Professional Documents
Culture Documents
إن الحمد هلل نحمده ،ونستعينه ،ونستغفره ،ونعوذ باهلل من شرور أنفسنا وسيئات
أعمالنا ،من يهده اهلل فال مضل له ،ومن يضلل فال هادي له ،وأشهد أن ال إله إال اهلل
وحده ال شريك له ،وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله .
مقدمة أصول الفقه:
-علم الكالم :استمداده من علم الكالم يتضح في توقف األدلة الشرعية على معرفة الباري
عز وجل،وصدق رسوله محمد صلى اهلل عليه وسلم وكونه المبلغ عنه،لتعلم حجيتها وإفادتها
لألحكام شرعًا.
-علم األحكام الشرعية (الفروع) :والمقصود من هذا هو تصور معاني اإليجاب والندب
والتحريم والكراهة واإلباحة ؛إذ ال يمكن االستدالل على أن األمر للوجوب أو الندب،
والنهي للتحريم أو الكراهة إال بعد معرفة مدلول هذه األلفاظ كذلك نجد أن المؤلفين في
علم األصول أدخلوا األمثلة الفقهية واألحكام الشرعية في مؤلفاتهم على المسائل األصولية
من أجل التمثيل والتوضيح.
-علم اللغة العربية:القران نزل بلغة العرب ،والسنة كذلك جاءت بلغة العرب وال يمكن
فهمهما واستنباط األحكام منهما إال بمعرفة دالالت األلفاظ عند العرب من حذف وإضمار و
إظهار وأمر ونهي وتنبيه وإيماء وعموم وخصوص إلى غير ذلك من الدالالت.
ذهب الجمهور من أهل العلم إلى أن تعلم أصول الفق††ه ف††رض كفاي†ة كم†ا ه††و الح†ال في س†ائر
العل††وم الش††رعية،وقي†ل :ه††و ف††رض عين على من أراد االجته††اد والحكم والفت†وى ،وه††ذا الق††ول
له حظ من النظر.
خامسا:فائدة علم أصول الفقه
لعلم أصول الفقه فوائد ومنافع كثيرة على المتخصص وغير المتخصص ومنها:
-أنه وضع القواعد التي يستعين بها المجتهد على استنباط األحكام الش†رعية من
األدلة.
-أن قواعد األصول تساعد على معرفة األحكام الشرعية التي هي مناط السعادة
الدنيوية واألخروية.
-الق† ††درة بع† ††د معرف† ††ة القواع† ††د األص† ††ولية على تخ† ††ريج المس† ††ائل والف† ††روع غ† ††ير
المنصوص عليها على القواعد.
-معرف††ة القواع††د األص††ولية تفي††د القض††اة ودارس††ي األنظم††ة في تط††بيق النص††وص
على الوقائع أو على الجزئيات .
-شعور العالم بهذه القواعد باالطمئنان إلى مذاهب أئمة اإلسالم.
-ه††ذا العلم يحت††اج إلي††ه طالب العل††وم األخ††رى ك††العلوم االجتماعي††ة و التربوي††ة
إذا أرادوا تأصيل هذه العلوم وفق القواعد األصولية.
سادسا:تدوين أصول الفقه
جمع اإلمام الشافعي بين منهجي أهل الرأي (أو مدرسة العراق)ومدرسة أهل الحديث( أو
مدرسة المدينة) ،فهو قد درس على يد اإلمام محمد بن الحسن الشيباني تلميذ أبي حنيفة
ومحرر مذهبه ،ودرس على اإلمام مالك نفسه في المدينة المنورة وعاد إلى العراق ،ثم ذهب
إلى مصر فاستقرت أصوله هناك ،وحررها الربيع في [ الرسالة ] .
وقد طلب من الشافعي الفقيه عبد الرحمن بن مهدي الحـافظ ت 198هـ أن يضع كتابًا
يبين فيه :معاني القرآن والسنة ،والناسخ والمنسوخ ،وحجية اإلجماع ..فاستجاب له
الشافعي ،وأملى على تلميذه [ الربيع بن سليمان ] مجموعة سمَّيت بعدئذ بـ [ الرسالة ] ،
واعتبرت مقدمة لكتاب [ األم ] ،وبحث فيها :الكتاب والسنة ،ومنزلة الفقه من القرآن ،
وطرق إثبات السنة ،واالحتجاج بخبر الواحد ،والناسخ والمنسوخ ،والدالالت اللفظية ..
من العام والخاص والمشترك والمفصل والمجمل ،وبَّين حقيقة اإلجماع وحجيته ،وضبط
القياس ،وتناول االستحسان بالكالم ، ..ورتب كَّل ذلك ترتيبًا علميًا منظمًا .
ثالثًا :الكتب المؤلفة بأسلوب الجمع بين الطريقتين /أي طريقتي الشافعية (أو المتكلمين) ،
والحنفية ،فهناك من المؤلفين األصوليين من ُعنَي بتحقيق القواعد األصولية من األدلة المعقولة
ثم طبقوها على كثيٍر من الفروع الفقهية ،وربطوها بتلك الفروع ،ومما كتب بهذه الطريقة:
[ بديع النظام الجامع بين كتاب البزدوي واإلحكام ] لمظفر الدين أحمد بن علي -1
الساعاتي البغدادي الحنفي المتوفى سنة 694هـ ،والواضح من التسمية أنه
اعتمد على كتاب [ اإلحكام ] لآلمدي – وهو مما كتب على طريقة المتكلمين
، -وكتاب البزدوي – الذي كتب على طريقة الحنفية . -
[ تنقيح الوصول ] لمظفر الدين عبيد اهلل بن مسعود الحنفي المتوفى سنة 747 -2
هـ .ولما فرغ من تأليفه وجده بحاجٍة إلى إيضاح ،فشرحه وسمى الشرح
[ التوضيح شرح التنقيح ].
وقد لخص المؤلف في كتابه – كما يق†ول المؤل†ف -أص†ول ال†بزدوي الحنفي ،ومنتهى
السؤل واألمل في أصول الفقه والجدل إلبن الحاجب المالكي ،والمحصول للرازي .
والكت††اب قِّيٌم م††ا زال ي††دَّر س في األزه††ر ،وق††د كتب علي††ه [ س††عد ال††دين مس††عود بن عم††ر
التفتازاني الشافعي المت††وفى س††نة 792هـ ] حاش††ية أس††ماها [ :التل††ويح على التوض††يح ] ،وهي
متداولة مشهورة .
[ .3التحري††ر ] لكم††ال ال††دين محم††د بن عب††د الواح††د السيواس††ي الش††هير بالكم††ال بن الهم††ام
الحنفي المت ††وفى س ††نة 861هـ .وألهمي ††ة الكت ††اب فق ††د ش ††رحه محم ††د بن أم ††ير الح ††اج الحل ††بي
الحنفي المتوفى سنة 879هـ ،بشرحه المسمى [ التقرير والتحبير ] .
[ .4جمع الجوامع ] لتاج الدين عبد الوهاب بن علي الس††بكي الش††افعي المت††وفى س††نة 771
هـ ،وق†د جمع†ه من زه†اء مائ†ة مص†نف – كم†ا ق†ال مؤلف†ه ، -وه†و جم†ٌع لألق†وال المختلف†ة م†ع
خلوه من االستدالل على ما يقرره من قواعد ،وعليه شروح كثيرة.
ومعنى مانع أن ال يشمل إال أفراد المعَّر ف ومعنى جامع أن يشمل جميع أفراد المعَّر ف.
الثاني :أن يكون المعِّر ف أشهر وأعرف عند المخاطب من المعَّر ف .فال يجوز التعريف
باألمرين التاليين:
-1بالمساوي في الظهور والخفاء :كتعريف األب بأنه والد الابن ،وكتعريف فوق بأنه ليس
بتحت.
-2باألخفى معرفة :كتعريف النور بأنه قوة تشبه الوجود.
الثالث :أن ال يكون المعِّر ف عين المعَّر ف في المفهوم ،كتعريف اإلنسان بأنه بشر ،أو تعريف
الحركة باالنتقال؛ألنه لو صح التعريف بعين المعَّر ف لوجب أن يكون معلومًا قبل أن يكون
معلومًا،وللزم أن يتوقف الشئ على نفسه،وهذا محال ألَّنه نتيجة الدور الذي سيأتي بيانه.
الرابع :أن يكون خاليا من الدور ألنه يؤول إلى أن يكون الشئ معلومًا قبل أن يكون معلومًا،
أو إلى أن يتوقف الشئ على نفسه،مثل :تعريف الشمس بأنها (كوكب يطلع في النهار)،
والنهار ال يعرف إال بالشمس إذ ُيقال في تعريفه:النهار :زمان تطلع فيه الشمس ،فتوقفت
معرفة الشمس على معرفة النهار ،ومعرفة النهار متوقفة على معرفة الشمس ،فتكون معرفة
الشمس ،متوقفة على معرفة الشمس.
الخامس :أن تكون األلفاظ المستعملة في التعريف واضحة ال إبهام فيها ،فال يصح استعمال
األلفاظ الغريبة وال الغامضة وال المشتركة وال المجازات بدون القرينة.
مثل تعريف الشمس بأنها عين،فهذا ال يصح،إال أن توجد قرينة كأن يقال :عين مضيئة.
السادس :أن ال يتضمن التعريف حكم الشئ المعرف،وذلك حذرا من الدور ،مثل تعريف
السرقة بأنها حد تقطع فيه اليد.
ثانيًا :الوضع واالستعمال والحمل (معنى كل منها وأقسامه)
الوضع:جعل اللفظ دليال على المعنى فيفهم منه العارف بوضعه له.
وينقسم إلى ثالثة أقسام:
)1وضع لغوي:تسمية الولد بزيد.
)2وضع شرعي:كوضع الصالة للعبادة ذات األقوال والأفعال المخصوصة.
)3وضع عرفي:كإطالق الدابة على ذات األربع.
االستعمال :إطالق اللفظ وإرادة مسماه بالحكم وهو الحقيقة ،أو غير مسماه لعالقة بينهما
وهو المجاز،والمسَتعِم ل (المتكلم)فاللفظ صفة له،و الُم سَتعمل :اللفظ ،وعليه فاالستعمال
من صفات المتكلم الذي استعمل اللفظ الذي وضع له.
الحمل :اعتقاد السامع مراد المتكلم من لفظه أو ما اشتمل على مراده،كاعتقاد المالكي أن
اهلل تعالى أراد بلفظ القرء الطهر ،واعتقاد الحنفي الحيض،وهو من صفات السامع،بينماالوضع
من صفات الواضع ،واالستعمال:من صفات المتكلم.
ويتلخص مما سبق :أن الوضع سابق ،والحمل الحق ،واالستعمال متوسط.
البرهان عبارة عن مقدمتين معلومتين تؤلف تأليفا مخصوصا بشرط مخصوص ,فيتولد
بينهما نتيجة ،مثال ذلك من الفقه :قولنا كل نبيذ مسكر وكل مسكر حرام ,فلزم أن كل
نبيذ حرام ،فهاتان مقدمتان إذا سلمتا على هذا الوجه لزم بالضرورة تحريم النبيذ ,فإن كانت
المقدمات قطعية سميت برهانا ,وإن كانت مسلمة سميت قياسا جدليا،وإن كانت مظنونة
سميت قياسا فقهيا ،فالقياس أعم من البرهان ،لكون البرهان قياسا مفيدا تصديقا جازما مع
كون المطلوب حقا واقعا.
ويعرف القياس المنطقي بأنه :قول مؤلف من قضايا متى سلمت لزم عنه لذاته قول آخر.
األول( :القياس االستثنائي) وهو الذي ذكر في مقدماته نفس النتيجة ،أو نقيض النتيجة أي
(سلبها) مثل( :إن كان هذا مسكرا فهو حرام لكنه مسكر فهو حرام)،فالنتيجة قد صّر ح بنفسها
في إحدى المقدمتين ،ومثل :إن كان هذا مسكرا فهو حرام لكنه غير مسكر فهو حالل
،فالنتيجة قد صرح بنقيضها ،وسمي هذا القياس بـ(االستثنائي) الشتماله على أداة االستثناء وهي
(لكن) ،ويسمى أيضا القياس الشرطي.
الثاني( :القياس االقتراني) وهو الذي لم يذكر في مقدماته نفس النتيجة ،وال نقيضها مثل :هذا
مسكر ،وكل مسكر حرام ،فهذا حرام ،فالنتيجة لم تذكر هي وال ونقيضها في
المقدمتين،وسمي هذا القياس بالـ(اقتراني) الشتماله على (واو) الجمع بين المقدمتين ،ويسمى
قياس الشمول.
الثالث( :قياس المساواة) وهو مثل( :زيد مساو ـ في الطول ـ لعمرو) و(عمرو مساو ـ في الطول
ـ لبكر) ينتج( :زيد مساو ـ في الطول ـ لبكر).
الرابع :قياس التمثيل (هو القياس االصطالحي المشهور عند علماء أصول الفقه) ويعرف بأنه :
إلحاق فرٍع بأصٍل في حكم؛ الشتراكهما في العلة ،ومن أمثلته عند الفقهاء :هل يجوز لـمن
أحْصر بمرض التحلل بذلك؟ فالفقهاء أجمعوا على جواز تحلل المحرم إذا حصره عدٌو ومنعه
من البيت ؛ لقوله تعالى" :فإن ُأحصرتم فما استيسر من الهدي"،لكن إذا أحصر بغير عدو
كمرض ،هل يجوز له التحلل بذلك ؟ هذا محل خالف بين أهل العلم ،فمنهم من قال بأن له أن
يتحلل بذلك ،واستدل بعدد من األدلة ،منها :قياس التمثيل ،وبيانه :أن اإلحصار بالمرض مثل
اإلحصار بالعدو ،فيكون حكمهما واحدًا ،فهنا ُألحق الفرع( :اإلحصار بالمرض) باألصل( وهو
اإلحصار بالعدو) في الحكم( :وهو التحلل)؛ الشتراكهما في علة الحكم (المنع من وصول
البيت الحرام).