‫السالم عليكم و رمحة اهلل و بركاته‬

‫احلمد هلل بارئ النسم و خالق اللوح و القلم أمحده تعاىل علّم اإلنسان ما مل يعلم و أشكره على ما‬
‫أسدى و أنعم‪ .‬و أشهد أ ّن نبينا‪ 9‬حممدا عبد اهلل و رسوله اهلادي إىل سبيل األقوم و صلى اهلل عليه و‬
‫على آله و صحبه و سلم‪.‬‬

‫ّأما بعد‪...‬‬

‫الرخاء‬
‫ويعم َّ‬
‫ويسود األمن‪ُّ ،‬‬
‫ُ‬ ‫عماد الدِّين وقوامه‪ ،‬وهِب ا يَصلح العباد‪،‬‬ ‫َّ‬
‫فإن للنَّصيحة أمهيةً عظيمة‪ ،‬فهي ُ‬
‫النيب صلَّى اهلل عليه‬ ‫يف البالد‪ .‬جاء يف احلديث عن أيب رقية متي ِم بن ٍ‬
‫أوس الدَّاري رضي اهلل عنه أن َّ‬
‫وسلَّم قال‪ :‬الدِّين النصيحة‪ ،‬قلنا‪ :‬لِ َمن يا رسول اهلل؟ قال‪ :‬هلل‪ ،‬ولكتابه‪ ،‬ولرسوله‪َّ ،‬‬
‫وألئمة املسلمني‪،‬‬
‫وعامتِهم؛ رواه مسلم‪.‬‬
‫َّ‬
‫ٍ‬
‫مالئمة بني شيئني‪،‬‬ ‫النصيحة‪ ،‬ما هي النصيحة‪ ،‬النصيحة هي مأخوذة من مادة "نصح" اليت ُّ‬
‫تدل على‬
‫ش‪ ،‬يُقال‪ :‬نصحته أنصحه‪.‬‬ ‫وإصالح هَل ما‪ ،‬وأصل ذلك النَّاصح‪ ،‬وهو اخليَّاط‪ ،‬والنصيحة‪ :‬خالف الغِ ِّ‬
‫ٍ‬
‫اخلطايب رمحه اهلل ‪ :‬النصيحة كلمة يعرَّب هبا عن ٍ‬
‫مجلة‪ ،‬هي إرادة اخلري للمنصوح له‬ ‫ُّ‬ ‫قال‬

‫صالح صاحبه‬
‫ُ‬ ‫الراغب رمحه اهلل ‪ :‬النُّصح حَت ِّري ٍ‬
‫فعل أو قول فيه‬ ‫ُ‬ ‫وقال‬

‫بعض أهل العلم‪ :‬مِج َاعُ تفسري النَّصيحة هو عناية القلب‬

‫وقال حممد بن نصر رمحه اهلل ‪ :‬قال ُ‬
‫للمنصوح‪َ ،‬من كان‬

‫للنَّصيحة أمهية عظيمة يف دين اإلسالم‪ ،‬وتظهر أمهيتُها من خالل األمور اآلتية‪:‬‬

‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َّأوالً‪ :‬أهَّن ا ع ُ‬
‫ماد الدِّين وقوامه؛ لقوله صلَّى اهلل عليه وسلَّم ‪ :‬الدِّين النَّص َ‬
‫يحة‪9.‬‬
 ‫ثانيًا‪ :‬أهَّن ا وظيفةٌ‪ 9‬من وظائف األنبياء؛ فقد ذكر اهلل تبارك وتعاىل يف القرآن الكرمي على لسان ٍ‬
‫نوح‬
‫َأعلَ ُم ِم َن اللَّ ِه َما اَل َت ْعلَ ُمو َن ?‬ ‫ِ‬
‫السالم قولَه لقومه‪َُ ? :‬أبلِّغُ ُك ْم ِر َسااَل ت َريِّب َوَأنْ َ‬
‫ص ُح لَ ُك ْم َو ْ‬ ‫عليه َّ‬
‫السالم ‪َُ ? :‬أبلِّغُ ُك ْم ِر َسااَل ِت َريِّب َوَأنَا لَ ُك ْم‬ ‫[األعراف‪ ،]62 :‬وقال سبحانه على لسان هود عليه َّ‬
‫السالم ‪ ? :‬يَا َق ْوِم لََق ْد َْأبلَ ْغتُ ُك ْم‬ ‫ني ? [األعراف‪ ،]68 :‬وقال سبحانه على لسان صالِح عليه َّ‬ ‫نَ ِ ِ‬
‫اص ٌح َأم ٌ‬
‫كل َمن سار على درهِب م من العلماء‬ ‫ت لَ ُك ْم ? [األعراف‪ ،]79 :‬وهكذا هي طريقة ِّ‬ ‫ص ْح ُ‬‫ِر َسالَةَ َريِّب َونَ َ‬
‫الصلَحاء‪.‬‬
‫واألولياء‪ ،‬وسائر ُّ‬

‫النيب صلَّى اهلل عليه وسلَّم أخذ البيعةَ‪ 9‬عليها؛ فعن َج ِرير بن عبداهلل رضي اهلل عنه قال‪:‬‬
‫ثالثًا‪ :‬أن َّ‬
‫لكل مسلم؛ رواه‬
‫الزكاة‪ ،‬والنُّصح ِّ‬ ‫بايعت رسول اهلل صلَّى اهلل عليه وسلَّم على إقام َّ‬
‫الصالة وإيتاء َّ‬ ‫ُ‬
‫النيب صلَّى اهلل عليه وسلَّم البيعةَ‬ ‫الصالة َّ‬
‫والزكاة؛ ولذلك فقد أخذ ُّ‬ ‫ومسلم‪ ،‬فالنَّصيحة قرينةُ َّ‬
‫ٌ‬ ‫البخاري‬
‫ُّ‬
‫عليها‪.‬‬

‫غششة‬
‫نصحةٌ‪ ،‬واملنافقون َ‬ ‫رابعا‪ :‬أهَّن ا صفةٌ من صفات املؤمنني َّ‬
‫الصادقني‪ :‬املؤمنون َ‬
‫احملاسيب رمحه اهلل ‪ :‬اعلم َّ‬
‫أن َمن نصحك فقد‬ ‫ُّ‬ ‫خامسا‪ :‬أهَّن ا دليل على احملبَّة والتآلُف‪ ،‬قال احلارث‬
‫بأخ لك‬‫أحبَّك‪ ،‬ومن داهنك فقد غشَّك‪ ،‬ومن مل يَقبل نصيحتك فليس ٍ‬

‫ناصح أن يتحلَّى هبا‪ ،‬وأن يكون ً‬

‫ناصحا أمينًا‪.‬‬ ‫كل مسلم ٍ‬
‫فهذه هي النصيحة‪ ،‬وينبغي‪ 9‬على ِّ‬

‫والعمل مِب ا ِّ‬

‫يقربنا منك يا أرحم الرامحني‪ ،‬اللهم إنا‬ ‫َ‬ ‫عد عن هَن يِك‪،‬‬ ‫اللَّهم إنا نسألك َ‬
‫القيام بأمرك‪ ،‬والبُ َ‬
‫نعوذ بك من سخطك والنار‪ ،‬ونسألك رضاك واجلنَّة يا ذا اجلالل واإلكرام‪.‬‬

‫ربنا آتِنا يف الدُّنيا حسنة‪ ،‬ويف اآلخرة حسنة‪ ،‬وقِنا عذاب النار‪.‬‬

‫و أخريا‪ ،‬و السالم عليكم و رمحة اهلل و بركاته‬