Professional Documents
Culture Documents
نظاريات املعاصرين
قواعد التعسف يف استعمال احلق
قواعد الظروف الطارئة
إعداد :
2
نظريات فقهية Ashyf Collection
3
نظريات فقهية Ashyf Collection
ومن أهدافها:
.1الغرية عىل الفقه اإلسالمي والدفع للشبه من عدم قدرته عىل مواكبة العرص والقانون
الغريب متفوق عليه
.2الكشف عن االجتاهات العامة للفقه اإلسالمي مما يساعد عىل إبرازه عىل صورته
الصحيحة.
.3املالئمة مع أسلوب التفكري القانوين احلديث.
رابعا :الفرق بني القاعدة الفقهية والنظرية الفقهية
.1يرى بعض املعارصين -منهم أبو زهرة – أن النظريات الفقهية مرادفة بالقواعد الفقهية،
ومها اجلامعة لألحكام اجلزئية فقط.
- .2عند الدريني :الفرق األول أن النظريات تقوم عىل أركان ورشائط البد منها لقيام هذه
األركان ،ولذا من املمكن أن تقوم النظريات العامة عىل عدة قواعد كلية ،وذلك بخالف
القواعد الفقهية ،وهي ليست ذات أركان.
-عند الروكي :وهناك فرق آخر ،وهو:
.1القاعدة حكم رشعي ،والنظرية دراسة وبحث وجتميع.
.2القاعدة تستند يف تقعيدها إىل أحد مصادر الرشعية ،بينام النظرية الفقهية إىل دراسة
الفقه اإلسالمي ومصنفات الفقهاء.
خامسا :كيف يمكن أن نصيغ النظريات الفقهية من خالل القواعد:
قال الدكتور عيل مجعة« :يمكن أن ندرج جمموعة من القواعد الفقهية -التي ختتلف
فروعها ولكن تتحد بصفة عامة -حتت نظرية معنية ،مثل القواعد التالية :العادة حمكمة،
املعروف بني التجار كاملرشوط بينهم ،إنام تعترب العادة إذا اطردت أو غلبت وغريها ...فإنه يمكن
أن نضع هذه القواعد مجيعا حتت عنوان نظرية العرف» اهـ بترصف.
4
نظريات فقهية Ashyf Collection
5
نظريات فقهية Ashyf Collection
املبحث األول
املبحث الثاني
املبحث الثالث
7
نظريات فقهية Ashyf Collection
قال« :نذرت هلل ألفعلن كذا»؛ فهذا اللفظ حيتمل النذر واليمني ،فإن نوى به النذر؛ كان
نذرا ،وإن نوى به اليمني؛ كان يمينا.
كل نذر حيتمل أن يكون نذر نذر تربر أو نذر جلاج؛ يتخصص بأحدمها بالقصد.
املبحث الرابع
«ما كان رصحيا يف بابه ووجد نفاذا يف موضوعه ال يكون كناية يف غريه»
معنى القاعدة :أن اللفظ الرصيح يف الباب الذي استعمل يف ذلك الباب ،فإذا استعمل يف
غريه؛ فإنه ال يكون كناية يف غريه .ومفهوم القاعدة :أن ما كان رصحيا يف بابه ولكنه مل يمكن
تنفيذه يف موضوعه؛ يكون كناية عن غريه .ومن فروعها:
الطالق ال يكون كناية ظهار وكذلك الظهار ال يكون كناية طالق .فلو قال لزوجته« :أنت
عيل كظهر أمي» ،ونوى الطالق ،أو «أنت طالق ونوى الظهار»؛ مل يقع ما نواه ،بل يقع
مقتىض الرصيح.
أبحتك كذا بألف ،ال يكون كناية يف البيع؛ ألنه رصيح يف اإلباحة جمانا؛ فال يكون كناية يف
غريه.
لو قال لزوجته« :بعتك نفسك بكذا»؛ فهو كناية خلع؛ ألنه ال يوجد نفاذا يف موضوعه؛ إذ
موضوعه املحل املخا َطب [الزوجة] ،وهو ليس مبيعا حتى يصح البيع.
من رصيح القرض «خذ هذا بمثله أو بدله» ،وبناء عىل القاعدة ،فإنه ال يكون كناية يف البيع.
مستثنى القاعدة:
.1قال لزوجته :أنت عيل حرام ونوى الطالق؛ وقع ،مع أن التحريم رصيح يف إجياب
الكفارة.
.2اخللع ،إذا قلنا :فسخ ،يكون كناية يف الطالق.
.3قال السيد لعبده :أعتق نفسك؛ فكناية تنجيز عتق مع أنه رصيح يف التفويض.
.4أتى بلفظ احلوالة ،وقال :أردت التوكيل؛ ُقبِل عند األكثرين.
.5راجع بلفظ التزويج أو النكاح فكناية.
.6قال لعبده :وهبتك نفسك؛ فكناية عتق.
.7قال :بعتك نفسك ،فقالت :اقشرتيت؛ فكناية خلع؛ ألن البيع مل جيد نفاذا يف موضوعه.
8
نظريات فقهية Ashyf Collection
املبحث اخلامس
«اللفظ إذا وصل به لفظ وقبل يف احلكم إذا نواه؛ ال يقبل يف احلكم ويدين يف الباطن»
معنى القاعدة :أن اللفظ الذي يقبل يف حالة وصل الكالم ،إذا مل يذكر يف اللفظ وادعى
املتكلم نيته؛ فإنه ال يقبل يف ظاهر احلكم ويقبل فيام بينه وبني اهلل يف الباطن .ومفهوم القاعدة :أن
اللفظ الذي ال يقبل؛ فإنه إذا نوى ال يدين صاحبه.
ومن فروعها :واألصح أنه يدين من قال «أنت طالق» وقال أردت إن دخلت أو إن قشاء
زيد ،ولو قال نسائي طوالق ،أو كل امرأة يل طالق ،وقال أردت بعضهم؛ فالصحيح أنه ال يقبل
ظاهرا إال لقرينة ،بأن خاصمته.
املبحث السادس
9
نظريات فقهية Ashyf Collection
املبحث السابع
املبحث الثامن
01
نظريات فقهية Ashyf Collection
حاصـــــل مهم
اللفظ الصادر من املكلف ،إذا عرف مدلوله يف اللغة أو العرف؛ مل جيز العدول عنه إال بأمور:
.1أن ينقل عنه ويصري حقيقة عرفية يف غريه ،كالدابة يف احلامر.
.2أن ينوي املتكلم به غري مدلوله الظاهر ويكون حمتمال ملا نواه؛ فيبقل قوله هذا يف بعض
املواضع.
.3أن يسبق لسانه إليه كام يف لغو اليمني ،لكن ال يقبل منه يف الظاهر إال بقرينة.
.4أن يقصد اللفظ ولكن يقصد استعامله يف غري معناه ،مثل أن حيكي لفظ غريه.
.5أن يدعي اجلهل بحكمه ويمكن صدقه؛ لقرب إسالمه ومل يتعلق به حق الغري.
.6أن يبنيه عىل ظاهر عنده ثم يتبني خالفه ،مثل :لو أتى بلفظ موهم للطالق وال يقع به
فتوهم وقوعه أو أفتاه جاهل بوقوعه ،فأخرب بطالق زوجته بناء عىل ذلك؛ ال يقع.
املبحث التاسع
املبحث العاشر
«ما ال يقبل التبعيض ،فاختيار بعضه كاختيار كله ،وإسقاط بعضه كإسقاط كله»
معنى القاعدة :أن كل ما ال يقبل التبعيض ،كالطالق والعتق والقصاص والشفعة ،فمن
اختار بعضه فكأنه اختار كله .والعلة فيها :أهنا ال تقبل التجزؤ .ومن فروع القاعدة:
أعتق بعض عبده؛ عتق كله ورسى عليه ،ومثله يف الطالق.
إذا عفا الشفيع عن بعض حقه؛ سقط الكل.
إذا عفا مستحق القصاص عىل بعضه؛ سقط اجلميع.
إذا قال :أحرمت بنصف نسك؛ انعقد بنسك كامل.
مستثنى القاعدة :إذا اقشرتى عبدين فوجد بأحدمها عيبا ،مل جيز إفراده بالرد ،فلو قال
رددت املعيب منهام؛ فاألصح ال يكون ردا هلام؛ ألن هذه املسألة ال يقبل التبعيض قهرا ،وإن
كان يقبله بالرضا.
«تنبــــــــــيه»
قال السيوطي« :حيث جعلنا اختيار البعض كاختيار الكل ،فهل هو بطريق الرساية أو من
باب التعبري بالبعض عن الكل؟ تظهر فائدة اخلالف يف من ط ّلق ثالثا إال نصف طلقة؛ فعىل
الثاين [تعبري البعض وإرادة الكل] يقع الطالق.
ويف مسألة «طلقني ثالثا بألف» فطلق واحدة ونصفا؛ يقع ثنتان ،ويستحق ثلثي األلف
عىل األول [طريق الرساية] ونصفه عىل الثاين [تعبري البعض عن الكل] ،وهو األصح اعتبارا
بام أوقعه ال بام رسى عليه.
03
نظريات فقهية Ashyf Collection
لو سكتت الثيب عند االستئذان يف النكاح؛ مل يقم مقام اإلذن قطعا.
لو علم البائع بوطء املشرتي اجلارية يف مقدار مدة اخليار؛ ال يكون إجازة.
ولو محل من جملس اخليار ،ومل يمنع من الكالم؛ مل يبطل خياره.
مستثنيات القاعدة:
.1البكر سكوهتا يف النكاح إذن لألب واحلد قطعا ،ولسائر العصبة واحلاكم.
.2سكوت املدعي عليه عن اجلواب بعد عرض اليمني عليه؛ جيعله كاملنكر الناكل ،وترد
اليمني عىل املدعي.
.3لو نقض بعض أهل الذمة ،ومل ينكر الباقون بقول وال فعل ،بل سكتوا؛ انتقض فيهم
أيضا.
.4لو رأى السيد عبده يتلف ماال لغريه ،وسكت عنه؛ ضمنه.
.5إذا سكت املحرم وقد حلقه [احللق] احلالل مع القدرة عىل منعه؛ لزمه الفدية.
ينزل منزلة نطقه.
.6القراءة عىل الشيخ وهو ساكت؛ ّ
وسبب استثناء هذه املسائل؛ أنه قد قام الدليل عىل االعتداد بالسكوت فيها أو اقرتنت
قرائن قوية تدل عىل ذلك.
فقد ذكر األئمة :أن الكتابة كناية ،فتنعقد هبا مع النية ولو من ناطق ،والبد من االعرتاف
هبا ،يعني النية مننه أو من وارثه.
ما جيوز االعتامد فيه عىل الكتابة واخلط؟
.1الرواية؛ فإن قرن بذلك إجازة؛ جاز االعتامد عليه والرواية قطعا؛ وإن جترد عنها؛
فكذلك عىل الصحيح.
.2رواية احلديث اعتامدا عىل خط حمفوظ عنده ،وإن مل يذكر سامعه.
.3اعتامد الراوي عىل سامع جزء وحد اسمه مكتوبا فيه.
.4عمل الناس عىل النقل من الكتب ونسبه ما فيها إىل مصنفيها.
.5جيوز االعتامد عىل خط املفتي
.6لو كتب له يف ورقة بلفظ احلوالة ،ووردت عىل املكتوب إليه؛ لزمه أداؤها إذا اعرتف
بدين الكاتب وأنه خطه.
.7قشهادة الشهود عىل ما كتب يف وصية مل يطلعا عليها [هذا عند السبكي]
الكتبة املعتربة :كلها صحيحة ،سواء عىل القرطاس واألرض والنقش عىل احلجر
وغريها إال ما كتبت عىل املاء واهلواء.
05
نظريات فقهية Ashyf Collection
06
نظريات فقهية Ashyf Collection
.3ال يرض تذكري وتأنيث لغري أي لغري املذكر وغري املؤنث كأن يقول للعبد أنت حرة ولألمة
أنت حر ،تغليبا لإلقشارة عىل العبارة.
.4وإن حلف ال يأكل هذه وأقشار إىل احلنطة فأكلها ولو خبزا ،حنث .تغليبا لإلقشارة.
املبحث األول
«االحتياط وأنواعه»
تعريف االحتياط :هو أن جيعل املعدوم كاملوجود ،واملوهوم كاملحقق ،وما يرى عىل بعض
-جعل املعدوم كاملوجود :املنافع املعقود عليها يف اإلجارة ،فإنا نجعل كاملوجود نودر
-ما يرى عىل بعض الوجوه ال يرى إال عىل كلها :تارك الصالة نيس عينها من اخلمس ،
فإن نوجب عليه اخلمس وإن كانت الرباءة يف نفس األمر حتصيل بواحدة.
أنواع االحتياط
-1إذا اقشتبه إناء طاهر بإناء -1اخلروج من خالف العلامء -1من نيس صالة من مخس
07
نظريات فقهية Ashyf Collection
باطل. اجلميع
املبحث األول
معنى القاعدة :أنه يستحب اخلروج من اخلالف ،باجتناب ما اختلف يف حتريمه ،فعل ما
.1اإلقشكال يف األلوية واألفضلية ،إنام يكون بورود السنة الثابتة ،إذا اختلفت األمة إىل
القولني احلل واحلرام ،واحتاط املستربئ لدينه وجرى يف فعله عىل الرتك حذرا من
ورطات احلرمة ال يكون فعله ذلك سنة ،ألن القول بأن هذا الفعل متعلق الثواب من
غري عتاب عىل الرتك قول مل يقل به أحد ،ومن اين األفضلية ؟ وأجيب :أن األفضلية
ليست لثبوت سنة خاصة فيه ،بل لعموم االحتياط واالسترباء للدين وهو مطلوب
رشعا.
.1أن ال يوقع مراعاته يف خالف آخر .مثل :فصل الوتر أفضل من وصله ،ومل لراع خالف
.2أن ال خيالف سنة ثابتة ،مثل :سن رفع اليدين يف الصالة ،ول يبال بإبطاله كاحلنفية .
.3أن يقوي مدركه ،مثل :الصوم يف السفر أفضل ملن قوي عليه .
اخلالف املعتربة
العربة يف اخلالف املعترب هو قوة املدرك ،فمن قوي مدركه اعتد بخالفه ومن ال فال.
08
نظريات فقهية Ashyf Collection
09
نظريات فقهية Ashyf Collection
21
نظريات فقهية Ashyf Collection
املبحث الرابع
املبحث اخلامس
)2وحيتمل أن يكون منع املاء إنام حيرم ألنه يف معنى تلف عىل ما ال غنى به لذوي األرواح
واآلدميني وغريهم فإذا منعوا فضل املاء منعوا فضل الكأل واملعنى األول.
رد عليه :تقي الدين السبكي وقال إنام أراد الشافعي رمحه اهلل تعاىل حتريم الوسائل ال سد
الذرائع والوسائل تستلزم املتوسل إليه ومن هذا منع املاء فإنه يستلزم منع الكأل الذي هو
حرام ونحن ال ننازع فيام يستلزم من الوسائل ولذلك نقول من حبس قشخصا ومنعه من
الطعام والرشاب فهو قاتل له وما هذا من سد الذرائع يف يشء قال الشيخ اإلمام وكالم
الشافعي يف نفي الذرائع ال يف سدها.
املبحث السادس
23
نظريات فقهية Ashyf Collection
.5حيرم عىل الزوجة متكني زوجها املحرم من الوطء .ألن فيها إعانة عىل املعصية .
« .6فإن وقف » مسلم أو ذمي «عىل جهة معصية كعامرة نحو الكنائس » التي للتعبد أو
ترميمها ،فباطل .ألنه إعانة عىل املعصية.
24
نظريات فقهية Ashyf Collection
املبحث السابع
املبحث الثامن
25
نظريات فقهية Ashyf Collection
هذه القاعدة عظيمة متفرعة عن أصل عظيم ،ألألن نسبة املختلف فيه إىل املحرم ليست
بأوىل من نسبته إىل املحلل ،وألن كل جمتهد مصيب ،أو املصيب واحد وال نعلمه ،ومل يزل
اخلالف بني السلف يف الفروع وال ينكر أحد عىل غريه جمتهدا فيه ،وإنام ينكرون ما خالف نصا أو
إمجاعا قطعيا أو قياسيا جليا وهذا إذا كان الفاعل ال يرى حتريمه ،فإذا كان يراه فاألصح اإلنكار
شروط وجوب اإلنكار.
احملتسب
املحتسب :هو من ويل احلسبة وهي اإلنكار واالعرتاض عىل فعل ما خيالف الرشع ،وعىل
اإلمام أن ينصب حمتسبا يأمر باملعروف وينهى عن املنكر وإن كانا ال خيتصان باملحتسب ،وحكم
املحتسب أنه ينكر وجوبا عىل من أخل بيشء من الشعائر الظاهرة ولو سنة كصالة العيد،
واآلذان ،فيلزمه األمر هبام ولكن ال يقاتلهم.
-1أن يكون ذلك املذهب بعيد املأخذ ،بحيث ينقص .ومن ثم وجب احلد عىل املرهتن بوطئه
املرهونة ،ومل ينظر خلالف عطاء.
-2أن يرتافع فيه احلاكم ،فيحكم بعقيدته ،وهلذا حيد احلنفي برشب النبيذ .إذ ال جيوز للحاكم
أن حيكم بخالف معتقده.
-3أن يكون للمنكر فيه حق ،كالزوج يمنع زوجته من رشب النبيذ ،إذا كانت تعتقد إباحته
وكذلك الذمية عىل الصحيح.
26
نظريات فقهية Ashyf Collection
املبحث التاسع
املبحث العاشر
27
نظريات فقهية Ashyf Collection
.2ومن احليل املحرمة :دعوى السارق أن املرسوق ملكه ليسقط هبا احلد عنه .
.3من احليل املحرمة :احليل الدافعة للزكاة ،قال :ألنه فرار من القربة .
.4من احليل املكروهة :احليلة بالربا.
.5لو اقشرتى بجزاف وتلف امتنع األخذ بالشفعة ،لتعذر الوقوف عىل الثمن.
.1اخلمر ال جيوز عصبها من ذمي وإذا غصبها منه فالذي صححه الرافعي والنووي أنه جيب
ردها عليه ،وذهب املحققون إىل أنه ال جيب الرد ؛ بل الواجب التخلية بني الذمي وبينها
ألنه حيرم اقتناؤه بالرشع.
.2إذا حتجر مواتا فليس لغريه اإلحياء فيه ؛ فإن أحيي الغري ملكه عىل الراجح ،ألن األول
مل يملكه بالتحجري.
.3لو اقشرتى الذمي دارا عالية مل جيز هدمها عليه ؛ فإن هدمت أعيدت.
( .1الثالث عدم الشبهة ) له ( فيه ) للخرب الصحيح { ادرءوا احلدود بالشبهات } ويف رواية
صحيحة { عن املسلمني -أي وذكرهم ليس بقيد كام مرت نظائره -ما استطعتم } ( فال
قطع برسقة مال أصل ) للسارق وإن عال ( وفرع ) له وإن سفل لشبهة استحقاق النفقة
يف اجلملة.
.2والوطء يف النكاح بال ويل يوجب مهر املثل ،لشبهة اختالف العلامء يف صحة النكاح.
الفصل اخلامس
املبحث األول
تعريف الضامن :هو إلزام حق عىل الغري .أسباب الضامن :هو العقد ،ويد ،وإتالف ،وحيلولة .
29
نظريات فقهية Ashyf Collection
الذي اتفقا عليه اذ جعل مقابلة رشعا كاملبيع يف يد البائع فانه مضمون بالثمن لو تلف ال
-ويفرتق ضامن االتالف واليد يف أن ضامن االتالف يتعلق احلكم فيه باملبارشة دون
املبحث الثاني
31
نظريات فقهية Ashyf Collection
املبحث الثالث
«ضامن املتلفات»
األصل يف املتلفات ضامن املثل باملثل ،واملتقوم بالقيمة ،ومن أمثلتها :
.1يضمن املغصوب إذا تلف املثل باملثل ،و القيمة باملتقوم .
.2إذا تقايل البيع و املبيع تالف ،وفيه املثل يف املثيل و القيمة يف املتقوم.
.3الثمن إذا تلف ورد املبيع بعيب أو غريه ،فيه املثل يف املثيل ،والقيمة يف املتقوم .
.4إذا جاء مالك اللقطة بعد متلكها ،وهي تالفة فيها املثل يف املثيل ،والقيمة يف املتقوم .
.5إذا ختالف املتبايعان وفسخ ،وهو تالف :أطلق الشيخان وجوب القيمة فيه ،فشمل املثيل
وغريه.
.6املقبوض بالرشاء الفاسد إذا تلف ،أطلق الشيخان وجوب القيمة فيه.
.7املعجل يف الزكاة ،إذا ثبت اسرتداده ،وهو تالف ،وفيه املثل أو القيمة.
املبحث الرابع
«اخلراج بالضامن»
معنى القاعدة :ما خرج من اليشء من عني و منفعة وغلة فهو للمشرتي عوض ما كان عليه من
ضامن امللك.
30
نظريات فقهية Ashyf Collection
.1متن املنهاج « :والزيادة املتصلة كالسمن تتبع األصل ،واملنفصلة كالولد واألجرة ال متنع
الرد ،وهي للمشرتي إن رد بعد القبض وكذا قبله يف األصح ».بناء عىل أن الفسخ يرفع
.1لو كان اخلراج يف مقابلة الضامن لكانت الزوائد قبل القبض للبائع ،ثم العقد أو الفسخ ؛
إذ ال ضامن حينئذ ،ومل يقل بذلك أحد ؛ وإنام يكون له إذا تم العقد لو كانت العلة
الضامن لزم أن تكون الزوائد للغاصب ،ألن ضامنه أقشد من ضامن غريه ،وما كانت
أجيب :املغصوب واملبيع قبل قبضه لو تلف حتت ذي اليد ضمنه وليس له خراجه أجيب
بأن الضامن هنا معترب بامللك ألنه الضامن املعهود يف اخلرب ووجود الضامن عىل ذي اليد فيام
ذكر ليس لكونه ملكه بل لوضع يده عىل ملك غريه بطريق مضمن
املبحث اخلامس
املبارش :إجياد علة اهلالك .والسبب :إجياد علة املبارش .والغرور :إبداء ما ظاهره السالمة.
32
نظريات فقهية Ashyf Collection
.2لو فتح قفصا عن طائر فوقف بعد الفتح وطار ال يضمنه يف اجلديد ،ألنه وجد من الفاتح
.3لو وكل يف القصاص ثم عفا ،واقتص الوكيل جاهال فال قصاص عليه وجتب الدية ،وإذا
.4لو نفر صيدا حرميا حتى خرج إىل احلل وقتله حمرم فاجلزاء عىل القاتل ألنه مبارش .بخالف
.6لو دل املودع عىل الوديعة سارقا فأخذها ال يكون قرار الضامن عليه.
.7لو غر بامرأة فظهرت معيبة أو رقيقة انفسخ نكاحها وغرم املهر وال يرجع عىل من غره يف
اجلديد.
.8لو غصب طعاما وقدمه لغريه ضيافة فأكله جاهال غرم قيمته للاملك وال يرجع عىل
الغاصب.
.1إذا غصب قشاة ،وأمر قصابا بذبحها ،وهو جاهل باحلال ،فقرار الضامن عىل الغاصب
.2إذا استأجره حلمل طعام فسلمه زائدا ،فحمله املؤجر جاهال ،فتلفت ،الدابة ،ضمنها
33
نظريات فقهية Ashyf Collection
.3إذا أفتاه أهل للفتوى بإتالف ثم تبني خطؤه ،فالضامن عىل املفتي .
.4قتل اجلالد بأمر اإلمام ظلام وهو جاهل ،فالضامن عىل اإلمام .
.5وقف ضيعة عىل قوم ،فرصفت غلتها إليهم ،فخرجت مستحقة ،ضمن الواقف ،
لتغريره .
.1لو حفر بئرا ،ولو عدوانا فردى غريه فيها آخر ( عىل املردي ال احلافر ،و ) فيام لو أمسكه
( .2وفعل جالد بأمر اإلمام كفعله ) أي الضامن قواد أو مال عىل اإلمام دون اجلالد ،ألنه
اآللة.
( .3ولو ضيف بمسموم ) يعلم أنه يقتل غالبا غري مميز ( صبيا ) كان ( أو جمنونا ) أو أعجميا
يعتقد وجوب طاعة اآلمر فأكله ( فامت وجب القصاص ) ؛ ألنه أجلأه إىل ذلك ( ...أو
بالغا عاقال ومل يعلم حال الطعام ) فأكله فامت ( فدية ) لشبه العمد كام بأصله فهو أبني
جتب هنا لتغريره ال قود لتناوله له باختياره ( ويف قول قصاص ) لتغريره كاإلكراه( ...
ويف قول ال يشء ) تغليبا للمبارشة وجياب بأن حمل تغليبها حيث اضمحل ما معها
املبحث اخلامس
34
نظريات فقهية Ashyf Collection
لو أتلف ماال يف يد مالكه ضمنه اال العبد املرتد ،واحليوان الصائل ،واملقاتل حرابه ،وما اذا مل
يتمكن النكر من اراقة اخلمر ونحوه اال بكرس آنية وما اذا مل يتمكن من دفع الصائل وقاطع
الطريق اال بعقر جواده وكرس سالحه وما يتلفه العادل عىل الباغي حالة احلرب وعكسه وما
يتلفه احلربيون علينا ومنها األجري املشرتك اذا أتلف املال بحضور املالك ال يضمن يف
الصحيح
.2املضمون قسامن:
-ما يضمن بالتلف واالتالف :الزكاة اذا تلف املال قبل دفعها ضمنه وكذا الصيد يف حق
املحرم
-وما ال يضمن بالتلف ويضمن باإلتالف :العبد اجلاين اذا أتلفه السيد أو أعتنقه ضمنه
ولو تلف مل يضمنه ولو نذر عتق عبد معني فامت فبل ان يعتقه مل يلزمه عتق غريه ولو
أتلفه ضمنه وكذا األمانات الرشعية مثل لو طري الريح ثوبا إىل داره فإنه يضمن باإلتالف
ال بالتلف.
.3اذا وجبت قينة املتلف اعترب بمحل االتالف ،كام يعترب يف املتلفات بغالب نقد البلد ايل وقع
فيه التلف واالتالف اال يف موضع واحد وهو إبال لدية فان املعترب بلد اقامة ال حمل جنايته
وهلذا اعتربوا بلد العاقلة والعاقلة ال جناية منهم وإنام العربة بمحل اقامتهم وهلذا قال يف
املطلب ان ذلك خرج عن قياس القاعدة.
.4قد يكون الفعل مباحا وهو مضمون ألنه إنام أبيح برشط سالمة العاقبة ،أمثلتها :
-1التعزير من االمام واملعلم والزوج ونحوه وكذلك
-2أكل املضطر طعام الغري يباح له ويضمن بدله
-3للمحرم ذبح الصيد لالضطرار ويضمنه
-4ولو نصب ميزابا فتقصف من اخلارج منه يشء وأتلف انسانا جتب الدية مع انه يباح له
نصبه
35
نظريات فقهية Ashyf Collection
-5ولو أرسل سهام عىل حريب فأسلم ثم وقع السهم فقتله فانه تلزمه دية املسلم
-6ولو سقطت عليه حرة من سطح فكرسها ضمنها مع ان له دفعها.
.5وقد يكون الفعل حراما وال ضامن ،من أثلته :
-1لقطع يدي فقطعها فال يشء عليه وكذا لو قال اقتلني فقتله فال قصاص وال دية
-2ولو غضب قشيئا مما خيتص به كجلد ميتة أو رسجني فتلف يف يده فال ضامن مع أن
فعله حرام
-3ولو كان الفعل سببا للهالك كام اذا فتح زقا فيه مائع فانصب ما فيه بالريح أو فتح
قفصا عم طائر فوقف ثم طار فان الفعل حرام وال ضامن
-4لو وضع صبى يف مسبعة فأكله سبع فال ضامن
.6املضمونات :أقسام :
-1ما يضمن ضامن عقد قطعا وهو :ما عني يف صلب عقد بيع أو سلم أو إجارة أو صلح .
-2ما هو ضامن يد قطعا كالعواري واملغصوب ،ونحوها .
-3ما فيه خالف واألصح :أنه ضامن عقد كمعني الصداق واخللع والصلح عن الدم
وجعل اجلعالة .
-4عكسه ،وذلك يف صور العلج .
.7قد يضمن االنسان ما أتلفه من مال نفسه ،ذلك لسببني :
-1لتعلق حق اهلل تعاىل به ،مثاله :املحرم إذا قتل صيد نفسه أو قطع قشعر نفسه أو حلقه
والسيد إذا قتل عبده جتب فيه الكفارة وكذا إذا قتل نفسه .
-2حق اآلدمي ،مثاله :الراهن اذا أتلف املرهون يضمنه بالبدل ويكون رهنا مكانه وسيد
العبد اجلاين اذا قتله عليه أقل األمرين من قيمته أو أرش جنايته وسيد األمة املزوجة إذا
قتلها قبل الدخول غرم مهر مثلها لزوجها عىل قول.
.8قد يضمن غريه ما بارش هو إتالفه من ملكه ،أمثلته :
36
نظريات فقهية Ashyf Collection
قواعد احلق
املبحث األول
.1تعريفه :احلق يف اللغة العربية له معان خمتلفة تدور حول معنى الثبوت والوجوب مثل قوله
ُ
القول عىل أكثرهم ،فهم ال يؤمنون﴾ [يس ]36/7:أي ثبت ووجب. حق
تعاىل﴿ :لقد َّ
37
نظريات فقهية Ashyf Collection
-اصطالحا :فقال بعضهم :هو احلكم الثابت رشع ًا ،قال بعضهم :هو مصلحة مستحقة
رشع ًا.
.2أقسام احلق:
احلقوق من حيث جلب املصالح ودرء املفاسد رضبان عند العز بن عبد السالم:
-1ما يتعلق بحقوق اخلالق :كالطاعة واإليامن ،وترك الكفر والعصيان وحقوق اهلل ثالثة
أقسام :
-ما هو خالص هلل كاملعارف واألحوال املبنية عليها ،واإليامن بام جيب اإليامن به ،كاإليامن
بإرسال الرسل ،وإنزال الكتب ،وبام تضمنته الرشائع من األحكام ،وباحلرش والنرش
والثواب والعقاب .
-ما يرتكب من حقوق اهلل وحقوق عباده :كالزكاة والصدقات والكفارات واألموال
املندوبات ،والضحايا واهلدايا والوصايا واألوقاف ،فهذه قربة إىل اهلل من وجه ،ونفع
لعباده من وجه ،والغرض األظهر منها نفع عباده وإصالحهم بام وجب من ذلك ،أو
ندب إليه ،فإنه قربة لباذليه ورفق آلخذيه .
-ما يرتكب من حقوق اهلل وحقوق رسوله ﷺ وحقوق املكلف والعباد ،أو يشتمل عىل
احلقوق الثالثة .ولذلك أمثلة :أحدها األذان فيه احلقوق الثالثة أما حق اهلل تعاىل
فالتكبريات والشهادة بالوحدانية .وأما حق الرسول ﷺ فالشهادة له بالرسالة ،وأما
حق العباد فباإلرقشاد إىل تعريف دخول األوقات يف حق النساء واملنفردين ،والدعاء إىل
اجلامعات يف حق املقتدي .
-2ما يتعلق بحقوق املخلوقني من جلب املصالح ودرء املفاسد وهو ثالثة أقسام :
-حقوق املكلف عىل نفسه :كتقديمه نفسه بالكساء واملساكن والنفقات ،وكذلك حقوقه
يف النوم واإلفطار ،وترك الرتهب .
38
نظريات فقهية Ashyf Collection
-حقوق بعض املكلفني عىل بعض ،وضابطها :جلب كل مصلحة واجبة أو مندوبة ،
ودرء كل مفسدة حمرمة أو مكروهة .وهي منقسمة إىل فرض عني وفرض كفاية ،وسنة
عني وسنة كفاية ،ومنها ما اختلف يف وجوبه وندبه يف كونه فرض كفاية أو فرض عني .
والرشيعة طافحة بذلك ويدل عىل ذلك مجيعا قوله تعاىل ﴿:وتعاونوا عىل الرب والتقوى
وال تعاونوا عىل اإلثم والعدوان ﴾ ،وهذا هني عن التسبب إىل املفاسد ،وأمر بالتسبب
إىل حتصيل املصالح وقوله تعاىل ﴿ :إن اهلل يأمر بالعدل واإلحسان وإيتاء ذي القربى ﴾،
وهذا أمر باملصالح وأسباهبا ،وهني عن الفحشاء واملنكر والبغي ،وهذا هني عن املفاسد
وأسباهبا .واآليات اآلمرة باإلصالح والزاجرة عن اإلفساد كثرية ،وهي مشتملة عىل
األمر املتعلق بحقوق اهلل وحقوق عباده
-حقوق البهائم واحليوان عىل اإلنسان ، :وذلك أن ينفق عليها نفقة مثلها ولو زمنت أو
مرضت بحيث ال ينتفع هبا ،وأال حيملها ما ال تطيق وال جيمع بينها وبني ما يؤذهيا من
جنسها أو من غري جنسها بكرس أو نطح أو جرح ،وأن حيسن ذبحها إذا ذبحها وال
يمزق جلدها وال يكرس عظمها حتى تربد وتزول حياهتا وأال يذبح أوالدها بمرأى منها،
وأن يفردها وحيسن مباركها وأعطاهنا ،وأن جيمع بني ذكورها وإناثها يف إبان إتياهنا ،
وأن ال حيذف صيدها وال يرميه بام يكرس عظمه أو يرديه بام ال حيلل حلمه .
املبحث الثاني
39
نظريات فقهية Ashyf Collection
.1ويصدق يف أنه مىض عليه عام حيث ال بينة وحيلف ندبا إن اهتم لبناء حق اهلل تعاىل عىل
املساحمة.
( .2واألظهر جواز القضاء عىل غائب يف قصاص ،وحد قذف ) ؛ ألنه حق آدمي كاملال
(ومنعه يف حد) ،أو تعزير ( هلل تعاىل ) لبنائهام عىل املساحمة ،والدرء ما أمكن ،وما فيه
احلقان كالرسقة يقىض فيه باملال ال القطع .
.3وإن اهتم رب املال فيام يمنع وجوب الزكاة كأن قال :مل حيل عيل احلول مل جيب حتليفه ،
وإن خالف الظاهر بام يدعيه كأن قد أخرجت زكاته أو هو وديعة ،ألن الزكاة مبنية عىل
املساحمة ،وألن األصل براءته.
املبحث الثالث
«نشوء احلق املايل»
قاعدة احلقوق املالية الواجبة هلل تعاىل :
احلقوق املالية الواجبة هلل تعاىل ثالثة أرضب .
-1رضب جيب ،ال بسبب مبارشة من العبد :كزكاة الفطر ،فإذا عجز عنه وقت الوجوب :مل
يثبت يف ذمته ،فلو أيرس بعد ذلك ،مل جيب .كزكاة الفطر
-2ورضب :جيب بسبب من جهته ،عىل جهة البدل ،فإذا عجز عنه وقت وجوبه وجب يف
ذمته ،تغليبا ملعنى الغرامة ؛ ألنه إتالف حمض :كجزاء الصيد ،وفدية احللق ،والطيب ،
واللباس يف احلج .
-3ورضب :جيب بسبب مبارشة -.ال عىل جهة البدل ،-ككفارة اجلامع يف رمضان ،ففيها
قوالن :
-أصحهام :يثبت يف الذمة ،فمتى قدر عليه :لزمه : .كإحلاق بجزء الصيد ألهنا مؤاخذة
عىل فعله.
41
نظريات فقهية Ashyf Collection
-أنه يسقط عند العجز ،كزكاة الفطر ،واحتج له بأنه ﷺ ملا أمر األعرايب أن يطعمه أهله
وعياله يف حديث املجامع مل يأمره باإلخراج يف ثان احلال ،ولو وجب ذلك ألقشبه أن
يبني له.
حقوق اآلدميني املالية ال جتب إال بسبب مبارشته من التزام أو اتالف وال تسقط بالعجز
أصال ،ثم إن كانت مؤجلة فال يستحق إال بحلول األجل وأما حقوق اآلدميني املالية فإنام جتب
بسبب مبارشته من التزام أو إتالف وال تسقط بالعجز أصال ثم إن كانت مؤجلة فال تستحق إال
بحلول األجل وإن كانت حالة فهل جيب أداؤه قبل الطلب؟ فيه مخسة أوجه:
هذا ما اقتضاه كالم األصل لكن قال يف املجموع ينبغي أن يكون األصح هنا عكسه كالفطرة ألنه
عاجز حال التكليف بالفدية وليست يف مقابلة جناية ونحوها وما بحثه جزم به القايض وهو
مردود بام مر أن حق اهلل تعاىل املايل إذا عجز عنه العبد وقت الوجوب يثبت يف ذمته وإن مل يكن
عىل جهة البدل إذا كان بسبب منه وهو هنا كذلك إذ سببه فطره بخالف زكاة الفطر
املبحث الرابع
«وراثة احلق»
40
نظريات فقهية Ashyf Collection
كل ما كان متعلقا باملال ،أو يدفع به رضرا عن الوارث يف عرضه ؛ فإنه ينتقل إىل الوارث ،وما
كان متعلقا بنفس املوروث وقشهوته وعقله ال ينتقل إىل الوارث .والرس يف الفرق :أن الورثة
يرثون املال ،فريثون ما يتعلق به تبعا له وكذلك العرض بني الوارث واملوروث فيهام مناسبة.
وأما عقل امليت وقشهوته نفسه فأمور ال تورث ،فال يورث ما يتعلق هبا.
من أمثلة احلقوق التي تورث
خيار الرشط ،وخيار املجلس ،خيار اإلقالة ،وخيار الترصية ،والرد بالعيب وخيار
اخللف ،وخيار الشفعة ،وحق القصاص ،وحق الراهن ،وقبول الوصية ،وإذا مات واحد
من الغانمني انتقل حقه إىل ورثته ألنه ثبت له امللك أو حق امللك ،وإذا مات املتحجر انتقل حقه
إىل ورثته ،وحكم اإلقالة والتحالف مع الوارث كحكمها مع املورث .الفيئة بعد اإليالء ال
تورث لتعلقه بشهوته ،والعود بعد الظهار ،واختيار أربع من مخس فصاعدا -أسلم عليهن-
ومن ثم ال جيوز التوكيل فيه ،ويف سائر ما يتعلق بالشهوة.
املبحث اخلامس
«نقل احلق»
42
نظريات فقهية Ashyf Collection
قد يكون النقل جمانا بغري عوض كاهلدايا والوصايا والعمرى والرقبى واهلبات
املبحث السادس
«إسقاط احلق»
كحق الرجوع يف اهلبة وحق الزوج يف اإلستمتاع ،وحق العاقلة يف التأجيل ،وحق اإلرث،
وحق والية النكاح ،وحق احلضانة ،وحق التقدم يف اإلمامة العظمى ،وحق تفضيل الذكور
43
نظريات فقهية Ashyf Collection
اإلبراء الذي يسقط الدين من الذمة وال ينقله إىل املدين ،ومنه إسقاط القصاص بالعفو فإن
العفو يسقط القصاص عن اجلاين ،وال ينقله إليه ،وكذلك اللعان يسقط حد القذف عن
الزوج وال ينقله إليه ،وكذلك العفو عن التعزير وعن حد القذف ،وكذلك إسقاط حق
النكاح واالستمتاع بالطالق فإنه يسقط امللك عن الرقاب ،وال ينقله إىل الرقيق ،وكذلك
كإسقاط حق الزوج من البضع باخللع أو بالطالق عىل مال ،وكالصلح عن الدين فإنه يسقطه
عن املدين وال ينقله إليه ،وكذلك العتق عىل مال ،وبيع العبد من نفسه فإنه يسقط امللك ،وال
ينقله إىل الرقيق ،وكذلك الصلح عن القصاص يف النفوس واألطراف فإنه يسقط القصاص
األمثلة التطبيقية
-1وعلم مما تقرر أن هذه اهلبة ليست عىل قواعد اهلبات ومن ثم مل يشرتط رضا املوهوب هلا
وجاز للواهبة الرجوع متى قشاءت فيخرج هلا إذا رجعت أثناء ليلتها وإال قىض من حني
الرجوع ولو أخذت عىل حقها عوضا لزمها رده ؛ ألنه ليس عينا وال منفعة فال يقابل بامل
( -2قوله ولو قال املتحجر ) عبارة املغني وله نقله إىل غريه وإيثاره به كإيثاره بجلدة امليتة قبل
الدباغ ويصري الثاين أحق به ويورث عنه ا هـ ( قوله أو أقمتك مقامي ) أي ولو بامل يف
مقابلة ذلك فيام يظهر وجيوز للمؤثر أخذه أخذا مما ذكروه يف النزول عن الوظائف بعوض
44
نظريات فقهية Ashyf Collection
-3وجيوز نقل اليد عن النجس بالدراهم كام يف النزول عن الوظائف .وطريقه أن يقول
املستحق له أسقطت حقي من هذا بكذا فيقول اآلخر قبلت ا هـ قشيخنا وتقدم عن سم ما
املبحث السابع
إذا اجتمع حق اهلل وحق اآلدمي قدم حق اهلل تعاىل ،ومن فروعه :كالصالة والزكاة
والصوم واحلج تقدم عند القدرة عليها عىل سائر أنواع الرتفه واملالذ حتصيال ملصلحة العبد يف
اآلخرة وكذلك حتريم وطء املتحرية وإجياب الغسل لكل صالة .
-1ولو اجتمع زكاة ودين آدمي يف تركة بأن مات قبل أدائها وضاقت الرتكة عنهام قدمت عىل
الدين تقديام لدين اهلل و يف خرب الصحيحني فدين اهلل أحق بالقضاء وكالزكاة سائر
حقوق اهلل تعاىل كحج وكفارة نعم اجلزية ودين اآلدمي مستويان مع أهنا حق هلل تعاىل
-2أو لزمه عقوبات هلل تعاىل وآلدمي كأن رشب وزنى وقذف وقطع وقتل قدم حقه إن مل
يفت حق اهلل تعاىل أو كانا قتال فيقدم حد قذف وقطع عىل حد رشب وزنا وقتل عىل حد
زنا املحصن تقديام حلق اآلدمي بخالف حد زنا البكر وحد الرشب فيقدمان عىل القتل
لئال يفوتا وتعبريي بام ذكر أوىل مما عرب به
ويستثنى من ذلك :جواز التلفظ بكلمة الكفر عند اإلكراه ولبس احلرير عند احلكة وجتويز
التيمم باخلوف من املرض وغريه من األعذار وكذلك العذار املجوزة لرتك اجلمعة واجلامعات
والفطر يف رمضان واحلج وجلهاد وغريها والتداوي بالنجاسات غري اخلمر وإذا اجتمع عليه قتل
45
نظريات فقهية Ashyf Collection
قصاص ورده قدم قتل القصاص وجواز التحلل بإحصار العدو ومنها إذا وجد املضطر ميتة
وطعام الغري فأقوال الثالث يتخري والصح عند الرافعي أنه يأكل امليتة فيقدم حق اآلدمي
ويظهر أن سبب اإلستثناء :أنه العدو ،أو حلصول حق اهلل يف اآلدمي ،قال يف املجموع :وإذا
اجتمع يف تركة امليت دين هلل تعايل ودين آلدمي كزكاة وكفارة ونذر وجزاء صيد وغري ذلك ففيه
ثالثة أقوال مشهورة ذكرها املصنف بأدلتها (أصحها) يقدم دين اهلل تعاىل (والثاين)دين اآلدمي
(والثالث) يستويان فتوزع عليهام بنسبتهام...
* وأجابوا عن حجة من قدم دين اآلدمي وقياسه عيل قتل الردة وقطع الرسقة بأنه انام قدمنا حق
اآلمي هناك الندراج حق اهلل تعاىل يف ضمنه وحصول مقصوده وهو اعدام نفس املرتد ويد
السارق وقد حصل بخالف الديون والن احلدود مبنية عيل الدرء واالسقاط بخالف حقوق اهلل
املبحث الثامن
القاعدة :ال يقدم يف التزاحم عىل احلقوق أحد إال بمرجح ،وله أسباب :
-1السبق :كجامعة ماتوا ،وهناك ما يكفي أحدهم قدم أسبقهم موتا واملستحاضة ترى الدم
بصتفني مستويتني فريجح األسبق وكاالزدحام يف الدعوى واإلحياء والدرس ولو وكل
رجال يف بيع عبده وآخر يف عتقه قال الدبييل من سبق فله احلكم
-2القوة ،فلو أقر الوارث بدين وأقام اآلخر بينة بدين والرتكة ال تفي هبام قال صاحب
46
نظريات فقهية Ashyf Collection
-3القرعة ،يف مواضع كثرية كازدحام األولياء يف النكاح والعبيد يف العتق واملقتصني يف
موضع القرعة
-1يف متييز املستحق إذا ثبت االستحقاق ابتداء ملبهم غري معني عند تساوي املستحقني ،كاجتامع
األولياء يف النكاح والورثة يف استيفاء القصاص وغسل امليت والصالة عليه ويف احلاضنات
إذا كن يف درجة وكذا يف ابتداء القسم بني الزوجات يف األصح الستوائهام يف احلق فوجبت
القرعة ألهنا مرجحة وقيل ويبدأ بمن قشاء بال قرعة
-2يف متييز املستحق املعني يف نفس األمر عند اقشتباهه والعجز عن االطالع عليه وهلذا لو قال إن
كان هذا الطائر غرابا فعبدي حر وإن مل يكن فزوجتي طالق وأقشكل ال يقرع ما دام احلالف
حيا عىل املذهب لتوقع البيان وقيل يقرع كام إذا مات
-3يف متييز األمالك
قاعدة :
من خرجت له القرعة استقل باحلق وال حيتاج إىل إذن الباقني إال يف موضعني :
-1باب القسمة إذا جرت بالرتايض ال باإلختيار فإنه يعترب الرتايض بعد خروج القرعة يف
-2باب استيفاء القصاص لبنائه عىل الدرء واإلسقاط فمن خرجت له القرعة تواله بإذن
الباقني فلو منع غريه امتنع ألنم منعه من االستيفاء ال ينقض بخروجها لغريه بدليل صحة
47
نظريات فقهية Ashyf Collection
املبحث التاسع
كل حق مايل وجب بسببني -خيتصامن به ؛ فإنه جائز تعجيله بعد وجود ومثله ما وجب بسبب
ورشط ،جاز تعجيله بعد وجود السبب .ألنه إذا قدم عىل السبب الثاين -وهو سبب -فإن تقدم
عىل الرشط أوىل وأحرى.
.1كفارة اليمني ،وهي أم املسائل ؛ فيجوز إخراجها بعد اليمني وقبل احلنث ؛ ألهنا وجبت
باليمني واحلنث ،وال جتوز قبل اليمني ،لتقدهيام عىل السببني ( .وله ) أي :احلالف بعد
اليمني ( تقديم كفارة بغري صوم عىل حنث جائز ) للخرب الصحيح { فكفر عن يمينك ثم
ائت الذي هو خري } ؛ ألن سبب وجوهبا اليمني واحلنث مجيعا ،والتقديم عىل أحد
السببني جائز كام مر آخر الزكاة ،نعم األوىل تأخريها عنهام خروجا من اخلالف ،ومر أن
من حلف عىل ممتنع الرب يكفر حاال بخالفه عىل ممكنه ،فإن وقت الكفارة فيه يدخل
باحلنث ،أما الصوم فيمتنع تقديمه عىل احلنث ؛ ألنه عبادة بدنية
.2زكاة الفطر جيوز تعجيلها يف مجيع رمضان ؛ ألهنا وجبت بأمرين خيتصان هبا ،ومها :
إدراك رمضان والفطر ،وال جيوز قبل رمضان ،التقديم عىل السببني.
.3زكاة املوايش ،والنقدين ،والعروض ؛ فإهنا جتب بسببني خيتصان هبا ،ومها :احلول
والنصاب ،فيجوز تعجيلها قبل احلول ،وال جيوز قبل كامل النصاب ،واألصح أنه ال
جيوز تعجيل زكاة عامني ؛ ألنه مل يتحقق وجود واحد من السببني بالنسبة إىل العام الثاين.
48
نظريات فقهية Ashyf Collection
.4إراقة دم التمتع بعد الرشوع يف احلج وقبل العيد جائز عندنا خالفا أليب حنيفة حيث قىض
بأنه يتأقت بأيام النحر .ويف جواز اإلراقة بعد التحلل من العمرة وقبل الرشوع يف احلج
قوالن أو وجهان :أصحهام اجلواز ؛ ألنه حق مايل تعلق بسببني ،ومها ،الفراغ من
العمرة ،والرشوع يف احلج ؛ فإذا وجد أحدمها جاز إخراجه ،كالزكاة والكفارة.
.5كفارة القتل جتوز بعد اجلرح وقبل املوت ،وإن مل يكن جرحه مل جيز بال خالف.
( .6و ) جيوز تقديم ( منذور مايل ) عىل ثاين سببيه كام إذا نذر تصدقا أو عتقا إن قشفي
مريضه أو عقب قشفائه بيوم فأعتق أو تصدق قبل الشفاء ووقع هلام يف الزكاة خالف هذا ،
واعتمد البلقيني وغريه هذا ؛ ألن القاعدة يف ذي السببني جيوز تقديمه عىل أحدمها ال
عليهام رصحية فيه .
النظرية:
ونظرية التعسف يف استعامل احلق تسميتها هبذا االسم منقولة عن رجال احلقوق
الغربيني؛ ولك َّن هذه النَّظرية عرفها اإلسالم منذ أرسل اهلل رسوله وأنزل عليه قرآنه واعتنقه
الناس دينًا ،وط َّبقوه يف قضاياهم ،وسائر عالقاهتم رشيعة حمكمةَّ ،بني احلق كام َّبني مصادره
ولكن الذين يقرؤون لرجال القانون من الغرب ،وال يقرؤون الفقه اإلسالمي دأبوا عىل
49
نظريات فقهية Ashyf Collection
ُّ
معىن التعسف يف استعمال احلق:
قسم علامء الرشيعة احلقوق إىل ما هو حق العا َّمة ،وضابطه ما يتعلق به النفع العام
للمجتمع من غري اختصاص بأحد؛ كاالنتفاع بالطريق العام ،واألهنار العامة ،واملساجد ،وهذا
يثبت للناس مجي ًعا حق االنتفاع به والدفاع عنه ،الثاين :احلق اخلاص ،وهو ما تتع َّلق به مصلحة
خاصة للفرد؛ كح ِّقه يف ملكه ،أو يف واليته عىل ولده ،وم َّيزوا بني احل َّقنيَّ :
بأن األول :ال يمكن َّ
متليكه وال إسقا ُطه ،والثاين :يمكن متليكه وإسقاطه.
خاصا ،وسواء أكان ح َّقا متعل ًقا باملال؛ كحق امللك يف األعيان ،وحق االنتفاع بالعني املستأجرة
أو َّ
أو املستعارة ،وحق احلبس يف املرهون ،أم كان ح ًّقا غري مايل؛ كحق الوالية للشخص عىل أوالده،
وال يأبى الفقه اإلسالمي تقسيم فقهاء القانون له إىل قشخيص وعيني ،فاألول :دين أو
عمل أو امتناع عن عمل لشخص عىل آخر؛ كالثمن املؤجل ،ومنفعة األجري ،واالمتناع عن
االنتفاع باملرهون أو الوديعة ،واحلق العيني هو عالقة اختصاص لشخص عىل يشء يف مواجهة
51
نظريات فقهية Ashyf Collection
وأسباب اكتساب هذه احلقوق إ َّما اختيار َّية ،وإ َّما َج ْ ِرب َّية ،فاألوىل :العقد ،والعلم النافع؛
كالفضالة ،ومنها ما إذا أنفق عىل اللقيط ب َغ ْ ِري إ ْذ ِن القايض عند املالك َّية ،والعمل َّ
الضار؛ كارتكاب
تعبري وار ٌد إلينا عن احلقو ِق ِّيني الغربيني ،فيجمل بنا أن نعرفه بام
احلق ٌَّعسف يف استعامل ِّ
الت ُّ
فالتَّعسف يف استعامل احلق عندهم هو :استعامل احلق عىل وجه غري مرشوع ،فاملفروض
وفرق بني التَّعسف وبني الفعل الضار أو االمتناع الضار؛ ألن األخريين أمر غري مرشوع،
أي ممنوع وحمرم من أول األمر .أما التعسف فهو استعامل احلق املرشوع عىل وجه غري مرشوع.
.1أن يأيت اإلنسان بعمل مرشوع ،ويقصد به اإلرضار بالغري من غري أن تكون له مصلحة
فيه.
.2أن يأيت بعمل مرشوع للحصول عىل مصلحة ضئيلة له ،ال تتناسب مع الرضر العظيم
50
نظريات فقهية Ashyf Collection
هذه النَّظرية مسطورة يف صميم الفقه اإلسالمي وبارزة يف آيات الكتاب وأحاديث السنة
بأوسع من معناها يف القانون ،وهي من املبادئ الكربى التي حفظت هبا احلقوق منذ كان
اإلسالم.
ً
األدلة عليها إمجاال:
الدليل األول :قول اهلل تعاىل﴿ :وإِ َذا َط َّل ْقتُم النِّساء َفب َل ْغن َأج َلهن َف َأم ِسكُوهن بِمعر ٍ
وف َأ ْو ُ َّ َ ْ ُ ُ َ َ َ َ َ ُ َّ ْ َ
رض ًارا ل ِ َت ْعتَدُ وا﴾ [البقرة.]231 : ِ ِ ٍ
وه َّن بِ َم ْع ُروف َو َال ُمتْسك ُ
ُوه َّن َ رس ُح ُ
َ ِّ
سبب نزول هذه اآلية كام أخرج ابن جرير وابن املنذرَّ ،
أن رج ً
ال من األنصار يدعى ثابت
52
نظريات فقهية Ashyf Collection
وجه الداللة اآلية أن اإلمساك حق للزوج ،وقد ندب اهلل تعاىل إىل استعامله عىل نحو
مرشوع وهو اإلمساك مع املعارشة احلسنة ،وهنى عن استعامله عىل نحو غري مرشوع ،وهو
استعامله عىل وجه املضارة عىل النَّحو الذي فعله ثابت بن يسار ،وهذا بعينه هو إساءة استعامل
يعني -واهلل أعلم -لكل من اإلخوة ألم نصيبه بعد أداء دين املورث ،وإخراج وصيته،
صحيحا،
ً عىل أن يكون املورث قد أقر بالدين ،وأوىص من غري رضار بورثته ،بأن يكون الدين
الثلث ،أو يويص ألحد الورثة ،فالوصية مع اإلرضار هي بعينها إساءة استعامل احلق.
الدليل الثالث :ما أخرج أمحد بسنده إىل عبداهلل بن مسعود عن النبي ﷺ« :لعن اهلل املح ِّلل
واملح َّلل له» ،وما ُر ِو َي عن األوزاعي عنه ﷺ « :يأيت عىل النَّاس زمان يستحلون الربا بالبيع» .
وما أخرج البخاري عن النُّعامن بن بشري أنه ﷺ قال « :مثل القائم يف حدود اهلل والواقع
فيها؛ كمثل قو ٍم استهموا عىل سفينة ،فصار بعضهم أعالها وبعضهم أسفلها ،وكان الذين يف
أسفلها إذا استقوا من املاء مروا عىل من فوقهم ،فقالوا :لو أنا خرقنا يف نصيبنا خر ًقا ،ومل نؤذ من
فوقنا ،فإن تركوهم وما أرادوا هلكوا مجي ًعا ،وإن أخذوا عىل أيدهيم نجوا ونجوا مجي ًعا».
53
نظريات فقهية Ashyf Collection
والبيع ألجل الربا عمل غري مرشوع ،فلام قصد باملرشوع غري املرشوع هنى عنه الشارع ،وحكم
اإل ْث ِم وا ْلعدْ و ِ
ان﴾[املائدة،]2 : اونُوا َع َىل ْ ِ َ ُ َ
بفساده؛ ألنه تعاون عىل اإلثم ،وقد قال تعاىلَ ﴿ :و َال َت َع َ
ووجه الداللة من احلديث الثالث أن الذين يف أسفل السفينة يستعملون نصيبهم وحقهم؛ لكن ملا
ٍ
رضر َين َْش ُأ عن استعامل هذا برشط سالمة اجلَامعة من ترصف َّ األوىلَّ :
مرشوع َ ْ
ٌ الشخص فيها أن ُّ
استِعامله احلق؛ كام يشري إىل ذلك حديث الواقع يف حدود اهلل؛ وهلذا أذن للجامعة يف منعه ِ
عن ْ
استِ ْعاملِه ْ
إن َق َصدَ عن ْ
احلق َجيِب أن ين ُظر إىل الن ِ
َّتائ ِج الن ِ َ
َّامجة ِ َ ُ ب ِّ ِ
ضارا ِهبم ،فصاح ُ
ِ
للحق است ْعامالً ًّ
ِّ
الرض َر ،أو ترك االحرتاس ،أو أراد حتقيق مصلحة ال تتكافأ مع رضر الغري أو مصلحة غري
َّ َ
مرشوعة.
الناحية الثانية :أن احلق كام جعل اهلل فيه مصلحة فردية لصاحبه ،جعل فيه مصلحة
الشخص عن إتالف
َ اجتامع َّية لصالح اجلامعة؛ ألنه من ثروة األ َّمة التي تعتمد عليها ،وهلذا هنى
ماله؛ ألنه إن مل يصبه هو باخلسارة أصاب اجلامعة ،وألن اهلل جعل فيه نصي ًبا معلو ًما للجامعة كام
54
نظريات فقهية Ashyf Collection
يف الزكاة والعرش واخلراج ،ويدل عىل هذا الن َّْهي عن االحتكار والنهي عن رفع األسعار وحق
اجلامعة يف بيع املال املحتاج إليه عىل صاحبه عند الغالء الشديد أو املجاعة.
تعريفه:
ترص ًفا َ
غري ُمعتاد رش ًعا. تعريفه بِام يأيت :هو ُّ
ترصف اإلنسان يف ح ِّقه ُّ
َّقرر الفقهاء كام يف الفقه احلنفي وغريه ،أن لإلنسان أن يترصف يف ملكه ترص ًفا معتا ًدا وال يسأل
ٍ
حينئذ ،وإنام يسأل عن الرضر إذا كان التَّرصف يف ملكه غري معتاد. ٍ
رضر عام يرتتب عليه من
احلق؛ بدليل َّأهنم ذكروا من فروع هذا األصل ما لو سقى أرضه من
ويقصدون بامللك ها هنا َّ
55
نظريات فقهية Ashyf Collection
تفريع:
ٍ
أرض َمملوكة أو مستأجرة ،فاحرتق بذلك يشء جلاره مل ِ
حصائدَ ُه يف ومنها ما إذا أحرق
يضمن ألنه ترصف يف حقه ترص ًفا معتا ًدا ،وإن كانت الرياح مضطربة عند اإلحراق فأحرقت
متعد ًيا.
بئرا يف ِم ْلكِه فغاض املا ُء من بئر جاره ،أو أدار آل ًة إدار ًة ِ ِ
يتبني ُحك ُْم الف ْقه فيام لو َح َف َر ً
ومن هذا َّ
يضمنان ،وإن جاوزاه ضمنًا ،وكذلك القايض إذا ظهر أنه حكم بغري احلق ،واملنفذ للعقوبة
كالسجان واجلالد إذا خت َّلف عن قيامه بعمله املعتاد رضر ،ويشري إىل هذا قول النبي ﷺ (( :إنام
أنا برش مثلكم ،وإنكم ختتصمون إيل ،ولعل أحدكم أن يكون أحلن بحجته من بعض؛ فأقيض له
عىل نحو مما أسمع ،فمن قضيت له بيشء من حق أخيه فال يأخذه)) احلديث ،حيث مل يعترب خطأ
وترصف اإلنسان يف حقه ترص ًفا غري معتاد هو مجاع مسائل التعسف يف استعامل احلق.
56
نظريات فقهية Ashyf Collection
األصل األول:
ما إذا استعمل ح َّق ُه ال يقصد من ذلك إال اإلرضار بغريه ،وليست له مصلحة فيه ،وذلك
تسمع ،ويعزر املدعي إذا ثبت ذلك بالقرائن ،ويف فقه املالكية -كام يف "التبرصة" -لو ادعى
الصعاليك عىل أهل الفضل دعاوى باطلة ،وليس غرضهم من هذا إال أن يشهروا هبم ويوقفوهم
ومن ذلك ما إذا أراد الزوج أن يسافر بزوجه إىل بلد بعيد ،وهو غري مأمون عليها ،ال يريد
بذلك إال اإلرضار هبا وإيذاءها أو سلب ماهلا ،فيقىض بمنعه من السفر هبا لإلرضار ،وقد قال
وه َّن لِت َُض ِّي ُقوا َع َل ْي ِه َّن﴾ يعنِي :ال تضاروا املعتدَّ ات يف السكنى؛ فالزوجات
تعاىلَ ﴿ :و َال ت َُض ُّار ُ
أوىل أال تضاروهن ،واألصل يف مسائل هذا الباب حتريم إمساك املعتدة بقصد اإلرضار هبا،
وحتريم وصية الرضار وبطالهنا ،وحتريم طالق املريض ليفر به من مرياث زوجته؛ فتقاس سائر
األصل الثاني:
أن يستعمل اإلنسان ح ًّقا يقصد به حتقيق مصلحة له فترتتب عليه مفاسد وأرضار الحقة
بالغري ،وهي أعظم من هذه املصلحة أو مساوية هلا ،وذلك كاحتكار ما حيتاج إليه الناس يف
أوقات الغالء أو القحط يقصد به البيع بثمن مرتفع ،فإن املحتكر يريد من ذلك مصلحة الربح
57
نظريات فقهية Ashyf Collection
الكبري؛ لكن يرتتب عىل هذا رضر عظيم يلحق اجلامعة ،وهلذا قال ﷺ (( :اجلالب مرزوق
واملحتكر ملعون)) ،ومن هنا يمنع من االحتكار ويباع عليه ما احتكره بثمن املثل إن امتنع من
البيع.
ومن ذلك إغالء التجار السعر عىل الناس بحيث يصل إىل ضعف قيمة السلع ،فإن تقدير
البائع لثمن مبيعه حق له ،ولكن استعامله عىل هذا النحو ،وإن حقق مصلحة له ،فقد نشأت عنه
مفاسد عظيمة باجلامعة ،ولذلك قال احلنفية واملالكية :إذا عجز ويل األمر عن رد التجار إىل
األسعار العادية بك ُِّل الوسائل أزال هذا الرضر بالتسعري بمشورة أهل اخلربة ،وقد ثبت هذا
باملصلحة املرسلة لدفع الرضر عن اجلامعة ،وقال الشافعية وبعض احلنابلة بمنع التسعري
واستدلوا بام روي أنه قيل للنبي -ﷺ :-أال تسعر لنا؟ فقال(( :إن اهلل هو املسعر القابض
الباسط)) ،وأجاب القائلون بالتَّسعري بأن احلديث كان فتوى يف واقعة خاصة بسبب خاص ،فال
تدل عىل عموم احلكم ،فإن امتنع التاجر من البيع بالسعر املحدد بيع عليه كام يباع املال عىل املدين
وفاء للدين.
ومنه تلقي التاجر للوافدين إىل السوق من أهل الريف والبادية ،ورشاء ما جلبوه بالثمن
الرخيص لبيعه ألهل املدينة غال ًيا؛ حيث يرض ذلك بأهل املدينة وبالوافدين ،وقد هنى عنه النبي
مخرا ،وبيع
ومنه بيع السالح يف أيام الفتنة ،أو لقطاع الطريق ،وبيع العصري ممن يتخذه ً
احلارض للبادي ،حيث قال اإلمام أمحد ببطالن هذه العقود لرجحان املفسدة.
واملسائل املنصوص عىل حكمها ِممَّا قدمنا أصل يف هذا النوع ،فيثبت احلكم لنظائرها
58
نظريات فقهية Ashyf Collection
األصل الثالث:
أن يستعمل حقه املرشوع عقدً ا أو غريه يقصد به حتقيق غرض غري مرشوع مغاير للغرض
وهذا كالبيع الذي يقصد به الربا ،ومن هنا هنى النبي -ﷺ -عن بيع وسلف؛ ألنه يؤدي
سوارا يساوي أربعامئة بخمسامئة عىل أن يقرضه البائع أربعامئة ،فإن هذا العقد
ً إىل الربا كأن يبيع
أيضا ،وهو رشاء ما باع بثمن أقل من الثمن الذي باع به قبل
وكبيع العينة ألنه يؤدي إىل الربا ً
قبض الثمن ،حيث تكون زيادة الثمن املؤجل ربا.
ومنه زواج التحليل فإن الزواج موضوع للعرشة الدائمة وتكوين األرسة ،وقصد به عمل مؤقت
ومنه البيع الذي قصد به إسقاط الشفعة ،وهبة املال التي قصد هبا الواهب إسقاط فريضة الزكاة
األنواع السابقة للتعسف يف استعامل احلق مبنية عىل أصل عظيم من أصول الرشيعة ،وهو سد
ذرائع الفساد.
أفضت ِ
وسائ َل ُه املُ ْف ِضية إليه ،وهذا يتح َّقق فيام إذا َ حرم وضاب ُطها َّ
أن َّ
الشارع إذا حرم قشي ًئا َّ
ترتج ُح عل ْيها ،أو إىل غرض صود أو إىل مص َل ٍ
حة معها مفسد ٌة ت ِ الوسيلة إىل رض ٍر مق ٍ
ُساوهيا ،أو َّ َ َ َ
حرمه الشارع كالربا والزنا ،وباجلملة :إذا أفضت إىل إسقاط الواجبات وإحالل املحرمات.
َّ
59
نظريات فقهية Ashyf Collection
ون ِم ْن
وهذا األصل تثبته أدلة كثري يف الرشيعة؛ منها قوله تعاىلَ ﴿:و َال ت َُس ُّبوا ا َّل ِذي َن َيدْ ُع َ
احلق أعظم من فإن مفسد َة س ِّبهم لإلله ِّ ون اهللَِّ َف َي ُس ُّبوا اهللََّ عَدْ ًوا بِ َغ ْ ِري ِع ْل ٍم﴾ [األنعامَّ ،]118 :
د ِ
ُ
سب األصنام املباح ،فمنع السب املباح لذلك ،ومنها قوله تعاىلَ ﴿ :و َال َي ْ ِ
رض ْب َن مصلحة ِّ
حرم الرضب املباح ملا فيه من إثارة ُ
حيث َّ ني ِم ْن ِزينَتِ ِه َّن﴾ [النور،]31 :
بِ َأ ْر ُجلِ ِه َّن ل ِ ُي ْع َل َم َما ُخي ِْف َ
امليول اخلسيسة ،ومنها َحتريم البيع عند نداء اجلمعة؛ َّ
ألن مفسدة االنشغال عن الصالة أعظم من
مصلحة البيع ،ومنها َحتريم اجلمع بني املرأة وعمتها أو خالتها؛ ألن مفسدة قطيعة الرحم أعظم
من مصلحة الزواج ،ومنها امتنا ُعه -ﷺ -من قتل املنافقني حيث علل ذلك بقوله(( :ال
يتحدث الناس َّ
أن ُحم َّمدً ا يقتل أصحابه))؛ ألن مفسدة تنفري الناس من اإلسالم ونبي اإلسالم
وقد أطلنا بعض اليشء يف ذكر األدلة؛ ليظهر ظهور النهار َّ
أن ما خياله الناس قواعد قانونية
وهذه األنواع كذلك مبن َّية عىل أصل آخر وهو أن احليل التي تؤدي إىل إسقاط واجب؛ أو
تدل عليه كثرة من األد َّلة منها قول النبي ﷺ ((:لعن اهلل اليهود :إن اهلل ملا حرم عليهم
األصل الرابع:
أن يستعمل اإلنسان حقه لكن دون احرتاس وتثبت فيام يمكن فيه االحرتاس ،فيفيض
61
نظريات فقهية Ashyf Collection
باخلطأ يف الفعل ،وكام إذا رضب دابة غريه يظن أهنا دابته فأعطبها ،أو قطف ثمر غريه يظن أهنا
ثمره ،وهو املعروف باخلطأ يف القصد ،وهذا تعسف يف استعامل احلق النطباق تعريفه عليه.
وحكمه ضامن هذا الرضر إنسانًا أو حيوانًا؛ ألن القرآن يدل عىل تضمني املخطئ كام يف
قوله تعاىلَ ﴿ :و َم ْن َقت ََل ُم ْؤ ِمنًا َخ َط ًأ َفت َْح ِر ُير َر َق َب ٍة ُم ْؤ ِمن ٍَة َو ِد َي ٌة ُم َس َّل َم ٌة إِ َىل َأ ْهلِ ِه﴾ [النساء.]92 :
ومن ذلك سائق السيارة إذا صدمت إنسانًا فقتلته أو ماالً فأتلفته؛ ألنه استعمل حقه يف قيادهتا
رض ٍر فإنَّه يضمنه ،ويف "الدر" البن عابدين[ :]5املرأة إذا أريدت بسوء ،والزوج إذا
فأ َّدى إىل َ َ
وجد رجال مع امرأته ،وأمكن الدفع بالصياح أو بالرضب بام دون السالح فاستعمل السالح
لكن حمل ضامن الرضر يف هذا األصل إذا أمكن االحرتاس عنه عادة ،أما إذا مل يمكن فال ضامن
كالطبيب إذا أجرى جراحة عىل النحو املعتاد بني األطباء فتلف هبا إنسان ،وذلك الختالف
وقاعدة احلنفية يف هذه املسألة أن اإلنسان إذا أتى بمباح فرتتب عليه رضر بالغري ضمن؛
ألن استعامل املباح مرشوط بالسالمة ،والرضر دليل عدم االحرتاس ،وذلك كاملرور يف الطريق
ورضب الزوجة لرتك الطاعة ،وإن فعل واج ًبا عليه فرتتب عليه رضر ال يضمن كمنفذ األحكام
60
نظريات فقهية Ashyf Collection
والفصاد الذي يعمل باألجرة؛ ألنه مسلط عىل ذلك إال إذا جتاوز ما أمر به أو أمكن االحرتاس
عن الرضر فحينئذ يضمن ،وقال الشافعي :يضمن يف تنفيذ األحكام ومن الزيلعي (جـ 3ص
وقد يبدو غري ًبا ذكر األصل الرابع يف أنواع التعسف ،ولكننا رأينا هذا ألنه ينطبق عليه
تعريفه ،وإال فالكل يف نظر الفقه من باب التعدي عىل سبيل التسبب.
رجال السلطة التنفيذية يترصفون بالوكالة عن ويل األمر يف حدود األحكام املرشوعة،
لذلك ال جيوز هلم أن يفعلوا ما خيالف الرشيعة ،وال أن يفعلوا ما مل يفوضوا فيه ،فإن فعلوا قشي ًئا
من هذين اعترب ذلك إساءة يف استعامل ح ِ
قوق ِهم ،وترتَّب عليه إزالة ما لزمه من الرضر فإذا ُ
حص ُلوا رضائب ظاملة لبيت املال ردت إىل
وضموه إىل ملك الدولة أو َّ ُّ اغتصبوا مال األفراد
ٍ
جريمة أدبوا ،ما مل يكن ترتب الرضر عن اجتهاد كاجتهاد أصحاهبا وإذا عاقبوا أحدً ا ب َغ ْ ِري
اعوجاجا فقوموين"،
ً القايض ،ويف ذلك يقول عمر بن اخلطاب -ريض اهلل عنه " :-إذا رأيتم يف
وكان -ريض اهلل عنه -يرسل املفتشني إىل الواليات ملراقبة عامله ،وصح عنه أنه عزل سعد بن
وهلذا نرى أن تقنني العقوبات يف البالد اإلسالمية هو احتياط لدرء مفاسد التعسف يف
استعامل احلق الذي قد يقع من القضاة؛ ألن العقوبات عىل اجلرائم فيام عدا احلدود والقصاص
كلها راجعة إىل التعزير ،والعقوبات التعزيرية متفاوتة كام أن اجلرائم متفاوتة ،فالقايض ما مل يكن
كثريا ما
خبريا بأحوال الناس وما يصلحهم ،متش ِّب ًعا بالعدالة ،بعيدً ا عن األغراض والغاياتً ،
ً
62
نظريات فقهية Ashyf Collection
يقع منه الشطط يف تقدير اجلريمة وحتديد العقوبة ،فكان التقنني هو الضامن الصحيح للعدل بني
عرفنا أن أنواع التعسف أربعة ،وأن الثالثة األوىل منها مبنية عىل قاعدة سد الذرائع التي
حمظورا ،أو املباح إذا أدى إىل حرام كان حرا ًما.
ً تقول :إن املرشوع إذا أدى إىل حمظور كان
حتقيق أغراض غري مرشوعة أو لعدم االحرتاس ،فيكون مسئوالً عن هذا التقصري وترتب عليه
حكم مرتكب املحظور ،وهو يف كل يشء بحسبه كام يأيت ،فال فرق يف حكم الرشيعة بني من يأيت
بام هو حمظور من أول األمر؛ كالرضب والغصب ،ومن يأيت بمرشوع أدى إىل حمظور نتيجة
العقد املحرم.
وحكم التعسف إما التعويض إذا أدى إىل إتالف مال أو نفس كمن حفر يف ملكه بجوار
حائط جاره فاهندمت ،وإما اإلبطال إذا كان يف التعاقد كوصية الرضار وبيع العينة ،وإما رفع
63
نظريات فقهية Ashyf Collection
الرضر؛ كبناء املالك مالص ًقا جلاره فسدَّ عليه نوافذ الضوء واهلواء ،وكجباية رضائب ظاملة ومنع
املحتكر ،وإما التعزير؛ كام يف دعاوى التشهري ،وإما املنع من ممارسة احلق املتعسف يف استعامله؛
كام يف منع الزوج من السفر بزوجه إذا قصد به إيذاءها ،واحلجر عىل املديان ،واملفتي املحتال عىل
لعلنا تب َّينا من العرض السابق أن هذه النظرية غدت مستوعبة جلميع حاالت التعسف،
واضحة املعامل لبنائها عىل أصول مضبوطة ال اضطراب فيها ،فإن مبنى األصل األول وهو قصد
أمرا قشخص ًّيا لكن يمكن كشفه بالقرائن الظاهرة ،واألصل الثاين مبني عىل
الرضر ،وإن كان ً
مقياس مادي ،وهو املوازنة بني املصلحة واملفسدة ،واألصل الثالث معياره معرفة النظم
اإلسالمية واالجتامعية واالقتصادية والسياسية ،فكل عمل مأذون فيه يراد به حتقيق غرض
خيالف هذه األنظمة يعترب من التعسف كمن أهدى ويريد الرقشوة أو اقشرتى ويريد الربا أو تطوع
للجندية ويريد التجسس عىل أنظمة اجليش ،واألصل الرابع مبني عىل عدم االحرتاس من
أما القوانني األجنبية التي يقال عنها :إهنا تقدمية وافية ،فإهنا مل تعرف هذه النظرية إال يف
هذا العرص ،ومع هذا فهي فيها ناقصة وغامضة ،فالقانون السويرسي يبنيها عىل سوء النية
وكفى ،والقانون الرويس يبنيها عىل خمالفة األغراض االجتامعية واالقتصادية ال غري.
وهلذا أحسن واضعو القانونني :املرصي ،والسوري يف استمدادها من الفقه اإلسالمي ألهنم
وجدوها فيه َجتمع بني الوضوح والوفاء بخالف القانون اللبناين؛ فإن جرسان الفرنيس -واضع
64
نظريات فقهية Ashyf Collection
مالحظة:
لكن يالحظ عىل القانونني املرصي والسوري أهنام قرصا أحوال التعسف عىل الثالثة
األوىل ،وتركا حالة التعسف بسبب عدم االحرتاس مع َّ
أن معنى التعسف فيها أوضح.
يثبت التعسف أمام القضاء بجميع الطرق املثبتة للحق غري أن تكييفه يتوقف إىل حد كبري
عىل الظروف املحيطة بالقضية ،وعىل عرف اجلامعات؛ فقد يكون استعامل احلق تعس ًفا يف بيئة
ورضرا يف حال دون حال ،وذلك كرفع صوت املذياع إذا كان يف السوق العامة أو
ً دون أخرى،
وملا كان سوء النية والتحايل لتحصيل املفاسد واألرضار مها أكثر أسباب التعسف وجب
عىل القايض أن تكون له خربة واسعة بقرائن األحوال وفقه نافذ بأحوال الناس االجتامعية؛
ليجمع منها أدلة قصد اإلرضار ويكتشف التحايل باستعامل املباحات عىل الوصول إىل
املحرمات واألغراض غري املرشوعة ،نعم ،هناك حاالت نصب الشارع عليها عالمات ظاهرة؛
65
نظريات فقهية Ashyf Collection
وبناء عىل هذا قد يستعمل الوكيل حقه ،فيفاجئ املوكل بعزل نفسه يف وقت يعجز عن القيام بام
وكل فيه أو عن التوكيل به؛ كاملرافعة يف قضية قرب موعد نظرها ،وهي حمتاجة إىل دراسة واسعة
وهذا يف نظر الفقه تعسف يف استعامل احلق؛ ألنه إرضار عظيم باملوكل بقصد أو بغري
قصد ،وقد رأينا أبا حنيفة يشرتط يف عزل أحد الطرفني علم الطرف اآلخر من ًعا من اإلرضار
جلواز أن يكون الوكيل ترصف لصالح املوكل ترصفات فيها تبعات مالية وجلواز أن ن تكون
وبناء عىل هذا فقواعد مذهبه تقيض ببقاء الوكالة وإلزام الوكيل بإنجاز ما وكل فيه دف ًعا
للرضر وتأديبه إن فرط ،وعىل أن الوكيل باألجر ليس له أن يعزل نفسه قبل إهناء ما وكل به عام يف
اخلطبة وعد بالزواج وإخالف الوعد بعذر مرشوع ،وعىل هذا ففسخ اخلطبة بسبب جائز؛
كاملرض املعدي أو املانع له من املعارشة الزوجية ،وعجز الزوج عن دفع املهر ،واخلالف
املستحكم بني اخلطيبني أو أرستيهام ،وإن كان الفسخ من غري سبب كان إخال ًفا للوعد من غري
الزواج التي
ص َّفوت عليها ُف َر َ
من يفكر يف الزواج منها ،فإذا َف َس َخ اخلطيب من غري سبب فقد َّ
كانت سانحة ،ونرش حوهلا الشائعات يف أسباب الرفض ،األمر الذي تثور له النفوس وترتكب
بسببه اجلرائم ،والسيام يف هذا الزمن الذي فسدت فيه األخالق وكثرت الظنون السيئة فتتعطل
66
نظريات فقهية Ashyf Collection
وعليه فللقايض أن يعاقب الفاسخ ال عىل مبدأ تعويض الرضر ،بل عىل مبدأ التعزير عىل
اإلتيان هبذا املنكر وهو إخالف الوعد املستتبع للمفاسد ،والتالعب بمصالح الناس وأعراضهم
خطاب ألولياء األمر ،وهذا املبدأ إذا عمل به محل الذين يريدون اخلطبة عىل اإلمعان يف الرتوي
قبل اإلقدام عليها ،وعىل أن يفرقوا بني العدول عن رشاء سلعة تم الوعد برشائها ،وفسخ خطبة
– 3حق الطالق:
الطالق أبغض احلالل إىل اهلل ،لكنه مرشوع عند احلاجة كعدم عفة الزوجة ،بل قال بعض
الفقهاء بوجوبه حينئذ ،خشية أن تفسد فراقشه وتدخل عليه من ليس من أوالده ،ولئال يقع حتت
ومن واضع احلاجة سوء خلقها يف معاملة الزوج أو معاملة الناس ،وترضر الزوج هبا يف
احلياة الزوجية العاطفية ملرض هبا أو لعدم انسجام يف الطباع ،وتفريطها يف حقوق اهلل ،وهي ال
تطيعه يف أدائها حتى ال يعارش امرأة عاصية ،ومن األسباب عقمها إذا مل يستطع أن يتزوج بأكثر
من واحدة.
67
نظريات فقهية Ashyf Collection
مبغضا إىل اهلل ،وال سيام إذا كانت الزوجة ذات أوالد
ً فإذا وقع الطالق لغري حاجة كان
وعند هذا ال ننكر أن الزوج قد ييسء استعامل حقه فيه ملا يرتتب عليه من اإلرضار بالزوجة.
حاجة مرشوعة تدعو إىل إيقاعه ،والقضاء ال يستطيع إثباته ب ُط ُرقه املعروفة ومعايريه َّ
الصحيحة؛
ألن الكثري من أسباب الرخصة يف ال َّطالق التي رشحنا بعضها :خفي ال يستطيع املسلم ذكره َّ
ألن َّ
الزواج عاطفية بناها اهلل عىل املو َّدة واأللفة فمن ال َّطبعي يف الغالب أال يرتك َّ
الزوج احلق َّ
أن عقدة َّ ُّ
زوجته التي أحبها وسكن إليها وأنفق يف سبيلها ،إال لداع قد يستتبع املقام معه من املضار ما ال
لرسول اهلل ﷺ ((:إين أخاف الكفر يف اإلسالم لشدة بغيض إياه)) ،فامذا يكون احلال إذا اقشتد
68
نظريات فقهية Ashyf Collection
بغضه هلا ،ومنعه القايض من تطليقها؛ ألنه مل تقم لديه مربرات لل َّطالق؟ ولئن كان ال ُبغض من
والذي ينبغي لتالفيها هو إصالح املجتمع ،وإقشاعة مبادئ اإلسالم الصحيحة بني أهله بجميع
الزوجات:
– 4حق تعدُّ د َّ
يكون ح ًّقا له ،والظلم املانع هو الظلم يف اإلنفاق ،أو يف اإلقامة عند َّ
الزوجة ،أ َّما املحبة وميل
القلوب فأمره إىل اهلل ،وقد َّبني سبحانه وتعاىل أنَّه خارج عن استطاعة البرش ،قال تعاىلَ ﴿ :و َل ْن
قسمي فيام أملك فال تؤاخذين فيام متلك وال أملك)) ،يعني ميل القلب.
والتَّعدد مرشوع حلاجات اجتامع َّية وعاطف َّية ال يستطيع بنو اإلنسان االستغناء عنها،
والذين منعوا التَّعدد بالقانون والقضاء وقعوا فيه من طريق الرس واجلريمة ،وليس هنا بسط
أسباب التَّعدد؛ وإنام إمجال ما نريد أن نقوله هنا أن اهلل العليم بأحوال عباده ،وما يصلحهم رشعه
الرضرين،
ملصالح اجتامعية سامية ،وأقلها عند املحافظة عىل العدل الواجب أنه ارتكاب ألخف َّ
وهو املتعة من طريق حالل.
69
نظريات فقهية Ashyf Collection
هلذا ال يمكن أن يثبت من طريق القضاء يف حق التَّعدد تعسف يف استعامله متى حت َّقق
العدل الواجب.
نعم؛ قد يتعدَّ ى الناس فيفعلون ما ليس مرشو ًعا ،وهو التَّزوج مع العجز عن حتقيق
العدل ،فإذا قشاع ذلك بني الناس ،ومل تكن هلم من ضامئرهم رقابة عىل أنفسهم يف تنفيذ أوامر
امللخص
تقوم نظرية الظروف الطارئة التي تقوم عىل افرتاض وجود عقد تراخى تنفيذه -كعقد
املقاولة وعقد التوريد والبيع اآلجل وبيع التقسيط ونحوها -فيطرأ ظرف طارئ جيعل تنفيذ
العقد يلحق رضرا بالغا بأحد العاقدين خيرج عن املألوف ،فتتدخل حينئذ إلزالة ذلك الرضر
الذي سيلحق بأحد املتعاقدين ،وذلك برد التزامات العقد إىل احلد املعقول ،حتقيقا ملقتضيات
العدالة ورفعا للظلم عن املتعاقدين.
لذا جاءت هذه الورقة لبيان التأصيل الفقهي لنظرية الظروف الطارئة من خالل القواعد
الفقهية التي تنهض هبا ،ومن ثم بيان دور هذه النظرية يف معاجلة اآلثار الضارة التي قد تلحق
بأحد املتعاقدين نتيجة لتغري الظروف ،ومن ثم دورها يف إعادة التوازن العقدي الذي حيقق
العدالة بني األطراف املتعاقدة ،وأثر ذلك عىل اجلانب االقتصادي.
71
نظريات فقهية Ashyf Collection
وقد توصلت الدراسة إىل أن نظرية الظروف الطارئة هلا دور كبري يف تعديل االلتزامات
العقدية لكثري من املعامالت املالية ،كتغري قيمة النقود عند الوفاء ببعض االلتزامات العقدية -
كالبيع اآلجل وبيع التقسيط وكعقد التوريد وعقد املقاولة ونحوها -عىل نحو حتقيق العدالة بني
املتعاقدين ،كام توصلت الدراسة إىل أن النظرية ومن خالل تعديلها لبعض االلتزامات ستكون
بمثابة ائتامن وأداة من أدوات التحوط للمستثمرين مما سينعكس بالتايل أثر ذلك عىل النشاط
االقتصادي.
املقدمة
احلمد هلل رب العاملني والصالة والسالم عىل سيدنا حممد وعىل آله وصحبه أمجعني وبعد:
األصل يف العقود اللزوم والوفاء ،لكن قد حيدث ظروف طارئة حتول دون ذلك فتتسبب يف
مظلمة مل تكن معتربة وقت العقد ،والرشيعة اإلسالمية قد قامت عىل أساس حتقيق العدالة عند
التطبيق العميل لعقود املعامالت املالية التي تقوم عىل أساس الرتايض غري املشتمل عىل الظلم
وأكل أموال الناس بالباطل ،فهي تنظم حقوق العباد لتبادل األموال واملنافع بينهم ،وعليه فإن
القواعد الفقهية تسهم يف استخراج األحكام الرشعية ملا يستجد من نوازل ومسائل طارئة ،لذا
فان دراستها هلا أمهية كربى لكل من الفقيه واملجتهد واملفتي ألهنا تيرس هلم تتبع جزئيات
األحكام واستخراجها من موضوعاهتا املختلفة وحرصها يف موضوع واحد وبذلك يتفادى
التناقض يف احلكام الرشعية املتشاهبة.
وبام أن أبواب املعامالت املالية من أهم أبواب الفقه وأدقها ،وبخاصة يف هذا العرص التي
تطورت فيه املعامالت املالية تطورا باهرا ،فإن بيان أحكامها الرشعية من خالل القواعد الفقهية
جينب تلك الوقائع كثريا من التناقض واالضطراب يف أحكامها الرشعية ،ونظرية الظروف
الطارئة املستخلصة من جمموعة من القواعد الفقهية الكربى هلا دور كبري يف معاجلة الكثري من
اآلثار الضارة التي قد تلحق بطريف العقد نتيجة لتغري الظروف ،وما تلك املعاجلة إال حتقيقا
للعدالة التي قامت الرشيعة اإلسالمية يف ترشيعاهتا عىل أساسها عند التطبيق العميل لاللتزامات
70
نظريات فقهية Ashyf Collection
العقدية ،وعليه فان نظرية الظروف الطارئة هتدف إىل تعديل االلتزامات العقدية عىل نحو حيقق
العدالة بني املتعاقدين ألن مبنى النظرية يقوم عىل إزالة الرضر الناتج من جراء إمضاء العقد عىل
مقتضاه ،نتيجة ظرف مل يكن متوقعا ،ومل يتسبب به أحد العاقدين.
وتأيت هذه الورقة مسامهة يف بيان القواعد الفقهية التي تنهض هبذه النظرية ،ومن ثم بيان
دور هذه النظرية يف كيفية معاجلة االلتزامات العقدية يف املعامالت املالية وبيان أثر ذلك عىل
النشاط االقتصادي.
املبحث األول
72
نظريات فقهية Ashyf Collection
االطالع عليها نجدها كلها تعريفات متقاربة املعنى ،أي أهنا تؤدي معنى واحدا هو "أهنا
حكم أو أمر كيل أو قضية كلية تفهم منها أحكام اجلزئيات التي تندرج حتت موضوعاهتا
عرفها بأهنا "حكم أكثري ال كيل ينطبق
وتنطبق عليها" .ومن نظر إليها أهنا قضية أغلبية ّ
عىل أكثر جزئياته لتعرف أحكامها منه" .وقد أقشار إىل هذا املعنى القرايف بقوله" :من
املعلوم أن أكثر قواعد الفقه أغلبية" .وهذا القول مبني عىل وجود مسائل مستثناة من
تلك القواعد ختالف أحكام حكم القاعدة مثال ذلك :جواز السلم واإلجارة يف بيع
املعدوم الذي فيه عدم اجلواز ،وطهارة احلياض واآلبار يف الفلوات مع ما تلقيه الرياح من
البعر والروث وغريه.
املطلب الثاين :مصادر القواعد الفقهية:
مصادر القواعد الفقهية هي تلك املصادر التي استمدت منها القواعد الفقهية ،وهي
الكتاب والسنة واإلمجاع ،وتفصيل ذلك كام ييل:
أوال :القواعد الفقهية التي مصدرها الكتاب:
أي التي استمدت من نصوص الكتاب .ونذكر منها ما ييل:
فالر َبا َف َم ْن َجا َء ُه َم ْو ِع َظ ٌة ِم ْن َر ِّب ِه َفا ْنت ََهى َف َل ُه َما َس َل َ
-1قال تعاىلَ ﴿:و َأ َح َّل اهللَُّ ا ْل َب ْي َع َو َح َّر َم ِّ
ون﴾ [البقرة ]275 :فهذه اآلية َّار ُه ْم فِ َيها َخالِدُ َ اب الن ِ ِ
َو َأ ْم ُر ُه إِ َىل اهللَِّ َو َم ْن َعا َد َف ُأو َلئ َك َأ ْص َح ُ
أحل منها وما حرم عدا ما استثنى. قد مجعت وجازة لفظها أنواع البيوع ما ّ
ُون ِ َجت َار ًة َع ْن
-2قال تعاىلَ ﴿ :يا َأ ُّ َهيا ا َّل ِذي َن آ َمنُوا َال ت َْأ ُك ُلوا َأ ْم َوا َلك ُْم َب ْينَك ُْم بِا ْل َباطِ ِل إِ َّال َأ ْن َتك َ
َان بِك ُْم َر ِح ًيام﴾ [النساء .]29هذه القاعدة قشاملة اض ِمنْك ُْم َو َال َت ْق ُت ُلوا َأ ْن ُف َسك ُْم إِ َّن اهللََّ ك َ
ت ََر ٍ
لتحريم كل تعامل وترصف يؤدي إىل أكل أموال الناس بالباطل من غري وجه مرشوع حيله
اهلل تعاىل ورسوله عليه السالم -كالرسقة والغصب -وكل عقد باطل يعترب نوعا من أكل
أموال الناس بالباطل.
73
نظريات فقهية Ashyf Collection
-3قال تعاىل﴿ :يا َأهيا ا َّل ِذين آمنُوا َأو ُفوا بِا ْلع ُق ِ
ود﴾[املائدة .]1:فاألمر يف هذه اآلية يقتيض ُ ْ َ َ َ ُّ َ
الوفاء بكل عقد مرشوع ،واحرتام كل ما يلتزم به اإلنسان مع الناس.
ثانيا :القواعد الفقهية التي استمدت من نصوص السنة نذكر منها ما ييل:
ضاره اهلل،
ضار ّ
-1عن أيب سعيد اخلدري أن رسول اهلل ﷺ قال( :ال رضر وال رضار ،ومن ّ
قشاق ّ
قشاق اهلل عليه) ،هذا النص من أهم القواعد وأقشملها فروعا ،وهي أساس منع ومن ّ
الفعل الضار ،وميزان القايض يف تقرير القضايا واحلكم عليها بالعدل واإلنصاف.
-2قال عليه السالم( :املسلمون عند رشوطهم) ،فظاهر احلديث يدل عىل وجوب احرتام كل
ما يرتضيه املتعاقدين من الرشوط ،إال الرشوط التي حتل احلرام وحترم احلالل.
-3سئل النبي عليه السالم عن حكم أنواع من األرشبة فقال( :كل مسكر حرام) ،فدل هذا
عىل حتريم كل مسكر من عنب أو غريه مائع أو جامد ،نبايت أو حيواين أو مصنوع.
ثالثا :القواعد الفقهية التي مصدرها النصوص الترشيعية املعللة:
وهي القواعد الفقهية التي استنبطها الفقهاء واملجتهدون من معقول نصوص الكتاب
والسنة نذكر منها عىل سبيل املثال ال احلرص :القاعدة الفقهية "األمور بمقاصدها" .فاألصل فيها
قوله عليه السالم( :إنام األعامل بالنيات ،وإنام لكل امرئ نوى ...احلديث) .فالذي توخاه
الفقهاء من وضع هذه القاعدة يف ضوء هذا احلديث هو بيان أن ترصفات اإلنسان وأعامله ختتلف
أحكامها ونتائجها باختالف مقصود اإلنسان من تلك الترصفات واألعامل ،وبذلك جتد أن
اج ْر ِيف القاعدة متثل املعاين التي تضمنها احلديث ،ويشهد هلذه القاعدة قوله تعاىلَ ﴿ :وم ْن هي ِ
َ َُ
اج ًرا إِ َىل اهللَِّ َو َر ُسول ِ ِه ُث َّم ُيدْ ِر ْك ُه
ض مرا َغام كَثِريا َوس َع ًة َوم ْن َخيْر ْج ِم ْن َب ْيتِ ِه م َه ِ
ُ ُ َ ً َ يل اهللَِّ َجيِدْ ِيف ْاألَ ْر ِ ُ َ ً َسبِ ِ
ورا َر ِح ًيام﴾ [النساء .]111 ا َْمل ْو ُت َف َقدْ َو َق َع َأ ْج ُر ُه َع َىل اهللَِّ َوك َ
َان اهللَُّ َغ ُف ً
74
نظريات فقهية Ashyf Collection
املبحث الثاني
75
نظريات فقهية Ashyf Collection
اختل هذا التوازن فأخذ أحدمها أضعاف ما أعطى ،أو العكس ،وهو رضب من أكل أموال
الناس بالباطل ودون مقابل ،ذلك ألن ما استفيد نتيجة للظروف ال يقوم عىل سبب ثابت يف نظر
الرشع وهذا هو الباطل الذي ال يقوم عىل سبب رشعي معترب ،وكذلك إذا حال العذر الطارئ
دون متكن أحد طريف العقد من استيفاء املنفعة مع كوهنا قائمة ،لذا فالسكوت عن تعديل االلتزام
أو السكوت عن الفسخ أصبح أمرا مفضيا إىل التظامل واىل أكل أموال الناس بالباطل ،وهذا مما
هنت عنه الرشيعة ،فاآلية حتتوي عىل أصل تكليفي يتمثل باحلرمة وهذا يشمل كل األنشطة التي
تسفر عن أكل أموال الناس بالباطل ،لذلك فالنبي ﷺ استنكر بقوله( :أرأيت إن منع اهلل الثمر
فبم يستحل أحدكم مال أخيه) أن يأكل أحد العاقدين مال اآلخر إذا اجتاحت اجلائحة الثمر،
عىل الرغم أن األصل يف العقود اللزوم والوفاء.
اإلحس ِ ِ
ان﴾ [النحل.]91: ثانيا :قوله تعاىل﴿ :إِ َّن اهللََّ َي ْأ ُم ُر بِا ْل َعدْ ل َو ْ ِ ْ َ
وجه الداللة :العدل هو املساواة والدقة يف االقتضاء باملعامالت ،أما اإلحسان فيتجاوز
العدل إىل الفضل واملفرسون قالوا :العدل هو الواجب ،والواجب هو أمر اهلل تعاىل ،وقد يقيض
بتكليف ما ال يطاق ،ويف ذلك ظلم وجور ومها مما ال يتصور صدورمها عن اهلل تعاىل ،لذلك
فكان األمر باإلحسان للتخفيف من تفريط العدل أو املبالغة يف تطبيقه ،ألجل ذلك يتحول عن
العدل إىل اإلحسان ،فوجوب الوفاء بالعقد عدل ،وهو أمر اهلل تعاىل ولكن جاء باإلحسان إذا
تسبب الوفاء بالعقد يف رضر زائد نجم عن ظرف طارئ مل يكن يف احلسبان ،فيتحول عن العدل
إىل اإلحسان .بمعنى يوقف حكم الدليل نفيا للرضر الالزم ال لذاته بل آلثاره ويعمل عىل تعديل
العقد أو إىل فسخه ختفيفا من آثار تنفيذ العقد.
ثالثا :القواعد الفقهية العامة.
استنبط الفقهاء املسلمون ضمن سعيهم هذا العديد من القواعد الفقهية وعملوا عىل
تطبيقها ملعاجلة الظروف الطارئة واألرضار النامجة عنها ومن هذه القواعد نذكر ما ييل:
.1درء املفاسد أوىل من جلب املصالح:
76
نظريات فقهية Ashyf Collection
تتمثل هذه القاعدة يف دفع املفسدة عند تعارضها مع املنفعة ،بمعنى إذا تعارضت منفعة
دائن يف إلزام املدين بتنفيذ التزامه مع مفسدة الرضر الذي يصيب املدين إذا نفذ التزامه مع
حدوث الظرف الطارئ ،وجب دفع املفسدة ،وبالتايل يدفع الرضر الناقشئ عنها بالفسخ للعذر يف
ال أو باحلط من الثمن بقدر التلف الذي سببته اجلائحة يف بيع الثامر ،وهذه القاعدة عقد اإلجيار مث ً
اختِالَفِ ِه ْم َع َىل َان َقب َلكُم بِس َؤ ِ
اهل ْم َو ْ وين َما ت ََر ْك ُتك ُْم إِن ََّام َه َل َك َم ْن ك َ ْ ْ ُ ترتجم قول النبي ﷺ َ ( :د ُع ِ
ِ َأنْبِي ِائ ِهم َفإِ َذا هني ُتكُم َعن َيش ٍء َف ِ
اس َت َط ْع ُت ْم) ،فالنبي ﷺ ق ّيد اجتَن ُبو ُهَ ،وإِ َذا َأ َم ْر ُتك ُْم بِ َأ ْم ٍر َف ْأتُوا منْ ُه َما ْ
ْ َ َْ ْ ْ ْ َ ْ
الطاعة باالستطاعة ،وباملقابل جعل النهي مطلقا ،ويف هذا ما يدل عىل حرج املفاسد ووجوب
التصدي هلا وتقديمها عىل جلب املنافع أو املصالح ،ألن الواجبات تتأثر بالرخص من باب رفع
احلرج ،أما املفاسد فال تتطرق إليها الرخص ،وعليه إذا تعارضت مفسدة ومصلحة قدّ م درء
املفسدة ،الناجتة عن الظرف الطارئ الذي مل يكن باحلسبان.
.2الرضر يزال:
هي قاعدة متفرعة عن قول النبي ﷺ( :ال رضر وال رضار) .واملعنى أن الرضر غري املستحق
جتب إزالته إذا وقع أيا كان منشؤه ،ألنه ظلم ،وال ريب أنه إذا كانت إزالته واجبة رشعا إذا وقع
فان دفعه قبل وقوعه واجب من باب أوىل ،إذ من املقررات الرشعية أن الرضر يدفع بقدر
اإلمكان ،ألن يف ذلك حكمة بالغة ،فالوقاية خري من قنطار عالج.
.3احلاجة تنزل منزلة الرضورة عامة كانت أم خاصة:
إذا كانت مواقع الرضورة مستثناة من قواعد الرشع ،دفعا هلا فاحلاجة كذلك تيسريا عىل
الناس ،ورفعا للعرس والضيق غري املألوف عنهم ،واملدين بااللتزام املرهق نتيجة لعذر طارئ
واقع يف احلاجة التي تقرب من الرضورة ،فيجب رفع الضيق غنه ولو استثناء من قواعد الرشع.
.4أدلة من السنة هنضت بتأصيل النظرية:
-1قوله ﷺ ( :لو بعت من أخيك ثمرا فأصابته جائحة فال حيل لك أن تأخذ منه قشيئا بم
تأخذ مال أخيك بغري حق) .وجه االستدالل :قال القرطبي :هذا دليل واضح عىل
77
نظريات فقهية Ashyf Collection
وجوب إسقاط ما أجيج من الثمرة عن املشرتى وال يلتفت إىل قول من قال :إن ذلك مل
يثبت مرفو ًعا إىل النبي ﷺ وإنام ثبت من قول أنس؛ ألن ذلك ليس بصحيح؛ بل
الصحيحَ :ر ْف ُع ذلك من حديث جابر وأنس .واعتضد ذلك بأمره ﷺ بوضع اجلوائح.
-2وعن جابر أن النبي ﷺ "أمر بوضع اجلوائح" .وجه االستدالل :من القواعد الفقهية أن
األمر يفيد الوجوب ما مل ترصفه قرينة ،بل عىل العكس األمر هنا أن هناك روايات تبني أن
عدم وضع اجلوائح ال حيل ،وهو أكل ألموال الناس بالباطل وبدون وجه ،فعن أبى سعيد
ريض اهلل عنه قال" :أصيب رجل يف عهد رسول اهلل ﷺ يف ثامر ابتاعها فكثر دينه فقال
رسول اهلل ﷺ تصدقوا عليه فتصدق الناس عليه فلم يبلغ ذلك وفاء دينه فقال رسول اهلل
ﷺ لغرمائه خذوا ما وجدتم وليس لكم إال ذلك" .فقوله ﷺ يف آخر احلديث ليس لكم
إال ذلك يدل عىل أنه لو كانت اجلوائح ال توضع لكان هلم طلب بقية الدين.
-3عائشة ريض اهلل عنها :سمع النبي ﷺ صوت خصوم بالباب ،عالية أصواهتم ،وإذا
أحدمها يستوضع اآلخر ،ويسرتفقه يف يشء ،وهو يقول :واهلل ال أفعل ،فخرج عليهام
رسول اهلل ﷺ فقال :أين املتأيل عىل اهلل ،ال يفعل املعروف فقال :أنا ،يا رسول اهلل ،وله أي
ذلك أحب .ووجوه االستدالل :أن احلديث فيه احلض عىل الرفق بالغريم واإلحسان إليه
والوضع عنه .قال املهلب :وىف حديث عائشة النهي عن التأيل عىل اهلل؛ ألن فيه معنى
االستبداد بنفسه ،والقدرة عىل إرادته ،فكأنه ملا حتم بأال يفعل ،ففهم من إنكار النبي ﷺ
التحريم لذلك رجع عن تأليه ويمينه ،وقال( :له أي ذلك أحب) أي من الوضع عنه أو
الرفق به.
خالصة األمر :إن هذه األحاديث تنهض بمجموع لتفيد احلط من الثمن أو الفسخ ،وقد أكد هذا
اإلمام القرطبي بقوله "ويف هذه األحاديث دليل واضح عىل وجوب إسقاط ما اجتيح من الثمرة
عن املشرتي" .
78
نظريات فقهية Ashyf Collection
مرهق ًا للمدين ولكن ال جيوز إعامل أحكام نظرية الظروف الطارئة إذا كان تراخي تنفيذ
االلتزام إىل ما بعد وقوع الظرف الطارئ راجع ًا إىل خطأ املدين.
املبحث الثالث
81
نظريات فقهية Ashyf Collection
العقود املرتاخية التنفيذ ،وهي العقود اآلجلة ،لذا كيف يمكن معاجلة اختالل التوازن التعاقدي
يف العقود اآلجلة إذا ما تغريت قيمة النقود؟ يمكن معاجلة اختالل التوازن التعاقد -بسبب
الظروف الطارئة -يف العقود املرتاخية التنفيذ من خالل إعامل نظرية الظروف الطارئة ،وبيان
ذلك كام ييل:
ب ّينا فيام سبق الرشوط التي جيب توافرها لتطبيق النظرية ،وعليه :فإذا حدث تغري يف قيمة
النقود ينظر إىل طبيعة التغري ،وإىل أسبابه ،واىل آثاره ،فإذا كانت الرشوط متحققة يف تغري قيمة
النقود من حيث الرخص أو الغالء الفاحش ،أو الكساد ،أو االنقطاع ،أو إبطال السلطان العمل
هبا ،ننظر إىل السبب فإذا كان ظرف ًا طارئ ًا غري متوقع ،ننظر إىل آثاره ،هل أدى إىل إحلاق الرضر
بأحد طريف التعاقد عىل نحو يؤدي إىل إرهاقه يف التزاماته ،إذا حتقق ذلك كله نلجأ إىل إعامل
نظرية الظروف الطارئة إلعادة التوازن التعاقدي وذلك رفع ًا للظلم وحتقيق ًا للعدالة من خالل
توزيع العبء الطارئ بني املتعاقدين ،وتوضيح ذلك ببيان بعض التطبيقات للنظرية عىل بعض
عقود املعاوضات التي تكون مرتاخية التنفيذ ،وذلك عىل النحو اآليت:
أوال :العقود اآلجلة :العقد اآلجل عبارة عن اتفاقية بني قشخصني لتسليم أصل معني يف
وقت الحق مستقب ً
ال وبسعر حمدد يسمى سعر التنفيذ ،ويتحدد يف العقود عادة مواصفات
األصل ،كدرجة اجلودة أو التصنيف ،والكمية وطريقة التسليم ،ومكان التسليم والسعر وطريقة
السداد ،حيث يتم التفاوض عىل مجيع هذه األمور بني البائع واملشرتي .وعليه فيقصد بالعقود
اآلجلة :عقود املعاوضات املرتاخي تنفيذها ألجل عن وقت إبرامه سوا ًء أكان من العقود
املستمرة التنفيذ ،كام يف عقد اإلجارة ،أو كعقود بيع الثامر القائم عىل الشجر وبعد بدو صالحه،
أو كان عقد بيع فوري التنفيذ فيام عدا الزروع والثامر ،إذا كان الثمن كله مؤجل التنفيذ أو كان
مقسط ًا " كبيع التقسيط ،والتوريد ،واملقاولة ،والسلم ،و االستصناع " .وليس املقصود هبا
العقود اآلجلة املتعامل هبا يف األسواق املالية (البورصة) كالبيع عىل املكشوف والبيع عىل
اهلامش ...إلخ ،وعليه فإذا حدث ظرف طارئ غري متوقع وقت العقد ،جيعل تنفيذ العقود
80
نظريات فقهية Ashyf Collection
اآلجلة حتدث اختالال يف التوازن التعاقدي عىل نحو يلحق إرهاق ًا ب ّين ًا بأحد طريف التعاقد .عندها
ال بد من رد االلتزام إىل احلد املعقول ،رفعا للرضر وحتقيقا للعدالة ،ويكون ذلك بثالثة طرق
هي:
-1وقف تنفيذ العقد حتى يزول احلادث الطارئ إذا كان احلادث وقتي ًا يقدّ ر له الزوال يف
وقت قصري -كام يف عقد املقاولة إذا ما ارتفعت األسعار ارتفاع ًا فاحش ًا -ولكن ارتفاع
يوقشك أن يزول لقرب فتح باب االستيالء مثالً ،فيوقف القايض تسليم البناء يف املوعد
املتفق عليه ،حتى يتمكن املقاول من القيام بالتزامه دون إرهاق إذا مل يكن يف وقف التنفيذ
رضر جسيم يلحق صاحب املبنى ،جاء يف قرار جممع الفقه اإلسالمي السابع" :وحيق
للقايض أيض ًا أن يمهل امللتزم إذا وجد أن السبب الطارئ قابل للزوال يف وقت قصري وال
يترضر امللزمني له كثري ًا هبذا".
-2زيادة االلتزام املقابل لاللتزام املرهق ،وذلك ليقلل خسارة املدين ،مثال :إذا تعهد تاجر
بتوريد ألف إردب من الشعري ،بسعر ستني قرقش ًا لإلردب ،فريتفع السعر إىل أربعة
جنيهات فريفع القايض السعر الوارد يف العقد ،ولكن يالحظ هنا أمران :األمر األول :أن
القايض ال يرفع السعر الوارد يف العقد إىل أربعة جنيهات ،وإال كان يف ذلك حتميل
للطرف اآلخر ،ليس فقط تبعة االرتفاع الفاحش لألسعار بأكمله ،بل أيض ًا تبعة االرتفاع
املألوف .األمر الثاين :أن القايض عندما يرفع السعر ال يفرض عىل الطرف اآلخر أن
يشرتي هبذا السعر ،بل خيريه أن يشرتي به أو يفسخ العقد.
-3إنقاص االلتزام املرهق :كام إذا تعهد تاجر بتوريد كميات كبرية من السكر ،ملصنع من
مصانع احللوى بالتسعرية الرسمية ،ثم قل املتداول من السكر يف السوق إىل حد كبري
حلادث طارئ ،كحرب منعت استرياد السكر ،أو إغالق بعض مصانع السكر ،فيصبح
من العسري عىل التاجر توريد مجيع الكميات املتفق عليها؛ فللقايض يف هذه احلالة أن
82
نظريات فقهية Ashyf Collection
ينقص من هذه الكميات بالقدر الذي يراه كافيا لرد االلتزام املرهق إىل احلد املعقول
فيصبح ملتزما بتوريد الكميات التي عينها القايض ال أكثر.
83
نظريات فقهية Ashyf Collection
وعليه فهل يتحمل املشرتي هذه اخلسارة وحده ،أم يرجع هبا عىل البائع ،أم يوزع عبء االلتزام
بني املتعاقدين ،من خالل إعامل نظرية الظروف الطارئة ،وذلك رفعا للظلم ،وحتقيقا للعدالة،
وإعادة للتوازن التعاقدي؟ إن السبيل لرفع الظلم عن العامل هو بإعامل نظرية الظروف الطارئة،
لكن أن تكون اجلوائح آفات طبيعية " كالربد ،واجلراد ،والقحط ،والنار ،والعفن" ،وليست من
صنع اآلدميني ،وأن وقت اإلصابة بعد بدو صالحه ،وقبل قطفه حلني استطابته ،وعليه فإذا
أصابت اجلائحة الثمر بعد بدو صالحه وبعد ختلف العامل عن قطفه بعد استطابته ،فال يعمل
بالنظرية ألن الضامن عىل العامل لتقصريه برتك النقل يف وقته مع قدرته ،وعليه وبافرتاض حتقق
مجيع رشوط تطبيق النظرية يف اجلائحة ،فإذا تلف من الثمر قدر خارج عن العادة وضع من الثمن
ما يساويه ،وإن تلف كل الثمر بطل العقد ،ورجع املشرتي عىل البائع بجميع الثمن ،وهذا يتوافق
مع نظرية الظروف الطارئة ،وقد أخذ هبذا جممع الفقه اإلسالمي.
العذر يف اإلجارة أو الزروع:
اإلجارة :عقد منفعة مقصودة معلومة ،قابلة للبذل واإلباحة بعوض معلوم ،وهي من
العقود الالزمة التي ال يستقل أحد العاقدين بفسخه ،غري أن بقاء العقد عىل اللزوم مبني عىل
رشط أن ال حيصل منه رضر للعاقدين ،وينقسم هذا الرشط إىل نوعني مها:
-1سالمة املأجور من حدوث عيب فيه خيل باالنتفاع به.
-2عدم حصول عذر يمنع من استيفاء املنفعة إال برضر.
وعليه فأي رضر حيصل ألحد املتعاقدين من بقاء العقد عىل اللزوم ،ويكون ناقشئا من
سبب خارج عن نطاق االلتزام فهو عذر ،والعذر :هو العجز عن امليض عىل موجب العقد إال
بتحمل رضر زائد مل يستحق بالعقد ،ناقشئ عن الظرف الطارئ ،ويفرتض انه مالزم التنفيذ،
االلتزام ال ينفك عنه ،فيتعني الفسخ طريقا لدفع الرضر ،وعليه فالفسخ ليس لذات العذر ،إنام
ملآله ،وهو الرضر غري املستحق يف حد ذاته أيا كان منشؤه ،ويؤيد هذا ما قرره الشاطبي بقوله
"أصل النظر يف مآالت األفعال معترب مقصود رشعا" .والعذر قد يكون بجانب املؤجر :كأن
84
نظريات فقهية Ashyf Collection
يلحقه دين فادح ال جيد قضاءه إال من ثمن املأجور ،وبام أن البيع ال ينفذ إال بإجازة املستأجر،
جعل الدين عذرا يف فسخ اإلجارة؛ ألن إبقاء اإلجارة مع حلوق الدين الفادح العاجل إرضار
باملؤجر؛ ألنه حيبس به وال جيوز اجلرب عىل حتمل رضر غري مستحق بالعقد .وقد يكون بجانب
املستأجر :إذا أفلس وخرج من السوق ،جعل عذرا يف فسخ اإلجارة ،ألنه مل يعد ينتفع باملأجور،
وبقاء العقد من غري استيفاء املنفعة رضر مل يلتزمه بالعقد ،من كل ما تقدم فإن احلكم بجواز فسخ
عقد اإلجارة بالعذر الذي يتعذر معه استيفاء املنفعة املقصودة من العقد ،سواء كانت املنفعة
للمؤجر أو للمستأجر ،أو يتعذر معه بقاء العقد عىل اللزوم ،إال برضر يلحق أحد طريف العقد،
يتوافق مع نظرية الظروف الطارئة ،حتقيقا للعدالة بني املتعاقدين ،ورفعا للظلم يف االلتزامات
العقدية وإعادة لتوازن االختالل التعاقدي.
النتائج والتوصيات
النتائج:
تم يف هذه الورقة ،نبني أهم
بعد محد اهلل تعاىل وقشكره عىل ما م ّن به علينا من كتابة وعرض ما ّ
النتائج التي وصل الباحث إليها يف هذه الورقة وهي ما ييل:
-1إن القواعد الفقهية تسهم يف استخراج األحكام الرشعية ملا يستجد من نوازل ومسائل
طارئة بأيرس الطرق ،وأقرهبا ،ألن هبا تعرف مقاصد الرشيعة وأرسارها ،وعلل األحكام.
-2إن نظرية الظروف الطارئة املستخلصة من جمموعة من القواعد الفقهية الكربى هلا دور
كبري يف ختفيف الكثري من اآلثار الضارة التي قد تلحق بطريف العقد نتيجة لتغري الظروف.
-3نظرية الظروف الطارئة يمكن أن تكون بمثابة ائتامن (أي أداة حتوطية) رشعية،
للمستثمرين ختفف من عبء خساراهتم التي قد حتدث بسبب ظروف طارئة .كام ويمكن
أن تسهم يف معاجلة آثار التضخم بالنسبة ألصحاب الدخول املحدودة.
85
نظريات فقهية Ashyf Collection
-4يمكن اعتبار نظرية الظروف الطارئة أسلوبا من أساليب حتقيق العدالة بني املتعاقدين،
ورفع الظلم يف االلتزامات العقدية ،وإعادة لتوازن االختالل التعاقدي.
التوصيات:
يمكن أن يويص الباحث بام ييل:
-1عىل كل فقيه وجمتهد ومفتي دراسة القواعد الفقهية وذلك هلا أمهية كربى لكل منهم ،ألهنا
تيرس هلم تتبع جزئيات األحكام واستخراجها من موضوعاهتا املختلفة وحرصها يف
موضوع واحد وبذلك يتفادى التناقض يف احلكام الرشعية املتشابه.
-2تطبيق نظرية الظروف الطارئة يف ظل اقتصاد يرتكز عىل كم هائل من االلتزامات اآلجلة
والتي جيب أن حترتم ،وأن حتمى من التغريات الفادحة يف القوة الرشائية للنقود.
-3أن ينص يف العقود اآلجلة عىل االحتكام إىل نظرية الظروف الطارئة يف حال حدوث
ظروف طارئة قاهرة ختل بالتزامات طريف التعاقد.
«أدلة األحكام»
تقسيمها :
.1ما يدل عىل رشعيتها :فالكتاب ،والسنة ،واإلمجاع ،والقياس الصحيح ،واالستدالل
املعترب .
.2ما يدل عىل وقوعها مستندة إىل أسباهبا :ومنها ما يفيد اليقني ،ومنها ما يفيد الظن ،وما
يفيد الظن رتبة متفاوتة .
-الرضب األول :ما يتحقق ،ويعلم أسباب وقوعه كالعلم بطلوع الفجر الذي هو سبب
لصالة الصبح وتوابعها من األذان واإلقامة والسنة املقدمة عىل الصالة وكالعلم بزوال
86
نظريات فقهية Ashyf Collection
الشمس الذي هو سبب لوجود الظهر وتوابعها ،وكذلك مصري ظل الشمس مثله ،
وغروب الشمس ،ومغيب الشفق األمحر وهي أسباب لوجوب العرص واملغرب
والعشاء وتوابعها ،وكذلك األسباب املرتبات كالقتل والقطع ،وكذلك املسموعات
كالطالق والعتاق وعقود املعاوضات
-الرضب الثاين :
)1منها إقرار املقرين ،ثم قشهادة أربع من املعدلني ،ثم قشهادة رجلني من املؤمنني ،ثم
قشهادة رجل وامرأتني من الصاحلني ،ثم قشهادة عدل واحد مع اليمني .
)2قشهادة أربع نسوة بام خيفى غالبا عىل الرجال املعدلني ،ومنها األيامن الواقعة بعد
نكول الناكلني .
)3أيامن القسامة مع اللوث عىل القائلني ،
)4أيامن اللعان عىل القاذفني .
)5خرب الواحد يف دخول األوقات وتعريف جهات القبلة ،وتعريف ما وقع يف األواين
من النجاسات .
)6تقويم املقومني ،ومسح املاسحني ،وقسمة القاسمني ،وخرص اخلارصني .
)7استلحاق املستلحقني ،وقيافة القائفني ،واالنتساب عند عدم القيافة إىل الوالدين .
)8زفاف العروس إىل بعلها مع إخبارها بأهنا زوجته أو مع إخبار غريها من النساء .
)9داللة األيدي عىل استحقاق املستحقني .
)11داللة األيدي والترصف إىل إمالك املالكني.
)11داللة الدار عىل إسالم اللقيط.
)12داللة االستطراق عىل اقشرتاك أهل املحلة فيام يستطرقون فيه إذا كان مفسدا من
أحد طرفيه .
87
نظريات فقهية Ashyf Collection
)13داللة األجنحة وامليازيب والقنى واجلداول والسواقي واألهنار عىل استحقاق ما
اتصلت بملكه .ومنها استصحاب األصول كمن لزمه طهارة أو صالة أو زكاة أو
حج أو عمرة أو دين آلدمي ثم قشك يف أداء ركن من أركانه أو رشط من رشائطه فإنه
يلزمه القيام به ؛ ألن األصل بقاؤه يف عهدته ،ولو قشك هل لزمه يشء من ذلك أو
لزمه دين يف ذمته ،أو عني يف ذمته ،أو قشك يف عتق أمته أو طالق زوجته ،أو قشك
يف نذر أو يشء مما ذكرناه فال يلزمه يشء من ذلك ؛ ألن األصل براءة ذمته ،فإن اهلل
خلق عباده كلهم أبرياء الذمم واألجساد من حقوقه وحقوق العباد إىل أن تتحقق
أسباب وجوهبا
قال العز :فهذه أدلة مفيدة لظنون متفاوتة يف قوهتا وضعفها أثبت ضعيفها ملسيس احلاجة
إليه فاكتفى يف االستفاضة يف السيب إىل اإلبانة إذ ال سبيل إىل معرفته ،ولو ثبتت االستفاضة
النسد باب إثبات األنساب ،وإنام اكتفى يف األموال ومنافع األموال بالشاهد واليمني ؛ لكثرة
الترصف بينهام واالرتفاق يف الظعن واإلقامة ،فلو رشط فيهام عدد الشهود لتعذر ذلك يف كثري
من األحوال ،إذ ال يتيرس العدد يف كل مكان من احلرض أو السفر واكتفى يف النساء املجردات فيام
ال يطلع عليه الرجال إذ لو مل نكتف هبن لغلب ضياع ذلك احلق وفواته
وبعد عرفنا أن من األدلة ما يفيد العلم فال يتصور كذب األدلة التي تفيد العلم ،وعىل
هذا نشأت قاعدة نقض األحكام ،وكذلك نشأت قاعدة ال عربة بالظن البني خطؤه.
اما الظنون فهي متفاوتة وليس ظن أوىل من اآلخر وبناء عىل ذلك نشأت قاعدة االجتهاد ال
ينقض باالجتهاد ،ألن أحد الظنني ليس بأوىل من اآلخر.
قال العز :وال يتصور كذب العلم وإخالفه ،والظن يتصور الكذب واإلخالف .
إال أن الصدق والوفاق غالب عليه ،ولذلك اعتربه الرشع واتبعه العقالء يف الترصفات الدنيوية،
فإن الصدق الظن املستفاد مع مجيع األدلة املذكورة ،فقد حصل مقصود الرشع من جلب
املصالح ودرء املفاسد ظاهرا وباطنا ،وإن كذب الظن فقد فاتت املصالح وحتققت املفاسد ومل
88
نظريات فقهية Ashyf Collection
حيصل مقصود الرشع من ذلك ،ويعفى عن كذبه يف حق العاملني به جلهلهم بكذبه ،ولن يكلف
اهلل نفسا إال وسعها وطاقتها .
الفرق السادس عرش بني قاعدة أدلة مرشوعية األحكام وبني قاعدة أدلة وقوع األحكام
وهو أن أدلة مرشوعية األحكام حمصورة رشعا يف نحو العرشين كل واحد منها يتوقف عىل
مدرك رشعي يدل عىل أن ذلك الدليل نصبه صاحب الرشع الستنباط األحكام ،أما أدلة وقوعها
فهي غري منحرصة فالزوال مثال دليل مرشوعيته سببا لوجوب الظهر عند قوله تعاىل أقم الصالة
لدلوك الشمس ودليل وقوع الزوال وحصوله يف العامل اآلالت الدالة عليه ونحو ذلك ،مجيع
األسباب والرشوط واملوانع ال تتوقف عىل نصب من جهة الرشع بل املتوقف سببية السبب
ورشطية الرشط و مانعية املانع أما وقوع هذه األمور فال يتوقف عىل نصب من جهة صاحب
الرشع.
مثال :بيع املغيب يف األرض كاجلزر وغريه ،فدليل الرشعية أو منعها موقوف عىل
الشارع ال يعلم إال من جهته ،وهو النهي عن الغرر ،وكونه غررا ،ألنه مستور حتت األرض
يرجع فيه إىل الواقع وال يتوقف عىل الرشع ،فإنه من األمور العادية املعلومة باحلس أو العادة ،
ومثل هذا الرشاب مسكر فخو حرام ،فدليل حتريمه بالرشع ،ودليل اسكاره احلس.
املبحث الثاني
دليل القاعدة:
89
نظريات فقهية Ashyf Collection
األصل يف ذلك إمجاع الصحابة ريض اهلل عنهم نقله ابن الصباغ و أن أبا بكر حكم يف
مسائل خالفه عمر فيها و مل ينقض حكمه و حكم عمر يف املشرتكة بعدم املشاركة ثم باملشاركة و
قال ذلك عىل ما قضينا و هذا عىل ما قضينا و قىض يف اجلد قضايا خمتلفة .
و علته أنه ليس االجتهاد الثاين بأقوى منا ألول فإنه يؤدي إىل أنه ال يستقر حكم و يف
ذلك مشقة قشديدة فإنه إذا نقض هذا احلكم نقض ذلك النقض و هلم جرا.
-1لو تغري اجتهاده يف القبلة عمل بالثاين و ال قضاء حتى صىل أربع ركعات ألربع جهات
باالجتهاد فال قضاء .
-2لو اجتهد فظن طهارة أحد اإلناءين فاستعمله و ترك اآلخر ثم تغري ظنه ال يعمل بالثاين بل
يتيمم .
-3لو قشهد الفاسق فردت قشهادته فتاب و أعادها مل تقبل ألن قبول قشهادته بعد التوبة يتضمن
نقض االجتهاد باالجتهاد كذا علله يف التتمة .
-4لو أحلقه القائف بأحد املتداعيني ثم رجع و أحلقه باآلخر مل يقبل .
-5لو حكم احلاكم بيشء ثم تغري اجتهاده مل ينقض األول وإن كان الثاين أقوى ،غري أنه يف
واقعة جديدة ال حيكم إال بالثاين بخالف ما لو تيقن اخلطأ
91
نظريات فقهية Ashyf Collection
.2لو قسم القاسم بني الرشكاء يف قسمة إجبار ثم قامت بينة بغلطه أو حيفه نقضت مع أن
القاسم قسم باجتهاده فنقض القسمة بقول مثله واملشهود به جمتهد فيه مشكل استشكله
صاحب املطلب هلذه القاعدة
.3إذا قوم املقومون ثم اطلع عىل صفة نقص أو زيادة بطل التقويم األول لكن هذا ليس
بنقض االجتهاد باإلجتهاد بل يشبه نقض االجتهاد بالنص
أمثلة تطبيقية
( .1ومن صىل باجتهاد فتيقن اخلطأ قىض يف األظهر فلو تيقنه فيها وجب استئنافها وإن
تغري اجتهاده عمل بالثاين وال قضاء ) ملا فعله أوال ؛ ألن االجتهاد ال ينقض باالجتهاد( ،
حتى لو صىل أربع ركعات ألربع جهات باالجتهاد فال قضاء ) ؛ ألن كل واحدة مؤداة
باجتهاد ومل يتعني فيها اخلطأ.
( .2وإذا استعمل ما ظنه أراق اآلخر فإن تركه وتغري ظنه مل يعمل بالثاين عىل النص) لئال
ينقض االجتهاد باالجتهاد ( بل يتيمم بال إعادة يف األصح).
.3لو ( أحلقه القائف بأحدمها ثم باآلخر مل ينقل إليه ) ألن االجتهاد ال ينقض باالجتهاد
.4لو ( أفتاه ) مفت ( ثم رجع ) عن فتواه ( قبل العمل ) هبا كف ( عنه ) وجوبا ( وكذا إذا
نكح امرأة ) أو استمر عىل نكاحها ( بفتواه ثم رجع ) عنها ( لزمه فراقها كام ) يف نظريه (
يف القبلة ) واحتياطا لإلبضاع ( وإن رجع ) عنها ( بعد العمل ) هبا ( وقد خالف ) ما أفتاه
به املفتي ( دليال قاطعا نقضه ) أي عمله ( وإال ) أي ،وإن مل خيالف قاطعا بأن كان يف حمل
االجتهاد ( فال ) ينقضه ؛ ألن االجتهاد ال ينقض باالجتهاد
.5لو قال خصامن لقاض حكم بيننا فالن بكذا فانقضه واحكم بيننا مل جيبهام ) ؛ ألن
االجتهاد ال ينقض بمثله
90
نظريات فقهية Ashyf Collection
املبحث الثالث
أمثلته :
( -1تنبيه ) أفتى ابن الصالح بأن حكم احلنفي بصحة الوقف عىل النفس ال يمنع الشافعي
باطنا من بيعه وسائر الترصفات فيه قال ؛ ألن حكم احلاكم ال يمنع ما يف نفس األمر وإنام
منع منه يف الظاهر سياسة رشعية ويلحق هبذا ما يف معناه انتهى ،وتبعه عىل ذلك مجع
ورده آخرون بأنه مفرع عىل الضعيف إن حكم احلاكم يف حمل اختالف املجتهدين ال ينفذ
باطنا كام رصح به يف تعليله واألصح كام يف الروضة يف مواضع نفوذه باطنا وال معنى له
إال ترتب اآلثار عليه من حل وحرمة ونحومها وقد رصح األصحاب بأن حكم احلاكم يف
املسائل اخلالفية يرفع اخلالف ويصري األمر متفقا عليه.
92
نظريات فقهية Ashyf Collection
و قتل الوالد بالولد و احلر بالعبد و املسلم بالذمي عىل ما صححه يف أصل الروضة يف اجلميع و
إن كان الصواب يف األخري النقض بمخالفته النص الصحيح الرصيح
املبحث الرابع
املبحث اخلامس
93
نظريات فقهية Ashyf Collection
ينقض حكمه به فال سمع وال طاعة ،وكذلك ال طاعة جلهلة امللوك واألمراء إال فيام يعلم املأمور
أنه مأذون يف الرشع.
أمثلة تطبيقية
-1جيب امتثال أمر اإلمام فيام لو أمر بصيام قبل اخلروج لصالة االستسقاء ،ألنه أمر
بمندوب مصلحة عامة .قوله يف املنهاج :ويأمرهم اإلمام بصيام ثالثة أيام أوال
املبحث السادي
«ترصف احلاكم هل هو حكم أم ال ؟»
الترصفات الصادرة من احلكام كام إذا عقد نكاحا أو بيعا خمتلفا فيه هل يستلزم صدوره منه
احلكم بصحته حتى ال جيوز لغريه نقضه كام لو عقده غريه؟ األصح أن ترصف احلاكم ليس
بحكم إال إن كان يف قضية رفعت إليه وطلب منه فصلها ،وقيل إن ترصف احلاكم حكم مطلقا
.والصحيح أنه ليس بحكم ألنه لو كان حكام الستدعى تقدم دعوى يف ذلك ألن احلكم يستدعي
ذلك وهو مفقود هنا وألن احلكم يستدعي حمكوما له وعليه وبه وذلك مفقود هنا.
مثال تطبيقي
(ومن أرس أو فقد وانقطع خربه ترك ماله حتى تقوم بينة بموته أو متيض مدة يغلب عىل
الظن أنه ال يعيش فوقها فيجتهد القايض وحيكم بموته ثم يعطي ماله من يرث وقت احلكم )،
وال تتضمن قسمة احلاكم احلكم بموته إال إن وقعت بعد رفع إليه ؛ ألن األصح أن ترصف
احلاكم ليس بحكم إال إذا كان يف قضية رفعت إليه وطلب منه فصلها.
املبحث السادس
«نقض قضاء القايض»
دليل القاعدة :
هو اإلمجاع يف خمالفة اإلمجاع ،وقياس عليه يف البقية .
94
نظريات فقهية Ashyf Collection
االختالف يف النقض.
قد خيتلف الفقهاء يف النقض يف بعض املسائل ،الختالفهم هل خالفت قشيئا مما ذكر
أوال؟ قال الشيخ ابن حجر ذاكرا بعض أمثلته :وذكر األئمة لبعض ذلك أمثلة كنفي خيار
املجلس والعرايا ،والقود يف املثقل ،وكقتل مسلم بذمي ،وصحة بيع أم الولد ،ونكاح الشغار،
واملتعة ،وزوجة املفقود بعد أربعة سنني ،والعدة ،وكتحريم الرضاع بعد حولني ،واختلفوا يف
نقضها ،وأكثرهم عىل النقض ،وفيه حترير ليس هذا حمل بسطه.
املبحث السابع
95
نظريات فقهية Ashyf Collection
( -1ولو صلوها ملا ظنوه عدوا أو أكثر فبان خالفه قضوا ) ،إذ ال عربة بالظن خطؤه.
( -2تسحر ولو بشك يف بقاء ليل فلو أفطر ،أو تسحر بتحر وبان غلطه بطل صومه) إذ ال
عربة بالظن البني خطؤه
( -3لو رسق دنانري ظنها فلوسا ال تساوي ربعا قطع ) ألنه قصد رسقة عينها وهي تساوي
ربعا ،ولوجود االسم ،وال عربة بالظن البني خطؤه.
-4قال الزركيش وقشمل إطالقه ما لو خوف آخر بام حيسبه مهلكا أي فبان خالفه ولإلمام فيه
احتامالن من اخلالف فيام لو صلوا لسواد ظنوه عدوا قال يف البسيط لعل األوجه عدم
الوقوع ؛ ألنه ساقط االختيار وإن كان ذلك بظن فاسد .انتهى .فإن قلت ينافيه قوهلم ال
عربة بالظن البني خطؤه قلت ال ينافيه ؛ ألن العربة هنا بكونه ملجأ ظاهرا ،وهذا كذلك
وتلك القاعدة حملها فيام يشرتط له نية ونحوه دون ما نيط األمر فيه بالظاهر كام هنا .
96
نظريات فقهية Ashyf Collection
املبحث الثامن
هذه القاعدة نص عليها الشافعي و قال منزلة اإلمام من الرعية منزلة الويل من اليتيم قلت
:و أصل ذلك :ما أخرجه سعيد بن منصور يف سننه قال حدثنا أبو األحوص عن أيب إسحاق
عن الرباء بن عازب قال :قال عمر ريض اهلل عنه :إين أنزلت نفيس من مال اهلل بمنزلة وايل اليتيم
إن احتجت أخذت منه فإذا أيرست رددته فإن استغنيت استعففت .
-1إذا قسم الزكاة عىل األصناف حيرم عليه التفضيل مع تساوي احلاجات .
-2أنه ال جيوز ألحد من والة األمور أن ينصب إماما للصلوات فاسقا و إن صححنا الصالة
خلفه ألهنا مكروهة و ويل األمر مأمور بمراعاة املصلحة و ال مصلحة يف محل الناس عىل
فعل املكروه .
97
نظريات فقهية Ashyf Collection
-3أنه ليس له العفو عن القصاص جمانا ألنه خالف املصلحة بل إن رأى املصلحة يف
القصاص اقتص أو يف الدية أخذها .
-4أنه ليس له أن يزوج امرأة بغري كفء و إن رضيت ألن حق الكفاءة للمسلمني و هو
كالنائب عنهم فال يقدر عىل إسقاطه .
-5أنه ال جييز وصية من ال وارث له بأكثر من الثلث ز
-6ال جيوز له أن يقدم يف مال بيت املال غري األحوج عىل األحوج .
( -7وال يقطع ) اإلمام ( إال ) قشخصا ( قادرا عىل اإلحياء ،و ) يكون ما يقطعه له ( قدرا
يقدر عليه) لو أراد إحياءه ؛ ألنه منوط باملصلحة .
املبحث التاسع
«الوالية اخلاصة أقوى من الوالية العامة»
ضابطها :
الويل :قد يكون وليا يف املال و النكاح كاألب و اجلد
و قد يكون يف النكاح فقط كسائر العصبة و كاألب فيمن طرأ سفهها
و قد يكون يف املال فقط كالويص
من فروعه :
.1ال يترصف القايض مع حضور الويل اخلاص وأهليته ،ألن الويل اخلاص أقوى من الويل
العام .
.2و لو أذنت للويل اخلاص أن يزوجها بغري كفء ففعل صح أو للحاكم مل يصح يف األصح
.3للويل اخلاص استيفاء القصاص و العفو عىل الدية و جمانا و ليس لإلمام العفو جمانا
.4لو زوج اإلمام لغيبة الويل و زوجها الويل النائب بآخر يف وقت واحد و ثبت ذلك بالبينة
قدم الويل إن قلنا :إن تزوجيه بطريق النيابة عن الغائب و إن قلنا :أنه بطريق الوالية فهل
98
نظريات فقهية Ashyf Collection
يبطل كام لو زوج الوليان معا أو تقدم والية احلاكم لقوة واليته و عمومها كام لو قال
الويل :كنت زوجتها يف الغيبة فإن نكاح احلكم يقدم كام رصحوا به تردد فيه صاحب
الكفاية و األصح :أن تزوجيه بالنيابة بدليل عدم االنتقال إىل األبعد فعىل هذا يقدم نكاح
الويل.
واهلل أعلم
99