You are on page 1of 24

‫أهمية العلم‬

‫يف حماربة األفاكر اهلدامة‬

‫حمارضة ألقاها سماحة الشيخ‬

‫عبد العزيز بن عبد اهلل بن باز‬


‫يف لكية الرشيعة جبامعة اإلمام حممد بن سعود اإلسالمية يف شهر ربيع‬
‫اثلاين اعم ‪2041‬ه‪.‬‬
‫(جمموع فتاوى ومقاالت الشيخ ابن باز‪)95 /4 :‬‬
‫أهمية العلم يف حماربة األفاكر اهلدامة‬

‫بسم اهلل الرمحن الرحيم‬

‫احلمد هلل رب العاملني‪ ،‬والعاقبة للمتقني‪ ،‬والصالة والسالم ىلع عبده‬


‫ورسوهل‪ ،‬وخريته من خلقه وأمينه ىلع وحيه‪ ،‬نبينا حممد بن عبد اهلل‪ ،‬وىلع‬
‫آهل وأصحابه ومن سلك سبيلهم واتبع هداهم إىل يوم ادلين‪.‬‬

‫وبعد‪ :‬فإين أحييكم أيها اإلخوة وأيها األبناء بتحية اإلسالم فأقول‪:‬‬
‫السالم عليكم ورمحة اهلل وبراكته‪ ،‬ثم إين أشكر اهلل عز وجل ىلع ما من به‬
‫من هذا اللقاء‪ ،‬وأسأهل سبحانه أن جيعله لقاء مباراك ومفيدا نلا مجيعا‬
‫وموصال ملا يرضيه ويقرب إيله‪ ،‬قاضيا ىلع كثري من أسباب الفساد وابلالء‪،‬‬
‫وعونا ىلع ظهور احلق ودرء ابلاطل‪ .‬ثم إين أشكر القائمني ىلع هذا املرشوع‬
‫ىلع دعوتهم يل للتحدث إيلكم واإلجابة عن أسئلتكم‪ ،‬وأسأهل سبحانه‬
‫أن جيزيهم ىلع عملهم خريا‪ ،‬وأن جيعلنا وإياهم من اهلداة املهتدين‪ ،‬وأن‬
‫يوفقنا مجيعا ملا فيه إظهار احلق وإدحاض ابلاطل‪ ،‬وإجابة السائلني بما يوافق‬
‫الصواب للحق اذلي يريض املوىل عز وجل‪.‬‬

‫والعنوان كما سمعتم (أهمية العلم يف حماربة األفاكر اهلدامة)‪ ،‬هذا هو‬
‫عنوان لكميت اليت ألقيها بني أيدي إخواين وأبنايئ‪ ،‬وال ريب أن العلم هو‬
‫مفتاح لك خري‪ ،‬وهو الوسيلة إىل أداء ما أوجب اهلل وترك ما حرم اهلل‪ ،‬فإن‬
‫العمل نتيجة العلم ملن وفقه اهلل‪ ،‬وهو مما يؤكد العزم ىلع لك خري‪ ،‬فال إيمان‬

‫‪3‬‬
‫أهمية العلم يف حماربة األفاكر اهلدامة‬

‫وال عم ل وال كفاح وال جهاد إال بالعلم‪ ،‬فاألقوال واألعمال اليت بغري علم‬
‫ال قيمة هلا وال نفع فيها‪ ،‬بل تكون هلا عواقب وخيمة‪ ،‬وقد جتر إىل فساد‬
‫كبري‪.‬‬

‫وإنما يعبد اهلل ويؤدي حقه وينرش دينه وحتارب األفاكر اهلدامة‬
‫وادلعوات املضللة واألنشطة املنحرفة بالعلم انلافع‪ ،‬املتلىق عن كتاب اهلل‬
‫عز وجل وسنة رسوهل ﷺ‪ ،‬وهكذا إنما تؤدى الفرائض بالعلم‪ ،‬ويتيق اهلل‬
‫بالعلم‪ ،‬وبه تكشف احلقائق املوجودة يف كتاب اهلل عز وجل وسنة رسوهل‬
‫َُْ َ َ‬
‫حممد ‪-‬عليه الصالة والسالم‪ ،‬قال جل وعال يف كتابه العزيز‪َ ﴿ :‬وال يأتونك‬
‫ً‬ ‫ْ َ َ ْ َ ِّ َ َ ْ َ َ َ ْ‬ ‫ََ‬
‫جئناك بِاْلق وأحسن تف ِسريا﴾ [الفرقان‪ ]33:‬فجميع ما يقدمه أهل‬ ‫بِمث ٍل إِال ِ‬
‫ابلاطل وما يلبسون به يف دعواتهم املضللة ويف توجيهاتهم لغريهم بأنواع‬
‫ابلاطل‪ ،‬ويف تشبيههم غريهم فيما جاء عن اهلل عز وجل وعن رسول اهلل‬
‫ﷺ‪ ،‬لكه يندحض ويكشف بما جاء عن اهلل ورسوهل بعبارة أوضح‪ ،‬وبيان‬
‫أكمل‪ ،‬وحبجة قيمة تمأل القلوب وتؤيد احلق‪ ،‬وما ذاك إال ألن العلم املأخوذ‬
‫من الكتاب العزيز والسنة املطهرة علم صدر عن حكيم عليم‪ ،‬يعلم أحوال‬
‫العباد ويعلم مشالكتهم ويعلم ما يف نفوسهم من أفاكر خبيثة أو سليمة‪،‬‬
‫ويعلم بما يأيت به أهل ابلاطل فيما يأيت من الزمان‪ ،‬لك ذلك يعلمه سبحانه‪،‬‬
‫وقد أنزل كتابه إليضاح احلق وكشف ابلاطل‪ ،‬وإقامة احلجج ىلع ما دعت‬
‫إيله رسله ‪-‬عليهم الصالة والسالم‪ ،‬وقد أرسل رسوهل حممدا ﷺ باهلدى‬

‫‪4‬‬
‫أهمية العلم يف حماربة األفاكر اهلدامة‬

‫ودين احلق‪ ،‬وأنزل كتابه الكريم تبيانا للك يشء وهدى ورمحة وبرشى‬
‫للمسلمني‪.‬‬

‫وإنما يعمل أهل ابلاطل وينشطون عند اختفاء العلم وظهور اجلهل‪،‬‬
‫وخلو امليدان ممن يقول‪ :‬قال اهلل وقال الرسول‪ ،‬فعند ذلك يستأسدون ضد‬
‫غريهم وينشطون يف باطلهم‪ ،‬لعدم وجود من خيشونهم من أهل احلق‬
‫واإليمان وأهل ابلصرية‪ ،‬وقد ذكر اهلل عز وجل يف كتابه لك يشء إمجاال يف‬
‫َ ْ َ َْ َ ْ َ َ‬
‫مواضع‪ ،‬وتفصيال يف مواضع أخرى‪ ،‬قال عز وجل‪َ ﴿ :‬ون َّزْلَا عليك الكِتاب‬
‫ْ َ ً ُ ِّ‬
‫ُِك َ ْ‬
‫َش ٍء﴾ [انلحل‪ ]95:‬وهذا الكم احلكيم العليم اذلي ال أصدق منه‬ ‫ت ِبيانا ل‬
‫يال [النساء‪ ]211:‬وأوضح سبحانه يف قوهل‪َ ﴿ :‬ونَ َّز ْْلاَ‬ ‫ا‬ ‫ََ ْ َ ْ َ ُ َ ه‬
‫اَّلل ِق‬
‫ومن أصدق ِمن ِ‬
‫ْ‬ ‫َ‬
‫َش ٍء َو ُه ًدى َو َر ْمحَ ًة َوب ُ ْ َ‬
‫رشى ل ِل ُم ْسلم َ‬ ‫ِّ‬ ‫ُ‬ ‫َ َْ َ ْ َ َ‬
‫اب ت ِبْ َيانًا ل ُِك ْ‬
‫ي﴾ [انلحل‪]95:‬‬ ‫ِِ‬ ‫عليك الكِت‬
‫أنه مع كونه تبيانا للك يشء فيه هدى ورمحة وبرشى‪ .‬فهو بيان للحق‬
‫وإيضاح لسبله ومناهجه ودعوة إيله بأوضح عبارة وأبني إشارة‪ ،‬ومع ذلك‬
‫فهو هدى للعاملني يف لك ما حيتاجون إيله يف ذكر ربهم واتلوجه إىل ما‬
‫يرضيه‪ ،‬وابلعد عن مساخطه‪ ،‬ويبني هلم طريق انلجاح وسبيل السعادة مع‬
‫كونه رمحة يف بيانه وإرشاده‪ ،‬وهدى وإحسانا وبرشى‪ ،‬وتطمينا للقلوب بما‬
‫يوضح من احلقائق ويرشد إيله من ابلصائر‪ ،‬اليت ختضع هلا القلوب وتطمنئ‬
‫َ‬
‫إيلها انلفوس‪ ،‬وتنرشح هلا الصدور بوضوحها وظهورها‪ ،‬يقول سبحانه‪﴿ :‬يا‬
‫ٌَْ‬ ‫ًُ‬ ‫ُّ ُ‬ ‫َ ُّ َ َّ ُ َ ْ َ َ ْ ُ ْ َ ْ َ ٌ ْ َ ِّ ُ ْ َ َ ٌ َ‬
‫ور َوهدى َو َرمحة‬
‫ِ‬ ‫د‬ ‫الص‬ ‫يف‬ ‫ِ‬ ‫ا‬ ‫ِم‬ ‫أيها اْلاس قد جاءتكم موعِظة مِن ربكم و ِشفاء ل‬
‫َّ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ َُ‬ ‫َّ‬ ‫َ َ ُّ َ‬ ‫ل ِلْ ُم ْؤمن َ‬
‫ِين آمنوا أطِيعوا اَّلل‬ ‫ي﴾ [يونس‪ ]95:‬ويقول سبحانه‪﴿ :‬يا أيها اَّل‬ ‫ِِ‬

‫‪9‬‬
‫أهمية العلم يف حماربة األفاكر اهلدامة‬

‫َ ْ َ ُ ُّ ُ َ َّ َ َّ ُ‬ ‫َْْ ْ ُ ْ َ ْ ََ َ‬
‫از ْع ُت ْ‬ ‫َ َ ُ َّ ُ َ َ ُ‬
‫ول‬
‫ِ‬ ‫س‬ ‫الر‬‫و‬ ‫ِ‬ ‫اَّلل‬ ‫َل‬‫ِ‬ ‫إ‬ ‫وه‬ ‫د‬‫ر‬ ‫ف‬ ‫ء‬
‫ٍ‬ ‫َش‬ ‫يف‬‫ِ‬ ‫م‬ ‫ن‬ ‫ت‬ ‫ن‬‫ِ‬ ‫إ‬ ‫ف‬ ‫م‬ ‫ك‬ ‫ِن‬
‫م‬ ‫ر‬‫ِ‬ ‫م‬‫األ‬ ‫ول‬
‫وأطِيعوا الرسول و ِ‬
‫أ‬
‫ْ‬ ‫َ‬
‫َ َ َ ٌْ ْ َ َ ً‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ ُ ْ ُ ُ ْ ُ َ َّ‬
‫ري َوأحس ُن تأ ِويال﴾ [النساء‪]95:‬‬ ‫إِن كنت ْم تؤمِنون بِاَّللِ َواْلَ ْو ِم اْلخ ِِر ذل ِك خ‬
‫ْ َ ْ َ ُ ْ ُ ُ َ َّ َ ُ َّ ُ ِّ‬ ‫َ ْ ََْ ُ‬
‫َش ٍء فحكمه إَِل اَّللِ ذل ِك ُم اَّلل َرِّب‬ ‫ويقول سبحانه‪َ ﴿ :‬وما اختلفت ْم فِي ِه مِن‬
‫َ ُ‬ ‫َ َ ْ َ َّ ْ‬
‫علي ِه ت َوّك ُ ُت َولِْلْ ِه أي ِي ُ ﴾ [الشورى‪ ]21:‬ولوال أن كتابه عز وجل وسنة نبيه‬
‫ﷺ فيهما اهلداية والكفاية ملا رد انلاس إيلهما‪ ،‬ولاكن رده إيلهما غري مفيد‪،‬‬
‫تعاىل اهلل عن ذلك علوا كبريا‪ ،‬وإنما رد انلاس إيلهما عند اتلنازع واخلالف‬
‫ملا فيهما من اهلداية‪ ،‬وابليان الواضح‪ ،‬وحل املشالكت والقضاء ىلع ابلاطل‪،‬‬
‫ْ ُ ْ ُ ُ ْ ُ َ َّ ْ‬
‫ثم ذكر أن هذا رشط لإليمان فقال سبحانه‪﴿ :‬إِن كنت ْم تؤمِنون بِاَّللِ َواْلَ ْو ِم‬
‫ْ‬
‫اْلخ ِِر﴾ ثم ذكر أنه خري للعباد يف العاجل واآلجل‪ ،‬وأحسن اعقبة‪ ،‬يعين أن‬
‫ردهم ما يتنازعون فيه إىل اهلل والرسول خري هلم يف ادلنيا واآلخرة وأحسن‬
‫هلم يف العاقبة‪.‬‬

‫ومن هذا يعلم أن يف كتاب اهلل العزيز وسنة رسوهل األمني حال جلميع‬
‫املشالكت‪ ،‬وبيانا للك ما حيتاجه انلاس يف دينهم‪ ،‬ويف القضاء ىلع‬
‫خصوماتهم‪ ،‬كما أن يف ذلك انلرص لدلايع إىل احلق والقضاء ىلع خصمه‬
‫ْ َ َ ْ َ ِّ‬ ‫َ َُْ َ َ َ َ‬
‫اْلق‬ ‫باحلجة الواضحة‪ ،‬وهلذا يقول سبحانه‪﴿ :‬وال يأتونك بِم ٍ ِ ِ‬
‫جئناك ِب‬ ‫ال‬‫إ‬ ‫ل‬‫ث‬
‫س ً‬ ‫ََ ْ َ َ َ ْ‬
‫ريا﴾ [الفرقان‪ ]33:‬واملثل يعم لك ما يقدمون من شبهة يزعمونها‬ ‫وأحسن ت ِ‬
‫ف‬
‫حجة‪ ،‬ومن مذهب يدعونه صحيحا‪ ،‬ومن دعوة يزعمون أنها مفيدة‪ ،‬لك‬
‫ذلك يكشفه هذا الكتاب وما جاءت به سنة رسوهل ‪-‬عليه الصالة‬
‫والسالم‪.‬‬

‫‪6‬‬
‫أهمية العلم يف حماربة األفاكر اهلدامة‬

‫فجميع ما يقدمونه من مشالكت وشبهات ودعوات مضللة ومذاهب‬


‫هدامة‪ ،‬لك ذلك يكشفه العلم بهذا الكتاب وسنة الرسول ‪-‬عليه الصالة‬
‫والسالم‪ ،‬ومعلوم أن األفاكر اهلدامة واملبادئ الضالة واملذاهب املنحرفة‬
‫كثرية‪ ،‬وامللبسون للحق بابلاطل ال حيصون‪ ،‬وكذلك داعة ابلاطل واملؤلفون‬
‫يف الصد عن سبيل اهلل ال حيصيهم إال اهلل‪ ،‬وهم يلبسون ىلع انلاس باطلهم‬
‫بما حيرفون من اللكم‪.‬‬

‫ولقد كرث اخلطباء واملتلكمون يف اإلذااعت ويف اتللفاز‪ ،‬ويف لك جمال يف‬
‫الصحافة واملجتمعات‪ ،‬ويف لك نافذة‪ ،‬لك يدعو إىل حنلته وينادي إىل فكرته‬
‫ويمين غريه ويدعوة إىل ابلاطل‪ ،‬وال خمرج من هذه املحن وال طريق‬
‫للتخلص منها والقضاء عليها إال بعرضها ىلع هذا املزيان العظيم الكتاب‬
‫والسنة‪ ،‬فيف عرضها ىلع هذا املزيان العظيم تمحيصها وبيان حقها من‬
‫باطلها‪ ،‬ورشدها من غيها‪ ،‬وهداها من ضالهلا‪ ،‬وبذلك ينترص احلق وأهله‪،‬‬
‫ويندحر ابلاطل وأهله‪ ،‬فإذا تقدم داعة الشيوعية واالشرتاكية املنكرون‬
‫لوجود اهلل والقائلون‪( :‬ال هلإ واْلياة مادة) املكذبون باحلق واملنكرون‬
‫لكتاب اهلل وما ورد فيه من األدلة انلقلية والعقلية ىلع وجود ابلاري‬
‫وقدرته العظيمة وعلمه الشامل‪ ،‬فارجعوا إىل كتاب اهلل واقرؤا من آياته ما‬
‫يرشد إىل دالئل وجوده سبحانه‪ ،‬وأنه الصانع احلكيم هلذه األشياء واملوجد هلا‬
‫واخلالق هلا سبحانه‪.‬‬

‫‪5‬‬
‫أهمية العلم يف حماربة األفاكر اهلدامة‬

‫وقد أرشد سبحانه يف كتابه الكريم إىل ذلك‪ ،‬وبني أنه رب العاملني‪ ،‬وأنه‬
‫اخلالق العليم‪ ،‬وأنه خالق لك يشء‪ ،‬وأنه ينرص احلق‪ ،‬ويقيم األدلة ىلع ذلك‬
‫يف مواضع كثرية من كتابه؛ يلعتمد عليها طالب احلق‪ ،‬يقول سبحانه‪:‬‬
‫الر ْمحَ ُن َّ‬
‫الرح ُ‬
‫ِيم﴾ [ابلقرة‪ ]263:‬ثم يقول‬ ‫إال ُه َو َّ‬ ‫ك ْم إ ََلٌ َواح ٌِد ال إ ََل َ‬ ‫َ َُ ُ‬
‫﴿ولِله‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ْ َ َّ َ‬ ‫َّ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َّ َ َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬
‫ار‬
‫الف اللي ِل واْله ِ‬ ‫ات َواألر ِض َواختِ ِ‬ ‫سبحانه بعدها‪﴿ :‬إِن ِيف خل ِق السماو ِ‬
‫ْ َ‬ ‫َّ َ‬ ‫َ َ َ ْ َ َّ ُ‬ ‫ْ ْ َ ََْ ُ‬ ‫َّ َ ْ‬ ‫ُْ ْ‬
‫ك ال ِِت َت ِري ِيف اْلَح ِر بِما ينفع اْلَّاس َوما أن َزل اَّلل م َِن السماءِ مِن ما ٍء‬ ‫َوالفل ِ‬
‫ِّ َ ِ َ َّ َ‬ ‫ْ َ ْ َ َ ْ َ َ ْ َ َ َ َّ َ ْ ُ ِّ َ َّ َ َ ْ‬ ‫ََ ْ َ‬
‫اب‬ ‫يف الرياح والسح ِ‬ ‫ْص ِ‬ ‫فأحيا ب ِ ِه األرض بعد موت ِها وبث فِيها مِن ُك داب ٍة وت ِ‬
‫َ َْ ُ َ‬ ‫ْ ُ َ َّ َ ْ َ َّ َ َ ْ َ ْ َ َ‬
‫ات ل ِق ْومٍ يع ِقلون﴾ [ابلقرة‪ ]264:‬ويقول تبارك‬ ‫المسخ ِر بي السماءِ واألر ِض ْلي ٍ‬
‫َ َ َ ُ ْ َ َّ َ ْ َ ْ ُ‬ ‫َّ ُ َّ‬ ‫ُُْ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ ُّ َ‬
‫ِين مِن قبلِك ْم‬ ‫اَّلي خلقكم واَّل‬ ‫وتعاىل‪﴿ :‬يا أيها اْلَّاس اعبدوا َربك ُم ِ‬
‫َ َ َ َ ُ ُ ْ َ ْ َ َ ً َ َّ َ َ َ ً َ ْ َ‬ ‫َّ‬ ‫َ َ َّ ُ َ َّ ُ َ‬
‫اء َوأن َزل م َِن‬ ‫لعلك ْم تتقون ۝ اَّلِي جعل لكم األرض ف ِراشا والسماء بِن‬
‫ادا َو َأ ْي ُتمْ‬ ‫ْ ً َ ُ ْ َ َ ْ َ ُ َّ َ ْ َ ً‬ ‫َ‬ ‫َ َّ َ‬ ‫َّ َ َ ً َ َ ْ َ َ‬
‫ات ِرزقا لكم فال َتعلوا َِّللِ أند‬ ‫السماءِ ماء فأخرج ب ِ ِه مِن اثلمر ِ‬
‫ُ َ َ َ ُ َّ‬ ‫ََ‬ ‫َّ َ َ ُ ُ ُ َّ ُ َّ‬ ‫َْ َُ َ‬
‫تعلمون﴾ [ابلقرة‪ ]11-12:‬ويقول‪﴿ :‬إِيما إِلهكم اَّلل اَّلِي ال إَِل إِال هو و ِسع ُك‬
‫َّ‬ ‫ُّ َ َ َ ْ ُ ُ‬ ‫َ َ‬ ‫ًْ‬ ‫َ ْ‬
‫َش ٍء عِلما﴾ [طه‪ ]55:‬ويقول سبحانه‪َ ﴿ :‬وقَض َربك أال تعبدوا إِال إِياهُ﴾‬
‫ي﴾ [الفاحتة‪ ]9:‬إىل آيات كثرية‬ ‫اك ن َ ْس َتع ُ‬
‫َّ َ َ ْ ُ ُ َ َّ َ‬
‫[اإلرساء‪ ]13:‬ويقول‪﴿ :‬إِياك يعبد ولِي‬
‫ِ‬
‫يرشد بها سبحانه أنه رب العباد‪ ،‬وأنه رب العاملني‪ ،‬وأن الرسل جاءت بهذا‪،‬‬
‫َّ َ ْ َ ُ‬ ‫ُ ِّ ُ َّ ُ ً َ ُ ْ ُ ُ‬ ‫ََ ْ َََْ‬
‫كما قال جل وعال‪َ ﴿ :‬ولقد بعثنا ِيف ُك أم ٍة َرسوال أ ِن اعبدوا اَّلل َواجتنِبواا‬
‫َ َ َْ َ َْ ْ َْ َ ْ َ ُ‬ ‫َّ ُ َ‬
‫ول إِال‬‫الطاغوت﴾ [انلحل‪ ]36 :‬ويقول تعاىل‪﴿ :‬وما أرسلنا مِن قبلِك ِمن ر ٍ‬
‫س‬
‫َ َ‬ ‫ََ َ ْ ُ ُ‬ ‫وِح إ َ ْْله َأنَّ ُه ال إ ََلَ‬‫ُ‬
‫ون﴾ [األنبياء‪ ]19 :‬ويقول سبحانه‪﴿ :‬ذل ِك‬ ‫ِ‬ ‫د‬ ‫ب‬ ‫اع‬ ‫ف‬ ‫ا‬ ‫ن‬ ‫أ‬ ‫الا‬ ‫إ‬
‫ِ ِ‬ ‫ن ِ ِ ِ‬
‫ُ‬ ‫ُ َ ْ َ ُ َ َ َّ َّ َ ُ َ ْ َ ْ َ‬ ‫َ َّ َّ َ ُ َ ْ َ ُّ َ َ َّ َ َ ْ ُ َ ْ ُ‬
‫ُّ‬
‫بِأن اَّلل هو اْلق وأن ما يدعون مِن دون ِ ِه هو اْلاطِل وأن اَّلل هو الع ِِل الكبِري﴾‬

‫‪9‬‬
‫أهمية العلم يف حماربة األفاكر اهلدامة‬

‫ين‬ ‫ين َأال ِ ََّّللِ ِّ‬


‫ادل ُ‬ ‫ُمل ًِصا ََلُ ِّ‬
‫ادل َ‬ ‫َّ َ ُ ْ‬ ‫َ ُْ‬
‫[احلج‪ ،]61 :‬ويقول جل وعال‪﴿ :‬فاعب ِد اَّلل‬
‫ُك َ ْ‬‫َّ ُ َ ُ ُ ِّ َ ْ َ ُ َ َ َ ُ ِّ‬ ‫َْ ُ‬
‫َش ٍء‬ ‫اْلال ِص﴾ [الزمر‪ ]3-1 :‬ويقول سبحانه‪﴿ :‬اَّلل خال ِق ُك َش ٍء وهو لَع‬
‫َ ْ ُ َّ‬ ‫َْ ْ َ‬ ‫ٌ‬
‫ري اَّللِ﴾ [فاطر‪.]3:‬‬ ‫َوك ِيل﴾ [الزمر‪ ]61 :‬ويقول سبحانه‪﴿ :‬هل مِن خال ٍِق غ‬

‫ثم يبني األدلة يف مواضع كثرية‪ ،‬عندما يتأملها املؤمن يعرف أن ادليلل‬
‫انلقيل مؤيد بادليلل العقيل املشاهد املحسوس‪ ،‬وهلذا ذكر سبحانه بعد قوهل‪:‬‬
‫َ َ َ ُ ْ َ َّ َ ْ‬ ‫َّ‬ ‫َّ ُ‬ ‫ُ ُُْ‬ ‫َ َ ُّ َ‬
‫﴿يا أيها اْلَّاس اعبدوا َربك ُم اْلجة لَع ذلك فقال‪ :‬اَّلِي خلقكم واَّل‬
‫ِين مِن‬
‫َ ْ ُ َ َ َّ ُ َ َّ ُ َ‬
‫قبلِك ْم لعلك ْم تتقون﴾ [ابلقرة‪ ]12:‬واملعىن أن هذا اخلالق نلا هو املستحق‬
‫أن نعبده لكونه خلقنا‪ ،‬وألنه يرىع مصالح العباد‪ ،‬وهذا أمر معلوم بالفطر‬
‫السليمة والعقول الصحيحة‪ ،‬فهم لم خيلقوا أنفسهم فقد خلقهم بارؤهم‪،‬‬
‫َ ََ َ ُ‬ ‫َّ‬
‫اَّلي جعل لك ُم‬ ‫فاهلل هو اخلالق باألدلة انلقليه والعقلية‪ ،‬ثم قال سبحانه‪ِ ﴿ :‬‬
‫ًْ‬ ‫َ َّ َ َ‬ ‫ْ َ ْ َ َ ً َ َّ َ َ َ ً َ َ ْ َ َ َ َّ َ َ ً َ َ ْ َ َ‬
‫ات ِرزقا‬
‫اء فأخرج ب ِ ِه مِن اثلمر ِ‬ ‫األرض ف ِراشا والسماء بِناء وأنزل مِن السماءِ م‬
‫َ ُ َ َ َ ُ َّ َ ْ َ ً َ ْ ُ َ ْ َ َ‬
‫لك ْم فال َتْعلوا َِّللِ أندادا َوأيت ْم تعل ُمون﴾ [ابلقرة‪ ]11:‬بني سبحانه وتعاىل‬
‫كيف تدرك هذه األشياء املشاهدة املخلوقة اليت يدركها العقل ويدركها لك‬
‫إنسان‪ ،‬فجعل األرض فراشا نلا ننام عليها‪ ،‬ونسري عليها‪ ،‬ونرىع املوايش‬
‫عليها‪ ،‬وحنمل عليها‪ ،‬نزرع عليها األشجار‪ ،‬ونأخذ منها املعادن إىل غري‬
‫ذلك‪ ،‬ثم أنزل من السماء ماء من السحاب‪ ،‬أنزل املطر فأخرج به اثلمرات‬
‫نلا‪.‬‬

‫من اذلي أنزل املطر؟ من اذلي أخرج هذه اثلمار اليت يأكلها انلاس‬
‫وادلواب مما زرعوا ومن غري ما زرعوا؟ لكها من آيات اهلل العظيمة ادلالة ىلع‬
‫‪5‬‬
‫أهمية العلم يف حماربة األفاكر اهلدامة‬

‫قدرته العظيمة وأنه رب العاملني‪ .‬أرض مستقرة أرساها ربنا باجلبال اليت‬
‫جعلها أوتادا هلا‪ ،‬وجعلها ممهدة ساكنة نعيش عليها‪ ،‬ونطمنئ حنن ودوابنا‬
‫وسياراتنا فوقها‪ ،‬وتطري يف فضائها طائراتنا‪ ،‬ونتمتع جبميع ما خلق فيها‪،‬‬
‫والسماء كذلك خلقها فوقنا‪ ،‬وزينها بالكواكب السيارات واثلوابت‪ ،‬وجعل‬
‫فيها الشمس والقمر يلعلم العباد قدرة اخلالق العظيم‪ ،‬والعيل الكبري اذلي‬
‫ال رشيك هل يف ذلك سبحانه وتعاىل‪.‬‬

‫ثم هذه املزرواعت الكثرية‪ ،‬واثلمار املنوعة اليت فيها املنافع الكثرية‪،‬‬
‫واملصالح العظيمة‪ ،‬مع اختالف أشاكهلا وألوانها‪ ،‬وأحجامها وطعومها‪،‬‬
‫ومنافعها إىل غري ذلك‪ ،‬هنا تظهر قدرة اهلل سبحانه واستحقاقه للعبادة‪ ،‬كما‬
‫َ ْ‬ ‫َّ‬ ‫ك ْم إ ََلٌ َواح ٌِد ال إ ََلَ إال ُه َو َّ‬
‫الر ْمحَ ُن َّ‬ ‫َ َُ ُ‬
‫الرحِي ُم ۝ إِن ِيف خل ِق‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫قال عز وجل‪﴿ :‬ولِله‬
‫ْ َ ََْ ُ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َّ ْ َ َّ َ‬ ‫َ ْ‬ ‫اوات َو ْاألَ ْ‬
‫َّ َ َ‬
‫ك ال ِِت َت ِري ِيف اْلَح ِر بِما ينفع‬ ‫ار َوالفل ِ‬ ‫ِ‬ ‫ه‬ ‫اْل‬‫و‬ ‫ل‬
‫ِ‬ ‫ي‬ ‫الل‬ ‫الف‬‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ت‬ ‫اخ‬ ‫و‬ ‫ض‬‫ِ‬ ‫ر‬ ‫السم ِ‬
‫ْ َ َ َ ْ َ َ َ َ َّ َ‬ ‫ْ َ ََ ْ َ‬ ‫َّ َ‬ ‫َ َ َ ْ َ َّ ُ‬
‫اْلَّاس َوما أن َزل اَّلل م َِن السما ِء مِن ما ٍء فأحيا ب ِ ِه األ ْرض بعد م ْوت ِها َوبث فِيها‬
‫الس َماءِ َو ْاألَ ْرض َْليَات ل َِقوْ‬
‫ْ ُ َ َّ َ ْ َ َّ‬
‫اب المسخ ِر بي‬
‫ِّ َ ِ َ َّ َ‬ ‫ْ ُ ِّ َ َّ َ َ ْ‬
‫ٍ مٍ‬ ‫ِ‬ ‫اح والسح ِ‬ ‫يف الري‬ ‫ْص ِ‬ ‫مِن ُك داب ٍة وت ِ‬
‫َْ ُ َ‬
‫يع ِقلون﴾ [ابلقرة‪ ]264 ،263:‬فهو سبحانه يبني نلا يف هذه اآليات اليت‬
‫هْ‬ ‫ْ‬ ‫َْْ‬ ‫نشاهدها ونراها وحنس بها‪ :‬إ هن يف َخلْق ه‬
‫الس َم َ‬
‫ات َواألر ِض َواخ ِت ِ‬
‫الف اللي ِل‬ ‫ِ‬ ‫او‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫ار هذه السموات مع اتساعها وارتفاعها وما فيها من عجائب وغرائب‪،‬‬ ‫َ هَ‬
‫وانله ِ‬
‫وهذه األرض مع سعتها وانبساطها وما فيها من أنهار وجبال وغري ذلك‪ ،‬ثم‬
‫اختالف الليل وانلهار وما أنزل من السماء من ماء وما أخرج من ابلحر‬
‫من أشياء تنفع انلاس‪ ،‬وما حيمله ماؤها من ابلواخر اليت أمسكها ىلع ظهر‬

‫‪21‬‬
‫أهمية العلم يف حماربة األفاكر اهلدامة‬

‫هذا املاء حتمل حاجات انلاس‪ ،‬وحتملهم أيضا من بالد إىل بالد‪ .‬ثم أنزل من‬
‫السماء ماء فأحيا به األرض بعد موتها‪ ،‬وبث فيها من لك دابة وترصيف‬
‫الرياح والسحاب املسخر بني السماء واألرض‪.‬‬

‫هذه اآليات العظيمة ملن تدبرها ترشده إىل وجود بارئها وخالقها اذلي‬
‫خلقه وأوجده من العدم‪ ،‬وأنه رب العاملني سبحانه وتعاىل‪ ،‬وأن هذه‬
‫ْ َ َ ْ َُ َ‬
‫املخلوقات ال قوام هلا إال به سبحانه‪ ،‬كما قال عز وجل‪َ ﴿ :‬ومِن آيات ِ ِه أن تقوم‬
‫َّ َ ُ ْ َ ُ َ ْ‬
‫اء َواأل ْرض بِأم ِره ِ﴾ [الروم‪ ]19:‬فهذه اآليات اليت نشاهدها وادلالئل اليت‬ ‫السم‬
‫نقرؤها ونعلمها إنما ينتفع بها ذوو العقول السليمة وابلصائر املستقيمة‪،‬‬
‫َ َْ ُ َ‬ ‫َ َ‬
‫ات ل ِق ْومٍ يع ِقلون﴾‪.‬‬
‫وهلذا قال سبحانه يف آخر اآلية‪ْ﴿ :‬لي ٍ‬

‫والرسل ‪-‬عليهم الصالة والسالم‪ -‬هم أصدق انلاس‪ ،‬وقد أقاموا األدلة‬
‫واملعجزات ىلع صدقهم‪ ،‬وقد أخربونا بهذا‪ ،‬وأن هذا صنع اهلل‪ ،‬وأنه ربنا‬
‫وخا لقنا‪ ،‬وأنه الرمحن‪ ،‬وأنه الرحيم‪ ،‬وأنه السالم‪ ،‬وأنه القدوس‪ ،‬إىل غري ذلك‬
‫من أسمائه احلسىن سبحانه وتعاىل‪ ،‬كما أخرب جل وعال يف كتابه العظيم أنه‬
‫احلكيم العليم القادر ىلع لك يشء جل وعال‪ ،‬ويف هذا أبلغ رد ىلع داعة‬
‫الشيوعية وادلهرية واالشرتاكية وغريهم ممن أنكروا وجود اهلل‪ ،‬فهل هذه‬
‫املخلوقات وهل هذه املوجودات ختلق نفسها وتنشئ نفسها؟ هل يقول هذا‬
‫اعقل؟ بل كوب املاء لو قلت لعاقل إنه خلق نفسه لقال إنك جمنون‪ ،‬وهكذا‬
‫كوب الشاي وكوب القهوة وامللعقة والعصا‪ ،‬لكها معروف من صنعها فكيف‬
‫بهذا العالم العظيم اذلي أنشأه اخلالق سبحانه من العدم‪ ،‬وجعل فيه من‬
‫‪22‬‬
‫أهمية العلم يف حماربة األفاكر اهلدامة‬

‫اآليات واملنافع ما ال حيىص‪ ،‬فهو املبدع‪ ،‬سبحانه وتعاىل عما يقول الظاملون‬
‫علوا كبريا‪.‬‬

‫ثم هذا اخلالق قد بني أسماء تليق بذاته‪ ،‬وبينت الرسل صفاته وأسماءه‪،‬‬
‫ودلوا عليه وأرشدوا إيله‪ ،‬وقامت ادلالئل ىلع صدقهم‪ ،‬وىلع رأسهم نبينا‬
‫حممد ‪-‬عليه الصالة والسالم‪ ،‬أصدق األنبياء وأفضلهم‪ ،‬قد بعثه اهلل‬
‫بكتابه العظيم‪ ،‬والرسالة العامة اليت أوضح بها لك يشء‪ ،‬ثم يأيت داعة‬
‫املاسونية اذلين يريدون أن يردوا انلاس إىل األحوال ابلهيمية واملساواة يف لك‬
‫يشء‪ ،‬وحياربوا ماكرم األخالق وحماسن األعمال؛ يلجعلوهم اكبلهائم‪ ،‬ال‬
‫يمزيون حقا من باطل‪ ،‬وال خريا من رش‪ ،‬وهذا لكه خالف ما دعت إيله‬
‫الرسل ‪-‬عليهم الصالة والسالم‪ ،‬وخالف ما دل عليه القرآن الكريم‬
‫املعجز‪ ،‬وهو أيضا خالف ما دلت عليه العقول الصحيحة والفطر السليمة‬
‫اليت فطر اهلل العباد عليها‪ ،‬فإن اهلل سبحانه فطر انلاس ىلع االعرتاف‬
‫بماكرم األخالق وحماسن األعمال والعدل واحلق‪ ،‬وكراهة الظلم والعدوان‬
‫واألذى‪ .‬لقد فطر اهلل العباد ىلع تميزي األب من االبن‪ ،‬واألخ من األخت‪،‬‬
‫والزوجة من الزوج‪ ،‬حىت ابلهائم مزيوا هذا عن هذا‪.‬‬

‫كذلك من ادىع اإلباحية‪ ،‬وأنه ال حرج ىلع اإلنسان يف أي حال أن‬


‫يعمل ما يشاء ويستبيح ما يشاء من مهازل ومساوئ‪ ،‬لكهم ملحدون‬
‫وضالون‪ ،‬وقد أبطل اهلل هذا املذهب‪ ،‬وبني سبحانه وتعاىل أنه أرسل الرسل‬
‫وأنزل الكتاب بليان حقه ىلع عباده‪ ،‬وما أحل من الطيبات‪ ،‬وما حرم من‬
‫‪21‬‬
‫أهمية العلم يف حماربة األفاكر اهلدامة‬

‫اخلبائث‪ ،‬وما أوىص به سبحانه وتعاىل عباده من اتلمسك بما جاءت به‬
‫الرسل‪ ،‬ونبذ ما خالفه‪ .‬ولقد أوضح سبحانه يف الكتب املزنلة من السماء‬
‫تفصيل احلالل من احلرام‪ ،‬واهلدى من الضالل‪ ،‬واملعروف من املنكر‪،‬‬
‫واخلري من الرش‪.‬‬

‫فاإلباحيون واملاسونيون قد أعرضوا عن ذلك لكه‪ ،‬ونبذوه وراء‬


‫ظهورهم‪ ،‬فال خلقا كريما استقاموا عليه‪ ،‬وال عقال صحيحا تمسكوا به‪،‬‬
‫فلم يأخذوا بما جاءت به الرسل من اهلدى واتلميزي بني احلق وابلاطل‬
‫واهلدى والضالل‪ ،‬ومن تأمل كتاب اهلل عز وجل وسنة نبيه ‪-‬عليه الصالة‬
‫والسالم‪ ،‬وتأمل أحوال العالم‪ :‬عرف أن احلق لكه فيما جاءت به الرسل ‪-‬‬
‫عليهم الصالة والسالم‪ ،‬من بيان ما أباح اهلل‪ ،‬وبيان ما حرمه سبحانه‪،‬‬
‫وأنهم بعثوا يلمزيوا بني الطيب واخلبيث‪ ،‬وبني احلالل واحلرام‪ ،‬بما رشع‬
‫اهلل‪ ،‬حىت تسري املجتمعات ىلع هدى وبيان‪ ،‬وىلع خري ورشاد‪ ،‬وىلع األخالق‬
‫الكريمة والصفات احلميدة‪ ،‬اليت حتفظ لإلنسان عقله ودينه‪ ،‬وماهل ونفسه‪،‬‬
‫وذريته وزوجته وغري ذلك‪ .‬وال يتعدى عليه غريه فيأمن املجتمع‪ ،‬وتستقيم‬
‫األحوال واألخالق‪ ،‬ويأمن انلاس‪ ،‬وحتصل للك إنسان حريته يف أخذه‬
‫وعطائه‪ ،‬وبيعه ورشائه‪ ،‬وتعايط ما يرس اهلل هل من احلالل‪ ،‬وتملكه ما‬
‫كسب بالطرق الرشعية‪ ،‬وترصفه بما ينفعه وال يرضه‪.‬‬

‫وأما من داع إىل أفاكر أخرى كدعوة القاديانية وأشباههم‪ ،‬ممن داع إىل‬
‫اتباع نيب جديد‪ ،‬أو رسول جديد‪ ،‬فدعواه باطلة وأفاكره مضللة زائفة؛ ألن‬
‫‪23‬‬
‫أهمية العلم يف حماربة األفاكر اهلدامة‬

‫ه‬
‫اهلل عز وجل بني يف كتابه املبني أن حممدا ‪-‬عليه الصالة والسالم‪ -‬خاتم‬
‫انلبيني‪ ،‬وقد جاء ذلك يف األحاديث املتواترة عن رسول اهلل ﷺ‪ ،‬وبرشت به‬
‫ْ َ ُ ْ ََ ْ َ ُ َ‬ ‫َ َ َ ُ َ َّ ٌ َ َ َ َ‬
‫كن رسول‬‫انلبوات السابقة‪ ،‬قال تعاىل‪﴿ :‬ما َكن حممد أبا أح ٍد مِن رِجال ِكم ول ِ‬
‫َّ َ َ َ‬
‫ات َم اْلَّب ِّي َ‬
‫ي﴾ [األحزاب‪ ]41:‬ولكن هناك أشباه األنعام‪ ،‬تلتبس‬ ‫ِ‬ ‫اَّللِ وخ‬
‫عليهم لك دعوى‪ ،‬وخيىف عليهم لك يشء‪ ،‬وال يمزيون بني حق وباطل‪ ،‬وال‬
‫يفرقون بني هدى وضالل‪.‬‬

‫فلك ما يدعيه ادلاعون وينعق به انلاعقون يلتبس عليهم؛ لعدم العلم‬


‫وابلصرية‪ ،‬وهلذا ارتفع صوت هذا الرجل‪ ،‬أعين مرزا غالم أمحد بدعواه‬
‫ابلاطلة‪ ،‬فاتبعه من انلاس من هم أشباه األنعام‪ ،‬وصدقوا بما قاهل وما كتبه‬
‫يف هذا ابلاب مما خيالف نص الكتاب العزيز‪ ،‬وما تواترت به السنة عن‬
‫املصطىف ‪-‬عليه الصالة والسالم‪ -‬ومن كونه خاتم األنبياء واملرسلني‪.‬‬

‫كيف حيدث مثل هذا؟! وكيف يشتبه ىلع من هم من بين آدم؟ اذلين هم‬
‫من أصحاب العقول‪ ،‬واذلين يقرءون ويكتبون‪ ،‬وبطالنه من أوضح األشياء‬
‫وأظهرها؟! ولكن اهلل عز وجل يري عباده من العجائب والعرب ما فيه عظة‬
‫َ‬ ‫َ ْ َ ْ َْ َ ُ َ َ ْ َ ْ‬
‫كن تعَم‬ ‫وذكرى للك ذي لب‪ ،‬قال سبحانه وتعاىل‪﴿ :‬ال تعَم األبصار ول ِ‬
‫ُّ‬ ‫ْ ُ ُ ُ َّ‬
‫وب ال ِِت ِيف الص ُدورِ﴾ [احلج‪ ]46:‬وهكذا ابلهائية وابلابية وأشباههم‪ ،‬ممن‬ ‫القل‬
‫ادعوا داعوي باطلة‪ ،‬وضلوا يف هذا السبيل‪ ،‬ولبسوا ىلع أشباه األنعام من‬
‫البرش ما يدعون إيله من باطلهم‪ ،‬فزعم كبريهم أنه نيب‪ ،‬ثم ادىع أنه رب‬
‫العاملني‪ .‬ومع ظهور باطلهم‪ ،‬جند هلم أتبااع وداعة وأندية تروج باطلهم‬
‫‪24‬‬
‫أهمية العلم يف حماربة األفاكر اهلدامة‬

‫وتدعو إيله‪ ،‬وربما اكن الكثري منهم يعرف احلق ويعلم أنه مبطل يف دعواه‪،‬‬
‫ولكنه يتظاهر بتأييد ابلاطل؛ ملا هل من غرض يف ذلك يف هذه احلياة ادلنيا‪،‬‬
‫فتابعهم يف طريق ابلاطل‪ ،‬وهم أشبه باألنعام‪ ،‬بل هم أضل منها‪ ،‬كما قال اهلل‬
‫َ ْ َْ َ َْ ُ‬ ‫َ ْ َ ْ َ ُ َ َّ َ ْ َ َ ُ َ ْ ُ َ َ َ ْ ُ َ ْ ُ‬
‫ام بل ه ْم‬ ‫َثه ْم يس َمعون أ ْو يع ِقلون إِن ه ْم إِال َكأليع ِ‬ ‫عز وجل‪﴿ :‬أم َتس أن أك‬
‫ْ‬ ‫َ َ ُّ َ ً‬
‫ِل َه َّن َم َكث ِ ً‬
‫ريا م َِن‬ ‫يال﴾ [الفرقان‪ ]44:‬وقال سبحانه وتعاىل‪َ ﴿ :‬ولَ َق ْد َذ َرأنَا ِ َ‬
‫أضل سبِ‬
‫ُْ ُ َ َ َُ َ ٌ‬ ‫َ‬
‫ون ب َها َول َ ُه ْم أ ْع ُ ٌ‬‫ََْ ُ َ‬ ‫ْ ِّ َ ْ ْ َ ُ ْ ُ ُ ٌ‬
‫ْصون بِها َوله ْم آذان ال‬ ‫ِ‬ ‫ب‬ ‫ي‬ ‫ال‬ ‫ي‬ ‫ِ‬ ‫ه‬ ‫ق‬ ‫ف‬‫ي‬ ‫ال‬ ‫وب‬ ‫اإلن ِس لهم قل‬
‫اِلن و ِ‬
‫ِ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُّ‬ ‫َ‬
‫َ َ ُ َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َْ َ ُ َ َ‬
‫يسمعون بِها أوَل ِك َكأليع ِام بل ه ْم أضل أوَل ِك ه ُم الغاف ِلون﴾ [األعراف‪]255:‬‬

‫لقد ضل هؤالء ضالال بعيدا‪ ،‬كما ضل أصحاب فرعون بفرعون‪،‬‬


‫وأصحاب انلمرود بانلمرود‪.‬‬

‫فهذا املسكني اذلي يتبول ويتغوط ويأكل ويرشب ويتألم من لك يشء‪،‬‬


‫كيف يكون ربا؟! وكيف يكون إهلا؟! وكيف جيوز هذا عليه وىلع‬
‫َ ْ َ ْ َْ َ ُ َ َ ْ‬ ‫َ َّ َ‬
‫كن‬ ‫أتباعه؟! ولكن األمر كما قال اهلل سبحانه‪﴿ :‬فإِيها ال تعَم األبصار ول ِ‬
‫َْ‬ ‫ُّ ُ‬ ‫َ ْ َ ْ ُ ُ ُ َّ‬
‫ور﴾ [احلج‪ ]46:‬وكما قال سبحانه وتعاىل‪﴿ :‬أم‬ ‫ِ‬ ‫د‬ ‫الص‬ ‫يف‬
‫تعَم القلوب ال ِ ِ‬
‫ِت‬
‫َ‬
‫َ َْ‬ ‫ْ‬ ‫َ ْ َ ُ َ َّ َ ْ َ َ ُ َ ْ َ ُ َ َ ْ ُ َ ْ ُ‬
‫َ‬
‫َثه ْم يسمعون أ ْو يع ِقلون إِن ه ْم إِال َكأليع ِام﴾ [الفرقان‪ ]44:‬وكما‬ ‫َتس أن أك‬
‫َّ‬ ‫ًُ‬ ‫َ‬ ‫َّ َ َ َ‬ ‫َ ُّ َّ‬ ‫َ‬
‫قال عز وجل‪َ ﴿ :‬و َم ْن أضل مِمن اتبع ه َواهُ بِغ ْريِ هدى م َِن اَّللِ﴾ اآلية‬
‫[القصص‪ .]91:‬وهكذا ادلجال اذلي يأيت يف آخر الزمان يتبعه جم كثري من‬
‫لك جاهل وأعىم بصرية؛ ملا يروجه من ابلاطل‪ ،‬ويأيت به من خوارق العادات‬
‫اليت تشتبه ىلع أشباه األنعام‪.‬‬

‫‪29‬‬
‫أهمية العلم يف حماربة األفاكر اهلدامة‬

‫ولك حنلة ولك دعوة باطلة جتد هلا أتبااع وأنصارا بغري قلوب وال هدى‪،‬‬
‫أما طريق السلف الصالح‪ ،‬فهو أوضح من الشمس يف رابعة انلهار؛ ملا قام‬
‫عليه من الرباهني الساطعة واحلجج انلرية واألدلة القاطعة للك من عنده‬
‫أدىن بصرية ورغبة يف طلب احلق‪ ،‬وقد بني اهلل يف كتابه الكريم وسنة رسوهل‬
‫األمني أن اخلري والفالح يكونان يف اتلمسك بكتاب اهلل العظيم‪ ،‬وسنة‬
‫املصطىف ‪-‬عليه الصالة والسالم‪ ،‬وما اكن عليه سلف األمة من الصحابة‬
‫رضوان اهلل عليهم‪ ،‬وأتباعهم بإحسان‪ ،‬فريد داعة احلق ىلع هؤالء املنحرفني‬
‫بما علموا من كتاب اهلل وسنة رسوهل ‪-‬عليه الصالة والسالم‪ ،‬وبما علموا‬
‫بعقوهلم الصحيحة وبصائرهم انلافذة وفطرهم السليمة ىلع هدى ما علموه‬
‫من كتاب اهلل وسنة رسوهل‪ ،‬وما علموه من خملوقات اهلل عز وجل من‬
‫ادلاللة ىلع قدرته وعظمته واستحقاقه للعبادة‪ ،‬وصدق رسله ‪-‬عليهم‬
‫الصالة والسالم‪ ،‬وأن ما أتوا به هو احلق‪ ،‬وهو ما دل عليه كتاب اهلل وسنة‬
‫رسوهل ﷺ من بيان احلالل واحلرام‪ ،‬واهلدى والضالل‪ ،‬وما رشع اهلل لعباده‪،‬‬
‫وما نىه عنه‪ ،‬وما أخرب به من اجلنة وانلار‪ ،‬إىل غري ذلك‪.‬‬

‫وأن ما أنكره هؤالء وغريهم من الشيوعيني وسائر املالحدة من ابلعث‬


‫والنشور واجلنة وانلار وغري ذلك من شئون ايلوم اآلخر‪ ،‬لكه باطل وخمالف‬
‫لألدلة القطعية‪.‬‬

‫وهم مجيعا حجتهم داحضة وباطلهم واضح‪ ،‬فإن األدلة ادلالة ىلع بعث‬
‫املوىت ووقوفهم أمام رب العاملني‪ ،‬كثرية ال حتىص‪ ،‬وأن لك ما خلقه اهلل يف‬
‫‪26‬‬
‫أهمية العلم يف حماربة األفاكر اهلدامة‬

‫هذه ادلنيا شاهد ىلع قدرته سبحانه ووجوب االعرتاف بألوهيته وحده‪،‬‬
‫فاألرض امليتة يزنل اهلل عليها املطر فيخرج منها انلبات بعد موتها‪ ،‬وخيرج‬
‫منها جل وعال ما شاء من اثلمار‪.‬‬

‫فاذلي أخرج هذا انلبات وأنعم علينا بهذه اثلمار هو اهلل سبحانه‬
‫وتعاىل‪ ،‬اذلي أنزل هذا املطر وأحيا به األرض امليتة اليت أخرجت انلبات‬
‫واثلمار‪ ،‬هو اذلي سيحيي املوىت ويبعثهم من قبورهم‪ ،‬ويقف لك واحد أمامه‬
‫عز وجل للحساب ىلع ما عمل‪ ،‬وما اكتسبت يداه يف هذه ادلنيا‪.‬‬

‫وهكذا اإلنسان‪ :‬خلق اهلل أبانا آدم من تراب‪ ،‬ثم جاءت منه اذلرية‪،‬‬
‫خلقهم سبحانه من ماء مهني‪ ،‬ثم حتولوا إىل علقة‪ ،‬ثم إىل مضغة‪ ،‬ثم إىل‬
‫إنسان سوي هل سمع وبرص وعقل وإدراك وجوارح‪ ،‬ثم يتدرج ويكرب حىت‬
‫يصري إنسانا عظيما‪ ،‬فيأخذ ويعطي ويفكر ويتعلم وينتج‪.‬‬

‫وأن هذه اآليات العظيمة لكها تدل ىلع قدرة اهلل عز وجل‪ ،‬وتدل ىلع‬
‫صدق الرسل وإخبارهم بأن هناك‪ -‬أي يف اآلخرة‪ -‬جمتمعا دليه سبحانه‪ ،‬يؤيد‬
‫فيه احلق‪ ،‬وجيزي أهله بأحسن اجلزاء‪ ،‬ويدخلهم اجلنة‪ ،‬ويقيهم عذاب انلار‪،‬‬
‫ويذل أعداءه‪ ،‬وخيدلهم يف انلار أبد اآلباد‪ .‬ثم إن لك اعقل يف هذه ادلار‬
‫يشاهد من يظلم‪ ،‬ومن تؤخذ حقوقه‪ ،‬ومن يعتدى عليه يف ماهل وبدنه وغري‬
‫ذلك‪ ،‬ثم يموت الظالم ولم يرد احلقوق‪ ،‬ولم ينصف املظلوم‪ ،‬فهل يضيع ذلك‬
‫احلق ىلع املظلومني املساكني املستضعفني؟!‬

‫‪25‬‬
‫أهمية العلم يف حماربة األفاكر اهلدامة‬

‫الك‪ ..‬فإن اخلالق العظيم احلكيم العليم حدد لإلنصاف موعدا‪ ،‬ذلك‬
‫املوعد هو يوم القيامة‪ ،‬ينصف فيه املظلوم اذلي لم يعط حقه يف ادلنيا اكمال‬
‫من الظالم‪ ،‬فينتقم منه ويعاقبه بما يستحق‪ .‬إن هذه ادلار ليست دار جزاء‪،‬‬
‫ولكنها دار امتحان وابتالء‪ ،‬وعمل ورسور وأحزان‪ ،‬وقد ينصف فيها‬
‫املظلوم فيأخذ حقه فيها‪ ،‬وقد يؤجل أمره إىل يوم القيامة حلكمة عظيمة‪،‬‬
‫َ َ ْ َ َ َّ َّ َ‬
‫َب اَّلل‬ ‫فينتقم اهلل من هؤالء الظاملني‪ ،‬كما قال سبحانه وتعاىل‪﴿ :‬وال َتس‬
‫َ‬
‫ون إ َّي َما يُ َؤ ِّخ ُر ُه ْم ِْلَ ْومٍ ت َ ْش َخ ُص فِي ِه ْاألبْ َص ُ‬
‫َّ ُ َ‬ ‫َ ً َ َّ َ ْ َ ُ‬
‫ار﴾‬ ‫ِ‬ ‫َغف ِال عما يعمل الظال ِم‬
‫[إبراهيم‪]41:‬‬

‫فيف هذا ايلوم الرهيب ينصف اهلل املظلومني‪ ،‬ويعطيهم جزاءهم‪،‬‬


‫وينتقم هلم من الظاملني‪ ،‬وقد يعجل اهلل سبحانه للظلمة العقوبات يف ادلنيا‪،‬‬
‫كما فعل يف أمم كثرية‪ ،‬وقد يؤجل ذلك للمظلومني والظاملني‪ ،‬ثم تعطى‬
‫احلقوق يف هذا ايلوم العظيم‪ ،‬يوم القيامة‪ ،‬اذلي تشخص فيه األبصار‪ ،‬ولك‬
‫ذلك حق‪.‬‬

‫فاحلكم العليم القادر ىلع لك يشء ال يفوت ىلع املظلومني حقهم‪،‬‬


‫وهلذا أخربنا أن هناك بعثا ونشورا‪ ،‬وأن هناك جزاء وحسابا‪ ،‬وقد قامت ىلع‬
‫هذا األدلة من القرآن والسنة وإمجاع األمة والعقول الصحيحة والفطر‬
‫السليمة‪ ،‬ودلت ىلع أنه ال بد من جزاء وحساب‪ ،‬وأن ابلعث حق‪ ،‬وأن اجلنة‬
‫حق‪ ،‬وأن انلار حق‪ ،‬لك ذلك جاءت به الكتب السماوية‪ ،‬والسنة انلبوية‪،‬‬
‫وأمجع عليها املسلمون‪.‬‬
‫‪29‬‬
‫أهمية العلم يف حماربة األفاكر اهلدامة‬

‫ومع ذلك فالفطر السليمة والعقول الصحيحة تشهد بذلك‪ ،‬وإننا نشاهد‬
‫ظاملني ومظلومني لم يقتص من الظاملني للمظلومني‪ ،‬ولم تؤخذ منهم‬
‫احلقوق‪ ،‬فال بد هلم من يوم حياسبون فيه‪ ،‬وجيازى فيه لك إنسان ىلع ما قدم‪.‬‬

‫إننا جند مؤمنني صاحلني موفقني جمتهدين يف سبيل اخلري‪ ،‬لم ينالوا ما‬
‫ناهل غريهم من أوئلك اذلين تعدوا حدود اهلل‪ ،‬وظلموا عباد اهلل‪ ،‬وهم مع‬
‫هذا دليهم األموال العظيمة‪ ،‬والقصور الشاهقة‪ ،‬واخلدم واملتاع‪ .‬ومجع غفري‬
‫من األخيار املتقني حمرومون لم ينالوا من هذا شيئا‪ ،‬فالبد من موعد والبد‬
‫من لقاء مع ربهم‪ ،‬يعطون فيه من املنازل العايلة واألجر العظيم‪ ،‬ويتكرم‬
‫عليهم سبحانه بأنواع الفضل‪ ،‬جزاء صربهم وأعماهلم الصاحلة‪ ،‬فينالون‬
‫اثلواب الكبري‪ ،‬واملنازل العايلة‪ ،‬واخلري اجلزيل‪ ،‬واإلحسان العظيم‪ ،‬والقصور‬
‫واجلواري‪ ،‬واخلريات اليت ال حتىص ىلع ما فعلوا من خري‪ ،‬وىلع ما قدموا من‬
‫عمل صالح‪ ،‬وجيازي سبحانه هؤالء الظاملني املفرطني املعرضني‪ ،‬اذلين‬
‫ركنوا إىل ادلنيا‪ ،‬وغرتهم شهواتها وانساقوا وراء مفاتنها‪ ،‬بما يستحقون من‬
‫العذاب وانلاكل وسوء املصري‪ ،‬وما ذلك إال تلفريطهم وإعراضهم عن اهلل‪،‬‬
‫وتعديهم حدوده‪ ،‬ومقابلتهم نعمه بالكفران‪ ،‬وظلمهم عباده‪ ،‬وإدبارهم عن‬
‫طاعته‪.‬‬

‫فهؤالء جيازيهم اهلل عز وجل بما يستحقون‪ .‬وهذه األمور العظيمة إذا‬
‫تأملها صاحب العقل الصحيح والفطرة السليمة‪ ،‬عرف أن املعاد حق‪ ،‬وعلم‬
‫أن ما يدعيه امللحدون والشيوعيون والوثنيون وغريهم ممن ينكرون اآلخرة‬
‫‪25‬‬
‫أهمية العلم يف حماربة األفاكر اهلدامة‬

‫ومعاد األبدان‪ :‬من أبطل ابلاطل‪ ،‬واتضح هل أن دعواهم ساقطة‪ ،‬وأقواهلم‬


‫زائفة‪.‬‬

‫وهكذا أصحاب انلحل وادلعوات املضللة واألفاكر اهلدامة‪ ،‬لكها ىلع‬


‫هذا السبيل إذا تأملها ذو العقل الصحيح وابلصرية انلافذة والفطرة السليمة‬
‫عرف بطالنها وعرف أدلة زيفها من الكتاب والسنة املطهرة ومن الكتب‬
‫الصحيحة‪ ،‬فإنه سبحانه خلق الشواهد‪ ،‬وأقام ادلالئل ىلع احلق‪ ،‬من كتابه‬
‫وسنة نبيه ﷺ‪ ،‬وبما أودع يف العقول من فهم وإدراك‪ ،‬وبما خلق يف هذه‬
‫ادلنيا من خملوقات‪ ،‬وأوجد فيها من اكئنات‪ ،‬تشهد هل باحلكمة‪ ،‬وأنه اخلالق‬
‫العليم‪ ،‬الرزاق الكريم‪ ،‬القادر ىلع لك يشء‪ ،‬واملستحق ألن يعبد وحده ال‬
‫رشيك هل‪.‬‬

‫واجلدير بطالب العلم أينما اكن‪ ،‬أن يقبل ىلع كتاب اهلل‪ ،‬وأن جيعل‬
‫تدبره وتعقله‪ ،‬من أكرب همه ومن أعظم شواغله‪ ،‬وأن تكون هل العناية‬
‫الاكملة بقراءته وتدبر ما فيه من املعاين العظيمة والرباهني الساطعة ىلع‬
‫صحة ما جاء به الرسل‪ ،‬وىلع صدق ما دل عليه الكتاب‪ ،‬وىلع بطالن ما‬
‫يقول به أهل السوء‪ ،‬أينما اكنوا‪ ،‬وكيفما اكنوا‪.‬‬

‫ومن تدبر القرآن طابلا للهدى أعزه اهلل وبرصه وبلغه مناه‪ ،‬كما قال‬
‫َ ََُْ‬ ‫َّ‬ ‫َّ َ َ ْ ُ َ َ ْ‬
‫سبحانه وتعاىل‪﴿ :‬إِن هذا الق ْرآن يهدِي ل ِل ِِت ِِه أقوم﴾ [اإلرساء‪ ]5:‬وقال عز‬
‫ُ ْ ُ َ َّ َ َ‬
‫آم ُنوا ُه ًدى َو ِش َف ٌ‬
‫اء﴾ [فصلت‪.]44:‬‬ ‫وجل‪﴿ :‬قل هو ل َِّلِين‬

‫‪11‬‬
‫أهمية العلم يف حماربة األفاكر اهلدامة‬

‫وهكذا السنة املطهرة إذا تأملها املؤمن‪ ،‬وتأمل موقفه ﷺ مع أعدائه‬


‫وخصومه يف مكة واملدينة عرف احلق‪ ،‬وأن أهل احلق منصورون وممتحنون‪،‬‬
‫ومن فاته انلرص يف ادلنيا فلن يفوته اجلزاء والعوض يف اآلخرة‪ ،‬كما قال عز‬
‫َ َ‬ ‫ْ َ َ ُّ ْ َ َ َ َ ُ ُ ْ َ ْ َ ُ‬ ‫َّ َ َ ْ ُ ُ ُ ُ َ َ َ َّ َ َ ُ‬
‫ادلييا َوي ْوم يقوم األشهاد ۝ ي ْوم‬ ‫ِين آمنوا ِيف اْلياة ِ‬ ‫وجل‪﴿ :‬إِنا ْلنْص رسلنا واَّل‬
‫َّ‬
‫َ َ ْ َ ُ ُ ْ َ َ ُ ُ ْ َ ُ َ َ ُ ْ ُ ُ َّ‬ ‫َ ْ َ ُ َّ‬
‫ار﴾ [اغفر‪.]91-92:‬‬ ‫ال ينفع الظال ِ ِمي معذِرتهم ولهم اللعنة ولهم سوء ادل ِ‬
‫فقد وعد اهلل سبحانه بانلرص للعاملني يف ادلنيا واثلواب يف اآلخرة‪ ،‬قال‬
‫َّ َ ْ َ َّ َّ ُ‬ ‫َ َ َ ْ ُ َ َّ َّ ُ َ ْ َ ْ ُ ُ ُ َّ َّ َ‬
‫اَّلل لَ َقو ٌّي َعز ٌ‬
‫ِين إِن مكناه ْم‬ ‫يز ۝ اَّل‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫عز وجل‪﴿ :‬وْلنْصن اَّلل من ينْصه إِن‬
‫َّ‬ ‫ََْ َ ُْْ َ‬ ‫َْ ْ‬ ‫َّ َ َ َ ُ َّ َ َ َ َ‬ ‫ََ ُ‬ ‫َْ‬
‫وف َويهوا ع ِن المنك ِر َو َِّللِ‬ ‫الزَكة َوأم ُروا بِالمع ُر ِ‬ ‫ِيف األ ْر ِض أقاموا الصالة وآتوا‬
‫َ َُ ُُْ‬
‫ور﴾ [احلج‪ ]42 ،41:‬فقد وعد اهلل سبحانه وتعاىل يف هاتني اآليتني‬ ‫اعق ِبة األم ِ‬
‫اذلين يعملون للحق ويقيمون الصالة ويؤدون الزاكة ملستحقيها ويأمرون‬
‫باملعروف وينهون عن املنكر‪ ،‬وعدهم جل وعال بانلرص‪ ،‬وهو يعم انلرص يف‬
‫ادلنيا واتلمكني فيها‪ ،‬وانلرص والرىض من اهلل سبحانه يوم القيامة‪ ،‬يوم يقوم‬
‫األشهاد‪.‬‬

‫ويف هذا عزة للمؤمنني‪ ،‬وذلة للاكفرين‪ ،‬فاملؤمنون يفوزون باجلنة‪،‬‬


‫والاكفرون تعلو وجوههم اذللة وانلدامة‪ ،‬وانلار تكون مثواهم ومصريهم‪.‬‬
‫َ ُ‬ ‫َ َ َ َّ ُ َّ َ َ ُ ْ ُ‬
‫ِين آمنوا مِنك ْم َوع ِملوا‬ ‫ويف هذا املعىن يقول سبحانه وتعاىل‪﴿ :‬وعد اَّلل اَّل‬
‫َ َ ْ َ ْ َ َ َّ َ ْ َ ْ ْ َ َ ُ َ ِّ َ َّ َ ُ‬ ‫َْ‬ ‫َّ َ َ َ ْ َ ْ َ َّ ُ‬
‫َن له ْم‬ ‫ات ليستخلِفنه ْم ِيف األ ْر ِض كما استخلف اَّلِين مِن قبل ِِهم وْلمك‬ ‫اْل ِ‬
‫الص ِ‬
‫ُْ ُ َ‬ ‫َ‬
‫ْ َ َ َ ُ ْ َ َ ُ َ ِّ َ َّ ُ ْ ْ َ ْ َ ْ ْ ْ ً َ ْ ُ ُ َ‬ ‫َ ُ ُ َّ‬
‫رشكون ِِب‬ ‫دِينهم اَّلِي ارتَض لهم وْلبدْلهم مِن بع ِد خوف ِِهم أمنا يعبدون ِِن ال ي ِ‬
‫َ ًْ‬
‫شيئا﴾ [انلور‪ ]99:‬واآليات يف هذا املعىن كثرية‪.‬‬
‫‪12‬‬
‫أهمية العلم يف حماربة األفاكر اهلدامة‬

‫ومن تأمل أحوال أهل العلم املوفقني اذلين نبغوا يف هذه األمة‪ ،‬وتدبروا‬
‫كتاب ربهم وسنة نبيهم ﷺ‪ ،‬وعلموا يف ذلك ما يعينهم ىلع فهم كتاب اهلل‬
‫وىلع فهم سنة رسول اهلل ﷺ فهما صحيحا من الصحابة ‪-‬ريض اهلل عنهم‬
‫وأرضاهم‪ ،‬واتلابعني هلم بإحسان من أئمة اإلسالم‪ ،‬فيما كتبوا وما نقل‬
‫عنهم‪ ،‬ومن سار ىلع نهجهم من أهل الصدق والوفاء وابلصرية كأيب العباس‬
‫بن تيمية ‪-‬رمحه اهلل‪ -‬وتلميذيه‪ :‬العالمة ابن القيم واحلافظ ابن كثري‪،‬‬
‫وغريهم ممن برزوا يف هذا امليدان من أئمة هذا الشأن‪ .‬نعم من تأمل أحواهلم‪،‬‬
‫وفتح اهلل عليه بفهم ما قالوا وما كتبوا رأى العجب العجاب‪ ،‬والعرب‬
‫ابلاهرة‪ ،‬والعلوم الصحيحة‪ ،‬والقلوب انلرية‪ ،‬والرباهني الساطعة‪ ،‬اليت ترشد‬
‫من تمسك بها إىل طريق السعادة وسبيل االستقامة‪.‬‬

‫وبذلك حيصل هل بتوفيق اهلل سبحانه‪ ،‬حتقيق الغاية املطلوبة‪ ،‬وحتصني‬


‫نفسه بالعلوم واملعرفة والطمأنينة إىل احلق‪ ،‬اذلي بعث اهلل به رسله‪ ،‬وأنزل‬
‫به كتبه‪ ،‬ودرج عليه سلف هذه األمة‪.‬‬

‫ويتضح هل أن من خالفهم من داعة الزيغ والضالل‪ ،‬ليس عندهم إال‬


‫الشبهات ابلاطلة‪ ،‬واحلجج الزائفة‪ ،‬اليت ال تسمن وال تغين من جوع‪.‬‬

‫ويعلم حقا أن طالب العلم يف احلقيقة هو اذلي يمزي احلق من ابلاطل‪،‬‬


‫بأدتله الظاهرة‪ ،‬وبراهينه الساطعة‪ ،‬ويقرأ كتب األئمة املهتدين‪ ،‬ويأخذ منها‬
‫ما وافق احلق‪ ،‬ويرتك ما ظهر بطالنه‪ ،‬وعدم موافقته للحق‪ ،‬ومن هؤالء‬

‫‪11‬‬
‫أهمية العلم يف حماربة األفاكر اهلدامة‬

‫األئمة املربزين الشيخ اإلمام حممد بن عبدالوهاب رمحه اهلل‪ ،‬وأنصاره يف‬
‫القرن اثلاين عرش وما بعده‪ ،‬قد برزوا يف هذا امليدان‪ ،‬وكتبوا الكتابات‬
‫العظيمة انلاجحة‪ ،‬وأرسلوا الرسائل إىل انلاس وردوا ىلع اخلصوم‪ ،‬وأوضحوا‬
‫احلق يف رسائلهم ومؤلفاتهم‪ ،‬بأدلة من الكتاب والسنة‪ ،‬وقد مجع من ذلك‬
‫العالمة الشيخ عبدالرمحن بن قاسم رمحه اهلل مجلة كثرية يف كتابه املسىم‪:‬‬
‫(ادلرر السنية يف األجوبة اْلجدية)‪.‬‬

‫واألدلة اليت كتبها الشيخ حممد بن عبد الوهاب رمحه اهلل وتالميذه من‬
‫تأملها وتبرص فيها رأى فيها احلق املبني‪ ،‬واحلجج ابلاهرة‪ ،‬والرباهني‬
‫الساطعة اليت‪ -‬توضح بطالن أقوال اخلصوم‪ ،‬وشبهاتهم‪ ،‬وتبني احلق بأدتله‬
‫الواضحة‪.‬‬

‫وهم رمحة اهلل عليهم مع تأخر زمانهم‪ -‬قد وفقوا يف إظهار احلق وبيان‬
‫أدتله‪ ،‬وأوضحوا ما يتعلق بدعوة اتلوحيد‪ ،‬والرد ىلع داعة الوثنية‪ ،‬وعباد‬
‫القبور‪ ،‬وبرزوا يف هذا السبيل‪ ،‬واكنوا ىلع انلهج املستقيم‪ ،‬نهج السلف‬
‫الصالح‪ ،‬واستعانوا يف هذا ابلاب باألدلة الواضحة اليت جاءت يف الكتاب‬
‫والسنة انلبوية‪ ،‬وعنوا بكتب احلديث‪ ،‬وكتب اتلفسري‪ ،‬وبرزوا يف هذا‬
‫امليدان حىت أظهر اهلل بهم احلق‪ ،‬وأذل بهم ابلاطل‪ ،‬وأقام بهم احلجة ىلع‬
‫غريهم‪ ،‬ونرش بهم راية اإلسالم‪ ،‬وقامت راية اجلهاد‪ ،‬وأجرى اهلل ىلع أيديهم‬
‫من نعمه وخريه اجلزيل ما ال حيىص‪ ،‬وأصبح أهل احلق يف سائر األمصار‬
‫اذلين عرفوا كتبهم‪ ،‬وصحة دعوتهم‪ ،‬وسالمة منهجهم‪ ،‬ينرشون دعوتهم‪،‬‬
‫‪13‬‬
‫أهمية العلم يف حماربة األفاكر اهلدامة‬

‫ويستعينون بما ألفوا يف هذا الشأن ىلع خصوم اإلسالم وأعداء اإلسالم يف‬
‫لك ماكن‪ ،‬من أهل الرشك وابلدع واخلرافات‪.‬‬

‫وأسأل اهلل عز وجل أن يوفقنا مجيعا ملا يرضيه‪ ،‬وأن يصلح قلوبنا‬
‫وأعمانلا‪ ،‬وأن جيعلنا هداة مهتدين‪ ،‬وصاحلني مصلحني‪ ،‬وأن يمنحنا الفقه‬
‫يف دينه‪ ،‬كما أسأهل عز وجل أن ينرص دينه ويعيل لكمته‪ ،‬ويصلح أحوال‬
‫املسلمني يف لك ماكن‪ ،‬وأن يويل عليهم خيارهم‪ ،‬وأن يصلح قادة املسلمني‪،‬‬
‫وجيعلهم هداة مهتدين‪ ،‬وأن يوفقهم تلحكيم الرشيعة واتلحاكم إيلها‪ ،‬وأن‬
‫يوفق والة أمرنا للك خري‪ ،‬وينرص بهم احلق‪ ،‬إنه جل وعال جواد كريم‪ ،‬وصىل‬
‫اهلل وسلم ىلع نبينا حممد وىلع آهل وصحبه‪.‬‬

‫‪14‬‬

You might also like