You are on page 1of 6

‫خطبة بعنـــــوان ‪:‬‬

‫نبي الرحمة ( صلى هللا عليه وسلم )‬


‫كما يجب أن نعرفه‬
‫للشيخ ‪ /‬محمد حســــــن داود‬

‫العناصـــــر ‪:‬‬
‫الرحمة في حياة النبي (صلى هللا عليه وسلم )‪.‬‬
‫صور من رحمة النبي ( صلى هللا عليه وسلم ) بأمته ‪.‬‬
‫صور من رحمة النبي ( صلى هللا عليه وسلم ) مع مخالفيه ‪.‬‬
‫صور من رحمة النبي ( صلى هللا عليه وسلم ) بالحيوان ‪.‬‬
‫اثر الرحمة على الفرد والمجتمع ‪.‬‬

‫العزيـز(و َمـا َأ ْر َ‬
‫سـ ْل َنا َك ِإاَّل‬ ‫َ‬ ‫الموضـــــوع ‪ :‬الحمد هلل رب العالمين‪ ،‬القائل في كتابـه‬
‫َر ْح َم ًة لِّ ْل َعا َلمِينَ )األنبياء‪ )107‬وأشهد أن ال إله إال هللا وحده ال شــريك لــه‪ ،‬وأشــهد‬
‫أن سيدنا ونبينا محمدا عبده ورسوله‪،‬القائــل في حديثــه الشــريف " َيــا َأ ُّي َهــا ال َّن ُ‬
‫اس‬
‫ِإ َّن َما َأ َنا َر ْح َم ٌة ُم ْهدَ اةٌ " مستدرك الحاكم) اللهم صــل وســلم وبــارك عليــه وعلى آلــه‬
‫وصحبه‪ ،‬ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين‪ ،‬وبعد‬
‫لقــد جمــع هللا ســبحانه وتعــالى للحــبيب المصــطفى صــلى هللا عليــه وســلم‪ ،‬صــفات‬
‫الجمال والكمال البشري‪ ،‬فتألقت روحه الطاهرة بعظيم الشــمائل والخصــال‪ ،‬وكــريم‬
‫الصفات واألفعال‪ ،‬حــتى أبهــرت أخالقــه القــريب والبعيــد‪ ،‬وشــملت رحمتــه الغــريب‬
‫والصديق‪ ،‬ولقد صور لنا القران الكـريم هـذا جليـا واضـحا إذ يقـول الحـق سـبحانه‬
‫ـة ِّل ْل َعـ ا َلمِينَ )األنبيــاء‪ )107‬ويقــول جــل وعال ( َل َقــدْ‬ ‫(و َمــا َأ ْر َ‬
‫س ـ ْل َنا َك ِإاَّل َر ْح َمـ ً‬ ‫وتعــالى َ‬
‫وف‬ ‫يص َع َل ْي ُكم بِا ْل ُمْؤ ِمنِينَ َر ُء ٌ‬ ‫سـول ٌ ِّمنْ َأنفُ ِسـ ُك ْم َع ِزيـ ٌز َع َل ْيـ ِه َمــا َع ِن ُّت ْم َحـ ِر ٌ‬ ‫َجا َء ُك ْم َر ُ‬
‫َّرحِي ٌم)التوبـةـ ‪ )128‬ويقــول حبيبنــا‪ ،‬صــلى هللا عليــه وســلم‪ ،‬عن نفســه " َيــا َأ ُّي َهــا‬
‫اس ِإ َّن َما َأ َنا َر ْح َم ٌة ُم ْه َداةٌ " مستدرك الحــاكم) فكــان صــلى هللا عليــه وســلم أكمــل‬ ‫ال َّن ُ‬
‫يم )القلم‪ )4‬وأعظمهم إنســانية‬ ‫ـق َعظِ ٍ‬ ‫(وِإ َّن َك َل َعلى ُخلُـ ٍ‬ ‫الناس َخلقا و ُخلقا‪ ،‬قــال تعــالى َ‬
‫ورحمة‪ ،‬يصل من قطعه‪ ،‬ويعطى من حرمــه‪ ،‬ويعفــو عمن ظلمــه‪ ،‬ويحســن إلى من‬
‫ص ـل ُ‬ ‫أســاء إليــه‪ ،‬تقــول أم المؤمــنينـ خديجــة (رضــي هللا عنهــا) في حقــه " ِإ َّن َك َل َت ِ‬
‫ب ا ْل َحـ ِّق‬ ‫ف‪َ ،‬و ُتعِينُ َع َلى َنـ َـواِئ ِ‬ ‫الضـ ْي َ‬
‫ـري َّ‬ ‫ب ا ْل َم ْعـ دُو َم‪َ ،‬و َت ْق ِ‬
‫الر ِح َم‪َ ،‬و َت ْح ِمل ُ ا ْل َكلَّ‪َ ،‬و َت ْكسِ ُ‬
‫َّ‬
‫"(مستدرك الحاكم ) فلقد بعث هللا‪ ،‬النبي صلى هللا عليه وسلم رحيما رفيقا حريصــا‬
‫علينا‪ ،‬رءوفا بنا‪ ،‬يسجد يــوم القيامــة تحت عــرش الــرحمن‪ ،‬فال يرفــع رأســه حــتى‬
‫شـ َّف ْع" فيقــول‬ ‫اشـ َف ْع ُت َ‬
‫سـلْ ُت ْع َطـ ْه َو ْ‬‫س َك َوقُـلْ ُي ْسـ َم ْـع َلـ َك َو َ‬ ‫يقال له" َيا ُم َح َّم ُد ْار َف ْع َرْأ َ‬
‫حبيبنا صلى هللا عليه وسلم‪":‬يارب ُأ َّمتِى ُأ َّمتِى" ‪.‬‬
‫وألفضل األديان قــــــام فأنذرا‬
‫ِ‬ ‫شرا ***‬ ‫ُ‬
‫الرحمة المهداةُ جاء مب ِّ‬

‫وألكرم األخالق جاء ُمت ِّم ًما *** يدعو ألحسنِها ويمحو المنكرا‬
‫ِ‬
‫صلى عليه هللاُ في ملكوته *** ما قـــــام عب ٌد في الصالة وك ّبرا‬
‫ولقد تجلت عظمة رحمته‪ ،‬صلى هللا عليه وســلم بأمتــه في الكثــير من المواقــف‪ ،‬إذ‬
‫رق قلب المصطفى صلى هللا عليه وسلم لجميع أبنــاء أمتــه حــتى بكى خوفــا عليهم‬
‫ص ـلَّى‬ ‫رضي هللاُ عن ُه قالَ‪َ :‬قال َ لِي ال َّن ِب ُّي َ‬ ‫َ‬ ‫أن يصيبهم من هللا عذاب‪ ،‬ف َعنْ ا ْب ِن َم ْس ُعو ٍد‬
‫ـرُأ َع َل ْيـ َك َو َع ْلي ـ َك‬ ‫س ـول َ هللاِ‪َ ،‬أ ْقـ َ‬ ‫ت‪َ :‬يــا َر ُ‬ ‫ـرْأ َع َل َّي ا ْلقُـ ْـرآنَ "‪َ ،‬فقُ ْل ُ‬ ‫وس ـلَّم‪" :‬ا ْقـ َ‬ ‫هللاُ َع َل ْيـ ِه َ‬
‫ت‬ ‫اء َح َّتى ِجْئ ُ‬ ‫سـ ِ‬ ‫ور َة ال ِّن َ‬ ‫سـ َ‬ ‫ت َع َل ْي ِه ُ‬ ‫ِب َأنْ َأ ْس َم َع ُه مِنْ َغ ْي ِري" َف َق َرْأ ُ‬ ‫ُأ ْن ِزلَ؟!ـ َقالَ‪ِ":‬إ ِّني ُأح ُّ‬
‫شـ ِهي َداً)‬ ‫الء َ‬ ‫شـ ِهي ٍد َو ِجْئ َنــا بِ َك َع َلى هــُؤ ِ‬ ‫ـف ِإ َذا ِجْئ َنــا مِنْ ُكـ ل ِّ ُأ َّم ٍة ِب َ‬ ‫ِإلى هذ ِه اآل َية ( َف َك ْيـ َ‬
‫ـق عليــه)و َعنْ‬ ‫ت ِإ َل ْيهِ‪َ ،‬فِإ َذا َع ْي َناهُ َت ْذ ِر َفان" متفـ ٌ‬ ‫‪":‬ح ْس ُب َك اآلنَ "فا ْل َت َف ُ‬ ‫النساء‪ )41‬قال َ َ‬
‫ـز‬ ‫سـلَّ َم ‪َ :‬تاَل َقـ ْـول َ هَّللا ِ َعـ َّ‬ ‫صلَّى هَّللا ُ َع َل ْيـ ِه َو َ‬ ‫اص‪َ " ،‬أنَّ ال َّن ِب َّي َ‬ ‫َع ْب ِد هَّللا ِ ْب ِن َع ْم ِرو ْب ِن ا ْل َع ِ‬
‫اس َف َمنْ َت ِب َعنِي َفِإ َّن ُه ِم ِّني) ســورة‬ ‫ثِيرا مِنَ ال َّن ِ‬ ‫ضـ َل ْلنَ َك ً‬ ‫َو َجل َّ فِي ِإ ْب َراهِي َم ( َر ِّب ِإ َّن ُهنَّ َأ ْ‬
‫الس ـاَل م ( ِإنْ ُت َعـ ِّذ ْب ُه ْم َفـِإ َّن ُه ْم ِع َبــا ُد َك َوِإنْ‬ ‫سى َع َل ْي ِه َّ‬ ‫إبراهيم آية ‪ 36‬اآل َي َة )‪َ ،‬و َقال َ عِي َ‬
‫ـع َي َد ْيـ ِه ‪َ ،‬و َقــال َ ‪:‬‬ ‫َت ْغف ِْر َل ُه ْم َفِإ َّن َك َأ ْن َت ا ْل َع ِزي ُز ا ْل َحكِي ُم سورة المائدة آيــة ‪َ ،) 118‬ف َر َفـ َ‬
‫َب ِإ َلى ُم َح َّم ٍد‬ ‫ــز َو َجــ ل َّ ‪َ :‬يــا ِج ْب ِريــل ُ ‪ْ ،‬اذه ْ‬ ‫ال َّل ُه َّم ‪ُ ،‬أ َّمتِي ‪ُ ،‬أ َّم ِتيـ ‪َ ،‬و َب َكى ‪َ ،‬ف َقــال َ هَّللا ُ َع َّ‬
‫سـول ُ‬ ‫سـَأ َل ُه ‪َ ،‬فـَأ ْخ َب َر ُه َر ُ‬ ‫السـاَل ُم ‪َ ،‬ف َ‬‫س ْل ُه َما ُي ْبكِي َك ؟ َفَأ َتا ُه ِج ْب ِريل ُ َع َل ْي ِه َّ‬ ‫َو َر ُّب َك َأ ْع َل ُم ‪َ ،‬ف َ‬
‫َب ِإ َلى‬ ‫سـلَّ َم ِب َمـا َقـال َ ‪َ ،‬وه َُـو َأ ْع َل ُم ‪َ ،‬ف َقـال َ هَّللا ُ ‪َ :‬يـا ِج ْب ِريـل ُ ‪ْ ،‬اذه ْ‬ ‫صلَّى هَّللا ُ َع َل ْي ِه َو َ‬ ‫هَّللا ِ َ‬
‫سـوُؤ َك " رواه مسـلم) بـل بلغت رحمتــه‬ ‫س ُن ْرضِ ي َك فِي ُأ َّمتِ َك َواَل َن ُ‬ ‫ُم َح َّم ٍد ‪َ ،‬فقُلْ ‪ِ :‬إ َّنا َ‬
‫صلى هللا عليه أن يــؤثرـ أمتــه على نفســه بدعوتــه المســتجابة شــفاعة لهم ورحمــة‬
‫َعـ َوةٌ‬‫سـلَّ َم " لِ ُكـ ل ِّ َن ِب ٍّي د ْ‬ ‫صـلَّى هَّللا ُ َع َل ْيـ ِه َو َ‬‫سـول ُ هَّللا ِ َ‬ ‫فعنْ َأ ِبي ه َُر ْي َر َة َقالَ‪َ :‬قال َ َر ُ‬ ‫بهم‪َ ،‬‬
‫ش ـ َفا َع ًة ُأِل َّمتِي َيـ ْـو َم ا ْلقِ َيا َمـ ةِ؛‬
‫ت دَ ْع َوتِي َ‬ ‫اخ َت َبْأ ُ‬
‫ُم ْس َت َجا َب ٌة َف َت َع َّجل َ ُكل ُّ َن ِب ٍّي دَ ْع َو َت ُه؛ َوِإ ِّني ْ‬
‫ش ْيًئ ا"(متفقـ عليه)‬ ‫ش ِر ُك ِباهَّلل ِ َ‬‫ات مِنْ ُأ َّم ِتيـ اَل ُي ْ‬ ‫شا َء هَّللا ُ َمنْ َم َ‬ ‫َف ِه َي َناِئ َل ٌة ِإنْ َ‬

‫ولقد بلغت رحمة الرسول صلى هللا عليه وسلم‪ ،‬بأمتهـ حدا ال يتخيلــه عقــل‪ ،‬إذ كــان‬
‫يترك العمل وهو يحبه‪ ،‬خشية أن يفرض عليهم فيشق عليهم أداؤه‪ ،‬فهو صــلى هللا‬
‫ـر ْك ُت ُك ْم‪َ ،‬فِإ َّن َمـا َه َلـ َك َمنْ َكـانَ‬
‫عليه وسلم‪ ،‬القائـل في حديثــه الشــريف " َذ ُرونِي َمـا َتـ َ‬
‫شـ ْي ٍء َفـْأ ُتوا ِم ْنـ ُه َمــا‬ ‫اخ ِتاَل فِ ِه ْم َع َلى َأ ْن ِب َيــاِئ ِه ْم‪َ ،‬فـِإ َذا َأ َمـ ْ‬
‫ـر ُت ُك ْم ِب َ‬ ‫سـَؤ الِ ِه ْم َو ْ‬ ‫ـر ِة ُ‬ ‫َق ْب َل ُك ْم ِب َك ْثـ َ‬
‫شـ ْي ٍء َفــدَ ُعوهُ " وتقــول أم المؤمــنين عائشــة رضــي هللا‬ ‫اس َت َط ْع ُت ْم‪َ ،‬وِإ َذا َن َه ْي ُت ُك ْم َعنْ َ‬ ‫ْ‬
‫سول ُ هَّللا ِ صلى هللا عليه وسلم َل َي َد ُع ا ْل َع َمل َ َوه َُو ُيح ُّ‬
‫ِب َأنْ َي ْع َمـ ل َ بِ ِه‬ ‫عنها " ِإنْ َكانَ َر ُ‬
‫ض َع َل ْي ِه ْم " البخــاري ومســلم) فــانظر في ســنتهـ‬ ‫ـر َ‬ ‫ش ـ َي َة َأنْ َي ْع َمـ ل َ بِ ِه ال َّن ُ‬
‫اس َف ُي ْفـ َ‬ ‫َخ ْ‬
‫وسيرتهـ تراه ينقطع عن الخروج إلى صالة الــتراويح جماعــة في رمضــان‪ ،‬خشـ َ‬
‫ـية‬
‫أن تفرض ‪ ،‬و تأخر في الردِّ على من سأل عن تكرار الحج في كــل عــام خشــية أن‬
‫يفرض بهذه الصورة‪ ،‬و لما فرضت الصالة‪ ،‬ظل المصــطفى صــلى هللا عليــه وســلم‬
‫يسأل هللا التخفيف‪ ،‬رحمة بأمته صلى هللا عليه وسلم حتى كانت خمس في العمل و‬
‫خمسين في األجر‪.‬‬
‫ما أعظم إنسانية ورحمة النبي صلى هللا عليه وسلم الــتي لم تــترك بشــرا إال وكــان‬
‫له منها نصيب فكان رحيما باآلباء واألمهات‪ ،‬رحيما باألطفال‪ ،‬رحيما بالمخالف لــه‬
‫صـلَّى هَّللا ُ َع َل ْيـ ِه‬
‫ت ال َّن ِب َّي َ‬ ‫س َرضِ َي هَّللا ُ َع ْنـ ُه َ‬
‫"خـ دَ ْم ُ‬ ‫رحيما بالخدم والعبيد‪ ،‬إذ يقول َأ َن ٌ‬
‫صـ َن ْع َت " رواه البخـاري‬ ‫صـ َن ْع َت َواَل َأاَّل َ‬ ‫ف َواَل لِ َم َ‬ ‫شـ َر ِسـنِينَ َف َمــا َقـال َ لِي ُأ ٍّ‬ ‫سلَّ َم َع ْ‬‫َو َ‬
‫سـول ُ هَّللا ِ‬ ‫ضـ َر َب َر ُ‬‫اِئشـ َة رضـي هللا عنهـا َقـا َل ْت " َمـا َ‬ ‫وعنْ أم المؤمـنين َع َ‬ ‫مسـلم)‪َ ،‬‬
‫يل‬
‫سـ ِب ِ‬ ‫ـرَأ ًة َواَل َخا ِد ًمـا ِإاَّل َأنْ ُي َجاهِدَ فِي َ‬ ‫شـ ْيًئ ا َقـ ُّط ِب َيـ ِد ِه َواَل ْ‬
‫ام َ‬ ‫سـلَّ َم َ‬‫صلَّى هَّللا ُ َع َل ْيـ ِه َو َ‬‫َ‬
‫هَّللا ِ‪ "...،‬رواه البخاري ومسلم) بل تدبر معي ما جــاء عن أنس بن مالــك قــال " ِإنْ‬
‫لِق‬‫ول هَّللا ِ صلى هللا عليه وسـلم َف َت ْن َط ُ‬ ‫س ِ‬ ‫َكا َن ْت اَأْل َم ُة مِنْ ِإ َم ِ‬
‫اء َأهْ ِل ا ْل َمدِي َن ِة َل َتْأ ُخ ُذ ِب َي ِد َر ُ‬
‫اء ْت" رواه البخاري ) ‪.‬‬ ‫ش َ‬ ‫ث َ‬ ‫ِب ِه َح ْي ُ‬

‫وفى رحمته باآلباء واألمهات واألطفال ترى أروع األمثلة وأعظمها‪ ،‬فلقد كان نــبي‬
‫الرحمة صلى هللا عليه وسلم يدخل في الصالة ينوي أن يطيل فيها‪ ،‬فــإذا بــه يســمعـ‬
‫بكاء الصبي فيتجوز فيها شفقة بالصغير من جانب ورفقــا بأمــه من آخــر‪ ،‬إذ يقــول‬
‫الصالَ ِة َوَأ َنا ُأ ِري ُد ِإ َطا َل َت َها َفَأ ْس َم ُع ُب َكــا َء َّ‬
‫الصـ ِب ِّي‬ ‫صلى هللا عليه وسلم "ِإ ِّني َألدْ ُخل ُ فِي َّ‬
‫صالَتِي ِم َّما َأ ْع َل ُم مِنْ شِ َّد ِة َو ْج ِد ُأ ِّم ِه مِنْ ُب َكاِئه"رواه البخاري) " وصدق‬ ‫َفَأ َت َج َّو ُز فِي َ‬
‫ول‬‫سـ ِ‬ ‫ـال مِنْ َر ُ‬ ‫ت َأ َحـ دًا َكــانَ َأ ْر َح َم ِبا ْل ِع َيـ ِ‬
‫س ْب ِن َمالِكٍ رضي هللا عنه إذ يقول" َما َرَأ ْي ُ‬ ‫َأ َن ِ‬
‫هللا عليه وسلم" مما يشيرـ لنــا جميعــا إلى أن الرحمــة في حياتنــا يجب أن‬ ‫صلَّى ّ‬ ‫هَّللا ِ َ‬
‫ـر َح ْم‬ ‫س ِم َّنا َمنْ َل ْم َيـ ْ‬ ‫تشــملـ الصــغير والكبــير‪ ،‬فقــد قــال صــلى هللا عليــه وســلم " َل ْي َ‬
‫ـرَأ ًة َكــانَ فِي‬ ‫س "َأنَّ ا ْمـ َ‬ ‫ير َنا "(رواه أبــو داود والترمــذي)ـ وعنْ َأ َن ٍ‬ ‫ِير َنا و ُي َو ِّق ْر َك ِب َ‬
‫صغ َ‬ ‫َ‬
‫ي‬ ‫ـري َأ َّ‬ ‫اج ًة‪َ "،‬ف َقــال َ َيــا ُأ َّم فُاَل ٍن‪ ،‬ا ْن ُظـ ِ‬ ‫سول َ هَّللا ِ ِإنَّ لِي ِإ َل ْي َك َح َ‬ ‫ش ْي ٌء‪َ ،‬ف َقا َل ْت َيا َر ُ‬ ‫َع ْقلِ َها َ‬
‫ــر َغ ْت مِنْ‬ ‫ض ال ُّط ُر ِق َح َّتى َف َ‬ ‫اج َتكِ " َف َخاَل َم َع َها فِي َب ْع ِ‬ ‫الس َككِ شِ ْئ تِ‪َ ،‬ح َّتى َأ ْقضِ َي َلكِ َح َ‬ ‫ِّ‬
‫اج ِت َها "( رواه مسلم ) ويأتي أبو بكر رضي هللا عنه بأبيــه عــام الفتح إلى رســول‬ ‫َح َ‬
‫هللا صلى هللا عليه وسلم‪ ،‬إذ بالنبي صــلى هللا عليــه وســلم يقــول لـه ‪ " :‬هال تــركت‬
‫الشيخ في بيتهـ حتى أكون أنـا آتيــه فيــه" ‪ ،‬فيجيب أبــو بكــر رضــي هللا عنــه " هــو‬
‫أحق أن يمشيـ إليك يا رسول هللا من أن تمشيـ إليه " ولما جاءه رجــل َف َقــالَ‪ِ :‬إ ِّني‬
‫ض ـ ِح ْك ُه َما‬ ‫ان َقالَ‪ْ " :‬ار ِج ْع ِإ َل ْي ِه َما َفَأ ْ‬ ‫ي َي ْب ِك َي ِ‬‫ت َأ َب َو َّ‬
‫ت ُأ َب ِاي ُع َك َع َلى ا ْل ِه ْج َرةِ‪َ ،‬و َل َقدْ َت َر ْك ُ‬ ‫ِجْئ ُ‬
‫َك َما َأ ْب َك ْي َت ُه َما " رواه النسائي وأبو داود)‬
‫وما أعظم رحمتهـ صلى هللا عليه وسلم إذ يوصى بالنساء خيرا‪ ،‬زوجة كــانت ‪ ،‬فقــد‬
‫ض َل ِع‬ ‫ش ْي ٍء فِي ال ِّ‬ ‫اء َخ ْي ًرا‪َ ،‬فِإ َّن ُهنَّ ُخلِ ْقنَ مِنْ ضِ َل ٍع‪َ ،‬وِإنَّ َأ ْع َو َج َ‬ ‫س ِ‬ ‫صوا ِبال ِّن َ‬ ‫اس َت ْو ُ‬
‫"و ْ‬ ‫قال َ‬
‫اء‬‫سـ ِ‬ ‫صـواـ ِبال ِّن َ‬‫اس َت ْو ُ‬ ‫ـزلْ َأ ْعـ َو َج‪َ ،‬ف ْ‬ ‫سـ ْر َت ُه‪َ ،‬وِإنْ َت َر ْك َتـ ُه َل ْم َيـ َ‬ ‫َأ ْعاَل هُ‪َ ،‬فـِإنْ َذ َه ْب َت ُتقِي ُمـ ُه َك َ‬
‫َخ ْي ًرا " رواه البخاري) أو بنتــا كــانت ‪ ،‬فقــد قــال" َمنْ َكــا َن ْت َلـ ُه ُأ ْن َثى َف َل ْم َيِئدْ هَا َو َل ْم‬
‫ور ‪َ -‬أدْ َخ َلـ ُه هَّللا ُ ا ْل َج َّن َة "(رواه أبــو داود)‬ ‫ُي ِه ْن َهــا َو َل ْم ُيــْؤ ث ِْر َو َلــدَ هُ َع َل ْي َهــا ‪َ -‬ي ْعنِي الـ ُّذ ُك َ‬
‫ولعلنا نأخذ من رحمتهـ لنقتدي؛ كيف كان النبي صلى هللا عليه وســلم‪ ،‬مــع زوجاتــه‬
‫في بيتــه وكيــف كــانت معاملتــه لهن وكيــف كــانت معاملتــه مــع أوالده؟ تقــول أم‬
‫المؤمنين عائشة رضي هللا عنها‪ ،‬عن حال النبي صلى هللا عليــه وســلم في بيتــه "‬
‫ف َنع َلـ ُه‪َ ،‬و َيخِي ـ ُط َثو َبـ ُه‪،‬ـ َو َيع َمـ ل ُ في َبيتِ ِه‬ ‫سلَّ َم َيخصِ ُ‬ ‫صلَّى هللاُ َع َلي ِه َو َ‬ ‫هللا َ‬
‫سول ُ ِ‬ ‫َكانَ َر ُ‬
‫َك َما َيع َمل ُ َأ َح ُد ُكم في َبي ِتهِ"رواه ابن حبان وغيره) وعن معاملته مــع زوجاتــه‪ ،‬ف َع ِن‬
‫ســم َِع‬ ‫صلَّى هَّللا ُ َع َل ْي ِه َو َ‬
‫سلَّ َم َف َ‬ ‫ير َقالَ‪َ :‬جا َء َأ ُبو َب ْك ٍر َي ْس َتْأذِنُ َع َلى ال َّن ِب ِّي َ‬ ‫ال ُّن ْع َمان ْب ِن َبشِ ٍـ‬
‫سـلَّ َم ) َفـَأذِنَ َلـ ُه َفــدَ َخلَ‪،‬‬ ‫صلَّى هَّللا ُ َع َل ْي ِه َو َ‬ ‫ول هَّللا ِ َ‬ ‫س ِ‬ ‫ص ْو َت َها َع َلى َر ُ‬ ‫ش َة َوه َِي َراف َِع ٌة َ‬ ‫َعاِئ َ‬
‫صـلَّى هَّللا ُ َع َل ْيـ ِه‬ ‫ول هَّللا ِ َ‬ ‫سـ ِ‬ ‫صـ ْو َتكِ َع َلى َر ُ‬ ‫ـر َفعِينَ َ‬ ‫َف َقالَ‪َ :‬يا ا ْب َن َة ُأ ِّم ُرو َمانَ َو َت َن َاو َل َهــا َأ َتـ ْ‬
‫ـر‬ ‫سلَّ َم َب ْي َن ُه َو َب ْي َن َها‪َ ،‬قالَ‪َ :‬ف َل َّما َخـ َر َج َأ ُبــو َب ْكـ ٍ‬ ‫صلَّى هَّللا ُ َع َل ْي ِه َو َ‬ ‫سلَّ َم‪َ ،‬قالَ‪َ :‬ف َحال َ ال َّن ِب ُّي َ‬ ‫َو َ‬
‫ت َب ْينَ‬ ‫ـر ْينَ َأ ِّني َقـدْ ُح ْل ُ‬ ‫ضـاهَا " َأاَل َت َ‬ ‫سـلَّ َم َيقُـول ُ َل َهـا َي َت َر َّ‬ ‫صلَّى هَّللا ُ َع َل ْيـ ِه َو َ‬ ‫َج َعل َ ال َّن ِب ُّي َ‬
‫ضا ِح ُك َها‪َ ،‬قالَ‪َ :‬فـَأذِنَ َل ـ ُه‬ ‫اس َتْأ َذنَ َع َل ْي ِه َف َو َج َد ُه ُي َ‬‫اء َأ ُبو َب ْك ٍر َف ْ‬ ‫الر ُج ِل َو َب ْي َنكِ " َقالَ‪ُ :‬ث َّم َج َ‬ ‫َّ‬
‫شـ َر ْك ُت َمانِي فِي‬ ‫شـ ِر َكانِي فِي ِسـ ْل ِم ُك َما َك َمـا َأ ْ‬ ‫سـول َ هَّللا ِ َأ ْ‬ ‫ـر َيــا َر ُ‬ ‫َف َد َخلَ‪َ ،‬ف َقــال َ َلـ ُه َأ ُبــو َب ْكـ ٍ‬
‫َح ْر ِب ُك َما " رواه أحمد) وكلما دخلت عليه ابنته فاطمــة رضــي هللا عنهـا اخـذ بيـدها‪،‬‬
‫وقبلها‪ ،‬وأجلسها في مجلسه‪.‬ـ و لما َق َّبل الحسن بن على رضي هللا عنه فإذ باألقرع‬
‫بن حابس‪ ،‬يقول‪ :‬إن لي عشرة من الولـد‪ ،‬مـا قبلت منهم أحــدا‪ ،‬فينظـر إليـه النـبي‬
‫صلى هللا عليه وسلم ويقول" َمنْ اَل َي ْر َح ُم اَل ُي ْر َح ُم " رواه البخاري)‬
‫وتظهر لنا عظمة رحمتهـ وإنسانيتهـ صلى هللا عليه وسلم‪ ،‬في معاملته مع مخالفيه‪،‬‬
‫فلقد كان صلى هللا عليه وسلم‪ ،‬حريصا أن يكون المجتمــع وان اختلفت فيـه العقائــد‬
‫قلبا واحدا‪ ،‬تحوطــه روح المحبــة والســماحة والمــودة واإلنســانية‪،‬ـ وهــذا مــا كـانت‬
‫عليه المدينة في عهده صلى هللا عليه وسلم‪ ،‬فلقد كان النبي صـلى هللا عليـه وسـلم‬
‫يعامــل مخالفيــه بــأرقى قيم اإلنســانيةـ ال يفــرق في مثــل هــذه المعاملــة بينهم وبين‬
‫(و َل َقــدْ َك َّر ْم َنــا َبنِي آ َد َم َو َح َم ْل َنــا ُه ْم فِي ا ْل َب ِّ‬
‫ــر َوا ْل َب ْحــ ِر‬ ‫غــيرهم ‪،‬فاهلل جــل وعال يقــول َ‬
‫ِير ِّم َّمنْ َخ َل ْق َنا َت ْفضِ ياًل )االسراء‪ )70‬فكــان‬ ‫ض ْل َنا ُه ْم َع َل ٰى َكث ٍ‬ ‫ت َو َف َّ‬ ‫َو َر َز ْق َناهُم ِّمنَ ال َّط ِّي َبا ِ‬
‫يجيب دعوتهم ويحضر مجالسهم ويعود مرضاهم ويواسيهم في مصابهم ‪ ،‬فقد قال‬
‫ِّين َو َل ْم ُي ْخ ِر ُجــو ُكم ِّمن ِد َيـ ِ‬
‫ـار ُك ْم‬ ‫هللا تعالى (اَّل َي ْن َها ُك ُم هَّللا ُ َع ِن الَّذِينَ َل ْم ُي َقا ِتلُو ُك ْم فِي ال ـد ِ‬
‫ِب ا ْل ُم ْقسِ طِ ينَ ) الحجرات‪ )8‬ولما مــرض هــذا‬ ‫َأن َت َب ُّرو ُه ْم َو ُت ْقسِ ُطوا ِإ َل ْي ِه ْم ِإنَّ هَّللا َ ُيح ُّ‬
‫الغالم الذي كان يخدمه‪( ،‬وكان لم يسلم قبلها) عاده النــبي صــلى هللا عليــه وســلم ‪،‬‬
‫ولما مرت جنازة فقام لها النبي صلى هللا عليه وسلم‪ ،‬فقيــل لــه يــا رســول هللا إنهــا‬
‫نفسـا؟ "؛ ولقــد مــات النــبي صــلى هللا عليــه وســلم‬ ‫أليسـ ْت ً‬ ‫َ‬ ‫جنازة يهودي‪ ،‬فقال‪" :‬‬
‫ودرعه مرهونا عند يهـودي؛ ممـا يؤكـد على قيم التعـايش السـلمي بين النـاس في‬
‫مجتمعهم حتى وان اختلف اللون أو العرق أو العقيدة‪ ،‬كما سطر الصــحابة األطهــار‬
‫سيرا على نهج نبيـ الرحمة سطورا من نور في الرحمة معهم فقد جاء َعنْ ُم َجاهِ ٍد‬
‫هَّللا‬
‫شــاةٌ فِي َأهْ لِ ِه َف َل َّما َجــ ا َء َقــال َ " َأهْــ َد ْي ُت ْم ل َِج ِ‬
‫ار َنــا‬ ‫ــرو ُذ ِب َح ْت َلــ ُه َ‬ ‫َأنَّ َع ْبــدَ ِ ْبنَ َع ْم ٍ‬
‫سـلَّ َم َيقُــول ُ‬ ‫صلَّى هَّللا ُ َع َل ْيـ ِه َو َ‬ ‫سول َ هَّللا ِ َ‬ ‫ت َر ُ‬ ‫سم ِْع ُ‬ ‫ِي ؟ َ‬ ‫ار َنا ا ْل َي ُهود ِّ‬ ‫ِي ؟ َأهْ َد ْي ُت ْم ل َِج ِ‬ ‫ا ْل َي ُهود ِّ‬
‫ت َأ َّن ُه َ‬
‫س ُي َو ِّر ُث ُه " ‪.‬‬ ‫ار َح َّتى َظ َن ْن ُ‬ ‫" َما َزال َ ِج ْب ِريل ُ ُيوصِ ينِي ِبا ْل َج ِ‬
‫إن هذه الرحمة النبويةـ المنقطعة النظير‪ ،‬في البشر‪ ،‬لم تقف عند حدود البشــر‪ ،‬بــل‬
‫امتدت لتشمل الحيوان‪ ،‬فعن ابن مســعود قــال‪ :‬ك ّنــا مــع رســول هللا صــلى هللا عليــه‬
‫وسلم في سفر‪ ،‬فانطلق لحاجتِه‪ ،‬فرأينــا ُح َّم َر ًة ( عصــفورة ) معهــا فرخــان‪ ،‬فأخــذنا‬
‫ـرش‪ ،‬فجــاء صــلى هللا عليــه وســلم فقــال‪ " :‬من‬ ‫فرخيها‪ ،‬فجاءت الح َّمرةُ فجعلت تفـ ِّ‬
‫فجع هذه بولدِها ؟ ردُّوا ولدَ ها إليها " وعن عبد هللا بن جعفر رضي هللا عنهمــا أن‬
‫النبي صلى هللا عليه وسلم دخل حائطا ً لرجل من األنصار‪ ،‬فإذا فيه جمل فلمــا رأى‬
‫النبي صلى هللا عليه وسلم حنّ وذرفت عينــاه فأتــاه صــلى هللا عليــه وســلم فمســح‬
‫ظفراه فسكت‪ ،‬فقال صلى هللا عليه وسلم ‪" :‬من رب هذا الجمــل؟ لمن هــذا الجمــل؟‬
‫" فجاء فتى من األنصار فقال‪ :‬لي يا رسول هللا‪ ،‬فقال له ‪َ " :‬أ َفاَل َت َّتقِي هَّللا َ فِي َهـ ِذ ِه‬
‫ا ْل َب ِهي َمـ ِة الَّتِي َملَّ َكـ َك هَّللا ُ ِإ َّيا َهــا َفِإ َّن ُه َ‬
‫ش ـ َكا ِإ َل َّي َأ َّن َك ُت ِجي ُعـ ُه َو ُتدْ ِئ ُبـ ُه (رواه احمــد وأبــو‬
‫داود)( ُتدْ ِئ ُب ُه‪،‬ـ اى تكرهــه وتتعبــه) وهـا هــو صــلى هللا عليــه وســلم يوصـيـ بــالرفق‬
‫سـانَ َع َلى ُكـ ل ِّ‬ ‫بــالحيوان واإلحســان إليــه حــتى عنــد ذبحــه فيقــول"ِإنَّ هَّللا َ َك َت َب اِإل ْح َ‬
‫ــة‪َ ،‬وِإ َذا َذ َب ْح ُت ْم َفَأ ْح ِســ ُنوا ال ِّذ ْب َحــ َة‪َ ،‬و ْل ُيحِ َّد َأ َحــ ُد ُك ْم‬
‫شــ ْي ٍء‪َ ،‬فــِإ َذا َق َت ْل ُت ْم َفَأ ْح ِســ ُنوا القِ ْت َل َ‬ ‫َ‬
‫يح َتـ ُه"رواه الترمــذي) وال يــزال صــلى هللا عليــه وســلم يوصــى‬ ‫شـ ْف َر َت ُه‪،‬ـ َو ْل ُيـ ِـر ْح َذ ِب َ‬ ‫َ‬
‫س َج َن ْت َها َح َّتى َما َت ْت َف َد َخ َل ْت فِي َها‬ ‫ام َرَأةٌ فِي ه َِّر ٍة َ‬ ‫بالرحمة بالحيوان حتى قال " ُع ِّذ َب ْت ْ‬
‫اش‬ ‫شــ ِ‬ ‫ســ ْت َها‪َ ،‬واَل ه َِي َت َر َك ْت َهــا َتْأ ُكــ ل ُ مِنْ َخ َ‬ ‫ار‪ ،‬اَل ه َِي َأ ْط َع َم ْت َهــا َواَل َ‬
‫ســ َق ْت َها ِإ ْذ َح َب َ‬ ‫ال َّن َ‬
‫ضـ َي هَّللا ُ َع ْنـ ُه َقــالَ‪َ :‬قــال َ‬ ‫ـر َة َر ِ‬ ‫ض"( متفــق عليــه)‪ ،‬وفي المقابــل‪َ ،‬عنْ َأ ِبي ه َُر ْيـ َ‬ ‫اَأْل ْر ِ‬
‫ش ِإ ْذ َرَأ ْتـ ُه‬ ‫ـف ِب َر ِك َّي ٍة َكــادَ َي ْق ُتلُـ ُه ا ْل َع َط ُ‬
‫ب ُيطِ يـ ُ‬ ‫صلَّى هَّللا ُ َع َل ْي ِه َو َ‬
‫سـلَّ َم‪َ " :‬ب ْي َن َمــا َك ْل ٌ‬ ‫ال َّن ِب ُّي َ‬
‫س َق ْت ُه َف ُغف َِر َل َها ِب ِه "(متفق عليه)‬ ‫ِي مِنْ َب َغا َيا َبنِي ِإ ْس َراِئيل َ َف َن َز َع ْت ُمو َق َها َف َ‬ ‫َبغ ٌّ‬
‫و لم تقف رحمته صلى هللا عليه وسلم عند كل ما فيــه روح بــل حــتى الجمــاد‪ ،‬نــال‬
‫من رحمته إذ يتعاطف مع جبل ُأ ُحد‪ ،‬فيقول صلى هللا عليــه وســلم وهــو يشــيرـ إليــه‬
‫"ه ََذا َج َبل ٌ ُي ِح ُّب َنا َو ُن ِح ُّب ُه"‪.‬ـ‬
‫هذه صور من حياة نبينا صــلى هللا عليــه وســلم‪ ،‬تجســد رحمتــه‪،‬ـ فلنحمــل للعــالمين‬
‫رحمتــه‪ ،‬إذ أن األخالق المثلى عمــاد األمم وقــوام الشــعوب‪ ،‬واألمم باقيــة مــا بقيت‬
‫أخالقهــا‪ ،‬وتطيب الحيــاة بين أبنائهــا وتصــلح وتزدهــر بــالتراحم والتعــاطف‪ ،‬لــذلك‬
‫ولغيره الكثير ذكرت صفة الرحمة بمشــتقاتها في القــران الكــريم أكــثر من ثالثمائــة‬
‫مرة ‪،‬وان من هذا ليتضح للجميع أن قيم الرحمة واإلنسانية‪،‬ـ من قيم ديننا و أخالق‬
‫ـرو ‪َ ،‬قــال َ ‪:‬‬ ‫هَّللا‬
‫فعنْ َع ْبـ ِد ِ ْب ِن َع ْمـ ٍ‬ ‫نبينا وهى إلى الغفران نهجنــا والى الجنــة طريقنــا َ‬
‫ـر ْح َمنُ ‪ْ ،‬ار َح ُمــوا َمنْ‬ ‫ـر َح ُم ُه ُم الـ َّ‬ ‫سلَّ َم ‪َّ " :‬‬
‫الرا ِح ُمــونَ َيـ ْ‬ ‫صلَّى هَّللا ُ َع َل ْي ِه َو َ‬
‫سول ُ هَّللا ِ َ‬ ‫َقال َ َر ُ‬
‫اء" وكما أنها مفتــاح قلــوب النــاس؛ إذ يقــول هللا‬ ‫س َم ِ‬‫ض َي ْر َح ْم ُك ْم َمنْ فِي ال َّ‬ ‫فِي اَأْل ْر ِ‬
‫ض ـوا مِنْ‬ ‫ب اَل ن َف ُّ‬ ‫نت َف ًّظـ ا َغلِي ـ َظ ا ْل َق ْل ِ‬ ‫جــل وعال ( َف ِب َمــا َر ْح َمـ ٍة ِّمنَ هَّللا ِ ل َ‬
‫ِنت َل ُه ْم َو َلـ ْـو ُك َ‬
‫فعنْ َع ْبـ ِد هَّللا ِ ْب ِن‬ ‫َح ْولِ َك)آل عمران ‪)159‬هي أيضــا مفتــاح لبــاب رحمــة هللا تعــالى‪َ ،‬‬
‫ـر ‪" :‬‬ ‫سلَّ َم ‪َ ،‬أ َّن ُه َقال َ َو ُهـ َـو َع َلى ا ْل ِم ْن َبـ ِ‬ ‫صلَّى هَّللا ُ َع َل ْي ِه َو َ‬‫اص ‪َ ،‬ع ِن ال َّن ِب ِّي َ‬ ‫َع ْم ِرو ْب ِن ا ْل َع ِ‬
‫ـر َح ُم‬‫ـر َح ُم هَّللا ُ َمنْ اَل َيـ ْ‬ ‫اغفِ ُروا َي ْغف ِْر هَّللا ُ َل ُك ْم " وقال أيضــا " اَل َيـ ْ‬ ‫ْار َح ُموا ُت ْر َح ُموا ‪َ ،‬و ْ‬
‫اس " متفق عليه)‬ ‫ال َّن َ‬
‫( الدعــــــاء )‬
‫=====ـ كتبه =====ـ‬
‫محمد حســـــــن داود‬
‫إمام وخطيب ومدرس‬

You might also like