You are on page 1of 44

‫إعداد ‪ :‬صالح يحيى هادي النفيش‬ ‫حجية اإلثبات بالقرائن القضائية في الفقه اإلسالمي والقانون اليمني (دراسة تحليلية)‬

‫حجية اإلثبات بالقرائن القضائية‬


‫في الفقه اإلسالمي والقانون اليمني‬
‫(دراسة تحليلية)‬
‫إعــــداد ‪ :‬صالح يحيى هادي النفيش‬
‫‪2‬‬

‫ملخص الدراسة‪:‬‬
‫موضوع الدراسة‪ :‬حجية اإلثبات بالقرائن القضائية في الفقه اإلسالمي والقانون اليمني‪ -‬دراسة تحليلية)‪.‬‬

‫اتبع الباحث في هذه الدراسة المنهج الوصفي التحليلي‪ .‬واحتوت الدراسة على مقدمة ومبحثين‬
‫وقد بينت المقدمة أهمية البحث في كون اإلثبات بالقرائن من طرق ووسائل اإلثبات الغير مباشرة‬
‫والتي لها دور كبير في ارشاد القضاة إلى الحقيقة والصواب في الدعاوى المنظورة أمامهم من خالل‬
‫استقرائهم واستنباطهم للقرائن من الوقائع في الدعاوى محل النزاع‪ ،‬كما تظهر أهداف البحث في‬
‫مدى حجية القرائن القضائية في اإلثبات‪ ،‬ومدى كفايتها في اإلثبات‪ ،‬كما احتوت الدراسة على‬
‫مبحثين‪ .‬تناول الباحث في المبحث األول‪ :‬ماهية القرائن القضائية وبيان طبيعتها وأركانها‪ ،‬وفي‬
‫المبحث الثاني‪ :‬حجية القرائن القضائية في اإلثبات في الفقه والقانون‪ .‬وكان أهم ما خرج به الباحث‬
‫من النتائج أن القرائن القضائية هي نتائج يستنبطها القاضي من واقعة معلومة للداللة على واقعة غير‬
‫معلومة‪ .‬وهي ال تعد دليالً من أدلة اإلثبات المباشر‪ ،‬وإنما هي طريق من طرق اإلثبات غير‬
‫المباشر‪ ،‬ومن طرق اإلعفاء من عبء اإلثبات‪ ،‬وأما أبرز التوصيات‪ :‬يوصي الباحث المشرع اليمني‬
‫باستبدال لفظ (القرائن القاطعة القضائية) الوارد في نص المادة (‪ )511‬بلفظ (القرائن القضائية القوية) ما‬
‫دام وقد جعل القرينة القضائية قابلة إلثبات العكس دائماً‪ ،‬وذلك لما سبق وأن وضحناه في المتن‪.‬‬

‫الكلمات المفتاحية‪ :‬القرينة – القضائية – حجية – اإلثبات‪.‬‬

‫العدد (‪ )51‬ديسمبر ‪0202‬م‬ ‫‪33‬‬


‫إعداد ‪ :‬صالح يحيى هادي النفيش‬ ‫حجية اإلثبات بالقرائن القضائية في الفقه اإلسالمي والقانون اليمني (دراسة تحليلية)‬

‫المقدمة‪:‬‬
‫قال تعالى‪( :‬ﮜ ﮝﮞ ﮟ ﮠ ﮡﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦﮧ ﮨ ﮩ ﮪﮫﮬ ﮭ ﮮﮯ‬
‫ﮱ ﯓ ﯔﯕ ﯖ ﯗ ﯘﯙ ﯚ ﯛ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤﯥ ﯦ ﯧ ﯨﯩﯪ)‬
‫[سورة يوسف آية‪]02-01-02 :‬‬
‫الحمد هلل الذي أعلى معالم العلم وأعالمه وأظهر شعائر الشرع وأحكامه‪ ،‬وأكمل لنا الدين‪،‬‬
‫وأتم علينا النعمة‪ ،‬فعلمنا بعد جهل‪ ،‬وهدانا بعد ضالل‪ ،‬وفقهنا بعد غفلة‪ ،‬وجعل أمتنا وهلل الحمد‬
‫خير أمة‪ ،‬وبعث فينا رسوالً يتلو علينا آيته ويزكينا ويعلمنا الكتاب والحكمة‪.‬‬

‫وأشهد أن ال إله إال اهلل وحده ال شريك له شهادة تكون لمن اعتصم بها خير عصمة‪ ،‬وأشهد‬
‫أن محمداً عبده ورسوله‪ ،‬الرحمة المهداة‪ ،‬والنعمة المسداة‪ ،‬من أضاءت وأشرقت به الحياة بعد ليل‬
‫طال مداه‪ ،‬وجدد حياة البشرية فبعث فيها دفء األمن واألمان والراحة واالطمئنان فنصب الدليل‬
‫وأنار السبيل‪ ،‬وأزاح العلل‪ ،‬وقطع المعاذير‪ ،‬وأقام الحجة‪ ،‬وأوضح المحجة‪ ،‬اللهم فصل وسلم عليه‬
‫وبعد‪...‬‬ ‫وعلى آله وصحبه الطيبين الطاهرين وصحابته أجمعين ومن سار على دربهم إلى يوم الدين‪.‬‬

‫تحديد الموضوع‪:‬‬
‫يخضع اإلثبات المدني لمبدأ تقييد الدليل‪ ،‬حيث وضع المشرع األدلة‪ ،‬وحدد قيمتها مسبقاً‪،‬‬
‫ووضع لها حجية معينة وألزم القاضي المدني بها مهما وصلت قناعته بشأنها‪ .‬وذلك بخالف اإلثبات‬
‫الجنائي الذي جعل للقاضي حرية واسعة في تقدير األدلة المطروحة أمامه بناءً على اقتناعه الذاتي‪،‬‬
‫ونظراً لموقف القاضي المدني السلبي تجاه أدلة اإلثبات‪ ،‬فقد الحظ المشرع أن القاضي قد يكون‬
‫بحاجة إلى سلطة تقديرية تمكنه من القيام بواجبه‪ ،‬وخاصة في حالة ما إذا تعذر اإلثبات من قبل‬
‫المكلف به وفقاً للقواعد العامة في اإلثبات‪ ،‬فأعطى المشرع للقاضي الحق في أن يلجأ إلى القرائن‬
‫القضائية التي يستنبطها بناءً على ظروف النزاع المعروض عليه‪ ،‬ويستعمل سلطته التقديرية في ذلك‬
‫للوصول إلى الحقيقة‪ ،‬ونظراً لما تحتله القرائن القضائية من مكانة في مجال اإلثبات المدني‪ ،‬فقد‬
‫رأى الباحث أن تقتصر الدراسة في هذه الورقة البحثية على القرائن القضائية وحجيتها في اإلثبات المدني‪.‬‬

‫العدد (‪ )51‬ديسمبر ‪0202‬م‬ ‫‪33‬‬


‫إعداد ‪ :‬صالح يحيى هادي النفيش‬ ‫حجية اإلثبات بالقرائن القضائية في الفقه اإلسالمي والقانون اليمني (دراسة تحليلية)‬

‫أهمية الموضوع‪:‬‬
‫للقرائن القضائية أهمية بالغة في اإلثبات وخاصة إذا انعدمت أدلة اإلثبات المباشر‪ -‬الشهادة‪،‬‬
‫اإلقرار‪ ،‬المحررات ‪ -‬فهي مهمة للوصول إلى الحقيقة وإنصاف المظلوم فيجب االعتماد عليها‬
‫والحكم بموجبها‪ ،‬و إال تعطلت األحكام وضاعت الحقوق‪ .‬كما أنها تهدف إلى تحقيق أغراض مختلفة‬
‫ترجع في مجملها إلى تحقيق المصلحة العامة أو مصلحة خاصة‪ ،‬تقتضي ظروف صاحبها أن تكون‬
‫محل رعاية من قبل القاضي‪ .‬كما أن القرائن تؤدي إلى قطع الطريق على من يحاول التحايل على‬
‫أحكام الشرع أو القانون‪ ،‬ونظراً لما تكتسبه القرائن القضائية من أهمية فقد أحببت أن يكون‬
‫موضوع بحثي باإلضافة إلى كون الموضوع له صلة مرتبطة بالعمل القضائي فكان حتماً أن نبحث‬
‫فيها للتعرف على مدى صحتها وكيفية التعامل معها‪ ،‬وإلى أي مدى يستطيع القاضي بناء حكمه عليها‪.‬‬

‫منهجية البحث‪:‬‬
‫تم اتباع المنهج الوصفي التحليلي‪ ،‬مستعرضاً حجية القرائن القضائية في اإلثبات مبيناً موقف‬
‫القانون اليمني والمصري عندما أجد نصوصاً تحكم المسائل المتعلقة بهذا الموضوع ثم أعرض آراء‬
‫شراح القانون في الموضوع محل البحث‪ ،‬وما بين هذه اآلراء من اتفاق أو اختالف‪ ،‬فيها‪ ،‬وعرض‬
‫الموضوع والوصول لنتائج وتوصيات نأمل أن تخدم الغرض العلمي والعملي‪.‬‬

‫خطة البحث‪:‬‬
‫لقد تم تقسيم هذا البحث إلى مقدمة ومبحثين وخاتمة‪.‬‬

‫تناول المبحث األول ماهية القرائن القضائية وأركانها وذلك في مطلبين‪ ،‬تناول المطلب األول‪،‬‬
‫ماهية القرائن القضائية بينما تناول المطلب الثاني أركان القرينة القضائية وشروط تطبيقها‪.‬‬

‫وتناول المبحث الثاني حجية القرائن القضائية في مطلبين أيضاَ‪ :‬تناول المطلب األول حجيتها في‬
‫الفقه اإلسالمي‪ ،‬وتناول المطلب الثاني حجيتها في القانون اليمني‪.‬‬

‫ثم أنهى الباحث بخاتمة وأوجز فيها خالصة المسائل التي تم بحثها‪ ،‬والنتائج التي تم التوصل‬
‫إليها‪.‬‬

‫العدد (‪ )51‬ديسمبر ‪0202‬م‬ ‫‪33‬‬


‫إعداد ‪ :‬صالح يحيى هادي النفيش‬ ‫حجية اإلثبات بالقرائن القضائية في الفقه اإلسالمي والقانون اليمني (دراسة تحليلية)‬

‫المبحث األول‬
‫ماهية القرائن القضائية وأركانها‬
‫المطلب األول‪ :‬ماهية القرائن القضائية ‪:‬‬
‫سوف يتم دراسة هذا المطلب في ثالثة فروع يتناول الفرع األول تعريف القرائن القضائية بينما‬
‫يتناول الفرع الثاني بيان أهمية القرائن القضائية‪ ،‬أما الفرع الثالث سوف يتناول أوجه الشبه‬
‫واالختالف بين كلٍ من القرائن القضائية والقانونية‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬تعريف القرائن القضائية ‪:‬‬


‫قبل أن نشرع في بيان معنى القرينة القضائية سنبين قبل ذلك معنى القرائن‪.‬‬

‫أوالً‪ :‬التعريف اللغوي للقرائن‪ :‬القرائن جمع قرينة‪ ،‬والقرينة ما يدل على الشيء من غير استعمال‬
‫فيه‪ ،‬يقال قرن الش يء بالشيء أي وصله به‪ ،‬واقتران الشيء بغيره اتصل به وصاحبه‪ ،‬ويقال‬
‫قارنته قراناً صاحبته‪ ،‬وهي مأخوذة من المقارنة‪ ،‬وهي مؤنث القرين‪ ،‬والقرين هو‬
‫المصاحب والمالزم كالزوج‪ ،‬والقرينة تطلق على الزوجة ألنها تقارن زوجها‪.‬‬

‫والقرينة قسمان‪ :‬حالية ومقالية‪ ،‬ومثال الحالية أن تقول لمسافر‪ :‬في كنف اهلل ورعايته‪ .‬فإن في‬
‫العبارة حذفاً يدل عليه حال المسافر وتجهزه للسفر‪ ،‬ومثال القرينة المقالية أن تقول رأيت أسداً يخطب‪،‬‬
‫فإن المراد باألسد في هذا المقام الرجل الشجاع ويدل على إرادة ذلك لفظ (يخطب) فهو قرينة مقالية (‪.)5‬‬

‫ثانياً‪ :‬تعريف القرينة شرعاً‪ :‬القرينة مؤنث القرين وقد ورد لفظ القرين في عدة آيات من القرآن‬
‫الكريم في مواضع مختلفة منها قوله تعالى‪( :‬وقال قرينه هذا ما لدي عتيد * ألقيا في جنهم‬
‫كل كفار عنيد * مناع للخير معتد مريب * الذي جعل مع اهلل إله آخر فألقياه في العذاب‬
‫الشديد * قال قرينه ربنا ما أطغيته ولكن كان في ظالل بعيد)(‪ ، )0‬وقال تعالى‪( :‬ومن يعش عن‬
‫ذكر الرحمن نقيض له شيطاناً فهو له قرين)(‪ ،)3‬وقال تعالى‪( :‬حتى إذا جاءنا قال يا ليت بيني‬

‫(‪ )5‬لسان العرب البن منظور جمال الدين محمد بن مكرم األنصااري‪ ،‬ج‪ ،3‬ص‪ ،13‬دار لساان العارب – بياروت –‬
‫بدون تاريخ‪ ،‬مختار الصحاح محمد بن أبي بكر بن عبد القادر الرازي – ماادة قارن بااب القااف – ص‪،133‬‬
‫ترتيب محمود خاطر بك دار الفكر – بيروت‪.‬‬
‫(‪ )0‬سورة ق (‪.)01-03‬‬
‫(‪ )3‬سورة الزخرف‪ ،‬اآلية‪.)32( :‬‬

‫العدد (‪ )51‬ديسمبر ‪0202‬م‬ ‫‪33‬‬


‫إعداد ‪ :‬صالح يحيى هادي النفيش‬ ‫حجية اإلثبات بالقرائن القضائية في الفقه اإلسالمي والقانون اليمني (دراسة تحليلية)‬

‫وبينك بعد المشرقين فبئس القرين)(‪ ،)5‬وقال تعالى‪( :‬قال قائل منهم إني كان لي قرين)(‪،)0‬‬
‫وقال تعالى‪( :‬ومن يكن الشيطان له قريناً فساء قرينا)(‪.)3‬‬
‫ولم يعرف الفقهاء القدامى القرينة‪ ،‬بل تناولوها في كتبهم وفي معرض كالمهم على األحكام‬
‫وعبروا عنها بألفاظ مرادفة لها‪ ،‬فتارة يقولون قرائن األحوال وأخرى العالمات واألمارات(‪ ،)4‬ويرجع‬
‫السبب في عدم تعريف الفقهاء القدامى لها كما يقول البعض(‪ )1‬إلى وضوح معناها وظهور داللتها‬
‫على المراد منها‪.‬‬
‫أما الفقهاء المحدثون فقد عرفوها بتعريفات متعددة منها‪:‬‬
‫تعريف الدكتور‪ :‬مصطفى الزرقاء‪ ،‬حيث عرفها بأنها‪ :‬كل أمارة ظاهرة تقارن شيئاً خفياً وتدل‬
‫عليه وهي مأخوذة من المقارنة بمعنى المفاعلة(‪.)2‬‬
‫وعرفها آخرون بأنها‪ :‬األمارة التي تدل على أمر خفي مصاحب لها بواسطة نص أو عرف أو سنة(‪.)1‬‬
‫وعرفها البعض بأنها‪ :‬األمارة التي نص عليها الشارع أو استنبطها أئمة الشريعة باجتهادهم أو‬
‫استنبطها القاضي من الحادثة وظروفها وما يكتنفها من أحوال(‪.)2‬‬
‫وعرفها الدكتور عبد اهلل العجالن‪ :‬بأنها كل أمر ظاهر يصاحب شيئ ًا خفياً ويدل عليه(‪.)9‬‬
‫التعريف المختار‪ :‬بعد استعراض التعريفات السابقة نرى أن التعريف األقرب للقرينة في‬
‫االصطالح هو تعريف الدكتور عبد اهلل العجالن‪ ،‬حيث عرفها بأنها‪( :‬كل أمر ظاهر يصاحب شيئاً‬
‫خفياً ويدل عليه)‪.‬‬
‫ولتوضيح هذا التعريف نعرض المثال اآلتي ‪:‬‬
‫سكوت المرأة البكر قرينة على رضاها بالخاطب‪ ،‬فسكوتها مع ما يظهر عليها من عالمات‬
‫الحياء‪ ،‬مصاحباً لهذا السكوت‪ ،‬بعد عرض الزواج عليها من شخص معين أمر ظاهر‪ ،‬يدل على‬

‫(‪ )5‬سورة الزخرف‪ ،‬اآلية‪.)32( :‬‬


‫(‪ )0‬سورة الصافات‪ ،‬اآلية‪.)15( :‬‬
‫(‪ )3‬سورة النساء‪ ،‬اآلية(‪.)32‬‬
‫(‪ )4‬بندر عبد العزيز إبراهيم اليمني‪ ،‬التحقيق الجنائي في الفقه اإلسالمي‪ ،‬ص‪ ،021‬ط(‪ ،)5‬دار كنوز أشبيليا للنشار‬
‫والتوزيع‪ ،‬الرياض‪0222 ،‬م‪.‬‬
‫(‪ )1‬عماد محمد أحمد الربيع‪ ،‬القرائن وحجيتها في اإلثبات الجنائي‪ ،‬ص‪ ،22‬ط(‪ ،)5‬دار الجنادي للنشار والتوزياع‪،‬‬
‫األردن‪ ،‬أربد‪5991 ،‬م‪.‬‬
‫(‪ )2‬مصطفى أحمد الزرقاء‪ ،‬المدخل الفقهي العام‪ ،‬ج‪ ،0‬ص‪ ،952‬ط‪ ،5‬دار القلم‪ ،‬دمشق‪5999 ،‬م‪.‬‬
‫(‪ )1‬مصطفى محمد الدغيدغي‪ ،‬التحريات واإلثبات الجنائي‪ ،‬ص‪ ،392‬ط بدون‪ ،‬دار الكتب القانونية‪ ،‬مصر ‪0222‬م‪.‬‬
‫(‪ )2‬عماد محمد أحمد الربيع‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.22‬‬
‫(‪ )9‬عبد اهلل بن سلمان بن محمد العجالن‪ -‬القضاء بالقرائن المعاصرة‪ -‬ج‪ – 5‬ص ‪ ،559‬ط‪ ،5‬مكتبة الملك فهد‬
‫للنشر‪.‬‬

‫العدد (‪ )51‬ديسمبر ‪0202‬م‬ ‫‪33‬‬


‫إعداد ‪ :‬صالح يحيى هادي النفيش‬ ‫حجية اإلثبات بالقرائن القضائية في الفقه اإلسالمي والقانون اليمني (دراسة تحليلية)‬

‫رضاها بالخاطب مع أن الرضا أمر خفي‪ .‬ال يمكن معرفته إال بتصريحها ومع هذا أمكن معرفته‬
‫بالقرينة الظاهرة وهي السكوت‪ .‬واختيارنا لهذا التعريف يرجع إلى عدة أسباب أهمها‪:‬‬
‫‪ -5‬أنه تعريف جامع مانع‪ :‬فهو جامع ألفراد القرينة‪ ،‬مانع غيرها من الدخول في مسماها‪.‬‬
‫‪ -0‬أنه ليس تعريف للقرينة بما يرادفها كما في التعاريف األخرى التي جعلت القرينة بمعنى األمارة‪.‬‬
‫‪ -3‬أن هذا التعريف شامل لجميع أنواع القرائن‪ ،‬فكلمة "كل" تفيد العموم والشمول فهو شامل‬
‫للقرائن النصية‪ ،‬والفقهية والقضائية والعرفية‪ .‬وهو بذلك يتفق مع تقسيمات المحدثين‬
‫للقرينة‪ ،‬حيث قسموها باعتبارات مختلفة‪.‬‬

‫ثالثاً‪ :‬تعريف القرينة في القانون‪:‬‬


‫(‪)5‬‬
‫عرف قانون اإلثبات اليمني القرينة في المادة (‪ )514‬بأنها‪« :‬األمارات التي تدل على إثبات ما‬
‫خفي من الوقائع ودالئل الحال المصاحبة للواقعة المراد إثباتها»‪.‬‬

‫ولم يورد المشرع المصري تعريفاً للقرينة وإنما بين أحكامها في المادتين (‪ )522-99‬من قانون‬
‫اإلثبات(‪ )0‬كما هو الحال أيضاً في التشريع األردني حيث لم يتناول تعريف القرينة وإن كان قد تحدث‬
‫عنها في المادتين (‪ )42،43‬من قانون اإلثبات(‪ ،)3‬بينما عرفها المشرع الفرنسي في المادة (‪)5349‬‬
‫من القانون المدني بأنها (االستنتاجات التي يستنتجها القانون أو القاضي من واقعة معلومة لمعرفة‬
‫واقعة مجهولة)(‪.)4‬‬

‫تعريف القرينة القضائية‪ :‬سميت بالقرينة القضائية نسبة إلى القاضي الذي يقوم باستنباطها‪،‬‬
‫وتسمى أيضاً بالقرينة الموضوعية؛ ألنها تستنبط من موضوع الدعوى وظروفها‪ ،‬وتسمى بالقرينة‬

‫(‪ )5‬القانون رقم (‪ )50‬لسنة ‪5990‬م‪ ،‬المعدل بالقانون رقم (‪ )02‬لسنة ‪5992‬م بشأن اإلثبات‪ ،‬ط الثالثة‪ ،‬مكتبة خالد بن‬
‫الوليد‪0222 ،‬م‪.‬‬
‫(‪ )0‬القانون رقم (‪ )01‬لسنة ‪5922‬م‪ ،‬بشأن اإلثبات في المواد المدنياة والتجارياة‪ ،‬والمعادل بالقاانون رقام ‪ 03‬لسانة‬
‫‪5990‬م‪.‬‬
‫(‪ )3‬القانون رقم (‪ )3‬لسنة ‪.5910‬‬
‫(‪ )4‬عبد الرزاق السنهوري‪ ،‬الوسيط في شرح القانون المدني الجديد‪ ،‬مج‪ ،0‬ف‪ ،513‬ص‪ ،309‬ط(بدون)‪ ،‬دار إحيااء‬
‫التراث العربي‪ ،‬بيروت‪.‬‬

‫العدد (‪ )51‬ديسمبر ‪0202‬م‬ ‫‪33‬‬


‫إعداد ‪ :‬صالح يحيى هادي النفيش‬ ‫حجية اإلثبات بالقرائن القضائية في الفقه اإلسالمي والقانون اليمني (دراسة تحليلية)‬

‫الشخصية؛ ألنها تنصب أحياناً على واقعة تكونت من صفة شخص‪ ،‬كما تسمى أيضاً بالقرائن‬
‫البسيطة وذلك لكونها تقبل إثبات عكسها في جميع األحوال(‪.)5‬‬

‫تعريف القرينة القضائية عند شراح القانون‪ :‬تعدد تعريفات القرائن القضائية عند شراح القانون‬
‫المدني وكذا عند شراح القانون الجزائي وسوف نقتصر على بعض هذه التعريفات‪.‬‬

‫أوالً‪ :‬تعريفات شراح القانون المدني‪ :‬وهي تعريفات متقاربة ومتشابهة إلى حد ما‪.‬‬

‫فقد عرفها الدكتور عبد الرزاق السنهوري بأنها‪ :‬هي التي تترك لتقدير القاضي يستخلصها من‬
‫ظروف القضية ومالبساتها(‪.)0‬‬

‫ومنهم من عرفها بأنها‪( :‬استنباط القاضي واقعة مجهولة من واقعة معلومة ثابتة لديه)(‪.)3‬‬
‫ومنهم من عرفها بأنها‪( :‬القرائن التي يترك أمر استنباطها للقاضي يستنبطها من ظروف‬
‫القضية ومالبساتها)(‪.)4‬‬
‫ومنهم من عرفها بأنها‪ :‬ما يترك أمر استخالصها للقاضي‪ ،‬فهو يعتمد على واقعة معروفة في‬
‫الدعوى المعروضة عليه ويستدل بها على الواقعة المراد إثباتها(‪ ،)1‬وإذا نظرنا إلى التعريفات‬
‫سنجدها متشابهة ومتفقة وإن اختلفت بعض األلفاظ إال أن المراد واحد في كلٍ‪ ،‬فالقاضي يقوم‬
‫باختيار واقعة معلومة من بين وقائع الدعوى‪ ،‬ثم يستدل بهذه الواقعة على األمر المراد إثباته(‪ .)2‬فال‬
‫بد إذن من واقعة بتحقق القاضي من ثبوتها‪ ،‬ثم يعمل قواعد العقل والمنطق ليستنبط من هذه‬
‫الواقعة داللتها على ثبوت الواقعة المراد إثباتها(‪ ،)1‬ولذلك تعد القرائن القضائية‪ ،‬من أدلة اإلثبات‬
‫غير المباشرة‪ ،‬حيث تثبت الواقعة أو يثبت التصرف بطريق غير مباشر عن طريق ثبوت واقعة أخرى‬

‫(‪ )5‬عماد محمد أحمد الربيع ‪ -‬مرجع سابق‪،‬‬


‫(‪ )0‬عبد الرزاق السنهوري‪ ،‬مرجع سابق‪،‬‬
‫(‪ )3‬بجاش سرحان المخالفي‪ ،‬القرائن ودورها في اإلثبات‪ ،‬دراسة مقارنة باين الفقاه اإلساالمي والقاانون المادني‪،‬‬
‫ط(بدون)‪.‬‬
‫(‪ )4‬عبد الحميد الشواربي‪ - ،‬القارائن القانونياة والقضاائية فاي الماواد المدنياة والجنائياة واألحاوال الشخصاية‪،‬‬
‫ط(بدون)‪ ،‬دار الفكر الجامعي‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬مصر ‪5991‬م‪.‬‬
‫(‪ )1‬أنور سلطان‪ ،‬قواعد اإلثبات في المواد المدنية والتجارية‪ ،‬ط(بدون)‪ ،‬دار الجامعة الجديادة للنشار‪ ،‬اإلساكندرية‬
‫مصر ‪0221‬م‪.‬‬
‫(‪ )2‬محمد حسين منصور‪ ،‬اإلثبات التقليدي واإلكتروني‪ ،‬ط(‪ ،)5‬دار الفكر الجامعي اإلسكندرية‪0222 ،‬م‪.‬‬
‫(‪ )1‬مرجع سابق نفس اإلشارة‪.‬‬

‫العدد (‪ )51‬ديسمبر ‪0202‬م‬ ‫‪33‬‬


‫إعداد ‪ :‬صالح يحيى هادي النفيش‬ ‫حجية اإلثبات بالقرائن القضائية في الفقه اإلسالمي والقانون اليمني (دراسة تحليلية)‬

‫قريبة منها أو متصلة بها‪ .‬فمثالً إذا أثبت المستأجر أنه قام بدفع األجرة عن شهر معين أمكن‬
‫للقاضي أن يستخلص من ذلك دفع األجرة عن شهر سابق‪ ،‬وقد تكون الواقعة المتنازع عليها سرعة‬
‫السيارة أثناء وقوع الحادث فيقوم قاضي الموضوع بتحديد سرعة السيارة وذلك استنباطاً من واقعة‬
‫أو وقائع أخرى‪ ،‬مثل أن تكون آثار جهاز التوقيف طويلة ومن حالة السيارة وحالة الطريق وهكذا‪.‬‬
‫فإذا ثبت لدى القاضي الوقائع األخيرة أمكنه أن يستنبط سرعة السيارة أثناء الحادث‪ ،‬فتكون بصدد‬
‫قرينة قضائية أقامها القاضي(‪.)5‬‬

‫ثانياً‪ :‬تعريفات شراح القانون الجنائي‪:‬‬


‫عرفها البعض بأنها‪ :‬الدليل غير المباشر أي استنباط القاضي من واقعة قام عليها دليل إثبات‬
‫واقعة أخرى ذات صلة سببه منطقية بها(‪.)0‬‬
‫ومنهم من عرفها بأنه‪ :‬استنباط القاضي الواقعة المراد إثباتها بقواعد المنطق والخبرة من‬
‫واقعة أو وقائع معلومة وثابتة تؤدي إليها بالضرورة وبحكم اللزوم العقلي(‪.)3‬‬
‫فالقرينة القضائية عند شراح القانون الجنائي تعد كما هي أيضاً عند شراح القانون المدني‬
‫دليالً من أدلة اإلثبات غير المباشرة وتقوم أساساً على استنتاج مجهول من المعلوم وذلك باستنباط‬
‫الواقعة المجهولة المراد إثباتها من واقعة أخرى ثابتة‪ ،‬إال أن المتأمل في تعريفات شراح القانون‬
‫الجنائي يرى أنه ال بد أن يكون هذا االستنباط قائماً على صلة منطقية بين الواقعتين واستخالصها‬
‫يتم بعملية ذهنية يربط فيها القاضي بحكم الضرورة المنطقية واللزوم العقلي بين واقعة معينة‬
‫والواقعة المراد إثباتها‪ .‬بينما يقوم االستنباط في اإلثبات المدني على فكرة الراجح الغالب الوقوع‪،‬‬
‫وعلى كلٍ فاإلثبات بالقرينة هو استنباط الواقعة المطلوب إثباتها من واقعة أخرى قام عليها دليل إثبات‬
‫معلوم‪ ،‬فيكون إثبات الواقعة التي قام الدليل عليها قرينة على ثبوت الواقعة التي لم يرد عليها الدليل(‪.)4‬‬

‫(‪ ) 5‬رمضان أبو السعود‪ ،‬مبادئ اإلثبات في المواد المدنية والتجارية‪ ،‬دار الجامعة الجديدة‪ ،‬اإلسكندرية‪0221 ،‬م‪.‬‬
‫(‪ ) 0‬محمود نجيب حسني‪ ،‬االختصاص واإلثبات فاي قاانون اإلجاراءات الجنائياة‪ ،‬ط بادون‪ ،‬دار النهضاة العربياة‪،‬‬
‫القاهرة‪5990 ،‬م‪ ،‬مصطفى مجدي هرجه‪ ،‬اإلثبات في المواد الجنائية‪ ،‬دار المطبوعات الجامعية‪ ،‬اإلساكندرية‪،‬‬
‫‪5990‬م‪.‬‬
‫(‪ )3‬عماد أحمد الربيع‪ ،‬مرجع سابق‪،‬‬
‫(‪ )4‬مرجع سابق‪،‬‬

‫العدد (‪ )51‬ديسمبر ‪0202‬م‬ ‫‪34‬‬


‫إعداد ‪ :‬صالح يحيى هادي النفيش‬ ‫حجية اإلثبات بالقرائن القضائية في الفقه اإلسالمي والقانون اليمني (دراسة تحليلية)‬

‫التعريف القضائي للقرائن القضائية‪:‬‬


‫عرفت محكمة النقض المصرية القرينة القضائية بأنها‪ :‬استنباط أمر مجهول من واقعة ثابتة‬
‫معلومة بحيث إذا كانت هذه الواقعة محتملة وغير ثابتة بيقين فإنها ال تصلح مصدراً لالستنباط(‪.)5‬‬
‫تعريف القرائن القضائية في القانون‪ :‬لم يضع المشرع المصري تعريفاً للقرائن القضائية وإنما‬
‫تحدث عنها في المادة (‪ )522‬من قانون اإلثبات حيث نص فيها على أنه‪( :‬يترك لتقدير القاضي‬
‫استنباط كل قرينة لم يقرها القانون‪ ،‬وال يجوز اإلثبات بهذه القرائن إال في األحوال التي يجوز فيها‬
‫اإلثبات بشهادة الشهود)‪.‬‬
‫ولكن المشرع األردني أورد لها تعريفاً في المادة (‪ )43‬من قانون الميثاق رقم (‪ )32‬لسنة‬
‫‪ 5910‬م حيث نص فيها على أن (القرائن القضائية هي القرائن التي لم ينص عليها القانون‬
‫ويستخلصها القاضي من ظروف الدعوى ويقتنع بأن لها داللة معينة ويترك لتقدير القاضي استنباط‬
‫هذه القرائن وال يجوز اإلثبات بالقرائن القضائية إال في األحوال التي تجوز فيها اإلثبات في الشهادة)‪.‬‬
‫ويقابل هذا النص المادة (‪ )90‬من قانون البينات السوري والذي نص على أن‪( :‬القرائن‬
‫القضائية هي التي لم ينص عليها القانون وأمكن للقاضي أن يستخلصها من ظروف الدعوى وأن‬
‫يقتنع بأن لها داللة معينة ويترك لتقدير القاضي استنباط هذه القرائن وال يجوز اإلثبات بالقرائن‬
‫القضائية إال في األحوال التي يجوز فيها اإلثبات بالشهادة‪.‬‬
‫وبالنظر إلى هذه النصوص نجدها متفقة على أن أمر استخالص القرائن القضائية موكول‬
‫لقاضي الموضوع يستنبطها من وقائع الدعوى وظروفها وتتفق هذه النصوص في كون اإلثبات‬
‫بالقرائن القضائية يكون في األحوال التي يجوز فيها اإلثبات بالشهادة‪.‬‬

‫تعريف القرينة القضائية في القانون اليمني‪:‬‬


‫عرف المشرع اليمني القرينة القضائية في المادة (‪ )511‬من قانون اإلثبات الشرعي اليمني في‬
‫الفقرة الثانية منها بأنها‪« :‬ما تستنبطه المحكمة من األمور الواقعية أو المعاينة التي تدل على صور‬
‫الحال في القضية كخروج شخص من دار في يده سكين تقطر دماً أو سالح ناري عليه آثار‬
‫االستعمال مع وجود قتيل في الدار وليس بها غيره»‪.‬‬

‫(‪ )5‬الطعن رقم ‪ ،492‬سنة ‪ ،41‬ق جلسة ‪ 5925/4/01‬م‪ ،‬مجموعة القواعد القانونية التي قررتهاا محكماة الانقض فاي‬
‫اإلثبات في المواد المدنية والتجارية واألحوال الشخصية‪ ،‬خالل ‪14‬عاماً‪ ،‬للمستشار‪ /‬سعيد أحمد شعله‪ ،‬ط(‪،)5‬‬
‫المركز القومي لإلصدارات القانونية‪0222 ،‬م‪..‬‬

‫العدد (‪ )51‬ديسمبر ‪0202‬م‬ ‫‪34‬‬


‫إعداد ‪ :‬صالح يحيى هادي النفيش‬ ‫حجية اإلثبات بالقرائن القضائية في الفقه اإلسالمي والقانون اليمني (دراسة تحليلية)‬

‫الفرع الثاني‪ :‬أهمية القرائن القضائية‬


‫البينة هي كل ما يبين الحق ويظهره دون قصره على وسيلة دون أخرى‪ ،‬والشرع الحنيف يهدف‬
‫إلى إقامة العدل ومنع الظلم ورد الحقوق إلى أصحابها بأية وسيلة صحيحة سواء أكانت مباشرة أو‬
‫غير مباشرة(‪ . )5‬وأهم البينات الشهادة واإلقرار واليمين والكتابة‪ ،‬فإذا لم تتوفر إحدى هذه البينات‬
‫المباشرة‪ ،‬فيمكن اللجوء إلى وسيلة أخرى غير مباشرة يستنبطها الفقيه أو القاضي أو ينص عليها‬
‫الشارع‪ ،‬ويجعلها عالمة ودليالًَ على الحق ومرشداً إليه‪ ،‬وهي األمارات الظاهرة أو القرائن القوية(‪،)0‬‬
‫وال يستطيع أحد أن ينكر قيمة القرائن وحجيتها في اإلثبات خاصة عندما ينعدم الدليل على وجود‬
‫الواق عة‪ ،‬أو عدم كفاية الدليل للحكم في المسألة موضوع النزاع‪ ،‬وخاصة إذا كان في هذا الدليل من‬
‫الضعف لدرجة أنه يصبح محل شك في إسناد الواقعة للمتهم(‪ ،)3‬فهي مهمة للوصول إلى الحقيقة‬
‫وإنصاف المظلوم‪ ،‬فيجب االعتماد على القرائن واألمارات والحكم بموجبها لتحقيق العدل‪ ،‬وإال‬
‫تعطلت األحكام وضاعت الحقوق‪ ،‬إما لفقدان الدليل المباشر‪ ،‬وإما لقدرة المعتدي على التمسك‬
‫بظواهر األمور(‪ ، )4‬فالقرينة هي كغيرها من أدلة اإلثبات تفيد العلم مثلها مثل اإلقرار أو الشهادة‪ ،‬بل‬
‫ربما تكون القرينة أبلغ في تقليل الشك عند القاضي‪ ،‬بل إن الشهادة قد تعوزها القرائن‪ ،‬فقد ال‬
‫تكفي الشهادة منفصلة ويعوزها طريق آخر من طرق اإلثبات ليقتنع بها القاضي ونفس الشيء بالنسبة‬
‫لإلقرار(‪ .)1‬كما أن وسائل اإلثبات نفسها تعتمد على القرائن‪ ،‬فالشهادة خبر يحتمل الصدق والكذب‪،‬‬
‫ويرجح احتمال الصدق فيها لقرينة ظاهرة وهي أن الشاهد ال يجر بها نفعاً لنفسه مباشرة‪ ،‬وأنه‬
‫مدفوع بموجب عقيدته بأداء الشهادة الصحيحة‪ ،‬واإلقرار خبر أيضاً ويرجح احتمال صدقه الذي‬
‫يقرب من اليقين أنه إخبار من نفسه على نفسه آلخر‪ ،‬مع حب اإلنسان وطمعه في االكتساب(‪)2‬؛‬
‫ولذلك كانت القرائن ذات أهمية كبيرة في كل نظام إثبات ذلك أن بعض الوقائع يستحيل أن يرد‬

‫(‪ ) 5‬محمد الزحيلي‪ ،‬وسائل اإلثبات في الشريعة اإلسالمية في المعامالت المدنية واألحاوال الشخصاية‪ ،‬ج‪ ،0‬ط(‪،)0‬‬
‫مكتبة دار البيان‪ ،‬بيروت ‪5994‬م‪.‬‬
‫(‪ )0‬محمد الزحيلي مرجع سابق‪،‬‬
‫(‪ )3‬وسام أحمد السمروط‪ ،‬القرينة وأثرها في إثبات الجريمة‪ ،‬ط(‪ ،)5‬منشورات الحلبي الحقوقياة‪ ،‬بياروت‪ ،‬لبناان‪،‬‬
‫‪0221‬م‪.‬‬
‫(‪ )4‬محمد الزحيلي‪ ،‬مرجع سابق‪،‬‬
‫(‪ )1‬هاللي عبد الاله أحمد – النظرية العامة لإلثبات في المواد الجنائية‪ ،‬ج‪ ،0‬ط(‪ ،)5‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪،‬‬
‫‪5921‬م‪.‬‬
‫(‪ )2‬محمد الزحيلي‪ ،‬مرجع سابق‪،‬‬

‫العدد (‪ )51‬ديسمبر ‪0202‬م‬ ‫‪34‬‬


‫إعداد ‪ :‬صالح يحيى هادي النفيش‬ ‫حجية اإلثبات بالقرائن القضائية في الفقه اإلسالمي والقانون اليمني (دراسة تحليلية)‬

‫عليها دليل إثبات مباشر‪ ،‬فإذا اقتصرنا على أدلة اإلثبات المباشر لما كان ممكناً الفصل في‬
‫الدعوى‪ ،‬ولكن عن طريق القرائن نتوصل إلى إثبات هذه الوقائع بإثبات وقائع أخرى ذات صلة سببية‬
‫منطقية بها(‪)5‬؛ قال ابن القيم‪( :‬فالمشرع لم يلغ القرائن واألمارات ودالئل األحوال بل من استقرأ‬
‫الشرع في مصادره وموارده وجده شاهداً لها باالعتبار مرتباً عليها األحكام‪ ،‬ثم قال‪ :‬ولم يزل الحكام‬
‫والوالة يستخرجون الحقوق بالفراسة واألمارات)‪.‬‬
‫وقال أيضاً‪ :‬والحاكم إذا لم يكن فقيه النفس في األمارات ودالئل الحال ومعرفة شواهده‬
‫والقرائن الحالية والمقالية أضاع حقوقاً كثيرة على أصحابها وحكم بما يعلم الناس بطالنه)‪.‬‬
‫وقال أيضاً‪ :‬فمن أهدر األمارات والعالمات في الشرع فقد عطل كثيراً من األحكام وضيع كثيراً‬
‫من الحقوق)(‪ ، )0‬وتزداد أهمية القرائن كدليل إثبات قائم بذاته يوماً بعد يوم‪ ،‬حيث وأن العديد من‬
‫الجرائم ترتكب وال يرد عليها دليل إثبات مباشر وذلك بسبب إحجام الشهود عن أداء الشهادة‪ ،‬كما‬
‫أن العديد من الجرائم ترتكب وال يرد عليها دليل إثبات مباشر‪ ،‬وذلك بسبب حرص الجاني الشديد‬
‫على ارتكاب جريمته دون أن يشاهده أحد ولكنه رغم ذلك يترك بعض اآلثار المادية بمسرح‬
‫الجريمة‪ ،‬والتي يمكن عن طريقها التعرف عليه وضبطه(‪ ،)3‬عالوة على ذلك فإن األخذ بالقرائن قد‬
‫أصبح ضرورياً خصوصاً في هذا العصر الذي تقدمت فيه وسائل البحث عن الجرائم‪ ،‬وأصبحت‬
‫القرائن معها في قوة اليقين‪ ،‬وصارت الثقة بالشهود ضعيفة‪ ،‬فال يؤخذ بأقوالهم إال بعد فحصها‪،‬‬
‫وظهور القرائن التي تعززها وتدل على صدقها وقد يحمل القاضي على تكذيب الشهود ما يظهر له‬
‫من القرائن الدالة على كذبهم(‪ ،)4‬كما أن للقرائن أهمية كبيرة في مجال استظهار القصد الجنائي‬
‫ألنه أمر داخلي يبطنه الجاني ويضمره في نفسه‪ ،‬وال يستطاع معرفته إال بقرائن خارجية من شأنها‬
‫أن تكشف عن قصد هذا الجاني وتظهره(‪.)1‬‬

‫(‪ )5‬عماد أحمد محمد الربيع‪ ،‬مرجع سابق‪،‬‬


‫(‪ ) 0‬محمد بن أبي بكر المعروف بابن القيم الجوزية الطرق الحكمية في السياساة الشارعية‪،‬مطبعة السانة المحمدياة‬
‫بمصر‪5913 ،‬م‪.‬‬
‫(‪ )3‬عماد محمد أحمد الربيع‪ ،‬مرجع سابق‪،‬‬
‫(‪ )4‬هاللي عبد الاله أحمد‪ ،‬مرجع سابق‪،‬‬
‫(‪ )1‬عماد أحمد الربيع‪ ،‬مرجع السابق‪،‬‬

‫العدد (‪ )51‬ديسمبر ‪0202‬م‬ ‫‪33‬‬


‫إعداد ‪ :‬صالح يحيى هادي النفيش‬ ‫حجية اإلثبات بالقرائن القضائية في الفقه اإلسالمي والقانون اليمني (دراسة تحليلية)‬

‫الفرع الثالث‪ :‬التمييز بين القرينة القانونية والقرينة القضائية‬


‫مما ال شك فيه أن كال النوعين من القرائن تتشابهان في بعض األمور‪ ،‬وذلك لقيامهما على‬
‫فكرة واحدة هي أساس وجودهما‪ ،‬ممثلة بالراجح في الوقوع‪ ،‬ولكن من ناحية أخرى فإنه توجد‬
‫هناك بعض الفروق الجوهرية‪ ،‬ومردها إلى اآلثار التي تترتب على اختالف طبيعة كل منهما‪ ،‬وعليه‬
‫سنعرض في هذا المجال ألوجه الشبه بين النوعين من القرائن‪ ،‬ثم نعرض أوجه الخالف بينهما‪.‬‬

‫أوالً‪ :‬أوجه الشبه‪:‬‬


‫‪ -5‬كلتاهما تقومان على فكرة واحدة‪ ،‬وهي فكرة الراجح الغالب في الوقوع‪ ،‬وتبعاً لذلك فإن‬
‫كال النوعين ينطويان على إثبات غير مباشر‪ ،‬مؤداه انتقال محل اإلثبات من الواقعاة‬
‫محل النزاع إلى واقعة أخرى متصلة بها أو مجاورة لها يسهل إثباتهاا وبمجارد ثباوت‬
‫ال على صحة الواقعة المتنازع عليها(‪.)5‬‬
‫هذه الواقعة‪ ،‬فإن ثبوتها يعد دلي ً‬
‫‪ -0‬كال القرينتين يقتضيان استخالص أو افتراض أمر مجهول من خالل واقعة معلومة(‪.)0‬‬
‫‪ -3‬في كال النوعين يجب إثبات الواقعة المعلومة حتى يتسنى إثبات واقعاة مجهولاة وثباوت‬
‫الواقعة المعلومة أما أن يتقرر بنص شرعي كما هو الحال في القرينة القانونياة وإماا‬
‫أن يتقرر ثبوت الواقعة المعلومة عن طريق القاضي الذي يتدخل في تحديدها ويجري‬
‫االستنباط للواقعة المجهولة من ظروف ووقائع النزاع‪ ،‬وتلك هي القرينة القضائية(‪.)3‬‬

‫ثانياً‪ :‬أوجه الخالف‪:‬‬


‫‪ -5‬القرينة القضائية يقوم باستخالصها واستنباطها قاضي الموضوع من وقاائع الادعوى والظاروف‬
‫المحيطة بها ومالبساتها‪ ،‬أما القرينة القانونية فإن مصدرها القانون بحيث ال تنشئ إال بانص‬
‫تشريعي‪ ،‬فالقانون هو الذي يحدد الدالئل التي ترتبط بها القرينة وكذلك القاوة اإلثباتياه لهاا‬
‫وي قوم المشرع باختيار الواقعة المعلومة والثابتة ليستنبط منها واقعة غير معروفة وغيار ثابتاة‪،‬‬
‫وهي التي تكون محالً للدعوى‪ ،‬وعليه فإذا كانت الحقيقاة القضاائية المساتمدة مان القريناة‬

‫(‪ ) 5‬عمار زعل الجعافرة‪ ،‬القرائن في القانون المدني‪ ،‬أطروحة ماجستير في القانون مان الجامعاة األردنياة‪ ،‬ط(‪،)5‬‬
‫اإلصدار األول‪ ،‬عام ‪ ،0225‬الدار العلمية للنشر والتوزيع‪ ،‬دار الثقافة للنشر والتوزيع‪ ،‬عمان‪.‬‬
‫(‪ )0‬مرجع سابق‪ ،‬نفس اإلشارة‪.‬‬
‫(‪ )3‬السنهوري‪ ،‬مرجع سابق‪،‬‬

‫العدد (‪ )51‬ديسمبر ‪0202‬م‬ ‫‪33‬‬


‫إعداد ‪ :‬صالح يحيى هادي النفيش‬ ‫حجية اإلثبات بالقرائن القضائية في الفقه اإلسالمي والقانون اليمني (دراسة تحليلية)‬

‫القضائية هي من عمل القاضي‪ ،‬فإن الحقيقة القضائية المستمدة من القرينة القانونية هي من‬
‫عمل القانون(‪.)4‬‬
‫‪ -0‬القرائن القضائية تعتبر دليالً إيجابياً في اإلثبات‪ ،‬وإن كانت دليالً غير مباشر‪ ،‬حيث أن الخصم‬
‫يتوسل بها إلى إثبات دعواه‪ ،‬وعليه هو أن يستجمع عناصرها‪ ،‬والقاضاي قاد يقار اساتنباط‬
‫الخصم وقد ال يقره ولكنه ليس ملزماً أن يستجمع هو بنفسه القرائن بل على الخصم يقع عابء تقاديم‬
‫القرينة وإن كان للقاضي أن يأخذ من تلقاء نفسه بقرينة في الدعوى لم يتقدم بها الخصم(‪.)0‬‬
‫أما القرينة القانونية فهي ليست دليالً لإلثبات بل هي إعفاء منه‪ ،‬فهي ال تكفي الخصم الذي‬
‫تقررت لمصلحته في إثبات األمر المدعى به‪ ،‬وإنما تعفيه من اإلثبات فقط(‪.)3‬‬

‫‪ -3‬القرينة القضائية قرينة موضوعية تستمد من ظروف الادعوى ومالبسااتها دون أن تكاون معادة‬
‫سلفاً‪ ،‬فأساسها هو الوقائع الذي تدل عليه األمارات التي يقدرها القاضي‪ ،‬وذلك حسب وقائع‬
‫كل قضية على حدة؛ أما القرينة القانونية فهي من قبيل القواعاد القانونياة‪ ،‬والتاي تتسام بالعمومياة‬
‫والتجريد‪ ،‬وذلك أن المشرع يضعها في صيغة عامة مجردة دون أن تكون حالة معينة بذاتها(‪.)3‬‬
‫‪ -4‬القرائن القضائية‪ :‬هي مما يستقل بتقديرها قاضي الموضوع‪ ،‬ولاه السالطة التاماة مان بحاث‬
‫األمارات والدالئل التي يتوصل عن طريقها الستنباط القرينة‪ ،‬فله أن يقرر قرينة في دعوى ثام‬
‫يعدل عن تطبيقها في دعوى أخرى رغم تماثل الظروف في الدعوتين‪ ،‬وذلك ألن تقريره للقرينة‬
‫القضائية إنما يعود لقناعته الوجدانية(‪ ،)1‬فهو حر في تكوين اقتناعه‪ ،‬فقد تقنعه قرينة واحادة‬
‫قوية الداللة‪ ،‬وقد ال يقتنع بقرائن متعددة‪ ،‬وهو في تقديره هذا ال يخضع لرقابة محكمة النقض(‪.)3‬‬
‫أما القرينة القانونية فتكون ملزمة للقاضي‪ ،‬بمعنى أن دور القاضي يقتصر فقط علاى التحقاق مان‬
‫شروط انطباقها على الواقعة المعروضة عليه‪ ،‬وبمجرد تواجد تلاك الشاروط فاإن القاضاي يلتازم‬

‫(‪ )5‬عمار زعل الجعافرة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬د‪ /‬عصام أنور سليم‪ ،‬النظرية العامة لإلثبات في المواد المدنية والتجارياة‪ ،‬ط‬
‫منشأة المعارف‪ ،‬اإلسكندرية‪0221 ،‬م‪ ،‬د‪ /‬الشواربي‪ ،‬مرجع سابق‪،‬‬
‫(‪ )0‬وسام أحمد السمروط‪ ،‬مرجع سابق‪،‬‬
‫(‪ )3‬الشواربي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬وسام أحمد السمروط‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬عمار زعل الجعافرة‪ ،‬مرجع سابق‪،‬‬
‫(‪ )4‬عمار زعل الجعافرة‪ ،‬مرجع سابق‪،‬‬
‫(‪ )1‬مرجع سابق‪،‬‬
‫(‪ )2‬عبد الحميد الشواربي‪ ،‬مرجع سابق‪،‬‬

‫العدد (‪ )51‬ديسمبر ‪0202‬م‬ ‫‪33‬‬


‫إعداد ‪ :‬صالح يحيى هادي النفيش‬ ‫حجية اإلثبات بالقرائن القضائية في الفقه اإلسالمي والقانون اليمني (دراسة تحليلية)‬

‫بإعمالها دون أن تكون له سلطة تقديرية بهذا المجال‪ ،‬كما أن الحكم الصادر مخالفاً للقريناة يكاون‬
‫عرضة للنقض من قبل المحكمة العليا(‪ .)5‬ومن هنا يتبين خطورة القرائن القانونية‪ ،‬فهاي وإن كانات‬
‫تقام على فكرة ما هو راجح الوقوع‪ ،‬إال أن القانون يقيمها مقادماً‪ ،‬ويعملهاا دون أن تكاون أماماه‬
‫الحالة بالذات التي تنطبق فيها‪ ،‬كما هو األمر بالقرائن القضائية‪ ،‬ومن ثم تختلف حاالت تتفاوت قلة‬
‫وكثرة ال تستقيم فيها القرينة القانونية(‪.)0‬‬

‫‪ -1‬القرائن القضائية تقبل إثبات العكس في جميع األحوال‪ ،‬أي أن ما يستنبط عن طريقهاا يسامح‬
‫للمتهم دائماً بإثبات عكسه بكافة طرق اإلثبات كالكتابة أو الشهادة أو بقريناة مثلهاا‪ ،‬ولاو أن‬
‫القاضي يبقى في النهاية حراً في تكوين عقيدته لمقارعة األدلة(‪ ،)3‬والقرائن القضائية إذا كانت‬
‫تقبل إثبات العكس دائماً من الناحية القانونية إال أنها من الناحية العملية والعلمية قد تبلغ مان‬
‫القوة حداً يستنبط منه القاضي األمر المراد إثباته بشكل قاطع بما ال يدع مجاالً الحتمال عكسه(‪.)3‬‬
‫أما القرائن القانونية فإن المشرع هو صاحب الكلمة بشأنها‪ ،‬فهو الذي يحدد حجيتهاا فاي‬
‫نطاق اإلثبات فيما إذا كانت تقبل إثبات العكس أم ال‪ ،‬وعليه فإن جميع القرائن القضائية في مرتباة‬
‫واحدة‪ ،‬أما القرائن القانونية فإنها تنقسم إلى قرائن قاطعة ال يجوز إثبات عكسها وقارائن بسايطة‬
‫يجوز إثبات عكسها(‪.)1‬‬

‫‪ -2‬لما كان عنصر القرينة القانونية هو النص وال شيء غير ذلك‪ ،‬فإذا وجد النص وجادت القريناة‬
‫القانونية‪ ،‬ولذلك فإنه ال يمكن أن يقاس عليها قرينة أخرى قانونية بغيار ناص اعتمااداً علاى‬
‫المماثلة أو األولوية‪ .‬أما القرائن القضائية فال يمكن حصرها وهي تختلف من قضية ألخرى(‪.)2‬‬
‫‪ -1‬إن مجا ل أعمال القرائن القضائية مقيد فيما يجوز فيه ذلك‪ ،‬وهي األموال والحقاوق كماا تباين‬
‫ذلك المادة (‪ )511‬من قانون اإلثبات وهذا يعني أنه ال يجوز األخذ بها فاي الادماء والحادود‪،‬‬

‫(‪ )5‬الشواربي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬عمار زعل الجعافرة‪ ،‬مرجع سابق‪،‬‬


‫(‪ )0‬الشواربي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬نفس اإلشارة‪.‬‬
‫(‪ )3‬عماد أحمد محمد الربيع‪ ،‬مرجع سابق‪،‬‬
‫(‪ )4‬مرجع سابق نفس اإلشارة‪.‬‬
‫(‪ )1‬عمار زعل الجعافرة‪ ،‬مرجع سابق‪.‬‬
‫(‪ )2‬عبد الحميد الشواربي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬عمار زعل جعافرة‪ ،‬مرجع سابق‪،‬‬

‫العدد (‪ )51‬ديسمبر ‪0202‬م‬ ‫‪33‬‬


‫إعداد ‪ :‬صالح يحيى هادي النفيش‬ ‫حجية اإلثبات بالقرائن القضائية في الفقه اإلسالمي والقانون اليمني (دراسة تحليلية)‬

‫وإذا أخذت بها المحكمة في تلك الجرائم كدليل كامل تعين نقضه(‪ ،)5‬أماا القارائن القانونياة‬
‫فليس هناك مجال معين إلعمالها‪ ،‬فهي من أدلة اإلثبات سواء في األموال أو الحقوق أو الدماء‬
‫أو الحدود أو غيرها(‪.)0‬‬
‫‪ -2‬القرائن القضائية دليل عقلي‪ ،‬إذ يحتاج الوصول إلى القرينة محاكمة عقلية ألنها ليست ظااهرة‪،‬‬
‫كما هو الحال في القرينة القانونية وبقية األدلة‪ ،‬بل تحتاج إلى جهد عقلي الساتنباط الواقعاة‬
‫المجهولة من الواقعة المعلومة‪ ،‬بحكم الضرورة واستخدام قواعد المنطق والخبرة(‪.)3‬‬

‫المطلب الثاني‪:‬‬
‫أركان القرينة القضائية وشروط تطبيقها‬

‫سبق وأن عُرِّفت القرينة القضائية بأنها استنباط القاضي واقعة مجهولة مان واقعاة معلوماة‬
‫ثابتة لديه‪ ،‬لذا فإن القرينة القضائية وفقاً لذلك تستند إلى ركنين أساسيين ال بد من توافرهما فيها‬
‫أحدهما واقعة ثابتة يختارها القاضي من بين وقاائع الادعوى‪ ،‬وتسامى هاذه الواقعاة بالداللاة أو‬
‫األمارة‪ ،‬وهذا هو الركن المادي للقرينة القضائية‪ ،‬واآلخر عملية استنباط يقوم بها القاضي‪ ،‬ليصل‬
‫من خال ل هذه الواقعة الثابتة إلى واقعة مجهولة وهي الواقعة المراد إثباتها‪ ،‬وهذا هو الركن المعنوي‬
‫وهناك شروط وضوابط يجب مراعاتها عند التطبيق وسوف تشملها دراسة هاذا الموضاوع ولاذلك‬
‫سوف نتناول هذا المطلب في فرعين سيتناول الفرع األول‪ :‬دراسة أركاان القريناة القضاائية بينماا‬
‫سيتناول الفرع الثاني شروط تطبيق تلك األركان‪.‬‬

‫(‪ ) 5‬عبد اهلل فروان‪ ،‬ملزمة القضاء واإلثبات‪ ،‬ط(بدون)‪ ،‬مكتبة دار الفكر للكتب الجامعياة‪ ،‬صانعاء‪ ،‬د‪ /‬مطهار علاي‬
‫صالح أنقع‪ ،‬شرح قانون اإلجراءات الجزائية‪ ،‬ج‪ ،3‬ط‪ ،0‬مكتبة الصادق‪ ،‬صنعاء ‪5452‬ها ‪0221‬م‪.‬‬
‫(‪ )0‬مطهر أنقع‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬نفس اإلشارة‪.‬‬
‫(‪ )3‬عماد محمد أحمد الربيع‪ ،‬مرجع سابق‪،‬‬

‫العدد (‪ )51‬ديسمبر ‪0202‬م‬ ‫‪33‬‬


‫إعداد ‪ :‬صالح يحيى هادي النفيش‬ ‫حجية اإلثبات بالقرائن القضائية في الفقه اإلسالمي والقانون اليمني (دراسة تحليلية)‬

‫الفرع األول‪:‬‬
‫األركان القانونية للقرائن القضائية‪ -‬للقرينة القضائية ركنان‪:‬‬

‫األول‪ :‬الركن المادي‪:‬‬


‫(‪)5‬‬
‫وهو عبارة عن وقائع معلومة ثابتة يختارها القاضي من بين وقائع الدعوى ‪ ،‬وتسمى هذه الوقائع‬
‫بالدالئل(‪ ،)0‬أو هي تلك الواقعة المعلومة المطروحة على القاضي والتي تصلح الستخالص وقائع‬
‫أخرى منها غير معلومة(‪ .)3‬وقد يستخلص القاضي الدليل – إذا لم يوجد إقرار أو يمين أو قرينة‬
‫قانونية – ال من ورقة مكتوبة وال من بينة تسمع ولكن من ظروف القضية ومالبساتها‪ ،‬أو من قرائن‬
‫تستخلص من ظروف الدعوى بعد أن يقتنع بأن لها دالئل معينة‪ ،‬وسبيل القاضي إلى ذلك أن يختار‬
‫بعض الوقائع الثابتة أمامه في الدعوى‪ ،‬فقد يختارها من الوقائع التي كانت محل مناقشة بين‬
‫الخصوم‪ ،‬وقد يختارها من ملف الدعوى بل قد يختارها من أوراق خارج الدعوى كتحقيق إداري أو‬
‫محاضر إجراءات جنائية‪ ،‬ولو كانت هذه المحاضر قد انتهت بالحفظ(‪ ،)4‬ولقاضي الموضوع السلطة‬
‫المطلقة في استنباط القرائن التي يعتمد عليها في تكوين قناعته‪ ،‬غير مقيد في ذلك بقاعدة تفرض‬
‫عليه وأال يبني قناعته على وقائع لم تثبت بالطرق القانونية‪ ،‬أو على وثائق لم تكن محل مناقشة الخصوم‪ ،‬أو‬
‫من شهادة شاهد لم يؤد اليمين‪ ،‬وال رقابة عليه من محكمة النقض متى كان استنباطه سائغاً(‪.)1‬‬
‫فمحكمة الموضوع تمنح سلطة واسعة في استخالص هذه القرائن بمعنى أن لهاذه المحكماة‬
‫اختيار ما شاءت من وقائع ثابتة في األوراق لكي تستخلص القرينة المطلوبة(‪.)2‬‬

‫وقد تكون الواقعة التي اختارها القاضي ثابتة بالبينة‪ ،‬أو بورقة مكتوبة‪ ،‬أو يمين نكل الخصم‬
‫عن حلفها‪ ،‬أو بإقرار الخصم‪ ،‬أو بجملة من هذه الطرق مجتمعة‪ ،‬بل قد تكون الواقعة ذاتهاا التاي‬
‫استنبط منها القاضي القرينة القضائية‪ ،‬أي الدليل على الواقعة المراد إثباتها‪ ،‬ربما لم تثبات هاي‬
‫ذاتها إال بقرينة قضائية‪ ،‬وهذا هو شأن عقد القرض‪ ،‬قد يثبت من طريق قرينة قضائية‪ ،‬هي دفاع‬
‫الفوائد‪ ،‬ثم يتخذ عقد القرض ذاته قرينة قضائية على أن البيع دفع بمقتضاه المقترض الاثمن إلاى‬

‫(‪ )5‬عماد محمد أحمد الربيع‪ ،‬مرجع سابق‪،‬‬


‫(‪ )0‬السنهوري‪ ،‬مرجع سابق‪،‬‬
‫(‪ )3‬أبو العالء علي أبو العالء النصر‪ ،‬الجديد في اإلثبات الجنائي‪ ،‬ط(‪ ،)5‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪0222 ،‬م‪.‬‬
‫(‪ )4‬السنهوري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬د‪ /‬عماد محمد أحمد ربيع‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬د‪ /‬عصام أنور سليم‪ ،‬مرجع سابق‪،‬‬
‫(‪ )1‬السنهوري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.332‬‬
‫(‪ )2‬رمضان أبو السعود‪ ،‬مرجع سابق ص‪.99‬‬

‫العدد (‪ )51‬ديسمبر ‪0202‬م‬ ‫‪33‬‬


‫إعداد ‪ :‬صالح يحيى هادي النفيش‬ ‫حجية اإلثبات بالقرائن القضائية في الفقه اإلسالمي والقانون اليمني (دراسة تحليلية)‬

‫المقرض إنما هو بيع صوري(‪.)5‬‬


‫وقد ذكر الدكتور رمضان أبو السعود(‪ )0‬بعض صور الوقائع الثابتة التي يمكن أن يستخلص منها األمر‬
‫المجهول والمتنازع عليه‪ ،‬ومن تلك الصور‪:‬‬

‫‪ ‬يجوز للقاضي أن يعتمد في استنباط القرينة على أقوال شهود سمعوا في قضية أخرى‪ ،‬حتاى‬
‫ولو طرحت المحكمة الذي سُمع أمامها الشهود التحقيق فيها‪.‬‬
‫‪ ‬لمحكمة الموضوع أن تعول في حكمها على ما ورد في شكوى إدارية‪ ،‬أو ما ورد فاي محضار‬
‫جمع االستدالالت‪ ،‬أو محضر الشرطة‪ ،‬أو في أي تحقيقات إدارية‪ ،‬أو قضائية أو مان أقاوال‬
‫شهود سمعوا في غير مجلس القضاء‪.‬‬
‫‪ ‬ويجوز استنباط القرائن من أقوال شهود سمعهم الخبير بدون حلف يمين ومان المعايناة التاي‬
‫أجراها ومن المستندات المقدمة إليه‪.‬‬
‫‪ ‬كما يجوز أن تعد أقوال شهود المدعى عليه قرينة قضائية ضده‪.‬‬
‫‪ ‬كما يجوز اعتبار تقديرات البلدية للعوائد التي تحصل عن عقار قرينة قضائية على األجرة القانونية‪.‬‬
‫‪ ‬ويجوز للمحكمة التعويل في حكمها على حكم صادر في قضية أخرى لم يكان الخصام طرفااً‬
‫فيها‪ ،‬وذلك كقرينة قضائية‪ ،‬إال أنه يالحظ أنه ال بد أن تكون تلك الوقائع ثابتة وأن يكون لهاا‬
‫أصل في األوراق‪ ،‬فال تستنبط القرينة من أوراق خارج ملف الدعوى(‪ ،)3‬وإذا ما استدل الخصم‬
‫بقرائن قضائية إلثبات إدعائه‪ ،‬فإنه من حق الخصم اآلخر مناقشاتها ودحضاها بكافاة طارق‬
‫اإلثبات‪ ،‬فإذا لم تمكنه المحكمة من ذلك أو لم تعن بالرد على دفاعه في هذا الخصوص فاإن‬
‫حكمها يكون مشوب بالقصور(‪.)4‬‬
‫الثاني‪ :‬الركن المعنوي‪:‬‬
‫ويتمثل هذا الركن بعملية االستنباط التي يقوم بها القاضي فعليه أن يساتنبط مان الواقعاة الثابتاة‬

‫(‪ )5‬عصام أنور سلم‪ ،‬مرجع سابق‪،‬‬


‫(‪ )0‬في كتابه مبادئ اإلثبات في المواد المدنية والتجارية‪ ،‬سابق‪،‬‬
‫(‪ )3‬رمضان أبو السعود‪ ،‬مرجع سابق‪،‬‬
‫(‪ ) 4‬عبد الحكيم فودة‪ ،‬القرائن القانونية والقضائية‪ ،‬ط (بدون) دار الفكر للنشر والتوزيع المنصورة‪ ،‬مصر ‪0221‬م‪.‬‬

‫العدد (‪ )51‬ديسمبر ‪0202‬م‬ ‫‪33‬‬


‫إعداد ‪ :‬صالح يحيى هادي النفيش‬ ‫حجية اإلثبات بالقرائن القضائية في الفقه اإلسالمي والقانون اليمني (دراسة تحليلية)‬

‫الدليل على الواقعة الم راد إثباتها‪ ،‬فيتخذ من هذه الواقعة المعلومة قرينة على الواقعة المجهولاة(‪.)5‬‬
‫وهو في هذه العملية يفسر الوقائع الثابتة مستخدماً فطنته وذكاءه وقواعد المنطق ليصل من الواقعة‬
‫الثابتة إلى الواقعة المراد إثباتها(‪ ،)0‬وهي تتطلب قدراً من الدقة والمالحظاة والاذكاء فاي معالجاة‬
‫الوقائع وتقييمها‪ ،‬وبيان جوانب االتفاق واالختالف فيها(‪ ،)3‬كما أنه ال يكفي في اإلثبات الجناائي أن‬
‫تكون القرينة مجرد توافر واقعة مادية‪ ،‬لم تخرج من دائرة االحتماالت‪ ،‬فإنهاا منطقيااً اليمكان أن‬
‫تعتبر إثباتاً حيث ال يكفي مجرد الراجح من األمور إلقامة الدليل على اإلدانة في المساائل الجنائياة‬
‫ألن األحكام الجنائية إنما تنم على أساس اليقين والجزم المستمد مان االساتنباط المقباول عقاالً‬
‫ومنطقاً(‪ ، )4‬ويكون القاضي واسع السلطات في تقدير ما تحمله الواقعة التي اختارها من بين الوقائع‬
‫المتعددة‪ ،‬التي يراها أمامه الستنباط القرينة منها‪ ،‬وما تحمله هذه القرينة من الداللة‪ ،‬وفاي ذلاك‬
‫تختلف األنظار وتتفاوت المدارك فمن القضاة من يكون استنباطه سليماً يستقيم له الادليل‪ ،‬ومانهم‬
‫من يتجافى استنباطه مع منطق الواقع(‪ ،)1‬ومن ثم كانت القرينة القضائية من أسلم األدلة مان حياث‬
‫الواقعة الثابتة التي تستنبط منها القرينة‪ ،‬ومن أخطرها من حيث االستنباط واستقامته(‪ ،)2‬كما يكون‬
‫لقاضي الموضوع السلطة الكاملة في تقدير القرائن التي يستدل بهاا الخصام علاى تأكياد إدعائاه‬
‫فللمحكمة أن تأخذ بها أو تطرحها‪ ،‬إذا تراءى لها أنه ال حاجة لها بهاا‪ ،‬إال أن ذلاك مشاروط باأن‬
‫تكون قد أطلعت عليها وأخضعتها لتقديرها بحيث إذا تبين أنها لم تطلع عليها وبالتالي لام تبحثهاا‪،‬‬
‫فإن حكمها يكون قاصراً قصوراً يبطله(‪.)1‬‬
‫ولكن ال تلزم محكمة الموضوع بتفنيد كل قرينة مناهضة يدلي بها الخصوم أمامها(‪ ،)2‬ما لم تكن تلك‬
‫القرينة جوهرية بحيث لو تعرضت لها المحكمة وبحثتها لتغير وجهة الرأي فاي الادعوى‪ ،‬وبالتاالي‬

‫(‪ )5‬عبد الرزاق السنهوري‪ ،‬مرجع سابق‪،‬‬


‫(‪ )0‬عائدة عبد الملك عبد الفتاح الشامي‪ ،‬قواعد وإجاراءات اإلثباات فاي القاانون اليمناي دراساة مقارناة‪ ،‬بالفقاه‬
‫اإلسالمي‪ ،‬ط (بدون)‪ ،‬مركز الصالحي الحديث‪ ،‬تعز – ‪0222‬م‪.‬‬
‫(‪ )3‬عبد الحميد الشواربي‪ ،‬مرجع سابق‪،‬‬
‫(‪ )4‬مصطفى محمد الدغيدي‪ ،‬مرجع سابق‪،‬‬
‫(‪ )1‬السنهوري‪ ،‬مرجع سابق‪،‬‬
‫(‪ )2‬عماد محمد ربيع‪ ،‬مرجع سابق‪،‬‬
‫(‪ )1‬عبد الحكيم فوده‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬رمضان أبو السعود‪ ،‬مرجع سابق‪،‬‬
‫(‪ )2‬رمضان أبو السعود‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬نفس اإلشارة‪.‬‬

‫العدد (‪ )51‬ديسمبر ‪0202‬م‬ ‫‪34‬‬


‫إعداد ‪ :‬صالح يحيى هادي النفيش‬ ‫حجية اإلثبات بالقرائن القضائية في الفقه اإلسالمي والقانون اليمني (دراسة تحليلية)‬

‫يكون حكمها مشوب بالقصور مما يستوجب نقضه(‪.)5‬‬


‫ويجب على القاضي أن يراعي في عملياة االساتنباط منتهاى الحارص وضارورة اساتخدام‬
‫المنطق السليم‪ ،‬وذلك ألن استخدام قواعد المنطق في االستنباط هو الذي يمكننا من االنتقال مان‬
‫المعلوم إلى المجهول انتقاالً سليماً ال شبهة فيه‪ ،‬وكذلك يجب أن يكون استنباط الواقعاة المجهولاة‬
‫من الواقعة المعلومة الثابتة متسقاً مع باقي ظروف الواقعة واألدلة األخرى(‪.)0‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬شروط تطبيق أركان القرينة‬
‫يوجد عدة شروط يشترط توافرها عند تطبيق أركان القرينة القضائية‪ ،‬وهي كما يلي‪:‬‬
‫‪ -5‬ارتباط الدالئل المعلومة بالواقعة المجهولة‪ :‬يجب أن توجد صلة بين األمر الثابت والقريناة التاي‬
‫أخذت منه عملية االستنباط واالستنتاج‪ ،‬وذلك باستخراج المعاني من النصوص والوقائع بالتأمل‬
‫والتفكير الناشئ عن فرط الذهن‪ ،‬وقوة القريحة‪ ،‬وهذه الصلة بين القرينة وبين األمر المصاحب‬
‫لها تختلف من حالة إلى أخرى‪ ،‬ولكن بشرط أن تكون العالقة قوية بينهما‪ ،‬وتقوم علاى أسااس‬
‫سليم‪ ،‬ومنطق قويم‪ ،‬وال يعتمد على مجرد الوهم والخيال‪ ،‬أو الصالة الوهمياة الضاعيفة‪ ،‬ألن‬
‫المهم أن يكون عند اإلنسان علماً في الدعوى يكاد أن يصل أو يماثل العلم الحاصل من الشاهود‬
‫أو غير ذلك من األدلة األخرى‪ ،‬وهذا يحصل بالتأكد من قوة المصااحبة والمقارباة باين األمار‬
‫الظاهر أو الثابت وبين القرينة المستنبطة منه(‪.)3‬‬
‫‪ -0‬يشترط في ت لك الدالئل أن تكون ثابتة ثبوتاً يقينياً‪ :‬يجب أن تكون الدالئل ثابتة ثبوتاً يقينياً علاى‬
‫سبيل الجزم والتأكيد وال تحتمل الجدل ألنها األساس الذي سيقام عليه الدليل وال يصاح إقاماة‬
‫الدليل على داللة مشكوك فيها(‪.)4‬‬
‫‪ -3‬كما يشترط أن تكون هذه الدالئل محددة بدقة‪ :‬ال بد أن تكاون الادالئل محاددة بشاكل دقياق‬
‫وواضح‪ ،‬وذلك حتى تسهل عملية االستنباط وتؤدي إلى استقامته‪ ،‬فبيان أوصااف المساروقات‬
‫مثالً وبيان عالماتها المميزة لها بشكل دقيق ومفصَل‪ ،‬يؤدي ذلك عند العثور عليها ماع الماتهم‬

‫(‪ )5‬الطعن رقم ‪ 442‬سنة ع ق جلسة ‪5912/50/1‬م‪ ،‬مجموعة القواعد القانونية‪ ،‬مرجع سابق‪،‬‬
‫(‪ )0‬عماد محمد أحمد الربيع‪ ،‬مرجع سابق‪،‬‬
‫(‪ )3‬عبد الحميد الشورابي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬د‪ /‬محمد الزحيلي‪ ،‬مرجع سابق‪،‬‬
‫(‪ )4‬عماد محمد أحمد ربيع‪ ،‬مرجع سابق‪،‬‬

‫العدد (‪ )51‬ديسمبر ‪0202‬م‬ ‫‪34‬‬


‫إعداد ‪ :‬صالح يحيى هادي النفيش‬ ‫حجية اإلثبات بالقرائن القضائية في الفقه اإلسالمي والقانون اليمني (دراسة تحليلية)‬

‫بنفس هذه األوصاف والعالمات المميزة إلى صالحية اعتبارها واقعة مختارة لالستنباط منها(‪.)5‬‬
‫‪ -4‬يشترط أن تكون األوراق الخاصة بالوقائع األخرى التي اعتماد عليهاا القاضاي مقدماة ضامن‬
‫مستندات الدعوى‪ :‬فإذا كان للقاضي الحرية في استنباط القرينة القضائية‪ ،‬حتى ولو من وقاائع‬
‫خارج الدعوى‪ ،‬إال أنه يشترط لذلك أن تكاون األوراق الخاصاة بهاذه الوقاائع مقدماة ضامن‬
‫مستندات الدعوى؛ وذلك حتى يستطيع الخصم الذي يحتج عليه بالقرينة فرصة مناقشتها ودحضها(‪.)0‬‬
‫‪ -1‬كما يشترط في الدالئل أن تكون صحيحة غير مضللة أو مفتعلة‪ :‬يجاب أن تكاون هاذه الادالئل‬
‫صحيحة غير مضللة أو مفتعلة‪ ،‬وذلك حتى يكون االستنباط منهاا مطابقااً للحقيقاة الواقعياة‪،‬‬
‫وعلى القاضي أن يتأكد من أن هذه الدالئل صحيحة لم ترتكب ولم يعبث بها أحد(‪.)3‬‬

‫المبحث الثاني‬
‫حجية القرائن القضائية‬
‫المطلب األول‪ :‬حجية القرائن القضائية في الفقه اإلسالمي‬
‫لم تكن حجية القرائن بشكل عام بما في ذلك القرائن القضائية محل اتفااق عناد فقهااء الشاريعة‬
‫اإلسالمية‪ ،‬وإنما كانت محل خالف بينهم‪ ،‬ولهم فيها مذهبان‪:‬‬

‫المذهب األول‪ :‬يرى مشروعية العمل بالقرائن‪ ،‬وأقام الحجة على مذهبه من الكتاب والسنة والمعقول‪.‬‬

‫المذهب الثاني‪ :‬يذهب إلى عدم اعتبار العمل بالقرائن واستدل على مذهبة بالسند المعقول‪.‬‬
‫وسوف نقوم بعرض هذين المذهبين ونبين حجج كال الفريقين وذلك في الفرعين التاليين‪:‬‬
‫الفرع األول‪ :‬مذهب وأدلة القائلين بمشروعية القرائن‪:‬‬
‫ذهب جمهور الفقهاء إلى جواز األخذ بالقرائن واالعتماد عليها كدليل من أدلة اإلثبات الشرعية‪،‬‬
‫وذلك على اختالف بينهم فيما يعد قرينة صالحة لالحتجاج بها وما ليس كذلك(‪ ،)4‬وممن صرح بذلك‬

‫(‪ )5‬مرجع سابق‪ ،‬نفس اإلشارة‪.‬‬


‫(‪ )0‬عبد الحكيم فودة‪ ،‬مرجع سابق‪،‬‬
‫(‪ )3‬عماد محمد أحمد الربيع‪ ،‬مرجع سابق‪،‬‬
‫(‪ )4‬بجاش سرحان المخالفي‪ ،‬مرجع سابق‪،‬‬

‫العدد (‪ )51‬ديسمبر ‪0202‬م‬ ‫‪34‬‬


‫إعداد ‪ :‬صالح يحيى هادي النفيش‬ ‫حجية اإلثبات بالقرائن القضائية في الفقه اإلسالمي والقانون اليمني (دراسة تحليلية)‬

‫ابن القيم الجوزية وابن تيمية من الحنابلة‪ ،‬وبدر الدين ابن الغرس والزيلعي وابن عابدين من‬
‫(‪)5‬‬
‫الحنفية‪ ،‬وابن فرحون من المالكية‪ ،‬كما صرح بها ابن القاسم العنسي اليماني من الزيدية ‪.‬‬
‫أدلتهم من الكتاب‪:‬‬
‫‪ -5‬قوله تعالى‪( :‬وجاءوا على قميصه بدم كذب)(‪.)0‬‬
‫وجه الداللة في اآلية‪ :‬أن أخوة يوسف عليه السالم جعلوا الدم ليكون قرينة على صدقهم فيماا‬
‫يدعون من أكل الذئب ليوسف عليه وعلى نبينا أفضل السالم إال أن هذه القرينة قابلتها قريناة‬
‫أخرى أقوى منها تعارضها‪ ،‬وهي سالمة القميص من التمزيق والتخريق ولذا يروى أن يعقاوب‬
‫عليه السالم – لما وصل إلى سمعه ما كان من كيدهم‪ ،‬طلب منهم القمايص فلماا شااهده‬
‫الحظ أن القميص سليماً‪ ،‬فقال لهم‪ :‬متى كان الذئب حليماً‪ ،‬يأكل يوسف‪ ،‬وال يخرق قميصه‪،‬‬
‫وقد استدل الفقهاء بهذه اآلية في إعمال اإلماارات فاي مساائل فقهياة كالقساامة وغيرهاا‪،‬‬
‫وأجمعوا على أن يعقوب عليه السالم استدل على كذبهم‪ ،‬بسالمة القميص‪ ،‬وهكذا يجب على‬
‫الناظر أن يلحظ األمارات والعالمات إذا تعارضت‪ ،‬فما ترجح منها قضاى بجاناب التارجيح‪،‬‬
‫وهي قوة التهمة وال خالف بالحكم بها(‪.)3‬‬

‫‪ -0‬قوله تعالى‪ :‬في قصة يوسف عليه وعلى نبينا أفضل الصالة والسالم‪« ،‬قال هي راودتني عان‬
‫نفسي وشهد شاهد من أهلها إن كان قميصه قد من قبل فصدقت وهو من الكااذبين وإن كاان‬
‫قميصه قد من دبر فكذبت وهو من الصادقين فلما رأى قميصه قد من دبر قال إنه من كيدكن‬
‫إن كيدكن عظيم»(‪.)3‬‬
‫وجه الداللة‪ :‬أن الشاهد جعل من قد القميص أمارة وعالمة على صدق اإلدعاء أو نفيه‪ ،‬فقاد‬
‫القميص من القبل دليل على صدق المرأة‪ ،‬فيما ادعته على يوسف عليه السالم مان أناه أراد‬
‫بها سوءاً‪ ،‬وأما قد القميص من الدبر أي من الخلف فيدل على كذبها وتصديقاً لسيدنا يوسف‬

‫(‪ )5‬الطرق الحكمية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬تبصرة الحكام‪ ،‬في أصول األقضية ومناهج األحكام‪ ،‬أبي الوفاء إبراهيم بن شامس‬
‫الدين بن عبد اهلل بن محمد بن فرحون المالكي‪ ،‬ج‪ 0‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بيروت‪ ،‬التاج المذهب ألحكام المذهب‪،‬‬
‫شرح متن األزهار للقاضي أحمد بن قاسم العنسي‪ ،‬ج‪ ،4‬ص‪ ،554‬دار الحكمة اليمانية‪ ،‬صنعاء‪.‬‬
‫(‪ )0‬سورة يوسف‪ :‬اآلية‪.52 :‬‬
‫(‪ )3‬محمد بن أحمد بن أبي بكر القرطبي‪ ،‬تفسير القرطبي‪ ،‬الجامع ألحكام القرآن‪ ،‬ج‪،9‬دار الفكر بيروت‪5452 ،‬ها‪.‬‬
‫(‪ )4‬سورة يوسف اآليتان‪.)02-02( :‬‬

‫العدد (‪ )51‬ديسمبر ‪0202‬م‬ ‫‪33‬‬


‫إعداد ‪ :‬صالح يحيى هادي النفيش‬ ‫حجية اإلثبات بالقرائن القضائية في الفقه اإلسالمي والقانون اليمني (دراسة تحليلية)‬

‫عليه وعلى نبينا الصالة والسالم في دفعه للتهمة(‪ .)5‬قال ابن القيم‪ :‬توصل بقد القمايص إلاى‬
‫تمييز الصادق منهما من الكاذب‪ ،‬وهذا اللوث في أحد المتنازعين يبين به أوالهما بالحق(‪.)0‬‬
‫يقول الدكتور محمد الزحيلي‪ :‬ويعترض على هذا االستدالل بأنه شرع من قبلنا فال يكون شرع لناا‪،‬‬
‫والجواب منه‪ ،‬أن علماء األصول قرروا أن شرع من قبلنا شرع لنا إذا ورد فاي شاريعتنا ماا يؤياده‬
‫ويدعمه وقد ورد في القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة العمل بالقرائن في كثير من المناسبات(‪.)3‬‬

‫‪ -3‬قوله اهلل تعالى‪ :‬بشأن عدة المطلقات‪( :‬والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثالثة قروء‪.)4()..‬‬
‫وجه الداللة‪ :‬أن اهلل سبحانه وتعالى ألزم المطلقات أن يتربصان بأنفساهن ثالثاة قاروء فاإذا‬
‫انقضت هذه القروء الثالثة‪ ،‬فقد اعتبرها الشارع الحكيم قرينة على باراءة رحام المارأة مان‬
‫الحمل‪ ،‬وبالتالي انقضاء عدتها وعلى ذلك فالقرائن مما يجوز العمل بها(‪.)1‬‬

‫‪ -4‬قوله تعالى‪( :‬حتى إذا جاء أمرنا وفار التنور قلنا احمل فيها من كل زوجين اثنين وأهلك إال من‬
‫سبق عليه القول ومن آمن وما آمن معه إال قليل)(‪.)3‬‬
‫وجه الداللة في اآلية‪ :‬أن اهلل عز وجل جعل فور التنور عالمة أي قرينة لسيدنا نوح عليه السالم‬
‫على حلول الغرق بقومه(‪.)1‬‬
‫‪ -1‬قول اهلل تعالى على لسان سيدنا زكريا عليه السالم‪( :‬قال رب اجعل لي آية قال آيتك أال تكلام‬
‫الناس ثالثة أيام إال رمزاً)(‪.)2‬‬
‫وجه الداللة من اآلية‪ :‬أن اهلل تعالى جعل منع زكريا عليه وعلى نبينا أفضل الصالة والسالم من‬
‫الكالم ثالثة أيام إال رمزًا عالمة قرينة على هبة الولد(‪.)9‬‬

‫(‪ )5‬محمد الزحيلي‪ ،‬مرجع سابق‪،‬‬


‫(‪ )0‬الطرق الحكمية‪ ،‬مرجع سابق‪،‬‬
‫(‪ )3‬محمد الزحيلي‪ ،‬مرجع سابق‪،‬‬
‫(‪ )4‬سورة البقرة‪ ،‬من اآلية‪.02 :‬‬
‫(‪ )1‬بجاش سرحان المخالفي‪ ،‬مرجع سابق‪،‬‬
‫(‪ )2‬سورة هود‪ ،‬اآلية‪.42 :‬‬
‫(‪ )1‬بجاش سرحان المخالفي‪ ،‬مرجع سابق‪،‬‬
‫(‪ )2‬سورة آل عمران‪ ،‬اآلية‪.45 :‬‬
‫(‪ )9‬بجاش سرحان المخالفي‪ ،‬مرجع سابق‪،‬‬

‫العدد (‪ )51‬ديسمبر ‪0202‬م‬ ‫‪33‬‬


‫إعداد ‪ :‬صالح يحيى هادي النفيش‬ ‫حجية اإلثبات بالقرائن القضائية في الفقه اإلسالمي والقانون اليمني (دراسة تحليلية)‬

‫أدلتهم من السنة‪:‬‬
‫‪ -5‬ما روي عن أبي هريرة رضي اهلل تعالى عنه أن رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم قاال‪( :‬ال‬
‫تنكح األيم حتى تستأمر‪ ،‬وال تنكح البكر حتى تسأذن‪ ،‬قالوا يا رساول اهلل وكياف أذنهاا‬
‫قال‪ :‬أن تسكت)(‪.)5‬‬
‫وجه الداللة في الحديث‪:‬‬
‫أن النبي صلى اهلل عليه وسلم قد أقام سكوت البكر مقام إذنها في القول‪ ،‬وبالتالي فتصابح‬
‫الشهادة على قبولها‪ ،‬بناء على مجرد السكوت‪ ،‬وال شك أن هذا الحكم ما هو إال إعماال للقريناة‪،‬‬
‫ولذا فالقرينة طريق من طرق الحكم شأنها في ذك شأن الشهادة ونحوها(‪.)0‬‬

‫‪ -0‬ما روي عن أبي هريرة رضي اهلل تعالى عنه أن رسول اهلل صالى اهلل علياه وسالم قاال‪:‬‬
‫« كانت امرأتان معهما ابنهما‪ ،‬فجاء ذئب فذهب بابن أحدهما‪ ،‬فقالات لصااحبتها‪ :‬إنماا‬
‫ذهب بابنك‪ ،‬وقالت األخرى‪ :‬إنما ذهب بابنك فتحاكمتا إلى داود عليه السالم فقضى باه‬
‫للكبرى‪ ،‬فخرجتا على سليمان بن داود عليهما السالم فأخبرتاه فقاال ائتاوني بالساكين‬
‫أشقه بينهما فقالت الصغرى ال تفعل يرحمك اهلل هو ابنها فقضى به للصغرى(‪.»)3‬‬
‫وجه االستدالل‪ :‬إن قوله عليه الصالة والسالم حكاية عن الصغرى (ال تفعل يرحمك اهلل) داللة علاى‬
‫كون الولد ولدها‪ ،‬وذلك لما ظهر منهما من الشفقة والرحمة التي وضعها اهلل تعالى في قلاب األم‪،‬‬
‫فلم ترضى بالشق‪ ،‬ونسبت الولد للكبرى‪ ،‬ومن خالل هذه الشفقة والرحمة التاي جبلات األم عليهاا‬
‫وقسوة الكبيرة التي لم تكن تقصد سوى التشفي من الصغرى ظهر لنبي اهلل سليمان عليه السالم أن‬
‫الولد هو ابن الصغرى‪ ،‬مستعمالً في ذلك تلك القرينة‪.‬‬
‫كما أن في الحديث دليل على أن القرائن‪ ،‬قد تكون أقوى من االعتراف‪ ،‬أو اإلقرار ويظهر ذلك مان‬
‫الحديث‪ ،‬حيث أن سليمان عليه السالم قضى به للصغرى رغم قولها له ال تفعل يرحمك اهلل إنما هو ابنها)‪.‬‬

‫‪ -3‬ما روي عن عبد الرحمن بن عوف – رضي اهلل عنه – أن ابني عفراء تداعيا قتل أباي‬

‫(‪ )5‬صحيح مسلم‪ ،‬بشرح النووي‪ ،‬كتاب النكاح‪ ،‬باب استئذان الثيب في النكاح باالنطق والبكار بالساكوت‪ ،‬ج‪ ،9‬ط‪،0‬‬
‫دار إحياء التراث العربي‪ ،‬بيروت‪5302 ،‬ها‪.‬‬
‫(‪ )0‬بجاش سرحان المخالفي‪ ،‬مرجع سابق‪،‬‬
‫(‪ )3‬شرح النووي على صحيح مسلم‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ج‪،50‬‬

‫العدد (‪ )51‬ديسمبر ‪0202‬م‬ ‫‪33‬‬


‫إعداد ‪ :‬صالح يحيى هادي النفيش‬ ‫حجية اإلثبات بالقرائن القضائية في الفقه اإلسالمي والقانون اليمني (دراسة تحليلية)‬

‫جهل يوم بدر فقال لهما رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم‪« :‬هل مسحتما سيفيكما فقاال‪ :‬ال‬
‫فقال‪ :‬أرياني سيفيكما فلما نظر إليهما قال‪ :‬كالكما قتله‪ ،‬وقضى بسلبه لمعاذ بن عمر بن‬
‫الجموح والرجالن معاذ بن عمرو بن الجموح ومعوذ بن عفراء»(‪.)5‬‬
‫وجه االستدالل‪ :‬أن النبي صلى اهلل عليه وسلم قضى بالسلب ألحدهما‪ ،‬اعتماداً على أثار‬
‫الدم الذي كان على السيف‪ ،‬في تمييز السابق بالفعل‪ ،‬فأثر الدم رتب عليها الشارع حكماً‬
‫شرعياً‪ ،‬وهو القضاء بالسلب‪ ،‬وهذا يدل على مشروعية الحكم بالقرائن(‪.)0‬‬
‫‪ -4‬ما روي عن أبي موسى رضي اهلل تعالى عنه‪( :‬أن رجلين اختصما في دابة ولايس لواحاد‬
‫منهما بينه‪ ،‬فقضى بها رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم بينهما نصفين)(‪.)3‬‬
‫وجه الداللة‪ :‬أن الرسول – صلى اهلل عليه وسلم – حكام بالداباة لهماا لوجاود الياد‬
‫منهما‪ ،‬واليد قرينة وعالمة على الملك‪ ،‬فجعلهاا النباي – صالى اهلل علياه وسالم –‬
‫يبينهما الستوائهما في الملك واليد‪ ،‬وذلك أن المدعيين ال يستحقان الدابة بمجرد الدعوى‬
‫للحديث الشريف (لو يعطي الناس بدعواهم) وإنما كانت لهما بينة عليها‪ ،‬وهي وضع اليد‪،‬‬
‫وتعد قرينة‪ ،‬إذا فالقرينة حجة في اإلثبات وهذا يدل على مشروعية القرينة(‪.)4‬‬
‫‪ -1‬ما روي أن رجالً سأل رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم عن اللقطة‪ ،‬فقال‪« :‬أعرف وكاءها‬
‫وعفاصها‪ ،‬ثم عرفها سنة‪ ،‬فإن لم تعرف‪ ،‬فستنفقها‪ ،‬ولتكن وديعة عندك فإذا جاء طالبها‬
‫يوماً من الدهر فأدها إليه»(‪.)3‬‬
‫وجه الداللة‪ :‬إن رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم أمر الرجل أن يعرف اللقيطاة سانة فاإذا‬
‫حضر صاحبها فعرف وكاءها وعفاصها لزم الملتقط الادفع بالصافة‪ ،‬وال شاك أن هاذا‬
‫الحكم عمل بالقرائن(‪.)2‬‬
‫فمعرفة الوعاء والرباط والعدد‪ ،‬دليل على صحة قول مدعي اللقطة‪ ،‬ووصف اللقطة قرينة‬

‫(‪ )5‬مرجع سابق‪ ،‬ج‪50‬‬


‫(‪ )0‬تبصرة الحكام‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ج‪،0‬‬
‫(‪ )3‬محمد بن إسماعيل األمير الصنعاني‪ ،‬سبل السالم‪ ،‬شارح بلاوا المارام‪ ،‬ج‪ ،4‬ص‪ ،533‬مكتباة الباابي الحلباي‪،‬‬
‫القاهرة‪5922 ،‬م‪.‬‬
‫(‪ )4‬محمد الزحيلي‪ ،‬مرجع سابق‪،‬‬
‫(‪ )1‬شرح النووي على صحيح مسلم‪ ،‬ج‪ ،50‬مرجع سابق‪.‬‬
‫(‪ )2‬بجاش المخالفي‪ ،‬مرجع سابق‪،‬‬

‫العدد (‪ )51‬ديسمبر ‪0202‬م‬ ‫‪33‬‬


‫إعداد ‪ :‬صالح يحيى هادي النفيش‬ ‫حجية اإلثبات بالقرائن القضائية في الفقه اإلسالمي والقانون اليمني (دراسة تحليلية)‬

‫مصاحبة ومالزمة لها تقوم مقام البينة‪ ،‬وهذا دليل على مشروعية القضاء بالقرائن(‪.)5‬‬

‫قال ابن القيم‪ :‬فجعل وصفه لها قائماً مقام البينة‪ ،‬بل ربما يكون وصفه لها أظهر وأصدق من البينة(‪.)0‬‬
‫استداللهم بالمعقول‪-:‬استدل القائلون بمشروعية القرائن بالمعقول وذلك من وجوه‪:‬‬
‫الوجه األول‪ :‬أن القرائن تدخل في نطاق مفهوم البينة بمعناه العام‪ ،‬أي أن البينة أمس لكل ما يباين‬
‫الحق ويظهره(‪.)3‬‬

‫الوجه الثاني‪ :‬يقول ابن القيم – رحمه اهلل – (ال يتمكن المفتي وال الحاكم من الفتاوى والحكام‬
‫بالحق‪ ،‬إال بنوعين من الفهم‪:‬‬
‫أوالً‪ :‬فهم الواقع‪ ،‬والفقه فيه‪ ،‬واستنباط ما وقع من القرائن واألمارات حتى يحيط بها علماً‪.‬‬
‫ثانياً ‪ :‬فهم الواجب في الواقع‪ ،‬وهو فهم حكم اهلل الذي حكم به في كتابه أو على لسان نبياه علياه‬
‫الصالة والسالم في هذه الوقائع‪ ،‬ثم يطبق أحدهما على اآلخر‪ ،‬فمن بذل جهده واستفرا وسعه‬
‫في ذلك لم يعدم أجرين أو أجراً فالعالم من يتوصل بمعرفة الوقائع والتفقه فيهاا‪ ،‬إلاى معرفاة‬
‫حكم اهلل ورسوله كما توصل شاهد يوسف بشق القميص من الادبر إلاى معرفاة باراءة يوساف‬
‫وصدقه(‪.)4‬‬
‫الثالث ‪ :‬أن إهدار العمل بالقرائن في الشرع كلية يعطال كثياراً مان األحكاام‪ ،‬ويضايع كثياراً مان‬
‫الحقوق(‪.)1‬‬
‫الرابع‪ :‬أنه من غير المعقول أن يلغي الشارع اعتبار القرائن‪ ،‬السيما إذا علمنا أن مقصود الشارع هو تحقياق‬
‫العدل‪ ،‬بين الناس وهو ال يتحقق إال باالعتماد على القرائن وغيرها من طرق اإلثبات األخرى(‪.)2‬‬

‫(‪ )5‬محمد الزحيلي‪ ،‬المرجع السابق‪،‬‬


‫(‪ )0‬الطرق الحكمية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.52‬‬
‫(‪ )3‬بجاش سرحان المخالفي‪ ،‬مرجع سابق‪،‬‬
‫(‪ ) 4‬محمد بن أبي بكر الزرعي‪ ،‬الدمشقي‪ ،‬المشهور بابن القيم الجوزياه‪ ،‬إعاالم الماوقعين عان رب العاالمين‪ ،‬ج‪،5‬‬
‫ط(‪ ،)5‬دار البيان دمشق‪5405 ،‬ها ‪.‬‬
‫(‪ )1‬بجاش سرحان المخالفي‪ ،‬المرجع السابق‪،‬‬
‫(‪ )2‬المرجع السابق‪ ،‬نفس اإلشارة‪.‬‬

‫العدد (‪ )51‬ديسمبر ‪0202‬م‬ ‫‪33‬‬


‫إعداد ‪ :‬صالح يحيى هادي النفيش‬ ‫حجية اإلثبات بالقرائن القضائية في الفقه اإلسالمي والقانون اليمني (دراسة تحليلية)‬

‫الفرع الثاني‪ :‬مذهب وأدلة المانعين‬


‫ذهب هذا الفريق من العلماء إلى منع العمل بالقرائن‪ ،‬وذهب إلى هذا الارأي الرملاي وابان‬
‫نجيم‪ ،‬وصاحب تكمله رد المحتار على الدر المختار‪ ،‬من الحنفية والشيعة الجعفرية(‪.)5‬‬

‫واستدل القائلون بعدم مشروعية العمل بالقرائن بأدلة من السنة كما استدلوا بالمعقول‪.‬‬

‫األدلة من السنة‪:‬‬
‫‪ -5‬عن ابن عباس رضي اهلل تعالى عنهما قال‪ :‬قال رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم‪ :‬لو كنات راجمااً‬
‫أحداً‪ ،‬بغير بينة لرجمت فالنه‪ ،‬فقد ظهر منها الريبة في منطقها وهيئتها ومن يدخل عليها(‪.)0‬‬
‫وجه الداللة‪ :‬لو جاز العمل بالقرائن ألقام النبي صلى اهلل عليه الحد على المارأة‪ ،‬بماا يثبات‬
‫لديه من أمارات وقوع الزنا منها‪ ،‬ولكنه لم يعمل به‪ ،‬فال يعمل بالقرائن(‪.)3‬‬
‫وقد نوقش هذا االستدالل‪ :‬من قبل المثبتين للعمل بالقرائن‪ ،‬بأنا ال نسالم أن الرساول صالى‬
‫اهلل عليه وسلم لم يحكم على المرأة لعدم جواز العمل بالقرائن‪ ،‬وإنما ألن الزنا يتم عاادة فاي‬
‫الخفاء‪ ،‬ويحتاج في إثبات الزنا إلى أربعة شاهود‪ ،‬كماا أن القارائن ال تخلاو مان الشابهات‪،‬‬
‫والحدود تدرأ بها‪ ،‬كما أن الحديث حجة عليهم‪ ،‬ألن النبي عليه الصالة والسالم صرح بأنه ال‬
‫يرجم بغير بينة‪ ،‬والقرائن بينه ولكن هذه القرائن واألمارات التي ظهارت منهاا ليسات قوياة‬
‫الداللة‪ ،‬بحيث يثبت بها الحكم بالحدود‪ ،‬ولو سلمنا منع العمل بالقرائن في نطااق الحادود‪،‬‬
‫فال يعني ذلك عدم االحتجاج بها في غير الحدود(‪.)4‬‬
‫‪ -0‬روى أبو هريرة رضي اهلل عنه‪( :‬أن رجالً أتى النبي صلى اهلل عليه وسلم فقال‪ :‬يا رسول اهلل ولد‬
‫لي غالم أسود‪ ،‬فقال له النبي صلى اهلل عليه وسلم‪ :‬هل لك من إبل؟ قال‪ :‬نعم‪ ،‬قال‪ :‬ما لونهاا؟‬
‫قال حمر‪ .‬قال‪ :‬هل فيها من أورق؟ قال‪ :‬نعم‪ .‬قال‪ :‬فأنى ذلك؟ قال‪ :‬لعله نزعة عرق‪ .‬قال‪ :‬فلعال‬

‫(‪ )5‬محمد بن عمر بن عبد العزيز عابدين‪ ،‬تكملة در المحتار على الدر المختار‪ ،‬حاشاية ابان عابادين‪ ،‬ج‪ 1‬ط‪ ،5‬دار‬
‫إحياء التراث‪ ،‬البحر الرائق‪ ،‬شرح كنز الدقائق لزين الدين الدين بن إبراهيم نجيم‪ ،‬الحنفي‪ ،‬ج‪ ،1‬ط(‪ ،)5‬تحقيق‬
‫أحمد عزو عناية الدمشقي‪ ،‬دار إحياء التراث العربي‪ ،‬بيروت‪5400 ،‬ها‪ ،‬األشباه والنظائر على مذهب أبي حنيفة‬
‫النعمان‪ ،‬لزين الدين بن إبراهيم بن نجيم‪ ،‬ط(‪ ،)5‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بيروت‪5402 ،‬ها‪.‬‬
‫(‪ )0‬محمد بن علي الشوكاني‪ ،‬نيل االوطار‪ ،‬شرح منقى األخبار‪ ،‬من أحادياث سايد األخياار‪ ،‬ج‪ ،1‬ط(‪ ،)5‬دار إحيااء‬
‫التراث العربي‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪0225 ،‬م‪.‬‬
‫(‪ )3‬بجاش سرحان المخالفي‪ ،‬مرجع سابق‪،‬‬
‫(‪ )4‬محمد الزحيلي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬بجاش سرحان المخالفي‪ ،‬المرجع السابق‪،‬‬

‫العدد (‪ )51‬ديسمبر ‪0202‬م‬ ‫‪33‬‬


‫إعداد ‪ :‬صالح يحيى هادي النفيش‬ ‫حجية اإلثبات بالقرائن القضائية في الفقه اإلسالمي والقانون اليمني (دراسة تحليلية)‬

‫ابنك هذا نزعه عرق(‪.)5‬‬

‫وجه الداللة‪ :‬أن النبي عليه الصالة والسالم لم يأخذ بحكم قرنية الشابه باين الولاد وصااحب‬
‫األبل‪ ،‬مما يعني عدم االعتبار بالقرائن‪ ،‬وبالتالي عدم مشروعيتها(‪.)0‬‬
‫وقد نوقش هذا االستدالل‪ :‬بأن قرينة الفراش أقوى مان قرنياة الشابهة‪ ،‬إذ يحتمال أن‬
‫يكون الشبه ناشئاً عن تأثره بأحد أجداده‪ ،‬وال يعني ذلك أن النبي صالى اهلل علياه وسالم‪ ،‬لام‬
‫يعتمد الشبه مطلقا بل في الحديث ما يدل على اعتبار الشبهة‪ ،‬فإنه صلى اهلل عليه وسلم أحاال‬
‫على نوع آخر من الشبه وهو نزع العرق‪ .‬وهذا الشبهة أولى لقوته بالفراش(‪.)3‬‬

‫أدلتهم من المعقول‪:‬‬
‫استدل المانعون للقضاء بالقرائن بالمعقول من ثالثة وجوه‪:‬‬
‫الوجه األول‪ :‬أن القرائن ليست مضطردة الداللة وال منضبطة فال يثبت بها حكم(‪.)4‬‬

‫ونوقش‪ :‬بأن القضاء بالقرائن‪ ،‬يقتصر على القرائن القوية التي ال شاك فاي قوتهاا وداللتهاا علاى‬
‫المقصود‪ ،‬ولذلك نص الفقهاء على رد الدعوى‪ ،‬إذا كان ظاهر الحال أو الواقع يكاذبها كمان يقار‬
‫بنسب مجهول أكبر منه سناً‪ ،‬ومن يعترف بقتل شخص‪ ،‬وهو على قيد الحياة‪ ،‬أو اعترف بقطع يادٍ‬
‫مع أن يداه سليمة(‪.)1‬‬

‫الوجه الثاني‪ :‬أن القرائن قد تبدو قوية عند القضاء ثم تتالشى أو يعتريها الضعف‪.‬‬

‫وقد نوقش ذلك‪ :‬بأن العبرة بقوة القرينة يكون وقت القضااء بهاا‪ ،‬وال ينظار أو يانقض الحكام إذا‬
‫تغيرت قوة القرينة‪ ،‬كما ال ينقض الحكم بعد صدوره برجوع الشهود ماثالً‪ ،‬أو برجاوع المقار عان‬
‫إقراره في حقوق العباد(‪ .)2‬كما أن وسائل اإلثبات كلها ليست قطعية الداللة وإنماا هاي ظنياة تفياد‬

‫(‪ )5‬شرح النووي على صحيح مسلم‪ ،‬كتاب اللعان‪ ،‬ج‪ ،52‬مرجع سابق‪.‬‬
‫(‪ )0‬بجاش سرحان المخالفي‪ ،‬مرجع سابق‪،‬‬
‫(‪ )3‬الطرق الحكمية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬بجاش سرحان المخالفي‪ ،‬مرجع سابق‪،‬‬
‫(‪ )4‬محمد الزحيلي‪،‬مرجع السابق‪ ،‬بجاش سرحان المخالفي‪ ،‬مرجع السابق‪،‬‬
‫(‪ )1‬محمد الزحيلي‪ ،‬مرجع السابق‪ ،‬نفس اإلشارة‪ ،‬بجاش سرحان المخالفي‪ ،‬مرجع السابق‪،‬‬
‫(‪ )2‬بجاش سرحان المخالفي‪ ،‬مرجع سابق‪،‬‬

‫العدد (‪ )51‬ديسمبر ‪0202‬م‬ ‫‪33‬‬


‫إعداد ‪ :‬صالح يحيى هادي النفيش‬ ‫حجية اإلثبات بالقرائن القضائية في الفقه اإلسالمي والقانون اليمني (دراسة تحليلية)‬

‫ترجيح جانب الصدق على الكذب‪ ،‬والواقع قد يكون العكاس‪ ،‬والقارائن ليسات فريادة فاي هاذا‬
‫المجال‪ ،‬بل إن الشهادة واإلقرار‪ ،‬يطرأ عليهما الضعف‪ ،‬ويعتريهما الشك‪ ،‬إذ قد يقع اإلقرار تحات‬
‫رغبة أو رهبة‪ ،‬وقد يشهد الشهود زوراً‪ ،‬وال يطلع أحد على ذلاك‪ ،‬وتظهار مان شاهادتهم الصاحة‬
‫والسالمة‪ ،‬ثم تسفر الحقيقة عن كذبه‪ ،‬فاحتمال الضعف فاي القارائن لايس خاصااً بهاا‪ ،‬وهاذا‬
‫االحتمال من القرائن القاطعة‪ ،‬ال يزيد عما يعتري الشهادة واإلقرار(‪.)5‬‬

‫الوجه الثالث‪ :‬أن القرائن تقوم على الظن والتخمين‪ ،‬والظن ليس دليالً‪ ،‬وأن القارآن الكاريم نادد‬
‫بإتباع الظن قال تعالى‪ ...( :‬إن يتبعون إال الظن وما تهوى األنفس ولقد جاءهم من ربهم الهادى)(‪،)0‬‬
‫وقال تعالى‪ ...( :‬وطائفة قد أهمتهم أنفسهم يظنون باهلل غير الحق ظن الجاهلية)(‪ ،)3‬وقاال تعاالى‪:‬‬
‫(‪ ...‬إن الظن ال يغني من الحق شيئاً)‪.‬‬

‫نوقش‪ :‬بأن الظن نوعان‪ ،‬قوى وضعيف‪ ،‬وأن المنهي عنه هو الظن الذي ال يقوم على أساس ويكاون‬
‫واهي الصلة والمصاحبة أو أن الظن المنهي عنه‪ ،‬هو في العقائد‪ ،‬والعقيدة ال تثبت بالظن باالتفاق(‪.)4‬‬

‫الرأي الراجح‪:‬‬
‫يبدو من عرض األدلة ترج يح أدلة القول األول لصحتها وقوتها في إثبات مشاروعية القارائن‬
‫والنصوص في القرآن الكريم والسنة الصحيحة أثبتت العمل بالقرائن واألمارات الظااهرة‪ ،‬والقاول‬
‫بترجيح أصحاب الرأي األول هو قول العديد من الفقهاء وذلك لما يلي‪:‬‬

‫أوالً‪ :‬لقوة أدلة هذا الفريق‪ ،‬كما أن النقد الذي وجه من قبل المانعين لم ينل من هذه الحجية‪.‬‬

‫ثانياً‪ :‬أن المانعين قد اعتمدوا على أدلة ضعيفة لم تصمد أمام النقد الذي وجه إليها‪.‬‬

‫ثالثاً‪ :‬إن في القول بمشروعية العمل بالقرائن من شأنه حفظ الحقوق من التعرض للضياع‪ ،‬خاصة‬

‫(‪ )5‬بجاش سرحان ‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬نفس اإلشارة‪ ،‬محمد الزحيلي‪ ،‬مرجع سابق‪،‬‬
‫(‪ )0‬سورة النجم‪ :‬اآلية‪.03 :‬‬
‫(‪ )3‬سورة آل عمران‪ :‬اآلية‪.514 :‬‬
‫(‪ )4‬محمد الزحيلي‪ ،‬مرجع سابق‪،‬‬

‫العدد (‪ )51‬ديسمبر ‪0202‬م‬ ‫‪34‬‬


‫إعداد ‪ :‬صالح يحيى هادي النفيش‬ ‫حجية اإلثبات بالقرائن القضائية في الفقه اإلسالمي والقانون اليمني (دراسة تحليلية)‬

‫إذا ما عجز المدعي عن إقامة الدليل على صحة دعواه(‪.)5‬‬

‫رابعاً‪ :‬ألخذ جميع المذاهب اإلسالمية بها‪ ،‬حتى أولئك القائلين بمنع العمل بهاا إذ أن كثياراً مان‬
‫األحكام في مذاهبهم تقوم على القرائن واألمارات والعالمات(‪.)0‬‬

‫خامساً‪ :‬أن القرائن تقوم على وقائع مادية‪ ،‬تولد لدى القاضي الذي يقوم باالستنباط ظناً يفوق في‬
‫داللته ا لشهادة أو اإلقرار‪ .‬هذا ومن خالل ما سبق يتضح أن القارائن القضاائية لهاا أصال‬
‫مشروعية في الشريعة اإلسالمية كما أن لها قوة اثباتية فيها‪ .‬فمتى كانت القريناة القضاائية‬
‫ذات داللة قوية في اإلثبات‪ ،‬بحيث تكون دالة على ما يطلب الحكم باه داللاة واضاحة باان‬
‫تصيره في حيز المقطوع فإنه في هذه الحالة يمكن اعتبارها دليالً مستقالً‪ ،‬فال تحتاج إلاى‬
‫دليل آخر يقويها(‪.)3‬‬

‫وسمت المجلة العدلية مثل هذه القرائن بالقرائن القاطعة وعرفتها‪ .‬وذلك في المادة (‪)5145‬‬
‫حيث نصت فيها على أن‪( :‬القرينة القاطعة هي اإلمارة البالغة حد اليقين) ووضحت هذه المادة معنى‬
‫هذه القرينة في عجزها بقولها‪( :‬مثالً إذا خرج رجل من دار خالية خائفاً مدهوشاً فاي ياده ساكين‬
‫ملوث بالدم‪ ،‬فدخلت الدار في الحال وشوهد فيها رجل مذبوح في ذلك الوقت‪ ،‬فال يشاتبه فاي أن‬
‫قاتله هو ذلك الرجل وال يلتفت إلى االحتماالت التي هي محض توهم كالقول بأن الرجل ربما قتل نفسه(‪.)4‬‬

‫فهذه القرائن القاطعة تجعل األمر في حيز المقطوع به‪ ،‬وبالتالي فهي وفقاً للنص الماذكور ال تقبال‬
‫إثبات العكس‪ ،‬ألنها عادة ما تقرر لحماية مصلحة جديرة بالحماية من الشارع‪ .‬فخروج الرجال كماا‬
‫في المثال من دار خالية‪ ،‬وعليه الخوف والدهشة‪ ،‬وفي يده سكين ملوث بالدم‪ ،‬ولم يكن في الادار‬
‫سوى رجل مذبوح في ذلك الوقت‪ ،‬قرينة قاطعة على أن ذلك الشخص هو القاتال‪ ،‬وهاي قريناة ال‬
‫تقبل إثبات العكس وهذا ما قررته المادة السالفة الذكر بقولها‪ :‬فال يشتبه فاي أن قاتلاه هاو ذلاك‬
‫الرجل وال يلتفت إلى االحتماالت التي هي محض توهم كالقول بأن الرجل ربما قتل نفسه‪.‬‬

‫(‪ )5‬بجاش سرحان المخالفي‪ ،‬مرجع سابق‪،‬‬


‫(‪ )0‬محمد الزحيلي‪ ،‬مرجع السابق‪،‬‬
‫(‪ )3‬بجاش سرحان المخالفي‪ ،‬مرجع سابق‪،‬‬
‫(‪ )4‬مجلة األحكام العدلية ‪،‬‬

‫العدد (‪ )51‬ديسمبر ‪0202‬م‬ ‫‪34‬‬


‫إعداد ‪ :‬صالح يحيى هادي النفيش‬ ‫حجية اإلثبات بالقرائن القضائية في الفقه اإلسالمي والقانون اليمني (دراسة تحليلية)‬

‫وللفقهاء في هذه المسألة رأيان(‪:)5‬‬


‫الرأي األول‪ :‬يذهب إلى جعلها قرينة قاطعة على إثبات القتل‪.‬‬
‫أما الرأي الثاني‪ :‬فقد ذهب إلى اعتبارها قرينة قوية على اللوث توجاب الحلاف علاى أوليااء الادم‬
‫والقضاء لهم‪.‬‬
‫وإذا كانت القرائن القاطعة كما سبق تجعل األمر في حيز المقطوع به‪ ،‬إال أنه يالحظ أن القاول‬
‫بعدم قبولها إلثبات العكس ليس صحيحاً على إطالقه‪ ،‬إذ أنه يمكن إثبات عكسها بأي دليل من أدلة‬
‫اإلثبات بما في ذلك القرائن نفسها(‪ .)0‬وإذا أمكن اعتبار القرينة القضائية دليل إثبات مستقل‪ ،‬وذلك‬
‫متى كانت قوية بحيث تصيِّر األمر في حيز المقطوع‪ ،‬إال أن القاضي ال يلجأ إليها إال عنادما يفقاد‬
‫األدلة والحجج الظاهرة أمامه‪ ،‬أو تكون األدلة المقدمة لديه غير مقنعة أو غير كافياة‪ ،‬ففاي هاذه‬
‫الحالة يضطر القاضي إلى البحث عن وسيلة أخرى لإلثبات‪ ،‬وإحقاق الحق وإقامة العدل فيلجأ إلاى‬
‫االستنباط واالستدالل للوصول إلى الحق‪ .‬وذلك ألن القرائن القضائية ما هاي إال وسايلة احتياطياة‬
‫لإلثبات عند فقد األدلة األخرى(‪.)3‬‬
‫ولجوء القاضي إلى االستنباط واالستدالل يعتمد على ما يتمتع باه مان فطناة وذكااء ودقاة‬
‫مالحظة ومعرفة أحوال الناس وأعرافهم‪ ،‬والظروف الملتوية التي يسلكها المتخاصمون في التحايال‬
‫على القضاة‪ ،‬ومن هنا كان القاضي مسئوالً مسئولية كاملة عن حكماه بالقريناة القضاائية‪ ،‬وهاذا‬
‫بخالف ما لو حكم بشهادة الشهود‪ ،‬أو اإلقرار‪ ،‬فإن الشهود والمقر يشاركون في تحمل المسئولية(‪.)4‬‬

‫(‪ )5‬بجاش سرحان المخالفي‪ ،‬مرجع السابق‪،‬‬


‫(‪ )0‬المرجع السابق ‪ ،‬بنفس اإلشارة‪.‬‬
‫(‪ )3‬محمد الزحيلي‪ ،‬مرجع سابق‪،‬‬
‫(‪ )4‬هالل عبد الاله‪ -‬مرجع سابق‪-‬‬

‫العدد (‪ )51‬ديسمبر ‪0202‬م‬ ‫‪34‬‬


‫إعداد ‪ :‬صالح يحيى هادي النفيش‬ ‫حجية اإلثبات بالقرائن القضائية في الفقه اإلسالمي والقانون اليمني (دراسة تحليلية)‬

‫المطلب الثاني‪:‬‬
‫حجية القرينة القضائية في القانون الوضعي‬
‫القرينة القضائية هي ما يستنبطه القاضي من ظروف الدعوى ومالبساتها‪ ،‬فهو يختار واقعة‬
‫ثابتة‪ ،‬من بين وقائع الدعوى ويستدل بها على الواقعة المراد إثباتها‪ ،‬وبما أن القاضي معرض للخطأ‬
‫في االستنباط واالستدالل فإن القرائن القضائية ليس لها قيمة إثباتية مطلقاة(‪ ،)5‬بال جعال نطااق‬
‫اإلثبات بها كما في بعض التشريعات محدداً في دائرة اإلثبات بشهادة الشهود‪ ،‬وذلك لكون اإلثباات‬
‫بالقرائن القضائية يقوم على الترجيح واالستنباط‪ ،‬وهو أمر متروك لتقدير القاضي‪ ،‬وليس القضاة‬
‫جميعاً على مستوى واحد من الفطنة والذكاء‪ ،‬فما يراه قاضي قرينة منتجة في اإلثبات‪ ،‬قد ال يارى‬
‫قاضي آخر فيه شيئاً من ذلك‪ ،‬فالقاضي في هذه الناحية غيار معصاوم بال معارض للخطاأ فاي‬
‫االستنباط(‪ ،)0‬ولذلك أيضاً يجب أن يستقر في األذهان أن األصل اإلثبات باألدلة المباشرة(‪.)3‬‬

‫ولقد وضعت ضوابط وشروط لإلثبات بالقرائن القضائية‪ ،‬منها‪:‬‬ ‫‪‬‬


‫ال يجوز االلتجاء‪ ،‬لإلثبات باالقرائن القضاائية إال حياث ينتفاي إمكانياة اإلثباات باألدلاة‬ ‫‪-5‬‬
‫المباشرة‪ ،‬وذلك ألن اإلثبات بالقرائن القضائية‪ ،‬ال يخلو من الخطر(‪.)4‬‬
‫أن تكون الواقعة المباشرة المكون للقرينة‪ ،‬ثابتة الوقوع عقالً‪ ،‬فال يجوز اإلستناد إلى واقعاة‬ ‫‪-0‬‬
‫أدلى بها أحد الشهود أخذها كقرينة الستخالص الواقعة المراد إثباتهاا‪ ،‬طالماا أن شاهادة‬
‫الشاهد ذاتها محل تقدير‪ ،‬ولم يعين بالدليل القاطع حدوث الواقعة موضوع القرينة(‪.)1‬‬
‫يجب أن تكون القرينة أكيدة‪ ،‬في داللتها ال افتراضية محضة‪ ،‬وأن يكون اساتخالص األمار‬ ‫‪-3‬‬

‫(‪ ) 5‬حسن عوض سالم الطروانة‪ ،‬ضوابط السلطة التقديرية للقاضي الجنائي‪ ،‬رسالة دكتوراه‪ ،‬جامعاة القااهرة‪ ،‬كلياة‬
‫الحقوق‪0221 ،‬م‪ ،‬محمد الزحيلي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.103‬‬
‫(‪ )0‬عبد الحكم فوده‪ ،‬الواقي في اإلثبات في المواد المدنية والتجارية والشرعية‪ ،‬مجا‪ ،3‬دار الفكار والقاانون للنشار‬
‫والتوزيع‪.‬‬
‫(‪ )3‬هاللي عبد الاله أحمد‪ ،‬مرجع سابق‪،‬‬
‫(‪ )4‬المرجع السابق‪ ،‬نفس اإلشارة‪.‬‬
‫(‪ )1‬أبو العال علي أبو العالء النمر‪ ،‬مرجع سابق‪،‬‬

‫العدد (‪ )51‬ديسمبر ‪0202‬م‬ ‫‪33‬‬


‫إعداد ‪ :‬صالح يحيى هادي النفيش‬ ‫حجية اإلثبات بالقرائن القضائية في الفقه اإلسالمي والقانون اليمني (دراسة تحليلية)‬

‫المجهول بطريقة االستنتاج من األمر المعلوم وليد عملية رائدها الدقة المتناهية(‪.)5‬‬
‫يجب أن يكون بين الواقعة والقرينة تسلسالً منطقياً مستساغاً(‪.)0‬‬ ‫‪-4‬‬
‫ولكن هل يشترط إقامة الحكم على أكثر من قرينة أم ال يشترط ذلك؟‬

‫هو شرط اشترطه بعض شراح القانون الجنائي‪ ،‬حيث ذهبوا إلى أنه ال يجاوز للمحكماة أن‬
‫تسند حكمها على قرينة واحدة‪ ،‬إذ أن القرينة الواحدة‪ ،‬مهما كانت داللتها‪ ،‬ناقصة فنضاراً لكونهاا‬
‫غير مباشرة في اإلثبات‪ ،‬فإن القدرة البشرية ما زالت تعجز عن القطع واليقاين حينماا يساتخلص‬
‫واقعة مجهولة من أخرى معلومة؛ إذ أن افتراض الخطأ في االستنتاج قائم ولو بنسبة تكاد ال تاذكر‪،‬‬
‫ومجرد وجود هذا االفتراض يحول دون االستناد إليها وحدها في الحكم‪ ،‬أما إذا تعددت القرائن في‬
‫الدعوى‪ ،‬فيمكن للمحكمة أن تستند إليها في الحكم وتؤسسه على القرائن مجتمعة(‪.)3‬‬

‫وهذا الرأي‪ :‬إذا كان قد وافق الصواب‪ ،‬من حيث الحرص والدقة في بناء األحكام على عدة قارائن‬
‫مجتمعة‪ ،‬ألن بناء الحكم على قرينة واحدة ال يخلو من الخطر؛ ألن افتاراض الخطاأ فاي اساتنتاج‬
‫القرائن قائم‪ ،‬ولو بنسبة تكاد ال تذكر‪ ،‬إال أنه في نفس الوقت وضع حجرة عثراء أمام القاضي فاي‬
‫حالة انعدام األدلة‪ ،‬ولم يوجد أمامه سوى قرينة واحدة‪ ،‬وخاصة إذا كانت هذه القرينة قوياة يمكان‬
‫بناء الحكم عليها‪ ،‬بينما ال يوجد مثل هذا الشرط عند شراح القانون المدني‪ ،‬فال يشترط أن يبناى‬
‫القاضي حكمه على عدة قرائن‪ ،‬بل يكفي أن يكون عقيدته من قرينة واحدة تكفاي لحمال الحكام‪،‬‬
‫وتؤدي إلى ما انتهت إليه فمتى كانت القرينة قوية ومنتجة في اإلثبات فيجوز للقاضي أن يبني حكمه‬
‫عليها(‪ ، )4‬فليس العبرة بعدد القرائن التي يستوفيها القاضي في حكمه‪ ،‬وإنما العبارة بقاوة القريناة‬
‫وإنتاجها في اإلثبات فيكفي لكي يكون القاضي بعيداً عن رقابة محكمة النقض‪ ،‬أن يقيم حكمه على‬
‫قرينة واحدة قوية الداللة ومستنبطة استنباطاً سائغاً من الثابت في وقائع الدعوى‪ ،‬واألوراق المقدمة‬

‫(‪ )5‬أحمد فتحي سرور‪ ،‬الوسيط في قانون اإلجراءات الجنائياة‪ ،‬ج‪ ،0-5‬ف‪ 514‬ط‪ ،4‬دار النهضاة العربياة‪ ،‬بياروت‪،‬‬
‫‪5925‬م‪.‬‬
‫(‪ )0‬هاللي عبد الاله أحمد‪ ،‬المرجع السبق‪،‬‬
‫(‪ )3‬مأمون محمد سالمة‪ ،‬اإلجراءات الجنائية في التشريع المصري‪ ،‬ج‪ ،0‬ط(بادون)‪ ،‬دار النهضاة العربياة العربياة‪،‬‬
‫القاهرة‪0220 ،‬م‪.‬‬
‫(‪ )4‬عبد الحكيم فوده‪ ،‬الوافي في اإلثبات‪ ،‬مرجع سابق‪،‬‬

‫العدد (‪ )51‬ديسمبر ‪0202‬م‬ ‫‪33‬‬


‫إعداد ‪ :‬صالح يحيى هادي النفيش‬ ‫حجية اإلثبات بالقرائن القضائية في الفقه اإلسالمي والقانون اليمني (دراسة تحليلية)‬

‫فيها‪ ،‬والظروف المحيطة بها(‪ .)5‬وإذا بنا القاضي حكمه على عدة قرائن‪ ،‬فإن هناك مبادئ قررتهاا‬
‫محكمة النقض المصرية‪:‬‬
‫األول‪ :‬أنه إذا كانت محكمة الموضوع قد استندت في قضائها إلى جملة قرائن يكمل بعضها بعضااً‪،‬‬
‫تؤدي في مجموعها إلى نتيجة واحدة‪ ،‬فإنه ال يقبل من الخصم مناقشة كال قريناة علاى حادة‬
‫إلثبات عدم كفايتها من ذاتها(‪.)0‬‬
‫الثاني‪ :‬إذا كان الحكم قد أقيم على أكثر من قرينة‪ ،‬وحدد في أسبابه داللة كل واحدة منهاا‪ ،‬فاإذا‬
‫ظهر فساد بعض هذه القرائن فال يصح تعييب الحكم متى كانت إحدى القرائن األخرى صحيحة‬
‫وتكفي لحمله(‪.)3‬‬
‫الثالث‪ :‬إذا أقام القاضي حكمه على قرائن متعددة متساندة‪ ،‬دون أن يبين أثر كل قريناة منهاا فاي‬
‫تكوين عقيدة المحكمة‪ ،‬فإن فساد إحداها يؤدي بالادليل المعتماد مان تسااندها إلاى فسااد‬
‫االستدالل فيها‪ ،‬والدليل المستمد منها‪ ،‬ومن باقي القرائن األخرى(‪ ،)4‬ومن ثم فإذا كان الحكام‬
‫قد أقيم في جملة قرائن مجتمعة‪ ،‬دون أن يبين القاضي في أسباب الحكم أثر كال قريناة علاى‬
‫حدة‪ ،‬في تكوين عقديته‪ ،‬ثم طهر فساد بعضها بأن كانت إحاداها غيار مستسااغة عقاالً‪ ،‬أو‬
‫مخالفة للثابت من األوراق أو مستمدة من واقعة ال وجود لهاا‪ ،‬وكاان ال يمكان أن يعارف كياف‬
‫سيكون قضاؤه بعد إسقاط القرينة الفاسدة من التقدير‪ ،‬فإن حكماه يكاون قاد عااره بطاالن‬
‫جوهري لقصور أسبابه مما يستوجب نقضه‪.‬‬
‫موقف المشرع اليمني من شرط التعدد‪:‬‬
‫لم يشترط المشرع اليمني أن يبني القاضي الحكم على عدة قرائن بل إن الظاهر مان ناص‬
‫المادة (‪ ) 511‬من قانون اإلثبات أنه يجوز إقامة الحكم على قرينة واحدة حيث نص فيهاا علاى أناه‬
‫(للمحكمة أن تأخذ بالقرينة القاطعة القضائية التي يمكن استنباطها من وقاائع الحاال‪ ،‬وأن تعتبار‬
‫دليالً كامالً على الواقعة المراد إثباتها‪ ...‬إال أنه قصر ذلك على األموال والحقوق فقط‪.‬‬
‫فإذا ما استوفت القرينة القضائية الشروط السابقة وضعت على قادم المسااواه ماع األدلاة‬

‫(‪ )5‬المرجع السابق‪،‬‬


‫(‪ ) 0‬عبد الحكيم فوده‪ ،‬القرائن القانونية والقضائية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬الطعن رقم ‪ ،041‬سنة ‪ ،34‬جلسة ‪5921/55/0‬م‪، ،‬‬
‫مجموعة القواعد القانونية‪ ،‬مرجع سابق‪،‬‬
‫(‪ )3‬عبد الحكيم فوده‪ ،‬المرجع السابق‪،‬‬
‫(‪ )4‬الطعن رقم ‪ 532‬لسنة ‪ 12‬ق جلسة ‪5921/1/32‬م‪،‬مجموعة القواعد القانونية‪ ،‬المرجع السابق‪،‬‬

‫العدد (‪ )51‬ديسمبر ‪0202‬م‬ ‫‪33‬‬


‫إعداد ‪ :‬صالح يحيى هادي النفيش‬ ‫حجية اإلثبات بالقرائن القضائية في الفقه اإلسالمي والقانون اليمني (دراسة تحليلية)‬

‫األخرى‪ ،‬التي يمكن للقاضي أن يستند إليها دون أدنى شك‪ ،‬وبذلك ال يستطع أحد أن ينكار قيماة‬
‫القرائن وحجيتها في اإلثبات‪ ،‬خاصة عندما ينعدم الدليل على وجود الواقعة(‪.)5‬‬
‫بل يقال في القانون اإلنجليزي إن القرائن أصدق من الشهود‪ ،‬ألن الوقائع ال يمكان تكاذب‪،‬‬
‫فهي الشاهد الصامت الذي يشير إلى مرتكب الجريمة‪ ،‬من أجل إلقاء الضوء على الظل الذي دفنت‬
‫فيه الواقعة الرئيسية‪ ،‬وهي أيضاً الضوء الذي ينير وجدان القاضي‪ ،‬ويوجهه ناحية آثار معينة يتبعها‬
‫من أجل الوصول إلى الحقيقة(‪.)0‬‬
‫حجية القرائن القضائية في القانون اليمني‪:‬‬
‫تعد القرائن القضائية من طرق اإلثبات اليمني حيث نصت المادة (‪ )50‬من قاانون اإلثباات علاى أن‬
‫طرق اإلثبات هي‪:‬‬
‫‪ -0‬اإلقرار‪.‬‬ ‫‪ -5‬شهادة الشهود‪.‬‬
‫‪ -4‬اليمين وردها النكول عنها‪.‬‬ ‫‪ -3‬الكتابة‪.‬‬
‫‪ -2‬المعاينة (النظر)‪.‬‬ ‫‪ -1‬القرائن الشرعية والقضائية‪.‬‬
‫‪ -2‬استجواب الخصم‪.‬‬ ‫‪ -1‬تقرير‪.‬‬
‫كما نصت المادة (‪ )511‬منه على أنه‪( :‬للمحكمة أن تأخذ بالقرينة القاطعة القضاائية التاي‬
‫يمكن استنباطها من وقائع الحال‪ ،‬وأن تعتبرها دليالً كامالً على الواقعة المراد إثباتها فاي األحاوال‬
‫التي يجوز فيها ذلك وهي األموال والحقوق ويجوز للخصم أن يثبت أنها غير صحيحة بالبينة القانونية)‪.‬‬
‫ومن خالل هذا النص نجد أن المشرع اليمني قد جعل للقاضي السلطة الكاملة فاي تقادير‬
‫القرينة القضائية التي يمكن استنباطها من وقائع الحال وأن يعتبرها دليالً على الواقعة المراد إثباتها‬
‫وهو ما أخذت به المحكمة العليا حيث قضت بأنه‪( :‬يشترط في الدليل أن يكون مباشراً داالً بنفساه‬
‫على الواقعة المراد إثباتها بل يجوز أن يكون استخالص ثبوت الواقعاة مناه عان طرياق االساتنتاج‬
‫وترتيب النتائج على المقدمات)(‪.)3‬‬

‫(‪ )5‬عماد محمد أحمد ربيع‪ ،‬مرجع سابق‪،‬‬


‫(‪ )0‬هاللي عبد الاله أحمد‪ ،‬مرجع سابق‪،‬‬
‫(‪ ) 3‬القواعد القانونية والقضاائية الجزائياة الصاادرة عان المحكماة العلياا‪ ،‬فاي الفتارة مان ‪5401/1/04‬هاا إلاى‬
‫‪5402/0/0‬ها‪ ،‬الموافق‪0222/2/02:‬م‪0221/02/02 ،‬م العدد السابع‪،‬‬

‫العدد (‪ )51‬ديسمبر ‪0202‬م‬ ‫‪33‬‬


‫إعداد ‪ :‬صالح يحيى هادي النفيش‬ ‫حجية اإلثبات بالقرائن القضائية في الفقه اإلسالمي والقانون اليمني (دراسة تحليلية)‬

‫كما أنه يتبين من خالل ظاهر المادة (‪ )511‬السالف ذكرها أنه يجوز للقاضي أن يبني حكمه‬
‫على قرينة قضائية واحدة كدليل كامل في اإلثبات إال أن ذلك مقيد بشرطين‪:‬‬

‫األول‪ :‬هو أن تكون القرينة القضائية قاطعة‪ :‬إال أن المشرع لم يبين معنى كونها قاطعة‪ ،‬إال أنه يفهم‬
‫ذلك من خالل فحوى نص المادة (‪ )512‬من نفس القانون الذي بين فيها معنى القرينة البسيطة‬
‫غير القاطعة بأنها‪« :‬التي ال تقطع بثبوت الواقعة المراد إثباتها‪ ،‬وإنما ترجح لثبوتها إال أنه قد‬
‫يحتمل ذلك وقد يحتمل غيره»‪ ،‬فيتبين من خالل ذلك أن القرينة القاطعاة هاي التاي تقطاع‬
‫بثبوت الواقعة المراد إثباتها دون احتمالية أي أنه ال يمكان احتماال عادم ثبوتهاا إال أن هاذا‬
‫المعنى يناقض مع عجز المادة نفسها وهي قوله ويجوز للخصم أن يثبات أنهاا غيار صاحيحة‬
‫وكان األولى بالمشرع اليمني أن يعبر بدالً من قوه قاطعة بالقوية حيث أنه ال يوجد في القرائن‬
‫القضائية صفة القطع إذ أنها تقبل إثبات العكس دائماًَ‪.‬‬

‫الثاني‪ :‬أن يكون محل اإلثبات األموال والحقوق فقط‪ ،‬وهو ما عبر عنه بقوله‪« :‬في األحاوال التاي‬
‫يجوز فيها ذلك وهي األموال والحقوق»‪ ،‬فيتبين مان خاالل ذلاك اناه ال يكاون للقاضاي أو‬
‫للمحكمة أن تأخذ بالقرينة القضائية القاطعة وتعتبرها دليالً كامالً في القصاص والحدود(‪.)5‬‬

‫حجية القرائن القضائية في القانون المصري‪:‬‬


‫اعتبر المشرع المصري القرينة القضائية دليالً من أدلة اإلثبات حيث نص عليها فاي الماادة‬
‫(‪ ) 522‬من قانون اإلثبات‪ ،‬والتي نص فيها على أنه‪( :‬يترك لتقدير القاضي استنباط كال قريناة لام‬
‫يقرها القانون‪ ،‬وال يجوز اإلثبات بهذه القرائن إال في األحوال التاي تجياز فيهاا القاانون اإلثباات‬
‫بشهادة الشهود)‪.‬‬

‫يقوم اإلثبات بالقرائن وفقاً لهذا النص على تفسير القاضي لما هو معلوم من هذه األماارات‬
‫والوقائع‪ ،‬تفسيراً عقالنياً لتكوين اعتقاده‪ ،‬من طريق استخالص الواقعة المجهولة‪ ،‬التي يراد إقامة‬
‫الدليل عليها(‪.)0‬‬

‫(‪ )5‬مطهر على صالح أنقع‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬جا‪،3‬‬


‫(‪ )0‬عصام أنور سليم‪ ،‬مرجع سابق‪،‬‬

‫العدد (‪ )51‬ديسمبر ‪0202‬م‬ ‫‪33‬‬


‫إعداد ‪ :‬صالح يحيى هادي النفيش‬ ‫حجية اإلثبات بالقرائن القضائية في الفقه اإلسالمي والقانون اليمني (دراسة تحليلية)‬

‫ويتبين من هذا النص أن الشارع جعل اإلثبات بالقرائن القضائية مقصورًا على الحاالت التاي‬
‫يجوز فيها اإلثبات بشهادة الشهود)(‪.)5‬‬

‫ومن ثم ال تقبل القرائن القضائية‪ ،‬في إثباات التصارفات القانونياة التاي تتجااوز قيمتهاا‬
‫خمسمائة جنيهاً‪ ،‬وإنما تقبل في إثبات ما دونها‪ ،‬كما أنه ال يجوز قبولها في إثباات ماا يخاالف أو‬
‫يجاوز الثابت بالكتابة وال في إثبات التصرفات القانونية التي يستلزم القانون الكتابة في إثباتها‪ ،‬أيااً‬
‫كانت قيمة التصرف وذلك كالصلح والكفالة‪ ،‬ولذلك حدد المشرع نطاق اإلثبات بهاا علاى األحاوال‬
‫التي يجيز فيها القانون اإلثبات بشهادة الشهود(‪.)0‬‬

‫ويرجع السبب في كون القرائن القضائية ليس لها قيمة إثباتية مطلقاة‪ ،‬ألن اإلثباات بهاا ال‬
‫يخلو من الخطر فالقاضي يتمتع في استنباط القرينة القضائية بحرية واسعة في ميدان تتفاقم فياه‬
‫األفهام وتتباين فيه األنظار‪ ،‬فليس ثمة من استقرار كاف في وزن الدليل وما يراه قاضي قرينة منتجة‬
‫في اإلثبات‪ ،‬ال يرى قاض آخر فيه شيئاً‪ ،‬كما أن القاضي معرض للخطأ في االستنباط واالستدالل‬
‫لذلك نظر إليها المشرع المصري بحذر‪ ،‬وجعل مرتبتها في اإلثبات أقل من رتباة اإلثباات بالكتاباة‬
‫واإلقرار واليمن(‪.)3‬‬

‫وفي األخير نود اإلشارة إلى اختالف القرينة القضائية في مجال اإلثبات المدني عنها في المجال الجنائي‪:‬‬
‫يالحظ من خالل تعريفات القرائن القضائية السابقة أن شراح القانون المدني يكتفاون فاي‬
‫تعريف القرينة القضائية بأنها استنباط واقعة مجهولة من واقعة معلومة‪ ،‬أما شراح القانون الجناائي‬
‫فقد زادوا على ذلك بأن يكون هذا االستنباط بحكم الضرورة واللزوم العقلي والمنطقي(‪.)4‬‬

‫فشراح القانون المدني يكتفون لقيام القرينة القضائية‪ ،‬أن يكون استنباط الواقعة المجهولاة‬
‫من الواقعة المعلومة قائماً على فكرة الراجح الغالب الوقوع‪ ،‬مثال ذلك أن تكون الزوجية قرينة علاى‬

‫(‪ )5‬عبد الحكيم فوده‪ ،‬القرائن القانونية والقضائية‪ ،‬مرجع سابق‪،‬‬


‫(‪ )0‬أنور سلطان‪ ،‬مرجع سابق‪ ، ،‬د‪ /‬محمد حسين قاسام‪ ،‬قاانون اإلثباات فاي الماواد المدنياة والتجارياة‪ ،‬ط(‪،)5‬‬
‫منشورات الحلبي الحقوقية‪ ،‬بيروت‪0221 ،‬م‪.‬‬
‫(‪ )3‬عبد الرزاق السنهوري‪ ،‬جا‪،0‬‬
‫(‪ )4‬عماد محمد أحمد ربيع‪ ،‬مرجع سابق‪،‬‬

‫العدد (‪ )51‬ديسمبر ‪0202‬م‬ ‫‪33‬‬


‫إعداد ‪ :‬صالح يحيى هادي النفيش‬ ‫حجية اإلثبات بالقرائن القضائية في الفقه اإلسالمي والقانون اليمني (دراسة تحليلية)‬

‫الصورية‪ ،‬فالواقعة المعلومة هي قيام الزوجية بين المتعاقدين ويستدل القاضاي مان هاذه الواقعاة‬
‫الثابتة على ال واقعة الثابتة على الواقعة المراد إثباتها وهي صورية العقد المبرم بين الزوجين(‪.)5‬‬

‫كما أنه إذا طالب المؤجر المستأجر بأجرة عشرة شهور‪ ،‬فيكفي للمستأجر أن يقدم إيصاال‬
‫سداد أجرة الشهر األخير من هذه الشهور العشرة؛ وبذلك يكون قد أثبت أنه قد قاام بساداد أجارة‬
‫هذه الشهور العشرة جميعاً؛ ألن سداد أجرة الشهور األخيرة واقعة معلومة تصلح أن يستنبط منها أنه‬
‫قد قام بسداد أجرة الشهور السابقة‪ ،‬ذلك أن هذا االستنباط يقوم على فكرة الراجح الغالب الوقوع‪،‬‬
‫إذ أن الغالب أن المؤجر ال يسلم المستأجر إيصال أجرة الشهر الالحق إال بعد استالمه ألجرة الشهر‬
‫السابق‪ ،‬كما أن المستأجر ال يحتفظ عادة بإيصاالت جميع األقساط عن األجرة التي سددها وإنماا‬
‫يكفيه إيصال سداد أجرة الشهر األخير(‪.)0‬‬

‫إال أنه ومع ذلك تعد هذه القرينة قابلة إلثبات العكس فيمكن للمؤجر رغم ذلاك أن يثبات أن‬
‫المستأجر رغم تقديمه إيصال الشهر األخير لم يقم فعالً بسداد أجرة الشهور السابقة‪ ،‬ويكون علياه‬
‫عبء إثبات ذلك وقد يفلح وقد ال يفلح‪.‬‬

‫والمهم في هذه المسألة أن فكرة الراجح الغالب الوقوع كانت كافية لتكوين هاذا االساتنباط‬
‫من الواقعة المعلومة لتكوين القرينة القضائية‪ ،‬فهل تكفي نفس هذه الفكرة في مجال اإلثبات الجزائي(‪.)3‬‬

‫لنأخذ مثاالً يوضح المسألة‪ :‬وقعت جريمة سرقة أشياء منقولة معينة بالاذات ولهاا أوصااف‬
‫معلومة ومحددة بدقة‪ ،‬فتم ضبط هذه المسروقات في حياازة شاخص معاين‪ ،‬فهناا ضابط هاذه‬
‫المسروقات المحددة في حيازة الشخص واقعة معلومة‪ ،‬والراجح الغالب أن يكون الحائز للمسروقات‬
‫هو السارق لها‪ ،‬فهل تكفي هذه الواقعة المعلومة قياماً على هذا الراجح الغالاب فاي تكاون قريناة‬
‫قضائية على أن هذا الحائز هو السارق؟ والفرض هنا أن هذا الحائز أنكر ارتكاب جريمة السارقة‪،‬‬

‫(‪ )5‬عبد الرزاق السنهوري‪ ،‬ج‪ ،0‬مرجع سابق‪،‬‬


‫(‪ )0‬عماد محمد أحمد ربيع‪ ،‬مرجع السابق‪،‬‬
‫(‪)3‬عماد محمد أحمد ربيع‪ ،‬مرجع السابق‪،‬‬

‫العدد (‪ )51‬ديسمبر ‪0202‬م‬ ‫‪33‬‬


‫إعداد ‪ :‬صالح يحيى هادي النفيش‬ ‫حجية اإلثبات بالقرائن القضائية في الفقه اإلسالمي والقانون اليمني (دراسة تحليلية)‬

‫وأيضاً عجز عن إثبات مصدر مشروع أو غير مشروع لها(‪ ،)5‬لما كان السائد فاي النظاام القاانوني‬
‫الجنائي أنه يشترط شروط معينة في الدليل من أجل الحكم باإلدانة‪ ،‬ومن أهم هذه الشروط شارط‬
‫اليقينية والجزم(‪ ،)0‬فال بد أن يكون االستنتاج في القرينة ضرورياً والزماً بمعناى أن الواقعاة الثابتاة‬
‫تؤدي إلى الجزم بحدوث الواقعة غير الثابتة بصورة ال تحتمل التأويل(‪.)3‬‬

‫وبالتالي يمكن القول أن تلك القرينة وهي وجود المسروقات في حيازة ذلك الشخص ال تكفاي‬
‫إلدانته بواقعة السرقة والسبب في ذلك أن ما يقع غالباً ال يقع دائماً‪ ،‬ففكرة الراجح الغالب ال تنفاي‬
‫وجود القليل النادر‪ ،‬وقد يكون حائز هذه المسروقات من ضمن القليل النادر‪ ،‬ولكن إذا ما عثر على‬
‫بصمة لهذا المتهم في مكان وقوع الجريمة‪ ،‬ولم يكن من حقاه دخاول ذلاك المكاان‪ ،‬فاإن األمار‬
‫سيختلف؛ ألن هذا االحتمال المتولد عن الواقعة األولى المتمثلة في حيازة المسروقات يترقى ليحال‬
‫محله اليقين المطلوب في الدليل الجزائي وال يكون هناك بعد ذلك أثر لذلك االحتمال النادر‪ ،‬وهذا‬
‫هو السبب في اشتراط شراح القانون الجزائي وبحق أن يتم استنباط الواقعة المجهولة مان الواقعاة‬
‫المعلومة بحكم الضرورة واللزوم العقلي(‪.)4‬‬

‫ومن خالل ما سبق يتضح أن القرينة تقوم في جميع األحوال على فكرة الاراجح الغالاب وأن‬
‫هذا الراجح الغالب يؤدي إلى احتمال قوي‪ ،‬إال أنه ال ينفي وجود القليل الناادر‪ ،‬لاذلك فإناه ومان‬
‫الالزم في القضاء المدني إتاحة الفرصة أمام المتهم إلثبات العكس‪ ،‬فإن عجز عن ذلك فاإن ذلاك‬
‫يكفي إلثبات المسألة المدنية ضده‪ ،‬إذ أنه ليس أمام القاضي المدني غير ذلك‪ ،‬أماا فاي اإلثباات‬
‫الجزائي فالقاضي يحوز سلطات أوسع‪ ،‬ولذلك يتحتم عليه أن يرقي هذا االحتمال القوي إلى درجاة‬
‫اليقين المؤكد الذي ال يقوم الدليل الجزائي إال به‪ ،‬وال يكون مجرد عجز المهم عن إثباات العكاس‬
‫كافياً لتكوين القرينة القضائية بل ال بد من ترقية هذا االحتمال إلى درجة اليقين أو الجزم المطلوب‬
‫توافره في الدليل الجزائي‪.‬‬

‫(‪ )5‬عماد محمد أحمد ربيع‪ ،‬مرجع سابق‪،‬‬


‫(‪ )0‬هاللي عبد الاله أحمد‪ ،‬مرجع سابق‪،‬‬
‫(‪ )3‬مصطفى مجدي هرجة‪ ،‬مرجع سابق‪،‬‬
‫(‪ )4‬عماد محمد ربيع‪ ،‬امرجع السابق‪،‬‬

‫العدد (‪ )51‬ديسمبر ‪0202‬م‬ ‫‪34‬‬


‫إعداد ‪ :‬صالح يحيى هادي النفيش‬ ‫حجية اإلثبات بالقرائن القضائية في الفقه اإلسالمي والقانون اليمني (دراسة تحليلية)‬

‫الخاتمة‬
‫الحمد هلل رب العالمين والصالة والسالم على أشرف الخلق والمرسلين سيدنا وحبيبنا محماد‬
‫بن عبد اهلل الصادق اآلمين وعلى صحابته الغر الميامين أجمعين‪ .‬وبعد‪:‬‬

‫من فضل اهلل تعالى وجوده وكرمه عليَ أن وفقني وأعانني على إنجااز هاذا الورقاة العلمياة‪،‬‬
‫وإخراجها بهذه الصورة‪ ،‬فله الحمد وله الشكر والثناء الكثيار أوالً وأخياراً‪ ،‬فهاذه خاتماة الجهاد‬
‫المبذول لهذه الورقة‪ ،‬والذي تعلمت من خاللها الكثير واستفدت منها فوائد عظيمة‪ ،‬وقاد توصالت‬
‫الدراسة إلى العديد من النتائج والتوصيات أهمها ما يأتي‪:‬‬

‫أوالً‪ :‬النتائج‪:‬‬
‫أن القرينة هي‪ :‬كل أمر ظاهر يصاحب شيئاً خفياً ويدل عليه‪ .‬أماا القريناة القضاائية‬ ‫‪-5‬‬
‫فهي‪ :‬استنباط القاضي واقعة مجهولة من واقعة معلومة ثابتة لديه‪.‬‬
‫تلعب القرينة القضائية دوراً هام ًا في إظهار الحق ومعرفته كما أنها تساعد القاضي في‬ ‫‪-0‬‬
‫إظهار صدق شهادة الشهود‪ ،‬والتي في كثير من القضايا تكون خاضعة لعوامل خارجية‬
‫أو نفسية تؤثر في أمانة نقلها وصدق وقائعها‪.‬‬
‫للقرائن القضائية أهمية كبيرة في كل نظام إثبات‪ ،‬وذلك أن بعض الوقائع يساتحيل أن‬ ‫‪-3‬‬
‫يرد عليها إثبات مباشر‪ ،‬فإذا اقتصرنا على أدلة اإلثباات المباشارة لماا كاان ممكنااً‬
‫الفصل في الدعوى‪ ،‬ولكن عن طريق القرائن القضائية نتوصال إثباات هاذه الوقاائع‬
‫بإثبات وقائع أخرى ذات صلة سببية منطقية بها‪.‬‬
‫تعد القرائن القضائية دليالً من أدلة اإلثبات غير المباشارة‪ ،‬حياث تثبات الواقعاة أو‬ ‫‪-4‬‬
‫التصرف بطريق غير مباشر عن طريق ثبوت واقعة أخرى قريبة منها أو متصالة بهاا‪،‬‬
‫كما أنها تعتبر دليالً إيجابياً في اإلثبات‪.‬‬
‫أن القاضي هو من يقوم باستخالص واستنباط القرينة القضاائية‪ ،‬وذلاك مان وقاائع‬ ‫‪-1‬‬
‫الدعوى والظروف المحيطة بها ومالبساتها‪ ،‬كما أنه يستقل بتقاديرها ودون أن يكاون‬
‫خاضعاً في ذلك لرقابة محكمة النقض‪.‬‬
‫للقرينة القضائية ركنان أساسيان تقوم عليهما‪ :‬األول‪ :‬مادي‪ :‬وهو تلك الواقعة المعلومة‬ ‫‪-2‬‬
‫المطروحة على القاضي والتي تصلح الستخالص وقاائع أخارى منهاا غيار معلوماة‪،‬‬
‫والثاني‪ :‬معنوي‪ :‬ويتمثل بعملية االستنباط التي يقوم بهاا القاضاي بمالاه مان سالطة‬
‫تقديرية في ذلك‪ .‬مستخدماً فطنته وذكاؤه وقواعد المنطق‪ ،‬ليصل من الواقعة الثابتاة‬
‫إلى الواقعة المراد إثباتها‪ ،‬وذلك وفق شروط وضوابط تم بسطها في الموضوع‪.‬‬

‫العدد (‪ )51‬ديسمبر ‪0202‬م‬ ‫‪34‬‬


‫إعداد ‪ :‬صالح يحيى هادي النفيش‬ ‫حجية اإلثبات بالقرائن القضائية في الفقه اإلسالمي والقانون اليمني (دراسة تحليلية)‬

‫‪ -1‬لم يكن اإلثبات بالقرائن القضائية محل اتفاق بين فقهاء الشريعة اإلسالمية بال كانات‬
‫محل خالف بينهم بين مثبت ومنفي لذلك‪ ،‬وقد عرضنا أقوالهم وأدلاتهم فاي البحاث‬
‫وتوصلنا من خالل ذلك إلى أن الرأي الراجح وهو ما عليه الكثير من الفقهاء هو جاواز‬
‫إعمال القرائن القضائية كدليل من أدلة اإلثبات‪.‬‬
‫‪ -2‬أن القرينة القضائية في الفقه اإلسالمي ذات داللة قوية في اإلثبات‪ ،‬بحيث تكون دالة‬
‫على ما يطلب الحكم به؛ بأن تصيره في حيز المقطوع فإنه فاي هاذه الحالاة يمكان‬
‫اعتبارها دليالً مستقالً‪ ،‬فال تحتاج إلى دليل آخر يقويها‪ ،‬وهو ما جارى علياه فقهااء‬
‫القانون المدني متى كانت القرنية القضائية قوية ومنتجة‪.‬‬
‫‪ -9‬ال يشترط أن يبني القاضي حكمه على عدة قرائن إذ أن العبرة ليسات بعادد القارائن‬
‫التي يستوفيها القاضي في حكمه‪ ،‬وإنما العبرة بقوة القرينة وإنتاجهاا فاي اإلثباات‪،‬‬
‫فمتى بنى القاضي حكمه على قرينة واحدة قوية الداللة ومستنبطة استنباطاً سائغاً من‬
‫الثابت في وقائع الدعوى واألوراق المقدمة فيها والظروف المحيطة بهاا؛ فإناه يكاون‬
‫بعيدًا عن رقابة محكمة النقض‪ .‬وهذا ما سرى عليه القانون المدني اليمني‪.‬‬
‫‪ -52‬حجية القرائن القضائية ليست قاطعة بحيث يجوز إثبات عكسها‪ ،‬وإنما قد تكاون ذات‬
‫داللة قوية ومع ذلك يجوز إثبات عكسها دائماً بدليل أقوى منها‪.‬‬
‫‪ -55‬تقوم القرائن القضائية في اإلثبات المدني على فكرة الراجح الغالب الوقوع‪ ،‬وال يكون‬
‫ذلك كافياً في اإلثبات الجزائي‪ ،‬بل ال بد أن ترقى إلى درجة اليقين والحزم المطلاوب‬
‫توافره في الدليل الجزائي‪.‬‬

‫ثانياً‪ :‬التوصيات‪:‬‬
‫يوصي الباحث المشرع اليمني باستبدال لفظ (القرائن القاطعة القضائية) الوارد فاي ناص‬
‫المادة (‪ )511‬بلفظ (القرائن القضائية القوية) ما دام وقد جعل القرينة القضائية قابلة إلثبات العكس‬
‫دائماً‪ ،‬وذلك لما سبق وأن وضحناه في المتن‪.‬‬

‫العدد (‪ )51‬ديسمبر ‪0202‬م‬ ‫‪34‬‬


‫إعداد ‪ :‬صالح يحيى هادي النفيش‬ ‫حجية اإلثبات بالقرائن القضائية في الفقه اإلسالمي والقانون اليمني (دراسة تحليلية)‬

‫قائمة المراجع‬
‫أوالً‪ :‬القرآن الكريم‪.‬‬
‫ثانياً‪ :‬كتب التفسير‪:‬‬
‫‪ -5‬الجامع ألحكام القرآن (تفسير القرطبي) ‪ -‬محمد بن أحمد بن أبي بكر القرطبي (‪215‬ها)‬
‫‪ -‬ط‪ - 0‬دار الفكر بيروت ‪5452 -‬ها‪.‬‬
‫ثالثاً‪ :‬كتب الحديث‪:‬‬
‫‪ -0‬صحيح مسلم بشرح النووي‪ :‬مسلم بن الحجاج القشيري (‪025‬ها) بشرح يحيى بان شارف‬
‫الدين النووي (‪212‬ها) ‪ -‬ط‪ - 0‬دار إحياء التراث العربي ‪ -‬بيروت ‪5302 -‬ها‪.‬‬
‫‪ -3‬سبل السالم شرح بلوا المرام‪ :‬محمد بن إسماعيل األمير الصنعاني (‪5520‬هاا) ‪ -‬الطبعاة‬
‫الرابعة ‪ -‬مكتبة البابي الحلبي ‪ -‬القاهرة ‪5922 -‬م‪.‬‬
‫‪ -4‬نيل االوطار شرح منقى األخبار من أحادياث سايد األخياار‪ :‬محماد بان علاي الشاوكاني‬
‫(‪5012‬ها) ‪ -‬ط ‪ - 5‬دار إحياء التراث العربي ‪ -‬بيروت ‪ -‬لبنان ‪0225 -‬م‪.‬‬
‫رابعاً‪ :‬المراجع الفقهية‪:‬‬
‫‪ -1‬ابن القيم الجوزيه (‪ : )115‬محمد بن أبي بكر الزرعي الدمشقي ‪ -‬إعالم الموقعين عن رب‬
‫العالمين ‪ -‬ط ‪ - 5‬دار البيان دمشق ‪5405 -‬ها ‪.‬‬
‫‪ -2‬الطرق الحكمية في السياسة الشرعية ‪ -‬طبعة‪5993‬م ‪ -‬السنة المحمدية ‪ -‬مصر‪.‬‬
‫‪ -1‬بن فرحون المالكي (‪199‬ها) ‪ :‬أبي الوفاء إبراهيم بن شمس الدين بن عبد اهلل بن محمد ‪-‬‬
‫تبصرة الحكام ‪ -‬في أصول األقصنة ومناهج األحكام ‪ -‬دار الكتب العلمياة ‪ -‬بياروت ‪-‬‬
‫تاريخ والطبعة بدون‪.‬‬
‫‪ -2‬ابن نجيم (‪912‬ها) ‪ :‬زين الدين بن إبراهيم ‪ -‬األشباه والنظائر علاى ماذهب أباي حنيفاة‬
‫النعمان ‪ -‬ط ‪ - 5‬دار الكتب العلمية ‪ -‬بيروت ‪5402 -‬ها‪.‬‬
‫‪ -9‬البحر الرائق شرح كنز الدقائق ‪ -‬ط ‪ - 5‬تحقيق أحمد عزو عناية الدمشاقي ‪ -‬دار إحيااء‬
‫التراث العربي ‪ -‬بيروت ‪5400 -‬ها‪.‬‬
‫‪ -52‬العنسي (‪5392‬ها) ‪ :‬أحمد بن قاسم العنسي ‪ -‬التاج المذهب ألحكام المذهب شرح ماتن‬
‫األزهار ‪ -‬دار الحكمة اليمانية ‪ -‬صنعاء ‪ -‬تاريخ الطبعة بدون‪.‬‬

‫العدد (‪ )51‬ديسمبر ‪0202‬م‬ ‫‪33‬‬


‫إعداد ‪ :‬صالح يحيى هادي النفيش‬ ‫حجية اإلثبات بالقرائن القضائية في الفقه اإلسالمي والقانون اليمني (دراسة تحليلية)‬

‫‪ -55‬د‪ /‬عبد اهلل بن سلمان بن محمد بن عجالن ‪ -‬القضاء بالقرائن المعاصرة ‪ -‬ط‪ - 5‬مكتباة‬
‫الملك فهد للنشر‪.‬‬
‫‪ -50‬د‪ /‬محمد الزحيلي ‪ -‬وسائل اإلثبات فاي الشاريعة اإلساالمية فاي المعاامالت المدنياة‬
‫واألحوال الشخصية ‪ -‬ط ‪ - 0‬مكتبة دار البيان ‪ -‬بيروت ‪5994‬م‪.‬‬
‫‪ -53‬د‪ /‬مصطفى أحمد الزرقاء ‪ -‬المدخل الفقهي العام ‪ -‬ط‪ - 5‬دار القلم ‪ -‬دمشق ‪5999 -‬م‪.‬‬
‫خامساً‪ :‬المراجع القانونية‪:‬‬
‫‪ -54‬د‪ /‬أبو العالء علي أبو العالء النصر ‪ -‬الجديد في اإلثبات الجنائي ‪ -‬ط(‪ - )5‬دار النهضاة‬
‫العربية ‪ -‬القاهرة ‪0222 -‬م‪.‬‬
‫‪ -51‬د‪ /‬أحمد فتحي سرور ‪ -‬الوسيط في قانون اإلجراءات الجنائية ‪ -‬ط‪ - 4‬دار النهضة العربية‬
‫‪ -‬بيروت ‪5925 -‬م‪.‬‬
‫‪ -52‬د‪ /‬أنور سلطان ‪ -‬قواعد اإلثبات في المواد المدنية والتجارية ‪ -‬دار الجامعة الجديدة للنشر‬
‫‪ -‬اإلسكندرية مصر ‪0221 -‬م‪.‬‬
‫‪ -51‬د‪ /‬رمضان أبو السعود ‪ -‬مبادئ اإلثباات فاي الماواد المدنياة والتجارياة ‪ -‬دار الجامعاة‬
‫الجديدة ‪ -‬اإلسكندرية ‪0221 -‬م‪.‬‬
‫‪ -52‬األستاذة‪ /‬عائدة عبد الملك عبد الفتاح الشامي ‪ -‬قواعد وإجراءات اإلثباات فاي القاانون‬
‫اليمني دراسة مقارنة ‪ -‬بالفقه اإلسالمي ‪ -‬مركز الصالحي الحديث ‪ -‬تعز – ‪0222‬م‪.‬‬
‫‪ -59‬د‪ /‬عبد الحكيم فودة ‪ -‬القرائن القانونية والقضائية ‪ -‬دار الفكر للنشر والتوزيع المنصاورة‬
‫‪ -‬مصر ‪0221‬م‪.‬‬
‫‪ -02‬د‪ /‬عبد الحكيم فودة ‪ -‬الوافي في اإلثبات في المواد المدنية والتجارية والشرعية ‪ -‬الطبعة‬
‫(بدون) ‪ -‬دار الفكر والقانون ‪ -‬المنصورة ‪ -‬تاريخ بدون‪.‬‬
‫‪ -05‬د‪ /‬عبد الحميد الشواربي ‪ -‬القرائن القانونية والقضائية فاي الماواد المدنياة والجنائياة‬
‫واألحوال الشخصية ‪ -‬دار الفكر الجامعي ‪ -‬اإلسكندرية ‪ -‬مصر ‪5991‬م‪.‬‬
‫‪ -00‬د‪ /‬عبد الرزاق السنهوري ‪ -‬الوسيط في شرح القانون المادني الجدياد ‪ -‬ط بادون ‪ -‬دار‬
‫إحياء التراث العربي ‪ -‬بيروت ‪ -‬لبنان‪.‬‬

‫العدد (‪ )51‬ديسمبر ‪0202‬م‬ ‫‪33‬‬


‫إعداد ‪ :‬صالح يحيى هادي النفيش‬ ‫حجية اإلثبات بالقرائن القضائية في الفقه اإلسالمي والقانون اليمني (دراسة تحليلية)‬

‫‪ -03‬د‪ /‬عبد اهلل فروان ‪ -‬ملزمة القضاء واإلثبات ‪ -‬ط بدون ‪ -‬مكتبة دار الفكر للكتب الجامعية‬
‫‪ -‬صنعاء‪.‬‬
‫‪ -04‬د‪ /‬عصام أنور سليم ‪ -‬النظرية العامة لإلثبات فاي الماواد المدنياة والتجارياة ‪ -‬منشاأة‬
‫المعارف ‪ -‬اإلسكندرية ‪0221 -‬م‪.‬‬
‫‪ -01‬د‪ /‬عماد محمد أحمد الربيع ‪ -‬القرائن وحجيتها في اإلثبات الجنائي ‪ -‬ط ‪ - 5‬دار الجندي‬
‫للنشر والتوزيع ‪ -‬األردن ‪ -‬أربد ‪5991 -‬م‪.‬‬
‫‪ -02‬د‪ /‬مأمون محمد سالمة ‪ -‬اإلجراءات الجنائية في التشريع المصري ‪ -‬دار النهضة العربياة‬
‫العربية ‪ -‬القاهرة ‪0220 -‬م‪.‬‬
‫‪ -01‬د‪ /‬محمد حسين قاسم ‪ -‬قانون اإلثبات في المواد المدنية والتجارياة ‪ -‬ط ‪ - 5‬منشاورات‬
‫الحلبي الحقوقية ‪ -‬بيروت ‪0221 -‬م‪.‬‬
‫‪ -02‬د‪ /‬محمد حسين منصور ‪ -‬اإلثبات التقليدي واإللكتروناي ‪ -‬ط ‪ - 5‬دار الفكار الجاامعي‬
‫اإلسكندرية ‪0222 -‬م‪.‬‬
‫‪ -09‬د‪ /‬محمود نجيب حسني ‪ -‬االختصاص واإلثباات فاي قاانون اإلجاراءات الجنائياة ‪ -‬دار‬
‫النهضة العربية ‪ -‬القاهرة ‪5990 -‬م ‪-‬‬
‫‪ -32‬د‪ /‬مصطفى مجدي هرجه ‪ -‬اإلثبات في الماواد الجنائياة ‪ -‬دار المطبوعاات الجامعياة ‪-‬‬
‫اإلسكندرية ‪5990 -‬م‪.‬‬
‫‪ -35‬د‪ /‬مصطفى محمد الدغيدغي ‪ -‬التحريات واإلثبات الجنائي ‪ -‬دار الكتب القانونية ‪ -‬مصر‬
‫‪0222‬م‪.‬‬
‫‪ -30‬د‪ /‬مطهر علي صالح أنقع ‪ -‬شرح قانون اإلجاراءات الجزائياة ‪ -‬ط‪ - 0‬مكتباة الصاادق ‪-‬‬
‫صنعاء ‪5452‬ها ‪0221 -‬م‪.‬‬
‫‪ -33‬د‪ /‬هاللي عبد الاله أحمد ‪ -‬النظرية العامة لإلثباات فاي الماواد الجنائياة ‪ -‬ط ‪ - 5‬دار‬
‫النهضة العربية ‪ -‬القاهرة ‪5921 -‬م‪.‬‬
‫‪ -34‬د‪ /‬وسام أحمد السمروط ‪ -‬القرينة وأثرها في إثبات الجريمة ‪ -‬ط ‪ - 5‬منشورات الحلباي‬
‫الحقوقية ‪ -‬بيروت ‪ -‬لبنان ‪0221 -‬م‪.‬‬

‫العدد (‪ )51‬ديسمبر ‪0202‬م‬ ‫‪33‬‬


‫إعداد ‪ :‬صالح يحيى هادي النفيش‬ ‫حجية اإلثبات بالقرائن القضائية في الفقه اإلسالمي والقانون اليمني (دراسة تحليلية)‬

‫سادساً‪ :‬الرسائل العلمية‪:‬‬


‫‪ -31‬د‪ /‬بجاش سرحان المخالفي ‪ -‬القرائن ودورها في اإلثبات ‪ -‬دراساة مقارناة باين الفقاه‬
‫اإلسالمي والقانون المدني ‪ -‬رسالة دكتوراة في الحقوق ‪ -‬كلية الحقوق ‪ -‬جامعة القاهرة‬
‫‪5991 -‬م‪.‬‬
‫‪ -32‬د‪ /‬حسن عوض سالم الطروانة ‪ -‬ضوابط السلطة التقديرياة للقاضاي الجناائي ‪ -‬رساالة‬
‫دكتوراه ‪ -‬جامعة القاهرة ‪ -‬كلية الحقوق ‪0221 -‬م‪.‬‬
‫‪ -31‬عمار زعل الجعافرة ‪ -‬القرائن في القانون المادني ‪ -‬أطروحاة ماجساتير فاي القاانون ‪-‬‬
‫الجامعة األردنية ‪0225 -‬م‪.‬‬
‫سابعاً‪ :‬المعاجم اللغوية‪:‬‬
‫‪ -32‬لسان العرب البن منظور جمال الدين محمد بن مكرم األنصاري –دار لسان العارب –‬
‫بيروت – تاريخ طبع بدون‪.‬‬
‫‪ -39‬مختار الصحاح محمد بن أبي بكل بن عبد القادر الرازي – ترتيب محمود خاطر بك دار‬
‫الفكر – بيروت‪.‬‬
‫ثامناً‪ :‬الدوريات‪:‬‬
‫‪ -42‬مجلة القواعد القانونية و القضائية والجزائية الصادرة عن المحكماة العلياا فاي الفتارة‬
‫‪5401/1/04‬ها إلى ‪5402/0/0‬هاا الموافاق‪0223/2/02 :‬م إلاى ‪0221/0/02‬م ‪ -‬العادد‬
‫السابع‪.‬‬
‫‪ -45‬مجموعة القواعد القانونية التي قررتها محكمة النقض في اإلثباات فاي الماواد المدنياة‬
‫والتجارية واألحوال الشخصية ‪ -‬خالل ‪ 14‬عامااً ‪ -‬للمستشاار‪ /‬ساعيد أحماد شاعله ‪-‬‬
‫ط ‪ - 5‬المركز القومي لإلصدارات القانونية ‪0222 -‬م‪.‬‬
‫تاسعاً‪ :‬القوانين‪:‬‬
‫‪ -40‬القرار الجمهوري بالقانون رقم ‪ 53‬لسنة ‪5990‬م بشأن اإلثبات اليمني ‪ -‬الطبعاة الثالثاة ‪-‬‬
‫مكتبة خالد بن الوليد ‪0222 -‬م‪.‬‬
‫القانون رقم (‪ )01‬لسنة ‪5922‬م ‪ -‬بشأن اإلثبات المصري في المواد المدنية والتجارية ‪ -‬والمعدل‬
‫بالقانون رقم ‪ 03‬لسنة ‪5990‬م ‪ -‬والقانون رقم‪ - 52 :‬لسنة‪5999:‬م‪.‬‬

‫العدد (‪ )51‬ديسمبر ‪0202‬م‬ ‫‪33‬‬

You might also like