You are on page 1of 51

‫تزَايج اندَّرس انىاحد انعاشز‬

‫اندَّرس (‪ ،)3‬انعصز‪ :‬انسثت ‪/ 91‬رجة ‪9333/‬‬

‫تطْزٌِزُ‬
‫الشيخ صالح بن عبد اهلل بن حمد العصيمي‬
‫حفظّ اهلل تعاىل‬
‫على‬

‫أصىل عظًٍح‬
‫يٍ قىاعد اإلسالو‬

‫العالمة عبد الرحمن بن ىاصر ابن سعدي‬


‫الؿتقىف سـة ‪ ،6731‬رمحّ اهلل تعاىل‬

‫الـسخة اإللؽرتوكقة (‪)1‬‬

‫انشٍخ مل ٌزاجع انتفزٌع‬


‫الشيخ َصالِ ُح ْبن ع ْبد اهلل ال ُع َص ْي ِمي‬
‫َّ‬ ‫‪2‬‬

‫السالم طؾقؽؿ ورحؿة اهلل وبركاتف‪...‬‬


‫الحؿد هلل ربـا‪ ،‬وأشفد أن ٓ إلف إٓ اهلل وحده ٓ شريؽ لف‪ ،‬وأشفد أن محؿدً ا طبده ورسقلف‪.‬‬
‫أما بعد؛ ففذا (الدرس الثالث) مـ بركاامج (الددرس الواحدد العاردر)‪ ،‬والؽتااب الؿؼاروف فقاف اق‬
‫«أصول عظومة من قواعد اإلسالم»‪ ،‬لؾعالمة ابـ سعدي رحؿف اهلل تعالك‪ ،‬وقبؾ الشروع يف إقرائف ٓبد مـ‬
‫ذكر مؼدمتقـ اثـتقـ‪.‬‬
‫المقدمة األولى التعريػ بالؿصـػ‪ ،‬وتـتظؿ يف ثالثة مؼاصد‪.‬‬
‫المقصد األول‪ :‬جر ىسبه؛ ق الشقخ العالمة الؼدوة‪ ،‬طبد الرحؿـ باـ كاصار باـ طباد اهلل التؿقؿال‬
‫السعدي‪ ،‬بؽسر السقـ‪ ،‬ففق الؿسؿقع مـ أ ؾ بقتف وأصحابف أخذيـ طـف‪ُ ،‬يؽـك بلبل طباد اهلل‪ ،‬و ُيعار‬
‫بابـ ِسعدي كسبة إلك أحد أجداده‪.‬‬
‫المقصد الثاين‪ :‬تاريخ مولده؛ ولد يف الثاا طشار ماـ الؿحارم ساـة سابع‪ ،‬بعاد الثالثؿائاة وإلاػ‬
‫(‪/61‬الؿحرم‪.)6733/‬‬
‫المقصد الثالث‪ :‬تاريخ وفاته؛ تقيف رحؿف اهلل قبؾ صؾقع فجر ياقم الخؿاقس‪ ،‬الثالاث والعشاريـ ماـ‬
‫جؿادى أخرة سـة ست وسبعقـ بعد الثالثؿائة وإلػ (‪/17‬جؿادى أخارة‪ ،)6731/‬ولاف ماـ العؿار‬
‫تسع وستقن (‪ )16‬سـة رحؿف اهلل تعالك رحؿة واسعة‪.‬‬
‫أيضا‪.‬‬
‫المقدمة الثاىوة‪ :‬التعريػ بالؿصـػ‪ ،‬وتـتظؿ يف ثالثة مؼاصد ً‬
‫المقصد األول‪ :‬تحقوق عنواىه؛ أ ؿؾ الؿصـػ رحؿف اهلل تعالك تساؿقة كتاباف اذا‪ ،‬فققاع يف كساختف‬
‫غػال مـ اسؿ يدل طؾقف‪ ،‬وارتضك كاشره أن يسؿقف «أصقل طظقؿة مـ ققاطد اإلساالم»‪ ،‬مساتؿدا‬
‫الخطقة ً‬
‫ذلؽ مـ وصػ الؿصـػ كتابف بذلؽ فنكف ذكر يف ديباجتف‪ ،‬أكف يشتؿؾ طؾك ققاطاد وأصاقل طظقؿاة ماـ‬
‫ققاطد ديـ اإلسالم‪.‬‬
‫المقصد الثاين‪ :‬بوان موضوعه؛ وضع الؿصـػ رحؿف اهلل كتابف اذا لبباكاة طاـ جؿؾاة ماـ الؼقاطاد‬
‫الؽربى يف الديـ‪.‬‬
‫مؼسؿا طؾك الؼقاطاد الخؿاس‬
‫ً‬ ‫المقصد الثالث‪ :‬توضوح منهجه؛ رتب الؿصـػ رحؿف اهلل تعالك كتابف‬
‫ً‬
‫أصقٓ طظقؿة مـ ققاطد ديـ اإلسالم‪.‬‬ ‫التل ارتضا ا‪ ،‬وجعؾفا‬
‫فالقاعدة األولى‪ :‬يف بقان بـاف الديـ كؾف طؾك طبادة اهلل وآستعاكة بف‪.‬‬
‫والقاعدة الثاىوة‪ :‬يف بقان أن الديـ الحؼ ق ما جاف بف الرسقل ﷺ‪.‬‬
‫‪3‬‬ ‫)‬ ‫تطزٌز (أصىل عظًٍح‬

‫القاعدة الثالثة‪ :‬يف بقان أن اإليؿان‪ ،‬ق إصؾ الذي دطت إلقف الرسؾ‪ ،‬وبف يؼقل الرقل الحؼقؼل‪.‬‬
‫القاعدة الرابعة‪ :‬يف بقان إمر بالؿعرو والـفل طـ الؿـؽر والتقاصل بالحؼ والصرب‪.‬‬
‫القاعدة الخامسة‪ :‬يف بقان أن الديـ اإلسالمل ق الصالح الؿطؾؼ وطزز كؾ قاطدة بؿا يؽشاػ طـفاا‬
‫مـ إدلة‪ ،‬مع تحؼقؼ الؿعـك الؿراد هبا معتـ ًقا بنبطال الؿؼقٓت الػاسدة التل راجت يف زماكاف‪ ،‬كادطاوى‬
‫اإللحاد‪ ،‬وتؼديؿ العؾقم الدكققية البا رة طؾك العؾقم الشرطقة الـّافعة‪ ،‬كؾ ذلؽ يف ٍ‬
‫كسؼ بؾقغ وبقان فصاق‬
‫لؿ ُيشب بقطقرة مـطؼف وٓ طسر ألػاضف؛ إذ قد ُألقـ لف الخطاب يف البقان رحؿف اهلل إباكاة ضاا رة‪ ،‬فؾاف ياد‬
‫صقل يف إيصال الؿعا بليسر الؿبا ‪ ،‬ولقس كؾ الـاس يتفقل لاف ذلاؽ‪ ،‬فانن اإلباكاة طاـ الؿعـاك الؿاراد‬
‫بعبارة سفؾة‪ ،‬يشؼ طؾك أكثر الؿتؽؾؿقـ يف العؾؿ و ق مـ الفبات التل يفبفا اهلل ‪ ‬لؿـ يشاف مـ خؾؼف‪.‬‬
‫الشيخ َصالِ ُح ْبن ع ْبد اهلل ال ُع َص ْي ِمي‬
‫َّ‬ ‫‪4‬‬

‫قال العالمة ابـ سعدي رحؿف اهلل‪:‬‬


‫ِيَ ‪٤‬‬ ‫ِم يَ ۡٔ ِم ّ‬
‫ٱل‬ ‫ِ‬ ‫ي‬‫ٱلرحِي ًِ ‪َ ٣‬م َٰ‬
‫ٱلرِنَٰمۡح ه‬
‫ني ‪ ٢‬ه‬ ‫ِ‬ ‫ٱلرحِي ًِ ‪َ ۡ ١‬‬
‫ٱل ٍۡ ُد ِ هَّللِ َر ّب ۡٱى َعَٰيٍَ َ‬ ‫ٱلرِنَٰمۡح ه‬ ‫ه‬
‫ٱَّللِ ه‬ ‫قال اهلل تعالك‪ِ﴿ :‬مۡسِب‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫ََ‬ ‫َ َٰ َ ه َ َ ۡ َ ۡ َ َ َ ۡ ۡ َ ۡ ۡ َ ۡ ُ‬ ‫ٱلص َر َٰ َط ٱل ۡ ٍُ ۡسخَ ِل َ‬
‫ۡ َ ّ‬ ‫ه َ َۡ ُ ه َ َۡ َ ُ‬
‫ٔب عي ۡي ِٓ ًۡ َوَل‬ ‫ِ‬ ‫ظ‬ ‫صرط ٱَّلِيَ أنعٍج عيي ًِٓ غۡيِ ٱلٍغ‬ ‫يً ‪ِ ٦‬‬ ‫إِياك نعتُد ِإَوياك نسخ ِعني ‪ ٥‬ٱْدُِا ِ‬
‫ه ّ‬
‫ٓاى َ‬
‫ِني ‪﴾ ٧‬‬ ‫ٱلظ‬

‫ال ّٰؾ ُفؿ صؾ طؾك محؿد وطؾك آلف وأصحابف‪ ،‬ومـ تبعفؿ إلك يقم الديـ‪ ،‬ذه ققاطد وأصقل طظقؿة‬
‫مـ ققاطد ديـ اإلسالم‪.‬‬
‫تقاصل الؿصـػقن طؾك استػتاح كتبفؿ بحؿد اهلل ‪ ۵‬بعد ذكر البسؿؾة حتك صار ذا أدبا مـ آداب‬
‫التللقػ؛ بلن يذكر حؿد اهلل ‪ ۵‬يف صدر الؽتاب بعد استػتاحف ببسؿ اهلل الرحؿـ الرحقؿ‪.‬‬
‫استئـاسا بؽقن الػاتحة ل أول الؿرسقم يف الؿصحػ‪ ،‬وأول الػاتحة ق حؿد اهلل گ‪،‬‬
‫ً‬ ‫واستدل لف‬
‫وأبؾغ الحؿد ما حؿد اهلل گ بف كػسف‪ ،‬فاختار الؿصـػ رحؿف اهلل تعالك أن يجعؾ محؾ ما درج طؾقف‬
‫الؿصـػقن مـ ألػاظ الحؿد‪ ،‬السقرة العظقؿة سقرة الػاتحة فلكزلفا يف مؼام الحؿد الؿذكقر طـد‬
‫الؿصـػقـ بعد البسؿؾة يف أوائؾ تآلقػفؿ فؽلن الؿصـػ سؿك ثؿ حؿد اهلل گ بذكر ذه الصقرة تامة‬
‫و ل سقرة الػاتحة‪ ،‬وما ذكر آكػا مـ كقن أبؾغ الحؿد ق ما حؿد اهلل ‪ ۵‬بف كػسف‪ ،‬ق خال مـ قال‬
‫مـ الشافعقة بلن أبؾغ الحؿد هلل (حؿدً ا يقايف مزيد كعؿائؽ‪ )...‬إلك آخر ما ذكروه‪ ،‬وٓبـ الؼقؿ رسالة‬
‫جؾقؾة رد فقفا ذا الؼقل وبقـ ما ورد مـ حؿد اهلل ‪ ۵‬يف الؽتاب والسـة و ل رسالة كافعة يـبغل أن‬
‫يطؾع طؾقفا صالب العؾؿ صبعت باسؿ «فتقا يف الحؿد» وصبعت أيضا باسؿ آخر‪.‬‬

‫انقاعدج األوىل‬
‫اندٌٍ كهّ يثينٌّ عهى عثادج اهلل وحدِ‪ ،‬واالستعاَح تّ وحدِ‬

‫كؿا صرحت بف ذه السقرة الؽريؿة‪ ،‬ويف الؼرآن الجؿع بقـ ذيـ إمريـ يف مقاضع متعددة؛ كؼقلف‪:‬‬
‫َ َ َ َ هۡ‬ ‫ِإَوَلِّ أُن ُ‬
‫ِيب ‪ [﴾٨٨‬قد]‪ ،‬وققلف‪ ﴿ :‬هر هب َِا عي ۡيم ح ََّٔك َِا‬ ‫ج َۡ‬ ‫ٱع ُت ۡدهُ َوحَ َٔ ه َّۡك َعيَ ۡيِّ ﴾[ قد‪ ،]617:‬وققلف‪َ ﴿ :‬عيَ ۡيِّ حَ َٔ هَّكۡ ُ‬
‫َ ۡ‬
‫﴿ف‬
‫ِۚ‬
‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َۡ َ ََ‬
‫ِإَوَلم أُبِا ﴾[الؿؿتحـة‪ ،]4:‬وغقر ذلؽ مـ أيات‪ ،‬ويف إحاديث طـ الـبال ﷺ ماـ اذا شال ٌف كثقار؛‬
‫كؼقلف‪« :‬احرص على ما ينفعك واستعن باهلل»‪« ،‬إذا سيلت فاسيل اهلل‪ ،‬وإذا استعنت فاستعن باهلل »‪ ،‬وبتتؿاقؿ‬
‫تؽؿؾ أمقره الديـقة والدكققية‪ ،‬فعبادة اهلل أن يؼقم العباد بتقحقاد اهلل وطبقديتاف‬
‫العبد لعبادة اهلل واستعاكتف بف ُ‬
‫الظا رة والباصـة‪ ،‬الؿالقة والبدكقة‪ ،‬والؿركبة مـفؿا‪ ،‬الؿتعؾؼة بحؼقق اهلل تعالك‪ ،‬والؿتعؾؼة بحؼقق خؾؼاف‪،‬‬
‫ومـ ذلؽ الؼقام بالؿصال الؽؾقة الـافعة لؾؿسؾؿقـ يف ديـفؿ ودكقا ؿ‪ ،‬ويؽقن ذا الؼقام مصحق ًبا بثالثاة‬
‫‪5‬‬ ‫)‬ ‫تطزٌز (أصىل عظًٍح‬

‫أمقر‪:‬‬
‫‪ ‬ققة الجد وآجتفاد بحسب ما يستطقعف العبد‪.‬‬
‫‪ ‬وققة آطتؿاد طؾك اهلل يف تقسقر ذلؽ إمر الذي يحاولف العبد مع الثؼة التامة باهلل يف تقسقره‪.‬‬
‫‪ ‬وكؿال اإلخالص هلل بحقث ٓ يؽقن الحامؾ لف طؾاك ذلاؽ غارض خساقس‪ ،‬وٓ قصاد مارافاة‬
‫الـاس وسؿعتفؿ‪ ،‬وٓ طصقبة وصـقة أو ققمقة أو جـسقة؛ بؾ الحامؾ لف طؾ ذلاؽ إرادة رضاا اهلل‪،‬‬
‫وحصقل ثقابف‪ ،‬ومـ ثقابف ما يرتتب طؾقف مـ الؿصال الـافعة‪.‬‬
‫وهبذا الؿعـك الؽؾل العظقؿ؛ يتض لـا أن الؼقام بجؿقع إسباب الـافعة‪ ،‬والؼقام بؿا يتؿؿفاا ويؽؿؾفاا‬
‫ل مـ أطظؿ ما يدخؾ يف ذه الؼاطدة‪ ،‬فنن الؼقام هبا طباادة هلل ووساقؾة إلاك طباادة اهلل‪ ،‬فؽؿاا يادخؾ يف‬
‫طبادة اهلل ما أطان طؾقفا مـ السعل والؿشل والركقب إلك العبادات‪ ،‬فقدخؾ فقفا اكتسااب إماقال ماـ‬
‫حؾفا لؾؼقام بالزكقات وواجب الـػؼات‪ ،‬والؼقام إطؿال الـافعة التل ٓ تؼقم إٓ بإمقال‪.‬‬
‫ويدخؾ فقفا أيضا تعؾؿ الػـقن والصـاطات العصرية‪ ،‬وآخرتاطاات التال فقفاا اساتعداد الؿساؾؿقـ‬
‫ٱٱَّ ُلْٔ ْ ه َ‬
‫ٱَّلل ٌَٱا‬
‫َ ه‬
‫لؿؼاومة أطدائفؿ ولؾساالمة ماـ شارور ؿ؛ وذلاؽ بحساب الؿساتطاع؛ قاال تعاالك‪ ﴿ :‬ف‬
‫ُ‬ ‫ٱس َخ َط ۡع ُخ ًۡ﴾ [التغابـ‪ ،]61:‬وقال تعالك‪َ ﴿ :‬وأَع ُِّدوْ ْ ل َ ًُٓ هٌا ۡ‬
‫ٱس َخ َط ۡع ُخً ٌَِّ ك هٔة﴾[إكػال‪.]13:‬‬ ‫ۡ‬

‫فؽؾ ما يستطقعف الؿسؾؿقن مـ إطداد الؼقة العؼؾقة والصـاطقة والسقاسقة والػـقن العسؽرية وما أشابف‬
‫الجفد يف مؼاومة إطاداف ماـ‬
‫ذلؽ؛ فنكف يدخؾ يف طبادة اهلل ويف ما يعقـ طؾقفا‪ ،‬فنن الجفاد الذي ق بذل ُ‬
‫أجؾ العبادات‪ ،‬فؿا ُيعقـ طؾقف فنكف مـف‪.‬‬
‫الخ ْؾؼ يف فعؾ إسباب الـافعاة؛ ٕهناؿ ُيبادون فقفاا‬
‫فبفذا يعؾؿ أن الؿسؾؿقـ بالؿعـك الحؼقؼل أكؿؾ َ‬
‫مؼدور ؿ‪ ،‬مستعقـقـ باهلل يف حصقلفا ويف تؽؿقؾفا‪ ،‬ويف ما ٓ يؼدرون طؾقاف مـفاا‪ ،‬ويف إكجااح أطؿاالفؿ‪،‬‬
‫ٌ‬
‫كؿاال‪ ،‬وٓ فققاف مرتؼاك؛‬ ‫وحصقل مؼاصد ؿ‪ .‬فؾقس بعد ذا الؽؿال الذي حث طؾقف الديـ اإلسالمل‬
‫حقث يؿقه الدطاة إلك اإللحاد أن الديـ اإلسالمل يثبط العامؾقـ‪ ،‬ويضعػ كػقسفؿ‪ ،‬و ذا مـ الؿؽاابرة‬
‫والتجري والؽذب الصراح بؿؽان ٓ يخػل طؾك مـ لف أدكك ُمسؽة مـ طؼؾ‪.‬‬
‫فنذا تبقـ أن الديـ اإلسالمل الصحق ويحث طؾك الؼقام بإسباب الـافعة‪ ،‬ويبعاث الفؿاؿ والعازائؿ‬
‫بآستعاكة باهلل طؾقفا‪ ،‬والثؼة بف يف تؽؿقؾفا وكجاحفا‪ ،‬فؽؿ يف الؽتاب والسـّة مـ إمار بػعاؾ الخقارات‪،‬‬
‫وترك الؿـؽرات‪ ،‬وإخذ بجؿقع إسباب الـافعات‪.‬‬
‫فاطؾؿ أن ا ـا صريؼقـ ذمقؿقـ مـحرفقـ يف إسباب‪ ،‬يربأ الديـ مـفؿا كؾ الربافة‪:‬‬
‫الشيخ َصالِ ُح ْبن ع ْبد اهلل ال ُع َص ْي ِمي‬
‫َّ‬ ‫‪6‬‬

‫مجباقر طؾاك أفعالاف‪ ،‬وأن حركاتاف آختقارياة حركاات‬


‫ٌ‬ ‫أحدهما مذهب الجبرية؛ الؼائؾقـ بلن العبد‬
‫اضطرارية‪ ،‬بؿـزلة حركات إشجار‪ ،‬وأن إسباب ٓ تلثقر لفا يف مسبباهتا‪ ،‬وأن اهلل يخؾؼ طـاد ا ٓ هباا‪،‬‬
‫ويقجد إشقاف باقرتاهنا طادة‪ ٓ ،‬أهنا صريؼ ووسقؾة إلك مؼاصد ا‪.‬‬
‫و ذا الؿذ ب باصؾ شرطا وطؼال‪:‬‬
‫أما ررعا؛ فنن الؽتاب والسـة مؿؾقفان مـ ذكر إضافة إطؿال لؾعامؾقـ؛ خقر ا وشار ا‪ ،‬وأهناؿ اؿ‬
‫الذيـ يػعؾقهناا صقطاا واختقاارا‪ ٓ ،‬قصارا واضاطرارا‪ ،‬ومؿؾاقفان ماـ ذكار أن إساباب هباا حصاقل‬
‫مؼاصد ا‪ ،‬و ل الطريؼ القحقد لسعادة الدكقا وأخرة‪ ،‬وأن الؽسؾ طـفاا مقجاب لؾحرماان‪ ،‬والضاعػ‬
‫فقفا دا ٍع إلك الخسران‪ ،‬كؿا تؼدم أن الشرع يحث طؾقفا غاية الحث مع آستعاكة باهلل طؾقفا‪.‬‬
‫وأما بطالن هذا القول عقال؛ فألكاف ماـ الؿعؾاقم بالضارورة أن أفعاال العبااد؛ باؾ والحققاكاات تؼاع‬
‫باختقار ؿ وإرادهتؿ‪ ،‬إن شافوا أرادوا وفعؾقا‪ ،‬وإن أرادوا تركقا‪ ،‬وأكف لقٓ أن العبااد تؼاع أفعاالفؿ صاقع‬
‫اختقار ؿ لؿا كان لألوامر الشرطقة والعرفقة فائدة‪ ،‬فؽقػ يممر ويقجف الخطاب‪ ،‬إلك مـ ٓ قدرة لف طؾاك‬
‫أفعالف؟ وكقػ يقجف الـفل والؾقم طؾك مـ ٓ يؼدر طؾك ترك الـقا ل؟‪ ،‬ففذا معؾقم فساده بالضرورة مـ‬
‫الشرع‪ ،‬وببدا ة العؼؾ‪.‬‬
‫يار ْون إساباب جارياة طؾاك‬
‫وأطظؿ مـف بطالكا وأشد فسادا‪ :‬مذهب الطبائعوون يف األسدبا ‪ ،‬الاذيـ َ‬
‫مؼتضك الطبقعة وكظام الؽقن‪ ،‬وأهنا ٓ تعؾؼ لفا بؼضاف اهلل وقدره‪ ،‬وأن اهلل ٓ يؼدر طؾك تغققر ا وٓ مـعفا‬
‫وٓ إطاكتفا‪.‬‬
‫وأ ؾ ذا الؿذ ب معروفقن بالخروج طـ دياكات الرسؾ كؾفؿ؛ ٕن ذا الؼقل الخبقث مبـل [طؾك]‬
‫كػل اإليؿان باهلل‪ ،‬وكػل ربقبقتف‪ ،‬والرب يف الحؼقؼة طـد مٓف ل الطبقعاة‪ ،‬ففال التال تتػاطاؾ وتتطاقر‬
‫و ُت ْح ِدث إشقاف كؾفا‪.‬‬
‫ً‬
‫أفعاآ‪ ،‬وٓ يثبتاقن أكاف يثقاب الطاائعقـ باالـعؿ والؽراماات يف الادكقا‬ ‫الؿؾحدون ٓ يثبتقن هلل‬
‫ففمٓف ُ‬
‫وأخرة‪ ،‬وٓ يعاقب العاصقـ بالـؼؿ يف الدكقا وأخرة‪ ،‬ويـػقن معجزات إكبقاف الخارقاة لؾعاادة كؾفاا‪،‬‬
‫َ‬ ‫ۡ‬
‫َ َ ُ َ ُّ َ َ ُ ُ َ ۡ‬ ‫ه‬ ‫وكرامات إولقاف؛ ويؼقلقن‪ٌَ ﴿ :‬ا ِ َ‬
‫َن َيا ﴾[الجاثقة‪.]14:‬‬ ‫ِه إَِل حياَِّا ٱلنيا نٍٔت و‬

‫ذا الؿذ ب الذي ق أبطؾ الؿذا ب الذي تـزه طـف القفقد والـصارى وكثقر ماـ الؿشاركقـ‪ ،‬فضاال‬
‫طـ الديـ اإلسالمل‪ ،‬قد اغرت بف بعض الؽتاب العصريقـ‪ ،‬وأرادوا مـ ساػا تفؿ وجارافهتؿ العظقؿاة أن‬
‫َيـْسبقه إلك ديـ اإلسالم‪.‬‬
‫‪7‬‬ ‫)‬ ‫تطزٌز (أصىل عظًٍح‬

‫وديـ اإلسالم وسائر إديان بريئة مـ ذا الؼقل الخبقث‪ ،‬ففق يف شؼ‪ ،‬وأديان الرسؾ يف شؼ آخر‪.‬‬
‫الرسؾ والشرائع تثبت ربقبقة اهلل وأفعالف وقضائف وقدره‪ ،‬واكؼقاد العاالؿ العؾاقي والساػؾل إلرادة اهلل‬
‫وقدرتف‪ ،‬و مٓف يـؽرون ذلؽ‪.‬‬
‫والرسؾ والشرائع تثبت أن إسباب والؿس ّببات محؾ حؽؿة اهلل‪ ،‬وأن اهلل قد جعؾفا طؾك كظام حؽقؿ‪،‬‬
‫دال طؾك كؿال حؽؿة اهلل‪ ،‬واكتظام أمر الدكقا وأخرة‪ ،‬وأكف ٓ يؿؽـ أحد أن يغقر ساــ اهلل‪ ،‬وٓ يحقلفاا‪،‬‬
‫و ذا فنهنا تابعة لؿشقئة اهلل وإرادتف‪ ٓ ،‬يستؼؾ سبب مـفا إٓ بنطاكتف‪ ،‬وقد يؿـاع بعاض إساباب‪ ،‬ويغقار‬
‫بعض إسباب؛ لقري طباده أكف ق الؿتصر الؿطؾؼ‪.‬‬
‫فؼد أوقع اهلل إخذات الخارقة بالؿؽذبقـ بالرسؾ‪ ،‬وأكرم أكبقافه وأولقافه بالـجاة يف الادكقا وأخارة؛‬
‫فل ؾؽ ققم كقح بالطقفان‪ ،‬وكجا كقح ومـ معف مـ الؿممـقـ‪ ،‬وجعؾ الـاار باردا وساالما طؾاك إبارا قؿ‪،‬‬
‫وأططك مقسك مـ أيات كالحقة والعصا وف ْؾؼ البحر؛ ما فقف أكارب طاربة بلكاف متصار مطؾاؼ‪ ،‬و جعاؾ‬
‫طقسك يربأ إكؿف وإبرص ويحقل الؿقتك بنذكف‪.‬‬
‫وأططك محؿد ﷺ مـ الؽرامات والخقارق الؽقكقة ما لؿ ِ‬
‫يعط أحدا ماـ الرساؾ‪ ،‬فاكشاؼ لاف الؼؿار‪،‬‬
‫وسؾؿ طؾقف الشجر والحجر‪ ،‬وكبع الؿاف مـ بقـ أصابعف‪ ،‬واستؼك الخؾؼ الؽثقر مـ الؿاف الؼؾقاؾ‪ ،‬وأشابع‬
‫الخؾؼ العظقؿ مـ الطعام القسقر‪ ،‬وأبرأ اهلل بدطقاتف أماراض كثقارة‪ ،‬وأكازل اهلل الغقاث بدطقتاف يف قضاايا‬
‫كصارا خارقاا لؾعاادة‪ ،‬وكصار اهلل أمتاف يف ماقاصـ‬
‫ً‬ ‫كثقرة‪ ،‬وطصؿف اهلل مـ الـاس‪ ،‬وكصره يف مقاصـ كثقارة‬
‫كثقرة‪ ،‬وأكرم اهلل الرسؾ وإولقاف يف أمقر خارقة لؾعادة‪.‬‬
‫و ذه إمقر كؾفا بؿا يـؽر ا أ ؾ ذا الؿذ ب الخبقث‪ ،‬ف ُعؾؿ أكاف مـاا ٍ لبيؿاان بالرساؾ ماـ كاؾ‬
‫وجف‪ّ ،‬‬
‫وأن مـ زطؿ أكف يبؼك مع صاحبف مـ اإليؿان شل ٌف ففق مغرور مؽابر‪.‬‬
‫وأما بطالكف طؼال وفطرة؛ فنن العؼالف كؾفؿ ُم ْطبؼقن طؾك اكؼقاد العالؿ العؾقي والساػؾل إلاك إرادة اهلل‬
‫وقدرتف‪ ،‬ولؿ ُيـؽر ذلؽ أحدٌ إٓ مـ جحد اهلل ولؿ يثبت وجقده‪.‬‬
‫و مٓف قد ُطؾؿ أن طؼقلفؿ قد مرجت‪ ،‬وأكؽروا إمقر الؿحسقسة التال ٓ يازال اهلل يريفاا طبااده يف‬
‫جؿقع إوقات‪.‬‬
‫ومـ فروع اذا الؿاذ ب‪ ،‬اإلكؽاار بالن اهلل يـؼاذ الؿضاطريـ‪ ،‬ويجقاب دطاقات الاداطقـ‪ ،‬ويغقاث‬
‫الؾفػات‪ ،‬ويؽشػ ال ُؽربات‪ ،‬وإكؿا ل طـد ؿ إسباب تتػاطؾ وتتغالب‪ ،‬فجحدوا ماا طؾاؿ بالضارورة‬
‫مـ شرائع إكبقاف‪ ،‬وما أقرت بف الخؾقؼة واطرتفقا بف و ُفطاروا طؾقاف‪ ،‬وباذلؽ حؽؿاقا ٕكػسافؿ بؿػارقاة‬
‫الشيخ َصالِ ُح ْبن ع ْبد اهلل ال ُع َص ْي ِمي‬
‫َّ‬ ‫‪8‬‬

‫العؼؾ والديـ‪.‬‬
‫ومـ فروع ذلؽ إكؽار قصة آدم وإ باصف إلك إرض‪ ،‬وخؾؼ اهلل إ ّياه‪ ،‬وإيحائف إلقف‪ ،‬وجؿقع ما تحتاقي‬
‫وإكؽار أكف أول اإلكسان‪ ،‬وزطؿقا أن اإلكسان يف أول أمره مؽث مادة‬
‫ُ‬ ‫[طؾقف] قصتف مع زوجف ومع إبؾقس‪،‬‬
‫صقيؾة ٓ يتؽ ّؾؿ‪ ،‬وٓ يعرب طـ ما يف ضؿقره‪ ،‬ثؿ اكتؼؾ مـ ذلؽ الطقر البفقؿل إلاك صاقر اإلشاارات‪ ،‬دون‬
‫التؽؾؿ بالؾغات‪ ،‬ثؿ مؽث ما شافت الطبقعة ‪ ٓ-‬ما شاف اهلل!‪ ،-‬فتطقر وصار يتؽؾؿ‪ ،‬فجحادوا ماا جاافت‬
‫تخرصاف الؿعطؾاقن الؿؾحادون الاذيـ بـاقا كظريااهتؿ طؾاك‬
‫بف الرسؾ‪ ،‬وكزلت باف الؽتاب‪ ،‬واتبعاقا ماا ّ‬
‫تخرصات ٓ تـبـل طؾك العؾقم الؿعؼقلة وٓ العؾقم الؿحسقسة‪.‬‬
‫ّ‬
‫ومـ فروع ذا الؿذ ب الخبقث أن ذا العالؿ لؿ يزل وٓ يزال‪ ،‬وأن اهلل ٓ يغقره وٓ يـؼؾ العبااد ماـ‬
‫ذه الدار إلك دار الجزاف‪ ،‬فلكؽروا مؼصقد ما جافت بف الؽتب السؿاوية والرسؾ الؽرام‪ ،‬وما دلت طؾقاف‬
‫إدلة العؼؾقة الصريحة‪ ،‬التل ٓ تؼبؾ َر ْي ًبا وٓ إشؽآ؛ فنن الطبقعة خ ْؾ ٌؼ مـ خؾؼ اهلل‪ ،‬ففاق الاذي خؾؼفاا‬
‫وصبعفا ودبر ا وسخر ا‪ ،‬فتبا لؿـ جعؾفا ربف وإلف‪ ،‬و ق يشا د مـ آيات اهلل يف أفاق و يف إكػس أكارب‬
‫رب العالؿقـ‪ّ ،‬‬
‫وأن جؿقع الؿقجقدات مـؼادة إلرادتف مصرفة بؼدرتف‪.‬‬ ‫إدلة والربا قـ طؾك ربقبقة ّ‬
‫فبفذا التػصقؾ يتض أن ذا الؼقل إخقر لقس مذ ًبا ٕحد مـ الؿعرتفقـ بإديان‪ ،‬وإكؿا ق مالخقذ‬
‫طـ زكادقة الػالسػة الؼائؾقـ بؼدم العالؿ‪ ،‬وأن اهلل ٓ يؼدر طؾك شالف‪ ،‬وٓ يعؾاؿ شاقئا ماـ الجزئقاات‪،‬‬
‫يؼرون بشلف مـ الؽتب‪.‬‬
‫ومذ ب مٓف معرو ٌ أهنؿ ٓ يصدققن برسالة أحد مـ الرسؾ‪ ،‬وٓ ّ‬
‫وأما الؿذ ب الذي حؽقـاه طـ الجربية فؿاع بطالكاف فل ؾاف أحساـ بؽثقار كثقار ماـ أولئاؽ؛ فانهنؿ‬
‫يـتسبقن إلك الديـ‪ ،‬ويعظؿقن الرسقل؛ ولؽـ غؾقا يف الؼضاف والؼدر‪ ،‬فسؾبقا العبد قدرتف ضاالٓ ماـفؿ‬
‫وجفال‪ ،‬مع إيؿاهنؿ باهلل ومالئؽتف وكتبف ورسؾف والققم أخر‪ ،‬والؼدر خقره وشره؛ لؽـفؿ ساؾطقا أطاداف‬
‫الرسؾ طؾك الؿسؾؿقـ حقث كسبقا مذ بفؿ لؾديـ والديـ بريف مـف‪ ،‬فحؿاؾ طؾاقفؿ الػالساػة وساػفقا‬
‫رأيفؿ يف ذا‪ ،‬وضـقا أهنؿ بذلؽ اكتصروا طؾك الديـ‪ ،‬ولؽـ الاديـ الحؼقؼال يخطائ امٓف ويضاؾؾفؿ‪،‬‬
‫ويحث العباد طؾك الؼقام بإساباب الـافعاة يف الاديـ والادكقا‪ ،‬ويحضافؿ طؾاك آشاتغال فقفاا وطؾاك‬
‫آستعاكة باهلل وبحقلف وققتف‪.‬‬
‫وكذلؽ الديـ الحؼقؼل والعؼؾ الصحق ‪ ،‬يخرب أن ضاالل امٓف الػالساػة الؿعطؾاقـ يف إساباب‬
‫أفظع مـ ضالل الجربية‪ ،‬حقث جعؾقا إسباب مستؼؾة مـؼطعة طـ قضاف اهلل وقدره‪ ،‬وأكؽاروا إصاقل‬
‫‪9‬‬ ‫)‬ ‫تطزٌز (أصىل عظًٍح‬

‫السابؼة العظقؿة لفذا إصؾ الؼبق ‪.‬‬

‫ذكر الؿصـػ رحؿف اهلل تعالك أولك ذه الؼقاطد التل طد ا مـ إصقل العظام يف ديـ اإلساالم مبقـًاا‬
‫أن الديـ كؾف مبـل طؾك طبادة اهلل وحده وآستعاكة بف وحده؛ فنكف جامع بقـ إقباال العباد طؾاك رباف ‪۵‬‬
‫تللفا‪ ،‬وبقـ استعاكتف بف گ طؾك إفعال التل يريد ا العبد‪.‬‬
‫بؼؾبف ً‬
‫وذكر الؿصـػ رحؿف اهلل تعالك أن ذا إصؾ جاف مبقـًا يف الؼرآن والسـة‪ :‬فذكر أكف وقاع يف الؼارآن يف‬
‫ِإَوَلٱِّ أُن ُ‬
‫ِيٱب‬ ‫ٱج َ ۡ‬ ‫ٱٔ ه َّۡك َعيَ ۡيٱِّ ﴾[ اقد‪ ،]617:‬وققلاف‪َ ﴿ :‬عيَ ۡيٱِّ حَ َٔ هَّكۡ ُ‬ ‫َ ۡ‬
‫ٱع ُتٱ ۡدهُ َوحَ َ‬ ‫مقاضع متعددة فؼقلف تعالك‪﴿ :‬ف‬
‫ِۚ‬
‫ه هَ َ َۡ َ َ هَۡ َ َ‬
‫ِإَوَل َم أَُ ۡب َِا ﴾[الؿؿتحـة‪ ،]4:‬فنن التقكؾ يف أي الثالث يشقر إلاك‬ ‫‪ [﴾٨٨‬قد]‪ ،‬وققلف‪﴿ :‬ربِا عييم ح ََّٔكِا ۡ‬

‫ملمقر بالن يعباد اهلل ‪،۵‬‬


‫ٌ‬ ‫آستعاكة باهلل گ‪ ،‬والعبادة واإلكابة يف أيات تشقر إلك طبادة اهلل گ‪ ،‬فالعبد‬
‫وملمقر بلن يستعقـ باهلل ‪ ۵،‬وحقوقة االستعاىة طلب العون مدن اهلل‪ ،‬وال يكدون كدذلك إال مدو وجدو‬
‫التفويض الذي هو حقوقة التوكل‪ ،‬ولفذا جعؾ الؿصـػ أيات التل ُذكر فقفا التقكؾ دالة طؾ آساتعاكة‬
‫لتضؿـفا إياه‪ ،‬ثؿ ذكر مـ إحاديث ققلف ﷺ يف حديث أبل ريرة يف «مسؾؿ»‪« :‬احرص على مدا ينفعدك‬
‫واستعن باهلل وال تعجز» فنن إمر بالحرص طؾك ما يـػع أمر بعبادة اهلل ٕن أكػع ما لؾعبد يف قؾبف ق طبادة‬
‫ربف‪ ،‬إذا يقجد يف قؾقب العباد ضرورة وحاجة ٓ يسد ا إٓ طبادة اهلل كؿا قال تعالك‪َ ﴿ :‬ي َأ ُّي َٓا ٱنله ُ‬
‫اس أَ ُ‬
‫ُٱخ ًُ‬
‫ۡ‬ ‫َُۡ َُٓ َ ه‬
‫يد ‪[﴾١٥‬فاصر] فالحرص طؾك ما يـػع أطظؿف حرص العبد طؾك سد اذه‬ ‫ٱلٍ ُ‬
‫ن َ ِ‬‫ٱَّلل ُْ َٔ ۡٱى َغ ُّ‬
‫ٱَّللِِۖ َو ه ُ‬ ‫ٱىفلرْء إَِل‬
‫ِ‬
‫الحاجة يف قؾبف‪ ،‬والضرورة الالزمة لـػسف وذلؽ بعبادة اهلل گ‪.‬‬
‫وققلف يف الحديث «واستعن باهلل» تصري بآستعاكة‪.‬‬
‫ثؿ ذكر ما جاف يف حديث بـ طباس طـد الرتمذي وإسـاده حسـ يف وصقتف لاف أن الـبال ﷺ قاال‪« :‬إذا‬
‫سيلت فاسيل اهلل» ومتعؾؼف العبادة‪ ،‬وقاال «وإذا اسدتعنت فاسدتعن بداهلل»‪ ،‬ومتعؾؼاف آساتعاكة‪ ،‬فالعباادة‬
‫وآستعاكة ملمقر هبؿا شرطا يف آي وأحاديث كثقرة‪ ،‬وٕجؾ جاللتفؿا جعؾ سر «الػاتحة» فانن الػاتحاة‬
‫ٱاك ن َ ۡس َ‬
‫ٱخعِ ُ‬
‫ني‬ ‫ٱاك َن ۡع ُت ُ‬
‫ٱد ِإَويه َ‬ ‫ل أطظؿ سقرة يف الؼرآن الؽريؿ‪ ،‬وأطظؿ ما فقفا مـ أي ق ققلف تعاالك‪ ﴿ :‬إيه َ‬
‫ِ‬

‫‪[﴾٥‬الػاتحة] الجامعة بقـ العبادة و آستعاكة‪.‬‬


‫ثؿ ذكر الؿصـػ رحؿاف اهلل تعاالك أكاف بتؿاقؿ العباد طباادة اهلل واساتعادتف باف تؽؿاؾ أماقره الديـقاة‬
‫والدكققية‪ ،‬فال سبقؾ إلك استقػاف العبد حقائجف ومصالحف يف الداريـ إٓ بعبادة اهلل وآستعاكة بف‪.‬‬
‫ثؿ بقـ رحؿف اهلل تعالك حؼقؼة العبادة‪ ،‬فؼال‪ :‬فعبادة اهلل أن يؼقم العباد بتقحقاد اهلل وطبقديتاف الظاا رة‬
‫الشيخ َصالِ ُح ْبن ع ْبد اهلل ال ُع َص ْي ِمي‬
‫َّ‬ ‫‪01‬‬

‫والباصـة؛ الؿالقة والبدكقة والؿركبة مـفؿا إلك أخر ما ذكر‪ ،‬وسبؼ أن عبا ة اهلل ررعا‪ ،‬هدي تيلده القلدب هلل‪،‬‬
‫وحقوقة هذا التيله اىجماع القلب على حب اهلل والخضوع له‪ ،‬فنن العباادة تادور طؾاك اذيـ إصاؾقـ‪،‬‬
‫مملفا هلل معظؿا لف طابدا لف دون سقاه‪ ،‬وإذا جعاؾ ذلاؽ‬
‫الحب والخضقع‪ ،‬فنذا التئؿ الؼؾب طؾقفؿا‪ ،‬كان ً‬
‫التللف الؼؾبل لغقره وقع الؿرف يف العبادة الشركقة‪.‬‬
‫ثؿ ذكر الؿصاـػ رحؿاف اهلل تعاالك أن ماـ جؿؾاة طباادة اهلل ‪ ۵‬الؼقاام بالؿصاال الؽؾقاة الـافعاة‬
‫لؾؿسؾؿقـ يف ديـفؿ ودكقا ؿ؛ ٕن مـ إصقل الؿؼررة أن الشرع جاف بتحصقؾ الؿصال وتؽثقر ا؛ ففاق‬
‫أصؾ أصقؾ يف الشرع‪ ،‬وأحؽام إمر والـفل دائرة طؾقف‪ ،‬فنذا ُوجد ما يحصؾ باف خقار ويؽثار كاان ذلاؽ‬
‫ملمقرا بف شرطا‪ ،‬فالديـ متضؿـ إمر بالؿصال الؽؾقة التل يحصؾ هبا الـاس خقر الدكقا وأخرة‪.‬‬
‫ً‬
‫ثؿ ذكر الؿصـػ رحؿف اهلل تعالك أن ذلؽ الؼقام يؽقن مصحق ًبا بثالثة أمقر‪.‬‬
‫أولفا‪( :‬ققة الجد وآجتفاد بحسب ما يستطقعف العبد)‪ ،‬ويدل طؾقف ققلاف ﷺ يف حاديث أبال ريارة‬
‫أكػ‪« :‬احرص على ما ينفعك» فالحرص يدل طؾك صؾب الجد وآجتفاد يف إدراك إمقر؛ ٕن حؼقؼاة‬
‫الحريص أن يؽقن جادا مجتفدا يف تحصقؾ مطؾقبف‪.‬‬
‫وثاكقفا‪( :‬ققة آطتؿاد طؾك اهلل‪ ،‬يف تقسقر ذلؽ إمر الذي يحاولف العبد)‪ ،‬ويدل طؾقف إمر بآساتعاكة‬
‫باهلل ‪ ۵‬يف ققلف ﷺ ‪«:‬واستعن باهلل»‪ ،‬ويف ققلف إخر‪« :‬وإذا استعنت فاستعن باهلل»‪.‬‬
‫وثالثفا‪( :‬كؿال اإلخالص هلل)‪ ،‬بلن يجارد العباد ماـ قؾباف كاؾ إرادة ساقى صؾاب مرضااة اهلل گ‪،‬‬
‫وحقوقة اإلخالص ررعا تصفوة القلب من إرا ة غور اهلل‪ ،‬فنذا ُصػل الؼؾب مـ إرادة غقر اهلل فؼد أتك العبد‬
‫باإلخالص‪ ،‬ومـ تؾؽ التصػقة صرد إغراض الخسقسة ومرافاة الـاس وتسؿقعفؿ والعصابقات القصـقاة‬
‫والؼقمقة والجـسقة مـ الؼؾب‪ ،‬فال يقجد فقف شلف مـ ذه الؿعا ؛ بؾ يؽقن الحاماؾ لؾعباد طؾاك ذلاؽ‬
‫إرادة رضا اهلل وحصقل ثقابف‪.‬‬
‫ثؿ ذكر الؿصـػ رحؿف اهلل تعالك أكف (هبذا الؿعـك الؽؾل العظقؿ؛ يتض لـا أن الؼقام بجؿقع إساباب‬
‫الـافعة‪ ،‬والؼقام بؿا يتؿؿفا ويؽؿؾفا ل مـ أطظاؿ ماا يادخؾ يف اذه الؼاطادة) ٕن العباادة كؿاا تتؼادم‬
‫يحصؾ بف تعظقؿ اهلل وإجاللف‪ ،‬وماـ ذلاؽ الؼقاام بلحؽاام إمار الـفال‬
‫تتضؿـ تحصقؾ تللقف الؼؾب بؿا ُ‬
‫قائؿاا بعباادة اهلل‬
‫الؿتضؿـة لؿصال الداريـ‪ ،‬فنذا قام العبد بإسباب الؿقصؾة إلك تؾؽ الؿصاال كاان ً‬
‫گ‪ ،‬كؿا ذكر الؿصـػ أن (فنن الؼقام هبا طبادة هلل ووسقؾة إلك طباادة اهلل‪ ،‬فؽؿاا يادخؾ يف طباادة اهلل ماا‬
‫أطان طؾقفا مـ السعل والؿشل والركقب إلك العبادات‪ ،‬فقدخؾ فقفا اكتساب إمقال ماـ حؾفاا لؾؼقاام‬
‫‪00‬‬ ‫)‬ ‫تطزٌز (أصىل عظًٍح‬

‫بالزكقات وواجب الـػؼات‪ ،‬والؼقام إطؿال الـافعة التل ٓ تؼقم إٓ بإمقال‪ ،).‬فالغاياات الؿالمقر هباا‬
‫شر ًطا وسائؾفا تابعة لفا‪ ،‬و ذا معـك ققل الػؼفاف‪ :‬الوسائل لها أحكام المقاصد‪ ،‬والصالة ملمقر هبا وماـ‬
‫ملمقرا بف‪ ،‬وتحصاقؾ مصاال الخؾاؼ‬
‫ً‬ ‫وسائؾفا الؿشل إلقفا ٕدائفا يف مسجد جؿاطة فقؽقن الؿشل إلقفا‬
‫ملمقرا هبا شار ًطا‪( ،‬ويادخؾ فقفاا أيضاا‬
‫ً‬ ‫يف الدكقا وأخرة ملمقر بف شر ًطا‪ ،‬فتؽقن القسائؾ الؿػضقة إلقفا‬
‫تعؾؿ الػـقن والصـاطات العصرية‪ ،‬وآخرتاطات التل فقفا استعداد الؿساؾؿقـ لؿؼاوماة أطادائفؿ) فانن‬
‫ذلؽ مـ جؿؾة تحصقؾ الؿصال العظقؿة أو أسباب تقصؾ إلك تؾؽ الؿصال العظقؿة‪.‬‬
‫وأراد رحؿف اهلل تعالك بذلؽ بقان أن مؿا يؾزم الؿسؾؿقـ أن يتؼقوا بتعؾؿ ما استحدث مـ العؾقم التال‬
‫ملمقر بآساتغـاف طاـ‬
‫ٌ‬ ‫يحتاجقن إلقفا يف إقامة الدكقا‪ ،‬فقؽقن تعؾؿفا بؼدر ما يػل بتؾؽ الحاجة‪ ،‬فالؿسؾؿ‬
‫غقره؛ ٕن ققتف يف كػسف‪ ،‬وماـ كؿاال ققتاف معرفتاف بؿاا يساتجد ماـ فـاقن وصاـاطات طصارية‪ ،‬إٓ أن‬
‫آشتغال هبا يـبغل أن يؽقن بؼدر تؾؽ الحاجة‪ ،‬فال يزيد طؾقفا؛ ٕن الؿسؾؿ لؿ يخؾؼ لؾدكقا‪ ،‬وإكؿا خؾاؼ‬
‫لعبادة اهلل ‪ ،۵‬فنكؿا يتخذ مـ الدكقا بال ًغا وزا ًدا إلك أخرة‪ ،‬و ذا معـك ما ذكره أبق العبااس اباـ تقؿقاة‬
‫حرم تعؾؿفاا؛ ٕن الؿؼصاقد‬
‫الحػقد يف الرد طؾك الؿـطؼققـ أن العؾقم الدكققية إذا زاحؿت العؾقم الديـقة ُ‬
‫مـ العؾقم الدكققية إكؿا ق سد الحاجة‪ ،‬فنذا زاحؿت العؾاقم الديـقاة وكثارت صاارت زائادة طاـ قادر‬
‫الحاجة فؿـعت مـ أجؾ ذلؽ‪.‬‬
‫مـدرج يف ماا أمار اهلل ‪ ۵‬باف‬
‫ٌ‬ ‫ثؿ ذكر الؿصـػ رحؿف اهلل تعالك أن تعؾؿ الػـقن والصـاطات العصرية‬
‫ُ‬ ‫ْ َ‬ ‫َ‬
‫ٱخ َط ۡع ُخً ٌِّٱَ ك ه‬
‫ٱٔة﴾[إكػاال‪ ]13:‬وأن ذلاؽ مر اقن بالؼادرة‬ ‫ٱس َ‬
‫مـ إطداد الؼقة يف ققلف‪َ ﴿ :‬وأع ُِّدوْ ل ُٓٱً هٌٱا ۡ‬
‫ُ ْ‬
‫وآستطاطة لف‪ ،‬كؿا قال تعالك‪ ﴿ :‬كْٔ ه َ‬
‫ٱس َخ َط ۡع ُخ ًۡ﴾ [التغابـ‪ ]61:‬ففؿ ملمقرون بنطداد ما يساتطقعقكف‬
‫ٱَّلل ٌَا ۡ‬

‫مـ ققة طؼؾقة أو صـاطقة أو طسؽرية أو سقاسقة؛ فنهنا داخؾة يف جؿؾة مـ طبادة اهلل ‪ ۵‬لتعؾؼفا بتحصقؾ‬
‫ما تتققػ طؾقف مصال طظقؿة لؾؿممـقـ يف الدكقا وأخرة‪.‬‬
‫الخ ْؾاؼ يف‬
‫ثؿ ذكر الؿصـػ رحؿف اهلل تعالك أكف يعؾؿ مؿا سبؼ (أن الؿسؾؿقـ بالؿعـك الحؼقؼل أكؿاؾ َ‬
‫فعؾ إسباب الـافعة) فلجدر الخؾؼ بإخذ بإسباب الـافعة والحرص طؾقفا ؿ أ اؾ اإلساالم‪ ،‬و اؿ‬
‫فقفا يف أطؾك محؾ‪ ،‬وطؾؾ الؿصـػ ذلؽ بؼسؿة تؾؽ إسباب الـافعة إلك كقطقـ‪.‬‬
‫أحدهما‪ :‬أسبا ىافعة مقدور علوها‪ ،‬فؿا كان مـ ذا الجـس فنكف يبذلقكف فقف صاقتفؿ مساتعقـقـ بااهلل‬
‫‪ ۵‬يف تحصقؾف وتؽؿقؾف‪.‬‬
‫والثاين‪ :‬أسبا ىافعة غور مقدور علوها‪ ،‬ففؿ يستعقـقن باهلل ‪ ۵‬يف الحصقل طؾقفا والتؿؽـ مـفا‪.‬‬
‫الشيخ َصالِ ُح ْبن ع ْبد اهلل ال ُع َص ْي ِمي‬
‫َّ‬ ‫‪02‬‬

‫و ذا ضا ر يف حقاة الـاس‪ ،‬فنن الؿعار والعؾقم التل يـتػع هبا الخؾؼ مـف شلف لؾؿسؾؿقـ قدرة طؾقاف‬
‫ومعرفة بف ففؿ يبذلقن يف ذلؽ وسعفؿ مستعقـقن باهلل‪ ،‬وفقف شلف لؿ يحصؾقه بعد‪ ،‬مـ العؾقم العساؽرية‬
‫أو الطبقة أو الصـاطقة أو غقر ا‪ ،‬فالبد أن يحرصقا طؾك آستعاكة باهلل ‪ ۵‬يف تحصقؾف‪.‬‬
‫ويف ذلؽ تـبقف إلك أن إدراك ذلؽ ٓ يؽقن بجقدة العؼقل وققهتا والحصقل طؾك الادرجات العالقاة يف‬
‫الؿعار الدكققية‪ ،‬وإكؿا كؾ ذلؽ مققق ٌ طؾك تقفقاؼ اهلل ‪ ۵‬لؾعبااد بؼادر اساتعاكتفؿ باف‪ ،‬فانذا قاقي‬
‫استعاكة الخؾؼ باهلل ‪ ۵‬يف تحصقؾ إسباب الـافعة مؽـفؿ اهلل ‪ ۵‬مـفا‪ ،‬وإذا ض ُعػت اساتعاكتفؿ بااهلل‬
‫‪ ۵‬طؾقفا ض ُعػ الؼدر الذي يحصؾ لفؿ مـفا وربؿا ُحرمقا مـ ذلؽ‪.‬‬
‫ثؿ ذكر الؿصـػ رحؿف اهلل تعالك أكف بعد ذلؽ ُيعؾؿ بطالن ما مقه دطاة اإللحاد بلن الديـ اإلساالمل‬
‫يثبط العامؾقـ ويضعػ كػقسفؿ ويؼعد ؿ طـ البحث العؾؿل وآخرتاع كؿا يؼال‪ ،‬و ذا ق الذي أشاار‬
‫إلقف أرباب الشققطقة بؼقلفؿ‪ :‬الديـ أفققن الشعقب أي مخدر ا‪ ،‬الذي يضعػفا ويق ـ ققا اا‪ ،‬ثاؿ تعؾاؼ‬
‫بف مـ تعؾؼ فروجقه يف أ ؾ اإلسالم وأن الديـ اإلسالمل يضعػ الـػقس و ُيعجز الخؾؼ طـ الؼقاام بؿاا‬
‫فقف مصالحفؿ‪ ،‬حتك ُشفر طـد الخؾؼ أن ضعػ التحصقؾ والبالدة مؼرتن بالؿعار الديـقاة‪ ،‬و اذا ماـ‬
‫الجفؾ العظقؿ‪ ،‬فنن الؿعار الديـقة ل معار إكبقاف‪ ،‬الذيـ ؿ أذكك الخؾؼ وأزكاا ؿ طـاد اهلل گ‪،‬‬
‫وإكؿا ما يقجد طـد الـاس مـ ذا إثر ق مـ صاقلة الباصاؾ يف زماـ اإللحااد والشاققطقة الاذي أضاؾ‬
‫بظاللف فتعؾؼ بف مـ تعؾؼ وأصاب الـااس مـاف صشااش ورشااش بؼال يف جؿؾاة ماـ الؼقاطاد وإفؽاار‬
‫الؿـتشرة التل ٓ يـتحؾفا مـ يؼقل إكف شققطل‪ ،‬ولؽـفا صارت طـد الـاس ماـ الؿساؾؿات‪ ،‬كؿاا ذكارت‬
‫آكػا بالـسبة العؾقم الشرطقة إلك البالدة وضعػ التحصقؾ‪ ،‬وكسابة العؾاقم الدكققياة إلاك جاقدة الػفاقم‬
‫والعؼقل‪.‬‬
‫ثؿ ذكر الؿصـػ رحؿف اهلل تعالك أكف إذا تبقـ ذلؽ طؾاؿ أن الاديـ اإلساالمل الصاحق يحاث طؾاك‬
‫الؼقام بإسباب الـافعة‪ ،‬ويبعث الفؿؿ والعزائؿ بآستعاكة باهلل طؾقفا‪ ،‬والثؼاة باف يف تؽؿقؾفاا وكجاحفاا‪،‬‬
‫ف َؽ ْؿ يف الؽتاب والسـة مـ إمر بػعؾ الخقرات وترك الؿـؽرات‪ ،‬وإخذ بجؿقع إسباب الـافعة كؼقلاف‬
‫ََۡ‬ ‫ۡ َ ُ‬ ‫ْ ۡ‬ ‫َ‬
‫تعالك‪ ﴿ :‬فٱستتِلْٔ ٱۡلير َٰ ِ ِۚ‬
‫ت ﴾[البؼرة‪ ]641:‬وققلف ﷺ يف الحديث أكػ الذكر‪« :‬احرص على ما ينفعدك»‬
‫ففذا يدل أن الديـ اإلسالمل يحث الؿممـقـ طؾك الحرص الذي يـػعفؿ مـ أساباب الادكقا وٓ يؿاـعفؿ‬
‫مـفا‪ ،‬وٓ يجعؾفؿ بؿـ ًلى طـفا‪.‬‬
‫ثؿ ذكر رحؿف اهلل تعالك أن ا ـا صريؼقـ ذمقؿقـ مـحرفقـ يف إسباب‪ ،‬يربأ الديـ مـفؿا كؾ الربافة‪:‬‬
‫‪03‬‬ ‫)‬ ‫تطزٌز (أصىل عظًٍح‬

‫فالمذهب األول مذهب الجبرية‪ ،‬و ؿ الذيـ يزطؿقن أن العبد مجبقر طؾك فعؾف؛ أي ٓ اختقار لف فقف‪،‬‬
‫وجفال‪ ،‬رفع ًة وضاعة‪ ،‬فنهناا كؾفاا‬
‫ً‬ ‫ففق ٓ يختار شقئا مـف‪ ،‬وإكؿا جربه اهلل گ طؾقف إقدا ًما وإحجا ًما‪ ،‬تعؾ ًؿا‬
‫بقد اهلل وحده طـد ؿ ٓ اختقار لؾعبد فقفا‪.‬‬
‫وطؼال؛ فبطالكف شر ًطا مـ جفة أن (الؽتاب والساـة‬
‫ً‬ ‫ثؿ بقـ رحؿف اهلل تعالك بطالن ذا الؿذ ب شر ًطا‬
‫واختقاارا‪ٓ ،‬‬
‫ً‬ ‫مؿؾقفان مـ ذكر إضافة إطؿال لؾعامؾقـ خقر ا وشر ا‪ ،‬وأهنؿ ؿ الذيـ يػعؾقهناا صق ًطاا‬
‫اك َن ۡع ُت ُد ِإَويه َ‬
‫اك‬ ‫قصرا واضطرارا)؛ ويدل طؾك ذلؽ أية أكػة التل ل سر الػاتحة؛ و ل ققلف تعالك‪ ﴿ :‬إيه َ‬
‫ِ‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫ني ‪[﴾٥‬الػاتحة]‪ ،‬فنن الػعؾ فقفا أضقػ إلك العباد طؾك إرادة كقهنؿ مختاريـ لذلؽ‪ ،‬مريديـ لف‪.‬‬ ‫ن َ ۡس َخعِ ُ‬

‫ثؿ بقـ رحؿف اهلل تعالك بطالن ذا الؼقل طؼال؛ فؼال‪( :‬فألكف مـ الؿعؾقم بالضرورة أن أفعاال العبااد؛‬
‫بؾ والحققاكات تؼع باختقار ؿ وإرادهتؿ‪ ،‬إن شافوا أرادوا وفعؾقا‪ ،‬وإن أرادوا تركقا)‪ ،‬ووجف ذا الادلقؾ‬
‫ق ما يقجد بالضرورة يف الـػقس‪ ،‬فال تستطقع الـػقس أن تدفعف‪ ،‬و ذا معـك قاقلفؿ‪ :‬معلدوم بالضدرورة‬
‫أي تضطر النفوس إلى العلم به والقطو‪ ،‬ون قدرة علدى فعده‪ ،‬فانن الخؾاؼ ماممـفؿ وكاافر ؿ‪ ،‬جاـفؿ‬
‫وإكسفؿ يعؾؿقن أكف إن شاف فعؾقا وإن شافوا تركقا وإن شافوا أقبؾاقا وإن شاافوا أدباروا‪ ،‬وٓ يادفع اذا‬
‫مجبقر طؾك فعؾف‪ ،‬ق مؽابر مدافع وجدان ذه الضرورة التال‬
‫ٌ‬ ‫الضرورة إٓ مؽابر‪ ،‬فالذي يزطؿ أن العبد‬
‫يـضؿ طؾقفا جـباه‪.‬‬
‫ثؿ ذكر رحؿف اهلل تعالك أن الؿذ ب الثا يف ذلؽ و ق (أطظؿ بطالكًا وأشد فسا ًدا مذ ب الطباائعققـ‬
‫يف إسباب)‪ ،‬أي الذيـ يجعؾقن إسباب جارية طؾك مؼتضك الطبقعة وكظام الؽقن‪ ،‬فعـد ؿ أن إفعاال‬
‫التل يتحؼؼ هبا الخؾؼ كقػ ما كاكت مقكؾة إلك الطبقعاة‪ ،‬والـظاام الؽاق ؛ فالطبقعاة ال التال تجاري‬
‫الخؾؼ بؼقاكقـ وكقامقس لفا‪ ،‬وأ ؾ ذا الؿذ ب كؿا قال الؿصـػ‪( :‬معروفاقن باالخروج طاـ دياكاات‬
‫الرسؾ‪ٕ ،‬ن ذا الؼقل مبـل طؾك كػل اإليؿان باهلل وكػل ربقبقتف)‪ ،‬ففاؿ يجعؾاقن الطبقعاة بؿـزلاة الارب‬
‫ففل التل تػعؾ وتخؾؼ وتحدث وتـشال لؿاا لفاا ماـ قاقاكقـ وكاقامقس‪ ،‬و امٓف الؿؾحادون كؿاا قاال‬
‫ً‬
‫أفعآ وٓ يثبتقن) لؾػاطؾ جزا ًف ففؿ يـػاقن ثاقاب الطاطاة طاـ الطاائع وثاقاب‬ ‫الؿصـػ‪ ٓ( ،‬يثبتقن هلل‬
‫الؿعصقة طـ العاصل‪.‬‬
‫ثؿ ذكر الؿصـػ رحؿف اهلل تعالك أن ( ذا الؿذ ب الذي ق أبطؾ الؿذا ب الاذي تـازه طـاف القفاقد‬
‫فضال طـ الديـ اإلسالمل قاد اغارت باف بعاض الؽتااب العصاريقـ) أي‬
‫والـصارى وكثقر مـ الؿشركقـ ً‬
‫الؿـسقبقـ إلك الديـ اإلسالمل‪( ،‬وأرادوا مـ سػا تفؿ وجرافهتؿ العظقؿة أن يـسبقه إلك ديـ اإلساالم)‪،‬‬
‫الشيخ َصالِ ُح ْبن ع ْبد اهلل ال ُع َص ْي ِمي‬
‫َّ‬ ‫‪04‬‬

‫ولؿ يـسبقه إلك ديـ اإلسالم بالؼقل بلن الطبقعة ل الخالؼة؛ ٕن ذلؽ مؿا يـايف ديـ اإلسالم قط ًعاا‪ ،‬وٓ‬
‫يروج طؾك الؿسؾؿقـ مثؾ ذلؽ الؼقل؛ ولؽـفؿ كسبقه إلك ديـ اإلساالم بطرائاؼ ماـ أطظؿفاا تعظاقؿفؿ‬
‫لؾؽقكقات‪ ،‬واكبفار ؿ بالعؾقم الؿتعؾؼة هبا‪ ،‬فراج يف كتاباهتؿ اإلشادة بالعؾقم الؽقكقة وتعظقؿفا‪ ،‬وتعظاقؿ‬
‫أ ؾفا ومدح الؽػار وأحقالفؿ بؿا حصؾقا مـ ذه العؾقم الؽقكقة‪ ،‬و ذا مـ جـس آغرتار بلحقال أ اؾ‬
‫الؽػر‪ ،‬و ق الذي طـاه الؿصـػ مؿـ كتب يف ذلؽ فعظؿ العؾقم الؽقكقة وطظؿ أ ؾفاا‪ ،‬ثاؿ كساب ذلاؽ‬
‫إلك اإلسالم وجعؾ ديـ اإلسالم معظؿا لؾعؾقم الؽقكقة‪ ،‬فتجد كثقر ماـ امٓف الؽتااب يـساب أياات‬
‫وإحاديث القاردة يف العؾؿ إلك فضؾ العؾقم الدكققية كعؾقم الػؾؽ أو طؾقم الػقزيااف أو طؾاقم الؽقؿقااف‬
‫وغقر ا‪ ،‬ولقست ذه أيات فقفا قط ًعا؛ ٕن العؾؿ الؿؿادوح يف الؼارآن والساـة إكؿاا اق طؾاؿ الؽتااب‬
‫طؾؿ حاجة يؿدح بؼدر آكتػاع بف والحاجة إلقاف‪،‬‬
‫والسـة‪ ،‬وأما العؾؿ الخارج طـ الؽتاب والسـة فنكؿا ق ُ‬
‫يحصؾ هبا خقر‪ ،‬فتؽقن ملخقذ ًة بطريؼ آحتقاج‪.‬‬
‫ففق مـ ضؿـ إسباب الـافعة التل ُ‬
‫ومؿا روج ذا طـد الؿسؾؿقـ ما صار يساؿك باإلطجااز ِ‬
‫العؾؿال الاذي يجعؾقكاف متعؾ ًؼاا بالـظرياات‬ ‫ّ‬
‫وإحقال الؿعرفقة التل خصقا العؾؿ هبا‪ ،‬وتسؿقة ذا الـقع باإلطجاز العؾؿال باصؾاة شار ًطا ولغاة‪ ،‬فانن‬
‫لػظ اإلطجاز طؾقف إيرادات‪ ،‬ثؿ إن اإلطجاز العؾؿل يف الؼرآن والسـة لقس مؼتصرا طؾك الػؾاؽ والػقزيااف‬
‫والؽقؿقاف والجققلقجقا وأشبا فا؛ بؾ أطظؿ اإلطجاز العؾؿل ق طؾؿ إمر والـفل‪ ،‬فاإمر والـفال اق‬
‫مـ أطظؿ اإلطجاز العؾؿل‪ ،‬واطترب ذلؽ يف حال الؿرأة يف الؿقراث؛ إذ تارة ترث الؿرأة أكثر مـ الرجاؾ‪،‬‬
‫وتارة ترث الؿرأة [أقؾ] مـ الرجؾ ويالحظ الشرع مقاقع الؿرأة يف الؿقراث قؾة وكثرة‪ ،‬و ذا ماـ أطظاؿ‬
‫أصال‪ ،‬وإكؿا ذا الذي يساؿك باإلطجااز العؾؿال‬
‫إطجازا طؾؿ ًقا ً‬
‫ً‬ ‫اإلطجاز العؾؿل و ق الحؼقؼ بلن يؽقن‬
‫ق مـ جؿؾة اإلطجاز الخربي أي مـ جؿؾة خرب اهلل گ طـ أشقاف طـ ما يف لػظ اإلطجاز ماـ اإلشاؽال‬
‫فنكف مـ مصطؾحات الؿعتزلة التل دبت يف كالم الؿتؽؾؿقـ يف اذه الؿساائؾ حتاك راجات‪ ،‬ويف بقاكاف يف‬
‫محؾ آخر‪.‬‬
‫والؿؼصقد ـا اإلشارة إلك أن ما طـاه الؿصـػ‪ ،‬بؼقلف‪( :‬قد اغرت بف بعض الؽتااب العصاريقـ وأرادوا‬
‫مـ سػا تفؿ وجرافهتؿ العظقؿة أن َيـْسبقه إلك ديـ اإلسالم) ق بتعظقؿ العؾقم الؽقكقة وآكبفار هبا‪.‬‬
‫ثؿ ذكر رحؿف اهلل تعالك أن (ديـ اإلسالم وسائر إديان بريئة مـ ذا الؼقل الخبقث) و ق الؼقل بالن‬
‫الطبقعة ل التل تتػاطؾ وتحدث إشقاف؛ بؾ ديـ الرسؾ يف شؼ لتضؿـف إثبات ربقبقة اهلل وقادره‪ ،‬ودياـ‬
‫مٓف ومذ بفؿ يف شؼ آخر‪.‬‬
‫‪05‬‬ ‫)‬ ‫تطزٌز (أصىل عظًٍح‬

‫ثؿ ذكر الؿصـػ رحؿف اهلل تعالك مؿا يدل طؾك بطالن ذا الؼقل شار ًطا جرياان الخاقارق الؿخالػاة‬
‫لؾـقامقس الؽقكقة وإحقال الطبقعقة و ق ما أجراه اهلل گ طؾك أيدي رسؾف‪ ،‬كن الك ققم كقح بالطقفاان‬
‫وإكجائف وحده وجعؾ الـار الؿقصقفة باإلحراق بر ًدا وسال ًما طؾك إبرا قؿ‪ ،‬وما وقع لؿقساك ﷺ يف أمار‬
‫الحقة والعصا وفؾؼ البحر‪ ،‬وما وقع لـبقـا ﷺ مـ اكشؼاق الؼؿر وسالم الشجر والحجار وكباع الؿااف ماـ‬
‫مخالػ لؾـقامقس الؽقكقة وإحقل الطبقعقة‪ ،‬وٓ يؾتائؿ طؾاك طؾاقم‬
‫ٌ‬ ‫بقـ أصابعف‪ ،‬فجريان ذه الخقارق‬
‫ذلؽ‪ ،‬فجريان ذه الققائع طؾك خال ما يعرفف مٓف مـ كقامقس الؽقن؛ دال طؾك إبطال كاقن الطبقعاة‬
‫مستؼؾة بـػسفا‪ ،‬محدثة ٕحقالفا وتصاريػفا‪ ،‬وإكؿا الؿحدث ق اهلل سبحاكف وتعالك‪.‬‬
‫طؼاال بعاد بقاان بطالكاف شار ًطا‪ ،‬فؼاال‪( :‬وأماا‬
‫ً‬ ‫ثؿ ذكر الؿصـػ رحؿف اهلل تعالك بطالن ذا الؿذ ب‬
‫بطالكف طؼال وفطرة؛ فنن العؼالف كؾفؿ ُم ْطبؼقن طؾك اكؼقاد العالؿ العؾقي والسػؾل إلك إرادة اهلل وقدرتاف‪،‬‬
‫طؼال فاقق ماا ذكاره‬
‫ولؿ ُيـؽر ذلؽ أحدٌ إٓ مـ جحد اهلل ولؿ يثبت وجقده‪ ،).‬ومؿا يؼقي الؼقل ببطالكف ً‬
‫الؿصـػ‪ ،‬تخؾػ ذه الـقامقس الؽقكقة طـد ؿ يف بعاض إحاقال‪ ،‬تخؾاػ؛ أي تالخر اذه الـاقامقس‬
‫الؽقكقة طـد ؿ يف بعض إحقال‪ ،‬فنهنؿ ربؿا تقاصئقا طؾك جعؾ شق ًئا خاض ًعا لؼاكقن مـ قاقاكقـ الطبقعاة‬
‫كؿا يؼقلقن‪ ،‬ثؿ بعد ذلؽ يؼع إمر طؾك خالفف‪ ،‬وأبقـ شلف يف ذلؽ ما تصدح باف تؼاارير فئاام كثقار ماـ‬
‫إصباف يف حالة صبقة ما؛ بلكف ٓ يؿؽـ مداواة الؿريض‪ ،‬أو شػاؤه لجريان العادة طـد ؿ يف ماا طرفاقه ماـ‬
‫أحقال الطبقعة بلكف يػلف إلك حال الؿقت‪ ،‬ثؿ ُيجري اهلل گ بؼدره وقضافه ما يؽقن مقج ًبا لتخؾػ تؾاؽ‬
‫الـقامقس والؼقاكقـ التل تعارفقا طؾقفا‪ ،‬مؿا يدل مع حدوث ذا التلخر والتخؾػ لتؾؽ الـقامقس العؼاؾ‬
‫طؾك أن ذه الؼقاكقـ الطبقعقة لقست مستؼؾة بـػسفا‪ ،‬وإكؿا ل خاضعة إلرادة قادر ق اهلل گ‪.‬‬
‫ثؿ ذكر الؿصـػ رحؿف اهلل تعالك أشاقاف باصؾاة ماـ فاروع اذا الؿاذ ب؛ كاا(اإلكؽار بالن اهلل يـؼاذ‬
‫أيضا (ذلؽ إكؽار قصة آدم وإ باصف إلك إرض‪ ،‬وخؾاؼ اهلل‬
‫الؿضطريـ‪ ،‬ويجقب دطقات الداطقـ)‪ ،‬ومـف ً‬
‫ً‬
‫أققآ‬ ‫إ ّياه‪ ،‬وإيحائف إلقف‪ ،‬وجؿقع) جرى بقـف وبقـ زوجف وبقـف وبقـ إبؾقس وأهنؿ يذكرون يف كشلة اإلكسان‬
‫ً‬
‫محقٓ مـ صاقر البفقؿقاة إلاك صاقر اإلكسااكقة كؿاا يف‬ ‫ٓ ترجع إلك ما جافت بف إكبقاف‪ ،‬ففؿ يجعؾقهنؿ‬
‫بعض الـظريات الؿعروفة التل ُترجع كشلتف إلك كقكف قر ًدا يف إصؾ‪ ،‬فؽؾ ذلؽ مـ فروع اذا الؿاذ ب‬
‫الخبقث‪.‬‬
‫( ومـ فروع ذا الؿذ ب الخبقث) كؿا ذكر الؿصـػ زطؿفؿ (أن ذا العالؿ لاؿ يازل وٓ يازال) أي‬
‫أكف ٓ يػـك؛ بؾ ق سرمدي باق‪ ،‬و ذا معـك ققلفؿ الؿادة ٓ تػـك‪ ،‬واهلل گ ُيػـل ما شاف مـ خؾؼف بؼادره‬
‫الشيخ َصالِ ُح ْبن ع ْبد اهلل ال ُع َص ْي ِمي‬
‫َّ‬ ‫‪06‬‬

‫مؿا ق معرو بدٓئؾف يف الؼرآن والسـة‪ ،‬ومقجب ذا لفؿ أهنؿ ألفقا الطبقعة‪ ،‬واقتضااف تللقففاا جعؾفاا‬
‫سرمدية ٓ تـتفل‪.‬‬
‫ثؿ ذكر الؿصـػ رحؿف اهلل تعالك أكف يتض مؿا ذكر طـ ذا الؼقل الباصؾ و ق ققل الطباائعققـ‪ ،‬أكاف‬
‫لقس مذ ب ٕحد مـ الؿعرتفقـ بإديان‪ ،‬سقاف مـ أ ؾ اإلسالم أو مـ القفقد أو ماـ الـصاارى‪ ،‬وإكؿاا‬
‫ق ملخقذ طـ زكادقة الػالسػة الؼائؾقـ ِبؼدَ م العالؿ‪ ،‬وأكف لقس حاد ًثا‪ ،‬وأن اهلل ٓ يؼدر طؾك شلف وأكاف ٓ‬
‫يعؾؿ شق ًئا مـ الجزئقات و مٓف كػرة بـص الؽتاب والسـة‪.‬‬
‫و ذا الؿذ ب الػؾسػل الؼديؿ‪ ،‬طـد إوائؾ ثؿ طـد الػالسػة اإلسالمققـ كابـ سقـا وغقره ووصاػفؿ‬
‫روج لاف‬
‫باإلسالمققـ معـاه أهنؿ كشموا يف التاريخ اإلسالمل تطقر إلك أن وجاد يف صاقرتف الحديثاة بؿاا ّ‬
‫الشققطققن والؿؾحدون والؿاديقن يف الؼرن السابؼ‪ ،‬وإكؿا ق ملخقذ طـ الؿذا ب الرديئة لألوائؾ‪.‬‬
‫ومن القواعد النافعة يف معرفة األقوال واألحوال أن تعؾؿ أن لؽؾ ققم وارث؛ فنكاف قاؾ أن تجاد قاقٓ‬
‫باصؾ يحدث يف الـاس إٓ و ق كاشئ مـ ققل باصؾ قديؿ كان فقفؿ‪ ،‬فؽؿا أن إكسااب تاقرث فؽاذلؽ‬
‫إققال تقرث‪ ،‬وربؿا ض ُعػت يف زمـ وققيت يف زمـ أخر‪.‬‬
‫ثؿ ذكر رحؿف اهلل تعالك الػر ق بقـ الجربية والطبقعقة؛ فباقـ أن الجربياة يـتسابقن إلاك الاديـ‪ ،‬وأماا‬
‫الطبقعقة فنهنؿ ُيـؽرون الديـ ويتربؤون مـف‪.‬‬
‫ثؿ ذكر الؿصـػ رحؿف اهلل تعالك أن الديـ جاف بالرد طؾاك امٓف و امٓف؛ ففاق يخطائفؿ جؿق ًعاا‪،‬‬
‫ويحث العباد طؾك الؼقاام بإساباب الـافعاة يف الاديـ والادكقا‪ ،‬ويحضافؿ طؾاك آجتفااد فقفاا وطؾاك‬
‫آستعاكة باهلل وبحقلف وققتف طز وجؾ‪.‬‬
‫‪07‬‬ ‫)‬ ‫تطزٌز (أصىل عظًٍح‬

‫انقاعدج انثاٍَح اندٌٍِّ احلق ْى يا جاء تّ انزسىل ﷺ يٍ كتاب اهلل وسُح رسىنّ‬
‫ُ‬
‫وَ‬‫ٱو ٌَٱا ٓ أ ِ َ‬ ‫ۡ ُ‬
‫و ذا إصؾ الؽبقر الذي صرح بف الؽتاب والسـة يف مقاضع كثقرة؛ مثاؾ ققلاف تعاالك‪﴿ :‬ٱح‬
‫ٓ َ ۡ َ ٓ َ (‪)1‬‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ه ُ ْ َ ٓ ُ َ َۡ ُ ّ ه ّ ُ ۡ َ َه‬ ‫َۡ َ َ ۡ َ‬
‫ٱً َوَل حتت ِ ُعٱْٔ ٌِٱَ ووُ ِٱِّأ أو َِلٱاء ﴾‬ ‫ُزل إَِلؾً ٌِٱَ ربِؾ‬ ‫ِ‬ ‫أ‬ ‫ا‬‫ٌ‬ ‫ْٔ‬‫ع‬ ‫ِ‬ ‫ت‬‫ٱح‬ ‫﴿‬ ‫و‬ ‫‪،‬‬ ‫]‬ ‫‪44‬‬ ‫[العـؽبقت‪:‬‬ ‫﴾‬‫ب‬‫ِ‬ ‫َٰ‬ ‫ِت‬ ‫إَِلم ٌَِ ٱىه‬
‫ه ۡ َٓ ُ ِ َ َ َ‬ ‫َ َ ٓ َ َ َٰ ُ ُ ه ُ ُ َ ُ ُ ُ َ َ َ َ َٰ ُ ۡ َ ۡ ُ َ َ ْ‬
‫وَ إ ِ َۡلم ٌِٱَ‬ ‫ٱُخ ُٓ ْْۚٔ ﴾[الحشر‪ ﴿ ،]3:‬ٱحتِع ٌا أ‬ ‫[إطرا ‪﴿ ،]7:‬وٌا ءْحىؾً ٱلرسٔل فخذوه وٌا نٓىؾً عِّ ف‬
‫ٱو َو ََل ۡ َ ۡضٱ َ َٰ ‪َ ١٢٣‬و ٌَ ۡ‬ ‫َ َ ه َ َ ُ َ َ َ َ َ ُّ‬ ‫َ‬ ‫ه ّ َ َ ٓ َ َٰ َ ه ُ َ َ َ ۡ ۡ َ ۡ ُ ۡ‬
‫ٱَ‬ ‫ظ‬‫ۡشك ِني ‪[﴾١٠٦‬إكعام‪﴿ ،]631:‬ػٍ َِ ٱَّتع ْٱدْي فٱ ي ِ‬ ‫ربِم ِۖ َل إِلّ إَِل ْٔ ِۖ وأع ِرض ع َِ ٱلٍ ِ‬
‫ّ ۡ َ ُ‬ ‫ََ ۡ َ ه هُ ََ ُۡ ۡ َ ۡ ََ َ‬ ‫َ ه َُ َ َ َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ َۡ َ َ‬
‫س ِٓ ًۡ‬ ‫ِ‬ ‫ُف‬ ‫أ‬ ‫َِ‬ ‫ٌ‬ ‫َٔل‬ ‫ُ‬
‫س‬ ‫َ‬
‫ر‬ ‫ً‬ ‫ۡ‬ ‫ٓ‬
‫ِ‬ ‫ِي‬ ‫ػ‬ ‫د‬ ‫ع‬ ‫ب‬ ‫ذ‬ ‫ِ‬ ‫إ‬ ‫ِني‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ٌ‬ ‫ؤ‬ ‫ٍ‬ ‫ٱل‬ ‫لَع‬ ‫ٱَّلل‬ ‫َ‬ ‫ٌ‬ ‫د‬ ‫ل‬ ‫ى‬ ‫﴿‬ ‫‪،‬‬‫]‬ ‫‪614‬‬ ‫﴾[صف‪:‬‬ ‫ِك‬ ‫ط‬ ‫ث‬‫يض‬ ‫ع‬
‫ِ‬ ‫ٌ‬ ‫ۥ‬ ‫َل‬ ‫ن‬ ‫إ‬‫ف‬
‫ِ ِ‬ ‫ي‬ ‫ر‬ ‫ِن‬ ‫ذ‬ ‫َ‬ ‫ع‬ ‫أعرض‬
‫ٱل ِۡه ٍَ َث ِإَون ََكُُْٔ ْ ٌَِ َؼ ۡت ُو ىَِف َط َل َٰو ُّ‬ ‫ََُّ ۡ ََُُُّ ُ ۡ َ َ َ ۡ‬ ‫َ‬ ‫ُۡ ْ ََ‬
‫ني ‪[﴾١٦٤‬آل طؿاران]‪﴿ ،‬‬ ‫ِ ٍ‬ ‫ت‬‫ٌ‬ ‫ِ‬ ‫َيخئْ عي ۡي ِٓ ًۡ َءْيَٰخِِّأ ويزك ِي ًِٓ ويعي ًٍِٓ ٱىهِتَٰب و‬
‫َ ه‬ ‫ََ ۡ َ ۡ َ ُ‬ ‫َ‬ ‫ََ ۡ َ ۡ َ ُ َ ه‬ ‫كُ ۡو َص َد َق ه ُ‬
‫ٱَّلل ﴾[آل طؿران‪ ﴿ ،]64:‬وٌَ أصدق ٌَِ ٱَّللِ حٱدِي ا ‪[﴾٨٧‬الـسااف]‪﴿ ،‬وٌٱَ أصٱدق ٌِٱَ ٱَّللِ ؼِٱي‬

‫ٱج‬ ‫ِيٱَ َأ ۡن َع ٍۡ َ‬ ‫ص َر َٰ َط هٱَّل َ‬ ‫يً ‪ِ ٦‬‬ ‫ٱلص َر َٰ َط ٱل ۡ ٍُ ۡس َخلِ َ‬ ‫ۡ َ ّ‬


‫ٱلر ُسٔل ﴾ يف مقاضع كثقرة‪ ﴿ ،‬ٱْدُِا ِ‬
‫ََ ُ ْ هَ َ ه َ‬
‫‪[﴾١٢٢‬الـساف]‪ ﴿ ،‬وأطِيعْٔ ٱَّلل و‬
‫ُ ۡ َ‬ ‫َ ه ُ ُ َ َ َ ه ُ ْ ُّ ُ َ َ َ َ ه َ‬ ‫ٱر َٰ ِي ُُ ۡس َ‬ ‫ص َ‬ ‫َه َ َ‬ ‫ََ‬
‫ٱً عٱَ َسٱبِييِِّْۚأ‬ ‫ٱرق ةِؾ‬ ‫ٱخلِيٍا فٱٱحت ِعٔه ِۖ وَل حتتِعٱْٔ ٱلسٱتو ػخف‬ ‫عي ۡي ِٓ ًۡ ﴾[الػاتحة] أية‪َ ﴿ ،‬وأن هَٰذْ ِ‬
‫َ ه ُ‬ ‫ُۡ ۡ َ ُ ّ‬ ‫ى َو َي هتت ۡع َغ ۡ َ‬ ‫ني َ َُل ٱل ۡ ُٓ َد َٰ‬ ‫ٔل ٌِ َۢ َب ۡع ِد ٌَا حَبَ ه َ‬ ‫هُ َ‬ ‫َ‬
‫ِني ُ َٔ َِلِأ ٌَا ح َٔ ََّٰل َوُ ۡصيِِّأ‬ ‫يو ٱلٍؤ ٌِِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ب‬ ‫س‬‫ۡي َ‬
‫ِ‬ ‫﴾[إكعام‪َ ﴿ ،]647:‬و ٌََ ُۡضاك ِِق ٱلرس‬
‫َ ٓ ه َۡۡ َ‬ ‫َ‬ ‫َ ه‬ ‫َ ه‬ ‫ْب َ َ َٰ‬ ‫وَ إ َ َۡل َِا ٓ أَ هن ۡٱى َع َذ َ‬ ‫ه َۡ ُ‬
‫لَع ٌََ نذ َب َوح َٔ ََّٰل ‪[﴾٤٨‬صف]‪َ﴿ ،‬ل يَ ۡصٱيى َٰ َٓا إَِل ٱأصٱ ‪١٥‬‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫َج َٓ هِ ًَِۖ﴾[الـساف‪ ﴿ ،]664:‬إُِا كد أ‬
‫َ َ َ َ َ ه ه َ َ َ ُ َ ُ َ ه َ َ َ ُ ْ َ ه ۡ َ ه ُ ُ ۡ َ َٰ ُ َ‬ ‫َ ه‬ ‫َ ه‬ ‫ه‬
‫ٔن ‪[﴾٥٦‬الؿائدة]‪،‬‬ ‫ٱَّلي نذ َب َوح َٔ ََّٰل ‪[﴾١٦‬الؾقؾ]‪﴿ ،‬وٌَ يخٔل ٱَّلل ورسَٔلۥ وٱَّلِيَ ءٌِْْٔ فإِن حِزب ٱَّللِ ًْ ٱىغي ِت‬ ‫ِ‬
‫َ ه ۡ َ َ‬ ‫ه َ َ َ ْ َ ُ ْ ُ َ‬ ‫َ ُ َۡ ُ َ‬ ‫ََ ٓ ه َ ٓ ه َ َ ٌ َ َ‬
‫ٱَ‬ ‫يو ٌَ ۡ‬ ‫ٌْ ُِْٔ َوَكُْٔ َي هخلٔن ‪[﴾٦٣‬يقكس]‪﴿ ،‬وٱحتِع سٱ ِب‬ ‫﴿ أَل إِن أ ۡو َِلَا َء ٱَّللِ َل خ ۡٔف عي ۡي ِٓ ًۡ َوَل ْ ًۡ َي َزُٔن ‪ ٦٢‬ٱَّلِيَ ء‬
‫َ َ ُ ْ ُۡ ُ َ‬ ‫ه ۡ َ َٰ ُ ۡ َ َ َ ۡ َ ۡ َ َ‬ ‫ؽ َف ُروْ ْ َو َص ُّدوْ ْ َعَ َ‬ ‫ه َ َ‬ ‫ه‬ ‫ََ َ َ‬
‫ِٱدون‬ ‫ْب ةٍِٱا َكُٱْٔ يفس‬ ‫ِ‬ ‫ٱذ‬ ‫ع‬ ‫ٱى‬ ‫ق‬ ‫ٱٔ‬ ‫ف‬ ‫ا‬‫ْة‬ ‫ٱذ‬ ‫ع‬ ‫ٱً‬ ‫ٓ‬ ‫ن‬ ‫و‬ ‫ِ‬ ‫ز‬ ‫ِ‬ ‫ٱَّلل‬ ‫يو‬
‫ِ ِ‬ ‫ب‬ ‫س‬ ‫ِيَ‬ ‫ٱَّل‬ ‫﴿‬ ‫]‪،‬‬ ‫‪64‬‬ ‫[لؼؿان‪:‬‬ ‫﴾‬ ‫أُاب إ ِ ْۚ‬
‫َل‬
‫ون ُٓ ًۡ َعٱَ ه‬ ‫ه ُ ۡ َ َ ُ ُّ َ‬ ‫ُ َ ّ ۡ َ ُ َ ۡ َ َٰ َ ُ َ َ ُ َ‬ ‫‪[﴾٨٨‬الـحؾ]‪َ ﴿ ،‬و ٌََ َي ۡع ُش َعَ ذ ِۡنر ه‬
‫يو‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ب‬ ‫ٱ‬ ‫ٱلس‬ ‫ِ‬ ‫ٱد‬ ‫ص‬ ‫َل‬ ‫ٱً‬ ‫ٓ‬ ‫ِإَون‬ ‫‪٣٦‬‬ ‫يَ‬ ‫ٱر‬
‫ِ‬ ‫ك‬ ‫ۥ‬ ‫َل‬ ‫ٔ‬ ‫ٓ‬ ‫ػ‬ ‫ا‬ ‫ِ‬ ‫ط‬ ‫ي‬ ‫ص‬ ‫ۥ‬ ‫َل‬ ‫ض‬ ‫ِ‬ ‫ي‬‫ل‬ ‫ن‬ ‫ِنَٰمۡح‬ ‫ٱلر‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َه‬
‫ِي‬ ‫م ََلَ ۡٓد ٓ‬ ‫ه َ‬
‫َل ْ ًدى أ ۡو ِِف طلَٰو ٌُّتِني ‪[﴾٢٤‬سبل]‪ِ﴿ ،‬إَوُ‬
‫َ َ‬ ‫ه ٓ ۡ ه ُ ۡ َ َ َ َٰ ُ‬
‫َو َي ۡح َس ُتٔن أن ًُٓ ُُّ ۡٓ َخ ُدون ‪[﴾٣٧‬الزخر ]‪ِ﴿ ،‬إَونا أو إِياؽً ىع‬
‫َ‬

‫ه‬ ‫ُّ ۡ َ‬ ‫َ‬


‫ٱَّللِ ﴾[الشقرى‪ ]41:‬أية‪ ،‬ففذه أيات الؽريؿات وأضعاففا وأضعا أضعاففا‬ ‫ص َر َٰ ِط‬‫ص َرَٰط ٌسخلِيم ‪ِ ٥٢‬‬ ‫إ ِ ََٰل ِ‬

‫دلت دٓٓت صريحة أكف يتعقـ طؾك الخؾؼ اتباع ما أكزل اهلل طؾاك رساقلف ماـ الؽتااب والحؽؿاة‪ ،‬وأن‬
‫الفدى والػالح والسعادة والـجاة يف الدكقا وأخرة يف اتباع ذلاؽ‪ ،‬وأن يف ضاد ذلاؽ الضاالل والفاالك‬
‫والشؼاف يف الدكقا وأخرة‪ ،‬وأن الصراط الؿستؼقؿ الذي مـ ساؾؽف يف طؼائاده وأققالاف وأفعالاف وشاموكف‬
‫الديـقة والدكققية ق سبقؾ اهلل الذي شارطف طؾاك لساان رساقلف محؿاد ﷺ‪ ،‬ماـ اإلخباارات وإوامار‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫َ ٓ‬ ‫ُ‬ ‫َ َه ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ ه ُ ْٓ َ ۡ َ َ َ ٓ ُ َ َ ُ‬
‫ُزل إ ِ َۡلؾً ٌَِّ هر ّبِؾً ﴾[الز َمر‪َ ﴿ ،]44:‬وَل حتت ِ ُعْٔ ٌَِ ووُِِّأٓ أ ۡو َِلَا َء﴾ [إطرا ‪]7:‬‬
‫(‪ )1‬يف الؿخطقط‪ ﴿ :‬وٱحتِعْٔ أحسَ ٌا أ ِ‬
‫الشيخ َصالِ ُح ْبن ع ْبد اهلل ال ُع َص ْي ِمي‬
‫َّ‬ ‫‪08‬‬

‫والـقا ل‪ ،‬وأن وضقػة الؿؽؾػقـ أن يصدققا كؾ ما أخرب اهلل باف ورساقلف ويطقعاقا اهلل ورساقلف يف امتثاال‬
‫إمر واجتـاب الـفل‪ ،‬وأن السعادة والـجاة يف ذا التصديؼ و ذه الطاطة‪ ،‬والشؼاف والعاذاب يف تؽاذيب‬
‫إخبار والتقلل طـ إمر والـفل‪ ،‬وأن مـ آمـ وطؿؾ صالحا‪ ،‬وسؾؽ صريؼ الرسقل ففق ماـ أولقااف اهلل‬
‫وحزبف‪ ،‬ومـ لؿ يممـ باهلل ورسقلف ويعؿؾ صالحا ففاق ماـ أطدائاف وحرباف‪ ،‬وأكاف يتعاقـ ساؾقك صرياؼ‬
‫الؿـقبقـ إلك اهلل يف ضا ر ؿ وباصـفؿ‪ ٓ ،‬صرياؼ الغاافؾقـ وٓ الؿعرضاقـ‪ ،‬والؿعارضاقـ الصااديـ طاـ‬
‫سبقؾ اهلل‪.‬‬
‫ففذه الـصقص وكحق ا صريحة أكف يجب أن يؽقن إصؾ الذي إلقاف مرجاع الؿؽؾػاقـ كتااب رهباؿ‬
‫وسـة كبقفؿ‪ ،‬وأن جؿقع الؿؼآت وإحقال وإطؿال والعؾقم تقزن هبذا إصؾ‪ ،‬فؿا وافؼف ففاق الحاؼ‬
‫والصدق والصقاب‪ ،‬وما خالػف وكاقضف ففق الضالل والشؼاف‪ ،‬وأن ماـ جعاؾ كاالم أطاداف الرساؾ اق‬
‫إصؾ‪ ،‬وغقره ما وافؼف قبِ َؾف وما خالػف رفضف؛ ق محاد لرسؾ اهلل‪ ،‬مـابذ لديـ اهلل‪ ،‬وأن يف مؼدماة امٓف‬
‫الؿؾحديـ مـ دطقا إلك رفض كؾ قديؿ‪ ،‬وجعؾقه سؾؿا لفؿ وصريؼا لرفض الديـ وطؾقمف وأطؿالاف‪ ،‬وأن‬
‫ذه دطاية إلحادية‪ ،‬الؼصد مـفا الدطاية إلك كبذ الديـ‪ ،‬واطتـاق صريؼ الؿؾحديـ‪.‬‬
‫وأن أ ؾ العؼقل الصحقحة وإلباب السؾقؿة‪ ،‬ؿ الذيـ يدطقن إلك رفض الشارور والػسااد وأكاقاع‬
‫الظؾؿ‪ ،‬وإلك الحث طؾك الخقر والصالح واإلصالح‪.‬‬
‫ففذا ق إصؾ الذي يقافؼ طؾقف جؿقع العؼالف ‪-‬أ ؾ إديان وغقر ؿ‪ ،-‬وحقث كان ذا ق الؿقازان‬
‫الذي ٓ يؿؽـ كؾ أحد إٓ آطرتا بف حتك الؿـصػقـ مـ إجاكب‪.‬‬
‫ُ‬
‫وحقث طرض طؾاك‬ ‫فعؾقـا وطؾك الخؾؼ كؾفؿ أن َيعرضقا الؼديؿ والحديث طؾك ذا إصؾ الجؾقؾ‪،‬‬
‫ذا إصؾ الؼديؿ والحديث وجد ما ّ‬
‫دل طؾقف الؽتاب والسـة اق الخقار و اق الفادى والساعادة؛ ٕكاف‬
‫ُ َ‬ ‫ه َ ُ‬ ‫ٔن إ ََل ۡ َ‬ ‫ََۡ ُ ّ ُ ۡ ُه َ ۡ ُ َ‬
‫ٱيع أ ۡجٱ َر‬ ‫ظ‬‫ٱۡي﴾[آل طؿاران‪ ﴿ ،]634:‬إُِٱا َل ُ ِ‬‫ِ‬
‫ٱۡل ۡ‬
‫ِ‬ ‫يدطق إلك الخقر؛ قال تعالك‪﴿ :‬وَلؾَ ٌِِؾً أٌث يٱدع‬
‫َ‬ ‫ۡ ُ ُ ه ۡ‬ ‫ني ‪[﴾١٧٠‬إطرا ]‪ ﴿ )1(،‬إ هن هٱَّل َ َ ُ ْ َ ُ ْ ه َ‬ ‫ٱل ۡ ٍُ ۡصيِح َ‬
‫ٱإ ۡصٱل َٰ َ ٌَٱا‬
‫ج ﴾[البؼارة‪ ﴿ ،]133:‬إِن أرِيٱد إَِل ِ‬ ‫ِيَ َءٌِْْٔ َوع ٍِئْ ٱىصَٰي ِحَٰ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ۡ‬ ‫َ هُ َ ُ‬ ‫َ َ ۡ َ َٰ َ ۡ َ ۡ َ ٓ َ ۡ ُ َ َ ۡ ۡ‬
‫ٱَّلل َل َيِ ُّب ٱى َف َس َاو ‪[﴾٢٠٥‬البؼارة]‪،‬‬‫غ ﴾[الـحؾ‪﴿ ،]63:‬و‬ ‫َه ع َِ ٱىفحضا ِء وٱلٍِه ِر وٱۡلَ ِ ِۚ‬ ‫ج ﴾[ قد‪﴿ ،]11:‬ويِ‬ ‫ۡ ََ ۡ ُ‬
‫ٱسخطع ْۚ‬
‫َ َ ۡ ۡ‬ ‫﴿إ هن ه َ َ ۡ‬
‫ِيَ ‪[﴾٨١‬يقكس]‪ ،‬فؿا ثؿ صالح وخقر وكػع ديـ ودكققي إٓ والؽتاب والسـة‬ ‫ٱَّلل َل يُصي ِ ُ ع ٍَو ٱل ٍُف ِ‬
‫سد َ‬
‫ِ‬
‫قد ّ‬
‫حث طؾقف ورغب فقف وبقـ الطريؼ الؿقصؾة إلقف حتك الػـقن وآخرتاطات والصـاطات الحادثة التال‬

‫ــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬يف الؿخطقط‪ :‬وإن اهلل يحب الؿصؾحقـ‪.‬‬
‫‪09‬‬ ‫)‬ ‫تطزٌز (أصىل عظًٍح‬

‫فقفا كػع لؾعباد وتؼقفؿ مـ الشرور والػساد‪ ،‬وما مـ شر وضرر وفساد إٓ وقد هنك الديـ اإلسالمل طـاف‪،‬‬
‫سقاف كان ذلؽ متؼد ًما أو متلخرا‪.‬‬
‫وأما تعـت الؿؾحديـ الؿاديقـ بقجقب رفض الؼديؿ مطؾ ًؼا‪ ،‬واطتـاق الجدياد مطؾؼاا‪ ،‬ففاذا أصاؾ ٓ‬
‫يؿؽـ أن يقافؼ طؾقف أحدٌ مـ العؼالف‪ٕ ،‬ن الؼاديؿ مـاف صقاب وخبقاث‪ ،‬والجدياد مـاف صقاب وخبقاث‪،‬‬
‫فالطقب يجب َقبقلف مطؾؼا‪ ،‬والخبقث يجب رفضف مطؾؼا‪ ،‬والطقب الذي يف الحديث إكؿا استػقد مؿاا دل‬
‫طؾقف الؼديؿ مـ طؾقم وأخالق وأطؿال‪ ،‬فلصؾ الخقر ومـبعف ما جافت بف الرسؾ وكزلت بف الؽتب‪.‬‬
‫ويؼال ٕ ؾ ذه الدطاية الخبقثة‪ :‬ذه دطاية ٓ يؿؽـ أن يقافاؼ طؾقفاا أحاد‪ ،‬حتاك أكاتؿ ٓ تقافؼاقن‬
‫طؾقفا! فنكؽؿ تؼبؾقن ما كؼؾتؿ طـ أئؿتؽؿ‪ ،‬وتحثقن طؾك ذلؽ سقاف كاكقا ماـ الؼادماف أو ماـ ِ‬
‫أخاريـ‪،‬‬
‫ٌ‬
‫فلصؾ ٓ يقافؼ طؾقف أحد مـ الخؾؼ يجب أن كرفضف‪ ،‬وأن كرجع إلك إصقل الديـقة وإصقل العؼؾقة‪.‬‬
‫أما إصقل الديـقة؛ فؼد أريـاكؿ بعض ما دل طؾقف أشر الؽتب‪ ،‬و ق الؼارآن بقجاقب اتبااع كتااب‬
‫اهلل وما دل طؾقف ما جاف طـ رسقل اهلل‪ ،‬وأكف الخقر والحؼ والفدى‪ ،‬وما سقاه شار وضاالل وشاؼاف‪ ،‬وأماا‬
‫(‪)1‬‬
‫إصقل العؼؾقة‪ ،‬ففؾؿ فؾـتحاكؿ إلك ذه إصقل التل ٓ يؿؽـ طاقؾ أن يؼدح هباا‪ ،‬وماـ قادح فقفاا‬
‫ففق مؽابر‪:‬‬
‫كتحاكؿ إلك الطقب والخبقث؛ فؽؾ صقب ماـ العؼائاد و إخاالق وإطؿاال والؿؼاصاد والقساائؾ‬
‫فعؾقـا أن كؼبؾف‪ ،‬وكؾ خبقث مـ ذلؽ فعؾقـا أن كرفضف و ؾؿ فؾـتحاكؿ إلاك الخقار والصاالح واإلصاالح‬
‫وإلك الشر والػساد فؽؾ خقر وصالح وإصالح فعؾقـا أن كؼبؾف‪ ،‬وكؾ شر وفساد فعؾقـا أن كرتكف‪.‬‬
‫ؾؿ فؾـتحؽؿ إلك ما يرقل الخؾؼ ويعؾاقفؿ يف دياـفؿ ودكقاا ؿ‪ ،‬وإلاك ماا يـازلفؿ ويحؾاؾ أخالقفاؿ‬
‫وآداهبؿ يف ديـفؿ ودكقا ؿ‪ ،‬فـؼبؾ إول وكرفض الثا ‪.‬‬
‫ؾؿ فؾـتحاكؿ إلك ما فقف كػع ديـل ودكققي؛ كػع حؼقؼل فـؼبؾف‪ ،‬وما فقف ضرر ديـل ودكققي فـرفضف‪.‬‬
‫آثاره جؾقؾة وطقاقبف حؿقدة يف الدكقا وأخرة فـؼبؾف و ُكؼبؾ طؾقف‪ ،‬وإلاك ماا آثااره‬
‫ؾؿ فؾـتحاكؿ إلك ما ُ‬
‫ذمقؿة وطقاقبة وخقؿة فـدطف وكرفضف‪.‬‬
‫ؾؿ فؾـتحاكؿ إلك العدل وأداف الحؼقق ‪-‬يف حؼقق اهلل وحؼاقق طبااده‪ -‬فـؼبؾاف وكادطق إلقاف‪ ،‬وإلاك‬
‫الظؾؿ وطدم أداف الحؼقق القاجبة فؾـدطف وكرتكف‪.‬‬

‫ــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬يف الؿخطقط‪ :‬طاقال‪.‬‬
‫الشيخ َصالِ ُح ْبن ع ْبد اهلل ال ُع َص ْي ِمي‬
‫َّ‬ ‫‪21‬‬

‫ففذه إصقل العؼؾقة الشرطقة وما أشبففا ٓ يدطك أحد لؾتحااكؿ إلقفاا فقالبك إٓ د ّلـاا طؾاك ساػا تف‬
‫وحؿؼف ومؽابرتف‪ ،‬فالديـ اإلسالمل ٓ يلبك التحاكؿ يف طؾقمف وأخالقف وأطؿالف وآدابف كؾفاا إلاك قضاايا‬
‫العؼقل التل يتػؼ العؼالف طؾك صحتفا وسالمتفا؛ بؾ ق الذي دطا الخؾاؼ إلقفاا وحا ّثفؿ طؾقفاا‪ ،‬فؽقاػ‬
‫يلبك أن يحاكؿ إلك ما تؼتضقف أصقلف وأسسف؟‬
‫وأما إصالق الؿحاكؿة إلك الؼديؿ والحديث ففذا كؿا تؼدم ٓ يقافؼ طؾقف مٓف؛ ٕهناا قضاقة مختؾاة‬
‫ٍ‬
‫حديث؛ فؿـف أشاقاف‬ ‫متزطزطة طـد الـاصريـ لفا؛ ٕهنؿ يتـاقضقن يف رفض الؼديؿ والرد لف‪ ،‬ويف قبقل كؾ‬
‫يؼبؾقهنا‪ ،‬ومـف أشقاف يرفضقهنا مـ وجف دال طؾك فساد ا مـ أكػسفؿ وحججفؿ‪ ،‬ووجف آخار‪ :‬و اق أهناؿ‬
‫إذا كاكقا يرفضقن الؼديؿ ويرغبقن بالجديد‪ ،‬ففذه قضقة أول ما يحظك بنبطالفا واصػق ا‪ ،‬وذلؽ أهنؿ إذا‬
‫أسسقا لفؿ أمقرا يجروهنا ويروهنا ل الحؼ الذي يجب تؼديؿف وكصره‪ ،‬فنكف إذا جاف مـ بعد ؿ‪ ،‬فنماا أن‬
‫كؿاا‬
‫يتبعقا ما أسسف إولقن فقـتؼض أصؾفؿ‪ ،‬وتصقر إمقر الحادثة طـد الـشف الحاديث ٓ ُيعبال هباا‪ ،‬وإ ّ‬
‫(‪)1‬‬
‫ذه الؼاطدة طـد الاـشف‬ ‫يحافظ طؾك ما قالف إولقن‪ ،‬و ذا بعقـف أكرب بر ان طؾك كػقفا‪ ،‬وإن تسؾسؾت‬
‫الذي بعد ؿ فققجبقن رفض ما قالف مٓف‪ ،‬واطتـاق إمقر الؿتجددة لؿ يثبت بليدي الـاس حاؼ يؽاقن‬
‫لف اإلثبات؛ بؾ ما أثبتف مٓف كػاه أخرون‪ ،‬وماا كػااه امٓف أثبتاف أخارون‪ ،‬فصااروا يف أمار ماريج‪،‬‬
‫متفافت مختؾ إصقل والػروع‪ .‬ذا مـ جفة مقزان ذه الؼضقة الجائرة يف طؼقل قائؾقفا‪.‬‬
‫وأما وزهنا يف الشرائع الديـقة ويف العؼقل الصحقحة؛ ففل أرذل وأخس ماـ أن يؼاام لفاا وزن‪ ،‬وإكؿاا‬
‫ل أققال صدرت مـ سػفاف إحالم‪ ،‬ضعػاف العؼقل‪ ،‬أرادوا هبا التؿقياف طؾاك إغارار الاذيـ ٓ قؾاب‬
‫لفؿ‪ ،‬يستػتقكف وٓ ألباب صحقحة يزكقن هبا إمقر والؼضايا‪ ،‬وإكؿا الؿقازيـ التل ٓ يؼدح فقفا أحد ماـ‬
‫العؼالف فتؾؽ إصقل التل أشركا لفا وما أشبففا؛ ففل التل مـ قالفا ُصدق ققلف‪ ،‬وماـ حؽاؿ هباا طادل‬
‫كؼضافا‪ ،‬وتجاري ماع‬
‫حؽؿف‪ ،‬ومـ استؼام إلقفا ُ دي إلك صراط مستؼقؿ‪ ،‬و ل إصقل التال ٓ يؿؽاـ ُ‬
‫حؼائؼ ثابتة صالحة لؾخؾقؼة‪ ،‬مقضقطة لـػعفؿ‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫الزمان وإحقال‪ ٓ ،‬تتغقر ٕهنا‬
‫أما الؿسؾؿقن فؾقس طـد ؿ أدكك ٍ‬
‫ريب بلن ديـفؿ ق الحؼ الذي ٓ ُتعر الحؼائؼ إٓ بف‪ ،‬و ق الاديـ‬
‫الذي َرسؿ لؾخؾؼ حؼائؼ إشقاف ودلفؿ طؾقفا‪ ،‬وأرشد ؿ إلك مـافعفا‪ ،‬وٓ يسارتيبقن أن جؿقاع أصاقل‬
‫ديـفؿ وفروطف وضا ره وباصـف‪ ،‬إذا وزكت بتؾاؽ الؿاقازيـ الصاحقحة ضفار كقر اا وجاللفاا وكؿالفاا‪،‬‬

‫ــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬يف الؿخطقط‪َ :‬ت َس ْؾ ُس َؾ‪.‬‬
‫‪20‬‬ ‫)‬ ‫تطزٌز (أصىل عظًٍح‬

‫ووجقب تؼديؿفا طؾك كؾ شلف‪.‬‬


‫وأما الؿـحرفقن طـ الديـ فربؿا يصقر طـد ؿ يف ذا الؿؼام مغالطات‪ ،‬ويدّ طقن دطاقى مجاردة طاـ‬
‫َ ُ ْ ُ ۡ َ َٰ َ ُ‬
‫ؾ ًۡ إن ُن ُ‬
‫ِٱخ ًۡ َدَٰٱ ِدؼ َ‬
‫ِني‬ ‫ِ‬ ‫الرب ان أن مذا بفؿ ل الؿقافؼة لتؾؽ إصقل‪ ،‬فعـاد ذلاؽ يؼاال‪ْ﴿ :‬ٱاحْٔ ةٱرهِ‬

‫طؾؿا مبـقا طؾك الربا قـ والحؼائؼ‪ ،‬أكاف‬


‫‪[﴾١١١‬البؼرة]‪ ،‬وبقـقا الطريؼ التل ُيعر هبا ما ادطقتؿ‪ ،‬وكحـ كعؾؿ ً‬
‫لقس لفؿ صريؼ صحق إلك تحؼقؼ كؾ ٍ‬
‫ققل كابذوا بف الديـ‪.‬‬
‫ثؿ كؼقل طؾك صريؼة التـزل يف مؼام الؿـاضرة إن الدطاوى إذا تعارضت وإقاقال إذا تـاقضات فعـادكا‬
‫حؽؿان طدٓن‪ :‬الديـ اإلسالمل‪ ،‬والعؼؾ الصحق ‪.‬‬
‫أما إول‪ :‬فنن كان الؿجادل بالباصؾ يدطل أكف مسؾؿ؛ فنكف يؼال لف الؿسؾؿ بنجؿاع الؿسؾؿقـ ٓ يصاقر‬
‫مسؾؿا حتك يؼدم ما جاف بف الرسقل مـ كتاب اهلل وسـة رسقلف‪ ،‬طؾك ما قالف الـاس‪ ،‬فعؾقـا أن كتبع ما جااف‬
‫ً‬
‫مقافؼ أم معارض؟‪ ،-‬وضحـا لاؽ ماـ أدلاة الشاريعة ماا‬
‫ٌ‬ ‫يف الؽتاب و السـة‪ ،‬وما أشؽؾ طؾقؽ ‪ -‬ؾ ق‬
‫قاصرا طاـ دٓٓت الـصاقص‪ ،‬فقباقـ لاف دخاقل‬
‫ً‬ ‫يقجب لؽ الرضقخ وآكؼقاد التام‪ ،‬وربؿا كان ففؿؽ‬
‫جؿقع الؿـافع والؿصال يف كصقص الشرع‪ ،‬فنن اكؼاد لاذلؽ ففاق مساؾؿ‪ ،‬ويصاقر صرياؼ العؼاؾ مميادً ا‬
‫لطريؼ الديـ والعؼؾ‪.‬‬
‫تؼاو ُم وٓ تصادم طؾك كبقة محؿاد ﷺ‪ ،‬وطؾاك‬
‫أما الديـ فنكف يبقـ لف إدلة والربا قـ العظقؿة التل ٓ َ‬
‫القحل الذي جاف بف مـ طـد اهلل‪ ،‬و ل أدلة يف أطؾك ما يؽقن مـ الؼقة والقضقح والؽثارة‪ ،‬وآياات كبقتاف‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ه َ َ َٰ ُ‬
‫ٱق َع ِمٱيم ‪[﴾٤‬الؼؾاؿ]‪،‬‬
‫ٱَل خي ٍ‬‫ﷺ وبرا قـفا متـقطة؛ أخالقف العظقؿة التل أقسؿ اهلل هبا بؼقلف‪ِ ﴿ :‬إَوُٱم ىع‬

‫بحقث إذا وض بعضفا طر أكف ٓ كان وٓ يؽقن أحد مـ طظؿااف الرجاال يداكقاف يف الؽؿاال والػضاؾ‬
‫متؼق ًٓ؛ بؾ تدل طؾك أكف أصدق الخؾؼ وأبر ؿ وأتؿفاؿ‬
‫والخصال الحؿقدة؛ التل يستحقؾ معفا أن يؽقن ّ‬
‫يف كؾ فض ٍؾ وكؿال‪ ،‬وما أمر بف وهنك طـف وشرطف فنكف ُمحؽاؿ مـاتظؿ‪ ٓ ،‬يالمر إٓ بؽاؾ معارو شارطا‬
‫وطؼال‪ ٓ ،‬تجاد يف أحؽاماف اخاتالٓ وٓ ساػفا وطب ًثاا‪ ،‬ومـافااة‬
‫ً‬ ‫وطؼال‪ ،‬وٓ يـفك إٓ طـ كؾ مـؽر شر ًطا‬
‫لؾحؽؿة‪.‬‬
‫والؼرآن العظقؿ الذي جاف بف مـ طـد اهلل فقف تِبقان كؾ شلف و دً ى ورحؿة‪ ،‬وفقف مـ العؾقم والحؼاائؼ‬
‫العظقؿة ما ٓ يؿؽـ أن يليت طؾقف القصػ‪ ،‬وٓ يؿؽـ أن يليت طؾؿ صحق ياـؼض ماا جااف باف بقجاف ماـ‬

‫القجقه‪ ﴿ ،‬ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ﴾ ِّ‬


‫[فصلت]‪ ،‬فقف طؾاقم إولاقـ‬
‫الشيخ َصالِ ُح ْبن ع ْبد اهلل ال ُع َص ْي ِمي‬
‫َّ‬ ‫‪22‬‬

‫وأخريـ‪.‬‬
‫فؿجرد كظر الؿـصػ إلك ما جبؾ اهلل رسقلف ﷺ‪ ،‬طؾقف مـ إخالق‪ ،‬وإلك أحؽام ديـف وكؿالاف‪ ،‬وإلاك‬
‫طظؿة الؼرآن وما احتقى طؾقف مـ الؿعجزات‪ ،‬ويضطره إلك تصديؼف‪ ،‬وإلك الخضقع لديـف وشرطف‪.‬‬
‫وإذا ُطؾؿ أكف رسقل اهلل‪ ،‬وأكف الصادق الؿصدوق‪ ،‬الذي ٓ يـطؼ طـ الفقى؛ تعقـ قبقل ما جاف بف‪ ،‬وأن‬
‫يؽقن ق إصؾ الذي ُتعرض طؾقف إققال والؿذا ب فؿا وافؼف ففق الحؼ‪ ،‬وما خالػف ففق الباصؾ؛ ٕكاف‬

‫إذا طؾااؿ أكااف رسااقل اهلل حؼااا كااان مااا جاااف بااف حؼااا ٓ يؿؽااـ أن يعااارض الحااؼ ﴿ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ‬

‫ﰁﰂ﴾[يقكس‪.]71:‬‬
‫ْ‬
‫فنن أبك الؿـاضر آكؼقاد إلك شلف مؿا تؼدم فعؾك وجف التـزل يف الؿـاضرة الدال طؾك غاياة اإلكصاا‬
‫ففؾؿ إلك التحاكؿ إلك العؼقل الحرة الؿعروفة بآطتدال‪ ،‬التال لاؿ تتؾاقث بالتعصابات‬
‫وإقـاع الخصؿ‪ّ ،‬‬
‫وٓ بال ُؼ ُصقد الػاسدة وإغراض السقئة‪ ،‬التل لقس لفا قصدٌ إٓ صؾب الحؼقؼة والتسؾقؿ لؾحؼائؼ‪.‬‬
‫وٓ يسرتيب مـ و َق َ‬
‫ػ طؾك أصقل الديـ وتعالقؿف العالقة وإخالق السامقة‪ ،‬وآداباف الرفقعاة أكاف اق‬
‫حاؼ‬
‫يعار ُ ذلاؽ ّ‬‫كػقال بسعادة أخرة‪ ،‬وٓ ِ‬
‫الذي يؽ ُػؾ سعادة الدكقا الحؼقؼقة التل تعد سعادة‪ ،‬كؿا كان ً‬
‫الؿعرفة إٓ مـ تت ّبع الحؼائؼ الديـقة وما تسؿق إلقف مـ ُرقِل الؼؾقب وإرواح وإخالق‪ ،‬وما ُيعقـ طؾاك‬
‫ذلؽ مـ الؿا ّدة الؿالقة والصـاطقة والسقاسقة‪ ،‬وما يؼقي ذلؽ مـ إمقر الؿعـقية‪.‬‬
‫وبذلؽ ُيعر معرفة طؾك وجف ال َبصقرة التل ٓ تردد فقفا وٓ ريب أكف يتعقـ طؾك الخؾؼ اتباع ما أكازل‬
‫طؼال‪ ،‬كؿا تع ّقـ ذلؽ شر ًطا‪ ،‬وتؼدمت اإلشارة إلك بعض ماا دل طؾاك‬
‫اهلل طؾك رسقلف مـ الؽتاب والسـة ً‬
‫ُ‬
‫ذلؽ مـ الـصقص‪.‬‬
‫صاؿ اإللحااد‪،‬‬
‫وإكؿا قؾـا ذلؽ وتـزلـا ٰ ذا التـزل الذي ٓ ُيبؼل لؿبطؾاف شابفة ٕكاف يف ٰ اذه إوقاات ّ‬
‫وفشت دطايتف بقـ الؿسؾؿقـ‪ ،‬وصار يدطق إلقف إجاكب‪ ،‬ويدطق إلقف مـ تسؿك بالديـ إما كِػا ًقاا وخادا ًطا‬
‫وأجقرا‪ ،‬وإما أن يؽقن لقس لف بصقرة‪ ،‬يسؿع الـاس يؼقلقن شق ًئا فؼالاف‪ ،‬و ٰ اذا‬
‫ً‬ ‫وإما أن يؽقن صـقعة لغقره‬
‫كثقر يف أ ؾ الصحػ‪ ،‬الذيـ ٓ بصقرة لفؿ يف الديـ وٓ ُيبالقن بسؼقط ُصحػفؿ طـ آطتبار الديـل؛ باؾ‬
‫وإدبل‪.‬‬
‫أصاال‪ ،‬ال ّٰؾفاؿ إٓ لؿاـ ُطرفاقا بالؿؽاابرات‬
‫ً‬ ‫معارضا‬
‫ً‬ ‫ومـ دطا بالطريؼة التل شرحـا ا لؿ ي ْؾ َؼ لدطقتف‬
‫وجحد الحؼائِؼ والؿغالطات التل ٓ ُتسؿـ وٓ ُتغـِل وٓ ُتػقد شق ًئا‪.‬‬
‫‪23‬‬ ‫)‬ ‫تطزٌز (أصىل عظًٍح‬

‫طؾؿاا‬
‫ولـذكر صقر َة مـاضرة َج َرت بقـ رجؾاقـ كاكَاا رفقؼاقـ‪ ،‬وكاكَاا مساؾؿقـ ياديـان بالاديـ الحاؼ ً‬
‫فسا َل َل ُف‬
‫فغاب أحدُ ؿا طـ صاحبف مدّ ًة‪ ،‬ثؿ التؼقا‪ ،‬فنذا ٰ ذا الغائب قد تغقارت أحقالاف وأخالقاف‪َ ،‬‬
‫َ‬ ‫وطؿال‪،‬‬
‫ً‬

‫صاحبف طـ ذلؽ فن َذا ق قد تغؾبت طؾقف دطاية ُ‬


‫الؿؾحديـ الذيـ يدْ ُطقن لـبذ الديـ ورفض ما جاف بف ساقد‬
‫ومرض تػتؼار‬
‫ٌ‬ ‫الؿرسؾقـ‪ ،‬فحاولف َصاحبف وقؾ َب ُف لعؾف يرجع طـ ٰ ذا آكؼالب الغريب‪ ،‬فعر أن ٰ ذه طؾ ٌة‬
‫إلك استئصال الداف وإكزال الدواف طؾك الداف‪ ،‬وأن ذلؽ متققػ طؾك معرفة إساباب التال حقلتاف وإلاك‬
‫تؿحقصفا وتخؾقصفا‪ ،‬وتقضق مرتبتفا ومؼابؾتفا بؿا يضاد ا ويؼؿعفا‪.‬‬
‫فؼال لف مستؽش ًػا طـ الحامؾ لف طؾك ذلؽ‪ :‬ما ل يا أخل إسباب التل حؿؾتؽ طؾاك ماا َأ َرى‪ ،‬وماا‬
‫وأكت فقف شريؽقـ‪ ،‬وإٓ كان غقر ذلاؽ‪ ،‬فالطر‬
‫َ‬ ‫كـت أكا‬
‫خقرا ُ‬ ‫الذي دطاك إلك كبذ ما ُكـْ َت طؾقف‪ْ ،‬‬
‫فنن كان ً‬
‫مـ طؼؾؽ وأدبؽ أكؽ ٓ ترضك أن تؼقؿ طؾك ما يضارك ويثؿر لؽ الثؿرات الرديئة؟‪.‬‬
‫رأيت حالة الؿسؾؿقـ حالة ٓ يرضا ا ذووا الفؿؿ العؾقة‪ ،‬رأياتفؿ يف‬
‫فؼال لف‪ ٓ :‬أخػقؽ العؾؿ أكل قد ُ‬
‫ٍ‬
‫وخؿقل‪ ،‬وأمقر ؿ مدبرة‪ ،‬وأحقالفؿ سقئة‪ ،‬ورأ ْي ُت يف الجاكب أخر امٓف إجاكاب قاد ترقاقا يف‬ ‫ذل‬
‫ٰ ذه الحقاة‪ ،‬وتػــقا يف ال ُػـقن والؿخرتطات ال َعجقبة الؿد شة‪ ،‬والصـاطات الؿتػققة‪ ،‬فرأيتفؿ قاد داكات‬
‫لفؿ إُمؿ‪ ،‬وخضعت لفؿ الرقاب‪ ،‬وصاروا يتحؽ ُؿقن يف إمؿ الضعقػة بؿا شااؤوا‪ ،‬و َي ُعادوهنؿ كالعبقاد‬
‫فؼؾت يف كػسال‪ :‬لاقٓ أن‬
‫ُ‬ ‫أيت مـفؿ العز الذي هبر ‪ ،‬والتػــ الذي أد شـل‪،‬‬ ‫وإُ َج َراف ّ‬
‫وأقؾ مـ ذلؽ‪َ ،‬فر ُ‬
‫ذكارت‬
‫ُ‬ ‫مٓف ؿ الؼقم‪ ،‬وأكفؿ طؾك الحؼ‪ ،‬والؿسؾؿقن طؾك الباصؾ ما كاكقا طؾاك ٰ اذا القصاػ الاذي‬
‫رأيت‪.‬‬
‫ففذا الذي صقر إلك ما ُ‬
‫خقر لل وأحؿد طاقبة‪ٰ .‬‬
‫فرأيت أن ُسؾقكل سبقؾفؿ واقتدائل هبؿ ٌ‬
‫ُ‬ ‫لؽ‪،‬‬
‫ففاذا‬
‫مستقرا‪ :‬إذا كان ٰ ذا ق السبب الذي حقلؽ إلك ماا أرى‪ٰ ،‬‬
‫ً‬ ‫فؼال لف صاحبف حقـ أ ْبدى لف ما كان‬
‫يا أخل لقس مـ إسباب التل يبـل طؾقفا العؼالف وأولاق إلبااب طؼائاد ؿ وأخالقفاؿ وأطؿاالفؿ‪ ،‬أماا‬
‫ذكرت فؾقس ذلؽ مـ ديـفؿ‪.‬‬
‫َ‬ ‫تلخر الؿسؾؿقـ فقؿا‬
‫ـت أن ديـ اإلسالم يادطق إلاك الصاالح واإلصاالح وآساتعداد باالؼقة الؿعـقياة‬
‫طؾؿت وتقؼ َ‬
‫َ‬ ‫وقد‬
‫والؼقة الؿادية مـ كؾ وجف إلك ققة الؿسؾؿقـ ومؼاومتفؿ ٕطدائفؿ‪ ،‬وإلك السالمة ماـ كاؾ أضارار ؿ‪،‬‬
‫و ق ٓ تزال تعالقؿف وإرشاداتف قائؿة لديـا تـادي أ ؾفا‪ :‬ؾؿقا إلك جؿقع إسباب الـافعاة التال ُتعؾاقؽؿ‬

‫و ُترققؽؿ يف ديـؽؿ ودكقاكؿ‪ ،‬أفبتػريط أ ؾ الديـ ت ّ‬


‫حتج طؾك الديـ؟! ألاقس ٰ اذا التػاريط ماـفؿ يقجاب‬
‫طؾك أ ؾ البصائر مـفؿ أن يؽقن خقر ؿ وكشاصفؿ وجفاد ؿ إكرب متضاط ًػا لقـالقا الؿؼاماات الشاامخة‬
‫ويبتعدوا مـ الفقة العؿقؼة؟ ألقس الؼقام التام والجفاد مـ أفرض الػروض وألزم الؾقازم يف ٰ ذه الحاال؟‬
‫الشيخ َصالِ ُح ْبن ع ْبد اهلل ال ُع َص ْي ِمي‬
‫َّ‬ ‫‪24‬‬

‫فالجفاد يف حال ققة الؿسؾؿقـ وكثرة الؿشاركقـ لف فضؾ طظقؿ يػقق سائر العبادات‪.‬‬
‫فؽقػ إذا كاكقا يف ٰ ذه الحال التل وصػت؛ فنن الجفاد ٓ يؿؽـ تعبقر الؿعربيـ طـ فضائؾف ومـاقباف‪،‬‬
‫فنكف يف ٰ ذه الحال يؽقن الجفاد قسؿقـ‪:‬‬
‫* قسمى مـف فقف تؼقيؿ الؿسؾؿقـ وإيؼاظ ؿؿفؿ وبعث طزائؿفؿ‪ ،‬وتعؾقؿفؿ ال ُعؾقم الـافعة وهتاذيبفؿ‬
‫بإخالق الراققة‪ ،‬ولعؾ ٰ ذا أشؼ الـقطقـ وأفض ُؾفؿا‪.‬‬
‫* وقسى فقاف مؼاوماة إطاداف وإطاداد ال ُعادد ال َؼقلقاة والػعؾقاة والسقاساقة والداخؾقاة والخارجقاة‬
‫لؿؼاومتفؿ ومـازلتفؿ يف مقاديـ الحقاة‪.‬‬
‫حرجاا تتخؾاك طاـ إخقاكِاؽ‬
‫ً‬ ‫أفحقـ صار إمر طؾك ٰ ذا القصاػ الاذي ذكارت‪ ،‬وصاار الؿققاػ‬
‫الؿسؾؿقـ‪ ،‬وتتخؾػ مع الجبـاف والؿخؾػقـ‪ ،‬فؽقػ مع ذلؽ تـضؿ إلاك حازب الؿحااربقـ‪ ٓ ،‬تؽاـ ياا‬

‫أخل أرذل مؿـ ققؾ فقفؿ‪ ﴿ :‬ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ﴾[آل طؿران‪ ،]613:‬قاتؾقا ٕجاؾ الاديـ‪ ،‬أو‬
‫ادفعقا ٕجؾ الرابطة الؼقمقة‪ ،‬فلطقذك يا أخل مـ ٰ ذه الحالاة التال ٓ يرضاا ا أ اؾ الادياكات وٓ أ اؾ‬
‫تشارك ققمؽ يف حال ِط ّز ؿ وققة طادد ؿ وطدياد ؿ‪ ،‬وتػاارقفؿ‬
‫الـجدات والؿروفات‪ ،‬ففؾ ترضك أن ِ‬

‫وقؿاع طادوان‬ ‫ٍ‬


‫يف حال ذلفؿ ومصائبفؿ‪ ،‬وتخذلفؿ يف حالة اشتدت فقفاا الضارورة إلاك كصارة إولقااف ْ‬
‫خقرا مـ ديـؽ؟‪.‬‬
‫خقرا مـ ققمؽ‪ ،‬وديـًا ً‬
‫رأيت يا أخل قق ًما ً‬
‫إطداف‪ ،‬ففؾ َ‬
‫ذكرت لؽ‪ ،‬وكػسال تتقق إلك أولئؽ إققام الاذيـ أتؼـاقا‬
‫ُ‬ ‫فؼال ذلؽ الؿـؼؾب الؿـصقح‪ :‬إمر كؿا‬
‫الػـقن والصـاطات‪ ،‬وألػقا السقاسات والحضارات‪ ،‬وترققا يف ٰ ذه الحقاة‪.‬‬
‫ققؿا كامؾ الؼقاطاد‪ ،‬كقار الرب اان‪ ،‬يادطق إلاك الخقارات‪،‬‬
‫فؼال لف صاحبف و ق يحاوره‪ :‬أرفضت ديـًا ً‬
‫ويحث طؾك صرق الساعادة والػاالح‪ ،‬ويؼاقل ٕ ؾاف‪ :‬ؾؿاقا إلاك ال َػاالح والـجااح‪ ،‬دياـ مبـال طؾاك‬
‫الحضارات الراققة الصحقحة‪ ،‬التل ُبـقات طؾاك العادل والتقحقاد‪ ،‬وأسسات طؾاك الرحؿاة والحؽؿاة‬
‫الحؼقق‪ ،‬وشؿؾت بظؾفا الظؾقؾ وخقر ا الطقيؾ وإحساهنا الشامؾ وهبائفا الؽامؾ ماا باقـ‬
‫والشػؼة وأداف ُ‬
‫والؿخالػ‪.‬‬
‫الؿقافؼ ُ‬
‫الؿشارق والؿغارب‪ ،‬وأقر بذلؽ ُ‬
‫أترتكفا راغ ًبا يف حضارات ومدكقات مبـقة طؾك ال ُؽػر واإللحاد‪ ،‬ممسسة طؾك الطؿع والجشاع و ُضؾاؿ‬
‫تعؿقارا‬ ‫‪ ،‬وباصـفاا خاراب‪ ،‬وتخالفاا‬
‫(‪)1‬‬ ‫ٍ‬
‫فاقدة لروح اإليؿان ورحؿتف‪ ،‬حضاارة ضا ر اا مزخار‬ ‫العباد‪،‬‬
‫ً‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬يف الؿخطقط‪ :‬مزيػ‪.‬‬
‫‪25‬‬ ‫)‬ ‫تطزٌز (أصىل عظًٍح‬

‫آثار ا يف ٰ ذه إوقاات‪ ،‬وماا جؾبتاف لؾخؾاؼ ماـ‬


‫لؾقجقد و ل يف الحؼقؼة مآلفا الفالك والتدمقر‪ ،‬ألؿ تر َ‬
‫الفالك والػـاف وأفات‪.‬‬
‫مثقال؟؛ ففؾ أغـت طاـفؿ مادكقتفؿ‬
‫كظقرا أو ً‬ ‫ِ‬
‫لفذه الؿجازر البشارية ً‬
‫ففؾ سؿ َع الخؾؼ مـذ أوجد ؿ اهلل ٰ‬
‫أمر ربؽ‪ ،‬وما زادهتؿ غقر تتبقب؟‪ ،‬فال يخدطـؽ ياا أخال ماا‬
‫لؿا جاف ُ‬
‫وحضارهتؿ مـ طذاب اهلل مـ شلف ّ‬
‫طاوى الطقيؾة العريضة‪ ،‬فاكظر إلك بقاصـ إشقاف وٓ‬
‫ترى مـ الؿـاضر والزخرفة وإققال الؿؿق ة والد َ‬
‫تغركؽ الظقا ر‪ ،‬وتلمؾ الـتائج القخقؿة‪ ،‬ففؾ أسعدهتؿ ٰ ذه الحضارة يف دكقا ؿ التل ٓ حقاة لفؿ يرجقن‬
‫ٍ‬
‫وقات إٓ و اؿ إلاك شارور فظقعاة‬ ‫غقر ا؟‪ ،‬ألؿ تر ؿ يـتؼؾقن مـ شر إلك شرور‪ ،‬وأكفاؿ ٓ يساؽـقن يف‬
‫يتحػ ُزون؟‪.‬‬
‫اكحاز َت إلاقفؿ‬
‫ْ‬ ‫ياساات ومظاا ر الحقااة‪ ،‬ففاؾ إذا‬
‫ب أكفؿ ُمتعقا يف حقااهتؿ و ُمت ُعاقا باالعز والر َ‬
‫ثؿ َ ْ‬
‫أخاس‬
‫ّ‬ ‫َو َوا َلقتفؿ ُيشاركقكؽ يف حقاهتؿ ويجعؾقكؽ كلكػسفؿ؟ كال واهلل؛ إكفؿ إذا ُ‬
‫رضقا طـؽ جعؾقك ماـ‬
‫ُخدامفؿ وأقذر ُأ َج َرائفؿ‪ ،‬وآية ذلؽ أكؽ يف لقؾؽ وهنارك تؽدح يف خدمتفؿ‪ ،‬وتتؽؾؿ وتجاادل وتخاصاؿ‬
‫طؾك حساهبؿ‪ ،‬ولؿ كر ؿ رفعقك حتك َساووا فقؽ أدكك ققمفؿ وبـل جـسفؿ‪ ،‬فاهلل اهلل ياا أخال يف ديـاؽ‪،‬‬
‫واهلل اهلل يف مروفتؽ وأخالقؽ وأدبؽ‪ ،‬واهلل اهلل يف بؼقة َر َم ِؼؽ‪ ،‬فآكضؿام إلك مٓف واهلل ق الفالك‪.‬‬
‫فؾؿا سؿع ٰ ذا الؽالم‪ ،‬وتل ّمؾ جؿقع الطرق والقسائؾ التل ُتـال هبا إغراض الصاحقحة ماـ أولئاؽ‬
‫ّ‬
‫إققام‪ ،‬فنذا ل مسدودة‪ ،‬طر أكف يف محـتاف ٰ اذه ماـ جؿؾاة الؿغاروريـ‪ ،‬وأن القاجاب طؾقاف متابعاة‬
‫الـاصحقـ‪ ،‬وأن الرجقع إلك الحؼ الذي فقف سعادة الدكقا وأخرة خقر مـ التؿاادي طؾاك الباصاؾ الاذي‬
‫يحتقي طؾك الضرر الؿبقـ‪.‬‬
‫أضفرت آكحقاز إلك أولئؽ [و]الـزوع؟‪.‬‬
‫ُ‬ ‫فؼال لصاحبف‪ :‬كقػ لل بالرجقع وأكك لل وقد‬
‫فؼال لف صاحبف‪ :‬ألؿ تعؾؿ أن مـ أكرب فضائؾ اإلكسان أن يتبع الحؼ الذي تبقـ لف‪ ،‬ويدع ما ق فقف ماـ‬
‫ال َباصؾ‪ ،‬وأن الخطل والزلؾ قؾؿا يسؾؿ مـف بشار‪ ،‬ولؽـ الؿقفؼ الذي إذا وقع يف الؿفالاؽ صؾاب القساقؾة‬
‫والطريؼة إلك كؾ سبب يخؾصف مـفا‪ ،‬وأن مـ كعؿة اهلل طؾك العبد أن يؼقض لف الـاصحقـ الذيـ يرشادوكف‬
‫إلك الخقر ويلمروكف بالؿعرو ‪ ،‬ويـفقكف طـ الؿـؽر‪ ،‬ويسعقن يف سعادتف وفالحف‪ُ ،‬ثؿ مـ تؿام ٰ ذه الاـعؿ‬

‫أن يقفؼ لطاطتفؿ‪ ،‬وٓ يتشبف بؿـ قال اهلل فقفؿ‪﴿ :‬ﮯ ﮰ ﮱ ﮲ ﮳﴾[إطرا ]‪.‬‬
‫واطؾؿ أكف ربؿا كان اإلكسان إذا ذاق مذ ب الؿـحرفقـ‪ ،‬وشا د ما فقف مـ الغل والضالل‪ ،‬ثاؿ تراجاع‬
‫الشيخ َصالِ ُح ْبن ع ْبد اهلل ال ُع َص ْي ِمي‬
‫َّ‬ ‫‪26‬‬

‫إلك الحؼ الذي ق حبقب الؼؾقب‪ ،‬ربؿا كان أطظؿ لققعف‪ ،‬وأكرب لـػعاف‪ ،‬فاارجع إلاك الحاؼ ثابتًاا‪ ،‬وثاؼ‬

‫بقطد اهلل ﴿ ﰅ ﰆ ﰇ ﰈ ﰉ ﰊ ﴾[آل عمران]‪.‬‬


‫فؼال‪ :‬الحؿد هلل الذي أكؼذكا بؾطػف وحسـ طـايتف مـ الفالك والشؼاف‪ ،‬وم ّـ طؾقـا بالساعادة والفادى‪،‬‬
‫فـسلل اهلل ْ‬
‫أن ُيتؿ كعؿتف طؾقـا بالثبات طؾك ديـف‪ ،‬إكف جقاد كريؿ‪.‬‬
‫لؿا رأى ما يسره مـ رجقطف إلك الحؼ‪ :‬وأزيدك يا أخل بقا ًكا أن ٰ ذه الؿظا ر التل‬
‫فؼال الـاص ٕخقف ّ‬
‫أن ٓ كغرت هبا‪ ،‬فؾقٓ أكف تعالك قد طؾِؿ أكفا مـ صرق ال ُغرور ووسائؾ‬
‫كرا ا مـ الؽػار قد كبفـا اهلل يف كتابف ْ‬

‫الخداع لؿا كبفـا طؾقفا وأرشدكا وحذركا أن كغرت هبا‪ ،‬كؿا قال تعالك‪ ﴿ :‬ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ‬

‫ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌﮍ ﮎ ﮏ ﮐ﴾[آل عمران]‪ ﴿ ،‬ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ‬

‫ﮋ﴾[غافر] أيات‪[ ،‬فبقـ لـا] أن ٰ ذا آغرتار مصقدة لؾجا ؾقـ‪ ،‬وأن اهلل أرى طبا َده مـ وقائعف وآياتف‬
‫يف إمؿ الظالؿة ما حصؾت بف العربة‪ ،‬وأن َمـ بـك أمره ومسالؽف طؾك آغرتار بؿا ُمتعقا بف فنكف جا ؾ‪،‬‬
‫آيات كثقرة أكف يستدرجفؿ فقؿا أططا ؿ‪،‬‬‫أحؿؼ‪ ،‬طؼؾف قاصر‪ ،‬وكظره قاصر‪ ،‬وأيضا فؼد أخرب تعالك يف ٍ‬

‫فقغرتون و ُيغرت هبؿ‪ ،‬و ٰ ذا ق القاقع مـفؿ ومؿـ تعشؼ أحقالفؿ‪ ،‬وأكف تعالك يؿفؾفؿ ثؿ يلخذ ؿ أخذ‬
‫طزيز مؼتدر‪.‬‬
‫ولسـا كـؽر أن اهلل أططا ؿ أسبا ًبا طظقؿة تدرك هبا الؿطالب‪ ،‬لؽـ ٰ ذه إسباب إن لؿ ُت ْب َـ طؾاك الحاؼ‬
‫والديـ الحؼ صار ضرر ا أكثر مـ كػعفا‪ ٰ ،‬ذا بالـظر إلك الحقااة الادكقا‪ ،‬وأماا يف أخارة فؾاقس لفاؿ يف‬
‫أخرة مـ كصقب وٓ خالق‪.‬‬

‫ذكر الؿصـػ رحؿف اهلل تعالك‪ ،‬الؼاطدة الثاكقة مـ كتابف الؿتضؿـة البقان بلن الديـ الحؼ ق ما جاف باف‬
‫الرسقل ﷺ مـ كتاب اهلل وسـة رسقلف ﷺ‪ ،‬إذ الؿرف مػطقر خؾؼة وجبؾة إلك صؾب ديـ يديـ بف‪ ،‬فنن كؾ‬
‫كػس بشرية تتشق إلك ديـ تتديـ بف؛ لؿا ُفطرت طؾقف الؼؾقب‪ ،‬مـ فؼر حؼقؼال اضاطراري و اق فؼر اا‬
‫ٱلٍ ُ‬ ‫ۡ‬
‫ٱٔ ۡٱى َغ ُّ‬ ‫َ َ ُّ َ ه ُ َ ُ ُ ۡ ُ َ َ ٓ ُ َ ه‬
‫ٱَّللِِۖ َو ه ُ‬
‫ٱَّلل ُْ َ‬
‫يٱد‬ ‫ٱن َ ِ‬ ‫ِ‬ ‫إلك مـ تللفف؛ و ق الػؼر الؿراد بؼقل اهلل ‪ ﴿ ۵:‬يأيٓا ٱنلاس أُخً ٱىفلرْء إَِل‬

‫معظؿاا يجعاؾ لاف حباف‬


‫ً‬ ‫‪[﴾١٥‬فاصر‪ ]64:‬أي الػؼراف يف قؾقبؽؿ‪ ،‬وٓ تسد اذه الػاقاة إٓ بالن يملاف الؿارف‬
‫وخضقطف‪ ،‬وأجؾ ذا التعظقؿ أن يؽقن ذلؽ التديـ مصروفا هلل ‪۵‬؛ بؾ ٓ يؽقن سد تؾاؽ الحاجاة إٓ‬
‫بلن يؾتئؿ الؼؾب طؾك طبادة اهلل ‪ ۵‬بالديـ الحؼ الذي بعث اهلل بف الرسؾ وخاتؿفؿ ق محؿد ﷺ‪.‬‬
‫ثؿ ذكر الؿصـػ رحؿف اهلل تعالك أن ذا إصؾ الؽبقر ُصرح بف يف آيات كثقرات مبقـات إمر لؾـبال‬
‫‪27‬‬ ‫)‬ ‫تطزٌز (أصىل عظًٍح‬

‫َٰ‬ ‫َ ۡ َ‬ ‫ُۡ َ ٓ ُ ِ َ َۡ َ‬
‫ٱب﴾[العـؽباقت‪،]44:‬‬ ‫ﷺ ولؿـ آمـ بف أن يتبع الؿـزل إلقف؛ كؿا قال تعالك‪﴿ :‬ٱحو ٌا أوَ إَِلٱم ٌِٱَ ٱىهِت ِ‬
‫ه ُ ْ َ ٓ ُ َ َۡ ُ ّ ه ّ ُ‬
‫ؾ ًۡ ﴾‪ ،‬و ُطؾؾ ذلؽ بلن إتباطف يقجب لؾعبد الفداية وأن تركف يقجب‬ ‫وقال‪ :‬و﴿ٱحتِعْٔ ٌا أ ِ‬
‫ُزل إَِلؾً ٌَِ رب ِ‬
‫َ‬ ‫َ ه َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ ۡ َ َ‬ ‫َ َ ه َ َ ُ َ َ َ َ َ ُّ َ ۡ َ‬
‫ظو َوَل َۡض َٰ ‪َ ١٢٣‬و ٌَ َۡ أع َرض عَ ذِن ِري فإِن َُلۥ ٌَعِيضث‬‫لؾعبد الغقاية؛ كؿا قال تعالك‪ ﴿ :‬ػٍ َِ ٱَّتع ْدْي ف ي ِ‬
‫ُّ َ ۡ‬ ‫ََ‬
‫َطِك ﴾[صف‪ ،]614:‬وحذ الؿتعؾؼ يف ققلف تعالك‪ ﴿ :‬ف يَ ِظو َوَل َۡض َ َٰ ‪ ﴾ ١٢٣‬لبشارة إلاك طؿاقم ذلاؽ‪،‬‬
‫الؿعارض‪:‬‬
‫ففق ٓ يضؾ يف الدكقا وٓ يف أخرة‪ ،‬وٓ يشؼك يف الدكقا وٓ يشؼك يف أخرة‪ ،‬ثؿ ققؾ يف حاؼ ُ‬
‫ه ُ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ۡ َ َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬
‫يضث َطِك ﴾ و ُأصؾؼ دون ذكر محؾفا لاقعؿ‪ ،‬فانن لاف معقشاة ضاـ ًؽا يف‬ ‫﴿ َو ٌَ َۡ أع َرض عَ ذِن ِري فإِن َلۥ ٌ ِع‬

‫الدكقا ولف معقشة ضـ ًؽا يف الدار أخرة‪.‬‬


‫وأيات الؾقايت أورد ـ الؿصـػ كؾفـ جار طؾك تشققد طؾاك اذا الؿعـاك‪ ،‬ففاـ حؼقؼاات بؼاقل‬
‫الؿصـػ‪( :‬ففذه أيات الؽريؿات وأضعاففا وأضعا أضعاففا دلت دٓٓت صريحة أكاف يتعاقـ طؾاك‬
‫الخؾؼ اتباع ما أكزل اهلل طؾك رسقلف مـ الؽتااب والحؽؿاة‪ ،‬وأن الفادى والػاالح والساعادة والـجااة يف‬
‫الدكقا وأخرة يف اتباع ذلؽ) وأن ضد ذلاؽ ماـ الضاالل والفاالك والشاؼاف‪ ،‬يؽاقن بؿخالػاة الؽتااب‬
‫والسـة ومشاقة رسقل اهلل ﷺ‪.‬‬
‫ثؿ ذكر الؿصـػ أن ذه الحالة الؿـعقتة يف الؼرآن تقجب طؾك العبد أن يؿتثؾفا فقؾتزم الاديـ الحاؼ‪،‬‬
‫و ذا معـك ققلف‪( :‬وأن وضقػة الؿؽؾػقـ) يعـل العباد (أن يصدققا كؾ ما أخرب اهلل بف ورسقلف ويطقعاقا اهلل‬
‫ورسقلف يف امتثال إمر واجتـاب الـفل)‪.‬‬
‫ثؿ قال الؿصـػ رحؿف اهلل تعالك‪( :‬ففذه الـصقص وكحق ا صريحة أكف يجب أن يؽقن إصؾ الاذي‬
‫إلقف مرجع الؿؽؾػقـ)‪ ،‬يعـل العباد‪( ،‬كتاب رهبؿ وسـة كبقفؿ‪ ،‬وأن جؿقع الؿؼآت وإحقال وإطؿاال‬
‫والعؾقم تقزن هبذا إصؾ‪ ،‬فؿا وافؼف ففق الحؼ والصدق والصقاب‪ ،‬وما خالػاف وكاقضاف ففاق الضاالل‬
‫والشؼاف‪ ،‬وأن مـ جعؾ كالم أطداف الرسؾ ق إصؾ‪ ،‬وغقره ما وافؼف قبِ َؾف وما خالػف رفضاف؛ اق محااد‬
‫لرسؾ اهلل‪ ،‬مـابذ لديـ اهلل)‪ ،‬إذ ديـ اهلل يتضؿـ كقن ماا جاافت باف الرساؾ اق الحاؼ الحؼقاؼ وإصاؾ‬
‫إصقؾ الذي يجب طؾك العبد إتباطف وإخذ بف‪ ،‬فنن جعؾ غقره ق إصؾ إصقؾ وطارض ماا جاافت‬
‫بف الرسؾ طؾك غقره ففق ٌ‬
‫مبطؾ محاد لؿا جافت بف الرسؾ مـابذ لديـ اهلل گ‪.‬‬
‫ثؿ ذكر الؿصـػ رحؿف اهلل تعالك أن يف مؼدم مٓف الؿـابذيـ لؾرسؾ الؿؾحديـ الاداطقـ إلاك رفاض‬
‫كؾ قديؿ‪ ،‬فنن مـ طالئؼ دطقة أ ؾ اإللحاد ضجقجفؿ باصراح الؼديؿ وطقب أ ؾاف؛ بالن سابب تخؾػفاؿ‬
‫ق تؼادم ما ؿ طؾقف‪ ،‬ففؿ ٓ يزالقن مآلػقن لؾؼديؿ متؿسؽـ بالعتقؼ‪ ،‬مؿا أوجب طـد امٓف الؿالحادة‬
‫الشيخ َصالِ ُح ْبن ع ْبد اهلل ال ُع َص ْي ِمي‬
‫َّ‬ ‫‪28‬‬

‫أن يبـقا دطقهتؿ طؾك رفض الؼديؿ‪ ،‬يريدون بذلؽ دم ديـ اإلسالم‪ ،‬وصؾب الؿسؾؿقـ إلك ترك ماا اؿ‬
‫طؾقف مـ الديـ العتقؼ الذي تؿسؽقا بف‪.‬‬
‫ثؿ ذكر الؿصـػ رحؿف اهلل تعالك أن ذه الدطقة‪ ،‬إلك إبطال الؼديؿ ترد بطريؼ طؼؾل وصريؼ كؼؾل‪:‬‬
‫فلما الطريؼ العؼؾل‪ ،‬فرده رحؿف اهلل تعالك مـ وجفقـ‪:‬‬
‫أحد ؿا أن دطقى رفض الؼديؿ طـد مٓف الؿالحدة أكػسفؿ متؾجؾجة متزلزلة غقر ثابتة طؾاك قادم‪،‬‬
‫قديؿا مؿـ يعظؿقن وتركقا قديؿا مؿـ ٓ يعظؿقكف‪ ،‬فادل اذا أهناؿ يلخاذون بالتشافل‬
‫فنهنؿ ربؿا قبؾقا ً‬
‫وأهنؿ ٓ يعقلقن طؾك رفض الؼديؿ كؾف؛ بؾ ذه الؼاطدة التل ادطق ا تبع لؿاا يريادون‪ ،‬ففاؿ مبطؾاقن يف‬
‫دطقى رفض الؼديؿ؛ ٕكف يقجد يف مسالؽفؿ سقاف يف أبقاب السقاساة أو آقتصااد أو آجتؿااع أو غقار‬
‫ذلؽ ما ق مبـل طؾل الؼديؿ‪ ،‬كبعض إحقال الؿالقة وآجتؿاطقة يف الشاققطقة كػسافا؛ فنهناا ماـ دياـ‬
‫ِ‬
‫مؽاذ ُبقن يف دطقى رفض الؼديؿ‪.‬‬ ‫مزدك أو غقره مـف الؼدامك‪ ،‬ففؿ‬
‫وأما القجف العؼؾل الثا ‪ :‬ففق اإلطالم بلن جديد ققم قديؿ ققم آخريـ‪ ،‬فنن مٓف إذا شقدوا كظرياات‬
‫قاديؿا‪،‬‬
‫ً‬ ‫يف السقاسة أو آقتصاد أو آجتؿاع زطؿق ا تجديدً ا الققم‪ ،‬فنكف بعد مئاقـ ماـ الساـقـ ساتؽقن‬
‫و ل حؼقؼة لؾرفض حقـئذ؛ ٕهنؿ شقدوا مؼآهتؿ طؾك رفض الؼديؿ‪.‬‬
‫فبفذيـ إصؾقـ العؼؾققـ يبقـ بطالن ققلفؿ‪ ،‬وأما بالـظر إلك الدلقؾ الشرطل ففق ما اشتؿؾ طؾقف دياـ‬
‫اإلسالم مـ الؿصال العظقؿة‪ ،‬وأن ديـ اإلسالم جاف بؿاا فقاف صاالح الخؾاؼ و دطاا ؿ إلاك صؾاب ماا‬
‫يـػعفؿ‪ ،‬فالشرائع الديـقة متتابعة متؽاثرة يف تعظقؿ ماا يـػاع الـااس‪ ،‬وتحريضافؿ طؾاك ماا فقاف تحصاقؾ‬
‫السبقؾ إققم يف رقل أخالقفؿ وأحقالفؿ وكػعفاؿ يف دياـفؿ ودكقاا ؿ‪ ،‬فالاديـ مؽاذ ٌب لفامٓف الاذيـ‬
‫يزطؿقن أن الؼديؿ يتؼادم بل ؾف‪ ،‬فقؿـعفؿ مـ تحديث أكػسفؿ والرقل هبا‪ ،‬فنن الديـ اإلسالمل بتعالقؿاف‬
‫صالحفؿ ومصالحفؿ‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫زمان ومؽان إلك ما فقف‬ ‫وأحؽامف يرتػع هبمٓف الخؾؼ يف كؾ‬
‫ُ‬
‫ثؿ ذكر الؿصـػ رحؿف اهلل تعالك أن مٓف يؼال لفؿ طؾك صريؼ التـزل يف مؼال الؿـاضرة أن الادطاوى‬
‫إذا تعارضت وإققال إذا تـاقضت فعـدكا حؽؿان طدٓن ؿا الديـ اإلسالمل والعؼؾ الصحق ‪ ،‬و ؿاا‬
‫الدآن طؾك برافة اإلسالم مـ تخذيؾ الـاس طـ ما يـػعفؿ وحرماهنؿ مؿاا فقاف مصاالحفؿ؛ باؾ دٓئؾاف‬
‫متؽاثرة كؿا سبؼ طؾك إرشاد الـاس إلك ما فقف مصالحفؿ‪ ،‬وأن ذا الديـ جاف مستقف ًقا لؿا يرومقكاف‪ ،‬ماـ‬
‫وجقه الـػع التل يرتػعقن هبا يف أبقاب الحقاة ومقاديـفا جؿق ًعا‪.‬‬
‫ثؿ ذكر بعد ذلؽ رحؿف اهلل تعالك أن ذا الؿـاضر إن أبك آكؼقاد إلاك ماا تؼادم طؾاك وجاف التـازل يف‬
‫‪29‬‬ ‫)‬ ‫تطزٌز (أصىل عظًٍح‬

‫الؿـاضرة (ففؾؿ إلك التحاكؿ إلك العؼقل الحرة الؿعروفة بآطتادال‪ ،‬التال لاؿ تتؾاقث بالتعصابات و ٓ‬
‫بالؼصقد الػاسدة وإغراض السقئة)‪ ،‬فنن العؼقل الحرة الـزيفة الؿتجردة إذا ُطرض طؾقفا حاال الاديـ‪،‬‬
‫تبقـ لفا أن ذا الديـ مـف يـبع السؿق والرقل والتؼادم يف إماقر كؾفاا‪ ،‬وفقاف صاالح أحاقال الـااس يف‬
‫أمقالفؿ وأبداهنؿ وأطراضفؿ‪ ،‬وأخالقفؿ وطؾقمفؿ‪ ،‬ومعارففؿ‪ ،‬فنذا طرضات الحؼاائؼ الشارطقة الديـقاة‬
‫ً‬
‫مخاذٓ‬ ‫طؾك أرباب العؼقل أكصػقا وطؾؿقا أن ذا الديـ بريف مـ دطقة امٓف الاذيـ يجعؾاقن الاديـ‬
‫ماك ًعا مؿا يـػع الـاس مـ العؾقم العصرية‪.‬‬
‫ثؿ ذكر الؿصـػ رحؿف اهلل تعالك طـدما تقاضع إلقف مـ التـزل يف كالم ذكاره آكػاا إن ماا حؿؾاف طؾقاف‬
‫إبطال ما صؿ مـ اإللحاد وفشا مـ دطايتف بقـ الؿسؾؿقـ‪ ،‬وصاار يادطق إلقاف إجاكاب ويادطق إلقاف ماـ‬
‫ٍ‬
‫تسؿك بالديـ‪ ،‬كػا ًقا وخداطا أو صـقعة لغقره‪ ،‬أو ً‬
‫أجقرا لف؛ حتك فشا ذا إمر يف الـاس وكثر وٓساقؿا يف‬
‫الصحػ التل كؿا قال الؿصـػ يف وصػ أ ؾفا‪( :‬و ذا كثقر يف أ ؾ الصاحػ الاذيـ ٓ بصاقرة لفاؿ يف‬
‫الديـ وٓ يبالقن بسؼقط صحػفؿ طـ آطتبار الاديـل باؾ وإدبال) فجعؾق اا أبقا ًقاا تـعاؼ بؿؼاآت‬
‫أولئؽ العائبقـ لؾديـ يف الؼرن الؿاضل‪ ،‬وكسبتف إلك التخؾػ‪ ،‬وأن السبب إكارب يف اكتؽاساة الؿساؾؿقـ‬
‫وضعػفؿ وتؼدم غقر ؿ‪ ،‬ق ديـفؿ‪.‬‬
‫معارضاا‬
‫ً‬ ‫ثؿ ذكر رحؿف اهلل تعالك قاطدة كافعة فؼال‪( :‬ومـ دطا بالطريؼة التل شرحـا ا لؿ ي ْؾ َؼ لدطقتاف‬
‫أصال‪ ،‬ال ّٰؾفؿ إٓ لؿـ ُطرفقا بالؿؽابرات وجحد الحؼائِؼ والؿغالطات التل ٓ ُتساؿـ وٓ ُتغـِال وٓ ُتػقاد‬
‫ً‬
‫شق ًئا)‪ ،‬والطريؼة التل شرحفا ل بقان كؿال الديـ‪ ،‬ووفائف بؿصال الـاس يف الدكقا وأخرة‪ ،‬و ذه ال‬
‫الجادة السالؿة التل يبقـ هبا بطالن أققال الؿالحدة‪ ،‬وتارد تر ااهتؿ‪ ،‬وأماا مقاصالهتؿ طؾاك ماا يؼقلاقن‪،‬‬
‫وماليـتفؿ فقؿا يدطقن فنهنا ٓ تجدي طؾك اإلسالم شق ًئا؛ بؾ مٓف إذا لقيـقا وتعقمؾ معفاؿ بالؿساامحة‬
‫ازداد شر ؿ‪ ،‬وقد صار أكثر الؿعارضقـ لادطقات اإللحااد إكؿاا يادفعقهنا ببقاان رفاؼ اإلساالم ولطاػ‬
‫اإلسالم وسؿاحة اإلسالم‪ ،‬واستقعاب اإلسالم لمخر‪ ،‬وتـقع الثؼافات فقف طرب أجقالف‪.‬‬
‫وكؾ ذه دطاوى مجؿؾة فقفا حؼ وفقفا باصؾ‪ ،‬وإكؿا الجقاب الؽايف والرتياق الشايف‪ ،‬ق بقاان كؿاال‬
‫اإلكسان حتك فقؿا طده مٓف ضؾؿا وتعد ًيا‪ ،‬فنذا أراد إكسان أن ُيبقـ طـ طقار مؼآت امٓف‪ ،‬فاال يـبغال‬
‫لف أن يطلصل رأسف مستح ًقا مـ بعض إحؽام الشرطقة‪ ،‬فتجده إذا ُلج طؾقاف ببقاان قطاع ياد الساارق‪ ،‬وأن‬
‫ذلؽ مثؾة باإلكسان إذ كقػ يعقش حقاتف الؿدكقة وسط الـاس و ق طؾك تؾاؽ الحاال؟ وجادت الؿجقاب‬
‫طـف بلكف يؼقل‪ :‬إن مـ الػؼفاف مـ قال بنيجاد بدائؾ طصرية تـاسب حال الـاس‪ ،‬تؽاقن وافقاة يف تحصاقؾ‬
‫الشيخ َصالِ ُح ْبن ع ْبد اهلل ال ُع َص ْي ِمي‬
‫َّ‬ ‫‪31‬‬

‫لؾؿثؾاة وتشاقيف الصاقرة‪،‬‬


‫مؼصقد الشرع مـ العؼقبة‪ ،‬مع مـع ذا الػساد‪ ،‬وطدم تعريض الـػس البشارية ُ‬
‫الج ْفؾ وضعػ الدياكة وطدم صدق القفاف بإماكة يف إبداف الحؼقؼة الشرطقة؛ باؾ إذا ُبحاث‬
‫وكؾ ذا مـ َ‬
‫مع اإلكسان يف ذلؽ فنكف يليت بؿا بقـ بف الشرع‪ ،‬كؿا قال أبق العالف الؿعري و ق مـ أئؿة مٓف‪:‬‬
‫مااا بالفااا قطعاات يف كصااػ ديـااار‬ ‫ياادٌ بخؿااس مئااقـ طسااجد ودياات‬
‫فؼال لف الؼاضل طبد الق اب الؿالؽل‪:‬‬
‫ذل الخقاكااة فاااففؿ حؽؿااة الباااري‬ ‫طاااز الدياكاااة أغال اااا وأرخصااافا‬
‫فبؿثؾ ذا يجاب أهنا لؿا كاكت أمقـة كاكت رفقعة وما خاكت اكت‪ ،‬ففذا كؿال الشرع‪ ،‬فالشرع يجعاؾ‬
‫لؾؽريؿ مؽاكة وكؿآ‪ ،‬ويجعؾ لؾؿفقـ ما يؾقؼ بف‪.‬‬
‫وأما أن يػزع إلك ققل بعض الػؼفاف الؿعاصريـ مـ استحداث بدائؾ طصرية يف آكتػاف هبا طاـ قطاع‬
‫أيضا بالر ّد طؾاك امٓف‪ ،‬فانن امٓف ٓ‬
‫القد مقافؼة لؿثؾ ذه الدطاوى؛ فنن ذا خقاكة لؾشرع‪ ،‬وٓ يػل ً‬
‫تـتفل سؿقمفؿ‪ ،‬وٓ تسد رياح شر ؿ إٓ ببقان كؿال الشريعة‪ ،‬وغرس ذلؽ يف كػاقس الـااس‪ ،‬وأن اذه‬
‫الشريعة اإلسالمقة جافت بؿا بف ُ‬
‫كؿال حال الـاس‪ ،‬سقاف يف أبقاب السقاسة أو آقتصاد أو آجتؿااع‪ ،‬أو‬
‫إخالق‪ ،‬أو العؾقم والؿعار ؛ ولؽـ الـؼص الحادث ق بسبب قؾة العؾؿ بحؼائؼ اذه الشاريعة‪ ،‬مؿاا‬
‫ً‬
‫أققآ مردودة تـسب إلك الشريعة ٓ تصؾ إلصالح حال الـاس‪ ،‬فالديـ الققم بقـ ذيـ الـاريـ‪:‬‬ ‫أوجد‬
‫بقـ جا ؾ ٓ يؿؽـف أن يعرب طـ كؿالف‪.‬‬
‫وبقـ مخذول يساوم طؾك أحؽامف‪.‬‬
‫فؿـ أراد أن يسؾؽ الطريؼة الشرطقة فؾقحرص طؾك تبقـ كؿال الشريعة‪.‬‬
‫ولؾعالمة محؿد إمقـ الشـؼقطل رسالة كافعة يف بقان كؿال الاديـ يف جؿقاع أباقاب الحقااة‪ ،‬سقاساة‬
‫واقتصا ًدا وأخال ًقا وشريعة مطبقطة باسؿ «بقان كؿال الديـ اإلسالمل»‪ ،‬وسبؼ إقراف اا والتعؾقاؼ طؾقفاا‪،‬‬
‫(‪)1‬‬
‫يف بركامج الدرس القاحد إول أو الثا ‪.‬‬
‫ثؿ ذكر الؿصـػ رحؿف اهلل تعالك بعد ذلؽ مـاضرة لطقػة كسجفا بنرادة إقـااع بعاض ماـ تعؾاؼ قؾباف‬
‫أيضاا‬
‫أيضا يف «مجؿقع الػقائاد»‪ ،‬وأفاردت ً‬
‫برت ات مٓف‪ ،‬و ل مـاضرة ذكر ا يف ذا الرسالة‪ ،‬وذكر ا ً‬
‫باسؿ «مـاضرة اجتؿاطقة»‪ ،‬أراد هبا الرد بلسؾقب أدبل طؾاك ماـ تعؾاؼ بؿؼاآت الؿارجػقـ الؿؾحاديـ‬

‫ــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬الدرس الثالثقن‪ ،‬مـ بركامج الدرس القاحد الثا ‪ .‬واسؿ الؽتاب «اإلسالم ديـ كامؾ»‪ ،‬و ق مػرغ طؾك مققع التػريغ ‪.‬‬
‫‪30‬‬ ‫)‬ ‫تطزٌز (أصىل عظًٍح‬

‫الظاكقـ بالديـ ضـ السقف‪ ،‬الزاطؿقـ أن اإلسالم يخذل الـػقس ويضعػفا طـ القصقل إلك ما فقاف الرقال‬
‫يف أبقاب الحقاة كؾفا سقاسة واقتصا ًدا وأخال ًقا واجتؿا ًطا‪.‬‬
‫وكان مؿا ذكره رحؿف اهلل تعالك يف ذه الؿـاضرة ما ذكره مـ أن الجفاد الؿلمقر بف طؾك قسؿقـ‪:‬‬
‫قسؿ مـف يف تؼقيؿ الؿسؾؿقـ‪ ،‬وإيؼاظ ؿؿفؿ وبعاث طازائؿفؿ‪ ،‬وتعؾاقؿفؿ العؾاقم الـافعاة‬
‫أحد ؿا ( ٌ‬
‫وهتذيبفؿ بإخالق الراققة؛ ولعؾ ذا أشؼ الـقطقـ وأفضؾفؿا)‪ ،‬كؿا قال رحؿف اهلل تعالك وصدق‪ ،‬فنكاف‬
‫جفاد الحجة والبقان و ذا أفضؾ مـ جفاد السقػ والسـان‪ ،‬كؿا قاال اباـ الؼاقؿ‪ٕ :‬ن الؼاائؿ باف قؾقاؾ‪،‬‬
‫والؿساطد طؾقف طزيز‪ ،‬و ذا يف ذه إزمان أكثر وأكثر‪ ،‬فنكف قؾ مـ يشعؾ يف الؿممـقـ ما ياذكِل كػقسافؿ‬
‫ومعظؿا لفؿ قدره ودال لفؿ طؾك سؿق رتبتف وبا ًثاا بقاـفؿ‬
‫ً‬ ‫اطتزازا وافتخارا بديـ اإلسالم مبقـًا لفؿ فضؾف‪،‬‬
‫طؾقمف الـافعة الؿتضؿـة إخالق وإحؽام الؽامؾة القافقة بؿا يحتاجقكف حتك صارت الحؿاسة الديـقاة‬
‫والغقرة اإلسالمقة إما مصروفة يف غقر باهبا أو مغؾؼ طؾقفا َرتاجفا‪.‬‬
‫فتجد مـ يعرب طـ أحؽام الديـ غقر معتز بف وٓ مظفرا لػضائؾف‪ ،‬وربؿا إن كان لف سفؿ كاان لاف سافؿ‬
‫ٓ يػل بحاجة الـاس فقؿا يحتاجقكف مـ تعؾؿ ديـفؿ‪ ،‬و ذا مؿا يقجب طؾك العبد أن يحرص طؾك الؼعاقد‬
‫يف مؼاطد الؿجا ديـ يف تعؾقؿ الؿؾة والديـ‪ ،‬فنن الـاس إلك ذا أحقج و ؿ إلقاف أفؼار‪ ،‬وكاؾ قطار ماـ‬
‫الؿردياة‪ ،‬والؿباطادة ٕحؽاام الاديـ‬
‫أقطار الؿسؾؿقـ قد صؿ فقف الجفؾ وطاؿ‪ ،‬وغؾبات طؾقاف إحاقال ُ‬
‫اإلسالمل‪ ،‬وٓ كجاة لؾخؾؼ إٓ بتعؾؿفؿ ديـ اإلسالم‪ ،‬وٓ مؽـة لفؿ بتعؾؿف مـ الصاحػ والؽتاب؛ باؾ‬
‫َ َ‬
‫ٓبد مـ طؾؿاف معؾؿقـ ؿ ورثة الـبل ﷺ‪ ،‬الذيـ يؼقمقن مؼا َمف يف الجفاد‪ ،‬وقد قاال اهلل گ‪َ ﴿ :‬و ٌَٱا َكن‬

‫ِيَ﴾[التقبة‪ ،]611:‬فنن ذه أياة تادل‬ ‫ك ف ِۡركَث ٌّ ِِۡ ُٓ ًۡ َطآئ َفث ّ َِلَ َخ َف هل ُْٓٔ ْ ِف ّ‬
‫ٱل‬ ‫ِ‬
‫ُّ‬
‫َِ‬
‫ٌ‬ ‫ٓافث ْۚ فَيَ ۡٔ ََل َن َف َ‬
‫ر‬
‫ُۡ ۡ ُ َ َ ُ ْ َ ه‬
‫ٱلٍؤٌِِٔن َِلِفِروْ ن‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫طؾك أن الـافر ق الؿجا د‪ ،‬وأن الؼاطد ق الذي يتؾؿس العؾؿ يف أص الؼقلقـ‪ ،‬و ق اختقار أبق العبااس‬
‫ابـ تقؿقة الحػقد وتؾؿقذه ابـ الؼقؿ رحؿف اهلل تعالك‪.‬‬
‫فنذا ِطقب صالب العؾؿ بلهنؿ يؼعدون طـ الجفاد كان الرد طؾقف بلن ذا غؾ ًطا؛ بؾ ؿ يؼعدون لؾجفااد‬
‫وٓ يؼعدون طـ الجفاد‪ ،‬فنن جفاد السقػ والسـان ٓ مؽـة مـف إٓ بامتالف الؼؾاقب باإليؿاان الصاحق ‪،‬‬
‫وأما إذا لؿ تؿتؾئ الؼؾقب باإليؿان الصحق والعؾؿ الـافع فنهنا ٓ ُت ْؼبِؾ طؾك الجفااد‪ ،‬باؾ ربؿاا شااركت‬
‫فقف مدة ثؿ رجعت فصارت بق ًقا مـ أبقاق اإللحاد‪ ،‬و اذا يقجاد مؿاـ ذ اب إلاك الجفااد كار ّدة فعؾاة‬
‫خؾقا مـ العؾؿ ثؿ تؿادت بف إيام حتك تارك الصاالة بالؽؾ ّقاة‪ ،‬فاال يصارب طؾاك جفااد‬
‫كػساكقة‪ ،‬ثؿ كان ً‬
‫السقػ والبـان‪ ،‬إٓ مـ امتأل قؾبف بجاللة الديـ وطظؿتف‪ ،‬وأكف الديـ الحؼ الذي يـبغال أن يتعؾؿاف الـااس‬
‫الشيخ َصالِ ُح ْبن ع ْبد اهلل ال ُع َص ْي ِمي‬
‫َّ‬ ‫‪32‬‬

‫وأن يجا دوا طؾقف‪ ،‬بقاكًا بالحجة وإدلة ً‬


‫أوٓ‪ ،‬فنن أبك الـاس أو صرأ طؾقفؿ مـ الشارور ماا يحتااج إلاك‬
‫جفاد السقػ والسـان‪ ،‬كان الؿجردون لجفاد الحجة والبقان ؿ أحؼ الـاس أن يجر ُدوا ساققففؿ لجفااد‬
‫السقػ والسـان‪ ،‬و ذا شلف إكؿا يتلتك مع صقل الؿدة‪ ،‬وازدياد ِ‬
‫العدّ ة مؿا يقجب طؾك مؾتؿس العؾاؿ‪ ،‬أن‬
‫قائؿ يف كصرة الشرع‪ ،‬وأكف إذا صدق اهلل صدقف اهلل گ‪.‬‬
‫يصابر كػسف وأن يجا د وأن يعؾؿ أكف ٌ‬
‫ثؿ ذكر الؼسؿ الثا و ق ققلف‪( :‬وقسى فقف مؼاومة إطداف وإطداد ال ُعدد ال َؼقلقة والػعؾقة والسقاساقة‬
‫والداخؾقة والخارجقة لؿؼاومتفؿ ومـازلتفؿ يف مقاديـ الحقاة‪ ).‬تب ًعا لؿا أمر اهلل مـ إطاداد الؼاقة لفاؿ‪ ،‬يف‬
‫ُ‬ ‫ْ َ‬ ‫َ‬
‫ٱس َخ َط ۡع ُخً ٌَِّ ك هٔة ﴾[إكػال‪ ،]13:‬فؽؿا يجاب أن يؽاقن يف الؿساؾؿقـ ماـ يعؾؿفاؿ‬
‫ققلف‪َ ﴿ :‬وأع ُِّدوْ ل ًُٓ هٌا ۡ‬

‫تعالقؿ شرطفؿ فنكف يجب أن يؽقن فقفؿ مـ يحؿؾفؿ طؾك مؼاوماة أطادائفؿ‪ ،‬وأن يحضافؿ طؾاك إطاداد‬
‫العدد الؼقلقة والػعؾقة والسقاسقة‪ ،‬والداخؾقة والخارجقة‪ ،‬وإول ألصؼ بالعؾؿاف‪ ،‬والثا ألصؼ بإمراف‪،‬‬
‫وكؾ أحد مـفؿ طؾقف أماكة ٓ تربأ ذمتف إٓ بالقفاف هبا‪.‬‬

‫انقاعدج انثانثح‬
‫اإلمياٌ تاهلل ْى األصم انذي دعت إنٍّ مجٍع انزُّسم‪،‬‬
‫وتّ انزقً احلقٍقً يف اندٍَا واَخزج‬

‫جؿقع الؽتب التل أكزلفا اهلل وجؿقع رسقل أرسؾف اهلل‪ ،‬إصؾ الذي اكبـت طؾقف والدطقة التال دطات‬
‫إلقفا ق‪ :‬اإليؿان باهلل واإليؿان بقجقده وإيجاده الؿخؾققات‪ ،‬واإليؿاان بؿاا لاف ماـ إساؿاف الحساـك‬
‫وصػات الؽؿال‪ ،‬واإلذطان الؽامؾ لعبقديتف‪ ،‬وآفتؼار إلقف‪.‬‬
‫وأطظؿفا والؿفقؿـ طؾقفا حث طؾك ٰ ذا إصؾ باالطرق كؾفاا‪،‬‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫الؼرآن العظقؿ الذي ق أجؾ الؽتب‬
‫وكاقرا‬
‫ً‬ ‫اسؿا‪ ،‬معرفتفا ومعرفاة معاكقفاا تؿاأل الؼؾاقب إيؿاكًاا‬
‫فػقف مـ أسؿاف اهلل الحسـك أكثر مـ ثؿاكقـ ً‬
‫وطؾؿا وطرفا ًكا‪ ،‬ق أفضؾ ما حصؾتف الؼؾقب‪ ،‬وأرقك آطتؼادات الـافعة‪.‬‬
‫ً‬ ‫ويؼقـا‬

‫قال تعالك‪ ﴿ :‬ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ‬

‫ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ﴾[البقرة]‪.‬‬

‫﴿ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ‬

‫ﮩ ﮪ ﮫﮬ ﮭ ﮮ ﮯﮰ ﮱ ﮲ ﮳ ﮴ ﮵﴾[البقرة]‪ ﴿ ،‬ﭑ ﭒ ﭓ‬

‫ﭔ ﭕ ﭖ ﭗﭘ﴾[الحديد‪﴿ ،]66:‬ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ﴾ يف مقاضع كثقرة يرتب‬


‫‪33‬‬ ‫)‬ ‫تطزٌز (أصىل عظًٍح‬

‫طؾقفا خقرات الدكقا وأخرة‪ ،‬ويرتب طؾك طدم اإليؿان جؿقع الشرور الدكققية وإخروية‪ ،‬ويخرب أن‬
‫إطؿال والتعبدات كؾفا كاشئة طـ اإليؿان‪ ،‬فؿـ امتأل قؾبف مـ اإليؿان باهلل كاكت ققة طبقديتف هلل بحسب‬
‫ذلؽ اإليؿان الذي يف قؾبف‪ ،‬وكذلؽ إ ْطؿال إسباب الـافعة التل تـػع إفراد والشعقب ٓ يؿؽـ العبد‬
‫أن يؼقم هبا طؾك وجف الؽؿال والصدق واإلخالص والبـاف طؾك إصقل الـافعة إٓ باإليؿان‪.‬‬
‫فاإليؿان أصؾ الخقر الديـل والدكققي‪ ،‬وبف تقزن إمقر‪ ،‬صالحفا وصالحفا‪.‬‬
‫وإذا أردت تػصقؾ ٰ ذه الجؿؾ العظقؿة والتؿثقؾ لفا طؾك وجف يعارت باف أ اؾ العؼاقل وإلبااب‪،‬‬
‫آطتؼاادات الصاحقحة‪ ،‬وإخاالق الؿزكقاة‬
‫ُ‬ ‫فإمقر التل يحصؾ هبا الرقل الحؼقؼل والسعادة والػالح‬
‫لؾؼؾقب الؿطفرة لألرواح‪ ،‬الباطثة لؾفؿؿ والعزائؿ إلك كؾ خقار‪ ،‬وإطؿاال الصاالحة الـافعاة يف الاديـ‬
‫والدكقا‪.‬‬
‫و ٰ ذه إمقر متالزمة‪ ٓ ،‬يتؿ بعضفا إٓ بابعض‪ ،‬وبتؿامفاا الساعادة والػاالح‪ ،‬فانذا اطتؼاد العباد ماا‬
‫الؿطؾاؼ ماـ جؿقاع القجاقه‪ ،‬بؽاؾ وجاف واطتباار‪ ،‬وأن‬
‫أخربت بف الرسؾ طـ اهلل تعالك‪ ،‬وأن لف الؽؿال ُ‬
‫إشقاف وجقد ا وبؼاؤ ا وكؿالفا باهلل تعالك‪ ،‬ومـف تستؿد كؾ شلف‪ ،‬فعؾؿ أن اهلل ق الخالؼ وحاده‪ ،‬وماا‬
‫الؿحسـ وما سقاه مرزوق مضطر إلك إحسان ربف وكرمف مـ كؾ وجاف‪ ،‬و اق‬
‫سقاه مخؾقق‪ ،‬و ق الرازق ُ‬
‫وحسـ تدبقره‪ ،‬و ق بؽؾ شلف طؾاقؿ‪،‬‬
‫الؿدبر الؿصار لؾعالؿ العؾقي والسػؾل بحؽؿتف وطؾؿف وطـايتف ُ‬

‫يعؾؿ السر وأخػك‪ ٓ ،‬تخػك طؾقف خافقة يف إرض وٓ يف السؿاف‪ ،‬يسؿع إصاقات ﴿ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ‬

‫ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﴾[الرطد‪ ،]63:‬ويرى جؿقع ما حقاه العالؿ العؾقي والسػؾل‪ ٓ ،‬يخػك طؾاك كظاره أدق‬
‫الؿخؾققات يف أخػك إمؽـة‪ ،‬و ق مع ذلؽ واساع الرحؿاة والجاقد والؽارم والاربّ وآمتـاان‪ُ ،‬يػاقض‬
‫ٌ‬
‫آخاذ‬ ‫اإلحسان طؾك مخؾققاتف آكاف الؾقؾ والـفار‪ ،‬يده بالخقر ساحاف الؾقاؾ والـفاار‪ ،‬ماا ماـ داباة إٓ اق‬
‫بـاصقتفا ومقصؾ إلقفا مـ بره وإحساكف جؿقع ما تحتاجف يف وجقد ا وبؼائفا وتؿاام أحقالفاا‪ ،‬و اق ماع‬
‫ذلؽ قد أمر الؿخؾققات أن تـقب إلقف وتسللف حاجتفا‪ ،‬وت ْػ َزع إلقف يف جؿقاع مفؿاهتاا ومؾؿاهتاا‪ ،‬فقجقاب‬
‫الداطقـ ويؽشػ كربات الؿؽروبقـ‪ ،‬ويزيؾ الضار طاـ الؿضاطريـ‪ ،‬ويساقق إلطاا وأصاـا الارب‬
‫لعباده الؿـقبقـ‪.‬‬
‫فؿتك اطتؼدت الؼؾقب ٰ اذه آطتؼاادات الصاحقحة يف ربفاا وإ ٰلففاا فالباد أن تـقاب إلقاف باالخق‬
‫والرجاف والؿحبة‪ ،‬وتؿتؾئ مـ تعظقؿف واإليؿان بف‪ ،‬وتط ُؾب السعل يف كؾ أمر يرضقف‪ ،‬وتتجـاب كاؾ أمار‬
‫الشيخ َصالِ ُح ْبن ع ْبد اهلل ال ُع َص ْي ِمي‬
‫َّ‬ ‫‪34‬‬

‫يسخطف‪ ،‬فقضطر ا ٰ ذا إمر إلك اإلخالص الذي ق روح إطؿال‪ ،‬فالؿخؾِ ُ‬


‫ص هلل تـبـل أطؿالف الظا رة‬
‫والباصـة طؾك أن يؽقن الداطل لفا والباطث طؾقفا ق اإليؿان باهلل‪ ،‬وغايتفا الذي تـتفل إلقف وتساعك إلقاف‬

‫ص َؾ ُ‬
‫ب رضاه‪ ،‬والتـعؿ بثقابف وخقراتف‪ ،‬وبذلؽ يزول طـ الؼؾقب جؿقع إخالق الرذيؾة مـ الرياف والـػاق‬
‫وال ُعجب ومساوئ إخالق‪ ،‬وتتحؾك بإخالق الجؿقؾة‪ ،‬مـ الحب واإلخالص والطؿاع يف فضاؾ اهلل‪،‬‬
‫ور باهتا؛ ٕكفا‬ ‫ِ‬
‫والخق مـ طؼابف‪ ،‬والصدق الؽامؾ يف صؾب مرضاتف‪ ،‬واإلكابة التامة إلك ربفا يف رغباهتا َ‬
‫ْ‬
‫تعؾؿ أكف ٓ مؾجل وٓ مـجك وٓ مقلك وٓ كصقر إٓ ر ّبفا ومؾقؽفا‪ ،‬ويؽقن محبتفا لؾخقر الذي يؼرهبا إلاك‬
‫مقٓ ا مؼدمة إلك كؾ مح ّبة‪ ،‬وترى أن ققهتا وغذاف ا وكؿالفا هبٰذه اإلكابة و ٰ ذا آفتؼاار‪ ،‬وتعطِا ُ‬
‫ػ هبٰاذا‬
‫التعبد طؾك طباد اهلل‪ ،‬فتحب لؾؿسؾؿقـ ما تحب لـػسفا مـ الخقر‪ ،‬وتسعك لذلؽ بحساب مؼادُ ور ا‪ ،‬ثاؿ‬
‫الؿصقبات فزطت إلك ربفا‪ ،‬لقؽشػ ُضر ا‪ ،‬و ُيثقبفا طؾك ماا قادر طؾقفاا‪،‬‬
‫إذا أصابتفا الـؽبات وحؾت هبا ُ‬
‫وتطؿع غاية الطؿع يف فضؾ رهبا ورجاف رحؿتف وصؾب ثقابف‪.‬‬
‫وهبٰااذا الؿعـااك الاذي تتصااػ بااف‪ ،‬و ٰ ااذه العؼقاادة الـافعااة هتُ اقن طؾقفااا الؿصااقبات‪ ،‬وتخااػ طـفااا‬
‫ترجقه مـ تػريج ُكرهباا‪،‬‬
‫تعؾؿف مـ حؽؿة اهلل‪ ،‬واستـاد إمقر إلك تدبقره وقدرتف‪ ،‬ولؿا ُ‬
‫الؿؽرو ات‪ ،‬لؿا ُ‬
‫ٕكفا تعؾؿ أكف ٓ يػرج ال ُؽربات وٓ ُيزيؾ الشدات إٓ اق‪ ،‬ولؿاا ُ‬
‫ترجاقه ماـ الثاقاب الاذي رتباف طؾاك‬
‫الؿؽاره والصرب طؾقفا‪.‬‬
‫وأما مـ لؿ يحصؾ لف ٰ ذا اإليؿان فنكف طـد الؿصائب والؿؾؿات يجري لف مـ أٓم الؼؾبقة والػظاائع‬
‫الروحقة والزٓزل العظقؿة ما ٓ يؿؽـ التعبقر طـف‪ ،‬وربؿا أن بعض امٓف تصاؾ باف الحاال إلاك إتاال‬
‫الحؼقؼال يتؾؼاك الؿؽااره‬
‫ّ‬ ‫كػسف أو إلاك زوال طؼؾاف‪ ،‬لعادم ماا يساتـد إلقاف ويرجاقه‪ ،‬وكؿاا أن الؿاممـ‬
‫والؿصقبات بالصرب والؼقة والطؿلكقـة لألسباب التل أشركا إلقفا‪ ،‬فنكف يتؾؼك أوامار رباف باال ُؼقة والعزيؿاة‬
‫الصادقة‪ ،‬ويمدي حؼققف وحؼقق خؾؼف بالؽؿال والتؿام بحسب استطاطتف‪ ،‬ومع ذلاؽ فنكاف يعؾاؿ أكاف ٓ‬
‫يؿؽـف ْ‬
‫أن تتؿ لف العبقدية وأداف الحؼاقق القاجباة والؿساتحبة والؿصاال الؽؾقاة والجزئقاة إٓ بالساعل‬
‫بإسباب الدكققية الـافعة‪ ،‬وبالؼقام بالؼقة الؿعـقية والؿادية‪ ،‬فاكبعثت ؿ ُتف لداطل اإليؿان وداطل العؼاؾ‬
‫وداطل الػطرة إلك ذلؽ‪ ،‬وأبدى ما يؼدر طؾقف يف تحصقؾ ذلؽ‪ ،‬وطؾِ َؿ أن الؿؼاصاد ٓ تاتؿ إٓ بالقساائؾ‪،‬‬
‫وأن القسائؾ التل ُتعقـ طؾك الؿصال مؿا أمر اهلل بف ومؿا ر ّتب طؾقف الثقاب وطؾك آستفاكة بف العؼاب‪.‬‬
‫فدخؾ يف ٰ ذا جؿقع إسباب الؿقجقدة‪ ،‬والتل ستحدُ ث بعد ذلؽ‪ ،‬ف ُعؾؿ بذلؽ أن اإليؿان الؿاذكقر‬
‫ق الباطث طؾك تحصقؾ خقر الدكقا وأخرة‪ ،‬وأن مـ ٓ يرجق ثقا ًبا مـ اهلل وٓ يخشك مـف طؼا ًباا‪ ،‬وٓ لاف‬
‫‪35‬‬ ‫)‬ ‫تطزٌز (أصىل عظًٍح‬

‫إيؿان يستـد إلقف أكف ضعقػ الفؿة‪ ،‬ضعقػ العزم الـافع‪ ،‬وإكؿا تـبعث َط َزما ُتف يف تحصاقؾ لذاتاف البفقؿقاة‬
‫ٌ‬
‫وشفقاتف السػؾقة وصؿعف الد ف‪ ،‬فربؿا كاكت قق ُتف يف ٰ ذه إمقر وأسابابف الؿادياة يف تحصاقؾفا فاقق ماا‬
‫َ‬
‫إيؿان يساتـد إلقاف وٓ غاياة حؿقادة يرتجقفاا‪ ،‬وٓ حقااة‬ ‫الؿتصقر‪ ،‬ويعبر طـف الؿتؽؾؿ؛ ولؽـ ٓ‬
‫ّ‬ ‫يتصقره‬
‫أبدية يعؿؾ لفا‪.‬‬
‫فؿـ كاكت ٰ ذه حا ُلف لؿ ْ‬
‫يـؾ يف ٰ ذه الحقاة صق َبفا وٓ كج يف تحصقؾ سعادهتا‪ ،‬بؼطع الـظر طـ الحقاة‬
‫ٍ‬
‫خالق وٓ كصقب‪.‬‬ ‫إخرى فنكف لقس لف يف أخرة مـ‬
‫الؿ ِ‬
‫عر ُضقن أن طـ اإليؿان باهلل‪ ،‬وأن ٰ ذه الؿـاضر وما ُمتعقا بف مـ الحقاة ماا‬ ‫وهب َٰذا يتض لـا ما طؾقف ُ‬
‫ات ممقتة تحتفا ما شئت مـ أٓم وإكدار‪ ،‬وأكف ٓ غاية لفا‪ ،‬وأن الؿممـقـ باهلل مفؿاا تـؼؾات‬
‫ل إٓ لذ ٌ‬
‫هبؿ إحقال وتطقرت هبؿ إمقر فنكفؿ خقر مـ مٓف وأحسـ طاقبة‪ ،‬فؾق ُوفؼ الؿممـقن لؾؼقام الؽاماؾ‬
‫باإليؿان طؾك القصػ الذي ذكركا لحازوا الحقاة الطقبة يف ٰ ذه الادكقا‪ ،‬والحقااة التال أصقاب مـفاا يف دار‬
‫الؼرار‪.‬‬
‫أيضا أن اإليؿان الذي وصػـا ق الذي يحث صاح َبف طؾك كؾ ُخ ُؾ ٍؼ جؿقؾ‪ ،‬ويزجره طـ كاؾ‬
‫وأزيدك ً‬
‫ُخ ُؾؼ رذيؾ‪ ،‬فاإليؿان يدطق صاح َبف إلك الصدق يف إققال والصادق يف معامؾتاف الخ ْؾا َؼ‪ ،‬فؿاـ لاؿ يؽاـ‬
‫مممـًا ٰ ذا اإليؿان لؿ تؽـ مطؿئـا مـ أققالف وٓ مـ معامالتف‪ ،‬وربؿا راطااك يف شالف وكاذبؽ يف أشاقاف‪،‬‬
‫و ق الذي يحث طؾك الـص هلل ورسقلف وكتابف وأئؿة الؿسؾؿقـ وطامتفؿ‪.‬‬
‫أن يبذل يف ٰ ذه إمقر كؾ ما يستطقعف مِ َـ الـصا وي ْؼا ِد ُر طؾقاف‪ ،‬وماـ لاؿ يؽاـ‬
‫فنيؿان العبد ُيقجب ْ‬
‫كذلؽ فلكت غقر ٍ‬
‫آمـ مـ غشف إن كصحؽ فقؿا ُيظفر ويبقـ فؿا الذي يؿـعاف ْ‬
‫أن يغشاؽ فقؿاا يظاـ أكاف ٓ‬
‫َيبِق ُـ‪ ،‬لقس معف مـ اإليؿان ما يعصؿف مـ ٰ ذا ُ‬
‫الخ ُؾؼ الرذيؾ‪.‬‬
‫اإليؿان الؿذكقر يحؿؾ صاحبف طؾك الصرب والؼقة والشجاطة واإلقدام يف الؿقاضع التل ُيحجؿ طـفاا‬
‫ضعػاف الـػقس الذيـ ٓ إيؿان معفؿ‪ ،‬فالؿممـ بؼقة إيؿاكاف وتقكؾاف طؾاك اهلل ورجائاف لثقاباف وط ْؾؿاف أن‬
‫يـل والدكققي وإخروي يؽقن بحسب ما قام بف مـ واجبات اإليؿان ومؽؿالتِاف وماا قاام باف‬ ‫الثقاب الد ّ‬
‫مـ الجفاد‪ ،‬ويسفؾ طؾقف الؼقام بإطؿال الشاقة‪ ،‬ويفقن طؾقف ما يؾؼاك ماـ إ اقال والؿعارضاات‪ ،‬وٓ‬
‫ُ‬
‫يلخذ ؿ يف ذلؽ لقم الالئؿقـ‪ ،‬وقدح الؼادحقـ‪ ،‬وٓ يصعب طؾقف ما أصابف مـ جراف ذلؽ مـ الؿصائب‪،‬‬
‫وأتؿ‪.‬‬
‫وكؾؿا ققي اإليؿان كان ققامف هبٰذه إمقر أطظؿ ّ‬
‫أما مـ لؿ يؽـ معف ذلؽ اإليؿان الصحق فؿـ أيـ لف الثبات طؾك الصرب وطؾاك الؿؼاوماات الشااقة‪،‬‬
‫الشيخ َصالِ ُح ْبن ع ْبد اهلل ال ُع َص ْي ِمي‬
‫َّ‬ ‫‪36‬‬

‫كعؿ قد يؽقن لف صرب [بعض] إوقات يف تحصقؾ أغراضف السػؾقة‪ ،‬وشفقاتف الـػسقة‪ ،‬وقاد يؽاقن طـاده‬
‫مـ الشجاطة والؼقة يف تحصقؾ ذلؽ [‪]...‬؛ ولؽـ حالف ما أرذلفا وأخطر ا وأقؾفاا بؼاا ًف‪ ،‬فانن القساائؾ‬
‫كصار الاديـ وإطاكاة الؿاممـقـ وقؿاع أطاداف‬
‫تابعة لؿؼاصد ا؛ فليـ مـ كاكت مؼاصده أجاؾ الؿؼاصاد؛ ْ‬
‫الديـ‪ ]...[ ،‬ومؼاومة الباصؾ وتحصقؾ الػالح إبدي والساعادة الساارمدية‪ ،‬والؼقاام بحؼاقق [اهلل ‪]...‬‬
‫وجزئقفا؟ أيـ ٰ ذا مؿـ هنايتف إدراك رياساة ممقتاة ولاذات [فاكقاة ‪ ...‬مشاقبة باا] إكادار‪ ،‬وكاان‬
‫كؾقفا ُ‬
‫طاقبتفا الفالك والبقار؟ فقاهلل إن بقـ حالقفؿا لؽؿا بقـ [الؿشارق والؿغارب]‪.‬‬
‫اإليؿان الؿذكقر يحؿؾ صاحبف طؾك العدل‪ ،‬ويـفاه طـ الظؾؿ‪ ،‬فنكف يعؾؿ أن إيؿاكف ٓ يتحؼؼ [‪ ]...‬إٓ‬
‫بذلؽ‪.‬‬
‫ُ‬
‫اإليؿان فليـ العدل الذي يتلسس طؾقف؟ فؿا تلسس العدل إٓ [طؾك اإليؿان باهلل واتبااع‬ ‫وأما مـ ُط ِد َم‬
‫الرسقل و(إرشاد) (‪ ])1‬الؽتب السؿاوية‪ ،‬وإٓ فطبقعة اإلكسان الظؾؿ والػقضقية ٓ يف جؿاطااهتؿ وٓ [يف‬
‫أفراد ؿ‪ ،‬وأما ما] لؿ يتلسس طؾك العدل فؾقس مـ الديـ‪ ،‬وكقاػ تالمـ ماـ ٓ إيؿاان لاف أن يظؾؿاؽ يف‬
‫ٌ‬
‫إيؿاان يردطفاا [‪ ]...‬وطؾاؿ‬ ‫دمؽ ومالؽ [‪...‬فنن] الـػقس مجبقلة طؾك محبة إثارة ْ‬
‫إن لاؿ يؽاـ معفاا‬
‫صحق وطدل يحجز ا‪.‬‬
‫اإليؿان الؿقصق بؿا ذكركا كؿا أكف يدطق أ ؾف [إلاك إخاالق الحؿقادة ويـفاا ؿ] طاـ إخاالق‬
‫(‪)2‬‬
‫الرذيؾة‪ ،‬ويحثفؿ طؾك أداب الحسـة‪ ،‬فؽذلؽ يحثفؿ [طؾك ما يـبغال أن يؽقكاقا بؿؼتضاك إخاقة]‬
‫الديـقة والحؼقؼة اإلسالمقة طؾقف ماـ فـاقن الصاـاطات وأكاقاع [الؿخرتطاات الحديثاة‪...‬و]آساتعداد‬
‫حساب الحاال الؿؼتضاقة [لاذلؽ‪ ،‬فقحاذر ؿ ماـ الركاقن إلاك‬
‫لألطداف بجؿقع القسائؾ الـافعاة طؾاك َ‬
‫الخؿقل] (‪ )3‬وإلك الؽسؾ والضعػ‪ ،‬وأن يؽقكقا َكال طؾك غقر ؿ‪ ،‬كذلؽ يحثفؿ [طؾاك تحؼقاؼ إخاقة‬
‫اإليؿاكقااة وفعااؾ] (‪ )4‬مااا تؼتضااقف الؿصااؾحة‪ ،‬وطؾااك جؿااع كؾؿااة الؿسااؾؿقـ‪ ،‬واتػاااقفؿ طؾااك‬
‫[الحؼقالفدى‪ ،)5(]...‬فالؿممـقن بالؿعـك الحؼقؼل يؼقمقن هبٰذه إمقر لداطل الاديـ [‪ ...‬والؿصاؾحة‪]،‬‬

‫ــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬زيادة مـ الؿخطقط‪.‬‬
‫(‪ )2‬غقر ضا رة يف الؿخطقط‪.‬‬
‫(‪ )3‬غقر ضا رة يف الؿخطقط‪.‬‬
‫(‪ )4‬غقر ضا رة يف الؿخطقط‪.‬‬
‫(‪ )5‬غقر ضا رة يف الؿخطقط‪.‬‬
‫‪37‬‬ ‫)‬ ‫تطزٌز (أصىل عظًٍح‬

‫إذا قام غقر ؿ فقفا لألمر الثا فؼط‪ ،‬ولؽـف لؿصاؾحة دكققياة [حساب الؼادرة يف كقؾفاا‪ ،‬يخشاقن] (‪ْ )1‬‬
‫أن‬
‫يسبؼفؿ مٓف الؼقم يف تحصقؾ الػـقن العصارية التال [فقفاا الغؾباة والـصار طؾاك إطاداف] (‪ ،)2‬وفقفاا‬
‫الؿؼاومة وآقتدار طؾك الؿفاجؿة‪ ،‬وطـد الؿسؾؿقـ مـ الادواطل [اإليؿاكقاة ‪ ]...‬وصؾاب الؿصاؾحة ماا‬
‫مقجف إلك الؿممـقـ‪ ،‬فؾاقس لفاؿ طاذر طـاد اهلل وٓ طـاد خ ْؾؼاف‪ ،‬وٓ تعاذر ؿ‬
‫لقس طـد غقر ؿ‪ ،‬والؾقم ّ‬
‫كػقسفؿ إبقة وٓ أخالقفؿ وتعالقؿفؿ الديـقة اإليؿاكقة‪.‬‬
‫ويزجر طـ جؿقع الرذائؾ اتض أكف الطريؼ القحقاد‬
‫ُ‬ ‫إذا كان اإليؿان الحؼقؼل يدطق إلك ٰ ذه الػضائؾ‬
‫والصاراط إققم لؾسعادة الحؼقؼقة والرقِل الحؼقؼل‪ ،‬وأن ما كراه يف بعض إماؿ الػاقادة لبيؿاان لاقس‬
‫الؿـْصػ وحؼؼ أمره لاؿ يجاده شاق ًئا‪ ،‬حتاك قاال بعاض مـصاػقفؿ يف ٰ اذا‬
‫إٓ كالسراب حتك إذا جافه ُ‬
‫الؿؼام‪" :‬إن الـاس كاكقا وٓ يزالقن يطؾبقن الحؼ‪ ،‬ولؿ يؽقكقا يف زمان أبعد طـاف يف ٰ اذا الزماان"‪ ،‬يرياد‬
‫بذلؽ ققمف‪ ،‬فؿا ؿ طؾقف مـ مظا ر السعادة الدكققية فانن حشاقه أٓم الشااغؾة لؼؾاقهبؿ أجؿعاقـ ماا‬
‫ِ‬
‫يرحؿفؿ ٕجؾف الؿ ْؼص ُرون طـفؿ‪ ،‬و ُيز د الراغبقـ يف مثؾفا لفؿ‪ُ ،‬‬
‫ويصدّ ؿ طـ اتباطفؿ‪ ،‬والسبب ُب ْعادُ ؿ‬
‫طـ اإليؿان والحؼ‪ ،‬وكزوع أكػسفؿ إلك الباصؾ‪ ،‬و رولتفؿ خؾػ دواطل الشفقة‪.‬‬
‫والسبب إصؾل يف ذلؽ كؾف ُخ ُؾ ّق كػقسفؿ مـ الركاقن إلاك اإل ٰلاف القاحاد؛ خاالؼ الجؿقاع ورازق‬
‫ففذه إحقال والظاقا ر التال لاؿ ُتا ْب َـ طؾاك اإليؿاان اؾ يؼاقل‬
‫إحقاف‪ ،‬ومؼدر إسباب لؿؽاسبفؿ‪ٰ ،‬‬
‫صحق ُ العؼؾ‪ :‬إهنا حقاة سعقدة! والؼؾقب قؾؼة!‪ ،‬والـػقس محرتقة؟! وإكؿا الراحة والحقاة الطقباة راحاة‬
‫الحؼقؼل مع السعل الجؿقؾ يف صؾاب‬
‫ّ‬ ‫الؿممـقـ الذيـ اكتسبقا راحة الضؿائر‪ ،‬وصؿلكقـة السارائر‪ ،‬والرضا‬
‫الؿـافع والؿؽاسب‪ ،‬فالؿممـ حقث تجده تجد ٰ اذا القصاػ مـطب ًؼاا طؾقاف‪ ،‬ففاق ساعقدٌ وإن كاان باقـ‬
‫حؽقؿ ْ‬
‫وإن ُوجد بقـ السػفاف‪.‬‬ ‫ٌ‬ ‫إشؼقاف‪،‬‬
‫رسؿا‪ ،‬ولؿ يتحؼؼ بف طؼدً ا وٓ ُخ ُؾ ًؼا وٓ أد ًبا فؾؿ ُتضؿـ لف الحقاة الطقبة‪.‬‬
‫وأما مـ أخذ اسؿ اإليؿان ً‬
‫ذكر الؿصـػ رحؿف اهلل تعالك‪ ،‬الؼاطدة الثالثة ماـ الؼقاطاد التال شاقد طؾقفاا دياـ اإلساالم‪ ،‬و ال‬
‫متضؿـة البقان بلن (اإليؿان باهلل ق إصؾ الذي دطت إلقف جؿقع الرسؾ)‪ ،‬فجؿقع الرساؾ جاافوا طؾاك‬
‫أققامفؿ يدطقهنؿ إلك اإليؿان باهلل وحده ر ًبا معبقدا لف إسؿاف الحسـك والصػات العؾك‪ ،‬وهبذا اإليؿاان‬

‫ــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬غقر ضا رة يف الؿخطقط‪.‬‬
‫(‪ )2‬غقر ضا رة يف الؿخطقط‪.‬‬
‫الشيخ َصالِ ُح ْبن ع ْبد اهلل ال ُع َص ْي ِمي‬
‫َّ‬ ‫‪38‬‬

‫يؽقن (الرقل الحؼقؼل يف الدكقا وأخرة)‪ ،‬فالؿؼامات العالقة والؿـازل السامؼة يف مراتب الدكقا وأخارة‬
‫ٓ تـال إٓ باإليؿان‪.‬‬
‫ثؿ ذكر الؿصـػ رحؿف اهلل تعالك‪ ،‬ما جاف يف الؼرآن مـ إمر باإليؿان أكف صااف باذلؽ طؾاك صرائاؼ‬
‫طدة‪ ،‬تارة بذكر أسؿاف اهلل الحسـك فقف التل تعر العبد بربف و تزيده إيؿاكًا بف‪ ،‬وتارة بإمر باإليؿاان بااهلل‬
‫َ ُ ُ ّ ّ ُ َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ َ‬ ‫ه‬ ‫ْ‬ ‫ه‬
‫گ‪ ،‬وتارة بؿدح الؿممـقـ باف‪ ،‬كؿاا يف ققلاف‪َ ﴿ :‬وٱَّل َ َ ُ‬
‫ٔنِۖ ﴾‬ ‫ِيٱَ َءٌِْٱْٔ ةِٱٱَّللِ َو ُر ُسٱيِِّأٓ أوِ ِٱم ْٱً ِ‬
‫ٱلصٱدِيل‬

‫[الحديد‪.]66:‬‬
‫ثؿ ذكر الؿصـػ رحؿف اهلل تعالك‪ ،‬أن امٓف أياات تادل طؾاك أن الاذي يرتتاب طؾقاف خقار الادكقا‬
‫وأخرة ق اإليؿان باهلل سبحاكف تعالك‪ ،‬فإمر كؿا قال‪( :‬فاإليؿان أصؾ الخقار الاديـل والادكققي‪ ،‬وباف‬
‫تقزن إمقر صالحفا و صالحفا)‪ ،‬اكتفك كالمف‪ ،‬فال سبقؾ إلك ارتػااع الـااس وارتؼاائفؿ وحاقز ؿ خقار‬
‫ه َ َ َ ُ ْ َ َ ۡ َ ۡ ُ ٓ ْ َ َٰ َ ُ ُ ۡ ُ ْ َ َ‬
‫ٱم ل َ ُٓ ُ‬
‫ٱً‬ ‫الدكقا وأخرة‪ ،‬إٓ باإليؿان‪ ،‬واطترب ذلؽ بؼقلف گ‪ ﴿ :‬ٱَّلِيَ ءٌِْْٔ ولً ييبِسْٔ إِيمٱًِٓ ةِمي ٍ‬
‫ٱم أوِ ِ‬
‫ۡ َ ۡ ُ َ ُ ُّ ۡ َ ُ َ‬
‫ون ‪[﴾٨٢‬إكعام]‪ ،‬ففذه أية تدل طؾاك أن إماـ ٓ يؼاام يف الخؾاؼ إٓ باإليؿاان‪ ،‬فرقال‬ ‫ٱأٌَ وًْ ُٓخد‬

‫الـاس يف أحقالفؿ إمـقة‪ ،‬بؼدْ ِر إيؿاهنؿ باهلل گ‪.‬‬


‫ثؿ ذكر الؿصـػ رحؿف اهلل تعالك أن ما يتعؾؼ باإليؿان باهلل ‪ ۵‬وما يقرثاف يف الاـػس‪ ،‬يلخاذ بعضاف‬
‫برقاب بعض‪ ،‬فنذا امتأل الؼؾب باإليؿان صؾب إخالق الػاضؾة‪ ،‬وآطتؼادات الصحقحة‪ ،‬التل يخؾق هباا‬
‫قؾبف مـ إرادة غقر اهلل ‪ ،۵‬فنذا كان صادق اإليؿان أوجب لف ذلؽ اإلخالص‪ ،‬وحقوقة اإلخدالص أن ال‬
‫يكون راغبا يف روئا من مدح الناس وال ثنائهم وال ىواهم‪ ،‬فنذا ُأفرغ الؼؾب مـ اذا أوجاب لاف أن يؾتازم‬
‫بالحؼقق التل طؾقف وأن يلخذ ما لف مـ حؼ دون ضؾؿ وٓ تعدي مـ الخؾؼ طؾك الخؾؼ‪ ،‬وأوجب لف ذلاؽ‬
‫أيضا أن يزول مـ قؾبف جؿقاع إخاالق الؿـافقاة لبخاالص؛ كالريااف‪ ،‬والتساؿقع‪ ،‬والـػااق‪ ،‬والعجاب‬
‫ً‬
‫والخداع‪ ،‬والحسد‪ ،‬الحؼد والؽرا قة و غقر ا مـ مساوئ إخالق‪ ،‬فنكؿا تـادفع ماـ الؼؾاب طؾاك قادر‬
‫إيؿان اإلكسان‪ٕ ،‬ن الؿممـ ٓ يرضك أن يؾطخ قؾبف بشلف مـ ذه الؼاذورات‪ ،‬فاامتالف الؼؾاب باإليؿاان‬
‫يدفع طـف كؾ رديف فاسد مـ ذه إخالق‪ ،‬ومـشل ذلؽ طؼقدتف الصحقحة‪.‬‬
‫ثؿ ذكر الؿصـػ أن العؼقدة الـافعة هتقن طؾك العبد الؿصائب‪ ،‬وتخػ طـفا الؿؽرو اات؛ كؿاا قاال‬
‫َۡ‬
‫ََ ُۡ ۢ ه‬
‫ٱَّللِ َي ۡٓ ِد كي َت ُّ ْۚۥ ﴾[التغابـ‪ ،]66:‬قال طؾؼؿة‪ :‬ق الرجؾ تصقبف الؿصقبة‪ ،‬فقعؾؿ أهناا ماـ‬‫تعالك‪ ﴿ :‬وٌَ يؤ ٌَِ ة ِ‬
‫طـد اهلل فقرضك ويسؾؿ‪ ،‬فنذا تبقأ اإليؿان اهلل مـ الؼؾب محؾف قن طؾك العبد الؿصائب؛ ٕكاف يعؾاؿ أهناا‬
‫ألؿت بف بؼدر اهلل ‪ ،۵‬فؾقس لف إٓ التسؾقؿ ٕمره‪ ،‬ويف ذا الؿعـك ما أخرجف مساؾؿ يف «صاحقحف» ماـ‬
‫‪39‬‬ ‫)‬ ‫تطزٌز (أصىل عظًٍح‬

‫حديث طبد الرحؿـ بـ أبل لقؾك طـ ثابت طـ صفقب ﭬ أن الـبل ﷺ قال‪ « :‬عجبدا ألمدر المدًمن إن‬
‫أمره كله خور؛ إن أصابته سراء ركر فكان خورا له‪ ،‬وإن أصابته ضراء صبر فكان خورا له»‪.‬‬
‫ثؿ ذكر الؿصـػ رحؿاف اهلل تعاالك‪ ،‬أن اإليؿاان كاذلؽ يقجاب لؾعباد أن يتؾؼاك أوامار رباف باالؼقة‬
‫والعزيؿة الصادقة‪ ،‬وأن يمدي حؼققف وحؼقق خؾؼف بالؽؿال والتؿام‪ ،‬بحسب استطاطتف‪ ،‬فؽؿا أكاف يادفع‬
‫افرتضاف اهلل‬
‫َ‬ ‫ألؿ الؿؽاره بنيؿاكف الذي ُيثؿر صربه طؾقفا‪ ،‬فؽذلؽ يحؿؾف إيؿا ُكف طؾك أن يؼقم طاز ًما بلداف ما‬
‫طؾقف مـ أوامر تتعؾؼ بحؼف ‪ ۵‬أو بحؼقق خؾؼف‪.‬‬
‫ثؿ ذكر الؿصـػ أن اإليؿان الؿذكقر يعـل الؽامؾ الصحق ‪ ،‬ق الباطث طؾاك تحصاقؾ خقار الادكقا‬
‫وأخرة‪ ،‬فؽؾ خقر الدكقا وأخرة مر قن بنيؿان العبد‪.‬‬
‫ثؿ ذكر الؿصـػ زيادة أن اإليؿان الذي وصػف ق الذي يحث صاحبف طؾك كؾ خؾؼ جؿقؾ‪ ،‬ويزجاره‬
‫طـ كؾ خؾؼ رذيؾ‪ ،‬فاإليؿان يدطق إلك معالل إخالق ومؽارمفا‪ ،‬ويحذر ويـػر ماـ مسااوئ إخاالق‬
‫أيضاا‬ ‫ً‬
‫امتثآ يف الػعاؾ والارتك‪ ،‬فنكاف ُيثؿار يف قؾباف ً‬ ‫ورذائؾفا‪ ،‬فؽؿا يقجب لؾعبد طزم ًة طؾك إمر والـفل‬
‫التحؾل بإخالق الػضالة‪ ،‬والتخؾل طـ إخالق الرذيؾة‪.‬‬
‫أيضا أن اإليؿان الؿذكقر يحؿؾ صاحبف طؾك الصرب والؼقة والشجاطة واإلقادام يف الؿقاضاع‬
‫ثؿ ذكر ً‬
‫التل يحجؿ طـفا الضعػاف؛ كؿا طرض لؾـبال وأصاحابف رضال اهلل طاـفؿ يف ماا ذكاره اهلل ‪ ۵‬يف ققلاف‪:‬‬
‫ُ‬ ‫ۡ‬ ‫َ ُ ْ‬
‫يمَِٰا َوكالْٔ َح ۡسبُ َِا ٱ ه ُ‬
‫َّلل َوُ ِۡع َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ُ ۡ ۡ َ ُۡ ۡ َ َ‬
‫ْو ُْ ًۡ إ َ‬ ‫ْ َ‬ ‫َ‬ ‫اس إ هن ٱنله َ‬
‫اس ك ۡد َ َ‬ ‫َ َ َ‬ ‫ه‬
‫ِيَ كال ل ُٓ ًُ ٱنله ُ‬
‫ٱً ٱل َٔك ِيٱو ‪[﴾١٧٣‬آل‬ ‫ِ‬ ‫َج ُعْٔ ىؾً فٱخضًْٔ فز‬ ‫ِ‬
‫﴿ٱَّل َ‬

‫طؿران]‪ ،‬فانن إيؿااهنؿ الصاادق‪ ،‬رزقفاؿ الصارب والؼاقة والشاجاطة‪ ،‬واإلقادام يف مقضاع يحجاؿ طـاف‬
‫الشجعان‪.‬‬
‫أيضا صاحبف طؾاك العادل‪ ،‬ويـفااه طاـ‬
‫ثؿ ذكر الؿصـػ رحؿف اهلل تعالك أن اإليؿان الؿذكقر يحؿؾ ً‬
‫الظؾؿ‪ ،‬وأكف إذا طدم اإليؿان طدم العدل‪ٕ ،‬ن العدل يتضؿـ الحؽاؿ باقـ الـااس بالساقية‪ ،‬وأن ٓ يؼادم‬
‫أحد طؾك أحد لحظ كػسف‪ ،‬وٓ يؽقن ذلؽ إٓ بتعظقؿ اهلل باإليؿان بف‪.‬‬
‫أيضاا الـااس طؾاك ماا يـبغال أن يؽقكاقا طؾقاف‬
‫ثؿ ذكر رحؿف اهلل تعالك أن اإليؿان الؿقصق يحث ً‬
‫بؿؼتضك اإلخقة الديـقة والحؼقؼة اإلسالمقة مـ الرتاحؿ والتقادد‪ ،‬وتؼقية أكػسفؿ بؿا يحتاجقن إلقف ماـ‬
‫فـقن الصـاطات وأكقاع الؿخرتطات‪ ،‬و ِجؿاع ما سؾػ أن اإليؿان داع إلاك كاؾ فضاقؾة ومااك ٍع ماـ كاؾ‬
‫صالح حال الـاس‪.‬‬
‫ُ‬ ‫رذيؾة‪ ،‬ففق الذي بف‬
‫الشيخ َصالِ ُح ْبن ع ْبد اهلل ال ُع َص ْي ِمي‬
‫َّ‬ ‫‪41‬‬
‫(‪)1‬‬
‫ولؾؿصـػ كػسف رحؿف اهلل تعالك ٌ‬
‫فصؾ ماتع يف آ خر كتابف «أ ؿ الؿفؿات» يف صػات الؿممـ ‪ ،‬وقد‬
‫طؾؼـا طؾقف بس ًطا بؿا يـاسب الؿعا الؿذكقرة ـاا‪ ،‬يف ذلاؽ الؿحاؾ‪ ،‬فؿاـ أراده فنكاف يطؾ ُباف ماـ محؾاف‬
‫الؿذكقر‪.‬‬
‫ثؿ ذكر الؿصـػ رحؿف اهلل تعالك أن ذلؽ القصػ‪ ،‬الؿؼدم ذكره لبيؿان يف ما يـتجف ويثؿره‪ ،‬يقجاب‬
‫طؾك الخؾؼ أن ُيؼبؾقا طؾقف وأهنؿ إن طد ُلقا طـف فؿفؿا تؼؾبقا يف أكقاع مـ الرقل الظا ر‪ ،‬فنهنؿ ٓ يزالاقن يف‬
‫ٍ‬
‫طذاب باصـ‪ ،‬فنن أشد العذاب طذاب الؼؾب‪ ،‬وإكؿا يـتػل طذاب الؼؾب باإليؿان‪ ،‬ولق ُقؾاب الؿارف يف ماا‬
‫قؾب فقف مـ لذة وشفقة ولؿ يؽـ قؾبف يف راحة فنكف ٓ يزال معذ ًبا‪.‬‬
‫أكساا هباا وٓ‬
‫ثؿ ذكر الؿصـػ رحؿف اهلل تعالك أن مٓف الؽػرة الؿـعؿقـ بؿؾذات الادكقا ٓ يجادون ً‬
‫فؾؿاا‬
‫سؽـقكًا إلقفا‪ ،‬بؾ قؾقهبؿ قؾؼة‪ ،‬وكػقسفؿ محرتقة‪ ،‬وحقاهتؿ يف تعاسة واكتؽاساة؛ لػؼاد ؿ اإليؿاان‪ّ ،‬‬
‫خؾت كػقسفؿ مـ الركقن إلك اهلل گ ُطذبقا بالركقن إلك الحقاة الادكقا‪ ،‬كؿاا قاال اباـ الؼاقؿ رحؿاف اهلل‬
‫تعالك‪ ،‬يف «الـقكقة»‪:‬‬
‫فبؾاااقا بااارق الاااـػس والشاااقطان‬ ‫ربااقا مااـ الاارق الااذي خؾؼااقا لااف‬
‫ففمٓف ربقا مـ رق قؾقهبؿ حبا وخضق ًطا هلل گ فبؾق برق يسقمفا أشد العذاب‪ ،‬و ق رقفا لشافقاهتا‬
‫وكزواهتا التل ٓ تـتفل إلك حد وبتسؾط الشقطان طؾقفا‪ ،‬فال يزال اإلكسان يف تعاسة إلاك أن يؿاـ اهلل طؾقاف‬
‫باإليؿان‪.‬‬

‫انقاعدج انزاتعح‬
‫األيز تادلعزوف وانُهً عٍ ادلُكز‪ ،‬وانتىاصً تاحلق وانتىاصً تانصرب‪،‬‬

‫كؿ يف كتاب اهلل وسـة رسقلف مـ إمر هبٰذا إصؾ العظقؿ‪ ،‬والؼاطدة العامة الجامعة لؽؾ خقر‪.‬‬
‫وطؼال‪.‬‬
‫ً‬ ‫فنن ادلعزوف‪ :‬اسؿ جامع لؽؾ ما ُطر ُح ْسـُف شر ًطا‬
‫وطؼال‪.‬‬
‫ً‬ ‫وادلُكز‪ :‬اسؿ جامع لؽؾ ما ُطر قبحف شر ًطا‬
‫واحلقّ‪ :‬ق العؾقم الـافعة وإطؿال الصالحة‪.‬‬

‫ــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪« )1‬سمال وجقاب يف أ ؿ الؿفؿات» شارحف الشاقخ ضاؿـ بركاامج القاقم القاحاد‪ ،‬إول‪ ،‬يف ثاالث‬
‫مجالس‪ ،‬سـة ‪ .6417‬و ق مػرغ يف مققع التػريغ‪.‬‬
‫‪40‬‬ ‫)‬ ‫تطزٌز (أصىل عظًٍح‬

‫فقدخؾ يف ٰ ذا تع ّؾؿ جؿقع العؾقم الـافعة‪ ،‬وتعؾقؿفا‪ ،‬وكؿا يدخؾ يف ذلاؽ تعؾاقؿ الؿساتعديـ لطؾاب‬
‫العؾؿ‪ ،‬فنكف ُ‬
‫يدخؾ فقف تعؾقؿ الـاس ووطظفؿ يف الؿساجد والؿجامع ‪-‬الصغار والؽبار‪ -‬ويف الحديث ماع‬
‫إصحاب وغقر ؿ‪.‬‬
‫قئات وجؿعقات مـ الؿسؾؿقـ يادطقن إلاك الخقار‪ ،‬ويالمرون باالؿعرو‬
‫ٌ‬ ‫وكذلؽ يتعق ُـ أن يؽقن‬
‫ويـفقن طـ الؿـؽر‪.‬‬
‫ْ‬
‫أن يسعقا يف جؿع كؾؿة الؿسؾؿقـ‪ ،‬واتػاقفؿ طؾك مصاالحفؿ الؽؾقاة وإزالاة ماا‬ ‫ومـ أكرب الؿعرو‬

‫يؼع بقـ الؿسؾؿقـ مـ التعادي والتبا ُغض والتـافر التل ال ماـ أكارب إساباب ُ‬
‫الؿؿؽـاة لألطاداف‪ ،‬وأن‬
‫يؽااقن مااـ الؿسااؾؿقـ صائػااة كافقااة مسااتعدة لؾجفاااد باإلقبااال طؾااك تعؾاؿ العؾااقم والػـااقن العصاارية‬
‫والصـاطات وإسؾحة التل ٓ يؼقم الجفاد إٓ هبا‪ ،‬فنن الجفاد يف سبقؾ اهلل مـ أكارب ماا ُ‬
‫يادخؾ يف إمار‬
‫بالؿعرو والـفل طـ الؿـؽر‪ ،‬والجفاد كقطان‪:‬‬
‫‪ ‬جفا ٌد واجتفاد يف تؼقية الؿسؾؿقـ بالروح اإليؿاكقة والؼقة الؿعـقية والشجاطة الديـقة‪.‬‬
‫‪ ‬وجفا ُد إطداف يف مدافعتفؿ ومفاجؿتفؿ‪ ،‬وأخذ آحتقاصات الؽافقة لققاية شر ؿ وضرر ؿ‪.‬‬
‫ومعؾقم أن ٰ ذه إمقر تتققػ طؾك ِ‬
‫الح ْذق والؿفارة يف ال ُػـُقن العصرية الـافعة‪ ،‬فقؽاقن الساعل فقفاا‬
‫طظقؿا مـ ُصرقف‪.‬‬
‫ً‬ ‫داخال يف الجفاد وصري ًؼا‬
‫ً‬ ‫ويف تعؾؿفا‬
‫اس و ُتؾازمفؿ الؼقاام باالػرائض الديـقاة‪ ،‬كالصاالة‬
‫الؿسؾؿقـ تتػؼد الـا َ‬
‫ومـ ذلؽ أن يؽقن صائػة مـ ُ‬
‫وتاردطفؿ طاـ الؿـؽارات الظاا رة‬
‫والزكاة والصقم والحج وجؿقع حؼقق اهلل وحؼقق خؾؼف القاجباة‪ْ ،‬‬
‫والباصـة‪.‬‬
‫ومـ إمر بالؿعرو والـفل طاـ الؿـؽار والتقاصال باالحؼ أن يؽاقن الؿساؾؿقن يف كاؾ أوقااهتؿ‬
‫بعضا طؾك الحؼ الذي ق العؾؿ الـاافع والعؿاؾ الصاال والصارب‬
‫بعضفؿ ً‬
‫وأحقالفؿ متـاصحقـ‪ ،‬يحث ُ‬
‫طؾك ذلؽ‪ ،‬فنن الصرب ق ألة وإساس الذي ٓ ثبقت لألمقر إٓ بف‪.‬‬
‫ُ‬
‫وتحصاقؾ إماقال لؼقامفاا وتؼقيؿفاا؛‬ ‫عل يف الؿشااريع الخقرياة التال تـػاع إماة‪،‬‬
‫ومـ ذلؽ السا ُ‬
‫الؿعقـة طؾك الديـ‪ ،‬سقاف كان ذلؽ ساع ًقا‬
‫كالؿدارس العؾؿقة يف جؿقع فـقن العؾؿ الـافع يف الديـ والدكقا‪ُ ،‬‬
‫ثقار ماـ إطؿاال الؽبقارة التال تـػاع‬
‫طؾك صريؼ اإلحسان الؿحض أو طؾك صريؼ التجارة والؽسب‪ ،‬فؽ ٌ‬
‫الـاس يف ديـفؿ و ُدكقا ؿ ٓ تؼقم إٓ بالشركات القاسعة‪ ،‬فنذا كان الـاس يسعقن لؾؿسا ؿة يف الشااركات‬
‫التجارية الؿحضة‪ ،‬فؽقػ يتلخرون طاـ الشااركات الجامعاة لألماريـ‪ ،‬لؾؿصاؾحة الديـقاة والؿصاؾحة‬
‫الشيخ َصالِ ُح ْبن ع ْبد اهلل ال ُع َص ْي ِمي‬
‫َّ‬ ‫‪42‬‬

‫ػ طؾاك‬
‫الدكققية؛ بؾ كػس السعل فقفا والعؿؾ لفا مـ أطظاؿ ماا يؼارب إلاك اهلل تعاالك‪ ،‬وتعققـفاا يتققا ُ‬
‫الؿشاورة واتباع الؿصؾحة الراجحة‪.‬‬
‫الحجج والربا قـ طؾك أطداف الديـ ماـ‬ ‫ومـ أجؾ وأفضؾ ما ُ‬
‫يدخؾ يف ذلؽ مجادلة الؿبطؾقـ وإقامة ُ‬
‫الؿؾحديـ الذيـ يتسؿقن باسؿ اإلسالم ويدطقن إلك كباذ أصاقلف‬
‫والؿؾحديـ‪ ،‬وقد يؽقن مؼاومة ُ‬
‫الؽػار ُ‬
‫لؾؿبارزيـ مـ إجاكب الؿعروفقـ بؿبارزة الديـ؛ فنن مٓف شر ؿ أطظاؿ‪،‬‬
‫ودطائؿف أفضؾ مـ الت َصدي ُ‬
‫وضرر ؿ أكرب‪ٓ ،‬غرتار ٍ‬
‫كثقر مـ الـاس باكتساهبؿ إلك اإلسالم‪ ،‬و ؿ يف الحؼقؼة مـ أكرب أطدائف‪ ،‬و امٓف‬
‫تؿققز أحاقالفؿ وإكؽاار‬
‫ُ‬ ‫قد يؽقكقن ُأ َج َرا َف لألجاكب‪ ،‬وقد يؽقكقن مخدوطقـ‪ ،‬لؽ ْـ مـ أوجب القاجبات‬
‫ما أدخؾقه طؾك الديـ مـ الدطاية الباصؾة‪.‬‬
‫طؼاال كؿاا اتضا شار ًطا بطاالن ماا‬
‫ً‬ ‫وبؿا تؾقكاه طؾقؽ مـ التؼريرات القؼقـقة طـ ديـ اإلسالم يتض‬
‫زطؿف بعض الؿتعصبقـ مـ دطاة الـصارى و ُأ َج َرائفؿ أن ديـ اإلسالم ماكع ماـ الر ُقال‪ ،‬وأن ٰ اذا الؽاالم‬
‫محاال وغقار مؿؽاـ أن يتلساس [إٓ] (‪ )1‬طؾاك ققاطاد‬ ‫ٌ‬ ‫والزطؿ الخبقث مؽابرة بقـة‪ ،‬وأن الرقِل الحؼقؼل‬
‫الديـ‪ ،‬فالؼقاطد وإصقل التل كب ْفـَا طؾقفاا طاـ الاديـ ٓ يؿؽاـ أحادٌ أن يـؽار أكفاا السابب إطظاؿ‬
‫والطريؼ القحقد إلك آرتؼاف يف مدارج السعادة والػالح‪ ،‬وأكف يتعذر الـجاح بدوهنا‪ ،‬وأن كؾ ُرقِل بغقر اا‬
‫فنكف مبـل طؾك شػا ُج ُر ار‪ ،‬وكقػ يحصؾ الرقِل إذا لؿ ترتاؼ الؼؾاقب وإرواح بؿحباة اهلل واإلكاباة‬
‫وآفتؼار إلقف وققة اإليؿان والتقكؾ طؾقف؟!‪ ،‬وكقػ يحصؾ الرقِال التاام ولاؿ ترتاؼ إخاالق باالتحؾل‬
‫بالػضائؾ والت َخؾل طـ جؿقع الرذائ ِؾ‪ ،‬وكقػ يتؿ الرقِل بغقر الجفاد الشرطل الذي ق الجفاد طؾك تبققـ‬
‫الحؼ والفدى وطؾك َق ُبقلف وطؾك دفع طادية الؿعتديـ؟!‪.‬‬
‫الجفاد الشارطل ق الذي جؿع بقـ الؼقة الؿعـقية باإليؿان الؽامؾ باهلل‪ ،‬وآطتؿااد طؾقاف‪ ،‬والتقكاؾ‬
‫وآستعاكة بف‪ ،‬والعؿؾ بجؿقع إسباب التل ٓ يتؿ الجفاد إٓ هبا‪ ،‬وجؿع الؼقة الؿادية حقث حاث طؾاك‬
‫آستعداد بؽؾ ما يستطاع مـ الؼقة العؼؾقة والسقاسقة والرمل والركقب وتعؾؿ الصـاطات وال ُػـقن التال‬
‫ُتعقـ طؾك الجفاد وطؾك أخذ الحذر مـ إطداف بؽؾ وسقؾة وصريؼ‪.‬‬
‫فقا و ْي َ مـ زطؿ أن ٰ ذه التعالقؿ العظقؿة العالقة ٓ يحصؾ هبا الرقِل‪ ،‬وإكؿا يحصؾ بالؼقة الؿادية التل‬
‫ٓ ِص َؾة لفا بالديـ الؿبـقة طؾك الؼساوة والفؿجقة والقحشاقة والظؾاؿ وكباذ الاديـ؛ ولؽاـ أكثار الـااس‬

‫ــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬غقر مقجقدة يف الؿخطقط‪.‬‬
‫‪43‬‬ ‫)‬ ‫تطزٌز (أصىل عظًٍح‬

‫ألباب يـظرون هبا إلاك حؼاائؼ إشاقاف وإلاك إماقر الـافعاة‪ ،‬التال‬
‫ٌ‬ ‫تغر ؿ الؿظا ر والصقر ولقس لفؿ‬
‫كتائجفا الخقرات والسعادة إبدية‪.‬‬

‫ذكر الؿصـػ رحؿف اهلل تعالك‪ ،‬الؼاطدة الرابعة‪ :‬و ل تتعؾاؼ باإمر باالؿعرو والـفال طاـ الؿـؽار‬
‫والتقاصل بالحؼ والتقاصل بالصرب‪ ،‬فبقـ ً‬
‫أوٓ أن الؼرآن والسـة صافحان بإدلة الؿشقدة لفاذا إصاؾ‪،‬‬
‫وطؼاال) وأن (الؿـؽار شار ًطا‪،‬‬
‫ً‬ ‫ثؿ بقـ حؼقؼة الؿعرو شر ًطا وأكف (اسؿ جامع لؽؾ ما طر حسـف شر ًطا‬
‫وطؼال)‪ ،‬وأن (الحؼ شر ًطا ق العؾقم الـافعة وإطؿاال الصاالحة)‪،‬‬
‫ً‬ ‫اسؿ جامع لؽؾ ما طر قبحف شر ًطا‬
‫فقدخؾ يف ذا أكقاع كثقرة ترجع إلك إمر بالؿعرو والـفل طـ الؿـؽر والتقاصال باالحؼ والتقاصال‬
‫بالصرب‪.‬‬
‫طدد الؿصـػ مـفا تعؾقؿ جؿقع العؾقم الـافعة لؾؿساؾؿقـ كافاة‪ ،‬صاغار ؿ وكباار ؿ يف الؿسااجد‬
‫أيضاا إيجااد قئاات وجؿعقاات ماـ الؿساؾؿقـ يادطقن إلاك الخقار ويالمرون‬
‫والؿجامع‪ ،‬ومـ ذلاؽ ً‬
‫بالؿعرو ويـفقن طـ الؿـؽر‪ ،‬وأن مـ أكرب الؿعرو أن يس َعقا يف جؿع كؾؿة الؿسؾؿقـ واتػاقفؿ طؾاك‬
‫مصالحفؿ الؽؾقة‪ ،‬وإزالة ما يؼع بقـ الؿسؾؿقـ مـ التعادي والتباغض والتـافر‪ ،‬وهدو المعبدر عنده ردرعا‬
‫بالتيلوف بون المسلمون‪ ،‬فنن ذه الحؼقؼة التل طرب طـفا الؿصـػ لؿ تسؿ يف الشارع بقحادة الؿساؾؿقـ‪،‬‬
‫ٕن وحدة الؿسؾؿقـ غقر مؿؽـ ًة شر ًطا وٓ ً‬
‫طؼال‪ ،‬ولؿ يلت يف الؽتاب والسـة الدطقة إلقفا‪ ،‬وإكؿاا جااف يف‬
‫الؽتاب والسـة الدطقة إلك التللقػ بقـ الؿسؾؿقـ والتؼريب بقاـفؿ‪ ،‬فانن آخاتال بقاـفؿ واقاع شار ًطا‬
‫وقدرا باطتبار ما تدل طؾقف إحؽام الشرطقة لتبايـ أكظار الؿجتفديـ يف إدلة‪ ،‬وباطتبار ما يق ب الخؾاؼ‬
‫ً‬
‫ق الدطقة إلك إلػاة والارتاحؿ‪،‬‬ ‫مـ الؼدر العؼؾقة وآتجا ات الـػسقة‪ ،‬فقـبغل أن يؽقن دأب الؿصؾ‬
‫بقـفؿا وإن بؼل شلف مـ الخال يقجبف طـد كؾ أحد‪ ،‬الدلقؾ الذي يتؿسؽ بف يف مساللة ماا ٓ اقاه وٓ‬
‫رأيف وإكؿا دلقؾ شرطل بان لف معـك‪.‬‬
‫ثؿ ذكر الؿصـػ أن مـ جؿؾة الؿعارو أن يؽاقن ماـ الؿساؾؿقـ صائػاة كافقاة مساتعدة لؾجفااد‬
‫باإلقبال طؾك تعؾؿ العؾقم والػـقن العصرية التل ٓ يؼقم الجفاد إٓ هبا‪.‬‬
‫ثؿ ذكر أن الجفاد كقطان‪:‬‬
‫أحد ؿا جفاد واجتفاد يف تؼقية الؿسؾؿقـ باالروح اإليؿاكقاة والؼاقة الؿعـقياة والشاجاطة الديـقاة‪،‬‬
‫وذلؽ بتعؾقؿفؿ ديـفؿ‪.‬‬
‫الشيخ َصالِ ُح ْبن ع ْبد اهلل ال ُع َص ْي ِمي‬
‫َّ‬ ‫‪44‬‬

‫وأخر جفاد إطداف بؿدافعتفؿ ومفاجؿتفؿ والتققل مـ شرور ؿ وضرر ؿ‪.‬‬


‫ثؿ ذكر أن مـ جؿؾة ما يدخؾ يف إمر بالؿعرو والـفال طاـ الؿـؽار والتقاصال باالحؼ والتقاصال‬
‫بالصرب أن يؽقن مـ الؿسؾؿقـ صائػة تتػؼدُ الـاس وتؾزمفؿ بالػرائض الشرطقة‪.‬‬
‫بعضاا طؾاك‬
‫ومـ جؿؾة ذلؽ أن يؽقن الؿسؾؿقن يف كؾ أوقاهتؿ وأحقالفؿ متـاصحقـ يحث بعضافؿ ً‬
‫الحؼ؛ ٕن الـصقحة أصؾ أصقؾ مـ الديـ‪ ،‬ويف حديث تؿقؿ الاداري يف «صاحق مساؾؿ» أن الـبال ﷺ‬
‫قال‪ « :‬الدِّ ين النصوحة »‪ ،‬وذلؽ يدل طؾك طظؿة الـصقحة؛ إذ جافت الجؿؾة معرفاة الطارفقـ يف مبتادئفا‬
‫وخرب ا‪ ،‬فؽلن الديـ كؾف كائ ٌـ يف الـصقحة‪.‬‬
‫ثؿ ذكر مـ جؿؾة ذلؽ‪ ،‬السعل يف الؿشااريع الخقرياة التال تـػاع إماة وتحصاقؾ إماقال لؼقامفاا‬
‫وتؼقيؿفا؛ كالؿدارس العؾؿقة وغقر ا‪ ،‬وذلؽ بالطرق الشرطقة الؿلذون هبا‪.‬‬
‫ثؿ ذكر أن مـ أجؾ وأفضؾ ما يدخؾ يف ذلؽ مجادلة الؿبطؾقـ وإقامة الحجج والربا قـ طؾاك أطاداف‬
‫ِ‬
‫جفااده‪ ،‬وأماا ماـ لاؿ‬ ‫الديـ لؿـ ترش لذلؽ ووجد مـ كػسف الؼقة فقف وإ ؾقة طؾقف‪ ،‬فقؽقن ذلؽ ماـ‬
‫تؽـ لف أ ؾقة فؾقس لف أن يدخؾ يف مجادلة الؿبطؾقـ؛ ٕن حػظ رأس الؿاال مؼادم طؾاك الارب ‪ِ ،‬‬
‫فح ْػاظ‬
‫إيؿان الؿممـ الذي لؿ يؼؿ طؾك طؾؿ طظقؿ أفضؾ مـ دخقلف يف َل َجج وجدال مع أحد مـ الؿبطؾقـ‪.‬‬
‫والسؿق يف أمار الاديـ والادكقا‪،‬‬
‫ّ‬ ‫ثؿ ذكر رحؿف اهلل تعالك أن ما سؾػ ذكره يدل طؾك أن الرقل الحؼقؼل‬
‫ووجقد ؿ يف أحؽام اإلسالم وتعالقؿف‪ ،‬وأن الشرع أمر الخؾؼ بالجفاد يف تحصقؾ ذلؽ‪ ،‬وصؾبف جاامعقـ‬
‫بقـ الؼقة والؿعـقية الؿتعؾؼة باإليؿان الؽامؾ وآطتؼاد الصحق ‪ ،‬والؼقة الؿادية التل تقجاب لفاؿ قاقة‬
‫وضفقرا طؾك أطدائفؿ‪ ،‬فؿـ زطؿ أن الديـ ٓ يتضؿـ ذلؽ ففق مبطؾ كاذب‪.‬‬
‫ً‬

‫انقاعدج اخلايسح‬
‫اندٌٍ اإلساليً ْى انصالح ادلطهق‬
‫وال سثٍم إىل صالح انثشز انصالح احلقٍقً إال تاندٌٍ اإلساليً‬

‫قال تعاالك يف طادة آياات‪﴿ :‬ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ﴾ ثاؿ يرتاب طؾاك ذلاؽ خقار الادكقا‬

‫داخاؾ يف الصاالحات‪﴿ ،‬ﯲ ﯳ ﯴ‬


‫ٌ‬ ‫وأخرة‪ ،‬ويطؾؼ الصالحات‪ ،‬فؽؾ شلف يـطبؼ طؾقف الصالح فنكاف‬

‫ﯵ ﯶ ﯷﯸ﴾[ ااااقد‪﴿ ،]11:‬ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ﴾ [يااااقكس]‪﴿ ،‬ﭘ ﭙ ﭚ‬


‫‪45‬‬ ‫)‬ ‫تطزٌز (أصىل عظًٍح‬

‫ﭛ﴾[األعراف]‪ ،‬أي‪ :‬الذيـ صؾحت قؾقهبؿ وأخالقفاؿ وأطؿاالفؿ‪﴿ ،‬ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ‬

‫ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﴾[البؼرة]‪.‬‬
‫صاالح‪ ،‬فالخرب‬
‫ٌ‬ ‫و ٰ ذا يؼقلف تعالك لؾؿـافؼقـ الذيـ يزطؿقن أن ما ؿ طؾقف مـ الـػاق وتارك اإليؿاان‬
‫تعالك أكف ق طقـ الػساد‪ ،‬فؽؾ مـ زطؿ أن الصالح يف خال الديـ اإلسالمل ففق مـ امٓف الؿـاافؼقـ‬
‫وطؾك شاكؾتفؿ‪ ،‬ويف الؼرآن آيات كثقرة فقفاا الحاث طؾاك الصاالح واإلصاالح والتحاذير طاـ الػسااد‬
‫واإلفساد‪.‬‬
‫و ٰ ذا إصؾ الؽبقر كؿا أكف ثابت شر ًطا وديـًا فنكف ثابت يف العؼاقل الصاحقحة وإلبااب الؿساتؼقؿة‪،‬‬
‫وذلؽ بؿعرفة ما ق الصالح ِ‬
‫وضده‪ ،‬أما الصالح ف َل ْن تؽقن إمقر كؾفا ضا ر ا وباصـفا ديـقفا ودكققيفاا‬
‫حاصال لفا مـ إوصا الصالحة والـعقت الؿصاؾحة ماا يقصاؾفا إلاك الصاالح‬
‫ً‬ ‫مؽؿؾة‬
‫معتدلة كامؾة ّ‬
‫الحؼقؼل‪ ،‬وبذلؽ يـتػل طـفا الػساد‪ ،‬أما صالح الؼؾقب ْ‬
‫فلن تؽقن طارفة باالحؼ معرتفاة باف مـؼاادة لاف‪،‬‬ ‫ّ‬
‫تابعة لف‪.‬‬
‫الحؼ طؾك اإلصالق الذي يتعقـ معرفتف وآكؼقاد لف ق معرفة تػارد الارب بالؽؿاال الؿطؾاؼ‬
‫فلطظؿ ّ‬
‫ٌ‬
‫مخؾقق بقجف مـ القجقه‪ ،‬وأكف الؿتػر ُد يف طظؿة صػاتف‪ ،‬وتػرده يف أفعالاف‬ ‫الذي ٓ يشاركف وٓ يؿاثؾف فقف‬
‫وططائف‪ ،‬ومـعف وخػضف ورفعف‪ ،‬وتصاريػف إمقر بحؽؿة وطـاياة‪ ،‬تتؼاصار طؼاقل العاالؿقـ طاـ بؾاقغ‬
‫غايتفا وهناية دقتِفا‪.‬‬
‫ثؿ إذا َط َر َف ْت ُف ٰ ذه الؿعرفة الصحقحة الؿتؾؼاة طـ كتاب اهلل وسـة رسقل اهلل اطرتفت واكؼادت لف محبا ًة‬
‫وخق ًفا ورجا ًف وإكاب ًة إلقف وقصدً ا يف جؿقع شموهنا الظا رة والباصـة‪ ،‬وهبٰذه الؿعرفة وآطرتا وآكؼقااد‬
‫ٍ‬
‫وإذطان وداطل اإليؿان ورجاف الثقاب‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫وصؿلكقـة‬ ‫التام تـؼاد إلك أداف حؼققف وحؼقق ِ‬
‫طباده باكشاراحٍ‬
‫الحؼقؼل الذي ٓ يؿؽـ صالح إحقال إٓ بف؟‪ ،‬ففؾ يؿؽـ أن يصؾ طبد لاؿ‬
‫ّ‬ ‫ألقس ٰ ذا ق الصالح‬
‫ُيػرد ربف بؿعرفتف ومحبتف واإلكابة إلقف‪ ،‬ولؿ يـؼد يف ضا ره وباصـف إلك الؼقام بعبقديتف وحؼقق خؾؼاف‪ ،‬فؾاق‬
‫خ َؾت الؼؾقب مـ ٰ ذه الؿعا الجؾقؾة‪ ،‬ففؾ يؿؽـ أن تصؾ ؟‪ ،‬و ؾ يؿؽـ أن تصؾ الحركات الظاا رة‬
‫والباصـة؟ ٰ ذا مؿتـع ومستحقؾ‪.‬‬
‫فالؼؾقب الخالقة مـ اإليؿان‪ ،‬الؿتجردة طـ آكؼقاد واإلذطان إلقف حقث اكؼطعت طـ اهلل‪ ،‬فاال باد أن‬
‫تتبع شفقاتِفا وأ قا َف ا‪ ،‬وبذلؽ تػسد إحقال كؾفا‪.‬‬
‫الشيخ َصالِ ُح ْبن ع ْبد اهلل ال ُع َص ْي ِمي‬
‫َّ‬ ‫‪46‬‬

‫و ٰ ذا بر ان ضا ر كقر طؾك أن الصالح يف الديـ والدكقا مـقط بالؼقام بالديـ اإلسالمل‪.‬‬


‫وأيضا فنن الـاس مضطرون إلك آجتؿاع‪ ،‬ومػتؼارون إلاك تباادل الؿصاال ‪ ،‬وٓ باد لبعضافؿ ماـ‬
‫ً‬
‫بعضفؿ‪ ،‬وشمون بعضافؿ متعؾؼاة بابعض‪ ،‬وٓ يشاؽ أحاد ماـ العؼاالف أن مصاال البشاار متعارضاة‬
‫ومطالبفؿ متبايـة‪ ،‬والؿصال مختؾػة‪ ،‬وإ قية غالبة‪ ،‬فؽان ٰ ذا أققى الربا قـ طؾك اضطرار الخؾؼ إلاك‬
‫وياـف ُج لفاؿ صرياؼ العادل‬
‫َ‬ ‫ويشارع لفاؿ ّ‬
‫الشارائع‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ديـ وشرع سؿاوي معصاقم يحادد لفاؿ الحادود‪،‬‬
‫ٍ‬
‫بطؿلكقـة وحقاة صقبة‪.‬‬ ‫واإلكصا ‪ ،‬ويؿؽـ بعضفؿ مـ آكتػاع ببعض‬
‫والشارع والديـ اإلسالمل ٌ‬
‫كػقؾ بذلؽ طؾك القجف إكؿؾ والطريؼ إققم‪ ،‬أٓ ترى ُحسـ ما شارطف‬

‫مـ الؿعامالت يف الؿعاوضات ك ّؾفا والتربطات‪ ،‬وما أوجباف ماـ الحؼاقق باقـ الـااس طؾاك ْ‬
‫حساب ماا‬
‫تؼتضقف الؿصؾحة والضرورة والظرو ‪ ،‬وما فقف مـ ققاطد العدل التل ٓ غـك لؾخؾؼ كؾفؿ طـفا‪ ،‬وما فقاف‬
‫اس إلاك طؼاقلفؿ يف ٰ اذه إماقر‬
‫الحدود والعؼقبات لؾؿجرمقـ بحسب جارائؿفؿ‪ ،‬فؾاق ُوكاؾ الـا ُ‬
‫مـ ُ‬
‫لصارت تب ًعا لأل قية وإغراض‪ ،‬وحصؾت الػقضك بحسب ما ُترك مـ كظامات الشريعة‪.‬‬
‫وكؾ قاطدة كافعة مقجقدة طـد إجاكب‪ ،‬وكاؾ كظاام كاافع طـاد ؿ فنكؿاا أصاؾف مالخق ٌذ ماـ الاديـ‬
‫اإلسالمل‪.‬‬
‫خارجا طـ الديـ اإلسالمل‪.‬‬
‫ً‬ ‫وطؿال كاف ًعا‬
‫ً‬ ‫أصال كاف ًعا ومعامؾ ًة كافعة‬
‫فؾقذكر لـا الؿـحرفقن ً‬
‫سبقال‪ ،‬وكقػ يجدون السبقؾ والذي أكزلف وشرطف لؾخؾاؼ اق الارب الارحقؿ‪،‬‬
‫ولـ يجدوا إلك ذلؽ ً‬
‫الذي وسعت رحؿتف كؾ شلف‪ ،‬وأحاط طؾؿف بؽؾ شلف‪ ،‬وطؾؿ أحقال الخؾاؼ ماضاقفا ومساتؼبؾفا‪ ،‬فاال‬
‫شرطف غاية اإلحؽام‪ ،‬كؿا أح َؽؿ ما قدره يف أحسـ كظام‪ ،‬ألقس مـ‬
‫يخػك طؾقف مـفا مثؼال ذرة‪ ،‬وأح َؽؿ ما َ‬
‫أجؾ صرق الصالح الشؽر طـد الـعؿاف‪ ،‬والصرب طـد الؿصائب والضااراف‪ ،‬إماران الؾاذان لاؿ يازل وٓ‬
‫يزال الخؾؼ يف ٰ ذه الدكقا بقـفؿا يتؼؾبقن‪ ،‬وٓ ُيؿؽـ أن يخؾق مـفؿا مخؾاقق يف وقات ماـ إوقاات‪ ،‬وٓ‬
‫حالة مـ إحقال‪.‬‬
‫فسمِ انشَّاكَّ يف اشتًال اندٌٍِّ اإلساليً عهى غاٌح انصَّالح‪ :‬ؾ ما يدطق إلقف الديـ اإلساالمل ماـ‬
‫مؼابؾة الـعؿ والخ ْقرات بالشؽر والثـاف طؾك ُمقلقفا وآستعاكة هباا طؾاك ماا يحباف ويرضااه يف صارففا يف‬
‫القجقه الـافعة‪ ،‬ومؼابؾة الؿؽاره والؿصائب بالصرب والرضا طـ اهلل والتسؾقؿ ٕقداره‪ ،‬فقؽقن العباد طـاد‬
‫اهلل لاف يف‬
‫الـعؿ مـ الشاكريـ‪ ،‬وطـد الؿؽاره مـ الصابريـ‪ ،‬ويؽسب الحقاة الطقبة يف الدكقا‪ ،‬مع ما يادخره ُ‬
‫أخرة‪ ،‬أم مؼابؾة الـعؿ بإشر وال َبطر‪ ،‬والؿؽاره بالسخط وأٓم الؼؾبقة والزٓزل الروحقة كؿا ق أمار‬
‫‪47‬‬ ‫)‬ ‫تطزٌز (أصىل عظًٍح‬

‫ٓزم لؾؿـحرفقـ؟! فالعاقؾ ٓ يشؽ أن إمريـ ٓ يستقيان‪.‬‬

‫وقم نّ‪ :‬أي إمقر خقر‪ ،‬ما دطا إلقف الديـ ماـ ققلاف‪﴿ :‬ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ‬

‫ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ﴾[الػرقاان]‪ ،‬الذي بف صالح إمقر‪ ،‬أم صريؼة اإلسرا والتبذير‪ ،‬وصريؼاة ال ُبخاؾ‬
‫والتؼتقر؟ وما دطا إلقف الديـ ماـ اإلحساان يف طباادة الخاالؼ وإيؼاطفاا طؾاك أحساـ القجاقه وأكؿؾفاا‬
‫واإلحسان إلك الخؾؼ بؽؾ وسائؾ اإلحسان‪ ،‬أم ما يدطق إلقف الؿـحرفاقن ماـ اإلطاراض طاـ طباادة اهلل‬
‫وحده‪ ،‬واإلقبال التام طؾك شفقات الـػقس الخسقسة‪ ،‬وجعؾفا ل مبؾغ طؾؿ اإلكساان‪ ،‬وكاؾ ّؿاف مـاع‬
‫اإلحسان إلك الخؾؼ؛ بؾ مؼابؾة اإلحسان باإلسافة؟!‬
‫الجؾل ٓ يحتاج إلك صؾب ترجق ‪.‬‬
‫ّ‬ ‫فال بد أن يؼقل العؼؾ الصحق ‪ ٰ :‬ذا إمر‬
‫وقم نهشَّاكِّ يف حسٍ اندٌٍِّ اإلساليً‪ :‬ؾ ما دطا إلقف مـ وجقب بر القالديـ وصؾة إرحام وأداف‬
‫حؼقق إصحاب والجقران والؿعا َمؾقـ بطريؼة العدل والػضؾ خقر أم صريؼة إثرة والعؼاقق والؼطقعاة‬
‫والجقر يف الؿعامالت؟!‬
‫ً‬
‫طؼقٓ وققى ضا رة وباصـة كتؿؽـ هبا مـ إدراك سعادتـا‪ ،‬ودفع شاؼاوتـا‪ ،‬ففاؾ‬ ‫وقم نّ‪ :‬اهلل قد و بـا‬
‫إذا استعؿؾـا ما و بـا ربـا مـ ذلؽ فقؿا خؾؼـا لف مـ طبادة ربـا والؼقام بحؼققاف وحؼاقق طبااده ورضاقخ‬
‫تؾؽ الؿقا ب والؼقى ٕحؽام َم ْـ أ ْك َع َؿ هبا وو بفا‪ ،‬والساؾقك ماـ ذلاؽ الطرياؼ الؿساتؼقؿ إلاك ربـاا‪،‬‬
‫إولاك بـاا ْ‬
‫أن كساتعؿؾ‬ ‫وآستعاكة بؿا أططاكا مـ الؿـافع الدكققية إلك إصالح ديــا ومصالحـا ال ُؽؾقة‪ ،‬أم ْ‬
‫العؼقل والؼقى يف أمقر تاففة صػقػة؛ ٓ تغـل طـ صاحبفا شق ًئا ْ‬
‫إن لؿ يمسسفا ويبـفا طؾاك الاديـ‪ ،‬وإكؿاا‬
‫يجعؾفا تب ًعا لشفقاتف‪ ،‬وو ْق ًػا طؾك مراداتف ولق أ ؾؽ وضر أخراه؟!‬
‫فالديـ الصحق يدطق إلك إول‪ ،‬و ُصرق آكحرا تدطق إلك الثا ‪.‬‬
‫وقم نّ أٌضًا‪ :‬أيؿا أولك بالعبد ْ‬
‫أن يتبع ما دطاا إلقاف الاديـ ماـ إخاالص الاديـ هلل وحاده‪ ،‬وتعؾقاؼ‬
‫الرغبات والر بات باهلل‪ ،‬وأن ٓ يرجق وٓ يطؿع إٓ بػضؾ اهلل وكرمف‪ ،‬أو تعؾقؼ ذلؽ بالؿخؾقققـ الاذيـ‬
‫كشقرا‪.‬‬
‫ً‬ ‫فضال طـ غقر ؿ كػ ًعا وٓ ضرا وٓ مق ًتا وٓ حقا ًة وٓ‬
‫ٓ يؿؾؽقن ٕكػسفؿ ً‬
‫وقم نّ‪ :‬إذا كان الرب ق الذي خؾؼـا ورزقـا و داكا وطافاكا وتػضؾ طؾقـا بالـعؿ الظاا رة والباصـاة؛‬
‫أٓ يجب طؾقـا أن يؽقن ق معبق ُدكا‪ ،‬و ق الذي كحؿده وكشؽره‪ ،‬وكبذل لف ما يف ُوسعـا واجتفادكاا‪ ،‬وماع‬
‫ذلؽ فنكـا ٓ كبؾغ بذلؽ مؼابؾة أدكك كعؿة مـ كعؿف طؾقـا‪ .‬ففؾ يؾقؼ بـا أن كصر شق ًئا ماـ ذلاؽ يف شاؽر‬
‫الشيخ َصالِ ُح ْبن ع ْبد اهلل ال ُع َص ْي ِمي‬
‫َّ‬ ‫‪48‬‬

‫غقره‪ ،‬وطبقدية غقره؟‬


‫ُ‬
‫والعؼؾ والػطر ُة‪.‬‬ ‫رع‬
‫أمر يستؼبحف الش ُ‬
‫ٓ واهلل إن ٰ ذا ٌ‬
‫وقم نهشَّاك يف تعانٍى اندٌٍِّ انزَّاقٍح‪ :‬ألقس الديـ اإلساالمل يحاث الؿساؾؿقـ أن يؽقكاقا إخاقة‬
‫متآلػقـ متػؼقـ طؾاك دياـفؿ‪ ،‬وطؾاك أصاقلف‪ ،‬وطؾاك جؿقاع مصاالحف‪ ،‬ويارغ ُبفؿ يف ٰ اذا إصاؾ غاياة‬
‫ويزجر ؿ أشد الزجر طـ كاؾ ماا يـاايف ذلاؽ‪ ،‬ماـ‬
‫ُ‬ ‫الترغقب‪ ،‬ويذكر لفؿ ثؿرات ذلؽ العاجؾة وأجؾة‪،‬‬
‫التباغض والتدابر والتؼا ُصع‪ ،‬ويخرب ؿ أن إصالح ذات البقـ ق السبب والطريؼ لصالح إحاقال‪ ،‬كؿاا‬
‫أن فساد ذات ال َب ْقـ ق السبب يف إضرار الديـقة والدكققية‪.‬‬
‫ففؾ يقجد صريؼ لصالح إحقال الؽؾ ّقة غقر ٰ ذا الطريؼ الذي يرشد إلقف الديـ‪ ،‬بجؿق ِع وجق ف؟!‪.‬‬
‫وقممم نهشَّ ماك يف كًممال انممدٌٍِّ‪ :‬إذا قااال‪ :‬كحا ُـ كعاارت بؿااا احتااقى طؾقااف الااديـ اإلسااالمل مااـ‬
‫اإلصالحات الديـقة أو الؼؾبقة أو إخالققة‪ ،‬وما احتقت طؾقف أحؽا ُماف ماـ العباادات والؿعاامالت ماـ‬
‫فضاال طاـ كقهناا تؼارتح‬
‫ً‬ ‫الحسـ الذي ٓ مزيد طؾقف‪ ،‬وٓ يؿؽـ أن تؼرتح ال ُعؼقل أحؽا ًما مثؾ أحؽاماف‪،‬‬
‫أطؾك مـ أحؽامف‪ ،‬ولؽـ ّ‬
‫كشؽ يف احتقائف طؾك الؿـافع الدكققية‪ ،‬وطؾك الصـاطات وطؾك طؾقم السقاسة‪.‬‬
‫فلجبف قائال‪ :‬ألقس فقف ققاطد وأصقل مـ طؾؿ آجتؿاع والسقاساة ٓ يؿؽاـ أن يخارتع الؿخرتطاقن‬
‫أحسـ مـفا‪ ،‬ألقس فقف إمر بالؿشاورة يف جؿقع إمقر الداخؾقة والخارجقة‪ ،‬فؿا الؿؼصقد مـ الؿشاورة‬
‫إٓ الـظر يف الؿصال والؿضار والخقر والشار‪ ،‬وتؼديؿ ما تعقـات مصاؾحتف أو ترجحات‪ ،‬واجتـااب ماا‬
‫تعقـت مضرتف أو ترجحت‪.‬‬

‫الحؽِقؿة كؾفا ترجع إلك الشاقرى يف إماقر‪ ،‬ألاؿ يؼاؾ اهلل‪﴿ :‬ﰄ ﰅ ﰆ ﰇ ﰈ ﰉ ﰊ‬
‫فالسقاسة َ‬

‫ﰋ﴾[الجاثقة‪﴿ ،]67:‬ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ﴾[لؼؿان‪ ،]13:‬أي‪ :‬سخر لـا جؿقاع‬


‫ما يف إرض لــتػع بغرسفا وزرطفا وحرثفا واساتخراج معادهناا‪ ،‬وآكتػااع بصاـاطاهتا‪ ،‬وكاذلؽ قاال‪:‬‬

‫﴿ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ﴾[الحدياد‪ ،]14:‬فاالصؾؼ الؿـاافع‪ ،‬فشااؿؾت الؿـااافع الديـقااة‬


‫خصقصا مـافع إسؾحة الؿتـقطة التل تجري مع الزمان وإحقال والصاـاطات التال‬
‫ً‬ ‫والؿـافع الدكققية‪،‬‬

‫يـتػع هبا الـاس يف كؾ شلف ألؿ يؼؾ اهلل‪﴿ :‬ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ﴾[إكػال‪ٰ ،]13:‬‬
‫ففذا يدخؾ فقف‬
‫كؾ ققة طؼؾقة وسقاسقة‪ ،‬وتعؾؿ الػـقن الحربقة‪ ،‬والركاقب والرمال‪ ،‬وتقاباع ذلاؽ‪ ،‬وكاذلؽ َأ َما َر ْ‬
‫بلخاذ‬
‫الحذر مـ إطداف‪ ،‬وذلؽ بالتخؾص والتحصـ والتحرز مـفؿ بؽؾ وسقؾة تحصؾ هبا الققاية والتحرز‪.‬‬
‫‪49‬‬ ‫)‬ ‫تطزٌز (أصىل عظًٍح‬

‫وكؿ يف كتاب اهلل وسـة رسقلف مـ إمر بالجفاد ومؼاومة إطداف‪ ،‬فقدخؾ يف ذلؽ كاؾ وساقؾة ُتعاقـ‬
‫طؾك الجفاد يف سبقؾ اهلل‪ ،‬ف ُعؾؿ بذلؽ أن الديـ اإلسالمل قد احتاقى طؾاك جؿقاع الؿصاال والخقارات‬
‫العاجؾة وأجؾة‪ ،‬والـػع الؽؾل والجزئل والديـل والدكققي‪.‬‬
‫قات ُيعر تحؼق ُؼفا بتتبع إكقاع وإجـاس وإفراد وتحؼقؼ إمر فقفاا‪ ،‬و ٰ اذا ماـ‬
‫كؾؿات كؾ ٌ‬
‫ٌ‬ ‫ففذه‬
‫ٰ‬

‫أكرب أيات والربا قـ أكف ﴿ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ﴾[فصؾت]‪.‬‬


‫اهلل أبااح جؿقاع الطقباات ماـ الؿآكاؾ والؿشاارب والؿالباس‬ ‫ومؿا يدل طؾك طظؿة ٰ ذا الاديـ أن َ‬
‫ضاار لصااحبف ولؾؿصاؾحة العؿقمقاة‪،‬‬ ‫ٍ‬
‫خبقث مـ ٰ ذه إمقر‬ ‫والؿـاضر والؿـاك والتؿتعات‪ ،‬وحرم كؾ‬
‫ّ‬
‫وأكف ما أمر بشا ٍ‬
‫لف فؼال العؼؾ الصحق الحر‪ :‬لقتف هنك طـف‪ ،‬وٓ هنك طـ شلف فؼال العؼؾ‪ :‬لقتاف أمار باف‪،‬‬
‫وٓ أخرب بؿا ُتحقؾف العؼقل؛ بؾ أخباره كقطان‪:‬‬
‫كقع تشفد العؼقل بصحتف وكؿالف وفضؾف‪.‬‬
‫وكقع ٓ هتتدي إلقف وٓ تعر ُفف لعدم وصاقلفا إلقاف‪ ،‬لؽقكاف ماـ طاالؿ الغ ْقاب الاذي لاؿ تشاا ده وٓ‬
‫شا دت كظقره‪.‬‬
‫اهلل طبا َده يف أفاق ويف أكػسفؿ مـ أيات ماا يادل طؾاك صادْ ِق ماا أخاربت باف‬
‫و ٰ ذا الـقع قد أرى ُ‬
‫الرسؾ وكطؼت بف الؽتب السؿاوية‪.‬‬
‫طؾؿاا يؼقـًاا أن‬
‫مختصارا طؾاؿ ً‬
‫ً‬ ‫تـبقفاا‬
‫َمـ كظر وأمعـ الـظر يف ٰ ذه إصقل التل تؾقكا ا وكبفـا طؾقفاا ً‬
‫وحسـ معامؾتاف لؾخؾاؼ‪،‬‬
‫الديـ اإلسالمل ق الديـ الحؼ يف طؾقمف وطؼائده وأخالقف وأطؿالف وسقاستف‪ُ ،‬‬
‫وإحساكف إلك الؿقافؼ والؿخالػ‪ ،‬وأك ُف يدطق إلك سبقؾ الحؼ بالحؽؿة التل ل سؾقك الطرق والقساائؾ‬
‫الؼقلقة والػعؾقة التل يستعان هبا طؾك الدطاية إلك سبقؾ اهلل الذي ق الصاراط الؿستؼقؿ‪ ،‬وأكف يلمر باالؾقـ‬

‫وطدم الؿخاشـة يف مخاصبة الؿحاربقـ لؾديـ‪ ،‬فؽقػ باذلؽ ماع الؿاممـقـ فقؼاقل لرساقلف ﷺ‪﴿ :‬ﭙ‬

‫ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧﭨ﴾[آل طؿران‪ ،]646:‬وقال لؿقساك و اارون‪:‬‬

‫﴿ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﴾[صف]‪.‬‬
‫لفاذا الطرياؼ‬ ‫ِ‬
‫ب اهلل بف أطدافه الؽػار‪ ،‬وتخاصبفؿ الرساؾ‪ ،‬فنكاف الطرياؼ إقاقم ٰ‬
‫ثؿ اكظر إلك ما يخاص ُ‬
‫والدطاية إلك الخقر‪ ،‬وبف يحصؾ مـ الؿـافع ودفع الؿضار ماا ٓ يحصاؾ بالؿخاشاـة والؿشااتؿة‪ ،‬فنكفاا‬
‫حسـت مؼاصد ؿ فؼد سافت صرائؼفؿ‪.‬‬
‫صريؼة الجا ؾقـ الحؿؼك‪ ،‬وإن ُ‬
‫الشيخ َصالِ ُح ْبن ع ْبد اهلل ال ُع َص ْي ِمي‬
‫َّ‬ ‫‪51‬‬
‫ٍ‬
‫وأصقل مختصارة جامعة‪ ،‬وكساللف‬ ‫و ٰ ذا آخر ما يسار اهلل مـ ٰ ذه الرسالة إصقلقة الؿحتقية طؾك ققاطدَ‬
‫تعالك أن يثبتـا طؾك ديـف‪ ،‬وصراصف الؿستؼقؿ‪ ،‬إكف جقا ٌد كريؿ‪ ،‬وصؾك اهلل وسؾؿ طؾك طبده ورسقلف ساق ِدكا‬
‫محؿ ٍد وآلف وصحبف أجؿعقـ‪.‬‬

‫ختؿ الؿصـػ رحؿف اهلل تعالك رسالتف ذه بذكر الؼاطدة الخامسة‪ :‬الؿبقـة بالن الاديـ اإلساالمل اق‬
‫الصالح الؿطؾؼ‪ ،‬وٓ سبقؾ إلك صالح البشر الصالح الحؼقؼل إٓ بالديـ اإلسالمل‪ ،‬و ذا إصاؾ كؿاا‬
‫وطؼال‪:‬‬
‫ً‬ ‫ذكر الؿصـػ ثابتا شر ًطا‬
‫فلما ثبقتف شر ًطا فبطريؼ إدلة القاردة يف ذا الؿعـك مـ الؼرآن والسـة‪.‬‬
‫طؼال فذلؽ أن العؼقل تستدطل وتطؾب ما فقف تحصقؾ مصالحفا واستؼامة حقاهتا وتبقئتفاا‬
‫وأما ثبقتف ً‬
‫مـزلة الصالح‪ ،‬و ذا مقجقد يف ما جاف يف الشرع مـ أحؽام طظام‪.‬‬
‫ثؿ ذكر الؿصـػ رحؿف اهلل تعالك مدارج اذا الصاالح واإلصاالح‪ ،‬وأن فاتحاة الصاالح الحؼقؼال‬
‫واإلصالح الصادق‪ ،‬ق معرفة العبد بربف گ‪ ،‬فال تؽقن دطقة إلك صالح وإصالح صاادقة حتاك يؽاقن‬
‫مػتاح مطالبفا يف اإلصالح الدطقة إلك التقحقد؛ ٕكف إذا كاكت الؼؾقب شارد ًة بعقدة طاـ اهلل ‪ ،۵‬فالكك‬
‫لفا ولؾصالح‪ ،‬فؿػتاح الصالح الحؼقؼل يف الؽتاب والسـة ق مؾف الؼؾاقب باإلذطاان هلل ‪ ۵‬بتقحقاده‬
‫واإليؿان بف‪.‬‬
‫ثؿ ذكر ما يتؾق ذلؽ مـ الـظر إلك ما يصؾ بف الـاس يف أحؽامفؿ آجتؿاطقاة‪ٕ ،‬ن الـااس مػتؼارون‬
‫إلك بعضفؿ إلك بعض‪ ،‬فاإلكسان مد باالطبع ٓ قاقام لاف يف العاقش إٓ بحقااة بدكقاة كؿاا قاال تعاالك‪:‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ ْ‬
‫َ َ َ ُ ۡ ُ ُ‬‫َ ٓ َ‬ ‫ۡ‬
‫﴿ َوجعينَٰؾً صعٔبا َوؼتائِو َلِ َع َارف ْۚ ْٓٔ ﴾ ُ‬
‫[الح ُجرات‪ ،]67:‬أي لقـتػع بعضؽؿ مـ بعض‪ ،‬وجافت أحؽام الديـ‬
‫اإلسالمل متضؿـة لؿا فقف صالح الخؾؼ يف اجتؿااطفؿ‪ ،‬بؿاا تضاؿـ ماـ ققاطاد العادل إقاماة الحادود‬
‫والعؼقبات وبقان الحؼقق بقـفؿ‪.‬‬
‫ثؿ ذكر رحؿف اهلل تعالك مشا د مـ الصالح و اإلصالح‪ ،‬و ل التال يبتادئ كاؾ جؿؾاة مـفاا بؼقلاف‪:‬‬
‫مثال‪ ،‬ذكر أن ماـ‬
‫(فاسلل الشاك يف اكتؿال الديـ اإلسالمل طؾك غاية الصالح) إلك آخره‪ ،‬الؿشفد إول ً‬
‫مشا د الصالح واإلصالح يف الديـ اإلسالمل مؼابؾة الـعؿ بالشاؽر وأن مؼابؾفاا و اق مؼابؾتفاا بإشار‬
‫والبطر خال ُ اإلصالح‪.‬‬
‫دطاقى متق ؿاة؛‬
‫ً‬ ‫ثؿ ذكر مشا د ُأخر مـ مشا د الصالح و اإلصالح يف اإلسالم‪ ،‬ثؿ رجع إلك إبطال‬
‫‪50‬‬ ‫)‬ ‫تطزٌز (أصىل عظًٍح‬

‫و ل الدطقى التل تزطؿ أن ديـ اإلسالم يتضؿـ الصالح الديـل دون اإلصالح الادكققي‪ ،‬فػقاف إصاالح‬
‫ديـل ٕحؽام الخؾؼ يف ما بقـفؿ وبقـ رهبؿ ‪ ،۵‬أما مـافعفؿ الدكققية فنكف لقس يف اإلسالم ذلاؽ فلبطاؾ‬
‫اهلل يف ذه الؿؼالة‪ ،‬ببقان ما يف الشرع مـ ققاطد وأصقل تادل طؾاك مصاال الخؾاؼ يف طؾاقم آجتؿااع‬
‫والسقاسة وآقتصاد وغقر ذلؽ مؿا بقـ بعضف العالمة محؿد إمقـ الشـؼقطل يف الرسالة أكػاة الاذكر‪،‬‬
‫وطؾؼـا طؾقفا بؿا يصؾ ببقان معاكقفا يف ذلؽ الؿحؾ‪.‬‬
‫ثؿ ختؿ ببقان الدلقؾ طؾك طظؿة ذا الديـ‪ ،‬يف الصػحة الثالثاة والسابعقـ فؼاال‪( :‬ومؿاا يادل طؾاك‬
‫اهلل أباح جؿقع الطقبات مـ الؿآكؾ والؿشارب)‪ ،‬ثؿ قال‪( :‬وحرم كاؾ خبقاث)‪ ،‬فاال‬
‫طظؿة ٰ ذا الديـ أن َ‬
‫تليت العؼقل بؿـافرة أحؽامف؛ بؾ ما صقبف الشرع صقبتف العؼقل وما خبثف الشرع خبثتاف العؼاقل‪ٕ ،‬ن الشارع‬
‫لؿا يليت إلك طؾك وفؼ ما هتتدي إلقف العؼقل الصحقحة‪ ،‬و ذا معـك ققل الؿصـػ‪( :‬وٓ أخرب بؿاا تحقؾاف‬
‫العؼقل)‪ ،‬فا(إخبار كقطان‪ :‬كقع تشفد العؼقل بصحتف وكؿالف وفضؾف‪.‬‬
‫وكقع ٓ هتتدي إلقف وٓ تعرفف لعدم وصقلفا إلقف لؽقكف مـ طؾؿ الغقب‪ ،‬فؼد حجبت طـف)‪ ،‬وإلاك اذا‬
‫يشار إلك بؼقل بعض الـظار مـ الؿتؽؾؿقـ‪ :‬إن الشرع جاء بمحارات العقول ال بمحالتها‪ ،‬أي بؿاا تحقار‬
‫فقف العؼقل ٓ بؿا تحقؾف العؼقل وتؿـعف‪.‬‬
‫ثؿ ذكر رحؿف اهلل تعالك أن مـ كظر وأمعـ يف ذه إصاقل التال ذكر اا الؿصاـػ طار أن الاديـ‬
‫اإلسالمل ق الديـ الحؼ يف طؾقمف وطؼائده‪ ،‬وأخالقف وأطؿالف وسقاستف وإحساكف إلك الخؾؼ وأكف يـبغال‬
‫طؾك أ ؾف أن يحرصقا طؾك سؾقك الطرق والقسائؾ التل تدطقا إلقف بالؾقـ وطؾاؿ الؿخاشاـة بحساب ماا‬
‫تستدطقف الحال؛ ٕن الؿخاشـة والؿشاتؿة ‪-‬كؿا قال‪ -‬صريؼة الجا ؾقـ‪ ،‬وإكؿا يػزع إلقفا مـ يحتاج إلاك‬
‫ذلؽ‪ ،‬وأما العالؿ العاقؾ فنكف ٓ يحتاج إلقفا‪.‬‬
‫و ذا آخر البقان طؾك ذه الجؿؾة مـ الؽتاب‪ ،‬والحؿد هلل رب العالؿقـ‪ ،‬وصؾك اهلل وسؾؿ طؾك طباده‬
‫ورسقلف محؿد وآلف وصحبف أجؿعقـ‪.‬‬

You might also like