Professional Documents
Culture Documents
َّ
غض بصره أنار هللا بصيرته ،ونو ُر البصيرة يسير به العبد إلى • ألن من
سيرًا جميالً؛ قال أحد السلف :من عمر ظاهره باتباع السنة وباطنه هللا
بدوام المراقبة ،وغض بصره عن الحرام ونفسه عن الشهوات ،واعتاد
ي إلى الحق في كل شيء بإذن ] [1الحالل -لم ُتخطئ فِراسته ؛ أيُ :
ه ِد َ
.هللا
جا على قد يظن البعض أن في غض البصر تضيي ًقا على النفس ،وتحري ً
التمتع المباح بمباهج الدنيا ،ولكن ُّ الناس في حرياتهم التي يرون أنها من
المتأمل في حكمة التشريع يرى في ذلك الهدي القرآني توسي ًعا على
.الخلق ،وخيرًا لهم عندما ُيع َّوضون عن ذلك سالمة الصدر وصحة القلوب
وجاء في صحيح مسلم أن جرير بن عبدهللا سأل رسول هللا صلى هللا
(اصرف بصرَكِ جأَة ،فقال: ).عليه وسلم عن نظر ال َف ْ
ي قال صلى هللا عليه وسلم( :ال تُ ْتبِعِ النظر َة النظر َة؛ فإنما وفي حديث عل ّ
خرة)؛ رواه أبو داود ،وسنده صحيح .األولى لك وليست لك اآل ِ
فأين نحن من هذه الحقوق الواجبة ،هل إذا مررنا بطريق الناس أو وقفنا
أبصارنا؟ هل نكف األذى؟ هل نرد السالم؟ هل نأمر بالمعروف فيه ،نغض
!وننهى عن المنكر؟
ولقد أدرك سلفنا رضي هللا عنهم هذه النعمة ،فح ِفظوها حتى ح ِفظها هللا
عليهم؛ فعن حسان بن سنان أنه خرج يوم العيد ،فلما رجع قيل له :يا أبا
عبدهللا ،ما رأينا عي ًدا أكثر نسا ًء منه ،فقال :سبحان هللا ما تلقتني امرأة
.حتى رجع
وعن وكيع قال :خرجنا مع سفيان الثوري في يوم عيد ،فقال :إن أول ما
.نبدأ به في يومنا غض أبصارنا
:نغض أبصارنا ألن إطالق البصر من أوسع مداخل الشيطان
فالبصر جارحة ال ُت ْمأل وال تكتفي ،بخالف البطن فإنها متى امتألت لم يكن
لها في الطعام إرادة ،وأما العين فلو تركت لم تَفتر عن النظر أب ًدا ،وبالنظرة
لكن الشيطان ِملحاح َّ يدخل جند الشيطان القلب؛ ليجاور جند اإليمان،
ومخادع ،يظل يتربص بالعبد ،و ُيزين له ،و ُيلبس عليه ،إلى أن يحتل القلب
.كله ،فيا أخي الكريم ،ال تجعل للشيطان عليك سبيال ً
نغض أبصارنا ألن النظرة سهم مسموم من سهام إبليس :فمن غض بصره
.أورَثه هللا تعالى حالوة يجد طعمها في قلبه
:نغض أبصارنا ألن أشباه يوسف قد َقلُّوا أو ُقل :نَدَروا
أما أشباه امرأة العزيز ،فقد أطللنَ من شاشات التلفاز وصفحات الجرائد
صم وال بهن الطرقات ،فيا يوسف هذا العصر ،استع ِ َّ والمجالت ،وعجت
هد نفسك في هللا؛ حتى تستقيم لك ،فإن تَغ َّرنَّك كثرة الهالكين ،وجا ِ
ف طريق االستقامة فداوم على مجاهدتها؛ حتى تَ ْألَ َ ِ .استقامت
ع ﴿ :نغض أبصارنا ألننا مسؤولون عنه يوم القيامة؛ قال تعالى • م َ الس ْ َّ إ َّ
ن
ُ ِ
َس ُؤوالًان َع ْن ُه م ْ َ
ك ك َ َ ُّ ُ ْ
ص َر وَال ُف َؤا َد كل أول ِئ َ ْ
اإلسراء ،]366 :فهل [﴾ وَالبَ َ
لهذا السؤال جوابًا؟ وإن هللا تعالى ُيهددنا بتهديد عظيم إن لم نطع أعددنا
م ﴿ :أمره ،ونذعن لحكمه ،فيقول تعالى م َع ُك ْ س ْ خ َذ َّ ُ
َّللا َ م إِ ْن أَ َ ل أَرَأَ ْي ُت ْ
ُق ْ
ه
م بِ ِ َّللا ي َْأتِ ُ
يك ْ ه َغ ْي ُر َّ ِ َن إِلَ ٌ
مم ْ م َعلَى ُقلُوبِ ُك ْ م َو َ
خ َت َ ].األنعام ﴾[466 :وَأَ ْبصَار َُك ْ
نغض أبصارنا ألن النظر أصل عامة الحوادث؛ فإن النظرة تولد خطرة،
والخطرة تولد فكرة ،والفكرة تولد شهوة ،والشهوة تولد إرادة ،ثم تقوى
فتصير عزيمة جازمة ،فيقع الفعل وال بد ما لم يمنع من وقوعه مانع ،لذا
م ما بعده " .قيل" :الصبر على غض البصر أيس ُر من الصبر على ألَ ِ
فما سرق السارق إال بعد نظر ،وما سخط الساخط إال بعد نظر ،وما ظلم
حرمات هللا جمي ًعا إال بعد نظرودكر ابن .الظالم إال بعد نظر ،وما ان ُت ِهكت ُ
القيم رحمه هللا أن رجال ً كان يلزم مسج ًدا لألذان ،وكان عليه بهاء الطاعة
وأنوار العبادة ،فرقي يو ًما المنارة كعادته لألذان ،وكان تحت المنارة دار
لنصراني ،فاطلع فيها فرأى ابنة صاحب الدار فافتتن بها ،فلما انتهى من
األذان ،نزل إليها ودخل الدار عليها ،فقالت :ما شأنك؟ وما تريد؟ قال:
ُ
سلبتِ لُبي وأخذتِ بمجامع قلبي ،قالت :ال أجيبك إلى ريبة أب ًدا ،قال:
صر ،فقالت :إن تز َّوجك ،قالت :أنت مسلم وأبي ال ُيز ِوّجني منك ،قال :أتن َّ
صر ليتز َّوجها ،وأقام معهم في دارهم ،فلما كان هذا فعلت أفعل ،فتن َّ َ
ص ِعد على سطح كان في الدار؛ ليقضي لهم حاجة ،فسقط مي ًتا، اليومَ ،
"فلم يظفر بها وفات دينه
اسم البحث :غض البصر
اعداد الطالبة :عزة سالم محمد محمد
اشراف الدكتور :ابراهيم حامد نور الدين
مادة الدعوة
الفرقة االولى
المبحث الثانى
فوائد غض البصر البن القيم []1
الفائدة األولى:
نورا وإشراقًا يظهر في العين وفي الوجه وفي الجوار أنه يورث القلب ً
ح ،كما أن إطالق البصر يورثه ظلمة تظهر في وجهه وجوارحه ،ولهذا وهللا أعلم ذكر هللا
ض﴾ عقيب قوله ﴿ قُ أل ِل أل ُم أؤ ِم ِن َ
ين ت َو أاأل َ أر ِ
اوا ِ
س َم َ َّللاُ نُ ُ
ور ال ه سبحانه آية النور في قوله تعالى ﴿ :ه
ص ِار ِه أم ﴾ وجاء الحديث مطابقًا لهذا حتى كأنه مشتق منه وهو قوله« :النظرة ضوا ِم أن أ َ أب َ
يَغُ ُّ
نورا»سهم مسموم من سهام إبليس فمن غض بصره عن محاسن امرأة أورث هللا قلبه ً
الحديث.
الفائدة الثانية:
أنه يورث صحة الفراسة؛ فإنها من النور وثمراته ،وإذا استنار القلب صحت الفراسة؛ قال
شجاع الكرماني :من ع همر ظاهره باتباع السنة ،وباطنه بدوام المراقبة ،وغض بصره عن
وكف نفسه عن الشهوات ،وأكل من الحالل لم تخطئ فراسته .وكان شجاع ال تخطئ ه المحارم،
له فراسة ،وهللا سبحانه وتعالى يجزي العبد على عمله بما هو من جنسه ،فمن غض بصره
عن المحارم عوضه هللا سبحانه وتعالى إطالق نور بصيرته ،ومن حبس بصره هلل أطلق هللا
نور بصيرته ،ومن أطلق بصره في المحارم حبس هللا عنه بصيرته.
الفائدة الثالثة:
تخليص القلب من ألم الحسرة؛ فإن من أطلق نظره دامت حسرته ،فأضر شيء على القلب
إرسال البصر ،فإنه يريه ما يشتد طلبه وال صبر له عنه وال وصول له إليه ،وذلك غاية ألمه
وعذابه ،والنظرة تفعل في القلب ما يفعل السهم في الرمية ،فإن لم تقتله جرحته ،وهي بمنزلة
الشرارة من النار ترمى في الحشيش اليابس ،فإن لم تحرقه كله أحرقت بعضه ،والناظر يرمي
من نظره بسهام غرضُها قلبه وهو ال يشعر ،فهو إنما يرمي قلبه.
الفائدة الرابعة:
أنه يورث القلب قوته وثباته وشجاعته ،فيجعل له سلطان البصيرة مع سلطان الحجة ،وفي
األثر أن الذي يخالف هواه يفرق الشيطان من ظله ،ولهذا يوجد في المتبع لهواه من ذل القلب
وضعفه ومهانة النفس وحقارتها ما جعله هللا لمن آثر هواه.
الفائدة الخامسة:
سرورا وفرحة وانشرا ًحا أعظم من اللذة والسرور الحاصل بالنظر ،وذلك ً أنه يورث القلب
كف لذته وحبس شهوته هلل - لقهره عدوه بمخالفته ومخالفة نفسه وهواه ،وأيضًا فإنه لما ه
وفيها مسرة نفسه األمارة بالسوء -أعاضه هللا سبحانه مسرة ولذة أكمل منها ،كما قال
بعضهم :وهللا للذة العفة أعظم من لذة الذنب .وال ريب أن النفس إذا خالفت هواها أعقبها ذلك
وسرورا ولذة أكمل من لذة موافقة الهوى بما ال نسبة بينهما ،وها هنا يمتاز العقل من
ً فر ًحا
الهوى.
الفائدة السادسة:
أنه يسد عنه بابًا من أبواب جهنم؛ فإن النظر باب الشهوة الحاملة على مواقعة الفعل المحرم،
وشرعه حجاب مانع من الوصول ،فمتى هتك الحجاب اجترأ على المحظور ،ولم تقف نفسه
منه عند غاية؛ فإن النفس في هذا الباب ال تقنع بغاية تقف عندها ،فغض البصر يغلق هذا
الباب من األساس.
ومن مفاسد عدم غض البصر:
فساد القلب -تشتت النفس -فقدان حالوة اإليمان -فقدان لذة العبادة والخشوع -نسيان العلم
وضعف الذاكرة -قسوة القلب والغفلة عن اآلخرة -الوحشة -الظلمة -القلق االكتئاب -فتح
مدخل من مداخل الشيطان ...إلخ ،فصاحب القلب السليم دائ ًما يغض الطرف ،وصاحب القلب
المريض يستلذ بهذا السهم الذي فيه هالكه ،تما ًما كما يستلذ األجرب بحك الجلد ،وحك الجلد
ضررا؛ ألنه يعمل على توسيع الطريق للحشرة حتى تتوغل فيه تحت جلده، ً يزيد المرض
فاألجرب يستلذ بهذا الحك وهو في الحقيقة يضر نفسه ،كذلك الذي يطلق بصره فيما حرم هللا
فإنه يضر نفسه ويقع في الفاحشة ،اللهم إنا نعوذ بك من شر سمعنا ومن شر بصرنا.
[ ]1منقول بتصرف واختصار من روضة المحبين البن القيم (.)97/ 1
المبحث الرابع
كيف نغض البصر؟
• استعن باهلل ،فلن تتمكن من تهذيب شهوتك ،ولن تقدر على غض بصرك -إال بإعانة هللا لك،
ين ﴾ [يوسف: أب إِ َل أي ِه هن َوأَك أُن ِم َن ا أل َجا ِه ِل َ
ف عَنِي َك أي َد ُه هن أَص ُ
قل كما قال يوسفَ ﴿ :وإِ هال تَص ِأر أ
.]333
سرت في طريق من الطرق أو في الجامعة ،فتذكر أن ربك مطلع عليك ،ناظر • راقِب ربهك ،فإذا ِ
ُور ﴾ [غافر.]199 :
صد ُ َ َ
إليك؛ قال تعالى ﴿ :يَ أع َل ُم َخائِنَة أاأل أعيُ ِن َو َما ت ُ أخ ِفي ال ُّ
قال ابن عباس :هو الرجل يكون في القوم ،فتمر بهم المرأة ،فيُريهم أنه يغض بصره عنها،
غض بصره ،وقد اطلع هللا من قلبه ه فإن رأى منهم غفلة نظر إليها ،فإن خاف أن َيفطنوا إليه
أنه يَ َو ُّد أن ينظر إليها"[.]1
ق إلى ما تنظر سئِل ال ُجنيد :بِ َم يُستعان على غض البصر؟ قال :ب ِعلمك أن نظر هللا إليك أسب ُ ُ
إليه[.]2
• اجت ِنب ُرفقاء السوء الذين يهربون من هللا ،الذين يُفضلون األرصفة والشوارع على بيوت
النيرة ،مع األلسنة
س أر في طريق االلتزام مع تلك القلوب النقية ،مع الوجوه الطيبة ِ
هللا ،ثم ِ
النظيفة الرطبة الذاكرة من أهل الخير والصالح؛ فالمرء على دين خليله.
القلوب،
َ • الخوف من هللا وتعلُّق القلب باآلخرة :قال ابن القيم رحمه هللا" :إذا سكن الخوف
أحرق فيها مواضع الشهوات"[.]4
النار :عين بكت من خشية هللا ،وعين باتت
َ وقال صلى هللا عليه وسلم" :ثالثة ال تَرى أعينُهم
تحرس في سبيل هللا ،وعين كفت عن محارم هللا"؛ رواه الطبراني ،وقال األلباني في صحيح
الترغيب والترهيب حسن لغيره.
• الصبر على غض البصر :فوهللاِ ما أحلى مرارة الصبر في سبيل هللا! وما ألذ نتيجته؛ إذ قال
ون أَجأ َر ُه أم ِبغَ أي ِر ِح َ
ساب ﴾ [الزمر!]100 : تعالىِ ﴿ :إنه َما يُ َوفهى ال ه
صا ِب ُر َ
• تذكر الحور العين :قال ابن عباس" :إن في الجنة حوراء لو بزقت في البحر لعذب ماؤه،
كله مكتوب على نحرها من أحب أن يكون له مثلي ،فليعمل بطاعة ربي عز وجل"[.]6
.
تمهيد:
َّللاَ َخ ِبير ظوا فُ ُرو َج ُه أم ذَ ِلكَ أَ أز َكى َل ُه أم ِإ هن ه ص ِار ِه أم َويَحأ َف ُ ضوا ِم أن أ َ أب َ ين يَغُ ُّ قال تعالى ﴿ :قُ أل ِل أل ُم أؤ ِمنِ َ
ِين ِزينَت َ ُه هن إِ هالص ِار ِه هن َويَحأ فَ أظ َن فُ ُرو َج ُه هن َو َال يُ أبد َ ض َن ِم أن أ َ أب َ ض أ ت يَ أغ ُ ون * َوقُ أل ِل أل ُم أؤ ِمنَا ِ صنَعُ َ بِ َما يَ أ
ِين ِزينَت َ ُه هن ِإ هال ِلبُعُولَ ِت ِه هن أ َ أو آ َبا ِئ ِه هن أ َ أو
علَى ُجيُو ِب ِه هن َو َال يُ أبد َ ض ِر أب َن ِب ُخ ُم ِر ِه هن َ ظ َه َر ِم أن َها َو أل َي أَما َ
اء بُعُو َلتِ ِه هن أ َ أو إِ أخ َوانِ ِه هن أ َ أو بَنِي إِ أخ َوانِ ِه هن أ َ أو َبنِي أ َ َخ َواتِ ِه هن أ َ أو اء بُعُولَتِ ِه هن أ َ أو أَ أبنَائِ ِه هن أ َ أو أ َ أب َن ِآبَ ِ
الط أف ِل الهذِي َن لَ أم الر َجا ِل أ َ ِو ِ اإل أربَ ِة ِم َن ِ غ أي ِر أُو ِلي أ ِ ين َ سائِ ِه هن أ َ أو َما َملَكَتأ أ َ أي َمانُ ُه هن أ َ ِو التهابِ ِع َ نِ َ
ين ِم أن ِزينَتِ ِه هن َوتُوبُوا ِإلَى ه ِ
َّللا َ
ض ِر أب َن ِبأ أر ُج ِل ِه هن ِليُ أعلَ َم َما يُ أخ ِف َ اء َو َال يَ أ س ِ الن َ
ت ِ علَى ع أَو َرا ِ يَ أظ َه ُروا َ
ون ﴾ [النور.]31 ،30 : ون لَعَله ُك أم ت ُ أف ِل ُح َ َج ِميعًا أَيُّ َه ا أل ُم أؤ ِمنُ َ
ضوا ِم أن أ َ أب َ
ص ِار ِه أم ﴾ :أي يخفضوا من أبصارهم حتى ال ينظروا إلى نساء ال يحل لهم أن ﴿ يَغُ ُّ
ينظروا إليهن.
ظوا فُ ُرو َج ُه أم ﴾ :أي يصونونها من النظر إليها ومن إتيان الفاحشة الزنى واللواط.
﴿ َويَحأ فَ ُ
ِين ِزي َنت َ ُه هن ﴾ :أي مواضع الزينة الساقين حيث يوضع الخلخال ،وكالكفين والذراعين
﴿ َو َال يُ أبد َ
حيث األساور والخواتم والحناء والرأس حيث الشعر واألقراط في األذنين.
﴿ إِ هال َما َ
ظ َه َر ِم أن َها ﴾ :أي بالضرورة دون اختيار وذلك كالكفين لتناول شيئا ً ،والثياب الظاهرة
كالخمار والعباءة.
ع َلى ُجيُوبِ ِه هن ﴾ :أي على فتحات الثياب في الصدر وغيره حتى ال يبدو ﴿ َو أليَ أ
ض ِر أب َن بِ ُخ ُم ِر ِه هن َ
شيء من جسمها.
﴿ أ َ أو ِن َ
سائِ ِه هن ﴾ :أي المسلمات فيخرج الذميات ،فال تتكشف المسلمة أمامهن.
غ أي ِر أُو ِلي أ ِ
اإل أربَ ِة ﴾ :أي التابعين ألهل البيت يطعمونهم ويسكنونهم ممن ال حاجة ﴿ أ َ ِو التها ِب ِع َ
ين َ
لهم إلى النساء.
قال الحافظ ابن كثير« :هذا أمر من هللا تعالى لعباده المؤمنين أن يغضوا من أبصارهم عما
حرم عليهم ،فال ينظروا إال إلى ما أباح لهم النظر إليه ،وأن يغضوا أبصارهم عن المحارم،
ِ
حرم من غير قصد ،فليصرف بصره عنه سريعًا»[.]1 فإن اتفق أن وقع البصر على ُم ه
قال اإلمام القرطبي« :غض البصر هو الباب األكبر إلى القلب ،وأَع َم ُر طرق الحواس إليه،
وبحسب ذلك كثر السقوط من جهته ،ووجب التحذير منه ،وغضه واجب عن جميع
المحرمات ،وكل ما يخشى الفتنة من أجله» [.]2
سأ َ ألتُ َر ُ
سو َل ع أب ِد هللا رضي هللا عنه قَا َلَ « : ير أب ِن َ وروى اإلمام مسلم في صحيحه ع أَن َج ِر ِ
ص ِرى»[.]3 ظ ِر ا ألفُ َجا َء ِة ،فَأ َ َم َر ِني أ َ أن أَص ِأر َ
ف َب َ هللاِ صلى هللا عليه وسلم ع أَن نَ َ
ِإثأم غ أير َقصأد ،فَ َالعلَى أاألَجأ نَ ِبيهة ِم أن َ ظر ا ألفَجأ أَة أ َ أن يَ َقع بَ َ
صره َ قال اإلمام النوويَ « :و َم أعنَى نَ َ
إِثأم ف فِي ا أل َحال ،فَ َال صره فِي ا أل َحال ،فَ ِإ أن َ
ص َر َ علَ أي ِه أ َ أن يَص ِأرف بَ َ علَ أي ِه فِي أ َ هول ذَ ِلكَ َ ،ويَ ِجب َ َ
ظر أ َ ِث َم ِل َهذَا ا أل َحدِيث»[.]4 ستَدَا َم النه َ
علَ أي ِهَ ،و ِإ أن اِ أ َ
المرأَة،
أ المرأَة ِإلَى ع أَو َرةالر ُجلَ ،و أ الر ُجل ِإ َلى ع أَو َرة ه ظر ه قال اإلمام النووي« :فَ ِفي ِه تَحأ ِريم نَ َ
الر ُجل َح َرام المرأَة إِلَى ع أَو َرة ه المرأَة َو أأ الر ُجل إِلَى ع أَو َرة ظر ه َو َهذَا َال ِخ َالف فِي ِهَ ،و َكذَ ِلكَ نَ َ
المرأَة
ظ ِر ِه إِلَى ع أَو َرة أ علَى َن َالر ُجل َالر ُجل إِلَى ع أَو َرة ه اإلجأ َماعِ َونَبههَ صلى هللا عليه وسلم ِبنَ َ
ظ ِر ه بِ أ ِ
ظر ان فَ ِلك ُِل َو ِ
احد ِم أن ُه َما النه َ غ أير أاأل َ أز َواج ،أ َ هما ه
الز أو َج ِ يم أَ أولَىَ ،و َهذَا التهحأ ِريم فِي َحق َ َوذَ ِلكَ ِبالتهحأ ِر ِ
احبه َج ِميع َها[.]9 ص ِ إِلَى ع أَو َرة َ
س هرةالر ُجل َما بَ أين ال ُّ ض أبط ا ألعَ أو َرة فِي َحق أاألَ َجانِب ،فَعَ أو َرة ه
الر ُجل َم َع ه وقال رحمه هللاَ « :وأ َ هما َ
المرأَة فَ َح َرام فِي كُل ش أَيء ِم أن بَدَن َها،
الر ُجل إِلَى أ ظر ه المرأَةَ .وأ َ هما نَ َ
المرأَة َم َع أ
أ الر أكبَةَ ،و َكذَ ِلكَ
َو ُّ
شه َأوة أ أمَ ظره َونَ َ
ظر َها ِب َ َان نَ َ
س َواء ك َ ظر ِإلَى كُل ش أَيء ِم أن بَدَنه َ فَ َكذَ ِلكَ يَحأ ُرم َ
علَ أي َها النه َ
بِغَ أي ِر َها»[.]10
-2نور القلب وال ِفراسة ،ولذلك ذكر هللا سبحانه وتعالى ،عقب آيات غض البصر التي في
ص ِار ِه هن َويَحأ فَ أظ َن فُ ُرو َج ُه هن َو َال ض َن ِم أن أ َ أب َ ض أ ت يَ أغ ُ سورة النور قوله تعالىَ ﴿ :وقُ أل ِل أل ُم أؤ ِم َنا ِ
ِين ِزينَتَ ُه هن إِ هال علَى ُجيُوبِ ِه هن َو َال يُ أبد َ ض ِر أب َن بِ ُخ ُم ِر ِه هن َ ِين ِزينَت َ ُه هن إِ هال َما َظ َه َر ِم أن َها َو أليَ أ يُ أبد َ
اء بُعُو َل ِت ِه هن أ َ أو ِإ أخ َوا ِن ِه هن أ َ أو َب ِني ِإ أخ َوا ِن ِه هن اء بُعُولَ ِت ِه هن أ َ أو أ َ أب َنا ِئ ِه هن أ َ أو أ َ أبنَ ِ
ِلبُعُولَ ِت ِه هن أ َ أو آ َبا ِئ ِه هن أ َ أو آ َب ِ
الر َجا ِل أ َ ِو
اإل أربَ ِة ِم َن ِ غ أي ِر أُو ِلي أ ِ ين َ سائِ ِه هن أ َ أو َما َملَكَتأ أ َ أي َمانُ ُه هن أ َ ِو الت ها ِب ِع َ أ َ أو بَنِي أ َ َخ َواتِ ِه هن أ َ أو نِ َ
ين ِم أن ِزينَتِ ِه هن ﴾ ض ِر أب َن بِأ َ أر ُج ِل ِه هن ِليُ أع َل َم َما يُ أخ ِف َ اء َو َال يَ أ س ِ ت النِ َ علَى ع أَو َرا ِ ِين لَ أم يَ أظ َه ُروا َ الط أف ِل الهذ َ ِ
[النور ،]31 :وذلك ألن هللا عز وجل يجزي العبد على عمله بما هو من جنسه ،فلما منع العبد
نور بصره أن ينفذ إلى ما ال يحل ،أطلق نور بصيرته وفتح عليه باب العلم والمعرفة.
-4فيه طاعة هلل ورسوله يترتب عليها محبة توصله إلى الجنة.
وقال أبو حكيم « :خرج حسان بن أبي سنان يوم العيد ،فلما رجع ،قالت له امرأته :كم من
امرأة حسنة قد نظرت اليوم؟ فلما أكثرت ،قال :ويحك ما نظرت إال في إبهامي منذ خرجت من
عندك حتى رجعت إليك»[.]15
وقال وكيع ابن الجراح :خرجنا مع سفيان الثوري في يوم عيد ،فقال« :إن أول ما نبدأ به في
يومنا غض أبصارنا».
المصادر
الفهرس:
الصفحة
المقدمة1...............................................
التمهيد2................................................
مبحث االول
غض البصر وجوبه وحال السلف..............
مبحث ثانى
فوائد غض البصر................................
مبحث ثالث
لمادا غض البصر.................................
مبحث رابع
كيف نغض البصر..................................