Professional Documents
Culture Documents
إعداد
إشراف
قُ ّدم هذا البحث استكما ًال لمتط ّلبات نيل درجة الماجستير في أصول الدين فرع التفسير
6341ه5162-م
إهداء
صاحب إخلُلق إلعايل؛ زويج إلكرمي إدلكتور مسري سلامين ،حفظه هللا ،ووإدليه إلكرميني...
أأحبييت يف هللا يف ي
لك ماكن وزمان ،وإملسلمني وإملسلامت...
أأهدي إلهيم معيل هذإ ،جعهل هللا يف مزيإن يبري هبم أأمجعني.
ب
شكر وتقدير
إمحلد هلل ،محدإً يليق جبالل وهجه وعظمي سلطانه ،ومع ًال بقول إلنيب " :من ال يشكر
ك من :مرشيف من لكيية
إلناس ال يشكر هللا"؛ فا يين أأتو يجه يف هذإ إملقام ّبلشكر إجلزيل وإلعرفان ّبمجليل ل ٍّي
إلرشيعة إدلكتور عطية صديق إ ألطرش ،ومرشيف من لكيية إلرتبية إدلكتور جامل زيك أأبو مرق ،جلهودهام
إلكرمية يف إالرشإف عىل هذه إلرساةل وتقوميها وتعديلها ،جفزإكام هللا ي
لك خري.
وأأتو يجه ّبلشكر إجلزيل وإلتقدير لعضوي جلنة إملناقشة إلش يخ إدلكتور هارون اكمل إلرشّبيت ،وإدلكتور
محميد عبد إلفتياح شاهني ،ي
لتكرهمام بقبول مناقشة هذه إلرساةل ،وتصويب ما فهيا من أأخطاء ،وتقوميها ،جفزإكام
هللا خريإً.
وأأت يو يجه ّبلشكر إجلزيل لفضيّل إلش يخ إدلكتور معاذ سعيد ح يوى وعائلته إلكرمية ،لتوجهياهتم إلقييمة،
وتزويدي ببعض مرإجع هذه إلرساةل ،جفزإمه هللا ي
لك خري.
وإلشكر موصول الدإرة مكتبة إجلامعة إ ألردنية لمتكيهنم إايي من إس تخدإم إملكتبة وإالفادة من مرإجعها
ومصادرها ،كذكل أأت يو يجه ّبلشكر ألمناء مكتبة بدلية إخلليل ملساعدهتم يف إلوصول إىل إملرإجع إملطلوبة وإالفادة
مهنا؛ جفزإمه هللا خريإً مجيعاً.
ت
فهرس املوضوعات
الصفحة الموضوع
ب إهداء
ر Abstract
ز المقدمة
ّ
األخرى
ث
01 حوى
المطلب الخامس :البيئة السياسية التي عاش فيها ّ
21 المطلب الثالث :مصادر اشتقاق األهداف التربوية عند علماء التربية
20 المطلب الرابع :المدارس التربوية المعاصرة بين المنهج والوسيلة والهدف
ج
13 األول :اإليمان والتوحيد
المطلب ّ
ح
011 المطلب الثالث :عبادات الجوارح المفروضة
خ
066 المطلب الثالث :سلوك الداعية في دعوته
216 الخاتمة
201 المصادروالمراجع
د
ملخّّّّص البحث
حوى في
أهم مالمح المنهج التربوي عند الشيخ سعيد ّ
تهدف هذه الدراسة إلى كشف ّ
أهميته
تطرقت للحديث عن المنهج التربوي من حيث ّ
ثم ّ
وسيرته العلمية ومؤلفاته وبيئته ووفاتهّ ،
أهم المدارس
وأهدافه ،وذكرت مصادر اشتقاق األهداف التربوية عند علماء التربية ،ووقفت مع ّ
اإلسالمي على ضوء العناصر السابقة ،فبدأت ببيان نظرة اإلسالم إلى اإلنسان من حيث تركيبه،
ووسائلها.
خصصته
حوى ،وقد ّ
أما الفصل الثاني فكان بدايةُ توضيح المنهج التربوي عند الشيخ سعيد ّ
ّ
حوى بشأن
عرض ما ذكره ّ
ووضحت ذلك من خالل ْ
ّ حوى في تربية القلب،
للحديث عن منهج ّ
ذ
حوى في تربية جوارح اإلنسان وأخالقه
تطرقت للحديث عن منهج ّ
وفي الفصل الثالث ّ
نت ما جاء بشأن تربية الجوارح من الحديث عن العالقة بين عمل القلب وعمل
فبي ُ
وعالقاتهّ ،
الشيخ في تربية أخالق اإلنسان وآدابه وعالقاته ،وذلك من خالل الحديث عن تربية األخالق
ثم تبع
توجيهات إيمانية وعملية وأخالقية ،وحديث أيضًا عن التوجيهات المتعلّقة بطالب التزكيةّ ،
ذلك حديث عن عملية الدعوة ذاتها؛ من حيث الفئة المستهدفة في الدعوة ،ونقطة البداية مع
المدعو ،ومن حيث العناصر المؤثّرة في عملية الدعوة ،ومن حيث سلوك الداعية في دعوته،
ّ
وختمت الفصل بالوقوف على بعض توجيهات الشيخ فيما يتعلّق بعملية اإلنذار.
قت لبعض
فتطر ُ
تم تناول الحديث عن وسائل التزكية وعوائقها؛ ّ
وأخي ًار في الفصل الخامس ّ
والذكر ،وفي المقابل ّبينت بع ض ما ورد بشأن ما يعيق عملية التزكية؛ كالبيئة الفاسدة ،وفتنة
ضت المراجع
عر ُ
أهم نتائج الرسالة وتوصياتها ،وبعد الخاتمة ْ
عرض ّ
ُ تم
وفي خاتمة الرسالة ّ
ر
Abstract
This study aims to investigate the most important characteristics related to the
educational methods used and presented by the Muslim scholar Said Hawwa (1935–
89) by detecting his educational efforts in his Qur’anic commentary al-Asas fi-l-tafsir,
by collecting them, as well as by their topical classification.
While the introduction deals among others with the importance of this study, with
its aims and limits, with its methodology, and with previous studies that were
conducted in this field, the first chapter gives an overview not only over Said
Hawwa’s life, but also over the most important current schools of education in
general, as well as over the methods of Islamic education in particular with regard to
their aims, their characteristics and their instruments.
The second chapter deals with Hawwa’s methods concerning the education
respectively the purification of the human heart. It shows the most important issues
related to the heart and clarifies its possible diseases.
In the third chapter the author presents Hawwa’s methods with regard to physical
acts of worship, as well as educational aspects related to ethics, morality and
decency in family life and in wider social interaction.
While the fourth chapter is related to the process of the call to Islam respectively to
an Islamic behavior according to Hawwa including his instructions for both the
educator and the disciple in his search for self-purification, the fifth chapter deals
with Hawwa’s illustration of the methods of self-purification and its obstacles.
In the conclusion the author presents the most important results of the study and
gives suggestions for further research.
ز
املقدّّمة
رب العالمين ،حمدًا يوافي نعمه ويكافئ مزيده مدى الدهور واألزمان ،والصالة
الحمد هلل ّ
صالة وسالماً دائمين متالزمين إلى يوم الدين ،وعلى آله وصحبه ومن سار على دربه بإحسان
أما بعد:
إلى يوم الدينّ ،
مستقرة
ّ بد أن تكون
محمداً أحد المسلّمات التي ال ّ
فإن شمولية الرسالة التي بعث اهلل بها ّ
ّ
كل مسلم ،ومن مظاهر هذا الشمول وجود منهج إسالمي تربوي متكامل ،له أسسه
في عقيدة ّ
وأهدافهُ ،يعنى ببناء اإلنسان وتنميته وتزكيته ،وقد تعددت جهود العلماء من قديم وحديث في
ٍ
تفسير للقرآن وقد حاولت في هذه الدراسة إبراز الجهود التربوية ألحد العلماء من خالل
هذا البحث على خطوات وضحتها في منهج البحث لتحقيق هذا الغرض واهلل المستعان ،وأرجوه
القبول والتوفيق.
س
مشكلة البحث:
على ضوء ما سبق ،يمكن صياغة مشكلة الدراسة في السؤال الرئيس التالي:
عام عنها؟
يتميز المنهج التربوي اإلسالمي بشكل ّ
وبم ّ .0ما هي المناهج التربوية المعاصرةَ ،
حوى في تفسيره؟
أهم وسائل التزكية ومعيقاتها التي وقف عليها ّ
.3ما ّ
أهداف البحث:
وتنظيمها وتصنيفها تحت عناوينها المنطقية؛ بحيث يسهل االستفادة منها ،عالوةً على معرفة
فيقدم
بأهم الموضوعات المتعّلقة بحياة الناس اليومية ،أال وهو موضوع التربية؛ ّ
.0التصاقها ّ
فوائد تربوية في موضوعات تربية القلب والجسم واألخالق ،كذلك في موضوع الدعوة إلى اهلل
.3تخدم في موضوع التفسير التربوي ،من خالل تزويد المكتبة القرآنية ببحث مختّص
عام.
بالجانب التربوي للتفسير بشكل ّ
أما عن سبب اختياري لتفسير الشيخ سعيد حوى ،فهو كون المفسر معاص ًار يجعله أقدر
ّ .3
من غيره على فهم اآلية المتعلقة بجانب اجتماعي ،واسقاطها على الواقع المعاصر ،فالفائدة
ص
حدود البحث:
ومعيقاتها.
الدراسات السابقة:
منها بدراسة المنهج التربوي عند الشيخ سعيد في هذا الكتاب ،وفي اآلتي بيان هذه الدراسات:
أعد زيدان (0223م) دراسة بعنوان (سعيد بن حوى ومنهجه في التفسير) ،هدف من
ّ .0
الحديث عن التفسير بالمأثور ،وما يندرج تحته من عناصر ،كتفسير القرآن الكريم بالقرآن،
وبالسنة المطهّرة ،وبأقوال الصحابة ،وبأقوال التابعين على خالف بين العلماء ،كذلك من
ّ
من منهج الدعوة إلى اهلل ،ومن نظام الحكم ،وموقفه من الجماعة اإلسالمية.
تفص دديل الح ددديث ع ددن عص ددر الش دديخ س ددعيد ح د ّدوى وحيات دده ،وك ددذلك التعري ددف بتفس ددير
ض
(األساس) من حيث اسدمه وخصائصده ومقاصدده ومصدادره وغيدر ذلدك مدن العناصدر،
ث د ّدم الكش ددف ع ددن م ددنهج الش دديخ ف ددي تفس دديره؛ فتط د ّدرق الباح ددث للح دددديث ع ددن التفس ددير
بالم ددأثور ،والتفس ددير ب ددالرأي ،وق ددد ك ددان عل ددم الس ددلوك ض ددمن العناص ددر المدرج ددة تح ددت
فصددل التفسددير بددالرأي ،وكددذلك نظريددة الوحدددة القرآنيددة ،وقددد اسددتخدم الباحددث فددي هددذه
الد ارسددة المددنهج الوصددفي ،مسددتفيدًا مددن المنهجددين االسددتنتاجي واالسددتقرائي ،ومددن أهد ّدم
-اعتمدداد الشدديخ فددي تفسدديره عل ددى المددأثور مددن الكتدداب والس د ّدنة ،كددذلك االسددتفادة مددن أقد دوال
أن األحاديددث
اللغددويين ،والنحددويين والعنايددة ببيددان األحكددام الفقهيددة ،ومسددائل العقيدددة ،كمددا ّ
النبوي ددة الت ددي أورده ددا ف ددي تفس دديره ت دددور ب ددين الص ددحيح والحس ددن ف ددي درجته ددا ،ف ددي األغل ددب
األعم.
ّ
-إقدالل ح ّدوى مدن ذكدر الروايدات اإلسدرائيلية ،وعنددد ذكدره لهدذه الروايدات ال يتدرك فرصدة تمددر
إن تفسددير األس دداس انص ددب عل ددى إثب ددات الوحدددة القرآني ددة وه ددي نظري ددة جدي دددة ف ددي
ّ -
.3قامت موجاري (2110م) بدراسة بعنوان ( نظرية الوحدة القرآنية في تفسير سعيد حوى)،
ثم تحليل هذه النظرية ،وختمت الباحثة الدراسة بدراسة نقدية لنظرية الشيخ في
عامّ ،
بشكل ّ
ط
توصلت
ّ الوحدة القرآنية ،وقد استخدمت الباحثة المنهج الوصفي التحليلي االستقرائي ،وقد
حوى في الوحدة
-الوحدة الموضوعية للقرآن الكريم لها أكثر من شكل وتفسير ،ونظرية ّ
القرآنية تعتبر رؤية جديدة تضاف للرؤى المتعلّقة بمسألة تناسب القرآن الكريم.
-الوحدة الموضوعية للقرآن الكريم أشمل من الوحدة الموضوعية فيه ،وسبيل األولى
حوى
صرح بمصلح "النظرية" في هذا الشأن ،فسعيد ّ
محمد محمود حجازي ّأول من ّ
كان ّ
.1هدفت دراسة الشرقاوي (0228م) ( نظرية الوحدة الموضوعية للقرآن الكريم من خالل
كتاب األساس في التفسير للشيخ سعيد حوى ،)إلى الحديث عن حياة الشيخ سعيد
ثم
الوحدة الموضوعية وأقسامها ،وللحديث عن وحدة الموضوع ،والوحدة الموضوعية للسورةّ ،
العامة ،وختم
حوى في الوحدة الموضوعية من حيث قواعدها ّ
وضحت الدراسة نظرية الشيخ ّ
ّ
.3هدفت د ارسة أحمد (الوحدة الموضوعية في القرآن :دراسة مقارنة بين األساس في
التفسير لسعيد حوى وتدبر القرآن ألمين أحسن اإلصالحي) ،إلى البحث في موضوع
لحوى،
الوحدة القرآنية ،وذلك من خالل إجراء دراسة مقارنة بين كتاب األساس في التفسير ّ
تدبر القرآن لإلصالحي ،ولم أتم ّكن من الوصول إلى هذه الدراسة.
وكتاب ّ
ظ
حوى) ،هدف من خاللها إلى
دراجي دراسة بعنوان (الفكر الحركي عند الشيخ سعيد ّ
.6أجرى ّ
حوى ومؤلفاته،
أهم اتجاهات التفسير في العصر الحديث ،والتعريف بالشيخ سعيد ّ
توضيح ّ
المعدة في منهج الشيخ سعيد حوى في السلوك من خالل مؤلفاته األخرى في
ّ .7ومن األبحاث
التزكية والتربية ،دراسة بعنوان (منهج الشيخ سعيد حوى في التربية والسلوك) ،وقد هدفت
اهلل ، والنفس اإلنسانية ،والمجاهدة والقلب ،واألوراد ،والمقامات ،وكذلك الكشف عن
منهج البحث:
حوى التربوية،
ال ،وجمع لفتات الشيخ سعيد ّ
أ -قراءة كتاب (األساس في التفسير) كام ً
طة البحث.
وتقسيمها ،وتبويبها ،وتنسيقها تحت عناوينها المالئمة لها في خ ّ
ع
ب -ضبط اآليات ا لقرآنية وعزوها إلى مواضعها في القرآن الكريم ،ببيان اسم السورة،
ورقم اآلية.
ت -تخريج األحاديث النبوية واآلثار من المصادر األصيلة ،والحكم عليها ،عدا ما في
الصحيحين.
العلمية في ذلك.
التربوي.
تم اإلفادة
يفصل موضوعات الدراسة ،وقائمة بالمراجع والمصادر التي ّ
د -إعداد فهرس ّ
منها في البحث.
محتوى البحث:
غ
وفيه ثالثة مباحث:
حوى.
األول :التعريف بالشيخ سعيد ّ
المبحث ّ
وفيه مبحثان:
وفيه مبحثان:
المربي،
حوى في الحديث عن عناصر عملية الدعوة ( ّ
الفصل الرابع :منهج الشيخ سعيد ّ
التلميذ ،الدعوة).
وفيه مبحثان:
ف
حوى في الحديث عن المرّبي والتلميذ.
األول :منهج الشيخ سعيد ّ
المبحث ّ
وفيه مبحثان:
منانًا
علي ّ
المنان ،الذي ما زال ّ
هذا وما كان في هذا العمل من توفيق واحسان فمن الكريم ّ
رب العالمين.
ولي ذلك والقادر عليه ،والحمد هلل ّ
المن بالقبولّ ،إنه ّ
القصد ،وحسن العمل ،و ّ
ق
األول
الفصل ّ
حوى
األول :التعريف بالشيخ سعيد ّ
المبحث ّ
1
تمهيد
والفلسفات التربوية الحديثة ،وفي المبحث األخير حديث عن المنهج التربوي اإلسالمي ،على
ضوء العناصر المذكورة في المبحث السابق له؛ لتبيُّن الفرق بين المنهجين.
األول
المبحث ّ
حوى
التعريف بالشيخ سعيد ّ
الحي
ّ العليليات ،يتّصل نسب أسرته بنسب أسرة أخرى في نفس
ّ وتسعمائة وألف في حي
()1
وتتضافر روايتا كبار األسرتين على ّأنهم من آل بيت رسول اهلل .
()1
حوى ،سعيد بن ديب (ت 0282م)( ،هذه تجربتي وهذه شهادتي) ،مكتبة وهبة ،مصر ،ط0287 ،0م .ص.7
انظرّ :
2
أما الثاني وهو في السابعة من عمره ،والثالث وهو في العاشرة من
السنة الثانية من عمره؛ ّ
عمره(.)1
وحرصها الشديد على تعليمه؛ فأرسلته في بداية األمر إلى "شيخة" كفيفة تحفظ كتاب اهلل ؛
جدته مدرسة
كي تعلّمه القرآن ،فتال عليها القرآن بسرعة كبيرة من ّأوله إلى آخره ،ثم أدخلته ّ
بسبب الفقر ،وحاجته لمساعدته في العمل وهو ابن ثمان سنوات ،فعمل مع والده في سوق
الخضار َد ْور الوسيط بين المزارع وبائع المفرق ،وكان والده حريصًا على تعليمه فنون هذا
()2
العمل؛ فأتقن المحاسبة والجباية والتعامل مع المال ،كذلك الخطّ والحساب.
حوى عن ِح ْرص والده الشديد على زرع قيم ومعان ،كان لها كبير األثر على حياته ،ومن
أخبر ّ
ذلك تربيته على المحافظة على العرض والشرف ،والع ّفة عن أموال الناس والمال العام ،وحفظ
()3
عوده والده على المطالعة حتّى ُولِع بها.
األمانة ،كذلك فقد ّ
حوى بمدرسة ابتدائية ليلية؛ كي ال تؤثر دراسته على عمله مع والده ،وحصل منها
التحق ّ
اشتد ولعه
ّ سنه الحادية عشرة ،ومع دخوله مرحلة اإلعدادية
على الشهادة االبتدائية في ّ
()1
حوى( ،هذه تجربتي وهذه شهادتي) ،ص .00-7
انظرّ :
()2
انظر :المرجع السابق ،ص ،2-8ص.06
()3
انظر :المرجع السابق ،ص.01
3
بالمطالعة؛ فطالع في تلك المرحلة كتبًا عالمية كثيرة ،وق أر عن شخصيات عالمية كثيرة ،وكان
يستعين بمكتبة مسجد "المدفن" في حماة ،فأعطته تلك المطالعات قوة على الكتابة اإلنشائية
حوى فيما
وكل ذلك كان له تأثير على ما كتبه ّ
سنه ،كذلك قدرة على االستيعاب السريعّ ،
تتجاوز ّ
حلقة الشيخ العلمية في جامع السلطان فتتلمذ على يده ، وقد كان من نهج الشيخ الحامد أن
حوى لم
يدفع تالمذته نحو اإلفادة من العلماء ،فأصبح البحث عن الشيخ المعلم لإلفادة منه هدفًا ل ّ
()2
يتخل عنه إال مضط ًار.
ّ
()3
حوى إلى جماعة اإلخوان المسلمين في مدينة حماة
انضم ّ
ّ ومع بداية مرحلة الثانوية
أسسها الشيخ محمد الحامد في المدينة ،عام تسعة وثالثين وتسعمائة وألف ،فش ّكل هذا
والتي ّ
()1
الشيخ محمد محمود الحامد (ت 0262م) ،ولد في مدينة حماة ،وقد عرف –رحمه اهلل -بشدة ورعه ،وزهده ،وتواضعه ،ودماثة
أخالقه ،كما اشتهر بالجرأة في الحق والشجاعة األدبية ،جمع بين العلم واألدب والفقه والشعر ،وسلك طريق التصوف الملتزم بكتاب اهلل
وسنة النبي –صلى اهلل عليه وسلم .-انظر :العقيل ،عبد اهلل( ،من أعالم الدعوة والحركة اإلسالمية المعاصرة) ،دار البشير ،ط بدون،
2118م .ص.833-823
()2
حوى( ،هذه تجربتي وهذه شهادتي) ،ص 23-03و ص.37
انظرّ :
()3
انظر :العقيل( ،من أعالم الدعوة والحركة اإلسالمية المعاصرة) ،ص.276
4
تأصلت عنده نظرية الوحدة
خضم هذه المرحلة ّ
ّ العلم الشرعي والثقافة اإلسالمية المتوارثة ،وفي
()1
القرآنية ،والتي بنى عليها فيما بعد تفسيره "األساس".
وبعد حصوله على الشهادة الثانوية ،التحق بكلية الشريعة في جامعة دمشق عام ستة
وخمسين وتسعمائة وألف ،ولم يقتصر في تحصيله العلمي على الصلة العلمية بمدرسي الكّلية
في كلية الشريعة على يد الشيخ مصطفى السباعي( ،)3والشيخ مصطفى الزرقاء( ،)4والشيخ محمد
الخن ،وعلماء
ّ المبارك( ،)5والشيخ معروف الدواليبي ،والشيخ فوزي فيض اهلل ،والشيخ مصطفى
()1
حوى( ،هذه تجربتي وهذه شهادتي) ،ص ،26-23و ص.31
انظرّ :
()2
الوهاب الحافظ ،ومال رمضان البوطي؛ ولم أتم ّكن من الوقوف على ترجمة لهؤالء
كالشيخ إبراهيم الغالييني ،والعلواني ،وعبد ّ
العلماء.
()3
هو العالم المجاهد مصطفى بن حسني السباعي (0203م – 0261م) ،من مواليد مدينة حمص ،نشأ في أسرة عريقة معروفة
بالعلم والعلماء منذ مئات السنين ،امتاز بنشاطه السياسي في مجال اإلصالح السياسي ،والكفاح الوطني ،له باع طويل في التأليف.
انظر :العقيل( ،من أعالم الدعوة والحركة اإلسالمية المعاصرة) ،ص.0061-0012
()4
المجدد مصطفى بن أحمد بن محمد الزرقاء (0211م 0222 -م) ،من مواليد مدينة حلب ،درس الحقوق واآلداب،
ّ العالمة
هو ّ
عدة ،كذلك شغل منصب وزير األوقاف والعدل في
ونبغ فيهما ،عرف بنشاطه السياسي ضد المحتل الفرنسي ،شغل مناصب علمية ّ
سورية .انظر :المرجع السابق ،ص.0018-0010
()5
هو المفكر محمد بن عبد القادر بن محمد المبارك (0202م – 0282م) ،جزائري األصل ،درس الحقوق واآلداب ،وشغل مناصب
علمية كثيرة ،وكان له نشاط سياسي بارز في مواجهة المستعمر في البالد العربية واإلسالمية .انظر :المرجع السابق ص.222-221
5
آخرين من داخل الكلية وخارجها -جميعًا ،-ونال في علوم الشرع إجازات عديدة شفوية
وأخرى مكتوبة(.)1
اعتُقل الشيخ بسبب أحداث الدستور( ،)3فكانت فترة االعتقال فرصة ثمينة أحسن
استغاللها؛ فقد ألّف في فترة السجن مجموعة من المؤلّفات ،لم يكن ليؤلّفها لوال السجن ،وأعاد
()4
حفظه للقرآن الكريم.
حوى إسهامه في الحقل التعليمي؛ حيث مارس التدريس داخل سوريا وخارجها
و"كان للشيخ ّ
()5
وعمل في السعودية خمس سنوات".
()1
حوى( ،هذه تجربتي وهذه شهادتي) ،ص 38-26؛ وانظر :العقيل( ،من أعالم الدعوة والحركة اإلسالمية المعاصرة)،
انظرّ :
ص.276
()2
انظر :العقيل( ،من أعالم الدعوة والحركة اإلسالمية المعاصرة) ،ص.277-276
()3
حوى( ،هذه تجربتي وهذه شهادتي) ،ص .22أحداث الدستور :هي األحداث المضادة لمسودة الدستور التي أصدرها حافظ انظرّ :
تامة،
األسد؛ لما اشتملته هذه المسودة على بنود مفادها إقبال سورية على مرحلة ديكتاتورية لم تُعرف من قبل ،وتصفية اإلسالم تصفية ّ
فترتّب على هذه األحداث تخفيف أو تأجيل أو إلغاء الكثير من توجهات حافظ األسد ،ولم يقتصر خوض الحركة المضادة للدستور على
اإلسالميين ،بل شارك فيها اشتراكيون وناصريون وكل من كان ضد حافظ األسد ،وقد كان ذلك عام 0273م .انظر :المرجع السابق،
ص .013-011
()4
انظر :المرجع السابق ،ص.023-006
()5
العقيل( ،من أعالم الدعوة والحركة اإلسالمية المعاصرة) ،ص.282
6
المطلب الثالث :مؤلفاته
عدة سالسل(:)1
ّ
.3سلسلة الفقهي ن الكبير واألكبر ،وقد صدر منها( :جوالت في الفقهين الكبير واألكبر)،
الصديقين
ّ و(تربيتنا الروحية) ،و(المستخلص في تزكية األنفس) ،و(مذ ّكرات في منازل
انيين).
والرّب ّ
.1سلسلة في البناء ،وقد صدر منها( :جند اهلل ثقافة وأخالقًا) ،و(من أجل خطوة إلى األمام
اإلسالمي) ،و(فصول في اإلمرة واألمير) ،و(في آفاق التعاليم) ،و(هذه تجربتي وهذه
رسخت عنده نظريته في الوحدة القرآنية ،والتي ش ّكلت األساس الذي بنى عليه تفسيره فيما بعد
ّ
()1
حوى( ،هذه تجربتي وهذه شهادتي)،
انظر :العقيل( ،من أعالم الدعوة والحركة اإلسالمية المعاصرة) ،ص280-272؛ وانظرّ :
ص.032-038
7
حوى يعطيها لنزالء السجن فيما بعد ،كانت بداية اشتغاله في
فإن دروس التفسير التي كان ّ
كذلك ّ
حوى في خاتمة تفسيره المصادر التي اعتمد عليها في تغذية تفسيره ،وهي مصادر
ويذكر ّ
أربعة تفاسير كأساس :تفسير ابن كثير ،وتفسير النسفي ،وتفسير األلوسي ،وتفسير الظالل
يفسر القرآن
أن فوائد هذه التفاسير هي أقصى ما يحتاجه القارئ العادي؛ فابن كثير ّ
واعتقدت ّ
األول منهما
متأخرانّ ،
وسيد قطب تفسيران ّ
يستوعبا فوائد التفاسير التي سبقتهما ،وتفسير األلوسي ّ
مر
حد ما -الفائدة من كتب التفاسير على ّ
التفاسير األربعة أكون قد استوعبت –إلى ّ
وفي المقابل يمكن الوقوف على ما أضافه وأبدعه في هذا التفسير من خالل ما ذكره
لكل عصر معطياته التي تفتح آفاق أهله على معان من
أيضًا في خاتمة تفسيره بقوله ":لقد كان ّ
()1
حوى( ،هذه تجربتي وهذه شهادتي) ،ص 023-006و ص.033-032
انظرّ :
()2
حوى ،سعيد بن ديب (ت 0282م)( ،األساس في التفسير) ،دار السالم للطباعة والنشر والتوزيع ،القاهرة ،ط0113 ،0ه-
ّ
0283م 00 ،جزءاً .ج 00ص.6773
()3
انظر :المرجع السابق ،ج 00ص 6772وص.6771
8
كتاب اهلل تحقيقاً لقوله تعالى :ﱡﭐ ﲽ ﲾ ﲿ ﳀ ﳁ ﳂ ﳃ ﳄ ﳅ ﳆ
ﳇ ﱠ فصلت ، ٣٥ :ولعصرنا معطياته الجديدة ،ولقد حاولت أن أستفيد من ذلك ما استطعت ،بما
ﳈ
يفسر
مفسر ّ
فكل ّ
المفسر من ثقافة عصره ينعكس على تفسيره للقرآن الكريم؛ ّ
ّ أن نصيب
حوى ّ
يبين ّ
ّ
()2
القرآن بثقافته من ثقافة عصره ،وبقدر القصور في هذه الثقافة يقع الخطأ في التفسير.
جامعة في شان ترتيب سور القرآن الكريم؛ فإبراز الوحدة القرآنية الجامعة ،وابراز الوحدة في السورة
الواحدة هي أبرز أهداف هذا التفسير ،كما ذكر في خاتمة تفسيره( ،)3وفي صفحات هذا البحث
ويبين ّ أنه قد أعطى موضوع التربية حقّه في هذا التفسير على قدر استطاعته ،وقد حاول
ّ
البحث تجسيد وتوضيح لما سبق من خالل استقراء تفسير األساس ،واهلل الموفّق والمستعان.
()1
حوى( ،األساس في التفسير) ،ج 00ص.6772
ّ
()2
انظر :المرجع السابق ،ج 2ص.3013
()3
انظر :المرجع السابق ،ج 00ص.6770
9
المطلب الخامس :البيئة السياسية التي عاش فيها الشيخ
السوري الفرنسي والذي انتهى بجالء الفرنسيين ،وكان وقتذاك في حدود العاشرة من عمره(.)1
الحركة( ،)2إلى أن ُحّلت جماعة اإلخوان بعد حصول الوحدة الثنائية بين مصر وسورية عام ثمان
ال أكثر
حوى على التصوف إقبا ً
وخمسين وتسعمائة وألف ،وبسبب من فتور العمل السياسي ،أقبل ّ
أي وقت مضى ،وأصبح َمعينه ِحلق الذكر ومجالس العلم ،وبعد االنفصال بين سورية
من ّ
()4
عاماً ،وسافر إلى
كان الشيخ من أبرز قادة ثورة حماة ؛ فقد خاض إضرابًا طالبياً ّ
العام بح ّقه
ثم إلى األردن ،ولبث فيها إلى أن صدر العفو ّ
العراق من أجل إمداد الثورة بالسالحّ ،
وحق رفاقه ،بعد أن صدر بح ّقه حكم اإلعدام غيابيًا ،وكان ذلك بعد انتهاء األزمة بسبب االتفاق
ّ
مع النظام(.)5
()1
حوى( ،هذه تجربتي وهذه شهادتي) ،ص.03
انظرّ :
()2
ثم عضوًا في مكتب اإلرشاد إلى أن استقال في عام
حوى في قيادة إخوان سورية ،ثم صار عضوًا في مجلس شورى اإلخوانّ ، شارك ّ
ثم انتُخب لرئاسة اللجنة االستشارية لمركز حماة التابع لإلخوان المسلمين .انظر :المرجع السابق ،ص.016-010
0281مّ ،
()3
انظر :المرجع السابق ،الصفحات 32و 36و 17-10و.62
()4
هي الثورة التي حدثت عام 0261م ،قام بها أهل حماة –سياسيون ومتدينون ومثقفون -نتيجة سياسات نظام الحكم بعد االنفصال.
انظر :المرجع السابق ،ص.62
()5
انظر :المرجع السابق ،ص.76-71
11
فترة السجن:
المضادين للدستور ،واللّ َذين صد ار أخي اًر باسم علماء سورية كافّة بصياغة الشيخ
ّ البيان والفتوى
المضادة
ّ حوى حريصًا على أن يكون ذلك خفية؛ حتّى التأخذ الحركة
حبنكة ،وقد كان ّ
حسن ّ
المزة العسكري
طابعًا إخوانيًا ،لكن رغم ذلك تم استجوابه من قبل المخابرات ،فاعتُقل في سجن ّ
الحياة ،وأخي ًار بسبب ظروف انتخابه لفترة رئاسته الثانية أفرج عن الشيخ ،وكان ذلك عام ثمان
()1
وسبعين وتسعمائة وألف ،وأصبحت األردن بلد اإلقامة.
حوى أن تكون عالقته مع إخوان األردن رسمية؛ لذلك كانت تلك العالقة ضعيفة
حرص ّ
جداً( ،)2لكن بقي على اتّصال مع إخوان سوريا ،وتن ّقل خالل هذه الفترة في عدد من األقطار
ّ
()3
،واجتمع كذلك ببعض قادة الثورة حيث سافر إلى باكستان؛ فالتقى بالشيخ المودودي
األفغانية ،كذلك سافر إلى إيران واجتمع بالخميني ،واجتمع بوزير الخارجية آنذاك إبراهيم يازدي
()4
وكان الحديث حول مايريده اإلخوان من الثورة اإليرانية وما لها ،وما عليها.
()1
حوى( ،هذه تجربتي وهذه شهادتي) ،ص.008-018
انظرّ :
()2
انظر :المرجع السابق ،ص.033
()3
العالمة أبو األعلى المودودي (0213م – 0272م) ،ولد في والية حيدر آباد جنوبي الهند في بيت معروف بالعلم
هو المفكر ّ
والورع ،من إنجازاته إصدار مجلة (ترجمان القرآن) ،كذلك إنشاء (الجماعة اإلسالمية) في الهور .انظر :العقيل( ،من أعالم الدعوة
والحركة اإلسالمية المعاصرة) ،ص.33-13
()4
حوى( ،هذه تجربتي وهذه شهادتي)،
انظر :العقيل( ،من أعالم الدعوة والحركة اإلسالمية المعاصرة) ،ص282؛ وانظرّ :
ص.037-036
11
المطلب السادس :عزلة الشيخ االضطرارية ووفاته
تعددت أمراض الشيخ فعانى من مرض السكري ،ومرض الضغط ،ومرض العيون
ّ
الشلل ،وقد بدأ ذلك في آذار عام سبعة وثمانين وتسعمائة وألف؛ فدخل المستشفى على إثر ذلك
وفي الرابع عشر من كانون األول من عام ثمانية وثمانين وتسعمائة وألف ،دخل في
غيبوبة لم يصح منها ،حتّى توّفاه اهلل ظهر يوم الخميس ،في التاسع من آذار عام تسعة
()2
عمان في األردن.
وثمانين وتسعمائة وألف ،في المستشفى اإلسالمي في ّ
بعض جهوده التربوية من خالل توضيح مالمح منهجه التربوي في كتابه (األساس في التفسير)،
()1
حوى( ،هذه تجربتي وهذه شهادتي) ،ص.038-037
انظرّ :
()2
انظر :العقيل( ،من أعالم الدعوة والحركة اإلسالمية المعاصرة) ،ص.286-283
12
المبحث الثالث حديث عن المنهج التربوي اإلسالمي؛ الستظهار مزيته على المناهج التربوية
13
المبحث الثاني
وأهدافه في المنهج التربوي المعاصر وذلك في المطلب الثاني ،وفي المطلب الثالث بيان مصادر
خالل الحديث عن المدارس التربوية المعاصرة من حيث مناهجها ووسائلها وأهدافها ،وذلك في
المطلب الرابع.
المنهج التربوي على ضوء وضعه اللغوي ،وبعد الرجوع إلى المعاجم اللغوية وجدت اآلتي:
يفارق الطفولية"(.)2
()1
انظر :ابن منظور ،محمد بن مكرم بن منظور اإلفريقي (ت 700هد)( ،لسان العرب) ،دار صادر ،بيروت ،ط0101 ،3ه03 ،
محمد بن أبي بكر (ت666هد)( ،مختار الصحاح) ،حقّقه يوسف الشيخ محمد ،المكتبة العصرية،
جزءاً .ج 2ص383؛ وانظر :الرازيّ ،
بيروت ،ط0222 ،3م .ص.321
()2
ابن منظور( ،لسان العرب) ،ج 0ص.112
14
ي َغ ّذاه ،و َه َذا لكل ما َي ْن ِمي كالوَل ِد و َّ
الزْرِع وقال الرازي في مختار الصحاحَ (" :ربَّاهُ تَْربَِيةً) ...أَ ْ
َ
َوَن ْحوه"(.)1
سلوكه في عملية الوالية والقيام على شؤون الصغير وتغذيته حتّى يغادر مرحلة الطفولة"
وبهذا المعنى اشتمل المنهج التربوي على عناصر هي :معلم ،ومتعلم لم يتجاوز مرحلة الطفولة
أما في االصطالح:
ّ
مما وجدته في بيان المنهج التربويّ :أنه النهج الذي يجب أن ُيتّبع لبلوغ األهداف التربوية
ّ
التي تتطلع المدرسة إلى تحقيقها( ،)2والمالحظ على هذا التعريف توقّف تعريف (المنهج التربوي)
وقد رجعت في الوقوف على المعنى االصطالحي للمصادر التربوية ،فالحظت التعريفات
تنوعها تربط المنهج التربوي بد "المدرسة" ،كذلك وجدت مفهومين أحدهما تقليدي وآخر
على ّ
()1
الرازي( ،مختار الصحاح) ،ص.007
()2
قالدة ،فؤاد سليمان( ،أساسيات المناهج في التعليم النظامي وتعليم الكبار) ،دار المطبوعات الجديدة للطباعة والنشر والتوزيع ،ط
بدون0276 ،م .ص8؛ أبو حويج ،مروان( ،المناهج التربوية المعاصرة (مفاهيمها .عناصرها.أسسها وعملياتها)) ،دار الثقافة،
األردن ،ط بدون2116 ،م .ص.73
()3
انظر :أبا حويج( ،المناهج التربوية المعاصرة) ،ص.76
15
يمرون فيها ،تحت
"جميع أنواع النشاط التي يقوم التالميذ بها ،أو جميع الخبرات التي ّ
()1
وع ّرف
إشراف المدرسة وبتوجيه منها ،سواء أكان ذلك في داخل أبنية المدرسة أو في خارجها" ُ ،
أنماطًا من السلوك ،أو تعديل أو تغيير أنماط أخرى من السلوك نحو االتّجاه المرغوب ،ومن
تمحور حول السلوك من حيث االكتساب أو التعديل أو التغيير إلى الشكل المرغوب فيه ،فكان
()3
بقوله: السلوك هو محطّ النظر في العملية التربوية ،وقد أشار إلى هذا المعنى بعض العلماء
()1
إبراهيم ،عبد اللطيف فؤاد( ،المناهج (أسسها وتنظيماتها وتقويم أثرها)) ،مكتبة مصر ،مصر ،ط0281 ،6م .ص.38
()2
قالدة( ،أساسيات المناهج في التعليم النظامي وتعليم الكبار) ،ص.00
( )3
ي.
أشار إلى ذلك أبو حويج أثناء حديثه عن المبادئ المتضمّنة في المفهوم الحديث للمنهج التربو ّ
16
إن القيمة الحقيقية للمعلومات التي يدرسها التالميذ ،والمهارات التي يكتسبونها ،تتوقّف على
"ّ
ذلك(:)2
التغير الذي ط أر على أهداف التربية ،وعلى النظرة إلى وظيفة المدرسة؛ وذلك لما ط أر
ّ .2
.3القصور الجوهري في المنهج التقليدي وفي مفهومه ،والذي أظهرته نتائج البحوث
العلمية.
واتجاهاته ،وقدراته ،ومهاراته ،واستعداداته ،كذلك أظهرت ّأنه من غير الممكن تنمية
.3طبيعة المنهج التربوي نفسه ،حيث ّإنه يتأثر بالتلميذ والبيئة والمجتمع والثقافة والنظريات
()2
انظر :أبا حويج( ،المناهج التربوية المعاصرة) ،ص.81-72
17
بأن جميع األسباب تندرج تحت السبب
وبعد النظر في األسباب السابقة يمكن القول ّ
العملية التربوية وأهداف المجتمع؛ فأهداف التربية مشت ّقة من أهداف المجتمع ،وتتّسق معها
فتختلف األهداف من مجتمع إلى آخر باختالف الفلسفة السائدة في ذلك المجتمع؛ فأهداف
المجتمع الرأسمالي تختلف عن أهداف المجتمع االشتراكي على سبيل المثال؛ فالتربية إذن تسعى
باألهداف التربوية :الطرق التي ستؤدي إلى التغيير في تفكير المتعّلم وسلوكه كنتيجة لعملية
()2
أهمية المنهج التربوي في كونه الوسيلة لتحقيق الغايات التربوية على
التعلّم ،ومن هنا تظهر ّ
معينة
إما بإضافة م عرفة إلى ما لديهم من معرفة ،أو تمكينهم من آداء مهارات ّ
نحو ما ،وذلك ّ
انظر :محمّد المفتي ،حلمي الوكيل( ،أسس بناء المناهج وتنظيماتها) ،مطبعة حسان0282 ،م .ص143
( )1
()2
انظر :بلوم ،بنجامين وآخرين( ،نظام تصنيف األهداف التربوية) ،ترجمة :محمد الخوالدة وصادق عودة ،دار الشروق ،جدة ،ط،0
عمان ،ط0283 ،0م .ص.010
0283م .ص18؛ صالح هندي ،هشام عليان( ،دراسات في المناهج واألساليب)ّ ،
18
معينة ،أو فَ ْهم واستبصار وتذوق
في مجال من المجاالت ،أو مساعدتهم على تنمية مفهومات ّ
()1
معين.
ّ
أهمية األهداف
وخاصة؛ وتبرز ّ
ّ عامة
صنف العلماء التربويون األهداف التربوية إلى ّ
وقد ّ
أما َّ
تقدم دليالً لما ُيركز عليه في البرنامج التعليميّ ،
فإنها ّ
مثل :إعادة بناء المجتمع ،كذلك ّ
ال يساعد
وتقدم دلي ً
تبين الجوانب التي يجب التأكيد عليها في المنهجّ ،
أهميتها في كونها ّ
وتتمثّل ّ
إلى أهداف قريبة ،وصيغ سلوكية يسهل تحديدها( ،)2واألهداف السلوكية هي(:)3
التفكير ،والمقصود به تعّلم التفكير الناقد ،ويشتمل هذا الهدف على .2
ثالث مسائل ،هي :تفسير البيانات ،وتطبيق الحقائق والمبادئ ،والتفكير المنطقي.
مهتمين بأغراض
أهم مجاالت األهداف لل ّ
االتجاهات والقيم ،وهي من ّ .3
انظر :يحيى هندام ،جابر جابر( ،المناهج ،أسسها ،تخطيطها ،تقويمها) ،دار النهضة العربية ،القاهرة ،ط0283 ،7م .ص020؛
( )1
( )2انظر :أبا حويج( ،المناهج التربوية المعاصرة) ،ص00؛ هندي وعليان( ،دراسات في المناهج واألساليب) ،ص.012-010
19
المهارات :وتشمل المهارات األكاديمية األساسية كالقراءة والكتابة، .1
وخالصة األمر تتجلّى في كون الهدف التربوي النتيجة النهائية لتعليم ناجح ،وهو محصلة تشير
ال وأعطى ثماره عند المتعلم( ،)1وذلك بتعديل أنماط سلوكية عند
إلى أن التعليم قد أخذ مكانه فع ً
ِ
المعتبِرة للقيم الجوهرية الالزمة لتحقيق حياة َم ْرضية ّ
وفعالة؛ فتكون .0المجتمع وفلسفته التربوية ُ
وظيفة البرنامج التربوي تحقيق األهداف التي أوحت بها تلك القيم ،من خالل إيجاد أنماط سلوكية
.2التراث الثقافي ،وما يسوده من قيم واتّجاهات ،وما هو عليه من حضارة وفن وفكر وأدب.
تقوم فيه تقوم على مبادئ الديمقراطية من احترام شخصية الفرد ،وحريته.
()1
أبو حويج( ،المناهج التربوية المعاصرة) ،ص.00
()2
انظر :عبد المجيد منصور ،محمد التويجري ،إسماعيل الفقي( ،علم النفس التربوي) ،مكتبة العبيكان ،الرياض ،ط2111 ،3م.
ص.77
()3
انظر :أبا حويج( ،المناهج التربوية المعاصرة) ،ص21-02؛ هندي وعليان ( ،دراسات في المناهج واألساليب) ،ص013؛ هندام
وجابر( ،المناهج ،أسسها ،تخطيطها ،تقويمها) ،ص022-020؛ المفتي والوكيل( ،أسس بناء المناهج وتنظيماتها).016-013 ،
21
.1قدرات المتعلّم واستعداداته وميوله ودوافعه ،ومستوى إدراكه العقلي ،إضافة إلى اإلطار
.3أشكال المعرفة والحياة المعاصرة ،ويقصد بذلك التطور العلمي والتكنولوجي ،والمشكالت الناجمة
عن ذلك.
.7استخدام سيكولوجية التعلّم؛ ألهميتها في تمييز األهداف ممكنة التحقيق ،واألهداف التي تتطلب
يرّكز علماء التربية في تصنيفهم للمدارس التربوية المعاصرة على الفلسفات التي لها شأن
األول في العملية
تحتل "المركز ّ
ّ في مجال التربية على وجه الخصوص ،حيث إ ّن فلسفة التربية
التربوية ،ومن هذه الفلسفة تنبثق أهداف التربية ومناهجها ومؤسساتها وطرقها ووسائلها في التعليم
والتقويم...؛ لذلك تتأثّر األهداف والمناهج والت طبيقات التربوية بفلسفة التربية التي تنبثق عنها
()1
تعددت
وتكون نسبة الصواب والفاعلية فيها بالقدر الذي يكون في فلسفة التربية نفسها" ،وقد ّ
ألهمها:
الفلسفات البشرية التي اُعتمد عليها في صياغة المناهج التربوية المعاصرة ،وهنا موجز ّ
أن العقل أو الروح هو العالم الحقيقي ،وما سوى ذلك ال وجود له إال
.0المثالية :فلسفة مفادها ّ
بد من أن يشتمل على المواد الدراسية النظرية التي تساعد على النمو العقلي ،ويستبعد المواد
ّ
( )1
الكيالني ،ماجد عرسان (ت2115م)( ،فلسفة التربية اإلسالمية) ،دار المنارة ،السعودية ،ط1417 ،1ه1987-م .ص.14
21
الماد ي ،كذلك من سمات هذا المنهج الحفاظ على
ّ ألنها مرتبطة بالعالم
التطبيقية والتجريبية؛ ّ
()1
أما التلميذ فقد ال يكون له وزن على اإلطالق.
التراث المعرفي ،وتمجيد المعّلمّ ،
ألنهم أقدر
أما عن هدف التربية بناء على هذه الفلسفة فهو الكشف عن الفالسفة والحكماء؛ ّ
ّ
الناس على فهم إرادة اهلل ،وأكثرهم قدرة على نشر العدالة وتطبيقها ،كذلك تهدف إلى إعداد
ألنه َمدين
اإلنسان الصالح وتحقيق ذاته ،ويتوّقف األخير على مقدار فعاليته في مجتمعه؛ ّ
للمجتمع بكامل والئه ،والدولة أضخم من أي فرد فيها ،ومع إيمان أصحاب هذا المذهب بالتشابه
المادي المحسوس
همشت المثالية ما سوى العقل والروح ،آمنت الواقعية بالواقع ّ
.2الواقعية :في حين ّ
هو الذي يضبط السلوك ويوجه القيم األخالقية ،والتي تتغير من مجتمع آلخر ،فما هو خير في
مجتمع ،قد يكون ش ًار في مجتمع آخر ،فثقافة الناس –عند الواقعيين -هي التي تضع للقيم
()1
انظر :شبل بدران ،وفاروق محفوظ( ،أسس التربية) ،دار المعرفة الجامعية ،اإلسكندرية ،ط0223 ،0م .ص.070
( )2انظر :المرجع السابق ،ص087-083؛ وانظر :الحاج محمد ،أحمد علي( ،في فلسفة التربية نظرياً وتطبيقياً) ،دار المناهج،
عمان ،ط .2112 ،0ص.71 ّ
22
أهم أهداف هذه الفلسفة
المقاييس ،ومع ذلك هناك قيم إنسانية متّفق عليها رغم االختالف الفكري ،و ّ
()1
تنمية شخصية اإلنسان من جميع جوانبها وفقًا ألبعاد حياة المجتمع وأنشطته.
.3البرجماتية :ترى وجوب النظر إلى النشاط اإلنساني نظرة متكامل ة تجمع بين العقل والجسم والبيئة
لحل المشكالت
أساساً ،وهما في حاجة إلى تحسين ،واإليمان والتجربة هما مصدر المعرفة ّ
يجدد
أهم وسيلة ّ
واصالح المجتمع ،وال تؤمن بالدين السماوي ،وتعتبر البرجماتيةُ التربي َة أخطر و ّ
بها المجتمع نفسه؛ فاإلصالح المجتمعي متوّقف على اإلصالح التربوي ،والقيم األخالقية في
المجتمع البرجماتي نسبية متغيرة ،ال تنبع من الذات واّنما تكتسب عن طريق الخبرة ،وهي في حد
ذاتها وسيلة لمساعدة الفرد على النمو ،فالتجربة العملية هي التي تثبت صدق القيمة األخالقية
ال -ال يعتبر قوة إال بعد التح ّقق منه عن طريق التجارب ،فقيمة أي أمر في المجتمع
فالصدق –مث ً
الطفل وخبراته كما هي في الواقع ،فال مدرسة وجدت للطفل وليس العكس ،وتهدف البرجماتية إلى
()1
محمد( ،في فلسفة التربية نظرياً وتطبيقياً) ،ص 72وص.87
انظر :الحاج ّ
()2
محمد( ،في فلسفة التربية نظرياً وتطبيقياً) ،ص-82
انظر :بدران و محفوظ( ،أسس التربية) ،ص 231-227؛ وانظر :الحاج ّ
أن األشكال
التغير ،حيث يرى دارون ّ010؛ كان ألفكار دارون أثر كبير في تشكيل الفلسفة البرجماتية ،السيما فيما يتعلق بجانب ّ
التغير لكل األشكال المؤثرة للحياة ،فاإلنسان
يتضمن استم اررية ّ
ّ التغير المستمر ،وهذا
المختلفة للحياة كانت نتاج عصور طويلة من ّ
مثالً نتيجة التطور .انظر :بدران و محفوظ( ،أسس التربية) ،ص .233
23
.1الوجودية :هناك خالف كبير بين فالسفة الوجودية حول منهج وطريقة هذا المذهب ،لكن يلتقي
فهو الذي يختار طبيعته اإلنسانية وصف اته ،والقيم األخالقية في المجتمع الوجودي قيم نسبية
فإن الوجوديين يؤمنون بالتربية الفردية ،فالفرد مركز العملية التعليمية؛ لذا يجب أال يكون هناك
ّ
البد من إلمام الطالب باإلنسانيات –في الدرجة األولى -حتّى يفهم العالم الذي يعيش فيه
كذلك ّ
ذاتيته ،غير معتبر للدين وللقيم األخالقية والمجتمع( ،)1وفي هذا شذوذ فكري شديد؛ فاإلنسان بناء
الشر؟!.
ترتبط بحياة البشر ،فكيف ُيناط تقريرها بالمخلوق القاصر عن إدراك الخير و ّ
وبعد هذا العرض السريع ألهم مالمح الفلسفات التربوية المعاصرة ،يمكن مالحظة اآلتي:
كل فلسفة من الفلسفات جاءت كمحاولة لجبر نقص أو إصالح خلل أو نقض ما هو
إن ّ
ّ
قائم في فلسفة سابقة ،ففي حين رّكزت المثالية على روح اإلنسان وتجاهلت العالم المادي ،وآمنت
بأن عقل اإلنسان مصدر المعرفة الخالص ،وأ ّكدت على مكانة المعلّم والمجتمع والقيم األخالقية
ّ
()1
انظر :بدران و محفوظ( ،أسس التربية) ،ص272-233؛ وانظر( :في فلسفة التربية) ،ص.032-028
24
المعرفة واألخال ق هو الواقع المجتمعي ،وبين هذين الطرفين في النظرة إلى اإلنسان ،ظهرت
نظرة برجماتية تنظر إلى النشاط اإلنساني نظرة تمزج بين العقل والجسم والبيئة ،وترفض الجانب
إن النظرة المادية كانت هي الغالبة ،فمصدر المعرفة هو اإليمان والتجربة –ولم
الروحي ،إال ّ
أتوصل إلى مقصود اإليمان عندهم في حدود بحثي ،-والقيم األخالقية نسبية متغيرة تحددها
ّ
مادية أكثر من الواقعية في قياسها لألمور بمقياس النفع الفوري حتّى للقيم
التجربة ،بل كانت ّ
ولألخالق ،وفي هذا شذوذ فكري شديد " فصدق القضايا العلمية واألخالقية ليس محصو ًار فيما
تترجمه هذه ا لقضايا من آثار عملية في دنيا الواقع والعمل الناتج ،فقد آمنت اإلنسانية على مر
عما
العصور بمفهومات أخالقية كثيرة –وعلى الرغم من إيمانها المطلق بها -لم تحاول أن تبحث ّ
()2
لها من آثار عملية"( ،)1وأخي ًار جاءت الوجودية في قمة الصرح الفلسفي في القرن العشرين
معتبرة عقل اإلنسان وجسمه ،مطلقة العنان لحرية اإلنسان في االختيار ،دونما اعتبار لدين أو
مبادئ أو مجتمع ،فتجربة اإلنسان مصدر المعرفة ،وهي مصدر األخالق ،وذلك متفاوت من فرد
آلخر.
إن ُج ّل هذه الفلسفات قد أنكر جانب الروح ،أو -على األقل -لم يعتبره ،ومن اعتبره غالى
ّ
عدة كمركز العملية التربوية ،والعالقة بين التلميذ والمعلم والمجتمع ،ومكانة
السابق في جوانب ّ
هذه العناصر ،وطبيعة المناهج الدراسية ،ومصدر المعرفة ،وغير ذلك الكثير من عناصر العملية
()3
التخبط بقوله" :ومن الموضوعية
ّ هذا التربوية ،ويعّلل صاحب كتاب ( فلسفة التربية اإلسالمية)
()1
محمد( ،في فلسفة التربية نظرياً وتطبيقياً) ،ص .217
الحاج ّ
()2
أشار إلى ذلك جابرييل مارسيل .انظر :المرجع السابق ،ص.236
( )3
وقد حاز هذا الكتاب على جائزة الفارابي العالمية للعلوم اإلنسانية في دورتها األولى عام . 2118
25
التخبط في الفلسفات التربوية ال يقتصران على العصر الذي نعيش فيه
أن االضطراب و ّ
أن نقول ّ
عامة
معين .واّنما هما ظاهرة ّ
محدد ،أو جنس بشري ّ
وال تعود أسبابهما إلى مصدر جغرافي ّ
صمم
تشمل اإلنسان الشرقي والغربي حين ينقطع هذا اإلنسان عن أصول تربية الخالق الذي ّ
اإلنسان ورّكبه ،تمامًا كما يحدث لآللة الدقيقة المعقّدة حين ينقطع مستعملوها عن إرشادات
واألهداف النهائية التي ُوجد اإلنسان من أجلها ،وعدم اقتصارها على توليد الوسائل واألساليب
التي يحتاجها العمل التربوي ،كذلك توجيه أساليب التربية ووسائلها نحو تحقيق الغايات واألهداف
بتدرج يتناسب مع قوانين الخلق ،ونمو الخبرات البشرية( ،)2وقد أدرك علماء النفس الغربيون في
ّ
مطلع السبعينيات من القرن المنصرم فداحة الخطأ الناجم بناء على معطيات علم النفس نفسه
وأهدافها ومقاصدها الرفيعة ،وهذه النتيجة ّإنما هي ثمرة الفصل بين العلم والدين ،وبين الواقع
26
وما سبق يبرز ضرورة استنباط المنهج التربوي من وحي رّباني ،يراعي الوجود بأكمله
فيراعي الكون ومافيه ،بمقاصده ،وغاياته الدنيوية واآلخروية ،وقد أشار الكيالني إلى الفصام بين
العلم والكنيسة في أوروبا ،وهو ما جعل مصممو المناهج التربوية ينأون بعيدًا عن الكنيسة التي
()1
تفوق
للتعرف على شواهد ّ
تحتكر القول والحكم في قضايا العقيدة واألخالق ،وهذا الحديث يقود ّ
المنهج التربوي اإلسالمي على سائر المناهج التربوية المعاصرة ،هذا المنهج المستنبط من وحي
يؤيد العلم وال يعارضه؛ فتتكامل آيات الكون المنشورة مع آيات الكتاب
رب الكون ،الوحي الذي ّ
ّ
المسطورة.
لمكونات العملية
ّ ال
ال وشمو ً
إ ّن التربية اإلسالمية هي أكثر نظم التربية تحديدًا وتفصي ً
وأساليبها هو خالق اإلنسان الذي رعى تكوينه ونشأته ؛ فعملية التربية في اإلسالم تتكامل
مع عملية الخلق والتصميم التي سبقتها ،كما في قوله تعالى :ﱡﭐ ﲅ ﲆ ﲇ ﲈ ﲉ
ومكوناته.
ّ تربية رّبانية ليس لإلنسان وحسب ،بل تشمل الكون
على ّأنها استثما ًار ،وينتظرون مردوداً اقتصادياً أو اجتماعياً أو عسكرياً؛ لما يبذلونه من
27
فإن التربية اإلسالمية ال
مؤسسةّ ،
جهود ،سواء أكانوا آباء أو معلمين أو أُسر أو دولة أو ّ
شاهد تاريخي ،يتمثّل في رعاية مصدر هذه التربية وهو اهلل .3
المجتمعات المكانية أو األجيال التاريخية؛ ولذلك فقد هدى اإلنسان إلى اكتشاف القلم ﱡﭐ
وتحضر اإلنسان
ّ تطور المعرفة ،فكان من ثمرات ذلك تدوين العلوم
تطوير القلم نفسه حسب ّ
إن اإلسهام في تطوير العلم هي أحد األعمال النافعة التي جعل اهلل ثوابها
ورقيه ،بل ّ
ّ
مستم اًر إلى يوم القيامة كما أخبر النبي " :إذا مات اإلنسان انقطع عنه عمله إال من
ثالثة؛ إال من صدقة جارية ،أو علم ينتفع به ،أو ولد صالح يدعو له"(.)1
صياغة إلهية ،تشمل دائرة النشاط البشري ،متعدي ًة األُطر الفردية والعائلية والطبقية
واإلقليمية والقومية والعرقية ،بل تنظّمها في إطار واحد ،أو أُطر متكاملة متعاونة،
محمد فؤاد
الحجاج (ت260ه)( ،المسند الصحيح المختصر بنقل العدل عن العدل إلى رسول اهلل ،)ح ّققه ّ
رواه مسلم ،مسلم بن ّ
( )1
عبد الباقي ،دار إحياء التراث العربي ،بيروت 3 ،أجزاء .كتاب الوصية ،باب ما يلحق اإلنسان من الثواب بعد وفاته ،ج 3ص،0233
حديث رقم.0630 :
28
عام
تفوق التربية اإلسالمية على الفلسفات التربوية المعاصرة بشكل ّ
أهم شواهد ّ
هذه هي ّ
وفي المبحث القادم تفصيل لعناصر المنهج القائم على هذه التربية ،وبيان مزية هذه العناصر
29
المبحث الثالث
عدة عناصر
سيتم الوقوف في هذا المبحث على المنهج التربوي اإلسالمي من خالل ّ
المعاصرةّ ،
سيتم بيان المنهج التربوي الذي يرتئيه اإلسالم بناء على رؤيته لإلنسان ،من
الفلسفات ،ومن ثم ّ
حيث مصادر اشتقاقه ،وأهدافه ووسائله ،وذلك ضمن مطالب هذا المبحث.
عدة ،كانت
ووصف حاالته المعنوية استخدم تعبيرات ّ
ْ في حديث القرآن الكريم عن اإلنسان
كل
حيز الغموض إن لم ُيسقط ّ
والقلب ،والروح ،والن ْفس ،وغير ذلك ،لكن يبقى تكوين اإلنسان في ّ
أذهان الجمهرة من المسلمين اليوم على غير هيئتها السليمة المرادة ،فما هي مدلوالت تلك
األلفاظ؟! ،وفي محاولة للوصول إلى الفهم الصحيح للجزء المعنوي من اإلنسان ،أعرض في هذا
.0القلب :ورد لفظ القلب في القرآن الكريم في عشرات اآليات ،من ذلك قوله تعالى:ﱡﭐ ﱑ ﱒ
المفسرين
ّ ﱓ ﱔ ﱕ ﱖ ﱗ ﱘ ﱙ ﱚ ﱛ ﱜ ﱝ ﱞ ﱠ ق٥٥ :؛ فمن أقوال
في هذه اآلية ،ما قاله النسفي بشأن معنى (قلب)" :وا ٍع؛ ألن من ال يعي قلبه فكأنه ال قلب
()2
أن وعي القلب وفقهه هو المقصود؛ فالقلب في عرف الشارع غير تلك
له" ؛ فد ّل ذلك على ّ
المزودة ألنحاء الجسم بالدم ،واّنما هو لطيفة رّبانية روحانية ،متعلّقة بالقلب الحسي
ّ المضخة
ّ
تعلّق العرض بالجسم ،هذه اللطيفة هي الجزء العالم العارف من اإلنسان ،وهو المخاطب
()4 ()3
فمقره
حدد الشارع مكان القلب هذا؛ ّ
والمعاقب والمطالب ،وهي محل الكفر واإليمان ،وقد ّ
ﳉ ﳊ ﳋ ﳌ ﱠ الحجّ ، ٨٤ :
()5
أما طبيعة العالقة بين القلبين المادي والمعنوي –إن
جاز التعبير -فال زال كثير من الغموض يكتنفها ،وان أظهرت نتائج البحوث الطبية المتعلقة
بزراعة األعضاء –ومنها القلب -طروء تغيير على اهتمامات ومشاعر من أُجريت لهم
عمليات زرع القلب بشهادات من هؤالء المرضى ،لكن تبقى هذه الشهادات في حاجة
()1
انظر :أبا مرق ،جمال زكي( ،سيكولوجية اإلنسان في القرآن والسّنة) ،مطبعة الرابطة ،الخليل2113 ،م ،ط .0ص.00
()3
انظر :الغزالي ،أبا حامد محمد بن محمد (ت313ه)( ،إحياء علوم الدين) ،دار الكتب العلمية ،بيروت ،ط2113 ،1م 1 ،أجزاء.
ج 3ص.1
()4
حوى ،سعيد بن ديب (ت0282م)( ،تربيتنا الروحية) ،دار السالم للطباعة والنشر والتوزيع ،القاهرة ،ط2117 ،2م.
انظرّ :
ص.23
()5
حوى( ،األساس في التفسير) ،ج 0ص80
انظرّ :
31
للتحقيق والتوثيق والتدقيق ،وقد يكون لها دور كبير في الكشف عن كثير من مالمح هذه
العالقة!.
الذي به الحياة(.)2
لطيف منبعه تجويف القلب الجسماني ،فينتشر في سائر الجسم عن طريق العروق ،كانتشار
الضوء المنبعث من المصباح في أنحاء البيت ،وهذا المعنى هو المراد للفظ الروح في ُعرف
فيدل على اللطيفة العالمة المدركة من اإلنسان أحد معاني القلب ،ويرى اإلمام
ّ الذكر،
()3
وهو أمر رّباني عجيب ،يعسر فهم حقيقته على أكثر عقول البشر.
.3النفس :وردت في مئات المواضع في القرآن الكريم ،وقد دّلت أحياناً على اإلنسان كوحدة
ﱢ ﱠ األنبياء:
ﱣ كاملة بمجموع قواه الحسية والمعنوية ،كما في قوله تعالى :ﱡﭐ ﱟ ﱠ ﱡ
()1
انظر :أبا مرق( ،سيكولوجية اإلنسان في القرآن والسنة) ،ص.03
()3
انظر :الغزالي( ،إحياء علوم الدين) ،ج 3ص.3
32
لتدل على الذات اإللهية ،كما في قوله تعالى :ﱡﭐﳂ ﳃ
، ٨٥واستخدمت أحيانًا ّ
ﳄ ﱠ آل عمران ،)1( ٨٤ :كذلك يراد بالنفس األصل الجامع للصفات المذمومة من
ﳅ
مختلفة بحسب اختالف أحوالها؛ فهي النفس المطم ّئنة حين سكونها وزوال االضطراب عنها
اللوامة إذا دافعت الشهوات واعترضت عليه ا لكنها لم تصل إلى مرحلة السكون
وهي النفس ّ
()2
األمارة بالسوء إن أذعنت لمقتضى الشهوات ،وأطاعت دواعي الشيطان.
وهي النفس ّ
()4
تفطنون.
أن للعقل معنيين؛ فقد يطلق ويراد به العلم بحقائق األمور ،وقد
ّ ويرى اإلمام الغزالي
()5
ِ
المدرك للعلوم؛ أي القلب بأحد معانيه آنفة الذكر. يطلق ويراد به
()1
انظر :أبا مرق( ،سيكولوجية اإلنسان في القرآن والسنة) ،ص.6
()2
انظر :الغزالي( ،إحياء علوم الدين) ،ج 3ص.6-3
()3
انظر :أبا مرق( ،سيكولوجية اإلنسان في القرآن والسنة) ،ص.03
()5
انظر :الغزالي( ،إحياء علوم الدين) ،ج 3ص.6
33
فخالصة ما سبق من معان متعّلقة بمكنون ا إلنسان خمسة؛ انفرد كل لفظ بمعنى
واشترك الجميع في الداللة على أحد معاني القلب ،وهو اللطيفة المدركة من اإلنسان ،ويمكن
العقل العلم
حوى معّلقًا على بيان الغزالي لمفاهيم القلب والروح والنفس والعقل" :من كالم
يقول ّ
أن النفس والعقل والقلب والروح تأتي أحيانًا بمعنى واحد ،واّنما تختلف التسميات
الغزالي ندرك ّ
عرَفت اهلل
سميت قلبًا ،واذا َ
ال ،واذا أصبحت لها مواجيدها اإليمانية ّ
سميت عق ً
المحرمة ّ
ّ الشهوة
()1
سميت روحاً".
حق المعرفة ،وأعطته العبودية الخالصة ّ
ّ
يتميز به اإلسالم ّأنه يدرس الكائن البشري على ما هو عليه ،فال يحاول أن يقصره على
أهم ما ّ
ّ
ما ليس من ماهيته ،كما تفعل القوانين واألنظمة الوضعية ،وان كان في الوقت ذاته يعمد إلى
()1
حوى( ،تربيتنا الروحية) ،ص.36
ّ
()2
أبو مرق( ،سيكولوجية اإلنسان في القرآن والسنة) ،ص.02
34
األولية ،فهو يعمل
تهذيب هذه الطبيعة إلى آخر مدى مستطاع ،دون أن يكبت شيئاً من دوافعه ّ
والضوابط التي يرسمها له" ،والحديث السابق يقودوني للحديث عن خصائص المنهج التربوي
اإلسالمي.
()1
يمتاز المنهج التربوي اإلسالمي بمجموعة من الخصائص ،منها:
وكل
.0منهج شامل دقيق ،يعالج اإلنسان كلّه جسمه وعقله وروحه ،وحياته المادية والمعنوية ّ
وشمولّيته نابعة من رّبانية مصدره؛ فمصدره الوحي ،وقد قال تعالى :ﱡﭐ ﱰ ﱱ ﱲ ﱳ
ﲭﲯﲰ
ﲮ .2يساير الفطرة ،وهي تلك الفطرة في قوله تعالى :ﱡﭐ ﲨ ﲩ ﲪ ﲫ ﲬ
ﲲ ﱠ الروم ٥٣ :؛ فال يفصل بين الجسم والعقل والروح في داخل النفس ،وال في واقع
ﲱ ﲳ
الحياة ،بل يأخذها بفطرتها السوية مترابطة ممتزجة ،ويعالجها بناء على هذا األساس
ال استغالل
فيسمح ببروز بعض الجوانب أحيانا وانحسار بعض ،وهذا المزج يضمن أو ً
طاقات اإلنسان كلّها في عمارة األرض والخالفة ،وثانياً إحداث توازن في داخل النفس وفي
()1
محمد بن قطب بن إبراهيم( ،منهج التربية اإلسالمية) ،دار الشروق ،ط ،06جزءان .ج 0ص.33-08
انظر :قطبّ ،
35
لسوية :اإلنسان فيه استعدادات متباينة منها الموجب ومنها السالب في كل اتّجاه
.3اإليجابية ا ّ
واإلسالم يريد اإلنسان قوة إيجابية فاعلة ،ولكنها سوية ،وسبيل ذلك مسايرة الفطرة ،ومن
اآليات القرآنية التي تشير إلى االستعدادات اإليجابية في النفس اإلنسانية قوله تعالى :ﱡﭐ ﲜ
.1الواقعية المثالية أوالمثالية الواقعية؛ فيراعي واقع اإلنسان من حيث طاقاته المحدودة
ومطالبه ،وضروراته ،ونقاط ضعفه ،دونما إغفال للطاقات المكنونة في ذات اإلنسان التي
ﱓ ﱕ ﱖ ﱗ ﱘﱠ
ﱔ ﲫ ﱠ البقرة ،٨٤٤ :وقوله تعالى :ﱡﭐ ﱏ ﱐ ﱑ ﱒ
ﲬ
النساء.٨٤ :
()1
أن يكون مح ّققًا ألهداف .2من خصائص المنهج المدرسي الذي تتطلّبه التربية اإلسالمية
ال
فعا ً
لحاجات المجتمع ،وأن يكون سليمًا من التعارض ،متناسقًا مترابطًا ،واقعيًا مرنًاّ ،
()1
انظر :النحالوي ،عبد الرحمن( ،أصول التربية اإلسالمية وأساليبها في البيت والمدرسة والمجتمع) ،دار الفكر0128 ،ه-
2117م ،ط .23ص .060-032
36
المطلب الثالث :مصادر التربية اإلسالمية وأسسها
إن طبيعة المعرفة ،وطبيعة اإلنسان ،وطبيعة المجتمع تش ّكل األسس التي يقوم عليها بناء
ّ
أي منهج تربوي ،وذلك باتفاق علماء المناهج في معظم بقاع األرض( ،)1وفي معرض الحديث
ّ
()2
أن مصدر المعرفة عند هذه
تبين ّ
عن الفلسفات التربوية المعاصرة –في مطلب سابق ّ -
" يراعي حاجات الطفولة وطبيعتها ...،ويراعي الفروق الفردية بين الناس ،ويراعي مواهبهم
واستعدادتهم وطبائعهم ،وي ارعي في المرأة أنوثتها وفي الرجل رجولته ،وفي الكهل كهولته ،وفي
الطفل طفولته ،ويلتمس دوافعهم الغريزية... ،وهو في ذلك كله يدعوهم إلى اهلل وتطبيق
شريعته؛ لتكميل فطرتهم وتهذيب نفوسهم شيئًا فشيئًا ...،وتوجيه طاقاتهم وحسن استغاللها للخير
السمو ... ،لتعمل معًا وتتجاوب للهدف األسمى ،وبذلك يسمو الفرد وينهض المجتمع"( ،)3كذلك
و ّ
()1
انظر :مدكور ،علي أحمد( ،مناهج التربية أسسها وتطبيقاتها) ،دار الفكر العربي2110 ،م .ص.13
()3
النحالوي( ،أصول التربية اإلسالمية) ،ص.27-26
37
يمكن اعتبار سيرة الصحابة والصالحين ،وجهود علماء المسلمين في المجال التربوي أصوالً
المجتمع من خالل معالجة سلوك أفراده ،بحيث ُيرّبى المواطن تربية تتالئم وتطّلعات هذا
المجتمع ،فيكون مواطنًا صالحًا ،فالتقت تلك المناهج على "إعداد المواطن الصالح" وان اختلفت
في وسائل تحقيق هذا الهدف بسبب اختالف الظروف المحيطة" ،فالمواطن الصالح في المجتمع
الضعيفة ،والفتك بها ونهب ثرواتها ،والمواطن الصالح في المجتمع الشيوعي هو الذي يصبح آلة
سيرة بيد زعماء الحزب الحاكم ،)3("...وبالتدقيق في هذا الهدف ،وفي أبعاده الواقعية
منتجة ُم َّ
والعملية ،يظهر القصور في هذا الهدف ،فالفلسفة التربوية التي تنفع مجتمعاً ما ،قد ال تنفع
يصح أن
ّ أن تلحق به ضر ًار من خالل سلوك األفراد ،ومثل هذا ال
ال عن ْ
مجتمعًا آخر ،فض ً
يكون هدفًا للتربية اإلنسانية ،وهذا يقود للحديث عن هدف تربية الدين السماوي الذي جاء به
تفرد المنهج التربوي اإلسالمي عن المناهج التربوية األخرى في هدفه المنشود ،فكان هدفه
ّ
( )2ص-21ص.24
38
واللون والدولة وغير ذلك ،ليصل إلى مكنون اإلنسان تحت شعار :ﱡﭐ ﱱ ﱲ ﱳ ﱴ
ﱵ ﱠ(( ،))1فيتجلّى هدف التربية اإلسالمية في عبودية اإلنسان هلل في حياته الفردية
ﱶ
واالجتماعية ،وقد اشتُ ّق هذا الهدف من المهمة التي ُخلق اإلنسان إلجلها ،وهي عبادة اهلل ،
اإلسالمية ،قد اشتمل على األهداف التربوية للتربية الغربية الحديثة على ٍ
نحو ينسجم وتحقيق الهدف
األسمى؛ فمن أبرز مظاهر شمول التربية اإلسالمية على هدف تحقيق الذات – على سبيل المثال-
مبدأ الجزاء على حسب العمل ،ومراعاة االستعدادات في الفرد ،كذلك فقد اعتبرت التربية اإلسالمية
هدف النمو بكافّة جوانبه العقلية والجسمية والروحية واالجتماعية وغير ذلك ،وجعلت هذا الهدف
(())2
وسيلة لتحقيق الهدف األسمى أال وهو العبودية هلل .
تميز اإلسالم بإعطائه فكرة واضحة عن هذا "اإلنسان الصالح" وتوضيح صورته
كذلك فقد ّ
أشد توضيح؛ "فهو إنسان يعيش بأقصى طاقته في عالم الواقع ،ويحاول في الوقت ذاته أن يح ّقق
ّ
(())3
المثال ،وال انفصال في نفسه ،وال في عالمه بين الواقع والمثال".
(())1
انظر :قطب( ،منهج التربية اإلسالمية) ،ج 0ص.01-03
(())2
انظر :النحالوي( ،أصول التربية اإلسالمية) ،ص.010-21
(())3
قطب( ،منهج التربية اإلسالمية) ،ج 0ص.231
()4
انظر :المرجع السابق ،ج 0ص203-081؛ وانظر :النحالوي( ،أصول التربية اإلسالمية) ،ص231-067؛ وانظر :الحازمي،
(أصول التربية اإلسالمية) ،ص.116 -377
39
.0التربية بالقدوة :وهي أفعل وسائل التربية وأقربها إلى النجاح ،والمنهج التربوي اإلسالمي تجلّى
.2التربية بالموعظة :ويأتي هذا األسلوب بناء على ما في النفس من استعداد للتأثّر بما يلقى إليها
من الكالم ،وهو استعداد مؤّقت غالبًا ،يلزمه التكرار ،وترتبط الموعظة بالقدوة؛ فحين توجد القدوة
.3التربية بالعقوبة :وتكون كعالج حاسم في حال عدم نجاح الوسيلتين السابقتين.
بكل أنواعها.
لتكون وسيلة من وسائل التربية ،واستخدمها ّ
.3التربية بالسلوك :وذلك عن طريق تحويل الخير كّله إلى سلوك ،تقوم به النفس من غير مش ّقة
إما بالقطع
كذلك تعامل اإلسالم مع العادات السيئة التي وجدها في البيئة الجاهلية فقام بإزالتها؛ ّ
الحاسم الفاصل ،وا ّما بالتدرج البطيء ،وذلك حسب نوع السلوك الذي يعالجه ،وطريقة تم ّكنه من
النفس.
بأول في
ال ّ .6تفريغ الطاقة :أي تفريغ الشحنات المفرزة في نفس اإلنسان –ذي الفطرة السليمةّ -أو ً
للتربية هي ملء فراغ هذه الرغبة بنشاط جديد لهذه الرغبة ذاتها ،أو لرغبة سواها.
41
بأنها تُحدث في النفس حالة خاصة هي
.8التربية باألحداث :تمتاز على غيرها من وسائل التربية ّ
أقرب لالنصهار ،فيستغل المربي هذا األثر في صقل نفس المربَّى وتهذيبها.
وفي ختام الحديث عن المنهج التربوي اإلسالمي ،والذي اشتمل على مقارنات بالمناهج
المناهج التربوية المعاصرة؛ من حيث مصدره الرّباني ،ونظرته الشمولية لإلنسان ،ومن حيث
وبعد ،فتلك هي المطالب المتعّلقة بالمنهج التربوي اإلسالمي ،وقد ذكرتها هنا كي تكون
حوى
في التفسير) ،وفي الفصل الثاني بداية توضيح هذا المنهج ،من خالل الحديث عن منهج ّ
في تربية القلب ،واّنما استخدمت لفظ (القلب)؛ لما جاء في الحديث عن مكونات اإلنسان في
أن ألفاظ القلب والروح والنفس والعقل تشترك في الداللة على اللطيفة العالمة من
اإلسالم من ّ
يعمها جميعاً.
اإلنسان ،وهي أحد معاني القلب؛ فالقلب ّ
41
الفصل الثاني
وفيه مبحثان:
42
تمهيد:
إن إيجاد الصلة الدائمة بين القلب البشري وبين اهلل ،الصلة التي تدفع القلب إلى الرجوع
ّ
قوام كل شيء ،وبدونها يصبح كل شيء خواء؛ فاإلسالم صريح في اعتبار العمل عبادة ،ما دام
()1
أهم مالمح التربية القرآنية
القلب يتجه فيه إلى اهلل " ، فالتركيز على قضية القلب من ّ
()2
والنبوية ،وقد أهمل الناس هذا إال القليل ،والقليل عنده َد َخن كثير ،إال أقل القليل".
والقلب يتّصل باهلل بصالت شتّى؛ فيتّصل به خشوعًا ،وتقوى ،ويتّصل به مراقبة له في كل
()3
لكن هذه الصلة لن تتجّلى
أمر من أمور الحياة ،ويتّصل به حبًّا ،وبغير ذلك من الصالت ّ ،
بكمالها إال إذا كان القلب سليمًا من أمراض القلوب ،وبهذا تتحقّق النجاة يوم الحساب؛ كما جاء
مما سبق يمكن القول إ ّن وظيفة التربية اإلسالمية تُجاه القلب هي :تربيته على التحقّق
ّ
القلوب) ،والوظيفة الثانية هي تربية القلب على التخلّي عن سائر أمراض القلوب ،وهذا موضوع
()1
انظر :قطب( ،منهج التربية اإلسالمية) ،ج 0ص.37-33
()2
حوى( ،األساس في التفسير) ،ج 0ص.83
ّ
()3
انظر :المرجع السابق ،ج 0ص.36
()4
انظر :المرجع السابق ،ج 7ص.3221
43
األول
المبحث ّ
أعمال القلوب
على استعدادات القلوب للهداية والضالل ،وكذلك على صفات اإلنسان؛ فالقلوب السليمة مركوز
العمى الكامل( ،)1وتأكيدًا على هذا المعنى يقول عند تفسيره لقوله تعالى :ﱡﭐﲚ ﲛ ﲜ
()2
أن يصل إلى قلب نجس ،فهو طاهر ،وطهارة القلوب هي التي تستأهل سكناه ومعناه".
أن منهجي في الكتابة عن أعمال القلوب وأمراضها لم يكن شموليًا؛ بحيث يستقصي
ّ
كل منها
صّنف في ّ
فإن هذه األعمال قد ُ
لمكونات اإلنسان ،وا ّال ّ
مالمح التربية اإلسالمية ّ
ألي منها.
مصنفات ،ال ترقى طريقتي في الكتابة ّ
ّ
المادة المتعّلقة بهذه األعمال واألمراض في تفسير األساس ضخمة؛ فانتقيت منها ما
أن ّ ّ
()1
حوى( ،األساس في التفسير) ،ج 3ص 2711و ص.2713
انظرّ :
()2
المرجع السابق ،ج 6ص.3181
44
ظل المرويات واآلثار التي نقلها الشيخ عن
العام للمعاني ،وكذلك في ّ
الخاص و ّ
ّ السياق
وليس مقصودها كتاب مقارنة ،أو توضيح للمسائل ،فهي تندرج ضمن الدراسات الوصفية
عام.
بشكل ّ
وفيه مسألتان:
حوى إلى عمق قضية اإليمان وتم ّكنها في الفطرة البشرية ،وذلك في المواطن القرآنية
يشير ّ
وافراد اهلل بالدعاء ،من أقوى األدلّة على استكنان اإليمان باهلل ،وتوحيده في الفطرة البشرية(،)1
ﱒﱔﱕﱖﱗﱘ ﱙﱚﱛﱜ
ﱓ ﱍﱏﱐﱑ
ﱎ ﱉﱊﱋﱌ
ﱟ ﱡﱢﱣﱤﱥ ﱦ ﱧﱨﱩ ﱪ ﱫﱬ ﱭ
ﱠ ﱝﱞ
()1
حوى( ،األساس في التفسير) ،ج 3ص.0628-0627
انظرّ :
45
ﱮﱯﱰﱱﱲﱳﱴﱵﱶﱷﱸﱹ ﱺﱻﱼ
ﲎ ﲍ ﱽ ﱾ ﱿ ﲀ ﲁ ﲂ ﲃﲄ ﲅ ﲆ ﲇ ﲈ ﲉ ﲊ ﲋ ﲌ
ﲘﲚﲛﲜﲝﲞ
ﲙ ﲔﲖﲗ
ﲕ ﲏﲐﲑﲒﲓ
توجهها
المستكن في الفطرة ،هو الذي يقف وراء ّ
ّ ﲟ ﲠ ﲡﱠ يونس ،٨٥–٨١ :فالتوحيد
مدرك لرعاية اهلل له ،لكن بسبب حرص الكافرين على هذه الدنيا ،ينأون عن أمر اهلل
ويرفضون رعايته في الهداية؛ فطبيعة اإلنسان ال يالئمها إال التوحيد ،وفي حال ابتعادها عن اهلل
()1
مريضة في النعمة والنقمة.
رّكز الشيخ كثي اًر على ركن اإليمان باليوم اآلخر بالمقارنة مع غيره من أركان اإليمان وترجع
إن "السبب الرئيس للكفر بالوحي هو الكفر باآلخرة واالطمئنان إلى الدنيا"()2؛ ففي سياق
ّ .0
ﲈﲊ
ﲉ ﲁ ﲃ ﲄﲅ ﲆ ﲇ
ﲂ تفسير قوله تعالى :ﱡﭐﱾ ﱿ ﲀ
()3
وعما تقتضيه هذه المعرفة من االلتزام بدين اهلل ،واتّباع رسوله .
واليوم اآلخرّ ،
()1
حوى( ،األساس في التفسير) ،ج 3ص ، 2111ج 8ص1273؛ ولالطّالع على مزيد من األمثلة ،انظر :ج 3ص،2133
انظرّ :
ج 6ص .2216
()2
المرجع السابق ،ج 3ص.2128
()3
انظر :المرجع السابق ،ج 3ص.2127-2126
46
الشك فيه ،أو الغفلة عنه ،هو العلّة الكبرى في
ّ إن انعدام اإليمان باليوم اآلخر أو
ّ .2
مواقف الكافرين الخاطئة كاإلعراض عن آيات اهلل ،واتّخاذ األنداد من دونه ،)1(ومن
مواقف الكافرين أيضًا االشمئزاز الذي يقابل به الكافرون ذكر اهلل وحده ،كما في قوله
ﲛﲝ
ﲜ تعالى :ﱡﭐﲒ ﲓ ﲔ ﲕ ﲖ ﲗ ﲘ ﲙ ﲚ
()2
ٍ
مستشر في هذا العصر. األسباب من دون اهلل داء
فإن جرأة الكافرين على اهلل ّ إنما هي ناجمة عن كفرهم باآلخرة؛ فسالمة
.3كذلك ّ
القرآنية التي تُظهر ج أرة الكافرين على اهلل ،قوله تعالى :ﱡﭐﱗ ﱘ ﱙ
أن أعظم خلل في معرفة اهلل هو الشرك ،ثم ّبي ن كيف عالجت السورة هذا
اهلل ،و ّ
()2
انظر :المرجع السابق ،ج 2ص.1211
47
ﱶﱸﱹ
ﱷ الخلل –الشرك -من خالل قوله تعالى :ﱡﭐﱲ ﱳ ﱴ ﱵ
ﱺ ﱻ ﱼ ﱽ ﱾ ﱿ ﲀ ﲁ ﲂ ﲃ ﲄ ﲅ
ﲈ ﲊ ﲋ ﲌ ﲍ ﲎﲏﱠﭐ
ﲉ ﲆ ﲇ
()1
التصور
ّ كل تص ّور تعتمد على سالمة
أن سالمة ّ
مما سبق ّ
الروم ٨٤:؛ ويمكن الفهم ّ
اآلخر.
.1كذلك تظهر أهمية هذا الركن في كونه أحد األمور التي يتوقّف عليها فهم كتاب اهلل
وقد أشار الشيخ إلى هذا المعنى في تفسيره لقوله تعالى :ﱡﭐﲚ ﲛ ﲜ ﲝ
جملة االستسالم هلل االستسالم لكتابه ،والذي هو أثر عن فهم الكتاب ،وهذا الفهم ال
الجاد على
ّ بمقدمات منها اإليمان باهلل واليوم اآلخر ،كذلك اإلقبال
بد أن يسبق ّ
ّ
()2
عشنا برهة من دهر وأحدنا يؤتى اإليمان قبل القرآن".
انطالقاً من هذه الحقيقة"( ،)3فالكالم عن اليوم اآلخر دافع للتحلي ،كما هو دافع للتخلي
()1
حوى( ،األساس في التفسير) ،ج 6ص ،2233ج 8ص.1262
انظرّ :
()2
محمد بن سالمة األزدي (ت320ه)،
انظر :المرجع السابق ،ج 6ص3180؛ وقول عمر رواه الطحاوي ،أبو جعفر أحمد بن ّ
(شرح مشكل اآلثار) ،ح ّققه شعيب األرنؤوط ،مؤسسة الرسالة ،ط0103 ،0ه0221-م 06 ،جزء ،باب بيان مشكل ما روي عن رسول
اهلل من قوله" :الدين النصيحة" ،ج 1ص ،81حديث رقم .0133
()3
حوى( ،األساس في التفسير) ،ج 00ص.6313
ّ
48
أن سورتي الواقعة والحاقّة نموذجان على
حوى ّ
ودافع لاليمان ،كما أنه دافع للعمل؛ ويرى ّ
إن
السور التي تعرض اليوم اآلخر ،ثم تبني على ذلك ما ينبغي أن ُيبنى عليه من بناءْ ،
السورتين؛ للوصول إلى ما ينبغي أن ُيبنى عليه ،فسورة الحاقّة –على سبيل المثال-
قدمت للكالم عن يوم القيامة بما هو غاية في الفخامة والتعظيم ،كما في قوله تعالى:
ّ
فالقيود والضوابط التي يقتضيها قبول التكليف اإللهي ،والمترتّبة على اإليمان باليوم اآلخر تدفع
()1
حوى( ،األساس في التفسير) ،ج 01ص.6002-6016
ّ
()2
انظر :المرجع السابق ،ج 00ص.6711
49
الكافر إلنكار ذلك اليوم ،ومن األشكال المعاصرة العتقاد عدم المسؤولية أمام اهلل :حرية
()2
االنسان المطلقة في المذاهب الوجودية( ،)1وحرية اإلنسان في التشريع في المذاهب السياسية.
أن االنسان
أن قضيتي استبعاد اليوم اآلخر ،وتصور ّ
حوى ّ
ومن حيث الواقع البشري يرى ّ
هاتين القضيتين ،وبقدر ما يحدث انصهار بمعاني هذه السورة من جانب ،وعمل بتوجيهات سورة
اإلنسان من جانب آخر ،يكون االبتعاد عن التصورات اإلنسانية الخاطئة في باب مسؤولية
اإلنسان؛ فقد بعثت سورة اإلنسان على السير إلى اهلل ،وذ ّكرت بشكل ضمني بالوفاء بالنذر
أعد اهلل
وبإطعام الطعام وبالخوف من اهلل ،وبالصبر وبالشكر ،وح ّذرت من الكفر ،وذكرت ما ّ
اإلنسان ،٨٨:ومن المعاني التي ذكرتها سورة القيامة :االعتياد على محاسبة النفس ولومها على
()1
األول من هذا البحث ،ص.21
سبق التعريف بها في الفصل ّ
()2
حوى( ،األساس في التفسير) ،ج 00ص 6266و ص.6273
انظرّ :
()3
انظر :المرجع السابق ،ج 00ص 6316-6313وص.6228-6227
51
دواء الغفلة عن اليوم اآلخر:
أن دواء الغفلة عن اليوم اآلخر يكون بالذكر ،وتالوة القرآن ،والعلم ،وبصحبة
يرى الشيخ ّ
()1
يبين من خالل
الذاكرين ،والعلماء العاملين الطالبين لوجه اهلل ،الراغبين في اآلخرة ،كذلك ّ
بد أن
اإليمان باليوم اآلخر " ،فمن عرف قدرة اهلل ال يستكثر عليها أن تعيد الخلق"؛ فمعرفة اهلل ال ّ
()2
يترتّب عليها ما تقتضيه هذه المعرفة".
تنمي
أن عالج الغفلة عن اليوم اآلخر ،يكون بالسير في السبل التي ّ
ومما سبق يمكن القول ّ
ّ
عدة مسائل:
وفيه ّ
للحق
ّ المسألة األولى :التسليم واالتّباع الكامل
سبيل راحة العقل والقلب معًا ،فالدخول إلى هذا العالم بجدل الفلسفات مفسد للعقل وللقلب
()3
فإن المعرفة الكاملة باهلل تقتضي اإلخبات
وللفطرة ،هذا من جانب ،ومن جانب آخر ّ
()1
حوى( ،األساس في التفسير) ،ج 3ص.2127-2126
انظرّ :
()2
المرجع السابق ،ج 3ص.2727
()3
انظر :المرجع السابق ،ج 3ص.0710
51
()2 ()1
ظل قوله
أن الطبيعة البشرية مفتقرة إلى الوحي كي يه ّذبها ،ففي ّ
سيما و ّ
والتسليم لحكمه ،ال ّ
تعالى :ﱡﭐ ﭐﲡ ﲢ ﲣ ﲤ ﲥ ﲦ ﲧ ﲨ ﲩ ﲪ ﲫ ﲬ ﲭ ﱠ
يبين الشيخ أ ّن االتباع هو النتيجة التلقائية لإليمان ،وذلك بأن ينقاد القلب لكتاب
الحديدّ ،١٤ :
()3
بد من اإليمان والتسليم؛ فإبليس لم ينكر صفات اهلل ،وال وجوده ومع
اهلل ويطيعه ، ،فال ّ
ذلك هو كافر( ،)4ومن حيث الواقع المعاصر فإ ّن أكثر المجتمعات البشرية مؤمنة بوجود اهلل ،
()5
لكنه إيمان يرافقه عدم استعداد للتقلي عن اهلل ،فالمشكلة تكمن في استعداد اإلنسان.
ّ
التكبر والتعالي على أمر اهلل فهو مكتسب من خالل البيئة والتفاعالت
ّ أما
بيانهّ ،-
البشرية؛ فأورث ذلك عدم استعداد للتلقي عن اهلل عند هذه المجتمعات.
أن التسليم المراد ّإنما هو التسليم الكامل ألمر اهلل ،وبالرغم من كون
حوى ّ
يبين ّ
كذلك ّ
()1
مما
خاص من المعرفة ّ
ّ حوى إلى نوع
حوى( ،األساس في التفسير) ،ج 2ص730؛ وفي هذا الموضع من التفسير يشير ّ انظرّ :
يعين في أمر الخضوع واالحتكام لكتاب اهلل ،وذلك في تفسيره لآليات [ ]26-23من سورة آل عمران ،يقول " :هذا كلّه يقتضي
عز ،أو ذ ّل لغيرنا عن االستقامة
المعز المذ ّل؛ حتّى ال يحرفنا ُملك ،أو رزق ،أو ّ
ّ بأنه مالك الملك ،المعطي المانع،
معرفة كاملة باهللّ ،
ألن اهلل هو الذي يعطي هذا كلّه؛ فعلينا أن نستقيم
عزّ ،... على أمر اهلل ،وقد نهينا عن مواالة الكافرين ،...طلباً لجاه أو ملك أو ّ
على أمره ،ونترك له أمر تدبير أمورنا" ،ويقول عن أهل الكتاب ..." :فلو أروا بقلوبهم هلل هذا ،وسلّموا ،لم يمنعهم حسد عن قبول
الحق وقبوله".
ّ نقر هلل بهذا ... ،وأمرنا أ ّال نوالي الكافرين الذين يستكبرون عن اتّباع
أن ّثم أمرنا نحن ّ
الحق ّأنى كان ،ومن ّ
ّ
()2
حوى إلى ذلك في تفسيره لسورة الفجر ،اآليات [.]21-03
انظر :المرجع السابق ،ج 00ص6303؛ وقد أشار ّ
()3
انظر :المرجع السابق ،ج 01ص3712-3718؛ وانقياد القلب هو انقياد العقل ،وذلك بناء على كون العقل أحد معاني القلب،
وذلك إذا د ّل القلب على اللطيفة العالمة المدركة من اإلنسان ،كما سبق بيانه صفحة ،27وبانقياد العقل وطاعته ،تنقاد الجوارح وتطيع.
()4
انظر :المرجع السابق ،ج 1ص.0880
()5
انظر :المرجع السابق ،ج 3ص.2123
52
بد أن يكون االلتزام بحذافيره؛ فميزان اهلل دقيق ،وقد أشار إلى هذا المعنى في تعقيبه على
بل ال ّ
ﲕﲖﲗﲘﲙﲚﲛﲜﲞﲟﲠﲡﲢﲣﲤﲥ
ﲦﲧﲨﲩﲪﲫﲬﲭﲮﲯ ﲰﲱﲲﲳﲴﱠ
الصافات١٨٤ - ١٥٨ :؛ فيونس عندما ترك مكانه دون إذن لم يفر من عقاب اهلل –
وهو رسول.)1(-
ﲽ ﲾ ﱠ ﲴ ﲵ ﲶ ﲷ ﲸ ﲹ ﲺ ﲻ ﲼ ﲳ ﲲ
أن االستجابة الكاملة ألمر اهلل هي سبب توفيق القلوب للخير ،وفي
حوى ّ
يبين ّ
األنفالّ ،٨٨:
حال عدم االستجابة ستكون العقوبة تقليب القلب ،أو ابتعاده عن المعاني اإليمانية الصالحة لعدم
استقامة الجوارح ،أو تفويت الفرصة على اإلنسان للوصول إلى اإلخالص هلل بالموت أو
()2
أما على مستوى الجماعة فيشير في ثنايا
بالصوارف عن االستقامة ،وهذا على مستوى الفردّ ،
ﱬﱮﱯﱰﱱﱲ
ﱭ تفسيره لقوله تعالى :ﱡﭐ ﱨ ﱩ ﱪ ﱫ
ﱿ ﲁﲂ
ﲀ ﱸﱺﱻ ﱼﱽﱾ
ﱹ ﱳﱴ ﱵ ﱶﱷ
ﲃ ﲄ ﲅ ﲆ ﱠ البقرة ،٤٣ :يشير إلى حقيقة َك ْون ما ورد في هذه اآلية ُسّنة من
()2
انظر :المرجع السابق ،ج 1ص.2017
53
الذل والهوان وتسلّط األمم على
سنن اهلل في خلقه -وان كانت واردة في بني إسرائيل ،-فواقع ّ
أمة اإلسالم اليوم ،هو عاقبة التطبيق الجزئي لكتاب اهلل ،الناجم عن استحباب الحياة الدنيا
ّ
بد من معالجة سبب التطبيق الجزئي عن طريق غرس حب اآلخرة وتفضيلها على
األمة ،وال ّ
و ّ
()1
كل مسلم ،وهذا سبيل الخروج من الذلّة.
الدنيا ،وذلك في قلب ّ
المسلم على بصيرة من أمره ،وقد وجدت الكالم المتعلّق بذلك يرّكز كثي اًر على قضية الحاكمية هلل
أن يخرج عن حكم اهلل ،أو يتخّلى عنه"( ،)3وينكر في هذا المقام على ما يشهده واقع المسلمين
()1
حوى( ،األساس في التفسير) ،ج 0ص.072-078
انظرّ :
()2
لالطّالع على مزيد من األمثلة ،انظر :المرجع السابق ،ج 0ص 22و ج 2ص.800
()3
المرجع السابق ،ج 6ص.2281
()4
انظر :المرجع السابق ،ج 6ص.2283-2281
54
حوى في مواطن الحديث عن ذلك من النقل عن صاحب الظالل؛ ففي تفسير قوله
وقد أكثر ّ
يحدد مدلول كلمة الدين -في هذا الموضع -تحديداً دقيقاً؛ ّإنه يعني:
النص ّ
ّ إن هذا
الظاللّ " :
نظام الملك وشرعه ،...هذا المدلول القرآني الواضح ،هو الذي يغيب في جاهلية القرن العشرين
صرون
عن الناس جميعاً ،سواء منهم من يدعون أنفسهم مسلمين ،وغيرهم من الجاهليينّ ،إنهم ي ْق ُ
ال
وشره ،ويؤدي الشعائر المكتوبة داخ ً
ويؤمن بمالئكته ،وكتبه ،ورسله ،واليوم اآلخر ،والقدر خيره ّ
في دين اهلل ،مهما تكن دينونته بالطاعة والخضوع ،واق ارره بالحاكمية لغير اهلل من األرباب
وكذلك دين اهلل فهو نظامه وشريعته ،...الدينونة هلل وحده بالتزام ما شرعه ،ورفض ما يشرعه
()1
غيره".
أما عن الدوافع التي تقف وراء التخلي عن شرع اهلل ،ففي المسألة التالية حديث ضمني
ّ
عن ذلك.
للحق
ّ ظل اإلذعان
المسألة الثالثة :مفهوم السعادة والشقاء في ّ
وشاهد لذلك
ٌ إن السعادة مالزمة التّباع دين اهلل ،مهما كان هذا المتّبع غارقًا في اآلالم،
ّ
في قول سحرة فرعون بعد إيمانهم :ﱡﭐﲱ ﲲ ﲳ ﲴ ﲵ ﲶﱠ طه ،٥٨ :والشقاء
()1
قطب ،سيد قطب إبراهيم ( ت0383ه)( ،في ظالل القرآن) ،دار الشروق ،بيروت -القاهرة ،ط0102 ،07ه 6 ،أجزاء .ج1
ص.2120-2121
55
مالزم لإلعراض عن دين اهلل ،مهما كان ذلك الرافض غارقاً في الل ّذات( ،)1وفيما يلي مزيد بيان
أن سورة طه ،قد اشتملت على تصحيح للمفاهيم الخاطئة في موضوع سعادة
حوى ّ
.0يرى ّ
إن دين اهلل هو الذي يجعل اإلنسان صديقًا مع نفسه ،وهو الذي يوجد صيغة للتعايش
أّ " .
المريح بين الخلق"( ،)2ويبرهن على ذلك من خالل كون التشريعات اإلسالمية تهدف إلى
()3
إبعاد المؤمنين عن كل خالف ،مثل تحريم الغيبة والخمر والربا ،وغير ذلك.
إن الل ّذة ال تعني السعادة ،واذا عنت السعادة اآلنية؛ فإّنها تعني الشقاء المضاعف
بّ " .
()4
صحح
فإن ميزان الشقاء والسعادة عند أهل الكفر هو نعيم الدنيا ،وقد " ّ
البعيد" ،ومع ذلك ّ
تعالى :ﱡﭐﲌ ﲍ ﲎ ﲏ ﲐ ﲑ ﲒ ﲓ ﲔ ﲕ ﲖ ﲗ ﲘ ﲚ
ﲙ
ﲛ ﲜ ﲝ ﲞ ﲟﱠ طه.١٥١:
ت .السعادة لمن اتّبع ،والشقاء لمن أعرض ،متح ّققان في الدنيا واآلخرة ،كما في قوله
تعالى:ﱡﭐﳂ ﳃ ﳄ ﳅ ﳆ ﳇ ﳈ ﳉ ﳊ ﳋ ﳌ ﳍ ﳎﱠ
()1
حوى( ،األساس في التفسير) ،ج7ص 3371و ص.3101
انظرّ :
()2
المرجع السابق ،ج7ص.3100
()3
انظر :المرجع السابق ،ج 7ص.3100
56
()1
أما ما يتعلق بالدنيا
طه ،١٨٨:وقد دلّت األدلّة القرآنية على ما يتعلّق باآلخرة بشكل قاطع ّ ،
ث .عقوبات اهلل الدنيوية التي حّلت بالمكذبين السابقين ،هي سبيل اهتداء لمن يك ّذب فيما
بعد؛ لذا استنكرت سورة طه عدم اهتداء المكذبين ،مع ما يعرفونه من تلك العقوبات ،كما في
ﱣﱥﱦ
ﱤ قوله تعالى :ﭐﱡﭐ ﱙ ﱚ ﱛ ﱜ ﱝ ﱞ ﱟ ﱠ ﱡ ﱢ
ﱧ ﱨ ﱩ ﱪ ﱫ ﱠ طه.١٨٤ :
األمور عالمة على الخطأ في السير إلى اهلل ؛ فاإليمان يرافقه امتحان ،والنجاح فيه هو
ﱡﲸ ﲹ ﲺ ﲻ ﲼ ﲽ ﲾ ﲿ ﳀ ﳁ ﳂ ﳃ ﳄ
ﳅ ﳆ ﳇﳈ ﱁ ﱂ ﱃ ﱄ ﱅ ﱆ ﱇﱠ
ﲨ ﲩ ﲪ ﲫ ﲬ ﲭ ﲮ ﲯ ﲰ ﲱ ﲲ ﲳ ﲴ ﲵ ﲶ ﲷ ﲸ ﲹ ﲺﲻ ﱠ الحج– ١٨ :
.٨٨
()2
حوى إلى كتابه (اإلسالم) في الفصل الرابع للوقوف على تفاصيل
حوى( ،األساس في التفسير) ،ج7ص3100؛ ويحيل ّ
انظرّ :
ذلك.
57
العنكبوت١٣ – ١٨:؛ ففي اآليات دالل ة على مقدار صبر األنبياء مع اشتداد الظروف ،وكيف
فإن االمتحان الدنيوي أهون بكثير من عقاب اهلل للكافرين في اآلخرة( ،)2فاإلمالء
كذلك ّ
أن العبادة
يتصوره البعض من ّ
ّ ﱽ ﱾ ﱿ ﲀ ﲁﲂﱠ النحل ١١٨:تصحيحاً لما
متضمن للتمتّع بهذا الحالل ،-والعبادة تقتضي هذا الشكر( ،)4كذلك في وصف
ّ العبادة –وهذا
()1
حوى( ،األساس في التفسير) ،ج 8ص 1083و ص 1066و ص 1020و ص.1211
انظرّ :
()2
انظر :المرجع السابق ،ج8ص.1211
()3
المرجع السابق ،ج 2ص.217
()4
انظر :المرجع السابق ،ج 6ص.3113
()5
انظر :المرجع السابق ،ج 6ص.3228-3227
58
المسألة الرابعة :بين العبادة واالستعانة
أدق ما ذكره
حوى عن مقام العبودية يظهر تأثّره الواضح بصاحب الظالل ،ومن ّ
في حديث ّ
إن حقيقة
حوى عن قطب بشأن العبادة ،هو شمول العبادة للفهم والسلوك والعلم والعمل ،بل ّ
ّ
()1
كل حركة في الضمير.
التوجه الى اهلل في ّ
العبادة استقرار معنى العبودية هلل في النفس ،و ّ
أن مقام العبودية هلل يقتضي العبادة له ،واالستعانة به ،وطلب الهداية منه
حوى ّ
ويبين ّ
ّ
متضمنة في سورة
َّ وسبيل التح ّقق بهذا المقام هو السير في منهاج اهلل ،وهذه المعاني كلّها
الفاتحة؛ فاالهتداء "إلى الصراط المستقيم ال يكون إال باهلل ،وال تنال عطايا اهلل بالهداية ّإال
باالفتقار إليه ،ومظهر ذلك طلب المعونة منه ،وال يوصل إلى االفتقار مثل دوام العبادة ،وال
عبادة إال بمعرفة ،ومعرفة ال يعطى فيه الحمد كلّه هلل معرفة قاصرة ،ينظر العبد ما أُعطي
()2
ثم دعاه بما هو األهم واألعظم وهو االهتداء في األمر كلّه".
الفاتحةّ ،٣ :
إن العبرة في الشرع ّإنما هي لحسن العمل ،وليس لكثرته ،واإلخالص هو أحد شرطي حسن
ّ
العمل ،فال تكون األعمال حسنة حتّى تكون خالصة لوجه اهلل ،وعلى وفق ما أمر ،وقد أشار
()1
حوى( ،األساس في التفسير) ،ج 2ص1208؛ وانظر :قطب( ،في ظالل القرآن) ،ج 6ص.3387
انظرّ :
()2
حوى( ،األساس في التفسير) ،ج 0ص.32
ّ
()3
انظر :المرجع السابق ،ج 3ص.2336
59
فتتوحد الشخصية
ّ الشعور والسلوك ،بين العقيدة والعمل ،وبهذا تصبح العقيدة منهجًا للحياة كلّها؛
()1
فيستحق المؤمن عطاء اهلل .
ّ بكل نشاطها واتجاهاتها؛
اإلنسانية ّ
()2
المطلب الثالث :التقوى
عدة مسائل:
وفيه ّ
أن كلمة التقوى قد ُع ّرفت كثي ًار في القرآن الكريم ،وقد حاول الوصول إلى تعريف
حوى ّ
يبين ّ
ّ
محددة(،)3 ٍ
معان ّ معينة ،وعالمتها
معين ،وتَنتج إذا وجدت آثار ّ
القلب تتكون من سلوك طريق ّ
ﳓ ﳕ ﳖ ﳗ ﳘ ﳙ ﱠ األنفال،٤٨ :
ﳐﳒ ﳔ
ﳑ تعالى :ﱡﭐ ﳌ ﳍ ﳎ ﳏ
بأنها عدم اإلقدام على شيء لم ُيعهد للمسلمين فيه ،وهذا يدخل تحت معنى الترك ألجل
فسرها ّ
ّ
()4
اهلل .
()1
انظر :قطب( ،في ظالل القرآن) ،ج 0ص.011
()2
وحسب نظرية الشيخ في تفسيره فقد كانت التقوى محو اًر لكثير من السور القرآنية ،ولالطّالع على أمثلة من الحديث عن التقوى من
حوى( ،األساس في التفسير) ،ج 2ص 0121و ج 7ص 3616و ج 2ص 1868-1866و
خالل سياق بعض السور؛ انظرّ :
ج 01ص.3318
()3
للتوسع في مقامي التقوى واإلحسان.
ّ انظر :المرجع السابق ،ج 6ص2232؛ ويحيل الشيخ إلى كتابه (جند اهلل ثقافة وأخالقاً)
()4
انظر :المرجع السابق ،ج 1ص.2028
61
ﱬﱠ البقرة ،٣ :وقوله تعالى :ﱡﭐﱓ ﱔ ﱕﱖ ﱗ ﱘ ﱙ ﱚ ﱛ
بد من اإليمان باهلل ،وايمان بالوحي كّله ،وباليوم اآلخر مع اإليمان بالغيب
التقوى؛ فال ّ
تعد من الطرق الموصلة للتقوى ،يصل بعضها ألن يكون ركنًا من أركان
في كتاب اهلل ّ
()1
ماديات الدنيا.
كل ّ من ّ
البقرة ،١٥٨ :والقصاص ال تستطيعه إال دولة حاكمة؛ فأصبح وجود السلطان والحكم والعقوبة
مما
األمة ،ومن هنا ُيفهم قول عثمان " :ما يزع اإلمام أكثر ّ
مما يلزم لتح ّقق التقوى عند أفراد ّ
ّ
يتسنى
المطبقة ألحكام اهلل ؛ حتّى ّ
ّ يزع القرآن"()2؛ فال تقوى على الكمال إال بوجود الدولة
()1
حوى( ،األساس في التفسير) ،ج 0ص 83وص 338و ج 2ص 0211و ج 7ص 3322و ص.3323
انظرّ :
()2
إن اهلل ليزع بالسلطان ما ال يزع بالقرآن" ،وكذا وجدته في مراجع أخرى ،لكن الرواية المسندة لعثمان –
ورد في (األساس) بلفظّ " :
طأ من المعاني
رضي اهلل عنه -كانت باللفظ الذي أثبته .انظر :ابن عبد البر ،يوسف بن عبد اهلل (ت163ه)( ،التمهيد لما في المو ّ
واألسانيد) ،ح ّققه مصطفى العلوي ومحمد البكرى ،و ازرة عموم األوقاف والشؤون اإلسالمية ،المغرب ،ط بدون0387 ،ه 21 ،جزءًا.
ج 0ص.008
61
المطبقة ألحكام
ّ إما بالسعي نحو إقامة الحكومة
يبذل ما بوسعه من أجل تطبيق هذه األحكامّ ،
()1
كل حال.
اهلل ،أو بتذكيرها إن وجدت ،أو بالعفو في ّ
إن ما سبق من الحديث حول األعمال الموصلة للتقوى ،يستدعي الحديث عن التالزم بين
ّ
ويستدل
ّ أهم ما في اإلسالم،
أن هذه القضايا الثالث هي ّ
ويوضح الشيخ ّ
ّ التقوى والعبادة والطاعة،
أهم الفقه في دين اهلل فقه العبادة والتقوى والطاعة؛ ومجمل هذا الفقه يكون بإجابات هذه
ّ
األسئلة :كيف نعبد اهلل ،وبماذا نعبده؟ وما هو مضمون التقوى؟ وكيف نتحقق به؟ ،ولمن
وراث
نعطي طاعتنا؟ ،ويفتي الشيخ بإعطاء طاعة المسلم االختيارية للعلماء الربانيين ،فهم ّ
()2
النبوة.
ويمكن توضيح التالزم بين التقوى والعبادة والطاعة من خالل ما سطّره الشيخ في ظالل
كل
أن أقصى ما يطالب به المسلم من قيامه بأحكام اإلسالم هو التقوى ،وتقوى ّ
سورة التين وهي ّ
إنسان بحسب مسؤوليته ،وعلى قدر ما أُعطي ُيطالب ،فالتقوى والطاعة هما عالمتا إسالم
()3
ال في اإلسالم كّله.
المسلم ،وعلى قدر طاعته وتقواه يكون داخ ً
والحديث عن التالزم بين التقوى والعبادة ،يقود للحديث عن العالقة بين التقوى ومعرفة اهلل
()1
حوى( ،األساس في التفسير) ،ج 0ص 322وص 322وص 112وص.117
انظرّ :
()2
انظر :المرجع السابق ،ج 2ص.0011-0013
()3
انظر :المرجع السابق ،ج 7ص 3212ج 00ص.6323
62
حق العبادة ،وبالتالي فال يتحقّق بالتقوى ...،وعلى هذا فما من نقص في التقوى ،إال وسببه
يعبده ّ
()1
نقص في معرفة اهلل ."
ﲠﲢﲣﲤﲥ
ﲡ في تفسيره لبعض اآليات ،ففي قوله تعالى :ﱡ ﲞ ﲟ
ﲲ ﲴﲵ
ﲳ ﲦﲨﲩ ﲪﲫﲬﲭﲮﲯﲰﲱ
ﲧ
مهمة الدين
بد في التقوى من التمييز بين ّ
من بعض التطلّعات الخاطئة ،والتص ّرفات الغالية؛ فال ّ
الحسية
ّ أما الحقيقة
ومهمة العلم التجريبي فمعرفة الحكمة من خلق األشياء جزء من الدينّ ،
ّ
أما بالنسبة
زود اهلل اإلنسان من إمكاناتّ ،
لألشياء فسبيل معرفتها العلم الكوني من خالل ما ّ
ومن الفهم الخاطئ بشأن التقوى ما جاء أيضًا في تفسير قوله تعالى :ﱡﭐ ﱷ ﱸ ﱹ
ﲆﲈﲉ
ﲇ ﱼﱾﱿﲀﲁ ﲂﲃﲄﲅ
ﱽ ﱺﱻ
()1
حوى( ،األساس في التفسير) ،ج 7ص.3321
ّ
()2
انظر :المرجع السابق ،ج 0ص 037و ص.018-016
63
أن التقوى ال يرافقها غلبة ،وال
كل حال ،أو ّ
القتال ،والبقاء في حال سالم مع اآلخرين على ّ
()1
التصور.
ّ ظهور ،ففي اآلية تصحيح لهذا
حوى ذلك بكونهم يحذرون اآلخرة؛ فيدفعهم الحذر إلى النظر ،وهذا السبب في كون كثير من
ّ
()2
الناس بمنأى عن االنتفاع باآليات الكونية.
()3
ﱈ ﱉ ﱊﱋﱌ ﱍ ﱎ ﱏﱐﱠ يونس.٤٥ -٤٨:
عدة مسائل:
وفيه ّ
()4
ألن النعمة
أن الشكر أعلى مقامات السالكين ،و ّأنه ال سلوك بال صبر؛ ذلك ّ
حوى ّ
يبين ّ
ّ
()1
حوى( ،األساس في التفسير) ،ج 0ص.112
انظرّ :
()2
انظر :المرجع السابق ،ج3ص.2128
()3
انظر :المرجع السابق ،ج 3ص.2182
اهلل ونواهيه إال بوجود الصبر ،ومن الشواهد لذلك قوله تعالى :ﱡ ﭐﱷ ﱸ ﱹ ﱺ ﱻ
ﱠ يونس١٣٨:؛ فقد جاء هذا األمر بعد ذكر مجموعة من األوامر والنواهي في سورة يونس
()2
فالصبر زاد الطريق من بدايته إلى نهايته ،وهو الخلق الجامع ،لقوله تعالى :ﱡﭐﲎ ﲏ ﲐ
()3
ﲑﱠ الرعد.٨٨:
ﲒ
يجر انعدام الصبر وما ينتج عنه من هلع وجزع إلى الكفر والعياذ باهلل()4؛ فالصبر
وقد ّ
والشكر ثمرتا اإليمان الرئيستان ،وهما مفتاح الهداية ،وقد أفاد الشيخ إلى ذلك في تفسيره لقوله
ﲩ ﲫ ﲬ ﲭ ﲮ ﲯ ﲰ ﲱﲲﱠ
ﲪ تعالى :ﱡﭐﲧ ﲨ
()5
إبراهيم.
الشدة والرخاء
المسألة الثانية :حال النفس اإلنسانية في ّ
أن
تم ذكر حقيقة ّ
للحقّ ،
ّ ظل اإلذعان
في حديث سابق عن مفهوم السعادة والشقاء في ّ
()1
حوى( ،األساس في التفسير) ،ج 00ص.6728
وقد استد ّل الشيخ على المعنى األخير من خالل سورة النصر؛ انظرّ :
ﳖ ﳗ ﳘ ﳙ ﳚ ﳛ ﳜﱠ يونس.١٣٤-١٣٣ :
()3
حوى( ،األساس في التفسير) ،ج 0ص 333و ج 3ص 0331و ج 3ص 2321و ص 2618وص.2712
انظرّ :
()4
انظر :المرجع السابق ،ج 0ص.333
()5
انظر :المرجع السابق ،ج 3ص.2780
65
سلب النعمة قانطة يائسة ،وهي فرحة فخورة منشغلة عن شكر اهلل في حال إصابة النعمة وقد
ﲤ ﲥ ﲦﲧ ﲨ ﲩ ﲪ ﲫ ﲬ ﲭ ﲮ ﲯ ﲰ
ﲱ ﲲﱠ هود ،١١-٨ :فهذه هي طبيعة اإلنسان ،إال من كان متّصفًا بالصبر والعمل
()1
الصالح.
أن دخول
ظل حقيقة كون حمل دين اهلل يستتبع تضحيات ومواقف ،و ّ
في النفس البشرية ،وفي ّ
الجنة لن يكون دون ابتالء على اختالف ألوانه؛ فقد يكون باألمراض ،واألسقام ،واآلالم
ّ
ﲮﲰﲱﲲ ﲳﲴ
ﲯ ﲦﲧﲨ ﲩﲪﲫﲬﲭ
ﲼ ﲾ ﲿ ﳀ ﳁ ﳂ ﳃ ﱠ البقرة،)2(٨١٨ :
ﲵﲶﲷﲸﲹﲺﲻ ﲽ
حوى
ظل هذه الحقائق وغيرها ،يمكن تعليل الذكر الكثير للصبر في القرآن الكريم ،بما أورده ّ
في ّ
()1
حوى( ،األساس في التفسير) ،ج 3ص.2337-2336
انظرّ :
()2
انظر :المرجع السابق ،ج 0ص.128
()3
قطب( ،في ظالل القرآن) ،ج 0ص.010
66
()1
في المسألة لكل من الشكر والصبر من خالل بعض األمثلة
وتوضيح لكيفية التربية القرآنية ّ
التالية.
إن من منهج القرآن الكريم في تربية الشكر واستثارته ،التذكير بنعم اهلل ،كما في قوله
ّ
تعالى :ﱡﱁ ﱂ ﱃ ﱄ ﱅ ﱆ ﱇ ﱈ ﱉ ﱊ ﱋ ﱌ ﱍ ﱎ ﱏ
أن هذه المجموعة من سورة يس يغلب عليها استثارة الشكر ،وكذلك سورة
٥٥؛ فيرى الشيخ ّ
تهيج بواعث الشكر ،من خالل التعريف على اهلل ،وعلى نعمه(.)2
فإنها ّ
الرحمن ّ
()3
ﳊ ﳋ ﱠ المعارج ،٥٣ :فالمجموعة تَذ ُكر خصائص اإلنسان الذي خرج عن صفة الهلع
إلى صفة الصبر؛ فهي تُذ ّكر بالخصائص التي ينبثق عنها خلق الصبر كالمداومة على الصالة
()4
تصبر على ما تلقاه من أخالق الكافرين وأقوالهم وأفعالهم".
()1
حوى( ،األساس في التفسير) ،ج 0ص 332و ج 7ص.1103
لالطّالع على مزيد من األمثلة؛ انظرّ :
()2
انظر :المرجع السابق ،ج 8ص ، 1632ج 01ص.3673
()3
الهلع :الحرص ،وقيل :الجزع وقّلة الصبر ،وقيل :هو أسوأ الجزع وأفحشه؛ ابن منظور( ،لسان العرب) ،ج 8ص.371
()4
حوى( ،األساس في التفسير) ،ج 00ص.6036
ّ
67
كذلك ما جاء عند قوله تعالى :ﱡﭐ ﱐ ﱑ ﱒ ﱓ ﱔ ﱕ ﱖ
()1
بوقوع البالء قبل وقوعه تربية للنفوس على التوطّن عليه.
عدة مسائل:
وفيه ّ
أن تربية الخوف والرجاء في قلب المؤمن جاءت في القرآن الكريم من خالل
يبين الشيخ ّ
ّ
ﱑ ﱓ ﱔ ﱕ ﱖﱗﱠ الرعد)2(٤ :؛ فهما جناحا القلب في سيره إلى اهلل ،
ﱒ
أهمية هذين العملين القلبيين في كونهما من األمور التي يتوقف عليها تمام العبادة؛ من
وتظهر ّ
حيث معرفة جالل اهلل واكرامه ،وقد استدل الشيخ على هذا المعنى من قوله تعالى :ﱡﭐﲴ
ﳀﱠ
ﳁ ﲵ ﲶﲷﲸﲹﲺﲻﲼﲽ ﲾﲿ
()3
اإلسراء.٣٥ :
ويتبع الحديث عن الخوف الحديث عن الخشية ،والخشية من اهلل من مقتضيات اإليمان
الحقيقي به ،كما ّأنها عند أهلها يرافقها معرفة بجمال اهلل وفضله؛ لذلك فإن الخشية يرافقها
()1
حوى( ،األساس في التفسير) ،ج 0ص.330
انظرّ :
()2
انظر :المرجع السابق ،ج 3ص.2722
()3
انظر :المرجع السابق ،ج 6ص.3181
68
عادة رجاء ،والخشية المقصودة هي ما كانت في أبواب الدين ،واال فهناك خشية طبع للمحاذير
()1
ﲙﱠ التوبة.١٤:
حوى هذا المعنى في تفسير قوله تعالى :ﱡﭐ ﲖ ﲗ ﲘ ﲚ
وقد ّبين ّ
أهمّيته ،ومن ذلك ّأنه ال يتذ ّكر بهذا القرآن إال من كان في قلبه خشية
ولهذا العمل القلبي ّ
لقوله تعالى في شأن القرآن الكريم :ﱡﭐﱭ ﱮ ﱯ ﱰﱱﱠ طه٥ :؛ وفي هذا المقام
ﲯ ﲰ ﲱ ﲲﱠ فاطر٨٤ :؛ فمن ازداد علمًا باهلل ازداد منه خوفاً ،ومن كان علمه
()2
األول على المكّلف.
ثم كانت المعرفة هي الفرض ّ
أقل كان آمنًا ،ومن ّ
به ّ
ومن جانب آخر فقد حفل القرآن الكريم باآليات التي تستثير مكنونات النفس البشرية
()3
الخشية في قلب اإلنسان.
()1
حوى( ،األساس في التفسير) ،ج 2ص 0031و ج 1ص 2221وج 01ص.6128
انظرّ :
()2
انظر :المرجع السابق ،ج 7ص 3311و ج 8ص.1388
()3
انظر :المرجع السابق ،ج 01ص.6131
69
المسألة الثانية :التو ّكل
ﳑ ﳒﱠ المائدة ،٨٥ :والتو ّكل يكون بقطع العالئق القلبية مع غير اهلل ، وهو " ّ
()1
مقيد
نبي
األهمية من خالل توجيه ّ
ّ حوى هذه
ويظهر ّ
أهميته في حياة األممُ ،
وللتو ّكل على اهلل ّ
اهلل موسى لبني إسرائيل للتو ّكل على اهلل ،وذلك في مواجهة بطش فرعون ،كما في قوله
()3
من األوضاع الظالمة.
أن اآليات التي قُرن فيها ذكر التو ّكل بالعبادة ،كقوله
حوى ّ
والتو ّكل مرتبط بالعبادة ،ويرى ّ
()4
يستقيم على العبادة ،وفي المقابل من ال عبادة له ،ال تو ّكل له.
()1
انظر :حوّ ى( ،األساس في التفسير) ،ج 3ص.0333
()2
قطب( ،في ظالل القرآن) ،ج 3ص.2738
( )3
انظر :حوّ ى( ،األساس في التفسير) ،ج 5ص 2499و ج 7ص.4169
( )4
انظر :المرجع السابق ،ج 5ص 2499وص.2611
71
()1
بحب اهلل"
أحبوا اهلل لما يغذوكم من نعمه ،وأحّبوني ّ
الشعور بنعمه ،كما في قول النبي ّ " :
أن طريق
حوى إلى ّ
التحرر من أمراضه ،ويشير ّ
ّ بد له من
المحبة ،ال ّ
ّ يحس القلب بهذه
وحتّى ّ
تقرب
المحبة هو اإلقبال على اهلل بالفرائض والنوافل ،كما جاء في الحديث القدسي" :وما ّ
ّ هذه
ُحبه
إلي بالنوافل حتّى أ ّ
قرب ّ
مما افترضت عليه ،وما يزال عبدي يت ّ
إلي ّ
أحب ّ
إلي عبدي بشيء ّ
ّ
فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به ،وبصره الذي يبصر به ،ويده التي يبطش بها ،ورجله التي
()2
أحبه اهلل أعطاه ما يشعره
فلما ّ
ألعيذنه" ؛ ّ
ّ ألعطينه ،ولئن استعاذني
ّ يمشي بها ،وان سألني
()3
بالمحبة هلل بما ال يعرفه إال أهله.
ّ بالمحبة ،وعندئذ يفيض القلب
ّ
()4
ﱠ الصافات.٤٨ - ٤٥ :
حوى
وموضوع المشايعة الرّبانية والوالء والبراء من األمور البارزة التي ظهر فيها تأثّر الشيخ ّ
بصاحب الظالل ،فقد أكثر من النقل عنه في مثل هذه المواطن ،ومن ذلك قول صاحب الظالل:
()1
محمد بن عيسى (ت 272ه) ( ،سنن الترمذي) ،ح ّققه أحمد شاكر وآخرين ،مطبعة مصطفى البابي الحلبي ،مصر،
الترمذيّ ،
ط0323 ،2ه0273-م 3 ،أجزاء .كتاب المناقب ،باب مناقب أهل النبي ،ج 3ص ،661حديث رقم ،3782 :قال الترمذي حديث
حسن غريب.
()2
محمد بن إسماعيل (ت236ه)( ،الجامع المسند الصحيح المختصر من أمور رسول اهلل وسننه وأيامه) ،حقّقه
البخاريّ ،
مصطفى ديب البغا ،دار ابن كثير ،بيروت ،ط0117 ،3ه –0287م 6 ،أجزاء .كتاب الرقاق ،باب التواضع ،ج 3ص ،2381حديث
رقم .6037
()3
حوى( ،األساس في التفسير) ،ج 0ص.333
انظرّ :
()4
انظر :المرجع السابق ،ج 8ص.1702
71
بعض المسلمين ،الذين لم تتّضح في نفوسهم الرؤية الكاملة لحقيقة هذا الدين ووظيفته ،بوصفه
التصورات التي تعرفها البشرية ... ،فيخلطون بين دعوة اإلسالم إلى السماحة في
ّ عن سائر
البر بهم في المجتمع المسلم الذي يعيشون فيه مكفولي الحقوق ،وبين الوالء
معاملة أهل الكتاب و ّ
()1
الذي ال يكون إال هلل ورسوله وللجماعة المسلمة".
فك ٌل تأثّر بثقافة نفس العصر ،أضف إلى ذلك إبداع صاحب الظالل في النواحي االجتماعية
وبعد ،فهذه لفتات تربوية فيما يتعلّق ببعض أعمال القلوب ،وفي المبحث الثاني مزيد حديث
()1
حوى( ،األساس في التفسير) ،ج 3ص.0110
قطب( ،في ظالل القرآن) ،ج 2ص201-212؛ ّ
72
المبحث الثاني
أمراض القلوب
أن طهارة القلب من أمراضه ،إحدى األمور التي يتوّقف عليها كمال صلة
ذكرت فيما سبق ّ
()1
أن وصف
ويبين الشيخ ّ
تدل على وجوده ّ ،
إن الكفر حالة قلبية تنبثق عنها أخالقياتها التي ّ
ّ
القرآن للنفس البشرية وصف محيط ،وكذا في وصفه سائر أحوال النفس البشرية ،ومن ذلك ما
جاء في وصف النفس الكافرة ،فلذلك أثره العظيم في تنبيه المؤمنين من أن تتسّلل إليهم هذه
األحوال ،فتصبح عميقة الجذور في النفس والقلب ،فضالً عن أن يتخلّى المؤمن عن هذه
()2
حوى في ثنايا تفسيره
مما ذكره ّ
األحوال والصفات ،وفيما يلي بعض صفات الكافرين وأحوالهم ّ
لبعض اآليات:
ﱿﲁ
ﲀ ﱶﱷﱸﱹﱺﱻﱼﱽﱾ
()1
حوى( ،األساس في التفسير) ،ج 0ص.87
انظرّ :
()2
انظر :المرجع السابق ،ج 6ص.2862
ﲕﲗﲘﲙ ﲚﲛﲜﲝﲞﲟﲠﲡﲢﲣﲤ ﲥ
ﲖ ﲐﲑﲒﲓﲔ
ﲦ ﲧ ﲨﱠ القصص٣٥ :؛ فبعض ضعاف النفوس إذا أقيمت عليهم الحجة باإلسالم ،علّلوا رفضهم بخوفهم من تكالب قوى=
73
أن هذه الصفات هي صفات مشتركة عند
حوى ّ ﲂ ﲃ ﲄﲅﱠﭐإبراهيمّ ،٥ :
فيبين ّ
الحق ألنه يكرهه وذلك ألن للكفر متعته ،وهي آثار الكفر في
ّ كل كافر؛ فالكافر يعادي
ّ
()1
االنفالت من التكليف.
حق
أن الواجب في ّ
أن أَ ْم َر الرسول بتركهم ،يشير إلى ّ
حوى ّ
بالنسبة للكافر ،ويرى ّ
ﳡﳢﱠ ص ،١٤ :ففي هذا الموضع القرآني عرض لبعض صفات الكافر الذي ال
()3
فصلت
لعزة ،والمشا ّقة هلل ورسوله ،وتكذيب الرسل واتّهامهم ،وقد ّ
ينفع معه اإلنذار؛ كا ّ
بأن اهلل قد يعطي االمن للكافرين فكيف ال يعطيه للمؤمنين ،ومن جانب آخر فإن الدنيا
الشيخ على أمثال هؤالء ّ ويرد
=العالم عليهمّ ،
حوى( ،األساس في التفسير) ،ج 7ص.1012 نجاهد؛ انظرّ : أن
دار ابتالء وعلينا ّ
()1
انظر :المرجع السابق ،ج 3ص ،2778وج 2ص 1832و ص.3073
()2
انظر :المرجع السابق ،ج 6ص.2862
()3
انظر :المرجع السابق ،ج 8ص.1763
74
()1
في صفات الكافرين الذين وصلوا إلى حالة يستوي معهم فيها اإلنذار سورة القمر
()2
وعدمه ،وضربت األمثلة ،وبينت ما يستحقه هؤالء وأمثالهم في الدنيا واآلخرة.
.1الكافر في وضع نفسي يبعده عن اإليمان ،فمن خالل قوله تعالى :ﱡﭐ ﱁ ﱂ
ﱉﱋﱌﱍﱎﱏﱐ
ﱊ ﱃﱄﱅﱆﱇﱈ
اإليمان؛ فقد اجتمع له ما ال يعقل معه الكفر وهو القرآن الكريم ،والرسول ،واليوم
.3ومن صفات الكافرين المذكورة في القرآن الكريم أيضاً ،الظلم ،وطغيان الكافر كلّما رأى
نفسه مستغنيًا ،والمجادلة في آيات اهلل الناجمة عن الكبر ،كذلك الجحود والكبرياء
والبطر في النعمة ،واليأس والقنوط في المحنة ،والكافر جاهل في شأن األلوهية ،وجهله
()2
انظر :المرجع السابق ،ج 01ص.3633-3631
()3
انظر :المرجع السابق ،ج 2ص ،812و ج 7ص.3136-3133
()4
انظر :المرجع السابق ،ج 0ص 227و ص ،323ج 2ص ،727ج 8ص ،1220ج 2ص 1282و ص 3131وص،3831
ج 00ص.6616
75
المسألة الثانية :الكفر هو ثمرة األمراض القلبية والسلوكية
بأمراض متراكمة حالت بين أصحابها واإليمان؛ فسبب الكفر هو األمراض القلبية والسلوكية ،فإذا
تحرر اإلنسان من هذه األمراض ،كانت البداية الصحيحة لالهتداء بكتاب اهلل ؛ فمن خالل
ّ
ﲙﲛﲜ
ﲚ ﲍﲏﲐﲑ ﲒ ﲓﲔﲕﲖﲗﲘ
ﲎ ﲊﲋﲌ
عن آيات اهلل ،والمستهزئين بها هم الذين ال يؤمنون ،فكفرهم لم يكن أث ًار عن موقف عقلي أو
أثر عن اتّصافهم بأمراض متراكمة حالت بينهم وبين اإليمان ،فاستحقّوا بذلك
علمي ،بل اً
العذاب(.)1
أن الذين ال يؤمنون يكذبون ويرفضون ،ال لقصور في الحجة ،وال النعدام
تعرفنا على ّ
السياق ّ
()1
حوى( ،األساس في التفسير) ،ج 2ص.3202-3208
انظرّ :
()2
المرجع السابق ،ج 7ص.3368
76
درجة الكفرّ ،إنما هي بريد الكفر ،فسير اإلنسان في طريقها يجني على نفسه شيئًا فشيئًا ،فإذا ما
()1
أحاطت به الخطايا وصل إلى درجة الكفر.
وفي المسألة التالية تفصيل في موضوع الكفر الذي ال ينفع معه اإلنذار.
أن العالمة األكبر للكفر تتجلى في كون الكافر ال يؤثّر فيه اإلنذار حين وقوعه من أهله ،فهؤالء
ّ
أناس علم اهلل ّأنهم ال يؤمنون؛ فيستوي عليهم اإلنذار وعدمه ،فقلوبهم مختوم عليها ،وما ختم
وصمموا عليها
ّ عليها إال بسبب من أعمال ارتكبوها وطريق ساروا فيها؛ فاختاروا طريق الكفر
أن هذا نوع خاص من الكفر ،هو الكفر الكامل ،وهو ما انعدمت فيه الفطرة في قلب
حوى ّ
ويرى ّ
اإلنسان ،ولهذا الكفر عالماته وحقيقته وثمراته ،ولكون ما سبق ال يعلمه إال اهلل ُ ،كّلف
شأن هؤالء أمل أن يهتدوا بإذن اهلل ،كما في قوله تعالى :ﱡﭐ ﲇ ﲈ ﲉ ﲊ
()1
حوى( ،األساس في التفسير) ،ج 0ص.070
انظرّ :
()2
انظر :المرجع السابق ،ج 01ص.3616-3611
()3
وقد كانت هذه اآلية محو اًر لعدد من السور القرآنية ،كسورتي اإلنبياء والقمر.
77
ﲘ ﱠ األنعام١٨٨ :
ﲙ ﲋﲌﲍﲎﲏﲐ ﲑﲒﲓﲔﲕﲖﲗ
()2 ()1
أما من وصل إلى
الحجة على الخلق أجمعين" ّ ،
ّ ثم أمر النبي بالتبليغ واقامة
" " ،ومن ّ
()3
البقرة.٨٤٨:
إن النفاق مرض في القلب يصيب اإلنسان كما يصيبه الكفر وغير ذلك من األمراض
ّ
أن المظهر الرئيس لهذا المرض هو الوالء للكافرين والمنافقين ،وقد يكون هذا الوالء
حوى ّ
ويبين ّ
ّ
()4
خفياً ،وأحياناً ظاهريًا ،وقد يكون بأشكال أخرى.
والنفاق بحسب تم ّكنه في القلب ضربان؛ فهناك المنافق الخالص ،وفي المقابل المنافق الذي
ﱄﱅﱆﱇﱈﱉ ﱊﱋﱌﱍﱎﱏﱐﱑﱒ
فلما أضاءت ما حوله وانتفع بها وأبصر بها ،وبينما هو كذلك أطفئت ناره
كالذي استوقد نا ًارّ ،
()1
حوى( ،األساس في التفسير) ،ج 0ص 62-67و ص 83و ص ،011ج 6ص.2866
انظرّ :
()2
المرجع السابق ،ج 01ص.3616
()3
انظر :المرجع السابق ،ج 0ص.606
()4
انظر :المرجع السابق ،ج 3ص.0122
78
أصم وأبكم وأعمى ال يبصر حتى لو ُوجد الضياء
فصار في ظالم شديد ال يهتدي ،وهو مع هذا ّ
غرهم عالم
ثم ّ
ممن كانوا من أهل االلتزام والعبادةّ ،
كثير من أبناء المسلمين في هذا العصر ّ
في المجال التربوي ّأنه ال بد من كون منطلقات المسلم في حكمه على األشياء منطلقات
()1
إسالمية ،فمن ال يرى األشياء بنور اإليمان فهو منافق.
أما المنافق الذي ال زال في قلبه بقية إيمان ،فبيان مثله في قوله تعالى :ﱡﭐﱚ ﱛ ﱜ
ّ
ﱫ ﱬ ﱭ ﱮ ﱯ ﱰ ﱱ ﱲﱳ ﱴ ﱵ ﱶ ﱷ ﱸ ﱹ ﱺ ﱻ
ﲃ ﲅ ﲆ ﲇ ﲈ ﲉ ﲊ ﲋﱠ البقرة١٨ :
ﲄ ﱼﱽ ﱾ ﱿ ﲀ ﲁ ﲂ
المسلمين في هذا العصر مفتاح لفهم المثل من خالل واقعهم ،ففي هذا العصر المليء بال ُشبه
والدعوات الضالّةُ ،وجد مسلمون -بحكم النشأة والبيئة -لم تُتح لهم فرصة للسير في طريق
اإليمان كي يتح ّقق في قلوبهم ،فاشتملت قلوبهم على إيمان ونفاق ،أو إيمان وكفر ،فإن أروا حجة
()1
حوى( ،األساس في التفسير) ،ج 0ص.71
انظرّ :
()2
انظر :ابن كثير ،أبا الفداء إسماعيل بن عمر (ت774ه)( ،تفسير القرآن العظيم) ،حقّقه سامي سالمة ،دار طيبة للنشر والتوزيع،
ط1421 ،2ه – 1999م8 ،أجزاء .ج 0ص.082
79
من حجج اإلسالم القوية أضاءت جوانب قلوبهم باإليمان ،فأعانهم ذلك على السير قليالً ،لكن
سرعان ما ينطفئ النور بعد أن تحيط بهم شبهة ما ،فيقفون حائرين خائفين من انكشاف أمرهم
للمؤمنين ،ومن عقاب اهلل ،وما انطفأ النور في قلوبهم إال بسبب أعمال ارتكبوها ،وطريق
()1
ساروا فيها فاستحقّوا ما صاروا فيه.
ولما كان
لشدة خطر هذه الظاهرة على المجتمع اإلسالميّ ،
ومفصلة؛ وذلك ّ
ّ محددة
القرآن الكريم ّ
أمر المنافق مشتبهاً على كثير من الناس ،وال سبيل لمعرفته إال من سيماه ،وفلتات لسانه ،كما
ﱊﱌﱍ
ﱋ ﱅﱇﱈ ﱉ
ﱆ قال تعالى :ﱡﭐ ﱁ ﱂ ﱃ ﱄ
في تفسيره ،وفيما يلي وقفات مع تلك النماذج والصفات واألحوال من خالل جهود الشيخ:
.0موقف المنافق من النفير والقتال ،ويمكن توضيح ذلك من خالل سورة التوبة فقد ش ّكلت
مواقف المنافقين من النفير العام لغزوة تبوك في هذه السورة "النماذج التطبيقية على
()1
حوى( ،األساس في التفسير) ،ج 0ص 76-73وص.011
انظرّ :
()2
انظر :المرجع السابق ،ج 0ص 62-67وص ،87وج 1ص.2223
()3
المرجع السابق ،ج 1ص.2303
81
النفاق ،ومن خالل النماذج يأتي الدرس والتوجيه والتربية والتعليم"( ،)1وهي أربعة
نماذج(:)2
للجهاد و أروا النساء ال يصبرون فيقعون في الحرام ،كما في قوله تعالى :ﱡﭐ ﱒ
ﱝﱟﱠﱡ
ﱞ ﱘﱚﱛﱜ
ﱙ ﱓﱔﱕﱖﱗ
ﱢ ﱣ ﱠ التوبة.٨٨ :
قسمها.
أن اهلل هو الذي ّ
المنافقون ّ
ت .النموذج الثالث :نموذج يؤذي الرسول بالكالم ،كما في قوله تعالى :ﱡﲪ
ﲰﲲ ﲳﲴ ﲵ ﲶﲷ
ﲱ ﲫ ﲬ ﲭ ﲮﲯ
ﲽﲿﳀﳁ
ﲾ ﲸﲹﲺﲻ ﲼ
ﳂ ﳃ ﳄ ﳅ ﳆ ﱠ التوبة.٤١ :
()1
حوى( ،األساس في التفسير) ،ج 1ص.2288
ّ
81
ث .النموذج الرابع :نموذج يستهزئ باإلسالم وأهله ،وباهلل وآياته ،واذا ما ووجهوا
ﱩ ﱫ
ﱪ ﱡﭐﱠ ﱡ ﱢ ﱣ ﱤ ﱥ ﱦ ﱧ ﱨ
ﱬ ﱭﱮﱯﱰﱱﱲﱳﱴ ﱵﱶ
ﱹ ﱻ ﱼ ﱽ ﱾ ﱿ ﲀ ﲁﱠ
ﱺ ﱷﱸ
التوبة.٤٣ – ٤٨ :
ادعائهم اإليمان باهلل ،واإليمان باليوم اآلخر ،وخداعهم هذا ناتج عن مرض في
ّ
()1
ومواقفهم في هذه اآليات:
أ .نموذج المنافق المتظاهر باإلصالح؛ فحين دعوته لالنتهاء عن إفساده ،يقابل هذه الدعوة
أن ما يفعله إصالح ،بل ويقصر اإلصالح على عمله ،كما في قوله تعالى :ﭐﱡﭐ ﲁ
بزعم ّ
()1
حوى( ،األساس في التفسير) ،ج 0ص 73-71و ص.87
انظرّ :
82
الحق ال يجيب ،بل يسفّه أهله
ّ الحق؛ فإذا ُدعي إلى
ّ المسخف بأهل
ّ ب .نموذج المنافق
ت .نموذج المنافق المتملّق؛ الذي يظهر اإليمان والمواالة حين مالقاة المؤمنين ،وتظهر
حقيقته إذا ما خال إلى ساداته وكبرائه ،كما في قوله تعالى :ﱡﭐ ﲪ ﲫ ﲬ ﲭ ﲮ
أن أهل هذه النماذج لم يظهروا في عصر كما ظهروا في هذا العصر ويمثل
حوى ّ
ويرى ّ
فيدعون
األمة ّ
األول بالدعاة إلى الكفر والمعصية ،والعاملين بهما ،من أبناء هذه ّ
للنموذج ّ
كالتقدمية
ّ اإلسالم ،وينعتون دعواتهم الكافرة بأسماء ّبراقة ،من شأنها إعطاؤهم صفة المصلحين،
.3سلّطت سورة المنافقون الضوء على بعض طبائع المنافقين ،من ذلك(:)2
()1
حوى( ،األساس في التفسير) ،ج 0ص.73-70
انظرّ :
()2
انظر :المرجع السابق ،ج 01ص.3230
83
أ .الطبيعة المنافقة تحسن الكالم في الدنيا ،الحياة فيها ،كما في قوله تعالى :ﱡﭐﲮ ﲯ
ﲺﱠ المنافقون.٨:
ﲻ ﲶﲸﲹ
ﲷ ﲱ ﲳﲴﲵ
ﲲ ﲰ
كل حديث بين اثنين هو المقصود فيه ،و ّأنه هدف التآمر؛ فالطبيعة
أن ّ
يظن ّ
ب .المنافق ّ
تامًا ،كما
أشد الناس عداوة لإلسالم وأهله ،ومصروفة عن الخير صرفًا ّ
ث .الطبيعة المنافقة ّ
ﲗ ﲙ ﲚ ﲛ ﲜ ﲝ ﲞ ﲟ ﲠ ﲡ ﲢ ﲣﱠﭐ
ﲘ ﲖ
التّح ّقق بصفات المتقين؛ وذلك لكون اآليتيين تأمارن المؤمنين بعدم االنشغال عن الذكر
من مكان ،كقوله تعالى :ﱡﭐ ﲟ ﲠﱠ التوبة ،٤٥ :وقوله تعالى :ﱡﲪ
()1
ﲫ ﲬ ﲭ ﲮ ﱠ النساء.٥٥ :
()1
حوى( ،األساس في التفسير) ،ج 01ص.3237-3236
انظرّ :
84
بد من قطع
فتطهير النفس من النفاق يكون بالسلوك الحقيقي لطريق اإليمان ،كذلك ال ّ
()1
كل مظاهر الوالء المنحرف.
كل معاني الوالء في األنفس ألعداء اهلل ،وتحريرها من ّ
ّ
والمنافقين فالمراد به الكافر( ،)2واذا ورد في سياق الحديث عن المسلمين العصاة ،فالمراد به
المقصرون في عبادة اهلل ،)3(واذا ورد في سياق الوعيد للكافرين والمنافقين فينسحب الوعيد
ّ
()4
ممن وافق الك ّفار والمنافقين في معصية ،فالفسوق مسّبب لإلضالل.
على عصاة المؤمنين ّ
وقد ّبين القرآن الكريم األمور التي تؤدي إلى الفسوق ،ومن األمثلة على ذلك ما جاء في
ﳓﳕﳖ ﳗﳘ
ﳔ ﳌﳎﳏﳐﳑﳒ
ﳍ ﳇﳈﳉﳊﳋ
()5
كل ذلك يوصل صاحبه إلى الفسوق.
الّ ،
بااللقاب َج ّداً أو هز ً
()1
حوى( ،األساس في التفسير) ،ج 3ص.0131-0122
انظرّ :
()3
حوى( ،األساس في التفسير) ،ج 01ص.3772
سماه الشيخ الفسوق النسبي؛ انظرّ :
وهو ما ّ
()4
المرجع السابق ،ج 0ص.22
()5
انظر :المرجع السابق ،ج 2ص.3101-3103
85
المطلب الرابع :الشرك
أن الشرك
يستدل الشيخ على ّ
ّ ﳍ ﳏ ﳐ ﳑ ﳒ ﳓﳔﱠ الروم،٥٨ – ٥١ :
ﳎ
()1
التفرق فيه ،وبسببه تنشأ العصبية للباطل.
رأس العلل ،ومنه يحدث تفريق الدين ،و ّ
مخل في التوحيد ،ومن أشكال هذا اإلخالل االعتماد على األسباب ،أو نسبة
ّ والشرك
خالت
أن ذلك لم يكن إال باهلل ،وقد غرقت كثير من البيئات في ُم ّ
األفعال إليها دون مالحظة ّ
()2
بد أن تكون حماية جناب التوحيد أعظم واجب على اإلطالق عند العلماء.
التوحيد الكبرى ،فال ّ
فإن اتّباع غير طريق اهلل شرك ،عاقبته ندامة يوم القيامة ،وقد دّلت اآليات من
كذلك ّ
()3
قضية االتّباع ،لمن تكون؟ ولماذا؟ وكيف؟ ،حتّى ينجو من الندامة.
الشرك الشرك الواضح الظاهر الدينونة لغير اهلل في شأن من شؤون الحياة ،والدينونة في
يشرعها
يشرعها الناس ولم ّ
شرع يتحاكم إليه ،والدينونة في تقليد من التقاليد كاتّخاذ أعياد ومواسم ّ
()1
حوى( ،األساس في التفسير) ،ج 8ص.1272
انظرّ :
()2
انظر :المرجع السابق ،ج 0ص 013و ص.000
()3
انظر :المرجع السابق ،ج 0ص.333
86
ي؛ بحيث يخالف ما أمر اهلل به من الستر ،وذلك بأن يكشف أو
اهلل ،والدينونة في الز ّ
من درجة كونها ذنباً ،إلى أن تصير شركاً باهلل ،هو كون الباعث على القيام بها الطاعة
والخضوع والدينونة لعرف اجتماعي سائد من صنع البشر ،وتركاً لألمر الواضح الصادر من
()1
رب البشر؛ لداللته على الدينونة لغير اهلل .
ّ
أما بشأن الشرك الخفي فيقول صاحب الظالل" :مشركون قيمة من قيم هذه األرض في
ّ
تقريرهم لألحداث واألشياء واألشخاص ،مشركون سبباً من األسباب مع قدرة اهلل في النفع أو
الضر سواء ،...مشركون في رجاء يتعلق بغير اهلل من عباده على اإلطالق ،مشركون في
ّ
اهلل ،مشركون في عبادة يلحظ فيها وجه مع وجه اهلل ،...فهذا هو الشرك الخفي الذي يحتاج
()2
للتحرز منه ليخلص اإليمان".
ّ إلى اليقظة الدائمة
ومن وسائل تطهير القلب من الشرك إقامة الحجة على وحدانية اهلل ،وقد أقامت آيات
ﳄﳆﳇ
ﳅ ﲴﲶﲷﲸﲹﲺﲻﲼﲽﲾﲿﳀ ﳁﳂﳃ
ﲵ
ﳏﳑﳒﳓﳔﳕﳖﳗﳘ ﳙﳚ
ﳈﳉﳊﳋﳌ ﳍﳎ ﳐ
ﱃﱅﱆﱇ
ﱄ ﳛﳜﳝﳞﳟﳠﳡﳢ ﱁﱂ
كل شيء
ثم بخضوع ّ
ال بالوحيّ ، ﱈ ﱠ النحل ،٣٣ – ٣١ :أُقيمت ّ
الحجة على وحدانية اهلل ّ أو ً
()1
حوى( ،األساس في التفسير) ،ج 3ص.2700
سيد قطب( ،في ظالل القرآن) ،ج 1ص2133؛ ّ
انظرّ :
()2
سيد قطب( ،في ظالل القرآن) ،ج 1ص.2132
ّ
87
ثم بكون النعم كلّها من اهلل ،وأخي اًر بما رّكبت عليه الفطرة البشرية من االلتجاء إلى اهلل وحده
هللّ ،
الشدة(.)1
عند ّ
سالكاً خطوات الشيطان ،ومن غمط الناس ما نراه من استكبار الكثيرين عن األخذ عن العلماء
إن إبليس لم يستنكف عن عبادة اهلل ،ولكن عندما كّلفه رّبه بالسجود لمخلوق
امتحانه األكبرّ ،
()5
ممن هم على غاية من
مثله ظهر كبره وكفره" ،وغمط الناس هو حال كثير من المسلمين ّ
لكنهم يأنفون من طاعة غيرهم ،ولو كان في ذلك مصلحة اإلسالم والمسلمين ،ويرى
العبادةّ ،
()1
حوى( ،األساس في التفسير) ،ج 6ص.2216
انظرّ :
()2
المرجع السابق ،ج 3ص.0716
()3
انظر :المرجع السابق ،ج 0ص.033
()4
رواه مسلم( ،المسند الصحيح المختصر بنقل العدل عن العدل إلى رسول اهلل ،)كتاب اإليمان ،باب تحريم الكبر وبيانه ،ج0
ص ،23حديث رقم.20 :
()5
حوى( ،األساس في التفسير) ،ج 6ص.2222
ّ
88
أن هذه الحال هي السبب في قلّة التقاء المسلمين على عمل جماعي منظّم ،مع ّأنهم قد
حوى ّ
ّ
()1
يعطون أعداء اهلل من االنقياد ما ال يعطونه لرسل اهلل .
والكبر هو منشأ الحسد والبغي ،والحسد هو األسف على الخير عند الغير ،وقد يوصل
إن ما حمل يهود المدينة على الكفر بمحمد هو البغي والحسد ،كما
صاحبه إلى الكفر؛ حيث ّ
()2
ألنه اعتراض مباشر على الذات اإللهية.
أعظم أنواع الحسد ّ
وفي قلبه مثقال ذرة من كبر ،فليحرر المسلم نفسه من الكبر ،بعرضه نفسه على الميزان الذي
الحق"(.)3
ّ حدده رسول اهلل " :الكبر غمط الناس ،وبطر
ّ
هذه الموضوعات؛ فقد أكثر الشيخ من ذكر األحاديث والمرويات التي اعتمد في نقلها على
بموضوع النفاق؛ فقد أبلى الشيخ بالء حسنًا في إسقاط النماذج القرآنية للطبيعة المنافقة على
()1
حوى( ،األساس في التفسير) ،ج 6ص.2231-2222
انظرّ :
()2
انظر :المرجع السابق ،ج 0ص 086-083و ص.213
()3
انظر :المرجع السابق ،ج 6ص ،3212ج 7ص3333-3332؛ والحديث سبق تخريجه ص.88
89
سيما في موضوع الشرك
منافقي هذا العصر ،كذلك ُيالحظ أيضاً التأثّر بصاحب الظالل ،ال ّ
وبانتهاء الحديث عن اإلشارات التربوية المتعلّقة بأمراض القلوب ُيستكمل الحديث عن منهج
تربية جوارح اإلنسان ،وأخالقه وما يتعّلق بذلك ،واهلل الموّفق والمستعان.
91
الفصل الثالث
وفيه مبحثان:
91
األول
المبحث ّ
()1
حوى في تربية الجوارح
منهج الشيخ سعيد ّ
تمهيد
إن هناك عالقة وثيقة بين عمل القلب وعمل الجوارح ،وقد تطرقت في الفصل السابق
ّ
عرض
للحديث عن منهج الشيخ سعيد حوى في تربية القلب ،وفي هذا المبحث من هذا الفصل ْ
أخصص
ّ أهم مالمح العالقة المذكورة؛
لمنهج الشيخ في الحديث عن تربية الجوارح ،ولتوضيح ّ
()1
أن الكائن اإلنساني وحدة متّصلة مترابطة ،ال يمكن أن تح ّل إلى
محمد قطب في كتابه (منهج اإلسالم في التربية) " ّ
يبين الدكتور ّ
ّ
أجزاء ،وانما هي ضرورة البحث التي تملي علينا أن نتحدث عن كل جزء على حدة ،وان لم يكن كذلك في الحقيقة" .محمد قطب،
(منهج التربية اإلسالمية) ،ج 0ص.011
92
األول :العالقة بين عمل القلب وعمل الجارحة
المطلب ّ
تطرق الشيخ للحديث عن العالقة بين عمل القلب وعمل الجوارح في ظالل تفسيره لعدد من
ّ
اآليات الكريمة ،ويمكن إبراز مالمح هذه العالقة من خالل النقاط اآلتية:
إن أفعال القلوب أعظم من أفعال سائر الجوارح ،فاإليمان ،والكفر ،والكبر ،كلّها من
ّ .0
()1
أفعال القلب.
.2عمل الجوارح طريق إلى اإليمان القلبي؛ فمن خالل قوله تعالى :ﱡﭐ ﲇ ﲈ ﲉ
ألن القلب البشري قد يموت أو تنتابه غفلة ،وطري ق الخالص في الحالتين هو العمل
كذلك فإن تعليل أحكام الظهار باإليمان ،في قوله تعالى :ﱡ ﭐﲈ ﲉ ﲊ ﲋ ﲌ
ﲘﲚﲛﲜ
ﲙ ﲑﲓﲔﲕﲖﲗ
ﲒ ﲍﲎﲏﲐ
()3
يعمق اإليمان باهلل ورسوله.
االلتزام بأحكام اهلل ّ
93
.3عمل القلب وعمل الجوارح كالهما الزم لحياة الفطرة؛ فمدد الشريعة باإليمان والعمل الزم
ال ،فإذا انقطع هذا المدد انطفأت الفطرة ،وهذه المعاني مستوحاة
لبقاء نور الفطرة مشتع ً
ﲣ ﲢ ﲜ ﲞﲟ ﲠ ﲡ
ﲝ من قوله تعالى :ﱡﭐ ﲙ ﲚ ﲛ
ﲦ ﲨ ﲩﲪﲫ ﲬﲭﲮﲯﲰ ﲱ
ﲧ ﲤﲥ
ﲿﳁﳂﳃ
ﲲ ﲳ ﲴ ﲵ ﲶ ﲷ ﲸ ﲹ ﲺ ﲻﲼ ﲽ ﲾ ﳀ
القلب ،والمصباح اإليمان ،والزيت العمل بالشريعة فالقلب يحتاج إلى مدد دائم بالعمل
مستمدة من
ّ بالشريعة ،فذلك زيته ووقوده ،ومن افتقد النور فعليه بالعمل؛ فهداية الفطرة
()1
هداية الشريعة.
ال
معينة للقلب؛ فالعقيدة الصالحة والقلب الصالح يثمران عم ً
.1عمل الجوارح أثر عن حال ّ
صالحًا ،والعقيدة الفاسدة والقلب الفاسد يثمران عمالً فاسدًا ،وقد ّبين الشيخ ذلك من خالل
ﲪ ﲬ ﲭ ﲮﲯ
ﲫ قوله تعالى في سورة المؤمنون :ﱡﭐ ﲧ ﲨ ﲩ
ﲰﲱﲲﲳﲴﲵﲶﲷﲸﲹ ﲺﲻﲼﲽﲾﲿ
ﳃﳅﳆﳇ ﳈﳉﳊﳋﳌﳍﳎﳏﳐ
ﳄ ﳀﳁﳂ
ﱄ ﱅ ﱆ ﱇ ﱈ ﱉ ﱊ ﱋ ﱌ ﱍ ﱎ ﱏ ﱐ ﱑ
()1
حوى( ،األساس في التفسير) ،ج 7ص 3771و ص 3776و ص.3783
انظرّ :
94
ﱘﱚﱛﱜﱝﱞﱟﱠﱡ
ﱙ ﱒﱓﱔﱕ ﱖﱗ
ﱢ ﱣ ﱤ ﱥ ﱦ ﱧ ﱨ ﱩ ﱪ ﱫ ﱬ ﱭ ﱮ ﱯ ﱰ ﱠ
ﲠ ﲡ ﲢ ﲣ ﲤ ﲥ ﲦ ﲧ ﲨ ﱠ الصف،٨- ٨ :
أن من آثار اإليمان أن ينطبق القول مع العمل ،وأن يكون العمل على ما
ال على " ّ
دلي ً
.3الكاملون في اإليمان هم الذين يجمعون بين أعمال القلوب وأعمال الجوارح ،وقد أشار
ﱳﱠ
ﱴ ﱩﱪﱫﱬﱭ ﱮﱯﱰﱱﱲ
األنفال٨ – ٨ :؛ فلما جمعوا بين أعمال القلوب من الوجل واإلخالص والتو ّكل ،وأعمال
()3
شك.
تردد فيه وال ّ
بأنهم هم المؤمنون إيماناً ال ّ
الجوارح من الصالة والصدقة ،وصفوا ّ
()1
حوى( ،األساس في التفسير) ،ج 7ص 3632و .3671
انظرّ :
()2
المرجع السابق ،ج 01ص.3878
()3
انظر :المرجع السابق ،ج 1ص.2003
95
.6صالح القلب وصالح العمل ،كالهما يتوقّف عليه قبول العمل ،ونجاة المؤمن عند اهلل
ينجي
المقيد بقيود الوحي ،وغير المنبثق عن اإليمان الصحيح ال ّ
ّ ؛ "فالعمل غير
بد من إيمان صحيح وعمل صحيح للنجاة"( ،)1وال يتوّقف األمر عند هذا
صاحبه ،فال ّ
إن اإليمان مع العمل الصالح سبب للحياة الطيبة في الدنيا أيضًا ،مصداقًا
الحد ،بل ّ
ّ
ﲂ ﲄ ﲅ ﲆ ﲇ ﲈ ﲉ ﲊ ﱠ النحل،)2(٨٥ :
ﲃ
توحيد أو أدب أو نظامّ ،إنما هو من أجل تحقيق هذا المقصد ،ويشير الشيخ إلى هذا
()1
حوى( ،األساس في التفسير) ،ج 00ص.6120
ّ
()2
الطيبة ،يقول
انظر :ج 6ص2223 – 2222؛ وفي هذا المقام ينقل الشيخ عن صاحب الظالل كالماً رائعاً في وصف الحياة ّ
يهم أن تكون ناعمة رغدة ثرّية بالمال؛ فقد تكون به،
صاحب الظالل " :العمل الصالح مع اإليمان جزاؤه حياة طيبة في هذه األرض ،ال ّ
وقد ال يكون معها ،وفي الحيا ة أشياء كثيرة غير المال الكثير تطيب بها الحياة في حدود الكفاية :فيها االتّصال باهلل والثقة به
ومودات القلوب ،وفيها الفرح بالعمل
ّ واالطمئنان إلى رعايته وستره ورضاه ،وفيها الصحة والهدوء والرضى والبركة ،وسكن البيوت
الصالح وآثاره في الضمير وآثاره في الحياة ،وليس المال إال عنص ًار واحدًا يكفي منه القليل ،حين يتّصل القلب بما هو أعظم وأزكى
وأبقى عند اهلل ."...قطب( ،في ظالل القرآن) ،ج 1ص.2023
()3
حوى( ،األساس في التفسير) ،ج 6ص.2828
انظرّ :
96
ﲓ ﲕ ﲖ ﲗ ﲘ ﲙ ﲚ ﱠ هود ،٨ – ١ :وقوله تعالى:
ﲎﲏ ﲐﲑﲒ ﲔ
()1
ﱡﭐ ﱣ ﱤ ﱥ ﱦ ﱧ ﱨ ﱩ ﱠ الذاريات٣٤ :
بحياة طيبة في الدنيا ،وتتح ّقق نجاته عند اهلل في اآلخرة.
سبق الشيخ إلى مثل هذه المفهومات ،ومن عبارات العلماء الدالّة على ذلك :ما
وقد ُ
ذكره اإلمام الرازي في مفاتيح الغيب ،يقول " :والقلب أشرف من الجوارح؛ فكان عمل
القلب أشرف من عمل الجوارح ،)2("...وكذلك ما جاء عن صاحب تفسير اللباب من قوله:
أن العبادة لها ركنان؛ عمل القلب وعمل الجوارح ،وعمل القلب أشرف من عمل
"واعلم ّ
الجوارح ،وهو اإلسالم ،)3("...وما ذكره البقاعي من قوله" :ولما كان المقصود األعظم طهارة
القلب الذي عنه ينشأ عمل الجوارح ،)4("...وعبارة السعدي" :فإذا عقلتم ذلك بإيقانكم واتصفت
قلوبكم بمعرفتها ،أثمر ذلك عمل الجوارح واالنقياد إليه ،)5("...،وغير ذلك.
()1
حوى( ،األساس في التفسير) ،ج 3ص 2333وج 01ص.3321
انظرّ :
()2
محمد بن عمر (ت 616ه)( ،مفاتيح الغيب) ،دار الكتب العلمية ،بيروت ،ط0120 ،0ه2111-م32 ،جزءاً.
الرازي ،فخر الدين ّ
ج 2ص117؛ وقد أشار الرازي إلى ذلك في المواضع التالية :ج 28ص ،08وج 26ص.132
()3
علي (ت 881ه)( ،تفسير اللباب) ،دار الكتب العلمية ،بيروت ،ط بدون 21 ،جزءاً .ج 0ص.182
ابن عادل ،عمر بن ّ
()4
البقاعي ،إبراهيم بن عمر (ت 883ه)( ،نظم الدرر في تناسب اآليات والسور) ،ح ّققه عبد الرازق المهدي ،دار الكتب العلمية،
بيروت ،ط بدون0103 ،ه0223-م 8 ،أجزاء .ج 3ص.327
()5
السعدي ،عبد الرحمن بن ناصر (ت 0376ه)( ،تيسير الكريم الرحمن في تفسير كالم المّنان) ،ح ّققه عبد الرحمن اللويحق،
مؤسسة الرسالة ،ط 0121 ،0ه2111-م .ص.323
97
()1
مهمة في قضية التكليف
المطلب الثاني :مفهومات ّ
عدة مسائل:
وفيه ّ
إما طلب فعل ،أو طلب ترك ،ويضرب الشيخ مثاالً يجمع بينهما من
التكليف؛ فالتكليف إذن ّ
()2
شاق على النفس.
اإلعراض عن اللغو ،ترك ّ
األحكام فيها مراعاة للحالة النفسية للمكلّف ،ومن األمثلة على ذلك ما جاء عند تفسير قوله
للرجل ،بحيث يطلّق زوجته وهو في كامل إدراكه وتفكيره وتع ّقله فال تُطلّق المرأة في حيض ،وال
()3
في طهر جامعها فيه زوجها.
التكليف :هو الخطاب بما فيه كلفة ،وأقسام األحكام الثابتة ألفعال المكلفين خمسة؛ الواجب والمحظور والمباح والمندوب والمكروه؛
( )1
مؤسسة
محمد بن سليمان األشقرّ ،
محمد (ت 313ه)( ،المستصفى في علم األصول) ،حقّقه ّ
محمد بن ّ
انظر :الغزالي ،أبا حامد ّ
الرسالة ،بيروت ،ط0107 ،0ه0227-م ،جزءان .ج 0ص ،063ص.027
()2
حوى( ،األساس في التفسير) ،ج 7ص.3603
انظرّ :
()3
انظر :المرجع السابق ،ج 01ص.3273 – 3272
98
األول لألحكام -في
أما الناحي ة الثانية فهي ورود التكليف في القرآن الكريم –وهو المصدر ّ
ّ
إطار يحمل المكّلف على غاية االلتزام ،ومن األمثلة على ذلك تشريع صالة الجمعة وما يتعّلق
المسلم إلى أعاله ،وبعد ذلك جاء خطاب المؤمنين بشأن صالة الجمعة؛ فأعطى ذلك دالالت
ومن األمثلة أيضًا على كون القرآن يوجد االستعداد للتطبيق الخالص عند المكلّف ،ما جاء
ﲈ ﲊ ﲋ ﲌﱠ هود،٨٨ :
ﲉ ﲄﲆﲇ
ﲅ ﲁ ﲂﲃ
ثم
فصلت في نهاية العابدين والكافرينّ ،
ما هو عليه من إحكام وتفصيل هو عبادة اهلل وحده ،و ّ
()2
أن إعراض
أن عبادة اهلل هي دعوة الرسل جميعًا ألقوامهم ،و ّ
ّبينت ّ تال ذلك أربعة مقاطع
()1
حوى( ،األساس في التفسير) ،ج 01ص 3213وص 3218وص.3200
انظرّ :
وهي اآليات من قوله تعالى :ﱡﭐ ﲍ ﲎ ﲏ ﲐ ﲑ ﲒ ﲓ ﲔ ﲕ ﲖﱠ هود ،٨٣ :إلى قوله تعالى:ﭐﱡﭐ ﳋ ﳌ
( )2
ﳙ ﳛ ﳜ ﳝ ﳞ ﱠ هود.١٣٤ :
ﳚ ﳍﳎﳏﳐﳑﳒﳓ ﳔﳕﳖﳗﳘ
99
المستمرة في الدنيا
ّ سنة اهلل
هذه األقوام كان السبب في عقابهم ،وهذا العقاب للكافرين ّ
يأمر بالعبادة ،ويح ّذر من مشابهة بني إسرائيل في اختالفهم في الكتاب ،ويأمر باالستقامة ،واقام
الصالة ،واألمر بالمعروف والنهي عن المنكر ،وغير ذلك من المعاني ،والتي وردت في اآليات
ﱇﱉﱊﱋﱌﱍ ﱎﱏ
ﱈ من قوله تعالى :ﱡﭐ ﱁ ﱂ ﱃ ﱄ ﱅ ﱆ
ﲂ ﲃ ﲄ ﲅ ﲆ ﲇ ﲈ ﲉ ﲊﲋ ﲌ ﲍ ﲎ ﲏ ﲐ
()1
االستعداد للتطبيق الخالص لما جاء في هذا المقطع من عمل.
بالتكليف -فيها مراعاة الحتياجات النفس البشرية ،وهذا جزء من عملية التكوين الشامل للنفس
البشرية؛ وفي سبيل بيان ذلك يقول " :والنفس البشرية ملول ،ومن متعتها تغيُّر المشاهد ،وهي
تحتاج إلى أن تأخذ بعض المواضيع متداخلة ،وأحيانًا متسلسلة ،وأحيانًا تحتاج إلى أن تأخذ
جز التكليف
ثم تأخذه ضمن إطار آخر ،والتكليف فيه مش ّقة؛ فأن ُي ّأ
المعنى الواحد ضمن إطارّ ،
حكم كون المواضيع القرآنية عرضت كما هي في القرآن ،...فاهلل الذي خلق الكون واإلنسان...،
جعل كتابه الهادي لهذا اإلنسان ،بما يتّفق مع خلق هذا اإلنسان وتركيبه العقلي والنفسي
()1
حوى( ،األساس في التفسير) ،ج 3ص 2613و ص.2600
انظرّ :
111
ﱻﱽﱾ
ﱼ والشعوري ...،قال تعالى :ﱡﭐ ﱴ ﱵ ﱶ ﱷ ﱸ ﱹ ﱺ
ﱿ ﲀ ﲁ ﱠ ﭐ ﭐالفرقان.)1(" ٤ :
ﳊ ﳌ ﳍ ﳎ ﳏ ﳐ ﳑ ﱁ ﱂ ﱃ ﱄ ﱅ ﱆ
ﳋ ﳈ ﳉ
ﱔ ﱖ ﱗ
ﱕ ﱐ ﱒ ﱓ
ﱑ ﱊ ﱌ ﱍ ﱎ ﱏ
ﱋ ﱇ ﱈ ﱉ
الحديث عن القذف والزنى ،في حين لم يناسب هذا المقام الحديث عن استئذان المماليك
ﲩﲫﲬﲭﲮﲯﲰﲱﲲﲳ ﲴ
ﲪ ﲣﲤﲥﲦﲧ ﲨ
ﳂﳄﳅﳆ
ﳃ ﲻﲽﲾ ﲿﳀﳁ
ﲷﲹﲺ ﲼ
ﲸ ﲵﲶ
ﳎ ﳐﳑ ﳒ ﳓ ﱁ ﱂ ﱃ
ﳏ ﳈ ﳊ ﳋ ﳌ ﳍ
ﳉ ﳇ
ﱋﱍﱎﱏﱐ
ﱌ ﱄﱅﱆﱇﱈ ﱉﱊ
()1
حوى( ،األساس في التفسير) ،ج 7ص.3806
ّ
111
()1
مقدمات
وهو الحديث عن الهداية والضالل ؛ فموضوع االستئذان بالنسبة للطوافين يحتاج إلى ّ
توطئ لاللتزام باألحكام ،فكانت معاني الهداية والضالل في المقطع السابق للمقطع الذي وردت
()2
المقدمات التي تخدم في قضية االلتزام.
فيه هذه اآليات ،هي ّ
الجنة غير
فإن هذه المش ّقة في حدود طاقة اإلنسان وقدرته؛ فدخول ّ
فيه مش ّقة ،وفي المقابل ّ
عبد هلل مسؤول أمامه نقطة جوهرية في موضوع الهداية في اإلسالم؛ وفي هذا المقام يشير الشيخ
خص بالذكر الفلسفة الوجودية( ،)5باعتبارها آخر قفزة لهذه الفكرة؛ فمثّلت االنفالت من
مكّلف ،وي ّ
وذلك في المقطع السابق للمقطع الذي وردت فيه هذه اآليات ،وآيات المقطع السابق من قوله تعالى :ﱡﭐ ﲙ ﲚ ﲛ ﲜﲝ ()1
ﲞ ﲟ ﲠ ﲡ ﲢﲣ ﲤ ﲥ ﲦﲧ ﲨ ﲩ ﲪ ﲫ ﲬ ﲭ ﲮ ﲯ ﲰ ﲱ ﲲ ﲳ
ﲴ ﲵ ﲶ ﲷ ﲸ ﲹ ﲺ ﲻﲼ ﲽ ﲾ ﲿﳀ ﳁ ﳂ ﳃ ﳄ ﳅﳆ ﳇ ﳈ ﳉ ﳊﳋ ﳌ ﳍ ﳎ ﳏ
ﳐ ﱠ النور ،٥٣:إلى قوله تعالى :ﱡﭐﱰ ﱱ ﱲ ﱳﱴ ﱵ ﱶ ﱷ ﱸ ﱹ ﱺ ﱻﱼﱠ النور.٨٤ :
()2
حوى( ،األساس في التفسير) ،ج 7ص 3811–3813و ص.3807-3806
انظرّ :
()3
انظر :المرجع السابق ،ج 1ص.0210
()4
انظر :المرجع السابق ،ج 01ص.3271
( )5سبق التعريف بهذه الفلسفة في الفصل األوّ ل؛ انظر :ص 24من هذا البحث.
112
كل قيد؛ فال عبادة وال التزام وال ضبط للشهوات ،وقد أُشير إلى هذه المعاني في تفسير قوله
ّ
وال عبادة ،أو عبودية وعبادة في غير محلّهما الصحيح ،وهذا مفترق الطريق بين المسلم وغيره
ﲐﲒﲓﲔ ﲕ
ﲑ كما في قوله تعالى :ﱡﭐ ﲊ ﲋ ﲌ ﲍ ﲎ ﲏ
التعبدية
المسألة الخامسة :األساس الفطري للشعائر ّ
()3
أن
حوى عن صاحب الظالل ما مفاده ّ
ّ ينقلو ، إن لتكوين النفس ارتباطاً بعمل البدن
ّ
مغيبة ،وجسد ظاهر كان سببًا في وجود ميل فطري التّخاذ أشكال ظاهرة
تكوين اإلنسان من روح ّ
التعبدية كلّها ،ويمثّل لذلك بكون القيام واالتّجاه إلى القبلة ،والركوع والسجود في الصالة ،واإلحرام
ّ
()1
حوى( ،األساس في التفسير) ،ج 7ص.3823-3821
انظرّ :
()2
انظر :المرجع السابق ،ج 0ص 38وص .283-282
()3
وقد ذكر الشيخ ذلك خالل تفسير سورة البقرة ضمن تعليله لورود الكالم عن الذكر والشكر والصبر والصالة ،وذلك في قوله تعالى:
ﳃ ﳅ ﳆ ﳇ
ﳄ ﱡﲷ ﲸ ﲹ ﲺ ﲻ ﲼ ﲽ ﲾ ﲿ ﳀ ﳁ ﳂ
ﲛﱠ البقرة ،١٨٨ :والكالم عن السعي بين الصفا والمروة في قوله تعالى :ﱡﭐﱵ ﱶ ﱷ
ﲜ ﲗﲘﲙﲚ
()1
كل حركة عبادة.
النية؛ ففي كل عبادة حركة ،وفي ّ
وجه الروحي و ّ
للتّ ّ
أخصص
ّ المهمة في قضية التكليف،
ّ بعد الوقوف في المطلب السابق مع بعض المفهومات
هذا المطلب للحديث عن األثر التربوي ألحد أنواع التكليف ،و"ما من قضية من قضايا التكليف
هذه التكاليف من حيث طلبها الشرعي؛ فهناك العبادات الواجبة وهي الفرائض ،والعبادات غير
الحج ،تعطي
حوى أ ّن العبادات الرئيسة في اإلسالم ،وهي :الصالة والزكاة والصوم و ّ
يبين ّ
ّ
أثرها الكامل في تنوير النفس وتطهيرها ،بقدر ما تُالحظ معانيها الباطنة؛ فهي تؤثّر التأثير
عمل الظاهر
التدبر ،والذكر الحضور؛ فإن رافق َ
الخشوع ،والزكاة حسن النية ،وتالوة القرآن حسن ّ
()1
سيد قطب( ،في ظالل القرآن) ،ج 0ص.028-027
انظرّ :
( )2وهي ما يُعرف في علم أصول الفقه بأدلّة األحكام كاإلجماع والقياس ،وغيرهما على خالف بين المذاهب الفقهية .انظر :الغزالي،
(المستصفى في علم األصول) ،ج 0ص.082
()3
حوى( ،األساس في التفسير) ،ج 0ص.000
ّ
114
عم ُل الباطن ،كان هذا األداء هو الكمال والتمام في التنوير والتطهير( ،)1وفي المسائل التالية
أن الصالة ّإنما تكون كذلك إذا كانت كاملة؛ وذلك ﲷﱠ العنكبوت ،٨٣ :و ّ
يبين الشيخ ّ ﲸ
بأن يأتي المصلّي بأركانها وسننها ،ويراعي فيها ما يجب من إخالص القلب ،ودفع وساوس
جبار السماوات
منتصب بين يدي ّ
ٌ النفس والشيطان ،ويراعي آداب الجوارح ،مستحض ًار ّأنه
واألرض ،ويراعي أدب القلب وهو الخشوع فيها ،فإذا ما اجتمع ذلك ،كان للصالة الدور األكبر
()2
في التطهير.
()1
حوى ،سعيد بن ديب (ت0282م)( ،المستخلص في تزكية األنفس) ،دار السالم للطباعة والنشر والتوزيع ،القاهرة ،ط،01
انظرّ :
0121ه2111-م .ص.30
()2
حوى( ،المستخلص في تزكية األنفس)،
حوى( ،األساس في التفسير) ،ج 0ص 011و ج 8ص1206-1201؛ وانظرّ :
انظرّ :
ص.33
115
ﱪ ﱫ ﱬﱠ البقرة ٣ :؛ فال فالح إال بالخروج من شح النفس()1؛ فاإلنفاق في سبيل اهلل
برهان كما في قول النبي " :والصدقة برهان"()2؛ برهان على التقوى ،كما في قوله تعالى:
استدل الشيخ على ذلك في سياق تفسيره للفقرة القرآنية من قوله تعالى:
ّ باهلل واليوم اآلخر ،وقد
ﱡﱼ ﱽ ﱾ ﱿ ﲀ ﲁ ﲂ ﲃ ﲄ ﲅ ﲆ ﲇ ﲈ ﲉ ﲊ ﲋ ﲌ
ﲭ ﲮﲯﲰﲱﲲﲳﲴ ﲵﲶﲷﲸ
ﲹ ﲺ ﲻ ﲼﱠ البقرة٨٥٨ :؛ يقول " :فالمال حبيب للنفس ،وهو عديل الروح
فإنه يصعب عليه أن ينفق ،ومن ثم كان الحديث عن اهلل في هذه الفقرة ،أعظم
الثواب فيهّ ،
إن من يق أر
أي مكان آخر من كتاب اهلل ،أليس فيها آية الكرسي أعظم آية في كتاب اهللّ ،
منه في ّ
()4
أن السياق
حوى ّ
هذه الفقرة مالحظاً البداية والنهاية والوسط ،سيجد نفسه مندفعاً لإلنفاق" ،ويرى ّ
()1
حوى( ،األساس في التفسير) ،ج 01ص.3232-3238
انظرّ :
()2
مسلم( ،المسند الصحيح المختصر بنقل العدل عن العدل إلى رسول اهلل ،)كتاب الطهارة ،باب فضل الوضوء ،ج 0ص،213
حديث رقم.223 :
()3
حوى( ،األساس في التفسير) ،ج 00ص.6338
انظرّ :
()4
المرجع السابق ،ج 0ص.322-320
116
القرآني لهذه الفقرة القرآنية حتّى خواتيم سورة البقرة " ،يشعر باالحتياجات التربوية الكثيرة للنفس
()1
البشرية ،لتنضبط بأمر اهلل في ما يتعّلق بالمال".
والفرج( -)2ابتغاء مرضاة اهلل ،مبلغًا بذلك مقام التقوى ،الذي فيه خي ار الدنيا واآلخرة ،وقد
()3
لسَنة.
بفرائضه وسننه زاد من التقوى َ
الحج
المسألة الرابعةّ :
الحج
ّ عدة؛ ويشير الشيخ إلى بعض المعاني التربوية لبعض أعمال
الحج ففيه أعمال ّ
ّ أما
ّ
تجرد من الدنيا ،والوقوف في عرفات استعداد لالنطالق نحو البيت بال ذنب
فالتجرد من اللباس ّ
ّ "
()5
الحج يؤتي ثماره كاملة.
وغيرها أحد العوامل التي تجعل ّ
()1
حوى( ،األساس في التفسير) ،ج 0ص.322
ّ
()2
حوى( ،المستخلص في تزكية األنفس) ،ص.60
انظرّ :
()3
حوى( ،األساس في التفسير) ،ج 0ص.103-102
انظرّ :
()4
المرجع السابق ،ج 0ص.173
()5
حوى( ،المستخلص في تزكية األنفس) ،ص.63
انظرّ :
117
()1
يش ّكالن إن اإليمان بالغيب والتوحيد
يلخص ما سبق ،يقول ّ " :
وكالم الشيخ اآلتي ّ
()2
كل شيء ،واالستقامة على أمر اهلل".
بأمر اهلل في ّ
عبر يها اإلمام الغزالي عن مثل هذه المعاني ،قوله " :بيان المعاني الباطنة التي
النصوص التي ّ
المعاني ،هو خالصة مستقاة من كتاب (إحياء علوم الدين) لإلمام الغزالي.
()1
وقد جاء التفصيل بشأن ما يتعلّق بهذا الركن في الفصل الماضي ص13؛ لكون أعمال القلوب المكان األليق به ،واهلل تعالى أعلم.
()2
حوى( ،األساس في التفسير) ،ج 0ص.103-102
ّ
118
المطلب الرابع :النوافل
النوافل –كما سبق بيانه -1هي ميدان لمن أراد مزيد قربى إلى اهلل ،كما في الحديث
ألعطينه ،ولئن
ّ وبصره الذي يبصر به ،ويده التي يبطش بها ،ورجله التي يمشي بها ،وا ْن سألني
ألعيذنه"()2؛ فالحديث الشريف يبرز األثر األكبر للنوافل على اإلجمال ،وهو ارتفاع
ّ استعاذني
األول.
القرآن الكريم كونه مصدر الهداية ّ
المتدرج ،وذلك
ّ بالحق من خالل البناء
ّ أن القرآن الكريم يصنع النفس البشرية
األدوار التربوية ّ
()2
البخاري( ،الجامع المسند الصحيح المختصر من أمور رسول اهلل وسننه وأيامه) ،كتاب الرقاق ،باب التواضع ،ج3
ص .2381حديث رقم .6037
()3
فإن طريقة عرض المعاني في القرآن على اختالفها طريقة معجزة ،ويمكن التمثيل لذلك بما قاله الشيخ في كلمة أخيرة فيكذلك ّ
إن
سورة سبأ ،حيث أشار إلى كيفية معالجة القرآن الكريم لقضايا ال عقيدة ،وذلك من خالل السياق القرآني في سورة سبا؛ يقول ّ " :
يحدثك
طريقة القرآن في المعالجات والعرض طريقة معجزة ،والمعاني التي يعرضها القرآن هي في بابها معجزة ،فأنت عندما ترى القرآن ّ
أدق خلجات النفس بأروع البيان عن حال الكافرين في اآلخرة بما ال يمكن أن يخطر ببال بشر ،ثم يكون بجانب هذا حديث عن ّ
ثم يكون كلّه مرتبط ًا بمحور ضمن وحدة كلّية للقرآن؛ فإذا لم يكن
كليات هذا الوجود وجزيئاتهّ ،
ثم يكون بجانب هذا حديث عن ّ البشريةّ ،
حوى( ،األساس في التفسير) ،ج 8ص.1333 هذا كلّه معج ًاز فما هو المعجز؟!"ّ .
()4
حوى أثر القرآن هذا ،في إنكاره لعملية غسيل الدماغ والتي تمارسها الدول
انظر :المرجع السابق ،ج 1ص2122؛ وقد أبرز ّ
ثم تبدأ عملية
لتقبل ما يلقى إليهّ ،
الدكتاتورية ،وهي عملية تقوم "على وضع اإلنسان أو الشعب في ظروف صعبة ،تجعل عنده استعداداً ّ
119
ال في فطرة اإلنسان
أهمية قراءة القرآن كذلك في كونه مذ ّك اًر بالحقائق الموجودة أص ً
وتظهر ّ
أن الحقائق التي يعرضها القرآن موجودة في الفطرة ،والقرآن مذ ّكر بها
طه ،٥ – ١:دليل على ّ
لها(.)1
ألنه
فإن القرآن الكريم يخاطب الكينونة البشرية كّلها؛ فيسعدها كّلها ،وذلك ّ
ومن جانب آخر ّ
والقرآن تأثيره في القلوب عجيب ،ومن اآليات التي تصف هذا التأثير ما جاء في قوله
تعالى :ﱡﭐ ﱘ ﱙ ﱚ ﱛ ﱜ ﱝ ﱞ ﱟ ﱠ ﱡ ﱢ ﱣ ﱤ
ﱳﱵ
ﱴ ﱫﱭﱮﱯ ﱰﱱﱲ
ﱬ ﱥﱦﱧﱨ ﱩﱪ
أخذ اإلنسان
أن ْ ﱶ ﱷ ﱸ ﱹ ﱺ ﱻ ﱼ ﱠ الزمر ،٨٥ :لكن في المقابل ّ
يبين الشيخ ّ
من هذا القرآن متوقّف على قدر استعداده وايمانه ،كما جاء في قوله تعالى :ﱡﭐ ﱼ ﱽ
()1
حوى( ،األساس في التفسير) ،ج 7ص.3311-3313
انظرّ :
()2
انظر :المرجع السابق ،ج 7ص.3313
()3
انظر :المرجع السابق ،ج 2ص 1870و ج 3ص.2183
111
من حكمة القرآن –وهو حكيم في تربيته وتشريعه وتعليمه -بقدر نور بصيرته ،وقد أُشير إلى
()1
ﱁ ﱃ ﱄ ﱅ ﱆ ﱠ يونس.١:
المعنى األخير في تفسير قوله تعالى :ﱡﭐ ﱂ
اآلثار:
العام ومحورها
ّ فإنها تخدم سياق السورة التي وردت فيها وموضوعها
كل مكان ترد فيه ّ
ّ
إن من
القصة القرآنية في إطار تحقيق العظة ،حيث ّ
ّ في الترتيب القرآني ،كذلك تأتي
سورة يونس خدمت سياق السورة من خالل نفي العجب من إرسال الرسول ِ
المنذر ،وذلك
ﱛﱝﱞﱟﱠ ﱡﱢ
ﱜ ﱔﱕ ﱖﱗﱘﱙﱚ
()1
انظر :المرجع السابق ،ج 3ص.2122
()2
حوى( ،األساس في التفسير) ،ج 3ص 0623و ج 6ص 3031-3033و ج 7ص.3118
لالطّالع على مزيد من األمثلة انظرّ :
111
ال عن
أن عاقبة المن َذرين رهيبة في الدنيا فض ً
القرآن موعظة وهدى ،من خالل بيان ّ
()1
اآلخرة.
أثر التكرار في غسيل القلب ،لتجلية ما ران على فطرة اإلنسان ،فالقرآن يذ ّكر بمعنى في
سورة على طريقة وبأسلوب وتسلسل ،وعلى طريقة وبأسلوب وتسلسل في سورة أخرى
ويمثّل الشيخ لذلك بقضية التقوى في القرآن الكريم؛ فسياق سورة البقرة يرّبي على التقوى
ماهية
يفصل في ّ
فصل في أساس التقوى ،وسياق سورة النساء ّ
وسياق سورة آل عمران ّ
()3
التقوى ،وهكذا.
()4
أن بعض
فإن فطرة قلب اإلنسان تحتاج إلى تكرار التنبيه ،أضف إلى ذلك ّ
كذلك ّ
المعاني تحتاج النفس البشرية أن تتذ ّكرها ليل نهار؛ فمثل هذه المعاني ُوجدت في القرآن
()5
مما ال ينقضي العجب فيه
متعددةّ ،
ّ متكررة بأشكال وأجراس وأحجام وطرق
ّ الكريم
ويتجز بحسب
ّأ يتكرر في القرآن الكريم بحسب احتياجات تعميقه في النفس،
فالموضوع ّ
مرة ،فالقرآن
ويتجز كذلك ليذ ّكر اإلنسان أكثر من ّ
ّأ احتياج السياق للجزء الذي ورد منه،
()1
انظر :المرجع السابق ،ج 3ص 2121و ص.2121-2123
()2
حوى( ،األساس في التفسير) ،ج 2ص .0268
ّ
()3
انظر :المرجع السابق ،ج 2ص.0268-0267
ومن األمثلة على ذلك ما نقله الشيخ عن صاحب الظالل عند تفسيره لقوله تعالى :ﱡﭐﱁ ﱂﱠ فصلت .١ :انظر :ج2 ()4
112
الكريم إلى جانب كونه كتاب علم وحكمة وتشريع ،هو كتاب تربية وتزكية واعجاز
()1
كل شيء.
وتوجيه للبشر في ّ
ويمكن التمثيل لما سبق من اآلثار بمثال واحد يغطيها جميعاً ،وهو تكرار قضية التقوى في
القرآن الكريم ،فقد وقف الشيخ عند هذه القضية كثي ًار ،وذلك مرتبط بنظريته التي سار عليها في
()4 ()3
وكأنها تفصيل لصفات المتّقين ،فبدأت
ّ ثم جاءت سورة آل عمران
وصف المتّقين ّ ،
()1
المرجع السابق ،ج 2ص.0102
()2
أن ك ّل المعاني القرآنية تنبثق عن معانانطالق ًا من قول النبي بشأن سورة البقرة" :إن كادت لتستحصي الدين كلّه" ،يرى الشيخ ّ
أُجملت في سورة البقرة ،وقد ربط الشيخ ك ّل سورة من سور القرآن بآية أو أكثر من سورة البقرة ،ش ّكلت هذه اآليات محاو اًر لسور القرآن،
أن سور الحجر والنحل
حوى ّ
وذلك راجع الرتباط المعاني الواردة في السورة بمعنى المحور الذي ارتبطت فيه ،فعلى سبيل المثال يرى ّ
تفصل في حيّز قوله تعالى :ﱡﭐ ﲝ ﲞ ﲟ ﲠ ﲡ ﲢ ﲣ ﲤ ﲥ واإلسراء والكهف ومريم ،جاءت ّ
ﲧ ﲩ ﲪ ﲫ ﲬ ﲭ ﱠ البقرة٨٣٤ :؛ فخدمت في موضوع الدخول في السلم كافّة ،وللتوضيح يمكن االطّالع
ﲨ ﲦ
ال على ما يتعّلق بسورة النحل في هذا الشأن :انظر :المرجع السابق ،ج 6ص 2263و ص.2282
مث ً
تم معالجتها
أن القضية التربوية -على سبيل المثال قضية التقوى ،-قد ّ أما عن البعد التربوي في نظرية الشيخ هذه ،فقد ظهر لي ّ
ّ
وتوضيحها من خالل الحديث في مقاطع السور –حيث قُسمت ك ّل سورة إلى أقسام و مقاطع بحسب حجمها ،-وفي خاتمة ك ّل مقطع
يبين الرابط بين المعاني الواردة ،ومحور السورة من سورة البقرة ،والمحاور المتعلّقة بقضية
ثم ّحوى ملخص ما ورد في المقطعّ ،
يعرض ّ
العام
حوى هذه الصلة ضمن حديثه عن السياق ّ
ويوضح ّ
ّ مقدمة السورة اآليات [ ،]3-0واآليات [،]23-20
التقوى من سورة البقرة ،هيّ :
الخاص للسورة ،وهكذا قل في سائر السور.
ّ لآليات؛ إذ ّأنه لم ُيغفل الحديث عن السياق
()3
وذلك في اآليات [.]3-0
()4
مقدمة سورة البقرة ،ما يتعلّق باهتداء المتقين بالكتاب؛ فاالهتداء الكامل
مما أجمل في ّ
فصلتها سورة آل عمران ّ
من األمور التي ّ
وعرفت السورة من هم أولو االلباب ،كما في قوله تعالى :ﭐﱡﭐﲅ ﲆ ﲇ ﲈ ﲉ ﲊ بالكتاب هو ألولي األلبابّ ،
أن االهتداء ﲋ ﲌ ﲍ ﲎ ﲏ ﲐ ﲑ ﲒ ﲓ ﲔ ﲕ ﲖ ﲗ ﲘ ﲙ ﲚ ﱠّ ،
وبينت ّ
بالكتاب يدخل فيه التسليم للمتشابه ،والعمل بالمحكم ،وذلك في قوله تعالى :ﱡﲇ ﲈ ﲉ ﲊ ﲋ ﲌ ﲍ ﲎ
ﲡﲣﲤﲥﲦ ﲨ
ﲧ ﲢ ﲓﲕﲖﲗﲘﲙﲚﲛﲜ ﲝﲞﲟﲠ
ﲔ ﲏﲐﲑ ﲒ
عام
وضحت السورة التقوى وما يدخل فيها في مقاطعها كلّها ،فهي بشكل ّ
بالمفهوم األوسع؛ فقد ّ
ﲕ ﲖ ﲗ ﱠ البقرة ،)1(٨١ :وقد كانت هذه اآلية وما يتلوها محو ًار أيضًا لعدد من السور
()2
دل
الحج ،وان ّ
فصلت في قضية التقوى بأشكال أخرى ،ومن ذلك سورتا هود و ّ
القرآنية ،والتي ّ
يدل على ضخامة معنى التقوى في اإلسالم( ،)3ودور تكرار هذا المعنى
فإنه ّ
هذا على شيء ّ
والعرض السابق للتقوى من خالل سور القرآن الكريم يندرج تحت تفصيل الشيخ لنظريته في
()1
حوى( ،األساس في التفسير) ،ج 2ص.0271-0266
انظرّ :
إن األمر بالعبادة للوصول إلى التقوى في سورة البقرة كان مرفقاً بالتعريف على اهلل ،كما في قوله تعالى :ﭐﱡﭐ ﲌ ﲍ
حيث ّ
()2
114
حوى في مدارسة القرآن الكريم:
منهج الشيخ سعيد ّ
أن منهجه في مدراسة القرآن الكريم مع إخوانه كان بقراءة قدر من القرآن الكريم
حوى ّ
يبين ّ
ّ
وقوف عند األحكام الفقهية ،وذلك عند المرور على آيات األحكام ،وأخي ًار كانت الوقفات الطوال
()1
تم مدارسته من القرآن الكريم.
مع بحث األخالق –أخالق متّقين أو كافرين أو منافقين -فيما ّ
يستشهد الشيخ بقول اإلمام القرطبي " :أصل الذكر التّ ّنبه بالقلب للمذكور ،والتي ّقظ له
اللساني صار هو السابق للفهم"( ،)2و من اآلثار التربوية التي يتركها الذكر في نفس الذاكر هلل
أن الذكر يؤهل صاحبه لالنتفاع بالذكرى كما في قوله تعالى :ﱡﭐ ﲦ ﲧ ﲨ
؛ ّ
()3
ﲻ ﲽ ﲾ ﲿ ﳀ ﳁ ﱠ العنكبوت.٨٣ :
ﲼ ﲷﲹﲺ
ﲸ
()1
حوى( ،األساس في التفسير) ،ج 00ص.6230
انظرّ :
()2
محمد بن أحمد بن أبي بكر (ت670ه)( ،الجامع ألحكام القرآن) ،حقّقه أحمد البردوني وابراهيم إطفيش ،دار الكتب
القرطبيّ ،
المصرية ،القاهرة0381 ،ه0261-م ،ط 21 ،2جزءاً .ج 2ص.070
()3
حوى( ،األساس في التفسير) ،ج 3ص ،2618ج 8ص.1232-1230
انظرّ :
115
فكل شيء في
أن األمر بالعبادة في القرآن الكريم ،يتْبعه أمر بذكر اهلل ؛ ّ
ويالحظ الشيخ ّ
سيما ذ ْكر
القرآن الكريم جاء من أجل تحقيق مقصد العبادة ،والذكر مرافق لهذا المقصد؛ ال ّ
ﲝ ﱠ هود ،٥ – ٨:وفي هذا ملحظ تربوي؛ وهو أن يستشعر العبد قصوره بعد أداء العبادة،
حق القيام(،)1
بحق اهلل في العبادة ّ
ويحمي نفسه من العجب؛ فيبقى في عبادة دائمة ،فال أحد يقوم ّ
ومن األمثلة على ذلك ،األمر بالذكر بعد قضاء مناسك يوم النحر ،كما في قوله تعالى :ﱡﭐﲎ
ﲏ ﲐ ﲑ ﲒ ﲓ ﲔ ﲕ ﲖ ﲗﱠ
()2
البقرة.٨٣٣:
لمعاني العبودية ،وأعظم تحقيق ألوامر اهلل ،وفيها أعظم تجسيد للمعاني اإلسالمية ،ومن
الجد
اللهم ال مانع لما أعطيت ،وال معطي لما منعت ،وال ينفع ذا ّ
األمثلة على ذلك قوله ّ " :
()1
حوى( ،األساس في التفسير) ،ج 3ص 2333و ج 0ص.162
انظرّ :
انظر :المرجع السابق ،ج 0ص173؛ ومن ذلك أيض ًا ما جاء في اآليات التالية :ﱡﭐ ﲀ ﲁ ﲂ ﲃ ﲄ ﲅ ()2
ﱦﱧﱠ الجمعة.١٣:
()3
البخاري( ،الجامع المسند الصحيح المختصر من أمور رسول اهلل وسننه وأيامه) ،كتاب القدر ،باب ال مانع لما أعطى هللا،
ج 6ص ،2132حديث رقم.6210 :
116
فيه الفرض كالصلوات الخمس ،و المندوب كالسنن الرواتب ،وقراءة القرآن وغير ذلك من األذكار
السيما فيما
ّ وقد كان من منهج الشيخ في حديثه عن الذكر ،االستعانة بالحديث النبوي؛
يتعّلق بفضائل األذكار( ،)2وذلك عند تفسيره لآليات المتعّلقة بذكر ما( ،)3كاالستغفار والصالة
األهمية ،وما
ّ أهمية الذكر ،ولفت نظر القارئ إلى تلك
على النبي ويأتي ذلك في إطار بيان ّ
فر من الزحف"(،)4
الحي القيوم ،وأتوب إليهُ ،غفر له ،وان كان قد ّ
ّ أستغفر اهلل الذي ال إله إال هو
ﲇ ﲉ ﲊ ﲋ ﲌ ﲍﱠ
وقد جاء ذلك عند تفسير قوله تعالى :ﱡﭐﲆ ﲈ
()5
البقرة.١٨٨ :
التزكية.
()1
حوى( ،األساس في التفسير) ،ج 01ص.3233
ّ
()2
وقد اعتمد الشيخ في نقل األحاديث المتعلّقة بفضائل األذكار على تفسير ابن كثير؛ ولالطّالع على بعض تلك المواضع ،انظر:
المرجع السابق ،ج 3ص ،2380و ج 8ص 1203و ص 1131و ص 1130و ص ،1177وج 2ص.1213
ﱧ ﱩ ﱪ ﱫ ﱬ ﱭ ﱮ ﱯﱰﱠ األحزاب:
ﱨ مثل قوله تعالى :ﱡﭐﱢ ﱣ ﱤ ﱥ ﱦ ()3
ﲤ ﲦ ﲧﲨ
ﲥ ،٣٤ﱡﲔ ﲕ ﲖﲗ ﲘ ﲙ ﲚ ﲛ ﲜ ﲝ ﲟ
ﲞ ﲠ ﲡ ﲢ ﲣ
ﲩﲪﱠﭐالزمر.٣٥:
()4
أبو داود ،سليمان بن األشعث السجستاني (ت 273ه)( ،سنن أبي داود) ،دار الكتاب العربي ،بيروت ،ط بدون 1 ،أجزاء .كتاب
الوتر ،باب في االستغفار ،ج 0ص ،361حديث رقم ،0302 :حكم األلباني على الحديث :صحيح.
()5
انظر( :األساس في التفسير) ،ج 0ص.162
117
المسألة الثالثة :التف ّكر
إ ّن ل لمؤمن إحساساته اإليجابية بظواهر هذا الكون؛ فيرى في الكون ما ال يراه الكافر ،وثمرة
()1
حوى إلى ذلك في
تلك الرؤية تتجّلى بخشية أو ذكر أو دعاء أو أُنس وغير ذلك ،وقد أشار ّ
يدل على عظيم سياق تفسير قوله تعالى :ﱡﭐ ﳁ ﳂ ﳃﱠ الرعد ،١٥ :وما ذكره ّ
حوى ّ
األثر التربوي الذي يتركه التف ّكر في اإلنسان؛ فأَثَُر الكون في العقلَ ،ح َّر َك القلب بخشية وأنس
بكل
كل شيء لإلنسان ،وأَ ْن يخلق هذا اإلنسان بحيث يستفيد من هذا الكون ّ
نعمه ،فأَ ْن يخلق ّ
العباد على اهلل وصفاته بمحض التفكر ،واآليات الكونية تتفق تمامًا مع
َ تدل
فظواهر الكون ّ
()3
ﳐﱠ البقرة.٨١٨ :
ومن اآلثار التي يتركها التف ّكر في سلوك صاحبه بعد معرفة اهلل الفرار إليه؛ ففي سورة
()2
المرجع السابق ،ج 6ص.2202
()3
انظر :المرجع السابق ،ج 0ص.612
118
ﳄﳅ ﳆﳇﳈﳉﳊﳋﳌﳍﳎ ﳏﳐﳑﱠ
()1
الفرار إلى اهلل وعدم اإلشراك به.
فإن من يق أر الكون باسم اهلل ،موعود باإلكرام العظيم وبمزيد من العطايا والعلوم
كذلك ّ
()2
ﲌ ﲍ ﲎ ﲏ ﲐ ﲑ ﲒ ﲓ ﱠ العلق.٥ – ١ :
حوى في تفسيره لآليات المتعلّقة بموضوع التف ّكر اإلحالة على كتابه (اهلل
وقد كان من منهج ّ
()4
وحدها للداللة على اهلل .
طريق وحيد ،والعقل والفكر والعلم شروط أساسية لسالك هذا الطريق؛ إذ بدون عقل لن َنعرف
()1
حوى( ،األساس في التفسير) ،ج 01ص 3332و ص.3711
انظرّ :
()2
انظر :المرجع السابق ،ج 2ص.6610
( )3ويتطرّق في كتابه هذا إلى تسع ظواهر كونية كنماذج على الظواهر الكونية الكثيرة ،هذه الظواهر هي :ظاهرة حدوث الكون،
ظاهرة اإلرادة ،ظاهرة الحياة ،ظاهرة اإلجابة ،ظاهرة الهداية ،ظاهرة اإلبداع ،ظاهرة الحكمة ،ظاهرة العناية ،ظاهرة الوحدة.
( )4انظر :حوّ ى ،سعيد بن ديب (1989م)( ،اهلل ،)دار السالم للطباعة والنشر ،القاهرة ،ط0101 ،2ه .0221-ص.2-8
119
اآلية ،وبدون فكر لن ُي عرف صاحبها ،وبدون علم لن تكون معرفة لآلية أو لصاحبها"( ،)1وفي
أن القرآن الكريم قد لفت بشكل واضح وكبير للعقل والفكر والعلم واآلثار،
ذات السياق يشير إلى ّ
ﲫ ﲭ ﲮ ﲯ ﲰ ﲱ ﲲ ﲳ ﲴ ﲵ ﲶ ﲷ ﲸ ﲹ ﱠ األحقاف،٨ :
ﲬ ﲧﲨﲩﲪ
ﲢ ﲤ ﲥ ﲦ ﲧ ﲨ ﲩ ﲪ ﱠ الرعد ،٨ :وقوله
ﲣ ﲛﲜﲝﲞﲟﲠ ﲡ
ﲀﲂﲃ ﲄ
ﲁ تعالى :ﱡﭐ ﱷ ﱸ ﱹ ﱺ ﱻ ﱼ ﱽ ﱾ ﱿ
ﱽﱿﲀ
ﱾ ﲕﲖﲗﱠ الذاريات ،٨١ – ٨٣ :وقوله تعالى :ﱡﭐﱸﱹ ﱺﱻ ﱼ
()2
المسلم أن يف ّكر وأن يتعلّم ،فالفكر والعلم جزءان من شخصية المسلم.
حوى في تفسيره على بعض الظواهر الكونية ،كظاهرة الهداية ،وذلك في مواطن
وقد وقف ّ
( )3()3ابن كثير( ،تفسير القرآن العظيم) ،ج 6ص57؛ وانظر :حوّ ى( ،األساس في التفسير) ،ج 7ص.3773-3772
121
للتوسع في ظاهرة هداية اهلل ،وقد سرد ّ
حوى في ذلك الكتاب أمثلة ّ المقام إلى كتاب (اهلل )
()1
تعم مخلوقات
أن ظاهرة الهداية ّ
تبين مظاهر الهداية لبعض مخلوقات اهلل ، كذلك فقد ّبين ّ
من األخالق الفاسدة إلى األخالق الحسنة ،إلى اإلنسان ،إلى الوجود كلّه ،وأعطى ك ّل شيء هدايته
فالكبر مهتد إلى طريقه ،وكذلك الحسد ،وكلك الضالل ،وكذلك ك ّل نوع من أنواع الضالل ،وكذلك
خاصة :ذاته ،ونفسه ،وجسمه ،وك ّل شيء فيه مهتد إلى طريقه إذا ترك
ّ القمر .وبالنسبة لإلنسان
الشر له فتنة:
أهلته للتكليفُ ،جعل الخير و ّ
ولكن هذا اإلنسان بما أُتي من ملكات ّ
ّ سجيته،
ّ على
يستثير العقل والقلب معاً ،ومن مواطن النقل عن قطب ما جاء عند تفسيره لقوله تعالى :ﱡﭐ ﲌ
"والمنهج القرآني يستخدم المشاهد الكونية كثي اًر في معرض الحديث عن قضية األلوهية والعبودية
( )1من ذلك ظاهرة هداية الطفل للرضاعة من أمّه ،وهداية الدجاجة لتقليب بيضتها ،وكذلك ما نقله حوّ ى عن كتاب (العلم يدعو إلى
اإليمان) من أنّ الجراد البالغ من العمر سبعة عشر عاما ً في والية نيوانكالند ،يغادر شقوقه تحت األرض حيث عاش في ظالم مع
ت غيير طفيف في درجة الحرارة ،ويظهر بالماليين في 24أيار من السنة السابعة عشرة تماماً ،بحيث يضبط مواعيده للظهور في اليوم
تقريبا ً بهداية يعجز عنها اإلنسان لوال أ ّنه يستعمل "التقويم" .انظر :حوّ ى( ،اهلل ،)ص.73-71
121
أن هذا الكون بوجوده وبمشاهده ،شاهد ناطق للفطرة ،ال تملك لمنطقه ردًا ،كذلك يخاطب
ذلك ّ
بتجدد المعرفة
متجددة ّ
ّ أن فطرتهم الداخلية تفهم عن هذا الكون لغته الخفية! ...وهي لغة
ذلك ّ
وكلما ارتقى الناس في المعرفة كانوا أقدر على فهمها ،متى تفتّحت قلوبهم باإليمان ونظرت بنور
()1
اهلل في هذه اآلفاق!".
وفيه مسألتان:
الحسية
ّ حوى إلى أ ّن الشهوات
هميته التي ال تُغفل في هذا المقام ،حيث أشار ّ
والشهوات له أ ّ
والمعنوية هي باب الخطيئة؛ فحرص آدم على الخلود واستجابته لشهوة الطعام كانا سبب
يقيد
أن ّشهوة الفرج والبطن ،وقليل هم السالكون في طريق اهلل ،فاإلنسان في طبعه ال يريد ّ
()2
عليه ،كما في قوله تعالى :ﱡﭐ ﲁ ﲂ ﲃ ﲄ ﲅ ﲆﲇﱠ البلد.٣:
()1
حوى( ،األساس في التفسير) ،ج 3ص.2182
قطب( ،في ظالل القرآن) ،ج 3ص0813؛ ّ
()2
انظر( :األساس في التفسير) ،ج 0ص ،022ج 00ص 6266و ص.6322
122
فإن نهي النفس عن الهوى ،إلى جانب خوف اهلل هما ركنا النجاة من
ومن جانب آخر ّ
()1
ﲾ ﲿ ﳀ ﱠ النازعات.٨١ – ٨٣ :
واألصل أن يكون الهوى تابعاً لما جاء في كتاب اهلل ،وفي قوله تعالى :ﱡﭐﲨ
ﲩ ﲪ ﲫ ﲬ ﲭ ﲮ ﲯ ﲰ ﲱ ﲲ ﲳ ﲴ ﱠ البقرة:
أن أهل الكتاب خالفوا هذا األصل ،فأرادوا أن يكون شرع اهلل تابعًا ألهوائهم
يبين الشيخ ّ
ّ ،٤٥
وفي هذا المقام يشير الشيخ إلى الواقع المعاصر للمسلمين من هذا األصل ،فكثير من المسلمين
ال يقبلون إال ما يوافق أهواءهم ،ويك ّذبون فيما سوى ذلك ،وقد يقتلون الدعاة إليه إن كان لهم
سلطان ،حتى صار تبيين اإلسالم كما هو مهمة عسيرة على العلماء المخلصين ،لكثرة مسايرة
()2
المدعوين لألهواء.
ومن منهج اإل سالم في ضبط الغرائز والشهوات ،تشريع األحكام التي تضبط تلك الشهوات
االستثارة ،وابقاء الدوافع الفطرية سليمة ،وسورة النور من أوضح السور في تجلية هذا المنهج
()1
حوى( ،األساس في التفسير) ،ج 01ص.6363
انظرّ :
()2
المرجع السابق ،ج 0ص.081
123
ﱴﱶ
ﱵ ومن ذلك ما جاء في قوله تعالى :ﱡﭐ ﱮ ﱯ ﱰ ﱱ ﱲ ﱳ
()1
ﱸ ﱺ ﱻ ﱼ ﱽ ﱾﱿﱠ النور.٥٣:
ﱹ ﱷ
منهيات الجوارح
المسألة الثانية :أبعاد تربوية لبعض ّ
سيما فيما
والكبائر واألخالق المذمومة ،اشتمل التفسير على تفصيل في األحكام الفقهية؛ ال ّ
يتعلّق بالقصاص والحدود كالزنا والخمر السرقة ،ولم تخ ُل بعض المواضع من اإلشارات التربوية
ومن ذلك:
حرم اهلل دلي ٌل على فساد الفطرة؛ ففي قوله تعالى إخبا ًار عن النبي
اإلقبال على ما ّ
أن
االمة إال ما هو خبيث مستق َذر عافته الفطرة السليمة؛ فلو ّ
حرم على هذه ّ
بأنه لم ُي َّ
ّ
حرم اهلل
مما ّ
فساد فطرتها ،فكذلك من يقبل على أكل الخنزير ،وشرب الخمر ،وغير ذلك ّ
يدل على فساد فطرة المقبل ،فضالً عن مجاوزته لحدود اهلل الذي له
فكل ذلك ّ
ّ ،
حق التشريع ،وقد تكون الحكمة في تحريم بعض األمور إبقاء التركيب الفطري لإلنسان
ّ
()2
على سالمته.
()1
سيد قطب( ،في ظالل القرآن) ،ج 1ص.2300
حوى( ،األساس في التفسير) ،ج 7ص3731؛ ّ
انظرّ :
()2
انظر( :األساس في التفسير) ،ج 0ص.373-371
124
حوى لقوله تعالى :ﱡﭐ ﲕ
النفس التي تقبل الربا هي نفس جشعة مستغلّة؛ ففي تفسير ّ
ﲚ ﲛ ﲜ ﲝ ﲞ ﲟﲠﲡﲢﱠ ﲖﲗ ﲘ ﲙ
يدل اإلنفاق
أن االقتصاد اإلسالمي يرّبي ضمير اإلنسان ،وبقدر ما ّ
يبين ّ
البقرةّ ،٨٥٤ :
يدل الربا على النفس الشريرة الجشعة المستغلّة ،ومن جانب آخر
على النفس الزكيةّ ،
فإنما
وتقدمها ،فإن كان شيء من ذلك؛ ّ
يكون هناك شيء خبيث هو حتمي لقيام الحياة ّ
()1
على أساس غير األساس الربوي ليس سوى وهم.
وبعد ،فقد حاولت فيما سبق توضيح مالمح تربية جوارح اإلنسان في القرآن الكريم من
ُ
()1
سيد قطب (في ظالل القرآن) ،ج 0ص.323-322
انظر( :األساس في التفسير) ،ج 0ص 631و ص632؛ ّ
125
المبحث الثاني
تمهيد
يأتي الحديث عن األخالق بعد الحديث عن تربية القلب والجوارح ،لكون األخالق ثمرة ما
حوى إلى ذلك ،ما ذكره من كون التذكير باآليات يستتبع عند المؤمنين
سبق ،ومن إشارات ّ
()1
بد منه
فإن تربية أخالق اإلنسان جزء ال ّ
أن السلوك النظيف أثر عن العبادة ،كذلك ّ
سلوكًا ،و ّ
إن
ألن التخلّق بمكارم األخالق أحد منطلقات الهداية ،بل ّ
في الحديث عن تربية اإلنسان؛ ذلك ّ
استحقاق اإلنسان للهداية يكون بقدر تحقّقه بصفات أهل الخير( ،)2فال يمكن إهمال هذا الجانب
دل اإلنسان على طريق الهدى ،دّله من جملة ما دّله على الطريق
من اإلنسان" ،والقرآن الذي ّ
الذي يكون به المسلم هو اإلنسان األعلى في هذا الوجود ،تطّلعات وأخالقاً وقيماً ومبادئ
وأهدافاً ،وكما رّباه على الكمال في األخالق الفردية ،رّباه على الكمال في األخالق الجماعية
()3
كل شيء".
األمة على الكمال في ّ
أمة كاملة ،كما رّبى هذه ّ
ال في ّ
بحيث يكون عضوًا كام ً
أخصص المطلب
ّ وللتفصيل فيما سبق ،وما يتبع ذلك من الحديث عن اآلداب والعالقات،
األول من هذا المبحث للحديث عن أخالق اإلنسان وآدابه ،وفي المطلب الثاني حديث عن
ّ
()1
انظر( :األساس في التفسير) ،ج 3ص ،2327وج 8ص.1611
()2
انظر :المرجع السابق ،ج 1ص ،2122ج 3ص.2731
()3
المرجع السابق ،ج 2ص.3111
126
األول :التربية األخالقية
المطلب ّ
أن األخالق
حوى نظريته في األخالق على آية في كتاب اهلل ؛ فيرى ّ
وقد بنى ّ
ﲑﲒﲓﲔﲕﲖﲗ ﲘﲙﲚﲛﲜﲝﲞﲟ
ﲭ ﲯﲰﲱﲲﲳ
ﲮ ﲦﲨﲩﲪﲫﲬ
ﲧ ﲠ ﲡﲢﲣﲤﲥ
ﲴﲵﲶﲷﲸﲹ ﲺﲻﲼﲽﲾﲿﳀﳁﳂﳃ
()3
مما يتعلّق
ألهم ما جاء في الكتاب ّ
يحيل على كتابه (جند اهلل ثقاف ًة وأخالقاً) ،وفيما يلي إجمال ّ
()1
انظر( :األساس في التفسير) ،ج 6ص ،3130-3131ج 7ص ،1021ج 00ص.6307
()2
أن هذه اآليات فيها صفات المؤمنين الكُ ّمل؛ انظر :ابن كثير( ،تفسير القرآن العظيم) ،ج 3ص.036
يرى ابن كثير ّ
()3
انظر( :األساس في التفسير) ،ج 3ص.0130
127
حوى في القسم الثاني من ذلك الكتاب
حوى في األخالق :في حديث ّ
نظرية الشيخ سعيد ّ
تتفرع عن أصل جامع ،وقد اتّجه البحث عن هذه األخالق ،في سبيل
السنةّ ،
ذكرت في الكتاب و ّ
اهلل بها حزبه في القرآن الكريم؛ فما من ُخلق في اإلسالم ّإال ويرجع إلى صفة من هذه
()1
الصفات.
حوى على المواضع التي ورد فيه ِذ ْكر كلمة (حزب اهلل) في القرآن الكريم
وقد وقف ّ
()2
في فكانت موضعين؛ أحدهما في سورة المائدة في الموضع السابق ،واآلخر في سورة المجادلة
ﱕﱗ ﱘﱙﱚ ﱛ
ﱖ ﱎﱏﱐ ﱑ ﱒ ﱓﱔ
ﱧﱩﱪ
ﱨ ﱞ ﱠﱡﱢ ﱣ ﱤﱥ ﱦ
ﱟ ﱜ ﱝ
ﱭ ﱯ ﱰ ﱱﱲ ﱳ ﱴ ﱵ ﱶ ﱷ ﱸ ﱹ ﱠ المجادلة:
ﱮ ﱫﱬ
( )1انظر :حوّ ى ،سعيد بن ديب (ت 1989م)( ،جند هللا ثقافة وأخالقا) ،مكتبة وهبة ،القاهرة ،ط1413 ،4ه1992-م .ص.191
128
العزة على الكافرين ،لقوله تعالى :ﱡﭐ ﲜ ﲝ ﲞ ﱠ
ّ
ﲦﱠ
ﲧ الجهاد ،لقوله تعالى :ﱡﭐ ﲟ ﲠ ﲡ ﲢ ﲣ ﲤ ﲥ
ﲽ ﲾ ﲿﳀﱠ
أما سورة المجادلة فقد أشارت إلى الصفة األخيرة فحسب ،على اعتبار ّأنها ذروة صفات
ّ
حزب اهلل(" ،)1فال يكون اإلنسان من حزب اهلل ّ إال إذا صفت مودته ،وصفى والؤه للمؤمنين
()2
ودته عن الكافرين والمنافقين والفاسقين".
وحجب والءه وم ّ
وما من ُخلق ُذكر في القرآن الكريمّ ،إال ويرجع ألحد األخالق المذكورة في اآليات
ال مرجعها إلى قوله تعالى :ﱡﭐﲗ ﲘﱠ ،لقوله تعالى :ﱡﭐﲑ ﲒ ()3
السابقة ؛ فالتقوى مث ً
ﲓ ﲔﲕﱠ التوبة ،٨:واألمر بالمعروف والنهي عن المنكر مرجعه إلى قوله تعالى:
ﲦ ﱠ ،وهكذا.
ﲧ ﱡﭐ ﲟ ﲠ ﲡ ﲢ ﲣ ﲤ ﲥ
أن البناء األخالقي للمسلم ال ُيستكمل إذا فقد واحداً من األخالق اإلسالمية
وي ّبين ّ
الردة
الردة أو شبه ّ
أن إحياء هذه األخالق مجتمعة هو الطريق الوحيد للقضاء على ّ
الجامعة ،كما ّ
الحالية المنتشرة في العالم اإلسالمي ،ويذكر من أشكال تفريط المسلمين بهذه األخالق ،تضخيم
ُخلق من هذه األخالق ،وتصغير خلق آخر ،مع ّأنهما قد يكونان سواء في ميزان اإلسالم ،بل
()1
حوى( ،جند اهلل ثقافة وأخالقاً)،ص.021-023
انظرّ :
()2
(األساس في التفسير) ،ج 01ص.3727
()3
تحدث فيها عن ما تغذيه ك ّل صفة ،وما يدخل فيها من
حوى في كتابه آنف الذكر فقرة لك ّل صفة من هذه الصفاتّ ، وقد عقد ّ
أن ك ّل األخالق اإلسالمية ترجع إلى هذه الصفات الخمس.
وبين فيها ّ
أخالقّ ،
129
لكل
ظ األكبر من االهتمام لم تُفهم الفهم الصحيح المستوعب ّ
وحتّى األخالق التي نالت الح ّ
أدى إلى
مما ّ
أمهات األخالق اإلسالمية ونسيانها؛ ّ
جوانبها ،فكان عاقبة ذلك أن ضاع كثير من ّ
()1
فقدان الشخصية اإلسالمية لجمالها ،وكمالهما ،وتناسق سلوكها وتكامله.
أدى إلى البون الواسع بين شخصية المسلم في القرون األولى ،وشخصيته فيما
والتفريط هذا ّ
القتال ،وفي المقابل مقاتل ال يعرف اهلل ،وهكذا ضاعت الشخصية اإلسالمية النموذجية التي
()2
كل مسلم.
يفترض أن يكون عليها ّ
وهذه النظرة التكاملية عند الشيخ في موضوع األخالق والشخصية النموذجية اإلسالمية
بالتدبر ،وبحث واقعها العملي والتطبيقي على مستوى الفرد والجماعة المسلمة؛ حتّى
ّ جديرة
وصف اهلل به حزبه في كتابه العزيز ،عندها تنال الغَلبة والفالح.
ﱔﱖ ﱗﱘﱙﱚ
ﱕ ﱋ ﱍﱎﱏﱐﱑﱒﱓ
ﱌ ﱉﱊ
ﱠ ﱢ ﱣ ﱤ ﱥ ﱦ ﱧ ﱨ ﱩ
ﱡ ﱛ ﱝ ﱞ ﱟ
ﱜ
ﱱﱳﱴﱵ ﱶﱷﱸ
ﱲ ﱪ ﱫﱬﱭﱮﱯﱰ
()1
حوى( ،جند اهلل ثقافة وأخالقاً) ،ص 082وص.022
انظرّ :
()2
انظر :المرجع السابق ،ص.021
131
ﱹ ﱺ ﱻ ﱼ ﱽ ﱠ الفتح ،٨٨ :فالصفات المذكورة في اآلية الكريمة هي صفات
والعمل الصالح والوحدة والتالحم والتفاني ووضاءة الوجوه من أثر العبادة والركوع والسجود ،كذلك
()1
الشدة على الكافرين.
الرحمة على المؤمنين ،و ّ
لحوى في تفسيره وقفات عند أفراد األخالق كالعدل والتواضع واألمانة وغير
هذا وقد كان ّ
ذلك من األخالق ،وكان من منهجه في الحديث عن ذلك يتجّلى في ِذ ْكر فضائل تلك األخالق
واردافها باآلثار التي تثريها ،معتمدًا في ذلك على ما ُذكر في تفسيري ابن كثير والنسفي من
ﱞﱠ
ﱟ ما جاء عند قوله تعالى :ﱡﭐﱕ ﱖ ﱗ ﱘ ﱙ ﱚ ﱛ ﱜ ﱝ
وغيره مجموعة من المرويات للتفصيل في موضوع الع ّفة ،ومن ذلك قول النبي " :يا معشر
الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء"( ،)3وذلك
()4
المؤدية للعفّة.
ّ في سبيل بيان الطرق
()1
انظر :حوى( ،األساس في التفسير) ،ج 2ص.3387
()2
طالع على مزيد من األمثلة؛ انظر :المرجع السابق ،ج 0ص 131ج 2ص ،0121ج 3ص 0323ص ،0612ج 7ص3703
لال ّ
و ص ، 3702ج 8ص 1128و ص 1188و ص 1701و ص ،1721ج 2ص. 3031
البخاري( ،الجامع المسند الصحيح المختصر من أمور رسول اهلل وسننه وأيامه) ،كتاب النكاح ،باب قول النبي ( من ( )3
( )4انظر :حوّ ى( ،األساس في التفسير) ،ج 7ص ،3735وص 3764
131
وبمناسبة قوله تعالى :ﱡﭐ ﲌ ﲍ ﲎ ﲏ ﲐ ﲑ ﲒ ﲓ ﲔ ﲕ
ﲡﲣﲤﲥﲦﲧ
ﲢ ﲖﲗﲘﲙﲚﲛﲜﲝ ﲞﲟﲠ
ﲲﲴﲵﲶﲷ
ﲳ ﲨﲩ ﲪﲫﲬﲭﲮﲯﲰﲱ
ﲸﲹﲺﲻﲼﲽ ﲾﲿﳀﳁﳂﳃﳄﳅﳆ
ﳇﳈﳉﳊﳋﳌﳍﳎﳏﳐ ﳑﳒﳓﳔﳕ
أن من أخالق
مر معنا ندرك ّ
مما ّ ﳖ ﳗ ﳘﱠ آل عمران ،٥٥ – ٥٣ :يقول ّ
حوىّ " :
تساهل بعضهم في هذه المعاني بسبب من ظروفنا الصعبة ،وبسبب من عموميات فهموها
حق ،وما
تقدر بقدرها ،وما يعتبر أمانة أوغير أمانة ،وما يعتبر ح ّقًا للمسلم ،أو غير ّ
واالضطرار ّ
يعتبر إكراهاً أو غير إكراه ،وما هو ملزم من اإليمان ،وما ليس ملزماً بسبب من اإلكراه ،إلى
()1
غير ذلك من أمور ،كلّه تحكمه –كما قلنا -الفتوى البصيرة من أهلها".
الغيظ والعفو من أخالق المتّقين ،فهم ال ُيع ِملون غضبهم في الناس ،ويحتسبون ذلك عند اهلل ،
الشر يعفون ع ّمن ظلمهم؛ فال يبقى في أنفسهم َو ْجد على أحد ،وهذا أكمل األحوال
كف ّ ومع ّ
( )1
(األساس في التفسير) ،ج 2ص.817
132
وهو من مقامات المحسنين ،ومن فضائل التحقّق بكظم الغيظ ما جاء في حديث النبي " :من
أي
يخيره في ّ
كظم غيظًا وهو يستطيع أن ينفذه ،دعاه اهلل يوم القيامة على رؤوس الخالئق حتّى ّ
()1
الحور شاء".
إن أبرز مالمح حديث الشيخ عن اآلداب هو اإلجمال في ذلك ،واإلشارة إليها من خالل
ّ
كالمه في سياق السور ،كذلك فقد اعتمد على أقوال العلماء ،واآلثار المروية في إثراء تلك
ذكرت السورة آداب االستئذان؛ فنهت عن دخول بيت اآلخرين إال بإذن ،وأمرت األرقّاء
حوى( ،األساس في التفسير) ،ج 2ص 879و ص882؛ والحديث رواه الترمذي( ،سنن الترمذي) ،كتاب الب ّر والصلة ،با ٌ
ب انظرّ :
( )1
في كظم الغيظ ،ج 4ص ،372حديث رقم ،2121 :وحكم الترمذي على الحديث :حديث حسن غريب.
()2
انظر( :األساس في التفسير) ،ج 7ص.3683
()3
انظر :المرجع السابق ،ج 7ص.3827-3826
133
وجهت المسلم نحو
تحدثت عن اآلداب سورة الحجرات؛ حيث ّ
ومن أعظم السور التي ّ
التسرع في
ّ وخفض الصوت عند رسول اهلل ،كذلك أمرت السورة بامتحان خبر الفاسق وعدم
وأمرت كذلك بالعدل في اإلصالح ،واعطاء المؤمنين اإلخاء ،ونهت عن السخرية بأهل اإليمان
مبرر
الظن السيء بأهل الخير بدون ّ
ّ وطعن أهل اإليمان ،والتنابز باأللقاب ،وأمرت باجتناب
()1
ادعاء اإليمان ،وغير ذلك من اآلداب.
القوميات ،ونهت كذلك عن ّ
واألنساب و ّ
بد
همية البالغة لتلك اآلداب؛ فال ّ
أن هذه السورة هي سورة اآلداب اإلسالمية ،لأل ّ
حوى ّ
ويرى ّ
()2
حيثيات اآلداب المذكورة فيها.
للمسلم من دراسة هذه السورة ،ودراسة ّ
يخل تفسير الشيخ أيضاً من اللفتات التربوية المتعلّقة باآلداب في ثنايا تفسيره ،ومن
ولم ُ
م ّما يتعلّق بآداب الحوار ،ما جاء عند قوله تعالى :ﱡ ﱰ ﱱ ﱲ ﱳ ﱴ
ﱵﱠ اإلسراء ،٣٥:يقول " :وفي هذا األمر أدب من أرقى اآلداب اإلسالمية وأصعبها؛ ّإال
ﱶ
كل حال...،
الطيبة في ّ
من عصمه اهلل وحفظه ،وهو أن يقول المسلم ألخيه المسلم الكلمة ّ
()1
حوى( ،األساس في التفسير) ،ج 2ص.3132
انظرّ :
()2
انظر :المرجع السابق ،ج 2ص.3132
()3
طالع على مزيد من األمثلة؛ انظر :المرجع السابق ،ج 0ص ،13ج 3ص 0320و ص ،0660ج 7ص 33703و
لال ّ
ص 3702و ص ،3722ج 8ص ،1320ج 2ص.3100
134
الطيبة ،وترك الكلمة
ّ كنا مأمورين بالكلمة
الكلمة التي ال تجرح قلبًا ،والتقطع أواصر ،واذا ّ
()1
وجدًا".
الخشنة ،فمن باب أولى أن نكون منهيين عن الفعل الخشن مزاحًا ّ
ومما يتعلّق بآداب المجالس ،ما ذكره الشيخ في تفسير سورة المجادلة()2؛ فقد ذكرت السورة
ّ
أدباً رفيعاً فيه هضم للنفس في ذات اهلل ،وهو اإلفساح للغير ،والنهوض ألجل أن يجلس
الغير ،كذلك عّلمت السورة من خالل آيات المناجاة كيف يكون محور الحديث في مجالس
المسلمين ،وذلك في سياق الحديث عن المناجاة الظالمة بين أعداء اهلل ؛ فعّلمت المسلمين
وللفاسقين طرائقهم(.)3
ومما يتعّلق بأدب المسلم في األمور التي ال يعلمها ،اإلقرار بعدم العلم؛ فقد اعتاد كثير من
ّ
كل شيء دون أن يكون عندهم علم فيه ،واّنما هي الظنون أو
الناس الهجوم على الحديث في ّ
األوهام ،وقد أفاد الشيخ هذا األدب من جواب المالئكة في قوله تعالى :ﱡﱰ ﱱ ﱲ ﱳ
تام بها ،وهذا األدب مستنبط من قوله تعالى :ﱡﱵ ﱶ ﱷ ﱸﱠ الكهف.٨٨ :
()5
علم ّ
()1
حوى( ،األساس في التفسير) ،ج 6ص.3127-3126
ّ
()2
وذلك في تفسير اآليات [.]03-8
()3
انظر( :األساس في التفسير) ،ج 01ص.3720-3782
()4
انظر :المرجع السابق ،ج 0ص.020-021
()5
انظر :المرجع السابق ،ج 6ص.3072
135
قصتي إبراهيم ولوط ،)1( فمن
حوى تعقيبًا على ّ
ومما يتعلّق بآداب الضيافة ما ذكره ّ
ّ
()2
الطيب للضيف ،والتعجيل له بالطعام ،والحرص عليه والدفاع عنه.
ذلك :االستقبال ّ
()3
األسرية المسألة األولى :العالقات
إن العالقات األسرية في تفسير األساس ،كشأن معظم التفاسير تجّلى قسم كبير منها في
ّ
تفصيل األحكام الفقهية المتعّلقة بتنظيم تلك العالقات ،وذلك في ظالل اآليات المشتملة على تلك
المسائل ،فاتّسمت تلك المواضع بكثرة النقول ،والفوائد الفقهية ،ومن األمثلة على ذلك ما جاء في
تفسير سورة البقرة من ذكر أحكام اإليالء ،والحيض ،وأحكام الطالق والرجعة ،وأحكام الرضاعة
()4
العدة ،وغير ذلك من األحكام.
وأحكام ّ
يخل الحديث عن األحكام الفقهية من بعض اللفتات التربوية ،ومن األمثلة على
كذلك لم ُ
ﱦﱨﱩﱪ
ﱧ ذلك ،ما ُذكر عند قوله تعالى :ﱡﭐ ﱢ ﱣ ﱤ ﱥ
ﱴﱶﱷﱸﱹﱺ
ﱵ ﱮﱰﱱﱲﱳ
ﱯ ﱫﱬﱭ
ﲈ ﲊ
ﲉ ﲁﲃﲄﲅﲆﲇ
ﲂ ﱼﱾ ﱿﲀ
ﱽ ﱻ
()1
وذلك في سورة هود ،اآليات.]83-62[ :
()2
انظر( :األساس في التفسير) ،ج 3ص ،2387ج 01ص.3307
()3
السنة ،والعمل بهما ،ووضع األمور
عام الحكمة؛ والحكمة هي علم الكتاب و ّ
أهم األمور في إقامة العالقات بشكل ّ
أن من ّ حوى ّيبين ّ
ّ
في مواضعها ،وال يكون هذا إال بتوفيق من اهلل ؛ فيضع الحكيم األمور في مواضعها في إطار تعامله مع زوجته وأوالده وجيرانه
وعمله وسائر مسؤولياته؛ انظر :المرجع السابق ،ج 0ص.620
()4
لالطّالع على بعض تلك المواضع؛ انظر :المرجع السابق ،ج 0ص ،338-321ج 2ص.0078-0076
136
ﲋ ﲌ ﲍ ﲎ ﲏ ﱠ البقرة ،٨٨١ :حيث ّ
إن معاشرة أهل الشرك
ييسر
حب الدنيا ،وايثارها على اآلخرة ،فأحكام اهلل ّإنما جاءت بما ّ
ومخالطتهم تبعث على ّ
()1
والمواالة.
ومن جانب آخر كان الحديث عن العالقات األسرية من خالل الوقوف على بعض الحقوق
المتبادلة بين أعضاء األسرة ،فمنها ما تعلّق بعالقة الزوجين ،ومنها ما تعلّق بحقوق األبناء على
اآلباء ،ومنها ما تعلّق بحقوق اآلباء على األبناء ،وفيما يلي بعض األمثلة(:)2
ويتحدث الشيخ عن مفهوم وقاية األهل في ظالل بعض اآليات ،من ذلك قوله تعالى:
ّ
ﱡﭐﲪ ﲫ ﲬ ﲭ ﲮ ﲯ ﲰ ﲱ ﲲ ﲳ ﲴ ﲵ
()1
انظر( :األساس في التفسير) ،ج 0ص.301
()2
طالع على مزيد من األمثلة؛ انظر :المرجع السابق ،ج 7ص ،0076ج 8ص 1127-1123و ص ،1136ج 01ص.6110
لال ّ
()3
محمد بن
انظر :ج 0ص338؛ ابن كثير( ،تفسير القرآن العظيم) ،ج 0ص601؛ والحديث رواه اإلمام أحمد ،ابن حنبل ،أحمد بن ّ
هالل (ت210ه)( ،مسند اإلمام أحمد بن حنبل) ،ح ّققه :شعيب األرنؤوط وآخرون ،مؤسسة الرسالة ،ط0120 ،0ه2110-م31 ،
جده ،ج 33ص 207حديث رقم ،21103حكم شعيب األرنؤوط على
جزءًا ،مسند البصريين ،حديث بهز بن حكيم عن أبيه عن ّ
الحديث :إسناده حسن.
137
ﲶ ﲷ ﲸ ﲹ ﲺ ﲻ ﲼ ﲽ ﲾ ﲿ ﳀﱠ التحريم ،٤ :ومن خالل سياق
أن عملية الوقاية تقتضي عدم الرضوخ لرغبات الزوجات ،كذلك تقتضي
حوى ّ
سورة التحريم ،يفهم ّ
تأديب الزوجات ،وحمل النفس واألهل على الطاعة الكاملة ،ويعّلل األمر بالجهاد في هذا
ليهتم بشؤون
ّ السياق بكثرة األحوال التي تحاول فيها المرأة صرف زوجها عن شؤون الجهاد؛
()1
السورة من الرضوخ لرغبات الزوجات ،وحملت على بذل الجهد لتقويم النساء.
ويبين مقتضيات كون المرأة لباسًا لزوجها والزوج لباسًا لها ،وذلك في قوله تعالى :ﱡﱉ
ّ
()2
خاصاً بصاحبه ،متناسباً مع مكانته.
ّ كل دنس،
سات اًر ال يكشف عورة صاحبه ،طاه اًر من ّ
ﱍﱏﱐﱑﱒ
ﱎ ﱄﱆﱇﱈﱉ ﱊﱋﱌ
ﱅ ﱂﱃ
إن تربية األبناء على هذه الخصائص هي أسمى الغايات ،وهذه الخصائص هي:
األطفال ،بل ّ
()1
انظر( :األساس في التفسير) ،ج 01ص 6100و ص.6106
()2
انظر :المرجع السابق ،ج 0ص.123
138
بجد وعزم ،والتربية على فهم الحكمة والتحقّق بها كي يكون حكيمًا
تربية الولد على أخذ الكتاب ّ
والتربية على الطهارة في األخالق والسلوك ،والتربية على التقوى واإلسالم والطاعة ،كذلك تربية
()1
وتجنب العقوق ،وتربيته على التواضع والطاعة.
البر ّ
الولد على ّ
()3 ()2
تؤخذ بعين االعتبار في تربية األبناء ،ذلك ألن اهلل البنه فإن وصايا لقمان
كذلك ّ
()4
أب ابنه ّإال بأغلى ما عنده.
أحب الخلق إلى الوالد ،وال يوصي ٌ
ألن الولد ّ
الحكمة؛ ّ
ﱑﱓﱔ
ﱒ حوى عند قوله تعالى :ﱡﭐ ﱎ ﱏ ﱐ
هذا المقام ،ما أشار إليه ّ
ﱝﱟﱠﱡﱢﱣﱤﱥﱠ
ﱞ ﱕﱖﱗﱘﱙﱚﱛ ﱜ
يتصرف
ّ يمر بها المؤمن المجاهد موقف والديه منه ،ومن أصعب األمور أن
االمتحانات التي ّ
()1
انظر( :األساس في التفسير) ،ج 6ص.3238-3237
()4
انظر( :األساس في التفسير) ،ج 8ص.1308-1307
139
()1
كل األحوال
فبر الوالدين الزم على المسلم في ّ
أعده لمن آمن وعمل صالحاً" ؛ ّ
السياق ما ّ
أن اإلخاء في اهلل من أعظم القربات ،فالقرابة التي تعود على صاحبها بالنفع
حوى ّ
يبين ّ
ّ
هي ما كان أساسها اإليمان؛ فقرابة الدين غامرة لقرابة النسب ،ولهذا األمر شواهده من القرآن
ﱇ ﱆ الكريم ،من ذلك قوله تعالى في خطاب نوح في شأن ولده :ﱡﭐ ﱁ ﱂ ﱃ ﱄ ﱅ
()2
ﱋ ﱠ هود.٨٤ :
ﱌ ﱈﱉﱊ
أن عقد اإلخاء أبدي ،فهي خّلة باقية إلى يوم القيامة ،ومن شواهد ذلك قوله تعالى:
كما ّ
()3
للمسلم مودة وطاعة واخاء في اهلل ،وليحذر من تضييع إخاء كسبه فذلك العجز الكبير.
أن اقتران
الغل ،فيرى الشيخ ّ
ومن األمور التي تم ّكن عالقة اإلخاء في القلب ،تطهيره من ّ
()1
حوى( ،األساس في التفسير) ،ج 8ص.1078
ّ
()2
انظر :المرجع السابق ،ج 3ص 2338و ص ،2321ج 2ص.3073
()3
انظر :المرجع السابق ،ج 2ص.3073
141
تتطور
ثم ّ غل في قلب غيره عليه؛ فالشيطان قد ُيوقع بين المؤمنين ،فيجد قبوالًّ ،
سبباً في إيجاد ّ
()1
األمور من سيء إلى أسوأ وهكذا.
أما عن خوارم هذه العالقة فمن ذلك ما جاء في قوله تعالى :ﱡﭐ ﲷ ﲸ ﲹ ﲺ
ّ
ﳌﳎ
ﳍ ﲻﲼﲽﲾ ﲿﳀﳁﳂﳃﳄﳅﳆﳇﳈﳉﳊﳋ
ﳙﳛﳜﳝﳞﳟ
ﳚ ﳓﳕﳖ ﳗﳘ
ﳔ ﳏﳐﳑﳒ
ﱋ ﱍﱎﱏ
ﱌ ﳠﳡ ﱁﱂﱃﱄﱅﱆﱇﱈﱉﱊ
ﱞﱠﱡ
ﱛﱝ ﱟ
ﱜ ﱒﱔﱕﱖ ﱗﱘﱙﱚ
ﱓ ﱐﱑ
ﱢ ﱣ ﱤﱠ ﭐ ﭐالحجرات ،١٨–١١ :ففي اآليات تعميق معنى اإلخاء اإلسالمي بتحريم خوارم
()1
حوى( ،األساس في التفسير) ،ج 6ص 2881وص.2883
انظرّ :
141
التجسس والغيبة ،وهذه األمور
الظن و ّ
ّ اإلخاء ،وهي :االستهزاء والطعن والتنابز باأللقاب وسوء
()1
أي مجتمع بشري.
تنتشر عادة في ّ
إن من المعاني الكبرى في اإلسالم موضوع لزوم الجماعة ،وقد دلّت سورة الفاتحة من خالل
ّ
أن
أن األصل في المسلم أن يكون جزءاً من كل هو جماعة المسلمين ،و ّ
الفاتحة ٤ - ٣ :على ّ
()2
األصل في التربية اإلسالمية ّأنها تقوم على التربية الجماعية.
أمة اإلسالم
والحديث عن العالقات المجتمعية يستدعي الحديث عن روح الجماعة عند ّ
حوى إلى ضرورة التفكير في األسباب واألمراض التي تحول دون وجود
وفي هذا السياق يشير ّ
هذه الروح عند األكثرين من المسلمين ،فروح الفردية في هذا العصر عاتية ،وبعض المسلمين
كل
عاجز عن التعامل مع بعضهم اآلخر ،بل أصبح أبناء المسلمين بعضهم أعداء بعضٌ ،
ينصر طبقة من طبقات الكفر والنفاق والفسوق ،واهلل يقول في كتابه :ﱡﭐﲁ
المبحث من كون القرآن قد اشتمل على الهداية الكاملة في موضوع األخالق الفردية والجماعية
شح ،واإلعجاب
حب الدنيا ،وايثار العافية ،وال ّ
عامة كانعدام الثقة ،أو أم ارض فردية مثل ّ
مرض ّ
أ ا
()1
حوى( ،األساس في التفسير) ،ج 2ص.3106
انظرّ :
()2
انظر :المرجع السابق ،ج 0ص.32
142
بالرأي ،والحسد ،وغير ذلك من األمراض ،التي تمنع المسلم من مشاركته لجماعة المسلمين في
أمة واحدة
األمة ّ
بد إذن من المعالجة ،حتّى تعود ّ
الميدان الذي تفترض فيه المشاركة ،فال ّ
()1
تتحرك حركة واحدة ،وتتّجه اتّجاهاً واحداً.
ّ
()3
األمة
بد من السعي قدر المستطاع من أجل استقامة أمور ّ
األمور ال تكون مهتدية ،كذلك ال ّ
()4
أُّنب فيها الجميع بفعل البعض َّ
الموجهة لبني إسرائيل ألن في ذلك نجاة الجميع ،فاآليات
ّ
أن
أن اإلنسان ال ُيسأل عن فعل غيرهّ ،إال ّ
تقرر شرعًا من ّ
والالحق بفعل السابق ،ورغم ما ّ
()1
انظر( :األساس في التفسير) ،ج 0ص ،31-12ج 1ص ،2307ج 2ص.3111
()2
المرجع السابق ،ج 3ص.0302
()3
انظر :المرجع السابق ،ج 3ص.0333
143
ال لبني إسرائيل بسبب الموافقة واالستمرار على فعل المنكر ،وفي هذا درس
الخطاب كان شام ً
()1
تقر خطأ وقع في أحد من أفرادها.
ألمة المسلمين بأن ال ّ
ّ
ال
حوى إلى الطبيعة اإلنسانية في استثقال النصيحة ،حتّى في صفوف المؤمنين ،إ ّ
ويشير ّ
الصديقين منهم ،وجاءت هذه اإلشارة في تفسير قوله تعالى في شأن صالح :ﱡﭐﲕ ﲖ
ّ
()2
األعراف.٥٨ :
المطامع لم تنفع ،لذا كان من جملة ما واجه الرسل به أقوامهم عدم طلب أجر على الدعوة ،كما
ﲻ ﱠ هود:
ﲼ ﲴﲶﲷﲸﲹ ﲺ
ﲵ في قوله تعالى :ﱡﭐ ﲰ ﲱ ﲲ ﲳ
()3
.٣١
بد للمؤمن أن يتخلّق باألمر بالمعروف والنهي عن المنكر ،حتّى يكون داخالً في جملة
وال ّ
()4
ﱙ ﱠ آل عمران.١١٣ :
ﱚ ﱕﱖﱗﱘ
()1
(األساس في التفسير) ،ج 0ص.237
()2
انظر :المرجع السابق ،ج 1ص.0210
()3
انظر :المرجع السابق ،ج 3ص.2370
()4
انظر :المرجع السابق ،ج 2ص.831
144
وفي ختام هذا المبحث ،وفي سبيل الوقوف على المصادر التي تأثّر بها الشيخ في موضوع
()1
التصوف
ّ حوى على أياديهم في علم
إلى العلماء الذين تتلمذ ّ مرة أخرى
األخالق ،تجدر اإلشارة ّ
حوى
محمد الهاشمي؛ ألثرهما الكبير في صقل شخصية ّ
محمد الحامد ،والشيخ ّ
سيما الشيخ ّ
ال ّ
حوى.
األخالقية ،وفكره التربوي ،والذي انعكس على هذا التفسير وغيره من مؤلفات ّ
والتصاق الجانب التربوي منها بموضوع األطروحة ،وبختام هذا المبحثُ ،يستكمل الحديث عن
حوى في تربية اإلنسان قلبًا وجوارَح وأخالقاً ،ليصبح الحديث في الفصل التالي
منهج الشيخ سعيد ّ
حول منهج الشيخ في تربية اإلنسان المسلم الداعية المرّبي ،والمسلم التلميذ ،وللحديث
()1
تم ذكر ذلك سابقاً في الفصل األول ،في سيرة الشيخ العلمية ص.3
ّ
145
الفصل الرابع
وفيه مبحثان:
المربي والتلميذ
ّ حوى في الحديث عن
األول :منهج الشيخ سعيد ّ
المبحث ّ
146
األول
المبحث ّ
المربي والتلميذ
ّ حوى في الحديث عن
منهج الشيخ سعيد ّ
تمهيد
كثي ًار ما اتّجه الخطاب التربوي للشيخ في تفسيره إلى من يتولون عملية التربية اإلسالمية
جميع هذه األلفاظ دالّة على ذات واحدة ،وقد كا ن الخطاب عبارة عن توجيهات إيمانية وعملية
أهمية وجود
حوى عن ّ
األول لحديث ّ
حيثيات ذلك أتطرق في المطلب ّ
ّ وفي سبيل بيان
المرّبي كمدخل للمطلبين الالحقين ،وسأتطرق للحديث عن التوجيهات اإليمانية المتعلّقة بشخص
الداعية في المطلب الثاني ،وفي المطلب الثالث سأتطرق للتوجيهات العملية واألخالقية ،وأخي اًر
سأعرض في المطلب الرابع من هذا المبحث بعض التوجيهات المتعّلقة بطالب التزكية ،واهلل
المستعان.
147
المربي
ّ أهمية وجود
األول :حديث الشيخ عن ّ
المطلب ّ
ﱰﱲﱳ
ﱱ ﱥﱦﱧﱨﱩﱪﱫﱬﱭ ﱮﱯ
في خالفاتهم ،وإلرجاعهم عن الكفر ،وأن الجيل الالحق قد ينحرف؛ فيحتاج إلى نبي
األمة هو
كل شيء؛ فما تحتاجه هذه ّ
محمد ،والقرآن فيه تبيان ّ
جديد ،وال بعثة بعد ّ
يجدد
األمة على رأس كل مائة سنة من ّ
إن اهلل تعالى يبعث لهذه ّ
في قول النبي ّ " :
لها دينها"(.)2
()1
حوى( ،األساس في التفسير) ،ج 6ص ،3232-3238ص ،2321-2382ج 7ص.3816
انظرّ :
()2
انظر :أبا داود( ،سنن أبي داود) ،كتاب المالحم ،باب ما يذكر في قرن المائة ،ج 1ص 078رقم الحديث ،1223:حكم األلباني
على الحديث :صحيح.
148
محمد
" .2مدد الفطرة إلى القلب اليستمر إال إذا وجدت تغذية من رجل صالح ،من لدن ّ
()2 ()1
عباس للزيتونة
إلى قيام الساعة" ،وقد أفاد الشيخ هذا المعنى من تفسير ابن ّ
()3
إحياء هذه الرتبة.
إن أبرز التوجيهات اإليمانية التي غلبت على خطاب الشيخ ،توجيه الداعية نحو
ّ
الصبر؛ لذا سيقتصر حديثي في هذا المطلب عن الصبر ،وأمور أخرى يستدعيها هذا الحديث
بد
شاق ،ال ّ
ّ أن طريق الدعوة طريق
ويتلخص هذا التوجيه في ّ
ّ الكافرين من الدعاة إلى اهلل ،
فيه من تحقّق الداعية بالصبر ،وعلى سبيل البيان لذلك استشهد بما يلي:
أن صفة الصبر مشتركة عند كل األنبياء ،وفي هذا درس للنذير(.)4
األنبياءّ ،
()1
حوى( ،األساس في التفسير) ،ج 7ص.3781-3783
ّ
()2
انظر :ابن كثير( ،تفسير القرآن العظيم) ،ج 6ص.61
()3
حوى( ،األساس في التفسير) ،ج 7ص.3781
انظرّ :
()4
انظر :المرجع السابق ،ج 2ص ،3271ج 7ص.3186
149
وفي أمر لقمان البنه بالصبر ،بعد أمره باألمر بالمعروف ،والنهي عن المنكر ،في قوله
ﲾﱠ
ﲿ تعالى :ﱡﭐ ﲳ ﲴ ﲵ ﲶ ﲷ ﲸ ﲹ ﲺ ﲻ ﲼ ﲽ
بحق
حوى تسليط الضوء على المواقف السلبية ،والتهم والشبهات المعاصرة ّ
وقد كان من منهج ّ
الداعية ،وذلك في سياق تفسيره لآليات التي اشتملت على مواقف المعادين لرسل اهلل ؛
ﳀﳁﳂﳃ ﳄﳅﳆﳇﳈﳉﳊﳋﳌﳍ ﳎ ﱠ
الحق
ّ الشعراء ،٣٤ – ٣٥ :يقول " :وهو التدبير المستمر للطغاة في كل العصور ضد أهل
()1
حوى( ،األساس في التفسير) ،ج 8ص.1302
انظرّ :
()2
ابن كثير( ،تفسير القرآن العظيم) ،ج 2ص.081
151
أن على جميع الشعب أن
عن إرادة الشعب ... ،و ّأنهم يقومون بأعمال إجرامية ضد السلطة ،و ّ
ظل
ويتحدث عن اتّهام الداعية في ّنيته ،و ّأنه ال يريد وجه اهلل في دعوته اإلصالحية في ّ
ّ
الطريق األصعب ،وقد ّنبه الشيخ في سياق تفسيره لقوله تعالى :ﱡﭐ ﲌ ﲍ ﲎ ﲏ
الكافرين الشديد على صاحب الدعوة ،فلو كانت الدنيا مراد الداعية؛ التّجه إلى طريق المداهنة
()2
حوى في المعنى األخير في ثنايا تفسيره لقوله
فصل ّ
وخدمة الطغاة فهي الطريق األسهل ،وقد ّ
أن أهل الكفر تعالى :ﱡﭐ ﲦ ﲧ ﲨ ﲩ ﲪ ﱠ القلم ،٨ :حيث قال ّ " :
دل هذا على ّ
تنصب محاوالتهم على أن يتخّلى صاحب الدعوة عن شيء من دعوته ،ولكن شتّان
ّ والتكذيب
أما هم
بين إدهانهم وادهان صاحب الحق ،فصاحب الدعوة إذا الن فذلك على حساب الحق ،و ّ
حق"(.)3
فإذا النوا فذلك على حساب الباطل ،وما أرخص الباطل ،وأغلى ال ّ
()1
حوى( ،األساس في التفسير) ،ج 7ص.3208
ّ
()2
انظر :المرجع السابق ،ج 3ص ،2126ج 01ص.6167
()3
المرجع السابق ،ج 01ص.6133
151
ومما يواجهه الداعية اتّهامه بالرذالة وضحالة الرأي ،وقد أشار الشيخ إلى هذا المعنى في
ّ
()1
ظل قوله تعالى :ﱡﭐ ﲯ ﲰ ﲱ ﲲ ﲳ ﲴ ﲵ ﲶ ﲷ ﱠ هود.٨٥ :
وقد كان إلى جانب توجيه الداعية إلى الصبر في مقابلة مواقف الكافرين واتّهاماتهم
إضافة لما سبق فقد جاء التوجيه للصبر في المواضع القرآنية التي تتحدث عن استبطاء
أن كثي ًار من الدعاة يتركون دعوة اهلل ،الستبطائهم النصر لها ،وفي هذا المقام يدعو
حوى ّ
ّ
النصرة؛ ألن مقتضى اتّصافه بأسمائه المذكورة ،حصول ما أخبر عنه ،وهذه الثقة سمة رئيسة
من سمات الداعية ُليخرج الناس من الظلمات إلى النور( ،)3وفي موقف هود في قوله تعالى:
()1
مما يتعلّق بثبات الداعية وما يواجهه ،انظر :المرجع
حوى( ،األساس في التفسير) ،ج 3ص2333؛ لالطالع على مزيد ّ
انظرّ :
السابق ،ج 7ص ،3362-3368ج 8ص ،1023ج 00ص.6033
()2
انظر :المرجع السابق ،ج 7ص.3337
()3
انظر :المرجع السابق ،ج 3ص.2802
152
ﱡﭐ ﲏ ﲐ ﲑ ﲒ ﲓ ﲔ ﱠ األعراف ،٥١ :تجسيد لثقة الداعية المطمئن
()1
القوة التي يستشعرها الداعية إلى اهلل .
وهذه الثقة هي مناط ّ
()2
حوى في تفسيره:
عرج عليها ّ
والتي ّ من التوجيهات العملية والتربوية للداعية
ﲭﲮﲯﲰﲱﲲ ﲳﲴﲵﲶﲷﲸﲹﲺﲻﲼﲽ
ﲾ ﲿﳀﳁﳂﳃﳄﳅﳆﳇﳈﳉﳊ ﳋﳌﳍ
بث
وي ّ
الحجة ،وبدون أخ يستشار ُ
ّ بد من طالقة لسان إلقامة
ينكسر قلب الداعية ،وال ّ
()3
إليه ،يشعر الداعية بغربة محزنة.
()1
حوى( ،األساس في التفسير) ،ج 1ص.0237
انظرّ :
()2
لالطالع على المزيد من التوجيهات العملية واألخالقية ،انظر :المرجع السابق ،ج 2ص ،3121ج 1ص.2302
()3
انظر :المرجع السابق ،ج 7ص.3338
153
.2قوله تعالى :ﱡﭐ ﲍ ﲎ ﲏ ﲐ ﲑ ﱠ طه ،٨٨ :يرى الشيخ ّ
أن في اآلية " داللة
أن رجل الدعوة ال ينبغي له أن يفتر عن ذكر اهلل ،ومتى فتر قصر ،ولم
على ّ
()1
يستطع الدعوة والمتابعة ،والمجابهة على ما يقتضيه أمر اهلل ."
ﲁ ﲃﲄﲅﲆﲇﲈﲉﲊﲋﱠ
ﲂ ﱾﱿﲀ
في صموده أمام أقوال أهل الكفر وايذائهم؛ فالسجود والتسبيح هما زاد الداعية في دعوته
()2
أن التسبيح بحمد اهلل هو وسيلة السعادة في الدنيا واآلخرة.
كما ّ
.1توجيه الداعية لقيام الليل والذكر ،وقد جاء ذلك في تفسير قوله تعالى :ﱡﭐ ﱁ ﱂ
ﱃﱄﱅﱆﱇﱈﱉﱊﱋﱌﱍ ﱎﱏﱐﱑﱒﱓﱔﱕ
ﱖﱗﱘﱙ ﱚﱛﱜﱝﱞﱟﱠﱡﱢﱣﱤﱥﱦﱧ
ﱨ ﱩ ﱪ ﱫ ﱬ ﱭ ﱮ ﱯ ﱰ ﱱ ﱲ ﱠ المزمل ،٤ – ١ :يقول
()1
حوى( ،األساس في التفسير) ،ج 7ص.3361
ّ
()2
انظر :المرجع السابق ،ج 6ص ،2828ج 7ص.3101
154
بد
ونهاره ذكر ،وأن يكون له انقطاع إلى اهلل ،ويعطي ألمور الدنيا بالقدر الذي ال ّ
()1
منه".
الحسية والمعنوية للداعية ،وقد جاء هذا التوجيه في تفسير قوله تعالى:
ّ أهمية الطهارة
ّ .3
الذي وردت فيه هذه األوامر هو سياق إنذار؛ لقوله تعالى :ﱡﭐ ﲝ ﲞ ﲟﱠ المدثر٨ :؛
ِ
المنذر إلى طهارة فعله بأن يكون خالياً من حوى الداعي َة
يوجه ّ
وبناء على ذلك ّ
أي عيب
فإن الناس إذا أروا ّ
فكل ذلك مؤثر في نجاح دعوته؛ ّ
المعاصي ،وطهارة مظهرهّ ،
()2
في الداعية نفروا من دعوته ،ولم يقبلوها.
أهمية إص غاء الداعية للمخاطب ،وقد جاء هذا التوجيه في سياق تفسير قوله تعالى:
ّ .6
ﲰﲲ ﲳﲴ ﲵﲶ
ﲱ ﱡﲪ ﲫ ﲬ ﲭ ﲮ ﲯ
ظ ّل هذه اآلية التي اشتملت على وصف اهلل للنبي باإلصغاء الشديد وتصديق
حوى
أن المنافقين يرون ذلك نقيصة ،يسلّط ّ
أهل اإليمان على سبيل مدحه ،في حين ّ
أهمية إصغاء الداعية لمن يخاطبه؛ ألثره العظيم في تأليف القلوب وكونه
الضوء على ّ
()3
من أبرز صفات القادة العظام.
()1
حوى( ،األساس في التفسير) ،ج 00ص.6213
ّ
()2
انظر :المرجع السابق ،ج 00ص.6231
()3
انظر :المرجع السابق ،ج 1ص.2302
155
.7ضرورة تقدير الداعية للموقف الذي سيجابهه ،وقد جاء هذا التوجيه في سياق تفسير قوله
استنتجه من ظالل آية كريمة ،أو من وحي تجربة شخصية ،وقد ُعرف بجهوده الدعوية
مشاق الدعوة ،وما ترتّب عليها من السجن والنفي وغير ذلك ،وقد انعكست ظالل ذلك
ّ ومعاناة
وفيه مسألتان:
حوى لطالب التزكية كانت تدور حول اآلداب التي يجب أن يراعيها مع
إن أبرز توجيهات ّ
ّ
ﱐﱒﱓﱔ ﱕ
ﱑ ﱆﱇﱈﱉ ﱊﱋﱌﱍﱎﱏ
ﱙ ﱛ ﱜ ﱝ ﱞ ﱟ ﱠ ﱡ ﱢ
ﱚ ﱖ ﱗ ﱘ
()1
حوى( ،األساس في التفسير) ،ج 7ص.3200
انظرّ :
()2
لالطالع على مزيد من توجيهات الشيخ لطالب التزكية ،انظر :المرجع السابق ،ج 1ص ،2122ج 8ص.1118
156
ﱥﱧﱨﱩﱪﱫﱬﱭﱮﱯ ﱰﱱ
ﱦ ﱣﱤ
ﱻﱽﱾﱿﲀ
ﱼ ﱳﱵﱶﱷﱸ ﱹﱺ
ﱴ ﱲ
المسلمين ،وهذه اآلداب هي :االحترام في النداء والكالم ،واالستجابة ،وعدم االنصراف إال
باإلذن(.)1
إيذاء وتحطيم القيادة اإلسالمية –إال في حال كونها غير رشيدة ،-وهذا أخطر ما تواجهه
الجماعات من قبل أفرادها؛ لكون الثقة في القيادة من أهم عوامل نجاح أعمال هذه القيادة؛ وبناء
بأنه
حوى طالب التزكية من االعتراض على شيخه ،ويصف هذا االعتراض ّ
على ما سبق يح ّذر ّ
ٍ
وتعقيب على قوله تعالى :ﱡﭐ ﳄ ﳅ ﱯ ﱰ ﱱ ﱲ ﱳ ﱴ ﱵ ﱶ ﱠ الجن،٣ :
()1
حوى( ،األساس في التفسير) ،ج 7ص.3821
انظرّ :
()2
انظر :المرجع السابق ،ج 8ص.1120
157
ﳆ ﳇﳈﳉﳊﳋﳌﳍﳎﳏﳐﳑ ﳒﳓﳔﳕﳖ
ﳗ ﳘ ﳙ ﱠ الجن ،٨٥ – ٨٤ :يح ّذر من إعطاء العصمة لغير أهلها ،وتجاوز الثقة
أشد أس باب الضالل في تاريخ البشرية؛ فال ثقة إال بما وافق القرآن الكريم
حدودها ،فذلك من ّ
األمة وكأنهم
ويشدد النكير على من عامل بعض أفراد هذه ّ
ّ فقلب النبي وحده المعصوم،
ومن التوجيهات المتعّلقة بسلوك الطالب إلى اهلل ،توجيه الطالب نحو اإلكثار من ذكر
،وفي توضيح ذلك يستعين بالقول المأثور" :الناس هلكى إال العالمون ،والعالمون هلكى إال
العاملون ،والعاملون هلكى إال المخلِصون ،والمخلِصون على خطر عظيم" ،فيرى الشيخ ّ
()2
أن
هذا الخطر العظيم ينجو منه المخلَص ،وهو رتبة فوق المخلِص ،وسبيل المؤمن حتّى يصبح
()3
مخَلصًا هو تذ ّكر اآلخرة كما ّبينت اآلية السابقة.
()1
حوى( ،األساس في التفسير) ،ج 00ص.6086 ،6076
انظرّ :
()2
وقد ذكر الغزالي هذا القول في تفسيره ،وقال في نسبته( :وقيل)؛ انظر :الغزالي( ،إحياء علوم الدين) ،ج 3ص101؛ ووجدت للقول
نسبة للنبي وذلك عند اآللوسي؛ انظر :اآللوسي ،محمود بن عبد اهلل (ت0271ه)( ،روح المعاني في تفسير القرآن العظيم
والسبع المثاني) ،حقّقه علي عبد الباري عطية ،دار الكتب العلمية ،بيروت ،ط0103 ،0ه 06 ،جزءاً .ج 0ص ،312وعند البقاعي
حوى للحسن البصري.
في (نظم الدرر) ،ج 0ص ،178ولم أقف على القول في مصادر الحديث ،وقد نسبه ّ
()3
حوى( ،األساس في التفسير) ،ج 8ص.1810
انظرّ :
158
المبحث الثاني
تمهيد
مهمة الداعيةُ ،ليبرز الموقع الصحيح للداعية في دعوته؛ فيقول في أجواء سورة يس ،تعقيبًا
ّ
ﲦﲨﲩ ﲪ
ﲧ على قوله تعالى :ﱡﭐ ﲟ ﲠ ﲡ ﲢ ﲣ ﲤ ﲥ
بد من األسباب؛ ِ
المنذر بنذارته ،والمن َذر ببذل الجهد ،واهلل هو الذي ،واهلل يتوّاله ،لكن ال ّ
فإن على الدعاة إلى اهلل أن يالحظوا هذا؛ فيعقدوا حلقات
ثم ّيتولّى عملية اإلحياء ،ومن ّ
كل
الوعظ ،ويدعوا الناس إليها ،وعلى الناس أن يحضروا ،وعلى الدعاة ّأال يهملوا الوعظ أبدًا في ّ
حال ،وعلى الناس أن يسمعوا ،والتقصير في هذا يؤدي إلى فقدان حياة القلوب ،وبالتالي إلى
ضعف اإلسالم"(.)1
األهمية
ّ فإن الداعية بدعوته أحد سببي إحياء القلوب؛ ونظ ًار لهذه
بناء على ما سبق ّ
أخصص هذا المبحث للحديث عن منهج الشيخ في الحديث عن دعوة الداعية ،ضمن عناصر
()1
حوى( ،األساس في التفسير) ،ج 8ص.1612
ّ
159
المطلب األول :الفئة التي يستهدفها الداعية ونقطة البداية مع المدعو
أن صاحب الدعوة عليه أن يبّلغ دعوته للجميع ،لكن تبقى فئة الشباب هي
حوى ّ
يبين ّ
ّ
معدن النصرة ،وقد الحظ الشيخ هذا المعنى من قوله تعالى :ﱡﭐ ﱮ ﱯ ﱰ ﱱ ﱲ ﱳ
ﲭ ﱠ الكهف ،١٥ :ومن قوله تعالى :ﱡﭐ ﲺ ﲻ ﲼ ﲽ ﱠ الكهف ،٤٣ :وقوله تعالى:
عباس " :ما بعث اهلل نبياً ّإال شابًا ،وال أوتي العلم عالم ّإال وهو شاب"
حوى قول ابن ّ
يذكر ّ
()2
وتال هذه اآلية.
وبين
المريد ،أو السالك ،في ظالل كثير من اآليات ،فلم تكن بداية فحسب ،ولكن بداياتّ ،
أن مقدار نجاح الداعية في النهايات متوقّف على مقدار نجاحه في هذه البدايات ،ومن المواضع
ّ
()1
البينات ،والحجج القاطعات ،والبراهين
جاء في تفسير هذه اآلية" :يخبر تعالى ّأنه لم يؤمن بموسى مع ما جاء به من اآليات ّ
يردوهم إلى ما كانوا عليه من الكفر."...
الساطعات ،إال قليل من قوم فرعون ،من الذرية وهم الشباب ،على وجل منه ومن مإله ،أن ّ
ابن كثير( ،تفسير القرآن العظيم) ،ج 1ص.287
()2
عباس في
حوى( ،األساس في التفسير) ،ج 3ص ،2128ج 6ص ،3067ص ،3218ج 7ص .3177وقد ورد قول ابن ّ
انظرّ :
تفسير ابن كثير ،ج 3ص.312
161
أن هذه البدايات
ويبين ّ
على مواضيع التوبة واإلنابة ،واإليمان باهلل واإلكثار من ذكرهّ ،
األذكار ،ال يتخّلى عنها مهما كانت األحوال ،وعلى رأس هذه األذكار الصالة فهي
ﲾﲿﳀﳁﳂﳃﳄ ﳅﳆﳇﳈﳉﳊﳋﳌﳍ
ﳎ ﳏ ﱠ األحزاب٨١ :؛ فبقدر هذه البداية يكون االقتداء برسول اهلل ،وان
أن مجيء
كان رجاء اهلل واليوم اآلخر بجانب الذكر في طريق الوصول إلى االقتداءّ ،إال ّ
بد للمرّبي أن يالحظ هذه البداية باإلضافة إلى توجيه السالك نحو
الرجاء أيضًا؛ فال ّ
()2
العمل الصالح واإلخالص؛ حتّى يكون السالك سائ ًار على قدم رسول اهلل .
كل
مرب لم يبدأ بتعليم األدب ففاته ّ
وتعّلمه هو البداية الصحية في التربية؛ وكم من ّ
()1
حوى( ،األساس في التفسير) ،ج 3ص.2762-2768
انظرّ :
()2
انظر :المرجع السابق ،ج 6ص.3213-3212
161
كل رسل اهلل كانوا يطالبون أقوامهم بأمرين :التقوى
أن ّ
ثم نالحظ ّ
شيء ،...ومن ّ
النبوة أن
وراث ّالتام بين األدب مع اهلل واألدب مع رسله ؛ فعلى ّ
والطاعة؛ للتالزم ّ
يالحظوا ذلك ،وعلى الراغبين في العلم والتعلّم والوصول إلى اهلل أن يعطوا ذلك ح ّقه"(.)1
()3
أن اتّباع القرآن وخشية اهلل ،والشكر ،واإلنفاق والتقوى
يبين ّ
ّ .1وفي مواضع قرآنية أخرى
واإليمان ،وتالوة القرآن الكريم ،والذكر والصالة كذلك ،هي بدايات في طريق الهداية(.)4
كل ذلك مترتّب على أمور؛ وهو ما جعل الشيخ يعتبر تلك األمور بدايات في
والتيسير لليسرىّ ،
كذلك يمكن الجمع بين ما ذكر من هذه البدايات تحت بداية معرفة اهلل ،والذكر؛ فمعرفة اهلل
تقتضي تقواه ،وايمانًا به ،وخشية منه ،وشك ًار له ،وأدبًا معه ومع من يدعو إلى سبيله ،وانفاقًا في
سبيله ،والذكر يشمل الصالة ،وتالوة القرآن ،واألذكار من التسبيح واالستغفار وغير ذلك.
()1
حوى( ،األساس في التفسير) ،ج7ص.3333
ّ
()2
انظر :المرجع السابق ،ج 7ص .3331-3333
ﲷﲹﲺ
ﲸ ﲰﲲﲳﲴﲵﲶ
ﲱ قوله تعالى :ﱡﭐ ﲩ ﲪ ﲫ ﲬ ﲭ ﲮ ﲯ ()3
ﲦﲨ
ﲧ ﲻ ﲽ ﲾ ﲿ ﳀ ﳁ ﱠ العنكبوت ،٥٤ :وقوله تعالى :ﱡﭐ ﲟ ﲠ ﲡ ﲢ ﲣ ﲤ ﲥ
ﲼ
ﲩ ﲪ ﲫ ﲬ ﱠ يس ،١١ :وقوله تعالى :ﱡﭐ ﲢ ﲣ ﲤ ﲥ ﲦ ﲧ ﲨ ﲩ ﲪ ﲫ ﲬ ﱠ الليل-٣:
.٥
()4
حوى( ،األساس في التفسير) ،ج 8ص ،1632 ،1620 ،1210ج 00ص.6333
انظرّ :
162
حوى إ لى ضرورة توفير ما تحتاجه هذه البدايات من بيئات مناسبة ،تجعل السالك
ويشير ّ
ينصهر في تلك البدايات؛ فعلى سبيل المثال التركيز على تالوة القرآن في البدايات ،يقتضي تعّلم
وفيه مسألتان:
ويمكن توضيح هذه المسألة من خالل قصص األنبياء مع أقوامهم في سورة هود؛ فقد
كل قصة من هذه القصص لها مدلول خاص في الدعوة؛ بحيث تسع ما يمكن أن
أن ّ
حوى ّ
ّبين ّ
يصادفه الداعية ،واالختالف في أسلوب الدعوة مع هذه األقوام نابع من اختالف طبائعها
ويوضح هذه القضية من خالل تذكير األنبياء ألقوامهم؛ فتذكير نوح في قوله تعالى :ﱡﭐ
ّ
ﲟﲡﲢﲣﲤﲥﲦﲧﲨ
ﲠ هود في قوله تعالى :ﱡﭐ ﲜ ﲝ ﲞ
ﳈﳊﳋ
ﳉ ﲾﳀ ﳁﳂﳃﳄﳅﳆﳇ
ﲿ تعالى :ﱡﭐ ﲻ ﲼ ﲽ
()1
حوى( ،األساس في التفسير) ،ج 8ص.1210
انظرّ :
()2
حوى( ،األساس في التفسير) ،ج 3ص.2373-2371
انظرّ :
163
يوضح الشيخ قضية مراعاة الداعية لطبيعة المدعو كذلك من خالل
وفي أجواء نفس السورة ّ
ردود األنبياء نوح وهود وصالح على أقوامهم؛ فقد اختلفت الردود أيضًا بسبب اختالف
المفصل
ّ رد نوح النقاش
التحدي لهم والتو ّكل على اهلل ،وكان ّ
ّ رد هود هو
بينما كان ّ
الحق ودائرته"(.)1
ّ ضمن إطار
ظل قوله
يقدمه في ّ
أهمية اختيار الداعية للوقت المناسب لما يرغب أن ّ
أشار الشيخ إلى ّ
()2
المحاجة أكبر
ّ سيحاج فيه سحرة فرعون؛ وذلك ليحضر تلك
ّ ضحى ،للوقت الذي
ً يوم الزينة
يظن
كل األحوال -حتّى في تلك التي ّ
أهمية الدعوة في ّ
ومن ناحية أخرى يشير إلى ّ
الداعية فيها عدم جدوى الدعوة-؛ لما لذلك من آثار عاجلة أو آجلة قد ال يدركها الداعية؛ وقد
()1
المرجع السابق ،ج 3ص.2376
()2
محمد بن جرير (ت301ه)( ،جامع
يتفرغ الناس من األعمال ،ويشهدون ويحضرون ويرون" .الطبريّ ،
يوم الزينة" :يوم العيد؛ يوم ّ
البيان عن تأويل آي القرآن) ،حقّقه محمود وأحمد شاكر ،مؤسسة الرسالة ،لبنان0121 ،ه2111-م ،ط 21 ،0جزءاً .ج08
ص.321
()3
حوى( ،األساس في التفسير) ،ج 7ص.3371
انظرّ :
164
ﲯ ﲱﲲﲳﲴﲵﲶﲷﲸﲹ ﲺﲻ
ﲰ ﲭﲮ
ﱠ طه٤٨ – ٤١ :؛ فيقول " :وفي قول موسى هذا ،درس بليغ للدعاة ّأال ّ
يقصروا في الوعظ
ألشد أنصار الظالمين ،فهؤالء السحرة حشدهم فرعون ليجابه موسى ؛
ّ كل حال ،وحتّى
في ّ
يتركن
ّ ومرة بعد ذلك؛ إذ أسلموا جميعاً ،فال
مرة في خلخلة صفّهمّ ،
مرتين؛ ّ
فأفاد هذا الوعظ ّ
أي ظرف"(.)1
المسلم دعوته في ّ
ألن
أن إنذار الكافرين إن لم يفد في تحقيق اإليمان ،فقد يفيد في شؤون أخرى؛ وذلك ّ
دليل على ّ
كالم مؤمن آل فرعون أثّر في صرف فرعون عن قتل موسى ،كما في قوله تعالى :ﱡﭐ ﱁ
()2
طاغية كفرعون ،وقد تزحزح عن موقفه بسبب اإلنذار البليغ.
()1
حوى( ،األساس في التفسير) ،ج 7ص.3371
ّ
()2
انظر :المرجع السابق ،ج 2ص.1261
165
المطلب الثالث :سلوك الداعية في دعوته
عدة مسائل:
وفيه ّ
يعد
أن ذلك ال ّ
حوى ّ
الناس بمنزلته في العلم؛ فقد ّبين ّ
يعرف الداعيةُ َ
أن ّ
والمراد من ذلك هو ّ
من باب التزكية ،إذا كان الهدف من ذلك تحقيق مقص د أخروي ،أو مقصد تحتاجه الدعوة إلى
اهلل ،أو إذا جهل الناس منزلة الداعية في العلم( ،)1وقد أشار إلى ذلك في تفسيره لقوله تعالى:
ﳗ ﳘ ﳙ ﳚ ﳛ ﳜ ﳝ ﳞ ﳟ ﳠ ﱁ ﱂ ﱃ ﱄ
ﱏﱑﱒﱓﱔﱕﱖ ﱗ
ﱐ ﱆﱈﱉ ﱊﱋﱌﱍﱎ
ﱇ ﱅ
()2
ﱘ ﱙ ﱚ ﱛ ﱜ ﱝ ﱠ يوسف.٥٤ – ٥٥ :
ﲴﲶﲷﲸ
ﲵ التي استنبطها من قوله تعالى :ﱡﭐ ﲮ ﲯ ﲰ ﲱ ﲲ ﲳ
()1
أن العالم إذا جهلت منزلته في
والتعريف في حال جهل الناس بالمنزلة نقله الشيخ عن اإلمام النسفي ،وعبارة النسفي " :وفيه ّ
العلم فوصف نفسه بما هو بصدده ،وغرضه أن يقتبس منه ،لم يكن من باب التزكية" .النسفي( ،مدارك التنزيل وحقائق التأويل) ،ج2
ص.001
()2
حوى( ،األساس في التفسير) ،ج 3ص ،2636ج 7ص.3232
انظرّ :
166
ال ،وبالقدر الذي يحتاجه اإلنسان ،وتقوم به
على نفسه في القرآن الكريم ،كان تعريفًا كام ً
الحجة عليه ،وما فوق ذلك ،خبره في قوله تعالى :ﱡﭐ ﲵ ﲶ ﲷ ﲸ ﲹ ﱠ طه ١١٣ :؛
ّ
حوى في شأن التعريف على اهلل ،والتعريف على مسؤولية اإلنسان في
يوجه ّ
وبناء على هذا ّ
ال
مقابل ذلك؛ فيقول " :ففي الدعوة إلى اهلل علينا أن نبرهن أ ّن اهلل موجود ،وأّنه أرسل رسو ً
أن اختيار اإلنسان ال يتنافى مع إحاطة العلم واإلرادة والقدرة؛ أل ّن القدرة تعمل على وفق اإلرادة
ّ
بد
واإلرادة تعمل على وفق العلم ،والعلم كاشف ال مجبر ،عند هذا يقف الكالم ...في النهاية ال ّ
الرب ،ﱡﭐﲽ ﲾ ﲿ ﳀ ﳁ
أن يسأل اهلل؛ فاهلل هو ّ
أن أحداً ليس من ح ّقه ّ
أن يكون واضحاً ّ
ومما رّكز الشيخ عليه في قضية التعريف على اهلل ،التعريف بجالله وجماله؛ فقد ّبين
ّ
ضيف إبراهيم ،وقد اشتمل هذا اإلخبار –كما في اآليات الالحقة( -)2على تبشير إبراهيم
جمالي ،كما اشتمل اإلخبار كذلك على هالك قوم لوط
ّ بغالم عليم ،وهذا مظهر رحمة
()1
حوى( ،األساس في التفسير) ،ج 7ص.3116
ّ
()2
اآليات [ ]71-32من سورة الحجر.
167
جاللي؛ فاشتمل نبأ النبي لقومه على إخبار عن رحمة اهلل
ّ بالصيحة ،وهو مظهر نقمة
()1
ونقمته ،وفي هذا درس للداعية.
بث األمل
المهمة التي يجب أن يأخذها الداعية بعين االعتبار في دعوتهّ ،
ّ من األمور
بنصر اهلل في نفوس المسلمين؛ لما لهذا األمر من دور عظيم في دفع المسلم إلى أقصى حدود
ﱔ ﱕ ﱖ ﱗ ﱘ ﱙ ﱚ ﱛ ﱜ ﱝ ﱞﱟﱠ
()1
حوى( ،األساس في التفسير) ،ج 6ص ،2881ج 00ص.6213
انظرّ :
()2
وقد وجدت الحديث بلفظ" :من قال هلك الناس ،فهو أهلكهم" .مسلم( ،المسند الصحيح المختصر بنقل العدل عن العدل إلى رسول
البر والصلة واآلداب ،باب النهي من قول هلك الناس ،ج 1ص ،2121حديث رقم.2623 :
اهلل ،)كتاب ّ
()3
حوى( ،األساس في التفسير) ،ج 1ص ،2273ج 2ص3373؛ لمزيد حول مناقشة هذا الموضوع ،يحيل الشيخ إلى كتابه انظرّ :
(جند اهلل ثقافة وأخالقاً).
أمتي مثل المطر ،ج 3ص ،032حديث رقم ،2862 :حكم
والحديث أخرجه الترمذي( ،سنن الترمذي) ،كتاب األمثال ،باب مثل ّ
الترمذي على الحديث :حديث حسن غريب من هذا الوجه.
168
طالب
الخاصة من ّ
ّ بد أن يصادف الداعية بعض العقبات في دعوته؛ سواء مع دائرته
ال ّ
لعامة الناس ،وما أنا بصدد ذكره في هذا المقام ،هو العقبات المتعّلقة
التزكية ،أو في دعوته ّ
بأخطاء الطالب في سلوكه ،وموقف الداعية من ذلك ،ويمكن توضيح هذه المسألة من خالل
مايلي:
الخضر ليست مشروعة في الظاهر ،ومع علم موسى بأفضلية الخضر منه
محل
في بعض جوانب العلم؛ ّإال أ ّن ذلك لم يمنعه من النكير عليه ،والنبي موسى ّ
ﲿ ﲾ قدوة؛ لكونه من جملة األنبياء الذين قال اهلل في ح ّقهم :ﱡﭐﲻ ﲼ ﲽ
أن المسلم إذا رأى ما ظاهره ﳁﱠ األنعام٨٣ :؛ وبناء على ذلك ّ
يبين الشيخ ّ ﳂ ﳀ
السيما
بغض النظر عن فاعله ،مراعياً األدب في اإلنكارّ ،
ّ منكر ،ال يسعه إال أن ينكره
مما
المن َكر عليه صالحًا؛ الحتمال أن يكون للمسألة وجه ،إن كانت المسألة ّ
إذا كان ُ
أما من حيث االلتزام بشروط الصحبة؛ فقد اشترط الخضر على موسى عدم
ّ
169
ﲪ ﲫ ﲬ ﲭ ﲮ ﲯ ﱠ الكهف٥٣ :؛ فإذا كان السير مشروطًا بشرط
العباد والزّهاد(.)2
الناس وتقويم أخطائهم ،وينكر على من يعتزلهم من ّ
()3
مئات من من الناس الذين يظن فيهم الخير ،ثم ال يخرج منهم شيء كثير".
ﲏﲑﲒ
ﲐ ﲄﲅﲆﲇﲈﲉﲊﲋ ﲌﲍﲎ
()1
حوى( ،األساس في التفسير) ،ج 6ص 3202ص.3207
انظرّ :
()2
انظر :المرجع السابق ،ج 7ص ،3261ج3ص.0133
()3
انظر :المرجع السابق ،ج 00ص 6371ص.6383-6382
171
ﲠ ﲟ ﲓﲔﲕ ﲖﲗﲘﲙﲚﲛﲜﲝﲞ
بد أن يأخذ الداعية بعين االعتبار ّأنه إذا حدثت استجابة إللقاء
ومن جانب آخر ال ّ
ﱶﱸﱹ ﱺﱻﱼﱽﱾ
ﱷ تجاه ذلك من خالل قوله تعالى :ﱡ
السنة األولى
ظل ما سيواجهه في دعوته؛ فبمعرفة ّ
السنتين ،حتّى ال يشعر باألسى في ّ
ّ
(إلقاء الشيطان المستمر وتأثيره في مرضى القلوب) ،لن يتفاجأ الداعية عند رؤية خلل
()1
حوى( ،األساس في التفسير) ،ج 7ص 3382ص.3327-3326
انظرّ :
171
السنة الثانية (صدور موقف ضد الداعية) سيصبح
في تصرفات األتباع ،وبمعرفة ّ
()1
الداعية أكثر إقدامًا على العقوبة العادلة.
حوى
إن من مهام الدعاة إلى اهلل البشارة والنذارة ويكون ذلك باألقوال واألفعال ،وفقد ّبين ّ
ّ
حق
يقدم التبشير في ّ
مقدم على التبشير ،كما ّ
حق الكافرين والغافلين ّ
أن "اإلنذار في ّ
ّ
المؤمنين"(.)2
وقد كان الغالب على توجيهات الشيخ المتعلّقة بالدعوة ّأنها متعلّقة بجانب اإلنذار ،ويمكن
جل توجيهات الشيخ المتعّلقة بعملية اإلنذار مستوحاة من سورة نوح ؛
أن ّ
وجدت ّ
ُ وقد
.0إظهار الشفقة والحرص على المدعويين ،وقد أفاد الشيخ ذلك من نداء نوح لقومه
.2تحديد مضمون الدعوة وطبيعتها؛ بحيث ال ي ترك الداعية فرصة ألحد يعطي اآلخرين
()1
حوى( ،األساس في التفسير) ،ج 7ص 3383ص.3322
انظرّ :
()2
المرجع السابق ،ج 3ص.2333
()3
انظر :المرجع السابق ،ج 00ص.6061-6012
172
ِ
مجتمعة ،وذلك لقوله تعالى :ﱡﱾ ﱿ .3ضرورة التربية على العبادة والتقوى والطاعة
أن الدعاة الكاملين هم الذين يرّبون على هذه المعاني مجتمعة ،ضمن
حوى ّ
ويبين ّ
طورّ ،
صيغة قرآنية إسالمية ،وا ذا لم تكن التربية على هذا النحو فستكون النتيجة قصو ًار في
الدعوة في هذا العصر ،فأنتج ذلك طاعة للكافرين من قبل كثير من المسلمين.
تتميز عن الدعوات
.1اشتمال دعوة الداعية إلى اهلل على الوعد اآلخروي ،وهي بهذا ّ
حوى هذا المعنى من قوله تعالى على لسان نوح داعيًا قومه:
الدنيوية ،وقد أفاد ّ
ﲓﲕﲖ
ﲔ ﲋﲍﲎﲏﲐﲑﲒ
ﲌ ﱡﭐﲄ ﲅ ﲆ ﲇ ﲈ ﲉ ﲊ
ﲞ ﲟ ﲠ ﱠ نوح.٣ :
:ﱡﭐ ﲶ ﲷ ﲸ ﲹ ﲺ ﲻ ﲼ ﲽ ﲾ ﲿ ﳀ ﳁ ﳂ ﱠ
نوح.٨ – ٤ :
173
.7التركيز في الدعوة على االستغفار ،وتعظيم اهلل ،كما فعل نوح في قوله تعالى:
ﱓ ﱔ ﱕ ﱖ ﱠ نوح.)1(١٥ :
الدعوة؛ فقوم نوح كانوا أهل دنيا ،فرتّب على استجابتهم له ،تح ّقق رخاء دنيوي من
إرسال األمطار ،وامدادهم بالمال والبنين ،وغير ذلك ،كما في قوله تعالى على لسان نوح
:ﱡﭐ ﳃ ﳄ ﳅ ﳆ ﳇ ﳈ ﳉ ﱁ ﱂ ﱃ ﱄ ﱅ
ﱆ ﱇ ﱈ ﱉ ﱊ ﱋ ﱌ ﱍ ﱎ ﱏ ﱠ نوح.١٨ – ١٣ :
كافري قريش بثالثة أشياء حتّى يخرجهم من غمرة قلوبهم؛ أنذرهم بداية بأخذ المترفين
ﲬ ﲮ
ﲭ ﲧﲩ ﲪ ﲫ
ﲨ ﲦ ﲥ ﲟ ﲠﲡ ﲢ ﲣﲤ
حوى إلى هذا المعنى في تفسير قوله تعالى :ﱡﭐ ﲠ ﲡ ﲢ ﱠ المدثر ،٥ :حيث قال ّ " :
()1
إن األمر بالتعظيم في وقد أشار ّ
حوى( ،األساس في التفسير) ،ج00 بأنه بدون تعظيم كامل هلل في القلب ال تتأتّى عملية اإلنذار"ّ .
إشعار ّ
ٌ سياق األمر باإلنذار،
ص.6222
174
ﲯ ﲰ ﲱ ﲲ ﲳ ﲴ ﱠ المؤمنون ،١٣٣ – ٨٨ :واإلنذار األخير كان من
()1
ﲽ ﲾ ﲿ ﱠ المؤمنون.١٣١ :
واإلنذار بيوم القيامة وغيره يندرج تحت أسلوب الترهيب في التربية ،وقد ظهر من خالل
عدة آيات؛ ففي كلمة أخيرة عن سورة الشورى ،والتي اشتملت على قوله تعالى :ﱡﭐ
من خالل ّ
ﲎ ﱠ ،ومن ّ
ثم فعلينا أن نالحظ هذا المعنى في اإلنذار بيوم القيامة ﱡﭐﲉ ﲊ ﲋ ﲌ ﲍ ﲏ
اآلخر يكاد يكون معدومًا في تعليم العلماء وخطب الخطباء ،على حساب مواضيع أخرى ال ننكر
على التذكير بيوم القيامة في البداية والوسط والنهاية؛ فمن البداية قوله تعالى :ﭐﱡﭐﲰ ﲱ ﲲ
()1
حوى( ،األساس في التفسير) ،ج 7ص 3633ص.3668
انظرّ :
()2
المرجع السابق ،ج 2ص.3003
175
النهاية ،قوله تعالى :ﭐﱡﭐ ﳟ ﳠ ﳡ ﳢ ﳣﱠ المدثر ،٨٨ :وقد ُذكر فيما سبق أن سياق سورة
أن مجيء التذكير المدثر هو اإلنذار؛ لقوله تعالى :ﱡﭐ ﲝ ﲞ ﲟ ﱠ المدثر ، ٨ :ويرى ّ
حوى ّ ّ
ويبين
ال بموضوع اليوم اآلخرّ ،
أن اإلنذار مرتبط ارتباطاً كام ً
يدل على ّ
باآلخرة في هذا السياقّ ،
أن
يبين ّ
أّنه ال مذ ّكر باآلخرة كالقرآن الكريم؛ فأداة اإلنذار هو القرآن الكريم ،وفي هذا السياق ّ
من الوسائل التي استخدمها القرآن الكريم لتهيئة النفس لقبول اإلنذار :التعريف على اهلل ،
وعلى القرآن الكريم؛ فهو تذكرة ،كما في قوله تعالى :ﭐﱡﭐﱥ ﱦ ﱧ ﱨﱠ المدثر٣٨ :؛ وبناء
حوى الدعاة لإلكثار من تفسير القرآن الكريم ،وربط الناس به ،وقد أشار إلى المعنى
يوجه ّ
عليهّ ،
بد من التركيز
أن القرآن الكريم هو النذير الكافي والمستمر إلى يوم القيامة؛ فال ّ
اآلية إشارة إلى ّ
()1
على ربط اإلنسان به.
سورة طه :ﱡﭐﱭ ﱮ ﱯ ﱰ ﱱﱠ طه ،٥ :بيان ألهل هذه التذكرة ،والخشية من ثمار
ﲆ ﱠ الزمر،١٤ :
ﲇ ﲀﲂﲃﲄﲅ
ﲁ تعالى:ﭐﱡﭐ ﱸ ﱹ ﱺ ﱻ ﱼ ﱽ ﱾ ﱿ
()1
حوى( ،األساس في التفسير) ،ج 00ص ،6212ج 01ص.3616
انظرّ :
176
ﱓ ﱔ ﱕ ﱖ ﱗ ﱘ ﱙ ﱚ ﱛ ﱜ ﱝ ﱞ ﱠ ق ،٥٥ :ومن اآلية
()1
المتدبر ينتفع أيضًا بالتذكرة.
المتأمل و ّ
ّ أن اإلنسان
حوى على ّ
يستدل ّ
ّ األخيرة
يخاف وعيد اهلل ُيذ ّكر بالقرآن حتّى يرجع ،كما في قوله تعالى :ﱡﭐ ﲭ ﲮ ﲯ ﲰ
الفائدة من العمل أو التذكير ،أما الكافرون فقسمان :منهم من في قلبه مح ٌل لوعيد اهلل ،فهذا
لعل الذكرى تنفعه ،ومن ليس في قلبه محل لوعيد اهلل ،فنقطة البداية معه أن تقام
يذ ّكر بالقرآنّ ،
()2
يلخص السابق:
طط اآلتي ّ
الحجة بوجود اهلل ،والمخ ّ
عليه ّ
َّ
المذكر
()1
حوى( ،األساس في التفسير) ،ج 2ص 1861و ص ،3163ج 01ص.3323
انظرّ :
()2
انظر :المرجع السابق ،ج 01ص.3331
177
وبعد ،فهذه أبرز توجيهات الشيخ المتعلّقة بعناصر عملية الدعوة ،وقد اجتهدت في
178
الفصل الخامس
وفيه مبحثان:
179
تمهيد:
ﱡﭐ ﲲ ﲳ ﲴ ﲵ ﲶ ﲷ ﲸ ﲹ ﲺ ﲻ ﲼ ﲽ ﲾ ﲿ
ﳀﳁﳂ ﳃﳄﳅﳆﳇﳈﳉﳊﳋ ﱠ
التزكية ثمرة التربية ومطلب فوقه ،والتربية هي الوسيلة المعينة على تحقيقه ،وهذا ما يمكن
فتستعينوا بذلك على التربية ،لما يحصل لكم من التزكية عن الفاحشة" ()5؛ فتنفيذ األمر هو نوع
()1
انظر :النحالوي( ،أصول التربية اإلسالمية وأساليبها في البيت والمدرسة والمجتمع) ،ص.032
( )2انظر :فحلة ،حسن أحمد ،أثر السنّة في توجيه العلوم التربوية واالجتماعية ،مؤتمر السّنة النبوية في الدراسات المعاصرة ،جامعة
اليرموك ،األردن .2117/1/08 ،مقالة 7ص.37
()3
انظر :المرجع السابق ،مقالة 7ص.36
محمد ،البناء النفسي للمسلم في ضوء السنّة النبوية وأبعاده الحضارية ،مؤتمر السّنة النبوية في
انظر :الجيوسي ،عبد اهلل ّ
()4
()5
اآللوسي( ،روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني) ،ج 2ص.102
181
محمد قطب ،حيث قال في كتابه منهج
تبنى هذا القول من المحدثين الشيخ ّ
كذلك فقد ّ
التربية اإلسالمية " :التربية اإلسالمية على منهج اهلل هي التي تعين اإلنسان على تزكية نفسه
()1
أي :تقويمها على الفطرة السليمة".
أتطرق للحديث عن الغاية من ذلك كّله ،وهو تزكية النفس؛ من حيث ما يعين عليها ،وما يعيقها
فمن تح ّقق بالتربية اإلسالمية للقلب والجسم واألخالق ،وتح ّقق بالتربية اإلسالمية للمتعلّم إن كان
وفي سبيل بيان كيفية تنمية هذه الثمرة –التزكية -والمحافظة عليها ،وحتّى إيجادها ،أتطرق
( )1
محمّد قطب( ،منهج التربية اإلسالمية) ،ج 2ص.477
181
األول
المبحث ّ
وسائل التزكية
أتطرق في هذا المبحث للحديث عن وسائل التزكية ،وذلك ضمن المطالب اآلتية:
ّ
التفوق المدني)
األول :البيئة الصالحة (حياة المسجد ،الصحبة الصالحةّ ،
المطلب ّ
األهمية من خالل السيا ق القرآني الذي ورد فيه قوله تعالى :ﱡﭐ ﳑ ﳒ
ّ حوى هذه
يبين ّ
ّ
ﲜﲞﲟ
ﲝ ُسبقت اآلية بوصف قلب المؤمن ،وذلك في قوله تعالى :ﱡﭐ ﲙ ﲚ ﲛ
ﲦ ﲨ ﲩ ﲪ ﲫ ﲬ ﲭ ﲮ
ﲧ ﲢ ﲤ ﲥ
ﲣ ﲠ ﲡ
ﲿﳁ
ﲻ ﲽﲾ ﳀ
ﲯﲰ ﲱﲲﲳﲴﲵﲶﲷﲸﲹﲺ ﲼ
ﳊ ﳌ ﳍ ﳎ ﳏ ﳐ ﱠ النور ، ٥٣ :يقول
ﳋ ﳅﳇﳈﳉ
ﳆ ﳂﳃﳄ
()1
ثم فعلى العلماء أن يقيموا حلقات العلم
المساجد ،ومن ّ مظنته
أن مدد اإليمان ّ
" :وهذا يفيد ّ
ال" :المساجد
والقرآن في المساجد ،من أجل أن يوقدوا مصباح اإلنسان ،وهو قلبه" ،ثم يكمل قائ ً
األول في إيجاد اإليمان ،ووجود المؤمن ،وهذا يجعل مسؤوليتنا كبيرة في عمارة
لها الدور ّ
182
ثم يكمل " :التربية اإليمانية الكاملة ّإنما تكون في المسجد؛ إذ هي وحدها التي
المساجدّ "...
()1
تتوافر فيها شروط التربية الصالحة".
أن
عالم ،وق د اعتمد على نصوص القرآن الكريم في الوصول إلى هذه النتيجة ،فمن األدّلة على ّ
سياق األمر بالكينونة مع الصادقين ،وذلك في اآلية السابقة ،ومن األدلّة على كون المجاهد
ﱈﱊﱋ
ﱉ داخل في الصادقين ،قوله تعالى :ﱡﭐﱁ ﱂ ﱃ ﱄ ﱅ ﱆ ﱇ
()3
يتسنى للمسلم معرفتهم ،فيلزمهم
في كتاب اهلل مفهوم الصادقين بما يقطع الدعاوى ،حتّى ّ
يصح أن
ّ يقول الشيخ " :فالكينونة ينبغي أن تكون مع الذين ي ازولون الجهاد ،ومع العلماء ،وال
( )1
حوّ ى( ،األساس في التفسير) ،ج 11ص .3775وينقل الشيخ في هذا السياق قول ابن كثير" :لما ضرب هللا مثل قلب المؤمن...
ذكر محلّها وهي المساجد ،التي هي أحبّ البقاع إلى هللا تعالى من األرض" .ابن كثير( ،تفسير القرآن العظيم) ،ج 6ص.62
183
()1
وختمت السورة –سورة التوبة -بوصف رسول اهلل
تكون الكينونة مع أهل النفاقُ ،...
()2
ليقتدي به الصادقون ،الذين ينبغي أن يكون اإلنسان معهم".
التفوق المدني
المسألة الثالثةّ :
الردة
من إخضاع نفسي لبقية المدنيات وأهلها ،وكذلك من سبيل للقضاء على بعض أسباب ّ
ومن جانب آخر أتاحت الفرصة للكافرين لمهاجمة المسلمين والتفاخر عليهم ،وقد ّنبه الشيخ
ﳗﳙ
ﳘ إلى هذا الدرس العظيم ،من خالل قوله تعالى في شأن ملكة سبأ :ﱡﭐﳔ ﳕ ﳖ
ﳦﳨﳩﳪ ﳫ
ﳧ ﳟﳡﳢﳣﳤﳥ
ﳠ ﳚﳛﳜﳝﳞ
ثم إسالمها.
حضارة سليمان سببًا إلخضاعها نفسياً ،ومن ّ
هو منطق أكثر الناس اليوم؛ إذ يحتجون برخاء عيش الشعوب كاألوروبية واألمريكية رغم كفرهم
بحق أو
ّ أن الغنى والفقر ال يتعّلقان
الحجة بتقرير حقيقة ّ
ّ ويرد الشيخ هذه
فيرفضون اإلسالمّ ،
ﲩ ﲪ ﱠ التوبة.١٨٤ :
( )2حوّ ى( ،األساس في التفسير) ،ج 4ص.2383
( )3
انظر :المرجع السابق ،ج 7ص.4117
184
باطل( ،)1وشاهد لذلك في قوله تعالى :ﱡﭐﲸ ﲹ ﲺ ﲻ ﲼ ﲽ ﲾ ﲿ ﳀ ﳁ
()2
رضا اهلل .
عدة مسائل:
وفيه ّ
إن الظنون واألوهام تش ّكل بناء الكفر؛ فالكفر ال يقوم على شيء يقيني ،كما في قوله
ّ
تعالى:ﱡﭐ ﲨ ﲩ ﲪ ﲫ ﲬ ﲭ ﲮ ﲯ ﲰ ﲲ
ﲱﲳ ﲴﲵﲶﲷﲸ
إن غياب العلم يزيد من ﲹ ﲺ ﲻ ﱠ األنعام ،١١٤ :والتقف األمور عند هذا ّ
الحد ،بل ّ
()4
ليوجهها توجيهًا سيئًا ،يخدم أغراضه الكافرة ،وذلك قد يحدث دائمًا إذا لم يوجد علم ووعي"
أن االستعداد للفتنة يبقى دائمًا ،إذا لم يكن المسلم على غاية من العلم
حوى ّ
وبناء عليه يرى ّ
يتوقّف عن طلب العلم ،وان وصل نهايته؛ فهذا نبي اهلل موسى ،كان شرطه في اتّباع
185
الخضر أن يأخذ العلم منه ،وذلك في قوله تعالى :ﱡﭐ ﱼ ﱽ ﱾ ﱿ ﲀ ﲁ ﲂ
()1
ﲃ ﲄ ﲅ ﲆ ﲇ ﱠ الكهف.٤٤ :
السنة ،فينهى
التصور وسالمة السلوك تتوّقفان على معرفة ما جاء في الكتاب و ّ
ّ فإن سالمة
كذلك ّ
ﱲ ﱳ ﱴ ﱵ ﱶ ﱷ ﱸ ﱹ ﱺ ﱻ ﱼ ﱽ ﱾ ﱿﱠ
أهمية إعطاء الخطاب القرآني مدلوله العملي ،وجاءت هذه اإلشارة في
كذلك يشير إلى ّ
الغاشية ،١٤ – ١٥ :تعقيبًا على قول شريح القاضي ؛ حيث قال" :اخرجوا بنا حتّى ننظر
( )3انظر :المرجع السابق ،ج 11ص6499؛ وقول القاضي شريح نقله الشيخ عن ابن كثير .ابن كثير( ،تفسير القرآن العظيم) ،ج8
ص.387
186
ظل تفسيره لقوله تعالى :ﱡﭐ ﱾ ﱿ
أهمية تعاهد القرآن الكريم في ّ
ويؤ ّكد الشيخ على ّ
()1
تفصيًا من
أشد ّ
والرعاية" ،ويستشهد بقول الرسول " :تعاهدوا القرآن ،فوالذي نفسي بيده لهو ّ
()2
اإلبل من عقلها".
حوى الضوء على هذا المعنى أثناء تفسيره لسورة األعلى؛ حيث بدأت السورة باألمر
يسلّط ّ
"ومجيء ذكر الفالح وربطه بالتزكية والصالة ،في سياق األمر بالتسبيح ال يخفى؛ فالتسبيح جزء
من الصالة ،وهو طريق إلى تزكية النفس ،فبقدر استقرار التنزيه في النفس البشرية تكون تزكيتها
سبح النفس ،يكون استقرار التنزيه"()3؛ فالتسبيح –وهو نوع ذكرٍ ،-
مؤد للتنزيه والتنزيه وبقدر ما تُ ّ
ٍ
مؤد للتزكية؛ فبقدر الذكر تكون التزكية.
()4
حوى على صلة
كذلك من خالل آيات سورة األعلى –وغيرها من السور القرآنية -يدلّل ّ
ذكر التسبيح بتثب يت العلم والتيسير ،حيث جاء في سياق األمر بالتسبيح ،قوله تعالى :ﱡﭐﲤ
( )1
حوّ ى( ،األساس في التفسير) ،ج 9ص.5132-5131
( )2البخاري( ،الجامع المسند الصحيح المختصر من أمور رسول اهلل وسننه وأيامه) ،كتاب فضائل القرآن ،باب استذكار القرآن
وتعاهده ،ج 4ص ،1921حديث رقم.4746 :
( )3
حوّ ى( ،األساس في التفسير) ،ج 11ص.6483
( )4
كسورتي الحجر وطه.
187
أهمية كبيرة في
فإن لذكر (ال إله إال اهلل) ّ
حوى طلبة العلم لإلكثار من هذا الذكر ،كذلك ّ
يوجه ّ
ّ
()1
ويبين ّ أنه بقدر فهم هذا الذكر ،وترداده تقوى جذوره في
تثبيت المؤمن في الدنيا واآلخرة ّ ،
القلب ،ولذكر الصالة على النبي أثره الكبير في الخروج من الظلمات إلى النور ،فهذه
()2
حوى أثر صالة اهلل على العبد في هدايته
وضح ّ
الصالة سبب لصالة اهلل على العبد ،وقد ّ
()3
ﳞ ﳠ ﳡ ﳢ ﳣ ﱠ األحزاب.٨٥ :
ﳟ ﳝ
كما جاء في قول النبي " :المسلم إذا سئل في القبر ،شهد أن ال إله إال هللا ،وأنّ محمداً رسول هللا ،فذلك قوله :ﱡﭐ ﱝ ﱞ ( )1
()3
حوى( ،األساس في التفسير) ،ج 00ص ،6181ج 3ص ،2812ج 8ص .1132-1130ويحيل الشيخ لكتابه (جند اهلل انظرّ :
ثقافة وأخالقاً) لالطالع على أسباب صالة اهلل على العبد.
188
المبحث الثاني
معيقات التزكية
التطرق بإذن
ّ سيتم
طرق في المبحث السابق للحديث عن وسائل التزكية ،وفي هذا المطلب ّ
تم الت ّ
ّ
وفيه مسألتان:
إن تواجد المؤمن في بيئة فاسدة ،يجعله عرضة ألن تتسلّل إليه بعض أخالق أهلها ،وقد
ّ
حوى إلى هذا المعنى في تفسيره لقوله تعالى :ﱡﭐ ﲥ ﲦ ﲧ ﱠ المطففين،١ :
أشار ّ
أن خلق التطفيف قد يتسلل للمؤمن بسبب غفلة ،أو ضعف إيمان ،أو مخالطة بيئة
فذكر ّ
فاسدة(.)1
ومن مخاطر البيئة الفاسدة ّأنها تفقد النفس خصائصها األصيلة؛ السّيما إذا رافقها ترف
ويستدل الشيخ على هذا المعن ى من خالل الموقف الذي وقفه عزيز مصر من زوجته ،عندما
ّ
علم بمراودتها يوسف عن نفسه ،حيث كان موقفه أن اكتفى بأمرها باالستغفار لما عملته ،كما
ﳁ ﳃ ﳄ ﳅ
ﳂ جاء في قوله تعالى على لسان عزيز مصر :ﱡﭐ ﳀ
فطرته.
()1
حوى( ،األساس في التفسير) ،ج 00ص.6121
انظرّ :
()2
انظر :المرجع السابق ،ج 3ص.2633
189
حق اهلل ،حين أمر
قدم فيه ّ
أن موقف العزيز مع زوجته صائب؛ فهو ّ
ويرى بعض العلماء ّ
تأثيرها على خصائص النفس وانحرافها ،هو المقصود واهلل تعالى أعلم.
أشد ،إن كان هذا الفساد في الطبقة الحاكمة؛ لما تملكه من
وخطر البيئة الفاسدة يكون ّ
()3
تم ذكره
فإن ما ّ
للصد عن سبيل اهلل ، كذلك ّ
ّ والثروة والرياسة( -)2هم الذين يتصدرون
()4
الحق ،هو أيضاً أثر من آثار فساد الطبقة الحاكمة ،وقد
ّ ضد أهل
من التوعية الشعبية ّ سابقاً
ﳁ ﳂ ﳃ ﳄ ﳅ ﳆ ﳇ ﳈ ﳉ ﳊ ﳋ ﳌ ﳍ ﳎ ﱠ الشعراء– ٣٥:
()5
.٣٤
( )1
وقد أشار إلى هذا المعنى فضيلة الشيخ الدكتور هارون كامل الشرباتي أثناء مناقشة هذه الرسالة ،بتاريخ .2115/11/27
()2
ابن كثير( ،تفسير القرآن العظيم) ،ج 6ص.320
()3
حوى( ،األساس في التفسير) ،ج 8ص.1311
انظرّ :
()5
انظر :المرجع السابق ،ج 7ص.3208
191
المسألة الثانية :موقف المسلم تجاه البيئة الفاسدة
بد من
إن صالح المؤمن في البيئة الفاسدة غير كاف إلنجائه من عذاب اهلل ،بل ال ّ
ّ .0
.2بعد استنفاد المسلم وسعه في الدعوة ،واصالح بيئته الفاسدة ،يكون موقفه من تلك البيئة:
ﱉﱠ الكهف١٤ :؛ فأصحاب الكهف فارقوا الكفر وأهله بأبدانهم ،ولم يكتفوا
()2
بالمفارقة القلبية.
في سورة مريم ،وقد تجّلى هذا الموقف النبوي الراقي في قوله تعالى على لسان
إبراهيم :ﱡﭐ ﲲ ﲳ ﲴ ﲵ ﲶ ﲷ ﲸ ﲹ ﲺ ﲻ ﲼ
()1
حوى( ،األساس في التفسير) ،ج 3ص.2612
انظرّ :
()2
انظر :المرجع السابق ،ج 6ص.3068
191
أن من قام بمثل هذا الموقف ،سيكافئه ا هلل المكافآت العظيمة في الدارين؛ وذلك
ّ
ﳋﳍﳎﳏﳐ ﳑﳒﳓﳔ
ﳌ ﳆﳇﳈﳉﳊ
ﳕ ﳖ ﳗ ﳘ ﳙ ﳚ ﱠ مريم.)1(٣٣ - ٨٨ :
وان كان المسلم بعد عجزه عن تغيير الفساد ،مأمو اًر بمفارقته قلباً وبدناً وقوالً وفعالً
فإنه مأمور من باب أولى بعدم الركون ألهل الفساد ،وقد جاء النهي عن الركون
ّ
فيما يلي:
()1
حوى( ،األساس في التفسير) ،ج 6ص.3272
انظرّ :
192
حوى إلى هذا المعنى في تفسيره
.0العمل على تغيير نفوس المؤمنين إلى األحسن ،وقد أشار ّ
()1
األمة بأحسن".
األمة ال تطمع ّ ٍ
تغيير ألنفس ّ
سورة المائدة؛ وقد اشتملت سورة المائدة على ذكر نوع إفساد في األرض ،وهو قتل النفس
ثم ِذ ْكر
وحد الحرابة للمفسدينّ ،
ثم تبع ذلك حديث عن القصاص ّ
بالحقّ ،
ّ حرم اهلل إال
التي ّ
ﱇﱈﱉﱊ ﱋﱌﱍﱎﱏﱐﱑﱒﱓ ﱔ
ﱛﱝﱞﱟﱠ
ﱜ ﱕﱖﱗﱘﱙﱚ
ﱮﱯﱰﱱﱲﱳ ﱴﱵﱶﱷﱸﱹﱺ
ﲣ ﲤ ﲥ ﲦ ﲧ ﲨ ﲩ ﲪ ﲫ ﲬ ﱠ
()1
حوى( ،األساس في التفسير) ،ج 3ص.2716
ّ
193
المائدة ،٥٣ :ﱡﭐ ﱏ ﱐ ﱑ ﱒ ﱓ ﱔ ﱕ ﱖ ﱗ
()1
ﱘ ﱚ ﱛ ﱜ ﱝ ﱠ المائدة.٥٤ :
ﱙ
كل فساد
الردة ،هو الطريق الرئيس ،وا ّن ّ
الفاسقين سواء كان فسقهم أصليًا ،أو فسقهم بسبب ّ
في المجتمع اإلسالمي سببه ترك الجهاد ،وعدم اإلثخان ،وفي ذلك تفصيل لطريقة استئصال
ﱯ ﱰ ﱱ ﱲ ﱳ ﱴ ﱵ ﱶ ﱷ ﱸ ﱹ ﱺ ﱻ
إفساد المسلمين في األرض ،وتقطيع أرحامهم ،وما ينتج عن ذلك من استحقاقهم لّلعنة وعمى
()5
القلب.
()1
حوى( ،األساس في التفسير) ،ج 3ص.0378 ،0372 ،0332
انظرّ :
()2
القصة في سورة طه ،اآليات [.]27-86
ّ
()3
حوى( ،األساس في التفسير) ،ج 7ص.3382
انظرّ :
()4
المرجع السابق ،ج 2ص.3331
()5
انظر :المرجع السابق ،ج 2ص.3303
194
المطلب الثاني :فتنة الدنيا والنساء
عدة مسائل:
وفيه ّ
ﱡﭐﲇ ﲈ ﲉ ﲊ ﲋ ﲌ ﲍ ﲎ ﲏ ﲐ ﲑ ﲒ ﲓ ﲔﱠ طه:
البشرية استغلها الشيطان لحرف اإلنسان عن أمر اهلل ،وهما نزعتان ال يزال الشيطان
()1
يستغّلهما لصرف اإلنسان عن وحي اهلل وكتبه".
أن وضع أكثر الخلق اآلن ،هو تعظيم الدنيا وتمجيدها ،والتهالك عليها ،دون
ويرى ّ
إن المدنية والحضارة العالميتين ،تقومان على هذا النوع من التفكير ،وقد
النظر إلى اآلخرة ،حتّى ّ
ﲕ ﱠ
ﲖ ،٥وفي تفسيره لقوله تعالى :ﱡﭐ ﲎ ﲏ ﲐ ﲑ ﲒ ﲓ ﲔ
التصور اإلسالمي
ّ المسألة الثانية :الحياة الدنيا في
أما
إن للحياة الدنيا ظاه ًار وباطنًا ،فما ُيعرف من زخارفها وقوانينها وزينتها هذا هو ظاهرهاّ ،
ّ
()1
حوى( ،األساس في التفسير) ،ج 7ص.3112
ّ
()2
انظر :المرجع السابق ،ج 3ص ،2122ج 7ص.1012-1010
195
وقد أفاد الشيخ هذا المعنى من خالل قوله تعالى :ﱡﭐ ﱎ ﱏ ﱐ ﱑ ﱒ ﱠ
()1
الروم.٥:
الطيبات(.)2
الشكر العملي على ما أباحه اهلل من ّ
قرر
أن القرآن الكريم ّ
حوى ّ
يبين ّ
وفي سياق الحديث عن تصحيح التصورات حول الدنياّ ،
البينة :ﱡﭐ ﱁ ﱂ ﱃ ﱄ ﱅ ﱆ ﱇ
الشر ،كما جاء في سورة ّ
ميزان الخير و ّ
ﱌﱎﱏﱐﱑﱒﱓﱔﱕﱖﱗ
ﱍ ﱈﱉﱊﱋ
()1
حوى( ،األساس في التفسير) ،ج 8ص.1230
انظرّ :
()2
انظر :المرجع السابق ،ج 7ص 3617وص.3631
()3
انظر :المرجع السابق ،ج 00ص.6621
196
المسألة الثالثة :أنواع الفتن
من الفتن التي ذكرها القرآن الكريم ،وتطرق الشيخ للحديث عنها(:)1
.0فتنة المال والولد؛ فاألموال واألوالد ال تخلو من الفتنة ،لقوله تعالى :ﱡﭐ ﲍ ﲎ
الكافر في حالة
َ أن رؤية المسلم ﲐﱠ التغابنّ ،١٣ :
ويبين الشيخ ّ ﲑ ﲏ
اقتصادية أجود من حالته ،من األسباب التي قد تفتن المسلم عن دينه( ،)2وفي قوله
ينحرفون عن دين اهلل ابتغاء الرزق؛ فاالستقامة ال تعني الحرمان ،بل التوسعة في
()3
الرزق.
حوى خطورة فتنة المال والعيال من خالل السياق القرآني الذي ورد فيه
ويوضح ّ
ّ
ﱪ ﱫ ﱠ األنفال ،٨٤ :فقد اشتمل السياق حديثاً عن ترك القتال ،وحديثًا عن خيانة
اهلل ورسوله ،وذلك بالمعصية ،وحديثاً عن خيانة األمانة وذلك بإفشاء األسرار ،ويعلّل
()3
حوى( ،األساس في التفسير) ،ج 01ص ،3238ج 2ص ،3033ج 00ص.6081
انظرّ :
197
اإلنسان إلى هذه األمور ّإال رجاء مال أو خوف على العيال ،أو نسياناً لما عند اهلل
()1
.
ﲀ ﱠ يوسف٥٥ :؛ ففتنة الجمال هي الفتنة التي تعصف برأس الحكيم ،ومن ّ
ثم قال ﲁ
إن العامل األول في صرف الناس عن الدخول في اإلسالم كافّة ،هو تزيين الحياة الدنيا
"ّ
()4
يبين الشيخ من خالل قوله
أن ذلك الدخول قرين الحرمان ،و ّ
لتوهمهم ّ
وازدراء أهل اإليمان" ّ ،
()5
لرفض التذكير والتزكية والصالة.
()1
حوى( ،األساس في التفسير) ،ج 1ص.2032
انظرّ :
وهي ما جاء في قوله تعالى على لسان يوسف :ﱡﭐ ﲁ ﲂ ﲃ ﲄ ﲅ ﲆ ﲇ ﲈ ﲉ ﲊ ﲋ ﱠ يوسف.٣٣ : ()2
()3
حوى( ،األساس في التفسير) ،ج 3ص ،2633والحديث رواه البخاري( ،الجامع المسند الصحيح المختصر من أمور رسول اهلل ّ
وسننه وأيامه) ،كتاب النكاح ،باب ما يتّقى من شؤم المرأة ،ج 3ص ،0232حديث رقم.1818 :
()4
حوى( ،األساس في التفسير) ،ج 6ص.3211-3213
ّ
()5
انظر :المرجع السابق ،ج 6ص ،3228-3227و ج 00ص6182؛ ومن األدّلة أيض ًا على كون الدنيا تشغل المؤمن عن رّبه ،ما
قاله الشيخ بمناسبة قوله تعالى عن سليمان : ﱡﭐ ﱼ ﱽ ﱾ ﱿ ﲀ ﲁ ﲂ ﲃﱠ ﭐص .٥٨ :انظر :المرجع السابق ،ج8
ص.1778
198
حوى من خالل قوله تعالى :ﱡﭐ ﲮ ﲯ ﲰ ﲱ ﲲ
يستدل ّ
ّ ومن جانب آخر
ﲳ ﱠ الحجرات ،٥ :على ّ
أن القلوب تفتن ،ومنها ما ينجح ومنها ما يسقط. ﲴ
وبناء على ما سبق ينبغي على المسلم أن يكون حذ اًر تجاه زينة الحياة الدنيا ،وقد جاءت
حوى
السيما في ظالل سورة الكهف؛ فقد ّبين ّ
لفتات تربوية للشيخ تتعّلق بموقف المسلم من ذلكّ ،
خالل مايلي(:)2
الفارين
اقتداء بأصحاب الكهف ،الذين اعتزلوا إلى الكهف ،ودعوا دعاء ّ
ً .0الفرار من الفتنة،
ﲇ ﲈ ﲉ ﲊ ﲋ ﲌ ﲍ ﲎ ﱠ الكهف.١٣ :
ﱓ ﱠ الكهف.٨٤ :
ﱔ ﱐﱑﱒ
()1
حوى( ،األساس في التفسير) ،ج 6ص 3031-3012و ص.3211
انظرّ :
()2
انظر :المرجع السابق ،ج 6ص 3066وص.3080
199
.1النهي عن طاعة الغافلين ،كما في قوله تعالى :ﱡﭐ ﱕ ﱖ ﱗ ﱘ ﱙ ﱚ ﱛ
ﱜ ﱝ ﱞ ﱟ ﱠ ﱡ ﱠ الكهف.٨٤ :
ﱼﱾ ﱿﲀ
ﱽ ﱴ ﱶﱷﱸﱹﱺﱻ
ﱵ ﱳ
ﲁ ﲂ ﲃ ﲄ ﲅ ﲆ ﲇ ﲈ ﲉ ﲊ ﲋ ﲌ ﲍ ﲎ ﲏﱠ
الكهف.٥٣ – ٨٨ :
وفيه مسألتان:
إن الشيطان في معركته مع اإلنسان قد أخذ على عاتقه إضالل قدر معلوم من الناس ،كما
ّ
()1
حوى( ،األساس في التفسير) ،ج 2ص ،0071-0073ج 6ص.2882-2880
انظرّ :
211
حوى إلى بعض صفات من يؤثّر فيهم هذا التزيين واإلغواء ،وذلك في ظالل
وقد أشار ّ
ﲟ ﲡ ﲢ ﲣ ﲤ ﲥ ﲦ ﱠ الحج٣٥ :؛ ف ّ
سنة اهلل أن ﲠ
()1
يؤثّر إلقاء الشيطان في مرضى القلوب ،وأصحاب القلوب القاسية.
()2
أن هذا اإليحاء يجد مكاناً له في قلوب
الجن واإلنس ،وقد ّبينت اآلية ّ
ّ شياطين
حوى إلى بعض األمور التي من شأنها أن تخرج اإلنسان من الدائرة المتأثّرة بإلقاء
أشار ّ
()1
حوى( ،األساس في التفسير) ،ج 7ص.3382
انظرّ :
ﱧ ﱠ.
ﱨ كما في قوله تعالى :ﱡﭐ ﱞ ﱟ ﱠ ﱡ ﱢ ﱣ ﱤ ﱥ ﱦ ()2
()3
حوى( ،األساس في التفسير) ،ج 3ص.0712
انظرّ :
()4
انظر :المرجع السابق ،ج 6ص.2227
211
ظل قوله تعالى:
صد وساوس الشيطان ،وقد جاءت هذه اإلشارة في ّ
التقوى في ّ
ﱡﭐﱹ ﱺ ﱻ ﱼ ﱽ ﱾ ﱿ ﲀ ﲁ ﲂ ﲃ ﲄ
ﲅﱠ األعراف٨٣١ :؛ فعباد اهلل المتقين برعاية اهلل لهم تذوب وساوس
()1
الشيطان أمامهم.
التح ّقق بصفات عباد اهلل المخَلصين ،فقد استثناهم إبليس من هدف الغواية
ﱼ ﱽ ﱾ ﱿ ﲀ ﲁ ﲂ ﲃ ﱠ الحجر،٨٣ – ٥٨ :
أن عباد اهلل قد وردت صفاتهم في أكثر من مكان ،كقوله تعالى:
ويبين ّ
ّ
ﱡﭐﲢ ﲣ ﲤ ﲥ ﲦ ﲧ ﲨ ﲩ ﲪ ﲫ ﲬ
()2
واإلخالص ،فأُخلصوا.
قراءة القرآن :للقرآن أثره الذي اليخفى في حماية المؤمن ،كما في قوله تعالى:
ﱡﲚ ﲛ ﲜ ﲝ ﲞ ﲟ ﲠ ﲡ ﲢ ﲣ ﲤ ﲥ
ﲦ ﱠ اإلسراء ،٨٣ :وهذا ال يمنع من أن تكون بعض آياته أكثر خصوصية في
()1
حوى( ،األساس في التفسير) ،ج 1ص.2138-2137
انظرّ :
()2
تم الحديث عن طريق الوصول إلى رتبة المخَلص وأدّلة ذلك في توجيهات انظر :المرجع السابق ،ج 6ص .2882-2880وقد ّ
ثم النجاة من تزيين
أهمية تذ ّكر اآلخرة في الوصول إلى هذه الرتبة ،ومن ّ
الشيخ لطالب التزكية ،صفحة ،038وقد أشار إلى ّ
الشيطان واغوائه.
212
ﱈﱊﱋ ﱌﱍﱎﱏﱐﱑ
ﱉ ﱄﱅﱆﱇ
وشك
ّ شك ودواء من الوسوسة؛ فقد جاءتا في سياق دعوة الرسل ألقوامهم
لل ّ
()1
إليه.
()2
أن من داوم على ذكر اهلل لم يقرنه الشيطان.
،من ّ
()1
حوى( ،األساس في التفسير) ،ج 3ص.2728
انظرّ :
()2
انظر :المرجع السابق ،ج 2ص3010؛ وانظر :النسفي( ،مدارك التنزيل وحقائق التأويل) ،ج 3ص.273
()3
حوى( ،األساس في التفسير) ،ج 2ص3123؛ وانظر :ابن كثير( ،تفسير القرآن العظيم) ،ج 7ص.080
انظرّ :
213
تكون من الجهات كلّها ،وذلك في مقابل قسم إبليس أن يتسلّط على اإلنسان من
()1
جهاته كّلها.
إضافة لما سبق ،يذكر الشيخ طريقة معالجة شيطان اإلنس ،وذلك في قوله تعالى :ﭐ
ﱾ ﲀﲁﲂﲃﲄﲅﲆ
ﱿ ﱡﭐ ﱺ ﱻ ﱼ ﱽ
الغضب ،والحلم عند الجهل ،والعفو عند اإلساءة؛ فإذا فعلوا ذلك عصمهم اهلل
( )2
من الشيطان ،وخضع لهم عدوهم كأنه ولي حميم".
ّنبه الشيخ على هذا المنزلق الخطر ،في تفسيره لقوله تعالى :ﱡﭐﱲ ﱳ ﱴ ﱵ ﱶ
ﱼ ﱾﱿﲀﲁﲂﲃﲄﲅﲆﲇ
ﱽ ﱷﱸﱹﱺﱻ
دل على ال طريق في حالة وقوع الطغيان ،وهو التوبة واإليمان والعمل الصالح
الدرس بأن ّ
واالستقامة"(.)3
()1
حوى( ،األساس في التفسير) ،ج 1ص.0872
انظرّ :
()2
انظر:المرجع السابق ،ج 2ص.3123
()3
عباس؛ انظر :ابن كثير( ،تفسير القرآن العظيم) ،ج 7ص.080
المرجع السابق ،ج 7ص ،3372وللوقوف على قول ابن ّ
214
أهم وسائل التزكية ومعيقاتها ،والتي حاولت استنباطها من خالل تفسير
وبعد ،فهذه هي ّ
رب العالمين.
وكل من يبحث عن هذه الطريق ،والحمد هلل ّ
في الطريق إلى اهلل ّ ،
215
اخلامتة
حوى التربوي في تفسيره (األساس) ،أشير إلى كون هذا البحث محاولة اجتهدت فيها
الشيخ سعيد ّ
لكشف مالمح هذا المنهج ،وقد أكون قد قصرت في توضيح الفكر التربوي للشيخ من خالل
تفسيره ،والحال هذه ال يسعني إال التماس العذر ،فهذا جهد المقل ،وأختم بما خلصت به من
النتائج:
اشتمال كتاب (األساس في التفسير) على جهود تربوية محيطة بنواحي التربية
اإلسالمية ،والتي تشمل اإلنسان بقلبه وجسمه وأخالقه وعالقاته االجتماعية ،إضافة إلى
توجيهات تربوية متعّلقة بعملية الدعوة ،وقد ش ّكلت تلك الجهود قوام المنهج التربوي عند
حوى على اآلثار والمرويات -والتي كان ُجّلها مقتبسًا من تفسير ابن كثير -في
اعتماد ّ
حوى باإلمام الغزالي فيما يتعّلق باآلثار التربوية ألعمال الجوارح ،والتي خالصتها
تأثّر ّ
تؤدي دورها التربوي إذا أ ُّديت كاملة بظاهرها ،ورافق ذلك اآلداب
أن أعمال الجوارح ّ
ّ
لكل عبادة.
القلبية الالزمة ّ
تتفرع عنها
أمهات األخالق التي ّ
تتلخص في كون ّ
حوى في األخالق ّ
نظرية الشيخ سعيد ّ
216
كل األخالق اإلسالمية ،هي التي وصف اهلل بها حزبه في القرآن الكريم؛ وهذه
ّ
حوى في تفسيره.
يميز ّ
المعاصر من أبرز ما ّ
إسقاط مدلول اآليات على الواقع ُ
إحاالت إلى كتب (جند اهلل ثقافة وأخالقاً) ،و(دروس في العمل اإلسالمي) ،و(اإلسالم)،
وغير ذلك.
على شؤون الصغير ،وتغذيته ،حتّى يغادر مرحلة الطفولة ،وهو الوسيلة لتحقيق الغايات
التربوية.
تفوق المنهج التربوي اإلسالمي على غيره من المناهج التربوية المعاصرة؛ من حيث
ّ
للفطرة.
تدل
أعمال القلوب وأمراضها هي حاالت قلبية ،تنبثق عنها أخالقياتها الظاهرة ،والتي ّ
كل منها.
على وجود ّ
لركن اإليمان باآلخرة قيمته التي ال تُغفل في الحديث عن أعمال القلوب وأمراضها ،ألثر
217
أهم األسباب التي تقف وراء إنكاره لآلخرة.
يعد من ّ
بعدم المسؤولية ّ
كل ذلك
التحرر من الكفر والنفاقّ ،
اإليمان باهلل وباليوم اآلخر وبالوحي والغيب ،و ّ
والتمام ،وصل الكافر إلى مرحلة الكفر الذي ال ينفع معه اإلنذار.
إن عمل القلب أعظم من عمل الجارحة ،وكل منهما يعتمد في وجوده على اآلخر
ّ
أهم نقاط البداية في الطريق إلى اهلل ،نقطتان هما معرفة اهلل والذكر.
ّ
المدعو وأسلوب الدعوة ومكانها وزمانها ،كلّها عناصر مؤثّرة في عملية الدعوة.
ّ طبيعة
إن العالقة بين التربية والتزكية تتمثّل في كون التزكية ثمرة التربية ،ومطلب فوقه
ّ
أهم وسائل التزكية البيئة الصالحة ،ومجالس القرآن والذكر والعلم ،ومن أبرز
إن من ّ
ّ
218
التوصيات:
بعد الوصية بتقوى اهلل ،فإنني أخلص من هذه الدراسة بالتوصية بما يلي:
وأخالقه في عملية التربية ،على ضوء المنهج التربوي اإلسالمي المتكامل ،وعدم
يدسيها
المدعويين ،وضرورة تعاهد النفس ،بالتزام ما يعين في تزكيتها ،واجتناب ما ّ
ويعيق تزكيتها.
إن النظرة التكاملية عند الشيخ في موضوع األخال ق والشخصية النموذجية اإلسالمية
ّ
بالتدبر ،وبحث واقعها العملي والتطبيقي على مستوى الفرد والجماعة المسلمة
ّ جديرة
أمة كاملة
ال في ّ
األخالقي للشخصية اإلسالمية ،فتكون عضواً كام ً
ّ حتّى ُيستكمل البناء
متّصفة بما وصف اهلل به حزبه في كتابه العزيز ،عندها تنال الغلَبة والفالح.
السيما
حيثيات ذلكّ ،
لكل مسلم ومسلمة ،ودراسة ّ
ضرورة دراسة األخالق واآلداب القرآنية ّ
كبير في تفسيره.
الخاص للسورة؛ فقد أعطاه الشيخ مدى ًا
219
املصادر واملراجع
القرآن الكريم
كتب التفسير:
اآللوسي ،محمود بن عبد اهلل (ت0271ه)( ،روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع
المثاني) ،تحقيق :علي عبد الباري عطية ،دار الكتب العلمية ،بيروت ،ط0103 ،0ه06 ،
جزءًا.
البقاعي ،إبراهيم بن عمر(ت 883ه) ( ،نظم الدرر في تناسب اآليات والسور) ،تحقيق:
عبد الرازق المهدي ،دار الكتب العلمية ،بيروت ،ط بدون0103 ،ه0223-م 8 ،أجزاء.
حوى ،سعيد بن ديب (ت 0282م)( ،األساس في التفسير) ،دار السالم للطباعة والنشر
ّ
السعدي ،عبد الرحمن بن ناصر (ت 0376ه)( ،تيسير الكريم الرحمن في تفسير كالم
الم ّنان) ،تحقيق :عبد الرحمن اللويحق ،مؤسسة الرسالة ،ط 0121 ،0ه2111-م.
بدون 21 ،جزءًا.
المحرر الوجيز
الحق بن غالب بن عبد الرحمن األندلسي (ت 312ه)ّ ( ،
ّ ابن عطية ،عبد
211
بيروت ،ط0122 ،0ه 6 ،أجزاء.
قطب ،سيد بن قطب بن إبراهيم ( ت0383ه)( ،في ظالل القرآن) ،دار الشروق ،بيروت-
ابن كثير ،أبو الفداء إسماعيل بن عمر (ت771ه)( ،تفسير القرآن العظيم) ،تحقيق :سامي
النسفي ،عبد اهلل بن أحمد (ت 701ه)( ،مدارك التنزيل وحقائق التأويل) ،تحقيق :يوسف
وسننه وأيامه) ،تحقيق :مصطفى ديب البغا ،دار ابن كثير ،بيروت ،ط،3 رسول اهلل
أبو داود ،سليمان بن األشعث السجستاني (ت273ه)( ،سنن أبي داود) ،دار الكتاب
العربي ،بيروت ،ط بدون 1 ،أجزاء( .نسخة مرفقة بأحكام الشيخ األلباني)
211
محمد بن سالمة األزدي (ت320ه)( ،شرح مشكل اآلثار)،
الطحاوي ،أبو جعفر أحمد بن ّ
ابن عبد البر ،يوسف بن عبد اهلل (ت163ه)( ،التمهيد لما في الموطّأ من المعاني
واألسانيد) ،تحقيق :مصطفى العلوي ومحمد البكرى ،و ازرة عموم األوقاف والشؤون
محمد فؤاد عبد الباقي ،دار إحياء التراث العربي ،بيروت3 ،
إلى رسول اهلل ،)تحقيقّ :
أجزاء.
حوى ،سعيد بن ديب (ت0282م)( ،تربيتنا الروحية) ،دار السالم للطباعة والنشر والتوزيع،
ّ
حوى ،سعيد بن ديب (ت0282م)( ،المستخلص في تزكية األنفس) ،دار السالم للطباعة
ّ
حوى ،سعيد بن ديب (ت0282م)( ،جند اهلل ثقافة وأخالقاً) ،مكتبة وهبة ،القاهرة ،ط،1
ّ
0103ه0222-م.
الغزالي ،أبو حامد محمد بن محمد (ت313ه)( ،إحياء علوم الدين) ،دار الكتب العلمية،
إبراهيم ،عبد اللطيف فؤاد( ،المناهج (أسسها وتنظيماتها وتقويم أثرها)) ،مكتبة مصر،
212
مصر ،ط0281 ،6م.
بلوم ،بنجامين وآخرون ( ،نظام تصنيف األهداف التربوية) ،ترجمة :محمد الخوالدة وصادق
عمان ،ط،0
الحاج محمد ،أحمد علي( ،في فلسفة التربية نظرياً وتطبيقياً) ،دار المناهجّ ،
.2112
الحازمي ،خالد بن حامد( ،أصول التربية اإلسالمية) ،دار عالم الكتب للطباعة والنشر
داود ،عبد الباري محمد ( ،المنهج التربوي والعلمي عند الصوفية) ،مطبعة اإلشعاع الفنية،
شبل بدران ،وفاروق محفوظ( ،أسس التربية) ،دار المعرفة الجامعية ،اإلسكندرية ،ط،0
0223م.
عبد المجيد منصور ،محمد التويجري ،إسماعيل الفقي( ،علم النفس التربوي) ،مكتبة
ط ،06جزءان.
قالدة ،فؤاد سليمان ( ،أساسيات المناهج في التعليم النظامي وتعليم الكبار) ،دار
213
المطبوعات الجديدة للطباعة والنشر والتوزيع ،ط بدون0276 ،م.
الكيالني ،ماجد عرسان (ت2115م)( ،فلسفة التربية اإلسالمية) ،دار المنارة ،السعودية،
ط1417 ،1ه1987-م.
مدكور ،علي أحمد( ،مناهج التربية أسسها وتطبيقاتها) ،دار الفكر العربي ،ط بدون،
2110م.
محمّد المفتي ،حلمي الوكيل( ،أسس بناء المناهج وتنظيماتها) ،مطبعة حسان0282 ،م.
أبو مرق ،جمال زكي( ،سيكولوجية اإلنسان في القرآن والس ّنة) ،مطبعة الرابطة ،الخليل،
ط2113 ،0م.
يحيى هندام ،جابر جابر ( ،المناهج ،أسسها ،تخطيطها ،تقويمها) ،دار النهضة العربية،
القاهرة ،ط0283 ،7م.
مقدمة لنيل
حوى في التربية والسلوك) ،رسالة ّ
أحمد ،حسين علي( ،منهج الشيخ سعيد ّ
حوى ،سعيد بن ديب (ت 0282م)( ،هذه تجربتي وهذه شهادتي) ،مكتبة وهبة ،مصر،
ّ
ط0287 ،0م.
حوى ،سعيد بن ديب (ت 0282م)( ،اهلل ،)دار السالم للطباعة والنشر ،القاهرة ،ط،2
ّ
0101ه0221-م.
214
حوى) ،دار قرطبة للنشر والتوزيع،
محمد( ،الفكر الحركي عند الشيخ سعيد ّ
ّ الدراجي،
ّ
محمد بن أبي بكر (ت666هد)( ،مختار الصحاح) ،تحقيق :يوسف الشيخ محمد،
الرازيّ ،
تخصص أصول الدين ،جامعة بغداد ،إشراف األستاذ الدكتور محسن عبد
ّ الماجستير في
العقيل ،عبد اهلل ( ،من أعالم الدعوة والحركة اإلسالمية المعاصرة) ،دار البشير ،ط بدون،
2118م.
ابن منظور ،محمد بن مكرم بن منظور اإلفريقي (ت 700هد)( ،لسان العرب) ،دار صادر،
تخصص التفسير وعلوم القرآن ،جامعة األمير عبد القادر ،الجزائر ،إشراف
ّ الماجستير في
الماجستير في قسم الدراسات اإلسالمية ،جامعة صنعاء ،إشراف الدكتور صالح صواب،
215
المقاالت:
الحضارية ،مؤتمر الس ّنة النبوية في الدراسات المعاصرة ،جامعة اليرموك ،األردن،
.2117/1/08مقالة 03
فحلة ،حسن أحمد ،أثر السنّة في توجيه العلوم التربوية واالجتماعية ،مؤتمر الس ّنة
216