You are on page 1of 43

‫‪1‬‬ ‫شرح‬

‫كتاب فروع الفقه‬


‫للعالمة يوسف بن عبداهلادي احلنبلي‬

‫(ت‪909 :‬هـ) رمحه اهلل‬

‫الشَّرح لفضيلة الشَّيخ‬

‫أ‪.‬د‪ /‬عبدالسَّالم بن حممَّد الشُّويعر‬


‫حفظه اهلل تعاىل‬

‫اجمللس األول‬
‫اعتنى به‬
‫وليد يرسي‬
‫والضبط فقط]‬
‫[أصل التَّفريغ ليس يل‪ ،‬وإنَّام التَّنسيق َّ‬
‫لألخطاء ال ِّطباعية واالستدراكات واملقرتاحات‬
‫املراسلة عىل بريد‪)abohaleema@gmail.com( :‬‬
‫ً‬
‫رسالة إىل الرقم‪0591522135 /‬‬ ‫[لالشرتاك يف اخلدمة عىل الواتس أرسل‬
‫الشيخ َّ‬
‫الشويعر)]‬ ‫مكتوب فيها‪( :‬دروس َّ‬

‫‪0‬‬
‫بسم اهلل الرمحن الرحيم‬
‫حممدً ا عبده ورسوله‪َّ ،‬‬
‫صىل‬ ‫رب العاملني‪ ،‬وأشهد أن ال إله إال اهلل وحده ال رشيك له‪ ،‬وأشهد َّ‬
‫أن َّ‬ ‫احلمد هلل ِّ‬
‫ثم أ َّما بعد‪:‬‬
‫كثريا‪ ،‬إىل يوم الدِّ ين‪َّ ،‬‬
‫تسليام ً‬
‫ً‬ ‫اهلل عليه وعىل آله وأصحابه‬
‫َّ‬
‫أن‬ ‫عبدالرمحن ال َّطويل عن معاوية‬
‫َّ‬ ‫فيام رواه َّ‬
‫الشيخان من حديث‪ ،‬محيد بن‬ ‫َّبي‬
‫فقد ثبت عن الن ِّ‬
‫فقال‬ ‫َّبي‬ ‫ـر ِد اهللُ بِ ِه َخ ْ ًْيا ُي َف ِّق ْهـ ُه ِِف الدِّ ِ‬
‫ين»‪ ،‬وقد أخذ بعض النُّ َّظام هذا املعنى من قول الن ِّ‬ ‫قال‪َ « :‬م ْن ُي ِ‬ ‫َّبي‬
‫الن َّ‬
‫يف َّأول نظ ٍم له‪:‬‬
‫اص َط َفى اهللُ ِخ َي َار ا ْلـخَ ْل ِق َلـ ْه‬ ‫ِ‬
‫َقد ْ‬ ‫ـمن ِْز َلـ ْه‬
‫يم ا ْل َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َفالْف ْق ُه َعظ ُ‬ ‫َو َب ْعـدُ‬

‫كثرية‪ ،‬ومن أعظم النِّعم ا َّلتي ُين ِْع ُم اهلل ‪ ‬هبا عىل‬
‫ٍ‬ ‫خيص من شاء من خلقه بنع ٍم‬ ‫أن اهلل ‪ُّ ‬‬ ‫وهذا يد ُّلنا عىل َّ‬
‫ملا ُس ِئل عن‬ ‫َّبي‬‫صح عن الن ِّ‬ ‫العبد‪ ،‬أن يو ِّف َق العبدَ لنيل الفقه يف الدِّ ين‪ ،‬ومعرفة أحكام رشع اهلل املتني؛ ولذلك َّ‬
‫اهلِ َّي ِة ِخ َي ُارك ُْم ِِف ْ ِ‬
‫اْل ْس ََل ِم إِ َذا َف ُق ُهوا»‪.‬‬ ‫خري النَّاس؟ قال‪ِ « :‬خياركُم ِِف ا ْلـج ِ‬
‫َ‬ ‫َ ُ ْ‬
‫الشاب يتت َّبع‬ ‫‪ :‬وأنت إذا رأيت َّ‬ ‫عبدالوهاب‬
‫َّ‬ ‫حممد بن‬ ‫ولذلك يقول بعض أهل العلم ‪-‬وهو َّ‬
‫الشيخ َّ‬
‫‪َ « :‬م ْن ُي ِردِ اهللُ بِ ِه َخ ْ ًْيا ُي َف ِّق ْه ُه ِِف‬ ‫َّبي‬
‫خريا‪ ،‬واسمع قول الن ِّ‬ ‫ِح َلق العلم ودروس املشايخ‪ ،‬فاعلم َّ‬
‫أن اهلل أراد به ً‬
‫الدِّ ِ‬
‫ين»‪.‬‬
‫والفقه يف الدِّ ين ُّأُّيا اإلخوة؛ هي ملك ٌة جيعلها اهلل ‪ ‬يف القلوب‪ ،‬بحيث َّ‬
‫أن املرء يعرف هبا أحكام رشع‬
‫اهلل ‪ ،‬وال يمكن أن تتح َّق َق هذه امللكة‪َّ ،‬إال بمقدِّ ٍ‬
‫مات تسبقها‪ ،‬وأعظم هذه املقدِّ مات تكون بمعرفة نصوص‬
‫‪.‬‬ ‫َّبي‬
‫وسنَّة الن ِّ‬
‫الوحيني من كتاب اهلل‪ُ ،‬‬
‫ومن املقدِّ مات معرفة كالم أهل العلم‪ ،‬والنَّظر يف اجتهادهم‪[ ،‬ومعرفة تعليلهم‪ ،‬وذلك‪ ،‬والتَّأ ُّمل فيه](‪.)1‬‬
‫بطرق متعدِّ ٍ‬
‫دة‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫يتحصل املرء عليه‪،‬‬ ‫أمرا ُم ِه اام؛ وهو َّ‬
‫أن الفقه‬
‫َّ‬ ‫لنعرف ً‬
‫َ‬ ‫أتيت هبا؛‬
‫الصغرية ُ‬ ‫هذه املقدِّ مة َّ‬
‫ٍ‬
‫بأمور منها‪:‬‬ ‫ركشـي يف كتابه «املنثور ِف القواعد»‪َّ :‬‬
‫أن الفقه ُينَال‬ ‫الز‬
‫عة‪ ،‬وقد ذكر بـدرالدِّ ين َّ‬‫ووسائل متنو ٍ‬
‫َ‬
‫ُّ‬ ‫ِّ‬
‫‪ -‬معرفة الفروع‪ ،‬أي املسائل‪.‬‬
‫‪ -‬ومنها معرفة التَّقسيم‪.‬‬
‫ف‬ ‫أمورا ستَّ ًة غري هذين األمرين‪ ،‬وأنا ُ‬
‫أتيت هبذا األمر ‪-‬معرفة الفروع ومعرفة التَّقسيم‪ -‬لنعر َ‬ ‫ً‬ ‫وذكر‬
‫الكتاب ا َّلذي سوف نقرؤه اليوم وغدً ا بمشيئة اهلل ‪ ‬ما هي طريقته؟ وما هو الغرض منه؟ إذ الكتاب ا َّلذي بني‬

‫الصواب‪( :‬ومعرفة تعليلهم كذلك‪ ،‬والتأ ُّمل فيه)‪ ،‬أو يكون‪( :‬ومعرفة تعليلهم؛ وذلك‬ ‫(‪ )1‬هكذا وقع فيام أتاين من التَّفريغ‪ ،‬وهو ظاهر اخللل‪َّ ،‬‬
‫ولعل َّ‬
‫الصوتية فأراجعها‪ ،‬واهلل أعلم ونسبة العلم إليه أسلم‪.‬‬
‫بالتأ ُّمل فيه)‪ ،‬وليست عندي املادة َّ‬
‫‪1‬‬
‫الضوابط»‪ ،‬ومنهم املصنِّف‪ ،‬وهو‬
‫يسميها بعض أهل العلم بـ‪َّ « :‬‬ ‫ِ‬
‫أيدينا‪ ،‬هو َم ْعن ٌّي بمعرفة التَّقاسيم‪ ،‬والتَّقاسيم هذه ِّ‬
‫الضوابط الفقه َّية عىل نوعني‪:‬‬
‫الضوابط الفقه َّية»‪ ،‬وجعل َّ‬ ‫الشيخ يوسف بن عبداهلادي‪َّ ،‬‬
‫فإن له كتا ًبا اسمه‪َّ « :‬‬ ‫َّ‬
‫أمر َّ ٍ‬
‫معني‪ ،‬فذكر أمثل ًة‬ ‫كل ما يندرج حتت ٍ‬
‫الضوابط احلارصة؛ وهي التَّقاسيم‪ ،‬بأن جيمع َّ‬
‫األول‪َّ :‬‬
‫‪ -‬النَّوع َّ‬
‫فإن الكتاب ا َّلذي بني أيدينا ك َّله من َّ‬
‫الضوابط‬ ‫منها يف كتابه «القواعد»‪ ،‬وأكثر منها يف الكتاب ا َّلذي بني أيدينا؛ َّ‬
‫احلارصة‪.‬‬
‫ُ‬
‫مسائل فقهي ٌة كثريةٌ‪.‬‬ ‫الضوابط الفقه َّية؛ ا َّلتي هي قضايا كل َّي ٌة‪ ،‬يندرج حتتها‬ ‫‪ -‬والنَّوع ال َّثاين من َّ‬
‫الضوابط‪َّ :‬‬
‫إ ًذا َّ‬
‫الضوابط الفقه َّية نوعان‪:‬‬
‫عشـر‪ ،‬وهكذا‪.‬‬
‫َ‬ ‫الصالة أربع َة‬ ‫ُ‬
‫ضوابط حارصةٌ‪ :‬وهو تعدا ٌد‪ ،‬كأركان الدِّ ين مخس ٌة‪ ،‬أركان َّ‬ ‫‪-1‬‬
‫صور متعدِّ د ٌة من الفروع الفقه َّية‪ ،‬وهي ا َّلتي‬
‫ٌ‬ ‫‪ -2‬والنَّوع ال َّثاين‪ :‬قضايا كل َّية‪ :‬قض َّي ٌة كل َّي ٌة يندرج حتتها‬
‫َ‬
‫(ضوابط)‪ ،‬وكالمها‬ ‫تواضع علامء الفقه عىل تسميتها بـ‪( :‬القواعد الفقه َّية)‪ ،‬وكال األمرين ُي َس َّمى‪:‬‬
‫ُي َس َّمى‪( :‬ضاب ًطا)‪.‬‬
‫الضوابط‪ ،‬ا َّلتي بمعنى احلارصة‪ ،‬التَّقاسيم‪ ،‬يكون معنى التَّقاسيم‬
‫إ ًذا املقصود هنا‪ ،‬أنَّنا نعرف أمه َّية معرفة َّ‬
‫الضوابط احلارصة معناها واحد‪.‬‬
‫والقضايا احلارصة‪ ،‬أو َّ‬
‫ومعرفة هذه القواعد احلارصة مفيدٌ جدا ا‪ ،‬ووجه فائدته‪ :‬أنَّه حيرص أمام طالب العلم املسائل املندرجة‪ ،‬فال‬
‫يدخل يف املسألة ما ليس فيها‪.‬‬
‫أن املواضع ا َّلتي جيب تطهْيها‪ ،‬ثَلثة‪:‬‬ ‫سيمر معنا بعد ٍ‬
‫قليل‪ ،‬حينام يذكر املصنِّف َّ‬ ‫ُّ‬ ‫وأرضب لكم ً‬
‫مثاال‬
‫ِّ‬
‫املصِّل‪.‬‬ ‫‪ -1‬بدن‬
‫‪ -2‬والبقعة ا َّلتي ِّ‬
‫يصِّل عليها‪.‬‬
‫‪ -3‬وثوبه ا َّلذي ِّ‬
‫يصِّل به‪.‬‬
‫ٍ‬
‫بواجب‪ ،‬مثل‪ :‬النَّجاسة ا َّلتي‬ ‫هذه األشياء ال َّثالثة‪ ،‬هي ا َّلتي جيب تطهريها‪ ،‬ما عدا ذلك‪َّ ،‬‬
‫فإن تطهريها ليس‬
‫ِّ‬
‫املصِّل‪ ،‬ليست يف موضع سجوده‪.‬‬ ‫تكون يف ِق ْب َلة‬
‫أن املرء ك َّلام كان‬
‫شك َّ‬ ‫لـام عرفنا احلارص هلا‪ ،‬وهو َّأن التَّطهري إنَّام جيب يف ثالثة ٍ‬
‫أمور‪ ،‬وال َّ‬ ‫كيف عرفنا هذا؟ َّ‬
‫وأدق‬ ‫كامال‪ -‬ك َّلام كان َّ‬
‫أتم يف فقهه‪َّ ،‬‬ ‫حارصا دقي ًقا ً‬
‫ً‬ ‫حمي ًطا و َم ْعن ِ ايا بالتَّقسيم والتَّنويع ‪-‬وخا َّص ًة التَّقسيم ا َّلذي يكون‬
‫ومتأخرُّيم‪ ،‬فإنَّك إذا رأيت الفقيه يف مصنَّفه‪ ،‬قد أكثر من التَّقاسيم احلارصة‪،‬‬ ‫ِّ‬ ‫واضح عند متقدِّ م الفقهاء‬
‫ٌ‬ ‫فيه‪ ،‬وهذا‬
‫ترصفِ ِه بالفقه‪ ،‬وإجادتِ ِه له‪.‬‬ ‫ِ‬
‫وحسن ُّ‬ ‫قو ِة ملكتِ ِه‪،‬‬ ‫فإن ذلك ُّ‬
‫يدل عىل َّ‬ ‫َّ‬

‫‪2‬‬
‫ٍ‬
‫كثرية مل ُي ْسبَ ْق إليها فيام أعلم عند فقهاء‬ ‫بتقاسيم‬ ‫يف هذا الكتاب‪ ،‬فإنَّه أتى‬ ‫ِّف‬
‫ومن هؤالء‪ :‬املصن ُ‬
‫َ‬
‫احلنابلة‪ ،‬ور َّبام وافقهم غريهم من فقهاء املذاهب األخرى‪.‬‬
‫كل ٍ‬
‫مجلة وأحكامها عىل سبيل التَّفصيل‪ ،‬عىل طريقة رشح‬ ‫الشـرح بمشيئة اهلل ‪ ‬هي ليس رشح ِّ‬
‫طريقتنا يف َّ‬
‫طويال‪ ،‬واملدَّ ة ا َّلتي سنقرأ فيها الكتاب خالل يو ٍم‪ ،‬ور َّبام يوم ونصف‪ ،‬ال‬
‫ً‬ ‫الفروع الفقه َّية‪َّ ،‬‬
‫فإن هذا يأخذ وقتًا‬
‫لكل تقسي ٍم‪ ،‬والفائدة والغرض ا َّلذي نستفيده منها‬
‫يمكننا أن نفعل هذه ال َّطريقة‪ ،‬وإنَّام سوف نأخذ املعاين العا َّمة ِّ‬
‫بمشيئة اهلل ‪.‬‬

‫اجتِ ََمع‪َ ،‬وفِ َراق‪،‬‬ ‫اء‪ :‬ع َبا َدة‪َ ،‬و ُم َع َاملة‪َ ،‬و ْ‬
‫‪( :‬كِتَاب ُفرو ِع ا ْل ِف ْق ِه‪ ،‬مدَ ار ا ْل ِف ْق ِه ع ََل ع ََش ِة َأ ْشي ِ‬
‫َ َ‬ ‫َ َ َ‬ ‫َ ُ‬ ‫ُ ُ‬ ‫قال املصنِّف‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫اج َذلِ َ َ‬ ‫ِ‬
‫الص ََلةُ‪،‬‬ ‫يث‪ْ ،‬اْلَ َّو ُل‪ِِ :‬ف ا ْلع َبا َدات‪َ :‬وه َي ََخ َْسة‪َّ :‬‬ ‫ُشب‪َ ،‬و َق ْس ُم َم َو ِار َ‬ ‫ك‪َ ،‬وأكْل‪َ ،‬و ُ ْ‬ ‫َو ِجنَا َيات‪َ ،‬و َم َعاص‪َ ،‬و ْاستخْ َر ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ـح ُّج‪َ ،‬وا ْل ِ‬
‫ُشط‪َ ،‬و ُركْن‪،‬‬ ‫اء‪ْ َ :‬‬ ‫ور َها َع ََل َس ْب َعة َأ ْش َي َ‬ ‫الص ََل ُة؛ َوت َْشتَم ُل ُأ ُم ُ‬ ‫ـج َها ُد‪ْ ،‬اْلَ َّو ُل من َْها َّ‬ ‫الص ْو ُم‪َ ،‬وا ْل َ‬ ‫َوال َّزكَاةُ‪َ ،‬و َّ‬
‫ث‪َ ،‬و ََل ُبدَّ‬ ‫وط؛ و ِهي ِستَّة‪ْ :‬اْلَو ُل ِمنْها‪ :‬ال َّطهار ُة ِمن ا ْلـحدَ ِ‬ ‫َ‬ ‫َو َو ِ‬
‫َ َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫الَش ُ َ َ‬ ‫ُم َّرم‪ْ ،‬اْل َّو ُل‪ُ ُّ :‬‬‫اجب‪َ ،‬و ُسنَّة‪َ ،‬و ُم َباح‪َ ،‬و َمك ُْروه‪َ ،‬و ُ َ‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬
‫ِّس‪،‬‬ ‫اِل َع ْن َمانع ح ِّ ٍّ‬ ‫ف ا ْلـخَ ِ‬ ‫ـم َك َّل ُ‬‫ـم َت َط ِّه ُر‪َ :‬ف ُهو ا ْل ُ‬ ‫فيه م ْن َأ ْر َب َعة ُأ ُمور‪ُ :‬م َت َط ِّهر‪َ ،‬و ُم َت َط َّهر بِه‪َ ،‬و َط َه َارة‪َ ،‬ونَاقض‪َ ،‬أ َّما ا ْل ُ‬
‫َضر ِِف ْاستِ ْع ََملِ ِه‪َ ،‬و َأ َّما ال َّط َه َارةُ‪َ :‬ف ِه َي‬ ‫ِِ َ‬
‫اب عنْدَ َعدَ مه‪ ،‬أ ْو َ َ‬
‫ِ‬
‫الُّت ُ‬ ‫ـم َت َط َّه ُر بِ ِه‪َ :‬فا ْلـَم ُء ال َّط ُه ُ َ ِ‬
‫ور‪ ،‬أو ُّ َ‬ ‫َ‬
‫َأو َ ِ‬
‫ُشع ٍّي‪َ ،‬و َأ َّما ا ْل ُ‬
‫ْ ْ‬
‫يل‬ ‫َيت َِوي َع ََل ُسنَّة؛ َو ُهو الت َّْس ِم َي ُة‪َ ،‬و َغ ْس ُل ا ْل َيدَ ْي ِن َق ْب َل ُه َث ََل ًثا‪َ ،‬وا ْلغ َْس َل ُة ال َّثان ِ َي ُة َوال َّثالِ َث ُة‪َ ،‬و ََتْلِ ُ‬ ‫وء‪ْ َ ،‬‬
‫ِ‬
‫ُصغ َْرى؛ َوه َي ا ْل ُو ُض ُ‬
‫اجب‪َ :‬فغَس ُل ْاْلَع َض ِ‬ ‫ـم ْض َم َض ِة َو ِاَل ْستِن َْش ِ‬ ‫ِ‬
‫اء‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫اك‪َ ،‬وال َّت َي ُام ُن‪َ ،‬و َأ َّما ا ْل َو ِ ُ‬ ‫الس َو ُ‬‫اق‪َ ،‬و ِّ‬ ‫ـم َبا َل َغ ُة ِِف ا ْل َ‬
‫ْاْلَ َصابِ ِع َوال ِّل ْح َية‪َ ،‬وا ْل ُ‬
‫ِ‬ ‫َْ‪ ،‬و َّ ِ‬ ‫ِ‬
‫الصغ َْرى‪َ ،‬و َع ََل‬ ‫ْ ِِف ال َّط َه َارة ُّ‬ ‫واَلةُ‪َ ،‬والنِّ َّي ُة‪َ ،‬و ُي ْم َس ُُ َع ََل ا ْلـخُ َّف ْ ِ‬
‫ـم َ‬ ‫يب‪َ ،‬وا ْل ُ‬ ‫ُ ِ‬
‫ِ َم َع ْاْل ُذن ْ َ ْ‬
‫الُّتت ُ‬ ‫الر ْأ ِ‬
‫ال َّث ََل َثة‪َ ،‬و َم ْس ُُ َّ‬
‫ث إِ ََل ِم ْثلِ ِه َع ََل‬ ‫يهن ِمن ا ْلـحدَ ِ‬ ‫ِ‬
‫ـم َساف ُر َث ََل َث َة َأ َّيام َولَ َيال ِ َّ َ َ‬
‫ِ‬
‫يم َي ْو ًما َو َل ْي َل ًة‪َ ،‬وا ْل ُ‬
‫ف ا ْل ِ‬
‫ـمق ُ‬‫ـجبِ َْية من ُْه ََم‪َ ،‬و َي ْم َس ُُ َع ََل ا ْلـخُ ِّ ُ‬
‫ِ ِ‬
‫ا ْل َ‬
‫ـج َس ِد‪،‬‬ ‫ِ‬
‫يم َسائ ِر ا ْل َ‬
‫ِ‬
‫ب‪ :‬النِّ َّي ُة‪َ ،‬و َت ْعم ُ‬ ‫اج ُ‬‫اجب‪ ،‬ا ْل َو ِ‬ ‫َساتِر َثابِت بِنَ ْف ِس ِه‪َ ،‬و َأ َّما الطَّ َه َار ُة ا ْلك ُْْبى‪َ :‬فت َْحت َِوي َع ََل ُسنَّة‪َ ،‬و َو ِ‬
‫َ‬
‫الش َع ِر‪َ ،‬وغ َْس ُل َقدَ َم ْي ِه ِِف‬ ‫يل َّ‬ ‫ك‪َ ،‬وال َّت َي ُام ُن‪َ ،‬و ََتْلِ ُ‬ ‫وء‪َ ،‬وا ْلغ َْس ُل َث ََل ًثا‪َ ،‬والدَّ ْل ُ‬ ‫ِ ِ‬
‫ب‪ :‬غ َْس ُل َما بِه م ْن َأ ًذى‪َ ،‬وا ْل ُو ُض ُ‬ ‫َوا ْل ُ‬
‫ـم ْست ََح ُّ‬
‫اح ُش ِمن غ ِ ِ‬ ‫ْ‪ ،‬وا ْل َف ِ‬ ‫َْي مو ِض ِع ِه‪ ،‬والنَّواقِ ُض ِِف ال َّطهار ِة الصغْرى ثَمنية‪ :‬ا ْلـخَ ِ ِ‬
‫ِها‪َ ،‬وز ََو ُال ا ْل َع ْق ِل‬‫َْي َ‬ ‫ْ ْ‬ ‫السبِي َل ْ ِ َ‬
‫ار ُج م َن َّ‬ ‫َ َ ُّ َ‬ ‫َ َ‬ ‫غِْ َ ْ‬
‫ُْبى ِستَّة‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫اْلبِ ِل‪َ ،‬و ِّ‬
‫الر َّد ُة‪َ ،‬وِف ال َّط َه َارة ا ْلك ْ َ‬ ‫ـح ِم ْ ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫ـم ْر َأة ل َش ْه َوة‪َ ،‬و َأك ُْل َل ْ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َْي ن َْوم َيسْي َجال ًسا َأ ْو َقائ ًَم‪َ ،‬و َم ُّس ا ْل َف ْرجِ ‪َ ،‬وا ْل َ‬ ‫بِغ ْ ِ‬
‫ِ‬ ‫ا ْلـمنِي الدَّ افِ ُق بِ َل َّذة‪ ،‬وا ْلتِ َقاء ا ْل ِ‬
‫ـختَان ْ ِ‬
‫ـم ْو ُت)‪.‬‬ ‫اِ‪َ ،‬وا ْل َ‬ ‫ـح ْي ُض‪َ ،‬والنُّ َف ُ‬ ‫َْ‪َ ،‬وإِ ْس ََل ُم ا ْلكَاف ِر‪َ ،‬وا ْل َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ ُّ‬

‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫معروف؛ َّ‬
‫ألن هذا‬ ‫ٌ‬ ‫َاب ُف ُرو ِع ا ْلف ْقه‪ )،‬طب ًعا مل يأت باحلمدلة؛ َّ‬
‫السبب‬ ‫قال‪( :‬كت ُ‬ ‫يشء َّ‬
‫الشيخ‬ ‫َّأول‬

‫الشـريعة وعلوم اآللة؛ من ال َّلغة‪َّ ،‬‬


‫والرصف‪،‬‬ ‫مجع فيه علوم َّ‬ ‫آخر‪ ،‬أ َّلفه املصنِّف‬ ‫ٍ‬
‫كتاب َ‬ ‫الكتاب هو جز ٌء من‬

‫‪3‬‬
‫والبالغة‪ ،‬والعروض وغري ذلك‪ ،‬ومن علوم َّ‬
‫الشـريعة‪ ،‬من احلديث وأصوله‪ ،‬والفقه وأصوله‪ ،‬وغري ذلك من‬
‫سامه‪( :‬كتاب فروع الفقه)‪.‬‬ ‫املباحث املتع ِّلقة بعلوم َّ‬
‫الَّشيعة‪ ،‬وعقد با ًبا‪ ،‬أو كتا ًبا‪ ،‬جز ًءا َّ‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ٍ‬
‫اء) الفقه جرت عادة الفقهاء – رمحهم اهلل‬‫(مدَ ُار ا ْلف ْقه َع ََل َع َش َـرة َأ ْش َي َ‬ ‫مسألة ذكرها َّ‬
‫الشيخ‪ ،‬قال‪َ :‬‬ ‫َّأول‬
‫تعاىل‪ -‬بتقسيمه إىل أقسا ٍم؛ فمنهم من جيعل الفقه أربعة أرباعٍ‪:‬‬
‫عبادات‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫‪-1‬‬
‫ومعامالت‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫‪-2‬‬
‫‪ -3‬وأنكح ٌة‪.‬‬
‫وجنايات‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫‪-4‬‬
‫ا‬
‫مستقال‪.‬‬ ‫خامسا؛ فيجعل باب القضاء با ًبا‬
‫ً‬ ‫قسام‬
‫ومنهم من يزيد ً‬
‫ٍ‬
‫معاملة‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫خصومة يف‬ ‫ٍ‬
‫جناية‪ ،‬أو لفصل‬ ‫من جعله أربع ًة قال‪َّ :‬‬
‫ألن القضاء إ َّما هو لفصل‬
‫ومنهم من زاد عىل ذلك ‪-‬ومنهم املصنِّف‪ -‬فإنَّه جعل الفقه ينقسم إىل عشـرة أقسا ٍم‪ ،‬سنذكرها بعد ٍ‬
‫قليل‬
‫رس ًدا‪.‬‬
‫ٌ‬
‫مناط واحدٌ ؛ فعىل سبيل‬ ‫وفائدة معرفة هذا التَّقسيم‪َّ :‬‬
‫أن املسائل (متناظرة)(‪ )1‬يف الباب الواحد يكون هلا‬
‫مناط‪ ،‬لكن املناطات‪ -‬نقول‪َّ :‬‬
‫إن‬ ‫ٍ‬ ‫مناطات أكثر من‬
‫ٌ‬ ‫مستقل‪ ،‬فنقول ً‬
‫مثال ‪-‬وهلا‬ ‫ٌّ‬ ‫ٌ‬
‫مناط‬ ‫املثال‪ :‬ننظر العبادات هلا‬
‫العبادات األصل فيها التَّوقيف‪ ،‬فال جيوز أن يؤ ِّد َي عباد ًة َّإال وقد جاء النَّقل هبا‪ ،‬ال نقول‪ُّ :‬‬
‫كل أبواب الفقه األصل‬
‫خاص بالعبادات‪.‬‬
‫ٌّ‬ ‫فيها التَّوقيف‪ ،‬وإنَّام هو‬
‫املعامالت‪ ،‬نقول‪ :‬األصل يف املعامالت اإلباحة ً‬
‫مثال‪ ،‬يف االجتامع واالفرتاق املراد باالجتامع والفراق‬
‫النِّكاح‪ ،‬والفرقة [وفرق](‪ )2‬النِّكاح‪ ،‬نقول ً‬
‫مثال‪ :‬عن هذا الباب‪ ،‬وهو األصل يف االجتامع والفراق األصل فيه‬
‫االحتياط‪ ،‬األصل فيه االحتياط‪.‬‬
‫اختُلِ َ‬
‫ف ما املراد باالحتياط يف باب ال َّطالق؟‬ ‫وقد ْ‬
‫ََب‪ ،‬فال يثبت النِّكاح َّإال بام اتَّفق عىل أنَّه يتح َّقق به النِّكاح؛ ولذلك‬
‫فم ْعت َ ٌ‬
‫أ َّما االحتياط يف باب النِّكاح ُ‬
‫إن النِّكاح ال ينعقد َّإال بالعرب َّية‪ ،‬ملن ال جييد َّإال هي‪،‬‬
‫الفقهاء يقولون ‪-‬وهذا من باب االستطراد‪ -‬يقول الفقهاء‪َّ :‬‬
‫وال ينعقد النِّكاح باملعاطاة‪.‬‬

‫(‪ )1‬هكذا يف التَّفريغ ا َّلذي وصلني‪ ،‬ولع َّلها‪( :‬املتناظرة)‪.‬‬


‫(‪ )2‬لعلها‪( :‬فرقة)‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫ٍ‬
‫ورشاء‪ -‬تنعقد باملعاطاة‪ ،‬وال ينعقد النِّكاح بالكتابة؛ بل ال ُبدَّ من ال َّلفظ‪.‬‬ ‫واملعامالت ‪-‬من بي ٍع‬
‫ٍ‬
‫هاتف‪،‬‬ ‫الفقهي‪َّ :‬‬
‫إن النِّكاح ال ينعقد بوسائل االتِّصال من‬ ‫وقال املعارصون ‪-‬وصدر فيه فتوى املجمع‬
‫ِّ‬
‫واضحا جل ايا يف إثباته‪.‬‬
‫ً‬ ‫ألن األصل يف االجتامع ‪-‬وهو النِّكاح‪ -‬االحتياط‪ ،‬فال نثبته َّإال بام كان‬
‫وانرتنت‪ ،‬وغريه‪ ،‬ملاذا؟ َّ‬

‫االحتياط يف باب ال َّطالق إثباته ‪-‬وهو مشهور‬


‫ُ‬ ‫إن األصل يف الفرقة االحتياط‪ ،‬واخ َت َلف هل‬
‫كذلك نقول‪َّ :‬‬
‫تقي الدِّ ين‪،‬‬ ‫أن االحتياط يف باب ال َّطالق نفيه‪ ،‬وإبقاء َّ‬
‫الزوج َّية؟ ‪-‬وهو اختيار َّ‬
‫الشيخ ِّ‬ ‫املذهب‪ ،‬وقول اجلمهور‪ -‬أم َّ‬
‫ٍ‬
‫وكثري من مشاخينا‪.‬‬ ‫َّ‬
‫والشيخ ابن سعدي‪،‬‬
‫خمتلف [فيه](‪ )1‬يف باب ال َّطالق‪ ،‬اجلمهور يقول‪ :‬االحتياط إثباته فيها‪َّ ،‬‬
‫والشيخ‬ ‫ٌ‬ ‫ولذلك يقول‪َّ :‬‬
‫إن املسائل‬
‫يرتجح عندك مسأل ٌة‪ ،‬فاالحتياط يف باب ال َّطالق نفيه؛ َّ‬
‫ألن [ال ََّّشع]‬ ‫تقي الدِّ ين يقول‪ :‬ال‪ ،‬إذا اختلفت املسألة ومل َّ‬
‫ُّ‬
‫متشو ٌق إلثبات عقد النِّكاح‪.‬‬
‫ِّ‬
‫كل ٍ‬
‫باب من هذه األبواب‪،‬‬ ‫ليعرف أصول ِّ‬
‫َ‬ ‫إ ًذا املقصود َّ‬
‫أن معرفة هذه التَّقاسيم مفيدٌ جدا ا لطالب العلم؛‬
‫ٍ‬
‫قليل استفصاهلا‪ ،‬وكذلك املعامالت‪ ،‬فاملراد‬ ‫وسيمر بعد‬
‫ُّ‬ ‫وما هي األحكام العا َّمة فيها‪ ،‬العبادات واضح ٌة‪،‬‬
‫مخس ًة‬ ‫باالجتامع هو النِّكاح‪ ،‬واملراد بالفراق هو ال َّطالق فرق النِّكاح‪ ،‬وهي كثريةٌ‪ ،‬وعدَّ ها ابن الق ِّيم‬
‫وعشـرين نو ًعا‪ ،‬ويمكن أن ُي َزا َد عىل ما عدَّ ه ابن الق ِّيم‪ ،‬عدَّ ابن الق ِّيم يف (بدائع الفوائد)‪ ،‬ويمكن أن نزيد عىل ما‬
‫‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫مخس أخرى‪ ،‬فاتت ابن الق ِّيم‬ ‫ذكر ابن الق ِّيم نحو‬
‫قال‪( :‬وجنايات)‪ ،‬هي االعتداء عىل حقوق العباد‪( ،‬واملعايص)‪ ،‬وهي االعتداء عىل حقوق اهلل ‪‬‬
‫كالزنى ونحوه‪.‬‬
‫ِّ‬
‫(واستخراج ذلك)‪ ،‬أي استخراج احلقوق‪ ،‬حقوق اهلل ‪ ،‬ويكون من (باب القضاء)‪ ،‬فاستخراج‬
‫بالضامن‪ ،‬أو بالقصاص‪ ،‬واستخراج املعا ي يكون باحلدود‪ ،‬أو التَّعذيب‪.‬‬
‫اجلنايات‪ ،‬يكون إ َّما َّ‬
‫قال‪( :‬وأكل)‪ ،‬املراد به‪( :‬باب األطعمة)‪.‬‬
‫بالشـرب َّ‬
‫كل ما ُي ْش َـرب‪،‬‬ ‫الشـرب عن األكل‪ ،‬ال يقصدون ُّ‬
‫قال‪( :‬وُشب)‪ ،‬انظر هنا؛ الفقهاء ملا فصلوا ُّ‬
‫له كتابان‪:‬‬ ‫وإنَّام يقصدون نو ًعا واحدً ا من املشـروبات‪ ،‬وهو اخلمر وما يف حكمها؛ ولذلك َّ‬
‫فإن اإلمام أمحد‬
‫الصغْي)‪ ،‬و(كتاب اْلُشبة الكبْي)‪ ،‬ويعني بكتاب األرشبة ‪-‬والفقهاء من بعده يعنون باألرشبة‪:‬‬
‫(كتاب اْلُشبة َّ‬
‫اخلمر وما أخذ حكمها؛ كالنَّبيذ وغريه‪ ،‬وليس املقصود بباب األرشبة مطلق ما ُي ْش َـرب‪.‬‬
‫قال‪( :‬وقسم للمواريث)‪ ،‬أو (قسم املواريث) وهي الفرائض‪.‬‬

‫(‪ )1‬لعلها‪( :‬فيها)‪.‬‬


‫‪5‬‬
‫بأول أقسام الفقه وهي العبادات‪ ،‬فقال‪( :‬والعبادات َخسة) أبواب‪:‬‬
‫َّ‬ ‫[ثم] بـدأ َّ‬
‫الشيخ‬ ‫َّ‬
‫واحلج‪ ،‬هذه األمور األربعة‪ ،‬جاء تعدادها يف حديث ابن عمر‬ ‫ُّ‬ ‫الصوم‪،‬‬
‫الزكاة‪َّ ،‬‬
‫ثم َّ‬ ‫الصالة‪َّ ،‬‬
‫األول‪َّ :‬‬‫الباب َّ‬
‫ِ‬
‫‪ُ « :‬بن َي اْلسَلم عَل َخس‪ :‬شهادة أ ََّل إله َّإَل اهلل‪ ،‬وأ َّ َّ‬
‫ُممدً ا رسول اهلل‪ ،‬وإقام‬ ‫َّبي‬
‫‪ ،‬حينام قال الن ُّ‬
‫وحج بيت اهلل احلرام»‪ ،‬هذه هي األمور األربعة‪.‬‬
‫ِّ‬ ‫الصَلة‪ ،‬وإيتاء الزَّكاة‪ ،‬وصوم رمضا َ ‪،‬‬
‫َّ‬
‫األمر اخلامس هو‪ :‬اجلهاد‪ ،‬وفقهاء احلنابلة – رمحهم اهلل تعاىل‪ ،-‬هلم طريقتان يف (باب اجلهاد)‪ ،‬فبعضهم‬
‫ألن فيه معامل ًة جتعله‬
‫َّصـرف مع اآلخرين؛ َّ‬
‫جيعل اجلهاد يف آخر (املعامالت)‪ ،‬ويرى أنَّه من (باب املعامالت)‪ ،‬والت ُّ‬
‫ألن فيها معامل ًة مع غري املسلمني‪ ،‬أو مع البغاة ومن يف حكمهم‪ ،‬وهذه هي طريقة َّ‬
‫الشيخ أيب‬ ‫يف آخر املعامالت؛ َّ‬
‫اخلرقي – عليه رمحة اهلل‪.‬‬
‫ِّ‬ ‫القاسم‬
‫َ‬
‫إسحاق‬ ‫احلج‪ ،‬وأحلقه بالعبادات‪ ،‬وقد تابع يف ذلك أبا‬
‫يف (املقنع)‪ ،‬جعل اجلهاد بعد ِّ‬ ‫واملو َّفق‬
‫الشافع َّية‪ ،‬جعل اجلهاد من‬ ‫َّ‬
‫(املهذب)‪ ،‬من فقهاء َّ‬ ‫ريازي صاحب‬
‫َّ‬ ‫الش‬ ‫َ‬
‫إسحاق ِّ‬ ‫فإن أبا‬ ‫َّ‬
‫(املهذب)‪َّ ،‬‬ ‫ريازي صاحب‬
‫َّ‬ ‫ِّ‬
‫الش‬
‫وكثري من احلنابلة‪ ،‬و َم َش ْوا عىل هذا‪ ،‬ومشى عىل ذلك ِّ‬
‫املتأخرون‪ ،‬فعدُّ وا اجلهاد من‬ ‫ٌ‬ ‫الشيخ املو َّفق‪،‬‬
‫العبادات‪ ،‬فتبعه َّ‬
‫أن اجلهاد وإن ُوكِ َل بعض أموره لنظر و ِّيل األمر؛ َّإال َّ‬
‫أن‬ ‫ألن األصل فيه التَّوقيف‪ ،‬فاملعنى عندهم‪َّ :‬‬ ‫العبادات؛ َّ‬
‫وحا عىل مرصاعيه‪ ،‬هذه مسألة معنى دخوله‬ ‫األصل فيه التَّوقيف‪ ،‬فال جيوز مقاتلة ٍ‬
‫أحد َّإال ٍ‬
‫رشعي‪ ،‬وليس مفت ً‬‫ٍّ‬ ‫بإذن‬
‫يف العبادات‪.‬‬
‫السادس من أركان الدِّ ين‪.‬‬
‫الركن َّ‬ ‫هنا فائدة‪ :‬بعض النَّاس يقول‪َّ :‬‬
‫إن اجلهاد هو ُّ‬
‫املتأخرين‪َّ ،‬إال أنَّه غري صحيحٍ ‪ ،‬فقـد ثبت يف (املسند) من حديث‬
‫إن هذا التَّعبري وإن ذكره بعض ِّ‬ ‫نقول‪َّ :‬‬
‫حديث املباين اخلمسة‪ُ « :‬بن ِ َي اْلسَلم عَل َخس» قال ٌ‬
‫رجل‪ :‬واجلهاد؟‬ ‫َّبي‬
‫‪ ،‬أنَّه ملا ذكر عن الن ِّ‬ ‫عمر‬
‫ابن َ‬
‫»‪.‬‬ ‫َّبي‬
‫الَّشع‪« -‬ولكن هكذا سمعنا الن َّ‬
‫‪« :‬اجلهاد عظيم»‪- ،‬نعم اجلهاد عظيم يف َّ‬ ‫فقال ابن عمر‬
‫املتأخرون من املو َّفق فمن بعده‪ ،‬حينام جعل اجلهاد بعد العبادات‪ ،‬مل يقولوا‪ :‬إنَّه من أركان الدِّ ين‪ ،‬كام‬
‫ِّ‬ ‫فالفقهاء‬
‫أنكر ابن عمر ذلك‪ ،‬وإنَّام قالوا‪ :‬هو يف معنى العبادات؛ َّ‬
‫ألن األصل فيه التَّوقيف‪ ،‬وسيأيت –إن شاء اهلل – بعض أحكامه‪.‬‬
‫كل العبادات ا َّلتي بعدها‪( -‬تشتمل عَل‬
‫الصالة‪ ،‬وقال‪َّ :‬إَّنا‪ -‬وكذا ُّ‬ ‫الشيخ ِّ‬
‫بأجل العبادات وهي َّ‬ ‫[ثم] بدأ َّ‬
‫َّ‬
‫(الشـرط)‪،‬‬ ‫ومثمر جدا ا؛ َّ‬
‫ألن َّأول هذه األمور هو َّ‬ ‫ٌ‬ ‫السبعة مفيدٌ‬
‫أشياء)‪ ،‬ومعرفة التَّفريق بني هذه األمور َّ‬
‫َ‬ ‫سبعة‬
‫تصح‪ ،‬سوا ًء‬
‫ُّ‬ ‫تصح العبادة مطل ًقا‪ ،‬ال‬
‫ُّ‬ ‫والشـرط هو ما كان ساب ًقا للفعل‪ ،‬وبنا ًء عىل ذلك إذا فات َّ‬
‫الشـرط‪ ،‬فإنَّه ال‬ ‫َّ‬
‫تصح العبادة مطل ًقا‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫كان فواته عن ٍ‬
‫جهل‪ ،‬ال ُّ‬ ‫عمد‪ ،‬أو عن‬
‫والركن يكون جز ًءا من املاه َّية؛ أي جز ًءا من العبادة‪ ،‬ليس ساب ًقا هلا‪ ،‬وإنَّام هو جز ٌء‬ ‫األمر ال َّثاين‪ُّ :‬‬
‫(الركن)‪ُّ ،‬‬

‫‪6‬‬
‫سهوا‪ ،‬وال عمدً ا‪ ،‬وليس له ٌ‬
‫بدل‪.‬‬ ‫والركن ال يسقط؛ ال ً‬
‫منها‪ُّ ،‬‬
‫قال‪( :‬وواجب)‪ ،‬والواجب هو ما كان جز ًءا من العبادة؛ ولكن إذا عجز عنه املرء سقط‪ ،‬وإذا نسيه كان له‬
‫السهو‪.‬‬ ‫ٌ‬
‫بدل‪ ،‬وهو سجود َّ‬
‫والسنَّة‪ ،‬فيقولون‪َّ :‬‬
‫إن‬ ‫يفرقون بني املندوب ُ‬
‫بالسنَّة‪ :‬هو املندوب‪ ،‬وبعض الفقهاء ِّ‬
‫(وسنَّة) واملقصود ُ‬
‫قال‪ُ :‬‬
‫عىل غري وجه اإللزام‪.‬‬ ‫َّبي‬
‫السنَّة ما جاء الدَّ ليل عليه بالنَّقل من فعل الن ِّ‬
‫ُ‬
‫‪ ،‬وما كان‬ ‫َّبي‬
‫وأ َّما مطلق النَّدب واالستحباب‪ ،‬فإنَّه يكون عا اما‪ ،‬فيشمل ما جاء به النَّقل‪ ،‬عن الن ِّ‬
‫مستح ابا ملعنًى‪.‬‬
‫ٍ‬
‫يشء بمعنًى‪ ،‬من باب املعنى‪ ،‬يعني‪ :‬من باب الع َّلة ودليل العقل‪،‬‬ ‫انظر؛ قد حيكم الفقهاء باستحباب‬

‫واملعاين ا َّلتي ُي ْست ََح ُّ‬


‫ب هلا متعدِّ دةٌ‪ ،‬منها‪ :‬املصلحة‪ ،‬ومنها‪ :‬االحتياط‪ ،‬ومنها‪ :‬مراعاة اخلالف‪ ،‬ور َّبام نشري هلا يف غري‬
‫هذا املوضع‪.‬‬
‫قال‪( :‬ومباح)‪ ،‬وهو ا َّلذي يستوي فيه األمران‪.‬‬
‫ِ‬
‫(ومكروه)‪ ،‬وهو ا َّلذي ُأث َ‬
‫يب عىل تركه‪ ،‬ومل ُي َعا َق ْ‬
‫ب بفعله‪.‬‬
‫للصالة؛ ألنَّه ال جيوز فعله فيها‪.‬‬ ‫(وُمرم)‪ ،‬وهو ا َّلذي يكون مفسدً ا َّ‬ ‫َّ‬
‫وط‪ :‬و ِهي ِستَّة‪ْ :‬اْلَو ُل ِمنْها‪ :‬الطَّهار ُة ِمن ا ْلـحدَ ِ‬ ‫قال‪َ ْ :‬‬
‫للصالة‪( :‬ال َّطهارة‬
‫الَّشوط َّ‬
‫ث)‪َّ ،‬أول ُّ‬ ‫َ َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫الَش ُ َ َ‬‫(اْل َّو ُل‪ُ ُّ :‬‬
‫من احلدث)‪ ،‬واحلدث نوعان‪:‬‬
‫أصغر‪.‬‬
‫ُ‬ ‫ٌ‬
‫حدث‬ ‫‪-1‬‬
‫َب‪.‬‬ ‫ٌ‬
‫وحدث أك ُ‬ ‫‪-2‬‬
‫الصحيحني‪ََ « :‬ل َي ْق َب ُل اهللُ َص ََل َة َأ َح ِدك ُْم إِ َذا‬
‫‪-‬فيام ثبت يف َّ‬ ‫َّبي‬
‫رشط‪ :‬قول الن ِّ‬ ‫ٌ‬ ‫أن ال َّطهارة‬ ‫والدَّ ليل عىل َّ‬
‫ٌ‬
‫رشط‪.‬‬ ‫أن ال َّطهارة من احلدث‬ ‫فدل ذلك عىل َّ‬ ‫ث َحتَّى َيت ََو َّض َأ»‪َّ ،‬‬‫َأ ْحدَ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬
‫ـم َك َّلفُ‬ ‫(و ََل ُبدَّ فيه م ْن َأ ْر َب َعة ُأ ُمور‪ُ :‬م َت َط ِّهر‪َ ،‬و ُم َت َط َّهر بِه‪َ ،‬و َط َه َارة‪َ ،‬ونَاقض‪َ ،‬أ َّما ا ْل ُ‬
‫ـم َت َط ِّه ُر‪َ :‬ف ُهو ا ْل ُ‬ ‫قال‪َ :‬‬
‫عمن يقوم بال َّطهارة‪ ،‬وهو ا َّلذي يقوم بالوضوء‪،‬‬ ‫باحلديث َّ‬ ‫الشيخ‬ ‫ُش ِع ٍّي)‪ ،‬بدأ َّ‬ ‫اِل َع ْن َمانِع ِح ِّ َ‬
‫ِّس‪ ،‬أ ْو َ ْ‬‫ٍّ‬ ‫ا ْلـخَ ِ‬
‫املتطهر [هو املك َّلف]‪ ،‬فغري املك َّلف‬
‫ِّ‬ ‫أو بالغسل‪ ،‬أو سائر ال َّطهارات‪ ،‬ا َّلتي تتع َّلق به كالت ُّ‬
‫َّيمم ونحو ذلك‪ ،‬فقال‪َّ :‬‬
‫إن‬
‫عمم جسدَ ه باملاء‪ ،‬أو أجرى عىل أعضاء الوضوء ما ًء‪َّ ،‬‬
‫فإن حدثه ال‬ ‫تصح طهارته‪ ،‬مثل‪ :‬املجنون‪ ،‬فلو َّ‬
‫أن جمنونًا َّ‬ ‫ُّ‬ ‫ال‬
‫يرتفع‪.‬‬
‫آخر‪ ،‬فأحيانًا جيعلون‬ ‫ف)‪ ،‬التَّكليف عند الفقهاء أحيانًا خيتلف معناه يف باب عن ٍ‬
‫باب َ‬ ‫ـم َك َّل ُ‬
‫قال‪َ ( :‬ف ُهو ا ْل ُ‬

‫‪7‬‬
‫التَّكليف من رشطه البلو َغ‪ ،‬وأحيانًا الفقهاء أنفسهم جيعلون التَّكليف من رشطه الت َ‬
‫َّمييز‪.‬‬
‫َ‬
‫العاقل‪ ،‬وأحيانًا يقصدون به املم ِّي َز‬ ‫َ‬
‫البالغ‬ ‫انظر الفرق بني ال ِّثنتني‪ ،‬فأحيانًا يستخدمون املك َّلف يقصدون به‬
‫سنني‪.‬‬
‫َ‬ ‫ست‬
‫يصح طهارته هو املم ِّيز العاقل‪ ،‬أي من جاوز َّ‬ ‫املتطهر ا َّلذي ُّ‬
‫ِّ‬ ‫َ‬
‫العاقل‪ ،‬ويف (باب ال َّطهارة)‬
‫موانع حس َّي ٌة‪[ ،‬أشيا ُء] ملموس ٌة متنع وضو َءه‪.‬‬ ‫ـي)‪ ،‬املرء قد يأتيه‬ ‫ِ ِ‬ ‫قال‪( :‬ا ْلـخَ ِ‬
‫ُ‬ ‫اِل َع ْن َمانع ح ِّس ٍّ‬
‫وتوضأ‪ ،‬يقولون‪َّ :‬‬
‫فإن وضو َءه غري صحيحٍ ؛‬ ‫َّ‬ ‫أن امر ًأ أحدث‪ ،‬ومل يستنجِ أو يستجمر‬
‫مثال ذلك‪ :‬قالوا‪ :‬لو َّ‬
‫ٍ‬
‫باستنجاء‪ ،‬واضح؟‬ ‫َّ‬
‫ألن من رشط الوضوء ملن أحدث أن يسبقه‬
‫صحة الوضوء إزالة النَّجاسة‪،‬‬
‫حمسوس موجود أثر النَّجاسة‪ ،‬ومن رشط َّ‬
‫ٌ‬ ‫حسـي؛ ألنَّه‬
‫ٌّ‬ ‫رشعي‬
‫ٌّ‬ ‫مانع‬
‫فهذا ٌ‬
‫ا َّلتي تكون بعد قضاء احلاجة‪ ،‬وأ َّما النَّجاسة ا َّلتي تكون يف غري موضع النَّجاسة ‪-‬ال ُق ُبل والدُّ بر‪ -‬فليس رش ًطا‬
‫وتوضأ املرء وعىل ساقه نجاس ٌة‪،‬‬
‫َّ‬ ‫الساق ً‬
‫مثال‪،‬‬ ‫للصالة؛ كأن تكون النَّجاسة عىل َّ‬ ‫ٌ‬
‫رشط َّ‬ ‫إزالتُها قبل الوضوء‪ ،‬وإ َّنام‬
‫ٌ‬
‫فَّشط قبل الوضوء يف‬ ‫صحيح‪ ،‬لكن َأ ِز ِل النَّجاس َة ألجل َّ‬
‫الصالة‪ ،‬وأ َّما االستنجاء واالستجامر‬ ‫ٌ‬ ‫نقول‪ :‬وضوؤه‬
‫قول مجاهري [أهل] العلم‪.‬‬
‫حيس‪.‬‬
‫ٌّ‬ ‫مانع‬
‫مانع من وصول املاء إىل بشـرته‪ ،‬هذا ٌ‬
‫أيضا‪ ،‬حينام يكون هناك ٌ‬
‫من املوانع احلس َّية ً‬
‫حائضا أو نفسا َء َّ‬
‫فإن حدثها ال يرتفع بالوضوء؛‬ ‫ً‬ ‫أمور منها‪ :‬احليض؛ فاملرأة إذا كانت‬
‫ٌ‬ ‫الَّشع َّية‬
‫املوانع َّ‬
‫حائضا أو نفسا َء فأجنبت‪ ،‬هل جيب عليها أ تغتسل؟‬
‫ً‬ ‫ولذلك يذكر الفقهاء مسأل ًة؛ وهي َّ‬
‫أن املرأة إذا كانت‬
‫رشعي من ارتفاع احلدث‪ ،‬وهو وجود‬
‫ٌّ‬ ‫مانع‬
‫وجدُ عندها ٌ‬ ‫َ‬
‫احلدث‪ ،‬ألنَّه ُي َ‬ ‫نقول‪ :‬ال؛ َّ‬
‫ألن االغتسال ال يرفع‬
‫احليض أو النِّفاس‪.‬‬
‫إن املرأة احلائض إذا أرادت أن تدخل املسجد‪ ،‬فيجوز هلا املكث يف املسجد بشـرط ختفيف‬ ‫لكن نقول‪َّ :‬‬
‫ٍ‬
‫بإسناد صحيحٍ ‪« :‬أ َّ‬ ‫َّسائي‬
‫ختفيف؛ ملا ثبت عند الن ِّ‬
‫ٌ‬ ‫تتوضأ فقط‪ ،‬ليس رف ًعا للحدث؛ وإنَّام هو‬
‫احلدث بالوضوء‪َّ ،‬‬
‫ُب إِ َذا َأ َرا َد َأ ْ َين ََام‪َ ،‬أ ْو َي ْأك َُل َف ْل َيت ََو َّض ْأ»‪ ،‬وهذا من باب ختفيف احلدث‪ ،‬وهو مشهور مذهب‬ ‫َذك ََر َأ َّ ا ْل ُ‬
‫ـجن َ‬ ‫َّبي‬
‫الن َّ‬
‫أنَّه جيوز للمرأة احلائض أن متكث يف املسجد بشـرط‬ ‫تقي الدِّ ين ابن تيم َّي َة‬ ‫اإلمام أمحدَ ‪ ،‬واختيار َّ‬
‫الشيخ ِّ‬
‫ختفيف احلدث‪.‬‬
‫ختفيف‪،‬‬ ‫ٍ‬
‫حدث مع وجود املانع‪ ،‬هو‬ ‫رفع‬ ‫ليس رفعه [وهو احلدث]‪ ،‬فال يستشكل أحدٌ َّ‬
‫ٌ‬ ‫أن هذا الوضوء ُ‬
‫باز وغريه من املشايخ‪.‬‬ ‫الشيخ ابن ٍ‬ ‫وهو ا َّلذي عليه الفتوى‪ ،‬فتوى َّ‬
‫ألن املياه هلا ثالث ُة أنواعٍ‪( :‬طهورةٌ‪ ،‬وطاهرةٌ‪،‬‬
‫طهورا؛ َّ‬
‫ً‬ ‫َ‬
‫يكون ما ًء‬ ‫ـم َت َط َّه ُر بِ ِه) ا َّلذي ُي َت َط َّه ُر به‪ ،‬إ َّما أن‬
‫قال‪( :‬ا ْل ُ‬
‫ونجس ٌة)‪.‬‬

‫‪8‬‬
‫فأما ال َّطهورة‪ :‬فهي ا َّلتي بقيت عىل أصلها‪ ،‬وجيوز الت ُّ‬
‫َّوضؤ هبا‪ ،‬ورفع احلدث‪.‬‬ ‫‪َّ -‬‬
‫مفص ٌل يف حم ِّله من أبواب‬ ‫وأما ال َّطاهرة‪ :‬فهي ا َّلتي َّ‬
‫تغريت إحدى أوصافها‪ ،‬أو ما يف حكم ذلك‪ ،‬كام هو َّ‬ ‫‪َّ -‬‬
‫الفقه‪.‬‬
‫ٍ‬
‫بنجاسة‪ ،‬فال يرفع حد ًثا‪ ،‬وال يزيل نجاس ًة‪.‬‬ ‫تغريت أحد أوصافه‬ ‫وأما النَّجس‪ :‬فهو ا َّلذي َّ‬ ‫‪َّ -‬‬
‫(‪)1‬‬

‫احلقيقي‪.‬‬
‫ُّ‬ ‫اب ِعنْدَ َعدَ ِم ِه)‪ ،‬أي عند عدم املاء‪ ،‬وهو العدم‬ ‫الُّت ُ‬ ‫َِ‬
‫قال‪( :‬أو ُّ َ‬
‫احلكمي‪ ،‬موجو ٌد عنده املاء‬
‫ِّ‬ ‫رضر ِ(ِف ْاستِ ْع ََملِ ِه)‪ ،‬وهذا ا َّلذي ُي َس َّمى بالعدم‬
‫ٍ‬ ‫َضر) أي عند خوف‬ ‫َ‬
‫قال‪( :‬أ ْو َ َ‬
‫فيتضـرر يف بدنه بحركته‪ ،‬أو ملرضه‪ ،‬أو لغالء ثمنه‪،‬‬
‫َّ‬ ‫كبريا ال يستطيع احلركة‬
‫يتوضأ‪ ،‬إ َّما لكونه ً‬
‫لكن ال يستطيع أن َّ‬
‫وغري ذلك من املسائل‪َ ،‬ف ُي َس َّمى‪َ « :‬ف ْقدً ا حكم ايا للامء»‪.‬‬
‫(‪)2‬بالنَّسبة للدَّ هانات هذه نوعان‪:‬‬
‫[املحالت](‪ )3‬ليس هلا ِج ْر ٌم‪ ،‬نعم قد‬
‫َّ‬ ‫دهانات ليس هلا ِج ْر ٌم‪ ،‬وهذه أغلب الدِّ هانات املوجودة عند‬ ‫ٌ‬ ‫‪-‬‬
‫ونحوه‪ ،‬هذا ال ِج ْر َم هلا‪ ،‬فهذه ال متنع وصول املاء للبَّشة‪ ،‬مبارش ًة أنَّك‬
‫ِ‬ ‫لون‪ ،‬مثل‪َ :‬لـمع ٍ‬
‫ان‬ ‫يبقى هلا ٌ‬
‫َ َ‬
‫ك‪ ،‬وسيمر معنا الدَّ ْلك‪ ،‬ومن غري د ْل ٍ‬
‫ك يصل املاء إىل البَّشة‪.‬‬ ‫تغسل ولو من غري د ْل ٍ‬
‫َ‬ ‫ُّ‬ ‫َ‬
‫‪ -‬النَّوع ال َّثاين من الدَّ هانات [ما] هلا ِج ْر ٌم؛ جتد له ِج ْر ٌم يصبح مثل البودرة‪ ،‬أو أكثر؛ مثل‪ :‬دهانات‬
‫الشخص ال حرج عليه وال رضر فيزيلها‪َّ ،‬‬
‫وإال فيكفيه املسح‬ ‫َّ‬
‫املحل‪ ،‬فهذه إن كان َّ‬ ‫احلروق‪ ،‬تغ ِّطي‬
‫عليها‪ ،‬لكن الفازلني وسائر الدُّ هون العاد َّية هذه ال ِج ْر َم هلا‪ ،‬فال متنع وصول املاء مطل ًقا‪.‬‬
‫أت] وجعلت املاء أجده يعني [‪ ]...‬عن اجللد‪ ،‬لكنَّه وصل إىل اجللد‪،‬‬
‫[توض ُ‬
‫َّ‬ ‫بعض النَّاس يقول‪ :‬أنا إذا‬
‫الزيت ال يمنع من وصول املاء إىل‬ ‫قديام‪َّ :‬‬
‫أن ِّ‬ ‫الزيت ذكر الفقهاء ً‬
‫الزيت املوجود؛ ولذلك ِّ‬
‫فهو اختلط مع بعض ِّ‬
‫البَّشة‪ ،‬وهو يف معناه‪.‬‬
‫(و َأ َّما ال َّط َه َارةُ)‪ ،‬أي نوع ال َّطهارة ا َّلتي يرفع هبا احلدث‪ ،‬هي نوعان‪:‬‬ ‫قال َّ‬
‫الشيخ‪َ :‬‬

‫‪ -‬إ َّما إن تكون صغرى‪.‬‬

‫‪ -‬وإ َّما أن تكون كَبى‬

‫(‪ )1‬هكذا وقع يف التَّفريغ‪.‬‬

‫(‪ )2‬هنا سؤال من أحد ال َّطلبة مل يكتبه ِّ‬


‫املفرغ‪ ،‬وواضح من اإلجابة أنَّه عن حكم الدهانات؟‬
‫املفرغ‪ ،‬فوضعت هذه موضعها‪.‬‬
‫(‪ )3‬كلمة ناقصة مل يكتبها ِّ‬
‫‪9‬‬
‫بالصغرى‪ ،‬وهو رفع احلدث بسبب النَّواقض ال َّثامنية‬
‫الشيخ ُّ‬ ‫ً‬
‫مطلقا‪ ،‬بدأ َّ‬ ‫وجد غري هذين النَّوعني‬
‫ال ُي َ‬

‫املعروفة عند اجلميع‪.‬‬


‫ِ‬
‫فصل أنَّه‬ ‫األول‪َ ( :‬ف ِه َي ُصغ َْرى؛ َوه َي ا ْل ُو ُض ُ‬
‫وء)‪ ،‬أي ا َّلذي يرفعه الوضوء‪َّ ،‬‬
‫ثم َّ‬ ‫قال‪َ ( :‬ف ِه َي ُصغ َْرى) النَّوع َّ‬
‫ٍ‬
‫وواجب‪.‬‬ ‫حيتوي عىل ُسن ٍَّة‬

‫أن التَّسمية ُسنَّ ٌة‪ :‬ما جاء يف «مسند‬


‫السنن التَّسمية‪ ،‬والدَّ ليل عىل َّ‬ ‫(َيت َِوي َع ََل ُسنَّة)؛ َّ‬
‫وأول هذه ُّ‬ ‫فقال‪ْ َ :‬‬

‫ـم َي ْذك ُِر ْاس َم اهلل َع َل ْي ِه»‪ ،‬وهذا احلديث ض َّعفه اإلمام أمحدُ ‪،‬‬
‫ـم ْن َل ْ‬
‫قال‪ََ « :‬ل و ُض ِ‬
‫وء ل َ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َّبي‬ ‫اْلمام أمحدَ »‪َّ ،‬‬
‫أن الن َّ‬
‫ولكنَّه عمل به‪ ،‬ما معنى عمل به؟‬

‫قوته‪ ،‬وإن كانت آحا َد أسانيده ضعيف ًة‪.‬‬ ‫أن له شواهدَ ُّ‬
‫تدل عىل َّ‬ ‫قال‪ :‬بمعنى َّ‬

‫أن القاعدة عند الفقهاء‪« :‬أ َّ َّ‬


‫كل فعل من أفعال الوضوء ليس ِف كتاب اهلل فإنَّه يكو‬ ‫وممَّا ُّ‬
‫يدل [عليه] َّ‬

‫ُسنَّ ًة»‪.‬‬

‫وا َّلذي يف كتاب اهلل قول اهلل ‪ :‬ﮋ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ‬

‫ﭜﭝﭞﭟﭠﭡﮊ [املائدة‪.]٦ :‬‬


‫ٍ‬
‫فروض للوضوء؛ فهي الواجبة‪.‬‬ ‫فهذه أربعة‬

‫املسـيء صالتَه‪ ،‬هناك الواجب ما ع َّلمه‬ ‫الصالة‪ :‬الواجب فيها ما ع َّلمه الن ُّ‬
‫َّبي‬ ‫كام َّأَّنم يقولون يف َّ‬
‫املسـيء صالتَه‪ ،‬وهنا الواجب ما ذكره اهلل ‪ ‬يف اآلية‪ ،‬فالتَّسمية ليست يف اآلية‪َّ ،‬‬
‫فدل عىل َّأَّنا ُسنَّ ٌة‪ ،‬وليست‬

‫واجب ًة‪.‬‬

‫الرحيم)‪ ،‬هل هي مشـروعة ِف الوضوء أم َل؟‬


‫(الرمحن َّ‬
‫والتَّسمية املراد هبا قول‪( :‬باسم اهلل)‪ ،‬زيادة‪َّ :‬‬
‫طب ًعا هذا خارج الدَّ رس‪ ،‬لكن للفائدة؛ بعض أهل العلم يقول‪َّ :‬إَّنا ليست مشـروع ًة‪ ،‬وهذا تك َّلم عنها‬

‫الروضة» ‪-‬أظنه يف‬ ‫أضعف(‪ ،)1‬بعض أهل العلم قال‪َّ :‬إَّنا مَّشوع ٌة‪ ،‬وهو الن ُّ‬
‫َّووي؛ فإنَّه ذكر يف «املجموع»‪ ،‬أو يف « َّ‬
‫إن األصل عدم زيادهتا؛ َّ‬
‫ألن‬ ‫الرحيم)‪ ،‬وقال بعض أهل العلم‪َّ :‬‬
‫(الرمحن َّ‬
‫ب زيادة‪َّ :‬‬
‫«املجموع»‪ -‬قال‪ :‬إنَّه ُي ْست ََح ُّ‬

‫يتبني يل وجهها‪.‬‬
‫(‪ )1‬هكذا يف التفريغ‪ ،‬ومل َّ‬
‫‪10‬‬
‫متأخري فقهاء‬ ‫الرحيم)‪ ،‬وهذا هو املفهوم من طريقة ٍ‬
‫كثري من ِّ‬ ‫(الرمحن َّ‬
‫احلديث ذكر اسم اهلل فقط‪ ،‬ومل يقل‪َّ :‬‬
‫واسع‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫احلنابلة‪ ،‬واألمر‬

‫بأس‪،‬‬
‫الرحيم) فال َ‬
‫(الرمحن َّ‬
‫واسع‪ ،‬فإن زاد‪َّ :‬‬
‫ٌ‬ ‫‪َّ :‬‬
‫إن األمر‬ ‫ولذلك يقول َّ‬
‫الشيخ ‪-‬شيخنا عبدالعزيز‬

‫مانع‪.‬‬
‫وإن تركها فال َ‬
‫الرحيم) يقولون ‪-‬كام ذكر ابن العامد يف «ُشح غاية املنتهى»‪ :‬ال ُت َقال عند َّ‬
‫الذبح والتَّزكية‪،‬‬ ‫(الرمحن َّ‬
‫لكن‪َّ :‬‬
‫أقرب‪ ،‬والعلم عند‬
‫َ‬ ‫الزيادة قد تكون‬
‫واسع‪ -‬إن شاء اهلل‪ ،-‬وإن كانت التَّسمية بدون ِّ‬
‫ٌ‬ ‫وأ َّما عند الوضوء فاألمر فيها‬

‫اهلل‪.‬‬

‫(و َغ ْس ُل ا ْل َيدَ ْي ِن َق ْب َل ُه َث ََل ًثا)‪ ،‬املراد بغسل اليدين‪ ،‬هو تعميم املاء عىل اليد‪ ،‬وهي ُسنَّ ٌة؛ َّ‬
‫ألَّنا مل ترد يف‬ ‫قال‪َ :‬‬
‫واحد‪ ،‬وهو عند القيام من النَّوم النَّاقض‬ ‫ٍ‬ ‫مرتني أو ثال ًثا يكون ُسنَّ ًة‪َّ ،‬إال يف موض ٍع‬ ‫مر ًة أو َّ‬ ‫القرآن‪ ،‬فالغسل َّ‬
‫‪ ،‬جيب وجو ًبا‪.‬‬ ‫للوضوء‪ ،‬ففي هذه احلالة جيب غسل اليدين ثال ًثا حلديث أيب هريرة‬
‫ويزيد الفقهاء رش ًطا ‪-‬وإن كان األَ ْوىل عدم اشرتاطه‪ -‬نحن قلنا‪ :‬القيام من النَّوم النَّاقض للوضوء‪ ،‬يزيد‬

‫أن ا َّلذي جيب غسل اليدين له هو نوم ال َّليل‪ ،‬دون نوم النَّهار‪.‬‬
‫الفقهاء قالوا‪( :‬من نوم ال َّليل)‪ ،‬فمشهور املذهب‪َّ :‬‬

‫أن مطلق النَّوم جيب غسل اليدين بعده ثال ًثا‪.‬‬


‫والصحيح‪َّ :‬‬
‫َّ‬

‫هنا فائد ٌة يف مسألة احلنف َّيات‪ ،‬تعرفون حنف َّيات املاء‪ ،‬كيف يكون غسل اليدين ثال ًثا؟ هل تدخل يديك‬

‫ثم خترجها ثال ًثا؟‬


‫حتت املاء َّ‬
‫ٍ‬
‫غسالت‪ ،‬فبقاء يدك حتت‬ ‫ٍ‬
‫جريات‪ ،‬هذه ثالث‬ ‫نقول‪ :‬ليس الز ًما‪ ،‬وإنَّام بقاء اليد وجريان املاء عليها ثالث‬

‫بالراحة‪ ،‬بقاء يديك‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬


‫حنف َّية املاء‪ ،‬أو صنبور املاء ملدَّ ة‪ ،‬لنقول‪ :‬ثالث‪ ،‬أو أربع ثوان‪ ،‬هذه جتري فيها ثالث غسالت َّ‬
‫هبذه اهليئة هي جتري فيها الغسالت‪ ،‬فال يلزم خروج اليد‪ ،‬وال يلزم املكث ال َّطويل‪ ،‬جمرد غسل اجلرية‪ ،‬اجلرية‬

‫ثم [‪ ]...‬انفصاله‪ ،‬هذه تأخذ ثاني ًة‪ ،‬عىل أكثر [تقدير]‪ ،‬أو ثانيتني فقط‪.‬‬
‫يعني‪ :‬وصول املاء من طرف األصابع‪َّ ،‬‬
‫ـمـا ُي ْغ َس ُل؛ َّ‬‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫تتكرر‪ ،‬وإنَّام‬
‫ألن القاعدة عند الفقهاء‪ :‬أ َّ املمسوحات َل َّ‬ ‫(وا ْلغ َْس َل ُة ال َّثان َي ُة َوال َّثالثَ ُة)‪ ،‬ل َ‬
‫قال‪َ :‬‬

‫الرأس‪ ،‬ومثل‪ :‬اخل َّفني‪ ،‬ومثل‪ :‬اجلبائر‪ ،‬فاملمسوحات إنَّام هي َّ‬


‫مرةٌ‪ ،‬واملغسوالت‬ ‫املغسوالت‪ ،‬املمسوحات مثل‪َّ :‬‬

‫‪11‬‬
‫مرتني‪ ،‬وثال ًثا ثال ًثا‪ ،‬وخالف‪،‬‬
‫ومرتني َّ‬
‫مرةً‪َّ ،‬‬
‫غسل َّ‬ ‫َّبي‬
‫ألن الن َّ‬ ‫هي ا َّلتي َّ‬
‫يتكرر فيها الفعل‪ ،‬وقلنا‪َّ :‬إَّنا ُسنَّ ٌة؛ َّ‬

‫مر ًة غسل ثال ًثا يف بعض األعضاء‪[ ،‬وبعض األعضاء] َّ‬


‫مرةً‪ ،‬وبعض األعضاء ثنتني‪.‬‬ ‫بمعنى‪َّ :‬‬
‫يل ْاْلَ َصابِ ِع َوال ِّل ْح َي ِة)‪ ،‬ختليل األصابع وال ِّلحية ُسنَّ ٌة‪ ،‬وليس واج ًبا‪ ،‬وقد ورد فيها حديثان عن‬
‫(و ََتْلِ ُ‬
‫قال‪َ :‬‬
‫هيئة ِش ْئ َت؛ إ َّما أن تدخل أصابع اليمنى يف‬
‫خت َّلل عىل أي ٍ‬
‫ِّ‬ ‫فإَّنا ُ َ‬
‫‪ ،‬وصفة ختليل األصابع‪ :‬أ َّما اليدان َّ‬ ‫بي‬
‫النَّ ِّ‬
‫آثار َّأَّنا ُ َ‬
‫خت َّلل باخلنرص‪،‬‬ ‫اليسـرى‪ ،‬أو العكس‪ ،‬أو أن تدخل إصب ًعا واحدً ا للجميع‪ ،‬وأ َّما القدمان فإنَّه قد ورد فيها ٌ‬
‫أصغر األصابع‪.‬‬
‫ُ‬ ‫الر ْجل؛ ألنَّه‬ ‫َُ‬
‫خت َّلل باخلنرص عىل أصابع ِّ‬
‫وأ َّما ال ِّلحية‪ ،‬فاملراد بتخليلها ليس غسل البشـرة‪ ،‬وإنَّام مسح باطن َّ‬
‫الشعر‪ ،‬ويكون ذلك بأن جيعل املرء‬
‫يديه املب َّللت ْ ِ‬
‫َني يف داخل شعره الكثيف‪ ،‬يكون به التَّخليل إ َّما هكذا أو هكذا َّ‬
‫للشعر وليس للبشـرة‪.‬‬

‫الشعور ا َّلتي‬ ‫الشعر الكثيف؛ َّ‬


‫ألن ُّ‬ ‫يقول النَّووي‪ :‬أمجع أهل العلم أنَّه ال جيب وصول املاء إىل البَّشة يف َّ‬

‫وخفيف)‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫كثيف‪،‬‬
‫ٌ‬ ‫(شعر‬
‫ٌ‬ ‫تكون يف الوجه نوعان‪:‬‬

‫الشعر اخلفيف‪ ،‬فيجب وصول املاء إىل البَّشة‪.‬‬ ‫فأما اخلفيف‪ :‬وهو ا َّلذي ُّ‬
‫يسمونه‪( :‬الزهر) َّ‬ ‫َّ‬
‫الشعر الكثيف وهو ا َّلذي يغ ِّطي‬
‫أساسا وصول املاء‪ ،‬ال وجو ًبا وال استحبا ًبا‪َّ ،‬‬
‫ً‬ ‫وأما الكثيف‪ :‬فال ُي ْش َـرع‪،‬‬
‫َّ‬
‫شعرا‪ ،‬فهذا ال ُي ْش َـرع ال وجو ًبا وال استحبا ًبا أن يصل املاء إىل البشـرة‪.‬‬
‫البشـرة‪ ،‬ويذهب لوَّنا‪ ،‬ما ترى لونًا‪ ،‬ترى ً‬
‫ستحب ختليل الباطن‪،‬‬
‫ُّ‬ ‫ساترا ِّ‬
‫ملحل الفرض‪ ،‬وامل‬ ‫الشعر ال َّظاهر‪ ،‬ا َّلذي يكون ً‬
‫ما الواجب؟ الواجب غسل َّ‬

‫واضح املسألة؟‬

‫ال َّظاهر هذا يرسل بمعنى جيري املاء عليه‪ ،‬ا َّلذي يراه النَّاس هذا ال َّظاهر‪ ،‬الباطن تفعل هكذا بعضديك‪،‬‬

‫وتفعل هكذا بلحيتك‪.‬‬

‫اق)‪ ،‬نأيت للمبالغة يف املضمضة واالستنشاق‪ ،‬أ َّما املبالغة يف‬ ‫ـم ْض َم َض ِة َو ِاَل ْستِن َْش ِ‬‫ـم َبا َل َغ ُة ِِف ا ْل َ‬
‫(وا ْل ُ‬
‫قال‪َ :‬‬
‫ـم َتك ُْن َصائِ ًَم»‪ ،‬وأ َّما لفظة‪َ « :‬و َبالِغْ ِِف‬ ‫أنَّه قال‪َ « :‬و َبـالِغْ ِِف ِاَل ْستِن َْش ِ‬
‫اق َما َل ْ‬ ‫َّبي‬
‫االستنشاق‪ ،‬فقد جاء عن الن ِّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫فإَّنا ضعي ٌفة‪.‬‬ ‫ـم َتك ُْن َصائ ًَم» َّ‬ ‫ـم ْض َم َضة َما َل ْ‬
‫ا ْل َ‬
‫إجزاء؛ وهي‬ ‫ٍ‬ ‫كامل؛ وهي املبالغة فيه‪ ،‬وله صف ُة‬ ‫إن االستنشاق له صف ُة ٍ‬ ‫معنى املبالغة يف االستنشاق نقول‪َّ :‬‬

‫أقل ما ُي َس َّمى‪( :‬استنشا ًقا)‪ُّ ،‬‬


‫كل ما زاد عنه ُي َس َّمى‪( :‬مبالغ ًة‬ ‫أقل ما ُي َس َّمى‪( :‬استنشا ًقا)‪ ،‬فأ َّما صفة اإلجزاء‪ ،‬يعني ُّ‬
‫ُّ‬

‫مهم جدا ا أن نعرف احلدَّ األدنى‪.‬‬


‫غلو‪ ،‬ما جيوز؛ لذلك ٌّ‬ ‫ً‬
‫وكامال) حتَّى تصل املنتهى‪ ،‬النِّهاية هذه إذا زدت عليها هذا ٌّ‬
‫‪12‬‬
‫احلدُّ األدنى قالوا‪ :‬هو االستنشاق بوصول املاء إىل األنف فقط‪ ،‬ويتح َّقق ذلك إ َّما بأن َت ُب َّل إصب َعيْ َك‬

‫منديال وجتعله يف أنفك‪ ،‬تدخله يف أنفك‪ ،‬هذا ُّ‬


‫أقل ما ُي َس َّمى‪( :‬استنشا ًقا)‪ ،‬وأ َّما‬ ‫ً‬ ‫وجتع َلهام يف أنفك‪ ،‬أو َّ‬
‫تبل خرق ًة‪،‬‬

‫صفة الكامل يف االستنشاق فإنَّه أمران‪:‬‬

‫اْلول‪ :‬إدخال املاء إىل جتويف األنف؛ باستنشاقه عن طريق اهلواء‪ ،‬وبعض الفقهاء يقول‪ :‬إىل أن‬
‫اْلمر َّ‬

‫أ ًذى َّ‬
‫للشخص عندما يصل [آخر‬ ‫(‪)1‬‬
‫غلو‪ ،‬أنَّك توصل لنهاية [األنف فهو]‬
‫الزيادة فهذا ٌّ‬
‫يصل إىل [‪ ،]...‬أ َّما ِّ‬

‫الغلو‪.‬‬
‫ُّ‬ ‫يكح‪ ،‬أو يشـرق‪ ،‬ونحو ذلك من املسائل‪ ،‬يعني هذا‬
‫األنف]‪ ،‬فيبدأ ُّ‬

‫اْلمر ال َّثاين‪ :‬من املبالغة هو االستنثار‪ ،‬إذ االستنثار ُسنَّ ٌة‪ ،‬وليس واج ًبا‪ ،‬إنَّام الواجب االستنشاق‪ ،‬وأ َّما‬

‫االستنثار فإنَّه من املبالغة‪.‬‬

‫إ ًذا حينام نقول لك‪ :‬بالغ يف االستنشاق تفعل أمرين‪:‬‬

‫‪ -‬تُدْ ِخل املا َء إىل جتويف أنفك عن طريق اهلواء ‪-‬وهو َّ‬
‫الشهيق‪.‬‬

‫ثم تستنثر‪.‬‬
‫‪َّ -‬‬
‫السنَّة‪ ،‬بشـرط َّأال يصل إىل آخر األنف وهو املؤذي‪،‬‬ ‫ٌ‬
‫مبالغ‪ ،‬وأتيت بكامل ُ‬ ‫إذا فعلت هذين األمرين فأنت‬

‫جاوزت احلدَّ الواجب‪ ،‬مثل ا َّلذي جياوز احلدَّ الواجب يف الغسل‪.‬‬


‫َ‬ ‫فأنت‬

‫إن كامهلا يتح َّقق بثالثة أشيا َء‪ ،‬من فعل هذه األشياء ال َّثالثة فقد أتى‬
‫فإن املضمضة نقول‪َّ :‬‬
‫أ َّما املضمضة‪َّ ،‬‬

‫بكامل املضمضة‪ ،‬والواجب فعل اثنني من هذه ال َّثالثة‪ ،‬وهو حدُّ اإلجزاء‪.‬‬

‫فأ َّما صفة الكامل فيها‪ ،‬فنقول‪:‬‬

‫[مر ًة واحدةً](‪.)2‬‬
‫‪ -1‬هو إدخال املاء َّ‬
‫‪ -2‬وحتريكه يف الفم‪ ،‬إ َّما باهلواء‪ ،‬أو بال ِّلسان‪ ،‬ليس باليد‪.‬‬

‫‪ -3‬وال َّثالث جمُّه‪.‬‬

‫(‪ )1‬ما بني [] مل يكتبه املفرغ‪ ،‬وتركه فارغا فوضعت ما رأيته مناسبا من خالل كالم الشيخ‪ ،‬وما مل يتضح فإين أتركه فارغا كام هو‪.‬‬
‫وجها فعدَّ لتُها‪.‬‬
‫(‪ )2‬ما بني [] وقع يف التفريغ‪( :‬واحد)‪ ،‬ومل أر هلا ً‬
‫‪13‬‬
‫من فعل هذه األمور ال َّثالثة فقد أتى بصفة الكامل يف املضمضة‪ ،‬وهي ا َّلتي ت َُس َّمى‪( :‬املبالغة)‪ ،‬ليس‬

‫يصح‬ ‫أن املبالغة أنَّك توصل آلخر احللق فتصبح كمن غرغر‪ ،‬هذه ليست من املبالغة يف ٍ‬
‫يشء؛ ولذلك مل‬ ‫املقصود َّ‬
‫َّ‬
‫ـم َتك ُْن َصائِ ًَم»؛ َّ‬
‫ألن املبالغة يف املضمضة ال تؤثر عىل‬ ‫ِ‬
‫ـم ْض َم َضة َما َل ْ‬
‫ِ‬
‫[أ َّنه] قال‪َ « :‬و َبالغْ ِِف ا ْل َ‬ ‫َّبي‬
‫حديث الن ِّ‬
‫ألن املضمضة هي‪ :‬إدخال املاء‪ ،‬وحتريكه‪ ،‬وجمُّه‪ ،‬هذا صفة الكامل وهي مبالغ ٌة‪،‬‬
‫الصائم بخالف االستنشاق؛ َّ‬
‫َّ‬

‫فليست مؤ ِّثر ًة يف ِّ‬


‫[الصيام]‪.‬‬

‫صفة اإلجزاء‪ ،‬فعل اثنني من هذه ال َّثالثة‪ ،‬ما مها االثنان؟‬

‫مضمضت‪ ،‬أو أن تدخل‬ ‫ٍ‬


‫فحينئذ أنت‬ ‫ٍ‬
‫حتريك‪،‬‬ ‫أي اثنني‪ ،‬إ َّما أن تدخل املاء إىل فمك وخترجه من غري‬
‫َ‬ ‫اخرت َّ‬

‫فعلت شي ًئا‬
‫َ‬ ‫(متمضمضا)‪ ،‬بفعل هذين األمرين ُي َس َّمى‪( :‬متضمض)‪ ،‬أ َّما لو‬
‫ً‬ ‫أيضا‪:‬‬
‫ثم تبتلعه‪ ،‬ت َُس َّمى ً‬
‫وحتركه َّ‬
‫املاء ِّ‬
‫مج‪ ،‬فإنَّه ُي َس َّمى‪( :‬رش ًبا) وال ُي َس َّمى‪( :‬مضمض ًة)‪ ،‬فال يكون ُجم ْ ِزئًا‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫واحدً ا‪ ،‬وهو إدخال املاء من غري حتريك وال ٍّ‬

‫السواك ُسنَّ ٌة عند الوضوء‪ ،‬واألقرب يف موضع ُسنِّ َّيتِ ِه‪ ،‬أنَّه يكون قبل الوضوء‪ ،‬وبعضهم‬ ‫الس َو ُ‬
‫اك)‪ِّ ،‬‬ ‫(و ِّ‬
‫قال‪َ :‬‬
‫يقول‪ :‬قبل املضمضة‪.‬‬
‫َّبي‬ ‫حيح ْ ِ‬
‫ني‪َ « :‬أ َّ الن َّ‬ ‫الص َ‬
‫يف َّ‬ ‫(وال َّت َي ُام ُن)‪ ،‬والتَّيامن هو‪ :‬البدء باليمني يف األعضاء؛ حلديث عائش َة‬ ‫قال‪َ :‬‬
‫ور ِه ‪-‬أي وضوئه‪َ -‬و ِِف َش ْأن ِ ِه ُك ِّل ِه»‪.‬‬ ‫كَا َ ُي ْع ِ‬
‫ج ُب ُه ال َّت َي ُام َن ِِف ُط ُه ِ‬
‫ِ َم َع ْاْلُ ُذن ْ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫(و َأ َّما ا ْل َو ِ‬
‫َْ)‪.‬‬ ‫ب‪َ :‬فغ َْس ُل ْاْلَ ْع َضاء ال َّث ََل َثة‪َ ،‬و َم ْس ُُ َّ‬
‫الر ْأ ِ‬ ‫اج ُ‬ ‫قال‪َ :‬‬
‫الشيخ بذكـر الواجب‪ ،‬وهو ا َّلذي ال جيزئ غريه‪ ،‬فمن أسقط شي ًئا من هذه الواجبات‪َّ ،‬‬
‫فإن وضو َءه‬ ‫بدأ َّ‬

‫اء ال َّث ََل َث ِة)‪ ،‬واألعضاء ال َّثالثة هي املذكورة يف كتاب اهلل ‪ :‬ﮋ ﭘ‬
‫غري صحيحٍ ‪ ،‬قال‪َ ( :‬فغَس ُل ْاْلَع َض ِ‬
‫ْ‬ ‫ْ‬

‫طوال‪ ،‬ومن األُ ُذن إىل األُ ُذن ً‬


‫عرضا‪،‬‬ ‫ني ً‬‫الشعر إىل ما انحدر من ال َّل ْح َي ْ ِ‬
‫ﭙﮊ [املائدة‪ ،]٦ :‬والوجه حدُّ ه‪ :‬من منابت َّ‬
‫ني وبني األُ ُذن ْ ِ‬
‫َني هو من الوجه‪ُّ ،‬‬
‫فكل ذلك جيب استيعابه بالغسل‪ ،‬فإن ُغ ِّطي‬ ‫العار َض ْ ِ‬
‫ِ‬ ‫فالبياض ا َّلذي يكون بني‬

‫ستحب ختليله‪.‬‬
‫ٌّ‬ ‫الشعر دون باطنه‪ ،‬وإنَّام باطنه م‬ ‫ٍ‬
‫بشعر كثيف‪ ،‬وجب غسل ظاهر َّ‬

‫اْلمر ال َّثاين ا َّلذي ُيغ َْسل‪[ :‬اليدا ]‪ :‬ﮋﭘﭙﭚﭛﭜﮊ‪.‬‬

‫قالوا‪ :‬واليد حدُّ ها من أطراف األصابع إىل املرفقني‪.‬‬

‫‪14‬‬
‫ً‬
‫داخَل ِف‬ ‫وهناك قاعد ٌة ُلغو َّي ٌة؛ وهي رشعيَّ ٌة‪ ،‬لكن هلا استثنا ٌء‪ ،‬القاعدة ال ُّلغو َّية تقول‪« :‬إ َّ َّ‬
‫كل حدٍّ ليس‬

‫املحدود»‪.‬‬

‫ً‬
‫داخال فيام قبلها‪ ،‬فقول اهلل ‪ :‬ﮋ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﮊ‬ ‫فاألصل َّ‬
‫أن ما بعد «إىل» ليس‬

‫استثناءات ثالث ٌة‪ ،‬من هذه االستثناءات اليدان‪ِّ ،‬‬


‫والرجالن‪ ،‬فيجب‬ ‫ٌ‬ ‫عىل القول‪َّ :‬‬
‫إن املرفق ال جيب غسله(‪ ،)1‬لكن له‬

‫غسل اليد مع املرفق‪.‬‬

‫‪َ « :‬أ َّ النَّبِ َّي‬ ‫ارقطني‪ ،‬من حديث جابر بن عبداهلل‬


‫ِّ‬ ‫والدَّ ليل عىل وجوب غسل املرفق‪ :‬ما ثبت عند الدَّ‬

‫ت ََو َّض َأ َف َأ َد َار بِ َي ِد ِه َع ََل ِم ْر َف ِق ِه»‪َّ ،‬‬


‫فدل عىل وجوب غسل املرفق‪.‬‬

‫الكف‪،‬‬
‫ِّ‬ ‫ألن اليد ال ت َُس َّمى‪« :‬يدً ا» َّإال مع‬
‫الرسغ وهذا خطأ؛ َّ‬
‫بعض النَّاس عندما يغسل يده يبدأ من مفصل ُّ‬
‫الكف‪.‬‬
‫ِّ‬ ‫ال ُبدَّ من وجود‬

‫الرأس‪ ،‬قالوا‪ :‬من منابت َّ‬


‫الشعر يف مقدَّ م‬ ‫الرأِ مع اْلُ ُذن ْ ِ‬
‫َْ‪ ،‬وحدُّ َّ‬ ‫اْلمر ال َّثالث من الواجبات‪ :‬مسُ َّ‬
‫الرأس‪.‬‬
‫الرأس إىل منتهى القفا من َّ‬
‫َّ‬
‫مسح ُه‪ ،‬ال‬ ‫الرقبة فإنَّه غري مشـرو ٍع‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫ُ‬ ‫الرأس‪ :‬جيب مسحه‪ ،‬وأ َّما قفا َّ‬
‫رأس‪ ،‬وقفا رقبة)‪ ،‬قفا َّ‬ ‫القفا نوعان‪( :‬قفا‬
‫الصد َغ ْ ِ‬
‫ني؟‬ ‫الرأس؛ تعرفون ُّ‬
‫والصدغان من َّ‬
‫الرأس‪ُّ ،‬‬ ‫ُي ْش َـرع مطل ًقا‪ ،‬وإنَّام حدُّ ه منابت َّ‬
‫الشعر يف قفاه؛ قفا َّ‬
‫كامال؛ َّ‬
‫ألن اهلل‬ ‫الرأس ك َّله‪ ،‬جيب مسح َّ‬
‫الرأس ً‬ ‫الرأس‪ ،‬فيجب مسح َّ‬
‫والصدغان من َّ‬ ‫هذا اليمني ِّ‬
‫والشامل‪ُّ ،‬‬

‫الصحيحني‪:‬‬ ‫الرأس ً‬
‫كامال‪ ،‬وقد ثبت يف َّ‬ ‫‪ ‬قال‪ :‬ﮋ ﭝ ﭞ ﮊ و«الباء» لإللصاق‪ُّ ،‬‬
‫فيدل عىل أ َّنه يمسح َّ‬
‫َأ ْق َب َل بِ َيدَ ْي ِه َو َأ ْد َب َر»‪ ،‬فـ«أقبل» مسح ظاهر َّ‬
‫الشعر‪ ،‬و«أدبر» مسح باطنه‪ ،‬فالواجب إنَّام هو مسح ٌة‬ ‫« َأ َّ النَّبِ َّي‬

‫تكرار مسحٍ ‪ ،‬ال‪ ،‬هو مسح ٌة واحدةٌ‪« :‬أقبل وأدبر» هذه مسح ٌة واحدةٌ‪،‬‬
‫َ‬ ‫واحدةٌ‪ ،‬واإلدبار ُسنَّ ٌة وليس واج ًبا‪ ،‬ليس‬

‫منها َّ‬
‫للشعر ظاهره وباطنه‪.‬‬

‫مر ًة واحدةً‪.‬‬
‫إن املسح إنَّام يكون َّ‬ ‫فتنطبق قاعد ٌة [قلناها قبل] ٍ‬
‫قليل‪َّ :‬‬

‫َأ َّن النَّبِ َّي‬ ‫أيضا؛ حلديث ٍ‬


‫أنس‬ ‫إ ًذا قلنا‪ :‬معنى املسح أنَّه جيب هذا هو حدُّ ه‪ ،‬واألذنان جيب مسحهام ً‬
‫ٍ‬ ‫ِ»‪ ،‬فيجب مسح األذنني‪ ،‬وهل ي ْشـرع َأ ْخ ُذ ٍ‬ ‫ِ‬
‫جديد ملسح األذنني أم ال؟‬ ‫ماء‬ ‫ُ َ ُ‬ ‫قال‪ْ « :‬اْلُ ُذنَا ِ م َن َّ‬
‫الر ْأ ِ‬

‫فإن املرفق ال جيب غسله)‪.‬‬ ‫أن الكالم غري مستقي ٍم‪َّ ،‬‬
‫فلعل املراد‪( :‬وعىل هذا َّ‬ ‫(‪ )1‬هكذا فيام وصلني من التَّفريغ‪ ،‬ويبدو َّ‬
‫‪15‬‬
‫ؤخ ُذ هلا ما ٌء جديدٌ ‪ ،‬وإنَّام ُي ْك َت َفى بامء َّ‬
‫الرأس‪.‬‬ ‫واسع‪َّ ،‬‬
‫ولعل األقرب‪ :‬أنَّه ال ُي َ‬ ‫ٌ‬ ‫قوالن ألهل العلم؛ واألمر فيه‬
‫ٍ‬
‫إجزاء‪:‬‬ ‫من باب الفائدة‪ :‬األذنان مسحهام له صفتان‪ :‬صفة ٍ‬
‫كامل‪ ،‬وصفة‬

‫أ َّما صفة الكامل‪ :‬فأن َ‬


‫جيعل املرء س َّبابتيه يف صامخ أذنيه هكذا‪ ،‬وجيعل اإلهبامني خلف أذنيه‪ُ ،‬ي َس َّمى‪:‬‬

‫‪.‬‬ ‫«ظاهر األذن» فيمسح هكذا‪ ،‬هذه صفة الكامل ا َّلتي جاءت عن الن ِّ‬
‫َّبي‬

‫مسحت يعني جتعل‬


‫َ‬ ‫وأ َّما صفة اإلجزاء فمطلق املسح أن يمسح هكذا‪ ،‬ال َّظاهر والباطن‪ ،‬متسح حتَّى لو‬

‫مثال يدك هكذا متسح من اجلهتني‪ ،‬هذه صفة إجزاء؛ جمزئ ٌة‪ ،‬والفقهاء يقولون‪ :‬جيب أن متسح األذن كامل ًة‪َّ ،‬إال أن‬
‫ً‬

‫يت بصفة الكامل‪ ،‬ومتسح هبذه ال َّطريقة‪ ،‬التَّجاويف ا َّلتي تكون يف األذن‪ ،‬هذه ال ُي ْش َـرع مسحها؛ َّ‬
‫ألَّنا ليست‬ ‫تأ َ‬

‫ظاهرةً‪ ،‬ال َّظاهر هكذا فقط‪ ،‬فتكون مسحتَها‪.‬‬

‫اهلل ‪ ‬يف اآلية ماذا قال؟ قال‪ :‬ﮋﭘﭙ ﮊ‪ ،‬أين املضمضة واالستنشاق؟ ليست موجودةً‪ ،‬لكن‬

‫إن املضمضة واالستنشاق واجبان؟ ألنَّنا نقول‪ :‬إ َّن جتويف الفم‪ ،‬وجتويف األنف من الوجه‪ ،‬وليست من‬
‫ملاذا قلنا‪َّ :‬‬

‫الصوم‪ ،‬وهلا أثرها يف ال َّطهارة‪.‬‬


‫[اجلوف]‪ ،‬وهذه قاعد ٌة هلا أثرها يف َّ‬

‫قاعد ٌة [قريب ٌة] أن جتويف الفم وجتويف األنف من الوجه فيجب غسلهام‪ ،‬فيكونان داخالن يف الوجه‪.‬‬

‫‪َّ :‬إَّنا من الوجه‪ ،‬فكان ُيدْ ِخ ُل املا َء إىل عينه‬ ‫أ َّما العني فإنَّه قال بعض أهل العلم ‪-‬وهو ابن عمر‬

‫ظاهرها وهو اجلفن؛ ألنَّه من‬


‫ُ‬ ‫أن العني ال ُت ْغ َس ُل مع الوجه‪ ،‬وإنَّام ُي ْغ َسل‬
‫يغسلها‪ ،‬فهذا غري صحيحٍ ‪ ،‬واجلمهور عىل َّ‬

‫الوجه‪.‬‬

‫الرأس هذا‬
‫والرأس هو هذا احلدُّ املعروف حدُّ ه‪ ،‬أ َّما َّ‬
‫فالرأس غري الوجه‪ ،‬الوجه من املواجهة‪َّ ،‬‬
‫الرأس‪َّ ،‬‬
‫أ َّما َّ‬
‫ِ‬
‫ِ» أي يف املسح‪ ،‬فاملقصود يف الوضوء فقط‪،‬‬ ‫به األذنني يف املسح‪ ،‬فقوله‪ْ « :‬اْلُ ُذنَا ِ م َن َّ‬
‫الر ْأ ِ‬ ‫َّبي‬
‫فأحلق به الن ُّ‬
‫ليس مطل ًقا‪.‬‬

‫سؤال‪ :‬شعر املرأة؟‬

‫فإَّنا متسح رأسها‪ ،‬وتضع يدُّيا عىل‬ ‫ً‬


‫طويال َّ‬ ‫الشـيء‪ ،‬مثلام قلنا يف ال ِّلحية‪ ،‬املرأة إذا كان شعرها‬
‫نفس َّ‬

‫مستحب؛‬
‫ٌّ‬ ‫رتا فإنَّه ال ُي ْم َسح‪ ،‬ليس واج ًبا‪ ،‬وإنَّام هو‬ ‫ُصدْ َغ ْي َها إىل أن تصل إىل منتهى القفا‪ُّ ،‬‬
‫وكل ما طال ولو كان م ً‬

‫ألن املسرتسل من ال ِّلحية‪ ،‬املسرتسل عن احلدِّ الواجب‪ ،‬واملسرتسل من شعر َّ‬


‫الرأس مسحه‪ ،‬أو غسله‪ ،‬إذا كان‬ ‫َّ‬

‫‪16‬‬
‫ٍ‬
‫رجب يف «القواعد الفقه َّية»‪ ،‬فاملرأة متسح‬ ‫نص عىل ذلك ابن‬ ‫ٍ‬
‫بواجب‪َّ ،‬‬ ‫مستحب وليس‬
‫ٌّ‬ ‫الرأس مسح‪،‬‬
‫حلية نغسل‪َّ ،‬‬
‫فإَّنا ال متسحه‪.‬‬ ‫إنَّام هو َّ‬
‫حمل الفرض‪ ،‬وما زاد َّ‬
‫ـم َ‬ ‫قال‪( :‬و َّ ِ‬
‫واَلةُ‪َ ،‬والنِّ َّي ُة)‪.‬‬ ‫يب‪َ ،‬وا ْل ُ‬
‫الُّتت ُ‬
‫َ ْ‬
‫خيصه‪ ،‬بخالف االغتسال‪ ،‬االغتسال جعله مطلق الغسل‪ ،‬فلم‬
‫اسام ُّ‬
‫نبدأ باملواالة‪ ،‬فاهلل ‪ ‬جعل للوضوء ً‬
‫ٍ‬
‫منفصل ال ُي َس َّمى‪« :‬وضو ًءا»؛ فلذلك ُي ْش َ َ‬
‫رتط املواالة‪.‬‬ ‫كل ٍ‬
‫فعل‬ ‫أن َّ‬ ‫خيصه‪َّ ،‬‬
‫فدل عىل َّ‬ ‫اسام ُّ‬
‫جيعل له ً‬
‫وأ َّما أحد األفعال فإنَّه ال ُي َس َّمى‪« :‬وضو ًءا»‪ ،‬غسل اليد [ال ُي َس َّمى‪ :‬وضو ًءا]‪ ،‬غسل الوجه ال ُي َس َّمى‪:‬‬

‫«وضو ًءا»‪َّ ،‬‬


‫فدل ذلك عىل وجوب املواالة بينها‪ ،‬بخالف االغتسال‪ ،‬أو غسل اجلنابة‪ ،‬فإنَّه أطلق عليه اسم الغسل‪،‬‬

‫أن امر ًأ يف ال َّليل غسل رأسه‪ ،‬وملَّا‬


‫رتط هلا املواالة‪ ،‬فلو َّ‬ ‫فكل ٍ‬
‫فعل من األفعال ُي َس َّمى‪ً « :‬‬
‫غسال»؛ فلذلك اجلنابة ال ت ُْش َ َ‬ ‫ُّ‬

‫تقي‬ ‫يصح اغتساله‪ ،‬ومشهور املذهب ‪-‬وهو اختيار َّ‬


‫الشيخ ِّ‬ ‫الصباح يف صالة الفجر غسل باقي بدنه‪ ،‬نقول‪ُّ :‬‬
‫قام يف َّ‬

‫الصحابة – رضوان اهلل عليهم‪ ،-‬بخالف‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ (‪)1‬‬


‫آثار عن عدد من َّ‬
‫شاكر ‪ ،‬وثبتت فيه ٌ‬ ‫الدِّ ين‪ ،‬وعليه فتوى عند ابن‬

‫الوضوء فإنَّه ُي ْش َ َ‬
‫رتط فيه املواالة‪.‬‬

‫ممسوحا بني مغسوالت َّإال ملعنًى‪،‬‬ ‫ٍ‬


‫مغسوالت‪ ،‬وال يذكر‬ ‫ممسوحا بني‬ ‫الرتتيب فدليله َّ‬
‫أن اهلل ‪ ‬ذكر‬ ‫وأ َّما َّ‬
‫ً‬ ‫ً‬

‫الرتتيب‪.‬‬
‫وهو وجوب َّ‬

‫فإن النِّ َّية رش ٌط فيها‪ ،‬ويف سائر ال َّطهارات؛ َّ‬


‫ألن اهلل ‪ ‬قال‪ :‬ﮋ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ‬ ‫وأ َّما النِّ َّية َّ‬

‫فدل عىل وجود النِّ َّية‪ ،‬سنتكلم عن النِّيَّة بالتَّفصيل بعد ٍ‬


‫قليل‪.‬‬ ‫ﭗﮊ‪َّ ،‬‬

‫ـجبِ َْي ِة ِمن ُْه ََم)‪.‬‬


‫الصغ َْرى‪َ ،‬و َع ََل ا ْل َ‬
‫ِ‬
‫ْ ِِف ال َّط َه َارة ُّ‬
‫(و ُي ْم َس ُُ َع ََل ا ْلـخُ َّف ْ ِ‬
‫قال‪َ :‬‬
‫الر ْجلني‪ ،‬ممَّا سيأيت رشطه بعد ٍ‬
‫قليل‪ ،‬واخل َّفان إنَّام ُي ْم َسح عليهام يف‬ ‫اخل َّفان املراد هبام مها‪ :‬ما ُي ْل َبس عىل ِّ‬
‫الصغرى‪ ،‬أي من احلدث‪ ،‬وأ َّما اجلبرية فإنَّه ُي ْم َسح عليها يف احلدث ويف غريه‪ ،‬وسأتك َّلم يف دقيقتني ‪-‬إن‬
‫ال َّطهارة ُّ‬
‫مهم ٌة بعض َّ‬
‫الَّشء‪:‬‬ ‫ألَّنا َّ‬
‫شاء اهلل‪ -‬عن أحكام اجلبرية؛ َّ‬
‫اآلدمي؛ لغرض العالج‪ ،‬فقد يكون ِج ْب ًسا‪ ،‬اجلبس حال كرس‬
‫ِّ‬ ‫كل ما ُو ِض َع عىل جسد‬
‫املراد بـ«اجلبْية»‪ُّ :‬‬
‫منديال‪ ،‬إ ًذا‬
‫ً‬ ‫شاشا‪ ،‬وقد يكون خرق ًة‪ ،‬يكون فيه ٌ‬
‫جرح‪ ،‬وقد يكون‬ ‫لصقا‪ ،‬لصق اجلروح‪ ،‬وقد يكون ً‬ ‫اليد‪ ،‬وقد يكون ً‬
‫ٍ‬
‫حاالت‪:‬‬ ‫وضع عىل جسد املرء ألجل العالج‪ ،‬هذه ت َُس َّمى‪« :‬اجلبرية»‪ ،‬نقول هلا ثالث‬ ‫هي أشيا ُء كثري ٌة جدا ا‪ُّ ،‬‬
‫كل ما ُي َ‬

‫(‪ )1‬هكذا يف التفريغ‪ ،‬ومل أتبينه‪.‬‬


‫‪17‬‬
‫ضار‪ ،‬مثل بعض النَّاس ا َّلذي يكون‬ ‫ٍ‬
‫احلالة اْلوَل‪ :‬أن يكون وضعها بغري حاجة‪ ،‬أو أن يكون نزعها غري ٍّ‬
‫عنده أمل ٌ يف يده‪ ،‬فيجعل عليها جبريةً‪ ،‬يستطيع أن َّ‬
‫يفك اجلبرية ويلبس هذه املشدَّ ات‪ ،‬ت َُس َّمى‪« :‬مشدَّ ة» عىل اليد أو‬
‫ٍ‬
‫رضر‪ ،‬هذه‬ ‫ألَّنا إ َّما ليس هلا حاج ٌة‪ ،‬أو أنَّه يسهل نزعها وإرجاعها من غري‬
‫الر ْجل‪ ،‬فهذه جيب نزعها عند الوضوء؛ َّ‬
‫ِّ‬
‫جيب نزعها‪.‬‬
‫حلاجة ومل تتعدَّ حم َّلها‪ ،‬فهنا يمسح عليها؛ حلديث‬‫ٍ‬ ‫حمل احلاجة‪ ،‬أن تكون ُو ِض َعت‬ ‫احلالة ال َّثانية‪ :‬أ َّال تتعدَّ ى َّ‬
‫وغري ِه حينام قال ‪َ « :‬ق َت ُلو ُه‪َ ،‬ق َت َل ُه ُم اهللُ‪ ،‬إِن َََّم َيك ِْف ِيه َأ ْ َي ْم َس َُ َع َل ْي َها» أي عىل العصبة ا َّلتي وضعها‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫عمر‬
‫ابن َ‬
‫حمل احلاجة‪ ،‬اجلرح هنا يف اليد فزادت اجلبرية‬ ‫حلاجة؛ ولكنَّها جتاوزت َّ‬ ‫ٍ‬ ‫الصورة ال َّثالثة‪ :‬أن يكون وضعها‬ ‫ُّ‬
‫مثال‪ ،‬يعني من باب االحتياط زادت من‬‫الـم َم ِّر ُض أو الوالدة‪ ،‬إذا كان فيها تضع ً‬ ‫الذراع ً‬
‫مثال‪ ،‬يكون ُ‬ ‫عىل نصف ِّ‬
‫ٍ‬
‫حاجة‪ ،‬يف يشء حاجة؛ لكي تثبت نفسها‪ ،‬لصق اجلروح ال ُبدَّ أن يكون فيه زيادة من اليمني واليسار أليس‬ ‫غري‬
‫كذلك؟ هذه حاجة‪ ،‬لكن لغري حاجة(‪.)1‬‬
‫ويتيمم‪ ،‬إن مل يستطع‬
‫َّ‬ ‫يتوضأ ويمسح عىل اجلبرية‬
‫َّ‬ ‫انتبه لكي نعرف‪ ،‬املذهب يف هذه املسألة ال َّثالثة‪ ،‬أنَّه‬
‫تيم ًام‪.‬‬
‫نزعها‪ ،‬جيمع مع الوضوء ُّ‬
‫تقي الدِّ ين‪ ،‬وهو ا َّلذي عليه الفتوى‪ :‬إنَّه إذا مل يستطع نزعها‪ ،‬كأن‬ ‫والقول ال َّثاين ‪-‬وهو اختيار َّ‬
‫الشيخ ِّ‬
‫ِّ‬
‫املحل فيكفيه املسح‪ ،‬تكون مثل احلالة‬ ‫تكون ُو ِض َعت يف املستشفى‪ ،‬وهناك مش َّق ٌة أن ينزعها‪ ،‬وإن زادت عن‬
‫ال َّثانية‪.‬‬
‫ٌ‬
‫إشكال‪،‬‬ ‫أن ال َّثانية ما فيها‬
‫ذكرت لكم الفرق بْ احلالة ال َّثانية وال َّثالثة؟ لكي نعرف اخلالف فيهام‪َّ :‬‬
‫ُ‬ ‫إ ًذا ملاذا‬
‫خالف يف املذهب‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫وجها واحدً ا يمسح عليها‪ ،‬وال َّثالثة فيها‬
‫ً‬
‫طيب إ ًذا اجلبرية عرفنا ما هي؟ هي ا َّلتي تُوضع من أي ٍ‬
‫يشء كان‪ ،‬قد تكون لصق ال َّظهر‪ ،‬لصق ال َّظهر هذه‬ ‫ِّ‬ ‫َ‬ ‫ِّ‬
‫هي جبريةٌ‪ ،‬أشيا ُء كثري ٌة جدا ا ت َُس َّمى‪« :‬اجلبائر»‪.‬‬
‫ِّ‬
‫واخلف؟ الفروق‪:‬‬ ‫ما الفرق بْ اجلبْية‬
‫اخلف فال‬
‫ُّ‬ ‫اْلول‪ :‬ذكره املصنِّف‪ ،‬وهو‪َّ :‬‬
‫أن اجلبرية ُي ْم َس ُح عليها للحدث األصغر واألكَب‪ ،‬وأ َّما‬ ‫‪ -1‬الفرق َّ‬
‫ُي ْم َسح عليه‪َّ ،‬إال للحدث األصغر‪.‬‬
‫يلبسه‪ ،‬أ َّما‬ ‫ً‬ ‫ٍ‬ ‫الشخص ٍ‬
‫اخلف ال يلزم أن يلبسه َّ‬ ‫‪ -2‬الفرق الثاين‪َّ :‬‬
‫مطلقا أن َ‬ ‫حلاجة؛ بل جيوز له‬ ‫لَبد أو‬ ‫َّ‬ ‫أن‬
‫ٍ‬
‫حلاجة‪.‬‬ ‫اجلبرية فال جيوز املسح عليها َّإال‬

‫السياق‪ ،‬وحيتاج إىل تنسيق‪ ،‬وضبط‪.‬‬


‫(‪ )1‬هكذا وصلني ِّ‬
‫‪18‬‬
‫ٍ‬
‫وليلة للمقيم‪ ،‬وثالثة أ َّيا ٍم للمسافر‪ ،‬وأ َّما اجلبرية فمطلق ٌة‪.‬‬ ‫اخلف مؤ َّق ٌت ملدَّ ة يو ٍم‬
‫ُّ‬ ‫‪ -3‬ال َّثالث‪:‬‬
‫أن امر ًأ أراد أن يضع اجلبرية جيب عليه أن‬
‫رتط له ال َّطهارة قبل لبسه‪ ،‬فلو َّ‬ ‫الرابع‪ :‬املذهب‪َّ :‬‬
‫أن كليهام ت ُْش َ َ‬ ‫‪َّ -4‬‬
‫حرج‬
‫يتطهر‪ ،‬فاملذهب‪ :‬جيب نزعها إن مل يكن عليه ٌ‬
‫ثم يضع اجلبرية‪ ،‬فإن وضع اجلبرية قبل أن َّ‬
‫يتوضأ‪َّ ،‬‬
‫َّ‬
‫يتيمم‪.‬‬
‫ثم َّ‬‫يتوضأ ويمسح عليها‪َّ ،‬‬ ‫‪َّ -‬‬
‫وإال فإنَّه َّ‬
‫ٍ‬
‫يصح الوضوء؛ ألنَّه ال ُي ْش َ َ‬
‫رتط هلا طهارةٌ‪،‬‬ ‫والقول ال َّثاين ‪-‬وهو َّ‬
‫الصحيح‪ :‬إنَّه إن وضعها من غري طهارة أنَّه ُّ‬

‫والرواية ال َّثانية عىل هذا املذهب‪.‬‬ ‫الصحيح‪ ،‬واختيار َّ‬


‫الشيخ‪ِّ ،‬‬ ‫وهذا هو َّ‬

‫فإَّنا‬
‫ظاهر ُه دون باطنه‪ُ ،‬ي ْم َس ُح أعاله وال ُي ْم َس ُح أسفله‪ ،‬وأ َّما اجلبرية َّ‬
‫ُ‬ ‫اخلف إنَّام ُي ْم َس ُح‬
‫ُّ‬ ‫‪ -5‬الفرق اخلامس‪:‬‬

‫أن امر ًأ اجلبرية عىل قدمه ك ِّلها فيها ٌ‬


‫جبس‪ ،‬أو ل َّف ٌة‪ ،‬فإنَّه يمسح‬ ‫ُمت ْ َسح كامل ًة إذا كانت يف ِّ‬
‫حمل الفرض‪ ،‬فلو َّ‬

‫ال َّظ َ‬
‫اهر والباط َن م ًعا‪.‬‬

‫ركشـي‪ ،‬ذكرت لكم اثنني منها‪،‬‬


‫ُّ‬ ‫مهم للمسائل‪ ،‬وهذه أحد األمور ال َّثامنية‪ ،‬ا َّلتي ذكرها َّ‬
‫الز‬ ‫معرفة الفروق ٌّ‬
‫فإَّنا ُتك ِْسب املر َء ملك ًة فقه َّي ًة‪.‬‬ ‫منها معرفة الفروق بني املسائل ا َّلتي ُي َظ ُّن ُ ُ‬
‫تشاهبها‪َّ ،‬‬

‫ث إِ ََل ِم ْثلِ ِه َع ََل‬


‫يهن ِمن ا ْلـحدَ ِ‬‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ـم َساف ُر َث ََل َث َة َأ َّيام َو َل َيال ِ َّ َ َ‬
‫يم َي ْو ًما َو َل ْي َل ًة‪َ ،‬وا ْل ُ‬
‫ف ا ْل ِ‬
‫(و َي ْم َس ُُ َع ََل ا ْلـخُ ِّ ُ‬
‫ـمق ُ‬ ‫قال‪َ :‬‬
‫َساتِر َثابِت بِنَ ْف ِس ِه)‪.‬‬
‫اخلف يمسح عليه املقيم‪ ،‬وهو ا َّلذي يشمل أمرين‪:‬‬
‫ُّ‬
‫[اْلول‪ ]:‬املستوطن‪.‬‬
‫َّ‬
‫ً‬ ‫ٍ‬
‫وليلة‪.‬‬ ‫وأكثر من أربعة أ َّيا ٍم‪ ،‬يمسح يو ًما‬
‫َ‬ ‫أكثر من حدِّ اإلقامة‪،‬‬ ‫[ال َّثاين‪ ]:‬ومن أقام يف بلد َ‬
‫ٍ‬
‫صلوات‪.‬‬ ‫الصلوات‪ ،‬أي مخس‬ ‫أن اليوم وال َّليلة املراد هبا َّ‬
‫وهنا قاعد ٌة عندنا‪َّ :‬‬
‫ٍ‬
‫عَّش َة صالةً‪.‬‬
‫مخس َ‬ ‫يمسح مخس صلوات‪ ،‬واملسافر ثالثة أ َّيا ٍم ولياليه َّن أي َ‬
‫ث إِ ََل ِم ْثلِ ِه) أي ُي ْعت َََب يف بدء املدَّ ة وجود احلدث‪ ،‬يعني بعد احلدث‪ ،‬أي املسح قبل احلدث ال‬
‫(من ا ْلـحدَ ِ‬
‫َ َ‬
‫ِ‬

‫مستحب وليس واج ًبا‪.‬‬


‫ٌّ‬ ‫حيسب يف املدَّ ة؛ ألنَّه‬
‫ثم‬
‫فصىل به الفجر‪َّ ،‬‬‫اخلف بعد أو قبل صالة الفجر‪َّ ،‬‬ ‫َّ‬ ‫شخص لبس‬ ‫ٌ‬ ‫من احلدث إىل مثله بعد يو ٍم‪ ،‬يعني ً‬
‫مثال‪:‬‬
‫حي ِدث‪ ،‬بعد صالة ال ُّظهر أحدث؛ نام‪ ،‬إ ًذا هنا تبدأ املدَّ ة‪ ،‬يص ِِّّل به العصـر‪،‬‬
‫وصىل ال ُّظهر مل ُ ْ‬
‫َّ‬ ‫حي ِدث‪،‬‬
‫ذهب مل ُ ْ‬
‫نص عىل ذلك القايض عالء الدِّ ين‬ ‫واملغرب‪ ،‬والعشاء‪ ،‬والفجر‪ ،‬وال ُّظهر‪ ،‬العَبة باألوقات وليس َّ‬
‫بالساعات‪َّ ،‬‬
‫صلوات‪( ،‬إِ ََل ِم ْثلِ ِه) أي من الغد‪ ،‬أو‬
‫ٍ‬ ‫املرداوي‪ ،‬فهو من احلدث؛ أحدث ال ُّظهر إ ًذا يمسح إىل ٍ‬
‫غد ال ُّظهر‪ ،‬فقط مخس‬ ‫ُّ‬
‫‪19‬‬
‫بعد ثالثة أ َّيا ٍم‪ ،‬إىل مثله من الوقت‪.‬‬
‫ساترا ِّ‬
‫ملحل الفرض‪ ،‬فيجب أن يكون‪:‬‬ ‫ساترا‪ ،‬أي ً‬ ‫ِّ‬
‫اخلف‪ :‬أن يكون ً‬ ‫اْلول ِف‬ ‫( َع ََل َساتِر) َّ‬
‫الشـرط َّ‬
‫كامال‪.‬‬ ‫ِّ‬
‫للمحل ً‬ ‫يوضح لونًا‪ ،‬وليس مشقو ًقا‪ ،‬فيكون ً‬
‫ساترا‬ ‫َّأو ًال‪ :‬صفي ًقا ً‬
‫ساترا‪ ،‬يعني ال ِّ‬
‫األمر ال َّثاين‪ :‬أن يكون ثابتًا بنفسه‪ ،‬ال يثبت بشدٍّ وال ٍ‬
‫بربط‪ ،‬هذا هو املذهب‪.‬‬
‫ـج َس ِد)‪.‬‬ ‫ِ‬
‫يم َسائ ِر ا ْل َ‬
‫ِ‬
‫ب‪ :‬النِّ َّي ُة‪َ ،‬و َت ْعم ُ‬ ‫اجب‪ ،‬ا ْل َو ِ‬
‫اج ُ‬ ‫(و َأ َّما ال َّط َه َار ُة ا ْلك ُْْبى‪َ :‬فت َْحت َِوي َع ََل ُسنَّة‪َ ،‬و َو ِ‬
‫َ‬ ‫[ثم] قال‪َ :‬‬
‫َّ‬
‫املني دف ًقا‪ ،‬واجلامع‪،‬‬
‫الشيخ يف احلدث األكَب‪ ،‬وهي ال َّطهارة الكَبى‪ ،‬وموجباهتا معروف ٌة‪ ،‬منها‪ :‬خروج ِّ‬
‫بدأ َّ‬
‫ونحو ذلك‪ ،‬وال َّطهارة من احليض والنِّفاس‪.‬‬
‫فإَّنا النِّ َّية‪ ،‬فيجب النِّ َّية يف االغتسال من احلدث األكَب‪ ،‬جتب النِّ َّية له‪.‬‬
‫واجب وسنَّة‪ ،‬أ َّما الواجب فيها َّ‬
‫ٌ‬ ‫هلا‬
‫ثم َّملا وصل إىل بيته تذكَّر َّ‬
‫أن عليه حد ًثا‪،‬‬ ‫املطر بدنَه‪َّ ،‬‬
‫فعمم ُ‬‫َّ‬ ‫أن امر ًأ جلس حتت املطر‪،‬‬
‫وبنا ًء عىل ذلك لو َّ‬
‫الشخص ال َّثاين ا َّلذي نوى‪ ،‬كام قال‪ :‬نوى َّ‬
‫أن هذا الفعل يرفع احلدث ففي هذه‬ ‫فنقول‪ :‬مل يرتفع حدثك‪ ،‬بخالف َّ‬
‫واألول ال‪ ،‬ومثله نقول‪ :‬االنغامس يف الَبك‪ ،‬فمن نوى قبل انغامسه يف الَبكة‪ ،‬رفع‬
‫َّ‬ ‫احلالة ال َّثانية يرتفع حدثه‪،‬‬
‫احلدث ارتفع حدثه‪ ،‬ومن مل ِ‬
‫ينو‪ ،‬مل يرتفع حدثه‪.‬‬
‫ما املراد بالنِّ َّية؟ املراد بالنِّ َّية أمرا ‪:‬‬
‫أن عليك حد ًثا‪ ،‬يعني‬
‫وأن هذا األمر يرفع احلدث‪ ،‬أن تعلم َّ‬
‫أن عليه حد ًثا‪َّ ،‬‬
‫اْلول‪ :‬أن يعرف املرء َّ‬
‫اْلمر َّ‬
‫أن هذا الفعل وهو انغامسه يف املاء؛ ٍ‬
‫بركة‪،‬‬ ‫أساسا رفع احلدث(‪ ،)1‬وأن يعلم َّ‬ ‫ث‪ ،‬هذا مل ِ‬
‫ينو‬ ‫شخص ال يعلم أنَّه ِ‬
‫حمد ٌ‬
‫ً‬ ‫ٌ‬
‫أو جلوسه حتت املطر يرفع احلدث‪ ،‬خالص ارتفع احلدث‪ ،‬وال يلزم أن يكون يف وقت الفعل؛ بل جيوز تقدُّ مه كام‬
‫سيأيت بعد ٍ‬
‫قليل‪.‬‬
‫الرتتيب‪ ،‬وال جيب‬ ‫ـج َس ِد) التَّعميم ُّ‬
‫يدل عىل أنَّه ال ُي ْش َ َ‬
‫رتط‪ ،‬ليس واج ًبا َّ‬ ‫ِ‬
‫يم َسائ ِر ا ْل َ‬
‫ِ‬
‫اْلمر ال َّثاين‪ :‬قال‪َ :‬‬
‫(و َت ْعم ُ‬
‫ذكرت لكم قبل‬
‫ُ‬ ‫أيضا املواالة‪ ،‬كام‬ ‫يعمم سائر اجلسد‪ ،‬وال ُي ْش َ َ‬
‫رتط فيه ً‬ ‫ُّ‬ ‫يعمم سائر جسده‪،‬‬
‫ُّ‬ ‫له صف ٌة مع َّينة‪ ،‬وإنَّام‬
‫الصحابة ‪-‬رضوان اهلل عليهم‪ -‬لكن تعميم سائر اجلسد‪ ،‬نقول‪ :‬من اجلسد‬
‫ثابت عن مجاعة من َّ‬ ‫ٍ‬
‫قليل‪ ،‬وهو ٌ‬

‫إن املضمضة واالستنشاق داخل ٌة يف َّ‬


‫مسمى الوجه‪ ،‬فيجب عىل من اغتسل أن‬ ‫املضمضة واالستنشاق؛ أل َّننا قلنا‪َّ :‬‬
‫يتمضمض‪ ،‬وأن يستنشق‪.‬‬
‫هل تعميم البدن واالغتسال جيزئ عن الوضوء أم ال؟‬
‫نقول‪ :‬عندنا حالتان‪:‬‬

‫(‪ )1‬يبدو َّ‬


‫أن السياق غري متَّسق‪ ،‬لكن هكذا وصلني‪.‬‬
‫‪20‬‬
‫احلالة اْلُوَل‪ :‬أن يكون املرء قد اغتسل لرفع احلدث األكَب‪ ،‬اغتسل بسبب اجلنابة‪ ،‬فهنا نقول‪َّ :‬‬
‫إن تعميم‬
‫وجها واحدً ا‪.‬‬
‫البدن يرفع احلدث ً‬
‫ٍ‬
‫َبد؛ لتن ُّظف‪ُ ،‬‬
‫للسنَّة يوم اجلمعة‪ ،‬ليس‬ ‫احلالة ال َّثانية‪ :‬أن يكون اغتسل ليس ألجل احلدث األكَب‪ ،‬وإنَّام لل َّت ُّ‬
‫يتوضأ أم ال؟‬‫َب‪ ،‬فهل يرتفع حدثه األصغر أم ال؟ يلزم أن َّ‬ ‫ٍ‬
‫ألجل حدث أك َ‬
‫نقول‪ :‬يرتفع حدثه؛ ألنَّه ال خيلو من حالتني‪:‬‬
‫احلالة اْلوَل‪ :‬أن يكون حتت ٍ‬
‫ماء ٍ‬
‫جار‪ ،‬ما هو املاء اجلاري؟ مثل‪ :‬الدُّ ِّش هذه‪ ،‬أو [‪ ،)1(]...‬هذا املاء جاري‪.‬‬

‫غسال استحبا ًبا‪ ،‬أو إباح ًة وهو ال َّت ُّ‬


‫َبد‪،‬‬ ‫أنَّه يرتفع حدثه‪ ،‬من اغتسل ً‬ ‫ٍ‬
‫رجب‬ ‫وقد ذكر أبو الفرج ابن‬
‫ٍ‬
‫جريات‪ ،‬ملاذا [أربع](‪)2‬؟ تكون اجلرية األوىل للوجه‪ ،‬وال َّثانية لليدين‪،‬‬ ‫ماء ٍ‬
‫جار فجري عليه أربع‬ ‫إذا جلس يف ٍ‬
‫ٍ‬
‫جريات ممكن َّ‬ ‫ً‬
‫أقل‬ ‫وأصال أن جيلس حتت املاء اجلاري‪ ،‬حتت الدُّ ِّش‪ ،‬قلنا‪ :‬أربع‬ ‫والرابعة للوجه‪،‬‬
‫للرأس‪َّ ،‬‬ ‫وال َّثالثة َّ‬
‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫جريات‪ ،‬ويرتفع حدثه‪.‬‬ ‫مرت عليه األربع‬ ‫من نصف دقيقة‪ ،‬أو دقيقة‪ ،‬بالكثري‪ ،‬يف الغالب أن من جلس دقيق ًة َّ‬
‫بانغامس يف ٍ‬
‫بركة‪ ،‬والفقهاء يقولون‪َّ :‬‬ ‫ٍ‬
‫إن من انغمس‬ ‫الصورة ال َّثانية‪ :‬أن يكون قد اغتسل ت ُّ‬
‫َب ًدا أو استحبا ًبا‪،‬‬ ‫ُّ‬
‫فخرج مر ِّت ًبا ارتفع حدثه‪.‬‬
‫ثم أخرج قدميه‪،‬‬
‫مر ًة أخرى‪َّ ،‬‬
‫ثم أخرج رأسه َّ‬
‫ثم أخرج يديه‪َّ ،‬‬
‫كيف خرج مر ِّت ًبا؟ يعني بدأ فأخرج رأسه‪َّ ،‬‬
‫ٌ‬
‫رشط‬ ‫أن ا َّلذي يسبح يف الَبكة ينغمس رأسه‪ ،‬ويطلع أكثر من َّ‬
‫مرةً‪ ،‬فريتفع حدثه‪ ،‬إ ًذا يصبح عندنا‬ ‫ويف الغالب َّ‬
‫ينوي رفع احلدث فقط‪ ،‬كيف يرفع احلدث؟ أن يعلم َّ‬
‫أن هذا الفعل‬ ‫َ‬ ‫َب ًدا أو استحبا ًبا‪ ،‬أن‬
‫واحدٌ ‪ ،‬إن من اغتسل ت ُّ‬
‫فحينئذ يرتفع حدثك‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫يرفع حد ًثا فقط‪،‬‬
‫وخاص ًة هذا الدُّ ّش غال ًبا يدخل‪ ،‬تدخل‬ ‫ال أحد جيلس يف ٍ‬
‫بركة َّإال ويدخل املاء إىل أنفه‪ ،‬وهذا املاء اجلاري‬
‫َّ‬
‫ناقصا‪.‬‬
‫وإال يكون التَّعميم ً‬‫فيه املضمضة واالستنشاق‪ ،‬املضمضة واالستنشاق واجب ٌة‪َّ ،‬‬
‫ب‪َ :‬غ ْس ُل َما بِ ِه ِم ْن َأ ًذى)‪ ،‬هذه مسأل ٌة أرشنا إليها قبل ٍ‬
‫قليل‪ ،‬قلنا‪ :‬إذا كان األذى بسبب‬ ‫ـم ْست ََح ُّ‬‫(وا ْل ُ‬
‫قال‪َ :‬‬
‫ٍ‬ ‫ني عىل حم ِّلهام‪ ،‬فهذا جيب إزالته قبل الوضوء‪ ،‬وقبل الغسل‪ ،‬يعني بعد ٍ‬ ‫السبي َل ْ ِ‬
‫غائط‪ ،‬فال‬ ‫بول أو‬ ‫خروج خارجٍ من َّ‬
‫يصح رفع احلدث َّإال بإزالته‪.‬‬
‫ُّ‬
‫املستحب فاملراد باألذى أمران‪:‬‬
‫ُّ‬ ‫وأ َّما‬
‫فيستحب إزالتها قبل االغتسال‪.‬‬
‫ُّ‬ ‫‪ -1‬النَّجاسة إذا مل تكن عىل حم ِّلها‪،‬‬

‫(‪ )1‬لعلها‪( :‬احلنفية)‪ ،‬أو (الصنبور)‪.‬‬


‫(‪ )2‬زدهتا لإليضاح‪.‬‬
‫‪21‬‬
‫كام ثبت يف‬ ‫َّبي‬ ‫نجسا؛ َّ‬
‫فإن الن َّ‬ ‫طاهر‪ ،‬وليس ً‬ ‫ٌ‬ ‫الر ُجل‬ ‫فإن ماء َّ‬ ‫الر ُجل‪َّ ،‬‬
‫‪ -2‬األمر ال َّثاين‪ :‬ما كان من ماء َّ‬
‫ْت َأ ُحتُّه ِم ْن َث ْو ِ‬
‫ب النَّبِ ِّي »‪ ،‬أي ماءه‪ ،‬وهو من ُّيه‪ ،‬فغسل‬ ‫الصحيح من حديث عائش َة كانت تقول‪َ « :‬و ُكن ُ‬ ‫َّ‬
‫صىل به َّ‬
‫فدل عىل طهارته‪.‬‬ ‫َّ‬ ‫َّبي‬
‫طاهر‪ ،‬والن ُّ‬
‫ٌ‬ ‫املني ُسنَّ ٌة‪ ،‬وليس واج ًبا؛ ألنَّه‬
‫أو إزالة ِّ‬
‫يبتدئ املرء قبل االغتسال بوضوء‪ ،‬أي‬
‫َ‬ ‫وء‪َ ،‬وا ْلغ َْس ُل َث ََل ًثا‪َ ،‬والدَّ ْل ُ‬
‫ك)‪ ،‬الوضوء ُسنّ ٌة؛ أن‬ ‫(وا ْل ُو ُض ُ‬
‫قال‪َ :‬‬
‫فيتوضأ‪ ،‬ولك صورتان‪:‬‬
‫َّ‬ ‫الوضوء قبل االغتسال‪ ،‬كام جاء يف حديث ميمون َة وغريه‪،‬‬
‫[اْلُوَل‪ ]:‬إ َّما أن َّ‬
‫تتوضأ وضو ًءا ً‬
‫كامال‪.‬‬
‫تؤجلهام لألخري كام سيأيت‪.‬‬ ‫تتوضأ َّإال غسل ِّ‬
‫الر ْجلني ترتكهام‪ِّ ،‬‬ ‫[ال َّثانية‪ ]:‬أو أن َّ‬
‫الرأس ُي ْغ َس ُل ثال ًثا‪.‬‬
‫ب غسل سائر اجلسد ثال ًثا‪ ،‬حتَّى َّ‬‫(وا ْلغ َْس ُل َث ََل ًثا)‪ ،‬أي و ُي ْست ََح ُّ‬
‫قال‪َ :‬‬
‫بقو ٍة‪ ،‬وإنَّام إمرار اليد‪ ،‬وال يلزم‬‫ك) واملراد بالدَّ ْلك‪ ،‬هو‪ :‬إمرار اليد عىل اجلسد‪ ،‬جمرد اإلمرار وليس َّ‬ ‫(والدَّ ْل ُ‬‫َ‬
‫يف‪ ،‬فهو ُسنَّ ٌة‪ ،‬وال جيب الدَّ ْلك َّإال يف‬ ‫كامل تنظ ٍ‬
‫ألن فيها َ‬ ‫فيمرها عىل اجلسد(‪)1‬؛ َّ‬ ‫ٍ‬
‫شخص بخرقة ُّ‬ ‫ٌ‬ ‫اليد‪ ،‬قال‪ :‬ويأيت‬
‫طني‪ ،‬أو يكون هناك‬ ‫واحدة‪ ،‬حينام يكون عىل اجلسد يش ٌء يمنع وصول املاء‪ ،‬فيجب َد ْلكُه؛ كأن يكون هناك ٌ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫حالة‬
‫وسخ‪ ،‬فيجب َد ْلكُه إلزالته‪.‬‬
‫ٌ‬
‫ثم غسل ش َّقه اْليسـر ‪-‬صلوات اهلل وسالمه عليه‪.‬‬
‫غسل ش َّقه اْليمن‪َّ ،‬‬ ‫َّبي‬ ‫(وال َّت َي ُام ُن)؛ َّ‬
‫ألن الن َّ‬ ‫قال‪َ :‬‬
‫الشعر‪.‬‬ ‫الشعر‪ ،‬ونحن قلنا‪َّ :‬‬
‫إن الواجب إنَّام هو غسل َّ‬ ‫الش َع ِر)‪ ،‬أي و ُي ْست ََح ُّ‬
‫ب ختليل َّ‬ ‫(و ََتْلِ ُ‬
‫يل َّ‬ ‫قال‪َ :‬‬
‫هنا مسأل ٌة يف التَّخليل والغسل‪:‬‬
‫الشعر‪ ،‬أ َّما الغسل فيجب غسل ال َّظاهر‪ ،‬هنا جيب غسل‬
‫نحن قلنا يف الوضوء‪ :‬الواجب إنَّام هو مسح َّ‬
‫ٍ‬
‫ضفرية ‪-‬‬ ‫الشعر وينفصل عنه‪ ،‬ولذلك إذا كانت املرأة قد مجعت شعرها عىل هيئة‬ ‫ال َّظاهر بأن يأ َ‬
‫يت املاء عىل ظهر َّ‬
‫يفرق بني االغتسال من احليض‪،‬‬ ‫ٍ‬
‫بربط‪ ،‬فال يلزمها أن َّ‬ ‫ا َّلتي هي جديل ٌة‪ -‬أو مجعته‬
‫الربط‪ ،‬بعض الفقهاء ِّ‬‫تفك هذا َّ‬
‫والصحيح َّأَّنام واحدٌ ؛ حلديث أ ِّم سلم َة فكالمها سوا ٌء‪ ،‬وإنَّام تغسل ال َّظاهر فقط‪ ،‬حتَّى املربوط‬
‫واالغتسال اجلنابة‪َّ ،‬‬
‫ال يلزم إيصاله لباطنه‪ ،‬يغسل حتَّى ينفذ‪.‬‬
‫الشعر مع اجللد‪ ،‬هنا التَّخليل املراد َّ‬
‫بالشعر ختليل اجللد‪ ،‬بخالف ال َّتخليل‬ ‫ا َّلذي ُي ْست ََح ُّ‬
‫ب هو ختليل باطن َّ‬
‫ب ختليل‬
‫الرأس ُم ْست ََح ٌّ‬ ‫ا َّلذي يكون يف الوضوء‪ ،‬فنحن نقول‪ :‬هناك ال ُي ْش َـرع ً‬
‫أصال إيصال املاء للجلد‪ ،‬هنا يف َّ‬
‫ب‪ ،‬بخالف‬
‫مستح ٌّ‬
‫َ‬ ‫خ َّلل شعره‪ ،‬أي أوصل املاء إىل جلد رأسه‪ ،‬ليس واج ًبا‪ ،‬وإنَّام هو‬ ‫َّبي‬
‫الرأس‪ ،‬والن ُّ‬
‫بَّشة َّ‬
‫ب فقط‪.‬‬
‫ب‪ ،‬وهنا ُم ْست ََح ٌّ‬ ‫ٍ‬
‫بواجب وال ُم ْس َت َح ٌّ‬ ‫الوضوء فإنَّه ليس‬

‫(‪ )1‬هكذا يف التَّفريغ‪.‬‬


‫‪22‬‬
‫َْي َم ْو ِض ِع ِه)‪ ،‬أي يف غري املكان ا َّلذي اغتسل فيه‪ ،‬إذا مل يكن ُم َب َّل ًطا‪ ،‬كأن يكون قد‬
‫(و َغ ْس ُل َقدَ َم ْي ِه ِِف غ ْ ِ‬
‫قال‪َ :‬‬
‫طني يف ِر ْجلِه‪.‬‬
‫وتراب‪ ،‬فإنَّه ينتقل لكيال يكون فيه بقايا ٍ‬
‫ٌ‬ ‫طني‬
‫اغتسل يف مكان فيه ٌ‬
‫كامَل قبل اغتساله»‪ ،‬وما‬ ‫وضوءا ً‬
‫ً‬ ‫وعىل هذا محل الفقهاء االختالف فيام ن ُِق َل عن النَّبِ ِّي ‪« :‬أنَّه َّ‬
‫توضأ‬
‫ثم غسل قدميه» كام يف حديث ميمون َة عىل اختالف احلال‪ ،‬إذا كان املكان ُم َب َّل ًطا مثل‬ ‫ثم اغتسل‪َّ ،‬‬ ‫ن ُِق َل‪« :‬أنَّه َّ‬
‫توضأ‪َّ ،‬‬
‫ٍ‬
‫اإلسمنت وغريه‪ ،‬هذا مب َّل ٌط فال يلزق يف ا ِّلر ْجل يش ٌء من ال ِّطني‪ ،‬وأ َّما إن كان ترا ًبا فإنَّه ينتقل إىل مكان َ‬
‫آخر‪،‬‬
‫فيغسل قدميه فقط‪.‬‬
‫اح ُش ِمن غ ِ ِ‬
‫ْ‪ ،‬وا ْل َف ِ‬ ‫قال‪( :‬والنَّواقِ ُض ِِف ال َّطهار ِة الصغْرى ثَمنية‪ :‬ا ْلـخَ ِ ِ‬
‫ِها)‪.‬‬
‫َْي َ‬‫ْ ْ‬ ‫السبِي َل ْ ِ َ‬
‫ار ُج م َن َّ‬ ‫َ َ ُّ َ‬ ‫َ َ‬
‫الشيخ بذكر النَّواقض ال َّثامنية للوضوء‪ ،‬طب ًعا عدَّ سبع ًة‪ ،‬وال َّثامن كام يف اهلامش أنَّه ترك غسل امل ِّيت‪،‬‬
‫بدأ َّ‬
‫ناقضا‪ ،‬سوا ًء كان ً‬
‫قليال‪ ،‬أو‬ ‫ني يكون ً‬ ‫السبي َل ْ ِ‬ ‫السبِي َل ْ ِ‬ ‫بدأ بأول النَّواقض‪ ،‬قال‪ :‬وهو (ا ْلـخَ ِ ِ‬
‫ْ)‪ ،‬واخلارج من َّ‬ ‫ار ُج م َن َّ‬ ‫َّ‬
‫كثريا‪.‬‬
‫ً‬
‫وسواء كا معتا ًدا أو‬
‫ً‬ ‫كثْيا‪،‬‬ ‫ً‬
‫قليَل‪ ،‬أو ً‬ ‫سواء كا‬
‫ً‬ ‫ناقضا‪،‬‬
‫ً‬ ‫السبي َل ْْ يكو‬ ‫انتبه هلذا القيد‪ُّ :‬‬
‫كل خارج من َّ‬
‫نادرا‪.‬‬
‫ً‬
‫معتا ًدا يف البول والغائط ‪-‬أعزكم اهلل‪.‬‬
‫ناقضا‬
‫نادر يكون ً‬
‫نادرا‪ ،‬أو د ٌم‪ ،‬هذا ٌ‬
‫والنَّادر مثل‪ :‬الدُّ ود واحلصـى‪ ،‬بعض النَّاس خيرج منه حىص ً‬
‫نجسا أو غْي نجس؟‬
‫السؤال سأسأله‪ :‬ملاذا مل نقل‪ً :‬‬
‫للوضوء‪ ،‬ملاذا؟ انتبه هلذا ُّ‬
‫نجسا‪.‬‬
‫الر ُجل أو املرأة ال يكون ً‬ ‫نجس‪َّ ،‬إال شي ًئا واحدً ا وهو ُّ‬
‫املني من َّ‬ ‫السبي َل ْ ِ‬
‫ني ك ُّله ٌ‬ ‫َّ‬
‫ألن اخلارج من َّ‬
‫بالسبي َل ْني خمرج البول‪ ،‬وخمرج الغائط‪ ،‬وخمرج الولد‪ُّ ،‬‬
‫كل هذه األمور ت َُس َّمى‪:‬‬ ‫فائدة هنا‪ :‬املذهب‪َّ :‬‬
‫أن املراد َّ‬
‫السبيلني»‪.‬‬
‫«من َّ‬
‫ناقضا للوضوء‪.‬‬ ‫أن َّ‬
‫كل ما خرج منها فإنَّه يكون ً‬ ‫فعندهم َّ‬
‫السبي َل ْ ِ‬
‫ني إنَّام هو خمرج البول‪ ،‬وخمرج الغائط فقط‪.‬‬ ‫األصح‪َّ :‬‬
‫إن اخلارج من َّ‬ ‫ُّ‬ ‫والقول ال َّثاين وهو‬
‫اقض‪ ،‬وهو‬
‫الرطوبات‪ ،‬فاملذهب‪ :‬أنَّه ن ٌ‬ ‫ِ‬
‫وعىل ذلك [فإ َّنه] اختلف احلكم يف قض َّية َما خيرج من املرأة من ُّ‬
‫طاهر‪.‬‬
‫ٌ‬
‫السبي َل ْني‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫بناقض؛ ألنَّه ليس من َّ‬ ‫طاهر‪ ،‬وليس‬
‫ٌ‬ ‫والصحيح نقول‪ :‬إنَّه‬
‫َّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ِها)‪ ،‬املراد بالفاحش أي الفاحش النَّجس‪ ،‬أي اخلارج إذا كان‬ ‫(وا ْل َفاح ُش م ْن َغ ْ ِْي َ‬
‫النَّاقض ال َّثاين قال‪َ :‬‬
‫السبي َل ْني‪.‬‬
‫وفحش‪ ،‬أي كثري من غريمها من غري َّ‬
‫نجسا ُ‬
‫ً‬

‫‪23‬‬
‫السبي َل ْني‪ ،‬فنقول‪َّ :‬‬
‫إن هلا حالتني‪:‬‬ ‫ط ِّيب إذا خرجت النَّجاسة من غري َّ‬
‫احلالة اْلُوَل‪ :‬أن يكون اخلارج ً‬
‫بوال أو غائ ًطا‪ ،‬وخرج من غري َّ‬
‫السبيلني‪ ،‬مثل‪- :‬أعزكم اهلل‪ -‬بعض النَّاس‬
‫إن اخلارج من غريمها‪ ،‬إذا كان ً‬
‫بوال أو غائ ًطا‬ ‫يكون له قسطرة‪ُ ،‬ي َش ُّق له يف املثانة [ثقب]‪ ،‬فيخرج منه البول‪ ،‬فنقول‪َّ :‬‬
‫كثريا‪ ،‬إذا كان ً‬
‫بوال أو غائ ًطا فقط‪.‬‬ ‫ناقضا؛ ً‬
‫قليال كان أو ً‬ ‫فإنَّه يكون ً‬
‫وكثريه‪ ،‬وإن مل يكن‬
‫ُ‬ ‫بوال أو غائ ًطا‪ ،‬فإنَّه ينقض قلي ُله‬
‫السبيلني إن كان ً‬
‫أعيد اجلملة‪ :‬إذا خرج يش ٌء من غري َّ‬
‫ً‬
‫بوال أو غائ ًطا فال ينقض وضوء كثريه دون قليله(‪.)1‬‬
‫ما هو النَّجس غري البول والغائط؟‬
‫خالف‪ ،‬اخلالف ا َّلذي ن ُِق َل‪ ،‬هل هو ٌ‬
‫ناقض‬ ‫ٌ‬ ‫نجس بإمجاع أهل العلم‪ ،‬بإمجاعٍ‪ ،‬ما فيه‬ ‫نقول‪ :‬الدَّ م‪َّ ،‬‬
‫فإن الدَّ م ٌ‬
‫خالف بني فقهاء املسلمني املتقدِّ مني عىل نجاسته‪.‬‬
‫َ‬ ‫ٍ‬
‫بناقض؟ أ َّما نجاسة الدَّ م فال‬ ‫أم ليس‬
‫اإلمجاع عليه اإلما ُم أمحدُ ‪-‬واإلما ُم أمحدُ من أشدِّ النَّاس يف نقل اإلمجاعات‪ -‬واب ُن املنذر‪ ،‬واب ُن‬
‫َ‬ ‫حكى‬
‫نجس‪.‬‬ ‫حزم‪ ،‬ك ُّلهم نقلوا اإلمجاع عىل َّ‬
‫أن الدَّ م ٌ‬
‫نجس‪ ،‬ملاذا حكمنا بنجاسته؛ ألنَّه استحال يف جوف اآلدمي‪]...[ ،‬‬
‫(‪)2‬‬
‫من األشياء النَّجسة القيء‪ ،‬القيء ٌ‬
‫ما هي والبول؟ هي طعا ٌم استحال‪.‬‬
‫فتغريت أوصاف ال َّطعام‪،‬‬
‫فالقيء مثله استحال يف املعدة‪ ،‬لكن مل [تكمل] استحالته‪ ،‬فبدأ باالستحالة َّ‬
‫(‪)3‬‬

‫نجس‪.‬‬ ‫إ ًذا نقول‪ :‬أخذ بعض النَّجاسة‪ ،‬فنقول‪ :‬نغ ِّل ُ‬


‫ب عليه حكم النَّجاسة‪ ،‬فالقيء ٌ‬
‫متى القيء والدَّ م ينقضان الوضوء؟‬
‫‪« :‬الكثْي ما فحش ِف‬ ‫إذا كانا كثريين‪ ،‬وأ َّما إذا كانا قليلني فال ينقضان‪ ،‬ولذلك يقول ابن ع َّب ٍ‬
‫اس‬
‫نفسك»‪.‬‬
‫عم يف قليل الدَّ م؛(‪ )4‬ولذلك ثبت َّ‬
‫أن ابن عمر «كا ِف يده بثرة فحكَّها‬ ‫خصص‪َّ ،‬‬ ‫طيب يعني َّ‬
‫الشـرع َّ‬
‫يصّل»‪ ،‬فلم ينتقض؛ ألنَّه ٌ‬
‫قليل‪.‬‬ ‫فخرج منها الدَّ م وهو ِّ‬
‫ما ضابط القليل والكثْي؟‬

‫كثريه دون قليله)‪ ،‬واهلل أعلم ونسبة العلم إليه أسلم‪.‬‬


‫(فينقض كثريه دون قليله)‪ ،‬أو (فينقض الوضو َء ُ‬
‫ُّ‬ ‫(‪ )1‬هكذا يف التَّفريغ‪َّ ،‬‬
‫ولعل املراد‪:‬‬
‫(‪ )2‬لعل املراد‪( :‬العذرة)‪ ،‬واملقصود‪( :‬العذرة ما هي؟ هي طعام استحال)‪ ،‬وكذلك البول‪ ،‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫الصواب ما أثبته‪ ،‬واهلل أعلم‪.‬‬ ‫(‪ )3‬يف أصل التفريغ‪( :‬يكن) َّ‬
‫ولعل َّ‬
‫يتبني يل وجهه‪.‬‬ ‫ان السياق غري مت ٍ‬
‫َّسق‪ ،‬ومل َّ‬ ‫(‪ )4‬هكذا يف التَّفريغ‪ ،‬وواضح َّ‬
‫‪24‬‬
‫نقول‪ :‬ضابط القليل والكثري يف القيء هو ملء الفم؛ ولذلك يكون(‪ )1‬يف لسان العرب إذا امتأل الفم‪،‬‬
‫فالق ْلس هذا ال ينقض الوضوء؛ ألنَّه ٌ‬
‫قليل‪.‬‬ ‫فأقل من الفم ُي َس َّمى‪َ « :‬ق ْل ًسا»‪َ ،‬‬
‫ُّ‬
‫الكثري ما زاد عنه من القيء‪.‬‬
‫الرعاف‪ ،‬فالكثري يف ِّ‬
‫حقه‬ ‫َ‬ ‫ٍ‬ ‫يف الدَّ م‪ ،‬نقول‪ُّ :‬‬
‫والكثري يف نفسه‪ ،‬فبعض النَّاس أنفه دائم ُّ‬
‫َ‬ ‫القليل‬ ‫واحد يقدِّ ر‬ ‫كل‬
‫حق غريه‪ ،‬لذلك من باب التَّخفيف عليه‪ ،‬كذلك اجلروح‪ ،‬وهكذا‪ ،‬فاإلنسان يقدِّ رها يف نفسه‪.‬‬
‫ليس كالكثري يف ِّ‬
‫َب يف ٍ‬
‫شَب‪ ،‬هذا هو الكثري‪ ،‬ومنهم من قدَّ رها [‪ ،]...‬ومنهم من قدَّ رها بالدِّ رهم‬ ‫من الفقهاء من يقول‪ :‬ش ٌ‬
‫الفضة‪ ،‬حجمه كحجم اليد‪ ،‬اإلصبعان إذا ُح ِّل َقا‪.‬‬
‫درهم من َّ‬
‫ٌ‬ ‫البغِّل‪ ،‬واختلف ما املراد بالدِّ رهم البغِّل؟ فقيل‪ :‬إنَّه‬
‫إن الدِّ رهم البغِّل‪ ،‬هو البغال‪ ،‬تعرفون البغال؟ البغال يكون يف ركبها ٌ‬
‫نقط سود‪ ،‬مهام كان‬ ‫ومنهم قال‪َّ :‬‬
‫حجمها‪ ،‬فيقول‪ :‬هذه درهم بغِّل‪.‬‬ ‫يتغري‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫فإَّنا ال َّ‬
‫حجم البغل‪ ،‬ومهام كان سنُّه َّ‬
‫‪« :‬ما فحش ِف‬ ‫وكل هذه التَّقديرات ظنِّ َّي ٌة من الفقهاء‪ ،‬واألقرب نقول‪ :‬مثل ما قال ابن ع َّب ٍ‬
‫اس‬ ‫ُّ‬
‫نفسك» ال ُع ْرف‪ ،‬ال ُع ْرف‪.‬‬
‫َْي ن َْوم َي ِسْي َجالِ ًسا َأ ْو َقائِ ًَم)‪.‬‬
‫(وز ََو ُال ا ْل َع ْق ِل بِغ ْ ِ‬
‫قال‪َ :‬‬
‫النَّاقض ال َّثالث من نواقض الوضوء‪ :‬زوال العقل‪ ،‬وزوال العقل قد يكون‪:‬‬
‫ٍ‬
‫بجنون‪.‬‬ ‫‪-1‬‬
‫ٍ‬
‫بإغامء‪.‬‬ ‫‪ -2‬وقد يكون‬
‫بسك ٍْر‪ ،‬وك ُّلها ناقض ٌة‪.‬‬
‫‪ -3‬وقد يكون ُ‬
‫الرابع ا َّلذي يكون به زوال العقل‪ :‬النَّوم‪.‬‬
‫‪ -4‬والنَّوع َّ‬
‫ٍ‬
‫واحد‪ ،‬وهو النَّوم اخلفيف اليسري‪.‬‬ ‫أربعة أشيا َء ك ُّلها تكون ناقض ًة للوضوء‪ ،‬لكن ُخ ِّف َ‬
‫ف عنَّا يف نو ٍع‬
‫أو‬ ‫الصحابة ‪-‬رضوان اهلل عليهم‪ -‬كانوا يص ُّلون مع الن ِّ‬
‫َّبي‬ ‫أن َّ‬ ‫ٍ‬
‫بناقض ما ثبت َّ‬ ‫ُّ‬
‫ويدل عىل أنَّه ليس‬
‫ٍ‬
‫بناقض‪.‬‬ ‫ينتظرون صال ًة فتخفق رؤوسهم من النُّعاس‪َّ ،‬‬
‫فدل عىل أنَّه ليس‬
‫ٍ‬
‫جالس غري‬ ‫ٍ‬
‫شخص‬ ‫ٍ‬
‫شخص قائ ٍم‪ ،‬أو من‬ ‫واملذهب يضبط النَّوم اليسري باهليئة‪ ،‬فيقول‪ :‬إذا كان النَّوم من‬
‫ٍ‬
‫معتمد‪ ،‬فإنَّه يف هذه احلال ال ينتقض وضوؤه‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫بمستند‪ ،‬وال‬ ‫ٍ‬
‫مستند مل [يتكئ] بظهره‪ ،‬ليس‬
‫ٍ‬
‫مستند‪ ،‬فإنَّه ينتقض وضوؤه‪ ،‬هذا هو‬ ‫ٍ‬
‫شخص‬ ‫شخص ٍ‬
‫راقد‪ ،‬أو من‬ ‫ٍ‬ ‫يسريا من‬ ‫وأ َّما إن كان النَّوم ولو‬
‫ً‬
‫املذهب‪.‬‬

‫(‪ )1‬لع َّلها‪( :‬يقول)‪ ،‬ويكون املراد‪( :‬ابن منظور يف كتابه «لسان العرب»)‪ ،‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫‪25‬‬
‫فالشخص إذا نام ومل يشعر بمن حوله فقد انتقض‬ ‫والرواية ال َّثانية‪َّ :‬‬
‫أن النَّوم اليسري ضابطه بذهاب العقل‪َّ ،‬‬ ‫ِّ‬
‫وضوؤه‪ ،‬وإن شعر بمن حوله وعلم أنَّه مل خيرج منه يش ٌء من نواقض الوضوء عىل سبيل اجلزم فإنَّه ال ينتقض‪.‬‬
‫السه َف َم ْن نَا َم َف ْل َيت ََو َّض ْأ»‪َّ ،‬‬
‫فدل عىل أنَّه إنَّام‬ ‫ْ ِوك ُ‬
‫َاء َّ‬ ‫أنَّه قال‪« :‬ا ْل َع ْ ُ‬ ‫ويستد ُّلون عىل ذلك بحديث الن ِّ‬
‫َّبي‬
‫الريح من النَّائم‪.‬‬ ‫ُج ِعل النَّوم ً‬
‫ناقضا ال لذاته‪ ،‬وإنَّام ملظنَّة خروج ِّ‬
‫واملذهب‪ :‬عموم العَبة باهليئة وهو األحوط‪ ،‬املذهب هو األحوط َّ‬
‫أن نوم اجلالس‪ ،‬أو الواقف ال ينتقض‪،‬‬
‫ومن عاداه ينقض‪.‬‬
‫‪َ « :‬م َّس َف ْر َج ُه»‪ ،‬وجاء من حديث ُب ْرسة‬ ‫ناقضا ملا جاء يف حديث أ ِّم حبيب َة‬ ‫َق َال‪َ :‬‬
‫(و َم ُّس ا ْل َف ْرجِ ) يكون ً‬
‫« َم َّس َذك ََر ُه»‪َ ،‬م ُّس الفرج املراد به أمران‪ :‬إ َّما ال ُق ُبل‪ ،‬وإ َّما الدُ بر‪.‬‬
‫ناقضا‬
‫املس‪ :‬أي باليد دون ما عداه‪ ،‬ويكون ً‬ ‫واملراد بالدُّ بر هو‪ :‬حلقة الدُّ بر‪ ،‬هو ا َّلذي يكون ً‬
‫ناقضا‪ ،‬واملراد ُّ‬
‫َب‪ -‬قام ِف املسلمْ ِّ‬
‫يصّل هبم‪ ،‬فأراد أ‬ ‫‪-‬كام روى ابن عبد ال ِّ‬ ‫يتعمد‪ ،‬قد جاء «أ َّ عمر‬
‫تعمد أو مل َّ‬
‫سوا ًء َّ‬
‫َّ‬
‫فتوضأ ورجع»‪.‬‬ ‫فرجه ‪-‬أي ُق ُب َل َه‪ -‬بيده‪ ،‬فقال‪ :‬عَل ِر ْسلكم‪ ،‬فذهب‬
‫فمس َ‬
‫‪َّ ،‬‬ ‫يعدل إزاره‪ ،‬يربط إزاره‬

‫وهذا يد ُّلنا عىل أنَّه ال ُي ْش َ َ‬


‫رتط القصد فيه‪.‬‬
‫ناقض‪،‬‬ ‫مس َّ‬
‫الذكر ٌ‬ ‫الذكر‪ ،‬أو يرى َّ‬
‫أن َّ‬ ‫مس َّ‬ ‫يعمل َّ‬
‫بأن َّ‬ ‫ويد ُّلنا ً‬
‫أيضا َّ‬
‫أن احلكم للنَّسخ(‪ ،)1‬إذ كيف عمر‬
‫ٌ‬
‫منسوخ!‬ ‫واألمر‬
‫ألن فع َلهم‬
‫مهها معرفة النَّاسخ واملنسوخ؛ َّ‬
‫أمورا من أ ِّ‬
‫فإن من فوائد معرفة خالف اخللفاء األربعة الكبار‪ً ،‬‬‫َّ‬
‫أن رأي‬ ‫ٍ‬
‫بشـيء قد ن ُِس َخ‪ ،‬هذه قاعدة يف معرفة النَّاسخ واملنسوخ‪َّ ،‬‬ ‫ومشهور‪ ،‬واخللفاء األربعة ال يعملون‬ ‫ظاهر‬
‫ٌ‬ ‫ٌ‬
‫اخللفاء األربعة مفيدٌ يف قاعدة النَّاسخ واملنسوخ‪.‬‬
‫(‪)2‬‬
‫هل ينقض الوضوء؟‬
‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫قال‪َ « :‬م ْن غ ََّس َل َم ِّيتًا َف ْليَ ْغتَس ْل»‪ ،‬قال ا ِّلرت ُّ‬
‫مذي‪:‬‬ ‫َّبي‬
‫أن الن َّ‬ ‫مذي‪َّ ،‬‬
‫والرت ِّ‬
‫حديث عند أمحدَ ِّ‬ ‫نعم هو جاء فيه‬
‫مذي‪َّ ،‬أَّنم قالوا‪َّ :‬‬
‫إن‬ ‫هذا احلديث ليس عليه العمل‪ ،‬مل يقل أحدٌ من الفقهاء فيام ن ُِق َل‪ ،‬كام هو مفهو ٌم من كالم ِّ‬
‫الرت ِّ‬
‫موجب للغسل‪ ،‬وهو احلدث األكَب‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫تغسيل امل ِّيت‬
‫الصحابة ‪-‬رضوان اهلل عليهم‪ -‬والتَّابعني‪ ،‬وهو مذهب اإلمام أمحد‪َّ :‬‬
‫إن‬ ‫لكن قال‪ :‬عد ٌد من الفقهاء‪ ،‬من َّ‬
‫ناقضا من نواقض الوضوء‪.‬‬
‫موجب للوضوء‪ ،‬فيكون ً‬
‫ٌ‬ ‫تغسيل امل ِّيت‬

‫(‪ )1‬هكذا‪َّ ،‬‬


‫ولعل املراد‪( :‬مل ينسخ)‪.‬‬

‫(‪ )2‬قبله سؤال من أحد ال َّطلبة غري واضح َّ‬


‫الصوت‪ ،‬واملفهوم من اجلواب أنَّه سؤال عن‪ :‬تغسيل امليت هل ينقض الوضوء؟ واهلل أعلم‪.‬‬
‫‪26‬‬
‫فليتوضأ‪ ،‬قالوا‪َّ :‬‬
‫ألن من‬ ‫َّ‬ ‫َّبي ‪َ « :‬ف ْل َي ْغت َِس ْل»‪ ،‬أي‬ ‫صحيح‪ -‬عىل َّ‬
‫أن قول الن ِّ‬ ‫ٌ‬ ‫فحملوا هذا احلديث ‪-‬وهو‬
‫ٍ‬
‫بشهوة‪ ،‬فإنَّه يكون‬ ‫مس املرأة‬ ‫املئنَّة‪ ،‬كام سنقول بعد ٍ‬ ‫ت املظنَّة منزلة ِ‬
‫بارش تغسيل امليت ربام بارش عذرته‪َ ،‬فن ُِّز َل ِ‬
‫قليل يف ِّ‬ ‫َّ‬ ‫ِّ‬
‫ناقضا يف هذه احلال‪.‬‬
‫ً‬
‫وجب الوضوء‪ ،‬لكن ال ُي ِ‬
‫وجب الغسل‪،‬‬ ‫أن تغسيل امل ِّيت ُي ِ‬
‫الصحابة‪َّ ،‬‬ ‫ٌ‬
‫احتياط‪ ،‬وفيه قول عزم َّ‬ ‫وهو ٌ‬
‫قول فيه‬
‫مذي نقل ذلك‪ ،‬أن أحدً ا قال هبذا احلديث الغسل(‪.)1‬‬
‫الرت َّ‬ ‫مذي‪َّ :‬‬
‫إن أحدً ا طب ًعا نقل‪ ،‬لك َّن ِّ‬ ‫الرت ُّ‬
‫مل يقل أحدٌ ‪-‬كام نقل ِّ‬
‫مس الفرج ا َّلذي‪ ،‬هو حلقة الدُّ بر فقط‪ ،‬كذلك طب ًعا ينقض من نفسه ومن غريه؛ لو َّ‬
‫أن املرأة‬ ‫قلنا‪ :‬ينقض ُّ‬
‫كأن جتعل [عىل] يدها خرق ًة‪،‬‬ ‫ٍ‬
‫بحائل‪ْ ،‬‬ ‫الصغري‪ ،‬ولو ً‬
‫طفال ابن يو ٍم ويومني ينتقض وضوؤها‪ ،‬ما مل يكن‬ ‫توضئ ابنها َّ‬
‫ِّ‬
‫فازا فال ينقض‪.‬‬ ‫ً‬
‫منديال‪ ،‬ق ً‬
‫أن اليسري ُع ِف َي عنه‪،‬‬
‫الدَّ م والقيء نجسان فيجب غسلهام‪ ،‬جيب غسلهام‪ ،‬ط ِّيب مع وجوب غسلهام َّإال َّ‬
‫معفو عنها‪.‬‬
‫ٌّ‬ ‫معفو عنهام‪ ،‬وهي نجس ٌة لكن‬
‫ٌّ‬ ‫فالنُّقطة والنُّقطتان‬
‫واملذهب‪ :‬أنَّه ال ُي ْع َفى عن النَّجاسة َّإال عن الدَّ م اليسري‪.‬‬
‫معفو عنه‪ ،‬إذا‬
‫ٌّ‬ ‫معفو عنها‪ ،‬حتَّى البول والغائط يسريه‬
‫ٌّ‬ ‫أن َّ‬
‫كل النَّجاسات يسريها‬ ‫تقي الدِّ ين َّ‬ ‫واختار َّ‬
‫الشيخ ُّ‬
‫شق إزالتها‪ ،‬فالدَّ م نقطة أو نقطتان ال يلزم إزالتها من الدَّ م‪ ،‬ولكن إذا كثر جيب إزالته‪.‬‬ ‫َّ‬
‫ٍ‬ ‫ِ ِ‬
‫ناقض للوضوء؛ َّ‬
‫ألن اهلل ‪ ‬قال‪:‬‬ ‫لشهوة ٌ‬ ‫اْلبِ ِل‪َ ،‬وال ِّر َّدةُ)‪ُّ ،‬‬
‫مس املرأة‬ ‫ـح ِم ْ ِ‬ ‫ـم ْر َأة ل َش ْه َوة‪َ ،‬و َأك ُْل َل ْ‬
‫(وا ْل َ‬‫قال‪َ :‬‬
‫مس البشـرة للبَّشة‪،‬‬ ‫مس املرأة‪ِّ ،‬‬‫أن جمرد ِّ‬‫فيدل ذلك عىل َّ‬ ‫قراءة سبعيَّ ٍة ﴿ أَوْ لَ َمسُْتمُ﴾‪ُّ ،‬‬ ‫ٍ‬ ‫ﮋ ﭴ ﭵ ﭶ ﮊ ‪ ،‬ويف‬
‫ٍ‬
‫بشهوة؟‬ ‫ٍ‬
‫بشهوة‪ ،‬ملاذا ُس ِّم َي‬ ‫ناقضا إذا كان‬ ‫يكون ً‬
‫[الص ََل ِة]»‪ ،‬كام جاء عند أيب داو َد‪.‬‬ ‫جاء عنه‪َ « :‬أ َّن ُه كَا َ ُي َق ِّب ُل َعائِ َش َة‪َ ،‬و َ ْ‬
‫َي ُر ُج إِ ََل َّ‬ ‫َّبي‬ ‫َّ‬
‫ألن الن َّ‬
‫ناقضا‪ ،‬وأ َّما ما كان‬ ‫ٍ‬
‫شهوة ال يكون ً‬ ‫أن ما كان لغري‬ ‫صحة إسناده‪َّ ،‬‬
‫فدل ذلك عىل َّ‬ ‫اختُلِ َ‬
‫وهذا احلديث ْ‬
‫ف يف َّ‬
‫حتل له أو ال ُّ‬
‫حتل له‬ ‫مس امرأ ًة ُّ‬ ‫ناقضا‪ ،‬من باب إنزال املظنَّة منزلة املئنَّة‪ ،‬ففي الغالب َّ‬
‫أن [من] َّ‬ ‫شهو ًة فإنَّه يكون ً‬

‫ناقض من نواقض الوضوء‪.‬‬ ‫ٍ‬


‫لشهوة‪ ،‬ر َّبام كان سب ًبا للمذي‪ ،‬واملذي ٌ‬
‫ٍ‬
‫جابر –ريض اهلل عن اجلميع‪َّ -‬‬
‫أن‬ ‫اْلبِ ِل)‪ ،‬جاء فيه حديثان‪ ،‬حديث بريد َة وحديث‬ ‫(و َأك ُْل َل ْ‬
‫ـح ِم ْ ِ‬ ‫قال‪َ :‬‬

‫ناقض‬
‫أن أكل حلم اجلزور ٌ‬ ‫نتوضأ من حلم اجلزور؟ قال‪َ « :‬ن َع ْم»‪َّ ،‬‬
‫فدل ذلك عىل َّ‬ ‫َّ‬ ‫ملَّا ُس ِئ َل‪[ :‬هل]‬ ‫َّبي‬
‫الن َّ‬
‫للوضوء‪.‬‬

‫ٍ‬
‫مكتوب يف التَّفريغ‪.‬‬ ‫(‪ )1‬واضح عدم التَّناسق يف هذه الفقرة‪ ،‬لكن هكذا وصلني‪ ،‬وبعدها سؤال من أحد ال َّطلبة غري‬
‫‪27‬‬
‫أن ا َّلذي ينقض من حلم اجلزور إنَّام هو حلمه‪ ،‬وأ َّما كبده فال تنقض‪.‬‬
‫واملذهب‪َّ :‬‬

‫واختار املو َّفق ابن قدام َة يف «العمدة»‪ ،‬املو َّفق له أربع ُة ٍ‬


‫كتب كام تعلمون‪ ،‬وتقديمها يف املذهب عىل هذا‬

‫ثم‪« :‬العمدة»(‪.)1‬‬
‫ثم‪« :‬املغني»‪َّ ،‬‬
‫ثم‪« :‬الكاِف»‪َّ ،‬‬
‫النَّحو‪ :‬مقدَّ م يف املذهب‪« :‬املقنع»‪َّ ،‬‬
‫‪،‬‬ ‫اجتهادات كثريةٌ‪ ،‬اجتهاده هو‬
‫ٌ‬ ‫اختار املو َّفق يف «العمدة»‪ ،‬وهو أكثرها اجتها ًدا له‪« ،‬العمدة» له‬

‫َّ‬
‫أن الكبد تنقض الوضوء‪ ،‬كبد حلم اجلزور‪.‬‬ ‫اختار املو َّفق‬

‫دليال‪َّ ،‬‬
‫أن كبد‬ ‫الرأي هو ا َّلذي اختاره شيخنا َّ‬
‫الشيخ عبدالعزيز ‪-‬عليه رمحة اهلل‪ -‬وهو األقرب ً‬ ‫وهذا َّ‬
‫ـحو ِم ا ْلـخَ نَ ِ‬
‫از ِير‬ ‫ِ‬ ‫قال‪« :‬ملَّا ُح ِّر َم ْ‬
‫ت َع ََل ا ْل َي ُهود ُل ُ‬ ‫ٌ‬
‫داخل يف حلمه؛ ألنَّه‬ ‫اجلزور تنقض الوضوء‪ ،‬وأ َّما شحمه فإنَّه‬

‫حلام»‪.‬‬
‫الشحم ُي َس َّمى‪ً « :‬‬ ‫وها»‪ ،‬أي أذابوها ُّ‬
‫يدل عىل َّ‬
‫أن َّ‬ ‫َأ َخ ُذوا ُش ُح َ‬
‫وم َها َف َج َم ُل َ‬

‫ناقضا‪ ،‬اخلالف ا َّلذي ُر ِو َي أو ن ُِق َل شا ٌّذ ال ُي ْعت َََب‬


‫وأ َّما ال َّلبن فاخلالف فيه شا ٌّذ‪ ،‬لبن اإلبل وحليبها ال يكون ً‬

‫به‪ ،‬ملغي‪ ،‬عندنا اخلالفات درجات‪:‬‬

‫ضعيف‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫خالف‬
‫ٌ‬ ‫مهجور‪ ،‬وفيه‬
‫ٌ‬ ‫خالف‬
‫ٌ‬ ‫خالف شا ٌّذ‪ ،‬وفيه‬
‫ٌ‬ ‫خالف ملغي‪ ،‬وفيه‬
‫ٌ‬ ‫فيه‬

‫امللغي‪ :‬ا َّلذي يقابل الدَّ ليل‪.‬‬

‫ثم ت ُِر َك‪ ،‬ما قال به أحدٌ بعدُ ‪.‬‬


‫واملهجور‪ :‬ا َّلذي قيل به‪َّ ،‬‬
‫والشا ُّذ‪ :‬ا َّلذي قال به آحا ٌد من العلامء‪ ،‬وال يأخذ به غريهم‪.‬‬
‫َّ‬

‫مرج ٌح‪ ،‬غريه‬


‫الضعيف‪ ،‬وهو َّ‬
‫الضعيف هو َّ‬
‫والضعيف‪ :‬ال أن يكون هو أقوى‪ ،‬أقوى‪ ،‬أقوى درجات َّ‬
‫َّ‬

‫راجح‪ ،‬وهو [‪ ،]...‬فقط كي نعرف مصطلح الفقهاء يف تضعيف القول وتصحيحه(‪.)2‬‬


‫ٌ‬

‫الردة ‪-‬أعوذ باهلل‪ -‬تكون ناقض ًة للوضوء؛ بل موجب ًة للغسل‪ ،‬نسأل اهلل َّ‬
‫السالمة‪.‬‬ ‫الر َّدةُ) َّ‬
‫(و ِّ‬
‫َ‬

‫ـمن ِ ُّي الدَّ افِ ُق بِ َل َّذة)‪ ،‬بدأ َّ‬


‫الشيخ باملوجبات‪ ،‬الفقهاء ُي َس َّمون ا َّلتي توجب‬ ‫ِ‬
‫ُْبى ستَّة‪ :‬ا ْل َ‬
‫ِ‬ ‫قال‪ِ َ :‬‬
‫(وِف ال َّط َه َارة ا ْلك ْ َ‬
‫الغسل‪« :‬موجبات»‪ ،‬و[ا َّلتي توجب](‪ )3‬الوضوء يسموَّنا‪َ « :‬‬
‫نواقض»‪.‬‬

‫ثم‪« :‬املغني»‪َّ ،‬إال أن أكون أنا ا َّلذي ومه ُت‪ ،‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫ثم‪« :‬الكاِف»‪َّ ،‬‬
‫ثم‪« :‬املقنع»‪َّ ،‬‬
‫الرتتيب‪« :‬العمدة»‪َّ ،‬‬ ‫(‪ )1‬يبدو يل َّ‬
‫أن َّ‬
‫(‪ )2‬واضح عدم التَّناسق يف العبارات‪ ،‬ولكن هكذا وصلتني‪.‬‬
‫زدت ما بني [ ] للبيان والتَّوضيح‪.‬‬
‫(‪ُ )3‬‬
‫‪28‬‬
‫ٍ‬ ‫ـمن ِ ِّي الدَّ افِ ِق بِ َل َّذة)‪ ،‬إ ًذا هذه ثالثة‬
‫رشوط‪ :‬أن‬ ‫وج (ا ْل َ‬
‫الشيخ َّأَّنا س َّت ٌة َّأوهلا‪ :‬قال‪ُ :‬خ ُر ُ‬
‫موجبات الغسل ذكر َّ‬

‫بلذ ٍة فإنَّه ال ُي َس َّمى‪َ « :‬من ِ ايا»‪ ،‬وإنَّام ُي َس َّمى‪َ « :‬و ْد ًيا»‪.‬‬


‫املني إذا مل خيرج د ْف ًقا َّ‬ ‫َّ‬
‫وألن َّ‬ ‫بلذ ٍة؛‬
‫املني داف ًقا َّ‬
‫يكون ُّ‬
‫أبيض ثخينًا‪ ،‬ويكون‬
‫الر ُجل َ‬
‫اآلدمي يكون من َّ‬
‫ِّ‬ ‫اآلدمي‪ ،‬وأصل خلقة‬
‫ِّ‬ ‫املني ما هو؟ هو أصل خلقة‬
‫طب ًعا ُّ‬
‫‪.‬‬ ‫أصفر كام يف حديث أ ِّم سلم َة‬
‫َ‬ ‫من املرأة‬

‫بلذ ٍة؛ كأن يكون خرج‬ ‫بلذ ٍة‪ ،‬كام سيأيت بعد ٍ‬
‫قليل‪ ،‬إذا مل يكن َد ْف ًقا َّ‬ ‫موجب للغسل إذا خرج دف ًقا َّ‬
‫ٌ‬ ‫هذا املاء‬

‫َّبول‪ ،‬أو عندما حيمل شي ًئا ً‬


‫ثقيال‪ ،‬نفس لون وهيئة‬ ‫الشديد‪ ،‬بعض النَّاس خيرج [منه] للَبد َّ‬
‫الشديد‪ ،‬أو بعد الت ُّ‬ ‫بالَبد َّ‬
‫الغسل‪ ،‬وإنَّام ُي ِ‬
‫وجب الوضو َء‪َّ ،‬‬
‫ألن حكمه حكم‬ ‫َ‬ ‫املني‪ ،‬هذا ال نُسميه‪« :‬من ِ ايا»‪ ،‬نُسميه‪َ « :‬و ْد ًيا»‪ ،‬وهذا ال ُي ِ‬
‫وجب‬ ‫َ ِّ‬ ‫َ‬ ‫َ ِّ‬ ‫ِّ‬
‫السبيلني‪.‬‬
‫اخلارج من َّ‬
‫‪ ،‬ويقول ابن ع َّب ٍ‬
‫اس‬ ‫املني ا َّلذي يوجب الغسل هو‪َ « :‬ما كَا َ َد ْف ًقا بِ َل َّذة»‪ ،‬وهذه عبارة ٍّ‬
‫عِّل‬ ‫ط ِّيب إ ًذا ُّ‬
‫ت َفا ْغت َِس ْل‪َ ،‬وإِ ََّل َف ََل َت ْغت َِس ْل»‪.‬‬
‫‪« :‬إِ َذا َد َف ْق َ‬

‫لذ ٍة فال يكون َمن ِ ايا‪ ،‬وإنَّام َو ْد ٌي‪.‬‬


‫فإذا خرج من غري َّ‬

‫بلذ ٍة ومل يره‪ ،‬إ َّما أنَّه مل خيرج‪ ،‬أو منعه‬


‫أحس بانتقاله َد ْف ًقا َّ‬
‫َّ‬ ‫وكذلك الدَّ ْفق ‪-‬رغم َّأَّنا مسأل ٌة دقيق ٌة‪ -‬إذا‬
‫بنفسه‪ ،‬فهل يكو ُم ِ‬
‫وج ًبا للغسل أم َل؟‬

‫أن العَبة‬ ‫أن اخلروج ال أثر له‪ ،‬فيكون م ِ‬


‫وج ًبا للغسل‪ ،‬فاألقرب عىل قاعدة املذهب‪َّ :‬‬ ‫مشهور املذهب‪َّ :‬‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫للرؤية‪ ،‬كام قال يف دم احليض‪ ،‬جيب أن نقول كذلك هنا‪ ،‬نقول‪ :‬إنَّه ال يكون موج ًبا للغسل َّإال أن يراه‪.‬‬
‫ُّ‬
‫طب ًعا املذهب ملاذا يقول‪ :‬إنَّه يكون موج ًبا للغسل وإن مل يره؟‬

‫ألنَّه يكون قد انتقل من حم ِّله فال خيرج َّإال مع البول‪ ،‬فلذلك يكون موج ًبا‪.‬‬

‫واحلقيقة قول املذهب هو األحوط‪ ،‬فاألحوط أنَّه يكون موج ًبا للغسل‪ ،‬األحوط أن نقول‪ :‬وإن مل يره‬

‫يكون موج ًبا للغسل‪.‬‬


‫املني والودي واملذي‪ ،‬أجاب عنه َّ‬
‫الشيخ بقوله‪]:‬‬ ‫الشيخ عن الفرق بني ِّ‬ ‫ٌ‬
‫سؤال من أحد ال َّطلبة مل ُي ْكتَب‪ ،‬وهو ممَّا ُي ْف َهم من جواب َّ‬ ‫[هنا‬

‫ال‪ ،‬عندنا ثالثة أشيا َء‪:‬‬

‫مني‪.‬‬
‫‪ٌّ -1‬‬

‫‪29‬‬
‫‪َ -2‬و َو ْد ٌي‪.‬‬

‫‪َ -3‬و َم ْذ ٌي‪.‬‬

‫وال حياء يف الدِّ ين‪ ،‬ما الفرق بني هذه األمور ال َّثالثة؟‬

‫كبري جدا ا بني هذه الثَّالثة‪ ،‬يف األحكام ويف احلقيقة‪:‬‬


‫الفرق ٌ‬
‫ورقيق‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫فأبيض‬
‫وثخني‪ ،‬وأ َّما املذي ُ‬
‫ٌ‬ ‫أبيض‬
‫والو ْد ُي واحدٌ ؛ ُ‬
‫ملني َ‬ ‫أ َّما من حيث َّ‬
‫الشكل‪ :‬فا ُّ‬
‫لذ ٍة‪ ،‬وقد خيرج‬
‫لذ ٍة‪ ،‬املذي قد خيرج من َّ‬
‫والو ْد ُي خيرج من غري َّ‬ ‫ف َّ ٍ‬
‫بلذة‪َ ،‬‬ ‫املني ُي ْق َذ ُ‬
‫أيضا ُّ‬
‫ومن حيث احلقيقة‪ً :‬‬
‫ٍ‬
‫ملرض فيه‬ ‫ْت َر ُج ًَل َم َّذ ًاء»‪ ،‬قيل‪ :‬إنَّه كان من فرط شهوته‪ ،‬وقيل‪ :‬إنَّه كان‬
‫كان يقول‪ُ « :‬كن ُ‬ ‫عِّل‬ ‫من غري َّ ٍ‬
‫لذة؛ ٌّ‬
‫‪ ،‬والعلم عند اهلل ‪.‬‬

‫إ ًذا عرفنا الفرق اآلن بني هذه األمور ال َّثالثة‪ ،‬أليس كذلك؟‬

‫ب‬ ‫َج ٌس‪ِ ،‬‬


‫موج ٌ‬ ‫الو ْدي ا َّلذي هو يشبه املني ن ِ‬
‫ب للغسل‪َ ،‬‬ ‫األول‪ ،‬املني طاهر يف نفسه‪ِ ،‬‬
‫موج ٌ‬ ‫ط ِّيب النَّوع َّ‬
‫َّ‬ ‫ٌ‬ ‫ُّ‬
‫للوضوء واالستنجاء‪.‬‬

‫ب للوضوء) يعني‪ :‬ما جيب له ٌ‬


‫غسل واالستنجاء(‪.)1‬‬ ‫ِ‬
‫(موج ٌ‬ ‫(نجس)‪ ،‬يعني‪ :‬جيب غسله‪،‬‬
‫ٌ‬ ‫انظر للعبارة‪:‬‬

‫نجس لكن نجاسته خفيف ٌة‪ ،‬فيكفي فيه النَّضح‪.‬‬


‫النَّوع ال َّثالث ما هو؟ املذي‪ ،‬املذي ٌ‬

‫موجب‬
‫ٌ‬ ‫والرش‪ ،‬سنتكلم عنها بعد ٍ‬
‫قليل‪،‬‬ ‫إ ًذا الفرق بينها وبني الودي نجاس ٌة خم َّففة‪ ،‬يكفي فيه النَّضح َّ‬
‫كامال‪ ،‬واألُ ْن َث َي ْ ِ‬
‫ني؛ ألنَّه ثبت يف مسند اإلمام‬ ‫الذكَر ً‬
‫للوضوء‪ ،‬جيب االستنجاء؟ نقول‪ :‬جيب منه االستنجاء وغسل َّ‬

‫لعِّل‪َ « :‬ف ْل َيغ ِْس ْل َذك ََر ُه َو ُأ ْنثَ َي ْي ِه»‪.‬‬


‫قال ٍّ‬ ‫َّبي‬ ‫أمحدَ َّ‬
‫أن الن َّ‬
‫ً‬
‫كامال‬ ‫الذكَر‬ ‫ِّ‬
‫املحل فقط؛ بل جيب غسل َّ‬ ‫جيب بعد املذي غسل َّ‬
‫الذكَر ليس استنجا ًء‪ ،‬غسل خارج‬
‫واألُ ْن َث َي ْ ِ‬
‫ني‪.‬‬

‫والو ْد ِي من جهتني‪:‬‬
‫املذ ِي َ‬
‫إ ًذا الفرق بني ْ‬

‫[الو ْدي] نجاس ٌة عادي ٌة‪.‬‬ ‫‪ -‬نوع النَّجاسة؛ هذا [املذي] خم َّف ٌ‬
‫ف‪ ،‬وهذا َ‬

‫(‪ )1‬هكذا فيام وصلني‪ ،‬وفيها خلل‪.‬‬


‫‪30‬‬
‫استجامر‪ ،‬جيب غسل‬
‫ٌ‬ ‫‪ -‬واجلهة ال َّثانية‪ :‬التَّطهري‪ ،‬كيف؟ هذا َ‬
‫[الو ْدي] (استنجى فقط أو استجمر)(‪ ،)1‬املذي ما فيه‬
‫ِ‬
‫الذكَر واألُ ْن َث َي ْني فقط‪ ،‬هذا من باب االستطراد‪ ،‬لكن ‪-‬إن شاء اهلل‪ -‬فيها ٌ‬
‫خري‪.‬‬ ‫َّ‬
‫‪« :‬إِ َذا ا ْل َت َقى ا ْل ِ‬
‫ـختَانَا ِ َف َقدْ‬ ‫ِ‬ ‫قال‪( :‬وا ْلتِ َقاء ا ْل ِ‬
‫ـختَان ْ ِ‬
‫موجب للغسل‪ ،‬وإن مل ُين ِْزل املر ُء؛ لقول الن ِّ‬
‫َّبي‬ ‫ٌ‬ ‫َْ)‬ ‫ُ‬ ‫َ‬

‫ب ا ْلغ ُْس ُل»‪ ،‬وهو كناي ٌة عن اجلامع‪.‬‬


‫َو َج َ‬

‫من أسلم باالغتسال‪.‬‬ ‫َّبي‬


‫موجب للغسل؛ ألمر الن ِّ‬
‫ٌ‬ ‫قال‪( :‬إِ ْس ََل ُم ا ْلكَافِ ِر)‬

‫ت)‪ ،‬احليض والنِّفاس موجبان للغسل؛ لقول اهلل ‪ :‬ﮋ ﮱ ﯓ‬ ‫اِ‪َ ،‬وا ْل َ‬
‫ـم ْو ُ‬ ‫(وا ْل َ‬
‫ـح ْي ُض‪َ ،‬والنُّ َف ُ‬ ‫قال‪َ :‬‬
‫ب غسل امل ِّيت؛ لذلك يذكرها الفقهاء من باب فقط الدِّ اللة‪،‬‬ ‫ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﮊ [البقرة‪ ،]222 :‬واملوت ُي ِ‬
‫وج ُ‬
‫وإال هذه متع ِّلق ٌة بـ(باب اجلنائز)‪.‬‬
‫َّ‬

‫اسة‪َ ،‬و ُم ِزيل‪َ ،‬و ُمزَال بِ ِه‪َ ،‬و ُمزَال َعنْ ُه‪،‬‬ ‫اء‪ :‬ن ََج َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫قال‪( :‬ال َّث ِاين‪ :‬ال َّطهار ُة ِمن النَّج ِ ِ‬
‫اسة؛ َوه َي ُم ْشتَم َلة َع ََل َأ ْر َب َعة َأ ْش َي َ‬ ‫َ َ َ َ َ‬
‫ـه ِّر‪َ ،‬و ِج ْلدُ ك ُِّل َم ْيتَة‪َ ،‬و ََل َي ْط ُه ُر بِالدِّ َباغِ‪،‬‬ ‫ُم َّرم َف ْو َق ا ْل ِ‬ ‫َْي َم ْأكُول‪َ ،‬و ََخْر‪َ ،‬وك ُُّل َح َي َوا ُ َ‬ ‫ِ‬
‫اس ُة‪َ :‬ب ْول‪َ ،‬وغَائط‪َ ،‬وغ ْ ُ‬ ‫الن ََّج َ‬
‫ـمز َُال‬ ‫َي ِس ُن ْ ِ‬
‫اْلزَا َل َة‪َ ،‬و َأ َّما ا ْل ُ‬ ‫يل‪َ :‬ف ُه َو ك ُُّل َم ْن ُ ْ‬ ‫ـم ِز ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬
‫َْي َح َي َوا ِ َب ْحر ََل َين ُْج ُس بِ َم ْوته‪َ ،‬وآ َدم ٍّي‪َ ،‬و َأ َّما ا ْل ُ‬ ‫َو َع ْظم َك َث ِّل َم ْيتَة؛ غ ْ َ‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ـمز َُال َعنْ ُه‪َ :‬فك ُُّل َما‬ ‫اص ًة‪َ ،‬و َأ َّما ا ْل ُ‬ ‫ب َوا ْلـخن ِْز ِير‪َ ،‬و ْاْلَ ْح َج ُار ِِف اَل ْست ْج ََم ِر َخ َّ‬ ‫اب؛ كَالْ َك ْل ِ‬ ‫الُّت ِ‬
‫ور‪َ ،‬و َم َع ُّ َ‬ ‫اء ال َّط ُه ُ‬ ‫بِه‪َ :‬فاملَ ُ‬
‫ـم َص ِّّل ِِف َبدَ نِ ِه‪َ ،‬و َث ْوبِ ِه‪َ ،‬و ُب ْق َع ِة َص ََلتِ ِه)‪.‬‬ ‫ِ‬
‫اس ُة بِه‪َ ،‬و َي َتطَ َّه ُر ا ْل ُ‬
‫ِ‬
‫َع ُل َقت الن ََّج َ‬

‫الشيخ بذكر النَّوع ال َّثاين من األحداث‪ ،‬األحداث نوعان‪:‬‬


‫بدأ َّ‬
‫حيس‪.‬‬
‫ٌّ‬ ‫ٌ‬
‫وحدث‬ ‫‪-‬‬ ‫معنوي‪.‬‬
‫ٌّ‬ ‫ٌ‬
‫حدث‬ ‫‪-‬‬
‫احلسـي للنَّجاسة‪ ،‬بدأ َّ‬
‫الشيخ باحلديث عن‬ ‫ُّ‬ ‫املعنوي‪ ،‬هو احلدث األصغر واألكَب‪ ،‬واحلدث‬
‫ُّ‬ ‫احلدث‬
‫أنواعها‪ ،‬وقال‪ :‬لكي تفهم النَّجاسة الزم أن تعرف أربع أشيا َء‪ ،‬ما هي النَّجاسات؟ وما هي األشياء ا َّلتي تزال؟‬
‫وما هو املزيل ا َّلذي يقوم باإلزالة؟ وما هو املزال به؟ وما هو املزال عنه‪ ،‬املوضع ا َّلذي يزال؟ نعم نبدأ باألمر‬
‫األول‪.‬‬
‫َّ‬
‫الشيخ بتعديد النَّجاسة‪ ،‬فقال َّأول النَّجاسات‪َ ( :‬ب ْول‪َ ،‬وغَائِط)‪ ،‬ونحن قلنا قبل قليل‪َّ :‬‬
‫إن اخلارج من‬ ‫وبدأ َّ‬
‫نجس‪ ،‬سوا ٌء كان ً‬
‫بوال‪ ،‬أو غائ ًطا‪ ،‬أو َ‬
‫غريمها‪.‬‬ ‫السبيلني ك َّله ٌ‬
‫َّ‬

‫(‪ )1‬هكذا‪ ،‬ولعلهام‪( :‬استنجاء فقط أو استجامر)‪.‬‬


‫‪31‬‬
‫َْي‬
‫(وغ ْ ُ‬ ‫الشيخ بعض النَّجاسات حقيق ًة‪ ،‬وليست َّ‬
‫كل النَّجاسات‪ ،‬وإ َّنام ذكر بعضها‪ ،‬فقال‪َ :‬‬ ‫ثم عدَّ د َّ‬
‫َّ‬
‫َم ْأكُول)‪[ ،‬هناك] قاعد ٌة يف املذهب‪ :‬أ َّ غْي املأكوَلت نجسة‪.‬‬
‫عندنا قاعدتا ‪:‬‬
‫‪ -‬أ َّ النَّجسات َل جيوز أك ُلها‪ ،‬وأقلب هذه القاعدة‪.‬‬
‫‪ -‬أ َّ ما َل جيوز أك ُله نجس‪.‬‬
‫جممع عىل هذه القاعدة‪َّ :‬‬
‫أن‬ ‫ٌ‬ ‫أ َّما القاعدة األُوىل‪ :‬وهي أ َّ النَّجاسات َل جيوز أك ُلها‪ ،‬فهذه جم ٌ‬
‫مع عليها‪،‬‬
‫النَّجاسات ال جيوز أك ُلها‪َّ ،‬إال عند االضطرار‪.‬‬
‫والصحيح َّ‬
‫أن هذه‬ ‫َّ‬ ‫وأ َّما القاعدة ال َّثانية وهي‪ :‬أ َّ ما َح ُر َم أك ُله فهو نجس‪ ،‬فهذه القاعدة يف املذهب‪،‬‬

‫كثريا من األشياء‪ ،‬ا َّلتي ال جيوز أك ُلها طاهرةٌ‪ ،‬ولذلك َّ‬


‫يتوسع علامء املذهب يف تعديد‬ ‫فإن ً‬‫القاعدة ليست مقبول ًة‪َّ ،‬‬
‫والصواب َّأَّنا طاهرةٌ‪ ،‬وليست نجس ًة كام سيأيت‪ ،‬وهو سيذكرها بعد ٍ‬
‫قليل‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫نجاسات َّ‬
‫ألَّنا‬ ‫(و ََخْر)‪ ،‬اخلمر عندهم هي نجس ٌة‪ ،‬ملاذا؟ قالوا‪ :‬ألنَّه حيرم أك ُلها وتناوهلا؛ َّ‬
‫فدل عىل نجاستها؛ َّ‬ ‫قال‪َ :‬‬
‫حرم أك ُلها لذاهتا‪ ،‬فد َّل عىل َّأَّنا نجس ٌة‪.‬‬
‫وهذا القول هو قول مجاهري أهل العلم قاطب ًة‪.‬‬
‫ٍ‬
‫ومجاعة من‬ ‫معاين‬‫الس‬
‫ِّ‬ ‫عبدالرمحن شيخ اإلمام مالك‪ ،‬وهو قول َّ‬
‫َّ‬ ‫وقال بعض أهل العلم ‪-‬ومنهم ربيعة بن‬
‫أهل العلم‪َّ :‬‬
‫إن اخلمر تكون طاهرةً‪ ،‬ولكن اجلمهور عىل نجاستها‪ ،‬اجلمهور عىل النَّجاسة‪.‬‬
‫حمر ٌم أك ُله‪ ،‬فيكون‬ ‫(وك ُُّل َح َي َوا ُ َ‬
‫ُم َّرم) أي َّ‬ ‫ُم َّرم َف ْو َق ا ْل ِ‬
‫ـه ِّر)‪ ،‬انظر؛ قول َّ‬
‫الشيخ‪َ :‬‬ ‫(وك ُُّل َح َي َوا ُ َ‬
‫ثم قال‪َ :‬‬
‫َّ‬
‫حيك َُم بطهارة سؤره‪.‬‬
‫اهلر‪ ،‬فإنَّه ُ ْ‬
‫أصغر من ِّ‬
‫َ‬ ‫كل أعضائه نجس ًة‪ ،‬إذا كان ( َف ْو َق ا ْل ِ‬
‫ـه ِّر)‪ ،‬أ َّما إذا كان‬ ‫ُّ‬
‫إن احليوانات ا َّلتي ال جيوز أك ُلها نوعان‪:‬‬
‫فلنبدأ إ ًذا نقول‪َّ :‬‬
‫ثم نذكر لكم القاعدة بعدين‪-‬‬ ‫ِ‬
‫‪-‬فلنأت باملذهب‪َّ ،‬‬
‫احليوانات ا َّلتي َل جيوز أك ُلها ِف املذهب نوعا ‪:‬‬
‫اهلر‪ ،‬مثل‪ :‬الكلب ‪-‬أعزكم اهلل‪ -‬احلامر ‪-‬أكرمكم اهلل‪ -‬كذلك البغل‪ُّ ،‬‬
‫كل‬ ‫‪ -‬إ َّما أن يكون حجمها فوق ِّ‬
‫اهلر‪ ،‬هذه يقولون‪ُّ :‬‬
‫كل أجزائها نجس ٌة‪ ،‬شعرها‪ ،‬عرقها‪ ،‬سؤرها‪،‬‬ ‫ما حيرم أك ُله ويكون حجمه فوق ِّ‬
‫ك ُّلها نجس ٌة‪.‬‬
‫َّبي‬
‫ألن الن َّ‬ ‫ف عن سؤرها‪َ ،‬ف ُي ْحك َُم بطهارته إذا َ ِ‬
‫رش َب ْت؛ َّ‬ ‫اهلر فام دونه فهي نجس ٌة‪ ،‬لكن ُخ ِّف َ‬ ‫قالوا‪ :‬وأ َّما ُّ‬
‫ـهر ِة وس ْؤ ِرها‪َ ،‬ف َق َال‪ِ « :‬هي ِمن ال َّطوافِْ ع َليكُم وال َّطوا َف ِ‬ ‫ِ‬
‫ات»‪.‬‬ ‫َ َ َّ َ َ ْ ْ َ َّ‬ ‫ُسئ َل َع ِن ا ْل ِ َّ َ ُ َ‬

‫‪32‬‬
‫اهلرة وفيام معناه ما كان دونه‪ ،‬فعندهم لو َّ‬
‫أن عندك خبزةٌ‪ ،‬فأكل‬ ‫ففقهاء املذهب نظروا للحجم‪ ،‬فقالوا‪َّ :‬‬
‫حجام‪ ،‬مثل‪ :‬الفأر‪ ،‬فأر البيوت ‪-‬فأر البيوت واملزارع قد يأكل‬
‫ً‬ ‫األصغر منها‬
‫ُ‬ ‫منها ٌّ‬
‫قط‪ ،‬أو أكل منها بعض احليوانات‬
‫طاهرا‪ ،‬لكن لو‬
‫ً‬ ‫طاهر‪ ،‬أو عندك ما ٌء فشـرب منه فيكون‬
‫ٌ‬ ‫سؤر‬ ‫من بعض اخلبز‪ -‬فيجوز أن تأكل من بعده؛ َّ‬
‫ألن هذا ٌ‬
‫نجس‪ ،‬إ ًذا َّفرقوا للحجم‪.‬‬ ‫هذا املاء ا َّلذي رشب منه ٌ‬
‫كلب‪ ،‬أو غريه من النَّجاسات‪ ،‬من احليوانات فيقول‪ :‬إنَّه ٌ‬
‫دائام‬
‫اآلدمي يبارشه ً‬
‫ُّ‬ ‫اآلدمي له‪ ،‬فيقول‪ :‬ما كان‬
‫ِّ‬ ‫الرواية ال َّثانية يف املذهب‪ :‬أَّنم ِّ‬
‫يفرقون بحسب مبارشة‬ ‫ِّ‬
‫يفرقون‬
‫املذهب‪َّ :‬أَّنم ِّ‬
‫َ‬ ‫طاهرا‪ ،‬وكذلك عر ُقها‪ ،‬ولك َّن‬
‫ً‬ ‫دائام مثل‪ :‬البغال‪ ،‬ومثل‪ :‬احلمري‪َّ ،‬‬
‫فإن سؤرها يكون‬ ‫معه‪ ،‬معه ً‬
‫باحلجم‪.‬‬
‫(و ِج ْلدُ ك ُِّل َم ْيتَة)‪ ،‬امليتة‪:‬‬
‫قال‪َ :‬‬
‫حمرم َة األكل يف احلياة‪.‬‬
‫إ َّما أن تكون َّ‬
‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫حيل أك ُلها لكنَّها ُذبِ َح ْت من غري تزكية رشع َّية‪ ،‬فجلدها َّ‬
‫حمر ٌم‪.‬‬ ‫أو أن تكون ُّ‬
‫أن جلد امليتة ال يطهر بالدِّ باغ‪ ،‬حتَّى لو ُدبِ َغ‪ ،‬لكن لو ُدبِ َغ جلد امليتة جيوز استخدامه يف‬
‫واملذهب‪َّ :‬‬
‫اليابسات دون املائعات‪.‬‬
‫مر ًة ثاني ًة‪ ،‬عندنا امليتة نوعان‪:‬‬
‫انتبه! نعيدها َّ‬
‫كالسباع‪ ،‬واحلمري‪.‬‬
‫حمرمة األكل؛ ِّ‬
‫‪ -‬إ َّما أن تكون َّ‬
‫‪ -‬وإما أن تكون يباح أكلها‪ ،‬لكنَّها ماتت حتف أنفها‪ ،‬بغري ٍ‬
‫ذكاة‪.‬‬ ‫َُ‬ ‫َّ‬
‫نجس؛ ُدبِ َغ أو مل ُيدْ َبغ‪ ،‬لكن ما كانت طاهر ًة يف احلياة‪ ،‬جيوز االنتفاع‬ ‫ُّ‬
‫كل ال ِّثنتني نحكم َّ‬
‫بأن جلدها ماذا؟ ٌ‬
‫جي َعل يف حفظ األطعمة اليابسة؛‬
‫جي َعل عىل اخليل واإلبل‪ْ ُ ،‬‬
‫بجلدها بعد الدَّ بغ؛ يف اليابسات دون املائعات؛ ُ ْ‬
‫كاحلبوب‪ ،‬لكن ما جيعل [يف املائعات]‪ ،‬هذا املذهب‪.‬‬
‫الرواية ال َّثانية‪ :‬ال ُينْ َت َفع به يف املائعات‪ ،‬و[ال] يف اليابسات‪ ،‬يف املائعات واليابسات‪.‬‬
‫يف ِّ‬
‫نفرق بني االثنني‪:‬‬ ‫(و ََل َي ْط ُه ُر بِالدِّ َباغِ)‪ ،‬إ ًذا ِّ‬
‫نفرق بني يطهر بالدِّ باغة‪ ،‬وبني االنتفاع به‪ ،‬جيب أن ِّ‬ ‫قال‪َ :‬‬
‫ال َّطهارة واالنتفاع‪.‬‬
‫َّبي‬ ‫ٍ‬ ‫(و َع ْظم َكثَ ِّل َم ْيتَة)؛ عظم ِّ‬
‫نجسا‪« ،‬والن ُّ‬
‫كل ميتة ال جيوز االنتفاع هبا‪ ،‬قالوا‪ :‬ألنَّه من امليتة يكون ً‬ ‫قال‪َ :‬‬
‫نجس‪ ،‬هذا املذهب‪ ،‬طب ًعا فيه توجي ٌه‬
‫يدل عىل أنَّه ٌ‬ ‫إن هذا ُّ‬ ‫ملَّا ُسئِ َل عن اَلستنجاء بالعظم هنى عنه»‪ ،‬فقالوا‪َّ :‬‬
‫آخر غري هذا التَّوجيه‪.‬‬
‫ُ‬
‫َْي َح َي َوا ِ َب ْحر)‪ ،‬حيوانات البحر ا َّلتي تعيش يف البحر‪ ،‬أو يكون أغلب حياهتا يف البحر‪ ،‬وهي‬
‫قال‪( :‬غ ْ َ‬

‫‪33‬‬
‫َّبي‬ ‫َب والبحر‪ ،‬إن كان أغلبه يف البحر‪ ،‬فتكون حيوان ٍ‬
‫بحر‪ ،‬فإنَّه ال ينجس بموته؛ حلديث الن ِّ‬ ‫ا َّلتي يكون بعضها يف ال ِّ‬
‫‪ُ « :‬أ ِح َّل ْ‬
‫ت َلنَا َم ْي َتتَا ِ »‪ ،‬وذكر منها‪َ « :‬م ْي َت َة ا ْل َب ْح ِر»‪.‬‬
‫ـم ْؤ ِم َن ََل َين ُْج ُس»‪،‬‬
‫يف أيب هريرةَ‪« :‬إِ َّ ا ْل ُ‬
‫َّبي‬
‫واآلدمي ال ينجس بالوفاة؛ لقول الن ِّ‬
‫ُّ‬ ‫(وآ َد ِم ٍّي)‪ً ،‬‬
‫أيضا‬ ‫قال‪َ :‬‬
‫آدمي ال‬
‫ٍّ‬ ‫طردي‪ ،‬واملراد‪ُّ :‬‬
‫كل‬ ‫ٌّ‬ ‫وصف‬
‫ٌ‬ ‫ـم ْؤ ِمن»‪ ،‬هذا‬
‫‪« :‬ا ْل ُ‬ ‫َّبي‬ ‫عمر يف « َّ‬
‫الشـرح الكبري»‪( :‬وقول الن ِّ‬ ‫قال‪ :‬ابن َ‬
‫كافرا)‪.‬‬
‫مسلام كان أو ً‬ ‫ينجس‪ ،‬ال ح ايا وال م ِّيتًا‪ً ،‬‬
‫َي ِس ُن ْ ِ‬
‫اْلزَا َل َة)‪.‬‬ ‫يل‪َ :‬ف ُه َو ك ُُّل َم ْن ُ ْ‬ ‫(و َأ َّما ا ْل ُ‬
‫ـم ِز ُ‬ ‫قال‪َ :‬‬
‫دقيقة جدا ا؛ وهي ما يتع َّلق بام هو رشط املزيل؟‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫مسألة‬ ‫الشيخ بذكر‬ ‫بدأ َّ‬
‫ٍ‬ ‫َي ِس ُن ْ ِ‬
‫اْلزَا َل َة)‪ ،‬وهذه مبن َّي ٌة عىل‬
‫مسألة‬ ‫(ه َو ك ُُّل َم ْن ُ ْ‬ ‫الشخص ا َّلذي يقوم باإلزالة‪ ،‬فقال َّ‬
‫الشيخ‪ُ :‬‬ ‫املزيل هو‪َّ :‬‬
‫ٍ‬
‫رت ُط يف إزالة النَّجاسات النِّيَّة أم ال ُي ْش َ َ‬
‫رتط؟‬ ‫مهمة جدا ا؛ وهي‪ :‬هل ُي ْش َ َ‬
‫َّ‬
‫رت ُط إلزالة النَّجاسات النِّ َّية‪.‬‬
‫املذهب‪ :‬أنَّه ُي ْش َ َ‬
‫الرتوك‪.‬‬ ‫رت ُط له النِّ َّية؛ َّ‬
‫ألَّنا من أفعال ُّ‬ ‫والصحيح‪ :‬أنَّه ال ُي ْش َ َ‬
‫َّ‬
‫الصور ال يشرتطون هلا‬
‫الصور يشرتطون هلا النِّ َّية‪ ،‬وبعض ُّ‬
‫الصور‪ ،‬فبعض ُّ‬
‫تفريق بني بعد ُّ‬
‫ٌ‬ ‫طب ًعا هم هلم‬
‫النِّ َّية‪.‬‬
‫وغريه من أهل العلم‬
‫ُ‬ ‫تقي الدِّ ين‬ ‫قرر ابن قايض اجلبل يف قواعد‪َّ ،‬‬
‫والشيخ طب ًعا ُّ‬ ‫الصحيح ‪-‬كام َّ‬
‫ولك َّن َّ‬
‫الرتوك‪ ،‬واألعامل ا َّلتي ال ُي ْش َ َ‬
‫رتط هلا النِّ َّية هي‪:‬‬ ‫ألَّنا من أفعال ُّ‬ ‫أن النَّجاسات ك َّلها ال ت ُْش َ َ‬
‫رتط هلا النِّ َّية؛ َّ‬ ‫املح ِّققني‪َّ :‬‬
‫اإلتالفات‪ ،‬وا ُّلرتوك‪ ،‬وهذه منها‪.‬‬
‫ِ‬
‫الشيخ بذكر األشياء ا َّلتي تزيل النَّجاسات‪ ،‬أعيان النَّجاسات‪،‬‬
‫ور)‪ ،‬بدأ َّ‬ ‫(و َأ َّما ا ْل ُ‬
‫ـمز َُال بِه‪َ :‬فاملَ ُ‬
‫اء ال َّط ُه ُ‬ ‫قال‪َ :‬‬
‫النَّجاسة العين َّية أو احلكم َّية‪ ،‬طب ًعا النَّجاسات نوعان‪:‬‬
‫‪ -‬عينيَّ ٌة‪.‬‬
‫‪ -‬وحكم َّي ٌة‪.‬‬
‫العين َّية ال تطهر أبدً ا‪ ،‬واحلكم َّية هي ا َّلتي تطهر‪ ،‬هي ا َّلتي وردت عليها النَّجاسة‪ ،‬تك َّلم اآلن عن‬
‫النَّجاسات احلكم َّية كيف ُتزَال؟‬
‫ور)‪ ،‬فاملذهب‪ :‬أنَّه ال تزول النَّجاسة َّإال بام جيوز الوضوء به‪ ،‬وال ت َُزال النَّجاسة‬‫قال‪ُ ( :‬تز َُال بِالْـَم ِء ال َّط ُه ِ‬
‫َ‬
‫ٍ‬
‫بغريه‪ ،‬فلو َأ َز ْلت ََها بشاهي‪ ،‬أو بقهوة‪ ،‬أو بيبسـي؛ فاملذهب‪َّ :‬أَّنا ال جتوز‪ ،‬ال تزول؛ بل ال ُبدَّ من املاء؛ َّ‬
‫ألَّنا إحدى‬
‫احلدثني‪.‬‬

‫‪34‬‬
‫بكل ما ُي ِز ُيل َع ْين ََها‪.‬‬
‫والرواية ال َّثانية يف املذهب‪َّ :‬إَّنا تزول ِّ‬
‫والقول ال َّثاين‪ِّ ،‬‬
‫انتبه عندي مسأل ٌة‪ ،‬سأذكر لكم فائدةً‪:‬‬
‫الرواية ال َّثانية‪ ،‬ال تأخذ َّ‬
‫كل‬ ‫ثم تأخذ بعدها ِّ‬
‫بالرواية املشهورة‪َّ ،‬‬ ‫َّ‬
‫الشخص إذا أراد أن يعرف الفقه‪ ،‬تعرفه ِّ‬
‫ٍ‬
‫الرواية األُوىل ِّ‬
‫والرواية ال َّثانية مها ال َّلتان ذكرمها املو َّفق ابن قدام َة‬ ‫وقديام كانوا يقولون‪ِّ :‬‬
‫ً‬ ‫الرواية ال َّثانية‪،‬‬
‫خالف‪ ،‬خذ ِّ‬
‫ٍ‬
‫رواية‬ ‫الرواية األُوىل يف املذهب هي ا َّلتي قدَّ مها‪ ،‬جعلها األُوىل‪ ،‬وال َّثانية ا َّلتي بعدها‪ ،‬هذه أشهر‬ ‫يف «الكاِف»‪ِّ ،‬‬
‫باملذهب‪.‬‬
‫تقي الدِّ ين وتالمذته‪.‬‬ ‫الرواية ال َّثانية يف املذهب‪ ،‬غال ًبا هي ا َّلتي اختارها َّ‬
‫الشيخ ُّ‬ ‫ثم بعد ذلك أصبحت ِّ‬
‫َّ‬
‫تقي الدِّ ين‪ ،‬ا َّلذين هلم كتب يف الفقه‪ ،‬منهم‪:‬‬ ‫تالمذة َّ‬
‫الشيخ ِّ‬
‫‪ -1‬ابن الق ِّيم‪.‬‬
‫ً‬
‫تلميذا له وإنَّام تلميذ تالمذته‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫رجب ‪-‬وإن كان ليس‬ ‫‪ -2‬وابن‬
‫‪ -3‬وابن مفلحٍ ‪.‬‬
‫‪ -4‬وابن قايض اجلبل صاحب «الفائق»‪.‬‬
‫ركشـي‪.‬‬
‫ُّ‬ ‫والز‬
‫‪َّ -5‬‬

‫خاص ٌة‪ ،‬وتأ َّثر هبم ٌ‬


‫كثري من الفقهاء‪.‬‬ ‫هؤالء اخلمسة مع شيخهم هلم مدرس ٌة َّ‬
‫الرواية ال َّثانية اختيار هؤالء‪ ،‬ولذلك ملَّا أقول لكم‪ِّ :‬‬
‫والرواية ال َّثانية‪،‬‬ ‫اجلراعي [‪ ]...‬يف «غاية املطلب»‪ ،‬غال ًبا يذكر ِّ‬
‫َّ‬
‫تقي الدِّ ين أو تالمذته‪.‬‬ ‫هي يف الغالب اختيار َّ‬
‫الشيخ ِّ‬
‫الشيخ وتالمذته‪ ،‬هي ا َّلتي عليها اختيار مشاخينا‪ ،‬غالب مشاخينا خيتارون‬
‫وكثري من املسائل ا َّلتي اختارها َّ‬
‫ٌ‬
‫الروايتني‪.‬‬
‫دائام نختار ما نأخذ عن هاتني ِّ‬‫بالرواية األُوىل؛ ولذلك ً‬
‫الرواية ال َّثانية‪ ،‬ونحن نختار ِّ‬
‫ِّ‬
‫ٍ‬
‫واحد‪ ،‬ولذلك‬ ‫ٍ‬
‫درس‬ ‫يك عن‬ ‫دروس‪ ،‬ن ِ‬
‫َاه َ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫خالف َل َـام استط ْع َت أن جتم َعه يف‬ ‫أ َّما لو أردت أن ُي ْذكَر لك ُّ‬
‫كل‬
‫معرفة ما اخلالف ا َّلذي ختتاره؟ هو ا َّلذي تعرف من هم ا َّلذين أخذوا به مبارشةً‪ ،‬وضحت املسألة؟‬

‫أردت ملَّا أقول‪( :‬يف ِّ‬


‫الرواية ال َّثانية) ماذا أقصد؟‬ ‫ُ‬ ‫أنا‬
‫املتأخرين‪ :‬أنَّه ال [تزول] النَّجاسة َّإال باملاء‬
‫ِّ‬ ‫املعتمد عليه‬
‫َ‬ ‫طيب إ ًذا قلت لكم‪ :‬املاء ال َّطهور‪ ،‬املذهب‬
‫ال َّطهور‪ ،‬ا َّلذي بقي عىل خلقته‪.‬‬
‫مطه ًرا للنَّجاسة مطل ًقا‪ ،‬سوا ًء كان ما ًء‪ ،‬أو غري‬
‫عني النَّجاسة‪ ،‬فإنَّه يكون ِّ‬ ‫كل ما َ‬
‫أزال َ‬ ‫أن َّ‬
‫والرواية ال َّثانية‪َّ :‬‬
‫ِّ‬
‫ٍ‬
‫ماء‪ ،‬لو نجاسة عىل األرض كببت عليها قهو ًة طهرت‪ ،‬التَّطهري بالنَّاشف هذا ُي َس ُّمونه‪« :‬مواد كيامو َّية»‪ ،‬ما يضعون‬

‫‪35‬‬
‫وأيضا ُي َط ِّهر‪ ،‬وهكذا‪.‬‬
‫الصوف‪ً ،‬‬ ‫خيربوا ُّ‬ ‫املاء [حتَّى] ال ِّ‬
‫ِ‬
‫تراب‪ ،‬حلديث أيب هريرة وعبد اهلل‬ ‫ب َوا ْلـخن ِْز ِير)‪ ،‬أي وجيب أن يزاد مع املاء ٌ‬ ‫اب؛ كَا ْل َك ْل ِ‬
‫الُّت ِ‬
‫(و َم َع ُّ َ‬‫قال‪َ :‬‬
‫اب»‪ ،‬إ َّما األُوىل أو األخرية؛ ولذلك َّ‬
‫سامها ال َّثامنة‪ ،‬ال َّثامنة‬ ‫الُّت ِ‬ ‫َ ِ‬
‫أ َم َر ب ُّ َ‬ ‫َّبي‬
‫الصحيحني‪« :‬أ َّ الن َّ‬ ‫بن [‪ ]...‬يف َّ‬
‫الرتاب‪.‬‬
‫بالرتاب‪ ،‬فيجب ُّ‬
‫ُّ‬
‫هنا فائدة [حتَّى] نفهم املأخذ األصو َّيل‪:‬‬
‫َاء َأ َح ِدك ُْم َف ْل َيغ ِْس ْل ُه َس ْب ًعا إِ ْحدَ َاها ‪ُ -‬أ َ‬
‫وال ُه َّن‪،‬‬ ‫ُشب ا ْل َك ْلب ِِف إِن ِ‬
‫ُ‬ ‫قال‪« :‬إِ َذا َو َلغَ » ويف رواية‪« :‬إِ َذا َ ِ َ‬
‫بي‬
‫النَّ ُّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الروايات ‪.‬‬
‫اب»‪ ،‬اختالف ِّ‬ ‫ُأ ْخ َر َاها‪ ،‬ال َّثامنَة‪ -‬ب ُّ َ‬
‫الُّت ِ‬

‫ذكر الكلب فقط‪ ،‬فهل نقيس عَل الكلب غْيه أم َل؟‬ ‫َّبي‬
‫الن ُّ‬
‫نقول‪ :‬إنَّام ُي َقاس عىل الكلب ما كان مثله‪ ،‬أو إنَّام ُي َقاس عىل هذا احلديث‪ ،‬ما كان مثله‪ ،‬وما كان من ٍ‬
‫باب‬
‫ذكر الولوغ‪ ،‬فمن باب َأ ْو َىل ُّ‬
‫الَّشب‪.‬‬ ‫َأ ْو َىل فقط‪ ،‬ما كان من ٍ‬
‫باب َأ ْو َىل‪ ،‬فنقول‪ :‬الن ُّ‬
‫َّبي‬
‫الكلب‪ ،‬فمن باب َأ ْو َىل اخلنزير؛ َّ‬
‫ألن اخلنزير ال جيوز االنتفاع به مطل ًقا‪ ،‬والكلب جيوز‬ ‫َّبي‬
‫ذكر الن ُّ‬
‫الصيد‪ ،‬فيجوز أحيانًا‪ ،‬أ َّما اخلنزير فال جيوز مطل ًقا‪ ،‬و ُأ ْم ِرنَا بقتله؛ فلذلك َّ‬
‫دل عىل أنَّه من باب‬ ‫كلب احلرس‪ ،‬وكلب َّ‬
‫َأ ْو َىل اخلنزير‪ ،‬نجاسته أعظم من نجاسة الكلب ال َّ‬
‫شك‪.‬‬
‫يصح‬
‫ُّ‬ ‫الرتاب ما كان يؤ ِّدي غرضه‪ ،‬مثل‪ :‬األَ ْشنان‪ ،‬أو األُ ْشنَان‬
‫الرتاب‪ ،‬فنقول‪ :‬يقوم مقام ُّ‬
‫ذكر ُّ‬ ‫بي‬
‫النَّ ُّ‬
‫الرتاب‪ ،‬فلو َّ‬
‫أن الكلب‬ ‫قوي جدا ا‪ ،‬وقد يكون أقوى من ُّ‬
‫الصابون اآلن مط ِّه ٌر ٌّ‬ ‫أيضا؛ َّ‬
‫ألن َّ‬ ‫الصابون ً‬
‫الوجهان‪ ،‬ومثل‪َّ :‬‬
‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫تقي‬
‫الشيخ ِّ‬ ‫ولغ يف إناء‪ ،‬فنقول‪ُ :‬ي ْغ َسل سب ًعا‪ ،‬إحداها بصابون جيزئ‪ ،‬وهذا هو املذهب‪ ،‬وهو َّ‬
‫الصحيح واختيار َّ‬
‫الروايتني عليه‪.‬‬
‫الدِّ ين‪ ،‬كال ِّ‬
‫الرتاب غريه من باب القياس َأ ْوىل‪ ،‬بل [‪.]...‬‬ ‫إ ًذا عرفنا أنَّه ُي َقاس عىل ُّ‬
‫ِ ِ‬
‫(و ْاْلَ ْح َج ُار ِِف اَل ْست ْج ََم ِر َخ َّ‬
‫اص ًة)‪.‬‬ ‫قال‪َ :‬‬
‫ٍ‬
‫واحد‪ ،‬وهو‬ ‫هذه املسألة انتبه هلا‪ ،‬مه ِّمة! ال جيوز إزالة النَّجاسة بغري املاء – [عىل] املذهب‪َّ -‬إال يف موض ٍع‬
‫االستجامر‪.‬‬
‫السبيلني إذا بقيت يف حم ِّلها‪ ،‬فيجوز إزالتها باحلجارة‪ ،‬أو ما‬
‫االستجامر ما هو؟ هو‪ :‬خروج النَّجاسة من َّ‬
‫والرتاب وغري‪.‬‬
‫يقوم مقام احلجارة؛ كاملنديل ُّ‬

‫ألن االستجامر ال ُي ِزيل النَّجاسة كامل ًة‪ ،‬ال يمكن‪ ،‬ال يمكن‪ ،‬سيبقى ٌ‬
‫أثر قط ًعا‬ ‫إن هذا استثنا ٌء؟ َّ‬
‫ملاذا قلنا‪َّ :‬‬
‫بالرتاب‪ ،‬أو ُمت ْ َسح‬
‫ألَّنا ُمت ْ َسح ُّ‬ ‫ُّ‬
‫يشك يف ذاك؛ َّ‬ ‫أثر من الغائط قط ًعا‪ ،‬قط ًعا‪ ،‬قط ًعا يبقى‪ ،‬ما أحدٌ‬
‫من البول‪ ،‬أو يبقى ٌ‬

‫‪36‬‬
‫[‪ ،]...‬لذلك يقولون‪:‬‬
‫االستنجاء باملاء هو‪ :‬إزالة النَّجس باملاء حتَّى يذهب أثره ‪-‬أي أثر البول والغائط‪.‬‬
‫أ َّما االستجامر باحلجارة فهو‪ :‬املسح هبا حتَّى يزول ما يزول باحلجارة‪ ،‬قط ًعا سيبقى يش ٌء‪.‬‬
‫السبيلني باملاء‪.‬‬
‫عرفوا االستنجاء‪ ،‬قالوا‪ :‬هو إزالة اخلارج من َّ‬
‫ولذلك الفقهاء ملا َّ‬
‫ٍ‬
‫بحجارة ونحوها‪.‬‬ ‫السبيلني‬
‫[وعرفوا] االستجامر قالوا‪ :‬هو إزالة حكم اخلارج من َّ‬
‫َّ‬
‫معفو عنه فال‬
‫ٌّ‬ ‫معفو عنه؛ ولذلك الفقهاء يقولون‪ :‬ألنَّه‬
‫ٌّ‬ ‫إ ًذا االستجامر قط ًعا سيبقى منه يش ٌء قط ًعا‪ ،‬ولكنَّه‬

‫ُي َزال باالستجامر َّإال ما خرج من َّ‬


‫السبيلني ما مل يتعدَّ موضعهام‪ ،‬ما مل يتعدَّ املوضع‪.‬‬
‫تبول‪ ،‬فانتقل البول إىل ِر ْجلِ ِه‪ ،‬نقول‪ :‬ما جيزئ فيه املسح باحلجارة‪ ،‬جيب الغسل؛ ألنَّه ما‬
‫شخصا َّ‬
‫ً‬ ‫فلو َّ‬
‫أن‬
‫السبيل‪.‬‬
‫استجامرا»‪ ،‬االستجامر فقط للموضع اخلارج من َّ‬
‫ً‬ ‫ُي َس َّمى‪« :‬‬
‫أن الغائط – ً‬
‫مثال‪ -‬وصل لبعض [‪ ]...‬خارج املعتاد‪ ،‬طب ًعا الفقهاء [‪ ،]...‬فنقول‪ :‬جيب فيه الغسل‪،‬‬ ‫أو َّ‬
‫وضحت املسألة؟‬
‫طب ًعا هذا كالم [‪ ،]...‬وهذا من باب التَّخفيف‪.‬‬
‫ٍ‬
‫بطاهر‪ ،‬ووجد املاء يقول‪ :‬يبقى‬ ‫أيضا‪ :‬بعض النَّاس يرتك االستجامر يقول‪ :‬ألنَّه ليس‬
‫ولذلك هنا فائد ٌة ً‬

‫الشـيء مع التَّعرق ينتقل لل ِّثياب‪ ،‬فكان بعض النَّاس ً‬


‫قديام‪ ،‬حتَّى يف بعض املذاهب الفقه َّية‪،‬‬ ‫يش ٌء‪ ،‬ور َّبام هذا َّ‬
‫معفو عنه إذا بقي يف البدن‪ ،‬فإذا انتقل‬
‫ٌّ‬ ‫ألن هذا [‪ ]...‬ا َّلذي بقي‪،‬‬
‫يقول‪ :‬جيب تغيري املالبس ملن استجمر باحلجارة؛ َّ‬
‫نجس ال َّثوب‪.‬‬
‫لل َّثوب مع العرق َّ‬
‫معفو عنه‪.‬‬
‫ٌّ‬ ‫هذا غري صحيحٍ ؛ بل يف كال احلالتني‬
‫فلام‬ ‫إن االستجامر إنَّام كان مشـرو ًعا ملَّا كان املاء ً‬
‫قليال‪َّ ،‬‬ ‫بعض النَّاس ماذا قال؟ ‪-‬هذا متقدِّ ٌم جدا ا‪ -‬قال‪َّ :‬‬
‫الصحابة؛ منهم‪ :‬طلحة بني ُع َب ْيداهلل ‪-‬أحد‬
‫كثريا‪ ،‬خالص نستنجي وال نستجمر‪ ،‬فكان بعض َّ‬
‫أصبح املاء ً‬
‫عمر ال يستنجون باملاء‪ ،‬وإنَّام يستجمرون فقط‪ ،‬وقصدهم من ذلك‪ :‬أن ُي َب ِّينُوا للنَّاس‬
‫العشـرة‪ -‬ومنهم‪ :‬عبداهلل بن َ‬
‫يتعمد ترك املاء ويفعل االستجامر‪ ،‬من باب‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫َّ‬
‫أن حكم االستجامر باق‪ ،‬وإن ُوجدَ املاء‪ ،‬فلذلك اإلنسان قد أحيانًا َّ‬
‫السنَّة َّأَّنا غري ملغ َّي ٍة‪.‬‬
‫ترويض نفسه للعلم والدِّ ين لبقاء ُ‬
‫ألن أحيانًا بعض النَّاس يبحث عن‬‫األمر ال َّثاين‪ :‬لكي ُي َو ِّطن نفسه عىل عدم الوقوع يف الوسواس؛ َّ‬
‫لذكرت لكم من املشاكل [عند] بعض اإلخوة َّ‬
‫الشـيء الكثري‪ ،‬فأحيانًا‬ ‫ُ‬ ‫النَّجاسة‪ ،‬ولو ُفتِ َح احلديث عن الوسواس‬

‫أنا أقول‪ :‬يا إخوان؛ ا َّلذين فيهم وسواس يرتك االستنجاء باملاء‪ ،‬ويذهب لالستجامر من باب ِّ‬
‫الرياضة‪ ،‬والتَّعود‪،‬‬

‫‪37‬‬
‫السنَّة َف َع َلها ا َّ‬
‫لصحابة‪.‬‬ ‫وهذه ُّ‬
‫الصحابة إنَّام‬ ‫تقي الدِّ ين يف «القواعد النُّوران َّية»‪َّ ،‬‬
‫أن طلحة وعبداهلل بن عمر وغريمها من َّ‬ ‫[ذكر] َّ‬
‫الشيخ ُّ‬
‫ألن النَّاس ذهبوا لالستنجاء وتركوا االستجامر‪.‬‬ ‫إنكارا االستنجاء وإنَّام َّ‬ ‫ً‬ ‫تركوه‪ ،‬ليس‬
‫ـم َص ِّّل ِِف َبدَ نِ ِه‪َ ،‬و َث ْوبِ ِه‪َ ،‬و ُب ْق َع ِة َص ََلتِ ِه)‪.‬‬ ‫ِ‬
‫اس ُة بِه‪َ ،‬و َيتَ َط َّه ُر ا ْل ُ‬
‫ِ‬
‫(و َأ َّما ا ْل ُ‬
‫ـمز َُال َعنْ ُه‪َ :‬فك ُُّل َما َع ُل َقت الن ََّج َ‬ ‫قال‪َ :‬‬
‫كل ٍ‬ ‫اس ُة بِ ِه)‪ُّ ،‬‬ ‫ِ‬
‫يشء‬ ‫الشيخ َذ َكر املزال عنه‪ ،‬واألشياء ا َّلتي تزال عنها النَّجاسة قال‪َ ( :‬فك ُُّل َما َع ُل َقت الن ََّج َ‬ ‫بدأ َّ‬
‫تع َّلقت به النَّجاسة وتلصق به‪ ،‬فإنَّه ت َُزال عنه النَّجاسة‪ ،‬فإن مل تكن الصق ًة به‪ ،‬فإنَّه ال نجاس َة عليه‪.‬‬
‫ـم َص ِّّل ِِف َبدَ نِ ِه)‪ ،‬طب ًعا مثال ذلك‪ ،‬مثال ذلك ما ال تعلق به النَّجاسة‪ ،‬قالوا‪َّ :‬‬
‫الشـيء‬ ‫(و َي َت َط َّه ُر ا ْل ُ‬
‫قال‪َ :‬‬
‫أن النَّجاسة ال تزول َّإال باملاء‪ ،‬فيقول‪َّ :‬‬
‫إن‬ ‫السيف‪ ،‬نحن قلنا‪[ :‬من] قواعد املذهب‪َّ :‬‬
‫السيف‪ ،‬ممكن َّ‬
‫الصقيل مثل‪َّ :‬‬
‫َّ‬
‫يطهره‪ ،‬ملاذا استثنى فقهاء املذهب؟‬
‫بالسيف‪ ،‬وبنا ًء عىل ذلك فإن مسحه باملنديل‪ ،‬أو باخلرقة ِّ‬
‫النَّجاسة ال تعلق َّ‬
‫قالوا‪َّ :‬‬
‫ألن النَّجاسة ال تعلق به‪ ،‬لكن ما علقت به فيجب فيه الغسل‪.‬‬
‫فإن هذا املسح يزيلها‪ ،‬ولكن لو وقعت‬ ‫السيف واملرآة وغريها‪َّ ،‬‬ ‫أن َّ‬
‫كل [‪ ]...‬منها‪َّ :‬‬ ‫الرواية ال َّثانية‪َّ :‬‬
‫وعىل ِّ‬
‫ويتطهر يف بدنه‪ ،‬األشياء ا َّلتي‬ ‫الصحيح‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫َّ‬ ‫تطهره‪ ،‬عىل َّ‬
‫النَّجاسة عىل بالط‪ ،‬أو عىل أسمنت‪ ،‬جمرد أنَّك متسح بخرقة ِّ‬
‫جيب التَّطهري فيها ثالثة أشيا َء‪:‬‬
‫يتحرك بحركته‪ ،‬أ َّما لو ُر َب َط به يش ٌء وهو بعيدٌ عنه فليس‬ ‫املصِّل ( َبدَ نِ ِه‪َ ،‬و َث ْوبِ ِه)‪ ،‬واملراد بثوبه‪ُّ :‬‬
‫كل ما َّ‬ ‫ِّ‬ ‫بدن‬
‫من ثوبه‪.‬‬
‫(و ُب ْق َع ِة َص ََلتِ ِه) واملراد ببقعة صالته هو‪ :‬من موضع سجوده إىل موضع عقده حال القيام‪ ،‬ومن يده‬
‫َ‬
‫السجود‪ ،‬وما بني ذلك‪ ،‬ولو مل يبارشه‪.‬‬
‫اليمنى إىل يده اليسـرى هذا حال ُّ‬

‫ْي ظِ ِّل‬‫الَّش ِء ِم ْث َل ُه [إِ ََل َم ِص ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬


‫ـر م ْن َمصْي ظ ِّل َّ ْ‬
‫ت ا ْلعص ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫ال‪َ ،‬و َيليه َو ْق ُ َ ْ‬ ‫ت‪ِِ :‬ف ال ُّظ ْه ِر بِالز ََّو ِ‬ ‫ث‪ :‬ا ْل َو ْق ُ‬ ‫قال‪( :‬ال َّثالِ ُ‬
‫الش َف ِق‬
‫يب َّ‬ ‫اء ِم ْن َم ِغ ِ‬ ‫ت ا ْل ِع َش ِ‬ ‫س‪َ ،‬و َيلِ ِيه َو ْق ُ‬
‫الش ْم ِ‬
‫يب َّ‬ ‫ب ِم ْن َم ِغ ِ‬ ‫ـمغ ِْر ِ‬
‫ت ا ْل َ‬ ‫ور ًة‪َ ،‬و َيلِ ِيه َو ْق ُ‬
‫َض َ‬ ‫ُمت ًَارا‪ُ ،‬ث َّم َ ُ‬ ‫َشء ِم ْث َل ْي ِه] ُ ْ‬
‫ك ُِّل َ ْ‬
‫س‪َ ،‬وتُدْ َر ُك‬‫الش ْم ِ‬‫ت ا ْل َف ْج ِر ِم ْن ُط ُلو ِع ا ْل َف ْج ِر ال َّث ِاين إِ ََل ُط ُلو ِع َّ‬‫ور ًة‪َ ،‬و َيلِ ِيه َو ْق ُ‬
‫َض َ‬ ‫ُمت ًَارا‪ُ ،‬ث َّم َ ُ‬ ‫مح ِر إِ ََل ُث ُلث ال َّل ْي ِل ُ ْ‬ ‫ْاْلَ ْ َ‬
‫ـج ُم َع ُة بِ َر ْك َعة)‪.‬‬
‫الص ََل ُة بِ َت ْكبِ َْية َوا ْل ُ‬
‫َّ‬

‫الصالة‪ ،‬وهو دخول الوقت يف قول اهلل ‪ :‬ﮋ ﮣ ﮤ‬


‫لصحة َّ‬
‫َّ‬ ‫الشـرط ال َّثالث‬
‫بذكر َّ‬ ‫رشع َّ‬
‫الشيخ‬

‫ﮥﮦﮧﮨ ﮩﮊ [النساء‪.]103 :‬‬

‫‪38‬‬
‫أن ال ُّظهر‬
‫الصحيح‪َّ ،‬‬
‫كام ثبت يف َّ‬ ‫َّبي‬ ‫الشيخ‪َ :‬يبْدَ ُأ (ال ُّظ ْه ُر)‪ ،‬وعاد ًة يبدأ الفقهاء بال ُّظهر؛ َّ‬
‫ألن الن َّ‬ ‫قال َّ‬

‫بجَبائيل‪ ،‬حينام ع َّلمه أوقات َّ‬


‫الصلوات(‪.)1‬‬ ‫َ‬ ‫َّبي‬ ‫السنَّة األُوىل‪ ،‬وهو ما َّ‬
‫ائتم به الن ُّ‬ ‫ُّ‬
‫السامء‪ ،‬بمعنى أن يكون َّ‬
‫للشاخص‬ ‫بالزوال أي ميالن َّ‬ ‫فقال‪ِ(ِ :‬ف ال ُّظ ْه ِر بِالز ََّو ِ‬
‫الشمس عن كبد َّ‬ ‫ال)‪ ،‬واملراد َّ‬

‫فأول ما يكون له‬


‫أثر له‪َّ ،‬‬ ‫الشاخص إذا ُو ِض َع إن كان له َ ْيف ٌء من جهة ِّ‬
‫الشامل أو اجلنوب ال َ‬ ‫يش ٌء من جهة املشـرق‪َّ ،‬‬

‫السامء‪ ،‬وأصبح هلا َ ْيف ٌء‪ ،‬هذا ُي َس َّمى‪ً « :‬‬


‫زواال»‪.‬‬ ‫َ ْيف ٌء من جهة املشـرق‪ ،‬معناها َّ‬
‫أن َّ‬
‫الشمس انتقلت عن كبد َّ‬
‫الَّش ِء ِم ْث َل ُه)‪ ،‬وهذا هو وقت انتهاء وقت‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫ـر) ويبدأ وقت العرص (م ْن َمصْي ظ ِّل َّ ْ‬ ‫(و َيلِ ِيه َو ْق ُ‬
‫ت ا ْل َع ْص ِ‬ ‫قال‪َ :‬‬

‫َشء ِمثْ َل ْي ِه)‪ ،‬أي حينام يكون الفيء‬ ‫ِ ِ ِ‬


‫ال ُّظهر‪ ،‬وابتداء وقت العصـر‪ ،‬ومها وقتان متالصقان‪( ،‬إِ ََل َمصْي ظ ِّل ك ُِّل َ ْ‬
‫ورةً)‪ ،‬وقت العصـر‪ ،‬وقت العشاء هلا وقتان‪:‬‬
‫َض َ‬ ‫مرتني‪ْ ُ ،‬‬
‫(ُمت ًَارا)‪ ،‬أي هذا وقت االختيار‪ُ ( ،‬ث َّم َ ُ‬ ‫بطول َّ‬
‫الشاخص َّ‬
‫ٍ‬
‫رضورة‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫اختيار‪ ،‬ووقت‬ ‫وقت‬
‫كل ٍ‬
‫يشء ِم ْث َل ْي ِه‪.‬‬ ‫ظل ِّ‬ ‫كل ٍ‬
‫يشء مثله‪ ،‬إىل ِّ‬ ‫ظل ِّ‬
‫اَلختيار‪ :‬من ِّ‬

‫الشمس‪.‬‬ ‫كل ٍ‬
‫يشء ِم ْث َل ْي ِه‪ ،‬إىل حني غروب َّ‬ ‫ظل ِّ‬
‫الضـرورة‪ :‬من ِّ‬
‫ووقت َّ‬

‫الش ْم ِ‬
‫س)‪ ،‬واملراد بمغيب َّ‬
‫الشمس‪:‬‬ ‫(م ْن َم ِغ ِ‬
‫يب َّ‬ ‫ب)‪ ،‬أي وقت صالة املغرب‪ِ ،‬‬
‫ـمغ ِْر ِ‬ ‫(و َيلِ ِيه َو ْق ُ‬
‫ت ا ْل َ‬ ‫قال‪َ :‬‬
‫الشعاع‪.‬‬‫غياب قرصها‪ ،‬غياب القرص‪ ،‬وليس املقصود غياب ُّ‬

‫الش َف ِق ْاْلَ ْ َ‬
‫محر)؛ ألنَّه مت ٌ‬
‫َّصل به‪ ،‬املغرب والعشاء وقتان ُمتِّصالن مع‬ ‫اء ِم ْن َم ِغ ِ‬
‫يب َّ‬ ‫ت ا ْل ِع َش ِ‬
‫(و َيلِ ِيه َو ْق ُ‬
‫قال‪َ :‬‬
‫بعض‪ ،‬فمبتدأ وقت العشاء هو منتهى وقت املغرب‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫عرضا يف السامء‪( ،‬إِ ََل ُث ُل ِ‬ ‫اء ِم ْن َم ِغ ِ‬
‫ت ا ْل ِع َش ِ‬
‫(و َيلِ ِيه َو ْق ُ‬
‫ث‬ ‫َّ‬ ‫الش َف ِق ْاْلَ ْ َ‬
‫محر)‪ ،‬وهو ال َّلون األمحر املوجود ً‬ ‫يب َّ‬ ‫قال‪َ :‬‬
‫يف‬ ‫يؤخ َره إىل ثلث ال َّليل؛ ألنَّه ورد حديثان عن الن ِّ‬
‫َّبي‬ ‫أن وقت االختيار جيوز للمرء أن ِّ‬ ‫ال َّل ْي ِل ُ ْ‬
‫ُمت ًَارا)‪ ،‬أي َّ‬
‫توقيت صالة العشاء إىل نصف ال َّليل‪ ،‬وإىل ثلثه‪ ،‬وأخذ الفقهاء بال ُّثلث؛ ألنَّه ُّ‬
‫األقل‪ ،‬فقالوا‪ :‬إنَّه ُي ْعت َََب ال ُّثلث‪.‬‬
‫وقدَّ روا ال ُّثلث هنا باعتبار أذان املغرب؛ فتنظر من أذان املغرب إىل أذان الفجر‪ ،‬وحتسب ثلث الوقت‪ ،‬هذا‬
‫هو ثلث ال َّليل‪.‬‬
‫بعضهم أراد أن جيمع بني ال ُّثلث والنِّصف‪ ،‬فقال‪َّ :‬إَّنام ال ُّثلث باعتبار حسابه من املغرب‪ ،‬والنِّصف باعتبار‬
‫حسابه من العشاء‪ ،‬فيكون نص ًفا‪ ،‬وهناك [‪ ،]...‬والعلم عند اهلل ‪.‬‬

‫(‪ )1‬هكذا فيام وصلني‪ ،‬وظاهر عدم االتساق‪.‬‬


‫‪39‬‬
‫ورةً)‪ ،‬أي يبدأ‬
‫َض َ‬ ‫مح ِر إِ ََل ُث ُلث ال َّل ْي ِل ُ ْ‬
‫ُمت ًَارا‪ُ ،‬ث َّم َ ُ‬ ‫اء ِم ْن َم ِغ ِ‬
‫يب ال َّش َف ِق ْاْلَ ْ َ‬
‫ت ا ْل ِع َش ِ‬
‫(و َيلِ ِيه َو ْق ُ‬
‫طيب إ ًذا قال‪َ :‬‬
‫نائام‪ ،‬أو ال‬ ‫يؤخر صالة العشاء هلذا الوقت‪َّ ،‬إال عند َّ‬
‫الضـرورة بأن كان ً‬ ‫للشخص أن ِّ‬
‫الضـرورة‪ ،‬فال جيوز َّ‬
‫وقت َّ‬
‫يستطيع‪ ،‬أو خائ ًفا‪ ،‬أو نحو ذلك من األمور ا َّلتي متنعه من أدائها يف وقتها‪.‬‬
‫ت ا ْل َفج ِر)‪ ،‬أي بعد العشاء‪ِ ،‬‬
‫(م ْن ُط ُلو ِع ا ْل َف ْج ِر ال َّث ِاين إِ ََل ُط ُلو ِع َّ‬
‫الش ْم ِ‬
‫س)‪ ،‬وطلوع الفجر‬ ‫(و َيلِ ِيه َو ْق ُ‬
‫ْ‬ ‫قال‪َ :‬‬
‫السامء‪ ،‬وما قبل ُي َس َّمى‪« :‬الفجر الكاذب»‪.‬‬
‫معرتضا يف عرض َّ‬
‫ً‬ ‫الصادق ا َّلذي يكون‬
‫ال َّثاين‪ ،‬هو الفجر َّ‬
‫س)‪ ،‬أي إىل ظهورها‪ ،‬وبدء بزوغها‪ ،‬بدء ظهور قرص َّ‬
‫الشمس‪ُ ،‬ي َس َّمى‪« :‬طلوع‬ ‫(إِ ََل ُط ُلو ِع َّ‬
‫الش ْم ِ‬

‫َّ‬
‫الشمس»‪.‬‬
‫ٍ‬
‫أن‬‫والرواية ال َّثانية َّ‬
‫الصالة مع اجلامعة بتكبرية‪ ،‬هذا هو املذهب‪ِّ ،‬‬ ‫الص ََل ُة بِ َت ْكبِ َْية)‪ ،‬أي تُدْ َر ُك َّ‬
‫(وتُدْ َر ُك َّ‬‫قال‪َ :‬‬
‫ٍ‬
‫بركعة‪.‬‬ ‫بركعة‪ ،‬جيب أن تدخل مع اإلمام‬ ‫ٍ‬ ‫الصالة ال تُدْ َرك َّإال‬
‫َّ‬
‫ٍ‬ ‫ـج ُم َع ُة بِ َر ْك َعة)‪ ،‬أ َّما اجلمعة فهي ال تُدْ َرك مع اإلمام‪َّ ،‬إال بإدراك‬
‫ركعة معه‪ ،‬فمن مل يدرك ركع ًة‬ ‫(وا ْل ُ‬‫قال‪َ :‬‬
‫ظهرا‪.‬‬ ‫وإ َّنام أدرك تكبري ًة فقط‪ ،‬فإن دخل يف التَّشهد األخري فإنَّه جيب عليه أن ِّ َ‬
‫يصِّل اجلمعة أرب ًعا‪ ،‬أي ً‬

‫ُس ِة َر ُجل َو ُر ْك َبتِ ِه‪َ ،‬و َأ َمة َما َيظْ َه ُر غَالِ ًبا‪َ ،‬و ُح َّرة ُك ُّل َها‬ ‫ُّت ا ْل َع ْو َرةِ بِ ََم ََل َي ِص ُ‬
‫ف ا ْل َب َش َـر َة َما َب ْ َ‬
‫ْ ُ َّ‬ ‫قال‪ِ َّ :‬‬
‫(الراب ُع‪َ :‬س ْ ُ‬
‫َف َو َقدَ م)‪.‬‬
‫َْي َو ْجه َوك ٍّ‬
‫غُْ‬

‫ِ‬
‫ُّت ا ْل َع ْو َرة) والفقهاء هنا يذكرون سرت العورة يف َّ‬
‫الصالة فقط‪ ،‬وال‬ ‫(س ْ ُ‬ ‫(الرابِ ُع) َّ‬
‫للصالة‪َ :‬‬ ‫قال‪َّ :‬‬
‫الشـرط َّ‬
‫لصالة‪ ،‬فظنُّوا َّ‬
‫أن‬ ‫الصالة مع العورة يف غري ا َّ‬ ‫ِّ‬
‫واملتأخرون ل َّبسوا‪ ،‬أو دخل عليه العورة يف َّ‬ ‫يتك َّلمون عنها خارجها‪،‬‬
‫الفقهاء عندما يتك َّلمون عن عورة املرأة يف الصالة‪ ،‬يظنُّوَّنا عور ًة للمرأة يف غري الصالة وهذا غري ٍ‬
‫مراد‪ ،‬وهذا من‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬
‫سبب التَّداخل عند الفقهاء‪.‬‬
‫رتط يف ساتر العورة‪:‬‬ ‫ُّت ا ْل َع ْو َر ِة بِ ََم ََل َي ِص ُ‬
‫ف ا ْل َب َش َـرةَ)‪ ،‬وهذا يد ُّلنا عىل أنَّه ُي ْش َ َ‬ ‫(س ْ ُ‬
‫قال‪ :‬يكو َ‬
‫‪ -1‬أن يكون صفي ًقا‪ ،‬يعني‪ :‬ليس شفا ًفا‪.‬‬
‫عن املرأة‬ ‫َّبي‬
‫‪ ،‬سألت الن َّ‬ ‫أن أ َّم سلم َة‬
‫مفص ًال عىل العضو؛ والدَّ ليل عىل ذلك َّ‬
‫‪ -2‬أن يكون ليس َّ‬
‫ور ا ْل َقدَ َم ْ ِ‬
‫ُّت ُظ ُه َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ْ» ‪،‬‬ ‫‪« :‬إ َذا كَا َ الدِّ ْر ُع َسابغًا َي ْس ُ ُ‬ ‫إزار؟ فقال‬ ‫ِّ‬
‫تصِّل يف القميص‪ ،‬وليس عليها ٌ‬
‫والسابغ هو الواسع‪ ،‬وال يسرت ا َّلذي يكون رقي ًقا أو َّ‬
‫مشق ًقا‪.‬‬ ‫َّ‬

‫‪40‬‬
‫إ ًذا عندنا ُشطا ا َّلذي َّ‬
‫دل عليهَم احلديث‪:‬‬
‫مفص ًال للجسم‪.‬‬
‫األول‪ :‬أن يكون ساب ًغا‪ ،‬أي ليس ِّ‬
‫الَّشط َّ‬
‫َّ‬
‫ساترا ليس ش َّفا ًفا أو مش َّق ًقا‪،‬‬
‫والَّشط ال َّثاين‪ :‬أن يكون ً‬
‫َّ‬
‫الصالة به‪ ،‬املرأة إذا‬ ‫املجسم جيوز َّ‬
‫ِّ‬ ‫جمس ًام؛ َّ‬
‫ألن‬ ‫انظر هنا؛ أنا عباريت قلت‪ :‬ليس مف ِّص ًال ومل أقل‪ :‬ليس ِّ‬
‫ضعيف‪ ،‬أو بعض ِر ْج َل ْي ِه‪ ،‬هذا‬ ‫ٍ‬
‫ٌ‬ ‫سمني أم‬
‫ٌ‬ ‫جمس ٍم‪ُ ،‬ي َب ِّني بطنه‪ ،‬يعني‪ :‬مقدار بطنه هو‬
‫صىل بشـيء ِّ‬ ‫ص َّلت‪َّ ،‬‬
‫والر ُجل إذا َّ‬
‫املجسم‪.‬‬
‫ِّ‬ ‫جمس ٌم جيوز‪ ،‬أو املرأة ص َّلت وبان كتفاها‪ ،‬أو رأسها من خلف العباءة‪ ،‬هذا جيوز بإمجاع أهل العلم‪:‬‬
‫ِّ‬
‫ِ‬
‫عرفناك يا سودةُ)‪ ،‬فأنزل اهلل ‪ :‬ﮋ ﮗ ﮘ‬ ‫ملَّا رأى سود َة وقد لبست حجاهبا‪ ،‬قال‪( :‬قد‬ ‫وعمر‬

‫املفصل‪ ،‬ا َّلذي ِّ‬


‫يبني‬ ‫املنهي عنه ِّ‬
‫ُّ‬ ‫ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮊ [النور‪ ،]31 :‬وهو التَّجسيم‪ ،‬ما يمكن‪ ،‬ال يمكن [‪ ]...‬منه‪،‬‬
‫مفص ٌل‪،‬‬ ‫الرجال قد يلبس بنطلون ض ِّي ًقا جدا ا‪ ،‬العب الكرة هذا‪ ،‬هذا ِّ‬
‫جمس ٌم ِّ‬ ‫حجم العضو‪ ،‬كمن يلبس‪ ،‬بعض ِّ‬
‫مفص ًال متا ًما عىل‬
‫الصالة به‪ ،‬وقد حكى اإلمجاع عليه بعض أهل العلم؛ ألنَّه يكون ِّ‬
‫تصح َّ‬
‫ُّ‬ ‫مفص ٌل للجسم‪ ،‬فهذا ال‬
‫ِّ‬
‫واملجسم‪.‬‬
‫ِّ‬ ‫املفصل‬
‫نفرق بني ِّ‬
‫ساترا‪ ،‬وجيب أن ِّ‬ ‫العضو‪ ،‬فال يكون ً‬
‫(و َأ َمة َما َي ْظ َه ُر غَالِ ًبا)‪ ،‬أي هذه عورهتا‪.‬‬
‫قال‪َ :‬‬
‫َْي َو ْج ِه َها‪َ ،‬و َك ِّف َها‪َ ،‬و َقدَ ِم َها) هذه ثالثة أشيا َء ليست عورةً‪ ،‬فجوز‬
‫الصالة ( ُك ُّل َها غ ْ ُ‬
‫احلرة يف َّ‬
‫(و ُح َّرة)‪ ،‬أي َّ‬
‫َ‬
‫للمرأة أن تكشف هذه األمور ال َّثالثة‪ ،‬وهذا هو املذهب‪.‬‬
‫قليل‪« :‬إِ َذا كَا َ الدِّ ْر ُع‬
‫ذكرت لكم قبل ٍ‬
‫ُ‬ ‫وقال بعض أهل العلم‪ :‬بل القدمني عورةٌ؛ حلديث أ ِّم سلم َة ا َّلذي‬
‫نص اإلما ِم أمحدَ ‪،‬‬ ‫أيضا وجوب سرت الك َّف ْني حتَّى يف َّ‬
‫الصالة‪ ،‬وهو ُّ‬ ‫تقي الدِّ ين ً‬ ‫ور ا ْل َقدَ َم ْ ِ‬
‫ْ»‪ ،‬واختار ُّ‬ ‫ُّت ُظ ُه َ‬ ‫ِ‬
‫َسابغًا َي ْس ُ ُ‬
‫نص عليه اإلمام أمحدُ يف رواية [‪ ]...‬وغريه‪.‬‬
‫َّ‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫قال‪( :‬ا ْلـخَ ِامس‪ :‬استِ ْقب ُال ا ْل ِقب َل ِة ِِف غ ِ ِ ِ‬
‫َْي شدَّ ة َخ ْوف‪َ ،‬ونَاف َلة َع ََل َراح َلة ِِف َّ‬
‫الس َف ِر)‪.‬‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ُ ْ َ‬

‫واجب‪ ،‬وا َّلذي جيب يف‬


‫ٌ‬ ‫(استِ ْق َب ُال ا ْل ِق ْب َل ِة)‪ ،‬واستقبال القبلة‬ ‫ِ‬
‫الشـرط (ا ْلـخَ ام ُس) من رشوط َّ‬
‫الصالة‪ْ :‬‬ ‫َّ‬
‫ينظر إليها‪ ،‬فتكون يف قبلته املسامتة‪.‬‬
‫ناظرا للكعبة فيجب مسامتتها‪ ،‬يعني جيب أن َ‬
‫استقبال القبلة إن كان املرء ً‬
‫رجب يف «فتُ الباري»‪ ،‬ال جيب مسامتة القبلة‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫وأ َّما إن كان بعيدً ا عنها فبإمجاع أهل العلم‪ ،‬كام حكاه ابن‬
‫ب قِ ْب َلة»‪.‬‬ ‫ـمشـ ِْر ِق َوا ْل َ‬
‫ـمغ ِْر ِ‬ ‫ْ ا ْل َ‬
‫َّبي ‪َ « :‬و َما َب ْ َ‬
‫وإنَّام يتَّجه إىل اجلهات‪ ،‬يف قول الن ِّ‬

‫‪41‬‬
‫الشخص‬‫وبنا ًء عىل ذلك‪ ،‬لو كانت القبلة بحسب اآلالت احلديثة‪ ،‬متَّجه ًة هبذه اجلهة فانحرف هبا َّ‬
‫صحت صالته؛ َّ‬
‫ألن‬ ‫ٍ‬
‫درجات‪ ،‬يمينًا أو ً‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫شامال َع ْمدً ا َّ‬ ‫درجات‪ ،‬أو أربع‪ ،‬أو مخس‪ ،‬أو عشـر‬ ‫درجات عمدً ا‪ ،‬ثالث‬
‫يصل جنوب‬‫الشخص مل ِّ‬ ‫ب قِ ْب َلة»‪ ،‬أي [‪ ]...‬فام دام َّ‬ ‫ـمشـ ِْر ِق َوا ْل َ‬
‫ـمغ ِْر ِ‬ ‫ْ ا ْل َ‬
‫َّبي ‪َ « :‬و َما َب ْ َ‬
‫العَبة باجلهة؛ لقول الن ِّ‬
‫الق ْبلة»‪ ،‬هذا باعتبار أهل املدينة‪.‬‬ ‫رشق‪ ،‬فإنَّه يسمى‪« :‬متَّجها إىل ِ‬ ‫غرب‪ ،‬أو جنوب ٍ‬ ‫ٍ‬
‫ً‬ ‫ُ َ َّ‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫يصِّل لغري‬ ‫قال‪ِ( :‬ف غ َْْي شدَّ ة َخ ْوف)‪ ،‬يعني‪ :‬يسقط استقبال الق ْبلة يف شدَّ ة اخلوف‪ ،‬فيجوز للمرء أن ِّ َ‬
‫الق ْبلة‪ ،‬سوا ًء ماش ًيا‪ ،‬أو راك ًبا‪.‬‬ ‫ِ‬

‫ُي َص ِّّل َأ ْو ُيوتِ ُر ‪ُ -‬ي َص ِِّّل‬ ‫‪َ « :‬أ َّن ُه َر َأى ال َّنبِ َّي‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫(ونَاف َلة َع ََل َراح َلة ِِف َّ‬
‫الس َف ِر)؛ حلديث ابن عمر‬ ‫قال‪َ :‬‬
‫ِ ِِ‬
‫َص َال َة ا ْل ِوت ِْر‪َ -‬ع ََل َراح َلته‪َ ،‬و ُه َو ِِف َس َفر»‪ ،‬واحلديث يف َّ‬
‫الصحيحني‪.‬‬

‫ارنَة لِل َّت ْعبِ ِ‬


‫ْي)‪.‬‬ ‫قال‪( :‬الس ِ‬
‫اد ُِ‪ :‬النِّ َّي ُة‪ُ :‬م َق ِ‬ ‫َّ‬

‫‪« :‬إِنََّم ْاْلَعَم ُل بِالنِّي ِ‬


‫ات»‪.‬‬ ‫عمر‬ ‫ٌ‬ ‫والسادس‪ :‬قال‪ُ :‬ه َو (النِّ َّي ُة) والنِّ َّية‬ ‫َّ‬
‫َّ‬ ‫َْ‬ ‫َ‬ ‫رشط؛ حلديث َ‬ ‫الشـرط األخري َّ‬
‫الصالة وهو التَّكبري‪،‬‬
‫ْي)‪ ،‬يعني جيب أن تكون مع التَّعبري‪ ،‬التَّعبري عن َّ‬ ‫ارن ًَة لِل َّت ْعبِ ِ‬
‫(م َق ِ‬
‫ب أن تكون ُ‬‫و ُي ْست ََح ُّ‬
‫ب أن تكون مقارن ًة للتَّعبري‪.‬‬
‫فتكون عنده‪ ،‬وجيوز أن تتقدَّ م عليه‪ ،‬ولكن ُي ْست ََح ُّ‬
‫اسأل اهلل ‪ ‬للجميع التَّوفيق والسَّداد‬

‫وصلَّى اهلل وسلَّم على نبيِّنا حممَّدٍ‪.‬‬

‫‪42‬‬

You might also like