‫تعريف فقه اللغة وموضوعاته‬

‫أوالً‪ :‬تعريف فقه اللغة باعتبار مفرديه‪:‬‬

‫‪ _1‬تعريف كلمة (فقه)‪ :‬الفقه هو العلم بالشيء‪ ،‬والفهم له‪ ،‬والفطنة فيه‪ .‬يقال‪َ :‬ف ُق ه الرجل‬
‫فقاهة إذا ص ار فقيه اً‪ ،‬وفَِق ه‪ :‬أي فهم فقه اً‪ .‬وق د غلب اس تعمال (الفقه) على عل وم ال دين؛ لش رفها‪،‬‬
‫وذلك من باب ختصيص الداللة‪ ،‬ولكنه يستعمل يف غري علوم الدين بقرينة‪.‬‬
‫‪ _2‬تعريف كلمة (اللغة)‪ :‬اللغة مشتقة من لغا يلغو‪ :‬إذا تكلم؛ فمعناها الكالم؛ فهذا تعريفها‬
‫يف اللغة‪.‬‬
‫أما يف االصطالح فعرفت بتعريفات عديدة‪ ،‬أشهرها ما ذكره أبو الفتح ابن جين يف كتابه‬
‫قوم عن أغراض هم"‪ .‬وعرفه ا ابن احلاجب‬ ‫(اخلص ائص) حيث ق ال‪" :‬ح د اللغ ة‪ :‬أص وات يعرِّب هبا ك ل ٍ‬
‫بأهنا‪" :‬كل لفظ وضع ملعىن"‪ .‬ويراها آخر بأهنا‪" :‬معىن موضوع يف صوت"‪.‬‬

‫ثانياً‪ :‬تعريف فقه اللغة اصطالحاً باعتبار تركيبه‪:‬‬

‫يطلق فقه اللغة يف االصطالح على العلم الذي يعىن بدراسة قضايا اللغة؛ من حيث أصواهتا‪،‬‬
‫ومفرداهتا‪ ،‬وتراكيبها‪ ،‬ويف خصائصها الصوتية‪ ،‬والصرفية‪ ،‬والنحوي ة‪ ،‬والداللية‪ ،‬وما يطرأ عليها من‬
‫تغيريات‪ ،‬وما ينشأ من هلجات‪ ،‬وما يثار حول العربية من قضايا‪ ،‬وما تواجهه من مشكالت إىل غري‬
‫ذلك مما جيري ويدور يف فلكه مما سيأيت ذلك عند احلديث عن موضوعات فقه اللغة‪.‬‬
‫وميكن أن يعرف تعريف اً موجزاً‪ ،‬فيقال‪ :‬هو العلم الذي يعىن بفهم اللغة‪ ،‬ودراسة قضاياها‪،‬‬
‫وموضوعاهتا‪.‬‬
‫وفقه اللغة هو ذلك العلم الذي يُ ْد َرس‪ ،‬ويتناول موضوعات ُمعيَّنة سبق احلديث عن بعضها‪.‬‬

‫وفيما يلي ذكر ملوضوعات فقه اللغة بشيء من اإليضاح اجململ‪.‬‬

‫القول يف أصل اللغة‪ ،‬واخلالف يف ذلك‪.‬‬ ‫‪.1‬‬
‫خصائص اللغة العربية‪ ،‬وما تنطوي عليه من أسرار ومجال‪.‬‬ ‫‪.2‬‬
‫معرفة سنن العرب يف كالمهم‪ ،‬وأساليبهم‪.‬‬ ‫‪.3‬‬
‫علم األصوات اللغوية‪ ،‬وهلجات العرب‪ ،‬واختالفها‪.‬‬ ‫‪.4‬‬
‫بنية الكلمة العربية وهو ما يسمى بالصرف‪.‬‬ ‫‪.5‬‬
‫اجلملة‪ ،‬أو الرتكيب وهو ما يسمى بالنحو‪.‬‬ ‫‪.6‬‬
‫داللة األلفاظ‪،‬وتطورها‪ ،‬واحنطاطها‪.‬‬ ‫‪.7‬‬
‫االشتقاق بأنواعه‪ ،‬واحلقيقة‪ ،‬واجملاز‪ ،‬واملشرتك‪ ،‬واملرتادف‪ ،‬واملتضاد‪ ،‬والنحت‪ ،‬والتعريب‪.‬‬ ‫‪.8‬‬
 ‫‪ .9‬املعاجم العربية‪ ،‬ومدارسها‪ ،‬ومناهج أصحاهبا‪.‬‬
‫‪ .10‬مسألة تنقية اللغة‪ ،‬وما تواجهه العربية من عقبات ومشكالت‪ ،‬وما حياك ضدها من مؤامرات‪.‬‬
‫‪ .11‬مواكبة العربية للجديد‪ ،‬واستيعاهبا للمصطلحات اجلديدة‪.‬‬
‫‪ .12‬قضايا الدعوة إىل العامية‪ ،‬وترك اإلعراب‪ ،‬وإصالح اخلط العريب‪ ،‬وما إىل ذلك‪.‬‬
‫‪ .13‬العناية بالدراسات اليت تقوم هبا اجملامع اللغوية‪ ،‬وما يتمخض عنها من نتائج وقرارات‪.‬‬
‫ه ذه على س بيل اإلجياز موض وعات فق ه اللغ ة‪ ،‬م ع مالحظ ة أن كث رياً من تل ك املوض وعات‬
‫داخل يف بعض‪ ،‬وسيأيت _ إن شاء اهلل _ تفصيل لتلك املوضوعات‪.‬‬

‫الهدف من دراسة فقه اللغة‬

‫لسائل أن يسأل‪ :‬ما اهلدف من دراسة فقه اللغة‪ ،‬وما الثمرة املرجوة من ذلك؟ وما الغاية اليت‬
‫يراد الوصول إليها من خالله؟‬
‫واجلواب أن يقال‪:‬‬
‫‪ .1‬أن ذلك باب عظيم من أبواب العلم‪ ،‬جيمل بالفاضل أن يقف عليه‪ ،‬ولو مل يتعمق فيه‪.‬‬
‫‪ .2‬الوقوف على شيء من بديع صنع اهلل _ عز وجل _‪ :‬فدراسة األصوات اللغوية _ على سبيل‬
‫املثال _ تطلعنا على اجلهاز الصويت الذي يعد آية من آيات اإلبداع اإلهلي‪.‬‬
‫‪ .3‬التمكن من النطق السليم‪ :‬فمعرفة خمارج األصوات‪ ،‬وصفاهتا وما يرتتب على ذلك من مباحث‬
‫مهمة _ تعني على النطق السليم للغة‪.‬‬
‫‪ .4‬االع تزاز باللغ ة العربي ة‪ :‬فدراس ة اللغ ة دراس ة علمي ة جتعلن ا ن درك ميزاهتا‪ ،‬ومتكنن ا من معرف ة‬
‫أسرارها‪ .‬وذلك يدعو إىل االعتزاز بالعربية اعتزازاً مبنياً على واقع مدروس‪.‬‬
‫‪ .5‬مواجهة ما حياك ضد العربية‪ :‬كاهتامها بالصعوبة‪ ،‬واجلمود‪ ،‬وكاملناداة برتك اإلعراب‪ ،‬والتوجه‬
‫إىل العامية‪ ،‬وكتابة احلروف حبروف جديدة إىل غري ذلك من الدعاوى اليت حتاك ضد العربية‪،‬‬
‫وال يت ي راد منه ا ه دم ال دين‪ ،‬أو التش كيك في ه‪ ،‬أو إض عاف أث ره يف نف وس أهل ه‪ .‬وال ريب أن‬
‫ب صاحبَه شكوراً‪ ،‬وتزداد به‬ ‫ِ‬
‫مواجهة مثل هذه الدعاوى وأمثاهلا نوع من اجلهاد الذي يُكْس ُ‬
‫صحيفةُ أعماله نوراً‪.‬‬
‫‪ .6‬تعظيم الس لف الص احل‪ :‬ف الوقوف على م ا ب ذلوه من جه ود جب ارة يف س بيل خدم ة لغ ة الق رآن‬
‫الس راة وتعظيمهم‪ ،‬واحلرص على أن يب ين كم ا‬ ‫إجالل أولئ ك َّ‬
‫ُ‬ ‫يبعث يف نفس املطَّل ع على ذل ك‬
‫ُ‬
‫بنوا‪.‬‬
‫سد احلاجة‪ ،‬ومواكبة التطور‪ :‬فالعلم باللغة‪ ،‬والوقوف على داللتها يسد حاجة عظيمة‪ ،‬سواء يف‬ ‫‪.7‬‬
‫تعريب األلفاظ‪ ،‬أو االستغناء عن املصطلحات الدخيلة‪ ،‬أو يف بيان املقصود مما يفد إىل أمتنا من‬
‫ألف اظ‪ ،‬أو أخالق‪ ،‬أو مص طلحات‪ ،‬كمص طلح العلماني ة مثالً‪ ،‬أو مص طلح اإلره اب أو غ ري‬
‫ذلك؛ فإذا نقلناه كم ا هو معروف عند الغ رب أحدث عن دنا خلط اً وبلبلة‪ .‬فإذا أعطي معن اه‬
‫الصحيح احملدد أراحنا من كثري من الباليا‪.‬‬
‫خدم ة العل وم األخ رى‪ :‬ففق ه اللغ ة ل ه عالق ة بكث ري من العل وم _ كم ا س يأيت بي ان ذل ك _‬ ‫‪.8‬‬
‫فالوقوف عليه‪ ،‬ومعرفته خيدم كثرياً من التخصصات والعلوم األخرى‪.‬‬