You are on page 1of 8

‫حسن الظّن باهّلل تعالى من اإليمان الص ادق‪ .

‬وه و أن يعتق د الم ؤمن‬


‫أن هللا تع الى يرحم ه ويعف و عن ه ويكرم ه وينص ره عن د الش دائد‬
‫واالبتالءات‪ .‬قال صلى هللا عليه وسلم‪( :‬يقوُل ُهللا عَّز وجَّل‪ :‬أن ا عن د‬
‫ظِّن عبدي بي فليُظ َّن بي م ا ش اء)‪.‬فه و انتظ ار الجمي ل من الجمي ل‬
‫سبحانه وتعالى‪.‬‬

‫يقول هللا تعالى‪َ﴿:‬قاَل اَّل ِذيَن َي ُظ ُّن وَن َأَّن ُهم ُّم اَل ُق و ِهَّللا َك م ِّم ن ِفَئ ٍة َقِليَل ٍة‬
‫َغَلَب ْت ِفَئ ًة َك ِث يَر ًة ِب ِإْذ ِن ِهَّللاۗ َو ُهَّللا َم َع الَّص اِبِر يَن ﴾‪ .‬ويق ول هللا تع الى‪:‬‬
‫﴿َو اْس َت ِعيُنوْا ِبالَّص ْب ِر َو الَّص َالِة َو ِإَّن َه ا َلَك ِبيَر ٌة ِإَّال َع َلى اْلَخ اِش ِعيَن * اَّل ِذيَن‬
‫َي ُظ ُّن وَن َأَّن ُهم ُّم َالُق و َر ِّب ِه ْم َو َأَّن ُهْم ِإَلْي ِه َر اِج ُع وَن ﴾‪ .‬أي ال ذين يعتق دون‬
‫لقاء هللا‪ ،‬وأنهم عائدون اليه‪.‬‬

‫يقول ابن مسعود رضي هللا عنه‪( :‬ما أعطي عبٌد مؤمن خيرًا من‬
‫حسن الظّن باهلل عز وجل والذي ال اله غيره ال يحسُن عبٌد باهلل عز‬
‫وجل الظّن إال أعطاه هللا عز وجل ظّن ه ذلك بأّن الخير بيده)‪.‬‬

‫ويك ون الم ؤمُن حس َن الظّن برب ه إذا أيقن أن هللا س بحانه وتع الى‬
‫المتصرف الوحيد الحقيقي في الكون‪،‬‬
‫‪1‬‬
‫وأن فعل هللا في هذا الكون ال يخلو من حكم ة‪ ،‬ف إذا ص رف هللا عن‬
‫العبد حسنَة يكون فيها خيٌر من جهة أخرى‪ .‬وإذا ابتاله هللا بمص يبة‬
‫فيك ون ذل ك ل دفع مص يبة أعظم عن ه‪َ .‬ق اَل ص لى هللا علي ه وس لم‪:‬‬
‫(َع َج ًب ا َأِلْم ِر اْلُم ْؤ ِم ِن ِإَّن َأْمَر ُه ُك َّلُه َخ ْيٌر َو َلْيَس َذ اَك َأِلَح ٍد ِإاَّل ِلْلُم ْؤ ِم ِن ِإْن‬
‫َأَص اَب ْت ُه َسَّر اُء َش َك َر َفَك اَن َخ ْي ًر ا َل ُه َو ِإْن َأَص اَب ْت ُه َض َّر اُء َص َبَر َفَك اَن‬
‫َخ ْيًر ا َلُه )‬

‫ومن صور حس ن الظّن باهّلل اليقين باإلجاب ة عن د ال دعاء‪ ،‬يق ول هللا‬


‫تعالى‪َ ﴿:‬و ِإَذ ا َس َأَلَك ِع َب اِدي َع ِّن ي َف ِإِّن ي َق ِر يٌب ۖ ُأِجيُب َد ْع َو َة ال َّداِع ِإَذ ا‬
‫َد َع اِن ۖ َفْلَيْس َت ِجيُبوا ِلي َو ْلُيْؤ ِم ُنوا ِبي َلَع َّلُهْم َيْر ُشُدوَن ﴾‪ ،‬ق ال ص لى هللا‬
‫عليه وسلم ‪(:‬اْد ُع وا َهللا وأنتْم ُم وِقُن وَن باإلجاب ِة ‪ ،‬واعلُم وا أَّن َهللا ال‬
‫َي ستجيُب ُدع اًء من قْلٍب غاِف ٍل اَل ٍه)‪ .‬فمن حس ن الظّن الثق ة أن هللا ال‬
‫يختار اال الخير لعباده‪.‬‬

‫ومن حسن الظّن باهّلل اليقين بكشف الضر والبالء‪ ،‬يق ول هللا تع الى‪:‬‬
‫﴿َأَّم ن ُيِجيُب اْلُمْض َط َّر ِإَذ ا َد َع اُه َو َي ْك ِش ُف الُّس وَء ﴾‪ .‬وقد وعد هللا بكش ف‬
‫السوء ولو بعد حين وبعد الصبر واالبتالء‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫ومن حسن الظّن اليقين أن هللا ناصٌر لدينه وعباده‪ ،‬يقول هللا تع الى‪:‬‬
‫﴿َو ُهَّللا ُم ِتُّم ُنوِر ِه َو َلْو َك ِر َه اْل َك اِفُر وَن )‪ ،‬ويق ول هللا تع الى‪َ﴿:‬و َك اَن َح ًّق ا‬
‫َع َلْي َن ا َن ْص ُر اْلُم ْؤ ِمِنيَن ﴾‪.‬‬

‫وفي المقابل نجد موقف المنافقين المرجفين يثبطون الناس من نصر‬


‫هللا للمؤمنين في كل زمان ومكان‪ ،‬يقول هللا‪َ﴿:‬ب ْل َظ َن نُتْم َأن َّلن َي نَقِلَب‬
‫ُت‬ ‫ن‬ ‫َن‬ ‫َظ‬ ‫ُك‬ ‫و‬ ‫ُل‬‫ُق‬ ‫ِفي‬ ‫َك‬ ‫ِل‬ ‫ال و اْل ْؤ ِم ُن وَن َلٰى َأْه ِلي َأ ًدا ُز َن َٰذ‬
‫ْم‬ ‫ِب ْم َو‬ ‫ِه ْم َب َو ِّي‬ ‫ِإ‬ ‫َّر ُس ُل َو ُم‬
‫َظ َّن الَّسْو ِء َو ُك نُتْم َقْو ًم ا ُبوًر ا﴾‪،‬وبذلك خّي ب هللا ظّن هم ومرادهم‪.‬‬

‫إّن تحقيق حسن الظّن في حياة المسلم يجعل ه ص ابرًا محتس بًا واثق ًا‬
‫قويًا‪ ،‬فهذا رسول هللا صلى هللا عليه وسلم يقول عندما وق ف الكف ار‬
‫أمام الغار يا أبا بكر ما ظّن ك باثنين هللا ثالثهما‪ ،‬يقول هللا تع الى‪ِ ﴿:‬إاَّل‬
‫َت نُصُر وُه َفَقْد َن َصَر ُه ُهَّللا ِإْذ َأْخ َر َج ُه اَّلِذيَن َك َفُر وا َث اِنَي اْث َن ْي ِن ِإْذ ُه َم ا ِفي‬
‫َهَّللا َمَع َن اۖ َفَأنَز َل ُهَّللا َس ِكيَنَت ُه َع َلْي ِه‬ ‫اْلَغ اِر ِإْذ َي ُقوُل ِلَص اِحِبِه اَل َت ْح َز ْن ِإَّن‬
‫اَّل ِذيَن َك َف ُر وا الُّس ْف َلٰى ۗ َو َك ِلَم ُة ِهَّللا‬ ‫َو َأَّي َد ُه ِبُج ُنوٍد َّلْم َت َر ْو َها َو َج َع َل َك ِلَم َة‬
‫ِه َي اْلُع ْلَي اۗ َو ُهَّللا َع ِز يٌز َح ِكيم ﴾‪،‬‬

‫‪3‬‬
‫وكذلك قالها سيدنا موسى عليه السالم عندما أقبل فرعون وجن وده‪،‬‬
‫قال أصحابه له‪ ( :‬إَّن ا َلُم ْد َر ُك ون) فقال س يدنا موس ى علي ه الس الم‪﴿:‬‬
‫َك اَّل ۖ ِإَّن َم ِع َي َر ِّب ي َس َيْه ِدين﴾‪.‬‬

‫وه ذا اليقين وحس ن الظّن م ا نحتاج ه الي وم وهودلي ل على ص دق‬


‫اإليمان بالقدر خيره وشره من هللا تعالى‪ .‬عن أبي هري رة رض ي هللا‬
‫عنه‪ :‬قال الرسول ‪(:‬يق ول هللا تع الى‪ :‬أن ا عن د ظن عب دي بي‪ ،‬وأن ا‬
‫معه إذا ذكرني‪ ،‬فإن ذكرني في نفسه؛ ذكرته في نفس ي وإن ذك رني‬
‫في مأل ذكرته في مأل خير منهم‪ ،‬وإن تقرب إلى ش برًا‪ ،‬تق ربت إلي ه‬
‫ذراعًا‪ ،‬وإن تقرب إلى ذراعًا؛ تقربت إلي ه باع ًا‪ ،‬وإن أت اني يمش ي؛‬
‫أتيته هرولة)‪.‬‬

‫وهذا الكالم المبارك فيه تحفيز لن ا معش ر المس لمين لنق ول باللس ان‬
‫ونثبت هذا في القلب أننا ي ا ربن ا نحس ن الظّن بم ا تق دره علين ا من‬
‫المقادير‪.‬‬

‫‪4‬‬
‫وعن جابر ‪-‬رضي هللا عن ه‪ -‬ق ال‪ :‬س معت رس ول هللا ق ال ص لى هللا‬
‫عليه وسلم قبل موته بثالثة أي ام يق ول‪( :‬ال يم وتن أح دكم إال وه و‬
‫يحسن الظّن باهلل عز وجل)‪.‬‬
‫نسأل هللا ‪-‬عز وجل‪ -‬أن يقوي إيماننا به وتوكلن ا علي ه‪ ،‬وأن يلهمن ا‬
‫حس ن الظّن ب ه‪ ،‬وب المؤمنين‪ ،‬وأن يعي ذنا من الش يطان ال رجيم‬
‫وخطواته وحزبه‪.‬‬
‫وقيمة حسن الظّن المحبة والمحبة هلل وحس ن الظّن باهلل تجعل ك م ع‬
‫هللا‪ ،‬يق ول هللا تع الى‪َ﴿ :‬ف اْذ ُك ُر وِني َأْذ ُك ْر ُك ْم َو اْش ُك ُر وا ِلي َو اَل‬

‫ُر وِن ﴾‪َ":‬أَّن َر ُج اًل َس َأَل الَّن ِبَّي َص َّلى ُهللا َع َلْي ِه َو َس َّلَم َع ِن‬ ‫َتْك ُف‬
‫اَع ِة‪َ،‬فَق اَل‪َ :‬م َت ى الَّس اَع ُة ؟‪َ ،‬ق اَل‪َ ( :‬و َم اَذ ا َأْع َد ْد َت َله ا)؟ َق اَل‪َ :‬ال‬ ‫الَّس‬
‫ْي َء ‪ِ ،‬إاَّل َأِّن ي ُأِحُّب َهَّللا َو َر ُس وَلُه َص َّلى ُهللا َع َلْي ِه َو َس َّلَم‬ ‫َش‬
‫َفَقاَل‪َ( :‬أْن َت َم َع َم ْن َأْح َبْب َت )‪َ .‬فُح س ن الظّن باهلل ومحبت ه تجعل ك م ع‬
‫هللا في الدنيا واآلخرة‪.‬‬

‫‪5‬‬
‫إن اللسان َليقف عاجًز ا أمام وص ف األح داث األليم ة ال تي ش هدناها‬
‫في األيام الماضية‪ ،‬وإن القلب َليعتصر ألًم ا وحزًن ا‪ ،‬وَليتقَّط ع حرق ة‬
‫وغضًب ا وَك َم ًد ا‪ ،‬على ما يجري إلخوان لنا في النسب واللغة وال دين‪،‬‬
‫وفي اآلالم واآلم ال‪ ،‬في أرض فلس طين‪ ،‬فلس طين الجريح ة‪ ،‬وإن ه‬
‫إلحس اس يس ري في جس د ك ل مس لم ص ادق‪ ،‬غي ور على دين ه‬
‫وِع ْر ِض ِه وأرضه‪ ،‬وقضايا أمته‪ ،‬حين يرى قتل األبري اء‪ ،‬من ش يوخ‬
‫وأطفال ونساء‪ ،‬وحصار ظالم ُم ِنَع فيه الغذاء والدواء‪ ،‬وقط ع للمي اه‬
‫واالتصال والكهرباء‪ ،‬وقصف غاشم بأطنان من الصواريخ المتفج رة‬
‫التي دمرت المساكن فوق رؤوس الساكنين‪ ،‬بال رحمة وال شفقة وال‬
‫هوادة من اليهود المعتدين المغتصبين‪ ،‬ب دعم وتك الب من أمم الكف ر‬
‫العالمية‪ ،‬فيعاني إخواننا في ِقبلة اإلسالم األولى‪ ،‬ومسرى رسول هللا‬
‫ص لى هللا علي ه وس لم من ظلم كي ان دخي ل م اكر‪ ،‬وأذى ع دو ذلي ل‬
‫غادر‪ ،‬ح تى رأين ا أجس اًدا ذَب لت‪ ،‬وأكب اًدا جَّف ت‪ ،‬وبطوًن ا َقْر َق رت‪،‬‬
‫وأجواًف ا ظِمئت‪ ،‬من ع دوان غاش م‪ ،‬وحص ار ظ الم‪ ،‬أطف اٌل يبك ون‬
‫ويصرخون‪ ،‬وشيوخ يِئُّن ون‪ ،‬ومرضى يتوُّج عون‪ ،‬ورجال حائرون‪.‬‬
‫‪6‬‬
‫وإن الحرب الدائرة اليوم هي حرب بين اإلسالم والكف ر‪ ،‬وإن ه َلمق ام‬
‫يقتضي الُّن صرة والتثبيت‪ ،‬ودحر المعتدي الغاص ب المح ارب‪ ،‬وع دم‬
‫التخذيل عن نصرة إخواننا في الدين‪.‬‬
‫إنه لما قَّص ر المسلمون ‪ -‬عباد هللا ‪ -‬في عناية بعض هم ببعض‪ ،‬وفي‬
‫النص رة والرعاي ة‪ ،‬والتثبيت والحماي ة‪ ،‬نجحت م ؤامرات األع داء‪،‬‬
‫وطِمعوا بهم‪ ،‬فالتضامن والتراحم والتعاطف والتعاون بين المسلمين‬
‫واجب شرعي ومطلب م رعي‪ ،‬على ك ل خير‪ ،‬وعلى ك ل ح ق‪ ،‬وب ه‬
‫تجتمع الكلمة‪ ،‬وتتحقق األلفة‪ ،‬ويتقوى الصف ويخاف العدو‪،‬‬
‫اللهم إن ا نتوج ه الي ك في أه ل غزة والض فة وأه ل فلس طين أن‬

‫تنص رهم على ع دوك وع دوهم ي ا رب الع المين‪ .‬وارحم ش هداءهم‬

‫وتقبلهم في الص الحين‪ .‬اللهم وأن زل عليهم الس كينة والطمأنين ة‪،‬‬

‫وشافي الجرحى والمصابين والمكلومين منهم‪ .‬وخف ف عنهم وارب ط‬

‫على قلوبهم يا رب‪.‬‬


‫‪7‬‬
‫وفي المصائب والكرب والشدة أوصى الرسول بدعاء الكرب وهو‪( :‬‬
‫اَل ِإَلَه ِإاَّل ُهَّللا اْلَع ِظ يُم اْلَح ِليُم ‪ ،‬اَل ِإَلَه ِإاَّل ُهَّللا َر ُّب اْلَعْر ِش اْلَك ِر يِم ‪ ،‬اَل ِإَل َه‬
‫ِإاَّل ُهَّللا َر ُّب الَّس َم اَو اِت َو َر ُّب اْلَع ْر ِش اْلَع ِظ يم)‪ .‬فن دعو ب ه في ش دائدنا‬
‫وشدائد أهل غزة وفلسطين‪ ،‬واعلموا أن هذا الدعاء يناجي هللا تعالى‬
‫في اس مه العظيم ت ذلًال لعظم ة هللا‪ ،‬والحليم رج اًء لِحلم هللا‪ ،‬ورّب‬
‫السموات واألرض رّب العرش العظيم يقين ًا ب أن األم ر كل ه بي د هللا‪،‬‬
‫وأك ثروا عن د تك الب األع داء علين ا من ق ول ( حس بنا هللا ونعم‬
‫الوكيل)‪ ،‬ألّن هللا تعالى يقول‪ ﴿ :‬اَّلِذيَن َقاَل َلُهُم الَّن اُس ِإَّن الَّن اَس َق ْد‬
‫َج َمُع وا َلُك ْم َفاْخ َش ْو ُه ْم َف َز اَد ُه ْم ِإيَم اًن ا َو َق اُلوا َح ْس ُبَن ا ُهَّللا َو ِنْع َم اْلَو ِكي ُل‬
‫َفانَقَلُبوا ِبِنْع َم ٍة ِّم َن ِهَّللا َو َفْض ٍل َّلْم َيْمَسْس ُهْم ُس وٌء َو اَّت َبُع وا ِر ْض َو اَن ِهَّللاۗ ‬
‫َو ُهَّللا ُذ و َف ْض ٍل َع ِظ يٍم ﴾‬

‫‪8‬‬

You might also like