You are on page 1of 61

‫الدالئل الربانية‬

‫يف الرد على التيجانية‬

‫تأليف‬

‫الطبعة األوىل‬
‫‪ 1442‬هـ‪2020/‬م‬
‫‪3‬‬ ‫الدالئل الربانية يف الرد على التيجانية‬

‫الحمدهلل وكفى والصالة والسالم على عباده الذين أصطفى وبعد‪:‬‬


‫فهذا بيان مختصر لعقيدة طائفة التيجانيه جمعته من كتبهم والرد عليهم وذلك‬
‫إلنحراف هذه الطائفة عن المنهج القويم وحاجة الناس إلى بيان عقيدهتم الفاسده‬
‫وإنتشارها يف أوساط افريقيا وغيرها وكثرة ضاللهم يف العالم اإلسالمي وهي من‬
‫الفرق الضاله المنحرفه عن المنهج الصحيح المستمد من الكتاب والسنة‪.‬‬
‫أسأل اهلل سبحانه أن يلهمنا الصواب إنه ولى ذلك والقادر عليه‪ ،‬وصلى اهلل‬
‫وسلم على سيدنا محمد وعلى أله وصحبه‪.‬‬

‫***‬
‫الدالئل الربانية يف الرد على التيجانية‬ ‫‪4‬‬

‫‪ J‬نشأة الطريقة التيجانية وتطورها ‪L‬‬


‫تنتسب الطريقة التيجانية إلى أبي العباس أحمد بن محمد بن المختار بن‬
‫سالم التيجاين (‪1230 - 1152‬هـ)‪ ،‬الملقب بابن عمر‪ ،‬والختم المحمدي‪،‬‬
‫والقطب المكتوم‪.‬‬
‫ولد بقرية عين ماضي بصحراء الجزائر‪ ،‬والتابعة حال ًّيا لوالية األغواط الجزائرية‪،‬‬
‫من عائلة التيجاين المنحدرة من نسل الحسن بن علي بن أبي طالب ‪.‬‬
‫احتضنت عائلة التيجاين المذهب التصويف وورثته أ ًبا عن جد؛ فقد كان‬
‫والده أبو عبداهلل محمد بن المختار ‪ -‬حفيد محمد بن سالم الصويف ‪ -‬من شيوخ‬
‫المتصوفة يف ذلك الزمان‪ ،‬وكان يعرف بالصالح والورع‪ ،‬حتى صار يرفض حتى‬
‫قضاء الناس لحوائجه من باب “التعلق باهلل ‪ ‬وحده”‪ ،‬فيما كانت أمه‬
‫عائشة ابنة أبي عبداهلل محمد بن السنوسي‪ ،‬الذي كان يعده الصوفية من أوليائهم‬
‫ذوي الربكة واألنوار‪ ،‬فكان لهذا المنشأ األثر العميق يف توجهه العقدي فيما بعد‪.‬‬
‫صغيرا‪ ،‬ثم اتجه نحو دراسة المتون‪ ،‬فقرأ المدونة‬
‫ً‬ ‫حفظ أحمد التيجاين القرآن‬
‫والموطأ‪ ،‬والرسالة ألبي زيد القيرواين‪ ،‬ومختصر خليل‪ ،‬ثم متن صحيح البخاري‬
‫ومسلم‪ ،‬باإلضافة إلى مقدمة ابن رشد‪.‬‬
‫وحينما بلغ من العلم مبل ًغا معتربًا يف ذلك الزمان وكل إليه التدريس واإلفتاء‬
‫على صغر سنه‪ ،‬ثم تاقت نفسه للرحلة؛ رغبة يف لقاء كبار شيوخ الطرق الصوفية‪،‬‬
‫فانطلق سنة ‪1171‬هـ إلى مدينة فاس المغربية‪ ،‬التي تعد من كربى المنارات‬
‫العلمية عند المتصوفة إلى يومنا هذا‪ ،‬فالتقى بأحد كبار علمائهم‪ ،‬وهو الطيب‬
‫‪5‬‬ ‫الدالئل الربانية يف الرد على التيجانية‬

‫أيضا محمد بن الحسن الوانجلي‪،‬‬


‫بن محمد اليلمحي العلمي الوزاين‪ ،‬ولقي ً‬
‫وعبداهلل بن العربي األندلسي‪.‬‬
‫وأخذ الطريقة الناصرية عن أبي عبداهلل محمد التزاين‪ ،‬وطريقة أحمد الغماري‬
‫أيضا عن أحمد الطواش نزيل مدينة تازة‪ ،‬وأذن له بفاس من‬
‫السجلماسي‪ ،‬ثم أخذ ً‬
‫أخذ عنه الطريقة القادرية‪.‬‬
‫ثم بعد ذلك عاد إلى الجزائر‪ ،‬لكن هذه المرة استعدا ًدا للسفر لبيت اهلل‬
‫الحرام‪ ،‬فلقي خالل سفره محمد بن عبدالرحمن األزهري قرب الجزائر‪ً ،‬‬
‫آخذا‬
‫عنه الطريقة الخلوتية‪ ،‬وعبدالصمد الرحوي بتونس‪ ،‬ومحمد الكردي المصري‬
‫بمصر‪ ،‬الذي أخربه أحمد التيجاين برغبته يف بلوغ مقام القطبانية العظمى‪ ،‬فأقر له‬
‫محمد الكردي بأن “مرتبته عند اهلل فاقت ذلك”‪.‬‬
‫ولدى وصوله لمكة التقى بأبي العباس أحمد الهندي‪ ،‬الذي لم يكن يأذن‬
‫ألحد بالدخول عليه‪ ،‬فأخذ عنه العلوم عرب واسطة‪ ،‬وبشره فيما بعدُ أبو العباس‬
‫بأنه سيبلغ الشأن العظيم يف هذا األمر‪ ،‬وبأنه سوف يرث أسراره وأنواره‪ ،‬فعاد بعد‬
‫ذلك أحمد التيجاين للمغرب؛ حيث التقى بمحمد بن المشر الحسني السباعي‬
‫أيضا علي‬
‫السائحي‪ ،‬الذي كان يعد كاتب وخازن سر إدريس األزهر‪ ،‬والتقى ً‬
‫حرازم برادة الفاسي‪.‬‬
‫فهؤالء جملة من لقيهم أحمد التيجاين وأخذ عنهم العلم والطرق الصوفية‬
‫كثيرا ما كانوا يثنون عليه‪،‬‬
‫من كبار أهل التصوف يف ذلك الزمان‪ ،‬مع العلم أهنم ً‬
‫ويوكلون له مهام التدريس والفتوى يف تلك البلدان لفرتة من الزمن‪ ،‬ويأذنون له يف‬
‫أخذ طرقهم‪ ،‬غير أن أحمد التيجاين لم يكن يلتزم هبا‪ ،‬بل يكتفي بـ‪“ :‬التربك هبم”‪.‬‬
‫الدالئل الربانية يف الرد على التيجانية‬ ‫‪6‬‬

‫ويف سنة ‪1196‬هـ أعلن أحمد التيجاين بلوغه مرتبة الوالية العظمى والفتح‬
‫آمرا إياه‬
‫كما من األوراد‪ً ،‬‬
‫األكرب‪ ،‬برؤيته للنبي ‪ ‬عيانًا ويقظة؛ حيث لقنه ًّ‬
‫برتك كل ما أخذه عن غيره من الطرق؛ إذ “ال منة لغيره عليه”‪ ،‬وملز ًما إياه بالطريقة‬
‫“تعليما عا ًّما ومطل ًقا”‪.‬‬
‫ً‬ ‫الجديدة من غير اعتزال وال خلوة‪ ،‬حتى يعلم الناس ويربيهم‬
‫وشاع بعد ذلك أنه أخذ عن النبي ‪ ‬الورد المعروف بصالة‬
‫الفاتح لما أغلق‪ ،‬وسيأيت ذكرها يف المباحث المتعلقة بالمعتقد‪ ،‬وبعد هذه‬
‫الحادثة وبعدما أخذ مقاليد “التعليم المطلق” يف الجزائر والمغرب‪ ،‬ذاع ِصيته‪،‬‬
‫وانتشر ذكره يف منطقة المغرب العربي‪ ،‬وشمال إفريقيا‪ ،‬مع ما بدا لكبار الصوفية‬
‫من علو شأنه يف باقي بلدان العالم اإلسالمي‪.‬‬
‫وقد ساهمت العديد من العوامل يف قبول الناس لهذه الطريقة‪ ،‬واستقرارهم‬
‫عليها‪ ،‬منها‪ :‬الجهل بأصول الدين‪ ،‬وقلة المتفقهين يف الكتاب والسنة؛ لقلة المراكز‬
‫العلمية‪ ،‬وكثرة االهتمام بتحفيظ القرآن‪ ،‬ال سيما وأن حركة التأليف كانت تمس‬
‫شروحات الفقه واللغة العربية أكثر من العقيدة‪.‬‬
‫أيضا‪ :‬تزامن حركة التيجانيين مع هناية الحكم العثماين‪،‬‬
‫ومن العوامل ً‬
‫أيضا ‪ -‬شأهنا يف ذلك‬
‫وتكالب الدول األوروبية على العالم اإلسالمي‪ ،‬ومنها ً‬
‫شأن كل البدع ‪ :-‬انتصار السلطات الحاكمة آنذاك للطريقة‪ ،‬وتأمين انتشارها‪،‬‬
‫وحماية رؤوسها‪.‬‬
‫بعد فرتة من االستقرار بمدينة فاس تويف أحمد التيجاين عن عمر يناهز الثمانين‬
‫عا ًما‪ ،‬فاستكمل تالميذه دعوته‪ ،‬حتى صار للطريقة حال ًّيا أكثر من ثالثمائة مليون‬
‫تابع عرب العالم‪ ،‬حسب اإلحصائيات‪.‬‬
‫‪7‬‬ ‫الدالئل الربانية يف الرد على التيجانية‬

‫‪ J‬عقائد التجانية ‪L‬‬


‫ أو ًال‪ :‬عقيدتهم يف اهلل تعاىل‪:‬‬
‫عقائد ُم ْنح ِرف ًة وزائغ ًة عن اهلل‬
‫َ‬ ‫نصوص ُت ْثبِ ُت‬
‫ٌ‬ ‫يف ُكت ِ‬
‫ُب التجانية و َمصاد ِرهم‬
‫الصالح والزهد تؤمن‬
‫َ‬ ‫أن هذه الطائف َة التي تدَّ عي‬‫تصديق َّ‬
‫ُ‬ ‫‪ ،‬وال يمكن‬
‫بعقائدَ كفر َّي ٍة إلاَّ بعد اال ِّطالع على ما َد َّونه علماؤهم و ُك َبراؤهم يف مؤ َّلفاهتم‪.‬‬

‫ وحدة الوجود عند التجانية‪:‬‬

‫™ ™تعريف وحدة الوجود‬

‫تعني أن الكائن الممكن يستلزم كائنا آخر واجب الوجود بذاته‪ ،‬ليمنح الوجود‪،‬‬
‫ويفيض عليه بالخير واإلبداع‪ .‬وذلك الكائن الواجب الوجود هو اهلل جل شأنه؛ ألنه‬
‫موجود أوال بنفسه‪ ،‬ودون حاجة إلى أي موجود آخر؛ كيال تمتد السلسلة إلى ما‬
‫ال هناية‪ .‬وأن الكائنات األخرى جميعها مظاهر لعلمه وإرادته‪ ،‬ومنه تستمد الحياة‬
‫والوجود؛ ولهذا كان وجودها عرضا وبالتبع‪ .‬وبناء على هذا؛ فليس ثمة إال كائن‬
‫واحد موجود حقيقة وضرورة‪ ،‬بل هو الوجود كله‪ ،‬وال تسمى الكائنات األخرى‬
‫(‪)1‬‬
‫موجودات‪ ،‬إال بضرب من التوسع والمجاز‪.‬‬
‫هذه هي النظرية التي تدعى “وحدة الوجود”‪ .‬وقد اعتنقها جماعة من الصوفية‬
‫بعد أن أخذت الدراسات الفلسفية يف اإلسالم تضمحل وتتوارى(‪.)2‬‬

‫((( يف الفلسفة اإلسالمية منهج وتطبيق د‪ .‬إبراهيم مدكور – دار المعارف بمصر‪ .‬ط ‪1968/ 2‬م‪-‬‬
‫‪.57-56/1‬‬
‫(( ( وحدة الوجود (الموسوعة اإلسالمية العامة)‪ ،‬أ‪.‬د‪/.‬عبد اللطيف محمد العبد‬
‫الدالئل الربانية يف الرد على التيجانية‬ ‫‪8‬‬

‫ التجانيون يف وحدة الوجود انقسموا إىل ثالث أقسام ‪:‬‬


‫أكثر مشايخِ التجانية المتقدِّ مين‪.‬‬
‫وه ْم ُ‬ ‫قسم يؤمنون بها و ُي ِ‬
‫دافعون عنها ُ‬ ‫ * ٌ‬
‫ِّ‬
‫المتأخرين منهم‪.‬‬ ‫بعض‬
‫وه ْم ُ‬ ‫قسم ُي ْن ِكرونها ويك ِّفرون َ‬
‫قائلها ــ كما يقولون ــ ُ‬ ‫ * ٌ‬
‫ِ‬
‫«اعتقدْ‬ ‫موقف‪:‬‬ ‫ثالث هم غالِ ُب العا َّمة الذين َي ِقفون مع مشايخهم‬ ‫قسم ٌ‬
‫َ‬ ‫ * ٌ‬
‫فه ْم َج َه َل ٌة مق ِّلدون‬ ‫ِ‬
‫وال تنتقدْ »‪ُ ،‬‬
‫الدكتور الهاللي الذي َّ‬
‫ظل تجان ًّيا‬ ‫َ‬ ‫سألت‬
‫ُ‬ ‫محمد آل الدخيل‪« :‬وقد‬ ‫قال علي بن َّ‬
‫للخاصة دون العا َّمة؟‬ ‫سنوات‪ :‬هل هذه العقيد ُة ُت َع َّلم لألتباع أم هي‬‫ٍ‬ ‫ُمدَّ َة تس ِع‬
‫َّ‬
‫خواص التجان ِّيين»‪.‬‬
‫ُّ‬ ‫فأجاب َّ‬
‫بأن هذه العقيدة ال يؤمن هبا إلاَّ‬

‫™ ™وهذه ُ‬
‫بعض النصوص َّ‬
‫الدالة على انتحا ِل التجانية لعقيدة وحدة الوجود‪:‬‬

‫أن أذواق العارفين يف ذوات الوجود أهنم َير ْو َن‬ ‫قال يف «جواهر المعاين»‪..« :‬ا ْع َل ْم َّ‬
‫ِ‬ ‫ٍ ِ ٍ‬
‫اهلل ‪ ‬تج َّلى‬ ‫كسراب بِقيعة‪ ،‬فما يف ذوات الوجود ُك ِّله إلاَّ ُ‬ ‫َ‬
‫أعيان الموجودات‬
‫ِ‬
‫الموجودات‬ ‫وص َو ُر‬ ‫ِ‬ ‫بص َو ِرها وأسمائها‪ ،‬وما َث َّم إلاَّ أسماؤه وصفا ُته؛‬
‫فظاهر الوجود ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫الح ُجب الذين ُح ِجبوا‬ ‫ِ‬
‫أصحاب ُ‬ ‫وأسماؤها ظاهر ٌة بصورة الغير والغيرية‪ ،‬وهي َمقا ُم‬
‫(‪)1‬‬
‫الحق فيها»‪.‬‬‫بظاهر الموجودات عن ُمطا َلعة ِّ‬‫ِ‬
‫ٍ‬
‫ساجد لغير اهلل يف الظاهر فما َع َبد وال َس َجد إلاَّ هلل‬ ‫أيضا‪« :‬ف ُك ُّل ٍ‬
‫عابد أو‬ ‫وقال ً‬
‫تعالى؛ ألنه هو المتج ِّلي يف تلك األلباس‪ ،‬وتلك المعبودات ُك ُّلها تسجد هلل تعالى‪،‬‬
‫الخ ْلق‬
‫سطوة جالله ‪ ،‬ولو أنَّها َبر َز ْت لعبادة َ‬ ‫ِ‬ ‫وتعبده وتس ِّب ُحه خائف ًة مِ ْن‬
‫فة العين ل ِ َغ ْيرتِه تعالى لنسبة‬
‫بدون تج ِّليه فيها َلتح َّطم ْت يف أسرع مِن َطر ِ‬
‫َ ْ ْ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫وبر َز ْت لها‬
‫َ‬

‫((( جواهر المعاين» لعلي حرازم (‪)٢٥٩ /١‬‬


‫‪9‬‬ ‫الدالئل الربانية يف الرد على التيجانية‬

‫األلوهية إلى غيره‪ ،‬قال ‪ ‬لكليمه موسى‪﴿ :‬ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ‬


‫ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﴾(‪.)1‬‬
‫بالحق‪ ،‬وقو ُله‪ ﴿ :‬ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﴾ يعني‪ :‬ال‬ ‫ِّ‬ ‫المعبود‬
‫ُ‬ ‫واإلل ُه ـ يف اللغة ـ هو‬
‫األوثان َم ْن َع َبدها فما َع َبد غيري‪ ،‬وال َت َّ‬
‫وجهوا بالخضو ِع‬ ‫َ‬ ‫معبو َد غيري وإِ ْن َع َبد‬
‫(‪)2‬‬
‫والتذ ُّلل لغيري‪»..‬‬
‫َّ‬
‫«‪..‬وأن هذا االعتقا َد ليس هو اعتقا َد‬ ‫وقال يف «ميدان الفضل واإلفضال»‪:‬‬
‫السليم بالوهب‬
‫ُ‬ ‫صحيح شر ًعا يقبله ُ‬
‫العقل‬ ‫ٌ‬ ‫ألن ذلك اعتقا ٌد‬ ‫القائ ِل بوحدة الوجود؛ َّ‬
‫الفكري‪. )3(»...‬‬
‫ِّ‬ ‫والفيض الرحماينِّ وإِ ْن لم ُيدْ ِركه بالنظر‬
‫ِ‬ ‫اإللهي‬
‫ِّ‬
‫ التعليق‪:‬‬
‫صريح يف‬
‫ٌ‬ ‫ألن القرآن‬ ‫ِ‬
‫وتفنيد أد َّلتها؛ ذلك َّ‬ ‫ِ‬
‫األقوال تغني عن َر ِّدها‬ ‫إنَّ حكاي َة هذه‬
‫ف بصفات الكمال‪،‬‬ ‫أن اهلل تعالى بائ ٌن مِ ْن َخ ْلقه ال ُي ْشبِ ُهه شي ٌء مِ ْن مخلوقاته‪ُ ،‬مت َِّص ٌ‬
‫َّ‬
‫بأن اهلل َح َّل وا َّتحد‬
‫اهلل النصارى القائلين َّ‬
‫منز ٌه عن النقائص والعيوب‪ ،‬ولقد َك َّفر ُ‬
‫َّ‬
‫بعيسى ‪﴿ ،‬ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ‬
‫ﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱ‬
‫ﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢ‬
‫أن اهلل مت ِ‬
‫َّحدٌ بجميع مخلوقاته‪َّ ،‬‬
‫وأن ما‬ ‫بم ْن يعتقد َّ َ ُ‬ ‫ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﴾ فكيف َ‬
‫(‪)4‬‬

‫اهلل عن ذلك ُع ُل ًّوا ً‬


‫كبيرا‪.‬‬ ‫يف الكون إلاَّ ُ‬
‫اهلل‪ ،‬تعالى ُ‬

‫((( [سورة طه‪ :‬آية ‪.]14‬‬


‫((( «جواهر المعاين» لعلي حرازم (‪.)١٨٤ /١‬‬
‫محمد الصغير (‪.)٦٢‬‬
‫شم رائحة جوهرة الكمال» لعبيدة بن َّ‬
‫((( «ميدان الفضل واإلفضال يف ِّ‬
‫(( ( [سورة المائدة‪ :‬آية ‪.]17‬‬
‫الدالئل الربانية يف الرد على التيجانية‬ ‫‪10‬‬

‫ ثاني ًا‪ :‬إميانهم َّ‬


‫بأن مشاخيهم يعلمون الغيب‪:‬‬
‫ونفوذ بصيرته الر َّبانية وفراستِه‬
‫ِ‬ ‫قال يف «جواهر المعاين»‪« :‬ومِ ْن كماله ‪‬‬
‫النورانية التي َظ َهر مقتضاها يف معرفة أحوال األصحاب‪ ،‬ويف غيرها مِ ْن إظهار‬
‫وعلم بعواقب الحاجات‪ ،‬وما يرت َّتب عليها مِ َن‬ ‫ٍ‬ ‫وإخبار بمغي ٍ‬
‫بات‪،‬‬ ‫َّ‬ ‫ٍ‬ ‫م ْضم ٍ‬
‫رات‪،‬‬ ‫ُ َ‬
‫وغير ذلك مِ َن األمور الواقعات»(‪. )1‬‬
‫المصالح واآلفات‪ِ ،‬‬

‫وقال يف «رماح حزب الرحيم»‪« :‬وينبغي على المريد َأ ْن يعتقد يف شيخه أنه‬
‫(‪)2‬‬
‫يرى أحوا َله ُك َّلها كما يرى األشيا َء يف الزجاجة»‬
‫طريق ِ‬
‫كشفه‬ ‫ِ‬ ‫محمد العربي السائح الشرقي‪« :‬ومِ ْن إخباره بالغيب عن‬ ‫وقال َّ‬
‫بأمور لم تقع إلاَّ بعد وفاتِه‪ ،‬إ َّما بالتصريح أو بالتلويح»(‪. )3‬‬
‫ٍ‬ ‫إخباره‬
‫ُ‬ ‫‪‬‬

‫™ ™تفنيد شبهة التجانيني‪:‬‬

‫واألشياء المستق َب ِلية التي لم‬


‫َ‬ ‫الغيب‬
‫َ‬ ‫استند التجانيون إلثبات معرفة شيوخهم‬
‫«قلت‪ :‬ال مانِ َع مِ ْن كونه تعالى‬
‫ُ‬ ‫محمد فتحا بقوله‪:‬‬
‫لخصها َّ‬
‫ٍ‬
‫واهية َّ‬ ‫ٍ‬
‫شبهة‬ ‫تقع بعدُ إلى‬
‫بعض أصفيائه كما قال تعالى‪﴿ :‬ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ‬ ‫ُي ْطلِ ُع على غيبه َ‬
‫ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ ﰇ ﰈ ﰉ ﰊ ﴾(‪.)4‬‬
‫والصحيح أنه لم ُينْ َق ْل مِ ْن هذه ِ‬
‫الدار‬ ‫بعض العارفين‪،‬‬ ‫ولي» كما قال ُ‬
‫ُ‬ ‫يعني‪« :‬أو ٍّ‬
‫ِ‬
‫بطريق الوراثة‬ ‫خواص أ َّمتِه كذلك‬‫ِّ‬ ‫اهلل على مفاتح الغيب‪ ،‬ف ْل َت ُك ْن ُ‬
‫بعض‬ ‫حتَّى أطلعه ُ‬

‫((( «جواهر المعاين» لعلي حرازم (‪.)].)٦٣ /١‬‬


‫(( ( «رماح حزب الرحيم يف نحور حزب الرجيم» لعمر بن سعيد الفويت الطوري (‪.)٢٨ /١‬‬
‫لمحمد العربي السائح الشرقي (‪. .)٢٤٦‬‬
‫َّ‬ ‫((( «بغية المستفيد»‬
‫((( [سورة الجن‪ :‬اآليات ‪]27-26‬‬
‫‪11‬‬ ‫الدالئل الربانية يف الرد على التيجانية‬

‫(‪)1‬‬
‫المحمدية‪»..‬‬
‫َّ‬
‫ اجلواب‪:‬‬
‫أن اال ِّطالع على الغيب مِ ْن خصوصيات اهلل ‪،‬‬ ‫ِ‬
‫اإليراد َّ‬ ‫جواب هذا‬
‫ُ‬
‫جاء ذلك صريحا يف أكثر مِن ٍ‬
‫آية يف كتاب اهلل ‪ ‬منها‪ :‬قو ُله تعالى‪﴿ :‬ﯶ‬ ‫َ ْ‬ ‫ً‬
‫ﯷﯸﯹﯺﯻﯼﯽﯾﯿﰀﰁﰂﰃﰄﰅﰆ‬
‫ﰇ ﴾(‪.)2‬‬
‫وقو ُله‪﴿ :‬ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ‬
‫ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﴾(‪.)3‬‬
‫وقو ُله‪﴿ :‬ﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶ﴾(‪. )4‬‬
‫علم الغيب باهلل َو ْحدَ ه ونفيِه َع َّم ْن سواه‪،‬‬ ‫ِ‬
‫بحصر ِ‬ ‫المصرحة‬
‫ِّ‬ ‫وغيرها ِم َن اآليات‬
‫ُ‬
‫نبي ُم ْر َس ٌل إلاَّ َم ْن أطلعهم ُ‬
‫اهلل عليه‪.‬‬ ‫الغيب َم َل ٌك ُم َّ‬
‫قر ٌب وال ٌّ‬ ‫َ‬ ‫فال يعلم‬
‫فإلحاق مع ظهور الفارق؛ ذلك‬ ‫ٌ‬ ‫الولي بالرسول كما ا َّدعا ُه التجا ُّين‬
‫ِّ‬ ‫ُ‬
‫إلحاق‬ ‫وأ َّما‬
‫الولي‪.‬‬ ‫حق‬‫ِّ‬ ‫يف‬ ‫يستحيل‬ ‫الذي‬ ‫الوحي‬ ‫ألن اهلل ُي ْطلِ ُع ُر ُس َله على األمور الغيبية عن ِ‬
‫طريق‬ ‫َّ‬
‫ِّ‬
‫علم الغيب وبيده ال ُّط ُر ُق‬ ‫«فاهلل تعالى عنده ُ‬ ‫ُ‬ ‫المالكي ‪:‬‬
‫ُّ‬ ‫القرطبي‬
‫ُّ‬ ‫قال‬
‫فم ْن شاء إطال َعه عليها َأ ْط َلعه‪ ،‬و َم ْن شاء َح ْج َبه‬ ‫ِ‬
‫الموصل ُة إليه ال يملكها إلاَّ هو‪َ ،‬‬ ‫ُ‬
‫ل قوله تعالى‪﴿ :‬ﮩﮪﮫ‬ ‫عنها َح َج َبه‪ ،‬وال يكون ذلك مِ ْن إفاضته إلاَّ على ُر ُسله بدلي ِ‬

‫لمحمد فتحا بن عبد الواحد السوسي (‪)٢١٩ /١‬‬


‫َّ‬ ‫«الدرة الخريدة»‬
‫َّ‬ ‫(( (‬
‫[سورة يونس‪ :‬آية ‪.]20‬‬ ‫((( ‬
‫[سورة هود‪ :‬آية ‪.]123‬‬ ‫(( (‬
‫[سورة النمل‪ :‬آية ‪.]65‬‬ ‫(( (‬
‫الدالئل الربانية يف الرد على التيجانية‬ ‫‪12‬‬

‫ﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟ‬
‫(‪)1‬‬
‫ﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯﯰﯱ﴾‬
‫وقال‪﴿ :‬ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ ﰇ ﰈ ﰉ ﰊ ﴾(‪. )3(»)2‬‬

‫اهلل على مفاتح‬ ‫ِ‬


‫الدار حتَّى أطلعه ُ‬ ‫وأ َّما قوله‪« :‬والصحيح أنه لم ُينْ َق ْل مِ ْن هذه‬
‫المحمدية» فال نس ِّلم َّ‬
‫أن‬ ‫َّ‬ ‫خواص ُأ َّمته كذلك بطريق الوراثة‬
‫ِّ‬ ‫الغيب‪ ،‬ف ْل َت ُك ْن ُ‬
‫بعض‬
‫طلِ َع على مفاتح الغيب؛ لقوله تعالى‪﴿ :‬ﯫ ﯬ ﯭ‬ ‫النبي ‪ُ ‬أ ْ‬
‫َّ‬
‫ﯮﯯﯰﯱﯲﯳﯴﯵﯶﯷﯸﯹﯺﯻﯼﯽﯾﯿﰀﰁ‬
‫(‪.)4‬‬
‫ﰂﰃﰄﰅﰆﰇﰈﰉﰊﰋﰌﰍ﴾‬

‫أحدً ا مِ ْن‬ ‫اختص َن ْف َسه بمفاتح الغيب ولم ُي ْطلِ ْع عليها َ‬ ‫َّ‬ ‫أن اهلل‬‫فاآلي ُة صريح ٌة يف َّ‬
‫اهلل‪ :‬لاَ َي ْع َل ُم َما يف َغ ٍد إِلاَّ‬
‫ب َخ ْم ٌس لاَ َي ْع َل ُم َها إِلاَّ ُ‬‫َخ ْلقه‪ ،‬ويف الحديث‪َ « :‬م َفاتِ ُح ال َغ ْي ِ‬
‫ِ‬ ‫اهلل‪َ ،‬ولاَ َي ْع َل ُم َما َت ِغ ُ‬
‫اهلل‪َ ،‬ولاَ‬‫اهلل‪َ ،‬ولاَ َي ْع َل ُم َمتَى َي ْأتي الم َط ُر َأ َحدٌ إِلاَّ ُ‬
‫يض األَ ْر َحا ُم إِلاَّ ُ‬ ‫ُ‬
‫اهلل»(‪.)5‬‬ ‫السا َع ُة إِلاَّ ُ‬
‫وت‪َ ،‬ولاَ َي ْع َل ُم َمتَى َت ُقو ُم َ‬ ‫ض َت ُم ُ‬ ‫َتدْ ِري َن ْف ٌس بِ َأ ِّي َأ ْر ٍ‬

‫مفاتح الغيب»(‪)6‬وإذا‬ ‫ٍ‬


‫شيء إلاَّ‬ ‫مسعود ‪ُ « :‬أعطِي نب ُّيكم ك َُّل‬
‫ٍ‬ ‫قال اب ُن‬
‫َ‬
‫اس ٍد َف َف ِ‬
‫اسدٌ »‪.‬‬ ‫ألن «ما بنِي َع َلى َف ِ‬ ‫سليمة فما ُبنِي عليها فمث ُلها؛ َّ‬
‫ٍ‬ ‫غير‬ ‫ُ‬
‫ة‬ ‫م‬ ‫المقدِّ‬ ‫كان ِ‬
‫َت‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬

‫((( [سورة آل عمران‪ :‬آية ‪.]179‬‬


‫(( ( [سورة الجن‪ :‬آية ‪.]27‬‬
‫(( ( «تفسير القرطبي» (‪)].)٥ /٧‬‬
‫(( ( [سورة األنعام‪ :‬آية ‪.]59‬‬
‫اب َق ْو ِل اهَّللِ َت َعا َلى‪﴿ :‬ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﴾‪،‬‬
‫(( ( رواه البخاري‪ ،‬كتاب التوحيد‪َ ،‬ب ُ‬
‫برقم ‪.7379‬‬
‫الطربي يف «تفسيره» (‪.)٢١٠ /٥‬‬
‫ُّ‬ ‫(( ( رواه أبو داود ‪،‬برقم ‪« ،385‬أخرجه‬
‫‪13‬‬ ‫الدالئل الربانية يف الرد على التيجانية‬

‫ ثالث ًا‪ :‬صالة الفاتح‪:‬عند التجانيني‬


‫ٍ‬
‫بلسان‬ ‫محم ٍد ‪‬‬ ‫َّ‬ ‫جربيل ‪ ‬على‬ ‫ُ‬ ‫«القرآن كال ُم اهلل ن ََزل به‬
‫بمخلوق وال يشبه كال َم‬ ‫ٍ‬ ‫بين‪ ،‬المتع َّبدُ بتالوته‪ ،‬منه بدأ وإليه يعود‪ ،‬ليس‬ ‫عربي ُم ٍ‬
‫ٍّ‬
‫وفضل القرآن على غيره م ْن سائر الكالم كفضل اهلل على َخ ْلقه»‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫المخلوقين‪،‬‬
‫أهل‬ ‫المعت َقدُ الذي كان عليه صحاب ُة النبي ‪ ‬وأجمع عليه ُ‬ ‫هذا هو ُ‬
‫ِّ‬
‫الحق؛ ف َقدْ‬
‫ُّ‬ ‫المفضلة‪ ،‬بينما للتجانيين يف كالم اهلل ُمعت َقدٌ ُمبايِ ٌن ل ِ َما عليه‬ ‫َّ‬ ‫القرون‬
‫قارئ‬ ‫َه َّونوا مِ َن القرآن وجعلوا لكال ِم شيخهم مرتب ًة تفوق مرتب َة كال ِم اهلل‪ ،‬وأع َط ْوا َ‬
‫بأن‬‫كثير مِ َن التجانيين َّ‬ ‫ِ‬
‫حافظ القرآن‪ ،‬حيث َيعتقدُ ٌ‬ ‫ُ‬ ‫ِو ْردهم مِ َن الفضل ما لم َينَ ْله‬
‫محم ٍد الفاتح ل ِ َما ُأ ْغلِق‪،‬‬ ‫ِ‬
‫صل على س ِّيدنا َّ‬ ‫ونصها‪« :‬اللهم ِّ‬ ‫ِ‬
‫«صالة الفاتح ل َما ُأ ْغلِق» ُّ‬
‫بالحق‪ ،‬الهادي إلى صراطِك المستقيم‪ ،‬وعلى آله‬ ‫ِّ‬ ‫الحق‬
‫ناصر ِّ‬ ‫ِ‬ ‫والخاتم ل ِ َما َس َبق‪،‬‬
‫ِ‬
‫أفضل مِ َن القرآن الكريم‪ ،‬وأهنا مِ ْن كالم اهلل‬ ‫ُ‬ ‫(‪)1‬‬ ‫ِ‬
‫ومقداره العظيم»‬ ‫حق َقدْ ِره‬‫َّ‬
‫«‪..‬ثم َأ َمرين بالرجوع ‪ ‬إلى صالة‬ ‫َّ‬ ‫جاء يف «جواهر المعاين»‪:‬‬
‫فلما أ َمرين بالرجوع إليها سألتُه ‪ ‬عن فضلِها‪،‬‬ ‫ِ‬
‫«الفاتح ل َما ُأغلق»‪َّ ،‬‬
‫ثم أخربين ـ‬ ‫ٍ‬ ‫المرة الواحدة منها تعدل مِ َن القرآن َّ‬ ‫فأخربين ـ َّأولاً ـ َّ‬
‫مرات‪َّ ،‬‬ ‫ست َّ‬ ‫بأن َّ‬
‫المرة الواحدة منها تعدل مِ ْن ك ُِّل تسبيحٍ َو َقع يف الكون ومِ ْن ك ُِّل ِذك ٍْر ومِ ْن‬
‫أن َّ‬ ‫ثان ًيا ـ َّ‬
‫مر ٍة ألنه مِ َن األذكار»‬ ‫ِ‬ ‫ٍ ِ‬ ‫دعاء ٍ‬ ‫ك ُِّل ٍ‬
‫صغير وم َن القرآن س َّت َة آالف َّ‬ ‫كبير أو‬
‫(‪)2‬‬

‫صحيفة مِ ْن ٍ‬
‫نور‬ ‫ٍ‬ ‫«الدرة الخريدة»‪..« :‬واعتقا ُد المص ِّلي هبا أهنا يف‬
‫َّ‬ ‫وقال ِّ‬
‫مؤل ُف‬
‫عمرو‪ ،‬بل هي مِ ْن كالمه‬
‫زيد وال ٍ‬ ‫إلهية‪ ،‬وليس ْت مِن تأليف ٍ‬
‫ْ‬ ‫َ‬
‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫قدرة‬ ‫ُأن ِْز َل ْت بأقال ِم‬

‫(( ( انظر‪« :‬أحزاب وأوراد التجاين» ألحمد التجاين (‪.)١٢‬‬


‫((( «جواهر المعاين» لعلي حرازم (‪.)١٣٦ /١‬‬
‫الدالئل الربانية يف الرد على التيجانية‬ ‫‪14‬‬

‫ُ‬
‫والفضل الذي فيها ال‬ ‫(‪)1‬‬
‫سبحانه‪ ،‬وأهنا لم تكن مِ ْن تأليف البكري‪ ،‬ويف «جع»‬
‫أن هذه الصال َة مِ ْن‬‫الذاكر َّ‬
‫ُ‬ ‫األول‪ :‬اإلذن‪ ،‬الثاين‪َ :‬أ ْن يعتقد‬
‫يحصل إلاَّ بشرطين‪َّ :‬‬
‫ِّ ٍ (‪)2‬‬ ‫ِ‬
‫تأليف مؤلف»‬ ‫وليس ْت مِ ْن‬
‫كالم اهلل تعالى كاألحاديث القدسية َ‬
‫ التعليق‪:‬‬
‫وأقبح مساوئهم؛‬
‫ِ‬ ‫أبشع ُم ْن َكراتهم‬
‫تفضيل التجان ِّيين صال َة الفاتح على القرآن ِم ْن ِ‬
‫ُب الحديث وال َسنَدَ له ولو‬ ‫كتاب مِ ْن ُكت ِ‬
‫ٍ‬ ‫فكيف ُي ْع َقل َأ ْن يكون كال ٌم لم ُي ْر َو يف‬
‫الباطل مِ ْن بين يدَ ْي ِه وال مِ ْن خلفه؟!! سبحانك‬
‫ُ‬ ‫ضعيف‪ ،‬يساوي كالم من ال ِ‬
‫يأتيه‬ ‫َ َ ْ‬
‫اهلل تعالى يف ُم ْح َك ِم َتن ِْزيله‪﴿ :‬ﭜﭝﭞﭟﭠ‬
‫هذا هبتان عظيم!! وقد قال ُ‬
‫(‪.)3‬‬
‫ﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯ﴾‬
‫ُ‬
‫أفضل‬ ‫فمجر ُد اإلتيان بمثلِ كال ِم اهلل ِم َن المستحيالت؛ فكيف باإلتيان بما هو‬
‫َّ‬
‫ات؟!!‬ ‫بمر ٍ‬
‫منه َّ‬
‫ُب القوم ومراجعهم ـ ولو حاولوا َ‬
‫تأويله ـ صدٌّ عن‬ ‫المدون يف ُكت ِ‬
‫َّ‬ ‫هذا االعتقاد‬
‫عتقدُ َّ‬ ‫فإن من ي ِ‬ ‫كتاب اهلل تالو ًة وتد ُّب ًرا‪ ،‬فعملاً‬
‫أن صالة الفاتح التي ال‬ ‫وتحاكما؛ َّ َ ْ َ‬
‫ً‬
‫ختمة مِ َن القرآن سينصرف ـ ال محال َة ـ عنه‬ ‫ٍ‬ ‫أسطر تعدل س َّت َة آالف‬ ‫ٍ‬ ‫تتجاوز ثالث َة‬
‫كلمات ال تتط َّلب منه وقتًا وجهدً ا؛ فيكون م ِ‬
‫ستح ًّقا للذ ِّم الوارد يف قول اهلل‬ ‫ٍ‬ ‫إلى‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫تعالى‪﴿ :‬ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﴾(‪.)4‬‬

‫ِ‬
‫لكتاب‪« :‬الجامع» البن المشري‪].‬‬ ‫«الدرة الخريدة»‬
‫َّ‬ ‫يرمز به مؤ ِّل ُ‬
‫ف‬ ‫الرمز ُ‬
‫ُ‬ ‫(( ( [هذا‬
‫لمحمد فتحا بن عبد الواحد السوسي (‪.)١٢٨ /٤‬‬
‫َّ‬ ‫«الدرة الخريدة»‬
‫َّ‬ ‫(( (‬
‫((( [سورة اإلسراء‪ :‬آية ‪.]88‬‬
‫((( [سورة الفرقان‪ :‬آية ‪.]30‬‬
‫‪15‬‬ ‫الدالئل الربانية يف الرد على التيجانية‬

‫النبي ‪ ‬يقظ ًة بعد االلتقاء‬ ‫ا ِّدعاء التجاين أنه َتل َّقى صال َة الفاتح ِم َن ِّ‬
‫حس ًّيا ما ِّد ًّيا‪ :‬شطح ٌة صوفي ٌة سيأيت الر ُّد عليها يف باهبا إِ ْن شاء اهلل‪.‬‬
‫لقاء ِّ‬
‫به ً‬
‫خص‬ ‫قبحا وشناع ًة اعتقا ُد التجان ِّيين أنَّ رسول اهلل ‪َّ ‬‬ ‫وما يزيدها ً‬
‫زعيمهم بفضل ال ِورد المزعوم‪ ،‬قال‪« :‬و َم ْن َأ َخذ عنِّي ِ‬
‫الو ْر َد المعلوم الذي هو الز ٌم‬ ‫َ‬
‫أذ ْنتُه يدخل الجنَّ َة هو ووالداه وأزواجه‪ ،‬وذريا ُته الم ِ‬
‫نفصل ُة عنه ال‬ ‫للطريقة‪ ،‬أو عمن ِ‬
‫ُ‬ ‫ِّ َّ‬ ‫ُ‬ ‫َّ ْ‬
‫ِ‬
‫بغض وال عداوةٌ‪،‬‬ ‫سب وال ٌ‬ ‫عقاب‪ ،‬بشرط َأ ْن ال يصدر منهم ٌّ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫حساب وال‬ ‫الح َفد ُة بال‬
‫َ‬
‫الو ْرد إلى الممات»(‪. )1‬‬ ‫وبدوا ِم مح َّبة الشيخ بال انقطا ٍع إلى الممات‪ ،‬وكذلك مداومة ِ‬

‫وجدْ ُتها ال َت ِزنُها عباد ُة جمي ِع الج ِّن واإلنس‬


‫«فلما تأ َّم ْل ُت هذه الصال َة َ‬
‫وقال‪َّ :‬‬
‫(‪.)2‬‬
‫والمالئكة»‬
‫يصح للتجاين َأنْ يزيد فيها َ‬
‫لفظ‬ ‫ُّ‬ ‫إذا كا َن ْت هذه الصال ُة ِم ْن كالم اهلل فكيف‬
‫محم ٍد‪ »..‬أفال يدري َّ‬
‫أن‬ ‫َّ‬ ‫«س ِّيدنا» ويزعم أنَّ اهلل يقول‪« :‬ال َّل ُه َّم ِّ‬
‫صل على س ِّيدنا‬
‫بن عبد اهلل ِ‬
‫بن‬ ‫مطرف ِ‬ ‫اهلل هو الس ِّيد؛ فعن ِّ‬
‫الرسول ‪ ‬ليس س ِّيدً ا هلل بل ُ‬
‫«جا َء َر ُج ٌل إِ َلى النَّبِ ِّي ‪َ ‬ف َق َال‪:‬‬ ‫الش ِّخير يحدِّ ث عن أبيه ‪ ‬قال‪َ :‬‬ ‫ِّ‬
‫ِ‬
‫يها‬‫اهلل»‪َ ،‬ق َال‪َ « :‬أن َْت َأ ْف َض ُل َها ف َ‬ ‫ش»‪َ ،‬ف َق َال النَّبِ ُّي ‪َّ :‬‬
‫«الس ِّيدُ ُ‬ ‫« َأن َْت َس ِّيدُ ُق َر ْي ٍ‬
‫ول اهللِ ‪« :‬ل ِ َي ُق ْل َأ َحدُ ك ُْم بِ َق ْول ِ ِه‪،‬‬ ‫َق ْولاً َو َأ ْع َظ ُم َها فِ َيها َط ْولاً »‪َ ،‬ف َق َال َر ُس ُ‬
‫َ ُ (‪)3‬‬
‫الش ْيطان»»‬ ‫َوال َي ْست َْج ِر ِه َّ‬

‫((( «جواهر المعاين» لعلي حرازم (‪)٩٨ /١‬‬


‫((( «جواهر المعاين» لعلي حرازم (‪.)١٠١ /١‬‬
‫باب يف كراهية التمادح (‪ ،)٤٨٠٦‬مِ ْن‬
‫((( [أخرجه أحمد يف «مسنده» (‪ ،)١٦٣٠٧‬وأبو داود يف «األدب» ٌ‬
‫ِ‬
‫حديث عبد اهلل ِ‬
‫الش ِّخير ‪ .‬والحديث َّ‬
‫صححه األلباينُّ يف «صحيح الجامع» (‪. )٣٧٠٠‬‬ ‫بن ِّ‬
‫الدالئل الربانية يف الرد على التيجانية‬ ‫‪16‬‬

‫فرع عن الكالم يف الذات‪ ،‬فكما‬ ‫والكالم يف الصفات ٌ‬


‫ُ‬ ‫صفة ِم ْن صفاته‪،‬‬
‫كالم اهلل ٌ‬
‫فإن كالم اهلل ال ُيشبِ ُهه كال ُم المخلوقين‪،‬‬
‫ذوات المخلوقين َّ‬
‫ُ‬ ‫أن ذات اهلل ال ُيشبِ ُهها‬
‫َّ‬
‫فضل كال َمهم على‬
‫بم ْن َّ‬ ‫ِ‬
‫البشر ككالم اهلل ف َقدْ َك َفر‪ ،‬فكيف َ‬ ‫و َم ِن اعتقد َّ‬
‫أن كال َم‬
‫كالمه سبحانه‬

‫النيب ‪:‬‬
‫ رابعا‪ :‬عقيدتهم يف ِّ‬

‫النيب ‪ ‬يقظ ًة‪:‬‬


‫™ ™اعتقادهم رؤي َة ِّ‬
‫تمسك بها التجانيون و َبن َْوا عليها غالِ َب ُمعت َقداتِهم‬
‫أعظم األصول التي َّ‬
‫ِ‬ ‫ِم ْن‬
‫ِّ‬
‫الموضحة‬ ‫بعض النصوص‬ ‫عاؤهم رؤي َة ِّ‬
‫النبي ‪ ‬يقظ ًة ال منا ًما‪ ،‬وهذه ُ‬ ‫ا ِّد ُ‬
‫لعقيدتهم‪:‬‬

‫قال يف «جواهر المعاين»‪« :‬قال ‪ :‬أخربين س ِّيدُ الوجود يقظ ًة ال منا ًما‬
‫أنت مِ َن اآلمنين‪ ،‬و َم ْن رآك مِ َن اآلمنين إِ ْن مات على اإليمان‪. )1(»..‬‬
‫قال لي‪َ :‬‬

‫وقال يف «رماح حزب الرحيم»‪« :‬وال يكمل العبدُ يف َمقام العرفان حتَّى يصير‬
‫(‪.)2‬‬
‫يجتمع برسول اهلل ‪ ‬يقظ ًة ومشافهةً‪»..‬‬
‫ُ‬
‫روحه يف اليقظة متش ِّكل ًة بصورته‬
‫وقال يف «بغية المستفيد»‪..« :‬منهم َم ْن يرى َ‬
‫الشريفة‪ ،‬ومنهم َم ْن يرى حقيق ًة ذا َته الشريفة وكأنه معه يف حياته ‪،‬‬
‫(‪.)3‬‬
‫المقام األعلى يف رؤيته ‪»‬‬ ‫وهؤالء هم ُ‬
‫أهل َ‬

‫((( «جواهر المعاين» لعلي حرازم (‪.)].)١٢٩ /١‬‬


‫((( رماح حزب الرحيم»لعمر بن سعيد الفويت الطوري (‪.)١٩٩ /١‬‬
‫المستفيد»لمحمد العربي السائح الشرقي (‪ ٧٩‬ـ ‪.)٨٠‬‬
‫َّ‬ ‫((( «بغية‬
‫‪17‬‬ ‫الدالئل الربانية يف الرد على التيجانية‬

‫وأعز مِ ْن دخول الجنَّة فهو‬ ‫ُ‬


‫أفضل ُّ‬ ‫«الدرة الخريدة»‪« :‬وأ َّما الذي هو‬
‫َّ‬ ‫وقال يف‬
‫الولي اليو َم كما يراه الصحاب ُة‬
‫ُّ‬ ‫رؤي ُة س ِّيد الوجود ‪ ‬يف اليقظة‪ ،‬فيراه‬
‫(‪.)1‬‬
‫أفضل مِ َن الجنَّة‪»..‬‬
‫ُ‬ ‫‪‬م فهي‬

‫ تفنيد شبهة التجانيني‪:‬‬


‫النبي ‪ ‬يقظ ًة ال منا ًما على ما‬ ‫ِ‬
‫إلثبات عقيدة رؤية ِّ‬ ‫اعتمد التجانيون‬
‫المنَا ِم َف َس َي َرانِي فِي ال َي َق َظ ِة َولاَ‬ ‫ِ ِ‬
‫البخاري عن أبي هريرة ‪َ « :‬م ْن َرآني في َ‬‫ُّ‬ ‫رواه‬
‫النبي ‪ ‬يقظ ًة‬ ‫صريح يف رؤية ِّ‬ ‫ٌ‬ ‫ان بِي»(‪)2‬قالوا‪ :‬فالحديث‬ ‫َيت ََم َّث ُل َّ‬
‫الش ْي َط ُ‬
‫ٍ (‪.)3‬‬
‫مخصص‬ ‫ِّ‬ ‫ف ألهنا بغير‬ ‫تعس ٌ‬
‫بعد موته يف الدنيا‪ ،‬ودعوى الخصوص ُّ‬
‫ واجلواب على هذه الشبهة ِم ْن وجو ٍه‪:‬‬
‫صريحا فيما زعموه؛ َّ‬
‫ألن‬ ‫ً‬ ‫استدل بها التجانيون ليس‬ ‫َّ‬ ‫الحديث بالرواية التي‬
‫النبي ‪ ‬قد مات‪ ،‬ورؤيتُه بعد موته مِ َن المستحيالت؛ إذ َي ْل َز ُم منها‬ ‫َّ‬
‫يدل عليه؛ ولذلك َو َجب‬ ‫ثم َة ما ُّ‬‫رجو ُعه إلى الحياة الدنيا بعد َأ ْن فارقها‪ ،‬وليس َّ‬
‫المصرحة بموته‬ ‫والنصوص‬ ‫حديث أبي هريرة ‪ ‬على ٍ‬
‫وجه يتال َء ُم‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬
‫تأويل‬
‫ِّ‬ ‫َ‬
‫ٍ‬
‫وجوه‪:‬‬ ‫‪ ،‬وقد َح َمله العلما ُء على‬
‫األول‪ :‬أنه على التشبيه والتمثيل‪ُّ ،‬‬
‫ويدل عليه الرواي ُة األخرى للحديث‬ ‫الوجه َّ‬
‫َ َ ِ (‪)4‬‬
‫وهي‪َ « :‬ل َك َأن ََّما َرآنِي فِي ال َيقظة»‬

‫لمحمد فتحا بن عبد الواحد السوسي (‪.)٤٧ /١‬‬


‫َّ‬ ‫«الدرة الخريدة»‬
‫َّ‬ ‫(( (‬
‫ومسلم‬
‫ٌ‬ ‫النبي ‪ ‬يف المنام (‪،)٦٩٩٣‬‬
‫باب َم ْن رأى َّ‬
‫البخاري يف «التعبير» ُ‬
‫ُّ‬ ‫(( ( ُم َّت َف ٌق عليه‪:‬أخرجه‬
‫يف «الرؤيا» (‪، .)٢٢٦٦‬‬
‫(( ( انظر‪« :‬رماح حزب الرحيم»لعمر بن سعيد الفويت الطوري (‪.)٢٠٥ /١‬‬
‫مسلم يف «الرؤيا» (‪.)٢٢٦٦‬‬
‫ٌ‬ ‫((( أخرجه‬
‫الدالئل الربانية يف الرد على التيجانية‬ ‫‪18‬‬

‫ولما َي َره بعدُ ‪ ،‬قال‬


‫الوجه الثاني‪ :‬قد يكون المقصو ُد به َم ْن عاصره ‪َّ ‬‬
‫ٍ‬
‫حينئذ غائ ًبا عنه؛‬ ‫اب ُن التين ـ ‪« :‬المرا ُد‪َ :‬م ْن آمن به يف حياته ولم َي َره لكونه‬
‫(‪)1‬‬
‫مبش ًرا ل ُك ِّل َم ْن آمن به ولم َي َره أنه ال ُبدَّ َأ ْن يراه يف اليقظة قبل موته»‬
‫فيكون هبذا ِّ‬
‫ِ‬
‫فمنا ُمه ذلك هو‬ ‫أن َم ْن رآه على ص َفته التي كان عليها يف الدنيا َ‬ ‫الوجه الثالث‪َّ :‬‬
‫تصديق‬
‫َ‬ ‫ال‪ :‬قو ُله‪« :‬فسيراين يف اليقظة» يريد‬ ‫حق‪« ،‬وقال اب ُن ب َّط ٍ‬ ‫الصحيح ورؤيتُه له ٌّ‬
‫(‪)2‬‬
‫الحق»‬
‫وخروجها على ِّ‬
‫َ‬ ‫وصحتَها‬
‫َّ‬ ‫تلك الرؤيا يف اليقظة‬
‫التأويل َبأ ْن ال‬
‫َ‬ ‫الوجه الرابع‪ :‬أنه يراه يقظ ًة يوم القيامة‪ ،‬ور َّد اب ُن ب َّط ٍ‬
‫ال هذا‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫جميع ُأ َّمته سرتاه يو َم القيامة‪ ،‬سوا ٌء َم ْن رآه يف‬ ‫لم ْن رآه يف المنام؛ َّ‬
‫َ‬ ‫ألن‬ ‫خصوصي َة َ‬
‫(‪)3‬‬
‫المنام و َم ْن لم َي َره‬

‫وأما التفسري الذي بنى عليه التجاني ُة عقيد َتهم فباط ٌل ِم ْن وجو ٍه منها‪:‬‬
‫  َّ‬
‫شرعا؛‬ ‫ٌ‬
‫مستحيل ً‬ ‫النبي ‪ ‬قد مات‪ ،‬ورؤيتُه بعد موته يقظ ًة‬
‫َّ‬ ‫‪ ) 1‬أنَّ‬
‫ناف لقوله تعالى‪﴿ :‬ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ ﰅ ﴾(‪.)4‬‬ ‫ألنه م ٍ‬
‫ُ‬
‫رأ ْوه يف المنام‪ ،‬ولم يذكر واحدٌ‬ ‫وخ َل ِفها قد َ‬ ‫سلف ُ‬
‫األ َّمة َ‬ ‫ِ‬ ‫غفيرا ِم ْن‬
‫جمعا ً‬
‫ً‬ ‫‪ ) 2‬أنَّ‬
‫الحديث على ِ‬
‫ظاه ِره َل َل ِز َم منه ا ِّدعا ُء الكذب على‬ ‫ُ‬ ‫منهم أنه رآه يف اليقظة‪ ،‬فلو ُح ِمل‬
‫رسول اهلل ‪ ،‬وخربُ الصادق ال يتخ َّلف‪.‬‬
‫رأ ْوه منا ًما صحاب ًة‪ ،‬ولأَ مكن ُ‬
‫بقاء‬ ‫ظاه ِره لكان هؤالء الذين َ‬
‫‪ ) 3‬ولو ُح ِمل على ِ‬
‫ِ‬
‫الصحبة إلى يوم القيامة‪.‬‬

‫انظر‪«:‬فتح الباري» البن حجر (‪)٣٨٥ /١٢‬‬ ‫((( ‬


‫المصدر نفسه‪.‬‬ ‫((( ‬
‫المصدر نفسه‪.‬‬ ‫((( ‬
‫[سورة الزمر‪ :‬آية ‪.]30‬‬ ‫((( ‬
‫‪19‬‬ ‫الدالئل الربانية يف الرد على التيجانية‬

‫أحدٌ إلاَّ على‬ ‫باطلة منها‪َ :‬أ ْن ال يراه َ‬


‫ٌ‬ ‫لوازم‬
‫ُ‬ ‫‪ ) 4‬أنَّ َح ْمله على ِ‬
‫ظاه ِره َي ْلزَ ُم منه‬
‫واحد يف مكانين‪ ،‬و َأ ْن يحيا‬ ‫ٍ‬ ‫صورته التي مات عليها‪ ،‬و َأ ْن ال يراه رائيان يف ٍ‬
‫وقت‬
‫الناس و ُيخاطِبوه‪ ،‬و َي ْل َزم مِ ْن‬
‫ب َ‬
‫ِ‬
‫ويمشي يف األسواق و ُيخاط َ‬ ‫َ‬ ‫اآلن ويخرج مِ ْن قربه‬ ‫َ‬
‫مجر ُد القرب و ُيس َّلم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ذلك َأ ْن‬
‫يخلو قربُه م ْن جسده فال يبقى م ْن قربه فيه شي ٌء؛ فيزار َّ‬ ‫َ‬
‫صال األوقات على حقيقته‬ ‫جائز َأ ْن ُيرى يف الليل والنهار مع ا ِّت ِ‬ ‫غائب؛ ألنه ٌ‬ ‫ٍ‬ ‫على‬
‫يف غير قربه‪.‬‬
‫ٍ‬
‫شيء منها َم ْن له أدنى‬ ‫جهاالت ال َي ُبو ُء با ْلتزا ِم‬
‫ٌ‬ ‫القرطبي ‪« :‬وهذه‬ ‫قال‬
‫ُّ‬
‫ٌ (‪)1‬‬
‫مختل مخبول»‬ ‫ٌّ‬ ‫ٍ‬
‫شيء مِ ْن ذلك‬ ‫مسكة مِ َن المعقول‪ ،‬و ُم ِ‬
‫لتز ُم‬ ‫ٍ‬

‫™ ™واعتمدوا على شبه ٍة أخرى‪:‬‬


‫«أن رؤية النبي ‪‬يقظ ًة بعد موته يف الدنيا قد وق َع ْت لجم ٍع ٍ‬
‫غفير‬ ‫َّ‬
‫ِّ‬
‫ِ‬
‫سلف هذه األُ َّمة منهم‪ :‬الشيخ أبو مدين المغربي شيخ الجماعة‪ ،‬والشيخ‬ ‫مِ ْن‬
‫عبد الرحمن القناوي‪ ،‬والشيخ أبو الع َّباس المرسي‪ ،‬والشيخ أبو السعود بن أبي‬
‫(‪)2‬‬
‫وغيرهم»‬
‫العشائر‪ ،‬وإبراهيم المتبولي‪ ،‬والشيخ جالل الدين السيوطي‪ُ ،‬‬
‫ وجوابها‪:‬‬
‫َ‬
‫حوادث‬ ‫مجر ِد‬
‫االعتماد على َّ‬
‫ُ‬ ‫سند ما َذ َكروه فال يمكن‬‫صح ِة ِ‬ ‫بغض النظر عن َّ‬ ‫ِّ‬
‫األخبار الصحيحة‪ ،‬وما‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫إلثبات ما َن َف ْته‬ ‫ُح ِك َي ْت عن بعض الصالحين و ُت ْج َعل دليلاً‬
‫صح ـ فال يسلمون مِ ْن تلبيس الشيطان عليهم‪ ،‬كما َّ‬
‫أن رؤية‬ ‫َو َقع لهؤالء الشيوخ ـ إِ ْن َّ‬

‫ «الم ْف ِهم ل ِ َما أشكل مِ ْن تلخيص كتاب مسلم» للقرطبي (‪.)٢٣ /٦‬‬
‫ُ‬ ‫(((‬
‫الثأر»لمحمد‬
‫َّ‬ ‫(( ( (رماح الحزب الرحيم» لعمر بن سعيد الفويت الطوري (‪« ،)١٩٩ /١‬الجيش الكفيل بأخذ‬
‫محمد الصغير الشنجبيطي (‪.)٦٥ ،٦٤‬‬
‫بن َّ‬
‫الدالئل الربانية يف الرد على التيجانية‬ ‫‪20‬‬

‫أفضل مِ ْن هؤالء المذكورين‬ ‫ُ‬ ‫النبي ‪ ‬يقظ ًة بعد موته لم ُتنْ َقل َّ‬
‫عم ْن ُهم‬ ‫ِّ‬
‫ِ‬ ‫َ‬
‫حوادث كانَت األ َّم ُة اإلسالمية‬ ‫المفضلة‪ ،‬الس َّيما مع وقو ِع‬
‫َّ‬ ‫مِ ْن أهل القرون الثالثة‬
‫لحسم الخالف فيها ودف ِع الفرقة واالختالف‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الحاجة إلى ظهوره‬ ‫بأ َم ِّس‬
‫كاختالف المهاجرين واألنصار على الخالفة‪ ،‬وبقي النزاع بينهم م ِ‬
‫ستم ًّرا‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬ ‫َ‬
‫النبي ‪ ،‬فلم يظهر ‪ ‬ألفض ِل‬ ‫ثالث َة أ َّيا ٍم َشغلهم عن دفن ِّ‬
‫ِّزاع يف ٍ‬
‫أمر ُم ِه ٍّم‪.‬‬ ‫وينقطع بذلك الن ُ‬
‫َ‬ ‫ُأ َّمته بعده ل ُي ْخبِ َره أنه الخليف ُة‬
‫ِ‬
‫وكاختالف أبي بك ٍر ‪ ‬مع فاطمة ‪ ‬على ميراث أبيها ‪.‬‬
‫طالب رضي اهلل‬‫ٍ‬ ‫وعلي ِ‬
‫بن أبي‬ ‫ِّ‬ ‫وما َو َقع بين طلحة والزبير وعائشة ِم ْن ٍ‬
‫جهة‪،‬‬
‫ِ‬ ‫عن الجميع ‪ -‬مِن ٍ‬
‫حرب الجمل؛ ف ُقتل فيها َخ ْل ٌق ٌ‬
‫كثير‬ ‫ُ‬ ‫جهة أخرى ‪ -‬حتَّى وق َع ْت‬ ‫ْ‬
‫مِ َن الصحابة‪.‬‬

‫علي ‪ ‬مع الخوارج‪ ،‬وكذا ما َو َقع بين ٍّ‬


‫علي ومعاوية ‪‬‬ ‫وخالف ٍّ‬
‫ِم َن النِّزاع‪.‬‬
‫النبي ‪َ ‬ظ َهر ألصحابه‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬
‫الحوادث وغي ِرها لم ُي ْر َو أنَّ‬ ‫ففي ُك ِّل هذه‬
‫‪ ‬يقظ ًة ليفصل بينهم مع أنهم أصحا ُبه؛ فكيف يظهر َ‬
‫لم ْن هو دوهنم منزل ًة‬
‫وتقوى؟!!‬
‫ِ‬
‫وااللتقاء به‬ ‫النبي ‪ ‬يقظ ًة‬ ‫ِّ‬ ‫ثم إنَّ إثبات التجانيين لعقيدة رؤية‬
‫َّ‬
‫كثيرا ِم ْن‬
‫عظيم ِم ْن أصولهم االعتقادية َبن َْوا عليه ً‬
‫ٌ‬ ‫حس ًّيا ومشافهتِه بعد موته ٌ‬
‫أصل‬ ‫ِّ‬
‫كبير يعود على اإلسالم بالهدم‪ ،‬وعلى‬ ‫شر ٍ‬ ‫باب ٍّ‬
‫وفتحوا بذلك َ‬‫ُ‬ ‫ودينِهم‪،‬‬
‫عقائدهم ِ‬
‫العلم مباشر ًة‬
‫َ‬ ‫أصوله السليمة بالنقض‪ ،‬حيث َيدَّ عي َم ِن اشتهى منهم أنه يتل َّقى‬
‫‪21‬‬ ‫الدالئل الربانية يف الرد على التيجانية‬

‫محمد العربي التجاين ناقلاً عن الشيخ أحمد الزاوي‬ ‫ِ‬


‫النبي ‪ ،‬قال َّ‬ ‫م َن ِّ‬
‫قوله‪« :‬طريقتُنا َأ ْن ُن ْكثِ َر مِ َن الصالة عليه ‪ ‬حتَّى نصير مِ ْن ُج َلسائِه‬
‫ِ‬
‫األحاديث التي ض َّعفها‬ ‫ونصحبه يقظ ًة مِ ْث َل أصحابه‪ ،‬ونسأله عن أمور ِدينِنا وعن‬
‫(‪)1‬‬ ‫الح َّف ُ‬
‫اظ عندنا ونعمل بقوله فيها»‬ ‫ُ‬
‫وجاء يف «جواهر المعاين» عن التجاين أنه قال‪« :‬رأيتُه َم َّر ًة ‪‬‬
‫وسألتُه عن الحديث الوارد يف س ِّيدنا عيسى ‪ ،‬قلت له‪َ :‬‬
‫«و َرد عنك روايتان‬
‫وقلت يف األخرى‪:‬‬
‫َ‬ ‫قلت فيها‪ :‬يمكث بعد نزوله أربعين‪،‬‬
‫صحيحتان‪ :‬واحد ٌة َ‬
‫(‪)2‬‬
‫سب ًعا‪ ..‬ما الصحيحة منها؟» قال ‪« :‬رواية السبع»‬
‫البخاري‬
‫َّ‬ ‫وإهدار لها‪ ،‬فكان يكفي‬ ‫ٌ‬ ‫ضرب لجهود علماء الحديث‬ ‫ٌ‬ ‫وهذا‬
‫النبي ‪‬‬ ‫َ ْ‬ ‫ُ ِ‬
‫أشرف م َن التجاين ‪ -‬أن يلتقوا َّ‬ ‫وهما‬
‫ومسلما وغيرهما ‪ُ -‬‬ ‫ً‬
‫أعمارهم يف الرحالت‬ ‫األحاديث المخت َل ِ‬
‫ف فيها‪َ ،‬بدَ َل َأ ْن ُي ْفنوا‬ ‫ِ‬ ‫منا ًما ليسألوه عن‬
‫َ‬
‫الم َش َّق َة والتعب‪.‬‬
‫و ُيالقوا فيها َ‬
‫المصرحة بانقطاع‬
‫ِّ‬ ‫ف للنصوص‬ ‫عيه التجاين ُمخال ِ ٌ‬
‫فإن ما يدَّ ِ‬
‫جهة أخرى‪َ َّ :‬‬ ‫وم ْن ٍ‬
‫ِ‬
‫النبي‬ ‫َّ‬ ‫َ ِ‬
‫النبي ‪ ،‬وقد َح َملهم ذلك على أن ا َّد َع ْوا أن َّ‬ ‫الوحي بموت ِّ‬
‫‪ ‬قد َكتَم شي ًئا مما ُأ ِ‬
‫وح َي إليه‪.‬‬ ‫َّ‬

‫النيب ‪َ ‬ك َتم شي ًئا ِم َن الوحي‪:‬‬ ‫بأن َّ‬ ‫ خامس ًا‪ :‬اعتقادهم َّ‬
‫«فلما انتقل إلى الدار اآلخرة ‪ -‬وهو كحياته‬ ‫َّ‬ ‫قال يف «جواهر المعاين»‪:‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫للخاص»‬ ‫الخاص‬ ‫‪ ‬يف الدنيا سوا ًء ‪ -‬صار ُي ْلقي إلى ُأ َّمته َ‬
‫األمر‬
‫(‪)3‬‬
‫ِّ‬ ‫َّ‬

‫(( ( جواهر المعاين‪ ،‬لعلي جرازم ‪104 /1‬‬


‫(( ( جواهر المعاين‪ ،‬لعلي جرازم ‪.104 /1‬‬
‫((( «جواهر المعاين‪ ،‬لعلي حرازم (‪.)١٠٤ /١‬‬
‫الدالئل الربانية يف الرد على التيجانية‬ ‫‪22‬‬

‫قال كذلك‪« :‬وسألتُه ‪ :‬هل خربُ س ِّي ِد الوجود بعد موته كحياته سوا ًء؟‬
‫ُ‬
‫بساط ذلك‬ ‫نصه‪ :‬األمر العا ُّم الذي كان يأتيه عا ًّما لأل َّمة ُط ِو َي‬
‫فأجاب ‪ ‬بما ُّ‬
‫للخاص‪َّ ،‬‬
‫فإن ذلك يف‬ ‫بموته ‪ ،‬وبقي األمر الخاص الذي كان ي ِ‬
‫لقيه‬
‫ِّ‬ ‫ُ‬ ‫ُّ‬ ‫ُ‬
‫(‪)1‬‬
‫دائما ال ينقطع»‬
‫حياته وبعد مماته ً‬
‫ِ‬ ‫وقال ِّ‬
‫عالما بفض ِل‬
‫«وسئل‪ :‬هل كان ‪ً ‬‬ ‫مؤل ُف «الجيش الكفيل»‪ُ :‬‬
‫عالما به‪ ،‬قالوا‪ :‬ول ِ َم َل ْم يذكره ألصحابه؟‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫«صالة الفاتح ل َما ُأ ْغلق»؟ فقال‪ :‬نعم كان ً‬
‫ِ‬ ‫قال‪ِ :‬‬
‫بتأخير وقته وعد ِم وجود َم ْن ُي ْظ ِه ُره ُ‬
‫اهلل على يدَ ْيه يف ذلك‬ ‫لعلمه ‪‬‬
‫(‪)2‬‬
‫الوقت»‬

‫™ ™شبهتهم‪:‬‬

‫جميع ما‬
‫َ‬ ‫النبي ‪ ‬لم ِّ‬
‫يبلغ‬ ‫َّ‬ ‫استند التجانيون يف تقري ِر ما ا َّد َع ْوه ِم ْن أنَّ‬
‫ٍ‬
‫واهية منها‪:‬‬ ‫ُأ ِمر به إلى ُش ُب ٍ‬
‫هات‬

‫مؤل ُف «الجيش الكفيل»‪« :‬ويف فقه األعيان للشيخ سيدي المختار‬ ‫‪ ) 1‬قال ِّ‬
‫«أخ ْذ ُت ليل َة ُأ ْس ِر َي بي‬ ‫نصه‪ :‬قال عليه الصال ُة والسالم‪َ :‬‬ ‫الكنتي ‪ ‬تعالى ما ُّ‬
‫علي العهدُ َأ ْن‬ ‫ُِ‬ ‫علي العهدُ َأ ْن أب ِّلغه‬ ‫ُِ‬
‫وعلم أخذ َّ‬ ‫ٌ‬ ‫للخاص والعا ِّم‪،‬‬
‫ِّ‬ ‫علم أخذ َّ‬ ‫ثالث َة علو ٍم‪ٌ :‬‬
‫وعلم ال يقدر على حملِه‬ ‫ٌ‬ ‫لخواص أصحابي الذين يقدرون على حملِه‪،‬‬ ‫ِّ‬ ‫ال أب ِّلغه إلاَّ‬
‫قرر هذا علِ ْم َت ضرور ًة أنه‬ ‫غيري ُفأ ِ‬
‫ثم قال‪« :‬فإذا َت َّ‬
‫أحدً ا»‪َّ ،‬‬ ‫علي العهدُ ألاَّ ُأ ْخبِر به َ‬‫َّ‬ ‫ذ‬ ‫خ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫األولين واآلخرين»»‬ ‫علم َّ‬‫‪ ‬لم ُي ْؤ َم ْر بتبلي ِغ ك ُِّل ما َعل َمه‪ ،‬كيف وعنده ُ‬
‫(‪)3‬‬

‫((( جواهر المعاين‪ ،‬لعلي حرازم (‪.)١٤٠ /١‬‬


‫((( الجيش الكفيل بأخذ الثأر» للشنجبيطي (‪.)١١٠‬‬
‫(( ( المصدر نفسه‬
‫‪23‬‬ ‫الدالئل الربانية يف الرد على التيجانية‬

‫ول اهللِ ‪‬‬


‫«ح ِف ْظ ُت مِ ْن رس ِ‬
‫َ ُ‬ ‫‪ ) 2‬ومنها‪َّ :‬‬
‫أن أبا هريرة ‪ ‬قال‪َ :‬‬
‫ف‬‫اآلخ ُر َف َل ْو َب َث ْث ُت ُه ُقطِ َع َه َذا ال ُب ْل ُعو ُم»(‪)1‬قال مؤ ِّل ُ‬
‫ِو َعا َء ْي ِن‪َ ،‬ف َأ َّما َأ َحدُ ُه َما َف َب َث ْث ُت ُه‪َ ،‬و َأ َّما َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫«بغية المستفيد»‪« :‬ومعلو ٌم أنه ال ُي ْق َطع منه البلعو ُم إلاَّ بإفتاء َم ْن لم ُي ْطلعه ُ‬
‫اهلل تعالى‬
‫(‪)2‬‬
‫ُص به مِ َن العلم الذي يتح َّققه يف باطنِه عن رسول اهلل ‪»‬‬ ‫على ما اخت َّ‬

‫ واجلواب على هذه الشبهة على النحو اآلتي‪:‬‬


‫النبي‬
‫مكذوب على ِّ‬
‫ٌ‬ ‫أنَّ الحديث الذي استند إليه ِّ‬
‫مؤل ُف «الجيش الكفيل»‬
‫ِ‬
‫الحديث‬ ‫مذكورا يف ُكت ِ‬
‫ُب‬ ‫ً‬ ‫الم ِ‬
‫ستد ُّل به سندً ا‪ ،‬وليس‬ ‫‪ ‬لم يذكر له ُ‬
‫والعلم‪ ،‬إلاَّ يف ِ‬
‫بعض ُكت ِ‬
‫ُب الصوفية‪.‬‬
‫عار ٌ‬
‫ض بصريح القرآن والس َّنة‪ :‬ومنها‪ :‬قو ُله تعالى‪﴿ :‬ﭹ ﭺ ﭻ‬ ‫أنه ُم َ‬
‫ﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑ‬
‫(‪.)3‬‬
‫ﮒﮓﮔﮕ﴾‬
‫﴿ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ‬
‫ﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬ‬
‫ﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽ‬
‫ﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌ‬
‫ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﴾(‪. )4‬‬

‫ِ‬
‫حفظ العلم (‪.)١٢٠‬‬ ‫باب‬
‫البخاري يف كتاب «العلم» ُ‬
‫ُّ‬ ‫(( ( أخرجه‬
‫لمحمد العربي السائح الشرقي (‪.)٦٦‬‬
‫َّ‬ ‫((( «بغية المستفيد»‬
‫(( ( [سورة المائدة‪ :‬آية ‪.]67‬‬
‫(( ( [سورة المائدة‪ :‬آية ‪.]3‬‬
‫الدالئل الربانية يف الرد على التيجانية‬ ‫‪24‬‬

‫وقو ُله ‪« :‬إِ َّن ُه َل ْي َس َش ْي ٌء ُي َق ِّر ُب ُك ْم إِ َلى الجن َِّة إِلاَّ َقدْ َأ َم ْر ُت ُك ْم بِ ِه‪،‬‬
‫وشهدَ ْت له أ َّمتُه بأنه أ َّدى‬ ‫ِ‬ ‫(‪)1‬‬ ‫َو َل ْي َس َشي ٌء ُي َق ِّر ُب ُك ْم إِلى الن ِ‬
‫َّار إِلاَّ َقدْ ن ََه ْي ُت ُك ْم َعنْ ُه»‬ ‫ْ‬
‫المحاف ِل يو َم َع َرف َة حيث قال‪َ « :‬ألاَ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫غير منقوصة يف أكربِ َ‬ ‫األمان َة وب َّلغ الرسال َة كامل ًة َ‬
‫ِ‬ ‫َه ْل ب َّل ْغ ُت؟» قالوا‪« :‬نعم»‪ ،‬وكان يقول‪َ « :‬ف ْليب ِّل ِغ َّ ِ ِ‬
‫(‪)2‬‬
‫ب»‬‫الشاهدُ منْ ُك ُم ال َغائ َ‬ ‫َُ‬ ‫َ‬
‫شيء ِم ْن‬
‫ٌ‬ ‫الوعاء الذي َكتَمه أبو هريرة ‪ ‬يف َّأو ِل األمر فليس فيه‬ ‫ُ‬ ‫أ َّما‬
‫مما‬‫إن هذا َّ‬ ‫شيء ِم َن األحكام التكليفية؛ إذ َّ‬ ‫ٌ‬ ‫ومعرفة اهلل وتوحيده‪ ،‬وال‬‫ِ‬ ‫الدين‬‫علم ِّ‬ ‫ِ‬
‫الفتَن التي تكون بين‬ ‫أحاديث ِ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬
‫الجراب‬ ‫إن الذي يف ذلك‬ ‫كتمه‪ ،‬وقد قِ َيل‪َّ :‬‬ ‫ال يجوز ُ‬
‫والمالحم التي تكون بين المسلمين وال ُك َّفار‪ ،‬وامتنع عن التحديث‬ ‫ِ‬ ‫المسلمين‪،‬‬
‫رؤوس العوا ِّم‪ ،‬وقِ َيل‪ :‬إنما كان َيمتن ِ ُع‬
‫ُ‬ ‫مما ال تحتمله‬ ‫ألن ذلك َّ‬ ‫هبا قبل وقوعها َّ‬
‫خو ًفا مِ ْن َأ ْن َي ْس ُط َو عليه ُأ َمرا ُء بني ُأم َّية؛ ل ِ َما يعرفه مِ َن األحاديث المب ِّي ِنة ألسامي‬
‫يصرح خو ًفا على نفسه‪،‬‬ ‫راء السوء‪ ،‬وكان ‪ ‬يكنِّي عن بعضها وال‬ ‫ُأم ِ‬
‫ِّ‬ ‫َ‬
‫وإمارة الصبيان» يشير بذلك إلى خالفة يزيد‬ ‫ِ‬ ‫كقوله‪« :‬أعوذ باهلل مِ ْن رأس الستِّين‬
‫ُ‬ ‫ٍ (‪)3‬‬ ‫ِ‬
‫وجهل ما َكتَمه أبو هريرة‬ ‫اهلل دعا َءه ومات قبلها بسنة‬ ‫بن معاوية‪ ،‬واستجاب ُ‬
‫قر ُب إلى اهلل تعالى مِ َن األقوال واألعمال‪.‬‬ ‫مما ُي ِّ‬
‫يضر المؤم َن‪ ،‬وليس َّ‬ ‫‪ ‬ال ُّ‬

‫النيب ‪:‬‬ ‫ سادس ًا‪ :‬إميانهم جبواز ُّ‬


‫التوسل بذات ِّ‬
‫النبي ‪ ‬وبالشيخ التجاين‪،‬‬
‫التوسل بذات ِّ‬
‫ُّ‬ ‫يؤمن التجانيون بجواز‬
‫مليئة بالنصوص التي ُّ‬
‫تدل على ذلك‪:‬‬ ‫ومؤ َّلفا ُتهم ٌ‬

‫((( «انظر‪« :‬السلسلة الصحيحة» لأللباين (‪)٨٦٥ /٢ /٦‬‬


‫الغائب برقم ‪105‬‬
‫َ‬ ‫العلم الشاهدُ‬
‫َ‬ ‫((( «صحيح البخاري‪ ،‬كتاب «العلم» باب ل ِ ُيب ِّلغ‬
‫((( انظر‪« :‬فتح الباري» البن حجر (‪.)٢١٦ /١‬‬
‫‪25‬‬ ‫الدالئل الربانية يف الرد على التيجانية‬

‫التوسل به ‪ ‬وبجدِّ ه‬ ‫ُّ‬ ‫مؤل ُف «رماح حزب الرحيم»‪« :‬وأ َّما كيفية‬ ‫قال ِّ‬
‫فصل على‬ ‫‪ ‬فهي أنك مهما َأر ْد َت حاج ًة مِ ْن حوائج الدنيا واآلخرة ِّ‬
‫توس ْل ُت‬ ‫ِ‬
‫رب َّ‬‫ثم تقول‪« :‬يا ِّ‬ ‫رسول اهلل ‪ ‬بن َّية قضاء الحاجة التي تريدها َّ‬
‫محم ٍد ‪ ‬يف قضاء‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وعظيم ال َقدْ ر عندك س ِّيدنا َّ‬ ‫إليك بحبيبك ورسولك‬
‫وأتوجه إليك بجاه القطب‬ ‫ثم تقول‪« :‬أسألك‬ ‫الحاجة التي أريدها» ـ مائة ٍ‬
‫َّ‬ ‫مرة ـ َّ‬ ‫َّ‬
‫وجاهه عندك َأ ْن ُتعطِ َيني كذا وكذا»‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫محمد التجاين‬ ‫َّ‬ ‫الكامل س ِّي ِدنا أحمد ِ‬
‫بن‬
‫(‪)1‬‬
‫عشرا‪»..‬‬
‫وتسمي حاجتَك بعينها ً‬
‫ِّ‬
‫شيخا مِ َن‬
‫ً‬ ‫«الدرة الخريدة»‪َ « :‬م ْن زار مِ َن اإلخوان األحمد ِّيين‬ ‫َّ‬ ‫وقال ِّ‬
‫مؤل ُف‬
‫(‪)2‬‬
‫شيخنا أبي الفيض‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫واالستمداد غير‬ ‫التوسل به‬ ‫المشايخ ح ًّيا كان أو م ِّيتًا بقصد‬
‫ُّ‬
‫ِ‬
‫الجلد‬ ‫َ‬
‫انسالخ‬ ‫ف َقدْ َخ َرج عن طريقة األحمدية وال إِ ْذ َن عنده فيها‪ ،‬بل انسلخ منها‬
‫(‪)3‬‬ ‫ِ‬
‫البيض عن الدجاج‪»..‬‬ ‫َ‬
‫انفصال‬ ‫عن النعاج‪ ،‬وانفصل عنها‬

‫™ ™شبهاتهم‪:‬‬
‫يستد ُّلون بقوله تعالى‪﴿ :‬ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ‬
‫ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﴾(‪. )4‬‬
‫ﻓ « ُيؤْ َخ ُذ ِم ْن هذه ِ‬
‫اآلية على طريق اإلشارة‪ :‬وابتغوا إليه الوسيل َة التي تنقطعون‬
‫النبي ‪ ،‬وال وسيل َة إلى‬ ‫ِ‬ ‫هبا عن غيره لِت َِصلوا به‪ ،‬وال وسيل َة‬
‫أعظم م َن ِّ‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫جملة ما يبتغي‬ ‫أعظم مِ َن الصالة عليه ‪ ،‬ومِ ْن‬ ‫النبي ‪‬‬
‫ُ‬ ‫ِّ‬
‫«رماح حزب الرحيم يف نحور حزب الرجيم» لعمر بن سعيد الفويت الطوري الكدوي (‪.)٢٦٥ /١‬‬ ‫(( (‬
‫فيضه عليهم مِ َن الخير كما يزعمون‪.‬‬ ‫ِ‬
‫لكثرة ما ُي ُ‬ ‫وسم ْوه بذلك‬‫هي كنية التجاين‪َّ ،‬‬ ‫(( (‬
‫لمحمد فتحا بن عبد الواحد السوسي (‪..)١٤٤ /٣‬‬ ‫َّ‬ ‫«الدرة الخريدة»‬
‫َّ‬ ‫(( (‬
‫[سورة المائدة‪ :‬آية ‪.]35‬‬ ‫(( (‬
‫الدالئل الربانية يف الرد على التيجانية‬ ‫‪26‬‬

‫(‪)1‬‬
‫أعظم الوسائل إلى اهلل تعالى»‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫الشيخ الكامل فإنه‬ ‫الوسيل َة إلى اهلل تعالى‪:‬‬
‫«توسلوا بجاهي؛ َّ‬
‫فإن جاهي عند‬ ‫وبما ُر ِوي عن ِّ‬
‫النبي ‪ ‬أنه قال‪َّ :‬‬
‫(‪)2‬‬
‫عظيم»‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫اهلل‬
‫«أن َر ُجلاً َض ِر َير ال َب َص ِر َأ َتى النَّبِ َّي‬ ‫َيف ‪َّ :‬‬ ‫بن ُحن ٍ‬ ‫وبحديث عثمان ِ‬ ‫ِ‬
‫اهلل َأ ْن ُي َعافِ َينِي»‪َ ،‬ق َال‪« :‬إِ ْن ِش ْئ َت َد َع ْو ُت‪َ ،‬وإِ ْن ِش ْئ َت‬ ‫‪َ ‬ف َق َال‪« :‬ا ْد ُع َ‬
‫َص َب ْر َت َف ُه َو َخ ْي ٌر َل َك»‪َ ،‬ق َال‪َ « :‬فا ْد ُع ْه»‪َ ،‬ق َال‪َ :‬ف َأ َم َر ُه َأ ْن َيت ََو َّض َأ َف ُي ْح ِس َن ُو ُضو َء ُه‬
‫الر ْح َم ِة‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫َو َيدْ ُع َو بِ َه َذا الدُّ َعاء‪ :‬ال َّل ُه َّم إِنِّي َأ ْس َأ ُل َك َو َأ َت َو َّج ُه إِ َل ْي َك بِنَبِ ِّي َك ُم َح َّمد َنبِ ِّي َّ‬
‫اجتِي َه ِذ ِه ل ِ ُت ْق َضى لِي‪ ،‬ال َّل ُه َّم َف َش ِّف ْع ُه فِ َّي»(‪.)3‬‬ ‫ِ‬
‫إِنِّي َت َو َّج ْه ُت بِ َك إِ َلى َر ِّبي في َح َ‬
‫«الدرة الخريدة»‪..« :‬وتأ َّم ْل َ‬
‫بيوت‬ ‫َّ‬ ‫مؤل ُف‬‫وبالقياس على المخلوق حيث قال ِّ‬
‫سلوك لألدب معهم‬ ‫ٌ‬ ‫جدْ ها ال ُبدَّ فيها مِ َن الواسطة‪ ،‬ففي سلوكنا للوسائط‬ ‫الح َّكام َت ِ‬‫ُ‬
‫ِ‬
‫(‪)4‬‬
‫خطاب اهلل ‪‬؟»‬ ‫ِ‬ ‫وسرع ٌة لقضاء حوائجنا‪ ،‬وم ْن أين ألمثالنا َأ ْن يعرف َ‬
‫أدب‬

‫ تفنيد شبههم‪:‬‬
‫النبي ‪‬‬
‫ِّ‬ ‫التوسل بذات‬
‫ُّ‬ ‫ويمكن تفنيدُ ما اعتمدوا عليه لتجويز‬
‫وسائ ِر مشايخهم بما يلي‪:‬‬
‫ور َد ْت يف اآلية‬ ‫سليم؛ ذلك َّ‬
‫ألن الوسيلة التي َ‬ ‫ٍ‬ ‫فغير‬
‫أ َّما استداللهم بآية المائدة ُ‬
‫التقرب إلى اهلل باألعمال الصالحة كالصالة وسائر الطاعات‪ ،‬وهذا‬
‫هي بمعنى ُّ‬

‫((( «جواهر المعاين» لعلي حرازم (‪)٢١٧ /١‬‬


‫((( حديث ضعيف ‪،‬انظر‪« :‬السلسلة الضعيفة» لأللباين (‪)٧٦ /١‬‬
‫وصححه األلباينُّ يف‬
‫َّ‬ ‫صحيح»‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫ٌ‬
‫حديث حس ٌن‬ ‫(( ( أخرجه الرتمذي يف «الدعوات (‪ .)٣٥٧٨‬وقال‪« :‬هذا‬
‫«مشكاة المصابيح» (‪)٧٦٨ /٢‬‬
‫الخريدة»لمحمد فتحا بن عبد الواحد السوسي (‪. )٨٠ /٤‬‬
‫َّ‬ ‫«الدرة‬
‫َّ‬ ‫(( (‬
‫‪27‬‬ ‫الدالئل الربانية يف الرد على التيجانية‬

‫الثوري‪:‬‬
‫ُّ‬ ‫ُ‬
‫سفيان‬ ‫كثير ـ ‪« :‬قال‬ ‫المفسرين‪ ،‬قال اب ُن ٍ‬
‫ِّ‬ ‫األئم ُة مِ َن‬
‫الذي ا َّتفق عليه َّ‬
‫اس‪« :‬أي‪ :‬ال ُق ْربة»‪ ،‬وكذا قال مجاهدٌ‬‫ابن ع َّب ٍ‬ ‫ٍ‬
‫عطاء عن ِ‬ ‫حدَّ ثني أبي عن طلحة عن‬
‫وغير‬ ‫كثير والسدِّ ي وابن ٍ‬
‫زيد‬ ‫وعطا ٌء وأبو وائ ٍل والحس ُن وقتاد ُة وعبد اهلل ب ُن ٍ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُّ‬
‫ٍ‬
‫ثم قال بعدها‪:‬‬‫تقربوا إليه بطاعته والعم ِل بما ُي ْرضيه»»‪َّ ،‬‬
‫واحد‪ ،‬وقال قتادةُ‪« :‬أي‪َّ :‬‬
‫(‪)1‬‬
‫المفسرين فيه»‬
‫ِّ‬ ‫خالف بين‬
‫َ‬ ‫األئم ُة ال‬
‫«وهذا الذي قاله هؤالء َّ‬
‫النبي ‪ ‬أو‬ ‫أح ٍد ِم َن السلف أنَّ المقصود بالوسيلة هو ُّ‬ ‫ولم َي ِر ْد عن َ‬
‫ت الوسيل ُة قبل التجاين والمشايخ؟!‬‫تعط َل ِ‬
‫أحدُ المشايخ كالتجاين أو غي ِره‪ ،‬وهل َّ‬ ‫َ‬
‫األلوسي‬ ‫قال‬ ‫‪،‬‬ ‫تفسير ٌ‬
‫باطل‬ ‫ـ‬ ‫خالفه‬ ‫على‬ ‫العلماء‬ ‫إجماع‬ ‫مع‬ ‫ـ‬ ‫ِ‬
‫التفسير‬ ‫هبذا‬ ‫وتفسير ِ‬
‫اآلية‬
‫ُّ‬ ‫ٌ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫الناس هبذه اآلية على مشروعية االستغاثة بالصالحين‬ ‫ِ‬ ‫بعض‬ ‫َّ‬
‫«واستدل ُ‬ ‫ـ ‪:‬‬
‫ِ َ (‪)2‬‬
‫بمراحل»‬ ‫وج ْعلِهم وسيل ًة بين اهلل تعالى وبين العباد‪ ...‬وك ُُّل ذلك بعيدٌ عن ِّ‬
‫الحق َ‬ ‫َ‬
‫النبي ‪،‬‬ ‫فمكذوب على ِّ‬ ‫ٌ‬ ‫«توسلوا بجاهي‪»..‬‬
‫وأ َّما الحديث المذكور‪َّ :‬‬
‫ُب المسلمين التي‬ ‫ٍ‬
‫شيء مِ ْن ُكت ِ‬ ‫كذب ليس يف‬
‫قال اب ُن تيمية ـ ‪« :‬وهذا الحديث ٌ‬
‫(‪)3‬‬
‫ُي ْعت ََمدُ عليها»‬
‫جواز‬
‫َ‬ ‫عظيم‪ ،‬وال يعني ذلك‬
‫ٌ‬ ‫وال َّ‬
‫شك أنَّ جاهه ‪ ‬و َمقا َمه عند اهلل‬
‫فالخلط بينهما مِ ْن ق َّلة العلم والفقه‪.‬‬
‫ُ‬ ‫التوسل بجاهه ‪،‬‬
‫ُّ‬
‫النبي ‪‬‬
‫التوسل بذات ِّ‬ ‫حديث الضرير فليس فيه ٌ‬
‫دليل على جواز ُّ‬ ‫ُ‬ ‫وأ َّما‬
‫محذوف م ٍ‬
‫ضاف‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫تقدير‬ ‫وأتوجه إليك بنب ِّيك» على‬ ‫أو بجاهه؛ إذ قو ُله‪« :‬إنِّي أسألك‬
‫ُ‬ ‫َّ‬
‫أمور كثير ٌة منها‪:‬‬ ‫ِ‬
‫«بدعاء نب ِّيك أو بشفاعته»‪ُّ ،‬‬
‫ويدل على هذا المعنى ٌ‬ ‫أي‪:‬‬

‫((( «تفسير ابن كثير» (‪. )٥٢ /٢‬‬


‫((( «روح المعاين» لأللوسي (‪)١٢٤ /٦‬‬
‫التوسل والوسيلة» (البن تيمية (‪ ،)١٣٢‬وانظر‪« :‬السلسلة الضعيفة» لأللباين (‪)٧٦ /١‬‬
‫ُّ‬ ‫(( ( «قاعد ٌة جليل ٌة يف‬
‫الدالئل الربانية يف الرد على التيجانية‬ ‫‪28‬‬

‫اهلل َأ ْن ُيعافِ َيني»‪ ،‬وقو ُله بعد ذلك‪« :‬فا ْد ُع ْه»‪.‬‬


‫‪ ١‬ـ قول الضرير َّأو َل الحديث‪« :‬ا ْد ُع َ‬
‫النبي ‪« :‬إِ ْن ِش ْئ َت َد َع ْو ُت‪َ ،‬وإِ ْن ِش ْئ َت َص َب ْر َت َف ُه َو َخ ْي ٌر َل َك»‪.‬‬
‫‪ ٢‬ـ قول ِّ‬
‫‪ ٣‬ـ قول الضرير يف دعائه‪« :‬ال َّل ُه َّم فش ِّف ْع ُه يفَّ»‪.‬‬

‫يدعو له؛ إذ لو‬


‫َ‬ ‫بقصد َأنْ‬
‫ِ‬ ‫النبي ‪ ‬كان‬
‫‪ ٤‬ـ أنَّ مجيء الضرير إلى ِّ‬
‫ويدعو قائلاً ـ مثلاً ‪« :‬ال َّل ُه َّم‬
‫َ‬ ‫التوس َل بجاهه َلكان يكفيه َأ ْن يجلس يف بيته‬
‫ُّ‬ ‫كان قصدُ ه‬
‫محم ٍد ‪.»‬‬ ‫إلي بصري بجاه نب ِّيك َّ‬ ‫ُر َّد َّ‬
‫فاألعرابي َط َلب مِ َن‬
‫ُّ‬ ‫موضع االستدالل‪،‬‬
‫ِ‬ ‫جهة أخرى ٌ‬
‫دليل يف غي ِر‬ ‫كما أنه ِم ْن ٍ‬
‫يدعو له مع حضوره يف حياته ‪ ،‬فأين هذا مِ ْن‬ ‫َ‬ ‫النبي ‪َ ‬أ ْن‬ ‫ِّ‬
‫ِ‬
‫وااللتجاء إليهم يف الشدائد؟‬ ‫دعاء األموات‬
‫الح َّكام إنما يحتاجون‬ ‫ٌ‬
‫فغاية يف الفساد والقبح؛ ألنَّ ُ‬ ‫وأ َّما استداللهم بالقياس‬
‫لم ْن‬
‫لعجزهم فيحتاجون َ‬‫ِ‬ ‫للوسائط‪ :‬إ َّما لعد ِم معرفتهم بأمور رعاياهم‪ ،‬وإ َّما‬
‫ٍ‬
‫بوسيط ُيل ِّي ُن‬ ‫ُيعينهم‪ ،‬وإ َّما لكوهنم َظ َلم ًة يمنعون الرع َّي َة حقو َقهم فتستعين الرع َّي ُة‬
‫غني عن َخ ْلقه ُمن ََّز ٌه عن النَّقص‬
‫واهلل ‪َ ‬ص َمدٌ ٌّ‬ ‫جاههم‪ُ ،‬‬ ‫قلب الراعي ُت َ‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫ظهير وال ُمعي ٌن لكماله ‪.‬‬ ‫أحدً ا م ْن َخ ْلقه‪ ،‬وليس له ٌ‬
‫والعيب‪ ،‬ال يحتاج َ‬
‫ُ‬
‫الرعيل‬ ‫فت ََّبين ِم ْن هذا تها ُف ُت ُش ْبهتِهم ومخالفتُهم باعتقادهم هذا ما كان عليه‬
‫األول ِم َن االعتقاد السليم الصحيح‪ ،‬وهم هبذا يجعلون بين اهلل وبين َخ ْلقه‬ ‫َّ‬
‫ضرا؛ فأنَّى لهم َأ ْن‬ ‫َ ِ‬
‫الوسائط م َن األموات الذين ال يملكون ألَ ْن ُفسهم نف ًعا وال ًّ‬
‫ينفعوا غيرهم؟!!‬
‫‪29‬‬ ‫الدالئل الربانية يف الرد على التيجانية‬

‫ سابع ًا‪ُ :‬غل ُُّوهم يف ِّ‬


‫النيب ‪:‬‬
‫ِ‬
‫الميدان‬ ‫شك أنه ‪ ‬يف هذا‬ ‫مؤل ُف «جواهر المعاين»‪..« :‬ال َّ‬ ‫قال ِّ‬
‫فيض‬ ‫كامل ‪ُ ،‬ي ُ‬ ‫بوجه مِ َن الوجوه‪ٌ ،‬‬ ‫ٍ‬ ‫النقص‬
‫ُ‬ ‫تا ٌّم يف نفسه ال يطرأ عليه‬
‫الكماالت على جميع الوجود مِ َن العلوم والمعارف واألسرار واألنوار واألحوال‬ ‫ِ‬
‫فيضه‬ ‫والمنَح وجمي ِع وجوه العطايا؛ ف ُك ُّل ما ُي ُ‬ ‫والمواهب ِ‬
‫ِ‬ ‫والفيوضات والتج ِّل َيات‬
‫شذ‬‫مما اشتهر أو َّ‬ ‫الحق ‪ ‬على الوجود مطل ًقا ومق َّيدً ا أو ً‬
‫كثيرا أو قليلاً َّ‬ ‫ُّ‬
‫فم ْن ظ َّن َأ ْن َي ِصل شي ٌء إلى الوجود‬ ‫إنما ُيفيضه بواسطة الرسول ‪َ ،‬‬
‫ُب َخ ِسر الدنيا‬ ‫بغير واسطة رسول اهلل ‪ ‬ف َقدْ َج ِهل َأ ْم َر اهلل‪ ،‬وإِ ْن لم َيت ْ‬
‫ِ‬
‫(‪)1‬‬
‫واآلخر َة هبذا االعتقاد‪»..‬‬

‫™ ™ شبهاتهم‪:‬‬

‫اهلل ُي ْعطِي»(‪ )2‬ووج ُه‬ ‫ِ‬


‫النبي ‪« :‬إِن ََّما َأنَا َقاس ٌم َو ُ‬ ‫ِّ‬ ‫يستد ُّلون بقول‬
‫أن‬‫ف «جواهر المعاين» حيث قال‪« :‬أخرب َّ‬ ‫االستدالل مِ َن الحديث َذك ََر ُه مؤ ِّل ُ‬
‫اإللهي كان ُمت َِّصلاً بالقسم على ما َن َف َذ ْت به المشيئ ُة‬ ‫ُّ‬ ‫االقتطاع‬
‫ُ‬ ‫األول هو‬
‫العطاء َّ‬
‫تناو ُله مِ ْن يد‬
‫والتقسيم هو ُ‬
‫ُ‬ ‫واالقتطاع ـ َّأولاً ـ كان مِ َن اهلل لجمي ِع َخ ْلقه‪،‬‬
‫ُ‬ ‫اإللهية‪،‬‬
‫الملك أو مِ ْن حضرتِه‪ ،‬وتوصي ُله إلى َم ْن أمر بإعطائه كان عنه ‪ ،‬فهو‬
‫وصلها‬ ‫بمنزلة العبد الذي يأمره الملِك بتوصيل العطايا إلى الناس‪ ،‬فهو ي ِ‬ ‫ِ‬ ‫يف ذلك‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫(‪)3‬‬
‫الملِ ُك‪ ،‬فهذا معنى الحديث‪»..‬‬ ‫إلى أرباهبا على َقدْ ِر ما أراده َ‬

‫((( «جواهر المعاين» لعلي حرازم (‪.)٢٣٣ /٢‬‬


‫ِ‬
‫ومسلم يف «الزكاة» (‪،)١٠٣٧‬‬
‫ٌ‬ ‫البخاري يف «العلم» باب من ُي ِرد اهلل به ً‬
‫خيرا يف ِّق ْهه يف الدين (‪)٧١‬‬ ‫ُّ‬ ‫(( ( أخرجه‬
‫من حديث معاوية بن أبي سفيان ‪.‬‬
‫((( «جواهر المعاين» لعلي حرازم (‪.)٢٧٩ /٢‬‬
‫الدالئل الربانية يف الرد على التيجانية‬ ‫‪30‬‬

‫ واجلواب‪:‬‬
‫«النبي ‪ ‬واسط ٌة بين اهلل وبين‬ ‫َّ‬ ‫أنَّ هذا المعنى الذي ذكروه ِم ْن أنَّ‬
‫الملِك» ٌ‬
‫باطل‬ ‫بمن ِْزلة العبد مع َ‬
‫والشر َ‬
‫ِّ‬ ‫ك اهلل مِ َن الخير‬‫َخ ْلقه‪ ،‬وأنه قاسم ما يقع يف م ْل ِ‬
‫ُ‬ ‫ٌ‬
‫ف دون سواه‪ ،‬وهو المالك‬
‫المتصر ُ‬
‫ِّ‬ ‫الكتاب والسنَّة؛ َّ‬
‫فإن اهلل ‪ ‬هو‬ ‫ُ‬ ‫ير ُّده‬
‫للضر والنفع؛ ﴿ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ‬
‫ِّ‬
‫ﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋ‬
‫ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﴾(‪.)1‬‬
‫وقال سبحانه‪﴿ :‬ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ‬
‫ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﴾(‪.)2‬‬
‫قاسم ما يقع يف م ْل ِ‬
‫ك اهلل َل َما ر َّد هؤالء الصحاب َة‬ ‫فلو كان النبي ‪ِ ‬‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُّ‬
‫الكرام‪ ،‬ولأَ عطاهم ما ي َت َق َّو ْون به على أداء الجهاد يف سبيل اهلل‪.‬‬
‫والمعنى الصحيح للحديث أنَّ اهلل سبحانه هو المعطي َو ْح َده‪ ،‬والرسول‬
‫قاسم يقسم ما بين يديه مِ َن األموال والغنائم‪ ،‬ال ما ا َّدعا ُه التجانيون‬
‫ٌ‬ ‫‪‬‬
‫شر يف حياته‬
‫خير أو ٍّ‬ ‫ك اهلل مِ ْن ٍ‬‫قاسم ك ُِّل ما يقع يف م ْل ِ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫أن النبي ‪ِ ‬‬ ‫مِ ْن َّ‬
‫َّ‬
‫‪ ‬وبعد مماته‪.‬‬
‫ال ‪« :‬معناه‪ :‬أنِّي لم أستأثر مِ ْن مال اهلل تعالى شي ًئا دونكم‪،‬‬ ‫بط ٍ‬ ‫ابن َّ‬
‫قال ُ‬
‫فاض َل يف العطاء فقال‪ :‬اهلل هو الذي يعطيكم ال أنا‪ ،‬وإنما‬ ‫وقاله تطيي ًبا لقلوهبم حين َ‬
‫فم ْن َق َس ْم ُت له شي ًئا فذلك نصي ُبه قليلاً كان أو ً‬
‫كثيرا»‬ ‫قاسم‪َ ،‬‬ ‫أنا‬
‫(‪)3‬‬
‫ٌ‬

‫(( ( [سورة الفتح‪ :‬آية ‪.]11‬‬


‫(( ( [سورة التوبة‪ :‬آية ‪.]92‬‬
‫(( ( «شرح صحيح مسلم» للنووي (‪.)١١٥ /١٤‬‬
‫‪31‬‬ ‫الدالئل الربانية يف الرد على التيجانية‬

‫المنهي عنه‪،‬‬
‫ِّ‬ ‫الغلو‬
‫ِّ‬ ‫مما َس َبق نق ُله هو ِم َن‬
‫النبي ‪َّ ‬‬
‫حق ِّ‬ ‫وما َذ َكروه يف ِّ‬
‫جميع َمدَ ِده على ُأ َّمته بموته‬
‫ُ‬ ‫وهم أنه ‪ ‬انقطع‬ ‫كمثل قولهم‪« :‬و َم ْن َت َّ‬
‫ِ‬ ‫َ‬
‫األدب‬
‫َ‬ ‫النبي ‪ ‬وأساء‬ ‫‪ ‬كسائر األموات فقدْ َجهل رتب َة ِّ‬
‫فإن اهلل‬ ‫ُب مِ ْن هذا االعتقاد»(‪ )1‬؛ َّ‬ ‫كافرا إِ ْن لم َيت ْ‬ ‫معه‪ ،‬و ُيخشى عليه َأ ْن يموت ً‬
‫ب نب َّيه بقوله‪﴿ :‬ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ ﰅ ﴾(‪ )2‬ويف الحديث‪« :‬إِ َذا‬ ‫‪ ‬خا َط َ‬
‫ار َي ٍة َأ ْو ِع ْل ٍم ُينْ َت َف ُع بِ ِه‬
‫ان ا ْن َق َط َع َعنْ ُه َع َم ُل ُه إِلاَّ مِ ْن َثالَ َث ٍة‪ :‬إِلاَّ مِ ْن َصدَ َق ٍة َج ِ‬
‫اإلن َْس ُ‬‫ات ِ‬
‫َم َ‬
‫الح ِّس والحركة مِ َن الم ِّيت‪،‬‬ ‫يدل على انقطاع ِ‬ ‫َأ ْو َو َل ٍد َصالِحٍ َيدْ ُعو َل ُه» (‪ )3‬وهذا ُّ‬
‫أن أرواحهم وأعمالهم ُمنقطِع ٌة عن الزيادة والنقصان إلاَّ ما اس ُت ْثن ِ َي كما يف‬ ‫وعلى َّ‬
‫ف يف نفسه فضلاً عن غيره‪ ،‬فكيف يدَّ عي التجان ُّيون‬ ‫تصر ٌ‬ ‫الحديث‪ ،‬وليس للم ِّيت ُّ‬
‫ستم ٌّر بعد وفاته؟‬ ‫أن مدَ د النبي ‪ ‬ألُمته م ِ‬ ‫َّ‬
‫َّ ُ‬ ‫َ َ ِّ‬
‫الح ِّس ُّي كالرزق واإلبراء واإلعانة‪ ،‬و ُيرا ُد‬ ‫الم َد ُد ِ‬ ‫راد به َ‬ ‫والم َد ُد عند إطالقه ُي ُ‬ ‫َ‬
‫والنبي ‪ ‬يف حياته ال يملك‬
‫ُّ‬ ‫المعنوي كالهداية والتوفيق واإللهام‪،‬‬
‫ُّ‬ ‫به‬
‫ضرا كما َأ َمره اهلل تعالى َأ ْن يقول‪ ﴿ :‬ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ‬ ‫ِ‬
‫لنَ ْفسه نف ًعا وال ًّ‬
‫ﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫ‬
‫ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﴾(‪. )4‬‬
‫والضر؟ هذا يف حياته ‪ ،‬فكيف بعد‬
‫َّ‬ ‫النفع‬
‫َ‬ ‫فكيف يملك لغيره‬
‫وفاته وانتقالِه إلى الرفيق األعلى؟‬

‫لمحمد فتحا بن عبد الواحد السوسي (‪.)٢٠٣ /٤‬‬ ‫َّ‬ ‫«الدرة الخريدة»‬
‫َّ‬ ‫(( (‬
‫[سورة الزمر‪ :‬آية ‪.]30‬‬ ‫((( ‬
‫اب َب ْعدَ َو َفاتِ ِه‪ ،‬برقم ‪1631‬‬ ‫اب َما َي ْل َح ُق ا ِلإْن َْس َ‬
‫ان مِ َن ال َّث َو ِ‬ ‫صحيح مسلم‪ ،‬كتاب الوصية‪َ ،‬ب ُ‬ ‫(( (‬
‫[سورة األعراف‪ :‬آية ‪.]188‬‬ ‫(( (‬
‫الدالئل الربانية يف الرد على التيجانية‬ ‫‪32‬‬

‫الجيوش ويبعث السرايا إلى المعارك والغزوات‬ ‫َ‬ ‫يجهز‬ ‫وقد كان ‪ِّ ‬‬
‫وحاص َر ْتهم‬ ‫َ‬ ‫الخطوب‬
‫ُ‬ ‫لهم ْت هبم‬ ‫أحدً ا منهم َأ ْن يسألوه المد َد واإلعانة إذا ا ْد َّ‬ ‫وما َع َّلم َ‬
‫أحدٌ مِ ْن صحابته ‪‬م يف حياته وال بعد مماته‪ ،‬بل‬ ‫الجيوش‪ ،‬ولم يفعل ذلك َ‬ ‫ُ‬
‫لع ْل ِمهم َأ ْن‬ ‫كان َْت تصيبهم الشدائدُ والسنون فال يلجأون إلاَّ إلى اهلل العلي العظيم‪ِ ،‬‬
‫ِّ‬
‫ِ‬
‫َان إ َذا‬ ‫اب ‪ ‬ك َ‬ ‫الخ َّط ِ‬ ‫أنس ‪َ « :‬أ َّن ُع َم َر ْب َن َ‬ ‫ملجأ مِ َن اهلل إلاَّ إليه‪ ،‬فعن ٍ‬ ‫َ‬ ‫ال‬
‫ب َف َق َال‪« :‬ال َّل ُه َّم إِنَّا ُكنَّا َنت ََو َّس ُل إِ َل ْي َك بِنَبِ ِّينَا‬ ‫الم َّطلِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫است َْس َقى بِال َع َّب ِ‬
‫اس ْب ِن َع ْبد ُ‬ ‫َق َح ُطوا ْ‬
‫اس ِقنَا»»‪َ ،‬ق َال‪َ « :‬ف ُي ْس َق ْو َن»(‪ )1‬فهؤالء الصحاب ُة‬ ‫ِ‬
‫َفت َْسقينَا‪َ ،‬وإِنَّا َنت ََو َّس ُل إِ َل ْي َك بِ َع ِّم َنبِ ِّينَا َف ْ‬
‫النبي ‪ ‬يف حياته‪،‬‬ ‫رضوان اهلل عليهم كانوا يطلبون مِ َن اهلل ُّ ْ‬ ‫ُ‬
‫السقيا بدعاء ِّ‬
‫اهلل تعالى‪ ،‬وبعد‬ ‫وهم يؤ ِّمنون على دعائه ف َيسقيهم ُ‬ ‫النبي ‪ ‬يدعو ُ‬ ‫َّ‬
‫أي‪ :‬أن َّ‬
‫النبي‬ ‫كان‬ ‫فلو‬ ‫هم‪،‬‬ ‫ي‬ ‫وفاته ‪ ‬كانوا يقدِّ مون العباس ‪ ‬يدعو اهلل ليس ِ‬
‫ق‬
‫ُّ‬ ‫َ‬ ‫َ َْ‬ ‫َّ َ‬
‫بعمه‪،‬‬ ‫رضوان اهلل عليهم و َي ْستسقون ِّ‬ ‫ُ‬ ‫‪َ ‬مدَ َد ُأ َّمتِه بعد وفاته فكيف يرتكونه‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫النبي ‪ ،‬أم أهنم‬ ‫أقرب الناس إلى قربه؟ وهل َجهل الصحاب ُة رتب َة ِّ‬ ‫ُ‬ ‫وهم‬
‫ُ‬
‫الناس أد ًبا‬ ‫ِ‬ ‫أعظم‬ ‫وه ْم‬ ‫عيه التجانيون؟ حاشاهم ‪‬م ُ‬ ‫أساؤوا األدب معه كما يدَّ ِ‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫مع الرسول ‪ ،‬وكيف يتجاسر التجانيون بحكمهم الجائر‪« :‬و ُيخشى‬
‫القرون على‬ ‫ِ‬ ‫أن ِخير َة‬ ‫ُب مِ ْن هذا االعتقاد»‪ ،‬وقد َتب َّين َّ‬ ‫كافرا إِ ْن لم َيت ْ‬ ‫عليه َأ ْن يموت ً‬
‫المعت َق ِد السليم؟!!‬ ‫هذا ُ‬
‫ ثامن ًا‪ :‬عقيدة التجانيني يف اليوم اآلخر‬
‫النيب ‪َ ‬ضمِن للتجاني وأتبا ِعه َّ‬
‫اجلنة‪:‬‬ ‫أن َّ‬ ‫™ ™اعتقادهم َّ‬
‫َ‬
‫دخول الج َّنة بغير‬ ‫النبي ‪َ ‬ض ِمن له وألتباعه‬‫َّ‬ ‫َز َعم التجاين أنَّ‬
‫عقاب‪ ،‬ولو عملوا مِ َن الذنوب والمعاصي ما عملوا‪ ،‬وهذه ُ‬
‫بعض‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫حساب وال‬

‫ِ‬
‫سؤال الناس اإلما َم االستسقا َء إذا َق َحطوا (‪.)١٠١٠‬‬ ‫باب‬
‫البخاري يف «االستسقاء» ُ‬
‫ُّ‬ ‫((( أخرجه‬
‫‪33‬‬ ‫الدالئل الربانية يف الرد على التيجانية‬

‫توضح ذلك‪:‬‬
‫ُب التجان ِّيين ِّ‬ ‫ِ‬
‫النصوص التي َو َر َد ْت يف ُكت ِ‬

‫ونصه‪.. :‬أسأل‬ ‫رسمه وخ ُّطه ُّ‬ ‫مؤلف «جواهر المعاين»‪« :‬ا َّط َل ْع ُت على ما ُ‬ ‫قال ِّ‬
‫حساب‬ ‫ٍ‬ ‫دخول الجنَّة بال‬ ‫َ‬ ‫رسول اهلل ‪َ ‬أ ْن يضمن لي‬ ‫ِ‬ ‫مِ ْن فض ِل س ِّيدنا‬
‫أب‬ ‫أبوي إلى َّأو ِل ٍ‬ ‫ِ‬ ‫عقاب يف َّأول الزمرة األولى‪ ،‬أنا وك ُُّل ٍ‬ ‫ٍ‬
‫أب وأ ٍّم ولدوين م ْن َّ‬ ‫وال‬
‫ناسل منهم مِ ْن وقتهم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وأ ٍّم لي يف اإلسالم م ْن جهة أبي وم ْن جهة أ ِّمي‪ ،‬م ْن ك ُِّل ما َت َ‬
‫إلى َأ ْن يموت س ِّيدُ نا عيسى ب ُن مريم مِ ْن جميع الذكور واإلناث‪ ..‬وك ُُّل َم ْن أحسن‬
‫ادين مِ ْن جمي ِع‬ ‫مثقال ذر ٍة َفأ ْك َثر‪ ..‬وك ُُّل من لم يع ِ‬
‫َ ْ َُ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬
‫ِ‬ ‫معنوي مِ ْن‬
‫ٍّ‬ ‫بإحسان ِح ِّس ٍّي أو‬
‫ٍ‬ ‫إلي‬
‫َّ‬
‫أخذ عنِّي‬ ‫شيخا أو َ‬‫هؤالء‪ ،‬وأ َّما َم ْن عاداين وأبغضني فال‪ ،‬وك ُُّل َم ْن واالين وا َّتخذين ً‬
‫كرا‪ ،‬وك ُُّل َم ْن خدمني أو قضى لي حاجةً‪ ..‬وآباؤهم وأ َّمها ُتهم وأوالدهم وبنا ُتهم‬ ‫ِ‬
‫ذ ً‬
‫رسول اهلل ‪ ‬ولجمي ِع هؤالء َأ ْن نموت‬ ‫ُ‬ ‫وأزواجهم‪ ..‬يضمن لي س ِّيدُ نا‬
‫ضمنْتُه‬‫الكتاب ِ‬
‫ِ‬ ‫ثم قال‪« :‬ك ُُّل ما يف هذا‬ ‫ُّ‬
‫حي منهم على اإليمان واإلسالم»‪َّ ،‬‬ ‫وكُل ٍّ‬
‫وجميع َم ْن ذك َْر َت يف‬ ‫ُ‬ ‫لك ضمان ًة ال تتخ َّلف عنك وعنهم أبدً ا إلى َأ ْن تكون أنت‬
‫ف عليك الوعدُ‬ ‫جميع ما ط َل ْبتَه منَّا ضمانًا ال ُي ْخ َل ُ‬ ‫وضمن ُْت لك‬ ‫ِ‬ ‫ِجواري يف عل ِّيين‪،‬‬
‫َ‬
‫(‪)1‬‬
‫ثم قال‪« :‬وك ُُّل هذا ٌ‬
‫واقع يقظ ًة ال منا ًما»‬ ‫فيها‪ ،‬والسال ُم»‪َّ ،‬‬
‫ألح ٍد‬
‫كتاب «رماح حزب الرحيم» عن التجاين قوله‪..« :‬وليس َ‬ ‫ِ‬ ‫و َن َقل ِّ‬
‫مؤل ُف‬
‫عقاب ولو عملوا مِ َن‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫حساب وال‬ ‫مِ َن الرجال َأ ْن ُيدْ ِخل كا َّف َة أصحابه الجنَّ َة بغير‬
‫الذنوب ما عملوا وبلغوا مِ َن المعاصي ما بلغوا إلاَّ أنا َو ْحدي‪ ،‬وورا َء ذلك ما ذكر‬
‫ح ُّل ِذك ُْره وال ُيرى وال ُي ْع َرف إلاَّ يف‬
‫لي فيهم وضمنه لهم ‪ ‬أمر ال ي ِ‬
‫ٌ َ‬
‫(‪)2‬‬
‫اآلخرة»‬

‫((( «جواهر المعاين» لعلي حرازم (‪ ١٣٠ /١‬ـ ‪)١٣١‬‬


‫(( ( «رماح حزب الرحيم» لعمر بن سعيد الفويت الطوري (‪)١٤٣ /٢‬‬
‫الدالئل الربانية يف الرد على التيجانية‬ ‫‪34‬‬

‫™ ™شبهاتهم‪:‬‬
‫نصوص‬
‫ٌ‬ ‫ليس للتجان ِّيين ما يستندون إليه يف زعمهم ضمانَ الج َّنة ألتباعهم إلاَّ‬
‫وم ْن ذلك‪:‬‬ ‫عا َّم ٌة أنزلوها بأهوائهم على شيخ الطريقة وأتباعه‪ِ ،‬‬
‫(‪)1‬‬
‫ٍ‬
‫عذاب‬ ‫ٍ‬
‫حساب وال‬ ‫حديث السبعين أل ًفا الذين يدخلون الج َّن َة بغير‬
‫حديث أبي أمامة‬ ‫ِ‬ ‫بعض روايات الحديث أنَّ مع السبعين أل ًفا زياد ًة كما يف‬ ‫ويف ِ‬
‫الجنَّ َة مِ ْن ُأ َّمتِي َس ْب ِعي َن َأ ْل ًفا َ‬
‫ال‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫«وعَدَ ني َر ِّبي ُس ْب َحا َن ُه َأ ْن ُيدْ خ َل َ‬
‫مرفوعا‪َ :‬‬
‫ً‬ ‫‪‬‬
‫ات مِن ح َثي ِ‬ ‫ث ح َثي ٍ‬ ‫ال َع َذاب مع ك ُِّل َأ ْل ٍ‬ ‫اب َع َل ْي ِه ْم َو َ‬ ‫ِ‬
‫ات‬ ‫ْ َ َ‬ ‫ون َأ ْل ًفا َو َثالَ َ َ َ‬ ‫ف َس ْب ُع َ‬ ‫َ َ َ‬ ‫ح َس َ‬
‫الحق يدخل‬ ‫حثية مِ ْن حثيات ِّ‬ ‫ربي َع َّز وج َّل»(‪()2‬قال محمد الحافظ التجاين‪« :‬ويف ٍ‬
‫َّ‬ ‫َ َ‬ ‫َ ِّ‬
‫وأكثر منهم‪ ،‬ال َّل ُه َّم إلاَّ إِ ِن اجرتأ ُم ْفت ٍَر على اهلل فحدَّ ها‬ ‫ُ‬ ‫التجاين وأحبا ُبه وأصحابه‬
‫ٍ (‪)3‬‬
‫اهلل به مِ ْن سلطان»‬ ‫سخيف ما َأن َْز َل ُ‬
‫ٌ‬ ‫رأي‬
‫ٌ‬ ‫بحدٍّ أو قدَّ رها ٍ‬
‫بقدر ال َ‬
‫دليل فيه إلاَّ‬

‫اه ِدي َن فِي َسبِي ِل اهللِ‪َ ،‬ما‬ ‫وبحديث‪« :‬إِ َّن فِي الجن َِّة مِا َئ َة درج ٍة َأعَدَّ َها اهلل ل ِ ْلمج ِ‬
‫ُ ُ َ‬ ‫ََ َ‬ ‫َ‬
‫ض‪َ ،‬فإِ َذا س َأ ْلتُم اهلل َفاس َأ ُلوه ِ‬
‫الف ْر َد ْو َس َفإِ َّن ُه‬ ‫اء َواألَ ْر ِ‬‫بين الدَّ رج َتي ِن كَما بين السم ِ‬
‫َ ُ َ ْ ُ‬ ‫َ َ ْ َ َّ َ‬ ‫َْ َ َ َ ْ‬
‫محمد الحافظ التجاين‪« :‬وقد سأل ذلك لنَ ْف ِسه‬ ‫ِ (‪)4‬‬
‫الجنَّة» قال َّ‬
‫ِ‬
‫الجنَّة َو َأ ْع َلى َ‬
‫َأ ْو َس ُط َ‬
‫(‪)5‬‬
‫ب له»‬ ‫أن اهلل لم َي ِ‬
‫ستج ْ‬ ‫وأحبابه‪ ،‬فهل ا َّط َل ْع َت على َّ‬
‫ض الص َلو ِ‬ ‫ول اهللِ ‪ ‬إِ َلى السم ِ‬ ‫اب ا ِلإْسر ِاء بِرس ِ‬
‫ات‬ ‫اوات‪َ ،‬و َف ْر ِ َّ َ‬
‫َّ َ َ‬ ‫ْ َ َ ُ‬ ‫رواه مسلم‪ ،‬كتاب االيمان‪َ ،‬ب ُ‬ ‫(( (‬
‫برقم ‪1624‬‬
‫صفة أمةِ‬
‫ِ‬ ‫باب‬
‫َّ‬ ‫الرتمذي يف «صفة القيامة والرقائق والورع» (‪ ،)٢٤٣٧‬واب ُن ماجه يف «الزهد» ُ‬ ‫ُّ‬ ‫أخرجه‬ ‫(( (‬
‫صححه األلباينُّ يف‬‫الباهلي ‪ .‬والحديث َّ‬ ‫ِّ‬ ‫محم ٍد ‪ ،)٤٢٨٦( ‬م ْن حديث أبي أمامة‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َّ‬
‫«السلسلة الصحيحة» (‪ )٢١٢ /٥‬و«المشكاة» (‪.)٥٥٥٦‬‬
‫لمحمد الحافظ التجاين (‪.)٢٢‬‬
‫َّ‬ ‫«االنتصار يف ر ِّد اإلنكار على الطريق»‬ ‫(( (‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫باب درجات المجاهدين يف سبيل اهلل (‪ )٢٧٩٠‬م ْن حديث أبي‬ ‫والس َير» ُ‬ ‫البخاري يف «الجهاد ِّ‬
‫ُّ‬ ‫أخرجه‬ ‫((( ‬
‫هريرة ‪.‬‬
‫لمحمد الحافظ التجاين (‪)٢٣‬‬
‫َّ‬ ‫(( ( «االنتصار يف ر ِّد اإلنكار على الطريق»‬
‫‪35‬‬ ‫الدالئل الربانية يف الرد على التيجانية‬

‫ اجلواب‪:‬‬
‫أناسا‬
‫يدل عليه أنَّ ً‬ ‫بحديث السبعين أل ًفا يف غي ِر ِّ‬
‫محله؛ إذ غاي ُة ما ُّ‬ ‫ِ‬ ‫إنَّ االستدالل‬
‫عذاب‪ ،‬وليس فيه‬ ‫ٍ‬ ‫حساب وال‬‫ٍ‬ ‫محم ٍد ‪ ‬يدخلون الج َّن َة بغير‬ ‫ِم ْن ُأ َّمة َّ‬
‫لما ُسئِل عن السبعين‬ ‫والنبي ‪َّ ‬‬ ‫ُّ‬ ‫‪،‬‬ ‫ألح ٍد ُمع َّي ٍ‬
‫ن‬ ‫دليل على ضمان الجنَّة َ‬ ‫ٌ‬
‫ون َولاَ َي ْست َْر ُق َ‬
‫ون َولاَ‬ ‫بذك ِْر ِص َفاتِهم وأهنم‪« :‬لاَ َي ْكت َُو َ‬ ‫أل ًفا أجاب ‪ِ ‬‬

‫فم ْن أين‬ ‫ون»(‪()1‬ولم يخصص ذواتِهم وأسماءهم‪ِ ،‬‬ ‫ون َو َع َلى َر ِّب ِه ْم َيت ََو َك ُل َ‬
‫َي َت َط َّي ُر َ‬
‫َ‬ ‫ِّ ْ‬
‫للتجانيين أهنم هم قط ًعا؟ أو أهنم مِ ْن حثيات اهلل ‪‬؟ ال َّل ُه َّم إلاَّ التأ ِّلي‬
‫علم‪.‬‬ ‫على اهلل بغير ٍ‬
‫ٍ‬
‫داللة على ما أراد التجاين ِم ْن‬ ‫أي‬‫الفردوس فليس فيه ُّ‬
‫َ‬ ‫ِ‬
‫سؤال اهلل‬ ‫ُ‬
‫حديث‬ ‫وأ َّما‬
‫ِ‬
‫سؤال ذلك طم ًعا يف‬ ‫حث المك َّلفين على‬‫ضمان الفردوس له وألتباعه‪ ،‬وإنما فيه ُّ‬
‫فض ِل اهلل ورضوانِه‪ ،‬والتجاين لم يقتصر على الدعاء فقط بل تعدَّ ى إلى الضمان‪،‬‬
‫أن اهلل لم يستجب له» ُيقابِله استفها ٌم‬ ‫وما استفهم به بقوله‪« :‬فهل ا َّط َل ْع َت أنت على َّ‬
‫ِ‬
‫العباد الجنَّ َة‬ ‫َ‬
‫إدخال‬ ‫أن اهلل استجاب دعا َءه»؛ َّ‬
‫فإن‬ ‫لعت على َّ‬
‫أقوى منه‪« ،‬وهل ا َّط َ‬
‫نبي ُم ْر َس ٌل‪ُ ،‬يدْ ِخل سبحانه‬ ‫ٌّ‬ ‫وال‬ ‫ب‬
‫ٌ‬ ‫مقر‬
‫َّ‬ ‫ٌ‬
‫ك‬ ‫ل‬ ‫مِ ْن خصائص الربوبية ال ُي ِ‬
‫شارك فيها َم َ‬
‫َم ْن يشاء الجنَّ َة بفضله‪ ،‬ويمنعها َم ْن يشاء بعدله‪﴿ ،‬ﰎ ﰏ ﰐ ﰑ ﰒ ﰓ ﰔ‬
‫والنبي ‪ ‬لم يضمن ألصحابه‬ ‫ُّ‬ ‫ﰕ ﰖ ﰗ ﰘ ﰙ ﰚ ﰛ ﴾(‪،)2‬‬
‫النفس‬ ‫ِ‬
‫لصحبة نب ِّيه‪ ،‬وبذلوا‬ ‫اهلل‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫ما َضمن التجاين ألتباعه‪ ،‬وهم الذين اصطفاهم ُ‬
‫والخلاَّ َن يف سبيل اهلل‪ ،‬بل كان ‪ ‬يرجو‬ ‫ِ‬ ‫َ‬
‫األوطان‬ ‫والنفيس‪ ،‬وهجروا‬

‫ومسلم يف‬
‫ٌ‬ ‫«الرقاق» باب‪ :‬يدخل الجنَّ َة سبعون أل ًفا بغير حساب (‪،)٦٥٤١‬‬
‫البخاري يف ِّ‬
‫ُّ‬ ‫((( أخرجه‬
‫اس ‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫«اإليمان» (‪ ،)٢٢٠‬م ْن حديث ِ‬
‫ابن ع َّب ٍ‬
‫(( ( [سورة فصلت‪ :‬آية ‪.]46‬‬
‫الدالئل الربانية يف الرد على التيجانية‬ ‫‪36‬‬

‫واإلكثار منه ليكون سب ًبا يف دخولهم الجنَّ َة‬ ‫ِ‬ ‫الخير ويح ُّثهم على العمل الصالح‬ ‫َ‬ ‫لهم‬
‫ول اهللِ‬ ‫يت م َع رس ِ‬ ‫ِ‬
‫األسلمي ‪ ‬قال‪ُ « :‬كن ُْت َأبِ ُ َ َ ُ‬ ‫ِّ‬
‫ٍ‬
‫كعب‬ ‫حديث ربيعة ِ‬
‫بن‬ ‫كما يف‬
‫«س ْل»‪َ ،‬ف ُق ْل ُت‪َ « :‬أ ْس َأ ُل َك ُم َرا َف َقت ََك‬ ‫ِ‬ ‫‪َ ‬ف َأ َتي ُته بِو ُضوئِ ِه وح ِ ِ‬
‫اجته َف َق َال لي‪َ :‬‬ ‫َ َ َ‬ ‫ْ ُ َ‬
‫اك»‪َ ،‬ق َال‪َ « :‬ف َأ ِعنِّي َع َلى َن ْف ِس َك بِ َك ْث َر ِة‬ ‫الجن َِّة»‪َ ،‬ق َال‪َ « :‬أ َو َغ ْي َر َذل ِ َك؟» ُق ْل ُت‪ُ :‬‬
‫«ه َو َذ َ‬ ‫في َ‬
‫ِ‬
‫ِ (‪)1‬‬
‫الس ُجود»»‬‫ُّ‬
‫أن مرافقة المصطفى ‪ ‬يف الجنَّة مِ َن‬ ‫قال المناوي ‪« :‬وفيه َّ‬
‫الزلفى عند اهلل يف‬ ‫مطمع يف الوصول إليها إلاَّ بحضور ُّ‬ ‫َ‬ ‫الدرجات العالية التي ال‬
‫لتقف‬
‫َ‬ ‫وارتباط القرينتين‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الشريطة‬ ‫الدنيا بكثرة السجود‪ ،‬انظر أ ُّيها المتأ ِّم ُل يف هذه‬
‫الرسول ‪ ‬ال يناله إلاَّ بالقرب مِ َن‬ ‫ِ‬ ‫فإن َم ْن أراد مرافق َة‬ ‫دقيق؛ َّ‬ ‫سر ٍ‬ ‫على ٍّ‬
‫ب حبيبه؛ ﴿ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ‬ ‫اهلل‪ ،‬و َم ْن رام ُق ْر َب اهللِ لم َينَ ْله إلاَّ ب ُق ْر ِ‬
‫ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﴾(‪. )2‬‬
‫ِ‬
‫العبد‬ ‫المحبتين؛ وذلك َّ‬
‫أن مح َّب َة‬ ‫أوقع متابع َة الرسول ‪ ‬بين‬
‫َّ‬
‫(‪)3‬‬
‫متابعة رسولِه ‪»‬‬ ‫ِ‬ ‫منوط ٌة بمتابعته‪ ،‬ومح َّب َة اهللِ العبدَ متو ِّقف ٌة على‬
‫لم ِن اتَّبعه ولو بلغوا ِم َن المعاصي ما بلغوا‬
‫وض ِمن الج َّن َة َ‬
‫جاسر التجاين َ‬
‫َ‬ ‫وقد َت‬
‫سائر ِ‬
‫عباد اهلل‪،‬‬ ‫وعملوا ِم َن الذنوب ما عملوا‪ ،‬وا َّدعى أهنا خصيص ٌة له َو ْحدَ ه دون ِ‬
‫وهو بذلك يدَّ عي لنفسه مِ َن المراتب ما هو أعلى مِ ْن مرتبة األنبياء ـ وكفى هبذا‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫فإن موسى ‪ ‬الذي‬ ‫ضاللاً ـ وأنه ُأوت َي ما لم ُيؤ َته أولو العزم م َن ُّ‬
‫الر ُسل؛ َّ‬
‫اهلل بقوله‪﴿ :‬ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ‬ ‫َو َصفه ُ‬

‫مسلم يف «الصالة» (‪.)٤٨٩‬‬


‫ٌ‬ ‫((( أخرجه‬
‫((( [سورة آل عمران‪ :‬آية ‪.]31‬‬
‫((( «فيض القدير» للمناوي (‪)٣٣٤ /٤‬‬
‫‪37‬‬ ‫الدالئل الربانية يف الرد على التيجانية‬

‫أمر حتَّى‬ ‫إسرائيل ما ليس له به ٌ‬ ‫َ‬ ‫لعجوز بني‬‫ِ‬ ‫ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﴾(‪ )1‬امتنع َأ ْن يضمن‬
‫وسى ‪َ ‬ل َّما َس َار بِ َبنِي إِ ْس َرائِ َيل مِ ْن‬ ‫أن « ُم َ‬
‫ِ‬
‫الحديث َّ‬ ‫اهلل إليه به؛ ففي‬ ‫أوحى ُ‬
‫ف ‪َ ‬ل َّما‬ ‫وس َ‬ ‫مِ ْص َر َض ُّلوا ال َّط ِر َيق َف َق َال‪َ « :‬ما َه َذا؟» َف َق َال ُع َل َم ُ‬
‫اؤ ُه ْم‪« :‬إِ َّن ُي ُ‬
‫َخ ُر َج مِ ْن مِ ْص َر َحتَّى َننْ ُق َل ِع َظا َم ُه‬ ‫الم ْو ُت َأ َخ َذ َع َل ْينَا َم ْوثِ ًقا مِ َن اهللِ َأ ْن لاَ ن ْ‬ ‫َح َض َر ُه َ‬
‫وز مِ ْن َبنِي إِ ْس َرائِ َيل»‪َ ،‬ف َب َع َث‬ ‫َم َعنَا»‪َ ،‬ق َال‪َ « :‬ف َم ْن َي ْع َل ُم َم ْو ِض َع َق ْب ِر ِه؟» َق َال‪َ « :‬ع ُج ٌ‬
‫«حتَّى ُت ْعطِ َينِي ُح ْك ِمي»‪َ ،‬ق َال‪:‬‬ ‫ف»‪َ ،‬قا َل ْت‪َ :‬‬ ‫وس َ‬ ‫ِ‬
‫إِ َل ْي َها َف َأ َت ْت ُه َف َق َال‪ُ « :‬د ِّليني َع َلى َق ْب ِر ُي ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫«وما ح ْكم ِ‬
‫الجنَّة»‪َ ،‬ف َك ِر َه َأ ْن ُي ْعط َي َها َذل َك‪َ ،‬ف َأ ْو َحى ُ‬
‫اهلل‬ ‫ُون َم َع َك في َ‬ ‫ك؟» َقا َل ْت‪َ « :‬أك ُ‬ ‫َ َ ُ ُ‬
‫إِ َلي ِه َأ ْن‪َ « :‬أ ْعطِها ح ْكمها»‪َ ،‬فا ْن َط َل َق ْت بِ ِهم إِ َلى بحير ٍة‪ :‬مو ِض ِع مس َتنْ َق ِع م ٍ‬
‫اء َف َقا َل ْت‪:‬‬ ‫َ‬ ‫ُ ْ‬ ‫ُ َ َْ َ ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ ُ ََ‬ ‫ْ‬
‫َخ َر ُجوا ِع َظا َم‬ ‫است ْ‬ ‫اح َت َف ُروا َف ْ‬
‫ِ‬
‫«احتَف ُروا»‪َ ،‬ف ْ‬ ‫الما َء»‪َ ،‬ف َأن َْض ُبو ُه َف َقا َل ْت‪ْ :‬‬ ‫« َأنْض ُبوا َه َذا َ‬
‫ِ‬
‫ورسول اهلل‬‫ُ‬ ‫ض َوإِ َذا ال َّط ِر ُيق مِ ْث ُل َض ْو ِء الن ََّهار»‬
‫ِ (‪)2‬‬ ‫وها إِ َلى األَ ْر ِ‬ ‫ف‪َ ،‬ف َل َّما َأ َق ُّل َ‬ ‫وس َ‬ ‫ُي ُ‬
‫صرح أنه ال ُيغني عن قرابته مِ َن اهلل شي ًئا‬ ‫صاحب الشفاعة العظمى َّ‬
‫ِ‬
‫ُ‬ ‫‪‬‬
‫إذا لم ُي َزكُّوا َأ ْن ُف َسهم باإليمان والعمل الصالح‪ ،‬فعن أبي هريرة ‪ ‬قال‪ :‬قال‬
‫رسول اهلل ‪ ‬حين أنزل اهلل ‪﴿ :‬ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﴾(‪. )3‬‬

‫ش ـ َأ ْو كَلِ َم ًة ن َْح َو َها ـ ْاشت َُروا َأ ْن ُف َس ُك ْم‪ ،‬لاَ ُأ ْغنِي َعنْ ُك ْم مِ َن اهللِ َش ْي ًئا‪،‬‬ ‫« َيا َم ْع َش َر ُق َر ْي ٍ‬
‫ب‪ ،‬لاَ ُأ ْغنِي‬ ‫الم َّطلِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اس ْب َن َع ْبد ُ‬ ‫َيا َبني َع ْبد َمنَاف‪ ،‬لاَ ُأ ْغني َعنْ ُك ْم م َن اهلل َش ْي ًئا‪َ ،‬يا َع َّب ُ‬
‫ول اهللِ‪ ،‬لاَ ُأ ْغنِي َعن ِْك مِ َن اهللِ َش ْي ًئا‪َ ،‬و َيا َفاطِ َم ُة‬ ‫َعن َْك مِ َن اهللِ َش ْي ًئا‪َ ،‬و َيا َص ِف َّي ُة َعم َة رس ِ‬
‫َّ َ ُ‬
‫(‪)4‬‬
‫ت مِ ْن َمالِي‪ ،‬لاَ ُأ ْغنِي َعن ِْك مِ َن اهللِ َش ْي ًئا»‬ ‫بِن َْت محم ٍد‪ ،‬سلِينِي ما ِش ْئ ِ‬
‫َ‬ ‫ُ َ َّ َ‬

‫(( ( [سورة األحزاب‪ :‬آية ‪.]69‬‬


‫ِ‬ ‫ِ‬
‫((( أخرجه اب ُن ح َّبان يف «صحيحه» (‪ ،)٧٢٣‬والحاكم يف «المستدرك» (‪ ،)٣٥٢٣‬م ْن حديث أبي موسى‬
‫صححه األلباينُّ يف «السلسلة الصحيحة» (‪)٦٢٢ /١‬‬
‫األشعري ‪ .‬والحديث َّ‬ ‫ِّ‬
‫((( [سورة الشعراء‪ :‬آية ‪.]214‬‬
‫البخاري يف «الوصايا» باب‪ :‬هل يدخل النسا ُء والولدُ يف األقارب؟ (‪)٢٧٥٣‬‬
‫ُّ‬ ‫((( اخرجه‬
‫الدالئل الربانية يف الرد على التيجانية‬ ‫‪38‬‬

‫رضوان اهلل عليهم‪ ،‬ف َقدْ‬ ‫ُ‬ ‫جازى به أصحا ُبه‬ ‫وصرح ‪ ‬أنه ال يعلم ما ُي َ‬ ‫َّ‬
‫األنصاري‪َ « :‬أ َّن ُأ َّم ال َعلاَ ِء‪ :‬ا ْم َر َأ ًة مِ ْن نِ َسائِ ِه ْم َقدْ‬
‫ِّ‬
‫بن ٍ‬
‫زيد‬ ‫البخاري عن خارج َة ِ‬ ‫ُّ‬ ‫روى‬
‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ت النَّبِي ‪َ ‬أ ْخ َب َر ْت ُه َأ َّن ُع ْث َم َ‬ ‫بايع ِ‬
‫الس ْكنَى‬ ‫ان ْب َن َم ْظ ُعون َط َار َل ُه َس ْه ُم ُه في ُّ‬ ‫َّ‬ ‫َ ََ‬
‫ان‬‫اج ِري َن»‪َ ،‬قا َل ْت ُأ ُّم ال َعلاَ ِء‪َ « :‬ف َس َك َن ِعنْدَ نَا ُع ْث َم ُ‬ ‫ت األَن َْصار س ْكنَى الم َه ِ‬
‫ُ‬ ‫ُ ُ‬
‫ِحين َأ ْقر َع ِ‬
‫َ َ‬
‫ول اهللِ‬ ‫اش َت َكى َف َم َّر ْضنَا ُه َحتَّى إِ َذا ُت ُو ِّفي َو َج َع ْلنَا ُه فِي ثِ َيابِ ِه َد َخ َل َع َل ْينَا َر ُس ُ‬ ‫ْ‬ ‫ون َ‬
‫ف‬ ‫بن م ْظع ٍ‬
‫َ‬ ‫ْ ُ َ ُ‬
‫ب‪َ ،‬ف َش َها َدتِي َع َل ْي َك َل َقدْ َأك َْر َم َك‬ ‫السائِ ِ‬ ‫ِ‬
‫«ر ْح َم ُة اهلل َع َل ْي َك َأ َبا َّ‬ ‫‪َ ،‬ف ُق ْل ُت‪َ :‬‬
‫اهلل َأك َْر َم ُه؟»‪َ ،‬ف ُق ْل ُت‪« :‬لاَ َأ ْد ِري‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫«و َما ُيدْ ِريك َأ َّن َ‬ ‫اهلل»‪َ ،‬ف َق َال لي النَّبِ ُّي ‪َ :‬‬ ‫ُ‬
‫ان َف َقدْ َجا َء ُه‬ ‫ول اهلل ‪َ « :‬أ َّما ُع ْث َم ُ‬ ‫ِ‬ ‫ول اهلل»‪َ ،‬ف َق َال َر ُس ُ‬ ‫ِ‬ ‫بِ َأبِي َأن َْت َو ُأ ِّمي َيا َر ُس َ‬
‫ول اهللِ ـ َما ُي ْف َع ُل بِ ِه»‪،‬‬ ‫الخ ْي َر‪َ ،‬واهللِ َما َأ ْد ِري ـ َو َأنَا َر ُس ُ‬ ‫ـ َواهللِ ـ ال َي ِقي ُن‪َ ،‬وإِنِّي لأَ َ ْر ُجو َل ُه َ‬
‫يت ل ِ ُع ْث َم َ‬ ‫ِ‬
‫ان‬ ‫َقا َل ْت‪َ :‬ف َواهلل لاَ ُأ َزكِّي َأ َحدً ا َب ْعدَ ُه َأ َبدً ا‪َ ،‬و َأ ْح َزنَنِي َذل ِ َك‪َ ،‬قا َل ْت‪َ :‬فن ِ ْم ُت َف ُأ ِر ُ‬
‫(‪)1‬‬
‫اك َع َم ُل ُه»»‬‫ول اهللِ ‪َ ‬ف َأ ْخ َب ْر ُت ُه َف َق َال‪َ « :‬ذ َ‬ ‫ج ْئ ُت إِ َلى رس ِ‬
‫َ ُ‬
‫َع ْينًا َت ْج ِري‪َ ،‬ف ِ‬

‫فأين هذا ِم ْن ضمان التجاين ألصحابه الج َّن َة شريط َة َأنْ ال يصدر منهم ٌّ‬
‫سب‬
‫ِ‬
‫وشيخها؟‬ ‫بغض وال عداو ٌة للطريقة‬
‫وال ٌ‬

‫الو ْر َد المعلوم الذي هو‬‫أن « َم ْن َأ َخذ ِ‬‫تطاو ُل التجاين ُبعدً ا حين ا َّدعى َّ‬
‫وازداد ُ‬
‫وذر َّيتُه المنفصل ُة‬ ‫أذ ْنتُه يدخل الجنَّ َة هو ووالداه‬ ‫الطريق أو عمن ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وأزواجه ِّ‬
‫ُ‬ ‫َّ ْ‬ ‫الز ُم‬
‫بغض وال‬‫سب وال ٌ‬ ‫ِ‬
‫بشرط أ َّ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫الح َفدة بال‬
‫ال يصدر منهم ٌّ‬ ‫عقاب‪،‬‬ ‫حساب وال‬ ‫عنه ال َ‬
‫(‪)2‬‬
‫عداوةٌ‪ ،‬وبدوا ِم مح َّبة الشيخ بال انقطا ٍع إلى الممات‪»..‬‬
‫أفضل ِم ْن قراءة القرآن؛ ذلك َّ‬
‫أن هذا‬ ‫ُ‬ ‫وا ِّدعاؤه هذا ُّ‬
‫يدل على أنَّ قراءة ال ِو ْرد‬
‫الكتاب‬
‫ُ‬ ‫الو ْرد لم يحصل لحاملي القرآن‪ ،‬بل َّ‬
‫دل‬ ‫المقا َم الذي ا َّدعاه التجاين لقارئ ِ‬
‫َ‬

‫الم ْشكِالت (‪)٢٦٨٧‬‬


‫(( ( اخرجه البخاري ‪،‬يف كتاب «الشهادات» باب القرعة يف ُ‬
‫لمحمد فتحا بن عبد الواحد السوسي (‪)٢٦ /٤‬‬
‫َّ‬ ‫«الدرة الخريدة»‬
‫َّ‬ ‫(( (‬
‫‪39‬‬ ‫الدالئل الربانية يف الرد على التيجانية‬

‫لة القرآن‬ ‫بعض حم ِ‬ ‫النار‪ ،‬بل َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫والسنَّة على َّ‬
‫إن َ َ َ‬ ‫كثيرا م ْن َح َملة القرآن يدخلون َ‬ ‫أن ً‬
‫النار يوم القيامة‪ ،‬فعن أبي هريرة ‪ ‬مرفو ًعا‪« :‬إِ َّن َأ َّو َل‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫م ْن َّأول َم ْن ُت َس َّع ُر هبم ُ‬
‫است ُْش ِهدَ ‪َ ،‬ف ُأتِ َي بِ ِه َف َع َّر َف ُه نِ َع َم ُه َف َع َر َف َها‪َ ،‬ق َال‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫َّاس ُي ْق َضى َي ْو َم ا ْلق َيا َمة َع َل ْيه َر ُج ٌل ْ‬ ‫الن ِ‬
‫است ُْش ِهدْ ُت»‪َ ،‬ق َال‪« :‬ك ََذ ْب َت‪َ ،‬و َلكِن ََّك‬ ‫يك َحتَّى ْ‬ ‫« َف َما َع ِم ْل َت فِ َيها؟» َق َال‪َ « :‬قا َت ْل ُت فِ َ‬
‫ب َع َلى َو ْج ِه ِه َحتَّى ُأ ْل ِق َي فِي‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫لأِ‬
‫َقا َت ْل َت َ ْن ُي َق َال‪َ :‬ج ِري ٌء‪َ ،‬ف َقدْ ق َيل»‪ُ ،‬ث َّم ُأم َر بِه َف ُسح َ‬
‫آن‪َ ،‬ف ُأتِ َي بِ ِه َف َع َّر َف ُه نِ َع َم ُه َف َع َر َف َها‪َ ،‬ق َال‪َ « :‬ف َما‬
‫َّار‪َ ،‬و َر ُج ٌل َت َع َّل َم ا ْل ِع ْل َم َو َع َّل َم ُه َو َق َر َأ ا ْل ُق ْر َ‬ ‫الن ِ‬
‫آن»‪َ ،‬ق َال‪« :‬ك ََذ ْب َت‪،‬‬ ‫يك ا ْل ُق ْر َ‬ ‫َع ِم ْل َت فِ َيها؟» َق َال‪َ « :‬ت َع َّل ْم ُت ا ْل ِع ْل َم َو َع َّل ْم ُت ُه َو َق َر ْأ ُت فِ َ‬
‫ار ٌئ‪َ ،‬ف َقدْ قِ َيل»‪ُ ،‬ث َّم‬ ‫آن ل ِ ُي َق َال‪ُ :‬ه َو َق ِ‬ ‫َو َلكِن ََّك َت َع َّل ْم َت ا ْل ِع ْل َم ل ِ ُي َق َال‪َ :‬عال ِ ٌم‪َ ،‬و َق َر ْأ َت ا ْل ُق ْر َ‬
‫اهلل َع َل ْي ِه َو َأ ْع َطا ُه مِ ْن‬
‫َّار‪َ ،‬و َر ُج ٌل َو َّس َع ُ‬ ‫ب َع َلى َو ْج ِه ِه َحتَّى ُأ ْل ِقي فِي الن ِ‬
‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫ُأم َر بِه َف ُسح َ‬
‫ال ُك ِّل ِه‪َ ،‬ف ُأتِ َي بِ ِه َف َع َّر َف ُه نِ َع َم ُه َف َع َر َف َها‪َ ،‬ق َال‪َ « :‬ف َما َع ِم ْل َت فِ َيها؟» َق َال‪َ « :‬ما‬ ‫َاف ا ْلم ِ‬
‫َ‬
‫َأصن ِ‬
‫ْ‬
‫ب َأ ْن ُينْ َف َق فِ َيها إِلاَّ َأ ْن َف ْق ُت فِ َيها َل َك»‪َ ،‬ق َال‪« :‬ك ََذ ْب َت‪َ ،‬و َلكِن ََّك‬ ‫ِ‬
‫ْت م ْن َسبِي ٍل ُتح ُّ‬
‫َترك ُ ِ‬
‫َ‬
‫ب َع َلى َو ْج ِه ِه‪ُ ،‬ث َّم ُأ ْل ِق َي فِي‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫َف َع ْل َت ل ُي َق َال‪ُ :‬ه َو َج َوا ٌد‪َ ،‬ف َقدْ ق َيل»‪ُ ،‬ث َّم ُأم َر بِه َف ُسح َ‬
‫ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الن ِ‬
‫النار يوم القيامة لكونه كان‬ ‫قارئ للقرآن وهو م ْن َّأول َم ْن ُت َس َّعر هبم ُ‬ ‫َّار»؛(‪ )1‬فهذا ٌ‬
‫ٍ‬
‫حساب‬ ‫الو ْرد التجاين فإنه يدخل الجنَّ َة بال‬ ‫ُمرائِ ًيا بقراءته والعيا ُذ باهلل‪ ،‬أ َّما قارئ ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ٍ‬
‫بغض‬ ‫سب وال ٌ‬ ‫عقاب ولو َعمل م َن المعاصي ما َعمل بشرط ألاَّ يصدر منه ٌّ‬ ‫وال‬
‫بجانب الشيخ!!‪ ،‬نعوذ باهلل مِ َن الخذالن‪.‬‬
‫ألن َم ْن َض ِمن له ُ‬
‫شيخه‬ ‫تشجيع على مقارفة المعاصي والذنوب؛ َّ‬‫ٌ‬ ‫ويف قوله هذا‬
‫مانع‪ ،‬وهذا ُمناقِ ٌض‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫دخول الجنَّة ولو َعمل ما َعمل ال يمنعه م ِن اقرتاف الس ِّيئات ٌ‬‫َ‬
‫أمر الناس بالطاعات وهنيِهم عن المعاصي‬ ‫ل ِ َما جا َء ْت به الشريع ُة اإلسالمية مِ ْن ِ‬
‫ليكونوا متع ِّبدين هلل بالخوف والرجاء‪.‬‬

‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫است ََح َّق الن ََّار‪ ،‬برقم ‪.1905‬‬ ‫اب َم ْن َقا َت َل ل ِّلر َياء َو ُّ‬
‫الس ْم َعة ْ‬ ‫((( صحيح مسلم‪،‬كتاب االمارة ‪َ ،‬ب ُ‬
‫الدالئل الربانية يف الرد على التيجانية‬ ‫‪40‬‬

‫اجلن َة ملَ ْن رآه‪:‬‬


‫أن التجاني َضمِن َّ‬
‫ تاسع ًا‪ :‬اعتقادهم َّ‬
‫القول يف كثي ٍر ِم ْن ُكت ِ‬
‫ُب التجانية القديمة والحديثة‪ ،‬وفيما يلي ٌ‬
‫بعض منها‪:‬‬ ‫ُ‬ ‫َو َرد هذا‬
‫النظر‬
‫ُ‬ ‫مؤل ُف «جواهر المعاين» عن التجاين أنه قال‪َ ..« :‬م ْن َح َصل له‬ ‫َذ َكر ِّ‬
‫عقاب إِ ْن لم يصدر منه‬
‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫حساب وال‬ ‫فينا يو َم الجمعة أو اإلثنين يدخل الجنَّ َة بغير‬
‫النظر يف هذين اليومين فهو‬
‫ُ‬ ‫بغض وال إذايةٌ‪ ،‬و َم ْن َح َصل له‬
‫سب يف جانبنا وال ٌ‬ ‫ٌّ‬
‫العذاب يف اآلخرة فال‬
‫ُ‬ ‫مِ َن اآلمنين إِ ْن مات على اإليمان‪ ،‬وإِ ْن َس َبق أنه يحصل له‬
‫يموت إلاَّ كافرا؛ فهذا ما يمكن إعالمكم به يف هذا الوقت‪ ،‬ويف ٍ‬
‫وقت َ‬
‫آخ َر يفعل‬ ‫ُ‬ ‫ً‬
‫(‪)1‬‬
‫اهلل ما يشاء»‬
‫ُ‬

‫™ ™والتجانيون يؤمنون بذلك ويصدِّقونه‪:‬‬


‫«‪..‬رأيت َ‬
‫شيخنا التجاين ‪‬‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬
‫كتاب «رماح الحزب الرحيم»‪:‬‬ ‫قال ِّ‬
‫مؤل ُف‬
‫واقعة مِ َن الوقائع وبيده ُح َّل ٌة مِ ْن ٍ‬
‫نور وقال لي ‪ ‬وأرضاه‬ ‫ٍ‬ ‫وأرضاه وعنَّا به يف‬
‫الح َّل َة َد َخل الجنةَ‪َّ ،‬‬
‫ثم ألبسني إ َّياها ‪»‬‬ ‫وعنَّا به‪َ :‬م ْن رأى هذه ُ‬
‫(‪)2‬‬

‫مشارا إليه‬
‫ً‬ ‫ِ‬
‫بعض َم ْن كان‬ ‫«ورأيت يف كال ِم‬
‫ُ‬ ‫مؤل ُف «بغية المستفيد»‪:‬‬ ‫وقال ِّ‬
‫المختص برائيه يف اليومين هو السعاد ُة التي‬‫َّ‬ ‫أن‬‫بالفتح مِ َن األصحاب ما يشير إلى َّ‬
‫ال شقاو َة بعدها‪ ،‬يعني‪ :‬أنه ال يراه يف هذين اليومين إلاَّ َم ْن َس َبق يف علم اهلل تعالى‬
‫الحكم يف هذا‬
‫ُ‬ ‫َأ ْن يكون سعيدً ا‪ ،‬فيدخل ال ُك َّف ُار يف هذا الخطاب‪ ،‬وينسحب عليهم‬
‫الوهاب‪ ،‬فيقال‪ :‬ال يراه يف هذين اليومين إلاَّ َم ْن يسبق يف علم‬ ‫الملِك َّ‬ ‫المقا ِم بفضل َ‬ ‫َ‬
‫أح ِد هذين اليومين‬‫الكافر يف َ‬
‫ُ‬ ‫اهلل تعالى أنه ُي ْختَم له بالسعادة كائنًا َم ْن كان‪ ،‬فإذا رآه‬

‫((( «جواهر المعاين» لعلي حرازم (‪)١٨٠ /٢‬‬


‫(( ( رماح الحزب الرحيم» لعمر بن سعيد الفويت الطوري (‪)١٨٢ /١‬‬
‫‪41‬‬ ‫الدالئل الربانية يف الرد على التيجانية‬

‫مسلما‪ ،‬سوا ٌء‬


‫ً‬ ‫فتختص الرؤي ُة المطلقة يف ك ُِّل يو ٍم َ‬
‫بم ْن كان‬ ‫ُّ‬ ‫ُختِم له باإليمان؛ وعليه‬
‫مصر ٌح به يف «الجواهر»‪ ،‬وهذه المق َّيدة‬ ‫َّ‬ ‫كان مِ َن األصحاب أم ال‪ ،‬حسبما هو‬
‫كافرا»(‪.)1‬‬
‫باليومين بما يشمل ك َُّل َم ْن رآه ولو كان ً‬

‫™ ™شبهتهم‪:‬‬
‫يستد ُّلون على أنَّ َم ْن رأى َ‬
‫شيخهم َد َخل الج َّن َة بقول ِّ‬
‫النبي ‪« :‬لاَ‬
‫ِ (‪)2‬‬
‫َت َم ُّس الن َُّار ُم ْسلِ ًما َرآنِي َأ ْو َر َأى َم ْن َرآني»‬
‫ظاهره و َي ْر ُجون ذلك‬ ‫ِ‬ ‫محمد الحافظ‪« :‬وقد كان السلف يحملونه على‬ ‫قال َّ‬
‫رأيت طلحةَ»‪ ،‬قال‬ ‫ُ‬ ‫جابرا»‪ ،‬وقال موسى‪« :‬ف َقدْ‬ ‫رأيت ً‬ ‫ُ‬ ‫الفضل‪ ،‬قال طلحةُ‪« :‬ف َقدْ‬ ‫َ‬
‫اهلل َم ْع َش َر‬
‫اهلل» اﻫ‪ ،‬ونحن نرجو َ‬ ‫يحيى‪« :‬وقال لي موسى‪ :‬وقد ر َأ ْيتَني‪ ،‬ونحن نرجو َ‬
‫المنَا ِم َف َقدْ َرآنِي؛ َفإِ َّن‬ ‫ِ ِ‬
‫وصح عنه ‪ ‬أنه قال‪َ « :‬م ْن َرآني في َ‬ ‫َّ‬ ‫التجانيين‪،‬‬
‫َّ ُ ِ (‪)3‬‬
‫(‪)4‬‬
‫فم ْن رآه يف المنام ف َقدْ رآه»‬
‫َ‬ ‫الش ْي َط َ‬
‫ان لاَ َيت ََمثل بي»‬ ‫َّ‬

‫ اجلواب‪:‬‬
‫الترمذي يف «سننه» كتاب «المناقب»‪،‬‬ ‫ُّ‬ ‫ستد ُّل به أخرجه‬
‫الم َ‬ ‫األول ُ‬
‫الحديث َّ‬
‫ح َبه رقم‪ ،)٣٨٥٨( :‬ويف‬ ‫باب ما جاء يف فض ِل من رأى النبي ‪ ‬وص ِ‬
‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َ ْ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫حديث‬ ‫غريب ال نعرفه إلاَّ مِ ْن‬ ‫ٌ‬
‫حديث حس ٌن‬ ‫الرتمذي َع ِق َبه‪« :‬هذا‬ ‫نظر‪ ،‬قال‬
‫ٌ‬ ‫ُّ‬ ‫ثبوته ٌ‬

‫لمحمد العربي السائح الشرقي (‪)٢١٧‬‬


‫َّ‬ ‫(( ( بغية المستفيد»‬
‫((( أخرجه الرتمذي ‪،‬كتاب المناقب‪ ،‬برقم ‪ ،3858‬وضعفه االلباين يف ضعيف الرتمذي و المشكاة (‪6004‬‬
‫‪ /‬التحقيق الثاين) و ضعيف الجامع الصغير (‪)6277‬‬
‫ومسلم يف‬ ‫النبي ‪،)١١٠( ‬‬ ‫َ‬ ‫ُ ِ‬ ‫((( ُم َّت َف ٌق عليه‪ :‬أخرجه‬
‫ٌ‬ ‫«العلم»باب إثم َم ْن كَذب على ِّ‬ ‫البخاري يف‬
‫ُّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫«الرؤيا» (‪ ،)٢٢٦٦‬م ْن حديث أبي هريرة ‪)]‬؛‬
‫الطريق»لمحمد الحافظ التجاين (‪.)٢٤‬‬
‫َّ‬ ‫(( ( «االنتصاف يف ر ِّد اإلنكار على‬
‫الدالئل الربانية يف الرد على التيجانية‬ ‫‪42‬‬

‫األنصاري»‪ ،‬وموسى ب ُن إبراهيم َذكَره اب ُن ح َّبان يف «الثقات»‬


‫ِّ‬ ‫موسى ِ‬
‫بن إبراهيم‬
‫وقال عنه‪« :‬كان يخطئ»(‪ )1‬وقد ضعفه االلباين يف ضعيف الرتمذي ‪،‬ويف المشكاة‬
‫(‪/ 6004‬التحقيق الثاين) وضعيف الجامع الصغير (‪.)6277‬‬
‫ٍ‬
‫رجاء يف قوله‪« :‬ونحن‬ ‫وقد َّبين وج َه الداللة ِم َن الحديث بجعل دعواهم َّ‬
‫مجر َد‬
‫ٍ‬
‫مسلم‬ ‫ألن ك َُّل‬
‫الخطب؛ َّ‬
‫ُ‬ ‫األمر كما ا َّدعى َل َهان‬
‫اهلل َم ْع َش َر التجانيين‪ »..‬ولو كان ُ‬ ‫نرجو َ‬
‫مما ا َّدعاه؛ َّ‬
‫ألن‬ ‫أعظم َّ‬
‫ُ‬ ‫األمر‬
‫َ‬ ‫اهلل َأ ْن ُيدْ ِخله الجنَّ َة و ُيب ِّعده عن النار‪ ،‬ولك َّن‬
‫يرجو َ‬
‫ٍ‬
‫عقاب‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫حساب وال‬ ‫النصوص يف ُك ُتبِهم صريح ٌة َّ‬
‫بأن َم ْن رأى التجاينَّ َد َخل الجنَّ َة بال‬ ‫َ‬
‫المنَا ِم َف َقدْ َرآنِي؛‬ ‫ِ ِ‬
‫«وصح عنه ‪ ‬أنه قال‪َ « :‬م ْن َرآني في َ‬ ‫َّ‬ ‫وأ َّما قوله‪:‬‬
‫صرف للرؤية المذكورة‬ ‫ٌ‬ ‫ان لاَ َيت ََم َّث ُل بِي»‪َ ،‬‬
‫فم ْن رآه يف المنام ف َقدْ رآه» فهذا‬ ‫َفإِ َّن َّ‬
‫الش ْي َط َ‬
‫لم ْن بعدهم يف‬
‫يف الحديث بأهنا كما تكون للصحابة والتابعين يف اليقظة فإهنا تكون َ‬
‫باطل مِ ْن وجهين‪:‬‬
‫المنام‪ ،‬وهذا التفسير ٌ‬
‫المتبادر للذهن إلى معنًى ٍ‬
‫بعيد ال‬ ‫ِ‬ ‫ٌ‬
‫صرف للحديث عن معناه‬ ‫التفسير‬
‫َ‬ ‫أ ـ أنَّ هذا‬
‫ٌ‬
‫تأويل بعيدٌ ‪.‬‬ ‫دليل عليه؛ فهو‬‫َ‬

‫تفسير‬
‫ُ‬ ‫ب ـ أنَّ الرؤية المذكورة يف الحديث هي رؤية اليقظة‪ُّ ،‬‬
‫ويدل على ذلك‬
‫«باب‬‫الرتمذي للحديث بقوله‪ُ :‬‬
‫ُّ‬ ‫راش لها وهو مِ َن التابعين‪ ،‬وقد َّبوب‬
‫بن ِخ ٍ‬
‫طلحة ِ‬
‫ُ‬
‫وإطالق الرؤية ينصرف‬ ‫ما جاء يف فض ِل من رأى النبي ‪ ‬وص ِ‬
‫ح َبه»‪،‬‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َ ْ‬
‫ٍ‬
‫إلى الرؤية البصرية؛ إذ تحتاج الرؤي ُة المنامية إلى تقييد كقوله مثلاً ‪ُ :‬‬
‫«باب فض ِل‬
‫من رأى النبي ‪ ‬وص ِ‬
‫ح َبه يف المنام»‪.‬‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َ ْ‬

‫((( انظر‪« :‬هتذيب التهذيب» البن حجر (‪ .)٣٣٣ /١٠‬والحديث ض َّعفه األلباينُّ يف «ضعيف الجامع» رقم‬
‫(‪.)٦٢٧٧‬‬
‫‪43‬‬ ‫الدالئل الربانية يف الرد على التيجانية‬

‫النبي ‪ ‬وصحابتِه‬ ‫خاص برؤية ِّ‬ ‫صحة الحديث فهو ٌّ‬ ‫ج ـ وعلى ِ‬
‫فرض َّ‬
‫ِ‬
‫الفهم‬ ‫دون سائر المسلمين‪ ،‬وهذا ما َف ِهمه الرتمذي راويه مِن تبويبه له‪ِ ،‬‬
‫وض ْم َن هذا‬ ‫ْ‬ ‫ُّ‬
‫تخصيص الصحابة والتابعين‬ ‫ِ‬
‫الحديث‬ ‫«ظاهر‬ ‫محمد صدِّ يق الهندي‪:‬‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫يقول الشيخ َّ‬
‫سائر المسلمين إلى يوم الدين‪،‬‬ ‫ِ‬
‫شمول ِ‬ ‫هبذه البشارة‪ ،‬وليس يف لفظه ما ُّ‬
‫يدل على‬
‫خاص ٌة‬
‫أن البشارة َّ‬ ‫والحديث أفاد َّ‬
‫ُ‬ ‫أيضا ـ عن الدخول فيه‪،‬‬ ‫بل َق ُص َر َت َب ُع التابعين ـ ً‬
‫(‪)1‬‬ ‫ُ‬
‫فالحديث ال َي ْش َمله»‬ ‫فم ْن لم َي َر ُه وكان يف زمنه‬
‫الصحابي‪َ ،‬‬ ‫بم ْن رأى‬ ‫َ‬
‫َّ‬
‫ِ‬
‫الحديث على شيخهم؟ وعلى التسليم‬ ‫طبق التجانيون معنى‬ ‫ٍ‬
‫أساس َّ‬ ‫أي‬
‫فعلى ِّ‬
‫َ‬
‫الحديث برؤية شيخهم دون سائر‬ ‫خصص التجانيون‬ ‫ص َّ‬ ‫مخص ٍ‬
‫ِّ‬ ‫فبأي‬
‫بعمومه ِّ‬
‫واهلل المستعان‪.‬‬
‫والتعصب‪ُ ،‬‬
‫ُّ‬ ‫المسلمين؟ ال َّل ُه َّم إلاَّ الهوى‬
‫مقيدٌ َبم ْن رآه ‪ ‬ومات على اإلسالم؛ ألنه‬ ‫بل إنَّ الحديث َّ‬
‫اس‬ ‫أن قو ًما يرتدُّ ون مِ ْن بعده ف ُي ْذ َهب هبم إلى النار‪ ،‬فعن ِ‬
‫ابن ع َّب ٍ‬ ‫‪ ‬أخرب َّ‬
‫ون ُح َفا ًة ُع َرا ًة ُغ ْرلاً » ُث َّم َق َر َأ‪﴿ :‬ﭨ ﭩ ﭪ‬ ‫‪‬ما مرفو ًعا‪« :‬إِ َّن ُك ْم َم ْح ُش ُ‬
‫ور َ‬
‫ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﴾(‪. )2‬‬
‫ات‬ ‫اسا ِم ْن َأ ْص َحابِي ُيؤْ َخ ُذ بِ ِه ْم َذ َ‬ ‫يم‪َ ،‬وإِنَّ ُأ َن ً‬‫اه ُ‬ ‫َو َأ َّو ُل َم ْن ُي ْك َسى َي ْو َم ِ‬
‫الق َيا َم ِة إِ ْب َر ِ‬
‫ول‪« :‬إِن َُّه ْم َل ْم َي َزا ُلوا ُم ْر َتدِّ ي َن َع َلى َأ ْع َقابِ ِه ْم‬‫ول‪َ « :‬أ ْص َحابِي َأ ْص َحابِي»‪َ ،‬ف َي ُق ُ‬ ‫ال َف َأ ُق ُ‬
‫الش َم ِ‬‫ِّ‬
‫الصال ِ ُح‪﴿ :‬ﯛﯜﯝﯞﯟﯠ﴾(‪ )3‬إلى‬ ‫ول ك ََما َق َال ال َع ْبدُ َّ‬ ‫ُمن ُْذ َف َار ْقت َُه ْم»‪َ ،‬ف َأ ُق ُ‬
‫قوله‪﴿ :‬ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﴾(‪.)5(»)4‬‬

‫((( «الدين الخالص» لصدِّ يق حسن (‪.)٥٢٠ /٣‬‬


‫((( [سورة األنبياء‪ :‬آية ‪.]104‬‬
‫(( ( [سورة المائدة‪ :‬آية ‪.]117‬‬
‫(( ( [سورة المائدة‪ :‬آية ‪.]118‬‬
‫باب ِ‬
‫قول اهلل تعالى‪﴿ :‬ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﴾ [النساء] (‪.)٣٣٤٩‬‬ ‫البخاري يف «األنبياء» ُ‬
‫ُّ‬ ‫(( ( أخرجه‬
‫الدالئل الربانية يف الرد على التيجانية‬ ‫‪44‬‬

‫اب‬‫َان َي ْو ُم َخ ْي َب َر َأ ْق َب َل َن َف ٌر مِ ْن َأ ْص َح ِ‬
‫الخطاب ‪َ « :‬ل َّما ك َ‬ ‫َّ‬ ‫وعن عمر ِ‬
‫بن‬
‫النَّبِ ِّي ‪َ ‬ف َقا ُلوا‪ُ « :‬فلاَ ٌن َش ِهيدٌ ‪ُ ،‬فلاَ ٌن َش ِهيدٌ »‪َ ،‬حتَّى َم ُّروا َع َلى َر ُج ٍل‬
‫َّار فِي‬ ‫ول اهللِ ‪« :‬كَلاَّ إِنِّي َر َأ ْي ُت ُه فِي الن ِ‬ ‫َف َقا ُلوا‪ُ « :‬فالَ ٌن َش ِهيدٌ »‪َ ،‬ف َق َال َر ُس ُ‬
‫ب‬ ‫اب‪ ،‬ا ْذ َه ْ‬ ‫الخ َّط ِ‬ ‫ول اهللِ ‪َ « :‬يا ا ْب َن َ‬ ‫ُب ْر َد ٍة َغ َّل َها ـ َأ ْو َع َبا َء ٍة ـ»‪ُ ،‬ث َّم َق َال َر ُس ُ‬
‫ُون»»‪َ ،‬ق َال‪َ « :‬ف َخ َر ْج ُت َفنَا َد ْي ُت‪َ « :‬ألاَ‬ ‫الم ْؤمِن َ‬
‫الجنَّ َة إِلاَّ ُ‬ ‫َاد فِي الن ِ‬
‫َّاس‪ :‬إِ َّن ُه لاَ َيدْ ُخ ُل َ‬
‫َفن ِ‬

‫ُون»»(‪.)1‬‬ ‫الم ْؤمِن َ‬


‫الجنَّ َة إِلاَّ ُ‬
‫إِ َّن ُه لاَ َيدْ ُخ ُل َ‬
‫كافية لدخول‬‫ٍ‬ ‫غير‬
‫النبي ‪ُ ‬‬ ‫مجرد رؤية ِّ‬‫َّ‬ ‫فالحديثان صريحان يف أنَّ‬
‫أن َم ْن رأى التجاين َد َخل الجنَّ َة‬ ‫ِ‬
‫بخالف عقيدة التجانيين الباطلة يف زعمهم َّ‬ ‫الج َّنة‪،‬‬
‫أفضل‬ ‫ُ‬ ‫أن التجاين‬ ‫كافرا‪ ،‬فإنه ُي ْختَم له باإليمان‪ ،‬ومِ ْن الز ِم هذا الباط ِل َّ‬
‫ولو كان ً‬
‫النبي ‪‬‬ ‫ها‬ ‫ل‬ ‫مِ َن النبي ‪‬؛ َّ‬
‫ألن هذه الكرام َة المزعومة لم َينَ ْ‬
‫ُّ‬ ‫ِّ‬
‫األعمال الصالحة سب ًبا لدخول‬ ‫َ‬ ‫ِ‬
‫أحدٌ م َن األنبياء قبله‪ ،‬ور ُّبنا ‪َ ‬ج َعل‬ ‫وال َ‬
‫الجنَّة يف مث ِل قوله تعالى‪﴿ :‬ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﴾(‪.)2‬‬
‫ٌ‬
‫كافية‬ ‫النبي ‪َ ‬و ْح َدها‬ ‫ٍ‬
‫صحيحة أنَّ رؤية ِّ‬ ‫كتاب وال س َّن ٍة‬ ‫ٍ‬ ‫ولم َي ِر ْد يف‬
‫ٍ‬
‫شيء‪،‬‬ ‫صباح مسا َء ولم تنفعهم يف‬
‫َ‬ ‫وه ُم الذين كانوا َير ْونه‬ ‫لدخول المشركين الج َّن َة‪ُ ،‬‬
‫المدافِعين عنه ولم يشفع له دفا ُعه إلدخاله الجنَّةَ‪،‬‬ ‫ِ‬
‫طالب كان م َن ُ‬ ‫ٍ‬ ‫عمه أبا‬ ‫بل َّ‬
‫إن َّ‬
‫صريحا يف قوله‬ ‫النبي ‪ ‬للمشركين ال ينفعهم كما جاء‬ ‫َّ‬
‫ً‬ ‫بل إن استغفار ِّ‬
‫تعالى‪ ﴿ :‬ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ‬
‫ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﴾(‪.)3‬‬

‫مسلم يف «اإليمان» (‪.)١١٤‬‬


‫ٌ‬ ‫((( أخرجه‬
‫((( [سورة الزخرف‪ :‬آية ‪.]72‬‬
‫(( ( [سورة التوبة‪ :‬آية ‪.]80‬‬
‫‪45‬‬ ‫الدالئل الربانية يف الرد على التيجانية‬

‫مم ْن َس َبق يف ِ‬
‫علم‬ ‫فكيف تنفعهم ـ أي‪ :‬المشركين ـ رؤي ُة التجاين؟ وتجعلهم َّ‬
‫اهلل تعالى َأ ْن يكون سعيدً ا؟!!‬

‫***‬
‫الدالئل الربانية يف الرد على التيجانية‬ ‫‪46‬‬

‫‪ J‬األدعية واألذكار عند التجانيني ‪L‬‬


‫مجموعة كبير ٌة ِم َن األوراد واألذكار‪ ،‬منها ما هو ٌ‬
‫الزم يف الطريقة‪،‬‬ ‫ٌ‬ ‫للتجانيين‬
‫غير الز ٍم‪ ،‬ف ِم َن األوراد الالزمة‪:‬‬
‫ومنها ما هو ُ‬

‫ ال ِو ْرد‪:‬‬

‫™ ™و ُي ْق َرأ ً‬
‫صباحا ومسا ًء وهو‪:‬‬

‫مر ٍة)‪.‬‬ ‫ِ‬


‫‪ ١‬ـ َأستغف ُر َ‬
‫اهلل (مائة َّ‬
‫مر ٍة)‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫بأي صيغة (مائة َّ‬
‫النبي ‪ِّ ‬‬
‫‪ ٢‬ـ الصالة على ِّ‬
‫(‪)1‬‬
‫مر ٍة)‪ ،‬وال ُبدَّ مِ َن الرتتيب يف األوراد‬
‫المشرفة‪ :‬ال إله إلاَّ اهلل (مائة َّ‬
‫َّ‬ ‫‪ ٣‬ـ الكلمة‬

‫ الوظيفة‪:‬‬
‫وإما مسا ًء‪ ،‬ف ِإ ْن ُق ِرئَ ْت يف الوقتني كان َ‬
‫أفضل‪ ،‬وهي‪:‬‬ ‫™ ™و ُت ْق َرأ يف اليوم َّ‬
‫مر ًة َّإما ً‬
‫صباحا َّ‬
‫ِ‬
‫مرةً)‪.‬‬
‫الحي الق ُّيوم‪( .‬ثالثين َّ‬
‫ُّ‬ ‫‪ ١‬ـ َأستغف ُر َ‬
‫اهلل العظيم الذي ال إله إلاَّ هو‬
‫ِ‬
‫ثم صالة «الفاتح ل َما ُأغلق»‪( .‬خمسين َّ‬
‫مرةً)‪.‬‬ ‫‪ ٢‬ـ َّ‬
‫مر ٍة)‪.‬‬
‫ثم ال إله إلاَّ اهلل‪( .‬مائة َّ‬
‫‪ ٣‬ـ َّ‬
‫صل وس ِّلم على‬
‫هم ِّ‬
‫مرةً)‪ ،‬وصيغتُها‪« :‬ال َّل َّ‬
‫ثم «جوهرة الكمال» (اثنتي عشرة َّ‬
‫‪ ٤‬ـ َّ‬
‫عين الرحمة الر َّبانية والياقوتة المتح ِّققة الحائطة بمركز الفهوم والمعاين‪ ،‬ونور‬
‫الخ ُلق الراين‪ ،‬الربق األسطع بم ُز ِ‬
‫ون األرياح‬ ‫المتكونة اآلدمي صاحب ُ‬ ‫األكوان‬
‫ُ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬

‫((( «أحزاب وأوراد التجاين» ألحمد التجاين (‪.)٨‬‬


‫‪47‬‬ ‫الدالئل الربانية يف الرد على التيجانية‬

‫ِ‬
‫ونورك الالمع الذي ملأَ ْ َت به كونَك‬ ‫ض مِ َن البحور واألواين‪،‬‬
‫متعر ٍ‬
‫المائلة ل ُك ِّل ِّ‬
‫ُ‬
‫عروش‬ ‫الحق التي تتج َّلى منها‬
‫صل وس ِّلم على عين ِّ‬
‫الحائط بأمكنة المكاين‪ ،‬ال َّل ُه َّم ِّ‬
‫الحق‬ ‫الحقائق‪ ،‬عين المعارف األقوم‪ ،‬صراطك التا ِّم األسقم‪ ،‬ال َّل ُه َّم ِّ‬
‫صل على طلعة ِّ‬
‫الم َط ْل َسم ‪،‬‬
‫بالحق الكنز األعظم‪ ،‬إفاضتك منك إليك إحاطة النور ُ‬ ‫ِّ‬
‫تعرفنا هبا إ َّياه»‪ ،‬ومِ ْن شروط قراءة «جوهرة الكمال» عندهم‪:‬‬
‫وعلى آله صال ًة ِّ‬
‫النبي ‪ ‬والخلفاء‬ ‫َّ‬ ‫ُ ْ لاَّ‬
‫أنها ال تق َرأ إ بالطهارة المائية دون الترابية؛ ألن َّ‬
‫األربعة ـ على زعمهم ـ يحضرون عند قراءة السابعة منها‪ .‬وينوب عن «جوهرة‬
‫المتوضئ‪.‬‬
‫ِّ‬ ‫الكمال» عشرون مِ ْن صالة «الفاتح ل ِ َما ُأغلق» لغير‬

‫النبي ‪‬‬ ‫َّ‬ ‫ٍ‬ ‫َ‬


‫وجود الفراش الطاهر الذي َي َس ُع س َّتة أشخاص؛ ألن َّ‬
‫(‪)1‬‬
‫يحضر والخلفاء‬

‫™ ™شبهتهم يف اإللزام بأذكارهم‪:‬‬

‫الكتاب‬
‫ُ‬ ‫«أذكار أه ِل الطريق مرج ُعها‬
‫ُ‬ ‫محمد الحافظ التجاين‪:‬‬
‫َّ‬ ‫األوىل‪ :‬قال‬
‫النبي ‪ ‬لم‬ ‫اهلل» واالستغفار والصالة على ِّ‬ ‫والسنَّة‪ ،‬هل «ال إله إلاَّ ُ‬
‫أصل لها يف شرع اهلل؟ وأيا كان ِ‬
‫َت الصف ُة أو الهيئة التي‬ ‫اهلل وال رسو ُله وال َ‬
‫ًّ‬ ‫َي ْش َرعها ُ‬
‫واهلل تعالى يقول‪﴿ :‬ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ‬ ‫ُ‬ ‫الشخص‪،‬‬
‫ُ‬ ‫يذكر هبا‬
‫ﮚﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧ‬
‫ﮨ ﮩ ﮪ ﴾(‪. )2‬‬

‫لمحمد فتحا بن عبد الواحد السوسي‬


‫َّ‬ ‫(‪«،)٨‬الدرة الخريدة»‬
‫َّ‬ ‫(( ( «أحزاب وأوراد التجاين» ألحمد التجاين‬
‫(‪.)].)١٩٩ /٣‬‬
‫(( ( [سورة النساء‪ :‬آية ‪.]103‬‬
‫الدالئل الربانية يف الرد على التيجانية‬ ‫‪48‬‬

‫اهلل على سائر أحيانكم‪ ،‬ويف الحديث‪« :‬أنه ‪ ‬ك َ‬


‫َان‬ ‫أي‪ :‬اذكروا َ‬
‫اهلل َع َلى ك ُِّل َأ ْح َيانِ ِه»(‪.)1‬‬
‫َي ْذك ُُر َ‬
‫الثانية‪ :‬استد ُّلوا على تحديد األوقات المخصوصة والعدد المخصوص‬
‫ال إِ َلى اهللِ َأ ْد َو ُم َها َوإن قل»‬
‫ِ ْ َ َّ (‪)2‬‬ ‫ب األَ ْعم ِ‬
‫َ‬ ‫بما َث َب َت عنه ‪ ‬أنه قال‪َ « :‬أ َح ُّ‬
‫محدودة هو السنَّ ُة الصحيحة التي‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫طاعة‬ ‫محمد الحافظ‪« :‬فالمداوم ُة على‬ ‫قال‬
‫َّ‬
‫ال َم ْط َع َن فيها عن رسول اهلل ‪ ،‬وللناس َأ ْن يختاروا ما يختارون مِ َن‬
‫العبادة ُي ِ‬
‫داومون عليه»(‪.)3‬‬
‫ اجلواب‪:‬‬
‫إنَّ اإلنكار على التجانيين فيما ا ْلتزموه ِم َن األذكار واألدعية ليس ُم ْن َص ًّبا على‬
‫ي ‪ ‬يف ذاتها إذا لم تحت ِو على‬ ‫ِ‬
‫والصالة على النب ِّ‬ ‫االستغفار ِ‬
‫وذ ْك ِر اهلل‬
‫اإلنكار على الهيئات والصفات والشروط التي‬ ‫ُ‬ ‫يتوجه‬
‫شرعا‪ ،‬وإنما َّ‬ ‫ٍ‬
‫ممنوعة ً‬ ‫ٍ‬
‫ألفاظ‬
‫النوع مِ َن البِدَ ِع َي ْصطلِ ُح العلما ُء على تسميته‪:‬‬
‫ُ‬ ‫يشرتطها القو ُم واإللزا ِم هبا‪ ،‬وهذا‬
‫الشاطبي ـ‬
‫ُّ‬ ‫البدع َة اإلضافية‪ ،‬وأحس ُن َم ْن َت َ‬
‫ناولها بالتأصيل والشرح أبو إسحاق‬
‫‪ ‬ـ إذ يقول‪« :‬وأ َّما البدع ُة اإلضافية فهي التي لها شائبتان‪ :‬إحداهما لها مِ َن‬
‫األد َّلة متع َّل ٌق فال تكون مِ ْن تلك الجهة بدعةً‪ ،‬واألخرى ليس لها متع َّل ٌق إلاَّ مِ ْث َل‬
‫ألح ِد الطرفين‬ ‫فلما كان العمل الذي له شائبتان لم يتخ َّلص َ‬ ‫ما للبدعة الحقيقية‪َّ ،‬‬
‫وض ْعنا له هذه التسمي َة وهي «البدعة اإلضافية» أي‪ :‬أهنا بالنسبة إلى إحدى‬ ‫َ‬

‫ِ‬
‫حديث عائشة ‪ »‬رسالة «علماء تزكية النفس» (‪ ٨‬ـ ‪.)٩‬‬ ‫مسلم يف «الحيض» (‪ )٣٧٣‬مِ ْن‬ ‫((( أخرجه‬
‫ٌ‬
‫ومسلم يف «صالة‬
‫ٌ‬ ‫«الرقاق» باب القصد والمداومة على العمل (‪،)٦٤٦٤‬‬
‫البخاري يف ِّ‬
‫ُّ‬ ‫((( أخرجه‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫المسافرين وقصرها» (‪ )٧٨٣‬م ْن حديث عائشة ‪.‬‬
‫((( رسالة «علماء تزكية النفس»‬
‫‪49‬‬ ‫الدالئل الربانية يف الرد على التيجانية‬

‫الجهتين سنَّ ٌة ألهنا ُمستنِد ٌة إلى دليلٍ‪ ،‬وبالنسبة إلى الجهة األخرى بدع ٌة ألهنا‬
‫والفرق بينهما مِ ْن جهة‬
‫ُ‬ ‫ٍ‬
‫شيء‪،‬‬ ‫شبهة ال إلى دلي ٍل أو غير مستن ِ ٍ‬
‫دة إلى‬ ‫ٍ‬ ‫ُمستنِد ٌة إلى‬
‫ُ ُ‬
‫قائم ومِ ْن جهة الكيفيات أو األحوال أو‬ ‫ِ‬
‫أن الدليل عليها م ْن جهة األصل ٌ‬ ‫المعنى َّ‬
‫التفاصيل لم َي ُق ْم عليها مع أهنا محتاج ٌة إليه؛ َّ‬
‫ألن الغالب وقو ُعها يف التع ُّبد َّيات ال‬
‫(‪)1‬‬
‫يف العاد َّيات المحضة»‬
‫الذكْر‬ ‫شرعي ِم ْن أذكار التجانيين هو ِم ْن هذا القبيل؛ إذ ُ‬
‫أصل ِّ‬ ‫ٌّ‬ ‫فما له ٌ‬
‫أصل‬
‫مشروع يف اإلسالم‪ ،‬والكيفي ُة التي يلتزموهنا ال َ‬
‫أصل لها شر ًعا‪ ،‬فهي ‪ -‬هبذا‬ ‫ٌ‬
‫االعتبار ‪ -‬بدع ٌة َّ‬
‫محرمةٌ‪.‬‬
‫يتقرب إلى‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬
‫ب البدعة اإلضافية َّ‬
‫«وإن صاح َ‬ ‫قال الشيخ علي محفوظ ‪:‬‬
‫والتقر ُب يجب َأ ْن يكون بمحض المشروع؛‬
‫ُّ‬ ‫ِ‬
‫وغير مشروعٍ‪،‬‬ ‫اهلل تعالى بمشرو ٍع‬
‫ِ‬
‫باعتبار ذاته يجب َأ ْن يكون مشرو ًعا باعتبار‬ ‫ُ‬
‫العمل مشرو ًعا‬ ‫فكما يجب َأ ْن يكون‬
‫(‪)2‬‬
‫كيفيته»‬
‫عة يف األذكار؛ ف َقدْ َث َب َت عن‬ ‫بتد ِ‬ ‫الم َ‬ ‫إنكار الهيئات ُ‬ ‫ُ‬ ‫والمنقول عن الصحابة‬
‫رجل يقول‪:‬‬ ‫حلقات يف المسجد وفيهم ٌ‬ ‫ٍ‬ ‫مسعود ‪ ‬أنه َخ َرج على‬ ‫ٍ‬ ‫عبداهلل ِ‬
‫بن‬
‫ٍ‬
‫مسعود‬ ‫اهلل مائةً» فيس ِّبحون‪ ،‬فقال اب ُن‬ ‫اهلل مائةً» فيك ِّبرون‪ ،‬و«س ِّبحوا َ‬ ‫«ك ِّبروا َ‬
‫يع مِ ْن َح َسنَاتِ ُك ْم َش ْي ٌء‪َ ،‬و ْي َح ُك ْم َيا‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫‪َ « :‬ف ُعدُّ وا َس ِّي َئات ُك ْم َف َأنَا َضام ٌن َأ ْن لاَ َيض َ‬
‫ون‪َ ،‬و َه ِذ ِه‬ ‫ُأ َّم َة ُم َح َّم ٍد‪َ ،‬ما َأ َس َر َع َه َل َك َت ُك ْم! َه ُؤلاَ ِء َص َحا َب ُة َنبِ ِّي ُك ْم ‪ُ ‬مت ََوافِ ُر َ‬
‫ثِ َيا ُب ُه َل ْم َت ْب َل‪َ ،‬وآنِ َي ُت ُه َل ْم ُت ْك َس ْر‪َ ،‬وا َّل ِذي َن ْف ِسي بِ َي ِد ِه إِ َّن ُك ْم َل َع َلى مِ َّل ٍة ِه َي َأ ْهدَ ى مِ ْن مِ َّل ِة‬
‫الر ْح َم ِن َما‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ُم َح َّم ٍد ‪َ ‬أ ْو ُم ْفتَتِ ُحو َب ِ‬
‫«واهلل َيا َأ َبا َع ْبد َّ‬
‫اب َضلاَ َلة»‪َ ،‬قا ُلوا‪َ :‬‬

‫(( ( االعتصام» للشاطبي (‪. )٢٨٦ /١‬‬


‫مضار االبتداع» لعلي محفوظ (‪)٣٢‬‬
‫ِّ‬ ‫(( ( اإلبداع يف‬
‫الدالئل الربانية يف الرد على التيجانية‬ ‫‪50‬‬

‫يد ل ِ ْل َخ ْي ِر َل ْن ُي ِصي َب ُه»(‪)1‬فأنكر ‪ ‬عليهم‬ ‫الخير»‪َ ،‬ق َال‪« :‬وكَم مِن م ِر ٍ‬


‫َ ْ ْ ُ‬ ‫َأ َر ْدنَا إِلاَّ َ ْ َ‬
‫وتسبيحهم‬ ‫استغفارهم‬ ‫واحد‪ ،‬وإِ ْن كان‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫بصوت‬ ‫الجماعي‬ ‫هذه البدع َة وهي ِّ‬
‫الذك ُْر‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُّ‬
‫مِ ْن حيث أص ُله مشرو ًعا‪ ،‬ومِ ْن هذا القبي ِل ما يفعله التجانيون يف أذكارهم‪.‬‬

‫ال إِ َلى اهللِ َأ ْد َو ُم َها َوإِ ْن َق َّل» ففي غير‬‫ب األَ ْعم ِ‬
‫َ‬ ‫ِ‬
‫بحديث‪َ « :‬أ َح ُّ‬ ‫وأ َّما استداللهم‬
‫أحب األعمال‪ ،‬وهذا ال ُم ِ‬
‫ناز َع فيه‪،‬‬ ‫ٍ ِ‬ ‫ٍ‬ ‫مح ِّله؛ ذلك َّ‬
‫أن المداومة على نافلة محدَّ دة م ْن ِّ‬
‫ٍ‬
‫خارجة‬ ‫ٍ‬
‫مخصوصة‬ ‫ٍ‬
‫وشروط‬ ‫ٍ‬
‫بصفة‬ ‫لطائفة مع َّي ٍنة‬
‫ٍ‬ ‫شعارا‬ ‫البحث يف ا ِّتخاذها‬ ‫ُ‬ ‫وإنما‬
‫ً‬
‫مائية أو بإذن الشيخ‪َ ،‬ت ِ‬
‫ستق ُّل‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫بطهارة‬ ‫عن الشريعة اإلسالمية ككوهنا ال ُت ْق َرأ إلاَّ‬
‫سلس َل اإلذن حتَّى َي ِصل إلى أحمد التجاين‬ ‫هبا عن سائر المسلمين‪ ،‬وهذا يعني َت ُ‬
‫الذي تل َّقاه عن رسول اهلل ‪ ‬مشافه ًة ـ كما يزعم ـ فهي هبذا تت ِ‬
‫َّخ ُذ صف َة‬
‫و«العبادات مبناها على التوقيف‬
‫ُ‬ ‫التشريع‪،‬‬
‫وإذا ُسئِل التجانيون عن دليلِ تخصيصهم ألذكارهم وأوقاتها وهيئاتها فال‬
‫لما ُسئِل عن اختصاص «جوهرة الكمال» بالطهارة‬ ‫جواب التجاين َّ‬
‫َ‬ ‫يجدون إلاَّ‬
‫القياس على ما‬
‫ُ‬ ‫مجال يف ذلك وأمكن‬ ‫ٌ‬ ‫المائية دون الترابية قال‪..« :‬لو كان للعقل‬
‫النبي ‪ ‬يحضرها‪ ،‬كذلك فهي‬ ‫ِ َ َّ‬
‫هنالك لقيل‪ :‬إن الهيللة يوم الجمعة كان ُّ‬
‫النبي ‪‬‬ ‫َّ‬ ‫ُ ْ لاَّ‬
‫أيضا ـ ال تق َرأ إ بالطهارة المائية دون الرتابية كالجوهرة؛ ألن َّ‬ ‫ـ ً‬
‫ِ‬
‫باع أحمد‪َ ،‬ي َس ُعنا ما َي َس ُعه‪ ،‬وما َأ َم َرنا به ن َّتبِعه‪َ ،‬‬
‫وغيره ال‬ ‫يحضرها‪ ،‬لك ْن ما لنا إلاَّ ا ِّت ُ‬
‫(‪)2‬‬
‫نتقدً ا‪ ،‬وإ َّياك و«ل ِ َم» ف َت َق َع يف الردى»‬
‫عتقدً ا ال م ِ‬
‫ُ‬
‫َبتد ُعه‪ ،‬وا ْفع ْل ما ُأمِر َت به تعبدً ا م ِ‬
‫ُّ ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫ن ِ‬

‫وصححه األلباينُّ يف «السلسلة‬


‫َّ‬ ‫الدارمي (‪ ،)٦٨ /١‬واب ُن الجوزي يف «تلبيس إبليس» (‪.)٢٩‬‬
‫ُّ‬ ‫(( ( أخرجه‬
‫الصحيحة» (‪. )١١ /٥‬‬
‫لمحمد فتحا بن عبد الواحد السوسي (‪. )٢٠٠ /٣‬‬
‫َّ‬ ‫الدرة الخريدة»‬
‫َّ‬ ‫(( (‬
‫‪51‬‬ ‫الدالئل الربانية يف الرد على التيجانية‬

‫خالف ذلك؛ َّ‬


‫فإن‬ ‫ُ‬ ‫ُّ‬
‫والحق‬ ‫ٌ‬
‫توقيفية‪،‬‬ ‫ف ُي ْف َه ُم ِم ْن جوابه أنَّ أذكارهم وشروطها‬
‫أن «جوهرة الكمال»‬ ‫أوراد التجانية وما َتع َّلق هبا مخرتَع مبتدَ ع‪ِ ،‬‬
‫فم ْن أين لهم َّ‬ ‫ِ‬ ‫أكثر‬
‫ٌ ُ ٌ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫فراش عند قراءهتا يت َِّسع لستَّة‬
‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫وجود‬ ‫مائية‪ ،‬وأنه ال ُبدَّ مِ ْن‬
‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫بطهارة‬ ‫ال ُت ْق َرأ إلاَّ‬
‫وأن سائر األذكار واألوراد ال ُبدَّ فيها مِ ْن إذن الشيخ أو نائبه؟ ومِ ْن أين‬ ‫أشخاص؟ َّ‬‫ٍ‬
‫المفرط يف أذكارهم كما جاء يف «جواهر المعاين»(‪«)1‬و َم ْن‬ ‫ِّ‬ ‫ترتيب العقوبة على‬ ‫ُ‬ ‫لهم‬
‫ُ‬
‫الهالك‪ ،‬وهذا‬ ‫ثم َت َركه تركًا ُك ِّل ًّيا أو متهاونًا به ح َّل ْت به العقوب ُة ويأتيه‬ ‫أخذ ِ‬
‫الو ْر َد َّ‬ ‫َ‬
‫ونصه ‪ :‬وك ُُّل‬ ‫ِ‬
‫إخبار م ْن س ِّيد الوجود ‪ ‬لشيخنا ‪ُّ ،‬‬ ‫ٌ‬
‫َ‬
‫والتفريط فيه‬ ‫عظيم‪ ،‬وإ َّياكم‬
‫ٌ‬ ‫أخذ عليك ِذك ًْرا ُقل له يف وص َّيتك له‪ِ :‬ذك ُْرنا هذا‬ ‫َم ْن َ‬
‫النبي ‪ ‬عظيمةٌ‪ ،‬وهي باب الكمال‪،‬‬ ‫َّ‬ ‫َ‬
‫وإ َّياكم وت ْركَه؛ ألن الصالة على ِّ‬
‫وهي المدخل األعظم‪ ،‬و َم ْن َت َركها ال يجد با ًبا مِ ْن غيرها يدخل عليه»‪ ،‬وك ُُّل هذه‬
‫أصل يف شريعة اإلسالم‪.‬‬ ‫أحدٌ ‪ ،‬وليس لها ٌ‬ ‫ِ‬
‫األقوال لم َي ْسبِقهم إليها َ‬
‫***‬

‫((( «جواهر المعاين» لعلي حرازم (‪.)١٢٣ /١‬‬


‫الدالئل الربانية يف الرد على التيجانية‬ ‫‪52‬‬

‫‪ J‬خالصة عقائد التجانيني ‪L‬‬


‫الم ْن َكرة التي‬
‫قليل ِم ْن كثي ٍر ِم َن البِ َدع ُ‬
‫عرضه ِم ْن ُمعت َقدات التجانية ٌ‬
‫إنَّ ما َتقدَّ م ُ‬
‫البصير إلى‬
‫ُ‬ ‫الوالء والبراء‪ ،‬وال يحتاج‬
‫َ‬ ‫أتباع التجانيين ويعقدون عليها‬
‫يتر َّبى عليها ُ‬
‫ٍ‬ ‫أن من ي ِ‬
‫سحيق‪ ،‬ويمكن‬ ‫ومهوى‬
‫ً‬ ‫ٍ‬
‫عظيم‪،‬‬ ‫عتقدُ عقيدهتم على ٍ‬
‫خطر‬ ‫علم ل ُيدْ ِرك َّ َ ْ َ‬ ‫ِ‬
‫كبير ٍ‬
‫تلخيص مباين عقائدهم يف النقاط التالية‪:‬‬
‫ُ‬
‫«إن الفيوض التي‬ ‫‪ ١‬ـ الخرافات واال ِّدعاءات العارية عن الدليل كقول التجاين‪َّ :‬‬
‫ذوات األنبياء‪ ،‬وك ُُّل ما فاض‬ ‫ُ‬ ‫ذات س ِّيد الوجود ‪ ‬تتل َّقاها‬ ‫تفيض مِن ِ‬
‫ْ‬
‫يتفرق على جميع الخالئق مِ ْن نشأة العا َل ِم‬ ‫ِ‬
‫و َب َرز م ْن ذوات األنبياء تتل َّقاه ذايت‪ ،‬ومنِّي َّ‬
‫فيضا مِ َن اهلل تعالى إلاَّ بوساطته ‪‬‬ ‫ولي ً‬ ‫َّ‬
‫إلى النفخ يف الصور‪ ...‬وقال‪ :‬ال يتلقى ٌّ‬
‫(‪)1‬‬
‫النبي ‪»‬‬ ‫ن‬ ‫مِن حيث ال يشعر به‪ ،‬ومدَ ده الخاص به إنما يتل َّقاه مِ‬
‫ِّ‬ ‫َ‬ ‫ُّ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬
‫ِ‬
‫إضفاء خصائص الربوبية عليه‬ ‫الغ ُل ُّو الفظيع يف زعيم الطريقة إلى ِّ‬
‫حد‬ ‫‪٢‬ـ ُ‬
‫(‪)2‬‬
‫الغيب‬
‫َ‬ ‫كا ِّدعائهم معرفتَه‬
‫ٍ‬
‫حساب‬ ‫علم‪ ،‬كا ِّدعائهم ضمانَ الج َّن ِة ألتباعهم بغي ِر‬
‫القول على اهلل بال ٍ‬ ‫ُ‬ ‫‪٣‬ـ‬
‫عقاب‪ ،‬ولو عملوا مِن الذنوب والمعاصي ما عملوا‪ ،‬وكقول التجاين ِ‬
‫نفسه‪:‬‬ ‫ٍ‬ ‫وال‬
‫َ‬
‫منادي حتَّى يسمعه ك ُُّل َم ْن يف الموقف‪:‬‬
‫َّ‬ ‫وض ُع لي منربٌ مِ ْن ٍ‬
‫نور يو َم القيامة‪ ،‬و ُينادي‬ ‫« ُي َ‬
‫(‪)3‬‬
‫غير شعوركم»‬ ‫ستمدُّ ون منه مِ ْن ِ‬
‫أهل الموقف‪ ،‬هذا إمامكم الذي كنتم َت ِ‬
‫ُ‬ ‫يا َ‬

‫لمحمد العربي السائح الشرقي (‪:)٢٢٥‬‬


‫َّ‬ ‫((( «بغية المستفيد»‬
‫يتوجه التجانيون إلى أوليائهم بالدعاء واالستغاثة باعتقاد والنفع والضرر فيهم‪ ،‬وهي نتيج ٌة حتمي ٌة مبن َّي ٌة‬
‫َّ‬ ‫(( (‬
‫خصائص الربوبية ويعلمون الغيب‪.‬‬ ‫أن ألوليائهم‬ ‫ِ‬
‫على اعتقاد َّ‬
‫َ‬
‫((( اإلفادة األحمدية» للط ِّيب السفياين (‪.)٧٤‬‬
‫‪53‬‬ ‫الدالئل الربانية يف الرد على التيجانية‬

‫قول التجاين‪:‬‬‫‪ ٤‬ـ سوء األدب مع اهلل فضلاً عن األنبياء واألولياء‪ ،‬ومثا ُله ُ‬
‫«إن عبد القادر الجيالينَّ قال ـ فيما‬ ‫فلما قِ َيل له‪َّ :‬‬
‫ولي»‪َّ ،‬‬ ‫ِ ِّ‬ ‫« َقدَ َ‬
‫ماي على رقبة كُل ٍّ‬
‫فقدماي‬
‫َ‬ ‫«صدَ ق‪ ،‬ولكِ ْن يف عصره‪ ،‬أ َّما أنا‬
‫ولي»‪ ،‬قال‪َ :‬‬ ‫ٍّ‬ ‫ُل‬ ‫زعموا‪ :‬قدمي على ِ‬
‫رقبة ك ِّ‬
‫قادرا على‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِّ‬
‫اهلل ً‬
‫فلما قيل له‪« :‬أليس ُ‬ ‫ولي م ْن آ َد َم إلى النفخ يف الصور»‪َّ ،‬‬‫على رقبة كُل ٍّ‬
‫قادر على َأ ْن‬ ‫ِ‬
‫َأ ْن ُيوجد بعدك ول ًّيا فوق ذلك؟» قال‪« :‬بلى‪ ،‬ولكن ال يفعل‪ ،‬كما أنه ٌ‬
‫(‪)1‬‬
‫محم ٍد ‪ ،‬ولكنَّه ال يفعل»‬ ‫ِ‬
‫ُيوجد نب ًّيا بعد َّ‬
‫كثير‪ ،‬ومنه قول التجاين‪:‬‬
‫النبي ‪ ،‬وهو يف مذهبهم ٌ‬
‫الكذب على ِّ‬
‫ُ‬ ‫‪٥‬ـ‬
‫بالتوجه‬
‫ُّ‬ ‫التوجه باألسماء الحسنى‪ ،‬وأ َمرين‬
‫ُّ‬ ‫«هناين رسول اهلل ‪ ‬عن‬
‫(‪)2‬‬
‫بصالة الفاتح»‬

‫النبي ‪ ‬عن‬ ‫ينهى‬ ‫عاقل َسلِم قل ُبه مِ َن الخرافات َأ ْ‬


‫ن‬ ‫وهل يعتقد ٌ‬
‫ُّ‬
‫شيء ُأمِر بتبليغه كما يف قوله تعالى‪﴿ :‬ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ‬ ‫ٍ‬

‫ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﴾(‪. )3‬‬
‫ٍ‬
‫خصوصيات ترفعهم عن َمقا ِم الناس يو َم القيامة‪،‬‬ ‫‪ ٦‬ـ اعتقادهم بأنَّ للتجانيين‬
‫اهلل ُيظِ ِّلهم يف ظِ ِّل عرشه‪َّ ،‬‬
‫وأن‬ ‫وأن َ‬
‫ِ‬
‫سكرات الموت عنهم‪َّ ،‬‬ ‫تخفيف‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫وم ْن ذلك‪:‬‬
‫برزخا َيستظِ ُّلون به َو ْحدَ هم‪ ،‬وأهنم يكونون مع اآلمنين عند باب الجنَّة حتَّى‬
‫لهم ً‬
‫(‪)4‬‬
‫المقربين‬
‫َّ‬ ‫يدخلوها يف الزمرة األولى مع المصطفى ‪ ‬وأصحابه‬

‫((( انظر‪« :‬اإلفادة األحمدية» للط ِّيب السفياين (‪.)٦٢‬‬


‫((( انظر‪« :‬اإلفادة األحمدية» للط ِّيب السفياين (‪.)٥٧‬‬
‫(( ( [سورة األعراف‪ :‬آية ‪.]180‬‬
‫الميسرة» (‪)٢٨٣ /١‬‬
‫َّ‬ ‫((( التجانية مِ َن «الموسوعة‬
‫الدالئل الربانية يف الرد على التيجانية‬ ‫‪54‬‬

‫تعاون التجانيين مع أعداء األ َّمة واإلسالم ِم ْن جيوش االستعمار‪،‬‬ ‫‪٧‬ـ ُ‬


‫األجر عند‬
‫َ‬ ‫يتجسسون لهم و ُيقاتِلون إلى جانبهم‪ ،‬و َي ُعدُّ ون ذلك شر ًفا‪ ،‬ويحتسبون‬
‫َّ‬
‫«السجادة التجانية الكربى» وخليفة‬
‫َّ‬ ‫محمد الكبير صاحب‬ ‫اهلل تعالى‪ ،‬قال الشيخ َّ‬
‫ِ‬
‫رئيس البعثة العسكرية الفرنسية يف‬ ‫أحمد التجاين األكرب يف ُخ ْط ٍبة ألقاها أما َم‬
‫الحجة ‪١٣٥٠‬ﻫ‪َّ :‬‬
‫«إن الواجب علينا إعانة‬ ‫َّ‬ ‫مدينة «عين ماضي» بتاريخ ‪ ٢٨‬ذي‬
‫حبيبة قلوبنا فرنسا ما ِّد ًّيا ومعنو ًّيا وسياس ًّيا؛ ولهذا فإنِّي أقول ـ ال على سبيل الم ِّن‬
‫إن أجدادي‬ ‫واالفتخار‪ ،‬ولكِ ْن على سبيل االحتساب والشرف بالقيام بالواجب‪َّ :‬‬
‫تحتل‬‫قد أحسنوا صن ًعا يف انضمامهم إلى فرنسا قبل َأ ْن َت ِصل إلى بالدنا وقبل َأ ْن َّ‬
‫(‪)1‬‬
‫ديارنا»‬ ‫ُ‬
‫جيوشها الكرا ُم َ‬
‫ِ‬
‫أجيال هذه األ َّمة‪،‬‬ ‫ُ‬
‫بعض‬ ‫أهم آثا ِر التجانيين الس ِّيئة التي َو ِرثها‬
‫فهذه هي ُّ‬
‫ساعد ْت على انتشار الوثنية والشرك المتم ِّثل يف بناء القباب وتشييد األضرحة‬ ‫َ‬
‫ٍ‬
‫واستغاثة ألصحاهبا المدفونين‪ ،‬وتعطي ِل األمر‬ ‫ٍ‬
‫ودعاء‬ ‫وصرف العبادات مِ ْن ٍ‬
‫نذر‬ ‫ِ‬
‫بالمعروف والنهي عن المنكر والجهاد يف سبيل اهلل‪ ،‬كما ساعدَ ْت على انتشار‬
‫مختلف البِدَ ع والحوادث مِ َن الموالد البدعية وما يحدث فيها ويف غيرها مِ َن‬
‫الم ْحدَ ثة التي كان َْت‬ ‫ِ‬
‫وانتشار األذكار واألدعية والصلوات ُ‬ ‫الخرافات والمنكرات‪،‬‬
‫سببا رئيسا يف إعراض الناس عن تالوة القرآن ِ‬
‫وذك ِْر اهلل بال ُّط ُرق الصحيحة‪ ،‬ويف‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫التقاعس عن أداء العبادات والتهاون فيها ا ِّتكالاً على األجر الوفير الذي يحصل‬
‫الم ْث َخنة بالخرافات‬ ‫ِ‬ ‫داو ٍم عليه على ما َّقرره‬ ‫ِّ‬
‫أصحاب هذه الطريقة ُ‬
‫ُ‬ ‫بأقل عم ٍل ُم َ‬
‫والبِدَ ع‪.‬‬

‫(( ( «تاريخ المغرب يف القرن العشرين» لروم الندو (‪ )١٤٣‬نقلاً عن «مظاهر االنحرافات العقدية عند‬
‫الصوفية» إلدريس محمود إدريس (‪)٩٠٩ /٢‬‬
‫‪55‬‬ ‫الدالئل الربانية يف الرد على التيجانية‬

‫ظهر ْت على ِ‬
‫يد‬ ‫هذا‪ ،‬وإنَّ الوالية ال ُت ُ‬
‫نال بمثلِ هذه المخالفات والطا َّمات‪ ،‬وإِنْ َ‬
‫للشافعي‪:‬‬ ‫«قلت‬
‫ُ‬ ‫بن عبد األعلى الصد ُّيف‪:‬‬
‫خوارق وعجائب‪ ،‬قال يونس ُ‬ ‫ُ‬ ‫َم ِن ا َّدعاها‬
‫ِّ‬
‫الرجل يمشي على الماء فال تغرتُّوا به حتَّى‬‫َ‬ ‫ِ‬
‫صاح َبنا الليث كان يقول‪« :‬إذا رأيتم‬ ‫َّ‬
‫إن‬
‫الليث ـ ‪ ،‬بل إذا‬ ‫ُ‬ ‫«قصر‬
‫الشافعي‪َّ :‬‬
‫ُّ‬ ‫تعرضوا َأ ْم َره على الكتاب والسنَّة؟» فقال‬
‫الرجل يمشي على الماء ويطير يف الهواء فال تغرتُّوا به حتَّى تعرضوا َأ ْم َره‬
‫َ‬ ‫رأيتم‬
‫على الكتاب»(‪»)1‬‬

‫شرع اهلل تعالى اعتقا ًدا وقولاً وعملاً ‪ ،‬قال تعالى‪:‬‬


‫ِ‬ ‫وإنما ُت ُ‬
‫نال الوالي ُة با ِّتباع‬
‫﴿ ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞ‬
‫ﭟ ﭠ ﴾(‪. )2‬‬

‫أيضا‪﴿ :‬ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ‬
‫وقال ً‬
‫ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﴾(‪. )3‬‬
‫َ‬
‫الم ْر َسل الذي ُيصدَّ ق‬ ‫النبي ُ‬‫وال تعني الوالي ُة أنْ يجعل َم ْن نالها يف مرتبة ِّ‬
‫«وكثير مِ َن الناس يغلط يف هذا‬ ‫ٌ‬ ‫ابن تيمية ‪:‬‬ ‫طاع فيما أ َمر‪ ،‬قال ُ‬ ‫فيما أخبر و ُي ُ‬
‫ولي اهلل ُي ْق َبل منه ك ُُّل ما يقوله‪،‬‬ ‫َّ‬ ‫ٍ‬
‫ولي هلل‪ ،‬ويظ ُّن أن َّ‬ ‫الموضع‪ ،‬فيظ ُّن يف شخص أنه ٌّ‬
‫الكتاب والسنَّة‪ ،‬ف ُيوافِ ُق‬
‫َ‬ ‫و ُي َس َّلم إليه ك ُُّل ما يقوله و ُي َس َّلم إليه ك ُُّل ما يفعله وإِ ْن خالف‬
‫اهلل به رسو َله ‪ ‬الذي َف َرض ُ‬
‫اهلل‬ ‫ف ما َب َعث ُ‬ ‫الشخص له‪ ،‬و ُيخال ِ ُ‬
‫َ‬ ‫ذلك‬
‫َ‬
‫الفارق بين أوليائه‬ ‫الخ ْلق تصدي َقه فيما أخرب وطاعتَه فيما أ َمر‪َ ،‬‬
‫وج َعله‬ ‫على جميع َ‬

‫((( انظر‪« :‬اإلبانة» البن ب َّطة (‪.)٥٣٤ /٢‬‬


‫(( ( [سورة يونس‪ :‬اآليات ‪.]63-62‬‬
‫(( ( [سورة المائدة‪ :‬آية ‪.]55‬‬
‫الدالئل الربانية يف الرد على التيجانية‬ ‫‪56‬‬

‫فم ِن ا َّتبعه كان‬ ‫وأعدائه‪ ،‬وبين أهل الجنَّة وأه ِل النار‪ ،‬وبين ُّ‬
‫الس َعداء واألشقياء‪َ ،‬‬
‫باده الصالحين‪ ،‬و َم ْن لم ي َّتبِ ْعه كان مِ ْن‬
‫وع ِ‬
‫مِن أولياء اهلل المتَّقين وجن ِْده الم ْفلِحين ِ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬
‫الرسول و ُموا َفق ُة ذلك الشخص ـ‬ ‫ِ‬ ‫فتجره مخالف ُة‬ ‫أعداء اهلل الخاسرين المجرمين‪،‬‬
‫ُّ‬
‫نصيب مِ ْن قوله‬
‫ٌ‬ ‫وآخ ًرا إلى الكفر والنفاق‪ ،‬ويكون له‬ ‫أولاً ـ إلى البدعة والضالل‪ِ ،‬‬
‫َّ‬
‫تعالى‪﴿ :‬ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ‬
‫ﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕ‬
‫ﯖ ﯗ ﴾(‪. )1‬‬
‫وقولِه تعالى‪﴿ :‬ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ‬
‫ﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍ‬
‫ﮎﮏﮐﮑﮒ﴾ »‬
‫(‪)3( )2‬‬

‫وال َي َس ُعنا ـ أخيرا ـ إلاَّ َأنْ ِّ َ‬


‫نذكر أن ُْف َسنا وإخوا َننا َّ‬
‫القراء أنه ال نجا َة لأل َّمة‬ ‫ً‬
‫المزكاة يف عقيدتها‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬
‫المفضلة‬ ‫إلاَّ باالعتصام بالكتاب والس َّنة على ِ‬
‫فهم القرون‬
‫والشقاق بينها‪ .‬قال‬ ‫ُ‬
‫الكفيل بتوحيد األ َّمة ورف ِع الخالف ِّ‬ ‫وسلوكها؛ ذلك هو‬
‫ٌ‬
‫دليل‬ ‫ٍ‬
‫واحد إلاَّ‬ ‫عبد الحميد ب ُن باديس ـ ‪« :‬وال يقف بالجميع عند حدٍّ‬
‫النبي ‪ ‬وكان عليه‬ ‫مما كان عليه ُّ‬ ‫واحدٌ ‪ ،‬وهو ا ْلتزا ُم الصحيحِ الصريح َّ‬
‫ِ‬
‫العصر‬ ‫ديني لم نجده يف كال ِم أه ِل ذلك‬ ‫أصحا ُبه؛ ف ُك ُّل ٍ‬
‫إثبات معنًى ٍّ‬‫ُ‬ ‫قول ُيرا ُد به‬
‫اهلل‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ ِ‬
‫وسع ُ‬ ‫نكون يف َس َعة م ْن ر ِّده وطرحه وإماتته وإعدامه كما َوس َعهم عد ُمه‪ ،‬وال َّ‬
‫ٍ‬
‫عقيدة؛ فال نقول يف ديننا إلاَّ ما قالوا‪،‬‬ ‫على َم ْن لم َي َس ْعه ما َو ِس َعهم‪ ،‬وكذلك ك ُُّل‬

‫(( ( [سورة الفرقان‪ :‬اآليات ‪.]29-28‬‬


‫((( [سورة األحزاب‪ :‬اآليات ‪.]68-66‬‬
‫((( «الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان» البن تيمية (‪.)٧٤‬‬
‫‪57‬‬ ‫الدالئل الربانية يف الرد على التيجانية‬

‫وال نعتقد فيه إلاَّ ما اعتقدوا‪ ،‬وال نعمل فيه إلاَّ ما عملوا‪ ،‬ونسكت َّ‬
‫عما سكتوا‬
‫(‪)1‬‬ ‫فتنة كان َْت بين ِ‬
‫الف َرق اإلسالمية ناشئ ًة عن مخالفة هذا األصل»‬ ‫فيه‪ ...‬ونرى ك َُّل ٍ‬

‫***‬

‫((( «مج َّلة الشهاب» (‪)٥٧٠ /٥‬‬


‫الدالئل الربانية يف الرد على التيجانية‬ ‫‪58‬‬

‫‪ J‬املراجع ‪L‬‬
‫ املراجع اليت تتعلق بالرد‪:‬‬
‫‪1 .1‬القران الكريم‪.‬‬
‫‪2 .2‬اإلبانة الكربى البن بطة‪ ،‬دار الراية للنشر والتوزيع‪ ،‬الرياض‪.‬‬
‫‪3 .3‬االعتصام ـ للشاطبى‪ ،‬دار النشر‪ :‬المكتبة التجارية الكربى – مصر‪.‬‬
‫‪4 .4‬تفسير القرآن العظيم‪ ،‬أبو الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير القرشي ‪،‬الناشر‪:‬‬
‫دار الفكر ط ‪1414‬هـ – ‪1994‬م‪.‬‬
‫‪5 .5‬تقريب التهذيب‪ ،‬أحمد بن علي بن حجر العسقالين‪ ،‬دار العاصمة‪.‬‬
‫‪6 .6‬جامع البيان يف تأويل القرآن ‪،‬محمد بن جرير أبو جعفر الطربي‪ ،‬مؤسسة‬
‫الرسالة‪ ،‬ط األولى‪ 1420 ،‬هـ ‪ 2000 -‬م‪.‬‬
‫‪7 .7‬الجامع الصحيح المختصر( صحيح البخاري)‪ ،‬محمد بن إسماعيل أبو‬
‫عبداهلل البخاري الجعفي‪ ،‬نشر دار ابن كثير‪ ،‬اليمامة – بيروت‪ ،‬ط‪ :‬الثالثة‪،‬‬
‫‪1987 – 1407‬م‪.‬‬
‫‪8 .8‬الجامع ألحكام القرآن = تفسير القرطبي‪ ،‬أبو عبد اهلل محمد بن أحمدالقرطبي‪،‬‬
‫دار الكتب المصرية – القاهرة‪ ،‬الطبعة‪ :‬الثانية‪1384 ،‬هـ ‪1964 -‬م‪.‬‬
‫‪9 .9‬سلسلة األحاديث الصحيحة وشيء من فقهها وفوائدها‪ ،‬محمد ناصر‬
‫الدين‪،‬األلباين‪ ،‬مكتبة المعارف للنشر والتوزيع‪ ،‬الرياض‪ ،‬الطبعة‪ :‬األولى‪،‬‬
‫(لمكتبة المعارف)‪.‬‬
‫‪59‬‬ ‫الدالئل الربانية يف الرد على التيجانية‬

‫‪1010‬سنن الرتمذي ‪ :،‬محمد بن عيسى الرتمذي ‪،‬نشر شركة مكتبة ومطبعة‬


‫مصطفى البابي الحلبي – مصر‪ ،‬الطبعة‪ :‬الثانية‪ 1395 ،‬هـ ‪1975 -‬م‪.‬‬
‫‪1111‬فتح الباري شرح صحيح البخاري ‪،‬أحمد بن علي بن حجر أبو الفضل‬
‫العسقالين ‪،‬دار المعرفة ‪ -‬بيروت‪1379 ،‬هـ‪.‬‬
‫‪1212‬الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان‪ ،‬شيخ اإلسالم أحمد بن عبد‬
‫الحليم بن تيمية‪ ،‬دار الفضيلة – الرياض‪.‬‬
‫‪1313‬فيض القدير‪ ،‬للمناوي‪ ،‬دار الكتب العلمية بيروت – لبنان‪ ،‬بدون‪.‬‬
‫‪1414‬قاعدة جليلة يف التوسل والوسيلة‪ ،‬أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية‪ ،‬مكتبة‬
‫الفرقان – عجمان‪ ،‬ط األولى ‪1422‬هـ ‪2001 -‬هـ‪.‬‬
‫‪1515‬مسند أحمد بن حنبل‪ ،.‬أحمد بن حنبل أبو عبداهلل الشيباين‪ ،‬ط‪ :‬جمعية‬
‫المكنز اإلسالمي ‪،‬ط األولى‪ 1431 ،‬هجرية‪2010 ،‬م‪.‬‬
‫‪1616‬المسند الصحيح المختصر بنقل العدل عن العدل إلى رسول اهلل‬
‫‪ ‬مسلم بن الحجاج أبو الحسن القشيري النيسابوري‪ ،‬دار‬
‫إحياء الرتاث العربي – بيروت‪.‬‬
‫القرطبي‪.‬‬
‫ُّ‬ ‫أحمدُ‬
‫‪1717‬المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم ‪،‬أبو الع َّباس َ‬

‫ املراجع من كتب التيجانية‪:‬‬


‫‪1‬رماح الحزب الرحيم لعمر بن سعيد الفويت الطوري (‪.)١٩٩ /١‬‬ ‫‪.1‬‬
‫محمد الصغير الشنجبيطي (‪،٦٤‬‬
‫الثأر‪،‬لمحمد بن َّ‬
‫َّ‬ ‫‪2‬الجيش الكفيل بأخذ‬ ‫‪.2‬‬
‫‪.)٦٥‬‬
‫الدالئل الربانية يف الرد على التيجانية‬ ‫‪60‬‬

‫لمحمد العربي السائح الشرقي (‪.)٦٦‬‬


‫َّ‬ ‫‪3‬بغية المستفيد»‬ ‫‪.3‬‬
‫الخريدة»لمحمد فتحا بن عبد الواحد السوسي (‪.)٨٠ /٤‬‬
‫َّ‬ ‫الدرة‬
‫‪َّ 4‬‬ ‫‪.4‬‬
‫لمحمد الحافظ التجاين (‪.)٢٢‬‬
‫َّ‬ ‫‪5‬االنتصار يف ر ِّد اإلنكار على الطريق»‬ ‫‪.5‬‬
‫‪6‬أحزاب وأوراد التجاين» ألحمد التجاين (‪.)٨‬‬ ‫‪.6‬‬
‫‪7‬اإلفادة األحمدية» للط ِّيب السفياين (‪. )٧٤‬‬ ‫‪.7‬‬
‫‪8‬جواهر المعاين»لعلي حرازم (‪.)٢١٧ /١‬‬ ‫‪.8‬‬
‫لمحمد فتحا بن عبد الواحد السوسي (‪.)١٤٤ /٣‬‬
‫َّ‬ ‫الدرة الخريدة‪،‬‬
‫‪َّ 9‬‬ ‫‪.9‬‬

‫***‬
‫‪61‬‬ ‫الدالئل الربانية يف الرد على التيجانية‬

‫‪ J‬الفهرس ‪L‬‬
‫™ ™مقدمة ‪3......................................................................................................................................‬‬
‫™ ™نشأة الطريقة التيجانية وتطورها‪4..........................................................................................‬‬
‫™ ™عقائد التجانية‪7........................................................................................................................‬‬
‫● ●أو ًال‪ :‬عقيدتهم يف اهلل تعاىل‪7...........................................................................................‬‬
‫بأن مشاخيهم يعلمون الغيب ‪10...................................................................‬‬
‫● ●ثاني ًا‪ :‬إميانهم َّ‬
‫● ●ثالث ًا‪ :‬صالة الفاتح‪:‬عند التجانيني ‪13................................................................................‬‬
‫● ●رابعا‪ :‬عقيدتهم يف النيب ‪16....................................................................... ‬‬
‫بأن النيب ‪َ ‬ك َتم شي ًئا ِم َن الوحي‪21.................................‬‬
‫● ●خامس ًا‪ :‬اعتقادهم َّ‬
‫التوسل بذات النيب ‪24............................................ ‬‬
‫● ●سادس ًا‪ :‬إميانهم جبواز ُّ‬
‫● ●سابع ًا‪ُ :‬غل ُُّوهم يف النيب ‪29.......................................................................... ‬‬
‫● ●ثامن ًا‪ :‬عقيدة التجانيني يف اليوم اآلخر ‪32..........................................................................‬‬
‫اجلن َة ملَ ْن رآه‪40............................................................‬‬
‫أن التجاني َضمِن َّ‬
‫● ●تاسع ًا‪ :‬اعتقادهم َّ‬
‫™ ™األدعية واألذكار عند التجانيني ‪46..............................................................................................‬‬
‫™ ™خالصة عقائد التجانيني‪52..........................................................................................................‬‬
‫™ ™املراجع‪58......................................................................................................................................‬‬

‫***‬

You might also like