You are on page 1of 61

‫بيان معنى قول الفقهاء الزم المذهب ليس‬

‫بمذهب‬
‫الحمد هلل رب العالمين وصلى هللا على‬
‫سيدنا محمد وعلى ءاله وصحبه الطيبين‬
‫‪...‬الطاهرين أما بعد‬
‫فما معنى قول بعض العلما ِء‪ ":‬الز ُم‬
‫مذهب" وقول بعضهم‪ " :‬الز ُم‬ ‫ٌ‬ ‫ب‬
‫المذه ِ‬
‫ليس مذه ًبا" وكيف يجمع بينهما‬ ‫ب َ‬ ‫المذه ِ‬
‫‪.‬وكيف خلط بعض الجهال‪ 5‬بينهم‬

‫ولكي نفهم هذا األمر علينا معرفة أمور‬


‫وهي ما هو المذهب؟وما معنى الزم‬
‫المذهب؟ وما هو الالزم الخفي؟‪ 5‬وما هو‬
‫الالزم البين؟ وهل إذا قال الشخص‪ 5‬كالما‬
‫يؤآخذ بكل لوازمه؟‬

‫‪ ‬‬

‫كثير من الناس يختلط عليهم هذا األمر‬


‫يقولون ‪ ":‬ما يلز ُم من‬
‫َ‬ ‫الضالل‬
‫ِ‬ ‫فبعض أهل‬
‫مسلم أو من فعل ِه إن كان يؤدي إلى‬
‫ٍ‬ ‫قول‬
‫ِ‬
‫الكفر ال يكفُ ُر علي ِه" ويستدلون على‬
‫ِ‬
‫زعمهم بقو َل بعض العلما ِء ‪ ":‬الزم‬
‫ب ليس بمذه ٍ‬
‫ب‬ ‫‪".‬المذه ِ‬
‫‪ ‬‬

‫‪:‬ولبيان ذلك نشرع في بيان ما قدمنا فنقول‬

‫أوال المذهب هو ما ذهب إليه المجتهد أو‬


‫العالم أو الشخص من صريح كالمه فما‬
‫صرح به يقال له مذهبه بناء على ما ظهر‬
‫‪.‬له من دالالت‬

‫فمثاله أن الشافعي قال بوجوب التبيت في‬


‫صيام الفرض‪ 5‬بناء على أدلة ظهرت له‬
‫وهو خلو أول النهار عن نية هي مفسدة له‬
‫فقوله بوجوب التبيت في صيام الفرض‪ 5‬هذا‬
‫‪.‬يقال له ما ذهب إليه وهو ما يسمى مذهبه‬

‫‪ ‬‬
‫وثانيا الزم المذهب هو ما ليس بصريح‬
‫قوله لكنه يلزم من قوله أو ما كان مؤدى‬
‫قوله وقد يكون خفيا غير واضح مبهما أو‬
‫بينا واضحا‬
‫جليا‪ .‬وقد يكون في القطعيات وقد يكون في‬
‫‪.‬غيرها‬

‫وقد يكون هذا الالزم ينفك عنه أو ال ينفك‬


‫عنه ومع أن األصل في الالزم عدم انفكاكه‬
‫عن الملزوم لكنه يطلق عليه الزم من باب‬
‫التجوز إذ الالزم في الحقيقة ما ال ينفك عن‬
‫الملزوم‪ 5.‬فما ينفك عنه في الحقيقة ال يقال‬
‫له الزم إال من باب التجوز وهو ما يسمى‬
‫بالتابع أو الرديف فهذا التابع قد ينفك عنه‬
‫أو يتخلف لفقد شرط أو وجود مانع وهو ما‬
‫يعبر عنه بعض الفقهاء‪ 5‬بالزم المذهب‬
‫ويقولون الزم المذهب ليس بمذهب لجواز‬
‫تخلف الالزم عن الملزوم أما اللوازم في‬
‫الحقيقية وهي اللوازم‪ 5‬العقلية فال تتخلف‬
‫‪.‬عن ملزومها‬

‫‪ ‬‬

‫فعلى ما ذكرنا نعرف هنا نعرف الفرق بين‬


‫ما‬
‫ذهب إليه وبين ما التزمه وبعد هذا فهل‬
‫يؤآخذ بلوازم كالمه فيقال له حينها يلزم‬
‫من قولك كذا‪ 5...‬فهنا منشأ الخبط والخلط‬
‫لمن لم يفهم كالم العلماء ولم يفرق بين‬
‫الالزم الخفي‪ 5‬والالزم البين وبين ما هو‬
‫الزم في الحقيقة وبين ما صورته صورة‬
‫‪.‬الالزم‬

‫‪ ‬‬

‫ولنضرب مثال لكل منها ليتضح الفرق‬


‫بينها فمن الالزم البين الواضح الجلي الذي‬
‫ال ينفك عن ملزومه أن نقول مثال وجود‬
‫النهار يلزم منه طلوع الشمس فلو قال‬
‫جاهل ال يلزم من اعترافي بوجود النهار‬
‫طلوع الشمس‪ 5‬ألن الزم المذهب ليس‬
‫بمذهب لصار ضحكة لناظرين ولقال له‬
‫الناس هذا جنون وهي من سفسطة التي‬
‫‪.‬هي انكار المحسوسات‪5‬‬
‫‪ ‬‬

‫أما لو قيل مثال الطوفان في الليل‪ 5‬يلزم منه‬


‫أن يكون الطائف خرج للسرقة فيقال له ال‬
‫يلزم منه ذلك فقد يكون خرج للحراسة أو‬
‫للتصدق خفية فهذا من الالزم الخفي‪ 5‬الذي‬
‫يقبل االنفكاك عن ملزومه فإن لم يصرح‪ ‬‬
‫بأنه يلتزمه أو يعرض عليه فيلتزمه ال‬
‫‪.‬يؤآخذ بملزومه‬

‫‪ ‬‬

‫والفرق بين هذا والذي قبله أي بين الالزم‬


‫الخفي والالزم البين أن الالزم البين يكون‬
‫من اللوازم‪ 5‬العقلية فيمتنع انفكاكه عنه وهو‬
‫واضح ال ينكره إال من ينكر المحسوسات‬
‫‪.‬ويكون هزأة للساخرين‬

‫‪ ‬‬

‫وبعد هذه المقدمة نشرع في بيان ما ضل‬


‫به بعض ناس فزعموا أنه ال يكفر المرء‬
‫بالتلفظ‬
‫بكلمة الكفر‪ 5‬ولو كان عالما بمعناها وقالها‬
‫مختارا ما لم يعتقد لوازمها ومنهم ال‬‫ً‬
‫هللا وال‬
‫حق ِ‬‫يُك ِّفرون القائلين بالجه ِة في ِّ‬
‫يقولون‬
‫َ‬ ‫ي ُِثبتون لهم التجسيم لمجرد أنهم‬
‫ك منهم ال يُك ِّف َ‬
‫رون‬ ‫نحنُ لسنا مُجسمة وكذل َ‬
‫هللا الذي هو صف ُة ذات ِه‬‫القائلين بأن كال َم ِ‬
‫َ‬
‫مخلوق والعياذ باهلل مما قالوا‪ ،‬كل هؤالء‬‫ٌ‬
‫ضلوا ألنهم فهموا قو َل بعض العلما ِ‪5‬ء ‪":‬‬
‫ب ليس بمذهبٍ" على غير‬ ‫الزم المذه ِ‬
‫‪.‬وجهها وأنزلوها غير منزلها‬

‫‪:‬ولتوضيح هذه المسألة نقول‬

‫ٌ‬
‫مذهب"‬ ‫ب‬
‫قال بعضُ العلما ِء‪ ":‬الز ُم المذه ِ‬
‫ليس مذه ًبا" ‪،‬‬
‫ب َ‬ ‫بعض‪ " :‬الز ُم المذه ِ‬‫ٌ‬ ‫وقال‬
‫الخالف ما إذا لم يكن الالز ُم ب ّي ًنا‪،‬‬
‫ِ‬ ‫ومحل‬
‫ٌ‬
‫مذهب له‬ ‫أما إذا كان الالز ُم ب ّي ًنا فهو‬
‫جز ًما‪ ،‬ولتوضيح ذلك نقول أن كالم العلماء‬
‫‪:‬ينقسم لقسمين رئيسيين‬

‫ب ‪1.    ‬‬
‫قال بعضُ العلما ِء‪ ":‬الز ُم المذه ِ‬
‫ٌ‬
‫"مذهب‬
‫‪.‬أي إذا كان الالزم بينا‬

‫ليس ‪2.    ‬‬
‫ب َ‬ ‫ٌ‬
‫بعض‪ " :‬الز ُم المذه ِ‬ ‫وقال‬
‫‪.‬مذه ًبا" أي إذا كان الالزم غير بين‬

‫‪ ‬‬

‫ومثال على الالزم غير البين قول المعتزلة‬


‫ك َو َت َعا َلى َبعْ دَ‬ ‫ار َ‬‫في رُْؤ َية َأهْ ِل ْال َج َّن ِة هلِل ِ َت َب َ‬
‫اضيْ َأ ْن َكر ُْوا‬ ‫ُد ُخ ْولِ ِه ُم ْال َج َّن َة َفِإنَّ ُأ َنا ًسا ِفيْ ْال َم ِ‬
‫َه َذا اَأْلمْ َر َظ ًّنا ِم ْن ُه ْم َأ َّن ُه َي ْل َز ُم ِم ْن ُه ال َّتجْ ِس ْي ُم‬
‫ات رُْؤ َي ِة َأهْ ِل‬ ‫َوال َّت ْش ِب ْي ُه َأيْ َظ َّنوا َأنَّ ِإ ْث َب َ‬
‫ات ْال َح ِّد َو ْال َحجْ ِم‬ ‫ْال َج َّن ِة لِ َرب َِّه ْم َي ْل َز ُم ِم ْن َها ِإ ْث َب ُ‬
‫هلل فقالوا ال يصح أن يرى إال من كان في‬ ‫ِ‬
‫جهة وله حد وحجم‪َ .‬ف َل ْم ُي َك ِّفرْ ُه ْم َك ِث ْي ٌر ِمنْ‬
‫ك َب ْل َف َّسقُ ْو ُه ْم ألنها‬ ‫ُع َل َما ِء َأهْ ِل ال ُّس َّن ِة ِب َذلِ َ‬
‫بدعة اعتقادية فقد قالوا ال يصح أن يرى‬
‫إال ما هو جسم وجهة وله حد فنفوا الرؤيا‬
‫وتأولوا اآليات واألحاديث التي وردت في‬
‫ذلك ف َل ْم ُي َك ِّفرْ ُه ْم َك ِث ْي ٌر ِم َن ْال ُع َل َما ِء َأِلنَّ‬
‫اض ٍح َغ ْي ُر َبي ٍِّن ه ْم َم َنع ُْوا‬ ‫الاَّل ِز َم َغ ْي ُر َو ِ‬
‫الرُّ ْؤ َيا َح َّتى اَل ُيَؤ ِّديْ ِإ َلى ال َّت ْش ِب ْي ِه‪ُ .‬ه ُم‬
‫ْالمُعْ َت ِز َل ُة َي ْل َز ُم ِمنْ َق ْولِ ِه ْم ِإ ْن َكا ُر وُ ج ُْو ِد ِ‬
‫هللا‬
‫لكن الالزم هنا غير بين أما َنحْ نُ َأهْ ُل ال ُّس َّن ِة‬
‫ص ُّح َأنْ ي َُرى‪ .‬فنْؤ ِمنُ‬ ‫َنقُ ْو ُل ُك ُّل َم ْوج ُْو ٍد َي ِ‬
‫ِبرُْؤ َي ِة أهْ ِل ْال َج َّن ِة لِ َرب ِِّه ْم لِوُ ر ُْو ِد الرِّ َوا َيا ِ‬
‫ت‬
‫‪.‬ب َها َأيْ اَل َك َما ي َُرى ْال َم ْخلُ ْو ُق‬ ‫ِ‬

‫‪ ‬‬

‫وأما مثا ٌل على الالزم البين قول المعتزل ِة "‬


‫والبصر‬
‫ِ‬ ‫والسمع‬
‫ِ‪5‬‬ ‫بالعلم‬
‫ِ‬ ‫إن هللا ال يُوصفُ‬
‫والتكوين‬
‫ِ‬ ‫والتخليق‬
‫ِ‬ ‫والقدر ِة واإلراد ِة‬
‫ونحوها من الصفات الذاتي ِة والفعلي ِة "‬
‫لنفس ِه‪ ،‬قاد ٌر لنفس ِه ال ٍ‬
‫بعلم‬ ‫فقالوا‪ " :‬عال ٌم ِ‬
‫وال قدرةٍ‪ ،‬فيكونُ مذهبُ المعتزل ِة في‬
‫المعنى نف ُي العالِ ِم ّي ِة والقا ِد ِر ّي ِة عن هللا‪ ،‬وال‬
‫ب " أي‬ ‫ليس بمذه ٍ‬ ‫ب َ‬ ‫يُقال هنا " الز ُم المذه ِ‬
‫بالعلم نفيُ‬
‫ِ‬ ‫هللا‬ ‫اتصاف‬ ‫م‬ ‫ه‬
‫ِ‬ ‫ي‬
‫ِ‬ ‫ْ‬
‫ف‬ ‫ال يلز ُم من َن‬
‫الالزم البيِّن‪ ،‬ألنه‬
‫ِ‬ ‫من‬ ‫هذا‬ ‫ألن‬ ‫ً‬ ‫كو ِن ِه عالما‬
‫ال يص ّح‬
‫علم كما ال يص ُّح عال ٌم‬
‫العقل عال ٌم بال ٍ‬
‫ِ‪5‬‬ ‫في‬
‫ٌ‬
‫ضارب بال‬ ‫معلوم‪ ،‬وكما ال يص ُّح‬
‫ٍ‬ ‫بال‬
‫ب‬ ‫ب وال مضرو ٍ‬ ‫‪.‬ضر ٍ‬

‫‪ ‬‬

‫فمن هنا يعرف معنى قول العلما ِء ‪ " :‬الز ُم‬


‫مذهب " أي أنه يلز ُم من قول‬ ‫ٌ‬ ‫ب‬‫المذه ِ‬
‫بعلم نف ُي للعالِ ِم ّي ِة‪ ،‬أي أن‬
‫المعتزل ِة عال ٌم ال ٍ‬
‫بعالم‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫علم" معناهُ ليس‬‫قو َل ‪ ":‬إن ُه عال ٌم بال ٍ‬
‫بعلم يلز ُم من ُه نفيُ‬
‫فمذه ُبهُم أن هللا عال ٌم ال ٍ‬
‫ب‬‫العالِ ِم ّي ِة عن هللا‪ ،‬هذا معنى " الز ُم المذه ِ‬
‫مذهب"‪ .‬فهذه من البدع االعتقادية التي‬ ‫ٌ‬
‫كفرهم العلماء عليها وإن قال المعتزلي أنا‬
‫ال أقول أنه يلزم منه نفي الصفة أي ال‬
‫ألتزم الالزم فهذا ال عبرة بنفيه لالزم ألنه‬
‫‪.‬الزم بين‬

‫‪ ‬‬
‫بعض‬ ‫وكذلك يعرف مما ذكرنا معنى قو ُل ِ‬
‫ليس بمذهبٍ" إذا لم‬ ‫ب َ‬ ‫العلما ِء " الز ُم المذه ِ‬
‫حال‬
‫الحال أي ِ‬ ‫ِ‬ ‫يكن اللزو ُم ب ّي ًنا‪ .‬ففي هذه‬
‫القولين‬
‫ِ‬ ‫على‬ ‫ا‬ ‫ً‬
‫ب‬ ‫مذه‬ ‫يكونُ‬ ‫ا‬ ‫ً‬
‫ن‬ ‫الالزم ب ّي‬
‫ِ‬ ‫كون‬
‫ِ‬
‫ليس‬
‫ب َ‬ ‫الذين قالوا‪ " :‬الز ُم المذه ِ‬ ‫َ‬ ‫أي عند‬
‫ب‬
‫الذين قالوا الز ُم المذه ِ‬ ‫َ‬ ‫مذه ًبا‪ ،‬وعند‬
‫هللا قاد ٌر‬
‫مذهب"‪ ،‬فقول المعتزليّ " إن َ‬ ‫ٌ‬
‫بذات ِه على الممكنات العقلي ِة ال بقدر ٍة يلز ُم‬
‫وكذلك الز ُم قول ِه‬ ‫َ‬ ‫ك نف ُي كو ِن ِه قاد ٌر‪،‬‬ ‫من ذل َ‬
‫الالزم‬
‫ِ‬ ‫ب‬
‫بعلم وهكذا من با ِ‬ ‫عال ٌم بذات ِه ال ٍ‬
‫‪.‬البي ِِّن‬

‫‪ ‬‬
‫بالكفر‬
‫ِ‬ ‫وبمعنى ءاخر أن الذي يُحك ُم عليه‬
‫من كان الكف ُ‪5‬ر صري َح قول ِه‪ ،‬وكذا من كان‬
‫ض علي ِه فالتزمه‪ ،‬أي‬ ‫الز َم قولِ ِه وع ُِر َ‬‫ِ‬
‫ض علي ِه الالز ُم فقبل ُه بأن قيل له‪ :‬هذا‬ ‫ع ُِر َ‬
‫ك؟ قال‪ :‬أقبلُ‪ ،‬وكان‬ ‫يلز ُم من ُه كذا‪ ،‬ت ْق َبل ذل َ‬
‫كفرا‪ 5،‬أما من لم يلتزمْ ُه وناضل‬ ‫ذلك الالز ُم ً‬
‫عن ُه فإنه إن كان بينا ال ينفعه ذلك فهو‬
‫كصريح قوله وأما إن لم يكن بينا فإن ُه‬
‫كان الالز ُ‪5‬م‬ ‫ً‬
‫كافرا كما مثلنا‪ ،‬ولو َ‬ ‫ال يكونُ‬
‫كفرا‪ ،‬ألنه لم يلتزمه وليس بينا وينبغي‬ ‫ً‬
‫‪.‬حملُ ُه على غير القطعيِّ كما بينا‬

‫‪ ‬‬

‫وااللتزام أن‬ ‫زوم‬ ‫والحاص ُل في مسألة اللُ‬


‫ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫رأي ِه كف ٌر لم يشعر ب ِه وإذا‬ ‫من لز َم من ِ‬
‫أنكر اللُزو َم وكان في غير‬ ‫ف علي ِه َ‬ ‫وُ ِق َ‬
‫ت وكان اللُزو ُم َ‬
‫غير بي ٍِّن فهو‬ ‫الضروريا ِ‬
‫بكافر‪ ،‬وإن سلّم اللُزو َم وقا َل إن‬ ‫ٍ‬ ‫ليس‬
‫َ‬
‫التحقيق ُك ً‬
‫فرا‬ ‫ِ‬ ‫د‬
‫َ‬ ‫عن‬ ‫وكان‬ ‫فر‬ ‫ُ‬
‫ليس ب ٍ‬
‫ك‬ ‫الالز َم َ‬
‫أنكر اللُزو َم وكان في‬ ‫فهو ًإذا كاف ٌر‪ .‬وإن َ‬
‫ت أو كان اللُزو ُ‪5‬م َ بيِّنا فهو كافر‬ ‫‪.‬الضروريا ِ‬

‫‪ ‬‬
‫وبنا ًءا على هذه القواعد الشرعية فإن‬
‫القائلين بالجه ِة يلز ُم من كال ِم ِهم التجسي ُ‪5‬م‬
‫َ‬
‫هللا‪،‬‬
‫حق ِ‬ ‫ولو أنكروا التزامهم الجسمي َة في ِّ‬
‫إذ إنّ ك َل من‬
‫يكون ل ُه حج ٌم كب َُر‬ ‫َ‬ ‫كان في جه ٍة ال بد أن‬
‫ٌ‬
‫ومكان‬ ‫أو ص ُغ َر‪ ،‬فالجوه ُر الفر ُد ل ُه ح ِّي ٌز‬
‫المركب له ح ِّي ٌز‬
‫َ‬ ‫وجهة كما أن الجس َ‪5‬م‬ ‫ٌ‬
‫مكان‬
‫ٍ‬ ‫وجهة‪ ،‬إذ ال يُعق ُل جس ٌم ال في‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬
‫ومكان‬
‫القائلين بالجه ِة‬
‫َ‪5‬‬ ‫ب‬‫ك الز ُم مذه ِ‬ ‫وجهةٍ‪ ،‬لذل َ‬
‫نفوها عن‬ ‫إثبات الجسمي ِة حتى لو هم ْ‬ ‫ُ‬
‫‪.‬أنفس ِهم‬‫ِ‬

‫‪ ‬‬

‫إطالق الجه ِة والجسمي ِة‬ ‫ُ‬ ‫فال َّشر ُع لم يرد في ِه‬


‫هللا‪ ،‬والعق ُ‪5‬ل ينفي الجه َة والجسمي َة‬‫حق ِ‬ ‫في ِّ‬
‫في ح ِّقه تعالى‪ ،‬إذ إن ُه كما ال يُعق ُل وجو ُد‬
‫مكان وجه ٍة ال يُعق ُل‬ ‫ٍ‬ ‫الجوهر والجسم‪ 5‬ال في‬ ‫ِ‬
‫مكان‬
‫ٍ‬ ‫وجسم في‬
‫ٍ‬ ‫بجوهر‬
‫ٍ‬ ‫وجو ُد ما َ‬
‫ليس‬
‫ليس‬
‫هللا َ‬ ‫ثبت شر ًعا وعقالً أن َ‬ ‫وجهةٍ‪ ،‬وقد َ‬
‫ثبت شر ًعا وعقالً أن َ‬
‫هللا‬ ‫جسم‪َ ،‬‬ ‫ٍ‬ ‫بجوهر وال‬
‫ٍ‬
‫كان موجو ًدا قب َل الجها ِ‬
‫ت وأن ُه ال يتغ ّي ُر‬ ‫َ‬
‫ت ما زا َل موجو ًدا بال‬ ‫خلق الجها ِ‬ ‫وبعد أن َ‬
‫ت الجه ِة‬ ‫لت ساب ًقا من مقتضيا ِ‬ ‫جهةٍ‪ ،‬وكما قُ ُ‬
‫القائلين‬
‫َ‬ ‫ب‬ ‫ُ‬
‫إثبات الجسم ّي ِة‪ 5،‬فالز ُم مذه ِ‬
‫حيث قامت البيِّن ُة‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫إثبات الجسم ّي ِة‬ ‫بالجه ِة‬
‫هللا من‬‫نفي الجه ِة عن ِ‬ ‫ك وألنَّ َ‬ ‫على ذل َ‬
‫العقل‬
‫ِ‬ ‫ت التي ال يغف ُل عنها صاحبُ‬ ‫القطعيَّا ِ‬
‫القائلين بها لجهلهم‬
‫َ‬ ‫‪.‬السليم فال يُعذ ُر‬
‫ِ‬
‫‪ ‬‬

‫القائلين بالجه ِة إن سلّموا‪ 5‬اللُزو َم‬‫َ‪5‬‬ ‫لذا فإن‬


‫ليس بك ْف ٍر ال يُعت ُّد بكال ِمهم‬ ‫وقالوا إن الالز َم َ‬
‫التحقيق ُكف ٌر‪ ،‬وإن لم يُسلِّموا‪5‬‬
‫ِ‬ ‫ألنه عند‬
‫رون‪ ،‬ألن‬ ‫اللُزو َم فال ِعبر َة بكال ِم ِهم بل ي َك ّف َ‬
‫ومن‬
‫ت َ‬ ‫هللا من القطعيَّا ِ‬‫نفي الجه ِة عن ِ‬ ‫َ‬
‫الدين‬
‫ِ‬ ‫ُجمع عليها المعلوم ِة من‬ ‫األمور الم ِ‬
‫ِ‬
‫بالضّرور ِة والتي يست ِقل العق ُ‪5‬ل السلي ُ‪5‬م‬
‫‪.‬بإدرا ِكها‬
‫‪ ‬‬

‫ٌ‬
‫مذهب له‪ ،‬‬ ‫فالالزم البيّن لمذهب العاقل‬
‫وأما من‬
‫يقول بملزوم مع نفيه لالزمه البين فال‬
‫يعتبر هذا الالزم مذهبا ً له فال عبرة بقوله‬
‫ألنه يسقطه هذا النفي من مرتبة العقالء‪5‬‬
‫إلى درك األنعام فهو من السفسطة‪ ،‬وهذا‬
‫هو التحقيق في الزم المذهب‪ ،‬فيدور أمر‬
‫القائل بما يستلزم الكفر لزوما ً بينا بين أن‬
‫يكون كافراً لنفيه القطعي مع التزام الالزم‬
‫أو حمارا إلنكاره ما اجتمعت العقالء‬
‫‪.‬لثبوته فيكفر أيضا‬

‫‪ ‬‬

‫هللا الذي هو صف ُة‬ ‫القائلين بأنّ كال َم ِ‬


‫َ‬ ‫كما أنّ‬
‫ك ألنّ هذا اللُزو ُم‬ ‫ٌ‬
‫مخلوق كفروا بال ش ٍّ‬ ‫ذات ِه‬
‫ألن قيا َم‬
‫فر َ‬ ‫من ال ُك ِ‪5‬‬
‫في ِه بي ٌِّن‪ ،‬فلذا هو َ‬
‫ث ذا ِت ِه‬‫هللا يؤدي إلى حدو ِ‬ ‫ت ِ‬‫ث بذا ِ‬ ‫الحواد ِ‬
‫كان خال ًقا‬
‫حادثا لما َ‬‫ً‬ ‫تعالى‪ ،‬ولو كان ذا ُت ُه‬
‫بل الحتاج إلى من أوجدهُ وهذا ُكلُّ ُه محا ٌل‪،‬‬
‫هللا الذي هو‬ ‫القائلين بأنَّ كال َم ِ‬
‫َ‬ ‫ب‬‫فالز ُم مذه ِ‬
‫هللا‬
‫ت ِ‬ ‫ث بذا ِ‬ ‫مخلوق قيا ُم الحواد ِ‬‫ٌ‬ ‫صف ُة ذات ِه‬
‫ِ‬
‫ُطالن حتى لو ُه ْم‬ ‫ِ‬ ‫وهذا ظاه ُر الب‬
‫ُذر لهم ألن اللُزو َم في‬
‫أنكروا اللُزو َم فال ع َ‬
‫َ‬
‫فثبت بعد هذا البيان أن‬ ‫هذه المسأل ِة بي ٌِّن‪,‬‬
‫ب‬
‫الذين قالوا‪ " 5:‬الز ُم المذه ِ‬
‫َ‬ ‫الفريقين‬
‫ِ‬ ‫ِكال‬
‫ليس بمذهبٍ" إذا‬
‫ب َ‬ ‫مذهب ‪ ،‬والز ُم المذه ِ‬ ‫ٌ‬
‫لم يكن اللُزو ُم ب ِّي ًنا قد ك ّفروا من َ‬
‫كان الز ُم‬
‫‪.‬مذهب ِه ال ُك ْف ِري ب ِّي ًنا‬
‫ِ‬

‫‪ ‬‬

‫وقال الشيخ‪ 5‬محمد عبد العظيم الزرقاني في‬


‫كتاب [مناهل العرفان]‪" 5:‬وقد ك َّفر العراقيُّ‬
‫ت الجهة هلل تعالى وهو واضح‬ ‫ُثب َ‬
‫وغيره م ِ‬
‫ألن معتقد الجهة ال يمكنه إال أن يعتقد‬
‫التحيز والجسمية وال يتأتى غير هذا فإن‬
‫سمعت منهم سوى ذلك فهو قول متناقض‬
‫وكالمهم ال معنى له" انتهى‪ .‬والحظوا‬
‫قوله‪ :‬وهو واضح لتعلموا‪ 5‬أنه وجد الالزم‬
‫ً‬
‫واضحا فحكم عليهم بالكفر‬ ‫ب ِّي ًنا‬

‫وقال في معرض كالمه عن المتشابهات‪5:‬‬


‫"وال ريب أن حقائقها تستلزم الحدوث‬
‫وأعراض‬
‫الحدوث كالجسمية والتجزؤ والحركة‬
‫واالنتقال لكنهم بعد أن يثبتوا تلك‬
‫المتشابهات على حقائقها ينفون هذه اللوازم‪5‬‬
‫مع أن القول بثبوت الملزومات ونفي‬
‫لوازمها تناقض ال يرضاه لنفسه عاقل‬
‫فضال عن طالب أو عالم فقولهم في مسألة‬
‫االستواء اآلنفة إن االستواء‪ 5‬باق على‬
‫حقيقته يفيد أنه الجلوس المعروف المستلزم‬
‫للجسمية والتحيز وقولهم بعد ذلك ليس هذا‬
‫االستواء على ما نعرف يفيد أنه ليس‬
‫الجلوس المعروف المستلزم للجسمية‬
‫والتحيز فكأنهم يقولون‪( :‬إنه مستو غير‬
‫مستو) و(مستقر فوق العرش غير مستقر)‬
‫أو (متحيز غير متحيز) و(جسم غير جسم)‬
‫أو (أن االستواء على العرش‪ 5‬ليس هو‬
‫االستواء على العرش) و(االستقرار‪ 5‬فوقه‬
‫ليس هو االستقرار فوقه) إلى غير ذلك من‬
‫اإلسفاف والتهافت" انتهى‪ .‬يعني أن القول‬
‫بالتجسيم الزم بين ال ينفك عن اعتقاد‬
‫التحيز والمماثلة والعياذ باهلل لذلك اعلم‬
‫أخي القارئ أن وصف هللا بالجسم لمن‬
‫يعرف معنى الجسم‪ 5‬كفر بال خالف‬
‫ولو قال أنا ال ألتزم لوازم الجسم‪5‬‬

‫‪ ‬‬

‫وقال الشيخ‪ 5‬محمد عليش المالكي‪ 5‬في كتاب‬


‫[منح الجليل]‪" :‬وسواء كفر بقول صريح‬
‫في الكفر‪ ،‬كقوله‪ :‬أكفر باهلل أو برسول هللا‬
‫أو بالقرآن أو اإلله اثنان أو ثالثة أو‬
‫المسيح ابن هللا أو العزيز ابن هللا أو بلفظ‬
‫يقتضيه أي يستلزم اللفظ‪ 5‬الكفر استلزاما‪5‬‬
‫َب ِّي ًنا كجحد مشروعية شىء مجمع عليه‬
‫معلوم من الدين ضرورة‪ ،‬فإنه يستلزم‬
‫تكذيب القرآن أو الرسول وكاعتقاد جسمية‬
‫هللا وتحيُّزه فإ َّنه يستلزم حدوثه واحتياجه‬
‫لمُح ِدث" إلخ‪..‬الشيخ‪ 5‬محمد عليش يؤكد هنا‬
‫أن نسبة الجسم إلى هللا يستلزم الكفر‬
‫استلزاما‪ 5‬بينا فكالمه واضح ونصه جلي في‬
‫‪.‬الداللة على المسألة الصحيحة‬

‫وقال الشيخ‪ 5‬محمد الدسوقي‪ 5‬في [حاشية‪ ‬‬


‫الدسوقي على الشرح الكبير]‪" 5:‬قوله‪:‬‬
‫(ويستلزم الخ‪ )..‬أي وأمَّا قولهم‪" :‬الزم‬
‫المذهب ليس بمذهب" فمحمول على الاَّل زم‬
‫الخفيِّ "انتهى‪ 5.‬وهذا من أوضح ما يدلك يا‬
‫أخي القارئ على تفصيل الحكم في الالزم‬
‫فإن كان ب ِّي ًنا فهو مذهب وإن كان خف ًّيا‬
‫فليس مذه ًبا ما لم يلتزمه صاحبه فمعنى‬
‫هذا الكال أنك متى رأيت العلماء قالوا الزم‬
‫المذهب ليس مذهبا فاعلم أنه يقصدون‬
‫‪.‬الالزم الخفي وليس الالزم البين‬

‫وقال الشيخ‪ 5‬محمد الخضر الشنقيطي في‬


‫كتاب [إستحالة المعية بالذات وما يضاهيها‬
‫من متشابه الصفات]‪" :‬وأما إن كان اللزوم‬
‫ب ِّي ًنا فهو كالقول بال خالف" انتهى والحظ‬
‫قوله‪( :‬بال خالف) كذلك المعنى هنا‪  ‬أن‬
‫من قال كالما الزمه الكفر كأنه نطق‬
‫بالكفر بال خالف يعني حكمه الكفر بال‬
‫‪.‬خالف‬

‫وقال التقي‪ 5‬السبكي‪ 5‬رحمه هللا‪" :‬و َمن أطلق‬


‫القُعود وقال إ َّنه لم ي ُِر ْد صفات األجسام‪5:‬‬
‫قال شيًئ ا لم تشهد به اللغة فيكون باطاًل‬
‫وهُو كال ُم ِقرِّ بال َّتجسيم المُنكر له" انتهى‪.‬‬
‫فانظر كيف ألزم اإلمام السبكي من قال‬
‫بالقعود في حق هللا وجعله مذهبا له‪ ،‬ولم‬
‫يعذره بقوله (لم يرد صفات األجسام)‪ 5‬كذلك‬
‫نحن نلزم المشبهة بالتجسيم ونجعله مذهبا‬
‫لهم ولو قالوا بال كيف وال تمثيل وال‬
‫تشبيه‪ .‬يعني طالما وصف هللا بالقعود ولو‬
‫قال أنا ال ألتزم لوازم القعود في حق هللا‬
‫كما يفعل بعض المشبهة فال يكون معذورا‬
‫وال يزول عنه حكم الكفر‪ 5‬فمن لم يُك ِّفر َمن‬
‫قال عن هللا جسم ‪ -‬وهو عالم بالمعنى ‪-‬‬
‫ألنه قال‪ :‬ال ألتزم لوازم الجسم كيف يحكم‬
‫بالكفر على من قال يتعب ال كالناس! وينام‬
‫ال كالناس! هذا شتم هلل تعالى فيكون كفرا‬
‫‪.‬باتفاق العلماء‬

‫وجاء في المنهاج القويم على المقدمة‬


‫الحضرمية في الفقه الشافعي لعبد هللا بن‬
‫عبد الرحمن بن أبي بكر بافضل‬
‫الحضرمي‪" :‬واعلم‬
‫أن القرافي وغيره حكوا عن الشافعي‪5‬‬
‫ومالك وأحمد وأبي حنيفة رضي هللا عنهم‬
‫القول بكفر القائلين بالجهة والتجسيم وهم‬
‫حقيقون بذلك " ومثل ذلك نقل مال علي‬
‫القاري في كتابه [المرقاة‪ 5‬في شرح‬
‫المشكاة]‪.‬وهذا القدر من الشرح‪ 5‬كاف في‬
‫بيان أن الزم المذهب إذا كان واضحا فهو‬
‫مذهب وأن من قال عن هللا إنه جسم وهو‬
‫عالم بالمعنى فقد كفر باهلل ولو قال ال ألتزم‬
‫لوازمه كما أن من يعرف معنى كلمة االبن‬
‫وقال‪ :‬المسيح ابن هللا كذلك يكفر ولو قال‬
‫ال نلتزم في بنوة عيسى هلل ما نلتزمه في‬
‫!غيرها‬

‫‪ ‬‬
‫فثبت أننا وافقنا علما َء اُألمَّة وأنهم خالفوهم‬
‫والعياذ باهلل يعني يخالفون هم علماء األمة‬
‫ونوافق نحن العلماء ثم يسبقون إلى اتهامنا‬
‫بأننا خالفنا العلماء وانفردنا بأقوال غريبة‬
‫وما الغريب‬
‫إال ما أتوا من تكذيب العلماء ومخالفتهم‬
‫ونقل صاحب الخصال من الحنابلة عن‬
‫أحمد بن حنبل أنه قال‪ :‬من قال جسم ال‬
‫كاألجسام كفر ويؤكد هذا‪ :‬حكاي ُة اإلجماع‬
‫التي نقلها كثيرون في تكفير المجسم‪5‬‬
‫والشافعي من علماء االمة فهو داخل فيمن‬
‫أجمع على كفر المجسمة بال شك ويؤكده‬
‫كذلك أن الشافعي رضي هللا عنه ك َّفر‬
‫صا الفرد‪ 5‬بالالزم أي بالزم قوله ألنه‬ ‫حف ً‬
‫كان الز ًما ب ِّي ًنا والعلماء‪ 5‬نقلوا قول الشافعي‪5‬‬
‫في تكفير المجسمة في محل االحتجاج فهذا‬
‫يعني انه ثابت عندهم فالقاضي حسين نقل‬
‫أن الشافعي نصَّ على كفر من قال هللا‬
‫جالس على العرش ونقل ابن المعلم‪5‬‬
‫القرشي‪ 5‬في نجم المهتدي نحوه ونقل ابن‬
‫جماعة تكفير المجسمة في [شرح التنبيه]‬
‫عن َنصِّ الشافعي (يعني من كالمه‬
‫بحروفه) وحكاه كذلك السيوطي في األشباه‬
‫والنظائر ولذلك أصال علماء اإلسالم‬
‫ألزموا المجسمة بمقاالتهم ألنهم ع ُّدوهم‬
‫‪.‬واعين بما يتلفظون‬
‫‪ ‬‬

‫قال الكوثري في معرض كالمه عن بعض‬


‫مقاالت رؤوس المجسمة‪" :‬فال محيص في‬
‫ع ِّدهم واعين لما نطقوا به‪ ،‬فتعيين إلزامهم‬
‫بما يترتب على تلك ال َّت ُّقوالت في نظر أهل‬
‫البرهان الصحيح" انتهى‪ .‬بعد هذا ال يُلتفت‬
‫إلى أهل الفتنة الذين يزعمون أن الشافعي‪5‬‬
‫ما ك َّفر المجسمة أو أنه ما ثبت أنه كان‬
‫يك ِّفرهم فالمجسم الذي ينسب الجهة‬
‫والمكان في حق هللا يكفر وال يفيده إنكاره‬
‫كما قال اإلمام السبكي رحمه هللا‪" :‬ومن‬
‫أطلق القعود وقال إنه لم يرد صفات‬
‫األجسام قال شيئا لم تشهد به اللغة فيكون‬
‫باطال وهو كالمقر بالتجسيم المنكر له"‬
‫انتهى‪ .‬السبكي‪ 5‬مات في أواسط القرن‪5‬‬
‫الثامن هجري كان قاضي قضاة المذاهب‬
‫األربعة لكل مذهب قاض وهو فوق‬
‫األربعة يقضي وكان من أكابر الشافعية‬
‫فهل كان يحكم بكفر المجسمة‬
‫!خالفا لقول إمام مذهبه‬

‫وقال الكشميري‪ 5‬في [إكفار الملحدين]‪5:‬‬


‫"والحاصل في مسئلة اللزوم وااللتزام‪ 5:‬أن‬
‫َمن َل ِز َم ِمن رأيه ُكفر لم يشعر به‪ ،‬وإ َذا‬
‫وقف عليه أنكر اللزوم وكان في غير‬
‫الضروريات وكان اللزوم غير َبي ٍِّن فهو‬
‫ليس بكافر –أي إن لم يلتزمه–" انتهى‪.‬‬
‫وكالمه صريح أنه يتكلم في الالزم الخفي‪5‬‬
‫ليس في الالزم البيِّن‪ .‬أما إن كان الالزم‬
‫ب ِّي ًنا فال يكون مقبوال إال أن يقال‪ :‬الزم‬
‫المذهب مذهب‬

‫وللتقريب الذي يعرف معنى الجسم وهو‬


‫يعرف أن الجسم‪ 5‬يعني ما كان له أجزاء ثم‬
‫قال هللا جسم فهذا ال ينفك عن الكفر ألنه‬
‫من الواضح وضوحا شديدا أنه يقول إن هللا‬
‫له أجزاء‪ 5‬فال يُتو َّقف في كفر من قال عن‬
‫هللا جسم طالما يعرف معنى الجسم‬
‫فالخالصة أن كل كتاب أو موضع ُذ ِك َر فيه‬
‫أن المُجسِّم مختلف في تكفيره‬
‫فهذا غير صحيح وهو تعبير ظاهره باطل‬
‫فقد قال شيخ جامع الزيتونة سيدي إبراهيم‬
‫المارغني التونسي‪ 5‬في كتابه [طالع البشرى‬
‫على العقيدة الصغرى]‪" 5:‬ويسمى االعتقاد‬
‫الفاسد كاعتقاد قدم العالم ٔاو تعدد االله ٔاو‬
‫ٔان هللا تعالى جسم وصاحب هذا االعتقاد‬
‫مجمع على كفره" انتهى‪ .‬الحظوا كيف د َّل‬
‫أن اإلجماع منعقد على كفر من نسب‬
‫الجسم إلى هللا سبحانه وتعالى عما يقول‬
‫الظالمون لتعلموا أن الحكم بالكفر على‬
‫المجسمة إجماعيٌّ أي بإجماع علماء أمة‬
‫محمد بإجماع المعتبرين من العلماء‪ 5‬وما‬
‫خالف اإلجماع فهو ضالل بال شك ألن‬
‫أمتنا معصومة أن تجتمع على ضاللة‬
‫والحمدهلل وقال إالمام تقي الدين الحصني‬
‫الشافعي رحمه هللا في كتابه [دفع شبه من‬
‫شبّه وتمرّ د]‪َ " :‬من شبَّهه ٔاو كيَّفه طغى‬
‫وكفر‪ .‬هذا مذهب ٔاهل الحق وال ُّس َّنة وٕانَّ‬
‫مثل ٔاو‬ ‫دليلهم َل َجلِيٌّ واضح‪َ ..‬من شبَّهه ٔاو َّ‬
‫جسَّم فهُو مع السَّامرة واليهود و ِمن‬
‫حزبهم" انتهى‪ .‬فهذا نص أن من جسَّم هللا‬
‫ال يكون‬
‫مسلما بالمرة وقال اإلمام الشافعي‪:‬‬
‫"المُج ِّسم كافر" ذكره الحافظ السيوطي في‬
‫‪[.‬األشباه‪ 5‬والنظائر]‬

‫و ُن ِق َل عن الشافعي غير هذا النقل كذلك في‬


‫تكفير المجسمة‪ .‬وقال اإلمام أحمد‪" :‬من‬
‫قال هللا جسم ال كاألجسام كفر" رواه عن‬
‫اإلمام أحمد أبو محمد البغدادي صاحب‬
‫الخصال من الحنابلةكما رواه عن أبي‬
‫محمد الحافظ الفقيه الزركشي‪ 5‬في كتابه‬
‫[تشنيف المسامع]‪ 5.‬وقال القاضي عبد‬
‫الوهاب بن علي بن نصر البغدادي‬
‫المالكي‪" 5:‬وال يجوز أن يثبت له كيفية ألن‬
‫الشرع لم يرد بذلك‪ ،‬وال أخبر النبي عليه‬
‫السالم فيه بشىء‪ ،‬وال سألته الصحابة عنه‪،‬‬
‫وألن ذلك يرجع إلى التنقل‪ 5‬والتحول‬
‫وإشغال الحيّز واالفتقار إلى األماكن وذلك‬
‫يؤول إلى التجسيم وإلى ِقدم األجسام وهذا‬
‫كفر عند كافة أهل اإلسالم" انتهى‪.‬‬
‫والحظوا قوله‪ :‬وهذا كفر عند كافة أهل‬
‫اإلسالم لتحسموا‪ 5‬أن األمر ليس مثار‬
‫خالف ال‬
‫بين المتقدمين وال بين المتأخرين من‬
‫العلماء فالحظوا كم مرة ورد معنا فيما‬
‫ننقل عن العلماء أن نسبة هللا إلى الجسم‬
‫كفر عن كافة العلماء لتتيقنوا أن المسألة‬
‫إجماعية ال خالف فيها وليس كما توهم‬
‫بعض أهل الزيغ ألن اإلجماع منعقد على‬
‫تكفير المجسمة وأنه محمول على َمن‪  ‬يفهم‬
‫مدلول لفظ الجسم ال على من ال يعرف‬
‫فالتفصيل ليس في (هل كفر أم لم يكفر) ال‬
‫أنما المسألة‪ :‬إن كان يعرف معنى الجسم‪5‬‬
‫فال تفصيل في الحكم بكفره وإن كان ال‬
‫يعرف معنى الجسم‪ 5‬فهنا التفصيل فهنا‬
‫يُنظر هل يعتقد التشبيه أم ال‪ .‬وال يقول‬
‫بخالف ما ذكرنا عالِم معتبر من السلف أو‬
‫الخلف ومما يكفر به اإلنسان أن يصف هللا‬
‫تعالى بأنه جسم وألن الجسم يستلزم أن‬
‫يكون محتاجا للمكان‪ .‬والمحتاج ال يكون‬
‫إل ًها بل حادثا مخلوقا وهذا مستحيل في حق‬
‫هللا تعالى فمن يكون جسما يكون ذا أبعاض‬
‫وأجزاء تعالى هللا عن ذلك علوا كبيرا‬
‫فنسبة هللا إلى الجسمية تشبيه هلل بالخلق‬
‫وهو كفر بال شك إال في حالة لم يعرف‬
‫المتكلم معنى الجسم فإذا جهل المتلفظ‬
‫معنى الجسم‪ 5‬وظن أن معناه الموجود فهنا‬
‫ال يُك َّفر بل يُعلَّم الصواب‬

‫‪ ‬‬

‫واحفظوا كالم الشيخ محمد الدسوقي‬


‫المالكي في [حاشيته على الكبير]‪ 5‬فهو‬
‫تختصر كل اإلشكال الذي غرق فيه الجهلة‬
‫المتصولحة فقد قول الشيخ محمد الدسوقي‬
‫رحمه هللا‪< :‬وأما قولهم‪ :‬الزم المذهب ليس‬
‫بمذهب فمحمول على الالزم الخفي>‬
‫انتهى‪ .‬وبعد كل هذا الشرح‪ 5‬أو قبله اعلم أن‬
‫العبرة بالدليل وما تمسك به هؤالء ال دليل‬
‫عليه من الشرع‪5‬‬

‫ويناسب هنا ايراد ما نقله الزبيدي في‬


‫االتحاف عن تقي الدين السبكي‬
‫قال‪":‬والقعود ومعناه‬
‫مفهوم من صفات األجسام ال يعقل منه في‬
‫اللغة غير ذلك وهللا تعالى منزه عنها ومن‬
‫أطلق القعود وقال إنه لم يرد صفات‬
‫األجسام قال شيئا لم تشهد له به اللغة‬
‫فيكون باطال وهو كالمقر بالتجسيم المنكر‬
‫‪".‬له فيؤاخذ بإقراره وال يفيد إنكاره‬

‫وجاء في حاشية العطار على شرح المحلي‬


‫على جمع الجوامع‪":‬قولهم‪ 5:‬الزم المذهب‬
‫ليس بمذهب‪ ،‬مقيد بما إذا لم يكن الالزم‬
‫‪".‬الزما بينا‬

‫وقد قال في حاشية العدوي على شرح‬


‫مختصر خليل "( َق ْولُهُ‪ :‬إاَّل َأنْ ُي َقا َل‪ :‬اَل ِز ُم‬
‫ْس ِب َم ْذ َهبٍ) َظا ِه ُرهُ َو َل ْو َب َّي َّنا َم َع‬ ‫ْال َم ْذ َه ِ‬
‫ب َلي َ‬
‫َأنَّ الاَّل ِز َم َإذا َك َ‬
‫ان َب ِّي ًنا َي ُكونُ ُك ْف ًرا‪َ 5،‬واَل‬
‫" َي ْخ َفى َأنَّ الاَّل ِز َم ُه َنا َبي ٌِّن‬

‫‪ ‬‬

‫إلزام العلما ِ‪5‬ء‬


‫ِ‪5‬‬ ‫بيان‬
‫النظر في ِ‬
‫َ‬ ‫ومن أراد‬
‫المبتدع َة‬
‫مذا ِه َبهُم ال ُك ْفر ّي َة وتكفير ِهم عليها فلينظر‬
‫ت " ألبي‬ ‫والصفا ِ‬
‫ِ‬ ‫ب ‪ " :‬األسما ِء‬ ‫في كتا ِ‬
‫منصور البغدادي ق‪ 35 -‬ق‪.52 -‬وفي‬ ‫ٍ‬
‫شرح العقاِئ ِد " ص‪-‬‬
‫ِ‬ ‫ب ‪ " :‬القالِئ ِد في‬ ‫كتا ِ‬
‫‪ 210 – 200‬لإلمام النسفي‪ 5.‬وفي‬
‫القصر" ص‪ 32-‬للحافظ‬ ‫ِ‬ ‫ب ‪ ":‬ذخاِئ ِر‬ ‫كتا ِ‬
‫إكفار‬
‫ِ‬ ‫شمس الدين بن طولون‪.‬وفي كتاب‪" :‬‬
‫ُلحدين" ص‪– 22-21- 19 -17-‬‬ ‫َ‬ ‫الم‬
‫‪ 128-126-124 -123-72‬للمُح ِدث‬
‫محمد أنور شاه الكشميري‪.‬وفي كتاب‪" :‬‬
‫نجم المهتدي" لإلمام ابن المعلم القرشي ق‬
‫‪287 -268.‬‬

‫وآخر دعوانا أن الحمد هلل رب العالمين‬


‫القسم ‪ :‬مقاالت الشيخ محمد الصباغ‪- ‬‬
‫الزيارات ‪ - 777 :‬التاريخ ‪:‬‬
‫‪ - 7/12/2020‬الكاتب ‪ :‬محمد الصباغ‬
‫الصالة والسالم على نور العين محمد‬

‫‪               ‬‬

‫‪ ‬‬

You might also like