Professional Documents
Culture Documents
بقلم
الشيخ عبد الرحمن بن يوسف األفريقي
مدير دار الحديث بالمدينة النبوية سابقًا
راجعـه
أحمـد فهمـي أحمـد
وكيل جماعة أنصار السنة المحمدية بالقاهرة
4141هـ
1
بسم اهلل الرحمن الرحيم
{هَـذَا بَالَغٌ لِلنَاسِ وَلِيُنذَرُواْ ِبهِ َولِيَ ْع َلمُواْ أَ َنمَا هُوَ ِإلَـهٌ وَاحِدٌ َولِيَـذَََرَ أو ْولوـو ْا
ا َأللْبَابِ} [إبراهيم.]21 :
غفوـو ٌر
{قولْ إِن َونتومْ توحِبُونَ اللَهَ فَاتَبِعُونِي يُحْبِبَْومُ اللَهُ وَيَ ْغفِرْ لََومْ ذونووبََومْ وَاللَهُ َ
رَحِيمٌ} [آل عمران.]14 :
{فَالَ وَرَبِكَ الَ يُ ْؤمِنوونَ حَتَى يُحَ َِمُوكَ فِيمَا شَجَ َر بَيْنَهُمْ ثومَ الَ يَجِدُواْ فِي أَنفوسِـهِ ْم
سلِيمًا} [النساء.]52 :
سِلمُو ْا تَ ْ
ت وَيُ َ
حَرَجًا ِممَا قَضَ ْي َ
ت
لَـهُ ُملْـكُ السَـمَاوَا ِ جمِيعًا الَـذِ
{قولْ يَا أَيُهَا النَاسُ إِنِي رَسُولو اللَهِ ِإلَيَْومْ َ
وَاألَ ْرضِ ال ِإلَـهَ إِالَ هُوَ يُحْيِـي وَ ُيمِيتو فَآمِنوواْ بِاللَهِ وَرَسُو ِلهِ النَبِيِ ا وألمِيِ الَـذِ
ن بِاللَ ِه وَ ََ ِلمَا ِت ِه وَاتَبِعُو ُه لَ َعلََو ْم تَهْتَدُونَ} [األعراف.]421 :
يُ ْؤمِ ُ
حفِياـا }
علَـيْهِمْ َ
طعِ الرَسُولَ َفقَدْ أَطَاعَ اللَهَ َومَن تَ َولَى َفمَا أَرْسَـلْنَاكَ َ
{ مَنْ يُ ِ
[النساء.]18 :
وعن عبد اهلل بن عمرو رضي اهلل عنهما أن رسول اهلل صلّى اهلل عليه وسلّم
قال" :ال يؤمن أحدَم حتى يَون هواه تبعًا لما جئت به")4( .
2
الطلب قد توجه إليّ تطفلت تحت دوح علماء السنة بذكر أقوالهم في تفسير بعض
اآليات و األحاديث في ذم البدعة وأهلها.
وأقول كما قال المحدث العالمة الشيخ محمد بن عبد العزيز الفارسي الجاركي
في التحفة المكية حيث قال :
مع أنني لست لذاك الخطر لألجر محتسبًا أجبته
السبال و آثارهم مقتفيًا الفضال بالعلماء تطفالً
حماك ربي من بوائق الحسود فقلت :فاعلم أيها الخل الودود
الورى سيد بهدي متمسكًا من يرد اهلل به خيرًا يُرى
القناعة ألزمه ، حياته الطاعة لكل اهلل ألهمه
واليقين بالصدق عضَده الدين في تفقهًا يرزقه
وإال فليس أتعرض وال أرتقي إلى هذا المحل المنيف ألني لم أكن لذاك و ال أقل
منه بأهل .
وأسأل اهلل سبحانه و تعالى أن يجعلها خالصة لوجهه الكريم ،نافعة لجميع
اإلخوان المؤمنين و المسلمين ،إنه الهادي إلى الصراط المستقيم .
عبد الرحمن بن يوسف األفريقي
6/01سنة 0536هـ .
الحمد هلل الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره
المشركون ..وأشهد أن ال إله إال اهلل وحده ال شريك له له الملك و له الحمد ،وهو
ش
طعِ الَلهَ وَ رَسُو َلهُ وَ َيخْ َ
على كل شيء قدير ،القائل في كتابه العزيز { َو مَن يُ ِ
الَلهَ وَ يَ َت ْقهِ َفأو ْولَئِكَ هُمُ ا ْلفَائِزُونَ } [النور ]21 :وأشهد أن محمدًا عبده و رسوله
المنزل عليه من اهلل عز وجل { يَا أَيُهَا الَذِينَ آمَنوواْ أَطِيعُواْ الَلهَ وَ أَطِيعُواْ الرَسُو َل
3
عمَالََومْ } [محمد ]11 :أي بمخالفتكم سنة نبيه الذي سنّها لكم ،
طلوواْ أَ ْ
وَال توبْ ِ
وبارتكابكم المنكرات و البدع و على آله وصحبه أجمعين إلى يوم الدين .
أما بعد :فيا أخي المحترم ،قد وصلت إلى وثيقتكم ،و قرأتها و فهمت ما
ذكرتموه .وها أنا أكتب لكم جوابها إن شاء اهلل تعالى .و به نستعين .
قواعد اإلسالم
اعلموا أن اهلل تعالى قرر القواعد لكل مسلم وقالَ { :ومَا آتَاَومُ الرَسُولو َفخوذوو ُه
َومَا نَهَاَومْ عَ ْنهُ فَانتَهُواْ وَا َتقوواْ اللَهَ إِنَ الَلهَ شَدِي ُد الْ ِعقَابِ} [الحشر ]7 :وقالَ { :ومَن
[النساء: خ ْلهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا َولَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ}
يَعْصِ اللَهَ وَرَسُو َلهُ وَيَتَعَدَ حُدُودَهُ يُدْ ِ
[الجن: ]41وقالَ { :ومَن يَعْصِ الَلهَ وَرَسُو َلهُ َفإِنَ َلهُ نَارَ جَهَنَمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا}
]11وقالَ { :فلْيَحْذَرِ الَذِينَ يُخَا ِلفوونَ عَنْ َأمْرِهِ أَن توصِيبَهُمْ فِتْ َنةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ
ك فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثو َم َال
ن حَ َتىَ يُحَ َِمُو َ
ال وَ رَبِكَ الَ يُ ْؤمِنوو َ
َألِيمٌ} [النور ]51 :وقال{ :فَ َ
سلِيمًا} [النساء ]52 :ولذا قال رسول
سِلمُواْ تَ ْ
يَجِدُو ْا فِي أَنفوسِهِ ْم حَرَجًا ِممَا قَضَ ْيتَ وَ يُ َ
اهلل صلّى اهلل عليه و سلّم" :و الذي نفسي بيده ال يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعًا
لما جئت به" رواه البغوي في شرح السنة و النووي في األربعين بسند صحيح)1(.
المسلم الحقيقي
عُلم بتلك اآليات القرآنية واألحاديث النبوية :أن المسلم ال يكون مسلمًا وال
مؤمنًا إال إذا اعتصم بالكتاب والسنة ،في العقائد والفرائض والسنن واألقوال
واألعمال واألفعال واألذكار ،على وجه التسليم والرضا واإلخالص ،ظاهرًا
وباطنًا ،خاصة عند المعارضة والمقابلة يقدم قول النبي صلّى اهلل عليه وسلّم على
أقوال جميع أهل األرض كائنًا من كان ،وأذكاره صلّى اهلل عليه وسلّم على جميع
األذكار الواردة عن المشايخ أهل الطرق وغيرهم ،ويعرض تلك األوراد على
الكتاب والسنة فإن وافقتهما عمل بها ،وإال فال .ويقف على األذكار الواردة عن
النبي صلّى اهلل عليه وسلّم فحينئذ يكون المسلم مسلمًا حقيقيًا طائعًا هلل و رسوله.
قال تعالى { :اتَبِعُواْ مَا أونزِلَ ِإلَيَْوم مِن رَبَِومْ وَ الَ تَتَبِعُواْ مِن دُو ِنهِ أَ ْولِيَاءَ }
4
[آل [األعراف ]1 :و قال تعالىَ { :و مَن يَعْتَصِم بِاللَهِ َفقَدْ هُدِ َ ِإلَى صِرَاطٍ مُسْ َتقِيمٍ }
عمران.]484 :
تقسيم البدعة
والبدعة تنقسم إلى دينية ودنيوية .فكل بدعة في الدين ضاللة ،كما نص عليه
الرسول صلّى اهلل عليه وسلّم وأصحابه رضي اهلل عنهم أجمعين ،فال يجوز لمسلم
أن يغيّر ويؤول ما قاله الرسول صلّى اهلل عليه وسلّم ،أو يعمل عمالً ،أو يقول
قوالً أو يأخذ وردًا ليس عليه أمره صلّى اهلل عليه وسلّم أو يدخل في طريق غير
طريق النبي صلّى اهلل عليه وسلّم فذلك كله بدعة ضاللة ،وصاحبها في النار بال
شك ،بدليل ما أخبر به النبي صلّى اهلل عليه وسلّم حيث يقول" :من عمل عمال
ليس عليه أمرنا فهو ردّ" رواه مسلم عن عائشة ،وقال أيضًاَ" :ل بدعة ضاللة
وَل ضاللة في النار" أي صاحبها.
5
وأما البدعة في المصالح الدنيوية :فال حرج في ذلك ،ما دامت نافعة غير ضارة
في الدين ،وال فيها ارتكاب محرم ،أو هدم أصل من أصول الدين ،لقول النبي
صلّى اهلل عليه وسلّم في حديث رافع بن خديج الذي رواه مسلم ،قال في آخره:
"إنما أنا بشر إذا أمرتَم بشيء من أمر دينَم فخذوه ،وإذا أمرتَم بشيء من
رأيي فإنما أنا بشر".
6
إن اهلل ال يقبل عمل صاحب بدعة حتى يدعها
اعلم يا أخي ،أن البدعة ال يقبل اهلل معها عبادة ،من صالة وصيام وحج وزكاة
وغير ذلك ،ويخرج صاحبها من الدين كما تخرج الشعرة من العجين ،ومُجالس
صاحبها تنزع منه العصمة ،ويوكل إلى نفسه ،والماشي إليه وموقره معين على
هدم اإلسالم .كذا ذكر الشاطبي في االعتصام.
وروي عن األوزاعي أنه قال :كان بعض أهل العلم يقول :ال يقبل اهلل من ذي
بدعة صالة وال صيامًا وال حجًا وال عمرة وال صدقة وال صرفًا وال عدالً .وقد
رواه ابن ماجه عن النبي صلّى اهلل عليه وسلّم فروى عن ابن عباس قال :قال
رسول اهلل صلّى اهلل عليه وسلّم" :أبى اهلل أن يقبل عمل صاحب بدعة حتى يدع
بدعته" وذكر مثل هذه األحاديث الشيخ عبد القادر الجيالني البغدادي في كتاب
"غنية الطالبين" وكان أيوب السختياني يقول :ما ازداد صاحب بدعة اجتهادًا إال
ازداد بعدًا من اهلل .وفي صحيح مسلم عن ابن مسعود رضي اهلل عنه "ولو ترَتم
سنة نبيَم لضللتم – الحديث".
فتأملوا كيف جعل ترك السنة ضاللة .وفي رواية "لو ترَتم سنة نبيَم صلّى
اهلل عليه وسلّم لَفرتم" وهو أشدّ في التّحذير .وفي رواية أن النبي صلّى اهلل عليه
وسلّم قال" :إنّي تارك فيَم ثقلين ،أولهما َتاب اهلل ،فيه الهدى والنور من
استمسك به وأخذ به َان على الهدى ،ومن أخطأه ضل" وفي رواية "من اتبعه
َان على الهدى ومن ترَه َان على ضاللة" .وقال أبو هريرة رضي اهلل عنه :إن
الرسول صلّى اهلل عليه وسلّم قال" :سيَون في أمتي دجالون َذّابون ،يأتونَم
ببدع من الحديث لم تسمعوه أنتم وال آباؤَم ،فإياَم وإياهم ،ال يفتنونَم" وفي
الترمذي :أنه عليه الصالة والسالم قال" :من أحيا سنة من سنتي قد أميتت بعد
فإن له من األج ر مثل أجر من عمل بها ،من غير أن ينقص ذلك من أجورهم
شيئًا ،ومن ابتدع بدعة ضاللة ال ترضي اهلل وال رسوله َان عليه مثل وزر من
عمل بها ،ال ينقص ذلك من أوزارهم شيئًا" قال الترمذي حديث حسن.
7
وفي حديث معاذ مرفوعًا "إذا حدث في أمتي البدع ،وشُتم أصحابي َفلْ ُيظْ ِه ِر
العَالِ ُم علمه ،فمن لم يفعل فعليه لعنة اهلل والمالئكة والناس أجمعين" ذكره اآلجري
من طريق الوليد بن مسلم في كتاب السنة .وعن الحسن قال :صاحب البدعة ال
يزداد اجتهادًا – صيامًا وصالة – إال ازداد من اهلل بعدًا.
وقال الفضيل بن عياض :اتبع طريق الهدى ،وال يضرك قلة السالكين ،وإياك
وطرق الضاللة وال تغتر بكثرة الهالكين.
ج ابن وهب عن
وعن أبي قالبة :ما ابتدع رجل بدعة إال استحل السيف .وخَ َر َ
سفيان قال :كان رجل فقيه ،يقول ما أحب أني هديت الناس كلهم وأضللت رجالً
واحدًا.
وقال ابن سيرين :أسرع الناس ردّة أهل األهواء.
وعن يحيى بن أبي كثير قال :إذا لقيت صاحب بدعة في طريق فخذ في طريق
آخر.
وعن بعض السلف :من جالس صاحب بدعة نزعت منه العصمة و وكّل إلى
نفسه.
وقال الفضيل بن عياض :من جلس مع صاحب بدعة لم يعط الحكمة.
كذا ذكر الشاطبي في كتابه "االعتصام" عنهم.
والبدعة :هي السبب في إلقاء العداوة والبغضاء بين الناس ،ألن كل فريق يرى
أن طريقته خير من طريقة صاحبه ،ويبغض بعضهم بعضًا حتى قال التيجانيون:
ال يجوز زيارة من ليس على طريقتهم .وأنكروا في ذلك قول اهلل تعالى{ :إِنَمَا
ا ْلمُ ْؤمِنوونَ إِخْوَةٌ} [الحجرات ]48 :وأنكروا األحاديث الواردة في زيارة اإلخوان.
أفنترك العمل باآلية الكريمة واألحاديث الواردة في ذلك لقول أحد كائنًا من كان؟
اللهم ال .والفرقة من أخسّ أوصاف المبتدعة ولوازمها .ألنه خروج عن حكم اهلل،
و تفريق لجماعة أهل اإلسالم.
8
والنبي صلّى اهلل عليه وسلّم بريء منه ،لما روي أنه صلّى اهلل عليه وسلّم قال:
"حلّت شفاعتي ألمتي ،إال صاحب بدعة" ذكره الشاطبي في االعتصام .والبدعة
رافعة للسنن التي تقابلها ،ليس لصاحبها توبة .لقول النبي صلّى اهلل عليه وسلّم:
"إن اهلل حجر التوبة عن َل صاحب بدعة" كذا في الشاطبي .وهو ملعون شرعًا،
لقوله صلّى اهلل عليه وسلّم" :من أحدث حدثا أو آوى مُحدثا فعليه لعنة اهلل
والمالئَة والناس أجمعين" ذكره الشاطبي عن مالك.
ومعلوم لكل ذي لب :أن هذه الطرق كلها محدثة ألن ما لم يكن في زمن النبي
صلّى اهلل عليه وسلّم دينًا فهو بدعة باتفاق السلف والخلف ،ويبعد صاحبها عن
حوض النبي صلّى اهلل عليه وسلّم لحديث رواه مالك في الموطأ ولفظه "فليذادن
رجال عن حوضي َما يذاد البعير الضال ،أناديهم :أال هلمّ هلم ،فيقال :إنهم قد
بدّلوا بعدك .فأقول :فسحقا ،فسحقا فسحقا".
وقد تبرأ اهلل ورسوله من أصحاب البدعة ،قال تعالى{ :إِنَ الَذِينَ فَرَقوواْ دِينَهُمْ
يءٍ} [األنعام ]421 :وفي الحديث "أنا بر ء منهم ،هم
ستَ مِنْهُمْ فِي شَ ْ
وَََانوواْ شِيَعًا لَ ْ
براء مني" ذكره الشاطبي في االعتصام.
وعن يحيى بن أبي عمر الشيباني قال :كان يقال :يأبى اهلل لصاحب بدعة بتوبة،
وما انتقل صاحب بدعة إال إلى شر منها .و قال عمر بن عبد العزيز" :سنّ
رسول اهلل صلّى اهلل عليه و سلّم سننًا ،و سنّ والة األمر من بعده سننًا ،األخذ بها
تصديق لكتاب اهلل و استكمال لطاعة اهلل وقوة على دين اهلل .ليس ألحد تغييرها وال
تبديلها ،وال النظر في شيء خالفها .من عمل بها مهتد ،ومن انتصر بها منصور،
ومن خالفها اتبع غير سبيل المؤمنين ،وواله اهلل ما تولى وأصاله جهنم وساءت
مصيرًا" .ومما يعزى ألبي إلياس األلباني" :ثالث لو كتبن في ظفر لوسعهن.
وفيهن خير الدنيا واآلخرة :اتبع ال تبتدع :اتضع ال ترتفع .و من ورع ال يتسع".
كذا في الشاطبي عنهم و اآلثار هنا كثيرة جدًا.
و حاصله :أن صاحب البدعة ال توبة له .ألنه إذا خرج عنها إنما يخرج إلى ما
هو شرّ منها ،كما في حديث أبي ذر رضي اهلل عنه :أن النبي صلّى اهلل عليه
وسلّم قال " :سيَون من أمتي قوم يقرءون القرآن ال يجاوز حالقيمهم ،يخرجون
9
من الدين َما يخرج السهم من الرمية ثم ال يعودون فيه هم شرّ الخلّق
والخليقة".
فهذه شهادة :أن المبتدع ال توبة له ،وسبب بعده عن التوبة :أن الدخول تحت
أوامر الشريعة صعب على النفس :ألنه أمر يخالف الهوى ،ويصد عن سبيل
الشهوات فيثقل عليها جدًا ،ألنّ الحق ثقيل ،والنفس إنما تنشط بما يوافق هواها ال
بما يخالفه .وكل بدعة فللهوى فيها مدخل ،ألنها راجعة إلى نظر مخترعها ،ال إلى
ن له ما تمسك
سُحِ
نظر الشارع .فكيف يمكنه الخروج عن ذلك ،ودواعي الهوى تُ َ
به ،فتراه منهمكًا في أوراده ليالً ونهارًا ،ال يفتر عن ذلك ،ومع ذلك فمثواه النار.
قال تعالى { :وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَاشِ َعةٌ ،عَا ِم َلةٌ نَاصِبَة ٌ ،تَصْلَى نَارًا حَامِيَة }
عمَاال ،الَذِينَ ضَلَ سَعْيُهُمْ فِي
[الغاشية ]1 ،1 ،1 :وقال{ :قولْ هَلْ نونَبِئوَوم بِاألَخْسَرِينَ أَ ْ
الْحَيَاةِ الدُنْيَا َوهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَهُمْ يُحْسِنوونَ صُنْعًا} [الكهف ]481 ،481 :وما ذاك إال
لخليقة يجدونها في ذلك االلتزام ،ويرى أن أعماله أفضل من أعمال غيره ،أفيفيد
البرهان مطلبًا؟ { ََ َذلِكَ يُضِ ُل اللَ ُه مَن يَشَاءُ وَيَهْ ِد مَن يَشَاءُ } [المدثر.]14 :
عُلم مما تقدّم أن المبتدع ال توبة له ،وحينئذ يُخَافُ عليه سوء الخاتمة والعياذ
باهلل ،ألنه مرتكب إثمًا ،عاصٍ اهلل تعالى ،فيُخْشى عليه عند موته أن يستفزه
الشيطان ،ويغلبه على قلبه ،حتى يموت على التغيير والتبديل حيث كان مطيعًا له
فيما تقدّم من زمانه.
فلنقتصر على ما ذكرنا و باهلل التّوفيق .
11
فكل من أحدث بدعة – وكان ممن يعقل – يعلم علمًا ضروريًا أنه ما آمن بقول
ت لََومْ دِينََومْ }...اآلية ،إذ لو آمن بها ما ابتدع.
اهلل تعالى{ :الْيَوْمَ أَ َْ َملْ و
و ذكر ابن وهب عن أبي هريرة رضي اهلل عنه أن رسول اهلل صلّى اهلل عليه
وسلّم قال" :سيَون من أمتي دجالون َذابون ،يأتونَم ببدع من األحاديث لم
تسمعوه أنتم وال آباؤَم .فإياَم و إياهم ال يفتنونَم" رواه ابن وضاح.
و عن عائشة رضي اهلل عنها قالت" :من أتى صاحب بدعة فقد أعان على هدم
اإلسالم" وروى مسلم نحو األول.
وعن ابن مسعود رضي اهلل عنه "أنه رأى جماعة يجلسون في المسجد و بينهم
رجل يقول لهم :سبحوا اهلل كذا و كذا ،واحمدوا اهلل كذا و كذا ،و كبروا اهلل كذا
و كذا .فقال لهم :و اهلل لقد جئتم ببدعة ظلمًا ،أو فقتم محمدًا و أصحابه علمًا".
إنكارًا عليهم .رواه الدارمي.
وهذا عين الطريقة التيجانية وغيرها من الطرق الصوفية ،إنما أنكر عليهم ألنهم
اشتقوا ألنفسهم صفة في الذكر لم تكن في زمن النبوة.
فعليكم باتباع نبيكم ،وترك كل ما أحدثه المحدثون .ألن اإليمان ال يكمل إال
بالقول ،وال قول إال بالعمل ،وال عمل إال بالنية .فال إيمان وال قول وال عمل وال
نية إال بموافقة السنة النبوية ،كما قال ابن أبي زيد القيرواني في رسالته ،فسبحان
اهلل العظيم ،تقرءون في الرسالة ليالً ونهارًا وال تفهمون معناها .بماذا تفسرون
قوله" :وترك كل ما أحدثه المحدثون" وبماذا تفسرون قوله" :إال بموافقة السنة"؟
وهل هذه الطريقة التيجانية كانت في زمن النبي صلّى اهلل عليه وسلّم؟ فإن لم تكن
في زمنه كانت مما أحدثه المحدثون .ومن ادعى أنها كانت في زمان النبوة فليأت
بالبرهان .وتاريخ موت صاحبها الذي ابتدعها لدينا محفوظ ،وإن اهلل لم يكلف نبيه
صلّى اهلل عليه و سلّم بعد الموت بشيء ما ،ولم يترك شيئًا مما أمر بتبليغه إال بََلغَ ُه
في حياته .انظر تفسير سورة النصر .ال كما يزعم التيجانيون.
11
قال تعالى{ :إِذْ تَبَرَأَ الَذِينَ اتُبِعُواْ مِنَ الَذِينَ اتَبَعُواْ وَرَأَوُاْ الْعَذَابَ وَ َتقَطَ َعتْ بِهِمُ
األَسْبَابُ} [البقرة ]455 :معناه :تبرأ الذين كانوا يزعمون أنهم يتبعونهم في الدنيا لما
رأوا العذاب ،وتقطعت بهم األسباب ،يعني المحبة التي كانت بينهم في الدنيا – كذا
قاله ابن عباس .فلما رأوا ذلك قالوا{ :لَوْ أَنَ لَنَا ََرَة} أي رجعة في الدنيا { َف َن َتبَرََأ
مِنْهُمْ ََمَا تَبَرَؤوو ْا مِنَا}.
أيها اإلخوان :انبذوا هذه الطريقة التيجانية وغيرها وراء ظهوركم قبل نزول
هذه الندامة ،التي قال اهلل في أصحابها { َومَا هُم بِخَارِجِينَ مِنَ النَارِ} ألن كل من
اتبع أحدًا في شيء ما أنزل اهلل به من سلطان – أي من حجة – تبرأ المتبوع منه
يوم القيامة ،وأنى لهم الكَ َرة ؟ هيهات هيهات.
أخبر اهلل سبحانه وتعالى عن قوم ،يوم القيامة {وَقَالووا رَبَنَا إِنَا أَطَعْنَا سَادَتَنَا
ضلُونَا السَبِيالْ ،رَبَنَا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذَابِ وَالْعَنْهُمْ لَعْنا ََبِيرًا}
وََوبَرَاءَنَا َفأَ َ
[األحزاب ]51 ،57 :قال الشوكاني في تفسيره :المراد بالسادة والكبراء ،هم الرؤساء
والقادة الذين كانوا يمتثلون أمرهم في الدنيا ويقتدون بهم .اهـ .وفيه وعيد صريح
لكل من يتبع أحدًا في البدع والضالالت ،ألن قولهم هذا ال ينفعهم يوم القيامة.
إخواني :أنعموا النظر ،واستعملوا عقولكم في معنى هذه اآلية .وال أظن أنه يفهم
معناها عالم غيور في دينه راغب في سنة نبيه ثم يتمسك ببدعة ،مستدالً بقوله :لو
كانت باطلة ما فعلها فالن وفالن ،وهذا عين قوله تعالى{ :وَقَالووا رَبَنَا إِنَا َأطَعْنَا
سَادَتَنَا وََوبَرَاءَنَا} اآلية ،وال نفع لهم في ذلك ،والعالم الحقيقي ال يأخذ بقول أحد إال
بعد عرض ما يأخذه على الكتاب والسنة.
قال ابن كثير ،عند تفسير هذه اآلية :قال طاوس :سادتنا يعني أمراءنا ،وكبراءنا
يعني علماءنا .رواه ابن أبي حاتم ،أي اتبعنا السادة ،وهم األمراء والكبراء من
المشيخة ،وخالفنا الرسول واعتقدنا أن عندهم شيئًا وأنهم على شيء ،فإذا هم ليسوا
ن مِنَ الْعَذَابِ} أي بكفرهم وإغوائهم إيانا {وَالْعَنْهُ ْم لَعْنا
على شيء {رَبَنَا آتِهِمْ ضِ ْعفَيْ ِ
ََبِيرًا}.
12
قال اهلل تعالى{ :اتَخَذوواْ أَحْبَا َرهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِن دُونِ اللَ ِه} [التوبة ]14 :قاله
ردًا على اليهود والنصارى ،وكل من فعل فعلهم .فاآلية حجة عليهم .وجاء في
تفسيرها في الحديث عن عدي بن حاتم رضي اهلل عنه "أنه سمع النبي صلّى اهلل
عليه وسلّم يقرأ هذه اآلية ،فقال للنبي صلّى اهلل عليه وسلّم :إنا لسنا نعبدهم .قال
عليه الصالة والسالم :أليس يحرمون ما أحل اهلل فتحرمونه ويحلون ما حرم اهلل
فتحلونه ؟ فقلت :بلى .قال :فتلك عبادتهم" رواه أحمد والترمذي.
تفكروا يا إخواني في معنى هذه اآلية ،فإنها عبرة لكل من اتبع سادته وكبراءه
في حدث وباطل .فال بد من التفكير والتفقه في الدين "من يرد اهلل به خيرًا يفقهه
في الدين" ،وهو نظير قوله تعالىَ { :فمَن يُرِدِ اللَهُ أَن يَهْدِ َيهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ
لِإلِسْالَمِ} [األنعام ]412 :أي يفهمه أمور دينه ليفرق بين السنة والبدعة { َومَن يُرِدْ أَن
سمَاءِ} [األنعام ]412 :أي يجعل
ضَلهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِقا حَرَجًا ََأَ َنمَا يَصَعَدُ فِي ال َ
يُ ِ
على قلبه أكنة ال يقبل شيئًا من أمور اإلسالم الصحيح.
و الذي نرشدكم إليه هو صراط اهلل المستقيم .جعلنا اهلل و إياكم ممن سمع الحق
و اتبعه .آمين .
العقيدة األولى
13
قال في جواهر المعاني ( :إن هذا الورد ادخره رسول اهلل صلّى اهلل عليه وسلّم
لي و لم يُ َعِلمْ ُه ألحد من أصحابه) – إلى أن قال ( :-لعلمه صلّى اهلل عليه وسلّم
بتأخير وقته ،وعدم وجود من يظهره اهلل على يديه) .وكذا في الجيش (ص.)14
ففي قوله :ادخره لي ولم يعلمه ألحد من أصحابه ردّ على قوله تعالى { :يَا أَيُهَا
الرَسُولو بَِلغْ مَا أونزِلَ إِلَيْكَ مِن رَبِكَ } [المائدة .]57 :ومعلوم أن الكتمان محال على
األنبياء والرسل ،ألنه خيانة لألمانة .وقال ابن عاشر المالكي في توحيده:
يحق تبليغهم أمانة الصدق الكرام للرسل يجب
ذكي يا التبليغ كعدم المنهي و الكذب محال
وال شك أن نسبة الكتمان إليه صلّى اهلل عليه وسلّم كفر بإجماع العلماء .وفي
قوله :عدم وجود من يظهره اهلل على يديه تفضيل لنفسه على أبي بكر الصديق
رضي اهلل عنه ،حيث ال يقدر أن يحمل هذا الورد .وهذا كالم في غاية الفساد ،بل
في غاية الوقاحة.
العقيدة الثانية
قال في جواهر المعاني( :إن المرة الواحدة من صالة الفاتح تعدل كل تسبيح
وقع في الكون ،وكل ذكر ،وكل دعاء كبير أو صغير ،وتعدل تالوة القرآن ستة
آالف مرة) "ص "15طبع مطبعة التقدم العلمية الطبعة األولى.
وهذا كفر وردّة ،وخروج عن الملّة اإلسالمية .وهل يبقى في الدنيا مسلم ال
يكفر قائل هذا القول ؟ بل من لم ينكر عليه ورضي به فهو كافر في نفسه،
يستتاب .فإن تاب وإال قتل .
أليس قد جعل اهلل لكم عقوالً تعقلون بها ؟ أفال تتفكرون ؟ و أي شيء يكون
أفضل من القرآن ؟ وهل ينزل اهلل على رجل شيئًا بعد النبي صلّى اهلل عليه وسلّم
فضالً أن يكون خيرًا من القرآن ؟ إن هذا لشيء عجاب.
و أظن قائل هذا القول ما درى بمحمد صلّى اهلل عليه وسلّم ،وما درى بما جاء
به محمد .ولم يدر لِ َم ُب ِعثَ محمد صلّى اهلل عليه و سلّم!!.
14
فداك أبي وأمي يا رسول اهلل .لقد أديت األمانة ،وبلغت الرسالة ،وجاهدت في
اهلل حتى أتاك اليقين .جزاك اهلل عنا أفضل ما جزى نبيًا عن أمته .أشهد أنك خاتم
سخَ إلى يوم القيامة ،ولم يأت بعدك
األنبياء ،وشريعتك ناسخة لكل شريعة ولن تُنْ َ
أحد قط بمثل ما جئتَ به ،وأشهد أن من ادعى أن هناك وحيًا ينزل ،أو يوحى إليه
علَى اللَهِ الََْ ِذبَ الَ يُ ْفلِحُونَ مَتَاعٌ
فقد أعظم الفرية على اهلل { إِنَ الَذِينَ َيفْتَرُونَ َ
َقلِي ٌل وَ لَهُ ْم عَذَابٌ َألِيمٌ } [النحل.]447 ،445 :
أفال تعظمون كتاب ربكم ؟
أيها الناس اتركوا هذه الطريقة الكفرية التي هي أفضل من القرآن في زعم
قائلها .فنعوذ باهلل من كل شيطان مارد ،آمِ ٍر بمثل هذا .وهل أنتم تعبدون اهلل
بشيء أفضل من القرآن ،إذن واهلل فقد فضلتم على النبي صلّى اهلل عليه وسلّم
وأصحابه ،ألنهم ما عبدوا اهلل بشيء أفضل من القرآن ،ولقد كان صلّى اهلل عليه
وسلّم يجعل لنفسه وردًا كل ليلة من القرآن ،وهكذا أصحابه رضوان اهلل تعالى
عليهم أجمعين وقال صلّى اهلل عليه وسلّم" :أفضل ما قلته أنا والنبيون من قبلي :ال
إله إال اهلل – الحديث" إلخ :وقد ثبت أنه قال" :فضل كالم اهلل على كالم الخلق
كفضل اهلل على خلقه" رواه الترمذي وغيره.
أليس هذا صدًا للجهال العوام عن القرآن ؟ وهل يتمسك بهذه الطريقة بعد ما
سمع أنها أفضل من القرآن إال جاهل بكتاب اهلل و سنة رسوله ؟.
و هل يستقر في عقل صحيح كون مرة واحدة من صالة الفاتح أفضل من ذكرٍ
واحدٍ وَ َر َد عن النبي صلّى اهلل عليه و سلّم ،فضالً عن جميع األذكار التي وقعت
في الكون ؟ أفال تعقلون ؟؟.
تاهلل لقد جمعت هذه الطريقة كل جهول غبي بعيد عن الدين.
أيها الناس :أما كان آدم ونوح وموسى وعيسى ومحمد عليهم الصالة والسالم
أجمعين يذكرون اهلل ؟ وهل يكون مبتدعُ هذه الطريقة أفضل من هؤالء األنبياء ؟
كال وحاشا ،فإنا هلل وإنا إليه راجعون .
العقيدة الثالثة
15
قال في اإلفادة( :من لم يعتقد أنها – أي صالة الفاتح – من القرآن لم يصب
الثواب فيها) "ص."18
ونحن نقول :من اعتقد أنها من القرآن فقد كفر كفرًا ظاهرًا .ألن اهلل ال ينزل
الوحي إال على األنبياء ،وهذه الصالة لم نجدها في كتاب اهلل ،وال حتى في حديث
موضوع عن رسول اهلل صلّى اهلل عليه وسلّم .فهل الذي نزلت عليه صالة الفاتح
نبي أو ولي ؟ فإن كان وليًا فالولي ال ينزل عليه الوحي.
و الناس في هذه الطريقة فرقتان :فرقة إن اعتقدت أنها من القرآن خرجت عن
الملة اإلسالمية ،والثانية :إن اعتقدت أنها ليست من القرآن ،خرجت عن
طريقتهم ،ألنها ليس لها ثواب فيها.
العقيدة الرابعة
قال في اإلفادة األحمدية "ص( : "71يوضع لي منبر من نور يوم القيامة ،
وينادي منادي حتى يسمعه كل من في الموقف :يا أهل الموقف هذا إمامكم الذي
كنتم تستمدون منه من غير شعوركم) و ذكره أيضًا في كتابهم بغية المستفيد
"ص."471
وهذا القائل قد نصب نفسه في مقام النبوة ،ألن النبي صلّى اهلل عليه وسلّم هو
خطيبهم يوم القيامة ،كما ذكره الترمذي عن أنس بن مالك .و في قوله تصريح
بأن األنبياء و الرسل كانوا يستمدون منه ،ألنهم شملهم الموقف ،و هذا محال ،
و ال يقوله إال من ادعى الربوبية .
العقيدة الخامسة
قال في جواهر المعاني "ص( :"482ال تقرأ جوهرة الكمال إال بالطهارة
المائية).
أقول :هذا كتاب اهلل تجوز قراءته بالطهارة وبغيرها كما كان صلّى اهلل عليه
وسلّم وأصحابه يقرءون القرآن على غير وضوء.
16
وهذا تشريع جديد لم يأذن به اهلل تعالى و ال رسوله صلّى اهلل عليه و سلّم.
وفساد هذا القول يغني عن الخوض فيه .
العقيدة السادسة
قال في اإلفادة األحمدية "ص ( :"27نهاني رسول اهلل صلّى اهلل عليه و سلّم عن
التوجه باألسماء الحسنى ،و أمرني بالتوجه بصالة الفاتح )!!
و هذا عين الضالل والكفر ،إذ كيف ينهى رسول اهلل صلّى اهلل عليه وسلّم
عن شيء أمره اهلل تعالى به في قوله { :و َلِلَهِ األَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا }
وهذا أيضًا كذب على رسول اهلل صلّى اهلل عليه وسلّم وجرأة على الشريعة
المحمدية.
العقيدة السابعة
قال في جواهر المعاني "ص 412ج ( :"1إن وليًا – وذكر اسمه – كان كثيرًا
ما يلقى النبي صلّى اهلل عليه وسلّ ،و يعلمه الشعر ) .كيف ؟ و قد قال اهلل تعالى:
{ َو مَا عََلمْنَاهُ الشِعْرَ وَ مَا يَنبَغِي َلهُ } [يس ]51 :و هذا كذب على رسول اهلل صلّى
اهلل عليه و سلّم و افتراء عليه .
العقيدة الثامنة
قال في جواهر المعاني "ص ( :"478من حصل له النظر فينا يوم الجمعة أو
االثنين يدخل الجنة بغير حساب و ال عقاب ) .وفي بغية المستفيد ( :و لو كان
كافرًا يختم له باإليمان ) .انظر يا أخي إلى سخافة هذا القول وجرأته قال تعالى:
علْمٍ} [األنعام ]411 :إنه
علَى اللَهِ ََذِبًا لِيُضِلَ النَاسَ بِغَيْرِ ِ
الَمُ ِممَنِ افْتَرَى َ
{ َفمَنْ أَ ْ
جعل نفسه أفضل من األنبياء ،و لقد قعد رسول اهلل صلّى اهلل عليه وسلّم مع عمه
أبي طالب سنين ومع ذلك مات كافرًا ،و نظر أبو جهل إلى رسول اهلل صلّى اهلل
عليه و سلّم و مع ذلك مات كافرًا .و مات ابن نوح عليه السالم كافرًا ،و مات أبو
إبراهيم عليه السالم كافرًا ،و لم ينفع أحدًا منهم نظر و ال صحبة.
17
وقال في اإلفادة األحمدية (ص )18ما نصه( :طائفة من أصحابنا لو اجتمع
أكابر أقطاب هذه األمة ما وزنوا شعرة من أحدنا).
وفي شرح منية المريد (ص:)471
المتبع النبي أمة أقطاب طائفة من صحبة لو اجتمع
منها .فكيف باإلمام الفرد ؟ فرد من شعرة وزنوا ما
انظر يا أخي إلى القول الشنيع والجرأة العظيمة ،حيث فضّل أصحابَ بدعته
على أصحاب النبي صلّى اهلل عليه وسلّم أكابر هذه األمة .نعم ال يقول هذا إال
جاهل بقدر أصحاب رسول اهلل صلّى اهلل عليه وسلّم أئمة الهدى ومصابيح األنام.
رضي اهلل تعالى عنهم أجمعين.
العقيدة التاسعة
قال صاحب الرماح ،الذي بهامش جواهر المعاني ،في الفصل الثاني والعشرين
(ص )421ما نصه:
( إنهم ال ينطقون إال بما يشاهدون ،ويأخذون عن اهلل ورسوله األحكام ،الخاص
للخاصة ال مدخل فيها للعامة ألنه صلّى اهلل عليه وسلّم كان يلقي إلى أمته األمر
الخاص) .قال شيخنا أحمد التيجاني كما في جواهر المعاني.
تبًا لهذه المقالة ،وبئس قائلها ومفتريها .وسواد ظالمها يغني عن الخوض فيها.
أقول :تفكر أيها العالم في هذه المقالة :هل أهل الطرق كانوا أنبياء؟ وانظر إلى
التناقض في كالمهم – ألنهم – بزعمهم الكاذب بعدما أخذوا عن اهلل تعالى ال
يحتاجون إلى الرسول لوجود التساوي بينهم في الدرجة أو يزيدون على األنبياء –
بزعمهم – ألن الرسل كانوا يأخذون عن اهلل تعالى بالوحي .وأَرْ َبابُ الطرق
يأخذون من اهلل – بزعمهم – بغير واسطة .لوجود من يقول منهم :إنه ينظر إلى
اللوح المحفوظ إذا أراد أن يأخذ حكمًا من األحكام ،وما ذلك إال لوح الشيطان
ف ا ْلقَوْ ِل غورُورًا} [األنعام.]441 :
ض زُخْرُ َ
{يُوحِي بَعْضُهُمْ ِإلَى بَ ْع ٍ
ك باألمر
وقال في الرماح في الفصل المذكور( :إن الكامل منهم ينزل عليه المَلَ ُ
والنهي).
18
أقول :أما كان يكفيهم أوامر القرآن ونواهيه؟ واهلل سبحانه وتعالى يقولَ { :ومَنْ
علَى اللَهِ ََذِبًا أَوْ قَالَ أووحِيَ ِإلَيَ َولَمْ يُوحَ إِلَ ْيهِ شَيْءٌ َومَن قَا َل
الَمُ ِممَنِ افْتَرَى َ
أَ ْ
غمَرَاتِ ا ْلمَ ْوتِ وَ ْلمَآلئِ ََةو
سأونزِلو مِثْلَ مَا أَنَزَلَ اللَهُ َولَوْ تَرَى إِذِ الاَا ِلمُونَ فِي َ
َ
بَاسِطوواْ أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُواْ أَنفوسََومُ الْيَوْمَ توجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا َونتومْ َتقوولوونَ عَلَى
حّقِ و َونتومْ عَنْ آيَاتِ ِه تَسْتََْبِرُونَ} [األنعام.]11 :
اللَ ِه غَيْ َر الْ َ
العقيدة العاشرة
قال في الرماح ،الفصل الثاني والثالثون (ص( :)144إن الشرط في طريقتهم
أن ال يلقن لمن له ورد من أوراد المشايخ إال إن تركه وانسلخ عنه ال يعود إليه
أبدًا) – إلى أن قال( :فال بد له من هذا الشرط وال خوف عليه من صاحبه أيًا كان
من األولياء األحياء واألموات وهو آمن من كل ضرر يلحقه في الدنيا واآلخرة ،ال
يلحقه ضرر ال من شيخه وال من غيره ،وال من اهلل وال من رسوله بوعد صادق
ال خلف فيه).
أقول :تفكر يا أخي واستعمل قريحتك في فهم هذا الكالم ألن فيه التحريض على
األمن من مكر اهلل ،وقد قال تعالى{ :أَ َف َأمِنوواْ مََْرَ اللَهِ فَالَ َي ْأمَنُ مََْرَ اللَهِ إِالَ ا ْلقَوْمُ
الْخَاسِرُونَ} [األعراف ]11 :ومعناها كما قال ابن كثير في تفسيره {أَ َف َأمِنوواْ مََْرَ اللَ ِه}
أي بأسه ونقمته وقدرته عليهم وأخذه إياهم في حال سَهْ ِو ِهمْ وغفلتهم { َ َال يَ ْأمَنُ مََْرَ
اللَهِ إِالَ الْقَوْمُ الْخَاسِرُون } ولهذا قال الحسن رحمه اهلل تعالى :المؤمن يعمل
بالطاعات وهو مشفق وَجِل خائف .والفاجر يعمل بالمعاصي وهو آمن .وفيه أيضًا
الحثّ على التفريق بين المسلمين ،والحال أن ربهم واحد ،ونبيهم واحد ،وكتابهم
واحد ففيم التفريق؟ وقد نهاهم اهلل عنه في قوله تعالى{ :وَالَ تََوونوواْ ََالَذِينَ َتفَرَقوو ْا
وَاخْ َت َلفوواْ مِن بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِنَاتو وَأووْلَـئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَاِيمٌ} [آل عمران:
]482انظر يا أخي إلى هذا التشريع الجديد ،واالفتراء على اهلل بما ال مزيد،
والمسارعة إلى نار عذابها شديد ،ومن ذلك يوقنون أن القصد من ذلك االختالف
دخول الجنة بغير حساب ،وال عقاب .قال تعالى{ :قولْ هَلْ نونَبِئوَومْ بِاألَخْسَرِينَ
عمَاال الَذِينَ ضَلَ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُنْيَا َوهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَهُمْ يُحْسِنوونَ صُنْعًا
أَ ْ
19
عمَالوهُمْ فَال ونقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ ا ْلقِيَامَةِ
طتْ أَ ْ
أوولَئِكَ الَذِينَ ََفَرُوا بِآيَاتِ رَبِهِمْ و ِلقَائِهِ فَحَبِ َ
سلِي هُزُوًا} [الكهف.]485 :
ك جَزَا وؤهُ ْم جَهَنَ ُم ِبمَا ََفَرُوا وَاتَخَذووا آيَاتِي وَرُ ُ
وَزْنا َذلِ َ
وتفسيرها كما في الجاللين:
عمَاال ،الَذِينَ ضَلَ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ
قوله تعالى{ :قولْ هَلْ نونَبِئوَومْ بِاألَخْسَرِينَ أَ ْ
الدُنْيَا} بطل أعمالهم { َوهُمْ يَحْسَبُونَ} يظنون {أَنَهُمْ يُحْسِنوونَ صُنْعًا} عمالً يجازون
عليه {أوولَئِكَ الَذِينَ ََفَرُوا بِآيَاتِ رَبِهِمْ} بدالئل توحيده من القرآن وغيره { َو ِلقَا ِئهِ}
عمَالوهُمْ} بطلت {فَال ونقِيمُ لَهُمْ
طتْ أَ ْ
أي وبالبعث والحساب والثواب والعقاب {فَحَبِ َ
يَوْمَ ا ْلقِيَامَةِ وَزْنا} أي ال نجعل لهم قدرًا { َذلِكَ} أي األمر الذي ذكرت من حبوط
سلِي هُزُوًا} أي
أعمالهم وغيره {جَزَا وؤهُمْ جَهَنَمُ ِبمَا ََفَرُواْ و اتَخَذووا آيَاتِي وَرُ ُ
مهزوءًا بهما .قال الشاطبي في االعتصام (ج 4ص )11قال اهلل تعالى { :قولْ هَلْ
عمَاال الَذِينَ ضَلَ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُنْيَا وَ هُمْ يَحْسَبُونَ َأنَهُمْ
نونَبِئوَومْ بِاألَخْسَرِينَ أَ ْ
يُحْسِنوونَ صُنْعًا } وما ذلك إال لخفة يجدونها في ذلك االلتزام ،ونشاط بداخلهم
يستسهلون به الصعب بسبب ما دخل النفس من الهوى .وإذا بدا للمبتدع ما هو
عليه رآه محبوبًا عنده الستعباده للشهوات ،وعمله من جملتها ،ورآه موافقًا للدليل
عنده ،فما الذي يصده عن االستمساك به ،واالزدياد منه ،وهو يرى أن أعماله
أفضل من أعمال غيره ،واعتقاداته أوفق و أعال ،أفيفيد البرهان مطلبًا { َفإِنَ اللَهَ
مَن يَشَاءُ} [فاطر ،]1 :وقال صلّى اهلل عليه وسلّم" :الدين يُضِلُ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِ
النصيحة قلنا :لمن ؟ قال :هلل و لَتابه و لرسوله و ألئمة المسلمين و عامتهم"
رواه مسلم .
إخواني :ال تستبعدوا التوبة ،و ال تأنفوا من االستغفار ،فقد كان صلّى اهلل
عليه وسلّم يستغفر كل يوم مائة مرة .و شروط التوبة مذكورة في قوله تعالى
عمِلَ صَالِحًا ثومَ اهْتَدَى } [طه ، ]11 :و قال تعالى:
{وَإِنِي لَ َغفَارٌ ِلمَن تَابَ وَ آمَنَ وَ َ
{ و َذََِرْ َفإِنَ الذَِْرَى تَن َفعُ ا ْلمُ ْؤمِنِينَ } [الذاريات ]22 :وما جمعت هذه العجالة إال
رغبة في أن يهدي اهلل تعالى بها و لو فردًا من المسلمين لقوله صلّى اهلل عليه
اهلل بك رجال واحدًا خير لك من حمر وسلّم لعلي رضي اهلل عنه" :ألن يهد
21
النعم" .و ما توفيقي إال باهلل ،عليه توكلت و إليه أنيب .وصلى اهلل على محمد
وعلى آله و صحبه أجمعين .
و هذا حاصل ما جمعته لكم من كتبهم نصيحة لكم و السالم.
21