Professional Documents
Culture Documents
إ رشاف:
د .انيف بن عذال احلريب
وقد أجيب عن األول :بأن املعدوم واملستحيل يشء لغة ،وإ ن مل يكن شيًئا يف الاصطالح.
وعن الثاين :بأن املوصوالت يه اليت "ثبت لها العموم"؛ إرشاد الفحول.1/286 :
وعرفه اإلمام الشواكين – رمحه هللا تعاىل – بقوهل" :العام هو اللفظ املستغرق مجليع ما يصلح هل حبَس ب وضع واحد دفعmmة"؛
إرشاد الفحول.1/287 :
وعرفه صاحب مرايق السعود بقوهل:
ما استغرَق الصاحل َدفعًة بال حٍرص من اللفظ كعٍرش ُم ِّثال
قال اإلمام الشنقيطي – رمحه هللا تعاىل – يف رشح هذا البيت" :يعين أن العام :لفظ يستغرق مجيع املعmmاين الصmmاحلة هل ،أو
الصاحل هو لدلالةل علهيا دفعة واحدة من غري حرص"...؛ نرث الورود عىل مرايق السعود.243 :
وقد اعترب اإلمام جالل ادلين السيوطي – رمحه هللا تعاىل -العاَّم واخلاص ِعلًم ا من علوم القرآن ،حيث قال" :النmmوع اخلامس
واألربعون :يف عامه وخاصه" ،وعَّر ف العاَّم بقوهل" :العام :لفظ يستغرق الصاحل هل من غري حرص"؛ اإلتقان.2/41 :
.3مفهوم اخلصوص:
أوال :لغة :هو املنفرد من قوهلم اختص فالن بكذا أي انفرد به ويف اصطالح األصوليني هو لك لفظ وضع ملعmmىن واحد عىل
10
اإلنفراد .
هو لك لفظ وضع معىن معلوم عىل اإلنفmراد املراد ابملعىن مmmا وضع هل اللفmmظ عينmmا اكن أو عرضا وابإلنفراد :اختصmmاص اللفmmظ
11
بذكل املعىن وإ منا قيده ابإلنفراد ليمتزي عن املشرتك.
اثنيا :اصطالحا :هو أحد أقسام وضع اللفظ للمعىن مضن مباحث القواعد األصولية اللغوية
12
هو لفظ وضع ملعىن واحد عىل اإلنفراد فبالتخصيص خيرج ما اكن داخال حتت العام من بعض األفراد .
هmmو اللفmmظ املوضوع لدلالةل عىل معmmىن واحد عىل سبيل اإلنف mراد وهو إمmmا أن يكmmون موضوعا لشخص معني أكسامء األعالم
مثل :خادل ومحمد أو يكون موضوعا للنوع مثل :رجل وفرس أو يكون موضوعا لكثري حمصور أكسامء األعداد.
ويقول يف "تسهيل الطرقات" بعدما أورد نظم منت الورقات:
اخلاص:
-1تعريفه لغة :هو اُمس فاعل ِم ن خَّص خيص ،مبعىن إفراد يشء بيشء ،والاختصاص هو التفُّر د يف يشء.
واصطالًح ا :لْف ظ ُو ِض ع ملعىًن عىل الانفراد.
يقول اآلمدي" :أَّم ا التخصيص فقد قmال أبmو احلسmني البرصي :هmو إخmراُج بعض مmا تناوهل اِخل طmاب عنmه ،وذكل َّمما ال ميكن
ْمح هُل عىل ظاهره عىل ِّلك مذهب ،أَّم ا عىل مذهب أرابب اخلصوص؛ فأل َّن اِخل طاب عنَد مه مَّزنل عىل أقل مmmا حيمتهل اللفmmظ،
فال ُيتصَّmو ر إخmراُج يشء منmmه .وأَّم ا عىل مmذهب أرابب الاشرتاكِ ،مفن هجة أَّن العمmل ابللفmظ املشَرت ك يف بعض حمامهل ،ال
يكون إخراًج ا لبعض ما تناوهل اِخل طاب عنه ،بل غايته استعامُل اللفظ يف بعض حمامهل دوَن البعض ،وأَّم ا عىل مذهب أرابب
الوقف فظاهر؛ إذ اللفظ عنَد مه موقوٌف ال يعمل كونه للخصوص أو للعموم ،وهو صاِلٌح الستعامهل يف ِّلك واحد مهنام .فmmإ ْن قmmام
ادلليل عىل أَّنه أريد به العموم ،وَج ب محهل عليه ،وامتنع إخراج يشء منه ،وإ ْن قام ادلليُل عىل أنه للخصوص ،مل يكن اللفُmmظ
إذ ذاك دليًال عىل العمmmوم ،وال متنmmاوًال هل؛ فال يتحَّق ق ابمحلل عىل اخلاص إخ mراج بعض مmmا تناوهل اللفُmmظ عىل بعِض حمامهل
الصاِلح لها .وأَّم ا عىل مذهب أرابب العموم ،فغايته أَّن اللفظ عنَد مه حقيقٌة يف الاستغراق ،وجماز يف اخلصوص ،وعىل هذا،
فإ ْن مل يقِم ادلليل عىل خمالفة احلقيقة ،وَج ب إجراء اللفmmظ عىل مجيmmع حمامهلِ ،م ن غري إخ mراج يشٍء مهنا ،وإ ْن قmmام ادلليل عىل
خمالفة احلقيقة ،وامتناع العَم ل ابللفظ يف الاستغراق ،وَج ب ُرص فه إىل محمهل اجملازي ،وهو اخلصوص ،وعنَد ْمح ل اللفmmظ عىل
اجملاز ال يكون اللفُظ متناوًال للحقيقة ،ويه الاستغراق ،فال حتقق إلخراج بعِض ما تناوهل اِخل طاُب عنه؛ إذ هو – حاةل كونه
مستعمًال يف اجملاز -ال يكون مستعمًال يف احلقيقة ،وعىل هذا ،فإطالُق القول بتخصيص العmmام ،أو أَّن هmmذا عاٌّم خمَّص ص ال
يكون حقيقة .وإ ذا ُع ِرف ذكل ،فالتخصيُص عىل مmmا ُيناسmmب مmmذهَب أرابب العمmmوم ،هmmو تعريف أَّن املراد ابللفmmظ املوضوع
للعمmmوم حقيقmmة إ َّنام هmmو اخلصmmوص؛ وعىل مmmا يناسmmب مmmذهَب أرابب الاشرتاك تعريف أَّن املراد ابللفmmظ الص mاِلح للعمmmوم
واخلصوص ،إمنا هmmو اخلصmmوص ،واملعِّmرف ذلكل -بmأي طريق اكن ُ -يسَّم ى خمِّص ًص ا ،واللفmmظ املرصوف ِم ن هجة العمmmوم إىل
اخلصوص خمَّص ًص ا.
حـمك العموم:
حمك العموم أنه يعمل به عىل الراحج ،والقاعدة عند العلامء :العام يبقى عىل معومه ما مل يأت خمصmmص خيصصmmه ،وهنmmاك أق mوال
يف هذه املسأةل :فقيل :نبحث عن اخملصص ،وقيل :نتوقف ،والثالث :نعمmmل بmmه وال نبحث عن اخملصmmص ،وعنmmد امجلهmmور أنmmه
يعمل به .والصحيح أن العام يعمل به حىت يأيت خمصص خيصصه.
( )1املذهب األول :التوقف عند البعض حىت يقوم ادلليل ،وهذه أدلهتم :ادلليل األول :ألنه ،أي :العmmام مجمل الختالف
أعداد امجلع فإن مجع القةل يصح أن يراد منه لك عدد من الثالثة إىل العرشة ومجع الكرثة يصmmح أن يراد منmmه لك عدد من
العرشة إىل ما ال هناية هل ،فإنه إذا قال لزيد عيل أفلس يصح بيانه من الثالثة إىل العرشة فيكون مجمال
وادلليل الثاين :أنه ،أي :العام يؤكد بلك وأمجع ولو اكن مستغرقا ملا احتيج إىل ذكل
وادلليل الثالث :ألنه يذكر امجلع ويراد به الواحد كقوهل تعاىل (( :اذلين قال هلم الناس إن الناس )) من اآليmmة 173سmmورة آل
معران ،املراد منه " نعمي بن مسعود األجشعي " أو أعرايب آخر والناس الثاين أهل مكة
( )2املذهب الثاين :ويسمون بأرابب اخلصوص ،وعند البعض يثبت األدىن وهو الثالثة يف امجلع والواحد يف غريه ،
واستدلوا عىل ذكل :ألنه املتيقن ،حيث ال جيوز إخالء اللفظ من املعىن الواحد يف اجلنس ،والثالثة يف امجلع هو
املتيقن ،فإنه إذا قال لفالن عيل درامه جتب ثالثة ابتفاق بيننا وبينمك لكنا نقول إمنا تثبت الثالثة ألن العموم غري ممكن
فيثبت أخص اخلصوص
( )3املذهب الثالث :وعندان – أرابب العموم – وعند الشافعي رمحه هللا يوجب احلمك يف اللك حنو جاءين القوم يوجب
احلمك وهو نسبة اجمليء إىل لك أفراد تناولها القوم واستدلوا عىل ذكل ابملعقول ،وهو :ألن العموم معىن مقصود فال بد
أن يكون لفظ يدل عليه فإن املعاين اليت يه مقصودة يف التخاطب قد وضع األلفاظ لها .
واستدلوا كذكل ابإلجامع ،وهو :أنه ثبت عن الصحابة وغريمه الاحتجاج ابلعمومات .وشاع ذكل وذاع من غري نكري ،
فاكن إجامعا عىل أن العام يوجب احلمك قطعا .
وقد قال ريض هللا تعاىل عنه يف امجلع بني األختني وطنا مبكل الميني أحلهتام آية ويه قوهل تعاىل (( أو ما ملكت أميانمك )) من
اآلية 3سورة النساء ،فإهنا تدل عىل حل وطء لك أمة مملوكة سواء اكنت جممتعة مع أخهتا يف الوطء أو ال وحرمهتام آية
ويه (( أن جتمعوا بني األختني )) من اآلية 23سورة النساء ،تدل عىل حرمة امجلع بني األختني سواء اكن امجلع بطريق
الناكح أو بطريق الوطء مبكل الميني فاحملرم راحج كام يأيت يف فصل التعارض أن احملرم راحج عىل املبيح.
وابن مسعود ريض هللا تعاىل عنه جعل قوهل تعاىل (( وأوالت األحامل )) من اآلية 4سورة الطالق ،انخسا لقوهل تعmmاىل ))
واذلين يتوفون منمك )) من اآلية 234سورة البقرة ،حىت جعل عدة حامل تويف عهنا زوهجا بوضع امحلل
26ص - 5كتاب تيسير أصول الفقه للمبتدئين -التخصيص بالصفة -المكتبة الشاملة
وهذا عىل العموم واإلطالق ،وقد خصصه هللا يف غايmmة معينmmة فقmmالَ{ :ح ىَّت َيْب ُل َغ اْلَه ْد ُي َم ِح ُهَّل} [البقmmرة ]١٩٦:أي :كل يmmوم
النحر األكرب أن حتلق رأسك.
وأيضًا يقال يف مسأةل اذلين أحرصوا ،هmل حيلmق احملرص قبmmل أن يصmل إىل احملل أم ال؟ نقmول :هmذا مقيmmد وخمصmص للغايmة:
{َح ىَّت َيْب ُلَغ اْلَهْد ُي َم ِح ُهَّل}.
-2اخملصص املنفصل وأقسامه
اخملصص املنفصل هو :ادلليل الرشعي ،املنفصل عن اللفظ العام ،مبعىن :جميء آية عامة وجاءت آيmmة أخmmرى خمصصmmة لهmmا ،أو
حديث عام وجاء حديث آخر خمصصًا هل ،وميكن التخصيص ابإلجامع أو القياس.
واخملصص املنفصل ستة أنواع :الكتاب والسنة ،اإلجامع ،القياس ،مفهوم اخملالفة ،مفهوم املوافقة.
ختصيص الكتاب ابلكتاب
القسم األول :اخملصص املنفصل من الكتاب ،وهذا ابالتفاق ،ودالةل العام قطعية عنmد امجلهmور ،أمmا األحنmاف فريون أن دالةل
العام ظنية وليست قطعية ،وإ منا اخلالف هل الكتاب خيصص ابلسنة أم ال؟ نقول :الراحج من أقmوال أهmmل العمل :أن الكتmmاب
خيصص ابلسنة ،وكذكل خيصص ابلقياس وابإلجامع .مثال ذكل :قال هللا تعاىلَ{ :و اْلُم َط َّلَقاُت َيَرَت َّبْص َن ِبَأنُفِس ِهَّن َثالَث َة ُق ُر وٍء }
[البقرة .]٢٢٨:املطلقة الmmيت طلقهmmا زوهجا عىل أنmواع :مطلقmmة حتيض ،ومطلقmmة ال حتيض وتسمى ايئسmmة ،وصغرية ال حتيض،
قال هللا تعاىل يف النوع الثاينَ{ :و الاَّل يِئ َيِئْس َن ِم َن اْلَم ِح يِض ِم ْن ِنَس اِئْمُك } [الطالق ،]٤:أمmا املرأة الmيت حتيض فعmدهتا {َثالَث َة
ُقُر وٍء } والقرء فيه خالف فقهي شديد بني العلامء؛ ألن القرء من األضداد ،فيأيت مبعmىن الطهmر ،ويأيت مبعmىن احليض ،فاملالكيmة
والشmافعية يرون أنmه الطهmر ،ولغmة القmوة معهم ،ورشعًا القmوة مmع األحنmاف واحلنابةل بmأن القmرء معنmاه احليض ،وهذا ورد يف
حديث حصيح عن النيب صىل هللا عليه وسمل أنه قال( :فاعتدي أقرائك) جفعل اللفظ املبني للقرء هو احليض.
فقوهلَ{ :ثالَثَة ُقُر وٍء } يعين :ثالث حيضات يه عدة املرأة ،أما اليت ال حتيض فعدهتا ثالثة أشهر بنص اآلية.
فقوهلَ{ :و اْلُم َط َّلَقاُت } [البقرة ]٢٢٨:هذا لفظ عام ،وقد جاءت أدةل ختصص هذا اللفmmظ العmmام ،مفثًال :احلامmmل عىل الmراحج من
األقmmmmوال أن عدهتا تنقيض بوضع امحلل؛ حلديث سبيعة األسلمية ،ولقوهل تعmmmmاىلَ{ :و ُأْو الُت اَألَمْحاِل َأَج ُلُهَّن َأْن َيَض ْعَن ْمَح َلُهَّن }
[الطالق .]٤:إ ذًا :املرأة احلامل تعترب حمكها خاص من احلمك العام يف املطلقات ،وحمكهmmا أهنا إذا وضعت امحلل ولو بعmmد يmmوم
من الطالق لها أن تزتوج؛ ألن عدهتا قد انقضت.
أيضًا :قmول هللا تعmاىل{ :اَي َأَهُّيا اِذَّل يَن آَمُن وا َذ ا َنَكْح ُمُت اْلُم ْؤ ِم َن اِت َّمُث َط َّلْقُتُم وُه َّن ِم ْن َقْب ِل َأْن َتَمُّس وُه َّن َفَم ا َلْمُك َعَلِهْيَّن ِم ْن ِعَّد ٍة
ِإ
َتْع َتُّد وَهَنا} [األحزاب ،]٤٩:أي :أن حمك املطلقة املعقmود علهيا قبmmل أن يmmدخل هبا زوهجا خمصmmوص من حمك املطلقmات العmام،
وميكن أن يعقmmد علهيا آخmmر بعmmد سmmاعة .إ ذًا :احلمك العmmام يف املطلقmmات أن عدهتن ثالثmmة قmmروء ،لكن خصصنا من ذكل أوالت
األحامل بأن يضعن محلهن ،وأيضًا املعقود علهيا قبل أن يدخل هبا ليس لها عدة.
ختصيص الكتاب ابلسنة
القسم الثاين :اخملصص املنفصل من السنة ،ال خالف بني العلامء أن القرآن خيصص ابلقرآن ،وخيصص ابلسنة املت mواترة ،لكن
اخلالف بني العلامء يف ختصيص القmmmرآن بسنة اآلحاد ،فأمmmmا األحنmmmاف :فال يرون التخصيص ابآلحاد ،ويقولون :إن حديث
اآلحاد ال خيصص القmرآن ،لكن استثنوا مmا إذا ُخصmص هmذا القmرآن بmدليل من القmرآن؛ ألنmه إذا خصmص بmدليل من القmرآن
سيضعف ،فإذا ضعف نزل إىل مرتبة حديث اآلحاد فيخصصه.
أما املالكية :فال يرون حبال من األحوال أن القرآن خيصص بسنة اآلحاد إال إذا اكن معل أهل املدينة يوافق خرب اآلحاد.
وأروع األمثةل الmيت أستحرضها اآلن للاملكيmة :قmول النmيب صmىل هللا عليmه وسمل( :حيرم لك ذي انب من السباع وخملب من
الطري).
يقmول اإلمmام ماكل :إن هmذا احلديث ال خيصmص معوم قmول هللا تعmاىلُ{ :لُكوا ِم َّم ا يِف اَألْر ِض } [البقmرة ]١٦٨:ويأيت إىل هmذا
احلديث ويقول :ما أدركنا أحدًا من أهل املدينة يعمل به ،مث يقول :هذا حديث آحاد ال خيصص العموم.
إ ذًا :عنده أن لك موجود عىل األرض حىت القطط وغريها حيل ألكها.
أما القول الراحج :فهو قول الشmmافعية وقول احلنابةل بmأن القmرآن ختصصmmه السنة؛ ألن السنة والقmرآن ويح من هللا جل وعال،
فهام خرجا من مشاكة واحدة ،فيصح ختصيص هذا بذاك ،ويصح ختصيص اآلخر ابألول ،قال هللا تعmmاىلَ{ :و َم ا آاَت ُمُك الَّر ُس وُل
َفُخ ُذ وُه َو َم ا َهَناْمُك َعْنُه َفاْنُهَتوا} [احلرش ،]٧:يعين :لك ما يأيت به الرسول صىل هللا عليmه وسمل من كتmاب أو سنة يؤخذ ،وقال
هللا تعاىلَ{ :و َأنَز ْلَنا َلْي َك اِّذل ْك َر ِلُتَبَنِّي ِللَّناِس َم ا ُنِّزَل َلِهْي ْم } [النحل ،]٤٤:والتبيني من الكتاب ومن السنة ،وأيضًا من احلديث
ِإ ِإ
القديس ،فهذا لكه يدل عىل أنmه خmرج من مشmاكة واحدة فيخصmص .مثmال :قmال تعmاىلُ{ :يوِص يُمُك اُهَّلل يِف َأْو الِدْمُك ِلَّذل َكِر ِم ْث ُل
َح ِّظ اُألنَثَيِنْي } [النسmاء .]١١:قوهل( :أوالدمك) امس جنس مضاف وهو يفيmد العمmوم ،أي :يعم املسmمل والاكفر ،والرقيmق وغري
الرقيق.
لكن هذا العموم خص حبديث النيب صىل هللا عليه وسمل( :ال يرث املسمل الاكفر ،وال الاكفر املسمل) فهmmذا فيmmه ختصيص من
معوم اآلية بأن الاكفر ال يرث.
مثال آخر أيضًا :قال هللا تعاىلَ{ :و َأَح َّل اُهَّلل اْلَبْي َع َو َح َّر َم الِّر اَب } [البقرة.]٢٧٥:
ووجه الاستدالل أن مجيع أنواع البيع حسب اآليmmة حالل ،ولكن هmmذا العمmmوم خص من قبmmل السنة اآلحاديmmة بنحmmو( :هنى
النيب صىل هللا عليه وسمل عن بيوع الغرر) ،فبيوع الغرر خمصوصة من معوم حل البيع.
وأيضًا( :هنى الن mmيب ص mmىل هللا علي mmه وسمل عن مثن ادلم) ،فاذلي يتربع ابدلم ويأخذ أج mmرة عىل ذكل حm mرام؛ ألن مثن ادلم
خمصوص من قول هللا تعاىلَ{ :و َأَح َّل اُهَّلل اْلَبْي َع } .كذكل( :هنى النيب صىل هللا عليه وسمل عن مثن اللكب) فهذا خمصوص من
معوم اآلية.
ختصيص الكتاب والسنة ابإلجامع
القسم الثالث :اإلجامع ،قال هللا تعاىلُ{ :يوِص يُمُك اُهَّلل يِف َأْو الِدْمُك ِلَّذل َكِر ِم ْثُل َح ِّظ اُألنَثَيِنْي } [النسmmاء ]١١:هmmذه اآليmmة عامmmة يف
لك األوالد سواء اكن رقيقًا أو غري رقيق ،لكن اإلجامع قmmد خص الرقيmmق؛ ألن أهmmل العمل :أمجعmوا عىل أنmه ال يرث العبmmد من
احلر؛ ألن هذا املال ال ميتلكه ،وإ منا سيذهب لسيده ،فكونه يرد عىل أخيه أوىل.
مثال آخر :قال النيب صmىل هللا عليmه وسمل( :املاء طهmور ال ينجسmه يشء) أمجع أهmل العمل :أن املاء إذا القتmه جناسmة فغريت
طعمه أو لونه أو رحيه ،فإنه ينجس بذكل.
إ ذًا :فهذا ختصيص لقول النيب صىل هللا عليه وسمل( :املاء طهور ال ينجسه يشء).
ختصيص الكتاب ابلقياس
القسم الرابع :القياس والنظر ،قال هللا تعاىل{ :الَّز اِنَيُة َو الَّز ايِن َفاْج ُدِل وا َّلُك َو اِحٍد ِم ُهْنَم ا ِم اَئ َة َج َدْل ٍة َو ال َتْأُخ ْذ ْمُك ِهِب َم ا} [النmmور]٢:
فهذا لفظ عام يدخل فيه اإلماء والرقيق واألحرار ،وصيغة العموم الmmيت تثبت هmmذا قوهل(( :الَّز اِنَي ُة َو الَّmز ايِن )) فهmmذا امس جنس
معmmرف ابأللف والالم ،فيعم لك زاين ولك زانيmmة ،س mواء اكن ح mرًا أم رقيق ًmا ،أو اكنت يه حmmرة أم اكنت أمmmة ،مث جاءت آيmmة
أخرى خصصهتا ويه قوهل تعاىلَ{ :فَع َلِهْيَّن ِنْص ُف َم ا َعىَل اْلُم ْحَص َناِت ِم َن اْلَع َذ اِب } [النسmاء ،]٢٥:فmmاحلرة إن اكن علهيا مائmة
جدلة فاألمة جتدل مخسني جدلة ،وكذكل الرجل العبد جيدل مخسني جدلة؛ ألن الرجل احلر جيدل مائmmة جدلة ،والعةل يه الmmرق،
فيجمتع العبد يف العةل مع األمة ،فنقول :العبد الرقيق هنا يقاس عىل األمة جبامع العةل بيهنام.
التخصيص مبفهوم اخملالفة
القسم اخلامس :التخصيص مبفهوم اخملالفة ،ومفهوم اخملالفة يعين :أن يكون حمك املفهوم خمالفًا حلمك املنطوق.
قال النيب صىل هللا عليه وسمل( :يف أربعني شاة شاة) يعين :سواء اكنت سامئة أم اكنت معلوفة ،لكن ملا يأيت النيب صmmىل هللا
عليه وسمل ويقول( :ويف السامئة زاكة) مففهوم اخملالفة :أن غري السامئة ليس علهيا زاكة ،فهmذا احلديث الثmmاين خصmmص العمmmوم يف
احلديث األول.
حمك اخلصوص:
وحمك اخلاص عىل وجه اإلجامل:
أنmmه إذا ورد نص رشعي دل دالةل قطعيmmة عىل معنmmاه اخلاص اذلي وضع هل حقيقmmة ،وثبت احلمك ملدلوهل عىل سبيل القطmmع ال
الظن.
فاحلمك املستفاد من قوهل تعاىلَ{ :فَكَّفاَر ُتُه ْط َع اُم َع َرَش ِة َم َس اِك َني } [املائدة ،]89 :هو وجوب إطعام عرشة مساكني ،وال حتمتل
ِإ
العرشة نقصًا وال زايدة .واحلمك املستفاد من حديث« :يف لك أربعني شاة شاة» هو تقدير النصmmاب اذلي جتب الزاكة فيmmه من
الغمن بأربعني ،وتقدير الواجب بشاة بال احامتل زايدة أو نقص يف هذا أو ذاك.
ولكن إذا قام دليل يقيض تأويل هذا اخلاص ،أي إ رادة معىن آخر منه حيمتل عىل ما اقتضاه ادلليل .ومثال هذا مmmا قmmدمناه يف
تأويل علامء احلنفية الشاة يف احلديث السmmابق مبا يعم الشmmاة وقميهتا ،وتأويلهم الصmmاع من متر أو شعري يف صmmدقة الفطmmر مبا يعم
الصاع وقميته ،وتأويلهم الصاع من متر يف حديث املرصاة مبا يشمهل ويشمل أي عوض مياثل املتلف.
فإذا ورد اخلاص مطلقًا محل عىل إطالقه ،وإ ذا ورد مقيدًا محل عىل تقييده.
والفرق بني اللفظ املطلق واللفظ املقيد :أن املطلmmق هmmو مmا دل عىل فmmرد غري مقيmmد لفظًmا بmأي قيmmد ،مثmmل :مرصي ،ورجل،
وطائر ،واملقّيد هو ما دل عىل فرد مقيد لفظًا بأي قيد ،مثل :مرصي مسمل ،ورجل رشيد ،وطائر أبيض.
فاملطلق يفهم عىل إطالقه إال إذا قام دليmmل عىل تقييmmده ،فmmإن قmmام ادلليل عىل تقييmmده اكن هmmذا ادلليل صmmارفًا هل عن إطالقmmه
ومبينًا املراد منه .ففي قوهل تعاىلِ{ :م ن َبْع ِد َو ِص َّيٍة ُيويِص َهِبا َأْو َد ْيٍن } [النسmmاء ،]11 :الوصية مطلقmmة قيmmدت ابحلديث ،اذلي
دل عىل انه ال وصية بأكرث من الثلث ،فصار املراد يف اآلية الوصية اليت يف حدود ثلث الرتكة.
وإ ذا ورد اللفظ مطلقًmا يف نص رشعي ،وورد هmmو نفسmmه مقيmدًا يف نص آخmmر ،إن اكن موضوع النصmmني واحدًا بmأن اكن احلمك
الوارد فهيام متحدًا ،والسبب اذلي بين عليه احلمك متحدًا ،محل املطلق عىل املقيد ،أي :اكن املراد من املطلق هmmو املقيmmد ألنmmه
مع احتاد احلمك والسبب ،ال يتصور الاختالف ابإلطالق والتقييد ،فيكون املطلق مقيدًا بقيد املقيد.
مثال هذا :قوهل تعاىل يف سورة املائدةُ{ :ح ِّرَم ْت َعَلْي ُمُك اْلَمْي َتُة َو اَّدْل ُم َو َلْح ُم اْلِخ ِزْنيِر } [املائدة ]3 :ادلم هنا مطلق القيد.
وقوهل تعاىل يف سورة األنعامُ{ :قل َّال َأِج ُد يِف َم ا ُأْو َيِح ِإ َّيَل ُم َح َّر مًا َعىَل َط اٍمِع َيْط َع ُم ُه ِإ َّال َأن َيُك وَن َم ْيَت ًة َأْو َدمًmا َّم ْس ُفوحًا َأْو
َلْح َم ِخ ِزنيٍر } [األنعام ،]145 :ادلم هنا مقيد ابملسفوح ،فاملراد ابدلم يف آية املائmmدة ادلم املسفوح املنصmmوص عىل حترميه يف آيmmة
األنعام ،ألن احلمك يف اآليتني واحد وهو التحرمي ،والسبب اذلي بين عليه احلمك فهيام واحد وهو كونه دمًmا ،فلmmو اكن ادلم حمرم
مطلق ادلم خال القيد وهو {مسفوحًا} من الفائدة.
أما إذا اختلف النصاب يف احلمك ،أو يف السبب ،أو فهيام معًا ،فال حيمتل املطلق عىل املقيmmد بmmل يعمmmل ابملطلق عىل إطالقmmه
يف موضعه ،وابملقيد عىل قيmmده يف موضعه ،ألن اختالف احلمك أو السبب أو أحدهام قmmد يكmmون هmmو عةل الاختالف إطالقًmا
وتقييدًا .وهذا مذهب احلنفية وأكرث املالكية ،وأما إذا اختلفا يف السبب واحتد يف احلمك فيحمل املطلق عىل املقيد.
مثال النصني اخملتلفني حكًام مع احتاد السبب قوهل تعاىل{ :اَي َأَهُّيا اِذَّل يَن آَمُنوْا َذ ا ُقْمْمُت ىَل الَّص الِة فاْغِس ُلوْا ُو ُج وَه ْمُك َو َأْيِد َيْمُك ىَل
ِإ ِإ ِإ
اْلَمَر اِف ِق } [األنعام ،]6 :وقوهل تعاىلَ{ :فَتَيَّمُم وْا َص ِع يدًا َط ِّي بًا َفاْم َس ُح وْا ِبُو ُج وِهْمُك َو َأْيِد يمُك ِّم ْنُه} [املائmmدة ،]6 :والسبب يف اآليتني
واحد وهو التطهري إلقامة الصالة ،واحلمك يف األول وجوب الغسل ويف الثانية وجوب املسح ،ومثهل قوهلَ{ :و ُأَّم َه اُت ِنَس آِئْمُك }
[النساء ،]23 :وقوهل{َو َر اَب ِئُبُمُك الَّاليِت يِف ُحُج وِر مُك ِّم ن ِّنَس آِئُمُك الَّاليِت َدَخ ْلمُت ِهِب َّن } [النساء.]23 :
ومثال النصني املتحدين حكام اخملتلفني سببًا ،قوهل تعاىل يف كفارة القتل خطأَ{ :و َم ن َقَتَل ُمْؤ ِم نًا َخ َط ئًا َفَتْح ِريُر َر َقَبٍة ُّمْؤ ِم َنٍة َو ِد َيٌة
ُّم َس َّلَم ٌة ىَل َأْه ِهِل } [النساء ،]92 :وقوهل تعاىل يف كفارة الظهارَ{ :و اِذَّل يَن ُيَظ اِه ُر وَن ِم ن ِّنَس اِهِئ ْم َّمُث َيُع وُدوَن ِلَم ا َقاُلوا َفَتْح ِريُر َر َقَبٍة
ِإ
ِّم ن َقْب ِل َأن َيَتَم اَّس ا} [اجملادةل .]3 :وقوهل يف شهود املداينmmmةَ{ :و اْس َتْش ِهُد وْا َش ِهيَد ْيِن من ِّرَج اِلْمُك } [البق mmرة .]282 :وقوهل يف
شهود املراجعmmmmةَ{ :و َأْش ِهُد وا َذ َو ْي َعْد ٍل ِّم نْمُك } [الطالق .]2 :ففي اآليتني احلمك واحد وهو وجوب حترير رقبmmmmة ،والسبب يف
الوجوب خمتلف ألنه يف إحداهام املداينة ،والثانية املراجعة.
فال يعترب املقيmmد بياًان وحيمmmل املطلmmق عليmmه إال يف صmmورة واحدة ،ويه مmmا إذا احتد موضوعهام حكًام وسببًا .وأمmmا إذا اختلmmف
حكًام ،أو سببًا ،أو اختلفا حكًام وسببًا ،فال حيمل املطلق عىل املقيد بل يفهم املطلق يف موضعه عىل إطالقه ،ويفهم املقيد يف
موضعه عىل قيده ،ألن اختالف احلمك قد يكون سببًا يف الاختالف ابإلطالق والتقييد ،أي أنه ملا اكن احلمك يف آيmmة الوضوء
وجوب غسmmل األيmmدي ،أطلقهmmا ومل يقيmmدها بكوهنا إىل املرافmmق ،ألن التميم رخصmmة رشعت للتخفيmmف عنmmد عدم وجود املاء،
فيناسبه التخفيف أيضَا يف إطالق اليد فيجزئ لك ما يصدق عليه لفmmظ يmmد ،وكذكل احلال إذا اختلmmف السبب فقmmد يكmmون
القتل خطأ اقتىض تقييد الرقبة ابإلميان تشديدًا للعقوبة ،وإ رادة املظاهر العودة مل يقتض هذا التشديد فيجزئ حترير أية رقبة.
27البحرالبحر المحيط ،الزركشي – بدر الدين محمد بن بهادر بن عبد هللا الزركشي ،مباحث الخاص والخصوص والتخصيص،
الفرق بين التخصيص والنسخ ،مسألة الخطاب في العموم والخصوص على أربعة أوجه.
الرابع :خطاب عام اللفظ ،واملراد به اخلصوص ،وهذا اختلmmف فيmmه ،واألكرثون عىل جmوازه ،كقوهل تعmmاىل { :اذلين قmmال
هلم الناس إن الناس قد مجعوا لمك } فإن املراد ابلناس األول :نعمي بن مسعود أو أربعة نفر كام قال الشmmافعي يف " الرساةل " .
قال الكريخ :وهو جماز ال حقيقة وإ ذا خاطب بذكل فال بد أن يدلنا عىل مراده به .وهل جيب مقارنة ادلليل اخلطmmاب ،أو
جيوز تأخريه عنه ؟ فيه القوالن .
وذهب بعض األصوليني إىل إناكر هذا القسmم ،ألن املوجب للخصmوص مبزنةل الاستثناء املتصmل ابمجلةل ،وال جيوز يف قوهل
تعاىل { :فلبث فهيم [ ص ] 334 :ألف سنة إال مخسني عاما } أن هذه الصيغة مراد هبا ألف سنة اكمةل .
واعمل أن جامعة أطلقوا اخلالف يف هذه املسأةل :مهنم صاحب احملصول ،وخصه الشيخ أبmmو حامmmد ،والشيخ أبmmو إحساق ،
وسلمي الرازي يف " التقريب " ،وابن السمعاين يف " القواطmmع " ،والقايض عبmmد الوهاب ،وصاحب املعمتد يف " األحاكم "
وغريمه ابخلرب ومل ينقلوا اخلالف يف األمر والهني ،بل جعلوه حمل وفاق ،اكلنسmmخ ،وهو الظmmاهر ،فmmإن املانع هنmmا يف اخلرب
قياس التخصيص عىل النسخ ،كام قاهل القايض عبد الوهاب ،والظاهر أن اخملالف مينع تسميته عاما خمصوصا ،ويقmmول :إنmmه
عام أريد بmmه اخلصmmوص ،وحينئmmذ فال ينهتض الاستدالل عليmmه مبا ذكروه من اآلايت اخملصصmmة ،وهو قmmوي .ومن هنmmا قmmال
بعضهم :يشرتط يف التخصيص وروده يف اإلنشmmاءات ال يف األخبmmار ،فإنmmه ال يكmmون فهيا عام خمصmmوص ،بmmل عام أريد بmmه
اخلصوص.
فذهب امجلهور إىل أنه يدخل وال خيرج عنه إال بدليل خيصصه ،وقال أكرث أحصاب الشافعي إنmه ال يmmدخل إال بmدليل ،قmmال
األستاذ أبو منصور :وهو الصحيح من مذهب الشافعي .
قال األستاذ أبو منصور :وفائدة اخلالف فامي إذا ورد منه صىل هللا عليmmه وآهل وسمل لفmmظ عام يف إجياب حمكه أو حظmmره أو
إابحته ،هل يدل ذكل عىل دخوهل فيه أم ال ،قال ابن برهان يف األوسط :ذهب معظم العلامء إىل أن اآلمر ال يدخل حتت
اخلطاب ،ونقل عبد اجلبار وغريه من املعزتةل دخوهل .انهتى .
ونقهل لهذا القول عن معظم العلامء خيالف نقل األستاذ أيب منصmmور ،والmرازي يف احملصmmول وابن احلاجب يف خمترص املنهتى ،
وغريمه .فإهنم جعلوا دخول اخملاطب يف خطابه مذهب األكرثين .
وقال إمmmام احلرمني اجلويين :إن خطابmmه يتناوهل بنفسmmه ،ولكنmmه خارج عنmmه عادة .فmmذهب إىل التفصيل ،واتبعmmه عىل هmmذا
التفصيل إلكيا الهراس .
قال الصفي الهندي :هذه املسأةل قد تعرض يف األمر مرة ويف الهني مرة ويف اخلرب مرة ،وامجلهور عىل دخوهل .
اذلي ينبغي اعامتده أن يقال إن اكن مراد القائل بدخوهل يف خطابه أن ما وضع للمخاطب يشمل املتلكم وضعا ،فليس كذكل
،وإ ن اكن املراد أنه يشمهل حكام مفسمل إذا دل عليه دليل ،واكن الوضع شامال هل ،أكلفاظ العموم .
28
إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم األصول ،الشوكاني – محمد بن علي بن محمد الشوكاني.
اختلفوا يف اخملاطب – بكرس الطاء – هل يدخل يف معوم خطابه ؟
فذهب امجلهور إىل أنه يدخل وال خيرج عنه إال بدليل خيصصه ،وقال أكرث أحصاب الشافعي إنmه ال يmmدخل إال بmدليل ،قmmال
األستاذ أبو منصور :وهو الصحيح من مذهب الشافعي .
قال األستاذ أبو منصور :وفائدة اخلالف فامي إذا ورد منه صىل هللا عليmmه وآهل وسمل لفmmظ عام يف إجياب حمكه أو حظmmره أو
إابحته ،هل يدل ذكل عىل دخوهل فيه أم ال ،قال ابن برهان يف األوسط :ذهب معظم العلامء إىل أن اآلمر ال يدخل حتت
اخلطاب ،ونقل عبد اجلبار وغريه من املعزتةل دخوهل .انهتى .
ونقهل لهذا القول عن معظم العلامء خيالف نقل األستاذ أيب منصmmور ،والmرازي يف احملصmmول وابن احلاجب يف خمترص املنهتى ،
وغريمه .فإهنم جعلوا دخول اخملاطب يف خطابه مذهب األكرثين .
وقال إمmmام احلرمني اجلويين :إن خطابmmه يتناوهل بنفسmmه ،ولكنmmه خارج عنmmه عادة .فmmذهب إىل التفصيل ،واتبعmmه عىل هmmذا
التفصيل إلكيا الهراس .
قال الصفي الهندي :هذه املسأةل قد تعرض يف األمر مرة ويف الهني مرة ويف اخلرب مرة ،وامجلهور عىل دخوهل .
اذلي ينبغي اعامتده أن يقال إن اكن مراد القائل بدخوهل يف خطابه أن ما وضع للمخاطب يشمل املتلكم وضعا ،فليس كذكل
،وإ ن اكن املراد أنه يشمهل حكام مفسمل إذا دل عليه دليل ،واكن الوضع شامال هل ،أكلفاظ العموم.
رشوط محل املطلق عىل املقَّيدُ :يعترب الَّش افعية أكرث املذاهب معال حبْم ل املطلق عىل املقَّيد ،وقد وضعوا ذلكل رشوًط ا مهنا:
-1أن يكون القيد من ابب الصفات اكإلميان يف الرقبة ،وال يصّح أن يكون يف إثبات زايدة مل ترد يف املطلق؛ وذلكل ال
يصّح أن يقال :جيب أن ُيَيّم م الرجلني والرأس إذا أراد التّميم.
-2أن ال يعارض الَّتقييد تقييٌد آخر ،مثل حديث غسل اإلانء من ولوغ الْلك ب ،ورد بلفظ مطلق(( :فليغسهْل سبًع ا
إحداهَّن ابلرّت اب)) ،وورد بلفظ ((أوالهَّن )) ،وبلفظ ((أخراهَّن )) ،ولكها حصيحة فال ميكن محل املطلق عىل املقَّيد هنا
إ َّال برتجيح.
-3أن يكون ورود املطلق يف ابب األوامر واإلثبات ،أَّم ا يف سياق الَّنفي والهَّن ي فال حيمل املطلق عىل املقَّيد ،كذا قالوا،
وال خَي فى أَّن الَّنكرة يف سياق الَّنفي والهَّن ي تكون للعموم فال يكون تقييدها من تقييد املطلق بل من خَت صيص العاّم ،
والعاّم ال خيّص ص مبا يدّل عىل ثبوت احلمك لبعض أفراده[ ،قلت :وميثل هل بأحاديث الهَّن ي عن اإلسبال وجّر الَّثوب ،مع
ثبوت ذكل من فعهل وقوهل -عليه السالم – أليب بكر(( :لست ممن يفعهل خيالء)) ،فإ َّن الهَّن ي وإ ن اكن عاًّم ا يف اللفظ
واألفراد ،فهو مطلق يف الصفات ،اليت قيدت ابخليالء عند امجلهور ،ومل يعمل هبذا التقييد طائفة] .اهـ.
-4أن ال يقوم دليل مينع من التقييد :ومثهل الزركيش بقوهل تعاىلَ{ :و اِذَّل يَن ُيَتَو َّفْو َن ِم نْمُك َو َيَذ ُر وَن َأْز َو اجًا َيَرَت َّبْص َن ِبَأنُفِس ِهَّن
َأْر َبَع َة َأْش ُهٍر َو َع رْش ًا} [البقرة ،]234 :مع قوهل تعاىلَ { :ذ ا َنَكْح ُمُت اُملْؤ ِم َناِت َّمُث َط َّلْقُتُم وُه َّن ِم ن َقْب ِل َأن َتَمُّس وُه َّن َفَم ا َلْمُك
ِإ
َعَلِهْيَّن ِم ن ِعَّد ٍة َتْع َتُّد وَهَنا} [األحزاب ،]49 :ويف هذا املثال نظر؛ ألن امحلل ممتنع الختالف احلمك والسبب ،فاحلمك يف
األوىل وجوب العدة ،والَّس بب هو املوت ،ويف الثانية احلمك عدم وجوب العدة ،والسبب الطالق قبل ادلخول.
[أقسام دالالت األلفاظ] :جرى كثري من األصوليني عىل تقسمي ادلالةل إىل دالةل منطوق ودالةل مفهوم:
فmmاملنطوق" :هmmو املعmmىن املستفاد من رصحي اللفmmظ" ،وقد يقmmال" :مmmا دَّل عليmmه الَّلفmmظ يف حمّل الّنطmmق" ،كدالةل قوهل تعmmاىل:
{َو َأِق ُميوا الَّص الَة َو آُتوا الَّز اَك َة} [البقرة ]43 :عىل األمر إب قامة الصالة وإ يتاء الزاكة.
واملفهوم" :هو املعىن الالزم للفٍظ مل ُيَّرصح به فيه" ،أو هو" :ما دل عليه اللفظ يف غري حمل النطق" ،كدالةل قوهل تعاىلَ{ :فَال
َتُقل َّلُهَم ا ُأٍّف } [اإل رساء ]23 :عىل حترمي الرضب والشمت.
واألوىل هنا سلوك طريق َم ن قّس م ادلالالت إىل دالةل املنظوم ودالةل غري املنظوم.
فاملنظوم" :لك دالةل تكون ابلوضع اللغوي" ،ويه تشمل دالةل املطابقة ودالةل التضمن.
وغري املنظوم :هو دالةل الالزتام ،ويه" :دالةل اللفظ عىل معىن خاريج الزم للمنطوق به" ،وتشمل دالةل الاقتضاء واإلشmmارة
واإلمياء املفهوم وهذا بياهنا:
دالةل الاقتضاء :يه "دالةل اللفmmظ عىل معmmىن مسكوت عنmmه جيب تقmmديره لصmmدق الالكم أو لصحته رشعا أو
عقال" ،واملعىن املدلول عليه ابالقتضاء يسَّم ى املقتىَض (امس مفعول) وهو ثالثة أنواع:
ما جيب تقديره لصدق الالكم ومطابقة الواقع ،مثل دالةل قوهل -صىل هللا عليه وسمل (( :-ال وصَّية لوارث)) عىل -1
املقدر احملذوف وهو :حصيحة؛ وذكل ألن الناس قد يوصون للورثة ،فيتعني التقدير( :ال وصية حصيحة أو انفذة).
ما جيب تقديره لصَّح ة الالكم رشًعا ،مثل قوهل تعاىلَ{ :فَم ن اَك َن ِم نمُك َّمِريضًا َأْو َعىَل َس َفٍر َفِع َّد ٌة ِّم ْن َأاَّي ٍم ُأَخ َر } [البقرة: -2
،]184تقديره (فأفطر) .
ما جيب تقديره لصحة الالكم عقال مثل قوهل تعاىلَ{ :و اْس َأِل الَقْر َيَة } [يوسف ]82 :فالعقل يقيض بأن القرية ال تسأل، -3
فال بَّد من تقدير( :أهل القرية).
اإلشارة :ويه املعىن الالزم من الالكم اذلي مل يسق الالكم لبيانه ،مثل فهم جواز أن يصبح املسمل جنًبا يف رمضان، -1
من قوهل تعاىلُ{ :أِح َّل َلْمُك َلْي َةَل الِّص َياِم الَّر َفُث ىَل ِنَس اِئْمُك } [البقرة ،]187 :مفن جاز هل اِجلامع طوال الليل إىل الفجرَّ ،حص
ِإ
صومه إن طلع عليه الفجر جنًبا.
اإلمياء :وهو "فهم التعليل من ترتيب احلمك عىل الوصف املناسب" ،مثل قوهل تعاىلَ{ :و الَّس اِرُق َو الَّس اِرَقُة َفاْقَط ُع وا -2
َأْيِد ُهَيَم ا} [املائدة ،]38 :فهذا يدل عىل أن العةل الرسقة.
املفهوم :وهو نوعان موافقة وخمالفة ،مففهوم املوافقة" :هو املعىن الثابت للمسكوت عنه املوافق ملا ثبت للمنطوق؛ لكون -3
املسكوت أوىل ابحلمك من املنطوق أو مساواي هل" ،مفثال األولوي الهني عن التأفف فإ َّنه يدل بطريق األوىل عىل حترمي
الرضب والشمت ،ومثال املفهوم املساوي قوهل تعاىلَّ { :ن اِذَّل يَن َيْأُلُكوَن َأْم َو اَل الَيَتاَم ى ُظ ْلًام َّنَم ا َيْأُلُكوَن يِف ُبُط وِهِن ْم اَن رًا
ِإ ِإ
َو َس َيْص َلْو َن َس ِع ريًا} [النساء ،]10 :فإنه يدل عىل حترمي األلك مبنطوقه ،وعىل حترمي لك ما فيه تفويت ملال اليتمي مبفهوم
املوافقة املساوي ،فال جيوز التصدق مبال اليتمي وال [إتالفه وال حنو ذكل].
أَّم ا مفهوم اخملالفة فهو دليل اخلطاب" :وهو الاستدالل بتخصيص اليشء ابذلكر عىل نفي احلمك املذكور يف املنطوق عام
عداه" ،فاحلمك اذلي يثبت للمسكوت نقيض للحمك اذلي ثبت ابملنطوق ،وهو أنواع:
-1مفهوم الصفة :ويه هنا أمع من الَّنعت عند النحاة ،فيشمل النعت واحلال واجلار واجملرور والظرف والمتيزي ،مثل قوهل
– صىل هللا عليه وسمل (( :-يف سامئة الغمن إذا اكنت أربعني ففهيا شاة)) ،فتخصيص السامئة ابِّذل ْك ر يدّل عىل أَّن
املعلوفة ال زاكة فهيا.
-2مفهوم الرشط :مثل حديث أم سلمي -ريض هللا عهنا -قالت :أَعىَل املرأة غسل اي رسول هللا إذا يه احتلمت؟ قال:
((نعم ،إذا رأت املاء)) ،فيفهم من هذا أهنا إذا مل تر املاء فال غسل علهيا.
-3مفهوم العدد :وهو ما يفهم من تعليق احلمك عىل عدد خمصوص ،كقوهل تعاىلَ{ :فاْج ُدِل َو ْمُه َثَم اِنَني َج َدْل ًة} [النور ،]4 :فهو
دال مبنطوقه عىل الامثنني ،ومبفهومه عىل عدم إجزاء ما نقص عهنا ،وعىل املنع من الزايدة علهيا ،واذلي يظهر أن هذا
داخل يف مفهوم الصفة؛ ألن املقدار أحد صفات اليشء.
[قلت :هذا إذا اكن العدد مراًدا يف نفسه ،فإن اكن املراد به المتثيل أو املبالغة فال مفهوم هل كحديث(( :حىت يكون للقمي
الواحد مخسني امرأة)) ،فإن املراد به املبالغة يف كرثة النساء وهللا أعمل].
-4مفهوم الغاية :هو ما يفهم من مد احلمك إىل غاية إبحدى أدوات الغاية ويه( :إىل ،حىت ،الالم) ،مثل حديث(( :ال زاكة
يف مال حىَّت حيول عليه احلول)) ،فدَّل مبنطوقه عىل نفي الزاكة قبل احلول ،ودَّل مبفهومه عىل وجوهبا عند متام احلول.
-5مفهوم التقسمي :هو ما يفهم من تقسمي احملكوم عليه قسمني فأكرث ،مع ختصيص لك قسم حبمك مثل قوهل – صىل هللا
عليه وسمل (( :-الثيب أحُّق بنفسها ،والبكر تستأذن)) ،دَّل مبفهومه أَّن َّلك قسم خيتّص حبمكه ،وال يشارك اآلخر يف
حمكه ،فقوهل(( :الثيب أحّق بنفسها)) ،داّل عىل أَّن البكر ليست أحَّق بنفسها من ولهِّي ا ،وأَّم ا قوهل(( :البكر
تستأذن)) ،فدال عىل أَّن الثِّيب ال ُتستأذن؛ ألَّن اإلذن مهنا ال يْك في بل ال بَّد من الَّترصحي.
-6مفهوم اللقب :هو "ما يفهم من خَت صيص الامس اجملَّر د ابحلمك من نفي احلمك عام عداه" ،وسواء أاكن الامس إلنسان أو
حيوان ،أو اكن امس عمل أم امس جنس ،كقوهل – صىل هللا عليه وسمل (( :-ال تبيعوا اَّذل هب ابَّذل هب إ َّال مثًال مبثل))،
فدَّل مبفهومه أَّن ما ليس بذهب فيجوز بيعه مبثهل أو غريه من غري مماثةل.
وأما مفهوم الَّلقب فليس حبَّج ة عىل الَّص حيح عند امجلاهري؛ ألَّنه لو اكن َّجحة لاكن الثناء عىل الَّر سول – صىل هللا عليه وسمل
– ووصفه ابلِّرساةل قدًح ا يف بقَّية الرسل وإ ناكًر ا لرسالهتم.
[قلت :مفهوم اخملالفة بلك أنواعه إ َّم ا أن يكون هل ضّد واحد فيكون جحة قطًع ا ،وإ َّم ا أن يكون هل عَّد ة أضداد فهو حمل نظر
وحبث كام مىض ،أما مفهوم اللقب والعدد فإن اكن اللفظ مهنام مقصوًدا ،أو املراد مهنام قرص ذكل اللفظ بعينه مففهومه َّجحة
كسابقيه ،وإ ن اكن املقصود من الَّلفظ الَّتمثيل أو املبالغة وحنو ذكل مففهومه ليس حبَّج ة ،فذكر النبَّو ة حملَّم د – عليه السالم –
ليس القصد منه قرص ذكل عليه ،أَّم ا حديث(( :ال تبيعوا اَّذل هب ابَّذل هب ،))...مفن نظر إىل أَّن هذه األلفاظ مقصودة يف
ذاهِت ا مل ُيعّد غريها إلهيا اكلَّظ اهرية ،ومن نظر إىل أن هذه األلفاظ ليست مقصودة يف ذاهتا بل يه متثيل عّد ى مثلها إلهيا،
وهكذا] .اهـ.
أن ال يكون ختصيص املذكور ابذلكر جرى جمرى الغالب ،فإن اكن كذكل فال حيتّج به ،كقوهل تعاىلَ{ :و َر اَب ِئُبُمُك الَّاليِت يِف -1
ُحُج وِر مُك } [النساء[ ،]23 :قلت :وقد معل هبذا التقييد عيل – ريض هللا عنه – وهو مذهب أهل الظاهر].
أن ال يكون حمك املذكور جاء لكونه مسmؤوال عْن ه ،أو بيااًن حلمك واقعmة ،كقوهل تعmاىلَ{ :ال َت ْأُلُكوا الِّر اَب َأْض َع افًا ُّم َض اَع َفًة } -2
[آل معران ]130:فإنه ال يدّل عىل جواز ألك الراب إذا اكن قليال؛ ألَّن اآلية بيان حلمك أمر واقع[ ،قلت :واألوىل هبذا أن
يتخرج عىل قاعدة :ما حرم كثريه فقليهل أيًض ا حرام].
أن ال يكون املذكور يف اللفظ قmmد سبق ذكره حىت يكmmون معهmوًدا ،فmmإن اكن معهmوًدا فال يmmدّل ذكره عىل قرص احلمك َّمعا -3
عداه ،وهو أمع من اذلي قبهل؛ ألن املسؤول عنه معهود لسبق ذكره.
أن ال يكون املسكوت عنه أْو ىل ابحلمك من املذكور ،فmmإن اكن كmmذكل فإنmه يكmون من مفهmوم املوافقmة ويثبت للمسكوت -4
عنmmه حمك املنطmmوق من ابب أوىل ،كقوهل تعmmاىلَ{ :و َال َتْقُتُل وا َأْو الَد مُك ِّم ْن ْم الٍق } [األنعmmام ،]151 :فmmإذا حmmرم قتلهم مmmع
ِإ
خوف الفقر والعجز عن نفقاهتم فتحرمي قتلهم مع القدرة عىل نفقاهتم أْو ىل ابلتحرمي.
[قلت :ومن الرشوط أن ال يعارض هذا املفهوَم منطوق آخر؛ ألنه ُيقّد م عليه].
ولك هmmذه الرشوط ترجع إىل رشط واحد وهو أن ال يظهmmر لتخصيص املذكور ابذلكر فائmmدة سmmوى اختصاصmmه ابحلمك عام مل
يشاركه يف الصفة املذكورة ،ويظهر أثر اخلالف يف مسائل كثرية مهنا ما هو أصول وقواعد ،ومهنا مmا هmو فmروع فقهيmة ،ومهنا
مسmأةل ناكح األمmmة ملن جيد همر احلرة ،فقmmد قmmال تعmmاىلَ{ :و َم ن َّلْم َيْس َتِط ْع ِم نْمُك َط ْو ًال َأن َينِكَح اُملْحَص َناِت اُملْؤ ِم َن اِت َفِم ن َّم ا
َم َلَكْت َأْيَم اُنمُك ِّم ن َفَتَياِتُمُك اُملْؤ ِم َن اِت } [النسmmاء ،]25 :فmmذهب امجلهmmور إىل أن قوهل( :ومن مل يستطع) يmmدّل عىل أَّن املستطيع
ملهmر احلَّر ة ليس هل أن ينكح األمmة ،وقالت احلنفيmmة :بmل هmmو مسكوت عنmmه ،فيطلب حمكه من دليmmل آَخ ر ،وقد وجدانه يف
معوم قوهل تعاىلَ{ :فانِكُح وا َم ا َط اَب َلمُك ِّم َن الِّنَس اِء } [النسmاء ،]3 :وكذكل اختلفmوا يف القيmد اآلخmرِّ{ :م ن َفَتَي اِتُمُك اُملْؤ ِم َن اِت }
[النسmmاء ،]25 :فmmذهب امجلهmmور إىل اشرتاط إميان األمmmة أخًذ ا مبفهmmوم الصفة املتقmmدم ،وذهب احلنفَّي ة إىل جmواز ناكح األمmmة
الكتابَّي ة ،وقالوا :الَّنّص عىل املؤمنmmة ال يmmدّل عىل نْف ي احلمك َّمعا عداها ،وإ َّنام يmmدل عىل أن مmmا عداها يطلب حمكهmmا من دليmmل
آخر ،وقد وجدان اَّدل ليل يدّل عىل الَّتفريق بني الكتابيات وغريهن من الاكفرات يف قوهل تعmmاىلَ{ :و اْلُم ْحَص َناُت ِم َن اِذَّل يَن ُأوُت وا
الِكَتاَب } [املائدة ،]5 :فالكتابية جيوز ناكهحا سواء أاكنت حَّر ة أم أمة خبالف بقَّية الكفار.
مهنج احلنفَّية يف تقسمي ادلالةل :عرفنا أَّن امجلهور يقسمون ادلالةل إىل دالةل منطوق ودالةل مفهوم.
وأَّم ا احلنفية فإ هَّن م جيعلون ادلالةل أربعة أقسام:
-1دالةل العبmmارة (عبmmارة النص) :ويه دالةل اللفmmظ عىل املعmmىن املتبmmادر فهمmmه من الصيغة ،ويه تقابmmل دالةل املنطmmوق عنmmد
امجلهور.
-2دالةل اإلشارة (إشارة الَّنّص ) :ويه دالةل الَّلفظ عىل معىن غري مقصود بسياق الالكم ،ولكَّنه الزم للمعmmىن اذلي سيق هل
الالكم ،مثل األمثةل الَّس ابقة يف دالةل اإلشارة عند امجلهور.
-3دالةل الاقتضاء (اقتضاء الَّنّص ) :ويه ما اكنت زايدة عىل املنصوص ،ويشرتط تقmديرها ليصري املنظmوم مفيًmد ا أو موجًب ا
للحمك ،وبدوهنا ال ميكن إعامل املنظوم وتصحيحه ،مثل قوهل تعاىلُ{ :ح ِّرَم ْت َعَلْي ُمُك اَملْيَتُة } [املائدة ،]3 :والَّتقدير حمذوف
وهو ألك امليتة ،وهذا أيًض ا مكصطلح امجلهور ،وإ َّنام اختلفوا يف معوم املقتىض أو املقّد ر.
-4دالةل النص :ويه "دالةل املنطوق عىل أن حمكه اثبت للمسكوت لكونه أوىل منه [أو مثهل]" ،ويه اليت يسِّم هيا امجلهور
مفهوم املوافقة كام تقَّد م ،وأَّم ا مفهوم اخملالفة فيسِّم يه احلنفَّية دالةل اخملصmmوص ابِّذل ْك ر عىل نْف ي احلمك َّمعا عداه ،وهو عنmmدمه
ليس حبَّج ة كام تقَّد م.
أ -أن اجململ أمر نسيب خيتلف من عامل آلخر ،فقد يكون ادلليل مجمال عند عاملُ ،م بّينا عند غريه ،وذكل حبسmmب مmmا يصmmل
إليه اجهتاد ٍلك مهنام.
ب -أَّن الاشرتاك يكون من حيث الوضع اللغوي ،وأما اإلجامل فيكون يف نفس األدةل الرشعية اليت حتتاج إىل بيان.
ج -أَّن الاشرتاك ال حَّد يف انهتائه من اللغة العربية ،وأَّم ا اإلجامل فلكه قد ُبني يف نصوص الرشع].
د[ -قلت :واذلي يبدو أهَّن ام يشرتاكن يف نفس التعريف وخيتص اجملمmmل املشرتك بmأن معmmاين ألفاظmmه متضاَّدة لغmmة ومتدافعmmة ال
ميكن امجلع بيهنا لكفظ القروء ،وأما املشرتك فلك معاين ألفاظه غري متضادة حبيث ميكن أن تدخل فيه مجيmع معانيmه ،كحديث:
((ال ميّس القرآن إ َّال طاهر)) ،فاملسمل طاهر ،واملغتسmل من اجلنابmة طmاهر وإ ن مل يتوَّض أ ،واملتوضئ طmاهر ،فنحمmل اللفmظ
عىل مجيع معانيه ،وذكل ابشرتاط ّلك أنواع هذه الطهارات اليت يشمتلها لفmmظ" :طmmاهر"؛ ألَّن إعامل امجليmmع مقmmدم عىل اإلهامل
ويكرث مثل هذا يف التفسري كام هو معروف وهللا املوفق] .اهـ.
البيان:
تعريفه :البيان يف اللغة :اإليضاح والكشف ،وُيطلق اصطالًح ا عىل اُملبنِّي ،وهو "ادلليل اذلي أوحض املقصود ابجملمmmل ،أو هmmو
إخراج اليشء من حزي اإلشاكل إىل حزي التجيل" ،أما املبنَّي ابلفتح فهو ادلليل احملتاج إىل بيان.
مراتب البيان :البيان حيصل بأمور بعضها أقوى من بعض ،ويه:
-1القول :وهو الغالب يف بيان الرشيعة ،وبه ُبينت أنصبة الزاكة ،وأكرث أحاكم الصالة ،والبيوع وسائر املعامالت.
-2الفعmmل :وهو أن يفعmmل النmmيب – صmmىل هللا عليmmه وسمل -مmmا يبني مجمل الق mرآن أو مجمل سنة سmmابقة ،وذكل كبيmmان صفة
الصالة وصفة احلج كام مر يف اببه.
-3الكتاب :والغالب أن ال يكون البيان ابلكتابة إال للبعيد عن املدينة ،مثل كتابه ألهل المين اذلي فيه بيان الزاكة وادلايت
-4اإلشارة :كقوهل – عليه السالم (( :-الَّش هر هكذا وهكذا ))...وعقد يف الَّثالثة أحد أصابعه؛ إشارة إىل أَّن الشهر يكون
تسعة وعرشين يوًم ا.
-5التنبيه :وذكل ابإلمياء إىل املعىن اذلي يعلق عليmmه احلمك حىَّت يكmmون عةَّل هل ،كقوهل – صmmىل هللا عليmmه وسمل (( :-أينُقص
الرطب إذا جَّف )) فإن فيه إشارة إىل أن العةل يف التحرمي عدم تساوي الرطب والمتر.
-6الرتك لفعmmل اليشء مmmع قيmmام ادلاعي هل :كرتك الوضوء مما مسته النmmار ،وترك جتديmmد أنكحة من أسmmمل من الكفmmار ،وترك
أخذ الزاكة من اخلرضوات[ ،وأمثال ذكل مما يكون يف تبيني أحاكم الرشع ،فmmإذا قmmام هmmذا اَّدل اعي الرَّش عي َّمث وجدان أَّن
الَّنَّيب -صىل هللا عليه وسمل -تركه اكن ذكل دليال عىل تعنّي تركه ،خبالف الرتك املعلل بعةل فإنه يزول الرتك بعmmدهما]،
كرتك صالة الرَّت اوحي جامعة بعد أن صالها ليَلَتني فإ َّنه قد بني عةَّل الرَّت ك ويه خشية أن تفرض علهيم.
وأَّم ا جمَّر د الرتك املطلق لليشء [مما ال يكون بيااًن جململ من أحاكم الرَّش يعة] فإ َّنه ال يدّل عىل املنع ،وذكل كرتك قيام الليل ليةل
مجٍع ،وترك مبارشة األذان واإلقامة فإ َّنه ال يدّل عىل كراههتام.
تأخري البيان:
لقد نقل ابن السمعاين االّتفاق عىل امتناع تأخري البيان عن وقت احلاجة ،واملقصود به هو الوقت اذلي حيتاج فيه املَّلكف إىل
البيان؛ ليمتَّكن من الامِتثال؛ أَّم ا تأخري البيان عن وقت اخلطاب إىل وقت احلاجة فهmmو حمّل خالف ،واملراد منmmه :هmmل ُيمكن
للَّش ارع أن خُي اطب املَّلكفني خبطاب مجمل فيه تلكيف مطلق أو مؤَّقت بوقت مل يأت بعmmدَّ ،مث ي mؤَّخر بيانmmه إىل أن ي mأيت وقت
العمل؟ يف ذكل أقوال:
أحُد ها مذهب أكرث احلنفَّية وبعض الشافعية وهو املنع من تأخري البيان مطلًقا؛ ألَّن فيmmه جتهيال عىل املّلكف ،وهذا أمmmر قبيح
عْقال ورشًعا ،قالوا :وألَّنه لmو جاز تmأخري البيmmان فإ َّم ا أن جيوز إىل أَج ٍل معنَّي أو من غري أجل ،فmmإن حَّددمت أجًال معَّينmmا فال
دليل عليه ،وإ ن مل حتّد دوا أجال لزم اخلطاب مبا ال يفهم معنmاه ،والَّتلكيmف مبا ال يطmاق ،وُأجيب عن األَّو ل بmأَّن املطلmوب من
املَّلكف آنذاك هو اعِتقاد أَّنه حّق وصدق ،ونوقش الَّثاين بأن التmأخري اجلائز هmو تmأخري البيmان إىل حضور وقت العمmل ،وال
يلزم من ذكل التلكيف مبا ال يطاق؛ ذلكل ذهب امجلهور إىل جواز تأخري البيmmان من وقت اخلطmmاب إىل وقت احلاجة مطلًق ا،
برهان ذكل قوهل تعاىلَ{ :ف َذ ا َقَر ْأاَن ُه َف اَّتِب ْع ُقْر آَنُه * َّمُث َّن َعَلْي َن ا َبَياَنُه} [القيامmة ،]19 ،18 :فعطmف تعmاىل البيmmاَن عىل األمmر
ِإ ِإ
ابالتبmmاع حبرف (مث) ،ويه للرَّت تيب مmع الرتايخ ،يؤّي د ذكل قوهل تعmاىلَ{ :و َأِق ُميوا الَّص الَة َو آُت وا الَّز اَك َة} [البقmرةَّ ،]43 :مث ورود
األحاديث الكثرية يف بيان مجمل ذكل .وذهب بعُض هم إىل جmواز تmأخري بيmان اُملْج مmل دون العmام اذَّل ي أريد بmه اخلصmوص ،أو
املطلق اذلي أريد به املقيد؛ ألهَّن ام لmmو ُأِّخ را ألَّدى ذكل إىل اعتقmmاد مmmا ليس مmراًدا هلل تعmmاىل ،خبالف اجملمmmل فليس هل ظmmاهر
ميكن العمل به فال يلزم من تأخري بيانه إيقاع املَّلكف يف اعِتقاد اخلطأ؛ وذلا جاز تأخري بيان اجململ دون غريه.
وميكن أن ينmاقش هmذا بmأَّن الmواجب عىل املَّلكف أن يعتقmد أَّنه عام حممتل للَّتخصيص ،أو مطلmق حممتل للتْقييmد ،ال أن جيزم
بكوهِن ام عىل العموم أو اإلطالق ،أَّم ا العمل فلو حرض وقته قبل الَّتخصيص والَّتقييmد عمل أَّن العمmوم واإلطالق مmرادان ،وهبذا
يتبنَّي رحجان قول امجلهور.
الَّتخرجي عىل قاعدة تأخري البيان :إ َّن هذه القاعدة ذات شقني كام أسلفنا:
األَّو ل عدم جواز تأخري البيان عن وقت احلاجة ،والَّثاين جواز تْأخري البيان إىل وقت احلاجة.
فأَّم ا الشق األَّو ل فهو حمل وفاق ،وقد خرجوا عليه قواعد كثرية ،من أمهها:
ّ -1جحَّية تقرير النيب – صىل هللا عليه وسمل -وسكوته َّمعا ُفعل أو قيل حبرضته أو يف زمنه وعَمِل بmmه؛ ولهmmذا عّد وا ذكل من
أقسام السَّنة وَّمسوها ابلسَّنة الَّتقريرَّية.
-2رَّتب الَّش افعي عىل ذكل قاعدة من قواعد العمmmوم ،ونُّص ها :أَّن ترك الاستفصmmال يف مقmmام اإلجامل يزنل مزنةل العمmmوم يف
املقmال ،واملقصmود هبا أَّن الَّن َّيب – صmىل هللا عليmه وسمل -إذا سئل عن مسmأةل حتمتل أكرث من وجه فmأفىت فهيا من غري
اسِتْف صال من الَّس ائل دَّل ذكل عىل أَّن حمك مجيع األوجه واحد.
-3األصل إجراء العاّم عىل معومه ،واملطلق عىل إطالقه إذا حرض وقت العمل.
وأَّم ا الّش ّق الَّثاين من القاعدة فقد انبىن عىل اخلالف فيه اختالف يف مسائل أصولية هممة أمهها:
اخلاص املتأّخر عن العاّم هل يعّد خمصًص ا أو انًخسا ملا يقابهل من أفراد العام؟
فmmذهبت احلنفَّي ة املانعني تmأخَري البيmmان إىل أَّن هmmذا ُيعّmmد انًخسا ال خمّص ًص ا ،فيشرتط فيmmه مmmا يشرتط يف الناخس ،أَّم ا امجلهmmور
اجملزيون تأخَري البيان إىل وقت احلاجة ،أجازوا أن يكون اخلاص املتأخر خمصصا للعام املتقدم ،ما مل يعمل ابلعام يف معومه.
الـخـاتـمـة
يف ختmmام هmmذا البحث اذلي تنmmاول موضوع "دخmmول اخملاطب عىل معوم خطابmmة" ،نmmود أن نسلط الضوء عىل
األمهية البالغة اليت حيتلها فهم ديناميكيات اخلطابmة وتأثريها عىل اخملاطبني يف خمتلmف السياقات .لقmد استعرضنا
عرب صفحات هذا البحث العديد من النظرايت واملفاهمي اليت تعكس تعقيmmدات االتصmmال البرشي ،وكيmmف ميكن
للمخاطب أن يلعب دورًا فعاًال يف تشكيل وتوجيه اخلطاب.
من خالل التحليل ادلقيق لألمثةل وادلراسات احلالية ،برزت إىل الواهجة العديmmد من الmmرؤى القمية حmmول كيفيmmة
استجابة اخملاطبني خملتلف أنواع اخلطاابت والاسرتاتيجيات املتبعة يف تقدميها .كام توصلنا إىل فهم أمعق للعوامل
املؤثرة يف تفاعل اخملاطب مع اخلطاب ،سواء اكنت هذه العوامل ثقافية ،اجامتعية ،نفسية أو لغوية.
إن ادلور اذلي يلعبه اخملاطب يف تفسري واستيعاب اخلطاب يعد عنرصًا حاسًام يف حتقيmmق األهmmداف االتصmmالية.
ذلكل ،جيب عىل املتخصصني يف جمال اخلطابة واالتصال األخذ بعني الاعتبmmار التفmmاعالت املعقmmدة بني اخلطيب
واخملاطب وكيفية تأثري هذه التفاعالت عىل جناح اخلطاب يف حتقيق أهدافه.
نؤكد يف هناية هذا البحث عىل رضورة مواصةل البحث وادلراسة يف هmmذا اجملال ،مmmع الرتكزي بشmmلك خاص عىل
طرق جديدة ومبتكرة لتحليل العالقmmة بني اخلطيب واخملاطب .إن فهم هmmذه العالقmmة بشmmلك أمعق سميكننا من
تطوير اسرتاتيجيات اتصال أكرث فعالية ،تسامه يف بناء جسور التواصmل بني األفmراد واجملمتعmات ،وتعزيز التفmامه
املتبادل.
املـراجـع