You are on page 1of 9

‫بسم هللا الرمحن الرحمي‬

‫‪ ١.١‬المتهيد‬
‫امحلد هلل اذلي جعل للك أمة رشعة ومهناجا وأنزل علينا الكتاب تبياان للك يشء وهدى ورمحة‪ ،‬حنم ده غاي ة محد كام ينبغي‬
‫جلاللته وعظمي سلطانه ونستعينه يف لك امور استعانة من ال حول هل وال قوه إال به ونستغفره من لك ذنوب اس تغفار من‬
‫ال مأوى هل وال منجى منه إال إليه‬
‫سبحانك ال حنيص ثناء عليك‪ ،‬أنت كام أثنيت عىل نفسك‪ ،‬اي من ال تراه العيون وال يصف الواصفون وال يواري منه ارض‬
‫أرضا وال س امء س امء ص ل عىل س يدان وحبيبن ا وش فيعنا وموالان محمد أرس لته ابله دى ودين احلق لتظه ره عىل ادلين لكه‪،‬‬
‫صلوات هللا وسالمه عليه وعىل آهل وحصبه ومن تبعهم إبحسان إىل يوم ادلين‬
‫أما بعد‪ ،‬فقد قال هللا تعاىل‪ :‬يرفع هللا اذلين آمنوا منمك واذلين أوت وا العمل درج ات ﴿الق رآن﴾ وق ال الن يب (ص)‪:‬‬
‫"من يرد هللا به خريا يفقهه يف ادلين‪ ".‬وق ال (ص)‪ ":‬العمل ثالث ة‪ :‬آي ة حممكة‪ ،‬وس نة قامئة‪ ،‬وفريض ة عادةل‪ ،‬وم ا اكن سوى‬
‫ذكل فهو فضل‪ ".‬وق ال (ص) يف ح ديث‪” :‬إن هللا ال يقبض العمل انزتاع ا ينزتع ه من العب اد ولكن يقبض العمل بقبض العلامء‬
‫حىت ال يبق عاملا‪ ،‬اختذ الناس رؤوسا هجاال‪ ،‬فسئلوا‪ ،‬فأفتوا بغري عمل فضلوا وأض لوا“ ومن رمحت ه ولطائف ه تع اىل أن ي زنل‬
‫عىل عبده ونبيه الكتاب منه آايت حمكامت هن أم الكتاب ليبني للناس فامي مه فيه خيتلفون وليكون للعاملني نذيرا‬
‫إن هللا تع اىل أن زل كتاب ه وأابن يف كتاب ه خللق ه مما تعب دمه ب ه من وج وه‪ :‬مفهنا م ا أابن ه هللا هلم ًّنص ا رصحي اللف ظ‬
‫ووضوح ادلالةل‪ ،‬ومهنا ما أحمك فرضه بكتاب ه وبنّي م ا أراده بلس ان نبي ه‪ ،‬ومهنا م ا س ن رس ول هللا (ص) مما ليس هلل في ه‬
‫نص كت اب‪ ،‬ومهنا م ا ف رض هللا عىل عب اده الاجهتاد يف طلب ه عن د غيب ة النص وص ومغوض ادلالةل ودهلم عىل ص واب‬
‫الاجهتاد ابلعقول املمزية بني األشياء ونصب هلم عالمات وجنوما هيتدون هبا‬
‫وأمر الاجهتاد عرس جدا‪ ،‬يكرث في ه الالتب اس واخلف اء وق د زلت في ه أق دام األمم الس ابقة‪ ،‬ق د وس عوا في ه ح ق‬
‫توسعة فابتدعوا يف دين هللا ما مل يكن هللا أنزل به من يشء‬
‫ذك ر الش افعي رمحه هللا تع اىل أن هللا تع اىل بعث نبي ه (ص) والن اس حينئ ذ عىل ص نفني‪ ،‬مهنم من عرف وا احلق‬
‫وكمتوه ومهنم من مل يعرف وأفتوا بغري عمل فضلوا وأضلوا‬
‫أحدهام أهل الكت اب‪ ،‬ب دلوا من أحاكم هللا وكف روا ب ه ف افتعلوا ك ذاب ص اغوه بألس نهتم ف اختلطوا حبق هللا اذلي‬
‫أنزل إلهيم ولبسوا احلق ابلباطل وكمتوا احلق ومه يعلمون‪ ،‬اختذوا أحب ارمه أراباب من دون هللا فيف رتوا عىل هللا ك ذاب‪ ،‬اكنوا‬
‫يكتبون الكتاب بأيدهيم ويلوون ألسنهتم به ليحسب أنه منه مث يقولون ”هذا من عند هللا“ وما هو من عند هللا ليشرتوا ب ه‬
‫مثنا قليال‪ ،‬فبئس ما يشرتون‬
‫واثنهيم كفروا ابهلل فابتدعوا ما مل يأذن به هللا ونصبوا بأي دهيم جحارة وخش با وص ورا استحس نوها ون زبوا أس امء‬
‫يسموهنا ودعوها آلهة عبدوا وما اكن هل علهيم من سلطان وإ ذا استحسنوا غري م ا عب دوا مهنا‪ ،‬ألق وه ونص بوا بأي دهيم غ ريه‬
‫فعبدوه‪ ،‬فأولئك العرب‬
‫اكنت العرب قبل البعثة احملمدية عىل جرف هار‪ ,‬يسجدون للحج ر والش جر والهنر وم ا ال ميكل لنفس ه نفع ا وال‬
‫رضرا واكن اإلنس ان حينئ ذ معكوس ا فاس دا عقليت ه‪ ،‬النظ ري عن ده يك ون ب دهييا والب دهيي عن ده نظراي‪ ،‬يس تحيل املر‬
‫ويستطيب اخلبيث‪ ،‬وال يبغض عدوا ظاملا وال حيب صديقا انحصا‪ ،‬قال جعفر الطيار‪:‬‬
‫"كنا قوم ًا أهل جاهلية‪ ،‬نعبد األصنام‪ ،‬ونألك امليتة‪ ،‬ونأيت الفواحش‪ ،‬ونقطع األرحام‪ ،‬ونيسء اجلوار‪ ،‬ويألك‬
‫القوي منا الضعيف‪ ،‬فكنا عىل ذكل‪"،‬‬
‫يرى الناس أن لك يشء يف غري شلكه ويف غري حمهل‪ ،‬أصبح اذلئب راعي ا واخلص م اجلائر قاض يا‪ ،‬اكنت فهيم أدواء‬
‫وأمراض متأصةل شاع فهيم امخلر ورخس فهيم الراب وجرى مهنم جمرى ادلم واذا قيل هلم "هذا راب‪ ,‬ال حيل!!" قالوا ﴿إمنا ال بيع‬
‫مثل الراب﴾‬
‫هكذا سائر العجم وال روم ملا توارث وا اخلالف ة قروان كث رية وخاض وا يف ذلة ادلنيا ونس وا ادلار اآلخ رة‪ ،‬اس تحوذ‬
‫علهيم الشيطان وض اعت رس اةل األنبي اء واألخالق الفاض ةل يف الع امل‪ ،‬فاكنت األرض حينئ ذ معم ورة بني غ ين مط غ وفق ر‬
‫منس‪ ،‬شغل الغين عن ادلين والاهامتم ابآلخرة والتفكري يف املوت وما بعده بنعمي وترفه وأم ا الفق ري فهم يف هجد من العيش‬
‫يرزحون حتت أثقال احلياة ويرسفون يف القيود واألغالل يعيشون مثلام تعيش الهبامئ ال حياة هلم إال العم ل لغ ريمه وال مه هلم‬
‫إال األلك والعلف‬
‫جفاءمه الرسول مهنم نعم ًة ومنًّا من هللا ابحلق من رهبم وي دعومه إىل س بيل رهبم ابحلمكة واملوعظ ة احلس نة ويتل و‬
‫علهيم آايته ويزكهيم ويأتهيم ابلرشيعة واملهنج النبوي إلصالح بني الناس وإلخ راهجم من عب ادة العب اد إىل عب ادة رب العب اد‪،‬‬
‫ومن ضيق ادلنيا إىل سعة اآلخرة‪ ،‬ومن جور األداين إىل عدل اإلسالم‪.‬‬
‫‪ ١.٢‬معرفة البحث‬
‫فإن ادلين اإلساليم دين اكمل شامل لساحة معايش العباد‪ ،‬شفيق هلم وحريص علهيم‪ ،‬وقد رك ز لبن اء اجملمتع القمي‬
‫حق تركزي وتكفل عليه‪ ،‬ويسبق سائر األداين فيه بتحديد قواعد احلياة من خالل ترشيعه وبني فروض ه‪ ،‬ق ال هللا تع اىل‪:‬‬
‫وف َّر ِح ٌمی ﴿الق رأن﴾ وق ال‪:‬‬‫ور َو َّن ٱهَّلل َ ِبمُك ۡ لَ َر ُء ٌ‬ ‫ٱ‬ ‫ٱ‬ ‫ٱ‬
‫ُه َو ذَّل ِ ی یُزَن ِّ ُل عَىَل ٰ َع ۡب ِد ِه ۤۦ َءای َ ٰـ ۭ ِت ب َ ِ ّینَ ٰـ ٍت ِل ّ ُیخۡ ِر َجمُك ِّم َن ُّلظلُ َم ٰـ ِت ىَل لنُّ ِۚ‬
‫ِإ‬
‫َوٱ ۡع َت ِص ُمو ۟ا حِب َ ۡبلِ ٱهَّلل ِ مَج ِ یعا َواَل تَ َف َّرقُو ۟اۚ﴿القرأن﴾ وقال‪َّ :‬ن َه ٰـ ِذ ِه ۤۦ ُأ َّم ُتمُك ۡ ُأ َّمة َو ٰ ِحدَ ِإة َوَأاَن ۠ َربُّمُك ۡ ﴿القرأن﴾ وق ال تع اىل‪ :‬أحفس بمت‬
‫ِإ‬
‫امنا خلقن امك عبث ا﴿الق رأن﴾ أي همال وابطال؟ ب ل خلقن امك لنتعب دمك ابألمر والهني وق ال تع اىل‪ :‬وم ا خلقت اجلن واإلنس إال‬
‫وايه وق ال ابن عب اس‪ :‬ليعب دون أي ليق روا يل ابلعب ادة طوع ا‬ ‫ليعبدون﴿القرأن﴾ أي لكوهنم ميتثل ون أوام ري وجيتنب ون ن ّ‬
‫وكرها‪ ،‬وقد رصح سبحانه وتعاىل بقوهل الكرمي‪َّ :‬ن ٱ ّ ِدل َین ِعندَ ٱهَّلل ِ ٱ ۡسلَ ٰـ ُ ۗم ﴿القرأن﴾ أن ادلين املريض عن ده واملبع وث ب ه‬
‫ِإۡل‬ ‫ِإ‬
‫مجيع األنبياء والرسل إمنا هو دين اإلسالم‪.‬‬
‫وورد أ نه (ص) قال‪ ”:‬لك مولود يودل عىل فطرة“ والفطرة الشعور العبودية هلل تعاىل وقبول احلق وإ دراك ه‪ ،‬ق ال‬
‫القرضاوي‪ :‬إن هللا خلق الن اس موح دين مق رين بوج ود رهبم ووحدانيت ه حيث أخ ذمه من ظه ر آدم يف ع امل اذلر وس أهلم‬
‫﴿ألست بربمك﴾ فقالوا ﴿بىل﴾ وقال الطربي فيه أن الفطرة "ادلين"‪ .‬وادلين توحيد هللا واإلميان مبا جيب تص ديقه واإلق رار‬
‫ابللسان والعمل ابألراكن فأصل ادلين من التوحيد واحد وإ منا اختلفوا يف الرشيعة والفروع‪ ،‬ق ال تع اىل‪ :‬رشع لمك من ادلين‬
‫ما وىص ب ه نوح ا واذلي أوحين ا الي ك وم ا وص ينا ب ه إب راهمي وموىس وعيىس أن أقميوا ادلين وال تتفرق وا في ه ﴿الق رأن﴾‬
‫وروي أنه صىل هللا عليه وسمل قال‪ :‬اإلسالم ُمذ خلقهم هللا من آدم مجيعا‪ّ ،‬يقرون بذكل‪ ،‬وقرأ (ص)‪:‬‬
‫ُورمِه ْ ُذ ّ ِريَّهَت ُ ْم َوَأ ْشهَدَ مُه ْ عَىَل َأنْ ُف ِسه ِْم َألَ ْس ُت ِب َر ِبّمُك ْ قَالُوا ب َىَل َشهِدْ اَن‬
‫َو ْذ َأخ ََذ َرب ُّ َك ِم ْن ب َيِن آ َد َم ِم ْن ُظه ِ‬
‫ِإ‬
‫أسس هذا ادلين اإلس اليم عىل املهنج الق رآين اذلي يش هتر مبهنج ه الوس طي ويتص ف ابلكامل والاعت دال‪ ،‬وت أيت‬
‫نصوص القرآن بدالئل احلياة ومرشدات األمور وتضع احلقوق واحلدود لأل مة لتجري معايشهم وفق الفط رة ال يت فط ر هللا‬
‫الناس علهيا‪ ،‬فيتحقق هلم السعادة يف املعاش واملع اد‪ ،‬جناح يف ادلنيا وجناة يف اآلخ رة ف احلالل بنّي واحلرام بنّي ‪ ،‬ص دق قوهل‬
‫ٱ‬ ‫ٱ‬
‫ون‬‫تعاىل‪ِ :‬ص ۡب َغ َة هَّلل ِ َو َم ۡن َأ ۡح َس ُن ِم َن هَّلل ِ ِص ۡب َغ ً ۖة َوحَن ۡ ُن هَل ُۥ َع ٰـبِدُ َ‬
‫ومع ذكل‪ ،‬ال تدرك معاين القران وم راد لكامت ه ح ق اإلدراك إال ابتب اع س نة ن يب هللا فهيا مفا أن زل هللا علي ه نص‬
‫كت اب اتبع ه مث ل م ا أن زل هللا الي ه‪ ،‬وم ا أنزهل ابمجلةل بين ه عن هللا مع ىن م ا أراد ممن اف رتض علي ه تكل الف روض‪ ،‬عام ه‬
‫وخاصه‪ ،‬وكيف يأيت به العباد‪ ،‬وما سن فيه وليس به نص كتاب فبحمك هللا قد سن وق ال الش افعي‪" :‬من قب ل عن رس ول‬
‫هللا فرضا فبفرض هللا قبل" وال جيعل هللا من اتباع رسوهل خمرجا وال من عنوده عذرا فإن ه م ا اكن لن يب أن يق ول يف دين‬
‫ول فَخ ُُذو ُه َو َما هَن َ ٰىمُك ۡ َع ۡن ُه فَٱنهَت ُو ۟اۚ﴿الق رأن﴾ وق ال‪َ :‬و َم ا‬
‫هللا من تلقاء نفسه إال ابتباع ما اكن أوىح هللا إليه‪َ :‬و َم ۤا َءاتَ ٰىمُك ُ ٱ َّلر ُس ُ‬
‫ٱ ٱ‬ ‫ٱ‬
‫ی َ ِنط ُق َع ِن لۡه ََو ٰۤى ۡن ه َُو اَّل َويۡح ٌ یُوىَح ﴿القرأن﴾ وقال‪ :‬فَ ن تَنَ ٰـ َزعۡمُت ۡ یِف یَش ۡ ءࣲ فَ ُردُّو ُه ىَل هَّلل ِ َو َّلر ُس ولِ ن ُكنمُت ۡ ت ُۡؤ ِمنُ َ‬
‫ون‬
‫ِإ‬ ‫ِإ‬ ‫ِإ‬ ‫ٱ ٱ ٱ ِإ ِإ‬
‫أ‬ ‫ۡ‬
‫ِب هَّلل ِ َو لۡ َی ۡو ِم لۡـَٔا ِخ ۚ ِر َذ ٰكِل َ َخ ٌ َو ۡح َس ُن تَ ِوی ﴿القر ن﴾‬
‫اًل‬ ‫أ‬ ‫َأ‬ ‫رۡی‬
‫وبع د أن ت ويف الرس ول احلبيب ص احب الرشيعة ت وىل األم ر اخللف اء الراش دون والعلامء الراخسون من الص حابة‬
‫والتابعني ومن بعدمه فقضوا مبا عرفوا من الكتاب والسنة ف إن مل جيدوا فهيام فباالجهتاد والقي اس حس امب ظه ر دلهيم ووص ل‬
‫إلهيم‬
‫ومعل الفقه اء اإلس اليم ع رب العص ور ح ق معل عىل خترجي األحاكم من ه ذه األص ول وق د ح ازوا في ه قص بات‬
‫السبق‪ ،‬وينتج ذكل أن تركوا لنا زخام واف را‪ ،‬وك زنا ثراي من ال رثوة الفكري ة الاس المية وه و بعين ه ترمجة ص احلة ص ادقة‬
‫للرشيعة احملمدية ومهناج القرآن يف احلياة اإلنسانية وهلل ّدرمه‪.‬‬
‫واكن الفقه اإلساليم قد استرشفه عظامء الناس من املامرسني القانوني ة لش موهل عىل مجي ع أط راف احلي اة البرشية‬
‫واقتداره عىل هتذيب الناس ليكونوا حتت ظالل نظام جيد يف تعاملهم بيهنم يف أمورمه ادلينية وادلنيوية‬
‫وتكل األحاكم تشمتل عىل الثوابت وقطعيات األحاكم من املبادئ ادلينية األساسية ال يت كتهبا هللا عىل العب اد وال‬
‫جيوز ألحد أن خيالفها‬
‫وأخرى ظنيات ومتغريات األحاكم اليت تتغري بتغري األزمان واألحوال وتتجدد بتجدد الاجهتاد واآلراء ملا تق ع من‬
‫احلوادث والوقائع‪ .‬ودائرة هذه األحاكم واسعة ج دا حيث تس تعيب اكف ة من ايح اإلنس ان ويه ت دل عىل اعتن اء اإلس الم‬
‫حبياة اإلنسان فإنه حيدث لإل نسان يف لك زمان من األحاكم ما يناسهبم فالغرض من ادلين جلب املصاحل ودرء املفاسد ق ال‬
‫القرايف‪ " :‬همام جتدد من العرف اعتربه وهمام سقط اسقطه ال جتمد مبا يف الكتاب طول معرك"‬
‫وورد فيه أنه اكن النداء يوم امجلعة أوهل إذا جلس اإلمام عىل املنرب عىل عهد رسول هللا صىل هللا عليه وسمل وأيب‬
‫بكر ومعر فلام اكن عامثن وكرث الناس زاد النداء الثالث عىل الزوراء وامنا فعهل عامثن ليحرض الناس من بعيد ويدرك اخلطبة‬
‫وروي أن معر قد مجع الناس عىل قارئ واحد وه و أيب بن كعب يف ال رتاوحي م ع أن ه مل يكن يف عه د رس ول هللا‬
‫صىل هللا عليه وسمل حلسن امجلاع ة عن ده وق ال "نعمت البدع ة ه ذه" وك ذا ق د مجع أب و بك ر مجي ع الق رآن يف مص حف ملا‬
‫استشهد كثري من القراء حفظا للقرآن من أن يفقد ‪،‬وهذا دليل عىل أن جتديد الاجهتاد ليس مبنك ر عن د الص حايب ب ل ه و‬
‫من األمور املطلوبة عندما تدعو احلاجة اليه‬
‫وانضافت إليه رواية عن عبد هللا بن معرو قال‪ ":‬كنا عند رسول هللا ص ىل هللا علي ه وس مل جفاء ش اب فق ال‪ :‬اي‬
‫رسول هللا أقبّل‪ ،‬وأان صامئ؟ قال‪ :‬ال جفاء شيخ فقال‪ :‬اي رسول هللا أقبّل‪ ،‬واان صامئ؟ قال نعم فنظر بعضنا اىل بعض فق ال‬
‫رسول هللا "قد علمت نظر بعضمك إىل بعض أن الشيخ ميكل نفسه" فإمنا إجابة النيب ص ىل هللا علي ه وس مل للش يخ مبقتىض‬
‫احلمكة إذ الغالب عليه سكون شهوته وأمن الفتنة خبالف الشاب‬
‫وروي اكن يؤىت ابلشارب عىل عهد رسول هللا وإ مرة ايب بكر وصدرا من خالفة معر فنقوم علي ه بأي دينا ونعالن ا‬
‫وأرديتنا حىت اكن آخر إمرة معر جفدله أربعني حىت إذا عتوا وفسقوا جدل مثانني‬
‫وروي أن الن يب ص ىل هللا علي ه وس مل جدل يف امخلر ابجلري د والنع ال مث جدل اب و بك ر اربعني فلام اكن معر ودان‬
‫الناس من الريف والقرى قال‪ :‬ما ترون يف جدل امخلر؟ فقال عبد الرمحن بن عوف‪ :‬ارى ان جتعلها أكخف احلدود قال جفدل‬
‫معر مثانني‬
‫وروي عن عيل كرم هللا وهجه‪ :‬جدل رسول هللا وأبو بكر يف امخلر أربعني ومكلها معر مثانني ولكها سنة‬
‫وثبت يف حديث أنه يؤىت ابلسارق يف غزو فمل تقطع يده خشية تعطيل الغ زو وت أخريه ومثهل ق د يك ون يف عه د‬
‫معر أن يؤيت دليه سارق عند أايم اجملاعة فيربأ عليه‬
‫وهذا دليل آخر عىل جواز تغري األحاكم ملقتىض األحوال فإن الصحابة إذا مل يثبت دلهيم نص ملزم وهناك مصلحة‬
‫تغري حمكهم واختلفت فتوامه بتغري الزمن ومبعىن هذا قول األصوليني‪:‬‬
‫“ال ينكر تغري األحاكم بتغري األزمان”‬
‫وهك ذا يك ون يف عرص الت ابعني وعه د األمئة اجملهتدين‪ ،‬فهيم اختالف كث ري يف ف روع ادلين‪ ،‬ق د من هللا علهيم‬
‫ابلعقول واحلمكة وهدامه هبا إىل احلق والفرق فامي اخ ُتلف ًّنصا ودال ًةل‪ ،‬واكن للشافعي رمحه هللا تع اىل ق ول جدي د وق دمي يف‬
‫أقواهل ملا يتغري العرف دليه ويتجدد الاجهتاد حيامث ظهرت هل األحاديث واآلراء اجلديدة ورمبا اكن ألحصاب صاحب م ذهب‬
‫رأي خمالف عن إماهمم أكيب يوسف ومحمد بن احلسن واكن أحصاب الشافعي قد خالف ه يف بض عة عرش مس أةل حيث أخ ذوا‬
‫ابلقدمي دون اجلديد‬
‫وبعد حني‪ ،‬تويف الصحابة ومىض خري القرون واذلين يل وهنم‪ ،‬م رت ادلهور وتغ ريت الازم ان‪ ،‬حتولت األوض اع‬
‫وتطورت احلض ارة اإلنس انية ويس ري الع امل لك مس رية ف اطلع علين ا كث ري من املش الك واملس ائل من أب واب ش ىت ال يت مل‬
‫يتعرض لها السابقون يف خزائن كتب املتقدمني ببي ان وتفص يل ومل ينص علي ه الكت اب وال الس نة املطه رة فاش تهبت علين ا‬
‫األمور وال يعلمها كثري من الناس‬
‫ومن مثارات الشهبة الواقعة يف هذا العرص اختالف العلامء يف احلمك‪ ،‬ونعىن بذكل أن يكون الفعل حراما عند قوم‬
‫حالال عند آخرين وهجات الاجهتاد والتعارض فيه قوية‪ ،‬ومن أمثهل ذكل التأمني التجاري‪ ،‬يرى فريق أن هذا حرام ملا فيه‬
‫من الغ رر واملراهن ة والقامر والراب وي رى فري ق أن ه ج ائز وليس في ه م ا خيالف الرشيعة ألن ه ق امئ عىل التاكف ل الاجامتعي‬
‫والتعاون عىل الرب ليس مبعاوضة يف األصل‬
‫ومثل ذكل نقل العضو اإلنساين‪ ،‬يرى فريق أهنا غري ج ائزة مس تدال حبديث عائش ة أن ه (ص) ق ال‪ ":‬كرس العظم‬
‫امليت ككرس عظم احلي يف اإلمث" والرضر يف املريض ال ي زال برضر مثهل عىل امليت وي رى اآلخ ر أن ه مب اح رضورة‬
‫للتداوي وازاةل عن الرضر يف املريض احملتاج ‪،‬وكذا الترشحي اجلنايئ‪ ،‬يرى فريق أنه خرقة حلرمة امليت وي رى فري ق أن ه‬
‫رضورة ملعرفة علل الوفاة ولغرض من األغراض الطبية‬
‫وأقرب ما حيدث لنا يف هذه األزمان الاختالف احلادث من األس اتذة املالزيي ة والعاملي ة يف أايم كوفي د‪ ١٩-‬ح ول‬
‫األمور العديدة مهنا األمر بتعطيل املساجد وصالة امجلعة دلفع نرش الوابء كوفيد‪ ١٩-‬فإهنم يرى أن ه ليس ب ه ب أس اض طرارا‬
‫إىل ذكل وخالفهم بعضهم القائلني بعدم احلاجة إليه‪ ،‬وكذكل األمر بلزوم احتقان اللقاح وإ ابحة الناكح بوسيطة الانرتنت‬
‫وذلكل أرى أن العامل اإلساليم حيت اج اىل حبث دقي ق ونظ ر معي ق يف حتري ر الاجهتاد واألحاكم القدمية وتطبيقه ا‬
‫لأل م ور املس تحدثة يف أايمن ا حيث يفي د املس لمني وتس د ح واجئهم يف ه ذه احلي اة‪ ،‬فق ام ب ه العلامء من األمص ار واألقط ار‬
‫واجملهتدين واملفتيني من هذه األمة يك تنحل هذه املشالكت وتنشد الشوارد وترتفع الشهبات‬
‫‪ ١.٣‬مسأةل البحث‬
‫فإان نعيش اليوم يف عهد الرثوة املعلوماتية‪ ،‬شاعت املعلومات بني يدي الناس متدلية عناقيدها داني ة مثاره ا وذللت قطوفه ا‬
‫غري مقطوعة وال ممنوعة‪ ،‬يرون أن للك هل حرية يف التعبري فهم جعلوا يتلكمون عن األحاكم ادليني ة‪ ،‬ويفت ون مبا دلهيم‪ ،‬مفهنم‬
‫من يشدد أمور ديهنم وابتدعوا ما مل يأمر هللا هبا فغلبهتم شدهتم ومهنم من يتساهلون فهيا‪ ،‬يعمل ون ببعض ويكف رون ببعض‬
‫وجيعلون القرآن عضني فضاعت فهيم الرساةل ادلينية واألخالقية‪ ،‬أفواههم أحىل من السكر وقلوهبم قلوب اذلئاب وال ندري‬
‫أرش أرادوا مبن يف األرض أم أرادوا هبم رش دا فاالختالف ات الواقع ة والاش تباهات ادلائرة توق ع األم ة يف ريب وحتري فهم‬
‫بني النور والظلامت‪ ،‬فاملشالكت الرئيسية دلينا أربعة‪:‬‬
‫من يعده الرشع معتربا قوهل معمتدا رأيه يف بيان احلمك؟‬ ‫‪‬‬
‫وما يشرتط هل الرشع؟‬ ‫‪‬‬
‫وكيف يستنبط املتقدمون واملتأخرون األحاكم ادلينية من مصادر الرشيعة عند مواهجة النازةل؟‬ ‫‪‬‬
‫وكيف أن نتعامل يف اجهتادمه وإ فتاهئم؟‬ ‫‪‬‬
‫فإن الالكم يف جمال اإلفتاء الكم عظمي ش ديد اخلط ر حيث تق ف علي ه حي اة العب اد لكيال تس تحيل الس هوةل اىل التس اهل‬
‫والشدة إىل غلو وتطنب وألن ال يلتبس ما يواف ق الرشيعة مهنا مبخالفه ا‪ .‬ومن مث‪ ،‬اكن البحث عن تكل املس ائل من أج ل‬
‫املطالب وادلراسة سامي أن تبليغ األ حاكم واجب عىل ذوي العمل‪ ،‬قال (ص)‬
‫”ال ينبغي للعامل ان يسكت عىل علمه وال ينبغي للجاهل ان يسكت عىل هجهل قال هللا تعاىل‪ :‬فَ ۡسـَٔلُ ۤو ۟ا َأ ۡه َل ٱ ِّذل ۡك ِر ن ُكنمُت ۡ اَل‬
‫ِإ‬
‫ون“‬ ‫تَ ۡعلَ ُم َ‬
‫ورمِه ۡ َوٱ ۡش رَت َ ۡو ۟ا ِب ِهۦ ثَ َمنً ا‬ ‫ٱ‬ ‫ٱ‬ ‫ٱ‬
‫وقال تعاىل‪َ :‬و ۡذ َأ َخ َذ هَّلل ُ ِمیث َٰـ َق ذَّل ِ َین ُأوتُ و ۟ا ۡل ِكتَ ٰـ َب لَ ُت َب ِی ّنُنَّهُۥ ِللنَّ ِاس َواَل تَ ۡك ُت ُم ون َهُۥ فَنَ َب ُذو ُه َو َر ۤا َء ُظهُ ِ‬
‫ِإ‬
‫ون‬‫قَ ِلیاًل ۖ فَ ِبئۡ َس َما ی َشۡ رَت ُ َ‬
‫ون َم ۤا َأ َنزلۡنَا ِم َن ٱلۡ َب ِ ّینَ ٰـ ِت َوٱلۡهُ دَ ٰى ِم ۢن ب َ ۡع ِد َم ا ب َ َّین َّ ٰـ ُه ِللنَّ ِاس یِف ٱ ۡل ِكتَ ٰـ ِب ُأ ۟ولَ ٰۤـ ى َك ی َلۡ َعهُن ُ ُم ٱهَّلل ُ َوی َلۡ َعهُن ُ ُم‬ ‫ٱ‬
‫وقال تعاىل‪َّ :‬ن ذَّل ِ َین یَ ۡك ُت ُم َ‬
‫ِٕ‬ ‫ِإ‬ ‫ٱ‬
‫ون‬‫لل َّ ٰـ ِع ُن َ‬
‫قال (ص)‪” :‬من سئل عن عمل فكمته أمجله هللا جلاما من انر يوم القيام ة“ وق ال (ص)‪” :‬فليبل غ الش اهد الغ ائب“ وق ال ابن‬
‫املبارك عن احلسن البرصي‪:‬‬
‫”ست‪ ،‬اذا أداها قوم اكن موضوع عن العامة واذا اجمتعت عىل تركها اكنوا آمثني“ وفيه ”والفتيا بني الناس!“‬
‫‪ ١.٤‬أهداف البحث‬
‫ومن هذا املنطلق‪ ،‬فاملبحث عندان تدور حول أمور‬
‫‪ ‬بيان معيار الرشع يف اعتبار اجملهتد واملفيت‬
‫‪ ‬استطراد كيفية الاستنباط من املتقدمني واملتأخرين‬
‫‪ ‬توضيح ألحاكم التقليد‬
‫‪ ١.٥‬مهنج البحث‬
‫املهنج الكتايب لهذه الرساةل مبين عىل القواعد واألساليب اليت ذهبت إلهيا شعبة علوم الويح مبدرسة القرآن كوبنج بوج وق‬
‫نظرا إىل أهنا إحدى ادلراسات املكتوبة يف مضن املناجه ادلراسية من تكل الشعبة‪ ،‬وإ ان س نحاول بلك م ا أوتين ا ب ه عىل أن‬
‫نرتهبا بأسلوب سهل وترتيب جيد غري سامئ مع الاعتناء ابلعالقات بني املوضوعات اخملتارة حىت يشبع ب ه املبت دئ وي روى‬
‫به املتعمل ويستفيدون مهنا حق الاستفادة‬
‫متتاز الرساةل يف أهنا ختص لتشد شوارد مع اين البحث وتض ع كن وز فرائ د مض موانته عىل ط رف الامثم فيناس ب امجلي ع من‬
‫الطبقات لكها واملتعلمني من الصفوف لكها علياها وسفلهٰى ا‬
‫تبدأ الرساةل ابحلوامل اليت حتملن ا عىل تق دميها من املب ادئ األساس ية واألم ور املش لكة فهيا‪ ،‬مث خنوض يف بي ان التعريف ات‬
‫واملهامت اليت ال بد لنا من إتياهنا ليكون الشارع فهيا عىل بصرية اتمة وال يرتب ك بني ي دي املقص ود‪ ،‬وبع د ذكل‪ ،‬نرشع يف‬
‫موضوعنا هذا وخنمتها ببعض ما يتلخص لنا من املباحث السابقة‬
‫وملا هتدف الرس اةل إىل بي ان عن اجملهتد واملف يت وتوض يح ألحاكم التقلي د‪ ،‬تبحث الرس اةل عىل طريق ة البح وث املكتبي ة‬
‫العامة بترشحي خزائن الكتب اإلسالمية القدمية وتفتيش الكتب واجملاالت املؤثرة‪ ،‬ف إن املب ادئ الفقهي ة األساس ية الس تامثر‬
‫أحاكم الرشعية موض وعة عىل أي دي الفقه اء واألمئة املتقدم ة‪ ،‬اكنوا أفض ل ه ذه األم ة أبره ا قلواب وأمعقه ا علام خيت ارمه هللا‬
‫إلقامة دينه واستخلفهم هللا لبيان حمكه يف مقام نبيه فهم أع رف الن اس للرشوط الاجهتادي ة يف بي ان الرشيعة لق رهبم بعه د‬
‫الصحابة وسيد املرسلني اكفة‬
‫ومن الكتب الرتاثية املستخدمة لتناول هذه الغاية‬
‫النووي‪ ،‬أبو زكراي‪ ،‬حيىي بن رشف (‪ )١٩٨٨‬أدب الفتوى واملفيت واملستفيت‪ ،‬الطبعة األوىل‪ ،‬دمشق‪ :‬اجلفان واجلايب‬
‫السيوطي‪ ،‬جالل ادلين عبد الرمحن بن أبو بكر (‪ )٢٠٠٧‬أدب الفتيا‪ ،‬الطبعة األوىل‪ ،‬قاهرة‪ :‬دار اآلفاق العربية‬
‫وأما الالتفات إىل التصانيف العرصية فإن الناس ال يزالون حيدث هلم يف لك زمان من األحاكم ما يناسهبم‪ ،‬ومواهجة النازةل‬
‫والاختي ارات الفقهي ة تتغ ري يف مس لكه من عرص إىل عرص‪ ،‬ختتل ف يف العه ود املتعاقب ة ابعتب ار تغ ري الزم ان واملاكن‬
‫واألشخاص واألحوال وابعتبار تغري املصاحل أيضا‪ ،‬ورمبا وقعت واقع ة مل يكن مثله ا من قب ل واكن الاقتص ار مبا يف س طور‬
‫الكتب شيئا من امجلود فإن العامل اإلساليم اآلن يفتقر إىل "طبيب" يعاجل صعباهتم ويداوي مشالكهتم بأجوبة سديدة ش افية‬
‫موافقة ملرحةل واقعية‪ ،‬فإنه للك داء دواؤه وللك زم ان نوازهل وفت اواه فال خمرج لن ا عن الرج وع يف ه ذا املبحث إىل تكل‬
‫املؤلفات املؤثرة‬
‫ومن الكتب املؤثرة اليت وقعت علهيا نظري ليساعدين عىل حيازة املطلوب‬
‫ضوابط الاختيار الفقهي عند النوازل (‪ ،)٢٠٢١‬طبعة اثلثة‪ ،‬دار اإلفتاء املرصية‪ :‬مرص‬
‫عبد هللا بن الشيخ احملفوظ بن بيه (‪ )٢٠١٨‬صناعة الفتوى وفقه األقليات‪ ،‬طبعة اثلثة‪ ،‬مركز املوطأ‬
‫البكري‪ ،‬ادلكتور ذو الكفل بن محمد (‪ )٢٠١٩‬بيان للناس‪ ،‬طبعة أوىل‪ ،‬كوالا لومڤور‪ :‬كراي بيستاري‬
‫ڤاممهن أص ول الفق ه منجاان مكنتڤن فق ه (‪ ,)٢٠٠٤‬طبع ة أوىل‪،‬ك والا لومڤ ور‪ :‬ف اكوليت رشيعة دان اون دڠ‪-‬اون دڠ ك وليج‬
‫اونيۏرسييت إسالم مليسيا‬
‫‪ ١.٦‬أمهية البحث‬
‫تاكد أن تتفق لكمة الفقه اء عىل وج وب التقلي د عىل غ ري اجملهتد ملن ه و أه ل لالجهتاد‪ ،‬وذكل لتع ذر الاجهتاد عىل امجلي ع‪،‬‬
‫وشدد عليه شيخ اإلسالم زكراي األنصاري حيث قال‪ :‬يلزم غري اجملهتدين عاميا اكن أو غ ريه يف غ ري العقائ د التقلي د للمجهتد‬
‫يف األحص آلية‪ :‬فاسألوا أهل اذلكر‪ ،‬وقال الشافعي يف رسالته‪ :‬ليس ألحد أبدا أن يق ول يف يشء "ح ل" وال "ح رم" إال من‬
‫هجة العمل وهجة العمل اخلرب يف الكتاب أو السنه أو القياس‬
‫وعليه‪ ،‬يل زم الع وام أن جيهتدوا يف من أرادوا أن يس ندوا أم ور ديهنم الي ه ف إن الس ائل ال يص ح هل أن يس ال من ال يعت رب‬
‫جوابه يف الرشيعة ألنه إسناد األمر إىل غري أههل ومثهل ال يدخل حتت زمرة العقالء فإن من ضل السبيل وهجل الطري ق ال‬
‫يسال من هو يف اجلهل به عىل السواء وملا تعدد أهل العمل دليه وجب الرتجيح عليه‬
‫والرتجيح إمنا يتحصل ممن هل أهلية فيه‪ ،‬وأول يشء حيتاج للقيام عىل معرفته هو الوق وف عىل معرف ة الرشوط الاجهتادي ة‬
‫وأحوال املفتني‪ ،‬فإن املرء لومل يعمل كيفي ة المتي زي والتص نيف بني اجملهتد ومن ليس مهنم فكي ف أن يت أىت ابلرتجيح اذلي ه و‬
‫املطلوب عليه؟‪ .‬نظ را إىل ه ذا‪ ،‬اكنت ادلواعي عىل إع داد ه ذه الرس اةل إجاب ًة له ذه املش لكة يشء ال حماةل وال ف رار مهنا‪،‬‬
‫والقول بأنه من أجل املطالب يف هذه الزمان ليس مبنكر‬
‫قال (ص)‪" :‬هل تعرف ما هيدم اإلسالم" قال‪ :‬قلت‪ :‬ال قال‪" :‬هيدمه زةل العامل وجدال املنافق ابلكتاب وحمك األمئة‬
‫املضلني" ويف حديث‪” :‬إن هللا ال يقبض العمل انزتاعا ينزتعه من العباد ولكن يقبض العمل بقبض العلامء حىت ال يبق عاملا‪،‬‬
‫اختذ الناس رؤوسا هجاال‪ ،‬فسئلوا‪ ،‬فأفتوا بغري عمل فضلوا وأضلوا“ وعن ابن سريين أنه قال‪" :‬إن هذا العمل دين فانظروا‬
‫معن تأخذون دينمك!‪".‬‬
‫‪ ١.٧‬خالصة البحث‬
‫الاختالف بني األمئة يف املذاهب اإلسالمية رمحة وختفيف ابالم ة‪ ،‬يص در اخلالف من تف اوت األفاكر والعق ول البرشية يف‬
‫فهم النصوص الرشيعة وتطبيقها ملا تستحدث من الوقائع واحلوادث مراعية لالعراف املتجددة املتطورة‬
‫ق ال تع اىل‪َ :‬و َذا َج ۤا َءمُه ۡ َأ ۡم ٌر ِّم َن ٱَأۡل ۡم ِن َأ ِو ٱلۡ َخ ۡو ِف َأ َذا ُع و ۟ا ِب ِهۦۖ َولَ ۡو َردُّو ُه ىَل ٱ َّلر ُس ولِ َو ىَل ٰۤ ُأ ۟ویِل ٱَأۡل ۡم ِر ِمهۡن ُ ۡم لَ َع ِل َم ُه ٱذَّل ِ َین‬
‫ی َس َتنۢب ُِطون َهُۥ ِمهۡنِإ ۗم ولَواَل فَضۡ ُل ٱهَّلل ِ عَلَیمُك ۡ ورمۡح َتهُۥ ٱَلت َّبعمُت ٱ َّلشی َطـن اَّل قَ ِلیاًل ِإ﴿القرآن﴾ ِإ‬
‫َ‬ ‫ۡ ََ ُ ۡ‬ ‫ُۡ َ ۡ‬ ‫ۡ‬
‫َ ُ ۡ ٰ ِإ‬
‫قال النيب (ص)‪" :‬إمنا األمور ثالثة‪ :‬أمر تبني كل رشده فاتبعه‪ ،‬وأمر تبني كل غ ّيه فاجتنبه‪ ،‬وأمر اختلف فيه فردّه إىل‬
‫هيتدى هبا يف ظلامت الرب والبحر‪ ،‬فإذا انطمست النجوم‬ ‫عامله‪ ".‬وقال(ص)‪ ":‬إن مثل العلامء مكثل النجوم يف السامء‪ٰ ،‬‬
‫أوشك أن تضل الهداة‪".‬‬
‫وال سبيل يف إدراك فرائض الرشيعة بعد انقطاع الويح إال األخذ مبا غلب عىل ظن هذا اجملهتد أو ذاك‪ ،‬لكن يسند األمر ‪-‬‬
‫كام يف اآلية الكرمية‪ -‬إىل الراخسني املت وفرة فهيم رشوط الاجهتاد وأوص اف اإلفت اء وال حيص ل ذكل إال بع د أن نع رف أوال‬
‫تكل الرشوط واألوصاف‬
‫قال تعاىل‪َّ ۞ :‬ن ٱهَّلل َ ی َ ۡأ ُم ُرمُك ۡ َأن تَُؤ دُّو ۟ا ٱَأۡل َم ٰـنَ ٰـ ِت ىَل ٰۤ َأ ۡه ِلهَا َو َذا َحمَك ۡمُت ب َنۡی َ ٱلنَّ ِاس َأن حَت ۡ مُك ُو ۟ا ِبٱلۡ َع دۡ ِ ۚل َّن ٱهَّلل َ ِن ِع َّما ی َ ِع ُظمُك ِب ِه ۤ ۗۦ َّن‬
‫ِإ‬ ‫ِإ‬ ‫ِإ‬ ‫ِإ‬
‫ِإ‬ ‫ٱهَّلل َ اَك َن مَس ِ ی َعۢا ب َ ِص ًریا‬
‫ون َۡأح َسنَ ُه ۤ ۚۥ ُأ ۟ولَ ٰۤـى َك ٱذَّل ِ َین هَدَ هٰى ُ ُم ٱهَّلل ُ ۖ َوُأ ۟ولَ ٰۤـى َك مُه ۡ ُأ ۟ولُو ۟ا‬ ‫قال تعاىل‪ { :‬فَبرِّش ِعبا ِد } ٱذَّل ِ ین ی َست ِمع ٱ‬
‫ون لۡ َق ۡو َل فَ َیتَّ ِب ُع َ‬
‫َ ۡ َ ُ َ‬ ‫َ ۡ َ‬
‫ِٕ‬ ‫ِٕ‬
‫ٱَأۡللۡ َب ٰـ ِب﴿القرآن﴾‬

You might also like