Professional Documents
Culture Documents
الحمد ل الذي شرع فأحكم ،والصلةا والسلم على عبده ورسوله العظم ،وعلى آله وصحبه
أولي القدر الكرم ،أما بعد :
ففي عالم مغرق بالماديات ،وخال من الروحانيات ،وفارغ من المعنويات :تظهر أهمية القراءاةا
للنصوص قراءاةا مقاصدية ،ويصبح التأمل بالمقاصد والمعاني أمرا ملححاَّ؛ً ليجاد نوع من التوازن
الفكري ،وبسط هذا الفكر على مناحي الحياةا.
فالشريعة جاءات لتحقيق مصالح العباد الدنيوية والخروية ،كما جاءات إصلحا شؤون الناس في
العاجل والجل ،وشرعت من الحكام ما يناسب المقدمات والنتائج.
هذا ،وإن علم المقاصد من العلوم الععلَلحية ،والمباحث الجليلة ،وهو علم دقيق ،ل يخوض فيه إل
من لعططفُ ذهنه ،واستقام فهمه ،ودق اجتهاده ،وهو علم أصيل ،راسخ الساس ،ثابت الركان ،مستقر
القواعد ،مرن الفروع والجزئيات.
ومقاصد الشريعة :هي أصولها الكبرى ،وأسسها العظمى ،وأركانها التي ل تبلى ،وفروعها
المتغيرةا حسب الزمان والمكان؛ً مراعاةا لحالة النسان.
وفي سبيل التعرفُ على المقاصد ل بحد للباحث من إطالة التأمل ،وجودةا التثبت ،ودفة النظر،
ورحابة الفكر ،وسعة الفق ،إذا أراد يكون وصوله إلى المقاصد صحيحاَّ ،وليحذر من التساهل
والتسرع في ذلك؛ً لن تعيين مقصد شرعي أمر تتفرع عنه أدلة وأحكام كثيرةا في الستنباط ،ففي
الخطأ فيه :زلل كبير ،وخطر عظيم؛ً فل طيعيين المجتهد أو الفقيه مقصدا شرعياَّ إل بعد استقراءا أحكام
الشريعة في النوع الذي يريد معرفة المقصد الشرعي منه ،وبعد اقتفاءا آثار أئمة الفقه ،وأعلم الجتهاد،
والمبرزين في الستنباط؛ً يستضيءا بأفهامهم ،ويستنير باستنباطاتهم ،ويهتدي بما وصلوا إليه من
مقاصد.
وكلمة الشريعة؛ً في الصطلحا :ما سإننهَّ ال من الحأكام ،وأنزلهَّ على نبي من أنبيائهَّ.
ويقصد بالشريعة في هذا البحث :الحكام الشرعية التي سمنها ال عحز وجحل ،وأنزلها على خاتم
رسله وأنبيائه محمد .r
وبعد التعريفُ بالمقاصد والشريعة مفردات ينتقل ليعيرفُ التركيب الضافي :وهو :مقاصد
الشريعة ،ولعل أولى تعريفُ لعلم المقاصد أنه :علم طيععنى بالغايات التي رعاها المشرع في التشريع.
كان مصطلح مقاصد الشريعة ظاهرا في بعض نصوص الكتاب والسنة ،وفتاوى وعمل
الفقهاءا ،دون تدوين لذلك في كتاب.
وتتمثل هذه المرحلة بما قام به علماءا الصول من إظهار بعض مباحث ومسائل مقاصد
الشريعة في تآليفهم وتصانيفهم ،ومن أبرز أولئك :إمام الحرمين أبو المعالي الجويني في كتابه:
البرهان ،والمام أبو حامد العغحزالي )ت 505 :هـ( في كتابيه :المستصفى ،وشفاءا الغليل في بيان الشبه
والمخيل ،ومسالك التعليل)].([1
وفيها لَإظهاطر أصول مقاصد الشريعة ،وقواععد كلية تتعلق بذلك ،وتتمثل بما قام به سلطان
العلماءا العز بن عبد السلم )ت660 :هـ( ،في كتابه :قواعد الحكام في مصالح النام ،والقواعد
صقغرى.
ال و
ولقد اعتنى المام العقعرافي المالكي بتحرير وتهذيب ما قحرره شيخه العز بن عبد السلم ،وذلك
في منثور كتبه ،وبخاصة كتب :الفروق ،والنفائس ،وشرحا تنقيح الفصول.
وتتمثل بما قام به المام الشاطبي )ت 790 :هـ( ،في كتابه :الموافقات؛ً حيث جمع مسائل هذا
صل قواعده ،وعححقق مباحثه ،حتى قيل :هو مخترع علم المقاصد.العلم ،وأ ح
مزايا هذه المرحلة:
ولعل من السباب التي دفعت المام الشاطبي للعناية بالمقاصد أنه مالكي المذهب ،ومعلوم أن من
أصول المذهب المالكي :مراعاةا المصالح ،هذا بالضافة إلى وجود العمعلعكة التاحمة للستنباط والتعليل عند
المام الشاطبي ،والقوةا في علم اللسان والعربية.
لعلم مقاصد الشريعة فوائد جمة ،يمكن إجمالها وجمعها في أربع فوائد كبرى:
قال ال تعالى :إنا كل شيءا خلقناه بقدر ،وتندرج الحكام الشرعية تحت خلق ال المعقحدر بحكمة.
قال ابن القيم] :إنه سبحانه حكيم ل يفعل شيئاَّ عبثاَّ ول لغير معنى ومصلحة وحكمة ،هي الغاية
المقصودةا بالفعل ،بل أفعاله سبحانه صادرةا عن حكمة بالغة لجلها فعل ،كما هي ناشئة عن أسباب بها
فعل ،وقد دل كلمه وكلم رسوله على هذا[)] ،([2وقال] :إن كل ما خلقه وأمر به :فله فيه حكمة بالغة،
وآيات باهرةا؛ً لجلها خلقه وأمر به[)].([3
ثانيها :إن العلم بالمقاصد يفيد معرفة مراتب المصالح والمفاسد ،ودرجات العمال في الشرع والواقع،
وهذا طملَهم عند الموازنة بين الحكام.
يقول ابن تيمية] :والمؤمن ينبغي له أن عيقعرفُ الشرور الواقعة ومراتبها في الكتاب والسنة ،كما عيقعرفُ
الخيرات الواقعة ،ومراتبها في الكتاب والسنة ،فطيعفيرق )بين( أحكام المور الواقعة الكائنة ،والتي طيراد
إيقاعها في الكتاب والسنة ،ليقيدم ما هو أكثر خيرا وأقل شرا على ما هو دونه ،وعيقدفع أعظم الشرين
باحتمال أدناهما ،وعيقجتلب أعظم الخيرين بفوات أدناهما ،فإمن من لم عيقعرفُ الواقع في الخلق ،والواجب
في الدين :لم عيقعرفُ أحكام ال في عباده ،وإذا لم عيقعرفُ ذلك كان قوله وعمله بجهل ،ومن عبد ال بغير
علم كان ما طيقفلَسد أكثر مما طي ق
صلَلح[)].([4
ثالثها :إن العلم بالمقاصد نافع في عتقعدية الحكام ،من الصول إلى الفروع ،ومن الكليات إلى
الجزئيات ،ومن القواعد إلى التفريعات ،يقول الغحزالي] :الحكم الثابت من جهة الشرع نوعان:
ل للحكام ،كجعل الزنا طموجباَّ للحد ،وجعل الجماع ـ في نهار رمضان ـ صب السباب عل ل أحدهما :عن ق
موجباَّ للكفارةا ،وجعل السرقة موجبة للقطع ،إلى غير ذلك من السباب التي طعلَقل من الشرع نصبها
ل للحكام . عل ل
والنوع الثاني :إثبات الحكام ابتداءا من غير ربط بالسبب .
وكل واحد من النوعين قابل للتعليل والحتقعدية ،مهما ظهرقت العلة المتعيدية[)].([5
رابعها :إن العلم بالمقاصد يزيد النفس ططعمأنينة بالشريعة وأحكالَمها ،والنفطس عمقجبولة على التسليم للطحكم
الذي عرفقت لَعحلته)].([6
إثبات كوون الشريعة مبنيةة على مقاصد
لقد قامت الدلة القاطعة على كون الشريعة ذات مقاصد طبنيقت عليها ،ويمكن إثبات ذلك بطريقين :الخبر
والنقل ،والنظر والعقل.
أولهما عام؛ً مثل قول رسول ال " :rل ضرر ول ضرار")] ،([7وفيه نفطي الضرر والضرار في أحكام
الشرع ،فدمل على مقصد من مقاصد الشريعة في الحكام)].([8
والقاعدةا الفقهية الكبرى المتفق عليها) :المور بمقاصدها( ،وفيها إثبات الحكام الدينية بنالءا على النية
والقصد والغاية.
والثاني خاص؛ً يتعلق بمسائل طذلَكر لها مقاصد ،ومنها :تحريم الخمرةا؛ً لَ
لفسادها للعقل؛ً ومن أدلة ذلك
قوله " : rكل مسإكر خمر ،وكلل مسإكر حأرام")].([9
قال ابن القيم] :القرآن وسنة رسول ال rمملوءاان من تعليل الحكام باللَحعكم والمصالح وتعليل الخلق
بهما ،والتنبيه على وجوه اللَحعكم التي لجلها شرع تلك الحكام ،ولجلها خلق تلك العيان ،ولو كان هذا
في القرآن والسنة في نحو مائة موضع أو مائتين لسقناها ،ولكنه يزيد على ألفُ موضع بطرق متنوعة[
)].([10
الولىً:ا السإتقراء؛ قال البيضاويً:ا ]إن الستقراءا عدمل على أن ال سبحانه شرع أحكامه لمصالح
العباد[)] ،([11وقال ابن القيم] :إن الشريعة مبناها على [....
الثانيةً:ا الدللة العقلية ،ومنها أن يقال)] :([12الشارطع في تشريعه؛ً إما أن يكون قد راعى مقاصد عند
التشريع أعقو ل .والثاني باطل؛ً لنه إما لعدم العلم السابق للتشريع ،أو لعدم الحكمة عند التشريع ،أو
لمانع منع الشارع من مراعاةا المقاصد ،وكلها باطلة فاسدةا بالجماع؛ً فتعحين الول ـ وهو أن الشارع
قد راعى المقاصد عند التشريع ـ ول بد.
أوةلً:ا السإتقراء
-والثاني :استقراءا ناقص ،وهو :تتبع طجقمعلةَة من جزئيات الشيءا لثبات حكم طكيلي ،وهذا
مختلفُ في طحمجيته ،ولكنه من الناحية الكاديمية العلمية البحثية هو المطلوب؛ً لتعذر الستقراءا التام
وإمكانية الستقراءا الناقص.
-الول :استقراءا الحكام التي طعرفقت لَععللها ،لن هفي استقراءا العلل الكثيرةا المتماثلة يمكن
أن نستخلص حكمة واحدةا فنجزم بأنها مقصد شرعي ،كما يقول علماءا المنطق أنه يمكن تحصيل مفهوم
كلي من خلل استقراءا الجزئيات )].([13
مثال ذلك :قول رسول ال " : rالمؤمن أخو المؤمن ،فل يحل للمؤمن أن يبتاع على بيع أخيه،
ول يخطب على خطبة أخيه حتى عيعذر")].([14
واللَعحلة في هذا النهي :هو ما في ذلك من الوحشة التي تنشأ عن السعي في حرمان الخر من
منفعة مبتغاةا ،فطيستخلص من ذلك مقصد شرعي :هو دوام الخوةا بين المسلمين.
وكذلك نهي رسول ال rعن الغرر ،ومن معاني الغرر :الجهالة ،والجهالة قد تفضي إلى
نزاع ،والقاعدةا الفقهية تقول) :كل جهالة تفضي إلى نزاع؛ً مفسددةا للعقد( ،ومقصد التشريع في
المعاملت المالية :سلمة صدور المسلمين على بعضهم؛ً خالية من الحقد أو الكراهية ،ولذا تم بناءا
أحكام المعاملت المالية على البيان والوضوحا ،ل على التدليس والغش والغموض.
-والثاني :استقراطءا أدللَة أحكام اشتركت في علةَة .ومثاله :أحاديث النهي عن) :الحتكار(
و)عتلمقي الركبان( و)بيع الطعام قبل قبضه( ،حيث تشترك في علة واحدةا لمستقرئها.
فبهذا الستقراءا يحصل العلم بأن رواج الطعام ،وتيسير تناوله وتداوه ،وعدم ارتفاع سعره؛ً
بتقليل حلقات السلسلة بين المنلَتج والمستهلك :مقصد من مقاصد الشريعة.
أقسإام الدلةً:ا من حيث الحتجاج بها كطريق لمعرفة المقاصد ،تقسم إلى قسمين:
ومن أمثلة الدلة النصية من الكتاب قوله تعالى :وأحل ال البيع ،وقد شرعه ال لتحقيق مصالح
العباد بالتبادل.
ومن أمثلة الدلة النصية من السنة قول رسول ال " :rتناكحوا تناسلوا ،"...وقد شرع النكاحا
لتحقيق مصلحة العباد ي الستقرار واستمرار النوع البشري.
والثاني :أدلة اجتهادية ،كـ)الجماع( و)القياس(.
ومن أمثلة الجماع :التفاق على أن تحريم الربا طمعحلل ،وإن اختلفت أقوال الفقهاءا في بيان على
تحريم العلة.
فعند فقهاءا الحنفية والحنابلة :علة تحريم الربا الكيل والوزن ،وبمعنى أن كل ما يدخله القياس
يجري في الربا ،وإذا تمت مبادلته بجنسه وجب شرطان :التماثل والتقابض ،وإذا تمت مبادلته بغير
جنسه وجب شرط واحد ،وهو :التقابض.
وعند فقهاءا الشافعية :علة تحريم الربا الثمنية والطعم ،فكل ما كان ثمناَّ أو طعاماَّ يجب عند
مبادلته بجنسه شرطان :التماثل والتقابض ،وعند مبادلته بغير جنسه وجب شرط واحد ،وهو :التقابض.
وعند فقهاءا المالكية :على تحريم الربا الثمنية والقوت ،فكل ما كان ثمناَّ أو قوتاَّ يحدخر يجب عند
مبادلته بجنسه شرطان :التماثل والتقابض ،وعند مبادلته بغير جنسه وجب شرط واحد ،وهو :التقابض.
ومن أمثلة القياس :تحريم التدخين لعلة الضرر والضرار المنهي عنه شرعاَّ ،والعلة متفق
عليها ،واندارج ضرر التدخين فيها متفق عليه في هذا الزمان بعد أن تحقق الضرر وثبت عن طريق
العلم.
المقاصد الشرعية تتفاوت مراتبها لعتعباطين آثارها؛ً لذا جعلها العلماءا على مراتب ،واستقر
الصطلحا على أنها مراتب ثلث:
تعريف الضروريات :يقول العمعحيلي] :هي ما تصل الحاجة إليه إلى عحمد الضرورةا[ )] ،([15ويقول
ابن عاشور] :هي التي تكون المة بعمقجموعها وآحادها في ضرورةا إلى عتقح لَ
صقيلها[ )].([16
ومعنى الضرورية] :أنها ل بحد منها في قيام مصالح الدين والدنيا ،بحيث إذا طفلَقدت لم طتقجعر
مصالح الدنيا على استقامة ،بل على فساد وتهارج وفوت حياةا ،وفي الخرةا :فوت النجاةا والنعيم،
والرجوع بالخسران المبين[ )].([17
صعرقت تلك الضروريات عند عامة العلماءا في خمس أو ست ،وهي :الدين ،والنفس، وقد طح لَ
والنسب أو النسل ،والعقل ،والمال ،واللَعقرض.
دليل الضروريات :وعيقرجع إلى الستقراءا التام لدلة الشريعة الطمحتعفق عليها مع اتفاق العقول
الصحيحة على ذلك.
يقول العغحزالي] :وتحريم عتقفلَوقيت هذه الصول الخمسة عيقستحيل أن ل عتقشتمل عليه لَمحلة ول شريعة
أطلَرقيد بها إصلحا العخقلق .وقد طعلَلم بالضرورةا كونها مقصودةا للشرع ل بدليل واحد وأصل معين ،بل
بأدلة خارجة عن الحصر[ )].([18
وقال الشاطبي] :قد احتعفعققت المة بل سائر الملل :على أن الشريعة وضعت للمحافظة على
الضروريات الخمس :وهي :الدين ،والنفس والنسل ،والمال ،والعقل ،ولَعقلطمها عند المة كالضروري،
ولم يثبت لنا ذلك بدليل معين ،ول شهد لنا أصل معين يمتاز برجوعها إليه ،بل علمت ملئمتها للشريعة
بمجموعة أدلة ل تنحصر في باب واحد[)].([19
وقال] :وعلم هذه الضروريات صار مقطوعاَّ به ،ولم يثبت ذلك بدليل معين ،بل علمت
ملئمتها للشريعة بمجموع أدلة ل تنحصر في باب واحد .فكما ل يتعين في التواتر المعنوي أن يكون
المفيد للعلم خبرا واحدا من الخبار دون سائر الخبار ،كذلك ل يتعين هنا؛ً لستواءا جميع الدلة في
إفادةا الظن على انفرادها.
وسأطلق على هذه الضروريات الخمس أو الست :أهاداف المجتمع السإلمي ،وبالتالي فإني
أدعو إلى تعميم ونشر هذه الهدافُ في كل المجتمعات؛ً بعيدا عن الهدافُ البشرية التي تطلق هنا أو
هناك ،وبتحقيق هذه الهدافُ وإقامة حدودها للمحافظة عليها :يتحقق بناءا النسان والمجتمع فكرياَّ.
والمقصود بـ)الدين( هنا :الدين السلمي المـنزل على خاتم الرسل محمد .rقال تعالى( :
إن الدين عند ال السإلم) .
- 2والنفس؛ طيقصد بها :النفس المعصومة من القتل والمحمية من الزهاق ،وهي ثلثة أنفس :نفس
معصومة بالسلم وتكون للمسليمن ،ونفس معصومة بالجزية وتكون لهل الكتاب المقيمين مع
المسلمين في بلد واحد ،ونفس معصومة بالمان وتكون للحربي الذي يطلب من المسلمين الدخول إلى
أرضهم لغراض مدنية)].([21
والثاني :علوم مكتسبة تدعو النسان إلى فعل ما ينفعه وترك ما يضره ،فهذا أيضاَّ ل نزاع
في وجوده ،وهو داخل فيما يحمد بها عند ال من العقل …
والثالث :العمل بالعلم ،يدخل في مسمى العقل أيضاَّ ،بل هو من أخص ما يدخل في اسم العقل
الممدوحا.
والرابع :الغريزةا التي بها يعقل النسان ،فهذه مما طتنولَزع في وجودها[ )].([23
والمال؛ اصطلحاَّ هو :اسم لغير الدمي ،طخلَلق لمصالح الدمي وأمكن إحرازه والتصمرفُ فيه
على وجه الختيار ،ومن ذلك :الثمان ،والبضائع ،والعقارات ،والحيوانات)].([24
صونه من نفسه
والرعورضْ؛ ويأتي على أكثر من معنى ،منها :العجعسد ،وجانب الرجل الذي عي ط
ول طيقبل أن طيقنعتعقص وطيقثعلب.
أولهما :تقديم اليدقين على باقي الضروريات ومنها :النفس ،وإن قال بعض العلماءا بتقديم النفس
على الدين ،وأجازوا لَلعمن طأكره على الكفر وقلبه مطمئن باليمان أن ينطق بلسانه بما يخيلصه من القتل،
حتى إذا زال الكراه عنه أعلن ما في قلبه من اليمان.
أولهما :النسل والعقل أيهما طيعقحدم ،فالمدي في كتابه )الحكام( عجعزم بتقديم النسل على العقل،
وذهب ابن السبكي في )جمع الجوامع( إلى تقديم العقل على النسب.
والثاني :العرض والمال أيهما طيعقحدم ،فعمن ألحق العرض بالنسب والنسل عقحدمه على المال ،وعمن
ل مستق ل
ل عقحدم المال عليه. جعله منفص ل
تعريف الحأاجيات :يقول إمام الحرمين] :هي ما عيعتععحلق بالحاجة العامة ول عيقنعتهي إلى حمد
الضرورةا ،وهذا مثل تصحيح الجارةا ،فإنها عمقبلَنمية على عملَسقيس الحاجة إلى المساكن مع القصور ـ أي
ضن في إعطاءا الشياءا ـ على لكها بها ـ فالمالك عي ي العجز حقيقة أو حكماَّ ـ عن عتعمولكها ور م
ضة طم م
سبيل العارمية ،فهذه حاجة ظاهرةا غير بالغة عمقبعلغَ الضرورةا المفروضة في البيع وغيره[ .
)]([25
وقال الشاطبي] :العحالَجمي :هو ما طيقفتقر إليه من حيث الحتقولَسعة ورفع الضيق المؤدي في الغالب
إلى الحرج والمشقة اللحقة بفوت المطلوب ،فإذالم تراعع دخل على المكحلفين ـ على الجملة ـ العحعرطج
والمشقطة؛ً ولكنه ل يبلغَ عمقبلغَ الفساد العادي الطمعتعوحقع في المصالح العامة[ )].([26
أولهما :عرقفع الحرج والمشقة عن المكلفين ،إذ عدعوعران الحاجميات على :الحتقولَسعة والتيسير،
والرفق وعرقفع الضيق والحرج )].([27
والثاني :تكميل الضروريات ولَحمايتها ،يقول الشاطبي] :المور الحاجمية :إنما هي حائمة حول
هذه الحمى ،إذ هي تتردد على الضروريات طتعكيملها ،بحيث ترتفع في القيام بها واكتسابها :العمعشمقات،
وتميل بهم فيها إلى التوسط والعتدال في المور ،حتى تكون جارية على وجه ل يميل إلى إفراط
وتفريط[ )] ،([28ثم قال] :فإذا فهم هذا لم عيقرعتب – من الحرقيب والشك– العاقل في أن هذه المور الحاجية:
فرودع دائردةا حول المور الضرورية[)] ،([29وقال أيضاَّ] :الحاجمي مكيمل للضروري[ )] ،([30وقال أيضاَّ:
]الحاجمي عيقخدم الضروري[ )].([31
تعريف التحأسإينيات :يقول الشاطبي] :هي :الخذ بما يليق من عمعحاسن العادات ،وعتعجونب الحوال
المدينسات التي تأنفها العقول الراجحات ،وعيقجمع ذلك :قسم مكارم الخلق[ )] .([32وعذعكعر أمثلة على ذلك،
مثل :أخذ الزينة ،والتقرب إلى ال بنوافل الخيرات ،ومثل آداب الكل والشرب في )العادات( ،ومنع
بيع النجاسات في )المعاملت(.
ثم قال] :وقليل المثلة عيطدمل على ما سواها مما هو في معناها ،فهذه المور راجعة إلى محاسن
زائدةا على أصل المصالح الضرورية والحاجمية؛ً إذ ليس فقدانها بطملَخمل بأمر ضروري ول حاجمي ،وإنما
عجعرقت مجرى الحتحسين والحتزيين[)].([33
أولهما :تكميل الضروريات والحاجميات وحمايتها ،يقول الشاطبي] :كل واحدةا من هذه المراتب:
لما كانت مختلفة في تأوكد العتبار – فالضروريات آكدها ثم عتلَلقيها الحاجيات والتحسينيات – وكان
مرتبطاَّ بعضها ببعض ،كان في إبطال الخمفُ طجقرأةا على ما هو آكد منه ،ومدخل للخلل به ،فصار
الخفُ كأنه لَحملى للكد ،والراتع حول الحمى يوشك أن يقع فيه[ )] .([34وقال أيضاَّ] :إن كل حاجمي
وعتقحسيني إنما هو خادم للصل الضروري وطمقؤنس به ،وطمعحيسن لصورته الخاصة :إما طمقيدملة له ،أو
مقارناَّ ،أو تابعاَّ ،وعلى كمل تقدير فهو يدور بالخدمة عحعوالعقيه ،فهو أحرى أن يتأمدى به الضروري على
أحسن حالته[ )].([35
والثاني] :كمال المة في نظامها حتى تعيش أمة آمنة مطمئنة ،ولها بهجة منظر المجتمع في
مرأى بقية المم حتى تكون المة السلمية مرغوباَّ في الندماج فيها أو في التقمرب منها[ )].([36
أقسام مقاصد الشريعة
أحأدهاما :المقاصد العامة ،وهي] :المعاني والحكم الملحوظة للشارع في جميع أحوال التشريع أو
طمعظمها؛ً بحيث ل تختص ملحظتها بالكون في نوع خاص من أحكام الشريعة[)].([37
وعمعرمد ذلك إلى قاعدةا الشرع الطكلممية الطمععحبر عنها بـ)عدقرءا المفاسد وعجقلب المصالح ( ،يقول
الشاطبي] :المعلوم من الشريعة أنها طشلَرعت لمصالح العباد؛ً فالتكليفُ كله إما لعدقرءا مفسدةا ،وإما لجلب
مصلحة ،أو لهما معاَّ[ )].([38
والثاني :المقاصد الخاصة ،واختلفُ أهل العلم في لَققسمتها؛ً لختلفُ الجهات والحيثيات.
أولهما :المقاصد الصلمية ،وهي] :التي ل عحمظ فيها للطمعكحلفُ ،وهي الضروريات الطمقعتبرةا في كل
لَمملة[ )].([39
وقد تكون] :ضرورية عينية ،وإلى ضرورية كفائية ،فأما كونها :عينمية فعلى كل مكحلفُ في
ل ،وبحفظ نفسه قياماَّ بضرورية حياته ،وبحفظ عقله حفظاَّ نفسه ،فهو مأمور بحفظ دينه اعتقادا وعم ل
لمورد الخطاب من ربه إليه ،وبحفظ نسله التفاتاَّ إلى بقاءا عوضه في عمارةا هذه الدار … وبحفظ ماله
استعانة على إقامة تلك الوجه الربعة …وأما كونها :كفائية فمن حيث كانت منوطة بالغير أن يقوم بها
على العموم في جميع المكلفين؛ً لتستقيم الحوال العامة التي ل تقوم الخاصة إل بها .إل أن هذا القسم
مكمل للول ،فهو لحق به في كونه ضرورياَّ؛ً إذ ل يقوم العيني إل بالكفائي[ )].([40
والثاني :المقاصد التابعة ،وهي] :التي روعي فيها حظ المكلفُ ،فمن جهتها عيقحصل له مقتضى
ما طجلَبل عليه؛ً من نيل الشهوات ،والستمتاع بالمباحات ،وعسمد العخ م
لت[ )] ،([41وهذا القسم طمكيمل لما قبله،
يقول الشاطبي] :المقاصد التابعة :خادمة للمقاصد الصلية ومكملة لها ،ولو شاءا ال لكحلفُ بها مع
العراض عن الحظوظ ،أو لكلفُ بها مع سلب الدواعي المجبول عليها؛ً لكنه اقمعتحن على عباده بما جعله
وسيلة إلى ما أراده من عمارةا الدنيا للخرةا ،وجعل الكتساب لهذه الحظوظ مباحاَّ ل ممنوعاَّ ،لكن على
قوانين شرعية هي أبلغَ في المصلحة ،وأجرى على الدوام مما عيطعمده العبد مصلحة (وال يعلم وأنتم ل
تعلمون ) … فبهذا اللحقحظ قيل :إن هذه المقاصد توابع ،وإن تلك هي الصول ،فالقسم الول :عيققتضيه
محض العبودية ،والثاني :يقتضيه لطفُ المالك بالعبيد[ )].([42
-ومن حيث كونها اعتبارية أو حقيقية ،فقد عقمسمها ابن عاشور إلى نوعين:
أولهما :معان حقيقية ،وعحرفها بقوله] :هي التي لها عتعحوقدق في نفسها بحيث طتقدلَرك العقول الحسلَلقيمة
ملئمتها للمصلحة أو منافرتها لها … كإدراك عكقون العدل نافعاَّ ،وكون العتداءا على النفوس ضارا،
وكون الخذ على يلَد الظالم نافعاَّ لصلحا المجتمع[ )].([43
والثاني :معان عرفية عامة ،قال ابن عاشور عنها] :هي الطمعجحربات التي أعلَلعفقتها نفوس الجماهير،
واستحسنها استحساناَّ ناشئاَّ عن تجربة ملئمتها لصلحا الجمهور ،كإدراك عكقون الحسان معنلى ينبغي
تعامل المة به ،وكإدراك عكقون عقوبة الجاني رادعة إياه عن الععقود إلى مثل جنايته ،ورداعة غيره عن
الجرام ،وعكقون ضد عذقينك يعؤمثر ضد أععثعرقيهما[ )].([44
للمقاصد الشرعية خصائص عديدةا ،طتقلحظ باستقراءا الحكام وعللها؛ً لن اليشقرعة المحمدية
قائمة على حفظ المقاصد ورعايتها.
يقول الشاطبي] :الشريعة المباركة المحمدية منـزلة على هذا الوجه ،ولذلك كانت محفوظة في
أصولها وفروعها كما قال تعالى ( :إنا نحأن نزلنا الذكر وإنا لهَّ لحأافظون )؛ً لنها ترجع إلى حفظ
المقاصد ،التي بها يكون صلحا الدارين ،وهي :الضروريات والحاجيات والتحسينيات وما هو مكمل
ومتمم لطرافها ،وهي أصول الشريعة[ )].([45
ومن عثم فإن خصائص أصول الشريعة عتقنسحب على المقاصد الشرعية ،وقد عح ع
صعرها الشاطبي
في خواص ثلث ،وهي:
الولى :العموم والطراد ،بحيث عتقشمل جميع أنواع التكليفُ والمكحلفين والحوال ،وعتمطرد دون
عتعخولفُ ،يقول الشاطبي] :إذا ثبت أن الشارع قد قصد بالتشريع إقامة المصالح الخروية والدنيوية ،وذلك
على وجه ل يختل لها به نظام ،ل بحسب الكل ول بحسب الجزءا ،وسواءا في ذلك ما كان من قبيل
الضروريات أو الحاجيات أو التحسينيات ،فإنها لو كانت موضوعة بحيث يمكن أن يختل نظامها أو
تختل أحكامها :لم يكن التشريع موضوعاَّ لها ،إذ ليس كونها مصالح إذ ذاك بأولى من كونها مفاسد،
لكن الشارع قاصد بها أن تكون تلك مصالح على الطلق ،فل بد أن يكون وضعها على ذلك الوجه
أبدياَّ وكلياَّ ،وعاماَّ في جميع أنواع التكليفُ والمكلفين وجميع الحوال ،وكذلك عوعجقدنا المر فيها[ .
)]([46
الثانية :الثبوت من غير زوال ،يقول الشاطبي] :فلذلك ل تجد فيها بعد كمالها نسخاَّ ول
تخصيصاَّ لعمومها ،ول تقييدا لطلقها ،ول رفعاَّ لحكم من أحكامها :ل بحسب عموم المكلفين ،ول
بحسب خصوص بعضهم ،ول بحسب زمان دون زمان ول حال دون حال[ )].([47
ودليطل الثبوت :الستقراطءا التام ،يقول الشاطبي] :ويدل على ذلك الستقراءا التام ،وأن الشريعة
مبنية على حفظ الضروريات والحاجيات والتحسينات .
الثالثة :كونها حاكمة غير محكوم عليها؛ً لنها كالروحا للعمال ،يقول الشاطبي] :فإن المقاصد
أرواحا العمال؛ً فقد صار العمل ذا روحا على الجملة[ )].([49
-مراعية لفطرته ،يقول ابن عاشور] :ونحن إذا أجلنا النظر في المقصد العام من التشريع …
نجده ل يعدو أن يساير حفظ الفطرةا ،والحذر من خرقها واختللها[ )].([50
-حاملة على التووسط ،يقول الشاطبي] :مقصد الشارع من المكملفُ العحقمل على التووسط من غير إفراط
ول تفريط … والوسط هو معظم الشريعة وأم الكتاب ،ومن تأمل موارد الحكام بالستقراءا التام عرفُ
ذلك[ )].([51
هذه جولة في بيان مقاصد الشريعة من حيث تعريفها ،وتاريخها ،وفوائدها ،ودليلها ،وطرق معرفتها،
ومراتبها ،وأقسامها ،وخصائصها؛ً عسى أن تكون نبراساَّ للسائرين في درب الفقه والجتهاد.
)] ([1طبع بتحقيق حمد الكبيسي ،طبع وزراةا الوقافُ العراقية ،عام 1971م.
)] ([6ينظر :شفاءا العليل ،لبن القيم ،طبعة السنة المحمدية ،ص .437 :
)] ([7أخرجه أحمد في :المسند ،5/326 ،وابن ماجه في :السنن ،2/784 ،برقم.2340 :
)] ([11المنهاج ،ص 233 :طبعة عالم الكتب ،وينظر :قواعد الحكام ،للعز بن عبد السلم،
،2/160و الموافقات ،للشاطبي.2/6 ،