Professional Documents
Culture Documents
1
فضائل السورة:
-2بقراءهتا تحصل المناجاة بين العبد وربه ،قال أبو هريرة رضي اهلل
َ
رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم يقول :قال اهلل تعالى: عنه " :سمعت
قسمت الصالة َبيني و َبين عبدي نِصفين ،ول َعبدي ما سأل ،فإذا قال
2
المستقيم ِص َ
راط الذين الص َ
راط ِ
َ ول َعبدي ما سأل ،فإذا قال :اهدنا ِّ
أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم وال الضا ِّلين ،قال :هذا ل َعبدي،
ولعبدي ما َ
سأل"
3
واشتملت أيضا على توحيد األسماء والصفات" :الرحمن الرحيم".
-2بيان َط ِ
ريق العبودية" ،اهدنا الصراط المستقيم" .فطريق العبودية
طريق مستقيم ،كما بينه اهلل سبحانه وتعالى يف أكثر من موضع ،وكما
أيضا يف الحديث ،فعن عبد اهلل بن مسعود رضي اهلل عنه بينه النبي ﷺ ً
قال :خط رسول اهللِ صلى اهلل ِ
عليه وسلم خ ًّطا ِ
بيده ثم قال :هذا َ
مستقيما ،وخط خطو ًطا عن يمينِه وشمالِه ،ثم قال :هذه سبيل اهللِ
ً
شيطان يدعو إليه ،ثم قرأَ " :و َأن َه َذا ٌ سبيل إال عليه السبل ليس منها ٌ
يما َفاتبِعوه َو َال َتتبِعوا السب َل َف َت َفر َق بِكم َع ْن َسبِيلِ ِه" ِ ِ ِ
ص َراطي م ْستَق ً
4
الربوبية له ،والثناء عليه بأنه رحمن ورحيم ،وأنه يملك اليوم اآلخر،
وأننا نعبده ،ونستعين به ،كل هذا ألجل أن نطلب منه الهداية! " ِ
اهدنا
َ
الصراط المستقيم".
5
فضائل السورة:
-2تنجي من يحفظها ويداوم على قراءهتا يوم القيامة ،قال ﷺ" :
اقرؤوا الزهراوين :البقرة وآل عمران فإهنما يأتيان يوم القيامة كأهنما
غمامتان أو غيايتان أو كأهنما فرقان من طير صواف تحاجان عن
أصحاهبما"
-3تجلب الربكة ،وتمنع السحر ،قال ﷺ " :اقرؤوا البقرة فإن أخذها
بركة وتركها حسرة وال تستطيعها البطلة السحرة "
ٌ
ترابط ٍ
سورة يف المصحف ،وهناك تبدأ سورة البقرة بعد الفاتحة كثاين
بين هناية الفاتحة وبداية البقرة ،حيث جاء يف الفاتحة الدعاء بالهداية:
لص َر ٰ َط ٱلمست َِقي َم﴾ ،ثم جاء يف بداية البقرةَ ﴿ :ذ ٰل ِ َك ٱلكِتَـب ِ
﴿ٱهدنَا ٱ ِّ
6
استجاب وجعل لنا الهداية يف
َ ب فِي ِه هدً ى ِّللمت ِقي َن﴾؛ كأن اهلل
َال َري َ
كتابه!
أما عن اسم السورة ،فسور القرآن لها مقصد ومعنى ،فالبقرة من أكرب
رموز الشرك على مدى التاريخ يف األرض ،فأراد اهلل من بني إسرائيل
ٍ
شرك يف قلوهبم. أن يذبحوا البقرة ،حتى يتخلصوا من كل
عز ّ
وجل: يقول اهلل ّ
﴿ َوإِذا َلقوا الذي َن آ َمنوا قالوا آ َمنّا َوإِذا َخ َلوا إِلى َشياطين ِ ِهم قالوا إِنّا
َم َعكم إِنما نَحن مست ِ
َهزئون﴾.
المسار الثاين:
8
بعدها تبدأ خالفة سيدنا آدم على األرض ،وهي أول قصة بدأت يف
المصحف من حيث الرتتيب؛ وكأهنا رسالة من اهلل لنا لتعريفنا بعدونا
األكرب وهو الشيطان.
•الجزء الثاين:
وأيضا لما أمر الصحابة فقال لهم" :أحفوا الشوارب ووفروا اللحى
ً
خالفوا المشركين"
وهذا فيه رسالة لنا بأن نخالفهم وال نقلدهم ،فأنت مسلم يجب
َ
تكون ممي ًزا وال تقلد غيرك من الكفار. عليك أن
10
-كي نعلم أن العبادات عبارة عن زاد إيماين نستعين به يف تطبيق هذه
األحكام.
حتى نعرف أنه ال فرق بين العبادات واألحكام ،وأنه الدين شامل،
فال ينبغي أن نفصله عن بعضه.
ومن بديع وإعجاز القرآن يف هذه السورة ،هو ترابط كل حكم مع
العبادة التي جاءت معهً ،
مثال :جاءت عبادة الصيام مع أحكام المال
والرشوة والدم ،لماذا؟
11
ألن الحج:
-يشبه الجهاد تما ًما ،فأنت عندما تذهب للحج فأنت تتنازل عن جزء
كبير من مالك ،وهكذا تفعل يف الجهاد لتجهيز نفسك ،وتجهيز
الجيش.
12
وكذلك جاءت آيات الصالة يف وسط أحكام األسرة والطالق،
لماذا؟
ألن الصالة من أهم األمور التي ستذكرك باهلل وبلقاء اهلل ،فأنت يف
وسط المشاكل والخناقات عندما تذهب إلى الصالة ،ستتذكر ربك
ولن تظلم ،أو تتعدى على زوجتك ،فالصالة تعمل كرابط إيماين،
يصلح المجتمع بأكلمه ،فنجد أن آيات الطالق بدأت من اآلية 223
وانتهت عند اآلية ،237ثم مباشرة يف اآلية التي تليهم تأيت آية:
ات َوالص َال ِة ا ْلو ْس َطى َوقوموا لِل ِه َقانِتِي َن﴾.
﴿حافِظوا َع َلى الص َلو ِ
َ َ
كأنها رسالة أنه ال يوجد جهاد بدون إنفاق يف سبيل اهلل ،وال يوجد
َتمكين دون التضحية بالنفس والمال ،ونالحظ أن بعد آية اإلنفاق
جاءت آية القتال يف اآلية رقم (.)21٦
ونالحظ أن بين األحكام وبعضها رابط مهم جدً ا وهو :إقامة دولة
العدل:
14
فجاءت التشريعات األولى عبارة عن تشريعات اجتماعية« :الطالق،
الرشوة ،الدم والقصاص» ،ث ّم جاءت بعدها التشريعات االقتصادية:
«أحكام المال ،الربا».
ويف سورة البقرة اثنتا عشرة وصية لليهود بعد النداء األول لهم يف
القرآن:
15
فارهب ِ
ون﴾ ی َ ﴿ َوإِيـ َ
16
-٨عدم كتمان أوصاف النبي ﷺ الموجودة لديهم يف التوراة
األصلية
ال فِر َع َ
ون َيسومونَكم سو َء ٱل َع َذ ِ
اب﴾ ﴿ َوإِذ نَجينَـكم من ء ِ
ِّ َ
عد َذ ل ِ َك﴾
﴿ثم َع َفونَا َعنكم من ب ِ
ِّ َ
18
َفتوبوا إِ َلى َب ِ
اريِكم إلى قوله تعالىَ ﴿ :فت َ
َاب َع َليكم﴾
-٦بعث من مات منهم بالصاعقة حين طلبوا رؤية اهلل تعالى جهرة
-۹دخول أريحا أو بيت المقدس ﴿ َوإِذ قلنَا ٱدخلوا َهـ ِذ ِه ٱل َقر َي َة
َفكلوا مِنها حيث ِشئتم ر َغدا وٱدخلوا الباب سجدا وقولوا ِحطة ن ِ
غفر َ َ َ َ َ
حسن ِي َن﴾َلكم َخ َطـيـكم وسن َِزيد ٱلم ِ
َ َ َ
ج َع َلت ونذرت كل حياهتا هلل ،حتى الذي يف بطنها ولم يولد بعد!
وهذا يبين لنا أثر النية الصالحة على الولد حتى قبل الوالدة ،فأنذر
حياتك كلها هلل ،وأبشر بالخير واألثر الطيب.
20
ِ
مقاصد وموضوعات ومسارات السورة:
21
فصلوا يف مسجد رسول اهلل ،فقال رسول اهلل ﷺ :دعوهم .فصلوا
إلى المشرق.
َ
رسول اهلل ﷺ فقال لهما رسول اهلل ﷺ: فكلم السيد والعاقب
"أسلما" فقاال :قد أسلمنا قبلك ،قال" :كذبتما ،منعكما من اإلسالم
دعاؤكما هلل ولد ًا ،وعبادتكما الصليب ،وأكلكما الخنزير"
قاال :إن لم يكن عيسى ولد ًا هلل فمن أبوه؟ وخاصموه جميعًا يف
عيسى ،فقال لهما النبي ﷺ" :ألسـتم تعلمــون أنـه ال يكون ولد إال
ويشبه أباه؟" قالوا :بلى! قال" :ألستم تعلمون أن ربنا ق ّيم على كل
شيء يحفظه ويرزقه؟" قالوا :بلى! قال" :فهل يملك عيسى من ذلك
شيئًا؟" قالوا :ال ،قال" :فإن ربنا صور عيسى يف الرحم كيف شاء،
وربنا ال يأكل وال يشرب وال ي ِ
حدث" ،قالوا :بلى! قال" :ألستم
تعلمون أن عيسى حملته أمه كما تحمل المرأة ثم وضعته كما تضع
المرأة ولدها ،ثم غ ِّذ َي كما يغذى الصبي ،ثم كان يطعم ويشرب
22
وي ِ
حدث؟" قالوا :بلى! قال" :فكيف يكون هذا كما زعمتم؟"
فسكتوا ،فأنزل اهلل عز وجل فيهم صدر سورة آل عمران إلى بضعة
وثمانين آية منها ،ومِن هذه اآليات:
وك َفق ْل َأ ْس َل ْمت َو ْج ِه َي لِل ِه َو َم ِن ات َب َع ِن َوقل ِّلل ِذي َن أوتو ْا ﴿ َفإِ ْن َحاج َ
َاب َواأل ِّم ِّيي َن َأ َأ ْس َل ْمت ْم َفإِ ْن َأ ْس َلمو ْا َف َق ِد ْاهتَدَ ْوا وإِن َت َول ْوا َفإِن َما ِ
ا ْلكت َ
اد﴾ َع َلي َك ا ْلبالغ واهلل ب ِصير بِا ْل ِعب ِ
َ َ َ ٌ َ ْ
يسى ِعنْدَ اهللِ ك ََم َث ِل آ َد َم َخ َل َقه مِ ْن ت َر ٍ
اب ثم َق َال َله ك ْن ِ
﴿إِن َم َث َل ع َ
َف َيكون * ا ْل َحق مِ ْن َر ِّب َك َفال َتك ْن مِ َن ا ْلم ْمت َِرين﴾
ثم بعد ذلك طلب منهم النبي ﷺ المباهلة بأمر من اهلل ،والمباهلة
بين طريف هو الدعاء باللعن على الكاذب من الطرفين:
23
يه مِن َب ْع ِد َما َجا َء َك مِ َن ا ْل ِع ْل ِم َفق ْل َت َعا َل ْوا نَدْ ع َأ ْبنَا َءنَا
﴿ َفمن حاج َك فِ ِ
َ ْ َ
َو َأ ْبنَا َءك ْم َونِ َسا َءنَا َونِ َسا َءك ْم َو َأنف َسنَا َو َأنف َسك ْم ثم َن ْبت َِه ْل َفن َْج َعل ل ْعن ََت
اذبِين﴾اهللِ َع َلى ا ْل َك ِ
24
اإل ِ اهيم وما أ ِنز َل ِ
ت الت ْوراة َو ِ ِ َاب لِم تحاج َ ِ ِ
نجيل َ ون في إِ ْب َر َ َ َ ﴿ َيا َأ ْه َل ا ْلكت ِ َ َ
إِال مِن َب ْع ِد ِه َأ َفالَ َت ْع ِقل َ
ون﴾
ون َعن َسبِي ِل اهللِ َم ْن آ َم َن َت ْبغون ََها ِع َو ًجاَاب ل ِ َم َتصد َ ﴿ َيا َأ ْه َل ا ْلكِت ِ
ت مِ ْن َأ ْهلِ َك
من اآلية 1٨٩ :121بداية من قوله تعالىَ ﴿ :وإِ ْذ َغدَ ْو َ
يم﴾ وهزيمة أحد تركت َال َواهلل س ِم ٌ ِ
اعدَ ل ِ ْل ِقت ِ
تبوئ ا ْلم ْؤمِنِين م َق ِ
يع َعل ٌ َ َ َ َ ِّ
يف نفوس المسلمين أثر ًا شديدا من ّ
جراء عصياهنم ألوامر الرسول
ﷺ.
25
ونالحظ تسلسل قصة غزوة أحد وتثبيت المسلمين تأيت على سياق
غاية يف الحكمة سبحانه!
أو ً
ال :يذكر اهلل تعالى فضله على المسلمين
ِ اعدَ ل ِ ْل ِقت ِ
ت مِن َأ ْهلِ َك تبوىء ا ْلم ْؤمِنِين م َق ِ
َال َوال ّله َسم ٌ
يع َ َ َ ِّ ﴿ َوإِ ْذ َغدَ ْو َ ْ
يم * إِ ْذ َهمت طآئِ َفتَا ِن مِنك ْم َأن َت ْف َشالَ َوال ّله َولِيه َما َو َع َلى ال ّل ِه َعل ٌ
ِ
ون َو َل َقدْ ن ََص َركم ال ّله بِ َبدْ ٍر َو َأنت ْم َأ ِذل ٌة َفاتقو ْا ال ّل َه
َف ْل َيت ََوك ِل ا ْلم ْؤمِن َ
ون إِ ْذ َتقول ل ِ ْلم ْؤمِنِي َن َأ َلن َي ْك ِفيك ْم َأن ي ِمدك ْم َربكم َل َعلك ْم َت ْشكر َ
ف ِّم َن ا ْل َمآلئِ َك ِة م َنزلِي َن﴾
ال ٍ
بِ َثالَ َث ِة آ َ
﴿ َو َل َقدْ َصدَ َقكم ال ّله َوعْدَ ه إِ ْذ َتحسونَهم بِإِ ْذنِ ِه َحتى إِ َذا َف ِش ْلت ْم
ون مِنكم من حب َ و َتن ََاز ْعتم فِي األَم ِر و َعصيتم من بع ِد ما َأراكم ما ت ِ
ْ َ َ ْ ِّ َ ْ َ َ ْ َ
26
اآلخ َر َة ثم َص َر َفك ْم َعنْه ْم ل ِ َي ْبتَلِ َيك ْم َو َل َقدْ
ي ِريد الد ْنيا ومِنكم من ي ِريد ِ
َ َ
َع َفا َعنك ْم َوال ّله ذو َف ْض ٍل َع َلى ا ْلم ْؤمِنِي َن﴾
ون إِ َلى َج َهن َم -2أهل السيف﴿ :قل ِّلل ِذي َن َك َفرو ْا َست ْغ َلب َ
ون َوت ْح َشر َ
َوبِئْ َس ا ْل ِم َهاد﴾.
28
-3أهل الشهوات من المسلمين «ضعفاء الصف»﴿ :ز ِّي َن لِلن ِ
اس
حب الشهو ِ
ات﴾. ََ
جاء يف السورة آية الشهوات ،ثم تأيت بعده آية معالجة الشهوات:
ات َت ْج ِري مِن ﴿ق ْل َأؤ َن ِّبئكم بِ َخ ْي ٍر ِّمن َذلِك ْم لِل ِذي َن ات َق ْوا ِعندَ َر ِّب ِه ْم َجن ٌ
ان ِّم َن اهللِ َواهلل
اج م َطه َر ٌة َو ِر ْض َو ٌ ِِ ِ ِ
َت ْحت َها األَن َْهار َخالدي َن ف َيها َو َأ ْز َو ٌ
اد﴾؛ فلكي تتخلص من هذه الشهوات يجب أن تتقي اهلل، ب ِصير بِا ْل ِعب ِ
َ َ ٌ
وتتعلق باآلخرة ،وتراقب اهلل عز وجل ،فإليك الداء والدواء ،فتأمل!
29
ون َو َأنت ْم ت ْت َلى َع َل ْيك ْم آ َيات اهللِ َوفِيك ْم َرسوله َو َمن
ف َت ْكفر َ
﴿ َك ْي َ
يم﴾ = أن نتمسك بالقرآن يعت َِصم بِاهللِ َف َقدْ ه ِدي إِ َلى ِصر ٍ
اط م ْست َِق ٍ َ َ َْ
والسنة ،وتكون تشريعاتنا منهما ،وليس من الكفار وقوانينهم.
﴿ َي ْو َم َت ْبيَض وجو ٌه َو َت ْس َود وجو ٌه﴾ = بعد كل هذا يجب علينا أال
ننسى اآلخرة ،ونشحن قلوبنا بعقيدة اإليمان باليوم اآلخر.
30
الذلة َأ ْي َن َما ث ِقفو ْا﴾ = عدم تعظيمهم ،وأال ننهزم
﴿ض ِر َب ْت َع َل ْي ِهم ِّ
نفس ًّيا أمام قوهتم وغناهم؛ فمهما أعطاهم اهلل من الدنيا ،فهم أذلة.
31
الوسائل لتحقيق مطالبهم الخبيثة ،مثل األفالم والمسلسالت،
وبعض المأجورين المندسين بيننا منهم الذين يلقون الشبهات على
المسلمين من خالل برامجهم التلفزيونية وغيرها من األساليب
الخبيثة.
ً -
أوال :قبل إبطال الباطل ال بد من إظهار الحق ،وإظهار الحقيقة
كاملة ،وجا َء ذلك من خالل َعرض قصة امرأة عمران ووالدة مريم،
ثم البشرى بسيدنا عيسى ،وقصته مع بني إسرائيل والحواريين.
-ثان ًيا :المباهلة ،وهي إلظهار ثقتنا يف ديننا ،ومدى تمسكنا به ،وجاء
يه مِن َب ْع ِد َما َجا َء َك مِ َن ا ْل ِع ْل ِم
ذلك يف قوله تعالىَ ﴿ :فمن حاج َك فِ ِ
َ ْ َ
32
َفق ْل َت َعا َل ْوا نَدْ ع َأ ْبنَا َءنَا َو َأ ْبنَا َءك ْم َونِ َساءنَا َونِ َساءك ْم َو َأنف َسنَا و َأنف َسك ْم
اذبِي َن﴾.ثم َنبت َِه ْل َفنَجعل لعنَ َة اهللِ َع َلى ا ْل َك ِ
ْ َ ْ ْ
-ثال ًثا :إظهار مبدأ الحوار الهادئ ،والتسامح واللين﴿ :ق ْل َيا َأ ْه َل
ِ ٍ ا ْلكِت ِ
ال ن ْش ِر َك َاب َت َعا َل ْوا إِ َلى كَل َمة َس َواء َب ْينَنَا َو َب ْينَك ْم َأال َن ْعبدَ إِال َ
اهلل َو َ
ون اهللِ َفإِن َت َول ْوا َفقولو ْا
خ َذ بعضنَا بع ًضا َأربابا من د ِ
ْ َ ً ِّ َْ
بِ ِه َشي ًئا و َ ِ
ال َيت َ ْ ْ َ
ون﴾.ْاش َهدو ْا بِ َأنا م ْسلِم َ
-راب ًعا :إبطال الباطل ،من خالل إظهار باطلهم ومساوئهم وكذهبم
من خالل:
-فضح َخبيئتهم ،وما يكتمونه من ِغل وحسد وكره لناَ ﴿ :ودت طائِ َف ٌة
ِّم ْن َأ ْه ِل ا ْلكِت ِ
َاب َل ْو ي ِضلونَك ْم﴾.
-حبهم للدنياَ ﴿ :ومِنْهم م ْن إِن َت ْأ َمنْه بِ ِدين ٍَار ال ي َؤ ِّد ِه إِ َليْ َك﴾.
33
-كذهبم وتدليسهم وتحريفهم للكتب التي نزلت عليهمَ ﴿ :وإِن مِنْه ْم
َاب َو َما ه َو مِ َن
َاب لِت َْح َسبوه مِ َن ا ْلكِت ِ
ون َأ ْل ِسنَتَهم بِا ْلكِت ِ
َل َف ِري ًقا َي ْلو َ
ون ع َلى اهللِ ند اهللِ وما هو مِن ِع ِ ِ
ون هو مِن ِع ِ ا ْلكِت ِ
ند اهلل َو َيقول َ َ َ َ َ ْ َاب َو َيقول َ َ ْ
ون﴾.ا ْل َك ِذ َب َوه ْم َي ْع َلم َ
ون كَثِ ٌير َف َما َو َهنو ْا ل ِ َما َأ َصا َبه ْم فِي َسبِي ِل
﴿ َوك ََأ ِّين ِّمن نبِي َقا َت َل َم َعه ِر ِّبي َ
ٍّ
حب الصابِ ِري َن﴾ ال ّل ِه وما َضعفو ْا وما اس َت َكانو ْا وال ّله ي ِ
َ َ َ ْ َ َ
34
ِ
اخ َش ْوه ْم َف َزا َده ْم اس َقدْ َج َمعو ْا َلك ْم َف ْ ﴿الذي َن َق َال َلهم الناس إِن الن َ
يمانًا َو َقالو ْا َح ْسبنَا ال ّله َونِ ْع َم ا ْل َوكِيل َفان َق َلبو ْا بِن ِ ْع َم ٍة ِّم َن ال ّل ِه
إِ َ
َو َف ْض ٍل ل ْم َي ْم َس ْسه ْم سو ٌء َوات َبعو ْا ِر ْض َوا َن ال ّل ِه َوال ّله ذو َف ْض ٍل َعظِ ٍ
يم﴾
ت ا ْم َر َأة ِع ْم َر َ
ان َر ِّب إِنِّي ن ََذ ْرت َل َك أيضا دعاء زوجة عمران ﴿إِ ْذ َقا َل ِ
نت الس ِميع ا ْل َعلِيم﴾ َما فِي بَ ْطنِي م َحر ًرا َفتَ َقب ْل مِنِّي إِن َك َأ َ
35
ب لِي ِ
وكذلك دعوة سيدنا زكريا ﴿هنَال َك َد َعا َزك َِريا َربه َق َال َر ِّب َه ْ
مِن لدن َْك ذ ِّري ًة َط ِّي َب ًة إِن َك َس ِميع الد َعاء﴾
وسورة آل عمران هي أكثر السور التي ورد فيها دعاء ألننا إذا أردنا
الثبات على المنهج علينا أن ندعو اهلل تعالى ونلجأ إليه حتى يعيننا
بأمس الحاجة إلى عون اهلل تعالى للثبات.
على الثبات ألننا ّ
-2العبادة:
ول َح َس ٍن َو َأن َبت ََها َن َبا ًتا َح َسنًا َوكَف َل َها َزك َِريا كل َما﴿فتق ّبلها رب َها بِ َقب ٍ
َ
د َخ َل َع َليها َزك َِريا ا ْل ِمحراب وجدَ ِعندَ َها ِر ْزقًا َق َال يا مريم َأنى َل ِ
ك َ ََْ َْ َ َ َ َْ َ
اب﴾ ند ال ّل ِه إن ال ّل َه َي ْرزق َمن َي َشاء بِ َغ ْي ِر ِح َس ٍ َه َـذا َقا َل ْت هو مِن ِع ِ
َ ْ
36
سيدنا زكريا
دعاء المؤمنين
ألنه لما يدعو أحدنا غيره إلى اهلل تعالى فهذا يعين على الثبات.
ون بِا ْلمعر ِ
وف َو َين َْه ْو َن َع ِن ون إِ َلى ا ْل َخ ْي ِر َو َي ْأمر َ َ ْ
﴿ َو ْلتَكن ِّمنك ْم أم ٌة َيدْ ع َ
ون﴾ ،و ﴿كنت ْم َخ ْي َر أم ٍة أ ْخ ِر َج ْت لِلن ِ
اس ا ْلمن َك ِر َوأ ْو َلـئِ َك هم ا ْلم ْفلِح َ
ون بِال ّل ِه َو َل ْو آ َم َن َأ ْهل
وف َو َتن َْه ْو َن َع ِن ا ْلمن َك ِر َوت ْؤمِن َ
ون بِا ْلمعر ِ
َت ْأمر َ َ ْ
ون و َأ ْك َثرهم ا ْل َف ِ ِ ا ْلكِت ِ
ون﴾ اسق َ ان َخ ْي ًرا لهم ِّمنْهم ا ْلم ْؤمن َ َ َاب َل َك َ
37
األخوة:
ّ -4
األخوة يف الدين بشكل شديد ألهنا من أهم ما ّ تركز السورة على
ال َت َفرقو ْا َوا ْذكرو ْا يعين على الثباتَ ﴿ .وا ْعت َِصمو ْا بِ َح ْب ِل ال ّل ِه َج ِمي ًعا َو َ
ف َب ْي َن قلوبِك ْم َف َأ ْص َب ْحتم بِن ِ ْع َمتِ ِه نِ ْع َم َة ال ّل ِه َع َل ْيك ْم إِ ْذ كنت ْم َأعْدَ اء َف َأل َ
ار َف َأن َق َذكم ِّمن َْها ك ََذل ِ َك يبَ ِّين ال ّله إِ ْخ َوانًا َوكنت ْم َع َل َى َش َفا ح ْف َر ٍة ِّم َن الن ِ
38
استغرق نزول السورة على النبي ﷺ نحو ثمانية أعوام ،وظلت
مفتوحة طوال هذه المدة ،حيث ابتدأ نزولها بعد أحداث الهجرة
وغزوة أحد ،واستمرت اآليات واألحكام تنزل حسب الوقائع
والحوادث ومقتضى الحاجة على رسول اهلل ﷺ حتى أن فتحت مكة
يف العام الثامن من الهجرة.
ورد عن ابن مسعود رضي اهلل عنه ،أن يف السورة خمس آيات أحب
إلى العبد من الدنيا وما فيها ،وهي:
﴿إِن َت ْجتَنِبو ْا َك َبائِ َر َما تن َْه ْو َن َعنْه ن َك ِّف ْر َعنك ْم َس ِّي َئاتِك ْم َوندْ ِخ ْلكم
ت مِن لدنْه
اع ْفها وي ْؤ ِ
ِ ٍ ِ
ال َي ْظلِم م ْث َق َال َذرة َوإِن َتك َح َسنَ ًة ي َض َ َ ﴿إِن َ
اهلل َ
ِ
يما﴾ َأ ْج ًرا َعظ ً
39
ون َذل ِ َك ل ِ َمن َي َشاء﴾
ال َي ْغ ِفر َأن ي ْش َر َك بِ ِه َو َي ْغ ِفر َما د َ ﴿إِن َ
اهلل َ
كما الحظنا يف سورة آل عمران أهنا تبين أساليب َهدم الدولة من
خالل محاربة الكفار لنا ،ولكن األساليب يف هذه السورة أساليب
صدامية سريعة ،أما يف سورة النساء فتتحدث عن أساليب هدم الدولة
لكن على المدى البعيد «الحروب الباردة».
ومن خالل اسم السورة فموضوع السورة يدور حول دور المرأة
سواء يف بناء المجتمع أو يف هدمه ،وبناؤه يكون يف دورها المهم جدً ا
يف الرتبية وإخراج األجيال ،وهدمه من خالل التربج واالختالط،
وتحرير المرأة ،والحمالت النسوية وغيرها من األمور التي هتدم
المرأة ،فينهدم المجتمع.
40
موضوعات السورة:
طائفة اليهود:
41
ومن خبث هؤالء ،كانوا عندما يسئلون :أي من السلمين والوثنيين
أقرب إلى الحق ،كانوا يقولون أن الوثنية خير من اإلسالم! ﴿ َأ َل ْم َت َر
ت والطاغ ِ
وت ون بِا ْل ِ ِ
َاب ي ْؤمِن َ
إِ َلى ال ِذي َن أوتو ْا ن َِصيبًا ِّم َن ا ْلكِت ِ
ج ْب َ
ون لِل ِذي َن َك َفرو ْا َهؤالء َأ ْهدَ ى مِ َن ال ِذي َن آ َمنو ْا َسبِيالً﴾
َو َيقول َ
والسبب األكرب يف هذا الكره والحقد ،ألن النبوة انتقلت إلى العرب،
حيث نبينا ﷺ من العرب ،وانتشلت منهم بعد مدة كبيرة من الزمن،
فحسدوا الناس على ما آتاهم اهلل من فضله:
ِ ِِ ِ
اس َع َلى َما آ َتاهم اهلل من َف ْضله َف َقدْ آ َت ْينَا َآل إِ ْب َراه َ
يم ون الن َ َأ ْم َي ْحسد َ
ِ ِ ِ
يماَاب َوا ْلح ْك َم َة َوآ َت ْينَاهم م ْل ًكا َعظ ً
ا ْلكت َ
42
اخرجو ْا مِن ِد َي ِ
اركم ما ﴿ َو َل ْو َأنا َك َت ْبنَا َع َل ْي ِه ْم َأ ِن ا ْقتلو ْا َأنف َسك ْم َأ ِو ْ
َف َعلوه إِال َقلِ ٌيل ِّمنْه ْم﴾
-4يث ِّبطون ِ
الهمم:
43
ف َأ َذاعو ْا بِ ِه﴾.
﴿وإِ َذا جاءهم َأمر من األَم ِن َأ ِو ا ْل َخو ِ
ْ َ َ َ ْ ْ ٌ ِّ َ ْ
فهم غالوا يف سيدنا عيسى عليهم السالم ،واتخذوه إلها ،وزعموا أنه
قد صلب وقتل:
ال َتقولو ْا َع َلى اهللِ إِال ا ْل َحق إِن َما ال َت ْغلو ْا فِي ِدينِك ْم َو َ
َاب َ﴿ َيا َأ ْه َل ا ْلكِت ِ
ِ ِ ِ
وح ِّمنْه يسى ا ْبن َم ْر َي َم َرسول اهلل َوكَلِ َمته َأ ْل َق َ
اها إِ َلى َم ْر َي َم َور ٌ ا ْل َمسيح ع َ
احدٌال َتقولو ْا َثال َث ٌة انتَهو ْا َخيرا لكم إِنما اهلل إِ َله و ِ
ٌ َ ْ َ ًْ َفآمِنو ْا بِاهللِ َورسلِ ِه َو َ
44
اوات َو َما فِي األَ ْر ِ
ض َو َك َفى ِ س ْب َحانَه َأن َيك َ
ون َله َو َلدٌ له َما في الس َم َ
بِاهللِ َوكِيالً﴾
مسارات السورة:
45
ثم تحدث السورة عن أخطر فتنتَين يهدمان المجتمع:
ح َش َة مِن ن َِّسايِكم
فتنة النساء :آيات الزنا﴿ :وٱلـتِی يأتِين ٱل َفـ ِ
َ َ َ
مسكوهن فِی ٱلبي ِ
وت َشهدوا َع َلي ِهن َأربع ًة منكم َفإِن َش ِهدوا َف َأ ِ
فٱست ِ
َ
َ َ ِّ
لموت َأو َيج َع َل ٱهلل َلهن َسبِي ًال﴾
َحتى َيت ََوفيهن ٱ َ
ويأيت بعدهما مباشرة آيات التوبة ،لتحثنا جمي ًعا على التوبة إلى اهلل؛
والمسارعة إليه؛ كي ال ينهدم المجتمع الداخلي بسب المعاصي
والفواحش.
ثم جاء يف السورة مواضيع خمسة متعددة ،ولكن بينها ترابط عجيب:
46
نراه يوم ًيا ويف كل ساعة ،من خالل َبث برامج ،ومسلسالت فاجرة
هتدم المجتمع ،ومن خالل حمالت النسويات وغيرها من
األساليب؛ فتهدَ م المرأة والتي هي نواة المجتمع ،فعندما هتدم المرأة
تخرج أجيا ً
ال غير مطيعة هلل ورسوله ،وبالتالي ال يوجد جهاد ودفاع
عن اإلسالم ،معادلة م َمنهجة ،وخطة َمدروسة على مجتمعنا،
المحسوسة ،مثل فانتبِه!أ ً
يضا ذكرت السورة الفئات المجتمعة غير َ
المجرمين القتلة وشاربي الخمر ،لذلك َ
جعل اهلل لهم حدو ًدا
لردعهم؛ حتى يتوقف الناس ،وال يهدموا المجتمع.
47
تسمية السورة:
أن عيسى عليه السالم أمر الحواريين بصيام ثالثين يوما فلما أتموها
طلبوا من عيسى عليه السالم أن يسأل ربه لينزل عليهم مائدة من
السماء من أجل أن يأكلوا منها وتطمئن بذلك قلوهبم أن اهلل تعالى قد
قبل صيامهم ،وتكون لهم عيدً ا يفطرون عليها يوم فطرهم ،ولكن
عيسى عليه السالم وعظهم يف ذلك وخاف عليهم أال يقوموا
بشكرها ،فأبوا عليه إال أن يسأل لهم ذلك ،فلما ألحوا عليه أخذ
عيسى يتضرع إلى اهلل تعالى يف الدعاء والسؤال أن يجابوا إلى ما
طلبوا فاستجاب اهلل عز وجل دعاءه فأنزل اهلل سبحانه وتعالى المائدة
من السماء والناس ينظرون إليها كيف تنحدر بين غمامتين ،وجعلت
تدنو قليال قليال وكلما دنت منهم يسأل عيسى عليه السالم ربه أن
48
يجعلها رحمة ال نقمة ،وأن يجعلها سال ًما وبركة ،فلم تزل تدنو حتى
استقرت بين يدي عيسى عليه السالم وهي مغطاة بمنديل ،فقام
عيسى عليه السالم يكشف عنها وهو يقول بسم اهلل خير الرازقين
فإذا عليها من الطعام سبعة من الحيتان وسبعة أرغفة وقيل :كان
عليها خل ورمان وثمار ولها رائحة عظيمة جدً ا ،ثم أمرهم عيسى
عليه السالم باألكل منها أمر عليه السالم الفقراء والمحتاجين
والمرضى وأصحاب العاهات وكانوا قريبًا من األلف وثالثمائة
أمرهم أن يأكلوا من هذه المائدة ،فأكلوا منها فربأ كل من به عاهة أو
آفة أو مرض مزمن واستغنى الفقراء وصاروا أغنياءَ ،ف ِ
ند َم الناس
الذين لم يأكلوا منها لما رأوا من إصالح حال أولئك الذين أكلوا.
49
سبعة آالف شخص .ثم أمر اهلل تعالى عيسى أن يقصرها على الفقراء
دون األغنياء ،فشق ذلك على كثير من الناس وتكلم منافقوهم يف
ذلك فرفعت المائدة ومسخ الذين تكلموا يف ذلك من المنافقين
خنازير.
هي سورة العقود ،سورة تتحدث عن حق اهلل ،عن العقود التي بيننا
وبين اهلل سبحانه وتعالى ،على عكس السور التي سبقت التي
تكلمت أكثر عن بناء األمة وبناء األسرة وبعض األحكام وغيرها ،من
أهم الصفات األساسية التي ركزت عليها السورة هي صفة الملك
هلل:
ض﴾ ات َواألَ ْر ِ ﴿ َأ َلم َتع َلم َأن اهلل َله م ْلك السماو ِ
َ َ َ ْ ْ ْ
50
يهن َوه َو َع َلى ك ِّل َش ْي ٍء
ض َو َما فِ ِ ﴿لِل ِه م ْلك السماو ِ
ات َواألَ ْر ِ َ َ
َق ِدير﴾.
وعالقة هذه القصة بالصفة األساسية هلل تعالى التي دارت حولها
السورة (الملك) أن القصة جمعت بين شعورين؛ شعور النعمة،
وشعور الخوف! وهذان الشعوران أساسيان للتعامل مع الملِك:
يسى ا ْبن َم ْر َي َم اللهم َربنَا َأ ِنز ْل َع َل ْينَا َمائِدَ ًة ِّم َن الس َماء َتكون َلنَا ِ
﴿ َق َال ع َ
نت َخ ْير الر ِازقِي َن َ .ق َال اهلل نك َو ْارز ْقنَا َو َأ َ ِعيد ًا ِّألَولِنَا و ِ
آخ ِرنَا َوآ َي ًة ِّم َ َ
إِنِّي من َِّزل َها َع َل ْيك ْم َف َمن َي ْكف ْر َب ْعد مِنك ْم َفإِنِّي أ َع ِّذبه َع َذا ًبا ال أ َع ِّذبه
َأ َحدً ا ِّم َن ا ْل َعا َل ِمي َن﴾.
51
-العقد األول ،عقد الحالل والحرام:
من اآلية 41حتى اآلية 5٠وفيه الحديث عن اليهود ،وكيف أهنم لم
ف ي َح ِّكمون ََك َو ِعندَ هم الت ْو َراة يتحاكموا بالتوراة فعاقبهم اهللَ ﴿ :و َك ْي َ
فِ َيها ح ْكم اهللِ ثم َيت ََول ْو َن مِن َب ْع ِد َذل ِ َك َو َما أ ْو َلئِ َك بِا ْلم ْؤمِنِي َن﴾،
وكذلك النصارى لم يتحاكموا باإلنجيل ،فعاقبهم اهللَ ﴿ :و ْل َي ْحك ْم
اإل ِ
نجي ِل بِ َما َأ َنز َل اهلل﴾ َأ ْهل ِ
52
فماذا عنا كمسلمين؟ هل سنتحاكم إلى كتابنا ،أم سنفعل كما فعل
أهل الكتاب من قبلنا؟
وذكر اهلل يف وسط هذه اآليات سبب عدم تطبيق اليهود لشرع اهلل:
الخوف على األمن والزرق ،مع أهنما أول ثمرتين نجنيهم من تطبيق
شرع اهلل:
اإل ِ
نج َيل َو َما أ ِنز َل إِ َل ْي ِهم ِّمن ر ِّب ِه ْم ألَكَلو ْا ﴿ َو َل ْو َأنهم َأ َقامو ْا الت ْورا َة َو ِ
َ ْ
ت َأ ْرجلِ ِهم﴾.مِن َفوقِ ِهم ومِن َتح ِ
ْ ْ ْ َ
53
العقد الثالث،عقد الوالء والرباء:
الوالء للمؤمنينَ ﴿ :أ ِذل ٍة َع َلى ا ْلم ْؤمِنِي َن َأ ِعز ٍة َع َلى ا ْل َكافِ ِري َن﴾.
َاه ْو َن َعن من َك ٍر َف َعلوه َلبِ ْئ َس يبدأ هذا العقد من اآلية ﴿ 7٩كَانو ْا َ
ال َي َتن َ
ون﴾ ،بعد هذه اآلية التي تتكلم عن األمر بالمعروف َما كَانو ْا َي ْف َعل َ
والنهي عن المنكر ،جاءت آية مواالة الكافرينَ ﴿ :ت َرى كَثِ ًيرا ِّمنْه ْم
َيت ََول ْو َن ال ِذي َن َك َفروا﴾.
54
وكأن الرابط بينهما والمقصد ،أنه إذا برد قلبك تجاه المعصية ،ولم
تأمر بالمعروف وتنه عن المنكر؛ فستجد نفسك بعد فرتة ال مشكلة
معك يف مواالة الكافرين!
أيضا جاء يف السورة آيات تهاجم أهل الكتاب ،وتبين جرائمهم يف
ً
حق اهلل ،مثل:
اإل ْث ِم وا ْلعدْ و ِ
ان َو َأكْلِ ِهم الس ْح َت﴾ ارع َ ِ
﴿ َو َت َرى كَثِ ًيرا ِّمنْه ْم ي َس ِ
َ ون في ِ َ
ويف وسط هذه اآليات الهجومية ،يأيت األمر من اهللَ ﴿ :يا َأي َها الرسول
َب ِّل ْغ َما أ ِنز َل إِ َل ْي َك مِن ر ِّب َك َوإِن ل ْم َت ْف َع ْل َف َما َبل ْغ َت ِر َسا َلتَه َواهلل
َي ْع ِصم َك مِ َن الناس﴾
55
كأهنا رسالة من اهلل :مهما اشتد طغيان وقوة أهل الكفر؛ فال تخف،
فاهلل يعصمك ويؤيدك ،فال تتوقف عن الدعوة إلى اهلل ،وتبليغ آيات
اهلل.
56
لطائف وتدبرات من سورة المائدة:
الجوارحِ م َك ِّلبِين﴾
﴿ -1وما علمتم من َ
قال ابن القيم رحمه اهلل« :من شرف العلم أنه ال يباح إال صيد الكلب
المتع ِّلم» .حتى الكالب تتمايز بينها بالعلم!
َ ﴿ -2
وقال اهلل إنِّي َمعكم ل َئن أقمتم الصالة ﴾
أقرب العباد إلى اهلل أكثرهم صالة ،وهم الفائزون بمعية التأييد
والنصرة.
قال قتادة :لما تركوا كتاب اهلل ،وعصوا رسله ،وضيعوا فرائضه،
وعطلوا حدوده ،ألقى بينهم العداوة والبغضاء إلى يوم القيامة ،ولو
أخذ القوم كتاب اهلل وأمره ،ما افرتقوا وال تباغضوا.
57
القبول ال يخضع لظاهر العمل ،بل لِما وقر يف قلبك من التقوى.
أطفأها اهلل﴾
َ ِ
للحرب ﴿-٦كلما أو َقدوا ً
نارا
خذوا ال ِذي َن ات َخذوا ِدينَك ْم هز ًوا َو َل ِع ًبا ﴿-7يا َأيها ال ِذين آمنوا َال َتت ِ
َ َ َ َ
َاب مِ ْن َق ْبلِك ْم َوا ْلكف َار َأ ْول ِ َيا َء﴾ ِ ِ ِ
م َن الذي َن أوتوا ا ْلكت َ
أهانه؟!
58
جمع اهلل بين صيغة الماضي﴿ :كانوا﴾ ،وصيغة
عادة اليهود مستمرة! َ
المضارعَ ﴿ :ي ْع َمل َ
ون﴾ لإلشارة إلى أن هذا العمل القبيح كان منهم
توبة أو ندم.
59
من األشياء العجيبة واإلعجازية يف القرآن ،الرتابط الموجود بين
السور ،فمثال انتهت سورة المائدة بقوله تعالى ﴿ :لِل ِه م ْلك ٱلسمو ِ
ت ََ
يهن ۚ َوه َو َع َلى ك ِّل َش ْى ٍءقدير﴾ ،وبدأت سورة
ض َو َما فِ ِ
َوٱ ْألَ ْر ِ
مفصل ،كأهنا تر ِّبي القلب ،وتجعله خاش ًعا خاض ًعا هلل عز وجل ،فتبدأ
َ -1مشهد قدرة اهلل يف خلق السماوات واألرض ﴿ :ا ْل َح ْمد لِل ِه ال ِذي
َخ َل َق السماو ِ
ات َواألَ ْر َض﴾. َ َ
60
َ -3مشهد َهيمنة اهلل على كل شيء ﴿ :ثم َق َضى َأ َجالً َو َأ َج ٌل
م َس ًّمى﴾.
ثم تأيت قصة سيدنا إبراهيم ،الذي بدأ بالتساؤل والتفكر والتدبر يف
عظمة خلق اهلل؛ وكأهنا رسالة ،أنك إذا تدبرت يف عظمة خلق اهلل
كل يوم يف حياتنا ،فيذكرنا اهلل هبا بأن هذه اآليات للتدبر والتفكر ،هذا
اآليات الكونية العظيمة التي ألِفناها وتعودنا عليها ،يذكرنا ربنا عز
61
-4مشهد العظمة المطلقة هلل ،وعبودة الكون لهَ ﴿ :وه َو اهلل فِي
ات َوفِي األَ ْر ِ
ض﴾ السماو ِ
َ َ
-5مشهد عظمة ِعلم اهللَ ﴿ :ي ْع َلم ِسرك ْم َو َج ْه َرك ْم َو َي ْع َلم َما
َت ْك ِسب َ
ون﴾.
-2اهلل يملك كل شيء يف زمانَ ﴿ :و َله َما َس َك َن فِي الل ْي ِل َوالن َه ِ
ار﴾.
-3اهلل يملك أمر اآلخرة ﴿ :ق ْل إِن َِّي َأ َخاف إِ ْن َع َصيْت َر ِّبي َع َذ َ
اب
َي ْو ٍم َعظِ ٍ
يم ﴾
-4اهلل يملك النفع والضر ،أي أمر الدنياَ ﴿ :وإِن َي ْم َس ْس َك اهلل بِض ٍّر
ض َوه َو ي ْط ِعم َو َ ِ ِ
خذ ولِيا َفاطِ ِر السماو ِ
ات َواألَ ْر ِ
ال َ َ ﴿-ق ْل َأ َغ ْي َر اهلل َأت َ ًّ
ي ْط َعم﴾
63
ادر َع َلى َأن يبع َث َع َليكم َع َذابا من َفوقِكم َأو مِن َتح ِ
ت ﴿-ق ْل هو ا ْل َق ِ
ْ ً ِّ ْ ْ ْ ْ ْ ََْ َ
َأ ْرجلِك ْم َأ ْو َي ْلبِ َسك ْم ِش َي ًعا َوي ِذي َق َب ْع َضكم َب ْأ َس َب ْع ٍ
ض انظ ْر َك ْي َ
ف
نصرف اآلي ِ
ات َل َعله ْم َي ْف َقه َ
ون﴾ َ َ ِّ
وردت كلمة (قل) يف السورة أكثر من أربعين مرة؛ كأهنا إشارة إلى
صلة اهلل سبحانه بنبينا ﷺ ،وعصمته له ،ونطقه بوحيه سبحانه ،وفيها
إشارة لعلم اهلل عز وجل بما يصلح العباد ويهديهم ،وحرص اهلل عز
64
ثم يف خواتيم سورة األنعام قوله تعالى ﴿ :ق ْل إِن َصالتِي َونسكِي
هذا شعار لكل من عاش بقلبه آيات سورة األنعام ،شعار يجب أن
تخرج منه إذا تدبرت يف آيات اهلل يف الخلق والكون :أنا كلي لك يا
رب.
65
لطائف وتدبرات من سورة األنعام:
حم َة﴾: ِ ِ
َ ﴿-1كت َ
َب َعلى نَفسه الر َ
باهلل ظن السوء.
اب َي ْو ٍم َعظِ ٍ
يم﴾ ﴿-2إِن َِّي َأ َخاف إِ ْن َع َص ْيت َر ِّبي َع َذ َ
عجبا أن يخاف من عاقبة الذنب نبي معصوم ،وال يخاف منه إنسان
جهول ظلوم.
66
مجرد أول نظرة إلى النار جعلت صاحبها يتمنى الرجوع للدنيا لفعل
َ ﴿ -5ف َل ْو َال إِ ْذ َجا َءه ْم َباسنَا َت َضرعوا َو َلكِ ْن َق َس ْت قلوبه ْم﴾
الذكر واالستغفار.
67
من أعظم االستدراج أن يتابع عليك نعمه ،وأنت مقيم على معاصيه!
يف الحديث«:إذا رأيت اهلل يعطي العبد من الدنيا على معاصيه ما
عليهم أبواب كل شيء حتى إذا فرحوا بما أوتوا أخذناهم بغتة فإذا
هم مبلسون﴾
قال ابن عباس :ما من شجرة يف بر وال بحر إال م َلك موكل هبا يكتب
َ ﴿ -٩و َل َقدْ ِج ْئتمونَا ف َرا َدى ك ََما َخ َل ْقنَاك ْم َأو َل َمر ٍة﴾
68
وحيدا طول إقامتك يف قربك ،ثم يف خمسين ألف سنة هي يوم
وهي السورة الوحيدة التي ذكر فيها اسمه اهلل (القاهر) مرتين.
69
مقاصد وموضوعات ومسارات السورة:
سورة األعراف سورة مليئة بالفتن ،تأيت بعد سورة األنعام المليئة
-1أسلوب التذكير بنعم اهلل تعالى ،فتلفت السورة أنظار الناس إلى
نعمة َخ ْل ِ
قهم ،وتصويرهم وتمكينهم يف األرض.
رهبم.
70
تبدأ السورة بتعريف رسالة القرآن:
يف اآلخرةَ ﴿ :و َم ْن َخف ْت َم َو ِازينه َفأو َلئِ َك ال ِذي َن َخ ِسرو ْا َأنف َسهم بِ َما
كَانو ْا بِآ َياتِنَا َي ْظلِم َ
ون﴾
ثم ذكر مفصل لقصة أهل األعراف ،وهم الذين تساوت حسناهتم مع
سيئاهتم ،ويف هذه اآليات تعرض السورة مشاهد الفرق الثالث يوم
71
ثم تبدأ السورة بعرض الكثير من الفتن:
-3فتنة استصغار المعاصي والهوان هبا﴿ :ق ْل إِن َما َحر َم َر ِّب َي
اح َش ما َظ َهر مِن َْها َوما َب َط َن َو ِ
اإل ْث َم َوا ْل َب ْغ َي بِ َغ ْي ِر ا ْل َح ِّق َو َأن ا ْل َفو ِ
َ
َ َ َ
ال َت ْع َلم َ
ون﴾ ت ْش ِركو ْا بِاهللِ َما َل ْم ين َِّز ْل بِ ِه س ْل َطانًا َو َأن َتقولو ْا َع َلى اهللِ َما َ
72
رغم إيماهنم إال أهنم لم يتخلصوا من المعاصي القديمة التي ترسبت
يف قلوهبم ،فلما عرضت عليهم الفتنة والمعصية القديمة؛ وقعوا فيها.
-٦فتنة وراثة الدين ،وال يعرفون منه سوى قشور ،وعدم التضحية
من أجله:
ْاألَ ْدنَى﴾.
-7فتنة معاملة اهلل ألجل غرض دنيوي ،فإذا تحقق هذا الغرض تركنا
العبادة:
73
ثم ذكرت السورة الكثير من قصص االنتكاس ،مثل انتكاس بني
إسرائيل ،وقصة إبليس ،وفيها أصعب قصة انتكاس ،وهي قصة َبلعام
بن باعوراء:
َ
فانسلخ منها﴾ = بدأ برتك العبادات ،والصحبة الصالحة ،وورد ﴿-2
القرآن واألذكار.
الشيطان.
لتث ِّبتك على الطريق ،وتقول لك أن هناك َمن استطاع ،هناك َمن ثبت،
75
لطائف وتدبرات من سورة األعراف:
أو يستهزؤوا بك ،فب ِّلغ رسالة اهلل ولو ساءهم ذلك.
سيقص اهلل علينا يوم القيامة ما كنا نعمل يف الدنيا ،وسنكتشف أنه
فرحتاه!
ولهو.
76
﴿ -4فلنسألن الذين أرسل إليهم ولنسألن المرسلين﴾
قال رسول اهلل ﷺ« :يدعى نوح يوم القيامة فيقال له :هل بلغت؟!
وإذ أراد اهلل بعبد خير ًا ختم له بخير،وإذا أراد اهلل به شر ًا ختم له بشر
عمله.
قال ابن سيرين :من قاس الدين برأيه قرنه اهلل مع إبليس!
77
َ ﴿ -7فدَ اله َما بِغر ٍ
ور﴾
قال ابن عباس :غرهما بال َق َسم واليمين ،وكان آدم يظن أنه ال يحلف
مهما ارتديت أجمل الثياب ،ستظل التقوى أجمل ثوب ،ألهنا ما
78
﴿-11فإذا جاء أجلهم ال يستأخرون ساعة وال يستقدمون ﴾
قال ﷺ« :إن روح القدس نفث يف روعي أنه لن تموت نفس حتى
-13قال ميمون بن مهران :إن الرجل يقرأ القرآن وهو يلعن نفسه.
ويف الحديث« :لم يمنع قوم زكاة أموالهم إال منعوا القطر من السماء
اجعل خوف العقاب ورجاء الثواب جناحين يحمالن طير قلبك إلى
طريق االستقامة ،فإن انفراد ِ
أحد الجناحين يسقط بالطائر ،ويهلِك
العبد.
﴿-17ولو شئنا لرفعناه هبا ولكنه أخلد إلى األرض واتبع هواه﴾
قال ابن الجوزي رحمه اهلل :باهلل عليك يا مرفوع القدر بالتقوى :ال
80
مقاصد وموضوعات ومسارات السورة:
واستثمار النصر!
ند اهللِ﴾
-1تعلم أن النصر من عند اهلل﴿ :وما النصر إِال مِن ِع ِ
ْ ْ َ َ
81
-3استثمار النصر :أن تستثمر النصر يف الدعوة إلى اهلل عز وجل﴿ :قل
النصر:
-1الرباينة:أن يكون جيالً ربان ًّيا ،ال يتعلق وال يستعين سوى باهلل عز
وجل ،ونالحظ ذلك يف رجال غزوة بدر ،وكيف دبر اهلل هم النصر،
-2العبودية:الجيل العابد:
ون ال ِذي َن إِ َذا ذكِ َر اهلل َو ِج َل ْت قلوبه ْم َوإِ َذا تلِيَ ْت َع َل ْي ِه ْم ﴿إِن َما ا ْلم ْؤمِن َ
ون الصال َة َومِما ون ،ال ِذي َن ي ِقيم َيمانًا َو َع َلى َر ِّب ِه ْم َيت ََوكل َآ َياته َزا َد ْته ْم إِ َ
ون﴾ َر َز ْقنَاه ْم ي ِنفق َ
82
-3اإلخالص:
ويظهر هذا يف أول آية يف السورة حين تحدث عن األنفال (الغنائم) ال
تقاتل من أجل الدنيا والغنائم ،بل القتال يكون ألجل اهلل فقط ،أن
-4األخوة:
أن نوحد صفوفنا ،وسورة األنفال من أكثر السور التي تكلمت عن
إِن َ
اهلل َم َع الصابِ ِري َن﴾
قلوبِ ِه ْم﴾
83
-5االتباع:
-٦الثبات:
ون َي ْغلِبو ْا مِ َئتَ ْي ِن َوإِن َيكن ِّمنكم ِّما َئ ٌة َي ْغلِبو ْا َأ ْل ًفا ِّم َن ال ِذي َن َك َفرو ْا
َصابِر َ
-7السمع والطاعة:
84
ول َو َتخونو ْا َأ َمانَاتِك ْم َو َأنت ْم
اهلل َوالرس َ ﴿ َيا َأي َها ال ِذي َن آ َمنو ْا َ
ال َتخونو ْا َ
َت ْع َلم َ
ون﴾.
-٨التضحية:
﴿إِن ال ِذين آمنو ْا وهاجرو ْا وجاهدو ْا بِ َأموال ِ ِهم و َأنف ِس ِهم فِي سبِي ِل اهللِ
َ ْ َْ ْ َ َ َ َ َ َ َ َ َ
ض﴾ َوال ِذي َن َآوو ْا ون ََصرو ْا أ ْو َلئِ َك َب ْعضه ْم َأ ْول ِ َياء َب ْع ٍ
85
لطائف وتدبرات من سورة األنفال:
﴿-1إنما المؤمنون الذين إذا ذكر اهلل وجلت قلوهبم وإذا تليت
نية جديدة احتسبها كلما قرأت القرآن :أن تكون سببا يف زيادة إيمان
غيرك.
مهما بلغ إيمان العبد ،فإنه يحتاج إلى تثبيت الرب ،ووسيلة التثبيت
86
ال تنسب لنفسك أي خير ،فلوال اهلل ما ركع راكع وال سجد ساجد.
اللهم إنك تحول بين المرء وقلبه ،فحل بيني وبين معاصيك أن أعمل
بشئ منها.
َ ﴿-٨و َال َتكونوا كَال ِذي َن َقالوا َس ِم ْعنَا َوه ْم َال َي ْس َمع َ
ون﴾
87
من فقد سماع التدبر واالتعاظ كان بمنزلة األصم الذي ال يسمع
أصال! وكم منا اليوم من فتح أذنيه وقد ضيع مفاتيح قلبه!
المال فتنة إذا كان عن اهلل يشغلكم ،واألوالد فتنة إذا كنتم ألجلهم
ِدينه ْم﴾
أول شروط النصر األلفة بين المؤمنين ،ال التنازع بينهم وتراشق
االهتامات.
88
لوبكم َخيرا ي ْؤتِكم َخ ْيرا﴾
ْ ﴿-12إِ ْن َي ْع َل ِم اهلل فِي ق
89
نزلت سورة التوبة بدون بسملة ،وذلك ألسباب كثير اختلف عليها
العلماء ومنها:
-1قال ابن عباس رضي اهلل عنهما :سألت علي بن أبي طالب رضي
اهلل عنه ل ِ َم َل ْم تكتب يف براءة بسم اهلل الرحمن الرحيم ،قال" :ألن
90
مقاصد وموضوعات ومسارات السورة:
-1حرمة األشخاص:
-2حرمة القرآن:
-3حرمة الدين:
91
-4حرمة األماكن المقدسة:
بالكفر﴾
جدَ َ ْ َ ﴿ َيا َأي َها ال ِذي َن آ َمنو ْا إِن َما ا ْلم ْش ِرك َ
ون ن ََج ٌس َفالَ َي ْقربو ْا ا ْلمس ِ
ال ت َقاتِل َ
ون َق ْو ًما ن َكثو ْا ﴿ َوإِن ن َكثو ْا َأ ْي َمانَهم ِّمن َب ْع ِد َع ْه ِد ِه ْم﴾َ ﴿ ،أ َ
92
-7حرمة التوحيد:
ذكرهتا السورة:
93
-1ثِ َقل التضحية ألجل الدين على القلب:
ال َت ْفتِنِّي﴾
﴿ َومِنْهم من َيقول ائ َْذن ِّلي َو َ
94
َ -5من يأخذ الدين كصفقة وتجارة:
اهلل ْاشت ََرى مِ َن ا ْلم ْؤمِنِي َن َأنف َسه ْم َو َأ ْم َوا َلهم بِ َأن َلهم ا ْل َجن َة﴾
﴿إِن َ
95
﴿ال ِذي َن ات َبعوه فِي َسا َع ِة ا ْلع ْس َر ِة﴾
قال الحسن البصري« :هكذا يقع ذنب المؤمن من قلبه» ،فق ِّيم
إيمانك!
96
﴿ .-3ثم َأن َْز َل اهلل َسكِينَتَه َع َلى َرسول ِ ِه َو َع َلى ا ْلم ْؤمِنِي َن﴾:
السكينة من أعظم القوت الذي ي ِ
نعم به (المقيت) على قلوب
«إن اإلسالم إذا حاربوه اشتدّ ،وإذا تركوه امتدّ ،واهلل بالمرصاد لمن
يصدّ ،وهو غني عمن ارتدّ ،وبأسه عن المجرمين ال ير ّد ،وإن كان
ووحد اهلل
العدو قد أعدّ ،فإن اهلل ال يعجزه أحد ،فجدِّ د اإليمان جدِّ دِّ ،
وحد ،وسدِّ د الصفوف سدِّ د».
ِّ
ذو القعدة وذو الحجة ومحرم ورجب ،وقد س ِّم َيت بذلك لعظم
الحرام أعظم خطيئة ووزرا من الظلم فيما سواه ،وإن كان الظلم على
المدى.
َ ﴿ .-٩ع َفا اهلل َعن َْك ل ِ َم َأ ِذن َْت َله ْم﴾
﴿ -1٠ك َِر َه اهلل انْبِ َعا َثه ْم َف َثب َطه ْم﴾
ِ
أسقط هذه اآلية على صالة الفجر ،وعالج هبا كسلك وتسويفك!
99
مقاصد وموضوعات ومسارات السورة:
نزلت سورة يونس يف آخر العهد المكي ،يف ظِل االبتالء ،واالختناق
ألن قصة سيدنا يونس فيها أكثر من عربة ،وأكثر من رسالة للنبي ﷺ،
منها:
-2أن سيدنا يونس هو النبي الذي آمن له قومه ،فهذه بشرى للنبي
100
من مقاصد السورة أهنا تدور حول زاد المسلم ،وزاد الداعية إلى اهلل
عليه وجل ،حيث ذكرت أكثر من نوع من أنواع الزاد( :زاد إيماين
بدأت السورة بالزاد اإليماين الدعوي ،ألن هذا الذي نحتاجه يف
-1القرآن:
َاب ا ْل َحكِ ِ
يم﴾ ﴿الر تِ ْل َك آ َيات ا ْلكِت ِ
101
-3تعظيم اهلل:
ِ ِ ِ ﴿إِن ربكم اهلل ال ِذي َخ َل َق السم ِ
اوات َواألَ ْر َض في ستة َأيا ٍم ثم ْ
است ََوى َ َ َ
ش يدَ ِّبر األَ ْم َر َما مِن َش ِفي ٍع إِال مِن َب ْع ِد إِ ْذنِ ِه َذلِكم اهلل َربك ْم
َع َلى ا ْل َع ْر ِ
استِ ْع َجا َلهم بِا ْل َخ ْي ِر َلق ِض َي إِ َل ْي ِه ْم َأ َجله ْم ﴿ َو َل ْو ي َع ِّجل اهلل لِلن ِ
اس الشر ْ
ون ل ِ َقا َءنَا فِي ط ْغ َيانِ ِه ْم َي ْع َمهون﴾-المسار الثاين: َفن ََذر ال ِذي َن َ
ال َي ْرج َ
َ -1هم الدعوة :أن يكون همك مثلما كان َهم النبي ﷺ وهو إنقاد
الناس من النار:
ال َي ْع ِقل َ
ون نت ت ْس ِمع الصم َو َل ْو كَانو ْا َ ﴿ َومِنْهم من َي ْست َِمع َ
ون إِ َليْ َك َأ َف َأ َ
ون﴾ نت َت ْه ِدي ا ْلع ْمي َو َل ْو كَانو ْا َ
ال ي ْب ِصر َ َ أَ .ومِنْهم من َينظر إِ َل ْي َك َأ َف َ
َ
102
-2الجهد يف الدعوة إلى اهلل :ويظهر ذلك يف أغلب السورة يف مجادلة
أهل الباطل:
ض َأمن َي ْملِك الس ْم َع َواألَ ْب َص َار ﴿ق ْل َمن َي ْرزقكم ِّم َن الس َماء َواألَ ْر ِ
103
-4القوة يف الحق واليقين باهلل :ونالحظ هذا يف قصة سيدنا موسى
ات اهللِ َف َع َلى اهللِ َت َوك ْلت َف َأ ْج ِمعو ْا َأ ْم َرك ْم َوش َركَا َءك ْم ثم و َت ْذكِ ِيري بِآي ِ
َ َ
ون﴾ ال تنظِر ِ ال َيك ْن َأ ْمرك ْم َع َل ْيك ْم غم ًة ثم ا ْقضو ْا إِ َلي َو َ َ
-5فن الدعوة :وهذه السورة توضح لنا كيفية الدعوة إلى اهلل،
ثم الكالم عن مظاهر الدنيا ،ثم الكالم عن اهلل والقرآن مرة أخرى.
104
-ثم يأيت زاد الثبات يف النهاية ،وفيه رسالة بأن نثبت على ثالثة أشياء
ألوامره).
ِ
وحى إِ َل ْي َك َو ْ
اصبِ ْر آخر يف آخر آية يف السورةَ ﴿ :واتبِ ْع َما ي َ ثم زاد ثبات َ
تجعل َك راف ًعا رأسك ،متحد ًيا لكل كافر ومشكك ،فيها من اآليات
105
﴿قلَ :من يرزقكم من السماء واألرض؟ أمن َيملك السمع
الحي ؟
واألبصار؟ ومن يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من َ
صادقين﴾
106
ٍ
الكتاب من
َ ﴿فإن كنت يف شك مما أنزلنا إليك َفسئل الذين َي َ
قرءون
لفضله﴾.
يا من طالت غيبته :ارجع إليه طوعا قبل أن ترجع إليه بالموت قهرا.
اب مِ ْن َح ِم ٍ
يم﴾ ِ
َ ﴿-2والذي َن َك َفروا َله ْم َش َر ٌ
قال الضحاك:
107
«يسقى من حميم يغلي من يوم خلق اهلل السموات واألرض إلى يوم
عار أن يعمل أهل الباطل ،ويتخلف عن العمل أهل الحق ،وعار أكرب
َ ﴿ -5و َال َي ْحزن َْك َق ْوله ْم إِن ا ْل ِعز َة لِل ِه َج ِمي ًعا ه َو الس ِميع ا ْل َعلِيم﴾
108
اج َعلوا بيو َتك ْم قِ ْب َل ًة َو َأقِيموا ِ ِ ِ
َ ﴿ .-٦ت َبوآ ل َق ْومك َما بِم ْص َر بيو ًتا َو ْ
الص َال َة﴾:
إذا طرق ملك الموت بابك ،فقد أغلِق باب القبول ،فات وقت
109
-تسمية السورة:
سميت السورة على اسم سيدنا هود الذي وقف بيقين وقوة أمام
طغيان قوم وقوة قوم عاد ،وفيه رسالة للنبي ﷺ بأن يثبت على الحق
موضوع السورة مشابه لسورة يونس ،حيث نزلت سورة هود بعد
يونس مباشرة ،وتدور السور حول الزاد الذي يجب أن يتزود به
﴿ َوكالًّ نقص َع َل ْي َك مِ ْن َأن َباء الرس ِل َما نثَ ِّبت بِ ِه ف َؤا َد َك َو َجا َء َك فِي
من خالل قراءة القرآن سنالحظ تكرار قصص األنبياء ،ولكن يف كل
وسورة الشعراء تركز على وسط الدعوة ،أما سورة هود فتركز على
يف الدعوة إلى اهلل ،من خالل التعرف على ما حدث لألنبياء من
بطوالت وكرامات أنزلها اهلل عليهم ،وكيف وصلوا إلى اهلل من خالل
111
بطوالت دعوية وجهادية ،وهذه األحداث تعطينا الدافع والقوة
وقد جاءت القصة يف هذه السورة مفصلة تفصيال ال يوجد مثله يف
سورة أخرى ،حيث بين السورة كيف دعى نوح عليه السالم قومه،
وكيف صرب على دعوهتم ونصحهم ،حيث دعاهم ألف سنة إلى
خمسين عا ًما! ومع ذلك ظلوا يسخرون منه ،فأمره اهلل سبحانه
وتعالى ،بأن يصنع سفينة ،فأغرق اهلل عز وجل َمن لم يؤمن بنوح ،بما
112
ومن ِ
العرب المستفادة يف هذه القصة:
سيدنا نوح عليه السالم ،وهذه القصة لم ترد إال يف هذه السورة.
-ثِ َقل قبول الحق على قلوب المعرضين عن اهللَ ﴿ :ق َال َيا َق ْو ِم َأ َر َأ ْيت ْم
-من المهلكات َتقديم العقل على النقل! أن نح ِّكم عقلنا أمام آيات
اهلل ،وهذا ما فعله ابن نوح فهلك ،حكم عقله وقال﴿ :سآوي إلى
عاصم اليو َم مِن ِ
أمر َ جب ٍل َيعصمني من الماء﴾ والنقل يقول﴿ :ال
اهلل﴾ = فهلك!
113
-تربي الداعي قبل المدعوين ،وذلك أن اهلل عز وجل يعلم أنه لن
يؤمن من قوم نوح إال القليل ،ورغم ذلك قدر له أن يدعوا قومه مدة
وح َي إِ َلى نوحٍ َأنه َلن ي ْؤمِ َن مِن َق ْومِ َك إِال َمن َقدْ
٩5٠سنة! ﴿وأ ِ
َ
آ َم َن﴾
لماذا سميت هذه السورة باسم سيدنا هود ،دونًا عن بقية األنبياء
لو الحظنا قصة سيدنا هو مع قومه ،سنجد أنه أرسل ألقوام أقوياء
جبابرة ،ومن شدة قوهتم كانوا يغرتون هبا ويقولواَ :من أشد مِنّا قوة؟
114
ومع ذلك وقف سيدنا هود ببطولة وجرأة ،فلم يخيفه قوهتم ،بل
الباطلة ،ومما قاله هود من جرأة وشدة تقريبا لم يقله نبي َقط!
﴿ َق َال إِنِّي أ ْش ِهد اهللِ َو ْاش َهدو ْا َأنِّي َب ِري ٌء ِّمما ت ْش ِرك َ
ون مِن دونِ ِه
115
-4الدروس المستفادة من قصة سيدنا إبراهيم:
على موهتم على الكفر ،وذلك نشهده يف سيدنا إبراهيم عندما خاف
-يف رحمة اهلل وكرمه ،حتى لو كان األمر على غير توقعنا وحساباتنا
116
وقال رسول اهلل ﷺ عن سيدنا لوط" :رحم اهلل أخي لو ًطا ،لقد كان
117
ثم يأيت يف هناية السورة بعض األوامر:
أوامر وتوجيهات يحتاجها كل داعية إلى اهلل كَي يثبت ويمكن له:
وهناك تناسب بين بداية السورة وهنايتها ،حيث بدأت السورة ب:
118
﴿أال تعبدوا إال اهلل إنني لكم منه نذير وبشر﴾
ت كل ِذي َف ْض ٍل َف ْض َله﴾
﴿-1وي ْؤ ِ
َ
119
اإلعجاز بالتحدي! تحدى اهلل عز وجل الخلق أن يأتوا بمثل القرآن،
اإلعجاز بالتحدي!
َ ﴿5وأ ْتبِعوا فِي َه ِذ ِه الد ْن َيا َل ْعنَ ًة َو َي ْو َم ا ْل ِق َيا َم ِة﴾ [هود :]٦٠ :استعمل
مع الدنيا اسم اإلشارة ﴿هذه﴾ ،لقصد تحقيرها وهتوين أمرها عند
120
ِ ِ
المؤمن إذا رأى من َكرا ال يقدر على إزالته؛ أن َ
يتحسر على هذا حال
121
مقاصد وموضوعات ومسارات السورة:
سيدنا يوسف مشاهبة تما ًما لما كان عليه النبي ﷺ أثناء العهد المكي
مثل:
طالب.
-مكن اهلل لسيدنا يوسف يف أرض غير أرضه ،وكذلك سيدنا محمد،
وكأهنا رسالة للنبي ﷺ بأن يصرب حتى يم ِّكن اهلل له يف أرض أخرى
122
ذكرت السورة أسباب التمكين العشرة ،لو تحققت هذه األسباب
وهذا نراه يف قصة سيدنا يوسف ،وكيف دبر اهلل له ليكون عزيز مصر،
َ
تكون خير مرسال: -2أن
أن تعمل ألجل اهلل وألجل الدعوة ،ال ألجل مصالحك الشخصية،
-3التحكم يف النفس :لما طلب الملك بأن يحضر سيدنا يوسف ،لم
يخف ،ولم يذهب إليه ،ألن قلبه متعلق باهلل ،فاستطاع أن يتحكم
بنفسه وال يخافَ ﴿ :و َق َال ا ْل َملِك ائْتونِي بِ ِه َف َلما َجا َءه الرسول َق َال
123
-4الفهم:
يوافق على خروجه من السجن إلى بعد َتربئتِه أمام الناس ،حتى يثقوا
لما فسدت المرأة يف سورة يوسف كانت سب ًبا يف َسجن نبي ،يف سجن
داعية إلى اهلل! ولما َصلحت وتابت كانت من ضمن أسباب التمكين
ادقِي َن﴾.
لسيدنا يوسفَ ﴿ :أ َن ْا راودته َعن ن ْف ِس ِه وإِنه َل ِمن الص ِ
َ َ َ َ
124
-٦تربية األطفال:
من األدوار المهمة جدً ا تربية النشأ على الدين الصحيح ،فلقد كانت
-7الدنيا:
األمور الدنيوية كالمال والسلطة وهكذا من األمور التي لها دور يف
الغاية ،وهي الدعوة إلى اهلل ،ونصرة الدين ،فلقد طلب سيدنا يوسف
الناس.
125
-٨التسامح:
-٩الرتبية:
َمبن ًّيا.
يف كل مكان كان يذهب إليه سيدنا يوسف كان يدعوا إلى اهلل! يف
126
لطائف وتدبرات من سورة يوسف:
انظر كيف قدم الدعوة على تأويل الرؤيا ،واستغل الفرصة لينشر
دعوته ويب ِّلغ رسالته.
َ ﴿ -4ف ًص ْب ٌر َج ٌ
ميل﴾
127
«ثالث من الصرب :أال تحدِّ ث بوجعك ،وال بمصيبتك ،وال تزكِّي
نفسك».
الكثيرة ،وأما محنته مع إخوته ،فصربه فيها صرب اضطرار ،وليس له
إذا كنت خاليا ،وحاصرتك الشهوة ،فاهرب على الفور ،وابحث عن
الباب.
كيدهن﴾
َ فصرف عنه
َ فاستجاب له ربه
َ ﴿-٨
ال تنظر إلى ظلمة المحنة وما أصاب دنياك ،بل انظر إلى الخير الذي
129
الكريم ال يع ِّلق لوح ًة فيها ذكر شهاداته وإنجازاته ،بل أفعاله تتكلم
130
مقاصد وموضوعات ومسارات السورة:
سورة الرعد من السور التي تبين قدرة اهلل عز وجل يف هذا الكون،
حتى يؤمن كل جاحد بأن اهلل هو الخالق ،وهو اإلله الواحد األحد:
ٍ ﴿اهلل ال ِذي ر َفع السم ِ
ش اوات بِ َغ ْي ِر َع َمد َت َر ْون ََها ثم ْ
است ََوى َع َلى ا ْل َع ْر ِ َ َ َ َ
َو َسخ َر الش ْم َس َوا ْل َق َم َر ك ٌّل َي ْج ِري ألَ َج ٍل م َس ًّمى يدَ ِّبر األَ ْم َر ي َف ِّصل
ات َل َعلكم بِلِ َقاء َر ِّبك ْم توقِن َ
ون﴾ اآلي ِ
َ
واسم السورة يبين تلك الظاهرة الكونية العجيبة التي تتجلى فيها
قدرة اهلل عز وجل وسلطانه وقوته ،وهذا الرعد يجمع بين النقيضين،
فهو كونه مخي ًفا يف ظاهره ،إال أنه فيه الخير ألن الرعد يأيت معه الماء
والمطر.
131
-2من السور التي تبعث الطمأنينة يف قلوب المؤمنين الذين يحملون
قدر َمن يفعل الخير ،وقدر السفهاء الذين يسعون يف األرض فسا ًدا،
ويأخذ يف طريقه الغثاء وكل ما ليس له قيمة ،فيطفوا هذا الغثاء والزبد
على وجه الماء ،ثم يذهب سري ًعا ،ويبقى الماء الصايف.
132
والثاين :المعادن التي تذاب ليصنع منها األواين والحلي وغيرها من
َوال ِذي َن َص َبرو ْا ا ْبتِ َغاء َو ْج ِه َر ِّب ِه ْم َو َأ َقامو ْا الصال َة َو َأن َفقو ْا مِما َر َز ْقنَاه ْم
ون بِا ْل َح َسن َِة السيِّ َئ َة أ ْو َلئِ َك َله ْم ع ْق َبى الد ِار﴾ ِس ًّرا َو َعالنِ َي ًة َو َيدْ َرؤ َ
133
لطائف وتدبرات من سورة الرعد:
﴿-2ق ْل َه ْل َي ْست َِوي ْاألَ ْع َمى َوا ْل َب ِصير َأ ْم َه ْل َت ْست َِوي الظل َمات
َوالنور﴾
134
﴿-4ال ِذي َن آ َمنوا َو َت ْط َمئِن قلوبه ْم بِ ِذك ِْر اهللِ ﴾
ِ
الناس دا ٌء ،وذكْر اهلل دوا ٌء .قال الذهبي مع ِّلقا :إي قال ابن عونِ :ذكْر
واهلل ،فالعجب منا ومن جهلنا كيف ندع الدواء ونقتحم الداء؟!
135
مقاصد وموضوعات ومسارات السورة:
وتعطيك داف ًعا من الطمأنينة بأن اهلل معك ،وجنود كالرعد معك ،بعد
ذلك تأيت بعدها سورة إبراهيم لتقول لك :تقدم! تقدم إلى األمام يف
136
تعرض السورة أربعة أنواع من أئمة الباطل:
-1فرعون:
﴿ َو َق َال ال ِذي َن َك َفرو ْا لِرسلِ ِه ْم َلن ْخ ِر َجنكم ِّم ْن َأ ْر ِضنَا َأ ْو َلتَعودن فِي
-3كرباء القوم:
137
-4الماكرين:
ويف وسط قصص أهل الباطل ،تأيت قصة سيدنا إبراهيم إمام الحق،
لينبهك اهلل بأال تتهاون يف الطريق إلى اهلل ،بل تكون من األئمة.
ال َي ْر َتد إِ َل ْي ِه ْم َط ْرفه ْم يه األَبصار ،مهطِ ِعين م ْقن ِ ِعي رؤ ِ
وس ِه ْم َ خص ف ِ ِ َت ْش َ
َ ْ ْ َ
َو َأ ْفئِدَ ته ْم َه َواء﴾
138
لطائف وتدبرات من سورة إبراهيم:
اف و ِع ِ ِ َ ﴿-1ذل ِ َك ل ِ َم ْن َخ َ
يد﴾ اف َم َقامي َو َخ َ َ
خير ما يمنع العبد من الظلم اليوم :خوفه من مقامه غدا بين يدي اهلل.
اد َي ال ِذي َن آ َمنو ْا ي ِقيمو ْا الصال َة َوي ِنفقو ْا مِما َر َز ْقنَاه ْم ِس ًّرا
﴿-2قل ِّل ِعب ِ
َ
ال ِخ ٌ
الل﴾ و َعالنِي ًة من َقب ِل َأن ي ْأتِي يوم ال بيع فِ ِ
يه َو َ َ َ َ ْ ٌ َْ ٌ َ ِّ ْ َ
أعظم ما يحض الناس على إقام الصالة واإلنفاق يف سبيل اهلل تذكير
هم باليوم الذي تستحيل فيه الطاعات ،وال يمكن استدراك ما فات
139
خاف خليل الرحمن من الكفر بعد اإلسالم،
قال ابن عطية« :قيل لعلي كيف يحاسب اهلل العباد يف يوم؟
كانوا يخفون فواحشهم ويظنون أهنا تخفى على اهلل ،فإذا كان يوم
القيامة انكشفوا.
140
مقاصد وموضوعات ومسارات السورة:
سورة الحجر على اسم أصحاب الحجر وهم قوم ثمود الذين كانوا
-السور تخ ِّيرك إما أن تطلب الدنيا وإما أن تطلب اآلخرة ،إما تكون
حتى تعتبِر.
-2عقوبة قوم لوطَ ﴿ :ف َج َع ْلنَا َعال ِ َي َها َسافِ َل َها َو َأ ْم َط ْرنَا َع َل ْي ِه ْم ِح َج َار ًة
142
ٌ -2ذكر يف السورة الزينة يف السماء ،والزينة يف األرض ،فإلى أيهما
ستنتمي؟
السماء زينت ألجل أن تنظر إليها وتتدبر فيها ،ويتعلق قلبك بالخالق
سبحانه وتعالى:
-3جاء يف السورة آية الحفظ ،آية الشرف لكل مسلم﴿ :إِنا ن َْحن نَز ْلنَا
الذك َْر َوإِنا َله َل َحافِظ َ
ون﴾ ِّ
143
لطائف وتدبرات من سورة الحجر:
﴿ -1ر َب َما َي َود ال ِذي َن َك َفروا َل ْو كَانوا م ْسلِ ِمي َن﴾
أقوال العلماء يف هذه اآلية راجعة إلى ثالثة أقوال :عند االحتضار،
قال الحسن :ما أطال عبد األمل إال أساء العمل. .
إلى الهوى ،وهذا أمر قد شوهد بالعيان ،فال يحتاج إلى بيان ،وال
يطا َلب صاحبه بربهان ،كما أن قصر األمل يبعث على العمل ،ويحيل
فال يزال نور القرآن يسري ،وبحر هدايته يجري ،رغم كيد الكائدين،
ِ ِ
يم﴾ َ ﴿ -4وإِن َرب َك ه َو َي ْحشره ْم إِنه َحك ٌ
يم َعل ٌ
الموت ليس هو هناية الحياة ،بل ابتداء حياة جديدة ،يحاسب الناس
المراد بالسبع المثاين :صورة الفاتحة ،وس ِّميت بذلك ،ألهنا سبع
145
لم يقسم اهلل بحياة بشر إال بحياة نبيه تكريما له وتشريفا.
قال علي بن أبي طالب :الصفح الجميل صفح ال توبيخ فيه ،وال
حقد بعده.
146
مقاصد وموضوعات ومسارات السورة:
•المسار األول:
147
ثم يبدأ مسار يف الحديث عن نِعم اهللَ ﴿ :واألَ ْن َعا َم َخ َل َق َها َلك ْم فِ َيها
لمن
ثم يف آخر هذا المسار من النعم يأيت األثر الدنيوي واألخروي َ
كفر وجحد بنعم اهلل:
اب َج َهن َم َخال ِ ِدي َن فِ َيها َف َلبِئْ َس َم ْث َوى ا ْلم َت َك ِّب ِري َن﴾
﴿ َفا ْدخلو ْا َأ ْب َو َ
• المسار الثاين:
148
﴿ َو َق َال ال ِذي َن َأ ْش َركو ْا َل ْو َشاء اهلل َما َع َبدْ نَا مِن دونِ ِه مِن َش ْي ٍء ن ْحن َوال
149
يم﴾ = أو ينتشر ف َفإِن ربكم َلرؤ ٌ ِ
َأو ي ْأخ َذهم َع َلى َت َخو ٍ
وف رح ٌ َ ْ َ ْ ْ َ
الخوف يف القلوب أوال قبل أن يحل العذاب.
للمؤمنين:
• المسار الثالث:
﴿ َواهلل َأ َنز َل مِ َن الس َماء َماء َف َأ ْح َيا بِ ِه األَ ْر َض َب ْعدَ َم ْوتِ َها إِن فِي َذل ِ َك
ونَ ،وإِن َلك ْم فِي األَ ْن َعا ِم َل ِع ْب َر ًة ن ْس ِقيكم ِّمما فِي بطونِ ِه
آل َي ًة ِّل َق ْو ٍم َي ْس َمع َ
ات الن ِ
اربِين ،ومِن َثمر ِ ِ ِ ِ ٍ ِ
خي ِل ََ من َب ْي ِن َف ْرث َو َد ٍم ل َبنًا َخال ًصا َسائ ًغا للش ِ َ َ
150
ون مِنْه َس َك ًرا َو ِر ْز ًقا َح َسنًا إِن فِي َذل ِ َك آل َي ًة ِّل َق ْو ٍم َاب َتت ِ
خذ َ َواألَ ْعن ِ
َي ْع ِقل َ
ون﴾
• المسار الرابع:
بمن عصى
الحديث عن الجدال مرة أخرى وبيان العذاب الذي يحل َ
وكفر من اآلية 1٠2حتى اآلية :11٠
أثر المعصية:
151
﴿ َو َض َر َب اهلل َم َثالً َق ْر َي ًة كَان َْت آمِنَ ًة م ْط َمئِن ًة َي ْأتِ َيها ِر ْزق َها َر َغدً ا ِّمن ك ِّل
ت بِ َأنْع ِم اهللِ َف َأ َذا َقها اهلل لِباس ا ْلجو ِع وا ْل َخو ِ
ف بِ َما كَانو ْا م َك ٍ
ان َف َك َف َر ْ
َ ْ َ َ َ َ
َي ْصنَع َ
ون﴾
ثم يف الخاتمة:
-فعندما تدعوا الناس إلى اهلل عز وجل ،كلمهم عن نِعم اهلل يف حياتنا،
152
-ذكرهم باآلخرة ،بالجنة والنار.
الدعوة.
ثم آخر آية يف السورة تقول لك عندما تتقي اهلل وتطيعه وتدعوا إليه؛
اهلل َم َع ال ِذي َن ات َقو ْا وال ِذي َن هم م ْح ِسن َ
ون﴾ فال تخف ،فاهلل معك﴿ ،إِن َ
153
لطائف وتدبرات من سورة النحل:
بغير علم﴾
قال حبيب الفارسي :إن من سعادة المرء إذا مات ماتت معه ذنوبه.
خير من ماذا؟!
واالحرتاف.
154
النعم بنوعيها من اهلل وحده؛ نِعم الطا َعات ،ونِعم الل َذات ،فالجأ ِ
إليه َ َ َ
كي يعينك على شكرها.
إليها ،وكل إحسان وصل إلى العبد فمن اهلل عز وجل ،فال أألم ممن
155
اإلسراء هو الحدث الذي صلى فيه النبي ﷺ باألنبياء إما ًما يف
َو َل َت ْعلن عل ًّوا َكبِ ًيرا .فإِ َذا َجا َء َو ْعد أواله َما َب َع ْثنَا َع َل ْيك ْم ِع َبا ًدا لنَا أولِي
أي :فإذا وقع منكم اإلفساد األول سلطنا عليكم عبا ًدا ذوي قوة
156
هؤالء ،فمنهم َمن قال أهنم أهل بابل واألقوال كثيرة ومختلفة يف هذا
األمر.
ثم يف المرة الثانية التي يفعلوهنا اآلن يف فلسطين﴿ :ثم َر َد ْدنَا َلكم
يف األوالد.
157
اج َل َة َعج ْلنَا َله فِ َيها َما ن ََشاء ل ِ َمن ن ِريد ثم َج َع ْلنَا َله
َان ي ِريد ا ْل َع ِ
﴿من ك َ
ويف وسط هذه اآلية يأيت عالج حب الدنيا «القرآن والذكر اآلخر»:
آن َي ْه ِدي لِلتِي ِهي َأ ْق َوم َوي َب ِّشر ا ْلم ْؤمِنِي َن ال ِذي َن َي ْع َمل َ
ون ﴿إِن َه َذا ا ْلق ْر َ
َ
اآلخ َر ِة َأ ْعتَدْ نَا
ون بِ ِ
ال ي ْؤمِن َ
ات َأن َله ْم َأ ْج ًرا َكبِ ًيرا َ .و َأن ال ِذي َن َ
الصالِح ِ
َ
ِ
َله ْم َع َذا ًبا َأل ً
يما﴾
158
-3اإلحسان إلى الوالدين ﴿ َوبِا ْل َوالِدَ ْي ِن إِ ْح َسانًا﴾
آت َذا ا ْلق ْر َبى َحقه َوا ْل ِم ْسكِي َن َوا ْب َن السبِي ِل﴾
-4صلة الرحم ﴿و ِ
َ
159
يم إِال بِالتِي ِه َي
ال َت ْق َربو ْا َم َال ا ْل َيتِ ِ
-1٠النهي عن أكل مال اليتيم ﴿ َو َ
َأ ْح َسن﴾
كل هذه األوامر والنواهي مع تعظيم اهلل وحبه وشكره والخوف منه
160
القرآن مصدر الهداية ،ومفتاح تقويم ِ
الفكر واألخالق ،وهو وحده
قد تدعو وال تعلم أنك تدعو على نفسك وبما يضرك ،فال يستجيب
تطبيقها العملي« :أحب الكالم إلى اهلل أن يقول العبد :سبحان اهلل
وبحمده» .صحيح الجامع رقم ،174 :وقوله ﷺ« :من قال :سبحان
161
اهلل وبحمده يف يوم مائة مرة حطت خطاياه وإن كانت مثل زبد
ثم يستغفر».
162
قال ابن عون:أما يستحي أحدكم أن تكون دابته التي يركب ،وثوبه
عسى مع اهلل تحقيق وليست ظنا ،فح ِّطم هبذه اآلية أسوار يأسك،
163
اركْهم فِي األَم َو ِ
ال﴾ ْ َ ﴿ -11و َش ِ ْ
الطلب المحرم :بأن يطلب زيادة المال عن طريق ربا ،أو قمار ،أو
سرقة ،أو غصب ،أو غش ،أو رشوة ،أو بيع حرام كالخمر ونحوه..
البغي ،أو شراء خمر ،أو يسافر لمواطن ينفق فيها ما يلبي شهواته
ِّ
ونزواته المحرمة ،أو يقع يف اإلسراف والتبذير الذي يلحقه بزمرة
الشياطين.
المنع المحرم:
165
مقاصد وموضوعات ومسارات السورة:
-1سورة الكهف من السور التي ذكر فيها أربعة قصص لم تذكر إال
-2قال عنها النبي ﷺ" :من قرأ سورة الكهف يف يوم الجمعة ،أضاء
لماذا نور ما بين الجمعتين؟ ولماذا النجاة من أعظم فتنة؟ ألن سورة
الكهف من السور التي ذكر فين فتن ،وطريقة النجاة من هذه الفتن،
فعندما يتبصر المسلم هبذه الفتن ،ويتمسك بسبل النجاة منها ،يجعل
نورا وبصيرة.
اهلل لو ً
166
ونالحظ أن دورات االستضعاف يف القرآن أطول من دورات
-محاور القصص:
مع كل قصة من قصص الكهف تأيت فتنة ،وحاشاه ربنا سبحانه أن
167
-قصص السورة:
أهليهم ،أو يفروا بدينهم ،ولكنهم ثبتوا واختاروا دينهم ،ثم أخربنا اهلل
-1القرآن:
وح َي إِ َل ْي َك مِن
أن تتمسك بالقرآن ،قراء ًة وتدبرا وعمالً﴿ :وا ْتل ما أ ِ
َ َ ً
جدَ مِن دونِ ِه م ْلت ََحدً ا﴾
َاب ر ِّب َك ال م َبدِّ َل ل ِ َكلِماتِ ِه َو َلن َت ِ
َ كت ِ َ
ِ
-2الصحبة الصالحة:
أن َتلزم صحبة تعينك على طاعة اهلل ،وأن َتبتعد عن كل صاحب
168
ون َربهم بِا ْل َغدَ ِاة َوا ْل َع ِشي ي ِريد َ
ون اصبِ ْر َن ْف َس َك َم َع ال ِذي َن َيدْ ع َ
﴿ َو ْ
ِّ
اة الد ْن َيا َوال تطِ ْع َم ْن َأ ْغ َف ْلنَا
َاك َعنْهم ت ِريد ِزينَ َة ا ْلحي ِ
ََ ْ َو ْج َهه َوال َت ْعد َع ْين َ
﴿ َوق ِل ا ْل َحق مِن ر ِّبك ْم َف َمن َشاء َف ْلي ْؤمِن َو َمن َشاء َف ْل َي ْكف ْر﴾
والخيرات ،ولكنه كفر وجحد بنعمة اهلل ،وذكر اهلل لنا كيفية النجاة من
فتنة المال:
﴿ َوق ِل ا ْل َحق مِن ر ِّبك ْم َف َمن َشاء َف ْلي ْؤمِن َو َمن َشاء َف ْل َي ْكف ْر﴾
169
-2كثرة ذكر اهلل عز وجل:
﴿ َوا ْل َباقِ َيات الصال ِ َحات َخ ْي ٌر ِعندَ َر ِّب َك َث َوا ًبا َو َخ ْي ٌر َأ َمال﴾
﴿ َوع ِرضوا َع َلى َر ِّب َك َص ًّفا ل َقدْ ِجئْتمونَا ك ََما َخ َل ْقنَاك ْم َأو َل َمر ٍة َب ْل
وبدأت قصة عندما ظن سيدنا موسى أنه أعلم أهل األرض لما سأله
رجل عن ذلك فقال أنا ،فأوحى اهلل إلى سيدنا موسى أنه يوجد َمن
170
هو أعلم منه ،فرحل إليه سيدنا موسى كي يطلب العلم منه ،والنجاة
منها بـ:
أمرا﴾ ﴿وال ِ
أعصي َ
لك ً
قصة ملِك عادل ،يحكم الناس بالعدل والقسط ،ويطوف البالد لعمل
الخير ،وطلب منه رعيته بعض المطالب ،أعطاه اهلل القوة والنفوذ،
السلطة:
171
-1أن يكون الحكم والعمل موافق لشرع اهلل عز وجل:
اقرأ كتاب ربك لتكون معانيه وحقائقه مالزمة لك ،مستقرة يف قلبك،
وإذا كان هذا أمر اهلل إلى المعصوم الذي ال سبيل إلى زيغ قلبه،
َ ﴿-2و َد َخ َل َجنتَه َوه َو َظال ِ ٌم لِنَ ْف ِس ِه َق َال َما َأظن َأ ْن َتبِيدَ َه ِذ ِه َأ َبدً ا﴾
زوالها.
173
الفخر الحقيقي باإلسالم ،والنعمة الباقية هي نعمة التوحيد ،وكل ما
َ ﴿-4و َل ْو َال إِ ْذ َد َخ ْل َت َجنت ََك ق ْل َت َما َشا َء اهلل َال قو َة إِال بِاهللِ﴾
حائ ًطا (بستانًا) من حيطانه ،قال :ما شاء اهلل ال قوة إال باهلل ،فمن
فليقل :ما شاء اهلل ال قوة إال باهلل ،وهو مأخوذ من هذه اآلية الكريمة.
َ ﴿-5ما َشا َء اهلل َال قو َة إِال بِاهللِ﴾ معناها :الحض على االعرتاف بأن
جنته وما فيها تحت مشيئة اهلل ،إن شاء أبقاها ،وإن شاء أبادها ،وهذا
َ ﴿-٦ف َع َسى َر ِّبي َأ ْن ي ْؤتِ َي ِن َخ ْي ًرا مِ ْن َجنتِ َك َوي ْر ِس َل َع َل ْي َها ح ْس َبانًا مِ َن
ب عن اهلل منهم أحد يف الدنيا ولو استرتوا ،لكنهم يوم القيامة ِ
أنه لم َيغ ْ
أشد انكشافا وافتضاحا يف يوم العرض األكرب!
تأخير العذاب من عالمات رحمة هلل ،وهو إما إمهال للعبد كي
175
﴿ -٩ورب َك ا ْل َغفور ذو الرحم ِة َلو ي ِ
ؤاخذه ْم بِما ك ََسبوا َل َعج َل َلهم ْ َ ْ ََ
ا ْل َع َ
ذاب﴾
الحسي يف النار.
قال رسول اهلل ﷺ :يؤتى بجهنم تقاد يوم القيامة بسبعين ألف زمام،
ربك﴾
176
كان أبوهما َصالِحًا﴾
َ ﴿-12و َ
177
مقاصد وموضوعات ومسارات السورة:
جاءت سورة مريم بعد سورة الكهف ،ألن سورة الكهف كلها حركة،
برهبم ،هربوا إلى الكهف ،ثم سيدنا موسى يرحل ويسافر إلى سيدنا
الخضر لطلب العلم ،ثم يرحلوا بسفينة إلى قرية ،ثم يأيت الحديث
178
كل هذه الحركة والسرعة من أجل الدعوة إلى اهلل ،ومن أجل نَيل
رضا اهلل عز وجل ،ثم تأيت سورة مريم كأهنا مِحراب تجلس فيه
الكهف.
سورة مريم ذكرت أكثر من قصة ،وليست قصة مريم فقط ،وهي
رسالة للمرأة بأهنا يمكنها أن تسبق يف طريق اهلل كما الرجل تما ًما.
مسارات السورة:
المسار األول :من اآلية 1إلى اآلية :5٠يشمل قصة سيدنا زكريا
ويحيى ،وقصة مريم وسيدنا عيسى ،تبدأ أول قصة بالحديث عن
معجزة والدة سيدنا يحيى من شيخ كبير قد وهن عظمه ،وكرب سنه،
ومِن أم عجوز عقيم ،كان أبوه سيدنا زكريا يتمنى بأن يرزقه اهلل الولد
179
ألن أقاربه من بني إسرائيل ال يصلحون لميراث النبوة ،فسأل اهلل أن
أن تكون عبدً ا خاض ًعا هلل فقط ،وكلمة عبد جاءت من العبودية.
قصة فتاة عابدة تجلس يف مِحراهبا تعبد رهبا ،يأتيها رز ًقا عجي ًبا من اهلل
عز وجل كما جاء يف سورة آل عمران عندما يدخل عليها سيدنا زكريا
180
فانعزلت عن أهلها لتعبد اهلل عز وجل وتتفرغ للطاعة ،فأرسل اهلل عز
ِ ِ وجل لها مل ًكاَ ﴿ :فات َخ َذ ْ ِ
ت من دون ِه ْم ح َجا ًبا َف َأ ْر َس ْلنَا إِ َل ْي َها ر َ
وحنَا
وبدأت معجزة والدة سيدنا عيسى بدون أب ،كما ولد سيدنا آدم
بدون أب وأم ،وولدت حواء بدون أب وأم كذلك ،وأنطق اهلل سيدنا
181
•المسار الثاين:
يتضمن قصة سيدنا إبراهيم وحواره مع أبيه ،حين ألح على والده
بأدب وبتكراره كلمة (يا أبت) عند حواره معه ،فهدده والده بالرجم
وب َوكال َج َع ْلنَا َنبِ ًّيا َ .و َو َه ْبنَا َلهم ِّمن كثيرةَ ﴿ :و َه ْبنَا َله إِ ْس َح َ
اق َو َي ْعق َ
ر ْح َمتِنَا َو َج َع ْلنَا َله ْم ل ِ َس َ
ان ِصدْ ٍق َعلِ ًّيا﴾
والسبب:
ون اهللِ﴾
ون مِن د ِ
حرمات اهللَ ﴿ :و َأ ْعت َِزلك ْم َو َما َتدْ ع َ
•المسار الثالث:
182
يتضمن الحديث عن عقيدة البعث ،وبعض مشاهد يوم القيامةَ ﴿ :ي ْو َم
ن َْحشر ا ْلمت ِقي َن إِ َلى الر ْح َم ِن َو ْفدً ا َ .ونَسوق ا ْلم ْج ِرمِي َن إِ َلى َج َهن َم
ِو ْر ًدا﴾
وذكر يف سورة مريم اسم (الرحمن) ست عشرة مرة ،ألن اسم اهلل
183
لطائف وتدبرات من سورة مريم:
قال الشنقيطي« :أن أول كلمة نطق لهم هبا عيسى وهو صبي يف مهده
أنه عبد اهلل ،ويف ذلك أعظم ٍ
زجر للنصارى عن دعواهم أنه اهلل أو ابنه
أو إل ٌه معه»
ف مِ ْن َب ْع ِد ِه ْم َخ ْل ٌ
ف َأ َضاعوا الص َال َة﴾ َ ﴿-4ف َخ َل َ
184
إضاعة الصالة يعقبها مباشرة اتباع الشهوات ،فتأمل!
قال السعدي« :يساقون إلى جهنم ِوردا ،أي :عطاشا ،وهذا أبشع ما
185
﴿-٨ويزيد اهلل الذين اهتدوا هدى﴾
وقال ابن القيم« :فالعبد إذا عمل حسنة قالت أخرى إلى جانبها:
جرا ،فتضاعف
أيضا ،فإذا عملها قالت الثانية كذلك ،وهلم ًّ
اعملني ً
الربح ،وتزايدت الحسنات»
يف الحديث« :ما منكم من أحد إال سيك ِّلمه اهلل يوم القيامة ،ليس بينه
وبينه ترجمان ،فينظر أيمن منه فال يرى إال ما قدم ،وينظر أشأم منه
فال يرى إال ما قدم ،وينظر بين يديه فال يرى إال النار تلقاء وجهه،
186
مقاصد وموضوعات ومسارات السورة:
من السور التي تحدثت بالتفصيل عن قصة سيدنا موسى ،بد ًءا من
تربيته على عين اهلل ،ثم رسالته وقصته مع موسى ،وقصته مع
أي أن هذه الرسالة لم تنزل على النبي ﷺ ليشقى ويتعب ،إنما عليه
البالغ ،والهداية بيد اهلل سبحانه وتعالى ،وبعد هذه المقدمة تأيت قصة
187
يتحمل أعباء الدعوة ،ويظهر له كيف واجه سيدنا موسى فرعون بقوة
مسارات السورة:
•المسار األول:
من اآلية 1حتى اآلية ٩يبدأ بخطاب اهلل للنبي ﷺ ليعطيه داف ًعا وقوة
ليتحمل الدعوة.
•المسار الثاين:
يبدأ من اآلية 1٠حتى اآلية ٩٨وفيه قصة سيدنا موسى بداية من
•المسار الثالث:
من اآلية ٩٩إلى هناية السورة ،يف هذا القسم هتديد ووعيد لمن
ثم ذكرت السورة بعض مشاهد يوم القيامة للرتهيبَ ﴿ :ي ْو َمئِ ٍذ َيتبِع َ
ون
اع َي ال ِع َو َج َله َو َخ َش َعت األَ ْص َوات لِلر ْح َم ِن َفال َت ْس َمع إِال َه ْم ًسا،
الد ِ
َي ْو َمئِ ٍذ ّال َتن َفع الش َفا َعة إِال َم ْن َأ ِذ َن َله الر ْح َمن َو َر ِض َي َله َق ْوال﴾
189
والسورة مليئة بالكثير من اللطائف بين اهلل عز وجل وسيدنا موسى،
ٍ
كلمات يقولها ربنا سبحانه وتعالى إلى موسى وتشعر هبا كأنه فتجد
ٍ
بكلمات تطمأن القلب كي يداعب سيدنا موسى و َيلطف على قلبه
هو َمن
اهلل اهلل على المالطفة والبشرى ،أن يبشر موسى بأن اهلل َ
سير ِّبيه و َيرعاه!
عالقة جميلة بين سيدنا موسى وربنا سبحانه وتعالى َتختلف عن
قلب موسى ،لو تدبرنا سنجد أن موسى سيمر عليه أيا ٌم ثِقال مع
190
فرعون ،ثم بعد ذلك مع قومه ،فيعلم اهلل أن موسى قبل أن يشد
إن َك َ
أنت األعلى﴾
191
-3ال تنظر إلى الدنيا ،وال تنظر إلى ما يف يد غيرك ،ألن الداعية من
مهامه أن يح ِّقر الدنيا يف أعين الناس ،فال بد أن تخرج من قلبه أو ً
ال:
﴿وال َتمدن َعينَي َك إِ َلى ما متعنَا بِ ِه َأ ْزواجا منْهم َز ْهر َة ا ْلحي ِ
اة الد ْن َيا َ ً ِّ ْ َ َ َ َ َ ْ ْ ْ َ
لِنَ ْفتِنَهم فِ ِ
يه َو ِر ْزق َر ِّب َك َخ ْي ٌر َو َأ ْب َقى﴾ ْ
بل ال بد أن نجاهد أنفسنا ونصرب حتى يرتبط القلب بالوقوف أمام اهلل
192
لطائف وتدبرات من سورة طه:
هذه أسمى مقاصد األخوة ،وعالمات الحب يف اهلل ،أن تعين على
193
المحبة رزق رباين ،وليس بحاجة لسبب ،فموسى طفل رضيع لم
لم يمض على إيماهنم سوى بضع دقائق ،ومع ذلك عرفوا حقيقة
194
َ ﴿ -٨فإِن َله َم ِع َ
يش ًة َضنْكًا﴾
قال اإلمام ابن كثير« :أي يف الدنيا ،فال طمأنينة له ،وال انشراح
لصدره ،بل صدره ضيق لضالله ،وإن تنعم ظاهره ولبس ما شاء،
وأكل ما شاء ،وسكن حيث شاء ،فإن قلبه ما لم يخلص إلى اليقين
والهدى ،فهو يف قلق وحيرة وشك ،فال يزال يف ريبة يرتدد ،فهذا من
ضنك المعيشة»
195
سميت باألنبياء ألنه ذكر فيها ستة عشر نب ًّيا وهم :موسى ،وهارون،
الكفل.
196
فمهما بلغت من المنزلة يف الدعوة أو الجهاد أو العلم أو أي شيء يف
العطاءات والكرامات:
العطاءات والكرامات:
198
وب إِ ْذ نَا َدى
كثرة العبادة ،واستشعار الربوبية واألدب مع اهللَ ﴿ :و َأي َ
نت َأ ْر َحم الرا ِح ِمي َن﴾.
َربه َأنِّي َمسن ِ َي الضر َو َأ َ
العطاءات والكرامات:
-رجوع النعم مرة أخرىَ ﴿ :وآ َت ْينَاه َأ ْه َله َومِ ْث َلهم م َعه ْم﴾.
العطاءات والكرامات:
199
است ََج ْبنَا َله﴾.
-إجابة الدعاءَ ﴿ :ف ْ
الدائم هلل:
ون فِي ا ْل َخير ِ
ات َو َيدْ عو َننَا َر َغ ًبا َو َر َه ًبا َوكَانوا َلنَا ﴿إِنه ْم كَانوا ي َس ِ
ارع َ
َْ
اش ِعي َن﴾.
َخ ِ
العطاءات والكرامات:
-الرزق بالذرية وصالح األهلَ ﴿ :و َو َهبْنَا َله َي ْح َيى َو َأ ْص َل ْحنَا َله
َز ْو َجه﴾.
200
لطائف وتدبرات من سورة األنبياء:
﴿-3فنادى يف الظلمات﴾
يف ظلمة بطن الحوت وظلمة البحر وظلمة الليل ،ومع ذلك:
201
ليست ليونس وحده ،بل لكل مؤمن دعا بدعاء يونس ،وافتقر افتقار
بالجنان.
يونس ،ليس الدعاء كالما باللسان بل حاال َ
﴿-5ال إله إ ّ
ال أنت سبحانك إين كنت من الظالمين ﴾
صح عن حذيفة -رضي اهلل عنه -موقوفًا عليه :يأيت عليكم زمان ال
ّ
ينجو فيه إال من دعا دعاء الغريق .
قال ابن زيد :نبلوهم بما يحبون وبما يكرهون ،نختربهم بذلك لننظر
ألنه دعا يف إسحاق ،وزيد يعقوب من غير دعاء ،فكان ذلك نافلة ،أي
تمنيت
202
ون اهللِ َح َصب َج َهن َم َأنْت ْم َل َها َو ِارد َ
ون﴾ ون مِن د ِ
﴿-7إِنك ْم َو َما َت ْعبد َ ْ
عذاهبم».
المؤمنون غدا يف أمان وبال أحزان! قال ابن عباس :الفزع األكرب
وقال الحسن :هو وقت يؤمر بالعباد إلى النار ،وقال سعيد بن جبير
والضحاك :هو إذا أطبقت النار على أهلها ،وذبِ َح الموت بين الجنة
والنار.
203
مقاصد وموضوعات ومسارات السورة:
والجهاد؟
الحج من العبادات التي تشبه الجهاد تما ًما ،وتدربك على الجهاد،
مكان ليعبدوا اهلل ويع ِّظموه ،فسيمتلئ قلبك بتعظيم اهلل والغيرة على
حرماته.
204
-2عدم الخوف من الموت:
الحج يربيك على عدم الخوف من الموت ألن لباس اإلحرام يشبه
الحج.
-3الثبات:
ألن الحج من العبادة الوحيدة التي قال اهلل فيها﴿ :وأتموا﴿ أي أنك
-4الثقة يف اهلل:
-5الطاعة والجندية:
205
تدخل الحج وتفعل طاعات ومناسك معينة ومرتبة بشكل ما ،وطوال
الحج هتتف وتقول :لبيك اللهم لبيك ،كل هذه األشياء تعلمك
الطاعة والنظام.
هذه األمور شاقة على البدن ،فأنت بذلك تتدرب على تحمل
المشاق.
-2جهاد القتال:
اهلل َع َلى ن َْص ِر ِه ْم َل َق ِد ٌير﴾ ِ ﴿أ ِذ َن لِل ِذي َن ي َقا َتل َ
ون بِ َأنه ْم ظلموا َوإِن َ
يبدأ بجهاد النفس ،ثم أي عمل ينفع وينصر اإلسالم فهو جهاد مهما
207
-1الحج عبادة تعلمك أن تعظم ربك:
﴿ َذل ِ َك َو َمن ي َع ِّظ ْم َش َعائِ َر اهللِ َفإِن َها مِن َت ْق َوى ا ْلقل ِ
وب﴾
208
ِ ِ اهلل يولِج الل ْي َل فِي الن َه ِ ِ
ار َويولج الن َه َار في الل ْي ِل َو َأن َ
اهلل ﴿ َذل َك بِ َأن َ
يع َب ِص ٌير﴾ ِ
َسم ٌ
بدأت سورة الحج بذكر يوم القيامة؛ ألن الحج هو أشبه مشاهد الدنيا
بيوم الحشر.
209
﴿ -2ذلك ومن يعظم شعائر اهلل فإهنا من تقوى القلوب﴾
ومن شعائر اهلل :المصحف ،فال تضعه على األرض ،وال خلف
ظهرك ،وال تضع فوقه كتابا ،وال تضع فيه ورقة هامة ،فليس أهم منه.
وهو الفقير المتعفف الذي ال يع َلم حاله ،فمن أعمال االتقياء البحث
عن الفقراء.
210
َان نَكِ ِير﴾
فك ََ ﴿-٦ف َأ ْم َل ْيت ل ِ ْل َكافِ ِري َن ثم َأ َخ ْذته ْم َف َك ْي َ
211
مقاصد وموضوعات ومسارات السورة:
الدين المعاملة.
األول يف السورة:
وهو العبادة ،فنالحظ اآليات َ
ون ،ال ِذين هم فِي صالتِ ِهم َخ ِ
اشع َ
ون = عبادات َقدْ َأ ْف َل َح ا ْلم ْؤمِن َ
ْ َ َ ْ
212
َاة َف ِ
اعل َ
ون = عبادات وال ِذين هم لِلزك ِ
َ ْ َ
وج ِه ْم َحافِظ َ
ون = معامالت َوال ِذي َن هم لِفر ِ
ْ
عبادات؛ ويؤكد هذا األمر ما ذكرناه يف سورة البقرة ،أن كل معاملة أو
معامالت
213
-1إخبار الناس بنعم اهلل عليهم:
جاء شوط من النعم وهو من األشياء التي يمكن أن نبدأ هبا أثناء دعوة
الناس ،أن نذكرهم بنعم اهلل عليهم ،ويف وسط هذه اآليات يأيت هتديد
اب بِ ِه َل َق ِ
ادر َ
ون﴾ من اهلل عز وجلَ ﴿ :وإِنا َع َلى َذ َه ٍ
-2الجدال مع األنبياء:
ثم نالحظ رد أهل الكفر والضاللَ ﴿ :ما َه َذا إِال َب َش ٌر ِّم ْثلك ْم ي ِريد َأن
214
هذه طريقة أهل الباطلَ [ ،هدم الداعية وليس الدعوة ] ،يريدون أن
ش ا ْل َعظِ ِ
يم﴾ ﴿ق ْل من رب السماو ِ
ات الس ْب ِع َو َرب ا ْل َع ْر ِ َ َ َ
215
ال بد وأن يمتلئ القلب بالخوف من اهلل عز وجل ،ونالحظ من
ون﴾ أم ًة و ِ
احدَ ًة و َأنَا ربكم َفاتق ِ
َ َ ْ َ
= كأننا لن نتوحد ونعتصم بحبل اهلل إال بالدعوة إلى اهلل عز وجل.
216
لطائف وتدبرات من سورة المؤمنون:
ون * َوال ِذي َن ه ْم َع ِن الل ْغ ِو ﴿-1ال ِذين هم فِي ص َالتِ ِهم َخ ِ
اشع َ ْ َ َ ْ
َاة َف ِ
ون * وال ِذين هم لِلزك ِ
اعل َ
ون﴾ َ ْ م ْع ِرض َ َ
ان مِ ْن س َال َل ٍة مِ ْن طِ ٍ
ين﴾ َ ﴿-2و َل َقدْ َخ َل ْقنَا ْ ِ
اإلن َْس َ
أين العتاة المتج ِّبرون ،أين الفراعنة المتك ِّبرون ،ما نفعتهم األموال
ما كنا غافلين عن القيام بمصالحكم وحفظكم ولو مقدار لحظة ،وإال
217
فما أشمل هذه العناية اإللهية التي تحفظ الكون من الزوال أو
االختالل.
يجب أال تمر سيئاتك بذاكرتك مرورا عابرا ،فغدا ترى لكتابك لسانا
218
سورة النور من اسمها فهي نور ،نور يضيء لك كل حياتك ،بدأت
اسمها سورة ،ولكن ال يتوجد سورة تصدرت هبذا اللفظ يف أولها إال
سورة النور ،وذلك لبيان فضلها ِ
وع َظم ما فيها من األوامر والنواهي
-نزول السورة:
اإلفك الذي رميت به السيدة عائشة رضي اهلل عنها ،فبدأ السورة
بالحديث عن الزنى وحدّ ه الذي قرره الشرع ،ثم بعد ذلك يأيت حدّ
القذف والمالعنة بين الرجل والمرأة ،وكل هذا تمهيد لحادثة
اإلفك.
219
تحدثت السورة عن مشكلة الزنا ،ثم حددت كيفية:
-4العالج النهائي.
-1العقاب:
لو الحظنا سنجد أن اهلل عز وجل بدأ بـ« :الزانية»؛ ألن المرأة هي
220
َ -2من السبب يف انتشار الزنا؟
بعد ذكر آيات الزنا جاء بعدها ذكر أعداء اإلسالم ،وهم الذين
العري والزنا إال فسد وفسد أهله ،تبدأ السورة بذكر العدو األول
وهم:
المنافقون يحبون أن تنتشر هذه الفاحشة ،لذلك نجدهم اآلن أول َمن
221
ذلك ،هو يريد كل امرأة أمامه عارية ،يريد أن يعرف تفاصيلها ،وهذه
يف الغالب ال يزين الرجل بامرأة رآها ألول مرة فقال لها هيا نزين
فتوافق! تقري ًبا مستحيل إال إذا كانت هذه مهنتها ،لكن الشيطان
يأخذك خطوة خطوة؛ تبدأ بإطالق البصر ،ثم محاولة لفت انتباهها
بأي وسيلة ،ثم محاولة الوصول إليها والحديث معها ،ثم يبدأ
222
هي خطوات ،فاحذرها وانتبه.
أيضا:
من أسباب نزول السورة ً
نزلت هذه السور لما منع سيدنا أبو بكر أن يعطي المال الذي يعطيه
معونة وصدقة ألحد الفقراء ،ولكن هذا الرجل كان من الذين افرتوا
على السيدة عائشة ،فامتنع عن إعطائِه ،فأنزل اهلل هذه اآلية كي يعطيه
223
-3االجراءات الوقائية لالحرتاز من هذه الفاحشة:
-1االستئذان:
﴿َا َأي َها ال ِذي َن آ َمنوا ال َتدْ خلوا بيو ًتا َغ ْي َر بيوتِك ْم َحتى َت ْست َْأنِسوا
َوت َس ِّلموا َع َلى َأ ْهلِ َها َذلِك ْم َخ ْي ٌر لك ْم َل َعلك ْم َت َذكر َ
ون﴾
وهذه الظاهرة لألسف نراها كثيرة ،أن يدخل الناس على أقارهبم ً
مثال
دون استئذان ،ولألسف يحدث ألفة للبيت ،وقد يحدث طامات كما
نسمع ونرى.
-2غض البصر:
224
-3حفظ الفرج:
﴿ َو َي ْح َفظوا فر َ
وجه ْم﴾ = حفظ الفرج ليس الزنا فقط ،بل حفظه من
عندما يرى فتاة متربجة ،يبدأ عقله بتخيلها ،ثم يبدأ بمطاردهتا حتى
يوقعها يف الفخ.
-5تيسير الزواج:
أيضا الزواج،
أيضا عما يسن من قوانين تصعب ً
مؤسف ،ناهيك ً
225
كتحديد سن معين للزواج وغيره ،وكل هذا يسبب خلل يف المجتمع،
كون الشاب والفتاة بداخلهما شهوة مكبوتة ،فتخرج هذه الشهوة يف
-٦العفاف:
226
أن تعلم أنك بدون اهلل ال شيء ،وأنت تعلم أن كل شيء إنما هو
﴿ َو َل ْوال َف ْضل اهللِ َع َل ْيك ْم َو َر ْح َمته َما َزكَا مِنكم ِّم ْن َأ َح ٍد َأ َبدً ا﴾
-3قنديل المساجد:
227
ِ ٍ ِ ِ
﴿في بيوت َأذ َن اهلل َأن ت ْر َف َع َوي ْذك ََر ف َيها ْ
اسمه﴾
إلى اهلل سبحانه وتعالى ،تجلس فتقرأ وردك من القرآن ،أو تذكر اهلل
-4قنديل العبادة:
اآلص ِ ِ
ال﴾ ﴿ي َس ِّبح َله ف َيها بِا ْلغد ِّو َو َ
أي يف أول النهار وآخره! فمثال تصلي الفجر ،ثم تجلس لتذكر اهلل عز
228
يهم تِجار ٌة وال بيع َعن ِذك ِْر اهللِ وإِ َقا ِم الص ِ
الة َوإِيتَاء َ ﴿ ِر َج ٌال ّال ت ْل ِه ِ ْ َ َ َ َ ْ ٌ
ون يوما َتتَ َقلب فِ ِ
يه ا ْلقلوب َواألَ ْب َصار﴾ ِ
الزكَاة َي َخاف َ َ ْ ً
بين األمرين.
اهلل ي ْز ِجي َس َحا ًبا ثم ي َؤ ِّلف َب ْينَه ثم َي ْج َعله ركَا ًما َفت ََرى
﴿ َأ َل ْم َت َر َأن َ
ال فِ َيها مِن بَ َر ٍد
ا ْل َو ْد َق َي ْخرج مِ ْن ِخالل ِ ِه َوين َِّزل مِ َن السماء مِن ِج َب ٍ
َ
َفي ِصيب بِ ِه َمن َي َشاء َو َي ْص ِرفه َعن من َي َشاء َي َكاد َسنَا َب ْرقِ ِه َي ْذ َهب
ار ،ي َق ِّلب اهلل الل ْي َل َوالن َه َار إِن فِي َذل ِ َك َل ِع ْب َر ًة ِّألولِي األَ ْب َص ِ
ار، بِاألَ ْب َص ِ
َواهلل َخ َل َق كل َداب ٍة مِن ماء َف ِمنْهم من َي ْم ِشي َع َلى َب ْطن ِ ِه َومِنْهم من
229
َي ْم ِشي َع َلى ِر ْج َل ْي ِن َومِنْهم من َي ْم ِشي َع َلى َأ ْر َب ٍع َي ْخلق اهلل َما َي َشاء إِن
الغنى يف النكاح».
وقال أبو بكر الصديق "أطيعوا اهلل فيما أمركم به من النكاح ،ي ِ
نجز
230
ات مبين ٍ
َات﴾ ﴿ -3و َل َقدْ َأن َْز ْلنَا إِ َليكم آي ٍ
َ ِّ ْ ْ َ َ
قال ابن تيمية« :من تدبر القرآن طالبا لهدى منه ،تبين له طريق
الحق».
ور َع َلى ن ٍ
ور﴾ ﴿ -4ن ٌ
قال ابن القيم« :نور الوحي ،ونور العقل ،ونور الشريعة ،ونور
(الزكاة).
231
مقاصد وموضوعات ومسارات السورة:
وكل آيات السورة تدور حول هذه المحاور الثالث بشكل واضح،
ومن هنا سبب تسميتها بالفرقان ،ألهنا توضح -من خالل هذه
والباطل.
-3التكذيب باهلل:
اسجدوا لِلر ْح َم ِن َقالوا َو َما الر ْح َمن َأن َْسجد ل ِ َما َت ْأمرنَا ِ
﴿ َوإِ َذا ق َيل َلهم ْ
ورا﴾
َو َزا َده ْم نف ً
233
-4التكذيب بالغيب:
ون ل ِ َقا َءنَا َل ْوال أ ِنز َل َع َل ْينَا ا ْل َمالئِ َكة َأ ْو ن ََرى َربنَا
﴿ َو َق َال ال ِذي َن ال َي ْرج َ
اس َت ْك َبروا فِي َأنف ِس ِه ْم َو َعت َْو عت ًّوا َكبِ ًيرا﴾ ِ
َل َقد ْ
ثم تأيت بعد ذلك شكوى خطيرة من كل من يهجر القرآنَ ﴿ :و َق َال
فحذار حذار من هجر القرآن ،ألنه طريقك إلى الفرقان بين الحق
234
تدبرات ولطائف من سورة الفرقان:
اس َت ْك َبروا فِي َأنْف ِس ِه ْم َو َعت َْوا عت ًّوا َكبِ ًيرا﴾[الفرقان:]21 : ِ
َ ﴿-1ل َقد ْ
الكِرب من أعظم أسباب رد الحق ،ولذا عرف النبي ﷺ الكِ ْبر بأنه دفع
الحق وإنكاره وعدم قبوله ترفعًا وتجربا ،فقال« :الكِرب َب َطر الحق».
-2ياوي َلتَا َليتَنِي َلم َأت ِ
خ ْذ ف َالنًا َخلِ ً
يال﴾[الفرقان:]2٨ : ْ َ َْ ْ
تأمل كيف كان الصاحب سببا يف إهالك صاحبه؟! أال يدفعك هذا
235
﴿ -3ك ََذل ِ َك لِن َث ِّب َت بِ ِه ف َؤا َد َك َو َرت ْلنَاه َت ْرتِ ً
يال﴾[الفرقان:]32 :
القرآن أشد تأثيرا على القلب إذا قرأته مرتال بأناة ومن غير استعجال.
بعد تعداد النعم ،سرد اهلل أحوال أهل الكفر ،لنشمئز من هذا العقوق،
غيره معه.
َ ﴿-5و َت َوك ْل َع َلى ا ْل َح ِّي ال ِذي َال َيموت﴾ [الفرقان:]5٨ :
إنما قال :على الحي الذي ال يموت؛ ألن من توكل على الحي الذي
يموت ،فإذا مات المتوكل عليه ضاع المتوكِّل ،أما اهلل سبحانه ،فإنه
237
مقاصد وموضوعات ومسارات السورة:
سورة الشعراء لها أكثر من مقصد ،ولكن المقصد األهم لها هو أنواع
-1القلب المؤمن:
ِِ ِ
﴿ َل َعل َك َباخ ٌع ن ْف َس َك َأال َيكونوا م ْؤمني َن﴾ = ٌ
قلب َحي يحزن على
ب َسلِ ٍ
يم﴾ = قلب سليم خالي من الشهوات ﴿إِال َم ْن َأ َتى َ
اهلل بِ َق ْل ٍ
والنفاق والشبهات.
الدِّ ِ
ين﴾.
-قوم إبراهيمَ ﴿ :قالوا َن ْعبد َأ ْصنَا ًما َفنَ َظل َل َها َعاكِ ِفي َن﴾.
239
اعظِي َن﴾.
-قوم عادَ ﴿ :قالوا سواء َع َلينَا َأو َع ْظ َت َأم َلم َتكن من ا ْلو ِ
ِّ َ َ ْ ْ ْ َ َ َ
لو نالحظ أن السورة تكررت فيها آية ﴿وإن ربك لهو العزيز
الرحيم﴾ تسع مرات؛ ألن اسم اهلل العزيز يخاطب اهلل به القلوب
-1الحرب اإلعالمية
﴿ َف َأرس َل فِر َعون فِي ا ْلمدَ ائِ ِن ح ِ
اش ِري َن﴾ = يبدأ بنشر الذين ينشرون َ َ ْ َ ْ ْ
اإلشاعات ،كما يحدث يف القنوات اإلعالمية واألفالم والمسلسالت
والصحف.
أعين الناس ،ويقولون عنهم أهنم كذا وكذا ،وهذه الحروب تكون
240
ألن الناس قد شربوا من السم الذي نشره هؤالء ،ومن اسم السورة
-2الحروب المادية:
﴿ َف َلما َجا َء الس َح َرة َقالوا ل ِ ِف ْر َع ْو َن َأئِن َلنَا ألَ ْج ًرا إِن كنا ن َْحن ا ْل َغالِبِين،
شوهون
لمن ي ِّ
أهل الباطل غال ًبا معهم األموال ،فهم يدفعوهنا بكثرة َ
صورة أهل اإليمان.
241
هذه اآليات تبعث الطمأنينة يف قلب كل مؤمن ،ال تيأس وتحزن
عندما تراهم يتمتعون بالقوة والمال ،كل هذا سراب ،وكل هذا
242
تدبرات ولطائف من سورة الشعراء:
ِ
َ ﴿ -2وا ْتل َع َل ْي ِه ْم َن َب َأ إِ ْب َراه َ
يم﴾[الشعراء:]٦٩:
اتل قصص األنبياء والصالحين ،وخذ منها العربة والعظات ،وع ِّلمها
يكونوا إمعات.
قمة النعيم وغاية التنعيم أن تقرب الجنة نحوهم حتى ال يتكبدوا ولو
مشقة المشي!
243
ت ا ْل َجنة ل ِ ْلمت ِقي َن﴾[الشعراء:]٩٠:
﴿ -4وأ ْزل ِ َف ِ
َ
قمة النعيم وغاية التنعيم أن تقرب الجنة نحوهم حتى ال يتكبدوا ولو
مشقة المشي!
َ ﴿ -٦قالوا إِن َما َأن َْت مِ َن ا ْلم َسح ِري َن﴾[الشعراء:]153:
ما أسهل إلقاء التهم على الشرفاء ،ولو سلم منه أحد لسلم منه السادة
األنبياء.
244
مقاصد وموضوعات ومسارات السورة:
العابد:
245
خبء فِي السماو ِ
ات َواألَ ْر ِ
ض َو َي ْع َلم َما ت ْخف َ
ون َو َما َ َ ي ْخ ِرج ا ْل َ ْ َ
ت ْعلِن َ
ون﴾.
تأمل يف كالم الهدهد ،وتأمل يف غيرته على حرمات اهلل لما رأى
الكفر من هؤالء!
َح َوت سورة النمل أربع قصص :سيدنا موسى ،سيدنا سليمان ،سيدنا
سيناء ،ثم تكليفه بالرسالة إلى فرعون وقومه ،ثم يف هناية القصة تذكر
246
-2قصة سيدنا سليمان:
ورث سليمان النبوة والملك من أبيه سيدنا داوود ،وعلمه اهلل لغة
أيضا جزء بسيط من القصة ،عندما أرسل اهلل سيدنا صالح إلى
جاء ً
ثمود ،فمنهم َمن آمن به ومنهم َمن كفر ،فتآمروا على قتله ،لكنهم
247
-4قصة سيدنا لوط:
دعا سيدنا لوط قومه إلى ترك الشذوذ الجنسي واللواط ،فقد كانوا
ثم يف هناية هذه القصص يأيت التعقيب بآيات وأسئلة تزلزل القلوب:
ات َواألَ ْر َض َو َأ َنز َل َلكم ِّم َن الس َماء َماء َف َأن َب ْتنَا بِ ِه
﴿ َأمن َخ َل َق السماو ِ
َ َ ْ
َان َلك ْم َأن تنبِتوا َش َج َر َها َأإِ َل ٌه م َع اهللِ َب ْل ه ْم َق ْو ٌم
ات َب ْه َج ٍة ما ك َ
َحدَ ائِ َق َذ َ
ون﴾.َي ْع ِدل َ
248
جيب ا ْلم ْض َطر إِ َذا َد َعاه َو َي ْك ِشف السو َء َو َي ْج َعلك ْم خ َل َفاء
﴿ َأمن ي ِ
التي ستكلم الناس وهي من عالمات الساعة الكربىَ ﴿ :وإِ َذا َو َق َع
ا ْل َق ْول َع َل ْي ِه ْم َأ ْخ َر ْجنَا َله ْم َداب ًة ِّم َن األَ ْر ِ
ض ت َك ِّلمه ْم َأن الن َ
اس كَانوا
بِآ َياتِنَا ال يوقِن َ
ون﴾.
ثم آخر آيات كما أول آيات السورة؛ تحدثت عن المؤمن العابد:
249
﴿إِن َما أمِ ْرت َأ ْن َأ ْعبدَ َرب َه ِذ ِه ا ْل َب ْلدَ ِة ال ِذي َحر َم َها َو َله كل َش ْي ٍء
آن َف َم ِن ْاهتَدَ ى َفإِن َما َي ْهت َِدي لِنَ ْف ِس ِه َو َمن َضل َفق ْل إِن َما
﴿ َو َأ ْن َأ ْتل َو ا ْلق ْر َ
َأنَا مِن ا ْلم ِ
نذ ِري َن﴾. َ
﴿ َوق ِل ا ْل َح ْمد لِل ِه َسي ِريك ْم آ َياتِ ِه َف َت ْع ِرفون ََها َو َما َرب َك بِ َغافِ ٍل َعما
َت ْع َمل َ
ون﴾.
250
لطائف وتدبرات من سورة النمل:
احرص على انتقاء كلماتك! انظر جمال اختيار القرآن لأللفاظ :قال
251
﴿ -4ولقد آتينا داوود وسليمان علما﴾ :أوسع عطاء هو عطاء العلم،
يؤتيك اهلل إياه ،فتنفق منه على غيرك ،فتكون متع ِّلما ومع ِّلما.
الدنيوية واألخروية ،وأن يرى جميع النعم من ربه ،فال يفخر هبا وال
يقول أهل البالغة أن هذه النملة جمعت ثالثة عشر أمراَ :أ َحس ْت :
ِ
وجود الخطر .وبادرت :بادرت بإبالغ النمل بما سيأيت.أحست بِ
252
بالخطرَ .
وأنذرت :أنذرت النمل .وأعذرت :وهم ال يشعرون.
غار الهدهد على محارم اهلل ،فمتى نغار إذا انتهكت محارم اهلل!
َ ﴿ -٨ق َال َه َذا مِ ْن َف ْض ِل َر ِّبي ل ِ َي ْبل َونِي َأ َأ ْشكر َأ ْم َأكْفر﴾ :الفارق بين
بذلك ،فلم يغرت عليه السالم بملكه وسلطانه وقدرته كما هو دأب
253
الملوك الجاهلين ،بل علِم أن ذلك اختبار من ربه فخاف أن ال يقوم
﴿ -٩قل الحمد هلل﴾ [النمل :]5٩ :يف الحديث« :أفضل الذكر :ال
إله إال اهلل وأفضل الدعاء :الحمد هلل» .صحيح الجامع رقم11٠4 :
:]74أنت أمام اهلل كتاب مفتوح ،فمهما تزينت أمام الخلق لتخفي
يوقِن َ
ون﴾ [النمل :]٨2 :تنزل الدابة ناطق ًة كعالمة من عالمات
الساعة ،وال يق َبل عندها اإليمان .قال رسول اهلل ﷺ« :ثالث إذا
254
آن َف َم ِن ْاهتَدَ ى﴾ تالوة القرآن على الناس من
َ ﴿ -12و َأ ْن َأ ْتل َو ا ْلق ْر َ
أعظم أسباب الهداية ،وكم من ٍ
مهتد يف ليلة من ليالي رمضان ،بعد أن
ِ
سمع القرآن يف خشوع بصالة التهجد أو الرتاويح.
255
من مقاصد سورة القصص ،الثقة بوعود اهلل سبحانه وتعالى ،وحسن
الظن به.
وهي سورة مك ّية تركّز يف آياهتا على قصة سيدنا موسى عليه السالم
يف مرحلة الوالدة ،النشأة ،الزواج ،العودة إلى مصر وتحقق وعد اهلل
وقد نزلت هذه السورة وقت هجرة الرسول ﷺ من مكة إلى المدينة،
وكان حزينًا لفراق مكة ،فأنزل اهلل تعالى هذه السورة تطمينًا لرسوله
ﷺ بأن وعده سيتحقق تمامًا كما تحقق وعد اهلل تعالى لموسى.
ان َق َال َما َخ ْطبك َما َقا َلتَا ال ن َْس ِقي َحتى ي ْص ِد َر
دونِ ِهم امرأ َتي ِن َتذود ِ
َ َْ ْ
الر َعاء َو َأبونَا َش ْي ٌخ َكبِ ٌير﴾
ِّ
﴿ َو َق َال فِ ْر َع ْون َيا َأي َها ا ْل َم َأل َما َعلِ ْمت َلكم ِّم ْن إِ َل ٍه َغ ْي ِري َف َأ ْوقِدْ لِي َيا
إِن َم َفاتِ َحه َلتَنوء بِا ْلع ْص َب ِة أولِي ا ْلقو ِة إِ ْذ َق َال َله َق ْومه َال َت ْف َر ْح ۚ إِن
حب ا ْل َف ِر ِحي َن ﴾
اللـه َال ي ِ
َ
258
وتعرض السورة كيف كان يتعامل سيدنا موسى مع المشاكل
تعرض السورة قصة سيدنا موسى عليه السالم قال تعالى ﴿ َو َأ ْو َح ْينَا
259
وقصة سيدنا محمد ﷺ قال تعالى﴿إِن ال ِذي َف َر َض َع َل ْي َك ا ْلق ْر َ
آن
اد قل ر ِّبي َأ ْع َلم َمن َجاء بِا ْلهدَ ى َو َم ْن ه َو فِي َض َال ٍل
َلراد َك إِ َلى مع ٍ
ََ َ
مب ِ ٍ
ين﴾
وهذا تطمين من اهلل تعالى لرسوله ﷺ أنه كما عاد موسى إلى مصر
مصر بين ٨و 1٠سنوات التي كانت مهر ابنة شعيب ،والرسول ﷺ
260
مقاصد وموضوعات ومسارات السورة:
-أشواط السورة:
ب الناس َأن يت َْركوا َأن َيقولوا آ َمنا َوه ْم ال دينك﴿ :آلمِ ،
أحس َ
َ
ي ْفتَن َ
ون﴾.
•المسار األول:
تبدأ السورة بتبيين الفتن الخارجية التي ستقابل كل َمن يقرر السير يف
طريق اهلل:
-1فتنة الوالدين:
261
اك لِت ْش ِر َك بِي َما َل ْي َس َل َك بِ ِه ِع ْل ٌم َفال تطِ ْعه َما إِ َلي ﴿ َوإِن َج َ
اهدَ َ
أحيانا يظن الوالدين أن ولدهما سيضيع لمجرد أنه يسير يف طريق اهلل
النقاب وذلك ألسباب وهمية كاذبة ال قيمة اهلل ،ومع ذلك فأنت
كثير من الناس يسير يف طريق اهلل ،ثم إذا أصابه أذى يرتك الطريق!
-3الصحبة القديمة:
262
﴿ َو َق َال ال ِذي َن َك َفروا لِل ِذي َن آ َمنوا اتبِعوا َسبِي َلنَا َو ْلن َْح ِم ْل َخ َطا َياك ْم َو َما
هم بِحامِلِين مِن َخ َطاياهم من َشي ٍء إِنهم َل َك ِ
اذب َ
ون﴾. ْ ْ ِّ َ َ ْ َ
•المسار الثاين:
قصة :سيدنا نوح ،سيدنا إبراهيم ،سيدنا شعيب ،سيدنا صالح ،سيدنا
•المسار الثالث:
ثم بعد ذلك تعرض السورة الحصون والحمايات التي يتحصن هبا
مثل:
263
ون اهللِ َأ ْول ِ َياء
خذوا مِن د ِ
اتخاذ أهل الباطل أولياءَ ﴿ :م َثل ال ِذي َن ات َ
وت َلبيت ا ْلعن َكب ِ
وت َل ْو ت بيتًا وإِن َأو َهن ا ْلبي ِ كَم َث ِل ا ْلعن َكب ِ
َ َْ خ َذ ْ َ ْ َ ْ َ وت ات َ َ َ
كَانوا َي ْع َلم َ
ون﴾.
•المسار الرابع:
264
اهلل ،والحظ الرتابط العجيب الذي سيأيت ،هذه الفتن الداخلية هي
رزق الكفايةَ ﴿ :وك ََأ ِّين مِن َداب ٍة ال َت ْح ِمل ِر ْز َق َها اهلل َي ْرزق َها َوإِياك ْم
األَ ْر َض مِن َب ْع ِد َم ْوتِ َها َل َيقولن اهلل ق ِل ا ْل َح ْمد لِل ِه َب ْل َأ ْك َثره ْم ال
َي ْع ِقل َ
ون﴾.
265
-2الخوف على محبوبات الدنيا:
﴿وما َه ِذ ِه ا ْلحياة الدنْيا إِال َلهو و َل ِعب وإِن الدار ِ
اآلخ َر َة َل ِه َي ا ْل َح َي َوان َ ٌْ َ ٌ َ َ ََ َ َ
َل ْو كَانوا َي ْع َلم َ
ون﴾.
﴿ َأ َو َل ْم َي َر ْوا َأنا َج َع ْلنَا َح َر ًما آمِنًا َويت ََخطف الناس مِ ْن َح ْول ِ ِه ْم﴾.
وبعده آية التوحيدَ ﴿ :و َم ْن َأ ْظ َلم مِم ِن ا ْفت ََرى َع َلى اهللِ ك َِذ ًبا َأ ْو كَذ َب
بِا ْل َح ِّق َلما َجا َءه َأ َليْ َس فِي َج َهن َم َم ْث ًوى ِّل ْل َكافِ ِري َن﴾.
كثير عن قوة التوحيد ،وقوة ال إله إال اهلل يف التمكين يف الحياة ،وبسط
سئل اإلمام الشافعي :يا أبا عبد اهلل ..أيها أفضل للرجل :أن ي َمكن أو
َ ﴿ -2و َل َقدْ َفتَنا ال ِذي َن مِ ْن َق ْبلِ ِه ْم َف َل َي ْع َل َمن اهلل ال ِذي َن َصدَ قوا َو َل َي ْع َل َمن
ا ْل َك ِ
اذبِي َن﴾ قال الحسن البصري« :كانوا يتساوون يف وقت النعم ،فإذا
267
َان يرجو ل ِ َقاء اهللِ َفإِن َأج َل اهللِ ٍ
آلت َوه َو الس ِمع ا ْل َعلِيم﴾ َ َ َ ﴿ -3م ْن ك َ َ ْ
قال ابن ج َزي« :ومعنى اآلية :من كان يرجو ثواب اهلل فليصرب يف
الدنيا ،على المجاهدة يف طاعة اهلل حتى يلقى اهلل ،فيجازيه ،فإن لقاء
يأمرهم بما أمرهم به لينتفع به ،وال هناهم عما هناهم عنه ب ْخال
عليهم».
من المنافقين بمكة ،كانوا يؤمنون ،فإذا أوذوا رجعوا إلى الشرك».
ض وال فِي السم ِ ِ َ ﴿ -٦وما َأنْتم بِم ْع ِ
اء﴾ َ ج ِزي َن في األَ ْر ِ َ َ ْ
268
أي ما أنتم بقادرين على أن تفلتوا من لقاء اهلل وحسابه ،سواء كنتم يف
فيها.
القرآن!
269
مقاصد وموضوعات ومسارات السورة:
من مقاصد سورة الروم أهنا تثبت هيمنة اهلل على كل شيء ،وتبين
-مسارات السورة:
•المسار األول:
كان من غير المتوقع أن ينتصر الروم على فارس ،كَون فارس وقتها
قوة عظمى ،وأما عن فرح المؤمنين ،فهو فرحهم لنصر الروم على
270
فارس ألن الروم أهل كتاب ،ثم يبين اهلل عز وجل قدرته وهيمنته ،أنه
كل هذا يحدث بأمر اهلل﴿ :هلل األمر مِن قبل ومن بعد﴾.
•المسار الثاين:
ثم تأيت آية َمن يعصي اهلل ،وبعدها تذكير باليوم اآلخر:
•المسار الثالث:
ثم جاء يف السورة اثني عشر دليالً على وحدانية اهلل يف سبع آيات من
•المسار الرابع:
ثم بعد ذكر هذه القدرة والهيمنة ،ماذا يريد اهلل منك؟
272
•المسار الخامس:
أيضا تأيت آية للداللة على وحدانية اهلل ،وهي أن اهلل تعالى يرسل
ً
الرياح مبشرات بالمطر ،والسفن تسير يف البحر بأمر اهلل تعالى:
273
ومن لطائف السورة أهنا أثبتت البعث بآيات تبطل مزاعم المشركين
مِن ش َركَائِكم من َي ْف َعل مِن َذلِكم ِّمن َش ْي ٍء س ْب َحانَه َو َت َعا َلى َعما
ي ْش ِرك َ
ون﴾.
274
ف ثم جع َل مِن بع ِد َضع ٍ
ف اآلية الرابعة﴿ :اهلل ال ِذي َخ َل َقكم من َضع ٍ
ْ َْ َ َ ْ ِّ
قو ًة ثم َج َع َل مِن َب ْع ِد قو ٍة َض ْع ًفا َو َش ْي َب ًة َي ْ
خلق َما َي َشاء َوه َو ا ْل َعلِيم
ا ْل َق ِدير﴾.
ون﴾[الروم :]7 :قال الحسن« :إن أحدهم لينقر الدرهم بطرف غافِل َ
ظهرها من دابة!
275
هدف بعض االبتالءات رد الشاردين إلى رحاب اهلل ،وجذب
الكِ َبر أشد ضعفا من األطفال ،لذا يحتاج الوالدان رعايتك أكثر من
أوالدك.
الدنيا كلها يف جوار اآلخرة ساعة ،فكيف بعتم خلود اآلخرة بنعيم
وغموم!
276
َخفن َك ال ِذي َن َال يوقِن َ
ون﴾[الروم :]٦٠ :أي ال تضطرب ﴿ -٦و َال يست ِ
َ َْ
لكالمهم ،وال تقلق ،وال يذهب عقلك بسبب ما يصنع هؤالء
ختِ َمت السورة بالوعد بالنصر ،كما افتتحت بالوعد به ،فسورة الروم
مبشرة المؤمنينِ ،
ونازعة القلق من قلوب الصلحين ،وهي من هي ِّ
277
مقاصد وموضوعات ومسارات السورة:
هي سورة تربية األبناء ،ومن أهم مقاصدها تسفيه من يتخذ آيات اهلل
هزوا ويتبع ما كان مله ًيا عن دين اهلل ،وبيان قدرة اهلل عز وجل يف
ً
اإلبداع والخلق واإليجاد واإلمداد
مسارات السورة:
المسار األول:
اآلخ َر ِة ه ْم يوقِنون،
ون الزكَا َة وهم بِ ِ
َ ﴿ألم ،ال ِذي َن ي ِقيم َ
ون الصال َة َوي ْؤت َ
ون﴾.اآلخ َر ِة ه ْم يوقِن َ
ون الزكَا َة وهم بِ ِ
َ ون الصال َة َوي ْؤت َي ِقيم َ
278
يث لِي ِضل َعن
اس من ي ْشت َِري َلهو ا ْلح ِد ِ
َْ َ
ِ
جزاء المسيءَ ﴿ :وم َن الن ِ َ َ
اب م ِهي ٌن َ .وإِ َذا ت ْت َلى ِ ِ ِ ِ
َسبِي ِل اهلل بِ َغ ْي ِر ع ْل ٍم َو َيتخ َذ َها هز ًوا أ ْو َلئ َك َله ْم َع َذ ٌ
َع َل ْي ِه آ َياتنَا َولى م ْس َت ْكبِ ًرا ك ََأن ل ْم َي ْس َم ْع َها ك ََأن فِي أذ َن ْي ِه َو ْق ًرا َف َب ِّش ْره
اب َألِيم﴾.
بِ َع َذ ٍ
•المسار الثاين:
•المسار الثالث:
279
﴿ َوإِ ْذ َق َال ل ْق َمان ِال ْبن ِ ِه َوه َو َي ِعظه َيا بنَي ال ت ْش ِر ْك بِاهللِ إِن ِّ
الش ْر َك َلظ ْل ٌم
يم﴾. ِ
َعظ ٌ
•المسار الرابع:
﴿ َوإِ َذا قِ َيل َلهم اتبِعوا َما َأ َنز َل اهلل َقالوا َب ْل نَتبِع َما َو َجدْ نَا َع َل ْي ِه آ َبا َءنَا
•المسار الخامس:
280
اخ َش ْوا َي ْو ًما ّال َي ْج ِزي َوالِدٌ َعن َو َل ِد ِه َوال
﴿ َيا َأي َها الناس اتقوا َربك ْم َو ْ
از َعن َوال ِ ِد ِه َش ْي ًئا إِن َوعْدَ اهللِ َح ٌّق َفال َتغرنكم ا ْل َح َياة
َم ْولو ٌد ه َو َج ٍ
اهلل ِعندَ ه ِع ْلم السا َع ِة َوين َِّزل ا ْل َغ ْي َث َو َي ْع َلم َما فِي األَ ْر َحا ِم َو َما
﴿إِن َ
َتدْ ِري َن ْف ٌس ما َذا َت ْك ِسب َغدً ا َو َما َتدْ ِري َن ْف ٌس بِ َأ ِّي َأ ْر ٍ
ض َتموت إِن َ
اهلل
281
لطائف وتدبرات من سورة لقمان:
الحق ،وما
المرء من الضاللة أن يختار حديث الباطل على حديث ّ
وهدية إلهية ،وليست بالضرورة عن كرب ِس ٍّن ،ولكن عطاء اهلل يعطيه
﴿ . -3يا بني ال تشرك باهلل إن الشرك لظلم عظيم﴾ [لقمان:]13 :
من وسائل الرتبية أنك إذا أمرت أحدا بأمر أن تب ِّين له سببه ،فهذا
282
َ ﴿ -4قالوا َب ْل نَتبِع َما َو َجدْ نَا َع َل ْي ِه آ َبا َءنَا﴾[لقمان :]21 :كم أضاع
283
من مقاصد سورة السجدة بيان عظمة اهلل تعالى يف صفاته ،وكمال
المنزل على رسوله صلى اهلل عليه وسلم ،والرد على المشركين يف
284
-2ذكر انفراد اهلل تعالى بخلق السموات واألرض ،وبيان بعض
285
وس ِه ْم ِعندَ َر ِّب ِه ْم َربنَا َأ ْب َص ْرنَا
ون نَاكِسو رؤ ِ
﴿ َو َل ْو َت َرى إِ ِذ ا ْلم ْج ِرم َ
-وذكرت السورة بعض صفات المؤمنين ،وما أعده اهلل لهم من
يبصرون
286
لطائف وتدبرات من سورة السجدة:
﴿-1ب ْل هم بِلِ َق ِ
اء َر ِّب ِه ْم كَافِر َ
ون ﴾ ْ َ
ِ
سمعوا وأبصروا ،لكن لألسف! يف الوقت الضائع ،وبعد فوات
األوان!
وبحمده».
287
َ ﴿ -4و َسبحوا بِ َح ْم ِد َر ِّب ِه ْم َوه ْم َال َي ْس َت ْكبِر َ
ون ﴾
وبحمده».
والتسبيح.
288
اب ْاألَ ْك َب ِر َل َعله ْم
ون ا ْل َع َذ ِ َ ﴿-٦و َلن ِذي َقنه ْم مِ َن ا ْل َع َذ ِ
اب ْاألَ ْدنَى د َ
َي ْر ِجع َ
ون﴾
أحيانا يكون نزول الشدة رحمة ،وبمثابة صيحة تنبيه قبل نزول الشدة
289
مقاصد وموضوعات ومسارات السورة:
اإلسالم وأهله ،وبيان عناية اهلل عز وجل بالنبي صلى اهلل عليه وسلم
ورسوله.
وكانت بسبب طرد يهود بني النضير من المدينة ،فذهبوا إلى حصن
290
خيرب ،وتآمروا على المسلمين من خالل إنشاء حزب مع الكفار
1٠آالف مقاتل ،ولما علم النبي صلى اهلل عليه وسلم اجتمع
والبيوت ،وظل هذا الحصار قرابة األربعية يوما دون أن تنال منهم،
فاضطر أبو سفيان إلى االتفاق مع يهود بني قريظة للسماح لقواهتم
للدخول إلى المدينة ،وبذلك يكون يهود بني قريظة نقضوا العهد مع
اهلل عز وجل عن خوفهم﴿ :إِ ْذ َجاؤوكم ِّمن َف ْوقِك ْم َومِ ْن َأ ْس َف َل مِنك ْم
291
ورغم هذا الخوف ثبت المسلمون ،فأنعم اهلل عليهم بإسالم نعيم من
مسعود الغطفاين ،الذي أسلم حديثا ،فاستغله النبي صلى اهلل عليه
وريحا:
ً فاشتد جيش األحزاب ثم بعد ذلك أرسل اهلل عز وجل جنو ًدا
ون َب ِص ًيرا﴾
بِ َما َت ْع َمل َ
والغريب أن عدد المسلمين يف بداية الغزوة يقال انه كان حوالي 3
292
بعد ما نقض اليهود العهد الذي كان بينهم وبين المسلمين ،فهل
سيرتكهم النبي صلى اهلل عليه وسلم؟ وكيف يرتكهم وقد كانوا
وانظر إلى عزة اإلسالم يف األخذ بالثأر ممن خان ،فأين نحن من هذه
ثالثًا :المناققون.
لو أسقطنا أحداث سورة األحزاب على واقعنا الذي نعيش فيه اآلن،
سنجد أنه واقع مماثل تما ًما! فاليهود والمشركون اجتمعوا من
293
الخارج ،والمنافقون من الداخل ،وكان للمنافقين دور كبير يف
ون َوال ِذي َن فِي قلوبِ ِهم م َر ٌض ما َوعَدَ نَا اهلل َو َرسوله
﴿ َوإِ ْذ َيقول ا ْلمنَافِق َ
ورا َ .وإِ ْذ َقا َلت طائِ َف ٌة ِّمنْه ْم َيا َأ ْه َل َيثْ ِر َب ال م َقا َم َلك ْم َف ْار ِجعوا
إِال غر ً
ون إِن بيو َتنَا َع ْو َر ٌة َو َما ِه َي بِ َع ْو َر ٍة إِن
َو َي ْست َْأ ِذن َف ِر ٌيق ِّمنْهم النبِي َيقول َ
ون فِي
ون َوال ِذي َن فِي قلوبِ ِهم م َر ٌض َوا ْلم ْر ِجف َ
﴿ َلئِن ل ْم َينت َِه ا ْلمنَافِق َ
يحاولون هدم ثوابت الدين ،ومهاجمة رموز الدين ،وزرع اليأس يف
قلوب المسلمين.
294
ثالثًا :المرأة.
الدعوة!
والشارع؛ فبين صفة ثياهبا وزينتها ،كما بين كيفية خروجها عند
الحاجة ،وقد جاءت الشريعة بأحكام تصون المرأة ،فعلى المرأة أال
بضوابط كما جاء يف آيات السورةَ ﴿ :و َق ْر َن فِي بيوتِكن َوال َت َبر ْج َن
295
فما نراه من فتيات ونساء اإلسالم اآلن تربجه ّن وسفوره ّن،
ومزاحمة الرجال يف كل مكان –إال من رحم ربي -ما أنزل اهلل به من
سلطان.
واإلسالم ال يحرم على المرأة الخروج مطل ًقا ،بل تخرج لكن ال
تكثر الخروج لغير حاجة ،وإن خرجت تلتزم بالضوابط الشرعية ،من
عدم تربج ،وعدم اختالطها بالرجال ،وقد جاء يف السنة النهي عن
منع النساء من الخروج للمسجد! قال صلى اهلل عليه وسلم" :ال
خير لهن"
تمنعوا إماء اهلل مساجد اهلل وبيوهتن ٌ
وما زالت النساء يف عهد النبي عليه الصالة والسالم يخرجن إلى
األسواق ،ولكنهن يخرجن على ٍ
وجه ليس فيه تربج و ال فتنة ،فال
296
وقد قال صلى اهلل عليه وسلم :المرأة عور ٌة ،وإهنا إذا خرجت من
بيتِها
ويف هذا الحديث يقول رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم" :المرأة
عورة" والعورة :كل ما يستحيا منه إذا ظهر ،والمرأة إذا ظهرت
عليها؛ ليغويها أو يغوي هبا غيرها ،فيوقع أحدهما ،أو كليهما يف
الفتنة.
297
ويحتمل أن يكون المراد بالشيطان أهل الفسوق والخيانة ،وسماهم
به على التشبيه ،بمعنى :أهنم إذا رأوها بارزة استشرفوها ،وطمحوا
نحوها ،ولكنه أسند الفعل إلى الشيطان لما أشربوا يف ِ
بأبصارهم َ
قلوهبم الفسوق ،و َتجارى هبم الفجور ،ففعلوا ما فعلوا ،بإغواء
الشيطان وتسويلِه.
ويف الحديث :التحرز للمرأة يف خروجها من بيتها ،فال تخرج إال كما
أمرها الشرع.
-2المرأة والكالم:
298
﴿ َف َال َت ْخ َض ْع َن بِا ْل َق ْو ِل َف َي ْط َم َع ال ِذي فِي َق ْلبِ ِه َم َرض﴾
-3المراة والحجاب:
اج َك وبنَاتِ َك ونِس ِ
اء ا ْلم ْؤمِنِي َن يدْ نِي َن َع َل ْي ِهن َ َ ﴿ َيا َأي َها النبِي قل ِّألَ ْز َو ِ َ َ
مِن َج َالبِيبِ ِهن ۚ َذل ِ َك َأ ْدنَى َأن ي ْع َر ْف َن َف َال ي ْؤ َذ ْي َن ۚ َوك َ
َان اهلل َغف ً
ورا
يما﴾ ِ
رح ً
المالبس التي تصف الجسد ،وأحيانا تشف ،هذه ليست محجبة ،بل
هذه مرتكبة لكبيرة من الكبائر ،وقد قال النبي صلى اهلل عليه وسلم:
299
"صنفان من أهل النار لم أرهما بعد :قوم معهم سياط كأذناب البقر
-4المرأة والدعوة:
ات اهللِ وا ْل ِ
ح ْك َم ِة﴾ قال تعالى ﴿ :وا ْذكر َن ما ي ْت َلى فِي بيوتِكن مِن آي ِ
َ ْ َ َ ْ َ
أي :اعملن بما ينزل اهلل عز وجل من آيات وأحكام وبما أمر النبي
صلى اهلل عليه وسلم ،واذكرن كالم اهلل ،وكالم نبيه يف بيوتكن ،فهذا
له دور كبير يف الدعوة وتربية األبناء ،وهذا أهم وظيفة للمرأة ،أن
يخرج من بيتها َمن ينصر األمة ،وتربي َمن يحمل َهم الدعوة
والدين٠
300
َان لِم ْؤمِ ٍن َوال م ْؤمِن ٍَة إِ َذا َق َضى اهلل َو َرسوله َأ ْم ًرا َأن َيك َ
ون َلهم ﴿ َو َما ك َ
فمن صفات المؤمنين االستسالم إلى أوامر اهلل وأوامر النبي صلى
دون قتال.
َان اهلل َق ِو ًّيا َع ِز ًيزا ﴾ قال السعدي« :ال يغالبه أحد إال غلِ َ
ب، َ ﴿ -2وك َ
وال يستنصره أحد إال َغ َلب ،وال يعجزه أمر أراده ،وال ينفع أهل القوة
301
﴿ -3و َق َذ َ ِ
ف في قلوبِ ِهم الر ْع َ
ب ﴾ الرعب من جنود اهلل ،يؤ ِّيد اهلل به َ
عباده الصادقين ،إن بذلوا وسعهم ،وتقطعت دوهنم أسباب
االنتصار.
ِ ِ ِ ِ ِ ِ ِ
َ ﴿ -4وا ْذك ْر َن َما يتْ َلى في بيوتكن م ْن آ َيات اهلل َوا ْلح ْك َمة إِن َ
اهلل ك َ
َان
وأحوال ،وهذا أمر بتالوة اآليات يف جميع البيوت حتى التي لم ينزل
302
يوم القيامة يطالبون لهم بمضاعفة العذاب ،وباألمس كانوا
اهلل.
303
مقاصد وموضوعات ومسارات السورة:
-2بيان الحجة على التوحيد ،وصدق النبي صلى اهلل عليه وسلم.
﴿ َو َق َال ال ِذي َن َك َفروا ال َت ْأتِينَا السا َعة ق ْل َب َلى َو َر ِّبي َلت َْأتِ َينك ْم﴾
304
-3ذكر طرف من قصة نبي اهلل داود عليه السالم ،وابنه سليمان عليه
السالم.
﴿ َل َقدْ آ َت ْينَا َداوو َد مِنا َف ْضال َيا ِج َبال َأ ِّوبِي َم َعه َوالط ْي َر َو َأ َلنا َله ا ْل َح ِديدَ .
ات َو َقدِّ ْر فِي الس ْر ِد َوا ْع َملوا َصال ِ ًحا إِنِّي بِ َما َت ْع َمل َ
ون َأ ِن ا ْعم ْل سابِ َغ ٍ
َ َ
يح غدو َها َش ْه ٌر َو َر َواح َها َش ْه ٌر َو َأ َس ْلنَا َله َع ْي َن الر َ َب ِص ٌير َ .ولِس َل ْي َم َ
ان ِّ
ج ِّن َمن َي ْع َمل َب ْي َن َيدَ ْي ِه بِإِ ْذ ِن َر ِّب ِه َو َمن َي ِز ْغ مِنْه ْم َع ْن َأ ْم ِرنَا
ا ْل ِق ْط ِر َومِ َن ا ْل ِ
وسكن قوم سبأ بأرض اليمن ،أنعم اهلل عليهم من النعم الظاهرة
305
ووضع عنهم األوزار واألحمال وجعل لهم الهواء نق ًيا ،ونزلت
أي عالمة دالة على كمال قدرة المولي عز وجل وبديع صنعه ،قال
اإلمام عبدالرحمن بن زيد :إن اآلية التي كانت ألهل سبأ يف مساكنهم
أهنم لم يروا فيها بعوضة وال ذبا ًبا وال برغو ًثا وال قمال وال عقر ًبا وال
حية وال غير ذلك ،وإذا جاءهم الركب يف ثياهبم القمل ماتت عند
رؤيتهم لبيوهتم.
ِ ِ
قال تعالي﴿ :كلوا م ْن ِر ْزق َر ِّبك ْم َْاشكروا َله َب ْلدَ ٌة َط ِّي َب ٌة َو َر ٌّب َغف ٌ
ور﴾
العافية والشكرعلى النعمة ،هذا أمر سهل يسير ،ولكنهم أعرضوا عن
الوفاق وكفروا بالنعمة وضيعوا الشكر ،فبدلوا وبدل هبم الحال ،قال
بعض الصالحين :من لم يشكر اهلل على نعمه فقد تعرض لزوالها،
306
ومن شكره عليها فقد قيدها بعقالها ﴿ َف َأ ْع َرضوا﴾ أي عن الشكر،
العبادة له.
-٦ذكر بعض مشاهد يوم القيامة ،والحوار الذي يدور بين التابعين
والمتبوعين.
307
الل فِي َأ ْعن ِ
َاق اب َو َج َع ْلنَا األَ ْغ َ
َأندَ ا ًدا َو َأ َسروا الندَ ا َم َة َلما َر َأوا ا ْل َع َذ َ
ال ِذي َن َك َفروا َه ْل ي ْج َز ْو َن إِال َما كَانوا َي ْع َمل َ
ون﴾
يوم القيامة.
﴿ َو َما َأ ْم َوالك ْم َوال َأ ْوالدكم بِالتِي ت َق ِّربك ْم ِعندَ نَا ز ْل َفى إِال َم ْن آ َم َن
احدَ ٍة َأن َتقوموا لِل ِه َمثْنَى َوف َرا َدى ثم َت َت َفكروا َما
﴿ق ْل إِنما َأ ِعظكم بِو ِ
َ َ
اب َش ِديد﴾
احبِكم ِّمن ِجن ٍة إِ ْن ه َو إِال ن َِذ ٌير لكم َبيْ َن َيدَ ْي َع َذ ٍ
بِص ِ
َ
308
لطائف وتدبرات من سورة سبأ:
ض وما ي ْخرج مِنْها وما ين ِْزل مِن السم ِ ِ ِ
اء َ َ َ َ َ َ َ ﴿-1ي ْع َلم َما َيلج في ْاألَ ْر ِ َ َ َ
َو َما َي ْعرج فِ َيها ﴾
لو أن أهل األرض جميعا حاولوا إحصاء كل ﴿ما َيلِج فِي ْاألَ ْر ِ
ض
وما ي ْخرج مِنْها﴾﴿ ،وما ين ِْزل مِن الس ِ
ماء َوما َي ْعرج فِيها﴾ لما َ َ َ َ َ
استطاعوا ،لكن اهلل أحصاها.
رب يعلم كل قطرة ماء تسقط من السماء أين تستقر ،ويعلم كل نبتة
ٌّ
خرجت يف صحراء قاحلة ،أفال يعلم همك وشكواك ،وتفاصيل
بلواك؟!
والنوم.
309
﴿-3إِن فِي َذل ِ َك َآل َي ًة لِك ِّل َع ْب ٍد من ِ ٍ
يب﴾
والسماوات.
هذا الميعاد قادم إما بالموت أو بيوم القيامة ،وكل من مات فقد قامت
قيامته.
310
والقومة هلل هي اليقظة من ِسنة الغفلة ،والنهوض عن ورطة الفرتة،
-مالحظة القلب للنعمة ،مع اليأس من عدِّ ها ،والوقوف على حدِّ ها.
-والتفرغ إلى معرفة منة اهلل عليه هبا من غير استحقاق وال دفع ثمنها.
311
مقاصد وموضوعات ومسارات السورة:
الكون
وذكر بعض مظاهر قدرة اهلل تعالى يف الخلق ،ونعمه على عباده.
312
اع ِل ا ْل َمالئِ َك ِة رسال أولِي
ضج ِ ﴿ا ْلحمد لِل ِه َفاطِ ِر السم ِ
اوات َواألَ ْر ِ َ
َ َ َ ْ
ِ َأ ْجن ِ َح ٍة م ْثنَى َوث َ
اع َي ِزيد في ا ْل َخ ْل ِق َما َي َشاء إِن َ
اهلل َع َلى ك ِّل الث َور َب َ
َشي ٍء َق ِد ٌير َ .ما َي ْف َتحِ اهلل لِلن ِ
اس مِن ر ْح َم ٍة َفال م ْم ِس َك َل َها َو َما ي ْم ِس ْك ْ
َفال م ْر ِس َل َله مِن َب ْع ِد ِه َوه َو ا ْل َع ِزيز ا ْل َحكِيم﴾
﴿ َيا َأي َها الناس إِن َوعْدَ اهللِ َح ٌّق َفال َتغرنكم ا ْل َح َياة الدنْ َيا َوال َيغرنكم
﴿ َيا َأي َها الناس َأنتم ا ْلف َق َراء إِ َلى اهللِ َواهلل ه َو ا ْل َغنِي ا ْل َح ِميد﴾
313
-4بيان فضل الذين يتلون القرآن ،ويقيمون الصالة ،وينفقون سرا
وعالنية.
َاب اهللِ َو َأ َقاموا الصال َة َو َأن َفقوا مِما َر َز ْقنَاه ْم ِس ًّرا ﴿إِن ال ِذين يتْل َ ِ
ون كت َ َ َ
وره ْم َو َي ِزيدَ هم ِّمن َف ْضلِ ِه ِ
ور .لي َو ِّف َيه ْم أج َ
و َعالنِي ًة يرج َ ِ
ون ت َج َار ًة لن َتب َ َ َْ َ
إِنه َغف ٌ
ور َشك ٌ
ور﴾
-5بيان أن َمن أعطاه اهلل القرآن فقد اصطفاه اهلل عز وجل ،مع ذكر
314
عموم البالء فيه تسلية لسيد األنبياء ومن تبعه من المصلحين
واألتقياء.
َ ﴿-2يا َأي َها الناس إِن َوعْدَ اهللِ َح ٌّق َف َال َتغرنكم ا ْل َح َياة الد ْن َيا َو َال
وقسم ثان يوسوس له شيطان اإلنس أو شيطان الجن ،فيز ِّين له
والقسم الثالث :ال يغرتون بالدنيا ،وال ي َغ ّرون بمن يز ِّين يف عيوهنم
315
ان َلكم َعدو َفات ِ
خذوه َعد ّو ًا﴾ التنبيه اإللهي للخطر ﴿-3إِن الش ْي َط َ ْ ٌّ
ويحصنها ضد
ِّ قبل وقوعه ير ِّبي يف النفس المناعة المطلوبة،
وقال ابن القيم رحمه اهلل« :واألمر باتخاذه عدو ًا تنبيه على استفراغ
إنما تبلغ الموعظة مداها لمن جمع بين عمل الباطنَ ﴿ :ي ْخ َش ْو َن
َربه ْم بِا ْل َغ ْي ِ
ب﴾ ،وعمل الظاهرَ ﴿ :و َأ َقاموا الص َال َة﴾.
َ ﴿-5يا َأي َها الناس َأنْت ْم ا ْلف َق َراء إِ َلى اهللِ ﴾ الفقير إلى اهلل هو من
عمر بن عبد العزيز :يا أخي ،من استغنى باهلل اكتفى ،ومن انقطع إلى
316
غيره تعنى ِ
(تعب).قال أبو الحسن المز ِّين« :من َل ْم يستغن باهلل
أحوجه اهلل إلى الخلق ،ومن استغنى باهلل أحوج اهلل إليه الخلق».
﴿-٦يرج َ ِ
ون ت َج َار ًة َل ْن َتب َ
ور﴾ َْ
وينفقون يف سبيل اهلل سرا وجهرا ،فاعرف قيمة رأس مالك ،وقدْ ر
الجواهر التي أعطاك اهلل ،وال تض ِّيعها فرتد اآلخرة صفر اليدين ومن
المفاليس.
317
مقاصد وموضوعات ومسارات السورة:
إِنا ن َْحن ن ْحيِي ا ْل َم ْو َتى َو َن ْكتب َما َقدموا َوآ َث َاره ْم ۚ َوكل َش ْي ٍء
َأ ْح َص ْينَاه فِي إِ َما ٍم مبِ ٍ
ين
318
-4قدرة اهلل عز وجل على البعث:
احدَ ًة َت ْأخذهم وهم ي ِ
خ ِّصم َ
ون ون إِال صيح ًة و ِ
َما َينظر َ
ْ َ ْ َ َ ْ َ َ
319
َ ﴿ -2و َن ْكتب َما َقدموا َوآ َث َاره ْم ﴾ [يس:]12:
َ ﴿ -3و َجا َء مِ ْن َأ ْق َصى ا ْل َم ِدين َِة َرج ٌل َي ْس َعى َق َال َيا َق ْو ِم اتبِعوا
.رجل لم نعرف اسمه وال لقبه ،إنما يعرفه اهلل ،وشرفه بذكر خربه يف
لم ي ِ
لق بمسؤولية الدعوة على األنبياء والمرسلين ،بل شاركهم لما
علم عدم حصول الكفاية يف تبليغ أمر الدين ،وما زال األمر قائما إلى
اليوم.
الجحيم.
321
سميت الصافات ألن الصافات هي مشهد من مشاهد العبودية التامة
هلل (عبودية المالئكة وهي صافة تستمع ألمر اهلل ثم تنطلق فورا
322
-3مشهد الذي لم يستقيم على عبودية اهلل
م ْست َْسلِم َ
ون﴾
﴿إِال ِع َبا َد الل ِـه ا ْلم ْخ َل ِصي َن .أو َلـئِ َك َله ْم ِر ْز ٌق م ْعلو ٌم َ .ف َواكِه ۚ َوهم
ات الن ِع ِ
يم َ .ع َلى سر ٍر م َت َقابِلِي َن ﴾ ون .فِي جن ِ
َ م ْك َرم َ
323
بعضا من قصص األنبياء الذين حققوا العبودية
ثم تعرض السورة ً
واإلخالص التام هلل سبحانه وتعالى:
تأمل لما نادى نوح ربه ،كانت نِعم اإلجابة! فأنت عندما تحقق
ب َسلِ ٍ
يم ﴾ ﴿ إِ ْذ َجا َء َربه بِ َق ْل ٍ
325
-5قصة سيدنا لوط:
وزا فِي
﴿ َوإِن لو ًطا ل ِم َن ا ْلم ْر َسلِي َن .إِ ْذ نَج ْينَاه َو َأ ْه َله َأ ْج َم ِعي َن .إِال َعج ً
ا ْل َغابِ ِري َن﴾
رغم أنها زوجة نبي ،إال أهنا لم َتس َلم من العذاب ،ألهنا لم تؤمن.
خالف أمر ربه ،وترك الدعوة إلى اهلل عز وجل ،فكانت النتيجة أنه
326
ولكن أنقذه العبادة ،أنقذه الزاد الذي ادخره ،وأنت عندما تكون يف
مثل هذه المواقف ،ما الذي سينقذك؟ ماذا سيقول اهلل عنك ،فلوال
ثم تنتهي قصة سيدنا يونس بإيمان قومه ،فأنعم اهلل عليهم!
327
إيقاف على
ٌ َ -2وقِفوه ْم إِنه ْم َم ْسئول َ
ون﴾ [الصافات :]24 :هذا
جمعون
حبس ي َ
الصراط للمساءلة عن جميع األقوال واألفعال ،وهو ٌ
فيه مع أقراهنم قبل أن يساقوا إلى الجحيم.
عليها».
328
َ ﴿ -5ط ْلع َها ك ََأنه رءوس الش َياطِ ِ
ين ﴾
ومع أنه لم ير أحد الشيطان حتى يخاف منه ،لكن كفى بصورته
الحسي.
ِّ من العذاب النفسي الذي يضاعف أثر العذاب
َان مِن ا ْلمسب ِ
حي َن﴾ [الصافات :]143 :قال الحسن: َ ﴿-٦ف َل ْو َال َأنه ك َ َ َ ِّ
«ما كان له صالةٌيف بطن الحوت ،ولكنه قدم عمال صالحا يف حال
329
من مقاصد سورة ص أهنا تتكلم عن عطاءات اهلل عز وجل لألوابين،
إقامة األدلة على وحدانية اهلل تعالى وقدرته ،وعلى صدق النبي صلى
اهلل عليه وسلم ،وأن البعث حق ،مع الرد على شبهات المشركين.
مواضيع السورة:
-2تسلية الرسول صلى اهلل عليه وسلم عما أصابه من قومه ،بذكر
عدد من األمم التي كذبت رسلها ،مع أمره صلى اهلل عليه وسلم
بالصرب.
330
-3ذكرت السورة قصة سيدنا داوود وبعض العطاءات العجيبة التي
ثم يستغفر».
وقيل أن األواب هو الذي بينه وبين اهلل عز وجل خلوة ،يتوب فيه،
-4ثم تأيت قصة سيدنا سليمان ،لما غفل عن ذكر اهلل عز وجل بسبب
331
قيل أنه مسك سي ًفا وبدأ بذبح هذه الخيل التي شغلته عن ذكر اهلل عز
عز وجل.
َسل نفسك ،ما الذي يشغلك عن ورد القرآن؟ ما الذي يشغلك عن
-5ثم قصة سيدنا أيوب ،والكالم عن صربه ،وعن تفريج اهلل عز
ِ
وجل عنه ،وأيضا السر يف كلمة واحدة :ن ْع َم ا ْل َع ْبد إِنه َأو ٌ
اب!
332
﴿-1إِن َه َذا َل َش ْي ٌء ي َراد﴾
فأكلوها ،عادت مكاهنا أخرى مثلها ،فذلك لهم دائم أبدا ،ال ينقطع».
َ ﴿-5قالوا َربنَا َم ْن َقد َم َلنَا َه َذا َف ِز ْده َع َذا ًبا ِض ْع ًفا فِي الن ِ
ار﴾
ِ
حذار أن تكون سببا يف عصيان أحد! ِ
حذار
334
من أهم مقاصد سورة الزمر أهنا تتكلم عن المقامات يف الدين،
ان ض ٌّر َد َعا َربه منِي ًبا إِ َل ْي ِه ثم إِ َذا َخو َله نِ ْع َم ًة ِّمنْه ن َِس َي ِ
﴿ َوإِ َذا َمس ْاإل َ
نس َ
َان َيدْ عو إِ َل ْي ِه مِن َق ْبل َو َج َع َل لِل ِـه َأندَ ا ًدا ِّلي ِضل َعن َسبِيلِ ِه ۚ ق ْل
َما ك َ
335
اجدً ا َو َقائِ ًما َي ْح َذر ْاآل ِخ َر َة َو َي ْرجو َر ْح َم َة
﴿ َأم ْن ه َو َقانِ ٌت آنَاء الل ْي ِل س ِ
َ َ
ون َوال ِذي َن َال َي ْع َلم َ
ون ۚ إِن َما َيت ََذكر َر ِّب ِه ۚ ق ْل َه ْل َي ْست َِوي ال ِذي َن َي ْع َلم َ
أولو ْاألَ ْل َب ِ
اب﴾
-تبدأ السورة بالتنويه بشأن وعظمة القرآن الذي نزل على النبي صلى
336
ف م ْبنِي ٌة َت ْج ِري مِن
ف ِّمن َف ْوقِ َها غ َر ٌ
َلكِ ِن ال ِذي َن ات َق ْوا َربه ْم َله ْم غ َر ٌ
َت ْحتِ َها األَن َْهار َوعْدَ اهللِ ال ي ْخلِف اهلل ا ْل ِمي َعا َد
يث كِتَا ًبا مت ََشابِ ًها مثَانِ َي َت ْق َش ِعر مِنْه جلود ال ِذي َن
﴿اهلل نَز َل َأحسن ا ْلح ِد ِ
ْ َ َ َ
ي ْخ َشو َن ربهم ثم َتلِين جلودهم وقلوبهم إِ َلى ِذك ِْر اهللِ َذل ِ َك هدَ ى اهللِ
ْ ْ َ َ ْ َ ْ
اد﴾ يه ِدي بِ ِه من ي َشاء ومن ي ْضلِ ْل اهلل َفما َله مِن َه ٍ
ْ َ َ َ َ ْ َ َْ
وسيلة للهداية.
337
أيضا ذكرت السورة بعض دالئل وحدانية اهلل وقدرته:
ً -
﴿اهلل َخالِق ك ِّل َشي ٍء وهو َع َلى ك ِّل َشي ٍء وكِ ٌيل َ .له م َقالِيد السماو ِ
ات َ َ َ ْ َ ْ َ َ
ات اهللِ أو َلئِ َك هم ا ْل َخ ِ
ض وال ِذين َك َفروا بِآي ِ
اسر َ
ون﴾ ْ َ َ َواألَ ْر ِ َ
هذه اآلية سماها البعض آية الصدمة! أن تصدم يوم القيامة بأن
338
اد َي ال ِذي َن َأ ْس َرفوا َع َلى َأنف ِس ِه ْم ال َت ْقنَطوا مِن ر ْح َم ِة اهللِ إِن
﴿ق ْل يا ِعب ِ
َ َ
وب َج ِمي ًعا إِنه ه َو ا ْل َغفور الر ِحيم﴾ ِ
اهلل َي ْغفر الذن َ
َ
تأمل جيدً ا يف هذه الياء! أن ينسبك اهلل إلى نفسه رغم أنك مسرف
ثم بعدها أوامر ربانية من اهلل سبحانه وتعالى لكل َمن أراد أن يسير يف
طريقه:
﴿ َو َأنِيبوا إِ َلى َر ِّبك ْم َو َأ ْسلِموا َله مِن َق ْب ِل َأن َي ْأتِ َيكم ا ْل َع َذاب ثم ال
ون .واتبِعوا َأ ْح َس َن َما أ ِنز َل إِ َل ْيكم ِّمن ر ِّبكم ِّمن َق ْب ِل َأن َي ْأتِ َيكم
نصر َ
ت َ
ا ْل َع َذاب َب ْغ َت ًة َو َأنت ْم ال َت ْشعر َ
ون﴾
َوق ِض َي َب ْينَهم بِا ْل َح ِّق َوقِ َيل ا ْل َح ْمد لِل ِـه َر ِّب ا ْل َعا َل ِمي َن﴾
339
لطائف وتدبرات من سورة الزمر:
َ ﴿ -1أ َليس اهلل بِ َك ٍ
اف َع ْبدَ ه ﴾ ْ َ
تجاه أي خطر.
تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون ،اهدين لما اختلف فيه من
مجاهد والسدِّ ي« :عملوا أعماال توهموا أهنا حسنات فإذا هي
340
سيئات» ،وقال سفيان الثوري يف هذه اآلية« :ويل ألهل الرياء ..ويل
قال السعدي« :فكما أنه تعالى يشكر على النعم الدنيوية ،كصحة
341
َ ﴿-٦ت َرى ال ِذي َن ك ََذبوا َع َلى اهللِ وجوهه ْم م ْس َود ٌة﴾
َ ﴿-٨و ِس َيق ال ِذي َن ات َق ْوا َربه ْم إِ َلى ا ْل َجن ِة ز َم ًرا َحتى إِ َذا َجاء َ
وها
َوفتِ َح ْت َأ ْب َواب َها﴾ زيادة الواو دليل على أن األبواب فتحت لهم قبل
أن يأتوا لكرامتهم على اهلل تعالى ،والتقدير حتى إذا جاءوها وأبواهبا
مفتحة ،لكنه حذف الواو يف قصة أهل النار ،ألهنم وقفوا على النار،
342
َ ﴿-٩وقِ َيل ا ْل َح ْمد لِل ِه َر ِّب ا ْل َعا َل ِمي َن ﴾
قال ابن كثير« :أي ونطق الكون أجمعه ناطقه وهبيمه هلل رب العالمين
بالحمد يف حكمه وعدله ،ولهذا لم يسند القول إلى قائل ،بل أطلقه،
343
من مقاصد سورة غافر إبطال جدل الذين يجادلون يف آيات اهلل،
عذاب اهلل ،كأن اهلل عز وجل يذكرك بعذابه ،ويذكرك بحلمه ومغفرته
تبدأ السورة بالثناء على القرآن ،والثناء على اهلل عز وجل ،وعرض
344
ون بِ َح ْم ِد َر ِّب ِه ْم َوي ْؤمِن َ
ون ﴿ال ِذي َن َي ْح ِمل َ
ون ا ْل َع ْر َش َو َم ْن َح ْو َله ي َس ِّبح َ
بِ ِه﴾
فعندما يستشعر العبد قدرة اهلل عز وجل ،مع كثرة عبودية المالئكة له؛
-1يوم التالق:
أي يوم التالقي ،يوم يلتقي فيه أهل السماء بأهل األرض ،ويلتقي
ليقتص منه ،ويأخذ حقه منه ،ويلتقي أهل اإليمان بأصحاهبم من أهل
345
-2يوم اآلزفة:
واليوم ِ
اآلزف هو اليوم القريب ،فاهلل عز وجل ينذرنا بيوم قد اقرتب،
فانتبِه!
-3يوم التناد:
﴿ويا َقو ِم إِنِّي َأ َخاف َع َليكم يوم التن ِ
َاد﴾ ْ ْ َْ َ ََ ْ
أي يوم التنادي ،أي أنه اليوم الذي َيكثر فيه النداءات!
346
وتذكر السورة أيضا بعض أنواع العذاب:
-1العذاب الجسدي:
يم ثم فِي
السل ي ْس َحبون .فِي ا ْل َح ِم ِ
﴿إِ ِذ األَ ْغالل فِي َأ ْعنَاقِ ِهم والس ِ
ْ َ
الن ِ
ار ي ْس َجرون﴾
-2العذاب النفسي:
-3عذاب القرب:
347
ثم تذكر السورة بعض القصص المليئة بالعرب والفوائد:
وسى َو ْل َيدْ ع َربه إِنِّي َأ َخاف َأن ي َبدِّ َل ِ ِ
﴿ َو َق َال ف ْر َع ْون َذروني َأ ْقت ْل م َ
ِدينَك ْم َأ ْو َأن ي ْظ ِه َر فِي األَ ْر ِ
ض ا ْل َف َسا َد﴾
348
يف وسط الظالم ،ويف قلب األزمة ،يخرج اهلل عز وجل َمن يجهر
ثم تختم السورة بعرض نعم اهلل علينا ،وعرض آيات اهلل يف خلقه:
وخا َومِنكم من يت ََوفى مِن َق ْبل طِ ْفال ثم لِتَ ْبلغوا َأشدك ْم ثم لِتَكونوا شي ً
349
ون .ه َو ال ِذي ي ْحيِي َوي ِميت َفإِ َذا
َول ِ َت ْبلغوا َأ َجال م َس ًّمى َو َل َعلك ْم َت ْع ِقل َ
350
مقاصد وموضوعات ومسارات السورة:
َاب ف ِّص َل ْت آ َياته ق ْرآنًا َع َربِ ًّيا ِّل َق ْو ٍم ﴿ َت ِنز ٌيل من الرحم ِن الر ِح ِ ِ
يم .كت ٌ ِّ َ ْ َ
َي ْع َلم َ
ون﴾
﴿ َو َقالوا قلوبنَا فِي َأكِن ٍة ِّمما َتدْ عونَا إِ َل ْي ِه َوفِي آ َذانِنَا َو ْق ٌر َومِن َب ْينِنَا
اب َفا ْع َم ْل إِننَا َعامِل َ
ون﴾ ِ ِ
َو َب ْين َك ح َج ٌ
-عرض بعض مظاهر قدرة اهلل تعالى؛ كتخليق األرض ،وما جعل
351
ون بِال ِذي َخ َل َق األَ ْر َض فِي َي ْو َم ْي ِن َو َت ْج َعل َ
ون َله ﴿ق ْل َأئِنك ْم َل َت ْكفر َ
-ثم ذكر بعض مشاهد يوم القيامة ،وبيان بعض أحوال الكفار السيئة
352
وزعون َ .حتى إِ َذا َما َجاؤ َ
وها ﴿ َو َي ْو َم ي ْح َشر َأعْدَ اء اهللِ إِ َلى الن ِ
ار َفه ْم ي َ
َش ِهدَ َع َل ْي ِه ْم َس ْمعه ْم َو َأ ْب َصاره ْم َوجلوده ْم بِ َما كَانوا َي ْع َمل َ
ون﴾
ود ِه ْم ل ِ َم َش ِهدت ْم َع َل ْينَا َقالوا َأن َط َقنَا اهلل ال ِذي َأن َط َق كل َش ْي ٍء
و َقالوا لِجل ِ
َ
َوه َو َخ َل َقك ْم َأو َل َمر ٍة َوإِ َل ْي ِه ت ْر َجع َ
ون﴾
طرق شتى ،فاآلن نرى برامج الغناء يصرف عليها الماليين من
353
-ثم تأيت آيات تجدد الثقة والطمأنينة يف قلوب المؤمنين حتى ال
لمن
نخاف من محاوالت الكفار للصد عن سبيل اهلل ،فيأيت هتديد َ
ون فِي آ َياتِنَا ال يحارب القرآن ويلحد باآليات ﴿ :إِن ال ِذين ي ْل ِ
حد َ َ
َي ْخ َف ْو َن َع َل ْينَا﴾
تأمل يف وصف القرآن العزيز ،فمهما فعل أهل الباطل ،لن يستطيعوا
َع َل ْي ِه ْم َع ًمى﴾
354
ويف سورة آية البشرى لكل َمن آمن باهلل ،واستقام على طريق الحق،
وطريق الهداية:
وما يلقى هذه الخصلة من دفع السيئة بالتي هي أحسن إال الصابرون،
355
است َِع ْذ بِاهللِ إِنه ه َو الس ِميع ِ ِ
َ ﴿-3وإِما َين َْز َغن َك م َن الش ْي َطان ن َْز ٌغ َف ْ
ا ْل َعلِيم﴾
إذا تسللت إلى قلبك نزغات شيطان فبادر إلى ذكر ر ِّبك ،فإن لم
تفعل تحولت النزغة إلى فكرة ،والفكرة إلى عزم ،فإن لم تتحصن
قالوا :ما نسمع من شيء ،قال :إين ألسمع أطيط السماء ،وما تالم أن
تئط ،ما فيها موضع شرب إال عليه ملك ساجد أو قائم»
356
ِ ِ َ ﴿-5ال َيس َأم ْ ِ
وط ﴾ اإلن َْسان م ْن د َعاء ا ْل َخ ْي ِر َوإِ ْن َمسه الشر َف َيئ ٌ
وس َقن ٌ ْ
كلما زادت نعم اهلل على لعبد زاد نسيانه للشكر وإعراضه عن الذكر،
والعكس عند نزل الضر ،يكون إقباله على الذكر واالستعانة بالرب،
357
مقاصد وموضوعات ومسارات السورة:
تبدأ السورة ببيان أن القرآن وحي من اهلل تعالى ،وأنه أوحاه إلى نبيه
358
َ ﴿ -1أ ِم ات َخذوا مِن دونِ ِه َأ ْول ِ َيا َء ۚ َفاللـه ه َو ا ْل َولِي﴾
يم ﴾﴿ي ْبسط الر ْز َق لِمن ي َشاء َوي ْق ِدر ۚ إِنه بِك ِّل َشي ٍء َعلِ
ٌ ْ َ َ َ ِّ َ
359
ض َو َلـكِن ين َِّزل بِ َقدَ ٍر ما
اد ِه َل َب َغ ْوا فِي ْاألَ ْر ِ
و َلو بس َط اللـه الر ْز َق ل ِ ِعب ِ
َ ِّ َ ْ ََ
اد ِه َخبِ ٌير َب ِص ٌير﴾
ي َشاء ۚ إِنه بِ ِعب ِ
َ َ
الد ْن َيا ن ْؤتِ ِه مِن َْها َو َما َله فِي ْاآل ِخ َر ِة مِن ن ِصيب﴾
حولك؟
360
است َِق ْم ك ََما أمِ ْر َ
ت َوال َتتبِ ْع َأ ْه َواءه ْم َوق ْل آ َمنت بِ َما َأ َنز َل اهلل ﴿ َفا ْدع َو ْ
َاب َوأمِ ْرت ِألَ ْع ِد َل َب ْينَكم﴾
مِن كِت ٍ
ثم بعد ذكر هذه األوامر جاءت آيات التوبة العفو والزرق:
اد ِه ويعفو َع ِن السي َئ ِ
ات َو َي ْع َلم َما ِ ِ ِ
ِّ ﴿ َوه َو الذي َي ْق َبل الت ْو َب َة َع ْن ع َب َ َ ْ
َجيب ال ِذين آمنوا و َع ِملوا الصالِح ِ
ات َو َي ِزيدهم ِّمن َت ْف َعلون َ .و َيست ِ
َ َ َ َ ْ
اد ِه َل َب َغ ْوا
ون َلهم َع َذاب َش ِديدٌ .و َلو بس َط اهلل الر ْز َق ل ِ ِعب ِ
َ ِّ َ ْ ََ ٌ
ِ ِِ
َف ْضله َوا ْل َكافر َ ْ
اد ِه َخبِ ٌير َب ِص ٌير َ .وه َو
ض و َلكِن ين َِّزل بِ َقدَ ٍر ما ي َشاء إِنه بِ ِعب ِ
َ َ في األَ ْر ِ َ
ِ
ال ِذي ين َِّزل ا ْل َغ ْي َث مِن َب ْع ِد َما َقنَطوا َو َينشر َر ْح َمتَه َوه َو ا ْل َولِي
ا ْل َح ِميد﴾
فهي رسالة من اهلل ،لو نفذنا أوامره ،سيغدق علينا من عفوه وكرمه
ولطفه.
361
-وتصف السورة حال ودناءة الدنيا بالنسبة لآلخرة ،وتصف َمن
حب الظال ِ ِمي َن﴾ . و َأص َلح َف َأجره َع َلى اهللِ إِنه ال ي ِ
َ ْ َ ْ
ثم تصف السورة على الكافرين الظالمين عندما يعرضوا على النار،
ف َخ ِف ٍّي
ون مِن َطر ٍ
ْ اش ِعي َن مِ َن الذ ِّل َينظر َ
ون َع َليها َخ ِ
﴿ َو َت َراه ْم ي ْع َرض َ ْ َ
362
ثم تختم السورة بتعظيم القرآن ،ووصفه بأوصاف تجعل القلب
وتأمل يف هذه اآلية ،وتأمل يف نعمة القرآن وفضله حتى على نبينا
صلى اهلل عليه وسلم ،فاهلل عز وجل يقول له أنك ما كنت تعلم ما هو
اإليمان ،وما كنت تدري كيفية الوصول إلى اهلل لوال هذا القرآن!
363
هذا الخالق والمالك العظيم البد أن يكون منَز ًها ،فهو ال َعلِي أي
أي ،تنشق كل سماء فوق التي تليها َف َرقا من عظمة اهلل ،ولوال أن اهلل
ما أرحم اهلل بنا ،نقرتف الذنوب ونبارز هبا عالم الغيوب ،فيك ِّلف
من أسماء القيامة :يوم الجمع ،يجمع اهلل فيه األولين واآلخرين يف
صعيد واحد للحساب ثم الجزاء ،ويجمع فيه بين المرء وعمله ،وبين
364
الجسد وروحه ،وبين المرء وشكله يف الخير والشر ،وكل هذا ال
ٍ ِ ِ ِ
الر ْز َق ل َم ْن َي َشاء َو َي ْقدر إِنه بِك ِّل َش ْيء َعل ٌ
يم ﴾ َ ﴿-5ي ْبسط ِّ
يوسع رزقه على من يشاء من خلقه ،فيكثِر ماله ،وي َقتِّر على من يشاء
ِّ
منهم فيض ِّيق عليه وي ْف ِقره؛ ألنه عليم بمن يصلِحه بسط الرزق ،ومن
ِ
يفسده.
365
أيضا
من مقاصد السورة أهنا تعرض زخرف الدنيا وزينتها ،وتعرض ً
نعيم الجنة وعظمة اليوم اآلخر ،فأيهما ستختار؟
ثم تحذرنا السورة من أمر االنخداع والتعلق بالدنيا وزينتها ،ألن فيه
هالك لألمة.
الدنيا:
ون َ .وز ْخر ًفا َوإِن كل لِبيوتِ ِه ْم سق ًفا ِّمن فِض ٍة َو َم َع ِ
ار َج َع َل ْي َها َي ْظ َهر َ
اة الدنْ َيا َو ْاآل ِخ َرة ِعندَ َر ِّب َك ل ِ ْلمت ِقي َن﴾
َذل ِ َك َلما متَاع ا ْلحي ِ
ََ َ
366
وهذه اآلية توضح هوان الدنيا على اهلل عز وجل لدرجة أن يعطي
وبعد ذكر الدنيا وزينتها ،جاءت آية اإلعراض عن القرآن وعن ذكر
اهلل!
﴿ َو َمن َي ْعش َعن ِذك ِْر الر ْح َمـ ِن ن َق ِّي ْض َله َش ْي َطانًا َفه َو َله َق ِري ٌن﴾
ّ
كأن الدنيا والتعلق هبا هي التي تبعد اإلنسان عن القرآن وعن الذكر.
367
-أول يوم يف النار:
ون َ .ال ي َفتر َعنْهم وهم فِ ِ
يه اب َج َهن َم َخالِد َ
﴿إِن ا ْلم ْج ِرمِي َن فِي َع َذ ِ
ْ َ ْ
م ْبلِس َ
ون﴾
-وكما قلنا أن السورة تذم َمن يتعلق بالدنيا ،وأيضا تركز السورة على
كذلك -يريد اهلل أن نتمسك ونتشبث به ،وال نفلته من قلوبنا أبدا.
368
ووجه تسميتها بـ (الدخان) وقوع لفظ الدخان فيها يف قوله سبحانه:
﴿ َفار َت ِقب يوم َت ْأتِي السماء بِد َخ ٍ
ان مبِ ٍ
ين﴾ (الدخان،)1٠: َ ْ ْ َْ َ
المراد بالدخان بأنه آية من آيات اهلل ،هو عذاب من عند اهلل ،فالسورة
والسورة تبدأ بذكر شرف ومكانة القرآن ،والليلة بوركت بسبب نزول
ثم بين السورة ما تم وعظهم مِن قبل األنبياء ،لكنهم اغرتوا وأصروا
370
ون مِن سند ٍ
س ٍ
ات وعي ٍ
ون َ .ي ْل َبس َ ِ ِ ِ ِ
﴿إِن ا ْلمتقي َن في َم َقا ٍم َأمين .في َجن َ
ون فِ َيها بِك ِّل ور ِع ٍ
ين َ .يدْ ع َ َوإِ ْس َت ْب َر ٍق م َت َقابِلِي َن .ك ََذل ِ َك َو َزو ْجنَاهم بِح ٍ
ون فِ َيها ا ْل َم ْو َ
ت إِال ا ْل َم ْو َت َة األو َلى َو َو َقاه ْم َفاكِ َه ٍة آمِنِي َن .ال َيذوق َ
371
الجاثية من الجثو ،فإنسان يجثوا أي :يجلس على ركبتيه ،سميّت
السورة هذا االسم لألهوال التي يلقاها الناس يوم الحساب ،حيث
﴿ َو َت َرى كل أم ٍة َجاثِيَ ًة كل أم ٍة تدْ َعى إِ َلى كِتَابِ َها ا ْل َي ْو َم ت ْج َز ْو َن َما كنت ْم
َت ْع َمل َ
ون﴾ ()2٨
وسبب نزول هذه اآلية :ما كان يفعله أبو جهل والنضر بن الحارث
372
والمتدبر يف هذه السورة ،يراها تدعو الناس إلى التفكر فيما اشتمل
عليه هذا الكون من آيات دالة على وحدانية اهلل تعالى وكمال قدرته:
373
تأمل جيدا يف هذه اآليات ،وتخيل ّ
أن أحدً ا يتبع هواه ويطيعه ،حتى
أي :علم من هذا الضال بأنه على ضالل ،ولكنه يتبع الضالل معاندة.
374
األحقاف جمع حقف ،والح ْقف هو الجبل من الرمل ،وهو المكان
الذي عاش فيه قوم عاد ،ومن مقاصد سورة األحقاف الحديث عن
الرسول صلى اهلل عليه وسلم واإليمان برسالته ،وهي آخر سورة يف
الحواميم.
واألصنام ،التي ال تضر وال تنفع ،وال تبصر وال تسمع ،وال تغني من
الحق شيئًا
375
ون اهللِ من ّال َيست ِ
َجيب ادقِين .ومن َأ َضل مِمن يدْ عو مِن د ِ
َ َ َ َ ْ
إِن كنتم ص ِ
ْ َ
ْ َ
َله إِ َلى َي ْو ِم ا ْل ِق َيا َم ِة َوه ْم َعن د َعائِ ِه ْم َغافِل َ
ون﴾
مبين ،قال تعالى﴿ :قل أرأيتم إن كان من عند اهلل وكفرتم به وشهد
ووجههم إلى رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم لسماع القرآن الكريم،
فأنصتوا إليه عند سماعه ،ثم ذهبوا إلى قومهم منذرين ومخوفين لهم
من أن يخافوه؛ ألن القرآن مصدق لما جاء به موسى عليه السالم؛
وألنه يهدي إلى الحق الثابت والصراط المستقيم ،وآمرين لهم باتباع
ما جاء فيه ليغفر اهلل لهم ذنوهبم وينجيهم من عذاب أليم ،وذلك تنبيه
376
ضرب اهلل تعالى مثل من استمع للقرآن وهم الجن ّ،وكيف تفاعلوا
وسى م َصدِّ ًقا ِّل َما َب ْي َن َيدَ ْي ِه َي ْه ِدي إِ َلى ا ْل َح ِّق َوإِ َلى ِ ِ ِ
كتَا ًبا أ ِنز َل من َب ْعد م َ
اع َي اهللِ َوآمِنوا بِ ِه َي ْغ ِف ْر َلكم ِّمن
يم .يا َقومنَا َأ ِجيبوا د ِ
َ
ِ
َط ِر ٍيق م ْستَق ٍ َ ْ َ
اب َأل ِ ٍ
يم﴾ ذنوبِكم َوي ِ
ج ْركم ِّم ْن َع َذ ٍ ْ
وضرب لنا مثالً آخر ألب يدعو ابنه ليطيعه واالبن يرفض
377
-ختمت السورة بتثبيت الرسول صلى اهلل عليه وسلم ،وأمر من اهلل
لهم العذاب؛ فإنه آتيهم ال محالة﴿ ،كأهنم يوم يرون ما يوعدون لم
378
تسمى (سورة القتال) وتسميتها هبذا؛ ألهنا ذكرت فيها مشروعية
القتال.
يثير حنق المؤمنين على المشركين؛ ألهنم كفروا باهلل ،وصدوا عن
سبيله ،أي دينه .فـ (القتال) هو موضوع السورة؛ فهي تبدأ ببيان
حقيقة الذين كفروا ،وحقيقة الذين آمنوا يف صيغة هجوم أدبي على
الذين كفروا ،وتمجيد كذلك للذين آمنوا ،مع إيحاء بأن اهلل عدو
لألولين ،ولي َ
لآلخرين ،وأن هذه حقيقة ثابتة يف تقدير اهلل سبحانه. ٌّ
فهو إذن إعالن حرب منه تعالى على أعدائه وأعداء دينه منذ اللفظ
األول يف السورة.
379
وضحت السورة أن اهلل أبطل أعمال الكافرين إلعراضهم عن الحق
ّ -
واتباع الباطل ،والوقوف يف وجه الدعوة؛ ليصدوا الناس عن دين اهلل،
طريقه ،واتبعوا ما أنزل على محمد صلى اهلل عليه وسلم ،فكان ذلك
﴿ َذل ِ َك بِ َأن ال ِذي َن َك َفروا ات َبعوا ا ْل َباطِ َل َو َأن ال ِذي َن آ َمنوا ات َبعوا ا ْل َحق
مِن ر ِّب ِه ْم ك ََذل ِ َك َي ْض ِرب اهلل لِلن ِ
اس َأ ْم َثا َلهم﴾
-بينت وجوب الدفاع عن الحق ،وما يتطلبه ذلك عند لقاء الكفار يف
اق َفإِما َمنًّا َب ْعد َوإِما فِدَ اء َحتى َت َض َع ا ْل َح ْرب َأ ْو َز َار َها َذل ِ َك َو َل ْو
ا ْل َو َث َ
380
ض َوال ِذي َن قتِلوا فِي
َي َشاء اهلل النت ََص َر مِنْه ْم َو َلكِن ِّل َي ْبل َو َب ْع َضكم بِ َب ْع ٍ
األنعام والنار مثوى لهم ،وأشارت إلى أن سنة اهلل إهالك القرى
(محمد.)13:
381
-ثم وصفت السورة الجنة ونعيمها:
-اتباع الشيطان
382
-2اتباعهم الكفار الذي كرهوا ما ينزل من القرآن ،وقالوا لهم أهنم
َسو َل َله ْم َو َأ ْم َلى َلهم َ .ذل ِ َك بِ َأنه ْم َقالوا لِل ِذي َن ك َِرهوا َما نَز َل اهلل
َسنطِيعك ْم فِي َب ْع ِ
ض األَ ْم ِر َواهلل َي ْع َلم إِ ْس َر َاره ْم﴾
383
-ثم الخاتمة المؤلمة ،وهي سنة االستبدال!
سترتك العمل لدين اهلل سيأيت غيرك ليأخذ مكانك ،سترتك دينك،
سيأيت غيرك
﴿ َوإِن َتت ََول ْوا َي ْس َت ْب ِد ْل َق ْو ًما َغ ْي َرك ْم ثم ال َيكونوا َأ ْم َثا َلك ْم﴾
384
-ب ِدئت السورة الكريمة بالبشارة بالفتح المبين ،وبما أفاء اهلل به على
-تضمنت السورة بشارة المؤمنين بحسن عاقبة صلح الحدَ ْيبِ َية ،وأنه
فرأوا أهنم عادوا كالخائبين ،فأعلمهم اهلل بأن العاقبة لهم ،وأن دائرة
يما . ِ ِ ض َوك َ إِيمانِ ِهم ولِل ِه جنود السماو ِ
ات َواألَ ْر ِ
يما َحك ً َان اهلل َعل ً َ َ َ ْ َ
ات َت ْج ِري مِن َت ْحتِ َها األَن َْهار َخال ِ ِدي َن َات جن ٍ
َ
لِيدْ ِخ َل ا ْلم ْؤمِنِين وا ْلم ْؤمِن ِ
َ َ
385
يما َ .وي َع ِّذ َب ِ ِ فِيها وي َك ِّفر َعنْهم سيئَاتِ ِهم وك َ ِ ِ
َان َذل َك عندَ اهلل َف ْو ًزا َعظ ً ْ َ ِّ ْ َ َ َ َ
َات الظانِّي َن بِاهللِ َظن ات وا ْلم ْش ِركِين وا ْلم ْش ِرك ِ
َ َ
ِ ِ ِِ
ا ْلمنَافقي َن َوا ْلمنَاف َق َ
ب اهلل َع َل ْي ِه ْم َو َل َعنَه ْم َو َأ َعد َله ْم َج َهن َم ِ ِ ِ ِ
الس ْوء َع َل ْي ِه ْم َدائ َرة الس ْوء َو َغض َ
ت َم ِص ًيرا﴾ َو َسا َء ْ
386
ومن المالحظ يف السورة أهنا تكررت فيها السكينة ثالث مرات:
﴿ -2ل َقدْ َر ِض َي اهلل َع ِن ا ْلم ْؤمِنِي َن إِ ْذ ي َبايِعون ََك َت ْح َت الش َج َر ِة َف َعلِ َم
387
تسمى سورة األدب ،الشتمالها على اآلداب التي يجب أن يتحلى هبا
كل مسلم..
-األدب مع اهلل
﴿ َيا َأي َها ال ِذي َن آ َمنوا َال ت َقدِّ موا َب ْي َن َيدَ ِي الل ِـه َو َرسول ِ ِه ۚ َواتقوا اللـ َه ۚ
يمإِن اللـه س ِم ٌ ِ
يع َعل ٌ َ َ
-األدب مع النبي
﴿يا َأيها ال ِذين آمنوا َال َتر َفعوا َأصوا َتكم َفو َق صو ِ
ت النبِ ِّي َو َال ْ َ ْ ْ َ ْ ْ َ َ َ َ
َج ْه ِر َب ْع ِضك ْم ل ِ َب ْع ٍ
ض َأن َت ْح َب َط َأ ْع َمالك ْم َو َأنت ْم َال َت ْج َهروا َله بِا ْل َق ْو ِل ك َ
َت ْشعر َ
ون﴾
388
-األدب مع المؤمنين
﴿يا َأيها ال ِذين آمنوا إِن جاءكم َف ِ
اس ٌق بِنَ َبإٍ َف َت َبينوا َأن ت ِصيبوا َق ْو ًما َ َ ْ َ َ َ َ
َادمِي َن﴾
بِجها َل ٍة َفتصبِحوا َع َلى ما َفع ْلتم ن ِ
َ َ ْ ْ َ َ
﴿ َيا َأي َها ال ِذي َن آ َمنوا َال َي ْس َخ ْر َق ْو ٌم ِّمن َق ْو ٍم َع َسى َأن َيكونوا َخ ْي ًرا ِّمنْه ْم
اء َع َسى َأن َيكن َخ ْي ًرا ِّمنْهن ۚ َو َال َت ْل ِمزوا َأنف َسك ْم و َال نِساء من نِّس ٍ
َ َ ٌ ِّ َ
اإليم ِ ِ ِ
ان ۚ َو َمن ل ْم اب ۚ بِ ْئ َس اال ْسم ا ْلفسوق َب ْعدَ ْ َ َو َال َتنَا َبزوا بِ ْاألَ ْل َق ِ
389
َان مِ َن ا ْلم ْؤمِنِي َن ا ْقتَتَلوا َف َأ ْصلِحوا َب ْينَه َما﴾
﴿وإِن َطائِ َفت ِ
َ
ت ْر َحمون﴾
﴿ َيا َأي َها الناس إِنا َخ َل ْقنَاكم ِّمن َذك ٍَر َوأن َثى َو َج َع ْلنَاك ْم شعو ًبا َو َق َبائِ َل
ِ ِ ِ ِ
ل َت َع َارفوا ۚ إِن َأك َْر َمك ْم عندَ اللـه َأ ْت َقاك ْم ۚ إِن اللـ َه َعل ٌ
يم َخبِ ٌير ﴾
عن المنة على اهلل بالطاعة ،وإحالة علم الغيب إِلى اهلل تعالى".
390
ت ْاألَ ْع َراب آ َمنا قل ل ْم ت ْؤمِنوا َو َلـكِن قولوا َأ ْس َل ْمنَا َو َلما َيدْ خ ِل
﴿ َقا َل ِ
يمان فِي قلوبِك ْم َوإِن تطِيعوا اللـ َه َو َرسو َله َال َيلِتْكم ِّم ْن َأ ْع َمالِك ْم ْاإل َ
ِ
ِ
يم ﴾ور رح ٌ َش ْي ًئا إِن اللـ َه َغف ٌ
391
سورة ق هي سورة الغافلين ،سور هتز القلوب ،وتقذف يف قلب كل
تبدأ السورة بتعظيم شأن القرآن ،ثم بيان حال الكفار لما سمعوا ما
فيه من آيات:
جبوا َأن جاءهم م ِ
نذ ٌر ِّمنْه ْم َف َق َال جيد َ .ب ْل َع ِ ﴿ق وا ْلقر ِ
آن ا ْلم ِ
َ َ ْ َ َ ْ
يب َ .أئِ َذا مِ ْتنَا َوكنا ت َرا ًبا َذل ِ َك َر ْج ٌع َب ِعيدٌ ﴾
ج ٌ ا ْل َكافِر َ
ون َه َذا َشيء َع ِ
ْ ٌ
ثم يأيت االستدالل على إثبات البعث وأنه ليس بأعظم من ابتداء خلق
السماوات وما فيها وخلق األرض وما عليها ،ونشأة النبات والثمار
392
-ومن أهداف السورة أهنا تعرض عليك الجنة والنار ،لكي تسأل
393
اب ح ِف ٍ يد َه َذا ما تو َعد َ ِ
ت ا ْلجنة ل ِ ْلمت ِقين َغير ب ِع ٍ
﴿وأ ْزل ِ َف ِ
يظ ون لك ِّل َأو ٍ َ َ َ َْ َ َ َ
وها بِ َسال ٍم َذل ِ َك ب من ِ ٍ
يب ا ْدخل َ َم ْن َخ ِشي الر ْح َمن بِا ْل َغ ْي ِ
ب َو َجا َء بِ َق ْل ٍ
َ
ون فِ َيها َو َلدَ ْينَا َم ِزيدٌ ﴾ يوم ا ْلخل ِ
ود َلهم ما َي َشاؤ َ َْ
394
من مقاصد السورة أهنا تركز على قضية الرزق ،فقد نزلت السورة
يف عام الحزن ،أي أهنا نزلت بعد حصار ِشعب أبي طالب ،فقد
وذلك لما رأت قريش أن أمر النبي يتزايد ،والمسلمون يتزايدون يوما
بعد يوم ،ولم يستطع عمه أبو طالب أن يكف النبي من دعوته،
معهم أحد ،حتى عاش النبي صلى اهلل عليه وسلم وأصحابه أشد
395
تبدأ السورة بالقسم:
اري ِ ِ ِ ِ
ات ي ْس ًرا . ﴿ َوالذ ِار َيات َذ ْر ًوا َ .فا ْل َحامالت ِو ْق ًرا َ .فا ْل َج ِ َ
َفا ْلم َقسم ِ
ات َأ ْم ًرا﴾ ِّ َ
الجاريات :هي الفلك التي تجري يف البحر بدفع الريح لها ،فتجلب
وكما قلنا أن من مقاصد السورة أهنا تعالج قضية الزرق ،فاهلل عز
وجل يقول لكَ ﴿ :وفِي الس َماء ِر ْزقك ْم َو َما تو َعد َ
ون﴾ .
396
فرزقك يف السماء ،فال تعلق قلبك بأي شيء دنيوي ،وال تخف من
األرض.
ومن اللطائف يف هذه السورة والتي تعالج قضية الرزق ،أن اهلل عز
لم يقل اهلل أنه رزاق فقط ،بل قال أنه الرزاق ذو القوة! فحينما
ضعيف ،لخفت عليه ،وكنت يف قلق دائم على رزقك لئال يضيع ،أما
397
ومن األمور التي عالجت قضية الرزق يف السورة ،أن اهلل ذكر السماء
يف أكثر من مرة ،حتى تتعلق بالسماء و َمن فيها ،وال تركن إلى
األرض:
﴿وفِي السم ِ
اء ِر ْزقك ْم َو َما تو َعد َ
ون(﴾)22 َ َ
398
سورة الطور من السور التي كان النبي -صلى اهلل عليه وسلم -يقرأ
هبا كثيرا يف صالته ،سم ّيت الطور ألن اهلل تعالى بدأ بالقسم بجبل
الطور الذي ك ّلم اهلل تعالى عليه موسى ،وقد نال هذا الجبل من
تبدأ السورة بالقسم بخمسة أمور ،وهذا دليل على أهمية الموضوع
399
ور ۞ والس ْق ِ
ف ا ْل َم ْرفو ِع ۞ َوا ْل َب ْح ِر ا ْل َم ْسج ِ ا ْل َم ْعم ِ
ور ۞ إِن َع َ
ذاب َ
َر ِّب َك َلواقِ ٌع ۞ ما َله مِ ْن دافِ ٍع﴾
ثم تنتقل إلى وصف الجنّة وأهلها من المتقين ﴿إِن ا ْلمت ِقي َن فِي
ات َون َِع ٍ
يم﴾ جن ٍ
َ
400
ثم تختتم السورة الكريمة بما يسلي النبي صلى اهلل عليه وسلم وبما
يرسم له العالج الشايف ،فتقولَ ﴿ :وا ْصبِ ْر لِح ْك ِم َر ِّب َك َفإِن َك بِ َأ ْعينِنا
ِ ِ ِ
َو َس ِّب ْح بِ َح ْمد َر ِّب َك حي َن َتقوم ۞ َوم َن الل ْي ِل َف َس ِّب ْحه َوإِ ْد َ
بار النجو ِم﴾
401
تعرض السورة لنا أن العلوم والمعرفة باهلل خالق األكوان لها طريقان:
وقد أسهبت اآليات يف عرض أن الوحي صدق من اهلل تعالىَ ﴿ :و َما
ِ
َينطق َع ِن ا ْل َه َوى ۞ إِ ْن ه َو إِال َو ْح ٌي ي َ
وحى﴾
﴿ َما َزا َغ ا ْل َب َصر َو َما َط َغى﴾كل هذه اآليات توضح أن القرآن إنما هو
من عند اهلل سبحانه وتعالى ،فإياك أن يكون يف النفس شك أو ريب يف
402
ومع ّلم القرآن الناقل عن رب العزة :هو جربيل عليه ّ
السالم،
الشديد بقواه العلمية والعملية ،وهو ذو قوة وشدة ،وذو حصافة يف
-ثم تأيت آيات تحذرنا بأال نكون مثل األمم السابقة ،وذلك يف أكثر
من موضع:
ا ْلهدَ ى﴾
َش ْي ًئا﴾
﴿ َذل ِ َك َم ْب َلغهم ِّم َن ا ْل ِع ْل ِم إِن َرب َك ه َو َأ ْع َلم بِ َمن َضل َعن َسبِيلِ ِه َوه َو
403
﴿ َأ ِعندَ ه ِع ْلم ا ْل َغ ْي ِ
ب َفه َو َي َرى﴾
واألنثى.
﴿ َو َأن إِ َلى َربِّ َك ا ْلمنت ََهى َ .و َأنه ه َو َأ ْض َح َك َو َأ ْب َكى َ .و َأنه ه َو َأ َم َ
ات
404
افتتحت السورة الكريمة هبذا االفتتاح الذى يبعث ىف النفوس الرهبة
وأطلق على يوم القيامة يوم الساعة ،لوقوعه بغتة ،أو لسرعة ما فيه
من الحساب ،أو ألنه على طوله قدر يسير عند اهلل تعالى .
ثم تحدثت أيضا عن عاقبة قوم عاد الذين كذبوا سيدنا هود:
405
ِ يحا َص ْر َص ًرا فِي َي ْو ِم ن َْح ٍ
س م ْس َتم ٍّر َ .ت ِنزع الن َ
اس ﴿إِنا َأ ْر َس ْلنَا َع َل ْي ِه ْم ِر ً
ك ََأنه ْم َأ ْع َجاز ن َْخ ٍل من َق ِع ٍر﴾
﴿كَذبوا بِآ َياتِنَا ك ِّل َها َف َأ َخ ْذنَاه ْم َأ ْخ َذ َع ِز ٍيز م ْقت َِد ٍر﴾
وبعد ذكر األقوام الذين عذبوا بسبب تكذيبهم للرسل ،جاءت آية
406
أي :ليس كفاركم يا أهل مكة ،أو يا معشر العرب ،خير من كفار من
407
من مقاصد السورة :التعرف على اهلل عز وجل من خالل آالئِه ونعمه،
يتقدمه غيره.
ولنتأمل كيف قدم اهلل نعمة الهداية واإلرشاد على نعمة الخلق
ِ
آن َ .خ َل َق اإل َ
نس َ
ان﴾ واإليجاد ،فقال اهللَ ﴿ :عل َم ا ْلق ْر َ
فبدأ بتعليم القرآن قبل خلق اإلنسان لبيان أن نعمة اهلل على عبده
وأهنا أدل على رحمته بخلقه حيث أنزل عليهم هذا القرآن الذي
408
ذكرت السورة الكثير من النعم المتعددة يف الشمس والقمر والسماء
واألرض والبحر
ألنَا ِم ر .فِ َيها َفاكِ َه ٌة َوالن ْخل َذات األَك َْما ِم .
﴿ َواألَ ْر َض َو َض َع َها ل ِ ْ َ
وا ْلحب ذو ا ْلعص ِ
ف َوالر ْي َحان﴾ َ ْ َ َ
﴿مرج ا ْلبحري ِن ي ْلت َِقي ِ
ان﴾ََ َ َ َْْ َ َ
العين.
410
من السور التي شيبت النبي صلى اهلل عليه وسلم ،ذلِك لِما يف تلك
ِ
العذاب، ابقة ،وما حدَ ث لهم مِن
مم الس ِ ِ الس ِ ِ ِ
ور من ذك ِْر َهالك األ ِ ّ
ِ
وأحوال القيامة ،و َمواقِ ِفها وعجائبِها و َمصائبِها،
ِ ِ
أهوال ِ
وذك ِْر
اسم من أسماء
وخصوصياته ،حيث تبتدئ آياهتا بذكر الواقعة ،وهي ٌ
يوم القيامة ،وتتحدث عن األحداث المرعبة التي تجري فيه.
411
َاذب ٌة َ .خافِ َض ٌة رافِع ٌة .إِ َذا رج ِ
ِ ِ ِ ِ ِ
ت َ ﴿إِ َذا َو َق َعت ا ْل َواق َعة َ .ل ْي َس ل َو ْق َعت َها ك َ
األَرض رجا .وبس ِ
ت ا ْل ِ
ج َبال َب ًّسا َ .ف َكانَ ْت َه َبا ًء من َب ًّثا﴾ َ ًّ َ ْ
ٍ
أصناف وهم :أصحاب الشمال، -2ورد فيها تقسيم الناس إلى ثالثة
والمقربون.
ّ وأصحاب اليمين،
-3تحدثت عن جزاء عباد اهلل " المقربين " ،وبينت أنواع النعيم لهم
يف الجنة.
ٍ
إلهية يف -4تحدثت عن أصحاب اليمين ،وما ينتظرهم من منحٍ
الجنة.
يوم المعاد ،وهو يوم القيامة ،وذلك ببيان عظيم قدرته ،وكيف أنه
412
خلق اإلنسان من نطفة ،وكيف يحيي النباتات ،وكيفية نزول المطر،
سبحانه وتعالى.
الدنيا ،إلى العالم اآلخر بالموت ،والذي يكون أول مراتب اآلخرة.
413
افتتحت السورة بآيات تبين عظمة الباري جل جالله ،بتسبيح
والمكان ،فهو األول وال شيء قبله ،وهو اآلخر فال شيء بعده ،وهو
الظاهر فال شيء فوقه ،وهو الباطن فال شيء دونه ،و َبينَت معيته
الشاملة لخلقه ،وعظيم سلطانه وقهره ،ثم ِ
دعت العباد إلى اإليمان
واإلنفاق
ون َوا ْلمنَافِ َقات لِل ِذي َن آ َمنوا انظرونَا َن ْقتَبِ ْس مِن
﴿ َي ْو َم َيقول ا ْلمنَافِق َ
ورا َ .فض ِر َب َب ْينَهم بِس ٍ ِ ِ ن ِ ِ
ور له ورك ْم ق َيل ْارجعوا َو َراءك ْم َفا ْلتَمسوا ن ً
اهره مِن قِ َبلِ ِه ا ْل َع َذاب .ينَادونَه ْم َأ َل ْم نَكن باب باطِنه فِ ِ
يه الرحمة و َظ ِ
ْ َ َ َ ٌ َ
م َعك ْم َقالوا َب َلى َو َلكِنك ْم َفتَنت ْم َأنف َسك ْم َو َت َرب ْصت ْم َو ْار َت ْبت ْم َو َغر ْتكم
415
اآلخر ِة ع َذاب َش ِديدٌ وم ْغ ِفر ٌة من اهللِ
مص َفرا ثم يكون ح َطاما وفِي ِ
َ َ َ ِّ َ َ َ ٌ ً َ َ ْ ًّ
ان َو َما ا ْل َح َياة الد ْن َيا إِال َمتَاع ا ْلغر ِ
ور﴾ َو ِر ْض َو ٌ
416
هذه السورة مدنية؛ وتسمى الم ِ
جادلة بكسر الدال ،أو المجا َدلة بفتح
خولة بنت َثعلبة لما قال لها زوجها َأوس بن الصامت :أنت علي
لزوجته :أنت كمثل أمي ،أي أهنا أصبحت محرمة عليه ،ولكن جاء
فجاءت َخولة إلى النبي صلى اهلل عليه وسلم لتشتكي َله:
417
ن َِّسائِ ِهم ما هن أم َهاتِ ِه ْم ۚ إِ ْن أم َهاته ْم إِال الالئِي َو َلدْ نَه ْم ۚ َوإِنه ْم
ِ
ور﴾ ورا ۚ َوإِن َ
اهلل َل َعف ٌّو َغف ٌ ون من َك ًرا ِّم َن ا ْل َق ْول َوز ً
َل َيقول َ
عتق رقبة ،أو فصيام شهرين متتابعين ،أو إطعام ستين مسكينًا.
بداية السورة بقضية تخص المرأة ،وتحدث الجزء عمو ًما عن بعض
المرأة ،وحرص اإلسالم على االهتمام بحقوقها التي شرعها اهلل لها.
إذ ال يقوم المجتمع إال بقيام األسرة ،ولن تقوم األسرة وتنضبط إال
418
ومن عجيب حكمة اهلل سبحانه وتعالى؛ أن قضايا النساء تأيت يف
والمنافقين.
طلب ما ليس لها؛ وهذا نجده اآلن؛ فلو نظرت إلى الحركات
لو نظرت إلى حركات مساواة الميراث وزواج المرأة بالمرأة ،وكل
419
-1الوالء للمسلمين ،واالنتماء لإلسالم والمسلمين؛ ال لقومية ،وال
ٍ
لبلد وال ل َع ٍ
لم وال لفريق؛ نحن ننتمي إلى اإلسالم وأهله ،ناهيك عن
وأعادي الكافر الذي يعاديني ال أذهب إليه وأتودد إليه ،وأبرم معه
االتفاقات وأنا أعلم أنه يقتل مسلم يف بلد غير بلدي ،ال أضع يدي يف
فاهلل اهلل على َمن والى المسلمين أينما كانوا؛ وعادى أعداء الكافرين
أينما كانوا.
420
اهلل َو َرسو َله ون بِاهللِ َوا ْل َي ْو ِم ْاآل ِخ ِر ي َواد َ
ون َم ْن َحاد َ جد َق ْو ًما ي ْؤمِن َ
﴿ال َت ِ
َو َل ْو كَانوا آ َبا َءه ْم َأ ْو َأ ْبنَا َءه ْم َأ ْو إِ ْخ َوانَه ْم َأ ْو َع ِش َير َته ْم ﴾...
-3الشكوى واللجوء إلى اهلل عز وجل ،مهما كان الذي تشتكي له
فاألصل أن شكوتك وتوكلك على اهلل :و َت ْشتَكِي إِ َلى اهللِ
َ
-4حكم التناجي
الرسول.
421
-5أدب المجالس
﴿ َيا َأي َها ال ِذي َن آ َمنوا إِ َذا قِ َيل َلك ْم َت َفسحوا فِي ا ْل َم َجال ِ ِ
س َفا ْف َسحوا
َي ْف َسحِ اهلل َلك ْم ۚ َوإِ َذا قِ َيل انشزوا َفانشزوا َي ْر َف ِع اهلل ال ِذي َن آ َمنوا مِنك ْم
422
-٨بيان حكم من يوالي أعداء اهلل وأعداء اإلسالم والمسلمين
فالذي بحب يجب أن يحب هلل ،و َمن أبغض فيجب أن يكون البغض
يف اهلل.
وإياك إياك الحب لمن يعادي اهلل ورسوله ،إياك وحب من يقول على
اهلل أن له ولد وله زوجة؛ فاألمر َجد خطير ،كما جاء يف السورة أن
423
بذلك ال يكتمل إيمانك ،بل قد تكون منهم وكما قال نبينا صلى اهلل
فنبينا صلى اهلل عليه وسلم بنفسه تقف أمامه امرأة وتشتكي له
424
نزلت هذه السورة بعد إخراج يهود بني النضير من أطراف المدينة،
أسباب الغزوة
.1نقض يهود بني النضير العقد الذي بينهم وبين المسلمين ،وإرشاد
.2محاولة بني النضير الغتيال وقتل النبي صلى اهلل عليه وسلم.
-أحداث الغزوة:
بعد ِعلم النبي صلى اهلل عليه وسلم هبذه األمور؛ أرسل إليهم محمد
425
َ
رسول اهلل صلى اهلل عليه "اذهب إلى يهود بني النضير وقل لهم :إن
ئي
عشرا ،فمن ر َ
جعلت لكم مما هممتم به من الغدر ،وقد أجلتكم ً
مِنكم ضربت عنقه"
فأمهلهم النبي صلى اهلل عليه وسلم مهلة حوالي عشرة أيام ،ويف أثناء
تلك فرتة أرسل رأس المنافقين عبد اهلل بن سلول إلى يهود بني
ون ِ ِ
إل ْخ َوانِ ِهم ال ِذي َن َك َفروا مِ ْن َأ ْه ِل ﴿ َأ َل ْم َت َر إِ َلى ال ِذي َن نَا َفقوا َيقول َ
َاب َلئِ ْن أ ْخ ِر ْجت ْم َلن َْخر َجن َم َعك ْم َو َال نطِيع فِيك ْم َأ َحدً ا َأ َبدً ا َوإِن
ا ْلكِت ِ
قوتِ ْلتم َلنَنصرنكم واهلل ي ْشهد إِنهم َل َك ِ
اذب َ
ون﴾ ْ َ ْ َ َ َ ْ
426
فتشجع اليهود وأرسلوا إلى النبي صلى اهلل عليه وسلم أهنم َلن
يرحلوا..
َ
فكبر النبي صلى اهلل عليه وسلم وكرب المسلمون معه وقال :حاربت
اليهود.
بعد انتهاء المهلة حاصر المسلمون بني النضير مدة خمس عشرة
يو ًما ،وبدأ المسلمون بقطع الطرق عليهم والتضييق عليهم ،ال يخرج
وال يدخل شيء إليهم ،وألقى اهلل يف قلوهبم الرعب ،وأدركوا أن ال
فأرسلوا إلى النبي صلى اهلل عليه وسلم يلتمسون منه أن يؤمنهم حتى
يخرجوا من ديارهم فوافقهم النبي صلى اهلل عليه وسلم وقال لهم:
اخرجوا منها ،ولكم دماؤكم وما حملت اإلبل إال الحلقة -وهي
الدروع والسالح
427
فرضوا بذلك ،وقبل أن يخرجوا هدموا أسقف وأعمدة بيوهتم حتى
ْ
ال يستفيد منها المسلمون!
ا ْل َح ْش ِر ۚ َما َظنَنت ْم َأن َي ْخرجوا ۚ َو َظنوا َأنهم مانِ َعته ْم حصونهم ِّم َن
اهللِ َف َأ َتاهم اهلل مِن حيث َلم يحت َِسبوا ۚ و َق َذ َ ِ
بۚ ف في قلوبِ ِهم الر ْع َ َ ْ َ ْ ْ َْ
ار﴾يه ْم َو َأ ْي ِدي ا ْلم ْؤمِنِي َن َفا ْع َتبِروا َيا أولِي ْاألَ ْب َص ِ
ون بيو َتهم بِ َأ ْي ِد ِ
ي ْخ ِرب َ
أهداف السورة:
اإلنسان أنه يف حرب بينه وبين الشيطان ،ويا َسعدَ َمن اتخذ اهلل ول ًيا،
عدوا. َ
الشيطان ً َ
واتخذ
.2األنصار:
429
اج َر إِ َل ْي ِه ْم َو َال ان مِن َقبلِ ِهم ي ِ
حب َ يم َ ِ ِ
ون َم ْن َه َ ْ ْ ﴿ َوالذي َن َت َبوءوا الد َار َو ْاإل َ
ون َع َلى َأنف ِس ِه ْم َو َل ْو
اج ًة ِّمما أوتوا َوي ْؤثِر َ ون فِي صد ِ ِ
وره ْم َح َ جد َ َي ِ
.3األجيال المتعاقبة:
430
.٦بيان عظمة القرآن
الر ِحيم ه َو اهلل ال ِذي َال إِ َل َه إِال ه َو ا ْل َملِك ا ْلقدوس الس َالم
ان اهللِ َعما ي ْش ِرك َ
ون ا ْلم ْؤمِن ا ْلم َهيْ ِمن ا ْل َع ِزيز ا ْل َجبار ا ْلم َت َك ِّبر ۚ س ْب َح َ
ه َو اهلل ا ْل َخالِق ا ْلبَ ِ
ارئ ا ْلم َص ِّور ۚ َله ْاألَ ْس َماء ا ْلح ْسنَى ۚ ي َس ِّبح َله
431
تسمى سورة الممت ِ
َحنة بكسر الحاء ،باعتبار أن السورة نزلت بآيات
سبب النزول:
عن علي رضي اهلل عنه قال :بعثنا رسول اهلل -صلى هلل عليه وسلم-
أنا والزبير والمقداد بن األسود وقال " :انطلقوا حتى تأتوا روضة فإن
فخرجنا تعادي بنا خيلنا ،فإذا نحن بظعينة فقلنا أخرجي الكتاب،
فقالت :ما معي كتاب ،فقلنا لها :لتخرجن الكتاب أو لنلقين الثياب،
فأخرجته من عقاصها،
432
فأتينا به رسول اهلل -صلى اهلل عليه وسلم -فإذا فيه :مِن حاطب بن
أبي بلتعة إلى أناس مِن المشركين بمكة يخرب ببعض أمر النبي -
صلى اهلل عليه وسلم -وأنه يتجهز لفتح مكة فقال " :ما هذا يا
حاطب؟"
عندهم يدا ،واهلل ما فعلته شاكًا يف ديني وال رضا بالكفر بعد اإلسالم
فقال رسول اهلل -صلى اهلل عليه وسلم " :-إنه قد صدق" فقال
عمر ":دعني يا رسول اهلل أضرب عنق هذا المنافق" فقال " :إنه قد
شهد بدرا وما يدريك لعل اهلل اطلع على أهل بدر فقال اعملوا ما
433
وملخص هذا أن حاطب بن أبي َبلتعة كتب إلى أهل مكة يخربهم بأن
-1االمتحان األول
امتحان حاطب بن أبي بلتعة الذي كتب إلى أهل مكة يخربهم بأسرار
الم َود ِة َو َأنا َأع َلم بِما َأخ َفيتم َوما َأع َلنتم َو َمن َيف َعله ت ِس ّر َ
ون إِ َل ِ
يهم بِ َ
مِنكم َف َقد َضل َسوا َء السبي ِل﴾
434
-2االمتحان الثاين امتحان سيدنا إبراهيم
خرجوكم مِن ﴿ال َينهاكم اهلل َع ِن الذي َن َلم يقاتِلوكم فِي الدّ ِ
ين َو َلم ي ِ
حب الم ِ
قسطي َنإِنما يهم إِن اهلل ي ِ ياركم َأن َتبروهم وت ِ
قسطوا إِ َل ِ ِد ِ
َ َ َّ
خرجوكم مِن ِد ِ
ياركم َينهاكم اهلل َع ِن الذي َن قا َتلوكم فِي الدّ ِ
ين َو َأ َ
خراجكم َأن َت َولوهم َو َمن َيت ََولهم َفأولئِ َك هم
ِ ظاهروا َعلى إِ
َو َ
ال ّظال ِ َ
مون﴾
435
-4االمتحان الرابع امتحان مبايعة النساء
رات َفامت ِ
َحنوهن اهلل هاج ٍ
﴿يا َأي َها الذي َن آمنوا إِذا جاءكم المؤمِنات م ِ
َ َ
رجعوهن إِ َلى الك ّف ِ
ار ال َأع َلم بِإيمانِ ِهن َفإِن َعلِمتموهن مؤمِ ٍ
نات َفال َت ِ
هن ِح ٌّل َلهم وال هم ي ِ
ون َلهن َوآتوهم ما َأن َفقوا َوال ج َ
ناح َع َليكم ح ّل َ َ َ
مسكوا بِ ِع َص ِم ال َكوافِ ِر
َأن َتنكِحوهن إِذا آ َتيتموهن أجورهن وال ت ِ
َ َ
سألوا ما َأن َفقوا ذلِكم حكم اهللِ َيحكم َبينَكم َواهلل
اسألوا ما َأن َفقتم َول َي َ
َو َ
كيم﴾
ليم َح ٌ
َع ٌ
أسلمت أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط بمكة ،ولم يتهيأ لها هجرة
إلى سنة سبع وكان خروجها زمن صلح الحديبية ،فخرج يف إثرها
أخواها -الوليد وعمارة -فما زاال حتى قدما المدينة ،فقاال :يا محمد
ف لنا بشرطنا
436
فقالت :أتردين يا رسول اهلل إلى الكفار يفتنوين عن ديني وال صرب
فأنزل اهلل اآليات فكان يقول :آهلل ما أخرجكن إال حب اهلل ورسوله
إلى الكفار.
437
-3ضرب اهلل عز وجل ً
مثاال بقصة سيدنا إبراهيم و َمن آمن معه
خرجوكم مِن ﴿ال َينهاكم اهلل َع ِن الذي َن َلم يقاتِلوكم فِي الدّ ِ
ين َو َلم ي ِ
حب الم ِ
قسطي َنإِنما يهم إِن اهلل ي ِ ياركم َأن َتبروهم وت ِ
قسطوا إِ َل ِ ِد ِ
َ َ َّ
خرجوكم مِن ِد ِ
ياركم َينهاكم اهلل َع ِن الذي َن قا َتلوكم فِي الدّ ِ
ين َو َأ َ
خراجكم َأن َت َولوهم َو َمن َيت ََولهم َفأولئِ َك هم
ِ ظاهروا َعلى إِ
َو َ
ال ّظال ِ َ
مون﴾
438
سبب النزول:
تعالى لعملناه ،فأنزل اهلل سورة الصف ،فقرأها علينا رسول اهلل -
-1من اسم السورة ففيها دعوة إلى الوحدة والصف والرتاص وذلك
رصوص﴾
ٌ لون يف َسبيلِ ِه َص ًّفا ك ََأنهم ب ٌ
نيان َم حب الذي َن يقاتِ َ
﴿إِن اهلل ي ِ
َ
439
حينما أمرهم موسى بقتال الجبارين ،وأمرهم عيسى باتباعه وإتباع
-3بشرى وتأكيد على أن دين اهلل سينتصر ،فنحن أمة تمرض وال
تموت:
440
-4رسمت السورة طريق الفوز والنجاة:
441
سبب التسمية :ألهنا ذكر فيها لفظ يوم الجمعة.
يوقر اهلل سبحانه وتعالى ويسارع إلى فعل األوامر التي يف السورة.
-2وصفت السورة نبينا صلى اهلل عليه وسلم ،وهي عروبته وتالوته
للقرآن على قومه ليزكيهم ويعلمهم الكتاب والسنة ،سواء يف زمنه أم
لألجيال المتالحقة ،وبيان فضل النبي صلى اهلل عليه وسلم يف إخراج
ين﴾ ح ْك َم َة َوإِن كَانوا مِن َق ْبل َل ِفي َض َال ٍل مبِ ٍ ويع ِّلمهم ا ْلكِتَاب وا ْل ِ
َ َ َ َ
442
-3توبيخ اليهود بسبب تركهم العمل بأحكام التوراة ،وتشبيههم
بالحمار الذي على ظهره الكتب النافعة ،ولكنه ال يفهم منها شيئا،
وال يناله إال التعب .وهذا تنبيه لكل َمن يحفظ القرآن وال يعمل به
443
الجمعة ،مع أن أمر البيع (مباح) لكن لو أن هذا المباح سيشغل عن
وهذا رد على َمن يقول العمل عبادة ،فيرتك الصالة ويظل يشرح
َما ِعندَ اهللِ َخ ْي ٌر ِّم َن الل ْه ِو َومِ َن الت َِّج َار ِة ۚ َواهلل َخ ْير الر ِازقِي َن﴾
444
سبب النزول:
قال أهل التفسير وأصحاب السير :غزا رسول اهلل -صلى اهلل عليه
وسلم -بني المصطلق ،فنزل على ماء مِن مياههم يقال له :المريسيع،
فوردت واردة الناس ومع عمر بن الخطاب أجير له مِن بني غفار
الجهني حليف بني عوف مِن الخزرج على الماء ،فاقتتال ،فصرخ
واشتد لسان جعال على عبد اهلل فقال عبد اهلل :والذي يحلف به
ألذرنك ويهمك غير هذا شيء؟ وغضب عبد اهلل فقال :واهلل ما مثلنا
445
ومثلهم إال كما قال القائل :سمن كلبك يأكلك إنا واهلل لئن رجعنا
إلى المدينة ليخرجن األعز منها األذل يعني باألعز نفسه وباألذل
ثم أقبل على َمن حضره مِن قومه فقال :هذا ما فعلتم بأنفسكم،
عن بالدكم ،فال تنفقوا عليهم حتى ينفضوا مِن حول محمد.
446
فقال عبد اهلل :اسكت ،فإنما كنت ألعب ،فمشى زيد بن أرقم إلى
رسول اهلل -صلى اهلل عليه وسلم -فأخربه الخرب ،وعنده عمر بن
فقال" :إذن ترعد له أنف كبيرة يثرب " .فقال عمر :فإن كرهت يا
رسول اهلل أن يقتله رجل مِن المهاجرين ،فمر سعد بن عبادة أو
الناس أن محمدً ا يقتل أصحابه" وأرسل رسول اهلل -صلى اهلل عليه
وسلم -إلى عبد اهلل بن أبي فأتاه ،فقال له" :أنت صاحب هذا الكالم
الذي بلغني؟" فقال عبد اهلل :والذي أنزل عليك الكتاب ما قلت شي ًئا
447
عظيما ،فقال َمن حضر مِن األنصار :يا
ً وكان عبد اهلل يف قومه شري ًفا
رسول اهلل شيخنا وكبيرنا ،ال تصدق عليه كالم غالم مِن غلمان
فعذره رسول اهلل -صلى اهلل عليه وسلم -وفشت المالمة يف األنصار
لزيد وكذبوه ،وقال له عمه :ما أردت إال أن كذبك رسول اهلل -صلى
فاستحيا زيد بعد ذلك أن يدنو مِن النبي -صلى اهلل عليه وسلم -فلما
ارتحل رسول اهلل -صلى اهلل عليه وسلم -لقيه أسيد بن حضير ،فقال
قال :وما قال؟ قال :زعم أنه إن رجع إلى المدينة ليخرجن األعز منها
األذل ،قال أسيد :فأنت يا رسول اهلل واهلل تخرجنه إن شئت ،هو واهلل
الذليل ،وأنت العزيز .ثم قال :يا رسول اهلل ارفق به ،فواهلل لقد جاء اهلل
448
بك وإن قومه لينظمون له الخرز ،ليتوجوه وإنه ليرى أنك سلبته
مل ًكا.
وبلغ عبد اهلل بن عبد اهلل بن أبي ما كان مِن أمر أبيه ،فأتى رسول اهلل -
صلى اهلل عليه وسلم -فقال :إنه بلغني أنك تريد قتل عبد اهلل بن أبي
فواهلل لقد علمت الخزرج ما هبا رجل أبر بوالديه مني ،وأنا أخشى أن
تأمر به غيري فيقتله ،فال تدعني نفسي أنظر إلى قاتل عبد اهلل بن أبي
يمشي يف الناس ،فأقتله ،فأقتل مؤمنًا بكافر ،فأدخل النار ،فقال رسول
اهلل -صلى اهلل عليه وسلم" :-بل نحسن صحبته ما بقى معنا"
ولما واىف رسول اهلل -صلى اهلل عليه وسلم المدينة ،قال زيد بن
أرقم :جلست يف البيت لما بي مِن الهم والحياء ،فأنزل اهلل تعالى
سورة المنافقين يف تصديقي وتكذيب عبد اهلل فلما نزلت أخد رسول
449
اهلل -صلى اهلل عليه وسلم -بأذن زيد ،فقال " :يا زيد ،إن اهلل تعالى
وكان عبد اهلل بن أبي يقرب المدينة ،فلما أراد أن يدخلها جاء ابنه
عبد اهلل بن عبد اهلل بن أبي قال ابنه :وراءك! قال :ما لك؟ ويلك؟!
قال :ال واهلل ال تدخلها إال بإذن رسول اهلل -صلى اهلل عليه وسلم-
فشكى عبد اهلل إلى رسول اهلل -صلى اهلل عليه وسلم -ما صنع ابنه،
فأرسل إليه رسول اهلل -صلى اهلل عليه وسلم" -أن خل عنه حتى
يدخل"
فقال :أما إذ جاء أمر النبي عليه الصالة والسالم فنعم فدخل
فلما نزلت هذه السورة وبان كذبه قيل له :يا أبا حباب إنه قد نزلت
فيك آي شداد فاذهب إلى رسول اهلل -صلى اهلل عليه وسلم-
450
قيل َلهم َتعا َلوا يست ِ
َغفر ليستغفر لك ،فلوى رأسه ،فذلك قوله ﴿ َوإِذا َ
َ
ون َوهم مستَكبِ َ
ءوسهم َو َر َأيتَهم َيصدّ َ ِ
رون﴾ َلكم َرسول اهلل َلووا ر َ
451
-2بيان أن العزة هلل ولرسوله وللمؤمنين ،وهذا ما يجب أن يكون
ً
شامخا راف ًعا رأسه طالما أنه يرضي عزيزا
عليه المؤمن ،أن يكون ً
اهلل...
452
معنى التغابن:
ِ
سران أهل الكفرسمي يوم القيامة( :يوم التغابن)؛ لِما يظهر فيه من خ
وبوار تجارهتم.
-بدأت السورة ببيان بعض صفات اهلل عز وجل ،ثم بيان قدرة اهلل
453
-أنذرت الكفار بما حل باألمم الماضية التي كذبت الرسل ،بسبب
إنكارهم البعث ،والرد عليهم بقسم اهلل بوقوعه وأنه حق ،وبجزائه
على األعمال.
﴿ َز َع َم ال ِذي َن َك َفروا َأن لن ي ْب َعثوا ۚ ق ْل َب َلى َو َر ِّبي َلت ْب َعثن ثم َلتنَبؤن بِ َما
-بعد ذلك دعت السورة إلى اإليمان باهلل تعالى وبالنبي صلى اهلل
عليه وسلم ،والقرآن النور الذي أنزل على النبي ،وبشرت المؤمنين
بالجنة ،وهددت بما يلقاه الكفار يوم القيامة ،يوم يغبن فيه الكافر
برتكه اإليمان.
454
ْاألَن َْهار َخال ِ ِدي َن فِ َيها َأ َبدً ا ۚ َذل ِ َك ا ْل َف ْوز ا ْل َعظِيم َوال ِذي َن َك َفروا
سبحانه وتعالى.
اب مِن م ِصي َب ٍة إِال بِإِ ْذ ِن اهللِ ۚ َو َمن ي ْؤمِن بِاهللِ َي ْه ِد َق ْل َبه ۚ َواهلل
﴿ َما َأ َص َ
ٍ ِ
بِك ِّل َش ْيء َعل ٌ
يم﴾
-أمرتنا بطاعة اهلل عز وجل ،وطاعة النبي صلى اهلل عليه وسلم.
455
اجك ْم َو َأ ْو َال ِدك ْم َعد ًّوا لك ْم
﴿ َيا َأي َها ال ِذي َن آمنوا إِن مِ ْن َأ ْز َو ِ
َ
ور ر ِحيم ٌ. ِ
اح َذروه ْم ۚ َوإِن َت ْعفوا َو َت ْص َفحوا َو َت ْغفروا َفإِن َ
اهلل َغف ٌ َف ْ
ِ ِ ِ
يم﴾ إِن َما َأ ْم َوالك ْم َو َأ ْو َالدك ْم ف ْتنَ ٌة ۚ َواهلل عندَ ه َأ ْج ٌر َعظ ٌ
456
نزلت محدد ًة ِ
كشأن السور المدنية جميعها ْ -سورة الطالق شأهنا
فاحتوت آيات هذه السورة الكريمة على قضية أسرية مهمة جدً ا،
بكل أحكامه وأنواعه ّ
وكل ما يتعلق به، وهي الطالق ِّ
-بينت اآليات الكريمة الوقت الذي يقع فيه الطالق ويقبله اهلل تعالى
عدهتا.
457
فصل اآليات يف مدة العدة عند النساء اللوايت انقطعن من
-كما ت ّ
الحيض أي الكبيرات يف السن ،أو الاليت لم يحضن لصغرهن ،بأن
اهلل سيعاقب أشد العقاب ،وتأيت األمثلة يف من سبق من األمم التي لم
458
ب ّينت السورة نوعًا من التفكك اإلجتماعي الذي يجب أن نحرص
اهلل َربك ْم ﴾
﴿ َواتقوا َ
﴿ َو َمن َيت ِق َ
اهلل َي ْج َعل له َم ْخ َر ًجا﴾
459
السورة يف مطلعها تحكي جانبا مما دار بين النبي ﷺ وبين بعض
﴿ َيا َأي َها النبِي ل ِ َم ت َح ِّرم َما َأ َحل اهلل َل َك َت ْبت َِغي َم ْر َض َ
ات َأ ْز َو ِ
اج َك َواهلل
ِ
يم﴾ َغف ٌ
ور رح ٌ
﴿ َيا َأي َها ال ِذي َن آ َمنوا قوا َأنف َسك ْم َو َأ ْهلِيك ْم ن ًَارا َوقود َها الناس
انتماء.
460
والمرأة لها دور أساسي يف كل هذا ألهنا هي التي تربي األجيال وتؤثر
عمران:
ِعندَ َك َب ْيتًا فِي ا ْل َجن ِة َون َِّجنِي مِن فِ ْر َع ْو َن َو َع َملِ ِه َون َِّجنِي مِ َن ا ْل َق ْو ِم
يه مِن
خنَا فِ ِ
ان التِي َأ ْح َصن َْت َف ْر َج َها َفنَ َف ْ
الظال ِ ِمين َ .و َم ْر َي َم ا ْبن ََت ِع ْم َر َ
وجهت السورة نداء إلى المؤمنين أمرهتم فيه بأن يداوموا على العمل
بالتوبة النصوح ألهنا على رأس األسباب التي تؤدي إلى تكفير
سيئاهتم.
461
ِ ِ
وحا َع َسى َربك ْم َأن ي َك ِّف َر ﴿ َيا َأي َها الذي َن آ َمنوا توبوا إِ َلى اهلل َت ْو َب ًة نص ً
ات َت ْج ِري مِن َت ْحتِ َها األَن َْهار َي ْو َم ال َعنكم سي َئاتِكم ويدْ ِخ َلكم جن ٍ
ْ َ ْ َ ْ َ ِّ
يه ْم َوبِ َأ ْي َمانِ ِه ْم
ي ْخ ِزي اهلل النبِي َوال ِذي َن آ َمنوا َم َعه نوره ْم َي ْس َعى َب ْي َن َأ ْي ِد ِ
462
موضوعات سورة الملك:
قدرة اهلل يف خلقه – الرد على إنكار الكافرين للبعث – مشهد عذاب
للمكذبين.
463
موضوعات سورة المعارج:
عبادة قيام اهلل وأثرها على المسلم -مهمة الرسول بتبليغ الدعوة وما
464
موضوعات سورة المدثر:
عبادة قيام اهلل وأثرها على المسلم -مهمة الرسول بتبليغ الدعوة وما
االستعداد لها ،وحالة االنسان عند االحتضار ،وما يلقاه الكافر من
ذكر خلق اإلنسان ‘ وفيها أحوال الناس وتمايزهم إلى كافر ومؤمن ،
وفيها أمر المعاد وحشر العباد ،وصفات األبرار وما أعد اهلل لهم من
النعيم يف الجنة ،ويف آخرها التثبيت للنبي ومن بعده للمؤمنين .وقد
465
كان – صلى اهلل عليه وسلم – يقرأها كل يوم جمعة يف الركعة الثانية
مشاهد من يوم القيامة -عرض لبعض اآليات الدالة على قدرة اهلل يف
466
عم وهو الجزء الثالثون واألخير يف القرآن الكريم يحتوي على
جزء ّ
37سورة هي من السور القصيرة والمحور الرئيسي لهذه السور
وللجزء بشكل عام هو أن اآلخرة هلل تعالى ويا أيها اإلنسان كن
موصو ً
ال بربك طائعًا هلل تعالى ألن األمر كله بيد اهلل تبارك وتعالى
وهذا الجزء يذكّر باآلخرة وبالمعاد وبلقاء اهلل عز ّ
وجل وقدرته اهلل
467
-تم بفضل اهلل تعالى ومنته ،فما كان من توفيق فمن اهلل ،وما كان من
والسالسل الصوتية.
468