Professional Documents
Culture Documents
الصدقة برهان
للشيْخ
ِّ
د .هشام بن خليل الحوسني
حفظه اهلل
3 شبكة بينونة للعلوم الشرعية
إن الحمد هلل نحمده ونستعينه ونستغفره ،ونعوذ باهلل من شرور أنفسنا وسيئات
أعمالنا ،من يهده اهلل فال مضل له ،ومن يضلل فال هادي له.
وأشهد أن ال إله إال اهلل وحده ال شريك له ،وأشهد أن نبينا محمدً ا عبده ورسوله،
كثيرا.
تسليما ً
ً صلى اهلل عليه وعلى آله وصحبه وسلم
فموضوع حديثنا يف هذه الليلة -بإذن اهلل تعالى -عن الصدقة ،وكما تم العنوان لها
بعنوان« :الصدقة برهان» كما قال النبي ،أخرج اإلمام مسلم يف صحيحه من حديث
اإليمان ،وا ْل َح ْمدُ لِل ِه َت ْمألُ
ِ ور َش ْط ُر أبي مالك األشعري قال :قال رسول اهلل « :ال ُّط ُه ُ
ض ،والصال ُة واألر ِ حان اهللِ وا ْلحمدُ لِل ِه َتم ََل ِن َ -أو َتمألُ -ما بين السم ِ
وات وس ْب َ الم َ ِ
ْ َ ْ َ ْ ْ ْ َ ْ يزانُ ،
آن ُحج ٌة َل َكْ ،أو َع َل ْي َك ،ك ُُّل الن ِ
اس َي ْغدُ و َفبائ ٌع هان ،والص ْب ُر ِضيا ٌء ،وا ْل ُق ْر ُ
ُور ،والصدَ َق ُة ُب ْر ٌ ن ٌ
َن ْف َس ُه َف ُم ْعتِ ُقهاْ ،أو ُموبِ ُقها»(.)1
نبينا أشار يف هذا الحديث إلى مسائل هامة ينبغي على المسلم أن يتأملها ويستفيد
منها.
فاإليمان كما ذكر أهل العلم نوعان :فعل وترك ،فعل للمأمور ،وترك للمحظور ،لذلك
ِ ور َش ْط ُر
اإليمان» واإليمان هنا يف هذا الحديث بمعنى :الصالة ،كما قال قال النبي « :ال ُّط ُه ُ
اهلل تعالى :ﱡﭐﲀ ﲁ ﲂ ﲃ ﲄﲅﱠ أي :صالتكم إلى بيت المقدس ،فهذا
الطهور والوضوء هو نصف اإليمان ،أي أنه نصف هذه الصالة ،ألن الصالة هي سؤال هلل
ودعاء له وتقرب إليه ،وال تصح هذه الصالة إال بالطهور والوضوء ،فلذلك كانت مفتاح
الصالة ،والصالة مفتاح الجنة ،فالعبد ُي ْغ َفر له من السيئات والخطايا هبذه الصالة التي
ُيش َت َرط لها هذا الشرط وهو :أن يصليها ُمسبِ ًغا لوضوئه ،كما جاء يف الحديث الصحيح يف
ِ ِ ِ
اهلل عليه،
َب ُ صحيح مسلم أن النبي قال« :ما من ُم ْسل ٍم َي َت َطه ُر ،ف ُيت ُّم ال ُّط ُه َ
ور الذي َكت َ
ارات لِما ب ْينَها»( ،)1ثم أخرب النبي عن مسألة الخمس ،إال كان َْت َك ّف ٍ ِ ِ
ف ُي َص ِّلي هذه الص َلوات َ ْ َ
وذكر اهلل وأهنا تمأل ما بين السموات واألرض. التحميد والتسبيح والتهليل ِ
والتحميد :هو إثبات األوصاف الكاملة هلل والنعوت الجليلة والمحامد هلل .
نور يقذفه اهلل يف قلب هذا العبدُ ،ين ِ ُير له بصره ،و ُتن ِ ُير له بصيرته ،و ُتن ِ ُير له
فالصالة ٌ
َد ْر َب ُه يف اآلخرة يوم أن ُتقسم األنوار وتوزع على أصحاهبا بقدر أعمالهم وإيماهنم باهلل ،
ولذلك وصفها النبي بأهنا نور.
ومنه كذلك -كما يقول أهل العلمُ -س ِّميت الحجة القاطعة بالربهان ،لماذا؟ لوضوحها
وظهورها ،وهذا النور وهذا الوضوح إنما ناله المسلم ألنه قد أخرج هذا المال من طِ ِ
يب
أن يبخل الناس بالصدقة ويمنعوهنا؛ يكون هذا المسلم الذي أن بخل الناس ،يوم ْ نفسه ،يوم ْ
س هباُ ،معطِ ًيا ُم ِنف ًقا ُمم َتثِ ًال أمر نبيه ،كما قال « :ما ب الن ْف ِ يخاف اهلل ويريد مرضاته َط ِّي َ
ُ
ويقول ط ُمن ِْف ًقا َخ َل ًفا،
قول أحدُ ُهما :اللهم ،أ ْع ِ
ُ
ِ ِ ِ ِ
من َيو ٍم ُي ْصبِ ُح العبا ُد فيه إال َم َلكان َين ِْزالن ،ف َي ُ َ
ط ُم ْم ِس ًكا َت َل ًفا»( ،)1فلذلك دل هذا األمر وهذه الصدقة دلت على وجود
اآلخر :اللهم ،أ ْع ِ
ُ َ ُ
برهان على إيمانه ،لذلك ٌ اإليمان يف قلب صاحبها الذي قد تصدق وأنفق هذا المال ،وهو
ِ
اإليمان: ثالث َم ْن َف َع َل ُهن فقدْ َط ِع َم ط ْع َم قال النبي كما جاء يف الحديث الصحيح قالٌ « :
اهلل ،وأ ْع َطى زكا َة مال ِ ِه ط ِّي َب ًة بِها ن ْف ُس ُه ،رافِدَ ًة عليه كل
وحدَ ُه وأن ُه ال إل َه إال ُ
اهلل ْ
َم ْن ع َبدَ َ
عا ٍم»(« ،)2رافِدَ ًة عليه» :أي :أهنا تعينه على هذا اإليمان ،وتعينه على هذه التقوى ،والقرب
يم اهللِ ال َيف َع ُل ذلك إال مؤمِ ٌن»( )3لماذا؟
من اهلل .لذلك كان أبو الدرداء يقول« :وأ ُ
ألنه لما امتأل قلبه باإليمان ،وبتصديق وعد اهلل ووعيده ،واليقين بأن ما أعطاه اهلل له وما
فإ ًذا هذا اإلنفاق وهذا السبب الذي قد ُس ِّميت ألجله الصدقة بأهنا برهان ،قيل :ألن
المال الذي ُت ِ
ح ُّبه النفوس ،وتبخل بهَ ،س َم َحت نفسه بإخراجها وإنفاقه ،مع وجود البخل
ك»َ ،ق َالَ « :ف َي ْص َعدُ بِ َها ا ْل َم َالئِ َك ُة ال ِذي َن َيت ََوف ْون ََها َف َت َلق ُ
اه ْم َن ْفس ا ْلمؤْ مِ ِن و ِهي َأ ْطيب ِريحا مِن ا ْل ِمس ِ
ْ ً َ َ َ َ ُ ُ ُ
ون:ونُ :ف َال ٌن َو َي ْذك ُُرو َن ُه بِ َأ ْح َس ِن ع ََملِ ِهَ ،ف َي ُقو ُل َ ونَ :م ْن َه َذا َم َع ُك ْم؟ َف َي ُقو ُل َ ون السم ِ
اء َف َي ُقو ُل َ َم َالئِ َك ٌة ُد َ
َ
اء»َ ،ق َالَ « :ف ُي ْش ِر ُق َو ْج ُه ُه َف َي ْأتِي الرب حياكُم اهلل وحيا من مع ُكم»َ ،ق َالَ « :ف ُت ْفتَح َله َأبواب السم ِ
َ ُ ُ َْ ُ َ ُ ُ َ َ َ ْ ََ ْ
س».ان مِ ْث ُل الش ْم ِ
َول ِ َو ْج ِه ِه ُب ْر َه ٌ
( )1صحيح البخاري ( ،)1442صحيح مسلم (.)1010
( )2سنن أبي داود (.)1580
( )3سنن أبي داود (.)429
الصدقة برهان 6
ُّ
والشح يف قلب الناس بشكل عام ،لكنه لما ذاق طعم اإليمان ،وصدق بوعد اهلل ووعيده؛
سهال عليه ،بل كان ُمنقا ًدا له وطيب ًة هبا نفسه كما أخرب النبي .
كان ذلك ً
ثم وصف النبي الصرب بالضياء ،والضياء كما يقول أهل العلم ،الضياء :هو النور
وس ِّمي
الذي قد يكون معه شي ٌء من الحرارة نوع من الحرارة .لذلك ُس ِّميت الشمس ضياءُ ،
القمر نور؛ ﱡﭐﲦ ﲧ ﲨ ﲩ ﲪ ﲫ ﲬﱠ ،فالشمس لما كان يف نورها شي ٌء من
يفرق به أهل
وس ِّمي القمر بالنور .فهذا الذي ِّ
اإلحراق وشي ٌء من الحرارةُ ،س ِّميت ضيا ًءُ .
العلم بين النور والضياء.
فالضياء :هو نور لكن قد يصاحبه شيء من الحرارة وشيء من اإلحراق ،لماذا؟ ألن
الصرب قد يكون فيه شيء من األلم ،أو شيء من الصعوبة ،لكن مع وجود هذه الصعوبة إال
أن المسلم يصرب ويحتسب األجر عند اهلل ،لذلك ُس ِّمي الصرب ضياء.
هان ،والص ْب ُر ِضيا ٌء» هذه كلها من أنواع النور التي يو ِّفق
ُور ،والصدَ َق ُة ُب ْر ٌ
فإ ًذا «الصال ُة ن ٌ
اهلل لها المسلم.
وص َفت بالنور ،وشريعة موسى ِ
وص َفت بأهنا ضياء ،قال اهلل شريعة النبي ِ
ﱳﱠ [المائدة ،]15 :فاهلل وصف هذه الشريعة ،شريعة محمد بأهنا نور يقذفه اهلل
يف قلب من اتبع هذا الوحي واتبع هذا الدين وآمن بما جاء به محمد ،فهي شريعة سمحة،
شريعة طيبة ،ختم اهلل هبا سائر الشرائع ،وختم اهلل هبذا النبي الكريم سائر شرائع األنبياء،
7 شبكة بينونة للعلوم الشرعية
لذلك أخرب اهلل ووصفها هبذا الوصف الذي فيه من الجمال والكمال ما فيه.
آن ُحج ٌة َل َكْ ،أو َع َل ْي َك» فالقرآن إما شاهد لك أو شاهد عليك، قال بعد ذلك النبي « :وا ْل ُق ْر ُ
وماح ٌل ُم َصد ٌق ،من َجع َله أما َمه قا َده إلى الجن ِة ،
ِ شافع ُم َشف ٌع،
ٌ ُ
القرآن كما قال ابن مسعود« :
ار»( )1والعياذ باهلل. ظهره سا َقه إلى الن ِ لف ِ ومن جع َله َخ َ
اس َي ْغدُ و َفبائ ٌع َن ْف َس ُه َف ُم ْعتِ ُقهاْ ،أو ُموبِ ُقها» ،وهذا مصداق قول
ثم قال النبي « :ك ُُّل الن ِ
اهلل ﱡﭐﱣ ﱤ ﱥ ﱦ ﱧ ﱨ ﱩ ﱪ ﱫ ﱬ ﱭ ﱮ ﱯ ﱰ ﱱ ﱲ
ُم َحم ٍدْ ،اشت َِريا أ ْن ُف َس ُكما مِ َن اهللِ ال أ ْملِ ُك َل ُكما مِ َن اهللِ شي ًئاَ ،سالنِي مِن مالِي ما ِش ْئتُما».
الصدقة برهان 8
كثير من الناس يسعى ويجري خلف ملذات هذه الدنيا ،وال يسعى خلف هذا الربح
العظيم ،وهو أن يربح نفسه وينجيها من خسرانه يف ذلك اليوم.
وينجي هذه
ِّ فخير األرباح التي يجنيها المسلم يوم أن يفتك رقبته من عذاب اهلل
النفس من عذاب أليم؛ لذلك شرع اهلل لنا هذه الصدقات وهذه الزكوات واألعطيات
التي يكون فيها من فكاك أسر المسلم لنفسه ،ومن فكاك رقبته وإبعادها وتخليصها من
عذاب اهلل ،كما قال اهلل :ﱡﭐﲠ ﲡ ﲢ ﲣ ﲤ ﲥ ﲦ ﲧ ﲨ ﲩ ﲪ ﲫ
عظيما ﱡﭐﳌ ﳍ ﳎ
ً نبينا أخرب عن فضل هذه الصدقة وأهنا تقع عند اهلل موق ًعا
ﳑ ﳓ ﳔ ﳕﱠ [سبأ ،]39 :ما تنفق يا ابن آدم من نفقة صغير ًة كانت أو
ﳒ ﳏﳐ
كبيرة إال وهي تقع يف يد اهلل ،فيربيها لك وينميها لك اهلل حتى تصبح كأمثال الجبال،
وهذا فضل عظيم من اهلل ،لكن أخلِص النية ،واحتسب األجر عند اهلل ،واعلم أن
الذي طلب منك أن تتصدق وأن تنفق ،هو الذي أعطاك هذا الكثير وطلب منك هذا الشيء
القليل.
احبِ ِه ،كما ُي َر ِّبي َأ َحدُ ك ُْم َف ُلو ُه -يعنيُ :م ْه َر ُه الصغير حين يولد- اهلل ي َت َقب ُلها بي ِمين ِ ِهُ ،ثم يربيها لِص ِ
ُ َ ِّ َ َ ََ َ َ
ِ حتى َت ُك َ ِ
ألحدكم كما ُي َر ِّبي أحدُ كم الج َب ِل»( ،)1وجاء يف رواية الرتمذي قال« :ف ُي َر ِّبيها ون م ْث َل َ
مثل ُأ ُح ٍد»( ،)1حتى إن اللقمة لتصير مثل أحد ،مثل جبل أحد،
لتصير َ
ُ مهر ُه حتى إن ال ُّلقم َة
َ
هذه النفقة الصغيرة اليسيرة التي أنفقتها واحتسبت األجر فيها لكنها من طِيب نفس منك،
رباها اهلل لك ونماها لك حتى صارت كأمثال الجبال.
وقال كما جاء يف صحيح مسلم ،من حديث أبي هريرة قال« :ما َن َق َص ْت َصدَ َق ٌة
ِ ِ اهلل َع ْبدً ا ب َع ْف ٍو ،إال ِع ًّزا ،وما َت َ ٍ ِ
أحدٌ لله إال َر َف َع ُه ُ
اهلل ،)2(»ما نقصت واض َع َ من مال ،وما زا َد ُ
صدقة من مال ،لو نظرت يف هذه األعطيات وهذه الصدقات التي ُت ِ
خر ُجها ،نعم قد ينقص
حسا، ِ
من مالك النقص الحسي الذي تراه بعينك ،كأن يكون لك مئة درهم ف ُتنفق منها فتقل ً
لكنها يبارك اهلل لك فيها ،فيقي هذا المال من الشرور واآلفات ،ويبعدك عن المصائب
التي تنفق بسببها أضعاف أضعاف ما تنفقه يف هذه النفقة ،فيبارك اهلل لك يف هذا المال،
لذلك قال اهلل :قال النبي « :ما َن َق َص ْت َصدَ َق ٌة مِن ٍ
مال» ما تنقص شي ًئا من مالك ،وإنما
يبارك اهلل لك يف هذا المال وينميه لك ويجعله كأمثال الجبال ،روى الرتمذي من
حديث عائشة :أهنم قد ذبحوا شاة فقال النبي لها« :ما َب ِق َي منها؟» قالت :ما بقي منها
إال كتفها- ،أي :أهنا وزعتها وأنفقتها على جيراهنا وعلى من يحتاجها ،وما بقي منها إال كتف
غير كتِ ِفها»( )3يشير إلى ما هو مدخر عند اهلل ِ
هذه الشاة -قال النبي لها« :بقي ك ُّلها َ
لك ،وستجده أمامك يوم القيامة يوم أن يبحث الناس عن حسنة والحسنتين ،وتأيت أنت وقد
أنفقت وبذلت يف سبيل اهلل ولم تبخل نفسك هبذه النفقات ،فتجد هذه الخيرات أمامك
بإذن اهلل وبفضله ومنته وكرمه.
وتار ُك ُه لِلن ِ
اس»( ،)1ال يبقى لك من مالك إال هذه األمور الثالثة ،وهو أن ماله ال يخلو من ِ
هذه األمور الثالثة :ما أكلت فأفنيت فهو ذاهب ،وما لبست فأبليت فهو كذلك ذاهب ،وما
أعطيت فاقتنيتهُ ،تعطِيه ف ُيدخر لك عند اهلل ،وتتصدق به فينميه اهلل لك ،وما سوى
ذلك فهو ذاهب وتاركه للناس.
وعيالِي ُث ُل ًثا ،و َأ ُر ُّد فيها ُث ُل َث ُه»( ،)3فلما أن نما هذا المال ،ولما أن حرص على ب ُث ُلثِ ِه ،وآك ُُل أنا ِ
الصدقة من هذه األموال؛ بارك اهلل له يف هذا المال ،بل أرسل له ما يكون سب ًبا يف استمرار
هذه الحديقة وهذا البستان ليكثر ماله ويكثر خيره ويبارك اهلل له يف هذا المال.
ِ
أحدٌ إال يقول النبي كما هو يف حديث عدي بن حاتم يف الصحيحين« :ما من ُكم َ
مانَ ،ف َينْ ُظ ُر أ ْي َم َن منه فال َي َرى إال ما َقد َم مِن َع َملِ ِه ،و َينْ ُظ ُر َس ُي َك ِّل ُم ُه َر ُّب ُه َ
ليس ب ْينَ ُه وب ْينَ ُه ُت ْر ُج ٌ
وج ِه ِه ،فات ُقوا الن َار ولو ِ ِ
أش َأ َم منه فال َي َرى إال ما َقد َم ،و َينْ ُظ ُر ب ْي َن َيدَ ْيه فال َي َرى إال الن َار ت ْلقا َء ْ ْ
بش ِّق َت ْم َر ٍة»( ،)1ال تستهن بصدقة تتصدقهاُ ،فرب درهم َس َبق ألف درهم ،فقد ال يكون لك
ِ
عظيما
ً من األموال الشيء الكثير الذي تنفقه ،لكن هذا الذي تنفقه قد يساوي عندك شي ًئا
فيبارك اهلل لك يف هذا اإلنفاق ،ويجعله ساب ًقا لنفقات كثيرة قد ينفقها كثير من الناس
يسيرا ،فلذلك ُرب درهم كما يقول النبي يسبق ألف درهم(،)2
وهي عنده ال تمثل إال شي ًئا ً
بش ِّق َت ْم َر ٍةَ ،ف ْل َي ْف َع ْل»( ،)3فال تبخل وال
ار ولو ِ
أن َي ْستَتِ َر مِ َن الن ِ
َطاع مِن ُكم ْ
است َويقول َ « :م ِن ْ
تدعوك نفسك لل ُبعد عن الصدقة بأن تقول لك :بأنك ال تملك شي ًئا ،وأنك ليس لك من
المال شيء .بل أنفق بقدر استطاعتك ،وبقدر ما يملك الواحد منا ،فيبارك اهلل له يف هذا
يسيرا.
الذي ينفقه ولو كان شي ًئا ً
وجاء يف حديث عقبة بن عامر قال :سمعت رسول اهلل يقول« :ك ُُّل ا ْم ِر ٍئ فِى
ظِ ِّل َصدَ َقتِ ِه َحتى ُي ْف َص َل َب ْي َن الن ِ
اسَ ،أ ْو َق َالُ :ي ْح َك َم َب ْي َن الن ِ
اس»( ،)2أي أن هذه الصدقة التي
ظال يوم القيامة ،كما جاء يف حديث السبعة الذين يظلهم اهلل يف تتصدق هبا تعينك وتكون لك ً
اها حتى ال َت ْع َل َم ِش َما ُل ُه ما بصدَ َق ٍة ْ
فأخ َف َ ور ُج ٌل َت َصد َق َ
ظله يوم ال ظل إال ظله ،و َذ َكر منهمَ « :
ُتن ِْف ُق َي ِمينُ ُه»( ،)3فيظله اهلل يف ظله يوم ال ظل إال ظله ،يوم أن تدنو الشمس من الخالئق،
عظيما ،ويزداد هبم الحر ،ويطول هبم الموقف ،وصاحب
ً ويكون يبلغ العرق هبم مبل ًغا
الصدقة يتنعم هبذا الظل الذي يظله اهلل به جزا ًءا وفا ًقا ،كما أنه استجاب ألمر اهلل يف
هذه الدنيا ولم يبخل بما أتاه اهلل ،كذلك وسع اهلل عليه وفرج عنه يف ذلك اليوم.
أهنا تقي العبد من حر القبور ،وتكون عليه بر ًدا وسال ًما ،يوم أن تضيق القبور على
أصحاهبا يوسع اهلل على هؤالء المنفقين المتصدقين المقبلين على أمر اهلل .
اإليمان عمل؟ قال« :أن ترضخ مما خولك اهلل ،وترضخ مما رزقك اهلل»( ،)1يعني :أن تعطي
مما مل َك َك اهلل ،وتعطي مما رزقك اهلل .
معاشر الفضالء ،لو نظرنا يف أحوالنا لوجدنا أن اهلل قد من علينا بالكثير الكثير ،وما
أد ْينا شكر هذه النعمة ولو بالقليل ،فإذا أنفق المسلم القليل ،فماذا يضره؟ وماذا عساه ينقص
من ماله؟ إن عود نفسه ،والنفس كالطفل إن عودهتا على هذا األمر تعتاد ،لكن إن عودهتا
فعودها على هذا الخير وهذا الفضل
على اإلمساك والشح والبخل فإهنا تمسك وال تنفقِّ ،
ولو بالقليلَ ،ع ِّو ْدها على الخيراتَ ،ع ِّو ْدها على الفضائلَ ،ع ِّو ْدها على اإلنفاق يف سبيل اهلل،
عود أبنائك ،أعطي ولدك ،علمه أن ينفق ،وأن تكون النفقة ال أذية فيها ،وأن تكون بال ٍ
منن ِّ
وال أذى للناس ،بل يعطي المحتاج والمسكين ،فليعطيه بشكل ال يكون فيه جرح له أو فيه
عو ُدوا أطفالكم ،ولنُ َع ِّود أنفسنا
أذية له ،بل يعطيه ويفرح هبذا العمل أنه قد قام بعمل طيبِّ ،
كذلك على اإلنفاق والبذل يف سبيل اهلل ،ألن هذا الذي ُيدخر لنا بعد مماتنا ،نسأل اهلل
أن يبارك لنا ولكم فيما أعطانا وفيما أنفقنا.
جاء يف حديث أبي هريرة أن النبي قالَ « :خ ْي ُر الصدَ َق ِة َما َأ ْب َق ْت َغنَا ًءَ ،وا ْل َيدُ
الس ْف َلىَ ،وا ْبدَ ْأ َم ْن َت ُع ُ ِ ِ
ول»( ،)2كثير من الناس قد يأخذ هذا األمر ومسألة ا ْل ُع ْل َيا َخ ْي ٌر م َن ا ْل َيد ُّ
الصدقة وأنه ال بد أن يبذل ويفهمها على غير فهمها الصحيح ،فيظن أن الشرع يطالبك بأن
تنفق كل ما عندك ،وهذا غير سديد ،فالنبي يقول« :ا ْبدَ ْأ َم ْن َت ُع ُ
ول» ،وبين النبي حتى
اللقمة التي تضع يف فِ ِّي امرأتك لك فيها أجر( ،)3ولك فيها خير ،ولك فيها صدقة .هذا
العمل وهذا اإلنفاق الذي تنفقه على أسرتك ،على ولدك ،على زوجتك ،على والديك ،هذا
من الصدقات التي ُتدخر لك ،و ُتح َتسب لك عند اهلل ،و« َخ ْي ُر الصدَ َق ِة َما َأ ْب َق ْت َغنَا ًء» أي
( )1انظر :الرتغيب والرتهيب للمنذري ،ط .دار إحياء الرتاث العربي -بيروت (.)18 /2
( )2صحيح ابن خزيمة (.)2436
وج َه اهللِ إال ُأ ِج ْر َت هبا ،حتى ال ُّل ْق َم َة ِ ِ
( )3صحيح البخاري ( )4409بلفظ« :و َل ْس َت ُتنْف ُق َن َف َق ًة َت ْبتَغي هبا ْ
َت ْج َع ُلها يف فِي ا ْم َر َأتِ َك».
15 شبكة بينونة للعلوم الشرعية
ُكَ :أن ِْف ْق َع َلي َأ ْو ول ا ْم َر َأ ُت َكَ :أن ِْف ْق َع َلي َأ ْو َط ِّل ْقنِي َو َي ُق ُ
ول َم ْم ُلوك َ قال أبو هريرة َ « :ت ُق ُ
ول َو َلدُ َك :إِ َلى َم ْن َتكِ ُلنَا»( ،)1يف هذا الحديث ويف هذا الكالم من أبي هريرة بِ ْعنِي َو َي ُق ُ
يوسع على عياله وال يبخل عليهم بالنفقة ،يكون
إرشاد وتوجيه لنا بأن المسلم عليه أن ِّ
منضب ًطا يف مثل هذه األمور بالضوابط الشرعية ،وبما أباحه اهلل له من غير إفراط وال
تفريط ،بل ما تنفقه على عيالك وزوجتك وولدك هو صدق ٌة عنك ،وكذلك ٌ
رفع للحرج
عنك ،ورفع لإلثم عنك ،فأنت ُم َطا َلب بالنفقة عليهم .كثير من األبناء أو كثير من الزوجات
قد تشتكي من بخل زوجها وقلة إنفاقه ،وقد تكون مخطئة أو مصيبة يف هذا ،لكن العربة
ً
معتدال يف هذا ،غير بمسألة االنضباط واالعتدال يف مثل هذه األمور ،فال بد للمسلم أن يكون
يوسع عليهم بقدر ما
بخيل على أوالده وعلى امرأته ،غير معسر عليهم يف النفقة ،بل ال بد أن ِّ
أتاه اهلل ،بالذي أباحه اهلل سبحانه وبغير كلفة وبغير إسراف أو مخيلة ،فال إفراط وال
تفريط ،ال يعطيهم بحيث يفسدهم ،وال أنه يبخل عليهم بحيث أنه كذلك يفسدهم ويجعلهم
ً
معتدال يف إنفاقه ويف عطاياه ويف كرمه ،لذلك قال محتاجين للناس ،فالمسلم عليه أن يكون
النبي َ « وا ْبدَ ْأ َم ْن َت ُع ُ
ول» ،فهؤالء الذين تحت واليتك وتحت تصرفك من أبناء وزوجة
والقوامة قد أعطاها اهلل لك ،فينبغي عليك أن تحسن يف هذه القوامة ،وأن تكون خائ ًفا
من اهلل مراق ًبا له يف مثل هذه األمور ،وال تكون ممن يعسر عليهم فيكون سب ًبا يف تنفيرهم
أو سب ًبا يف التقصير يف حقهم.
جاء كذلك من فضائل الصدقة :ما جاء يف حديث ابن مسعود الموقوف عليه عند
ت ا ْم َرأ ٌة َفن ََز َل ْت إلى َجنْبِ ِه
راهبا َعبدَ اهلل يف صومعتِ ِه ِستِّين سنَةًَ ،فجاء ِ
َ َ َ
ِ
البيهقي وغيره قال« :أن ً َ َ َ ْ َ َ
يال ُثم َس َق َط يف َي ِد ِه» أي أنه خاف من اهلل ومن هذا الذنب الذي َفن ََز َل إ َل ْيها َفوا َق َعها ِست َل ٍ
المسلم مهما أذنب ومهما اقرتف من ذنوب ومن معاص و ُب ْع ٍد عن اهلل فينبغي عليه أن ال
يكون هذا ُم َيئ ًسا له مبعدً ا له عن اهلل ،ويقول له :يا فالن -تحدثه نفسه -أين أنت والتوبة؟
أين أنت واإلقبال على اهلل؟ أنت فعلت وفعلت وفعلت ،هكذا ُي َقنِّ ُطه الشيطان من رحمة اهلل،
رحيما
ً ويلقي يف قلبه اليأس من روح اهلل ،لكن َمن َعمر قلبه باإليمان ،وتذكر أن له ر ًبا
ُ ي ْقبِل عليه ويغفر الزالت ويتوب عن السيئات ،فإنه ال يرتدد يف أن ُي ْقبِل على اهلل
ويكفر هذه الخطايا والسيئات بتلك الحسنات التي تمحو هذه الخطايا .فانظر إلى هذا
الرجل وما كان من صنيعه ،وماذا كان من إكرام اهلل له ،فهذه من فضائل الصدقة التي قد
عظيما ،ويكون لها القدر
ً يغفل عنها كثير منا وال ينتبه لها ،بل هي مما تقع عند اهلل موق ًعا
الكبير عند اهلل .
وح َر ُج ٍل مِم ْن َ
كان َق ْب َل ُك ْم ،فقالوا: ِ ِ
جاء فيما أخرب به النبي َ « :ت َلقت َ
المالئ َك ُة ُر َ
أن ُينْظِ ُروا
اس َفآ ُم ُر فِتْيانِي ْ
قالُ :كن ُْت ُأدايِ ُن الن َ أ َع ِم ْل َت مِ َن َ
الخ ْي ِر شي ًئا؟ َ
قال :ال ،قالواَ :ت َذك ْرَ ،
وس ِر» أي أنه كان يبايع الناس ويداينهم ،فإن أتيتم إلى م ِ
عسر المع ِسر ،ويتَجو ُزوا َع ِن الم ِ
ُ ُ ُ ْ َ َ َ
بذلك منهَ ،ت َ
جاو ُزوا عنْه»( ،)2فانظر إلى عظيم فضل َ أح ُّق
اهلل :ن َْح ُن َ
قال ُفيسروا عليه «ف َ
ِّ
اهلل ،وإلى كبير جزاءه ،وتنظر إلى تقصيرنا يف هذه األمور وتفريطنا يف حق اهلل ،فتجد
أن ربنا أرحم بنا من أنفسنا ،ربك كريم يحب منك اإلقبال عليه ،وأن تعامل الناس كما
ب الدُّ ْن َيا،تحب أن يعاملك اهلل ،لذلك قال النبي َ « :من نَف َس عن ُم ْؤمِ ٍن ك ُْر َب ًة مِن ك َُر ِ
ِ ِ ِ اهلل عنْه ك ُْر َب ًة مِن ك َُر ِ
اهلل عليه يف الدُّ ْن َياب َيو ِم الق َيا َمةَ ،و َمن َيس َر ع َلى ُم ْعس ٍرَ ،يس َر ُ نَف َس ُ
اآلخ َر ِة»( ،)1لذلك حثنا نبينا بالتيسير على الناس وعدم التشديد عليهم وتيسير و ِ
َ
رجال قد أعطاه من
معامالهتم ،يقول أبو قتادة كما ثبت يف الحديث الصحيح :أنه رأى ً
المال وتعسرت عليه مسألة إرجاع هذا المال ،فتوارى عن أبي قتادة ،ثم وجده فقال له:
إن معسر ،يعني ال أستطيع أن أسدد لك هذا المال ،فقال له أبو قتادة ،أهلل؟ يعني تحلف
باهلل أنك معسر ،قال :واهلل إن معسر ،فقال :فإن سمعت النبي يقولَ « :من َسر ُه َأ ْن
الق َيا َم ِةَ ،ف ْل ُينَ ِّف ْس عن ُم ْع ِس ٍرَ ،أ ْو َي َض ْع عنْه»( ،)2لذلك حث اإلسالم
ب يو ِم ِ ِ
اهلل من ك َُر ِ َ
ِ
ُينْج َي ُه ُ
على مسألة التيسير على الناس ،ال شك وال ريب أنك صاحب هذا المال ،وأنك قد أقرضته
وأنك قد أعطيته وتفضلت عليه بمثل هذا ،لكن الناس قد تمر هبم شدائد وتمر هبم أمور،
ويكون صاد ًقا يف هذا األمر وغير مفرط فيه ،لكن يقدر اهلل عليه أنه يتعسر عليه السداد،
ويتعسر عليه اإلرجاع ،إرجاع المال لصاحبه ،فيقع يف حرج شديد ،بل يتعرض ِع ُ
رضه
للكالم واالهتام ،فلذلك إن نفست عنه وأخرجته من هذا الكرب ومن هذا الهم العظيم،
نائع
نفس اهلل عنك كرب يوم القيامة ،لذلك قال النبي كما يف حديث أبي أمامةَ « :ص ُ
ضب الر ِّب ،وصل ُة الر ِح ِم زياد ٌة يف ِ ِ
السوء ،والصدق ُة خف ًّيا ُت ُ
طفئ َغ َ مصارع ُّ
َ المعروف تقي
ال ُع ُمر»(.)3
فعلينا معاشر الفضالء أن ندخر ألنفسنا شي ًئا إن أتينا يوم القيامة نرجو من اهلل أن
يكون هذا الشيء ناف ًعا لنا وشفي ًعا لنا بين يدي اهلل ،فصنائع المعروف ووقوفك بجانب
أخيك المسلم يف ألوائِه وشدته وكربه ،هذا من تفريج الكربة على المسلمين ،ومن صنائع
المعروف التي يعني جعلها اهلل على يديك ،فال تبخل على نفسك وكن من الحريصين
ِ
المسكين كذلك جاء يف حديث سلمان ابن عامر قال :قال النبي « :الصدق ُة على
وصل ٌة»( ،)1فالصدقة على الناس بشكل عام هي ِ
اثنتان :صدق ٌة ِ صدق ٌة وهي على ذي الر ِ
حم
لها أجر الصدقة عند اهلل ،وأما إن كانت على قريب أو ذي رحم فهي مضاعفة ،فلك أجر
الصدقة ولك أجر الصلة.
وهناك مسألة كذلك نبه عليها أهل العلم يف مسألة الصدقات وهي :أن القرض على
قرضا فيكون هذا كأنما تصدق نصف صدقة ،جاء يف
مسلما ً
ً نصف الصدقة ،من أقرض
مسلما
ً قرض ٍ
مسلم ُي ُ الحديث الصحيح عن النبي من حديث ابن مسعود قال« :ما من
قرضا مر ِ
تين إال كان كصدَ َقتها مر ًة»( ،)3فالنبي أرشد إلى أن هذا القرض وهذا اإلكرام ً
منك لمسلم متعفف إنما يكون على نصف أجر الصدقة.
وجاء يف الطربان بسند حسن عن ابن مسعود كذلك قال :قال النبي ُ « :
كل
ٍ
قرض َصدَ ق ٌة»( ،)4فما تقرضه للناس يكون لك صدقة عند اهلل .
كذلك من أنواع الصدقات :ما تنفقه المرأة من طعام بيتها ،وهذا كان من صحابة النبي
مِن النساء َمن تسأله بأنه ليس لها من المال إال ما يدخل عليها من زوجها ،فماذا لها؟ فبين
لها النبي أن ما تنفقه المرأة بإذن من زوجها ،فإنما هو له كذلك شطر هذه الصدقة ،ولها
غير ُم ْف ِسدَ ٍة، ِ ِ ِ
أجر ،قال النبي كما يف حديث عائشة قال« :إِ َذا َأ ْن َف َقت َ
الم ْر َأ ُة من َط َعا ِم َب ْيت َها َ
ص َب ْع ُض ُه ْم از ِن مِ ْث ُل َ
ذلك ،ال َينْ ُق ُ ب ،ول ِ ْل َخ ِ ِ
كان َل َها َأ ْج ُر َها بما َأ ْن َف َق ْت ،ول َز ْو ِج َها َأ ْج ُر ُه بما ك ََس َ
َ
َأ ْج َر َب ْع ٍ
ض شي ًئا»(.)1
فهذا إذن من الصدقات التي بينها النبي ونختم هبذا الحديث وصلى اهلل وسلم
وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
【 لينكدانLinkedin 】
https://www.linkedin.com/in/669392171-الشرعية-للعلوم-بينونة-شبكة
【 ريديتReddit 】
https://www.reddit.com/user/Baynoonanet
【 تشينوchaino 】
https://www.chaino.com/profile?id=5ba33e0c772b23d5bb7d
af0a
【 بنترستPinterest 】
https://www.pinterest.com/baynoonanet/
【 سناب شاتSnapcha 】
https://www.snapchat.com/add/baynoonanet
【 】 تطبيق المكتبة
ألجهزة األيفون
https://apple.co/33uUnQr
ألجهزة األندرويد
https://goo.gl/WNbvqL
【 】 تطبيق الموقع
ألجهزة األيفون
https://apple.co/2Zvk8OS
ألجهزة األندرويد
https://bit.ly/3fFoxWe
【 】 البريد اإللكتروني
info@baynoona.net
【 】 الموقع الرسمي
http://www.baynoona.net/ar/