Professional Documents
Culture Documents
- 1الّنّظام :أبو إسحاق إبراهيم بن سّيار بن هانئ البصري ،اقترن اسم الصرفة
باسمه ،واشتهر أنه أول المنادين بها والمظهرين لها.
وقيل له النظام؛ ألنه كان ينظم الخرز في سوق البصرة .تتلمذ للعالف في االعتزال
ثم انفرد عنه وكّو ن له مذهبا خاصا ،وعاشره في بغداد حينا ومات وهو شاب في
نحو السادسة والثالثين من عمره سنة 231هـ .وكان أستاذ الجاحظ.
عاشرالّنظام في شبابه قوما من الثنوية وقوما من الّس منّية القائلين بتكافؤ األدلة،
وخالط بعد كبره قوما من مالحدة الفالسفة ،ثم دّو ن مذاهب الثنوية وبدع الفالسفة
وشبه المالحدة في دين اإلسالم ،وأعجب بقول البراهمة بإبطال النبوات ،ولم يجسر
على إظهار هذا القول خوفا من السيف ،فأنكر إعجاز القرآن في نظمه ،وأنكر ما
روي في معجزات نبينا ليتوصل بإنكارها إلى إنكار نبوته وله غيرها
من اآلراء الشاذة والمعتقدات الباطلة...
- 2الشريف المرتضى من الشيعة:
علي بن الحسين بن موسى بن محمد ،من أحفاد الحسين بن علي
بن أبي طالب،أحد األئمة في علم الكالم واألدب والشعر .يقول
باالعتزال .مولده ووفاته ببغداد .وله تصانيف كثيرة أشهرها:
أمالي المرتضى ،وديوان شعره .توفي.436:
ولكنه فّس ر الصرفة بأن هللا سلبهم العلوم التي يحتاج إليها في
معارضة القرآن واإلتيان بمثله .ومؤّد ى كالمه أنهم أوتوا القدرة
على المعارضة بما كانوا عليه من بيان وبالغة وفصاحة ،فهم
قادرون على النظم والعبارات ،ولكنهم عاجزون عن اإلتيان بمثل
القرآن بسبب أنهم سلبوا العلم الذي يستطيعون به محاكاة القرآن
في معناه.
- 3ابن حزم الظاهري :
أبو محمد علي بن أحمد بن سعيد بن حزم األندلسي المتوفى سنة 456هـ.
عالم األندلس في عصره ،ولد بقرطبة ،وكانت له وألبيه من قبله رئاسة الوزراء وتدبير
المملكة ،فزهدها وانصرف إلى العلم والتأليف...أشهر مصنفاته« :الفصل في الملل
واألهواء والّنحل» ،و«المحلى» في الفقه،و«اإلحكام في أصول األحكام» وغيرها...
قال في سبب اإلعجاز :لم يقل أحد إن كالم غير هللا معجز ،لكن لّم ا قاله هللا تعالى ،وجعله
كالما له ،أصاره معجزا ،ومنع من مماثلته ..ثم قال :وهذا برهان كاف ال يحتاج إلى غيره.
يقول أبو زهرة «:ولئن كان كل من الّنّظام والمرتضى متهما بنوع من التهمة في عقيدته،
فالنظام قد اّتهم باإللحاد والزندقة ،والمرتضى اّتهم باّطالعه على فلسفة المعتزلة وكالمهم،
فإن ابن حزم لم يّتهم بشيء من ذلك ،وإنما يفسر قوله بالصرفة تمشيا مع مبدئه في عدم
جواز تعليل كالم هللا وشرعه ،فقد ألزم نفسه باألخذ بظاهر النصوص من غير تعليل،
فاالتجاه إلى تعليل اإلعجاز الوارد في قوله تعالىَ( :فِإْن َلْم َتْفَعُلوا َو َلْن َتْفَعُلوا) وغيرها من
اآليات بأن السبب فيه بالغته التي علت عن طاقة العرب والتي جعلتهم يخّر ون صاغرين
بين يديه من غير مراء وال جدال ،يعّد هذا تعليال ،وهو من باب الرأي الذي ينفيه».
- 4ابن سنان الخفاجي:
أبو محمد عبد هللا بن محمد بن سعيد بن سنان الخفاجي الحلبي ،ينتسب إلى بني خفاجة من بني َح ْز ن
المتوفى سنة ( )466هـ .يقول في كتابه «سر الفصاحة» :وإذا عدنا إلى التحقيق وجدنا وجه إعجاز
القرآن صرف العرب عن معارضته ،بأن سلبوا العلوم التي بها كانوا يتمّك نون من المعارضة في وقت
مرامهم ذلك ...ومتى رجع اإلنسان إلى نفسه ،وكان معه أدنى معرفة بالتأليف المختار وجد في كالم
العرب ما يضاهي القرآن في تأليفه)
بالصرفة مذاهب القائلين
مما تقدم نتعرف على مذهبين
شأن كتاب أن يظهر له أثر في مثل هذه األشياء لكان هذا القرآن
أولى من كل كتاب بذلك.
ويقول جّل شأنهُ( :هَّللا َنَّز َل َأْح َس َن اْلَحِد يِث ِكتابًا ُم َتشاِبهًا َم ثاِنَي
َتْقَش ِع ُّر ِم ْنُه ُج ُلوُد اَّلِذ يَن َيْخ َش ْو َن َر َّبُهْم ُثَّم َتِليُن ُج ُلوُدُهْم َو ُقُلوُبُهْم ِإلى
ِذ ْك ِر ِهَّللا ذِلَك ُهَد ى ِهَّللا َيْهِد ي ِبِه َم ْن َيشاُء َو َم ْن ُيْض ِلِل ُهَّللا َفما َلُه ِم ْن
. هاٍد )
[الزمر]23 :
-هل يقال ذلك وهم الذين أوفدوا عتبة بن ربيعة ليفاوض محمدا على ترك
سب آلهتهم وتسفيه أحالمهم وله مقابل ذلك الملك والمال والجاه والنساء
وكل ما يرغب؟!.
-أيقال ذلك وهم الذين وجهوا أشرافهم إلى عم النبي أبي طالب لكي
يسلمهم محمدا يقتلوه ويعطوه بدله أنهد فتى في قريش ،عمارة بن الوليد بن
المغيرة؟!.
-كيف يقال ذلك وهم الذين لّم ا يئسوا من المفاوضات قرروا إرسال فتى من
كل قبيلة الغتيال محمد في بيته لكي يتفّر ق دمه في القبائل فال يستطيع
بنو هاشم حرب العرب جميعا فيضطرون إلى قبول ديته؟!
ولما أنجاه هللا منهم جمعوا الجيوش تلو الجيوش لخوض المعارك الضارية وهم
يقدمون وقودا لها أبناءهم وفلذات أكبادهم في سبيل إطفاء نور هللا والقضاء على
دعوة محمد .
كل هذا وكان يكفيهم مؤنة ذلك ويبطل دعوة محمد اإلتيان بمثل أقصر
سورة من سور القرآن ،إن ترك المعارضة بالحرف واللسان واللجوء إلى
الضرب والطعن بالسنان من قريش -ذؤابة العرب وأهل الحجا والّن هى فيهم-
لدليل على إحساسهم بالعجز المطلق أمام آيات هللا البينات.
بل كان هذا العقل الراجح يمنعهم من ارتكاب حماقات مثل حماقات مسيلمة في
زعمه اإلتيان بمثل سور القرآن فأصبح أضحوكة األجيال واألزمان.
- 2وعن قول المرتضى ومن شايعه« :أن هللا سلب من العرب العلوم التي
يحتاجون في معارضة القرآن» ،نقول:
-وهل انحطت علومهم وعقولهم بعد التحّد ي عما كانت عليه قبل التحّد ي؟! إننا
إذا قارّن ا بين أساليبهم في الكالم قبل بعثة محمد وبعد البعثة لم نجد تفاوتا
بين أساليبهم ،وعلى هذا الزعم كان ينبغي أن تسف أساليبهم بعد التحّد ي.
ولو أن العلوم سلبت منهم فلماذا لم يلجأوا إلى كالم فصحائهم من القدماء الذين لم يحضروا
عصر التنزيل ولم تسلب منهم العلوم ،فيأتوا بقطعة شعرية أو خطبة محفلية فيعارضوا بها
القرآن؟
ولماذا لم ينطقوا بهذا السلب ويشيعوا بأنهم سلبوا علومهم فال يقدرون على معارضة
القرآن؟.
وال يقال إن ذلك سيكون حجة عليهم ملزمة لهم لتصديقه ،ألن باب االفتراء كان مفتوحا
عندهم ،فكانوا يستطيعون أن يّد عوا أن علومهم سلبت بطريق السحر كما افتروا إن تأثير
القرآن على األنفس إنما هو من قبيل السحر.
إن الذين ادعوا أن إعجاز القرآن كان بسلب العلوم ،يثبتون للعرب قدرة هم لم يدعوها
ألنفسهم ،بل جاء على لسان أهل البيان منهم ما ظهر الحق عليه من غير إرادة منه (ما
يقول هذا بشر).
وإن كان القرآن غير معجز بشيء ذاتي فيه ،وإنما لم يعارضه العرب لصرف دواعيهم
عن المعارضة أو لسلب العلوم منهم ،فهل أحس الّنّظام والمرتضى بما وصفوا العرب به
من صرف وسلب؟ فلماذا لم يأتيا بمعارضة للقرآن ،وكان الّنّظام من األذكياء الماهرين كما
يشهد له تلميذه الجاحظ ،والمرتضى مشهود له أنه كان من فرسان البالغة والبيان؟.
إننا نقول إن تحّد ي القرآن وإثبات العجز للناس ليس
مقتصرا على عهد النبوة فقط بل هذا التحّد ي قائم ،وهذا العجز
من البشر ثابت إلى قيام الساعة .فمن قال بالصرفة فليحاول هو،
وهل يحّس بشيء من الصرف أو السلب في نفسه؟.
إن استعظام العرب لفصاحة القرآن وبالغته وتعجبهم من
ذلك لهو دليل على بطالن الصرفة ،فلو كانوا مصروفين عن
المعارضة بنوع من الصرف لكان تعجبهم للصرف ال للبيان
المعجز .ولو كان هنالك سلب علومهم لكان الفرق بين كالمهم
بعد التحّد ي وكالمهم قبله كالفرق بين كالمهم بعد التحّد ي وبين
القرآن ،ولما لم يكن كذلك بطل القول بالصرفة.
اإلعجاز عند علماء أهل السنة والجماعة
تصّد ى علماء أهل السّنة للرد على القائلين بالصرفة النافين لإلعجاز الذاتي عن القرآن
الكريم ،وكان أسلوبهم في هذا الرد مشابها ألساليب علماء المعتزلة الذين توّلوا الرّد على
النظام وأتباعه حيث كان طابع هذه الردود بشكل عام التوجه إلى: