‫أسرار‬

‫سورة الفاتحة‬

‫للشيخ الدكتور‬

‫محمد بن على الشنقيطي‬

‫الصفحة ‪1‬‬
 ‫صدقة جارية‬

‫عن روح والداي‬

‫وروح ‪ /‬الشهيد رائد سمير االخرس‬

‫وعن أرواح جميع‬
‫المسلمين والمسلمات‬
‫و المؤمنين والمؤمنات األحياء منهم‬
‫واألموات‬

‫الصفحة ‪2‬‬
 ‫ِبسْ ِم ه ِ‬
‫َّللا الره حْ َم ِن ال هرح ِِيم‬
‫مقــــــــدمة‬
‫في أسرار سورة الفاتحة‬

‫"إن الحمد هلل نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه‪ ،‬ونعوذ باهلل من شرور أنفسنا ومن‬
‫سيئات أعمالنا‪ ،‬من يهده للا فل مِ َّ له‪ ،‬ومن يِل َّ فل هادي له‪ ،‬وأشهد أن ل إله إل للا وحده ل‬
‫شريك له‪ ،‬وأشهد أن محمداً عبده ورسوله" صلّى للا عليه وسلم ‪.‬‬

‫فإن من أعظم القربات الى هللا تبارك وتعالى نشر الدعوة اإلسالمية وبث األحكام الدينية وخاصة‬
‫ما يتصل منها بالنواحي الفقهية ‪ ،‬حتى يكون الناس على بينة من أمرهم في عباداتهم وأعمالهم‬

‫وقد قال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم " ف َمن ُير ِد هللا ب ِه َخيراً ُي َفقه ُه في الدِين" والصحابة‬
‫وافر ‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫رضوان هللا عليهم لم يرثوا ديناراً وال درهما ً ‪ ،‬وأنما ورثوا العلم ‪ ،‬فمن أخذه أخذ َّ‬
‫بحظ‬

‫فهذا التفسير مقرونا ً بأدلة من الكتاب والسنة ‪ ،‬وقد عرض في يسر وسهولة ‪ ،‬وبسط واستيعاب‬
‫وفهم لكثير مما يحتاج إليه المسلم ‪ ،‬للتفقه في أمور دينه ‪ ،‬وبهذا يعطي صورة صحيحة للفقه الذي‬
‫بعث هللا ب ِه محمداً صلى هللا عليه وسلم ‪ ،‬وإن من ألطف األساليب وأنفعها وأقربها إلى القلوب‬
‫والعقول دراسة الفقه اإلسالمي وخاصة في العبادات وأحكام العبادات ‪ ،‬فى الدراسات العامة التي‬
‫تقدم لجمهور األمة ‪ ،‬والفوائد ما أتيحت لذلك الفرصة ‪ ،‬حتى يشعر القارئون المتفقهون بأنهم‬
‫موصولون باهلل ورسوله ‪ ،‬مستفيدين في اآلخرة واألولى ‪.‬‬

‫وفي ذلك حافز لهم على االستزادة من المعرفة واإلقبال علي العلم والغاية التي ترمي إليها‬
‫هذه الرسالة اإلسالمية لتزكية األنفس وتطهيرها عن طريق المعرفة باهلل وعبادته‪ ،‬العبادة الصحيحة‬
‫السليمة‪.‬‬
‫دي َن َنا ‪َ ،‬و َم ْن َفعة إِخواننا ‪َ ،‬و َن ْسأَل ُ َ‬
‫هللا َع َّز َو َجل َّ ِبأ َ ْس َمائِ ِه ا ْل ُح ْس َنى‬ ‫َوهَذ ِه ُم َح َاولة أَ َرد َنا ِب َها خدمة ِ‬
‫ى م ِِي ْزانَ َح ْس َناتِ َنا‬ ‫يم َو َي ْج َعل ُ أَ ْج ُرهُ ْف ِ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫َوصِ فاَتِ ِه ا ْل ُعلَى أنْ ينفعنا بها وأنْ َي ْج َعلَ ُه َخالِصا ً ل َِو ْج ِه ِه ا ْل َك ِر ِ‬
‫لدي َنا َوأَب َنائ َنا والمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات االحياء منهم واألموات‬ ‫ت َواْ ِ‬ ‫َو َح ْس َنا ِ‬

‫ار َك َعلَى َنبِ َّينا َ ُم َح َّم ٍد َو َعلَى آلِ ِه‬

‫سلَّ َم َو َب َ‬ ‫إِ َّن ُه َول ُِّى ذلِ َك َوه َُو َعلَى ُك ِل شىءٍ َقدير ‪َ .‬و َ‬
‫صلَّى هللا ُ َو َ‬
‫اب ِه أَ ْج َمعِينَ ‪.‬‬ ‫َوأَ ْ‬
‫ص َح ِ‬

‫الصفحة ‪3‬‬
 ‫أسرار سورة الفاتحة‬

‫ِبسْ ِم ه ِ‬
‫َّللا الره حْ َم ِن ال هرح ِِيم‬

‫ب ا ْل َعالَ ِمينَ ‪ ،‬والصالة والسالم على سيدنا محمد سيد األولينَ واآلخرين‪ ،‬وعلى‬ ‫"ا ْل َح ْم ُد ِ ِ‬
‫هلل َر ِ‬
‫آله وصحب ِه ومن اهتدى بهديه إلى يوم الدين " ‪.‬‬

‫أما بعد فإن أصدق الحديث كتاب هللا تبارك تعالى وأحسن الهدى هدى محمد صلى هللا عليه‬
‫وسلم وشر األمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضاللة‪ ،‬وكل ضاللة في النار‪.‬‬

‫بعير‬
‫لحملنا منها سبعين ً‬
‫يقول االمام على بن ابى طالب رضى هللا عنه ( لو اقبلنا على فاتحة الكتاب َ‬
‫ً‬
‫محملة بمعاني هذه السورة ‪.‬‬

‫ففي فاتحة الكتاب الدين كله ‪،‬وفيها شرح وبيان لكل الدين والقرآن ‪ ،‬فيها مراتب اإلسالم الثالثة‬
‫وأركانه الخمسه‪،‬وهي ‪ :‬الشهادتين ( لفظ الجالله هللا ) ‪ -‬الصالة – الزكاة – الصيام – الحج‬

‫وفيها اإليمان وأركانه الستة وهي ‪ :‬اإليمان باهلل – ومالئكته ‪ -‬وكتبه – ورسله – واليوم اآلخر‬

‫والقدر خيره وشره ‪.‬‬

‫وفيها اإلحسان ‪ ،‬وفيها الحالل والحرام ‪ ،‬وفيها األحكام كلها وما يتعلق بها‪.‬‬

‫ففيها التوحيد والعقيدة والعبادة واألخالق والمنهج والسلوك ‪ ،‬وفيها الحياة والموت والبعث‪.‬‬

‫فجاءت فاتحة الكتاب شرح وبيان للقرآن كله‪.‬‬

‫وال غرابة من أن يصنف االمام ابن القيم رحمه هللا كتابة مدارج السالكين فى منازل إِ َّيا َك َن ْع ُب ُد‬
‫وإِ َّيا َك َن ْس َت ِعينُ ويختصره فى مائة منزلة ‪.‬‬

‫ولقد ورد فى االثر أن هللا سبحانه وتعالى أنزل مائه وأربعة كتب جمع ما فيها كلها في أربعة‬
‫كتب هي التوراة واإلنجيل والزابور القرآن وجمع جميع ما فى الكتب في كتاب واحد وهو القرآن‬
‫وجمع ما فى القرآن فى سورة واحدة هي فاتحة الكتاب وجمع ما في السورة الواحدة الفاتحة فى‬
‫اك نَ ْعب ُد وإِيَّ َ ِ‬
‫ين ‪ ،‬إذاً خالصة ما أنزل هللا من الكتب كلها وخالصة الرسل‬
‫اك نَ ْستَع ُ‬ ‫آية واحدة منها وهى إِيَّ َ ُ َ‬
‫اك نَ ْعب ُد وإِيَّ َ ِ‬
‫ين‪.‬‬
‫اك نَ ْستَع ُ‬ ‫كلهم فى أيه واحدة ‪ ،‬وهى إِيَّ َ ُ َ‬

‫الصفحة ‪4‬‬
 ‫مقدمة ‪ :‬في شرح بعض أسرار هذه السورة ‪:‬‬

‫أن أول ما نزل من القرآن " أقرأ ِبا ْس ِم َر ِب َك ال ِذى َخلَقَ " ‪ ،‬وأول ما نزل من القرآن فى الرسالة‬

‫" َيا أَ ُّي َها ا ْل ُمدَّ ِّث ُر ‪ ،‬قُ ْم َفأ َ ْنذ ِْر " فاآلية االولى فيها أمر قراءة ‪ ،‬واآلية الثانية فيها أمر للدعوة‬

‫والثالثة فاتحة الكتاب هذه السورة ثالث سورة نزلت من القرآن وهي وأول سوره نزلت كاملة‬
‫ً‬
‫جملة واحدة ‪.‬‬ ‫ونزلت‬

‫"‪.‬‬ ‫إِ َذا جَ اءَ َنصْ ُر َّ ِ‬

‫هللا َوا ْل َف ْت ُ‬
‫ح‬ ‫وأخر سورة نزلت كاملة من القرآن هي سورة النصر "‬

‫نرى العالقة بين أول سورة نزلت كاملة من القرآن الفاتحة وأخر سورة كاملة نزلت من القرآن‬
‫سورة النصر ‪ ،‬حتى نعلم أن أول ما في النزول الكمالى وأخر النزول الكمالى عالقة عجيبة‬

‫ب ا ْل َعالَ ِمينَ على ماذا ؟ على السراء وعلى الضراء وعلى كل حال فلو سألت‬ ‫" ا ْل َح ْم ُد ِ ِ‬
‫هلل َر ِ‬
‫هلل ‪ ،‬ا ْل َح ْم ُد ِ ِ‬
‫هلل نفسها عند الغني‬ ‫هلل ولو سالت الفقير عن حاله قال ا ْل َح ْم ُد ِ ِ‬
‫الغني عن حاله قال ا ْل َح ْم ُد ِ ِ‬
‫وعند السعيد وعند الفقير وعند الشقي فما الموضوع ؟‪.‬‬

‫ض"‬ ‫ت َو ْاألَ ْر ِ‬
‫الس َم َاوا ِ‬ ‫س َّب َح ِ َّ ِ‬
‫هلل َما فِي َّ‬ ‫الموضوع أن هذه الكلمه سر فى الكون كله قال تعالي " َ‬
‫" وإن من شيءٍ إال يسبح بحمده "أن الدنيا كلها وما فيها من مخلوقات وحجر وشجر يسبح بحمد‬
‫هللا ‪ ،‬والمالئكة كلها تسبح بحمده وحملة العرش تسبح بحمده ‪ ،‬واآلخرة فيها ُيس َبح با ْل َح ْم ُد ِ ِ‬
‫هلل‬
‫هلل "‬ ‫ش َهدَاءِ َو ُقضِ َي َب ْي َنهُ ْم بِا ْل َحقِّ ِ‬
‫وقيل ا ْل َح ْم ُد ِ ِ‬ ‫" َوجِي َء بِال َّنب ِ ِّيينَ َوال ُّ‬

‫هلل الذي أذهب عنى الحزن " ا ْل َح ْم ُد ِ ِ‬

‫هلل الذي هدانا‬ ‫هلل لماذا ؟ قالوا ا ْل َح ْم ُد ِ ِ‬
‫أهل الجنة قالوا ا ْل َح ْم ُد ِ ِ‬
‫لهذا ويحمدونه على الفضل والرحمة ألنة لوال (الفضل ) ما عبدوه ولوال( الرحمة) ما وصلوا للجنة‪.‬‬

‫هلل لماذا ؟ ألن هللا لم يِظلم أحد منهم مثقال ذرة ال ُظل َم اليوم‬
‫أهل النار يقولون ا ْل َح ْم ُد ِ ِ‬

‫فإذا رأى الرجل الذى بال َّنار عذاب الذى أشد من ُه كفراً حمد هللا على العدل ‪.‬‬

‫ب ا ْل َعا َل ِمينَ فلوا أن للعالم رب غير هللا لكان هناك مشكلة كبيرة‬
‫ب ا ْل َعالَ ِمينَ ألنة َر ِ‬ ‫" ا ْل َح ْم ُد ِ ِ‬
‫هلل َر ِ‬
‫لو كان فيهم آلهة غير هللا لفسدتا ‪ ،‬لو كان للنهار رب ‪ ،‬ولليل رب ‪ ،‬وفى النهار نحن مع رب‬
‫وفى الليل مع مشرك له ‪ ،‬ل َهلكنا وقامت مشكله كبيرة ‪ ،‬كان الكون تغير واألرض تغيرت‪.‬‬

‫االرض عندما قامت فيها قوتان ع الميتان تتجاذبان قامت حروب عالمية ‪ ،‬لكن سبحان هللا الكون‬
‫كله يديره رب واحد وأنت أيها اإلنسان الصغير نموذج لهذا الكون الكبير ‪.‬‬

‫لو كان عندك قلبين كل قلب يحب ويكره ستعيش في مشكلة كبيرة‬

‫الصفحة ‪5‬‬
 ‫" َما َج َعل َ َّهللا ُ لِ َر ُج ٍل مِنْ َق ْل َب ْي ِ‬
‫ن فِي َج ْوفِ ِه " صحيح عندك عينين وإذنين ويدين وقدمين ولكن كلهم‬
‫يتحكم فيهن قلب واحد‪.‬‬

‫الرِح ِ‬
‫يم" على رحمته‬ ‫الر ْح َم ِن َّ‬
‫ب ا ْل َعالَ ِمينَ " انه رب واحد هذا االول ‪ ،‬اما الثانى " َّ‬ ‫" ا ْل َح ْم ُد ِ ِ‬
‫هلل َر ِ‬

‫اك نَعب ُد وإِيَّ َ ِ‬ ‫ِِ ِ‬

‫ين "‪.‬‬
‫اك نَ ْستَع ُ‬ ‫اما الثالثه " َمالك يَ ْوم الدِّي ِن" أما الرابعة" إِيَّ َ ْ ُ َ‬

‫هذه السورة لها اكثر من ‪ 63‬أسم والعرب ال ُتكثر من أسماء الشيء إال اذا كانت منافعه كثيرة‬
‫فكل شيء تكثر منافعه او تكثر أخطاره تكثر أسماءه عند العرب ‪ ،‬والشيء الذى منفعته واحدة له‬
‫أسم واحد ‪ ،‬فأتي لهذه الفاتحة من ابواب أسماءها ‪.‬‬

‫فما هو الشيء الذى كان مغلق ففتحته الفاتحة ؟‬

‫سميت الفاتحة لثالثة أشياء ‪:‬‬

‫‪-1‬هى فاتحة القرآن كامل ‪-2‬هى فاتحة لسور القرآن كل سورة على حده ‪ -6‬هى فاتحة للصالة‬

‫إذاً كل سورة من سور القرآن شرح وبيان لما فى فاتحة الكتاب لماذا ؟‬

‫ألن فاتحة الكتاب احتوت على مقاصد القرآن االجمالية‬

‫ومقاصد تفصيلية‬ ‫والمقاصد قسمين ‪ :‬مقاصد اجمالية‬

‫والمقاصد االجمالية للقرآن ثالثة وهى ‪:‬‬

‫هذا الدين‪.‬‬ ‫المنهج والحياة والسلوك‬ ‫العبادة‬ ‫العقيدة‬

‫نبدأ أوالً بالعقيدة ‪:‬‬

‫وهى التوحيد ‪ :‬ال إله إال هللا وما يتعلق به ‪ ،‬اآلخره وما يتعلق بها ‪.‬‬

‫و ال َحج ‪ ،‬واألحكام كلها ‪.‬‬ ‫والز َكا ِة و ِّ‬

‫الص َيا ُم‬ ‫َّ‬ ‫ثانيا ً الدين ‪( :‬عبادة )‪ :‬وهي الصال ِة‬

‫ثالثا ً السلوك و االخالق ‪:‬‬

‫هذه الثالثة هى اهم مقاصد ( الدين )‪ ،‬والذي يتحدث القرآن عنها إجماالً ‪ ،‬فال تجد آية إال وهى‬
‫تخدم هذه المقاصد الثالثة ‪ ،‬عندما تقرأ الفاتحة تجد الثالثة موجودة فى الفاتحة‬

‫أ ُسس العقيدة هى فى الفاتحة ‪:‬‬

‫اك نَ ْعب ُد وإِيَّ َ ِ‬ ‫ِِ ِ‬ ‫الرِح ِ‬
‫ين‪ ، .‬كل هذه عقيدة‪.‬‬
‫اك نَ ْستَع ُ‬ ‫يم ‪َ ،‬مالك يَ ْوم الدِّي ِن ‪،‬إِيَّ َ ُ َ‬ ‫الر ْح َم ِن َّ‬
‫ب ا ْل َعالَ ِمينَ ‪َّ ،‬‬ ‫وهى ا ْل َح ْم ُد ِ ِ‬
‫هلل َر ِ‬

‫الصفحة ‪6‬‬
 ‫إذاً االخالق ‪ :‬هي‪:‬‬

‫ت عَلَْي ِه ْم‪ ..‬أي اهدنا أخالقهم ومنهجهم وحياتهم‬

‫ين أَنْ َع ْم َ‬ ‫صرا َ َّ ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ْاه ِدنَا ِّ‬
‫ط ال ذ َ‬ ‫يم (‪َ )6‬‬
‫ط ال ُْم ْستَق َ‬
‫الص َرا َ‬

‫فأى سورة تأتى بعد ذلك ‪ ،‬فهى داخلة فى واحدة من هذه المقاصد الثالثة ‪.‬‬

‫اآلن فاتحة الصالة ‪:‬‬

‫أى صالة تبقى مغلقة حتى تبدأ تقرأ الفاتحة ‪ ،‬فإذا قرأت الفاتحة فتحت الصالة ‪.‬‬

‫لذلك قال النبى صلى هللا عليه وسلم "ايما صالة ال يقرأ فيها بفاتحة الكتاب فهى خداج خداج خداج"‬
‫الصال َة َب ْينِي َو َب ْينَ َع ْبدِي نصفين‬ ‫َّ‬ ‫س ْمتُ‬ ‫هللا ُ َع َّز َو َجل َّ ‪َ :‬ق َ‬‫سلَّ َم َقال َ ‪َ :‬قال َ َّ‬ ‫صلَّى َّ‬
‫هللاُ َعلَ ْي ِه َو َ‬ ‫عن ال َّن ِب ِّي َ‬ ‫و ِ‬
‫هلل َر ِّب ا ْل َعالَمِينَ َقال َ ‪َ :‬حمِدَ نِي َع ْبدِي ‪َ ،‬وإِ َذا َقال َ ‪:‬‬ ‫ونصف لعبدي‪َ ،‬فإِ َذا َقال َ َع ْبدِي ‪ :‬ا ْل َح ْم ُد ِ َّ ِ‬ ‫ٌ‬ ‫نصف لي‬ ‫ٌ‬
‫َ‬
‫ين َقال َ ‪َ :‬م َّجدَ نِي َع ْبدِي أ ْو َقال َ ‪:‬‬ ‫َ‬
‫ِيم َقال َ ‪ :‬أ ْث َنى َعلَ َّي َع ْبدِي ‪َ ،‬وإِ َذا َقال َ ‪َ :‬مالِكِ َي ْو ِم الدِّ ِ‬ ‫الرح ِ‬
‫الر ْح َم ِن َّ‬ ‫َّ‬
‫َ‬
‫سأ ل َ ‪.‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ض إِل َّي َع ْبدِي َوإِذا قال َ ‪ :‬إِ َّيا َك َن ْع ُب ُد َوإِ َّيا َك َن ْس َتعِينُ قالَ ‪ :‬هَذا َب ْينِي َو َب ْينَ َع ْب ِدي َول َِع ْبدِي َما َ‬ ‫َف َّو َ‬
‫هذا الكالم بينك وبين هللا ‪ ،‬أص ً‬
‫ال الكالم كالم هللا لكن هللا أعطاك ما تتكلم معه‪ ،‬كل واحد منا‬
‫الرِح ِ‬
‫يم‬ ‫تلقى فى صالته كلمات من هللا فتاب علية أنة هو التواب َّ‬

‫تلقينا نحن امة سيدنا محمد عليه الصالة والسالم ‪ ،‬من هللا كلمات فتاب علينا أنة هو التواب‬
‫يم ‪ ،‬لذلك التوبة بعد الصالة ليس كالتوبة بدون صالة ‪ ،‬هل لو تاب تائب تارك للصالة تقبل‬ ‫الرِح ِ‬
‫َّ‬
‫توبته ؟ (ال) ألن التوبة الرجوع والرجوع يقتضي االقبال والفرار‪،‬ألن كل شيء تخاف منة تفر منة‬
‫إال هللا عندما تخاف منه فتقبل علية ‪.‬‬

‫قال تعالى " وفروا الى هللا " والصالة كلها دعاء والفاتحة كلها دعاء والفاتحة تسمى الصالة‬
‫والصالة بين العبد وربه ‪ ،‬فصالتك مقسمة الى نصفين بينك وبين هللا تعالى ‪ ،‬وهو تقسيم (قولى)‬
‫وتقسيم (فعلى) والتقسيم القولى مطابق للتقسيم الفعلى‬

‫وقيام‬ ‫القسم األول من األفعال ما هو ‪ :‬قيام ‪ -‬وركوع ‪-‬‬

‫هلل َقانِتِينَ "‬
‫أول ما نفعل من الصال ِة القيام ‪( :‬هذه من االفعال ) القيام هلل " َوقُو ُمواْ ِ ِ‬

‫ب ا ْل َعا َل ِمينَ ‪ ،‬إذاً الفعل االول فى الصالة مطابق‬

‫لر ِ‬
‫ويوم القيامة لماذا سمى قيامة ؟ يوم يقوم الناس َ‬
‫هلل والقيام هلل ‪ ،‬فوافق القول العمل ‪ ،‬إذاً القول هلل والفعل هلل‪.‬‬ ‫للقول االول فى الصال ِة ‪ ،‬إذاً ا ْل ِ‬
‫ح ْم ُد ِ ِ‬

‫اي َو َم َماتِي ِ َّ ِ‬
‫هلل َر ِّب ا ْل َعالَمِينَ "‬ ‫ص َالتِي َو ُن ُ‬
‫سكِي َو َم ْح َي َ‬ ‫لهذا إذا قلت " قُلْ إِنَّ َ‬
‫هلل َقانِتِينَ "‬
‫والصالَ ِة ا ْل ُو ْس َطى َوقُو ُمواْ ِ ِ‬
‫َّ‬ ‫ت‬ ‫ويعبر عن الدين كله بالقيام لقولة " َحاف ُِظو ْا َع َلى ال َّ‬
‫ص َل َوا ِ‬

‫َف َقالُوا "‬ ‫وقال تعالى " إِ هن ُه ْم فِ ْت َي ٌة آ َم ُنوا ِب َرب ِِّه ْم َو ِز ْد َنا ُه ْم ُه ًدى إِ ْذ َقامُوا‬

‫الصفحة ‪7‬‬
 ‫ب ا ْل َعالَمِينَ فالقيام االول يطابق حياتنا الدنيا ‪.‬‬
‫هلل َر ِ‬ ‫وأنت فى الصالة تقوم وتقول ا ْل ِ‬
‫ح ْم ُد ِ ِ‬

‫فبعد الحياة الدنيا يأتى الموت والموت ركوع ‪:‬‬

‫فمهما كانت جبروتك وجآءك الموت كان لزاما ً أن تحني رأسك هلل ‪ ،‬لكن المؤمن يحني رأسه‬
‫وهو يعظم هللا ‪ ،‬ركوعك ُيذكرك بالموت ‪ ،‬والموت ُيذكر برحمة هللا ‪.‬‬

‫يم ‪ ،‬والفعل الثانى فى الصال ِة تركع للرب‬

‫ح ِ‬‫الر ِ‬
‫الر ْح َم ِن َّ‬
‫فجاءت اآلية الثانية فى الفاتحة تقول َّ‬
‫العظيم للحى الذى ال يموت ‪ ،‬سبحان ربى العظيم ‪ ،‬فهنا أتفق القول والفعل ‪.‬‬

‫السؤال هل لك قيام بعد هذا الموت ؟ الجواب نعم يوم البعث ‪.‬‬

‫فتقوم من الركوع ‪ ،‬لكن قيامك من الركوع هل هو كقيامك االول أم هو مختلف ؟‬

‫الجواب (يختلف ) ‪ ،‬لكن ال بد منه ‪.‬‬

‫لو أن إنسان ركع ثم سجد دون أن يقوم نقول له صالتك باطله ‪ ،‬فيجب أن تقوم من الركوع‬
‫ب ا ْل َعالَمِينَ ‪ ،‬يجب‬
‫قبل ما تسجد ‪ ،‬وأيضا يجب أن تقوم من الموت قبل ان تدخل الجنة وتصل الى َر ِ‬
‫أن تقوم يوم القيامة ‪ ،‬إذاً النصف األول من صالتك قيام وركوع وقيام ‪ ،‬وهذه حياتك ‪.‬‬

‫يم فى‬
‫ح ِ‬‫الر ِ‬ ‫ب ا ْل َعالَ ِمينَ فى قيامك األول ‪َّ ،‬‬
‫الر ْح َم ِن َّ‬ ‫هلل َر ِ‬ ‫وهذه اآليات األولى من الفاتحة ‪ ،‬ا ْل ِ‬
‫ح ْم ُد ِ ِ‬
‫ب ا ْل َعالَمِينَ ‪ ،‬وأنت قمت من‬ ‫ك يَ ْوِم الدِّي ِن ‪ ،‬يوم تقوم الساعة ‪ ،‬يوم يقوم الناس َ‬
‫لر ِ‬ ‫ركوعك ‪ ،‬مالِ ِ‬
‫َ‬
‫ركوعك كما يقوم الموتى ‪ ،‬هنالك تكشف السرائر هناك تعلم أنك كنت تعبد هللا أم تعبد غيره ‪،‬‬
‫اك نَعب ُد وإِيَّ َ ِ‬
‫ين‪ ".‬عبدناك فى الدنيا واستعنا بك على عبادتك ونحن‬ ‫اك نَ ْستَع ُ‬ ‫فتجيء اآلية الرابعة " إِيَّ َ ْ ُ َ‬
‫ين ‪ ،‬أَتت بعد إِيَّ َ‬
‫اك نَ ْعبُ ُد ‪ ،‬كما تأتى اآلخرة بعد الدنيا ‪.‬‬ ‫االن فى االخرة نستعين بك ‪،‬فِإيَّ َ ِ‬
‫اك نَ ْسَتع ُ‬

‫إذاً نبدأ بِإيَّ َ‬

‫اك نَ ْعبُ ُد ( إذاً حقق العبادة أوالً ) ثم بعدها أطلب( االستعانة من هللا) ‪.‬‬

‫قدم الدنيا والعبادة فيها هلل ‪ ،‬ألن هذا زمن العبادة فى الدنيا ‪.‬‬

‫أما االخرة فأتت غصبا ً عنك تعبد هللا كعبادة المالئكة نفسهم التسبيح والتهليل والتكبير‬

‫هذا هو القسم االول من القول والفعل فى فاتحة الكتاب ‪.‬‬

‫القسم الثانى من االفعال ما هو ؟ سجود – ثم جلوس – ثم سجود‬

‫ماذا يقول النبى صلى هللا عليه وسلم عن الصال ِة ‪ :‬يقول " اما الركوع فعظموا فيه الرب‬
‫وأما السجود فاجتهدوا فيه فى الدعاء فأنة قمنا ٌ أن يستجاب لكم " ‪.‬‬

‫سم رب َك الذى َخلَقَ ‪َ ،‬خلَقَ اإلنسانَ‬

‫نرجع ألول سورة نزلة فى القرآن يقول هللا تعالى " اْقرأ ب ِ‬
‫نسانَ َما لَ ْم َي ْعلَ ْم " ‪.‬‬ ‫أقرأ َو َر ُب َك األَ َ‬
‫كر ُم ال ِذى َعلَّ َم ِبال َقلَ ِم َعلَّ َم ِاإل َ‬ ‫ِمنْ َعلَ ٍق ‪َ ،‬‬
‫الصفحة ‪8‬‬
 ‫وأخر السورة " أَ َر َء ْيتَ ال ِذى َي ْن َهى َعبداً إِ َذا َ‬
‫صلى حتى نصل الى اآلية ‪َ ،‬ك َّال َال ُتطِ ْع ُه َواْ ْس ُجدْ َواْ ْق َت ِرب‬

‫إذاً أول السورة أقرأ ( قول) ‪ ،‬و أخر السورة اسجد واقترب ( فعل) ‪.‬‬

‫فاألول (قول) والثانى (فعل) إذاً أخر الصال ِة (سجود) وأخر الفاتحة (دعاء)‬

‫فالسجود( لك) والدعاء( لك) فلوا جئنا بالصالة الفعلية ‪ ،‬وقسمناها نصفين ‪:‬‬

‫ونصفها الثانى لمن ؟ ( لك)‬ ‫فنصفها االول لمن ؟ (هلل)‬

‫ولوا جئنا بالصال ِة القولية وقسمناها نصفين ‪:‬‬

‫والنصف الثانى لمن ؟ ( لك)‬ ‫فالنصف االول لمن ؟ ( هلل)‬

‫والعجيب ان هذا التقسيم حتى فى الحروف إذا عدية حروف الفاتحة تجد إِيَّ َ‬
‫اك نَ ْعبُ ُد‬

‫‪ ،‬وما بعدها إِيَّ َ‬

‫اك نَ ْعبُ ُد (للعبد)‪.‬‬ ‫حرف (الدال) هذا النصف ‪ ،‬فما قبل إِيَّ َ‬
‫اك نَ ْعبُ ُد ( هلل)‬

‫إذاً ما قبل الركوع والرفع منه ( وهو القيام والركوع والرفع منة) ‪( ،‬هلل)‪.‬‬

‫وما بعد الرفع من الركوع (وهو السجود والرفع من السجود والسجود) ‪( ،‬للعبد)‪.‬‬

‫لذلك متى يأتى دعاء القنوت ؟ ( يأتي فى القيام ) وهذا من كرم هللا علينا فالفاتحة كلها دعاء‬

‫أنظر رأس الدعاء فى الصال ِة النبى صلى هللا علية وسلم قال " اما السجود فاجتهدوا فيه‬
‫بالدعاء فأنة قمنا أن يستجاب لكم " إذاً لماذا لم يقنت النبى صلى هللا عليه وسلم وهو ساجد ؟‬

‫ألنة فيه مشقة ‪ ،‬لو كان االمام يقنت وهو ساجد ‪ ،‬ونحن خلفه ساجدين ‪ ،‬يتعب االمام ونتعب‬
‫نحن من خلفه ‪ ،‬لكن هللا قال أنا غني عنكم وعن صالتكم ‪ ،‬فقال ادعونى استجب لكم حتى وأنتم فى‬
‫قسمي أنا ‪ ،‬فكانت الفاتحة نفسها دعاء ‪،‬وكان الرفع من الركوع دعاء ‪ ،‬وكان في السجود دعاء‬

‫وكان في الرفع دعاء ‪ ،‬فكانت الصال ِة كلها دعاء ‪.‬‬

‫االن طابق الفعل على القول الصال ِة تطلق على الركعة الواحدة طيب لماذا تكررت الصالة‬
‫وتوزعت ركعتان ‪ ،‬وأربع ركعات ‪ ،‬وأربع ركعات ‪ ،‬وثالثة ركعات ‪ ،‬وأربع ركعات =‪ 11‬ركعة‬

‫السؤال ‪ :‬اليس الوتر أحب الى هللا من الشفع ؟ الجواب ‪( :‬نعم )‬

‫الصلوات كلها شفع إال واحده (فرض) والنوافل كلها شفع إال واحده ( وتر) لماذا ؟‬

‫لو نظرت للصال ِة المفروضة إجما ًال تعلم انها كلها (وتر) كيف ؟‬

‫الصفحة ‪9‬‬
 ‫لو نظرنا كم عدد الصلوات المفروضة لوجدناها خمسة ‪ ،‬والخمسة (وتر) ‪ ،‬اذاً هى إجمالها‬
‫وتر) وهى كلها هلل الواحد االحد ‪.‬‬
‫(وتر) وهى فى عدد الركعات إذا جمعت ( ً‬
‫س ْب ًعا مِنْ ا ْل َم َثانِي َوا ْلقُ ْرآن ا ْل َعظِ يم " هذه هى‬
‫والفاتحة آياتها (وتر) قال تعالى " َو َل َقدْ آ َت ْي َناك َ‬
‫الفاتحة فى الصال ِة ‪.‬‬

‫بقيت الفاتحة فى غير الصال ِة ‪ :‬الفاتحة فى غير الصال ِة ‪ :‬لماذا ؟‬

‫واشتملت على ‪ :‬التوحيد‬ ‫‪-‬‬ ‫للفهم ‪ -‬للمطالب العالية فى الدين‬ ‫‪-‬‬ ‫للرقية‬
‫يم‬ ‫ِ‬
‫ط ال ُْم ْستَق َ‬
‫لص َرا َ‬
‫‪ -‬الهداية ل ِّ‬ ‫‪ -‬السلوك‬ ‫االخالق‬ ‫العبادة ‪-‬‬

‫العبادة ثالث مطالب فى الفاتحة وهى أ ُسس العبادات‬

‫ب ا ْل َعالَمِينَ‬
‫هلل َر ِ‬ ‫المطلب االول ‪ :‬كمال محبة الرب جل َ وعلى فى فاتحة الكتاب مأخوذة من ا ْل ِ‬
‫ح ْم ُد ِ ِ‬

‫الرِح ِ‬
‫يم)‪.‬‬ ‫الر ْح َم ِن َّ‬
‫المطلب الثانى ‪ :‬كمال الرغبة فيما عند الرب جلَ وعلى ) َّ‬

‫ك يَ ْوِم الدِّي ِن)‬

‫المطلب الثالث ‪ :‬كمال الرهبة من الرب فهذه الثالثة هى اصول العبادة القلبية (مالِ ِ‬
‫َ‬

‫اشتملت فاتحة الكتاب على ترتيب الهداية وأسس الهداية وهى ‪:‬‬
‫اك نَعب ُد وإِيَّ َ ِ‬ ‫ِِ ِ‬ ‫الرِح ِ‬ ‫ِ‬ ‫ْح ْم ُد لِلَّ ِه َر ِّ‬
‫ين ‪ ....‬هذه‬
‫اك نَ ْستَع ُ‬ ‫يم (‪َ )3‬مالك يَ ْوم الدِّي ِن (‪ )4‬إِيَّ َ ْ ُ َ‬ ‫الر ْح َم ِن َّ‬
‫ين (‪َّ ) 2‬‬
‫ب ال َْعالَم َ‬ ‫ال َ‬
‫الخمسة فى أ ُسس الهداية فهذه الخمسة إذا تحققت فى عبد تحققت له الهداية‬

‫يم إذاً جاء فى فاتحة الكتاب اسباب الهداية وأسسها ثم‬ ‫ِ‬ ‫لذلك جاء بعدها ْاه ِدنَا ِّ‬
‫الص َرا َط ال ُْم ْستَق َ‬
‫جاء الترتيب العجيب فما هو الترتيب العجيب ؟‬

‫ثالثا ً ‪ :‬النعمة ‪ ،‬فال يمكن لشخص‬ ‫الترتيب العجيب ‪ :‬او ًال ‪ :‬الرحمة ثانيا ً ‪ :‬الهدايا‬
‫نعم علية حتى يهديه هللا ‪،‬قال تعالى " َو َما‬
‫ان يهتدى حتى يرحمه هللا ‪ ،‬وال يمكن لشخص أن ُي َ‬
‫َأ ْر َ‬
‫س ْل َنا َك إ ِ َّال َر ْح َم ًة لِ ْل َعا َلمِينَ " إذاً الرحمة هى الكلمة األولى وهى العنوان األعظم ثم جاء بالرحمة‬
‫أخص أنواعها وهى الهداية ثم جاء بالهداية أخص أنواعها وهى النعمه ثم بين أن هذه النعمه‬
‫نعمة اإلسالم هى أخص أنواع النعم ‪.‬‬

‫ولذلك قال تعالي" ا ْل َي ْو َم َأ ْك َم ْلتُ َل ُك ْم دِي َن ُك ْم َوأَ ْت َم ْمتُ َعلَ ْي ُك ْم ن ِْع َمتِي َو َرضِ يتُ لَ ُك ُم ْاإل ْسال َم دِي ًنا "‬

‫انظر لهذه الثالثة الكمال – التمام – الرضا وانظر للثالثة فى فاتحة الكتاب تجد المطابقة ‪:‬‬
‫الرحمة – الدين رحمة ‪ -‬ثم الهداية من يرد هللا ان يهديه يشرح قلبه لإلسالم ثم الرضى‬

‫فاألول منه والثانى منه والثالث منة سبحانه وتعالى ‪ ،‬فأنت ماذا فعلت ؟ لم تفعل شيء‬

‫الصفحة ‪11‬‬
‫إذاً كان كل هذا من هللا سبحانه وتعالى لذلك قال أهل الجنة " َو َقالُوا ا ْل َح ْم ُد ِ َّهللِ ا َّلذِي َهدَا َنا لِ َه َذا َو َما‬
‫ِي لَ ْوال أَنْ هَدَ ا َنا َّ‬
‫هللاُ " وقال تعالى " َوا َّلذِينَ ا ْه َتد َْوا َزادَ ُه ْم هُدً ى َوآ َتا ُه ْم َت ْق َوا ُه ْم "‬ ‫ُك َّنا لِ َن ْه َتد َ‬

‫أيضا ً اشتملت الفاتحة على التعليم والعبادة‬

‫هللا ال يريد منك( إِيَّ َ‬
‫اك نَ ْعبُ ُد) مجردة من معرفته كذلك فاتحة الكتاب افتتحت بالتعريف بالمعبود‬

‫اوالً أعرف ربك ‪:‬‬

‫ك يَ ْوِم الدِّي ِن ‪ ،‬هذه مقدمة حتى تعرف هللا‬ ‫َ‬ ‫الرِح ِ‬

‫يم (‪ )3‬مالِ ِ‬ ‫الر ْح َم ِن َّ‬
‫ين ‪َّ ) 2‬‬ ‫ِ‬ ‫ْح ْم ُد لِلَّ ِه َر ِّ‬
‫ب ال َْعالَم َ‬ ‫ال َ‬

‫‪ - 2‬عرفت هللا ؟‬

‫إذاً اعبده ‪"،‬إِيَّ َ‬

‫اك نَ ْعبُ ُد" ‪.‬‬

‫هل عبدت ؟‬

‫إذاً خد العون من هللا ألن هللا لو لم يعينك لما استطعت أن تعبده ‪.‬‬

‫قال النبى صلى هللا عليه وسلم "لن تطاع إال بإذنك ولن تعطى إال بعلمك "‬

‫ال يستطيع أحد أن يصلى حتى يأذن هللا له بالصال ِة ‪.‬‬

‫لذلك كان النبى صلى هللا عليه وسلم يقول عندما يستيقظ من النوم‬

‫ْح ْم ُد لِلَّ ِه الذى رد على روحي وأَذنَ لى بذكره ‪.‬‬

‫" ال َ‬

‫هناك من الناس يسمع الصال ِة ‪ ،‬وهو صاحي ولكن لم يقم للصال ِة ‪ ،‬لماذا ؟‬

‫الجواب ‪ :‬ألن هللا لم يأذن له ‪.‬‬

‫وهناك من الناس يمر عليه رمضان ‪ ،‬وال يصوم ‪ ،‬لماذا ؟‬

‫الجواب ‪ :‬ألن هللا لم يأذن له ‪.‬‬

‫هناك من الناس لدية المال الطائل والكثير ويهدره هنا وهناك فى المالهى والبذخ وغيرها‬
‫ولكن إذا سأله سائل لم يعطيه ولم يتصدق منه لماذا ؟‬

‫الجواب ‪ :‬ألن هللا لم يأذن له ‪.‬‬

‫إذاً ُكل ٌ بأذن هللا تعالى ‪.‬‬

‫هذا الدرس األول من أسرار فاتحة الكتاب‬

‫الصفحة ‪11‬‬
 ‫الدرس الثانى‬

‫من أَسرار فاتحة الكتاب‬

‫لما جاء جبريل علية السالم يسأل الرسول صلى هللا علية وسلم عن الدين كم سؤال‬
‫سأله ؟ (أربعة)‬
‫‪ :‬سأله عن أركان اإلسالم ‪:‬‬
‫‪ -2‬سأله عن اإليمان ‪ -6‬سأله عن اإلحسان ‪ -4‬سأله عن الساعة‬ ‫‪ -1‬سأله عن اإلسالم‬

‫الجواب‬

‫قال‪:‬‬ ‫قال اخبرني عن اإلسالم‬ ‫اإلسالم وأركانه‪:‬‬

‫الشهادتين ‪ -‬وإقامة الصال ِة ‪ -‬وتأتى الزكاة ‪ -‬والصوم ‪ -‬وال َحج البيت لمن استطاع‬
‫اليه سبيال ‪ .‬هذه االركان الخمسة هى فى فاتحة الكتاب‬

‫قال اخبرنى عن اإليمان قال ‪:‬‬ ‫اإليمان وأركانه ‪:‬‬

‫أن تؤمن باهلل ‪ -‬ومالئكته ‪ -‬وكتبه ‪ -‬ورسله ‪ -‬واليوم االخر ‪ -‬والقدر خيره‬
‫وشره ‪ ،‬وهذه اركان اإليمان الستة موجودة فى فاتحة الكتاب‬

‫قال اخبرنى عن اإلحسان قال ‪:‬‬ ‫اإلحسان وأركانه ‪:‬‬

‫ان تعبد هللا كأنك تراه فأن لم تكن تراه فأنة يراك ‪ ،‬وهذا الركن موجود فى فاتحة الكتاب‬

‫قال اخبرنى عن الساعة ‪:‬‬ ‫الساعة وأماراتها ‪:‬‬

‫قال ما المسئول عنها بأعلم من السائل قال أخبرنى عن أماراتها ‪ :‬قال ان تلد األَ ُ‬
‫مة ربتها‬

‫وأن ترى العراة الحفاة رعاة الشاة يتطاولون فى البنيان ‪.‬‬

‫وهذا موجود فى فاتحة الكتاب‬

‫ِيم) ففى هذه البسملة مراتب اإلسالم الثالثة وهى ‪:‬‬

‫الرح ِ‬
‫الر ْح َم ِن َّ‬ ‫عندما تقرأ الفاتحة وتبدأ ( ِب ْس ِم َّ ِ‬
‫هللا َّ‬
‫الر ْح َم ِن)‬
‫في لفظ الجالله (هللا) ‪ ،‬و مرتبة اإليمان في كلمة ( َّ‬ ‫مرتبة اإلسالم‬

‫ِيم) ‪.‬‬
‫الرح ِ‬
‫و مرتبة اإلحسان في كلمة ( َّ‬

‫الصفحة ‪12‬‬
 ‫لفظ الجالله (هللا) ‪ :‬أسم ليس هلل فيه شريك وال ند وال شبيه وال سمى وال يوجد أسم فى الكون‬
‫يطلق على أحد (أسم هللا) إال على هللا سبحانه وتعالى‬

‫لذلك كل الخلق مشتركين فى هذا االسم ‪ ،‬فالدخول فيه سهل فالكافر هو (عبد هلل) ‪،‬‬
‫والمسلم هو(عبد هلل) والمحسن هو(عبد هلل) والمؤمن هو (عبد هلل) فالجميع (عباد هلل) ولذلك‬
‫ت َو ْاألَ ْر ِ‬
‫ض َط ْو ًعا َو َك ْرهًا "‬ ‫قال سبحانه وتعالي " َولَ ُه أَ ْسلَ َم َمنْ فِي َّ‬
‫الس َم َاوا ِ‬

‫السؤال ‪ :‬هل باقى أحد ما دخل اإلسالم ؟ إذاً كل هذه عباد هللا ‪ ،‬الكل و الجميع عباد هلل ‪.‬‬

‫لفظ الجالله (هللا) لفظ عام واإلسالم عام ‪ ،‬العبودية عبودية عامة مطلقة ‪ ،‬لذلك اإلسالم‬
‫يحكم بالظاهر فمن جاء وقال( اشهد ان ال إله إال هللا وأن محمدً رسول هللا ) مسلم فنحكم علية‬
‫بالظواهر وهللا يتولى السرائر‬

‫قوم جاءوا الى سول هللا صلى هللا عليه وسلم ‪ ،‬يحملون الكفر فى قلوبهم واإلسالم على السنتهم‬

‫آمنَّا " ِا َ‬ ‫َّ ِ‬ ‫ِ‬

‫دعوا اإليمان فنفاه القرآن‬ ‫آمنُواْ قَالُواْ َ‬
‫َ‬ ‫ين‬
‫قال تعالى " َوإ َذا لَُقواْ الذ َ‬

‫آمنَّا قل لن تؤم ُنوا بل قول ُوا َ‬

‫اسلم َنا " ألنكم ما زلتم فى دائرة اإلسالم‬ ‫" قالت االعراب َ‬
‫ولما يدخل اإليمان فى قلوبكم " عرفنا اآلن اإلسالم ؟ نعم عرفنا اإلسالم ‪.‬‬

‫نأتى اآلن إلى اإليمان ‪ :‬اإليمان أخص من اإلسالم ‪ ،‬الن المؤمن عنده من الرجاء باهلل ما ليس‬
‫عند المسلم المسألة مبنية على ميزان الخوف والرجاء ‪.‬‬

‫فلفظ الجاللة يحدث خوفا ً فى القلب وهذا الخوف هو الدافع لإلسالم اصالً فمن خاف بحث‬
‫عن السالم‬

‫اإليمان (االمن) اإليمان اشد من اإلسالم وقعا ً ‪ ،‬المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده‬
‫مسالمة ‪ ،‬المؤمن غير المسلم ‪.‬‬

‫ج َلتْ قُلُو ُب ُه ْم َوإِ َذا ُتلِ َيتْ َعلَ ْي ِه ْم آَ َيا ُت ُه َزادَ ْت ُه ْم‬ ‫قال تعالى " ﴿إ ِ َّن َما ا ْل ُم ْؤ ِم ُنونَ ا َّلذِينَ إ ِ َذا ُذ ِك َر َّ‬
‫هللا ُ َو ِ‬
‫إِي َمانا ً َو َعلَى َر ِّب ِه ْم َي َت َو َّكلُونَ ‪ ،‬الَّذِينَ امنوا وكانوا يتقون "‬

‫جلَتْ قُلُو ُب ُه ْم)‬

‫إذاً اإليمان ُيجمع فيه الخوف والرجاء على حداً سواء يجتمع فيه الخوف فى( َو ِ‬
‫والرجاء فى ( َعلَى َر ِّب ِه ْم َي َت َو َّكلُونَ ) ‪ -‬خوفا ً وطمعا ً ففيه من الرجاء ما ليس فى اإلسالم‬

‫الر ْح َم ِن على وزن ( فعالن ) وفعالن قابلة ألمرين‬

‫َّ‬ ‫اذاً اإلحسان ‪:‬‬
‫االول ‪ :‬ان فعالن صفة تظهر بشدة على من تقع علية وقد تزول بزوال السبب كيف؟‬

‫الصفحة ‪13‬‬
 ‫لو رأ يت انسان غضبان غضب شديد تقول غضبان ‪ ،‬ولو رأيت انسان عطشان عطش شديد‬
‫تقول عطشان ولو رأيت انسان شرب خمر تقول سكران ‪ ،‬فالعرب تأتى بصفة فعالن على‬
‫الممتلئ بالصفة وتزول هذه بزوال الصفة ‪ ،‬فزوال الغضب عند الرضى ‪ ،‬وزوال العطش عند‬
‫الشرب ‪ ،‬وزوال السكر عند االفاقة ‪ ،‬وهنا جاء مقام اإلحسان‪.‬‬

‫ِيم‪:‬‬
‫الرح ِ‬
‫الر ْح َم ِن الى َّ‬
‫انتقلنا من َّ‬
‫ِيم على وزن (فعيل) والعرب إذا رأت الصفة مالزمة للشيء قالوا فعيل‬
‫الرح ِ‬
‫َّ‬
‫إذاً عندك مرضان ومريض دائم المرض ‪ ،‬المرضان الذى اشتد مرضه وسوف يزول عمى قريب‬
‫السكران الذى سكر ولكن ليس دائم السكر ‪ ،‬السكير الذى ال يفيق ابداً‬

‫ِيم‬
‫الرح ِ‬
‫الر ْح َم ِن و َّ‬
‫هنا وصلنا ما الفرق بين المؤمن والمحسن وهو كالفرق بين َّ‬

‫فالمحسن دائم اإلحسان والمؤمن ليس دائم اإليمان ليس لذلك ذكر هللا الردة عن المؤمن ولم‬
‫يذكرها عن المحسن أخالقا ً ‪.‬‬

‫ازدَ ادُواْ ُك ْفراً لَّ ْم َي ُك ِن‬

‫قال تعالى " إِنَّ الَّذِينَ آ َم ُنواْ ُث َّم َك َف ُرواْ ُث َّم آ َم ُنواْ ُث َّم َك َف ُرواْ ُث َّم ْ‬
‫س ِبيالً " ‪.‬‬ ‫هللا ُ لِ َي ْغف َِر لَ ُه ْم َوالَ لِ َي ْه ِد َي ُه ْم َ‬

‫إذاً هذا اإليمان جاء معه الكفر وجاء معه الشرك وأيضا قال تعالى " َو َما‬
‫ش ِر ُكونَ " ‪.‬‬ ‫ُي ْؤمِنُ أَ ْك َث ُر ُه ْم ِب َّ ِ‬
‫اهلل إِال َو ُه ْم ُم ْ‬

‫كيف يجتمع إيمان وشرك ( نعم) يجتمع إيمان وشرك ولكن اإلحسان ليس معه ردة وال كفر‬
‫ِيم‬
‫الرح ِ‬
‫وال شرك ألنة يعبد هللا كأنة يراه فهو فى مقام وزن َّ‬
‫ِيم بالقرآن خاصة بالمؤمنين قال تعالى " َو َكانَ بِا ْل ُم ْؤ ِمنِينَ َرحِي ًما‬
‫الرح ِ‬
‫ولذلك جاء لفظ الجالله َّ‬

‫الرحِي ُم‪ " .‬وقال تعالى " ُن ُز ًال مِنْ َغ ُفور رحيم‬
‫وقال تعالى " إ ِ َّنا ُك َّنا مِنْ َق ْبل ُ َندْ ُعوه ُ إِ َّن ُه ه َُو ا ْل َب ُّر َّ‬
‫فجاءت هذه االلفاظ كلها للمحسنين ‪.‬‬ ‫وقال تعالى " سال ُم قوالً من ر ٍ‬
‫ب رحيم "‬

‫اآلن عرفنا المراتب الثالثة بدون تفصيل ‪ :‬اآلن التفصيل ‪:‬‬

‫هذه البسملة جاءت بإجمالى مراتب الدين والفاتحة بفضلها تبدأ باإلسالم‬

‫وأركان اإلسالم خمسة ؟ ما الدليل من فاتحة الكتاب على أركان اإلسالم ؟ الدليل ‪:‬‬

‫الفاتحة فيها خمس أسماء هلل تعالى كل اسم يرمز الى ركن من أركان اإلسالم‬

‫ْح ْم ُد لِلَّه‪ :‬لفظ الجالله ( هللا) ‪ /‬يرمز لكلمة التوحيد ال إله إال هللا‬
‫ال َ‬

‫ين‪ / :‬يرمز للصال ِة لما فيها من النفع العام واستعينوا بالصبر والصالة‪.‬‬ ‫ِ‬
‫ب ال َْعالَم َ‬
‫َر ِّ‬

‫الصفحة ‪14‬‬
 ‫يرمز للزكاة‬ ‫الر ْح َم ِن ‪:‬‬
‫َّ‬

‫يرمز للصوم‬ ‫الرِح ِ‬

‫يم ‪:‬‬ ‫َّ‬

‫لحج‬
‫يرمز ل َ‬ ‫ك يَ ْوِم الدِّي ِن‪:‬‬
‫مالِ ِ‬
‫َ‬

‫كل اسم من هذه األسماء الخمسة يطابق ركن من أركان اإلسالم الخمسة ‪.‬‬

‫مطابقة لفظ الجالله ( هللا ) لكلمة التوحيد ال إله إال هللا مطابقة قائمة‬

‫لو جاء كافر يريد الدخول فى اإلسالم وقال ال إله إال الرب ‪ ،‬أو قال ال إله إال الرحيم أو قال‬
‫ال إله إال المالك ‪ ،‬أو قال ال إله إال القادر ‪ ،‬أو قال ال إله إال السالم ‪ :‬هل يقبل منة اإلسالم ؟‬

‫الجواب ‪( :‬ال) ال يقبل منه ‪ ،‬إال أن ينطق بكلمة التوحيد ( هللا) ‪.‬‬

‫ين‬ ‫ِ‬ ‫ْح ْم ُد لِلَّ ِه لتبين لنا أن الكلمة األولى ال إله إال هللا ثم جاءت الكلمة الثانية َر ِّ‬
‫ب ال َْعالَم َ‬ ‫إذاً جاءت ال َ‬

‫السؤال ‪ :‬هل تعلم أن الصالة ليس خاصة بالمسلمين ؟ بل بجميع الكون ؟‬

‫ين يقابلها الصالة‪.‬‬ ‫ِ‬

‫ب ال َْعالَم َ‬
‫َر ِّ‬

‫الجميع يصلى هلل قال تعالى " َو ِ َّهللِ َي ْس ُجد َمنْ فِي ال َّ‬
‫س َم َوات َو ْ َ‬
‫األ ْرض "‬

‫ت َو ْاألَ ْر ِ‬
‫ض‪.‬‬ ‫س َم َاوا ِ‬ ‫ت َو ْاألَ ْر ِ‬
‫ض " وله الحم ُد فى ال َّ‬ ‫س َّب َح ِ َّهللِ َما فِي ال َّ‬
‫س َم َاوا ِ‬ ‫الجميع يسبح قال تعالى " َ‬
‫ليس الناس فقط يحمدوا هللا ‪ ،‬ايضا ً الجميع يحمد ويسبح (هلل) من فى السموات واألرض ‪،‬والمالئكة‬
‫والجن و االنس والطير والحجر والشجر كل شيء إذاً يصلى و يسبح هلل ‪.‬‬

‫لذلك قال تعالى " فسبحان هللا حين ت ُمسون" (أى صالة العصر) وحين تصبحون ( أى صالة الفجر)‬
‫وعشيا ً ( أى صالة المغرب والعشاء) وحين تظهرون ( أى صالة الظهر) ‪.‬‬

‫ين‪.‬‬ ‫ِ‬
‫ب ال َْعالَم َ‬
‫إذاً سمى هللا الصالة تسبيح إذاً الصالة يقابلها َر ِّ‬

‫الر ْح َم ِن ) فما العالقة بينهما‪:‬‬

‫الزكاة يقابلها ‪َّ ( :‬‬

‫الر ْح َم ِن وأول ما تحدثت هذه السورة‬

‫الر ْح َم ِن) شرحته سورة كاملة سورة َّ‬
‫العالقة لفظ ( َّ‬
‫عن عطاء هللا لإلنسان والعطاء الذى تجب فيه الزكاة ‪.‬‬

‫والزكاة تجب فى كل شيء أعطاه هللا من مال ومن علم ومن قوة ومن كل شيء‬

‫الر ْح َمنُ ‪َ ،‬علَّ َم القُ ْرآنَ " يوجب الزكاة على القُ ْرآنَ كيف ؟‬
‫ولكل نعمه زكاتها قال تعالى " َّ‬

‫الصفحة ‪15‬‬
 ‫قال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم " خيركم من تعلم القُ ْرآنَ وعلمه " بلغوا عنى ولو آية قال‬
‫تعالي " إِنَّ ا َّلذِينَ َي ْك ُت ُمونَ َما َأ ْن َز ْل َنا مِنَ ا ْل َب ِّي َنا ِ‬
‫ت َوا ْل ُهدَى مِنْ َب ْع ِد َما َب َّي َّناهُ لِل َّن ِ‬
‫اس في الكتاب أولئك‬
‫يلعنهم هللا ويلعنهم الالعنون "‬

‫إذاً تعنى زكاة العلم أشد أث َم من ما تعنى زكاة المال ‪.‬‬

‫ش ْمس َوا ْل َق َمر ب ِ ُح ْس َبا ٍ‬

‫ن " جاءت هنا السنوات والزكاة مربوطة بالسنة‬ ‫ال َّ‬ ‫"‬

‫ما هى اركان الزكاة ؟ ملك النصاب – وتمام الحول ما معنى الحول أى ( العام)‬

‫والعام ينقسم الى قسمين ‪ :‬عام قمرى ( هجري) ‪ ،‬وعام شمسي ( ميالدى) لكن العامين واحد‬

‫س عام ا ْل َق َمر تختلف الشهور فيه‬ ‫العام القمري مربوط با ْل َق َمر وهو اقل يوم من عام ال َّ‬
‫ش ْم َ‬
‫العام القمري ( الهجري) أقل من ‪ 63‬يوم ويثبت عليها ‪.‬‬

‫ثابت ويزيد على ‪ 63‬يوم و هذا الفرق‪.‬‬ ‫عام ال هشم َ‬

‫ْس‬
‫لذلك قال هللا " َو َلب ِ ُثوا فِي َك ْه ِفهِ ْم َث َال َث ِم َئ ٍة سِ نِينَ َو ْ‬
‫ازدَ ادُوا ت ِْسعا ً "‬

‫س‬ ‫وذلك لمن أراد الحساب ا ْل َق َمر أو لمن أراد الحساب بال َّ‬
‫ش ْم َ‬

‫ش ْمس َوا ْل َق َمر ب ِ ُح ْس َبا ٍ‬

‫ن " جاء الحول وجاءتك الزكاة "‬ ‫لذلك جمع هللا الحسابين فى أية " ال َّ‬

‫والنجم والشجر يسجدان " (النجم) هو نجم االرض وهو النبات الذى ال ساق له‬

‫والشجر هو البنات الذى له ساق ‪.‬‬

‫" والسماء رفعها ووضع الميزان هل فيه زكاة بدون ميزان ؟ (ال) " أال تطغوا فى الميزان "‬

‫انتبهوا اال يقوم شخص ويقول رأس المال قليل و ُيخسر من الزكاة فحسابك عسير عند هللا‬

‫الر ْح َم ِن ) ‪.‬‬
‫ين ‪ ،‬فهده هى العالقة بين الزكاة ولفظ ( َّ‬ ‫ِ‬
‫ب ال َْعالَم َ‬
‫لكتمك على الزكاة ألنك ال تكتم على َر ِّ‬

‫الرِح ِ‬
‫يم)‬ ‫الرِح ِ‬
‫يم) ‪ :‬الركن الرابع ‪ :‬الصوم ‪ ،‬واالسم الرابع فى فاتحة الكتاب ( َّ‬ ‫الصوم ‪ :‬يقابله ( َّ‬

‫الرِح ِ‬
‫يم والصوم ؟‬ ‫فما العالقة بين َّ‬

‫الصائم فيه من الرحمة والرفق بالناس ما ليس عند ال ُمفطِ ر لماذا ؟‬

‫الن اطو ل عبادة هلل فى العبادات الخمسة هى عبادة الصوم وهى شهر دائمة العبادة ديمومة ( فعيل)‬
‫يم لفظة الصيام ولما ناسب اللفظ اللفظة وناسب الفعل االستمرار جعل هللا سبحانه‬ ‫الرِح ِ‬
‫تناسب لفظة َّ‬
‫ص َيا َم َفإِ َّن ُه لِي َو َأ َنا َأ ْج ِزي ب ِ ِه "‬
‫هذا الفرض من بين الفرائض كلها خاصا ً به فقال تعالى " إال ل ِّ‬

‫الصفحة ‪16‬‬
 ‫ك يَ ْوِم الدِّي ِن‬ ‫َ‬ ‫ك يَ ْوِم الدِّي ِن ) َ‬
‫الحج يقابله من االسماء الخمسة (الملك) " مالِ ِ‬ ‫ال َحج‪ :‬يقابله ( مالِ ِ‬
‫َ‬

‫هل بينهم تناسب ؟ ( نعم) يَ ْوِم الدِّي ِن وما ادراك ما يَ ْوِم الدِّي ِن ‪ ،‬يوم يقوم الناس ل َر ِّب ا ْل َعالَمِينَ‬

‫الحج عرفة ‪ :‬يوم يقوم ال َّناس ل َر ِّب ا ْل َعالَمِينَ‬

‫إذاً يوم ال َحج وما ادراك ما يوم ال َحج ‪ ،‬و َ‬
‫تناسبت اتفقت ‪ ،‬إذاً جاءت أركان اإلسالم الخمسة فى فاتحة الكتاب فى خمسة أسماء هلل عز وجل‬

‫وتلك األمثال نضربها لل َّناس وما يعقلها إال العالمون ‪.‬‬

‫ماذا باقي معنى ؟ اإليمان و أركانه ‪ :‬أركان اإليمان هى ‪:‬‬

‫‪ -‬والقدر خيرة وشره‬ ‫‪ -‬واليوم االخر‬ ‫‪ -‬ورسله‬ ‫‪ -‬وكتبة‬ ‫‪ -‬ومالئكته‬ ‫أن تؤمن باهلل‬

‫اإليمان باهلل ‪ :‬يقوم على ثالثة ‪ :‬هى ‪:‬‬

‫‪ :‬وهى ‪ :‬الحمد هلل َر ِّب ا ْل َعالَمِينَ‬ ‫‪ -1‬اإليمان بربوبيته‬

‫‪ :‬وهى ‪ :‬إِ َّيا َك َن ْع ُب ُد َوإِ َّيا َك َن ْس َتعِينُ‬ ‫‪ -2‬اإليمان بؤلوهيته‬
‫الرحِيم‬ ‫الر ْح َم ِن َّ‬ ‫‪ -6‬اإليمان بأسمائه وصفاته ‪ :‬وهى ‪َّ :‬‬

‫أوالً ‪ :‬اإليمان بالمالئكة ‪ :‬من قول هللا عز وجل َر ِّب ا ْل َعالَمِينَ فالمالئكة تخلف ا ْل َعالَمِينَ ويقال الن‬
‫س ْب َحا َن َك َال عِ ْل َم َل َنا إ ِ َّال َما‬
‫ا ْل َعالَمِينَ هم أهل العلم من خلق هللا والمالئكة داخلة فيها لقوله تعالى" ُ‬
‫َع َّل ْم َت َنا إِ َّن َك أَنتَ ا ْل َعلِي ُم ا ْل َحكِي ُم(‪.‬‬

‫الرحِيم ‪ ،‬ألن الكتب كلها من رحمة هللا‬

‫الر ْح َم ِن َّ‬
‫يقول هللا جل وعلى َّ‬ ‫ثانيا ً ‪ :‬اإليمان بالكتب ‪:‬‬
‫الر ْح َم ِن هو الذى أنزل التوراة واإلنجيل والزابور والقرآن والكتب‬
‫الر ْح َم ِن علم القرآن " َّ‬
‫سبحانه " َّ‬
‫المنزلة كلها الن ذلك كله برحمته ‪.‬‬

‫هلل الذى أنزل على عبده الكتاب ‪ ،‬وأيضا ً فأن الكتب داخلة فى الحمد العام‬ ‫وأيضا ا ْل َح ْم ُد ِ َّ ِ‬
‫الذى هو ا ْل َح ْم ُد ِ َّ ِ‬
‫هلل َر ِّب ا ْل َعالَمِينَ ألن الحم ُد ينقسم الى قسمين فى القرآن ‪ :‬حمد عام وحمد‬
‫خاص‬

‫الحمد العام ‪ :‬كقولة تعالى " ا ْل َح ْم ُد ِ َّ ِ‬

‫هلل َر ِّب ا ْل َعالَمِينَ‬

‫والحمد الخاص بفعل من افعال هللا‬

‫ض" ا ْل َح ْمد ِ َّهللِ ا َّلذِي َأ ْن َزل َ َعلَى َع ْبده ا ْل ِك َتاب‬

‫ت َواألَ ْر ِ‬ ‫كقولة تعالى " ا ْل َح ْم ُد ِ َّهللِ َفاطِ ِر َّ‬
‫الس َم َاوا ِ‬
‫و " ا ْل َح ْم ُد ِ َّهللِ ا َّلذِي َهدَا َنا لِ َه َذا "‬
‫الى غير ذلك‬
‫جميع الحمد فى القرآن ‪ ،‬إما ان تكون عامة او تكون خاصة ‪.‬‬

‫الصفحة ‪17‬‬
 ‫الرحِيم‬ ‫ثالثا ً ‪ :‬اإليمان بالرسل ‪ :‬الرسل دخلوا فى باب (الرحمة) َّ‬
‫الر ْح َم ِن َّ‬

‫وباب إِ َّيا َك َن ْع ُب ُد‪ ،‬الن هللا ال ُيعبد إال بما شرع وال نتوصل لشرعه إال بواسطة رسله‬

‫قال تعالى " َو َما ُك َّنا ُم َع ِّذبِينَ َح َّتى َن ْب َع َث َر ُ‬

‫سو ًال " اذاً جاء اإليمان بالرسل ‪.‬‬

‫اإليمان باليوم اآلخر ‪َ :‬مالِكِ َي ْو ِم الدِّ ِ‬

‫ين‬

‫اإليمان بالقدر خيرة وشره ‪:‬‬

‫ب َعلَي ِه ْم‬
‫ضو ِ‬ ‫اط الَّذِينَ أَ َ‬
‫نعمتَ َعلَي ِه ْم ( قدر) ‪َ -‬غ ِ‬
‫ير ال َمغ ُ‬ ‫اط ال ُمس َتقِي َم ( قدر) ‪ -‬صِ َر َ‬
‫الص َر َ‬
‫اه ِد َنا ِّ‬
‫الضا ِّلينَ ( قدر)‬‫( قدر) ‪َ -‬والَ َّ‬
‫هذا قدر هللا ال يؤمن أحد إال بقدر هللا ‪ ،‬وال يظل ويكون ضال إال بقدر هللا وال يغضب علية إال‬
‫بقدر هللا فجاء اإليمان كله بأركانه الستة فى فاتحة الكتاب ‪.‬‬

‫باقى اإلحسان ‪:‬‬

‫اإلحسان أن تعبد هللا كأنك تراه فأن لم تكن تراه فأنة يراك‬
‫اك نَعب ُد وإِيَّ َ ِ‬
‫ين "‬
‫اك نَ ْستَع ُ‬ ‫جاء كل اإلحسان فى آية " ) إِيَّ َ ْ ُ َ‬

‫اك نَ ْعبُ ُد‪ :‬أن تعبد هللا كأنك تراه فإن لم تكن تراه فهو يراك‬
‫إيَّ َ‬

‫ين‪ :‬استعين به حتى تصل الى مقام أن تراه ‪َ -‬وإِيَّ َ‬

‫اك ال تكون إال للمخاطبة‬ ‫وإِيَّ َ ِ‬
‫اك نَ ْستَع ُ‬ ‫َ‬

‫ين وحتى جاء‬ ‫ِ‬ ‫ْح ْم ُد لِلَّ ِه َر ِّ‬

‫ب ال َْعالَم َ‬ ‫وهناك فى فاتحة الكتاب أسلوب جميل بأنها بدأت بأسلوب الغيب كال َ‬
‫اك نَ ْعبُ ُد ‪ -‬فلماذا لم يقل ( إياه نعبد ) بل قال إِيَّ َ‬
‫اك نَ ْعبُ ُد ‪.‬‬ ‫قولة إِيَّ َ‬

‫اك نَ ْعب ُد وإِيَّ َ ِ‬

‫ين‬
‫اك نَ ْسَتع ُ‬ ‫ألنك وصلت الى مرتبة اإلحسان كأنك تراه سبحانه ‪ -‬بل نقل إِيَّ َ ُ َ‬

‫فاتحة الكتاب أيضا ً مشتملة على الحالل والحرام وما يتعلق باإلحكام كلها‬

‫ومشتملة على االخالق وما يتعلق بها ‪ ،‬ومشتملة على اصول االخالق ‪ ،‬كيف ؟‬

‫شرحها كالتالى‪:‬‬

‫هللا عز وجل يدعونا أن نجتمع أ م نفترق ؟ ( ال) يدعونا أن نجتمع ‪ ،‬لقولة سبحانه وتعالى‬

‫" َوا ْع َتصِ ُمو ْا ب ِ َح ْب ِل هللاِ َجمِيعا ً َو َال َت َف َّرقُواْ "‬

‫ويدعوا كل واحد منا أن يحمل مسؤولية االمة وأن ُنبعد شيء أسمة األنا ( األنانية) ‪.‬‬

‫الصفحة ‪18‬‬
 ‫يعني ال نكن أنانيين مع أننا ولألسف الشديد كثير منا من حيث يشعر أو ال يشعر أناني‬

‫مثل الرجل الذى قال اللهم ارحمني وارحم محمداً وال ترحم أحد أبداً فقال له حجبت واسعا ً بل قل‬
‫اللهم ارحمني وارحم محمداً وارحم جميع المسلمين ‪.‬‬

‫اإلسالم يريد من المسلم أن يتبع الجماعة‪ ،‬عليكم بجماعة المسلمين‬

‫ين‬ ‫ِ‬ ‫ْح ْم ُد لِلَّ ِه َر ِّ‬

‫ب ال َْعالَم َ‬ ‫ال لو قمت تصلي منفرداً فى المسجد وتقرأ بفاتحة الكتاب وتقول ال َ‬ ‫فمث ً‬
‫ين ‪ ،‬فهنا إِيَّ َ‬ ‫اك نَعب ُد وإِيَّ َ ِ‬ ‫ِِ ِ‬ ‫الرِح ِ‬
‫اك للجماعة وأنت واحد فرد‬ ‫اك نَ ْستَع ُ‬ ‫يم (‪َ )3‬مالك يَ ْوم الدِّي ِن (‪ )4‬إِيَّ َ ْ ُ َ‬ ‫الر ْح َم ِن َّ‬
‫(‪َّ ) 2‬‬
‫ين أنا وحدي(ال) لكن الفاتحة يريد منها هللا أن‬ ‫اك ( أعبد) وإِيَّ َ ِ‬
‫فكان من الممكن ان تقول إِيَّ َ‬
‫اك ا ْستَع ُ‬ ‫َ‬
‫اك نَعب ُد وإِيَّ َ ِ‬
‫ين اسلوب الجماعة‬ ‫اك نَ ْستَع ُ‬ ‫ُتعودنا على الجماعة وعلى صالة الجماعة فيقول عز وجل " إِيَّ َ ْ ُ َ‬

‫وتقول لك يا انسان أنت لست وحدك أنت تحمل لسان واحد وقلب واحد لكنك أنت فى حد ذاتك تحمل‬
‫مجموعة متحركة أنت مجموعة من االجهزة جمعها هللا بجهاز واحد وأَسلمت كلها هلل طوعا ً وكرها ً ‪.‬‬

‫تملك شيء اسمة الجهاز التنفسى الجهاز الهضمي الجهاز العصبى الجهاز الحسى الجهاز البصري‬
‫– الجهاز السمعي – جهاز العضالت هذه االجهزة المتكاملة فى الجسم كلها تعبد من ؟ تعبد ( هللا) ‪.‬‬

‫من يملك السمع والبصر أنت ؟ (ال) هللا ‪،‬إذاً ليس األ ُذن هى التى َتسمع وليس العين هى التى‬
‫ُتبصر وليس اللسان هو الذى يتكلم ‪ ،‬كم من أبكم له لسان ‪ ،‬وكم من أعمى له عينين وكم من أصم‬
‫شيء " إنها ال تعمي االبصار " ولكنها وسائل أن أَذنَ لها هللا وأعطاها‬ ‫ً‬ ‫له ا ُذنين ولكن ال يسمع‬
‫ي َف ُه ْم الَيعقلون "‪.‬‬ ‫عملت بما أَمرها هللا ‪ ،‬ولهذا قال تعالى عن الكفار" ُ‬
‫ص ٌّم بُ ْكم ٌ ُع ْم ٌ‬
‫اك نَ عب ُد وإِيَّ َ ِ‬
‫ين‬
‫اك نَ ْستَع ُ‬ ‫إذاً أول ما َتدخل فى الصالة تبدأ بنفسك وتبدأ بأجهزتك تقول " إِيَّ َ ْ ُ َ‬

‫أى يا رب أنا الواقف بين يديك جسم وعقل وروح كلنا ال نعب ُد إال أنت ‪.‬‬

‫وفى هذا رد على من فرق اآللهة‪ ،‬قريش َفرقة اآللهة قالوا األرض لها آلهتها ‪ ،‬والسماء لها آلهتها‬
‫والمالئكة بنات هللا فاهلل ليس له أبناء وال بنات ‪ ،‬فكان فى فاتحة الكتاب الرد الشافي والكافي عليهم‬

‫ب ا ْل َعالَ ِمينَ والصالة والسالم على أشرف المرسلين سيدنا محمداً وأله وسلم‬ ‫هذا و ا ْل َح ْم ُد ِ ِ‬
‫هلل َر ِ‬

‫اللهم علمنا ما ينفعنا ونفعنا بما علمتنا أنك أنت عالم الغيوب‬

‫آ ميـــــــــــــــن‬

‫صدقة جارية‬ ‫تفسير الشيخ الدكتور‬

‫محمد بن على الشنقيطي‬

‫الصفحة ‪19‬‬