You are on page 1of 4

‫الحم د هلل رب الع المين أم ر باالجتم اع واالئتالف ونهى عن التّف رق واالختالف‬

‫وأشهد أن ال إله إال هللا وح ده ال ش ريك ل ه وأش هد أن محم داً عب ده ورس وله‬
‫صلى هللا عليه وعلى آله وأصحابه ذوي العدل واإلنصاف وس لم تس ليما كث ير‬
‫أما بعد‬
‫أيها الناس اتقوا هلل جل وعال واعلموا أن هللا سبحانه أمرنا باالجتم اع واالئتالف فق ال‬
‫ُم إِ ْذ‬ ‫ه َعلَ ْيك ْ‬ ‫م َة اللَّ ِ‬ ‫ميع اً َوال تَ َف َّر ُق وا َوا ْذ ُك ُروا نِ ْع َ‬ ‫ج ِ‬ ‫ه َ‬ ‫ل اللَّ ِ‬ ‫ح ْب ِ‬ ‫موا بِ َ‬ ‫ص ُ‬‫اع َت ِ‬
‫س بحانه وتع الى‪َ ( :‬و ْ‬
‫ُم ُأ َّم ًة‬ ‫ه ِذ ِه ُأ َّم ُتك ْ‬ ‫خ َواناً)‪ ،‬قال سبحانه‪( :‬إِنَّ َ‬ ‫ه إِ ْ‬ ‫متِ ِ‬ ‫م بِنِ ْع َ‬ ‫ح ُت ْ‬ ‫صبَ ْ‬ ‫َ‬
‫ُم َفأ ْ‬ ‫ن ُقلُوبِك ْ‬ ‫ف َب ْي َ‬‫م أَ ْع َدا ًء َفأَلَّ َ‬‫ُك ْن ُت ْ‬
‫ن)‪ ،‬ف بين س بحانه أن االجتم اع رحم ة وأن الفرق ة هالك وع ذاب‬ ‫اع ُب ُدو ِ‬‫ُم َف ْ‬ ‫َ‬
‫ح َد ًة َوأنَا َربُّك ْ‬ ‫َوا ِ‬
‫م)‪ ،‬ال ي زال الخل ق‬ ‫خلَق َُه ْ‬ ‫ك َ‬ ‫ك َولِ َذلِ َ‬ ‫م َربُّ َ‬‫ح َ‬ ‫ن َر ِ‬ ‫ين* إِال َّ َم ْ‬ ‫خ َت ِل ِف َ‬ ‫فق ال س بحانه‪َ ( :‬وال َي َزا ُل ونَ ُم ْ‬
‫م‬ ‫ح َ‬ ‫ن َر ِ‬ ‫مختلفين إال من رحم هللا ف إنهم لم يختلف وا ف دل على أن االجتم اع رحم ة (إِال َّ َم ْ‬
‫ك)‪ ،‬فدل على أن االجتم اع رحم ة وأن الفرق ة ع ذاب وش قاء وتن احر وتخاص م وتقات ل‬ ‫َربُّ َ‬
‫وعداوات وثارات أما االجتماع فإنه رحمة‪ ،‬رحمة من هللا يتراحم به ا المؤمن ون ويجتمع ون‬
‫ش َّتى)‪ ،‬فاالجتماع ليس‬ ‫م َ‬ ‫ميعاً َو ُقلُو ُب ُه ْ‬ ‫ج ِ‬‫م َ‬ ‫س ُب ُه ْ‬ ‫ح َ‬ ‫على طاعة هللا وأما الكفار والمنافقون (تَ ْ‬
‫باألب دان فق ط وإنم ا االجتم اع ب القلوب ه و اجتم اع القل وب ول و تف رقت األب دان وأم ا إذا‬
‫اجتمعت األبدان والقلوب متفرقة فإن هؤالء ال يعقلون وال ينفهم اجتماعهم كم ا لم ينف ع‬
‫الكفار والمنافقين من قبل ولذلك مما ي دل على فائ دة االجتم اع بين المس لمين أن هللا‬
‫أمرهم أن يجتمعوا يومي ا للص لوات الخمس في المس اجد اجتماع ا ي ومي خمس م رات‬
‫ألهل الحارات كل حارة تجتم ع في مس جدها خمس م رات ي رى بعض هم بعض ا ويس لم‬
‫بعضهم على بعض ويتعارفون ويتآلفون ويتفقدون بمن تخلف ويسألون عنه وك ذلك ش رع‬
‫هللا االجتماع اسبوعيا ألهل البلد وذلك في ي وم الجمع ة يجتمع ون ويس تمعون الخطب ة‬
‫ة‬‫م َع ِ‬ ‫ج ُ‬ ‫ن يَ ْو ِم ا ْل ُ‬ ‫صال ِة ِم ْ‬ ‫ين آ َم ُنوا إِذَا ُنو ِدي لِل َّ‬ ‫ويستمعون إلى ذكر هللا قال تعالى‪( :‬يَا أَيُّ َها الَّ ِذ َ‬
‫الص ال ُة‬ ‫َّ‬ ‫ت‬‫ُض يَ ْ‬ ‫م ونَ * َف ِإذَا ق ِ‬ ‫م تَ ْعلَ ُ‬ ‫ُم إِنْ كُن ُت ْ‬ ‫خ ْي ٌر لَك ْ‬ ‫ُم َ‬ ‫ع َذلِك ْ‬ ‫ه َوذ َُروا ا ْلبَ ْي َ‬ ‫اس َع ْوا إِلَى ِذ ْك ِر اللَّ ِ‬ ‫َف ْ‬
‫ح ونَ )‪ ،‬وك ذلك‬ ‫ُم ُت ْف ِل ُ‬‫ه َوا ْذ ُك ُروا اللَّ َه َك ِث يراً لَ َعلَّك ْ‬ ‫ل اللَّ ِ‬ ‫ض ِ‬ ‫ن َف ْ‬ ‫ض َوا ْب َت ُغ وا ِم ْ‬‫ش ُروا فِي األَ ْر ِ‬ ‫َفان َت ِ‬
‫شرع لنا اجتماعا سنو ًيا في صالة العيدين شرع لن ا اجتماع ا س نويا في ص الة العي دين‬
‫واجتماعا سنويا ألهل األرض كلهم من المسلمين وذلك في الحج اجتماع سنوي أله ل‬
‫األرض من المس لمين يجتمع ون في الحج ويلتقي بعض هم ببعض ويتع ارفون ويس تفيد‬
‫بعضهم من بعض هذا يدل على أن اإلسالم يحرص على اجتماعن ا في قلوبن ا ال بأب داننا‬
‫اجتماعنا كل سنة كل أس بوع ك ل ي وم على عب ادة هللا وعلى ذك ر هللا ه ذا مم ا يربين ا‬
‫على الخير ومما يؤلف بين قلوبنا ومما يزيل اإلحن واألحقاد فيما بيننا هكذا اإلسالم ج اء‬
‫ُم‬ ‫ب األمر باالجتم اع بين المس لمين في ك ل ي وم االجتم اع على عب ادة هللا ( َوأَنَ ا َربُّك ْ‬
‫ن)‪ ،‬االجتم اع على القي ادة الواح دة ووح دة الكلم ة بين األم ة والرعي ة االجتم اع‬ ‫اع ُب ُدو ِ‬ ‫َف ْ‬
‫ه)‪ ،‬ال ذي ه و الكت اب والس نة ه و حب ل هللا‬ ‫ل اللَّ ِ‬ ‫ح ْب ِ‬ ‫موا بِ َ‬ ‫ص ُ‬‫اع َت ِ‬
‫على الكت اب والس نة ( َو ْ‬
‫ميعاً)‪ ،‬ثم ق ال‪َ ( :‬وال تَ َف َّر ُق وا)‪،‬‬ ‫ج ِ‬ ‫ه َ‬ ‫ل اللَّ ِ‬ ‫ح ْب ِ‬‫موا بِ َ‬ ‫ص ُ‬ ‫اع َت ِ‬‫المتين فاعتصموا به وال تحيدوا عنه ( َو ْ‬
‫لما أمر باالجتماع هل نجتمع على أطماع الدنيا؟ ال‪ ،‬نجتمع على الكتاب والس نة جميع ا‬
‫ص ِب ُروا إِنَّ‬ ‫ُم َوا ْ‬ ‫يحك ْ‬ ‫ب ِر ُ‬ ‫ه َ‬ ‫شلُوا َوتَذْ َ‬ ‫وال تفرقوا نهى عن التفرق قال سبحانه‪َ ( :‬وال تَ َنا َز ُعوا َف َت ْف َ‬
‫ين)‪ ،‬وص ف الن بي ص لى هللا علي ه وس لم المس لمين ب أنهم كالبني ان‬ ‫الص ابِ ِر َ‬
‫َّ‬ ‫ع‬‫اللَّ َه َم َ‬
‫المرصوص يشد بعضه بعضا ووصف أنهم كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له‬
‫س ائر الجس د بالس هر والحمى ‪ ،‬هك ذا المس لمون وإذا حص ل اختالف في ال رأي أو‬
‫م فِي‬ ‫خصومة في مال أو غير ذلك فإننا نتاحكم إلى كتاب هللا وسنة رسوله ( َفإِنْ تَ َن ا َز ْع ُت ْ‬
‫ن‬ ‫س ُ‬ ‫ح َ‬ ‫خ ْي ٌر َوأَ ْ‬ ‫ك َ‬ ‫خ ِر َذلِ َ‬ ‫ه َوا ْليَ ْو ِم اآل ِ‬ ‫م ُت ْؤ ِم ُن ونَ بِاللَّ ِ‬ ‫ُنت ْ‬
‫ل إِنْ ك ُ‬ ‫سو ِ‬ ‫الر ُ‬ ‫ه َو َّ‬ ‫ي ٍء َف ُردُّو ُه إِلَى اللَّ ِ‬ ‫ش ْ‬ ‫َ‬
‫تَ ْأ ِويال ً)‪ ،‬هذا عالج النزاع والخصام فيما بيننا ألن هللا أنزل الكت اب ليحكم بين الن اس فيم ا‬
‫ل اللَّ ُه َوال تَ َّت ِب ْع‬ ‫م ا أَن َز َ‬ ‫م بِ َ‬ ‫ُم بَ ْي َن ُه ْ‬
‫احك ْ‬ ‫اختلف وا في ه فاهلل أن زل الكت اب ليحكم بينن ا ( َوأَنْ ْ‬
‫ك)‪ ،‬ف إذا وج د االختالف ألن ه من‬ ‫ل اللَّ ُه إِلَ ْي َ‬ ‫ض َما أَن َز َ‬ ‫ن بَ ْع ِ‬ ‫ك َع ْ‬ ‫م أَنْ يَ ْفتِ ُنو َ‬ ‫ه ْ‬ ‫احذ َْر ُ‬ ‫م َو ْ‬ ‫ه ْ‬ ‫ه َوا َء ُ‬ ‫أَ ْ‬
‫طبيع ة البش ر فعن دنا العالج الن اجح وهلل الحم د وه و الرج وع إلى كت اب هللا تع الى إذا‬
‫اختلفنا في مسائل العقيدة أو اختلفنا في مسائل العبادة أو اختلفنا في أي شيء ( َو َم ا‬
‫ه )‪ ،‬نرجع إلى كتاب هللا وهو يحكم بيننا ونرضى ب ه‬ ‫ْم ُه إِلَى الل َّ ِ‬ ‫حك ُ‬ ‫ي ٍء َف ُ‬ ‫ش ْ‬ ‫ن َ‬ ‫ه ِم ْ‬ ‫م فِي ِ‬ ‫اخ َتلَ ْف ُت ْ‬ ‫ْ‬
‫ونسلم له وذلك خير لنا من البقاء على نزاعن ا وخص وماتنا فالحم د هلل‪ ،‬الحم د هلل العالج‬
‫الناجح بأيدينا ومتوفر لدينا وهو كتاب هللا وسنة رسوله صلى هللا عليه وسلم‪ ،‬ولهذا قال‬
‫صلى هللا عليه وسلم‪ :‬فإنه من يعش منكم فسيرى اختالفا كثير فعليكم بسنتي وسنة‬
‫الخلفاء الراش دين المه ديين من بع دي تمس كوا به ا وعض وا عليه ا بالنواجذ ‪ ،‬فال نبقى‬
‫على اختالفنا بل نرجع إلى كتاب ربنا وسنة نبينا ونرجع إلى علمائن ا ال ذين يس تطيعون‬
‫استنباط األحكام من الكتاب والسنة ليحكموا بيننا وينه وا الخالف بينن ا ونقن ع ب ذلك ( َفال‬
‫ما‬ ‫ح َرج اً ِم َّ‬ ‫م َ‬ ‫س ِه ْ‬ ‫م ال يَجِ ُدوا فِي أَن ُف ِ‬ ‫م ُث َّ‬ ‫ج َر بَ ْي َن ُه ْ‬‫ش َ‬ ‫ما َ‬ ‫ك فِي َ‬ ‫مو َ‬ ‫كّ ُ‬ ‫ح ِ‬ ‫ح َّتى ُي َ‬ ‫ك ال ُي ْؤ ِم ُن ونَ َ‬ ‫َو َربِّ َ‬
‫سلِيما)‪ ،‬لكن المؤمن يرضى بحكم هللا ويطمئن قلبه بكت اب هللا وس نة‬ ‫ً‬ ‫موا تَ ْ‬ ‫س ِل ّ ُ‬ ‫ت َو ُي َ‬ ‫ض ْي َ‬ ‫َق َ‬
‫رسوله ويقنع بذلك ويسلم له وإذا بقي في نفسه حرج ولم يقنع فهذا دلي ل على ع دم‬
‫ما‬ ‫ح َرج اً ِم َّ‬ ‫م َ‬ ‫س ِه ْ‬ ‫م ال يَجِ ُدوا فِي أَن ُف ِ‬ ‫إيمانه أما المؤمن فإن ه ال يج د في نفس ه حرج ا ( ُث َّ‬
‫ت )‪ ،‬ال يجد في نفسه حرجا من ذلك ألنه يعلم أن هللا أحكم الحاكمين وأنه سبحانه‬ ‫ض ْي َ‬ ‫َق َ‬
‫هو الحكم العدل وأنه سبحانه أن زل الكت اب ميزانً ا نزن وا ب ه أقوالن ا وأعمالن ا فنرض ى ب ه‬
‫ما بيننا هكذا المؤمنون يا عباد هللا فاتقوا هللا عباد هللا‪ ،‬هللا جل وعال قال‪َ ( :‬ف اتَّ ُقوا اللَّ َه‬ ‫حك ً‬
‫ُم)‪ ،‬ك ذلك إذا حص ل اختالف أو ن زاع ف إن ال واجب علين ا اإلص الح بين‬ ‫َات بَ ْي ِنك ْ‬ ‫حوا ذ َ‬ ‫ص ِل ُ‬ ‫َوأَ ْ‬
‫ف أَ ْو‬ ‫ة أَ ْو َم ْع ُرو ٍ‬ ‫ص َد َق ٍ‬ ‫ن أَ َم َر بِ َ‬ ‫م إِال َّ َم ْ‬ ‫اه ْ‬‫ج َو ُ‬ ‫ن نَ ْ‬ ‫ير ِم ْ‬ ‫خ ْي َر فِي َك ِث ٍ‬ ‫المتخاصمين قال سبحانه‪( :‬ال َ‬
‫ظيماً)‪ ،‬فاإلص الح‬ ‫جراً َع ِ‬ ‫ه أَ ْ‬‫ف ُن ْؤتِي ِ‬ ‫س ْو َ‬ ‫ه َف َ‬ ‫ضا ِة اللَّ ِ‬ ‫ك ا ْبتِغَا َء َم ْر َ‬ ‫ل َذلِ َ‬ ‫ن يَ ْف َع ْ‬ ‫ن ال َّناسِ َو َم ْ‬ ‫صالحٍ بَ ْي َ‬ ‫إِ ْ‬
‫حا فنب دأ بالص لح إذا‬ ‫ين اق َت َت ُل وا)‪ ،‬إذا ك ان الخالف مس ل ً‬ ‫ْ‬ ‫م ْؤ ِمنِ َ‬ ‫ْ‬
‫ن ال ُ‬ ‫ان ِم ْ‬ ‫َ‬
‫أمر عظيم ( َوإِنْ طائِ َف َت ِ‬
‫ين ا ْق َت َت ُل وا‬ ‫م ْؤ ِمنِ َ‬ ‫ْ‬
‫ن ال ُ‬ ‫ن ِم ْ‬ ‫َ‬
‫حا فنب دأ بالص لح ( َوإِنْ طائِ َف َت ا ِ‬ ‫كان اإلختالف بين المؤم نين مس ل ً‬
‫خ َرى)‪ ،‬ولم تقب ل الص لح ( َف َق اتِلُوا الَّتِي تَ ْب ِغي‬ ‫ُ‬
‫ما َعلَى األ ْ‬ ‫اه َ‬ ‫ح َد ُ‬ ‫َت إِ ْ‬ ‫ما َف ِإنْ بَغ ْ‬ ‫حوا بَ ْي َن ُه َ‬ ‫صلِ ُ‬ ‫َفأَ ْ‬
‫س طُوا إِنَّ اللَّ َه ُيحِبُّ‬ ‫ل َوأَ ْق ِ‬ ‫م ا بِا ْل َع ْد ِ‬ ‫حوا بَ ْي َن ُه َ‬ ‫ص لِ ُ‬ ‫ت َفأَ ْ‬ ‫ه َف ِإنْ َف ا َء ْ‬ ‫ح َّتى تَ ِفي َء إِلَى أَ ْم ِر اللَّ ِ‬ ‫َ‬
‫ين )‪ ،‬هكذا نعالج مشاكلنا ال نستورد الحلول من الكفار أو نلجأ لألمم المتحدة أو‬ ‫ط َ‬ ‫س ِ‬ ‫م ْق ِ‬ ‫ا ْل ُ‬
‫نلج أ إلى مح اكم الكف ار وإنم ا نلج أ إلى المح اكم الش رعية إلى كت اب هللا وإلى س نة‬
‫رسول هللا صلى هللا عليه وسلم محاكمهم م ا أغنت عنهم ش يئا وال أنهت ال نزاع بينهم‬
‫وال أذهبت اإلحن واألحق اد فيم ا بينهم أم ا نحن والحم د هلل فعن دنا المح اكم الش رعية‬
‫المبنية على كتاب هللا وعلى سنة رسول هللا صلى هللا علي ه وس لم وعلى أي دي أه ل‬
‫العلم الذين هم ورثة األنبياء فالحل عندنا وهلل الحمد حل مش اكلنا عن دنا ال ص عوبة في ه‬
‫وإنما الشأن في الرجوع إليه واإليمان به واالقتناع به هذا هو الشأن ولذلك لما درج عليه‬
‫س لف ه ذه األم ة س ادوا الع الم كل ه وأس قطوا ال دولتين العظيم تين في وقتهم دول ة‬
‫الف رس ودول ة ال روم وص اروا تحت حكم المس لمين ووج دوا الراح ة وج دت ه ذه األمم‬
‫ك إِال َّ‬ ‫س ْل َنا َ‬ ‫الراحة في حكم اإلسالم واطمأنت إلى ذلك ألن هللا أنزله رحمة للعباد ( َو َما أَ ْر َ‬
‫ين)‪ ،‬فلنتق هللا يا عباد هللا ولنحم د هللا على ه ذه النعم ة ال تي منحن ا هللا‬ ‫م َ‬ ‫م ًة لِ ْل َعالَ ِ‬ ‫ح َ‬ ‫َر ْ‬
‫إياها بإرسال هذا الرسول وإنزال هذا الكتاب وبقاء هذا الكتاب بيننا وسنة نبين ا بينن ا من‬
‫أك بر النعم فكي ف نض ل وعن دنا كت اب هللا وس نة رس ول هللا كي ف نلج أ إلى الغ رب إلى‬
‫محاكم الغرب ودساتيره وعندنا كتاب هللا وسنة رسوله صلى هللا علي ه وس لم ه ل ه ذا‬
‫ل‬
‫إال من عمى البصيرة هللا جل وعال ذم اليهود الذين يحملون التوراة ولم ينتفعوا بها ( َم َث ُ‬
‫ل ا ْل َق ْو ِم الَّ ِذ َ‬
‫ين‬ ‫ْس َم َث ُ‬ ‫ل أَ ْ‬
‫س َفاراً بِئ َ‬ ‫م ُ‬
‫ح ِ‬
‫ار َي ْ‬
‫م ِ‬‫ح َ‬‫َل ا ْل ِ‬‫مث ِ‬‫ها َك َ‬ ‫ملُو َ‬ ‫ح ِ‬ ‫م لَ ْ‬
‫م يَ ْ‬ ‫ملُوا ال َّت ْو َرا َة ُث َّ‬
‫ح ِّ‬ ‫الَّ ِذ َ‬
‫ين ُ‬
‫ين)‪ ،‬إنن ا إذا لجأن ا إلى أع داءنا وهم يفرح ون‬ ‫م َ‬ ‫م الظَّالِ ِ‬ ‫ه َواللَّ ُه ال يَ ْه ِدي ا ْل َق ْو َ‬ ‫َك َّذ ُبوا بِآيَاتِ اللَّ ِ‬
‫بذلك شكوى الجريح إلى الغربان والرخم يفرحون بذلك ولن ينفعونا أبدا ما نفعوا أنفسهم‬
‫فكيف ينفعوننا ال نلجأ إليهم وإنما نلجأ إلى شرع هللا عز وج ل ال ذي ه و للع الم كل ه ل و‬
‫أنهم عقلوا‪.‬‬
‫فاتقوا هللا عباد هللا واشكروا نعمة هللا واعتزوا بهذا ال دين وه ذا اإلس الم وال تلتفت وا إلى‬
‫غ يره إن كنتم تري دون النج اة في ال دنيا واآلخ رة إن كنتم تري دون تم ام المص الح ودف ع‬
‫المضار ف أرجعوا إلى كت اب هللا وس نة رس وله ص لى هللا علي ه وس لم وادع وا إلى ذل ك‬
‫بالحكمة والموعظة الحسنة والجدال بالتي هي أحسن‪ ،‬أق ول ق ولي ه ذا وأس تغفر هللا‬
‫لي ولكم ولجميع المسلمين من كل ذنب فاستغفروه وتوبوا إليه إنه هو الغفور الرحيم‪.‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪ ‬‬
‫الخطبة الثانية‬
‫ه وامتنانه‪ ،‬وأش هد أن‬ ‫الحمد هلل على فضله وإحسانه‪ ،‬وأشكر ُه على توفيق ِ‬
‫ال إل ه إال هللا وح ده ال ش ريك ل ه تعظيم ا لش أنه‪ ،‬وأش هد أن محم داً عب ده‬
‫ه وسلم تسليماً كثيرا‪  ،‬أما بعد‪:‬‬ ‫ورسوله صلى هللا عليه وعلى آله وأصحاب ِ‬
‫أيُّها الناس‪ ،‬اتقوا هللا تعالى‪ ،‬واعلموا أنه يعيش بينن ا فئ ات مم ا رض عوا من ألب ان‬
‫الغرب ومن مدارس الكفر رضعوا وجاؤوا يدعون إلى الفرقة واالختالف ويقولون هذا من‬
‫حرية الرأي وهذا من حرية الكلمة ال بد من التعددي ة ال ب د من ك ذا وك ذا ليس هن اك‬
‫وصاية على الناس يا سبحان هللا!!‬
‫نضيع كتاب هللا وسنة رسوله صلى هللا عليه وسلم ال تي أمرن ا هللا أن نتوح د عليه ا‬
‫وأن نرجع إليها وأن نصدر عنها ونقول ك ل يبقى على رأي ه ك ل يبقى على فك ره ك ل‬
‫يأخذ برأيه ال بد من التعددية ال بد من ترك الم ذاهب الباطل ة تنخ ر في جس م األم ة‬
‫هذا ح رام وه ذا من اإللح اد في دين هللا ع ز وج ل‪ ،‬نحن مس لمون وهلل الحم د نحن‬
‫مسلمون نحن أمة واحدة نحن ليس لنا وصاية للظلم وإنما وصاية بالع دل ننف ذ كت اب‬
‫هللا وس نة رس وله ص لى هللا علي ه وس لم وهي من مص لحة من نف ذت علي ه قب ل‬
‫مصلحة من نفذت له‪ ،‬كتاب هللا وسنة رسوله شفاء للناس ورحمة فلنتق هللا ولن دعو‬
‫ه ؤالء الش باب وه ؤالء المثقفين ن دعوهم إلى كت اب هللا وس نة رس وله ون بين لهم‬
‫بالحكمة والموعظة الحسنة والجدال بالتي هي أحسن لعل هللا أن يهديهم وإال على‬
‫األقل أن نقيم الحجة عليهم ولكن علينا أن نَحذر منهم و ُنحذر منهم‪.‬‬
‫ي ه دي محم د‬ ‫فاتقوا هللا عباد هللا واعلموا أنَّ خير الحديث كتاب هللا‪ ،‬وخ ير اله د َّ‬
‫صلى هللا علي ه وس لم‪ ،‬وش َّر األم ور ُمح دثاتها‪ ،‬وك ل بدع ة ض اللة‪ ،‬وعليكم بالجماع ة‪،‬‬
‫عليكم بالجماعة‪ ،‬جماعة المسلمين‪ ،‬فإنَّ يد هللا على الجماعة‪ ،‬وله ذا لم ا ق ال حذيف ة‬
‫بن اليمان رضي هللا عنه لرسول هللا صلى هللا علي ه وس لم لم ا ذك ر ل ه الفتن ق ال‪ :‬م ا‬
‫تأمرني يا رسول هللا إذا أدركني ذلك قال‪ :‬تلزم جماعة المسلمين وإمامهم ‪ ،‬قال‪ :‬فقلت‬
‫إن لم يكن لهم جماعة وال إمام؟ قال‪ :‬فأعتزل تل ك الف رق كله ا ول و أن تعض على أص ل‬
‫شجرة حتى يأتيك الموت وأنت على ذلك ‪.‬‬
‫فاتقوا هللا عباد هللا واحمدوا هللا على نعمته‪ ،‬وعليكم بالجماع ة ف إن ي د هللا على‬
‫الجماعة ومن شذ شذ في النار‪.‬‬
‫س ِل ّ ُ‬
‫موا‬ ‫ص لُّوا َعلَ ْي ِ‬
‫ه َو َ‬ ‫ي يَ ا أَيُّ َه ا الَّ ِذ َ‬
‫ين آ َم ُن وا َ‬ ‫ص لُّونَ َعلَى ال َّن ِب ّ ِ‬ ‫(إِنَّ اللَّ َه َو َمالئِ َ‬
‫ك َت ُه ُي َ‬
‫خلفائِ ه‬ ‫م عن ُ‬ ‫وارض اللَّ ُه َّ‬
‫َ‬ ‫ل وسلِ ّم على عب ِدك ورس ولِك نبيَّن ا محم د‪،‬‬ ‫م ص ِّ‬ ‫ما)‪ ،‬اللَّ ُه َّ‬‫سلِي ً‬
‫تَ ْ‬
‫ة أجمعين‪،‬‬ ‫وعن الص حاب ِ‬ ‫ي‪َ ،‬‬ ‫ة المه ديين‪ ،‬أبي بك َر‪ ،‬وعم َر‪ ،‬وعثم انَ ‪ ،‬وعل ّ ٍ‬ ‫الراشدين‪ ،‬األئم ِ‬
‫ن إلى يو ِم الدين‪.‬‬ ‫وعن التابعين‪ ،‬ومن تبعهم بإحسا ٍ‬
‫م أعز اإلس الم والمس لمين‪ ،‬وأذل الش رك والمش ركين‪ ،‬ودم ر أع داء ال دين‪،‬‬ ‫اللَّ ُه َّ‬
‫وانصر عبادك الموحدين‪ ،‬واجعل هذا البلد آمناً رخا ًءا سخا ًءا وسائر بالد المسلمين عام ة‬
‫ي ا رب الع المين‪ ،‬اللهم آمن ا في دورن ا‪ ،‬وأص لح والة أمورن ا واجعلهم ه داة مهت دين غ ير‬
‫ض الين وال مض لين‪ ،‬اللهم ول علين ا وعلى المس لمين في ك ل مك ان ول علين ا خيارن ا‬
‫واكفنا شرارنا وال تسلط علينا ب ذنوبنا من ال يخاف ك وال يرحمن ا وقن ا ش ر الفتن م ا ظه ر‬
‫منها وما بطن‪ ،‬اللهم أصلح ولي أمرنا‪ ،‬اللهم اهده إلى ما فيه الخ ير لألم ة‪ ،‬اللهم اه ده‬
‫إلى ما فيه الصالح واإلصالح‪ ،‬اللهم وفقه لكل خير‪ ،‬اللهم جنب عنه كل شر‪ ،‬اللهم أبع د‬
‫عنه بطانة السوء والمفسدين‪ ،‬يا رب العالمين‪ ،‬ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم‪.‬‬
‫ش ا ِء‬ ‫ح َ‬ ‫ن ا ْل َف ْ‬‫ن َوإِي َت ا ِء ِذي ا ْل ُق ْربَى َويَ ْن َهى َع ْ‬ ‫س ا ِ‬ ‫ح َ‬ ‫اإل ْ‬
‫ل َو ِ‬ ‫د هللا‪( ،‬إِنَّ اللَّ َه يَ ْأ ُم ُر بِا ْل َع ْد ِ‬ ‫عب ا َ‬
‫م انَ‬ ‫َ‬
‫ض وا األ ْي َ‬ ‫م َوال تَن ُق ُ‬‫ه ْد ُت ْ‬
‫ه إِذَا َعا َ‬ ‫َ‬
‫ُم تَ َذك َُّرونَ )‪َ ( ،‬وأ ْوفُوا بِ َع ْه ِد اللَّ ِ‬ ‫ُم لَ َعلَّك ْ‬ ‫ظك ْ‬ ‫ك ِر َوا ْلبَغ ِ‬
‫ْي يَ ِع ُ‬ ‫من َ‬‫َوا ْل ُ‬
‫م َما تَ ْف َعلُونَ )‪ ،‬ف ذكروا هللا ي ذكركم‪،‬‬ ‫ُم َك ِفيال ً إِنَّ اللَّ َه يَ ْعلَ ُ‬‫م اللَّ َه َعلَ ْيك ْ‬ ‫ج َع ْل ُت ْ‬‫ها َو َق ْد َ‬
‫بَ ْع َد تَ ْوكِي ِد َ‬
‫يعلم ما تصنعون‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫وهللا‬
‫ُ‬ ‫يز ْدكم‪ ،‬ول ِذ ْك ُر هللاِ أكب َر‪،‬‬ ‫واشكُروه على نعمه ِ‬

You might also like