You are on page 1of 77

‫تابع الجديد والحصري على موقع األلوكة‬

‫‪www.alukah.net‬‬

‫اإلبهاج‬
‫شرح كتاب منهاج المسلم‬
‫كتاب عقائد وآداب وأخالق وعبادات ومعامالت‬

‫مادة مرشحة للفوز بمسابقة كاتب األلوكة الثانية‬

‫تأليف الشيخ‬
‫أبو بكر جابر الجزائري‬

‫‪-‬قام بالتعليق عليه‪-‬‬


‫أبو عبد اهلل‬
‫مدحت بن حممد عاشور‬

‫‪www.alukah.net‬‬
‫اإلبهاج في شرح منهاج المسلم‬
‫‪www.alukah.net‬‬

‫املقدمة‬
‫احلمد هلل رب العاملني‪ ،‬وإله األولني واآلخرين‪ ،‬وصالة اهلل وسالمه ورمحاته وبركاته على صفوة خلقه‪ ،‬وخامت أنبيائه ورسله‪،‬‬
‫سيدنا حممد وآله الطاهرين وصحابته أمجعني‪ ،‬ورمحة اهلل ومغفرته للتابعني‪ ،‬وتابعيهم بإحسان إىل يوم الدين‪.‬‬
‫وبعد‪ ،‬فقد سألين بعض اإلخوة الصاحلني من مدينة (وجدة) بالبالد املغربية أيام زياريت لتلك الديار اإلسالمية‪ ،‬سألين مبناسبة‬
‫دعويت اإلخوان إىل الكتاب والس َنة والتمسك هبما ألهنما سبيل جناة املسلمني ومصدر القوة واخلري هلم يف كل زمان ومكان‪.‬‬
‫سألين ذلك البعض املؤمن أن أضع للفئات املؤمنة هناك واجلماعة الصاحلة يف تلك الربوع كتابا أشبه مبنهاج أو قانون‪ ،‬يشمل‬
‫كل ما يهم املسلم الصاحل يف عقيدته‪ ،‬وآداب نفسه‪ ،‬واستقامة خلقه وعبادته لربه ومعاملته إلخوانه على أن يكون الكتاب قبسا‬
‫من نور اهلل (‪ ،)1‬وفلقة من مشس احلكمة احملمدية فال خيرج عن دائرة الكتاب والسنة‪ ،‬ويعدو هالتهما‪ ،‬وال ينفصل عن مركز‬
‫إشعاعهما حباٍل من األحوال وأجبت اإلخوة الصاحلني إىل ما طلبوا فاستعنت اهلل ع َّز وجل يف وضع الكتاب املطلوب أو املنهاج‬
‫املرغوب‪ ،‬وأخذت من يوم عوديت إىل الديار املقدسة يف اجلمع والتأليف‪ ،‬والتنقيح والتصحيح‪ ،‬على قلة فراغي وانشغال بايل‪.‬‬
‫وق د ب ارك اهلل تع اىل يف تل ك الس ويعات األس بوعية ال يت كنت اختلس ها من جيب أي امي املليئ ة ب اهلم والتفك ري‪ ،‬فلم ميض س وى‬
‫عامني حىت مت وضع الكتاب على الوجه الذي رجوت‪ ،‬والصورة اليت أملها اإلخوان‪.‬‬
‫وها هو الكتاب يقدم إىل الصاحلني من إخوة اإلسالم يف كل مكان‪ُ ،‬يقدم كتابًا‪ ،‬ولو مل أكن مؤلفه وجامعه لوصفته مبا عساه أن‬
‫يزيد من قيمته‪ ،‬ويكثر من الرغبة فيه‪ ،‬واإلقبال عليه‪ ،‬ولكن حسيب من ذلك ما اعتقد فيه‪ :‬انه كتاب املسلم الذي ال ينبغي أن‬
‫خيلو منه كل بيت مسلم‪ .‬هذا والكتاب يشمل على مخسة أبواب‪ ،‬يف كل باب عدة فصول‪ ،‬ويف كل فصل من الفصول باْيَب‬
‫العبادات واملعامالت مواد تكثر أحيانا وتقل‪.‬‬
‫فالباب األول من الكتاب يف العقيدة (‪ ،)2‬والثاين يف اآلداب‪ ،‬والثالث يف األخالق‪ ،‬والرابع يف العبادات‪ ،‬واخلامس يف املعامالت‪،‬‬
‫وهبذا كان جامعا ألصول الشريعة اإلسالمية وفروعها‪ .‬وصح يل أن أمسيه (( منهاج املسلم))‪ ،‬وأدعو اإلخوة املسلمني إىل األخذ‬
‫به‪ ،‬والعمل مبا فيه‪.‬‬
‫وقد سلكت‪ -‬بتوفيق اهلل – يف وضعه مسلكًا حسنا إن شاء اهلل تعاىل ففي باب االعتقادات مل أخرج عن عقيدة السلف إلمجاع‬
‫املس لمني على س المتها‪ ،‬وجناة ص احبها ألهنا عقي دة الرس ول ص لى اهلل علي ه وس لم‪ ،‬وعقي دة أص حابه والت ابعني هلم من بع ده‪،‬‬
‫وعقيدة اإلسالم الفطرية وامللة احلنفية اليت بعث اهلل هبا الرسل‪،‬وأنزل فيها الكتب ويف باب الفقه‪ -‬العبادات واملعامالت‪-‬مل آل‬
‫جه دا يف حتري األص وب واختي ار األص ح‪ ،‬مما دون ه األئم ة األعالم‪ ،‬ك أيب حنيف ة‪ ،‬ومال ك‪ ،‬والش افعي‪ ،‬وأمحد رمحهم اهلل تع اىل‬
‫أمجعني‪ ،‬مما مل يوجد له نص صريح أو دليل ظاهر من كتاب اهلل أو سنة رسوله صلى اهلل عليه وسلم‪،‬وهلذا أصبحت ال خياجلين‬

‫‪ )?(1‬املراد بنور اهلل كتابه الكرمي ألنه مساه نورا يف قوله عز وجل {آمنوا باهلل ورسوله والنور الذي أنزلنا}[التغابن‪.]٨ :‬‬
‫‪ )?(2‬وهذا الكتاب بإذن اهلل تعاىل حتقيق هلذا الباب كامال‪ ،‬أسأل اهلل أن يعم النفع به إنه ويل ذلك ومواله‪( .‬ش)‬
‫‪www.alukah.net‬‬
‫اإلبهاج في شرح منهاج المسلم‬
‫‪www.alukah.net‬‬

‫أدين ريب‪،‬وال يس اورين أق ل ش ك يف أن من عم ل من املس لمني هبذا املنه اج‪ -‬س واء يف ب اب العقي دة أو الفق ه‪ ،‬أو اآلداب‬
‫واألخالق‪ -‬هو عامل بشريعة اهلل تبارك وتعايل‪ ،‬وهدي نبيه صلى اهلل عليه وسلم‪.‬‬
‫وال بأس أن يعلم اإلخوة املسلمون أنه لو شئت‪ ،‬بإذن اهلل تعاىل‪ ،‬لدونت املسائل الفقهية يف هذا املنهاج على مذهب إمام خاص‪،‬‬
‫ولكنت بذلك أرحت نفسي من عناء مراجعة املصادر املتعددة وتصحيح األقوال املختلفة‪ ،‬واآلراء املتباينة أحيانا واملتفقة أخرى‪،‬‬
‫كم ا ه و مع روف ل دى الع املني ولكن رغب يت امللح ة يف مجع الص احلني من إخوانن ا املس لمني يف طري ق واح د تتكت ل في ه ق واهم‪،‬‬
‫وتتحد أفكارهم وتتالقى أرواحهم‪ ،‬وتتجاوب عواطفهم وتتفاعل أحاسيسهم ومشاعرهم هي اليت جعلتين أركب هذا املركب‬
‫الصعب‪ ،‬وأحتمل هذا العناء األكرب‪ ،‬واحلمد هلل على نيل املراد‪ ،‬وبلوغ القصد‪.‬‬
‫هذا‪ ،‬وإين ألشكو إىل ريب ع َّز وجل كل عبد يقول‪ :‬إين يف صنيعي هذا قد أحدثت حدث شر‪ ،‬أو أتيت مبذهب غري مذهب‬
‫املسلمني‪ ،‬وأستعيذ به سبحانه وتعاىل على كل من حياول صرف الصاحلني من هذه اآلمة عن هذا الطريق الذي دعوت‪ ،‬واملنهاج‬
‫الذي وضعت‪ ،‬إذ أنين‪ -‬والذي ال إله غريه‪ -‬مل أحرج عن قصد أو غري قصد‪ ،‬فيما أعلم عن كتاب اهلل وسنة نبيه صلى اهلل عليه‬
‫وسلم‪ ،‬وال عما رآه أئمة اإلسالم وعملوا به‪ ،‬واتبعهم يف ذلك ماليني املسلمني‪ ،‬مل اخرج قيد شعرة أبدا‪.‬‬
‫كما أنه ال قصد يل سوى اجلمع بعد الفرقة‪ ،‬وتقريب الوصول بعد طول الطريق‪.‬‬
‫فاللهم يا وَّيل املؤمنني‪ ،‬ومتويل الصاحلني اجعل عملي هذا يف املنهاج عمال صحيحا مقبوًال‪ ،‬وسعيي فيه سعيًا مرضيًا مشكورًا‪،‬‬
‫وانفع به اللهم من أخذ به وعمل مبا فيه‪ .‬وأنقذ به يا ريب من شئت من عبادك احليارى املرتددين‪ ،‬وأهد به من عبادك من رأيته‬
‫أهًال هلدايتك‪ ،‬إنك وحدك القادر على ذلك‪ .‬وصل اللهم على سيدنا حممد وآله وصحبه وسلم‪.‬‬
‫المؤلف أبو بكر جابر الجزائري‬
‫المدينة المنورة في ‪21/2/1384‬هـ ‪ 1/7/1964‬م‪.‬‬
‫مقدمة الشارح‪( -:‬تبني فضل العلم والفقه يف دين اهلل تعاىل )‬
‫إن احلمد هلل حنمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه‪ ،‬ونعوذ باهلل من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا‪ ،‬من يهده اهلل فهو املهتد‪،‬‬
‫ومن يضلل فال هادى له‪ ،‬وأشهد أن ال إله إال اهلل وحده ال شريك له وأشهد أن حممدا عبده ورسوله أدى الأمانة‪ ،‬وبلغ الرسالة‪،‬‬
‫ونصح الأمة‪ ،‬فكشف اهلل عز وجل به الغم ة فرتكنا على احملج ة البيضاء ليلها كنهارها ال يتبعها إال كل منيب سالك وال يزيغ‬
‫عن هدى النيب صلى اهلل عليه وعلى آله وسلم إال كل معتد هالك فصالة اهلل وسالمه عليه وعلى آله الطيبني وصحابته الغر‬
‫امليامني‪ ،‬ومن اهتدى هبداه وسار على طريقته واقتفى أثره‪ ،‬جعلين اهلل وإياكم منهم وكل سامع وكل قارئ ونسأل اهلل أن يوفقنا‬
‫ملا فيه صالح اآلخرة والقلوب‪.‬‬
‫قال اهلل تبارك وتعاىل‪ (:‬يا أيها الذين آمنوا اتقوا اهلل حق تقاته وال متوتن إال وأنتم مسلمون) [آل عمران‪.]102 :‬‬
‫( يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجاال كثريا ونساء‪ ،‬واتقوا اهلل الذي‬
‫تساءلون به واألرحام إن اهلل كان عليكم رقيبا) [النساء‪.]1:‬‬
‫( يا أيها الذين آمنوا اتقوا اهلل وقولوا قوال سديدا‪ ،‬يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم‪ ،‬ومن يطع اهلل ورسوله فقد فاز فوزا‬
‫عظيما) [األحزاب‪.]71-70 :‬‬

‫‪www.alukah.net‬‬
‫اإلبهاج في شرح منهاج المسلم‬
‫‪www.alukah.net‬‬

‫أما بعد‪:‬فإن أصدق احلديث كتاب اهلل عز وجل‪،‬وخري اهلدى هدى حممد صلى اهلل تعاىل عليه وعلى آله وسلم وشر األمور‬
‫حمدثاهتا وكل حمدثة بدعة وكل بدعة ضاللة وكل ضاللة يف النار‪،‬وبعد فإن علم الفقه من أجل العلوم اإلسالمية‪ ،‬بل ومن أَج ِّل‬
‫املقاصد يف الشريعة اإلسالمية الغراء‪ ،‬ومما يدل على فضل الفقه يف الدين ما أخرج ه "البخاري" (‪ ،)71‬و"مسلم" (‪ )1037‬يف‬
‫صحيحيهما من حديث معاوية رضي اهلل عنه قال َص َّلى الَّلُه َعَلْيِه َو َس َّلَم‪" :‬من يرد اهلل به خريًا يفقهه يف الدين"‬
‫وأخرج اإلمام الرتمذي يف سننه (‪ )2646‬من حديث أيب هريرة رضي اهلل عنه قال َص َّلى الَّل ُه َعَلْي ِه َو َس َّلَم‪ " :‬من سلك طريقا‬
‫يلتمس فيه علما سهل اهلل له طريقا إىل اجلنة " قال أبو عيسى الرتمذي‪ :‬هذا حديث حسن‪ ،‬واحلديث صححه العالمة األلباين‬
‫رمحة اهلل تعاىل عليه‪.‬‬
‫قال اهلل تعاىل (وقل رب زدين علما) [طه‪ ]١١٤ :‬فلم يأمر اهلل نبيه من االستزادة إال من العلم وذلك لشرفه‪،‬‬
‫وهلل در القائل إذ يقول‪-:‬‬
‫على اهلدى ملن استهدى أدالء‬ ‫ما الفخر إال ألهل العلم إهنم‬
‫واجلاهلون ألهل العلـم أعداء‬ ‫وقدر كل امرئ ما كان حيسنه‬
‫الناس موتى وأهل العلم أحياء‬ ‫ففـز بعلم تعش حيًا به أبدًا‬
‫ويكفي لشرف أهل العلم أن اهلل عز وجل قد استشهدهم على أجل مشهود‪ ،‬وقرن شهادهتم بشهادته‪،‬قال تعاىل (شهد اهلل أنه ال‬
‫إل ه إال ه و واملالئك ة وأول وا العلم قائم ا بالقس ط ال إل ه إال ه و العزي ز احلكيم) آل عم ران‪،١٨ :‬وجع ل اهلل أه ل العلم هم أه ل‬
‫خشيته‪،‬وقال تعاىل (إمنا خيشى اهلل من عباده العلماء‪ ،‬إن اهلل عزيز غفور) فاطر‪،٢٨ :‬‬
‫يقول عبد اهلل بن مسعود " كفى خبشية اهلل علما وكفى باالغرتار به جهال "‪ ،‬وقال تعاىل (قل هل يستوي الذين يعلمون والذين‬
‫ال يعلمون‪ ،‬إمنا يتذكر أولوا األلباب) الزمر‪،٩ :‬فال يستوي عامل مع جاهل‪ ،‬وهلل در القائل إذ يقول‪-:‬‬
‫و إ ـَّي ـاك وإَّياه‬ ‫ال تصحب أخا اجلهل‬
‫حليمـًا حني آخاه‬ ‫فكم من جاهل أردى‬
‫إذا ما هو ماشـاه‬ ‫يقاس املرء بامل ـرء‬
‫لذا فقد شدد أهل العلم يف أخذ العلم فال يؤخذ إال من أفواه العلماء العاملني‪-:‬قال َأُبو حيان األندلسي َر َمِحُه الَّلُه َتَعاىَل ‪-:‬‬
‫َأ ا ـٍم ِإِل اِك اْل ُلـوِم‬ ‫َيُظُّن اْلَغْم ُر َأَّن اْلُك ْتَب َتْه ِدي‬
‫َخ َفْه ْد َر ُع‬
‫َغ اِم ـَض َح َّي ْت َعْق اْلَف ِه يـِم‬
‫َل‬ ‫َر‬ ‫َو‬ ‫َو َم ا َيْد ِر ي اَجْلُه وُل ِبَأَّن ِفيَه ا‬
‫َض َلْلت َعْن الِّص اِط اْلُمْس َتِق يـِم‬ ‫إَذا ُر ْم ت اْلُعُلوَم ِبَغِرْي َش ْيـٍخ‬
‫َر‬
‫َتِص َأَض َّل ِم ْن ُتِّو َم ا اَحْلِكيـِم‬ ‫َو َتْلَتِبُس اْلُعُلوُم َعَلْيـك َح ىَّت‬
‫َري‬
‫يريـُد بذاَك جناِت النعي ـِم‬ ‫تصدَق بالبنـاِت على رجاٍل‬
‫يِن‬
‫َلْو َأْنَص ُفو َلُك ْنت َأْر َك ُب‬ ‫َأَش ار إىَل َقْو ِل َبْع ِض ِه ْم ‪َ :‬قاَل َمِحاُر اَحْلِكيِم ُتِّو َم ا‬
‫ِه‬ ‫ِح‬ ‫َأِلَّنيِن َج اِه ٌل َبِس ي ـٌط‬
‫َو َص ا يِب َج ا ٌل ُمَر َّك ـُب‬
‫روى اخلطيب البغدادي بإسناده عن موسى بن يسار أنه قال‪ (( :‬ال تأخذوا العلم إال من أفواه العلماء ))‪.‬‬

‫‪www.alukah.net‬‬
‫اإلبهاج في شرح منهاج المسلم‬
‫‪www.alukah.net‬‬

‫وقال (( الذي يأخذ العلم من الكتب يقال له الصحفي والذي يأخذ القرءان من املصحف يقال له مصحفي )) (بضم احلاء‬
‫والصاد)‪.‬‬
‫وقال اإلمام الشافعي‪" :‬من دخل يف العلم وحده خرج وحده "‪.‬‬
‫وينبغي أن يراعى يف طلب العلم تعلمه هلل عز وجل‪ ،‬فالعلماء هم ورثة األنبياء‪ ،‬وهم الذين يرفعهم اهلل يف الدنيا قبل اآلخرة‪،‬‬
‫فهم أه ل لك ل فض يلة‪،‬فل ذا ينبغي أن حيافظوا علي تل ك النعم ة‪ ،‬وق ال تع اىل (يرف ع اهلل ال ذين آمن وا منكم وال ذين أوت وا العلم‬
‫درجات‪ ،‬واهلل مبا تعملون خبري) [اجملادلة‪]١١ :‬‬
‫روى اإلم ام الرتم ذي يف س ننه (‪ )2682‬عن قيس بن كث ري ق ال ق دم رج ل من املدين ة على أيب ال درداء وه و بدمش ق فق ال م ا‬
‫أقدمك يا أخي فقال حديث بلغين أنك حتدثه عن رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم قال أما جئت حلاجة قال ال قال أما قدمت‬
‫لتجارة قال ال قال ما جئت إال يف طلب هذا احلديث قال فإين مسعت رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم يقول من سلك طريقا‬
‫يبتغي في ه علم ا س لك اهلل ب ه طريق ا إىل اجلن ة وإن املالئك ة لتض ع أجنحته ا رض اء لط الب العلم وإن الع امل ليس تغفر ل ه من يف‬
‫الس موات ومن يف األرض ح ىت احليت ان يف املاء وفض ل الع امل على العاب د كفض ل القم ر على س ائر الك واكب إن العلم اء ورث ة‬
‫األنبي اء إن األنبي اء مل يورث وا دين ارا وال درمها إمنا ورث وا العلم فمن أخ ذ ب ه أخ ذ حبظ واف ر " واحلديث ص ححه العالم ة األلب اين‬
‫رمحه اهلل تعاىل‪،‬‬
‫وطالب العلم أهل لكل سكينة وكل وقار‪ ،‬فاملالئكة حتفه بأجنحتها رضا مبا يصنع‪ ،‬وتغشاه الرمحة‪ ،‬وتعلوه السكينة والوقار‪-:‬‬
‫فقد روى مسلم يف صحيحه (‪ )2699‬من حديث أيب هريرة رضي اهلل عنه قال قال رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم من نفس‬
‫عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفس اهلل عنه كربة من كرب يوم القيامة ومن يسر على معسر يسر اهلل عليه يف الدنيا واآلخرة‬
‫ومن سرت مسلما سرته اهلل يف الدنيا واآلخرة واهلل يف عون العبد ما كان العبد يف عون أخيه ومن سلك طريقا يلتمس فيه علما‬
‫سهل اهلل له به طريقا إىل اجلنة وما اجتمع قوم يف بيت من بيوت اهلل يتلون كتاب اهلل ويتدارسونه بينهم إال نزلت عليهم السكينة‬
‫وغشيتهم الرمحة وحفتهم املالئكة وذكرهم اهلل فيمن عنده ومن بطأ به عمله مل يسرع به نسبه‪.‬‬
‫ويكفي لشرف طالب العلم أنه ال يشقى من جيالسه‪ ،‬فهو كاملسك أو ك اليلنجوج يفوح على من حوله‪ -:‬روى البخاري يف‬
‫صحيحه (‪ ،)6408‬ومسلم يف صحيحه (‪ )2689‬واللفظ له من حديث أيب هريرة رضي اهلل عنه عن النيب صلى اهلل عليه وسلم‬
‫قال " إن هلل تبارك وتعاىل مالئكة سيارة فضال يتبعون جمالس الذكر فإذا وجدوا جملسا فيه ذكر قعدوا معهم وحف بعضهم‬
‫بعضا بأجنحتهم حىت ميلئوا ما بينهم وبني السماء الدنيا فإذا تفرقوا عرجوا وصعدوا إىل السماء قال فيسأهلم اهلل عز وجل وهو‬
‫أعلم هبم من أين جئتم فيقولون جئنا من عند عباد لك يف األرض يسبحونك ويكربونك ويهللونك وحيمدونك ويسألونك قال‬
‫وماذا يسألوين قالوا يسألونك جنتك قال وهل رأوا جنيت قالوا ال أي رب قال فكيف لو رأوا جنيت قالوا ويستجريونك قال ومم‬
‫يستجريونين قالوا من نارك يا رب قال وهل رأوا ناري قالوا ال قال فكيف لو رأوا ناري قالوا ويستغفرونك قال فيقول قد‬
‫غفرت هلم فأعطيتهم ما سألوا وأجرهتم مما استجاروا قال فيقولون رب فيهم فالن عبد خطاء إمنا مر فجلس معهم قال فيقول‬
‫وله غفرت هم القوم ال يشقى هبم جليسهم" وعند البخاري " هم اجللساء "‪.‬‬

‫‪www.alukah.net‬‬
‫اإلبهاج في شرح منهاج المسلم‬
‫‪www.alukah.net‬‬

‫وق د دع ا رس ولنا ص لى اهلل علي ه وس لم البن عب اس كم ا يف البخ اري (‪ )143‬ومس لم (‪ )2477‬عن ه ق ال‪« :‬الّلهّم فّق ه ه يف‬
‫الّد ين»‪.‬‬
‫وروى البخاري يف صحيحه (‪ ،)3496‬ومسلم يف صحيحه (‪)2526‬من حديث أيب هريرة‪ -‬رضي الّل ه عنه ‪ -‬أّن رسول الّل ه‬
‫صّلى الّله عليه وس ّلم قال‪ « :‬جتدون الّن اس معادن فخيارهم يف اجلاهلّي ة خيارهم يف اإلسالم إذا فقهوا وجتدون من خري الّن اس‬
‫يف هذا األمر‪ ،‬أكرههم له‪ .‬قبل أن يقع فيه‪ .‬وجتدون من شرار الّناس ذا الوجهني‪ .‬اّلذي يأيت هؤالء بوجه وهؤالء بوجه»‪.‬‬
‫قال عمر بن اخلّطاب‪ -‬رضي الّله عنه‪ :-‬تفّق هوا قبل أن تسودوا‪ ،‬قال أبو عبد الّله يعين البخارّي ‪ :‬وبعد أن تسودوا‪ ،‬وقد تعّلم‬
‫أصحاب الّنّيب صّلى الّله عليه وسّلم يف كرب سّنهم»‪.‬‬
‫قال ابن عّباس‪ -‬رضي الّله عنهما‪« :-‬كونوا رّبانّيني حكماء فقهاء»‪.‬‬
‫ولطالب العلم آداب ينبغي مراعاهتا مجعها بعضهم يف قوله‪:‬‬
‫سأنبي ـك عنها ببيـان‬ ‫أخي لن تنال العلم إال بستة‬
‫وتلقني أستاذ وطول زمان‬ ‫ذكاء وحرص وافتقار وغربة‬
‫ويقدم األهم فاألهم ألن العمر ميضي سريعا‪-:‬‬
‫والعمر ضيف زار أو طيف أمل‬ ‫وقدم األهم إن العلم جـم‬
‫ويستحب أال جيمع بني علمني إال حلاجة‪-:‬‬
‫وقبل االنتهاء عن سواه مه‬ ‫وإن ترد حتصيل فن تتمــه‬
‫إن توأمان استبقا مل خيرجا‬ ‫إذ يف ترادف الفنون املنع جا‬
‫وال يطلب العلم إال للعمل‪-:‬‬
‫فإن أجابه وإال ارحتـل‬ ‫هتف العلم بالعمـل‬
‫يف النار قبل عباد الوثن‬ ‫وعامل بعلمه مل يعملن‬
‫قال سفيان بن عيينة‪ :‬كنت قد أوتيت فهم القرآن‪ ،‬فلما قبلت الصرة من أيب جعفر سلبته نسأل اهلل املساحمة‪.‬‬
‫و قال الشافعي رمحه اهلل‪ :‬وددت أن اخللق تعلموا مين هذا العلِم على أن ال ينسب إيل حرف منه‪.‬‬
‫وقال رمحه اهلل‪ :‬ما ناظرت أحدًا قط على الغلبة‪ ،‬ووددت إذا ناظرت أحدًا أن يظهر على يديه‪،‬‬
‫وقال‪ :‬ما كلمت أحدًا قط إال وددت أن يوفق ويسدد ويعان ويكون عليه رعاية من اهلل وحفظ‪.‬‬
‫وعن أيب يوس ف رمحه اهلل ق ال‪ :‬ي ا ق وم أري دوا بعلمكم اهلل‪ ،‬ف إين مل أجلس جملس ًا ق ط أن وي في ه أن أعل وهم‪ ،‬إال مل أقم ح ىت‬
‫أفتضح‪.‬‬
‫روى البخاري يف صحيحه (‪ ،)3681‬ومسلم يف صحيحه(‪)2389‬من حديث عبد اهلل بن عمر رضي اهلل عنهما َأَّن َرُس وَل‬
‫ِر‬ ‫يِف‬ ‫ِر يِف ِر‬ ‫ِإ‬ ‫َّل‬ ‫ِئ ِر‬ ‫َّلِه َّل َّل ِه َّل‬
‫ال َص ى ال ُه َعَلْي َو َس َم َقاَل َبْيَن ا َأَنا َنا ٌم َش ْبُت َيْع يِن ال َنَب َح ىَّت َأْنُظَر ىَل ال ِّرِّي ْجَي ي ُظُف ي َأْو َأْظَف ا ي َّمُث َناَو ْلُت ُعَم َر‬
‫َفَق اُلوا َفَم ا َأَّو ْلَتُه َقاَل اْلِعْلَم‪.‬‬

‫‪www.alukah.net‬‬
‫اإلبهاج في شرح منهاج المسلم‬
‫‪www.alukah.net‬‬

‫قال علي بن أي طالب رضي اهلل عنه لكميل بن زياد‪ :‬يا كميل العلم خري من املال ‪ ,‬العلم حيرسك وأنت حرس املال‪ ،‬والعلم‬
‫حاكم واملال حمكوم عليه‪ ،‬واملال تنقصه النفقة واملال يزكوا باإلنفاق‪.‬‬
‫ويف صحيح مسلم عن حيىي بن أيب كثري‪ ،‬قال‪ :‬ال يستطاع العلم براحة اجلسم‪.‬‬
‫وكما قيل‪:‬‬
‫ال تبلغ اجملد حىت تلعق الصربا‬ ‫ال حتسب اجملد مترًا أنت آكله‬
‫وه ذا الش افعي رمحه اهلل يرح ل من أج ل تعلم علم الفراس ة‪-:‬يق ول خ رجت إىل اليمن يف طلب كتب الفراس ة‪ ،‬ح ىت كتبته ا‪،‬‬
‫ومجعتها‪ ،‬مث ملا حان انصرايف مررت على رجل يف الطريق‪ ،‬وهو حمتب بفناء داره أزرق العني ناتئ اجلبهة سناط‪ ،‬فقلت له‪ :‬هل‬
‫من منزل؟ فقال‪ :‬نعم‪ .‬قال الشافعي‪ :‬وهذا النعت أخبث ما يكون يف الفراسة‪ ،‬فأنزلين‪ ،‬فرأيته أكرم ما يكون من رجل‪ ،‬بعث‬
‫إيل بعش اء‪ ،‬وطيب‪ ،‬وعل ف ل دابيت‪ ،‬وف راش‪ ،‬وحلاف‪ ،‬فجعلت أتقلب اللي ل أمجع م ا أص نع هبذه الكتب إذا رأيت النعت يف ه ذا‬
‫الرجل‪ ،‬فرأيت أكرم رجل‪ ،‬فقلت‪ :‬أرمي هبذه الكتب‪ ،‬فلما أصبحت‪ ،‬قلت للغالم‪ :‬أسرج‪ ،‬فأسرج‪ ،‬فركبت‪ ،‬ومررت عليه‪،‬‬
‫وقلت له‪ :‬إذا قدمت مكة‪ ،‬ومررت بذي طوى‪ ،‬فاسأل عن حممد بن إدريس الشافعي‪ ،‬فقال يل الرجل‪ :‬أموىل ألبيك أنا؟ قال‪:‬‬
‫قلت‪ :‬ال‪ .‬قال‪ :‬فهل كانت لك عندي نعمة؟ فقلت‪ :‬ال‪ .‬فقال‪ :‬أين ما تكلفته لك البارحة؟ قلت‪ :‬وما هو؟ قال‪ :‬اشرتيت لك‬
‫طعاما بدرمهني‪ ،‬وإداما بكذا‪ ،‬وكذا‪ ،‬وعطرا بثالثة دراهم‪ ،‬وعلفا لدابتك بدرمهني‪ ،‬وكراء الفرش‪ ،‬واللحاف درمهان! ق ال‪ :‬قلت‬
‫يا غالم اعطه‪ ،‬فهل بقي من شيء؟ قال‪ :‬كراء البيت فإين قد وسعت عليك‪ ،‬وضيقت على نفسي‪ .‬قال الشافعي‪ :‬فغبطت بتلك‬
‫الكتب‪ ،‬فقلت له بعد ذلك‪ :‬هل بقي لك من شيء؟ قال‪ :‬امض أخزاك اهلل‪ ،‬فما رأيت قط شرا منك!‪.‬‬
‫وال بد من بذل الغايل والنفيس يف طلب العلم‪ -:‬قال ابن عيينة‪( :‬إن العلم لن يعطيك بعضه حىت تعطيه كلك )‪.‬‬
‫كما قالت العالية أم مالك رمحه اهلل‪( :‬اذهب إىل ربيعة فتعلم من أدبه قبل أن تتعلم من علمه)‪.‬‬
‫فهذا الشافعي رمحه اهلل حني ألف الرسالة سلمها إىل الربيع بن سليمان املرادي‪ ،‬فقال‪ :‬يا ربيع خذ هذا الكتاب على خطأ كثري‬
‫فيه‪ ،‬قال‪ :‬قلت‪ :‬يا أبا عبد اهلل! أصلحه لنا‪ ،‬قال‪ :‬كيف وقد قال اهلل تعاىل‪َ {:‬ل ْو َك اَن ِم ْن ِعْن ِد َغِرْي الَّل ِه َلَو َج ُد وا ِفي ِه اْخ ِتالًف ا‬
‫َك ِثًريا} [النساء‪ ]82:‬أىب اهلل العصمة إال لكتابه‪ .‬وأنشد الّر بيع عن الّش افعّي ‪ -‬رمحه الّله‪-:-‬‬
‫كمنزلة الفقيه من الّس فيه‬ ‫ومنزلة الّس فيه من الفقيـه‬
‫وهذا فيه أزهد منه فيـه‬ ‫فهذا زاهد يف قـرب هذا‬
‫تنّطع يف خمالفـة الفقيـه‬ ‫إذا غلب الّش قاء على سفيه‬
‫هذا بعض ما تيسر مجعه من فضل الفقه يف الدين وطلب العلم‪ ،‬نسأل اهلل عز وجل أن جيعل عملنا هذا خالصا لوجهه الكرمي‪،‬‬
‫وأن ينف ع هبذا العم ل ي وم ال ينف ع م ال وال بن ون إال من أتى اهلل بقلب س ليم‪ ،‬إن ه ويل ذل ك وم واله والق ادر علي ه‪ ،‬وق د مسيت‬
‫الكتاب‪ -:‬اإلهباج شرح كتاب منهاج املسلم‪ .‬راجيا من اهلل تعاىل أن يدخل هذا الكتاب السرور والبهجة على كل من نظر فيه‬
‫وتأمله مبا يف ذلك مؤلفه فضيلة الشيخ أيب بكر اجلزائري املدرس مبدينة رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم أمد اهلل يف حياته ونفع‬
‫املس لمني بعلم ه وبكتب ه‪ ،‬فإهنا متت از بالس هولة واليس ر‪ .‬وق د قمت ب التعليق علي ه وذك ر أق وال أه ل العلم على األح اديث ق در‬
‫املستطاع السيما اإلمام العالمة اجملدد حممد ناصر الدين األلباين رمحه اهلل رمحة واسعة ونفع املسلمني بعلمه‪ ،‬واهلل من وراء القصد‬

‫‪www.alukah.net‬‬
‫اإلبهاج في شرح منهاج المسلم‬
‫‪www.alukah.net‬‬

‫وعليه التكالن‪ ،‬إنه حسبنا ونعم الوكيل‪ ،‬وقد ابتدأت فيه بقسم العقيدة اإلسالمية كما ال خيفى أمهية ذلك العلم فإن شرف العلم‬
‫بش رف املعلوم وعلم العقي دة يتعل ق به س بحانه وتع اىل‪ .‬وجيدر اإلش ارة يف ه ذه املقدم ة أن أبني ملس ألة خاص ة ب التعليق وهي أن‬
‫ذكري يف اهلامش هلذا الشكل (أهـ) فإن ذلك يعين إىل هنا انتهى كالم الشيخ‪ ،‬و معىن (ش) يف آخر الكالم أن هذا ما ذكره‬
‫مقيده عفا اهلل عنا وعنكم‪ .‬وإن تركت الكالم بدون تقييد فهذا يعين أنه كالم الشيخ حفظه اهلل تعاىل‪ .‬وأسأل اهلل أن يعني على‬
‫إمتام التعليق على هذا الكتاب كما أعان على ابتداءه سبحانه وتعاىل نعم املوىل ونعم النصري‪.‬‬
‫أبو عبد اهلل‪ :‬مدحت بن محمد عاشور‬

‫‪www.alukah.net‬‬
‫اإلبهاج في شرح منهاج المسلم‬
‫‪www.alukah.net‬‬

‫الباب الأول في العقيدة‬


‫الفصل الأول‪ -:‬اإلميان باهلل تعاىل‪ -:‬هذا الفص ل من أخطر الفصول شأنًا‪ ،‬وعظهما قدرا إذ حياة املسلم كلها تدور عليه‪،‬‬
‫وتتكيف حبسبه‪ ،‬فهو أصل األصول يف النظام العام حلياة املسلم بكاملها‪.‬‬
‫اإلميان باهلل تعاىل‪ :‬املسلم يؤمن باهلل تعاىل مبعىن أنه يصدق بوجود الرب تبارك وتعاىل وانه عز وجل فاطر (‪)1‬السموات واألرض‪،‬‬
‫عامل الغيب والشهادة‪ ،‬رُّب كل شيء ومليكه‪ ،‬ال إله (‪)2‬إال هو‪ ،‬ال رَّب غريه‪ .‬وأنه ج َّل وعال موصوف بكل كمال‪ ،‬منزه عن‬
‫كل نقصان‪ ،‬وذلك هلداية اهلل تعاىل له قبل كل شيٍء (‪)3‬مث لألدلة النقلية والعقلية اآلتية‪)4( :‬‬
‫الأدلة النقلية‪ -1 -:‬إخباره تعاىل بنفسه عن وجوده وعن ربوبيته للخلق وعن أمسائه وصفاته وذلك يف كتابه الكرمي‪ ،‬ومنه قوله‬
‫عَّز وجّل‪ :‬قوله عَّز وج ّل‪{ :‬إن ربكم اهلل الذي خلق السموات والأرض يف ستة أيام‪ ،‬مث استوى على العرش يغشي الليل النهار‬
‫يطلبه حثيثًا (‪ )5‬والشمس والقمر والنجوم مسخرات بأمره أال له اخللق واألمر‪ ،‬تبارك اهلل رًّب العاملني}[األعراف‪]54 :‬‬
‫وقوله ملا نادى نبيه موسى عليه السالم بشاطئ الوادي األمين يف البقعة املباركة من الشجرة‪{ :‬يا موسى إين أنا اهلل رّبُ العاملني}‬
‫[القصص‪ ،] 30:‬وقوله‪{ :‬إنين َأنا اهلل ال إله إال أنا فاعبدين وأقم الصالة لذكري} [طـه‪]14 :‬‬
‫‪ ،‬وقوله يف تعظيم نفسه‪ ،‬وذكر أمسائه وصفاته‪{ :‬هو اهلل الذي ال إله إال هو عامل الغيب والشهادة هو الرمحن الرحيم هو اهلل‬
‫الذي ال إله إال هو امللك القدوس السالم املؤمن املهيمن العزيز اجلبار املتكرب‪ ،‬سبحان اهلل عما يشركون‪ ،‬هو اهلل اخلالق البارئ‬
‫املصور له الأمساء احلسىن يسبح له ما يف السموات واألرض وهو العزيز احلكيم} [احلشر ]‪ ،‬وقوله يف الثناء على نفسه‪{ :‬احلمد‬
‫هلل رب العاملني‪ ،‬الرمحن الرحيم مالك يوم الدين} [الفاحتة ] ‪،‬وقوله يف خطابنا حنن املسلمني‪{ :‬إَّن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا‬
‫ربكم فاعبدون [األنبياء‪ ،]92:‬ويف آية‪ -‬املؤمنون‪{ :-‬وأنا ربكم ف اتقون} وقوله يف أبطال دعوى وجود رب سواه‪ ،‬أو إله‬
‫غريه يف السموات أو يف األرض قوله‪{ :‬قل لو كان فيهما آهلة إال اهلل لفسدتا فسبحان اهلل رب العرش عما يصفون} [األنبياء‪:‬‬
‫‪]22‬‬
‫‪ -2‬إخبار حنو من مائة وأربعة وعشرين إلفا من األنبياء واملرسلني بوجود اهلل تعاىل وعن ربوبيته للعوامل كلها‪ ،‬وعن خلقه تعاىل‬
‫هلا وتص رفه فيه ا وعن أمسائه وص فاته‪ ،‬وم ا منهم من ن يب وال رس ول إال وق د كل ه اهلل تع اىل أو بعث إلي ه رس وال أو ألقى يف‬
‫روعه(‪)6‬ما جيزم معه انه كالم اهلل ووحيه إليه‪.‬‬

‫‪ )?(1‬خالق‪.‬‬
‫‪ )?(2‬ال معبود حبق إال هو‪.‬‬
‫‪ )?(3‬مصداق هذا قوله تعاىل‪{ :‬وما كنا لنهتدي لوال أن هدانا اهلل} األعراف‪.43:‬‬
‫‪ )?(4‬قال ابن القيم رمحة اهلل تعاىل عليه‪ :‬ومسعت شيخ اإلسالم ابن تيمية يقول‪ " :‬كيف يطلب الدليل على من هو دليل‬
‫على كل شيء " وكان كثريا ما يتمثل هبذا البيت‪( -:‬من قول أيب الطّيب املتنيّب )‬
‫ِإَذا اْح َتاَج الَّنَه اُر ِإىَل َد ليِل (ش)‬ ‫َو َلْيَس َيِص ُّح يِف ْاَألْذَه اِن َش ْي ء‬
‫‪ )?(5‬سريعًا‪.‬‬
‫‪ )?(6‬الروع‪ :‬القلب والعقل‪.‬‬
‫‪www.alukah.net‬‬
‫اإلبهاج في شرح منهاج المسلم‬
‫‪www.alukah.net‬‬

‫فإخبار هذا العدد الكبري من صفوة اخللق وخالصة البشر حييل الكل البشري تكذيبه كما حُي يل تواطؤ(‪)1‬هذا العدد على الكذب‬
‫وإخبارهم مبا مل يعلموا ويتحققوا وجيزموا بصحته ويتيقنوا‪ ،‬وهم من خيار البشر وأطهرهم نفوسا‪ ،‬وأرجحهم عقوال وأصدقهم‬
‫حديثًا‪.‬‬
‫‪ -3‬إميان الباليني من البش ر واعتق ادهم بوج ود ال رب س بحانه وعب ادهتم ل ه وط اعتهم إي اه‪ ،‬يف حني إن الع ادة البش رية جاري ة‬
‫بتصديق الواحد واالثنني فضال عن اجلماعة واألمة والعدد الذي ال حيصى من الناس مع شاهد العقل والفطرة على صحة ما آمنوا‬
‫به واخربوا عنه‪ ،‬وعبدوه وتقربوا إليه‪.‬‬
‫‪ -4‬إخبار املاليني من العلماء عن وجود اهلل وعن صفاته وأمسائه وربوبيته لكل شي وقدرته على كل شيء‪ ،‬وأهنم لذلك عبدوه‬
‫وأطاعوه‪ ،،‬وأحبوا له وابغضوا من أجله‪)2( .‬‬
‫األدلة العقلية‪-:‬‬
‫‪ -1‬وجود هذه العوامل املختلفة‪ ،‬واملخلوقات الكثرية املتنوعة يشهد بوجود خالقها وهو اهلل عز وجل إذ ليس هناك يف الوجود‬
‫من ادعى خلق هذه العوامل وإجيادها سواه‪ ،‬كما أَّن العقل البشري حييل وجود شيء بال موجد‪ ،‬بل إنه حييل وجود ابسط شيء‬
‫بال موجد تأمل‪ ،‬وذلك كطعام بال معاجل لطبخه أو فراش على األرض بال مفرش له فيها‪ ،‬فكيف إذا هبده العوامل الضخمة اهلائلة‬
‫من مساء وما حوت من أفالك‪ ،‬ومشس وقمر وكواكب وكلها خمتلفة األحجام واملقادير واألبعاد والسري‪ ،‬وارض وما خلق فيها‬
‫من إنس ان وج ان وحي وان م ع م ا بني أجناس ها وأفراده ا من تب اين يف األل وان واآلس ن‪ ،‬واالختالف يف اإلدراك والفه وم‪،‬‬
‫واخلصائص والشيات (‪.)3‬وما أودع فيها من معادن خمتلفة األلوان واملنافع‪ .‬وما أجرى فيها من أهنار وما أحاط يابسها بأحباٍر ‪،‬‬
‫وما أنبت فيها من نبات وأشجار ختتلف مثارها‪ ،‬وتتباين أنواعها وطعمها وروائحها وخصائصها وفوائدها‪.‬‬
‫‪ -2‬وج ود كالم ه ع ز وج ل بني أي دينا نق رأًه ونت دبر‪ ،‬ونفهم معاني ه فه و دلي ل على وج وده ع ز وج ل ألن ه يس تحيل كالم بال‬
‫متكلم‪ ،‬وال ق ول ب دون قائ ل‪ .‬فكالم ه تع اىل دال على وج وده‪ ،‬وال س يما وأن كالم تع اىل ق د اش تمل على أمنت تش ريع عرف ة‬
‫الن اس‪ ،‬واحكم ق انون حق ق اخلري الكث ري للبش رية كم ا اش تمل على اص دق النظري ات العلمي ة‪ ،‬وعلى الكث ري من األم ور الغيبي ة‪،‬‬
‫واحلوادث التارخيي ة وك ان ص ادقا يف ك ل ذل ك أمّي ا ص دق‪ ،‬فلم يقص ر على ط ول الزم ان حكم من إحك ام ش رائعه عن حتقي ق‬
‫فوائده‪ ،‬مهما اختلف الزمان واملكان‪ ،‬ومل تنتقض فيه ادن نظرية من تلك النظريات العلمية‪ ،‬ومل يتخلف فيه غيب واحد مما‬
‫أخرب به من األمور الغيبية كما أنه مل جيرؤ مؤرخ كائنا من كان‪ ،‬على أن ينقض قصة من القصص العديدة اليت ذكرها فيكذهبا‬
‫أو يقوى على تكذيب أو نفي حادثة من احلوادث التارخيية اليت أشار إليها أو فصلها‪.‬‬

‫‪ )?(1‬التواطؤ‪ :‬االتفاق على الشيء وإقرار البعض اآلخر‪.‬‬


‫‪ )?(2‬وكذلك من األدلة الشرعية قول اهلل تعاىل‪َ):‬أَفاَل َيَتَد َّبُر وَن اْلُقْر َآَن َو َلْو َك اَن ِم ْن ِعْنِد َغِرْي الَّلِه َلَو َج ُد وا ِفيِه اْخ ِتاَل ًفا َك ِثًريا)‬
‫فائتالف القرآن وعدم تناقضه وتصديق بعضه بعضًا كل ذلك يدل على أن القرآن نزل من عند اهلل عز وجل وكون هذا الدين‬
‫بل كون مجيع األديان اليت أنزهلا اهلل عز وجل موافقة متامًا ملصاحل العباد دليل أهنا من عند اهلل عز وجل‪( .‬ش)‬
‫‪ )?(3‬الشية‪ :‬العالمة واجلمع شيات‪.‬‬
‫‪www.alukah.net‬‬
‫اإلبهاج في شرح منهاج المسلم‬
‫‪www.alukah.net‬‬

‫فمثل هذا الكالم احلكيم الصادق حييل العقل البشري بنسبه إىل أحد من البشر‪ ،‬إذ هو فوق طوق البشر‪ ،‬ومستوى معارفهم‪.‬‬
‫وإذا بطل أن يكون كالم بشٍر فهو كالم خالق البشر‪ ،‬وهو دليل وجوده تعاىل وعلمه وقدرته وحكمته‪.‬‬
‫‪ -3‬وجود هذا النظام الدقيق املتمثل يف هذه السنن الكونية يف اخللق والتكوين والتنشئة والتطوير لسائر الكائنات احلية يف هذا‬
‫الوجود فإن مجيعها خاضع هلذه السنن متقيد هبا ال يستطيع اخلروج عنها حبال من األحوال‪ ،‬فاإلنسان مثال يعلق نطفة يف الرحم‬
‫مث متر ب ه أط وار عجيب ة ال دخ ل ألح د غ ري اهلل فيه ا خيرج بع دها بش رًا س ويًا ه ذا يف خلق ه وتكوين ه‪ ،‬وك ذلك احلال يف تنش ئته‬
‫وتطويره‪ ،‬فمن صبا وطفولة إىل شباب وفتوة‪ ،‬إىل كهولة وشيخوخة‪.‬‬
‫وهذه السنن العامة يف اإلنسان واحليوان هي نفسها يف األشجار والنبات ومثلها األفالك العلوية واألجرام السماوية‪ ،‬فإهنا مجيعها‬
‫خاضعة ملا ربطت به من سنن ال حتيد عنه وال خترج عن سلكها‪ ،‬ولو حدث أن انفرط سلكها‪ ،‬خلرجت جمموعة من الكواكب‬
‫عن مداراهتا خلرب العامل‪ ،‬وانتهى شأن هذه احلياة‪.‬‬
‫على مثل هذه األدلة العقلية املنطقية‪ ،‬والنقلية السمية‪ ،‬آمن املسلم باهلل تعاىل‪ ،‬وبربوبيته لكل شيء‪ ،‬وإهليته لألولني واآلخرين‪.‬‬
‫وعلى هذا األساس من اإلميان واليقني تتكيف حياة املسلم يف مجيع الشؤون‪)1( .‬‬

‫‪ )?(1‬وكذلك من األدلة العقلية على وجود اهلل سبحانه وتعاىل ما رواه البخاري يف صحيحه (‪ )4854‬ومسلم يف صحيحه (‬
‫‪ " )463‬خمتصرا " مْن حديث َحُمَّم ِد ْبِن ُجَبِرْي ْبِن ُمْطِعٍم َعْن َأِبيِه َر ِض الَّلُه َعْنُه َقاَل ِمَس ْعُت الَّنَّيِب َص َّلى الَّلُه َعَلْيِه َو َس َّل َيْق ُأ يِف‬
‫َم َر‬ ‫َي‬
‫ِق‬ ‫ِت‬ ‫ِل‬ ‫ٍء‬ ‫ِل ِم‬ ‫ِذِه‬
‫اْلَم ْغِر ِب ِبالُّطوِر َفَلَّم ا َبَلَغ َه اآْل َيَة { َأْم ُخ ُقوا ْن َغِرْي َش ْي َأْم ُه ْم اَخْلا ُقوَن َأْم َخ َلُقوا الَّس َمَو ا َو اَأْلْر َض َبْل اَل ُيو ُنوَن َأْم‬
‫ِعْنَد ُه ْم َخَز اِئُن َر ِّبَك َأْم ُه ْم اْلُمَس ْيِط ُر وَن } َقاَل َك اَد َقْليِب َأْن َيِط َري " ويف رواية للبخاري (‪َ " )4023‬و َذِلَك َأَّو َل َم ا َو َقَر اِإْل َمياُن‬
‫ِد‬ ‫ِد ِة‬ ‫ِن‬
‫يِف َقْليِب "‪ .‬وكذلك ما ورد َعْن اإلمام َأيِب َح يَفَة َر َمِحُه الَّلُه َتَعاىَل َأَّن َبْعَض الَّز َنا َق َس َأُلوُه َعْن ُوُج و اْلَباِر ي َتَعاىَل َفَق اَل ُهَلْم‬
‫َدُعويِن َفِإيِّن ُمَف ِّك ٌر يِف َأْم ٍر َقْد ُأْخ ْرِبُت َعْنُه‪َ ,‬ذَك ُر وا ِإَّيَل َأَّن َس ِف يَنًة يِف اْلَبْح ِر ُموَقَر ٌة ِفيَه ا َأْنَو اٌع ِم َن اْلَم َتاِج ِر َو َلْيَس َهِبا َأَح ٌد ْحَيُر ُسَه ا‬
‫َو اَل َيُس وُقَه ا َو ِه َي َمَع َذِلَك َتْذ َه ُب َو ِجَت يُء َو َتِس ُري ِبَنْف ِس َه ا َو ْخَتِرَت ُق اَأْلْم َو اَج اْلِعَظاَم َح ىَّت ْخَتُلَص ِم ْنَه ا وتسري حيث شاءت ِبَنْف ِس َه ا‬
‫ِل‬ ‫ِف ِم‬ ‫ِذِه‬ ‫ِق‬ ‫ِم‬
‫ْن َغِرْي َأْن َيُس وَقَه ا َأَح ٌد ‪َ ,‬فَق اُلوا‪َ :‬ه َذ ا َش ْي ٌء اَل َيُقوُلُه َعا ٌل‪َ ,‬فَق اَل ‪َ :‬و َحْيُك ْم َه اْلَمْو ُج وَداُت َمِبا يَه ا َن اْلَعاِمَل اْلُعْلِو ِّي َو الُّسْف ِّي‬
‫َو َم ا اْش َتَم َلْت َعَلْيِه ِم َن اَأْلْش َياِء اْلُم ْح َك َم ِة َلْيَس َهَلا َص اِنٌع؟ َفُبِه َت اْلَق ْو ُم َو َر َجُعوا ِإىَل اَحْلِّق َو َأْس َلُم وا َعَلى َيَد ْيِه‪.‬‬
‫َو كذلك ما ورد َعِن اإلمام الَّشاِفِعِّي َر َمِحُه الَّلُه َتَعاىَل َأَّنُه ُس ِئَل َعْن ُوُج وِد اَخْلاِلِق َعَّز َو َج َّل َفَق اَل ‪َ :‬ه َذ ا َو َر ُق الُّتوِت َطْع ُم ُه َو اِح ٌد‬
‫ِق ِه‬ ‫ِم‬
‫َتْأُك ُلُه الُّدوُد فيخرج منه اإلبريسم َو َتْأُك ُلُه الَّنْح ُل َفَيْخ ُرُج ْنُه اْلَعَسُل َو َتْأُك ُلُه الَّشاُء َو اْلَبَق ُر َو اَأْلْنَعاُم َفُتْل ي َبْع ًر ا َو َرْو ًثا َو َتْأُك ُلُه‬
‫الِّظَباُء َفَيْخ ُرُج ِم ْنُه اْلِم ْس ُك َو ُه َو َش ْي ٌء َو اِح ٌد ‪َ .‬و كذلك ما ورد َعِن اِإْل َم اِم َأَمْحَد ْبِن َح ْنَبٍل َر َمِحُه الَّلُه َأَّنُه ُس ِئَل َعْن ذلك فقال‪:‬‬
‫ِل ِذ‬ ‫ِء ِط‬ ‫ِف ِة‬ ‫ِه‬ ‫ِص‬ ‫ِح‬
‫ههنا ْص ٌن َح ٌني َأْم َلُس َلْيَس َلُه َباٌب َو اَل َم ْنَف ٌذ َظا ُر ُه َك اْل َّض اْلَبْيَض ا َو َبا ُنُه َك الَّذ َه ِب اِإْل ْبِر يِز َفَبْيَنا ُه َو َك َذ َك ِإ اْنَص َد َع‬
‫ِل‬ ‫ِل‬ ‫ِج‬
‫َد اُر ُه َفَخ َرَج ِم ْنُه َح َيَو اٌن ِمَس يٌع َبِص ٌري ُذو َش ْك ٍل َح َس ٍن َو َصْو ٍت َم يٍح ا‪ .‬هـ‪َ .‬يْع يِن ِبَذ َك اْلَبْيَض َة ِإَذا َخ َرَج ِم ْنَه ا الِّديُك‬
‫ِل‬ ‫ِل‬ ‫ِئ‬
‫ِإىَل آَثاِر َم ا َص َنَع اْلَم ي ـُك‬ ‫َو ُس َل َأُبو ُنَو اٍس َعْن َذ َك َفَأْنَشَد ‪َ :‬تَأَّم ْل يِف ِر َياِض اَأْلْر ِض َو اْنُظـْر‬
‫ِه‬ ‫ُعُيوٌن ِم ْن جليـن شاخصـات‬
‫بأحداق َي الَّذ َه ُب الَّس ِبيُك‬
‫ِد ِه‬
‫ِبَأَّن الَّلَه َلْيَس َلُه َش ِر ي ـُك‬ ‫َعَلى ُقُضِب الَّز َبْر َج َش ا َد اٌت‬
‫َو َقاَل اْبُن اْلُم ْع َتِّز َو َيْر ِو ي َأِليِب اْلَعَتاِه َيِة َر َمِحُه َم ا الَّلُه َتَعاىَل ‪:‬‬
‫‪www.alukah.net‬‬
‫اإلبهاج في شرح منهاج المسلم‬
‫‪www.alukah.net‬‬

‫الفصل الثاين‪ -:‬اإلميان بربوبية(‪ )1‬اهلل لكل شيء‪ -:‬يؤمن املسلم بربوبيته تعاىل لكل شي‪ ،‬وأنه ال شريك له يف ربوبيته جلميع‬
‫العاملني‪ ،‬وذلك هلداية اهلل تعاىل له أوال‪ ،‬مث لألدلة النقلية والعقلية اآلتية ثانيًا‪-:‬‬
‫األدلة النقلية‪ -1 :‬إخباره تعاىل عن ربوبيته بنفسه‪ ،‬إذ قال تعاىل يف الثناء على نفسه‪ {:‬احلمد هلل رب العاملني }‪ ،‬وقال يف تقرير‬
‫ربوبيته‪ {:‬قل من رب السموات والأرض قل اهلل }[ الرعد ‪ ،] 16‬وقال يف بيان ربوبيته وألوهيته‪ {:‬رب السموات واألرض‬
‫طه ض وما بينهما إن كنتم موقنني ‪ ,‬ال إله إال هو حيي ومييت ربكم ورب آبائكم الأولني} [الدخان]‪ ،‬وقال يف التذكري بامليثاق‬
‫الذي أخذه على البشر وهم يف أصالب آبائهم بأن يؤمنوا بربوبيته هلم‪ ،‬ويعبدوه وال يشركوا به غريه‪{ :‬وإذ أخذ ربك من بين‬

‫َأْم َك ْيَف ْجَيَح ُد ُه اَجْلاِح ُد‬ ‫َفَيا َعَجًبا َك ْيَف ُيْعَص ى اِإْل َلُه‬
‫َو يِف ُك ِّل َتْس ِكيَنٍة َش اِه ـُد‬ ‫ِلَّلِه يِف ُك ِّل ْحَتِر يَك ـٍة‬
‫َو‬
‫ِح‬ ‫ٍء‬
‫َتُد ُّل َعَلى َأَّنُه َو ا ـُد‬ ‫َو يِف ُك ِّل َش ْي َلُه آَيـٌة‬
‫ِعِري ِإ‬ ‫ُّل‬ ‫َّلِه ِإ‬ ‫ِد‬ ‫ِل‬ ‫ِب‬ ‫ِئ‬
‫َو ُس َل َبْعُض اَأْلْع َر ا َعْن َه َذ ا َو َم ا الَّد يُل َعَلى ُوُج و الَّر ِّب َتَعاىَل َفَق اَل ‪َ :‬يا ُس ْبَح اَن ال َّن اْلَبْع َر َلَيُد َعَلى اْلَب َو َّن َأَثَر‬
‫اَأْلْقَد اِم َلَيُد ُّل َعَلى اْلَم ِس ِري َفَسَم اٌء َذاُت َأْبَر اٍج َو َأْر ٌض َذاُت ِفَج اٍج َو َحِباٌر َذاُت َأْم َو اٍج َأاَل َيُد ُّل َذِلَك َعَلى ُوُج وِد الَّلِط يِف اَخْلِبِري ؟!‬
‫ِه‬ ‫ِم‬ ‫ِم‬ ‫ِإ‬
‫وكذلك مما دل على وجود اهلل سبحانه وتعاىل دليل الفطرة‪ -:‬قال تعاىل) َو ْذ َأَخ َذ َر ُّبَك ْن َبيِن َآَدَم ْن ُظُه وِر ْم ُذِّر َّيَتُه ْم‬
‫َو َأْش َه َد ُه ْم َعَلى َأْنُف ِس ِه ْم َأَلْس ُت ِبَر ِّبُك ْم َقاُلوا َبَلى )‪ ،‬وكذلك ما رواه البخاري يف صحيحه(‪ ،)4775‬ومسلم يف صحيحه (‬
‫‪)2658‬من حديث أيب ُه ْي َة ِض الَّلُه َعْنُه َقاَل َقاَل َرُس وُل الَّلِه َص َّلى الَّلُه َعَلْيِه َس َّل َم ا ِم ْن ُلوٍد ِإاَّل ُيوَلُد َعَلى اْلِف ْط ِة‬
‫َر‬ ‫َمْو‬ ‫َو َم‬ ‫َر َر َر َي‬
‫ِض‬ ‫ِم‬ ‫ِف‬ ‫ِحُت‬ ‫ِهَب‬ ‫ِنِه‬ ‫ِنِه‬ ‫ِنِه‬
‫َفَأَبَو اُه ُيَه ِّو َد ا َو ُيَنِّص َر ا َأْو َمُيِّج َس ا َك َم ا ُتْنَتُج اْلَبِه يَم ُة يَم ًة ْمَجَعاَء َه ْل ُّس وَن يَه ا ْن َج ْد َعاَء َّمُث َيُقوُل َأُبو ُه َر ْيَر َة َر َي الَّلُه‬
‫َعْنُه{ ِفْطَر َة الَّلِه اَّليِت َفَطَر الَّناَس َعَلْيَه ا اَل َتْبِد يَل َخِلْلِق الَّلِه َذِلَك الِّديُن اْلَق ِّيُم }‪ .‬وكذلك مما دل على وجود اهلل سبحانه وتعاىل‬
‫ِإ‬ ‫ِم‬ ‫ِإ‬
‫دليل احلس فمن وجهني‪ :‬أحدمها إجابة الدعاء‪َ( -:‬و ُنوًح ا ْذ َناَدى ْن َقْبُل َفاْس َتَج ْبَنا َلُه )‪َ (،‬و َأُّيوَب ْذ َناَدى َر َّبُه َأيِّن َم َّس َيِن‬
‫الُّض ُّر َو َأْنَت َأْر َح ُم الَّر اِمِح ني َفاْس َتَج ْبَنا َلُه )‪ .‬وقال تعاىل‪ِ( :‬إْذ َتْس َتِغيُثوَن َر َّبُك ْم َفاْس َتَج اَب َلُك ْم ) واآليات يف هذا كثرية والواقع‬
‫يشهد هبذا‪ ،‬ومن هذا رواه البخاري يف صحيحه بنحوه (‪ )1014(،)1033‬ومسلم يف صحيحه (‪ )897‬مْن حديث َأَنُس ْبُن‬
‫ِئ‬ ‫ِه‬ ‫ِه‬ ‫ِء‬ ‫ٍة ِم ٍب‬ ‫ِج‬ ‫ِلٍك ِض‬
‫َم ا َر َي الَّلُه َعْنُه َأَّن َرُج اًل َدَخ َل اْلَمْس َد َيْو َم ُمُجَع ْن َبا َك اَن ْحَنَو َد اِر اْلَق َض ا َو َرُس وُل الَّل َص َّلى الَّلُه َعَلْي َو َس َّلَم َقا ٌم‬
‫ْخَيُطُب َفاْس َتْق َبَل َرُس وَل الَّلِه َص َّلى الَّلُه َعَلْيِه َو َس َّلَم َقاِئًم ا َّمُث َقاَل َيا َرُس وَل الَّلِه َه َلَك ْت اَأْلْم َو اُل َو اْنَق َطْع ِت الُّس ُبُل َفاْد ُع الَّلَه ُيِغيُثَنا‬
‫ِء ِم‬ ‫ِه‬ ‫ِغ‬ ‫ِغ‬ ‫ِغ‬ ‫ِه‬ ‫ِه‬ ‫ِه‬
‫َفَر َفَع َرُس وُل الَّل َص َّلى الَّلُه َعَلْي َو َس َّلَم َيَد ْي َّمُث َقاَل الَّلُه َّم َأ ْثَنا الَّلُه َّم َأ ْثَنا الَّلُه َّم َأ ْثَنا َقاَل َأَنٌس َو اَل َو الَّل َم ا َنَر ى يِف الَّس َم ا ْن‬
‫ِم‬ ‫ِئِه‬ ‫ِم‬ ‫ٍر‬ ‫ِم ٍت‬ ‫ٍب‬
‫َسَح ا َو اَل َقَز َعًة َو َم ا َبْيَنَنا َو َبَنْي َس ْلٍع ْن َبْي َو اَل َد ا َقاَل َفَطَلَعْت ْن َو َر ا َسَح اَبٌة ْثُل الُّتْر ِس َفَلَّم ا َتَو َّسَطْت الَّس َم اَء‬
‫َّلِه َّل َّل ِه َّل‬ ‫ِة‬ ‫اْنَتَش ْت َّمُث َأْم َط ْت َفاَل َو الَّلِه َم ا َر َأْيَنا الَّش ْم ِس ًّتا َّمُث َدَخ َرُج ِم ْن َذِلَك اْلَباِب يِف‬
‫اُجْلُم َع َو َرُس وُل ال َص ى ال ُه َعَلْي َو َس َم‬ ‫َل ٌل‬ ‫َس‬ ‫َر‬ ‫َر‬
‫َقاِئ ْخَيُط َفا ْق َل َقاِئ ا َق اَل ا وَل الَّلِه َلَك اَأْل اُل ا َق َط الُّس َفاْد الَّل ْمُيِس ْك ا َّنا َقاَل َف وُل الَّلِه‬
‫َفَر َع َرُس‬ ‫َه َع‬ ‫َه ْت ْم َو َو ْن َعْت ُبُل ُع َه‬ ‫ٌم ُب ْس َت َب ُه ًم َف َي َرُس‬
‫َص َّلى الَّلُه َعَلْيِه َو َس َّلَم َيَد ْيِه َّمُث َقاَل الَّلُه َّم َح َو اَلْيَنا َو اَل َعَلْيَنا الَّلُه َّم َعَلى اآْل َك اِم َو الِّظَر اِب َو ُبُطوِن اَأْلْو ِد َيِة َو َم َناِبِت الَّش َج ِر َقاَل‬
‫َفَأْقَلَعْت َو َخ َر ْج َنا ْمَنِش ي يِف الَّش ْم ِس َقاَل َش ِر يٌك َس َأْلُت َأَنَس ْبَن َم اِلٍك َأُه َو الَّر ُج ُل اَأْلَّو ُل َفَق اَل َم ا َأْد ِر ي‪.‬‬
‫وكذلك ما حدث للحسن البصري يرمحه اهلل تعاىل‪ -:‬وذلك ملا ويل احلجاج بن يوسف الثقفي العراق بىن لنفسه بناء يف‬
‫واسط‪ ،‬فلما فرغ منه نادى يف الناس أن خيرجوا للفرجة عليه والدعاء له بالربكة‪ .‬فلم يشأ احلسن أن يفّو ت على نفسه فرصة‬
‫‪www.alukah.net‬‬
‫اإلبهاج في شرح منهاج المسلم‬
‫‪www.alukah.net‬‬

‫آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى شهدنا} [األعراف ‪ .]172‬وقال يف إقامة احلجة على‬
‫املش ركني وإل زامهم هبا‪{ :‬ق ل من رب الس موات الس بع ورب الع رش العظيم‪ ،‬س يقولون هلل ق ل أفال تتق ون} [املؤمن ون ‪-86‬‬
‫‪.]87‬‬
‫‪ -2‬إخبار األنبياء واملرسلني بربوبيته تعاىل‪ ،‬وشهادهتم عليها وإقرارهم هبا‪ .‬فآدم علي السالم قال يف دعائه‪ {:‬ربنا ظلمنا‬
‫أنفسنا وإن مل تغفر لنا وترمحنا لنكونن من اخلاسرين }[ األعراف‪ ،] 23 :‬ونوح عليه السالم قال يف شكواه إليه تعاىل‪ {:‬رب‬
‫إهنم عصوين واتبعوا من مل يزده ماله وولده إال خسارا }[ نوح‪ ،] 21 :‬قال‪ {:‬رب إن قومي كذبون‪ ,‬فافتح بيين وبينهم فتحا‬

‫اجتماع الناس هذه‪ ،‬فخرج إليهم ليعظهم ويذّك رهم ويزهدهم بعرض الدنيا ويرغبهم مبا عند اهلل عز وجل‪ ،‬وملا بلغ املكان‬
‫ونظر إىل مجوع الناس وهي تطوف بالقصر املنيف مأخوذة بروعة بنائه مدهوشة بسعة أرجائه مشدودة إىل براعة زخارفه‪،‬‬
‫وقف فيهم خطيبا‪ ،‬وكان يف مجلة ما قاله‪ :‬لقد نظرنا فيما ابتىن أخبث األخبثني فوجدنا أن فرعون شيد أعظم مما شّيد وبىن‬
‫أعلى مما بىن مث أهلك اهلل فرعون وأتى على ما بىن وشّيد‪ .‬ليت احلجاج يعلم أن أهل السماء قد مقتوه‪ ،‬وأن أهل األرض قد‬
‫غّر وه‪،‬ومضى يتدفق على هذا املنوال حىت أشفق عليه أحد السامعني من نقمة احلجاج فقال له‪ :‬حسبك يا أبا سعيد‪ .‬حسبك‪،‬‬
‫فقال له احلسن‪ :‬لقد أخذ اهلل امليثاق على أهل العلم ليبيننه للناس وال يكتمونه‪ .‬ويف اليوم التايل دخل احلجاج إىل جملسه وهو‬
‫يتميز من الغيظ وقال جلالسه‪ :‬تبا لكم وسحقا‪ ،‬يقوم عبد من عبيد أهل البصرة ويقول فينا ما يشاء أن يقول مث الجيد فيكم‬
‫من يرّده أو ينكر عليه‪ ،‬واهلل ألسقيّنكم من دمه يا معشر اجلبناء‪ .‬مث أمر بالسيف والنطع فأحضرا‪ ،‬ودعا باجلالد فمثل واقفا بني‬
‫يديه‪ ،‬مث وجه إىل احلسن البصري بعض شرطه وأمرهم أن يأتوا به‪ .‬وما هو إال قليل حىت حضر احلسن‪ ،‬فشخصت إليه‬
‫األبصار ووجفت عليه القلوب‪ ،‬فلما رأى احلسن السيف والنطع واجلالد حّر ك شفتيه‪ ،‬مث أقبل على احلجاج وعليه جالل‬
‫املؤمن وعزة املسلم ووقار الداعية إىل اهلل‪ .‬فلما رآه احلجاج على حاله هذا هابه أشد اهليبة وقال له‪ :‬هاهنا يا أبا سعيد‪ .‬هاهنا‪.‬‬
‫مث ما زال يوسع له ويقول‪ :‬ها هنا‪ .‬والناس ينظرون إليه يف دهشة واستغراب حىت أجلسه على فراشه‪ .‬وملا أخذ احلسن جملسه‬
‫التفت إليه احلجاج وجعل يسأله عن بعض أمور الدين‪ ،‬واحلسن جييبه كل مسألة جبنان ثابت وبيان ساحر وعلم واسع‪ .‬فقال‬
‫له احلجاج‪ :‬أنت سّيد العلماء يا أبا سعيد‪ ,‬مث دعا بغالية وطّيب له هبا حليته ووّدعه‪ .‬وملا خرج احلسن من عنده تبعه حاجب‬
‫احلجاج وقال له‪ :‬يا أبا سعيد لقد دعاك احلجاج بغري ما فعل بك‪ ،‬واين رأيتك عندما أقبلت ورأيت السيف والنطع فحّر كت‬
‫شفتيكـ‪ ،‬فماذا قلت؟ فقال احلسن‪ :‬لقد قلت‪ :‬يا ويل نعميت ومالذي عند كربيت‪ ،‬اجعل نقمته بردا وسالما علّي كما جعلت‬
‫النار بردا وسالما على إبراهيم‪.‬‬
‫والثاين‪ -:‬معجزات األنبياء قال اهلل تعاىل‪َ( :‬فَأ َنا ِإىَل و ى َأِن اْض ِر ِب اَك اْل َفا َف َل َفَك اَن ُك ُّل ِف ٍق َك الَّط ِد‬
‫ْو‬ ‫ْر‬ ‫ْب َعَص َبْح َر ْن َق‬ ‫ُم َس‬ ‫ْو َح ْي‬
‫اْلَعِظ يِم ) [الشعراء‪] 63 :‬‬
‫ومثال ثان‪ (:‬آية عيسى عليه السالم) حيث كان حييي املوتى‪ ،‬وخيرجهم من قبورهم بإذن اهلل‪ ،‬قال اهلل تعاىل عنه) وأحيي‬
‫املوتى بإذن اهلل) [آل عمران‪ ،] 49 :‬وقال‪( :‬وإذ خترج املوتى بإذين )‪ [.‬املائدة‪ .]110 :‬وكذلك انشقاق القمر فرقتني على‬
‫عهد رسول اهلل صلى اهلل تعاىل عليه وعلى آله وسلم‪ -:‬روى البخاري يف صحيحه (‪ ،)4864‬ومسلم يف صحيحه (‬
‫‪)2800‬من حديث َعْبِد اِهلل ْبِن ُعوٍد رضي اهلل عنه‪ ،‬قال‪ :‬اْنَش َّق اْلَق َعَلى َعْه ِد َرُس وِل الَّلِه َص َّلى الَّلُه َعَلْيِه َس َّل ِف َقَتِنْي‬
‫َو َم ْر‬ ‫َمُر‬ ‫َمْس‬
‫‪www.alukah.net‬‬
‫اإلبهاج في شرح منهاج المسلم‬
‫‪www.alukah.net‬‬

‫وجنىن ومن معي من املؤم نني }[ الشعراء]‪ ،‬وق ال إبراهيم عليه الس الم يف دعائه ملك ة حرم اهلل الشريف ولنفسه وذريه‪{ :‬رب‬
‫اجعل هذا البلد آمنا واجنبني وبين أن نعبد الأصنام }[ إبراهيم‪ ،]35 :‬وقال يوسف عليه وعلى نبينا أفضل الصالة والسالم يف‬
‫ثنائه على اهلل ودعائه إياه‪ {:‬رب قد آتيتين من امللك وعلمتين من تأويل الأحاديث فاطر السموات والأرض أنت وىل يف الدنيا‬
‫والآخرة توفين مسلما وأحلقين بالصاحلني }[ يوسف‪ ،]101 :‬وقال موسى يف بعض طلبه‪ {:‬رب اشرح يل صدري ‪ ,‬ويسر يل‬
‫أمري ‪ ,‬واحلل عقدة من لساين ‪ ,‬يفقهوا قويل ‪ ,‬واجعل يل وزيرا من أهلي} [طه ]‪ ،‬وقال هلارون لبين إسرائيل‪ {:‬وإن ربكم‬
‫الرمحن فاتبعوين وأطيعوا أمري }[ طه‪ ،] 90 :‬وقال زكريا يف اسرتحامه‪ {:‬رب إين وهن العظم مىن واشتعل الرأس شيبا ومل‬
‫أكن ب دعائك رب شقيا }[ م رمي‪ ،] 4:‬وق ال يف دعائ ه‪ {:‬رب ال ت ذرين ف ردا وأنت خ ري ال وارثني }[ األنبي اء‪ ،]89 :‬وق ال‬
‫عيسى يف إجابته له تعاىل‪{:‬ما قلت هلم إال ما أمرتين به أن اعبدوا اهلل رىب وربكم}[املائدة‪،] 117:‬وقال خماطبا قومه‪ {:‬ي ا بني‬
‫إس رائيل اعب دوا اهلل رىب وربكم إن ه من يش رك باهلل فق د ح رم اهلل علي ه اجلن ة وم أواه الن ار وم ا للظ املني من أنص ار }[ املائ دة‪:‬‬
‫‪.]72‬ونبينا حممد صلى اهلل عليه وسلم وعلى إخوانه املرسلني‪ ،‬كان يقول عند الكرب‪":‬ال إله إال اهلل العظيم احلليم‪،‬ال إله إال اهلل‬
‫رب العرش العظيم‪،‬ال إله إال اهلل رب السموات ورب األرض‪،‬ورب العرش الكرمي" (‪.)1‬فجميع هؤالء األنبياء واملرسلني وغريهم‬
‫من أنبياء اهلل ورسله عليهم الصالة والسالم كانوا يعرتفون بربوبية اهلل تعاىل ويدعونه هبا وهم أمت الناس معارف وأكملهم عقوال‪،‬‬
‫وأصدقهم حديثًا واعرفهم باهلل تعاىل وبصفاته من سائر خلقه يف هذه األرض‪.‬‬
‫‪ -3‬إميان الباليني من العلماء واحلكماء بربوبيته تعاىل هلم‪ ،‬ولكل شيء واعرتافهم هبا‪ ،‬واعتقادهم إياها اعتقادا جازمًا‪.‬‬
‫‪ -4‬إميان الباليني والعدد ال حيصى من عقالء البشر وصاحليهم بربوبيته تعاىل جلميع اخلالئق‪.‬‬
‫الأدلة العقلية‪ -:‬من األدلة العقلية املنطقية السليمة على ربوبيته عز وجل لكل شيء ما يلي‪:‬‬
‫‪ -1‬تفرده تعاىل باخللق لكل شيء‪ ،‬إذ أن املسلم به لدى كل البشر أن اخللق واإلبداع مل يدعهما أو يقو عليهما احد سوى اهلل‬
‫عز وجل ومهما كان الشيء املخلوق صغريا‪ ،‬وضئيًال حىت ولو كان شعرة يف جسم إنسان أو حيوان‪ ،‬أو ريشة صغرية يف جناح‬
‫طائر‪ ،‬أو ورقة يف غصن مائد‪ ،‬فضال عن خلق جسم تام أو حي من األجسام‪ ،‬أو جرم كبري‪ ،‬أو صغري من األجرام‪.‬‬
‫أما اهلل تبارك وتعاىل فقد قال مقررا اخلالقية املطلقة له دون سواه‪{:‬أال له اخللق واألمر‪ ،‬تبارك اهلل رب العاملني}(األعراف‪)54:‬‬
‫وقال‪ {:‬واهلل خلقكم وما تعملون} (الصافات‪.)96:‬‬

‫ِفْر َقًة َفْو َق اَجْلَبِل َو ِفْر َقًة ُدوَنُه َفَق اَل َرُس وُل الَّلِه َص َّلى الَّلُه َعَلْيِه َو َس َّلَم اْش َه ُد وا‪( .‬ش)‬
‫‪ )?(1‬الربوبية‪ :‬االسم من الرب‪ ،‬ومعىن ربوبيته تعاىل لألشياء كونه ربا هلا أي خالقا هلا ومدبرا آلمرها‪.‬أهـ (يعرف بعض‬
‫العلماء الربوبية بقوله‪ -:‬توحيد اهلل بأفعاله ‪ ,‬أو االعتقاد بوجود اهلل وتفرده يف أفعاله‪ ،‬أو االعتقاد بأن اهلل هو اخلالق الرازق‬
‫املدبر لكل شيء وحده ال شريك له) (ش)‬
‫‪ )?(1‬رواه مسلم يف باب دعاء الكرب (‪ )2730‬ورواه البخاري كذلك يف صحيحه (‪ )7426‬و (‪ )7431‬من حديث عبد‬
‫اهلل بن عباس َر ِض َي الَّلُه َعْنُه ما‪ ،‬قال اإلمام النووي‪َ -:‬و ُه َو َح ِد يث َج ِليل‪َ ،‬يْنَبِغي ااِل ْع ِتَناء ِبِه‪َ ،‬و اِإْل ْك َثار ِم ْنُه ِعْند اْلُك َر ب َو اُأْلُمور‬
‫اْلَعِظ يَم ة‪ ،‬وَقاَل الَّطِرَب ُّي ‪َ :‬ك اَن الَّس َلُف َيْد ُعوَن َهِبَذ ا الُّد َعاِء َو ُيَس ُّم وَنُه ُدَعاَء اْلَك ْر ِب ‪.‬‬
‫‪www.alukah.net‬‬
‫اإلبهاج في شرح منهاج المسلم‬
‫‪www.alukah.net‬‬

‫وأثىن على نفسه خبالقيته فقال‪{ :‬احلمد هلل الذي خلق السموات واألرض وجعل الظلمات والنور} (األنعام‪ .)1:‬وقال‪ {:‬وهو‬
‫الذي يبدؤا اخللق مث يعيده وهو أهون عليه‪ ،‬وله املثل األعلى يف السموات واألرض وهو العزيز احلكيم}‪( .‬الروم‪ .)26:‬أفليست‬
‫إذا خالقيته سبحانه وتعاىل لكل شيء هي دليل وجوده وربوبيته؟ بلى‪ ،‬وإّنا يا ربنا على ذلك من الشاهدين‪.‬‬
‫‪ -2‬تفرده تعاىل بالرزق‪ ،‬إذ ما من حيوان سارح يف الغرباء (‪)1‬أو سابح يف املاء أو مستكن (‪)2‬يف األحشاء‪ ،‬إال واهلل تعاىل خالق‬
‫رزقه وهاديه إىل معرفة احلصول عليه وكيفيه تناوله واالنتفاع به‪ .‬فمن النملة كأصغر حيوان‪ ،‬إىل اإلنسان الذي هو أكمل وأرقى‬
‫أنواعه‪ ،‬والكل مفتقر إىل اهلل عز وجل يف وجوده وتكوينه‪ ،‬ويف غذائه ورزقه‪ ،‬واهلل وحد ه موجده ومكونه ومغذيه ورازقه‪،‬‬
‫وها هي ذي آيات كتابه ُتقرر هذه احلقيقة وتثبتها ناصعة كما هي‪ ،‬قال تعاىل‪{ :‬فلينظر اإلنسان إىل طعامه أَّنا صببنا املاء صبًا مث‬
‫شققنا األرض شقًا فأنبتنا فيها حب ًا وعنب ًا وقضبًا (‪)3‬وزيتونا وخنال وحدائق ُغلب ًا (‪)4‬وفاكهة وَأب ًا (‪( })5‬عبس )‪ ،‬وقال تعاىل‪:‬‬
‫{وأنزل من السماء ماء فأخرجنا به أزواجًا (‪ )6‬من نباٍت شىت (‪ )7‬كلوا وارعوا أنعامكم} (سورة طه‪ .)54:53 :‬وقال‪ :‬ال إله‬
‫إال هو وال رب سواه {وأنزلنا من السماء ماء فأسقيناكموه‪ ،‬وما أنتم له خبازنني}‪( .‬سورة احلجر‪ .)22:‬وقال‪ :‬ال رازق إال هو‬
‫سبحانه{ وما من دابة يف األرض إال على اهلل رزقها‪ ،‬ويعلم مستقرها ومستودعها} (سورة هود‪ ،)6:‬وإذا تقرر بال منازع أنه ال‬
‫رازق إال اهلل كان ذلك دلًال على ربوبيته سبحانه وتعاىل خللقه‪.‬‬
‫‪ -3‬شهادة الفطرة البشرية السليمة بربوبيته تعاىل‪ ،‬وإقراُر ها الصارخ بذلك‪ ،‬فإن كل إنسان مل تفسد فطرته يشعر يف قرارة نفسه‬
‫بأنه ضعيف وعاجز أما ذي سلطان غين قوي‪ ،‬وأنه خاضع لتصرفاته فيه‪ ،‬وتدبريه له حبيث يصرخ يف غري تردد‪ :‬أنه اهلل رُّبه ورُّب‬
‫كل شيٍء ‪ .‬وإن كانت هذه احلقيقة مسلمة ال ينكرها‪ ،‬أو مياري فيها كل ذي فطره سليمة فإنه يذكر هنا زيادة يف التقرير ما‬
‫كان القرآن الكرمي ينزعه من اعرتافات أكابر الوثنيني هبذه احلقيقة اليت هي ربوبية اهلل تعاىل للخلق ولكل شيٍء ‪ .‬قال اهلل تعاىل{‬
‫ولئن سألتهم من خلق السموات واألرض ليقولن خلقهم العزيز العليم} [الزخرف‪ .]9 :‬وقال جل جالله‪{ :‬ولئن سألتهم من‬
‫خل ق الس موات واألرض وس خر الش مس والقم ر ليق ولن اهلل} [العنكب وت‪ .] 61 :‬وق ال ع ز وج ل‪{:‬ق ل من رب الس موات‬
‫السبع ورُّب العرِش العظيم‪ ،‬سيقولون هلل}[ املؤمنون]‪.‬‬
‫‪ -4‬تفرده تعاىل بامللك لكل شيء‪ ،‬وتصرفه املطلق يف كل شيء‪ ،‬وتدبريه لكل شيء دال على ربوبيته‪ ،‬إذ من املس َّلم به لدى‬
‫كافة البشر أََّّن اإلنسان كغريه من الكائنات احلية يف هذا الوجود ال ميلك على احلقيقة شيئا‪ ،‬بدليل أنه خيرج أول ما خيرج إىل‬
‫هذا الوجود عاري اجلسم حاسر الرأس‪ ،‬حايف القدمني خيرج عندما خيرج منه ُمفارق ًا له ليس معه شيُء سوى كفن يواري به‬

‫‪ )?(1‬الغرباء‪ :‬األرض‪.‬‬
‫‪ )?(2‬مستكن‪ :‬مسترت‪.‬‬
‫‪ )?(3‬قضبا‪ :‬علفًا رطبا للدواب‪.‬‬
‫‪ )?(4‬غلبا‪ :‬عظامًا متكاثفة األشجار‪.‬‬
‫‪ )?(5‬األب‪ :‬الكأل والعشب‪.‬‬
‫‪ )?(6‬أزواجا‪ :‬أصنافًا‪.‬‬
‫‪ )?(7‬شىت‪ :‬خمتلف‪.‬‬
‫‪www.alukah.net‬‬
‫اإلبهاج في شرح منهاج المسلم‬
‫‪www.alukah.net‬‬

‫جسده‪ .‬فكيف إذًا يص ُّح أن يقال‪ :‬إن اإلنسان مالك لشيء على احلقيقة يف هذا الوجود؟ وإذا بطل أن يكون اإلنسان‪ ،‬وهو‬
‫أشرف هذه الكائنات مالكًا لشيٍء منها‪ ،‬فمن املالك إذن؟ املالك هو اهلل واهلل وحده‪ ،‬وبدون جدل‪ ،‬وال شك وال ريب وما قيل‬
‫وسلم يف امللكية يقال ويسلم كذلك يف التصرف والتدبري لكل شأن من شؤون هذه احلياة‪ ،‬ولعمر اهلل إذًا هلي صفات الربوبية‪،‬‬
‫اخللُق ‪ ،‬الرزُق ‪ ،‬امللُك (‪ ،)1‬التصرُف ‪،‬التدبُري‪ )2(،‬وقدميا قد سلمها أكابُر الوثنني من عبدة األصنام‪ ،‬سجل ذلك القرآن الكرمي يف‬
‫غ ري س ورة من س وره‪ ،‬ق ال تع اىل‪{ :‬ق ل من ي رزقكم من الس ماء والأرض‪ ،‬أم من ميل ك الس مع واألبص ار‪ ،‬ومن خيرج احلي من‬
‫امليت‪ ،‬وخيرج امليت من احلي‪ ،‬ومن ي دبر األم ر فس يقولون اهلل‪ ،‬فق ل أفال تتق ون؟ ف ذلكم اهلل ربكم احلق‪ ،‬فم اذا بع د احلق إال‬
‫الضالل} [يونس‪.)3( ]32 -31:‬‬

‫‪ )?(1‬قال اهلل تعاىل يف سورة الفاحتة (َم اِلِك َيْو ِم الِّديِن ) ويف قراءة أخرى سبعية‪َ (:‬م ِلِك َيْو ِم الِّديِن ) وهي قراءة سبعية متواترة‪،‬‬
‫وإذا مجعت بني القراءتني ظهر معىن بديع‪ ،‬امللك أبلغ من املالك يف السلطة والسيطرة‪ ،‬لكن امللك أحيانًا يكون ملكًا باالسم ال‬
‫بالتصرف‪ ،‬وحينئذ يكون ملكًا غري مالك‪ ،‬فإذا اجتمع أن اهلل تعاىل‪ :‬ملك ومالك مت بذلك األمر‪ :‬امللك‪ ،‬والتدبري‪(.‬ش)‬
‫‪ )?(2‬سئل أعرايب‪ :‬مب عرفت ربك؟ قال‪ :‬بنقض العزائم وصرف اهلمم‪(.‬ش)‬
‫‪ )?(3‬من أقر بتوحيد الربوبية وجب عليه أن يعبد اهلل تعاىل وال يشرك به شيئا‪ ،‬فمن شكر اهلل بنعمه وإحسانه لكونه اخلالق‬
‫الرازق املدبر‪ ،‬وجب عليه أن يشكره بعبادته وتوحيده‪َ ،‬و يِف صحيح البخاري (‪ )4477‬ومسلم يف صحيحه (‪َ )86‬عِن اْبِن‬
‫َمْس ُعوٍد ‪َ -‬ر ِض َي الَّلُه َعْنُه ‪ُ -‬قْلُت ‪َ :‬يا َرُس وَل الَّلِه َأُّي الَّذ ْنِب َأْع َظُم؟ َقاَل ‪َ" :‬أْن ْجَتَعَل ِلَّلِه ِنًّدا َو ُه َو َخ َلَق َك "‪ ،‬ويف املسند من‬
‫حديث اَحْلاِر ِث اَأْلْش َعِر ِّي ‪َ ،‬أَّن َنَّيِب اِهلل َص َّلى اُهلل َعَلْيِه َو َس َّلَم َقاَل ‪ِ " :‬إَّن اَهلل َأَم َر ْحَيىَي ْبَن َزَك ِر َّيا َخِبْم ِس َك ِلَم اٍت ‪َ :‬أْن َيْع َم َل ِهِبَّن ‪،‬‬
‫َو َأْن َيْأُمَر َبيِن ِإْس َر اِئيَل َأْن َيْع َم ُلوا ِهِبَّن ‪َ ،‬فَك اَد َأْن ُيْبِط َئ ‪َ ،‬فَق اَل َلُه ِعيَس ى‪ِ :‬إَّنَك َقْد ُأِم ْر َت َخِبْم ِس َك ِلَم اٍت ‪َ ،‬أْن َتْع َم َل ِهِبَّن ‪َ ،‬و َأْن‬
‫ِإ‬ ‫ِخ ِإ‬ ‫ِإ‬ ‫ِهِب ِإ‬ ‫ِإ ِئ‬
‫َتْأُمَر َبيِن ْس َر ا يَل‪َ ،‬أْن َيْع َم ُلوا َّن ‪َ ،‬ف َّم ا َأْن ُتَبِّلَغُه َّن ‪َ ،‬و َّم ا ُأَبِّلَغُه َّن ‪َ ،‬فَق اَل َلُه‪َ :‬يا َأ ي‪ ،‬يِّن َأْخ َش ى ْن َس َبْق َتيِن َأْن ُأَعَّذ َب ‪َ ،‬أْو‬
‫ْخُيَس َف يِب ‪َ ،‬قاَل ‪َ :‬فَجَمَع ْحَيىَي َبيِن ِإْس َر اِئيَل يِف َبْيِت اْلَم ْق ِد ِس ‪َ ،‬ح ىَّت اْم َتَأَل اْلَمْس ِج ُد ‪َ ،‬و ُقِعَد َعَلى الُّش َر ِف ‪َ ،‬فَح ِم َد اَهلل‪َ ،‬و َأْثىَن َعَلْيِه‪،‬‬
‫َّمُث َقاَل ‪ِ :‬إَّن اَهلل َأَم َر يِن َخِبْم ِس َك ِلَم اٍت ‪َ ،‬أْن َأْع َم َل ِهِبَّن َو آُمَر ُك ْم َأْن َتْع َم ُلوا ِهِبَّن ‪َ :‬أَّو ُهُلَّن ‪َ :‬أْن َتْع ُبُد وا اَهلل َو اَل ُتْش ِر ُك وا ِبِه َش ْيًئا‪َ ،‬فِإَّن‬
‫َم َثَل َذِلَك َم َثُل َرُج ٍل اْش َتَر ى َعْبًد ا ِم ْن َخ اِلِص َم اِلِه ِبَو ِر ٍق ‪َ ،‬أْو َذَه ٍب ‪َ ،‬فَجَعَل َيْع َم ُل َو ُيَؤ ِّدي َعَم َلُه ِإىَل َغِرْي َس ِّيِدِه‪َ ،‬فَأُّيُك ْم َيُس ُّر ُه‪،‬‬
‫َأْن َيُك وَن َعْبُد ُه َك َذ ِلَك ‪َ ،‬و ِإَّن اَهلل َخ َلَق ُك ْم َو َر َز َقُك ْم ‪َ ،‬فاْع ُبُد وُه َو اَل ُتْش ِر ُك وا ِبِه َش ْيًئا‪ "---،‬احلديث‪ ،‬وقال الشيخ شعيب‬
‫األرنؤوط‪ :‬حديث صحيح‪ ،‬واحلديث صححه العالمة األلباين‪(.‬ش)‬
‫‪www.alukah.net‬‬
‫اإلبهاج في شرح منهاج المسلم‬
‫‪www.alukah.net‬‬

‫الفصل الثالث‪ -:‬اإلميان بإهلية اهلل تعاىل لألولني واآلخرين‪ .‬يؤمن املسلم بألوهية اهلل تعاىل جلميع األولني واآلخرين‪ ،‬وأنه ال إله‬
‫غ ريه‪ ،‬وال معبود حبق سواه(‪ ،)1‬وذلك لألدل ة النقلي ة والعقلي ة التالي ة‪ ،‬وهلداي ة اهلل تع اىل له قب ل ك ل ش يء‪ ،‬إذ من يه ِد اهلل فه و‬
‫املهتدي‪ ،‬ومن ُيضلل فال هادي له‪.‬‬
‫األدلة النقلية‪ -1 -:‬شهادته تعاىل‪ ،‬وشهادة مالئكته‪ ،‬وأويل العلم علي ألوهيته سبحانه وتعايل‪ ،‬فقد جاء يف سورة آل عمران‬
‫قوله‪{ :‬شهد اهلل أنه ال إله إال هو‪ ،‬واملالئكة وأولو العلم قائمًا بالقسط‪ ،‬ال إله إال هو العزيز احلكيم}( آل عمران‪.)18 :‬‬

‫‪)?(1‬يسمى توحيد األلوهية بتوحيد العبادة وجيوز أن يقال توحيد اإلهلية وهو توحيد القصد والطلب ومعناه‪ -:‬توحيد اهلل‬
‫بأفعال العبد املتنوعة اليت يعملها على وجه القرب من اهلل كاإلخالص واحملبة والتوكل واخلوف والرجاء واالستعانة واالستعاذة‬
‫واالستغاثة وحنو ذلك من أنواع العبادات املختلفة‪ ،‬أو هو االعتقاد اجلازم بأن اهلل عز وجل هو اإلله املستحق للعبادة وإفراده‬
‫عز وجل جبميع أنواع العبادات الظاهرة والباطنة‪ ،‬وهذا معىن قوله تعاىل (إياك نعبد وإياك نستعني )‪ ،‬وقوله تعاىل (فاعلم أنه ال‬
‫إله إال اهلل) ‪0‬واختلف العلماء يف اسم اجلاللة " اهلل " هل هو مشتق أم ال؟ فقيل‪ -:‬أنه اسم َعَلٍم للذات‪ ،‬غري مشتق من‬
‫صفاته‪ ،‬ألن أمساء الصفات تكون تابعة ألمساء الذات‪ ،‬فلم يكن ُبٌّد من أن خيتص باسم ذاٍت ‪ ،‬يكون علمًا لتكون أمساء‬
‫الصفات والنعوت تبعًا‪ .‬وقيل أنه مشتق‪ -:‬قال أبو جعفر بن جرير أصله " اإلله " أسقطت اهلمزة اليت هي فاء االسم‪ .‬فالتقت‬
‫الالم اليت هي عني االسم والالم الزائدة وهي ساكنة فأدغمت يف األخرى‪ ،‬فصارتا يف اللفظ الما واحدة مشددة‪ .‬وأما تأويل "‬
‫اهلل " فعن عبد اهلل بن عباس َر ِض َي الَّلُه َعْنُه ما قال‪ " :‬هو الذي يأهله كل شيء ويعبده كل خلق "‬
‫و عن الضحاك عن عبد اهلل بن عباس َر ِض َي الَّلُه َعْنُه ما قال‪ " :‬اهلل ذو األلوهية والعبودية على خلقه أمجعني "‬
‫ومما دل على أن األلوهية هي العبادة؟ وأن اإلله هو املعبود‪ ،‬وأن له أصال يف َفِعَل َو َيْف َعُل‪ ،‬قول رؤبة بن العجاج‪:‬‬
‫ِم ن َتَأُّلِه‬ ‫ِهلل ُّر الغاِنيات ا َّد ِه‬
‫َس َّبْح َن واْس َتْر َج ْع َن‬ ‫ُمل‬ ‫َد‬
‫أي من تعبد‪ ،‬وقد ُر وي عن ابن عباس أنه قرأ‪َ { :‬و َيَذ َر َك وءاَهِلَتَك } أي وعبادتك‪.‬‬
‫وعلى هذا يكون اسم اجلاللة مشتق وهو قول سيبويه من أئمة اللغة‪.‬‬
‫وقال شيخ اإلسالم ابن تيمية‪" :‬واإلله املألوه الذي تأهله القلوب‪ ،‬وكونه يستحق األلوهية مستلزم لصفات الكمال‪ ،‬فال‬
‫يستحق أن يكون معبودا حمبوبا لذاته إال هو‪ ،‬وكل عمل ال يراد به وجهه فهو باطل‪ ،‬وعبادة غريه وحب غريه يوجب الفساد‬
‫كما قال تعاىل‪َ{ :‬لْو َك اَن ِفيِه َم ا آَهِلٌة ِإَّال الَّلُه َلَف َس َدَتا َفُس ْبَح اَن الَّلِه َر ِّب اْلَعْر ِش َعَّم ا َيِص ُفوَْن } "سورة األنبياء‪"22:‬‬
‫و« اهلل »‪ ،‬هو أخص أمسائه به‪ ،‬ألنه مل يتَس َّم بامسه الذي هو « اهلل » غريه‪.‬‬
‫وقيل أنه مشتق من اَلوَله‪ ،‬ألن العباد يأهلون إليه‪ ،‬أي يفزعون إليه يف أمورهم‪ ،‬فقيل للمألوه إليه إله‪ ،‬كما قيل للمؤِّمت به إمام‪.‬‬
‫والتأويل الثاين‪ :‬أن معناه هل تعلم له شبيهًا‪ ،‬وهذا أعُّم التأويلني‪ ،‬ألنه يتناول االسم والفعل‪.‬‬
‫مث اختلفوا‪ ،‬هل اشتق اسم اإلله من فعل العبادة‪ ،‬أو من استحقاقها‪ ،‬على قولني‪ :‬أحدمها‪ :‬أنه مشتق من فعل العبادة‪ ،‬فعلى هذا‪،‬‬
‫ال يكون ذلك صفة الزمة قدمية لذاته‪ ،‬حلدوث عبادته بعد خلق خلقه‪ ،‬ومن قال هبذا‪ ،‬منع من أن يكون اهلل تعاىل إهلًا مل يزل‪،‬‬
‫ألنه قد كان قبل خلقه غري معبود‪.‬‬
‫‪www.alukah.net‬‬
‫اإلبهاج في شرح منهاج المسلم‬
‫‪www.alukah.net‬‬

‫‪ -2‬إخباره تعاىل بذلك يف غري آية من كتابه العزيز‪ ،‬قال تعاىل‪{ :‬اهلل ال إله إال هو احلي القيوم ال تأخذه سنة وال نوم} (سورة‬
‫البقرة‪ )255:‬وقال‪{ :‬وإُهلكم إله واحد‪ ،‬ال إله إال هو الرمحن الرحيم} (سورة البقرة‪ .)163:‬وقال لنبيه موسى عليه السالم‪:‬‬
‫{إنين أنا اهلل ال إله إال أنا فاعبدين} (سورة طه‪ .)14 :‬وقال لنبينا حممد صلى اهلل عليه وسلم‪{ :‬فاعلم أنه ال إله إال اهلل} (سورة‬
‫حممد‪ )19:‬وقال خمربًا عن نفسه‪{ :‬هو اهلل الذي ال إله إال هو عامل الغيب والشهادة‪ ،‬هو الرمحن الرحيم هو اهلل ال إله إال هو‬
‫امللك القدوس} (سورة احلشر)‪.‬‬
‫‪ -3‬إخبار رسله عليهم الصالة والسالم بألوهيته تعاىل ودعوة أممهم إىل االعرتاف هبا‪ ،‬وإىل عبادته تعاىل وحده دون سواه(‪،)1‬‬
‫فإن نوحًا قال‪ {::‬يا قوم اعبدوا اهلل ما لكم من إله غريه} (األعراف‪ ،)59:‬وكنوح وهود وصاحل وشعيب ما منهم أحد إال أن‬
‫قال‪ {:‬يا قوم اعبدوا اهلل م ا لكم من إله غ ريه}وق ال موسى لبين إس رائيل‪{ :‬أغ ري اهلل أبغيكم إهلا وه و فض لكم على الع املني}‬
‫(األعراف‪،)140:‬قال لبين إسرائيل ملا طلبوا منه أن جيعل إهلا صنما يعبدونه‪ ،‬وقال يونس يف تسبيحه‪{ :‬ال إله إال أنت سبحانك‬
‫إين كنت من الظ املني} (األنبي اء‪ )87:‬وك ان نبين ا ص لى اهلل علي ه وس لم يق ول يف تش هده يف الص الة‪ ":‬أش هد أن ال إل ه إال اهلل‬
‫وحده ال شريك له"‪.‬‬
‫الأدلة العقلية‪ -1 -:‬إن ربوبيته تعاىل الثابتة دون جدل مستلزمة أللوهيته وموجهة هلا‪ ،‬فالرُّب الذي حيىي ومييت ويعطي ومينع‪،‬‬
‫وينفع ويضر هو املستحق لعبادة اخللق‪ ،‬واملستوجب لتأليههم له بالطاعة واحملبة‪ ،‬والتعظيم والتقديس‪ ،‬وبالرغبة إليه‪ ،‬والرهبة منه‬
‫(‪.)2‬‬

‫والقول الثاين‪ :‬أنه مشتق من استحقاق العبادة‪ ،‬فعلى هذا يكون ذلك صفة الزمة لذاته‪ ،‬ألنه مل يزل مستحّقًا للعبادة‪ ،‬فلم يزل‬
‫إهلًا‪ ،‬وهذا أصح القولني‪ ،‬ألنه لو كان مشتّقًا من فعل العبادة ال من استحقاقها‪ ،‬للزم تسمية عيسى عليه السالم إهلًا‪ ،‬لعبادة‬
‫النصارى له‪ ،‬وتسمية األصنام آهلة‪ ،‬لعبادة أهلها هلا‪ ،‬ويف بطالن هذا دليل‪ ،‬على اشتقاقه من استحقاق العبادة‪ ،‬ال من فعلها‪،‬‬
‫فصار قولنا « إله » على هذا القول صفة من صفات الذات‪ ،‬وعلى القول األول من صفات الفعل‪.‬‬
‫وُح كي عن أيب حنيفة أنه االسم األعظم من أمسائه تعاىل‪ ،‬ألن غريه ال يشاركه فيه‪( .‬ش)‬
‫‪ )?(1‬فتوحيد األلوهية هو دعوة األنبياء واملرسلني‪ ،‬وغاية رسالتهم وأساس دعوهتم‪ ،‬يقول اهلل تبارك وتعاىل‪َ { :‬و َلَقْد َبَعْثَنا يِف‬
‫وٍل ِإاَّل ُنوِح ي ِإَل ِه‬ ‫ِم ِل ِم‬ ‫ِن‬ ‫ِن‬ ‫ٍة‬
‫ْي‬ ‫ُك ِّل ُأَّم َرُس واًل َأ ُاْع ُبُد وا الَّلَه َو اْج َت ُبوا الَّطاُغوَت } (النحل‪ ،)36 :‬وقال‪َ { :‬و َم ا َأْر َس ْلَنا ْن َقْب َك ْن َرُس‬
‫َأَّنُه اَل ِإَلَه ِإاَّل َأَنا َفاْع ُبُد وِن } (األنبياء‪( .)25 :‬ش)‬
‫‪ )?(2‬قال شيخ اإلسالم ابن تيمية‪" :‬العبادة اسم جامع لكل ما حيبه اهلل ويرضاه من األقوال واألعمال الباطنة والظاهرة"‬
‫ِم‬ ‫ِل‬ ‫ِم‬ ‫ِع ِه‬
‫ُك ـِل َم ا َيْر َض ى اِإْل َلُه الَّس ا ـُع‬ ‫َّمُث اْل َباَدُة َي اْس ٌم َج ا ـُع‬
‫يِف ِد ِث‬
‫َخ ـْو ٌف َتَو ُّك ـٌل َك ـَذ ا الَّر َج اُء‬ ‫َو اَحْل ي ُّخُمَه ا الُّد َعاُء‬
‫َو َخ ْش يـٌة ِإَناَبـٌة ُخ ُض ـوُع‬ ‫َو َر ْغ َبٌة َو َر ْه َبـٌة ُخ ُش ـوُع‬
‫ِت ِه‬ ‫ِت‬ ‫اِل ِت‬
‫َك َذ ا اْس َغا ـَثٌة ِب ُس ْبَح اَنـْه‬ ‫َو ا ْس ـَعاَذُة َو ااَل ْس َعاَنـْه‬
‫َفافَه ْم ُه ِد يَت َأْو َض َح اْلَمَس اِلْك‬ ‫َو الَّذ ْبُح َو الَّنـْذ ُر َو َغْيُر َذِلْك‬
‫ِش ـْر ٌك َو َذاَك َأْقَبـُح اْلَم َناِه ي‬ ‫ُف ِض ا ِلَغ ـِر الَّلـِه‬
‫َو َص ْر َبْع َه ْي‬
‫‪www.alukah.net‬‬
‫اإلبهاج في شرح منهاج المسلم‬
‫‪www.alukah.net‬‬

‫‪ -2‬إذا ك ان ك ل ش يء من املخلوق ات مربوب ًا هلل تع اىل مبع ىن أن ه من مجل ة من خلقهم ورزقهم‪ ،‬ودب ر ش ؤوهنم‪ ،‬وتص رف يف‬
‫أح واهلم وأم ورهم‪ ،‬فكي ف يعق ل تألي ُه غ ريه من خملوقات ه املفتق رة إلي ه؟‪ .‬وإذا بط ل أن يك ون يف املخلوق ات إل ه تعني أن يك ون‬
‫خالقها هو اإلله حلق واملعبود بصدق‪.‬‬
‫‪ -3‬اتصافه عز وجل دون غريه بصفات الكمال املطلق‪ ،‬ككونه تعاىل قويا قديرا‪ ،‬عليا كبريا‪ ،‬مسيعا بصريًا رءوفا رحيما‪ ،‬لطيفا‬
‫خبريًا‪ ،‬موجب له تأليُه قلوب عباده له مبحبته وتعظيمه وتأليُه جوارحهم له بالطاعة واالنقياد‪)1( .‬‬
‫الفصل الرابع‪ -:‬اإلميان بأمسائه تعاىل وصفاته‪-:‬‬
‫يؤمن املسلم مبا هلل تعاىل من أمساء حسىن‪ ،‬وصفات عليا‪ ،‬وال يشرك غريه تعاىل فيها‪ ،‬وال يتأوهلا فيعطلها‪ ،‬وال يشبهها بصفات‬
‫احملدثني فيكيفها أو ميثلها وذلك حمال‪ ،‬فهو إمنا يثبت هلل تعاىل ما أثبت لنفسه‪ ،‬وأثبته له رسوله من األمساء والصفات وينفي عنه‬
‫تعاىل ما نفاه عن نفسه ونفاه عنه رسوله من كل عيب ونقص‪ ،‬إمجاًال وتفصيال‪ ،‬وذلك لألدلة النقلية والعقلية اآلتية‪:‬‬
‫األدلة النقلية‪-:‬‬

‫والعبادة‪ :‬هي اخلضوع والذل‪ ،‬ومسي الدين عبادة ألن العبد يؤديه خبضوع هلل‪ ،‬بني يديه‪ ،‬وهلذا قيل لإلسالم‪ :‬عبادة‪.‬‬
‫تقول العرب‪ :‬طريق مَعبد‪ ،‬يعين‪ :‬مذلل‪ ،‬قد وطأته األقدام‪ ،‬حىت صار هلا أثر بني ُيعرف‪ ،‬ويقال‪ :‬بعري معبد‪ :‬أي قد شد ورحل‬
‫عليه‪ ،‬حىت صار له أثر فصار معبدا‪.‬ومنه قول َطَر فة‪:‬‬
‫وُأْفِر د أ ا البعري امل َّبِد‬ ‫إىل أن حَت اَم ْتيِن الَعشريُة ُك ُّلها‬
‫َع‬ ‫ُت ْفَر َد‬
‫والعبد‪ :‬هو الذليل املنقاد هلل‪ ،‬املعظم حلرماته‪ ،‬وكلما كان العبد أكمل معرفة باهلل وأكمل إميانا به‪ ،‬صار أكمل عباد ة‪.‬‬
‫وهلذا كان الرسل أكمل الناس عبادة؛ ألهنم أكملهم معرفة وعلما باهلل‪ ،‬وتعظيما له من غريهم‪ ،‬صلوات اهلل وسالمه‬
‫عليهم‪،‬وهلذا وصف اهلل نبيه حممًد ا صلى اهلل عليه وسلم بالعبودية يف أشرف مقاماته‪ ،‬فقال سبحانه‪ُ { :‬س ْبَح اَن اَّلِذي َأْس َر ى‬
‫ِبَعْبِدِه } سورة (اإلسراء‪ ،)1:‬وقال تعاىل‪ { :‬اَحْلْم ُد ِلَّلِه اَّلِذي َأْنَز َل َعَلى َعْبِدِه اْلِكَتاَب } (سورة الكهف‪ ،)1:‬وقال تعاىل‪{ :‬‬
‫َو َأَّنُه َلَّم ا َقاَم َعْبُد الَّلِه َيْد ُعوُه } (سورة اجلن‪ )19:‬إىل غري ذلك‪( .‬ش)‬
‫‪ )?(1‬وركنا عبادة الرمحن مها غاية احلب مع غاية الذل من العبد هلل رب العاملني‪-:‬‬
‫ُذِّل اِبِدِه ا ُقْط ـاِن‬ ‫ِع ا ُة الَّر ِن َغا ُة ِّبِه‬
‫َمَع َع َمُه َب‬ ‫َو َب َد َمْح َي ُح‬
‫وشروط العبادة سبعة هي‪-:‬‬
‫ٍط ٍة‬
‫َو يِف ُنُصوِص اْلَو ْح ِي َح ًّقا َو َر َدْت‬ ‫َو ِبُش ُر و َس ْبَعـ َقْد ُقِّيَدْت‬
‫ِبالُّنْطـِق ِإاَّل َح ْيُث َيْس َتْك ِم ُلـَه ا‬ ‫َفِإَّنُه ْمَل َيْنَتِف ـْع َقاِئُلـَه ا‬
‫َو ااِل ْنِق َياُد َفاْد ِر َم ا َأُقـ ـوُل‬ ‫اْلِعْلـُم َو اْلَيِق يـُن َو اْلَق ُبوُل‬
‫َو َّفَق َك الَّلُه ِلَم ا َأَح َّبـ ـ ـْه (ش)‬ ‫َو الِّص ْدُق َو اِإْل ْخ اَل ُص َو اْلَمَح َّبْه‬
‫‪www.alukah.net‬‬
‫اإلبهاج في شرح منهاج المسلم‬
‫‪www.alukah.net‬‬

‫(‪)1‬‬ ‫‪-1‬إخباره تعاىل بنفسه عن أمسائه وصفاته‪ ،‬إذ قال تعاىل‪{:‬وهلل األمساء احلسىن فادعوه هبا وذروا الذين يلحدون‬
‫يف أمسائه سيجزون ما كانوا يعملون} (سورة األعراف‪ .)180:‬وقال سبحانه‪{ :‬قل ادعوا اهلل أو ادعوا الرمحن أيا ما تدعوا فله‬
‫األمساء احلسىن} (سورة اإلسراء‪.)110:‬كما وصف نفسه بأنه مسيع بصري‪ ،‬وعليم حكيم‪ ،‬وقوي عزيز‪ ،‬ولطيف خبري‪ ،‬وشكور‬
‫حليم‪ ،‬وغف ور رحيم‪ ،‬وأن ه كلم موس ى تكليم ا‪ ،‬وأن ه اس توى على عرش ه‪ ،‬وأن ه خل ق بيدي ه‪ ،‬وأن ه حيب احملس نني‪ ،‬ورض ي عن‬
‫املؤمنني‪ ،‬إىل غري ذلك من الصفات الذاتية والفعلية كمجيئه تعاىل ونزوله وإتيانه‪ ،‬مما أنزله يف كتابه‪ ،‬ونطق به رسوله صلى اهلل‬
‫عليه وسلم‪.‬‬
‫‪ -2‬إخبار رسوله صلى اهلل عليه وسلم بذلك فيما ورد وصح عنه من أخبار صحيحة وأحاديث صرحية كقوله صلى اهلل عليه‬
‫وسلم‪" :‬يضحك اهلل إىل رجلني يقتل أحدمها اآلخر‪ ،‬كالمها يدخل اجلنة"(‪.)2‬‬
‫وقول ه‪" :‬ال ي زال جهنم يلقى فيه ا‪ ،‬وهي تق ول‪ :‬ه ل من مزي د‪ .‬ح ىت يض ع رُّب الع زة فيه ا رجل ه‪ -‬ويف رواي ة‪ :‬قدم ه‪ -‬في نزوي‬
‫بعضها إىل بعض‪ ،‬فتقول قط قط" (‪.)3‬‬
‫وقوله صلى اهلل عليه وسلم‪":‬ينزل ربنا إىل السماء الدنيا كل ليلة حني يبقى ثلث الليل اآلخر فيقول‪" :‬من يدعوين فأستجيب له؟‬
‫ومن يسألين فأعطيه؟ من يستغفرين فأغفر له"(‪ .)4‬وقوله‪ ":‬هلل أشُّد فرحا بتوبة عبده من أحدكم براحلته" (‪ )5‬احلديث‪،‬‬
‫وقوله للجارية‪ ":‬أين اهلل؟ فقالت يف السماء‪ ،‬قال‪ :‬أنا من؟ قالت‪ :‬أنت رسول اهلل‪ ،‬قال‪ :‬أعتقها فإهنا مؤمنة"‪)6(.‬‬

‫‪ )?(1‬مييلون هبا عن احلق وينحرفون‪.‬أهـ " ذكر ابن أيب حامت عن ابن عباس َر ِض َي الَّلُه َعْنُه ما { ُيْلِح ُد وَن يِف َأَمْساِئِه }‪:‬‬
‫يشركون "‪ :‬يعين جيعلون الالت من اإلله‪ ،‬فينادون الالت‪ ،‬وعندهم أهنم نادوا اإلله‪ ،‬فصار شركا‪ " ،‬وعنه‪ :‬مسو الالت من‬
‫اإلله‪ ،‬والعزى من العزيز‪ ،‬وعن األعمش‪ :‬يدخلون فيها ما ليس منها "(ش)‬
‫‪ )?(2‬رواه البخاري(‪)29/4‬ورواه مسلم(‪)1504/3‬كتاب الإمارة‪.‬أهـ من حديث أيب هريرة رضي اهلل عنه‪( .‬ش)‬
‫‪ )?(3‬رواه البخاري (‪ )168/8‬ورواه مسلم (‪ )2187/4‬كتاب اجلنة‪.‬أهـ من حديث أنس بن مالك رضي اهلل عنه‪( .‬ش)‬
‫‪ )?(4‬رواه البخاري (‪)66/2‬ورواه مسلم (‪ )521/1‬كتاب صالة املسافرين وقصرها أهـ من حديث أيب هريرة رضي اهلل عنه‪.‬‬
‫(ش)‬
‫‪ )?(5‬رواه مسلم(‪)2102/4‬كتاب التوبة‪.‬أهـ وأخرجه البخاري يف صحيحه كذلك(‪)6309‬من حديث أنس بن مالك رضي‬
‫الَّله عنه قال‪:‬قال رسول الَّله َص َّلى الَّله عليه وَس َّلم‪«:‬هلل أشد فرحا بتوبِة عبِدِه حَني يتوب إليه من أحدكم كان على راحلته‬
‫بأرض فالٍة فانفلَتْت منه وعليها طعامه وشرابه َفَأِيَس منها‪َ ،‬فَأَتى شجرة فاضطجع يف ظِّلها وقد َأيَس من راحلته‪ ،‬فبينما هو‬
‫كذلك ِإْذ هو هبا قاِئمٌة عنده فأخذ ِخِب طاِم ها فقال من شِّد ِة الفرح‪:‬الَّلهم َأنت عبدي وَأنا رّبَك ‪َ ،‬أخطَأ من شاة الفرح»‪(.‬ش)‬
‫‪ )?(6‬أخرج اإلمام ابن حبان يف صحيحه (‪ )165‬من حديث ُمَعاِو َيَة ْبِن اَحْلَك ِم الُّس َلِم ِّي َر ِض َي الَّلُه َعْنُه َقاَل ‪َ:‬ك اَنْت يِل ُغَنْيَم ٌة‬
‫َتْر َعاَه ا َج اِر َيٌة يِل يِف ِقَبِل ُأُح د َو اَجْلَّو اِنَّيِة َفاَّطَلْعُت َعَلْيَه ا َذاَت َيْو ٍم َو َقْد َذَه َب الِّذ ْئُب ِم ْنَه ا ِبَش اٍة َو َأَنا ِم ْن َبيِن آَدَم آَس ُف َك َم ا‬
‫ِت‬ ‫ِت‬ ‫ِه‬ ‫ِه‬ ‫ِل‬
‫َيْأَس ُفوَن فصككُتها َص َّك ًة فعُظم َذ َك علَّي َفَأَتْيُت َرُس وَل الَّل َص َّلى الَّلُه َعَلْي َو َس َّلَم َفُق ْلُت ‪َ :‬أَفاَل َأْع ُقَه ا؟ َقاَل ‪( :‬اْئ يِن َهِبا) َفَأَتْيُتُه‬
‫َهِبا َفَق اَل ‪َ( :‬أْيَن الَّلُه؟) َقاَلْت ‪ :‬يِف الَّس َم اِء َقاَل ‪َ( :‬مْن َأَنا؟) َقاَلْت ‪َ :‬أْنَت َرُس وُل الَّلِه صلى اهلل عليه وسلم قال‪( :‬أعتقها فإهنا‬
‫مؤمنة)‪ ،‬قال الشيخ األلباين رمحه اهلل تعاىل صحيح ((الصحيحة))واحلديث أخرجه مسلم يف صحيحه (‪(.)537‬ش)‬
‫‪www.alukah.net‬‬
‫اإلبهاج في شرح منهاج المسلم‬
‫‪www.alukah.net‬‬

‫وقوله "يقبض اهلل األرض يوم القيامة ويطوي السماء بيمينه‪ ،‬مث يقول‪ :‬أنا امللك‪ ،‬أين ملوك األرض؟"(‪. )1‬‬
‫‪ -3‬إقرار السلف الصاحل من الصحابة والتابعني واألئمة األربعة رضي اهلل عنهم أمجعني بصفات اهلل تعاىل‪ ،‬وعدم تأويلهم هلا أو‬
‫ردها أو إخراجها عن ظاهرها‪ ،‬فلم يثبت أن صحابيا واحدًا تأول صفة من صفات اهلل تعاىل‪ ،‬أو ردها أو قال فيها أن ظاهرها‬
‫غ ري م راد‪ ،‬ب ل ك انوا يؤمن ون مبدلوهلا‪ ،‬وحيملوهنا على ظاهره ا‪ ،‬وهم يعلم ون أن ص فات اهلل تع اىل ليست كص فات احملدثني من‬
‫خلقه‪ ،‬وقد سئل اإلمام مالك رمحه اهلل تعاىل عن قوله عز وجل‪{ :‬الرمحن على العرش استوى} (سورة طه‪ .)5:‬فقال‪ :‬االستواء‬
‫معلوم‪ ،‬والكيف جمهول‪ ،‬والسؤال عنه بدعة‪)2( .‬‬
‫وك ان اإلم ام الش افعي رمحه اهلل تع اىل يق ول‪ :‬آمنت باهلل ومبا ج اء عن اهلل‪ ،‬على م راد اهلل‪ ،‬وآمنت برس ول اهلل‪ ،‬ومبا ج اء عن‬
‫رسول اهلل على مراد رسول اهلل‪ .‬وكان اإلمام أمحد رمحه اهلل تعاىل يقول يف مثل قول الرسول صلى اهلل عليه وسلم‪ :‬إن اهلل ينزل‬
‫إىل السماء الدنيا‪ ،‬وإن اهلل يرى يوم القيامة‪ ،‬وأنه تعاىل يعجب ويضحك ويغضب‪ ،‬ويرضى ويكره وحيب كأن يقول‪ :‬نؤمن هبا‪،‬‬
‫ونصدق هبا‪ ،‬ال بكيف وال معىن‪ ،‬يعين أننا نؤمن بأن اهلل تعاىل ينزل ويرى‪ ،‬وهو فوق عرشه بائن من خلقه‪ ،‬ولكن ال نعلم كيفيه‬
‫النزول‪ ،‬وال الرؤية وال االستواء‪ ،‬وال املعىن احلقيق لذلك‪ ،‬بل نفوض األمر يف علم ذلك إىل اهلل قائله وموحيه إىل نبيه صلى اهلل‬
‫عليه وسلم‪ ،‬وال نرد على رسول اهلل‪ ،‬وال نصف اهلل تعاىل بأكثر مما وصف به نفسه‪ ،‬ووصفه به رسوله‪ ،‬بال حد وال غاية‪ ،‬وحنن‬
‫نعلم أن اهلل ليس كمثله شيء وهو السميع العليم‪)3( .‬‬
‫األدلة العقلية‪-:‬‬
‫‪ -1‬لقد وصف اهلل تعاىل نفسه بصفات‪ ،‬ومسي نفسه بأمساء ومل ينهنا عن وصفه وتسميته هبا‪ ،‬ومل يأمرنا بتأويلها‪ ،‬أو محلها‬
‫على غري ظاهرها‪ ،‬فهل يعقل أن يقال أننا إذا وصفناه هبا نكون قد شبهناه خبلقه فيلزمنا إذا تأويلها‪ ،‬ومحلها على غري ظاهرها؟‬
‫وإن أصبحنا معطلني نفاة لصفاته تعاىل‪ ،‬ملحدين يف أمسائه‪ ،‬وهو يتوعد امللحدين فيها بقوله‪{ :‬وذروا الذين يلحدون يف أمسائه‬
‫جيزون ما كانوا يعلمون} (سورة األعراف‪.)180:‬‬

‫‪( )?(1‬رواه البخاري (‪ )158/6‬و (‪ .)135/8‬أهـ من حديث أيب هريرة رضي اهلل عنه‪( .‬ش)‬
‫‪)?(2‬ذكر اإلمام الذهيب كما يف كتابه العلو للعلي الغفار‪ :‬عن سفيان قال‪ :‬كنت عند ربيعة بن أيب عبد الرمحن فسأله رجل‬
‫فقال (الرمحن على العرش استوى) كيف استوى؟ فقال‪ :‬الاستواء غري جمهول والكيف غري معقول [واإلميان به واجب والسؤال‬
‫عنه بدعة‪ .‬قال األلباين رمحة اهلل تعاىل عليه (صحيح )‪.‬‬
‫وقد قال َعْب ُد الَّلِه ْبنُ َرَو اَح َة َر ِض َي الَّلُه َعْنُه مثبتا لعلو اهلل على عرشه‪:‬‬
‫َو َأَّن الَّناَر َم ْثـَو ى اْلَك اِفِر يَنا‬ ‫َش ِه ْد ُت ِبَأَّن َو ْعَد الَّلِه َح ـٌّق‬
‫َو َفْو َق اْلَعْر ِش َر ُّب اْلَعاَلِم يَنا‬ ‫َق اْل اِء َطاٍف‬
‫َو َأَّن اْلَعْر َش َفْو َم‬
‫َم اَل ِئَك ـُة اِإْل َلـِه ُم َس َّو ِم يَنا (ش)‬ ‫َو ْحَتِم ُلـُه َم اَل ِئَك ـٌة ِش َد اٌد‬
‫‪َ )?(3‬قاَل اِإْل َم اُم َأَمْحُد َر َمِحُه الَّلُه‪( :‬اَل ُيوَص ُف الَّلُه ِإاَّل َمِبا َو َص َف ِبِه َنْف َس ُه‪َ ،‬أْو َو َص َف ُه ِبِه َرُس وُلُه‪ ،‬اَل ُيَتَج اَو ُز اْلُقْر آُن َو اَحْلِد يُث )‪.‬‬
‫ِف‬ ‫ِه‬ ‫ِقِه‬ ‫ٍد‬
‫َو َقاَل ُنَعْيُم ْبُن َّمَحا (َش ْيُخ اْلُبَخ اِر ِّي )‪َ( :‬مْن َش َّبَه الَّلَه َخِبْل َك َف َر ‪َ ،‬و َمْن َجَح َد َم ا َو َص َف الَّلُه ِب َنْف َس ُه َك َف َر ‪َ ،‬و َلْيَس يَم ا َو َص َف‬
‫الَّلُه ِبِه َنْف َس ُه َأْو َو َص َف ُه ِبِه َرُس وُلُه َتْش ِبيٌه َو اَل ْمَتِثيٌل‪( .‬ش)‬
‫‪www.alukah.net‬‬
‫اإلبهاج في شرح منهاج المسلم‬
‫‪www.alukah.net‬‬

‫‪ -2‬أليس من نفى صفة من صفات اهلل تعاىل خوفا من التشبيه كان قد شبهها أوال بصفات احملدثني‪ ،‬مث خاف من التشبيه ففر‬
‫منه إىل النفي والتعطيل‪ ،‬فنفى صفات اهلل تعاىل اليت أثبتها لنفسه وعطلها‪ ،‬فكان بذلك قد مجع بني كبريتني‪ ،‬والتشبيه والتعطيل؟‬
‫(‪ )1‬أفال يكون من املعقول أذا‪ ،‬واحلالة هذه‪ ،‬أن يوصف الباري تعاىل مبا وصف به نفسه ووصفه به رسوله مع اعتقاد أن صفاته‬
‫تعاىل ال تشبه صفات احملدثني‪ ،‬كما أن ذاته عز وجل ال تشبه ذوات املخلوقني؟‬
‫‪ -3‬إّن اإلميان بصفات اهلل تعاىل ووصفه هبا ال يستلزم التشبيه بصفات احملدثني إذ العقل ال حييل أن تكون هلل صفات بذاته ال‬
‫تشبه صفات املخلوقني‪ ،‬وال تلتقي معها إال يف جمرد االسم فقط‪ ،‬فيكون للخالق صفات ختصه‪ ،‬وللمخلوق صفات ختصه‪.‬‬
‫واملسلم إذ يؤمن بصفات اهلل تعاىل‪ ،‬ويصفه هبا اليعتقد أبدًا‪ ،‬وال حىت خيطر بباله أن يد اهلل تبارك وتعاىل مثال تشبه يد املخلوق‬
‫يف أي معىن من املعاين غري جمرد التسمية‪ ،‬وذلك ملباينة اخلالق للمخلوقات يف ذاته وصفاته وأفعاله‪ ،‬قال تعاىل‪ {:‬قل هو اهلل أحد‪،‬‬
‫اهلل الصمد‪ ،‬مل يلد ومل يولد‪ ،‬ومل يكن له كفوا أحد} (‪)2‬‬
‫وقال‪{ :‬ليس كمثله شيء وهو السميع البصري}(سورة الشورى‪)11:‬‬
‫الفصل الخامس‪ :‬اإلميان باملالئكة عليهم السالم‪-:‬‬
‫يؤمن املسلم مبالئكة اهلل تعاىل‪ ،‬وأهنم خلق من أشرف خلقه‪ ،‬وعباد مكرمون من عباده‪ ،‬خلقهم من نور‪ ،‬كما خلق اإلنسان من‬
‫صلصال كالفخار وخلق اجلان من مارج (‪ )3‬من نار‪ .‬وأنه تعاىل وكلهم بوظائف فهم هبا قائمون‪ ،‬فمنهم احلفظة على العباد‪،‬‬
‫والك اتبون ألعم اهلم‪ ،‬ومنهم املوكل ون باجلن ة ونعيمه ا‪ ،‬ومنهم املوكل ون بالن ار وع ذاهبا (‪ )4‬ومنهم املس بحون اللي ل والنه ار ال‬
‫يفرتون‪ .‬وأنه تعاىل فاضل (‪ )5‬بينهم‪ ،‬فمنهم املالئكة املقربون‪ ،‬كجربيل وميكائيل وإسرافيل‪ ،‬ومنهم دون ذلك‪.‬‬
‫وذلك هلداية اهلل تعاىل له أوال‪ ،‬مث لألدلة النقلية والعقلية اآلتية‪:‬‬
‫األدلة النقلية‪-:‬‬

‫إن املشبــه عابد األوثان‬ ‫لسنا ُنّش بــه ربنا بصفاتنا‬ ‫‪)?(1‬‬
‫إن املعطـل عابـد البهتان‬ ‫كال وال خُن ليه من أوصافـه‬
‫فهو الشبيـه ملشرك نصراين‬ ‫من شبـه اهلل العظيم خبلقـه‬
‫فهو الكفور وليس ذا إميـان (ش)‬ ‫أو عّطل الرمحن من أوصافـه‬
‫‪ )?(2‬الكفؤ‪ :‬املثيل‪.‬‬
‫ِم‬ ‫ِم‬ ‫ٍل‬ ‫ِم‬
‫‪ )?(3‬املارج‪ -:‬هلب صاف ال دخان فيه‪.‬أهـ قال تعاىل‪َ{-:‬خ َلَق اِإْل ْنَس اَن ْن َص ْلَص ا َك اْلَف َّخ اِر(‪َ)14‬و َخ َلَق اَجْلاَّن ْن َم اِر ٍج ْن‬
‫َناٍر(‪(})15‬سورة الرمحن)وقال تعاىل‪َ {-:‬لَقْد َخ َلْق َنا اِإْل ْن اَن ِم ْن َص ْلَص اٍل ِم ْن َمَحٍإ ُنوٍن (‪ )26‬اَجْلاَّن َخ َلْق َناُه ِم ْن َقْب ِم ْن َناِر‬
‫ُل‬ ‫َو‬ ‫َمْس‬ ‫َس‬ ‫َو‬
‫الَّس ُم وِم (‪(})27‬سورة احلجر)(ش)‬
‫‪ )?(4‬روى اإلمام مسلم يف صحيحه (‪ )2842‬من حديث عبد اهلل بن مسعود رضي اهلل عنه قال قال رسول اهلل صلى اهلل‬
‫عليه وسلم‪( :‬يؤتى جبهنم يومئذ هلا سبعون ألف زمام مع كل زمام سبعون ألف ملك جيروهنا)‪( .‬ش)‬
‫‪ )?(5‬فضل بعضهم على بعض‪.‬‬
‫‪www.alukah.net‬‬
‫اإلبهاج في شرح منهاج المسلم‬
‫‪www.alukah.net‬‬

‫‪ -1‬أمره تعاىل باإلميان هبم‪ ،‬وإخباره عنهم يف قوله‪{ :‬ومن يكفر باهلل ومالئكته وكتبه ورسله واليوم اآلخر‪ ،‬فقد ضل ضالال‬
‫بعيدا} (النساء‪ .)136:‬ويف قوله جل جالله‪{ :‬من كان عدوًا هلل ومالئكته ورسله وجربيل وميكائيل‪ ،‬فإن اهلل عدو للكافرين}‬
‫(البقرة‪ .)98:‬ويف قوله‪ :‬ال إله إال هو {لن يستنكف املسيح أن يكون عبدا هلل‪ ،‬وال املالئكة املقربون} (النساء‪ .)1( )172:‬ويف‬
‫قوله جلت قدرته‪{ :‬وحيمل عرش ربك فوقهم يومئذ مثانية} (احلاقة‪ .)17:‬ويف قوله عظمت حكمته‪{ :‬وما جعلنا أصحاب‬
‫الن ار إال مالئك ة} (املدثر‪ .)31:‬ويف قول ه تقدس ت أمساؤه‪{ :‬واملالئك ة ي دخلون عليهم من ك ل ب اب س الم عليكم مبا ص ربمت}‬
‫(الرعد‪ .) -23:24-:‬ويف قوله تعاىل‪{ :‬وإذ قال ربك للمالئكة إين جاعل يف األرض خليفة قالوا أجتعل فيها من يفسد فيها‬
‫ويسفك الدماء وحنن نسبح حبمدك ونقدس لك؟ قال‪ :‬إين أعلم ما ال تعلمون} (البقرة‪.)30:‬‬
‫‪ -2‬إخب ار رس وله ص لى اهلل علي ه وس لم عنهم بقول ه يف دعائ ه عن دما يق وم لص الة اللي ل‪" :‬اللهم رب جربي ل وميكائي ل‬
‫وإسرافيل‪ ،‬فاطر السموات واألرض‪ ،‬عامل الغيب والشهادة أنت حتكم بني عبادك فيما كانوا فيه خيتلفون اهدين ملا اختلف فيه‬
‫من احلق بإذنك‪ ،‬إنك هتدي من تشاء إىل صراط مستقيم" (‪.)2‬‬
‫‪ ،‬ويف قوله صلى اهلل عليه وسلم‪ " :‬أطت السماء وحق هلا أن تئط‪ ،‬ما فيها موضع أربع أصابع إال وعليه ملك ساجد"(‪.)3‬‬
‫‪ .‬ويف قوله‪" :‬إن البيت املعمور يدخله كل يوم سبعون ألف ملك مث ال يعودون"(‪ .)4‬ويف قوله‪ :‬إذا كان يوم اجلمعة كان على‬
‫كل باب من أبواب املسجد مالئكة يكتبون‪ ،‬األول‪ ،‬فاألول فإذا جلس اإلمام طووا الصحف وجاءوا يستمعون الذكر"(‪ .)5‬ويف‬

‫‪ )?(1‬محلة العرش لقوله تعاىل‪{ :‬وحيمل عرش ربك فوقهم يومئذ مثانية}( احلاقة‪.)17 :‬أهـ روى اإلمام أبو داود يف سننه (‬
‫‪ )4727‬من حديث جابر بن عبد اهلل – رضي اهلل عنه ‪ -‬عن النيب صلى اهلل عليه وسلم قال أذن يل أن أحدث عن ملك من‬
‫مالئكة اهلل من محلة العرش إن ما بني شحمة أذنه إىل عاتقه مسرية سبع مائة عام‪.‬واحلديث صححه العالمة األلباين كما يف‬
‫صحيح سنن أيب داود‪( .‬ش)‬
‫‪ )?(2‬رواه مسلم (‪ )1:534‬كتاب صالة املسافرين‪.‬أهـ عن أم املؤمنني عائشة رضي اهلل عنها (‪ )770‬أهنا سألت بأي شيء‬
‫كان نيب اهلل صلى اهلل عليه وسلم يفتتح صالته إذا قام من الليل قالت‪ :‬كان إذا قام من الليل افتتح صالته " اللهم ‪"- - -‬‬
‫احلديث‪( .‬ش)‬
‫‪ )?(3‬رواه ابن أيب حامت وهو معلول‪ ،‬ورواه اإلمام أمحد (‪.)173 :5‬أهـ من حديث َأيِب َذٍّر َر ِض َي الَّلُه َعْنُه‪َ ،‬قاَل ‪َ :‬قاَل َرُس وُل‬
‫اِهلل صلى اهلل عليه وسلم‪ِ" :‬إيِّن َأَر ى َم ا اَل َتَر ْو َن ‪َ ،‬و َأَمْسُع َم ا اَل َتْسَم ُعوَن ‪َ ،‬أَّطِت الَّس َم اُء َو َح َّق َهَلا َأْن َتِئَّط ‪َ ،‬م ا ِفيَه ا َمْو ِض ُع َأْر َبِع‬
‫ِت‬ ‫ِب ِء‬ ‫ِث‬ ‫ِل‬ ‫ِح‬ ‫ِل‬ ‫ِج‬ ‫ِب ِإ ِه‬
‫َأَص ا َع اَّل َعَلْي َم َلٌك َس ا ٌد ‪َ .‬لْو َع ْم ُتْم َم ا َأْع َلُم‪َ ،‬لَض ْك ُتْم َق ياًل َو َلَبَك ْيُتْم َك ًريا‪َ ،‬و اَل َتَلَّذ ْذْمُت الِّنَس ا َعَلى اْلُفُر َش ا ‪َ ،‬و َخَلَر ْج ُتْم‬
‫َعَلى‪َ ،‬أْو ِإىَل ‪ ،‬الُّصُعَد اِت ْجَتَأُر وَن ِإىَل اِهلل " َقاَل ‪َ :‬فَق اَل َأُبو َذٍّر ‪َ" :‬و اِهلل َلَو ِد ْد ُت َأيِّن َش َج َر ٌة ُتْع َضُد " قال الشيخ شعيب األرنؤوط‪:‬‬
‫حسن لغريه‪ ،‬وهذا إسناد منقطع‪ ،‬واحلديث حسنه العالمة األلباين رمحه اهلل تعاىل (ش)‬
‫‪ )?(4‬أصله يف الصحيحني‪.‬أهـ رواه البخاري(‪)2207‬ومسلم يف صحيحه(‪ )162‬من حديث أنس بن مالك رضي اهلل عنه(ش)‬
‫‪ )?(5‬رواه البخاري (‪،)4:136‬رواه مالك وهو صحيح أهـ رواه البخاري يف صحيحه (‪ )3211‬ومسلم يف صحيحه (‪)857‬‬
‫من حديث َأيِب ُه ْي َة ِض الَّلُه َعْنُه َقاَل َقاَل الَّنُّيِب َّلى الَّلُه َعَلْيِه َّل ِإَذا َك اَن ا ِة َك اَن َعَلى ُك ِّل اٍب ِم َأْب اِب‬
‫َب ْن َو‬ ‫َيْو ُم ُجْلُم َع‬ ‫َو َس َم‬ ‫َص‬ ‫َر َر َر َي‬
‫اْلَمْس ِج ِد اْلَم اَل ِئَك ُة َيْك ُتُبوَن اَأْلَّو َل َفاَأْلَّو َل َفِإَذا َج َلَس اِإْل َم اُم َطَو ْو ا الُّص ُح َف َو َج اُءوا َيْس َتِم ُعوَن الِّذ ْك َر ‪(.‬ش)‬
‫‪www.alukah.net‬‬
‫اإلبهاج في شرح منهاج المسلم‬
‫‪www.alukah.net‬‬

‫قوله‪":‬يتمثل يل امللك أحيانا رجال فيكلمين فأعي ما يقول"(‪ .)1‬ويف قوله‪" :‬يتعاقب فيكم مالئكة بالليل ومالئكة بالنهار"(‪،)2‬‬
‫ويف قوله‪ " :‬خلق املالئكة من نور‪ ،‬وخلق اجلان من مارج من نار‪ ،‬وخلق آدم مما وصف لكم "(‪.)3‬‬
‫‪ -3‬رؤية العدد الكثري من الصحابة رضي اهلل عنهم للمالئكة يوم "بدر" (‪)4‬ورؤيتهم اجلماعية غري مرة جلربيل أمني الوحي صلى‬
‫اهلل عليه وسلم‪ ،‬إذ كان يأيت أحيانا يف صورة ِد حية الكليب فيشاهدونه‪ ،‬ومن أشهر ذلك حديث عمر بن اخلطاب رضي اهلل عنه‬
‫يف مس لم‪ ،‬وفي ه ق ول الرس ول ص لى اهلل علي ه وس لم‪ :‬أت درون من الس ائل؟ ق الوا‪ :‬اهلل ورس وله أعلم‪ ،‬ق ال‪ :‬ه ذا جربي ل أت اكم‬
‫يعلمكم أمر دينكم‪)5( .‬‬
‫‪ -4‬إميان آالف املاليني من املؤم نني أتب اع الرس ل يف ك ل زم ان ومك ان باملالئك ة وتص ديقهم مبا أخ ربت عنهم الرس ل من غ ري‬
‫شك وال تردد‪.‬‬
‫األدل ة العقلي ة‪ -1 -:‬إن العق ل ال حيي ل وج ود املالئك ة وال ينفي ه‪ ،‬ألن العق ل ال حيي ل وال ينفي إال م ا ك ان مس تلزما الجتم اع‬
‫الضدين ككون الشيء موجودا ومعدوما يف آن واحد‪ ،‬أو النقيضني‪ ،‬كوجود الظلمة والنور معا مثًال‪ ،‬واإلميان بوجود املالئكة‬
‫ال يستلزم من ذلك أبدا‪.‬‬

‫‪ )?(1‬رواه البخاري يف صحيحه‪.‬أهـ (‪ )2‬ومسلم يف صحيحه (‪ )2333‬من حديث َعاِئَشَة ُأِّم اْلُم ْؤ ِمِنَني َر ِض الَّلُه َعْنَه ا َأَّن‬
‫َي‬
‫َق اَل وُل الَّلِه‬ ‫ِت‬ ‫ِه‬ ‫ِه‬ ‫ِه‬ ‫ِه ٍم ِض‬
‫اَحْلاِر َث ْبَن َش ا َر َي الَّلُه َعْنُه َس َأَل َرُس وَل الَّل َص َّلى الَّلُه َعَلْي َو َس َّلَم َفَق اَل َيا َرُس وَل الَّل َك ْيَف َيْأ يَك اْلَو ْح ُي َف َرُس‬
‫َص َّلى الَّلُه َعَلْيِه َو َس َّلَم َأْحَياًنا َيْأِتييِن ِم ْث َص ْلَص َلِة اَجْلَر ِس َو ُه َو َأَش ُّد ُه َعَلَّي َفُيْف َص ُم َعيِّن َو َقْد َو َعْيُت َعْنُه َم ا َقاَل َو َأْحَياًنا َيَتَم َّث يِل‬
‫ُل‬ ‫َل‬
‫ِد ِد ِد ِص‬ ‫ِم‬ ‫يِف‬ ‫ِز ِه‬ ‫ِئ ِض َّل‬ ‫ِع‬
‫اْلَم َلُك َرُج اًل َفُيَك ِّلُم يِن َفَأ ي َم ا َيُقوُل َقاَلْت َعا َشُة َر َي ال ُه َعْنَه ا َو َلَقْد َر َأْيُتُه َيْن ُل َعَلْي اْلَو ْح ُي اْلَيْو الَّش ي اْلَبْر َفَيْف ُم‬
‫َعْنُه َو ِإَّن َج ِبيَنُه َلَيَتَف َّص ُد َعَر ًقا(ش)‬
‫‪ )?(2‬رواه البخاري (‪ .)1:145‬أهـ رواه البخاري يف صحيحه (‪ 555‬و ‪ 3223‬و ‪ 7429‬و ‪ )7486‬ومسلم يف صحيحه (‬
‫‪ )1464‬من حديث َأىِب ُه َر ْيَر َة‪-‬رضي اهلل عنه‪َ -‬أَّن َرُس وَل الَّلِه ‪ -‬صلى اهلل عليه وسلم ‪َ -‬قاَل «َيَتَعاَقُبوَن ِفيُك ْم َم َالِئَك ٌة‬
‫ِهِب‬ ‫ِف‬ ‫ِذ‬ ‫ِة‬ ‫ِة‬ ‫ِم‬ ‫ِئ‬
‫ِبالَّلْيِل َو َم َال َك ٌة ِبالَّنَه اِر ‪َ ،‬و ْجَيَت ُعوَن يف َص َال اْلَف ْج ِر َو َص َال اْلَعْص ِر ‪َّ ،‬مُث َيْع ُرُج اَّل يَن َباُتوا يُك ْم ‪َ ،‬فَيْس َأُهُلْم َو ْه َو َأْع َلُم ْم َك ْيَف‬
‫َتَر ْك ُتْم ِعَباِد ي َفَيُقوُلوَن َتَر ْك َناُه ْم َو ُه ْم ُيَص ُّلوَن ‪َ ،‬و َأَتْيَناُه ْم َو ُه ْم ُيَص ُّلوَن »‪(.‬ش)‬
‫‪ )?(3‬رواه مسلم (‪ )2294 :4‬كتاب الزهد والرقائق‪ ).‬أهـ (‪ )2996‬من حديث َعاِئَشَة ُأِّم اْلُم ْؤ ِمِنَني َر ِض َي الَّلُه َعْنَه ا‪(.‬ش)‬
‫‪ )?(4‬روى مسلم يف صحيحه (‪ )1763‬من حديث ابن عباس َر ِض َي الَّلُه َعْنُه ما " وفيه " قال‪ :‬بينما رجل من املسلمني يومئذ‬
‫يشتد يف أثر رجل من املشركني أمامه إذ مسع ضربة بالسوط فوقه‪ ،‬وصوت الفارس يقول أقدم حيزوم‪ ،‬إذ نظر إىل املشرك أمامه‬
‫فخر مستلقيا‪ ،‬فنظرنا إليه فإذا هو قد خطم أنفه وشق وجهه كضربة السوط‪ ،‬فاخضر ذلك أمجع‪ ،‬فجاء األنصاري فحدث ذلك‬
‫رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم‪ ،‬فقال‪ » :‬صدقت‪ ،‬ذلك من مدد السماء الثالثة‪ ،‬فقتلوا يومئذ سبعني وأسروا سبعني" (حيزوم‪:‬‬
‫اسم فَر س جربيل عليه السالم) (ش)‬
‫‪ )?(5‬رواه مسلم (‪ )38 :1‬كتاب اإلميان‪.‬أهـ من حديث عمر بن اخلطاب رضي اهلل عنه (ش)‬
‫‪www.alukah.net‬‬
‫اإلبهاج في شرح منهاج المسلم‬
‫‪www.alukah.net‬‬

‫‪ -2‬إذا كان من املسلم لدى كافة العقالء أن اثر الشيء يدل على وجوده فإن للمالئكة آثارا كثرية تقضي بوجودهم وتؤكده‪،‬‬
‫ومن ذلك‪ :‬أوًال‪ :‬وصول الوحي إىل األنبياء واملرسلني‪ ،‬إذ كان غالبا ما يصلهم بواسطة الروح اآلمني جربيل عليه السالم امللك‬
‫املوكل بالوحي‪ ،‬وهذا أثر ظاهر ال ينكر وهو مثبت ومؤكد لوجود املالئكة‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬وفاة اخلالئق بقبض أرواحهم‪ ،‬فإنه أثر ظاهر‪ ،‬كذلك دال على وجود ملك املوت وأعوانه‪ ،‬قال تعاىل‪{ :‬قل يتوفاكم ملك‬
‫املوت الذي وكل بكم} (سورة السجدة‪.)11:‬‬
‫ثالث ًا‪ :‬حفظ اإلنسان من أذى اجلان والشيطان وشرورمها طول حياته‪ ،‬وهو يعيش بينهم ويريانه وال يرامها‪ ،‬ويقدران على أذيته‬
‫وال يقدر على أذامها‪ ،‬أو حىت دفع شرمها‪ ،‬دليل على وجود حفظة لإلنسان حيفظونه ويدفعون عنه‪ ،‬قال تعاىل‪{ :‬له معقبات من‬
‫بني يديه ومن خلفه حيفظونه من أمر اهلل} (سورة الرعد‪.)11:‬‬
‫‪ -3‬عدم رؤية الشيء لضعف البصر أو لفقد االستعداد الكامل لرؤية الشيء ال ينفي وجوده إذ هناك أشياء كثرية من املاديات‬
‫يف عامل الشهادة كانت تقصر عنها الرؤية بالعني اجملردة وأصبحت اآلن ترى بوضوح وذلك بواسطة املكربات للنظر‪.‬‬
‫الفصل السادس‪ :‬اإلميان بكتب اهلل تعاىل‪ -:‬يؤمن املسلم جبميع ما أنزل اهلل تعاىل من كتاب وما آتى بعض رسله من صحف‪،‬‬
‫وأهنا كالم اهلل أوح اه إىل رس له ليبلغ وا عنه ش رعه ودينه‪ ،‬وأن أعظم ه ذه الكتب‪ ،‬الكتب األربع ة‪" :‬الق رآن الك رمي" املنزل على‬
‫نبينا حممد صلى اهلل عليه وسلم‪ ،‬و"التوراة" املنزلة على نيب اهلل موسى علية السالم(‪ , )1‬و"الزبور" املنزل على نيب اهلل داود عليه‬
‫السالم ‪,‬و"اإلجنيل " املنزل على عبد اهلل ورسوله عيسى عليه السالم‪ )2( .‬وأن "القرآن الكرمي" أعظم هذه الكتب واملهيمن عليها‬
‫والناسخ جلميع شرائعها وأحكامها (‪ )3‬وذلك لألدلة النقلية السمعية واألدلة العقلية اآلتية‪:‬‬

‫‪ )?(1‬قال تعاىل { إنا أنزلنا التوراة فيها هدى ونور حيكم هبا النبيون الذين أسلموا للذين هادوا والربانيون واألحبار مبا‬
‫استحفظوا من كتاب اهلل وكانوا عليه شهداء‪ ،‬فال ختشوا الناس واخشون‪ ،‬وال تشرتوا بآيايت مثنا قليال ومن مل حيكم مبا أنزل اهلل‬
‫فأولئك هم الكافرون } املائدة‪( ٤4 :‬ش)‬
‫‪ )?(2‬قال تعاىل { وقفينا على آثارهم بعيسى ابن مرمي مصدقا ملا بني يديه من التوراة وآتيناه اإلجنيل فيه هدى ونور ومصدقا ملا‬
‫بني يديه من التوراة وهدى وموعظة للمتقني } املائدة‪( ٤٦ :‬ش)‬
‫َأِم ِإْذ َذاَك ‪ْ -‬جَمِل َنَظٍر ‪َ ،‬فَد يِف ْمُجَلِة‬ ‫ِل ِن‬
‫َخ َل‬ ‫ُس‬ ‫‪ )?(3‬ذكر القرطيب يف تفسريه بإسناده عن ْحَيىَي ْبن َأْك َثَم َيُقوُل ‪َ :‬ك اَن ْلَم ْأُمو ‪َ -‬و ُه َو ٌري‬
‫ِئ ِة‬ ‫ِه‬ ‫ِد‬
‫الَّناِس َرُج ٌل َيُه و ٌّي َح َسُن الَّثْو ِب َح َسُن اْلَو ْج َطِّيُب الَّر ا َح ‪َ ،‬قاَل ‪ :‬فتكلم فأحسن الكالم والعبارة‪ ،‬قال‪ :‬فلما أن َتَقَّو َض‬
‫اْلَم ْج ِلُس َدَعاُه اْلَم ْأُموُن َفَق اَل َلُه‪ِ :‬إْس َر اِئيِلٌّي ؟ َقاَل َنَعْم ‪َ .‬قاَل َلُه‪َ :‬أْس ِلْم َح ىَّت َأْفَعَل ِبَك َو َأْص َنَع ‪َ ،‬و َو َعَد ُه‪َ .‬فَق اَل ‪ِ :‬د ييِن َو ِد يُن آَباِئي!‬
‫َو اْنَص َر َف ‪َ .‬قاَل ‪َ :‬فَلَّم ا َك اَن َبْع َد َس َنٍة َج اَءَنا ُمْس ِلًم ا‪َ ،‬قاَل ‪َ :‬فَتَك َّلَم َعَلى اْلِف ْق ِه َفَأْح َسَن اْلَكاَل َم‪َ ،‬فَلَّم ا َتَقَّو َض اْلَم ْج ِلُس َدَعاُه اْلَم ْأُموُن‬
‫َو َقاَل ‪َ :‬أَلْس َت َص اِح َبَنا ِباَأْلْم ِس ؟ َقاَل َلُه‪َ :‬بَلى‪َ .‬قاَل ‪َ :‬فَم ا َك اَن َسَبُب ِإْس اَل ِم َك ؟ َقاَل ‪ :‬اْنَص َر ْفُت ِم ْن َح ْض َر ِتَك فأحببت أن أمتحن‬
‫هذه األديان‪ ،‬وأنت (مع ما) تراين حسن اَخْلِّط ‪َ ،‬فَعَم ْد ُت ِإىَل الَّتْو َر اِة َفَك َتْبُت َثاَل َث ُنَس ٍخ َفِز ْد ُت ِفيَه ا َو َنَق ْصُت ‪َ ،‬و َأْد َخ ْلُتَه ا‬
‫ِم‬ ‫ِف‬ ‫ِم‬ ‫ِن‬
‫اْلَك يَس َة َفاْش ِرُت َيْت يِّن ‪ ،‬وعمدت إىل اإلجنيل فكتب َثاَل َث ُنَس ٍخ َفِز ْد ُت يَه ا َو َنَق ْصُت ‪َ ،‬و َأْد َخ ْلُتَه ا اْلِبيَعَة َفاْش ِرُت َيْت يِّن ‪َ ،‬و َعَم ْد ُت‬
‫ِإىَل اْلُقْر آِن َفَعِم ْلُت َثاَل َث ُنَس ٍخ َو ِز ْد ُت ِفيَه ا َو َنَق ْصُت ‪َ ،‬و َأْد َخ ْلُتَه ا اْلَو َّر اِقَني َفَتَص َّف ُح وَه ا‪َ ،‬فَلَّم ا َأْن َو َج ُد وا ِفيَه ا الِّز َياَدَة َو الُّنْق َص اَن‬
‫َرَمْو ا َهِبا َفَلْم َيْش َتُر وَه ا‪َ ،‬فَعِلْم ُت َأَّن َه َذ ا ِكَتاٌب ْحَمُفوٌظ ‪َ ،‬فَك اَن َه َذ ا َسَبُب ِإْس اَل ِم ي‪َ .‬قاَل ْحَيىَي ْبُن َأْك َثَم ‪َ :‬فَحَج ْجُت ِتْلَك الَّسَنَة‬
‫‪www.alukah.net‬‬
‫اإلبهاج في شرح منهاج المسلم‬
‫‪www.alukah.net‬‬

‫األدلة النقلية‪ -1 -:‬أمر اهلل تعاىل باإلميان هبا يف قوله‪{ :‬يا أيها الذين آمنوا أمنوا ورسوله والكتاب الذي نزل على رسوله‪،‬‬
‫والكتاب الذي أنزل من قبل}(النساء‪.)136:‬‬
‫‪ -2‬إخباره تعاىل عنها يف قوله‪{ :‬اهلل ال إله إال هو احلي القيوم‪ ،‬نزل عليك الكتاب باحلق مصدقًا ملا بني يديه‪ ،‬وأنزل التوراة‬
‫واإلجنيل من قبل هدى للناس‪ ،‬وأنزل الفرقان} (آل عمران‪ .)5-2:‬ويف قوله سبحانه وتعاىل‪ {:‬وأنزلنا عليك الكتاب باحلق‬
‫مصدقا ملا بني يديه من الكتاب ومهيمنا عليه} (املائدة‪ ،)48:‬ويف قوله جّلت قدرته‪{ :‬وآتينا داود زبورا}(النساء‪ ،)163:‬ويف‬
‫قوله‪{ :‬وإنه لتنزيل رب العاملني‪ ،‬نزل به الروح األمني على قلبك لتكون من املنذرين‪ ،‬بلسان عريب مبني وانه لفي ُز ُبر األولني}‬
‫(الشعراء‪ ،)196-192:‬ويف قوله‪{ :‬إن هذا لفي الصحف األوىل صحف إبراهيم وموسى}(األعلى‪.)19-18:‬‬
‫‪-3‬إخبار الرسول صلى اهلل عليه وسلم بذلك يف أحاديث كثرية‪ ،‬منها قوله صلى اهلل عليه وسلم‪ " :‬إمنا بقاؤكم فيمن سلف‪،‬‬
‫كما بني صالة العصر إىل غروب الشمس‪ ،‬أويت أهل "التوراة" التوارة فعملوا هبا حىت انتصف النهار‪ ،‬مث عجزوا فأعطوا قرياط ًا‬
‫قريطًا‪ ،‬مث أويت أهل "اإلجنيل" اإلجنيل فعملوا به حىت صليت العصر‪ ,‬مث عجزوا فأعطوا قرياطًا قريطًا‪ ,‬مث أوتيتم "القرآن" فعلمتم به‬
‫حىت غربت الشمس فأعطيتم قرياطني قرياطني‪ ،‬فقال أهل الكتاب‪ :‬أقل منا عمًال وأكثر أجرًا؟‪ .‬قال اهلل‪{ :‬هل ظلمتكم من‬
‫حقكم من ش ٍء ؟ قالوا‪ :‬ال‪ ،‬قال‪ :‬هو فضلي أوتيه من أشاُء }(‪. )1‬‬
‫ٍٍٍٍِي‬
‫ويف قول ه ص لى اهلل علي ه وس لم‪ " :‬خف ف على داوود علي ه الس الم الق رآن (الق راءة) فك ان ي أمر بدواب ه فتس رج فيق رأ "الق رآن"‬
‫(التوراة أو الزبور) قبل أن تسرج دوابه؛ وال يأكل إال من عمل يديه"(‪.)2‬‬
‫ويف قوله صلى اهلل عليه وسلم‪" :‬ال حسد إال يف اثنتني‪ :‬رجل أتاه اهلل القرآن فهو يتلوه آناء الليل وآناء النهار‪ ،‬ورجل آتاه اهلل‬
‫ماًال فهو ينفقُه آناء الليل وآناء النهار"(‪.)3‬‬

‫َفَلِق يُت ُس ْف َياَن ْب ُعَيْيَنَة َفَذ َك ْر ُت َلُه اَخْلَب َفَق اَل يِل ‪ِ :‬م ْص َد اُق َه َذ ا يِف ِكَتاِب الَّلِه َعَّز َو َج َّل‪َ .‬قاَل ُقْلُت ‪ :‬يِف َأِّي َمْو ِض ٍع ؟ َقاَل ‪ :‬يِف‬
‫َر‬ ‫َن‬
‫ِإ‬ ‫ِه‬ ‫ِإ‬ ‫ِح‬ ‫ِه‬ ‫ِب‬ ‫ِك‬ ‫ِم‬ ‫ِف‬ ‫ِجْن‬ ‫ِة‬ ‫يِف‬ ‫ِل ِه‬
‫َقْو الَّل َتَباَر َك َو َتَعاىَل الَّتْو َر ا َو اِإْل يِل ‪َ ":‬مِبا اْس ُتْح ُظوا ْن تا الَّل "‪َ ،‬فَجَعَل ْف َظُه َلْي ْم َفَض اَع‪َ ،‬و َقاَل َعَّز َو َج َّل‪َّ ":‬نا ْحَنُن‬
‫َنَّز ْلَنا الِّذ ْك َر َو ِإَّنا َلُه حَل اِفُظوَن " َفَح ِف َظُه الَّلُه َعَّز َو َج َّل َعَلْيَنا َفَلْم َيِض ْع ‪(.‬ش)‬
‫ِمَس‬
‫‪ )?(1‬رواه البخاري (‪ .)1/146‬أهـ يف"صحيحه" (‪ )7533( ،)7467‬من حديث عبد اهلل بن عمر رضي اهلل عنهما َأَّنُه َع‬
‫ِس‬ ‫ِب‬ ‫ِة ِر ِإ‬ ‫ِم‬ ‫ِم‬ ‫ِف‬ ‫ِإ‬ ‫َّلِه َّل َّل ِه َّل‬
‫َرُس وَل ال َص ى ال ُه َعَلْي َو َس َم َيُقوُل َمَّنا َبَق اُؤ ُك ْم يَم ا َس َلَف َقْبَلُك ْم ْن اُأْلَم َك َم ا َبَنْي َص اَل اْلَعْص ىَل ُغُر و الَّش ْم ُأوَيِت‬
‫وا َفُأ ُطوا ِق اًطا ِق اًطا َّمُث ُأو َأ اِإْل ِجْن يِل اِإْل ِجْن ي ِم ُلوا ِإىَل اَل ِة‬ ‫ِإ‬ ‫ِم‬ ‫ِة‬
‫َص‬ ‫َل َفَع‬ ‫َيِت ْه ُل‬ ‫َأْه ُل الَّتْو َر ا الَّتْو َر اَة َفَع ُلوا َح ىَّت َذا اْنَتَص َف الَّنَه اُر َعَجُز ْع َري َري‬
‫اْلَعْص ِر َّمُث َعَجُز وا َفُأْع ُطوا ِق اًطا ِق اًطا َّمُث ُأوِتيَنا اْلُق آَن َفَعِم ْلَنا ِإىَل ُغ وِب الَّش ْم ِس َفُأْع ِط يَنا ِق اَطِنْي ِق اَطِنْي َفَق اَل َأْه اْلِكَتاَبِنْي‬
‫ُل‬ ‫َري‬ ‫َري‬ ‫ُر‬ ‫ْر‬ ‫َري َري‬
‫اًل َقاَل َقاَل الَّل َّز َّل َظَل ُتُك ِم‬ ‫ِق‬ ‫ِق‬ ‫ِنْي‬ ‫ِء ِق ِنْي ِق‬
‫ُه َع َو َج َه ْل ْم ْم ْن‬ ‫َأْي َر َّبَنا َأْع َطْيَت َهُؤ اَل َرياَط َرياَط َو َأْع َطْيَتَنا َرياًطا َرياًطا َو ْحَنُن ُك َّنا َأْك َثَر َعَم‬
‫َأْج ِر ُك ْم ِم ْن َش ْي ٍء َقاُلوا اَل َقاَل َفُه َو َفْض ِلي ُأوِتيِه َمْن َأَش اُء(ش)‬
‫‪ )?(2‬رواه البخاري (‪ .)1/194‬أهـ يف "صحيحه" (‪ )3417‬و (‪ )4713‬من حديث َأيِب ُه َر ْيَر َة رضي اهلل عنه (ش)‬
‫‪ )?(3‬رواه البخاري (‪ .)1/189‬أهـ يف "صحيحه" (‪ )7141‬و (‪ ،)7316‬ومسلم يف "صحيحه" (‪ )816( ،)815‬من‬
‫حديث َعْبِد اِهلل ْبِن َمْس ُعوٍد رضي اهلل عنه (ش)‬
‫‪www.alukah.net‬‬
‫اإلبهاج في شرح منهاج المسلم‬
‫‪www.alukah.net‬‬

‫ويف قوله‪ " :‬تركت فيكم ما إن متسكتم به لن تضلوا بعدي‪ :‬كتاَب اهلل وسنة رسوله صلى اهلل عليه وسلم"(‪.)4‬‬
‫وقوله صلى اهلل عليه وسلم‪ " :‬ال تصدقوا أهل الكتاب وال تكذبوهم ‪ ,‬وقولوا آمنا بالذي أنزل إلينا وما أنزل إليكم ‪ ,‬وإهلنا‬
‫وإهلكم واحد وحنن له مسلمون " (‪)2‬‬
‫‪ -4‬إميان املاليني من العلماء واحلكماء وأهل اإلميان يف كل زمان ومكان واعتقادهم اجلازم بأن اهلل تعاىل قد أنزل كتب ًا أوحاها‬
‫إىل رسله‪ ,‬وخرية الناس من خلقه‪)3( ،‬وضمنها ما أراد من صفاته وأخبار غيبه‪ ،‬وبيان شرائعه ودينه(‪ )4‬ووعده ووعيده‪)5(.‬‬
‫األدلة العقلية‪-:‬‬

‫‪ )?(4‬رواه احلاكم يف املستدرك (‪ )1/93‬وهو صحيح ورواه مالك بالغًا‪ .‬أهـ قال األلباين رمحه اهلل يف كتابه التوسل‪ -:‬رواه‬
‫مالك مرسال واحلاكم من حديث ابن عباس َر ِض َي الَّلُه َعْنُه ما وإسناده حسن‪ .‬وله شاهد من حديث جابر خرجته يف (سلسلة‬
‫األحاديث الصحيحة) (‪( )1761‬ش)‬
‫‪ )?(2‬رواه البخاري (‪ .)3/237‬أهـ يف "صحيحه" (‪َ،)7542( )4485‬أيِب ُه ْي َة ِض الَّلُه َعْنُه َقاَل َك اَن َأْه اْلِكَتاِب‬
‫ُل‬ ‫َر َر َر َي‬
‫َيْق َرُءوَن الَّتْو َر اَة ِباْلِعْبَر اِنَّيِة َو ُيَفِّس ُر وَنَه ا ِباْلَعَر ِبَّيِة َأِلْه ِل اِإْل ْس اَل ِم َفَق اَل َرُس وُل الَّلِه َص َّلى الَّلُه َعَلْي َو َس َّلَم اَل ُتَص ِّد ُقوا َأْه َل اْل َتاِب َو اَل‬
‫ِك‬ ‫ِه‬
‫ُتَك ِّذ ُبوُه ْم َو ُقوُلوا{ آَم َّنا ِبالَّلِه َو َم ا ُأْنِز َل ِإَلْيَنا } اآْل َيَة (ش)‬
‫‪ )?(3‬قال تعاىل (َلَقْد َأْر َس ْلَنا ُرُس َلَنا ِباْلَبِّيَناِت َو َأنَز ْلَنا َمَعُه ُم اْلِكَتاَب َو اْلِم يَز اَن ِلَيُقوَم الَّناُس ِباْلِق ْس ِط ) [احلديد ‪.]25-‬وقال تعاىل {‬
‫َك اَن الَّناُس ُأَّم ًة َو اِح َد ًة َفَبَعَث الّلُه الَّنِبِّيَني ُمَبِّش ِر يَن َو ُم نِذ ِر يَن َو َأنَز َل َمَعُه ُم اْلِكَتاَب ِباَحْلِّق ِلَيْح ُك َم َبَنْي الَّناِس ِفيَم ا اْخ َتَلُفوْا ِفيه )‬
‫[ البقرة ‪(]213-‬ش)‬
‫‪ )?(4‬وهلل در العالمة ابن القيم حيث يقول يف نونيته‪-:‬‬
‫من رابع واحل ـق ذو تبيان‬ ‫والعلم أقسام ثالث ما هلا‬
‫وكذلك األمساء للرمح ـن‬ ‫علم بأوصاف اإلله وفعله‬
‫وجزاؤه ي ـوم املعاد الثاين‬ ‫واألمر والنهي الذي هو دينه‬
‫جاءت عن املبعوث بالفرقان (ش)‬ ‫والكل يف القرآن والسنن اليت‬
‫‪ )?(5‬األكثر أن الوعد يكون باخلري‪ ،‬والوعيد يكون بالشر‪-:‬‬
‫ملخلف إيعادي ومنجز موعدي‬ ‫وإين وإن أوعدته أو وعدته‬
‫وقد يأيت وعد بالشر‪-:‬قال تعاىل { ويستعجلونك بالعذاب ولن خيلف اهلل وعده وإن يوما عند ربك كألف سنة مما تعدون }‬
‫احلج‪٤٧ :‬‬
‫خريا وشرا ولكـل عمـل‬ ‫وقد وعدت القوم فيما فعلوا‬
‫وإن أردت الشر قل أوعدت‬ ‫وإن أردت اخلري قل وعدت‬
‫بالسجن واألدهم أي هددته‬ ‫وإن جلبت الباء قل وعدته‬
‫والقرآن جاءت آياته مشتملة على الوعد والوعيد لذا قيل عنه أنه مثاين وهلل در القائل إذ يقول‪-:‬‬
‫مقل العيون بليلها ال هتجـع‬ ‫منع القرآن بوعـده ووعيـده‬
‫‪www.alukah.net‬‬
‫اإلبهاج في شرح منهاج المسلم‬
‫‪www.alukah.net‬‬

‫‪ -1‬ض عف اإلنس ان واحتياج ه إىل رب ه يف إص الح جس مه وروح ه يقتض ي إن زال كتب تتض من التش ريعات والق وانني احملقق ة‬
‫لإلنسان كماالته‪ ،‬وما تتطلبُه حياتاُه األوىل واألخرى‪.‬‬
‫‪ -2‬ملا ك ان الرسل هم الواس طة بني اهلل تع اىل اخلالق وبني عباده املخلوقني‪ ,‬وك ان الرسل كغ ريهم من البشر يعيشون زمن ًا مث‬
‫ميوتون‪ ،‬فلو مل تكن رساالهتم قد تضمنتها كتٌب خاصٌة لكانت تضيع مبوهتم‪ ،‬ويبقى الناس بعدهم بال رسالٍة وال واسطٍة‪ ،‬فيضيع‬
‫الغرض األصلي من الوحي والرسالة‪ ،‬فكانت هذه حاًال تقتضي إنزال الكتب اإلهلية بال شك وال ريٍب ‪.‬‬
‫‪ -3‬إذا مل يكن الرس ول ال داعي إىل اهلل تع اىل حيم ل كتاب ًا من عن د رب ه في ه التش ريع واهلداي ة واخلري؛ َس ُه َل على الن اس تكذيب ه‬
‫وإنكار رسالته ‪ ,‬فكانت هذه حااًل تقضي بإنزال الكتب اإلهلية‪ ،‬إلقامة احلجة على الناس‪.‬‬
‫الفصل السابع‪ :‬اإلميان بالقرآن الكرمي‪ -:‬يؤمن املسلم بأن القرآن الكرمي‪ ،‬كتاب اهلل أنزله على خري خلقه‪ ،‬وأفضل أنبيائه ورسله‬
‫نبينا حمم ٍد ص لى اهلل عليه وسلم‪ ،‬كما أنزل غريه من الكتب على من سبق من الرسل‪ .‬وأنه نسخ بأحكامه سائر األحكام يف‬
‫الكتب السماوية السابقة‪،‬كما ختم برسالة صاحبه كل رسالٍة سالفٍة‪.‬وأنه الكتاب الشامل ألعظم تشريع رباٍّين‪ ,‬تكَّفل منزله ملن‬
‫أخذ به أن يسعد يف احلياتني‪،‬وتوعد من أعرض عنه فلم يأخذ به بالشقاوة يف الَّدارين(‪ ،)1‬وأنه الكتاب الوحيد الذي ضمن اهلل‬
‫سالمتُه من النقص والزيادة‪ ،‬ومن التبديل والتغيري‪ ,‬وبقاءُه حىت يرفعُه إليه عند آخر أجل هذه احلياة‪)2( .‬‬

‫فهما تذل له الرقاب وختضع‬ ‫فهموا عن امللك العظيم كالمه‬


‫واهلل عز وجل هو امللك العظيم الكرمي الذي إذا وعد وىف‪ ،‬وإذا توعد عفا‪(.‬ش)‬
‫‪ )?(1‬أخذًا من قوله تعاىل‪ { :‬فمن اتبع هداي فال يضل وال يشقى } اآلية‪.‬‬
‫‪ )?(2‬ومن فضائل القرآن أنه شرف ملن متسك به قوله تعاىل‪َ { :‬و ِإَّنُه َلِذْك ٌر َلَك َو ِلَق ْو ِم َك } [الزخرف‪ ]44 :‬اآلية وقال تعاىل‬
‫{ َلَقْد َأْنَز ْلَنا ِإَلْيُك ْم ِكَتاًبا ِفيِه ِذ ْك ُر ُك ْم َأَفاَل َتْع ِق ُلوَن } [األنبياء‪ ]10 :‬وقد حتقق ذلك للرسول ومن ذلك ما خيرب به حسان بن‬
‫ثابت شاعر الرسول صلى اهلل عليه وسلم بقوله‪-:‬‬
‫ِم َن الَّلِه َم ْش ُه وٌد َيُلوُح َو َيْش َه ـُد‬ ‫ِه ِل ِة‬
‫َأَغُّر َعَلْي لُّنُبَّو َخ اَتـ ـٌم‬
‫ِإَذا َقاَل يِف اَخْلْم ِس اْلُم َؤ َّذِن َأْش َه ُد‬ ‫َّم اِإْل َل ا الَّن ِإىَل اِمْسِه‬
‫َو َض ُه ْس َم ِّيِب‬
‫ِم ِمْسِه ِل ِج‬
‫َفُذ و اْلَعْر ِش ْحَمُم وٌد َو َه َذ ا َحُمَّم ُد‬ ‫َو َش َّق َلُه ِن ا ُي َّلـُه‬
‫روى اإلمام ابن ماجة يف سننه (‪ )218‬من حديث عامر بن واثلة أيب الطفيل أن نافع بن عبد احلارث لقي عمر بن اخلطاب‬
‫َر ِض َي الَّلُه َعْنُه بعسفان وكان عمر استعمله على مكة فقال عمر من استخلفت على أهل الوادي قال استخلفت عليهم ابن‬
‫أبزى قال ومن ابن أبزى قال رجل من موالينا قال عمر فاستخلفت عليهم موىل قال إنه قارئ لكتاب اهلل تعاىل عامل بالفرائض‬
‫قاض قال عمر أما إن نبيكم صلى اهلل عليه وسلم قال إن اهلل يرفع هبذا الكتاب أقواما ويضع به آخرين‪.‬واحلديث صححه‬
‫العالمة األلباين رمحة اهلل تعاىل عليه‪ ،‬وأهل القرآن هم أهل الشورى‪ -:‬روى البخاري يف صحيحه (‪ )7286‬من حديث اْبن‬
‫ِذ ِن ِه‬ ‫ِم‬ ‫ِخ ِه‬ ‫ِح‬ ‫ِد‬ ‫ِض‬
‫َعَّباٍس َر َي الَّلُه َعْنُه َم ا َقاَل َق َم ُعَيْيَنُة ْبُن ْص ِن ْبِن ُح َذ ْيَفَة َفَنَز َل َعَلى اْبِن َأ ي اُحْلِّر ْبِن َقْيٍس َو َك اَن ْن الَّنَف ِر اَّل يَن ُيْد ي ْم‬
‫ُعَمُر َو َك اَن اْلُقَّر اُء َأْص َح اَب َجَماِلِس ُعَمَر َو ُم َش اَو َر ِتِه ُك ُه واًل َك اُنوا َأْو ُش َّباًنا َفَق اَل ُعَيْيَنُة اِل ْبِن َأِخ يِه َيا اْبَن َأِخ ي َه ْل َلَك َو ْجٌه ِعْنَد‬
‫َه َذ ا اَأْلِم ِري َفاْس َتْأِذ ْن يِل َعَلْيِه َقاَل َس َأْس َتْأِذ ُن َلَك َعَلْيِه َقاَل اْبُن َعَّباٍس َفاْس َتْأَذَن اُحْلُّر ِلُعَيْيَنَة َفَأِذ َن َلُه ُعَمُر َفَلَّم ا َدَخ َل َعَلْيِه َقاَل ِه ْي َيا‬
‫‪www.alukah.net‬‬
‫اإلبهاج في شرح منهاج المسلم‬
‫‪www.alukah.net‬‬

‫وذلك لألدلة النقلية والعقلية التالية‪-:‬‬


‫األدلة النقلية‪-:‬‬
‫‪ -1‬إخبارُه تعاىل بذلك يف قوله‪ {:‬تبارك الذي نزل الفرقان على عبده ليكون للعاملني نذيرا} (الفرقان‪ ،)1 :‬ويف قوله {حنن‬
‫نقص عليك أحسن القصص مبا أوحينا إليك هذا القرآن‪ ،‬وإن كنت من قبله ملن الغافلني} (يوسف‪ .)3 :‬ويف قوله عز وجل‪:‬‬
‫{إنا أنزلنا إليك الكتاب باحلق لتحكم بني الناس مبا أراك اهلل وال تكن للخائنني خصيما} (النساء‪.)105 :‬‬
‫ويف قوله‪{ :‬يا أهل الكتاب قد جاءكم رسولنا يبني لكم كثريا مما كنتم ختفون من الكتاب‪ ،‬ويعفو عن كثري‪ .‬قد جاءكم من اهلل‬
‫ن ور وكت اب م بني يه دي ب ه اهلل من اتب ع رض وانه س بل الس الم وخيرجهم من الظلم ات إىل الن ور بإذن ه ويه ديهم إىل ص راط‬
‫مستقيم} (املائدة‪ .)16-15 :‬ويف قوله‪{ :‬فمن اتبع هداي فال يضل وال يشقى‪ ،‬ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا‪،‬‬
‫وحنشره يوم القيامة أعمى} (طه‪ .)124-123 :‬ويف قوله عز وجل‪{ :‬كتاب عزيز ال يأتيه الباطل من بني يديه وال من خلفه‬
‫تنزيل من حكيم محيد}(فِّص لت‪،)42-41 :‬ويف قوله سبحانه‪ {:‬إنا حنن نزلنا الذكر وإنا له حلافظون}(احلجر‪.)9:‬‬
‫‪ -1‬إخبار رسوله املنزل عليه صلى اهلل عليه وسلم يف قوله‪ " :‬أَال إيِّن أوتيُت الكتاَب ومثلُه معُه" (‪،)1‬‬
‫ِني‬ ‫اَّل‬
‫ويف قوله‪" :‬خريكْم َم ن تعِّلم القرآَن وعَّلمُه" ( ) وقوله‪" :‬الَ حس َد إ يف اثنت ‪ :‬رج ٌل آتاُه اهللُالقرآَن فه َو يتلوُه آناَء الَّلي ِل وآناَء‬
‫‪2‬‬

‫ِت‬ ‫ِء‬
‫الَّنهاِر ‪ ،‬ورجٌل آتاُه اهللُماًال فهَو ينفقُه آناَء الَّليِل ‪ ،‬وآناَء الَّنهاِر " ( )‪ ،‬وقوله‪َ" :‬م ا مَن األنبيا نٌّيب إاَّل وقْد ُأعطَي مَن اآليا َم ا مثلُه‬
‫‪3‬‬

‫آمَن عليِه البشُر ‪ ،‬وإَمَّنا كان اَّلِذي أوتيُته وحيًا أوحاُه اهللُإَّيل‪ ،‬فأرُج و أْن أكوَن أكثرهْم تابعًا يوَم القيامِة " (‪.)4‬‬

‫اْبَن اَخْلَّطاِب َفَو الَّلِه َم ا ُتْع ِط يَنا اَجْلْز َل َو اَل ْحَتُك ُم َبْيَنَنا ِباْلَعْد ِل َفَغِض َب ُعَمُر َح ىَّت َه َّم َأْن ُيوِقَع ِبِه َفَق اَل َلُه اُحْلُّر َيا َأِم َري اْلُم ْؤ ِمِنَني ِإَّن‬
‫الَّلَه َتَعاىَل َقاَل ِلَنِبِّيِه َص َّلى الَّلُه َعَلْيِه َو َس َّلَم { ُخ ْذ اْلَعْف َو َو ْأُمْر ِباْلُعْر ِف َو َأْع ِر ْض َعْن اَجْلاِهِلَني } َو ِإَّن َه َذ ا ِم ْن اَجْلاِهِلَني َو الَّلِه َم ا‬
‫َج اَو َز َه ا ُعَمُر ِح َني َتاَل َه ا َعَلْيِه َو َك اَن َو َّقاًفا ِعْنَد ِكَتاِب الَّلِه (ش)‬
‫‪ )?(1‬أخرجه أبو داود (‪ )5/15‬كتاب السنة ‪ ,‬واإلمام أمحد (‪ .)4/131‬أهـ رواه أبو داود (‪،)4604‬والرتمذي (‬
‫ِت‬ ‫ِه‬ ‫ِل ِه‬ ‫ِد‬ ‫ِم‬
‫‪،)2664‬وابن ماجه (‪ )12‬من حديث اْل ْق َد اِم ْبِن َم ْع ي َك ِر َب َعْن َرُس و الَّل َص َّلى الَّلُه َعَلْي َو َس َّلَم َأَّنُه َقاَل َأاَل ِإيِّن ُأو يُت‬
‫ِح‬ ‫ِف ِه ِم‬ ‫ِتِه‬ ‫ِش‬ ‫ِم‬ ‫ِك‬
‫اْل َتاَب َو ْثَلُه َمَعُه َأاَل ُيو ُك َرُج ٌل َش ْبَعاُن َعَلى َأِر يَك َيُقوُل َعَلْيُك ْم َهِبَذ ا اْلُقْر آِن َفَم ا َو َج ْد ْمُت ي ْن َح اَل ٍل َفَأ ُّلوُه َو َم ا َو َج ْد ْمُت‬
‫ِفيِه ِم ْن َح َر اٍم َفَح ِّر ُموُه َأاَل اَل ِحَي ُّل َلُك ْم ْحَلُم اِحْلَم اِر اَأْلْه ِلِّي َو اَل ُك ُّل ِذ ي َناٍب ِم ْن الَّس ُبِع َو اَل ُلَق َطُة ُمَعاِهٍد ِإاَّل َأْن َيْس َتْغَيِن َعْنَه ا‬
‫َص اِح ُبَه ا َو َمْن َنَز َل ِبَق ْو ٍم َفَعَلْيِه ْم َأْن َيْق ُر وُه َفِإْن ْمَل َيْق ُر وُه َفَلُه َأْن ُيْع ِق َبُه ْم ِمِبْثِل قال الشيخ شعيب األرنؤوط‪ -:‬إسناده صحيح‪،‬‬
‫واحلديث صححه العالمة األلباين رمحه اهلل تعاىل‪(.‬ش)‬
‫‪ )?(2‬أخرجه أبو داود (‪ )1452‬والرتمذي (‪ )2907‬وابن ماجه (‪ )211‬وهو حسن‪.‬أهـ ورواه البخاري يف "صحيحه" (‬
‫‪ )5027‬من حديث َعْن ُعْثَم اَن َر ِض َي الَّلُه َعْنُه‪(.‬ش)‬
‫‪ )?(3‬رواه البخاري (‪ .)9/189‬أهـ يف "صحيحه" (‪ )7141‬و (‪ ،)7316‬ومسلم يف "صحيحه" (‪ )816( ،)815‬من‬
‫حديث َعْبِد اِهلل ْبِن َمْس ُعوٍد رضي اهلل عنه (ش)‬
‫‪ )?(4‬رواه مسلم (‪ )1/134‬كتاب اإلميان‪.‬أهـ ورواه البخاري (‪ ،)7274( ،)4981‬ومسلم يف "صحيحه" (‪ )152‬من‬
‫حديث َأيِب ُه َر ْيَر َة َر ِض َي الَّلُه َعْنُه (ش)‬
‫‪www.alukah.net‬‬
‫اإلبهاج في شرح منهاج المسلم‬
‫‪www.alukah.net‬‬

‫ويف قوله‪" :‬لْو كاَن موَس ى أْو عيَس ى حيًا ْمل يسعُه ِإال اِّتباِعي"(‪)1‬‬
‫‪ -3‬إميان الباليني (‪)2‬من املسلمني بأن القرآن كتاب اهلل ووحيه أوحاه إىل رسوله‪ ،‬واعتقادهم اجلازم بذلك مع تالوهتم وحفظ‬
‫أكثرهم له وعملهم مبا فيه من شرائع وأحكام‪.‬‬
‫األدلة العقلية‪:‬‬
‫‪ -1‬اشتمال القرآن الكرمي على العلوم املختلفة اآلتية‪ ،‬مع أن صاحبه املَّنزَل عليه أِّم ٌّي مل يقرأ ومل يكتب ق ُّط ‪ ،‬ومل يسبق له أن‬
‫دخل ُك َّتابًا وال مدرسة البَّتة‪:‬‬
‫ب‌‪ -‬العلوم التارخيية‪.‬‬ ‫أ‌‪ -‬العلوم الكونية‪.‬‬
‫ت‪ -‬العلوم التشريعية والقانونية‪ .‬ث‌‪ -‬العلوم احلربية والسياسية‪.‬‬
‫فاشتماله على هذه العلوم املختلفة دليل قوي على أنه كالم اهلل تعاىل ووحٌي منه‪ ،‬إذ العقل حُي يل صدور هذه العلوم عن أِّم ٍّي مل‬
‫يقرأ ومل يكتب قُّط ‪.‬‬
‫‪ -2‬حتدي اهلل منزل ه اإلنس واجلن على اإلتي ان مبثل ه بقول ه‪{ :‬ق ل لئن اجتمعت اإلنس واجلن على أن ي أتوا مبث ل ه ذا الق رآن ال‬
‫يأتون مبثله ولو كان بعضهم لبعض ظهريًا} (اإلسراء‪.)88 :‬‬
‫كما حتَّدى فصحاء العرب وبلغاءهم على اإلتيان بعشر سور من مثِله‪ ،‬بل بسورة واحدة فعجزوا ومل يستطيعوا‪.‬‬
‫فكان هذا أكرب دليل وأقوى برهان على أنه كالم اهلل وليس من كالم البشر يف شيء‪.‬‬
‫‪ -3‬اشتماله على أخبار الغيب العديدة واليت ظهر بعضها طبق ما أخرب بال زيادة وال نقص (‪.)3‬‬
‫‪ -4‬ما دام قد أنزل اهلل عز وجل كتب ًا أخرى على غري حممد صلى اهلل عليه وسلم كالتوارة على موسى‪ ،‬واإلجنيل على عيسى‬
‫عليهما السالم‪ ،‬مل ينكر أن يكون القرآن قد أنزله اهلل تعاىل‪ ،‬كما أنزل الكتب السابقة له؟‪ .‬وهل العقل حُي يل نزول القرآن أو‬
‫مينعه؟ ال‪ .‬بل العقل حيِّتم نزوله ويوجبه‪.‬‬

‫ِد ِهلل ِض‬ ‫ِب‬


‫‪ )?(1‬رواه أبو يعلى بلفظ آخر أهـ وأخرجه اإلمام أمحد يف مسنده من حديث َج ا ِر ْبِن َعْب ا َر َي الَّلُه َعْنُه‪َ ،‬أَّن ُعَمَر ْبَن‬
‫اَخْلَّطاِب َر ِض َي الَّلُه َعْنُه‪َ ،‬أَتى الَّنَّيِب َص َّلى اُهلل َعَلْيِه َو َس َّلَم ِبِكَتاٍب َأَص اَبُه ِم ْن َبْع ِض َأْه ِل اْلُك ُتِب ويف رواية "التوراة"‪َ ،‬فَق َر َأُه َعَلى‬
‫الَّنُّيِب َص َّلى اُهلل َعَلْيِه َو َس َّلَم َفَغِض َب َو َقاَل ‪َ " :‬أُم َتَه ِّو ُك وَن ِفيَه ا َيا اْبَن اَخْلَّطاِب ‪َ ،‬و اَّلِذي َنْف ِس ي ِبَيِدِه َلَقْد ِج ْئُتُك ْم َهِبا َبْيَض اَء َنِق َّيًة‪ ،‬اَل‬
‫َتْس َأُلوُه ْم َعْن َش ْي ٍء َفُيْخ ُرِبوُك ْم َحِبٍّق َفُتَك ِّذ ُبوا ِبِه‪َ ،‬أْو ِبَباِط ٍل َفُتَص ِّد ُقوا ِبِه‪َ ،‬و اَّلِذي َنْف ِس ي ِبَيِدِه َلْو َأَّن ُموَس ى َك اَن َح ًّيا‪َ ،‬م ا َو ِس َعُه ِإّلَا‬
‫َأْن َيَّتِبَعيِن " قال الشيخ شعيب األرنؤوط‪ -:‬إسناده ضعيف‪ ،‬وكذا قال العالمة األلباين مث قال لكن احلديث قوى‪ ،‬فإن له‬
‫شواهد كثرية‪،‬وحسنه رمحة اهلل تعاىل عليه‪(.‬ش)‬
‫‪ )?(2‬مجُع بليوٍن وهو ألُف ألٍف ألٍف ‪.‬‬
‫‪ )?(3‬من ذلك‪:‬إخباره بأن الروم ستغلب الفرس يف بضع سنني‪،‬وكانت يومئٍذ مغلوبة للفرس مهزومة أمامها‪ ،‬ومل متض بضع‬
‫سنني حىت غلبت الروم فارس‪ ،‬قال تعاىل‪ { :‬امل‪ ،‬غلبت الروم‪ ،‬يف أدىن األرض وهم من بعد غلبهم سيغلبون‪ ،‬يف بضع سنني‬
‫(الروم‪.)٤ –١:‬‬
‫‪www.alukah.net‬‬
‫اإلبهاج في شرح منهاج المسلم‬
‫‪www.alukah.net‬‬

‫‪ -5‬قد ُتُتِّبعت تنُّبؤاته فكانت وفق ما تنَّب أ به متام ًا‪ ،‬كما قد تتِّبعت أخباره فكانت طبق ما قَّص ُه وأخرب به سواًء بسواٍء ‪ ،‬كما‬
‫جِّر بت أحكامه وشرائعه وقوانينه فحَّققت كل ما أريد منها من أمٍن وعَّز ٍة وكرامٍة (‪ ,)1‬وعلٍم وعرفاٍن ‪ ،‬يشهد بذلك تاريخ دولة‬
‫الراشدين رضواُن اِهلل عليهم‪ .‬وأي دليل يطلب بعد هذا على كون القرآن كالم اهلل ووحيه أنزله على خري خلقه وخامت أنبيائه‬
‫ورسله؟‪.‬‬
‫الفصل الثامن‪ :‬اإلميان بالُّر سل عليهم السالم‪)2( -:‬‬

‫‪ )?(1‬مصداق ذلك‪ :‬ما حدث يف اململكة العربية السعودية فقد اختل األمن يف أرض احلجاز وعمت الفوضى وكثر السلب‬
‫والنهب حىت أصبح احلاج ال يأمن على ماله وال على نفسه‪ ،‬وما إن ُأعلن عن دولة القرآن حىت عم البالد أمن شامل مل تر مثله‬
‫منذ أن كانت دولة الراشدين رضي اهلل عنهم‪.‬‬
‫‪ )?(2‬تعريف النيب والرسول‪ -:‬النيب يف اللغة‪ :‬مشتق من النبأ وهو اخلرب‪ .‬قال تعاىل‪َ { :‬عِن الَّنَبِإ اْلَعِظ يِم } (النبأ‪ .)2 :‬ومسي النيب‬
‫نبًّيا ألنه خُم ٌرب من اهلل‪ ،‬وْخُيُرِب عن اهلل فهو خُم رَب وخُم رِب ‪ .‬وقيل النيب مشتق من النباوة‪ :‬وهي الشيء املرتفع‪ ،‬ومسي النيب نبًّيا على هذا‬
‫املعىن‪ :‬لرفعة حمله على سائر الناس‪ .‬قال تعاىل‪َ { :‬و َر َفْع َناُه َم َك اًنا َعِلًّيا } (مرمي‪.)57 :‬‬
‫أكرم من ُبعث‬ ‫مث صالته على حممـد‬ ‫كتاَبـه وِعْلمـه عَّلمنا محدا يدوم بدوام األبد‬ ‫احلمد هلل الذي أْو َر َثَنا‬
‫صلى عليه رَُّبنا وسَّلما‬ ‫وخِري من قد قام باملقام جاء خبتم الوحي والنبوءْه خلري أمة من الربيئـْه‬ ‫لألنام‬
‫وآله وصحبه تكّر ما‪.‬‬
‫ِج‬ ‫ِد ٍة ِظ‬ ‫ِإ ِس ِإ‬
‫والرسول يف اللغة‪ :‬مشتق من اإلرسال وهو التوجيه‪ .‬قال تعاىل خمًربا عن ملكة سبأ‪َ { :‬و يِّن ُمْر َلٌة َلْيِه ْم َهِب َّي َفَنا َر ٌة َمِب َيْر ُع‬
‫اْلُمْر َس ُلوَن } (النمل‪.)35 :‬‬
‫وقد اختلف العلماء يف تعريف كل من النيب والرسول يف الشرع على أقوال‪:‬منها أن النبوة شرعا خصيصة من اهلل تعاىل غري‬
‫مكتسبة بإمجاع املسلمني وهي اختصاص العبد بسماع وحي من اهلل تعاىل حبكم شرعي تكليفي‪ ،‬سواء أمر بتبليغه أم ال‬
‫وهكذا الرسالة بشرط أن يؤمر بالتبليغ‪ .‬ومنها‪ -:‬أن النيب‪ :‬هو من أوحى اهلل إليه مبا يفعله ويأمر به املؤمنني‪.‬‬
‫والرسول‪ :‬هو من أوحى اهلل إليه وأرسله إىل من خالف أمر اهلل ليبلغ رسالة اهلل‪.‬‬
‫ومنها‪ :‬قول الزخمشري (‪ " :) 37 / 3‬و الفرق بينهما‪ ،‬أن الرسول من األنبياء‪ :‬من مجع إىل املعجزة الكتاب املنزل عليه‪ .‬و‬
‫النيب غري الرسول‪ :‬من مل ينزل عليه كتاب‪ ،‬و إمنا أمر أن يدعو الناس إىل شريعة من قبله "‪ .‬و مثله قول البيضاوي يف " تفسريه‬
‫" (‪ " :) 57 / 4‬الرسول‪ :‬من بعثه اهلل بشريعة جمددة يدعو الناس إليها‪ ،‬و النيب يعمه‪ ،‬و من بعثه لتقرير شرع سابق‪ ،‬كأنبياء‬
‫بين إسرائيل الذين كانوا بني موسى و عيسى عليهم السالم‪ ،‬و لذلك شبه النيب صلى اهلل عليه وسلم علماء أمته هبم "‪ .‬يشري‬
‫إىل حديث " علماء أميت كأنبياء بين إسرائيل قال األلباين رمحه اهلل تعاىل " حديث ال أصل له"‬
‫والفرق بينهما‪ :‬أن النيب هو من نبأه اهلل بأمره وهنيه ليخاطب املؤمنني ويأمرهم بذلك وال خياطب الكفار وال يرسل إليهم‪ .‬وأما‬
‫الرسول فهو من أرسل إىل الكفار واملؤمنني ليبلغهم رسالة اهلل ويدعوهم إىل عبادته‪ .‬وليس من شرط الرسول أن يأيت بشريعة‬
‫جديدة فقد كان يوسف على ملة إبراهيم‪ ،‬وداود وسليمان كانا على شريعة التوراة وكلهم رسل‪ .‬قال تعاىل‪َ { :‬و َلَقْد َج اَءُك ْم‬
‫‪www.alukah.net‬‬
‫اإلبهاج في شرح منهاج المسلم‬
‫‪www.alukah.net‬‬

‫يؤمن املسلم بأن اهلل تعاىل قد اصطفى من الناس رسًال (‪ )3‬وأوحى إليهم بشرعهِ وعهد إليهم بإبالغِه لقطع حَّج ة الناس‬
‫عليه يوم القيامة‪ ،‬وأرسلهم بالبِّينات وأَّيدهم باملعجزات‪ ،‬ابتدأهم بنبِّيه نوٍح وختمهم مبحمد َص َّلى الَّلُه َعَلْيِه َو َس َّلَم‪)2( .‬‬
‫بشرا جتري عليهُم الكثري من األعراض البشرية فيأكلون ويشربون‪ ،‬وميرضون ويصحون‪ ،‬وينسون‪ ،‬ويذكرون‪،‬‬ ‫وأهَّن م وإن كانوا ً‬
‫وميوتون وحييون‪ ،‬فهم أكمل خلق اهلل تعاىل على اإلطالق‪ ،‬وأفض لهم بال استثناء‪ ،‬وأنه ال يتم إميان عبد إال باإلميان هبم مجيع ًا‪،‬‬
‫مجلًة وتفصيًال؛ (‪)3‬‬
‫وذلك لألدلة النقلية والعقلية اآلتية‪ -:‬األدلة النقلية‪-:‬‬

‫ُيوُس ُف ِم ْن َقْبُل ِباْلَبِّيَناِت َفَم ا ِز ْلُتْم يِف َش ٍّك َّمِما َج اَءُك ْم ِبِه َح ىَّت ِإَذا َه َلَك ُقْلُتْم َلْن َيْبَعَث الَّلُه ِم ْن َبْع ِدِه َرُس واًل } (غافر‪.)34 :‬‬
‫وٍل اَل َن ِإاَّل ِإَذا َمَتىَّن َأْلَق ى الَّش َطاُن يِف ُأ ِنَّيِتِه‬ ‫ِم ِل ِم‬
‫ْم‬ ‫ْي‬ ‫وقد يطلق على النيب أنه رسول كما قال تعاىل‪َ { :‬و َم ا َأْر َس ْلَنا ْن َقْب َك ْن َرُس َو ٍّيِب‬
‫} (احلج‪ )52 :‬فذكر اهلل عز وجل أنه يرسل النيب والرسول‪ .‬وبيان ذلك أن اهلل تعاىل إذا أمر النيب بدعوة املؤمنني إىل أمر فهو‬
‫مرسل من اهلل إليهم لكن هذا اإلرسال مقيد‪ .‬وأما اإلرسال املطلق فهو بإرسال الرسل إىل عامة اخللق من الكفار واملؤمنني‪.‬‬
‫(ش)‬
‫‪ )?(3‬والنبوة والرسالة حمض اصطفاء واجتباء من اهلل تعاىل قال تعاىل {اُهلل َأْع َلُم َح ْيُث ْجَيَعُل ِر َس اَلَتُه} (األنعام‪)124:‬‬
‫بالكسب والتهذيب والفتوة‬ ‫وال تنـال رتبـة النبــوة‬
‫ملن يشا من خلقه إىل األجل (ش)‬ ‫لكنها فضل من املوىل األجل‬
‫‪ )?(2‬عدد األنبياء واملرسلني املذكورون يف القرآن مخسة وعشرون نبيا ورسوال مجعها بعضهم يف قوله‪-:‬‬
‫ِم ِد ٍر‬ ‫يِف " ِتْلَك ُح َّج ُتَنا " ِم ْنُه ْم َمَثاِنَيٌة‬
‫ْن َبْع َعْش َو َيْبَق ى َس ْبَعٌة َو ُه ـُم‬
‫ُذو اْلِكْف ِل آَدُم ِباْلُم ْخَتاِر َقْد ُخ ِتُم وا‬ ‫ِإْد ِر يُس ُه وٌد ُش َعْيٌب َص اِلٌح َو َك َذ ا‬
‫فخامت األنبياء واملرسلني هو رسولنا صلى اهلل تعاىل عليه وسلم‪ -:‬قال تعاىل‪َّ{ :‬م ا َك اَن َحُمَّمٌد َأَبا َأَح ٍد ِّم ن ِّر َج اِلُك ْم َو َلِكن‬
‫َّر ُس وَل الَّلِه َو َخ اَمَت الَّنِبِّيَني َو َك اَن الَّلُه ِبُك ِّل َش ْي ٍء َعِليًم ا } [األحزاب‪،]40:‬روى البخاري يف "صحيحه" (‪ )3455‬ومسلم يف‬
‫ِإ ِئ‬ ‫ِب‬ ‫ِض َّل‬
‫"صحيحه" (‪ )1842‬من حديث َأيِب ُه َر ْيَر َة َر َي ال ُه َعْنُه َعِن الَّن ِّي ‪ -‬صلى اهلل عليه وسلم ‪َ -‬قاَل «َك اَنْت َبُنو ْس َر ا يَل‬
‫َت و اَألْنِب ا ‪ُ ،‬ك َّل ا َلَك َنِبٌّي َلَف َنِبيٌّ‪ِ ،‬إَّن َال َنِبَّي ِد ى‪ُ ،‬ك وُن َلَف ا ْك وَن ‪َ.‬قاُلوا َف ا َتْأ َنا َقاَل ُفوا ِب ِة‬
‫َبْيَع‬ ‫َم ُمُر‬ ‫َو َسَي ُخ ُء َفَي ُثُر‬ ‫َبْع‬ ‫َو ُه‬ ‫َخ ُه‬ ‫ُس ُسُه ُم َي ُء َم َه‬
‫اَألَّو ِل َفاَألَّو ِل ‪َ ،‬أْع ُطوُه ْم َح َّق ُه ْم ‪َ ،‬فِإَّن الَّلَه َس اِئُلُه ْم َعَّم ا اْس َتْر َعاُه ْم » وروى اإلمام الرتمذي يف سننه (‪ )2198‬من حديث َأَنس‬
‫ِل‬ ‫ِد‬ ‫ِل‬
‫ْبُن َم ا ٍك َقاَل َقاَل َرُس وُل الَّلِه َص َّلى الَّلُه َعَلْيِه َو َس َّلَم ِإَّن الِّر َس اَلَة َو الُّنُبَّوَة َقْد اْنَق َطَعْت َفاَل َرُس وَل َبْع ي َو اَل َنَّيِب َقاَل َفَش َّق َذ َك‬
‫َعَلى الَّناِس َفَق اَل َلِكْن اْلُمَبِّش َر اُت َقاُلوا َيا َرُس وَل الَّلِه َو َم ا اْلُمَبِّش َر اُت َقاَل ُر ْؤ َيا اْلُمْس ِلِم َو ِه َي ُج ْز ٌء ِم ْن َأْجَز اِء الُّنُبَّو ِة " قال األلباين‬
‫رمحه اهلل تعاىل صحيح اإلسناد (ش)‬
‫ِه ِلِه‬ ‫ِذ‬
‫‪ )?(3‬وجعل اهلل الكفر بواحد منهم كفرا جبميعهم‪ -:‬قال اهلل تعاىل‪ِ{ :‬إَّن اَّل يَن َيْك ُفُر وَن ِبالَّل َو ُرُس َو ُيِر يُد وَن َأْن ُيَفِّرُقوا َبَنْي‬
‫الَّلِه َو ُرُس ِلِه َو َيُقوُلوَن ُنْؤ ِم ُن ِبَبْع ٍض َو َنْك ُفُر ِبَبْع ٍض َو ُيِر يُد وَن َأْن َيَّتِخ ُذ وا َبَنْي َذِلَك َس ِبياًل (‪ُ )150‬أوَلِئَك ُه ُم اْلَك اِفُر وَن َح ًّقا‬
‫ِت ِه‬ ‫ِئ‬ ‫ٍد ِم‬ ‫ِب ِه ِلِه‬ ‫ِذ‬ ‫ِه‬ ‫ِل ِف‬
‫َو َأْعَتْدَنا ْلَك ا ِر يَن َعَذ اًبا ُم يًنا (‪َ )151‬و اَّل يَن َآَم ُنوا الَّل َو ُرُس َو ْمَل ُيَفِّرُقوا َبَنْي َأَح ْنُه ْم ُأوَل َك َسْو َف ُيْؤ ي ْم ُأُج وَر ُه ْم‬
‫َو َك اَن الَّلُه َغُفوًر ا َر ِح يًم ا (‪[})152‬النساء‪(]152 - 150/‬ش)‬
‫‪www.alukah.net‬‬
‫اإلبهاج في شرح منهاج المسلم‬
‫‪www.alukah.net‬‬

‫‪ -1‬إخباره تعاىل عن رسله‪ ،‬وعن بعثتهم ورساالهتم يف قوله‪{ :‬ولقد بعثنا يف كل أمة رسوال أن اعبدوا اهلل واجتنبوا الطاغوت}‬
‫(النح ل‪ ،)36 :‬ويف قول ه‪{ :‬إن ا أوحين ا إلي ك كم ا أوحين ا إىل ن وح والنب يني من بع د وأوحين ا إىل إب راهيم وإمساعيل واس حق‬
‫ويعقوب واألسباط وعيسى وأيوب ويونس وهارون وسليمان‪ ،‬وآتينا داود زبورا‪ ،‬ورسال قد قصصناهم عليك من قبل ورس ًال‬
‫مل نقصصهم عليك‪ ،‬وكَّلم اهلل موسى تكليما‪ ،‬رسال مبشرين ومنذرين لئال يكون للناس على اهلل حجة بعد الرسل‪ ،‬وكان اهلل‬
‫عزيزا حكيما} (النساء‪ ،)165-163 :‬ويف قوله‪{ :‬لقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأرسلنا معهم الكتاب وامليزان ليقوم الناس‬
‫بالقسط} (احلديد‪ ،)25 :‬ويف قوله‪{ :‬وأيوب إذ نادى ربه أين مسين الضر وأنت أرحم الرامحني} (األنبياء‪ ،)83 :‬ويف قوله‪:‬‬
‫{وما أرسلنا قبلك من املرسلني إال أهنم ليأكلون الطعام وميشون يف األسواق} (الفرقان‪ ،)20 :‬ويف قوله‪{ :‬ولقد آتينا موسى‬
‫تسع آيات بينات فاسأل بين إسرائيل إذ جاءهم} اآلية (اإلسراء‪ ،)101 :‬ويف قوله‪ {::‬وإذا أخذنا من النبيني ميثاقهم ومنك‬
‫ومن ن وح وإب راهيم وموس ى وعيس ى ابن م رمي وأخ ذنا منهم ميثاق ًا غليط ًا ليسئـل الص ادقني عن ص دقهم وأع َّد للك افرين ع ذابًا‬
‫أليما} (األحزاب‪.)8-7 :‬‬
‫ِم‬ ‫ِه‬ ‫ِل‬
‫‪ -2‬إخبار الَّر سو َص َّلى الَّل ُه َعَلْي َو َس َّلَم عن نفسه وعن إخوانه من األنبياء واملرسلني يف قوله‪َ" :‬م ا َبَعَث اُهلل ن ن ٍّيب إاَّل أنذَر‬
‫قومُه األعوَر الكَّذ اَب " (‪)1‬املسيَح الَّد َّج اَل ‪.‬‬

‫‪ )?(1‬رواه البخاري (‪ )9/148‬وذكر يف فتح الباري (‪ )13/389‬كتاب التوحيد‪.‬أهـ يف "صحيحه" (‪ )7408‬من حديث‬
‫ِإ‬ ‫ِإ‬ ‫ِم‬ ‫ِه‬
‫أنس بن مالك رضي اهلل عنه َعْن الَّنِّيِب َص َّلى الَّلُه َعَلْي َو َس َّلَم َقاَل َم ا َبَعَث الَّلُه ْن َنٍّيِب اَّل َأْنَذ َر َقْو َمُه اَأْلْع َوَر اْلَك َّذ اَب َّنُه َأْع َوُر‬
‫َو ِإَّن َر َّبُك ْم َلْيَس ِبَأْع َو َر َم ْك ُتوٌب َبَنْي َعْيَنْيِه َك اِفٌر (ش)‬
‫‪www.alukah.net‬‬
‫اإلبهاج في شرح منهاج المسلم‬
‫‪www.alukah.net‬‬

‫ويف قوله‪" :‬اَل تفاض ُلوا بَني األنبياِء " ‪ .‬ويف قوله‪ :‬ملا سألُه أبو ذٍّر عن عدد األنبياء واملرسلني منهم فقال‪" :‬مائ ٌة وعشروَن ألف ًا‬
‫(‪)1‬‬

‫واملرسلَني منهم ثالمثائٍة وثالثَة عشَر " (‪ ،)2‬ويف قوله‪" :‬واَّلِذي نفِس ي بيدِه لْو أَّن موَس ى كاَن حًّيا َم ا وسعُه إاَّل أْن يَّتبعِين " (‪.)3‬‬
‫ٍد‬ ‫ِه‬
‫ويف قوله‪" :‬ذاَك إبراهيُم" ملا قيل له‪ :‬يا خري الربَّية؛ تواضًعا منه َص َّلى الَّلُه َعَلْي َو َس َّلَم‪ .‬ويف قوله‪َ " :‬م ا كاَن لعب أْن يقوَل إيِّن خ ٌري‬
‫مْن يونَس بِن مىَّت " (‪ ،)4‬ويف إخبارِه َص َّلى الَّلُه َعَلْيِه َو َس َّلَم عنهم ليلة اإلسراء إذ مُج عوا له هناك ببيت املقدس وص َّلى هبم إماًم ا هلم‪،‬‬
‫كما أنه وجد يف الَّس ماوات حيىي وعيسى ويوسف‪ ،‬وإدريس وهارون‪ ،‬وموسى وإبراهيم‪ ،‬وأخرب عنهم وعما شاهده من حاهلم‪.‬‬
‫ويف قوله‪" :‬وإَّن نَّيب اِهلل داوَد كاَن يأكُل مْن عمِل يدِه" (‪.)5‬‬
‫‪ -3‬إميان الباليني من البشر من املسلمني وغريهم من أهل الكتاب من يهود ونصارى برسل اهلل وتصديقهم اجلازم برساالهتم‬
‫واعتقادهم كماهلم واصطفاء اهلل هلم‪.‬‬
‫األدلة العقلية‪ -1 :‬ربوبَّيته ورمحته تعاىل‪ ،‬تقتضيان إرسال رسل منه إىل خلقه ليعِّر فوهم ب رهِّب م‪ ،‬ويرشدوهم إىل ما فيه كماهلم‬
‫اإلنساُّين‪ ،‬وسعادهتم يف احلياتني األوىل والثانية‪.‬‬

‫‪ )?(1‬رواه البخاري (‪ )4/194‬ومسلم كتاب الفضائل (‪.)42‬أهـ من حديث َأيِب ُه َر ْيَر َة رضي اهلل عنه حيمل قوله صلى اهلل‬
‫عليه وسلم‪( :‬ال تفضلوا بني األنبياء) على ما إذا كان التفضيل على جهة التعدي‪ ،‬أو استلزم التفضيل التنقيص أو اإلسقاط حلق‬
‫نيب من األنبياء‪ .‬ويدل هلذا مناسبة احلديث كما يف الصحيح‪( :‬أن أحد اليهود قال‪ :‬ال والذي اصطفى موسى على البشر‪،‬‬
‫فلطمه أحد الصحابة وقال‪ :‬أتقول هذا ورسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم بني أظهرنا؟! فلما بلغ النيب صلى اهلل عليه وسلم ذلك‬
‫قال‪ :‬ال تفضلوا بني األنبياء)‪ .‬وليس معىن احلديث منع املسلم أن يعتقد أن حممدًا صلى اهلل عليه وسلم أفضل من غريه وأن‬
‫موسى عليه السالم أفضل من كثري من األنبياء‪ ،‬فإن اهلل قد قال يف القرآن‪ِ{ :‬تْلَك الُّر ُس ُل َفَّض ْلَنا َبْع َض ُه ْم َعَلى َبْع ٍض } [البقرة‪:‬‬
‫‪ ]253‬وقال‪َ{ :‬و َلَقْد َفَّض ْلَنا َبْعَض الَّنِبِّيَني َعَلى َبْع ٍض َو آَتْيَنا َد اُو َد َز ُبوًر ا} [اإلسراء‪( ]55:‬ش)‬
‫‪ )?(2‬هذا بعض حديث أخرجه ابن حَّبان يف صحيحه‪ .‬أهـ رواه البيهقي يف شعب اإلميان (‪ )3419‬من حديث أيب ذر رضي‬
‫اهلل عنه قال‪ :‬قلت‪ :‬يا رسول اهلل أي األنبياء كان أول؟ قال‪ " :‬آدم "‪ .‬قلت‪ :‬يا رسول اهلل ونيب كان؟ قال‪ " :‬نعم نيب مكلم‬
‫"‪ .‬قلت‪ :‬يا رسول اهلل كم املرسلون؟ قال‪ " :‬ثالمثائة وبضع عشر مجا غفريا " ويف رواية " ويف رواية عن أيب أمامة قال أبو ذر‪:‬‬
‫قلت يا رسول اهلل كم وفاء عدة األنبياء؟ قال‪ " :‬مائة ألف وأربعة وعشرون ألفا الرسل من ذلك ثالمثائة ومخسة عشر مجا‬
‫غفريا " صححه العالمة األلباين يف السلسلة الصحيحة‪ ،‬ومشكاة املصابيح‪.‬‬
‫‪ )?(3‬رواه اإلمام أمحد يف مسنده (‪ )3/387‬وجممع الزوائد (‪ .)8/74( ،)1/173‬قال الشيخ شعيب األرنؤوط‪ -:‬إسناده‬
‫ضعيف‪ ،‬وكذا قال العالمة األلباين مث قال لكن احلديث قوى‪ ،‬فإن له شواهد كثرية‪،‬وحسنه رمحة اهلل تعاىل عليه‪(.‬ش)‬
‫‪ )?(4‬رواه أمحد وهو يف الصحيحني عن أىب هريرة‪.‬أهـ َر ِض َي الَّلُه َعْنُه‪ .‬رواه البخاري يف "صحيحه" (‪ ،)3416‬ومسلم يف‬
‫"صحيحه" (‪( )2376‬ش)‬
‫‪ )?(5‬صحيح البخاري (‪ .)3/74‬يف "صحيحه" (‪ )3417‬و (‪ )4713‬من حديث َأيِب ُه َر ْيَر َة رضي اهلل عنه (ش)‬

‫‪www.alukah.net‬‬
‫اإلبهاج في شرح منهاج المسلم‬
‫‪www.alukah.net‬‬

‫‪-2‬كونه تعاىل خلق اخللق لعبادته قال تعاىل {وما خلقت اجلن واإلنس إال ليعبدون} (الذاريات‪ ،) ٥٦ :‬فهذا يقتضي اصطفاء‬
‫الُّر سل وإرساهلم ليعمِّلوا العباد كيف يعبدونه تعاىل ويطيعونه‪ ،‬إذ تلك هي املهَّم ة اَّليت خلقهم من أجلها‪.‬‬
‫‪ -3‬إن كون الثواب والعقاب مرَّتبني على آثار الطاعة واملعصية يف الَّنفس بالَّتطهري والَّتدسية أمر يقتضي إرسال الُّر سل‪ ،‬وبعثة‬
‫األنبياء‪ ،‬لئاَّل يقول الناس يوم القيامة‪ :‬إَّنَنا َيا رَّبنا مل نعرف وجه طاعتك حىت نطيعك‪ ،‬ومل نعرف وجه معصيتك حىت نتجَّنَبها‪،‬‬
‫وال ظلم اليوم عندك‪ ،‬فال تعِّذ بَنا‪ ..‬فتكون هلم احلَّج ة على اهلل تعاىل‪ ،‬قال تعاىل{ رسال مبشرين ومنذرين لئال يكون للناس على‬
‫اهلل حجة بعد الرسل وكان اهلل عزيزًا حكيمًْا} النساء‪١٦٥ :‬‬
‫الفصل التاسع‪ -:‬اإلميان برسالة حمَّم دٍ َص َّلى الَّلُه َعَلْيِه َو َس َّلَم‪:‬‬
‫ي ؤمن املس لم ب أن الن يب األمي حمم د بن عب د اهلل بن عب د املطلب اهلامشَّي القرش َّي الع رَّيب املنح در من ُص لب إمساعيل بن إب راهيم‬
‫اخلليل عليه السالم؛ هو عبد اهلل ورسوله أرسله إىل كاَّف ة الناس أمحِر هم وأبيِض هم‪ ،‬وختم بنبَّو ته الُّنب َّو ات‪ ،‬وبرسالته الَّر ساالت‪،‬‬
‫فال ن َّيب بعده وال رسول‪ ،‬أَّيده باملعجزات‪ ،‬وفَّض له على سائر األنبياء كما فَّض ل أَّم ته على سائر األمم‪ ..‬فرض حمبته وأوجب‬
‫طاعته‪ ،‬وألزم متابعته‪ ،‬وخَّص ه خبصائص مل تكن ألحد سواه منها‪ :‬الوسيلة‪ ،‬والكوثر‪ ،‬واحلوض‪ ،‬واملقام احملمود‪ ،‬وذلك لألدلة‬
‫النقلية والعقلية اآلتية‪ :‬األدلة النقلية‪-:‬‬
‫‪ -1‬شهادته تعاىل وشهادة مالئكته له َص َّلى الَّلُه َعَلْي ِه َو َس َّلَم بالوحي يف قوله تعاىل‪{ :‬لكن اهلل يشهد مبا أنزل إليك أنزله بعلمه‬
‫واملالئكة يشهدون‪ ،‬وكفى باهلل شهيدا}‪( .‬النساء‪.)166 :‬‬
‫‪ -2‬إخباره تعاىل عن عموم رسالته‪ ،‬وختم نبَّو ته‪ ،‬ووجوب طاعته وحمبته‪ ،‬وكونه خامت الن بِّيني يف قوله جَّلت قدرته‪{ :‬يا أيها‬
‫الناس قد جاءكم الرسول باحلق من ربكم فآمنوا خريًا لكم} (النساء‪.)170 :‬‬
‫ويف قوله‪{ :‬يا أهل الكتاب قد جاءكم رسولنا يبني لكم على فرتة ن الرسل أن تقولوا ما جاءنا من بشري وال نذير فقد جاءكم‬
‫بش ري ون ذير} (املائ دة‪ )19 :‬ويف قول ه‪{ :‬وم ا أرس لناك إال رمحة للع املني} (األنبي اء‪ .)107 :‬ويف قول ه‪{ :‬ه و ال ذي بعث يف‬
‫األميني رسوال منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب واحلكمة وإن كانوا من قبل لفي ضالل مبني} (اجلمعة‪.)2 :‬‬
‫ويف قول ه تب ارك وتع اىل‪{ :‬حمم د رس ول اهلل} (الفتح‪ .)29 :‬ويف قول ه‪{ :‬تب ارك ال ذي ن زل الفرق ان على عب ده ليك ون ن ذيرًا}‬
‫(الفرقان‪ .)1 :‬ويف قوله‪{ :‬ما كان حممد أبا أحد من رجالكم ولكن رسوال اهلل وخامت النبيني} (األحزاب‪ .)40 :‬ويف قوله‪:‬‬
‫{اقرتبت الساعة وانشق القمر} (القمر‪ .)1 :‬ويف قوله‪{ :‬إَّنا أعطيناك الكوثر} (الكوثر‪ .)1 :‬وقوله‪{ :‬ولسوف يعطيك ربك‬
‫فرتضى} (الضحى‪ .)5 :‬وقوله‪{ :‬عسى أن يبعثك ربك مقاما حممودًا} (اإلسراء‪ .)1( )79 :‬وقوله سبحانه‪{ :‬يا أيها الذين‬
‫آمنوا أطيعوا اهلل وأطيعوا الرسول} (النساء‪ .)59 :‬وقوله‪{ :‬قل إن كان آباؤكم وأبناؤكم وإخوانكم وأزواجكم وعشريتكم‬
‫وأموال اقرتفتموها وجتارة ختشون كسادها ومساكن ترضوهنا أحب إليكم من اهلل ورسوله وجهاد يف سبيله فرتبصوا حىت يأيت‬
‫اهلل بأمره} (التوبة‪ .)24 :‬ويف قوله‪{ :‬كنتم خري أمة أخرجت للناس}(آل عمران‪.)110 :‬‬

‫‪ )?(1‬رواه البخاري يف "صحيحه" (‪ )4718‬من حديث اْبن ُعَمَر َر ِض َي الَّلُه َعْنُه َم ا َيُقوُل ِإَّن الَّناَس َيِص ُريوَن َيْو َم اْلِق َياَم ِة ُج ًثا‬
‫ِل‬ ‫ِه‬ ‫ٍة‬
‫ُك ُّل ُأَّم َتْتَبُع َنِبَّيَه ا َيُقوُلوَن َيا ُفاَل ُن اْشَف ْع َيا ُفاَل ُن اْشَف ْع َح ىَّت َتْنَتِه َي الَّش َف اَعُة ِإىَل الَّنِّيِب َص َّلى الَّلُه َعَلْي َو َس َّلَم َفَذ َك َيْو َم َيْبَعُثُه الَّلُه‬
‫اْلَم َق اَم اْلَم ْح ُم وَد (ش)‬
‫‪www.alukah.net‬‬
‫اإلبهاج في شرح منهاج المسلم‬
‫‪www.alukah.net‬‬

‫وقوله‪{ :‬وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا} (البقرة‪ .)1( )143 :‬وقوله‬
‫ال إله إاَّل هو‪{ :‬قل إن كنتم حتبون اهلل فاتبعوين حُي ببكم اهلل ويغفر لكم ذنوبكم} (آل عمران‪.)31 :‬‬
‫‪ -3‬إخباره َص َّلى الَّلُه َعَلْيِه َو َس َّلَم عن نبَّو ته وختم النُّبَّو ات هبا وعن وجوب طاعته وعموم رسالته يف قوله َص َّلى الَّلُه َعَلْي ِه َو َس َّلَم‪:‬‬
‫"أَنا الَّن ُّيب اَل ك ِذب‪ ،‬أنا ابُن عب ِد املَّطِلب" (‪ .)2‬ويف قوله َص َّلى الَّل ُه َعَلْي ِه َو َس َّلَم ‪ " :‬إيِّن عب ُد اِهلل وخاُمت الَّن بِّيَني وإَّن آدَم َج ندٌل يف‬
‫ُمل‬
‫موض َلبن ٍة‬
‫َع‬ ‫طينت ِه" (‪ .)3‬ويف قوله َص َّلى الَّل ُه َعَلْي ِه َو َس َّل ‪َ" :‬م ثلي وَم ث األنبياِء مْن قبِلي كمث ِل رج ٍل بىَن بيًت ا فأحسنُه وَّمجل ُه إاَّل‬
‫ُل‬ ‫َم‬
‫واح دٍة فجع َل الَّن اُس يطوف وَن ب ِه ويعجب وَن ل ُه ويقول وَن هَّال وض عْت ه ذ الَّلبن ُة؟ فأَن ا الَّلبن ُة وأَن ا خ اُمت النب يني"( )‪.‬‬
‫‪4‬‬ ‫ِه‬
‫ويف قوله َص َّلى الَّل ُه َعَلْي ِه َو َس َّلَم ‪" :‬واَّل ِذي نفِس ي بيدِه اَل ُيؤمُن أحدكْم حىَّت أكوَن أحَّب إلي ِه مْن ولدِه ووالدِه والَّناِس أمجعَني "‬
‫(‪ .)5‬وقوله َص َّلى الَّلُه َعَلْي ِه َو َس َّلَم ‪" :‬كُّلكْم يدخُل اجلَّن َة إاَّل مْن أىَب " قالوا‪ :‬ومْن يأىَب َيا رسوَل اِهلل؟! قال َص َّلى الَّلُه َعَلْي ِه َو َس َّلَم‪:‬‬

‫‪ )?(1‬أي‪:‬خيارًا عدوًال مزّك ني بالعلم والعمل‪ .‬ويدل ألن الوسط اخليار العدول قوله تعاىل‪ُ { :‬ك ْنُتْم َخ ْيَر ُأَّم ٍة ُأْخ ِر َج ْت ِللَّناِس }‬
‫[آل عمران‪ ،]110 :‬وذلك معروف يف كالم العرب‪ ،‬ومنه قول زهري‪:‬‬
‫ِإَذا َنَز َلْت ِإْح َد ى الَّلَيايِل ُمِبْعِض ِل‬ ‫ِم ِه‬
‫ُه ُم َو َس ٌط َيْر َض ى اَأْلَناُم ُحِبْك ْم‬
‫وإمنا كان اخليار وسطا ألن اخللل إمنا يتسرب إىل األطراف وتبقى األوساط حممية‪ .‬وقد رمق أبو متام مساء هذا املعىن فقال‪:‬‬
‫هبا احلوادث حىت أصبحت طرفا‬ ‫كانت هي الوسط احملمّي فاكتنفت‬
‫وقيل‪ :‬أي متوسطني بني الغلو والتفريط‪ .‬ووسط كل شيء‪ :‬أعدله‪ .‬والطريقة الوسطى‪ :‬املثلى‪ .‬قال تعاىل‪َ{ :‬قاَل َأْو َس ُطُه ْم } أي‬
‫أعدهلم حكمًا‪ ،‬وأصوهبم رأيًا (ش)‬
‫‪ )?(2‬رواه البخاري (‪ ،)81 ،52 ،39 ،4/37‬ورواه مسلم (‪ )3/1400‬كتاب اجلهاد والسري‪ .‬أهـ أخرجه البخاري يف‬
‫"صحيحه" (‪ )2864‬و (‪ )2874‬ومسلم يف "صحيحه" (‪ )1776‬من حديث اْلَبَر اِء ْبِن َعاِز ٍب ‪(.‬ش)‬
‫‪ )?(3‬رواه اإلمام أمحد (‪ ،)4/127‬وابن حبان (‪.)8/106‬أهـ من حديث العرباض بن سارية َر ِض َي الَّلُه َعْنُه‪ ،‬قال احلافظ يف "‬
‫الفتح "‪ :‬صححه ابن حبان و احلاكم‪.‬أهـ وقال احلاكم‪ « :‬هذا حديث صحيح اإلسناد ومل خيرجاه »‪ ،‬وصححه العالمة األلباين‬
‫رمحه اهلل تعاىل‪ ،‬وقال الشيخ شعيب األرنؤوط‪:‬حديث صحيح لغريه‪.‬ويروى َلُم ْنَج ِد ٌل وكذا َج َّدل ومعناه‪ :‬ملقى على اجلدالة‬
‫ُمل‬
‫وهي األرض واحلال أن آدم‪ ،‬أي‪ :‬صورته من الطني مطروح على األرض مل ُيْنفخ فيه الروح بعد‪( .‬ش)‬
‫‪ )?(4‬رواه البخاري (‪)4/226‬ورواه مسلم (‪ )4/1790،1791‬كتاب الفضائل‪.‬أهـ أخرجه البخاري يف"صحيحه"(‬
‫‪ ،)3535‬ومسلم يف"صحيحه" (‪ )2286‬من حديث َأيِب ُه َر ْيَر َة َر ِض َي الَّلُه َعْنُه‪ ،‬والَّلِبَنة‪ :‬واحدة الَّلنِب وهي اليت ُيْبىَن هبا اِجلَد ار‬
‫(ش)‬
‫ِلٍك ِض‬
‫‪ )?(5‬رواه البخاري (‪ .)1/10‬أهـ يف "صحيحه" (‪ )15‬ومسلم يف "صحيحه" (‪ )44‬من حديث َأَنِس ْبِن َم ا َر َي الَّلُه‬
‫اِل ِت‬ ‫ِبِه‬ ‫ِبِه‬
‫َعْنُه‪ ،‬قال النووي رمحه اهلل تعاىل‪َ :‬قاَل اِإْل َم ام َأُبو ُس َلْيَم ان اَخْلَّطاُّيِب‪ْ :‬مَل ُيِر ْد ُحّب الَّطْبع‪َ ،‬بْل َأَر اَد ُحّب ا ْخ َيار‪َ ،‬أِلَّن ُحّب‬
‫اِإْل ْنَس ان َنْف سه َطْبٌع َو اَل َس ِبيل ِإىَل َقْلبه‪َ .‬قاَل ‪َ :‬فَم ْع َناُه اَل َتْص ُد ق يِف ُح يِّب َح ىَّت ُتْف يِن يِف َطاَعيِت َنْف سك‪َ ،‬و ُتْؤ ِثر ِر َض اَي َعَلى َه َو اك‪،‬‬
‫َو ِإْن َك اَن ِفيِه َه اَل كك‪َ .‬ه َذ ا َك اَل م اَخْلَّطاِّيِب ‪َ .‬و َقاَل ِاْبن َبَّطال‪َ ،‬و اْلَق اِض ي ِعَياض‪َ ،‬و َغرْي َمها َر َمْحة الَّله َعَلْيِه ْم ‪ :‬اْلَمَح َّبة َثاَل َثة َأْقَس ام‬
‫ِة ِئ‬ ‫ِت ٍن‬ ‫ِة‬ ‫ِة ِل‬ ‫ِإ‬ ‫ِإ‬
‫َحَمَّبة ْج اَل ل َو ْع َظام َك َمَح َّب اْلَو ا د‪َ ،‬و َحَمَّبة َشَفَق ة َو َر َمْحة َك َمَح َّب اْلَو َلد‪َ ،‬و َحَمَّبة ُم َش اَك َلة َو اْس ْح َس ا َك َمَح َّب َس ا ر الَّناس َفَجَمَع‬
‫‪www.alukah.net‬‬
‫اإلبهاج في شرح منهاج المسلم‬
‫‪www.alukah.net‬‬

‫"مْن أطاعيِن دخَل اجلَّنَة ومْن عصايِن فقْد أىَب " ( ) ويف قوله َص َّلى الَّلُه َعَلْيِه َو َس َّلَم َص َّلى الَّل ُه َعَلْي ِه َو َس َّلَم ‪" :‬إَّن الِّر سالَة والُّنب َّوَة ق ْد‬
‫‪. 1‬‬

‫انقطعْت َفال رس وَل بع ِدي واَل ن َّيب" (‪ .)2‬ويف قول ه‪ُ" :‬فِّض لُت عَلى األنبي اِء بس ٍّت ‪ُ :‬أعطيُت جوام َع الكلِم ‪ ،‬وُنص رُت ب الُّر عِب ‪،‬‬
‫وُأحَّلْت يِل الغنائُم‪ ،‬وُج علْت يِل األرُض مسجًد ا وطهوًر ا‪ ،‬وُأرسلُت إىَل اخللِق كاَّفًة‪ ،‬وُخ تَم يِب الَّنبُّيوَن " (‪.)3‬‬
‫وقوله َص َّلى الَّلُه َعَلْيِه َو َس َّلَم ‪" :‬مْن أطاعيِن فق ْد أطاَع اَهلل ومْن عص ايِن فق ْد عَص ى اَهلل‪ ،‬ومْن أطاَع أم ِري ي فق ْد أطاعيِن ومْن عَص ي‬
‫أمِري ي فقْد عصايِن " (‪.)4‬‬
‫وقوله َص َّلى الَّلُه َعَلْيِه َو َس َّلَم ‪" :‬إَّن اجلَّنَة ُح ِّر مْت عَلى األنبياِء كِّلهْم حىَّت أدخلَه ا‪ ،‬وُح ِّر مْت عَلى األمِم حىَّت تدخلَه ا أَّم يِت " (‪.)5‬‬

‫ِل‬ ‫ِا‬ ‫ِد‬ ‫ِا‬ ‫ِه‬


‫َص َّلى الَّله َعَلْي َو َس َّلَم َأْص َناف اْلَمَح َّبة يِف َحَمَّبته‪َ .‬قاَل ْبن َبَّطال َر َمِحُه الَّله‪َ :‬و َم ْع ىَن اَحْل يث‪َ :‬أَّن َمْن ْس َتْك َم َل اِإْل َميان َع َم َأَّن َح ّق‬
‫الَّنِّيِب َص َّلى الَّله َعَلْيِه َو َس َّلَم آَك ُد َعَلْيِه ِم ْن َح ّق َأِبيِه َو اْبنه َو الَّناس َأَمْجِعَني ؛ َأِلَّن ِبِه َص َّلى الَّله َعَلْيِه َو َس َّلَم ُاْس ُتْنِق ْذ َنا ِم ْن الَّنار‪َ ،‬و ُه ِد يَنا‬
‫ِم ْن الَّض اَل ل‪َ .‬قاَل اْلَق اِض ي ِعَياض َر َمِحُه الَّله‪َ :‬و ِم ْن َحَمَّبته َص َّلى الَّله َعَلْيِه َو َس َّلَم ُنْص َر ة ُس َّنته‪َ ،‬و الَّذ ِّب َعْن َش ِر يَعته‪َ ،‬و َمَتيِّن ُح ُضور‬
‫َحَياته؛ َفَيْبُذ ل َم اله َو َنْف سه ُدونه‪َ .‬قاَل ‪َ :‬و ِإَذا َتَبَنَّي َم ا َذَك ْر َناُه َتَبَنَّي َأَّن َح ِق يَق ة اِإْل َميان اَل َيِتُّم ِإاَّل ِبَذ ِلَك ‪َ ،‬و اَل َيِص ّح اِإْل َميان ِإاَّل‬
‫ِبَتْح ِق يِق ِإْع اَل ء َقْد ر الَّنّيِب َص َّلى الَّله َعَلْيِه َو َس َّلَم َو َم ْنِز َلته َعَلى ُك ّل َو اِلد‪َ ،‬و َو َلد‪َ ،‬و ْحُمِس ن‪َ ،‬و ُمَف َّضل‪َ .‬و َمْن ْمَل َيْع َتِق د َه َذ ا‪َ ،‬و اْع َتَقَد‬
‫ِس َو اُه‪َ ،‬فَلْيَس ُمِبْؤ ِم ٍن ‪َ .‬ه َذ ا َك اَل م اْلَق اِض ي َر َمِحُه الَّله‪َ .‬و َالَّله َأْع َلم (ش)‬
‫‪)?(1‬ورد يف كتاب الشفا للقاضي عياض (‪ )2/19‬بلفظ "كل أميت يدخلون اجلنة إال من أىب" كذلك بنفس اللفظ يف رياض‬
‫الصاحلني (ص ‪ )87‬أهـ رواه البخاري يف "صحيحه" (‪ )7280‬من حديث َأيِب ُه َر ْيَر َة َر ِض الَّلُه َعْنُه ولفظه " ُك ُّل ُأَّم يِت‬
‫َي‬
‫َيْد ُخ ُلوَن اَجْلَّنَة ‪ "--‬احلديث‪ ،‬قال شيخ اإلسالم ابن تيمية ‪ -‬رمحه اهلل ‪ " :-‬وقد أمر اهلل بطاعة رسوله صلى اهلل عليه وسلم يف‬
‫أكثر من ثالثني موضعا من القرآن‪ ،‬وقرن طاعته بطاعته‪ ،‬وقرن بني خمالفته وخمالفته‪ ،‬كما قرن بني امسه وامسه فال يذكر اهلل إال‬
‫ذكر معه " (ش)‬
‫‪ )?(2‬رواه الرتمذي (‪ )4/462‬وقال‪ :‬هذا حديث حسن صحيح‪ ،‬ورواه اإلمام أمحد (‪.)3/267‬أهـ رواه الرتمذي يف سننه (‬
‫ِه‬ ‫ِه‬ ‫ِل‬
‫‪ )2198‬من حديث َأَنس ْبُن َم ا ٍك َر ِض َي الَّلُه َعْنُه َقاَل َقاَل َرُس وُل الَّل َص َّلى الَّلُه َعَلْي َو َس َّلَم ِإَّن الِّر َس اَلَة َو الُّنُبَّوَة َقْد اْنَق َطَعْت‬
‫َفاَل َرُس وَل َبْع ِدي َو اَل َنَّيِب َقاَل َفَش َّق َذِلَك َعَلى الَّناِس َفَق اَل َلِكْن اْلُمَبِّش اُت َقاُلوا َيا َرُس وَل الَّلِه َو َم ا اْلُمَبِّش اُت َقاَل ُر ْؤ َيا اْلُمْس ِلِم‬
‫َر‬ ‫َر‬
‫َو ِه َي ُج ْز ٌء ِم ْن َأْجَز اِء الُّنُبَّو ِة " قال األلباين رمحه اهلل تعاىل صحيح اإلسناد (ش)‬
‫‪ )?(3‬رواه مسلم (‪ )1/271‬كتاب املساجد ومواضع الصالة‪ .‬ورواه الرتمذي (‪ )4/104‬وقال‪ :‬هذا حسن صحيح‪.‬أهـ رواه‬
‫مسلم يف "صحيحه" (‪ )523‬من حديث َأيِب ُه َر ْيَر َة َر ِض َي الَّلُه َعْنُه (ش)‬
‫ِض‬
‫‪ )?(4‬رواه البخاري (‪ .)9/77‬أهـ يف "صحيحه" (‪)7137‬و مسلم يف "صحيحه" (‪ )1835‬من حديث َأيِب ُه َر ْيَر َة َر َي الَّلُه‬
‫َعْنُه (ش)‬
‫‪ )?(5‬رواه الدارقطين وله طرق جتعله حسًنا‪ .‬أهـ والطرباين يف األوسط من حديث عمر بن اخلطاب َر ِض َي الَّلُه َعْنُه قال‬
‫العالمة األلباين رمحه اهلل تعاىل كما يف السلسلة الضعيفة "منكر" (ش)‬
‫‪www.alukah.net‬‬
‫اإلبهاج في شرح منهاج المسلم‬
‫‪www.alukah.net‬‬

‫وقوله َص َّلى الَّلُه َعَلْيِه َو َس َّلَم ‪" :‬إَذا كاَن يوُم القيام ِة كنُت إماَم األنبياء وخطيبهْم وصاحَب شفاعتهْم واَل فخ َر " (‪ .)6‬وقوله َص َّلى‬
‫الَّلُه َعَلْيِه َو َس َّلَم ‪" :‬أَنا سِّيُد ولِد آدَم يوَم القيامِة‪ ،‬وأوُل مْن َينشُّق عنُه القُرب يوَم القيامِة وأَّو ُل شافٍع وأَّو ُل مشَّف ٍع " (‪.)8( ،)7‬‬
‫‪ -4‬شهادة الَّتوراة واإلجنيل ببعثته َّلى الَّل َل ِه َّل وبرسالته ونبَّو ته‪ ،‬وتبشري كل من موسى وعيسى به َّلى الَّل َل ِه‬
‫ُه َع ْي‬ ‫َص‬ ‫ُه َع ْي َو َس َم‬ ‫َص‬
‫َو َس َّلَم‪ ،‬قال تعاىل فيما حكاه عن عيسى عليه السالم‪{ :‬وإذ قال عيسى ابن مرمي يا بين إسرائيل أين رسول اهلل إليكم مصدقًا ملا‬
‫بني يدِّي من التوراة ومبشرًا برسول يأيت من بعدي أمسه أمحد} (الصف‪.)6 :‬‬
‫وقال تعاىل‪{ :‬الذين يتبعون الرسول النيب األمي الذي جيدونه مكتوبًا عندهم يف التوراة واإلجنيل يأمرهم باملعروف وينهاهم عن‬
‫املنكر وحيل هلم الطيبات وحيرم عليهم اخلبائث} (األعراف‪.)157 :‬‬
‫ِه‬ ‫ٍء‬ ‫ِه‬ ‫ِم‬
‫وجاء يف الَّتوراة‪" :‬سوَف أقيُم هلْم نبًّيا مثلَك مْن بِني إخواهنْم ‪ ،‬وأجعُل كال ي ِيف في ‪ ،‬ويكِّلمهْم بكِّل شي آمرُه ب ‪ ،‬ومْن ْمل يط ْع‬
‫كال اَّلِذي يتكَّل ب ِه باِمس ي فأَنا أكوُن املنتق م ذل َك "‪ .‬فهذه البشارة الَّثابتة يف الَّتوراة اليوم تشهد بنب َّو ة نبِّينا َّلى الَّل َل ِه‬
‫ُه َع ْي‬ ‫َص‬ ‫ْم ْن‬ ‫ُم‬ ‫َمُه‬
‫َو َس َّلَم‪ ،‬ورسالته ووجوب ابتاعه‪ ،‬ولزوم طاعته‪ ،‬وهي حَّج ة على اليهود‪ ،‬وإن تأَّو لوها وجحدوها‪ ،‬فقوله تعاىل‪" :‬سوَف أقيُم هلْم‬
‫نبًّيا"‪ ،‬يشهد بال شٍّك لنبَّو ته ورسالته َص َّلى الَّلُه َعَلْيِه َو َس َّلَم‪ ،‬إذ املخاطب هنا هو موسى عليه السالم وهو نٌّيب ورسول‪ ،‬ومن كان‬
‫مثله فهو ن ٌّيب ورسل‪ ،‬وقوله‪" :‬مْن بِني إخواهنْم " صريح يف أَّنه حممد َص َّلى الَّلُه َعَلْي ِه َو َس َّلَم‪ ،‬وقوله‪" :‬وأجع ُل كالِم ي يف في ِه"‪ ،‬ال‬
‫ينطبق إال على نبِّينا حممد َص َّلى الَّلُه َعَلْيِه َو َس َّلَم‪ ،‬ألَّنه هو الذي يقرأ كالم اهلل وحيفظه وهو القرآن الكرمي‪ ،‬وقوله‪" :‬يكِّلمهْم بك ِّل‬
‫شيٍء " شاهد كذلك‪ ،‬إذ الَّنُّيب َص َّلى الَّلُه َعَلْيِه َو َس َّلَم تكلم بغيب مل يتكلم به نٌّيب سواه‪ ،‬إذ أخرب ببعض ما كان وما يكون إىل يوم‬
‫القيامة‪.‬‬
‫ِّك‬ ‫يِل‬ ‫ِد‬
‫وجاء يف الَّتوراة ما نُّص ه‪َ" :‬يا أُّيَه ا الَّن ُّيب إَّنا أرسلناَك مبِّش ًر ا ونذيًر ا‪ ،‬وحرًز ا لألِّمِّيَني ‪ ،‬أنَت عب ي ورس و ‪َّ ،‬مسيتَك املتو َل‪ ،‬ليَس‬
‫بفٍّظ واَل غليٍظ ‪ ،‬وال صَّخ اٍب ِيف األسواِق ‪ ،‬واَل يدفُع الَّس َّيئَة بالَّس َّيئِة‪ ،‬ولكْن يعُفو ويصفُح ويغفُر ‪ ،‬ولْن يقبضُه اُهلل حىَّت ُيقيَم بِه املَّل َة‬
‫فيفتح بِه أعيًنا عمًيا‪ ،‬وآذاًنا صًّم ا‪ ،‬وقلوًبا غلًف ا" (‪.)4‬‬
‫العوجاَء‪ ،‬بأْن يقوُلوا‪ :‬اَل إلَه إال اُهلل‪َ ،‬‬
‫وجاء فيها أيضا‪" :‬هْم أغارويِِن بغِري اِهلل‪ ،‬وأغضبويِن مبعبوداهتُم الباطلِة‪ ،‬وأَنا أغريهْم بغِري شعٍب ‪ ،‬وبشعٍب جاهٍل أغضبهْم "‪.‬‬

‫‪ )?(6‬رواه الرتمذي يف جامعه‪ ،‬وابن ماجة يف صحيحه‪ ،‬واإلمام أمحد يف مسنده‪.‬أهـ أخرجه الرتمذي (‪ ،)3613‬وابن ماجه يف‬
‫سننه (‪ )4314‬من حديث ُأِّيَب ْبِن َك ْع ٍب َر ِض َي الَّلُه َعْنُه قال األلباين رمحه اهلل تعاىل‪ :‬حسن‪ ،‬وقال الشيخ شعيب األرنؤوط‬
‫صحيح لغريه(ش)‬
‫‪ )?(7‬رواه مسلم (‪ )4/1782‬كتاب الفضائل‪ .‬يف "صحيحه (‪ )2278‬من حديث َأيِب ُه َر ْيَر َة َر ِض َي الَّلُه َعْنُه (ش)‬
‫‪ )?(8‬قال اإلمام الطحاوي رمحه اهلل تعاىل يف عقيدته‪َ -:‬و ِإَّن َحُمَّم ًد ا َعْبُد ُه اْلُم ْص َطَف ى‪َ ،‬و َنِبُّيُه اْلُم ْج َتىَب ‪َ ،‬و َرُس وُلُه اْلُمْر َتَض ى َو َأَّنُه‬
‫َخ اُمَت اَأْلْنِبَياِء َو ِإَم اُم اَأْلْتِق َياِء َو َس ِّيُد اْلُمْر َس ِلَني َو َح ِبيُب َر ِّب اْلَعاَلِم َني َو ُك ُّل َدْع َو ى الُّنُبَّو ِة َبْع َد ُه َفَغٌّي َو َه ًو ى َو ُه َو اْلَم ْبُعوُث ِإىَل‬
‫َعاَّم ِة اِجْلِّن َو َك اَّفِة اْلَوَر ى‪ِ ،‬باَحْلِّق َو اُهْلَد ى‪َ ،‬و ِبالُّنوِر َو الِّض َياِء (ش)‬
‫‪ )?(4‬أخرجه البخاري‪ ،‬وورد يف املعجم الكبري للطرباين (‪ )11/312‬برقم (‪ .)11841‬أهـ رواه البخاري يف "صحيحه" (‬
‫‪ )2125‬من حديث َعْبَد اِهلل ْبَن َعْم ِر و ْبِن اْلَعاِص َر ِض َي الَّلُه َعْنُه ما (ش)‬
‫‪www.alukah.net‬‬
‫اإلبهاج في شرح منهاج المسلم‬
‫‪www.alukah.net‬‬

‫فقوله‪" :‬وبشعٍب جاه ٍل "‪ ،‬صريخ يف أَّنه الشعب العرُّيب‪ ،‬إذ هو الشعب اجلاهل قبل بعثت ِه َص َّلى الَّلُه َعَلْي ِه َو َس َّلَم‪ ،‬حىت إَّن اليهود‬
‫ِذ‬ ‫ِه‬
‫كانوا يسُّم ون العرب باألِّمِّيني‪ ،‬كما جاء فيها كذلك قوله‪" :‬فاَل يزوُل القضيُب مْن يهوذا‪ ،‬واملدبُر مْن فخذ حىَّت جييَء اَّل ي ل ُه‬
‫الك ُّل وإَّياُه تنتظ ُر األمُم" فمن ذا الذي انتظرت ُه األمم سوى نبِّيَن ا حمَّم ٍد َص َّلى الَّل ُه َعَلْي ِه َو َس َّلَم‪ ،‬وال س َّيَم ا اليهود فقد كانوا أكثر‬
‫الن اس انتظ اًر ا ل ه‪ ،‬باعرتاف اهتم الَّص رحية‪ ،‬ولكن احلس د ه و ال ذي ح رمهم اإلميان ب ه واَّتباع ه َص َّلى الَّل ُه َعَلْي ِه َو َس َّلَم ‪ .‬ق ال تع اىل‪:‬‬
‫{وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به فلعنة اهلل على الكافرين }(البقرة‪.)89 :‬‬
‫كما جاء يف اإلجنيل البشارات التالية‪:‬‬
‫يكرز ( )يف برَّية اليهود قائاًل ‪" :‬توُبوا ألَّنُه ق ْد اقرتَب ملكوُت الَّس مواِت "‪ ،‬فقوله‪ :‬ق ْد‬ ‫‪ -1‬يف تلك األَّيام جاء يوحَّنا املعمداِن‬
‫‪1‬‬
‫ُ‬
‫اقرتَب ملكوُت الَّس مواِت إشارة إىل حمَّم ٍد َص َّلى الَّلُه َعَلْي ِه َو َس َّلَم‪ ،‬كما هو بشارة بقرب بعثته إذ هو الذي ملك وحكم بقانون‬
‫السماء‪.‬‬
‫‪ -2‬قَّدم هلم مثاًل آخر قائاًل ‪" :‬يشبُه ملكوُت الَّس مواِت حَّب َة خردٍل أخذَه ا إنساٌن وزرعَه ا يف حقِل ه‪ ،‬وهَي أصغُر مجي ِع البذوِر ‪،‬‬
‫ولكْن مىَت منْت فهَي أكُرب البقوِل "‪ ،‬فهذه العبارة يف اإلجنيل هي عني ما ذكره تعاىل يف القرآن الكرمي‪ ،‬إذ قال تعاىل‪{ :‬ومثلهم يف‬
‫اإلجني ل ك زرع أخ رج ش طاه ف آزره فاس تغلظ فاس توى على س وقه يعجب ال زراع ليغي ظ هبم الكف ار} (الفتح‪ .)29 :‬املراد من‬
‫ذلك‪ :‬حممد َص َّلى الَّلُه َعَلْيِه َو َس َّلَم وأصحابه رضي اهلل عنهم‪.‬‬
‫‪" -3‬أنطلُق أليِّن إْن ْمل أنطلْق ْمل يأتكْم (البارقليطُ) (‪ ،)2‬فأَّم ا إْن انطلقُت أرسلتُه إليكْم ‪ ،‬فإَذا جاَء ذاَك ي وِّبُخ العاَمل عَلى خطيئت ِه"‪،‬‬
‫أليست هذه اجلملة من اإلجنيل صرحية يف التبشري مبحمد َص َّلى الَّلُه َعَلْي ِه َو َس َّلَم‪ ،‬من هو (البارقليط) إن مل يكن حمَّم ًد ا؟‪ .‬ومن هو‬
‫الذي وَّبخ العامل على خطيئته سواه؟!‪ .‬إذ هو الذي ُبعث والعامل يسبح يف حبور الفساد والُّش رور‪ ،‬والوثنَّي ة ضاربة أطناَهبا حىت يف‬
‫أهل الكتاب؟‪ .‬ومن هو الذي جاء بعد رفع عيسى عليه السالم يدعو إىل اهلل رِّب الَّس موات واألرض غري حمَّم ٍد َّلى الَّل َل ِه‬
‫ُه َع ْي‬ ‫َص‬
‫َو َس َّلَم َص َّلى الَّلُه َعَلْيِه َو َس َّلَم ؟‪.‬‬
‫األدلة العقلية‪:‬‬
‫‪ -1‬ما املانع من أن يرسل اهلل حممًد ا رسواًل ‪ ،‬وقد أرسل من قبله مئات املرسلني وبعث آالف األنبياء؟‬
‫وإذا كان ال مانع من ذلك عقاًل وال شرًعا‪ ،‬فبأِّي وجه تنكر رسالته وتكفر نبَّو ته َص َّلى الَّلُه َعَلْيِه َو َس َّلَم إىل عموم الناس؟‪.‬‬
‫‪ -2‬الظروف اليت اكتنفت بعثته َص َّلى الَّلُه َعَلْي ِه َو َس َّلَم كانت تتطلب رسالة مساوية ورس واًل جيدد للبشرية عهد معرفتها خبالقها‬
‫عز وجل‪.‬‬
‫‪ -3‬انتشار اإلسالم بسرعة يف أحناء العامل‪ ،‬وأقطار ش ىَّت يف أحناء املعمورة‪ ،‬وَقبول الناس له وإيثاره على غريه من األديان‪ ،‬دليل‬
‫على صدق نبَّو ته َص َّلى الَّلُه َعَلْيِه َو َس َّلَم‪.‬‬
‫‪ -4‬صَّح ة املبادِئ اليت جاء هبا َص َّلى الَّلُه َعَلْيِه َو َس َّلَم وصدقها وصالحَّيتها‪ ،‬وظهور نتائجها طِّيبة مباركة تشهد أهَّن ا من عند اهلل‬
‫تعاىل‪ ،‬وأن صاحبها رسول اهلل ونبُّيه َص َّلى الَّلُه َعَلْيِه َو َس َّلَم‪.‬‬

‫‪ )?(1‬وعظ ونادى مبِّش ًر ا نٍّيب‪ ،‬والَّلفظة (سريانَّيٌة)‬


‫‪ )?(2‬ترمجتها من اليونانِّية إىل العربية‪ :‬بالذي له محٌد كثٌري وهو يوافُق معىن "حمَّم ٍد " أو أمحد‪.‬‬
‫‪www.alukah.net‬‬
‫اإلبهاج في شرح منهاج المسلم‬
‫‪www.alukah.net‬‬

‫‪ -5‬ما ظهر على يديه َص َّلى الَّلُه َعَلْيِه َو َس َّلَم من املعجزات واخلوارق اليت حييل العقل صدورها على يد غري نٍّيب ورسوٍل ‪.‬‬
‫وهذا طرف من تلك املعجزات‪ ،‬كما هي ثابتة يف احلديث الصحيح األشبه باملتواتر الذي ال يكِّذ به إال ضعيف العقل أو فاقده‪:‬‬
‫ِه‬
‫‪ -1‬انشقاق القمر ( ) له َص َّلى الَّلُه َعَلْي َو َس َّلَم‪ ،‬فقد طلب الوليد بن املغرية وغريه من كَّف ار قريش آية‪ -‬معجزة‪ -‬منه َص َّلى الَّلُه‬
‫‪1‬‬

‫َعَلْيِه َو َس َّلَم تدل على صدقه يف دعوى الُّنبَّو ة والَّر سالة‪ ،‬فانشَّق له القمر فرقتني‪ :‬فرقًة فوق اجلبل وفرقًة دونه‪ ،‬فقال هلم الَّن ُّيب َص َّلى‬
‫الَّلُه َعَلْي ِه َو َس َّلَم ‪" :‬اشهُد وا" قال بعضهم‪ :‬رأيت القمر بني فرجيت اجلبل‪ -‬جبل أيب قبيس‪ -‬وقد سألت قريش أهل بالد أخرى‪،‬‬
‫هل شاهدوا انشقاق القمر؟ فأخربوا به كما رأوه‪ ،‬ونزل قول اهلل تعاىل‪{ :‬اقرتبت الساعة وانشق القمر‪ ،‬وإن يروا آية يعرضوا‬
‫ويقولوا سحر مستمر وكذبوا واتبعوا أهواءهم} (القمر‪.)2-1 :‬‬
‫‪ -2‬أصيبت عني قتادة يوم "أحٍد " حىت وقعت على وجنته فرَّدها الرسول َص َّلى الَّلُه َعَلْيِه َو َس َّلَم فكانت أحسن منها قبل‪)2( .‬‬
‫‪ -3‬رمدت عيَنا علِّي بن أيب طالب رضي اهلل عنه يوم " خيَرب " فنفث فيهما رسول اهلل َص َّلى الَّلُه َعَلْيِه َو َس َّلَم فربئَت ا كأن مل يكن‬
‫هبما شيٌء أبًد ا‪)3( .‬‬
‫‪ -4‬انكسرت ساق ابن احلكم يوم "بدر" فنفث عليها َص َّلى الَّلُه َعَلْيِه َو َس َّلَم فربئ لوقته و مل حيصل له أمل قُّط ‪.‬‬
‫‪ -5‬نطَق الَّشجر له َص َّلى الَّلُه َعَلْيِه َو َس َّلَم‪ ،‬فقد دنا منه أعراٌّيب‪ ،‬فقال له‪َ" :‬يا أعراُّيب أيَن تري ُد ؟"‪ .‬قال‪ :‬إىل أهلي‪ .‬قال‪" :‬ه ْل ل َك‬
‫إَىل خ ٍري ؟" فق ال‪ :‬وم ا ه و؟ ق ال‪" :‬تش هُد أَّن اَل إَل َه إاَّل اُهلل وح دُه ال ش ريَك ل ُه وأَّن حمَّم ًد ا عب دُه ورس ولُه"‪ .‬فق ال األع راُّيب‪ :‬من‬

‫‪ )?(1‬أحاديث انشقاق القمر ثابتة يف الصحيحني‪ .‬روى البخاري يف صحيحه (‪ ،)4864‬ومسلم يف صحيحه (‪)2800‬من‬
‫حديث َعْبِد اِهلل ْبِن َمْس ُعوٍد رضي اهلل عنه‪ ،‬قال‪ :‬اْنَش َّق اْلَق َمُر َعَلى َعْه ِد َرُس وِل الَّلِه َص َّلى الَّلُه َعَلْيِه َو َس َّلَم ِفْر َقَتِنْي ِفْر َقًة َفْو َق‬
‫اَجْلَبِل َو ِفْر َقًة ُدوَنُه َفَق اَل َرُس وُل الَّلِه َص َّلى الَّلُه َعَلْيِه َو َس َّلَم اْش َه ُد وا‪( .‬ش)‬
‫‪ )?(2‬يقول ابنه يف ذلك ملا دخل على عمر بن عبد العزيز‪-:‬‬
‫فردت بكف املصطفى أحسن الرد‬ ‫أنا ابن الذي سالت على اخلد عينه‬
‫فبوركت من عني وبوركت من يد (ش)‬ ‫فعادت كما كانت ألحسـن حاهلا‬
‫ٍد ِض‬
‫‪ )?(3‬روى البخاري يف صحيحه (‪،)4210(،)3009‬ومسلم يف صحيحه (‪)2406‬من حديث َس ْه ُل ْبُن َس ْع َر َي الَّلُه‬
‫َعْنُه‬
‫ِحُي‬ ‫ِه ِحُي‬ ‫ِط ِذِه‬ ‫ِه‬ ‫ِه‬
‫َأَّن َرُس وَل الَّل َص َّلى الَّلُه َعَلْي َو َس َّلَم َقاَل َيْو َم َخْيَبَر ُأَلْع َّنَي َه الَّر اَيَة َغًد ا َرُج اًل َيْف َتُح الَّلُه َعَلى َيَد ْي ُّب الَّلَه َو َرُس وَلُه َو ُّبُه‬
‫ِل َّلِه َّل َّل ِه َّل‬ ‫َّل‬
‫ال ُه َو َرُس وُلُه َقاَل َفَباَت الَّناُس َيُد وُك وَن َلْيَلَتُه ْم َأُّيُه ْم ُيْع َطاَه ا َفَلَّم ا َأْص َبَح الَّناُس َغَد ْو ا َعَلى َرُس و ال َص ى ال ُه َعَلْي َو َس َم‬
‫ِه‬ ‫ِه‬ ‫ِه‬ ‫ِه ِك‬ ‫ِل ِق‬ ‫ِل‬
‫ُك ُّلُه ْم َيْر ُج و َأْن ُيْع َطاَه ا َفَق اَل َأْيَن َع ُّي ْبُن َأيِب َطا ٍب َف يَل ُه َو َيا َرُس وَل الَّل َيْش َت ي َعْيَنْي َقاَل َفَأْر َس ُلوا ِإَلْي َفُأَيِت ِب َفَبَصَق‬
‫َفَأْع َطا الَّر ا َة َق اَل ِل ا وَل الَّلِه‬ ‫ِه‬ ‫ِه‬ ‫ِه‬ ‫ِه‬
‫ُه َي َف َع ٌّي َي َرُس‬ ‫َرُس وُل الَّل َص َّلى الَّلُه َعَلْي َو َس َّلَم يِف َعْيَنْي َو َدَعا َلُه َفَبَر َأ َح ىَّت َك َأْن ْمَل َيُك ْن ِب َو َجٌع‬
‫ُأَقاِتُلُه ْم َح ىَّت َيُك وُنوا ِم ْثَلَنا َفَق اَل اْنُفْذ َعَلى ِر ْس ِلَك َح ىَّت َتْنِز َل ِبَس اَح ِتِه ْم َّمُث اْد ُعُه ْم ِإىَل اِإْل ْس اَل ِم َو َأْخ ْرِبُه ْم َمِبا ِجَيُب َعَلْيِه ْم ِم ْن َح ِّق‬
‫الَّلِه ِفيِه َفَو الَّلِه َأَلْن َيْه ِدَي الَّلُه ِبَك َرُج اًل َو اِح ًد ا َخ ْيٌر َلَك ِم ْن َأْن َيُك وَن َلَك ْمُحُر الَّنَعِم ‪(.‬ش)‬
‫‪www.alukah.net‬‬
‫اإلبهاج في شرح منهاج المسلم‬
‫‪www.alukah.net‬‬

‫يش هد ل ك على م ا تق ول؟‪ .‬فق ال ل ه َص َّلى الَّل ُه َعَلْي ِه َو َس َّلَم ‪" :‬ه ذِه الَّش جرُة"‪ -‬يش ري إىل ش جرة بش اطئ ال وادي‪ -‬ف أقبلت ُخَتُّد‬
‫األرض حىت قامت بني يديه‪ ،‬فاستشهدها ثالًثا فشهدت‪ ،‬كما قال َص َّلى الَّلُه َعَلْيِه َو َس َّلَم (‪.)1‬‬
‫‪ -6‬حنني جذع الَّنخلة (‪ )2‬له َص َّلى الَّلُه َعَلْيِه َو َس َّلَم وبكاؤه بصوٍت مسعه من يف مسجده َص َّلى الَّلُه َعَلْي ِه َو َس َّلَم قاطب ًة‪ ،‬وذلك ملا‬
‫فارقه َص َّلى الَّلُه َعَلْيِه َو َس َّلَم بعدما كان خيطب عليه كمنرب له‪ ،‬وملا ُص نع له املنرب وترك الُّص عود عليه بكى حنيًن ا وشوًقا إليه َص َّلى‬
‫الَّل ُه َعَلْي ِه َو َس َّلَم‪ ،‬فق د مُس ع ل ه ص وت كص وت العش ار(‪)3‬ومل يس كت ح ىت ج اءه الرس ول َص َّلى الَّل ُه َعَلْي ِه َو َس َّلَم‪ ،‬ووض ع ي ده‬
‫الَّشريفة عليه فسكت‪.‬‬
‫‪ -7‬دعاؤه َص َّلى الَّلُه َعَلْيِه َو َس َّلَم على كسرى بتمزيق ملكه فتمَّز ق‪.‬‬
‫‪ -8‬دعاؤه َص َّلى الَّلُه َعَلْيِه َو َس َّلَم البن عَّباس بالَّتفُّقه يف الِّدين‪ ،‬فكان عبد اهلل بن عباس َِح رْب هذه األَّم ة‪)4( .‬‬
‫‪ -9‬تكثري الطعام بدعائه َص َّلى الَّلُه َعَلْيِه َو َس َّلَم‪ ،‬فقد أكل من ُمَّدي شعٍري فقط أكثر من مثانني رجًال‪.‬‬
‫‪ -10‬تكثري املاء بدعائه َص َّلى الَّلُه َعَلْيِه َو َس َّلَم‪ ،‬فقد عطش الَّناس يوم احلديبية ورسول اهلل ‪-‬علي ِه أزَك ى الَّس الم‪ -‬بني يديه ركوة‬
‫ماء يتوَّضأ منها وأقبل الناس حنوه‪ ،‬وقالوا‪ :‬ليس عندنا إال ما يف ركوتك‪ ،‬فوضع َص َّلى الَّلُه َعَلْيِه َو َس َّلَم يده يف الَّر كوة‪ ،‬فجعل املاء‬
‫يفور من بني أصابعه كأمثال العيون‪ ،‬فشرب القوم وتوضئوا‪ ،‬وكانوا ألًف ا ومخسمائة نفٍر ‪.‬‬
‫‪ -11‬اإلسراء واملعراج من املسجد احلرام إىل املسجد األقصى إىل الَّس موات الُعلى إىل سدرة املنتهى‪،‬وعاد إىل فراشه ومل يُربد‪.‬‬
‫‪ -12‬القرآن الكرمي‪ ،‬الكتاب الذي فيه نبُأ من قبلنا وخرب من بعدنا وحكم ما بيننا وفيه اهلدى والُّنور‪ ،‬فهو معجزته العظمي وآية‬
‫نبَّو ته اخلالدة والباقية على مِّر األَّيام وكل العصور ليظل به الدليل قائًم ا على صدق نبَّو ته َص َّلى الَّلُه َعَلْيِه َو َس َّلَم‪ ،‬واحلَّج ة ثابتة على‬
‫اخللق إىل أن يرث اهلل األرض‪ .‬فالقرآن العظيم من أعظم ما أويت نبُّينا َص َّلى الَّلُه َعَلْيِه َو َس َّلَم من املعجزات‪ ،‬ومن أكرب ما أويت من‬

‫‪)?(1‬سنن الدارمي املقدمة (‪.)1/4‬أهـ ورواه ابن حبان يف صحيحه (‪ )6471‬من حديث اْبِن ُعَمَر َر ِض َي الَّلُه َعْنُه ما َقاَل ‪ُ :‬ك َّنا‬
‫َمَع الَّنِّيِب َص َّلى الَّلُه َعَلْيِه َو َس َّلَم يِف َس َف ٍر َفَأْقَبَل َأْع َر اٌّيِب َفَلَّم ا َد َنا َقاَل َرُس وُل الَّلِه َص َّلى الَّلُه َعَلْيِه َو َس َّلَم‪َ( :‬أْيَن ُتِر يُد ؟) َقاَل ‪ِ :‬إىَل‬
‫َأْه ِلي َقاَل ‪َ( :‬ه ْل َلَك ِإىَل َخ ٍرْي ؟) َقاَل ‪َ :‬م ا ُه َو ؟ َقاَل ‪َ( :‬تَش َّه ُد َأْن اَل ِإَلَه ِإاَّل الَّلُه َو ْح َد ُه اَل َش ِر يَك َلُه َو َأَّن َحُمَّم ًد ا َعْبُد ُه َو َرُس وُلُه) َقاَل ‪:‬‬
‫ِل َّلِه َّل َّل ِه َّل ِه‬ ‫َّل َّل ِه َّل ِذِه‬ ‫ِم ِهٍد‬
‫َه ْل ن َش ا َعَلى َم ا َتُقوُل ؟ َقاَل َص ى ال ُه َعَلْي َو َس َم‪َ(:‬ه الَّس ُمَر ُة) َفَد َعاَه ا َرُس و ال َص ى ال ُه َعَلْي َو َس َم ـ َو َي‬
‫بشاطيء اْلَو اِد ي ـ فأقبلْت ُخَتُّد اَأْلْر َض َخ ًّدا َح ىَّت َك اَنْت َبَنْي َيَد ْيِه َفاْس َتْش َه َد َه ا َثاَل ًثا َفَش ِه َدْت َأَّنُه َك َم ا َقاَل َّمُث َر َجَعْت ِإىَل َم ْنَبِتَه ا‬
‫وَرَجَع اَأْلْع َر اُّيِب ِإىَل َقْو ِمِه َو َقاَل ‪ِ :‬إْن َيَّتِبُعويِن َأَتْيُتَك ِهِبْم وإال رجعت إليك فكنت معك واحلديث صححه العالمة األلباين رمحه‬
‫اهلل تعاىل‪(.‬ش)‬
‫‪ )?(2‬رواية حنني اجلذع ثابتة يف الصحيحني‪.‬‬
‫‪ )?(3‬العشار‪ :‬الُّنوق اليت مضى على محلها عشرة أشهر‪.‬‬
‫‪ )?(4‬رواه البخاري يف "صحيحه" (‪ )143‬و مسلم يف " صحيحه " (‪ )2477‬من حديث َعْن اْبِن َعَّباٍس َر ِض الَّلُه َعْنُه ما َأَّن‬
‫َي‬
‫الَّنَّيِب َص َّلى الَّلُه َعَلْيِه َو َس َّلَم َدَخ َل اَخْلاَل َء َفَو َض ْعُت َلُه َو ُضوًءا َقاَل َمْن َو َض َع َه َذ ا َفُأْخ َرِب َفَق اَل الَّلُه َّم َفِّق ْهُه يِف الِّديِن (ش)‬
‫‪www.alukah.net‬‬
‫اإلبهاج في شرح منهاج المسلم‬
‫‪www.alukah.net‬‬

‫ِذ‬ ‫ِه‬ ‫ِت‬


‫البِّينات‪ .‬وفيه يقول‪َ" :‬م ا من األنبياء ن ٌّيب إاَّل وقد ُأعطَي مَن اآليا ما مثل ُه آمَن علي البش ُر ‪ ،‬وإَمَّنا كاَن اَّل ي أوتيُتُه وحًي ا أوحاُه‬
‫اُهلل إَّيل‪ ،‬فأرُج و أْن أكون أكثرهْم تابًعا يوَم القيامِة"(‪.)2( )1‬‬
‫الفصل العاشر‪ :‬اإلميان باليوم اآلخر‪ -:‬يؤمن املسلم بأن هلذه احلياة الدنيا ساعة أخرية تنتهي فيها‪ ،‬ويوًم ا آخًر ا ليس بعده من يوم‪،‬‬
‫مث تأتى احلياة الثانية‪ ،‬واليوم اآلخر للدار اآلخرة فيبعث اهلل سبحانه اخلالئق بعًثا‪ ،‬وحيشرهم إليه مجيًع ا ليحاسبهم فيجزى األبرار‬
‫بالنعيم املقيم يف اجلنة‪ ،‬وجيزى الفَّج ار بالعذاب املهني يف النار‪.‬‬
‫وأنه يسبق هذا أشراط الَّس اعة وأماراهتا‪ ،‬كخروج املسيح الَّد َّج ال‪ ،‬ويأجوج ومأجوج‪ ،‬ونزول عيسى عليه السالم‪ ،‬وخروج‬
‫الَّد اَّبة‪ ،‬وطلوع الَّش مس من مغرهبا‪ ..‬وغري ذلك من اآليات‪ ،‬مث ُينفخ يف الُّص ور نفخة الفناء والَّص عق‪ ،‬مث نفخة البعث والُّنشور‬
‫والقي ام ل رب الع املني‪ ،‬مث تعطى الكتب‪ ،‬فمْن آخ ٍذ كتاب ه بيمين ه‪ ،‬ومْن آخ ٍذ كتاب ه بش ماله‪ ،‬ويوض ع امليزان‪ ،‬وجيري احلس اب‪،‬‬
‫وينصب الِّص راط‪ ،‬وينتهي املوقف األعظم باستقرار أهل اجلَّنة يف اجلَّنة‪ ،‬وأهل الَّنار يف الَّنار‪ ،‬وذلك لألدلة النقلية والعقلية التالية‪:‬‬
‫األدلة النقلية‪ -1 :‬إخباره تعاىل عن ذلك يف قوله عز وجل‪{ :‬كل من عليها فان ‪ ,‬ويبقى وجه ربك ذو اجلالل واإلكرام}‬
‫(الرمحن‪)3( .)٢٦:27 :‬وىف قوله عز وجل‪ {:‬وما جعلنا لبشر من قبلك اخللد أفئن مت فهم اخلالدون ‪ ,‬كل نفس ذائقة املوت‬
‫ونبلوكم بالشر واخلري فتنه وإلينا ترجعون} (األنبياء‪ .)٣٥ – ٣٤ :‬وىف قوله عز وجل‪ {:‬زعم الذين كفروا أن لن يبعثوا قل بلى‬
‫رىب لتبعثن مث لتنبؤن مبا عملتم وذلك على اهلل يسري} (التغابن‪ .) ٧ :‬وىف قوله عز وجل‪ {:‬أال يظن أولئك أهنم مبعوثون‪ ,‬ليوم‬
‫عظيم‪ ,‬يوم يقوم الناس لرب العاملني }(املطففني‪ .)٦ – ٤ :‬وىف قوله عز وجل‪ {:‬وكذلك أوحينا إليك قرآنا عربيا لتنذر أم‬
‫الق رى ومن حوهلا وتن ذر يوم اجلم ع ال ريب فيه‪ ،‬فري ق يف اجلن ة وفري ق يف الس عري} (الش ورى‪ .)٧ :‬وىف قوله ع ز وج ل‪ {:‬إذا‬
‫زلزلت األرض زلزاهلا وأخرجت األرض أثقاهلا ‪ ,‬وقال اإلنسان ما هلا ‪ ,‬يومئذ حتدث أخبارها ب أن ربك أوحى هلا يومئذ يصدر‬
‫الناس أشتاتا لريوا أعماهلم ‪ ,‬فمن يعمل مثقال ذرة خريا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره} (الزلزلة‪ .)٨-١ :‬وىف قوله ال إله‬
‫إال اهلل‪ {:‬هل ينظرون إال أن تأتيهم املالئكة أو يأيت ربك أو يأيت بعض آيات ربك‪ ،‬يوم يأيت بعض آيات ربك ال ينفع نفسا‬
‫إمياهنا مل تكن آمنت من قبل أو كسبت يف إمياهنا خريا‪ ،‬قل انتظروا إنا منتظرون} (األنعام‪.)١٥٨:‬ويف قوله عز وجل‪ {:‬وإذا وقع‬
‫القول عليهم أخرجنا هلم دابة من األرض تكلمهم أن الناس كانوا بآياتنا ال يوقنون} (النمل‪ .)٨٢:‬ويف قوله عز وجل‪ {:‬حىت‬
‫إذا فتحت يأجوج ومأجوج وهم من كل حدب ينسلون ‪ ,‬واقرتب الوعد احلق فإذا هي شاخصة أبصار الذين كفروا} (األنبياء‪:‬‬
‫‪.)٩٧ -٩٦‬وىف قوله عز وجل‪ {:‬وملا ضرب ابن مرمي مثال إذا قومك منه يصدون ‪ ,‬وقالوا أأهلتنا خري أم هو ما ضربوه لك إال‬
‫جدال بل هم قوم خصمون ‪ ,‬إن هو إال عبد أنعمنا عليه وجعلناه مثال لبىن إسرائيل ‪ ,‬ولو نشاء جلعلنا منكم مالئكة يف األرض‬
‫خيلف ون وان ه لعلم للس اعة فال مترتن هبا واتبع ون} (الزخ رف‪ .)٦١-٥٧ :‬قول ه س بحانُه‪ {:‬ونفخ يف الص ور فص عق من يف‬

‫‪ )?(1‬رواه البخاري يف "صحيحه" (‪ )4981‬و مسلم يف "صحيحه" (‪ )239‬من حديث َأيِب ُه َر ْيَر َة َر ِض َي الَّلُه َعْنُه (ش)‬
‫‪ )?(2‬أغلب هذه املعجزات ثابت يف الصحيحني وما مل يكن يف الصحيحني فهو يف كتب الُّس نة الصحيحة‪.‬‬
‫‪ )?(3‬مَج يُع َمْن َعَلى َظْه ِر األْر ِض ِم ْن ْخَمُلوَقاٍت َسَيُم وُتوَن ‪َ ،‬و َك َذ ِلَك َسَيُم وُت أْه ُل الَّس َم اَو اِت ِإَال َمْن َش اَء اُهلل‪،‬‬
‫وقال الشعيب‪ :‬إذا قرأت { ُك ُّل َمْن َعَلْيَه ا َفاٍن }‪،‬فال تسكت حىت تقرأ‪َ {:‬و َيْبَق ى َو ْجُه َر ِّبَك ُذو اَجْلالِل َو اإلْك َر اِم }أهـ وهلل در‬
‫فكل شي ِس َو اُه َفايِن (ش)‬ ‫َقَض ى َعَلى خلقه املنايا‬ ‫القائل‪-:‬‬
‫‪www.alukah.net‬‬
‫اإلبهاج في شرح منهاج المسلم‬
‫‪www.alukah.net‬‬

‫السماوات ومن يف األرض إال من شاء اهلل مث نفخ فيه أخرى فإذا هم قيام ينظرون ‪ ,‬وأشرقت األرض بنور رهبا ووضع الكتاب‬
‫وجيء بالنبيني والشهداء وقضى بينهم باحلق وهم ال يظلمون ‪ ,‬ووفيت كل نفس ما عملت وهو أعلم مبا يفعلون} (الزمر‪٦٨ :‬‬
‫‪.) ٧٠-‬‬
‫وىف قوله عز وجل‪ {:‬ونضع املوازين القسط ليوم القيامة فال تظلم نفس شيئا وإن كان مثقال حبة من خردل أتينا هبا وكفى بنا‬
‫حاسبني} (األنبياء‪ .)٤٧ :‬وىف قوله سبحانُه‪َ{ :‬فِإَذا ُنِف َخ يِف الُّص وِر َنْف َخ ٌة َو اِح َد ٌة‪َ ،‬و ِمُح َلِت اَأْلْر ُض َو اِجْلَب اُل َفُد َّك َتا َدَّك ًة َو اِح َد ًة‪،‬‬
‫ِئٍذ َمَثاِن ٌة‪ِ ،‬ئٍذ‬ ‫ِم‬ ‫ِئ‬ ‫ِئٍذ ِه‬ ‫ِت‬ ‫ِئٍذ ِت ِق‬
‫َي َيْو َم‬ ‫َفَيْو َم َو َقَع اْلَو ا َعُة‪َ ،‬و اْنَش َّق الَّس َم اُء َفِه َي َيْو َم َو ا َيٌة‪َ ،‬و اْلَم َلُك َعَلى َأْر َج ا َه ا َو ْحَي ُل َعْر َش َر ِّبَك َفْو َقُه ْم َيْو َم‬
‫ُتْع ُض وَن اَل ْخَتَف ى ِم ْنُك ْم َخ اِفَي ٌة‪َ ،‬فَأَّم ا َمْن ُأو ِكَتاَبُه ِبَيِم يِن ِه َفَيُق وُل َه اُؤ ُم اْق وا ِكَتاِبَي ْه‪ِ ،‬إيِّن َظَنْنُت َأيِّن ُماَل ٍق ِح اِبَيْه‪َ ،‬فُه يِف‬
‫َو‬ ‫َس‬ ‫َرُء‬ ‫َيِت‬ ‫َر‬
‫ِه‬‫ِل‬ ‫ِش‬ ‫ِب‬ ‫ِك‬ ‫ِة‬ ‫ِل‬ ‫ِم‬ ‫يِف‬ ‫ِن‬ ‫ِن‬ ‫ٍة‬ ‫ِل‬
‫ِعيَش َر ا َي ‪َ ،‬ج َّن َعا َي ‪ُ ،‬قُطوُفَه ا َد ا َيٌة‪ُ ،‬ك ُلوا َو اْش َر ُبوا َه يًئا َمِبا َأْس َلْف ُتْم اَأْلَّيا اَخْلا َي ‪َ ،‬و َأَّم ا َمْن ُأوَيِت َتاَبُه َم ا َفَيُق وُل َيا‬
‫ٍة‬ ‫يِف‬ ‫ٍة‬ ‫ِض‬ ‫ٍة‬
‫َلْيَتيِن ْمَل ُأوَت ِكَتاِبَي ْه‪َ ،‬و ْمَل َأْد ِر َم ا ِح َس اِبَيْه‪َ ،‬ي ا َلْيَتَه ا َك اَنِت اْلَق اِض َيَة‪َ ،‬م ا َأْغ ىَن َعيِّن َم اِلَي ْه‪َ ،‬ه َل َك َعيِّن ُس ْلَطاِنَيْه‪ُ ،‬خ ُذ وُه َفُغُّل وُه‪َّ ،‬مُث‬
‫اَجْلِح يَم َص ُّلوُه‪َّ ،‬مُث يِف ِس ْلِس َلٍة َذْر ُعَه ا َس ْبُعوَن ِذ َر اًع ا َفاْس ُلُك وُه‪ِ،‬إَّن ُه َك اَن اَل ُيْؤ ِم ُن ِبالَّل ِه اْلَعِظ يِم ‪َ ،‬و اَل ُحَيُّض َعَلى َطَع اِم اْلِم ْس ِكِني }‬
‫(احلاقة‪ .)٣٤ – ١٣ :‬وىف قوله عز وجل‪ {:‬فوربك لنحشرهنم والشياطني مث لنحضرهنم حول جهنم جثيا ‪ ,‬مث لننزعن من كل‬
‫شيعة أيهم أشد على الرمحن عتيا ‪ ,‬مث لنحن أعلم بالذين هم أوىل هبا صليا ‪ ,‬وإن منكم إال واردها كان على ربك حتما مقضيا‬
‫‪ ,‬مث ننجى الذين اتقوا ونذر الظاملني فيه جثيا} (مرمي‪.)٧٢ – ٦٨ :‬‬
‫‪ -1‬إخباره َص َّلى الَّلُه َعَلْيِه َو َس َّلَم يف قوله‪" :‬اَل تقوُم الَّس اعُة حىَّت ميَّر الَّر جُل بقِرب الَّر جِل فيقوُل َيا ليتيِن كنُت مكانُه"(‪.)1‬‬
‫وىف قول ه‪" :‬إَّن الَّس اعَة اَل تك وُن حىَّت تك وَن عش ُر آي ات‪ :‬خس ٌف باملش رِق ‪ ،‬وخس ٌف ب املغرب‪ ,‬وَخ س ٌف يف جزي رِة الع رِب ‪,‬‬
‫والُّدخاُن ‪ ,‬والَّد َّج اُل ‪ ,‬وداَّبُة األرض‪ ,‬ويأجوُج ومأجوُج ‪ ,‬وطلوُع الَّش مِس مْن مغرَهبا‪ ,‬وناٌر خترُج مْن قع ِر (‪)2‬عدَن ترِّح ُل الَّناَس ‪,‬‬
‫ونزوُل عيَس ى ابِن مرَمي"(‪.)3‬‬
‫ٍد‬ ‫ِه‬
‫وىف قوله َص َّلى الَّلُه َعَلْي َو َس َّلَم ‪" :‬خيرُج الَّد َّج اُل يف أَّم يِت فيمكَث أربعَني ‪ ،‬فَيبعُث اُهلل عيَس ى ابَن مرَمي كأَّنُه عروُة بُن مسعو فيطلب ُه‬
‫ِم‬ ‫ِق‬
‫فيهلكُه‪َّ ،‬مث ميكث الناُس سبَع سنَني ليَس بَني اث ننِي عداوٌة‪َّ ،‬مث يرس ُل اُهلل رًحيا باردًة مْن ب ِل الَّش ا فاَل يبَق ى على وج َه األرِض مْن‬
‫ِه‬ ‫ِد‬ ‫ٍن‬ ‫ٍري‬ ‫ٍة‬ ‫ِه‬
‫يف قلب مثقاُل ذَّر مْن خ أْو إميا إاَّل قبضتُه‪ ،‬حىَّت ل ْو أَّن أحدكْم دخ َل يف كب جب ٍل لدخلْت علي حىَّت تقبض ُه‪ ،‬فيبَق ى شراُر‬
‫الَّناِس يف خَّف ِة الَّطِري وأحالِم الَّس َباِع ال يعرفوَن معروًف ا وال ينكروَن منك ًر ا فيتمَّث ُل هلْم الَّش يطاُن فيقوُل أال تستجيبوَن ؟ فيقولوَن‬
‫فماَذا تأمرَنا؟ فيأمرهْم بعبادِة األوثاِن ‪ ،‬وهْم يف ذل َك داٌّر ِر زقهْم ‪ ،‬حس ٌن عيشتهْم ‪َّ ,‬مث ينفُخ يف الَّص ور فاَل يسمعُه أح ٌد إاَّل أص َغى‬

‫‪ )?(1‬رواه البخاري (‪ ،)9/73‬ورواه مسلم (‪ )4/2231‬كتاب الفنت‪.‬أهـ رواه البخاري يف "صحيحه" (‪ )7115‬و مسلم يف‬
‫"صحيحه" (‪ )157-53()2907‬من حديث َأيِب ُه َر ْيَر َة َر ِض َي الَّلُه َعْنُه (ش)‬
‫‪ )?(2‬من أقصى عدن‪.‬أهـ عند مسلم "ُقْع َر ِة عدن ترَح ُل الناس" (ش)‬
‫‪ )?(3‬رواه مسلم (‪ )4/2236‬كتاب الفنت وأشراط الساعة‪ .‬أهـ يف "صحيحه" (‪ )2901‬من حديث أيب َس ِر َحيَة حذيفة بن‬
‫أسيد الغفاري َر ِض َي الَّلُه َعْنُه (ش)‬
‫‪www.alukah.net‬‬
‫اإلبهاج في شرح منهاج المسلم‬
‫‪www.alukah.net‬‬

‫ِه ‪2‬‬
‫ليًتا ( )ورفع ليًت ا وأَّو ُل مْن يسمعُه رج ٌل يُلوُط حوَض إبل ( )قاَل ‪ :‬فيصعُق ويصعُق الَّناُس ‪َّ ،‬مث ينزُل اُهلل مط ًر ا كأَّنُه الَّطُّل‪ ،‬فتنبُت‬
‫‪1‬‬

‫من ُه أجساُد الَّناِس ‪َّ ،‬مث ينفُخ في ِه أخرى‪ ،‬فإَذا هْم قياٌم ينظروَن ‪َّ ،‬مث يقاُل ‪ :‬أُّيَه ا الَّناُس هلَّم إىَل رِّبكْم ‪ ،‬وقفوهْم إهَّن ْم مس ئولون‪َّ ،‬مث‬
‫يقاُل ‪َ :‬أخِر ُج وا بعَث الَّناِر ‪ ،‬فيقاُل ‪ :‬مْن كْم ؟ فيقاُل ‪ :‬مْن كِّل ألٍف تسعمائة وتسعًة وتسعَني ‪ ،‬فذلَك يوُم جيع ُل الولداَن شيًبا وذلك‬
‫يوُم يكشُف عن ساٍق "(‪ .)3‬وىف قوله َص َّلى الَّلُه َعَلْيِه َو َس َّلَم ‪" :‬اَل تقوُم الَّس اعُة إاَّل عَلى شراِر الَّناِس " (‪.)4‬‬
‫وىف قوله‪َ" :‬م ا بَني الَّنفختِني أربعوَن ‪َّ ،‬مث ينزُل اُهلل مَن السماِء ما فينبتوَن كَم ا ينبُت البق ‪ ،‬ولي مَن اإلنساِن شيٌء إاَّل يبَلى إاَّل‬
‫ُل َس‬ ‫ًء‬
‫ِة ‪5‬‬
‫عظًم ا واحًد ا وهو َعْج ُب الَّذ َنِب ‪ ،‬ومنُه يرَّك ُب اخللُق يوَم القيام " ( )‪.‬‬
‫وىف قوله وهو خيطب َص َّلى الَّل ُه َعَلْي ِه َو َس َّلَم‪ ":‬أُّيَه ا الَّناُس إَّنكْم حمشوروَن إىَل رِّبكْم حفاًة عراًة ُغ راًل ‪،‬أاَل وإَّن أَّو َل اخلل ِق يكَس ى‬
‫إبراهيم عليه السالم أال وإَّنُه سيجاُء برجاٍل مْن أميت فيؤخُذ هبْم ذاَت الَّشماِل ‪ ،‬فأقوُل ‪ :‬يا رِّب أصحايِب فيقوُل ‪ :‬إَّنَك اَل تدِر ي َم ا‬
‫أحدُثوا بعدَك "(‪ .)6‬وىف قوله‪" :‬اَل تزوُل قدَم ا عبٍد يوَم القيامِة حىَّت يسأَل عْن أربٍع ‪ :‬عْن عمرِه فيَم ا أفناُه‪ ,‬وعْن علمِه َم ا عمَل ب ِه‪,‬‬
‫وعْن مالِه مْن أيَن اكتسبُه وفيَم ا أنفقُه‪ ,‬وعْن َج سدِه فيَم ا أبالُه" (‪.)7‬‬
‫وىف قوله َص َّلى الَّلُه َعَلْيِه َو َس َّلَم‪" :‬حوِض ي َم سريُة شهٍر ‪ ،‬ماؤُه أبيُض مَن الَّلِنب ‪ ،‬ورحيُه أطيُب مَن املس ِك ‪ ،‬وكيزان ُه كنجوِم الَّس ماِء ‪،‬‬
‫مْن ش رَب من ُه اَل يظَم أ أب ًد ا"(‪ .)8‬وىف قول ه لعائش ة ملا ذك رت الن ار بكت‪َ" :‬م ا يبكي ِك ؟" ق الت‪ :‬ذك رت الن ار فبكيت‪ ،‬فه ل‬
‫تذكرون أهلي يوم القيامة؟‪ .‬فقال "أَّم ا يف ثالث ِة مواطَن فاَل يذكُر أح ٌد أح ًد ا‪ :‬عن َد امليزاِن حىَّت يعلَم َأِخَي ُّف ميزان ُه أْم يثق ُل؟ وعن َد‬

‫‪ )?(1‬الليت‪ :‬صفحة العنق‪ ،‬أي أمال صفحة عنقه يسمع‪.‬‬


‫‪ )?(2‬يطِّينه ويصلحه‪.‬‬
‫ِض‬
‫‪ )?(3‬رواه مسلم (‪ )4/2258‬كتاب الفنت وأشراط الساعة‪.‬أهـ يف"صحيحه"(‪ )2940‬من حديث عبد اهلل بن عمرو َر َي‬
‫الَّلُه َعْنُه ما‪(.‬ش)‬
‫‪ )?(4‬رواه مسلم (‪ )4/2268‬كتاب الفنت وأشراط الساعة‪.‬أهـ يف "صحيحه" (‪ ،)2949‬رواه البخاري يف "صحيحه" (‬
‫‪ )7067‬من حديث عبد اهلل بن مسعود َر ِض َي الَّلُه َعْنُه‪( .‬ش)‬
‫‪ )?(5‬رواه مسلم (‪ )4/2270‬كتاب الفنت وأشراط الساعة‪ .‬أهـ يف "صحيحه" (‪ ،)2955‬رواه البخاري يف "صحيحه" (‬
‫‪ )4935‬من حديث َأيِب ُه َر ْيَر َة َر ِض َي الَّلُه َعْنُه (ش)‬
‫‪ )?(6‬رواه اإلمام أمحد (‪.)1/253‬أهـ (‪ِ )2281‬م ْن َح ِد يِث ابن عباس َر ِض َي الَّلُه َعْنُه ما‪ ،‬قال الشيخ شعيب األرنؤوط‪-:‬‬
‫إسناده صحيح على شرط الشيخني‪ ،‬واحلديث صححه العالمة األلباين رمحه اهلل تعاىل (ش)‬
‫ِم ِض‬ ‫ِم ِد ِث‬
‫‪ )?(7‬رواه الرتمذي (‪ )4/529‬وقال‪ :‬هذا حديث حسن صحيح‪.‬أهـ (‪ْ )2417‬ن َح ي َأيِب َبْر َز َة اَأْلْس َل ِّي َر َي الَّلُه َعْنُه‬
‫واحلديث صححه العالمة األلباين رمحه اهلل تعاىل (ش)‬
‫‪ )?(8‬رواه البخاري (‪،)8/149‬ورواه مسلم (‪)4/1793‬كتاب الفضائل‪.‬وقد ورد كذلك يف ابن ماجه (‪ )4302‬والرتمذي‬
‫(‪ .)4/544‬أهـ رواه البخاري يف " صحيحه " (‪ )6579‬و مسلم يف "صحيحه" (‪ )2292‬من حديث َعْبد الَّلِه ْبن َعْم ٍر و‬
‫َر ِض َي الَّلُه َعْنُه ما(ش)‬
‫‪www.alukah.net‬‬
‫اإلبهاج في شرح منهاج المسلم‬
‫‪www.alukah.net‬‬

‫تطايِر الُّص حِف حىَّت يعلَم أيَن يقُع كتابُه يف ميينِه أْم يف مشالِه أْم وراَء ظهرِه؟ وعنَد الِّص راِط إَذا ُو ِض َع بَني ظهرْي جهَّنَم حىَّت جيوَز "‬
‫(‪)2‬‬
‫(‪ .)1‬وىف قوله َص َّلى الَّلُه َعَلْيِه َو َس َّلَم ‪" :‬لكِّل نٍّيب دعوٌة قد دَعاَه ا ألمتِه‪ ،‬وإيِّن اختبأُت دعويِت شفاعًة ألَّم يت"‪.‬‬
‫وىف قوله َص َّلى الَّلُه َعَلْيِه َو َس َّلَم ‪" :‬أَنا سِّيُد ولِد آدَم واَل فخَر ‪ ،‬وأَنا أوُل مْن تشَّق َق عنُه األرُض يوَم القيامِة واَل فخَر ‪ ،‬وأَنا أَّو ُل شافٍع‬
‫وأَّو ُل ومشَّف ٍع واَل فخَر ‪ ،‬ولواُء احلمِد بيِدي يوَم القيامِة واَل فخَر " (‪.)3‬‬
‫وىف قوله َّلى الَّل َل ِه َّل ‪" :‬م سأَل اجلَّنَة ثالَث مَّر اٍت ‪ ،‬قالِت اجلَّنُة‪ :‬الَّلهَّم أدخل اجلَّنَة‪ ،‬وم استجا م الَّناِر ثالَث م َّر اٍت‬
‫َر َن‬ ‫ْن‬ ‫ُه‬ ‫َص ُه َع ْي َو َس َم ْن‬
‫قالِت الَّنار‪ :‬الَّلهَّم أجره مَن الَّنا " ‪.‬‬
‫ِر (‪)4‬‬

‫‪ -3‬إميان املاليني من األنبياء واملرسلني واحلكماء والعلماء والصاحلني من عباد اهلل باليوم اآلخر وبك ِّل ما ورد فيه وتصديقهم‬
‫ه‪.‬‬ ‫اجلازم ب‬
‫األدلة العقلية‪-:‬‬
‫‪ -1‬ص الح ق درة اهلل إلع ادة اخلالئ ق بع د فن ائهم‪ ،‬إذ إع ادهتم ليس ت بأص عب من خلقهم وإجيادهم على غ ري مث ال س ابق‪.‬‬
‫‪ -2‬ليس هناك ما ينفيه العقل من شأن البعث واجلزاء‪ ،‬إذ العقل ال ينفي إال ما كان من قبيل املستحيل كاجتماع الِّض َّدين‪ ،‬أو‬
‫التقاء الَّنقيضني‪ ،‬والبعث واجلزاء ليَس ا من ذلك يف شيء‪.‬‬
‫‪ -3‬حكمته تعاىل الظاهرة يف تصرفاته يف خملوقاته‪ ،‬والبارزة يف كل مظهر وجمال من جماالت احلياة ومظاهرها حتيل عدم وجود‬
‫البعث للخل ق بع د م وهتم‪ ،‬وانته اء أج ل احلي اة األوىل وج زائهم على أعم اهلم من خ ٍري وش ٍّر ‪.‬‬
‫‪ -4‬وج ود احلي اة ال دنيا وم ا فيه ا من نعيم وش قاء‪ ،‬ش اهد على وج ود حي اة أخ رى يف ع امل آخ ر يوج د فيه ا من الع دل واخلري‬
‫والكمال والسعادة والشقاء ما هو أعظم وأفضل بكثري‪ ،‬حبيث إن هذه احلياة وما فيها من سعادة وشقاء ال متثل من تلك احلياة‬
‫إال م ا متث ل ص ورُة قص ر من القص ور الض خمة‪ ،‬أو حديق ة من احلدائق الغَّن اء على قطع ة ورق ص غرية‪.‬‬
‫الفص ل احلادي عشر‪ -:‬يف ع ذاب الق رب(‪ )5‬ونعيم ه‪ - :‬يؤمن املس لم ب أن نعيم الق رب وعذابه‪ ،‬وسؤال امللكني فيه؛ ح ق وص دق‪،‬‬

‫‪)?( 1‬أخرجه أبو داود (‪ )5/116‬كتاب السنة بإسناد حسن‪.‬أهـ (‪ )4755‬من حديث أم املؤمنني عائشة رضي اهلل‬
‫عنها‪،‬واحلديث ضعفه العالمة األلباين رمحه اهلل تعاىل‪.‬وقال احلاكم كما يف املستدرك « هذا حديث صحيح إسناده على شرط‬
‫الشيخني لوال إرسال فيه بني احلسن وعائشة‪ ،‬على أنه قد صحت الروايات أن احلسن كان يدخل وهو صيب منزل عائشة‬
‫رضي اهلل عنها وأم سلمة َر ِض َي الَّلُه َعْنها »‪( .‬ش)‬
‫‪ )?(2‬رواه البخاري يف "صحيحه"(‪ )6305‬و مسلم يف "صحيحه"(‪ )200‬من حديث َأَنس ْبُن َم اِلٍك َر ِض َي الَّلُه َعْنُه‪ ،‬وينحوه‬
‫رواه البخاري يف "صحيحه"(‪ )7474‬و مسلم يف "صحيحه"(‪ )198‬من حديث َأيِب ُه َر ْيَر َة َر ِض َي الَّلُه َعْنُه‪ ،‬وبنحوه رواه‬
‫مسلم يف "صحيحه"(‪ )201‬من حديث جابر بن عبد اهلل َر ِض َي الَّلُه َعْنُه (ش)‬
‫‪ )?(3‬صحيح مسلم كتاب الفضائل‪.‬أهـ يف "صحيحه" (‪ )2278‬من حديث َأيِب ُه َر ْيَر َة َر ِض َي الَّلُه َعْنُه (ش)‬
‫ِلٍك ِض‬
‫‪)?( 4‬رواه الرتمذي (‪ ،)5/603‬وابن ماجه (حديث ‪.)4340‬أهـ رواه الرتمذي (‪ )2572‬من حديث َأَنس ْبُن َم ا َر َي‬
‫الَّلُه َعْنُه‪ ،‬واحلديث صححه العالمة األلباين رمحه اهلل تعاىل (ش)‬
‫‪ )?(5‬والقرب اسم للحفرة اليت يوضع فيها امليت ويقال للذي يتويل الدفن قابر قال‪:‬‬
‫‪www.alukah.net‬‬
‫اإلبهاج في شرح منهاج المسلم‬
‫‪www.alukah.net‬‬

‫ة‪-:‬‬ ‫ة النقلي‬ ‫ة‪ :‬األدل‬ ‫ة اآلتي‬ ‫ة والعقلي‬ ‫ة النقلي‬ ‫ك لألدل‬ ‫وذل‬


‫‪ -1‬إخباره تعاىل بذلك يف قوله عز وجل‪ {:‬ولو ترى إذ يتوىف الذين كفروا املالئكة يضربون وجوههم وأدبارهم وذوقوا عذاب‬
‫احلريق ‪ ,‬ذلك مبا قدمت أيديكم وأن اهلل ليس بظالم للعبيد} (األنفال‪.)٥١ – ٥٠ :‬‬
‫وقوله عز وجل‪ {:‬ولو ترى إذ الظاملون يف غمرات املوت واملالئكة باسطوا أيديهم أخرجوا أنفسكم اليوم جتزون عذاب اهلون‬
‫مبا كنتم تقول ون على اهلل غ ري احلق وكنتم عن آيات ه تس تكربون ‪ ,‬ولق د جئتمون ا ف رادى كم ا خلقن اكم أول م ره وت ركتم م ا‬
‫خولن اكم وراء ظه وركم وم ا ن رى معكم ش فعاءكم ال ذين زعمتم أهنم فيكم ش ركاء لق د تقط ع بينكم وض ل عنكم م ا كنتم‬
‫(‪)1‬‬
‫تزعمون} (األنعام‪ .)٩٤ – ٩٣ :‬وىف قوله عز وجل‪ {:‬سنعذهبم مرتني مث يردون إىل عذاب عظيم} (التوبة‪.)١٠١ :‬‬
‫وىف قوله عز وجل‪ {:‬النار يعرضون عليها غدوا وعشيا ويوم تقوم الساعة أدخلوا آل فرعون أشد العذاب }(غافر‪ .)٤٦ :‬وىف‬
‫قوله عز وجل‪ {:‬يثبت اهلل الذين آمنوا بالقول الثابت يف احلياة الدنيا وىف اآلخرة ويضل اهلل الظاملني ويفعل اهلل ما يشاء }‬
‫(‪)3( )2‬‬
‫(إبراهيم‪.)٢٧ :‬‬
‫(‪)4‬‬
‫إخبار الرسول َص َّلى الَّلُه َعَلْيِه َو َس َّلَم بذلك‬

‫عاش ومل ينقل إىل قابر‬ ‫لو أسندت ميتًا إىل حنرها‬
‫يا عجبًا للميت الَّناشر (ش)‬ ‫حًّىت يقول الناس َّمما رأوا‬
‫‪َ{)?(1‬س ُنَعِّذ ُبُه م َّم َّر َتِنْي }يف الدنيا‪ :‬بالقتل واألسر واخلزي واهلوان‪ ،‬أو باألمراض والفضيحة {َّمُث ُيَر ُّدوَن } يوم القيامة‪.‬وقيل‪:‬‬
‫األوىل قد تكون فضيحتهم بني املسلمني والثانية عذاب القرب‪،‬وعن قتادة واحلسن البصري‪( :‬سنعذهبم مرتني) عذاب الدنيا‪،‬‬
‫وعذاب القرب‪.‬وقال جماهد‪ :‬القتل والسباء وقال ‪-‬يف رواية ‪-‬باجلوع‪ ،‬وعذاب القرب‪،‬وقال ابن جريج‪ :‬عذاب الدنيا‪ ،‬وعذاب‬
‫القرب‪ ،‬مث يردون إىل عذاب النار‪(.‬ش)‬
‫ِض‬ ‫ِء‬
‫‪)?(2‬روى البخاري يف"صحيحه"(‪ )1369‬و مسلم يف "صحيحه"(‪)2871‬واللفظ له من حديث اْلَبَر ا ْبِن َعاِز ٍب َر َي الَّلُه‬
‫َعْنُه‬
‫َعْن الَّنِّيِب َص َّلى الَّلُه َعَلْيِه َو َس َّلَم َقاَل { ُيَثِّبُت الَّلُه اَّلِذ يَن آَم ُنوا ِباْلَق ْو ِل الَّثاِبِت } َقاَل َنَز َلْت يِف َعَذ اِب اْلَق ِرْب فُيَق اُل َلُه َمْن َر ُّبَك ؟‬
‫َفَيُقوُل َر َيِّب الَّلُه َو َنِبِّيي َحُمَّمٌد َص َّلى الَّلُه َعَلْيِه َو َس َّلَم َفَذ ِلَك َقْو ُلُه عز وجل { ُيَثِّبُت الَّلُه اَّلِذ يَن آَم ُنوا ِباْلَق ْو ِل الَّثاِبِت يِف اَحْلَياِة الُّد ْنَيا‬
‫َو يِف اآْل ِخ َر ِة }‪(.‬ش)‬
‫‪)?(3‬ومما يدل على إثبات عذاب القرب‪ -:‬قال تعاىل {ولنذيقنهم من العذاب األدىن دون العذاب األكرب لعلهم يرجعون }‬
‫(السجدة‪ .)٢١ :‬وقال تعاىل { فذرهم حىت يالقوا يومهم الذي فيه يصعقون‪ ،‬يوم ال يغين عنهم كيدهم شيئا وال هم‬
‫ينصرون‪ ،‬وإن للذين ظلموا عذابا دون ذلك ولكن أكثرهم ال يعلمون } (الطور‪(.) ٤٧ - ٤٥ :‬ش)‬
‫َنا الَّن َّلى ا َل ِه‬ ‫ِض‬ ‫ِء‬
‫‪)?(4‬أخرج اإلمام أمحد يف مسنده (‪ )18534‬من حديث اْلَبَر ا ْبِن َعاِز ٍب َر َي الَّلُه َعْنُه‪َ ،‬قاَل ‪َ :‬خ َر ْج َمَع ِّيِب َص ُهلل َع ْي‬
‫َو َس َّلَم‪ ،‬يِف ِج َناَز ِة َرُج ٍل ِم َن اَأْلْنَص اِر ‪َ ،‬فاْنَتَه ْيَنا ِإىَل اْلَق ِرْب ‪َ ،‬و َلَّم ا ُيْلَح ْد ‪َ ،‬فَج َلَس َرُس وُل اِهلل َص َّلى اُهلل َعَلْيِه َو َس َّلَم‪َ ،‬و َج َلْس َنا َحْو َلُه‪،‬‬
‫ِب‬ ‫ِع ِب ِهلل ِم‬ ‫ِدِه‬ ‫ِس‬
‫َك َأَّن َعَلى ُرُءو َنا الَّطْيَر ‪َ ،‬و يِف َي ُعوٌد َيْنُك ُت يِف اَأْلْر ِض ‪َ ،‬فَر َفَع َر ْأَس ُه‪َ ،‬فَق اَل ‪ " :‬اْس َت يُذ وا ا ْن َعَذ ا اْلَق ِرْب َم َّر َتِنْي ‪َ ،‬أْو‬
‫ِء‬ ‫ِه ِئ ِم‬ ‫ٍل ِم ِخ‬ ‫ِق ِم‬ ‫ِم‬
‫َثاَل ًثا‪َّ ،" ،‬مُث َقاَل ‪ِ " :‬إَّن اْلَعْبَد اْلُم ْؤ َن ِإَذا َك اَن يِف اْن َطاٍع َن الُّد ْنَيا َو ِإْقَبا َن اآْل َر ِة‪َ ،‬نَز َل ِإَلْي َم اَل َك ٌة َن الَّس َم ا ِبيُض‬
‫‪www.alukah.net‬‬
‫اإلبهاج في شرح منهاج المسلم‬
‫‪www.alukah.net‬‬

‫ِن‬ ‫ِه‬ ‫ِن‬ ‫ِه‬


‫يف قوله‪" :‬إَّن العبَد إَذا ُو ضَع يف قرب وتوىَّل عنُه أصحابُه ‪ -‬وإَّنُه ليسمُع قْر َع نعاهلْم ‪ -‬أتاُه َم لكا فيقعدان ‪ ،‬فيقوال لُه‪َ :‬م ا كنَت‬
‫تقوُل يف هَذ ا الَّر جِل ؟ ‪ -‬حملَّم ٍد َص َّلى الَّلُه َعَلْيِه َو َس َّلَم ‪ -‬فأَّم ا املؤمُن فيقوُل ‪ :‬أشهُد أَّنُه عبُد اِهلل ورسوُلُه‪ ،‬فُيقال لُه‪ :‬انظْر إىَل مقعدَك‬
‫مَن الَّناِر قْد أبدَلك اُهلل بِه مقعًد ا مَن اجلَّنِة فرياَمها مجيًعا‪ ،‬وأَم ا املنافُق أو الكافُر فيقوالِن ل ُه‪َ :‬م ا كنَت تقوُل يف ه َذ ا الَّر ج ِل ؟ فيقوُل‬
‫ٍد‬ ‫‪1‬‬
‫اَل أدرى! كنُت أقوُل َم ا يقوُل الَّناُس ‪ ،‬فُيقال ل ُه‪ :‬اَل دريَت واَل تليَت ( )وُيضرُب مبطارَق مْن حدي فيصيُح صيحًة يسمعُه مْن‬
‫يليِه غَري الَّثقلِني "(‪ .)2‬وىف قوله َص َّلى الَّلُه َعَلْي ِه َو َس َّلَم ‪" :‬إَذا ماَت أحدكْم ُع رَض علي ِه َم ْق َع ُد ُه بالغداِة والعش ِّي فإْن كاَن مْن أه ِل‬

‫ِجَي‬ ‫ِل ِم‬ ‫ِط ِة‬ ‫ِم‬ ‫ِن ِة‬ ‫ِم‬ ‫ِه‬
‫اْلُو ُج و ‪َ ،‬ك َأَّن ُوُج وَه ُه ُم الَّش ْم ُس ‪َ ،‬مَعُه ْم َك َف ٌن ْن َأْك َف ا اَجْلَّن ‪َ ،‬و َح ُنوٌط ْن َح ُنو اَجْلَّن ‪َ ،‬ح ىَّت ْجَي ُس وا ْنُه َم َّد اْلَبَص ِر ‪َّ ،‬مُث يُء‬
‫َم َلُك اْلَمْو ِت ‪َ ،‬عَلْيِه الَّس اَل ُم‪َ ،‬ح ىَّت ْجَيِلَس ِعْنَد َر ْأِس ِه‪َ ،‬فَيُقوُل ‪َ :‬أَّيُتَه ا الَّنْف ُس الَّطِّيَبُة‪ ،‬اْخ ُر ِج ي ِإىَل َم ْغِف َر ٍة ِم َن اِهلل َو ِر ْض َو اٍن "‪َ .‬قاَل ‪" :‬‬
‫َفَتْخ ُرُج َتِس يُل َك َم ا َتِس يُل اْلَق ْطَر ُة ِم ْن يِف الِّسَق اِء ‪َ ،‬فَيْأُخ ُذ َه ا‪َ ،‬فِإَذا َأَخ َذ َه ا ْمَل َيَد ُعوَه ا يِف َيِدِه َطْر َفَة َعٍنْي َح ىَّت َيْأُخ ُذ وَه ا‪َ ،‬فَيْجَعُلوَه ا‬
‫يِف َذِلَك اْلَك َف ِن ‪َ ،‬و يِف َذِلَك اَحْلُنوِط ‪َ ،‬و ْخَيُرُج ِم ْنَه ا َك َأْطَيِب َنْف َح ِة ِم ْس ٍك ُو ِج َدْت َعَلى َو ْج ِه اَأْلْر ِض " َقاَل ‪َ " :‬فَيْص َعُد وَن َهِبا‪َ ،‬فاَل‬
‫ُمَيُّر وَن ‪َ ،‬يْع يِن َهِبا‪َ ،‬عَلى َم ٍإَل ِم َن اْلَم اَل ِئَك ِة‪ِ ،‬إاَّل َقاُلوا‪َ :‬م ا َه َذ ا الُّر وُح الَّطِّيُب ؟ َفَيُقوُلوَن ‪ُ :‬فاَل ُن ْبُن ُفاَل ٍن ‪ِ ،‬بَأْح َس ِن َأَمْساِئِه اَّليِت َك اُنوا‬
‫ِّي ِم ُك اٍء َقَّر و ا ِإىَل الَّس اِء‬ ‫ِت‬ ‫ِء‬
‫َم‬ ‫ُيَس ُّم وَنُه َهِبا يِف الُّد ْنَيا‪َ ،‬ح ىَّت َيْنَتُه وا َهِبا ِإىَل الَّس َم ا الُّد ْنَيا‪َ ،‬فَيْس َتْف ُح وَن َلُه‪َ ،‬فُيْف َتُح ُهَلْم َفُيَش ُعُه ْن ِّل َمَس ُم ُب َه‬
‫اَّليِت َتِليَه ا‪َ ،‬ح ىَّت ُيْنَتَه ى ِبِه ِإىَل الَّس َم اِء الَّس اِبَعِة‪َ ،‬فَيُقوُل اُهلل َعَّز َو َج َّل‪ :‬اْك ُتُبوا ِكَتاَب َعْبِدي يِف ِعِّلِّيَني ‪َ ،‬و َأِعيُد وُه ِإىَل اَأْلْر ِض ‪َ ،‬فِإيِّن‬
‫ِم ْنَه ا َخ َلْق ُتُه ْم ‪َ ،‬و ِفيَه ا ُأِعيُد ُه ْم ‪َ ،‬و ِم ْنَه ا ُأْخ ِر ُجُه ْم َتاَر ًة ُأْخ َر ى "‪َ .‬قاَل ‪َ " :‬فُتَعاُد ُر وُحُه يِف َج َس ِدِه‪َ ،‬فَيْأِتيِه َم َلَك اِن ‪َ ،‬فُيْج ِلَس اِنِه‪،‬‬
‫ِذ‬
‫َفَيُقواَل ِن َلُه‪َ :‬مْن َر ُّبَك ؟ َفَيُقوُل ‪َ :‬ر َيِّب اُهلل‪َ ،‬فَيُقواَل ِن َلُه‪َ :‬م ا ِد يُنَك ؟ َفَيُقوُل ‪ِ :‬د يَيِن اِإْل ْس اَل ُم‪َ ،‬فَيُقواَل ِن َلُه‪َ :‬م ا َه َذ ا الَّر ُج ُل اَّل ي ُبِعَث‬
‫ِفيُك ْم ؟ َفَيُقوُل ‪ُ :‬ه َو َرُس وُل اِهلل َص َّلى اُهلل َعَلْيِه َو َس َّلَم‪َ ،‬فَيُقواَل ِن َلُه‪َ :‬و َم ا ِعْلُم َك ؟َفَيُقوُل ‪َ :‬قَر ْأُت ِكَتاَب اِهلل‪َ ،‬فآَم ْنُت ِبِه َو َص َّد ْقُت ‪،‬‬
‫ِت ِه ِم‬ ‫ِة‬ ‫ِإ‬ ‫ِة‬ ‫ِم‬ ‫ِة‬ ‫ِم‬ ‫ِد‬ ‫ِء‬ ‫ٍد‬ ‫ِد‬
‫َفُيَنا ي ُم َنا يِف الَّس َم ا ‪َ :‬أْن َص َد َق َعْب ي‪َ ،‬فَأْفِر ُش وُه َن اَجْلَّن ‪َ ،‬و َأْلِبُس وُه َن اَجْلَّن ‪َ ،‬و اْفَتُح وا َلُه َباًبا ىَل اَجْلَّن "‪َ .‬قاَل ‪َ " :‬فَيْأ ي ْن‬
‫ِش‬ ‫ِب‬ ‫ِه‬ ‫ِت ِه‬ ‫ِرِه‬ ‫ِه‬ ‫ِط ِب‬ ‫ِح‬
‫َرْو َه ا‪َ ،‬و ي َه ا‪َ ،‬و ُيْف َس ُح َلُه يِف َقِرْب َم َّد َبَص "‪َ .‬قاَل ‪َ " :‬و َيْأ ي َرُج ٌل َح َسُن اْلَو ْج ‪َ ،‬ح َسُن الِّثَيا ‪َ ،‬طِّيُب الِّر يِح ‪َ ،‬فَيُقوُل ‪َ :‬أْب ْر‬
‫ِباَّلِذي َيُس ُّر َك ‪َ ،‬ه َذ ا َيْو ُمَك اَّلِذي ُك ْنَت ُتوَعُد ‪َ ،‬فَيُقوُل َلُه‪َ :‬مْن َأْنَت ؟ َفَو ْجُه َك اْلَو ْجُه ِجَي يُء ِباَخْلِرْي ‪َ ،‬فَيُقوُل ‪َ :‬أَنا َعَم ُلَك الَّص اِلُح ‪،‬‬
‫ِإ ٍل ِم‬ ‫يِف ِق ِم‬ ‫ِف ِإ‬ ‫ِإ‬ ‫ِج ِإ ِل‬ ‫ِق‬
‫َفَيُقوُل ‪َ :‬ر ِّب َأ ِم الَّس اَعَة َح ىَّت َأْر َع ىَل َأْه ي‪َ ،‬و َم ايِل "‪َ .‬قاَل ‪َ " :‬و َّن اْلَعْبَد اْلَك ا َر َذا َك اَن اْن َطاٍع َن الُّد ْنَيا َو ْقَبا َن‬
‫اآْل ِخ َر ِة‪َ ،‬نَز َل ِإَلْيِه ِم َن الَّس َم اِء َم اَل ِئَك ٌة ُس وُد اْلُو ُج وِه‪َ ،‬مَعُه ُم اْلُمُس وُح ‪َ ،‬فَيْج ِلُس وَن ِم ْنُه َم َّد اْلَبَص ِر ‪َّ ،‬مُث ِجَي يُء َم َلُك اْلَمْو ِت ‪َ ،‬ح ىَّت‬
‫ْجَيِلَس ِعْنَد َر ْأِس ِه‪َ ،‬فَيُقوُل ‪َ :‬أَّيُتَه ا الَّنْف ُس اَخْلِبيَثُة‪ ،‬اْخ ُر ِج ي ِإىَل َس َخ ٍط ِم َن اِهلل َو َغَض ٍب "‪َ .‬قاَل ‪َ " :‬فُتَفَّرُق يِف َج َس ِدِه‪َ ،‬فَيْنَتِز ُعَه ا َك َم ا‬
‫ُيْنَتَز ُع الَّس ُّفوُد ِم َن الُّص وِف اْلَم ْبُلوِل ‪َ ،‬فَيْأُخ ُذ َه ا‪َ ،‬فِإَذا َأَخ َذ َه ا ْمَل َيَد ُعوَه ا يِف َيِدِه َطْر َفَة َعٍنْي َح ىَّت ْجَيَعُلوَه ا يِف ِتْلَك اْلُمُس وِح ‪،‬‬
‫َو ْخَيُرُج ِم ْنَه ا َك َأْنِنَت ِر يِح ِج يَف ٍة ُو ِج َدْت َعَلى َو ْج ِه اَأْلْر ِض ‪َ ،‬فَيْص َعُد وَن َهِبا‪َ ،‬فاَل ُمَيُّر وَن َهِبا َعَلى َم ٍأَل ِم َن اْلَم اَل ِئَك ِة‪ِ ،‬إاَّل َقاُلوا‪َ :‬م ا‬
‫َه َذ ا الُّر وُح اَخْلِبيُث ؟ َفَيُقوُلوَن ‪ُ :‬فاَل ُن ْبُن ُفاَل ٍن ِبَأْقَبِح َأَمْساِئِه اَّليِت َك اَن ُيَس َّم ى َهِبا يِف الُّد ْنَيا‪َ ،‬ح ىَّت ُيْنَتَه ى ِبِه ِإىَل الَّس َم اِء الُّد ْنَيا‪،‬‬
‫ِل‬ ‫ِء‬ ‫ِه‬ ‫ِهلل‬
‫َفُيْس َتْف َتُح َلُه‪َ ،‬فاَل ُيْف َتُح َلُه "‪َّ ،‬مُث َقَر َأ َرُس وُل ا َص َّلى اُهلل َعَلْي َو َس َّلَم ‪{ :‬اَل ُتَف َّتُح ُهَلْم َأْبَو اُب الَّس َم ا َو اَل َيْد ُخ ُلوَن اَجْلَّنَة َح ىَّت َي َج‬
‫ِس‬ ‫ِك‬ ‫ِخْل ِط‬
‫اَجْلَم ُل يِف َس ِّم ا َيا } [األعراف‪َ ]40 :‬فَيُقوُل اُهلل َعَّز َو َج َّل‪ " :‬اْك ُتُبوا َتاَبُه يِف ِّج ٍني يِف اَأْلْر ِض الُّسْف َلى‪َ ،‬فُتْطَرُح ُر وُحُه‬
‫َطْر ًح ا "‪َّ .‬مُث َقَر َأ‪َ{ :‬و َمْن ُيْش ِر ْك ِباِهلل‪َ ،‬فَك َأَمَّنا َخ َّر ِم َن الَّس َم اِء َفَتْخ َطُفُه الَّطْيُر َأْو َتْه ِو ي ِبِه الِّر يُح يِف َم َك اٍن َس ِح يٍق } [احلج‪]31 :‬‬
‫" َفُتَعاُد ُر وُحُه يِف َج َس ِدِه‪َ ،‬و َيْأِتيِه َم َلَك اِن ‪َ ،‬فُيْج ِلَس اِنِه‪َ ،‬فَيُقواَل ِن َلُه‪َ :‬مْن َر ُّبَك ؟ َفَيُقوُل ‪َ :‬ه اْه َه اْه اَل َأْد ِر ي‪َ ،‬فَيُقواَل ِن َلُه‪َ :‬م ا ِد يُنَك ؟‬
‫‪www.alukah.net‬‬
‫اإلبهاج في شرح منهاج المسلم‬
‫‪www.alukah.net‬‬

‫اجلَّنِة فمْن أهِل اجلَّنِة‪ ،‬وإْن كاَن مْن أهِل الَّناِر فمْن أهِل الَّناِر ‪ ،‬فُيقاُل لُه‪ :‬هَذ ا مقعدَك حىَّت يبعث َك اُهلل إىَل يوِم القيامة"(‪.)1‬وىف قوله‬
‫َص َّلى الَّلُه َعَلْيِه َو َس َّلَم يف دعائه‪" :‬الَّلهَّم إيِّن أعوُذ بَك مْن عذاِب الق ِرب ومْن عذاِب الَّناِر ومْن فتن ِة احملَي ا واملماِت ومْن فتن ِة املسيِح‬
‫الَّد َّج اِل " (‪.)2‬‬
‫وىف قوله َص َّلى الَّل ُه َعَلْي ِه َو َس َّلَم ملا م َّر بقربين فقال‪" :‬إهَّن َم ا ُيع َّذ باِن وَم ا ُيع َّذ باِن يف كب ٍري " َّمث قال‪" :‬بَلى‪,‬أَّم ا أحدَمها فكاَن يس َعى‬
‫ِه" (‪.)3‬‬ ‫تُرت مْن بول‬ ‫اَن ال يس‬ ‫ُر فك‬ ‫ا اآلخ‬ ‫ِة‪ ،‬وأ َّم‬ ‫بالَّنميم‬
‫‪ -3‬إميان الباليني من العلم اء والص احلني واملؤم نني من أم ة حمَّم ٍد َص َّلى الَّل ُه َعَلْي ِه َو َس َّلَم ومن أمم أخ رى س بقت‪ ،‬بع ذاب الق رب‬
‫ونعيمه‪ ،‬وكل ما روى يف شأنه‪.‬‬
‫األدلة العقلية‪ -1 -:‬إميان العبد باهلل ومالئكته واليوم اآلخر يستلزم إميانه بعذاب القرب ونعيمه‪ ،‬وبكل ما جيرى فيه‪ ،‬إذ الكل من‬
‫ر‪.‬‬ ‫البعض اآلخ‬ ‫ه عقال اإلميان ب‬ ‫البعض لزم‬ ‫الغيب فمن آمن ب‬
‫‪ -2‬ليس ع ذاب الق رب أو نعيم ه‪ ،‬أو م ا يق ع في ه من س ؤال امللكني مما ينفي ه العق ل أو حييل ه‪ ،‬ب ل العق ل الس ليم يق ُّر ُه ويش هد ل ه‪.‬‬
‫‪ -3‬إن النائم قد يرى الرؤيا مما يسر فيتلذذ هبا وينعم بتأثريها يف نفسه‪ ،‬األمر الذي حيزن له أو يأسف إن هو استيقظ‪ ،‬كما أَّنه‬
‫قد يرى الرؤيا مما يكره فيستاء هلا ويغتم‪ ،‬األمر الذي جيعله حيمد من أيقظه لو أن شخًص ا أيقظه‪ ،‬فهذا النعيم أو العذاب يف النوم‬

‫ُقوُل ‪ :‬ا ا اَل َأ ِر ي‪ُ ،‬قواَل ِن َل ‪ :‬ا َذ ا الَّر اَّلِذي ِع ِفيُك ؟ ُقوُل ‪ :‬ا ا اَل َأ ِر ي‪ ،‬اِد ي اٍد ِم الَّس اِء‬
‫َه ْه َه ْه ْد َفُيَن ُم َن َن َم‬ ‫ُب َث ْم َفَي‬ ‫ُه َم َه ُج ُل‬ ‫َه ْه َه ْه ْد َفَي‬ ‫َفَي‬
‫ىَّت ْخَتَتِل ِفيِه‬ ‫َأْن َك َذ ‪َ ،‬فاْفِر ُش وا َل ِم الَّناِر ‪ ،‬ا َت وا َل ا ا ِإىَل الَّناِر ‪ْ ،‬أِتيِه ِم ِّر ا‪ ،‬وِم ا‪َّ ،‬ي َل ِه‬
‫َف‬ ‫َفَي ْن َح َه َو ُمَس َه َو ُيَض ُق َع ْي َقْبُر ُه َح‬ ‫َو ْف ُح ُه َب ًب‬ ‫ُه َن‬ ‫َب‬
‫ِذ‬ ‫ِذ‬ ‫ِش‬ ‫ِب‬ ‫ِه‬ ‫ِه‬ ‫ِت‬
‫َأْض اَل ُعُه‪َ ،‬و َيْأ ي َرُج ٌل َقِبيُح اْلَو ْج ‪َ ،‬قِبيُح الِّثَيا ‪ُ ،‬م ْنُنِت الِّر يِح ‪َ ،‬فَيُقوُل ‪َ :‬أْب ْر ِباَّل ي َيُس وُءَك ‪َ ،‬ه َذ ا َيْو ُمَك اَّل ي ُك ْنَت ُتوَعُد ‪،‬‬
‫َفَيُقوُل ‪َ :‬مْن َأْنَت ؟ َفَو ْجُه َك اْلَو ْجُه ِجَي يُء ِبالَّش ِّر ‪َ ،‬فَيُقوُل ‪َ :‬أَنا َعَم ُلَك اَخْلِبيُث ‪َ ،‬فَيُقوُل ‪َ :‬ر ِّب اَل ُتِق ِم الَّس اَعَة "‪ .‬وقال احلاكم‪" :‬‬
‫صحيح على شرط الشيخني "‪ ،‬وأقره الذهيب‪ ،‬وهو كما قاال‪ ،‬وصححه ابن القيم يف " إعالم املوقعني " و " هتذيب السنن "‪،‬‬
‫ونقل فيه تصحيحه عن أيب نعيم وغريه‪،‬وقال الشيخ شعيب األرنؤوط‪ -:‬إسناده صحيح‪ ،‬رجاله رجال الصحيح‪ ،‬واحلديث‬
‫صححه العالمة األلباين رمحه اهلل تعاىل (ش)‬
‫‪ )?(1‬تليت مبعىن تلوت أي اتبعت‪.‬‬
‫‪ )?(2‬اإلنس واجلن واحلديث رواه البخاري (‪.)2/123‬أهـ يف "صحيحه" (‪ )1374 ،1338‬بطوله‪ ،‬ومسلم يف "صحيحه" (‬
‫‪ " )2870‬إىل قوله فريامها مجيعا" من حديث أنس بن مالك رضي اهلل عنه‪(.‬ش)‬
‫ِد ِهلل‬
‫‪ )?(1‬رواه البخاري (‪.)8/134‬أهـ يف " صحيحه " (‪ )1379‬و مسلم يف"صحيحه" (‪ )2866‬من حديث َعْب ا ْبِن ُعَمَر‬
‫َر ِض َي الَّلُه َعْنُه‪( .‬ش)‬
‫ِض‬ ‫يِب‬
‫‪ )?(2‬رواه البخاري (‪ .)1/211‬أهـ يف " صحيحه " (‪ )1377‬و مسلم يف " صحيحه " (‪ )588‬من حديث َأ ُه َر ْيَر َة َر َي‬
‫الَّلُه َعْنُه‪( .‬ش)‬
‫ِض‬
‫‪ )?(3‬رواه البخاري (‪ .)1/65‬أهـ يف " صحيحه " (‪ )218‬و مسلم يف " صحيحه " (‪ )292‬من حديث ابن عباس َر َي الَّلُه‬
‫َعْنُه‪( .‬ش)‬
‫‪www.alukah.net‬‬
‫اإلبهاج في شرح منهاج المسلم‬
‫‪www.alukah.net‬‬

‫جيرى على الروح حقيقة وتتأثر به‪ ،‬وهو غري حمسوس وال مشاهد لنا‪ ،‬وال ُينكره أحد‪ ،‬فكيف ينكر إذا عذاب القرب أو نعيمه‪،‬‬
‫وهو نظريه متاًم ا‪.‬‬
‫الفصل الثاين عشر‪ :‬اإلميان بالقضاء والقدر‪-:‬‬
‫يؤمن املسلم بقضاء اهلل وقدره(‪)1‬وحكمته ومشيئته‪ ،‬وأنه ال يقع شيء يف الوجود حىت أفعال العباد االختيارية إال بعد علم اهلل به‬
‫وتقديره‪ .‬وأنه تعاىل عدل يف قضائه وقدره‪ ،‬حكيم يف تصرفه وتدبريه‪ .‬وأن حكمته تابعة ملشيئته‪ .‬ما شاء كان‪ ،‬ومامل يشأ مل‬
‫يكن‪ ،‬وال حول وال قوة إال به تعاىل‪ .‬وذلك لألدلة العقلية والنقلية اآلتية‪:‬‬
‫ة‪-:‬‬ ‫ة النقلي‬ ‫األدل‬
‫‪ -1‬إخباره تعاىل عن ذلك يف قوله‪ {:‬إنا كل شيء خلقناه بقدر }(القمر‪.)٤٩ :‬‬
‫وقوله عز وجل‪ {:‬وإن من شيء إال عندنا خزائنه وما ننزله إال بقدر معلوم} (احلجر‪.)٢١ :‬‬
‫وىف قوله عز وجل‪ {:‬ما أصاب من مصيبة يف األرض وال يف أنفسكم إال يف كتاب من قبل أن نربأها إن ذلك على اهلل يسري }‬
‫(احلديد‪ .)٢٢ :‬وىف قوله عز وجل‪ {:‬ما أصاب من مصيبة إال بإذن اهلل }(التغابن‪)2( .)١١ :‬‬
‫وقوله عز وجل‪ {:‬وكل إنسان ألزمناه طائره (‪ )3‬يف عنقه }(اإلسراء‪.)١٣ :‬‬
‫وقوله عز وجل‪ {:‬قل لن يصيبنا إال ما كتب اهلل لنا هو موالنا وعلى اهلل فليتوكل املؤمنون }(التوبة‪.)٥١ :‬‬
‫وقوله عز وجل‪ {:‬وعنده مفاتح الغيب ال يعلمها إال هو ويعلم ما يف الرب والبحر وما تسقط من ورقة إال يعلمها وال حبة يف‬
‫ظلمات األرض وال رطب وال يابس إال يف كتاب مبني }(األنعام‪.)٥٩ :‬‬

‫‪ )?(1‬القضاء‪ :‬حكم اهلل سبحانه أزًال بوجود الشيء أوعدمه‪ ،‬والقدر‪ :‬إجياد اهلل تعاىل الشيء على كيفية خاصة يف وقت خاص‪،‬‬
‫وقد يطلق كل منها على اآلخر‪.‬أهـ القضاء لغة‪ :‬احلكم والفصل‪ .‬وشرعا‪ :‬هو ما قضى به اهلل سبحانه وتعاىل يف خلقه من إجياد‬
‫أو إعدام أو تغيري‪ .‬والقدر‪ :‬مصدر قدرت الشيء أقدره إذا أحطت مبقداره‪ .‬وشرعا‪ :‬هو ما قدره اهلل تعاىل يف األزل‪ ،‬أن يكون‬
‫يف خلقه بناء على علمه السابق بذلك‪.‬‬
‫الفرق بينهما‪ :‬أن القدر‪ :‬هو تقدير لشيء قبل قضائه‪ .‬والقضاء هو الفراغ من الشيء‪ .‬ومن الشواهد اليت ذكرها أبو حامت‬
‫للتفريق بني القضاء والقدر أن القدر منزلة تقدير اخلياط للثوب فهو قبل أن يفصله يقدره فيزيد وينقص فإذا فصله فقد قضاه‬
‫وفرغ منه وفاته التقدير‪ .‬وعلى هذا يكون القدر سابقا للقضاء‪ .‬قال ابن األثري‪( :‬فالقضاء والقدر أمران متالزمان ال ينفك‬
‫أحدمها عن اآلخر ألن أحدمها مبنزلة األساس وهو القدر‪ ،‬واآلخر مبنزلة البناء وهو القضاء فمن رام الفصل بينهما فقد رام هدم‬
‫البناء ونقضه)‪.‬والقضاء والقدر إذا اجتمعا يف الذكر افرتقا يف املعىن فأصبح لكل منهما معىن خيصه‪ ،‬وإذا افرتقا يف الذكر دخل‬
‫أحدمها يف معىن اآلخر‪(.‬ش)‬
‫‪ )?(2‬عن علقمة‪ :‬هو الرجل تصيبه املصيبة‪ ،‬فيعلم أهنا من عند اهلل فيسلم ويرضى‪(.‬ش)‬
‫‪ )?(3‬طائره‪ :‬نصيبه من العمل املقدر له‪.‬‬
‫‪www.alukah.net‬‬
‫اإلبهاج في شرح منهاج المسلم‬
‫‪www.alukah.net‬‬

‫وقول ه ع ز وج ل‪ {:‬وم ا تش اءون إال أن يش اء اهلل رب الع املني }(التك وير‪.)٢٩ :‬وقول ه ع ز وج ل‪ {:‬إن ال ذين س بقت هلم من ا‬
‫احلسىن أولئك عنها مبعدون }(األنبياء‪ .)١٠١ :‬وقوله عز وجل‪ {:‬ولوال إذ دخلت جنتك قلت ما شاء اهلل ال قوة إال باهلل }‬
‫(الكهف‪ ،)٣٩ :‬وقوله عز وجل‪ {:‬وما كنا لنهتدي لوال أن هدانا اهلل} (األعراف‪.)٤٣ :‬‬
‫‪ -2‬إخبار رسوله َص َّلى الَّل ُه َعَلْي ِه َو َس َّلَم عن ذلك يف قوله‪" :‬إَّن أحدكْم جُي م ُع خلُق ُه يف بطِن أِّم ِه أربعَني يوًم ا نطف ًة‪َّ ،‬مث يكوُن‬
‫علق ًة مث ذل َك ‪َّ ،‬مث يكوُن مضغًة مث ذل َك ‪َّ ،‬مث يرس إلي ِه املل ُك فينف في ِه ال ُّر و ‪ ،‬ويؤم بأربِع كلماٍت ‪ :‬بكتِب رزق ِه‪ ,‬وأجل ِه‬
‫ُر‬ ‫َح‬ ‫ُخ‬ ‫ُل‬ ‫َل‬ ‫َل‬
‫وعملِه شق أ سعيٍد ‪ ,‬فواَّلِذي اَل إل غري ‪ ،‬إَّن أح َد ك ليعم بعم ِل أه ِل اجلَّن ِة حىَّت ا يكوُن بين وبين ا إاَّل ذراٌع فيسب علي ِه‬
‫ُق‬ ‫ُه َه‬ ‫َم‬ ‫ْم ُل‬ ‫َه ُه‬ ‫ٍّي ْو‬
‫الكتا فيعم بعم ِل أه ِل الَّناِر فيدخل ا‪ ،‬وإَّن أح َد ك ليعم بعم ِل أه ِل الَّناِر حىَّت ا يكوُن بين وبين ا إاَّل ذراٌع فيسب علي ِه‬
‫ُق‬ ‫ُه َه‬ ‫َم‬ ‫ْم ُل‬ ‫َه‬ ‫ُل‬ ‫ُب‬
‫الكتاُب فيعمُل بعمِل أهِل اجلَّنِة فيدخلَه ا"( )‪.‬‬
‫‪1‬‬

‫وىف قوله َص َّلى الَّلُه َعَلْيِه َو َس َّلَم لعبد اهلل بن عباس‪َ" :‬يا غالُم إيَّن أعِّلمَك كلماٍت ‪ :‬احفِظ اَهلل حيفظَك ‪ ,‬احفِظ اَهلل جَت دُه جتاهَك ‪ ,‬إَذا‬
‫ٍء‬ ‫ٍء‬ ‫ِهلل‬ ‫ِل‬
‫سألَت فاسأ اَهلل‪ ,‬وإَذا اسَتعنَت فاستعْن با ‪ ،‬واعلْم أَّن األَّم َة ل ِو اجتمعْت عَلى أْن ينفعوَك بشي ْمل ينفعوَك إاَّل بشي ق ْد كتب ُه‬
‫اُهلل لَك ‪ ،‬وإْن اجتمُعوا عَلى أْن يض ُّر وَك بشيٍء ْمل يض ُّر وَك إاَّل بشيٍء ق ْد كتب ُه اُهلل علي َك ‪ُ ,‬ر فعِت األقالُم‪ ،‬وجَّف ِت الُّص حُف " (‪.)2‬‬

‫‪ )?(1‬رواه مسلم (‪ )4/2036‬كتاب القدر‪.‬أهـ يف " صحيحه" (‪ )2643‬والبخاري "صحيحه" (‪(،)3332( ،)3208‬‬
‫‪ )7454( ،)6594‬يف "صحيحه" (‪ )588‬من حديث د الَّلِه بن مسعود ِض الَّل ْن َّد َنا وُل الَّلِه َّلى الَّل َل ِه‬
‫َص ُه َع ْي‬ ‫َر َي ُه َع ُه َح َث َرُس‬ ‫َعْب‬
‫َو َس َّلَم َو ُه َو الَّص اِد ُق اْلَم ْص ُد وُق َقاَل ‪ "----‬احلديث‪(.‬ش)‬
‫‪ )?(2‬رواه الرتمذي (‪ )2516‬وصححه‪ .‬احفظ اهلل‪ :‬احفظ حدوده‪ ،‬وراع حقوقه‪ .‬أهـ وقال الرتمذي‪ " :‬حديث حسن‬
‫صحيح "‪ .‬وأشار شيخ اِإل سالم ابن تيمية إىل ثبوته‪ ،‬فقال " وهذا احلديث معروف مشهور "‪ ،‬وصححه العّالمة أمحد‬
‫شاكر والعالمة األلباين رمحه اهلل تعاىل‪ ،‬ويف رواية "َو اْع َلْم أَّن يِف الَّص ِرْب َعَلى َم ا َتْك َر ُه َخ ْيًر ا َك ِثًريا‪َ ،‬و َأَّن الَّنْص َر َمَع الَّص ِرْب ‪َ ،‬و َأَّن‬
‫اْلَف َرَج‬
‫َمَع اْلَك ْر ِب ‪َ ،‬و َأَّن َمَع اْلُعْس ِر ُيْسًر ا "قال الشيخ شعيب األرنؤوط حديث صحيح‪،‬وكذلك صحح تلك الزيادة العالمة األلباين‬
‫رمحه اهلل تعاىل‪ .‬يقول ابن القيم يف ((النونية))‪:‬‬
‫الَك ِف ي ـ ـ ـ ـ ِحِبْف ِظ ِه ِم ُك ِّل أ ٍر عاِن‬ ‫ِه‬ ‫ِف‬
‫ْم‬ ‫ْم ْن‬ ‫ُل‬ ‫َو ُه َو اَحل يُظ َعَلْي ُم َو ُه َو‬
‫يقول الشيخ حممد خليل اهلَّر اس يف الشرح (باختصار)‪(( :‬ومن أمسائه سبحانه‪ :‬احلفيظ‪ ،‬وله معنيان‪ :‬أحدمها‪ :‬أنه حيفظ على‬
‫العباد ما عملوه من خري وشر‪ ،‬وعرف ونكر‪ ،‬وطاعة ومعصية‪ ،‬واملعىن الثاين من معنيي احلفيظ‪ :‬أنه تعاىل احلافظ لعباده من‬
‫مجيع ما يكرهون‪،‬وحفظه خللقه نوعان‪ :‬عام وخاص‪.‬فالعام هو حفظه جلميع املخلوقات‪ ،‬والنوع الثاين حفظه اخلاص ألوليائه‬
‫حفظًا زائدًا على ما تقدم؛ حيفظهم عما يضر إمياهنم ويزلزل يقينهم ))‪.‬وهلل در القائل إذ يقول‪-:‬‬
‫ومن أع ـوذ به فيما أحاذره‬ ‫يا من ألوذ به فيما أؤملـ ـه‬
‫وال يهيضون عظما أنت جابره (ش)‬ ‫ال جيرب الناس عظما أنت كاسره‬
‫‪www.alukah.net‬‬
‫اإلبهاج في شرح منهاج المسلم‬
‫‪www.alukah.net‬‬

‫َّل َّل ِه َّل‬


‫وىف قوله َص ى ال ُه َعَلْي َو َس َم ‪" :‬إَّن أَّو َل َم ا خلَق اُهلل تعاىَل القلُم فقاَل لُه‪ :‬اكتْب ‪ ،‬فقاَل ‪ :‬رِّب ! وماَذا أكتُب ؟ قاَل ‪ :‬اكتْب مقاديَر‬
‫كِّل شيٍء حىَّت تقوَم الَّس اعُة" (‪.)1‬‬
‫ِة‬ ‫ِه‬
‫وىف قوله َص َّلى الَّلُه َعَلْي َو َس َّلَم ‪" :‬احتَّج آدُم وموَس ى‪ ,‬قاَل موَس ى‪َ :‬يا آدُم! أنَت أبوَنا خَّيبتَن ا وأخرجتَن ا مَن اجلَّن ‪ ،‬فقاَل آدُم‪ :‬أنَت‬
‫ِه‬ ‫ِم‬
‫موَس ى اص َطفاَك اُهلل بكال ه‪ ،‬وخ َّط ل َك الَّتوراَة بي د تل وميِن عَلى أم ٍر ق َّدرُه اُهلل علَّي قب َل أْن خيلقيِن ب أربعَني عاًم ا فحَّج ( )آدُم‬
‫‪2‬‬

‫ؤم‬ ‫وت‬ ‫‪،‬‬ ‫ِر‬ ‫اآلخ‬ ‫مو ى" (‪ .)3‬وىف قوله َّلى الَّل َل ِه َّل يف تعريف اإلميان‪" :‬أْن تؤم باِهلل‪ ،‬ومالئكِته‪ ،‬وكتبهِ‪ ،‬ورسلِه‪ ،‬واليوِم‬
‫َن‬ ‫َن‬ ‫َص ُه َع ْي َو َس َم‬ ‫َس‬
‫بالقدِر خريِه وشِّر ِه" ( )‪ .‬وىف قوله َص َّلى الَّلُه َعَلْيِه َو َس َّلَم ‪" :‬اعمُلوا فك ٌّل ُُم يَّس ٌر ا ُخ ل َق ل ُه" ( )‪ .‬وىف قوله َص َّلى الَّل ُه َعَلْي ِه َو َس َّلَم‪:‬‬
‫‪5‬‬ ‫‪4‬‬

‫َمل‬
‫"إَّن الَّنذَر اَل يرُّد قضاًء"(‪.)6‬‬

‫‪ )?(1‬رواه اإلمام أمحد (‪ )5/317‬وأبو داود (‪.)4700‬أهـ والرتمذي (‪ )2155‬وقال الرتمذي‪ :‬هذا حديث غريب من هذا‬
‫الوجه‪ ،‬وسكت عنه أبو داود‪ ،‬وقد صححه الشيخ األلباين‪ .‬وقال الِّتْر ِمِذُّي َر َمِحُه الَّلُه َتَعاىَل ‪َ :‬ح َّد َثَنا ْحَيىَي ْبُن ُموَس ى َأْخ َبَر َنا َأُبو‬
‫َد ا َد الَّطَياِلِس ُّي َأْخ َب َنا َعْبُد اْل اِح ِد ْب ُس َلْيٍم َقاَل ‪َ :‬قِد ْمُت َم َّك َة َفَلِق ْيُت َعَطا ْب َأيِب َرَباٍح َفُق ْلُت َلُه‪َ :‬يا َأَبا َحُمَّم ٍد ِإَّن َأْه اْلَبْص ِة‬
‫َل َر‬ ‫َء َن‬ ‫ُن‬ ‫َو‬ ‫َر‬ ‫ُو‬
‫ِب‬ ‫ِك‬ ‫ِأ‬
‫َيُقوُلوَن يِف اْلَقَد ِر ‪َ .‬قاَل ‪َ :‬يا ُبَّيَن َأَتْق َر ُأ اْلُقْر آَن ؟ ُقْلُت ‪َ :‬نَعْم ‪َ .‬قاَل َفاْقَر الُّز ْخ ُر َف ‪َ .‬قاَل ‪َ :‬فَق َر ْأُت {حم َو اْل َتا اْلُم ِبِني ِإَّنا َجَعْلَناُه‬
‫ِك‬ ‫ِف‬ ‫ِل ِك‬ ‫ِك‬ ‫ِق‬
‫ُقْر آًنا َعَر ِبًّيا َلَعَّلُك ْم َتْع ُلوَن َو ِإَّنُه يِف ُأِّم اْل َتاِب َلَد ْيَنا َلَع ٌّي َح يٌم} [الُّز ْخ ُر ‪َ ]4-1 :‬قاَل َأَتْد ِر ي َم ا ُأِّم اْل َتاِب ؟ ُقْلُت ‪ :‬الَّلُه‬
‫ِف ِه‬ ‫ِم‬ ‫ِف ِه ِف‬ ‫ِك‬
‫َو َرُس وُلُه َأْع َلُم‪َ .‬قاَل ‪َ :‬فِإَّنُه َتاٌب َك َتَبُه الَّلُه َقْبَل َأْن ْخَيُلَق الَّس َم اَء َو َقْبَل َأْن ْخَيُلَق اَأْلْر َض ي ‪ِ :‬إَّن ْر َعْو َن ْن َأْه ِل الَّناِر ‪َ ,‬و ي َتَّبْت‬
‫َيَد ا َأيِب َهَلٍب َو َتَّب ‪َ .‬قاَل َعَطاٌء‪َ :‬فَلِق يُت اْلَو ِليَد ْبَن ُعَباَدَة ْبِن الَّص اِمِت َص اِح َب َرُس وِل الَّلِه ‪َ-‬ص َّلى الَّلُه َعَلْيِه َو َس َّلَم ‪َ -‬فَس َأْلُتُه‪َ :‬م ا‬
‫ِم ِب ِه ِم‬ ‫ِق‬ ‫ِق‬ ‫يِن‬ ‫ِت‬ ‫ِص ِب ِع‬
‫َك اَنْت َو َّيُة َأ يَك ْنَد اْلَمْو ؟ َقاَل ‪َ :‬دَعا َفَق اَل ‪َ :‬يا ُبَّيَن اَّت الَّلَه‪َ ,‬و اْع َلْم َأَّنَك َلْن َتَّت َي الَّلَه َتَعاىَل َح ىَّت ُتْؤ َن الَّل َو ُتْؤ َن‬
‫ِباْلَقَد ِر ُك ِّلِه َخ ِرْي ِه َو َشِّر ِه‪َ ,‬فِإْن ُمَّت َعَلى َغِرْي َه َذ ا َدَخ ْلَت الَّناَر ‪ِ .‬إيِّن ِمَس ْعُت َرُس وَل الَّلِه ‪َ -‬ص َّلى الَّلُه َعَلْيِه َو َس َّلَم ‪َ -‬يُقوُل ‪ِ " :‬إَّن َأَّو َل‬
‫َم ا َخ َلَق الَّلُه َتَعاىَل اْلَق َلَم َفَق اَل ‪ :‬اْك ُتْب ‪َ ,‬قاَل ‪َ :‬م ا َأْك ُتُب ؟ َقاَل ‪ :‬اْك ُتِب اْلَقَد َر َم ا َك اَن َو َم ا ُه َو َك اِئٌن ِإىَل اَأْلَبِد "‪ .‬وقال الرتمذي َه َذ ا‬
‫اِل ِنِه‬ ‫ِمِت ِض‬ ‫ِد‬
‫َح يٌث َغِر يٌب ‪ ،‬وصححه األلباين رمحه اهلل تعاىل‪ ،‬وعند أيب داود (‪َ )4700‬قاَل ُعَباَدُة ْبُن الَّص ا َر َي الَّلُه َعْنُه ْب َيا ُبَّيَن‬
‫ِإَّنَك َلْن ِجَت َد َطْع َم َح ِق يَق ِة اِإْل َمياِن َح ىَّت َتْع َلَم َأَّن َم ا َأَص اَبَك ْمَل َيُك ْن ِلُيْخ ِط َئَك َو َم ا َأْخ َطَأَك ْمَل َيُك ْن ِلُيِص يَبَك ِمَس ْعُت َرُس وَل الَّلِه َص َّلى‬
‫ٍء‬ ‫ِد‬ ‫ِه‬
‫الَّلُه َعَلْي َو َس َّلَم َيُقوُل ِإَّن َأَّو َل َم ا َخ َلَق الَّلُه اْلَق َلَم َفَق اَل َلُه اْك ُتْب َقاَل َر ِّب َو َم اَذا َأْك ُتُب َقاَل اْك ُتْب َم َق ا يَر ُك ِّل َش ْي َح ىَّت َتُقوَم‬
‫الَّس اَعُة َيا ُبَّيَن ِإيِّن ِمَس ْعُت َرُس وَل الَّلِه َص َّلى الَّلُه َعَلْيِه َو َس َّلَم َيُقوُل َمْن َم اَت َعَلى َغِرْي َه َذ ا َفَلْيَس ِم يِّن وصححها العالمة‬
‫األلباين‪.‬واختلف العلماء يف القلم والعرش أيهما أوال فقال ابن القيم رمحه اهلل تعاىل‪-:‬‬
‫ُك ِتـ اْلَق َض ا ِبِه ِم الَّد َّياِن‬
‫ُء َن‬ ‫َب‬ ‫َو الَّناُس ْخُمَتِلُفوَن يِف اْلَق َلِم اَّلِذي‬
‫َقْو اَل ِن ِعْنَد َأيِب اْلَعاَل اَهْلَم َد ايِن‬ ‫َه ْل َك اَن َقْبَل اْلَعْر ِش َأْو ُه َو َبْع َد ُه‬
‫ْق اْلِكَتا ِة َك اَن َذا َأ َك اِن‬
‫ْر‬ ‫َب‬ ‫َو َت‬ ‫َو اَحْلـُّق َأَّن اْلَعْر َش َقْبُل َأِلَّنُه‬
‫ِإَجياَدُه ِم ْن َغِرْي َفْص ِل َز َم ـاِن (ش)‬ ‫ِك‬
‫َو َتاَبُة اْلَق َلِم الَّش ِر يِف َتَعَّق َبـْت‬
‫‪ )?(2‬حجه‪ :‬غلبه يف احلجة وبيان ذلك أن لوم موسى كان يف غري حمله؛ ألنه إن المه على اخلروج من اجلنة كان قد المه على‬
‫أمر البد من وقوعه ملا قضاه اهلل‪ ،‬وإن المه على الذنب‪ ،‬فإن آدم تاب منه‪ ،‬ومن تاب ال يالم عقال والشرعا‪.‬‬
‫‪www.alukah.net‬‬
‫اإلبهاج في شرح منهاج المسلم‬
‫‪www.alukah.net‬‬

‫وىف قوله َص َّلى الَّلُه َعَلْيِه َو َس َّل لعبد اهلل بن قيس‪َ" :‬يا عبَد اِهلل بَن قيٍس أاَل أعِّلمَك كلمًة ه مْن كنوِز اجلَّنِة؟ اَل حوَل واَل ق وَة إاَّل‬
‫َي‬ ‫َم‬
‫باِهلل" (‪ .)1‬وىف قوله َص َّلى الَّلُه َعَلْي َو َس َّلَم ملن قال ماشاء اهلل وشئت‪" :‬قْل َم ا َش اَء اُهلل وحَد ُه"( )‪.‬‬
‫‪2‬‬ ‫ِه‬
‫‪ -3‬إميان مئ ات املاليني من أم ة حمم د َص َّلى الَّل ُه َعَلْي ِه َو َس َّلَم من علم اء وحكم اء وص احلني وغ ريهم بقض اء اهلل تع اىل وق دره‪،‬‬
‫وحكمته ومشيئته‪ ،‬وأن كل شيء سبق به علمه‪ ،‬وجرى به قدره‪ ،‬وأنه ال يكون يف ملكه إال ما يريد‪ ،‬وأن ما شاء كان‪ ،‬وما مل‬
‫يشأ مل يكن‪ ،‬وأن القلم جرى مبقادير كل شيء إىل قيام الساعة‪.‬‬
‫األدلة العقلية‪-:‬‬
‫‪ -1‬إن العقل ال حييل شيًئا من شأن القضاء والقدر‪ ،‬واملشيئة واحلكمة‪ ،‬واإلرادة‪ ،‬والتدبري‪ ،‬بل العقل يوجب كل ذلك وحيِّتمه؛‬
‫ملا له من مظاهر بارزة يف هذا الكون‪.‬‬
‫‪ -2‬اإلميان به تعاىل وبقدرته يستلزم اإلميان بقضائه وقدره وحكمته ومشيئته‪.‬‬
‫‪ -3‬إذا كان املهندس املعماري يرسم على ورقة صغرية رمسا لقصر من القصور‪ ،‬وحيدد له زمن إجنازه‪ ،‬مث يعمل على بنائه‪ ،‬فال‬
‫تنتهي املدة اليت حددها حىت خيرج القصر من الورقة إىل حِّيز الوجود‪ ،‬وطبق ما رسم يف الورقة حبيث ال ينقص شيء‬
‫‪-‬وإن قَّل‪ -‬وال يزيد‪ ،‬فكيف ُينكُر على اهلل أن يكون قد كتب مقادير العامل إىل قيام الساعة‪ ،‬مث لكمال قدرته وعلمه خيرج ذلك‬
‫املق َّدر طب ق م ا ق دره يف كمَّيت ه وكيفَّيت ه‪ ،‬وزمان ه ومكان ه‪ ،‬وم ع العلم ب أن اهلل تع اىل على ك ل ش يء ق دير؟!‬
‫الفصل الثالث عشر‪ :‬يف توحيد العبادة‪-:‬يؤمن املسلم بألوهية اهلل تعاىل لألولني واآلخرين‪ ,‬وربوبيته جلميع العاملني‪ ،‬وأنه ال إله‬

‫‪ )?(3‬رواه مسلم (‪ )4/2042‬كتاب القدر‪ .‬أهـ يف " صحيحه " (‪ )2652‬والبخاري يف " صحيحه " (‪،4736 ،3409‬‬
‫‪ )6614‬من حديث أيب هريرة رضي اهلل عنه‪ ،‬ويف رواية‪ « :‬وكتب لك التوراة بيده » (ش)‬
‫‪ )?(4‬رواه مسلم يف حديث جربيل (‪ )1/37‬كتاب اإلميان‪.‬أهـ (‪ )8‬من حديث عمر بن اخلطاب رضي اهلل عنه (ش)‬
‫‪ )?(5‬رواه مسلم (‪ )4/2040‬كتاب القدر‪.‬أهـ يف " صحيحه " (‪ 2647‬ـ ‪ ،)2649‬والبخاري يف " صحيحه " (‪ 4949‬و‬
‫ِل ِض‬
‫‪ 1362‬و ‪ 4945‬و ‪ 4946‬و ‪ 4947‬و ‪ 4948‬و ‪ 6217‬و ‪ 6605‬و ‪ )7552‬من حديث َع ٍّي َر َي الَّلُه َعْنُه‬
‫(ش)‪.‬‬
‫ِض‬
‫‪ )?(6‬رواه مسلم (‪ )3/1261‬كتاب القدر‪ ،‬ورواه اجلماعة كلهم بألفاظ خمتلفة‪.‬أهـ من حديث عبد اهلل بن عمر َر َي الَّلُه‬
‫َعْنُه (ش)‬
‫‪ )?(1‬رواه البخاري (‪ )5/170‬و رواه مسلم (‪ )4/2077‬كتاب الذكر والدعاء‪ .‬أهـ من حديث َأيِب ُموَس ى األشعري رضي‬
‫اهلل عنه‪( .‬ش)‬
‫‪)?(2‬رواه اإلمام أمحد (‪ )1/214،282‬وابن ماجه (‪ .)2117‬أهـ من حديث عبد اهلل بن عباس رضي اهلل عنهما قال‬
‫البوصريي يف مصباح الزجاجة‪ ":‬هذا إسناد فيه األجلح بن عبد اهلل خمتلف فيه‪ ،‬ضعفه اإلمام أمحد وأبو حامت والنسائي‬
‫وأبو داود وابن سعد ووثقه ابن معني ويعقوب بن سفيان ا لعجلي وباقي رجال اإلسناد ثقات "‪ .‬وصححه العالمة‬
‫األلباين رمحه اهلل تعاىل‪( .‬ش)‬
‫‪www.alukah.net‬‬
‫اإلبهاج في شرح منهاج المسلم‬
‫‪www.alukah.net‬‬

‫غريه‪ ،‬وال رب سواه‪ ،‬فلذا هو خيص اهلل تعاىل بكل العبادات اليت شرعها لعباده‪ ،‬وتعبدهم هبا‪ ،‬وال يصرف منها شيًئا لغري اهلل‬
‫تعاىل‪ .‬فإذا سأل سأل اهلل‪ ،‬وإذا استعان استعان باهلل‪ ،‬وإذا نذر ال ينذر لغري اهلل‪ ،‬فلَّله وحده مجيع أعماله الباطنة من خوف ورجاء‬
‫وإناب ة وحمب ة وتعظيم وتوك ل‪ ،‬والظ اهرة من ص الة وص يام وحج وجه اد‪)1( .‬وذل ك لألدل ة النقلي ة والعقلي ة اآلتي ة‪:‬‬
‫األدلة النقلية‪-:‬‬
‫‪ -1‬أم ره تع اىل ب ذلك يف قول ه‪ {:‬ال إل ه إال أن ا فاعب دين }(ط ه‪ .)١٤ :‬وىف قول ه ع ز وج ل‪ {:‬وإي اي ف ارهبون} (البق رة‪.)٤٠:‬‬
‫وىف قوله عز وجل‪ {:‬يا أيها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون ‪ ,‬الذي جعل لكم األرض فراشا‬
‫والسماء بناءا وأنزل من السماء ماءا فأخرج به من الثمرات رزقا لكم فال جتعلوا هلل أندادا وأنتم تعلمون }(البقرة‪،)٢١:٢٢:‬‬
‫وىف قوله عز وجل‪ {:‬فاعلم أنه ال إله إال اهلل }(حممد‪.)١٩ :‬وىف قوله عز وجل‪ {:‬فاستعذ باهلل إنه هو السميع العليم} (فصلت‪:‬‬
‫‪.)٣٦‬وقوله عز وجل‪ {:‬وعلى اهلل فليتوكل املؤمنون }(التغابن‪.)١٣ :‬‬
‫‪ -2‬إخباره تعاىل عن ذلك بقوله‪{ :‬ولقد بعثنا يف كل أمة رسوال أن اعبدوا اهلل واجتنبوا الطاغوت} (النحل‪.)٣٦ :‬وىف قوله‬
‫ع ز وج ل‪ {:‬فمن يكف ر بالط اغوت وي ؤمن باهلل فق د استمس ك ب العروة ال وثقى ال انفص ام هلا }(البق رة‪ .)٢٥٦ :‬وىف قول ه ع ز‬
‫وجل‪ {:‬وما أرسلنا من قبلك من رسول إال نوحي إليه أنه ال إله إال أنا فاعبدون }(األنبياء‪ .)٢٥ :‬وىف قوله عز وجل‪{ :‬قل‬
‫أفغ ري اهلل ت أمروين أعب د أيه ا اجلاهلون} (الزم ر‪.)٦٤ :‬وىف قول ه ع ز وج ل‪ {:‬إي اك نعب د وإي اك نس تعني }(الفاحتة‪.)٥ :‬‬
‫وىف قوله عز وجل‪ {:‬ينزل املالئكة بالروح من أمره على من يشاء من عباده أن أنذروا أنه ال إله إال أنا فاتقون }(النحل‪.)٢ :‬‬
‫ِض‬ ‫ِه‬
‫‪ -3‬إخبار رسوله َص َّلى الَّلُه َعَلْي َو َس َّلَم بذلك يف قوله ملعاذ بن جبل َر َي الَّلُه َعْن ُه ملا بعثه إىل اليمن‪" :‬فليكْن أَّو ُل َم ا تدعوهْم‬
‫إليِه أْن يوَّح ُد وا اَهلل تعاىَل " (‪ .)2‬وىف قوله َص َّلى الَّلُه َعَلْيِه َو َس َّلَم أيضًا‪َ" :‬يا معاُذ! أتدِر ى َم ا حُّق اِهلل عَلى العباِد ؟" قال‪ :‬اهلل ورسوله‬
‫أعلم‪ .‬ق ال‪" :‬أْن يعب دوُه واَل يش رُك وا ب ِه ش يًئا"‪ )3(.‬وىف قول ه لعب د اهلل ابن عب اس َر ِض َي الَّل ُه َعْن ُه‪" :‬إَذا س ألَت فس أِل اَهلل وإَذا‬

‫‪ )?(1‬فالفطن اللبيب هو الذي يقرع باب اهلل دون غريه‪،‬ومن كالمهم البديع" قرع باب اللئيم قلع ناب الكرمي‪.‬‬
‫وهلل در القائل إذ يقول‪-:‬‬
‫عوضا ولو نال الغىن بسـؤال‬ ‫ما اعتاض باذل وجهه بسؤاله‬
‫رجح السؤال وخف كل نوال‬ ‫وإذا السؤال مع النوال وزنتـه‬
‫فابذلـه للمتكـرم املفضال (ش)‬ ‫فإذا ابتليت ببذل وجهك سائال‬
‫‪ )?(2‬احلديث رواه البخاري كتاب الزكاة (‪ )41،63‬ومسلم كتاب اإلميان (‪.)29،31‬أهـ رواه البخاري يف " صحيحه " (‬
‫‪ )2448( ،)1458‬مسلم يف " صحيحه " (‪ )19‬من حديث ابن عباس َر ِض َي الَّلُه َعْنُه‪(.‬ش)‬
‫‪ )?(3‬رواه البخاري يف "صحيحه"(‪ )5967(،)2856‬مسلم يف"صحيحه"(‪ )30‬من حديث معاذ بن جبل َر ِض َي الَّلُه َعْنُه‪.‬‬
‫(ش)‬
‫‪www.alukah.net‬‬
‫اإلبهاج في شرح منهاج المسلم‬
‫‪www.alukah.net‬‬

‫اس تعنَت فاس تعْن باِهلل"‪ )1(.‬وىف قول ه َص َّلى الَّل ُه َعَلْي ِه َو َس َّلَم ملن ق ال ل ه‪ ،‬م ا ش اء اهلل وش ئت‪" :‬ق ْل َم ا ش اَء اُهلل وح دُه"(‪.)2‬‬
‫وىف قول ه َص َّلى الَّل ُه َعَلْي ِه َو َس َّلَم ‪" :‬أخ وُف َم ا أخ اُف عليكُم الَّش رُك األص غُر " ق الوا‪ :‬وم ا الش رك األص غر ي ا رس ول اهلل؟ ق ال‪:‬‬
‫"الِّر ي اُء؛ يق وُل اُهلل تع اىَل ي وَم القيام ِة إَذا ج اَز ى الَّناَس بأعم اهلْم ‪ :‬اذهُب وا إىَل اَّل ذيَن كنتْم ت راءوَن يف ال ُّدنَيا‪ ،‬ف انظُر وا ه ْل جتدوَن‬
‫عندهْم مْن جزاٍء ؟"(‪.)3‬‬
‫وىف قوله َص َّلى الَّل ُه َعَلْي ِه َو َس َّلَم ‪" :‬أليُس وا حُي ُّل وَن لكْم َم ا ح َّر َم اُهلل فتحُّلون ُه‪ ،‬وحُي ِّر موَن َم ا أح َّل اُهلل فتحِّر مون ُه؟" قال‪ :‬بلى‪ ،‬قال‪:‬‬
‫"فتل َك عَب اداهُت ْم " قاله َص َّلى الَّلُه َعَلْي ِه َو َس َّلَم لعدى بن حامت ملا قرأ قوله تعاىل‪{ :‬اختذوا أحبارهم ورهباهنم أربابا من دون اهلل}‬
‫(التوبة‪ .)٣١ :‬فقال عدى‪ :‬يا رسول اهلل لسنا نعبدهم"(‪ .)4‬وىف قوله‪" :‬إَّنُه اَل يستغاُث يِب ‪ ،‬وإَمَّنا يستغاُث باِهلل" (‪ .)5‬قاله ملا قال‬
‫ِه‬
‫بعض الصحابة‪ :‬قوموا نستغيث برسول اهلل من هذا املنافق (ملنافق كان يؤذيهم )‪ .‬وىف قوله َص َّلى الَّل ُه َعَلْي َو َس َّلَم ‪" :‬مْن حل َف‬
‫بغِري اِهلل فقْد أشرَك "(‪ .)6‬وىف قوله َص َّلى الَّلُه َعَلْيِه َو َس َّلَم ‪" :‬إَّن الُّرَقى والَّتمائَم والِّتولَة شرٌك "(‪.)7‬‬
‫األدلة العقلية‪-:‬‬

‫‪ )?(1‬رواه الرتمذي يف "سننه" (‪ )2516‬من حديث عبد اهلل بن عباس رضي اهلل عنه وقال‪ " :‬حديث حسن صحيح "‪.‬‬
‫وصححه شيخ اِإل سالم ابن تيمية والعّالمة أمحد شاكر والشيخ شعيب األرنؤوط والعالمة األلباين رمحه اهلل تعاىل‪(.‬ش)‬
‫‪ )?(2‬رواه اإلمام أمحد (‪ )1/214،282‬وابن ماجه (‪.)2117‬أهـ عن ابن عباس َر ِض َي الَّلُه َعْنُه ما‪ ،‬قال‪ :‬قال رجل للنيب‬
‫صلى اهلل عليه وسلم‪ :‬ما شاء اهلل وشئت‪ .‬فقال‪ " :‬أجعلتين هلل ندا؟ قل‪ :‬ما شاء اهلل وحده "‪.‬وقال األلباين رمحه اهلل تعاىل‬
‫حديث حسن صحيح‪( .‬ش)‬
‫‪)?(3‬رواه اإلمام أمحد (‪ )3/7‬من طرق وهو حسن‪.‬أهـ يف مسنده (‪ )23636‬من حديث حممود بن لبيد َر ِض َي الَّلُه َعْنُه وقال‬
‫احلافظ بن حجر‪ :‬وهو صحايب صغري وُج ّل روايته عن الصحابة واحلديث صححه العالمة األلباين رمحه اهلل تعاىل وحسن‬
‫إسناده الشيخ شعيب األرنؤوط (ش)‬
‫‪ )?(4‬رواه الرتمذي يف صحيحه (‪ )3095‬وحسنه‪.‬أهـ من حديث عدي بن حامت الطائي رضي اهلل عنه واحلديث حسنه العالمة‬
‫األلباين رمحه اهلل تعاىل‪( .‬ش)‬
‫‪ )?(5‬رواه الطرباني وهو حسن‪.‬وورد يف جممع الزوائد للهيثمي (‪.)10/159‬أهـ من حديث عبادة بن الصامت رضي اهلل عنه‬
‫وفيه بن هليعة وهو ضعيف‪(.‬ش)‬
‫ِمَس‬ ‫ِض‬
‫‪ )?(6‬رواه الرتمذي (‪ )1353‬وحسنه‪ .‬ورواه اإلمام أمحد (‪.)2/125‬أهـ (‪)1535‬من حديث اْبن ُعَمَر َر َي الَّلُه َعْنُه َع‬
‫َل ِبَغِرْي الَّلِه‬ ‫ِه‬ ‫ِه‬ ‫ِه ِمَس‬ ‫ِة‬
‫َرُج اًل َيُقوُل اَل َو اْلَك ْع َب َفَق اَل اْبُن ُعَمَر اَل ْحُيَلُف ِبَغِرْي الَّل َفِإيِّن ْعُت َرُس وَل الَّل َص َّلى الَّلُه َعَلْي َو َس َّلَم َيُقوُل َمْن َح َف‬
‫َفَقْد َك َف َر َأْو َأْش َر َك َقاَل َأُبو ِعيَس ى َه َذ ا َح ِد يٌث َح َس ٌن َو ُفِّس َر َه َذ ا اَحْلِد يُث ِعْنَد َبْع ِض َأْه ِل اْلِعْلِم َأَّن َقْو َلُه َفَقْد َك َف َر َأْو َأْش َر َك َعَلى‬
‫الَّتْغِليِظ َو اُحْلَّج ُة يِف َذِلَك َح ِد يُث اْبِن ُعَمَر َأَّن الَّنَّيِب َص َّلى الَّلُه َعَلْيِه َو َس َّلَم ِمَس َع ُعَمَر َيُقوُل َو َأيِب َفَق اَل َأاَل ِإَّن الَّلَه َيْنَه اُك ْم َأْن ْحَتِلُفوا‬
‫ِبآَباِئُك ْم َو َح ِد يُث َأيِب ُه َر ْيَر َة َعْن الَّنِّيِب َص َّلى الَّلُه َعَلْيِه َو َس َّلَم َأَّنُه َقاَل َمْن َقاَل يِف َح ِلِفِه َو الاَّل ِت َو اْلُعَّز ى َفْلَيُقْل اَل ِإَلَه ِإاَّل الَّلُه َقاَل‬
‫َأُبو ِعيَس ى َه َذ ا ِم ْثُل َم ا ُر ِو َي َعْن الَّنِّيِب َص َّلى الَّلُه َعَلْيِه َو َس َّلَم َأَّنُه َقاَل ِإَّن الِّر َياَء ِش ْر ٌك ‪ ،‬واحلديث صححه العالمة األلباين رمحه اهلل‬
‫تعاىل‪(.‬ش)‬
‫‪www.alukah.net‬‬
‫اإلبهاج في شرح منهاج المسلم‬
‫‪www.alukah.net‬‬

‫‪ -1‬تف ُّر ده تع اىل ب اخللق وال رزق‪ ،‬والتص ُّر ف‪ ،‬والت دبري‪ ،‬ي وجب عبادت ه وح ده‪ ،‬ال ش ريك ل ه يف ش يء منه ا‪.‬‬
‫‪ -2‬مجي ع املخلوق ات مربوب ة ل ه تع اىل‪ ،‬مفتق رة إلي ه فلم يص لح ش يء منه ا أن يك ون إًهلا يعب د مع ه تع اىل‪.‬‬
‫‪ -3‬ك ون من ي دعى‪ ،‬أو يس تغاث ب ه‪ ،‬أو يس تعاذ ال ميل ك أن يعطى أو يغيث‪ ،‬أو يعي ذ من ش يء؛ ي وجب بطالن دعائ ه‪ ،‬أو‬
‫االستغاثة به‪ ،‬أو الَّنذر له‪ ،‬أو االعتماد عليه والتوكل عليه‪.‬‬
‫الفصل الرابع عشر‪ :‬يف الوسيلة‪ )1( -:‬يؤمن املسلم بأن اهلل تعاىل حيب من األعمال أصلحها‪ ،‬ومن األفعال أطيبها‪ ،‬وحيب من‬
‫عباده الصاحلني‪ ،‬وأنه تعاىل انتدب عباده إىل التقرب منه‪ ،‬والتودد منه‪ ،‬والتوسل إليه‪ ،‬فهو لذلك يتقرب إىل اهلل تعاىل‪ ،‬ويتوسل‬
‫إلي ه بص احل األعم ال‪ ،‬وطِّيب األق وال‪ ،‬فيس أله تع اىل ويتوس ل إلي ه بأمسائه احلس ىن وص فاته العلى‪ ،‬وباإلميان ب ه وبرس وله ومبحبت ه‬
‫تع اىل‪ ،‬وحمب ة رس وله َص َّلى الَّل ُه َعَلْي ِه َو َس َّلَم‪ ،‬وحمب ة الص احلني‪ ،‬وعام ة املؤم نني‪ ،‬ويتق رب إىل اهلل تع اىل بف رائض الص الة والزك اة‬
‫والص وم واحلج‪ ،‬وبنوافله ا‪ ،‬كم ا يتق رب إلي ه ب رتك احملرم ات‪ ،‬واجتن اب املنهي ات‪ ،‬وال يس أل اهلل تع اىل جباه أح د من خلق ه‪ ،‬وال‬
‫بعمل عب ٍد من عباده؛ إذ ليس جاه ذي اجلاه من كسبه‪ ،‬وال عمل صاحب العمل من عمله فيسأل اهلل به‪ ،‬أو يقِّدمه وسيلة بني‬
‫يدي ه‪.‬واهلل تع اىل مل يش رع لعب اده أن يتقرب وا إلي ه بغ ري أعم اهلم‪ ،‬وزك اة أرواحهم باإلميان والعم ل الص احل‪ ،‬وذل ك لألدل ة النقلي ة‬
‫والعقلية التالية‪ -:‬األدلة النقلية‪-:‬‬
‫‪ -1‬إخباره تعاىل عن ذلك بقوله‪{ :‬إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصاحل يرفعه}(فاطر‪ .)١٠ :‬ويف قوله عز وجل‪{:‬يا أيها‬
‫الرس ل كل وا من الطيب ات واعمل وا ص احلا }(املؤمن ون‪ .)٥١ :‬ويف قول ه ع ز وج ل‪{:‬وأدخلن اه يف رمحتن ا إن ه من الص احلني}‬
‫(األنبياء‪ .)٧٥ :‬ويف قوله عز وجل‪{ :‬يا أيها الذين آمنوا اتقوا اهلل وابتغوا إليه الوسيلة}(املائدة‪ .)٣٥ :‬وقوله سبحانه‪{:‬والذين‬
‫يدعون يبتغون إىل رهبم الوسيلة أيهم أقرب}(اإلسراء‪ .)٥٧ :‬ويف قوله عز وجل‪{ :‬قل إن كنتم حتبون اهلل فاتبعوين حيببكم اهلل‪،‬‬
‫ويغفر لكم ذنوبكم}(آل عمران‪ .)٣١ :‬وقوله جل جالله‪{ :‬ربنا آمنا مبا أنزلت واتبعنا الرسول فاكتبنا مع الشاهدين }(آل‬
‫عمران‪ .)٥٣ :‬وقوله تعاىل‪{:‬ربنا إننا مسعنا مناديا ينادي لإلميان أن آمنوا بربكم فأَّم نا ربنا فاغفر لنا ذنوبنا وكفر عنا سيئاتنا‬
‫وتوفن ا م ع األب رار}(آل عم ران‪.)١٩٣ :‬ويف قول ه ع ز وج ل‪{:‬وهلل األمساء احلس ىن ف ادعوه هبا وذروا ال ذين يلح دون يف أمسائه‬
‫سيجزون ما كانوا يعملون}(األعراف‪.)١٨٠ :‬وقوله عز وجل‪{:‬كال ال تطعه واسجد واقرتب}(العلق‪.)١٩ :‬‬

‫والتَولَُة‪ :‬بضم التاء وكسرها‪ :‬خرزة‬ ‫‪ )?(7‬رواه أبو داوود (‪ )3883‬والإمام أمحد (‪ )1/381‬وابن ماجه (‪ )330‬وغريهم‪ُِّ .‬‬
‫حَّبب معها املرأة إىل زوجها‪ .‬أهـ وابن ماجه (‪ )3530‬يف سننه من حديث عبد اهلل بن مسعود رضي اهلل عنه‪ ،‬واحلديث‬ ‫ُت َ‬
‫صححه العالمة األلباين رمحه اهلل تعاىل‪(.‬ش)‬
‫‪ )?(1‬التوسل لغة‪ :‬هو التقرب إىل املطلوب بالرغبة فيه‪ ،‬أو هو اختاذ الوسيلة واختاذ الواسطة للحصول على املرغوب أو‬
‫املطلوب‪ ،‬فالوسيلة هي الواسطة‪ ،‬أو القربة اليت يتقرب هبا العبد إىل اهلل جل وعال ليحصل له ما يرغبه ويطلبه‪ ،‬قال اهلل تعاىل‪{ :‬‬
‫َو اْبَتُغوا ِإَلْيِه اْلَو ِس يَلَة } [املائدة‪ ،]35:‬أي تقربوا إليه بالدعاء والصالة وغريها لتحصلوا على ما تريدون منه جل وعال‪.‬وقيل‬
‫َأْن َيْأُخ ُذ وِك تَك َّح ِلي وَخَتَّضيب‬ ‫احلاجة ومنه قول عنرتة‪ِ :‬إَّن الِّر َج اَل ُهَلْم ِإَلْيِك َو ِس يَلٌة‬
‫ويف الشرع‪ :‬قربة مشروعة توصل إىل مرغوب فيه‪ ،‬والتوسل هو التقرب إىل اهلل بتلك القربة‪ ،‬وتوسل الداعي هو طلبه املبين‬
‫على تلك القربة‪ ،‬وليس يف الشرع مطلوب ومدعو إال اهلل‪ ،‬وليس فيه من قربة إال ما شرعه يف الكتاب والسنة‪( .‬ش)‬
‫‪www.alukah.net‬‬
‫اإلبهاج في شرح منهاج المسلم‬
‫‪www.alukah.net‬‬

‫‪ -2‬إخبار رسوله َص َّلى الَّلُه َعَلْي ِه َو َس َّلَم عن ذلك بقوله‪" :‬إَّن اَهلل طِّيٌب اَل يقب ُل إاَّل طِّيًب ا"(‪.)1‬ويف قوله َص َّلى الَّلُه َعَلْي ِه َو َس َّلَم ‪" :‬‬
‫تعَّرْف إىَل اهلل يف الرخاء يعرُفَك يف الِّشَّد ِة" (‪.)2‬‬
‫ٍء‬
‫ويف قول ه فيم ا يروي ه عن رب ه س بحانه‪" :‬وَم ا تق َّر َب إَّىل عب ِدي بش ي أحُّب إَّىل َّمما افرتض تُه علي ِه‪ ،‬واَل ي زاُل عب ِدي يتق َّر ُب إَّىل‬
‫ِه‬
‫بالَّنوافِل حىَّت أحَّبُه" ويف قوله فيما يرويه عن رِّبه عز وجل‪" :‬وإْن تقَّر َب ميِّن شربًا تقَّر بُت إلي ذراًعا‪ ،‬وإْن تقَّر َب إَّىل ذراًعا تقربُت‬
‫منُه باًعا‪ ،‬وإْن أتايِن ميِش ي أتيتُه هرولًة" ( ) ويف قوله يف حديث أصحاب الغار الذين انطبقت عليهم الصخرة إذ توَّس ل أحدهم بِّرب‬
‫‪3‬‬

‫والديه‪ ،‬والثاين برتك ما حرم اهلل تعاىل‪ ،‬والثالث برد ح ٍّق ٍإىل مستحقه مع تنميته له بعد أن قال بعضهم لبعض‪" :‬انظ ُر وا أعم ااًل‬
‫صاحلًة عملتموَه ا ِهلل فادُعوا اَهلل َهبا لعَّلُه يفِّر جَه ا عنكْم ‪ ،‬فدعوا وتوَّسُلوا‪ ،‬ففَّر ج عنهم الَّص خرَة وخرُج وا من الغاِر ساملَني " (‪.)4‬‬
‫َة ِض الَّل ْن َقاَل ‪َ :‬قاَل وُل الَّلِه‬
‫َرُس‬ ‫‪ )?(1‬رواه مسلم (‪ )65‬كتاب الزكاة‪.‬أهـ يف " صحيحه " (‪ )1015‬من حديث َأيِب ُه َر ْيَر َر َي ُه َع ُه‬
‫ِل‬ ‫ِبِه‬ ‫ِمِن‬ ‫ِإ َّل‬ ‫ِإاَّل‬ ‫ِإ َّل‬ ‫َّل َّل ِه َّل‬
‫َص ى ال ُه َعَلْي َو َس َم َأُّيَه ا الَّناُس َّن ال َه َطِّيٌب اَل َيْق َبُل َطِّيًبا َو َّن ال َه َأَم َر اْلُم ْؤ َني َمِبا َأَم َر اْلُمْر َس َني َفَق اَل ‪َ {:‬يا َأُّيَه ا الُّر ُس ُل‬
‫ِت‬ ‫ِم‬ ‫َّلِذ‬ ‫ِل‬ ‫ِإ‬ ‫ِم َّط ِت‬
‫ُك ُلوا ْن ال ِّيَبا َو اْع َم ُلوا َص اًحِلا يِّن َمِبا َتْع َم ُلوَن َع يٌم }َو َقاَل ‪َ { :‬يا َأُّيَه ا ا يَن آَم ُنوا ُك ُلوا ْن َطِّيَبا َم ا َر َز ْقَناُك ْم }َّمُث َذَك َر‬
‫الَّر ِط ي الَّسَف َأْش َث َأْغ ُمَيُّد َد ْيِه ِإىَل الَّس اِء ا ِّب ا ِّب ْط ُه اٌم ْش ُه اٌم ْل ُه اٌم ُغِذ ِبا اِم‬
‫َم َي َر َي َر َو َم َعُم َح َر َو َم َر ُب َح َر َو َم َبُس َح َر َو َي َحْلَر‬ ‫َبَر َي‬ ‫ُج َل ُي ُل َر َع‬
‫َفَأىَّن ُيْس َتَج اُب ِلَذ ِلَك ‪( .‬ش)‬
‫‪ )?(2‬ورد احلديث يف الدر املنثور للسيوطي (‪ )1/66‬وتفسري الطربي (‪.)6/398‬أهـ واحلديث رواه اإلمام أمحد يف "مسنده" (‬
‫‪ )2803‬من حديث ابن عباس َر ِض َي الَّلُه َعْنُه ما وقال الشيخ شعيب األرنؤوط حديث صحيح واحلديث صححه العالمة‬
‫األلباين رمحه اهلل تعاىل كما يف كتابه " التوسل " وقال‪ :‬إسناده صحيح لغريه‪(.‬ش)‬
‫ِض‬ ‫يِب‬
‫‪ )?(3‬كالمها حديث واحد رواه البخاري كتاب الرقاق (‪ .)38‬أهـ يف " صحيحه " (‪ )6502‬من حديث َأ ُه َر ْيَر َة َر َي‬
‫الَّلُه َعْنُه َقاَل ‪َ :‬قاَل َرُس وُل الَّلِه َص َّلى الَّلُه َعَلْيِه َو َس َّل ِإَّن الَّلَه َقاَل َمْن َعاَدى يِل َو ِلًّيا َفَقْد آَذْنُتُه ِباَحْلْر ِب ويف رواية " َفَقْد َباَر َز يِن‬
‫َم‬
‫ِح‬ ‫ِف‬ ‫ِد‬ ‫ِه‬ ‫ٍء‬ ‫ِد‬
‫ِباْلُمَح اَرَبة " َو َم ا َتَقَّر َب ِإَّيَل َعْب ي ِبَش ْي َأَح َّب ِإَّيَل َّمِما اْفَتَر ْضُته َعَلْي َو َم ا َيَز اُل َعْب ي َيَتَقَّر ُب ِإَّيَل الَّنَو ا ِل َح ىَّت ُأ َّبُه َفِإَذا َأْح َبْبُتُه‬
‫ِب‬
‫ُك ْنُت ْمَسَعُه اَّلِذي َيْسَمُع ِبِه َو َبَص َر ُه اَّلِذي ُيْبِص ُر ِبِه َو َيَد ُه اَّليِت َيْبِط ُش َهِبا َو ِر ْج َلُه اَّليِت ْمَيِش ي َهِبا َو ِإْن َس َأَليِن ُأَلْع ِط َيَّنُه َو َلِئْن اْس َتَعاَذ بي‬
‫ُأَلِعيَذ َّنُه َو َم ا َتَر َّدْد ُت َعْن َش ْي ٍء َأَنا َفاِعُلُه َتَر ُّدِد ي َعْن َنْف ِس اْلُم ْؤ ِم ِن َيْك َر ُه اْلَمْو َت َو َأَنا َأْك َر ُه َم َس اَءَتُه‪( .‬ش)‬
‫‪ )?(4‬احلديث رواة البخاري كتاب اإلجارة (‪.)12‬أهـ يف " صحيحه " (‪ ،)2272‬ورواه مسلم يف " صحيحه " (‪)2743‬‬
‫من حديث َعْب ِد الَّلِه ْبَن ُعَمَر َر ِض َي الَّلُه َعْنُه َم ا َقاَل ِمَس ْعُت َرُس وَل الَّلِه َص َّلى الَّلُه َعَلْيِه َو َس َّلَم َيُقوُل اْنَطَلَق َثاَل َثُة َر ْه ٍط َّمِمْن َك اَن‬
‫ٌة ِم ا ِل َف َّد َل ِه اْلَغا َق اُلوا ِإَّن اَل ْنِج يُك ِم ِذِه‬ ‫ِإ‬
‫ُه ُي ْم ْن َه‬ ‫َقْبَلُك ْم َح ىَّت َأَو ْو ا اْلَم ِبيَت ىَل َغاٍر َفَد َخ ُلوُه َفاَحْنَد َر ْت َص ْخ َر ْن َجْلَب َس ْت َع ْي ْم َر َف‬
‫الَّص ْخ َر ِة ِإاَّل َأْن َتْد ُعوا الَّلَه ِبَص اِلِح َأْع َم اِلُك ْم َفَق اَل َرُج ٌل ِم ْنُه ْم الَّلُه َّم َك اَن يِل َأَبَو اِن َش ْيَخ اِن َك ِبَرياِن َو ُك ْنُت اَل َأْغ ِبُق َقْبَلُه َم ا َأْه اًل‬
‫ِئ‬ ‫ٍء‬
‫َو اَل َم ااًل َفَنَأى يِب يِف َطَلِب َش ْي َيْو ًم ا َفَلْم ُأِر ْح َعَلْيِه َم ا َح ىَّت َناَم ا َفَح َلْبُت ُهَلَم ا َغُبوَقُه َم ا َفَو َج ْد ُتُه َم ا َنا َم ِنْي َو َك ِر ْهُت َأْن َأْغ ِبَق‬
‫ِظ ِت‬
‫َقْبَلُه َم ا َأْه اًل َأْو َم ااًل َفَلِبْثُت َو اْلَقَد ُح َعَلى َيَد َّي َأْنَت ُر اْس يَق اَظُه َم ا َح ىَّت َبَر َق اْلَف ْج ُر َفاْس َتْيَق َظا َفَش ِر َبا َغُبوَقُه َم ا الَّلُه َّم ِإْن ُك ْنُت‬
‫ِط‬ ‫ِف ِه ِم ِذِه‬ ‫ِل ِت‬
‫َفَعْلُت َذ َك اْب َغاَء َو ْج ِه َك َفَفِّر ْج َعَّنا َم ا ْحَنُن ي ْن َه الَّص ْخ َر ِة َفاْنَف َر َج ْت َش ْيًئا اَل َيْس َت يُعوَن اُخْلُر وَج َقاَل الَّنُّيِب َص َّلى الَّلُه‬
‫َعَلْيِه َو َس َّلَم َو َقاَل اآْل َخ ُر الَّلُه َّم َك اَنْت يِل ِبْنُت َعٍّم َك اَنْت َأَح َّب الَّناِس ِإَّيَل َفَأَر ْد ُتَه ا َعْن َنْف ِس َه ا َفاْم َتَنَعْت ِم يِّن َح ىَّت َأَلَّم ْت َهِبا َس َنٌة‬
‫ِم ْن الِّس ِنَني َفَج اَءْتيِن َفَأْع َطْيُتَه ا ِعْش ِر يَن َو ِم اَئَة ِد يَناٍر َعَلى َأْن َخُتِّلَي َبْييِن َو َبَنْي َنْف ِس َه ا َفَف َعَلْت َح ىَّت ِإَذا َقَد ْر ُت َعَلْيَه ا َقاَلْت اَل ُأِح ُّل‬
‫‪www.alukah.net‬‬
‫اإلبهاج في شرح منهاج المسلم‬
‫‪www.alukah.net‬‬

‫ويف قوله َص َّلى الَّلُه َعَلْيِه َو َس َّلَم‪" :‬أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد"(‪.)1‬‬
‫ِه‬ ‫ِه‬
‫ويف قول ه َص َّلى الَّل ُه َعَلْي َو َس َّلَم ‪َ":‬أس ألَك الَّلهَّم بك ِّل اس ٍم ه َو ل َك َّمسيَت ب نفس َك ‪ ،‬أْو أنزلت ُه يف كتاب َك ‪ ،‬أْو عَّلمت ُه أح ًد ا مْن‬
‫خلق َك ‪،‬أْو اس تأثرَت ب ِه يف علِم الغيِب عن دَك أْن جتع َل الق رآَن العظيَم ربي َع قليِب ‪ ،‬ون وَر ص دِر ي‪،‬وِج الَء ح زيِن ‪ ،‬وذه اَب ِّمهي‬
‫وغِّم ي"(‪)2‬‬
‫ويف قوله َص َّلى الَّلُه َعَلْيِه َو َس َّلَم‪ " :‬لقْد سأَل هَذ ا باسِم اِهلل األعظِم الِذي َم ا سئَل بِه إاَّل أعَطى‪ ،‬وَم ا دعَي بِه إاَّل أجاَب " (‪)3‬‬

‫َلَك َأْن َتُف َّض اَخْلاَمَت ِإاَّل َحِبِّق ِه َفَتَح َّر ْجُت ِم ْن اْلُو ُقوِع َعَلْيَه ا َفاْنَص َر ْفُت َعْنَه ا َو ِه َي َأَح ُّب الَّناِس ِإَّيَل َو َتَر ْك ُت الَّذ َه َب اَّلِذي َأْع َطْيُتَه ا‬
‫ِم‬ ‫ِط‬ ‫ِف ِه‬ ‫ِت‬
‫الَّلُه َّم ِإْن ُك ْنُت َفَعْلُت اْب َغاَء َو ْج ِه َك َفاْفُر ْج َعَّنا َم ا ْحَنُن ي َفاْنَف َر َج ْت الَّص ْخ َر ُة َغْيَر َأَّنُه ْم اَل َيْس َت يُعوَن اُخْلُر وَج ْنَه ا َقاَل الَّنُّيِب‬
‫ِذ‬ ‫ِح ٍد‬ ‫ِل‬ ‫ِه‬
‫َص َّلى الَّلُه َعَلْي َو َس َّلَم َو َقاَل الَّثا ُث الَّلُه َّم ِإيِّن اْس َتْأَجْر ُت ُأَج َر اَء َفَأْع َطْيُتُه ْم َأْج َر ُه ْم َغْيَر َرُج ٍل َو ا َتَر َك اَّل ي َلُه َو َذَه َب َفَثَّم ْر ُت‬
‫َأْج َر ُه َح ىَّت َك ُثَر ْت ِم ْنُه اَأْلْم َو اُل َفَج اَءيِن َبْع َد ِح ٍني َفَق اَل َيا َعْبَد الَّلِه َأِّد ِإَّيَل َأْج ِر ي َفُق ْلُت َلُه ُك ُّل َم ا َتَر ى ِم ْن َأْج ِر َك ِم ْن اِإْل ِبِل‬
‫َو اْلَبَق ِر َو اْلَغَنِم َو الَّر ِقيِق َفَق اَل َيا َعْبَد الَّلِه اَل َتْس َتْه ِز ُئ يِب َفُق ْلُت ِإيِّن اَل َأْس َتْه ِز ُئ ِبَك َفَأَخ َذ ُه ُك َّلُه َفاْس َتاَقُه َفَلْم َيْتُر ْك ِم ْنُه َش ْيًئا الَّلُه َّم‬
‫َفِإْن ُك ْنُت َفَعْلُت َذِلَك اْبِتَغاَء َو ْج ِه َك َفاْفُر ْج َعَّنا َم ا ْحَنُن ِفيِه َفاْنَف َر َج ْت الَّص ْخ َر ُة َفَخ َر ُج وا ْمَيُش وَن ‪( .‬ش)‬
‫َة ِض الَّل ْن ‪َ ،‬أَّن وَل اِهلل‬
‫‪ )?(1‬رواه مسلم (‪ )215‬كتاب الصالة‪ .‬أهـ يف " صحيحه " (‪ )482‬من حديث َأيِب ُه َر ْيَر َر َي ُه َع ُه َرُس‬
‫َص َّلى اُهلل َعَلْيِه َو َس َّلَم َقاَل ‪َ " :‬أْقَر ُب َم ا َيُك وُن اْلَعْبُد ِم ْن َر ِّبِه َو ُه َو َس اِج ٌد ‪َ ،‬فَأْك ِثُر وا الُّد َعاَء "‪( .‬ش)‬
‫‪ )?(2‬رواه اإلمام أمحد بسند حسن‪ .‬وورد يف املعجم الكبري للطرباين (‪.)10/210‬أهـ يف " مسنده " (‪ )3712‬من حديث ِد‬
‫َعْب‬
‫اِهلل بن مسعود َر ِض َي الَّلُه َعْنُه‪َ ،‬قاَل ‪َ :‬قاَل َرُس وُل اِهلل َص َّلى اُهلل َعَلْيِه َو َس َّلَم ‪َ " :‬م ا َأَص اَب َأَح ًد ا َقُّط َه ٌّم َو اَل َحَز ٌن ‪َ ،‬فَق اَل ‪ :‬اللُه َّم ِإيِّن‬
‫َعْبُد َك ‪ ،‬اْبُن َعْبِد َك ‪ ،‬اْبُن َأَم ِتَك ‪َ ،‬ناِص َييِت ِبَيِد َك ‪َ ،‬م اٍض َّيِف ُح ْك ُم َك ‪َ ،‬عْد ٌل َّيِف َقَض اُؤ َك ‪َ ،‬أْس َأُلَك ِبُك ِّل اْس ٍم ُه َو َلَك َّمَسْيَت ِبِه َنْف َس َك ‪،‬‬
‫ِب‬ ‫ِب ِع‬ ‫ِبِه ِع‬ ‫ِك ِب‬ ‫ِم ِق‬
‫َأْو َعَّلْم َتُه َأَح ًد ا ْن َخ ْل َك ‪َ ،‬أْو َأْنَز ْلَتُه يِف َتا َك ‪َ ،‬أِو اْس َتْأَثْر َت يِف ْلِم اْلَغْي ْنَد َك ‪َ ،‬أْن ْجَتَعَل اْلُقْر آَن َر يَع َقْليِب ‪َ ،‬و ُنوَر‬
‫َص ْد ِر ي‪َ ،‬و ِج اَل َء ُح ْز يِن ‪َ ،‬و َذَه اَب ِّمَهي‪ِ ،‬إاَّل َأْذَه َب اُهلل َّمَهُه َو ُح ْز َنُه‪َ ،‬و َأْبَد َلُه َم َك اَنُه َفَر ًح ا "‪َ ،‬قاَل ‪َ :‬فِق يَل‪َ :‬يا َرُس وَل اِهلل‪َ ،‬أاَل َنَتَعَّلُم َه ا؟‬
‫َفَق اَل ‪َ " :‬بَلى‪َ ،‬يْنَبِغي ِلَمْن ِمَس َعَه ا َأْن َيَتَعَّلَم َه ا " قال الشيخ شعيب األرنؤوط إسناده ضعيف كما قال الدارقطين يف " العلل "‪،‬‬
‫وقال العالمة األلباين رمحه اهلل تعاىل ومجلة القول أن احلديث صحيح من رواية ابن مسعود وحده‪ ،‬فكيف إذا انضم إليه حديث‬
‫أيب موسى رضي اهلل عنهما‪ .‬و قد صححه شيخ اإلسالم ابن تيمية و تلميذه ابن القيم‪( .‬ش)‬
‫‪ )?(3‬رواه الرتمذي كتاب الدعوات (‪ )63‬وابن ماجه كتاب الدعاء (‪ .)9‬أهـ رواه الرتمذي يف " سننه " (‪ ،)3544‬وابن‬
‫ماجه يف " سننه " (‪ )3858‬من حديث َأَنٍس َر ِض َي الَّلُه َعْنُه َقاَل َدَخ َل الَّنُّيِب َص َّلى الَّلُه َعَلْيِه َو َس َّلَم اْلَمْس ِج َد َو َرُج ٌل َقْد َص َّلى‬
‫َو ُه َو َيْد ُعو َو َيُقوُل يِف ُدَعاِئِه الَّلُه َّم اَل ِإَلَه ِإاَّل َأْنَت ‪ ،‬ويف رواية ابن ماجه " اللُه َّم ِإيِّن َأْس َأُلَك ِبَأَّن َلَك اَحْلْم َد ‪ ،‬اَل ِإَلَه ِإاَّل َأْنَت ‪،‬‬
‫َو ْح َد َك اَل َش ِر يَك َلَك " اْلَم َّناُن َبِد يُع الَّس َمَو اِت َو اَأْلْر ِض َذا اَجْلاَل ِل َو اِإْل ْك َر اِم َفَق اَل الَّنُّيِب َص َّلى الَّلُه َعَلْيِه َو َس َّلَم َأَتْد ُر وَن َمِب َدَعا‬
‫الَّلَه؟ َدَعا الَّلَه ‪ -‬ويف رواية ابن ماجه " َلَقْد َس َأل اَهلل " ‪ِ -‬باِمْسِه اَأْلْع َظِم اَّلِذي ِإَذا ُدِعَي ِبِه َأَج اَب َو ِإَذا ُس ِئَل ِبِه َأْع َطى َقاَل َأُبو‬
‫ِعيَس ى َه َذ ا َح ِد يٌث َغِر يٌب ِم ْن َه َذ ا اْلَو ْج ِه َو َقْد ُر ِو َي ِم ْن َغِرْي َه َذ ا اْلَو ْج ِه َعْن َأَنٍس ‪ ،‬واحلديث صححه العالمة األلباين رمحه اهلل‬
‫‪www.alukah.net‬‬
‫اإلبهاج في شرح منهاج المسلم‬
‫‪www.alukah.net‬‬

‫‪ -3‬ما ورد من توسل األنبياء يف القرآن الكرمي‪ ،‬وأن توسلهم كان بأمسائه تعاىل وصفاته‪ ،‬وباإلميان والعمل الصاحل‪ ،‬ومل يكن‬
‫بغري ذلك أبدًا فيوسف عليه السالم قال يف توسله‪{ :‬رب قد آتيتين من امللك وعلمتين من تأويل األحاديث فاطر السموات‬
‫واألرض أنت وليي يف الدنيا واآلخرة توفين مسلمًا وأحلقين بالصاحلني}(يوسف‪.)١٠١ :‬‬
‫وذو ُّالنون عليه السالم قال‪ {:‬ال إله إال أنت سبحانك إين كنت من الظاملني} (األنبياء‪.)٨٧ :‬‬
‫وموسى عليه السالم قال‪{ :‬قال رِّب إين ظلمت نفسي فاغفر يل فغفر له إنه هو الغفور الرحيم }(القصص‪.)١٦ :‬‬
‫وقال عليه السالم‪{ :‬إين ُعذُت بريب وربكم} (غافر‪.)٢٧ :‬‬
‫وإبراهيم عليه السالم وإمساعيل عليه السالم قاال‪ {:‬ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم }(البقرة‪.)١٢٧ :‬‬
‫وآدم وحواء قاال‪{ :‬قاال ربنا ظلمنا أنفسنا وإن مل تغفر لنا وترمحنا لنكونَّن من اخلاسرين} (األعراف‪.)٢٣ :‬‬
‫األدلة العقلية‪ِ -1-:‬غىن الرب وافتقار العبد أمر يقتضي أن يتوسل العبد الفقري إىل الرب الغين عز وجل‪ ،‬كي ينجو العبد الفقري‬
‫الضعيف مما يرهب‪ ،‬ويظفر مبا حيب ويرغب‪.‬‬
‫‪ -2‬عدم معرفة العبد ما حيبه الرُّب تبارك وتعاىل وما يكرهه من األفعال واألقوال أمر يقتضي أن تكون الوسيلة حمصورة فيما‬
‫شرع اهلل عز وجل وبني رسوله َص َّلى الَّلُه َعَلْيِه َو َس َّلَم من أقوال طيبة وأعمال صاحلة ُتفَعُل‪ ،‬أو أقوال خبيثة وأعمال فاسدة جُت تنب‬
‫وت رتك‪ .‬ك ون ج اه ذي اجلاه من غ ري كس ب اإلنس ان‪ ،‬وال من عم ل يدي ه أم ر يقتض ي أن ال يتوس ل ب ه إىل اهلل تع اىل‪ ،‬ألن ج اه‬
‫شخص ما ‪-‬ومهما كان عظيما‪ -‬ال يكون قربة لشخص آخر يتقرب هبا إىل اهلل تعاىل ويتوسل‪ ،‬اللهم إال إذا كان قد عمل‬
‫جبوارحه أو ماله على إجياد جاه صاحب اجلاه‪ ،‬فعند ذلك له أن يسأل اهلل به؛ ألنه أصبح من كسبه وعمل يديه إن كان قد عمل‬
‫ذلك ابتداء لوجه اهلل تعاىل‪ ،‬وابتغاء مرضاته‪.‬‬
‫الفصل الخامس عشر‪ :‬يف أولياء اهلل وكراماهتم ‪ -‬وأولياء الشيطان وضالالهتم‪:‬‬
‫أ‌‪ -‬أولياء اهلل تعاىل‪ -:‬يؤمن املسلم بأن هلل تعاىل من عباده أولياء استخلصهم لعبادته‪ ،‬واستعملهم يف طاعته وش َّر فهم مبحبته‪،‬‬
‫وأناهلم من كرامته‪ ،‬فهو وليهم حيبهم ويقرهبم‪ ،‬وهم أولياؤه حيبونه ويعظمونه‪ ،‬يأمترون بأمره‪ ،‬وبه يأمرون‪ ،‬وينتهون بنهي ِه‪ ،‬وبه‬
‫ينهون‪ ،‬حيبون حببه‪ ،‬وببغضه يبغضون‪ ،‬إذا سألوه أعطاهم‪ ،‬وإذا استعانوه أعاهنم‪ ،‬وإذا استعاذوا به أعاذهم‪ ،‬وأهنم هم أهل اإلميان‬
‫والتق وى‪ ،‬والكرام ة والبش رى يف ال دنيا ويف األخ رى‪ ،‬وأَّن ك ل م ؤمن تقي ه و هلل وَّيل‪ ،‬غ ري أهنم يتف اوتون يف درج اهتم حبس ب‬
‫تقواهم وإمياهنم‪ ،‬فكل من كان حظه من اإلميان والتقوى أوىف‪ ،‬كانت درجته عند اهلل أعلى‪ ،‬وكانت كرامته أوفر‪ ..‬فسادات‬
‫األولياء هم املرسلون واألنبياء‪ ،‬ومن بعدهم املؤمنون‪ ،‬وأن ما جيريه اهلل على أيديهم من كرامات كتكثري القليل من الطعام‪ ،‬أو‬
‫إب راء األوج اع واألسقام‪ ،‬أو خ وض البح ار‪ ،‬أو ع دم االح رتاق بالن ار وم ا إليه ه و من جنس املعج زات غ ري أن املعج زة تك ون‬
‫مقرون ة بالتح دي(‪ )1‬والكرام ة عاري ة عن ه‪ ،‬غ ري مرتبط ة ب ه‪ .‬وأّن من أعظم الكرام ات االس تقامة على الطاع ات بفع ل املأمورات‬
‫الشرعية‪ ،‬واجتناب احملرمات واملنهيات‪ .‬وذلك لألدلة اآلتية‪-:‬‬

‫تعاىل‪ ،‬وقال الشيخ شعيب األرنؤوط حديث صحيح‪( .‬ش)‬


‫‪ )?(1‬التحدي‪ :‬كأن يقول الرسول َص َّلى الَّلُه َعَلْيِه َو َس َّلَم ‪ :‬أرأيتم إذا جئتكم بكذا وكذا أتصدقون؟ وإال فسوف يعذبكم اهلل‬
‫على عدم إميانكم بعد ظهور املعجزة لكم‪.‬‬
‫‪www.alukah.net‬‬
‫اإلبهاج في شرح منهاج المسلم‬
‫‪www.alukah.net‬‬

‫‪-1‬إخباره تعاىل عن أوليائه وكرامتهم يف قوله‪ {:‬أال إَّن أولياء اهلل ال خوف عليهم وال هم حيزنون‪ ،‬الذين آمنوا وكانوا يتقون‬
‫هلم البشرى يف احلياة الدنيا ويف اآلخرة‪ ،‬ال تبديل لكلمات اهلل ذلك هو الفوز العظيم }(يونس‪ .)٦٤ :٦٢:‬ويف قوله تع اىل‪:‬‬
‫{ اهلل وُّيل الذين آمنوا خيرجهم من الظلمات إىل النور }(البقرة‪ .)٢٥٧ :‬ويف قوله عز وجل‪{ :‬وما كانوا أولياءه إن أولياؤه إال‬
‫املتقون} (األنفال‪ .)٣٤ :‬ويف قوله عز وجل‪{ :‬إن ولِّيي اهلل الذي نزل الكتاب وهو يتوىل الصاحلني}(األعراف‪.)١٩٦ :‬‬
‫ويف قوله عز وجل‪{ :‬كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء إنه من عبادنا املخلصني}(يوسف‪.)٢٤ :‬‬
‫ويف قوله تعاىل‪{ :‬إَّن عبادي ليس لك عليهم سلطان}(اإلسراء‪.)٦٥ :‬‬
‫وقوله عز وجل‪{ :‬كلما دخل عليها زكريا احلراب وجد عندها رزقًا‪ ،‬قال يا مرمي أىَّن يكون لك هذا؟ قالت هو من عند اهلل}‬
‫(آل عم ران‪ .)٣٧:‬ويف قول ه ع ز وج ل‪{ :‬وإن ي ونس ملن املرس لني إذ أب ق إىل الفل ك املش حون فس اهم فك ان من املدحض ني‬
‫فالتقمه احلوت وهو مليٌم فلوال أنه كان من املسبحني للبث يف بطنه إىل يوم يبعثون}(الصافات‪.)١٤٤ – ١٣٩ :‬‬
‫ويف قوله عز وجل‪ {:‬فناداها من حتتها أال حتزين قد جعل ربك حتتك سريًا وهزي إليك جبذع النخلة تساقط عليك ُر طب ًا جني ًا‬
‫فكلي واشريب وقري عينًا }(مرمي‪.)٢٦ – ٢٤ :‬‬
‫ويف قوله عز وجل‪ُ {:‬قلنا يا نار كوين ردًا وسالمًا على إبراهيم وأرادوا به كيدًا فجعلناهم األخسرين }(األنبياء‪.)٦٩:٧٠:‬‬
‫ويف قوله عز وجل‪ {:‬أم حسبت أن أصحاب الكهف والرقيم كانوا من آياتنا عجبا‪ ،‬إذ أوى الفتية إىل الكهف فقالوا ربنا آتنا‬
‫من لُد نك رمحة‪ ،‬وهيْئ لنا من أمرنا رشدًا فضربنا على آذاهنم يف الكهف سنني عددا َّمث بعثناهم}(الكهف‪.)١٢ – ٩ :‬‬
‫‪ -2‬إخبار رسوله َص َّلى الَّلُه َعَلْيِه َو َس َّلَم عن أولياء اهلل وكراماهتم يف قوله فيما يرويه عن ربه عز وجل‪" :‬مْن عاَدى يِل ولَّيا فق ْد‬
‫آذنت ُه ب احلرِب ‪ ،‬وَم ا تق َّر َب إَّيل عب ِدي بش يٍء أحُّب إَّيل َّمما افرتض تُه علِي ه‪ ،‬واَل ي زاُل عب ِدي يتق َّر ُب إَّيل بالَّنواف ِل حىَّت أحَّب ُه‪ ،‬ف إَذا‬
‫ِش‬ ‫ِه‬ ‫ِذ‬ ‫ِه‬ ‫ِذ‬
‫أحببتُه كنُت مسعُه اَّل ي يسمُع ب وبصرُه اَّل ي يبص ُر ب ‪ ،‬ويدُه اَّليِت يبطُش هبا‪ ،‬ورجل ُه اَّليِت مي ي َهبا‪ ،‬ولئْن سأليِن ألعطيَّنُه‪ ،‬ولئْن‬
‫استعاذين ُألعيذَّنُه " (‪ .)1‬ويف قوله َص َّلى الَّلُه َعَلْيِه َو َس َّلَم أيًض ا‪" :‬إيِّن ألثَأُر لأولياِئي كما يثَأُر الَّليُث احلرُب "‪)2(.‬‬
‫ويف قوله َص َّلى الَّلُه َعَلْيِه َو َس َّلَم ‪ " :‬إَّن مْن عباِد اِهلل مْن لْو أقسَم عَلى اِهلل ألبَّر ُه "(‪,)3‬‬
‫ويف قوله‪" :‬لقْد كاَن فيَم ا كاَن قبلكْم مَن األمِم ناٌس حمَّدثوَن ‪ ،‬فإْن كاَن ِيف أَّم يِت أحٌد فإَّنُه عمُر " (‪.)4‬‬

‫‪ )?(1‬تقدم خترجيه‪.‬أهـ رواه البخاري يف"صحيحه" (‪ )6502‬من حديث َأيِب ُه َر ْيَر َة َر ِض َي الَّلُه َعْنُه(ش)‬
‫‪ )?(2‬ذكره شيخ اإلسالم بن تيمية يف كتابه الفرقان بني أولياء الرمحن وأولياء الشيطان (ش)‬
‫‪)?(3‬رواه مسلم (‪ )1320‬واإلمام أمحد (‪.)167،284 ،3/128‬أهـ رواه البخاري يف " صحيحه " (‪ )2703‬و (‪)4499‬‬
‫َثِنَّيَة اِر ٍة‬ ‫ِض‬
‫و (‪ )6894‬ورواه مسلم يف " صحيحه " (‪ )1675‬من حديث َأَنٍس َر َي الَّلُه َعْنُه َأَّن الُّر َبِّيَع َعَّم َتُه َك َسَر ْت َج َي‬
‫َفَطَلُبوا ِإَلْيَه ا اْلَعْف َو َفَأَبْو ا َفَعَر ُضوا اَأْلْر َش َفَأَبْو ا َفَأَتْو ا َرُس وَل الَّلِه َص َّلى الَّلُه َعَلْيِه َو َس َّلَم َو َأَبْو ا ِإاَّل اْلِق َص اَص َفَأَم َر َرُس وُل الَّلِه َص َّلى‬
‫الَّلُه َعَلْيِه َو َس َّلَم ِباْلِق َص اِص َفَق اَل َأَنُس ْبُن الَّنْض ِر َيا َرُس وَل الَّلِه َأُتْك َسُر َثِنَّيُة الُّر َبِّيِع اَل َو اَّلِذي َبَعَثَك ِباَحْلِّق اَل ُتْك َسُر َثِنَّيُتَه ا َفَق اَل‬
‫ِإ ِم‬ ‫ِه‬ ‫ِه‬ ‫ِض‬ ‫ِه ِق‬ ‫ِك‬ ‫ِه‬ ‫ِه‬
‫َرُس وُل الَّل َص َّلى الَّلُه َعَلْي َو َس َّلَم َيا َأَنُس َتاُب الَّل اْل َص اُص َفَر َي اْلَق ْو ُم َفَعَف ْو ا َفَق اَل َرُس وُل الَّل َص َّلى الَّلُه َعَلْي َو َس َّلَم َّن ْن‬
‫ِعَباِد الَّلِه َمْن َلْو َأْقَسَم َعَلى الَّلِه َأَلَبَّر ُه (ش)‬
‫‪www.alukah.net‬‬
‫اإلبهاج في شرح منهاج المسلم‬
‫‪www.alukah.net‬‬

‫ويف قوله َص َّلى الَّلُه َعَلْي ِه َو َس َّلَم ‪" :‬كانِت امرأٌة ترض ُع ولدَه ا فرأْت رجاًل عَلى فرٍس فارٍه‪ ،‬فقالْت ‪ :‬الَّلهَّم اجع ْل ول ِدي مث َل ه َذ ا‪،‬‬
‫فالتفَت إليه الِّطفُل وهَو يرضُع وقال‪ :‬الَّلهَّم اَل جتعليِن مثلُه" (‪ .)1‬فنطق الرضيع كرامة للولد والوالد‪..‬‬
‫ويف قوله يف ُج ريج العابد وأمه‪ ،‬إذ قالت أمه‪" :‬اللهم ال مُت تُه حىت تريُه وجوه املومساِت "‪ .‬فاستجاب اهلل هلا كرامة منه تعاىل هلا‪،‬‬
‫وق ال ول دها ج ريج ملا اهتم وه ب أن ول َد البغي من ه ق ال للول د الرض يع‪ :‬من أب وك؟‪ .‬فق ال‪ :‬راعي الغنم(‪ .)2‬فنط ق الرض يع كرام ة‬
‫جلريج العابد‪ .‬وقوله َص َّلى الَّلُه َعَلْيِه َو َس َّلَم يف أصحاب الغار الثالثة الذين انطبقت عليهم الصخرة فدعوا اهلل وتوسلوا إليه بصاحل‬
‫أعماهلم‪ ،‬فاستجاب اهلل هلم وفرجها عنهم حىت خرجوا ساملني كرامة هلم‪)3( .‬‬
‫ويف قوله يف حديث الراهب والغالم إذ جاء فيه‪ :‬أَّن الغالم رمى الدابة اليت كانت قد منعت اجلماهري من املرور‪ ،‬رماها حبجر‬
‫فماتت ومَّر الناس‪ ،‬فكانت كرامة للغالم‪ ،‬كما أَّن امللك حاول قتل الغالم بشىت الوسائل فلم ُيفلح حىت رماه من جبل شاهق ومل‬
‫ميت‪ ،‬وقذفه يف البحر فخرج منه ميشي ومل ميت‪ ،‬فكان ذلك كرامة للغالم املؤمن الصاحل(‪.)4‬‬
‫‪ -4‬ما رواه آالف العلماء وشاهدوه (‪)5‬من أولياء وكرامات هلم تفوق احلصر‪.‬‬

‫‪ )?(4‬رواه البخاري (‪ .)5/15‬وورد يف فتح الباري (‪ .)7/42‬أهـ رواه البخاري يف"صحيحه" (‪ )3469‬من حديث َأيِب‬
‫ُه َر ْيَر َة َر ِض َي الَّلُه َعْنُه‪ ،‬ورواه مسلم يف "صحيحه" (‪ )2398‬من حديث أم املؤمنني عائشة رضي اهلل عنها قالت‪ :‬قال رسول‬
‫اهلل صلى اهلل عليه وسلم‪ « :‬قد كان يف األمم حمدثون‪ ،‬فإن كان يف أميت فعمر » (ش)‬
‫‪ )?(1‬رواه البخاري (‪)4/201‬ومسلم (‪)4/1976‬ومسند أمحد (‪.)308 ،307 ،2/301‬أهـ رواه البخاري يف"صحيحه" (‬
‫الَّن َّلى الَّل َل ِه‬ ‫ِض‬
‫‪ ،)3466( )3436‬ورواه مسلم يف "صحيحه "(‪ )2550‬من حديث َأيِب ُه َر ْيَر َة َر َي الَّلُه َعْنُه َعْن ِّيِب َص ُه َع ْي‬
‫َو َس َّلَم َقاَل ْمَل َيَتَك َّلْم يِف اْلَم ْه ِد ِإاَّل َثاَل َثٌة ِعيَس ى َو َك اَن يِف َبيِن ِإْس َر اِئيَل َرُج ٌل ُيَق اُل َلُه ُج َر ْيٌج َك اَن ُيَص ِّلي َج اَءْتُه ُأُّم ُه َفَد َعْتُه َفَق اَل‬
‫ِتِه‬ ‫ِم ِت‬ ‫ِمُت‬ ‫ِج‬
‫ُأ يُبَه ا َأْو ُأَص ِّلي َفَق اَلْت الَّلُه َّم اَل ْتُه َح ىَّت ُتِر َيُه ُوُج وَه اْلُم و َس ا َو َك اَن ُج َر ْيٌج يِف َصْو َمَع َفَتَعَّر َضْت َلُه اْم َر َأٌة َو َك َّلَم ْتُه َفَأىَب‬
‫َفَأَتْت َر اِعًيا َفَأْم َك َنْتُه ِم ْن َنْف ِس َه ا َفَو َلَدْت ُغاَل ًم ا َفَق اَلْت ِم ْن ُج َر ْيٍج َفَأَتْو ُه َفَك َسُر وا َصْو َمَعَتُه َو َأْنَز ُلوُه َو َس ُّبوُه َفَتَو َّض َأ َو َص َّلى َّمُث َأَتى‬
‫اْلُغاَل َم َفَق اَل َمْن َأُبوَك َيا ُغاَل ُم َقاَل الَّر اِعي َقاُلوا َنْبيِن َصْو َمَعَتَك ِم ْن َذَه ٍب َقاَل اَل ِإاَّل ِم ْن ِط ٍني َو َك اَنْت اْم َر َأٌة ُتْر ِض ُع اْبًنا َهَلا ِم ْن َبيِن‬
‫ِم‬ ‫ِك‬ ‫ِم‬ ‫ِك‬ ‫ِئ‬
‫ِإْس َر ا يَل َفَم َّر َهِبا َرُج ٌل َر ا ٌب ُذو َش اَر ٍة َفَق اَلْت الَّلُه َّم اْجَعْل اْبيِن ْثَلُه َفَتَر َك َثْد َيَه ا َو َأْقَبَل َعَلى الَّر ا ِب َفَق اَل الَّلُه َّم اَل ْجَتَعْليِن ْثَلُه‬
‫َّل‬ ‫ِب ٍة‬ ‫ِإ‬ ‫َّل َّل ِه َّل‬ ‫ِإ‬ ‫ِي‬
‫َّمُث َأْقَبَل َعَلى َثْد َه ا َمَيُّصُه َقاَل َأُبو ُه َر ْيَر َة َك َأيِّن َأْنُظُر ىَل الَّنِّيِب َص ى ال ُه َعَلْي َو َس َم َمَيُّص ْص َبَعُه َّمُث ُمَّر َأَم َفَق اَلْت ال ُه َّم اَل ْجَتَعْل‬
‫ا يِن ِم ْث ِذِه َك َثْد ا َق اَل الَّل َّم ا ْليِن ِم َل ا َق اَلْت َذاَك َق اَل الَّر اِك َّبا ِم ا اِب ِة ِذِه اَأْل ُة ُقوُلوَن ْقِت‬
‫َس َر‬ ‫َم َي‬ ‫ُب َج ٌر ْن َجْلَب َر َو َه‬ ‫َمِل َف‬ ‫ُه ْجَع ْث َه َف‬ ‫ْب َل َه َفَتَر َيَه َف‬
‫َز َنْيِت َو ْمَل َتْف َعْل ‪(.‬ش)‬
‫‪ )?(2‬سبق خترجيه‪.‬‬
‫ِض‬ ‫ِه‬
‫‪ )?(3‬رواه البخاري يف"صحيحه" (‪،)2272‬ورواه مسلم يف "صحيحه" (‪ )2743‬من حديث َعْب ِد الَّل ْبَن ُعَمَر َر َي الَّلُه‬
‫َعْنُه َم ا (ش)‬
‫‪ )?(4‬رواه مسلم كتاب الزهد (‪.)73‬أهـ رواه مسلم يف "صحيحه" (‪ )3005‬من حديث صهيب َر ِض َي الَّلُه َعْنُه (ش)‬
‫‪ )?(5‬أغلب هذه الكرامات يف الصحيح والسنن الصحيحة واآلثار املنقولة املتواترة‪.‬‬
‫‪www.alukah.net‬‬
‫اإلبهاج في شرح منهاج المسلم‬
‫‪www.alukah.net‬‬

‫ومن ذلك ما روي أن املالئكة كانت تسلم على عمران بن ُح صني َر ِض َي الَّلُه َعْنُه‪)1( .‬‬
‫وأن سلمان الفارسي وأبا الدرداء َر ِض َي الَّلُه َعْنُه ما كانا يأكالن يف صحفٍة فسَّبحت الصحفة أو الطعام فيها‪)2( ،‬‬
‫وأن ُخ بيبًا َر ِض َي الَّلُه َعْنُه كان أسًريا عند املشركني مبكة فكان ُيؤتى بعنب يأكله‪ ،‬وليس مبكة من عنب‪)3( .‬‬
‫وأن الرباء بن عازب َر ِض َي الَّل ُه َعْن ُه كان إذا أقسم على اهلل يف شيٍء استجاب اهلل له حىت كان يوم القادسية أقسم على اهلل أن‬
‫مُي ِّك ن املسلمني من رقاب املشركني وأن يكون أول شهيد يف املعركة فكان كما طلب‪)4( ,‬‬

‫ُأَح ِّد ُثَك َح ِد يًثا‬ ‫‪ )?(1‬ورواه مسلم يف "صحيحه" (‪ )1226‬من حديث ُمَطِّر ف َقاَل ‪ِ:‬عْم َر اُن ْبُن ُحَص ٍنْي َر ِض َي الَّلُه َعْنُه‪ِ :‬إيِّن‬
‫َم اَت ‪َ ،‬و ْمَل َيْنِز ْل‬ ‫َعَس ى اُهلل َأْن َيْنَف َعَك ِبِه‪ِ ،‬إَّن َرُس وَل اِهلل َص َّلى اُهلل َعَلْيِه َو َس َّلَم َقْد " َمَجَع َبَنْي َح ٍّج َو ُعْم َر ٍة‪َّ ،‬مُث ْمَل َيْنَه َعْنُه َح ىَّت‬
‫ُقْر آٌن ِفيِه َحُيِّر ُمُه " َو قد َك اَن ُيَس ِّلُم َعَلَّي حىت اْك َتَو ْيُت فِرُت كُت ‪ ،‬مث َتَر ْك ُت الكي فَعاَد (ش)‬
‫‪ )?(2‬ذكره اإلمام الاللكائي يف شرح أصول اعتقاد أهل السنة واجلماعة(‪)105‬يف كرامات األولياء من حديث‬
‫ِض‬ ‫ِض‬
‫خيثمة‪،‬قال‪:‬كان أبو الدرداء َر َي الَّلُه َعْنُه يصلح قدرا له‪ ،‬فوقعت على وجهها فجعلت تسبح‪،‬فقال‪:‬يا سلمان َر َي الَّلُه َعْنُه‬
‫تعال امسع إىل ما مل يسمع أبوك مثله قط‪،‬قال‪:‬فجاء سلمان وسكت الصوت فأخربه‪ ،‬فقال سلمان‪ :‬لو مل تسبح لرأيت أو‬
‫لسمعت من آيات اهلل الكربى قال الشيخ نشأت بن كمال املصري ضعيف‪( .‬ش)‬
‫‪ )?(3‬رواه البخاري يف " صحيحه " (‪ )7402( ،)3989( ،)3045‬من حديث َأيِب ُه َر ْيَر َة َر ِض َي الَّلُه َعْنُه َقاَل َبَعَث َرُس وُل‬
‫الَّلِه َص َّلى الَّلُه َعَلْيِه َو َس َّلَم َعَش َر ًة َعْيًنا َو َأَّم َر َعَلْيِه ْم َعاِص َم ْبَن َثاِبٍت اَأْلْنَص اِر َّي َج َّد َعاِص ِم ْبِن ُعَمَر ْبِن اَخْلَّطاِب َح ىَّت ِإَذا َك اُنوا‬
‫ِباَهْلَد ِة َبَنْي َعْس َف اَن َو َم َّك َة ُذِكُر وا َحِلٍّي ِم ْن ُه َذ ْيٍل ُيَق اُل ُهَلْم َبُنو ْحِلَياَن َفَنَف ُر وا ُهَلْم ِبَق ِر يٍب ِم ْن ِم اَئِة َرُج ٍل َر اٍم َفاْقَتُّص وا آَثاَر ُه ْم َح ىَّت‬
‫ِهِب‬ ‫ِإ ِض‬ ‫ِهِب ِص‬ ‫ٍل‬
‫َو َج ُد وا َم ْأَك َلُه ْم الَّتْم َر يِف َم ْنِز َنَز ُلوُه َفَق اُلوا ْمَتُر َيْثِر َب َفاَّتَبُعوا آَثاَر ُه ْم َفَلَّم ا َح َّس ْم َعا ٌم َو َأْص َح اُبُه َجَلُئوا ىَل َمْو ٍع َفَأَح اَط ْم‬
‫اْلَق ْو ُم َفَق اُلوا ُهَلْم اْنِز ُلوا َفَأْع ُطوا ِبَأْيِد يُك ْم َو َلُك ْم اْلَعْه ُد َو اْلِم يَثاُق َأْن اَل َنْق ُتَل ِم ْنُك ْم َأَح ًد ا َفَق اَل َعاِص ُم ْبُن َثاِبٍت َأُّيَه ا اْلَق ْو ُم َأَّم ا َأَنا َفاَل‬
‫َأْنِز ُل يِف ِذ َّم ِة َك اِفٍر َّمُث َقاَل الَّلُه َّم َأْخ ْرِب َعَّنا َنِبَّيَك َص َّلى الَّلُه َعَلْيِه َو َس َّلَم َفَر َمْو ُه ْم ِبالَّنْبِل َفَق َتُلوا َعاِص ًم ا َو َنَز َل ِإَلْيِه ْم َثاَل َثُة َنَف ٍر َعَلى‬
‫ِقِس ِه‬ ‫ِم‬ ‫ِث ِة‬ ‫ِد ِم ِق ِم‬
‫اْلَعْه َو اْل يَثا ْنُه ْم ُخ َبْيٌب َو َز ْيُد ْبُن الَّد َن َو َرُج ٌل آَخ ُر َفَلَّم ا اْس َتْم َك ُنوا ْنُه ْم َأْطَلُقوا َأْو َتاَر ِّي ْم َفَر َبُطوُه ْم َهِبا َقاَل الَّر ُج ُل‬
‫ٍب ِد‬ ‫ِل‬ ‫ِء‬ ‫ِه‬ ‫ِل‬
‫الَّثا ُث َه َذ ا َأَّو ُل اْلَغْد ِر َو الَّل اَل َأْص َحُبُك ْم ِإَّن يِل َهِبُؤ اَل ُأْس َو ًة ُيِر يُد اْلَق ْتَلى َفَج َّر ُر وُه َو َعاُجَلوُه َفَأىَب َأْن َيْص َح َبُه ْم َفاْنُط َق ُخِبَبْي َو َز ْي‬
‫ِم‬ ‫ِم‬ ‫ِث‬ ‫ِة‬ ‫ِث ِة‬
‫ْبِن الَّد َن َح ىَّت َباُعوَمُها َبْع َد َو ْقَع َبْد ٍر َفاْبَتاَع َبُنو اَحْلاِر ْبِن َعا ِر ْبِن َنْو َفٍل ُخ َبْيًبا َو َك اَن ُخ َبْيٌب ُه َو َقَتَل اَحْلاِر َث ْبَن َعا ٍر َيْو َم‬
‫ِه‬ ‫ِح‬ ‫ِم ِض ِت ِر ِث‬ ‫ِس‬ ‫ِع‬ ‫ٍر ِب‬
‫َبْد َفَل َث ُخ َبْيٌب ْنَد ُه ْم َأ ًريا َح ىَّت َأَمْجُعوا َقْتَلُه َفاْس َتَعاَر ْن َبْع َبَنا اَحْلا ُموًس ى َيْس َت ُّد َهِبا َفَأَعاَر ْتُه َفَد َرَج ُبٌّيَن َهَلا َو َي‬
‫ِدِه‬ ‫ِخ ِذِه‬ ‫ِل‬ ‫ِف‬
‫َغا َلٌة َح ىَّت َأَتاُه َفَو َج َد ْتُه ْجُم َس ُه َعَلى َف َو اْلُم وَس ى ِبَي َقاَلْت َفَف ِز ْعُت َفْز َعًة َعَر َفَه ا ُخ َبْيٌب َفَق اَل َأْخَتَش َنْي َأْن َأْقُتَلُه َم ا ُك ْنُت‬
‫ِدِه‬ ‫ِق ِم ِع‬ ‫ِه‬ ‫ِم‬ ‫ِس‬ ‫ِه‬ ‫ِل‬
‫َأِلْفَعَل َذ َك َقاَلْت َو الَّل َم ا َر َأْيُت َأ ًريا َقُّط َخ ْيًر ا ْن ُخ َبْيٍب َو الَّل َلَقْد َو َج ْد ُتُه َيْو ًم ا َيْأُك ُل ْطًف ا ْن َنٍب يِف َي َو ِإَّنُه َلُم وَثٌق‬
‫ِحْل‬ ‫ِم ِل‬ ‫ِبِه ِم‬ ‫ِإ‬ ‫ِم‬ ‫ِب ِد ِد‬
‫اَحْل ي َو َم ا َمِبَّك َة ْن َمَثَر ٍة َو َك اَنْت َتُقوُل َّنُه َلِر ْز ٌق َر َز َقُه الَّلُه ُخ َبْيًبا َفَلَّم ا َخ َر ُج وا ْن اَحْلَر َيْق ُتُلوُه يِف ا ِّل َقاَل ُهَلْم ُخ َبْيٌب‬
‫َدُعويِن ُأَص ِّلي َر ْك َعَتِنْي َفَتَر ُك وُه َفَر َك َع َر ْك َعَتِنْي َفَق اَل َو الَّلِه َلْو اَل َأْن ْحَتِس ُبوا َأَّن َم ا يِب َجَز ٌع َلِز ْد ُت َّمُث َقاَل الَّلُه َّم َأْح ِص ِه ْم َعَد ًد ا‬
‫َو اْقُتْلُه ْم َبَد ًد ا َو اَل ُتْبِق ِم ْنُه ْم َأَح ًد ا َّمُث َأْنَش َأ َيُقوُل‬
‫َعَلى َأِّي َج ْنٍب َك اَن ِلَّلِه َم ْص َر ِعي‬ ‫َفَلْس ُت ُأَبايِل ِح َني ُأْقَتُل ُمْس ِلًم ا‬
‫‪www.alukah.net‬‬
‫اإلبهاج في شرح منهاج المسلم‬
‫‪www.alukah.net‬‬

‫وأَّن عمر بن اخلطاب َر ِض َي الَّلُه َعْنُه كان خيطب على منرب رسول اهلل َص َّلى الَّلُه َعَلْيِه َو َس َّلَم باملدينة فإذا به يقول‪َ :‬يا ساريَة اجلبل!‬
‫َي ا ساريَة اجلبل! ُيوِّج ه قائد معرك ة يق ال له‪" :‬ساريُة"‪ ،‬فسمع سارية صوته واحناز باجليش إىل اجلبل فكان يف ذلك نص رهم‪،‬‬
‫واهنزام أعدائهم من املشركني‪ .‬ورجع سارية فأخرب عمر والصحابة مبا مسع من صوت عمر َر ِض َي الَّلُه َعْنُه‪)1( .‬‬
‫وأن العالء بن احلضرمي َر ِض َي الَّلُه َعْن ُه كان يقول يف دعائه‪َ :‬يا عليُم َيا حكيُم‪َ ،‬يا علُّي َيا عظيُم! فيستجاب له حىت أنه خاض‬
‫البحر بسرَّيٍة معه فلم تبتَّل سروج خيوهلم‪)2( ،‬‬

‫ُيَباِر ْك َعَلى َأْو َص اِل ِش ْلٍو َمُمَّز ِع‬ ‫َو َذِلَك يِف َذاِت اِإْل َلِه َو ِإْن َيَش ْأ‬
‫َّمُث َقاَم ِإَلْيِه َأُبو ِس ْر َو َعَة ُعْق َبُة ْبُن اَحْلاِر ِث َفَق َتَلُه َو َك اَن ُخ َبْيٌب ُه َو َس َّن ِلُك ِّل ُمْس ِلٍم ُقِتَل َص ْبًر ا الَّصاَل َة َو َأْخ َبَر َأْص َح اَبُه َيْو َم ُأِص يُبوا‬
‫ِظ ِم‬ ‫ِب ٍء ِم‬ ‫ِت‬ ‫ٍش ِإىَل اِص ِم ِن َثاِبٍت ِح‬ ‫ِم‬
‫َني ُح ِّد ُثوا َأَّنُه ُق َل َأْن ُيْؤ َتْو ا َش ْي ْنُه ُيْع َر ُف َو َك اَن َقَتَل َرُج اًل َع يًم ا ْن‬ ‫َع ْب‬ ‫َخ َبَر ُه ْم َو َبَعَث َناٌس ْن ُقَر ْي‬
‫ُعَظَم اِئِه ْم َفَبَعَث الَّلُه ِلَعاِص ٍم ِم ْثَل الُّظَّلِة ِم ْن الَّد ْبِر َفَحَم ْتُه ِم ْن ُرُس ِلِه ْم َفَلْم َيْق ِد ُر وا َأْن َيْق َطُعوا ِم ْنُه َش ْيًئا (ش)‬
‫ِض‬
‫‪ )?(4‬ذكره اإلمام الاللكائي يف شرح أصول اعتقاد أهل السنة واجلماعة (‪ )112‬يف كرامات األولياء عن أنس بن مالك َر َي‬
‫الَّلُه َعْنُه‪ ،‬قال‪ :‬قال رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم‪ « :‬كم من ضعيف متضعف ذو طمرين لو أقسم على اهلل عز وجل ألبره‪،‬‬
‫منهم الرباء بن مالك َر ِض َي الَّلُه َعْنُه »‪ ،‬وإن الرباء لقي زحفا من املشركني وقد أوجف املشركون يف املسلمني فقالوا له‪ :‬يا‬
‫براء إن رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم قال إنك لو أقسمت على اهلل ألبرك‪ ،‬فأقسم على اهلل‪ ،‬فقال‪ :‬أقسمت عليك يا رب ملا‬
‫منحتنا أكتافهم‪ ،‬فمنحوا أكتافهم مث التقوا على قنطرة السوس فأوجفوا يف املسلمني‪ ،‬فقالوا‪ :‬أقسم يا براء على ربك‪ ،‬فقال‪:‬‬
‫أقسمت عليك يا رب ملا منحتنا أكتافهم وأحلقتين بنبيي صلى اهلل عليه وسلم‪ ،‬فمنحوا أكتافهم وقتل الرباء شهيدا رمحة اهلل‬
‫عليه قال الشيخ نشأت بن كمال املصري حسن‪ .‬والقصة ذكرها بطوهلا احلاكم يف املستدرك وقال « هذا حديث صحيح‬
‫اإلسناد‪ ،‬ومل خيرجاه »‪( .‬ش)‬
‫ِض‬
‫‪ )?(1‬ذكره اإلمام الاللكائي يف شرح أصول اعتقاد أهل السنة واجلماعة (‪ )73‬يف كرامات األولياء من حديث ابن عمر َر َي‬
‫الَّلُه َعْنُه ما‪ ،‬أن عمر رضي اهلل عنه خطب يوما باملدينة فقال‪ :‬يا سارية بن زنيم اجلبل‪ ،‬من اسرتعى الذئب فقد ظلم‪ ،‬قال‪:‬‬
‫فقيل له‪ :‬تذكر سارية وسارية بالعراق؟ فقال الناس لعلي‪ :‬أما مسعت عمر يقول‪ :‬يا سارية وهو خيطب على املنرب‪ ،‬فقال‪:‬‬
‫وحيكم دعوا عمر فإنه ما دخل يف شيء إال خرج منه‪ ،‬فلم يلبث إال يسريا حىت قدم سارية فقال‪ :‬مسعت صوت عمر فصعدت‬
‫اجلبل قال الشيخ نشأت بن كمال املصري إسناده ههنا ضعيف وهو أثر حسن وحسنه العالمة األلباين كما يف املشكاة‪(.‬ش)‬
‫‪ )?(2‬ذكره اإلمام الاللكائي يف شرح أصول اعتقاد أهل السنة واجلماعة (‪ )113‬يف كرامات األولياء من حديث أيب السليل‬
‫ضريب بن نفري‪ ،‬قال‪:‬كنت مرافقا للعالء بن احلضرمي حني بعث إىل البحرين فسلكنا مفازة فعطشنا عطشا شديدا حىت خشينا‬
‫على أنفسنا اهلالك وما ندري ما مسافة األرض‪ ،‬فذكر ذلك له فنزل فصلى ركعتني مث قال‪ :‬يا حليم يا عليم يا علي يا عظيم‬
‫اسقنا‪ ،‬قال‪ :‬فإذا حنن بسحابة كأهنا جناح طائر قد أظلتنا حىت أتينا على خليج من البحر ما خيض قبل ذلك اليوم وال خيض‬
‫بعده‪ ،‬فالتمسنا سفنا فلم جند‪ ،‬فذكرنا ذلك له فصلى ركعتني مث قال‪ :‬يا حليم يا عليم يا عظيم أجرنا‪ ،‬مث أخذ بعنان فرسه مث‬
‫قال‪ :‬جوزوا باسم اهلل‪ ،‬قال أبو هريرة‪ :‬فمشينا على املاء فواهلل ما ابتلت قدم وال خف بعري وال حافر دابة‪ ،‬وكان اجليش أربعة‬
‫‪www.alukah.net‬‬
‫اإلبهاج في شرح منهاج المسلم‬
‫‪www.alukah.net‬‬

‫وأن احلسن البصرَّي دعا اهلل على رجٍل كان يؤذيه فخَّر ميًتا يف احلال‪)3(،‬‬
‫وأن رجًال من الَّنخع كان له محار فمات له يف طريق سفره فتوَّض َأ وص َّلى ركعتني ودعا اهلل عز وجل فأحيا له محاره ومحل له‬
‫متاعه (‪ ..)2‬إىل غري ذلك من الكرامات اليت ال تعد وال حتصى‪ ،‬واليت شاهدها آالف الناس بل ماليني البشر‪.‬‬
‫ب‪ -‬أولياء الَّش يطان‪ -:‬كما ُيؤمن املسلم بأن للشيطان من الناس أولياء استحوذ عليهم فأنساهم ذكر اهلل‪ ،‬وس َّو ل هلم الش َّر ‪،‬‬
‫وأملى هلم الباط ل فأص َّم هم عن مساع احلق‪ ،‬وأعمى أبص ارهم عن رؤي ة دالئل ه فهم ل ه ُم س َّخ رون‪ ،‬وألوام ره ُمطيع ون‪ُ ،‬يغ ريهم‬
‫بالشر‪ ،‬ويستهويهم إىل الفساد بالَّتزيني‪ ،‬حىت عَّر ف هلم املنكر فعرفوه‪ ،‬ونكر هلم املعروف فأنكروه‪ ،‬فكانوا ضد أولياء اهلل وحرًبا‬
‫عليهم وعلى الَّنقيض منهم‪ :‬أولئك والوا اهلل‪ ،‬وهؤالء عادوه‪ ،‬أولئك أحُّبوا اهلل وأرضوه‪ ،‬وهؤالء أغضبوا اهلل وأسخطوه فعليهم‬
‫لعنة اهلل وغضبه‪ ،‬ولو ظهرت على أيديهم اخلوارق كأن طاروا يف السماء؛ أو مشوا على سطح املاء‪ ،‬إذ ليس ذلك إال استدراًج ا‬
‫من اهلل ملن عاداه‪ ،‬أو عوًنا من الشيطان ملن وااله‪ ،‬وذلك لألدلة التالية‪:‬‬
‫‪ -1‬إخباره تعاىل عنهم يف قوله عز وجل‪{ :‬والذين كفروا أولياؤهم الَّطاغوت خيرجوهنم من النور إىل الظلمات أولئك أصحاب‬
‫النار هم فيها خالدون} (البقرة‪ .)٢٥٧ :‬ويف قوله عز وجل‪{ :‬وإَّن الشياطني ليوحون إىل أوليائهم ليجادلوكم‪ ،‬وإن أطعتموهم‬
‫إنكم ملش ركون}(األنع ام‪ .)١٢١ :‬ويف قول ه ع ز وج ل‪{ :‬وي وم حنش رهم مجيع ا ي ا معش ر اجلن ق د اس تكثرمت من اإلنس وق ال‬
‫أولياؤهم من اإلنس ربنا استمتع بعضنا ببعض‪ ،‬وبلعنا أجلنا الذي أجلت لنا‪ ،‬قال النار مثواكم خالدين فيها إال ما شاء اهلل}‬
‫(األنعام‪.)١٢٨ :‬ويف قوله سبحانه‪{ :‬ومن َّيعش(‪)3‬عن ذكر الرمحن نقيض له شيطانا فهو له قريٌن وغنهم ليصدوهنم عن السبيل‬
‫وحيسبون أهنم مهتدون}(الزخرف‪ .)٣٧ – ٣٦ :‬ويف قوله عز وجل‪{ :‬إنا جعلنا الشياطني أولياء للذين ال يؤمنون}‬

‫آالف‪ ،‬فلما جزنا قال‪ :‬هل تفقدون شيئا؟ قالوا‪ :‬ال‪،‬قال‪:‬فأتينا البحرين فافتتحها وأقام هبا سنة مث مات رمحة اهلل عليه قال أبو‬
‫هريرة‪ :‬فكنت فيمن مرضه وغسله وكفنه وصلى عليه ودفنه‪ ،‬فلما دفناه تالومنا يف دفنه‪ ،‬وقالوا‪ :‬ينبشه كلب أو سبع‪ ،‬فكشفنا‬
‫عنه الرتاب فلم جنده يف قربه‪.‬قال الشيخ نشأت بن كمال املصري أثر حسن‪(.‬ش)‬
‫‪ )?(3‬ذكره اإلمام الاللكائي يف شرح أصول اعتقاد أهل السنة واجلماعة(‪)172‬يف كرامات األولياء من حديث عصام بن زيد‬
‫رجل من مزينة‪ ،‬قال‪ :‬كان رجل من اخلوارج يغشى جملس احلسن فيؤذيهم فقيل للحسن‪ :‬يا أبا سعيد‪ ،‬أال تكلم األمري حىت‬
‫يصرفه عنا‪ ،‬قال‪ :‬فسكت عنهم قال‪ :‬فأقبل ذات يوم واحلسن جالس مع أصحابه فلما رآه قال‪ :‬اللهم‪ ،‬قد علمت أذاه لنا‬
‫فاكفناه مبا شئت قال‪ :‬فخر واهلل الرجل من قامته‪ ،‬فما محل إىل أهله إال ميتا على سرير‪ ،‬فكان احلسن إذا ذكره بكى‪ ،‬وقال‬
‫البائس ما كان أغره باهلل قال الشيخ نشأت بن كمال املصري ضعيف‪(.‬ش)‬
‫‪ )?(2‬ذكره شيخ اإلسالم بن تيمية يف كتابه الفرقان بني أولياء الرمحن وأولياء الشيطان وذكره البيهقي يف دالئل النبوة مسلم‬
‫بن عبد اهلل بن شريك النخعي‪ :‬أن صاحب احلمار رجل من النخع‪ ،‬يقال له نباتة بن يزيد‪ ،‬خرج يف زمن عمر غازيا‪ ،‬حىت إذا‬
‫كان بسر عمرية نفق محاره‪ ،‬فذكر القصة غري أنه قال‪ :‬فباعه بعد بالكناسة‪ ،‬فقيل له‪ :‬تبيع محارا أحياه اهلل لك؟ قال‪ « :‬فكيف‬
‫أصنع؟ » فقال رجل من رهطه ثالثة أبيات‪ ،‬فحفظت هذا البيت‪ :‬ومنا الذي أحيا اإلله محاره وقد مات منه كل عضو‬
‫ومفصل (ش)‬
‫‪ )?(3‬يتعام وُيعِر ض‪.‬‬
‫‪www.alukah.net‬‬
‫اإلبهاج في شرح منهاج المسلم‬
‫‪www.alukah.net‬‬

‫(األعراف‪ .)٢٧ :‬وىف قوله عز وجل‪{ :‬إهنم اختذوا الشياطني أولياء من دون اهلل وحيسبون أهنم مهتدون} (األعراف‪.)٣٠ :‬‬
‫وىف قوله عز وجل‪ {:‬وقيضنا هلم قرناء فزينوا هلم ما بني أيديهم وما خلفهم} (فصلت‪.)٢٥ :‬‬
‫ويف قوله عز وجل‪{ :‬وإذ قلنا للمالئكة اسجدوا آلدم فسجدوا إال إبليس كان من اجلن ففسق عن أمر ربه أفتَّتخذونه وذريته‬
‫أولياء من دوين وهم لكم عدو} (الكهف‪.)٥٠ :‬‬
‫‪-2‬إخبار الرسول َص َّلى الَّلُه َعَلْي ِه َو َس َّلَم بذلك يف قوله ملا رأى جنًم ا قد ُر مَى به فاستنار قال خماطًب ا أصحابه‪َ" :‬م ا كنتْم تقولوَن‬
‫ملث ِل هذِه ِيف اجلاهلَّي ة؟" قالوا‪ :‬كنا نقول ميوت عظيٌم أو يولد عظيٌم‪ ،‬فقال" "إَّنُه اَل ُيرمى ب ِه ملوِت أح ٍد‪ ،‬واَل حليات ِه‪ ،‬ولكْن رُّبَن ا‬
‫تبارَك وتع اىَل إَذا ق ى أم ا س َّب محل ُة العرِش َّمث س َّب أه السماِء اَّل ذي يلوهن ‪َّ ،‬مث اَّل ذي يلوهن حىَّت يبل َغ الَّتسبي أه هذِه‬
‫ُح َل‬ ‫ْم‬ ‫َن‬ ‫ْم‬ ‫َن‬ ‫ّح ُل‬ ‫َض ًر َح‬
‫الَّس ماِء ‪َّ ،‬مث يسأُل أه الَّس ماِء محل َة العرِش ‪ :‬ماَذا قاَل رُّب ا؟ فيخربوه ‪َّ ،‬مث يستخ أه ك مساٍء حىَّت يبل اخل أه الَّس ماِء‬
‫َغ ُرب َل‬ ‫ُرب ُل ِّل‬ ‫ْم‬ ‫َن‬ ‫ُل‬
‫‪1‬‬ ‫ِه‬
‫الُّدنَيا‪ ،‬وختطُف الَّشياطُني الَّس مَع فرُي موَن ‪ ،‬فيقذفونُه إىَل أوليائهْم فَم ا جاُؤ وا به عَلى وجه فهَو حٌّق ولكَّنهْم يزيدوَن " ( )‪.‬‬
‫ويف قوله َص َّلى الَّل ُه َعَلْي ِه َو َس َّلَم ملا سئل عن الُك َّه ان فقال‪" :‬ليُس وا بشيء " فقالوا‪ :‬نعم إهنم حيدثوننا أحياًنا بش يٍٍء فيكون حًق ا‬
‫فقال‪" :‬تلَك الكلمُة مَن احلِّق خيِط فَه ا اجلُّن َفُيِق ُّر ها يف أذِن ولِّيِه فيجعلوَن معَه ا مائَة كذبٍة" (‪.)2‬‬
‫ويف قوله َص َّلى الَّلُه َعَلْيِه َو َس َّلَم ‪َ" :‬م ا منكْم مْن أحٍد إاَّل وقْد وِّك َل بِه قرينُه"(‪.)3‬‬

‫‪ )?(1‬رواه الرتمذي يف صحيحه (‪ .)3224‬وورد كذلك يف مسلم وأمحد‪ .‬أهـ احلديث ذكره املؤلف بنحو من رواية الرتمذي‬
‫ِض‬ ‫ِهلل‬
‫وصححه العالمة األلباين رمحه اهلل تعاىل‪،‬ورواه مسلم يف " صحيحه " (‪ )2229‬من حديث َعْبَد ا ْبَن َعَّباٍس َر َي الَّلُه‬
‫وِل اِهلل‬ ‫ِم‬ ‫ِب‬ ‫ِم‬
‫َعْنُه ما َقاَل ‪َ :‬أْخ َبَر يِن َرُج ٌل ْن َأْص َح ا الَّنِّيِب ‪ -‬صلى اهلل عليه وسلم ‪َ -‬ن اَأْلْنَص اِر ‪َ ،‬أَّنُه ْم َبْيَنَم ا ُه ْم ُج ُلوٌس َلْيَلًة َمَع َرُس‬
‫‪ -‬صلى اهلل عليه وسلم ‪ُ -‬ر ِم ِبَنْج ٍم َفاْس َتَناَر ‪َ ،‬فَق اَل ُهَلْم َرُس وُل اِهلل ‪ -‬صلى اهلل عليه وسلم ‪َ« :-‬م اَذا ُك ْنُتْم َتُقوُلوَن يِف‬
‫َي‬
‫ِظ ي ‪َ ،‬ق اَل وُل اِهلل‬ ‫ِظ‬ ‫ِل‬ ‫ِهِل ِة ِإ ِم ِمِب‬
‫اَجْلا َّي ‪َ ،‬ذا ُر َي ْثِل َه َذ ا؟» َقاُلوا‪ :‬اُهلل َو َرُس وُلُه َأْع َلُم‪ُ ،‬ك َّنا َنُقوُل ُو َد الَّلْيَلَة َرُج ٌل َع يٌم‪َ ،‬و َم اَت َرُج ٌل َع ٌم َف َرُس‬
‫‪ -‬صلى اهلل عليه وسلم ‪َ« :-‬فِإَّنَه ا اَل ُيْر َم ى َهِبا ِلَمْو ِت َأَح ٍد َو اَل َحِلَياِتِه‪َ ،‬و َلِكْن َر ُّبَنا َتَباَر َك َو َتَعاىَل اُمْسُه‪ِ ،‬إَذا َقَض ى َأْم ًر ا َس َّبَح َمَحَلُة‬
‫اْل ِش ‪َّ ،‬مُث َّب َأ الَّس اِء اَّلِذ ي ُلو ‪ ،‬ىَّت ُلَغ الَّت ِبي َأ ِذِه الَّس اِء الُّد ا» َّمُث َقاَل ‪ ":‬اَّلِذ ي ُلوَن َلَة اْل ِش َلِة‬
‫َن َي َمَح َعْر َحِلَم‬ ‫ْنَي‬ ‫َم‬ ‫َن َي َنُه ْم َح َيْب ْس ُح ْه َل َه‬ ‫َس َح ْه ُل َم‬ ‫َعْر‬
‫اْلَعْر ِش ‪َ :‬م اَذا َقاَل َر ُّبُك ْم ؟ َفُيْخ ُرِبوَنُه ْم َم اَذا َقاَل ‪َ :‬قاَل َفَيْس َتْخ ُرِب َبْعُض َأْه ِل الَّس َم اَو اِت َبْع ًض ا‪َ ،‬ح ىَّت َيْبُلَغ اَخْلَبُر َه ِذِه الَّس َم اَء الُّد ْنَيا‪،‬‬
‫َفَتْخ َطُف اِجْلُّن الَّس ْمَع َفَيْق ِذ ُفوَن ِإىَل َأْو ِلَياِئِه ْم ‪َ ،‬و ُيْر َمْو َن ِبِه‪َ ،‬فَم ا َج اُءوا ِبِه َعَلى َو ْج ِه ِه َفُه َو َح ٌّق ‪َ ،‬و َلِكَّنُه ْم َيْق ِر ُفوَن ِفيِه َو َيِز يُد وَن "‪.‬‬
‫(ش)‬
‫‪ )?(2‬رواه البخاري (‪ )8/58‬ورواه مسلم يف كتاب السالم‪.‬أهـ رواه البخاري يف"صحيحه" (‪،)6213(،)5762‬ورواه مسلم‬
‫اْلُك َّه اِن‬ ‫ِه‬ ‫ِه‬ ‫ِئ ِض‬
‫يف "صحيحه" (‪)2228‬من حديث أم املؤمنني َعا َشُة َر َي الَّلُه َعْنها َس َأَل ُأَناٌس َرُس وَل الَّل َص َّلى الَّلُه َعَلْي َو َس َّلَم َعْن‬
‫َفَق اَل ُهَلْم َرُس وُل الَّلِه َص َّلى الَّلُه َعَلْيِه َو َس َّلَم َلْيُس وا ِبَش ْي ٍء َقاُلوا َيا َرُس وَل الَّلِه َفِإَّنُه ْم َحُيِّد ُثوَن َأْحَياًنا ِبالَّش ْي ِء َيُك وُن َح ًّقا َفَق اَل‬
‫ِم‬ ‫ِة ِل ِف‬ ‫ِن ِل ِه‬ ‫ِجْل‬ ‫ِل ِم‬ ‫ِت‬ ‫ِه‬ ‫ِه‬
‫َرُس وُل الَّل َص َّلى الَّلُه َعَلْي َو َس َّلَم ْلَك اْلَك َم ُة ْن اَحْلِّق ْخَيَطُفَه ا ا ُّيِّن َفَيُقُّر َه ا يِف ُأُذ َو ِّي َقَّر الَّد َج اَج َفَيْخ ُطوَن يَه ا َأْك َثَر ْن‬
‫ِم اَئِة َك ْذ َبٍة‪(.‬ش)‬
‫ِض‬ ‫ِد ِهلل‬
‫‪ )?(3‬رواه مسلم (‪ )69‬كتاب صفات املنافقني‪.‬أهـ يف " صحيحه " (‪ )2814‬من حديث َعْب ا بن مسعود‪َ ،‬ر َي الَّلُه َعْنُه‬
‫ِم‬ ‫ِم ِجْل‬ ‫ِبِه‬ ‫ِم ِم ٍد ِإ‬ ‫ِه‬ ‫ِهلل‬
‫َقاَل ‪َ :‬قاَل َرُس وُل ا َص َّلى اُهلل َعَلْي َو َس َّلَم ‪َ " :‬م ا ْنُك ْم ْن َأَح اَّل َو َقْد ُو ِّك َل َقِر يُنُه َن ا ِّن ‪ ،‬ويف رواية ملسلم " َو َقِر يُنُه َن‬
‫‪www.alukah.net‬‬
‫اإلبهاج في شرح منهاج المسلم‬
‫‪www.alukah.net‬‬

‫ويف قوله َص َّلى الَّلُه َعَلْيِه َو َس َّلَم ‪" :‬إَّن الَّشيطاَن جيِر ي مِن ابِن آدَم جمَر ى الَّد ِِم مَن العروِق فضِّيُقوا عليِه جمارَيه بالَّص وِم " (‪.)1‬‬
‫‪ -3‬ما رآه وشاهده مئات ُألوف البشر من أحوال شيطانية غريبة يف كل زمان ومكان تقع ألولياء الشيطان‪ ،‬فمنهم من كان‬
‫يأتيه الشيطان بأنواع من األطعمة واألشربة‪ ،‬ومنهم من يقضي له الشيطان حاجاته‪ ،‬ومنهم من يكلمه بالغيب ويطلعه على بعض‬
‫بواطن األمور وخفاياها‪ ،‬ومنهم من مينع نفوذ السالح إليه‪ ،‬ومنهم من يأتيه الشيطان يف صورة رجل صاحل عندما يستغيث بذلك‬
‫الصاحل لتغريره وتضليله ومحله على الشرك باهلل ومعاصيه‪ ،‬ومنهم من قد حيمله إىل بلد بعيد أو يأتيه بأشخاص أو حاجات من‬
‫أماكن بعيدة‪ ..‬إىل غري ذلك من األعمال اليت تقوى على فعلها الشياطني ومردة اجلاِّن وخبثاؤهم‪.‬‬
‫وحتصل هذه األحوال الشيطانية نتيجة خلبث روح اآلدمي مبا يتعاطى من ضروب الشر والفساد والُك فر واملعاصي البعيدة عن‬
‫ُك ل ذي حق وخري‪ ،‬وإميان وتقوى وصالح‪ ،‬حىت يبلغ اآلدمي درجة من خبث النفس وشرها يتحد فيها مع أرواح الشياطني‬
‫املطبوعة على اخلبث والشر‪ ،‬وعندئذ تتم الوالية بينه وبني الشياطني فيوحي بعضهم إىل بعض‪ ،‬وخيدم بعضهم بعًض ا كل مبا يقدر‬
‫عليه؛ ولذا ا يقال هلم يوم القيامة‪{ :‬يا معشر اجلن قد استكثرمت من اإلنس}‪ ،‬يقول أولياؤهم من اإلنس‪{ :‬ربنا استمتع بعضنا‬
‫ّمل‬
‫ببعض}(األنعام‪ .)١٢٨ :‬وأما الفرق بني كرامة أولياء اهلل الربانية وبني األحوال الشيطانية‪ ،‬فإنه يظهر يف سلوك العبد وحاله‪،‬‬
‫فإن كان من ذوي اإلميان والتقوى املتمسكني بشريعة اهلل ظاهًر ا وباطًن ا فما جيري على يديه من خارقة هو كرامة من اهلل تعاىل‬
‫له‪ ،‬وإن كان من ذوي اخلبث والشر والبعد عن التقوى املنغمسني يف ضروب املعاصي املتوغلني يف الكفر والفساد‪ ،‬فما جيري‬
‫على يديه من خارقة إمنا هو من جنس االستدراج أو من خدمة أوليائه من الشياطني له‪ ،‬ومساعداهتم إياه‪)2( .‬‬
‫الفصل السادس عشر‪ -:‬اإلميان بوجوب األمر باملعروف والنهي عن املنكر وآدابه‪-:‬‬

‫اْلَم اَل ِئَك ِة " َقاُلوا‪َ :‬و ِإَّياَك َيا َرُس وَل اِهلل؟ َقاَل ‪َ " :‬و ِإَّياَي ‪ِ ،‬إاَّل َأَّن اَهلل َأَعاَنيِن َعَلْيِه َفَأْس َل ُم‪َ ،‬فاَل َيْأُمُر يِن ِإاَّل َخِبٍرْي "‪( .‬ش)‬
‫‪ )?(1‬ورد يف البخاري (‪ )4/100( ،)3/64‬وورد يف مسلم بلفظ آخر‪" :‬إن الشيطان جيرى من ابن آدم مبلغ الدم‪".......‬‬
‫أهـ رواه البخاري يف"صحيحه" (‪،)3281‬ورواه مسلم يف "صحيحه" (‪ )2175‬من حديث َص ِف َّيَة ِبْنِت ُحَيٍّي َر ِض َي الَّلُه َعْنها‬
‫َقاَلْت َك اَن َرُس وُل الَّلِه َص َّلى الَّلُه َعَلْيِه َو َس َّلَم ُمْع َتِكًف ا َفَأَتْيُتُه َأُز وُر ُه َلْياًل َفَح َّد ْثُتُه َّمُث ُقْم ُت َفاْنَق َلْبُت َفَق اَم َم ِعي ِلَيْق ِلَبيِن َو َك اَن‬
‫َك ا يِف اِر ُأ ا َة ِن ٍد َف َّر اَل ِن ِم اَأْلْن اِر َلَّم ا َأ ا الَّن َّلى الَّل َل ِه َّل َأ ا َق اَل الَّن َّلى الَّل َل ِه‬
‫ُّيِب َص ُه َع ْي‬ ‫ْن َص َف َر َي َّيِب َص ُه َع ْي َو َس َم ْس َر َع َف‬ ‫َمْس ُنَه َد َس َم ْب َز ْي َم َرُج‬
‫َو َس َّلَم َعَلى ِر ْس ِلُك َم ا ِإَّنَه ا َص ِف َّيُة ِبْنُت ُحَيٍّي َفَق ااَل ُس ْبَح اَن الَّلِه َيا َرُس وَل الَّلِه َقاَل ِإَّن الَّش ْيَطاَن ْجَيِر ي ِم ْن اِإْل ْنَس اِن ْجَمَر ى الَّد ِم َو ِإيِّن‬
‫َخ ِش يُت َأْن َيْق ِذ َف يِف ُقُلوِبُك َم ا ُس وًءا َأْو َقاَل َش ْيًئا‪.‬قال العالمة األلباين رمحه اهلل تعاىل كما يف السلسلة الضعيفة وقد ذكره ابن‬
‫تيمية يف مكان آخر من رسالته يف " الصيام " بزيادة‪":‬فضيقوا جماريه باجلوع و الصوم"‪ ،‬و ال أصل هلا من شيء من كتب‬
‫السنة اليت وقفت عليها‪ ،‬وإمنا هي يف " كتاب اإلحياء " للغزايل فقط كما نبهت عليه يف التعليق على الرسالة املذكورة‪(.‬ش)‬
‫‪ )?(2‬وقد جرت مناظرة بني ابن تيمية وبني الرفاعية‪ ،‬فقالوا له‪ :‬ندخل النار وأنت معنا؛ والذي حيرق منا دليل على فساده‪،‬‬
‫والذي ال حيرق دليل على صالحه‪ ،‬فوافق ابن تيمية على ذلك نصرًا للدين‪ ،‬وتوكًال على اهلل‪ ،‬ويقينًا يف اهلل‪ ،‬وقال‪ :‬ولكن يل‬
‫شرط‪ ،‬أن يغتسل اجلميع قبل دخول النار‪ ،‬ألنه يعرف أهنم سوف يتدهنون بنوع من الدهن ال يتأثر بالنار‪ ،‬وال تؤثر فيه النار‪،‬‬
‫فرفضوا على الفور‪ ،‬فعلم أنه صاحب احلق‪(.‬ش)‬
‫‪www.alukah.net‬‬
‫اإلبهاج في شرح منهاج المسلم‬
‫‪www.alukah.net‬‬

‫أ‌‪ -‬يف وج وب األم ر ب املعروف والنهي عن املنك ر‪ -:‬ي ؤمن املس لم ب واجب األم ر ب املعروف والنهي عن املنك ر على ك ل مس لم‬
‫مكلف قادر َعِلم باملعروف ورآه مرتوكًا‪ ،‬أو علم باملنكر ورآه مرتكًبا‪ ،‬وقدر على األمر أو التغيري بيده أو لسانه‪.‬‬
‫وأن ه من أعظم الواجب ات الديني ة بع د اإلميان باهلل تع اىل‪ ،‬إذ ذك ره اهلل تع اىل يف كتاب ه العزي ز مقروًن ا باإلميان ب ه ع ز وج ل‪ ،‬ق ال‬
‫تعاىل‪ {:‬كنتم خري أمة أخرجت للناس تأمرون باملعروف وتنهون عن املنكر وتؤمنون باهلل} (آل عمران‪.)١١٠:‬‬
‫وذلك لألدلة النقلية السمعية والعقلية املنطقية اآلتية‪-:‬األدلة النقلية‪-:‬‬
‫‪ -1‬أمره تعاىل به يف قوله‪{ :‬ولتكن منكم أمة يدعون إىل اخلري ويأمرون باملعروف وينهون عن املنكر‪ ،‬وأولئك هم املفلحون}‬
‫(آل عمران‪.)١٠٤ :‬‬
‫‪ -2‬إخباره تعاىل عن أهل نصرته وواليته بأهنم يأمرون باملعروف وينهون عن املنكر يف قوله‪{ :‬الذين إن مَّك َّناهم يف األرض‬
‫أقاموا الصالة وآتوا الزكاة وأمروا باملعروف وهنوا عن املنكر} (احلج‪.)٤١ :‬‬
‫ويف قوله عز وجل‪{ :‬واملؤمنون واملؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون باملعروف وينهون عن املنكر ويقيمون الصالة ويؤتون‬
‫الصالة ويطيعون اهلل ورسوله} (التوبة‪.)٧١ :‬‬
‫ويف قوله سبحانه فيما أخرب به عن ولِّي ه لقمان عليه السالم وهو يعظ ابنه‪{ :‬يا بين أقم الصالة وأمر باملعروف وأنه عن املنكر‬
‫واصرب على ما أصابك إن ذلك من عزم األمور}(لقمان‪.)١٧ :‬‬
‫ويف قوله تعاىل فيما نعاه على بين إسرائيل‪ُ {:‬لعن الذين كفروا من بين إسرائيل على لسان داود وعيسى بن مرمي ذلك مبا عصوا‬
‫وكانوا يعتدون‪ ،‬كانوا ال يتناهون عن منكر فعلوه لبئس ما كانوا يفعلون} (املائدة‪.)٧٩ – ٧٨ :‬‬
‫ويف قول ه تع اىل فيم ا ذك ره عن ب ين إس رائيل من أن ه تع اىل َّجنى اآلم رين ب املعروف والَّناهني عن املنك ر وأهل ك الت اركني ل ذلك‪:‬‬
‫{ أجنينا الذين ينهون عن السوء وأخذنا الذين ظلموا بعذاب بئس مبا كانوا يفسقون} (األعراف‪.)١٦٥ :‬‬
‫‪-3‬أمر الرسول َص َّلى الَّلُه َعَلْيِه َو َس َّلَم به يف قوله‪" :‬مْن رَأى منكْم منكًر ا فليغرَي ُه بيدِه فإْن ْمل يستطْع فبلساِنه فإْن ْمل يستطْع فبقلِب ه‬
‫وذلَك أضعُف اإلمياُن " (‪.)1‬‬
‫ِع ِم‬ ‫ِش‬ ‫ِف‬ ‫ِه‬
‫ويف قوله َص َّلى الَّلُه َعَلْي َو َس َّلَم ‪َ " :‬لَتْأُمُر َّن ِباْلَم ْع ُر و َو َلَتْنَه ُو َّن َعْن اْلُم ْنَك ِر َأْو َلُيو َك َّن الَّلُه َأْن َيْبَعَث َعَلْيُك ْم َق اًبا ْن ُه َّمُث َتْد ُعوَنُه‬
‫َفاَل يستجيُب لكْم " (‪.)2‬‬
‫ٍم‬
‫‪ -4‬إخباره َص َّلى الَّل ُه َعَلْي ِه َو َس َّلَم يف قوله‪َ" :‬م ا مْن قو عمُلوا باملعاِص ي وفيهْم مْن يقدُر أْن ينِك ر عليهْم فلْم يفعُلوا‪ ،‬إاَّل يوش ُك‬
‫أن يعَّم ُه م اُهلل بعذاٍب مْن عندِه"(‪.)3‬‬

‫‪ )?(1‬رواه مسلم (‪.)69‬أهـ يف "صحيحه"(‪ )49‬من حديث أيب سعيد اخلدري رضي اهلل عنه‪(.‬ش)‬
‫‪ )?(2‬رواه أبو داود (‪ )17‬كتاب املالحم‪ .‬ورواه اإلمام أمحد (‪.)5/391‬أهـ ورواه الرتمذي يف "سننه" (‪ )2169‬من حديث‬
‫ُح َذ ْيَفَة ْبِن اْلَيَم اِن رضي اهلل عنه وَقاَل َأُبو ِعيَس ى َه َذ ا َح ِد يٌث َح َس ٌن ‪،‬وحسن إسناده العالمة األلباين رمحه اهلل تعاىل‪ ،‬وقال الشيخ‬
‫شعيب األرنؤوط حسن لغريه (ش)‬
‫‪ )?(3‬إحتاف السادة املتقني (‪.)7/6‬أهـ رواه أبو داود يف " سننه " (‪ )4338‬من حديث أيب بكر الصديق رضي اهلل عنه َقاَل َأُبو‬
‫َبْك ٍر َبْع َد َأْن ِمَح َد الَّلَه َو َأْثىَن َعَلْيِه َيا َأُّيَه ا الَّناُس ِإَّنُك ْم َتْق َرُءوَن َه ِذِه اآْل َيَة َو َتَض ُعوَنَه ا َعَلى َغِرْي َم َو اِضِعَه ا { َعَلْيُك ْم َأْنُف َس ُك ْم اَل‬
‫‪www.alukah.net‬‬
‫اإلبهاج في شرح منهاج المسلم‬
‫‪www.alukah.net‬‬

‫ويف قوله أليب ثعلبة اخلشين ملا سأله عن تفسري قوله تعاىل‪{ :‬ال يضركم من ضل إذا اهتديتم}‬
‫(املائدة‪.)١٠٥ :‬فقال‪َ" :‬يا ثعلبة‪ُ ،‬مْر باملعروِف وانَه عِن املنكِر ‪ ،‬فإذا رأيَت ُش ًّح ا مطاًع ا وه ًو ى ُم َّتبًع ا ودنيا مؤثرًة وإعجاَب ك ِّل‬
‫ِذ ي رْأي برأِيه فعلي َك بنفس َك ‪ ،‬ودْع عن َك العواَّم‪ ،‬إَّن مْن ورائكْم فتًن ا كقط ِع الَّلي ِل املظلِم ‪ ،‬للمتمِّس ِك فيَه ا مبث ِل اَّلِذي أنُتم علِي ه‬
‫أج ُر مخس َني منكْم "‪ ،‬قي ل‪ :‬ب ل منهم ي ا رس ول اهلل‪ ،‬ق ال‪":‬اَل ب ْل منكْم ألَّنكْم جتدوَن عَلى اخلِري أعواًن ا‪ ،‬وال جيدوَن علِي ه أعواًن ا"‬
‫(‪.)1‬‬
‫وقوله َص َّلى الَّلُه َعَلْيِه َو َس َّلَم ‪َ" :‬م ا مْن نٍّيب بعثُه اُهلل ِيف أَّم ٍة قبِلي إاَّل كاَن ل ُه مْن أَّم ت ِه حواِر ُّيوَن وأصحاٌب يأخذوَن بس َّنتِه‪ ،‬ويقتدوَن‬
‫ِه‬
‫بأمره‪َّ ،‬مث إهنم ختل ُف مْن بع دهْم خلوٌف يقولوَن َم ا اَل يفعلوَن ‪ ،‬ويفعلوَن َم ا اَل ُيؤمروَن ‪ ،‬فمْن جاهدهْم بيد فه ْو مؤمٌن ‪ ،‬ومْن‬
‫جاهدهْم بلسانِه فهَو مؤمٌن ‪ ،‬ومْن جاهدهْم بقلِبه فهَو مؤمٌن ‪ ،‬وليَس وراَء ذلَك مَن اإلمياِن حَّبُة خردٍل " (‪.)2‬‬
‫وقوله َص َّلى الَّلُه َعَلْيِه َو َس َّلَم عندما ُس ئل عن أفضل اجلهاد‪ ،‬فقال‪" :‬كلمُة حٍّق عنَد سلطاٍن جائٍر " (‪.)3‬‬
‫األدلة العقلية‪-:‬‬

‫َيُضُّر ُك ْم َمْن َض َّل ِإَذا اْه َتَد ْيُتْم } َقاَل َعْن َخ اِلٍد َو ِإَّنا ِمَس ْع َنا الَّنَّيِب َص َّلى الَّلُه َعَلْيِه َو َس َّلَم َيُقوُل ِإَّن الَّناَس ِإَذا َر َأْو ا الَّظاَمِل َفَلْم َيْأُخ ُذ وا‬
‫وَل الَّلِه َّلى الَّل َل ِه َّل ُقوُل ا ِم ٍم‬ ‫ِإ ِمَس‬ ‫ِبِع ٍب‬ ‫ِه‬
‫َص ُه َع ْي َو َس َم َي َم ْن َقْو‬ ‫َعَلى َيَد ْي َأْو َشَك َأْن َيُعَّم ُه ْم الَّلُه َق ا و َقاَل َعْمٌر و َعْن ُه َش ْيٍم َو يِّن ْعُت َرُس‬
‫ُيْع َم ُل ِفيِه ْم ِباْلَم َعاِص ي َّمُث َيْق ِد ُر وَن َعَلى َأْن ُيَغِّيُر وا َّمُث اَل ُيَغِّيُر وا ِإاَّل ُيوِش ُك َأْن َيُعَّم ُه ْم الَّلُه ِم ْنُه ِبِعَق اٍب َقاَل َأُبو َد اُو د َو َرَو اُه َك َم ا‬
‫َقاَل َخ اِلٌد َأُبو ُأَس اَم َة َو َمَجاَعٌة َو َقاَل ُش ْع َبُة ِفيِه " َم ا ِم ْن َقْو ٍم ُيْع َم ُل ِفيِه ْم ِباْلَم َعاِص ي ُه ْم َأْك َثُر َّمِمْن َيْع َم ُلُه " واحلديث صححه‬
‫العالمة األلباين رمحه اهلل تعاىل‪.‬‬
‫وأخرج اإلمام أمحد يف "مسنده"(‪ )1‬والرتمذي يف "سننه" (‪ )2168‬وابن ماجه يف "سننه" (‪ )4005‬من حديث أيب بكر‬
‫الصديق رضي اهلل عنه أنه َقاَم َأُبو َبْك ٍر َر ِض َي اُهلل َعْنُه َفَح ِم َد اَهلل َو َأْثىَن َعَلْيِه‪َّ ،‬مُث َقاَل ‪َ :‬يا َأُّيَه ا الَّناُس ‪ِ ،‬إَّنُك ْم َتْق َر ؤوَن َه ِذِه اآْل َيَة‪:‬‬
‫َّل ِإَذا ا َتَد ُت } [املائدة‪ِ ،]105 :‬إَّنا ِمَس َنا وَل اِهلل َّلى ا َل ِه‬ ‫ِذ‬
‫َص ُهلل َع ْي‬ ‫َو ْع َرُس‬ ‫ْه ْي ْم‬ ‫{َيا َأُّيَه ا اَّل يَن آَم ُنوا َعَلْيُك ْم َأْنُف َس ُك ْم اَل َيُضُّر ُك ْم َمْن َض‬
‫َو َس َّلَم َيُقوُل ‪ِ " :‬إَّن الَّناَس ِإَذا َر َأْو ا اْلُم ْنَك َر َفَلْم ُيغِّيُر وُه‪َ ،‬أْو َشَك َأْن َيُعَّم ُه ُم اُهلل ِبِعَق اِبِه " قال الشيخ شعيب األرنؤوط إسناده‬
‫صحيح على شرط الشيخني‪ ،‬وصححه العالمة األلباين رمحه اهلل تعاىل‪( .‬ش)‬
‫‪ )?(1‬رواه احلاكم (‪ )4/322‬وإحتاف السادة املتقني (‪ .)7/6‬أهـ رواه الرتمذي يف " سننه " (‪ )3058‬وقال‪ " :‬حديث‬
‫حسن غريب " وضعفه األلباين‪ ،‬أبو داود (‪،)512/4341 /4‬ورواه ابن ماجه يف " سننه " (‪ )4014‬وضعفه األلباين‬
‫وقال لكن فقرة أيام الصرب ثابتة‪ ،‬وأخرجه الطرباين يف الكبري والبزار عن ابن مسعود َر ِض َي الَّلُه َعْنُه‪ .‬وأورده اهليثمي يف‬
‫اجملمع وقال‪" :‬رواه البزار والطرباين‪ ،‬ورجال البزار رجال الصحيح غري سهل بن عامر البجلي وثقه ابن حبان "‪ .‬وقال‬
‫الشيخ األلباين رمحه اهلل تعاىل يف الصحيحة بعد أن ذكر رواية املعجم‪ " :‬وهذا إسناد صحيح رجاله كلهم ثقات رجال‬
‫مسلم "‪( .‬ش)‬
‫‪ )?(2‬رواه مسلم (‪ )80‬كتاب اإلميان‪.‬أهـ يف "صحيحه" (‪ )50‬من حديث عبد اهلل بن مسعود رضي اهلل عنه‪.‬ويف رواية‬
‫ملسلم "يهتدون هبديه ويستنون بسنته"‪(.‬ش)‬
‫‪www.alukah.net‬‬
‫اإلبهاج في شرح منهاج المسلم‬
‫‪www.alukah.net‬‬

‫‪ -1‬لق د ثبت بالتجرب ة واملش اهدة أَّن املرض إذا أمهل ومل يع اجل استش رى يف اجلس م‪ ،‬وعس ر عالج ه بع د متكن ه من اجلس م‬
‫واستشرائه فيه‪ ،‬وكذلك املنكر إذا ترك فلم ُيغرَّي فإنه ال يلبث أن يألفه الناس ويفعله كبريهم وصغريهم‪ ،‬وعندئذ يصبح من غري‬
‫السهل تغيريه أو إزالته‪ ،‬ويومها يستوجب فاعلوه العقاب من اهلل‪ ،‬العقاب الذي ال ميكن أن يتخَّل ف حبال‪ ،‬إذ إنه جاٍر على سنن‬
‫اهلل تع اىل ال يت ال تتب دل وال تتغ ري‪{:‬س نة اهلل} (األح زاب‪ {)٦٢ :‬فلن جتد لس نة اهلل تب ديًال‪ ،‬ولن جتد لس نة اهلل حتويال} (ف اطر‪:‬‬
‫‪.)٤٣‬‬
‫‪ -2‬حصل باملشاهدة أن املنزل إذا أمهل‪ ،‬ومل ينظف‪ ،‬ومل تبعد منه النفايات واألوساخ فرتة من الزمان يصبح غري صاحل للسكن‪،‬‬
‫إذ تتعفن رحيه‪ ،‬ويتسمم هواؤه‪ ،‬وتنتشر فيه اجلراثيم واألوبئة لطول ما تراكمت فيه األوساخ‪ ،‬وكثرة ما جتمعت القاذورات‪.‬‬
‫وكذلك اجلماعة من املؤمنني إذا أمهل فيهم املنكر فال يغرَّي ‪ ،‬واملعروف فلم يؤمر به ال يلبثون أن يصبحوا خبثاء األرواح ش ِّر يري‬
‫النف وس‪ ،‬ال يعرف ون معروف ًا‪ ،‬وال ينك رون منك ًر ا‪ ،‬ويومئ ذ يص بحون غ ري ص احلني للحي اة‪ ،‬فيهلكهم اهلل مبا ش اء من أس باب‬
‫ووسائط‪ ،‬وإن بطش رِّبك لشديد‪ ،‬واهلل عزيز ذو انتقام‪.‬‬
‫‪ -3‬عرف باملالحظة أن النفس البشرية تعتاد القبيح فيحسن عندها وتألف الَّش َّر فيصبح طبيعة هلا‪ ،‬فذلك شأن األمر باملعروف‬
‫والنهي عن املنك ر‪ ،‬ف إن املع روف إذا ت رك ومل ي ؤمر ب ه س اعة ترك ه ال يلبث الن اس أن يعت ادوا ترك ه‪ ،‬ويص بح فعل ه عن دهم من‬
‫املنكر‪ ،‬وكذلك املنكر إذا مل يبادر إىل تغيريه وإزالته مل ميِض يسٌري من الزمن حىت يكثر وينشر‪ ،‬مث يعتاد ويؤلف‪ ،‬مث يصبح يف نظر‬
‫مرتكبيه غري منكر‪ .‬بل يرونه هو املعروف بعينه‪ ،‬وهذا هو انطماس البصرية واملسخ الفكري ‪-‬والعياذ باهلل تعاىل‪ -‬من أجل هذا‬
‫أمر اهلل ورسوله باألمر باملعروف والنهي عن املنكر‪ ،‬وأوجباه فريضة على املسلمني إبقاء هلم على طهرهم وصالحهم وحمافظة‬
‫هلم على شرف مكانتهم بني األمم والشعوب‪.‬‬
‫ب‌‪-‬آداب األمر باملعروف والنهي عن املنكر‪-:‬‬
‫‪ -1‬إن يكون عا ا حبقيقة ما يأمر به من أنه معروف يف الشرع‪ ،‬وأنه قد ترك بالفعل‪ ،‬كما يكون عا ا حبقيقة املنكر الذي ينهى‬
‫ًمل‬ ‫ًمل‬
‫عنه ويريد تغيريه‪ ،‬وأن يكون ارتكب حقيقة‪ ،‬وأنه مما ينكر الشرع من املعاصي واحملرمات‪.‬‬
‫‪ -2‬أن يكون ورًعا ال يأيت الذي ينهي عنه‪ ،‬وال يرتك الذي يأمر به لقوله تعاىل‪{ :‬يا أيها الذين آمنوا مل تقولون ما ال تفعلون‪،‬‬
‫ك رب مقت ًا عن د اهلل أن تقول وا م ا ال تفعل ون}(الص ف‪ .)٣ – ٢ :‬وقول ه‪{ :‬أت أمرون الن اس ب الرب وتنس ون أنفس كم وأنتم تتل ون‬
‫الكتاب أفال تعقلون}(البقرة‪.)٤٤ :‬‬
‫‪ -3‬أن يكون حسن اخللق حليًم ا يأمر بالرفق‪ ،‬وينهي باللني‪ ،‬ال جيد يف نفسه إذا ناله سوء ممن هناه‪ ،‬وال يغضب إذا حلقه أذى‬
‫ممن أمره‪ ،‬بل يصرب ويعفو ويصفح لقوله تعاىل‪ {:‬يا بين أقم الصالة وأمر باملعروف وانه عن املنكر‪ ،‬واصرب على ما أصابك إن‬
‫ذلك من عزم األمور}(لقمان‪.)١٧ :‬‬

‫‪ )?(3‬رواه ابن ماجة (حديث ‪ .)4012‬ورواه النسائي (‪ .)7/161‬ورواه اإلمام أمحد (‪ .)4/315‬أهـ من حديث َأيِب ُأَم اَم َة‬
‫َّلِه ِجْل ِد‬ ‫ِة‬ ‫ِع‬ ‫ِل ِل َّلِه َّل َّل ِه َّل‬
‫رضي اهلل عنه َقاَل َعَر َض َر ُس و ال َص ى ال ُه َعَلْي َو َس َم َرُج ٌل ْنَد اَجْلْم َر اُأْلوىَل َفَق اَل َيا َرُس وَل ال َأُّي ا َه ا َأْفَض ُل‬
‫َفَس َك َت َعْنُه َفَلَّم ا َر َأى اَجْلْم َر َة الَّثاِنَيَة َس َأَلُه َفَس َك َت َعْنُه َفَلَّم ا َرَم ى ْمَجَر َة اْلَعَق َبِة َو َض َع ِر ْج َلُه يِف اْلَغْر ِز ِلَيْر َك َب َقاَل َأْيَن الَّس اِئُل َقاَل‬
‫َأَنا َيا َرُس وَل الَّلِه َقاَل َك ِلَم ُة َح ٍّق ِعْنَد ِذ ي ُس ْلَطاٍن َج اِئٍر " قال األلباين رمحه اهلل تعاىل‪ :‬حسن صحيح‪( .‬ش)‬
‫‪www.alukah.net‬‬
‫اإلبهاج في شرح منهاج المسلم‬
‫‪www.alukah.net‬‬

‫‪ -4‬أن ال يتع رف إىل املنك ر بواس طة التجس س؛ إذ ال ينبغي ملعرف ة املنك ر أن يتجس س على الن اس يف بي وهتم‪ ،‬أو يرف ع ثي اب‬
‫أحدهم لريى ما حتتها‪ ،‬أو يكشف الغطاء ليعرف ما يف الوعاء؛ إذ الشارع أمر بسرت عورات الناس‪ ،‬وهنى عن التجسس عنهم‬
‫والتجسس عليهم‪ .‬قال تعاىل‪{ :‬وال َجتَّس سوا} (احلجرات‪ .)١٢ :‬وقال رسول اهلل َص َّلى الَّلُه َعَلْيِه َو َس َّلَم ‪" :‬اَل جتَّس ُس وا" (‪.)1‬‬
‫وقال عليه أزكى الصالة والسالم‪" :‬مْن سَرت مسلًم ا سرتُه اُهلل يف الُّدنَيا واآلخرِة" (‪.)2‬‬
‫‪ -5‬قبل أن يأمر من أراد أمره‪ ،‬أن يعِّر فه باملعروف‪ ،‬إذ قد يكون تركه له لكونه مل يعرفه أنه من املعروف‪ ،‬كما يعرف من أراد‬
‫هنيه عن املنكر بأن ما فعله من املنكر‪ ،‬إذ قد يكون فعله له ناًجتا عن كونه مل يعرف أنه من املنكر‪.‬‬
‫‪ -6‬أن يأمر وينهي باملعروف‪ ،‬فإن مل يفعل التارك للمعروف ومل يرتك املرتكب للمنهي وعظه مبا يرِّق ق قلبه بذكر ما ورد يف‬
‫الشرع من أدلة الرتغيب والرتهيب‪ ،‬فإن مل حيصل امتثال استعمل عبارات التأنيب والتعنيف‪ ،‬واإلغالظ يف القول‪ ،‬فإن مل ينفع‬
‫ذلك غري املنكر بيده‪ ،‬فإن عجز استظهر عليه باحلكومة أو باإلخوان‪.‬‬
‫‪ -7‬فإن عجز عن تغيري املنكر بيده ولسانه بأن خاف على نفسه‪ ،‬أو ماله‪ ،‬أو عرضه‪ ،‬وكان ال يطيق الصرب على ما يناله اكتفى‬
‫بتغيري املنكر بقلبه؛ لقول الرسول َص َّلى الَّلُه َعَلْيِه َو َس َّلَم ‪" :‬مْن رَأى منكْم منكًر ا فليغرِّي ُه بيدِه فإْن ْمل يستطْع ‪ "....‬احلديث‪.‬‬
‫الفصل السابع عشر‬
‫اإلميان بوجوب حمبة أصحاب رسول اهلل َص َّلى الَّلُه َعَلْيِه َو َس َّلَم وأفضليتهم وإجالل أئمة اإلسالم وطاعة والة أمور املسلمني‪-:‬‬
‫ي ؤمن املس لم بوج وب حمب ة أص حاب رس ول اهلل َص َّلى الَّل ُه َعَلْي ِه َو َس َّلَم‪ ،‬وآل بيت ه وأفض ليتهم على من س واهم من املؤم نني‬
‫واملسلمني‪ ،‬وأهنم فيما بينهم متفاوتون يف الفضل‪ ،‬وعلو الدرجة حبسب أسبقيتهم يف اإلسالم‪.‬‬
‫فأفض لهم اخللف اء الراش دون األربع ة‪ :‬أب و بك ر‪ ،‬وعم ر‪ ،‬وعثم ان‪ ،‬وعلي رض ي اهلل عن ه تع اىل عنهم أمجعني مث العش رة املبش رون‬
‫باجلنة‪ ،‬وهم الراشدون األربعة‪ ،‬وطلحة بن عبيد اهلل‪ ،‬والزبري بن العوام‪ ،‬وسعد بن أيب وقاص‪ ،‬وسعيد بن زيد‪ ،‬وأبو عبيدة عامر‬
‫بن اجلراح‪ ،‬وعبد الرمحن بن عوف‪ ،‬مث أهل بدر‪ ،‬مث املبشرون باجلنة من غري العشرة كفاطمة الزهراء‪ ،‬وولديها احلسنني‪ ،‬وثاب‬
‫بن قيس‪ ،‬وبالل بن رباح وغريهم‪ ،‬مث أهل بيعه الرضوان وكانوا ألًف ا وأربعمائة صحاٍّيب رضي اهلل عنهم أمجعني‪.‬‬

‫‪ )?(1‬البخاري يف حديث أوله‪" :‬إياكم والظن‪ .)185 ،8/23( ،)7/24( ،)4/5( " ....‬أهـ رواه البخاري يف " صحيحه "‬
‫ِض‬
‫(‪،)6724( ،)6066( ،)6064( ،)5143‬ورواه مسلم يف " صحيحه " (‪ )2563‬من حديث َأيِب ُه َر ْيَر َة َر َي الَّلُه َعْنُه‬
‫َأَّن َرُس وَل الَّلِه َص َّلى الَّلُه َعَلْيِه َو َس َّلَم َقاَل "ِإَّياُك ْم َو الَّظَّن َفِإَّن الَّظَّن َأْكَذ ُب اَحْلِد يِث َو اَل َحَتَّس ُس وا َو اَل َجَتَّس ُس وا َو اَل َتَناَج ُش وا َو اَل‬
‫َحَتاَس ُد وا َو اَل َتَباَغُضوا َو اَل َتَد اَبُر وا َو ُك وُنوا ِعَباَد الَّلِه ِإْخ َو اًنا" (ش)‬
‫‪ )?(2‬مسلم يف حديث أوله‪ " :‬من نفس عن مؤمن كربة‪ )38( " ....‬كتاب الذكر‪.‬أهـ رواه مسلم يف " صحيحه " (‪)2699‬‬
‫من حديث َأيِب ُه َر ْيَر َة َر ِض َي الَّلُه َعْنُه َقاَل ‪َ :‬قاَل َرُس وُل الَّلِه َص َّلى الَّلُه َعَلْيِه َو َس َّلَم "َمْن َنَّف َس َعْن ُمْؤ ِم ٍن ُك ْر َبًة ِم ْن ُك َر ِب الُّد ْنَيا‬
‫َنَّف الَّلُه َعْنُه ُك ْر َبًة ِم ْن ُك ِب َيْو ِم اْلِق َياَم ِة َو َمْن َيَّس َعَلى ُمْع ِس ٍر َيَّس الَّلُه َعَلْيِه يِف الُّد ْنَيا َو اآْل ِخ ِة َو َمْن َس َت ُمْس ِلًم ا َس َت ُه الَّلُه يِف‬
‫َر‬ ‫َر‬ ‫َر‬ ‫َر‬ ‫َر‬ ‫َر‬ ‫َس‬
‫َلَك َطِر يًق ا ْلَتِم ِفيِه ِعْل ا َّه الَّلُه َلُه ِبِه َطِر يًق ا ىَلِإ‬ ‫الُّد ا اآْل ِخ ِة الَّل يِف ِن اْل ِد ا َك اَن اْل ُد يِف ِن َأِخ يِه‬
‫ًم َس َل‬ ‫َي ُس‬ ‫َو َمْن َس‬ ‫َعْب َعْو‬ ‫ْنَي َو َر َو ُه َعْو َعْب َم‬
‫اَجْلَّنِة َو َم ا اْج َتَمَع َقْو ٌم يِف َبْيٍت ِم ْن ُبُيوِت الَّلِه َيْتُلوَن ِكَتاَب الَّلِه َو َيَتَد اَرُس وَنُه َبْيَنُه ْم ِإاَّل َنَز َلْت َعَلْيِه ْم الَّس ِكيَنُة َو َغِش َيْتُه ْم الَّر َمْحُة‬
‫َو َح َّف ْتُه ْم اْلَم اَل ِئَك ُة َو َذَك َر ُه ْم الَّلُه ِفيَمْن ِعْنَد ُه َو َمْن َبَّطَأ ِبِه َعَم ُلُه ْمَل ُيْس ِر ْع ِبِه َنَس ُبُه"(ش)‬
‫‪www.alukah.net‬‬
‫اإلبهاج في شرح منهاج المسلم‬
‫‪www.alukah.net‬‬

‫كما يؤمن املسلم بوجوب إجالل أئمة اإلسالم واحرتامهم وتوقريهم والتأدب معهم عند ذكرهم‪ ،‬وهم أئمة الدين وأعالم اهلدى‬
‫كالقَّر اء والفقهاء واحملِّدثني واملفسرين من التابعني وتابعي تابعيهم‪ ،‬رمحهم اهلل ورضي عنهم أمجعني‪.‬‬
‫كم ا ي ؤمن املس لم ب واجب طاع ة والة أم ور املس لمني وتعظيمهم واح رتامهم واجله اد معهم والص الة خلفهم وحرم ة اخلروج‬
‫عليهم؛ ولذا فهو يلتزم حيال كل هؤالء املذكورين بآداب خاصة‪.‬‬
‫أما أصحاب رسول اهلل َص َّلى الَّلُه َعَلْيِه َو َس َّلَم وآل بيته فإنه‪-:‬‬
‫‪ -1‬حيبهم حلب اهلل تعاىل وحب رسوله َص َّلى الَّلُه َعَلْي ِه َو َس َّلَم هلم؛ إذ أخرب تعاىل أنه حيبهم وحيبونه يف قوله‪{ :‬فسوف يأيت اهلل‬
‫بقوم حيبهم وحيبونه أذلة على املؤمنني أعزة على الكافرين جياهدون يف سبيل اهلل وال خيافون لومة الئم} (املائدة‪.)٥٤ :‬‬
‫كما قال يف وصفهم‪{ :‬حممد رسول اهلل والذين معه أشداء على الكفار رمحاء بينهم} (الفتح‪.)٢٩ :‬‬
‫ِد‬ ‫ِه‬
‫وقال رسول اهلل َص َّلى الَّلُه َعَلْي َو َس َّلَم ‪" :‬اَهلل اَهلل يف أصحايِب اَل تَّتخذوهْم غرًض ا بع ي‪ ،‬فمْن أحَّبهْم فبحيِّب أحَّبهم‪ ،‬ومْن أبغضهْم‬
‫فببغِض ي أبغضهْم ‪ ،‬ومْن آذاهْم فقْد آذايِن ‪ ،‬ومْن آذايِن فقْد آَذى اَهلل‪ ،‬ومْن آَذى اَهلل يوشُك أْن يأخذُه" (‪.)1‬‬
‫‪ -2‬يؤمن بأفضليتهم على غريهم من سائر املؤمنني واملسلمني لقوله تعاىل يف ثنائه عليهم‪ {:‬والسابقون األولون من املهاجرين‬
‫واألنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي اهلل عنهم ورضوا عنه‪ ،‬وأعَّد هلم جنات جتري حتتها األهنار خالدين فيها أبدا ذلك الفوز‬
‫ٍد‬
‫العظيم} (التوبة‪ .)١٠٠ :‬وقال رسول اهلل عليه الصالة والسالم‪" :‬اَل تسُّبوا أصحايِب فإَّن أحدكْم ل ْو أنف َق مث َل أُح ذهًب ا ما بل َغ‬
‫ُمَّد أحدهْم واَل نصيفُه" (‪.)2‬‬
‫‪ -3‬أن يرى أَّن أبا بكر الصديق أفضل أصحاب رسول اهلل َص َّلى الَّلُه َعَلْي ِه َو َس َّلَم ومن دوهنم على اإلطالق‪ ،‬وأن الذين يلونه يف‬
‫الفضل هم‪ :‬عمر‪ ،‬مث عثمان‪ ،‬مث علي رضي اهلل تعاىل عنهم أمجعني وذلك لقوله َص َّلى الَّل ُه َعَلْي ِه َو َس َّلَم‪" :‬ل ْو كنُت مَّتخ ًذ ا مْن أَّم يِت‬
‫خلياًل الخَّت ذُت أَبا بكٍر ولكْن أِخ ي وصاحيِب "(‪.)3‬‬

‫‪ )?(1‬رواه الرتمذي (‪ )3862‬وحسنه‪ .‬أهـ من حديث عبد اهلل بن مغفل رضي اهلل عنه وقال‪" :‬هذا حديث غريب ال نعرفه‬
‫إال من هذا الوجه "‪ ،‬واحلديث ضعفه العالمة األلباين رمحة اهلل تعاىل عليه‪( .‬ش)‬
‫‪ )?(2‬رواه أبو داود (‪ )4658‬بإسناد حسن‪ .‬أهـ رواه البخاري يف" صحيحه " (‪ ،)3673‬ورواه مسلم يف " صحيحه " (‬
‫ِض‬ ‫يِب‬ ‫ِض َّل‬
‫‪ )2541‬من حديث أيب سعيد اخلدري َر َي ال ُه َعْنُه‪ ،‬ورواه مسلم يف " صحيحه " (‪ )2540‬من حديث َأ ُه َر ْيَر َة َر َي‬
‫الَّلُه َعْنُه‪(.‬ش)‬
‫‪ )?(3‬رواه البخاري (‪ .)1/126‬أهـ رواه البخاري يف"صحيحه" (‪ )3657(،)3656‬من حديث اْبِن َعَّباٍس َر ِض َي الَّلُه َعْنُه َم ا‪،‬‬
‫ورواه مسلم يف " صحيحه " (‪ )2383‬من حديث عبد اهلل بن مسعود رضي اهلل عنه‪(.‬ش)‬
‫‪www.alukah.net‬‬
‫اإلبهاج في شرح منهاج المسلم‬
‫‪www.alukah.net‬‬

‫وقول ابن عمر رضي اهلل عنه‪ :‬كَّنا نقوُل والَّنُّيب َص َّلى الَّلُه َعَلْيِه َو َس َّلَم حٌّي ‪ :‬أُبو بكٍر ‪َّ ،‬مث عمُر ‪َّ ،‬مث عثماُن ‪َّ ،‬مث علٌّي ‪ ،‬فبلَغ ذلَك الَّنّيبَ‬
‫ِه ِة‬ ‫ِه‬
‫َص َّلى الَّلُه َعَلْي َو َس َّلَم فلْم ينكرَه ا( )‪ .‬ولقول علٍّي رضي اهلل عنه‪ :‬خُري هذ األَّم بع َد نبِّيَه ا أُبو بك ٍر َّمث عم ُر ‪ ،‬ول ْو شئُت لس َّم يُت‬
‫‪1‬‬

‫الَّثالَث ‪-‬يعيِن عثماَن ‪)2(-‬رضي اهلل عنهم أمجعني‪.‬‬


‫‪ -4‬أن ُيقَّر مبزاياهم‪ ،‬ويعرتف مبناقبهم كمنقبة أيب بكر وعمر وعثمان يف قول الرسول عليه الصالة والسالم ألحد وقد رجف‬
‫هبم وهم فوقه‪" :‬اسكْن ُأحُد ! إَمَّنا عليَك نٌّيب وصِّديٌق وشهيدان"‪)3( .‬‬
‫وكقوله لعلي رضي اهلل عنه‪" :‬أَم ا ترَض ى أْن تكوَن ميِّن مبنزلِة هاروَن من موَس ى"؟ (‪،)4‬‬
‫وقوله‪" :‬فاطمُة سِّيدُة نساِء أهِل اجلَّنِة"‪ ،)5(.‬وكقوله للزبري بن العوام‪" :‬إَّن لكِّل نٍّيب حوارّي ‪ ،‬وإَّن حوارِّيي الُّز بُري بُن العَّو اِم "‪)6(.‬‬
‫وكقوله يف احلسن واحلسني‪" :‬الَّلهَّم أحَّبهَم ا فإيِّن ُأحُّبهَم ا"‪)7(.‬‬

‫ِض َّل‬
‫‪ )?(1‬رواه أبو داود (‪ .)4628‬أهـ رواه البخاري يف"صحيحه" (‪ )3655‬من حديث اْبِن ُعَمَر َر َي ال ُه َعْنُه َم ا َقاَل ُك َّنا َخُنِّيُر‬
‫َبَنْي الَّناِس يِف َز َم ِن الَّنِّيِب َص َّلى الَّلُه َعَلْيِه َو َس َّلَم َفُنَخ ِّيُر َأَبا َبْك ٍر َّمُث ُعَمَر ْبَن اَخْلَّطاِب َّمُث ُعْثَم اَن ْبَن َعَّفاَن َر ِض َي الَّلُه َعْنُه ْم ‪.‬‬
‫ورواه البخاري يف"صحيحه" (‪ )3697‬من حديث اْبِن ُعَمَر َر ِض َي الَّلُه َعْنُه َم ا َقاَل ُك َّنا يِف َز َم ِن الَّنِّيِب َص َّلى الَّلُه َعَلْيِه َو َس َّلَم اَل‬
‫َنْع ِد ُل ِبَأيِب َبْك ٍر َأَح ًد ا َّمُث ُعَمَر َّمُث ُعْثَم اَن َّمُث َنْتُر ُك َأْص َح اَب الَّنِّيِب َص َّلى الَّلُه َعَلْيِه َو َس َّلَم اَل ُنَف اِض ُل َبْيَنُه ْم ‪( .‬ش)‬
‫‪ )?(2‬كنز العمال (‪ .)36139( ،)32684‬أهـ رواه ابن أيب عاصم (‪ )1201‬يف السنة وصحح األثر العالمة األلباين رمحة‬
‫اهلل تعاىل عليه يف تعليقه عليه‪( .‬ش)‬
‫ِض‬
‫‪ )?(3‬رواه البخاري يف"صحيحه" (‪ )3699(،)3686(،)3675‬من حديث أنس بن مالك َر َي الَّلُه َعْنه َح َّد َثُه ْم َأَّن الَّنَّيِب‬
‫َص َّلى الَّلُه َعَلْيِه َو َس َّلَم َص ِعَد ُأُح ًد ا َو َأُبو َبْك ٍر َو ُعَمُر َو ُعْثَم اُن َفَر َج َف ِهِبْم َفَق اَل اْثُبْت ُأُح ُد َفِإَمَّنا َعَلْيَك َنٌّيِب َو ِص ِّديٌق َو َش ِه يَد اِن (ش)‬
‫‪ )?(4‬رواه البخاري يف"صحيحه"(‪ ،)4416 (،)3706‬ورواه مسلم يف "صحيحه"(‪ )2404‬من حديث سعد بن أيب وقاص‬
‫َر ِض َي الَّلُه َعْنه َأَّن َرُس وَل الَّلِه َص َّلى الَّلُه َعَلْيِه َو َس َّلَم َخ َرَج ِإىَل َتُبوَك َو اْس َتْخ َلَف َعِلًّيا َفَق اَل َأَخُتِّلُفيِن يِف الِّص ْبَياِن َو الِّنَس اِء َقاَل َأاَل‬
‫َتْر َض ى َأْن َتُك وَن ِم يِّن َمِبْنِز َلِة َه اُر وَن ِم ْن ُموَس ى ِإاَّل َأَّنُه َلْيَس َنٌّيِب َبْع ِدي‪( .‬ش)‬
‫ِض‬
‫‪ )?(5‬رواه الرتمذي يف " سننه " (‪ )3781‬من حديث ُح َذ ْيَفَة َر َي الَّلُه َعْنه َقاَل َس َأَلْتيِن ُأِّم ي َمىَت َعْه ُد َك َتْع يِن ِبالَّنِّيِب َص َّلى الَّلُه‬
‫ِه‬ ‫ِع‬ ‫ِم‬ ‫ِبِه‬ ‫ِه‬
‫َعَلْي َو َس َّلَم َفُق ْلُت َم ا يِل َعْه ٌد ُم ْنُذ َك َذ ا َو َك َذ ا َفَناَلْت يِّن َفُق ْلُت َهَلا َد ييِن آيِت الَّنَّيِب َص َّلى الَّلُه َعَلْي َو َس َّلَم َفُأَص ِّلَي َمَعُه اْلَم ْغِر َب‬
‫ِع‬ ‫ِه‬ ‫ِك‬ ‫ِف‬
‫َو َأْس َأُلُه َأْن َيْس َتْغ َر يِل َو َل َفَأَتْيُت الَّنَّيِب َص َّلى الَّلُه َعَلْي َو َس َّلَم َفَص َّلْيُت َمَعُه اْلَم ْغِر َب َفَص َّلى َح ىَّت َص َّلى اْل َش اَء َّمُث اْنَف َتَل َفَتِبْع ُتُه‬
‫ُّط‬ ‫ِز‬ ‫ِإ‬ ‫َّل‬ ‫يِت‬ ‫ِم‬
‫َفَس َع َصْو َفَق اَل َمْن َه َذ ا ُح َذ ْيَفُة ُقْلُت َنَعْم َقاَل َم ا َح اَج ُتَك َغَف َر ال ُه َلَك َو ُأِلِّم َك َقاَل َّن َه َذ ا َم َلٌك ْمَل َيْن ْل اَأْلْر َض َق َقْبَل‬
‫َه ِذِه الَّلْيَلِة اْس َتْأَذَن َر َّبُه َأْن ُيَس ِّلَم َعَلَّي َو ُيَبِّش َر يِن ِبَأَّن َفاِط َم َة َس ِّيَد ُة ِنَس اِء َأْه ِل اَجْلَّنِة َو َأَّن اَحْلَسَن َو اُحْلَس َنْي َس ِّيَد ا َش َباِب َأْه ِل اَجْلَّنِة "‪.‬‬
‫واحلديث صححه العالمة األلباين رمحه اهلل تعاىل‪( .‬ش)‬
‫‪ )?(6‬رواه البخاري يف " صحيحه " (‪ ،)2747( ،)3719‬ورواه مسلم يف " صحيحه " (‪ )2415‬من حديث اِبِر ِن ِد‬
‫َج ْب َعْب‬
‫ِق‬ ‫ِه‬ ‫ِه‬ ‫ِمَس‬ ‫ِه ِض‬
‫الَّل َر َي الَّلُه َعْنه َقاَل ْع ُتُه َيُقوُل َنَد َب َرُس وُل الَّل َص َّلى الَّلُه َعَلْي َو َس َّلَم الَّناَس َيْو َم اَخْلْنَد َفاْنَتَد َب الُّز َبْيُر َّمُث َنَد َبُه ْم َفاْنَتَد َب‬
‫الُّز َبْيُر َّمُث َنَد َبُه ْم َفاْنَتَد َب الُّز َبْيُر َفَق اَل الَّنُّيِب َص َّلى الَّلُه َعَلْيِه َو َس َّلَم ِلُك ِّل َنٍّيِب َح َو اِر ٌّي َو َح َو اِر َّي الُّز َبْيُر ‪(.‬ش)‬
‫‪ )?(7‬رواه البخاري يف " صحيحه " (‪ )3747( ،)3735‬من حديث أسامة بن زيد رضي اهلل عنهما‪( .‬ش)‬
‫‪www.alukah.net‬‬
‫اإلبهاج في شرح منهاج المسلم‬
‫‪www.alukah.net‬‬

‫وكقوله لعبد اهلل بن عمر رضي اهلل عنه‪" :‬إَّن عبَد اِهلل رجٌل صاٌحل"(‪.)1‬‬
‫وكقوله لزيد بن حارثة رضي اهلل عنه‪ " :‬أنتَ أخوَنا وموالنا" (‪.)2‬‬
‫وقول ه جلعف ر بن أيب ط الب رض ي اهلل عن ه‪" :‬أش بهَت َخ لِق ي وُخ لِق ي" (‪ .)3‬وقول ه لبالل بن رب اح رض ي اهلل عن ه‪" :‬مسعُت دَّف‬
‫نعليَك بَني يدَّي يف اجلَّنِة"‪)4(.‬‬
‫وكقوله يف سامل موىل أيب حذيف ة وعبد اهلل بن مسعود وأيب بن كعب ومعاذ بن جبل رضي اهلل عنهم‪" :‬استقرُئوا القرآَن مْن‬
‫أربعٍة‪ :‬مْن عبِد اِهلل بِن مسعوٍد وساٍمل موىَل أيِب حَذ يفَة وأِّيب بِن كعٍب ومعاِذ بِن جبٍل " (‪.)5‬‬

‫‪ )?(1‬رواه البخاري (‪.)51 ،9/47( ،)5/31‬أهـ يف "صحيحه"(‪،)3738(،)1121‬ورواه مسلم يف "صحيحه"(‪ )2479‬من‬


‫ِض الَّل ْنهما َقاَل ُك ْن ُغاَل ا اًّبا ا يِف ِد الَّن َّلى الَّل َل ِه َّل ُك ْن َأِبي يِف اْل ِج ِد‬
‫ُت ًم َش َعَزًب َعْه ِّيِب َص ُه َع ْي َو َس َم َو ُت ُت َمْس‬ ‫حديث اْبِن ُعَمَر َر َي ُه َع‬
‫َفَأِريِن َنا ا ِّب يِل وُل الَّلِه‬ ‫ِع‬ ‫ِإ‬ ‫ِه‬
‫َم ًم ُيَع ُر ُه َرُس‬ ‫َو َك اَن َمْن َر َأى َم َناًم ا َقَّص ُه َعَلى الَّنِّيِب َص َّلى الَّلُه َعَلْي َو َس َّلَم َفُق ْلُت الَّلُه َّم ْن َك اَن يِل ْندَك َخ ْيٌر‬
‫َص َّلى الَّلُه َعَلْيِه َو َس َّلَم َفِنْم ُت َفَر َأْيُت َم َلَك ِنْي َأَتَيايِن َفاْنَطَلَق ا يِب َفَلِق َيُه َم ا َم َلٌك آَخ ُر َفَق اَل يِل َلْن ُتَر اَع ِإَّنَك َرُج ٌل َص اِلٌح َفاْنَطَلَق ا يِب‬
‫ِإىَل الَّناِر َفِإَذا ِه َي َم ْطِو َّيٌة َك َطِّي اْلِبْئِر َو ِإَذا ِفيَه ا َناٌس َقْد َعَر ْفُت َبْع َض ُه ْم َفَأَخ َذ ا يِب َذاَت اْلَيِم ِني َفَلَّم ا َأْص َبْحُت َذَك ْر ُت َذِلَك َحِلْف َص َة‬
‫َفَز َعَم ْت َح ْف َص ُة َأَّنَه ا َقَّص ْتَه ا َعَلى الَّنِّيِب َص َّلى الَّلُه َعَلْيِه َو َس َّلَم َفَق اَل ِإَّن َعْبَد الَّلِه َرُج ٌل َص اِلٌح َلْو َك اَن ُيْك ِثُر الَّصاَل َة ِم ْن الَّلْيِل َقاَل‬
‫الُّز ْه ِر ُّي َو َك اَن َعْبُد الَّلِه َبْع َد َذِلَك ُيْك ِثُر الَّصاَل َة ِم ْن الَّلْيِل ‪(.‬ش)‬
‫‪ )?(2‬رواه البخاري (‪ .)180 ،5/29( ،)3/232‬أهـ يف "صحيحه"(‪ )4251‬من حديث اْلَبَر اِء َر ِض َي الَّلُه َعْنُه َقاَل َلَّم ا‬
‫اْعَتَمَر الَّنُّيِب َص َّلى الَّلُه َعَلْيِه َو َس َّلَم يِف ِذ ي اْلَق ْع َد ِة َفَأىَب َأْه ُل َم َّك َة َأْن َيَد ُعوُه َيْد ُخ ُل َم َّك َة َح ىَّت َقاَض اُه ْم َعَلى َأْن ُيِق يَم َهِبا َثاَل َثَة‬
‫َأَّياٍم َفَلَّم ا َك َتُبوا اْلِكَتاَب َك َتُبوا َه َذ ا َم ا َقاَض ى َعَلْيِه َحُمَّمٌد َرُس وُل الَّلِه َقاُلوا اَل ُنِق ُّر َلَك َهِبَذ ا َلْو َنْع َلُم َأَّنَك َرُس وُل الَّلِه َم ا‬
‫ِل ِل ِن يِب ِلٍب ِض‬ ‫ِد َّلِه‬ ‫َّلِه‬ ‫ِد َّلِه‬ ‫ِك‬
‫َم َنْع َناَك َش ْيًئا َو َل ْن َأْنَت َحُمَّم ُد ْبُن َعْب ال َفَق اَل َأَنا َرُس وُل ال َو َأَنا َحُمَّم ُد ْبُن َعْب ال َّمُث َقاَل َع ِّي ْب َأ َطا َر َي‬
‫ِس‬ ‫ِك‬ ‫ِه‬ ‫ِه‬ ‫ِه‬ ‫ِل‬ ‫ِه‬
‫الَّلُه َعْنُه اْم ُح َرُس وَل الَّل َقاَل َع ٌّي اَل َو الَّل اَل َأُحْموَك َأَبًد ا َفَأَخ َذ َرُس وُل الَّل َص َّلى الَّلُه َعَلْي َو َس َّلَم اْل َتاَب َو َلْيَس ْحُي ُن‬
‫َيْك ُتُب َفَك َتَب َه َذ ا َم ا َقاَض ى َعَلْيِه َحُمَّم ُد ْبُن َعْبِد الَّلِه اَل ُيْد ِخ ُل َم َّك َة الِّس اَل َح ِإاَّل الَّس ْيَف يِف اْلِق َر اِب َو َأْن اَل ْخَيُرَج ِم ْن َأْه ِلَه ا‬
‫ِل‬ ‫ِق‬ ‫ِإ‬ ‫ِبِه‬ ‫ِم‬ ‫ِب ٍد ِإ‬
‫َأَح ْن َأَر اَد َأْن َيْتَبَعُه َو َأْن اَل ْمَيَنَع ْن َأْص َح ا َأَح ًد ا ْن َأَر اَد َأْن ُي يَم َهِبا َفَلَّم ا َدَخ َلَه ا َو َم َض ى اَأْلَج ُل َأَتْو ا َع ًّيا َفَق اُلوا ُقْل‬
‫ِلَص اِح ِبَك اْخ ُر ْج َعَّنا َفَقْد َم َض ى اَأْلَج ُل َفَخ َرَج الَّنُّيِب َص َّلى الَّلُه َعَلْيِه َو َس َّلَم َفَتِبَعْتُه اْبَنُة ْمَحَز َة ُتَناِد ي َيا َعِّم َيا َعِّم َفَتَناَو َهَلا‬
‫َعِلٌّي َفَأَخ َذ ِبَيِد َه ا َو َقاَل ِلَف اِط َم َة َعَلْيَه ا الَّس اَل م ُدوَنِك اْبَنَة َعِّم ِك َمَحَلْتَه ا َفاْخَتَص َم ِفيَه ا َعِلٌّي َو َز ْيٌد َو َج ْعَف ٌر َقاَل َعِلٌّي َأَنا‬
‫َّل َّل ِه َّل‬ ‫ِخ‬ ‫ِه ِب‬
‫َأَخ ْذ ُتَه ا َو َي ْنُت َعِّم ي َو َقاَل َج ْع َف ٌر اْبَنُة َعِّم ي َو َخ اَلُتَه ا ْحَتيِت َو َقاَل َز ْيٌد اْبَنُة َأ ي َفَق َض ى َهِبا الَّنُّيِب َص ى ال ُه َعَلْي َو َس َم‬
‫َخِلاَلِتَه ا َو َقاَل اَخْلاَلُة َمِبْنِز َلِة اُأْلِّم َو َقاَل ِلَعِلٍّي َأْنَت ِم يِّن َو َأَنا ِم ْنَك َو َقاَل َجِلْع َف ٍر َأْش َبْهَت َخ ْلِق ي َو ُخ ُلِق ي َو َقاَل ِلَزْيٍد َأْنَت َأُخ وَنا‬
‫َو َمْو اَل َنا َو َقاَل َعِلٌّي َأاَل َتَتَز َّو ُج ِبْنَت ْمَحَز َة َقاَل ِإَّنَه ا اْبَنُة َأِخ ي ِم ْن الَّر َض اَعِة‪( .‬ش)‬
‫‪ )?(3‬رواه البخاري (‪ .)180 ،5/24( ،)3/242‬أهـ مر يف الذي قبله (ش)‬
‫‪www.alukah.net‬‬
‫اإلبهاج في شرح منهاج المسلم‬
‫‪www.alukah.net‬‬

‫وكقوله عن عائشة‪" :‬وفضُل عائشَة عَلى الَّنساِء كفضل الَّثريِد عَلى سائِر الَّطعاِم " (‪.)1‬‬
‫وكقوله يف األنصار‪" :‬ل ْو أَّن األنصاَر سلُك وا وادًيا أْو شعًبا لسلكُت يف واِد ي األنصاِر ‪ ،‬ول واَل اهلجرُة لكنُت ام َر ًأ مَن األنصاِر "‬
‫(‪ .)2‬وق ال َص َّلى الَّل ُه َعَلْي ِه َو َس َّلَم‪" :‬األنص اُر اَل حيُّبهْم إاَّل م ؤمٌن ‪ ،‬واَل يبغض ُه م إاَّل من افٌق فمْن أحَّبهْم أحَّب ُه اُهلل‪ ،‬ومْن أبغض ُه م‬
‫أبغضُه اهلل" (‪ .)3‬وكقوله يف سعد بن معاذ رضي اهلل عنه‪" :‬اهتَّز العرُش ملوِت سعِد بِن معاٍذ " (‪.)4‬‬
‫وكمنقبة أسيد بن حضري‪ ،‬إذ كان مع أحد أصحاب النيب عليه الصالة والسالم يف بيت رسول اهلل َص َّلى الَّل ُه َعَلْي ِه َو َس َّلَم يف ليلة‬
‫‪. 5‬‬
‫مظلمة‪ ،‬فلما خرجا‪ ،‬وإذا نور بني أيديهما ميشيان فيه فلما تفَّر قا تفَّر ق النور معهما ( )‬
‫وكقول ه أليب بن كعب رض ي اهلل عن ه‪" :‬إَّن اَهلل أم ريِن أْن أق رَأ علي َك ‪{ :‬مل يكن ال ذين كف روا ‪( }00‬البين ة‪ .)١ :‬ق ال‪:‬‬
‫وَّمسايِن ؟! قال‪ :‬نعْم ‪ ،‬فبكى أٌّيب" (‪ .)6‬وكقوله يف خالد بن الوليد رضي اهلل عنه‪" :‬سيٌف مْن سيوِف اِهلل مسلوٌل " (‪.)7‬‬

‫‪ )?(4‬رواه البخاري يف "صحيحه"(‪ )1149‬من حديث َأيِب ُه َر ْيَر َة َر ِض َي الَّلُه َعْنُه َأَّن الَّنَّيِب َص َّلى الَّلُه َعَلْيِه َو َس َّلَم َقاَل ِلِباَل ٍل ِعْنَد‬
‫َص اَل ِة اْلَف ْج ِر َيا ِباَل ُل َح ِّد ْثيِن ِبَأْر َج ى َعَم ٍل َعِم ْلَتُه يِف اِإْل ْس اَل ِم َفِإيِّن ِمَس ْعُت َدَّف َنْع َلْيَك َبَنْي َيَد َّي يِف اَجْلَّنِة َقاَل َم ا َعِم ْلُت َعَم اًل‬
‫َأْر َج ى ِعْنِدي َأيِّن ْمَل َأَتَطَّه ْر َطُه وًر ا يِف َس اَعِة َلْيٍل َأْو َنَه اٍر ِإاَّل َص َّلْيُت ِبَذ ِلَك الُّطُه وِر َم ا ُك ِتَب يِل َأْن ُأَص ِّلَي ‪( .‬ش)‬
‫‪ )?(5‬رواه البخاري (‪ .)45 ،5/34‬أهـ يف "صحيحه"(‪ )3806‬من حديث َعْبِد الَّلِه ْبِن َعْم ٍر و َر ِض َي الَّلُه َعْنُه َم ا (ش)‬
‫‪ )?(1‬رواه البخاري يف صحيحه (‪ .)5419‬أهـ يف "صحيحه"(‪ ،)3770‬ورواه مسلم يف "صحيحه"(‪ )2446‬من حديث َأيِب‬
‫ِء‬ ‫ِم‬ ‫ِث‬ ‫ِم‬ ‫ِه‬ ‫ِه‬ ‫ِض‬
‫ُموَس ى اَأْلْش َعِر ِّي َر َي الَّلُه َعْنُه َقاَل َقاَل َرُس وُل الَّل َص َّلى الَّلُه َعَلْي َو َس َّلَم َك َم َل ْن الِّر َج اِل َك ٌري َو ْمَل َيْك ُمْل ْن الِّنَس ا ِإاَّل َمْر ُمَي‬
‫ِبْنُت ِعْم َر اَن َو آِس َيُة اْم َر َأُة ِفْر َعْو َن َو َفْض ُل َعاِئَشَة َعَلى الِّنَس اِء َك َفْض ِل الَّثِر يِد َعَلى َس اِئِر الَّطَعاِم ‪(.‬ش)‬
‫‪ )?(2‬رواه البخاري (‪ .)5/38‬أهـ يف "صحيحه"(‪ )7244(،)3779‬من حديث َأيِب ُه َر ْيَر َة َر ِض َي الَّلُه َعْنُه‪(.‬ش)‬
‫‪ )?(3‬رواه البخاري يف صحيحه (‪ .)3783‬أهـ من حديث اْلَبَر اِء َر ِض َي الَّلُه عنه‪(.‬ش)‬
‫‪ )?(4‬رواه البخاري (‪ .)3803‬أهـ يف "صحيحه"‪،‬ورواه مسلم يف "صحيحه"(‪ )2446‬من حديث َج اِبٍر َر ِض َي الَّلُه َعْنُه‪(.‬ش)‬
‫ِم ِع ِد‬ ‫ِض‬
‫‪ )?(5‬وردت هذه القصة يف صحيح البخاري (‪ .)3805‬أهـ من حديث َأَنٍس َر َي الَّلُه َعْنُه َأَّن َرُج َلِنْي َخ َر َج ا ْن ْن الَّنِّيِب‬
‫َص َّلى الَّلُه َعَلْيِه َو َس َّلَم يِف َلْيَلٍة ُمْظِلَم ٍة َو ِإَذا ُنوٌر َبَنْي َأْيِد يِه َم ا َح ىَّت َتَفَّرَقا َفَتَفَّرَق الُّنوُر َمَعُه َم ا َو َقاَل َم ْع َمٌر َعْن َثاِبٍت َعْن َأَنٍس ِإَّن‬
‫ِع‬ ‫ِم‬
‫ُأَس ْيَد ْبَن ُح َض ٍرْي َو َرُج اًل ْن اَأْلْنَص اِر َو َقاَل َّمَحاٌد َأْخ َبَر َنا َثاِبٌت َعْن َأَنٍس َك اَن ُأَس ْيُد ْبُن ُح َض ٍرْي َو َعَّباُد ْبُن ِبْش ٍر ْنَد الَّنِّيِب َص َّلى الَّلُه‬
‫َعَلْيِه َو َس َّلَم ‪( .‬ش)‬
‫ِه َّل‬ ‫َّل‬ ‫ِض َّل‬
‫‪)?(6‬رواه اإلمام أمحد (‪ .)3/130‬أهـ يف"مسنده" (‪ )12403‬من حديث َأَنٍس َر َي ال ُه َعْنُه‪َ ،‬عِن الَّنِّيِب َص ى اُهلل َعَلْي َو َس َم‬
‫َقاَل ُأِلِّيَب ْبِن َك ْع ٍب ‪َ " :‬أَم َر يِن َر يِّب َأْن َأْقَر َأ َعَلْيَك اْلُقْر آَن "‪َ .‬قاَل ُأٌّيَب‪َ :‬أَو َّمَسايِن َلَك ؟ َقاَل ‪َ " :‬نَعْم " َفَبَك ى ُأٌّيَب " قال الشيخ شعيب‬
‫األرنؤوط إسناده صحيح على شرط الشيخني‪(.‬ش)‬
‫‪)?(7‬رواه البخاري يف صحيحه (‪ .)3757‬أهـ من حديث َأَنٍس َر ِض َي الَّلُه َعْنُه َأَّن الَّنَّيِب َص َّلى الَّلُه َعَلْيِه َو َس َّلَم َنَعى َز ْيًد ا َو َج ْعَف ًر ا‬
‫ِص‬ ‫ِص‬ ‫ِص‬ ‫ِت‬ ‫ِل‬
‫َو اْبَن َرَو اَح َة لَّناِس َقْبَل َأْن َيْأ َيُه ْم َخ َبُر ُه ْم َفَق اَل َأَخ َذ الَّر اَيَة َز ْيٌد َفُأ يَب َّمُث َأَخ َذ َج ْع َف ٌر َفُأ يَب َّمُث َأَخ َذ اْبُن َرَو اَح َة َفُأ يَب‬
‫َو َعْيَناُه َتْذ ِر َفاِن َح ىَّت َأَخ َذ َس ْيٌف ِم ْن ُسُيوِف الَّلِه َح ىَّت َفَتَح الَّلُه َعَلْيِه ْم ‪(.‬ش)‬
‫‪www.alukah.net‬‬
‫اإلبهاج في شرح منهاج المسلم‬
‫‪www.alukah.net‬‬

‫وكقوله يف احلسن رضي اهلل عنه‪" :‬ابيِن هَذ ا سِّيٌد ‪ ،‬ولعّل اَهلل أْن يصلَح بِه بَني فئتنِي مَن املسلمَني " (‪.)8‬‬
‫وكقوله يف أيب عبيدة رضي اهلل عنه‪" :‬لك ِّل أَّم ٍة أمٌني ‪ ،‬وإَّن أمينَن ا أَّيُتها األَّم ُة أُبو عبيدَة بُن اجلَّر اِح "(‪ .)2‬رضي اهلل عنه وأرضاهم‬
‫أمجعني‪.‬‬
‫‪ -5‬يك ف عن ذك ر مس اوئهم‪ ،‬ويس كت عن اخلالف ال ذي ش جر بينهم‪ ،‬لق ول الرس ول ص لى اهلل علي ه وس لم‪ " :‬اَل تس ُّبوا‬
‫أصحايِب "‪ ،‬وقوله‪ " :‬اَل تَّتخذوهْم غرًض ا بع ِدي "‪ .‬وقوله َص َّلى الَّل ُه َعَلْي ِه َو َس َّلَم ‪ " :‬فمْن آذاهْم فق ْد آذايِن ‪ ،‬ومْن آذايِن فق ْد آَذى‬
‫اَهلل‪ ،‬وَم ن آَذى اَهلل يوشُك أْن يأخذُه " (‪.)3‬‬
‫‪ -6‬أن ُي ؤمن ُحبرم ة زوج ات الرس ول َص َّلى الَّل ُه َعَلْي ِه َو َس َّلَم ‪،‬وأهَّن ن ظ اهرات ُم َبَّر آت‪ ،‬وأن يرتض ى عليهن‪ ،‬وي رى أن أفض لهن‬
‫خدجية بنت خويل د‪ ،‬وعائش ة بنت أيب بك ر‪ ،‬وذل ك لق ول اهلل تع اىل‪ {:‬الن يب أوىل ب املؤمنني من أنفس هم وأزواج ه أمه اهتم}‬
‫(األحزاب‪.)٦:‬‬
‫وأما أئمة اإلسالم من قراٍء وحمدثني وفقهاء فإنه‪-:‬‬
‫‪ -1‬حُي بهم ويرتحم عليهم ويستغفر هلم‪ ،‬ويعرتف هلم بالفضل؛ ألهنم ذكروا يف قول اهلل تعاىل‪{ :‬والذين اتبعوهم بإحسان رضي‬
‫َّل ِذ‬ ‫َّل ِذ‬ ‫يِن‬
‫اهلل عنهم ورض وا عن ه} (التوب ة‪ .)١٠٠ :‬ويف ق ول الرس ول ص لى اهلل علي ه وس لم‪" :‬خ ريكْم ق ر ‪َّ ،‬مث ا يَن يل وهنْم ‪َّ ،‬مث ا يَن‬
‫يلوهنْم " (‪ .)4‬فعامة القراء واحملدثني والفقهاء واملفسرين كانوا من أهل هذه القرون الثالثة الذين شهد هلم رسول صلى اهلل عليه‬
‫وس لم ب اخلري‪ .‬وق د أث ىن اهلل على املس تغفرين ملن س بقوا باإلميان يف قول ه ع ز وج ل‪{ :‬ربن ا أغف ر لن ا وإلخوانن ا ال ذين س بقونا‬
‫باإلميان}(احلشر‪ .)١٠ :‬فهو إًذا يستغفر لكل املؤمنني واملؤمنات‪.‬‬
‫‪ -2‬ال ي ذكرهم إال ب اخلري‪ ،‬وال يعيب عليهم ق وال‪ ،‬وال رأًي ا‪ ،‬ويعلم أهنم ك انوا جمته دين خملص ني فيت أَّدب معهم عن د ذك رهم‪،‬‬
‫ويفضل رأيهم على رأي من بعدهم‪ ،‬وما رأوه على ما رآه من أتى بعدهم من علماء وفقهاء ومفسرين وحمدثني‪ ،‬وال يرتك قوهلم‬
‫إال لقول اهلل عز وجل‪ ،‬أو قول رسوله صلى اهلل عليه وسلم‪ ،‬أو قول صحابته رضوان اهلل عليهم أمجعني‪.‬‬
‫‪ -3‬أَّن م ا دونه األئم ة األربع ة‪ :‬مال ٌك والش افعي وأمحد وأبو حنيف ة وم ا رأوه‪ ،‬وقالوه من مس ائل الدين والفق ه والش رع‪ ،‬ه و‬
‫مستمٌٌّد من كتاب اهلل‪ ،‬وسنة رسوله صلى اهلل عليه وسلم‪ ،‬وليس هلم إال ما فهموه من هذين األصلني‪ ،‬أواستنبطوه منهما‪ ،‬أو‬
‫قاسوه عليهما‪ ،‬إذا أعوزمها النص منهما‪ ،‬أو اإلشارة‪ ،‬أو اإلمياُء فيهما‪.‬‬

‫‪ )?(8‬رواه البخاري (‪ .)5/32( ،)4/249‬أهـ يف "صحيحه"(‪ )3746‬من حديث َأيِب بكرَة َر ِض َي الَّلُه َعْنُه (ش)‬
‫‪ )?(2‬رواه البخاري (‪ .)9/109( ،)5/218‬أهـ يف "صحيحه"(‪ )3744‬من حديث َأَنُس ْبُن َم اِلٍك َر ِض َي الَّلُه َعْنُه َأَّن َرُس وَل‬
‫الَّلِه َص َّلى الَّلُه َعَلْيِه َو َس َّلَم َقاَل ِإَّن ِلُك ِّل ُأَّم ٍة َأِم يًنا َو ِإَّن َأِم يَنَنا َأَّيُتَه ا اُأْلَّم ُة َأُبو ُعَبْيَد َة ْبُن اَجْلَّر اِح ‪( .‬ش)‬
‫‪ )?(3‬سبق خترجيه‪ .‬أهـ ضعفه العالمة األلباين رمحة اهلل تعاىل عليه كما يف الرتمذي من حديث عبد اهلل بن مغفل رضي اهلل‬
‫عنه‪(.‬ش)‬
‫‪)?(4‬رواه البخاري (‪ .)176 ،8/113( ،)3/224‬ورواه مسلم (‪ )214‬كتاب فضائل الصحابة‪ .‬أهـ رواه البخاري يف‬
‫"صحيحه"(‪ ،)2651‬ورواه مسلم يف " صحيحه " (‪ )2535‬من حديث عمران بن حصني َر ِض َي الَّلُه َعْنُه‪(.‬ش)‬
‫‪www.alukah.net‬‬
‫اإلبهاج في شرح منهاج المسلم‬
‫‪www.alukah.net‬‬

‫‪ -4‬يرى أن األخذ مبا دونه أحد هؤالء األعالم من مسائل الفقه والدين جائز‪ ،‬وأن العمل به عمل بشريعة اهلل عز وجل ما مل‬
‫يعارض بنص صريح صحيح من كتاب اهلل أو سنة رسوله صلى اهلل عليه وسلم‪ ،‬فال يرتك قول اهلل‪ ،‬أو قول رسوله صلى اهلل عليه‬
‫وسلم لقول أحد من خلقه كائنا من كان‪ ،‬وذلك لقوله تعاىل‪ {:‬يا أيها الذين آمنوا ال تقدموا بني يدي اهلل ورسوله }‬
‫(احلجرات‪ .)١ :‬وقوله عز وجل‪{ :‬وما آتاكم الرسول فخذوه وما هناكم عنه فانتهوا }(احلشر‪.)٧ :‬‬
‫وقوله عز وجل‪ {:‬وما كان ملؤمن وال مؤمنة إذا قضى اهلل ورسوله أمرا أن يكون هلم اخلرية من أمرهم} (األحزاب‪.)٣٦ :‬‬
‫وقوله صلى اهلل عليه وسلم‪" :‬مْن عمَل عماًل ليَس علِيه أمرَنا فهَو رٌّد" (‪.)1‬‬
‫وقوله صلى اهلل عليه وسلم‪" :‬والذي نفسي بيده اَل يؤمُن أحدكم حىَّت يكوَن هواُه تبَعا ا جئُت بِه"(‪.)2‬‬
‫َمل‬
‫‪ -5‬يرى أهنم بشر ُيصيبون وخُي طئون‪ ،‬فقد خُي طيُء أحدهم احلَّق يف مسألة ما من املسائل‪،‬ال عن قص ٍد وعم ٍد ‪-‬حاشاهم‪ -‬ولكن‬
‫عن غفلة أو سهٍو ‪ ،‬أو لنسيان‪ ،‬أو عدم إحاطة‪ ،‬فلهذا‪ ..‬املسلم ال يتعصب لرأي أحدهم دون آخر‪ ،‬بل له أن يأخذ عن أي واحد‬
‫منهم‪ ،‬وال يرد قوهلم إال لقول اهلل‪ ،‬أو قول رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم‪)3( .‬‬
‫‪ -6‬يعذرهم فيما اختلفوا فيه من بعض مسائل الدين الفرعية‪ ،‬ويرى أَّن اختالفهم مل يكن جهًال منهم‪ ،‬وال عن تعصب آلرائهم‪،‬‬
‫وإمنا كان‪ :‬إما أن املخالف مل يبلغه احلديث‪ ،‬أو رأى نسخ هذا احلديث الذي مل يأخذ به‪ ،‬أو عارضه حديث آخر بلغة فرجحه‬
‫عليه‪ ،‬أو فهم منه ما مل يفهمه غريه‪ ،‬إذ من اجلائز أن ختتلف األفهام يف مدلول اللفظ فيحمله ك ٌّل على فهمه اخلاص‪ ،‬ومثال هذا‬
‫ما فهمه اإلمام الشافعي رمحه اهلل من نقض الوضوء مبس املرأة مطلقا‪َ ،‬فْه ًم ا من قوله تعاىل‪{ :‬أو الَمْس ُتُم النساء} (املائدة‪.)٦ :‬‬
‫فق د َفِه َم من{ أو الَمْس ُتُم }‪ :‬املس‪ ،‬ومل ي َر غ ريه فق ال بوج وب الوض وء جملرد مس املرأة‪ ،‬وفهم غ ريه أن املراد من املالمس ة يف‬
‫اآلية اجلماع فلم يوجبوا الوضوء مبجرد املس بل البد من قدر زائد كالقْص ِد أو وجود اللذة‪.‬‬
‫وقد يقول قائل‪ :‬مل ال يتنازل الشافعي عن فهمه ليوافق باقي األئمة‪ ،‬ويقطع دابر اخلالف عن األمة؟‪.‬‬
‫اجلواب‪ :‬أنه ال جيوز له أب ًد ا أن يفهم عن ربه شيًئا ال خياجله فيه أدىن ريب‪ ،‬مث يرتكه جملرد رأي أو فهم إمام آخر‪ ،‬فيصبح ُم َّتبًع ا‬
‫لق ول الن اس تارًك ا لق ول اهلل‪ ،‬وه و من أعظم ال ذنوب عن د اهلل س بحانه وتع اىل‪ )4( .‬نعم‪ ..‬ل و أَّن فهم ه من النص عارض ه نص‬

‫‪ )?(1‬رواه البخاري (‪ .)9/132( ،)3/91‬ورواه مسلم (‪ )18‬كتاب األطعمة‪ .‬أهـ رواه البخاري يف "صحيحه"(‪،)2697‬‬
‫ورواه مسلم يف "صحيحه"(‪ )1718‬يف كتاب األقضية من حديث أم املؤمنني اِئَشَة ِض الَّل ا َقاَل َقاَل وُل الَّلِه‬
‫َرُس‬ ‫َع َر َي ُه َعْنَه ْت‬
‫َص َّلى الَّلُه َعَلْيِه َو َس َّلَم "َمْن َأْح َدَث يِف َأْم ِر َنا َه َذ ا َم ا َلْيَس ِفيِه َفُه َو َر ٌّد" ويف رواية ملسلم " َمْن َعِم َل َعَم اًل َلْيَس َعَلْيِه َأْم ُر َنا‪َ ،‬فُه و‬
‫َر ٌّد "‪(.‬ش)‬
‫‪ )?(2‬رواه النووي وقال فيه حسن صحيح‪ .‬أهـ رويناه يف كتاب احلجة بإسناد صحيح ورواه ابن أيب عاصم كما يف السنة (‬
‫‪ )15‬من حديث عبد اهلل بن عمرو رضي اهلل عنهما واحلديث ضعفه العالمة األلباين رمحه اهلل تعاىل‪(.‬ش)‬
‫‪ )?(3‬قال اإلمام ابن القِّيم رمحه اهلل تعاىل‪-:‬‬
‫قال الصحابة هم أولـوا العرفان‬ ‫الِعـلــم قال اهلل قال رســول ــه‬
‫بني الرســول وبني رأي فـالن (ش)‬ ‫ما العلـم نصب ـك للخـالف سفاهـة‬
‫‪www.alukah.net‬‬
‫اإلبهاج في شرح منهاج المسلم‬
‫‪www.alukah.net‬‬

‫صريح من كتاب أو ُس َّنة لوجب عليه التمسك بداللة النص الظاهرة‪ ،‬ويرتك ما فهمه من ذلك اللفظ الذي داللته ليست نص ًا‬
‫صرحيًا وال ظاهرًا؛ إذ لو كانت داللته قطعَّية ملا اختلف فيها اثنان من عامة األمة فضًال عن األئمة‪.‬‬
‫وأما والة أمور املسلمني فإنه‪:‬‬
‫‪ -1‬يرى وجوب طاعتهم لقوله تعاىل‪{ :‬يا أيها الذين آمنوا أطيعوا اهلل وأطيعوا الرسول وأويل األمر منكم}‬
‫(النساء‪ .)٥٩ :‬ولقول الرسول صلى اهلل عليه وسلم‪" :‬امسُعوا وأطيُعوا وإْن تأَّم َر عليكْم عبٌد حبشٌّي كأَّن رأسُه زبيبٌة" (‪.)1‬‬
‫وقوله صلى اهلل عليه وسلم‪" :‬مْن أطاعيِن فقْد أطاَع اَهلل‪ ،‬ومْن عصايِن فقَد عَص ى اَهلل‪ ،‬ومْن أطاَع أمِري ي فق ْد أطاعيِن ‪ ،‬ومْن عَص ى‬
‫أمِري ي فقْد عصايِن " ( )‬
‫‪. 2‬‬

‫ولكن ال يرى طاعتهم يف معصية اهلل عز وجل؛ ألن طاعة اهلل مقدمة على طاعتهم يف قوله تعاىل‪{ :‬وال يعصينك يف معروف}‬
‫(املمتحنة‪ .)١٢ :‬وألن الرسول عليه الصالة والسالم قال‪" :‬إَمَّنا الَّطاعُة يف املعروِف "(‪.)3‬‬
‫وقال أيضًا‪" :‬اَل طاعَة ملخلوٍق يف معصيِة اخلالِق " (‪ .)4‬وقوله صلى اهلل عليه وسلم‪" :‬ال طاعَة يف معصيِة اِهلل" (‪.)5‬‬
‫ٍة‬ ‫ِم‬ ‫ٍة‬ ‫ِء ِل‬
‫وقال أيضًا عليه الصالة والسالم‪" :‬الَّس مُع والَّطاعُة عَلى املر املس ِم فيَم ا أحَّب وَك ِر َه َم ا ْمل ُيؤمْر مبعصي ‪ ،‬فإَذا ُأ َر مبعصي فال مسَع‬
‫وال طاعَة"(‪.)6‬‬

‫‪ )?(4‬قال الشافعي رمحه اهلل تعاىل‪ -:‬أمجع املسلمون على أن من استبانت له سنة رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم مل يكن له أن‬
‫يدعها لقول أحد من الناس‪(.‬ش)‬
‫‪ )?(1‬رواه البخاري (‪ .)9/78‬أهـ يف " صحيحه " (‪ )7142( ،)693‬من حديث َأَنِس ْبِن َم اِلٍك َر ِض َي الَّلُه َعْنُه وفيه " َو ِإْن‬
‫اْس ُتْع ِم َل "‪( .‬ش)‬
‫‪ )?(2‬رواه البخاري (‪ .)9/77‬أهـ يف " صحيحه " (‪ ،)7137‬ورواه مسلم يف " صحيحه " (‪ )1835‬من حديث َأيِب ُه َر ْيَر َة‬
‫َر ِض َي الَّلُه َعْنُه‪( .‬ش)‬
‫‪ )?(3‬رواه البخاري (‪ .)9/89‬ورواه مسلم (‪ )40 ،39‬كتاب اإلمارة‪ .‬أهـ رواه البخاري يف " صحيحه " (‪ )7145‬ورواه‬
‫مسلم يف "صحيحه"(‪ )1840‬من حديث َعِلٍّي رضي اهلل عنه‪( .‬ش)‬
‫‪ )?(4‬رواه أمحد واحلاكم وصححه‪ .‬أهـ أخرجه اإلمام أمحد يف مسنده(‪)20653‬من حديث ِعْم َر اَن ْبَن ُحَص ٍنْي واحلكم بن‬
‫عمرو الغفاري رضي اهلل عنهما‪ ،‬واحلديث صححه العالمة األلباين رمحه اهلل تعاىل‪ ،‬قال الشيخ شعيب األرنؤوط إسناده‬
‫صحيح على شرط الشيخني‪(.‬ش)‬
‫‪ )?(5‬رواه اإلمام أمحد (‪ .)5/66( ،)409 ،1/131‬أهـ رواه مسلم يف "صحيحه"(‪ )1840‬من حديث َعِلٍّي رضي اهلل عنه‪.‬‬
‫(ش)‬
‫‪ )?(6‬رواه البخاري (‪ .)9/78‬وأبو داود (‪ .)2626‬والرتمذي (‪ .)7/17‬واإلمام أمحد (‪ .)2/17‬أهـ رواه البخاري يف‬
‫"صحيحه"(‪،)7144‬ورواه مسلم يف "صحيحه"(‪ )1839‬من حديث عبد اهلل بن عمر َر ِض َي الَّلُه َعْنُه ما‪(.‬ش)‬
‫‪www.alukah.net‬‬
‫اإلبهاج في شرح منهاج المسلم‬
‫‪www.alukah.net‬‬

‫‪ -2‬ي رى حرم ة اخلروج عليهم‪ ،‬أو إعالن معص يتهم ملا يف ذل ك من ش ق عص ا الطاع ة على س لطان املس لمني‪ ،‬ولق ول الرس ول‬
‫صلى اهلل عليه وسلم‪" :‬مْن َك ِر َه مْن أمريِه شيًئا فليصْرب؛ فإَّنُه مْن خرَج مَن الُّس لطاِن شًربا ماَت ميتًة جاهلَّيًة" (‪.)7‬‬
‫وقوله‪" :‬مْن أهاَن الُّس لطاَن أهانُه اُهلل" (‪.)2‬‬
‫‪ -3‬أن يدعو هلم بالصالح والسداد والتوفيق والعصمة من الشر ومن الوقوع يف اخلطأ؛ إذ صالح األمة يف صالحهم‪ ،‬وفسادها‬
‫بفس ادهم‪ ،‬وأن ينص ح هلم يف غ ري إهان ة وانتق اص كرام ة‪ ،‬لقول ه ص لى اهلل علي ه وس لم‪" :‬ال ِّديُن الَّنص يحُة" قلن ا‪ :‬ملن؟ ق ال‪ِ" :‬هلل‪،‬‬
‫ولكتابِه‪ ،‬ولرسولِه‪ ،‬وألئمِة املسلمَني ‪ ،‬وعاَّم ِتهْم "(‪.)3‬‬
‫‪ -4‬أن جياهد وراءهم ويصلي خلفهم‪ ،‬وإن فسقوا وارتكبوا احملرمات اليت هي دون الكفر لقوله عليه الصالة والسالم ملن سأله‬
‫عن طاعة أمراء السوء‪" :‬امسُعوا وأطيُعوا‪ ،‬فإَمَّنا عليهْم َم ا ِّمُحلوا وعليكْم َم ا مُح لتم" (‪.)4‬‬
‫ولقول عبادة بن صامت‪ :‬بايعنا رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم على السمع والطاعة يف منشطنا ومكرهنا‪ ،‬وعسرنا ويسرنا‪ ،‬وأن‬
‫ال ننازع األمر أهلُه‪ .‬قال‪" :‬إاَّل أْن ترْو ا ُك فًر ا بواًح ا عنَد كْم فيِه مَن اِهلل ُبرهاٌن "(‪.)5‬‬

‫‪ )?(7‬رواه البخاري (‪ .)9/59‬ورواه مسلم (‪ )506‬كتاب اإلمارة‪ .‬أهـ رواه البخاري يف " صحيحه " (‪ ،)7143‬ورواه‬
‫مسلم يف " صحيحه " (‪)1849‬من حديث عبد اهلل بن عباس َر ِض َي الَّلُه َعْنُه ما‪( .‬ش)‬
‫‪ )?(2‬رواه الرتمذي (‪ )2224‬وحسنه‪ .‬أهـ من حديث أيب بكرة رضي اهلل عنه واحلديث صححه العالمة األلباين رمحه اهلل‬
‫تعاىل‪(.‬ش)‬
‫‪ )?(3‬رواه مسلم (‪ )95‬كتاب اإلميان‪ .‬أهـ يف "صحيحه"(‪)55‬من حديث عن متيم الداري رضي اهلل عنه‪(.‬ش)‬
‫‪ )?(4‬رواه مسلم (‪ )50 ،49‬كتاب اإلمارة‪ .‬أهـ "صحيحه"(‪ )1846‬من حديث سلمة بن يزيد اجلعفي رضي اهلل عنه أنه‬
‫سأل رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم فقال " يا نيب اهلل أرأيت إن قامت علينا أمراء يسألونا حقهم ومينعونا حقنا فما تأمرنا‬
‫فأعرض عنه مث سأله فأعرض عنه مث سأله يف الثانية أو يف الثالثة فجذبه األشعث بن قيس‪ -‬ويف رواية ملسلم "قال رسول اهلل‬
‫صلى اهلل عليه وسلم "‪-‬وقال امسعوا وأطيعوا فإمنا عليهم ما محلوا وعليكم ما محلتم‪(.‬ش)‬
‫‪ )?(5‬رواه مسلم (‪ )42‬كتاب اإلمارة‪ .‬ومعىن بواًح ا‪ :‬أي ظاهًر ا مكشوًفا‪ ،‬ومعىن برهان‪ :‬أي دليل وحجة‪ .‬أهـ رواه البخاري‬
‫يف " صحيحه " (‪ ،)7200( ،)7199( ،)7056‬ورواه مسلم يف " صحيحه " (‪ )1709‬من حديث عبادة بن الصامت‬
‫َر ِض َي الَّلُه َعْنُه‪( .‬ش)‬
‫هذا وصلى اهلل وسلم وبارك على عبده ونبيه ومصطفاه حممد صلى اهلل تعاىل عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪.‬‬
‫‪www.alukah.net‬‬

You might also like