Professional Documents
Culture Documents
مقدمة وتمهيد
وبعد ،فهذا كتاب جليل يحتوي على مقاصد مفيدة ومباحث عديدة ،تنفع المسلمين المحتاجين إلى تحقيق
العقائد الدينية ،وإلى اإلجتماع بالفرقة الناجية الذين هم أهل اسنة والجماعة ،رد فيه مؤلفه على ضالالت
المبتدعين الكاذبين ،وصرح فيه شبهات الملحدين الضالين.
فهو إ ًذا حجة وبرهان ،وتوضيح وبيان ،فيه للمسلمين عزة وكرامة ،ولهم فيه نجاة وسالمة ،إذ حقق فيه
مؤلفه العقائد الصحيحة على طريقة أهل السنة والجماعة.
ومعشر المسلمين اليوم أشد حاجة إلى ذلك ،وقد اختلط فيهم األفاضل باألراذل ،والتبس عليهم الحق
بالباطل ،وتصدر للفتوى كل جاهل ،ممن يقصر إدراكه عن فهم كتاب هللا تعالى وسنة رسوله صلى هللا عليه
وسلم ،فجاء الكتاب باإليضاح والتدقيق ،بعيدا عن التلبيس والتزويق ،ليبتعدوا عن مواقع الجهل والضالل،
ويكونوا موفقين في األقوال واألفعال.
وكيف ال ،وقد كان مؤلفه العالمة الشيخ محمد هاشم أشعري رحمه هللا تعالى من أكابر علماء إندونيسيا
ومن مؤسسى جمعية نهضة العلماء ،وهي جمعية معروفة بقوة تمسكهم بسنة خاتم النبيين وشدة اعتمادهم على
خطة أسالفهم الصالحين.
فجزى هللا تالى مؤلفه خيرا كثيرا ،وغفر له وألصوله وفروعه إنه كان غفارا ،ونفع به وبعلومه
المسلمين ،وجعل عمله من إحياء سنة سيد المرسلين .هذا ،وصلى هللا على سيدنا مجمد وعلى آله وصحبه
وسلم ،والحمد هلل رب العالمين.
الحمد هلل شكرا على نواله ،والصالة والسالم على سيدنا محمد وآله .وبعد ،فهذا كتاب أودعت فيه شيئا من
حديث الموتى و أشراط الساعة ،وشيئا من الكالم على بيان السنة والبدعة ،وشيئا من األحاديث بقصد
النصيحة ،وإلى هللا الكريم أمد أكف اإلبتهال ،أن ينفع به نفسي وأمثالي من الجهال ،وأن يجعل عملي خالصا
لوجهه الكريم ،انه جواد رؤوف رحيم .وهذا أوان الشروع في المقصود ،بعون الملك المعبود.
السنة بالضم والتشديد كما قال أبو البقاء في كلياته :لغة الطريقة ولو غير مرضية .وشرعل اسم للطريقة
المرضية المسلوكة في الدين سلكها رسول هللا صلى هللا عليه وسلم أو غيره ممن هو علم في الدين كالصحابة
اش ِد ْينَ ِم ْن بَ ْع ِديْ } .وعرفا ما رضي هللا عنهم لقوله صلى هللا عليه وسلمَ { :علَ ْي ُك ْم بِ ُسنَّتِ ْي َو ُسنَّ ِة ال ُخلَفَا ِء َ
الر ِ
واظب عليه مقتدي نبيا كان أو وليا .والسني منسوب إلى السنة حذف التاء للنسبة.
والبدعة كما قال الشيخ زروق في عدة المريد :شرعا إحداث أمر في الدين يشبه أن يكون منه وليس منه
ْس ِم ْنهُ فَه َُو َر ٌّد}،
َث في أ ْم ِرنَا هَ َذا ما لَي َ
سواء كان بالصورة أو بالحقيقة لقوله صلى هللا عليه وسلمَ { :م ْن أحْ د َ
{و ُك هل ُمحْ َدثَ ٍة بِ ْد َعةٌ} .وقد بين العلماء رحمهم هللا أن المعنى في الحديثين وقوله صلى هللا عليه وسلمَ :
ً
المذكورين راجع لتغيير الحكم باعتقاد ما ليس بقربة قربة ال مطلق اإلحداث ،إذ قد تناولته الشريعة بأصولها
فيكون راجعا إليها أو بفروعها فيكون مقيسا عليها.
(األول) أن ينظر في األمر المحدث ،فإن شهد له معظم الشريعة وأصلها فليس ببدعة ،وإن كان مما يأبى
ذلك بكل وجه فهو باطل وضالل ،وإن كان مما تراجعت فيه األدلة وتناولته الشبهة واستوت فيه الوجوه
اعتبرت وجوهه ،فما ترجح من ذلك رجعت إليه.
(الميزان الثاني ) اعتبار قواعد األئمة وسلف األمة العاملين بطريق السنة ،فما خالفها بكل وجه فال عبرة
به ،وما وافق أصولهم فهو حق وإن اختلفوا فيه فرعا وأصال ،فكل يتبع أصله ودليله ،وقد وقع من قواعدهم
أن ما عمل به السلف وتبعهم الخلف ال يصح أن يكون بدعة وال مذموما ،وما تركوه بكل وجه واضح ال يصح
أن يكون سنة وال محمودا ،وما أثبتوا أصله ولم يرد عنهم فعله فقال مالك بدعة ألنهم لم يتركوه إال ألمر
عندهم فيه .وقال الشافعي ليس ببدعة وإن لم يعمل به السلف ألن تركهم للعمل به قد يكون لعذر قام بهم في
الوقت أو لما هو أفضل منه ،واألحكام مأخوذة من الشارع وقد أثبته .واختلفوا أيضا فيما لم يرد له من السنة
معارض وال شبهة ،فقال مالك بدعة ،وقال الشافعي ليس ببدعة ،واستند لحديث { َما ت ََر ْكتُهُ لَ ُك ْم فَه َُو َع ْف ٌو}،
قال وعلى هذا اختالفهم في ضرب اإلدارة والذكر بالجهر والجمع والدعاء ،إذ ورد في الحديث الترغيب فيه
ولم يرد عن السلف فعله .ثم كل قائل ال يكون مبتدعا عند القائل بمقابله لحكمه بما أداه اجتهاده الذي ال يجوز
تعديه ،وال يصح له القول ببطالن مقابله لقيام شبهته ،ولو قيل بذلك ألدى إلى تبديع األمة كلها ،وقد عرف أن
حكم هللا تعالى في مجتهد الفروع ما أداه إليه اجتهاده ،سواء قلنا المصيب واحد أو متعدد ،وقد قال رسول هللا
ضهُ ْم: يق ،فَقَا َل بَ ْع ُُصلِّيَ َّن أَ َح ٌد ْال َعصْ َر إِاله فِي بَنِي قُ َر ْيظَةَ فَأ َ ْد َر َكهُ ْم ْال َعصْ ُر فِي الطَّ ِر ِ
صلى هللا عليه وسلم{ :الَ ي َ
هللاُ َعلَ ْي ِه َو َسل َمَّ
صلَّى َّ َ
الصالَ ِة هُنَاكَ ،فَأ َّخرُوْ اَ ،ولَ ْم يعب َ ُ
ْقَ ،وقَا َل آخَ رُوْ نَ أ ِمرْ نَا بِ َ أُ ِمرْ نَا بِال َع َجلَ ِةَ ،و َ
صلُّوْ ا فِ ْي الطَ ِري ِ
اح ٍد ِم ْنهُ ْم} ،فدل ذلك على صحة العمل بما فهم من الشارع إذا لم يكن عن هوى. َعلَ ْى َو ِ
WWW.MUSLIMEDIANEWS.COM – INDONESIAN ISLAMIC WEBSITE
(الميزان الثالث) ميزان التمييز بشواهد األحكام وهو تفصيلي ينقسم إلى أقسام الشريعة الستة ،أعنى
الوجوب والندب والتحريم والكراهة وخالف األولى واإلباحة ،فكل ما انحاز ألصل بوجه صحيح واضح ال
بعد فيه الحق به ،وما ال فهو بدعة .وعلى هذا الميزان جرى كثير من المحققين واعتبرها من حيث اللغة
للتقريب .وهللا أعلم.
ثم قال :وأ قسامها ثالثة ،البدع الصريحة ،وهي ما أثبتت من غير أصل شرعي في مقابلة ما ثبت شرعا
من واجب أو سنة أو مندوب أو غيره فأماتت سنة أو أبطلت حقا ،وهذه شر البدع ،وإن كان لها ألف مستند من
األصول أو الفروع فال عبرة به .الثاني البدع اإلضافية ،وهي التي ألمر لو سلم منها لم تصح المنازعة في
كونه سنة أو غير بدعة بال خالف أو على خالف مما تقدم .الثالث البدع الخالفية ،وهي المبنية على أصلين
يتجاذبها كل منهما ،فمن قال بهذا قال :بدعة ،ومن قال بمقابله قال :سنة ،كما تقدم في ضرب اإلدارة وذكر
الجماعة.
وقال العالمة محمد ولي الدين الشبشيري في شرح األربعين النووية على قوله صلى هللا عليه وسلمَ { :م ْن
آوى ُمحْ ِدثا ً فَ َعلَ ْي ِه لَ ْعنَة هللا} ودخل في الحديث العقود الفاسدة ،والحكم مع الجهل والجور ونحو
َث َحدَثا ً أوْ َ
أحْ د َ
ذلك مما ال يوافق الشرع .وخرج عنه ما ال يخرج عن دليل الشرع ،كالمسائل اإلجتهادية التي ليس بينها وبين
أدلتها رابط إال ظن المجتهد ،وكتابة المصحف وتحرير المذاهب وكتب النحو والحساب ،ولذا قسم ابن عبد
السالم الحوادث إلى األحكام الخمسة ،فقال :البدعة فعل ما لم يعهد في عصر رسول هللا صلى هللا عليه وسلم
واجبة كتعلم النحو وغريب الكتاب والسنة مما يتوقف فهم الشريعة عليه ،ومحرهمة كمذهب القدرية والجبرية
والمجسمة ،ومندوبة كإحداث الربط والمدارس وكل إحسان لم يعهد في العصر األول ،ومكروهة كزخزفة
المساجد وتزويق المصاحف ،ومباحة كالمصافحة عقب صالة الصبح والعصر والتوسع في المأكل والمشرب
والملبس وغير ذلك.
وإذا عرفت ما ذكر تعلم أن ما قيل :إنه بدعة كاتخاذ السبحة ،والتلفظ بالنية ،والتهليل عند التصدق عن
الميت مع عدم المانع عنه ،وزيارة القبور ،ونحو ذلك ليس ببدعة .وإن ما أحدث من أخذ أموال الناس
باألسواق الليلية ،واللعب بالكورة وغير ذلك من شر البدع.
(فصل) في بيان تمسك أهل جاوى بمذهب أهل السنة والجماعة ،وبيان ابتداء ظهور البدع وانتشارها في
أرض جاوى ،وبيان أنواع المبتدعين الموجودين في هذا الزمان.
قد كان مسلموا األقطار الجاوية في األزمان السالفة الخالية متفقى اآلراء والمذهب ،متحدى المأخذ
والمشرب ،فكله م في الفقه على المذهب النفيس مذهب اإلمام محمد بن إدريس ،وفي أصول الدين على مذهب
اإلمام أبي الحسن األشعري ،وفي التصوف على مذهب اإلمام الغزالي واإلمام أبي الحسن الشاذلي رضي هللا
عنهم أجمعين.
ثم إنه حدث في عام ألف وثالثمائة وثالثين أحزاب متنوعة ،وآراء متدافعة ،وأقوال متضاربة ،ورجال
متجاذبة .فمنهم سلفيون قائمون على ما عليه أسالفهم من التمذهب بالمذهب المعين والتمسك بالكتب المعتبرة
المتداولة ،ومحبة أهل البيت واألولياء والصالحين ،والتبرك بهم أحياء وأمواتا ،وزيارة القبور ،وتلقين الميت،
والصدقة عنه ،واعتقاد الشفاعة ونفع الدعاء والتوسل وغير ذلك.
WWW.MUSLIMEDIANEWS.COM – INDONESIAN ISLAMIC WEBSITE
ومنهم فرقة يتبعون رأي محمد عبده ورشيد رضا ،ويأخذون من بدعة محمد بن عبد الوهاب النجدي،
وأحمد بن تيمية وتلميذيه ابن اقيم وابن عبد الهادى ،فحرموا ما أجمع المسلمون على ندبه ،وهو السفر لزيارة
قبر رسول هللا صلى هللا عليه وسلم ،والفوهم فيما ذكر وغيره .قال ابن تيمية في فتاويه :وإذا سافر العتقاده
أنها أي زيارة قبر النبي صلى هللا عليه وسلم طاعة كان ذلك محرما بإجماع المسلمين فصار التحريم من
األمور المقطوع به .قال العالمة الشيخ محمد بخيت الحنفي المطيعي في رسالته المسماة “تطهير الفؤاد من
دنس اإلعتقاد” :وهذا الفريق قد ابتلي المسلمون بكثير منهم سلفا وخلفا ،فكانوا وصمة وثلمة في المسلمين
وعضوا فاسدا يجب قطعه حتى ال يعدى الباقي ،فهو كالمجذوم يجب الفرار منه ،فإنهم فريق يلعبون بدينهم،
يذمون العلماء سلفا وخلفا ،ويقولون إنهم غير معصومين فال ينبغي تقليدهم ،ال فرق في ذلك بين األحياء
واألموات ،ويطعنون عليهم ويلقون الشبهات ،ويذرونها في عيون بصائر الضعفاء لتعمى أبصارهم عن
عيوب هؤالء ،يقصدون بذلك إلقاء العداوة والبغضاء بحلولهم الجو ويسعون في األرض فسادا ،يقولون على
هللا الكذب وهم يعلمون ،يزعمون أنهم قائمون باألمر بالمعروف والنهي عن المنكر ،حاضون الناس على
اتباع الشرع واجتناب البدع ،وهللا يشهد أنهم لكاذبون .قلت :ولعل وجهه أنهم من أهل البدع واألهواء .قال
القاضي عياض في الشفا :وكان معظم فسادهم على الدين وقد يدخل في أمور الدنيا بما يلقون بين المسلمين
من العداوة الدينية التي تسرى لدنياهم .قال العالمة مال على القارى في شرحه :وقد حرم هللا تعالى الخمر
ضا َء فِي ْالخَ ْم ِر َو ْال َمي ِْس ِر }.
َاوةَ َو ْالبَ ْغ َ
ان أَ ْن يُوقِ َع بَ ْينَ ُك ُم ْال َعد َ
والميسر لهذه العلة كما قال تعالى {إِنَّ َما ي ُِري ُد ال َّش ْيطَ ُ
ومنهم رافضيون يسبون سيدنا أبا يكر وعمر رضي هللا عنهما ويكرهون الصحابة رضي هللا عنهم
ويبالغون هوى سيدنا علي وأهل بيته رضوان هللا عليهم .قال السيد محمد في شرح القاموس :وبعضهم يرتقي
إلى الكفر والزندقة أعاذنا هللا والمسلمين منها .قال القاضي عياض في الشفا :عن عبد هللا بن مغفهل رضي هللا
هللاَ في أَصْ َحابِي ،ال تَته ِخذوهُ ْم َغ َرضا ً هللاَ ه
هللاَ في أَصْ َحابِي ه {هللاَ ه
هللاِ صلى هللا عليه وسلم :ه عنه قال :قال رسو ُل ه
ضي أَ ْبغ َ
َضهُ ْمَ ،و َم ْن آ َذاهُ ْم فَقَ ْد آ َذانِيَ ،و َم ْن آ َذانِي فَقَ ْد آ َذى َضهُ ْم فَبِبُ ْغ ِبَ ْع ِدي ،فَ َم ْن أَ َحبههُ ْم فَبِ ُحبهي أَ َحبههُ ْمَ ،و َم ْن أَ ْبغ َ
هللاِ صلى هللا عليه وسلم{ :الَ تَ ُسبُّوا أَصْ َحابِي ،فَ َم ْن َسبَّهُ ْم ك أَ ْن يَأْ ُخ َذه} ،وقال رسو ُل ه هللاََ ،و َم ْن آ َذى ه
هللاَ يُوْ ِش ُ ه
صرْ فا ً والَ َع ْدالً} ،وقال صلى هللا عليه وسلم{ :الَ َاس أَجْ َم ِع ْينَ ،الَ يَ ْقبَ ُل هللاُ ِم ْنهُ َ
فَ َعلَ ْي ِه لَ ْعنَةُ هللاِ َوال َمالَئِ َك ِة َوالن ِ
صلَ هوا َم َعهُ ْمَ ،والَ ان يَ ُسبُّوْ نَ أَصْ َحابِ ْي ،فَالَ تُ َ
صل هوا َعلَ ْي ِه ْمَ ،والَ تُ َ آخ ِر الزَ َم ِ تَ ُسبُّوا أَصْ َحابِي ،فإنهُ يَ ِج ْى ُء قَوْ ٌم فِ ْي ِ
تنا ِكحُوْ هُ ْمَ ،والَ تُ َجالِسُوْ هُ ْمَ ،وإِ ْن َم ِرضُوْ ا فَالَ تَعُوْ ُدوْ هُم } ،وعنه صلى هللا عليه وسلمَ { :م ْن َسبَّ أَصْ َحابِ ْي
فَاضْ ِربُوْ ه} ،وقد أعلم النبي صلى هللا عليه وسلم أن سبهم وأذاهم يؤذيه ،وآذى النبي صلى هللا عليه وسلم
حرام ،فقال{ :الَ تُ ْؤ ُذوْ ني فِ ْي أَصْ َحابِ ْيَ ،و َم ْن آ َذاهُ ْم فَقَ ْد آ َذانِ ْي} ،وقال{ :ال تؤذوني في عائشة} ،وقال في
فاطمة رضي هللا عنها{ :بضعة مني ،يؤذيني ما آذاها}.
ومنهم إباحيون يقولون :إن العبد إذا بلغ غاية لبمحبة وصفا قلبه من الغفلة ،واختار اإليمان على الكفر
والكفران سقط عنه األمر والنهي ،وال يدخله هللا النار بارتكاب الكبائر .وبعضهم يقول :إنه تسقط عنه العبادات
الظاهرة وتكون عبادته التفكر وتحسين األخالق الباطنة .قال السيد محمد في شرح اإلحياء :وهذا كفر وزندقة
وضاللة ،ولكن اإلباحيون موجودون من قديم الزمان ،جهال ضالل ليس لهم رأس يعلم العلم الشرعي كما
ينبغي.
ومنهم من قال بتنلسخ األرواح وانتقالها أبد اآلباد في األشخاص تخرج من بدن اآلخر من جنسه أو غيره.
وزعم هؤالء أن تعذيبها وتنعيمها فيها بحسب زكائها وخبثها .قال الشهاب الخفاجي في شرحه على الشفا :وقد
كفرهم أهل الشرع لما فيه من تكذيب هللا ورسوله وكتبه.
WWW.MUSLIMEDIANEWS.COM – INDONESIAN ISLAMIC WEBSITE
ومنهم م ن قال بالحلول واإلتحاد ،وهم جهلة المتصوفة ،يقولون :إنه تعالى الوجود المطلق ،وإن غيره ال
يتصف بالوجود أصال ،حتى إذا قالوا :اإلنسان موجود ،فمعناه أن له تعلقا بالوجود المطلق ،وهو هللا تعالى.
قال العالمة األمير في حاشية عبد السالم :وهو كفر صريح ،وال حلول وال اتحاد ،فإن وقع من أكابر األولياء
ما يوهم ذلك أ هول بما يناسبه كما يقع منهم في وحدة الوجود ،كقول بعضهم“ :ما في الجبة إال هللا” ،أراد أن ما
في الجبة ،بل والكون كله ال وجود له إال باهلل .وقال في لواقح األنوار :من كمال العرفان شهود عبد و ربه ،
وكل عارف نفى شهود العبد في وقت ما فليس هو بعارف ،وإنما هو في ذلك الوقت صاحب حال ،وصاحب
الحال سكران ال تحقيق عنده ،فظهر مما ذكر أن المراد بوحدة الوجود واإلتحاد في مذهب القوم ليس على
الظاهر المتوهم .وإذا كانت عبدة األوثان يقولون“ :ما نعبدهم إال ليقرهبونا إلى هللا ُز ْلفَى” ،ولم يقولوا“ :هم
هللا” ،كيف يظن ذلك بالعارفين ،وإنما المراد قول العارف:
وال بد عند كل مسلم من حظ في هذا المقام وإن تفاوتوا .وإنما أطلت الكالم على هذه الطائفة ألن ضررهم
على المسلمين أكثر من ضرر جميع الكفرة والميتدعين ،فإن كثيرا من الناس يعظمونهم ويسمعون كالمهم مع
جهلهم بأساليب الكالم العربي .وقد روى األصمعي عن الخليل عن أبي عمرو بن العالء أنه قال :أكثر من
تزندق بالعراق لجهلهم بالعربية ،وهم باعتقادهم الحلول واإلتحاد كفرة.
قال القاضي العياض في الشفاء :إن كل م قالة صرحت بنفي الربوبية أو الوحدانية أو عبادة غير هللا أو مع
هللا فهي كفر ،كمقالة الدهرية والنصارى والمجوسي والذين أشركوا بعبادة األوثان أو المالئكة أو الشياطين أو
الشمس أو النجوم أو النار أو أح ٍد غير هللا .وكذلك أصحاب الحلول والتناسخ ،وكذلك من اعترف بإلهية هللا
ووحدلنيته ولكنه اعتقد أنه غير ح هي أو غير قديم أو أنه محدث أو مص هور أو ادعى له ولدا أو صاحبة أو أنه
متولد من شيئ أو كائن عنه أو أن معه في األزل شيئا قديما غيره أو أن ثَ َّم صانعا للعالَم سواه أو مدبرا غيره،
فذلك كله كفر بإجماع المسلمين .وكذلك من ادعى مجالسة هللا تعالى والعروج إليه ومكالمته أو حلوله في أحد
األشخاص ،كقول بعض المتصوفة والباطنية والنصارى .وكذلك نقطع على كفر من قال بقدم العالم أو بقائه أو
قال بتناسخ األرواح وانتقالها أبد اآلباد في األشخاص وتعذيبخا وتنعيمها بحسب زكائها وخبثها .وكذلك من
اعتر ف باإللهية والوحدانية ولكنه جحد النبوة من أصلها عموما أو نبوة نبينا خصوصا أو أحدا من األنبياء
الذين نص هللا عليهم بعد علمه بذلك فهو كافر بال ريب .وكذلك من قال :إن نبينا ليس الذي كان بمكة
والحجاز .وكذلك من ادعى نبوة أحد مع نبينا صلى هللا عليه وسلم أو بعده أو من ادعى النبوة لنفسه .وكذلك
من ادعى من غالة المتصوفة أنه يوحى إليه وإن لم يدع النبوة .قال في األنوار :ويقطع بتكفير كل قائل قوال
يتوصل به إلى تضليل األمة وتكفير الصحابة ،وكل فاعل فعال ال يصدر إال من كافر كالسجود للصليب أو
النار ،أو المشي إلى الكنائس مع أ هلها بزيهم من الزنانير وغيرها .وكذا من أنكر مكة أو الكعبة أو المسجد
الحرام إن كان ممن يظن به علم ذلك وممن خالط المسلمين.
إذا فهمت ما ذكر علمت أن الحق مع السلفيين الذين كانوا على خطة السلف الصالح ،فإنهم السواد
األعظم ،وهم الموافقون علماء الحرمين الشريفين وعلماء األزهر الشريف الذين هم قدوة رهط أهل الحق
WWW.MUSLIMEDIANEWS.COM – INDONESIAN ISLAMIC WEBSITE
وفيهم علماء ال يمكن استقصاء جميعهم من انتشارهم في األقطار واآلفاق كما ال يمكن إحصاء نجوم السماء.
وقد قال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم{ :إن هللا تعالى ال يجمع أمتي على ضاللة ،ويد هللا على الجماعة ،من
اإل ْختِالَفَ فَ َعلَ ْيكَ بِالس ََّوا ِد األَ ْعظَم} مع الحق وأهله.
ش َّذ ش َّذ إلى النار} رواه الترمذي .زاد ابن ماجه{ :فإ َذا َوقَ َع ِ
وفي الجامع الصغير{ :إن هللا تعالى قد أجار أمتي أن تجتمع على ضاللة}.
وأكثرهم أهل المذاهب األربعة ،فكان اإلمام البخاري شافعيا ،أخذ عن الحميدي والزعفراني والكرابيسي.
وكذلك ابن خزيمة والنسائي .وكان اإلمام الجنيد ثوريا ،والشبلي مالكيا ،والمحاسبي شافعيا ،والجريري حنفيا،
وا لجيالني حنبليا ،والشاذلي مالكيا ،فالتقيد بمذهب معين أجمع للحقيقة ،وأقرب للتبصر ،وأدعى للتحقيق،
وأسهل تناوال .وعلى هذا درج األسالف الصالحون ،والشيوخ الماضون رضوان هللا تعالى عليهم أجمعين.
فنحن نحض إخواننا عوام المسلمين أن يتقوا هللا حق تقاته ،وأن ال يموتوا إال وهم مسلمون ،وأن يصلحوا
ذات البين منهم ،وأن يصلو األرحام ،وأن يحسنوا إلى الجيران واألقارب واإلخوان ،وأن يعرفوا حق األكابر،
وأن يرحموا الضعفاء واألصاغر .وننهاهم عن التدابر والتباغض والتقاطع والتحاسد واإلفتراق والتلون في
الدين ،ونحثهم أن يكونوا إخوانا ،وعلى الخير أعوانا ،وأن يعتصموا بحبل هللا جميعا ،وأن ال يتفرقوا ،وأن
يتبعوا الكتاب والسنة وما كان عليه علماء األمة كاإلمام أبي حنيفة ومالك بن أنس والشافعي وأحمد بن حنبل
رضي هللا تعالى عنهن أجمعين ،فهم الذين قد انعقد اإلجماع على امتناع الخروج عن مذاهبهم ،وأن يعرضوا
عما أحدث من الجمعية المخالفة لما عليه األسالف الصالحون ،فقد قال رسول هللا صلى هللا عليه وسلمَ { :م ْن
ار} ،وأن يكونوا مع الجماعة التي على طريقة األسالف الصالحين ،فقد قال رسول هللا صلى هللا لى النَّ َِش َّذ َش َّذ ِإ َ
ق
ار َ س أَ َم َرنِي هللا بِ ِه هن :ال هس ْم ِع َوالطَا َع ِة َو ْال ِجهَاد َو ْال ِهجْ َر ِة َو ْال َج َما َع ِة ،فَإ ِ هن َم ْن فَ َ {وأَنَا آ ُم ُر ُك ْم بِ َخ ْم ٍ
عليه وسلمَ :
ْ
اإل ْسالَ ِم ِم ْن ُعنُقِ ِه} ،وقال عمر بن الخطاب رضي هللا عنهَ { :علَ ْي ُك ْم بِال َجما َع ِة، ْال َج َما َعةَ قِ ْي َد ِشب ٍْر ،فَقَ ْد خَ لَ َع ِر ْبقَةَ ِ
االثنَي ِْن أَ ْب َع ُدَ .و َم ْن أَ َرا َد بُحْ بُوبَةَ ْال َجنه ِة فَ ْليَ ْلزَ ِم ْال َجما َعةَ}.
اح ِد َوهُ َو َم َع ْ
َوإِيها ُك ْم َو ْالفُرْ قَةَ ،فَإ ِ هن ال هش ْيطَانَ َم َع ْال َو ِ
يجب عند جمهور العلماء المحققين على كل من ليس له أهلية اإلجتهاد المطلق ،وإن كان قد حصل بعض
العلوم المعتبرة في اإلجتهاد تقلي ُد قول المجتهدين واألخذ بفتواهم ليخرج عن عهدة التكليف بتقليد أيهم شاء
لقوله تعالى{ :فَاسْأَلوا أَ ْه َل ال ِّذ ْك ِر إِ ْن ُك ْنتُ ْم ال تَ ْعلَ ُمونَ } ،فأوجب السؤال على من لم يعلم ذلك ،وذلك تقليد لعالم،
وهو عام لكل المخاطبين ،ويجب أن يكون عاما في السؤال عن كل ما ال يعلم لإلجماع على أن العامة لم تزل
في زمن الصحابة والتابعين وكل حدوث المخالفين يستفتون المجتهدين و يتبعونهم في األحكام الشرعية
والعلماء ،فإنهم يبادرون إلى إجابة سؤالهم من غير إشارة إلى ذكر الدليل ،وال ينهونهم عن ذلك من غير
نكير ،فكان إجماعا على اتباع العامى للمجتهد ،وألن فهم العامى من الكتاب والسنة ساقط عن حيز اإلعتبار،
إن لم يوافق أفهام علماء أهل الحق األكابر األخيار ،فإن كل مبتدع وضال يفهم أحكامه الباطلة من الكتاب
والسنة ويأخذ منهما والحال أنه ال يغنى من الحق شيئا.
وال يجب على العامى إلتزام مذهب في كل حادثة ،ولو التزم مذهبا معينا كمذهب الشافعي رحمه هللا تعالى
ال يجب عليه اإلستمرار ،بل يجوز له اإلنتقال إلى غير مذهبه .والعامى الذي لم يكن له نظر واستدالل ولم
يقرأ كتابا في فروع المذهب إذا قال :أنا شافعي ،لم يعتبر هذا كذلك بمجرد القول ،وقيل :إذا التزم العامي
مذهبا معينا يلزمه اإلستمرار عليه ألنه إعتقد أن المذهب الذي انتسب إليه هو الحق ،فعليه الوفاء بموجب
اعتقاده .وللمقلد تقليد غير إمامه في حادثة ،فله أن يقلد إماما في صالة الظهر مثال ويقلد إماما آخر في صالو
WWW.MUSLIMEDIANEWS.COM – INDONESIAN ISLAMIC WEBSITE
العصر .والتقليد بعد العمل جائز ،فلو صلى شافعي ظن صحة صالته على مذهبه ثم تبين بطالنها في مذهبه
وصحتها على مذهب غيره فله تقليده ويكتفي بتلك الصالة.
يلزم اإلختياط في أخذ العلم ،فال يأخذ عن غير أهله .روي ابن عساكر عن اإلمام مالك رضي هللا عنه:
{التحمل العلم عن أهل البدع ،وال تحمله عمن لم يعرف بالطلب ،وال عمن يكذب في حديث الناس وإن كان ال
ين ،فَا ْنظُرُوا هللا عليه وسلم} .وروى ابن سيرين رحمه هللا{ :هَ َذا ْال ِع ْل َم ِد ٌ هللا صلى ه يكذب في حديث رسول ه
َع هم ْن تَأْ ُخ ُذونَ ِدينَ ُك ْم} .وروى الديلمي عن ابن عمر رضي هللا عنهما مرفوعا{ :العلم دين ،والصالة دين،
فانظروا عمن تأخذون هذا العلم ،وكيف تصلون هذه الصالة ،فإنكم تسألون يوم القيامة} ،فال ترووه إال عمن
تحققت أهليته ،بأن يكون من العدول الثقات المتقنين .وروى مسلم في صحيحه أن رسول هللا صلى هللا عليه
آخ ِر أُ همتِي أُنَاسٌ ي َُح هدثُونَ ُك ْم َما لَ ْم تَ ْس َمعُوا أَ ْنتُ ْم َوالَ آبَا ُؤ ُك ْم ،فَإِيها ُك ْم َوإِيهاهُم} .وفي صحيح ون فِي ِ وسلم قالَ { :سيَ ُك ُ
آخ ِر ال هز َم ِ
ان ون فِي ِ مسلم أيضا أن أبا هريرة رضي هللا عنه يقول :قال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم{ :يَ ُك ُ
ه
ُضلونَ ُك ْم َوالَ َدجهالُونَ َك هذابُونَ ،يَأْتُونَ ُك ْم ِمنَ األَ َحا ِدي ِ
ث بِ َما لَ ْم تَ ْس َمعُوا أَ ْنتُ ْم َوالَ آبَا ُؤ ُك ْم ،فَإِيها ُك ْم َوإِيهاهُ ْم ،الَ ي ِ
اطينَ َم ْسجُونَةً يَ ْفتِنُونَ ُكم} .وفي صحيح مسلم أيضا عن عمرو بن العاص رضي هللا عنه قال{ :إِ هن فِي ْالبَحْ ِر َشيَ ِ
اس قُرْ آنا} .قال النووي رحمه هللا تعالى :معناه أن تقرأ ُج فَتَ ْق َرأَ َعلَى النه ِ
ك أَ ْن ت َْخر َ
بن دَا ُودَ .يُو ِش ُ
ان ُ أَوْ ثَقَهَا ُسلَ ْي َم ُ
شي ئا ليس بقرآن وتقول إنه قرآن لتغربه عوام الناس .وروى الطبراني عن أبي الدرداء رضي هللا عنه{ :إن
أخوف ما أخاف على أمتي األئمة المضلون} .وروى اإلمام أحمد عن عمر رضي هللا عنه{ :إن أخوف ما
أخاف على أمتي كل منافق عليم اللسان} .قال المناوي رحمه هللا تعالى :أي كثير علم اللسان جاهل القلب
هللا تعالى ويفر هو منه .وروى والعمل ،اتخذ العلم حرفة يتأكل بها ذا هيبة وأبهة يتعزز ،يدعو الناس إلى ه
الطبراني عن علي رضي هللا عنه{ :إني ال أتخوف على أمتي مؤمنا وال مشركا ،فأما المؤمن فيحجزه إيمانه،
وأما المشرك فيقمعه كفره ،ولكن أتخوف عليكم منافقا عالم اللسان يقول ما تعرفون ويعمل ما تنكرون} .وعن
زياد بن حدير رحمه هللا تعالى قال :قال لي عمر بن الخطاب رضي هللا عنه{ :هل تعرف ما يهدم اإلسالم؟
قلت :ال ،قال :يهدمه زلة العالم ،وجدال المنافق بالكتاب ،وحكم األئمة المضلين}.
(فصل) في ذكر األحاديث واآلثار الواردات في رفع العلم ونزول الجهل وإنذار النبي صلى هللا عليه وسلم
صلى هللا عليه وسلم ،وإعالمه بأن اآلخر شر ،وأن أمته ستتبع المحدثات من األمور والبدع واألهواء ،
قال ابن حجر العسقالني رحمه هللا تعالى في فتح الباري{ :يقبض هللا العلماء ،ويقبض العلم معهم ،فتنشأ
أحداث ينزو بعضهم على بعض نزو العير على العير ،ويكون الشيخ فيهم مستضعفا}.
وروى أبو أمامة رضي هللا عنه لما كان حجة الوداع قام رسول هللا صلى هللا عليه وسلم على جمل آدم
فقال{ :يا أيها الناس خذوا من العلم قبل أن يقبض ،وقبل أن يرفع من األرض ،أال إن ذهاب العلم ذهاب
WWW.MUSLIMEDIANEWS.COM – INDONESIAN ISLAMIC WEBSITE
حملته .فسأله أعرابي فقال :يا رسول هللا كيف يرفع العلم منا وبين أظهرنا المصاحف ،وقد تعلمنا ما فيها
وعلمناها أبناءنا ونساءنا وخدمنا ،فرفع إليه رأسه وهو مغضب ،فقال :وهذه اليهود والنصارى بين أظهرهم
المصاحف ولم يتعلقوا منها بحرف فيما جاءهم به أنبياؤهم}.
وقال ابن مسعود رضي هللا عنه قال{ :ال يزال الناس مشتملين بخير ما أتاهم العلم من أصحاب محمد
صلى هللا عليه وسلم وأكابرهم ،فإذا أتاهم العلم من قبل أصاغرهم وتفرقت أهواؤهم هلكوا}.
وروى البختاري في صحيحه عن أبي هريرة رضي هللا عنه{ :التقوم الساعة حتى تأخذ أمتي بأخذ
القرون قبلها شبراً بشبر وذراعا ً بذراع ،فقيل :يا رسول هللا كفارس والروم؟ قال :ومن الناس إال هم}.
وعن أبي سعيد الخدري رضي هللا عنه ،عن النبي صلى هللا عليه وسلم قال{ :لتتبعن َسنَنَ من كان قبلكم،
شبراً بشبر وذراعا ً بذراع ،حتى لو دخلوا جحر ضب تبعتموهم .قلنا :يا رسول هللا ،اليهود والنصارى؟ قال:
فمن}.
وروى الطبراني عن ابن مسعود رضي هللا عنه عن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم{ :إن أول هذه األمة
خيارهم ،و آخرها شرارهم ،مختلفين متفرقين ،فمن كان يؤمن باهلل واليوم اآلخر فلتأته منيته وهو يأتي إلى
الناس ما يحب أن يؤتى إليه}.
وعن هشام بن عروة رحمه هللا تعالى أنه سمع أباه يقول{ :لم يزل أمر بني إسرائيل مستقيما حتى حدث
فيهم المولدون أبناء سبايا األمم ،فأحدثوا فيهم القول بالرأي ،وأضلوا بني إسرائيل .قال :وكان أبي يقول:
السنن السنن فإن السنن قوام الدين}
وروى ابن وهب عن ابن شهاب الزهري رحمه هللا تعالى قال{ :إن اليهود والنصارى إنما انسلخوا من
العلم الذي كان بأيديهم حين استقلوا الرأي وأخذوا فيه}.
هللاِ ب ُْن َع ْم ٍرو فَ َس ِم ْعتُهُ يَقُو ُل {ح َّج َعلَ ْينَا َع ْب ُد َّ وروى البخاري في صحيحه عن عروة رضي اللع عنه قالَ :
ع ْال ِع ْل َم بَ ْع َد أَ ْن أَعطاهُ ُموهُ انتِزَ اعًاَ ،ول ِكن يَنت َِز ُعهُ ِمنهُ ْم َم َع
ْ ْ ْ َ ْ َ ْ هللاُ َعلَ ْي ِه َو َسلَّ َم يَقُو ُل إِ َّن َّ
هللاَ الَ يَ ْن ِز ُ صلَّى َّ
ي َ ْت النَّبِ َّ َس ِمع ُ
ت بِ ِه عَائِ َشةَ رضي ضلُّونَ ،فَ َح َّد ْث ُ ُضلُّونَ َويَ ِ ْض ْال ُعلَ َما ِء بِ ِع ْل ِم ِه ْم ،فَيَ ْبقَى نَاسٌ ُجهَّا ٌل يُ ْستَ ْفتَوْ نَ فَيُ ْفتُونَ بِ َر ْأيِ ِه ْم فَي ِ قَب ِ
ت يَا ا ْبنَ أُ ْختِي ا ْنطَلِ ْق إِلَى َع ْب ِد هللاِ ْبنَ َع ْم ٍرو َح َّج بَ ْع ُد ،فَقَالَ ْ هللاُ َعلَ ْي ِه َو َسل َّ َم ،ثُ َّم إِ َّن َع ْب َد َّ
صلَّى َّ هللا عنها زَ وْ َج النَّبِ ِّي َ
ْت عَائِ َشةَ فَأ َ ْخبَرْ تُهَا، ت لِي ِم ْنهُ الَّ ِذي َح َّد ْثتَنِي َع ْنهُ ،فَ ِج ْئتُهُ فَ َسأ َ ْلتُهُ ،فَ َح َّدثَنِي بِ ِه َكنَحْ ِو َما َح َّدثَنِي ،فَأَتَي ُ هللاِ فَا ْست َْثبِ ْ
َّ
هللاِ ب ُْن َع ْم ٍرو}. هللاِ لَقَ ْد َحفِظَ َع ْب ُد َّ
ت َو َّ فَقَالَ ْ
وفي فتح الباري عن مسروق عن ابن مسعود رضي هللا عنه قال{ :ال يأتي عليكم زمان إال وهو أشر مما
كان قبله ،أما إني ال أعني أميرا خيرا من أمير ،وال عاما خيرا من عام ،ولكن علماؤكم وفقهاؤكم يذهبون ثم
ال تجدون منهم خلفا ،ثم يجيئ قوم يفتون في األمور برأيهم فيثلمون اإلسالم ويهدمونه}.
هللا صلى ه
هللا عليه وسلمَ { :م ْن وأخرج أبو داود والترمذي عن أبي هريرة رضي هللا عنه قال :قال رسول ه
ُ ُ
ضاللَ ٍة َكانَ
ُور ِه ْم َشيئاَ .و َم ْن دَعا إلى َ ى كانَ لَهُ ِمنَ األجْ ِر ِم ْث َل أج ِ
ُور َم ْن تَبِ َعهُ ال يَ ْنقُصُ ذلك ِم ْن أج ِ دَعا إلى هُد ً
ً ْ ُ ْ ْ
ثام َمن تَبِ َعهُ ال يَنقصُ ذلكَ ِمن آثا ِم ِه ْم َشيْئا}. اإل ْث ِم ِمث ُل آ ِ
ْ َعلَ ْي ِه ِمنَ ِ
وأخرج مسلم من رواية عبد الرحمن بن هالل عن جرير بن عبد هللا البجلي رضي هللا عنه في حديث
اإل ْسالَ ِم ُسنهةً َح َسنَةً ،فَلَهُ أَجْ ُرهَاَ ،وأَجْ ُر َم ْن
هللاِ صلى هللا عليه وسلمَ { :م ْن َس هن فِي ِ ال َرسُو ُل ه طويل ،قال فيه :فَقَ َ
اإل ْسالَ ِم ُسنهةً َسيهئَةًَ ،كانَ َعلَ ْي ِه ِو ْز ُرهَا َو ِو ْز ُر
ُور ِه ْم َش ْيئًاَ .و َم ْن َس هن فِي ِ ُ َع ِم َل بِهَا بَ ْع َدهُ ِم ْن َغي ِْر أَ ْن يَ ْنقُ َ
ص ِم ْن أج ِ
ص ِم ْن أَوْ زَ ا ِر ِه ْم َشيئًا}.
َم ْن َع ِم َل بِهَا ِم ْن بَ ْع ِد ِهِ .م ْن َغي ِْر أَ ْن يَ ْنقُ َ
قال مجاهد رحمه هللا تعالى في تفسير اآلية المذكورة :حملهم ذنوب أنفسهم وذنوب من أطاعهم ،وال
يخفف ذلك عمن أطاعهم [من العذاب] شيئا.
قالَ { :م ْن أَحْ يَا ُسنهةً ِم ْن وروى الترمذي عن عمرو بن عوف رضي هللا عنه أَ هن النب هي صلى هللا عليه وسلم َ
ص َذلِكَ ِم ْن أَج ِ
ُور ِه ْم َشيْئاًَ ،و َم ْن ا ْبتَ َد َ
ع من َع ِم َل بِهَا ِم ْن َغي ِْر أَ ْن يُ ْنقِ َ ُسنهتِي قَ ْد أُ ِميت ْ
َت بَ ْع ِدي َكانَ لَهُ ِمنَ األَجْ ِر ِم ْث ُل ْ
اس َشيْئاً}.ضالَلَ ٍة الَ ترضى هللا َو َرسُولُهُ َكانَ َعلَ ْي ِه ِم ْث ُل آثَ ِام َم ْن َع ِم َل بِهَا الَ ي ْنقِصُ َذلِكَ ِم ْن أَوْ زَ ار النه ِ بِ ْد َعةَ َ
هللا صلى ه
هللا عليه وسلم{ :ال ُمتَ َم ِّس ُ
ك هللا عنه قال :قال رسول ه
وروى الترمذي عن أبي هريرة رضي ه
بِ ُسنَّتِ ْي ِع ْن َد فَ َساِد أُ َّمتِ ْي لَهُ أَجْ ُر ِمائَ ِة َش ِه ْي ٍد}.
(فصل) في بيان افتراق أمة محمد صلى هللا عليه وسلم على ثالث
روى أبو داود والترمذي وابن ماجه عن أبي هريرة رضي هللا عنه أن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم
ت أُ همتِي
ارى َعلَى اثِ ْنتَي ِْن َو َس ْب ِعينَ فِرْ قَةًَ ،وتَفَ هرقَ ِ
ص َ ت ْاليَهُو ُد َعلَى إحْ دَى َو َس ْب ِعينَ فِرْ قَةًَ ،وتَفَ هرقَ ِ
ت النه َ قال{ :ا ْفت ََرقَ ِ
ث َو َس ْب ِعينَ فِرْ قَةً ،كلها في النار إال واحدة ،قالوا :ومن هم يا رسول هللا؟ قال :هم الذي أنا عليه علَى ثَالَ ٍ
وأصحابي}.
قال الشهاب الخفاجي رحمه هللا تعالى في نسيم الرياض :والفرقة الناجية هم أهل السنة والجماعة .وفي
حاشية الشنواني على مختصر ابن أبي جمرة :هم أبو الحسن األشعري وجماعته أهل السنة وأئمة العلماء ،ألن
هللا تعالى جعلهم حجة على خلقه ،وإليهم تفزع العامة في دينهم ،وهم المعنيون بقوله صلى هللا عليه وسلم{ :إن
هللا ال يجمع أمتي على ضاللة}.
قال اإلمام أبو منصور بن طاهر التميمي في شرح هذا الحديث :قد علم أصحاب هذه المقاالت أنه صلى
هللا عليه وسلم لم يرد بالفرق المذمومة المختلفين في فروع الفقه من أبواب الحالل والحرام ،وإنما قصد بالذم
من خالف أهل الحق في أصول التوحيد ،وفي تقدير الخير والشر ،وفي شروط النبوة والرسالة ،وفي مواالة
الصحابة وما جرى مجرى هذه األبواب ،ألن المختلفين فيها قد كفر بعضهم بعضا بخالف النوع األول ،فإنهم
WWW.MUSLIMEDIANEWS.COM – INDONESIAN ISLAMIC WEBSITE
اختلفوا فيه من غير تكفير وال تفسيق للمخالف فيه ،فيرجع تأويل الحديث في افتراق األمة إلى هذا النوع من
اإلختالف.
وقد حدث في آخر أيام الصحابة خالف القدرية من معبد الجهني وأتباعه ،وتبرأ منهم المتأخرون من
الصحابة كعبد هللا بن عمر وجابر وأنس ونحوهم رضي هللا عنهم أجمعين .ثم حدث الخالف بعد ذلك شيئا سيئا
إلى أن تكاملت الفرق الضالة اثنين وسبعين فرقة ،والثالثة والسبعون هم أهل السنة والجماعة ،وهم الفرق
الناجية .فإن قيل :هذه الفرق معروفة؟ فالجواب :إنا نعرف اإلفتراق وأصول الفرق ،وأن كل طائفة من الفرق
انقسمت إلى فرق وإن لم نحط بأسماء تلك الفرق ومذاهبها.
وأصول الفرق الحرورية ،والقدرية ،والجهمية ،والمرجئة ،والرافضة ،والجبرية .وقد قال بعض أهل
العلم رحمهم هللا تعالى :أصول الفرق الضالة هذه الست ،وقد انقسمت كل فرقة منها اثنتي عشرة فرقة
فصارت إلى اثنتين وسبعين فرقة .قال ابن رسالن رحمه هللا تعالى :قيل إن تفصيلها عشرون ،منهم روافض،
وعشرون منهم خوارج ،وعشرون قدرية ،وسبعة مرجئة ،وفرقة نجارية ،وهم أكثر من عشر فرق ولكن
يعدون واحدة ،وفرقة حرورية ،وفرقة جهمية ،وثالث فرق كرامية ،فهذه اثنتان وسبعون فرقة.
وهي كثيرة ،منها عدم المساعد والمعاون على الدين ،وهو قوله صلى هللا عليه وسلم{ :يَأ َتِي َعلَى النه ِ
اس
ض َعلَى ْال َج ْمر} .رواه الترمذي عن أنس بن مالك رضي هللا عنه.
ان الصهابِ ُر َعلَى ِدينِ ِه كالقَابِ ِ
زَ َم ٌ
ومنها{ :يكون في آخر الزمان عباد جهال وقراء فسقة} .رواه أبو نعيم في الحلية والحاكم في المستدرك
عن أنس رضي هللا عنه أيضا.
ومنها {قطيعة الرحم ،وتخوين األمين وائتمان الخائن} رواه الطبراني في األوسط عن أنس بن مالك
رضي هللا عنه أيضا.
ومنها {ان تفاخ األهلة ،وأن يرى الهالل قبال [بفتحتين أي سلعة ما يطلع] فيقال :لليلتين} .رواه الطبراني
عن ابن مسعود رضي هللا عنه.
ومنها {يذهب الصالحون األول فاألول ،وتبقى حثالة كحثالة الشعير أو التمر} .رواه اإلمام أحمد
والبخاري.
ومنها {ال تقوم الساعة حتى يكون الزهد رواية ،والورع تصنعا} .رواه أبو نعيم في الحلية.
ومنها {أن يكون الولد غيظا والمطر قيظا وتفيض اللئام فيضا} .رواه الطبراني عن ابن مسعود رضي
هللا عنه.
WWW.MUSLIMEDIANEWS.COM – INDONESIAN ISLAMIC WEBSITE
ومنها {ال تقوم الساعة حتى يسود كل قبيلة منافقوها ،وكان زعيم القوم أرذلهم ،وساد القبيلة فاسقهم}.
رواه الطبراني عن عبد هللا بن مسعود رضي هللا عنه ،والترمذي عن أبي هريرة رضي هللا عنه.
ومنها {أن تزخرف المحاريب ،وأن تخرب القلوب} رواه الطبراني عن ابن مسعود رضي هللا عنه.
ومنها {فشو التجارة حتى تعين المرأة زوجها على التجارة ،وقطع األرحام ،وفشو القلم ،وظهور
الشهادات بالزور} .رواه اإلمام أحمد والبخاري عن ابن مسعود رضي هللا عنه .وفشو التجارة كناية عن
كثرة الكتبة وقبة العلماء ،يعني يكتفون بتعلم الخط ليخالطوا الحكام.
ومنها {أن يتخذ األمانة مغنماً ،والصدقة مغرماً ،ويتعلم العلم لغير دين} .رواه الترمذي عن أبي هريرة
رضي هللا عنه
ومنها {إن أيام الدجال سنين خداعة ،يكذب فيها الصادق ،ويصدق فيها الكاذب ،ويخون فيها األمين ،ويؤتمن
فيها الخائن ،ويتكلم فيها الرويبضة .قيل :وما الرويبضة؟ قال :الرجل التافه يتكلم في أمر العامة} .رواه اإلما
أحمد والبزار عن أنس بن مالك رضي هللا عنه.
ومنها {ال تقوم الساعة حتى تروا أمورا عظاما لم تحدثوا بها أنفسكم ،يتفاقم شأنها في أنفسكم ،وتسألون
هل كان نبيكم ذكر لكم منها ذكرا ،وحتى تروا الجبال تزول عن أماكنها} رواه اإلمام أحمد والطبراني عن
سمرة بن جندب رضي هللا عنه.
ومنها {إِ َذا ُو ِّس َد ْاألَ ْم ُر إِلَى َغي ِْر أَ ْهلِ ِه فَا ْنت َِظروْ السَّاعَة} .رواه البخاري عن أبي هريرة رضي هللا عنه.
ب ه َذا ومنها {الَ ت َْذهَبُ ال ُّد ْنيَا َحتَّى يَ ُم َّر ال َّر ُج ُل َعلَى ْالقَب ِْر ،فَيَتَ َم َّر َغ َعلَ ْي ِه َويَقُو َل :يَالَ ْيتَنِي ُك ْن ُ
ت َم َكانَ َ
صاح ِ
ْالقَب ِْر} رواه مسلم عن أبي هريرة أيضا.
ومنها {ال تقوم الساعة حتى يتسافد الناس تسافد البهائم في الطرق} رواه الطبراني عن ابن عمر رضي
هللا عنهما.
ومنها {الَتفنى هذه األمة حتى يقوم الرجل إلى المرأة فيفترشها في الطريق فيكون خيارهم يومئذ من
يقول :لو واريناها وراء هذا الحائط} رواه أبو يعلى عن أبي هريرة.
ومنها {ال تقوم الساعة حتى توجد المرأة نهارا تنكح [أي تجامع] وسط الطريق ،ال ينكر ذلك ،فيكون
أمثلهم يوم ئذ الذي يقول :لو نحيتها عن الطريق قليال ،فذلك فيهم مثل أبي بكر وعمر فيكم} رواه الحاكم أبو
عبد هللا عن أبي هريرة رضي هللا عنه.
WWW.MUSLIMEDIANEWS.COM – INDONESIAN ISLAMIC WEBSITE
ومنها ما روى الطبراني عن أبي أمامة رضي هللا عنه {وحتى تمر المرأة على القوم ،فيقوم أحدهم،
فيرفع بذيلها كما يرفع ذنب النعجة ،ف يقول بعضهم :أال واريتها وراء الحائط ،فهو يومئذ فيهم مثل أبي بكر
وعمر فيكم}.
ومنها {ال تقوم الساعة حتى تناكر القلوب ،وتختلف األقاويل ،ويختلف اإلخوان من األب واألم في الدين}
رواه الديلمي عن حذيفة رضي هللا عنه
ومنها {ال تقوم الساعة حتى تتخذ المساجد قناطر ،فال يسجد هلل فيها ،وحتى يبعث الغالم الشيخ بريدا بين
األفقين ،وحتى يبلغ التاجر بين األفقين فال يجد ربحا} رواه الطبراني عن ابن مسعود رضي هللا عنه .وهو
الكبير ،وعدم البركة في التجارة لغلبة الكذب والغش
َ كناية عن عدم الرغبة في الصالة ،وعدم توقير الصغير
على التجار.
ومنها {يأتي على الناس زمان همتهم بطونهم ،وشرفهم متاعهم ،وقبلتهم نساؤهم ،ودينهم دارهمهم
ودنانيرهم ،أولئك شر الخليق ال خالق لهم عند هللا}.
ومنها {ال تذهب األيام والليالي حتى يخلق القرآن في صدور أقوام من هذه األمة كما يخلق الثياب ،ويكون
ما سواه أعجب لهم ،ويكون أمرهم طمعا كله ،ال يخالطه خوف ،إن قصر في حق هللا تعالى منته نفسه
األماني ،وإن تجاوز إلى ما نهى هللا عنه ،قال :أرجو أن يتجاوز هللا عني}.
ص َدقَةٌ.
كَ .والَ َ اصيَا ٌم َوالَ صالةٌ َوالَ نُ ُس ٌ بَ .حتَّى الَيُ ْد ِري َم ِ اإل ْسالَ ُم َك َما يَ ْدرُسُ َو ْش ُي الثَّوْ َومنها {يَ ْدرُسُ ِ
اس ،ال َّش ْي ُخ ْال َكبِي ُر َو ْال َعجُو ُز الكبيرةَ .و يَقُولُونَ :أَ ْد َر ْكنَا آبَا َءنَا َعلَى ه ِذ ِه ْال َكلِ َم ِة :الَ إِلهَ إِال َّ
َويَ ْبقَى طَ َوائِف ِمنَ النَّ ِ
هللاُ .فَنَحْ ُن نَقُولُهَا} رواه ابن ماجه عن حذيفة بن اليمان رضي هللا عنه.
ال فِ ْي األَرْ ِ
ض الَ إِلهَ إال هللا} ومنها {الَ تَقُوْ ُم ال َسا َعةُ َحتَّى الَ يُقَ َ
ومنها {الَ تقوم الساعة حتى يظهر الفحش والبخل ،ويخون األمين ،ويؤتمن الخائن ،وتهلك الوعول،
ويظهر التحوت .قالوا :يا رسول هللا صلى هللا عليه وسلم ،وما التحوت؟ وما الوعول؟ قال :الوعول :وجوه
الناس وأشرافهم ،والتحوت :الذين كانوا تحت أقدام الناس} .رواه الطبراني عن أبي هريرة رضي هللا عنه.
ومنها {الَ تقوم الساعة حتى تخرج سبعون كذابا ،قلت :وما آيتهم؟ قال :يأتونكم بسنة لم تكونوا عليها،
يغيرون بها سنتكم ،ف إذا رأيتموهم فاجتنبوهم} .رواه البخاري عن عبد هللا بن عمرو بن العاص رضي هللا
عنها.
ومنها {إذا ظهر القول ،وخزن العمل ،وائتلفت األلسن ،واختلفت القلوب ،وقطع كل ذي رحم رحمه ،فعند
ذلك “لعنهم هللا فأصمهم وأعمى أبصارهم” } .رواه اإلمام أحمد وعبد بن حميد عن سلمان الفارسي رضي هللا
عنه.
ومنها {إذا الناس أظهروا العلم ،وضيعوا العمل ،وتحابوا باأللسن ،وتباغضوا بالقلوب ،وتقاطعوا في
األرحام ،لعنهم هللا عند ذلك “فأصمهم وأعمى أبصارهم”} .رواه ابن أبي الدنيا عن الحسن رضي هللا عنه
قال البيهقي وغيرهم رحمهم هللا تعالى :األمارات منها صغار ،وقد مضى أكثرها .ومنها كبار ستأتي.
WWW.MUSLIMEDIANEWS.COM – INDONESIAN ISLAMIC WEBSITE
ولنختم األحاديث المذكورات بما رواه مسلم في صحيحه عن حذيفة بن أسيد الغفاري رضي هللا عنه قال:
ال“ :إِنههَا الَ “ :ما تَ َذا َكرُونَ ؟” ،قَالُوا :ن َْذ ُك ُر السها َعةَ .قَ َ {اطهلَ َع النهبِ هي صلى هللا عليه وسلم َعلَ ْينَا َونَحْ ُن نَتَ َذا َكرُ .فَقَ َ
س ِم ْن َم ْغ ِربِهَاَ ،ونُ ُزو َل هالَ ،وال هدابهةََ ،وطُلُو َع ال هش ْم ِ ت” .فَ َذ َك َر الدهخَ انَ َ ،وال هدج َ لَ ْن تَقُو َم َحته َى ت ََروْ نَ قَ ْبلَهَا َع ْش َر آيَا ٍ
ب، ْف بِ ْال َم ْغ ِر ِ
قَ ،وخَ س ٌ ْف بِ ْال َم ْش ِر ُِوف :خَ س ٌُوجَ ،وثَالَثَةَ ُخس ٍ ُوج َو َمأْج َ ِعي َس َى اب ِْن َمرْ يَ َم صلى هللا عليه وسلمَ ،ويَأْج َ
اس إِلَ َى َمحْ َش ِر ِه ْم}. آخ ُر َذلِكَ نَا ٌر ت َْخ ُر ُج ِمنَ ْاليَ َم ِن ،ت ْ
َط ُر ُد النه َ ير ِة ْال َع َر ِ
بَ .و ِ َوخَ س ٌ
ْف بِ َج ِز َ
أما الدخان فقد ذكر العالمة الخازن في تفسيره فقال :قال حذيفة رضي هللا عنه يا رسول هللا ما الخان؟ فتال
ين} ،يمأل ما بين المشرق والمغرب ،يمكث أربعين يوما وليلة .أما هذه اآلية { :يَوْ َم تَأْتِي ال َّس َما ُء بِدُخَ ٍ
ان ُمبِ ٍ
المؤمن فيصيبه منه كهيئة الزكام ،وأما الكافر فهو كالسكران ،يخرج من منخريه وأذنيه ودبره.
وأما الدجال ففي صحيح مسلم عن هشام بن عروة رضي هللا عنه قالَ { :ما بَ ْينَ خَ ْل ِ
ق آ َد َم إِلَ َى قِيَ ِام السها َع ِة
ق أَ ْكبَ ُر ِمنَ ال هدجهال} ،أكبر فتنة .وفي صحيح البخاري عن ابن عمر رضي هللا عنهما :أن النبي صلى هللا خَ ْل ٌ
عليه وسلم ذكر الدجال ،فقال{ :أَنَّهُ أَ ْع َو ُر ْال َع ْي ِن ْاليُ ْمنَ َىَ ،كأ َ هن َع ْينَهُ ِعنَبَةٌ طَافِيَة} .وفيهما عن أنس رضي هللا
اب .أَالَ إِنههُ أَ ْع َورُ، عنه قال :قال رسول هللا صلى هللا عليه وسلمَ { :ما ِم ْن نَبِ هي إِاله َوقَ ْد أَ ْن َذ َر أُ همتَهُ األَ ْع َو َر ْال َك هذ َ
ْس بِأ َ ْع َو َرَ .م ْكتُوبٌ بَ ْينَ َع ْينِ ْي ِه كافر}.
َوإِ هن َربه ُك ْم لَي َ
وروى البغوي رحمه هللا تعالى بسنده عن أسماء بنت يزيد األنصارية رضي هللا عنها{ :أن من أكبر فتنته
أنه يأتى األعرابي فيقول :أريت إن أحييت إبلك ،ألست تعلم أني ربك؟ ،فيقول :بلى ،فيتمثل له الشيطان نحو
إبله كأحسن ما تكون ضروعا وأعظمه أسنمة .ويأتي الرجل قد مات أخوه ومات أبوه فيقول :أرأيت إن أحييت
أخاك وأباك ،ألست تعلم أني ربك؟ فيقول :بلى ،فيتمثل له الشيطان نحو أخيه و أبيه}.
قال اإلمام النووي رحمه هللا تعالى :قال القاضي عياض :هذه األحاديث التي وردت في قصة الدجال حجة
لمذهب أهل الحق في صحة وجوده ،وأنه شخص بعينه ابتلى هللا به عباده فأقدره على أشياء من المقدورات
من إحياء الميت الذي يقتله ،ومن ظهور زهرة الدنيا والخصب معه ،وجنته وناره ،واتباع كنوز األرض له،
وأمره السماء أن تمطر فتمطر ،واألرض أن تنبت فتنبت ،فيقع كل ذلك بقدرة هللا تعالى ومشيئته ،ثم يعجزه
هللا تعالى بعد ذلك ،فال يقدر على قتل ذلك الرجل وال غيره ،ويبطل أمره ،ويقتله عيسى بن مريم عليه السالم،
ويثبت هللا الذين آمنوا بالقول الثابت ،هذا مذهب أهل السنة وجميع المحدثين والفقهاء ،خالفا ً لمن أنكره وأبطل
أمره من الخوارج والجهمية وبعض المعتزلة.
وأما الدابة فقد ذكر العالمة الخازن في تفسيره بإسناد الثعلبي عن حذيفة بن اليمان رضي هللا عنه ،ذكر
رسول هللا صلى هللا عليه وسلم الدابة ،قلت يا رسول هللا ،من أين تخرج؟ {قال :من أعظم المساجد حرمة على
هللا ،فبينما عيسى يطوف بالبيت ومعه المسلمون ،إذ تضطرب األرض ،وينشق الصفا مما يلي المسعى،
وتخرج الدابة من الصفا ،أول ما يخرج منها رأسها ملمعة ذات وبر وريش ،لم يدركها طالب ،ولن يفوتها
هارب ،تسم الناس مؤمنا وكافرا ،أما المؤمن فتترك وجهه كأنه كوكب دري ،وتكتب بين عينيه مؤمن ،وأما
WWW.MUSLIMEDIANEWS.COM – INDONESIAN ISLAMIC WEBSITE
الكفار فتنكت بين عينيه نكتة سوداء ،وتكتب بين عينيه كافر} .وعن عبد هللا بن عمر رضي هللا عنه قال:
{تخرج الدابة من شعب جياد ،فيمس رأسها السحاب ،ورجالها في األرض}.
وأما طلوع الشمس من مغربها ففي كتاب بدء الخلق من صحيح البخاري عن أبي ذر رضي هللا عنه قال:
هللاُ َو َرسُولُهُ أَ ْعلَ ُم ،قَ َ
ال :فَإِنَّهَا تَّ : ت ال َّش ْمسُ { :تَ ْد ِري أَ ْينَ ت َْذهَبُ ؟ قُ ْل ُهللاُ َعلَ ْي ِه َو َسلَّ َم ِح ْينَ غ ََربَ ْ
صلَّى َّال لي النبي َ قَ َ
ْ ْ
ك أَ ْن تَ ْس ُج َد فَالَ يُ ْقبَ َل منهاَ ،وتَ ْستَأ ِذ ُن فَالَ ي ُْؤ َذ ُن لَهَا، ت َْذهَبُ َحتَّى تِ ْس ُج َد تَحْ تَ ال َعرْ ِ
ش ،فتَ ْستَأ ِذ ُن فَي ُْؤ َذ ُن لَهَاَ ،ويُوْ ِش ُ
{وال َّش ْمسُ تَجْ ِري لِ ُم ْستَقَرٍّ لَهَا َذلِكَ تَ ْق ِدي ُر ْال َع ِز ِ
يز َطلُ ُع ِم ْن َم ْغ ِربِهَا .فذلك قوله تعالىَ : ت ،فَت ْ ارْ ِج ِعي ِم ْن َحي ُ
ْث ِج ْئ ِ
ْال َعلِ ِيم} .قال في فتح الباري :يحتمل أن يكون المراد بالسجود سجود من هو موكل بها من المالئكة ،أو تسجد
بصورة الحال ،فيكون عبارة عن الزيادة في االنقياد والخضوع في ذلك الحين .وقال النووي رحمه هللا تعالى:
وأما سجود الشمس فهو تمييز وإدراك يخلقه هللا تعالى فيها .وهللا أعلم.
وأما نزول عيسى عليه السالم وخروج يأجوج ومأجوج ففي صحيح مسلم عن النواس بن سمعان رضي
ض فِي ِه َو َرفه َع َحته َى ظَنَنهاهُ فِي طَائِفَ ِة هال َذاتَ َغدَا ٍة ،فَخَ فه َ هللاِ صلى هللا عليه وسلم ال هدج َ هللا عنه قالَ { :ذ َك َر َرسُو ُل ه
ال غَدا ٍة ،فَخَ فهضْ تَ فِي ِه هللاِ َذكَرْ تَ ال هد هج َُول ه الَ :ما َشأْنُ ُك ْم؟ ،قُ ْلنَا :يَا َرس َ النه ْخ ِل .فَلَ هما رُحْ نَا إِلَ ْي ِه ع ََرفَ َذلِكَ فِينَا ،فَقَ َ
هال أَ ْخ َوفُنِي َعلَ ْي ُك ْم ،إِ ْن يَ ْخرُجْ َ ،وأَنَا فِي ُك ْم ،فَأَنَا َح ِجي ُجهُ الَ :غ ْي ُر ال هدج ِ َو َرفهعْتَ َحته َى ظَنَنهاهُ فِي طَائِفَ ِة النه ْخ ِل ،فَقَ َ
هللاُ خَ لِيفَتِي َعلَ َى ُك هل ُم ْسلِ ٍم .إِنههُ َشابه قَطَطٌَ ،ع ْينُهُ عنبة ْت فِي ُك ْم ،فَا ْم ُر ٌؤ َح ِجي ُج نَ ْف ِسه َِ ،و ه ُدونَ ُك ْمَ ،وإِ هن يَ ْخرُجْ َ ،ولَس ُ
ه
ار ٌج خَ لةً بَ ْينَ ْ ْ ْ ْ َ
ى ب ِْن قَطَ ٍن ،فَ َم ْن أ ْد َر َكهُ ِم ْن ُك ْم فَليَق َرأ َعلَ ْي ِه فَ َواتِ َح س َ طَافِئَةٌَ ،كأَنهي أُ َشبههُهُ بِ َع ْب ِد ْال ُع هز َ
ْف ،إِنههُ خَ ِ ُور ِة ال َكه ِ
ض؟ قَا َل: هللاِ َو َما لَ ْبثُهُ فِي األَرْ ِ ُول ه هللاِ فَ ْاثبُتُوا ،قُ ْلنَا :يَا َرس َ َاث ِش َماالً .يَا ِعبَا َد ه اث يَ ِمينا ً َوع َ اق ،فَ َع َ ال هش ِام َو ْال ِع َر ِ
هللاِ فَ َذلِكَ ْاليَوْ ُم اله ِذي ُول ه أَرْ بَعُونَ يَوْ ماً .يَوْ ٌم َك َسنَ ٍةَ ،ويَوْ ٌم َك َشه ٍْرَ ،ويَوْ ٌم َك ُج ُم َع ٍةَ .و َسائِ ُر أَيها ِم ِه َكأَيها ِم ُك ْم ،قُ ْلنَا :يَا َرس َ
ال: ض؟ ق َ َ هللاِ َو َما إِس َْرا ُعهُ فِي األَرْ ِ ُول ه ال :الَ ،ا ْق ُدرُوا لَهُ قَ ْد َرهُ ،قُ ْلنَا :يَا َرس َ صالَةُ يَوْ ٍم؟ قَ َ َك َسنَ ٍة ،أَتَ ْكفِينَا فِي ِه َ
ث ا ْستَ ْدبَ َر ْتهُ الرهيحُ ،فَيَأْتِي َعلَ َى ْالقَوْ ِم فَيَ ْد ُعوهُ ْم ،فَي ُْؤ ِمنُونَ بِ ِه َويَ ْست َِجيبُونَ لَهُ ،فَيَأْ ُم ُر ال هس َما َء فَتُ ْم ِطرُ، َك ْال َغ ْي ِ
اص َر ،ثُ هم يَأْتِي ضرُوعاًَ ،وأَ َم هدهُ خَ َو ِ َت ُذراًَ ،وأَ ْسبَ َغهُ ُ ط َو َل َما َكان ْ ار َحتُهُ ْم ،أَ ْ
ت ،فَتَرُو ُح َعلَ ْي ِه ْم َس ِ ض فَتُ ْنبِ َُواألَرْ َ
ْس بِأ َ ْي ِدي ِه ْم َش ْي ٌء ِم ْن أَ ْم َوالِ ِه ْمَ ،ويَ ُم هر ف َع ْنهُ ْم ،فَيُصْ بِحُونَ ُم ْم ِحلِينَ لَي َ ص ِر ُ ْالقَوْ َم ،فَيَ ْد ُعوهُ ْم فَيَ ُر هدونَ َعلَ ْي ِه قَوْ لَهُ ،فَيَ ْن َ
ب النهحْ ِل ،ثُ هم يَ ْد ُعو َر ُجالً ُم ْمتَلِئا ً َشبَاباً ،فَيَضْ ِربُهُ اسي ِ وزَك .فَتَ ْتبَ ُعهُ ُكنُو ُزهَا َكيَ َع ِ بِ ْالخَ ِربَ ِة فَيَقُو ُل لَهَا :أَ ْخ ِر ِجي ُكنُ ِ
هللاُ ث ه ك ،فَبَ ْينَ َما هُ َو َك َذلِكَ إِ ْذ بَ َع َ ض ،ثُ هم يَ ْد ُعوهُ فَيُ ْقبِ ُل َويَتَهَله ُل َوجْ هُهُ ويَضْ َح ُ ْف فَيَ ْقطَ ُعهُ َج ِزلَتَي ِْن َر ْميَةَ ْالغ ََر ِ بِال هسي ِ
اضعا ً َكفه ْي ِه َعلَ َى ْضا ِء شَرْ قِ هي ِد َم ْشقَ .بَ ْينَ َم ْهرُو َدتَي ِْنَ .و ِ َار ِة ْالبَي َ
يح ا ْبنَ َمرْ يَ َم عليه السالم ،فَيَ ْن ِز ُل ِع ْن َد ْال َمن َ ْال َم ِس َ
يح نَفَ ِس ِه إِاله ان َكالله ْؤلُ ِؤ ،فَالَ يَ ِح هل لِ َكافِ ٍر يَ ِج ُد ِر َ طرَ ،وإِ َذا َرفَ َعهُ ت ََح هد َر ِم ْنهُ ُج َم ٌ ْ ْ
أَجْ نِ َح ِة َملَ َك ْينِن ،إِ َذا طَأطَأ َ َرأ َسهُ قَ َ
ْ
ب لُدَ ،فَيَ ْقتُلُهُ ،ثُ هم يَأتِي ِعي َسى ا ْبنَ َمرْ يَ َم إلى قَوْ ٍم قَ ْد طلُبُهُ َحته َى يُ ْد ِر َكهُ بِبَا ِ ْث يَ ْنتَ ِهي طَرْ فُهُ ،فَيَ ْ َماتَ َ ،ونَفَ ُسهُ يَ ْنتَ ِهي َحي ُ
هللاُ إِلَ َى ِعي َس َى هللاُ ِم ْنهُ ،فَيَ ْم َس ُح ع َْن ُوجُو ِه ِه ْم َوي َُح هدثُهُ ْم بِد ََر َجاتِ ِه ْم فِي ْال َجنه ِة ،فَبَ ْينَ َما هُ َو َك َذلِكَ إِ ْذ أَوْ َح َى ه َص َمهُ ُم ه ع َ
ْ
هللاُ يَأجُو َج ث ه ورَ .ويَ ْب َع ُ َان ألَ َح ٍد بِقِتالِ ِه ْم ،فَ َحر ْهز ِعبَا ِدي إِلَ َى الطه ِ ت ِعبَاداً لِي ،الَ يَد ِ عليه السالم :إِنهي قَ ْد أَ ْخ َرجْ ُ
آخ ُرهُ ْم فَيَقُولُونَ :لَقَ ْد ب يَ ْن ِسلُونَ .فَيَ ُم هر أَ َوائِلُهُ ْم َعلَ َى ب َُحي َْر ِة طَبَ ِريهةَ ،فَيَ ْش َربُونَ َما فِيهَاَ ،ويَ ُم هر ِ ُوج ِم ْن ُك هل َح َد ٍ َو َمأْج َ
هللاِ ِعي َس َى عليه السالم َوأَصْ َحابُهُ َحته َى يَ ُكونَ َر ْأسُ الثهوْ ِر ألَ َح ِد ِه ْم َخيْراً ِم ْن ِمائَ ٍة ص ُر نَبِ هي ه َكانَ بِهَا َم هرةً َما ٌءَ ،ويُحْ َ
هللاُ َعلَ ْي ِه ُم النه َغفَ فِي ِرقَابِ ِه ْم ،فَيُصْ بِحُونَ فَرْ َس َى هللاِ ِعي َس َى َوأَصْ َحابُهُ فَيُرْ ِس ُل ه َار ألَ َح ِد ُك ُم ْاليَوْ َم ،فَيَرْ َغبُ نَبِ هي ه ِدين ٍ
ض ض ،فَالَ يَ ِج ُدونَ فِي األَرْ ِ هللاِ ِعي َس َى عليه السالم َوأَصْ َحابُهُ إِلَى األَرْ ِ اح َد ٍة ،ثُ هم يَ ْهبِطُ نَبِ هي ه س َو ِ ت نَ ْف ٍ َك َموْ ِ
هللاُ طَيْراً هللاِ ،فَيُرْ ِس ُل ه هللاِ ِعي َس َى عليه السالم َوأَصْ َحابُهُ إِلَ َى ه ض َع ِشب ٍْر إِاله َمألَهُ زَ هَ ُمهُ ْم َونَ ْتنُهُ ْم ،فَيَرْ َغبُ نَبِ هي ه َموْ ِ
َر َوالَ َوبَ ٍر ،فَيَ ْغ ِس ُل ْت َمد ٍ هللاُ َمطَراً الَ يَ ُك هن ِم ْنهُ بَي ُ هللاُ ،ثُ هم يُرْ ِس ُل ه ْث َشا َء ه َط َر ُحهُ ْم َحي ُ ت ،فَتَحْ ِملُهُ ْم فَت ْ َاق ْالب ُْخ ِ َكأ َ ْعن ِ
ْ
ض :أَ ْنبِتِي ثَ َم َرت َِكَ ،و ُر هدي بَ َر َكت َِك ،فَيَوْ َمئِ ٍذ تَأ ُك ُل ْال ِع َ
صابَةُ ِمنَ ض َحته َى يَ ْت ُر َكهَا َكال هزلَفَ ِة ،ثُ هم يُقَا ُل لِألَرْ ِ األَرْ َ
اسَ ،والله ْق َحةَ ِمنَ اإلبِ ِل لَتَ ْكفِي ْالفِئَا َم ِمنَ النه ِ ك فِي ال هر ْس ِلَ ،حته َى أَ هن الله ْق َحةَ ِمنَ ِ ار ُال هر همانَ ِةَ ،ويَ ْست َِظلهونَ بِقِحْ فِهَاَ ،ويُبَ َ
هللاُ ِريحا ً طَيهبَةً، ث ه اس ،فَبَ ْينَ َما هُ ْم َك َذلِكَ إِ ْذ بَ َع َ
اس َوالله ْق َحةَ ِمنَ ْال َغن َِم لَتَ ْكفِي ْالفَ ِخ َذ ِمنَ النه ِ ْالبَقَ ِر لَتَ ْكفِي ْالقَبِيلَةَ ِمنَ النه ِ
WWW.MUSLIMEDIANEWS.COM – INDONESIAN ISLAMIC WEBSITE
وأما النار الخارجة من اليمن فهي الحاشرة للناس كما صرح به في الحديث .قال العلماء :وأنواع الحشر
أربعة ،اثنان في الدنيا ،أحدهما إجالؤه عليه الصالة والسالم اليهود من المدينة إلى الشام ،وثانيهما سوق النار
قرب الساعة إلى المحشر الناس وغيرهم من كل حي قبل النفخة األولى ،وهؤالء الناس أحياء الكفار .وأما
المؤمن فيموتون قبل ذلك بريح لينة .واثنان في اآلخرة ،أحدهما جمعهم إلى الموقف بعد إحيائهم ،والثاني
صرفهم من الموقف إلى الجنة أو النار.
(فصل) في ذكر حديث الموتى في السماع والكالم ،ومعرفته بمن يغسله ومن يحمله ومن يكفنه ومن
يدليه في قبره ،واإلدراك والحياة وعود الروح إلى الجسد.
أما السماع والكالم فقد رروى البخاري في صحيحه عن أنس رضي هللا عنه عن النبي صلى هللا عليه
ان فَأ َ ْق َعدَاهُ
َب َع ْنهُ أَصْ َحابُهُ َحتَّى إنَّهُ يَ ْس َم ُع قَرْ َع نِ َعالِ ِه ْم أَتَاهُ َملَ َك ِ ض َع فِي قَب ِْر ِه َوتُ ُولِّ َي َو َذه َ الْ :
{ال َع ْب ُد إِ َذا ُو ِ وسلم قَ َ
ْ ُ ُ َّ َ َ
فَيَقُوالَ ِن لَهَُ :ما ُك ْنتَ تَقو ُل فِي هَ َذا ال َّرج ُِل ُم َح َّم ٍد؟ ،فَيَقولُ :أشهَ ُد أنَّهُ َع ْب ُد هللاِ َو َرسُولهُ ،فَيُقَا ُل ا ْنظرْ إِلَى َمق َع ِدكَ ِم ْن
ْ ُ ُ
ق فَيَقُو ُل هللاُ َعلَ ْي ِه َو َسلَّ َم :فَرآهُ َما َج ِميعًاَ .وأَ َّما ْال َكافِ ُر أَوْ ْال ُمنَافِ ُ
صلَّى َّال النَّبِ ُّي َ هللاُ بِ ِه َم ْق َعدًا ِم ْن ْال َجنَّ ِة .قَ َ
ار أَ ْب َدلَكَ َّ
النَّ ِ
صي ُح ُ ُ ْ ُ
ت أقو ُل َما يَقو ُل النَّاسُ ،فَيُقَا ُل الَ د ََريْتَ َوالَ تَلَيْتَ ،ث َّم يُضْ َربُ بِ ِمط َرقَ ٍة ِم ْن َح ِدي ٍد بَ ْينَ أذنَ ْي ِه ،فَيَ ِ ُ ُ َ الَ أَ ْد ِري ُك ْن ُ
صي َْحةً يَ ْس َم ُعهَا َم ْن يَلِي ِه إِالَّ الثَّقَلَي ِْن}.َ
وروى البخاري عن أبي سعيد الخدري رضي هللا عنه أن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم قال{ :إِ َذا
ت :قَ ِّد ُمونِيَ ،وإِ ْن َكان ْ
َت َغي َْر َ
صالِ َح ٍة صالِ َحةً قَالَ ْ
َت َ ت ْال َجنَازَ ةُ َواحْ تَ َملَهَا الرِّ َجا ُل َعلَى أَ ْعنَاقِ ِه ْم ،فَإ ِ ْن َكان ْ
ض َع ْ ُو ِ
ص ِعقَ} .وروى البخاري أيضا َ ْ
اإلن َسانَ َ ،ولوْ َس ِم َعهُ َ ْ َّ َ ُ
صوْ تَهَا كلُّ ش ْي ٍء إِال ِ ْ َ ْ
قَالَت :يَا َو ْيلهَا أ ْينَ تَذهَبُونَ بِهَا ،يَ ْس َم ُع َ
َ
ص ِعقَ}.ان لَ َت أل ْهلِهَا :يَا َو ْيلَهَا ،وقالَ :ولَوْ َس ِم َع اإل ْن َس ُ عن الليث بن سعد ،فذكر بمثله ،وقال{ :قَالَ ْ
وروى الطبراني في األوسط عن أبي سعيد الخدري رضي هللا عنه أن النبي صلى هللا عليه وسلم قال:
ف من يغسله ويحمله و يكفنه ومن يدليه في حفرته} ،وكان سعيد بن جبير رضي هللا عنه ْر ُ
{إن الميت يَع ِ
يقول{ :إن األموات لتأتيهم أخبار األحياء؟ ،فما من أحد له حميم} أي قريب {إال ويأتيه خبر أقاربه ،فإن كان
خيرا سر به وفرح ،وإن كان شرا عبس له وحزن} .وكان ابن منبه رحمه هللا تعالى يقول{ :إن هللا تعالى بنى
دارا في السماء السابعة ،يقال لها البيضاء ،تجمع فيها أرواح المؤمنين ،فإذا مات الميت من أهل الدنيا تلقته
األرواح فيسألونه عن أخبار الدنيا كما يسأل الغائب أهله إذا قدم من سفرعليهم} رواه أبو نعيم في الحلية.
وأما اإلدراك والحياة وعود الروح إلى الجسد فقد ورد عن البراء بن عازب رضي هللا عنه حديث طويل
جامع ألحكام الموتى ،وفيه التصريح بعود الروح إلى الجسد .قال البراء{ :خَ َرجْ نَا مع رسول هللا صلى هللا
عليه وسلم في جنازة رجل من األنصار ،فانتهينا إلى القبر ،ولما يلحد ،فجلس رسول هللا صلى هللا عليه وسلم
وجلسنا حوله – كأنما على رؤوسنا الطير – فجعل يرفع بصره وينظر إلى السماء ،ويخفض بصره وينظر
إلى األرض ،ثم قال“ :أعوذ باهلل من عذاب القبر” ،قالها مرارا ،ثم قال“ :إن العبد المؤمن إذا كان في قبل من
اآلخرة وانقطاع من الدنيا جاءه ملك ،فجلس عند رأسه ،فيقول“ :أخرجي أيتها النفس المطمئنة إلى مغفرة من
هللا ورضوان” ،فتخرج نفسه وتسيل كما تسيل قطرالسقاء ،وتنزل المالئكة من الجنة ،بيض الوجوه ،كأن
وجوههم الشمس ،معهم أكفان من أكفان الجنة ،وحنوط من حنوطها ،فيجلسون منه مد البصر ،فإذا قبضها
WWW.MUSLIMEDIANEWS.COM – INDONESIAN ISLAMIC WEBSITE
الملك لم يدعوها في يده طرفة عين ،فذلك قوله تعالى عز وجل ” :ت ََوفَّ ْتهُ ُر ُسلُنَا َوهُ ْم ال يُفَرِّ طُونَ ” .قال :فتخرج
نفسه كأطيب ر يح وجدت ،فتعرج به المالئكة ،فال يأتون على جند} .وفي رواية{ :فال يزالون يمرون باألمم
السابقة والقرون الخالية كأمثال الجراد المنتشر بين السماء واألرض إال قالوا :ما هذه الروح؟ ،فيقال :فالن
بأحب أسمائه حتى ينتهوا به إلى باب السماء الدنيا ،فتفتح له ،ويشيعه من كل سماء مقربوها ،حتى ينتهي إلى
السماء السابعة ،فقول :اكتبوا كتابه في عليينَ “ ،و َما أَ ْد َراكَ َما ِعلِّيُّونَ ِ .كتَابٌ َمرْ قُو ٌم .يَ ْشهَ ُدهُ ْال ُمقَ َّربُونَ ” ،فيكتب
كتابه في عليين ،ثم يقال :ردوه إلى األرض ،فإني وعدتهم إني منها خلقناهم ،وفيها نعيدهم ،ومنها نخرجهم
تارة أخرى ،فترد إلى األرض ،وتعاد روحه إلى جسده ،فيأتيه ملكان شديدان اإلنتهار ،فينتهرانه ويجلسانه،
ث الر ُج ِل الَّ ِذيْ بُ ِع َ
اإلسْال ُم ،فَيَقُوْ الَ ِن :فَ َما تَقُوْ ُل فِ ْي هَ َذا َفيقوالنَ :م ْن َربُّكَ ؟َ ،و َما ِد ْينُكَ ؟ فَيَقُوْ لَُ :رب َِّي هللاُ ،و ِد ْي ْني ِ
ال:ت} .قَ َ ص َّد ْق ُ
ت بِ ِه َو َ فِ ْي ُك ْم؟ ،فَيَقُوْ لُ :هُ َو َرسُوْ ُل هللاِ .فَيَقُوْ الَ ِنَ :و َما يُ ْد ِر ْيكَ ؟ فَيَقُوْ لَُ :جا َءنَا بِالبَيِّنَا ِ
ت ِم ْن َربِّنَا فآ َم ْن ُ
{ويُنَا ِدى ُمنَا ٍد ِمنَ ت فِي ْال َحيَا ِة ال ُّد ْنيَا َوفِي ْاآل ِخ َر ِة” .قالَ : هللاُ الَّ ِذينَ آ َمنُوا بِ ْالقَوْ ِل الثَّابِ ِ
ِّت ََّو َذلِكَ قَوْ لهُ تَ َعالى“ :يُثَب ُ
ق َع ْب ِديْ .فالبسوه من الجنة ،ويفرش منها ،ويرى منزله ويفسح له مد بصره ،ويمثل له عمله ال َس َما ِء :قَ ْد َ
ص َد َ
في صورة رجل حسن الوجه ،طيب الريح حسن الثياب ،فيقول :أبشر بما أعد هللا عز وجل لك ،أبشر
برضوان من هللا وجنات فيها نعيم مقيم ،فيقول :ب هشرك هللا بخير ،من أنت؟ فوجهك الوجه الذي جاءنا بخير،
فيقول :هذا يومك الذي كنت توعد ،واألمر الذي كنت توعد ،وأنا عملك الصالح ،فوهللا ما علمتك إال كنت
سريعا في طاعة هللا ،بطيئا عن معصية هللا ،فجزاك هللا خيرا .فيقول :يا رب أقم الساعة كي أرجع إلى أهلي
ومالي .قال :وإن كان فاجرا ،فإذا كان في قبل من اآلخرة وانقطاع من الدنيا جاءه ملك ،فجلس عند رأسه،
فيقول :اخرجي أيتها النفس الخبيثة ،أبشري بسخط هللا وغضبه.فتنزل مالئكة سود الوجوه ،معهم مسوح ،فإذا
قيضها الملك قاموا فلم يدعوها في يده طرفة عين .قال :فتفرق في جسده ،فيسخرجها تقطع معها العروق
والعصب ،كالسفود الكبير الشعب في الصوف المبلول ،فتؤخذ من الملك فتخرج كأنتن ريح وجدت ،فال تمر
على جند بين السماء واألرض إال قالوا :ما هذه الروح الخبيث؟ فيقولون :هذا فالن بأسوأ أسمائه حتى ينتهوا
به إلى السماء الدنيا ،فال يفتح له ،فيقول :ردوه إلى األرض ،إني وعدتهم أني منها خلقناهم ،وفيها نعيدهم،
ومنها نخرجهم تارة أخرى .قال :فيرمي به من السماء ،قال :فتال هذه اآلية“ :ومن يشرك باهلل فكأنما خر من
السماء” اآلية .ويعاد إلى األرض ،وتعاد فيه روحه ،ويأتيه ملكان شديدا اإلنتهار فينتهرانه ويجلسانه ،فيقول:
من ربك؟ وما دينك؟ ،قال :ال أدري ،سمعت الناس يقولون ذلك ،فيقول :ال دريتَ ،فيضيق قبره حتى تختلف
أضالعه ،ويمثل له عمله في صورة رجل ،قبيح الوجه ومنتن الريح ،قبيح الثياب ،فيقول :أبشر بعذاب من هللا
الوجْ هُ الذي جاء بالشر ،فيقول :أنا عملك الخبيث ،وهللا ما علمتك إال كنت فوجْ هُكَ َ وسخطه ،فيقول :من أنت؟ َ
بطيئا عن طاعة هللا ،سريعا إلى معصية هللا ،فيقبض له ملك أصم أبكم معه مرزبة لو ضربت بها جبل صار
ترابا أو رميما ،فيضربه ضربة يسمعها الخالئق إال الثقلين ،ثم تعاد فيه الروح ،فيضربه ضربة أخرى} .وهذا
الحديث أخرجه جماعة من األئمة في مسانيدهم ،منهم اإلمام أحمد.
وقال إمام الحرمين والفقيه أبو بكر بن العربي واإلمام سيف الدين اآلمدي :اتفق سلف األمة قبل ظهور
المخالف ،وأكثرهم بعد ظهوره على إثبات أحياء الموتى في قبورهم ،ومسألة الملكين لهم ،وإثبات عذاب القبر
{وأَحْ يَ ْيتَنَا ْاثنَتَي ِْن} أي حياة المسألة في القبر وحياة الحشر ،ألنهما حياتان
للمجرمين والكافرين ،وقوله تعالىَ :
عرفوا هللا بهما ،والحياة األولى في الدنيا لم يعرفوا هللا بها.
ثم اعلم أن ما تضمنه هذا الحديث ،من ملك الموت ومنكر ونكير وغيرهم ومنازل اآلخرة من األمور
المتشابهات وصفا ،ال طريق ألحد في إدراك شيء من أوصافها بالعقل ،فيكون العبد به مبتلى بنفس اإلعتقاد
ال غير ،وأن أهل السنة اتفقوا على أن األموات ينتفعون من سعي األحياء بأمرين :أحدهما ما تسبب إليه الميت
في حياته ،وا لثاني دعاء المسلمين و استغفارهم له والصدقة والحج عنه .واختلفوا في العبادات البدنية كالصوم
والصالة وقراءة القرآن والذكر ،فذهب جمهور السلف إلى وصولها ،وذهب أهل البدع إلى عدم وصول شيء
WWW.MUSLIMEDIANEWS.COM – INDONESIAN ISLAMIC WEBSITE
و هذا آخر الكتاب .وهللا أعلم بالصواب ،وإليه المرجع و المآب ،وهو حسبي ونعم الوكيل ،والحول وال
قوة إال باهلل العلي العظيم .وصلى هللا على سيدنا محمد و على آله وأصحابه والتابعين وتابع التابعين لهم
بإحسان إلى يوم الدين .والحمد هلل رب العالمين.