You are on page 1of 11

‫‪ 1‬من ‪11‬‬

‫حسن الظن باهلل والتوكل عليه‬ ‫عنوان الخطبة‬


‫‪/1‬هلل تع الى في الك ون س نن ال تتب دل وال تتغ ير ‪/2‬اإليم ان بالقض اء والق در‬ ‫عناصر الخطبة‬
‫يهون مصائب الدنيا ‪/3‬التوكل على اهلل كفيل بإزالة الغمة ‪/4‬صدق التضرع‬
‫ِّ‬
‫والدعاء ينجي ‪-‬بإذن اهلل‪ -‬من البالء ‪/5‬رمضان موسم الخيرات والرحمات‬
‫عبد المحسن القاسم‬ ‫الشيخ‬
‫‪11‬‬ ‫عدد الصفحات‬

‫الخطبة األولى‪:‬‬

‫إن احلمد هلل‪ ،‬حنم ده ونس تعينه ونس تغفره‪ ،‬ونع وذ باهلل من ش رور أنفس نا‬
‫مضل ل ه‪ ،‬ومَْن يض لل فال ه اديَ‬
‫ومن س يئات أعمالن ا‪ ،‬من يه ده اهلل فال َّ‬
‫اهلل وحدَه ال ش ريكَ ل ه‪ ،‬وأش هد أن حممدًا عبدُه‬‫ل ه‪ ،‬وأش هد َّألا إلهَ إال ُ‬
‫تسليما كثريًا‪.‬‬
‫ً‬ ‫وسلم‬
‫ورسولُه‪ ،‬صلى اهلل عليه وعلى آله وأصحابه َّ‬

‫وراقِبوه يف السر والنجوى‪.‬‬


‫حق التقوى‪َ ،‬‬
‫بعد‪ :‬فاتقوا اهلل ‪-‬عباد اهلل‪َّ -‬‬
‫أما ُ‬

‫أيها المسلمون‪ :‬ربنا ‪-‬سبحانه‪ -‬له اجلَمال واجلالل يف األمساء والصفات‬


‫تتحول‪،‬‬
‫تتبدل وال َّ‬ ‫وجع ل فيه سَُننًا ال َّ‬ ‫واألفع ال‪ ،‬خلَ ق الك ونَ وأبدَ َع ه‪َ ،‬‬
‫قال سبحانه‪َ ( :‬فلَن جَتِ َد لِسن َِّة اللَّ ِه َتب ِدياًل ولَن جَتِ َد لِسن َِّة اللَّ ِه حَتْ ِوياًل )[فَ ِ‬
‫اط ٍر‪:‬‬ ‫ُ‬ ‫ْ َ‬ ‫ُ‬
‫‪ 2‬من ‪11‬‬

‫‪ ،]43‬ومن سَُننِه أنه يبتلي عب َاده بالس راء ليش كروه‪ ،‬وبالض راء ل ريجعوا‬
‫الش ِّر َواخْلَرْيِ فِْتنَ ةً َوإِلَْينَا ُت ْر َجعُ و َن)[اأْل َنْبِيَ ِاء‪:‬‬
‫(و َنْبلُ و ُك ْم بِ َّ‬
‫إلي ه‪ ،‬ق ال تع اىل‪َ :‬‬
‫أمم ب ذلك‪ ،‬ق ال عز وجلَّ‪( :‬أ َْم َح ِس ْبتُ ْم أَ ْن تَ ْد ُخلُوا‬ ‫‪ ،]35‬وقد ابتُليت ٌ‬
‫ين َخلَ ْوا ِم ْن َقْبلِ ُك ْم َم َّس ْت ُه ُم الْبَأْ َس اءُ َو َّ‬
‫الض َّراءُ)‬ ‫َّ ِ‬ ‫ِ‬
‫اجْلَنَّةَ َولَ َّما يَ أْت ُك ْم َمثَ ُل الذ َ‬
‫[الَْب َقَر ِة‪.]214 :‬‬

‫ق ال ابن كثري ‪-‬رمحه اهلل‪" :-‬هي األم راض واألس قام واآلالم واملص ائب‬
‫واجلراد والقَُّمَل‬
‫َ‬ ‫اهلل على بين إس رائيل الطوف انَ‬ ‫والن وائب‪ ،‬فأرسل ُ‬
‫ظه ر لعب اده‬ ‫والض فادعَ وال دمَ آي اتٍ مفص َّالتٍ‪ ،‬واهلل ‪-‬عز وج ل‪ -‬يُ ِ‬
‫وقدرت ه على خملوقات ه‪ ،‬وعزته‬ ‫َ‬ ‫كربي اءَه وعظمتَ ه يف س لطانه‪ ،‬وقوتَ ه‬
‫وجربوته يف كون ه‪ ،‬وقه ره وهيمنته على عبي ده؛ ليعظِّم وه ويوحِّدوه‬
‫عظيم ا ووضَعَه ف وقَ رؤوس بين إس رائيل ليؤمن وا‪،‬‬ ‫ويَ ِذُّلوا ل ه‪ ،‬فقلع جبلًا ً‬
‫كل رجل‬ ‫خر ُّ‬ ‫ق ال احلسن البص ري ‪-‬رمحه اهلل‪" :-‬لََّما نظ روا إىل اجلبل َّ‬
‫ونظ ر بعينه اليمىن إىل اجلبل َفَرًق ا من أن‬ ‫س اجدًا على حاجبه األيس ر‪َ ،‬‬
‫(وإِ ْذ َنَت ْقنَا اجْلَبَ َل َف ْو َق ُه ْم َكأَنَّهُ ظُلَّةٌ َوظَنُّوا أَنَّهُ‬
‫يس قط علي ه"‪ ،‬ق ال تع اىل‪َ :‬‬
‫َواقِ ٌع هِبِ ْم ُخ ُذوا َما آَتْينَ ا ُكم بِ ُق َّو ٍة َواذْ ُك ُروا َما فِي ِه لَ َعلَّ ُك ْم َتَّت ُق و َن)‬
‫اهلل لنبيِّنا حممد ‪-‬صلى اهلل عليه وسلم‪ -‬مََل َ‬
‫ك‬ ‫اف‪ ،]171 :‬وبعَث ُ‬ ‫[اأْل َع ر ِ‬
‫َْ‬
‫بني؟ ومها‬ ‫حممد‪ ،‬إن ش ئتَ أن ُأطبِ َق عليهم األخش ِ‬ ‫اجلب الِ وق ال ل ه‪" :‬يا ُ‬
‫جبالنِ عظيمانِ يف مكة"(متفق عليه)‪.‬‬
‫‪ 3‬من ‪11‬‬

‫وأخرب س بحانه عن س رعة نف اذ أم ره بقول ه‪( :‬إِمَّنَا أ َْم ُرهُ إِ َذا أ ََر َاد َش ْيئًا أَ ْن‬
‫ول لَ هُ ُك ْن َفيَ ُك و ُن)[يس‪ ،]82 :‬واإلنس ان خمل وق ض عيف ع اجز ال‬ ‫َي ُق َ‬
‫خملوق ا ص غريًا ال ُي َرى‬ ‫اهلل عليه ً‬ ‫ضرا وال نفعً ا‪ ،‬وقد يُس َِّلط ُ‬
‫ميلك لنفسه ًّ‬
‫حتداهم‬‫أهلكَ ه؛ وإلظهار عجز بين آدم َّ‬ ‫وهلع وحريةٌ ورمبا َ‬
‫سقم ٌ‬ ‫فيناله منه ٌ‬
‫حبة واح دةً‪ ،‬ق ال عليه الص الة والس الم‪" :‬ق ال اهلل‬ ‫اهلل مجيعً ا أن خيلق وا ً‬
‫ُ‬
‫حبة أو شعريةً"(متفق عليه)‪.‬‬ ‫ذرة أو ليخلقوا ً‬ ‫‪-‬عز وجل‪ :-‬فليخلقوا ً‬

‫قهرا‪ ،‬ق ال‬ ‫أمرا يض طرهم إىل اإلميان ً‬ ‫اهلل َلأن زلَ على عب اده ً‬ ‫ولو ش اء ُ‬
‫س بحانه‪( :‬إِ ْن نَش أْ نُن ِّز ْل علَي ِهم ِمن َّ ِ‬
‫الس َماء آيَ ةً فَظَلَّ ْ‬
‫ت أ َْعنَ ا ُق ُه ْم هَلَا‬ ‫َْ ْ َ‬ ‫َ َ‬
‫)[الش َعَر ِاء‪ ،]4 :‬ق ال ابن ج ريج ‪-‬رمحه اهلل‪" :-‬لو ش اء ُ‬
‫اهلل‬ ‫ني ُّ‬ ‫ِ ِ‬
‫َخاض ع َ‬
‫بعده مبعص ية‪ ،‬واهلل ‪-‬س بحانه‪-‬‬ ‫أمرا من أم ره ال يعمل أح ٌد منهم َ‬ ‫َلأراهُم ً‬
‫حوادَث ه‪ ،‬ق ال‬ ‫حيدث يف الك ون‪ ،‬وأن يت دبَّروا ِ‬ ‫أمَ ر عب ادَه ب التفكُّر مبا ُ‬
‫س‪،]101 :‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫س بحانه‪( :‬قُ ِل انظُ ُروا َم ا َذا يِف َّ‬
‫الس َم َاوات َواأْل َْرض)[يُ ونُ َ‬
‫ِ‬
‫يما‬‫ك ُم ْستَق ً‬ ‫(و َه َذا ِصَرا ُط َربِّ َ‬
‫واملؤمن َيعترب باآليات ويتَِّعظ هبا‪ ،‬قال تعاىل‪َ :‬‬
‫متحيص‬
‫ٌ‬ ‫وقن بأنَّها‬‫ات لَِق ْوٍم يَ َّذ َّكُرو َن)[اأْل َْن َع ِام‪ ،]126 :‬ويُ ِ‬
‫ص ْلنَا اآْل ي ِ‬
‫َ‬ ‫قَ ْد فَ َّ‬
‫جل‬
‫أجرها بغري حس اب‪ ،‬ق ال َّ‬ ‫فيتحلى بعب ادةٍ ُ‬ ‫درجت ه َّ‬ ‫له من اهلل لرفع ِ‬
‫ص ِم َن اأْل َْم َو ِال‬ ‫وع َو َن ْق ٍ‬
‫ف َواجْلُ ِ‬ ‫ش أنُه‪( :‬ولَنَبلُ ونَّ ُكم بِش ي ٍء ِمن اخْل و ِ‬
‫َ ْ َ ْ َ ْ َ َْ‬
‫ص يبَةٌ قَالُوا إِنَّا‬ ‫الص ابِ ِرين * الَّ ِذين إِذَا أَص ابْتهم م ِ‬ ‫ِ‬
‫َ َ ُْ ُ‬ ‫َ‬ ‫س َوالث ََّمَرات َوبَ ِّش ِر َّ َ‬ ‫َواأْل َْن ُف ِ‬
‫‪ 4‬من ‪11‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ات ِم ْن َرهِّبِ ْم َو َرمْح َ ةٌ َوأُولَئِ َ‬
‫ك‬ ‫للَّ ِه َوإِنَّا إِلَْي ِه َراجعُ و َن * أُولَئِ َ‬
‫ك َعلَْي ِه ْم َ‬
‫ص لَ َو ٌ‬
‫ُه ُم الْ ُم ْهتَ ُدو َن)[الَْب َقَر ِة‪.]157-155 :‬‬

‫عوضَه اهللُ ما ف ات من ال دنيا‪ ،‬ق ال س بحانه‪:‬‬ ‫آمَن بالقض اءِ وال َق َدرِ َّ‬ ‫ومَْن َ‬
‫ص يبَ ٍة إِاَّل بِ ِإ ْذ ِن اللَّ ِه َو َم ْن يُ ْؤ ِم ْن بِاللَّ ِه َي ْه ِد َق ْلبَ هُ)[التَّغَ ابُ ِن‪:‬‬
‫(ما أَص اب ِمن م ِ‬
‫َ َ َ ْ ُ‬
‫ي‪ :‬ومَْن َأص ََابتُْه مص يبةٌ فعَِلَم أهنا‬ ‫‪ ،]11‬ق ال ابن كثري ‪-‬رمحه اهلل‪" :-‬أَ ْ‬
‫قلب ه‬
‫اهلل َ‬ ‫وق َدِره فصَبَر واحتَسَب واستسلَم لقض اء اهلل ه دى ُ‬ ‫بقض اء اهلل َ‬
‫خيل ف عليه‬ ‫صادقا‪ ،‬وقد ُ‬ ‫عما فاتَه من الدنيا ُهًدى يف قلبه‪ ،‬ويقينً ا ً‬ ‫ضه َّ‬‫وعوَّ َ‬
‫خريا منه"‪.‬‬ ‫ما كان ُأِخَذ منه أو ً‬

‫صابر على‬
‫وإما ٌ‬ ‫شاكر يف السراء‪َّ ،‬‬
‫مأجور‪ ،‬إمَّا ٌ‬
‫ٌ‬ ‫تقلبات الدهر‬
‫واملؤمنُ يف ُّ‬
‫ما ف ات من حظ وظ ال دنيا مبص يبة أو حمن ة‪ ،‬ق ال عليه الص الة والس الم‪:‬‬
‫إن أمره كلَّه له خري‪ ،‬وليس ذلك ٍ‬
‫ألحد إال للمؤم ِن‪،‬‬ ‫ٌ‬ ‫"عجبًا ألم ِر املؤم ِن؛ َّ َ ُ‬
‫خريا‬
‫ضراءُ صََبَر فكان ً‬
‫خريا لهُ‪ ،‬وإن أصابْتهُ َّ‬
‫سراءُ َش َكَر فكان ً‬
‫إن أصابْتهُ َّ‬
‫له"(رواه مسلم)‪.‬‬

‫الظن باهلل يف حكمته وت دبريه ولطفه بعب اده ورأفته هبم ورمحته‬
‫وحس ُْن ِّ‬
‫ُ‬
‫أعظم األسبابِ يف رفع البالء‪ ،‬قال عليه الصالة والسالم‪" :‬قال اهلل‬
‫حباهلم ُ‬
‫ظن عبدي يب"(متفق عليه)‪.‬‬ ‫‪-‬عز وجل‪ :-‬أنا عندَ ِّ‬
‫‪ 5‬من ‪11‬‬

‫الغمة كفي ٌل بزواهلا‪ ،‬ق ال‬ ‫والتوكُُّل على اهلل وتف ويضُ األم ور إليه يف إزالة َّ‬
‫(و َمن َيَت َو َّك ْل َعلَى اللَّ ِه َف ُه َو َح ْس بُهُ)[الطَّاَل ِق‪ ،]3 :‬قال القرطيب‬
‫سبحانه‪َ :‬‬
‫وفعل األس باب‬ ‫أمره إليه َكفَ اهُ ما َأهََّمُه"‪ُ ،‬‬‫فوض َ‬ ‫‪-‬رمحه اهلل‪" :-‬أي‪ :‬مَْن َّ‬
‫َّ ِ‬
‫مع التوكل على اهلل َّمما ج اء به الش رعُ‪ ،‬ق ال تع اىل‪( :‬يَا أَيُّ َها الذ َ‬
‫ين َآمنُ وا‬
‫ِّس ِاء‪.]71 :‬‬ ‫ِ‬
‫ُخ ُذوا ح ْذ َر ُك ْم)[الن َ‬
‫حفظ النفسِ وجمانبتُها عن كل ع دوى‪ ،‬ق ال عليه‬ ‫مقاصد اإلس المِ ُ‬ ‫ِ‬ ‫ومن‬
‫الصالة والس الم‪" :‬فِ َّر من اجملذوم ف رارََك من األس د"‪ ،‬والق رار يف ال بيوت‬
‫ظ وس المةٌ‪ ،‬وقد اهت دت إىل ذلك منل ةٌ‬ ‫زمن اآلف ات واملخ اطر فيه حف ٌ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫فق الت‪( :‬يَا أَيُّ َها الن َّْم ُل ْاد ُخلُ وا َم َس اكنَ ُك ْم اَل حَيْط َمنَّ ُك ْم ُس لَْي َما ُن َو ُجنُ ُ‬
‫ودهُ‬
‫َو ُه ْم اَل يَ ْشعُُرو َن)[الن َّْم ِل‪.]18 :‬‬

‫وفراغ ه مبا ينفع‪ ،‬وأن‬


‫وقت ه َ‬ ‫وحريٌّ باملسلم يف تلك احلال وغريها أن يَْع ُم َر َ‬
‫فعل أعمالٍ صاحلة‬‫ص َر عن ِ‬ ‫خري‪ ،‬ومن قَ ُ‬‫يُكثِ ر من توجيه أهله وأبنائه لكلِّ ٍ‬
‫واف‪ ،‬وهو ذو الفضل العظيم‪ ،‬ق ال عليه الص الة‬ ‫اهلل ٍ‬‫لع ذر ف أجرُه عندَ ِ‬
‫أقواما ما س رمُت مس ًريا وال قطعتُم واديًا إال ك انوا‬
‫والس الم‪" :‬إنَّ باملدينة ً‬
‫اهلل‪ ،‬وهم باملدين ة؟ ق ال‪ :‬حبَسَُهم الع ذرُ"(رواه‬
‫معكم‪ ،‬ق الوا‪ :‬يا رس ولَ ِ‬
‫البخاري)‪.‬‬
‫‪ 6‬من ‪11‬‬

‫والتض رعُ إىل اهلل واللج وءُ إليه وإظه ارُ الض َّْعف له واالس تكانة مُ ْؤِذ ٌن‬
‫ض َّرعُوا)[اأْل َْن َع ِام‪:‬‬
‫ب زوالِ البالءِ‪ ،‬ق ال س بحانه‪َ ( :‬فلَ ْواَل إِ ْذ َج اءَ ُه ْم بَأْ ُس نَا تَ َ‬
‫‪.]43‬‬

‫ال‬‫(وقَ َ‬ ‫أحسن ح الٍ‪ ،‬ق ال عز وج ل‪َ :‬‬ ‫ِ‬ ‫وال دعاءُ مفت احُ قلبِ األح والِ إىل‬
‫طفُئ غضب‬ ‫ب لَ ُك ْم)[ َغ افِ ٍر‪ ،]60 :‬والص دقةُ تُ ِ‬ ‫ربُّ ُكم ادع ويِن أ ِ‬
‫َس تَج ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ ُ ُْ‬
‫األجور وتكفَّر اخلطايا واألوزارُ وتفرَّج الكروبُ‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫الرمحن‪ ،‬وهبا تتضاعَف‬ ‫ِ‬
‫ين يُْن ِف ُق و َن أ َْم َواهَلُ ْم‬ ‫َّ ِ‬
‫واملتصدِّق آمِن يف الدنيا واآلخرة‪ ،‬قال عز وجل‪( :‬الذ َ‬
‫ف َعلَْي ِه ْم َواَل‬‫َج ُر ُه ْم ِعْن َد َرهِّبِ ْم َواَل َخ ْو ٌ‬ ‫ِ‬ ‫بِاللَّي ِل والن ِ‬
‫َّها ِر سًّرا َو َعاَل نيَةً َفلَ ُه ْم أ ْ‬‫ْ َ َ‬
‫ُه ْم حَيَْزنُ و َن)[الَْب َق َر ِة‪ ،]274 :‬والتوبةُ إىل اهلل واإلنابةُ إليه وك ثرة‬
‫(و َما َك ا َن اللَّهُ‬ ‫وترفُعها بعد نزوهلا‪ ،‬ق ال س بحانه‪َ :‬‬ ‫االس تغفار ت دفَُع احملنَ َ‬
‫ت فِي ِه ْم َو َما َك ا َن اللَّهُ ُم َع ِّذ َب ُه ْم َو ُه ْم يَ ْس َت ْغ ِف ُرو َن)[اأْل َْن َف ِال‪:‬‬ ‫ِ‬
‫لُي َع ِّذ َب ُه ْم َوأَنْ َ‬
‫‪ ،]33‬واإلكث ارُ من الطاع ات وتق وى اهلل س بيلُ الس عادةِ‪ ،‬ق ال تع اىل‪:‬‬
‫(و َم ْن َيت َِّق اللَّهَ جَيْ َع ْل لَ هُ خَمَْر ًج ا)[الطَّاَل ِق‪ ،]2 :‬قال ابن عباس ‪-‬رضي اهلل‬ ‫َ‬
‫جيه ِمْن ُكِّل كربٍ يف الدنيا واآلخرة"‪.‬‬ ‫عنهما‪" :-‬يُنَ ِّ‬

‫العباد باهلل أ َِذ َن اهللُ بانفراجها‪،‬‬


‫وإذا انقطعت السبلُ واشتدَّت احملنةُ وتعلَّق ُ‬
‫وط ِعبَ ِاد ِه‪َ ،‬و ُق ْر ِب‬
‫ك ربُّنَا ِمن ُقنُ ِ‬
‫"ضح َ َ ْ‬
‫قال النيب ‪-‬صلى اهلل عليه وسلم‪ِ :-‬‬
‫َ‬
‫ِغرَيِ ِه ‪-‬أي‪ :‬مع ُق ْرب تغيُّر ح اهلم‪ ،‬ق ال ابن رزين ‪-‬رضي اهلل عن ه‪:-‬‬
‫‪ 7‬من ‪11‬‬

‫ت‪ :‬لَ ْن َن ْع َد َم ِم ْن‬


‫ال‪َ ( :‬ن َع ْم)‪ُ ،‬ق ْل ُ‬
‫ب‪ ،‬قَ َ‬
‫الر ُّ‬
‫ك َّ‬ ‫ول اللَّ ِه‪ ،‬أ ََويَ ْ‬
‫ض َح ُ‬ ‫ت‪ :‬يَا َر ُس َ‬‫ُق ْل ُ‬
‫ك َخْيًرا"(رواه أمحد)‪.‬‬ ‫ض َح ُ‬‫ب يَ ْ‬‫َر ٍّ‬

‫محد اهلل وش كرُه والثن اءُ علي ه‪،‬‬


‫وجب على العب اد ُ‬ ‫الغمة َ‬
‫وإذا انكش فت ُ‬
‫اش ُكروا يِل واَل تَ ْك ُف ر ِ‬
‫ون)[الَْب َق َر ِة‪ ،]152 :‬وأن يع ودوا‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫(و ْ ُ‬ ‫ق ال تع اىل‪َ :‬‬
‫ألعم ال ص احلة ك انوا يعملوهنا‪ ،‬بل يزي دوا عليه ا‪ ،‬ق ال عليه الص الة‬
‫املظلم"(رواه مسلم)‪.‬‬
‫الليل ِ‬ ‫فتنا َكقَِطِع ِ‬ ‫باألعمال ً‬
‫ِ‬ ‫ادُروا‬
‫والسالم‪" :‬بَ ِ‬

‫مفر منه إال إلي ه‪،‬‬ ‫وبعدُ أيها المس لمون‪ :‬فاهللُ كب ريٌ حمي ٌ‬
‫ط بكل ش يء‪ ،‬ال َّ‬
‫يرضى عن عب اده إن أط اعوه‪ ،‬ووعَ د بفتح اخلريات هلم من الس ماء‬
‫َن أ َْه َل الْ ُق َرى َآمنُ وا َو َّات َق ْوا لََفتَ ْحنَا َعلَْي ِه ْم‬
‫(ولَ ْو أ َّ‬
‫واألرض إن جلؤوا إلي ه‪َ ،‬‬
‫وق ص غريٌ‬ ‫وابن آدمَ خمل ٌ‬ ‫اف‪ُ ،]96 :‬‬ ‫ض)[اأْل َع ر ِ‬
‫َْ‬ ‫الس َم ِاء َواأْل َْر ِ‬‫ات ِم َن َّ‬ ‫بر َك ٍ‬
‫ََ‬
‫اهلل له من‬ ‫أم امَ الس موات واألرض‪ ،‬ينسى ضَعَْفه ويغرتُّ بقدرت ه‪ ،‬فيُرسِل ُ‬
‫اهلل‪ ،‬ف ريجع العاقل إىل ربه‬ ‫اآلي ات والن ذر ما ُي َذِّكره بضَعِْفه أم امَ ق درةِ ِ‬
‫ك س وى اهلل‬ ‫وعجزه إلي ه‪ ،‬ولن ينفعَ َ‬ ‫َ‬ ‫وفقره‬
‫ظه ر فاقتَ ه َ‬ ‫وي ِ‬ ‫ويتقوَّى ب ه‪ُ ،‬‬
‫ِ‬
‫ف لَ هُ إِاَّل ُه َو َوإِ ْن‬ ‫ض ٍّر فَاَل َكاش َ‬ ‫ك اللَّهُ بِ ُ‬ ‫(وإِ ْن مَيْ َس ْس َ‬‫أح د‪ ،‬ق ال تع اىل‪َ :‬‬
‫فتعلْق به بفعل الطاع ات‪،‬‬ ‫س‪َّ ،]107 :‬‬ ‫ن‬
‫ُ‬ ‫و‬ ‫)[ي‬ ‫ض لِ ِ‬
‫ه‬ ‫ْ‬ ‫ف‬
‫َ‬ ‫ي ِرد َك خِب ٍ فَاَل ر َّاد لِ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ ْ َرْي‬
‫وأكثِ ْر من تالوةِ كتابِ ه وق راءةِ سَُّنِة رس ولِه ‪-‬ص لى اهلل عليه وس لم‪،-‬‬
‫(سنُ ِري ِه ْم آيَاتِنَا‬
‫ك بشرعه وافرح به‪ ،‬أعوذ باهلل من الشيطان الرجيم‪َ :‬‬ ‫ومتسَّ ْ‬
‫‪ 8‬من ‪11‬‬
‫اق ويِف أَْن ُف ِس ِهم حىَّت يتَبنَّي َ هَلُم أَنَّهُ احْل ُّق أَومَل ي ْك ِ‬
‫ف بَِربِّ َ‬ ‫ِ‬
‫ك أَنَّهُ َعلَى‬ ‫َ َ َْ‬ ‫ْ َ ََ ْ‬ ‫يِف اآْل فَ َ‬
‫ت‪.]53 :‬‬ ‫ُك ِّل َش ْي ٍء َش ِهي ٌد)[فُ ِّ‬
‫صلَ ْ‬

‫اهلل وإي اكم مبا فيه من‬


‫اهلل يل ولكم يف الق رآن العظيم‪ ،‬ونفعين ُ‬
‫ب ارَك ُ‬
‫اهلل يل ولكم‪ ،‬ولس ائر‬
‫اآلي ات والذِّْكر احلكيم‪ ،‬أق ول ق ويل ه ذا وأس تغفر َ‬
‫املسلمنيَ من كل ذنب فاستغفِروه إنه هو الغفور الرحيم‪.‬‬
‫‪ 9‬من ‪11‬‬

‫الخطبة الثانية‪:‬‬

‫احلمد هلل على إحس انه‪ ،‬والش كر له على توفيقه وامتنان ه‪ ،‬وأش هد ألَّا إلهَ‬
‫عبده‬
‫حممدا ُ‬ ‫ريك له تعظيمً ا لش انه‪ ،‬وأش هد أن نبيَّنا ً‬
‫وحده ال ش َ‬
‫اهلل َ‬‫إال ُ‬
‫مزيدا‪.‬‬
‫تسليما ً‬
‫ً‬ ‫وسلم‬
‫ورسولُه‪ ،‬صلى اهلل عليه وعلى آله وأصحابه َّ‬

‫موسم اخلريات قد‬


‫ُ‬ ‫أيها المس لمون‪ :‬يُ نزل ُ‬
‫اهلل مع الض راءِ س راءَ‪ ،‬وها هو‬
‫أشرَقت معه نس ائمُ اخلري واألم ل‪،‬‬ ‫شرعةً أبوابُ ه‪ ،‬وكلما الحَ هاللُ ه َ‬ ‫أقبَ ل مُ َ‬
‫يرتقِبه املس لمون ونفوس ُهم مليئ ةٌ بالبش رى‪ ،‬وقل وبُهم ع امرةٌ ب الفََرح‬ ‫َ‬
‫رسوله ‪-‬صلى اهلل عليه‬ ‫اهلل فيه َ‬ ‫العام‪ ،‬بعَث ُ‬
‫شهور ِ‬‫ِ‬ ‫والبهجة‪ ،‬رمضانُ ُ‬
‫خري‬
‫وأنزل فيه كتابَ ه العظيمَ‪ ،‬أب وابُ الس ماء فيه مفتَّح ةٌ‪ ،‬وأب واب‬ ‫وس لم‪َ ،-‬‬
‫ياليه مبارك ةٌ‪ ،‬وفيه‬ ‫سْلسَُل الش ياطنيُ‪ ،‬أيامُ ه فاض لةٌ ولَ ِ‬
‫مغلق ة‪ ،‬وفيه ُت َ‬
‫جهنم َّ‬
‫َ‬
‫إميان ا واحتسابًا ُغفِ َر له ما‬
‫صامه وقامَ ه ً‬‫ليلة القَْدر خريٌ من ألف شهر‪َ ،‬مْن َ‬ ‫ُ‬
‫هرهم اإلكث ارُ من‬ ‫خري ما يس تقبل به املس لمون ش َ‬ ‫ومْن ِ‬ ‫تقدَّم من ذنب ه‪ِ ،‬‬
‫وح ْم ِده‪ ،‬والع زمُ على اغتن ام س اعاته ب البِِّر واإلحس انِ واإلقب الِ‬ ‫اهلل َ‬
‫ِذ ْك ر ِ‬
‫اخلري فيه‪.‬‬
‫س على ِ‬ ‫الطاعة وتالوةِ القرآنِ والتنافُ ِ‬
‫ِ‬ ‫على‬

‫أمركم بالص الة والس الم على نبيِّه‪ ،‬فق ال يف حمكم‬ ‫مث اعلم وا أن اهلل َ‬
‫َح ز ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ ِ‬
‫اب‪:‬‬ ‫ص لُّوا َعلَْي ه َو َس لِّ ُموا تَ ْس ل ً‬
‫يما)[اأْل ْ َ‬ ‫التنزي ل‪( :‬يَا أَيُّ َها الذ َ‬
‫ين َآمنُ وا َ‬
‫وارض اللهم عن خلفائه‬‫َ‬ ‫وسلم على نبينا حمم د‪،‬‬ ‫‪ ،]56‬اللهم صلِّ ِّ‬
‫‪ 10‬من ‪11‬‬

‫الراشدين‪ ،‬الذين َقضَْوا باحلق وبه كانوا يعدلون؛ أيب بكر وعمر وعثمان‬
‫ك يا أكرمَ‬
‫ورمحت َ‬
‫جبودكَ ِ‬
‫أمجعني‪ ،‬وعنَّا معهم ِ‬
‫َ‬ ‫وعليّ‪ ،‬وعن سائر الصحابة‬
‫األكرمني‪.‬‬
‫َ‬

‫وأذَّل الش ركَ واملش ركنيَ‪ ،‬ودَِّمْر أع داءَ‬


‫لمني‪ِ ،‬‬‫اللهم أعِ َّز اإلس المَ واملس َ‬
‫وسائر بالد املسلمني‪.‬‬
‫َ‬ ‫مطمئنا رخاءً‬
‫ً‬ ‫آمنًا‬
‫البلد ِ‬
‫الدينِ‪ ،‬واجعل اللهم هذا َ‬

‫ك‪ ،‬اللهم َأنْ ِزْل على‬


‫ك ولُْط َف َ‬
‫رمحت َ‬
‫ف بعب ادَِك وأنزِْل عليهم َ‬ ‫اللهم ْارأَ ْ‬
‫كل بالء وفتنة وحمنة‬
‫واللطف واإلحس انَ‪ ،‬وارفع عنهم َّ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫الرمحة‬ ‫عب اد َك‬
‫رب العاملنيَ‪.‬‬
‫وبالء يا َّ‬

‫وخ ْذ بناص يتِِهما للبِ ر‬ ‫ب وترض ى‪ُ ،‬‬ ‫ح ُّ‬ ‫وويل عه ده ِل َم ا ُت ِ‬


‫وفق إمامَنا َّ‬ ‫اللهم ِّ‬
‫(ربَّنَا آتِنَا يِف ال ُّد ْنيَا َحس نَةً َويِف‬
‫َ‬ ‫والتق وى‪ ،‬وانفع هبم اإلس المَ واملس لمنيَ‪َ ،‬‬
‫(ربَّنَا ظَلَ ْمنَا أَْن ُف َس نَا َوإِ ْن‬ ‫ِ‬ ‫اآْل ِخر ِة َحسنَةً وقِنَا َع َذ َ ِ‬
‫اب النَّار)[الَْب َقَرة‪َ ،]201 :‬‬ ‫َ َ َ‬
‫اف‪.]23 :‬‬ ‫اس ِرين)[اأْل َعر ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َْ‬ ‫مَلْ َت ْغف ْر لَنَا َوَت ْرمَح ْنَا لَنَ ُكونَ َّن م َن اخْلَ َ‬
‫ان َوإِيتَ ِاء ِذي الْ ُق ْرىَب َو َيْن َهى َع ِن‬
‫اهلل‪( :‬إِ َّن اللَّه ي أْمر بِالْع ْد ِل واإْلِ حس ِ‬
‫َ َ ُُ َ َ ْ َ‬ ‫عبادَ ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َّح ِل‪،]90 :‬‬ ‫الْ َف ْح َش اء َوالْ ُمْن َك ِر َوالَْب ْغ ِي يَعظُ ُك ْم لَ َعلَّ ُك ْم تَ َذ َّكُرو َن)[الن ْ‬
‫فاذكروا اهلل العظيم اجلليل يذكركم‪ ،‬واشكروه على آالئه ونعمه يزدكم‪،‬‬
‫واهلل يعلم ما تصنعونَ‪.‬‬
‫أكرب‪ُ ،‬‬
‫اهلل ُ‬
‫ولذكرُ ِ‬
‫‪ 11‬من ‪11‬‬

You might also like