Professional Documents
Culture Documents
األص ل في اللغ ة :معن اه أس فل الشيء ،وه و م ا يب نى علي ه غ يره حس ا او مع نى .مث ال
األول :بن اء ال بيت على أساس ه ،ومث ال الث اني :بن اء الحكم على دليل ه ،فكل من األس اس
والدليل أصل ،ألنه بني عليه غيره.
التفسير في اإلصطالح :بيان كالم هللا املعجز املنزل على محمد صلى هللا عليه وسلم.
علم أص ول التفس ير :هي األس س والقواع د العلمي ة ال تي تعين على فهم التفس ير وم ا
يقع فيه من اإلختالف وكيفية التعامل معه.
-قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه هللا في كتابه "شرح أصول في التفسير":
ّك
"من املهم أن ير ز اإلنسان معلوماته على األصول (مثال :سد الذرائع في أصول الفقه)،
ألن األص ول هي ال تي تجم ع ل ه الف روع ،ومن كان معتني ا ب الفروع دون األص ول فإن ه يفوت ه
األص ول والف روع مع ا ،ألن الف روع ك أوراق الشجرة تتح ات وت زول ،وأم ا األص ول فه و
كعروق الشجرة ترّس خ الشجرة وتبقيها.
وقد قيل :من حرم األصول حرم الوصول ،يعني أنه ال يصل إلى غايته وهدفه".
وإن مثل علم أصول التفسير بالنسبة للتفسير كمثل علم النحو بالنسبة للنطق العربي
والكتابة العربية ،يتبين به التفسير الصحيح من التفسير الفاسد كما يعرف بالنحو الكالم
الصحيح من الكالم غير الصحيح.
ومن هنا كان علم أصول التفسير أحد مباحث علوم القرآن.
مصطلح "علوم القرآن" يشير إلى املباحث التي كتبت حول القرآن الكريم ،وهيى تتناول
أربع موضوعات أساسية:
.1مصدر القرآن أو كيفية إنزاله وتلقي النبي صلى هللا عليه وسلم له.
وخالصة القول :علوم القرآن هي علم ذو مباحث تتعلق بالقرآن الكريم من حيث نزوله
وترتيبه وكتابته وجمعه وقراءاته وتفسيره وإعجازه وناسخه ومنسوخه ومحكمه ومتشابهه
إلى غ ير ذل ك من املب احث ال تي ت ذكر في ه ذا العلم ،وق د يس مى ه ذا العلم بأص ول التفس ير،
ألنه يتناول العلوم التي البد للمفسر منها.
وكان رسول هللا صلى هللا عليه وسلم ُي َف ِّس ُر لهم بعض اآليات.
أخرج مسلم وغيره عن عقبة بن عامر قال :سمعت رسول هللا -صلى هللا عليه وسلم-
ُق َط َل َأ
يقول وهو على املنبرَ{ :و ِع ُّد وا ُه ْم َم ا اْس َت ْع ُت ْم ِم ْن َّو ٍة } "أال إن القوة الرمي".
وح رص الصحابة على تلقي الق رآن الك ريم من رس ول هللا -ص لى هللا علي ه وس لم-
ًف
وحفظه وفهمه ،وكان ذلك شر ا لهم.
عن أنس رضي هللا عن ه ق ال" :كان الرج ل من ا إذا ق رأ البق رة وآل عم ران َج َّد فين ا" أي
ُظ
َع م.
ُر ِو َي عن أبي عبد الرحمن السلمي أنه قال" :حدثنا الذين كانوا يقرئوننا القرآن ،كعثمان
َّل
بن عف ان وعب د هللا بن مس عود وغيرهم ا أنهم كانوا إذا تع م وا من الن بي -ص لى هللا علي ه
وسلم -عشر آيات لم يجاوزوها حتى يتعلموا ما فيها من العلم والعمل ،قالوا :فتعلمنا القرآن
والعلم والعمل جميًع ا".
إذا نظرنا إلى حال الصحابة رضوان هللا عليهم وجدناهم يتعلمون علوم القرآن مشافهة،
ولم يعرف عندهم تدوين لعلوم القرآن لعدة أسباب أهمها:
-3أن الرسول -صلى هللا عليه وسلم -نهاهم عن كتابة شيء غير القرآن بقوله صلى هللا
علي ه وس لم :ال تكتب وا ع ني ومن كتب ع ني غ ير الق رآن فليمح ه (صحيح مس لم) خش ية أن
يلتبس القرآن بغيره.
ولئن كان رس ول هللا -ص لى هللا علي ه وس لم -ق د أذن لبعض صحابته بع د ذل ك في كتاب ة
الحديث فإن ما يتصل بالقرآن ظل يعتمد على الرواية بالتلقي في عهد رسول هللا -صلى هللا
عليه وسلم -وفي خالفة أبي بكر وعمر رضي هللا عنهما.
ثم كانت خالفة علٍّي -رضي هللا عنه -فوضع أبو األسود الدؤلي بأمر منه قواعد النحو،
ًط
ص يانة لس المة النط ق ،وض ب ا للق رآن الك ريم ،وُي عت بر ه ذا ك ذلك بداي ة لـ"علم إع راب
القرآن".
واس تمر الصحابة يتن اقلون مع اني الق رآن وتفس ير بعض آيات ه على تف اوت فيم ا بينهم،
لتف اوت ق درتهم على الفهم ،وتف اوت مالزمتهم لرس ول هللا -ص لى هللا علي ه وس لم -وتناق ل
عنهم ذلك تالميذهم من التابعين.
اًل
وما ُر ِو َي عن الصحابة ال يتض من تفسيًر ا كام للقرآن ،وإنم ا يقتص ر على معاني بعض
اآليات بتفسير غامضها وتوضيح مجملها.
وال ذي ُر ِو َي عن الت ابعين يتن اول :علم التفس ير ،وعلم غ ريب الق رآن ،وعلم أس باب
النزول ،وعلم املكي واملدني ،وعلم الناسخ واملنسوخ ،ولكن هذا كله ظل معتم ًد ا على الرواية
بالتلقي.
وه ؤالء جميًع ا كانوا من أئم ة الح ديث ،فكان جمعهم للتفس ير جمًع ا لب اب من أبواب ه،
ولم يكن جمًع ا للتفسير على استقالل وانفراد ،وجميع ما نقلوه فيها كان باإلسناد ،ولم يصل
إلينا من تفاسيرهم شيء مكتوب سوى مخطوطة تفسير عبد الرزاق بن همام.
اًل
ثم دون التفس ير مس تق وأص بح علًم ا قائًم ا بنفس ه ،وأش هر من دون ه على ه ذا النح و:
يح يى بن س الم البص ري )ت200هـ( ،وابن ماج ه )ت273هـ( ،وابن جري ر الط بري )ت310هـ(،
وأبو بكر بن املنذر النيسابوري )ت318هـ( ،وابن أبي حاتم )ت327هـ( ،وابن حبان )ت369هـ(،
والح اكم )ت405هـ( ،وابن مردوي ه )ت410هـ( وغ يرهم ،وكل م ا في ه ذه التفاس ير كان
باإلسناد.
اًل
ويع د تفس ير ابن جري ر الط بري رحم ه هللا تع الى أق دم تفس ير ش امل وص ل إلين ا كام ،
عرض فيه صاحبه لألقوال والروايات املختلفة في التفسير ،ورجح بعضها على بعض.
والتفسير -كما نعلم -أحد علوم القرآن الكريم ،بل هو نواة علوم القرآن الكريم ،وبهذا
يكون التفسير أول علم من علوم القرآن بدأت الكتابة فيه.
اًل
وهكذا بدأ التفسير أو بالنقل عن طريق التلقي والرواية ،ثم كان تدوينه على أنه باب
من أب واب الح ديث ،ثم ُد ِّو َن على اس تقالل وانف راد ،وتت ابع التفس ير باملأثور ،ثم التفس ير
بالرأي.
وقد ألف العلماء في العلوم األخرى كتًب ا مستقلة منها ما وصل إلينا ومنها ما هو مفقود.
أل ف ابن حج ر العس قالني (ت852هـ) "العج ائب في بي ان األس باب" ،وأل ف محم د بن
َك
سليمان ال اِف ْي ِج ُّي (ت879هـ) "التيسير في قواعد علم التفسير".
أل ف الس يوطي (ت911هـ) كتاب ه "ُم ْف ِح م اُت األق ران في مبهم ات الق رآن" وكتاب ه "لب اب
َق ْس َط اَل
ِن ُّي )ت923هـ) "لط ائف اإلش ارات في علم النق ول في أس باب ال نزول" .و أل ف ال
القراءات" ،وألف أبو يحيى زكريا األنصاري (ت926ه) كتابه "فتح الرحمن بكشف ما يلتبس
في القرآن" وألف ابن الِّش ْح َن ِة (ت921هـ) "غريب القرآن".
ألف الشيخ مرعي الكومي (ت1023ه) "قالئد املرجان في الناسخ واملنسوخ من القرآن"،
وألف أحمد بن محمد املقرئ (ت1041هـ) كتابه "إعراب القرآن" ،وألف الَب َّن اُء ال ِّد ْم َي اِط ُّي (ت
1117هـ) "إتحاف فضالء البشر في القراءات األربع عشر".
أل ف مص طفى ص ادق ال رافعي (ت1356هـ) "إعج از الق رآن والبالغ ة النبوي ة" ،وأل ف
الدكتور محمد عبد هللا َد َّر از (ت1377هـ) كتابه "النبأ العظيم" ،وألف الشهيد سيد قطب (ت
1387هـ) "التص وير الف ني في الق رآن" ،وكت اب "مش اهد القيام ة في الق رآن" ،وأل ف محم د
حسين الذهبي (ت1397هـ) "التفسير واملفسرون".
ًث َّل
وهذه املؤ فات يتناول كل مؤلف منها نوًع ا من علوم القرآن وبح ا من مباحثه املتصلة
به.
املرحلة الرابعة :عصر تدوين مؤلفات علوم القرآن جامعًة جلميع مباحثها أو ألكثرها
وقد ظهرت مؤلفات كثيرة بعد ذلك في علوم القرآن كفن مدون،
ففي القرن الرابع الهجري ألف أبو الحسن األشعري (ت324هـ) كتابه "املختزن في علوم
َأْل
القرآن" ،وألف عبيد هللا بن ِج ْر ٍو ا َس ِد ُّي (ت387ه) كتابه "األمد في علوم القرآن" ،وألف
َأْل ُف
محمد بن علي ا ْد ِو ُّي (ت388هـ) كتابه "االستغناء في علوم القرآن".
وفي القرن السادس الهجري ألف ابن الجوزي (ت597هـ) كتابه "فنون األفنان في عجائب
(في عيون) علوم القرآن" ،و"املجتبى في علوم القرآن" ،و"املجتنى من املجتبى".
وفي القرن السابع الهجري ألف القزويني (ت625هـ) كتابه "الجامع الحريز الحاوي لعلوم
ُّي ْق َأ ُب َش َم َة َمْل
كتاب هللا العزيز" ،وألف و ا ا ِد ِس (ت665هـ) كتابه "املرشد الوجيز إلى علوم تتعلق
بالكتاب العزيز".
وفي القرن الثامن الهجري ألف ابن تيمية (ت728هـ) كتابه "مقدمة في أصول التفسير"،
َك
وألف بدر الدين الَّز ْر ِش ُّي (ت794هـ) كتابه "البرهان في علوم القرآن".
ْل ْل
وفي القرن التاسع الهجري ألف جالل الدين ا َب ِق يِن ُّي (ت824ه) كتابه "مواقع العلوم من
َش
مواق ع النج وم" .وأل ف أب و علي الحس ين بن علي بن طلح ة الَّر ْج َر اِج ُّي ثم الِّش ْو اِو ِّي (ت
899هـ) كتابه "الفوائد الجميلة على اآليات الجليلة".
وفي الق رن العاش ر الهج ري أل ف جالل ال دين الس يوطي (ت911هـ) كتاب ه "التحب ير في
علوم التفسير" ،ذكر فيه 102نوًع ا من علوم القرآن ،ثم ألف كتابه القيم "اإلتقان في علوم
القرآن" ذكر فيه ثمانين نوًع ا من أنواع علوم القرآن على سبيل اإلجمال والدمج ،ولئن قيل:
إن املفسرين عيال على تفسير الطبري فإن علماء علوم القرآن عيال على اإلتقان.
وفترت همة التأليف بعد ذلك ،بل قال بعض العلماء :إن التأليف في تلك الفترة توقف،
وظهرت مؤلفات معدودة مثل "الفوز الكبير في أصول التفسير" تأليف الشاه ولي هللا املحدث
ال دهلوي (ت1176هـ) ،وأل ف ابن عقيل ة (ت1150هـ) كتاب ه "الزي ادة واإلحس ان في عل وم
القرآن".
-5التبي ان لبعض املب احث املتعلق ة ب القرآن على طريق ة اإلتق ان :ت أليف الش يخ ط اهر
الجزائري.
-14البي ان في عل وم الق رآن :ت أليف ال دكتور س ليمان بن ص الح القرع اوي وال دكتور
محمد بن علي الحسن.
" .1مقدمة في أصول التفسير" لشيخ اإلسالم ابن تيمية رحمه هللا (ت728هـ).
" .2الفوز الكبير" للعالمة شاه ولي هللا املحدث الدهلوي (ت1176هـ).
" .3فصول في أصول التفسير" للشيخ مساعد بن سليمان الطيار رحمه هللا.
وق د أل ف العالم ة ابن القيم رحم ه هللا (ت751هـ) في ه ذا الب اب ،لكن لم توج د ه ذه
الرسالة بعد.