالس فة املس لمون من أمث ال الف ارايب وابن س ينا‬
‫(‪)1‬‬
‫وابن رشد والغزايل )‬
‫وقد يك ون ه دف دارون من نظريت ه‪ ،‬وهي‪ :‬احندار اإلنس ان من ق رد‪ ،‬إلغ اء اجلانب اإلهلي من منهج‬
‫البشر‪.‬‬
‫رابعاً‪ :‬الجزاء األخالقي‪:‬‬
‫وهو الثوابـ والعقاب‪:‬‬
‫( ال تغفل الرتبية اإلسالمية أي أسلوب توجه به اإلنسان وترشده‪ ،‬فإذا مل يفد أسلوب القدوة واملوعظة‬
‫جلأت إىل أسلوب الثواب والعقاب‪ ،‬أو الرتغيب والرتهيب‪ ،‬فالنفس البشرية حتتاج إىل هذين النوعني‪،‬‬
‫فكال األمرين مقرر يف اإلسالم يف ميدان احلياة‪ ،‬وميدان الرتبية‪ ،‬ولكل منهما ضوابط وقواعد؛ فالثواب‬
‫يف الرتبية اإلس المية يه دف أوالً إىل تنمية واعية للح وافز اإلميانية حىت تتج دد النية والنهج واهلدف‪.‬‬
‫والعقاب يهدف إىل إلزام اإلنسان حبدود حىت ال يتجاوزها‪ ،‬وإىل تذكريه باحلق الذي خالفه حىت يعود‬
‫فيلتزم به‪ ،‬أو الذنب الذي وقع فيه حىت يقلع عنه)(‪.)1‬‬

‫(‪ )1‬املصدر السابق ص ‪.166‬‬


‫(‪ )1‬األخالق يف اإلسالم د‪ .‬إميان عبد املؤمن سعد الدين ط‪ 4‬ص ‪.86‬‬

‫‪www. alukah. net ‬‬


‫األخالق اإلسالمية وأمهيتها للحياة اإلنسانية‬
‫‪www. alukah. net ‬‬

‫واجلزاء األخالقي أنواع‪.‬‬


‫منها اجلزاء اإلهلي‪ :‬وهو دني وي‪ ،‬وأخ روي‪ .‬وهو ث واب ملن أحسن وعق اب ملن أس اء‪.‬‬
‫اجلزاء الطبيعي‪:‬‬
‫وقد يرجع هذا اجلزاء إىل قوانني الطبيعة نفس ها‪ ،‬مثل اإلصابة باألمراض بسبب خمالفة القوانني‬
‫األخالقية‪ ،‬كاإلصابة باإليدز وتشمع الكبد نتيجة شرب املسكرات‪. .‬‬
‫وقد يرجع اجلزاء إىل ق وانني الطبيعة االجتماعية فمخالفة ق انون الص دق ي ؤدي إىل زوال الثقة وه ذا‬
‫يؤدي إىل زوال االطمئنان يف احلياة االجتماعية‬
‫واجلزاء االجتماعي‪:‬‬
‫ق ال رس ول اهلل ص لى اهلل عليه وس لم‪ " :‬أنزل وا الن اس من ازهلم من اخلري والش ر"‪ .‬فالفاسق يفقد‬
‫االحرتام من الناس والتعامل معهم‪ .‬واحملسن‪ ،‬له املكافأة من االحرتام اجلزاء الوجداين‪:‬‬
‫وهو تلك احلالة الش عورية اليت حنس هبا يف أعماقنا ب الفرح أو الت أنيب‪ ،‬بعد كل فعل نعتقد أنه‬
‫فعل حسن أو قبيح‬
‫وص فاء الض مري وس المته وإميان ه‪ ،‬إمنا يك ون مبوافقة ذلك العمل إلرادة اهلل أو خمالفته هلا‪.‬‬
‫إن قيمة هذا اجلزاء أكرب تأثرياً من قيمة اجلزاء املادي‪ .‬ورب تأنيب ضمري قلب حياة صاحبه رأس اً على‬
‫عقب كما يف قصة حي اة الكثري ممن ت ابوا كالقاضي عي اض وبشر احلايف ومالك بن ال ريب‪ .‬وقص ته ما‬
‫يلي‪:‬‬
‫كان مالك بن الريب وسيماً مجيالًَ شجاعاً‪ ،‬ولكنه كان قاطع طريق‪ ، ،‬وكانت اجليوش الغازية‬
‫متر من طريق مال ك‪ ،‬وك ان س عيد بن عثم ان بن عف ان‪ ،‬على رأس جيش متوجه إىل خراس ان للغ زو‬
‫والفتوحات اإلسالمية‪ ،‬وكان يعرف أن مالكاً يف هذه املنطقة فبعث إليه من يدعوه إليه‪.‬‬
‫وصل الوفد إىل مالك وبلغه الرسالة‪.‬‬
‫فقال مالك‪ :‬خماطباً نفسه‪ :‬وحيك يا مالك‪ ،‬أكان لك أن تكون لصاً أو قاطع طريق؟‪ .‬أما إنه ليجدر بك‬
‫أن تكون غازياً يف سبيل اهلل‪.‬‬
‫عاد مالك مع الوفد فرحب به األمري وسار معه إىل خراسان‪ ،‬وهناك كانت منيته فقال يرثي نفسه‪:‬‬
‫عري هل أبينت ليلة جبنب الغضا أزجي القالص النواجيا‬ ‫أال ليت ش‬
‫اب لياليا‬ ‫ركب عرضه وليت الغضا ماشى الرك‬ ‫فليت الغضا مل يقطع ال‬
‫زار ولكن الغضا ليس دانيا‬ ‫ان يف أهل الغضا لو دنا الغضا م‬ ‫لقد ك‬
‫ذكرت من يبكي علي فلم أجد س وى الس يف وال رمح الرديين باكيا‬ ‫ت‬

‫‪www. alukah. net ‬‬


‫األخالق اإلسالمية وأمهيتها للحياة اإلنسانية‬
‫‪www. alukah. net ‬‬

‫اقيا‬ ‫إىل املاء مل ي رتك له ال دهر س‬ ‫وك جير عنانه‬ ‫قر حمب‬ ‫وأش‬
‫لياليا‬ ‫مقيم‬ ‫إين‬ ‫برابية‬ ‫انزال‬ ‫احيب رحلي دنا املوت ف‬ ‫أيا ص‬
‫بني ما بيا‬ ‫وال تعجالين قد ت‬ ‫وم أو بعض ليلة‬ ‫أقيما علي الي‬
‫ان مث ابكيا ليا‬ ‫در واألكف‬ ‫يل الس‬ ‫تل روحي فهيئا‬ ‫وقوما إذا ما اس‬
‫وردا على عيين فضل ردائي‬ ‫جعي‬ ‫نة مض‬ ‫أطراف األس‬ ‫وخطّا ب‬
‫من األرض ذات الع رض أن توس عا ليا‬ ‫ارك اهلل فيكما‬ ‫داين ب‬ ‫وال حتس‬

‫استجابت تلك النفس بسبب تأنيب الضمري إىل هذه اليقظة اليت نقلت حياة صاحبها ومماته‪ ،‬من شأن‬
‫إىل شأن آخر‪ ،‬صار أعظم منزلة عند اهلل تعاىل وعند الناس على مدار التاريخ‪ ،‬وإىل أبد اآلبدين‪.‬‬
‫وهك ذا ن رى أن اإلس الم ربط مصري اإلنس ان من حيث الس عادة والش قاوة يف احلي اة ال دنيا واآلخ رة‬
‫بالعمل األخالقي‪ ،‬وإن ربط القيم األخالقية ب اجلزاءات املتنوعة من أهم األسس الرتبوية يف اجملتم ع‪،‬‬
‫لتنشئة الصغار والكبار ولنجاح الرتبية األخالقية يف املراحل التعليمية املختلفة‪.‬‬

‫تطبيقاتـ‬

‫‪www. alukah. net ‬‬


‫األخالق اإلسالمية وأمهيتها للحياة اإلنسانية‬
‫‪www. alukah. net ‬‬

‫‪1‬ـ ما دليل االعتقاد الغييب؟‪.‬‬


‫‪2‬ـ عدد أركان األساس االعتقاد الغييب‪.‬‬
‫‪ 3‬قسم الفالسفة املسلمون املذاهب إىل أربعة فما هي؟‬
‫‪ 4‬ـ عدد أمهية االعتقاد الغييب‬
‫‪ 5‬ـ يف اجلانب املعنوي يف اإلنسان‪ ،‬آراء فلسفية ثالثة‬
‫فما هي؟‬
‫‪ 6‬ـ ما معىن اجلزاء األخالقي؟‬
‫‪7‬ـ عدد ثالثة من أنواع اجلزاء اجلزاء األخالقي‪.‬‬
‫‪ 8‬ـ كيف يكون اجلزاء الطبيعي؟‬
‫‪ 9‬ـ قصة مالك بن الريب‪ ،‬من أي نوع من أنواع اجلزاء‬
‫األخالقي؟‪.‬‬
‫‪10‬ـ اكتب قصة فيها يقظة الضمري‪ ،‬وقد حتول صاحبه من حال إىل حال‪.‬‬

‫‪www. alukah. net ‬‬


‫األخالق اإلسالمية وأمهيتها للحياة اإلنسانية‬
‫‪www. alukah. net ‬‬

‫داللة السلوك األخالقي‬


‫على الخلق الثابت في النفس‬

‫اإلنسان مركب من عنصرين؛ مادي ومعنوي‪.‬‬


‫العنصر املادي‪ ،‬هو أداة العنصر املعنوي‪.‬‬
‫والعنصر املعنوي يشتمل على؛‬
‫الروح والعقل والقلب واللب والنفس‪.‬‬
‫وقد قسم الغزايل النفس إىل سبع مراتب وهي‪:‬‬
‫‪ .1‬النفس األمارة بالسوء‬
‫‪ .2‬والنفس اللوامة‬
‫‪ .3‬النفس امللهمة‬
‫‪ .4‬والنفس اآلمنة‬
‫‪ .5‬والنفس املطمئنة‬
‫‪ .6‬والنفس الراضية‬
‫‪ .7‬والنفس امل ْرضية‪.‬‬
‫َ‬
‫ج اءت ه ذه تقسيمات للنفس بسبب ميوهلا حنو اخلري أو‪ ،‬حنو الش ر‪ ،‬والقلب وفيه الض مري ال ذي ي أمر‬
‫باخلري ويثيب عليه الشعور بالرضا أو التأنيب والشعور بالذنب‪.‬‬
‫إن العنصر املعنوي يف اإلنسان هو مستودع الدافع السلوكي اإلنساين‪ ،‬فمثالً إذا أراد اإلنسان أن يعرب‬
‫عن موقف من املواقف‪ ،‬ف إن اللسان ال يتح رك ابت داء الكالم‪ ،‬ال بد له من أن يص در األمر ب الكالم من‬
‫الواعية الداخلية يف اإلنس ان‪ ،‬ال بد إال أن يص در الكالم من النفس‪ ،‬من داخل اإلنس ان مث ي أيت دور‬
‫اللس ان ليعرب عن ه ذا الكالم‪ ،‬ويف ه ذه احلال يص بح بي ان اللس ان انعكاس اً عن بي ان النفس‪،‬‬
‫وهذا املعىن بينه إمام البالغة عبد القاهر اجلرجاين فقال‬
‫( اعلم أن الكالم هو ال ذي يعطي العل وم منازهلا‪ ،‬وي بني مراتبه ا‪ ،‬ويكشف عن ص ورها‪ ،‬ومن ال بنِّي‬
‫اجللي أن التب اين يف ه ذه القض ية والتباعد عنها إىل ما ينافيها من الرذيل ة‪ ،‬ليس مبج رد اللف ظ‪ ،‬كيف‬
‫واأللف اظ ال تفيد حىت تؤلف ض رباً خاص اً من الت أليف‪ ،‬وه ذا احلكم يقع يف األلف اظ مرتَّب اً على املع اين‬
‫(‪)1‬‬
‫املرتبة يف النفس )‬

‫(‪ )1‬أسرار البالغة لعبد القاهر اجلرجاين بتحقيق هـ‪ .‬ريرت ط‪ 2‬ص ‪.1‬‬

‫‪www. alukah. net ‬‬


‫األخالق اإلسالمية وأمهيتها للحياة اإلنسانية‬
‫‪www. alukah. net ‬‬

‫واإلنس ان قد يتكلم يف نفسه كالم اً يف أحالم اليقظ ة‪ ،‬ورمبا يظهر بعضه بص وت مس موع‪ ،‬أو يبقى‬
‫داخل النفس والشعراء يتكلمون يف أنفس هم كالم اً داخلي اً‪ ،‬مث يظهر على ش كل قصيدة أو خطب ة‪. . .‬‬
‫وهذا املعىن يف القرآن الكرمي واحلديث الشريف والشعر وكالم العرب‪.‬‬
‫قال اهلل تعاىل‪ (( :‬ويقولون يف أنفسهم لوال يعذبنا اهلل مبا نقول حسبهم جهنم يصلوهنا )) اجملادلة‪8 :‬‬
‫وقال رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم‪ ( :‬من مل يغز ومل حيدث نفسه بالغزو مات على شعبة من النفاق‬
‫)‪ .‬واحلديث النفسي ال حيتاج إىل دليل عليه‪.‬‬
‫قال الشاعر األخطل‪:‬‬
‫ال يعجبنَّك من خطيب خطبة‬
‫حىت يكون مع الكالم أصيال‬
‫إن الكالم لفي الفؤاد وإمنا‬
‫ُجعل اللسان على الفؤاد دليال‬
‫وملا اجتمع األنص ار يف س قيفة بين س اعدة ي وم وف اة الرس ول ص لى اهلل عليه وس لم‪ ،‬ذهب عمر بن‬
‫اخلطاب رضي اهلل عنه للقائهم‪ ،‬وقد تقدمه أبو بكر الصديق رضي اهلل عنه يقول عمر‪ :‬كنت زورت يف‬
‫نفسي مق االً ‪ -‬ألقوله لألنص ار – فس بقين إىل الق ول أبو بك ر‪ ،‬فما ت رك معىن زورته يف نفسه إال قاله‬
‫وأحسن منه)(‪ .)1‬ومن منا ال حيدث نفسه بأمر من األمور؟ فالكالم أصالً يف القلب ال يف اللسان‪.‬‬
‫فالنفس منبع الدوافع لألقوال واألفعال‪ ،‬واخللُق يف النفس يستند إىل العقيدة‪ ،‬فكلما كانت العقيدة يف‬
‫النفس أق وى ك انت األخالق أق وى‪ ،‬وكلما ك انت األخالق يف النفس أق وى ك انت األفع ال اخلرية يف‬
‫اجملتمع أقوى‪ .‬وألوضح هذه النقطة‪.‬‬
‫إذا رأى مس لم فق رياً أثر فيه اجلوع فش حب لونه وظهر الب ؤس على مالحمه‪ ،‬ف إن نفس من ي رى ه ذا‬
‫الفقري تنفعل وجدانياً بدافع الرمحة النابعة من العقيدة‪ ،‬وتتوقف درجة هذا االنفعال؛ قوة أو ضعفاً على‬
‫درجة متكن العقيدة يف نفس صاحبها‪ ،‬وكلما كان متكن العقيدة أكثر كان االنفعال أكرب‪ ،‬هذا االنفعال‬
‫الداخلي سيعرب عن نفسه‪ ،‬ال يكتفي أن يكون جمرد إحساس بالرمحة على الفقري أو الشفقة على حاله‪،‬‬
‫بل س يكون ه ذا االنفع ال دافع اً لص احبه ب أن ي رتجم ه ذا الش عور إىل (فع ل) فيمد الرجل ي ده إىل جيبه‬
‫ويدفع إىل الفقري مبلغاً من املال على قدر حاجة الفقري وعلى قدر استطاعة الرجل‪ ،‬إن كرم الرجل وهو‬
‫فعل أو سلوك أخالقي‪ ،‬جاء داللة على خلق مغروس يف النفس باعثه العقيدة‪.‬‬
‫ف اخللق يف نفس اإلنس ان هو املرآة‪ ،‬والس لوك األخالقي انعك اس عنه ا‪ ،‬اإلعط اء هو الص ورة احلس ية‬

‫(‪ )1‬انظر سرية ابن هشام‪ :‬حديث السقيفة‪.‬‬

‫‪www. alukah. net ‬‬


‫األخالق اإلسالمية وأمهيتها للحياة اإلنسانية‬
‫‪www. alukah. net ‬‬

‫الظاهرية وهو الس لوك‪ ،‬فال يوجد ك رمي بال ك رم‪ ،‬والك رم ومجيع الس لوكيات الفاض لة هي الص ور‬
‫احلسية‪ ،‬وهي ترمجة للفضائل الداخلية يف النفس اإلنسانية‪ ،‬تدفع صاحب األخالق إىل أن يبذل الكرم‪..‬‬
‫وحب الطه ارة النفس ية املعنوية يف النفس‪ ،‬ي دفع ص احبها إىل أن يغض من بص ره يف النظر إىل حمرم‪،‬‬
‫ويكف مسعه عن املع ازف والغن اء‪ ،‬ومينع جوارحه عن األذى ويغض خميلته التص ويرية عن أن تتص ور‬
‫أموراً حمرمة‪ ،‬وإن مل يباشر اإلنسان ممارستها الفعلية‪.‬‬
‫لقد منعت األخالق صاحبها من مباشرة الفعل املذموم ومنعته من تصور مباشرة الفعل املذموم‪،‬‬
‫وه ذا هو اإلمث الب اطن‪ ،‬لقد ح رم اهلل تع اىل الف واحش ما ظهر منها وما بطن‪ .‬فاملس لم ط اهر ظ اهراً‬
‫وباطناً‪.‬‬

‫اإلثم الباطن‪:‬ـ‬

‫وهو التفكري بالشر‪.‬‬


‫يروى أن داعية‪ ،‬خطب خطبة يذ ّكر هبا املصلني‪ ،‬وجلت هلا القلوب‪ ،‬وذرفت منها العيون‪،‬‬
‫فقال أحد السامعني‪ :‬أريد أن أخترب باطن هذا اخلطيب‪ ،‬فجاء وسلم عليه‪ ،‬وطلب منه أن يكون ضيفه‪،‬‬
‫مرحب اً‪ ،‬بات الضيف عند اخلطيب‪ ،‬ويف الصباح شكره وانصرف‪ ،‬فقال له أحد أصدقائه‬ ‫فلىب اخلطيب ِّ‬
‫الذين عرفوا سبب مبيته‪ :‬ماذا رأيت؟‬
‫قال‪ :‬ال أدري ماذا أقول‪ ،‬وماذا أصف؟ إن كل الذي أقوله هو‪ :‬أن باطنه خري من ظاهره‪.‬‬
‫إن هلل رج االً‪ ،‬فمع حسن ظ اهر ه ذا الداعية يف ال دعوة إىل اهلل تع اىل‪ ،‬ك ان باطنه خ رياً من ظ اهره‪،‬‬
‫فحسن الباطن أساس حسن الظاهر‪.‬‬
‫واإلنسان الذي خيتلف ظاهرة عن باطنه أو باطنه عن ظاهره‪ ،‬يظهر ولو يف فلتات لسانه ويف‬
‫(‪)1‬‬
‫مالمح وجهه‪ ،‬قال زهري بن أيب سلمى يف معلقته‬
‫ومهما تكن عند امرئ من خليقة‬
‫وإن خاهلا ختفى عن الناس‪ ،‬تُعلم‬
‫وذلك أن أساس الصفة أو اخللق أو السجية أو الطبيعة أن تكون يف الباطن ال يف الظاهر‪ ،‬ومهما حاول‬
‫اإلنسان إخفاءها والتعمية عنها‪ ،‬فال بد إال أن تظهر‬
‫قال صلى اهلل عليه وسلم( اتقوا فراسة املؤمن فإنه ينظر بنور اهلل)‪.‬‬

‫(‪ )1‬ديوان زهري بن أيب سلمى ط بريوت‪.‬‬

‫‪www. alukah. net ‬‬


‫األخالق اإلسالمية وأمهيتها للحياة اإلنسانية‬
‫‪www. alukah. net ‬‬

‫(ثوب الرياء يشف عما حتته) ويف أمثال العرب‪:‬‬


‫لتنم عما فيها)‪.‬‬
‫(إن الزجاجة ُّ‬

‫األخالق تؤثر في السلوك‪ ،‬والسلوك يؤثر في األخالق‪:‬‬


‫عرفنا كيف تؤثر األخالق يف السلوك‪.‬‬
‫فكيف يؤثر السلوك يف األخالق؟‬
‫اآليات القرآنية تبني ذلك‪ .‬قال اهلل تعاىل يف كتابه الكرمي ( خذ من أمواهلم صدقة تطهرهم وتزكيهم هبا‬
‫) التوبة ‪ .103‬قال ابن سعدي يف تفسريه هذه اآلية الكرمية‬
‫( قال اهلل تعاىل لرسوله؛ ومن قام مقامه‪ ،‬آمراً له مبا يطهر املؤمنني ويتم إمياهنم‪( :‬خذ من أمواهلم صدقة)‬
‫(‪)1‬‬
‫وهي الزكاة املفروضة‪( .‬تطهرهم وتزكيهم هبا )أي‪ :‬تطهرهم من الذنوب واألخالق الرذيلة)‬
‫وهذا ما يقرر القاعدة التالية‪ :‬خلُق اخلري يدفع صاحبه إىل فعل اخلري‪ .‬وفعل اخلري يطهر النفس من الشر‪.‬‬
‫ل ذلك ح رص اإلس الم على طه ارة القلب وص فائة وس المته من اآلف ات والعلل فقال س بحانه‬
‫وتعاىل يف كتابه الكرمي‪" :‬يوم ال ينفع مال وال بنون إال من أتى اهلل بقلب سليم"‪ .‬الشعراء‪89 :‬‬
‫وق ال ص لى اهلل عليه وس لم‪" :‬أال إن يف اجلسد مض غة إذا ص لحت ص لح اجلسد كله إال وهي‬
‫القلب" وق ال‪" :‬إن اهلل تع اىل ال ينظر إىل أجس امكم وال إىل ص وركم ولكن ينظر إىل قل وبكم" (‪)2‬وقد‬
‫حض اإلسالم على فعل اخلري لتكتمل خريية الطباع‪.‬‬
‫نتصور أن اثنني سارا يف الطريق وشاهدا حادث تصادم بني سيارتني‪ ،‬فواحد منهما رمبا يتأثر أكثر من‬
‫اآلخر ويبدي أمله وتص در عنه كلمات الرمحة والشفقة‪ .‬والث اين يك ون أقل درجة يف التأثر من ص ديقه‪،‬‬
‫مع أن احلادث واحد واملش اهدة واح دة‪ ،‬كل منهما رآها بعينيه وش هداها بإحساس ه‪ ،‬فمن أين نشأ‬
‫التفاوت يف التعبري عن هذا احلادث؟ نشأ من االنفعال الداخلي‪ ،‬من عنصر الشفقة أو الرمحة‪. .‬‬
‫ولو أن هذين مرا على فقري من العمالة اليت تؤدي مهمة النظافة‪ ،‬فهذه من املهن اليت يستحق القائمون‬
‫هبا الص دقة أي‪ ،‬ليس ممن يتص نعون الفقر يف العالنية مع احتم ال غن اهم س راً‪ ،‬فرمبا مد أحد الص ديقني‬
‫ي ده إىل ذلك الفقري مببلغ من املال‪ ،‬وص ديقه حيمل م االً ولكنه مل تأخ ذه الرمحة والش فقة إىل أن ينفعل‬
‫االنفعال الكايف لتدفعه إىل أن يبذل املعروف لذلك الفقري أو غريه‪.‬‬
‫نقول‪ :‬إن عنصر الرمحة والشفقة والبذل عند األول كان قوي اً دفعه إىل أن ترجم هذا اإلحساس‬

‫(‪ )1‬تفسري ابن سعدي ط ‪ .1‬ص‪.460 .‬‬


‫(‪ )2‬رياض الصاحلني ص ‪.5‬‬

‫‪www. alukah. net ‬‬


‫األخالق اإلسالمية وأمهيتها للحياة اإلنسانية‬
‫‪www. alukah. net ‬‬

‫بالسلوك األخالقي وهو الكرم‪.‬‬


‫أما الثاين‪ ،‬فلم يصل االنفعال إىل درجة يرتجم فيها صاحبها شعوره إىل عمل أو إىل سلوك‪.‬‬
‫إن وراء الشعور العقيدة‪ ،‬هي اليت تعزز األخالق داخل النفس‪ ،‬مث إن هذه األخالق النفسية‪،‬‬
‫ال‪.‬‬ ‫رتجم إىل أفع‬ ‫لوك أخالقي‪ ،‬أي أهنا ت‬ ‫رتجم إىل س‬ ‫ت‬
‫إن تعزيز العقي دة يف النفس أس اس األخالق‪ .‬ول ذلك دعا اإلس الم إىل حسن اخلل ق‪ ،‬وإن ق وة األخالق‬
‫من قوة العقيدة‪ .‬واخللق العظيم‪ ،‬جيمع السجايا العظيمة إىل السلوك العظيم ألن السلوك مرآة السجايا‪.‬‬
‫داللة ظنية أم قطعية؟‪:‬‬
‫هذا فيما يتعلق بالسلوك األخالقي السوي‪ ،‬ولكن قد يكون هذا السلوك رياء ونفاق اً‪ ،‬فهذا ال‬
‫ينطبق فيه الظ اهر على الب اطن؛ فقد يك ون من ب اب النف اق‪ ،‬ويف ه ذه احلالة قد تك ون داللة الس لوك‬
‫األخالقي ظنية‪.‬‬
‫ومن الباحثني من جيعل السلوك األخالقي يف داللته على اخللق الثابت‪ ،‬داللة ظنية مطلق اً‪ ،‬كالشيخ عبد‬
‫الرمحن حبنكة يف كتابه الثقافة اإلسالمية حيث يقول‪:‬‬
‫(إن داللة الس لوك األخالقي على اخللق الث ابت يف ق رارة النفس داللة ظني ة‪ ،‬وليست قطعي ة‪ ،‬فقد ال‬
‫يكون السلوك األخالقي صادراً عن خلق أصيل ثابت يف قرارة النفس‪ ،‬إذ رمبا يكون صادراً عن تكلف‬
‫وتص نع‪ ،‬أو عن خ وف وطم ع‪ ،‬وعندئذ فقد يك ون من قبيل الري اء‪ ،‬وقد يك ون من قبيل النف اق‪ ،‬وقد‬
‫يك ون ص احبه خملص اً يريد تطويع نفسه وترويض ها حىت تكتسب اخللق الك رمي ولو مل يكن ذلك من‬
‫أصل طبعها) (‪.)1‬‬
‫مناقشة فكرة الداللة الظنية‪:‬ـ‬
‫إن الق ول ب أن (داللة الس لوك األخالقي على اخللق الث ابت يف ق رارة النفس داللة ظني ة) فيه نظ ر‪ ،‬فمن‬
‫ذكر اهلل خالي اً وفاضت عيناه‪ ،‬مباذا حنكم عليه؟ هل نظن فيه أنه يرائي أو ينافق هبذه الدموع؟ وقد قال‬
‫رس ول اهلل ص لى اهلل عليه وس لم (إذا رأيتم الرجل يعت اد املس اجد فاش هدوا له باإلميان)‪ .‬إن للص دق‬
‫عالم ات يع رف هبا‪ ،‬كما أن للك ذب عالم ات تَشي ب ه‪ ،‬وتنم عليه وتفصح عن أم ره وتفض حه‪ .‬منها‬
‫مثالً حديث النفاق قال صلى اهلل عليه وسلم‪ ( :‬آية املنافق ثالث؛ إذا حدث كذب‪ ،‬وإذا وعد أخلف‪،‬‬
‫وإذا ائتمن خ ان) فمن ع رفت عنه ه ذه الص فات‪ ،‬يشك يف س لوكه‪ ،‬أما املس تقيم من علم اء اإلس الم‬
‫وطالب العلم الش رعي وكثري من أف راد األم ة‪ ،‬هل نظن فيهم النف اق مع ع دم وج ود دالئل من ق ول‬
‫افقني؟‪.‬‬ ‫اق أو عمل املن‬ ‫النف‬

‫(‪ )1‬الثقافة اإلسالمية‪ .‬عبد الرمحن حبنكة وحممد غزايل ‪ 1430‬ص ‪.184‬‬

‫‪www. alukah. net ‬‬


‫األخالق اإلسالمية وأمهيتها للحياة اإلنسانية‬
‫‪www. alukah. net ‬‬

‫إن حاالت داللة السلوك على اخللق ثالث وهي‪:‬‬


‫‪ .1‬داللة قطعية إجيابية‪ :‬إذا كان صاحبها حتت مظلة إميانية‪ ،‬كمن يشملهم حديث ( سبعة يظلهم‬
‫اهلل يف ظله يوم ال ظل إال ظله‪) . . .‬‬
‫‪ .2‬داللة قطعية سلبية‪ :‬إذا كان صاحبها مشموالً حبديث ( آية املنافق ثالثة؛ إذا حدث كذب‪. . .‬‬
‫)‬
‫‪ .3‬داللة ظنية‪ :‬إذا كان صاحبها جمهول احلال‪ .‬حينئذ قد يكون السلوك األخالقي تابع اُ ألغراض‬
‫ش ىت غ ري م ا حيكم علي ه بالص دق أو الك ذب‪ ،‬وإمنا ه و؛ إم ا من ب اب ت رويض النفس على‬
‫الفض ائل أو من ب اب ( مك ره أخ وك ال بط ل)(‪ )1‬وهلذا املث ل قص ة يف كت اب جمم ع األمث ال‬
‫للمي داين‪ :‬ق ال ه ذا املث ل بيهس امللقب بنعام ه‪ ،‬ق ال املفض ل‪ :‬ك ان من ح ديث بيهس أن ه ك ان‬
‫رجالً من ب ين ف زازة ابن ذبي ان وك ان س ابع س بعة إخ وة‪ ،‬فأغ ار عليهم ن اس من أش جع بينهم‬
‫حيمق‪ ،‬وك ان أص غرهم‪،‬‬ ‫وبينهم ح رب‪ ،‬وهم يف إبلهم فقتل وا منهم س تة وبقي بيهس وك ان َّ‬
‫ف أرادوا قتل ه‪ ،‬مث قالوا‪ :‬ما تريدون من قتل هذا؟ حيسب عليكم برجل‪ ،‬وال خري في ه‪ ،‬فرتكوه‬
‫فقال‪ :‬دعوين أتوصل معكم إىل احلي‪ ،‬فأقبل معهم فلما كان الغد نزلوا فنحروا جزوراً يف يوم‬
‫شديد احلر فقالوا‪ :‬ظللوا حلمكم ال يفسد‪ .‬فقال بيهس‪ :‬لكن باألثالت حلماً ال يظلل‪ ،‬فلما قال‬
‫ذلك قالوا‪ :‬إنه ملنكر ومهوا أن يقتلوه‪ ،‬مث تركوه‪ ،‬مث انشعب طريقهم فأتى أمه فأخربها اخلرب‪،‬‬
‫فعطفت عليه ورقت له‪ ،‬مث قال‪:‬‬
‫البس لكل حالة لبوسها‬
‫إما نعيمها وإما بؤسها‬
‫مث أمر النساء فصنعن له طعام اً فجعل يأكل ويقول‪ :‬حبذا كثرة األيدي من غري طعام‪ .‬فقالت أمه‪ :‬ال‬
‫يطلب هذا بثأر أبداً‪ .‬مث إنه أخرب أن ناس اً من أشجع يف غار يشربون فيه فانطلق خبال له يقال له‪ :‬أبو‬
‫حنش فقال له‪ :‬هل لك يف غنيمة باردة؟ مث انطلق بيهس خباله حىت أقامه يف فم الغار مث دفع أبا حنش يف‬
‫الغار فقال‪ :‬ضرباً أبا حنش‪ ،‬فقال بعضهم‪ :‬إن أبا حنش لبطل‪ .‬فقال أبو حنش‪:‬‬
‫( مكره أخوك ال بطل)‪.‬‬

‫تدريباتـ‬

‫(‪ )1‬جممع األمثال للميداين برقم ‪ 771‬بتحقيق حممد حمي الدين عبد احلميد ط دار الفكرط‪.3‬‬

‫‪www. alukah. net ‬‬


‫األخالق اإلسالمية وأمهيتها للحياة اإلنسانية‬
‫‪www. alukah. net ‬‬

‫‪ .1‬كيف فهمت اجلانب املعنوي يف اإلنسان؟‬


‫‪ .2‬ما سبب تقسيمات اجلانب املعنوي؟‬
‫‪ .3‬ماذا يسمى من اختلف ظاهره عن باطنه؟‬
‫‪ .4‬ملاذا اعتىن اإلسالم باجلانب املعنوي؟‬
‫‪ .5‬ما معىن هذه العبارة ( ال يوجد كرمي بال كرم)؟‬
‫‪ .6‬اشرح هذه العبارة ( اخللق يف نفس اإلنسان مرآة‪ ،‬والسلوك األخالقي انعكاس عنها )؟‬
‫‪ .7‬ما معىن اإلمث الباطن؟‬
‫‪ .8‬هل معىن هذا البيت صحيح؟ بني ذلك‪.‬‬
‫ومهما تكن عند امرئ من خليقة‬
‫وإن خاهلا ختفى على الناس تعلم؟‬
‫‪( .9‬كلما كانت العقيدة يف النفس أقوى كان السلوك أقوى) ما معىن هذا الكالم؟‬
‫‪.10‬بني كيف تؤثر األخالق يف السلوك؟‬
‫‪.11‬بني كيف يؤثر السلوك يف األخالق؟‬
‫‪.12‬ملاذا يتفاوت رجالن يف فضيلة ما؟‬
‫‪.13‬ما عالقة حسن السلوك حبسن اخللق؟‬
‫‪.14‬احبث يف‪ :‬داللة السلوك األخالقي على اخللق الثابت يف النفس‪.‬‬

‫‪www. alukah. net ‬‬


‫األخالق اإلسالمية وأمهيتها للحياة اإلنسانية‬
‫‪www. alukah. net ‬‬

‫الغايةـ من االلتزام بالسلوك األخالقي‬

‫ال دكتور حممد عبد اهلل دراز ق دم رس الته ال دكتوراه بعن وان دس تور األخالق يف الق رآن‪ .‬والرس الة كلها‬
‫هي‪:‬‬
‫النظرية األخالقية يف الق رآن مقارنة بالنظري ات األخ رى‪ .‬يق ول حتت عن وان‪:‬‬
‫(‪)1‬‬
‫اإللزام‬
‫( يس تند أي م ذهب أخالقي على فك رة اإلل زام‪ ،‬فهو القاع دة األساس ية واملدار ال ذي ي دور حوله كل‬
‫نظ ام أخالقي‪ ،‬ذلك أنه إذا مل يعد هن اك إل زام‪ ،‬فلن تك ون هن اك مس ؤولية‪ ،‬وإذا ع دمت املس ؤولية فال‬
‫ميكن أن تعود العدالة‪ ،‬وحينئذ تعم الفوضى‪ ،‬ويفسد النظام‪ ،‬وكيف نتصور قاعدة أخالقية بدون إلزام‪.‬‬
‫ولقد أحسن الفيلسوف ( كانْت) صنعاً حني كشف عن مصدر اإللزام األخالقي يف تلك امللكة العليا‬
‫يف النفس اإلنس انية اليت توجه مس تقلة عن الش هوة وعن الع امل اخلارجي مع اً‪.‬‬
‫ونظ رة(ك انت) ه ذه‪ ،‬ال تعد من املس لمات فحس ب‪ ،‬بل إهنا لتتفق متام اً فيما ن رى مع النظرية‬
‫رآن‪.‬‬ ‫املستخلصة من الق‬
‫مصدر اإللزام األخالقي الق وة الباطنة‪ ،‬وهي ال تقتصر على نصحه وهدايته وحسب‪ ،‬بل إهنا توجه إليه‬
‫أوامر ب أن يفعل أو‪ ،‬ال يفع ل‪ ،‬فنحن عن دما نقصر يف واجباتنا حنس أننا قد هبطنا إىل مس توى غري خليق‬
‫بنا‪ ،‬ونعرتف ضمناً بأننا خملوق نبيل قد زل‪ ،‬وال يزال القرآن يوقظ فينا هذا الشعور بكرامتنا األصلية)‬
‫(‪)1‬‬
‫( فاملسؤولية إذاً‪ ،‬صفة يستمدها اإلنسان من فطرته قبل أن يتلقاها من اخلارج)‬
‫أقول‪ :‬إن فكرة اإللزام وااللتزام‪ ،‬ظهرت أول ما ظهرت يف املعسكر الشيوعي‪ ،‬وهي فكرة تصب يف‬
‫األدب الش يوعي‪ ،‬فكل أديب يعرب عن العقي دة الش يوعية تعب رياً نابع اً من إميانه هبا‪ ،‬وقد ان دفعت طبقة‬
‫الربوليتارياـ الطبقة الكادحةـ رافعة صوهتا معربة عن التزامها هبذا املبدأ‪.‬‬
‫بقيت الطبقات غري الشيوعية فماذا تفعل جتاه الشيوعية اليت ال تؤمن هبا‪ ،‬وقد سيطرت على مقدرات‬
‫احلكم يف البالد؟ لقد ألزمتهم الشيوعية على أن يعرب عنها بفنهم األديب و سائر الفنون اجلميلة كالتصوير‬
‫والنحت والرسم واألدب والش عر‪ ،‬وقد رأى خروتش وف رئيس االحتاد الس وفيييت الس ابق ص ورة يف‬
‫معرض لرسام شيوعي مل يدع يف هذه الرمسة إىل الفن الشيوعي فقال‪:‬‬
‫(من هذا احلمار الذي رسم هذه الرمسة )؟‬ ‫َ‬

‫(‪ )1‬دستور األخالق يف القرآن‪ .‬النظرية األخالقية مقارنو بالنظريات األخرى‪ .‬د‪ .‬حممد عبد اهلل دراز ص ‪. . . .22‬‬
‫(‪ )1‬األخالق يف اإلسالم د‪ .‬إميان عبد املؤمن سعد الدين ص‪.123‬‬

‫‪www. alukah. net ‬‬


‫األخالق اإلسالمية وأمهيتها للحياة اإلنسانية‬
‫‪www. alukah. net ‬‬

‫فاإللزام غري االلتزام‪ ،‬اإللزام‪ :‬أمر يرد على النفس من خارجها وهو أمر فيه إكراه‪.‬‬
‫أما االلتزام‪ :‬فهو أمر ينبع من داخل النفس‪ ،‬وهو أمر حمبب لإلنسان الذي يلتزم أخالقي اً مبا يراه‬
‫مناسباً‪.‬‬
‫أما مصطلح (املسؤولية األخالقية) فإن الدكتور مقداد يلجن جيعله رديف اً لاللتزام‪ ،‬وهو حيدد معناه‪ ،‬مبا‬
‫يلي (‪:)1‬‬
‫(أن يتحمل الش خص نتيجة اختياراته العملية من الناحية اإلجيابية والس لبية أم ام اهلل يف الدرجة األوىل‪،‬‬
‫وأما ضمريه بالدرجة الثانية وأمام اجملتمع يف الدرجة الثالثة)‬
‫غاية األخالق‪:‬‬

‫و يعقد الدكتور مقداد فصالً هلذا املوضوع يتساءل فيه (‪:)1‬‬

‫عادة‪.‬‬ ‫ة؟ إهنا الس‬ ‫ذه الغاي‬ ‫ة‪ ،‬فما ه‬ ‫انت لألخالق غاي‬ ‫(إذا ك‬
‫ولكن ما حقيقة السعادة؟‬
‫لقد اختلف الدارس ون يف حتديد الس عادة من حيث ماهيته ا‪ ،‬والطريق املؤدي إليه ا‪ ،‬وسنقتصر الق ول‬
‫على االجتاهات اآلتية‪.‬‬
‫أ‪ .‬االجتاه الروحي‪:‬‬
‫ي رى ه ذا االجتاه أن ال روح حقيقة اإلنس ان وج وهره‪ ،‬وأما اجلس م؛ فما هو إال أداة تس تعملها ال روح‪،‬‬
‫وهلذا‪ ،‬ف إن حقيقة س عادة اإلنس ان س عادة روحي ة‪ ،‬وهي ال تتم إال باالهتم ام هبا‪ ،‬وحتقيق متطلباهتا‬
‫وتطهريها وتزكيتها من العالئق املادية والن وازع الش ريرة‪ ،‬وب ذلك تص بح مالكة اجلسم تس ريه حسب‬
‫مشيئتها وتتحرر من قيود اجلسم وأغالله ومتطلباته‪ ،‬ولذلك ال ينبغي االهتمام باجلسم ألن االهتمام به‬
‫يقوي النوازع املادية فتتسلط املادة على الروح فتشفى‪.‬‬
‫ومن جهة أخ رى ف إن ال روح هي احلقيقة الباقية بعد فن اء اجلس د‪ ،‬فاالهتم ام هبا يعد اهتمام اً‬
‫بالسعادة احلقيقية الدائمة يف عامل اخللود‪.‬‬
‫وهن اك اجتاه روحي آخر يف فلس فة اهلن ود الربامهة‪ ،‬وخاصة البوذية اليت تط ورت من الربامهة على يد‬
‫واحد من زهادهم‪ ،‬ترى هذه الفلسفة‪ ،‬أن السعادة الكاملة تتم عن طريق التخلص من هذه احلياة‪ ،‬اليت‬

‫(‪ )1‬يف كتابه علم األخالق اإلسالمية ط‪ 2‬ص ‪252‬‬


‫(‪ )1‬علم األخالق اإلسالمية د‪ .‬مقداد يلجن ص ‪.58‬‬

‫‪www. alukah. net ‬‬


‫األخالق اإلسالمية وأمهيتها للحياة اإلنسانية‬
‫‪www. alukah. net ‬‬

‫هي مصدر اآلالم واألحزان والشقاء والكآبة والتعاسة‪ ،‬واالنتقال إىل عامل اإلله أو‪ ،‬إفناء الذات يف اهلل‪،‬‬
‫أو االلتح اق بع امل النرفانا والس بيل إليه هو حماربة األه واء والرغب ات املادية وت رك اللذائذ واملتع الدنيوية‬
‫وجتنب الرذائل واآلثام والقبائح مثل الكذب وشهادة الزور والزىن وإراقة الدماء وقتل البقر بصفة خاصة‬
‫مث التحلي بالفضائل مثل اجلود والعفو واالستقامة والطهارة والصدق وعبادة اهلل‪.‬‬
‫وإن االنتق ال من دار الش قاء إىل دار السعادة يتم عن طريق التناس خ‪ ،‬وهو من أهم مبادئ هذه‬
‫الفلسفة‪.‬‬
‫ب‪ -‬االجتاه العقلي‪:‬‬
‫وي رى ه ذا االجتاه أن الس عادة هي الش عور الغ الب بالس رور ال دائم يف مجيع الظ روف‪ ،‬وه ذا‬
‫الشعور يأيت نتيجة إخضاع السلوك حلكم العقل‪ ،‬واتباع قوانينه والتمسك بالفضائل اليت يأمر هبا‪ ،‬وقد‬
‫ت يف العصور احلديثة‪.‬‬ ‫ذهب إىل هذا االجتاه‪ ،‬أرسطو والرواقيون يف العصور القدمية‪ ،‬وديكارت وكانْ ُ‬
‫فالس عادة احلقيقية عند أرس طو حتصل نتيجة احلص ول على مجيع اخلريات التام ة‪ ،‬فهو ب ذلك جيمع بني‬
‫اخلريات اخلارجية احلس ية من املال والنعم األخ رى‪ ،‬واخلريات الداخلية النفس ية من احلكمة واملعرفة‬
‫والفضيلة‪ ،‬إال أنه يفضل اخلريات العقلية والنفسية على اخلريات اخلارجية‪ ،‬أي أنه يرجح اخلريات املعنوية‬
‫على اخلريات املادية‪.‬‬
‫عرف‬ ‫وقد تبىن أمحد بن مسكويه رأي أرسطو يف السعادة‪ ،‬وذهب الفارايب إىل قريب من هذا االجتاه إذ َّ‬
‫السعادة بأهنا (اجتاه عقل اإلنسان مع العقل الفعال) ويكون ذلك عن طريق التحلي بالفضائل األخالقية‬
‫واالبتعاد عن الشرور والرذائل‪.‬‬
‫جـ‪ -‬االجتاه املادي‬
‫يرى أصحاب هذا االجتاه‪ ،‬أن السعادة هي اليت يشعر هبا اإلنسان نتيجة إشباع دوافعه الطبيعية‬
‫وغرائزه احلسية‪.‬‬
‫وقد تط ور ه ذا االجتاه وأخذ ص وراً خمتلفة على هيئة م ذاهب خاص ة‪ ،‬منها م ذهب القورينائية أتب اع‬
‫(أرس تبوس) تلميذ س قراط‪ ،‬وقد فس روا الس عادة اليت نش دها س قراط بالل ذة احلس ية‪ ،‬واهتم وا بالل ذات‬
‫العاجلة بدالً من اآلجلة‪ ،‬ونشدوا إشباع الدوافع يف حينها وأوصوا بعدم تأخريها ألنه يؤدي إىل الشعور‬
‫باحلرم ان والكآب ة‪ ،‬وه ذا ش قاء نفسي وهبذا جيب املس ارعة يف طلب الل ذات وال حي اء وال خجل يف‬
‫طلب اللذات يف أي صورة كانت‪.‬‬
‫ومنها مذهب األبيقورية أتباع أبيقور‪.‬‬
‫ومنها مذهب املنفعة التطوري الذي ميثله هربرت سبنسر‪ ،‬ولسلي ستيفن‪ ،‬ويرى هذا املذهب أن احلياة‬

‫‪www. alukah. net ‬‬


‫األخالق اإلسالمية وأمهيتها للحياة اإلنسانية‬
‫‪www. alukah. net ‬‬

‫السعيدة تكون يف التوفيق بني مصلحة الفرد ومصلحة اجملتمع‪.‬‬


‫ثانياً‪:‬‬
‫اتجاه اإلسالم في غاية األخالق‪:‬‬
‫وتكمن حقيقة الس عادة يف ه ذه احلي اة باإلحس اس ال دائم للمرء بالبهجة‪ :‬خبريية ال ذات‪ ،‬وخريية احلي اة‪،‬‬
‫وخريية املصري‪.‬‬
‫تكمن خريية الذات يف صحة العقيدة‪.‬‬
‫وخريية احلياة يف السالمة من األمراض‪.‬‬
‫أما العنصر الثالث‪ ،‬فإن حتقيقه يتوقف على حتقيق العنصرين السابقني)‪.‬‬
‫وان‪:‬‬ ‫رمحن حبنكه فقد كتب حتت عن‬ ‫يخ عبد ال‬ ‫أما الش‬
‫(‪)1‬‬
‫لوك األخالقي‬ ‫الغاية من الس‬
‫(لدى دراستنا النصوص اإلسالمية‪ ،‬والتدبر يف املفاهيم العامة املقتبسة منها‪ ،‬نالحظ أن الغاية من التزام‬
‫فضائل األخالق‪ ،‬واالبتعاد عن رذائلها تنقسم إىل عنصرين‪:‬‬
‫اىل‪.‬‬ ‫اة اهلل تع‬ ‫اب مرض‬ ‫العنصر األول‪ :‬اكتس‬
‫العنصر الث اين‪ :‬حتقيق أقس اط من الس عادة املس تطاعة التحقيق يف ظ روف احلي اة ال دنيا )‪.‬‬
‫وان‪:‬‬ ‫ول حتت عن‬ ‫يخ حبنكة فتق‬ ‫دكتورة إميان الش‬ ‫وتوافق ال‬
‫لوك األخالقي ما يلي(‪:)2‬‬ ‫الغاية من الس‬
‫‪(1‬ـ اكتس اب مرض اة اهلل تع اىل‪ ،‬وابتغ اء ثوابه يف كل عمل ويف كل حركة وس كون‪.‬‬
‫‪2‬ـ حتقيق أقساط من السعادة املستطاعة التحقيق يف ظروف احلياة الدنيا)‪.‬‬
‫وما أكثر املذاهب الفلسفية حبثاً عن السعادة اليت هي غاية السلوك األخالقي‪.‬‬
‫إن موض وع الس عادة؛ من املوض وعات اإلنس انية الك ربى‪ ،‬وقد رأينا فالس فة منذ س قراط وأرس طو‬
‫وأفالطون يبحثون عنها‪ ،‬إىل العصر احلديث‪ ،‬فالسفة مسلمون وغري مسلمني‪ ،‬غاية األخالق السعادة‪.‬‬
‫عادة؟ أين جتدها؟‪...‬‬ ‫ؤال‪ :‬أين تكمن الس‬ ‫نعم‪ .‬ولكن الس‬

‫(‪ )1‬الثقافة اإلسالمية عبد الرمحن حبنكه وحممد الغزايل ص ‪.193‬‬


‫(‪ )2‬األخالق يف اإلسالم د‪ .‬إميان عبد املؤمن سعد الدين ص‪.42‬‬

‫‪www. alukah. net ‬‬


‫األخالق اإلسالمية وأمهيتها للحياة اإلنسانية‬
‫‪www. alukah. net ‬‬

‫قزم يظن السعادة يف العملقة‬


‫وعائل يظن السعادة يف الغىن‬
‫ودميم يظن أن السعادة يف اجلمال‬
‫ووضيع يظن أن السعادة يف اجلاه‬
‫وآخر يظن السعادة يف اجلنس أويف كأس‪. . .‬‬
‫أما الشاعر املسلم فأين وجد السعادة؟‬
‫جييب عن هذا السؤال الشاعر الدكتور عدنان علي النحوي يف قصيدته التايل‪:‬‬

‫(‪)1‬‬
‫مع اهلجري‬
‫دالل‬ ‫ور ال‬ ‫واثبت ص‬ ‫وت‬ ‫ال‬ ‫ال إىل اجلم‬
‫ُ‬ ‫حن اجلم‬
‫ّ‬
‫ي على املروج على التالل‬ ‫اه! كم درجت خطا‬ ‫رب‬
‫دى الطالل‬ ‫وة ون‬ ‫ن ورب‬ ‫رعت إىل اجلنا‬ ‫ولكم ُه‬
‫رد الظالل‬ ‫ـر أغيب يف ب‬ ‫ربت من اهلجيـ‬ ‫ولكم ه‬
‫ايل‬ ‫دى خي‬ ‫ول مهسيت وص‬ ‫اجلدا‬ ‫بني‬ ‫من‬ ‫وملمت‬
‫والآليل‬ ‫اجلواهر‬ ‫ُزهر‬ ‫احلصى‬ ‫بني‬ ‫من‬ ‫ومجعت‬
‫دوايل‬ ‫ر هجعت يف يفء ال‬ ‫الثما‬ ‫حلو‬ ‫من‬ ‫وقطفت‬
‫رة التالل‬ ‫ل وبني زاه‬ ‫وركضت أمعن يف احلقو‬
‫ال‬ ‫بقت اخلطا قمم اجلب‬ ‫اً وسا‬ ‫زلت وديان‬ ‫ون‬
‫ؤال‬ ‫ـالمي تلفت بالس‬ ‫امي وأحـ‬ ‫ري وأوه‬ ‫أج‬
‫ال‬ ‫وقاً إىل دنيا اجلم‬ ‫ش‬ ‫خلفها‬ ‫أهلث‬ ‫وأظل‬
‫مخة اجلالل‬ ‫ـها مض‬ ‫دنيا احلقيقة من يفتحـ‬
‫ايل‬ ‫حث عن رؤى بني اللي‬ ‫كفي أبـ‬ ‫وأمد من ّ‬
‫ايل‬ ‫تتة األم‬ ‫ـل خطا مش‬ ‫درب الطويـ‬ ‫زق ال‬ ‫وأم‬
‫ايل‬ ‫كض واملىن جتري حي‬ ‫ام تر‬ ‫وأسري واألي‬
‫ايل‬ ‫اين اللي‬ ‫ـوى بني أجف‬ ‫باح وتط‬ ‫وتغيب أش‬
‫دي تلك الآليل‬ ‫ـلت من ي‬ ‫وتفر أحالمي وتُفـ‬

‫(‪ )1‬من ديوانه‪ :‬جراح على الدرب‬

‫‪www. alukah. net ‬‬


‫األخالق اإلسالمية وأمهيتها للحياة اإلنسانية‬
‫‪www. alukah. net ‬‬

‫ايل‬ ‫ف فتختفي وأرى خي‬ ‫الطيو‬ ‫اد أمسك ب‬ ‫وأك‬


‫وال‬ ‫ـت وراء كاذبة الن‬ ‫رتاه فكم جريـ‬ ‫يا حس‬
‫ال‬ ‫فع هلفيت خبطى عج‬ ‫رقي وأد‬ ‫وأصب من ع‬
‫الظالل‬ ‫مع‬ ‫املروج‬ ‫يف‬ ‫ـة‬ ‫كم قيل يل دنيا احلقيقـ‬
‫وايل‬ ‫واهق والع‬ ‫د مع الش‬ ‫ورو‬ ‫ان مع ال‬ ‫ومع اجلِن‬
‫اً حلايل‬ ‫ت مع اهلوى واه‬ ‫اب املاجنا‬ ‫ومع الرغ‬
‫ايل‬ ‫دنيا حي‬ ‫تني وال‬ ‫رغ‬ ‫كفي َفا‬
‫رت يف ّ‬ ‫ونظ‬
‫الطيوف إىل زوال‬ ‫ـت ك‬ ‫اد أمجعها فولـ‬ ‫وأك‬
‫زال‬ ‫وا خفر الغ‬ ‫ل وروع‬ ‫وا طهر اجلما‬ ‫قد لوث‬
‫ان على الآليل‬ ‫دعلى اجلِن‬ ‫ورو‬ ‫وا على حلو ال‬ ‫داس‬
‫ايل‬ ‫دمي وم‬ ‫رويتها ب‬ ‫حقوا األزاهري اليت‬ ‫س‬
‫ايل‬ ‫ز وكل حالية وغ‬ ‫رقوا اجلواهر والكنو‬ ‫س‬
‫ن وأج دبت خضر التالل على ال رتاب على الرم ال‬ ‫ِجنا‬ ‫يا‬ ‫فروعك‬ ‫جفت‬
‫ال‬ ‫ب كأهنا ومض اخلي‬ ‫اقطت دنيا اخلريف‬ ‫وتس‬
‫ال‬ ‫اف وج‬ ‫ـر وبني أطي‬ ‫را‬ ‫وكأهنا وهم الس‬
‫ايل‬ ‫اد تطرحين رح‬ ‫وتك‬ ‫ورجعت يف محى اهلجيـ‬
‫ول ارحتايل‬ ‫ـتني من ط‬ ‫اد يقتلين الظما‬ ‫ويك‬
‫ياع من املالل‬ ‫ة من الض‬ ‫ق دماي ترجتف ان منهكـ‬
‫ايل على وهن الكالل‬ ‫م‬ ‫كا‬ ‫اد تغلبين الش‬ ‫وتك‬
‫الل‬ ‫باح الض‬ ‫ـالمي وأش‬ ‫اه آ‬ ‫ورميت يا رب‬
‫امي اخلوايل‬ ‫ام أي‬ ‫ب رك‬ ‫ركت خلفي كل أحـ‬ ‫وت‬
‫ال‬ ‫ارة يف اجلم‬ ‫ـقـة يف الطه‬ ‫را‬ ‫ام الس‬ ‫ركت أوه‬ ‫وت‬
‫ال‬ ‫رف الفع‬ ‫اق يف ش‬ ‫عم‬ ‫ورجعت أحبث يف احلقيـ‬
‫آل‬ ‫ـداء يف عقىب م‬ ‫دهتا يف النفس يف األ‬ ‫فوج‬
‫يف رفة اإلميان يف األنـ‬

‫‪www. alukah. net ‬‬


‫األخالق اإلسالمية وأمهيتها للحياة اإلنسانية‬
‫‪www. alukah. net ‬‬

‫تدريباتـ‬
‫‪ .1‬ما تعريف اإللزام؟ وما تعريف االلتزام؟ وما الفرق بينهما؟‬
‫‪ .2‬ما مصدر اإللزام األخالقي؟‬
‫‪ .3‬كبف حدد الدكتور مقداد يلجن املسؤولية األخالقية؟‬
‫‪ .4‬عدد االجتاهات اليت حبثت يف حقيقة السعادة‪.‬‬
‫‪ .5‬ثالثة مشاعر لإلحساس بالسعادة فما هي؟‬
‫‪ .6‬على أي شيء يتوقف حتقيق خريية الذات ؟‬
‫‪ .7‬و خريية احلياة؟‬
‫‪ .8‬وخريية املصري؟‬
‫‪ .9‬ما غاية األخالق يف نظر الشيخ حبنكة؟‬
‫‪.10‬أين وجد الشاعر املسلم السعادة؟‬
‫‪.11‬احبث عن السعادة‪ ،‬وانقل إلينا شعورك بوجودها‪ ،‬أو عدم وجودها لديك‪.‬‬
‫وإذا وجدهتا بني أين وجدت؟‬
‫‪ .11‬اكتب هذا املوضوع يف حبث مستقل‪.‬‬

‫‪www. alukah. net ‬‬


‫األخالق اإلسالمية وأمهيتها للحياة اإلنسانية‬
‫‪www. alukah. net ‬‬

‫املسؤولية عن السلوك األخالقي‬


‫متهيد‪:‬‬
‫لو أن طفالً ص ار حيب و‪ ،‬ومد ي ده إىل ك أس فكس رها‪ ،‬فهل يع اقب؟ طبع اً‪ ،‬ال‪ ،‬ألنه ال يعي ذات ه‪.‬‬
‫ولو أن فاقد عقل تصرف تصرفاً آذى به غريه‪ ،‬هل حياسب طبعاً ال‪ ،‬ألنه‪ ،‬ال تكليف عليه ( إذا أخذ ما‬
‫قط ما أوجب )‪.‬‬ ‫أوهب أس‬
‫أو أن إنساناً أجرب على فعل شيء‪ ،‬أو ترك عمل يؤديه فهل حياسب على ذلك؟‬
‫أو أن س ائق س يارة أغمي عليه وأدى ذلك إىل ح ادث فهل حياسب على النتيج ة؟‬
‫أمثلة كثرية تستثار يف هذا املوضوع‪ ،‬فمن الذي يتحمل املسؤولية عن سلوكه؟‬
‫اهلل لطيف بعب اده‪ ،‬ما ك ان يف رض على الطفل حس اباً وهو ال مييز‪ ،‬ويف حكمه من فقد العق ل‪ ،‬فقد‬
‫التكليف‪ ،‬ومن فقد التكليف ال حساب عليه‪.‬‬
‫حاالت كثرية تعرض لإلنسان‪ ،‬فمن الذي خيرج عن دائرة احملاسبة والعقاب‪ ،‬أو املكافأة والثواب؟ومن‬
‫لوكه األخالقي؟‬ ‫ؤول عن س‬ ‫املس‬
‫واملس ؤولية هي املق درة على أن يل زم املرء نفس ه‪ ،‬والق درة على أن يفي بعد ذلك بالتزامه بوس اطة‬
‫جهوده اخلاصة‪.‬‬
‫وهي لب العمل اخللقي ومن اط احلكم اخللقي ومن اط اجلزاء وما يرتبط به من ث واب أو عق اب بأنواعه‬
‫املختلفة‪.‬‬
‫تحديد مفهوم المسؤوليةـ األخالقية‪:‬‬

‫علم ــاء األخالق ومنهم ال ــدكتور مق ــدادـ يلجن‪ ،‬قد ح ــدد ه ــذا المفه ــوم واألسس ال ــتي تق ــوم عليها‬
‫بقوله‪:‬ـ‬

‫أوالً‪:‬‬
‫(إن األساس الذي تقوم عليه املسؤولية‪ ،‬هو أهلية الشخص املسؤول للقيام باملسؤوليات اليت يتحملها‪،‬‬
‫ويلتزم هبا‪ ،‬وهذا يقتضي توافر الشروط اآلتية‪:‬‬
‫‪ .1‬أن يكون واعي اً طبيعة ذاته وسلوكه ونتائج تصرفاته مما يعود على نفسه أو على غريه من نفع‬
‫أو ضرر‪ ،‬إن عاجالً أو آجالً‪.‬‬
‫‪ .2‬أن تكون له حرية اإلرادة واالختيار والتصرف فيما خيتاره‪.‬‬

‫‪www. alukah. net ‬‬


‫األخالق اإلسالمية وأمهيتها للحياة اإلنسانية‬
‫‪www. alukah. net ‬‬

‫ؤولياته‪.‬‬ ‫ام مبس‬ ‫تطيعاً القي‬ ‫ون مس‬ ‫أن يك‬ ‫‪.3‬‬
‫ومن الظلم تكليف إنسان بأعمال ال يستطيع حتمل أعبائها والقيام هبا‪.)1() .‬‬
‫وتق ول الباحثة ال دكتورة إميان عبد املؤمن‪( :‬ومن الش روط اليت ال تتحقق املس ؤولية اخللقية إال عند‬
‫ان هي‪:‬‬ ‫دى اإلنس‬ ‫توافرها ل‬
‫‪ .1‬اإلرادة احلرة اليت ميت از هبا اإلنس ان عن س ائر احليوان ات ومجيع الكائن ات‪.‬‬
‫‪ .2‬العقل الس ليم وال وعي الكامل الل ذان ميكن ان اإلنس ان من التمي يز بني األش ياء واألفع ال‪.‬‬
‫‪ .3‬االختيار احلكيم من بني البدائل املتعددة املمكنة للسلوك والتصرف‪.‬‬
‫‪ .4‬القدرة البدنية والعقلية والنفسية اليت متكن اإلنسان من القيام بالفعل املرغوب خلقياً إذا أراده‪. .‬‬
‫واألدلة على ذلك كثرية ال حتصى منها قوله تعاىل‪:‬‬
‫( ال إك راه يف ال دين قد ت بني الرشد من الغي ) البق رة ‪ 256‬وقوله ( ال يكلف اهلل نفس اً إال وس عها )‬
‫البقرة ‪ 286‬وقوله صلى اهلل عليه وسلم ( رفع عن أميت اخلطأ والنسيان وما استُكرهوا عليه )‪.‬‬

‫ويقول الشيخ عبد الرحمن حبنكه تحت هذا العنوان‪:‬‬

‫المسؤوليةـ عن السلوك األخالقي‪:‬‬

‫شروط ترتيب المسؤولية‪:‬‬

‫الشرط األول‪:‬‬

‫أن يكون صاحب العمل أهالً لتحمل المسؤولية‪:‬ـ‬


‫وقد حدد الشارع أهلية حتمل املسؤولية الدينية ذات العقاب األخروي بالعقل والبلوغ‪.‬‬

‫(‪ )1‬علم األخالق اإلسالمية ص ‪.252‬‬

‫‪www. alukah. net ‬‬


‫األخالق اإلسالمية وأمهيتها للحياة اإلنسانية‬
‫‪www. alukah. net ‬‬

‫الشرط الثاني‪:‬ـ‬
‫أن يكون العمل عمالً إرادياً‪:‬‬
‫أي ص ادراً عن إرادة ص احب العم ل‪ ،‬ومىت اختل ه ذا الش رط س قطت املس ؤولية عنه ا‪ ،‬كالرعش ات‬
‫وكحركة النائم‬

‫الشرط الثالث‪:‬ـ‬
‫أن تتوافر في العمل النية‪:‬‬
‫النية والقصد‪ ،‬ملا ينجم عنه فعالً من نتائج خري أو شر فإن كان لصاحب العمل نية أو غاية أخرى غري‬
‫ذلك ف إن املس ؤولية احلقيقية عند اهلل تك ون وفق نيته وغايته دون ظ اهر الس لوك وما جنم عن ه‪ ،‬وأما‬
‫السلوك الظاهر فيكون عندئذ من قبيل العمل امللغى‪.‬‬
‫ولذلك تلغى عند اهلل أعمال املرائني واملنافقني مهما كان مظهرها مظهر خري وصالح‪ ،‬وحياسبون على‬
‫نياهتم وغاياهتم اليت كانوا يضمروهنا يف قلوهبم‪.‬‬
‫الشرط الرابع‪:‬‬
‫أن يكون العمل مستطاع الفعل والرتك‪:‬‬
‫فال مس ؤولية عن العمل مع العجز‪ ،‬س واء أك ان العجز عن الفعل أو عن ال رتك‪ ،‬وبداهة العق ول تقضي‬
‫ؤولية‪.‬‬ ‫رتتيب املس‬ ‫رط ل‬ ‫تطاعة ش‬ ‫أن االس‬ ‫ب‬
‫ونص وص الش ريعة اإلس المية الدالة على ه ذا الش رط متع ددة‪ ،‬منها ق ول اهلل تع اىل‪:‬‬
‫( ال يكلف اهلل نفساً إال وسعها ) البقرة ‪.286‬‬
‫رط اخلامس‪:‬‬ ‫الش‬
‫أن يكون صاحب العمل متمتعاً حبريته عند أداء العمل‪:‬‬
‫غري مكره عليه واإلكراه‪.‬‬
‫ويدل على رفع املسؤولية يف حالة اإلكراه ما رواه ابن عباس عن النيب صلى اهلل عليه وسلم أنه قال‪:‬‬
‫( إن اهلل جتاوزعن أميت اخلطأ والنس يان وما اس تكرهوا عليه )‪ .‬أخرجه ابن ماجة وال بيهقي وهو ح ديث‬
‫صحيح )(‪.)1‬‬
‫ومهما يكن من أمر فإن النية شرط البد منه للمسؤولية اخللقية‪ ،‬وأنه أساس احملاسبة و اجلزاء يف الثواب‬
‫اب‪.‬‬ ‫والعق‬

‫(‪ )1‬الثقافة اإلسالمي للشيخ عبد الرمحن حبنكه والشيخ حممد الغزايل ص ‪.199‬‬

‫‪www. alukah. net ‬‬


‫األخالق اإلسالمية وأمهيتها للحياة اإلنسانية‬
‫‪www. alukah. net ‬‬

‫النية ودورها في مجال المسؤولية الخلقية‪:‬ـ‬


‫للنية دور كبري يف ك ون اإلنس ان مس ؤوالً عن أفعاله فمن تعمد قتل نفس يك ون عقابه غري‬
‫اإلنسان الذي أطلق النار يف غابة على حيوان يصطاده فقتل نفس اً كانت متوارية عن األنظار‪ ،‬وما أكثر‬
‫حوادث السري إذ يقتل فيها السائقون نفوساً دون أن يكون لدى هؤالء السائقني نية القتل‪.‬‬
‫عن أمري املؤم نني أيب حفص عمر بن اخلط اب رضي اهلل عنه ق ال‪ :‬مسعت رس ول اهلل ص لى اهلل‬
‫عليه وس لم يق ول‪ " :‬إمنا األعم ال بالني ات؛ وإمنا لكل ام رئ ما ن وى‪ .‬فمن ك انت هجرته إىل اهلل‬
‫ورس وله‪ ،‬فهجرته إىل اهلل ورس وله‪ ،‬ومن ك انت هجرته ل دنيا يص يبها أو ام رأة ينكحها فهجرته إىل ما‬
‫(‪)1‬‬
‫هاجر إليه" متفق على صحته‬
‫والنية ت دخل يف احلكم اخللقي‪ ،‬فالعقل وح ده ال يكفي ليك ون مقياس اً للخري أو الش ر‪ ،‬وإمنا هو أحد‬
‫األركان الثالثة الشرع‪ ،‬العقل‪ ،‬النية‪.‬‬
‫(وهذا الرأي هو ما وافق عليه اجلمهور ومنهم اإلمام الغزايل ومجهور األخالقيني قدمياً وحديثاً‪.‬‬
‫ثانياً‪:‬ـ‬
‫مجال المسؤولية‪،‬ـ وأبعادها‪:‬‬
‫أ‪ .‬مجال المسؤولية‪:‬ـ‬
‫إن جمال املسؤولية احلياة كلها‪ ،‬وتنقسم إىل قسمني‪:‬‬
‫مسؤولية فردية‪ ،‬ومسؤولية غريية‪ ،‬أو اجتماعية‪.‬‬
‫املسؤولية األوىل هلا جماالن‪ :‬اجملال الداخلي واجملال اخلارجي الظاهري‪ .‬فاألول مسؤولية اإلرادة والقصد‬
‫والتصميم‪ ،‬فالعزم على فعل شيء كاف لتحمل مسؤوليته‪ ،‬إن خرياً فخري وإن شراً فشر‪.‬‬
‫أما الوساوس وحديث النفس‪ ،‬فال يدخل يف نطاق املسؤولية‪.‬‬
‫أما اجملال الظاهري للمسؤولية فهو السلوك املادي احملسوس الناتج عن قصد واختيار‪ ،‬وبناء على‬
‫ذلك فال يكون اإلنسان مسؤوالً عن سلوكه الناتج عن إكراه واضطرار‪ ،‬وكذلك السلوك الناتج عن‬
‫يان‪.‬‬ ‫اخلطأ والنس‬
‫‪ .‬ب‪ -‬أبعاد املسؤولية األخالقية‬
‫إن السلوك املسؤول عنه له بعدان‪:‬‬
‫البعد املادي‪ ،‬والبعد النفسي أو الوجداين‪.‬‬
‫في البعد األول‪:‬‬

‫(‪ )1‬رياض الصاحلني لإلمام النووي ط‪ 2‬ص ‪3‬‬

‫‪www. alukah. net ‬‬


‫األخالق اإلسالمية وأمهيتها للحياة اإلنسانية‬
‫‪www. alukah. net ‬‬

‫ننظر إىل م دى ما ي رتتب على السلوك؛ فعالً كان أو كالم اً‪ ،‬من نفع أو ضرر‪ ،‬ومن آث ار تتبعه وتنشأ‬
‫عنه‪.‬‬
‫وفي البعدـ الثاني‪:‬ـ‬
‫ننظر يف قي اس املس ؤولية إىل م دى ما يتخذ الفعل من القداسة أو البش اعة يف أعم اق قل وب الن اس‪،‬‬
‫فالقتل مثالً أبشع من السرقة‪ ،‬والتضحية بالنفس من أجل الدفاع عن اإلسالم أقدس من التضحية باملال‬
‫من أجل الغرض نفسه‪.‬‬
‫أما القسم الثاين من املسؤولية وهو املسؤولية عن سلوك‪ ،‬اآلخر‪.‬‬
‫فاإلنسان مسؤول مسؤولية فردية‪ ،‬ولكن ضمن إطار اجلماعة كمثل إنسان يف سفينة وأراد أن ينقر يف‬
‫موض عه اخلاص ب ه‪ ،‬ف إذا مل يأخذ رك اب الس فينة على ي ده ومل مينع وه غ رق وغرق وا‪.‬‬
‫فاملسؤولية فردية ومجاعية يف آن معاُ‪.‬‬
‫فاملس ؤولية عن الس لوك األخالقي ت دعو إىل هتذيب النفس وتنقية القلب ليس عد الف رد واجملتم ع‪ ،‬وقد‬
‫اجلزاء‪.‬‬ ‫ربطت األخالق ب‬
‫الجزاء األخالقي‪:‬‬

‫إن أي ق انون ال يس تند إىل ق وة تدعمه ال يك ون له قيمة عملية وس واء ك ان ه ذا الق انون وج دانياً‬
‫أخالقي اً‪ ،‬أومادي اً‪ ،‬تص ور أن ق انون املرور ينص على اح رتام الس ائقني الن اس عند جتاوز الطري ق‪ ،‬وي رتك‬
‫تنفيذ هذا القانون لسائق السيارة‪ ،‬فإن هذا القانون ال تكون له قيمة عملية فالسيارات ليست جمربة على‬
‫االلتزام هبذا القانون‪ ،‬فإن وضعت إشارة مرور ومل يكن لإلشارة ما حيميها لاللتزام باحرتامها‪ ،‬فاملشكلة‬
‫تبقى قائمة‪.‬‬
‫ولكن إذا نص الق انون على االل تزام بإش ارة املرور‪ ،‬ووضع ملخالفيها ج زاء‪ ،‬ف إن ه ذا الق انون تص بح له‬
‫هيب ة‪ ،‬وس يلتزم الس ائق بتعليم ات املرور‪ ،‬وإن خالفها فإنه يتلقى اجلزاء بق وة الق انون‪.‬‬
‫ويف جمال األخالق‪ ،‬شتان بني حمسن ومسيء قال اهلل تعاىل ( أفنجعل املسلمني كاجملرمني‪ .‬ما لكم كيف‬
‫ون) القلم ‪ 35‬و‪.36‬‬ ‫حتكم‬

‫‪www. alukah. net ‬‬


‫األخالق اإلسالمية وأمهيتها للحياة اإلنسانية‬
‫‪www. alukah. net ‬‬

‫والجزاءاتـ متنوعة‪ ،‬فمنها‪:‬‬

‫اإلهلي‪.‬‬ ‫اجلزاء‬
‫داين‪.‬‬ ‫واجلزاء الوج‬
‫بيعي‪.‬‬ ‫واجلزاء الط‬
‫اعي‪.‬‬ ‫واجلزاء االجتم‬
‫‪1‬ـ اجلزاء اإلهلي‪:‬‬
‫ال نفهم من كلمة ( اجلزاء ) العقوبة فقط‪ ،‬فهي تطلق على الثواب‪ ،‬كما تطلق على العقاب‪ ،‬الثواب يف‬
‫حالة االس تقامة‪ ،‬والعق اب يف حالة الش ذوذ واالحنراف عن تع اليم اهلل تع اىل‪.‬‬
‫والث واب والعق اب دن وي‪ :‬حيث يعجل اهلل العق اب للمخ الفني يف ال دنيا‪ ،‬ويس لب من قل وهبم الس عادة‬
‫يص َّعد يف الس ماء‪ ،‬يعيش عيشة‬‫مهما أوت وا من ع رض ال دنيا‪ ،‬ب أن جيعل ص درهم ض يقاَ حرج اً كأمنا َّ‬
‫ضنكاً كما قال اهلل عز وجل‬
‫( ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكاً وحنشره يوم القيامة أعمى )طه ‪.125‬‬
‫وأخروي‪ :‬بأن يدخر هلم العذاب يف نار جهنم يوم القيامة وهو يوم اجلزاء‪.‬‬
‫( قال رب مل حشرتين أعمى وقد كنت بصرياً‪ .‬قال كذلك أتتك آياتنا فنسيتها وكذلك اليوم تُنسى)طه‬
‫‪.26‬‬
‫أما احملسنون فإن اهلل تعاىل حيييهم حياة طيبة‪ ،‬بانشراح صدورهم يف هذه احلياة الدنيا‪ ،‬فهم سعداء ن‬
‫وال يفهم من السعادة ما يفهمه أهل الدنيا‪ ،‬من حيازة املال الكثري واجلاه العريض‪ ،‬واحلصول على املتمىن‬
‫بأيسر طريه وأسهل سبيل‪ ،‬فقد تكون حياة هؤالء السعداء شظفاً يف العيش‪ ،‬إذا حضروا مل يعرفوا‪ ،‬وإن‬
‫غابوا مل يُفتقدوا‪ ،‬ولكنهم يف سعادة كما قال أحدهم لو عرفها امللوك لقاتلونا عليها‪.‬‬
‫كان شيخ اإلسالم ابن تيمية يف نعيم دونه نعيم السالطني يف أهبة ملكهم وخدمهم وحشمهم‪ ،‬فالسجن‬
‫خلوة مع اهلل تعاىل‪ ،‬والنفي سياحة والقتل شهادة يف سبيل اهلل‪.‬‬
‫اىل‪:‬‬ ‫ال اهلل تع‬ ‫روي فلهم اجلنة ق‬ ‫أما اجلزاء األخ‬
‫( إن ال ذين ق الوا ربنا اهلل مث اس تقاموا فال خ وف عليهم وال هم حيزن ون أولئك أص حاب اجلنة خال دين‬
‫فيها جزاء مبا كانوا يعملون )األحقاف ‪ 13‬و ‪.14‬‬
‫داين‪:‬‬ ‫اجلزاء الوج‬ ‫‪3‬ـ‬
‫وهذه خاصية تتصل بتلك‪ ،‬وهي هذا الشعور الداخلي الذي حيس به كل إنسان بالفرح أو الغم‪ ،‬بعد‬

‫‪www. alukah. net ‬‬


‫األخالق اإلسالمية وأمهيتها للحياة اإلنسانية‬
‫‪www. alukah. net ‬‬

‫بيح‪.‬‬ ‫كل فعل حسن أو ق‬


‫ق ال علم اء علم النفس‪ :‬إن اجملرمني حتت عق اب مس تمر وإن جنوا من العق اب الق انوين أو انته وا من ه‪.‬‬
‫يقول الدكتور عادل العوا ( أما عذاب الوجدان أو وخز الضمري وتأنيبه فهو أمل معنوي ينتج عن تصور‬
‫شر وقع واإلنس ان مس ؤول عن ه‪ ،‬إنه هو ال ذكرى اليت تعض قلب اجملرم وال تفارقه ليل هنار )‪.‬‬
‫ومن هنا يقول الفيلسوف الفرنسي ( هنري برغسون)عندما يصف نفسية اجملرم وشعوره الباطين عندما‬
‫حياول إخف اء جرميته ( ف اجملرم يف حماولته إخف اء جرميته حىت يقضي على كل معرفة ميكن أن يتط رق إىل‬
‫نفس إنس ان‪ ،‬كأنه حياول أن يبطل اجلرم نفس ه‪ ،‬وبعد أن يظفر بإخف اء جرميته عن الن اس ال يس تطيع أن‬
‫خيفيها عن نفسه‪ ،‬هو ما زال يعرف أنه جمرم‪ ،‬ومعرفته هنا تنأى به عن اجملتمع شيئاً فشيئاً بعد أن كان‬
‫يرجو أن يظل فيه مبحو آث ار اجلرمية أنه يع رف أن االح رتام ال ذي ك ان يوجه إليه اآلن‪ ،‬إمنا يوجه إىل‬
‫شخصه السابق الذي مل يعد موجوداً‪ ،‬ويعرف أن اجملتمع ال خياطبه هو‪ ،‬بل خياطب شخص اً آخر غريه‪.‬‬
‫إنه يع رف من ه و‪ ،‬فيعيش بني الن اس وهو أك ثر عزلة مما لو ك ان حييا يف جزي رة خالي ة‪ ،‬فقد انقطع عن‬
‫)‪.‬‬ ‫اجملتمع‬
‫وقد عرب الرسول صلى اهلل عليه وسلم عن عذاب الوجدان وبني كيف أنه يؤدي إىل سقم اجلسم فقال(‬
‫ه)‪.‬‬ ‫قم بدن‬ ‫ثر مهه س‬ ‫ه‪ ،‬ومن ك‬ ‫ذب نفس‬ ‫اء خلقه ع‬ ‫من س‬
‫هذا يف حال إخفاء اجلرمية‪ ،‬أما يف حال انكشافها فيستمر معه‪ ،‬تأنيب الضمري‪ ،‬وشعوره بفقد شخصيته‬
‫ع‪.‬‬ ‫يف اجملتم‬
‫أما حالة اإلنسان الذي مل يرتكب اجلرائم واآلثام‪ ،‬فإن صفاء وجدانه جيعله يشعر باالبتسامة الداخلية‬
‫ويشعر يف قرارة نفسه بطريقة ال شعورية وبصفة دائمة باخلريية والسرور املستمر‪.‬‬
‫‪3‬ـ اجلزاء الطبيعي‪:‬‬
‫إن اخلارجني على النظ ام اخللقي س ينال ج زاءه من الطبيعة نفس ها‪ ،‬مثل اإلص ابة ب األمراض‪ ،‬كاإلص ابة‬
‫ب األمراض الس رية بس بب ارتك اب جرمية ال زىن أو تن اول املس كرات‪.‬‬
‫وجتاوز حد قانون االعتدال يف العمل يؤدي إىل اإلصابة باإلرهاق النفسي والعصيب‪ ،‬وهلذا كان الرسول‬
‫ادة‪.‬‬ ‫راط حىت يف العب‬ ‫لم ينهى عن اإلف‬ ‫لى اهلل عليه وس‬ ‫ص‬
‫ومىت روعيت القوانني األخالقية فالطبيعة جتازي الناس باحلياة السعيدة اليت يسودها االطمئنان والرخاء‬
‫واحملبة‪.‬‬
‫اعي‪:‬‬ ‫اجلزاء االجتم‬ ‫‪4‬ـ‬
‫ادي وأديب‪.‬‬ ‫ان‪ ،‬م‬ ‫وهو نوع‬

‫‪www. alukah. net ‬‬


‫األخالق اإلسالمية وأمهيتها للحياة اإلنسانية‬
‫‪www. alukah. net ‬‬

‫الن وع األول‪ ،‬هو ما يق رره اجملتمع من عق اب للمنح رف ومكاف أة للمس تقيم الص احل‪.‬‬
‫وقد ق رر اإلس الم عقوب ات خمتلفة حبسب اجلرائم املرتكب ة‪ ،‬وأعطى حق تنفيذ العقوبة للمجتمع منها‬
‫عقوبة الزىن مثالً فقال تعاىل ( الزانية والزاين فاجلدوا كل واحد منهما مئة جلدة وال تأخ ذكم هبما رأفة‬
‫يف دين اهلل إن كنتم تؤمن ون باهلل والي وم اآلخر وليش هد ع ذاهبما طائفة من املؤم نني )الن ور ‪.2‬‬
‫أما النوع الثاين من اجلزاء فهو اجلزاء األديب‪ ،‬وهو عدم الثقة به‪ ،‬وال جيد االحرتام من الناس‪.‬‬
‫ومبقابل إسقاط القيمة األدبية للفاسقني‪ ،‬أمر اإلسالم برفع القيمة األدبية للصاحلني ورفع درجاهتم)‪.‬‬
‫خصائص اجلزاءات األخالقية‬
‫‪ .1‬إن اإلس الم ربط بني األخالق ب اجلزاء ربط اً ال انفص ام ل ه‪ ،‬س واء أك ان ه ذا اجلزاء ع اجالً أم‬
‫آجالً‪.‬‬
‫‪ .2‬ربط اإلس الم مصري اإلنس ان بالعمل األخالقي‪ ،‬فنتيجة األخالق احلس نة الس عادة يف احلي اتني‬
‫ونتيجة األخالق السيئة الشقاوة والتعاسة يف الدارين‪.‬‬
‫‪ .3‬إن ربط القيم األخالقية ب اجلزاءات املتنوع ة‪ ،‬له قيمة تربوية لتنش ئة الص غار والكب ار‪ ،‬ولنج اح‬
‫الرتبية األخالقية يف املراحل التعليمية املختل ة‪ ،‬وذلك أن معرفة الناشئ بتلك األن واع من‬
‫اجلزاءات املرتتبة على الس لوكيات األخالقية تعد من أق وى احلوافز وال دوافع القوية إىل االل تزام‬
‫الدائم بالقيم األخالقية‪.‬‬
‫إن اإلس الم أك ثر من اجلزاءات األخالقية ل دفع الن اس إىل االل تزام ب القيم األخالقية وذلك ي دل على‬
‫رد واجملتمع أو األمة )(‪.)1‬‬ ‫اء الف‬ ‫الم بتلك القيم يف بن‬ ‫ام اإلس‬ ‫اهتم‬
‫ومن ِمن البشر ال‬
‫ومما هو معل وم أن اإلنس ان ال حيت اج إىل املعرف ة‪ ،‬بل حيت اج أك ثر إىل تط بيق املعرف ة‪َ ،‬‬
‫يعرف الفضائل من الرذائل؟ ولكن‪ ،‬كم من البشر من خيرج من الفضائل إىل نقيضها؟ وقد رىب القرآن‬
‫الكرمي األمة اإلسالمية على أن تلتزم بالكلمة وأال خيرج املسلم إىل خالفها قال اهلل تعاىل ( يا أيها الذين‬
‫آمنوا مل تقولون ما ال تفعلون‪ .‬كرب مقتاً عند اهلل أن تقولوا ما ال تفعلون ) الصف ‪2‬و‪.3‬‬

‫(‪ )1‬علم األخالق اإلسالمية د‪ .‬مقداد ص ‪. . . .280‬‬

‫‪www. alukah. net ‬‬


‫األخالق اإلسالمية وأمهيتها للحياة اإلنسانية‬
‫‪www. alukah. net ‬‬

‫تدريبات‬

‫‪ .1‬ما تعريف املسؤولية؟‬


‫‪ .2‬ما معىن‪ :‬اإللزام األخالقي؟‬
‫‪ .3‬ما األساس الذي تقوم عليه املسؤولية األخالقية؟‬
‫‪ .4‬عدد شروط املسؤولية األخالقية يف نظر الدكتور يلجن‬
‫‪ 5‬وضح األسس اليت تقوم املسؤولية األخالقية لدى احلبنكه‪.‬‬
‫‪ .6‬هل للنية اعتبار يف تقدير املسؤولية؟ فصل القول يف هذه املسألة‪.‬‬
‫‪ .7‬تكلم عن أقسام املسؤولية حبسب جزاءاهتا‪.‬‬
‫‪ .8‬ما جماالت املسؤولية؟‬
‫‪ .9‬ما أبعاد املسؤولية؟‬
‫‪ .10‬عدد ثالثة من أنواع اجلزاءات األخالقية‪.‬‬

‫‪www. alukah. net ‬‬


‫األخالق اإلسالمية وأمهيتها للحياة اإلنسانية‬
‫‪www. alukah. net ‬‬

‫تقسيمات السلوك األخالقي ومراتبه‬


‫(‪)1‬‬
‫السلوك‪ :‬لغة‪( :‬سلك الطريق‪ :‬إذا ذهب فيه)‬
‫واصطالحاً‪:‬‬
‫هو أعمال اإلنسان اإلرادية املتجهة حنو غاية معينة مقصودة هتدف إىل حتقيق مطالب جسدية أو نفسية‬
‫أو روحية أو فكرية‪.‬‬
‫والسلوك‪ :‬سرية اإلنسان واجتاهه‪ ،‬يقال‪ :‬حسن السلوك أو سيء السلوك‪.‬‬
‫أما اخللق‪:‬‬
‫فهو حالة يف النفس راسخة تصدر عنها األفعال من خري أو شر من غري حاجة إىل فكر وروية‪.‬‬
‫فالعالقة بني السلوك واخللق هي عالقة الدال باملدلول أو األثر باملؤثر‪.‬‬
‫والسلوك عمل إرادي كقول الصدق والكذب‪ ،‬والكرم والبخل وحنو ذلك‪.‬‬
‫والسلوك نوعان‪:‬‬
‫األول خلقي‪ ،‬وال ـث ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاني إرادي‪.‬‬
‫السلوك الخلقي‪:‬‬
‫وهو ما كان نابع اً عن صفة نفسية‪ ،‬قابالً للمدح أو الذم كإعطاء الفقري‪ ،‬واإلنفاق يف وجوه‬
‫اخلري‪ ،‬ح ال كونه نابع اً عن ج ود وك رم‪ ،‬وك ذلك اإلق دام دفاع اً عن احلق وإزهاق اً للباطل ح ال لكونه‬
‫نابع اً عن شجاعة‪ ،‬فهذه صفات محيدة ألهنا من فضائل األخالق‪ ،‬فآثارها تابعة هلا يف احلكم عليها بأهنا‬
‫محيدة‪ ،‬وكاإلمساك والتقتري والبخل والشح‪ ،‬والفرار من ساحة اجلهاد‪ ،‬فهذه صفات ذميمة‪.‬‬
‫روى ابن ماجة عن أيب سعيد اخلدري رضي اهلل عنه عن النيب صلى اهلل عليه وسلم قال‪:‬‬
‫( ال حيقرن أحدكم نفسه) قالوا‪ :‬يا رسول اهلل‪ ،‬وكيف حيقر أحدنا نفسه؟ قال‪ :‬يرى أن عليه مقاالً مث‬
‫ال يق ول في ه‪ ،‬فيق ول‪ :‬خش يت الن اس‪ .‬فيق ول اهلل فإي اي كنت أحق أن ختش ى)(‪.)1‬‬
‫( ونستطيع أن نقيس مستوى اخللق النفسي‪ ،‬عن طريق قياس آثاره يف السلوك‪ ،‬فالصفة اخللقية املستقرة‬
‫يف النفس إذا كانت محيدة كانت آثارها محيدة‪ ،‬وإذا كانت ذميمة كانت آثارها ذميمة‪ ،‬وعلى مقدار‬
‫لوك‪.‬‬ ‫اره يف الس‬ ‫ادة آث‬ ‫ون يف الع‬ ‫اخللق يف النفس تك‬
‫وليست كل الص فات املس تقرة يف النفس من قبيل األخالق بل منها غرائز ودوافع ال ص لة هلا ب اخللق‪،‬‬

‫(‪ )1‬خمتار الصحاح للرازي مادة سلك ط دار اإلميان‬


‫(‪ )1‬األخالق يف اإلسالم د‪ .‬إميان ص ‪.41‬‬

‫‪www. alukah. net ‬‬


‫األخالق اإلسالمية وأمهيتها للحياة اإلنسانية‬
‫‪www. alukah. net ‬‬

‫فالذي يفصل األخالق ومييزها عن جنس هذه الصفات بكون آثارها يف السلوك قابلة للحمد أو للذم‪،‬‬
‫وب ذلك يتم يز اخللق عن الغري زة ذات املط الب املكافئة حلاج ات اإلنس ان الفطري ة‪.‬‬
‫ه‪.‬‬ ‫ذم علي‬ ‫ان أو ي‬ ‫زة ليست مما حيمد اإلنس‬ ‫ذه الغري‬ ‫وه‬
‫فاألكل عند اجلوع ب دافع الغري زة ليس مما حيمد أو ي ذم يف ب اب الس لوك اخللقي‪ ،‬ولكن قد تتح ول‬
‫الغريزة إىل سلوك خلقي حيمد أو يذم‪ ،‬كالشره الزائد عن حاجات الغريزة العضوية أمر مذموم‪ ،‬ألنه أثر‬
‫خللق يف النفس م ذموم وهو الطمع املف رط‪ ،‬وعكس ذلك القناعة فهي أثر خللق يف النفس حمم ود‪.‬‬
‫وهك ذا س ائر الغرائز وال دوافع النفس ية اليت ال ت دخل يف ب اب األخالق‪ ،‬إمنا مييزها عن األخالق ك ون‬
‫ذم )(‪.)1‬‬ ‫ان عليه أو ت‬ ‫وراً طبيعية ليست مما حتمد إرادة اإلنس‬ ‫لوك أم‬ ‫آثارها يف الس‬
‫اتجاهاتـ السلوك األخالقي‪:‬‬
‫إن اإلسالم قد عين باإلنسان جسماً وروح اً ظاهراً وباطن اً‪ ،‬ويف دراساتنا عن األخالق يف كل‬
‫ه‪.‬‬ ‫اجتاهات‬
‫فاالجتاه املادي يف األخالق‪ ،‬يهتم بالس لوك ال ذي حيقق من افع مادي ة‪ ،‬ينبغي اس تخدامها بالطريقة اليت‬
‫حتقق اللذة أو السعادة حسب وجهة نظر الفرد يف فهمها‪.‬‬
‫وجماله‪ :‬الطبيعة املادية‪.‬‬
‫واالجتاه الروحي يهتم بالسلوك الذي حيقق مكاسب معنوية‪ ،‬ويطهر النفس من النوازع الشريرة‪.‬‬
‫وجماله اجلانب النفسي والروحي يف الطبيعة اإلنسانية‪.‬‬
‫واالجتاه العقلي يهتم بالس لوك ال ذي حيقق مكاسب عقلية من كشف احلق ائق وتنظيم الس لوك واحلي اة‬
‫وفقاً هلذه احلقائق‪.‬‬
‫وجماله احلقائق كما ترتاءى للعقل‪.‬‬
‫النوع الثانيـ من أنواع السلوك‪.‬‬
‫السلوك اإلرادي‪:‬‬
‫السلوك اإلرادي السوي‪ ،‬هو فعل املباح أو تركه‪.‬‬
‫ا‪:‬‬ ‫دة منه‬ ‫ور عدي‬ ‫وله ص‬
‫‪1‬ـ م ادي‪ :‬كاألكل والش رب وال زواج والن وم ومجيع متطلب ات اجلسد العض وية‪.‬‬
‫‪2‬ـ عقلي‪ :‬كالدراسة واألنشطة العقلية‪ ،‬العلمية واألدبية‪ ،‬واملشاركات يف احلوار والنقاش‪ ،‬واإلبداع يف‬
‫ون واآلداب‪. .‬‬ ‫الفن‬

‫(‪ )1‬الثقافة اإلسالمية للحبنكه والغزايل ص ‪.181‬‬

‫‪www. alukah. net ‬‬


‫األخالق اإلسالمية وأمهيتها للحياة اإلنسانية‬
‫‪www. alukah. net ‬‬

‫‪3‬ـ ومنها ما هو اجتم اعي‪ :‬وه ذا يقتضي مراع اة األع راف والتقاليد الس ائدة يف اجملتم ع‪ ،‬واالل تزام هبا‬
‫وعدم اخلروج عليها‪ ،‬وكل جمتمع له أعرافه وتقاليده‪ ،‬فبعض اجملتمعات يلبس فيها الرجل التنورة‪ ،‬وهي‬
‫من مالبس النساء‪ ،‬وليست من مالبس الرجال‪ ،‬فإذا خرج إنسان عن العرف عد شاذاً يف هذا السلوك‪،‬‬
‫ومن العرف االجتماعي أن يأخذ الرجل يف زينته عند لقاء الناس‪ ،‬فمن لقي ضيوفه وهو ثائر الشعر مثالً‬
‫وي‪.‬‬ ‫لوك الس‬ ‫روج عن الس‬ ‫ذا خ‬ ‫َّرح فه‬ ‫غري مرجل أو مس‬
‫‪4‬ـ ومنها طاعة أويل األمر يف غري معصية‪ ،‬إذ ال طاعة ملخلوق يف معصية اخلالق‪.‬‬
‫اس‪.‬‬ ‫ام بني الن‬ ‫في جو احملبة والوئ‬ ‫ة‪ ،‬مما يض‬ ‫ومنها طالقة الوجه والبشاش‬ ‫‪5‬ـ‬
‫‪6‬ـ ومنها ع دم اللجاجة يف احلوار حىت خيرج إىل اجلدل‪ ،‬فرجل يق دم حماض رة عن أدب اجلدل‪ ،‬مث ي رمي‬
‫حماوره بألفاظ بذيئة‪.‬‬
‫وهذا املوضوع متشعب‪ ،‬جداً قد ال حيصيه حصر‪.‬‬
‫(‪)1‬‬
‫ومنهم من قسم السلوك اإلرادي لإلنسان إىل أقسام‬
‫منه ما هو أثر من آث ار خلق يف النفس حمم ودة أو مذموم ة‪ ،‬كالعط اء عن ج ود أو إمس اك عن‬ ‫‪.1‬‬
‫شح‪. . .‬‬
‫ومنه ما هو استجابة لغريزة من غرائز اجلسد الفطرية كاألكل والشرب‪. .‬‬ ‫‪.2‬‬
‫ومنه ما هو من قبيل اآلداب الشخصية أو االجتماعية‪ ،‬كآداب الطعام والشراب واللباس‪. .‬‬ ‫‪.3‬‬
‫ومنه ما هو طاعة لألوامر والنواهي‪. .‬‬ ‫‪.4‬‬
‫ومنه ما هو من قبيل التقاليد االجتماعية كهيئة اللباس وترجيل الشعر والسالم بطريقة خمصوصة‪. .‬‬ ‫‪.5‬‬
‫أقسام األخالق باعتبار عالقاهتا‪:‬‬
‫تقسم إلى أربعةـ أقسام(‪:)1‬‬
‫‪ -1‬ما يتعلق بوجوه الصلة القائمة بني اإلنسان وخالقه‪.‬‬
‫والفض يلة اخللقية يف ح دود ه ذا القسم تف رض على اإلنس ان أنواع اً كث رية من الس لوك األخالقي‪،‬‬
‫منها اإلميان باهلل ألنه حق‪ ،‬واالعرتاف بكمال الصفات واألفعال‪ ،‬وشكره على نعمه اليت ال حتصى‪،‬‬
‫وطاعته يف أوام ره ونواهي ه‪ ،‬فطل ه ذه األن واع من الس لوك ت دعو إىل الفض يلة اخللقي ة‪.‬‬
‫أما دواعي الكفر باخلالق بعد وض وح األدلة على وج وده فهي حتم اً دواع تس تند إىل جمموعة من‬
‫رذائل األخالق منها الك رب‪ ،‬وجح ود احلق‪ ،‬وقد نبه الق رآن على رذيلة خلق الكرب الدافعة إىل إنك ار‬

‫(‪ )1‬الثقافة اإلسالمية للشيخ عبد الرمحن حبنكة وحممد الغزايل ص‪ .182‬ط‪ 11430‬هـ‬
‫(‪ )1‬املصدر السابق ص ‪201‬‬

‫‪www. alukah. net ‬‬


‫األخالق اإلسالمية وأمهيتها للحياة اإلنسانية‬
‫‪www. alukah. net ‬‬

‫اآلخرة وعدم اإلميان هبا‪.‬‬


‫رين‪.‬‬ ‫ان واآلخ‬ ‫لة بني اإلنس‬ ‫وه الص‬ ‫ما يتعلق بوج‬ ‫‪2‬ـ‬
‫وص ور الس لوك األخالقي احلميد يف ح دود ه ذا القسم معروفة وظ اهرة منها الص دق واألمانة والعفة‬
‫والع دل‪ ،‬وهك ذا إىل آخر ج دول فض ائل األخالق اليت يتع دى نفعها إىل اآلخ رين من الن اس‪.‬‬
‫‪3‬ـ ما يتعلق بوجوه الصلة بني اإلنسان ونفسه‪.‬‬
‫وصور السلوك األخالقي احلميد يف حدود هذا القسم كثرية منها؛ الصرب على املصائب‪ ،‬ومنها األناة يف‬
‫األمور واإلتقان يف العمل‪ ،‬وكل ذلك يدخل يف حني إدارة اإلنسان لنفسه‪.‬‬
‫ما يتعلق بوج وه الص لة بني اإلنس ان والبيئة غري العاقل ة‪ .‬كالرمحة ب احليوان‪ ،‬والرفق يف معاملتها‬ ‫‪-4‬‬
‫وتأدية حقوقها الواجبة‪.‬‬
‫أما ظلمها والقسوة عليها وحرماهنا من حقوقها فهي من قبائح األخالق ويف هذا يقول الرسول صلى‬
‫اهلل عليه وس لم فيما رواه البخ اري ومس لم عن ابن عم ر‪(( :‬ع ذبت ام رأة يف ه رة حبس تها حىت م اتت‬
‫جوع اً ف دخلت الن ار‪ ،‬ال هي أطعمتها وس قتها إذ حبس تها‪ ،‬وال هي تركتها تأكل من خش اش األرض‬
‫))‪.‬‬
‫وال بد من مالحظة أن كث رياً من األخالق هلا ع دد من االرتباط ات والتعلق ات‪ ،‬ول ذلك فهي ت دخل يف‬
‫ع دد من ه ذه األقس ام يف وقت واح د‪ ،‬إذ قد تك ون لفائ دة اإلنس ان نفس ه‪ ،‬وتك ون مع ذلك لفائ دة‬
‫اآلخرين ن وهي أيضاً حمققة ملرضاة اهلل تعاىل )‪.‬‬
‫مراتب السلوك األخالقي‪:‬‬
‫تتفاوتـ مراتب السلوك األخالقي بحسب متعلقاته‬
‫األول‪:‬‬
‫ه‪:‬‬ ‫لوكه عند أمر اهلل وهني‬ ‫ان س‬ ‫من ك‬
‫ف إن ه ذا الس لوك ينبع من أخالقي ات علي ا‪ ،‬ألهنا تتصل ب املأل األعلى‪ ،‬وه ذا أعلى املقام ات وأش رف‬
‫املراتب‪.‬‬
‫والثاين‪ :‬ومن السلوك األخالقي ما ينبع من الفلسفة العقلية‪:‬‬
‫وه ذه مرتبة دون املرتبة األوىل‪ ،‬ألهنا ال تس تند إىل وحي اهلل وإرادته والنظر إىل اآلجلة من‬
‫النواب أو العقاب‪.‬‬
‫والثالث‪ :‬السلوك المادي‪:‬ـ‬
‫وهذا السلوك ال يرجو اخلري إال لنفس صاحبه‪ ،‬فهو أناين يستفيد وال يفيد وهذا أحط مراتب السلوك‬

‫‪www. alukah. net ‬‬


‫األخالق اإلسالمية وأمهيتها للحياة اإلنسانية‬
‫‪www. alukah. net ‬‬

‫األخالقي يف النفس البشرية‪.‬‬


‫أجناس الفضائل وأنواعها‪.‬‬
‫أجناسها الرذائل وأنواعها‪.‬‬
‫أجناس الفضائل‪:‬‬
‫‪ -1‬الفض ائل متع ددة وأعالها ما يتعلق باهلل س بحانه وتع اىل كتوحي ده ذات اً وص ٍ‬
‫فات وأفع االً‪،‬‬
‫وتنزيهه تعاىل؛ أنه واجب الوجود‪ ،‬واجب له كل كما يف ومتنزه عن كل نقصان‪.‬‬
‫‪ -2‬فض يلة اإلميان بالرس ول ص لى اهلل عليه وس لم وما ج اء به من عند اهلل تع اىل‪ ،‬واإلميان بالرسل‬
‫السابقة‪ ،‬وأهنم جاؤوا هلداية البشرية‪ ،‬ودينهم مجيعاً اإلسالم كما قال اهلل تعاىل‪:‬‬
‫اىل‬ ‫ران‪ 19 :‬وقوله تع‬ ‫الم) آل عم‬ ‫دين عند اهلل اإلس‬ ‫( إن ال‬
‫( ما كان إبراهيم يهودياً وال نصرانياً ولكن كان حنيفاً مسلماً )‪ .‬آل عمران‪67 :‬‬
‫‪ -3‬فضيلة حب اخلري والداللة عليه والدعوة إليه‪.‬‬
‫‪ -4‬فض يلة األمر ب املعروف والنهي عن املنكر وه ذه الفض يلة هي اليت جعلت أمتنا اإلس المية أمة‬
‫خريية ق ال اهلل تع اىل‪ ( :‬كنتم خري أمة أخ رجت للن اس ت أمرون ب املعروف وتنه ون عن املنكر‬
‫وتؤمنون باهلل)‪ .‬البقرة‪110 :‬‬
‫أنواعها‪:‬‬
‫أما أنواعها فمتعددة أيضاً ومنها‪:‬‬
‫‪ -1‬فنوع متعلق بالعقيدة الصحيحة اخلالية من الشركيات والبدع والشوائب‪.‬‬
‫‪ -2‬ومنها ما يتعلق بالس لوك اإلس المي املنطلق من مك ارم األخالق والتحلي هبا وترمجتها إىل واقع‬
‫عملي يف احلياة يف التفاعل مع اجملتمع اإلنساين‪.‬‬
‫‪ -3‬ومنها ما يتعلق بالرمحة الش املة للن وع اإلنس اين وغ ريه‪ ،‬كالرأفة ب احليوان وتنمية النب ات كزراعة‬
‫الشجر املثمر لينتفع منه البشر والطري‪.‬‬
‫قال صلى اهلل عليه وسلم‪ (( :‬يف كل كبد رطبة أجر))‪.‬‬
‫‪ -4‬ومنها فعل اخلري لآلخ رين‪ ،‬كالص دقة اجلارية والوق ف‪ ،‬وحفر اآلب ار وبن اء املستش فيات الوقفية‬
‫واملدارس لتحفيظ القرآن الكرمي وكفالة اليتيم ودفع الفاقة عن الفقراء بإنشاء مصنع يتطلب اليد‬
‫العاملة عن العمل‪.‬‬

‫‪www. alukah. net ‬‬


‫األخالق اإلسالمية وأمهيتها للحياة اإلنسانية‬
‫‪www. alukah. net ‬‬

‫أجناس الرذائل وأنواعهاـ‬


‫أجناس الرذائل‪:‬‬
‫ويف املقاب ل؛ ف إن كل إجياب يقابله س لب؛ ف الكرم‪ :‬يقابله البخ ل‪ .‬واإليث ار‪ :‬يقابله الشح والش جاعة‪:‬‬
‫يقابلها اجلنب‪ .‬ومن مث فإن لكل مأثرة نقيضاً‪ .‬ومن هذه الرذائل‪:‬‬
‫‪ -1‬رذيلة التمرد على اهلل بعباده غريه أو اإلحلاد في وجوده‪ ،‬كالعقيدة الشيوعية اإلحلادية‪.‬‬
‫‪ -2‬والرذيلة الثانية هي الفس ق‪ ،‬وذلك ب اخلروج عن تعليم ات اهلل تع اىل وع دم االل تزام ب أوامره‬
‫ونواهيه‪.‬‬
‫‪ -3‬ومن الرذائ ل‪ ،‬ال والء للكف ار يف أي ش كل من أش كال ال والء‪ ،‬ولو باإلعج اب هبم وب زيهم‬
‫وب أخالقهم ووس ائل ت رفيههم ك الرقص والغن اء والفج ور‪ ،‬وحتبيذ طريقة حي اهتم ومعيش تهم‪،‬‬
‫ك االختالط والتح رر من احلش مة بالنس بة للنس اء‪ ،‬واملوض ات الفاض حة يف املالبس واخلالعة يف‬
‫التصرفات‪.‬‬
‫‪ -4‬ومن الرذائل عدم احرتام العلماء وأهل الفضل‬
‫أنواعها‪:‬‬
‫ومن أنواعـ الرذائل‪:‬ـ‬
‫‪ -1‬نوع نفسي روحاين‪ ،‬كأن حيتقر اإلنسان كل ما هو دين‪ ،‬أو ينفر منه‪ ،‬فهذا دليل على ضعف‬
‫العقي دة يف نفس ص احبها‪ ،‬وض عف ال وازع والض مري األخالقي‪ ،‬فهو يرت اح للبشر وي نزعج من‬
‫اخلري‪.‬‬
‫‪ -2‬ن وع خ ارجي س لوكي‪ :‬إذ إن ص احبه يكسل ويص يبه الفت ور وامللل إذا دعي إىل الص الة أو إىل‬
‫فعل اخلري‪ ،‬فيميل إىل حتبيذ املنكر والنفور من املعروف وهو األمر الفاضل‪.‬‬
‫‪ -3‬ومن أن واع الرذائل حب الشر لآلخ رين‪ ،‬ف إذا ن ال بعض هم اخلري‪ ،‬حس ده على ه ذا اخلري‪ ،‬وإذا‬
‫نالته نائلة أو نزلت به نازلة فإنه يسر بذلك‪.‬‬
‫‪ -4‬ومن أن واع الرذائل أن بعض الن اس حيس نون معاملة أهليهم‪ ،‬يق دمون بر الص ديق على بر‬
‫الوالدين‪ ،‬أو يقدمون الزوجة على بر األم‪. . .‬‬
‫وخالصة املوضوع أن اإلسالم يرشد اإلنسان إىل اخلري ويهدي إليه‪ ،‬ومينعه عن الشر‪ ،‬واإلنسان حياسب‬
‫على فعله‪.‬‬

‫‪www. alukah. net ‬‬


‫األخالق اإلسالمية وأمهيتها للحياة اإلنسانية‬
‫‪www. alukah. net ‬‬

‫تدريبات‬

‫‪ -1‬ما تعريف السلوك لغة واصطالحاً؟‬


‫‪2‬ـ ما الفرق بني السلوك اخللقي والسلوك اإلرادي؟‪.‬‬
‫‪3‬ـ ما تعريف السلوك اخللقي‪ ،‬والسلوك اإلرادي؟‬
‫‪4‬ـ عدد أربعة من أقسام السلوك اإلرادي األخالقي‪.‬‬
‫‪5‬ـ عدد ثالثة من أقسام األخالق باعتبار عالقاهتا؟‬
‫‪6‬ـ عدد مراتب السلوك األخالقي‪.‬‬
‫‪7‬ـ بنِّي ‪ ،‬كيف يتميز اخللق عن الغريزة؟‬
‫‪ 8‬ـ كيف تتحول الغريزة إىل خلق؟‬
‫‪9‬ـ عدد ثالثة من أجناس الفضائل‪ ،‬وثالثة من أجناس الرذائل‬
‫‪10‬ـ عدد ثالثة من أنواع الفضائل‪ ،‬ثالثة من أنواع الرذائل‬
‫‪11‬ـ اكتب قصة حتبب فيها بالفضائل وتنفر من الرذائل‪.‬‬

‫من محاسن األخالق اإلسالمية‬


‫الصدق‬

‫الصدق‪ :‬هو احلق‪ .‬وهو أال خيتلف سرك عن جهرك‪ ،‬أو سرك عن عالنيتك‪ ،‬أو ظاهرك عن باطنك‪.‬‬
‫واإلسالم كله أخالق‪ ،‬وقد متثلها رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم يف أحلى معانيها‪ ،‬وأعلى مراتبها منذ‬

‫‪www. alukah. net ‬‬


‫األخالق اإلسالمية وأمهيتها للحياة اإلنسانية‬
‫‪www. alukah. net ‬‬

‫أن ك ان ناش ئاً يف قومه قبل ن زول الرس الة عليه من اهلل تع اىل وبع دها ك ان امسه يف قومه قبل بعث ه‪:‬‬
‫ان امسه األمني‬ ‫ادق‪ ،‬وك‬ ‫الص‬
‫(ال ينظر إىل الصدق بوصفه خلقاً فاض الً جيب التخلق به فقط‪ ،‬بل هو من مكمالت اإلسالم واإلميان‪،‬‬
‫إذ أمر اهلل تعاىل به‪ ،‬وأثىن على املتصفني به‪ ،‬كما أمر رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم وحث عليه ودعا‬
‫اىل‪:‬‬ ‫اً من ذلك قوله تع‬ ‫إيه أيض‬
‫ادقني )التوبة ‪119‬‬ ‫وا مع الص‬ ‫وا اهلل وكون‬ ‫وا اتق‬ ‫ذين آمن‬ ‫( يا أيها ال‬
‫واإلسالم يوصي بأن تغرس فضيلة الصدق يف نفوس األطفال حىت يشبوا عليها‪ ،‬وقد ألفوها يف أقواهلم‬
‫وأحواهلم كلها‪ ،‬فعن عبد اهلل بن عامر قال‪ ( :‬دعتين أمي يوم اً‪ ،‬ورسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم قاعد‬
‫يف بيتنا فقالت‪ :‬تعال أعطك‪ .‬فقال هلا صلى اهلل عليه وسلم‪ (( :‬وما أردت أن تعطيَ ه؟ قالت‪ :‬أردت أن‬
‫أعطيَه مثراً‪ .‬فقال هلا‪ :‬أما أنك لو مل تعطه لكذبت عليه كذبة )‬
‫فانظر كيف يعلم الرسول صلى اهلل عليه وسلم األمهات واآلباء أن ينشئوا أوالدهم تنشئه يقدسون فيها‬
‫ذب )(‪.)1‬‬ ‫نزهون عن الك‬ ‫دق ويت‬ ‫الص‬
‫وللصدق مظاهر عديدة منها‪:‬‬
‫اىل‪:‬‬ ‫دق مع اهلل تع‬ ‫‪ .1‬الص‬
‫وذلك بأال خيالف املسلم ظاهره باطنه‪ ،‬بأن خيلص هلل معتقده وأفعاله وأحواله هلل وحده ال شريك له‪ ،‬بعيداً‬
‫عن الري اء والس معة‪ ،‬وكل ما من ش أنه أن يش وب ص فاء املعتقد ش ائبة‪ ،‬من التعبد لغري اهلل‪ ،‬ب أن جيعل بينه‬
‫وبني اهلل وساطة‪ ،‬أو أن يشرك معه أحداً يف عبادته من بشر؛ أحياء كانوا أو أموات اً‪ ،‬أو أن يعتقد‪ ،‬بالشعوذة‬
‫اليت تدعي علم الغيب أو قراءة الكف أو الفنجان‪ ،‬كما حيصل يف بعض املناطق واجلهات‪ ،‬ومن ذلك زجر‬
‫الطري من سانح وبارح‪ ،‬وهذه عادة جاهلية أبطلها اإلسالم‪.‬‬

‫(‪ )1‬الثقافة اإلسالمية عبد الرمحن حبنكة وحممد الغزايل ص‪223‬‬

‫‪www. alukah. net ‬‬


‫األخالق اإلسالمية وأمهيتها للحياة اإلنسانية‬
‫‪www. alukah. net ‬‬

‫دق مع النفس‪.‬‬ ‫‪ .2‬الص‬


‫هو عدم الرتدد يف اإلقدام على فعل أوالرتدد يف ترك الفعل‪ .‬قال اهلل تعاىل يف كتابه الكرمي ( فإذا‬
‫ران ‪.159‬‬ ‫زمت فتوكل على اهلل ) آل عم‬ ‫ع‬
‫وصفة الثبات واإلقدام على تنفيذ أمر قرره العبد على نفسه‪ ،‬مبا فيه خريه‪ ،‬حتتاج إىل العزمية واهلمة‬
‫العالية‬
‫دق احلديث‪.‬‬ ‫‪ .3‬ص‬
‫فاملس لم يق ول ما يعتق د‪ ،‬وإال ك ان يف إميانه ش يء من النف اق‪ ،‬ومن ص دق احلديث أال حيدث‬
‫اإلنسان بكل ما مسع‪ ،‬وحبسب املرء كذباً أن حيدث بكل ما مسع‪.‬‬
‫‪ .4‬صدق املعاملة‪:‬‬
‫وهلا صور عديدة‪ ،‬منها‪ ،‬صدق البيع والشراء‪ ،‬قال صلى اهلل عليه وسلم وعن أيب خالد حكيم بن حزام‬
‫رضي اهلل عنه قال‪ :‬قال رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم‪:‬‬
‫" البيِّع ان باخلي ار ما مل يتفرق ا؛ ف إن ص دقا وبينا ب ورك هلما يف بيعهم ا‪ ،‬وإن كتما وك ذبا حمقت بركة‬
‫(‪)1‬‬
‫بيعهما " متفق عليه‬
‫وصدق املعامالت االجتماعية‪ ،‬يف السوق وحمل العمل والوظيفة‪ ،‬وهذا اجملال ال حيصره حد وال عد‪.‬‬
‫ومن مثرات الصدق‪:‬‬
‫‪ .1‬راحة الضمري وطمأنينة النفس لقول الرسول صلى اهلل عليه وسلم‪ " :‬الصدق طمأنينة"‬
‫‪ .2‬الربكة يف الكسب وزيادة اخلري‪.‬‬
‫‪ .3‬الف وز مبنزلة الش هداء يق ول الرس ول ص لى اهلل عليه وس لم ( من س أل اهلل الش هادة بص دق بلغه اهلل‬
‫منازل الشهداء وإن مات على فراشه)‬
‫(‪)2‬‬
‫‪ .4‬النجاة من املكروه‬
‫واألحاديث كثرية منها‪:‬‬
‫عن ابن مسعود رضي اهلل عنه عن النيب صلى اهلل عليه وسلم قال‪ ( :‬إن الصدق يهدي إىل الرب وإن الرب‬
‫يه دي إىل اجلنة وإن الرجل ليص دق حىت يكتب عن اهلل ص ديقاً‪ .‬وإن الك ذب يه دي إىل الفج ور‪ ،‬وإن‬
‫الفجور يهدي إىل النار وإن الرجل ليكذب حىت يكتب عند اهلل كذاباً ) متفق عليه‪.‬‬

‫(‪ )1‬رياض الصاحلني لإلمام النووي‬


‫(‪ )2‬األخالق يف اإلسالم د‪ .‬إميان عبد املؤمن سعد الدين ص ‪.171‬‬

‫‪www. alukah. net ‬‬


‫األخالق اإلسالمية وأمهيتها للحياة اإلنسانية‬
‫‪www. alukah. net ‬‬

‫وعن حممد احلسن بن علي بن أيب ط الب رضي اهلل عنهما ق ال‪ :‬حفظت من رس ول اهلل ص لى اهلل عليه‬
‫وس لم‪" :‬دع ما يريبك إىل ما ال يريب ك‪ ،‬ف إن الص دق طمأنينة والك ذب ريب ة" رواه الرتم ذي وق ال‪:‬‬
‫حديث صحيح‪.‬‬
‫والصدق نور للمسلم يف كل اجملاالت‪.‬‬
‫ومن جماالت الصدق‪:‬‬
‫‪ .1‬من الناحية اإلمياني ة‪ :‬ف إن املس لم يص دق مع اهلل يف نيته يف التوجه إليه يف االعتق اد أنه واحد يف ذاته‬
‫واحد يف ص فاته واحد يف أفعال ه‪ ،‬ليس له نظري وال مثيل وال ش بيه‪ ،‬يف توحيد األلوهي ة؛ أن اهلل‬
‫واحد ال ش ريك له ويف توحيد الربوبية أن اهلل هو اخلالق لكل ش يء وهو رب كل ش يء‪ ،‬فهو‬
‫املعبود حبق وهو املستعان على العبادة " إياك نعبد وإياك نستعني "‬
‫‪ .2‬من الناحية النفسية‪ :‬الصدق استعالء على الذات وهيمنة عليها وتوجيه هلا ملا قد يعرض من شؤون‬
‫احلياة‪ ،‬فإن خال املسلم بنفسه فسيأيت الشيطان بأنواع الوساوس االعتقادية وسيحاول الشيطان أن‬
‫خيرج املس لم عن اس تقامته ب أنواع املغري ات كاالس تماع إىل الغن اء أو النظر إىل حمرم أو التفكري يف‬
‫حمرم أو تعاطي احملرم‪ . .‬فاملسلم يراقب اهلل تعاىل مراقبة من يشعر أن اهلل يراه ويستشعر هذا املعىن‬
‫يف نفس ه‪ " :‬اعبد اهلل كأنك ت راه ف إن مل تكن ت راه فإنه ي راك " فيكف عما تس ول إليه به نفسه‬
‫وتنزجر نوازعها الضالة فيستقيم‪.‬‬
‫‪ .3‬الصدق يف احلال‪ :‬إذا قام للصالة‪ ،‬يشعر أنه يقف بني يدي اهلل تعاىل‪ ،‬وأنه يصلي له‪ ،‬وال يفكر بغري‬
‫اهلل تعاىل‪ ،‬يف خشوعه ويف أدائه‪ ،‬فال يتصنع اخلشوع‪ ،‬وال يطيل الركوع أو السجود أكثر من املدة‬
‫املستقرة يف نفسه‪ ،‬كما يفعل بعض املرائني من تصنع إتقان العبادة رياء ونفاق اً ممن مل يدخل اإلميان‬
‫يف قل وهبم ومل يس تول على مش اعرهم‪ ،‬وبعض هم يص لون بغري وض وء لس بب من األس باب‪ ،‬ف رتى‬
‫ح اهلم يف الص الة مثل الطري الط افش حالة اض طراب وحركته زائ دة‪ ،‬وتلفتاته تنم عن ش روده عما‬
‫هو فيه من حال أهل الصالة يف الصالة‪.‬‬
‫‪4‬ـ الصدق يف املعاملة‪ :‬يف أقواله وأفعاله وأحواله‪( .‬قال أرسطاطاليس‪ :‬املوت مع الصدق خري من احلياة‬
‫(‪)1‬‬
‫مع الكذب)‬
‫( ومن هنا كان االستمساك بالصدق يف كل شأن‪ ،‬وحتريه يف كل قضية‪ ،‬واملصري إليه يف كل حكم ن‬
‫دعامة ركينة يف خلق املسلم‪ ،‬وصيغة ثابتة يف سلوكه‪ ،‬وكذلك كان بناء اجملتمع يف اإلسالم قائم اً على‬
‫حماربة الظن ون‪ ،‬ونبذ اإلش اعات وإط راح ال ريب‪ ،‬ف إن احلق ائق الراس خة وح دها هي اليت جيب أن تظهر‬

‫(‪ )1‬املستطرف من كل فن مستظرف لألبشيهي ج‪ 2‬ص ‪ 356‬ط بريوت‪.‬‬

‫‪www. alukah. net ‬‬


‫األخالق اإلسالمية وأمهيتها للحياة اإلنسانية‬
‫‪www. alukah. net ‬‬

‫وتغلب‪ ،‬وأن تعتمد يف إق رار العالق ات املختلف ة‪ ،‬ق ال ص لى اهلل عليه وس لم ( إي اكم والظن فإنه أك ذب‬
‫احلديث )(‪.)1‬‬
‫وفي مقابل الصدق الكذبـ وله مظاهر عدة‪:‬‬
‫الكذب يف االعتقاد‬
‫الكذب يف القول‬
‫الكذب يف املعاملة‬
‫الكذب يف احلال قال الشاعر‪:‬‬
‫ذب املرء إال من مهانته‬ ‫ال يك‬
‫وء أو من قلة األدب‬ ‫أو فعله الس‬
‫فبعض جيفة كلب خري رائحة‬
‫من كذبة املرء يف جد ويف لعب‬
‫و يف الك ذب تع ذيب الض مري‪ ( ،‬روى اإلم ام أمحد يرمحه اهلل‪ ،‬عن أم املؤم نني عائشة رضي اهلل عنها‬
‫قالت‪:‬‬
‫( ما كان من خلق أبغض إىل رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم‪ ،‬من الكذب )‪.‬‬
‫والك ذب على دين اهلل تع اىل‪ ،‬من أقبح املنك رات وي دخل يف نظ ام ه ذا االف رتاء‪ ،‬ما ابتدعه اجله ال‬
‫وأقحموه على دين اهلل من حمدثات ال أصل هلا‪ ،‬وقد نبه النيب صلى اهلل عليه وسلم أمته إىل مصادر هذه‬
‫الب دع املنك رة‪ ،‬وح ذر من االنقي اد إىل تياره ا‪ ،‬ودعا املس لمني إىل التمسك ب آي كت اهبم وس نة س لفهم‬
‫فقال‪ ( :‬يكون يف آخر الزمان دجالون كذابون يأتونكم من األحاديث مبا مل تسمعوا أنتم وال آباؤكم‬
‫فإياكم وإياهم‪ ،‬ال يضلونكم وال يفتنونكم )‬
‫والك ذب رذيلة حمضة تن بئ عن تغلغل الفس اد يف نفس ص احبها‪ ،‬وعن س لوك ينشئ الشر وين دفع إىل‬
‫اإلمث‪.‬‬
‫وسئل رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم‪ ( :‬أ يكون املؤمن جبان اً؟ فقال له‪ :‬نعم‪ .‬فقيل له‪ :‬أيكون‬
‫املؤمن خبيالً؟ فقال‪ :‬نعم‪ ،‬فقيل له‪ :‬أيكون املؤمن كذاباً؟ فقال‪ :‬ال )‪.‬‬
‫ويف تارخينا اإلسالمي من قصص الصدق ما تضيق عنه جملدات‪ ، .‬ومن ذلك‪.‬‬

‫قصة الشاب الصادق‪:‬‬

‫(‪ )1‬أخرجه البخاري‪.‬‬

‫‪www. alukah. net ‬‬


‫األخالق اإلسالمية وأمهيتها للحياة اإلنسانية‬
‫‪www. alukah. net ‬‬

‫يروى أن شاباً نشأ يف طاعة اهلل تعاىل‪ ،‬قالت له أمه‪ :‬ال تكذب‪ .‬وكان مطيعاً ألمه‪.‬‬
‫وكان هذا الشاب بائع أقمشة‪ ،‬فكر يوماً يف التجارة جيلب البضاعة من بلد إىل بلده مع القافلة‪،‬‬
‫فق ال ألم ه‪ :‬إنين أفكر بالتج ارة‪ ،‬أجلب بض اعة من القافلة وأبيعها يف بل دي‪ .‬فق الت له أم ه‪ :‬يا ول دي‬
‫الطريق خميف فاللصوص منتشرون وقطاع الطرق يرصدون سري القوافل وال يرتكوهنا متر بسالم‪ ،‬قال‪ :‬يا‬
‫أمي لقد استخرت اهلل تعاىل يف هذا الشأن فشرح صدري‪.‬‬
‫جهز الشاب نفسه ومعه زوادة الطريق‪ ،‬وضعها يف كيس‪ ،‬علقه يف عنقه‪ ،‬ووضع الكيس حتت‬
‫إبْطه‪ ،‬فيه خبز ومتر ومعه مطارة فيها ماء يشربه يف أثناء الطريق‪.‬‬
‫ودع أمه‪ ،‬وقبل رأسها‪ ،‬وطلب منها الدعاء‪ .‬فدعت له‪ ،‬وخرج والتحق بالقافلة‪.‬‬
‫سارت القافلة يف طريق آمن‪ ،‬إىل أن اشتد احلر‪ ،‬فإذا غبار قادم من بعيد‪ ،‬وقد اجنلى عند منظر فرسان‬
‫حيملون السيوف وهم متجهون إىل القافلة‪.‬‬
‫وما إن وصلوا حىت أحاطوا بالرجال وصاحوا فيهم فأيقنوا باهلالك وتضرعوا إىل اهلل تعاىل أن ينجيهم‬
‫مما هم فيه من البالء‪.‬‬
‫طاف الفرسان حول القافلة وهم يقولون‪ :‬أخرجوا األموال وقدموها لنا وأنتم يف أمان‪ ،‬إن مل تفعلوا‬
‫قتلناكم‪.‬‬
‫سلب الفرسان أموال القافلة‪ ،‬ومن أنكر األموال جلدوه بالسياط‪ ،‬فكانت الصرخات تتعاىل يف‬
‫جنبات القافلة‪.‬‬
‫جاء فارس يضبح به فرسه ووقف على رأس الشاب وصاح فيه‪ :‬هيه أيها الشاب أين أموالك؟‬
‫أشار الشاب بإصبعه إىل الكيس حتت إبْطه‪.‬‬
‫صاح الفارس‪ :‬أين أموالك؟ أيف هذا الكيس؟‪.‬‬
‫هز الشاب رأسه باإلجياب وقال‪ :‬نعم‪.‬‬
‫تضاحك الفارس قائالً‪ :‬أهتزأ يب أيها الشاب؟ وهل أحد يضع أمواله مع اخلبز حتت إبْطه؟ انصرف عين‪،‬‬
‫أغرب عن وجهي وإال‪.‬‬
‫ثىن الفارس عنان جواده وانصرف‪.‬‬
‫والفرسان يدورون على رجال القافلة‪.‬‬
‫قال رئيس عصابة قطاع الطريق ملن حوله من فرسانه‪ :‬هل رأيتم شيئاً يلفت نظركم أيها الفرسان؟‬
‫تقدم فارس منهم وقال‪ :‬أيها الرئيس مشرياً بيده‪.‬‬
‫هناك شاب صار يهزأ يب‪.‬‬

‫‪www. alukah. net ‬‬


‫األخالق اإلسالمية وأمهيتها للحياة اإلنسانية‬
‫‪www. alukah. net ‬‬

‫قائد الفرسان‪ :‬شاب يف القافلة يستهزئ بك؟‬


‫الفارس‪ :‬نعم‬
‫القائد‪ :‬وكيف؟‬
‫الفارس‪ :‬سألته أين املال الذي معك؟ فأشار إىل كيس الزوادة الذي يوضع فيه عادة اخلبز والتمر وقال‬
‫يل‪ :‬املال ههنا‪.‬‬
‫فما كان مين إال أن عال ضحكي غيظاً وكدت أضرب عنقه‪.‬‬
‫القائد‪ :‬علي به‪.‬‬
‫فلما جاء الشاب سأله القائد‪ :‬أين أموالك أيها الشاب؟‬
‫أشار الشاب إىل كيسه وقال ههنا‪.‬‬
‫نظر القائد يف الكيس ومد ي ده إليه ف أخرج ص رة املال وق ال‪ :‬ما ال ذي دع اك إىل أن ت دل على مك ان‬
‫املال؟ فالكل ينكر ذلك‪.‬‬
‫قال الشاب‪ :‬إن أمي قالت يل‪ :‬ال تكذب‪ ،‬فأنا ال أكذب‪.‬‬
‫بكى قائد الفرسان ورد املال إىل الشاب ورد املال إىل القافلة‪ ،‬وتاب إىل اهلل مما كان يتعاطاه يف‬
‫قطع الطريق‪ .‬وكان هذا الشاب هو العامل اجلليل عبد القادر اجليالين يرمحه اهلل تعاىل‪.‬‬

‫‪www. alukah. net ‬‬


‫األخالق اإلسالمية وأمهيتها للحياة اإلنسانية‬
‫‪www. alukah. net ‬‬

‫تدريباتـ‬

‫ما تعريف الصدق؟‪.‬‬ ‫‪.1‬‬


‫عدد ثالثة من مظاهر الصدق‪.‬‬ ‫‪.2‬‬
‫عدد أربعاً من مثرات الصدق‪.‬‬ ‫‪.3‬‬
‫اذكر شاهداً على الصدق من القرآن الكرمي‪ ،‬وشاهداً من احلديث الشريف‪.‬‬ ‫‪.4‬‬
‫تكلم عن الصدق من الناحية االعتقادية‪.‬‬ ‫‪.5‬‬
‫ما تعريف الكذب؟‬ ‫‪.6‬‬
‫عدد ثالثة من مظاهر الكذب‪.‬‬ ‫‪.7‬‬
‫ب سينجيـك فإن الصدق أجنى‬ ‫ِ‬
‫فإذا الك ْذ ُ‬ ‫‪.8‬‬
‫اشرح هذا البيت‪ ،‬مث بني رأيك به‪.‬‬

‫‪www. alukah. net ‬‬


‫األخالق اإلسالمية وأمهيتها للحياة اإلنسانية‬
‫‪www. alukah. net ‬‬

‫العـدل‬

‫الع دل‪ :‬خالف اجلور‪ ،‬وع ّدلت الش اهد‪ :‬نس بته إىل العدالة ووص فته هبا‪ ،‬وجيمع على ع دول‪.‬‬
‫(‪)1‬‬
‫والعدالة صفة توجب مراعاهتا االحرتاز عما خيل باملروءة‬
‫و( الع دل‪ :‬ضد اجلور وما ق ام يف النف وس أنه مس تقيم ع دل يع دل فهو ع ادل وع دَّل احلكم‬
‫تعديالً‪ :‬أقامه‪ ،‬وامليزان‪ :‬سواه)(‪.)2‬‬
‫وقد ق رن اهلل س بحانه وتع اىل إقامة الع دل باإلحس ان‪ ،‬واإلحس ان هو أعلى املراتب اإلميانية كما يف‬
‫حديث أمري املؤمنني عمر بن اخلطاب رضي اهلل عنه قال‪ :‬بينا حنن جلوس عند رسول اهلل صلى اهلل عليه‬
‫وسلم‪ ،‬إذ دخل علينا رجل شديد بياض الثياب‪ ،‬شديد سواد الشعر ال يبدو عليه أثر السفر‪ ،‬وال يعرفه‬
‫منا أح د‪ ،‬فجلس إىل رس ول اهلل ص لى اهلل عليه وس لم‪ ،‬وأس ند يديه إىل ركبتيه وق ال‪ :‬يا حمم د‪ :‬أخ ربين‬
‫عن اإلس الم؟ ق ال‪ :‬أن تش هد أن ال إله إال اهلل وأن حمم داً رس ول اهلل‪ ،‬وأن تقيم الص الة وت ؤيت الزك اة‬
‫وتصوم رمضان وحتج البيت إن استطعت إليه سبيالً‪ .‬قال‪ :‬صدقت‪ ،‬فعجبنا له؛ يسأله ويصدقه‪.‬‬
‫قال فما اإلميان؟ قال‪ :‬أن تؤمن باهلل تعاىل ومالئكته وكتبه ورسله واليوم اآلخر والقضاء والقدر‪ ،‬قال‬
‫صدقت‪.‬‬
‫قال‪ :‬فما اإلحسان؟ قال‪ :‬أن تعبد اهلل كأنك تراه‪ ،‬فإن مل تكن تراه‪ ،‬فإنه يراك‪ .‬قال‪ :‬صدقت)‪.‬‬
‫نعم‪ ،‬لقد قرن اهلل سبحانه وتعاىل العدل باإلحسان بقوله تعاىل‪( :‬إن اهلل يأمر بالعدل واإلحسان وإيتاء‬
‫ذي القرىب وينهى عن الفحشاء واملنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون) سورة النحل اآلية ‪90‬‬
‫ويف القرآن تسعة وعشرون موضعاً وردت فيه كلمة (العدل)‪ ،‬حتض على التمسك هبذه الفضيلة‬
‫وقال صلى اهلل عليه وسلم‪ " :‬سبعة يظلهم اهلل يف ظله يوم ال ظل إال ظله‪ :‬إمام عادل‪ ،‬وشاب‬
‫نشأ يف طاعة اهلل ورجل تعلق قلبه باملس جد إذا خ رج منه حىت يع ود إليه ورجالن حتابا يف اهلل فاجتمعا‬
‫على ذلك وافرتقا عليه‪ ،‬ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حىت ال تعلم مشاله ما تنفق ميينه‪ ،‬ورجل ذكر اهلل‬
‫خالياً ففاضت عيناه‪ ،‬ورجل دعته امرأة ذات منصب ومجال فقال‪ :‬إين أخاف اهلل رب العاملني"‬
‫وللعدل جماالت كثرية‪:‬‬
‫‪ .1‬العدل مع اهلل تعاىل أال يشرك معه أحد يف املعتقد‪.‬‬
‫‪ .2‬العدل يف املعامالت‬
‫‪ .3‬العدل يف األقوال‪.‬‬
‫(‪ )1‬املصباح املنري للفيومي مادة َع َدل‬
‫(‪ )2‬القاموس احمليط مادة عدل‪.‬‬

‫‪www. alukah. net ‬‬


‫األخالق اإلسالمية وأمهيتها للحياة اإلنسانية‬
‫‪www. alukah. net ‬‬

‫( ق ال الوليد بن هش ام‪ :‬إن الرعية لتص لح بص الح ال ويل وتفسد بفس اده‪ .‬وقي ل‪ :‬ملا ويل عمر بن عبد‬
‫العزيز‪ ،‬أخذ يف رد املظامل فابتدأ بأهل بيته‪ ،‬فاجتمعوا إىل عمة له كان يكرمها وسألوها أن تكلمه فقال‬
‫هلا‪ :‬إن رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم سلك طريقاً فلما قبض سلك أصحابه ذلك الطريق الذي سلكه‬
‫رس ول اهلل‪ ،‬فما قضي األمر إىل معاوية ج ره ميين اً ومشاالً‪ ،‬وامي اهلل لئن مد يف عم ري ألردنه إىل ذلك‬
‫الطريق الذي سلكه رسول اهلل وأصحابه‪ ،‬فقالت له‪ :‬يا ابن أخي إين أخاف عليك منهم يوم اً عصيباً‪،‬‬
‫فقال‪ :‬كل يوم أخافه دون يوم القيامة فال َّأمنَنيه اهلل ) (‪.)1‬‬
‫ومن أظهر مظاهر العدل‪:‬‬
‫ع دل اإلم ام يف رعيته‪ ،‬وذلك ي وجب حمبته وطاعته واتبع أمره واجتن اب نواهيه‪ ،‬أما الظلم فهو نقيض‬
‫العدل وضده وهو ظلمات يف الدنيا وهو سبب لفساد العمران‪.‬‬
‫لقد عقد ابن خلدون فصالً يف مقدمته حتت عنوان‪ :‬الظلم مؤذن بفساد العمران‪.‬‬
‫بني فيه أنه إذا ش اع الظلم‪ ،‬فس دت الني ات واملع امالت ف املظلوم حيقد على الظ امل وينتهز الف رص ل رد‬
‫املظلم ة‪ ،‬واحلاكم ال يس تقيم س لطانه‪ ،‬لفس اد بطانته ب الظلم ال ذي جيرونه على الرعية بس بب وق وف‬
‫الس لطان إىل ج انبهم‪ ،‬فتختل األم ور وتنشق اجلماع ات وتك ثر الش كاوى‪ ،‬ومن مث يك ون اخلروج على‬
‫السلطان‪ ،‬فتسقط ممالك وتقوم أخرى مكاهنا ويضطرب حبل األمن ويكثر الغالء وتنقطع السابلة ويكثر‬
‫قطاع الطرق ويسطو اللصوص على البيوت‪ ،‬وتكثر السرقات واجلنايات‪ ،‬وهتدم بيوت‪ ،‬وتكثر احلرائق‪،‬‬
‫وتس فك ال دماء‪ ،‬وهتتك األع راض‪ ،‬ويض عف األمن‪ ،‬وتص بح البالد مس تهدفة من قِبل األع داء‪ ،‬لض عف‬
‫اجلند ال ذين ي دافعون عنها لتف رق كلمتهم وتف رق مشلهم‪ ،‬فئة مع الس لطان اجلائر‪ ،‬وفئة ض ده إلقامة‬
‫اعوجاج ه‪ ،‬وفئة اس تأثرت ب األموال ب أمر الس لطان أو حتت رعايته ومحايت ه‪ ،‬لقرهبا منه إما بالنسب وإما‬
‫بالوالء‪ ،‬وفئة ترتصد وتدير معامل التفكري والتدبري لتعرف سبيل اخلالص مما هم فيه من الظلم‪.‬‬
‫وأظهر مثال على ذلك دولة العبيديني‪ ،‬الذين مسوا أنفسهم زوراً وهبتاناً بالفاطميني‪.‬‬
‫العبي ديون أس رة حكمت يف الت اريخ أك ثر من مئيت ع ام (‪ 567 – 297‬هـ ‪ 1171 – 909‬م )‬
‫نشأت يف مشال أفريقيا‪ ،‬وامتد حكمها إىل مصر وبعض بالد الشام‪ ،‬وتنتسب إىل مؤسسها أيب عبيد اهلل‬
‫الشيعي‪.‬‬
‫يقول ابن كثري رمحه اهلل يف موسوعته التارخيية العظيمة (البداية والنهاية) ما يلي‪ " :‬أبو عبد اهلل الشيعي‬
‫ال ذي أق ام ال دعوة للمه دي وهو عبيد اهلل بن ميم ون ال ذي ي زعم أنه ف اطمي‪ ،‬وقد زعم غري واحد من‬

‫(‪ )1‬األخالق يف اإلسالم ص ‪148‬‬

‫‪www. alukah. net ‬‬


‫األخالق اإلسالمية وأمهيتها للحياة اإلنسانية‬
‫‪www. alukah. net ‬‬

‫(‪)1‬‬
‫أهل التاريخ أنه كان يهودياً‪ ،‬صباغاً بسلمية"‬
‫وقد ض رب العبي ديون اقتص اد مصر حىت بيع الرغيف مبئة دين ار‪ .‬مث س قطت الدولة العبيدي ة‪،‬‬
‫وذلك ألهنم ك انوا يعتم دون على اليه ود‪ ،‬وقد كتب أح دهم إىل احلاكم العزي ز‪( :‬بال ذي أعز اليه ود‬
‫مبيشا‪ ،‬وأعز النصارى بعيسى وأذل املسلمني بك أن تنصفين) (‪.)2‬‬
‫وال غرابة أن العزيز العبيدي بلغ من حبه الوزير يعقوب ابن كلس اليهودي‪ ،‬أن ترك له أمر‬
‫ال دعوة إىل املذهب الش يعي‪ ،‬ورتب هلم ال رواتب واألرزاق وأنشأ هلم دوراً للس كن‪ ،‬وبىن هلم ج امع‬
‫األزهر لتضليل الناس بأهنم ينسبون إىل فاطمة الزهراء بنت رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم‪ ،‬وقد قلبت‬
‫النية على الشيعة الروافض فتحول األزهر إىل منارة من منارات اإلسالم ألهل السنة واجلماعة‪.‬‬
‫ويف مسرية هذه الدولة من الظلم ما خييف‪ .‬يقول ابن هانئ األندلسي مادحاً اخلليفة املعز العبيدي‪:‬‬
‫دار‬ ‫اءت األق‬ ‫تت ال ما ش‬ ‫ما ش‬

‫ار‬ ‫أنت الواحد القه‬ ‫احكم ف‬ ‫ف‬

‫فلم ينكر اخلليفة هذا الكالم‪ ،‬بل أعطاه الكثري من املال فوجد هذا الشاعر مذبوحاً‪ ،‬وقد ألقيت‬
‫جثته إىل الكالب‪.‬‬
‫يقول ابن كثري عن املعز العبيدي‪:‬‬
‫(يدعي ظاهر الرفض ويبطن الكفر احملض‪ ،‬وقد ُأحضرالزاهد العابد التقي أبا بكر النابلسي‪ ،‬فأوقف بني‬
‫يديه فق ال له املع ز‪ :‬بلغين أنك قلت‪ :‬لو ك ان معي عش رة أس هم ل رميت ال روم بس هم ورميت املع زيني‬
‫بتسعة أسهم‪ .‬فقال‪ :‬ما قلت هذا‪ ،‬فظن املعز أن أبا بكر النابلسي قد رجع عن قوله قال‪ :‬فكيف قلت؟‬
‫قال‪ :‬قلت‪ :‬ينبغي أن أرميكم بتسعة مث أرميكم بالعاشر‪ .‬قال‪ :‬ومِلَ؟ قال‪ :‬ألنكم غريمت دين األمة‪ ،‬وقتلتم‬
‫الصاحلني‪ ،‬وادعيتم نور اإلهلية‪ .‬فأمر بسلخه وهو حي‪ ،‬فجيء بيهودي فجعل يسلخه وهو يقرأ القرآن‪.‬‬
‫قال اليهودي‪ :‬فأخذتين رأفة عليه‪ ،‬فلما بلغت تلقاء قلبه‪ ،‬طعنته بالسكني فمات‪ .‬فقيل له‪ :‬الش هيد‪ ،‬وإليه‬
‫ينسب بنو الشهيد من أهل نابلس اليوم‪.‬‬
‫قال صلى اهلل عليه وسلم‪ ( :‬سيد الشهداء محزة‪ ،‬ورجل قام إىل إمام جائر‪ ،‬فأمره وهناه فقتله ) قال ابن‬
‫عن للمعزأن يدعي األلوهية فصار قوم من اجلهال إذا رأوه يقولون‪ :‬يا واحد يا أحد يا حميي‬ ‫اجلوزي‪ :‬مث َّ‬

‫(‪ )1‬البداية والنهاية البن كثري بتحقيق د‪ .‬عبد اهلل الرتكي‪.‬‬


‫(‪ )2‬أوراق ذابلة من حضارتنا‪ .‬عبد احلليم عويس‬

‫‪www. alukah. net ‬‬


‫األخالق اإلسالمية وأمهيتها للحياة اإلنسانية‬
‫‪www. alukah. net ‬‬

‫يا مميت‪.‬‬
‫ويف عه د املستنص ر أيب متيم‪ ،‬ك ان ال وزراء من اليه ود ومنهم أب و س عيد التس رتي‪ ،‬وق د أك ثر التس رتي‬
‫اليه ودي ال وزير من تع يني اليه ود يف مناص ب الدول ة‪ ،‬مما أث ار ك ره املس لمني ل ه‪ ،‬يظه ر ذل ك يف ق ول‬
‫الشاعر املعاصر هلم‪:‬‬
‫يهـود هذا الزمـان قد بلغـوا‬

‫غايـة آماهلم وقد ملكوا‬

‫العـز فيـهم واملـال عنده ُـم‬

‫ومنهم املستشار وامللك‬

‫يا أهل مصر إين نصحت لكم‬

‫هتودوا‪ ،‬قد هتـود الفلك‬

‫وقد اغتيل التس رتي بتح ريض من ال وزير الفالحي‪ ،‬ل ذا غض بت أم اخلليفة ملقتل التس رتي ف أمرت بقتل‬
‫الفالحي‪.‬‬
‫مث جاء صالح الدين األيويب فقوض فسطاط الدولة العبيدية واستأصل شأفة الشيعة من مصر يرمحه اهلل‬
‫تعاىل‬
‫والعدل له مظاهر غري عدل اإلمام‪ ،‬من مظاهره العدل يف احلكم‪ ،‬والعدل بني األبناء‪ ،‬والعدل‬
‫بني الزوجات‪ ،‬والعدل يف معاملة الضيف أو الضيوف فال يقدم ضيفاً على آخر إمنا يكون اإلكرام وفق‬
‫السنة الشريفة‪.‬‬
‫ومن مثرات العدل‪:‬‬
‫احملبة الوئام واالنسجام وروح التسامح والتفاين والتضحية واالستقرار النفسي‪ ،‬وراحة الضمري‪.‬‬
‫قال إياس الذكي‪ :‬ما ناظرت أحداً بكل عقلي إال الدهريني قلت ألحدهم‪ :‬ما الظلم؟ قال‪ :‬أن تتصرف‬
‫يف ملك غريك‪ .‬قلت‪ :‬فإن هلل كل شيء‪ .‬فسكت‪.‬‬
‫فمن أقام العدل نفى عنه الظلم‪ ،‬وما انتشر الظلم إال بضعف العدل‪.‬‬
‫والشرك باهلل تعاىل أكرب الظلم‪ ،‬ألن املشرك يساوي مع اهلل تعاىل غريه‪.‬‬

‫‪www. alukah. net ‬‬


‫األخالق اإلسالمية وأمهيتها للحياة اإلنسانية‬
‫‪www. alukah. net ‬‬

‫فعلى املسلم أن يقيم العدل يف نفسه حىت يعم يف أرضه‪.‬‬


‫فالظلم مرتعه وخيم‪ ،‬فهو يهدم احلياة‪ ،‬ولك أن تعرف ملَ تقوم الشعوب بالثورات ضد احلاكم الظامل‪،‬‬
‫ولك أن تعرف أيضاً أسباب األمن واألمان‪.‬‬

‫‪www. alukah. net ‬‬


‫األخالق اإلسالمية وأمهيتها للحياة اإلنسانية‬
‫‪www. alukah. net ‬‬

‫تدريباتـ‬

‫‪ .1‬ما تعريف العدل؟‬


‫‪ .2‬اذكر ثالثة من مظاهر العدل‪.‬‬
‫‪ .3‬عدد أربعة من جماالت العدل‪.‬‬
‫‪ .4‬ما مثرات العدل يف نظرك؟‪.‬‬
‫‪ .5‬ما تعريف الظلم؟‬
‫‪ .6‬ما أعظم درجات الظلم؟‬
‫‪ .7‬ملاذا كان الشرك باهلل تعاىل أكرب الظلم؟‬
‫‪ .8‬عدد مخسة مواقف للعدل ومخسة مواقف للظلم‬
‫‪ .9‬اكتب مقاالً تبني فيه قيمة العدل‪.‬‬
‫‪ .10‬اكتب قصة تبني فيها مجال العدل وقبح الظلم‪.‬‬

‫‪www. alukah. net ‬‬


‫األخالق اإلسالمية وأمهيتها للحياة اإلنسانية‬
‫‪www. alukah. net ‬‬

‫الصبر‬
‫تمهيد‪:‬‬
‫مر النيب ص لى اهلل عليه وس لم على علي بن أيب ط الب وك ان يف اجملد يق ول‪ :‬اللهم إين ص ابر‪ ،‬فس معه‬
‫النيب ص لى اهلل عليه وس لم‪ ،‬فس أله‪ :‬م اذا قلت؟ ق ال‪ :‬قلت‪ :‬اللهم إين ص ابر‪ :‬فق ال النيب ص لى اهلل عليه‬
‫أله العافية )‪.‬‬ ‫ألت اهلل االبتالء فاس‬ ‫لم ( س‬ ‫وس‬
‫اره‪.‬‬ ‫رب‪ :‬حبس النفس على املك‬ ‫الص‬
‫ومنزلته من اإلميان مبنزلة الرأس من اجلسد‪ ،‬وقد متيز الصرب أن معه البشارة من اهلل تعاىل للصابرين فقال‬
‫جل ش أنه ( وبشر الص ابرين ال ذين إذا أص ابتهم مص يبة ق الوا إنا هلل وإنا إليه راجع ون أولئك عليهم‬
‫صلوات من رهبم ورمحة وألئك هم املهتدون) البقرة‪156 :‬‬
‫يف املق اييس اإلنس انية؛ أن البش ارة إمنا تك ون بس بب كسب م ادي ك الربح يف التج ارة أو معن وي‬
‫كالنجاح‪ ،‬أما يف املقاييس اإلميانية فاألمر خيتلف‪ ،‬فالبشارة يف اآلية الكرمية (فبشر الصابرين) قد جاءت‬
‫رجع بقوله‪:‬‬
‫عن مصيبة‪ ،‬أو عن مصائب ومنها املوت‪ ،‬فالصابر‪ ،‬هو الذي إذا أصابته مصيبة َّ‬
‫ال عين اً‪ ،‬وإما ثن اء على تلك‬
‫(إنا هلل وإنا إليه راجع ون)‪ .‬واملعل وم أن ث واب البش ارة اإلنس انية‪ ،‬إما م ٌ‬
‫البش ارة‪ .‬أما الث واب اإلمياين فمختل ف‪( ،‬أولئ ك) أي‪ :‬الص ابرون‪ ،‬عليهم ص لوات من رهبم ورمحة‪،‬‬
‫والصالة من اهلل تعاىل للعبد هداية وحفظ و تكرمي‪ ،‬فالثواب دنيوي وأخروي؛ دنيوي باحلفظ والرعاية‬
‫واهلداية‪ ،‬وأخروي‪ ،‬وهو الزم معىن اآلية وما يستنتج منها وهو اجلنة‪.‬‬
‫ق ال ابن س عدي يرمحه اهلل يف تفس ريه ه ذه اآلية الكرمية (‪ . .‬وأما من وفقه اهلل للصرب عند‬
‫وج ود هلذه املص ائب‪ ،‬حبس نفسه عن التس خط ق والً وفعالً‪ ،‬واحتسب أجرها عند اهلل‪ ،‬وعلم أن ما‬
‫يدركه من األجر بص ربه‪ ،‬أعظم من املص يبة اليت حص لت ل ه‪ ،‬بل املص يبة تك ون نعمة يف حق ه‪ ،‬ألهنا‬
‫ص ارت طريق اً حلص ول ما هو خري وأنفع منه ا‪ ،‬فقد امتثل أمر اهلل‪ ،‬وف از ب الثواب‪ ،‬فله ذا ق ال تع اىل‬
‫(وبشر الصابرين ) أي‪ :‬بشرهم بأهنم يوفون أجرهم بغري حساب‪ ،‬فالصابرون‪ ،‬هم الذين فازوا بالبشارة‬
‫العظيمة واملنحة اجلسيمة‪.‬‬
‫مث وصفهم بقوله ( الذين إذا أصابتهم مصيبة ) وهي كل ما يؤمل القلب‪ ،‬أو البدن أو كليهما مما‬
‫رات‪،‬‬ ‫وال األنفس والثم‬ ‫ره من اخلوف واجلوع ونقص من األم‬ ‫دم ذك‬ ‫تق‬
‫( ق الوا إنا هلل ) أي‪ :‬مملوك ون هلل‪ ،‬ليس لنا من أنفس نا وأموالنا ش يء‪ ،‬ف إذا ابتالنا بش يء منه ا‪ ،‬فقد‬
‫تصرف أرحم ال رامحني مبماليكه وأمواله‪ ،‬بل من كمال عبودية العبد‪ ،‬علمه بأن وقوع البلية من املالك‬
‫العليم ال ذي هو أرحم بعب ده من نفس ه‪ ،‬في وجب له ذلك الرضا عن اهلل‪ ،‬والش كر له على ت دبريه ملا هو‬

‫‪www. alukah. net ‬‬


‫األخالق اإلسالمية وأمهيتها للحياة اإلنسانية‬
‫‪www. alukah. net ‬‬

‫خري لعبده‪ ،‬وإن مل يشعر بذلك‪.‬‬


‫( أولئك ) املوصوفون بالصرب املذكور‬
‫( عليهم صلوات من رهبم ورمحة ) أي‪ :‬ثناء وتنويه حباهلم ورمحة عظيمة‪ ،‬ومن رمحته إياهم أن وفقهم‬
‫للصرب الذي ينالون به كمال األجر‬
‫( وأولئك هم املهت دون ) ال ذين عرف وا احلق‪ ،‬وهو يف ه ذا املوض ع‪ ،‬علمهم ب أهنم هلل وأهنم إليه‬
‫راجعون وعملوا به وهو هنا صربهم هلل‪ .‬ودلت هذه اآلية على أن من مل يصرب‪ ،‬فله ضد ما هلم‪ ،‬فحصل‬
‫(‪)1‬‬
‫هلم الذم من اهلل والعقوبة والضالل واخلسارة )‬
‫ويقول اهلل سبحانه وتعاىل يف الصابرين‪:‬‬
‫(إمنا يوىف الصابرون أجرهم بغري حساب) ويقول‪( :‬فاصرب صرباً مجيالً) قيل‪ :‬هو الصرب بال‬
‫شكوى‪.‬‬
‫ويقول تعاىل‪ ( :‬استعينوا بالصرب والصالة إن اهلل مع الصابرين)‪ .‬البقرة‪،45 :‬‬
‫كل ذلك حرص اً من اهلل تع اىل على عب اده املؤم نني أن يثبت وا عند الش دائد واآلف ات والعلل وذلك‬
‫لتمحيص الصف اإلسالمي ليتبني املسلم الصادق يف إسالمه الصابر على الشدائد‪ ،‬من املسلم الضعيف‬
‫أو املرائي ق ال اهلل تع اىل‪( :‬ولنبل ونكم حىت نعلم اجملاه دين منكم والص ابرين ) حمم د‪ .31 :‬والص ربمع‬
‫اإلميان من ع زائم األم ور‪ ،‬ق ال اهلل تع اىل ( وإن تص بوا وتتق وا ف إن ذلك من ع زم األم ور )‬
‫آل عمران‪186 :‬‬
‫ويف القرآن الكرمي أكثر من مئة آية يف الصرب‪.‬‬
‫وجاء الوحي الثاين مكمالً الوحي األول‪:‬‬
‫عن أيب س عيد اخلدري رضي اهلل عن ه؛ أن ناس اً من األنص ار س ألوا رس ول اهلل ص لى اهلل عليه وس لم‬
‫فأعطاهم‪ ،‬مث سألوه فأعطاهم حىت نفد ما عنده فقال هلم حني أنفق كل شيء بيده (ما يكن عندي من‬
‫خري فلن أدخ ره عنكم‪ ،‬ومن يس تعفف يعفَّه اهلل‪ ،‬ومن يس تغن يغنه اهلل‪ ،‬ومن يتصرب يص رّب ه اهلل‪ ،‬وما‬
‫أعطي أحد عطاء خرياً وال أوسع من الصرب) متفق عليه‪.‬‬
‫وعن أيب حيىي صهيب بن سنان رضي اهلل عنه قال‪ :‬قال رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم‪ " :‬عجب اً ألمر‬
‫املؤمن إن أمره كله إىل خري وليس ذلك ألحد إال للمؤمن؛ إذا أصابته سراء شكر فكان خرياً له‪ ،‬وإن‬
‫أصابته ضراء صرب فكان خرياً له) رواه مسلم‪.‬‬
‫ويف هذا احلديث الشريف بشارة من رسول اهلل للمؤمنني وذلك يف قوله‪ " :‬إذا أصابته سراء شكر"‪ .‬إن‬

‫(‪ )1‬تفسري ابن سعدي ط‪ 1‬نشر دار الصميعي‬

‫‪www. alukah. net ‬‬


‫األخالق اإلسالمية وأمهيتها للحياة اإلنسانية‬
‫‪www. alukah. net ‬‬

‫األداة (إذا) ت دخل على اجلملة اليت يغلب وق وع جواهبا أو يك ثر حص ول جواهبا‪ .‬كقولك ملن تعلم أنه‬
‫سيذهب إىل املكتبة مثالً تقول‪ :‬إذا ذهبت إىل املكتبة فاشرت يل كتاباً‪.‬‬
‫أما األداة (إ ْن) فإهنا ت دخل على اجلمل اليت قليالً ما يقع جواهبا أو ي رجح أال يق ع‪ ،‬كمن يق ول‪ :‬إن‬
‫ذهبت إىل املكتبة فاشرت يل كتاب اً‪ ،‬فيجيبه املخ اطب‪ :‬ال أريد أن أذهب إىل املكتبة‪ ،‬فيكرر اخلط اب مرة‬
‫ثانية بلغة التقليل فيقول‪ :‬إ ْن ذهبت‪.‬‬
‫والصرب أن واع‪ :‬صرب على طاع ة‪ ،‬وصرب عن الوق وع يف معص ية‪ ،‬وصرب على ابتالء‪ ،‬وصرب عن أذى‬
‫الناس‪ ،‬وقد قال صلى اهلل عليه وسلم‪ " :‬ألن تعاشر الناس وتصرب على أذاهم خري من أن ال تعاشر الناس‬
‫وال تصرب على أذاهم"‪.‬‬
‫ويف اجملتمع فئات من الناس تزعجك يف سلوكهم وتصرفاهتم‪ ،‬فاصرب عليهم وال سيما إذا كنت‬
‫قوي اً رياض ياً مثالً‪ ،‬فال تتعجل عليهم‪ ،‬وال تس تعمل قوتك لإلفس اد يف األرض‪ ،‬بل اجعل احللم عليهم‬
‫نرباسك‪ ،‬اصرب‪ ،‬واجعل قوتك يف سبيل مساعدة من يستحق املساعدة‪ ،‬وإذا كنت يف قوم جمتمعني فال‬
‫ينفض جملس كم حىت تق رؤوا ه ذه الس ورة الكرمية‪ ( :‬والعصر إن اإلنس ان لفي خسر إال ال ذين آمن وا‬
‫وعملوا الصاحلات وتواصوا باحلق وتواصوا بالصرب)‪.‬‬
‫( والصرب من حماسن األخالق اليت جيب أن يتحلى هبا املس لم واحتم ال األذى يف ذات اهلل وابتغ اء‬
‫مرض اته‪ ،‬فاملس لم حيبس نفسه على ما تك ره‪ ،‬وحيبس ها على البالء إذا ن زل هبا‪ ،‬فال يرتكها جتزع وال‬
‫تسخط‪ ،‬وإذا استحكمت األزمات وتعقدت حباهلا‪ ،‬فالصرب وحده هو الذي يشيع للمسلم النور العاصم‬
‫من التخب ط‪ ،‬واهلداية الواقية من القن وط‪ ،‬وعلى املس لم أن يظل موف ور الثقة باهلل ثابت اً على إميانه عند‬
‫الشدائد واالبتالءات قال تعاىل‬
‫( ولنبلونكم حىت نعلم اجملاهدين منكم والصابرين ونبلوا أخباركم ) حممد ‪.31‬‬
‫وق ال س بحانه ( وإن تص ربوا وتتق وا ف إن ذلك من ع زم األم ور )آل عم ران ‪.186‬‬
‫والصرب وع دم اجلزع مثله مثل احللم من األخالق اليت تكتسب وتن ال بن وع من الرياضة واجملاه دة(‪.)1‬‬
‫إذاً؛ فالصرب أنواع؛ منه صرب على طاعة‪ ،‬ومنه صرب عن معصية‪ .‬ومنه صرب على أذى‪.‬‬
‫وجيب أن نعرف‪ ،‬أن من الناس من يصرب وال أجر له وال مثوبة‪ ،‬كمن يصرب على معصية هو واقع فيها‪،‬‬
‫أو مرتبص هلا‪ ،‬كاللصوص والفجار‪ ،‬ومن يريدون اإليقاع باآلخرين‪.‬‬
‫فاملس لم يصرب حمتس باً‪ ،‬راض ياً بقض اء اهلل وق دره‪ ،‬يرجو ثوابه وخيشى عقاب ه‪.‬‬
‫ريتني‪:‬‬ ‫تني خط‬ ‫( والصرب يعتمد على حقيق‬

‫(‪ )1‬األخالق يف اإلسالم د‪ .‬إميان ص‪180‬‬

‫‪www. alukah. net ‬‬


‫األخالق اإلسالمية وأمهيتها للحياة اإلنسانية‬
‫‪www. alukah. net ‬‬

‫أما األوىل فتتعلق بطبيعة احلي اة ال دنيا‪ ،‬ف إن اله مل جيعلها دار ج زاء وق رار‪ ،‬بل جعلها دار متحيص‬
‫وامتحان‪ ،‬والفرتة اليت يقضيها املرء فيها جتارب متصلة احللقات‪.‬‬
‫وأما احلقيقة األخ رى‪ ،‬فتتعلق بطبيعة اإلميان‪ ،‬إن اإلميان ص لة بني اإلنس ان وبني اهلل عز وجل ن واإلميان‬
‫ال بد أن ختضع ص لته لالبتالء ال ذي ميحص ها؛ فإما كشف عن طيبه ا‪ ،‬وإما كشف عن زيفها ق ال اهلل‬
‫تع اىل ( أحسب الن اس أن يُ رتكوا أن يقول وا آمنا وهم ال يفتن ون‪ .‬ولقد فتنا ال ذين من قبلهم فليعلمن اهلل‬
‫الذين صدقوا وليعلمن الكاذبني ) العنكبوت ‪2‬و‪ .3‬على هاتني احلقيقتني يقوم الصرب‪.‬‬
‫والصرب من مع امل العظمة وش ارات الكم ال ومن دالئل هيمنة النفس على ما حوهلا‪ ،‬والصرب من عناصر‬
‫جة )(‪.)1‬‬ ‫الرجولة الناض‬
‫أرأيت كيف يريب اإلسالم العظماء؟ عظماء وهم شباب يافع‪ ،‬تصور أن شاباً يف رمضان‪ ،‬وطلب إليه‬
‫أن يفطر هناراً‪ ،‬فهل يرضى باإلفطار؟‪.‬‬
‫أوربا تعد القائد نابليون بونابرت من أعظم القادة يف العامل ويقول نابليون عن نفسه‪ ،‬بعد أن قرأ سرية‬
‫د‪.‬‬ ‫ه‪ :‬أنا تلميذ خال‬ ‫خالد بن الوليد رضي اهلل عن‬
‫خالد ولد قائ داً‪ ،‬فهو موه وب على القي ادة‪ ،‬وقد اس تعد هلا منذ وجل ب اب احلي اة‪ ،‬وخالد قد خترج من‬
‫مدرسة الرسول صلى اهلل عليه وسلم‪ ،‬ولوال إسالمه لكان بطالً شعبياً تروي سريته املقاهي وبيوتات‬
‫البادية‪ ،‬على غ رار سرية عنرتة وتغريبة بين هالل والزير س امل‪َّ ،‬أما أن يك ون سيفاً من سيوف اهلل‪ ،‬وقد‬
‫حطم هيبة الفرس يف العراق ممهداً لتقويض دولتهم هنائي اً يف القادسية وهناوند بعد أن زلزل العروش من‬
‫رة‪.‬‬ ‫حاهبا األكاس‬ ‫حتت أص‬
‫ويف ال ريموك‪ ،‬ملا تق دم مئتا ألف من الروم قال الصديق‪ :‬واهلل ُألنسني الروم وساوس الشيطان خبالد بن‬
‫د‪.‬‬ ‫دن مثل خالد بن الولي‬ ‫اء أن يل‬ ‫زت النس‬ ‫ال عج‬ ‫د‪ ،‬وق‬ ‫الولي‬
‫ويف مؤتة تكسرت تسعة أسياف ومل تقم يف يده إال صحيفة ميانية‪ ،‬وكان عدد اجليش يف هذه املعركة‬
‫ثالثة آالف وع دد ال روم مئيت ألف مقات ل‪ ،‬أي‪ ،‬ك ان على كل مس لم يف جيش مؤتة أن يقاتل أك ثر من‬
‫ثالثني من الروم‪ ،‬منهم مئة ألف من العرب‪ ،‬ومئة ألف من الروم‪.‬‬
‫وكم تق در ع دد القتلى من ه ؤالء وه ؤالء؟لن دع احلافظ الثقة إمساعيل بن كثري يف موس وعته العظيمة‬
‫ة‪ ،‬وإليك ملخص اخلرب(‪:)1‬‬ ‫ة) يف خرب مؤت‬ ‫( البداية والنهاي‬
‫غزوة مؤتة‪:‬‬

‫(‪ )1‬الثقافة اإلسالمية للحبنكه والغزايل ص ‪231‬‬


‫(‪ )1‬خمتصر البداية والنهاية د‪ .‬أمحد اخلاين ج ‪ 2‬ص ‪.200‬‬

‫‪www. alukah. net ‬‬


‫األخالق اإلسالمية وأمهيتها للحياة اإلنسانية‬
‫‪www. alukah. net ‬‬

‫عن ع روة بن الزبري ق ال‪ :‬بعث رس ول اهلل ص لى اهلل عليه وس لم بعثه إىل مؤتة يف مجادى األوىل‬
‫من سنة مثان واستعمل عليهم زيد بن حارثة وقال‪ :‬إن أصيب زيد فجعفر بن أيب طالب على الناس فإن‬
‫أصيب جعفر فعبد اهلل بن رواحة على الناس فتجهز الناس مث هتيؤوا للخروج وهم ثالثة آالف‪.‬‬
‫مث خ رج الق وم وخ رج رس ول اهلل ص لى اهلل عليه وس لم يش يعهم مث مض وا حىت نزل وا مع ان من أرض‬
‫الشام فبلغ الناس أن هرقل نزل مآب من أرض البلقاء يف مئة ألف من الروم‪ ،‬وانضم إليه من خلم وجذام‬
‫وبلي مئة ألف منهم‪ ،‬فلما بلغ املسلمني أقاموا على معان ليلتني ينظرون يف أمرهم وقالوا‪:‬‬ ‫والقني وهبراء ّ‬
‫نكتب إىل رس ول اهلل × خنربه بع دد ع دونا‪ ،‬ق ال‪ :‬فش جع الن اس عبد اهلل بن رواحة وق ال‪ :‬يا ق وم‪ ،‬واهلل‬
‫إن اليت تكرهون لليت خرجتم تطلبون‪ .‬الشهادة‪ ،‬وما نقاتل الناس بعدد وال قوة وال كثرة ما نقاتلهم إال‬
‫هبذا الدين الذي أكرمنا اهلل به فانطلقوا فإمنا هي إحدى احلسنيني؛ إما ظهور وإما شهادة‪ .‬فقال الناس‪:‬‬
‫قد واهلل صدق ابن رواحة فمضى الناس‪ .‬عن أيب هريرة قال‪ :‬شهدت مؤتة فلما دنا منا املشركون رأينا‬
‫ماال قبل ألحد به من العدة والسالح والكراع والديباج واحلرير والذهب فربق بصري فقال يل ثابت بن‬
‫أق رم‪ :‬ياأبا هري رة‪ ،‬كأنك ت رى مجوع اً كث رية قلت‪ :‬نعم ق ال‪ :‬إنك مل تش هد معنا ب دراً‪ ،‬إنا مل ننصر‬
‫بالكثرة‪ .‬مث التقى الناس فاقتتلوا فقاتل زيد بن حارثة براية رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم حىت شاط يف‬
‫رماح القوم‪ ،‬مث أخذها جعفر فقاتل هبا حىت إذا أحلمه القتال اقتحم عن فرس له شقراء فعقرها‪ ،‬مث قاتل‬
‫القوم حىت قتل‪ ،‬فكان جعفر أول رجل من املسلمني عقر يف اإلسالم قتل وهو يقول‪:‬‬

‫يا حبذا اجلنة واقرتاهبا‬


‫طيبةً وبارداً شراهبا‬
‫والروم روم قد دنا عذاهبا‬
‫كافرة بعيدة أنساهبا‬
‫علـي إذ القيتهـا ضراهبـا‬
‫فلما قتل جعفر أخذ عبد اهلل بن رواحة الراية مث تق دم هبا وهو على فرسه فجعل يس تنزل نفسه‬
‫ويرتدد بعض الرتدد مث قال‪:‬‬
‫يا نفس إن ال ُت َقتلي متويت‬
‫ِ‬
‫صليت‬ ‫هذا مِح ام املوت قد‬
‫وما متنيت فقد أعطيت‬

‫‪www. alukah. net ‬‬


‫األخالق اإلسالمية وأمهيتها للحياة اإلنسانية‬
‫‪www. alukah. net ‬‬

‫إن تفعلي فعلهما هديت‬


‫مث قاتل حىت قتل رضي اهلل عنه‪ .‬مث أخذ الراية ثابت ابن أقرم فقال‪ :‬يا معشر املسلمني اصطلحوا‬
‫على رجل منكم ق الوا‪ :‬أنت‪ .‬ق ال‪ :‬ما أنا بفاع ل‪ .‬فاص طلح الن اس على خالد بن الوليد فلما أخذ الراية‬
‫دافع الق وم وحاشى هبم‪ ،‬مث احناز واحنيز عنه حىت انص رف بالن اس‪ .‬وملا أخذ خالد بن الوليد الراية ق ال‬
‫رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم‪:‬‬
‫(( اآلن محي الوطيس ))(‪.)2‬‬
‫قال الواقدي‪ :‬ملا قتل ابن رواحة مساء‪ ،‬بات خالد بن الوليد‪ ،‬فلما أصبح غدا وقد جعل مقدمته ساقته‪،‬‬
‫وساقته مقدمته وميمنته ميسرته‪ ،‬قال‪ :‬فأنكروا ما كانوا يعرفون من راياهتم وهيئتهم وقالوا‪ :‬قد جاءهم‬
‫مدد فرعبوا وانكشفوا منهزمني‪ ،‬قال فقتلوا مقتلة مل يقتلها قوم‪.‬‬
‫وه ذا يوافق ما ذك ره موسى بن عقبة رمحه اهلل يف مغازيه ق ال ابن إس حاق‪ :‬ملا أقبل أص حاب مؤتة‬
‫تلق اهم رس ول اهلل ص لى اهلل عليه وس لم واملس لمون معه ق ال‪ :‬وجعل الن اس حيث ون عليهم ال رتاب‬
‫ويقولون‪ :‬يا فُرار فررمت يف سبيل اهلل فقال رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم‪ :‬ليسوا بالفرار ولكنهم ال ُكرار‬
‫إن شاء اهلل تعاىل‪.‬‬
‫وهذا مرسل من هذا الوجه وفيه غرابة‪.‬‬
‫وعندي – والقول البن كثري – أن ابن إسحاق قد وهم يف هذا السياق فظن أن هذا جلمهور‬
‫اجليش‪ ،‬وإمنا ك ان لل ذين ف روا حني التقى اجلمع ان‪ ،‬وأما بقيتهم فلم يف روا بل نص روا كما أخرب ب ذلك‬
‫رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم وهو على املنرب يف قوله‪ (( :‬مث أخذ الراية سيف من سيوف اهلل ففتح اهلل‬
‫على يديه ))‪.‬‬

‫فما ك ان املس لمون ليس موهم ف راراً بعد ذل ك‪ ،‬وإمنا تلق وهم إكرام اً هلم وإعظام اً‪ ،‬وإمنا ك ان‬
‫الت أنيب وح ثي ال رتاب لل ذين ف روا وترك وهم هنالك وقد ك ان فيهم‬
‫عبد اهلل بن عمر رضي اهلل عنهما‪ .‬وقد استشهد يوم مؤتة من املسلمني أربعة من املهاجرين وهم؛ جعفر‬
‫أيب طالب وزيد ابن حارثة ومسعود بن األسود ووهب بن سعد‪ ،‬وأربعة من األنصار وهم؛ عبد اهلل بن‬
‫رواحة وعباد بن قيس اخلزرجيان واحلارث بن النعمان النجاري وسراقة بن عمرو املازين‪ .‬فمجموع من‬
‫قتل من املسلمني يومئذ هؤالء الثمانية على ما ذكره ابن إسحاق‪.‬‬
‫لكن ق ال ابن هش ام‪ :‬وممن استش هد ي وم مؤتة فيما ذك ره ابن ش هاب الزه ري‪ :‬أبو كليب وج ابر ابنا‬

‫أخرجه اإلمام أمحد يف مسنده برقم (‪.)1679‬‬ ‫( ?)‬ ‫‪2‬‬

‫‪www. alukah. net ‬‬


‫األخالق اإلسالمية وأمهيتها للحياة اإلنسانية‬
‫‪www. alukah. net ‬‬

‫عم رو بن زيد املازني ان ومها ش قيقان ألب وأم‪ ،‬وعم رو وع امر ابنا س عد بن احلارث فه ؤالء أربعة من‬
‫األنص ار أيض اً ف اجملموع على الق ولني اثنا عشر رجالً‪ .‬وقد قتل من املش ركني خلق كث ري؛ ه ذا خالد‬
‫وحده يقول‪ :‬لقد اندقت يف يدي يومئذ تسعة أسياف‪ ،‬وما ثبت يف يدي إال صفيحة ميانية‪.‬‬
‫فل وال صرب خالد يف املع ارك هل يس تطيع أن حيقق كل ه ذه املنج زات؟ ول وال الص رب‪ ،‬هل يس تطيع ثالثة‬
‫آالف أن يكتسحوا مئيت ألف هذا االكتساح الساحق؟ إن طفالً مسلماً يستطيع بالصوم أن يصرب على‬
‫الطع ام والش راب ما مل يستطعه ن ابليون بون ابرت؛ فلما زاد وزنه بالس منة نصحه طبيبه باحلمية‪ ،‬فازداد‬
‫مسنة‪ ،‬وبعد أن رصد خط اه‪ ،‬علم أن القائد العظيم ك ان يتس لل إىل عش يقته ويتن اول معها الك اتو‪.‬‬
‫أي تربية عملية‪ ،‬هذه اليت يريب هبا اإلسالم أتباعه! وأي انتصارات تلك اليت حققها أولئك األبطال يف‬
‫شهر الصيام‪ ،‬شهر البطوالت والفتوحات‪ ،‬بدءاً من بدر وانتهاء بفتح مكة يف زمن الرسول صلى اهلل‬
‫عليه وس لم‪ ،‬وما أك ثر املع ارك واالنتص ارات يف ش هر رمض ان يف راي ات الظفر ل دى س لفنا الص احل‪.‬‬
‫فالنصر معق ود بالص رب‪ ،‬يف املع ارك ويف احلي اة النص ر‪ ،‬إن اهلل مع الص ابرين‪ ،‬ينص رهم على أع دائهم‬
‫وينصرهم على أنفسهم‪ ،‬وينصرهم على شياطني اجلن واإلنس‪.‬‬

‫تدريباتـ‬

‫‪ .1‬ما تعريف الصرب؟‬


‫‪ .2‬هل يكون الصرب على مثابرة عمل مباح أم على الكف عن عمل حمرم؟‪.‬‬

‫‪www. alukah. net ‬‬


‫األخالق اإلسالمية وأمهيتها للحياة اإلنسانية‬
‫‪www. alukah. net ‬‬

‫مىت تكون البشارة على الصرب؟ وما جزاؤه؟‬ ‫‪.3‬‬


‫عدد ثالثة من أنواع الصرب‪.‬‬ ‫‪.4‬‬
‫يعتمد الصرب على حقيقتني‪ ،‬فما مها؟‪.‬‬ ‫‪.5‬‬
‫مىت يكون الصرب غري مأجور؟‪.‬‬ ‫‪.6‬‬
‫اكتب موضوعاً عن صرب النفس اإلنسانية على ما تكره‪.‬‬ ‫‪.7‬‬

‫‪www. alukah. net ‬‬


‫األخالق اإلسالمية وأمهيتها للحياة اإلنسانية‬
‫‪www. alukah. net ‬‬

‫األمانـةـ‬

‫األمانة‪ :‬ضد اخليانة‪ .‬واألمانة‪ :‬هي طاعة اهلل يف السر والعلن‪.‬‬


‫إن كلمة ( األمانة ) لتعجز األقالم مهما كثرت عن أداء حقها كامالً‪ ،‬وإمنا تستطيع األقالم أن تقتبس‬
‫من مشكاة معانيها أموراً ال حتد وال تعد‪.‬‬
‫فاألمانة تش مل احلي اة كله ا‪ ،‬ولنس تمع إىل ق ول اهلل تع اىل هبذا البي ان املهيب ال رهيب مبين اً ش أن عظم‬
‫األمانة‪:‬‬
‫( إنا عرض نا األمانة على الس ماوات واألرض واجلب ال ف أبني أن حيملنها وأش فقن منها ومحلها على‬
‫اإلنسان إنه كان ظلوماً جهوالً ) األحزاب‪72 :‬‬
‫فهل فهمت اآلن على ما تدل األمانة عليه؟ إهنا أوسع من أن تكون حمصورة يف معىن واحد‪:‬‬
‫يف املدلول اللغ وي األمان ة‪ :‬ضد اخليان ة؛ إذا ائتمنك إنس ان على م ال أن ت رده إلي ه‪ ،‬وإال تفعل فهي‬
‫اخليانة‪ ،‬وإذا أمتنت على سر أال تفشيه وإال فهي اخليانة‪. . .‬‬
‫والشارع احلكيم قد بني معىن األمانة إمجاالً واحلديث الشريف بني بعض مواقف اخليانة فقال صلى اهلل‬
‫عليه وس لم‪ ( :‬آية املن افق ثالث‪ :‬إذا ح دث ك ذب وإذا وعد أخلف وإذا ائتمن خ ان ) متفق علي ه‪ .‬ويف‬
‫رواية‪ :‬وإن صام وصلى وزعم أنه مسلم‪.‬‬
‫ويف حديث حذيفة بن اليمان رضي اهلل عنه أن رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم حدث أصحاب‬
‫عن رفع األمانة؛ أن الرجل ينام النومة فتقبض األمانة من قلبه‪ . . .‬فيصبح الناس يتبايعون فال يكاد أحد‬
‫ي ؤدي األمان ة‪ ،‬حىت يق ال‪ :‬إن يف بين فالن رجالً أمين اً حىت يق ال للرج ل‪ :‬ما أجل ده إما أظرفه ما أعقله‬
‫حض للمسلم على حفظ األمانة‪.‬‬ ‫وما يف قلبه مثقال حبة من خردل من اإلميان‪ .‬وهذه األحاديث ٌّ‬
‫واألمانة تبدأ من الفرد يف نفسه و تكون يف العبادات أن يقيم املسلم الشعائر على وجهها‬
‫وتش تمل الرجل يف أهل بيته واملرأة يف بيت زوجها واخلادم عند س يده واحلاكم‪ ،‬واحملك وم‪ ،‬والقاضي‬
‫واملتقاضي والب ائع واملش رتي‪ ،‬واملعلم والتالميذ واملدير واملعلمني والعامل يف معمله واملزارع يف‬
‫مزرعته‪. . .‬‬
‫إن األمانة تشمل احلياة كلها‪ .‬قال صلى اهلل عليه وسلم‪( :‬كلكم راع وكل راع مسؤول عن‬
‫رعيته)‬
‫ومن األمانة إعط اء كل ذي حق حق ه‪ ،‬ومن األمانة وضع الرجل املناسب يف املك ان املناس ب‪،‬‬
‫فلقد ورد أن رجالً يف دولة يف املعسكر الشيوعي دعي إىل احملكمة بتهمة اخليانة‪ ،‬فلما مثل أمام القضاء‬

‫‪www. alukah. net ‬‬


‫األخالق اإلسالمية وأمهيتها للحياة اإلنسانية‬
‫‪www. alukah. net ‬‬

‫ق ال له القاض ي‪ :‬مل توجه إليك التهمة جبرم مش هود وإمنا وجهت إليك التهمة بآث ار فعل ك‪ .‬ق ال املتهم‪:‬‬
‫وكيف؟ قال القاضي‪ :‬أنت مسؤول‪ ،‬وقد عينت املوظف يف املكان غري املناسب‪ .‬فقرر القاضي أن هذا‬
‫املتهم ( مذنب ) واعرتف املتهم أنه جاسوس‪.‬‬
‫واألمانة تش مل كل مك ارم األخالق؛ تش مل اإلخالص والص دق والرب والعفة وحفظ السر وحفظ‬
‫الوديعة‪ ،‬وحفظ اإلمياء واإلشارة حىت ال يكون صاحبها مهازاًَ ملازاً‪. . .‬‬
‫فاألمانة هي مكارم األخالق‪.‬‬
‫ولقد ك ثرت الفنت يف ه ذه األي ام‪ ،‬نتيجة انفت اح الع امل على قن وات أكثرها ينق ل‪ :‬اإلفس اد العقائ دي‬
‫واالحنطاط اخللقي‬
‫اإلفساد العقائدي‪:‬‬
‫هو املتعلق باأللوهية وأك ثر ما يتجلى ه ذا يف أفالم األطف ال‪ ،‬حيث خييل أن الس حاب يعطي ه‪ ،‬وأن بابا‬
‫نوبل حيقق له أحالمه‪ ،‬وفكرة هذه األالعيب هي فعل األفعال عن قدرة اخلالق جل جالله‪ ،‬وأن األشياء‬
‫بذاهتا تؤثر دون مؤثر خارج عنها‪ ،‬ودون قوة غيبية تسري الكون‪ ،‬فرتى أن السيارة تدعس الطفل حىت‬
‫يصبح مثل الرغيف مث يقوم ينفض يديه وكأن شيئاً مل يكن‪ ،‬أو متر السيارة فتشطر احليوان إىل شطرين‪،‬‬
‫مث يعود الشطران فيلتئمان تلقائياً‪ ،‬وكأن املوت واحلياة بيد صاحب اجلسم املنشطر‪.‬‬
‫أما االحنطاط اخللقي فيبدأ بعناوين األفالم واملشاهد اليت فيه مغرية جذابة من مجال اإلخراج واملوسيقا‬
‫ومجال املمثلني واملمثالت من فاتن ات هولي ود وب اريس‪ . . .‬وقد ق ال ص لى اهلل عليه وس لم " إي اكم‬
‫وخضراء الدمن" قالوا‪ :‬وما خضراء الدمن يا رسول اهلل؟ قال‪ :‬املرأة احلسناء يف املنبت السوء)‬
‫والدمنة يف لغة العرب هي املزبلة‪ ،‬ينبت عليها نبات يتغذى على القاذورات‪ ،‬فتنبت خضراء زاهية‪ .‬وما‬
‫أك ثر القصص اليت ت روي املآسي عن االنغم اس يف ه ذه الرذائل نتيجة ض عف ال وازع ال ديين يف نفس‬
‫صاحبها‪ ،‬وما أكثر من يتلقى العقوبة العاجلة الطبيعية نتيجة هذا التلوث‪ ،‬وذلك بإصابة صاحبه بأمراض‬
‫اإليدز و اهلربز وأمراض أخرى يف النساء كالسيالن‪ . . .‬إن كل هذه األمراض واآلفات عقوبات رادعة‬
‫عسى أن ينتهي عنها أص حاهبا‪ ،‬ال يص اب هبا األتقي اء احلافظون لألمانة يق ول اهلل تع اىل" ما يفعل اهلل‬
‫بعذابكم إن شكرمت وآمنتم وكان اهلل شاكراً عليماً"‪.‬‬
‫فليست طاعة اهلل حبفظ األمان ة‪ ،‬إال حفاظ اً على املس لم أن ي رتدى يف محأة اهلالك‪ ،‬فال ذي يق دم‬
‫الطاعة يق دمها لنفس ه‪ ،‬وال ذي يفعل املعص ية إمنا جيين ب ذلك على نفس ه‪ ،‬فاهلل ال تض ره معص ية عبد وال‬
‫تنفعه طاعته‪.‬‬
‫حلومها وال‬
‫قال اهلل يف الذين يقدمون النسك يف احلج ويذحبون األضاحي تقرباً إليه تعاىل‪" :‬لن ينال اهللَ ُ‬

‫‪www. alukah. net ‬‬


‫األخالق اإلسالمية وأمهيتها للحياة اإلنسانية‬
‫‪www. alukah. net ‬‬

‫دماؤها ولكن يناله التقوى منكم"‪.‬‬


‫فالعبد مره ون بفعله لنفسه يفعل اخلري‪ ،‬وعليه يع ود ض رر املعص ية‪ .‬ق ال اهلل تع اىل " إن أحس نتم‬
‫أحسنتم ألنفسكم وإن أسأمت فلها"‪ .‬اإلسراء ـ ‪ .7‬وقال جل شأنه عن النفس اإلنسانية‪ " :‬هلا ما كسبت‬
‫وعليها ما اكتس بت"‪ .‬البق رة ـ ‪ 286‬فما أح رى املس لم أن ينتفع مبا يس مع من احلكم ة‪ ،‬فاحلكمة ض الة‬
‫املؤمن أينما وجدها فهو أحق هبا‪.‬‬
‫واألمانة خلُق النبل‪ ،‬حيرص على هذا اخللق كل ذي دين‪ ،‬ولو مل يكن صاحب دين لوجب أن‬
‫حيرص عليه‪ ،‬فاألمني حمبوب‪ ،‬وهكذا كان صلى اهلل عليه وسلم قبل الرسالة وبعدها‪ ،‬ومل يكن امسه يف‬
‫اجلاهلية إال األمني‪ ،‬قال اهلل تعاىل‪ " :‬لقد كان لكم يف رسول اهلل أسوة حسنة ملن كان يرجو اهلل واليوم‬
‫اآلخر وذكر اهلل كثرياً"‪.‬‬
‫( الع وام ي ْقص رون األمانة على حفظ الودائ ع‪ ،‬مع أن حقيقتها يف دين اهلل أض خم وأثق ل‪.‬‬
‫إهنا الفريضة اليت يتواصى به املس لمون برعايته ا‪ ،‬ويس تعينون باهلل يف حفظها حىت غنه عن دما يك ون‬
‫أح دمها على أهبة الس فر يق ول له أخ وه‪ :‬أس تودع اهلل دينك وأمانتك وخ واتيم عمل ك‪.‬‬
‫عن أنس بن مالك رضي اهلل عنه ق ال‪ :‬قلما خطبنا رس ول اهلل ص لى اهلل عليه وس لم إال ق ال‪" :‬ال إميان‬
‫ملن ال أمانة له‪ ،‬وال دين ملن ال عهد له"‪.‬‬
‫وقد س ار الص حابة رض وان اهلل عليهم على املنهج وعلى حفظ األس رار ف روي عن أنس أنه ت أخر على‬
‫أمه ذات ي وم فق الت‪ :‬ما أبط أك؟ قلت‪ :‬بعثين رس ول اهلل ص لى اهلل عليه وس لم يف حاج ة‪ ،‬ق الت‪ :‬وما‬
‫هي؟ قلت‪ :‬إهنا سر‪ ،‬فقالت املؤمنة الواعية الذكية البصرية‪ ،‬لتعطي درساً لألمه ات يف تعليم الطفل حفظ‬
‫داً‪.‬‬ ‫ول اهلل أح‬ ‫ه‪ :‬ال ختربن بسر رس‬ ‫الت ل‬ ‫رار‪ ،‬ق‬ ‫األس‬
‫واألمانة تش مل ال دين والطاعة والف رائض واحلدود إن ق ام هبا اإلنس ان أثيب‪ ،‬وإن تركها ع وقب‪،‬‬
‫واألمانة خلق األنبي اء مجيع اً والص احلني‪ ،‬فقد ك انت ه ذه الص فة مالزمة لألنبي اء قبل نب وهتم‪ ،‬والرس ول‬
‫عليه الصالة والسالم كما نعرف مسي بالصادق األمني قبل أن يرسل‪ ،‬وكذلك موسى عليه السالم قبل‬
‫أن يرسل حني س قى البنيت الرجل الص احل ك ان معهما عفيف اً أمين اً ق ال تع اىل( ق الت أح دامها يا أبت‬
‫استأجره أن خري من استأجرت القوي األمني )القصص ‪.26‬‬
‫ا‪:‬‬ ‫دة منه‬ ‫ولألمانة مثرات عدي‬
‫‪ .1‬اإلنسان األمني حيبه اهلل ورسوله‪.‬‬
‫‪ .2‬أعد اهلل لألمني منزلة عظيمة يف اآلخ رة وهي جنة الف ردوس ق ال تع اىل( وال ذين هم ألمان اهتم‬
‫وعهدهم راع ون‪ .‬وال ذين هم على ص لواهتم حيافظون‪ .‬أولئك هم الوارثون‪ .‬الذين يرث ون الفردوس هم‬

‫‪www. alukah. net ‬‬


‫األخالق اإلسالمية وأمهيتها للحياة اإلنسانية‬
‫‪www. alukah. net ‬‬

‫ون ‪8‬ـ ‪.12‬‬ ‫دون) املؤمن‬ ‫فيها خال‬


‫(‪)1‬‬
‫‪ .3‬األمانة توجد الثقة والطمأنينة بني أف راد اجملتمع وتق وي أواصر احملبة واألخ وة والتع اون بينهم )‬
‫( ومن معاين األمانة وضع الشيء يف املكان اجلدير به واألليق له‪ ،‬فال يسند منصب إال لصاحبه احلقيق‬
‫ب ه‪ ،‬وال متأل وظيفة إال بالرجل ال ذي ترفعه كفايته إليه ا‪ .‬ق ال رس ول اهلل ص لى اهلل عليه وس لم ( من‬
‫اس تعمل رجالً على عص ابة وفيهم من هو أرضى هلل منه فقد خ ان اهلل ورس وله واملؤم نني )‪ .‬ج اء رجل‬
‫يسأل رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم‪ :‬مىت الساعة؟ فقال له ( إذا ضيعت األمانة فانتظر الساعة‪ .‬قال‪:‬‬
‫كيف إض اعتها؟ ق ال‪ :‬إذا وسد األمر إىل غري أهله ف انتظر الس اعة )(‪ .)2‬فاألمانة تقضي ب أن نص طفي‬
‫لألعم ال أحسن الن اس قيام اً هبا‪ ،‬ف إذا ملنا عنه إىل غ ريه هلوى أو رش وة أو قراب ة‪ ،‬فقد ارتكبنا بتنحية‬
‫(‪)1‬‬
‫اجز خيانة فادحة‬ ‫ادر وتولية الع‬ ‫الق‬
‫ومن األمانة حفظ اجلوارح‪ ،‬ومنها حفظ النظر‪ ،‬فال تنظر العينان إىل حمرم‪ ،‬وال تستمع األذنان إىل حمرم‬
‫من آالت اللهو واملوس يقا وقد دخلت املع ازف يف كل القن وات الفض ائية حىت مع األخب ار وال ربامج‬
‫املعرفية املفي دة‪ ،‬ق ال ص لى اهلل عليه وس لم ( ليك ونن من أميت أق وام يس تحلون احلر واحلرير واملع ازف‬
‫والقي ان ) والس مع أمانة أن يص ان عن الغيبة ( فاكهة اجملالس) نع وذ باهلل تع اىل‪ ،‬ومن األمانة ع دم اهلمز‬
‫واللمز واإلشارة بالتنقص أو التحقري‪ ،‬ويكفي حديث أم املؤمنني عائشة رضي اهلل تعاىل عنها قالت للنيب‬
‫ص رها‪ .‬فق ال ص لى اهلل عليه‬ ‫ِ‬
‫ص لى اهلل عليه وس لم‪ :‬حس بك من ص فية ـ زوجته ـ وأش ارت بي دها إىل ق َ‬
‫لم‪:‬‬ ‫وس‬
‫( قلت كلمة لو مزجت مباء البحر ملزجته)‪.‬‬
‫أما القلب؛ فله اعتب ار خ اص يف األمانة وحفظه ا‪ .‬فهو س لطان اجلوارح‪ ،‬يقبل ما ي رد عليه أو ينفي‪،‬‬
‫اطن‪ ،‬وهو التفكري يف احملرم‪.‬‬ ‫اإلمث الب‬ ‫وهو املعين ب‬
‫فاألمانة‪ ،‬من األلفاظ القرآنية املعجزة الداللة‪ ،‬ولو ألفت يف جماالهتا جملدات ما وفتها حقها‪ .‬ويكفي أن‬
‫نقول‪ :‬األمانة حفظ ما حرم اهلل يف السر والعلن‪.‬‬

‫(‪ )1‬األخالق يف اإلسالم د‪ .‬إميان عبد املؤمن ص ‪.175‬‬


‫(‪ )2‬أخرجه البخاري‪.‬‬
‫(‪ )1‬الثقافة اإلسالمية للحبنكه والغزايل ص ‪.224‬‬

‫‪www. alukah. net ‬‬


‫األخالق اإلسالمية وأمهيتها للحياة اإلنسانية‬
‫‪www. alukah. net ‬‬

‫تدريباتـ‬
‫‪ .1‬ما تعريف األمانة؟‬
‫‪ .2‬اذكر أربعة جماالت لألمانة‪.‬‬
‫‪ .3‬كيف تكون األمانة يف اجتناب اإلمث الباطن؟‪.‬‬
‫‪ .4‬هل مفهوم األمانة حسي أم معنوي؟‪.‬‬
‫‪ .5‬احبث يف التفسري عن معاين األمانة يف اآلية الكرمية‬
‫( إنا عرضنا األمانة على السموات واألرض واجلبال)‪.‬‬
‫‪ .6‬األمانة ضد اخليانة‪ .‬عدد أربعة من جماالت اخليانة‪.‬‬
‫‪ .7‬هل من مراعاة األمانة تناول املفرت؟‪.‬‬
‫‪ .8‬إذا كنت يف بلد من بالد الكفار وسرت يف الطريق والنساء كاسيات عاريات‪ ،‬أىن نظرت وقع‬
‫بصرك على جسم امرأة فماذا تفعل؟‪.‬‬
‫‪ .9‬إذا سئلت عن أخالق إنسان وأشرت بكفك إىل األسفل تعين أنه قصري أو وضيع‪ ،‬فهل هذا خرق‬
‫لألمانة أم ال؟‪.‬‬
‫‪ .10‬أيهما تفضل؛ املرأة اجلميلة ذات األخالق الرديئة أم املرأة املتوسطة اجلمال ذات األخالق الفاضلة؟‬
‫‪.11‬اكتب موضوعاً يف األمانة من ذهنك‪ ،‬أو مما مسعته أو قرأته‪.‬‬

‫‪www. alukah. net ‬‬


‫األخالق اإلسالمية وأمهيتها للحياة اإلنسانية‬
‫‪www. alukah. net ‬‬

‫الوفاء بالعهد‬
‫الوفاء بالعهد هو‪ :‬عدم النكث به‪ ،‬بل تنفيذه‪.‬‬
‫الوفاء بالعهد صفة الرجال‪ ،‬صفة العظماء‪ ،‬هكذا أمرنا اهلل تعاىل أن نكون‪ ،‬وعلى هذه الصفة‬
‫كان رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم فيما كان عليه من مكارم األخالق‪( ،‬كان صلى اهلل عليه وسلم‬
‫يفي بعه ده‪ ،‬ومل يع رف عنه يف حياته أنه نقض عه داً قطعه على نفس ه‪ ،‬ك ان ص لى اهلل عليه وس لم‬
‫ترمجان الق رآن ق ال اهلل تع اىل يف كتابه الك رمي‪( .‬وأوف وا بعهد اهلل إذا عاه دمت وال تنقض وا األميان بعد‬
‫توكيدها وقد جعلتم اهلل عليكم كفيالً إن اهلل يعلم ما تفعلون) سورة النحل اآليتان ‪92 – 91‬‬
‫وقد جعل اهلل تعاىل من ناقض العهد مبنزلة احليوانات قال تعاىل‪ " :‬إن شر الدواب عند اهلل الذين كفروا‬
‫فهم ال يؤمن ون* ال ذين عاه دت منهم مث ينقض ون عه دهم يف كل م رة وهم ال يتق ون* فإما تثقفنهم يف‬
‫احلرب فشرد هبم َمن خلفهم لعلهم ي ّذكرون* وإما ختافن من قوم خيانة فانبذ إليهم على سواء إن اهلل ال‬
‫حيب اخلائنني" سورة األنفال اآليات ‪57 -55‬‬
‫قال ابن سعدي يف تفسري هذه اآليات الكرمية‪:‬‬
‫(إن هؤالء الذين مجعوا هذه اخلصال الثالث‪ :‬الكفر‪ ،‬وعدم اإلميان‪ ،‬واخليانة‪ ،‬حبيث ال يثبتون على عهد‬
‫عاهدوه وال قول قالوه هم (شر الدواب عند اهلل) فهم شر من احلمري والكالب وغريها‪.‬‬
‫ف إذا وج دهتم يف ح ال احملاربة حبيث ال يك ون هلم عهد وميث اق فنكل هبم‪ ،‬وأوقع هبم من العقوبة ما‬
‫يصريون به عربة ملن بعدهم‪.‬‬
‫وإذا ك ان بينك وبني ق وم عهد وميث اق على ت رك القت ال‪ ،‬وخفت منهم خيانة ب أن ظهر من ق رائن‬
‫أح واهلم ما ي دل على خي انتهم من غري تص ريح منهم باخليانة ( فانبذ إليهم) عه دهم‪ .‬أي ارمه عليهم‬
‫وأخ ربهم أنه ال عهد بينك وبينهم‪ ،‬حىت يس توي علمك وعلمهم ب ذلك‪ ،‬وال حيل لك أن تغ درهم أو‬
‫تسعى يف شيء مما منعه موجب العهد حىت ختربهم بذلك)‪.‬‬
‫وقد كان صلى اهلل عليه وسلم أوىف األوفياء بالعهود‪.‬‬
‫ودالئل وفاء حممد صلى اهلل عليه وسلم ال تنتهي عند املواقف واألحداث اليت كان يفي فيها مبا التزمه‪،‬‬
‫فقد ش هد له أع داؤه بأنه يفي ب العهود وال يغ در‪ ،‬فحني لقي هرقل أبا س فيان‪ ،‬وك ان أبو س فيان على‬
‫عداوته حملمد ص لى اهلل عليه وس لم س أل هرقل أبا س فيان عن حممد ص لى اهلل عليه وس لم ع دداً من‬
‫(‪)1‬‬
‫األسئلة‪ ،‬كان مما سأله فيه قوله‪ :‬فهل يغدر؟‪ .‬قال ال )‬

‫(‪ )1‬املوسوعة املسرية يف التعريف بنيب الرمحة صلى اهلل عليه وسلم ط رابطة العامل اإلسالمي‪.‬‬

‫‪www. alukah. net ‬‬


‫األخالق اإلسالمية وأمهيتها للحياة اإلنسانية‬
‫‪www. alukah. net ‬‬

‫ومن الوفاء‪ :‬إجناز الكلمة وحفظ الصداقة فيقال‪ :‬إنسان ويف‪ ،‬إذا حفظ حق الصحبة‪ ،‬وإنسان ال‬
‫معرض اً مبن اغتىن وتنكر ألصدقائه الذين كان معهم يف‬
‫وفاء عنده‪ .‬إذا تنكر للصحبة‪ .‬وقد قال الشاعر ّ‬
‫مرتبة واحدة من ضيق ذات اليد‪ .‬فقال‪:‬‬
‫روا‬ ‫روا ذك‬ ‫رام إذا ما أيس‬ ‫إن الك‬

‫ألفهم يف املنزل اخلشن‬ ‫ان ي‬ ‫من ك‬

‫فما أكثر من يتصف هبذه الصفة اخلسيسة وهي التنكر للمعروف‪ ،‬وقد كثرت يف هذه األيام‪ ،‬ألنه نظر‬
‫إىل الصداقة من باب املنفعة أو املصلحة‪ ،‬وهذه تذهب بذهاب أسباهبا‪ ،‬أما احلب يف اهلل‪ ،‬فأهم صفاهتا‬
‫الدميومة واالستمرار‪ ،‬واحلب يف اهلل من أهم خصائصه الوفاء بكل ما حتتوي هذه الكلمة من معان‪.‬‬
‫د‪:‬‬ ‫اء بالعهد و بالوع‬ ‫الوف‬
‫وقد كان صلى اهلل عليه وسلم املثل األعلى يف كل مكارم األخالق ومنها هذه الصفة اليت عزت يف‬
‫ه ذه األي ام‪ ( ،‬ك ان حممد ص لى اهلل عليه وس لم يفي بعه ده ومل يع رف عنه يف حياته أنه نقض عه داً‬
‫قطعه على نفسه‪.‬‬
‫ويل تزم حممد ص لى اهلل عليه وس لم الوف اء مع املخ الفني حىت وهو يتعامل مع أتباعه واملس تجيبني له‬
‫فال يقبل منهم أن خيل بعهد التزم به‪.‬‬
‫(‪)1‬‬
‫العهود )‬ ‫داؤه بأنه يفي ب‬ ‫هد له أع‬ ‫وقد ش‬
‫داء‪.‬‬ ‫هدت به األع‬ ‫والفضل ما ش‬
‫( فالوفاء بالوعد أو العهد أدب رباين وخلق كرمي وسلوك إسالمي نبيل‪ ،‬والوفاء بالعهد هو قيام املسلم‬
‫مبا التزم به؛ سواء كان قوالً أم كتابة‪ ،‬فإذا أبرم املسلم عقداً فيجب أن حيرتمه‪ ،‬وإذا أعطى عهداً فيجب‬
‫أن يل تزم ب ه‪ .‬فالعهد ال بد من الوف اء ب ه‪ ،‬كما أن اليمني ال بد من الرب هبا‪ ،‬ومن اط الوف اء والرب أن يتعلق‬
‫األمر ب احلق واخلري‪ ،‬وإال فال عهد يف عص يان‪ ،‬وال ميني يف م أمث‪ ،‬فال عهد إال مبع روف‪.‬‬

‫(‪ )1‬املوسوعة امليسرة بنيب الرمحة ص‪.182‬‬

‫‪www. alukah. net ‬‬


‫األخالق اإلسالمية وأمهيتها للحياة اإلنسانية‬
‫‪www. alukah. net ‬‬

‫أنواعـ العهود‪:‬‬
‫أوالً‪:‬‬
‫عهود بني اهلل والناس‪ :‬قال اهلل تعاىل ( من املؤمنني رجال صدقوا ما عاهدوا اهلل عليه فمنهم من قضى‬
‫حنبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديالً ) األحزاب ‪.23‬‬
‫ثانياً‪:‬‬
‫عه ود بني الن اس مع بعض هم‪ .‬مثل عه ود ال زواج وحق وق اجلوار وحق وق األخ وة‪. . .‬‬
‫وقد تتابعت آيات القرآن الكرمي حتض على الوفاء وختوف من الغدر قال اهلل تعاىل ( وأوفوا بالعهد إن‬
‫العهد كان مسؤوالً) اإلسراء ‪.34‬‬
‫ومن الشؤون اليت اهتم هبا اإلسالم ونوه كثرياً بقيمة الوفاء هبا‪ ،‬الديون‪ ،‬فإن سدادها من آكد احلقوق‬
‫دين‪.‬‬ ‫اء ال‬ ‫يء إال قض‬ ‫هيد يغفر اهلل له كل ش‬ ‫اىل‪ ،‬حىت إن الش‬ ‫عند اهلل تع‬
‫وبالرغم من ذلك التحذير خلطر الدَّين يف الدنيا واآلخرة‪ ،‬إال أن بعض اً من الناس قد استهانوا بالديون‬
‫فاقرتض وها لش هوات الغي والبط ون والف روج عن طريق الربا احملرم حترمياً بات اً فنكب وا نكب ات جائحة يف‬
‫واهلم‪.‬‬ ‫ارهم وأم‬ ‫دي‬
‫ويف التاريخ اإلسالمي وقائع ال حتصى‪ ،‬تشهد بوفاء املسلمني بعهودهم مع املسلم وغري املسلم‪ .‬فالوفاء‬
‫بالعهد يف ذاته ق وة ف وق أنه عدالة وفض يلة‪ ،‬فقد ع رف املس لمون بالوف اء بالعهد حىت يف احلرب فهم‬
‫(‪)1‬‬
‫متمسكون بأخالقهم وعدم نقض عهودهم )‬
‫والع رب يف اجلاهلية ك انوا يتحل ون بش رف االل تزام بالكلمة وما أك ثر القصص اليت ت دل على ه ذه‬
‫املكرمة يف نف وس اجلاهليني‪ ،‬ويف لق اء أمري املؤم نني عمر بن اخلط اب مع عم رو بن مع دي ك رب رضي‬
‫اهلل عنهما‪ ،‬قال عمرو‪ :‬سأحدثك يا أمري املؤمنني عن أحيل رجل لقيته‪ ،‬وعن أشجع رجل‪ ،‬وعن أجنب‬
‫رجل‪.‬‬
‫كنت ـ يف اجلاهلية ـ يف الصحراء‪ ،‬أركض فرسي‪ ،‬علين أجد رجالً أقتله‪ ،‬إذا أنا بسواد بعيد‪ ،‬فركضت‬
‫فرسي إليه ف رأيت فرس اً مربوط اً‪ ،‬وص احبه يف اخلالء‪ ،‬فص حت في ه‪ :‬خذ ح ذرك ف إنين قاتل ك‪ ،‬مث هنض‬
‫متق دماً حنوي‪ ،‬فق ال‪ :‬من أنت؟ قلت عم رو بن مع دي ك رب‪ ،‬ق ال‪ :‬أبا ث ور‪ ،‬ما أنص فتين؛ أنت راكب‬
‫وأنا راج ل‪ ،‬ق ال‪ :‬أنت آمن حىت ت ركب‪ ،‬فلما وصل إىل فرسه جلس واحت ىب‪ ،‬قلت‪ :‬خذ ح ذرك ف إنين‬
‫قاتلك‪ ،‬قال‪ :‬أمل تقل يل‪ :‬إنك آمن حىت تركب؟ قال‪ :‬بلى‪ ،‬قال‪ :‬فلست براكب‪ ،‬فانصرفت عنه‪ ،‬فهذا‬

‫(‪ )1‬األخالق يف اإلسالم د‪ .‬إميان ص ‪.198‬‬

‫‪www. alukah. net ‬‬


‫األخالق اإلسالمية وأمهيتها للحياة اإلنسانية‬
‫‪www. alukah. net ‬‬

‫(‪)2‬‬
‫نني )‬ ‫أحيل رجل يا أمري املؤم‬
‫وملا ج اء اإلس الم‪ ،‬ع زز ه ذه الص فة‪ ،‬ص فة االل تزام بالكلمة والوف اء هبا‪ ،‬فهي من مك ارم األخالق اليت‬
‫ا‪.‬‬ ‫لم ليتممه‬ ‫لى اهلل عليه وس‬ ‫ول ص‬ ‫بعث الرس‬
‫وما أك ثر القصص اليت ت دل على الوف اء بالعهد يف املواقف اإلس المية يف الس لم واحلرب‪.‬‬
‫د‪:‬‬ ‫ال ابن كثري يف فتح هناون‬ ‫ق‬
‫وأمر عليهم‬ ‫( وكتب عمر رضي اهلل عنه إىل أيب موسى األش عري‪ :‬ابعث إىل األه واز جن داً كثيف اً‪ِّ ،‬‬
‫ك‪.‬‬ ‫رباء بن مال‬ ‫دي وليكن معه ال‬ ‫هيل بن ع‬ ‫س‬
‫مقرن فانتهى إىل اهلرمزان‪ ،‬فاقتتال قتاالً‬
‫تكامل هذا اجليش من الكوفة والبصرة وعلى اجلميع النعمان بن ِّ‬
‫شديداً فهزم اهلرمزان وفر إىل تُسرت فلحقوا به فوجدوه قد حشد خلقاً كثرياً فحاصروهم شهراً‪.‬‬
‫مث دارت معارك حامية كأعنف ما تكون احلروب من الفريقني‪ ،‬وقتل الرباء مئة مبارزة سوى من قتله‬
‫يف حرب له‪ ،‬قال املسلمون للرباء وكانوا يعرفوا أنه مستجاب الدعوة‪ ،‬يا براء ادع لنا اهلل أن يهزمهم‪،‬‬
‫فقال‪ :‬اللهم انصر املسلمني واستشهدين‪ ،‬واملعركة حامية دامية‪ ،‬والقتلى يتساقطون من الفريقني كليهما‪.‬‬
‫وك ان اهلرم زان من أخبث خلق اهلل تع اىل‪ ،‬فك ان معه خنج ر‪ ،‬ويف املب ارزة بينه وبني ال رباء‪ ،‬ط احت‬
‫السيوف من كليهما‪ ،‬وبدا التشابك باأليدي واألظافر واألسنان‪ ،‬فأخذ اهلرمزان اخلنجر فوجأ به الرباء‬
‫فقتل ه‪ ،‬واملع ارك على أش دها حىت أسر اهلرم زان‪ ،‬فاستس لم بش رط أن حيمل إىل عمر فيحكم فيه كيف‬
‫اء‪.‬‬ ‫ش‬
‫وملا وقف اهلرم زان بني ي دي عم ر‪ ،‬طلب م اء‪ ،‬فلما أخذ الك أس جعلت ي ده ترجتف‪.‬‬
‫رب‪.‬‬ ‫اف أن أقتل وأنا أش‬ ‫ال‪ :‬إين أخ‬ ‫وق‬
‫ق ال عم ر‪ :‬ال ب أس عليك حىت تش رب الك أس‪ .‬فصب املاء على األرض مومهاً أن الك أس ص بت من‬
‫اجلزع‪،‬‬
‫قال عمر‪ :‬أعيدوا عليه املاء ال جنمع عليه بني العطش والقتل‪.‬‬
‫زان‪ :‬ال حاجة يل باملاء‪.‬‬ ‫ال اهلرم‬ ‫ق‬
‫ك‪.‬‬ ‫ر‪ :‬إين قاتل‬ ‫ال عم‬ ‫ق‬
‫قال اهلرمزان‪ :‬إنك قد أمنتين‪.‬‬
‫قال عمر‪ :‬كذبت‪ ،‬أنا أأمن قاتل الرباء بن مالك؟‬
‫قال اهلرمزان‪ :‬أشهد أال إله إال اهلل وأن حممداً رسول اهلل‪ ( .‬روى أنس بن مالك قال‪ :‬غاب عمي أنس‬

‫(‪ )2‬انظر‪ :‬أيام العرب يف اجلاهلية ألمحد جاد املوىل ورفاقه‪.‬‬

‫‪www. alukah. net ‬‬


‫األخالق اإلسالمية وأمهيتها للحياة اإلنسانية‬
‫‪www. alukah. net ‬‬

‫بن النضر عن قتال (بدر) فقال‪ :‬يا رسول اهلل‪ ،‬غبت عن أول قتال قاتلت املشركني‪ ،‬لئن أشهدين اهلل مع‬
‫النيب قتال املشركني لريين ما أصنع‪ .‬فلما كان يوم أحد انكشف املسلمون‪ ،‬مث تقدم فاستقبله سعد بن‬
‫معاذ فقال‪ :‬يا سعد بن معاذ‪ ،‬اجلنة ورب النضر‪ ،‬إين أجد رحيها من دون أحد‪ .‬قال سعد‪ :‬فما استطعت‬
‫يا رس ول اهلل ما ص نع‪ ،‬مث تق دم‪ .‬ق ال أنس‪ :‬فوج دنا به بض عاً ومثانني؛ ما بني ض ربة بالس يف‪ ،‬وطعنة‬
‫ب الرمح‪ ،‬ورمية بس هم‪ ،‬ووج دناه قد مثل به املش ركون‪ ،‬فما عرفته إال أخته بش امة‪ ،‬أو ببنانه ق ال أنس‪:‬‬
‫كنا ن رى أن ه ذه اآلية ن زلت فيه ويف أش باهه‪ ( :‬من املؤم نني رج ال ص دقوا ما عاه دوا اهلل عليه فمنهم‬
‫زاب ‪.23‬‬ ‫ديالً )األح‬ ‫دلوا تب‬ ‫من قضى حنبه ومنهم من ينتظر وما ب‬
‫واإلس الم يوصي ب احرتام العق ود اليت تس جل فيها االلتزام ات املالية وغريه ا‪ ،‬وي أمر بإنف اذ الش روط اليت‬
‫(‪)1‬‬
‫روطهم)‬ ‫لمون عند ش‬ ‫منها ويف احلديث ( املس‬ ‫تتض‬
‫وال شك أن انتشار الثقة يف ميدان التجارة ويف شىت املعامالت االقتصادية أساسه افرتاض الوفاء يف أي‬
‫تعه د‪ ،‬وجيب أن تك ون الش روط متفقة مع ح دود الش ريعة‪ ،‬وإال فال حرمة هلا‪ ،‬وال يكلف املس لم‬
‫بوفائها‪.‬‬
‫والوفاء باحلق واجب مع املؤمن باإلسالم ومع الكافر به‪ ،‬فإن الفضيلة ال تتجزأ فيكون املرء خسيس اً‬
‫رين )(‪.)2‬‬ ‫وم‪ ،‬كرمياً مع آخ‬ ‫مع ق‬
‫وخالصة املوض وع أن يك ون املس لم وفي اً بالعهد مع اهلل تع اىل هلذه الكلمة الطيب ة‪ ،‬اليت خترج املرء من‬
‫النار خالداً فيها أبداً إىل اجلنة خالداً فيها أبداً‪ ،‬وذلك بالتوبة النصوح اليت ال نقض لعهدها‪.‬‬

‫تدريبات‬

‫(‪ )1‬رواه البخاري‪.‬‬


‫(‪ )2‬الثقافة اإلسالمية للحبنكه والغزايل ص ‪.240‬‬

‫‪www. alukah. net ‬‬


‫األخالق اإلسالمية وأمهيتها للحياة اإلنسانية‬
‫‪www. alukah. net ‬‬

‫‪ .1‬ما تعريف الوفاء بالعهد؟‪.‬‬


‫‪ .2‬عدد أربعة من جماالت الوفاء بالوعد؟‬
‫‪ .3‬من املؤمنني رجال صدقوا ما عاهدوا اهلل عليه‪.‬‬
‫كيف يعطي املسلم عهده هلل؟‬
‫‪ .4‬ما موقفك من صديق نقض عهده معك؟‪.‬‬
‫‪ .5‬كيف يعيد املسلمون اليوم صفة الوفاء بالعهد يف نفوس من ضعفت لديهم هذه الصفة؟‪.‬‬
‫‪ .6‬اكتب موضوعاً عن الوفاء بالعهد‪.‬‬

‫‪www. alukah. net ‬‬


‫األخالق اإلسالمية وأمهيتها للحياة اإلنسانية‬
‫‪www. alukah. net ‬‬

‫اإلحسان‬

‫اإلحسان هو‪ :‬فعل اخلري‪ ،‬وأعلى مراتبه اإلحسان إىل من أساء إليك‪.‬‬
‫وما أكثر ما وردت هذه الكلمة يف القرآن الكرمي‪.‬‬
‫قال تعاىل حاضاً على اإلحسان "وأحسنوا‪ ،‬إن اهلل حيب احملسنني" البقرة ‪195‬‬
‫ولإلحسان صور متعددة أوهلا‪:‬‬
‫أن حيسن اإلنس ان إىل نفسه ب إفراد العب ادة هلل تع اىل خملص اً له ال دين‪ ،‬فال ري اء وال مسعة‪ ،‬أن حيسن‬
‫اإلنسان عالقته مع ربه مبراقبته يف السر والعلن‪ ،‬إذا كان يف السر أال يظن أنه فات الرقيب أو غاب عنه‪.‬‬
‫قال الشاعر أبو العتاهية‪:‬‬
‫ل‪.‬‬ ‫اً فال تق‬ ‫دهر يوم‬ ‫وت ال‬ ‫إذا ما خل‬

‫ل‪ :‬علي رقيب‪.‬‬ ‫وت ولكن ق‬ ‫خل‬

‫ى‪.‬‬ ‫وال حتسـنب اهلل يغفل ما مض‬

‫وال َّ‬
‫أن ما خيـفى عليه يغيب‬

‫واإلحس ان إىل أهل بيت ك‪ ،‬ب العطف عليهم وإدخ ال الس رور على قل وهبم‪ ،‬ولو باالبتس امة مث اهلدية مث‬
‫العش رة مث احلس نة من املعاملة احلس نة ولني اجلانب حىت يص بح ال بيت روضة من ري اض مجال اخلُلق‬
‫وحماسنه‪.‬‬
‫وقد روت لنا كتب األخبار أن املأمون بن هارون الرشيد قد أمر بغدائه وكان إىل جانبه ولد له صغري‬
‫فجاءته اجلارية بس يخ حلم ش واء ح ار متس كه مبن ديل كي ال حيرق ي دها‪ ،‬فلما وقفت إىل ج وار اخلليفة‬
‫ف وق رأس الغالم وقع الس يخ من ي دها على رأس الغالم ف احرتق وم ات‪ ،‬روعت اجلاري ة‪ ،‬فأس رعت‬
‫تقول‪ :‬يا أمري املؤمنني يقول اهلل تعاىل "والكاظمني الغيظ"‪ .‬فقال‪ :‬كتمت غيظي‪ .‬فقالت‪ " :‬والعافني عن‬
‫الناس"‪ .‬فقال اخلليفة‪ :‬عفوت عنك‪ .‬فأردفت قوهلا‪ " :‬واهلل حيب احملسنني" فقال‪ :‬اذهيب فأنت حرة لوجه‬
‫اهلل‪.‬‬
‫فمن أزعجك بكلمة‪ ،‬أو تنقص قدرك يف فعل فأحسن إليه بالعفو عنه قال اهلل تعاىل‪ " :‬فاصفح الصفح‬
‫اجلميل "‬

‫‪www. alukah. net ‬‬


‫األخالق اإلسالمية وأمهيتها للحياة اإلنسانية‬
‫‪www. alukah. net ‬‬

‫( واإلحس ان ضد اإلس اءة‪ ،‬وهو اإلخالص يف العمل واإلتي ان به على أمت وجه دون ري اء أو مسعة‪.‬‬
‫واملسلم ال ينظر إىل اإلحسان على أنه خلق فاضل جيمل التخلق به فحسب‪ ،‬بل ينظر إليه على أنه جزء‬
‫من عقيدته وعامل مهم يف إس المه‪ ،‬إذ إن م راتب ال دين ثالثة وهي‪ :‬اإلميان واإلس الم واإلحس ان ز‬
‫يوضح ذلك سؤال جربيل عليه السالم لرسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم عن اإلميان واإلسالم واإلحسان‬
‫فق ال عليه الس الم يف احلديث املش هور يف تعريفه اإلحس ان ( أن تعبد اهلل كأنك ت راه ف إن مل تكن ت راه‬
‫فإنه يراك ) وقال عقب انصراف جربيل‪ :‬هذا جربيل أتاكم ليعلمكم أمور دينكم‪ ،‬فسمى الثالثة دين اً‪.‬‬
‫واإلحس ان خيتلف معن اه وتتع دد ص وره يف ب اب العب ادات واملع امالت‪.‬‬
‫أما يف ب اب العب ادات؛ فهو أن ت ؤدي العب ادة أي اً ك ان نوعها من ص الة وص يام وزك اة أو غريه ا‪ ،‬أداء‬
‫ص حيحاً باس تكمال ش روطها وأركاهنا واس تيفاء س ننها وآداهبا وه ذا ما ال يتم للعبد إال إذا ك ان ح ال‬
‫أدائه للعبادة يستغرق يف شعور قوي مبراقبة اهلل عز وجل حىت لكأنه يراه تعاىل ويشاهده‪ ،‬فبهذا وحده‬
‫ميكنه أن تس حن عبادته وأن يتقنها في أيت هبا على الوجه املطل وب والص ورة الكاملة هلا‪.‬‬
‫أما يف ب اب املع امالت؛ ف رياد به املعاملة احلسىن جلميع الن اس؛ فمع الوال دين بربمها‪ ،‬طاعتهما وإيص ال‬
‫اخلري إليهما وكف األذى عنهما والدعاء واالستغفار هلما وإنفاذ عهدمها وإكرام صديقهما إىل غري ذلك‬
‫ا‪،‬‬ ‫وه الرب هلم‬ ‫من وج‬
‫وأما مع األقارب فهو رمحتهم والعطف عليهم وفعل ما جيمل فعله معهم وترك ما يسيء إليهم أو يقبح‬
‫معهم‪.‬‬ ‫فعله‬
‫ومع اليت امى ب العطف عليهم والرمحة هبم واحملافظة على أم واهلم وصيانة حق وقهم أو رع ايتهم وت أديبهم‬
‫رهم‪.‬‬ ‫دم قه‬ ‫رك أذاهم وع‬ ‫وت‬
‫ومع املساكني؛ بسد جوعهم وسرت عورهتم واحلث على الرفق هبم وعدم املساس بكرامتهم فال حيتقرون‬
‫وال يُنالون بسوء أو ميسون مبكروه‪.‬‬
‫وهو ك ذلك البن الس بيل بقض اء حوائجه وص يانة كرامته وهدايته إن ض ل‪ ،‬وهو للخ ادم‪ ،‬ص يانته‬
‫بإعطائه أجره قبل أن جيف عرقه والبعد عن حتميله ما ال يطيق‪ ،‬واحرتام شخصيته‪.‬‬
‫وهو أيضاً للحيوان؛ بإطعامه إن جاع‪ ،‬ومداواته إن مرض وعدم تكليفه ما ال يطيق وبالرفق به وإراحته‬
‫من التعب )(‪.)1‬‬
‫وقد ج اء يف املوس وعة امليس رة يف التعريف بنيب الرمحة ص لى اهلل عليه وس لم حتت عن وان‬
‫عفو وإحسان‪:‬‬

‫(‪ )1‬األخالق يف اإلسالم د‪ .‬إميان ص ‪ 150‬و‪.151‬‬

‫‪www. alukah. net ‬‬


‫األخالق اإلسالمية وأمهيتها للحياة اإلنسانية‬
‫‪www. alukah. net ‬‬

‫( هناك من الناس طائفة إذا ظُلمت نرد الصاع صاعني‪ ،‬وطائفة أخرى ترد باملثل أخذاً وعطاء‪ ،‬ولكن‬
‫هن اك أف راداً مع دودين يتع املون باحلسىن واإلحس ان ن ف إذا ظُلم وا غف روا وإذا أوذوا ص ربوا وإذا ُمنع وا‬
‫أعط وا وإذا قُطع وا وص لوا‪ ،‬وهك ذا ك ان حممد ص لى اهلل عليه وس لم‪ ،‬إنه حيكي عن نفسه أن تلك‬
‫األخالق إمنا هي أوامر ربانية قد ٌأمر هبا من ربه كما يف قوله ( ُأم رت أن أعطي من حرمين وأن أصل‬
‫)‪.‬‬ ‫ظلمين‬ ‫عمن‬ ‫أعفو‬ ‫وأن‬ ‫قطعين‬ ‫من‬
‫لقد وصل مبحمد صلى اهلل عليه وسلم تطبيق تلك الصفات حىت إنه كان يرى بعينيه قاتلة عمه احملبب‬
‫إىل قلب ه‪ ،‬محزة بن عبد املطلب رضي اهلل عنه اليت ت آمرت عليه حىت قتلت ه‪ ،‬مث مثلت به بعد موت ه‪ ،‬جاءته‬
‫تعلن إس المها‪ ،‬ف إذا مبحمد ص لى اهلل عليه وس لم يعفو عنها ويغفر إس اءهتا ويعت دها أخت اً له يف ال دين‬
‫ذا؟ )(‪.)1‬‬ ‫أي قلب يتحمل ه‬ ‫ه‪ .‬ف‬ ‫دم ما قبل‬ ‫الم يه‬ ‫أن اإلس‬ ‫رها ب‬ ‫ويبش‬
‫وان‪:‬‬ ‫ان إىل احلي‬ ‫لم باإلحس‬ ‫لى اهلل عليه وس‬ ‫ره ص‬ ‫أم‬
‫أمر حممد ص لى اهلل عليه وس لم باإلحس ان إىل احلي وان والرفق ب ه‪ ،‬عن أيب هري رة رضي اهلل عنه أن‬
‫رس ول اهلل ص لى اهلل عليه وس لم ق ال ( بينما رجل ميشي بطريق فاش تد عليه العطش‪ ،‬فوجد ب ئراً ف نزل‬
‫فيها فشرب‪ ،‬مث خرج فإذا كلب يلهث يأكل الثرى من شدة العطش فقال الرجل‪ :‬لقد بلغ هذا الكلب‬
‫من العطش مثل الذي كان بلغين‪ ،‬نزل البئر فمأل خفه فأمسكه بفيه حىت رقي فسقى الكلب‪ ،‬فشكر اهلل‬
‫له فغفر له ) حينها سأله أصحابه رضوان اهلل عليهم هذا السؤال‪ :‬وإن لنا يف البهائم أجراً؟ فقال صلى‬
‫(‪)2‬‬
‫لم ( يف كل ذات كبد رطبة أجر )‬ ‫اهلل عليه وس‬
‫اإلحسان إىل احليوان يف السفر‪:‬‬
‫كان احليوان ميثل وسيلة السفر لدى العرب آنذاك‪ ،‬لذا أكد حممد صلى اهلل عليه وسلم أال يكون ذلك‬
‫سبباً يف إرهاقه واإلساءة إليه‪ ،‬وأكد على من يركب الدابة يف السفر أن حيسن إليها‪ ،‬ومن مظاهر ذلك‬
‫اإلحسان‪:‬‬
‫أنه علم أص حابه رض وان اهلل عليهم إذا نزل وا يف الس فر أال ينش غلوا بالص الة حىت ي نزلوا الرح ال عن‬
‫الدواب‪.‬‬
‫وألن الدابة ك انت تتغ ذى من الطري ق‪ ،‬فقد أمر حممد ص لى اهلل عليه وس لم من يركبوهنا ب أن يراع وا‬
‫ذلك‪ ،‬فحني يسريون يف طريق خصب فال يسرعوا حىت تأخذ الدابة حقها من األكل‪ ،‬وحني يسريون يف‬
‫طريق جمدبة ال جتد فيها الدابة ما تأكل ه‪ ،‬عليهم أن يس رعوا يف املس ري‪ .‬فعن أيب هري رة أن رس ول اهلل‬

‫(‪ )1‬املوسوعة امليسرة ص‪.189‬‬


‫(‪ )2‬أخرجه البخاري‬

‫‪www. alukah. net ‬‬


‫األخالق اإلسالمية وأمهيتها للحياة اإلنسانية‬
‫‪www. alukah. net ‬‬

‫صلى اهلل عليه وسلم قال ( إذا سافرمت يف اخلصب فأعطوا اإلبل حقها‪ ،‬وإذا سافرمت يف اجلدب فأسرعوا‬
‫(‪)1‬‬
‫)‬
‫ه‪:‬‬ ‫النهي عن إيذائ‬
‫تنوعت صور اإليذاء واإلساءة للحيوان لدى العرب‪ ،‬فنهى حممد صلى اهلل عليه وسلم عن تلك الصور‬
‫واملمارسات السيئة‪ ،‬جند يف سريته صلى اهلل عليه وسلم النهي العام عن اإلساءة للحيوان‪ ،‬ليشمل ذلك‬
‫كل ما يستجد من صور اإلساءة‪ ،‬كما جند يف سريته النهي عن صور حمددة كانت منتشرة لدى العرب‬
‫أنذاك‪ ،‬ومن النهي العام عن إيذاء احليوان هنيه صلى اهلل عليه وسلم عن التمثيل به؛ فعن ابن عمر رضي‬
‫(‪)2‬‬
‫اهلل عنهما ق ال‪ :‬مسعت رس ول اهلل ص لى اهلل عليه وس لم يق ول( لعن اهلل من مثَّل ب احليوان )‬
‫لم‪:‬‬ ‫لى اهلل عليه وس‬ ‫ور احملددة اليت هنى عنها حممد ص‬ ‫ومن الص‬
‫‪ -‬والوسم ي الوج ه‪ .‬فعن ج ابر أن النيب ص لى اهلل عليه وس لم مر عليه محار قد وسم يف وجهه فق ال‪:‬‬
‫( لعن اهلل الذي ومسه)‬
‫‪ -‬ومنها‪ :‬أهنم كانوا يستخدمون احليوان هدفاً حني يتعلمون الرماية فنهاهم عن ذلك‪ ،‬فعن ابن عباس‬
‫أن النيب ص لى اهلل عليه وس لم ق ال ( ال تتخ ذوا ش يئاً فيه ال روح غرض اً)‪.‬‬
‫وكان حممد صلى اهلل عليه وسلم مع أصحابه‪ ،‬فرأى أحدهم طائراً له فرخان فأخذمها فنهاهم صلى اهلل‬
‫عليه وس لم عن ذل ك‪ ،‬فعن ابن مس عود ق ال‪ :‬كنا مع رس ول اهلل ص لى اهلل عليه وس لم يف س فر‪ ،‬فرأينا‬
‫محَّرة معها فرخان‪ ،‬فأخذنا فرخيها فجاءت احلمرة فجعلت تفرش فجاء النيب صلى اهلل عليه وسلم فقال‬
‫دها إليها )‪.‬‬ ‫دها؟ ردوا ول‬ ‫ذه بول‬ ‫( من فجع ه‬
‫ال تنتهي الرمحة ب احليوان ل دى حممد ص لى اهلل عليه وس لم عند احلي اة‪ ،‬بل يؤكد على رعاية ذلك عند‬
‫ذحبه‪ ،‬في أمر ص لى اهلل عليه وس لم ب أن حيسن إليه اإلنس ان ال ذبح‪ ،‬فعن ش داد بن أوس ق ال‪ :‬ثنت ان‬
‫حفظتهما عن رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم قال ( إن اهلل كتب اإلحسان على كل شيء‪ ،‬فإذا قتلتم‬
‫القتل ة‪ ،‬وإذا ذحبتم فأحس نوا ال ذبح‪ ،‬وليحد أح دكم ش فرته فل ريح ذبيحته )‪.‬‬ ‫فأحس نوا ِ‬
‫ذبح(‪.)1‬‬ ‫وان آلة ال‬ ‫رى احلي‬ ‫وان حني ذحبه أال ي‬ ‫ان إىل احلي‬ ‫ور اإلحس‬ ‫ومن ص‬
‫عرفنا صوراً من اإلحسان‪ ،‬من املقام بني يدي اهلل تعاىل وهو أعالها وأكرمها وأشرفها‪ ،‬ويندرج حتتها‬
‫اإلحسان إىل من ظلمك‪ ،‬وقطعك‪ ،‬وأراد تنقصك‪ ،‬وقد رفعك اإلحسان إىل أال تعامله باملثل‪.‬‬

‫(‪ )1‬أخرجه مسلم‪.‬‬


‫(‪ )2‬أخرجه البخاري ومسلم‪.‬‬
‫(‪ )1‬املوسوعة امليسرة يف التعريف بنيب الرمحة صلى اهلل عليه وسلم ص ‪.251‬‬

‫‪www. alukah. net ‬‬


‫األخالق اإلسالمية وأمهيتها للحياة اإلنسانية‬
‫‪www. alukah. net ‬‬

‫وال شك أن ه ذه الص فة‪ ،‬ص فة اإلحس ان يف التع امالت‪ ،‬تشق على النف وس الض عيفة‪ ،‬واإلس الم يرفع‬
‫هذه النفوس هبذه الصفة فيشعر احملسن باالستعالء على الذات يف قهر عوامل ضعفها‪ ،‬بطاعة اهلل تعاىل‪،‬‬
‫وعظم الثواب يكون على عظم املشقة‪ ،‬فبهذه الصفة يعلو املسلم إىل أعلى درجة من درجات الرقي يف‬
‫لم األخالق‪.‬‬ ‫س‬
‫اعر‪:‬‬ ‫ال الش‬ ‫ق‬
‫أحسن إىل الناس تستعبد قلوهبم‬
‫لطاملا استعبد اإلنسا َن إحسان‬

‫تدريباتـ‬

‫‪ .1‬ما تعريف اإلحسان؟‬


‫‪ .2‬بني كيف حيسن اإلنسان إىل نفسه؟‪.‬‬
‫‪ .3‬ما مراتب الدين؟ وما مرتبة اإلحسان منها؟‬
‫‪ .4‬هات صورة لإلحسان يف باب العبادات‪ ،‬وأخرى يف باب املعامالت‪.‬‬

‫‪www. alukah. net ‬‬


‫األخالق اإلسالمية وأمهيتها للحياة اإلنسانية‬
‫‪www. alukah. net ‬‬

‫‪ .5‬اكتب موضوعاً عن اإلحسان يف تعامل اإلنسان مع نفسه ومع اجملتمع‪.‬‬

‫‪www. alukah. net ‬‬


‫األخالق اإلسالمية وأمهيتها للحياة اإلنسانية‬
‫‪www. alukah. net ‬‬

‫ِ‬
‫الحلم‬

‫َحلُ َم ِح ْلماً‪ :‬صفح‪ .‬احلِْلم ج أحالم‪ :‬ضد الطيش‪ ، .‬وهو الصرب واألناة والسكون مع القدرة والقوة‪.‬‬
‫احللم ه و‪ :‬ال رتوي يف التص رفات س واء ك ان ال رتوي عن إجياب أو س لب‪ ،‬ويف الس لب أك ثر‪.‬‬
‫وله درجات‪ ،‬وقد كان الرسل أحلم الناس على قومهم‪ ،‬وكان صلى اهلل عليه وسلم أحلم الرسل‪.‬‬
‫لقد مكث نيب اهلل ن وح عليه الس الم ألف س نة إال مخسني عام اً يف ال دعوة إىل اهلل تع اىل‪ ،‬وهو ي دعو‬
‫قومه يف أناة ورفق‪ ،‬وملا علم علم اليقني أن لن يؤمن أحد منهم غري الذي آمن دعا عليهم دعوة أغرقت‬
‫العامل ومل ينج إال الذين معه‪.‬‬
‫وقد صرب حممد ص لى اهلل عليه وس لم على قومه ال ذين آذوه وحص بوه يف الط ائف حىت أدم وا كعبيه‬
‫الشريفني‪ ،‬بعد أن صف سفهاء الطائف أوالدهم ورموه باحلجارة‪ ،‬وهم ينظرون‪.‬‬
‫واس تمع إىل ه ذا ال دعاء ال ذي دع اه ص لى اهلل عليه وس لم وال دماء ت نزف من قدميه يف ه ذا املش هد‬
‫الرهيب‪:‬‬
‫( اللهم إين أش كو إليك ض عف ق ويت‪ ،‬وقلة حيل يت‪ ،‬وه واين على الن اس‪ ،‬يا أرحم ال رامحني أنت رب‬
‫املستض عفني وأنت ريب‪ ،‬إىل من تكل ين؟ إىل بعيد يتجهم ين؟ أم إىل ع دو ملكته أم ري؟ إن مل يكن بك‬
‫علي غضب فال أب ايل‪ .‬ولكن عافيتك أوسع يل‪ .‬أع وذ ن ور وجهك ال ذي أش رقت له الظلم ات‪ ،‬وص لح‬
‫عليه أمر ال دنيا واآلخ رة‪ ،‬أن ت نزل يب غض بك أو حيل علي س خطك‪ ،‬لك العتىب حىت ترض ى‪ ،‬وال ح ول‬
‫وال قوة إال بك يا أرحم الرامحني)‪.‬‬
‫ف نزل ملك اجلب ال يق ول‪ :‬يا رس ول اهلل م رين أن أطبق عليهم األخش بني‪ .‬فق ال‪ ( :‬اللهم اغفر‬
‫لق ومي ف إهنم ال يعلم ون) دعا هلم ب دل أن ي دعو عليهم‪ ،‬والتمس هلم الع ذر ب أهنم جه ال ال يعلم ون‪.‬‬
‫ه‪" :‬وإنك لعلى خلق عظيم"‪ .‬القلم ‪.4‬‬ ‫اىل قول‬ ‫أنزل اهلل تع‬ ‫ف‬
‫ويف جمتمعاتنا اإلنس انية أمزجة خمتلفة ت دعو إىل االن دفاع ل رد فعل م زعج‪ ،‬فينتج عن ذلك ما ال حتمد‬
‫عقباه‪ ،‬كانت هذه الصفة راسخة يف اجلاهلية‪ ،‬ومسيت هبذه التسمية‬
‫( اجلاهلية ) ألهنا ضد احللم ال ضد العلم‪ ،‬ويف عص رنا احلاض ر‪ ،‬ويف كل عصر (تتف اوت درج ات الن اس‬
‫يف الثبات أمام املثريات‪ ،‬فمنهم من تستخفه التوافه‪ ،‬فيستحمق على عجل‪ ،‬ومنهم من تستفزه الشدائد‪،‬‬
‫ره‪.‬‬ ‫اً برجاحة فك‬ ‫فيبقى على وقعها األليم حمتفظ‬
‫ومع أن للطب اع األص يلة يف النفس دخالً كب رياً يف أنص بة الن اس من احلدة واهلدوء‪ ،‬والعجلة واألن اة‪،‬‬
‫والك در والنق اء إال أن هن اك ارتباط اً مؤك داً بني ثقة املرء بنفسه وبني أناته مع اآلخ رين‪ ،‬وجتاوزه عن‬

‫‪www. alukah. net ‬‬


‫األخالق اإلسالمية وأمهيتها للحياة اإلنسانية‬
‫‪www. alukah. net ‬‬

‫خطئهم‪ ،‬فالرجل العظيم حق اً‪ ،‬كلما حلق يف آفاق الكمال اتسع صدره وامتد حلمه‪ ،‬وعذر الناس من‬
‫أنفس هم‪ ،‬والتمس املربرات ألغالطهم‪ ،‬ف إذا ع دا عليه غ ريه يريد جترحيه‪ ،‬نظر إليه من قمته كما ينظر‬
‫ار)(‪.)1‬‬ ‫ق‪ ،‬وقد يرمونه باألحج‬ ‫ون يف الطري‬ ‫بيان يعبث‬ ‫وف إىل ص‬ ‫الفيلس‬
‫ورسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم القدوة املثلى لكل فضائل األخالق ومنها احللم حىت على أعدائه‪.‬‬
‫(ك ان حممد ص لى اهلل عليه وس لم يواجه من أعدائه بأس اليب موغلة يف االس تفزاز واألذى قد خترج‬
‫اإلنسان عن طوره‪ ،‬ولكنه مع ذلك كان مثاالً للحلم والصرب‪.‬‬
‫ومل يكن حلم حممد ص لى اهلل عليه وس لم مقتص راً على أعدائ ه‪ ،‬بل يسع أتباعه من ب اب أوىل‪ .‬وهم‬
‫مجهور واسع وفيهم من األعراب من يكون طبعه اجلفاء والغلظة فيتصرف مع رسول اهلل صلى اهلل عليه‬
‫وس لم مبا ال يلي ق‪ ،‬فعن أنس بن مالك رضي اهلل عنه ق ال‪ :‬كنت أمشي مع النيب ص لى اهلل عليه وس لم‪،‬‬
‫وعليه بُرد جنراين غليظ احلاشية فأدركه أعرايب فجبذه بردائه جبذة شديدة حىت نظرت إىل صفحة عاتق‬
‫رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم قد أثرت هبا حاشية الربد من شدة جبذته‪ ،‬مث قال‪ :‬يا حممد‪ ،‬مر يل من‬
‫م ال اهلل ال ذي عن دك‪ ،‬ف التفت رس ول اهلل ص لى اهلل عليه وس لم مث ض حك مث أمر له بعط اء)(‪.)2‬‬
‫حيلم‪:‬‬ ‫ولكنه‬ ‫يغضب‬
‫واحللم عند حممد ص لى اهلل عليه وس لم ليس مص دره أنه ال يغضب مطلق اً‪ ،‬فهو بش ر‪ ،‬يغضب حني‬
‫يكون املوقف يثري الغضب‪ ،‬لكن حلمه كان حتجزه عن أن يستجيب لداعي الغضب‪ ،‬فعن عبد اهلل قال‪:‬‬
‫ملا ك ان ي وم ح نني آثر النيب ص لى اهلل عليه وس لم أناس اً يف القس مة‪ ،‬ف أعطى األق رع بن ح ابس مئة من‬
‫اإلبل‪ ،‬وأعطى عيينة بن حصن مثل ذلك‪ ،‬وأعطى أناس اً من أشراف العرب‪ ،‬فآثرهم يومئذ يف القسمة‬
‫فق ال رج ل‪ :‬واهلل إن ه ذه القس مة ما ع دل فيه ا‪ ،‬وما أريد هبا وجه اهلل‪ .‬وملا مسع رس ول اهلل ص لى اهلل‬
‫(‪)1‬‬
‫عليه وسلم بذلك قال‪ ( :‬فمن يعدل إذا مل يعدل اهلل إذا مل يعدل اهلل ورسوله)‬
‫وقد روي يف بعض رواي ات ه ذا اخلرب‪ :‬فأخربته ـ والكالم لعبد اهلل ـ فغضب حىت رأيت الغضب يف‬
‫ال‬ ‫وجهه مث ق‬
‫(‪)2‬‬
‫) يرحم اهلل موسى قد أوذي بأكثر من ذلك فصرب )‬
‫)لقد كان رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم يستطيع أن يأخذ الرجل مبا قال‪ ،‬ولكنه صلى اهلل عليه وسلم‬

‫(‪ )1‬الثقافة اإلسالمية للحبنكه والغزايل ص ‪.228‬‬


‫(‪ )2‬أخرجه البخاري‪.‬‬
‫(‪ )1‬أخرجه البخاري‬
‫(‪ )2‬املوسوعة امليسرة‪ .‬ص ‪.177‬‬

‫‪www. alukah. net ‬‬


‫األخالق اإلسالمية وأمهيتها للحياة اإلنسانية‬
‫‪www. alukah. net ‬‬

‫ك‪.‬‬ ‫ه‪ ،‬حىت إنه مل يعاتبه يف ذل‬ ‫ه‪ ،‬حلم علي‬ ‫حلم علي‬
‫ومن مش كاة النب وة اقتبس الص حابة الك رام‪ ،‬ومن ه ؤالء احللم اء األحنف بن قيس‪ ،‬ك انت تقتحمه‬
‫العي ون؛ مائل ال ذقن أحنف الرج ل‪ ،‬م رتاكب األس نان غ ائر العي نني‪ ،‬ولكنه ك ان إذا علم أن املاء يفسد‬
‫مروءته ما ش ربه‪ ،‬وك ان إذا غضب يغضب لغض به مئة ألف س يف ال ي درون فيم غض ب‪ ،‬وقد ض رب‬
‫املثل حبلمه فقال أبو متام ميدح األمري أمحد بن املعتصم‪:‬‬
‫إقدام عمرو يف مساحة حامت‬
‫يف حلم أحنف يف ذكاء إياس‬
‫يف هدي القرآن الكرمي والسنة املطهرة‪ ،‬ويف أخبار الكرام احللماء يف تارخينا اجمليد‪ ،‬ما جيعلنا نتمثل هذه‬
‫الص فة بالبعد عن الغضب ودواعي ه‪ ،‬ويف ض بط النفس س يطرة على نوازعها الغض بية النرياني ة‪ ،‬فعالج‬
‫الغضب الوضوء‪ ،‬فاملاء يطفئ النار‪ ،‬واجللوس إذا كان الرجل قائم اً‪ ،‬والتعوذ باهلل من الشيطان الرجيم‪،‬‬
‫ففي ه ذا عالج ب إذن اهلل من الغض ب‪ ،‬وطريق إىل الرش اد واس تيقاظ الواعية اخلرية يف اإلنس ان‪ ،‬وهبذا‬
‫يكون احللم الذي هو سيد األخالق كما يقولون ففيه كظم الغيظ‪ ،‬وعودة النفس إىل رشدها‪ ،‬وعودة‬
‫الوئام بني الناس‪.‬‬

‫‪www. alukah. net ‬‬


‫األخالق اإلسالمية وأمهيتها للحياة اإلنسانية‬
‫‪www. alukah. net ‬‬

‫تدريباتـ‬

‫‪ .1‬ما تعريف احللم؟‬


‫‪ .2‬ملاذا مسيت فرتة ما قبل اإلسالم بـ(اجلاهلية)؟‬
‫‪ .3‬ملاذا آثر الرسول صلى اهلل عليه وسلم يف توزيع الغنائم أشراف العرب؟‬
‫‪ .4‬كيف تعاجل من متلكه الغضب؟‬
‫‪ .5‬بني أثر احللم يف نفس صاحبه‪.‬‬
‫‪ .6‬ما نتيجة حلم الرجل على من يغلط عليه؟‬
‫‪ .7‬اكتب موضوعاً عن احللم ودوره يف اجملتمع‪.‬‬

‫‪www. alukah. net ‬‬


‫األخالق اإلسالمية وأمهيتها للحياة اإلنسانية‬
‫‪www. alukah. net ‬‬

‫التواضع‬

‫التواضع‪ :‬هو لني اجلانب‪ ،‬وعدم التعايل على الناس‪.‬‬


‫( والتواضع من األخالق املثالية والصفات العالية‪ ،‬فاملسلم متواضع يف غري مذلة وال مهانة‪ ،‬واملتعالون يف‬
‫األرض يطبع اهلل على قل وهبم ويعمي أبص ارهم‪ ،‬فال يستش عرون ق درة اهلل الق اهرة ف وقهم وال ينتفع ون‬
‫بآي ات اهلل الب اهرة من ح وهلم يق ول تع اىل ( كذلك يطبع اهلل على كل قلب متكرب جب ار ) غ افر ‪.35‬‬
‫(‪)1‬‬
‫وقد توعد اهلل تعاىل هؤالء املتكربين يف األرض بالنهاية الذليلة يف الدنيا واحلساب األليم يف اآلخرة )‬
‫وقيل‪ :‬التواضع سلَّم الشرف)(‪ .)2‬وقال الشاعر‪:‬‬
‫تواضـع تكن كالبـدر الح لنـاظـر‪.‬‬

‫فحات املاء وهو رفيع‬ ‫على ص‬

‫وقال آخر‪:‬‬
‫اس رفعة‬ ‫انلت يف الن‬ ‫تواضع إذا م‬

‫وم من يتواضع‬ ‫إن رفيـع الق‬ ‫ف‬

‫من الناحية العقلية‪:‬ـ‬


‫التواضع صفة اإلنسان الذي يعرف قدر نفسه‪ ،‬صفة احلكيم العاقل‪. .‬‬
‫وية‪:‬‬ ‫ومن الناحية البيولوجية العض‬
‫املتكرب حيمل صفة احلقارة‪.‬‬
‫فاإلنسان الذي حيمل يف جوفه القذر‪ ،‬وقد خرج من مبولني‪ ،‬فكيف يتكرب؟ وعلى من يتكرب؟‪.‬‬
‫ومن الناحية اإلميانية‪:‬‬
‫التواضع صفة العبد الطائع الرضي الذي يعرف أن الكرب من صفات اهلل تعاىل وحده يقول يف احلديث‬
‫القدسي‪:‬‬
‫" الكربياء ردائي"‪.‬‬
‫واملس لم يع رف مق دار نفس ه‪ ،‬ويعلم علم اليقني أنه عبد هلل ناص يته بي ده واخللق كلهم عي ال اهلل‪ ،‬ف إذا‬
‫(‪ )1‬األخالق يف اإلسالم د‪ .‬إميان ص ‪.187‬‬
‫(‪ )2‬املستطرف من كلفن مستظرف لألبشيهي ج‪ 1‬ص ‪ 196‬ط بريوت‪.‬‬

‫‪www. alukah. net ‬‬


‫األخالق اإلسالمية وأمهيتها للحياة اإلنسانية‬
‫‪www. alukah. net ‬‬

‫تكرب لق وة يف بدنه ف إن بعوضة تردي ه‪ ،‬وقد أهلكت النم رود‪ ،‬وإذا تكرب ملال ف إن ق ارون ك ان أغىن منه‬
‫فخسف اهلل به وبداره األرض‪ ،‬وما تكرب عبد؛ إال نقص من عقله مبقدار ما تكرب به على الناس‪.‬‬
‫ومل يذكر القرآن لفظة (التواضع) إمنا صورها هبذه الصورة البالغية املعجزة فقال‪( :‬اخفض‬
‫جناحك ملن اتبعك من املؤمنني) الشعراء‪215 :‬‬
‫وقال جل من قائل‪( :‬وقضى ربك أال تعبدوا إال إياه وبالوالدين إحساناً إما يبلغن عندك الكرب أحدمها‬
‫أو كالمها فال تقل هلما أف وال تنهرمها وقل هلما ق والً كرميا واخفض هلما جن اح ال ذل من الرمحة وقل‬
‫رب ارمحهما كما ربياين صغرياً)‪.‬‬
‫اخفض جناحك‪ .‬أرأيت إىل الطائر الذي يرفرف جبناحيه عندما يقرتب من عشه‪ ،‬وفيه فراخه‬
‫اجلائعة وقد اقرتب األب ومعه الطعام والشراب لفراخه‪ ،‬كيف خيفض جناحه حباً ورمحة وحناناً؟‬
‫والص ورة الثانية " واخفض هلما جن اح ال ذل من الرمحة" ال نريد أن حنللها حتليالً بالغي اً‪ ،‬فليس‬
‫هنا جمال البالغة املتخصصة فنق ول‪ :‬اس تعارة مرش حة‪ . . .‬وإمنا نت ذوق هنا الص ورة اجلمالية بعد‬
‫استحضار هيئة الطري احلنون الذي يشفق على من حيب‪.‬‬
‫عن أيب هريرة رضي اهلل عنه عن رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم قال‪ " :‬ما نقصت صدقة من‬
‫مال‪ ،‬وما زاد اهلل عبداً يعفو إال عزاً‪ ،‬وما تواضع أحد هلل إال رفعه"‪.‬‬
‫(وقال أبو بكر الصديق رضي اهلل عنه‪ :‬وجدنا الكرم يف التقوى‪ ،‬والغىن يف اليقني‪ ،‬والشرف يف‬
‫التواضع‪.‬‬
‫وق ال ع روة‪ :‬أشد العلم اء تواض عاً أك ثرهم علم اً‪ ،‬ومن األمث ال ق وهلم‪ :‬كلما ارتفع الش ريف تواض ع‪،‬‬
‫(‪)1‬‬
‫وكلما ارتفع الوضيع تكرب)‬
‫ورسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم إمام املتواضعني‪ ،‬فاملعروف أن القادة املنتصرين يف املعارك‪،‬‬
‫والفاحتني الذين يدخلون املدن املفتوحة كانوا يشمخون بأنوفهم حنو السماء بينما كان النيب صلى اهلل‬
‫عليه وس لم حني دخل مكة فاحتاً قد أحىن رأسه حىت إن حليته الش ريفة لتمس رحل ناقته وك ان رحالً‬
‫رث اً زيادة يف تواضعه صلى اهلل عليه وسلم‪ ،‬فأين عظمة العظماء من عظمة حممد × يف تواضعه يف كل‬
‫شأن من شؤون حياته؟‬

‫(نلمس التواضع يف حياة حممد صلى اهلل عليه وسلم الشخصية يف بيته ويف ملبسه ويف فراشه ويف طعامه‪.‬‬
‫‪.‬‬

‫(‪ )1‬املوسوعة اجلامعة يف األخالق واآلداب مسعود بن عبد اهلل احلزميي ف ‪408‬‬

‫‪www. alukah. net ‬‬


‫األخالق اإلسالمية وأمهيتها للحياة اإلنسانية‬
‫‪www. alukah. net ‬‬

‫يروي لنا عمر بن اخلطاب رضي اهلل عنه موقفاً ترك أثراً يف نفسه حىت أبكاه‪ ،‬يقول وهو يصف‬
‫حاله عند دخوله على حممد ص لى اهلل عليه وس لم‪ . .‬وإنه لعلى حصري ما بينه وبينه ش يء‪ ،‬وحتت رأسه‬
‫وسادة من أدم حشوها ليف‪ ،‬فرأيت أثر احلصري يف جنبه فبكيت)‬
‫ويتجلى تواضع حممد صلى اهلل عليه وسلم يف تعامله مع الناس يف اعتنائه بالضعفاء‪ ،‬كان يعين‬
‫بقضاء حوائجهم ومشكالهتم‪ ،‬وال يأىب أن ميشي مع األرملة أو املسكني فيقضي حاجته‪.‬‬
‫وسلم‪:‬‬ ‫عليه‬ ‫اهلل‬ ‫صلى‬ ‫حممد‬ ‫بتواضع‬ ‫يشهدون‬ ‫املؤرخون‬
‫ولقد ش هد عديد من املؤرخني ال ذين درس وا س رية حممد ص لى اهلل عليه وس لم بتواض عه إذ يق ول‬
‫املستشرق األسكتلندي وليام مونتغمري‪ :‬إن حممداً اكتسب احرتام الناس وثقتهم عن طريق أعماله اليت‬
‫ب نيت على أس اس دي ين‪ ،‬وك ذلك خص ال متتع هبا كالش جاعة واحلزم والنزاه ة‪ . .‬إىل ج انب أنه ك ان‬
‫يتمتع بأخالقي ات تأخذ مبج امع القل وب منحته حمبتهم وأمنت إخالص هم وق ال املؤرخ الربيط اين إدوارد‬
‫جيب ون يف كتابه الش هري ( اهني ار وس قوط اإلم رباطورة الروماني ة) إن ال وعي األخالقي الطيب حملمد نبذ‬
‫خيالء الس يادة‪ ،‬فقد تعامل مع امله ام املنزلية البس يطة اليت تك ون داخل األس رة؛ فقد ك ان يوقد الن ار‬
‫ه‪.‬‬ ‫ذاءه وجلباب‬ ‫اة ويرتق بيديه ح‬ ‫ويكنس األرض وحيلب الش‬
‫وحيدثنا عن تواض عه القس ب وزورث مسيث فيق ول‪ :‬لقد ك ان رئيس اً للدولة وجلماعة ت دين بنفس‬
‫العقيدة‪ ،‬لقد كان جيمع سلطة ومقام قيصر والبابا مع اً‪ ،‬لكنه بابا بدون خيالء البابا وغروره وقيصر بال‬
‫فيلق أو حش ود وبال جيس عامل وال ح ارس شخصي وال ق وة من الش رطة وال دخل ث ابت فقد ك انت‬
‫معه مجيع السلطات من غري أن يكون معه ما يدعمها أو حيافظ عليها وقد كانت حياته اخلاصة متطابقة‬
‫ة‪.‬‬ ‫جمة مع حياته العام‬ ‫ومنس‬
‫ات‪:‬‬ ‫ال واملهم‬ ‫حابه األعم‬ ‫ارك أص‬ ‫يش‬
‫مل يكن دأب حممد صلى اهلل عليه وسلم وهو يعايش الواقع مع صحابته أن يكتفي بإصدار أوامره إليهم‬
‫ن وقد كان قادراً على ذلك‪ ،‬ولكنه كان يعايشهم ويشاركهم بكل أرحيية‪ ،‬فحني قدم املدينة كان من‬
‫أول أعماله أن ق ام ببن اء مس جده بالتع اون مع أص حابه فش اركهم يف بن اء املس جد‪.‬‬
‫(‪)1‬‬
‫ويف غزوة اخلندق محل الرتاب أثناء حفر اخلندق وقام بنقله مع صحابته بال كلل أو تأفف )‬
‫لقد علمنا اإلسالم كيف يكون اإلنسان عظيماً بالتواضع‪.‬‬

‫تدريباتـ‬

‫(‪ )1‬املوسوعة املسرية ص ‪. .147‬‬

‫‪www. alukah. net ‬‬


‫األخالق اإلسالمية وأمهيتها للحياة اإلنسانية‬
‫‪www. alukah. net ‬‬

‫‪ .1‬ما تعريف التواضع؟‬


‫‪ .2‬ما صفة املتواضع من الناحية العقلية؟‬
‫‪ .3‬ما صفة املتكرب من الناحية البيولوجية؟‬
‫‪ .4‬ما صفة املتواضع من الناحية اإلميانية؟‬
‫‪ .5‬ارجع إىل بعض التفاسري وانقل تسري اآلية الكرمية‬
‫( واخفض جناحك للمؤمنني )‬
‫‪ .6‬ملاذا بكى عمر ملا دخل إىل بيت رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم؟‬
‫‪ .7‬انقل شهادة أحد املؤرخني يف تواضع حممد صلى اهلل عليه وسلم‪.‬‬
‫‪ .8‬اكتب موضوعاً عن التواضع‪.‬‬

‫‪www. alukah. net ‬‬


‫األخالق اإلسالمية وأمهيتها للحياة اإلنسانية‬
‫‪www. alukah. net ‬‬

‫العفةـ‬
‫العفة‪ :‬هي الرتفع عن الدنايا‪.‬‬
‫وهي يف احملسوس‪ :‬الرتفع عن السؤال‪ ،‬والرتفع عن األخذ أو مد اليد إىل مغنم كما قال عنرتة‪:‬‬
‫خيربك من شهد الوقائع أنين‬
‫أغشى الوغى وأعف عند املغنم‬
‫فالعفةـ لها جانبان‪:‬‬
‫األول‪ :‬الجانب المادي‪:‬ـ‬
‫وأكثر صوره يف ضيق ذات اليد‪ ،‬فالرجل ذو العيال يكون حمتاجاً ملا ميسك به رمقه وعياله‪ ،‬التعفف‬
‫إمساك النفس عن مد اليد لطلب املال‪ ،‬فاملسلم الذي يتعفف عن املسألة طالباً وجه اهلل بعزة نفسه‪،‬‬
‫حافظاً ماء وجهه أن يريقه على أعتاب األغنياء‪ ،‬فإن اهلل تعاىل حيفظ عليه كرامته ويصون نفسه عن‬
‫االبتذال ويغنيه عن الناس بان يفتح له باب الرزق ومن يستغن عما يف أيدي الناس قناعة منه أن اهلل‬
‫يغنيه‪ ،‬فإنه تعاىل ال يرده عن طلبه قال صلى اهلل عليه وسلم ( من يستعفف يعفه اهلل‪ ،‬ومن يستغن يغنه‬
‫اهلل )‪.‬‬
‫والثاين‪ :‬اجلانب املعنوي‪:‬‬
‫وهو اجلانب اخللقي‪ ،‬وهو متعلق بأهواء النفوس وانفعاالهتا وتعلقاهتا العاطفية والوجدانية يف ميل القلب‬
‫إىل حمبوب ال جيد صاحب امليل يف نفسه عزم اً على أن يدفعه حينئذ تدخل العفة لتكون حاجزاً للهوى‬
‫رتدي‬ ‫قوط وال‬ ‫عن الس‬
‫ه‪.‬‬ ‫ات غفر اهلل ل‬ ‫اً‪ :‬من عشق فعف فم‬ ‫اس موقوف‬ ‫عن ابن عب‬
‫( العاشق العفيف الصابر يؤجر ويتضاعف أجره بقدر نيته يف تركه اإلمث خوف اً من اهلل ن يدل على ذلك‬
‫(‪)1‬‬
‫احلديث الصحيح عن الثالثة أصحاب الغار يف خرب من كان قبلنا)‬
‫( والعفة كما تك ون يف األه واء الشخص ية ن تك ون ك ذلك يف املادي ات فيأمرنا اهلل باإلنف اق بعي داً عن‬
‫اهلوى والرياء وإمنا ابتغاء وجه اهلل وخاصة إعطاء املسألة ملن يستحقها يقول اهلل تعاىل ( حيسبهم اجلاهل‬
‫أغني اء من التعفف ال يس ألون الن اس إحلاف اً )البق رة ‪ .273‬وه ذا هو ما يص نعه اإلس الم بنظامه املتكامل‬
‫النظيف العفيف ال ذي يصل األرض بالس ماء ويرفع البش رية إىل األفق املش رق املض يء املس تمد من ن ور‬
‫اهلل‪.‬‬
‫روى البخاري عن عطاء بن يسار وعبد الرمحن بن أيب عمرة قائالً‪ :‬مسعنا أبا هريرة يقول‪ :‬قال رسول‬

‫(‪ )1‬من عشق فعف فمات للشيخ أيب عبد الرمحن بن عقيل الظاهري ط‪ 1‬ص ‪.48‬‬

‫‪www. alukah. net ‬‬


‫األخالق اإلسالمية وأمهيتها للحياة اإلنسانية‬
‫‪www. alukah. net ‬‬

‫اهلل صلى اهلل عليه وسلم (ليس املسكني الذي ترده التمرة والتمرتان وال اللقمة واللقمتان‪ ،‬إمنا املسكني‬
‫ذي يتعفف )‬ ‫ال‬
‫وقد أمرنا اإلس الم باالعت دال يف الطع ام وه ذا ال يعين أن اإلس الم حيرم علينا ما أحله اهلل اهلل تع اىل من‬
‫االستمتاع مبتع احلياة ولكن مع عدم اإلسراف فيها‪ ،‬فقد رأينا كيف كان كرم أيب االنبياء إبراهيم عليه‬
‫السالم مع ضيوفه‪ ،‬فقد بادر بذبح عجل مسني وقدمه إليهم بدون استفسار عنهم يقول تعاىل ( فراغ إىل‬
‫أهله فج اء بعجل مسني‪ .‬فقربه إليهم ق ال أال ت أكلون) ال ذاريات ‪ 25‬و ‪.26‬‬
‫وقد ندد اإلسالم مبسلك التنعيم الذي يصرف املسلم عن دوره ونفر منه فقال رسول اهلل صلى اهلل عليه‬
‫وس لم ( من لبس ث وب ش هرة يف ال دنيا ألبسه اهلل ث وب مذلة ي وم القيامة وأهلب فيه ن اراً )‬
‫وال يعين هذا أن الدين اإلسالمي يدعو إىل لبس املرقعات وارتداء اخلشن من الثياب كما يفعل البعض‬
‫من الناس أو يشدد اإلنسان على نفسه وحيرمها من طيبات أحلت له ولكن يأخذ من ذلك بقدر حاجته‬
‫الم‪.‬‬ ‫طية يف اإلس‬ ‫راف وتلك هي الوس‬ ‫ادة وإس‬ ‫دون زي‬ ‫رورته ب‬ ‫وض‬
‫فاإلس الم حيب التجمل وحسن املظهر وحسن الس مت وينبذ التكلف واملبالغة يف كل ش يء وهلذا ك ان‬
‫(‪)1‬‬
‫حترميه ألواين الذهب والفضة ومفارش احلرير والديباج‪ ،‬ألن ذلك يتم عادة مفاخرة ومباهاة )‬
‫إن ه ذه العفة ختالف ه دي اهلل يف تلبية حاج ات اجلسد ورغباته الطبيعي ة‪ ،‬فال رهبانية يف اإلس الم ق ال‬
‫اهلل تعاىل‬
‫( قل من ح رم زينة اهلل اليت أخ رج لعب اده والطيب ات من ال رزق قل هي لل ذين آمن وا يف احلي اة ال دنيا‬
‫خالصة يوم القيامة )األعراف ‪.32‬‬
‫والعفة احلقيقية هي البعد عما حرم اهلل تعاىل‪.‬‬

‫(‪ )1‬األخالق اإلسالمية د‪ .‬إميان ص‪.162‬‬

‫‪www. alukah. net ‬‬


‫األخالق اإلسالمية وأمهيتها للحياة اإلنسانية‬
‫‪www. alukah. net ‬‬

‫تدريباتـ‬
‫‪ .1‬ما تعريف العفة؟‬
‫‪ .2‬للعفة جانبان‪ ،‬فما مها؟‬
‫‪ .3‬هل تعين العفة التقشف مع القدرة؟ وكيف تكون حال القادر؟‬
‫‪ .4‬ما دواء العشق احملرم؟‬
‫‪ .5‬ما معىن‪ :‬ثوب الشهرة؟‬
‫‪ .6‬كيف تكون العفة احلقيقية مادة ومعىن؟‬
‫‪ .7‬اكتب موضوعاً يف العفة يف مقال توضح فيه هذا املفهوم للمجتمع‪.‬‬

‫‪www. alukah. net ‬‬


‫األخالق اإلسالمية وأمهيتها للحياة اإلنسانية‬
‫‪www. alukah. net ‬‬

‫الحياء‬
‫احلياء‪ :‬أن يكف اإلنسان عما ال يليق من اعتقاد أو قول أو عمل‪.‬‬
‫مري حي‪.‬‬ ‫دل على ض‬ ‫فة إميانية ت‬ ‫اء ص‬ ‫واحلي‬
‫أرأيت ذلك الرجل ال ذي حيدثك وهو ينتقي ألفاظه حتفظ اً أن يق ول كلمة ع وراء ختدش احلي اء‪ ،‬ورأيت‬
‫وت؟‬ ‫ديل بيانه خفيض الص‬ ‫رات وهو ي‬ ‫ادئ النظ‬ ‫كيف حاله ه‬
‫وذلك الرجل اجلعظري البدين ذا الكرش الصخاب يف األسواق‪ ،‬كيف حيدثك بصوت يزيد عن مدى‬
‫حاجتك لسماعه؟ فهو قريب منك‪ ،‬وقد أنزلك منزلة البعيد‪ ،‬ال يراعي قرب املسافة بينك وبينه‪ ،‬وهو‬
‫حيد إليك بصره فعل القردة‪ ،‬كأمنا هو حيوان بشري سلبت منه إنسانيته‪ ،‬فهو حباجة إىل أنسنة عاجلة‪.‬‬
‫وما أكثر ص ور اخلروج عن احلي اء يف احلي اة‪ ،‬وما أكثر قلة احلي اء يف اجملتمع ات اليت ضعف فيها االلتزام‬
‫بالتوجيه ات الرباني ة‪ ،‬ول ذلك تنبه املرب ون ووض عوا كتب اً يف تربية اجليل لينشأ على الفض ائل ومك ارم‬
‫األخالق ومن ذلك احلياء‪.‬‬
‫(عن عم ران بن حصني رضي اهلل عنه ق ال‪ :‬ق ال رس ول اهلل ص لى اهلل عليه وس لم‪" :‬احلي اء ال ي أيت إال‬
‫خبري"متفق عليه‪.‬‬
‫ويف رواية ملسلم‪" :‬احلياء خري كله" أو‪ ،‬قال‪" :‬احلياء كله خري"‬
‫وعن أيب هريرة رضي اهلل عنه أن رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم قال‪ " :‬اإلميان بضع وسبعون أو بضع‬
‫وستون شعبه‪ ،‬فأفضلها قول ال إله إال اهلل‪ ،‬وأدناها إماطة األذى عن الطريق‪ .‬واحلياء شعبة من اإلميان"‬
‫(‪)1‬‬
‫متفق عليه‬
‫( وقد كان حممد صلى اهلل عليه وسلم يوصف باحلياء‪ ،‬بل بشدة احلياء حىت ضرب به املثل يف ذلك‪،‬‬
‫وخيربنا ص لى اهلل عليه وس لم أن احلي اء ليس خاص اً ب ه‪ ،‬بل إنه من س نن املرس لني اليت ج اء هبا رسل اهلل‬
‫(أربع من سنن املرسلني‪ :‬احلياء والتعطر‬
‫مجيعاُ‪ ،‬عن أيب أيوب قال‪ :‬قال رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم‪ٌ :‬‬
‫والس واك والنك اح)‪ .‬ويق ول ص لى اهلل عليه وس لم‪( :‬إن مما أدرك الن اس من كالم النب وة األوىل‪ :‬إذا مل‬
‫(‪)2‬‬
‫تستح فاصنع ما شئت)‪ .‬أخرجه البخاري)‬
‫واحلياء مينع صاحبه من أن يكون فحاش اً بذيئا وقح اً فاجراً يتطاول على والديه‪ ،‬أو على أهل الفضل‬
‫من العلماء أو غريهم‪.‬‬
‫ورب شبهة تقول‪ :‬إذا كان احلياء مينع صاحبه من أن يقول‪ ،‬فإن هذه الصفة سلبية ال إجيابية‪.‬‬

‫(‪ )1‬رياض الصاحلني لإلمام النووي ط‪2‬‬


‫(‪ )2‬املوسوعة امليسرة ص ‪.185‬‬

‫‪www. alukah. net ‬‬


‫األخالق اإلسالمية وأمهيتها للحياة اإلنسانية‬
‫‪www. alukah. net ‬‬

‫نقول يف الرد على ذلك‪ :‬إن احلياء ال مينع صاحبه أن يقول احلق إذا دعا األمر إىل ذلك‪ ،‬ألن الساكت‬
‫عن احلق شيطان أخرس يقول اهلل تعاىل‪:‬‬
‫" إن اهلل ال يستحيي أن يضرب مثالً ما‪ ،‬بعوضة فما فوقها‪ ،‬فأما الذين آمنوا فيعلمون أنه احلق من رهبم‬
‫وأما ال ذين كف روا فيقول ون م اذا أراد اهلل هبذا مثالً يضل به كث رياً ويه دي به كث رياً وما يضل به إال‬
‫الفاس قني‪ .‬ال ذين ينقض ون عهد اهلل من بعد ميثاقه ويقطع ون ما أمر اهلل به أن يوصل ويفس دون يف األرض‬
‫أولئك هم اخلاسرون" البقرة اآليتان ‪ 26‬و‪27‬‬
‫(‪)1‬‬
‫فاحلياء‪ ( :‬هو احلشمة‪ ،‬انقباض النفس من الشيء وتركه خوفاً من اللوم)‬
‫واحلياء مراد فه اخلجل‪ ،‬فهما شيء واحد كما يف القواميس‪.‬‬
‫ولكنين أميل إىل أن احلياء‪:‬‬
‫(هو الكف عن األمر القبيح) يف موقف يستدعي ذلك‪ ،‬كأن يستحيي اإلنسان عن أن يرفع صوته أمام‬
‫والديه‪ ،‬أو أن يكشف ثوبه إىل ما فوق ساقه إذا أراد السباحة مثالً‪ ،‬أو‪ ،‬كمن استحيا أن ينظر إىل امراة‬
‫سافرة‪ ،‬فهو( الكف عن السلب) وهو حممود‪.‬‬
‫أما اخلجل‪ :‬فهو (الكف عن األمر املفيد) أن يسكت اإلنسان يف موقف جيب أن يقول فيه كلمة احلق‬
‫إذا اس تدعى املوقف ذل ك؛ أو كمن طلب منه أن خيطب يف زمالئه خطبة مدرس ية‪ . . .‬فلم يفع ل‪.‬‬
‫واحلياء يف املعاجم مرادف اخلجل‪ ،‬وهذا فيه نظر‪ ،‬فاحلديث الشريف‪:‬‬
‫( احلياء من اإلميان ) ومل يرد‪ :‬اخلجل من اإلميان‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫وق ال الش يخ احلافظ مص عب اخلي اط‪ :‬احلي اء‪ :‬هو الكف عن الش ر‪ ،‬واخلج ل‪ :‬هو الكف عن اخلري‪.‬‬
‫واحلياء أنواع ومراتب وهي كما يلي‪:‬‬
‫‪ .1‬احلياء من اهلل تعاىل‪:‬‬
‫وهو أعلى املراتب‪ ،‬وال سيما عندما يكون اإلنسان يف خلواته فإن الشيطان ينشط يف الوسوسة‬
‫ليصرف املرء إىل الغفلة وفعل السوء أو التفكري به‪.‬‬
‫ولذلك يق ول أحد التابعني‪ :‬عليكم بالسرائر أي‪ :‬احذروا حديث النفس الداخلي يف نوازعه حنو الشر‪ ،‬فإنه‬
‫أصل اخلواطر‪ ،‬واخلواطر أصل التفك ري‪ ،‬والتفكري هو ال دافع للفع ل‪ .‬ق ال أبو العتاهي ة‪:‬‬
‫ل‪:‬‬ ‫اً فال تق‬ ‫دهر يوم‬ ‫وت ال‬ ‫إذا ما خل‬
‫وت ولكن قل علي رقيب‬ ‫خل‬
‫مضى‬ ‫ما‬ ‫يغفل‬ ‫اهلل‬ ‫حتسنب‬ ‫وال‬

‫(‪ )1‬املنجد مادة‪ :‬حيي‪.‬‬

‫‪www. alukah. net ‬‬


‫األخالق اإلسالمية وأمهيتها للحياة اإلنسانية‬
‫‪www. alukah. net ‬‬

‫وال أن ما يـخفى علـيه يغيب‬


‫‪ .2‬احلياء من األقوال‪:‬‬
‫ك أن يق ول اإلنس ان الكلمة الطيب ة‪ .‬ال كالس فيه ال ذي يرفع ص وته يف حض رة والديه أو يف وجههم ا‪،‬‬
‫ومات‪.‬‬ ‫اس يف اخلص‬ ‫وراء القبيحة اليت تلقى فيما بني الن‬ ‫وكالكلمة الع‬
‫وإذا دعا موقف ما‪ ،‬أن يقول الرجل كلمة احلق للرد على شبهة‪ ،‬ومنع احلياء صاحبه أن يقول كلمته‪،‬‬
‫فهذا ليس حبياء‪ ،‬وهو اسم لغري مسمى وال نسميه حياء مذموماً‪ ،‬إنه اجلنب وليس احلياء‪ ،‬فاحلياء يدفعه‬
‫إىل أن يق ول كلمة احلق‪ ،‬ألن الرجل يس تحيي من اهلل تع اىل أن ي ذاع الباطل وهو س اكت‪ ،‬والس اكت‬
‫عن احلق شيطان أخرس‪.‬‬
‫‪ .3‬احلياء من األفعال‪:‬‬
‫ك أن يتص رف اإلنس ان حسب األع راف ال يشذ عنه ا‪ ،‬ال كمن يلبس ثياب اً مغ ايرة للحش مة‪ ،‬أو أن‬
‫وم فهو منهم‪.‬‬ ‫به بق‬ ‫ار‪ ،‬ومن تش‬ ‫خيرج يف زي حياكي به الكف‬
‫قال الشاعر‪:‬‬
‫تستح ِي فاصنع ما تشاء‬
‫إذا مل ختش عاقبة الليايل ومل ْ‬
‫فاإلس الم ج اء ب احلض على مك ارم األخالق والبعد عن سفس افها حىت يس عد اإلنس ان يف نفسه وأهله‬
‫وحىت تسعد األمة باألخالق اإلسالمية‪.‬‬

‫تدريباتـ‬

‫‪ .1‬ما تعريف احلياء؟‬

‫‪www. alukah. net ‬‬


‫األخالق اإلسالمية وأمهيتها للحياة اإلنسانية‬
‫‪www. alukah. net ‬‬

‫‪ .2‬هل للحياء صفة سلبية؟‬


‫‪ .3‬عدد أنواع احلياء‪.‬‬
‫‪ .4‬هل ترى من فارق يف املعىن بني احلياء واخلجل؟‬
‫‪ .5‬إذا دعا موقف ما إىل اجلهر باحلق‪ ،‬وامتنع الرجل من أن يقول كلمته‪ ،‬فماذا نسمي هذا السلوك؟‬
‫‪ .6‬اكتب موضوعاً يف احلياء حتبب هبذه الصفة‪.‬‬

‫‪www. alukah. net ‬‬


‫األخالق اإلسالمية وأمهيتها للحياة اإلنسانية‬
‫‪www. alukah. net ‬‬

‫الخاتمة‬
‫كنا هبذه اجلولة يف رياض األخالق‪ ،‬كما قال الشاعر حممد إقبال‪:‬‬
‫كان عبري األزهار هو الذي جذب العندليب إىل احلديقة‬
‫ولوال هذا العبري‪ ،‬ملا عرف العندليب أصالً بوجود احلديقة‬
‫لقد تعرفنا يف ه ذه األوراق إىل أس اس مك ارم األخالق‪ ،‬وإىل ج وانب من علم األخالق‪ ،‬وعرفنا أن‬
‫األخالق هي الس جايا وأن علم األخالق هو العلم ال ذي يبحث يف الس لوك الن اتج عن الس جايا والغرائز‬
‫دراسة وتقومياً‪.‬‬
‫( سعادة اإلنسان يف دنياه وأخراه ال تكون إال بسلوك سوي مستقيم راشد يصدر يصدر عن صحة‬
‫اإلدراك وزكائ ه‪ ،‬وال تك ون ص حة اإلدراك وس المة الس لوك إال عن عقي دة ص حيحة؛ وهلذا ق ال ش يخ‬
‫اإلسالم ابن تيمية رمحه اهلل تعاىل ( فكل من استقرأ أحوال العامل وجد املسلمني أح ّد وأس ّد عقالً‪ ،‬وأهنم‬
‫(‪)1‬‬
‫ينالون يف املدة اليسرية من حقائق العلوم واألعمال أضعاف ما يناله غريهم من قرون وأجيال)‬
‫ويقوم سجاياها وطبائعها‬
‫ويف هذه الدراسة إضاءات أخالقية ليصل املسلم إىل نفسه‪ ،‬ويتعرف إليها‪ّ ،‬‬
‫وغرائزها الفطرية واملكتسبة‪ ،‬وفق اً لألخالق اإلسالمية؛ اعتقاداً وسلوكاً؛ صدقاً وإخالص اً واستقامة يف‬
‫الباطن‪ ،‬وسلوكاً أخالقياً عملياً يف احلياة قوالً وعمالً‪.‬‬
‫إن مقارنة بس يطة بني األخالق اإلس المية اليت ك ان عليها رس ول اهلل ص لى اهلل عليه وس لم وص حابته‬
‫الك رام رض وان اهلل عليهم أمجعني‪ ،‬وبني أخالق البش رية آن ذاك‪ ،‬لت دل داللة واض حة‪ ،‬كم ك ان اجملتمع‬
‫اإلس المي س عيداً بأخالق ه‪ ،‬وكم ك انت اجملتمع ات البش رية ش قية بأخالقه ا‪ ،‬وكم أص بحت اإلنس انية‬
‫سعيدة حينما استظلت بظالل اإلسالم عقيدة وأخالقاً!‪.‬‬
‫والعامل اليوم‪ ،‬ينتابه الشقاء والبالء‪ ،‬والقهر واجلور ونقض العهود واملواثيق‪ ،‬كما تنتابه األمراض الفتاكة‬
‫نتيجة تعاطيه احملرمات من املأكول واملشروب‪ ،‬ونتيجة االتصال احملرم‪ ،‬فانصبت على البشرية أمراض مل‬
‫تكن يف سالف العهود‪ ،‬وكثرت العيادات النفسية‪ ،‬وازدادت أمراض انفصام الشخصية واالضطرابات‬
‫العقلية‪ ،‬وتضخمت نسبة اجلنون واالنتحار‪.‬‬
‫كل ذلك البتع اد الن اس عن اإلس الم‪ ،‬وعن أخالقه الط اهرة املض يئة اليت متنح النفس نفس ها‪ ،‬وحتقق يف‬
‫اإلنسانية إنسانيتها‪.‬‬
‫أفيحسب املثقف أن دراسة األخالق الزدياد املعرفة دون تطبيقها بربط هذه القيم بالواقع؟‪.‬‬
‫يدرس هذه األوراق أنه يقوم بأداء مهمته خري قيام‪ ،‬إذا ألقى هذه املعلومات أمام‬ ‫أو حيسب املعلم الذي ِّ‬

‫(‪ )1‬أثر العقيدة وإتقان العمل يف السلوك‪ .‬السفر الثاين أليب عبد الرمحن ابن عقيل الظاهري ط‪ 1‬ص‪.7‬‬

‫‪www. alukah. net ‬‬


‫األخالق اإلسالمية وأمهيتها للحياة اإلنسانية‬
‫‪www. alukah. net ‬‬

‫طالبه دون أن يضع يف حسبانه أنه يعلمهم فن احلياة السعيدة؟‬


‫أم حيسب الط الب أنه ي درس ه ذه األوراق ليقرأها ويس تذكرها ويس توعبها‪ ،‬مث يص بها يف ق والب ت أيت‬
‫قريب اً من األص ل‪ ،‬ليح وز على أكرب رقم من ال درجات‪ ،‬دون أن يك ون له من ن ور ه ذه القيم أوفر‬
‫نصيب؟‬
‫إن األخالق هي العقيدة والسلوك؛ وحظ اإلنسان من هذين الركنني بقدر ما يرسخ يف نفسه من قوة‬
‫العقيدة‪ ،‬وحسن ترمجتها إىل سلوك‪.‬‬
‫وحسب (املعرف ة) إن ارة الطريق أم ام العقل وال روح‪ ،‬لتك ون النية خالصة هلل س بحانه وتع اىل‪ ،‬ولتعبيد‬
‫السبيل للسالكني لتعم اخلريية يف النفس واجملتمع‪.‬‬
‫إن العامل اليوم بانتظار األخالق من أمة األخالق‪ ،‬والفرد هو اللبنة األوىل يف هذا البناء‪ ،‬فكل منا مدعو‬
‫إىل املشاركة يف بناء صرح األمة وفق العقيدة اإلسالمية واألخالق اإلسالمية والسلوك اإلسالمي؛ فاألمة‬
‫بانتظار هذه األخالق العظيمة‪ ،‬وقد قال اهلل تعاىل لنبيه الكرمي ( وإنك لعلى خلق عظيم) والبشرية تنتظر‬
‫ه ذه األخالق‪ ،‬انتظ ار الغصن يف الص حراء لقط رة املاء‪ ،‬إهنا أخالق حممد رس ول اهلل ص لى اهلل عليه‬
‫لم‪:‬‬ ‫وس‬
‫يهفو ألخالقه اإلنسان يف شغف‬
‫كما هفا الغصن يف الصحراء للدمي‬
‫(إن اهلل ومالئكته يص لون على الن يب‪ ،‬أيها ال ذين آمن وا ص لوا عليه وس لموا تس ليما ) األح زاب ـ ‪.56‬‬
‫( لقد كان لكم يف رسول اهلل أسوة حسنة ملن كان يرجو اله واليوم اآلخر وذكر اهلل كثرياً )األحزاب ـ‬
‫‪.21‬‬

‫‪www. alukah. net ‬‬


‫األخالق اإلسالمية وأمهيتها للحياة اإلنسانية‬
‫‪www. alukah. net ‬‬

‫أهم المصادر والمراجع‬

‫القرآن الكرمي‬

‫أليب عبد الرمحن ابن عقيل الظاهري ط‪1‬‬ ‫أثر العقيدة وإتقان العمل يف السلوك‬
‫د‪ .‬إميان عبد املؤمن سعد الدين ط‪4‬‬ ‫األخالق يف اإلسالم‬

‫حممد كامل خجا ط‪1410‬هـ‬ ‫أفكار من املدينة املنورة‬


‫د‪ .‬عبد احلليم عويس‬ ‫أوراق ذابلة من حضارتنا‬
‫حممد أمحد جاد املوىل ط دار الفكر‬ ‫أيام العرف يف اجلاهلية‬
‫البن كثري بتحقيق د‪ .‬عبد اهلل الرتكي‬ ‫البداية والنهاية‬
‫نشر مجعية إحياء الرتاث اإلسالمي ط‪1‬‬ ‫تفسري ابن سعدي‬
‫عبد الرمحن جبنكة وحممد الغزايل ط‬
‫الثقافة اإلسالمية‬
‫‪1418‬هـ‬
‫عمر الديراوي ط‪8‬‬ ‫احلرب العاملية األوىل‬
‫د‪ .‬عدنان علي رض النحوي‬ ‫ديوان جراح على الدرب‬
‫أمحد اخلاين ط‪1431 1‬هـ‬ ‫ديوان‪ :‬مدينة الشعر‬
‫خالد حممد خالد ط‪1414‬هـ‬ ‫رجال حول الرسول‬
‫لإلمام النووي ط‪2‬‬ ‫رياض الصاحلني‬
‫أ‪ .‬د‪ .‬مقداد يلجن ط ‪1‬‬ ‫علم األخالق اإلسالمية‬
‫ط بريوت‬ ‫القاموس احمليط‬
‫للميداين بتحقيق حممد حمي الدين عبد‬
‫جممع األمثال‬
‫احلميد‬
‫للرازي ط دار اإلميان‬ ‫خمتار الصحاح‬
‫لألبشيهي ط بريوت‬ ‫املستظرف من كل فن مستظرف‬
‫للفيومي ط دار القلم بريوت‬ ‫املصباح املنري‬
‫أمحد اخلاين (خمطوط)‬ ‫ملحمة اإلنسانية املعاصرة‬

‫‪www. alukah. net ‬‬


‫األخالق اإلسالمية وأمهيتها للحياة اإلنسانية‬
‫‪www. alukah. net ‬‬

‫أمحد اخلاين ج‪ 1‬ط‪2‬‬ ‫ملحمة بدر‬


‫أليب عبد الرمحن بن عقيل الظاهري ط‬
‫من عشق فعف‬
‫‪1‬‬
‫املوسوعة يف التاريخ اإلسالمي‬
‫أمحد اخلاين (خمطوط)‬
‫سعود بن عبد اهلل احلزميي ج‪1‬‬ ‫املوسوعة اجلامعة يف األخالق واآلداب‬
‫املوسوعة املسرية بنيب الرمحة صلى اهلل‬
‫رابطة العامل اإلسالمي ط‪1‬‬
‫عليه وسلم‬
‫ط ‪26‬‬ ‫املنجد‬
‫أمحد اخلاين ط‪ 11431‬هـ‬ ‫نظرية األدب القائد‬
‫بدر بن علي العبد القادر ط‪1‬‬ ‫الوطن يف ضمري الشرفاء‬

‫‪www. alukah. net ‬‬


‫األخالق اإلسالمية وأمهيتها للحياة اإلنسانية‬
‫‪www. alukah. net ‬‬

‫صدر للمؤلف‬
‫(أ) النثر‪:‬‬
‫ملحمة النيب صلى اهلل عليه وسلم لعمر أيب ريشة حتليل ونقد ط ‪1406‬هـ‬
‫شعراء عرفتهم ط‪1408 1‬هـ‪.‬‬
‫ديوان االنتفاضة دراسة ط‪1412 2‬هـ‬
‫مدرسة بدر وشعراؤها ط‪1412 2‬هـ‬
‫حيىي املعلمي أديباً ط‪1418 2‬هـ‬
‫قصة أم عامر ط‪1970‬م‬
‫الشاب الفدائي ط‪1970‬م‬
‫رتاك‬ ‫وكي البن جين تعليق باالش‬ ‫ريف املل‬ ‫التص‬
‫ط‪ 1970 2‬م‪.‬‬
‫قصة يوسف الصديق للحسن بن علي البغدادي خمطوط عمره أكثر من ‪ 800‬عام‪ .‬هتذيب‪.‬‬
‫ط‪1970‬م‪.‬‬
‫خمتصر البداية والنهاية البن كثري‪ .‬ط‪1428 2‬هـ‬
‫الصالونات األدبية يف اململكة العربية السعودية ط‪1427 1‬‬
‫نظرية األدب القائد‪ .‬ط ‪ 1430 1‬هـ‪.‬‬
‫أدب األطفال ط‪1431 ،1‬هـ‬

‫(ب) الشعر‪:‬ـ‬
‫ديوان حلن اجلراح ط ‪1430‬هـ‬
‫ديوان يف القطار ط ‪1403‬هـ‬
‫ديوان وعاد القبطان ط ‪1405‬هـ‬
‫ديوان مع الشعراء ط ‪1405‬هـ‬
‫ديوان احلنني ط ‪1409‬هـ‬
‫ملحمة بدر عشرة آالف بيت يف ‪ 3‬جملدات ط‪1413 2‬هـ‬
‫ملحمة أحد عشرة آالف بيت يف ‪ 3‬جملدات ط‪1413 2‬هـ‬
‫ديوان عندما ينعس القمر ط ‪1414‬هـ‬

‫‪www. alukah. net ‬‬


‫األخالق اإلسالمية وأمهيتها للحياة اإلنسانية‬
‫‪www. alukah. net ‬‬

‫ديوان مهسة ط ‪1420‬هـ‬


‫ملحمة الفلوجة ط ‪1425‬هـ‬
‫ديوان‪ :‬مدينة الشعر‪ .‬ط ‪ 1431‬هـ‬

‫أدب األطفال‪:‬‬
‫أ ‪-‬المسرحيات الشعرية‪:‬ـ‬
‫جمموعة املمثل الصغري وتضم املسرحيات الشعرية التالية‪:‬‬
‫‪ .2‬يف بيته يؤتى احلكم‪.‬‬ ‫‪ .1‬الوحش‪.‬‬
‫‪ .4‬القصعة‪.‬‬ ‫‪ .3‬امليزان العادل‪.‬‬
‫‪ .6‬احلمال‪.‬‬ ‫‪ .5‬ابن تيمية‪.‬‬
‫‪ .7‬صيادالسمك‬
‫‪8‬صالح الدين األيويب‪.‬‬
‫‪ .10‬هانيبال‪.‬‬ ‫‪ .9‬اإلسكندر‪.‬‬

‫(ب) فتح القسطنطينية مسرحيتان شعرية ونثرية‪ ،‬حازت على املركز األول يف مسابقة وزارة‬
‫املعارف السعودية ط‪1424 2‬هـ‪.‬‬
‫ديوان حلن الرباءة ط‪ 1505 1‬هـ‪.‬‬ ‫األناشيد‪:‬‬

‫(ج) النثر‪:‬‬
‫سلسلة اإلميان ‪ 10‬أجزاء وهي‪:‬‬
‫‪ .2‬العجوز الفقري‪.‬‬ ‫‪ .1‬على هنر الغانج‪.‬‬
‫‪ .4‬التاجر‬ ‫‪ .3‬اليتيم‬
‫‪ .6‬الشريد‪.‬‬ ‫‪ .5‬إىل السجن‪.‬‬
‫‪ .8‬صياد السمك‬ ‫‪ .7‬يف املزرعة‬
‫‪ .10‬شيخ التجار‬ ‫‪ .9‬قرييت‬
‫سلسة البحار الصغري ‪ 10‬أجزاء ط ‪ 1406‬هـ‬
‫سلسلة‪ :‬من غزوات الرسول ‪ 1423‬هـ‬

‫‪www. alukah. net ‬‬


‫األخالق اإلسالمية وأمهيتها للحياة اإلنسانية‬
‫‪www. alukah. net ‬‬

‫‪ .2‬غزوة أحد‬ ‫‪ .1‬غزوة بدر‪.‬‬


‫‪ .4‬غزوة مؤته‪.‬‬ ‫‪ .3‬غزوة اخلندق‬
‫‪ .6‬غزوة يهود بين قينقاع‬ ‫‪ .5‬غزوة تبوك‬
‫‪ .8‬غزوة بئر معونة‬ ‫‪ .7‬غزوة الرجيع‬
‫‪ .10‬غزوة بين قريظة‬ ‫‪ .9‬غزوة بين النضري‬
‫‪12‬غزوة احلديبية‬ ‫‪ .11‬غزوة بين املصطلق‬
‫‪ .14‬غزوة الفتح األعظم‬ ‫‪ .13‬غزوة خيرب‬
‫‪ .15‬غزوة حنني‬
‫سلسلة‪ :‬من معارك اإلسالم اخلالدة ط‪ 1423‬هـ‬
‫‪ .2‬معركة الريموك‪.‬‬ ‫‪ .1‬حروب الردة‪.‬‬
‫‪ .4‬فاتح القسطنطينية‪.‬‬ ‫‪ .3‬معركة القادسية‬
‫نشر دار الوطن‬
‫‪ .5‬قاهر الروم ط‪1424 2‬هـ‪.‬‬
‫سلسلة أبطال من مدرسة الرسول صلى اهلل عليه وسلم ط ‪1424‬هـ‬
‫‪ .1‬محزة بن عبد املطلب‪ .2 .‬علي بن أيب طالب‪.‬‬
‫‪ .4‬عكرمة‬ ‫‪ .3‬خالد بن الوليد‬
‫‪ .6‬الزبريبن العوام‬ ‫‪ .5‬أبو دجانة‬
‫‪ .8‬العالء بن احلضرمي‬ ‫‪ .7‬عبد اهلل بن الزبري‬
‫‪ .9‬املثىن بن حارثة الشيباين‬
‫‪ .10‬سعد بن أيب وقاص‬
‫سلسلة‪ :‬القصص املصورة ط ‪1425‬هـ‬
‫‪ .2‬الطفل الذكي‬ ‫‪ .1‬التاجر التقي‬
‫‪ .4‬برميل العسل‬ ‫‪ .3‬السيف والقلم‬
‫‪ .6‬القصعة‬ ‫‪ .5‬زهرة تروي حكايتها‬
‫‪ .8‬الوحش الكاسر‬ ‫‪ .7‬السائق‬
‫‪ .10‬النملة والصرصار‬ ‫‪ .9‬رغيف اخلبز‬
‫نشر دار الوطن‪.‬‬

‫‪www. alukah. net ‬‬


‫األخالق اإلسالمية وأمهيتها للحياة اإلنسانية‬
‫‪www. alukah. net ‬‬

‫سلسلة‪ :‬روائع األدب العاملي‪ :‬ترمجت إىل اللغة اإلجنليزية‪.‬‬


‫‪ .2‬البلبل‬ ‫‪ .1‬الغيمة احلنون‪.‬‬
‫‪ .4‬األفعى والصقر‬ ‫‪ .3‬الشاب األعرج‬
‫‪ .6‬العصفور والبغل‬ ‫‪ .5‬احلطاب التقي‬
‫‪ .8‬النحلة‬ ‫‪ .7‬اجملنون هرب‬
‫‪ .10‬وجاء الربيع‬ ‫‪ .9‬صياد السمك‬
‫طبع سنة ‪ 1428‬هـ نشر دار الوراق‪:‬‬
‫حتت الطبع‪:‬‬
‫‪ -‬امللحمة اإلسالمية الكربى ‪ 40‬ألف بيت‪.‬‬
‫‪ -‬موسوعة التاريخ اإلسالمي واألقليات املسلمة يف العامل‪.‬‬

‫‪www. alukah. net ‬‬


‫األخالق اإلسالمية وأمهيتها للحياة اإلنسانية‬
‫‪www. alukah. net ‬‬

‫المحتـوى‬

‫الموضوع‬
‫مقدمة‪:‬‬
‫أوالً‪:‬‬
‫مفهوم األخالق‪ ،‬وعلم األخالق‬

‫الأخالق اإلسالمية وأمهيتها للمجتمع اإلنساني‬


‫خصائص األخالق يف اإلسالم‬
‫السلوك اإلرادي لإلنسان‬
‫السلوك األخالقي‬
‫األسس اليت يقوم عليها السلوك األخالقي يف اإلسالم‬
‫داللة السلوك األخالقي على اخللق الثابت يف النفس‬

‫الغاية من الالتزام بالسلوك األخالقي‬


‫املسؤولية عن السلوك األخالقي‬
‫تقسيمات السلوك األخالقي ومراتبه‪ ،‬أجناس الفضائل وأنواعها‪،‬‬
‫وأجناس الرذائل وأنواعها‪.‬‬

‫من حماسن األخالق اإلسالمية‪.‬‬


‫الصدق‬
‫العدل‬
‫الصرب‬
‫األمانة‬
‫الوفاء بالعهد‬
‫اإلحسان‪.‬‬
‫احللم‬

‫‪www. alukah. net ‬‬


‫األخالق اإلسالمية وأمهيتها للحياة اإلنسانية‬
‫‪www. alukah. net ‬‬

‫التواضع‬
‫العفة‪.‬‬
‫احلياء‬
‫اخلامتة‬
‫أهم املصادر واملراجع‬
‫صدر للمؤلف‬

‫‪www. alukah. net ‬‬

You might also like