Professional Documents
Culture Documents
رد األدلَّة التي تُدين شيخهم وتبيِّ ُن حقيقة مق َّدسِّهم أن يقول لك قائلهم :ألم يكن عندكم
ومن أكبر الشبهات التي يثيرونها من أجل ِّ
شيخا مكرما ،وعالما ُمعلما ،وكنتم تصفونه باألوصاف الكبيرة ،وتثنون عليه بفضائله الكثيرة؟ فالجواب من وجوه وهي :ما
متكررةٌ ،والجوابُ عليها
ِّ كنت َر َددْتُ به على أبي الفضائح لما طالبني أن أتذكر ما أعلمه من خير كان عليه ،فالشُ َبهُ واحدةٌ
واحدٌ ُمتَّحِّ دٌ:
فهذه الشبهة كالم إنشائي إنما يُخدع به من ال علم لديه ،ويُغَلِّبُ عاطفته على عقله ،أما من علم مذهب السلف ،وكان دينه
يغتر بها ،وال يخدعه من يقولها وإن زخرفها ون َّمقها؛ أما وجوهُ ردِّها فهي:
ُّ مبنيًّا على األدلة ال اآلراء والعواطف ،فإنه ال
▪الوجه األول:
ع ِّن اب ِّْن َم ْسعُو ٍد أنه
المتقرر عند السلفيين ،والمعروف من دين السنيين :أن األحياء ال تؤمن عليهم الفتنة؛ كما روي َ ِّ أن من
علَيْ ِّه الْ ِّفتْنَةُ" فنحن وإن علمنا منه هذا الذي ت َّدعُونه وتزعمونه
ي َال تُؤْ َم ُن َ ح
َ َّ ْ ال نَِّّ إَ ف اتَمَ ْ
د َ ق ْ
ن م
ِّ َ ب فليسن اًّ نَ ت س
ْ م
ُ َانَ ك ن ْ قَالََ ":
م
فإننا ال نَأ َم ُن الفتنة عليه ،وال على غيره. ْ
▪الوجه الثالث:
أن مما جاء عن سلفنا وتقرر في كتب العقيدة عندنا؛ اإلخبار عن حقيقة الضاللة وهي :التغير والتبدل ،واالنتقال والتحول،
وإنكار ال معروف بعد معرفته ،ومعرفة المنكر بعد إنكاره؛ وهذا بيانا لسبيلها ،وتحذيرا من الوقوع فيها:
علَيْ ِّه أَبُو َم ْسعُو ٍد فَقَا َل لَهُ ":ا ْع َه ْد إِّلَيْنَا فَقَ ْد َكانَ َرسُو ُل َّ
َّللاِّ ض َرتْهُ الْ َوفَاةُ َد َخ َل َ عنْهُ لَ َّما َح ََّللا َ
ي َّ ُ
ض َ سعْ ٍد أَنَّ ُحذَيْفَةَ َر ِّ فعَ ْن خَا ِّل ِّد ب ِّْن َ
ْ ن ُ ك
ْ ِّ َ َ تَ ام ف ر عَ ت ْ
ن َ أ ة
ِّ َ ل َ
َّال
ض ال ى مَ ع
ْ َ أ ْ
ِّن
م نََّ أ م
ْ َ لعْ ا ل
َ ا َ ق ى َ ل ب
َ َ ل اَ ق نُ ِّي
ق ي
َ ْ ال قُّ ح ْ ال
َ َ َاكَ َ تَ أ ام و َ أ ل اَ ق ِّيث
د ا ح َ أب ُ ث د
ِّ حي م َّ
علَيْ ِّه َ َ َ ُ َ كَ ِّ َ
لسو َّللا َصلَّى َّ ُ َ
َّللا فَإِّنَّ دِّينَ َّ ِّ
َّللا َواحِّ د". ِّين َّ ِّف َوإِّيَّاكَ َوالتَّلَ ُّونَ فِّي د ِّ تُنْك ُِّر أَ ْو أ ْن تُنْك َِّر َما كُنْتَ تَعْ ِّر ُ
َ
ف َما ُك ْنتَ تُ ْنك ُِّر َوأَ ْن تُ ْنك َِّر َما ُك ْنتَ تَعْ ِّر ُ
فَ ،و ِّإيَّاكَ َوالتَّلَ ُّونَ ،فَإِّنَّ دِّينَ َّ
َّللاِّ وفي رواية ":فَا ْع َل ْم أَنَّ الض ََّال َل َة َحقَّ الض ََّال َل ِّة أَ ْن تَعْ ِّر َ
تَعَالَى َواحِّ دٌ" رواه البيهقي في السنن الكبرى وابن بطة في اإلبانة والهروي في ذم الكالم وغيرهم كثير.
وشيخكم ومق َّدسُكم صار ينكر ما كان يعرف ،ويعرف ما كان ينكر ،ومنها :مسألة اإلنكار العلني التي كان يقول أن مذهب
السلف يرده ،وصار اآلن ينسبه إليهم ،ويدعيه مذهبا لهم ،ومنها :أنه كان يثني على مشايخ السنَّة وير ُّد النَّاس إليهم ،ثم صار
يطعن -بدون مبرر شرعي -فيهم ،ويحاول -بال أدلة مقنعة -إسقاطهم ،وغيرها كثير.
▪الوجه الرابع:
أن عدد من ضل بعد هداية كان عليها ،وزاغ وانحرف بعد سنة عرف بها؛ كثير جدا ،واألمثلة على ذلك ال يمكن حصرها،
ويصعب إحصاؤها ،ومن أقربها قصة عبد هللا القصيمي الذي ارتد عن دين اإلسالم بعد أن كان منافحا عنه ،ذابا عن حياضه،
وبعد كثرة الثناء عليه ،والحث على االستفادة من كتبه.
فهؤالء المساكين يطالبوننا أن نعامل شيخهم ومقدَّسهم على حسب ما ك َّنا نعلمه منه ،وأن ال نعامله على حسب الذي صار
ظاهرا عليه ،وهذا –وعليهم كل المؤاخذة -مخالف لما تعلمناه من ديننا ،وأخذناه عن علمائنا ،فإن قلتم كان الواجب الستر
والنصيحة دون التشهير والفضيحة ،قلنا لكم :هذا بالنسبة لمن لم يظهر لنا عناده ،ولم يتبين لنا إصراره ،ونحن قد جربنا معه
طريق النصيحة والستر[ ]1فوجدناه ال يرفع بها رأسا ،وال يصلح بها نفسا ،ثم إن الخطأ كما هو معلوم من كالم علمائنا يرد
على قائله كائنا من كان؛ حتى ولو كان من علماء السنة ومن فقهاء الملة؛ تنزيها للدين وحفظا لقلوب المسلمين ،وكل راد
وأصر عليه ولم يتب هلل
َّ ومردود عليه ،أما العالم السني فيرد على خطئه وال يتبع في زلته وتحفظ كرامته وإن بُيِّن له خطؤه
منه ترك حديثه ولم يؤخذ عنه:
قال العالمة ربيع بن هادي المدخلي حفظه هللا في "جناية أبي الحسن على األصول السلفية" :إن نجا أبو الحسن من حكم ابن
تيمية فلن ينجو من حكم أئمة الحديث في المعاندين ،قال الخطيب في الكفاية (ص ":)229قد ذكرنا في الباب الذي قبل هذا
عن عبد هللا بن المبارك وأحمد بن حنبل وعبد هللا بن الزبير الحميدي (الحكم) في من غلط في رواية حديث وبين له غلطه
فلم يرجع عنه وأقام على رواية ذلك الحديث أنه ال يكتب عنه ،وإن هو رجع قبل منه وجازت روايته.
قال الخطيب :وهذا القول مذهب شعبة بن الحجاج -أيضا ً -ثم ساق الخطيب إسناده إلى عبد الرحمن بن مهدي قال ":كنا عند
شعبة فسئل يا أبا بسطام حديث من يترك؟؛ قال :من يكذب في الحديث ،ومن يكثر الغلط ،ومن يخطئ في حديث مجتمع عليه
فيقيم على غلطه فال يرجع ،ومن روى عن المعروفين ما ال يعرفه المعروفون".
قال الخطيب ":وليس يكفيه في الرجوع أن يمسك عن رواية ذلك الحديث في المستقبل فحسب ،بل يجب عليه أن يظهر للناس
أنه كان قد أخطأ فيه وقد رجع عنه" (.قلت :انظر إلى قوله يجب عليه أن يظهر للناس أنه كان قد خطأ فيه ورجع عنه ال أن
يصحح ذلك أو بعضه في السر وكالمه الباطل في األمة منتشر).
قال العراقي في ألفيته في هذا الصنف:
ط ِّعنْ َدهُ ْم َح ِّديْثُهُ ُج َم ْع[]2 غلَطُهُ فَ َما َر َج ْع َ
سقَ َ ثُ َّم ْ
إن ب ُِّي ْن لَهُ َ
اركِّ ) َرأَ ْوا فِّي العَ َم ِّل َكذَا (ال ُح َميْ ِّد ُّ
ي) َم َع (اب ِّْن َحنْبَ ِّل) و(اب ِّْن ال ُمبَ َ
ظ ٌر ،نَ َع ْم إذَا كَانَ ِّعنَا َداً ِّمنْهُ َما يُنْك َُر ذَا
قَالَ[َ :]3وفي ِّه نَ َ
وأبو الحسن له أخطاء جسيمة منها ما ناقشه فيه من يسميهم بالحدادية وعاند فيها ،ومنها ما ناقشته فيه في" التنبيه" وفي
"اإلعانة" وعاند فيه ،ومنها هذه المناهج والمذاهب التي عرضتها هنا والتي هي أصول أخطائه.
فهو معاند شديد العناد ويرفق عناده بحروب وفتن.
وإنَّ بعض ما وقع فيه ليسقطه بمقتضى منهج أئمة اإلسالم ،وما تظاهر بالرجوع فيه فهو ساقط به مدة عناده ،وما تمادى
فيه إلى اآلن يرميه في هوة السقوط عند السلف ،ثم إنَّ ما ذكرته هو حكم علماء المسلمين فيه وفي أمثاله من أهل الفتن
والمعاندين ال حكمي".
▪الوجه الخامس:
أن يقال لكم :فعلى منطقكم هذا الذي تتكلمون به ،ومنهجكم هذا الذي تسلكونه وتسيرون عليه ،ال يمكن أن يُجرح رجل عرف
بالمنهج السلفي ،وال يُحذر من شخص كان على الهدي النبوي؛ مهما فعل وقال ،وحتى لو تغيَّر وتبدَّل؟ وعلى قولكم ومنطقكم
هذا فقد أخطأ علماؤنا عندما تكلموا في المأربي وعلي حسن عبد الحميد وسليم الهاللي والعيد شريفي الجزائري والمغراوي
المغربي وفالح بن نافع حربي والحجوري وعبد هللا البخاري وعبد الغني عويسات وتوفيق عمروني ورضا بوشامة والقائمة
طويلة ألن هؤالء جميعا كانوا يوصفون بالسلفية ،ويعدون من مشايخ الدعوة المرضية ،وأخطأتم أنتم أيضا باتباع العلماء
في تجريحهم وكالمهم فيهم؟ فإن قلتم نحن تبعناهم لألدلة التي أيدوا بها قولهم ،قلنا لكم فلماذا لم تتبعوهم في شيخكم وأدلة
إدانته أكثر وأكبر ،وأعظم وأظهر من أدلة إدانة أكثر من ذكرنا؟ إنه الهوى والعياذ باهلل.
▪الوجه السادس:
أن يقال لكم :فعلى منطقكم هذا الذي تتكلمون به ،ومنهجكم هذا الذي تسلكونه وتسيرون عليه؛ ال يمكنكم الطعن فيمن طعن
فيه شيخكم ،وال أن تتكلموا فيمن حذركم منه مق َّدسُكم؛ وهم مشايخ الدعوة السلفية في بلدنا الشيخ أزهر والشيخ جمعة حفظهما
هللا؛ ألنهما باعتراف الجميع من مشايخ الدعوة السلفية في الجزائر ،وممن أثنى عليهم علماء السنة من أمثال العالمة محمد
بن هادي والعالمة سليمان الرحيلي –حفظهما هللا -وغيرهما ،وكنتم تثنون عليهما ،وتذكرون فضائلهما ،بل إن شيخكم
ومقدَّسكم كان يحيل في مسائل الجرح والتعديل كما هو معروف على الشيخ عبد المجيد جمعة -حفظه هللا -فما بالكم تجرحون
من هذا حاله؟ والعجيب لم يقدم شيخُكم ومق َّدسُكم إلى الساعة دليال محترما على جرحه لهما وهللا المستعان.
والنصيحة هي :أدركوا أنفسكم قبل أن تُسلب السلفية دون أن تشعروا من قلوبكم ،وتصبحوا على غيرها وأنتم تظنون أنفسكم
أولى من تمسك بها ،كسائر من اتبع هؤالء المتقدمين وتعصب لهم ،ولم يتبع األدلة لغلوه فيهم وتقديسه لهم؛ من المغراويين
والمأربيين والحلبيين والعيديين وغيرهم كثير ال كثرهم هللا.