Professional Documents
Culture Documents
الحمد هلل ،الحمد هلل رب العالمين ،والصالة والسالم على سيد األولين واآلخرين وحبيببر رب العببالمين
سيدنا محمد وعلى آله وصحبه والتابعين وتابعيهم بإحسان إلى يوم الدين.
اللهم أعنا وال تعن علينا ،وانصرنا وال تنصر علينا ،وامكر لنا وال تمكر علينببا ،ويسبر الهببدل لنببا ،واجعلنببا
من الذاكرين الشاكرين.
أما بعد:
تحدثنا يف الدرس السابق عن تعريف علم القواعد الفقهية ،وعن أهمية هذا العلم لطالر العلم.
• القواعد التي ال تنحصر يف باب من أبواب الفقه ،بل تدخل يف جميع أبواب الفقه.
• والقسم الثاين :القواعد التي تختص بباب من أبواب الفقه ،وهي التي ُتسمى بالضوابط.
وذكرنا أن القواعد التي ال تخببتص بببباب مببن أبببواب الفقببه ببل تببدخل يف جميببع أبببواب الفقببه كثيببرة ،منهببا
خمس قواعد كلية جمعها الناظم يف قوله:
وكسسس س ا المشسسسسسق وة رلسسس س التيسسسسسسيرا *** ضسسسرر ويسسسز واال وعسسساد رة هسسسسد وح امسسس
ر
أما علما األصول هالش عندهم يختلف عن الظن ،ويختلف عن الوهم ،أمببا عنببد علمببا الفقببه هالشب
هو مطلق الخدد.
ويعرهونه بأنه ت ويز أمرين أحدهما أرجح أو أقول من اآلخر أو أظهر من اآلخر.
الظنّ . .1
ويعرهون الشك بأنه ت ويز أمرين ال مزية ألحدهما على اآلخر.
ّ .2
ويعرهون الو م بأنه ت ويز أمرين أحدهما أضعف من اآلخر. .3
هذا تفريق علما األصول بين الظن والش والوهم .أما عند علما الفقه هالمراد بالش :مطلق الخدد.
هقول الفقها :اليقين أي :االعتقاد ال ا م ،أو اإلدراك ال ببا م ،ال يسسزول بالشسسك أي :ال يببزول بببالخدد ،ال
بالش ،وال بالظن ،وال بالوهم.
خاص بمعهد اإلمام النووي للتفقه الشافعي ،وال يسمح بتداوله ونشره
وسنتحدث عن هذه القاعدة من عدة نقاط:
ما معنببى قاعببدة اليقببين ال يببزول بالشب م معناهببا كمببا يف الكتبباب :أن المببرأ إذا كببان عنببده جببزم يف القلببر
بثبوت شببي أو انتفا ببه؛ هببال يصببح أن يخكببه لوجببود شب بببرأ عليببه ،بببل يعمببل بيقينببه األول ،وال يلتفب
للش الطارئ.
قولببه أن المببر إذا كببان عنببده جببزم بالقلببر بثبببوت شببي ،وإذا تببيقن ثبببوت شببي مببن األشببيا بببأن تببي ّقن
الطهارة ،إذا تيقن ثبوت شي من األشيا كأن تيقن الطهارة؛ هإن هذا الشي -وهو الطهببارة يف المثببال -ال
يرتفع إال بيقين ،وال ُيحكم بزواله بم رد برو الش أو وجود الش ،هإذا جزم القلببر بثبببوت شببي مببا
كالطهارة؛ هإن هببذا الشببي ال يرتفببع وال يببزول إال بيقببين ،وال ُيحكببم بزوالببه بم ببرد الشب ،هببذا بالنسبببة
لثبوت شي .
أو انتفائه؛ هإذا جزم القلر بانتفببا شببي كانتفببا الطهببارة يف القلببر ،جببزم أنببه محب سبدث غيببر متطهببر؛ ههببذا
ال زم ال يرتفع إال بيقين ،وال يزول إال بيقين ،هال ُيحكم بزواله بم رد برو الش .هذا معنى القاعدة.
أحبدُ ك وُم يف َّب وطن سب سه شببي ًئا" أي :كصببوت القرقببرة، س
هذا الحديث يقببول َّ -ع َّل ويبه الصبالَّ ُة َّوالسبالَّ ُم" :-إذا َّ
وجبدَّ َّ
هأش َّك َّل عليببه َّ
أخب َّر َّ منببه شببي ال أ وم ال"، قرقرة البطن" ،هأشكل عليه" :التبس عليه األمر هل أحدث أم ال " ،و
الم وسب س سد" أي :مببن الصببالة" ،حتبى َّي وسبمع َّصب وو ًتا" أي: س س
قال َّ -ع َّل ويه الصالَّ ُة َّوالسالَّ ُم" :-هببال َّي وخب ُر َّجن مب َّن َّ
خاص بمعهد اإلمام النووي للتفقه الشافعي ،وال يسمح بتداوله ونشره
اهلل َّع َّل ويب سه َّو َّسبل َّم -أو ُسبئل َّ -ع َّل ويب سه الصبالَّ ُة َّوالسبالَّ ُم -عببن
لذل جا يف الحديث اآلخببر أن النبببي َّ -صبلى ُ
بالتخيبل هنببا :الببخدد ،هيببدخل هيهببا الظببن ،والشب ، ّ الرجل ُيخيل إليه أنه ي د الشي يف الصالة ،والمببراد
والببوهمُ ،س بئل َّ -ع َّل وي ب سه الص بالَّ ُة َّوالس بالَّ ُم -عببن الرجببل ُيخي بل إليببه أنببه ي ببد الشببي يف الصببالة أي :ي ببد
الحدثُ ،يخيل إليه أنه حدث ،أن الريح خرج منه ،م رد خيال ،م ببرد ظببن ،م ببرد شب ُ " ،ي َّخيب ُل إ َّل ويب سه
يحبا" أي :حتببى ف -حتى َّي وسمع َّص وو ًتا وأو َّي س دَّ سر ً قال :ال َّينو َّفتس ول -وأو ال َّين َّوص سر و
أنه َّي س دُ الشي َّ يف الص َّال سة"َّ ،ه َّ
و
يتيقن أن الحدث حصل منه أو ُوجد منه.
أيضا:
ومن أدلة هذه القاعدة ً
اهلل َّع َّل ويب سه َّو َّسبل َّم -قببال" :إذا َّشب
اهلل َّعنو ُه -أن النبي َّ -صلى ُ
س
ما رواه مسلم عن أبي سعيد الخدري َّ -رض َّي ُ
اسب َّت وي َّق َّن" وهببذا نب ال
بص علبى مببا و أحدُ ك وُم يف َّصالتس سهَّ ،ه َّل وم َّيدو سر ك وَّم َّصلى َّثال ًثا أ وم وأر َّب ًعاَّ ،ه ول َّي وطب َّر س الشب ،و ول َّيب وب سن َّ
َّ
صريح يف هذه المسألة يدل على هذه القاعدة.
قببال َّ -ع َّل وي ب سه الص بالَّ ُة َّوالس بالَّ ُم" : -هليطببر الش ب " أي :ال يعمببل بببه" ،وليبببن علببى مببا اسببتيقن" ليعمببل
باليقين؛ ألن اليقين وهو الثالث ال يزول بالش ،هو لم س
يدر أصلى ثال ًثا أم أرب ًعام يقببول النبببي َّ -صبلى ُ
اهلل
َّع َّل وي سه َّو َّسل َّم" : -هليطر الش " ،والمراد بقوله" :هليطببر الشب " أي :الركعببة الرابعببة ،هببال يحسبببها وال
يعتهها" ،وليبن على مببا اسببتيقن" وهببو الببثالث؛ ألنببه متببيقن أنببه صببلى ثببالث ركعببات ،وشبباك يف الركعببة
الرابعة هل صالها أم الَّ " ،ه ول َّي وط َّر س الش و ول َّي وب سن ع َّلى ما و
اس َّت وي َّق َّن" وهو أنه صلى ثال ًثا ال أرب ًعا.
هذه القاعدة التي نتحدث عنها تدل على أن الواجر علببى المسببلم أن يعمببل ببباليقين ،وأنببه ال يلتفب إلببى
الش ،وقلنا :إن المببراد بالشب مطلببق الببخدد ،هيببدخل هيببه الظببن وهببو االعتقبباد الببراجح ،ت ببويز أمببرين
خاص بمعهد اإلمام النووي للتفقه الشافعي ،وال يسمح بتداوله ونشره
أحدهما أظهر أقول من اآلخر ،وهببو مببا ُيسببمى باالعتقبباد الببراجح ال المرجببو ،االعتقبباد المرجببو هببو
الوهم ،واالعتقاد المساوي هو الش .
ل يروز العمل بالظنم األصل أن األحكام ُتبنى على اليقين إن أمكن الوصول إليه ،األصببل أن األعمببال
أو المسا ل أو األحكام ُتبنى على اليقين إن أمكن الوصببول إليببه ،وال ي ببو للمسببلم أن يعببدل عببن اليقببين
إال إذا تعذر أو تعسر الوصول إليه ،إذا تعذر أو تعسر الوصول إلى اليقببين؛ هإنببه ي ببو العمببل بببالظن ،أي:
باالعتقاد الراجح للضرورة أو للحاجة.
.1القسم األول :مسائل ويعمل فيها بالظن السسراجح ،وهببي المسببا ل التببي ُيتعببذر أو ُيتعسبر الحكببم هيهببا
باليقين.
ومن أمثلتها :العمل بشهادة الشهود يف القضا ،والشببهادة ال تفيببد إال الظببن ،هببال تفيببد اليقببين ،ومببع ذلب
ي و للقاضي أن يحكم بما د ّل عليه شهادة الشهود؛ ألن الوصول إلى اليقين يف هذه المسألة متعذر.
وكذل العمل بالظن يف معرهة جهة القبلة إذا كان بعيدً ا عن الكعبة ،أو كان بينه وبينهببا حا ببل؛ هإنببه ي تهببد
ويعمل بغلبة ظنه؛ ألنه يتعذر عليه الوصول يف هذه المسألة إلى يقين.
وكذل العمل بإخبار الثقة بن اسة الما إذا أخهه ثقببة عببدل أن هببذا المببا ن ببس؛ ي ببر عليببه أن يعمببل
بقوله مع أن خهه ال يفيد إال الظن ،هفال يفيد اليقين ،وكذل لو أخهه بدخول القوت؛ ي و لببه أن يعمببل
بخهه ،مع أن خهه ال يفيد الظن.
هذا القسم األول وهو قسم المسا ل التي ُيعمل هيها بالظن الراجح ،وهي المسببا ل التببي ُيتعببذر أو ُيتعسبر
الحكم هيها باليقين.
خاص بمعهد اإلمام النووي للتفقه الشافعي ،وال يسمح بتداوله ونشره
• القسم الثاين :مسائل ال ويعمل فيها بالظن .وهي المسا ل التي يسهل الحكم هيهببا ببباليقين كمببا سبببق،
وتيسر مببن غيببر مشببقة أو تعببذر؛ هإنببه
وهو األصل ،جميع المسا ل إن أمكن أن نصل هيها إلى اليقين ّ
ي ر العمل باليقين ،وإال هي و العمل بغلبة الظن أو بالظن الراجح.
وصل اهلل على سيدنا وحبيبنا محمد وعلى آله وصحبه والحمد هلل رب العالمين