Professional Documents
Culture Documents
يقول هللا تعالىَ﴿:قاَل اَّل ِذيَن َي ُظ ُّن وَن َأَّن ُهم ُّم اَل ُق و ِهَّللا َك م ِّم ن ِفَئ ٍة َقِليَل ٍة
َغَلَب ْت ِفَئ ًة َك ِث يَر ًة ِب ِإْذ ِن ِهَّللاۗ َو ُهَّللا َم َع الَّص اِبِر يَن ﴾ .ويق ول هللا تع الى:
﴿َو اْس َت ِعيُنوْا ِبالَّص ْب ِر َو الَّص َالِة َو ِإَّن َه ا َلَك ِبيَر ٌة ِإَّال َع َلى اْلَخ اِش ِعيَن * اَّل ِذيَن
َي ُظ ُّن وَن َأَّن ُهم ُّم َالُق و َر ِّب ِه ْم َو َأَّن ُهْم ِإَلْي ِه َر اِج ُع وَن ﴾ .أي ال ذين يعتق دون
لقاء هللا ،وأنهم عائدون اليه.
يقول ابن مسعود رضي هللا عنه( :ما أعطي عبٌد مؤمن خيرًا من
حسن الظّن باهلل عز وجل والذي ال اله غيره ال يحسُن عبٌد باهلل عز
وجل الظّن إال أعطاه هللا عز وجل ظّن ه ذلك بأّن الخير بيده).
ويك ون الم ؤمُن حس َن الظّن برب ه إذا أيقن أن هللا س بحانه وتع الى
المتصرف الوحيد الحقيقي في الكون،
1
وأن فعل هللا في هذا الكون ال يخلو من حكم ة ،ف إذا ص رف هللا عن
العبد حسنَة يكون فيها خيٌر من جهة أخرى .وإذا ابتاله هللا بمص يبة
فيك ون ذل ك ل دفع مص يبة أعظم عن هَ .ق اَل ص لى هللا علي ه وس لم:
(َع َج ًب ا َأِلْم ِر اْلُم ْؤ ِم ِن ِإَّن َأْمَر ُه ُك َّلُه َخ ْيٌر َو َلْيَس َذ اَك َأِلَح ٍد ِإاَّل ِلْلُم ْؤ ِم ِن ِإْن
َأَص اَب ْت ُه َسَّر اُء َش َك َر َفَك اَن َخ ْي ًر ا َل ُه َو ِإْن َأَص اَب ْت ُه َض َّر اُء َص َبَر َفَك اَن
َخ ْيًر ا َلُه )
ومن حسن الظّن باهّلل اليقين بكشف الضر والبالء ،يق ول هللا تع الى:
﴿َأَّم ن ُيِجيُب اْلُمْض َط َّر ِإَذ ا َد َع اُه َو َي ْك ِش ُف الُّس وَء ﴾ .وقد وعد هللا بكش ف
السوء ولو بعد حين وبعد الصبر واالبتالء.
2
ومن حسن الظّن اليقين أن هللا ناصٌر لدينه وعباده ،يقول هللا تع الى:
﴿َو ُهَّللا ُم ِتُّم ُنوِر ِه َو َلْو َك ِر َه اْل َك اِفُر وَن ) ،ويق ول هللا تع الىَ﴿:و َك اَن َح ًّق ا
َع َلْي َن ا َن ْص ُر اْلُم ْؤ ِمِنيَن ﴾.
إّن تحقيق حسن الظّن في حياة المسلم يجعل ه ص ابرًا محتس بًا واثق ًا
قويًا ،فهذا رسول هللا صلى هللا عليه وسلم يقول عندما وق ف الكف ار
أمام الغار يا أبا بكر ما ظّن ك باثنين هللا ثالثهما ،يقول هللا تع الىِ ﴿:إاَّل
َت نُصُر وُه َفَقْد َن َصَر ُه ُهَّللا ِإْذ َأْخ َر َج ُه اَّلِذيَن َك َفُر وا َث اِنَي اْث َن ْي ِن ِإْذ ُه َم ا ِفي
َهَّللا َمَع َن اۖ َفَأنَز َل ُهَّللا َس ِكيَنَت ُه َع َلْي ِه اْلَغ اِر ِإْذ َي ُقوُل ِلَص اِحِبِه اَل َت ْح َز ْن ِإَّن
اَّل ِذيَن َك َف ُر وا الُّس ْف َلٰى ۗ َو َك ِلَم ُة ِهَّللا َو َأَّي َد ُه ِبُج ُنوٍد َّلْم َت َر ْو َها َو َج َع َل َك ِلَم َة
ِه َي اْلُع ْلَي اۗ َو ُهَّللا َع ِز يٌز َح ِكيم ﴾،
3
وكذلك قالها سيدنا موسى عليه السالم عندما أقبل فرعون وجن وده،
قال أصحابه له ( :إَّن ا َلُم ْد َر ُك ون) فقال س يدنا موس ى علي ه الس الم﴿:
َك اَّل ۖ ِإَّن َم ِع َي َر ِّب ي َس َيْه ِدين﴾.
وهذا الكالم المبارك فيه تحفيز لن ا معش ر المس لمين لنق ول باللس ان
ونثبت هذا في القلب أننا ي ا ربن ا نحس ن الظّن بم ا تق دره علين ا من
المقادير.
4
وعن جابر -رضي هللا عن ه -ق ال :س معت رس ول هللا ق ال ص لى هللا
عليه وسلم قبل موته بثالثة أي ام يق ول( :ال يم وتن أح دكم إال وه و
يحسن الظّن باهلل عز وجل).
نسأل هللا -عز وجل -أن يقوي إيماننا به وتوكلن ا علي ه ،وأن يلهمن ا
حس ن الظّن ب ه ،وب المؤمنين ،وأن يعي ذنا من الش يطان ال رجيم
وخطواته وحزبه.
وقيمة حسن الظّن المحبة والمحبة هلل وحس ن الظّن باهلل تجعل ك م ع
هللا ،يق ول هللا تع الىَ﴿ :ف اْذ ُك ُر وِني َأْذ ُك ْر ُك ْم َو اْش ُك ُر وا ِلي َو اَل
ُر وِن ﴾َ":أَّن َر ُج اًل َس َأَل الَّن ِبَّي َص َّلى ُهللا َع َلْي ِه َو َس َّلَم َع ِن َتْك ُف
اَع ِةَ،فَق اَلَ :م َت ى الَّس اَع ُة ؟َ ،ق اَلَ ( :و َم اَذ ا َأْع َد ْد َت َله ا)؟ َق اَلَ :ال الَّس
ْي َء ِ ،إاَّل َأِّن ي ُأِحُّب َهَّللا َو َر ُس وَلُه َص َّلى ُهللا َع َلْي ِه َو َس َّلَم َش
َفَقاَلَ( :أْن َت َم َع َم ْن َأْح َبْب َت )َ .فُح س ن الظّن باهلل ومحبت ه تجعل ك م ع
هللا في الدنيا واآلخرة.
5
إن اللسان َليقف عاجًز ا أمام وص ف األح داث األليم ة ال تي ش هدناها
في األيام الماضية ،وإن القلب َليعتصر ألًم ا وحزًن ا ،وَليتقَّط ع حرق ة
وغضًب ا وَك َم ًد ا ،على ما يجري إلخوان لنا في النسب واللغة وال دين،
وفي اآلالم واآلم ال ،في أرض فلس طين ،فلس طين الجريح ة ،وإن ه
إلحس اس يس ري في جس د ك ل مس لم ص ادق ،غي ور على دين ه
وِع ْر ِض ِه وأرضه ،وقضايا أمته ،حين يرى قتل األبري اء ،من ش يوخ
وأطفال ونساء ،وحصار ظالم ُم ِنَع فيه الغذاء والدواء ،وقط ع للمي اه
واالتصال والكهرباء ،وقصف غاشم بأطنان من الصواريخ المتفج رة
التي دمرت المساكن فوق رؤوس الساكنين ،بال رحمة وال شفقة وال
هوادة من اليهود المعتدين المغتصبين ،ب دعم وتك الب من أمم الكف ر
العالمية ،فيعاني إخواننا في ِقبلة اإلسالم األولى ،ومسرى رسول هللا
ص لى هللا علي ه وس لم من ظلم كي ان دخي ل م اكر ،وأذى ع دو ذلي ل
غادر ،ح تى رأين ا أجس اًدا ذَب لت ،وأكب اًدا جَّف ت ،وبطوًن ا َقْر َق رت،
وأجواًف ا ظِمئت ،من ع دوان غاش م ،وحص ار ظ الم ،أطف اٌل يبك ون
ويصرخون ،وشيوخ يِئُّن ون ،ومرضى يتوُّج عون ،ورجال حائرون.
6
وإن الحرب الدائرة اليوم هي حرب بين اإلسالم والكف ر ،وإن ه َلمق ام
يقتضي الُّن صرة والتثبيت ،ودحر المعتدي الغاص ب المح ارب ،وع دم
التخذيل عن نصرة إخواننا في الدين.
إنه لما قَّص ر المسلمون -عباد هللا -في عناية بعض هم ببعض ،وفي
النص رة والرعاي ة ،والتثبيت والحماي ة ،نجحت م ؤامرات األع داء،
وطِمعوا بهم ،فالتضامن والتراحم والتعاطف والتعاون بين المسلمين
واجب شرعي ومطلب م رعي ،على ك ل خير ،وعلى ك ل ح ق ،وب ه
تجتمع الكلمة ،وتتحقق األلفة ،ويتقوى الصف ويخاف العدو،
اللهم إن ا نتوج ه الي ك في أه ل غزة والض فة وأه ل فلس طين أن
وتقبلهم في الص الحين .اللهم وأن زل عليهم الس كينة والطمأنين ة،
8